ج1.ج2.كتاب المفصل في صنعة الإعراب أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري
---
ج1.كتاب :
المفصل في صنعة الإعراب أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري
مقدمة المؤلف قال الاستاذ الإمام الأجل فخر خوارزم رئيس
الأفاضل القاسم محمود بن عمر الزمخشري رحمة الله عليه الله احمد على أن جعلني من
علماء العربية
وجبلني على الغضب للعرب والعصبية
وأبى لي أن أنفرد عن صميم أنصارهم وأمتاز وأنضوي إلى
لفيف الشعوبية وانحاز
وعصمني من مذهبهم الذي لم يجد عليهم إلا الرشق بألسنة
اللاعنين والمشق بأسنة الطاعنين
وإلى افضل السابقين والمصلين اوجه افضل صلوات المصلين
محمد المحفوف من بني عدنان بجماجمها وأرحائها النازل من قريش في سرة بطحائها
المبعوث إلى الأسود والاحمر بالكتاب العربي المنور
ولآله الطيبين أدعو الله بالرضوان وادعوه على أهل الشقاق
والعدوان
ولعل الذين يغضون من العربية ويضعون من مقدارها ويريدون
أن يخفضوا ما رفع الله من منارها حيث لم يجعل حيرة رسله وخير كتبه في عجم خلقه
ولكن في عربه لا يبعدون عن الشعوبية منابذة للحق الأبلج وزيغا عن سواء المنهج
والذي يقضى منه العجب حال هؤلاء في قلة إنصافهم وفرط
جورهم واعتسافهم
وذلك أنهم لا يجدون علما من العلوم الإسلامية فقهيا
وكلامها وعلمي تفسيرها وأخبارها إلا وافتقاره إلى العربية بين لا يدفع ومكشوف لا
يتقنع
ويرون الكلام في معظم أبواب أصول الفقه ومسائلها مبنيا
على علم الإعراب والتفاسير مشحونة بالروايات عن سيبوبه والأخفش والكسائي والفراء
وغيرهم من النحويين البصريين والكوفيين والإستظهار في مآخذ النصوص بأقاويلهم
والتشبث بأهداب فسرهم وتأويلهم
وبهذا اللسان مناقلتهم في العلم ومحاورتهم وتدريسهم
ومناظرتهم
وبه تقطر في القراطيس أقلامهم
وبه تسطر الصكوك والسجلات حكامهم
فهم ملتبسون بالعربية أية سلكوا غير منفكين منها أينما
وجهوا كل عليها حيثما سيروا
ثم إنهم في تضاعيف ذلك يجحدون فضلها وتعليمها ويدفعون
خصلها ويذهبون عن توقيرها وتعظيمها وينهون عن تعلمها وتعليمها ويمزقون أديمها
ويمضغون لحمها فهم في ذلك على المثل السائر الشعير يؤكل ويذم ويدعون الإستغناء
عنها
وإنهم ليسوا في شق منها فإن صح ذلك فما بالهم لا يطلقون
اللغة رأسا والإعراب ولا يقطعون بينهما وبينهم
الأسباب فيطمسوا من تفسير القرآن آثارهما وينفضوا من
أصول الفقه غبارهما
ولا يتكلموا في الإستثناء فإنه نحو وفي الفرق بين المعرف
والمنكر فإنه نحو وفي التعريفين تعريف الجنس وتعريف العهد فإنهما نحو وفي الحروف
كالواو والفاء وثم ولام الملك ومن التبعيض ونظائرها وفي الحذف والإضمار وفي أبواب الإختصار
والتكرار وفي التطليق بالمصدر واسم الفاعل وفي الفرق بين أن وإن وإذا ومتى وكلما
وأشباهها مما يطول ذكره فإن ذلك كله من النحو
وهلا سفهوا رأي محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله فيما
أودع كتاب الإيمان وما لهم لم يتراطنوا في مجالس التدريس وحلق المناظرة ثم نظروا
هل تركوا للعلم جمالا وأبهة وهل أصبحت الخاصة بالعامة مشبهة وهل انقلبوا هزأة
للساخرين وضحكة للناظرين هذا وإن الإعراب أجدى من تفاريق العصا
وآثاره الحسنة عديد الحصى
ومن لم يتق الله فى تنزيله فاجترأ على تعاطي تأويله وهو
غير معرب فقد ركب عمياء وخبط خبط عشواء وقال ما هو تقول وافتراء وهراء وكلام الله
منه براء وهو ا لمرقاة المنصوبة إلى علم البيان المطلع على نكت نظم القرآن الكافل بإبراز
محاسنه الموكل بإثارة معادنه فالصاد عنه كالساد لطرق الخير كيلا تسلك والمريد
بموارده أن تعاف وتترك
ولقد ندبني ما بالمسلمين من الإرب إلى معرفة كلام العرب
وما بي من الشفقة والحدب على أشياعي من حفدة الأدب لإنشاء كتاب في
الإعراب محيط بكافة الأبواب مرتب ترتيبا يبلغ بهم الأمد
البعيد بأقرب السعي ويملأ سجالهم بأهون السقي فأنشأت هذا الكتاب المترجم بكتاب
المفصل في صنعة الإعراب مقسوما أربعة أقسام القسم الأول في الأسماء
القسم الثاني في الأفعال
القسم الثالث في الحروف القسم الرابع في المشترك من
أحوالها
وصنفت كلا من هذه الأقسام تصنيفا وفصلت كل صنف منها
تفصيلا
حتى رجع كل شيء إلى نصابه واستقر في مركزه
ولم أدخر فيما جمعت فيه من الفوائد المتكاثرة ونظمت من
الفرائد المتناثرة مع الإيجاز غير المخل والتلخيص غير الممل مناصحة لمقتبسيه أرجو
أن أجتني منها ثمرتي
دعاء يستجاب وثناء يستطاب
والله سبحانه وعز سلطانه ولي المعونة على كل خير
والتأييد
والمليء بالتوفيق فيه والتسديد
القسم الأول الأسماء
الباب الأول
اسم الجنس واسم العلم
معنى الكلمة والكلام الكلمة هي اللفظة الدالة على معنى
مفرد بالوضع. وهي جنس تحته ثلاثة أنواع: الأسم والفعل والحرف. والكلام هو المركب
من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى. وذاك لا يتأتى إلا في إسمين كقولك: زيد أخوك،
وبشر صاحبك . أو في فعل وإسم نحو قولك: ضرب زيد، وانطلق بكر. وتسمى الجملة.
الأسم هو ما دل على معنى في نفسه دلالة مجردة عن
الإقتران. وله خصائص منها جواز الإسناد إليه، ودخول حرف التعريف والجر والتنوين
والإضافة.
ومن أصناف الأسم اسم الجنس، وهو ما علق على شيء وعلى كل
من أشبهه. وينقسم إلى اسم عين، واسم معنى. وكلاهما ينقسم إلى اسم غير صفة، واسم هو
صفة. فالأسم غير الصفة نحو رجل وفرس وعلم وجهل. والصفة نحو راكب وجالس ومفهوم
ومضمر.
أنواع العلم ومن أصناف الأسم العلم، وهو ما علق شيء
بعينه غير متناول ما أشبهه. ولا يخلو من أن يكون اسماً كزيد وجعفر، أو كنية كأبي عمرو وأم
كلثوم، أو لقباً كبطة وفقة. ينقسم إلى مفرد ومركب ومنقول
ومرتجل.
فالمفرد نحو زيد وعمرو، والمركب إما بالجملة نحو برق
نحوه تأبط شراً وذري حباً وشاب قرناها ويزيد في مثل قوله نُبّئْتُ أخوالي بني
يَزيدُ ... ظُلماً علينا لهمُ فَديدُ
وأما غيرُ جملة إسمان جعلا إسماً واحداً نحو. معد يكرب
وبعلبك وعمرويه ونفطويه . أو مضاف ومضاف إليه كعبد مناف وامرئ القيس والكني.
والمنقول على ستة أنواع، ومنقول عن اسم عين كثور وأسد،
ومنقول عن اسم معنى كفضل وإياس، ومنقول عن صفة كحاتم
ونائلة، ومنقول عن فعل إما ماض كشمر وكعسب، وإما مضارع كتغلب ويشكر، وإما أمر
كاصمتْ في قول الراعي أشلى سَلقتةً باتَتْ وبات بها ... بوحش إصمِت في أصلابها
أوَدُ
وأطرقا في قول الهذلي على أطْرِقا بالياتُ الخيامِ ...
إلا الثمام وإلا العصي
تومنقول عن صوت كببة، وهو نبز عبد الله بن الحارث بن نوفل،
ومنقول عن مركب وقد ذكرناه . والمرتجل على نوعين قياسي
وشاذ.
فالقياسي نحو غطفان وعمران وحمدان وفقعس وحنتف، والشاذ
نحو مجب وموهب وموظب ومكوزة وحيوة.
إضافة الأسم إلى اللقب: وإذا اجتمع للرجل اسم غير مضاف
ولقب أضيف اسمه إلى لقبه فقيل هذا سعيد كرز، وقيس قفة، وزيد بطة. وإذا كان مضافاً
أو كنية أجري اللقب على الأسم فقيل هذا عبد الله بطة وهذا أبو زيد قفة.
أعلام الحيوانات الأليفة: وقد سموا ما يتخذونه ويألفونه
من خيلهم وإبلهم وغنمهم وكلابهم وغير ذلك بأعلام كل واحد منها مختص بشخص بعينه
يعرفونه به كالأعلام في الأناسي، وذلك نحو أعوج ولاحق وشدقم وعلينان وخطة وهيلة
وضمران وكساب.
أعلام الحيوانات غير الأليفة للجنس: وما لا يتخذ ولا
يؤلف فيحتاج إلى التمييز بين أفراده كالطير والوحوض وأحناش الأرض وغير ذلك فإن
العلم فيهب للجنس بأسره ليس بعضه أولى به من بعض. فإذا قلت أبو براقش ، وابن دأيه،
وأسامة، وثعالة، وابن قترة، وبنت طبق، ف:أنك قلت الضرب
الذي من شأنه كيت وكيت. ومن هذه الأجناس ماله اسم جنس
واسم علم كالأسد وأسامة والثعلب وثعالة، وما لا يعرف له اسم غير العلم نحو ابن
مقرض، وحمار قبان.
أسماء وكنى الحيوانات : وقد صنعوا في ذلك نحو صنيعهم في
تسمية الأناسي، فوضعوا للجنس اسماً وكنية، فقالوا للأسد أسامة وأبو الحرث، وللثعلب
ثعالة وأبو الحصين، وللضبع حضاجر وأم عامر، وللعقرب شبوة وأم عريط ومنها ما له اسم
ولا كينة له كقولهم قثم للضبعان، وما له كنية ولا اسم له كأبي براقش وأبي صبيرة
وأم رباح وأم عجلان.
أسماء وكنى المعاني وقد أجروا المعاني في ذلك مجرى
الأعيان فسموا التسبيح بسبحان، والمنية بشعوب وأم قشعم، والغدر بكيسان، وهو في لغة
بني فهم. قال إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم ... إلى الغدر أدنى من شبابهم المرد
ومنه كنوا الضربة بالرجل على مؤخر الإنسان بأم كيسان،
والمبرة ببرة والفجرة بفجار، والكلبة بزوبر. قال الطرماح إذا قال غاوٍ من تنوخ
قصيدةً ... بها جرب عدت علي بزوبرا
وقالوا في الأوقات لقيته غدوة وبكرة وسحر وفينة وقالوا
في الأعداد ستة ضعف ثلاثة وأبرعة نصف ثمانيةً.
أوزان بعض الأعلام ومن الأعلام الأمثلة التي يوزن بها في
قولك فعلان الذي مؤنثة فعلى، وأفعل صفة لا ينصرف، ووزن طلحة وإصبعٍ فعلة وأفعل.
العلم اسم شائع وقد يغلب بعض الأسماء الشائعة على أحد
المسمين به فيصير علماً له بالغلبة. وذلك نحو ابن عمر وابن عباس وابن مسعود،
غلبت على العبادلة دون من عداهم من أبناء آبائهم، وكذلك
ابن الزبير غلب على عبد الله دون غيره من أبناء الزبير، وابن الصعق وابن كراع وابن
رألان غالبة على يزيد وسويد وجابر بحيث لا يذهب الوهم إلى أحد من إخوتهم.
أعلام يدخلها أل التعريف: وبعض الأعلام يدخله لام
التعريف وذلك على نوعين لازمٍ وغير لازم فاللازم في نحو النجم للثريا والصعق وغير
ذلك مما غلب من الشائعة. الا ترى إنهما كهذا معرفين بالام إسمان لكل نجم عهده
المخاطب والمخاطب ولكل معهود ممن أصيب بالصاعقة ثم غلب النجم على الثريا والصعق
على خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب. فاللام فيهما الإضافة في ابن رألان وابن كراع
مثلان في انهما لا تنزعان. وكذلك الدبران والعيوق والسماك والثريا لأنها غلبت على
الكواكب المخصوصة من بين ما يوصف بالدبور العوق والسموك والثروة. وما لم يعرف
باشتقاق من هذا النوع فملحق بما عرف. وغير اللازم في نحو الحرث العباس والمظفر
والفضل والعلاء وما كان صفة في أصله أو مصدراً.
وقد يتأول العلم بواحد من الأمة المسماة به فلذلك من
التأول يجري مجرى رجل وفرس فيجترأ على إضافته وإدخال اللام عليه. قالوا مضر
الحمراء وربيعة الفرس وأنمار الشاة. وقال علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم ... بأبيض
ماضي الشفرتين يمان
وقال أو النجم باعد أم العمرو من أسيرها ... حراس أبوابٍ
على قصورها
وقال الآخر رأيت الوليد بن اليزيد مباركاً ... شديداً
بأحناء الخلافة كاهله
وقال الأخطل وقد كان منهم حاجب وابن أمه ... أبو جندلٍ
والزيد زيد المعارك
وعن أبي العباس إذا ذكر الرجل جماعة اسم كل واحد منهم
زيد قيل له فما بين الزيد الأول والزيد الآخر، وهذا الزيد أشرف من ذاك الزيد، وهو
قليل.
وكل مثنى أو مجموع من الأعلام فتعريفه باللام نحو أبانين
وعمايتين وعرفات وأذرعات. قال:
وقبلي مات الخالدان كلاهما ... عميد بني جحوان وابن
المضلل
أراد خالد بن نضلة وخالد بن قيس بن المضلل: وقالوا لكعب
بن كلاب وكعب بن ربيعة، وعامر بن مالك بن جعفر عامر بن الطفيل، وقيس ابن عتاب وقيس
بن هرمة، الكعبان والعامران والقيسان. وقال أنا ابن سعد أكرم السعدينا
وفي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، هؤلاء المحمدون
بالباب.
وقالوا طلحة الطلحات، وابن قيس الرقيات. وكذلك الأسامتان
والأسامات، ونحو ذلك.
وفلان وفلانة وأبو فلان كنايات عن أسامي الأناسي وكناهم.
وقد ذكروا أنهم إذ كنوا عن أعلام البهائم أدخلوا اللام فقالوا
الفلان والفلانة وأما هن وهنة فللكناية عن أسماء الأجناس.
الباب الثاني
الاسم المعرب
موقعه الكلام في المعرب، وإن كان خليقاً من قبل إشتراك
الأسم والفعل في الإعراب بأن يقع في القسم الرابع، إلا أن اعتراض موجبين صوب
إيراده في هذا القسم: أحدهما أن حق الإعراب للأسم في أصله والفعل إنما تطفل عليه فيه
بسبب المضارعة. الثاني أنه لا بد من تقدم معرفة الإعراب للخصائص في سائر الأبواب.
تحديد الاسم المعرب
والاسم المعرب ما اختلف آخره باختلاف العوامل لفظاً
بحركة أو بحرف، أو محلاً.
فاختلافه لفظاً بحركة في كل ما كان حرف إعرابه صحيحاً أو
جارياً مجراه كقولك جاء الرجل ورأيت الرجل ومررت بالرجل.
واختلافه لفظاً بحرف في ثلاثة مواضع في الأسماء الستة
مضافة وذلك نحو جاءني أبوه وأخوه وحموها وهنوه وفوه وذو مال، ورأيت أباه ومررت
بأبيه وكذلك الباقية.
وفي كلا مضافاً إلى مضمر تقول: جاءني كلاهما ورأيت
كليهما ومررت بكليهما.
وفي التثنية والجمع على حدها تقول: جاءني مسلمان ومسلمون
ورأيت مسلمين ومسلمين ومررت بمسلمين ومسلمين.
واختلافه محلاً في نحو العصا وسعدى والقاضي في حالتي
الرفع الجر هو في النصب كالضارب.
النوع الأول
المنصرف وغير المنصرف والاسم المعرب على نوعين:نوع
يستوفي حركات الأعراب والتنوين كزيد ورجل ويسمى المنصرف. ونوع يختزل عنه الجر
والتنوين لشبه الفعل.
ويحرك بالفتح في موضع الجر كأحمد ومروان إلا إذ أضيف أو
دخله لام التعريف ويسمى غير المنصرف. واسم المتمكن يجمعهما. وقد يقال للمنصرف الأمكن.
والأسم يمتنع من الصرف متى اجتمع فيهب اثنان من أسباب
تسعة أو تكرر واحد منها. وهي العلمية؛ والتأنيث اللازم لفظاً أو معنى في نحو سعاد
وطلحة؛ ووزن الفعل الذي يغلبه في نحو أفعل فإنه فيه أكثر منه في الأسم أو يخصه في
نحو ضرب إن سمي به؛ والوصفية في نحو أحمر؛ والعدل من صيغة إلى أخرى في نحو عمر وثلاث
لأن فيه عدلاً ووصفية؛ وأن يكون جمعاً في نحو منازل ومصابيح، إلا ما اعتل آخره نحو
جوار فإنه في الرفع والجر كقاض وفي النصب كضوارب، وحضاجر وسراويل في التقدير جمع
حضجر وسروالة؛ والتركيب في نحو معد يكرب وبعلبك؛ والعجمة في الأعلام خاصة؛ والألف
والنون المضارعتان لألفي التأنيث في نحو سكران وعثمان.
إلا إذا اضطر الشاعر يصرف وأما السبب الواحد فغير مانع أبداً.
وما تعلق به الكوفيون في إجازة منعه في الشعر ليس بثبت. وما أحد سببيه أو أسبابه
العلمية فحكمه الصرف عند التنكير كقولك رب سعادٍ وقطامٍ
لبقائه بلا سبب أو على سبب واحد، إلا نحو أحمر فإن فيه خلافاً بين الأخفش وصاحب
الكتاب وما فيه سببان من الثلاثي الساكن الحشو كنوح ولوط منصرف في اللغة الفصيحة
التي عليها التنزيل لمقاومة السكون أحد السببين. وقوم يجرونه على القياس فلا يصرفونه
وقد جمعهما الشاعر في قوله لم تتلفع بفضل مئزرها ... دعد ولم تسق دعد في العلب
وأما ما فيه سبب زائد كماه وجور فإن فيهما ما في نوح
ولوط مع زيادة التأنيث فلا مقال في امتناع صرفه، والتكرر في نحو بشرى وصحراء
ومساجد ومصابيح نزل البناء على حرف تأنيث لا يقع منفصلاً بحال، والزنة التي لا
واحد عليها منزلة تأنيث ثان وجمع ثان.
النوع الثاني المرفوعات ووجوه الإعراب
وجوه الإعراب هي الرفع والنصب والجر وكل واحد منها علم
على معنى: قالرفع علم الفاعلية والفاعل واحد لي إلا . وأما المبتدأ وخبره وخبر إن
وأخواتها ولا التي لنفي الجنس واسم كان وأخواتها واسم ما ولا المشبهتين بليس
فملحقات بالفاعل على سبيل التشبيه.
وكذلك النصب علم المفعولية. والمفعول أضرب: المفعول المطلق
والمفعول فيه والمفعول معه ولمفعول له. والحال التمييز والمستثنى المنصوب والخبر
في باب كان والأسم في باب إن والمنصوب بلا التي لنفي الجنس وخبر ما ولا المشبهتين
بليس. ملحقات بالمفعول.
والجر علم الإضافة.
وأما التوابع فهي رفعها ونصبها وجرها داخلة تحت أحكام
المتبوعات ينصب عمل العامل على القبيلين انصبابةً واحدة.
وأنا أسوق إليك هذه الأجناس كلها مرتبة مفصلة بعون الله
وحسن تأييده.
الفصل الأول الفاعل
الفاعل هو ما كان المسند إليه من فعل أو شبهه مقدماً
عليه أبداً كقولك بضرب زيد وزيد ضارب غلامه وحسن وجهه. وحقه الرفع. ورافعه ما أسند
إليه. والأصل فيه أن يلي الفعل لأنه كالجزء منه فإذا قدم عليه غيره كان في النية
مؤخراً ومن ثم جاز ضرب غلامه زيد وامتنع ضرب غلامه زيداً.
إضمار الفاعل ومضمره في الإسناد إليه كمظهره تقول ضربت
وضربنا وضربوا وضربن وتقول زيد ضرب فتنوي في ضرب فاعلاً وهو ضمير يرجع إلى زيد
شبيه بالتاء الراجعة إلى أنا وأنت في أنا ضربت وأنت ضربت.
ومن إضمار الفاعل قولك ضربني وضربت زيداً، تضمر في الأول
اسم من ضربك وضربته إضماراً على شريطة التفسير، لأنك لما حاولت في هذا الكلام أن
تجعل زيداً فاعلاً ومفعولا فوجهت الفعلينب إليه استغنيت بذكره مرة. ولما لم يكن بد
من إعمال أحدهما فيه أعملت الذي أوليته إياه. ومنه قول طفيل الغنوي أنشده سيبويه
وكمتا مدماة كأن متونها ... جرى فوقها واستشعرت لون مذهب
وكذلك إذا قلت ضربت وضربني زيد رفعته لإيلائك إياه
الرافع، وحذفت مفعول الأول استغناء عنه.
وعلى هذا اعمل الأقرب أبداً فتقول ضربت وضربني قومك. قال
سيبويه ولو لم تحمل الكلام على الآخر لقت ضربت وضربوني قومك. وهو الوجه المختار
الذي ورد به التنزيل قال الله تعالى: : " آتوني أفرغ عليه قطرا " "
وهاؤم آقرؤا كتابيه " وإليه ذهب أصحابنا البصريون وقد يعمل الأول وهو قليل
ومنه قول عمر بن أبي ربيعة تنخل فاستاكت به عود إسحل
وعليه الكوفيون. وتقول على المذهبين قاما وقعد أخواك
وقام وقعد أخواك وليس قول امرئ القيس كفاني ولم أطلب قليل من المال
من قبيل ما نحن بصدده إذ لم يوجه فيه الفعل الثاني إلى
ما وجه إليه الأول. ومن إضماره قولهم إذا كان غداً. فائنني أي إذا كان ما نحن عليه
غداً.
إضمار عامل الفاعل وقد يجيء الفاعل ورافعه مضمر. يقال من
فعل؟ فتقول زيد، بإضمار فعل ومنه قوله تعالى: " يسبح له فيها بالغدو والآصال
رجال " فيمن قرأها
مفتوحة الباء أي يسبحه رجال وبيت الكتاب.
ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط مما تطيح الطوائح
أي ليبكه ضارع. والمرفوع في قولهم: هل زيد فاعل فعل مضمر
يفسره الظاهر. وكذلك في قوله تعالى: " وإن أحد من المشركين استجارك
" وبيت الحماسة إن ذو لوثة لانا
وفي مثل العرب لو ذات سوار لطمتني وقوله عز وجل "
ولو أنهم
صبروا حتى تخرج إليهم " على معنى ولو ثبت . ومنه
المثل الأحظية فلا ألية أي إن لا تكن لك في النساء حظية فإني في غير أليةٍ.
الفصل الثاني المبتدأ والخبر
تعريفهما هما الإسمان المجردان للإسناد نحو قولك زيد
منطلق. والمراد بالتجريد اخلاؤهما من العوامل التي هي كان وإن وحسبت وأخواتها،
لأنهما إذا لم يخلوا منها تلعبت بهما وغصبتهما القرار على الرفع. وإنما اشترط في
التجريد أن يكون من أجل الإسناد لأنهما لو جردا للإسناد لكانا في حكم الأصوات التي
حقها أن ينعق بها غير معربة لأن الإعراب لا يستحق إلا بعد العقد والتركيب. وكونهما مجردين
للإسناد هو رافعهما لأنه معنى قد تناولهما معاً تناولاً واحداً من حيث أن الإسناد
لا يتأتى بدون طرفين مسند ومسند إليه.
ونظير ذلك أن معنى التشبيه في كأن لما اقتضى مشبهاً
ومشبهاً به كانت عامله في الجزءين وشبههما بالفاعل أن المبتدأ مثله في أنه مسند
إليه والخبر في أنه جزء ثان من الجملة.
أنواع المبتدأ
والمبتدأ على نوعين معرفة وهو القياس، ونكرة إما موصوفة
كالتي في قوله عز وجل: " ولعبد مؤمن " وإما غير موضوفة كالتي في قولهم
أرجل في الدار أم امرأة، وما أحد خير منك، وشر أهر ذا ناب، وتحت رأسي سرج،
أنواع الخبر أنواع الخبر والخبر على نوعين مفرد وجملة.
فالمفرد على ضربين خال عن الضمير ومتضمن له وذلك زيد غلامك وعمرو منطلق. والجملة على
أربعة أضرب فعليه واسمية وشرطية وظرفية. وذلك زيد ذهب أخوه، وعمرو أبوه منطلق،
وبكر أن تعطه يشكرك ، وخالد في الدار.
ولا بد في الجملة الواقعة خبراً من ذكر يرجع إلى المبتدأ
وقولك في الدار معناه استقر فيها. وقد يكون الراجع معلوماً فيستغنى عن ذكره وذلك
في مثل قولهم الكربستين، والسمن منوان بدرهم. وقوله تعالى: " ولمن صبر وغفر
إن ذلك لمن عزم الأمور " .
تقدم الخبر على المبتدأ ويجوز تقديم الخبر على المبتدأ
كقولك تميمي أنا، ومشنؤ من يشنؤك، وكقوله تعالى: " سواء محياهم ومماتهم
" وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم " ، المعنى سواء عليهم الإنذار
وعدمه. وقد التزم تقديمه فيما وقع فيه المبتدأ نكرةً والخبر ظرفاً وذلك قولك في
الدار رجل.
وأما سلام عليك وويل لك وما أشبههما من الأدعية فمتروكة
على حالها إذا كانت منصوبة منزلة منزلة الفعل. وفي قولهم أين زيد وكيف عمرو ومتى
القتال.
حذف المبتدأ أو الخبر
ويجوز حذف أحدهما. فمن حذف المبتدأ قول المستهل: الهلال
والله، وقولك وقد شممت ريحاً: المسك والله، أو رأيت شخصاً فقلت: عبد الله وربي. ومنه قول
المرقش:
لا يبعد الله التلبب وال؟ ... غارات إذ قال الخميس نعم
ومن حذف الخبر قولهم خرجت فإذا السبع، وقول ذي الرمة فيا
ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النقا آأنت أم أم سالم
ومنه قوله تعالى: " فصبر جميل " يحتمل الأمرين
أي فأمري صبر جميل أو فصبر جميل أجمل. وقد التزم حذف الخبر في قولهم لولا زيد لكان
كذا لسد الجواب مسدة. ومما حذف فيه الخبر لسد غيره مسده قولهم أقائم الزيدان، وضربي
زيداً قائماً، وأكثر شربي السويق ملتوتاً، وأخطب ما يكون الأمير قائماً وقولهم كل رجل
وضيعته.
وقد يقع المبتدأ والخبر معرفتين كقولك زيد المنطلق،
والله إليهنا، ومحمد نبينا. ومنه قوله أنت أنت وقول أبي النجم أنا أبو النجم وشعري
شعري
ولا يجوز تقديم الخبر هنا بل أيهما قدمت فهو المبتدأ
تعدد الخبر وقد يجيئ للمبتدأ خبران فصاعداً منه قولك هذا
حلو حامض. وقوله تعالى: " وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد " .
دخول الفاء على الخبر إذا تضمن المبتدأ معنى الشرط جاز
دخول الفاء على خبره، وذلك على نوعين الأسم الموصول والنكرة الموصوفة إذا كانت
الصلة أو الصفة فعلاً أو ظرفاً كقوله تعالى: " الذين ينفقون أموالهم بالليل
والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم " وقوله: " فما بكم من نعمة
فمن الله " وقولك كل رجل يأتيني أو في الدار فله درهم. وإذا أدخلت ليت أو لعل
لم تدخل الفاء بالإجماع. وفي دخول إن خلاف بين الإخفش وصاحب الكتاب.
الفصل الثالث خبر إن وأخواتها
سبب رفع خبر إن هو المرفوع في نحو قولك إن زيداً أخوك،
ولعل بشراً صاحبك.
وارتفاعه عند أصحابنا بالحرف لأنه أشبه الفعل في لزومه
الأسماء والماضي منه في بنائه على الفتح فألحق منصوبه بالمفعول ومرفوعه بالفاعل.
ونزل قولك إن زيداً أخوك منزلة ضرب زيداً أخوك. وكأن عمراً الأسد منزلة فرس عمراً الأسد.
وعند الكوفيين هو مرتفع بما كان مرتفعاً به في قولك زيد أخوك ولا عمل للحرف فيه.
وجميع ما ذكر في خبر المبتدأ من أصنافه وأحواله وشرائطه قائم
فيه، ما خلا جواز تقديمه إذا وقع ظرفاً كقولك إن في الدار زيداً، ولعل عندك عمراً،
وفي التنزيل: " إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم "
حذف خبر إن وإن عمراً أي إن لنا وقال الأعشى إن محلا وإن
مرتحلا ... وإن في السفر اذ مضوا مهلا
وتقول إن غيرها إبلا وشاء أي إن لنا. وقال يا ليت أيام
الصبى رواجعا
وقد حذف في قولهم إن مالا وإن ولدا عدداً أي إن لهم
مالاً.
ويقول الرجل للرجل هل لكم أحد من الناس عليكم فيقول إن
زيداً أي ياليت لنا. ومنه قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لقرشي مت إليه
بقرابة: فإن ذاك. ثم ذكر حاجته فقال: لعل ذاك. أي فإن ذاك مصدق ولعل مطلوبك حاصل.
وقد التزم حذفه في قولهم ليت شعري.
الفصل الرابع خبر لا التي لنفي الجنس
هو في قول أهل الحجاز لا رجل أفضل منك ولا أحد خير منك،
وقول حاتم ولا كريم من الولدان مصبوح
يحتمل أمرين: أحدهما أن يترك فيه طائيته إلى اللغة
الحجازية، والثاني أن لا يجعل مصبوحاً خبراً ولكن صفة محمولة على محل لا مع المنفي
وارتفاعه بالحرف أيضاً لأن لا محذوبها حذو إن من حيث أنها نقيضتها ولازمة للأسماء
لزومها.
حذف خبر لا ويحذفه الحجازيون كثيراً فيقولون: لا أهل،
ولا مال، ولا بأس، ولا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار. ومنه كلمة الشهادة
ومعناها لا إله في الوجود إلا الله. وبنو تميم لا يثبتونه في كلامهم أصلاً.
الفصل الخامس اسم ما ولا المشبهتين بليس
هو في قولك ما زيد منطلقاً ولا رجل أفضل منك. وشبههما
بليس في النفي والدخول على المبتدأ والخبر إلا أن ما أوغل في الشبه بها لاختصاصها
بنفي الحال، ولذلك كانت داخلة على المعرفة والنكرة جميعاً فقيل ما زيد منطلقاً، وما
أحد أفضل منك. ولم تدخل لا إلا على النكرة فقيل لا رجل أفضل منك، وامتنع لا زيد
منطلقاً. واستعمال لا بمعنى ليس قليل ومنه بيت الكتاب من صد عن نيرانها ... فأنا
إبن قيس لا براح
أي ليس براح والمعنى لا أبرح بموقفي.
النوع الثالث المنصوبات
الفصل الأول: المفعول المطلق
تعريفه المفعول المطلق هو المصدر سمي بذلك لأن الفعل
يصدر عنه.
ويسميه سيبويه الحدث والحدثان وربما سماه الفعل. وينقسم
إلى مبهم نحو ضربت ضرباً. وإلى مؤقت نحو ضربت ضربةً وضربتين.
نائب المفعول المطلق وقد يقرن بالفعل غير مصدره مما هو
بمعناه؛ وذلك على نوعين: مصدر وغير المصدر. فالمصدر على نوعين: ما يلاقي الفعل في
اشتقاقه كقوله تعالى: " والله أنبتكم من الأرض نباتاً " ، وقوله تعالى:
" وتبتل إليه تبتيلاً " . وما لا يلاقيه فيه كقولك قعدت جلوساً، وحبست
منعاً. وغير المصدر كقولك ضربته أنواعاً من الضرب، وأي ضرب، وأيما ضرب. ومنه رجع القهقري،
واشتمل الصماء، وقعد القرفصاء، لأنها أنواع من الرجوع والإشتمال والقعود. ومنه
ضربته سوطاً.
أنواع المفعول المطلق الذي اضمر فعله والمصادر المنصوبة
بأفعال مضمرة على ثلاثة أنواع : ما يستعمل إظهار فعله وإضماره، وما لا يستعمل
إظهار فعله، وما لا فعل له أصلاً. وثلاثتها تكون دعاء وغير دعاءٍ فالنوع الأول
كقولك للقادم من سفره خير مقدمٍ ولمن يقرمط في عداته. مواعيد عرقوب وللغضبان غضب
الخيل على اللجم. ومنه قولهم سقياً ورعياً وخيبة وجدعاً وعقراً وبؤساً وبعداً
وسحقاً وحمداً وشكراُ لا كفراً وعجباً وافعل ذلك وكرامة ومسرة ونعم ونعمة عين
ونعام عين ولا أفعل ذلك ولا كيداً ولا هما ولا فعلن ذلك ورغماً وهواناً. ومنه إنما
أنت سيراً سيراً وما أنت إلا قتلاً قتلاً وإلا سير البريد وإلا ضرب الناس وإلا شرب
الإبل.
ومنه قوله تعالى: " فغما منا بعد وإما فداء "
ومنه مررت به فإذا له صوت صوت حمار، وإذا له صراخ صراخ الثكلى، وإذا له دق دقك
بالمنحاز حب القلقل. ومنه ما يكون توكيداً إما لغيره كقولك هذا عبد الله حقاً،
والحق لا الباطل، وهذا زيد غير ما تقول، وهذا القول لا قولك، وأجدك لا تفعل كذا،
أو لنفسه كقولك له علي ألف درهم عرفاً، وقول الأحوص إني لأمنحك الصدود وإنني ... قسماً إليك مع
الصدود لأميل
ومنه قوله تعالى صنع الله، ووعد الله، وكتاب الله عليكم،
وصبغة الله، وقولهم الله أكبر دعوة الحق.
ومنه ما جاء مثنى وهو حنانيك ولبيك وسعديك ودواليك
وهذاذيك.
ومنه ما لا يتصرف نحو سبحان الله ومعاذ الله وعمرك الله
وقعدك الله.
والنوع الثالث نحو ذفراً وبهراً وأفة وتفة وويحك وويسك
وويلك وويبك.
وقد تجري اسماء غير مصادر ذلك المجرى وهي على ضربين:
جواهر نحو قولهم ترباً وجندلاً وفاهاً لفيك، وصفات نحو قولهم هنيئاً مريئاً
وعائذاً بك وأقائماً وقد قعد الناس وأقاعداً وقد سار الركب.
إضمار المفعول المطلق ومن إضمار المصدر قولك عبد الله
أظنه منطلق، تجعل الهاء ضمير الظن كأنك قلت عبد الله أظن ظني منطلق. وما جاء في
الدعوة المرفوعة واجعله الوارث منا محتمل عندي ان يوجه على هذا.
الفصل الثاني المفعول به
هو الذي يقع عليه فعل الفاعل في مثل قولك ضرب زيد عمراً
وبلغت البلد. وهو الفارق بين المتعدي من الأفعال وغير المتعدي . ويكون واحداً
فصاعداً إلى الثلاثة على ما سيأتيك بيانه في مكانه إن شاء الله تعالى. ويجيء
منصوباً بعامل مضمر مستعملٍ إظهاره أو لازمٍ :إضماره المنصوب بالمستعمل إظهاره هو قولك
لمن أخذ يضرب القوم، أو قال أضرب شر الناس زيداً بإضمار أضرب؛ ولمن قطع حديثه
حديثك، ولمن صدرت عنه أفاعيل البخلاء: أكل هذا بخلاً، بإضمار هات وتفعل.
ومنه قولك لمن ركنت أنه يريد مكة: ورب الكعبة. ولمن سدد
سهماً القرطاس والله. وللمستهلين إذا كبروا: الهلال والله، تضمر يريد ويصيب وأبصروا،
ولرائي الرؤيا: خيراً وما سر، وخيراً لنا وشراً لعدونا أي رأيت خيراً. ولمن يذكر
رجلاً. أهل ذلك وأهله أي ذكرت أهله. ومنه قوله لن تراها ولو تأملت إلا ... ولها في
مفارق الرأس طيباً
أي وترى لها. ومنه قوله كاليوم رجلاً، بإضمار لم أر. قال
أوس حتى إذا الكلاب قال لها ... كاليوم مطلوباً ولا طلبا
قال سبيويه وهذه حجج سمعت من العرب. يقولون اللهم ضبعاً
وذئباً.
وإذا قيل لهم ما يعنون، قالوا اللهم اجعل فيها ضبعاً
وذئباً. وسمع أبو الخطاب بعض العرب وقيل له لم افسدتم مكانكم؟ فقال الصبيان بأبي
أي لم الصبيان. وقيل لبعضهم أما بمكان كذا وجذ؟ فقال بلى وجاذا أي أعرف به وجاذا.
الفصل الثالث المنادى
ومن المنصوب باللازم إضماره المنادى لأنك إذا قلت يا عبد
الله فكأنك قلت يا أريد أو أعنني عبد الله. ولكنه حذف لكثرة الإستعمال وصاريا
بدلاً منه.
ولا يخلو من أن ينتصب لفظاً أو محلاً. فانتصابه لفظاً
إذا كان مضافاً كعبد الله أو مضارعاً له كقولك يا خيراً من زيد ويا ضارباً زيداً
ويا مضروباً غلامه ويا حسناً وجه الأخ ويا ثلاثة وثلاثين . أو نكرة كقوله فيا
راكباً إما عرضت فبلغا ... تداماي من نجران ألا تلاقيا
وانتصابه محلاً إذا كان مفرداً معرفة كقولك يا زيد ويا
غلام ويا أيها الرجل. أو داخلة عليه لام الإستغاثة أو لام التعجب كقوله يا لعطافنا
ويا للرياح ... وأبي الحشرج الفتى النفاح
وقولهم يا للماء ويا للدواهي. أو مندوباً كقولك يا زيداه.
حكم توابع المنادى توابع المنادى المضموم غير المبهم إذا
أفردت حملت على لفظه ومحله كقولك يا زيد الطويل والطويل، ويا تميم أجمعون وأجمعين،
ويا غلام بشر وبشراً، ويا عمرو الحارث والحارث، وقرئ والطير رفعاً ونصباً إلا
البدل، ونحو زيد وعمرو من المعطوفات فإن حكمهما حكم المنادي بعينه، تقول يا زيد زيد
ويا زيد وعمرو بالضم لا غير وكذلك يا زيد أو عمر ويا زيد لا عمرو أو إذا أضيفت
كقولك يا زيد ذا الجمة وقوله أزيد أخا ورقاء كنت ثائراً ... فقد عرضت أحناء أمر
فخاصم
ويا خالد نفيسه، ويا تميم كلهم، ويا بشر صاحب عمرو، ويا
غلام أبا عبد الله ويا زيد عبد الله.
والوصف بابن وابنة كالوصف بغيرهما إذا لم يقعا بين علمين
فإن وقعا أتبعت حركة الأول حركة الثاني كما فعلوا في ابن وامرئ تقول يا زيد ابن
أخينا ويا هند ابنة عمنا ويا زيد بن عمرو ويا هن ابنة عاصم. وقالوا في غير النداء
أيضاً إذا وصفوا هذا زيد بن أخينا وهند ابنة عمنا، وهذا زيد ابن عمرو، وهند ابنة عاصم،
وكذلك النصب والجر. فإذا لم يصفوا فالتنوين لا غير وقد جوزوا في الوصف التنوين في
ضرورة الشعر كقوله جارية من قيسٍ بن ثعلبة
المنادي المبهم والمنادي المبهم شيئان أي واسم الإشارة.
فأي يوصف بشيئين بما فيه الألف واللام مقحمة بينهما كلمة التنبيه، وباسم الإشارة،
كقولك يا أيها الرجل، ويا أيهذا. قال ذو الرمة ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه ...
لشيء نحته عن يديه المقادر
واسم الإشارة لا يوصف إلا بما فيه الألف واللام كقولك يا
هذا الرجل ويا هؤلاء الرجال. وأنشد سيبويه لخزز بن لوذان.
يا صاح يا ذا الضامر العنس
ولعبيد ابن الأبرص يا ذا المخوفنا بمقتل شيخه ... حجرٍ
تمني صاحب الأحلام
وتقول في غير الصفة يا هذا زيد وزيداً ويا هذان زيد
وعمرو وزيداً وعمراً وتقول يا هذا ذا الجمة على البدل.
حكم المنادي المعرف بأل ولا ينادي ما فيه الألف واللام
إلا الله وحده لأنهما لا تفارقانه كما لا تفارقان النجم مع انهما خلف عن همزة إله.
وقال من اجلك يا التي تيمت قلبي ... وأنت بخيلة بالوصل عني
حكم المنادي المكرر وإذا كرر المنادي في حال الإضافة
ققيه وجهان أحدهما أن ينصب الإسمان معاً كقول جرير يا تيم تيم عدي أبا لكم ...
يلقينكم في سوءةٍ عمر
وقول بعض ولده:
يا زيد زيد اليعملات الذبل ... تطاول الليل عليك فأنزل
والثاني أن يضم الأول حكم المنادي المضاف إلى ياء
المتكلم وقالوا في المضاف إلى ياء المتكلم يا غلامي ويا غلام ويا غلاماً وفي
التنزيل " يا عباد فاتقون " وقرئ يا عبادي. ويقال يا رباً تجاوز عني.
وفي الوقف يا رباه غلاماه. والتاء في يا أبة ويا أمة تاء تأنيث عوضت عن الياء ألا
تراهم يبدلونها هاء في الوقف. وقالوا يا ابن أمي ويا ابن عمي ويا ابن أم ويا ابن عم
ويا ابن أم ويا ابن عم. وقال أبو النجم يا ابنة عما لا تلومي واهجعي ... ألم يكن يبيض
لو لم يصلع
جعلوا الأسمين كاسم واحد.
حكم المندوب ولا بد لك في المندوب من أن تلحق قبله يا
أووا. وأنت في إلحاق الألف في آخره مخير فتقول وازيد. والهاء اللاحقة بعد الألف
للوقف خاصة دون الدرج. ويلحق ذلك المضاف إليه فيقال وا أمي للمؤمنيناه. ولا يلحق
الصفة عند الخليل فلا يقال وازيد الظريفاه. ويلحقها عند يونس. ولا يندب إلا الأسم المعروف
فلا يقال وارجلاه ولم يستقبح، وامن حفر بئر زمزماه لأنه بمنزلة واعبد المطلباه.
ويجوز حذف حرف النداء عما لا يوصف به أي. قال الله تعالى:
" يوسف أعرض عن هذا " وقال: " رب أرني أنظر إليك " . وتقول
أيها الرجل وأيتها المرأة، ومن لا يزال محسناً أحسن إلي. ولا يحذف عما يوصف به أي
فلا يقال رجل ولا هذا. وقد شذ قولهم أصبح ليلن وفتد مخنوق، وأطرق كراً.
و(جاري لا تستنكري عذيري...)
ولا عن المستغاث والمندوب وقد التزم حذفه في اللهم لو
قوع الميم خلفاً عنه.
الأختصاص وفي كلامهم ما هو على طريقة النداء ويقصد به
الإختصاص لا النداء، وذلك قولهم أما أنا فأفعل كذا أيها الرجل، ونحن نفعل كذا أيها
القوم،
واللهم اغفر لنا أيتها العصابة. جعلوا أياً مع صفته
دليلاً على الإختصاص والتوضيح، ولم يعنوا بالرجل القوم والعصابة إلا انفسهم وما
كنوا عنه بأنا ونحن والضمير في لنا. كأنه قيل أما أنا فأفعل كذا متخصصاً بذلك من
بين الرجال، ونحن نفعل متخصصين من بين الأقوام، واغفر لنا مخصوصين من العصائب. ومما يجري هذا
المجرى قولهم إنا معشر العرب نفعل كذا.
ونحن آل فلان كرماء. وإنا معشر الصعاليك لا قوة بنا على
المروة. إلا أنهم سرغوا دخول اللام ههنا فقالوا نحن العرب أقرى الناس للضيف. وبك
الله نرجو الفضل. وسبحانك الله العظيم. ومنه قولهم الحمد الله الحميد. والملك
لله أهل الملك. وأتاني زيد الفاسق الخبيث. وقرئ حمالة الحطب. ومررت به المسكين
والبائس. وقد جاء نكرة في قول الهذلي ويأوي إلى نسوةس عطل ... وشعثاً مراضيع مثل السعالي
وهذا الذي يقال فيه نصب على المدح والشتم والترحم.
الترخيم ومن خصائص النداء الترخيم إلا إذا اضطر الشاعر
فرحم في غير النداء. وله شرائط إحداهها أن يكون الأسم علماً. والثانية أن يكون غير
مضاف. والثالثة أن لا يكون مندوباً ولا مستغاثاً. والرابعة أن تزيد عدته على ثلاثة
أحرف إلا ما كان في آخره تاء تأنيث فإن العلمية والزيادة على الثلاثة فيه غير مشروطتين.
يقولون يا عاذل، ويا جاري، لا تستنكري، ويا ثب اقبلي، ويا شا ارجني، وأما قولهم يا
صاح وأطرق كراً فمن الشواذ.
والترخيم حذف في آخر الاسم على سبيل الإعتباط ثم إما أن يكون
المحذوف كالثابت في التقدير وهو الكثير، أو يجعل ما بقي كأنه اسم برأسه فيعامل بما
تعامل به سائر الأسماء. فيقال على الأول يا حار، ويا هرق، ويا ثمو، ويا بنو في المسمى
ببنون. وعلى الثاني يا حار، ويا هرق ويا ثمى، ويا بني.
ولا يخلو المرخم من أن يكون مفرداً أو مركباً فإن كان
مفرداً فهو على وجهين أحدهما أن يحذف منه حرف واحد كما ذكرت لك. والثاني أن يحذف
منه حرفان. وهما على نوعين إما زيادتان في حكم زيادة واحدة كاللتين في أعجاز أسماء
ومروان وعثمان وطائفي. وإما حرف صحيح ومدة قبله وذلك في نحو منصور وعمار ومسكين. وإن
كان مركباً حذف آخر الأسمين بكماله فقيل يا بخت ويا عمرو ويا سيب ويا خمسة في بخت
نصر وعمرويه وسيبويه، والمسمى بخمسة عشر. وأما نحو تأبط شراً وبرق نحره فلا يرخم.
حذف المنادي.
وقد يحذف المنادي فيقال يا بؤس لزيد بمعنى يا قوم بؤس
لزيد وم أبيات الكتاب يا لعنة الله والأقوام كلهم ... والصالحون على سمعان من جار
وفي التنزيل " ألا يا اسجدوا "
الفصل الرابع: التحذير
ومن المنصوب باللازم إضماره قولك في التحذير إياك
والأسد، أي إتق نفسك أن تتعرض للأسد أن يهلكك. ونحوه رأسك والحائظ، وماز رأسك
والسيف. ويقال إياي والشر، وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب، أي نحني عن الشر، ونح
الشر عني، ونحني عن مشاهدة حذف الأرنب، ونح حذفها عن حضرتي ومشاهدتي، والمعنى
النهي عن حذف الأرنب. ومنه شأنك والحج، أي عليك شأنك مع الحج، وامرأ ونفسه أي دعه
مع نفسه.
وأهلك والليل، أي بادرهم قبل الليل. ومنه عذيرك أي أحضر
عذرك أو عاذرك. ومنه هذا ولا زعماتك. وقولهم كليهما وتمراً أي إعطني وكل شيء ولا شتيمة
حر أي إئت كل شيء ولا ترتكب شيتمة حر. ومنه قولهم انته أمراً قاصداً لأنه لما قال
انته علم أنه محمول على أمر يخالف المنهي عنه قال الله تعالى: " انتهوا خيراً لكم "
ويقولون حسبك خيراً لك، وواءك أوسع لك. ومنه من أنت زيداً أي تذكر زيداً أو ذاكراً
زيداً. ومنه مرحباً وأهلاً وسهلاً، أي أصبت رحباً ضيقاً، وأتيت أهلاً لا أجانب،
ووطئت سهلاً من البلاد لا حزناً. وأن تأتني فأهل الليل وأهل النهار أي فإنك تأتي أهلاً
لك بالليل والنهار. ومنه قولهم كاليوم رجلاً بإضمار لم أر. قال أوس:
حتى إذا الكلاب قال لها ... كاليوم مطلوباً ولا طلبا
ويقولون الأسد الأسد والجدار الجدار والصبي الصبي إذا
حذروه الأسد والجدار المتداعي وإبطاء الصبي. ومنه أخاك أخاك أي إلزمه، والطريق الطريق
أي خله وهذا إذ ثني لزم إضمار عامله وإذا أفرد لم يلزم.
الفصل الخامس: التفسير
ومن المنصوب باللازم إضماره ما أضمر عامله على شريطة
التفسير في قولك زيداً ضربته، كأنك قلت ضربت زيداً ضربته. إلا أنك لا تبرزه
استغناء عنه بتفسيره قال ذو الرمة إذا ابن أبي موسى بلالاً بلغته ... فقام بفأس
بين وصليك جازر
ومنه زيداً مررت به، وعمراً لقيت أخاه، وبشراً ضربت غلامه،
بإضمار جعلت على طريقي ولا بست وأهنت قال سيبويه: النصب عربي كثير والرفع أجود.
النصب اختياراً ولزوماً ثم إنك ترى النصب مختاراً ولازماً.
فالمختار في موضعين أحدهما أن تعطف هذه الجملة على جملةٍ فعلية كقولك لقيت القوم
حتى عبد الله لقيته، ورأيت عبد الله وزيداً مررت به، وفي التنزيل: " يدخل من
يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذاباً أليماً " . ومثله: " فريقاً هدى
وفريقاً حق عليهم الضلالة " . فأما إذا قلت زيداً لقيت أخاه وعمراً مررت به
ذهب التفاضل بينب رفع عمرو ونصبه لأن الجملة الأولى ذات وجهين، فإن اعترض بعد
الواوما يصرف الكلام إلى الإبتداء كقولك لقيت زيداً وأما عمر فقد مررت به، ولقيت
زيداً وإذا عبد الله يضربه عمرو، وعادت الحال الأولى جذعة.
وفي التنزيل: " وأما ثمود فهديناهم " . وقرئ
بالنصب.
والثاني أن يقع موقعاً هو بالفعل أولى وذلك أن يقع بعد
حرف الإستفهام كقولك أعبد الله ضربته:، ومثله آلسوط ضرب به عمرو، وآلخوان أكل عليه
اللحم، وأزيداً أنت محبوس عليه، وأزيداً أنت مكابر عليه، وأزيداً سميت به. ومنه أزيداً
ضربت عمراً وأخاه، وأزيداً ضربت رجلاً يحبه؛ لأن الآخر ملتبس بالأول بالعطف أو
بالصفة. فإن قلت أزيد ذهب به فليس إلا بالرفع، وأن يقع بعد إذا وحيث كقولك إذا عبد
الله تلقاه فأكرمه وحيث زيداً تجده فأكرمه، وبعد حرف النفي كقولك ما زيداً ضربته
وقال جرير فلا حسباً فخرت به لتيم ... ولا جداً إذا ازدحم الجدود
وأن يقع في الأمر والنهي كقولك زيداً أضربه، وخالداً
أضرب أباه، وبشراً لا تشتم أخاه، وزيداً ليضربه عمرو، وبشراً ليقتل أباه عمرو.
ومثله أما زيداً فاقتله، وأما خالداً فلا تشتم أباه. والدعاء؟ بمنزلة الأمر
والنهي، تقول اللهم زيداً فاغفر له ذنبه، وزيداً أمر الله عليه العيش. قال أبو
الأسود الدؤلي فكلا جزاه الله عني بما فعل
وأما زيداً فجدعا له، وأما عمراً فسقياً له. واللازم أن
تقع الجملة بعد حرف لا يليه إلا الفعل كقولك إن زيداً تره تضربه قال الشاعر لا
تجزعي أن منفساً أهلكته
وهلا وألاً ولوما بمنزلة إن لأنهن يطلبن الفعل ولا يبتدأ
بعدها الأسماء.
حذف المفعول به وحذف المفعول به به كثير. وهو في ذلك على
نوعين: أحدهما أن يحذف لفظاً ويراد معنى وتقديراً. والثاني أن يجعل بعد الحذف
نسياً منسياً كأن فعله من جنس الأفعال غير المتعدية كما ينسى الفاعل عند بناء
الفعل به. فمن الأول قوله عز وجل " يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " . وقوله
تعالى: " لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم " . لأنه لا بد لهذا
الموصول من أن يرجع إليه من صلته مثل ما ترى في قوله تعالى: " الذي يتخبطه
الشيطان من المس " وقرئ قوله تعالى: " وما عملته أيديهم " وما عملت. من
الثاني قولهم فلان يعطي ويمنع ويصل ويقطع. ومنه قوله عز وجل: " وأصلح لي في
ذريتي " وقول ذي الرمة وأن تعتذر عن ذي ضروعها ... إلى الضيف يجرح في
عراقيبها نصلي
ومن
حذف المفعول به حذف المنادي يقال يا بؤس لزيد بمعنى يا
قوم بؤس لزيد ومن أبيات الكتاب:
يا لعنة الله والأقوام كلهم ... والصالحون على سمعان من
جار
الفصل السادس: المفعول فيه
هو ظرفا الزمان والمكان: وكلاهما منقسم إلى مبهم، ومؤقت،
ومستعمل إسماً وظرفاً، ومستعمل ظرفاً لا غير. فالمبهم نحو الحين والوقت والجهات
الست. والمؤقت نحو اليوم والليلة والسوق والدار.
والمستعمل إسماً وظرفاً ما جاز ان تعتقب عليه العوامل.
والمستعمل ظرفاً لا غير ما لزم النصب نحو قولك وسرنا ذات مرةٍ وبكرة وسحر وسحيراً
وضحى وعشاء وعشية وعتمة ومساء، إذا أردت سحراً بعينه وضحى يومك وعشيته وعشاءه عتمة
ليلتك ومساءها. ومثله عند وسوى وسواء. ومما يختار فيه أن يلزم الظرفية صفة
الأحيان، تقول سير عليه طويلاً وكثيراً وقليلاً وقديماً وحديثاً.
وقد يجعل المصدر حيناً لسعة الكلام. فيقال كان ذلك مقدم الحاج، وخفوق
النجم، وخلافة فلان، وصلاة العصر؛ ومنه سير عليه ترويحتين، وانتظرنه نحر جزورين،
وقوله تعالى: " وإدبار النجوم
" .
وقد يذهب بالظرف عن أن يقدر فيه معنى في اتساعاً، فيجرى
لذلك مجرى المفعول به، فيقال الذي سرته يوم الجمعة وقال:
ويومٍ شهدناه سليماً وعامراً ... قليلٍ سوى الطعن النهال
نوافله
ويضاف إليه كقولك يا سارق الليلة أهل الدار، وقوله
تعالى: " بل مكر الليل والنهار " . ولولا الإتساع لقلت سرت فيه وشهدنا
فيه.
إضمار عامل المفعول فيه وينصب بعامل مضمر كقولك في جواب
من يقول لك منتى سرت؟ يوم الجمعة. وفي المثل السائر: أسائر اليوم وقد زال الظهر؟
ومنه قولهم لمن ذكر أمراً قد تقادم زمانه حينئذٍ: الآن، أي كان ذلك حينئذٍ. واسمع
الآن.
ويضمر عامله على شريطة التفسير كما صنع في المفعول به.
تقول اليوم سرت فيه وأيوم الجمعة ينطلق فيه عبد الله، مقدراً أسرت اليوم وأينطلق
عبد الله يوم الجمعة.
الفصل السابع: المفعول معه
وهو المنصوب بعد الواو الكائنة يمعنى مع. وإنما ينصب إذا
تضمن الكلام فعلاً كقولك ما صنعت وأباك، وما زلت أسير والنيل ومن أبيات الكتاب
فكونوا أنتم وبني أبيكم ... مكان الكليتين من الطحال
ومنه قوله عز وجل: " فأجمعوا أمركم وشركاءكم "
، أو ما هو بمعناه نحو قولك مالك وزيداً، وما شأنك وعمراً، لأن المعنى ما تصنع وما
تلابس وكذلك حسبك وزيداً درهم، وقطك وكفيك مثله لأنها بمعنى كفاك. قال:
فما لك والتلدد حول نجدٍ ... وقد غصت تهامة بالرجال
وقال إذا كانت الهيجاء آنشقت العصا ... فحسبك والضحاك
سيف مهند
وليس لك أن تجره حملاً على المكنى. فإذا جئت بالظاهر كان
الجر الإختيار كقولك ما شأن عبد الله وأخيه يشستمه، وما شأن قيس والبر تسرقه،
والنصب جائز.
وأما في قولك ما أنت وعبد الله وكيف أنت وقصعة من ثريد،
فالرفع قال يا زبرقان أخا بني خلف ... ما أنت ويب أبيك والفخر
وقال وكنت هناك أنت كريم قيس ... فما القيسيب بعدك
والفخار
إلا عند ناس من العرب ينصبونه على تأويل ما كنت أنت وعبد
الله، وكيف تكون أنت وقصعة من ثريد. قال سيبويه لأن كنت وتكون تقعان ههنا كثيراً
وقال فما أنا والسير في متلفٍ ... يبرح بالذكر الضابط
وهذا الباب قياس عند بعضهم وعند آخرين مقصور على السماع.
الفصل الثامن: المفعول له
هو علة الإقدام على الفعل. وهو جواب لمه. وذلك قولك فعلت
كذا مخافة الشر وإدخار فلان، وضربته تأديباً له، وقعدت عن الحرب جبناً، وفعلت ذلك
أجل كذا؛ وفي التنزيل حذر الموت.
وفيه ثلاث شرائط أن يكون مصدراً، وفعلاً لفاعل الفعل
المعلل، ومقارناً له في الوجود. فإن فقد شيء منها فاللام كقولك جئتك للسمن واللبن
ولإكرامك الزائر، وخرجت اليوم لمخاصمتك زيداً أمس.
ويكون معرفة ونكرة وقد جمعهما العجاج في قوله يركب كل
عاقر جمهور ... مخافة وزعل المحبور
والهول من تهول الهبور
الفصل التاسع: الحال
شبه المفعول والظرف : شبه الحال بالمفعول من حيث أنها
فضلة مثله جاءت بعد مضي الجملة. ولها بالظرف شبه خاص من حيث أنها مفعول فيها
ومجيئها لبيان هيأة الفاعل أو المفعول وذلك قولك ضربت زيداً قائماً تجعله حالاً من
أيهما شئت وقد تكون منهما ضربةً على الجمع والتفريق كقولك لقيته راكبين. قال عنترة
متى ما تلقني فردين ترجف ... روانف أليتيك وتستطارا
ولقيته مصعداً ومنحدراً.
عوامل الحال : والعامل فيها إما فعل وشبهه من الصفات؛ أو
معنى فعل كقولك فيهاب زيد مقيماً، وهذا عمرو منطلقاً، وما شأنك قائماً، وما لك
واقفاً، وفي التنزيل: " وهذا بعلي شيخاً " ،و " فما لهم عن التذكرة
معرضين " ؛ وليت ولعل وكأن ينصبها أيضاً لما فيها من معنى الفعل، فالأول يعمل
فيها متقدمً ومتأخراً ولا يعمل فيها الثاني إلا متقدماً. وقد منعوا في مررت راكباً
بزيد أن يجعل الراكب حالاً من المجرور.
وقد يقع المصدر حالاً كما تقع الصفة مصدراً في قولهم قم
قائماً، وقوله: ولا خارجاً من في زور كلام وذلك قتلته صبراً، ولقيته فجاءه وعياناً
كفاحاً، وكلمته مشافهة، وأتيته ركضاً وعدواً ومشياً، وأخذت عنه سمعاً، أي مصبوراً
ومفاجئاً ومعايناً.
وكذلك البواقي وليس عند سيبويه بقياس وأنكر اتانا رجلة
وسرعة، وأجازه
المبرد في كل ما دل عليه الفعل.
والأسم غير الصفة والمصدر بمنزلتها في هذا الباب، تقول
هذا بسراً أطيب منه رطباً، وجاء البر قفيزين وصاعين، وكلمته فاه إلى في، وبايعته
يداً بيد، وبعت الشاء شاة ودرهما، وبينت له حسابه بابا بابا.
تنكير الحال
: ومن حقها أن تكون نكرة، وذو الحال معرفة. وأما ارسلها
العراك، ومررت به وحده، وجاؤا قضهم بقضيضهم، وفعلته جهدك وطاقتك، فمصادر قد تكلم
بها على نية وضعها في موضع مالا تعريف فيه، كما وضع فاه إلى في موضع شفاهاً، وعنى معتركة،
منفرداً وقاطبة وجاهداً. ومن الأسماء المحذور بها حذو هذه المصادر قولهم مررت بهم
الجماء الغفير.
وتنكير ذي الحال قبيح إلا إذا قدمت عليه كقوله لعزة
موحشاً طلل قديم
الحال المؤكدة: و
الحال المؤكدة هي التي تجيء على إثر جملة عقدها من اسمين
لا عمل لهما لتوكيد خبرها وتقرير مؤداه ونفي الشك عنه، وذلك قولك ريد أبوك عطوفاً،
وهو زيد معروفاً، وهو الحق بيناً، ألا تراك حققت بالعطوف الأبوة، وبالمعروف والبين
أن الرجل زيد وأن الأمر حق، وفي التنزيل: " وهو الحق مصدقاً لما بين يديه " وكذلك أنا
عبد الله آكلا كما يأكل العبيد، فيه تقرير للعبودية وتحقيق لها. وتقول أنا فلان
بطلاً شجاعاً وكريماً جواداً فتحقق ما أنت متسم به وما هو ثابت لك في نفسك، ولو
قلت زيد أبوك منطلقاً أو أخوك أحلت إلا إذا أردت التبني والصداقة. والعامل فيها
أحق أو أثبت مضمراً.
الجملة الحالية والجملة تقع حالاً. ولا تخلو من أن تكون
اسمية فعلية فإن كانت اسمية فالواو إلا ما شذ من قولهم كلمته فوه إلى في، وما عسى
ان يعثر عليه في الندرة. وأما لقيته عليه جبة وشي، فمعناه مستقرة عليه جبة وشي.
وإن كانت فعلية لم تخل من أن يكون فعلها مضارعاً أو ماضياً. فإن كان مضارعاً لم
يخل من أن يكون مثبتاً أو منفياً. فالمثبت بغير واو: وقد جاء في المنفي الأمران.
وكذلك في الماضي. ولا بد معه من قد ظاهرة أو مقدرة.
ويجوز إخلاء هذه الجملة عن الراجع إلى ذي الحال إجراء
لها مجرى الظرف لانعقاد الشبه بين الحال وبينه، تقول أتيتك وزيد قائم، ولقيتك
الجيش قادم، وقال وقد أغتدي والطير وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل
إضمار عامل الحال ومن انتصاب الحال بعامل مضرم قولهم
للمرتحل راشداً مهدياً ومصاحباً معاناً بإضمار إذهب وللقادم مأجوراً مبروراً أي
رجعت. وإن أنشدت شعراً أو حدثت حديثاً قلت صادقاً، بإبضمار قال. وإذا رأيت من
يتعرض لآمر قلت متعرضاً لعنن لم يعنه، أي دنا منه متعرضاً. ومنه أخذته بدرهم
فصاعداً أو بدرهم فزائداً، أي فذهب الثمن صاعداً أو زائداً. ومنه أتميميا مرة
وقيسياً أخرى، كأنك قلت أتحول. ومنه قوله تعالى: " بلى قادرين " أي
نجمعها قادرين.
التمييز
تعريفه ويقالك له التبين والتفسير هو رفع الإبهام في
جملة أو مفرد بالنص على أحد محتملاته. فمثاله في الجملة طاب زيد نفساً، وتصبب
الفرس عرقاً، وتفقأ شحماً وأبرحت جاراً، وامتلآ الإناء ماء، وفي التنزيل: "
واشتعل الرأس شيباً "
" وفجرنا الأرض عيونا " ، " ومن أحسن
قولا " ، " ومن أصدق من الله حديثاً " . ومثاله في المفرد عندي راقود
خلا، ورطل زيتاً، ومنوان عسلاً، وقفيزان براً، وعشرون درهماً، وثلاثون ثوباً، وملأ
الإناء عسلاً،
وعلى التمرة مثلها زبداً وما في السماء. وضع كف سحاباً.
وشبه المميز بالمفعول أن موقعه في هذه الأمثلة كموقعه في ضرب زيد عمراً وفي ضارب
زيداً وضاربان زيداً وضاربون زيداً وضرب زيدٍ عمراً.
عوامل التمييز : ولا ينتصب المميز عن مفرد إلا عن نام.
والذي يتم به أربعة أشياء التنوين ونون التثنية ونون الجمع والإضافة. وذلك على
ضربين زائل ولازم.
فالزائل التمام بالتنوين ونون التثنية لأنك تقول عندي
رطل زيتٍ، ومنوا سمن. واللازم التمام بنون الجمع والإضافة لأنك لا تقول كلأ عسل
ولا مثل زبد ولا عشرو درهم.
وتمييز المفرد أكثره فيما كان مقداراً كيلاً كقفيزان أو
وزناً كمنوان أن مساحةً كموضع كف او عدد كعشرون أو مقياساً كملؤه ومثلها. وقد يقع
فيما ليس إياها نحو قولهم ويحه رجلاً، ولله دره فارساًن وحسبك به ناصراً.
تقديم المميز وتأخيره عن عامله : ولقد أبى سيبويه تقدم
المميز على عامله. وفرق أبو العباس بين النوعين فأجاز نفساً طاب زيد، ولم يجز لي سمناً
منوان. وزعم أنه رأي المازني. وأنشد قول الشاعر أتهجر ليلي بالفراق حبيبها ... وما
كان نفساً بالفراق تطيب
أصل التمييز واعلم أن هذه المميزات عن آخرها أشياء مزالة
عن أصلها. ألا تراها إذا رجعت إلى المعنى متصفةً بما هي منتصبة عنه ومنادية. على
أن الأصل عندي زيت رطل، وسمن منوان، ودراهم عشرون، عسل ملء الإناء، وزبد مثل
التمرة، وسحاب موضع كف. وكذلك الأصل وصف النفس بالطيب، والعرق بالتصبب، والشيب
بالإشتعال، وأن يقال طابت نفسه، وتصبب عرقه، واشتعل شيب رأسي. لأن الفعل في
الحقيقة وصف في الفاعل. السبب في هذه الإزالة قصدهم إلى ضرب من المبالغة والتأكيد.
الفصل العاشر: الإستثناء
أنواع المستثنى المستثنى في إعرابه على خمسة أضرب. أحدها
منصوب أبداً وهو على ثلاثة أوجه: ما استثني بإلآ من كلام موجب وذلك جاءني القوم
إلا زيداً، وبعدا وخلا بعد كل كلام. وبعضهم يجر بخلا وقيل بهما، ولم يورد هذا
القول سيبويه ولا المبرد. فأما ما عدا وما خلا فالنصب ليس إلا. وكذلك ليس ولا يكون.
وذلك جاءني القوم أو ما جاءني عدا زيداً وخلا زيداً ومن عدا زيداً وما خلا زيداً.
قال لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيمٍ لا محالة زائل
وليس زيداً ولا يكون زيداً. وهذه أفعال مضمر فاعلوها. وما قدم من
المستثنى كقولك ما جاءني إلا أخاك أحد قال الكميت وما لي إلا آل أحمد شيعة ...
ومالي إلا مذهب الحق مذهب
وما كان استثناؤه منقطعاً كقولك ما جاءني إلا حماراً وهي
اللغة الحجازية. ومنه قوله عز وجل: " لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم
" ، وقولهم ما زاد إلا ما نقص وما نفع إلا ما ضر.
والثاني جائز فيه النصب والبدل وهو المستثنى من كلام
تامر غير موجب كقولك ما جاءني أحد إلا زيداً وإلا زيد. وكذلك إذا كان المستثنى منه
منصوباً أو مجروراً.
والاختيار البدل قال الله تعالى: " ما فعلوه إلا
قليل منهم " . وأما قوله عز وجل: " إلا أمرأتك " فيمن قرأ بالنصب فمستثنى
من قوله تعالى: " فأسر بأهلك
" .
والثالث مجرور أبداً وهو ما استثنى بغيرٍ وحاشاً وسوى
وسواه. والمبرد يجيز النصب بحاشا.
والرابع جائز فيه الجر والرفع وهو ما استثني بلا سيما
وقول امرئ القيس ولا سيما يوم بدارة جلجل
يروى مجروراً ومرفوعاً وقد روي فيه النصب.
والخامس جار على إعرابه قبل دخول كلمة الإستثناء وذلك ما
جاءني إلا
زيد، وما رأيت إلا زيداً وما مررت إلا بزيد. والمشبه
بالمفعول منها هو الأول والثاني في أحد وجهيه وشبهه به لمجيئه فضلة. وله شبه خاص
بالمفعول معه لأن العامل فيه بتوسط حرف.
حكم غير وحكم غير في بالإعراب حكم الأسم الواقع بعد إلا
تنصبه في الموجب والمنقطع وعند التقديم وتجيز فيه البدل والنصب في غير الموجب.
وقالوا إنما عمل فيه المتعدي لشبهه بالظرف لإبهامه.
الشبه في المعنى بين إلا وغير واعلم أن إلا وغيراً
يتقارضان ما لكل واحد منهما. فالذي لغير في أصله أن يكون وصفاً يمسه إعراب ما قبله، ومعناه
المغايرة وخلاف المماثلة. ودلالته عليها من جهتين: من جهة الذات ومن جهة الصفة.
تقول مررت برجل غير زيد، قاصداً إلى أن مرورك كان بإنسان آخر أو بمن ليست صفته صفته،
وفي قوله عز وجل: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون
في سبيل الله " ، الرفع صفة للقاعدون والجر صفة للمؤمنين والنصب على
الإستثناء. ثم دخل على إلا في الإستثناء وقد دخل عليه إلا في الوصفية. وفي التنزيل:
" لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " . أي غير الله. ومنه قوله وكل
آخٍ مفارقة أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
ولا يجوز اجراؤه مجرى غير إلا تابعاً، لو قلت: لو كان
فيهما إلا الله كما تقول لو كان فيهما غير الله لم يجز. وشبهه سيبويه بأجمعون.
وتقول ما جاءني من أحد إلا عبد الله وما رأيت من أحد إلا
زيداً ولا أحد فيها إلا عمرو فتحمل البدل على محل الجار والمجرور لا على اللفظ،
وتقول ليس زيد بشيء إلا شيئاً لا يعبأ به. قال طرفة أبني لبينى لستم بيدٍ ... إلا يداً
ليست لها عضد
وما زيد بشيءٍ لا يعباً به بالرفع لا غير.
حكم تقديم المستثنى على صفة المستثنى منه : وإن قدمت
المستثنى على صفة المستثنى منه ففيه طريقان: أحدهما وهو اختيار سيبويه أن لا تكترث
للصفة وتحمله على البدل. والثاني أن تنزل تقديمه على الصفة منزلة تقديمه على الموصوف،
وذلك قولك ما أتاني أحد إلا أبوك خير من زيد، وما مررت بأحد إلا عمرو خيرٍ من زيد،
أو تقول إلا أباك وإلا عمراً.
حمم تثنية المستثنى: وتقول في تثنية المستثنى ما أتاني إلا
زيداً إلا عمراً أو إلا زيداً إلا عمرو ترفع الذي أسندت إليه الفعل وتنصب الآخر.
وليس لك أن ترفعه لأنك لا تقول تركوني إلا عمرو. وتقول ما أتاني إلا عمراً إلا
بشراً أحد، منصوبين لأن التقدير ما أتاني إلا عمراً أحد إلا بشر، على إبدال بشر من
أحد فلما قدمته نصبته.
الفعل المستثنى وإذا قلت ما مررت بأحد إلا زيد خير منه
كان ما بعد إلا جملة ابتدائية واقعة صفة لأحد، وإلا لغو في اللفظ معطية في المعنى
فائدتها جاعلة زيداً خيراً من جميع من مررت بهم.
وقد أوقع الفعل موقع الأسم المستثنى في قولهم نشدتك
بالله إلا فعلت، والمعنى ما أطلب منك إلا فعلك؛ وكذلك أقسمت عليك غلا فعلت. وعن
ابن عباس: بالإيواء والنصر إلا جلستم. وفي حديث عمر: عزمت عليك لما ضربت كاتبك سوطاً
بمعنى إلا ضربت.
حذف المستثنى والمستثنى يحذف تخفيفاً وذلك قولهم ليس إلا
وليس غير.
الفصل الحادي عشر: الخبر والاسم في بابي كان وإن
لما شبه العامل في البابين بالفعل المتعدي شبه ما عمل
فيه بالفاعل والمفعول.
ويضمر العامل في خبر كان في مثل قولهم الناس مجزيون
بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر، والمرء مقتول بما قتل به أن خنجراً فخنجر
وإن سيفاً فسيف، أي إن كان عمله خيراً فجزاؤه خير وإن كان شراً فجزاؤه شر.
والرفع أحسن في الآخر ومنهم من يرفعهما ويضمر الرافع أي
أن كان معه خنجر فالذي يقتل به خنجر قال النعمان بن المنذر: قد قيل ذلك إن حقاً
وإن كذباً
ومنه الإطعام ولو تمراً وائتني بدابة ولو حماراً. وإن
شئت رفعت بمعنى ولو يكون تمر وحمار، ادفع الشر ولو إصبعاً. ومنه أما أنت منطلقاً
انطلقت، والمعنى لأن كنت منطلقاً، وما مزيدة معوضة من الفعل المضمر.
ومنه قول الهذلي أبا خراشة أما أنت ذا نفر
وروى قوله:
إما أقمت وأما أنت مرتحلاً ... فالله يكلأ ما تأتي وما
تذرا
بكسر الأول فتح الثاني.
النصوب بلا التي لنفي الجنس
حكم اسم لا هي كما ذكر محمولة على إن فلذلك نصب بها
الأسم ورفع الخبر، وذلك إذا كان المنفي مضافاً كقولك لا غلام رجل أفضل منه، ولا
صاحب صدق موجود؛ أو مضارعاً له كقولك لا خيراً منه قائم هنا، ولا حافظاً للقرآن
عندك، ولا ضارباً زيداً في الدار، ولا عشرين درهماً لك. فإذا كان مفرداً فهو مفتوح
وخبره مرفوع كقولك لا رجل أفضل منك، ولا أحد خير منك.
ويقول المستفتح ولا إله غيرك. وأما قوله: لا نسب اليوم
ولا خلة
فعلى إضمار فعل، كأنه قال ولا أرى خلة كما قال الخليل في
قوله: ألا رجلاً جزاءه الله خيراً كأنه قال ألا ترونني رجلاً وزعم يونس أنه نون
مضطراً.
وحقه أن يكون نكرة. قال سيبويه واعلم أن كل شيء حسن لك
أن تعمل فيه رب، حسن لك أن تعمل فيه لا. وأما قول الشاعر:
لا هيثم الليلة للمطي وقول ابن الزبير الأسدي أرى
الحاجات عند أبي خبيب ... نكدن ولا أمية بالبلاد
وقولهم لا بصرة لكم وقضية، ولا أبا حسن لها، فعلى
التنكير. وأما لا سيما زيد فمثل لا مثل زيد.
وتقول لا أب لك. قال نهار بن توسعة اليشكري أبي الإسلام
لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيسٍ أو تميم
ولا غلامين لك ولا ناصرين لك. وأما قولهم لا أبا لك ولا
غلامي لك ولا ناصري لك فمشبه في الشذوذ بالملامح والمذاكير ولدن غدوة. وقصدهم فيه
إلى الإضافة وإثبات الألف وحذف النون لذلك، وإنما أقحمت اللام المضيفة توكيداً للإضافة.
لأألا تراهم لا يقولون لا أبا فيها، ولا رقيبلأ عليها، ولا مجيري منها، وقضاء من
حق المنفي في التنكير بما يظهر بها من
صورة الإنفصال. وقد شبهت في أنها مزيلة ومؤكدة بتيم
الثاني في يا تيم تيم عدي. والفرق بين المنفي في هذه اللغة وبينه وبين الأولى أنه في هذا
معرب وفي تلك مبني، فإذا فصلت فقلت لا يدين بها لك ولا أب فيها لك، امتنع الحذف والإثبات
عند سيبويه وأجازهما يونس. وإذا قلت لا غلامين ظريفين لك لم يكن بد من إثبات النون
في الصفة والموصوف.
حكم صفة اسم لا وفي صفة المفرد وجهان أحدهما أن يبنى معه
على الفتح كقولك لا رجل ظريف فيها، والثاني أن تعرب محموله على لفظه أو محله كقولك
لا رجل ظريفاً فيها أو ظريف، وإن فصلت بينهما أعربت . وليس في الصفة الزائدة عليها
إلا الإعراب، فإن كررت المنفي جاز في الثاني الإعراب والبناء وذلك قولك لا ماء ماءً
بارداً، وإن شئت لم تنون.
حكم معطوف اسم لا وحكم المعطوف حكم الصفة إلا في البناء.
قال: فلا أب وابناً مثل مروان وابنه
وقال لا أم لي إن كان ذاك ولا أب
وان تعرف فالحمل على المحل لا غير كقولك لا غلام لك ولا
العباس.
حكمه إذا كرر : ويجوز رفعه إذا كرر قال تعالى: "
فلا رفث ولا فسوق " ، وقال:
" لا بيع فيه ولا خلة " . فإن جاء مفصولاً
بينه وبين لا أو معرفة وجب الرفع والتكرير كقولك لا فيها رجل ولا امرأة، ولا زيد
فيها ولا عمرو. وقولهم لا نولك أن تفعل كذا كلام موضوع موضع لا ينبغي لك أن تفعل
كذا وقوله وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا ... حياتك لا نفع وموتك فاجع
وقوله قضت وطراً واسترجعت ثم آذنت ... ركائبها أن لا
إلينا رجوعها
ضعيف لا يجيء إلا في الشعر. وقد أجاز المبرد في السعة أن
يقال لا رجل في الدار ولا زيد عندنا.
إعراب لا حول ولا قوة إلا بالله : وفي لا حول ولا قوة
إلا بالله ستة أوجه: أن تفتحهما، وأن تنصب الثاني، وأن ترفعه، وأن ترفعهما، وأن
ترفع الأول على أن لا بمعنى ليس، أو على مذهب أبي العباس وتفتح الثاني، وأن تعكس
هذا .
حذف اسم لا وقد حذف المنفي في قولهم لا عليك أي لا بأس
عليك.
الفصل الثاني عشر: خبر ما ولا المشبهتين بليس
هذا التشبيهب لغة أهل الحجاز. وأما بنو تميم فيرفعون ما
بعدهما على الإبتداء، ويقرؤن: ما هذا بشر، إلا من درى كيف هي في المصحف.
فإذا انتقض النفي بإلا أ تقدم الخبر بطل العمل فقيل: ما
زيد إلا منطلق، ولا رجل إلا أفضل منك، وما منطلق زيد، ولا أفضل منك رجل.
ودخول الباء في الخبر نحو قولك ما زيد بمنطلق إنما يصح
على لغة أهل الحجاز لأنك لا تقول زيد بمنطلق.
لات لات وهي لا التي يكسعونها بالتاء وهي المشبهة بليس
بعينها ولكنهم أبوا إلا أن يكون المنصوب بها حيناً. قال الله تعالى: " ولات
حين مناص " أي ليس الحين حين مناص.
النوع الرابع
المجرورات لا يكون الأسم مجروراً إلا بالإضافة وهي
المقتضية للجر، كما أن الفاعلية والمفعولية هما المقتضيان للرفع والنصب. والعامل
ههنا غير المقتضي كما أن ثمة، وهو حرف الجر أو معناه في نحو قولك مررت بزيد، وزيد
في الدار، وغلام زيد، وخاتم فضة.
الإضافة وإضافة الأسم للأسم على ضربين: معنوية ولفظية. فالمعنوية ما
أفاد تعريفاً كقولك دار عمرو، أو تخصيصاً كقولك غلام رجل. ولا تخلو في الأمر العام
من أن تكون بمعنى اللام كقولك مال زيد وأرضه وأبوه وابنه وسيده وعبده، أو بمعنى من
كقولك خاتم فضة وسوار ذهب وباب ساج.
واللفظية أن تضاف الصفة إلى مفعولها في قولك هو ضارب يد،
وراكب فرس، بمعنى ضارب زيداً وراكب فرساً؛ وإلى فاعلها كقولك زيد حسن الوجه ومعمور
الدار، وهند جاثلة الوشاح، بمعنى حسن وجهه ومعمورة داره وجائل وشاحهها. ولا تفيد إلا
تخفيفاً في اللفظ والمعنى كما هو قبل الإضافة. ولا ستواء الحالين وصف النكرة بهذه
الصفة مضافة كما وصف بها مفصولة في قولك مررت برجل حسن الوجه وبرجل ضارب أخيه.
تجريد المضاف من التعريف وقضية الإضافة المعنوية ان يجرد
لها المضاف من التعريف وما تقبله الكوفيون من قولهم الثلاثة الأثواب والخمسة
الدراهم فبمعزل عند أصحابنا عن القياس واستعمال الفصحاء. قال الفرزدق فسما وأدرك
خمسة الأشبار
وقال ذو الرمة:
ثلاث الأثافي والديار البلاقع
وتقول في اللفظية مررت بزيد الحسن الوجه، وبهند الجائلة
الوشاح، هما الضاربا زيد، وهم الضاربو زيد. قال الله تعالى: " والمقيمي
الصلاة " ، ولا تقول الضارب زيد، لأنك لا تفيد فيه خفة بالإضافة كما أفدتها
في المثنى والمجموع، وقد أجازه الفراء. وأما الضارب الرجل فمشبه بالحسن الوجه.
المضاف إلى ضمير متصل وإذا كان المضاف إليه ضميراً
متصلاً جاء ما فيه تنوين أو نون وما عدم واحداً منهما شرعاً في صحة الإضافة .
لأنهم لما رقضوا يوجد فيه التنوين أو النون أن يجمعوا بينه وبين الضمير المتصل
جعلوا ما لا يوجد فيه له تبعاً فقالوا الضاربك والضارباتك والضاربي بالضارباتي،
كما قالوا لضارباك والضارباك والضاربوك والضاربي كما قال عبد الرحمن بن حسان أيها الشاتمي
ليحسب مثلي ... إنما أنت في الضلال تهيم
وقوله: هم الآمرون الخير والفاعلونه مما لا يعمل عليه.
الإضافة إلى غير ومثل وشبه وكل اسم معرفة يتعرف به ما
أضيف إليه إضافة معنوية، إلا أسماء توغلت في إبهامها فهي نكرات وإن أضيفت إلى
المعارف، وهي نحو غير
ومثل وشبه. ولذلك وصفت بها النكرات فقيل مررت برجل غيرك
ومثلك وشبهك ودخل عليها رب قال يا رب مثلك في النساء غريرةٍ
اللهم إلا إذا شهر المضاف بمغايرة المضاف إليه كقوله عز
وجل: " غير المغضوب عليهم " ، أو بمماثلته.
أنواع الأسماء المضافة والأسماء المضافة إضافة معنوية
على ضربين: لازمة للإضافة وغير لازمة لها. فاللازمة على ضربين: ظروف وغير ظروف.
فالظروف نحو فوق وتحت وأمام وقدام وخلف ووراء وتلقاء وتجاه وحذاء وعند ولدن ولدى
وبين ووسط وسوى ومع ودون. وغير الظروف نحو مثل وشبه وغير وبيدٍ وقيد وقداً وقاب
وقيسٍ وأي وبعض وكل وكلا وذو مؤنثة ومثناء ومجموعة وأولو
وأولات وقد وقط وحسب.
وغير اللازمة نحو ثوب وفرس ودار وغيرها مما يضاف في حال
دون حال.
حكم أي: وأي اضافته إلى اثنين فصاعداً إذا أضيف إلى
المعرفة كقولك أي الرجلين وأي الرجال. عندك، وأيهما وأيهم وأي من رأيت أفضل، وأي
الذين لقيت أكرم. وأما قولهم أيي وايك كان شراً فأخزاه الله، فكقولك اخزي الله
الكاذب مني ومنك وهو بين وبينك، والمعنى أينا ومنا وبيننا. قال العباس بن مردس فأيي
ما وأيك كان شراً ... فقيد إلى المقامة لا يراها
واذا أضيف إلى النكرة أضيف إلى الواحد والإثنين والجماعة
كقولك أي رجل وأي رجلين وأي رجال، ولا تقول أيا ضربت وبأي مررت إلا حيث جرى ذكر ما
هو بعض منه كقوله عز وجل: " أياً ما تدعوا فله الأسماء
الحسنى " ولا ستيجابه الإضافة عوضوا منها توسيط
المقحم بينه وبين صفته في النداء.
حكم كلا وحق ما يضاف إليه كلا أن يكون معرفة ومثنى أو ما
هو في معنى المثنى، كقوله فإن الله يعلمني ووهباً ... ويعلم أن سيلقاه كلانا
وقوله إن للخير وللشر مدى ... وكلا ذلك وجه وقبل
ونظيره " عوان بين ذلك " . ويجوز التفريق في
الشعر كقولك كلا زيد وعمرو.
وحكمه إذا أضيف إلى الظاهر أن يجري مجرى عصا ورحا، تقول
جاءني كلا الرجلين، ورأيت كلا الرجلين، ومررت بكلا الرجلين. وإذا أضيف إلى المضمر
أن يجري مجرى المثنى على ما ذكر.
ومن العرب من يقر آخره على الألف في الوجهين.
حكم إضافة أفعل التفضيل وأفعل التفضيل يضاف إلى نحو ما
يضاف إليه أي، تقول هو أفضل الرجلين وأفضل القوم، وتقول هو أفضل رجل، وهما أفضل
رجلين، وهم أفضل رجال، والمعنى في هذا إثبات الفضل على الرجال إذا فضلوا رجلاً
رجلاً واثنين اثنين وجماعة جماعة. وله معنيان: أحدهما أن يراد أنه زائد على المضاف
إليهم في الخصلة هو وهم فيها شركاء، والثاني أن يؤخذ مطلقاً له الزيادة فيها
إطلاقاً ثم يضاف لا للتفضيل على المضاف إليهم لكن لمجرد التخصيص، كما يضاف ما لا
تفضيل فيه وذلك نحو قولك الناقص والأشج أعدلا بني مروان، كأنك قلت عادلا بني
مروان. فأنت على الأول يجوز لك توحيده في التثنية والجمع وأن لا تؤنثه قال الله
تعالى: " ولتجدنهم أحرص الناس على حياة " ، وعلى الثاني ليس لك إلا أن
تثنيه وتجمعه تؤنثه وقد اجتمع الوجهان في قوله عليه السلام " ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم
مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطؤن أكنافاً الذينب يألفون ويؤلفون ألا
أخبركم بأبغضكم إلي وأبعدكم مني مجالس يوم القيامة
أساوئكم أخلاقاً الثرثارون المتفيهقون
" . وعلى الوجه الأول لا يجوز أن تقول يوسف أحسن
أخوته، لأنك لما أضفت الأخوة إلى ضميره فقد أخرجته من جملتهم من قبل أن المضاف حقه
أن يكون غير المضاف إليه، ألا ترى أنك إذا قلت هؤلاء إخوة زيد في عداد المضافين إليه،
وإذا خرج من جملتهم لم يجز إضافة أفعل الذي هو هو إليهم، لأن من شرطه إضافته إلى جملة
هو بعضها. وعلى الوجه الثاني لا يمتنع. ومنه قول من قال لنصيب أنت أشعر أهل جلدتك
كأنه قال أنت شاعرهم
إضافة الشيء إلى غيره ويضاف الشيء إلى غيره بأدنى ملابسة
بينهما كقول أحد حاملي الخشبة لصاحبه خذ طرفك وقال إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرةٍ
أضاف الكوكب إليهم لجدها في عملها إذا طلع وقال إذا قال
قدني قال بالله حلفة ... لتغني عني ذا إنائك أجمعا
لملابسة له في شربه وهو لساقي اللبن.
امتناع إضافة الشيء إلى نفسه والذي أبوه من إضافة الشيء
إلى نفسه أن تأخذ الأسمين المعلقين على عين أو معنى واحد كالليث والأسد وزيد وأبي
عبد الله والحبس والمنع ونظائرهن فتضيف أحدهما إلى الآخر فذلك بمكان من الإحالة. فأما نحو قولك
جميع القوم وكل الدراهم وعين الشيء ونفسه فليس من ذلك.
عدم جولز إضافة الموصوف إلى صفته ولا يجوز إضافة الموضوف
إلى صفته ولا الصفة إلى موصوفها وقالوا دار
الآخرة وصلاة الأولى ومسجد الجامع وجانب الغربي وبقلة
الحمقاء على تأويل دار الحياة الآخرة وصلاة الساعة الأولى ومسجد الوقت الجامع
وجانب المكان الغربي وبقلة الحبة الحمقاء وقالوا عليه سحق عمامة وجرد قطيفة وأخلاق
ثياب وهل عندك جائبة خبر ومغربة خبر على الذهاب بهذه الأوصاف مذهب خاتم وسوار وباب
ومائة لكونها ومحتملة مثلها ليلخص أمرها بالإضافة كفعل النابغة في إجراء الطير على
العائذات بياناً وتلخيصاً لا تقديماً للصفة على الموصوف حيث قال والمؤمن العائذات
الطير يمسحها ... ركبان مكة بين الغيل والسند
إضافة المسمى إلى اسمه : وقد أضيف المسمى إلى اسمه في
نحو قولهم لقيته ذات مرة وذات ليلة ومررت به ذات يوم وداره ذات اليمين وذات الشمال
وسرنا ذات صباح قال أنس بن مدركة الخثعمي عزمت على إقامة ذي صباح ... لأمر ما يسود
من يسود
وقال الكميت إليكم ذوي آل النبي تطلعت ... نوازع من قلبي
ظماء وألبب
وقالوا في نحو قول لبيد إلى الحول ثم اسم السلام عليكما
... ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
وفي قول ذي الرمة داعٍ يناديه باسم الماء مبغوم
وقوله تداعين باسم الشيب في متثلمٍ
أن المضاف يعنون الأسم مقحم خروجه ودخوله سواء وحكوا هذا
حي زيد وأتيتك وحي فلان قائم وحي فلانة شاهد وأنشدوا:
يا قر إن إباك حي خويلدٍ ... قد كنت خائفة على الإحماق
وعن الأخفش إنه سمع إعرابياً يقول في أبيات قالهن حي
رباح بإقحام حي والمعنى هذا زيد وإن أباك خويلداً وقالهن رباح ومنه قول الشماخ
ونفيت عنه مقام الذئب
أي الذئب.
إضافة أسماء الزمان والمكان وتضاف أسماء الزمان إلى
الفعل قال الله تعالى: " هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم " ، وتقول جئتك إذ جاء زيد، وآتيك :إذا احمر البسر، وما رأيتك منذ
دخل الشتاء ومذ قدم الأمير. وقال حنت نوار ولات هنا حنت
وتضاف إلى الجملة الإبتدائية أيضاً كقولك أتيتك زمن
الحجاج أمير، وإذ الخليفة عبد الملك. وقد أضيف المكان إليهما في قولهم اجلس حيث
جلس زيد وحيث زيد جالس.
ومما يضاف إلى الفعل آية لقرب معناها من معنى الوقت قال
بآية يقدمون الخيل شعثاً ... كأن على سنابكها مداما
وقال آخر ألا من مبلغ عني تميماً ... بآية ما يحبون
الطعاما
وذو في قولهم اذهب بذي تسلم واذهبا بذي تسلمان واذهبوا
بذي تسلمون. أي بذي سلامتك والمعنى بالأمر الذي يسلمك.
الفصل بين المضاف والمضاف إليه ويجوز الفصل بين المضاف
والمضاف إليه بالظرف في الشعر. من ذلك قول عمرو بن قميئة لله در اليوم من لامها
وقول درنا هما أخوا في الحرب من لا أخا له
وأما قول الفرزدق: بين ذراعي وجبهة الأسد وقول الأعشى
إلا علالةً أو بداهة سابحٍ
فعلى حذف المضاف إليه من الأول استغناء عنه بالثاني وما
يقع في بعض بنسخ الكتاب من قوله فزججتها بمزجةٍ ... زج القلوص أبي مزاده
فسيبويه برئ من عهدته.
حذف المضاف وإذا امنوا الألباس حذفوا المضاف وأقاموا
المضاف إليه مقامه وأعربوه بإعرابه. والعلم فيه قوله تعالى: " واسأل القرية
" لأنه لا يلبس أن المسؤول
أهلها لا هي. ولا يقولون رأيت هنداً يعنون رأيت غلام هند. وقد جاء الملبس
في الشعر قال ذو الرمة عشية فر الحارثيون بعد ما ... قضى نحبه في ملتقى القوم هوبر
وقال: بما أعي النطاسي حذيما
أي ابن هوبر وابن حذيم. وكما أعطوا هذا الثابت حق
المحذوف في الإعراب فقد أعطوه حقه في غيره قال حسان يسقون من ورد البريص عليهم ...
بردى يصفق بالرحيق السلسل
فذكر الضمير في يصفق حيث أراد ماء بردي وقد جاء قوله عز وجل:
" وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتاً أو هم قائلون " . على ما للثابت
والمحذوف جميعاً.
وقد حذف المضاف وترك المضاف إليه في إعرابه في قولهم ما
كل سواء تمرة ولا بيضاء شحمةً. قال سيبويه كأنك أظهرت كل فقلت ولا كل بيضاء قال
أبو دؤاد أكل امرء تحسبين امرأً ... ونارٍ توقد بالليل نارا
ويقولون ما مثل عبد الله يقول ذلك ولا أخيه. ومثله ما
مثل أخيك ولا أبيك يقولان ذاك. وهو في الشذوذ إضمار الجار.
حذق المضاف إليه وقد
حذف المضاف إليه في قولهم كان ذلك إذ وحينئذ، ومررت بكل
قائماً. وقال الله تعالى: " وكلاً آتينا حكماً وعلماً " وقال تعالى:
" ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات " ، وقال: " لله الأمر من قبل ومن
بعد " ، وفعلته أول يريدون إذ كان كذا وكلهم وبعضهم وقبل كل شيء وبعده وأول
كل شيء.
حذف الإثنين : وقد جاء المحذوفين معاً في نحو قول أبي
دؤاد يصف البرق أسال البحار فانتحى للعقيق
وقول الأسود وقد جعلتني من حزيمة إصبعا
قال الفسوي أي أسال سقياً سحابه وذا مسافة إصبع.
حكم المضاف إلى ياء المتكلم وما أضيف إلى ياء المتكلم
فحكمه الكسر نحو قولك في الصحيح والجاري مجراه غلامي ودلوي، إلا إذا كان آخره
ألفاً أو ياء متحركاً ما قبلها أو واواً أما الألف فلا يتغير إلا في لغة هذيل في
نحو قوله سبقوا هوي وأعنقوا لهواهم
وفي حديث طلحة رضي الله عنه: فوضعوا اللج على قفي،
يجعلونها إذا لم يكن للتثنية ياء، ويدغمونها. وقالوا جميعاً لدي ولديه كما قالوا
علي وعليه وعليك. وياء الإضافة مفتوحة إلا ماجاء عن نافع محياي ومماتي وهو غريب.
وأما الياء فلا تخلو من أن ينفتح ما قبلها كياء التثنية وياء الأشقين والمصطفين
والمرامين والمعلين أو ينكسر كياء الجمع. والواو لا تخلو من أن ينفتح ما قبلها
كالأشقون وأخواته أو ينضم كالمسلمون والمصطفون فما انفتح ما قبله من ذلك فمدغم في
ياء المتكلم ياء ساكنة بين مفتوحين، وما انكسر ما قبله من ذلك أو انضم فمدغم فيها
ياء ساكنة بين مكسور مفتوح.
والأسماء الستة متى أضيفت إلى ظاهر أو مضمر، ما خلا
الياء، فحكمها ما ذكرنا. فأما إذا أضيفت إلى الياء فحكمها حكمها غير مضافة، أي
تحذف الأواخر، إلا ذو فإنه لا يضاف إلا إلى أسماء الأجناس الظاهرة وفي شعر كعب
صبحنا الخزرجية مرهفات ... أبار ذوي أرومتها ذووها
وللفم مجريان أحدهما مجرى اخواته وهو أن يقال فمي
والفصيح في في الأحوال الثلاث. وقد أجاز المبرد أبي وأخي وأنشد وأبي مالك ذو
المجاز بدار
وصحة محمله على الجمع في قوله: وفديننا بالابينا تدفع
ذلك.
النوع الخامس
التوابع هي الأسماء التي لا يمسها الأعراب إلا على سبيل
التبع لغيرها وهي خمسة أضرب تأكيد وصفة وبدل وعطف بيان وعطف بحرف.
الفصل الأول التأكيد
التأكيد صريح وغير صريح هو على وجهين تكرير صريح وغير
صريح. فالصريح نحو قولك رأيت زيداً زيدا. وقال أعشى همدان مر إني قد امتدحتك مراً
... واثقاً أن تثيبني وتسرا
مر يا مر مرة بن تليدٍ ... ما وجدناك في الحوادث غرا
وغير الصريح نحو قولك فعل زيد نفسه وعينه والقوم أنفسهم
وأعيانهم والرجلان كلاهما، ولقيت قومك كلهم والرجال أجمعين والنساء جمع.
جدوى التأكيد و
جدوى التأكيد أنك إذا كررت فقد فررت المؤكد وما علق به
في نفس السامع ونكنته في قلبه، وامطت شبهة ربما خالجته أو توهمت غفلة أو ذهاباً
عما أنت بصدده فأزلته، وكذلك إذا جئت بالنفس والعين، فإن لظان أن يظن حين قلت فعل
زيد أن اسناد الفعل إليه تجوز أو سهو أو نسيان. وكل وأجمعون يجديان الشمول والإحاطة.
التأكيد يشمل الأسم والفعل الحرف والتأكيد بصريح التكرير
جار في كل شيء في الأسم والفعل والحرف والجملة والمظهر ولمضمر. تقول ضربت زيداً
زيداً. وضربت ضربت زيداً، وإن إن زيداً منطلق، وجاءني زيد، وما أكرمني إلا أنت أنت.
تأكيد المضمر بالمضمر ويؤكد المظهر بمثله لا بالمضمر،
والمضمر بمثله وبالمظهر جميعاً. ولا يخلو المضمران من أن يكونا منفصلين كقولك ما
ضربني إلا هو هو، أو متصلاً أحدهما والأخر منفصلاً كقولك زيد قام هو وانطلقت أنت،
وكذلك مررت بك أنت وبه هو وبنا نحن، ورأيتني أنا ورأيتنا نحن.
تأكيد المضمر بالمظهر ولا يخلو المضمر إذا أكد بالمظهر
من أن يكون مرفوعاً أو منصوباً أن مجروراً. فالمرفوع لا يؤكد بالمظهر إلا بعد أن
يؤكد بالمضمر، وذلك قولك زيد ذهب هو نفسه وعينه، والقوم حضروا هم أنفسهم وأعيانهم،
والنساء حضرن هن انفسهن وأعيانهن، سواء في ذلك المستكن والبارز. وأما المنصوب
والمجرور فيؤكدان بغير شريطة، تقول رأيته نفسه ومررت به نفسه.
التأكيد بنفس وعين : النفس والعين مختصان بهذه التفصلة بين
الضمير المرفوع وصاحبيه، وفيما سواهما لا فصل في الجواز بين ثلاثتها. تقول الكتاب قرئ
كله، وجاءني كلهم، وخرجوا أجمعون.
التأكيد بكل وأجمع : ومتى أكدت بكل وأجمع غير جمع فلا
مذهب لصحته حتى تقصد أجزاءه، كقولك قرأت الكتاب كله، وسرت النهار كله وأجمع وتجرت
الأرض وسرت الليلة كلها وجمعاء.
ولا يقع كل وأجمعون تأكيدين للنكرات. لا تقول رأيت قوماً
كلهم ولا أجمعين وقد أجاز ذلك الكوفيون فيما كان محدوداً كقوله قد صرت البكرة
يوماً أجمعاً
وأكتعون وأبتعون وأبصعون إتباعات لأجمعون لا يجئن إلا
على أثره.
وعن ابن أيسان تبدأ بأيتهن شئت بعدها. وسمع أجمع أبصع
وجمع كتع وجمع بتع وعن بعضهم جاءني القوم أكتعون.
الفصل الثاني الصفة
تعريفها هي الأسم الدال على بعض أحوال الذات وذلك نحو
طويل وقصير وعاقل وأحمق وقائم وقاعد وسقيم وصحيح وفقير وغني وشريف ووضيع ومكرم
ومهان.
الغاية من الصفة والذي تساق له الصفة هو التفرقة بين
المشتركين في الأسم. ويقال إنها للتخصيص في النكرات وللتوضيح في المعارف.
وقد تجيء مسوقة لمجرد الثناء والتعظيم كالأوصاف الجارية
على القديم سبحانه. أو لما يضاد ذلك من الذم والتحقير، كقولك فعل فلان الفاعل
الصانع كذا. وللتأكيد كقولهم أمس الدابر وكقوله تعالى: " نفخة واحدة " .
الوصف بأسماء الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وهي في
الأمر العام إما أن تكون اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة مشبهة. وقولهم تميمي وبصري
على تأويل منسوب ومعزو. وذو مال وذات سوار متأول بمتمول ومتسورة أو بصاحب مال
وصاحبة سوار. وتقول مررت برجل أي رجل وأيما رجل على معنى كامل في الرجولية. وكذلك أنت الرجل
كل الرجل، وهذا العالم جد العالم وحق العالم يراد به البليغ الكامل في
شأنه ومررت برجل رجل صدق وبرجل رجل سوءٍ كأنك قلت صالح
وفاسد، والصدق ههنا بمعنى الصلاح والجودة، والسوء بمعنى الفساد والرداءة. وقد استضعف
سيبويه أن يقال مررت برجل أسد على تأويل جرئ.
الوصف بالمصدر ويوصف بالمصادر كقولهم رجل عدل وصوم وفطر
وزور ورضي، وضرب هبر، وطعن نثر، ورمي سعر، ومررت برجل حسبك وشرعك وهدك وهمك وكفيك
ونحوك، بمعنى محسبك وكافيك ومهمك ومثلك.
ويوصف بالجمل التي يدخلها الصدق والكذب. وما قوله جاؤا
بمذق هل رأيت الذئب قط
فبمعنى مقول عنده هذا القول لو رقته لأنه سمار. ونظيره
قول أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه: وجدت الناس أخبر تقله، أي وجدتهم مقولاً فيهم
هذا المقال. ولا يوصف بالجمل إلا النكرات.
وقد نزلوا نعت الشيء بحال ما هو سببه منزلة نعته بحاله
هو، نحو قولك مررت برجل كثير عدوه وقليل من لا سبب بينه وبينه.
الصفة تتبع الموصوف وكما كانت الصفة وفق الموصوف في
إعرابه فهي وفقه في الأفراد والتثنية والجمع والتعريف والتنكير والتأنيث، إلا إذا
كانت فعل ما هو من سببه فإنها توافقه في الإعراب والتعريف والتنكير دون سواهما، أو
كانت صفة يستوي فيها المذكر والمؤنث نحو فعول وفعيل بمعنى مفعول أو مؤنثة تجري على
المذكر نحو علامة وهلباجةٍ وربعة ويفعةٍ.
وصف العلم والمضمر لا يقع موصوفاً ولا صفة، والعلم مثله
في أنه لا يوصف به، ويوصف بثلاثة بالمعرف باللام وبالمضاف إلى المعرفة وبالمبهم.
كقولك مررت بزيد الكريم وبزيد صاحب عمرو وصديقك وراكب الأدهم وبزيد هذا.
والمضاف إلى المعرفة مثل العلم يوصف بما يوصف به.
والمعرف باللام يوصف بمثله وبالمضاف إلى مثله كقولك مررت بالرجل الكريم صاحب
القوم. والمبهم يوصف بالمعرف باللام إسماً أو صفة. واتصافه باسم الجنس ما هو مستبد به عن
سائر الأسماء وذلك مثل قولك أبصر ذاك الرجل وأولئك القوم ويا أيها الرجل ويا هذا
الرجل.
ومن حق الموصوف أن يكون أخص من الصفة أو مساوياً لها
ولذلك امتنع وصف المعرف باللام بالمبهم وبالمضاف إلى ما ليس معرفاً باللام لكونا
أخص منه نحو جاءني الرجل صاحب عمرو.
جواز حذف الموصوف : وحق الصفة ان تصحب الوصوف إلا إذ ظهر
أمره ظهوراً يستغنى تبع عن ذكره فحينئذ يجوز تركه وإقامة الصفة مقامه كقوله وعليهما
مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ
وقوله رباء شماء لا يساوي لقلتها ... إلا السحاب وإلا
الأوب والسبل
وقوله تعالى: " وعندهم قاصرات الطرف عين "
وهذا باب واسع ومنه قول النابغة كأنك من جمال بني أقيشٍ ... يقعقع بين رجليه بشن
أي جمل من جمالهم وقال:
لو قلت ما في قومها لم تيثم ... يفضلها في حسب وميسم
أي ما في قومها أحد. ومنه أنا ابن جلا
أي رجل جلا. وقوله: بكفي كان من أرمي البشر
يعني بكفي رجل وسمع سيبويه بعض العرب الموثوق بهم يقول
ما منهما مات حتى رأيته في حال كذا وكذا، يريد ما منهما واحد مات. وقد
يبلغ من الظهور أنهم يطرحونه رأساً كقولهم الأجرع
والأبطح والفارس والصاحب والأكب والأورق والأطلس.
الفصل الثالث البدل
أنواع البدل هو على أربعة أضرب: بدل الكل من الكل كقوله
تعالى: " إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم " . وبدل البعض
من الكل كقولك رأيت قومك أكثرهم وثلثيهم وناساً منهم، وصرفت وجوهها أولها. وبدل
الإشتمال كقولك سلب زيد ثوبه، وأعجبني عمرو حسنه، وأدبه وعلمه، مما هو منه أو بمنزلته
في التلبس به. وبدل الغلط كقولك مررت برجل حمار، أردت أن تقول بحمار، فسبقك لسانك
إلى رجل، ثم تداركته. وهذا لا يكون إلا في بداية الكلام وما لا يصدر عن روية
وفطانة.
الغاية منه وهو الذي يعتمد بالحديث. وإنما يذكر لنحو من
التوطئة وليفاد بمجموعهما فضل تأكيد وتبيين لا يكون في الإفراد. قال سيبويه عقيب
ذكره أمثلة البدل أراد رأيت أكثر قومك وثلثي قومك وصرفت وجوه أولها. ولكنه ثنى
الأسم توكيداً. وقولهم إنه في حكم تنحية الأول إيذان منهم باستقلاله بنفسه
ومفارقته التأكيد والصفة في كونهما تمتيناً لما يتبعانه لا أن يعنوا إهدار الأول
واطراحه. إلا تراك تقول زيد رأيت غلامه رجلاً صالحاً فلو ذهبت تهدر الأول لم يسد
كلامك.
والذي يدل على كون مستقلاً بنفسه أنه في حكم تكرير
العامل بدليل
مجيء ذلك صريحاً في قوله عز وجل: " الذين استضعفوا
لمن آمن منهم " وقوله:
" لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة
" . وهذا من بدل الإشتمال.
عدم تطابق المبدل والمبدل منه : وليس بمشروط أن يتطابق
البدل والمبدل منه تعريفاً وتنكيراً بل لك أن تبدل أي النوعين شئت من الآخر قال
الله تعالى: " إلى صراط مستقيم صراط الله " وقال: " بالناصية ناصية
كاذبة " ، خلا أنه لا يحسن إبدال النكرة من المعرفة إلا موصوفة كناصية.
إبدال المظهر والمضمر ويبدل المظهر من المضمر الغائب دون
المتكلم والمخاطب. تقول رأيته زيداً، ومررت به زيد وصفت وجوهها أولها. ولا تقول بي
المسكين كان الأمر ولا عليك الكريم المعول والمضمر من المظهر نحو قولك رأيت زيداً
إياه ومررت بزيد به والمضمر كقولك رأيتك إياك ومررت بك بك .
الفصل الرابع عطف البيان
تعريفه هو اسم غير صفة، يكشف عن المراد كشفها، وينزل من
المتبوع منزلة الكلمة المستعملة من الغريبة إذا ترجمت بها. وذلك نحو قوله أقسم
بالله أبو حفصٍ عمر ... ما مسها من نقبٍ ولا دبر
أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهو كما ترى جار مجرى
الترجمة حيث كشف عن الكنية لقيامه بالشهرة دونها.
الفرق بين عطف البيان والبدل والذي يفصله لك من البدل
شيئان أحدهما قول المرار أنا ابن التارك البكري بشرٍ ... عليه الطير ترقبه وقوعا
لأن بشراً لو جعل بدلاً من البكري والبدل في حكم تكرير
العامل لكان التارك في التقدير داخلا على بشر. والثاني أن الأول ههنا هو ما يعتمد
بالحديث، وورود الثاني من أجل أن يوضح أمره. والبدل على خلاف ذلك إذ هو كما ذكرت
المعتمد بالحديث والأول كالبساط لذكره.
الفصل الخامس العطف بالحروف
هو نحو قولك جاءني زيد وعمرو. وكذلك إذا نصبت أو جررت
يتوسط الحرف بين الاسمين فيشركهما في اعراب واحد. والحروف العاطفة تذكر في مكانها
ان شاء الله تعالى.
والمضمر منفصله بمنزلة المظهر، يعطف ويعطف عليه، تقول
جاءني زيد وأنت، ودعوت عمراً وإياك، وما جاءني إلا أنت وزيد، وما رأيت إلا إياك وعمراً.
وأما متصله فلا يتأتى أن يعطف ويعطف عليه، خلا أنه يشترط في مرفوعه أن يؤكد
بالمنفصل. تقول ذهبت أنت وزيد، وذهبوا هم وقومك، وخرجنا نحن وبنو تميم. وقال
تعالى: " اذهب أنت وربك " وقول عمر بن أبي ربيعة قلت إذ أقبلت وزهر
تهادى
من ضرورات الشعر. وتقول في المنصوب ضربتك وزيداً ولا
يقال مررت به وزيد، ولكان يعاد الجار وقراءة حمزة والأرحام ليست بتلك القوية.
الباب الثالث
الاسم المبني
تعريفه وهو الذي سكون آخره وحركته لا بعامل. وسبب بنائه
مناسبته مالا تمكن له بوجه قريب أو بعيد بتضمن معناه، نحو أين وأمس أو شبهه
كالمبهمات، أو وقوعه موقعه كنزال، أو مشاكلته للواقع موقعه كفساق وفجار، أو وقوعه
موقع ما أشبهه كالمنادي المضموم، أو إضافته إليه كقوله تعالى: " من عذاب
يومئذ " ، وهذا يوم لا ينطقون " فيمن قرأها بالفتح، وقول أبي قيس بن
رفاعة لم يمنع الشرب منها غير أن تطقت ... حمامة في غصون ذات أو قال
وقول النابغة علي حين عاتبت المشيب على الصبى
البناء على السكون هو القياس والبناء على السكون هو
القياس. والعدول عنه إلى الحركة لأجل ثلاثة أسباب: الهرب من التقاء الساكنين في
نحو هؤلاء. ولئلا يبتدأ بساكن لفظاً أو حكماً كالكافين التي بمعنى مثل والتي هي
ضمير. ولعروض البناء وذلك في نحو يا حكم، ولا رجل في الدار، ومن قبل، ومن بعد،
وخمسة عشر. وسكون البناء يسمى وقفاً. وحركاته ضماً وفتحاً وكسراً.
أهم الأسماء المبنية وأنا أسوق إليك عامة ما بنته العرب
من الأسماء، إلا ما عسى أن يشذ منها. وقد ذكرناه في هذه المقدمة في سبعة أبواب وهي
المضمرات وأسماء الإشارة والموصولات وأسماء الأفعال والأصوات وبعض الظروف
والمركبات والكنايات.
الفصل الأول: المضمرات
أنواع الضمائر وهي على ضربين متصل ومنفصل. فالمتصل ما لا
ينفك عن اتصاله بكلمة، كقولك أخوك وضربك ومربك. وهو على ضربين بارز ومستتر فالبارز
ما لفظ به بالكاف في أخوك. والمستتر ما نوي كالذي في زيد ضرب. والمنفصل ما جرى مجرى
المظهر في استبداده كقولك هو وأنت.
ولكل من المتكلم والخاطب والغائب مذكره ومؤنثه ومفرده
مثناه ومجموعه ضمير متصل ومنفصل في أحوال الإعراب، ما خلا حال الجر فإنه لا منفصل
لها. تقول في مرفوع المتصل ضربت ضربنا وضربت إلى ضربتن، وزيد ضرب إلى ضربن. وفي
منصوبه ضربني ضربنا وضربك إلى ضربكن وضربه إلى ضربهن. وفي مجروره غلامي وغلامنا
وغلامك إلى غلامكن وغلامه إلى غلامهن.
وتقول في مرفوع المنفصل أنا نحن وأنت إلى أنتن وهو إلى
هن وفي منصوبه إياي إيانا وإياك إلى إياكن وإياه إلى إياهن.
الحروف التي تلحق بالضمائر والحروف التي تتصل بأياً من
الكاف ونحوها لواحق للدلالة على أحوال المرجوع إليه. وكذلك التاء في أنت ونحوها في
أخواته ولا محل لهذه اللواحق من الإعراب، إنما هي علامات كالتنوين وتاء التأنيث
وياء النسب.
وما حكاه الخليل عن بعض العرب إذا بلغ الرجل الستين
فإياه وايا الشواب مما لا يعمل عليه.
عدم تسويغ ترك المتصل إلى المنفصل ولأن المتصل أخصر لم
يسوغوا تركه إلى المنفصل إلا عند تعذر الوصل. فلا تقول ضرب أنت ولا هو ضربت إياك
إلا ما شذ من قول حميد الأرقط إليك حتى بلغت إياك
وقول بعض اللصوص كأنا يوم قرى ... إنما نقتل إيانا
وتقول هو ضرب والكريم أنت وإن الذاهبين نحن وقال ما قطر
الفارس إلا أنا
وجاء عبد الله وأنت وإياك أكرمت إلا ما أنشده ثعلب وما
نبالي إذا ما كنت جارتنا ... ألا يجاورنا إلاك ديار
حكم التقاء ضميرين فإذا التقى ضميران في نحو قولهم
الدرهم أعطيتكه، والدرهم أعطيتكموه، والدرهم زيد معطيكه، وعجبت من ضربكه، جاز أن
يتصلا كما نرى، وأن يفصل الثاني كقولك أعطيتك إياه، وكذلك البواقي. وينبغي إذا
أتصلا أن يقدم منهما ما للمتكلم على غيره، وما للمخاطب على الغائب، فتقول أعطنيك
واعطانيه زيد والدرهم أعطاكه زيد وقال عز وجل: " أنلزمكموها " .
وإذا انفصل الثاني لم تراع هذا الترتيب، فقلت أعطاه إياك
وأعطاك إياي وقد جاء في الغائبين أعطاهاه وأعطاهوها ومنه قوله وقد جعلت نفسي تطيب
لضغمة ... لضغمهماها يقرع العظم نابها
وهو قليل؛ والكثير أعطاها إياه، وأعطاه إياها، والإختيار
في ضمير خبر كان وإخواتها الإنفاصل كقوله لئن كان إياه لقد حال بعدنا ... عن العهد
والإنسان قد يتغير
وقوله ليس إياي وإيا ... ك ولا نخشى رقيبا
وعن بعض العرب عليه رجلاً ليسني وقال إذ ذهب القوم
الكرام ليسي
والضمير المستتر يكون لازماً وغير لازم. فاللازم في
أربعة أفعال إفعل وتفعل للمخاطب وافعل ونفعل. وغير اللازم في فعل الواحد الغائب
وفي الصفات. ومعنى اللزوم فيه أن أسناد هذه الأفعال إليه خاصة لا تسند البتة إلى
مظهر ولا إلى مضمر بارز، ونحو فعل ويفعل يسند إليه وإليهما في قولك عمرو قام وقام
غلامه وما قام إلا هو. ومن غير اللازم ما يستكن في الصفة نحو قولك زيد ضارب، لأنك
تسنده إلى المظهر أيضاً في قولك زيد ضارب غلامه، وإلى المضمر البارز في قولك هند
زيد ضاربته هي، والهندان الزيدان ضاربتهما هما، ونحو ذلك مما أجريتها فيه على غير
من هي له.
ضمير الفصل ويتوسط بين المبتدأ وخبره قبل دخول العوامل
اللفظية وبعده إذا كان الخبر معرفة أو مضارعاً له في امتناع دخول حرف التعريف عليه
كافعل من كذا أحد الضمائر المنفصلة المرفوعة، ليؤذن من أول أمره بأنه خبر لا نعت،
وليفيد ضرباً من التوكيد. وتسميه البصريون فصلاً، والكوفيون عماداً. وذلك في قولك زيد هو
المنطلق، وزيد هو أفضل من عمرو، وقال تعالى: " إن كان هذا هو الحق " ،
وقال تعالى: " كنت أنت الرقيب عليهم " ، وقال: " ولا تحسبن الذين
يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيراً لهم " ، وقال تعالى: " إن ترن
أنا أقل منك مالاً وولداً
" . ويدخل عليه لام الإبتداء، تقول إن كان زيد لهو
ظريف، وإن كنا لنحن الصالحون. وكثير من العرب يجعلونه مبتدأ وما بعده مبنياً عليه.
وعن رؤبة أنه يقول أظن زيداً هو خير منك ويقرؤون: " ومن ظلمناهم ولكن كانوا
هم الظالمون " " وأنا أقل
" .
ضمير الشأن ويقدمون قبل الجملة ضميراً يسمى
ضمير الشأن والقصة. وهو المجهول عند الكوفيين. وذلك نحو
قولك هو زيد منطلق أي الشأن والحديث زيد منطلق، ومنه قوله عز وجل: " قل هو
الله أحد " ويتصل بارزاً في قولك ظننته زيد قائم، وحسبته قام أخوك، وأنه أمة
الله ذاهبة، وأنه يأتنا نأته، وفي التنزيل: " وإنه لما قام عبد الله " ،
ومستكناً في قولهم ليس خلق الله مثله وكان زيد ذاهب، وكان أنت خير منه، وكاد تزيغ
قلوب فريق منهم. ويجيء مؤنثاً إذا كان في الكلام مؤنث نحو قوله تعالى: "
فإنها لا تعمى الأبصار " ، وقوله تعالى: " أو لم تكن لهم آية أن يعلمه
علماء بني إسرائيل " . وقال على أنها تعفو الكلوم
والضمير في قولهم ربه رجلاً نكرة مبهم، يرمي به من غير
إلى مضمر له، ثم يفسر العدد المبهم في قولك عشرون درهماً ونحوه في الأبهام
والتفسير والضمير في نعم رجلاً.
وإذا كنى عن الأسم الواقع بعد لولا وعسى فالشائع الكثير
أن يقال لولا أنت ولولا أنا وعسيت وعسيت قال تعالى: " لولا أنتم لكنا مؤمنين
" وقال: " فهل عسيتم
" . وقد روى الثقات عن العرب لولاك ولولاي وعساك
وعساني وقال يزيد بن أم الحكم وكم موطن لولاي طحت كما هوى ... بأجرامه من قلة
النيق منهوي
وقال لولاك هذا العام لم أحجج
وقال يا أبتا علك أو عساكا
وقال ولي نفس أقول لها إذا ما ... تنازعني لعلي أو عساني
واختلف في ذلك: فمذهب سيبويه وقد حكاه عن الخليل ويونس
أن
الكاف والياء بعد لولا في موضع الجر، وإن لولا مع المكنى
حالاً ليس له مع المظهر، كما أن للدن مع غدوة حالاً ليست له مع غيرها. وهما بعد
عسى في محل النصب بمنزلتهما في قولك لعلك ولعلي. ومذهب الأخفش أنهما الموضعين في
محل الرفع، وأن الرفع في لولا محمول على الجر، وفي عسى على النصب، كما حمل الجر على
الرفع في قولهم ما أنا كأنت والنصب على الجر في مواضع.
نون الوقاية وتعمد ياء المتكلم إذا اتصلت بالفعل بنون
قبلها صوناً له من أخي الجر، ويحمل عليه الأحرف الخمسة لشبهها به. فيقال إنني.
وكذلك الباقية، كما قيل ضربني ويضربني. وللتضعيف مع كثرة الإستعمال جاز حذفها من
أربعة منها في كل كلام. وقد جاء في الشعر ليتي لأنها منها قال زيد الخيل كمنية
جابر إذ قال ليتي ... أصادفه وأفقد بعض مالي
وقد فعلوا ذلك في من وعن ولدن وقط وقد إبقاء عليها من أن
تزيل الكسرة سكونها وأما قوله قدني من نصر الخبيبين قدي
فقال سيبويه لما اضطر شبهه بحسبي وعن بعض العرب مني وعني
وهو شاذ ولم يفعلوه في علي ولدي لأمنتهم الكسرة فيها.
الفصل الثاني: أسماء الإشارة
تعدادها ذا للمذكر، ولمثناه ذان في الرفع وذين في النصب
والجر، ويجيء ذان فيهما في بعض اللغات ومنه " إن هذا لساحران " . وتا
وتي وته وذه بالوصل وبالسكون. وذي بالمؤنث ولمثناه تان وتين، ولم يثن من لغاته إلا تا وحدها.
ولجمعهما جميعاً أولاً بالقصر والمد، مستوياً في ذلك أولو العقل وغيرهم. قال جرير
ذم المنازل بعد منزلة اللوى ... والعيش بعد أولئك الأيام
تلحقها كاف الخطاب ويلحق كاف الخطاب بأواخرها فيقال ذاك
وذانك بتخفيف النون وتشديدها، قال تعالى: " فذانك برهانان من ربك " ،
وذينك وتاك وتيك وذيك وتانك وتينك وأولاك وأولئك ويتصرف مع المخاطب في أحواله من
التذكير والتأنيث والتثنية والجمع، قال تعالى: " وكذلك قال ربك " وقال:
" ذلكما مما علمني ربي
" ، وقال:
" ذلكم الله ربكم " وقال: " فذلكن الذي لمتنني فيه " .
الفرق بينهما وقولهم ذلك هو ذاك زيدت فيه اللام. وفرق
بين ذا وذاك وذلك فقيل الأول للقريب والثاني للمتوسط والثالث للبعيد. وعن المبرد
أن ذانك مشددة تثنية ذلك، ومثل ذلك في المؤنث تلك وتالك، وهذه قليلة.
تسبقها ها التنبيه وتدخل ها التي للتنبيه على أوائلها
فيقال هذا وها ذاك وهذان وهاتا وهاتي وهذي وهاتيك وهؤلاء.
ومن ذلك قولهم إذا أشاروا إلى القريب من الأمكنة هنا
وإلى البعيد هنا. وقد حكي فيه الكسر. وثم. وتلحق كاف الخطاب وحرف التنبيه بهنا
وهنا فيقال هنالك كما يقال ذلك.
الفصل الثالث: الموصولات
تعدادها الذي للمذكر ومن العرب من يشدد ياءه. واللذان
لمثناه ومن العرب من يشدد نونه واللذين. وفي بعض اللغات اللذون لجمعه. والأولى
واللاؤن في الرفع. واللائين في الجر والنصب. والتي لمؤنثه. واللتان لمثناه.
واللاتي واللات واللائي واللاء واللاي واللواتي لجمعه. واللام بمعنى الذي في قولهم
الضارب أباه زيد أي الذي ضرب أباه. وما من في قولك عرفت ما عرفته ومن عرفته. وأيهم
في قولك أضرب أيهم في الدار. وذو الطائية الكائنة بمعنى الذي في قول عارق لأنتحين للعظم
ذو أنا عارقه
وذا في قولك ما ذا صنعت بمعنى أي شيء الذي صنعته؟.
صلة الوصل والراجع والموصول ما لا بدله في تمامه إسماً
من جملة تردفه من الجمل التي تقع صفات، ومن ضمير فيها يرجع إليه. وتسمى هذه الجملة
صلة، ويسميها سيبويه الحشو. وذلك قولك الذي أبوه منطلق زيد، وجاءني من عهده عمرو.
واسم الفاعل في الضارب في معنى الفعل وهو مع المرفوع به جملة واقعة صلة للام ويرجع
الذكر منها إليه كما يرجع إلى الذي. وقد يحذف الراجع كما ذكرنا. وسمع الخليل
عربياً يقول ما أنا بالذي قائل لك شيئاً. وقريء تماماً على الذي أحسن بحذف شطر
الجملة، وقد جاءت التي في قولهم بعد اللتيا والتي محذوفة الصلة بأسرها. والمعنى
بعد الخطة التي من فظاعة شأنها كيت وكيت. وإنما حذفوا ليوهموا أنها بلغت من الشدة
مبلغاً تقاصرت العبارة عن كنهه.
تخفيف الموصول والذي وضع وصلة إلى وصف المعارف بالجمل
وحق الجملة التي يوصل بها أن تكون معلومة للمخاطب كقولك هذا الذي قدم من الحضرة
لمن بلغه ذلك. ولا ستطالتهم إياه بصلته مع كثرة الإستعمال خفففوه من غير وجه
فقالوا أللذ بحذف الياء ثم اللذ بحذف الحركة، ثم حذفوه رأساً واجتزؤا عنه بالحرف
الملتبس به وهو لام التعريف. وقد فعلوا مثل ذلك بمؤنثه فقالوا أللت وأللت
والضاربته هند أي التي ضربته هند. وقد حذفوا النون من مثناه
ومجموعه قال الأخطل أبني كليب إن عمي اللذا ... قتلا
الملوك وفككا الأغلالا
وقال وإن الذي حانت بفلج دماؤهم
وقال تعالى: " وخضتم كالذي خاضوا " .
الذي أوسع استعمالاً من اللام ومجال الذي في باب الأخبار
أوسع من مجال اللام التي بمعناه حيث دخل في الجملتين الأسمية والفعلية جميعاً، ولم
يكن للام مدخل إلا في الفعلية، وذلك قولك إذا أخبرت عن زيد في قام زيد وزيد منطلق:
الذي قام زيد، والذي هو منطلق زيد، والقائم زيد. ولا تقول الهو منطلق زيد.
والإخبار عن كل اسم في جملة سائغ إلا إذا منع مانع. وطريقة الإخبار أن تصدر الجملة
بالموصول وتزحلق الإسم إلى عجزها واضعاً مكانه ضميراً عائداً إلى الموصول. بيانه
أنك تقول في الإخبار عن زيد في زيد منطلق: الذي هو منطلق زيد. وعن منطلق الذي هو
زيد! هو منطلق. وعن خالد في قام غلام خالد: الذي قام غلامه خالد أو القائم غلامه
خالد. وعن اسمك في ضربت زيداً: الذي ضرب زيداً أنا أو الضارب زيداً أنا. وعن
الذباب في يطير الذباب فيغضب زيد: الذي يطير فيغضب زيد الذباب أو الطائر فيغضب زيد
الذباب. وعن زيد الذي يطير فيغضب زيد أو الطائر فيغضب زيد. ومما امتنع فيه الإخبار
ضمير الشأن لاستحقاقه أول الكلام، والضمير في منطلق في زيد منطلق، والهاء في زيد
ضربته. ومنه في السمن منوان منه بدرهم، لأنها إذا عادت إلى الموصول بقي المبتدأ
بلا عائد. والمصدر والحال في نحو ضربي زيداً قائماً، لأنك لو قلت الذي هو زيداً
قائماً ضربي أعملت الضمير، ولو قلت الذي ضربي زيداً إياه قائم أضمرت الحال، والحال
نكرة أبداً والإضمار إنما يسوغ فيما يسوغ تعريفه.
ما وما إذا كانت إسماً على أربعة أوجه موصولة كما ذكر.
وموصوفة كقوله ربما تكره النفوس من الأم ... ر له فرجة كحل العقال
ونكرة في معني شيء من غير صلة ولا صفة كقوله تعالى:
" فنعما هي " وقولهم في التعجب
ما أحسن زيداً. ومضمنة معنى حرف الإستفهام أو الجزاء
كقوله تعالى: " وما تلك بيمينك يا موسى " ، " وما تقدموا لأنفسكم
من خير تجدوه عند الله " . وهي في وجوهها مبهمة تقع على كل شيء. تقول لشبح
رفع لك من بعيد لا تشعر به ما ذاك، فإذا شعرت أنه إنسان قلت من هو. وقد جاء سبحان
ما سخركن لنا، وسبحان ما سبح الرعد بحمده.
قلب ألف ما وحذفه ويصيب ألفها القلب والحذف. فالقلب في
الإستفهامية جاء في حديث أبي ذؤيب: قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج
الحجيج أهلوا بالإحرام فقلت مه؟ فقيل هلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ . والجزائية وذلك عند إلحاق ما المزيدة بآخرها كقوله تعالى: " مهما
تأتنا به من آية " . والحذف في الإستفهامية عند إدخال حرف الجر عليها وذلك
قولهم فيم وبم
وعم ولم وحتام والام وعلام.
من ومن كما في أوجهها، إلا في وقوعها غير موصولة ولا
موصوفة. وهي تختص بأولي العلم. وتوقع على الواحد والإثنين والجمع والمذكر والمؤنث.
ولفظها مذكر والحمل عليه هو الكثير. وقد يحمل على المعنى. وقريء قوله تعالى:
" ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً " بتذكير الأول وتأنيث الثاني.
وقال تعالى: " ومنهم من يستمعون إليك " وقال الفرزدق نكن مثل من يا ذئب
يصطحبان
وإذا استفهم بها الواقف عن نكرة قابل حركته في لفظ
الذاكر من حروف المد بما يجانسها. تقول إذا قال جاءني منو، وإذا قال رأيت رجلاً
منا، وإذا قال مررت برجل مني، وفي التثنية منان ومنين، وفي الجمع منون ومنين، وفي
المؤنث منه ومنتان ومنتين ومنات. والنون والتاء ساكنتان. وأما الواصل فيقول في هذا
كله من يا فتى بغير علامة وقد ارتكب
من قال أتوا ناري فقلت منون أنتم
شذوذين إلحاق العلامة في الدرج وتحريك النون التي من
حقها أن تكون ساكنة، لأن من مبني على السكون. ومنهم من لا يزيد إذا وقف على الأحرف
الثلاثة وحد أو ثنى أم أنث أم جمع. وأما المعرفة فمذهب أهل
الحجاز فيه إذا كان علماً أن يحكيه المستفهم كما نطق به
فيقول لمن قال جاءني زيداً. من زيداً؟ ولمن قال مررت بزيد. من زيد؟ وإذا كان غير
علم رفع لا غير، تقول لمن قال رأيت الرجل: من الرجل؟ ومذهب بني تميم أن يرفعوا في
المعرفة البتة. وإذا استفهم عن صفة العلم إذا قال جاءني زيد. المنى؟ أي القرشي أم
الثقفي، والمنيان والمنيون.
أي وأي كمن في وجوهها تقول مستفهماً أيهم حضر؟ ومجازياً
أيهم يأتني أكرمه، وواصلا أضرب أيهم أفضل أيهم أفضل، وواصفاً يا أيها الرجل. وهي
عند سيبويه مبنية على الضم إذا وقعت صلتها محذوفة الصدر كما وقعت في قوله تعالى:
" ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد " وأنشد أبو عمر الشيباني في كتاب
الحروف إذا ما أتيت بني عامر ... فسلم على أيهم أفضل
فإذا أكملت فالنصب كقولهم عرفت أيهم هو في الدار وقريء
أيهم أشد.
وإذا استفهم بها عن نكرة في وصل قيل لمن يقول جاءني رجل:
أي؟ بالرفع، ولمن يقول رأيت رجلاً: أياً؟ ولمن يقول مررت برجل: أي؟ وفي التثنية
والجمع في الأحوال الثلاث أيان وأيون وأيينِ وأيينَ. وفي المؤنث أية وأيات. وأما
في الوقف فإسقاط التنوين وتسكين النون. ومحله الرفع على الإبتداء في هذه الأحوال
كلها وما في لفظه من الرفع والنصب
والجر حكاية وكذلك قولك من زيد ومن زيداً ومن زيد من
والأسم بعده مرفوع المحل مبتدأ وخبراً. ويجوز إفراده على كل حال وأن يقال أياً لمن
قال رأيت رجلين أو أمرأتين أو رجالاً أو نساء، ويقال في المعرفة إذا قال رأيت عبد
الله أي عبد الله لا غير.
ولم يثبت سيبويه ذا بمعنى الذي إلا في قولهم ماذا وقد
أثبته الكوفيون وأنشدوا عدس ما لعباد عليك إمارة ... أمنت وهذا تحملين طليق
أي والذي تحملينه طليق. وهذا شاذ عند البصريين. وذكر
سيبويه في ماذا صنعت بالرفع أحدهما أن يكون بمعنى أي شيء الذي صنعته وجوابه حسن
بالرفع وأنشد للبيد ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيقضي أم ضلال وباطل
والثاني أن يكون ماذا كما هو بمنزلة اسم واحد كأنه قيل
أي شيء صنعت وجوابه بالنصب وقرىء قوله تعالى: " ماذا ينفقون قل العفو "
بالرفع والنصب.
الفصل الرابع: أسماء الأفعال والأصوات
أسماء الأفعال التي للأمر هي على ضربين ضرب لتسمية
الأوامر وضرب لتسمية الأخبار. والغلبة للأول وهو ينقسم إلى متعد للمأمون وغير متعد
له. فالمعتدي نحو قولك رويداً زيداً أي أروده وأمهله. ويقال تيد زيداً بمعنى رويد.
وهلم زيداً أي قربه وأحضره. وهات الشيء أي أعطنيه. قال تعالى: " قل هاتوا برهانكم
" . وها زيداً أي خذه. وحيهل الثريد أي إئته. وبله زيداً أي دعه. وتراكها ومناعها
أي اتركها وامنعها. وعليك زيداً أي الزمه. وعلي زيدً أي أولنيه. وغير المتعدي نحو
قولك صه أي اسكت. ومه أي اكفف. وأيه أي حدث. وهيت وهل أي أسرع. وهيك وهيك وهيا أي
أسرع فيما أنت فيه. قال فقد دجا الليل فهيا هيا
ونزال أي انزل.وقدك وقطك أي اكتف وانته. وإليك أي تنح، وسمع
أبو الخطاب من يقال له إليك فيقول إلي كأنه قيل له تنح فقال أتنحى. ودع أي انتعش،
يقال دعا لك ودعدعا. وأمين وآمين استجب.
أسماء الأفعال التي للماضي والمضارع وأسماء الأخبار: نحو
هيهات ذاك أي بعد. وشتان زيد وعمر أي افترقا وتباينا. وسرعان ذا إهالة أي سرع.
ووشكان ذا خروجاً. أي وشك. وأف بمعنى أتضجر. واوه بمعنى أتوجع. رويد: في
رويد أربعة أوجه هو في أحدها مبني وهو إذا كان إسماً
للفعل، وعن بعض العرب: والله لو أردت الدراهم لأعطيتك رويد ما الشعر. وهو فيما
عداه معرب وذلك أن تقع صفة. كقولك ساروا سيراً رويداً ووضعه وضعاً رويداً، وكقولك
للرجل يعالج شيئاً رويداً أي علاجاً رويداً، وحالا كقولك ساروا رويداً، ومصدر في
معنى إرواد مضافاً كقولك رويد زيد. وسمع من بعض العرب رويد نفسه جعله مصدراً كضرب
الرقاب.
هلم :
مركبة من حرف التنبيه مع لم محذوفة منها ألفها عند
أصحابنا، وعند الوفيين من هل مع أم محذوفة همزتها والحجازيون فيها على لفظ واحد في
التثنية والجمع والتذكير والتأنيث. وبنو تميم يقولون هلما هلموا هلمي هلممن. وهي
على وجهين متعدية كهات، وغير متعدية بمعنى تعال وأقبل. قال تعالى: " قل هلم
شهداءكم " وقال: هلم إلينا وحكى الأصمعي أن الرجل يقال له فيقول لا أهلم:
ها:
ها بمعنى خذ، فتلحق الكاف فيقال هاك وتصرف مع المخاطب في
أحواله. وتوضع الهمزة موضع الكاف فيقال هاء وتصرف تصريفها. ويجمع بينهما فيقال هاءك الهمزة على
الفتح وتصريف الكاف. ومنهم من يقول هاء كرام ويصرفه تصريفه ومنهم من يقول هاء بوزن
هب ويصرفه تصريفه.
حيهل حيهل مركب من حي وهل مبني على الفتح. ويقال حيهلاً
بالتنوين وحيلاً بالألف، وذكر هذه اللغات سيبويه وزاد غيره حيهل وحيهلاً. وقد جاء
معدي بنفسه وبالياء وبإلى وبعلي. وفي الحديث إذا ذكر الصالحون فحيهلاً بعمر. وقال بحيهلاً
يزجون كل مطية ... أمام المطايا سيرها المتقاذف
وقال الآخر وهيج الحي من دار فظل لهم ... يوم كثير
تناديه وحيهله
ويستعمل حي وحده بمعنى أقبل، ومنه قول المؤذن حي على
الصلاة، وهلا وحده. قال ألا أبلغا ليلي وقولا لها هلا
بله: بله على ضربين اسم فعل ومصدر بمعنى الترك ويضاف
فيقال بله زيد وكأنه قيل ترك زيد. وأنشد أبو عبيدة قول
بله الأكف كأنها لم تخلق
منصوباً ومجروراً. وقد روى أبو زيد فيه القلب إذا كان
مصدراً وهو قولهم بهل زيد. وقد استعملت بله بمعنى كيف فيرتفع الأسم بعدها.
فعال:
فعال على أربعة أضرب التي في معنى الأمر كنزال وتراك
وبراك ودراك ونظار وبداد أي ليأخذ كل منكم قرنه. ويقال جاءت الخيل بداد أي متبددة
ونعاء فلاناً، ودباب للضبع أي دبي، وخراج لعبة للصبيان أي اخرجوا. وهي قياس عند
سيبويه في جميع الأفعال الثلاثية. وقد قلت في الرباعية كقرقار في قوله قالت له ريح
الصبا قرقار
وقال النابغة يدعو وليدهم بها عرعار
والتي في معنى المصدر والمعرفة كفجار للفجرة، ويسار
للميسرة، وجماد للجمود، وحماد للمحمدة. ويقولون للظباء إذا ورت الماء فلا عباب،
وإذا لم ترد فلا أباب، وركب فلان هجاج أي الباطل. ويقال دعني كفاف أي تكف عني وأكف
عنك، ونزلت بوار على الكفار ونزلت بلاء على أهل الكتاب.
فعال المعدولة : والمعدولة عن الصفة كقولهم في النداء يا
فساق ويا خباث ويا لكاع ويا رطاب ويا دفار ويا خضاف ويا خزاق ويا حباق؛ وفي غير
النداء نحو حلاق وجباذ للمنية، وصرام للحرب، وكلاع وجداع وأزام للسنة، وحناذ وبراح
للشمس، وسباط للحمى، وطمار للمكان المرتفع. يقال هوى من طمار وأبنا طمار ثنينان،
ووقع في بنات طمار وطبار أي في دواء، ورماه الله ببنت طمار وسببته تكون لزام أي
لازمة. ويقولون للرجل يطلع عليهم يكرهون طلعته: حداد حدية وكرار خرزة يؤخذن بها أزواجهن
يقلن يا هصرة آهصريه ويا كرار كرته إن أدى فرديه وإن أقبل فسريه وفي مثل فشاس فشيه
من استه إلى فيه. وقطاط في قوله أطلت فراطهم حتى إذا ما ... قتلت سراتهم كانت قطاط
أي كانت تلك الفعلة كافية وقاطة لثاري أي قطعة له، ولا
تبل فلاناً عندي بلال أي بالة. ويقال للداهية صمي صمام وكويته وقاع وهي سمة عل
الجاعرتين. وقيل في طول الرأس من مقدمه إلى مؤخره قال وكنت إذا منيت بخصم سوء ...
دلفت له فأكويه وقاع
والمعدولة عن فاعله في الأعلام كحذام وقطام وغلاب وبهان
لنسوة، وسجاح للمتنبئة، وكساب وخطاف لكلبتين، وقثام وجعار وفشاح للضبع، وخصاف
وسكاب لفرسين، وعرار لبقرة يقال باءت عرار بكحل وظفار للبلد الذي ينسب إليه الجزع.
ومنها قولهم من دخل ظفار خمر وملاع ومناع لهضبتين، ووبار وشراف لأرضين ولصاف لجبل.
والبناء في المعدولة لغة أهل الحجاز. وبنو تميم يعربونها
ويمنعونها الصرف، إلا ما كان في آخره راء كقولهم حضار لأحد المحلفين وجعار فأنهم
يوافقون فيه الحجازيون إلا القليل منهم كقوله ومر دهر علي وبار ... فهلكت جهرة
وبار
بالرفع.
هيهات هيهات بفتح التاء لغة أهل الحجاز، وبكسرها لغة أسد
وتميم، ومن العرب من يضمها، وقرىء بهن جميعاً، وقد تنون على اللغات الثلاث، وقال:
تذكرت أياماً مضين من الصبى ... فهيهات هيهات إليك
رجوعها
وقد قرىء قوله هيهات من مصبحها هيهات
بضم الأول وكسر الثاني. ومنهم من يحذفها. ومنهم من
يسكنها.
ومنهم من يجعلها نوناً. وقد تبدل هاؤها همزة. ومنهم من
يقول أياك وأيهان وأيها. وقالوا أن المفتوحة مفردة وتاؤها للتأنيث مثلها في غرفة وظلمة
ولذلك يقلبها الواقف هاء فيقول هيهاه. وألفها عن ياء لأن أصلها هيهية من المضاعف كزلزلة.
وأما المكسورة فجمع المفتوحة وأصلها هيهيات فحذف اللام والوقف عليها بالتاء
كمسلمات.
شتان المعنى في شتان تباين الشيئين في بعض المعاني
والأحوال. والذي عليه الفصحاء شتان زيد وعمرو وشتان ما زيد وعمرو. وقال شتان ما
يومي على كورها ... ويوم حسان أخي جابر
وقال شتان هذا والعناق والنوم ... والمشرب البارد في ظل
الدوم
وأما نحو قوله لشتان ما بين اليزيدين في الندى ... يزيد
سليم والأغر ابن حاتم
فقد أباه الأصمعي ولم يستعبده بعض العلماء عن القياس.
أف أف يفتح ويضم ويكسر، وينون في أحواله، وتلحق به التاء
منوناً في الأحوال.
أنواع أسماء الأفعال من حيث التعريف والتنكير وهذه
الأسماء على ثلاثة أضرب. ما يستعمل معرفة ونكرة، وعلامة التنكير لحاق التنوين
كقولك إيه وإيه وصه ومه وغاق وأفِّ وأفٍّ. وما لا يستعمل إلا معرفة نحو بله وآمين.
وما التزم فيه التنكير كإيهاً في الكف، وويهاً في الإغراء، وواهاً في التعجب، يقال
واهاً له ما أطيبه. ومنه فداء له فلان بالكسر والتنوين أي ليفدك. قال مهلاً فداء لك
الأقوام كلهم
ومن أسماء الفعل دونك زيداً أي خذه، وعندك عمراً أي
إلزمه، وحذرك بكراً وحذارك ومكانك وبعدك إذا قلت تأخر أو حذرته شيئاً خلفه، وفرطك
وأمامك إذا حذرته من بين يديه شيئاً أو امرأته أن يتقدم، ووراءك أي انظر إلى خلفك
إذا بصرته شيئاً.
الأصوات ومن الأصوات قول المنتدم والمتعجب وي. تقول وي
ما أغفله، ويقال وي لمه، ومنه قوله تعالى: " ويكأنه لا يفلح الكافرون "
ز وضربه فما قال حس ولا بس، ومض أن يتمطق بشفتيه عند رد المحتاج قال سألتها الوصل
فقالت مض
ومن أمثالهم أن في مض لمطمعا، وبخ عند الإعجاب وأخ عند
التكره قال وصار وصل الغانيات أخا
ويروى كخا. وهلا زجر للخيل، وعدس للبغل، وقد سمي به،
وهيد بفتح الهاء وكسرها للإبل، وهاد مثله، ويقال أتاهم فما قالوا له هيد ما لك إذا
لم يسألوه عن حاله. وجه وده مثله ومنه الأده فلاده، وحوب وحاي وعاي مثله. وسع حث
للإبل. وجوت دعاء لها إلى الشرب. وأنشد قوله دعاهن ردفي فارعوين لصوته ... كما رعت بالجوت
الظماء الصواديا
بالفتح محكياً مع الألف واللام. وجيء مثلهز وحل زجر
الناقة. وحب من قولهم للجمل حب لا مشيت. وهدع تسكين لصغار الإبل. ودوه دعاء للربع.
ونخ مشددة ومخففة صوت عند إناخة البعير. وهيخ وأيخ مثله. وهس وهبح وفاع زجر للغنم.
وبس دعاء لها. وهج وهجا خسيء للكلب.
قال سفرت فقلت لها هج فتبرقعت ... فذكرت حين تبرقعت
ضبارا
وهيج صوت يصوت به الحادي. وحج وعه وعيز زجر للضأن. وثيء
دعاء للتيس عند السفاد. ودج صياح بالدجاجة. وسأوتشؤ دعاء للحمار إلى الشرب، وفي المثل
إذا وقف الحمار على الردهة فلا تقل له سأ. وجاه زجر للسبع. وقوس دعاء للكلب. وطيخ حكاية
صوت الضاحك. وعيط صوت للفتيان إذا تصايحوا في اللعب. وشيب صوت مشافر الإبل عند
الشرب. وماء حكاية بغام الظبية. وغاق حكاية صوت الغراب. وطاق حكاية صوت الضرب. وطق
حكاية صوت وقع الحجارة بعضها ببعض. وقب حكاية وقع السيف.
الفصل الخامس: الظروف
منها الغايات، وهي قبل وبعد وفوق وتحت وأمام وقدام ووراء
وخلف وأسفل ودون ومن عل. ومن الغايات وابدأ بهذا أول. وقد جاء ما ليس بظرف غاية،
نحو حسب ولا غير وليس غير. والذي هو حد الكلام وأصله أن ينطق بهن مضافات، فلما
اقتطع عنهن ما يضفن إليه، وسكت عليهن، صرن حدودا ينتهي عندها، فلذلك سمين غايات.
وإنما يبنين إذا نوي فيهن المضاف إليه. وإن لم ينو فالإعراب. كقوله فساغ لي الشراب
وكنت قبلاً ... أكاد أغص بالماء الفرات
وقد قرىء " لله الأمر من قبل ومن بعد. ويقال أبدأ به
أولاً، وجئته من عل؛ وفي معناه من عال ومن معال ومن علا. ويقال جئته من علو ومن علو ومن علو.
وفي معنى حسب بجل. قال ردوا علينا شيخنا ثم بجل
حيث : وشبه حيث بالغايات من حيث ملازمتها الإضافة. ويقال حيث وحوث
بالفتح والضم فيهما وقد حكى الكسائي حيث بالكسر. ولا يضاف إلى غير الجملة إلا ما
روي من قوله أما ترى حيث سهيل طالعاً
أي مكان سهيل وقد روى ابن الأعرابي بيتاً عجزه حيث لي
العمائم
ويتصل به ما فيصير للمجازاة.
منذ ومنها منذ، وهي إذا كانت إسماً على معنيين: أحدهما
أول المدة كقولك ما رأيته منذ يوم الجمعة، أي أول المدة التي انتفت فيها الرؤية
ومبدؤها ذلك اليوم. والثاني جميع المدة كقولك ما رأيته
منذ يومان، أي مدة انتفاء الرؤية اليومان جميعاً. ومذ محذوفة منها. وقالوا هي لذلك
أدخل في الأسمية. وإذا لقيها ساكن بعدها ضمت رداً إلى أصلها.
إذ وإذا : ومنها إذ لما مضى من الدهر، وإذا لما يستقبل
منه. وهما مضافتان أبداً. إلا إذ تضاف إلى كلتا الجملتين، وأختها لا تضاف إلا إلى
الفعلية. تقول جئت إذ زيد قائم، وإذا قام زيد، وإذ يقوم زيد، وإذ زيد يقوم. وقد
استقبحوا إذ زيد قام. وتقول إذا قام زيد، قال الله تعالى: " والليل إذا يغشى
والنهار إذا تجلى " .
إذا الرجال بالرجال التفت
ارتفاع الأسم فيه بمضمر يفسره الظاهر. وفي إذا معنى
المجازاة دون إذ إلا إذا كفت، كقول العباس بن مرداس إذ ما دخلت على الرسول فقل له
... حقاً عليك إذا اطمأن المجلس
وقد تقعان للمفاجأة كقولك بينا زيد قائم إذ رأى عمراً،
وبينما نحن بمكان كذا إذا فلان قد طلع علينا، وخرجت فإذا زيد بالباب. قال وكنت
زيداً كما قيل سيداً ... إذا أنه عبد القفا واللهازم
وكان الأصمعي لا يستفصح إلا طرحهما في جواب بينا وبينما
وأنشد فبينا نحن نرقبه أتانا ... معلق وفضة وزناد راعي
وأمثالاً له. ويجاب الشرط بإذا كما يجاب بالفاء، قال
تعالى: " وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون " .
لدى ومنها
لدى والذي يفصل بينها وبين عند أنك تقول عندي كذا لما
كان في ملك حضرك أو غاب عنك، ولدي كذا لما لا يتجاوز حضرتك. وفيها ثماني لغات: لدى
ولدن ولدن ولد بحذف نونها، ولدن ولدن بالكسر لالتقاء الساكنين، ولد ولد بحذف
نونهما. وحكمها أن يجر بها على الإضافة كقوله تعالى: " من لدن حكيم عليم
" . وقد نصبت العرب بها غدوة خاصة قال لدن غدوة حتى ألاذ بخفها ... بقية
منقوص من الظل قالص
تشبيهاً لنونها بالتنوين لما رأوها تنزع عنها وتثبت.
الآن ومنها الآن وهو الزمان الذي يقع فيه كلام المتكلم.
وقد وقعت في أول أحوالها بالألف واللام، وهي علة بنائها.
متى وأين و
متى وأين وهما يتضمنان معنى الإستفهام ومعنى الشرط، تقول
متى كان ذاك؟ ومتى يكون؟ ومتى تأتني أكرمك؟ وأين كنت؟ وأين تجلس أجلس؟ ويتصل بهما
ما المزيدة فتزيدهما إبهاماً. والفصل بين متى وإذا أن متى للوقت المبهم وإذا
للمعين.
أيان وأيان بمعنى متى إذا استفهم بها.
لما وأمس ولما قولك لما جئت جئت، بمعنى حين وأمس، وهي
متضمنة معنى لام التعريف، مبنية على الكسر عند الحجازيين، وبنو تميم يعربونها
ويمنعونها الصرف، فيقولون ذهب أمس بما فيه وما رأيته مذ أمس، وقال لقد رأيت عجباً
مذ أمسا ... عجائزاً مثل السعالي خمسا
قط وعوض : وهما لزماني المضي والإستقبال على الإستغراق،
تقول: ما رأيته قظ، ولا أفعله عوض. ولا يستعملان إلا في موضع النفي. قال الأعشي:
رضيعي لبان ثدي أم تقاسما ... بأسحم داج عوض لا نتفرق
وقد حكي قط بضم القاف، وقط خفيفة الطاء وعوض مضمومة.
كيف وأنى وكيف جار مجرى الظروف. ومعناه السؤال عن الحال.
تقول كيف زيد؟ أي على أي حال هو. وفي معناه أني قال الله تعالى: " فأتوا
حرثكم أني شئتم " . وقال الكميت:
أنى ومن أين أبك الطرب
ألا أنهم يجازون بأنى دون كيف قال لبيد فأصبحت أني تأتها
تلتبس بها
وحكى قطرب عن بعض العرب أنظر إلى كيف يصنع.
الفصل السادس: المركبات
هي ضربان هي على ضربين: ضرب يقتضي تركيبه أن يبني
الإسمان معاً، وضرب لا يقتضي تركيبه إلا بناء الأول منهما. فمن الضرب الأول نحو
العشرة مع ما نيف عليها إلا أثني عشر، وقولهم وقعوا في حيص بيص، ولقيته كفة كفة،
وصحرة بحرة، وهو جاري بيت بيت، ووقع بين بين، وآتيك صباح مساء ويوم يوم، وتفرقوا
اشغر بغر وشذر مذر وخذع مذع، وتركوا البلاد حيث بيث وحاث باث ومنه الخاز باز والضرب
الثاني نحو قولهم أفعل هذا بادي بدي، وذهبوا أيدي سبا، ونحو معد يكرب، وبعلبك،
وقالي قلا.
والذي يفصل بين الضربين أن ما تضمن ثانية معنى حرف بني
شطراه لوجود علتي البناء فيهما معاً أما الأول فلأنه تنزل منزلة صدر الكلمة من
عجزها، وأما الثاني فلأنه تضمن معنى الحرف. وما خلا ثانيه من التضمن أعرب وبني
صدره.
الأعداد المركبة والأصل في العدد المنيف على العشرة أن
يعطف الثاني على الأول، فيقال ثلاثة وعشرة، فمزج الأسمان وصيرا واحداً، وبنيا
لوجود العلتين. ومن العرب من يسكن العين فيقول أحد عشر إحتراساً من توالي الحركات
في كلمة. وحرف التعريف والإضافة لا يخلان بالبناء، تقول الأحد عشر
والحادي عشر إلى التسعة عشر والتاسع عشر، وهذا أحد عشرك
وتسعة عشرك وكان الأخفش يرى فيه الإعراب إذا أضافه، وقد استرذله سيبويه. وإن سمى
رجل بخمسة عشر كان فيه الإعراب والإبقاء على الفتح.
الأسماء المركبة وكذلك الأصل وقعوا في حيص وبيص، أي في
فتنة تموج بأهلها متأخرين ومتقدمين. ولقيته كفة وكفة، أي ذوي كفتين كفة من اللاقي
وكفة من الملقى، لأن كل واحد منهما في وهلة التلاقي كفا لصاحبه أن يتجاوزه. وصحرة
وبحرة أي ذوي صحرة وبحرة، أي انكشاف واتساع لا سترة بيننا. وقال أخبرته بالخبر صحرة بحرة. ويقولون
صحرة نحرة، فلا يبنون لئلا يمزجوا ثلاثة أشياء. وهو جاري بيت إلى بيت، أو بيت
لبيت، أي هو جاري ملاصقاً، ووقع بين هذا وبين هذا. قال عبيد وبعض القوم يسقط بين
بينا
وأتيته صباحاً ومساءً، ويوماً ويوماً، أي كل صباح ومساء
وكل يوم. وتفرقوا شغراً وبغراً، أي منشرين في البلاد هائجين من اشتغرت عليه ضيعته
إذا فشت وانتشرت، وبغراً النجم هاج بالمطر. قال العجاج:
بغرة نجم هاج ليلاً فانكدر
وشذراً ومذراً من التشذر وهو التفرق والتبذير، والميم في
مذر بدل من الباء. خذعاً ومذعاً أي منقطعين منتشرين من الخذع وهو القطع. ومن
قولهم فلان مذاع، أي كذاب يفشي الأسرار وينشرها. وحيثاً وبيثاً من قولهم فلان
يستحيث ويستبيث، أي يستبحت ويستثير.
خاز باز وفي خاز سبع لغات، وله خمسة معان. فاللغات خاز
باز، وخاز باز وخاز باز، وخاز باء، كقاصعاء وخز باز كقرطاس.
والمعاني ضرب من العشب قال والخاز باز السنم المجودا
وذباب يكون في العشب قال وجن الخاز باز جنوناً
وصوت الذباب وداء في اللهازم قال يأ خاز باز أرسل
اللهازما
بادي بدي افعل هذا
بادي بدي وبادي بدا أصله بادئ بدء وبادي بداء فخفف بطرح
الهمزة والإسكان. وانتصابه على الحال. ومعناه مبتدئاً به قبل كل شيء. وقد يستعمل
مهموزاً في حديث زيد بن ثابت أما بادئ بدء فإني أحمد الله.
أيدي ويقال ذهبوا أيدي سبا وأيادي سبا أي مثل أيدي سبأ
بن يشحب في تفرقهم وتبددهم في البلاد حين أرسل عليهم سيل العرم. والأيدي كناية عن
الأنباء والأسرة، لأنهم في التقوي والبطش بهم بمنزلة الأيدي.
معد يكرب في معد يكرب لغتان: إحداهما التركيب ومنع الصرف، والثانية
الإضافة. فإذا أضيف جاز في المضاف إليه الصرف وتركه، تقول: هذا معد يكرب ومعد يكرب
ومعد يكرب. وكذلك قالي قلا وحضرموت وبعلبك ونظائرها.
الفصل السابع: الكنايات
ألفاظها وهي كم وكذا وكيت وذيت. فكم وكذا كنايتان عن
العدد على سبيل الإبهام وكيت وذيت كنايتان عن الحديث والخبر. كما كني بفلان وهن عن
الأعلام والأجناس: تقول كم مالك؟ وكم رجل عندي؟ وله كذا وكذا درهماً، وكان من
القصة كيت وكيت، وذيت وذيت.
كم وكم على وجهين: أستفهامية وخبرية. فالإستفهامية تنصب
مميزها مفرداً كمميز أحد عشر، تقول كم رجلاً عندك؟ كما تقول عشر رجلاً. والخبرية
تجره مفرداً أو مجموعاً كمميز الثلاثة والمائة، تقول كم رجل عندي وكم رجال، كما
تقول ثلاثة أثواب ومائة ثوب.
إعراب كم وتقع في وجهيها مبتدأة، ومفعولة، ومضافاً
إليها. تقول كم درهماً عندك وكم غلام لك، على تقدير أي عدد من الدراهم حاصل عندك،
وكثير من الغلمان كائن لك، وتقول كم منهم شاهد على فلان، وكم غلاماً لك ذاهب، تجعل
لك صفة للغلام، وذاهباً خبراً لكم. وتقول في المفعولية:
كم رجلاً رأيت، وكم غلام ملكت، وبكم مررت، وعلى كم جذعاً
بني بيتك. وفي الإضافة: رزق كم رجلاً وكم رجل أطلقت، وأنفس كم رجل أنقذت، وبكم رجل
مررت.
حذف مميز كم وقد يحذف المميز فيقال كم مالك؟ أي كم
درهماً أو ديناراً مالك، وكم غلمانك؟ أي كم نفساً غلمانك، وكم درهمك؟ أي كم دانقاً
درهمك، وكم عبد الله ماكث؟ أي كم يوماً أو شهراً، وكذلك كم سرت؟ وكم جاءك فلان؟ أي
كم فرسخاً وكم مرة أو كم فرسخ وكم مرة.
إفراد كم ومميزها ومميز الإستفهامية مفرد لا غير. وقولهم كم لك
غلماناً؟ المميز فيه محذوف، والغلمان منصوبة على الحال بما في الظرف من معنى
الفعل، والمعنى كم نفساً لك غلماناً.
فصل كم الخبرية عن مميزها وإذا فصل بين الخبرية ومميزها
نصب، كقولك في الدار رجلاً قال القطامي كم نالني منهم فضلاً على عدم
وقال تؤم سناناً وكم دونه ... من الأرض محدودباً غارها
وقد جاء الجر في الشعر مع الفصل قال كم في بني سعد بن
بكر سيد ... ضخم الدسيعة ماجد نفاع
الضمير الراجع إلى المميز ويرجع الضمير إليه على اللفظ
والمعنى، تقول كم رجل رأيته ورأيتهم، وكم امرأة لقيتها ولقيتهن، وقال تعالى:
" وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً " .
وتقول كم غيره لك، وكم مثله لك، وكم خيراً منه لك، وكم
غيره مثله لك، تجعل مثله لغيره فتنصبه نصبه.
وقد ينشد بيت الفرزدق كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء
قد حلبت علي عشاري
على ثلاثة أوجه: النصب على الإستفهامية، والجر على
الخبر، والرفع على معنى كم مرة حلبت علي عماتك.
سبق كم الخبرية بمن والخبرية مضافة إلى مميزها عاملة فيه
عمل كل مضاف في المضاف إليه، فإذا وقعت بعدها من وذلك كثير من استعمالهم منه قوله
تعالى: " وكم من قرية " ، " وكم من ملك " . كانت منونة
في التقدير كقولك كثير من
القرى ومن الملائكة. وهي عند بعضهم منونة أبداً والمجرور
بعدها بإضمار من.
كأين وفي معنى كم الخبرية كأين. وهي مركبة من كاف
التشبيه وأي. والأكثر أن تستعمل مع من قال الله عز وجل: " وكأين من قرية
" . وفيها خمس لغات كأين، وكاء بوزن كاع، وكيء بوزن كيع، وكأي بوزن كعي، وكإ
بوزن كع.
كيت وذيت وكيت وذيت مخففتان من كية وذية. وكثير من العرب
يستعملونهما على الأصل ولا يستعملان إلا مكررتين. وقد جاء فيهما الفتح والكسر
والضم والوقف على بنت وأخت.
الباب الرابع
الاسم المثنى
تعريفه وهو ما لحقت آخره زيادتان: ألف أو ياء مفتوح ما
قبلها، ونون مكسورة، لتكون الأولى علماً لضم واحد إلى واحد، والأخرى عوضاً مما منع
من الحركة والتنوين الثنتين في الواحد. ومن شأنه إذا لم يكن مثنى منقوص أن تبقى
صيغة المفرد فيه محفوظة. ولا تسقط تاء التأنيث إلا في كلمتين خصيان وأليان قال كأن
خصييه من التدلدل
وقال تربح ألياه ارتجاج الوطب
وتسقط نونه بالإضافة كقولك غلاماً زيد، وثوبي بكر، وألفه
بملاقاة ساكن كقولك التقت حلقتا البطان.
قلب ألف آخر الاسم في التثنية ولا يخلو المنقوص من أن
تكون ألفه ثالثة أو فوق ذلك. فإن كانت ثالثة وعرف لها أصل في الواو أو الياء ردت
إليه في التثنية كقولك قفوان وعصوان وفتيان ورحيان، وإن جهل أصلهما نظر فإن أميلت
قلبت ياء كقولك: متيان وبليان في مسمين بمتى وبلى، وإلا قلبت واواً كقولك: لدوان وإلوان
في مسمين بلدي وإلى، وإن كانت فوق الثلاثة لم تقلب إلا ياء كقولك أعشيان وملهيان
وحبليان وحباريان. وأما مذروان فلأن التثنية فيه لازمة كالتأنيث في شقاوة وعضاية.
قلب همزة آخر الأسم في الثنية وما آخره لا تخلو همزته من
أن يسبقها ألف أو لا. فالتي تسبقها ألف على أربعة أضرب: أصلية كقراء ووضاء، ومنقلبة عن حرف أصل
كرداء وكساء، وزائدة في حكم الأصلية كعلباء وحرباء، ومنقلبة عن ألف تأنيث كحمراء
وصحراء فهذه الأخيرة تقلب واواً لا غير كقولك حمراوان وصحراوان. والباب في البواقي
أن لا يقلبن وقد أجيز القلب أيضاً. والتي لا
ألف قبلها فبابها التصحيح كرشإٍ وحدإٍ.
قلب آخر المحذوف العجز والمحذوف العجز يرد إلى الأصل ولا
يرد، فيقال أخوان وأبوان ويدان ودمان وقد جاء يديان ودميان قال يديان بيضاوان عند
محلم
وقال ولو أنا على حجر ذبحنا ... جرى الدميان بالخبر
اليقين
تثنية الجمع وقد يثنى الجمع على تأويل الجماعتين
والفرقتين وأنشد أبو زيد لنا إبلان فيهما ما علمتم
وفي الحديث مثل المنافق كالشاة العائرة بين الغنمين
وأنشد أبو عبيد لأصبح الحي أو باداً ولم يجدوا ... عند التفرق في الهيجا جمالين
وقالوا لقاحان سوداوان. وقال أبو النجم:
بين رماحي مالك ونهشل
وتجعل الإثنان على لفظ الجمع إذا كانا متصلين كقولك ما
أحسن رؤسهما وفي التنزيل: " فاقطعوا أيديهما " . وفي قراءة عبد الله
أيمانهما وفيه: فقد صغت قلوبهما.
وقال: ظهراهما مثل ظهور الترسين فاستعمل هذا والأصل معاً
ولم يقولوا في المنفصلين أفراسهما ولا غلمانهما. وقد جاء وضعا رحالهما.
الباب الخامس
الاسم المجموع
أنواعه وهو على ضربين: ما صح فيه واحده، وما كسر فيه.
فالأول ما آخره واو، أو ياء مكسور ما قبلها، بعدها نون مفتوحة، أو ألف أو تاء.
فالذي بالواو والنون لمن يعلم في صفاته وأعلامه كالمسلمين والزيدين، إلا ما جاء من
نحو ثبون وقلون وأرضون وأحرون وأوزون. والذي بالألف والتاء للمؤنث في أسمائه
وصفاته كالهندات والتمرات والمسلمات. والثاني يعم من يعلم وغيرهم في أسمائهم وصفاتهم
كرجال وأفراس وجعافر وظراف وجياد. وحكم الزيادتين في مسلمون نظير حكمهما في
مسلمان: الأولى علم لضم الإثنين فصاعداً إلى الواحد، والثانية عوض عن الشيئين،
وتسقط عند الإضافة. وقد أجرى المؤنث على المذكر في التسوية بين لفظي الجر والنصب،
فقيل رأيت المسلمات ومررت بالمسلمات، كما قيل رأيت المسلمين ومررت بالمسلمين.
جمع القلة وجمع الكثرة وينقسم إلى جمع قلة وجمع كثرة.
فجمع القلة العشرة فما دونها، وأمثلته افعل أفعال فعلة، كأفلس وأثواب وأجربة
وغلمة. ومنه ما جمع بالواو والنون، والألف والتاء. وما عدا ذلك جموع كثرة.
وقد يجعل إعراب ما يجمع بالواو والنون في النون. وأكثر
ما يجيء ذلك في الشعر، ويلزم الياء إذ ذاك. قالوا أتت عليه سنين. وقال دعاني من
نجد فإن سنينه ... لعبن بنا شيباً وشيبننا مردا
وقال سحيم وماذا يدري الشعراء مني ... وقد جاوزت حد
الأربعين
جمع الثلاثي المجرد وللثلاثي المجرد إذا كسر عشرة أمثلة:
أفعال، فعال، فعول، فعلان أفعل فعلان، فعلة، فعلة فعل، فعل. فأفعال أعمها تقول
أفراخ وأجمال وأركان وأحمال وأعجاز وأعناق وأفخاذ وأعناب وأرطاب وآبال. ثم فعال
تقول زناد وقداح
وخفاف وجمال ورباع وسباع. ثم فعول وفعلان وهما متساويان تقول
فلوس وعروق وجروح وأسود ونمور ورئلان وصنوان وعيدان وخربال وصردان. ثم أفعل تقول
أفلس وأرجل وأزمن وأضلع، ثم فعلان وفعلة وهما متساويان تقول بطنان وذؤبان وحملان
وغردة وقردة وقرطة. ثم فعل تقول سقف وفلك. ثم فعلة وفعل تقول جيرة ونمر. وقد جاء
حجلى في جمع حجل قال حجلى تدرج في الشربة وقع
وما لحقته من ذلك تاء التأنيث فأمثلة تكسيره فعال، فعول
أفعل، فِعَل، فُعَل، فُعْل. نحو قصاع ولقاح وبرام ورقاب وبدور وحجوز وأنعم وأينق
وبدر ولقح وتير ومعد ونوب وبرق وتخم وبدن.
جمع الصفات في الثلاثي وأمثلة صفاته كأمثلة أسمائه،
وبعضها أعم من بعض. وذلك قولك أشياخ وأجلاف وأحرار وأبطال وأجناب وأيقاظ وأنكاد
وأعبد وأجلف وصعاب وحسان ووجاع. وقد جاء وجاعي ونحو حباطي وحذاري وضيفان وأخوان
ووغدان وذكران وكهول ورطلة وشيخة وورد وسحل ونصف وخشن. وقالوا سمحاء في جمع سمح.
والجمع بالواو والنون فيما كان من هذه الصفات للعقلاء
الذكور غير ممتنع كقولكم صعبون وصنعون وحسنون وجنبون وحذرون وندسون. وأما جمع
المؤنث منها بالألف والتاء فلم يجيء فيه غيره وذلك نحو عبلات وحلوات وحذرات ويقظات
الأمثال فعلة فإنهم كسروه على فعال كجعاد وكماش وعبال. وقالوا علج في جمع علجة.
جمع المؤنث الساكن الحشو والمؤنث الساكن الحشو لا يخلو
من ان يكون أسماً أو صفة. فإذا كان اسماً تحركت عينه في الجمع إذا صحت بالفتح في
المفتوح الفاء كجمرات وبه، وبالكسر في المكسورها كسدرات وبه، وبالضم في المضمومها
كغرفات، وقد تسكن في الضرورة في الأول، وفي السعة في الباقين في لغة تميم. فإذا
اعتلت فالاسكان كبيضات وجوزات وديمات ودولات، إلا في لغة هذيل قال قائلهم أخو بيضات
رائح متأوب
وتسكن في الصفة لا غير. وإنما حركوا في جمع لجبة وربعة
لأنها كأنهما في الأصل اسمان وصف بهما كما قالوا امرأة كلبة وليلة غم.
وحكم المؤنث مما لا تاء فيه كالذي فيه تاء وقالوا أرضات
وأهلات في جمع أهل وأرض. قال فهم أهلات حول قيس بن عاصم ... إذا أدلجوا بالليل
يدعون كوثرا
وقالوا عرسات وعيرات في جمع عرس وعير قال الكميت عيرات
الفعال والسؤدد العد إليهم محطوطة الأعكام
جمع المعتل العين وامتنعوا فيما اعتلت عينه من أفعل. وقد
شذ نحو أقوس وأثواب وأعين وأنيب. وامتنعوا في الواو دون الياء من فعول. كما
امتنعوا في الياء دون الواو من فعال. وقد شذ نحو فووج وسووق.
جمع المعتل اللام ويقال في أفعل وفعول من المعتل اللام
أذل وأيد ودلي ودمي. وقالوا نحو وقنو.
والقلب أكثر. وقد يكسر الصدر فيقال دلي ونحي. وقولهم قسي
كأنه جمع قسو في التقدير.
جمع المحذوف العجز والمنتهي بتاء وذو التاء من المحذوف
العجز يجمع بالواو والنون مغيراً أوله، كسنون
وقلون، وغير مغير كثبون وقلون، أو بالألف والتاء مردوداً
إلى الأصل كسنوات وعضوات، وغير مردود كثبات وهنات؛ وعلى أفعل كآم. وهو نظير آكم.
جمع الرباعي ويجمع الرباعي، إسماً كان أو صفة، مجرداً من
تاء التأنيث أو غير مجرد، على مثال واحد وهو فعالل. كقولك ثعالب وسلاهب ودراهم
وهجارع وبراثن وجراشع وقماطر وسباطر وضفادع وخضارم. وأما الخماسي فلا يكسر إلا على
استكراه ولا يتجاوز به إن كسر هذا المثال بعد حذف خامسه كقولهم في فرزدق فرازد، في
جحمرش جحامر، ويقال في دهثمون وهجرعون وصهصلقون وحنظلات وبهصلات وسفرجلات وجحمرشات.
جمع ما ثالثه مدة وما كان زيادته ثالثة مدة فلأسمائه في
الجموع أحد عشر مثالاً: أفعلة، فعل، فعلان، فعائل، فعلان، فعلة، أفعال، فعال،
فعول، أفعلاء، أفعل. وذلك نحو أزمنة وأحمرة وأغربة وأرغفة وأعمدة وقذل وخمر وقرد
وكثب وزبر وغزلان وصيران وغربان وظلمان وقعدان وشمائل وأفايل وذنائب وزقان وقضبان
وغلمة وصبية وأيمان وأفلاء وفصال وعنوق وأنصباء وألسن. ولا يجمع على أفعل إلا
المؤنث خاصة نحو عناق وأعنق وعقاب وأعقب وذراع وأذرع. وأمكن من الشواذ. ولم يجيء
فعل من المضاعف ولا المعتل اللام وقد شذ نحو ذب في جمع ذباب وأصله ذبب.
ولما لحقته من ذلك تاء التأنيث مثالان: فعائل وفعل، وذلك
نحو صحائف ورسائل وحمائم وذوائب وحمائل وسفن.
ولصفاته تسعة أمثلة: فعلاء، فعل، فعال، فعلان، أفعال،
أفعلاء، أفعلة، فعول. وذلك نحو كرماء وجبناء وشجعاء وودداء ونذر وصبر وصنع وكنز
وكرام وجياد وهجان وثنيان وشجعان وخصيان وأشرف وأعداء
وأنبياء وأشحة وظروف. ويجمع جمع التصحيح نحو كريمون
وكريمات.
وأما فعيل بمعنى مفعول فبابه أن يكسر على فعل كجرحى وقتلى،
وقد شذ قتلاء وأسراء، ولا يجمع جمع التصحيح، فلا يقال جريحون ولا جريحات. ولمؤنثها
ثلاثة أمثلة: فعال، فعائل، فعلاء. وذلك نحو صباح وصبائح وعجائز وخلفاء.
جمع فاعل وما كان على فاعل إسماً فله إذا جمع ثلاثة
أمثلة فواعل، فعلان، فعلان، نحو كواهل وحجران وجنان. ولمؤنثه مثال واحد فواعل نحو
كوائب. وقد نزلوا ألف التأنيث منزلة تائه فقالوا في فاعلاء فواعل نحو نوافق وقواصع
ودوام وسواب.
وللصفة تسعة أمثلة: فعل، وفعال، وفعلة، فُعلة، فعل، فعلاء،
فعلان، فعال، فعول. نحو شهد وجهل وجهال وفسقة وقضاة. وتختص بالمعتل اللام وبزل وشعراء
وصحبان وتجار وقعود. وقد شذ نحو فوارس.
ولمؤنثها مثالان فواعل وفعل نحو ضوارب ونوم ويستوي في
ذلك ما فيه التاء وما لا تاء فيه كحائض وحاسر.
جمع ما رابعه ألف تأنيث وللأسم مما في آخره ألف تأنيث
رابعة مقصورة أو ممدودة مثالان: فعالى فعال. نحو صحارى وإناث. وللصفة أربعة أمثلة:
فعال، فُعْل، فُعَل، فعالى. نحو عطاش وبطاح وعشار وحمر والصغر وحرامي. ويقال
ذفريات وحبليات والصغريات وصحراوات إذا أريد أدنى العدد، ولا يقال حمراوات. وأما قوله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ليس في الخضروات صدقة فلجريه مجرى الاسم.
وإذا كانت الألف خامسة جمع بالتاء كقولكم حباريات
وسمانيات.
جمع أفعل ولأفعل إذا كان أسماً مثال واحد: أفعال. نحو
أجادل. وللصفة ثلاثة أمثلة: فعل، فعلان، أفاعل. نحو حمر وحمران والأصاغر. وإنما
يجمع بأفاعل أفعل الذي مؤنثه فعلى ويجمع أيضاً بالواو والنون قال الله تعالى: " بالأخسرين
أعمالاً " وأما قوله أتاني وعيد الحوص من آل جعفر ... فيا عبد عمرو لو نهيت
الأحاوصا
فمنظور فيه إلى جانبي الوصفية والاسمية.
جمع فعلان وقد جمع فعلان إسماً على فعالين نحو شياطين،
وكذلك فُعْلان وفِعْلان نحو سلاطين وسراحين. وقد جاء سراح وصفة على فعال وفعالى،
نحو غضاب وسكارى. ويقول بعض العرب كسالى وسكارى وغيارى وعجالى بالضم.
جمع فيعل وفيعل يكسر على أفعال وأفعلاء، نحو أموات وجياد
وأنبياء. ويقال هينون وبيعات.
جمع فعّال فِعال وفعيل ومعفعول ومُفعَلْ وفعّال وفعال
وفعيل ومفعول ومفعل ومفعل يستغنى فيها بالتصحيح عن التكسير فيقال شرابون وحسانون
وفسيقون ومضروبون ومكرِمون ومكرَمون. وقد قيل عواوير وملاعين ومشائيم وميامين ومياسير
ومفاطير ومناكير ومطافل ومشادن.
جمع الثلاثي الملحق بالرباعي وكل ثلاثي فيه زيادة
للالحاق بالرباعي كجدول وكوكب وعثير، أو لغير الإلحاق وليست بمدة كأجدل وتنضب
ومدعس، فجمعه على مثال جمع الرباعي تقول جداول وأجادل وتناضب ومداعس.
وتلحق بآخره التاء إذا كان أعجمياً أو منسوباً كجواربة
وأشاعثة وسيابجة. والرباعي إذا لحقه حرف لين رابع جمع على فعاليل كقناديل وسراديح.
وكذلك ما كان من الثلاثي ملحقاً به كقراويح وقراطيط. وكذلك ما كانت فيه من ذلك زيادة غير
مدة كمصابيح وأناعيم ويرابيع وكلاليب.
ويقع الاسم المفرد على الجنس، ثم يميز منه واحده بالتاء،
وذلك نحو تمر وتمرة، وحنظل وحنظلة، وبطيخ وبطيخة، وسفرجل وسفرجلة وإنما يكثر هذا
في الأشياء المخلوقة دون المصنوعة ونحو سفين وسفينة ولبن ولبنة وقلنس وقلنسوة ليس
بقياس. وعكس تمر وتمرة كمأة وكمء وجبأة وجبء.
ما شذ وقد يجيء الجمع مبنياً على غير واحدة المستعمل
وذلك نحو أراهط وأباطيل وأحاديث وأعاريض وأقاطيع وأهال وليال وحمير وأمكن.
جمع الجمع ويجمع الجمع، فيقال في كل أفعل وأفعلة أفاعل،
وفي كل أفعال
أفاعيل، نحو أكالب وأساور وأناعم. وقالوا جمائل وجمالات
ورجالات وكلابات وبيوتات وحمرات وجزرات وطرقات ومعنات وعوذات ودورات ومصارين
وحشاشين.
اسم الجمع ويقع الاسم على الجمع لم يكسر عليه واحده،
وذلك نحو ركب وسفر وأدم وعمد وخلق وخدم وجامل وباقر وسراة وفرهة وضأن وغزي وقؤام
ورحال.
ويقع الاسم الذي فيه علامة التأنيث على الواحد والجمع
بلفظ واحد وذلك نحو حنوة وبهمى وطرفاء وحلفاء.
جمع المعنى ويحمل الشيء على غيره في المعنى فيجمع جمعه
نحو قولهم مرضى وهلكى وموتى وجربى وحمقى، حملت على قتلى وجرحى وعقرى ولدغى ونحوها
مما هو فعيل بمعنى مفعول، وكذلك أيامي ويتامى محمولان على وجاعي وحباطي.
رد المحذوف عند التكسير والمحذوف يرد عند التكسير وذلك
قولهم في جمع شفة وإست وشاة ويد شفاه وأستاه وأيد ويدي وشياه.
جمع المذكر الذي لم يكسر والمذكر الذي لم يكسر يجمع بالألف
والتاء نحو قولهم السرادقات وجمالات سبحلات وسبطرات، ولم يقولوا جوالقات حين قالوا
جواليق، وقد قالوا بوانات مع قولهم بون.
الباب السادس
الاسم المعرفة والنكرة فالمعرفة ما دل على شيء بعينه.
وهو على خمسة أضرب: العلم الخاص، والمضمر، والمبهم، وهو شيئان: أسماء الأشارة
والموصولات، والداخل عليه حرف التعريف، والمضاف إلى أحد هؤلاء إضافة حقيقة.
وأعرفها المضمر، ثم العلم، ثم المبهم، ثم الداخل عليه حرف التعريف. وأما المضاف
فيعتبر أمره بما يضاف إليه. واعرف أنواع المضمر ضمير المتكلم، ثم المخاطب، ثم
الغائب.
والنكرة ما شاع في أمته كقولك جاءني رجل وركبت فرساً.
الباب السابع
الاسم المذكر المؤنث
المذكر ما خلا عن العلامات الثلاث: التاء والألف والياء،
في نحو غرفة وأرض وحبلى وحمراء وهذى. والمؤنث ما وجدت فيه إحداهن. والتأنيث على
ضربين: حقيقي كتأنيث المرأة والناقة ونحوهما مما بازائه ذكر في الحيوان، وغير حقيقي
كتأنيث الظلمة والنعل ونحوهما مما يتعلق بالوضع والاصطلاح. والحقيقي أقوى، ولذلك
امتنع في حال السعة جاء هند، وجاز طلع الشمس، وإن كان المختار طلعت. فإن وقع فصل
استجيز نحو قولهم حضر القاضي اليوم امرأة. قال جرير لقد ولد الأخيطل أم سوء
وليس بالوسع. وقد رده المبرد، واستحسن نحو قوله تعالى:
" فمن جاءه موعظة من ربه، وقوله: " ولو كان بهم خصاصة " . هذا إذا كان
الفعل مسنداً إلى ظاهر الاسم، فإذا اسند إلى ضميره فالحق العلامة. وقوله ولا أرض
أبقل إبقالها
متأول بالمكان.
تاء التأنيث والتاء تثبت في اللفظ وتقدر. ولا تخلو من أن
تقدر في اسم ثلاثي كعين وأذن، أو في رباعي كعناق وعقرب. ففي الثلاثي يظهر أمرها
بشيئين: بالإسناد وبالتصغير، وفي الرباعي بالإسناد فقط.
ودخولها على وجوه: للفرق بين المذكر والمؤنث في الصفة
كضاربة
ومضروبة وجميلة، وهو الكثير الشائع؛ وللفرق بينهما في
الاسم كامرأة وشيخة وإنسانة وغلامة ورجلة وحمارة وأسدة وبرذونة، وهو قليل؛ وللفرق
بين اسم الجنس والواحد منه، كتمرة وشعيرة وضربة وقتلة؛ وللمبالغة في الوصف كعلامة
ونسابة وراوية وفروقة وملولة؛ ولتأكيد التأنيث كناقة ونعجة؛ ولتأكيد معنى الجمع كحجارة
وذكارة وصقورة وخؤولة وصياقلة وقشاعمة؛ وللدلالة على النسب كالمهالبة والأشاعثة،
وللدلالة على التعريب كموازجة وجواربة؛ وللتعويض كفرازنة وجحاجحة. ويجمع هذه
الأوجه إنها تدخل للتأنيث وشبه التأنيث.
والكثير فيها أن تجيء منفصلة وقل أن تبنى عليها الكلمة
ومن ذلك عباية وعظاية وعلاوة وشفاوة.
وقولهم جمالة في جمع جمال بمعنى جماعة جمالة، وكذلك
بغالة وحمارة وشاربة وواردة وسابلة. ومن ذلك البصرية والكوفية والمروانية
والزبيرية، ومنه الحلوبة والقتوبة والركوبة. قال الله تعالى: " فمنها ركوبهم
" وقرئ ركوبتهم. وأما حلوبة للواحد وحلوب للجمع فكتمرة وتمر.
وللبصريين في نحو حائض وطامث وطالق مذهبان: فعند الخليل
أنها على معنى النسب كلابن وتامر، كأنه قيل ذات حيض وذات طمث، وعند سيبويه أنه
متأول بإنسان أو شيء حائض كقولهم غلام ربعة ويفعة على تأويل نفس وسلعة. وإنما يكون
ذلك في الصفة الثابتة، فأما الحادثة فلا بد لها من علامة التأنيث، تقول حائضة
وطالقة الآن أو غدا. ومذهب الكوفيين يبطله جري الضامر على الناقة والجمل، والعاشق على
المرأة والرجل.
إستواء المذكر والمؤنث في بعض الأبنية ويستوي المذكر
والمؤنث في فعول ومفعال ومفعيل وفعيل بمعنى مفعول ما جرى على الاسم. تقول هذه المرأة
قتيل بني فلان ومررت
بقتيلهم. وقد يشبه به ما هو بمعنى فاعل، قال الله تعالى:
" إن رحمة الله قريب من المحسنين " وقالوا: ملحقة جديد.
تأنيث الجمع وتأنيث الجمع ليس بحقيقي، ولذلك اتسع فيما
اسند إليه إلحاق العلامة وتركها كما تقول فعل الرجال والمسلمات ومضى الأيام وفعلت
ومضت. وأما ضميره فتقول في الاسناد إليه الرجال فعلت وفعلوا، والمسلمات فعلت
وفعلن. وكذلك الأيام قال وإذا العذارى بالدخان تقنعت ... واستعجلت نصب القدور فملت
وعن أبي عثمان المازني: العرب تقول الأجذاع انكسرت لأدنى
العدد والجذوع انكسرت، ويقال لخمس خلون ولخمس عشرة خلت، وما ذاك بضربة لازب.
ونحو النخل والتمر مما بينه وبين واحده التاء يذكر ويؤنث
قال الله تعالى: " كأنهم أعجاز نخل خاوية " وقال: " منقعر " .
ومؤنث هذا الباب لا يكون له مذكر من لفظه لالتباس الواحد بالجمع. وقال يونس فإذا
أرادوا ذلك قالوا: هذه شاة ذكر وحمامة ذكر.
ألف التأنيث المقصورة والأبنية التي تلحقها ألف التأنيث
المقصورة على ضربين: مختصة بها ومشتركة. فمن المختصة فُعلى وهي تجيء على ضربين:
إسماً وصفة. فالأسم على ضربين غير مصدر كالبهمى والحمى والرؤيا وحزوى، ومصدر كالبشرى والرجعى.
والصفة نحو حبلى وخنثى وربى، ومنها فعلى وهي على ضربين: اسم كأجلى ودفرى وبردى،
وصفة كجمزى وبشكى ومرطى، ومنها فعلى كشعبى وأربى. ومن المشتركة فعلى. فالتي ألفها
للتأنيث أربعة أضرب: إسم عين كسلمى ورضوى وعوى، واسم معنى كالدعوى والرعوى والنجوى
واللومى، ووصف مفرد كالظمأى والعطشى والسكرى، وجمع كالجرحى والأسرى، والتي ألفها
للألحاق نحو أرطى وعلقى لقولهم أرطاة وعلقاة، ومنها فعلى. فالتي ألفها للتأنيث
ضربان: اسم عين مفرد كالشيزى والدفلى والذفرى فيمن لم يصرف، وجمع كالحجلى والظربى
في جمع الحجل والظربان، ومصدر كالذكرى. والتي للألحاق ضربان: اسم كمعزى وذفرى فيمن
صرف، وصفة كقولهم رجل كيصى وهو الذي يأكل وحده وعزهى عن ثعلب وسيبويه لم يثبته صفة
إلا مع التاء نحو عزهاة.
ألف التأنيث الممدة والأبنية التي تلحقها ممدودة فعلاء،
وهي على ضربين: اسم وصفة. فالأسم على ثلاثة أضرب: اسم عين مفرد كالصحراء والبيداء،
وجمع كالقصباء والطرفاء والحلفاء والأشياء، ومصدر كالسراء والضراء والنعماء
والبأساء. والصفة على ضربين: ما هو تأنيث أفعل، وما ليس كذلك. فالأول نحو سوداء
وبيضاء. والثاني نحو امرأة حسناء وديمة هطلاء وحلة شوكاء والعرب العرباء، ونحو
رحضاء ونفساء وسيراء وسابياء وعاشوراء
وبراكاء وعقرباء وبروكاء وخنفساء وأصدقاء وكرماء وزمكاء. وأما فِعْلاء
وفُعْلاء كعلباء وحرباء وسيساء وحواء ومزاء وقوباء فألفها للإلحاق.
الاسم المصغر
كيفية التصغير الأسم المتمكن إذا صغر ضم صدره وفتح ثانية
والحق ياء ساكنة ثالثة، ولم يتجاوز ثلاثة أمثلة فعيل وفعيعل وفعيعيل، كفليس ودريهم
ودنينير. وما خالفهن فلعلة، وذلك ثلاثة أشياء: محقر أفعال كأجيمال، وما في آخره
ألف تأنيث كحبيلى وحميراء، أو ألف ونون مضارعتان ككسيران. ولا يصغر إلا الثلاثي
والرباعي. وأما الخماسي فتصغيره مستكره كتكسيره لسقوط خامسه، فإن صغر قيل في فرزدق
فريزد، وفي جحمرش جحيمر، ومنهم من يقول فريزق وجحيرش، بحذف الميم لأنها من
الزوائد، والدال لشبهها بما هو منها وهو التاء. والأول الوجه، قال سيبويه لأنه لا يزال
في سهولة حتى يبلغ الخامس، ثم يرتدع، فإنما حذف الذي ارتدع عنده، وقال الأخفش سمعت
من يقول: سفيرجل متحركاً والتصغير والتكسير من واد واحد.
في التصغير ترد أسماء إلى أصلها وأسماء لا ترد وكل اسم
على حرفين فإن التحقير يرده إلى أصله حتى يصير إلى مثال فعيل. وهو على ثلاثة أضرب:
ما حذف فاؤه أو عينه أو لامه، تقول في عدة وشية وكل وخذ إسمين: وعيدة ووشية وأكيل واخيذ،
وفي مذ وسل
اسمين وسه: منيذ وسؤيل وستيهة، وفي دم وشفة وحر وفل وفم:
دمي وشفيهة وحريح وفلين وفويه.
وما بقي منه بعد الحذف ما يكون به على مثال المحقر لم
يرد إلى أصله. كقولهم في ميت وهار وناس: مييت وهوير ونويس. ولو رد لقيل مييت
وهويئر وأنيس.
وتقول في اسم وابن: سمي وبني، فترد اللام الذاهبة،
وتستغني بتحريك الفاء عن الهمزة. وفي أخت وبنت وهنة: أخية وبنية وهنية، ترد اللام وتؤنث
وتذهب بالتاء اللاحقة.
والبدل غير اللازم يرد إلى أصله كما يرد في التكسير،
تقول في ميزان مويزين، وفي معتد ومتسر مويعد ومييسر، وفي قيل وباب وناب قويل وبويب
ونويب. وأما البدل اللازم فلا يرد إلى أصله، تقول في قائل قويئل، وفي تخمة تخيمة،
وكذلكم تاء تراث وهمزة أدد، وتقول في عيد عييد لقولك أعياد.
تصغير الأسماء التي فيها واو ثالثة والواو إذا وقعت ثالثة
وسطاً كواو أسود وجدول، فأجود الوجهين أسيد وجديل، ومنهم من يظهر فيقول أسيود
وجديول.
تصغير الأسماء التي لامها واو وكل واو وقعت لاماً صحت أو
علت فإنها تنقلب ياء، كقولك عرية ورضيا وعشياء وعصية في عروة ورضوى وعشواء وعصا.
تصغير الأسماء التي تجتمع فيها ثلاث ياءات وإذا اجتمع مع
ياء التصغير ياءان حذفت الأخيرة وصار المصغر على مثال فعيل، كقولك في عطاء وإداوة
وغاوية ومعاوية وأحوري: عطي وأدية وغوية ومعية وأحي غير منصرف. وكان عيسى بن عمر
يصرفه، وكان أبو
عمرو يقول أحي ومن قال أسيود قال أحيو.
مصير تاء التأنيث في التصغير وتاء التأنيث لا تخلو من أن
تكون ظاهرة أو مقدرة. فالظاهرة ثابتة أبداً. والمقدرة تثبت في كل ثلاثي إلا ما شذ من
نحو عريس وعريب. ولا تثبت في الرباعي إلا ما شذ من نحو قديديمة ووريئة. وأما الألف
فهي إذا كانت مقصورة رابعة تثبت نحو حبيلى، وسقطت خامسة فصاعداً كقولك جحيجب
وقريقر وحويل في جحجبى وقرقرى وحولايا.
مصير الزوائد عند التصغير وكل زائدة كانت مدة في موضع
ياء فعيعيل وجب تقريرها وإبدالها ياء إن لم تكنها، وذلك نحو مصيبيح وكريديس
وقنيديل في مصباح وكردوس وقنديل. وإن كانت في اسم ثلاثي زائدتان ليس إحداهما إياها
أبقيت أذهبهما في الفائدة وحذفت أختها، فتقول في منطلق ومغتلم ومضارب ومقدم ومحمر
ومهوم مطيلق ومغيلم ومضيرب ومقيدم ومهيم ومحيمر، وإن تساوتا كنت مخيراً، فتقول في
قلنسوة وحبنطي قلينسة أو قليسية وحبينط أو حبيط، وإن كن ثلاثاً والفضل لإحداهن حذفت
أختاها فتقول في مقعنسس مقيعس. وأما الرباعي فتحذف منه كل زائدة ما خلا المدة
الموصوفة، تقول في عنكبوت عنيكب وفي مقشعر قشيعر وفي إحرنجام حريجيم.
ويجوز التعويض وتركه فيما يحذف منه هذه الزوائد.
والتعويض أن يكون على مثال فعيعل، فيصار بزيادة الياء إلى فعيعيل، وذلك قولك في
مغيلم مغيليم وفي مقيدم مقيديم وفي عنيكب عنيكيب. وكذلك البواقي. فإن كان المثال في
نفسه على فعيعيل لم يكن التعويض.
تصغير جمع القلة والكثرة وجمع القلة يحقر على بنائه
كقولك في أكلب وأجربة وأجمال وولدة
أكيلب واجيربة واجيمال ووليدة. وأما جمع الكثرة فله
مذهبان: أحدهما أن يرد إلى واحده فيصغر عليه ثم يجمع على ما يستوجبه من الواو
والنون أو الألف والتاء، أو إلى بناء جمع قلته إن وجد له وذلك قولك في فتيان فتيون
أو فتية، وفي أذلاء ذليلون أو أذيلة، وفي غلمان غليمون أو غليمة، وفي دور دويرات
أو أدير، وتقول في شعراء شويعرون، وفي شسوع شسيعات. وحكم أسماء الجموع حكم الآحاد،
تقول قويم ورهيط ونفير وأبيلة وغنيمة.
تصغير على غير واحدة ومن المصغرات ما جاء على غير واحدة
كانيسيان ورويجل، وآتيك مغيربان الشمس وعشيان وعشيشية، ومنه قولهم أغيلمة وأصيبية
في غلمة وصبية.
وقد يحقر الشيء لدنوه من الشيء وليس مثله كقولك هو أصيغر
منكم إنما أردت أن تقلل الذي بينهما وهو دوين ذلك، وفويق هذا، ومنه أسيد أي لم
يبلغ السواد، وتقول العرب أخذت منه مثيل هاذياً ومثيل هاتياً.
تصغير الغعل و
تصغير الفعل ليس بقياس. وقولهم ما أميلحه قال الخليل
إنما يعنون تصفه بالملح، كأنك قلت زيد مليح شبهوه بالشي الذي تلفظ به وأنت تعني به
شيئاً آخر، كقولك بنو فلان يطأهم الطريق وصيد عليه يومان.
أسماء جاءت مصغرة من الأسماء ما جرى في الكلام مصغراً
وترك تكبيره لأنه عندهم مستصغر، وذلك نحو جميل وكعيت وكميت، وقالوا جملان وكعتان
وكمت، فجاؤا بالجمع على المكبر كأنه جمع جمل وكعت وأكمت.
تصغير الأسماء المركبة والأسماء المركبة يحقر الصدر منها
فيقال بعيلبك وحضيرموت وخميسة
عشر وثنيا عشر.
تصغير الترخيم وتحقير الترخيم أن تحذف كل شيء زيد في
بنات الثلاثة والأربعة حتى تصير الكلمة على حروفها الأصول ثم تصغرها كقولك في حارث
حريث وفي أسود سويد وفي خفيدد خفيد وفي مقعنس قعيس وفي قرطاس قريطس.
أسماء لا تصغر ومن الأسماء ما لا يصغر كالضمائر وأين
ومتى وحيث وعند ومع وغير وحسبك ومن وما وأمس وغدا وأول من أمس والبارحة وأيام
الأسبوع والأسم الذي بمنزلة الفعل لا تقول هو ضويرب زيدا.
تصغير الأسماء المبهمة والأسماء المبهمة خولف بتحقيرها
تحقير ما سواها بأن تركت أوائلها غير مضمومة، وألحقت بأواخرها ألفات. فقالوا في ذا
وتا ذيا وتيا وفي أولى أولاء ألياء وألياء، وفي الذي والتي اللذيا واللتيا وفي
الذين واللاتي اللذيون واللتيات.
الباب الثامن
الاسم المنسوب
تعريفه هو الأسم الملحق بآخره ياء مشددة مكسور ما قبلها
علامة للنسبة إليه، كما ألحقت التاء علامة للتأنيث، وذلك نحو قولك هاشمي وبصري.
كما انقسم التأنيث إلى حقيقي وغير حقيقي، فكذلك النسب. فالحقيقي ما كان مؤثراً في
المعنى. وغير الحقيقي ما تعلق باللفظ فحسب، نحو كرسي وبردي. وكما جاءت التاء فارقة
بين الجنس وواحده، فكذلك الياء نحو رومي وروم ومجوسي ومجوس. والنسبة مما طرق على
الأسم لتغييرات شتى لانتقاله بها من معنى إلى معنى وحال إلى حال. والتغييرات على
ضربين: جارية على القياس المطرد في كلامهم، ومعدولة عن ذلك.
النسبة القياسية فمن الجارية على قياس كلامهم حذفهم
التاء ونوني التثنية والجمع، كقولهم بصري وهندي وزيدي في البصرة والهندان وزيدون
اسمين، ومن ذلك قنسري ونصيبي ويبري فيمن جعل الأعراب قبل النون، ومن جعله معتقب
الأعراب قال قنسريني. وقد جاء مثل ذلك في التثنية قالوا خليلاني وجاءني خليلان اسم
رجل وعلى هذا قوله:
ألا يا ديار الحي بالسبعان
وتقول في نمر وشقر والدئل ونحوها مما كسرت عينه نمري
وشقري ودؤلي بالفتح قياس متلئب، ومنهم من يقول يثربي وتغلبي فيفتح. والشائع فيه
الكسر.
وقد تحذف الياء والواو من كل فعيلة وفعولة، فيقال فيهما
فعلي نحو قولك حنفي وشناءي، إلا ما كان مضاعفاً أو معتل العين نحو شديدة وطويلة،
فإنك تقول فيهما شديدي وطويلي. ومن كل فعيلة فيقال فيها فعلي نحو جهني وغفلي.
حذف الياء المتحركة من المثال وتحذف الياء المتحركة من
كل مثال قبل آخره ياءان مدغمة إحداهما في الأخرى نحو قولك في أيد وحمير وسيد وميت
أسيدي وحميري وسيدي وميتي. قال سيبويه ولا أظنهم قالوا طائي إلا فراراً من طيئى،
وكان القياس طيئي ولكنهم جعلوا الألف مكان الياء، وأما مهيم تصغير المهموم فلا
يقال فيه إلا امهيمي على التعويض، والقياس في مهيم من هيمه مهيمي بالحذف.
النسبة إلى المعتل اللام وتقول في فعيل وفعيلة وفعيل
وفعيلة من المعتل اللام فعلي وفعلي كقولك غنوي وضروي وقسوي وأموي وقال بعضهم أمي.
وقالوا في تحية تحوي، وفي فعول فعولي. كقولك في عدو عدوي. وفرق سيبويه بينه وبين
فعولة فقال في عدوة عدوي، كما قالوا في شنوءة شنائي. ولم يفرق المبرد وقال فيهما
فعولي.
النسبة إلى المنتهي بألف والألف في الآخر لا يخلو من أن
تقع ثالثة، أو رابعة منقلبة أو زائدة، أو خامسة فصاعداً. والثالثة والرابعة
المنقلبة تقلبان واواً كقولك عصوي ورحوي وملهوي ومرموي وأعشوي. وفي الزائدة ثلاثة
أوجه الحذف وهو أحسنها كقولك حبلي ودنيي. والقلب نحو حبلوي ودنيوي، وإن يفصل بين الواو
والياء بألف كقولك حبلاوي ودنياوي. وليس فيما وراء ذلك إلا الحذف كقولك مرامي
وحباري وقبثري وجمزي في حكم حباري.
النسبة إلى المنتهي بياء قبلها مكسور والياء المسكورة ما
قبلها في الآخر لا تخلو من أن تكون ثالثة أو رابعة أو خامسة فصاعداً. فالثالثة
تقلب واواً كقولك عموي وشجوي. وفي الرابعة وجهان: الحذف وهو أحسنهما، والقلب كقولك قاضي
وحاني وقاضوي وحانوي، قال وكيف لنا بالشرب إن لم تكن لنا ... دراهم عند الحانوي
ولا نقد
وليس فيما وراء ذلك إلا الحذف كقولك مشتري ومستسقي.
وقالوا في محي محوي ومحيي، كقولهم أموي وأميي.
النسبة إلى المنتهي بتاء بعد واو أو ياء وتقول في غزو
وظبي غزوي وظبيي. واختلفوا فيما لحقته التاء من ذلك. فعند الخليل وسيبويه لا فضل.
وقال يونس في ظبية ودمية وقنية ظبوي ودموي وقنوي، وكذلك بنات الواو كغزوة وعروة
ورشوة. وكان الخليل يعذره في بنات الياء دون بنات الواو. وعلى مذهب يونس جاء قولهم
قروي وزنوي في قري وبني زنية، وتقول في طي ولية طووي ولووي، وفي حية حيوي، وفي دو
وكوة دوي وكوي.
وتقول في مرمى مرمِي تشبيها بقولهم في تميمي وهجري
وشافعي تميمي وهجري وشافعي. ومنهم من قال مرموي. وفي بخاتي اسم رجل بخاتي.
النسبة إلى المنتهى بألف ممدودة ومما في آخره ألف ممدودة
إن كان منصرفاً ككساء ورداء وعلباء وحرباء قيل كسائي وعلبائي، والقلب جائز، كقولك
كساوي. وإن لم ينصرف فالقلب كحمراوي وخنفساوي ومعيوراوي وزكرياوي.
وتقول في سقاية وعظاية سقائي وعظائي، وفي شقاوة شقاوي،
وفي راية رأيي وراوي، وكذلك في آية وثاية ونحوهما.
النسبة إلى ما هو على حرفين وما كان على حرفين فعلى
ثلاثة أضرب: ما يرد ساقطه، وما لا يرد،
وما يسوغ فيه الأمران. فالأول نحو أبوي وأخوي وضعوي ومنه
ستهي في أست. والثاني نحو عدي وزني وكذا الباب إلا ما اعتل لامه نحو شية فإنك تقول
فيه وشوي، وقال أبو الحسن وشيي على الأصل، وعن ناس من العرب عدوي ومنه سهي في سه. والثالث نحو غدي
وغدوي ودمي ودموي ويدي ويدوي وحري وحرحي، وأبو الحسن يسكن ما أصله السكون، فيقول
وغدوي ويدي ومنه ابني وبنوي واسمي وسموي، بتحريك الميم وقياس قول الأخفش إسكانها.
وتقول في بنت وأخت بنوي وأخوي عند الخليل وسيبويه، وعند
يونس بنتي وأختي. وتقول في كلتا كلتي وكلتوي على المذهبين.
النسبة إلى الأسماء المركبة وينسب إلى الصدر من المركبة
فتقول معدي وحضري وخمسي في خمسة عشر اسماً، وكذلك إثني أو ثنوي في إثني عشر إسماً،
ولا ينسب إليه وهو عدد، ومنه نحو تأبط شراً وبرق نحره تقول تأبطي وبرقي.
النسبة إلى المضاف والمضاف على ضربين مضاف إلى اسم معروف
يتناول مسمى على حياله كابن الزبير وابن كراع ومنه الكنى كأبي مسلم وأبي بكر،
ومضاف إلى ما لا ينفصل في المعنى عن الاول كامرئ القيس وعبد القيس. فالنسب إلى
الضرب الأول زبيري وكراعي ومسلمي وبكري. وإلى الثاني عبدي ومرئي قال ذو الرمة
ويذهب بينها المرئي لغواً
وقد يصاغ منهما اسم فينسب إليه كعبدري وعبقسي وعبشمي.
النسبة إلى الجمع وإذا نسب إلى الجمع رد إلى الواحد
كقولك مسمعي ومهلبي وفرضي وصحفي. وأما الأنصاري والأنباري والأعرابي فلجريها مجرى
القبائل كأنماري وضبابي وكلابي، ومنه المعافري والمدائني.
النسبة غير القياسية ومن المعدولة عن القياس قولهم بدوي
وبصري وعلوي وطائي وسهلي ودهري وأموي وثقفي وبحراني وصنعاني وقرشي وهذلي قال
هذيلية تدعو إذا هي فاخرت ... أباً هذلياً من غطارفة نجد
وفقمي وملحمي وزباني وعبدي وجذمي، في فقيم كنانة، ومليح
خزاعة، وزبينة وبني عبيدة، وجذيمة. وخراسي وخرسي ونتاج خرفي وجلولي وحروري في
جلولاء وحروراء. وبهراني وروحاني في بهاء وروحاء. وخريبي في خريبة. وسليمي وعميري
في سليمة من الأزد وفي عميرة كلب. وسيلقي لرجل يكون من أهل السليقة.
وقد يبنى على فعال وفاعل ما فيه معنى النسب من غير الحاق
الياءين كقولك بتات وعواج وثواب وجمال ولابن وتامر ودارع ونابل. والفرق بينهما أن
فعالاً لذي صنعة يزاولها ويديمها، وعليه أسماء المحترفين. وفاعل لمن يلابس الشيء في الجملة. وقال
الخليل إنما قالوا عيشة راضية أي ذات رضى، ورجل طاعم كاس على قياس ذا.
الباب التاسع
الاسم العدد
تعريفهما هذه الأسماء أصولها إثنتا عشرة كلمة وهي الواحد
والاثنان إلى العشرة، والمائة إلى الألف، وما عداها من أسامي العدد فمتشعب منها.
وعامتها تشفع بأسماء المعدودات لتدل على الأجناس ومقاديرها كقولك ثلاثة أبواب،
وعشرة دراهم، وأحد عشر ديناراً، وعشرون رجلاً، ومائة درهم، وألف ثوب، ما خلا الواحد
والأثنين فإنك لا تقول فيهما واحد رجال ولا إثنا دراهم بل تلفظ بأسم الجنس مفرداً
وبه مثنى كقولك رجل ورجلان، فتحصل لك الدلالتان معاً بلفظة واحدة. وقد عمل على
القياس المرفوض من قال ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل
تذكير العدد وتأنيثه دون العشرة وقد سلك سبيل قياس
التذكير والتأنيث في الواحد والأثنين فقيل واحدة واثنتان أو ثنتان. وخولف عنه في
الثلاثة إلى العشرة فألحقت التاء بالمذكر
وطرحت عن المؤنث، فقيل ثمانية رجال وثماني نسوة وعشرة
رجال وعشر نسوة.
مميز العدد والمميز على ضربين: مجرور ومنصوب. فالمجرور
على ضربين: مفرد ومجموع. فالمفرد مميز المائة والألف، والمجموع مميز الثلاثة إلى
العشرة. والمنصوب مميز أحد عشر إلى تسعة وتسعين. ولا يكون إلا مفرداً.
ومما شذ عن ذلك قولهم ثلاثمائة إلى تسعمائة، اجتزؤوا
بلفظ الواحد عن الجمع كقوله كلوا في بعض بطنكم تعفوا ... فإن زمانكم زمن خميص
وقد رجع إلى القياس من قال ثلاث مئين للملوك وفي بها ...
ردائي وجلت عن وجوه الأهاتم
وقد قالوا ثلاثة أثواباً. وأنشد صاحب الكتاب إذا عاش
الفتى مأتين عاماً ... فقد ذهب اللذاذة والفتاء
وقوله عز من قائل: " ثلثمائة سنين " على
البدل، وكذلك قوله عز وجل:
" إثنتي عشرة أسباطاً " . قال أبو إسحاق: ولو
انتصب سنين على التمييز لوجب أن يكونوا قد لبثوا تسعمائة سنة.
وحق مميز العشرة فما دونها أن يكون جمع قلة ليطابق عدد
القلة، تقول ثلاثة أفلس، وخمسة أثواب، وثمانية أجربة، وعشرة غلمة. إلا عند إعواز
جمع القلة كقولهم ثلاثة شسوع، لفقد السماع في أشسع وأشساع. وقد روي عن الأخفش أنه
أثبت أشسعاً. وقد يستعار جمع الكثرة في موضع جمع القلة كقوله عز وعلا: "
ثلاثة قروء " .
بناء الأعداد المركبة وأحد عشر إلى تسعة عشر مبني، إلا
اثني عشر؛ وحكم آخر شطريه حكم نون التثنية، ولذلك لا يضاف إضافة أخواته فلا يقال
هذه اثنا عشرك كما قيل هذه أحد عشرك.
تذكير الأعداد المركبة وتأنيثها وتقول في تأنيث هذه
المركبات إحدى عشرة، واثنا عشرة، أو ثنتا عشرة، وثلاث عشرة، وثماني عشرة، تثبت
علامة التأنيث في أحد الشطرين لتنزلهما منزلة شيء واحد، وتعرب الثنتين كما أعربت
الأثنتين وشين العشرة، يسكنها أهل الحجاز ويكسرها بنو تميم وأكثر العرب على فتح
الياء في ثماني عشرة، ومنهم من يسكنها.
ما لحق بآخره الواو والنون نحو العشرين والثلاثين يستوي
فيه المذكر والمؤنث وذلك على سبيل التغليب كقوله دعتني أخاها بعد ما كان بيننا ...
من الأمر ما لا يفعل الأخوان
إعراب الأعداد المعدودة والعدد موضوع على الوقف، تقول
واحد اثنان ثلاثة، لأن المعاني
الموجبة للأعراب مفقودة. وكذلك أسماء حروف التهجي وما
شاكل، ذلك إذا عددت تعديداً. فإذا قلت هذا واحد ورأيت ثلاثة فالإعراب كما تقول هذه كاف،
وكتبت جيماً.
والهمزة في أحد واحدى منقلبة عن واو. ولا يستعمل أحد
وإحدى في الأعداد إلا في المنيفة.
تعريف الأعداد وتكبيرها وتقول في تعريف الأعداد ثلاثة
الأثواب، وعشرة الغلمة، وأربع الأدور وعشر الجواري، والأحد عشر درهماً، والتسعة
عشر ديناراً، والأحدى عشرة والأحد والعشرون ومائة الدرهم، ومائتا الدينار،
وثلاثمائة الدارهم، وألف الرجل؛ وروى الكسائي الخمسة الأثواب. وعن أبي يزيد أن
قوماً من العرب يقولونه غير فصحاء.
وتقول الأول والثاني والثالث، والأولى والثانية والثالثة
إلى العاشر والعاشرة والحادي عشر والثاني عشر، بفتح الياء وسكونها، والحادية عشرة
والثانية عشرة والحادي قلب الواحد والثالث عشر إلى التاسع عشر، تبني الأسمين على
الفتح كما بنيتهما في أحد عشر.
وإذا أضفت إسم الفاعل المشتق من العدد لم يخل من ان
تضيفه إلى ما هو منه كقوله تعالى: " ثاني اثنين " وثالث ثلاثة، أو إلى
ما هو دونه كقوله عز وجل:
" ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم " ،
وقوله سادسهم وثامنهم، فهو في الأول بمعنى واحد من الجماعة المضاف هو إليها، وفي
الثاني بمعنى جاعلها على العدد الذي هو منه. وهو من قولهم ربعتهم وخمستهم. فإذا
جاوزت العشرة لم يكن إلا الوجه الأول، تقول هو حادي إحدى عشر، وثاني إثني عشر،
وثالث ثلاثة عشر إلى تاسع تسعة عشر. ومنهم من يقول حادي عشر أحد عشر وثالث عشر
ثلاثة عشر.
الباب العاشر
الاسم المقصور والممدود
تعريفهما والفرق بينهما المقصود ما في أخره ألف نحو
العصا والرحا. والممدود ما في آخره همزة قبلها ألف كالرداء والكساء. وكلاهما منه
ما طريق معرفته القياس، ومنه ما لا يعرف إلا بالسماع. فالقياسي طريق معرفته أن
ينظر إلى نظيره من الصحيح: فإن انفتح ما قبل آخره فهو مقصور، وإن وقعت قبل آخره
ألف فهو ممدود.
فأسماء المفاعيل مما اعتل آخره من الثلاثي المزيد فيه،
والرباعي نحو معطى ومشترى ومستلقى مقصورات، لكون نظائرهن مفتوحات ما قبل الأواخر كمخرج
ومشترك ومدحرج، ومن ذلك نحو مغزى وملهى كقولك مخرج ومدخل، ونحو العشا والصدى وطوى،
لأن نظائرها الحول والفرق والعطش، والغراء في مصدر غري فهو غر شاذ، هكذا أثبته
سيبويه، وعن الفراء مثله، والأصمعي يقصره. ومن ذلكم جمع فعلة وفعلة نحو عري وجزي
في عروة وجزية.
والأعطاء والرماء والاشتراء والاحبنطاء وما شاكلهن من
المصادر ممدودات لوقوع الألف قبل الأواخر في نظائرهن الصحاح كقولك الأكرم
والطلاب والإفتتاح والإحرنجام، وكذلك العواء والثغاء
والدعاء والرغاء وما كان صوتاً كقولك النباح والصراخ والصياح. وقال الخليل مدوا
البكاء على ذا، والذين قصروه جعلوه كالحزن والعلاج كالصوت نحو النزاء ونظيره
القماص. ومن ذلك ما جمع على أفعالة نحو قباء وأقبية وكساء وأكسية، كقولك قذال
وأقذلة وحمار وأحمرة وقوله في ليلة من جمادى ذات أندية
في الشذوذ كأنجدة في جمع نجد
وأما السماعي فنحو الرجى والرحا والخفاء والاباء وما
أشبه ذلك مما ايس فيه إلى القياس سبيل.
الأسماء المتصلة بالأفعال
هي ثمانية أسماء: المصدر. اسم الفاعل، اسم المفعول،
الصفة المشبهة، اسم التفضيل، وأسماء الزمان، والمكان، اسم الآلة.
الباب الحادي عشر
المصدر أهم أبنيته في الثلاثي المجرد
أبنيته في الثلاثي المجرد كثيرة مختلفة يرتقي ما ذكره
سيبويه منها إلى اثنين وثلاثين بناء. وهي فَعْل، فِعْل، فُعْل، فَعْلَة، فِعْلة،
فُعلة فَعْلى فِعْلِى، فُعْلي، فَعْلان، فِعْلان، فُعلان، فَعَلان، فَعَل فِعَل، فَعِل
فُعَل، فَعَلَة، فِعَلَة، فَعَال، فِعَال، فُعَال، فَعَول، فِعَالة، فُعُول،
فَعِيل، فُعُولة، مَفْعَل، مَفْعِل، مَفْعِل،ومَفْعَلْة، ومَفْعِلْةْ؛ وذلك نحو:
قتل وفسق وشغل ورحمة ونشدة وكدرة ودعوة وذكرى وبشرى وليان وحرمان وغفران ونزوان
وطلب وخنق وصغر وهدى وغلبة وسرقة وذهاب وصراف وسؤال وزهادة ودراية ودخول وقبول
ووجيف وصهوبة ومدخل ومرجع ومسعاة ومحمدة.
أبنيته في الثلاثي المزيد والرباعي وتجري في أكثر
الثلاثي المزيد فيه والرباعي على سنن واحد. وذلك قولك في أفعل أفعال، وفي أفتعل
افتعال، وفي انفعل انفعال، وفي استفعل استفعال، وفي افعل وافعال إفعلان وافعيلال،
وفي افعول افعوال، وفي افعوعل افعيعال، وفي افعنلل افعنلال، وفي تفاعل تفاعل، وفي إفعلل
افعلال. وقالوا في فعل تفعيل وتفعلة، وعن ناس من العرب فعال. وقالوا
كلمته كلاماً، وفي التنزيل: " وكذبوا بآياتنا كذابا
" . وفي فاعل مفاعلة وفعال، ومن قال كلام قال قيتال. وقال سيبويه في فعال
كأنهم حذفوا الياء التي جاء بها أولئك في قيتال ونحوها. وقد قالوا ماريته مراء
وقاتلته قتالا. وفي تفعل تفعل وتفعال فيمن قال كلام. قالوا تحملته تحمالاً. وقال
ثلاثة أحباب فحب علاقة ... وحب تملاق وحب هو القتل
وفي فعلل فعللة وفعلال. قال رؤبة أيما سرهاف
وقالوا في المضاعف قلقال وزلزال بالكسر والفتح، وفي
تفعلل تفعلُل.
مصادر على وزن أسمي الفاعل والمفعول وقد يرد المصدر على
وزن أسمي الفاعل والمفعول، كقولك قمت قائماً، وقوله ولا خارجاً من في زور كلام
وقوله كفى بالنأي من أسماء كاف
ومنه الفاضلة والعافية والكافية والدالة والميسور
والمعسور والمرفوع والموضوع والمعقول والمجلود والمفتون في قوله تعالى: "
بأيكم المفتون " . ومنه المكروهة والمصدوقة والمأوية. ولم يثبت سيبويه الوارد على
وزن مفعول والمصبح والممسي والمجرب والمقاتل والمتحامل والمدحرج. قال الحمد لله ممسانا
ومصبحنا ... بالخير صبحنا ربي ومسانا
وقال: وعلم بيان المرء عند المجرب وقال: فإن المندى رحلة
فركوب وقال: إن الموقى مثلما وقيت
وقال: أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلا وما فيه متحامل وقال:
كأن صوت الصنج في مصلصله
مصادر على وزن تفعال والتفال كالتهدار والتلعاب والترداد
والتجوال والتقتال والتسيار، بمعنى الهدر واللعب والرد والجولان والقتل والسير،
مما بني لتكثير الفعل والمبالغة فيه.
مصادر على وزن فعيلي والفعيلي كذلك، تقول كان بينهم رميا
وهي الترامي الكثير، والحجيزي والحثيثي كثيرة الحجز والحث، والدليلي كثرة العلم
بالدلالة والرسوخ فيها، القتيتي كثرة النميمة.
اسم المرة وبناء المرة من المجرد على فعلة تقول قمت قومة
وشربت شربة. وقد جاء على المصدر المستعمل في قولهم أتيته إتيانة، ولقيته لقاءة.
وهو مما عداه على المصدر المستعمل كالإعطاءة. والانطلاقة والابتسامة والترويحة
والتقلبة والتغافلة. وأما ما في آخره تاء فلا يتجاوز به المستعمل بعينه تقول
قاتلته مقاتلة واحدة، وكذلك الاستعانة والدحرجة.
اسم النوع وتقول في الضرب من الفعل هو حسن الطعمة
والركبة والجلسة والقعدة، وقتلته قتلة سوء، وبئست الميتة، والعذرة والضرب من
الاعتذار.
المصادر مما اعتلت عينه أو لامه وقالوا فيما اعتلت عينه
من أفعل واعتلت لامه من فعل اجازة وإطاقة وتعزية وتسلية، معوضين التاء من العين
واللام الساقطتين. ويجوز ترك التعويض في أفعل دون فعل قال الله تعالى: "
وإقام الصلاة " وتقول أريته إراء، ولا تقول تسليا ولا تعزيا. وقد جاء التفعيل
فيه في الشعر، قال فهي تنزي دلوها تنزياً ... كما تنزي شهلة صبيا
عمل المصدر وي
عمل المصدر أعمال الفعل مفرداً، كقولك عجبت من ضرب زيد
عمراً، ومن ضرب عمراً زيد، ومضافاً إلى الفاعل أو إلى المفعول كقولك أعجبني ضرب
الأمير اللص، ودق القصار الثوب، وضرب اللص الأمير، ودق الثوب القصار. ويجوز ترك
ذكر الفاعل والمفعول في الإفراد والإضافة كقولك عجبت من ضرب زيداً، ونحو قوله
تعالى: " أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً " ومن ضرب عمرو ومن ضرب زيد
أي من ضرب زيد أو ضرب. ونحوه قوله تعالى: " وهم من بعد غلبهم سيغلبون "
. ومعرفاً باللام كقوله ضعيف النكاية أعداءه ... يخال الفرار يراخي الأجل
وقوله كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا
وبيت الكتاب قد كنت داينت بها حساناً ... مخافة الأفلاس
والليانا
إنما نصب فيه المعطوف عليه لأنه مفعول، كما حمل لبيد
الصفة على محل الموصوف في قوله طلب المعقب حقه المظلوم
أي كما يطلب المعقب المظلوم حقه.
ويعمل ماضياً كان أو مستقبلاً. تقول أعجبني ضرب زيد أمس،
وأريد إكرام عمرو أخاه غداً.
ولا يتقدم عليه معموله قلا يقال زيداً ضربك خير له، كما
لا يقال زيداً إن تضرب خير له.
الباب الثاني عشر
اسم الفاعل
يعمل عمل الفعل هو ما يجري على يفعل من فعله كضارب،
ومكرم، ومنطلق، ومستخرج، ومدحرج. ويعمل عمل الفعل في التقديم والتأخير والإظهار
والإضمار، كقولك زيد ضارب غلامه عمراً، وهو عمراً مكرم، وهو ضارب زيد وعمراً، أي
وضارب عمراً. قال سيبويه وأجروا اسم الفاعل إذا أرادوا أن يبالغوا في الأمر مجراه إذا كان
على بناء فاعل، يريد نحو شراب وضروب ومنحار وأنشد للقلاخ أخا الحرب لباساً إليها
جلالها ... وليس بولاج الخوالف أعقلا
ولأبي طالب ضروب بنصل السيف سوق سمانها
وحكي عن بعض العرب إنه لمنحار بوائكها وأما العسل فأنا
شراب وأنشد كريم رؤوس الدارعين ضروب
وجوز هذا ضروب رؤوس الرجال وسوق الإبل.
جمعه ومثناه كمفرده في العمل وما ثني من ذلك وجمع مصححاً
أو مكسراً يعمل عمل المفرد كقولك: هما ضاربان زيداً، وهم ضاربون عمراً، وهم قطان
مكة، وهن حواج بيت الله، وعواقد حبك النطاق. وقال العجاج أوالفاً مكة من ورق الحمي
وقال طرفة ثم زادوا أنهم في قومهم ... غفر ذنبهم غير فخر
وقال الكميت شم مهاوين أبدان الجزور مخا ... ميص العشيات
لا خور ولا قزم
يشترط في عمله أن يكون في معنى الحال أو الاستقبال
ويشترط في إعمال اسم الفاعل أن يكون في معنى الحال أو الاستقبال، فلا يقال: زيد
ضارب عمراً أمس، ولا وحشي قاتل حمزة يوم أحد، بل يستعمل ذلك على الإضافة إلا إذا
أريدت حكاية الحال الماضية كقوله عز اسمه: " وكلبهم باسط ذراعيه " ، أو
أدخلت عليه الألف واللام كقولك الضارب زيداً أمس.
يشترط في عمله الاعتماد ويشترط اعتماده على مبتدأ، أو
موصوف، أو ذي حال، أو حرف
استفهام، أو حرف نفي، كقولك: زيد منطلق غلامه، وهذا رجل
بارع أدبه، وجاءني زيد راكباً حماراً، وأقائم أخواك، وما ذاهب غلامك. فإن قلت بارع
أدبه من غير أن تعمده بشيء وزعمت أنك رفعت به الظاهر، كذبت بامتناع قائم أخواك.
الباب الثالث عشر
اسم المفعول هو الجاري على يفعل من فعله، نحو مضروب لأن
أصله مفعل، ومكرم ومنطلق به ومستخرج ومدحرج. ويعمل عمل الفعل تقول: زيد مضروب
غلامه؛ ومكرم جاره، ومستخرج متاعه، ومدحرج بيده الحجر. وأمره على نحو من أمر اسم
الفاعل في إعمال مثناه ومجموعه واشتراط الزمانين والإعتماد.
الباب الرابع عشر
الصفة المشبهة
تعريفها هي التي ليست من الصفات الجارية وإنما هي مشبهة
بها في أنها تذكر وتؤنث وتثنى وتجمع نحو كريم وحسن وصعب.
عملها وهي لذلك تعمل فعلها، فيقال: زيد كريم حسبه، وحسن
وجهه، وصعب جانبه.
وهي تدل على معنى ثابت فإن قصد الحدوث قيل هو حاسن الآن
أو غداً، وكارم وطائل، ومنه قوله عز وجل: " وضائق به صدرك " . وتضاف إلى
فاعلها كقولك: كريم الحسبن وحسن الوجه، وأسماء الفاعل والمفعول يجريان مجراها
في ذلك فيقال ضامر البطن، وجائلة الوشاح، ومعمور الدار، ومؤدب الخدام.
إعرابها وفي مسألة حسن وجهه سبعة أوجه: حسن وجهه، وحسن
الوجه، وحسن وجهاً قال أبو زيد:
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة ... مخطوطة جدلت شنباء أنيابا
وحسن الوجه قال النابغة ونأخذ بعده بذناب عيش ... أجب
الظهر ليس له سنام
وحسن وجه قال حميد: ... لاحق بطن بقراً سمين
وحسن وجهه قال الشماخ أقامت على ربعيهما حارتا صفاً ...
كميت الأعالي جونتاً مصطلاهما
وحسن وجههه قال كوم الذرا وادقة سراتها
الباب الخامس عشر
أفعل التفضيل
كيف يصاغ قياسه أن يصاغ من ثلاثي غير مزيد فيه ليس مما
ليس بلون ولا عيب. لا يقال في أجاب وانطلق ولا في سمر وعور هو أجوب منه وأطلق ولا
أسمر منه وأعور، ولكن يتوصل إلى التفضيل في نحو هذه الأفعال بأن يصاغ أفعل مما
يصاغ منه ثم يميز بمصادرها كقولك: هو أجود منه جواباً، وأسرع انطلاقاً، وأشد سمرة
وأقبح عوراً.
ما شذ منه ومما شذ من ذلك هو أعطاهم للدينار والدرهم،
وأولاهم للمعروف، وأنت أكرم لي من زيد أي أشد إكراماً، وهذا المكان أقفر من غيره
أي أشد إقفاراً، وهذا الكلام أخصر وفي أمثالهم أفلس من ابن المذلق، وأحمق من هبنقة.
وقد جاء أفعل منه وفعل له، قالوا: أحنك الشاتين وأحنك
البعيرين، وفي أمثالهم آبل من حنيف الحناتم.
والقياس أن يفضل على الفاعل دون المفعول وقد شذ نحو قولهم
أشغل من ذات النحيين، وأزهى من ديك، وهو أعذر منه وألوم وأشهر وأعرف وأنكر
وأرجى وأخوف وأهيب وأحمد، وأنا أسر بهذا منك، وقال
سيبويه وهم ببيانه أعنى.
حكمه عند مصاحبته من وتعتوره حالتان متضادتان: لزوم
التنكير عند مصاحبة من، ولزوم التعريف عند مفارقها. فلا يقال زيد الأفضل من عمرو
ولا زيد أفضل. وكذلك مؤنثه وتثنيتهما وجمعهما، لا يقال فضلى ولا أفضلان ولا
فضليان ولا أفاضل ولا فضليات ولا فضل، بل الواجب تعريف ذلك باللام أو بالإضافة،
كقولك الأفضل والفضلى وأفضل الرجال وفضلى النساء.
وما دام مصحوباً بمن استوى فيه الذكر والأنثى والإثنان
والجمع. فإذا عرف باللام أنت وثني وجمع، وإذا أضيف ساغ فيه الأمران. قال الله
تعالى: " أكابر مجرميها " وقال: " ولتجدنهم أحرص الناس على حياة
" وقال ذو الرمة ومية أحسن الثقلين جيداً ... وسالفة وأحسنه قذالا
ومما حذفت منه من وهي مقدرة قوله عز وجل: " يعلم
السر وأخفى " أي أخفي من السر وقول الشاعر:
يا ليتها كانت لأهلي إبلا ... أو هزلت في جدب عام أولا
أي أول من هذا العام وأول من أفعل الذي لا فعل له كآبل.
ومما يدل على أنه أفعل الأولى والأول ومما حذفت منه قولك الله أكبر وقول الفرزدق
إن الذي سمك السماء بني لنا ... بيتاً دعائمه أعز وأطول
حكم آخر ولآخر شأن ليس لأخوانه وهو أنه ألزم فيه حذف من
حال التنكير، تقول جاءني زيد ورجل آخر، ومررت به وبآخر. ولم يستو فيه ما استوى في
أخواته حيث قالوا مررت بآخرَين وآخرِين وأخرى وأخريين وأُخر وأخريات.
حكم دنيا وجلى وحسنى وسوءى وقد استعملت دنيا بغير ألف
ولام قال العجاج في سعي دنيا قد مدت
لأنها قد غلبت فاختلطت بالأسماء ونحوها جلى في قوله وإن
دعوت إلى جلى ومكرمة
وأما حسنى فيمن قرأ " وقولوا للناس حسنى "
وسوءى فيمن أنشد ولا يجزون من حسن بسوءى
فليستا بتأنيث أحسن وأسوأ بل هما مصدران كالرجعى
والبشرى. وقد خطيء ابن هانيء في قوله كأن صغرى وكبرى من فواقعها
وقول الأعشى ولست بالأكثر منهم حصى
ليست من فيه بالتي نحن بصددها هي نحو من في قولك أنت
منهم الفارس الشجاع أي من بينهم.
لا عمل له ولا يعمل عمل الفعل. لم يخبروا مررت برجل أفضل
منه أبوه، ولا خير منه أبوه، بل رفعوا أفضل وخيراً بالإبتداء وقوله وأضرب منا
بالسيوف القوانسا
العامل فيه مضمر وهو يضرب المدلول عليه بأضرب.
الباب السادس عشر
أسماء الزمان والمكان كيف يصاغان: من الثلاثي المجرد ما
بني منهما من الثلاثي المجرد على ضربين: مفتوح العين ومكسورها. فالأول بناؤه من كل
فعل كانت عين مضارعة مفتوحة كالمشرب والملبس والمذهبن، أو مضمومة كالمصدر والمقتل والمقام،
إلا أحد عشر إسماً وهي المنسك والمجزر والمنبت والمطلع والمشرق والمغرب والمفرق
والمسقط والمسكن والمرفق والمسجد.
والثابت بناؤه من كل فعل كانت عين مضارعة مكسورة كالمجلس
والمبيت والمصيف ومضرب الناقة ومنتجها، إلا ما كان منه معتل الفاء أو اللام، فإن
معتل الفاء مكسور أبداً كالموعد والمورد والموضع والموحل والموجل، والمعتل اللام
مفتوح أبداً كالمأتى والمرمى والمأوى والمثوى، وذكر الفراء أنه قد جاء مأوى الإبل بالكسر.
دخول التاء على بعض أسماء المكان والزمان وقد تدخل على بعضها
تاء التأنيث كالمزلة والمظنة والمعبرة والمشرقة وموقعة الطائر. وأما ما جاء على
مفعلة بالضم كالمقبرة والمشرقة والمشربة فأسماء غير مذهوب بها مذهب الفعل.
كيف يصاغان من الثلاثي المزيد ومن الرباعي وما بني من الثلاثي
المزيد فيه والرباعي فعلى لفظ اسم المفعول كالمدخل والمخرج والمغار في قوله مغار
ابن همام على حي خثعما
وقولهم فلان كريم المركب والمقاتل والمضطرب والمتقلب
والمتحامل والمتدحرج والمحرنجم قال العجاج محرنجم الجامل والنؤي
وزن مفعله للتكثير وإذا كثر الشيء بالمكان قيل فيه مفعلة
بالفتح، أرض مسبعة ومأسدة ومذءبة ومحيأة ومفعأةومقثأة ومطبخة. قال سيبويه ولم
يجيؤا بنظير هذا فيما جاوز ثلاثة أحرف من نحو الضفدع والثعلب كراهة أن يثقل عليهم،
لأنهم قد يستغنون بأن يقولوا كثيرة الثعالب.
لا عمل لها ولا يعمل شيء منها. والمجر في قول النابغة
كأن مجر الرامسات ذيولها ... عليه قضيم نمقته الصوانع
مصدر بمعنى الجر، وقبله مضاف محذوف تقديره كأن أثر جر
الرامسات.
الباب السابع عشر
اسم الآلة هو اسم ما يعالج به وينقل. ويجيء على مفعل
ومفعلة ومفعال كالمقص والمحلي والمكسحة والمصفاة والمفتاح.
وما جاء مضموم الميم والعين من نحو المسعط والمنخل
والمدق والمدهن والمكحلة والمحرضة، فقد قال سيبويه لم يذهبوا بها مذهب الفعل
ولكنها جعلت أسماء لهذه الأوعية.
الباب الثامن عشر
الاسم الثلاثي
أوزان الثلاثي المجرد عشرة للمجرد منه عشرة أبنية
أمثلتها صقر وعلم وبرد وجمل وإبل وطنب وكتف ورجل وضلع وصدر.
أوزان المزيد كثيرة وللمزيد فيه أبنية كثيرة ولعل
الأمثلة التي أنا ذاكرها تحيط بها أو بأكثرها.
أنواع الزيادة والزيادة إما أن تكون من جنس حروف الكلمة
كالدال الثانية في قعدد ومهدد، أو من غير جنسها كهمزة أفكل وأحمر، وللإلحاق كواو
جوهر وجدول، أو لغير الإلحاق كألف كاهل وغلام.
والزيادة المجانسة لا تخلو من أن تكون تكريراً للعين
كخفيفد وقنب أو للام كخفيدد وخدب أو للفاء والعين كمرمريس ومرمريت أو للعين واللام
كصمحمح وبرهرة وما عداها من الزوائد حروف سألتمونيها.
عدد الزيادة والزيادة تكون واحدة وثنتين وثلاثاً وأربعاً
ومواقعها أربعة ما قبل الفاء وما بين الفاء والعين وما بين العين واللام وما بعد
اللام ولا تخلو من أن تقع مفترقة أو مجتمعة.
الزيادة الواحدة والزيادة الواحدة قبل الفاء في نحو أجدل
وأثمد وإصبع وأصبع وأبلم وأكلب وتنضب وتدراء وتتفل وتحلىء ويرمع ومقتل ومنبر ومجلس
ومنخل ومصحف ومنخر وهبلع عند الأخفش.
وما بين الفاء والعين في نحو كاهل وخاتم وشامل وضيغم
وقنبر وجندب وعنسل وعوسج.
وما بين العين واللام في نحو شمأل وحمار وغلام وبعير
وعثير وعليب وعرند وقعود وجدول وخروج وسدوس وسلم وقنب.
وما بعد اللام في نحو علقى ومغزى وبهمى وسلمى وذكرى
وحبلى وذفرى وشعبى ورعشن وفرسن وبلغن وقردد وشربب وعندد ورمدد ومعدّ وخدب وجبن
وفلز.
الزيادتان والزيادتان المفترقتان بينهما الفاء في نحو
أداير وأجادل وألنجج وألندد وزنهما أفنعل ومقاتل ومساجد وتناضب ويرامع.
وبينهما العين في نحو عاقول وساباط وطومار وخيتام وديماس
وتوراب وقيصوم.
وبينهما اللام في نحو قصيري وقرنبي والجلندي وبلنصي
وحباري وخفيدد وجرنبة.
وبينهما الفاء والعين في نحو إعصار واخريط وأسلوب وأدرون
ومفتاح
ومضروب ومنديل ومغرود وتمثال وترداد ويربوع ويعضيد
وتنبيت وتذنوب وتنوط وتبشر وتهبط.
وبينهما العين واللام في نحو خيزلي وخيزري وحنطأ.
وبينهما الفاء والعين واللام نحو إجفلي وأترب وأرزب.
والمجتمعان قبل الفاء في نحو منطلق ومسطيع ومهراق وانقحل
وانقحر.
وبين الفاء والعين في نحو حواجز وغيالم وجنادب ودواسر
وصيهم.
وبين العين واللام في نحو كلاء وخطاف وحناء وجلواخ
وجريال وعضواد وهبيخ وكديون وبطيخ وقبيط وقيام وصوام وعقنقل وعثوثل وعجول وسبوح
ومريق وحطائط ودلامص.
وبعد اللام في نحو صهباء وطرفاء وقوباء وعلباء وحرباء
ورحضاء وسيراء وجفناء وسعدان وكروان وعثمان وسرحان وظربان والسبعان والسلطان وعرضني
ودفقي وهبرية وسنبتة وقرنوة وعنصوة وجبروت وفسطاط وجلباب وحلتيت وصمحمح ودرحرح.
الزيادات الثلاث والثلاث المتفرقة في نحو هجيري ومخاريق
وتماثيل ويرابيع.
والمجتمعة قبل الفاء في مستفعل.
وبعد العين واللام في نحو سلاليم وقراويح.
وبعد اللام في صليان وعنفوان وعرفان وتيقان وكبرياء
وسيمياء ومرحيا.
وقد اجتمعت ثنتان وانفردت واحدة في نحو أفعوان وأضحيان
وأرونان وأربعاء وقاصعاء وفساطيط وسراحين وثلاثاء وسلامان وقراسية وقلنسوة وخنفساء
وتيحان وغمدان وملكعان.
الزيادات الأربع والأربعة في نحو إشهيباب وإحميرار.
الباب التاسع عشر
الإسم الرباعي
أوزان الرباعي المجرد خمسة للمجرد منه خمسة أبنية أمثلها
جعفر ودرهم وبرثن وزبرج وفطحل.
تحيط بأبنية المزيد فيه الأمثلة التي أذكرها والزيادة
فيه ترتقي إلى الثلاث.
أوزان المزيد فالزيادة الواحدة قبل الفاء لا تكون إلا في
نحو مدحرج.
وهي بعد الفاء قنفخر وكنتال وكنهبل.
وبعد العين في نحو عذافر وسميدع وفدوكس وحبارج وحزنبل
وقرنفل وعلمكد وهمقع وشمخر.
وبعد اللام الأولى في نحو قنديل وزنبور وغرنيق وفردوس
وقربوس وكنهور وصلصال وسرداح وشفلح وصفرق.
وبعد اللام الأخيرة في نحو حبركي وجحجبي وهربذي وهندبي
وسبطري وسبهلل وفرشب وطرطب.
والزيادتان المفترقتان في نحو حبوكري وهثعور ومنجنون
وكنابيل وجحنبار.
والمجتمعتان في نحو قندويل وقمحدوة وسلحفية وعنكبوت
وعرطليل وطرماح وعقرباء وهندباء وشعشعان وعقربان وحندمان.
والثلاث في نحو عبوثران وعريقصان وجخادباء وبرنساء
وعقربان.
الباب العشرون
الإسم الخماسي للمجرد منه أربعة أبنية أمثلتها سفرجل
وجحمرش وقذعمل وجردحل. وللمزيد فيه خمسة ولا تتجاوز الزيادة فيه واحدة وأمثلتها
خندريس وخزعبيل وعضرفوط ومنه يستعور وقرطبوس وقبعثري.
القسم الثاني الأفعال
الباب الأول
الفعل الماضي
تعريف الفعل الفعل ما دل على اقتران حدث بزمان. ومن
خصائصه صحة دخول قد، وحرفي الإستقبال، والجوازم، ولحوق المتصل البارز من الضمائر،
وتاء التأنيث الساكنة نحو قولك: قد فعل يفعل وسيفعل وسوف يفعل ولم يفعل وفعلت
ويفعلن وافعلي وفعلت.
تعريف الفعل الماضي وهو الدال على اقتران حدث بزمان قبل
زمانك. وهو مبني على الفتح. إلا أن يعترضه ما يوجب سكونه أو ضمه. فالسكون عند
الإعلال ولحوق بعض الضمائر. والضم مع واو الضمير.
الباب الثاني
الفعل المضارع
تعريفه وهو ما يعتقب في صدره الهمزة والنون والتاء
والياء. وذلك قولك للمخاطب أو الغائبة تفعل، وللغائب يفعل، وللمتكلم أفعل. وله إذا
كان مع غيره واحداً أو جماعة نفعل. وتسمى الزوائد الأربع. ويشترك فيه الحاضر
والمستقبل. واللام في قولك إن زيداً ليفعل مخلصة للحال، كالسين أو سوف للإستقبال.
وبدخولهما عليه قد ضارع الأسم فأعرب بالرفع والنصب والجزم مكان الجر.
اتصاله بالضمائر وهو إذا كان فاعله ضمير اثنين أو جماعة
أو مخاطب مؤنث لحقته معه في حال الرفع نون مكسورة بعد الألف مفتوحة بعد أختيها.
كقولك: هما يفعلان، وأنتما تفعلان، وهم يفعلون، وأنتم تفعلون، وأنت تفعلين. وجعل
في حال النصب كغير المتحرك، فقيل لن يفعلا، ولن يفعلوا، كما قيل لم يفعلا ولم
يفعلوا.
وإذا اتصلت به نون جماعة المؤنث رجع مبنياً، فلم تعمل
فيه العوامل لفظاً، ولم تسقط كما لا تسقط الألف والواو والياء التي هي ضمائر لأنها
منها. وذلك قولك: لم يضربن ولن يضربن. ويبنى أيضاً مع
النون المؤكدة كقولك لا تضربن ولا تضربن.
وجوه إعرابه هي الرفع والنصب والجزم. وليست هذه الوجوه
بأعلام على معان كوجوه إعراب الإسم، لأن الفعل في الإعراب غير أصيل بل هو فيه من
الأسم بمنزلة الألف والنون من الألفين في منع الصرف. وما ارتفع به الفعل وانتصب
وانجزم غير ما استوجب به الإعراب. وهذا بيان ذلك:
الفصل الأول: رفع المضارع
هو في الإرتفاع بعامل معنوي نظير المبتدأ وخبره. وذلك
المعنى وقوعه بحيث يصح وقوع الأسم كقولك زيد يضرب كما تقول زيد ضارب، رفعته لأن ما
بعد المبتدأ من مظان صحة وقوع الأسماء. وكذلك إذا قلت يضرب الزيدان لأن من ابتدأ
كلاماً منتقلاً إلى النطق عن الصمت لم يلزمه أن يكون أول كلمة تفوه بها إسماً أو
فعلاً، بل مبدأ كلامه موضع خبره في أي قبيل شاء.
وقولهم كاد زيد يقوم وجعل يضرب وطفق يأكل، الأصل فيه أن
يقال قائماً وضارباً وآكلاً ولكن عدل عن الأسم إلى الفعل لغرض وقد استعمل الأصل
فيمن روى بيت الحماسة فأبت إلى فهم وما كدت آبياً
الفصل الثاني: نصب المضارع
حروف النصب انتصابه بأن وأخواته، كقولك أرجو أن يغفر
الله لي، ولن أبرح الأرض، وجئت كي تعطيني، وأذن أكرمك.
وينصب بأن المضمرة بعد خمسة أحرف وهي: حتى، واللام، وأو
بمعنى إلى، وواو الجمع، والفاء، في جواب الأشياء الستة الأمر والنهي والنفي
والإستفهام والتمني والعرض، وذلك قولك: سرت حتى أدخلها، وجئتك لتكرمني، ولألزمنك
أو تعطيني حقي، ولا تأكل السمك وتشرب اللبن، وائتني فأكرمك، وقوله سبحانه وتعالى:
" ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي " ، وماتأتينا فتحدثنا، وأتأتينا فتحدثنا،
فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا. . ويا ليتني كنت معهم فأفوز وألا تنزل فتصيب خيراً.
ولقولك ما تأتينا فتحدثنا معنيان أحدهما ما تأتينا فكيف
تحدثنا أي لو أتيتنا لحدثتنا. والآخر ما تأتينا أبداً إلا لم تحدثنا أي منك إتيان
كثير ولا حديث منك وهذا تفسير سيبويه.
ويمتنع إظهار أن مع هذه الأحرف، إلا اللام إذا كانت لام
كي، فإن الإظهار جائز معها، وواجب إذا كان الفعل الذي تدخل عليه داخلة عليه لا،
كقولك: لئلا تعطيني. وأما المؤكدة فليس معها إلا التزام
الإضمار.
حتى وليس بحتم أن ينصب الفعل في هذه المواضع بل للعدول
به إلى غير ذلك معنى وجهة من الإعراب مساغ. فله بعد حتى حالتان: هو في إحداهما
مستقبل أو في حكم المستقبل فينصب، وفي الأخرى حال أو في حكم الحال فيرفع. وذلك
قولك: سرت حتى أدخلها، وحتى أدخلها، تنصب إذا كان دخولك مترقباً لما يوجد، كأنك
قلت سرت كي أدخلها، ومنه قولهم أسلمت حتى أدخل الجنة، وكلمته حتى يأمر لي بشيء. أو كان مقتضياً
إلا أنه في حكم المستقبل من حيث أنه في وقت وجود السير المفعول من أجله كان
مترقباً. وترفع إذا كان الدخول يوجد في الحال كأنك قلت: حتى أنا أدخلها الآن، ومنه
قولهم مرض حتى لا يرجونه، وشربت الإبل حتى يجيء البعير يجر بطنه أو تقضى. إلا أنك
تحكي الحال الماضية. وقريء قوله تعالى: " وزلزلوا حتى يقول الرسول " ،
منصوباً ومرفوعاً. وتقول كان سيري حتى أدخلها بالنصب ليس إلا. فإن زدت أمس وعلقته
بكان أو قلت سيراً متعباً أو أردت كان التامة جاز فيه الوجهان. وتقول أسرت حتى
تدخلها بالنصب. وأيهم سار حتى يدخلها بالنصب والرفع.
أو وقريء قوله تعالى: " تقاتلونهم أو يسلمون "
بالنصب على إضمار أن، والرفع على الإشتراك بين يسلمون وتقاتلونهم، أو على الإبتداء
كأنه قيل أو هم يسلمون. ويقول هو قاتلي أو أفتدي منه، وإن شئت ابتدأته على أو أنا
أفتدي وقال سيبويه في قول امريء القيس فقلت له لا تبك عينك إنما ... نحاول ملكاً
أو نموت فنعذرا
ولو رفعت لكان عربياً جائزاً على وجهين: على أن تشرك بين
الأول والآخر كأنك قلت إنما نحاول ملكاً أو إنما نموت، وعلى أن يكون مبتدأ مقطوعاً
من الأول يعني أو نحن ممن يموت.
الواو ويجوز في قوله عز وجل " ولا تلبسوا الحق
بالباطل وتكتموا الحق " أن يكون تكتموا منصوباً ومجزوماً كقولهك
ولا تشتم المولى وتبلغ أذاته
وتقول زرني وأزورك بالنصب، يعني لتجتمع الزيادات فيه
كقول ربيعة
ابن جشم فقلت أدعي وأدعو إن أندى ... لصوت أن ينادي
داعيان
وبالرفع يعني زيارتك على كل حال فلتكن منك زيارة كقولهم
دعني ولا أعود. وإن أردت الأمر أدخلت اللام فقلت ولأزرك. وإلا فلا محمل لأن
تقول زرني وأزرك لأن الأول موقوف. وذكر سيبويه في قول كعب الغنوي وما أنا للشيء
الذي ليس نافعي ... ويغضب منه صاحبي بقؤول
النصب والرفع. وقال الله تعالى: " لنبين لكم ونقر
في الأرحام ما نشاء " ، أي ونحن نقر.
الفاء ويجوز ما تأتينا فتحدثنا الرفع على الإشتراك. كأنك
قلت ما تأتينا فما تحدثنا ونظيره قوله تعالى: " ولا يوذن لهم فيعتذرون "
. وعلى الإبتداء كأنك قلت ما تأتينا فأنت تجهل أمرنا. ومثله قول العنبري غير أنا
لم تأتنا بيقين ... فنرجي ونكثر التأميلا
أي فنحن نرجي. وقال ألم تسأل الربع القواء فينطق ... وهل
يخبرك اليوم بيداء سملق
قال سيبويه لم يجعل الأول سبب الآخر، ولكنه جعله ينطق
على كل حال. كأنه قال فهو مما ينطق، كما تقول ائتني فأحدثك، أي فأنا ممن يحدثك على
كل حال. وتقول ودلوا تأتيه فتحدثه. والرفع جيد كقوله تعالى: " ودوا لو تدهن
فيدهنون " . وفي بعض المصاحف فيدهنوا وقال ابن أحمر يعالج عاقراً أعيت عليه
... ليلقحها فينتجها حوارا
كأنه قال يعالج فينتجها. وإن شئت على الإبتداء.
أن وتقول أريد أن تأتيني ثم تحدثني ويجوز الرفع. وخير
الخليل في قول عروة العذري وما هو إلا أن أراها فجاءة ... فأبهت حتى ما أكاد أجيب
بين الرفع والنصب، في فأبهت، ومما جاء منقطعاً قول أبي
اللحام التغلبي على الحكم المأتي يوماً إذا قضى ... قضيته أن لا يجوز ويقصد
أي عليه غير الجور وهو يقصد، كما تقول عليه أن لا يجوز،
وينبغي
له كذا. قال سيبويه: ويجوز الرفع في جميع هذه الحروف
التي تشترك على هذا المثال.
الفصل الثالث: جزم المضارع
الجزم بحروف الجزم وأسمائه تعمل فيه حروف وأسماء، نحو
قولك لم يخرج، ولما يحضر، وليضرب، ولا تفعل، وإن تكرمني أكرمك، وما تصنع أصنع بك،
وأياً تضرب أضرب، وبمن تمرر أمر به.
الجزم بأن مضمرة ويجزم بأن مضمرة إذا وقع جواباً لأمر أو
نهي أو استفهام أو تمن أو عرض، نحو قولك أكرمني أكرمك، ولا تفعل يكن خيراً لك،
وألا تأتني أحدثك، وأين بيتك أزرك، وألا ماء أشربه، وليته عندنا يحدثنا، وألا تنزل
تصب خيراً. وجواز إضمارها لدلالة هذه الأشياء عليها. قال الخليل إن هذه الأوائل
كلها فيها معنى إن فلذلك انجزم الجواب.
الجزم بما فيه معنى الأمر وما فيه معنى الأمر والنهي
بمنزلتهما في ذلك تقول اتقي الله امرؤ وفعل خيراً يثب عليه، معناه ليتق الله
وليفعل خيراً؛ وحسبك يتم الناس.
وحق المضمر أن يكون من جنس المظهر. فلا يجوز أن تقول: لا
تدن
من الأسد يأكلك، بالجزم، لأن النفي لا يدل على الإثبات،
ولذلك امتنع الإضمار في النفي فلم يقل ما تأتينا تحدثنا، ولكنك ترفع على القطع
كأنك قلت: لا تدن منه فإنه يأكلك وإن أدخلت الفاء ونصبت فحسن.
الجزم على الجزاء وإن لم تقصد الجزاء فرفعت فكان المرفوع
على أحد ثلاثة أوجه: إما صفة كقوله تعالى: " فهب لي من لدنك وليا يرثني
" ، أو حالاً كقوله تعالى " ونذرهم في طغيانهم يعمهون " ، أو قطعاً
واستئنافاً كقولك لا تذهب به تغلب عليه، وقم يدعوك. ومنه بيت الكتاب وقال رائدهم
أرسوا نزاولها
ومما يحتمل الأمرين الحال والقطع قولهم: ذره يقول ذاك،
ومره يحفرها وقول الأخطل:
كروا إلى حرتيكم تعمرونهما
وقوله تعالى: " فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا
تخاف دركاً ولا تخشى " .
وتقول إن تأتني تسألني أعطك وإن تأتني تمشي أمش معك،
ترفع المتوسط. ومنه قول الحطيئة متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها
خير موقد
وقال عبيد الله بن الحر:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطباً جزلاً
وناراً تأججا
فجزمه على البدل.
وتقول إن تأتيني آتك فأحدثك بالجزم، ويجوز الرفع على
الإبتداء. وكذلك الواو وثم قال الله تعالى: " من يضلل الله فلا هادي له
ويذرهم " . وقرىء ويذرهم بالجزم وقال تعالى: " وإن تتولوا يستبدل قوماً
غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " ، وقال: " وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم
لا ينصرون " .
وسأل سيبويه الخليل عن قوله تعالى: " رب لولا
أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين " فقال هذا كقول عمرو بن معد
يكرب دعني فأذهب جانباً ... يوماً وأكفك جانباً
وكقوله:
بدالي إني لست مدرك ما مضي ... ولا سابق شيئاً إذا كان
جائياً
أي كما جروا الثاني لأن الأول قد تدخله الباء فكأنها
ثابتة فيه فكذلك جزموا، الثاني لأن الأول يكون مجزوماً ولا فاء فيه فكأنه مجزوم.
وتقول والله إن أتيتني لا أفعل كذا بالرفع، وأنا والله
إن تأتيني لا آتك بالجزم، لأن الأول لليمين والثاني للشرط.
الباب الثالث
الأمر
كيف يصاغ الأمر من المضارع وهو الذي على طريقة المضارع
للفاعل المخاطب لا تخالف بصيغته صيغته، إلا أن تنزع الزائدة فتقول: في تضع ضع، وفي
تضارب ضارب، وفي تدحرج دحرج، ونحوها مما أوله متحرك؛ فإن سكن زدت همزة وصل لئلا يبتدأ
بالساكن، فتقول في تضرب إضرب، وفي تنطق وتستخرج إنطلق وإستخرج، والأصل في تكرم
تأكرم كتدحرج فعلى ذلك خرج أكرم.
وأما ما ليس للفاعل فإنه يؤمر بالحرف داخلاً على المضارع
دخول لا ولم، كقولك لتضرب أنت، وليضرب زيد، ولأضرب أنا. وكذلك ما هو للفاعل وليس
بمخاطب كقولك ليضرب ريد ولأضرب أنا.
وقد جاء قليلاً أن يؤمر الفاعل على المخاطب بالحرف ومنه
قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبذلك فلتفرحوا.
وهو مبني على الوقف عند أصحابنا البصريين. وقال الكوفيون
هو مجزوم باللام مضمرة وهذا خلف من القول.
الباب الرابع
الفعل المتعدي وغير المتعدي حدهما فالمتعدي على ثلاثة
أضرب: متعد إلى مفعول به وإلى اثنين وإلى ثلاثة. فالأول نحو قولك ضربت زيداً،
والثاني كسوت زيداً جبة، وعلمت زيداً فاضلاً. والثالث نحو أعلمت زيداً عمراً
فاضلاً وغير المتعدي ضرب واحد وهو ما تخصص بالفاعل كذهب زيد ومكث وخرج ونحو ذلك.
أسباب التعدية وللتعدية أسباب ثلاثة: وهي الهمزة وتثقيل
الحشو وحرف الجر. تتصل ثلاثتها بغير المتعدي فتصيره متعدياً، وبالمتعدي إلى مفعول
واحد فتصيره ذا مفعولين: نحو قولك أذهبته، وفرحته، وخرجت به، وأحفرته بئراً،
وعلمته القرآن، وغصبت عليه الضيعة. وتتصل الهمزة بالمتعدي إلى اثنين فتنقله إلى ثلاثة
نحو أعلمت.
أنواع الأفعال المتعدية إلى ثلاثة والأفعال المتعدية إلى
ثلاثة أضرب: ضرب منقول بالهمزة عن المتعدي إلى مفعولين، وهو فعلان: أعلمت وأريت،
وقد أجاز الأخفش
أظننت وأحسبت وأخلت وأزعمت. وضرب متعد إلى مفعول واحد وقد أجري
مجرى أعلمت لموافقته له في معناه فعدى تعديته، وهو خمسة أفعال: أنبأت ونبئت وأخبرت
وخبرت وحدثت. قال الحارث بن حلزة فمن حدثتموه له علينا العلاء
وضرب متعد إلى مفعولين وإلى الظرف المتسع فيه كقولك:
أعطيت عبد الله ثوباً اليوم، وسرق زيد عبد الله الثوب الليلة، ومن النحويين من أبي
الإتساع في الظرف في الأفعال ذات المفعولين.
والمتعدي وغير المتعدي سيان في نصب ما عدا المفعول به من
المفاعيل الأربعة، وما ينصب بالفعل من الملحقات بهن، كما تنصب ذلك بنحو ضرب وكسا وأعلم
تنصبه بنحو ذهب وقرب.
الباب الخامس
الفعل المبني للمفعول
حده هو ما استغنى عن فاعله فأقيم المفعول مقامه وأسند
إليه معدولاً عن صيغة فَعَل إلى فُعِل، ويسمى فعل ما لم يسم فاعله. والمفاعيل سواء
في صحة بنائه لها، إلا المفعول الثاني في باب علمت، والثالث في باب أعلمت،
والمفعول له والمفعول معه. تقول ضرب زيد، وسير سير شديد، وسير يوم الجمعة، وسير
فرسخان.
وإذا كان للفعل غير مفعول فبني لواحد بقي ما بقي على
انتصابه كقولك أعطي زيد درهماً، وعلم أخوك منطلقاً، وأعلم زيد عمراً خير الناس.
وللمفعول به المتعدي إليه بغير حرف من الفضل على سائر ما
بني له أنه متى ظفر به في الكلام فممتنع أن يسند إلى غيره، تقول دفع المال إلى
زيد، وبلغ بعطائك خمسمائة، برفع المال وخمس المائة. ولو ذهبت تنصبهما مسنداً إلى
زيد وبعطائك قائلاً دفع إلى زيد المال وبلغ لعطائك خمسمائة، كما تقول منح زيد المال
وبلغ عطاؤك خمسمائة، خرجت عن كلام العرب. ولكن إن قصدت الإقتصار على ذكر المرفوع
إليه والمبلوغ به قلت دفع إلى زيد وبلغ بعطائك، وكذلك لا تقول ضرب زيداً ضرب شديد
ولا يوم الجمعة ولا أمام الأمير؛ بل ترفعه وتنصبها. وأما سائر المفاعيل
فمستوية الأقدام لا تفاضل بينها إذا اجتمعت في الكلام في
أن البناء لأيها شئت صحيح غير ممتنع: تقول استخف بزيد استخفافاً شديداً يوم الجمعة
أمام الأمير، وإن أسندت إلى الجار مع المجرور، ولك أن تسند إلى يوم الجمعة أو إلى
غيره وتترك ما عداه منصوباً.
ولك في المفعولين المتغايرين أن تسند إلى أيهما شئت تقول
أعطي زيد درهماً، وكسي عمرو جبة، وأعطي درهم زيداً، وكسيت جبة عمراً إلا أن
الإسناد إلى ما هو في المعنى فاعل أحسن وهو زيد، لأنه عاط وعمرو لأنه مكسو.
الباب السادس
أفعال القلوب
عددها سبعة : وهي سبعة: ظننت وحسبت وخلت وزعمت وعلمت
ورأيت ووجدت، إذا كن بمعنى معرفة الشيء على صفة. كقولك علمت أخاك كريماً، ووجدت
زيداً ذا الحافظ، ورأيته جواداً، تدخل على الجملة من المبتدأ والخبر إذا قصد
إمضاؤها على الشك أو اليقين، فتنصب الجزئين على المفعولين وهما على شرائطهما
وأحوالهما في أصلهما.
تلحق بها قال : ويستعمل أريت استعمال ظننت، فيقال أريت زيداً
منطلقاً، وأرى عمراً ذاهباً، وأين ترى بشراً جالساً. ويقولون في الإستفهام خاصة:
متى تقول زيداً منطلقاً؟ وأتقول عمراً ذاهباً؟ وأكل يوم تقول عمراً منطلقاً؟ بمعنى
أتظن. وقال الشاعر أجهالاً تقول بني لؤي ... لعمر أبيك أم متجاهلينا
وقال عمر بن أبي ربيعة أما الرحيل فدون بعد غد ... فمتى
تقول الدار تجمعنا
وبنو سليم يجعلون باب قلت أجمع مثل ظننت.
لها معان أخر تجعلها متعدية إلى مفعول واحد ولها ما خلا
حسبت وخلت وزعمت معان أخر لا يتجاوز عليها مفعولاً واحداً. وذلك قولك ظننته من
الظنة وهي التهمة، ومنه قوله عز وجل: " وما هو على الغيب بظنين " .
وعلمته بمعنى عرفته ورأيته بمعن أبصرته، ووجدت الضالة إذا أصبتها، وكذلك أريت
الشيء بمعنى بصرته أو عرفته، ومنه قوله عز وجل: " أرنا مناسكنا " وأتقول
إن زيداً منطلق أي أتفوه بذلك.
ومن خصائصها أن الإقتصار على أحد المفعولين في نحو كسوت
وأعطيت مما تغاير مفعولاه غير ممتنع. تقول أعطيت درهماً
ولا تذكر من أعطيته، وأعطيت زيداً ولا تذكر ما أعطيته. وليس لك أن تقول حسبت زيداً
ولا منطلقاً وتسكت، لفقد ما عقدت عليه حديثك. فأما المفعولان معاً فلا عليك أن
تسكت عنهما في البابين. قال الله تعالى: " وظننتم ظن السوء " ، وفي
أمثالهم: من يسمع يخل. وأما قول العرب ظننت ذاك، فذاك إشارة إلى الظن. كأنهم قالوا
ظننت فاقتصروا، وتقول ظننت به إذا جعلته موضع ظنك كما تقول ظننت في الدار. فإن جعلت
الباء زائدة بمنزلتها في ألقى بيده لم يجز السكوت عليه.
أثر التقديم والتأخير في عملها ومنها أنها إذا تقدمت
أعملت ويجوز فيها الإعمال والإلغاء متوسطة أو متأخرة قال أبا الأراجيز يا ابن
اللؤم توعدني ... وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور
ويلغى المصدر إلغاء الفعل فيقال متى زيد ظنك ذاهب، وزيد
ظني مقيم، وزيد أخوك ظني. وليس ذلك في سائر الأفعال.
تعليق عملها ومنها إنها تعلق وذلك عند حروف الإبتداء
والإستفهام والنفي كقولك
ظننت لزيد منطلق، وعلمت أزيد عندك أم عمرو وأيهم في
الدار؟ وعلمت ما زيد بمنطلق. ولا يكون التعليق في غيرها.
تجمع ضمير الفاعل والمفعول ومنها أنك تجمع فيها بين
ضميري الفاعل والمفعول فتقول علمتني منطلقاً، ووجدتك فعلت كذا، ورآه عظيماً. وقد
أجرت العرب عدمت وفقدت مجراها فقالوا عدمتني وفقدتني. وقال جران العود لقد كان لي
عن ضرتين عدمتني ... وعما ألاقي منهما متزحزح
ولا يجوز ذلك في غيرهما فلا تقول شتمتني ولا ضربتك، ولكن
شتمت نفسي وضربت نفسك.
الباب السابع
الأفعال الناقصة
عددها وسبب تسميتها : وهي كان وصار وأصبح وأمسى وأضحى
وظل وبات وما زال وما برح وما انفك وما فتئ وما دام وليس، يدخلن دخول الأفعال القلوب
على المبتدأ والخبر، إلا أنهن يرفعن المبتدأ وينصبن الخبر. ويسمى المرفوع إسماً، والمنصوب
خبراً. ونقصانهن من حيث أن نحو ضرب وقتل كلام متى أخذ مرفوعه، وهؤلاء ما لم يأخذن
المنصوب مع المرفوع لم يكن كلاماً.
رأي سيبويه ولم يذكر سيبويه منها إلا كان وصار وما دام
وليس، ثم قال وما كان نحوهن من الفعل مما لا يستغني عن الخبر. ومما يجوز أن يلحق
بها عاد وآض وغدا وراح. وقد جاء بمعنى صار في قول العرب ما جاءت حاجتك، ونظيره قعد في
قول الأعرابي: أرهف شفرته حتى قعدت كأنها حربة.
أسمها وخبرها وحال الإسم والخبر مثلهما في باب الإبتداء
من أن كون المعرفة إسماً والنكرة خبراً حد الكلام. ونحوه قول القطامي:
ولا يك موقف منك الوداعا
وقول حسان يكون مزاجها عسل وماء
وبيت الكتاب أظبي كان أمك أم حمار
من القلب الذي يشجع عليه أمن الإلتباس. ويجيئان معرفتين
معاً، ونكرتين. ويجيء الخبر جملة ومفرداً بتقاسيمها.
وجوه كان وكان على أربعة أوجه ناقصة كما ذكر، وتامة
بمعنى وقع ووجد، كقولهم كانت الكائنة والمقدورة كائن، وقوله تعالى: " كن
فيكون " . وزائدة في قولهم إن من أفضلهم كان زيداً وقال جياد بني أبي بكر
تسامي ... على كان المسومة العراب
ومن كلام العرب: ولدت فاطمة بنت الخرشب الكلمة من بني
عبس لم يوجد كان مثلهم. والتي فيها ضمير الشأن وقوله عز وجل: " لمن كان له
قلب " يتوجه على الأربعة وقيل في قوله بنيهاء قفر والمطي كأنها ... قطا الحزن قد
كانت فراخاً بيوضها
أن كان فيه بمعنى صار.
صار ومعنى صار الإنتقال وهو على ذلك على استعمالين:
أحدهما كقولك صار الفقير غنياً والطين خزفاً. والثاني صار زيد إلى عمرو، ومنه كل
حي صائر إلى الزوال.
أصبح وأمسى وأضحى وأصبح وأمسى وأضحى على ثلاث معان:
أحدهما أن يقرن مضمون الجملة بالأوقات الخاصة التي هي الصباح والمساء والضحى على طريقة
كان. والثاني
أن تفيد معنى الدخول في هذه الأوقات كأظهر وأعتم، وهي في هذا الوجه تامة يسكت على
مرفوعها. قال عبد الواسع بن أسامة ومن فعلاتي أنني حسن القري ... إذا الليلة
الشهباء أضحى جليدها
والثالث أن يكون بمعنى صار كقولك: أصبح زيد غنياً وأمسى
أميراً وقال عدي بن زيد ثم أضحوا كأنهم ورق ج ... ف فألوت به الصبا والدبور
ظل وبات وظل وبات على معنيين: أحدهما إقتران مضمون
الجملة بالوقتين الخاصيين على طريقة كان. والثاني كينونتهما بمعنى صار، ومنه قوله
تعالى: " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم " .
حكم المسبوقة بالنفي والتي أوائلها الحرف النافي في معنى
واحد وهو استمرار الفعل بفاعله في زمانه؛ ولدخول النفي فيها على النفي جرت مجرى
كان في كونها للإيجاب، ومن ثم لم يجز ما زال زيد إلا مقيماً، وخطيء ذو الرمة في
قوله حراجيج ما تنفك إلا مناخة
وتجيء محذوفاً منها حرف النفي، قالت امرأة سالم بن قحفان
تزال حبال مبرمات أعدها
وقال امرؤ القيس فقلت لها والله أبرح قاعداً
وقال تنفك تسمع ما حييت بهالك حتى تكونه
وفي التنزيل: " تالله تفتؤ تذكر يوسف " .
ما دام وما دام توقيت للفعل في قولك أجلس ما دمت جالساً،
كأنك قلت: اجلس دوام جلوسك، نحو قولهم آتيك خفوق النجم ومقدم الحاج، ولذلك كان
مفتقراً إلى أن يشفع بكلام لأنه ظرف لا بد له مما يقع فيه.
ليس وليس معناه نفي مضمون الجملة في الحال، تقول ليس زيد
قائماً الآن، ولا تقول ليس زيد قائماً غداً. والذي يصدق أنه فعل لحوق الضمائر وتاء
التأنيث ساكنة به وأصله ليس كصيد البعير.
تقديم خبرها وهذه الأفعال في تقديم خبرها على ضربين: فالتي في أوائلها
ما يتقدم خبرها على اسمها لا عليها، وما عداها يتقدم خبرها على اسمها وعليها.
وقد خولف في ليس فجعل من الضرب الأول والأول هو الصحيح.
وفضل سيبويه في تقديم الظرف وتأخيره بين اللغو منه
والمستقر، فاستحسن تقديمه إذا كان مستقراً نحو قولك ما كان فيها أحد خير منك،
وتأخيره إذا كان لغواً نحو قولك ما كان أحد خيراً منك فيها، ثم قال: وأهل الجفاء
يقرؤون ولم يكن كفؤاً له أحد.
الباب الثامن
أفعال المقاربة
عسى وكاد منها عسى ولها مذهبان: أحدهما أن تكون بمنزلة
قارب، فيكون لها مرفوع ومنصوب، إلا أن منصوبها مشروط فيه أن يكون أن مع الفعل
متأولاً بالمصدر. كقولك عسى زيد أن يخرج، في معنى قارب زيد الخروج. قال الله
تعالى: " فعسى الله أن يأتي بالفتح " . والثاني أن يكون بمنزلة قرب، فلا
يكون لها إلا مرفوع، إلا أن مرفوعها أن مع الفعل في تأويل المصدر كقولك: عسى أن
يخرج زيد، في معنى قرب خروجه، قال الله تعالى: " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو
خير لكم " .
ومنها كاد ولها اسم وخبر. وخبرها مشروط فيه أن يكون
فعلاً مضارعاً متأولاً باسم الفاعل كقولك كاد يخرج. وقد جاء على الأصل وما كدت آيبا
كما جاء: عسى الغوير أبؤسا وقد شبه عسى بكاد من قال عسى
الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب
وكاد بعسى من قال قد كاد من طول البلى أن يمصحا
وللعرب في عسى ثلاثة مذاهب: أحدها أن يقولوا عسيت أن تفعل
كذا، وعسيتما إلى عسيتن، وعسى زيد أن يفعل كذا، وعسيا إلى عسين، وعسيت وعسينا.
والثاني أن لا يتجاوزوا عسى أن يفعل وعسى أن يفعلا وعسى أن يفعلوا. والثالث أن يقولوا
عساك أن تفعل كذا إلى عساكن، وعساه
أن يفعل إلى عساهن، وعساني أن أفعل، وعسانا أن نفعل.
وتقول كاد يفعل إلى كدن، وكدت إلى كدتن، وكدت أفعل،
وكدنا نفعل. وبعض العرب يقولون كدت بالضم.
والفصل بين معنيي عسى وكاد أن عسى لمقاربة الأمر على
سبيل الرجاء والطمع، تقول عسى الله أن يشفي مريضي، تريد أن قرب شفائه مرجو من عند
الله تعالى مطموع فيه؛ وكاد لمقاربته على سبيل الوجود والحصول، تقول كادت الشمس
تغرب، تريد أن قربها من الغروب قد حصل.
وقوله عز وجل " :إذا أخرج يده لم يكد يراها "
على نفي مقاربة الرؤية، هو أبلغ من نفي نفس الرؤية. ونظيره قول ذي الرمة إذا غير
النأي المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح
أوشك ومنها أوشك يستعمل إستعمال عسى في مذهبيها،
وإستعمال كاد. تقول: يوشك زيد أن يجيء، ويوشك أن يجيء زيد، ويوشك زيد يجيء. قال:
يوشك من فر من منيته ... في بعض غراته يوافقها
كرب وأخذ وجعل وطفق ومنها كرب وأخذ وجعل وطفق، يستعملن
إستعمال كاد. تقول: كرب يفعل، وجعل يقول ذاك، وأخذ يقول، وقال الله عز وجل: "
وطفقا يخصفان " .
الباب التاسع
فعلا المدح والذم
لفظاهما هما نعم وبئس، وضعا للمدح العام والذم العام،
وفيهما أربع لغات: فعل بوزن حمد وهو أصلها قال نعم الساعون في الأمر المبر
وفَعْل وفِعل بفتح الفاء وكسرها وسكون العين. وفعل
بكسرهما.
وكذلك كل فعل أو اسم على فعل ثانية حرف حلق كشهد وفخذ.
ويستعمل ساء استعمال بئس قال الله عز وجل: " ساء مثلاً القوم الذين كذبوا
بآياتنا " .
فاعل نعم وبئس وفاعلهما إما مظهر معرف باللام، أو مضاف
إلى المعرف به، وإما مضمر مميز بنكرة منصوبة. وبعد ذلك اسم مرفوع هو المخصوص بالذم
أو المدح. وذلك قولك: نعم الصاحب أو نعم صاحبا القوم زيد، وبئس الغلام أو بئس غلام
الرجل بشر، ونعم صاحبا زيد وبئس غلاماً بشر.
مميز نعم وبئس وقد يجمع بين الفاعل الظاهر وبين المميز
تأكيداً فيقال نعم الرجل رجلاً زيد. قال جرير تزود مثل زاد أبيك فينا ... فنعم
الزاد زاد أبيك زادا
وقوله تعالى: " فنعما هي " : نعم فيه مسند إلى
الفاعل المضمر، ومميزه ما وهي نكرة لا موصوفة ولا موصولة، والتقدير فنعم شيئاً هي.
إعراب مخصوص نعم وبئس وفي ارتفاع المخصوص مذهبان: أحدهما
أن يكون مبتدأ خبره ما
تقدمه من الجملة، كأن الأصل زيد نعم الرجل. والثاني أن
يكون خبر مبتدأ محذوف والتقدير: نعم الرجل هو زيد. فالأول على كلام والثاني على
كلامين.
حذف المخصوص وقد يحذف المخصوص إذا كان معلوماً للمخاطب
كقوله تعالى: " نعم العبد إنه أواب " أي نعم العبد أيوب، وقوله تعالى:
" فنعم الماهدون " أي فنعم الماهدون نحن.
تأنيث نعم وبئس وتثنية اسميهما وجمعهما ويؤنث الفعل
ويثنى الإسمان ويجمعان نحو قولك نعمت المرأة هند وإن شئت قلت نعم المرأة. وقالوا
هذه الدار نعمت البلد، لما كان البلد الدار كقولهم من كانت أمك. وقال ذو الرمة أو
حرة عيطل ثبجاء مجفرة ... دعائم الزور نعمت زورق البلد
وتقول نعم الرجلان أخواك، ونعم الرجال أخوتك، ونعمت
المرأتان هند ودعد، ونعمت النساء بنات عمك.
المخصوص يجانس الفاعل ومن حق المخصوص أن يجانس الفاعل.
وقوله عز وجل: " ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا " على حذف المضاف
أي ساء مثلاً مثل القوم، ونحوه قوله تعالى: " بئس مثل القوم الذين كذبوا
" أي مثل الذين كذبوا. ورؤي أن يكون محل الذين مجروراً صفة للقوم، ويكون
المخصوص بالذم محذوفاً، أي بئس مثل القوم المكذبين مثلهم.
حبذا وحبذا مما يناسب هذا الباب ومعنى حب صار محبوباً
جداً. وفيه لغتان فتح الحاء وضمها. وعليها روي قوله وحب بها مقتولة حين تقتل
وأصله حبب، وهو مسند إلى اسم الإشارة، إلا أنهما جريا
بعد التركيب مجرى الأمثال التي لا تغير، فلم يضم أول الفعل، ولا وضع موضع ذا غيره
من أسماء الإشارة، بل التزمت فيهما طريقة واحدة. وهذا الإسم في مثل إبهام الضمير
في نعم، ومن ثم فسر بما فسر به، فقيل حبذا رجلاً زيد كما يقال نعم رجلاً زيد. غير
أن الظاهر فضل على المضمر بأن استغنوا معه عن المفسر، فقيل حبذا زيد ولم يقولوا
نعم زيد، ولأنه كان لا ينفصل المخصوص عن الفاعل في نعم وينفصل في حبذا.
فعلا التعجب
بناؤهما هما نحو قولك ما أكرم زيداً، وأكرم بزيد. ولا
يبنيان إلا مما يبنى منه أفعل التفضيل. ويتوصل إلى التعجب مما لا يجوز بناؤهما منه
بمثل ما توصل به إلى التفضيل، إلا ما شذ من نحو ما أعطاه وما أولاه للمعروف، ومن
نحو ما أشهاها وما أمقته. وذكر سيبوبه أنهم لا يقولون ما أقيله استغناء عنه بما
أكثر قائلته كما استغنوا بتركت عن وذرت.
معناهما ومعنى ما أكرم زيداً، شيء جعله كريماً، كقولك
أمر أقعده عن الخروج ومعهم أشخصه عن مكانه، يريد أن قعوده وشخوصه لم يكونا إلا
لأمر. إلا أن هذا النقل من كل فعل خلا ما استثنى منه مختص بباب التعجب. وفي لسانهم
أن يجعلوا لبعض الأبواب شأناً ليس لغيره لمعنى. وأما أكرم بزيد فقيل أصله أكرم زيد
أي صار ذا كرم، كأغد البعير أي صار ذا غدة، إلا أنه أخرج على لفظ الأمر ما معناه الخبر،
كما أخرج على لفظ الخبر ما معناه الدعاء في قولهم رحمه الله والباء مثلها في كفي
بالله. وفي هذا ضرب من التعسف. وعندي أن أسهل منه مأخذاً أن يقال إنه أمر لكل أحد
بأن يجعل زيداً كريماً، أي بأن يصفه بالكرم. والباء مزيدة مثلها في قوله
تعالى: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " للتأكيد
والإختصاص، أو بأن يصيره ذا كرم والباء للتعدية. هذا أصله ثم جرى مجرى المثل فلم
يغير عن لفظ الواحد في قولك يا رجلان أكرم بزيد ويا رجال أكرم بزيد.
ما واختلفوا في ما فهي عند سيبويه غير موصولة ولا موصوفة،
وهي مبتدأ ما بعد خبره. وعند الأخفش موصولة صلتها ما بعدها وهي مبتدأ محذوف الخبر.
وعند بعضهم فيها معنى الإستفهام كأنه قيل: أي شيء أكرمه.
لا تقديم ولا تأخير ولا يتصرف في الجملة التعجبية بتقديم
ولا تأخير ولا فصل. فلا يقال عبد الله ما أحسن، ولا ما عبد الله أحسن، ولا بزيد
أكرم، ولا ما أحسن في الدار زيد، ولا أكرم اليوم بزيد. وقد أجاز الجرمي الفصل
وغيره من أصحابنا. وينصرهم قول القائل ما أحسن بالرجل أن يصدق.
ويقال ما أحسن زيداً للدلالة على المضي. وقد حكي ما أصبح
أبردها. وما أمسى أدفأها والضمير للغداة.
الباب العاشر
الفعل الثلاثي أوزان الثلاثي المجرد ثلاثة للمجرد منه
ثلاثة أبنية فعَل وفعِل وفعُل. فكل واحد من الأولين على وجهين: متعد وغير متعد.
ومضارعه على بناءين: مضارع فعل على يفعِل ويفعُل، ومضارع فِعل على تفعَل ويفعِل. والثالث على وجه
واحد غير متعد ومضارعه على بناء واحد وهو يفعُل. فمثال فعل ضربه يضربه، وجلس يجلس،
وقتله يقتله، وقعد يقعد. ومثال يفعل شربه يشربه، وفرح يفرح، وومقه يرمقه، ووثق
يثق. ومثال فُعل كرم يكرم. وأما فعَل يفعَل فليس بأصل ومن ثم لم يجيء إلا مشروطاً
فيه أن يكون عينه أو لامه أحد حروف الحلق: الهمزة والهاء والحاء والخاء والعين
والغين إلا ما شذ من نحو أبى يأبى وركن يركن. وأما فُعل يفعُل نحو فصل يفصل ومت
تموت فمن تداخل اللغتين وكذلك فعل يفعل نحو كدت تكاد.
أوزان الثلاثي المزيد خمسة وعشرون وللمزيد فيه خمسة
وعشرون بناء تمر في أثناء التقاسيم بعون الله تعالى. والزيادة لا تخلو إما أن تكون من جنس
حروف الكلمة أو من غير جنسها كما ذكر في أبنية الأسماء.
وأبنية المزيد على ثلاثة أضرب: موازن للرباعي على سبيل
الإلحاق، وموازن له على غير سبيل الإلحاق، وغير موازن له. فالأول على ثلاثة أوجه
ملحق بدحرج نحو شملل وحوقل وبيطر وجهور وقلنس وقلسي. وملحق بتدحرج نحو تجلبب
وتجورب وتشيطن وترهوك وتمسكن وتغافل وتكلم. وملحق باحرنجم نحو إقعنسس واسلنقي.
ومصداق الإلحاق اتحاد المصدرين. والثاني نحو أخرج وجرب وقاتل يوازن دحرج غير أن
مصدره مخالف لمصدره. والثالث نحو انطلق واقتدر واستخرج وأشهاب وأشهب وأغدودن
واعلوط.
وزن فاعل فما كان على فعل فهو على معان لا تضبط كثرة
وسعة. وباب المغالبة مختص بفعل يفعل. منه كقولك كارمني فكرمته أكرمه، وكاثرني
فكثرته أكثره، وكذلك عازني فعززته أعزه، وخاصمني فخصمته، وهاجاني فهجوته. إلا ما
كان معتل الفاء كوعدت أو معتل العين أو اللام من بنات الياء كبعت ورميت فأنك تقول
فيه أفعله بالكسر، كقولك راميته أرميه وخايرته فخرته أخيره. وعن الكسائي إنه
استثنى أيضاً ما فيه أحد حروف الحلق وأنه يقال فيه أفعله بالفتح. وحكى أبو زيد
شاعرته أشعره، وفاخرته أفخره بالضم. قال سيبويه وليس في كل شيء يكون هذا، ألا يرى أنك
لا تقول نازعني فنزعته استغنى عنه بغلبته. وفعل يكثر فيه الإعراض من العلل
والأحزان وأضدادها كسقم ومرض وحزن وفرح وجذل وأشر والألوان كأدم وشهب وسود. وفعل
للخصال التي تكون في الأشياء كحسن وقبح وصغر وكبر.
وزن تُفُعْلِل وتفعلل يجيء مطاوع كجوربة فتجورب، وجلببه
فتجلبب، وبناء مقتضياً كتسهوك وترهوك.
وزن تفعَّل وتفعل يجيء مطاوع فعل نحو كسرته فتكسر،
وقطعته فتقطع. وبمعنى التكلف نحو تشجع وتصبر وتحلم وتمرأ. قال حاتم تحلم عن
الأذنين واستبق ودهم ... ولن تستطيع الحلم حتى تحلما
قال سيبويه وليس هذا مثل تجاهل لأن هذا يطلب أن يصير
حليماً ومنه تقيس وتنزر، وبمغنى استفعل كتكبر وتعظم وتعجل الشيء وتيقنه وتقصاه
وتثبته وتبينه، وللعمل بعد العمل في مهلة كقولك تجرعه وتحساه وتعرفه. وتفوقه ومنه
تفهم وتبصر وتسمع، وبمعنى إتخاذ الشيء نحو تديرت المكان وتوسدت التراب ومنه تبناه
وبمعنى التجنب كقولك تحوب وتأثم وتهجد وتحرج أي تجنب الحوب والإثم الهجود والحرج.
وزن تفاعل وتفاعل لما يكون من اثنين فصاعداً نحو تضارباً
وتضاربوا ولا يخلو من أن يكون من فاعل المتعدي إلى مفعول أو المتعدي إلى مفعولين:
فإن كان من المتعدي إلى مفعول كضارب لم يتعد. وإن كان من المتعدي إلى مفعولين نحو
نازعته الحديث وجاذبته الثوب وناسيسته البغضاء تعدي إلى مفعول واحد، كقولك تنازعنا
الحديث وتجاذبنا الثوب وتناسينا البغضاء.
ويجيء ليريك الفاعل أنه في حال ليس فيها نحو تغافلت
وتعاميت وتجاهلت قال إذا تخازرت وما بي من خزر
وبمنزلة فعلت كقولك توانيت في الأمر وتقاضيته وتجاوز
الغاية. ومطاوع فاعلت نحو باعدته فتباعد.
وزن أفعل وأفعل للتعدية نحو أجلسته وأمكنته. وللتعريض
للشيء وأن يجعل بسبب منه نحو أقتلته وأبعته إذا عرضته للقتل والبيع. ومنه أقبرته
وأشفيته وأشقيته إذا جعلت له قبراً وشفاء وسقياً وجعلته بسبب منه من قبل الهبة أو
نحوها. أو لصيرورة الشيء ذا كذا نحو أغد البعير إذا صار ذا غدة، وأجرب الرجل وانحز
وأحال أي صار ذا جرب ونحاز وحيال في ماله، ومنه الأم وأراب وأصرم النخل وأحصد
الزرع وأجر، ومنه أبشر وأفطر وأكب وأقشع الغيم. ولوجود الشيء على صفة نحو أحمدته
أي وجدته محموداً، وأحييت الأرض أي وجدتها حية النبات. وفي كلام عمرو بن معد يكرب
لمجاشع السلمي: لله دركم يا بني سليم قاتلناكم فما أجبناكم وسألناكم فما أبخلناكم
وهاجيناكم فما أفحمناكم. وللسلب نحو أشكيته وأعجمت الكتاب إذا أزلت الشكاية
والعجمة. ويجيء. بمعنى فعلت تقول قلت البيع وأقلته وشغلته وأشغلته وبكر وأبكر.
وزن فعَّل وفعل يؤاخي أفعل في التعدية نحو فرحته وغرمته،
ومنه خطأته وفسقته
وزنيته وجدعته وعقرته. وفي السلب نحو فزعته وقذيب عينه
وجلدت البعير وقردته، أي أزلت الفرزع والقذي والجلد والقراد. وفي كونه بمعنى فعل
كقولك زلته وزيلته وعضته وعوضته ومزته وميزته. ومجيئه للتكثير هو الغالب عليه نحو
قولك قطعت الثياب وغلقت الأبواب، وهو يجول ويطوف أن يكثر الجولان والطواف وبرك
النعم وربض الشاء وموت المال ولا يقال للواحد.
وزن فاعل وفاعل لأن يكون من غيرك إليك ما كان منك إليه،
كقولك ضاربته وقاتلته، فإذا كنت الغالب قلت فاعلني ففعلته. ويجيء مجيء فعلت كقولك
سافرت. بمعنى أفعلت نحو عافاك الله، وطارقت النعل. وبمعنى فعلت نحو ضاعفت وناعمت.
وزن انفعل وانفعل لا يكون إلا مطاوع فعل كقولك كسرته
فانكسر، وحطمته فانحطم، إلا ما شذ من قولهم: أقحمته فانقحم، وأغلقته فانغلق،
وأسقفته فانسقف، وأزعجته فانزعج.
ولا يقع إلا حيث يكون علاج وتأثير، ولهذا كان قولهم
انعدم خطأ. وقالوا قلته فانقال لأن القائل يعمل في تحريك لسانه.
وزن افتعل وافتعل يشارك انفعل في المطاوعة كقولك غممته
فاغتم، وشويته فاشتوى، ويقال أنغم وانشوى. ويكون بمعنى تفاعل نحو اجتوزوا
واختصموا والتقوا وبمعنى الإتخاذ نحو إذبح وأطبخ واشتوى إذا اتخذ ذبيحة وطبيخاً
وشواء لنفسه. ومنه اكتال واتزن.
وبمنزلة فعل نحو قرأت واقترات وخطف واختطف. وللزيادة على
معناه كقولك اكتسب في كسب، واعتمل في عمل. قال سيبويه أما كسبت فإنه يقول أصبت،
وأما اكتسبت فهو التصرف والطالب، والإعتمال بمنزلة الإضراب.
وزن استفعل : واستفعل لطلب الفعل، تقول استخفه واستعمله
واستعجله إذا طلب عمله وخفته وعجلته مر مستعجلاً أي مر طالباً ذلك من نفسه مكلفها
إياه، ومنه استخرجته أي لم أزل أتلطف به وأطلب حتى خرج. وللتحول نحو استتيبست
الشاة، واستنوق الجمل، واستحجر الطين، وإن البغاث بجرضنا يستنسر. وللإصابة على صفة
نحو استعظمته واستسمنته واستجدته أي أصبته عظيماً وسميناً وجيداً. وبمنزلة فعل نحو
قر واستقر وعلا قرنه واستعلاه.
افعوعل وافعوعل بناء مبالغة وتوكيد. فاخشوشن واعشوشبت الأرض واحلولى الشيء
مبالغات في خشن وأعشبت وحلا. قال الخليل في اعشوشبت إنما يريد أن يجعل ذلك عاماً
قد بالغ.
الباب الثاني عشر
الفعل الرباعي
أوزان الرباعي : للمجرد منه بناء واحد فعلل ويكون
متعدياً نحو دحرج الحجر، وسرهف الصبي. وغير متعد نحو دربخ وبرهم. وللمزيد فيه
بناءان إفعنلل نحو احرنجم وافعلل نحو اقشعر.
وكلا بنائي المزيد فيه غير متعد. وهما في الرباعي نظير
انفعل وأفعل وأفعال في الثلاثي. قال سيبويه وليس في الكلام أحرنجمته لأنه نظير
انفعلت في بنات الثلاثة، زادوا نوناً وألف وصل كما زادوهما في هذا. وقال ليس في
الكلام افعللته ولا أفعاللته، وذلك نحو أحمررت وأشهاببت، ونظير ذلك من بنات
الأربعة اطمأننت واشمأززت والله أعلم.
القسم الثالث الحروف
حروف الإضافة
تعريف الحرف الحرف ما دل على معنى في غيره. ومن لم ينفك
من أسم أو فعل يصحبه إلا في مواضع مخصوصة حذف فيها الفعل واقتصر على الحرف فجرى
مجرى النائب، نحو قولهم نعم وبلى وإي وإنه ويا وزيد قد في قوله وكأن قد.
أنواعها سميت بذلك إن وضعها على أن تفضي بمعاني الأفعال
إلى الأسماء. وهي فوضى في ذلك وإن اختلفت بها وجوه الإفضاء. وهي على ثلاثة أضرب:
ضرب لازم للحرفية. وضرب كائن إسماً وحرفاً. وضرب كائن حرفاً وفعلاً. فالأول تسعة
أحرف: من وإلى وحتى وفي والباء واللام ورب وواو القسم وتاؤه. والثاني خمسة أحرف:
على وعن والكاف ومذ منذ. والثالث ثلاثة أحرف: حاشا وخلا وعدا.
من فمن معناها ابتداء الغاية كقولك سرت من البصرة إلى
الكوفة، وكونها مبعضة نحو أخذت من الدراهم، ومبينة في نحو " فاجتنبوا الرجس
من الأوثان " ، ومزيدة في نحو ما جاءني من أحد راجع إلى هذا، ولا تزاد عند
سيبويه إلا في النفي، والأخفش يجوز الزيادة في الإيجاب
ويستشهد بقوله عز وجل: " يغفر لكم من ذنوبكم " .
إلى وإلى معارضة لمن دالة على انتهاء الغاية كقولك سرت
من البصرة إلى بغداد، وكونها بمعنى المصاحبة في نحو قوله عز وجل: " ولا
تأكلوا أموالهم إلى أموالكم " راجع إلى معنى الإنتهاء.
حتى وحتى في معناها إلا أنها تفارقها في أن مجرورها يجب
أن يكون آخر جزء من الشيء أو يلاقي آخر جزء منه، لأن الفعل المعدى بها، الغرض فيه
أن يتقضى ما تعلق به شيئاً فشيئاً حتى يأتي عليه، وذلك قولك أكلت السمكة حتى رأسها
ونمت البارحة حتى الصباح، ولا تقول حتى نصفها أو ثلثها كما تقول إلى نصفها وإلى
ثلثها. ومن حقها أن يدخل ما بعدها فيما قبلها. ففي مسألتي السمكة والبارحة في أكل
الرأس ونيم الصباح. ولا تدخل على مضمر فتقول حتاه كما تقول إليه. وتكون عاطفة
ومبتدأ ما بعدهما في نحو قول امريء القيس وحتى الجياد ما يقدن بأرسان
في وفي معناها الظرفية كقولك: زيد
في أرضه، والركض في الميدان، ومنه نظر في الكتاب، وسعي
في الحاجة، وقولهم في قول الله عز وجل: " ولأصلبنكم في جذوع النخل "
إنها بمعنى على عمل على الظاهر، والحقيقة إنها على أصلها لتمكن المصلوب في الجذع
تمكن الكائن في الظرف فيه.
الباء والباء معناها الإلصاق كقولك به داء أي التصق به وخامره،
ومررت به وارد على الاتساع والمعنى التصق مروري بموضع يقرب منه. ويدخلها معنى
الإستعانة في نحو كتبت بالقلم، ونحرت بالقدوم، وبتوفيق الله حججت، وبفلان أصبت
الغرض. ومعنى المصاحبة في نحو خرج بعشيرته، ودخل عليه بثياب السفر، واشترى الفرس
بسرجه ولجامه. وتكون مزيدة في المنصوب كقوله تعالى: " ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة " ، وقوله: " بأيكم المفتون " وقوله سود المحاجر لا يقرأن
بالسور
وفي المرفوع كقوله تعالى: " كفى بالله شهيداً
" وبحسبك زيد وقول امريء القيس:
ألا هل أتاها والحوادث جمة ... بأن امرأ القيس بن تملك
بيقرا
اللام واللام للإختصاص كقولك المال لزيد، والسرج للدابة،
وجاءني أخ له وابن له. وقد تقع مزيدة قال الله تعالى: " ردف لكم " .
رب ورب للتقليل. ومن خصائصها أن لا تدخل إلا على نكرة
ظاهرة أو مضمرة. فالظاهر يلزمها أن تكون موصوفة بمفرد أو جملة كقولك رب رجل
جواد، ورب رجل جاءني، ورب رجل أبوه كريم. والمضمرة حقها أن تفسر بمنصوب كقولك ربه
رجلاً. ومنها أن الفعل الذي تسلطه على الأسم يجب تأخير عنها، وإنه يجيء محذوفاً
في الأكثر كما حذف مع الباء في بسم الله قال الأعشي رب رفد هرقته ذلك اليو ... م وأسرى من
معشر أقيال
فهرقته ومن معشر صفتان وأسرى والفعل محذوف. ومنها أن
فعلها يجب أن يكون ماضياً، تقول رب رجل كريم قد لقيت، ولا يجوز سألقى أو لألقين.
وتكف بما فتدخل حينئذ على الإسم والفعل كقولك ربما قام زيد، وربما زيد في الدار.
قال أبو دؤاد ربما الجامل المؤبل فيهم
... وعناجيج بينهن المهار
وفيها لغات: رب الراء مضمومة والباء مخففة مفتوحة أو
مضمومة أو مسكنة، ورب الراء مفتوحة والباء مشددة ومخففة، وربت بالتاء والباء مشددة
أو مخففة.
واو القسم وواو القسم مبدلة عن الباء الإلصاقية في أقسمت
بالله، أبدلت عنها عند حذف الفعل، ثم التاء مبدلة عن الواو في تالله خاصة. وقد روى
الأخفش ترب الكعبة فالباء لأصالتها تدخل على المضمر والمظهر فتقول بالله وبك
لأفعلن كذا. والواو لا تدخل إلا على المظهر لنقصانها عن الباء، والتاء لا تدخل من
المظهر إلا على واحد لنقصانها عن الواو. وقولهم والله قيل
أصله من الله لقولهم من ربي أنك لأشر فحذفت النون لكثرة
الإستعمال، وقيل أصله أيم ومن ثم قالوا من ربي بالضم. ورأي بعضهم أن تكون الميم بدلاً من
الواو لقرب المخرج.
على وعلى للإستعلاء تقول عليه دين، وفلان علينا أمير،
وقال الله تعالى: " فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك " ، وتقول على
الإتساع: مررت عليه إذا جزنه. وهو اسم في نحو قوله غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها
أي من فوقه.
عن وعن للبعد والمجاوزة كقولك رمى عن القوس لأنه يقذف
عنها بالسهم ويبعده، وأطعمه عن الجوع، وكساه عن العري، لأنه يجعل الجوع العري
متباعدين عنه. وجلس عن يمنيه أي متراخياً عن بدنه في المكان الذي بحيال
يمينه. وقال الله تعالى: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره " . وهو اسم في
نحو قولهم جلست من عن يمينه أي من جانبها.
الكاف والكاف للتشبيه كقولك: الذي كزيد أخوك. وهو اسم في
نحو قوله يضحكن عن كالبرد المنهم
ولا تدخل على الضمير استغناء بمثل، وقد شذ نحو قول
العجاج وأم أوعال كها أو أقربا
مذ ومنذ و
مذ ومنذ لابتداء الغاية في الزمان كقولك ما رأيته مذ يوم
الجمعة ومنذ يوم السبت. وكونهما أسمين ذكر في الأسماء المبنية.
حاشا وحاشا معناها التنزيه قال حاشا أبي ثوبان أن به ...
ضنا عن الملحاة والشتم
وهو عند المبرد يكون فعلاً في نحو قولك هجم القوم حاشا
زيداً بمعنى جانب بعضهم زيداً، أي فاعل من الحشا وهو الجانب. وحكى أبو عمرو
الشيباني عن بعض العرب اللهم اغفر لي ولمن سمع حاشا الشيطان وابن الأصبغ بالنصب.
وقوله تعالى: " حاش لله " بمعنى براءة لله من السوء.
عدا وخلا وعدا وخلا مر الكلام فيهما في الإستثناء.
كي وكي في قولهم كيمه من حروف الجر بمعنى لمه.
حذف حروف الجر وتحذف حروف الجر فيتعدى الفعل بنفسه كقوله
تعالى: " واختار لموسى قومه سبعين رجلاً " وقوله منا الذي اختير الرجال
سماحة ... وجوداً إذا هب الرياح الزعازاع
وقوله أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا
مال وذا نشب
وتقول استغفر الله ذنبي، ومنه دخلت الدار. وتحذفت مع أن
وإن كثيراً مستمراً.
وتضمر قليلاً. ومما جاء من ذلك إضمار رب والباء في القسم
وفي قول رؤبة خير إذا قيل له كيف أصبحت واللام في لاه أبوك بمعنى لله أبوك.
الباب الثاني
الحروف المشبهة بالفعل وهي إن وأن ولكن وكأن وليت ولعل.
وتلحقها ما الكافة فتعزلها عن العمل ويبتدأ بعدها الكلام. قال الله تعالى: "
إنما إلهكم إله واحد " وقال: " إنما ينهاكم الله " وقال ابن كراع
تحلل وعالج ذات نفسك وانظرن ... أبا جعل لعلما أنت حالم
وقال أعد نظراً يا عبد قيس لعلما ... أضاءت لك النار
الحمار المقيدا
ومنهم من يجعل ما مزيدة ويعملها. إلا أن الإعمال في
كأنما ولعلما وليتما أكثر منه في إنما وأنما ولكنما. وروى بيت النابغة قالت ألا
ليتما هذا الحمام لنا
على وجهين.
أن وإن الفرق بينهما أن وإن هما تؤكدان مضمون الجملة
وتحققانه إلا أن المكسورة الجملة معها على استقلالها بفائدتها، والمفتوحة تقلبها
إلى حكم المفرد. تقول إن زيداً منطلق وتسكت كما تسكت على زيد منطلق، وتقول بلغني
أن زيداً منطلق، وحق أن زيداً منطلق، فلا تجد بداً من هذا الضميم كما لا تجده مع
الإنطلاق ونحوه. وتعاملها معاملة المصدر حيث توقعها فاعلة ومفعولة ومضافاً إليها
في قولك بلغني أن زيداً منطلق، وسمعت أن عمراً خارج. وعجبت من أن زيداً واقف. ولا
تصدر بها الجملة كما تصدر بأختها بل إذا وقعت في
موضع المبتدأ التزم تقديم الخبر عليها فلا يقال أن زيداً
قائم حق، ولكن حق أن زيداً قائم.
التميز بين موقعيهما والذي يميز بين موقعيهما أن ما كان
مظنة للجملة وقعت فيه المكسورة كقولك مفتتحاً إن زيداً منطلق، وبعد قال لأن الجمل
تحكى بعده، وبعد الموصول لأن الصلة لا تكون إلا جملة. وما كان مظنة للمفرد وقعت
فيه المفتوحة نحو مكان الفاعل، والمجرور، وما بعد لولا، لأن المفرد ملتزم فيه في
الإستعمال، وما بعد لولان تقدير لو أنك منطلق لانطلقت لو وقع أنك منطلق أي لو وقع
انطلاقك، وكذلك ظننت أنك ذاهب على حذف ثاني المفعولين. والأصل ظننت ذهابك حاصلاً.
ومن المواضع ما يحتمل المفرد والجملة فيجوز فيه إيقاع
أيتهما شئت نحو قولك أول ما أقول أني أحمد الله، إن جعلتها خبراً للمبتدأ فتحت،
كأنك قلت أول مقولي حمد الله وإن قدرت الخبر محذوفاً كسرت حاكياً ومنه قوله وكنت
أرى زيداً كما قيل سيداً ... إذا إنه عبد القفا واللهازم
تكسر لتوفر على ما بعد إذا ما يقتضيه من الجملة، وتفتح
على تأويل حذف الخبر، أي فإذا العبودية حاصلة وحاصلة محذوفة.
حركة أن بعد حتى وتكسرها بعد حتى التي يبتدأ بعدها الكلام
فتقول قد قال القوم ذلك حتى إن زيداً يقوله. وإن كانت العاطفة أو الجارة فتحت فقلت
قد عرفت أمورك حتى أنك صالح، وعجبت من أحوالك حتى أنك تفاخرني.
ولكون المكسور للإبتداء لم تجامع لأمه إلا إياها وقوله
ولكنني من حبها لعميد
على أن الأصل ولكن أنني كما أن أصل قوله تعالى: "
لكنا هو الله ربي " لكن أنا. ولها إذا جامعتها ثلاثة مداخل: تدخل على الإسم
إن فصل بينه وبين إن كقولك إن في الدار لزيداً وقوله تعالى: " إن في ذلك
لعبرة " ، زعلى الخبر كقولك إن زيداً لقائم وقوله تعالى: " إن الله غفور
رحيم " ، وعلى ما يتعلق بالخبر إذا تقدمه كقولك إن زيداً الطعامك آكل وإن
عمراً لفي الدار جالس وقوله تعالى: " لعمرك أنهم لفي سكرتهم يعمهون " .
وقول الشاعر إذا امرأً خصني عمداً مودته ... على التنائي لعندي غير مكفور
ولو أخرت فقلت آكل لطعامك أو غير مكفور لعندي لم يجز لأن
اللام لا تتأخر عن الأسم والخبر.
وتقول علمت أن زيداً قائم فإذا جئت باللام كسرت وعلقت
الفعل قال الله تعالى: " والله يعلم أنك لرسوله والله يشهد أن المنافقين
لكاذبون " ومما يحكى من جراءة الحجاج على الله تعالى أن لسانه سبق في مقطع
والعاديات إلى فتح فأسقط اللام.
إعراب المعطوف على أسم إن
ولأن محل المكسورة وما عملت فيه الرفع جاز في قولك إن
زيداً ظريف وعمراً، وإن بشراً راكب لا سعيد أو بل سعيداً، أن ترفع المعطوف حملاً
على المحل قال الله تعالى: " إن الله بريء من المشركين ورسوله " وقال
جرير إن الخلافة والنبوة فيهم
... والمكرمات وسادة أطهار
وفيه وجه آخر ضعيف وهو عطفه على ما في الخبر من الضمير.
ولكن تشايع إن في ذلك دون سائر أخواتها. وقد أجرى الزجاج الصفة مجرى المعطوف وحمل
عليه قوله تعالى: " قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب " . وأباه غيره. وإنما يصح الحمل
على المحل بعد مضي الجملة فإن لم تمض لزمك أن تقول إن زيداً وعماً قائمان بنصب
عمرو ولا غير.
وزعم سيبويه أن ناساً من العرب يغلطون فيقولون أنهم
أجمعون ذاهبون وأنك وزيد ذاهبان وذاك أن معناه معنى الإبتداء، فيرى أنه قال هم كما
قال.
ولا سابق شيئاً إذا كان جائياً
وأما قوله تعالى: " والصابؤن " . فعلى التقديم
والتأخير كأنه ابتداء والصابؤن بعد ما مضى الخبر وأنشدوا وإلا فاعلموا أنا وأنتم
... بغاه ما بقينا في شقاق
عدم جواز الجمع بين إن وأن ولا يجوز إدخال إن على أن فيقال
إن أن زيداً في الدار إلا إذا فصل بينهما كقولك إن عندنا أن زيداً في الدار.
تخفف إن وإن فيبطل عملهما: وتخففان فيبطل عملهما. ومن
العرب من يعملهما. والمكسورة أكثر
إعمالاً.
ويقع بعدهما الإسم والفعل. والفعل الواقع بعد المكسورة
يجب أن يكون من الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر. وجوز الكوفيون غيره. وتلزم
المكسورة اللام في خبرها. والمفتوحة يعوض عما ذهب منها أحد الأحرف الأربعة حرف
النفي وقد وسوف والسين، تقول إن زيد لمنطلق وقال الله تعالى: " وإن كل لما
جميع لدينا محضرون " وقرىء: " وإن كلا لما ليوفيننهم " على الإعمال
وأنشدوا فلو أنك في يوم الرخاء سألتني ... فراقك لم أبخل وأنت صديق
وقال الله تعالى: " وإن كنت من قبله لمن الغافلين
" وقال: " وإن نظنك لمن الكاذبين " وقال: " وإن وجدنا أكثرهم
لفاسقين " وأنشد الكوفيون بالله ربك إن قتلت لمسلماً ... وجبت عليك عقوبة
المتعمد
ورووا إن تزينك لنفسك وإن تشينك لهيه. وتقول في المفتوحة
علمت أن زيد منطلق والتقدير أنه زيد منطلق. وقال الله تعالى: " وآخر دعواهم
إن الحمد لله رب العالمين " . وقال في فتية كسيوف الهند قد علموا ... أن هالك
كل من يحفى وينتعل
وعلمت أن لا يخرج زيد وأن قد خرج وأن سوف يخرج وأن سيخرج
قال الله تعالى: " أيحسب أن لم يره أحد " وقال تعالى: " علم أن
سيكون منكم مرضى " .
ضرورة مشاكلة الفعل لها في التحقيق والفعل الذي يدخل على
المفتوحة مشددة أو مخففة يجب أن يشاكلها في التحقيق كقوله تعالى: " ويعلمون
أن الله هو الحق المبين " قوله تعالى: " أفلا يرون أن لا يرجع " . فإن لم يكن
كذلك نحو أطمع وأرجو وأخاف فليدخل على أن الناصبة للفعل كقوله تعالى: " والذي
أطمع أن يغفر لي " . وقولك أرجو أن تحسن إلي وأخاف أن تسيء إلي. وما فية وجهان
كظننت وحسبت وخلت فهو داخل عليهما جميعاً تقول ظننت أن تخرج وأن ستخرج وأنك تخرج
وقريء قوله تعالى: " وحسبوا ألا تكون فتنة " . بالرفع والنصب.
معنى آخر لأن وإن وتخرج إن المكسورة إلى المعنى أجل. قال
ويقلن شيب قد علا ... ك وقد كبرت فقلت إنه
وفي حديث عبد الله بن الزبير إن راكبها. وتخرج المفتوحة
إلى معنى لعل كقولهم أئت السوق تشتري لحماً. وتبدل قيس وتميم همزتها عيناً فتقول
أشهد عن محمداً رسول الله.
لكن َّ هي للإستدراك لتوسطها بين كلامين متغايرين نفياً
وإيجاباً، فيستدرك بها النفي بالإيجاب بالنفي وذلك قولك: ما جاءني زيد لكن عمراً
جاءني، وجاءني زيد لكن عمراً لم يجيء.
والتغاير في المعنى بمنزلته في اللفظ كقولك: فارقني زيد
لكن عمراً حاضر، وجاءني زيد لكن عمراً غائب، وقوله عز وجل: " ولو أراكهم
كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم " ، على معنى النفي وتضمن ما
أراكهم كثيراً.
وتخفف فيبطل عملها كما يبطل عمل إن وأن، وتقع في حروف
العطف على ما سيجيء بيانها إن شاء الله تعالى.
كأن هي للتشبيه، ركبت الكاف مع أن كما ركبت مع ذا وأي في
كذا وكأين. وأصل قولك كأن زيد الأسد أن زيداً كالأسد، فلما قدمت الكاف فتحت لها
الهمزة لفظاً والمعنى على الكسر، والفصل بينه وبين الأصل إنك ههنا بان كلامك على
التشبيه من أول الأمر، وثم بعد مضي صدره على الإثبات.
وتخفف فيبطل عملها قال ونحر مشرق اللون ... كأن ثدياه
حقان
ومنهم من يعملها قال كأن وريديه رشاء خلب
وفي قوله كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم
ثلاثة أوجه الرفع والنصب والجر على زيادة أن.
ليت
ليت هي للتمني كقوله تعالى: " ياليتنا نرد "
ويجوز عند الفراء أن تجري مجرى أتمنى فيقال ليت زيداً قائماً كما يقال أتمنى زيداً
قائماً والكسائي يجيز ذلك على إضمار كأن والذي غرهما منها قول الشاعر يا ليت أيام
الصبا رواجعا
وقد ذكرت ما هو عليه عند البصريين.
وتقول ليت أن زيداً خارج وتسكت كما تسكت على ظننت أن
زيداً خارج.
لعل هي لتوقع مرجو أو مخوف، وقوله عز وجل: " لعل
الساعة قريب " و" لعلكم تفلحون " ترج للعبادة، وكذلك قوله عز وجل:
" لعله يتذكر أو يخشى " ، ومعناه اذهبا أنتما على رجائكما ذلك من فرعون.
وقد لمح فيها معنى التمني من قرأ فأطلع بالنصب. وهي في حرف عاصم.
وقد أجاز الأخفش لعل أن زيداً قائم. قاسها على بيت وقد
جاء في الشعر لعلك يوماً أن تلم ملمة ... عليك من اللائي يدعنك أجدعا
قياساً على عسى.
وفيها لغات لعل وعل وعن وإن ولأن ولعن ولغن. وعن أبي
العباس أن أصلها عل زيدت عليها لام الإبتداء.
الباب الثالث
حروف العطف
معنى العطف العطف على ضربين: عطف مفرد وعطف جملة على
جملة. وله عشرة أحرف: فالواو والفاء وثم وحتى أربعتها على جمع المعطوف والمعطوف عليه
في حكم، تقول جاء بي زيد وعمرو، وزيد يقوم ويقعد، وبكر قاعد وأخوه قائم، وأقام بشر
وسافر خالد. فتجمع بين الرجلين في المجيء، وبين الفعلين في إسنادهما إلى زيد، وبين
مضموني الجملتين في الحصول. وكذلك ضربت زيداً فعمراً، وذهب عبد الله ثم أخوه،
ورأيت القوم حتى زيداً. ثم إنها تفترق بعد ذلك.
الواو فالواو للجمع المطلق من غير أن يكون المبدوء به
داخلاً في الحكم قبل الآخر، ولا أن يجتمعا في وقت واحد، بل الأمران جائزان، وجائز
عكسهما؛ نحو قولك جاءني زيد اليوم وعمرو أمس، واختصم بكر وخالد، وسيان قعودك
وقيامك، وقال الله تعالى: " وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة " ، وقال:
" وقولوا حطة وادخلوا الباب سجداً " والقصة واحدة.
وقال سيبويه ولم تجعل للرجل منزلة بتقديمك إياه يكون
أولى بها من الحمار كأنك قلت مررت بهما.
الفاء وثم والفاء وثم وحتى تقتضي الترتيب، إلا أن الفاء
توجب وجود الثاني بعد الأول بغير مهلة، وثم توجبه بمهلة. ولذلك قال سيبويه مررت
برجل ثم امرأة، فالمرور ههنا مروران، ونحو قوله تعالى: " وكم من قرية
أهلكناها فجاءها بأسنا " ، وقوله: " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل
صالحاً ثم اهتدى " . محمول على أنه لما أهلكها حكم بأن البأس جاءها، وعلى دوام
الإهتداء وثباته.
حتى الواجب فيها أن يكون ما يعطف بها جزءاً من المعطوف
عليه إما أفضله كقولك مات الناس حتى الأنبياء أو دونه كقولك قدم الحجاج حتى المشاة.
أو، إما، أم، ثلاثتها لتعليق الحكم بأحد المذكورين، إلا
أن أو وإما يقعان في الخبر والأمر والإستفهام نحو قولك جاءني زيد أو عمرو، وجاءني
إما زيد وإما عمرو، واضرب رأسه أو ظهره، واضرب إما رأسه وإما ظهره، وألقيت عبد
الله أو أخاه؟ وأم لا يقع إلا في الإستفهام إذا كانت متصلة، والمنقطعة تقع في
الخبر أيضاً. تقول في الإستفهام أزيد عندك أم عمرو؟ وفي الخبر إنها لإبل أم شاء.
الفرق بين أو وأمّ والفصل بين أو وأم في قولك أزيد عندك
أو عمرو؟ وأزيد عندك أم عمرو؟ وأنك في الأول لا تعلم كون أحدهما عنده فأنت تسأل
عنه، وفي الثاني تعلم أن أحدهما عنده إلا أنك لا تعلمه بعينه فأنت تطالبه بالتعيين.
معنى أو وإما ويقال في أو وإما في الخبر أنهما للشك، وفي
الأمر أنهما للتخبير والإباحة. فالتخيير كقولك أضرب زيداً أو عمراً، وخذ إما هذا
وإما ذلك. والإباحة كقولك: جالس الحسن أو ابن سيرين، وتعلم إما الفقه وإما النحو.
الفرق بين أو وإما وبين أو وإما من الفصل إنك مع أو يمضي
أول كلامك على اليقين ثم يعترضه الشك، ومع إما كلامك من أوله مبني على الشك. ولم
يعد الشيخ أبو علي الفارسي إما في حروف العطف لدخول العاطف عليها ووقوعها قبل
المعطوف عليه.
لا، بل، لكن أخوات في أن المعطوف بها مخالف للمعطوف
عليه. فلا تنفي ما وجب للأول كقولك: جاءني زيد لا عمرو. وبل للإضراب عن الأول
منفياً أو موجباً كقولك: جاءني زيد بل عمرو وما جاءني بكر بل خالد. ولكن إذا عطف بها
مفرد على مثله كانت للإستدراك بعد النفي خاصة كقولك: ما رأين زيداً لكن عمراً.
وأما في عطف الجملتين فنظيرة بل في مجيئها بعد النفي والإيجاب. تقول جاءني زيد
لكن عمرو لم يجيء، وما جاءني زيد لكن عمرو قد جاء.
حروف النفي وهي ما ولا ولم ولما ولن وإن فما لنفي الحال
في قولك ما يفعل وما زيد منطلق أو منطلقاً على اللغتين ولنفي الماضي المقرب من
الحال في قولك ما فعل قال سيبويه أما ما فهي نفي لقول القائل هو يفعل إذا كان في
فعل الحال وإذا قال لقد فعل فإن نفيه ما فعل فكأنه قيل والله ما فعل.
ولا لنفي المستقبل في قولك لا يفعل قال سيبويه وأما لا
فتكون نفياً لقول القائل هو يفعل ولم يقع الفعل وقد نفي بها الماضي في قوله تعالى:
" فلا صدق ولا صلى " . وقوله فأي أمر سيء لا فعله
وتنفي بها نفياً عاماً في قولك: لا رجل في الدار وغير
عام في قولك: لا رجل في الدار ولا امرأة ولا زيد في الدار ولا عمرو. ولنفي الأمر
في قولك لا نفعل ويسمى النهي والدعاء في قولك لا رعاك الله.
ولم ولما لقلب معنى المضارع إلى الماضي ونفيه إلا أن بينهما
فرقاً وهو أن لم يفعل نفي الفعل ولما يفعل نفي قد فعل وهي لم ضمت إليها ما فازدادت
في معناها أن تضمنت معنى التوقع والإنتظار واستطال زمان فعلها ألا ترى أنك تقول
ندم ولم ينفعه الندم أي عقيب ندمه وإذا قلته بلما كان على معنى أن لم ينفعه إلى
وقته ويسكت عليها دون أختها في قولك خرجت ولما أي ولما يخرج كما تسكت على قد في
وكأن قد.
ولم لتأكيد ما تعطيه لا من نفي المستقبل تقول لا أبرح
اليوم مكاني فإذا وكدت وشددت قلت لن أبرح اليوم مكاني قال الله تعالى: " لا
أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين " وقال تعالى: " فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي
أبي " . وقال الخليل أصلها لا أن فخففت بالحذف وقال الفراء نونها مبدلة من
ألف لا وهي عند سيبويه حرف برأسه وهو الصحيح.
وإن بمنزلة ما في نفي الحال وتدخل على الجملتين الفعلية والإسمية
كقولك: إن يقوم زيد وإن قائم قال الله تعالى: " إن كانت إلا صيحة واحدة
" وقال تعالى: " إن تتبعون إلا الظن " . وقال عز وجل: " إن
الحكم لله " . ولا يجوز إعمالها عمل ليس عند سيبويه وأجازه المبرد.
الباب الرابع
حروف التنبيه ألفاظها ها، ألا، أما
وهي ها وألا وأما. تقول ها أن زيداً منطلق، وها أفعل
كذا، وألا إن عمراً بالباب، وأما إنك خارج، وألا لا تفعل كذا، وأما والله لأفعلن،
قال النابغة ها أن تا عذرة إن لم تكن نفعت ... فإن صاحبها قد تاه في البلد
وقال ونحن اقتسمنا المال نصفين بيننا ... فقلت لهم هذا
لها ها وذا ليا
وقال ألا يا أصبحاني قبل غارة سنجال
وقال أما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي
أمره الأمر
دخولها على أسماء الشرط والضمائر وأكثر ما تدخل ها على
أسماء الإشارة والضمائر كقولك هذا وهذه وها أنا ذا وها هو وها أنت ذا وها هي ذه وما
أشبه ذلك.
حذف الألف من أما ويحذفون الألف من أما فيقولون أم والله
وفي كلام هجرس بن كليب أم وسيفي وزريه، ورمحي ونصليه، وفرسي وأذنيه، لا يدع الرجل
قاتل أبيه، وهو ينظر إليه، ويبدل بعضهم من همزته هاء فيقول هما والله وهم والله وبعضهم
عيناً فيقول عما والله وعم والله.
الباب الخامس
حروف النداء
ألفاظها وهي يا وايا وهيا وأي والهمزة ووا. فالثلاثة
الأول لنداء البعيد أو من هو بمنزلته من نائم أو ساه، فإذا نودي بها من عداهم
فلحرص المنادى على إقبال المدعو عليه ومفاطنته لما يدعوه له. وأي الهمزة للقريب.
ووا للندبة خاصة.
وقول الداعي: يا رب ويا ألله، استقصار منه لنفسه، وهضم
لها واستبعاد عن مظان القبول والإستماع، وإظهار للرغبة في الإستجابة بالجؤار.
الباب السادس
حروف التصديق والإيجاب
عددها نعم وبلى وأجل وجير وأي وإن.
نعم فأما نعم فمصدقة لما سبقها من كلام منفي أو مثبت.
تقول إذا قال قام زيد أو لم يقم: نعم تصديقاً لقوله فكذلك إذا وقع الكلامان بعد
حرف الإستفهام إذا قال: أقام زيد أو ألم يقم؟ فقلت: نعم. فقد حققت ما بعد الهمزة.
بلى وبلى إيجاب لما بعد النفي. تقول لمن قال لم يقم
زيداً أو ألم يقم؟ بلى. قد قام وقال الله تعالى: " بلى قادرين " . أي
نجمعهما.
أجل وأجل لا يصدق بها إلا في الخبر خاصة يقول القائل قد
أتاك زيد فتقول أجل. ولا تستعمل في جواب الإستفهام.
جير وجير نحوها بكسر الراء، وقد تفتح. قال:
وقلن على الفردوس أول مشرب ... أجل جير أن كانت أبيحت
دعاثره
ويقال جير لأفعلن بمعنى حقاً.
إن وإن كذلك أيضاً. قال ويقلن شيب قد علا ... ك وقد كبرت
فقلت إنه
أي وأي لا تستعمل إلا مع القسم، إذا قال لك المستخبر هل
كان كذا؟ قلت أي والله، وأي والله، وأي لعمري، وأي ها الله ذا.
وكنانة تكسر العين من نعم. وفي قراءة عمر بن الخطاب وابن
مسعود رضي الله عنهما قال نعم. وحكى أن عمر سأل قوماً عن شيء فقالوا نعم
بالفتح، فقال إنما النعم الإبل، فقالوا نعم. وعن النضير
بن شميل أن نحم بالحاء لغة ناس من العرب.
وفي أي والله ثلاثة أوجه: فتح الياء، وتسكينها، والجمع
بين ساكنين هي ولام التعريف المدمغة وحذفها.
الباب السابع
حروف الاستثناء
وهي إلا وحاشى وعدا وخلا في بعض اللغات.
الباب الثامن
حرفا الخطاب وهما الكاف والتاء اللاحقتان علامة للخطاب
في نحو ذاك وذلك وأولئك وهناك وهاك وحيهلك والنجاك ورويدك ورأيتك وإياك وفي أنتَ
وأنتِ.
وتلحقهما التثنية والجمع والتذكير والتأنيث كما تلحق
الضمائر. قال الله تعالى: " ذلكما مما علمني ربي " ، وقال: " ذلكم
خير لكم " ، وقال: " فذلكن الذي لمتنني فيه " وقال " أن تلكما
الجنة " وقال " وأولئك جعلنا لكم " وقال " كذلك قال ربك " . وتقول
أنتما وأنتم وأنتن.
ونظير الكاف الهاء والياء وتثنيتهما، وجمعهما، في إياه
وإياي على مذهب أبي الحسن.
الباب التاسع
حروف الصلة
ألفاظها إن وأن وما ولا ومن والباء.
إن، وأن: في نحو قولك: ما أن رأيت زيداً. والأصل ما رأيت
زيداً. ودخول أن صلة أكدت معنى النفي. قال دريد ما إن رأيت ولا سمعت به ... كاليوم
هانيء أينق جرب
وعند الفراء إنهما حرفا نفي ترادفا كترادف حرفي التوكيد
في أن زيداً لقائم. وقد يقال انتظرني ما أن جلس القاضي، أي ما جلس بمعنى مدة جلوسه.
وتقول في زيادة أن لما أن جاء أكرمته وأما والله أن لو
قمت لقمت.
ما وغضبت من غير ما جرم، وجئت لأمر ما، وإنما زيد منطلق،
وأينما تجلس أجلس، وبعين ما أرينك، وقال تعالى: " فبما نقضهم ميثاقهم "
، وقال تعالى: " فبما رحمة من الله لنت لهم " ، وقال تعالى: " عما
قليل " ، وقال تعالى: " أيما الأجلبن قضيت " ، وقال: " وإذا
ما أنزلت سورة " ، وقال: " مثل ما أنكم تنطقون " .
لا وقال تعالى: " لئلا يعلم أهل الكتاب " . أي
لأن يعلم أهل الكتاب، وقال تعالى: " فلا أقسم بمواقع النجوم " . وقال
العجاج في بئر لا حور سرى وما شعر
ومنه ما جاءني زيد ولا عمرو، وقال الله تعالى: " لم يكن
الله ليغفر لهم ولا يهديهم " ، وقال الله تعالى: " ولا تستوي الحسنة ولا
السيئة " .
من وتزاد من عند سيبويه في النفي خاصة لتأكيده وعمومه،
وذلك نحو قوله تعالى: " ما جاءنا من بشير ولا نذير " . والإستفهام كالنفي
قال الله تعالى: " هل من مزيد " . وقال تعالى: " هل من خالق غير الله
" . وعن
الأخفش زيادته في الإيجاب.
الباء وزيادة الباء لتأكيد النفي والإيجاب في نحو ما زيد
بقائم. وقالوا بحسبك درهم، وكفى بالله.
الباب العاشر
حرفا التفسير وهما أي وأن.
أي المفسرة: تقول في نحو قوله تعالى: " واختار موسى
قومه " . أي من قومه كأنك قلت: تفسيره من قومه، أو معناه من قومه. قال الشاعر
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب ... وتقلينني لكن إياك لا أقلي
أن المفسرة وأما
أن المفسرة فلا تأتي إلا بعد فعل في معنى القول كقولك
ناديته أن قم، وأمرته أن أقعد، وكتبت إليه أن أرجع. وبذلك فسر قوله عز وجل: "
وانطلق الملأ منهم أن امشوا " ، وقوله تعالى: " وناديناه أن يا إبراهيم " .
الباب الحادي عشر
الحرفان المصدريان ما، أن وهما ما إن في قولك أعجبني ما
صنعت وما تصنع، أي صنيعك. وقال الله تعالى: " وضاقت عليهم الأرض بما رحبت " أي
برحبها. وقد فسر به قوله عز وجل: " والسماء وما يناها " . وقال الشاعر يسر
المرء ما ذهب الليالي ... وكان ذهابهن له ذهابا
وتقول: بلغني أن جاء عمرو، وأريد أن تفعل، وأنه أهل أن
يفعل، أي أهل الفعل وقال الله تعالى: " فما كان جواب قومه إلا أن قالوا " .
وبعض العرب يرفع الفعل بعد أن تشبيها بما قال الشاعر أن
تقرآن على أسماء ويحكما ... مني السلام وأن لا تشعرا أحدا
وعن مجاهد أن يتم الرضاعة بالرفع.
الباب الثاني عشر
حروف التحضيض
ألفاظها وهي لولا ولوما وهلا وألا. تقول: لولا فعلت كذا،
ولوما ضربت زيداً، وهلا مررت به، وألا قمت تريد استبطاء وحثه على الفعل.
دخولها على فعل ماض أو مستقبل ولا تدخل إلا على فعل ماض
أو مستقبل قال الله تعالى: " لولا أخرتني إلى أجل قريب " ، وقال الله
تعالى: " لو ما تأتينا بالملائكة " ، وقال تعالى: " فلولا أن كنتم
غير مدينين ترجعونها " . دخل لولا على ترجعونها.
إضمار الفعل بعدها وإن وقع بعدها اسم منصوب أو مرفوع كان
بإضمار رافع أو ناصب كقولك لمن ضرب قوماً: لولا زيد أي لولا ضربته. قال سيبويه
وتقول لولا خيراً من ذلك، وهلا خيراً من ذلك، أي هلا تفعل خيراً من ذلك، قال ويجوز
رفعه على معنى هلا كان منك خير من ذلك. وقال جرير:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ... بني ضوطرى لولا الكمي
المقنعا
معنى آخر للولا ولوما وللولا ولوما معنى آخر وهو امتناع
الشيء لوجود غيره. وهما في هذا الوجه داخلتان على اسم مبتدأ كقولك لولا علي لهلك
عمر.
الباب الثالث عشر
حرف التقريب
قد للتحقيق والتقريب قد تقرب الماضي من الحال إذا قلت قد
فعل، ومنه قول المؤذن قد قامت الصلاة لا بد فيه من معنى التوقع. قال سيبويه وأما
قد فجواب هل فعل؟ وقال ايضاً: فجواب لما يفعل. وقال الخليل هذا الكلام لقوم
ينتظرون الخبر.
قد للتقليل وتكون للتقليل بمنزلة ربما إذا دخلت على
المضارع كقولهم أن الكذوب قد يصدق.
حذف الفعل بعدها ويجوز الفصل بينه وبين الفعل بالقسم
كقولك: قد والله أحسنت، وقد لعمري بت ساهراً. ويجوز طرح الفعل بعدها إذا فهم كقوله
أفد الترحل غير أن ركابننا ... لما تزل برحالنا وكأن قد
الباب الرابع عشر
حروف الاستقبال
ألفاظها وهي سوف والسين وأن ولا ولن. قال الخليل أن
سيفعل جواب لن يفعل، كما أن يفعل جواب لا يفعل، لما في لا يفعل في اقتضاء القسم.
وفي سوف دلالة على زيادة تنفيس، ومنه سوفته كما قيل من
آمين أمن.
وأن تدخل على المضارع والماضي فيكونان معه في تأويل
المصدر. وإذا دخل على المضارع لم يكن إلا مستقبلاً كقولك أريد أن تخرج، ومن ثم لم
يكن منها بد في خبر عسى. ولما انحرف الشاعر في قوله عسى طيء من طيء بعد هذه ...
ستطفيء غلات الكلى والجوانح
عما عليه الإستعمال جاء بالسين التي هي نظيرة أن.
وهي مع فعلها ماضياً أو مضارعاً بمنزلة أن مع ما في
حيزها.
وتميم وأسد يحولون همزتها عيناً فينشدون بيت ذي الرمة
أأن ترسمت من خرقاء منزلة
أعن ترسمت، وهي عنعنة بني تميم.
وقد مر الكلام في لا ولن.
الباب الخامس عشر
حرفا الاستفهام
الهمزة، هل وهما الهمزة وهل في نحو قولك أزيد قائم؟
وأقام زيد؟ وهل عمرو خارج؟ وهل خرج عمرو؟ والهمزة أعم تصرفاً في بابها من أختها.
تقول أزيد عندك أم عمرو. وأزيداً ضربت؟ وأتضرب زيداً وهو أخوك؟ وتقول لمن قال لك
مررت بزيد: أبزيد، وتوقعها قبل الواو والفاء وثم. قال الله تعالى: " أو كلما عاهدوا
عهداً " ، وقال: " أفمن كان على بيته من ربه " ، وقال تعالى:
" أثم إذا ما وقع " . ولا تقع هل في هذه المواضع.
وعند سيبويه أن هل بمعنى قد إلا أنهم تركوا الألف قبلها
لأنها لا تقع إلا في الإستفهام. وقد جاء دخولها في قوله سائل فوارس يربوع بشدتنا
... أهل روانا بسفح القاع ذي الأكم
وتحذف الهمزة إذا دل عليها الدليل قال عمر بن أبي ربيعة
لعمرك ما أدري وإن كنت داريا ... بسبع رمين الجمر أم بثمان
وللإستفهام صدر الكلام لا يجوز تقدم شيء مما في حيزه
عليه لا تقول ضربت أزيداً وما أشبه ذلك.
الباب السادس عشر
الشرط
حرفا الشرط وهما إن ولو يدخلان على جملتين فيجعلان
الأولى شرطاً والثانية جزاء كقولك: إن تضربني أضربك، ولو جئتني لأكرمتك خلا أن إن
تجعل الفعل للإستقبال وإن كان ماضياً ولو تجعله للمضي وإن كان مستقبلاً كقوله
تعالى: " لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم " . وزعم الفراء أن لو
يستعمل في الإستقبال كإن.
فعلا الشرط والجزاء ولا يخلو الفعلان في باب إن من أن
يكونا مضارعين، أو ماضيين، أو أحدهما مضارعاً والآخر ماضياً. فإذا كانا مضارعين فليس
فيهما إلا الجزم، وكذلك في أحدهما إذا وقع شرطاً، فإذا وقع جزاء ففيه الجزم
والرفع. قال زهير وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم
دخول فاء الربط على فعل الجزاء وإن كان الجزاء أمراً، أو
نهياً، أو ماضياً صريحاً، أو مبتدأ وخبراً، فلا بد من الفاء كقولك: إن أتاك زيد فأكرمه،
وإن ضربك فلا تضربه، وإن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس، وإن جئتني فأنت مكرم. وقد
تجيء الفاء محذوفة في الشذوذ كقوله من يفعل الحسنات الله يشكرها
ويقام إذا مقام الفاء قال الله تعالى: " إذا هم
يقطنون " .
استعمال إن في المعاني المشكوك فيها ولا يستعمل إن إلا
في المعاني المحتملة المشكوك في كونها ولذلك قبح إن احمر البسر كان كذا، وإن طلعت
الشمس آتك إلا في اليوم المغيم.
وتقول إن مات فلان كان كذا، وإن كان موته لا شبهة فيه
إلا أن وقته غير معلوم فهو الذي حسن فيه.
زيادة ما على إن وتجيء إن مع زيادة ما في آخرها للتأكيد
قال الله تعالى: " فإما يأتينكم مني هدى " . وقال فإما تريني أزجي
ظعينتي
وجوب تقدم الشرط والشرط كالإستفهام في أن شيئاً مما في
حيزه لا يتقدمه. ونحو قولك آتيك إن تأتني، وقد سألتك لو أعطيتني، ليس ما تقدم فيه
جزاء مقدماً، ولكن كلاماً وارداً على سبيل الإخبار. والجزاء محذوف وحذف جواب لو
كثير في القرآن والشعر.
وجوب مجيء الفعل بعد إن ولا بد من أن يليهما الفعل ونحو قوله
تعالى: " قل لو أنتم تملكون " وقوله: " وإن امرؤ هلك " على
إضمار فعل يفسره هذا الظاهر. ولذلك لم يجز لو زيد ذاهب، ولا إن عمرو خارج.
ولطلبهما الفعل وجب في أن الواقعة بعد لو أن يكون خبرها فعلاً كقولك: لو أن زيداً جاءني
لأكرمته وقال الله تعالى: " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به " . ولو قلت لو
أن زيداً حاضري لأكرمته لم يجز.
لو قد تجيء للتمني وقد تجيء لو بمعنى التمني كقولك: لو
تأتيني فتحدثني، كما تقول: ليتك تأتيني فتحدثني. ويجوز في فتحدثني النصب والرفع وقال
الله تعالى: " ودوا لو تدهن فيدهنون " . وفي بعض المصاحف فيدهنوا.
أما لها معنى الشرط وأما فيها معنى الشرك. قال سيبويه
إذا قلت أما زيد فمنطلق فكأنك قلت مهما يكن من شيء فزيد منطلق، ألا يرى أن الفاء
لازمة لها.
إذن وإذن جواب وجزاء. يقول الرجل: أنا آتيك، فتقول: إذن
أكرمك. فهذا الكلام قد أجبته به وصيرت إكرامك جزاء له على إتيانه. وقال الزجاج:
تأويلها إن كان الأمر كما ذكرت فإني أكرمك. وإنما تعمل إذن في فعل مستقبل غير
معتمد على شيء قبلها كقولك لمن قال لك أنا أكرمك: إذن أجيئك. فإن حدث فقلت إذن
أخالك كاذباً ألغيتها لأن الفعل للحال. وكذلك إن اعتمدت بها على مبتدأ أو شرط أو قسم
فقلت: أنا إذن أكرمك، وإن تأتني إذن آتك، ووالله إذن لا أفعل. وقال كثير:
لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها ... وأمكنني إذن لا أقيلها
وإذا وقعت بين الفاء والواو وبين الفعل ففيها الوجهان
قال الله تعالى: " وإذن لا يلبثون " وقريء لا يلبثوا. وفي قولك أن تأتني آتك
وإذن أكرمك ثلاثة أوجه الجزم والرفع والنصب.
الباب السابع عشر
حرف التعليل
كي يقول القائل: قصدت فلاناً، فتقول له كيمه؟ فيقول: كي
يحسن إلي. وكيمه مثل فيمه وعمه ولمه، دخل حرف الجر على ما الإستفهامية محذوفاً
ألفها ولحقت هاء السكت. واختلف في إعرابها، فهي عند البصريين مجرورة، وعند
الكوفيين منصوبة بفعل مضمر، كأنك قلت: كي تفعل ماذا. وما أرى هذا القول بعيداً من
الصواب.
وانتصاب الفعل بعد كي إما أن يكون بها نفسها أو بإضمار
أن. وإذا دخلت اللام فقلت لكي تفعل فهي العاملة كأنك قلت لأن تفعل.
وقد جاءت كي مظهرة بعدها أن في قول جميل فقالت أكل الناس
أصبحت مانحاً ... لسانك كيما أن تغر وتخدعا
الباب الثامن عشر
حرف الردع
كلا وهو كلا. قال سيبويه: هو ردع وزجر. وقال الزجاج كلا
ردع وتنبيه، وذلك قولك: كلا لمن قال شيئاً تنكره نحو فلان يبغضك وشبهه أي ارتدع عن
هذا وتنبه عن الخطأ فيه. قال الله تعالى بعد قوله: " ربي أهانني كلا " .
أي ليس الأمر كذلك لأنه قد يوسع في الدنيا على من لا يكرمه من الكفار وقد يضيق على
الأنبياء والصالحين للإستصلاح.
الباب التاسع عشر
اللامات وهي لام التعريف، ولام جواب القسم، واللام
الموطئة، ولام جواب لو ولولا، ولام الأمر، ولام الإبتداء، واللام الفارقة بين أن
المخففة والنافية.
لام التعريف فأما لام التعريف فهي اللام الساكنة التي
تدخل على الأسم المنكور فتعرفه تعريف جنس كقولك: أهلك الناس الدينار والدرهم،
والرجل خير من المرأة، أي هذان الحجران المعروفان من بين سائر الأحجار وهذا الجنس
من الحيوان من بين سائر أجناسه. أو تعريف عهد كقولك: ما فعل الرجل، وأنفقت الدرهم
لرجل ودرهم معهودين بينك وبين مخاطبك. وهذه اللام وحدها هي حرف التعريف عند
سيبويه، والهمزة قبلها همزة وصل مجلوبة للإبتداء بها كهمزة ابن واسم. وعند الخليل
إن حرف التعريف أل كهل وبل وإنما استمر بها التخفيف للكثرة. وأهل اليمن يجعلون
مكانها الميم، ومنه: ليس من أمبر امصيام في امسفر. وقال:
يرمي ورائي بإمسهم وإمسلمه
لام جواب القسم ولام جواب القسم نحو قولك: والله لأفعلن.
وتدخل على الماضي كقولك: والله لكذب. وقال امرؤ القيس حلفت لها بالله حلفة فاجر
... لناموا فما إن من حديث ولا صالي
والأكثر أن تدخل عليه مع قد كقولك والله لقد خرج.
اللام الموطئة للقسم والموطئة للقسم هي التي في قولك:
والله لئن أكرمتني لأكرمنك.
لام جواب لو ولولا و
لام جواب لو ولولا نحو قوله تعالى: " لو كان فيهما
آلهة إلا الله لفسدتا " ، وقوله تعالى:
" ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان " . ودخولها لتأكيد
إرتباط إحدى الجملتين بالأخرى. ويجوز حذفها كقوله تعالى: " لو نشاء لجعلناه
أجاجا " . ويجوز حذف الجواب أصلاً كقولك لو كان لي مال وتسكت، أي لأنفقت وفعلت.
ومنه قوله تعالى: " ولو أن قرآناً سيرت به الجبال " ، وقوله تعالى:
" لو أن لي بكم قوة "
.
لام الأمر ولام الأمر نحو قولك: ليفعل زيد. وهي مكسورة
ويجوز تسكينها عند واو العطف وفائه كقوله تعالى: " فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي
" . وقد جاء حذفها في ضرورة الشعر، قال محمد تفد نفسك كل نفس ... إذا ما خفت
من أمر تبالا
لام الإبتداء ولام الإبتداء هي الام المفتوحة في قولك
لزيد منطلق. ولا تدخل إلا على الإسم والفعل المضارع كقوله عز وجل: " لأنتم
أشد رهبة " و" إن ربك
==========================
ج2. كتاب : المفصل في صنعة الإعراب أبو القاسم محمود بن
عمرو بن أحمد، الزمخشري
ليحكم بينهم " . وفائدتها تأكيد مضمون الجملة.
ويجوز عندنا إن زيداً لسوف يقوم ولا يجوزه الكوفيون.
اللام الفارقة وللام الفارقة في نحو قوله تعالى: "
إن كل نفس لما عليها حافظ
" وقوله تعالى: " وإن كنا عن دراستهم لغافلين
" . وهي لازمة لخبر إن إذا خففت.
لام الجر ولام الجر كقولك المال لزيد، وجئتك لتكرمني،
لأن الفعل المنصوب بإضمار أن في تأويل المصدر المجرور والتقدير لاكرامك.
الباب العشرون
تاء التأنيث الساكنة وهي التاء في نحو ضربت. ودخولها
للإيذان من أول الأمر بأن الفاعل مؤنث. وحقها السكون ولتحركها في رمتا لم ترد
الألف الساقطة لكونها عارضة، إلا في لغة رديه يقول أهلها رماتا.
الباب الحادي والعشرون
التنوين
أنواعه الخمسة وهو على خمسة أضرب: الدال على المكانة في
نحو زيد ورجل، والفاصل بين المعرفة والنكرة في نحو صه ومه وايه، والعوض من المضاف
إليه في نحو إذ وحينئذ ومررت بكل قائماً ولات أوان، والنائب مناب حرف الإطلاق في
إنشاد بني تميم في نحو قول جرير أقلي اللوم عاذل والعتابن ... وقولي ان أصبت لقد أصابن
والتنوين الغالي في نحو قول رؤبة:
وقاتم الأعماق خاوي المخترقن
ولا يلحق إلا القافية المقيدة.
إلتقاء الساكنين والتنوين ساكن أبداً إلا أن يلاقي
ساكناً فيكسر أو يضم كقوله تعالى: " وعذابن أركض " وقد قرىء بالضم. وقد
يحذف كقوله فألفيته غير مستعتب ...
ولا ذاكر الله إلا قليلاً
وقرىء: " قل هو الله أحد الله الصمد " .
الباب الثاني والعشرون
النون المؤكدة
هذه النون نوعان وهي على ضربين: ثقيلة وخفيفة. فالخفيفة
تقع في جميع مواضع الثقيلة إلا في فعل الإثنين وفعل جماعة المؤنث تقول: اضربَنَّ
واضربُنَّ واضربَنْ واضربُنْ واضربِنْ. وتقول اضربان واضربنان ولا تقول اضربان ولا
أضربنان إلا عند يونس.
النون لتأكيد المستقبل ولا يؤكد بها إلا الفعل المستقبل
الذي فيه معنى الطلب وذلك فيما كان قسماً أو أمراً أو نهياً أو استفهاماً أو عرضاً
أو تمنياً كقولك: بالله لأفعلن، وأقسمت عليك إلا تفعلن، ولما تفعلن واضربن، ولا
تخرجن، وهل تذهبين، وإلا تنزلن، وليتك تخرجن.
ولا يؤكد بها الماضي ولا الحال ولا ما ليس فيه معنى
الطلب. وأما قولهم في الجزاء المؤكد حرفه بما: إما تفعلن قال الله تعالى: "
فإما ترين من البشر أحداً فقولي " . وقال: " فإما نذهبن بك " .
فلتشبيه ما بلام القسم في كونها مؤكدة. وكذلك قولهم: حيثما تكونن آتك ويجهد ما
تبلغن وبعين ما أرينك. فإن دخلت في الجزاء بغير ما ففي الشعر تشببهاً للجزاء
بالنهي.
ومن التشبيه بالنهي دخولها في النفي وفيما يقاربه من
قولهم: ربما تقولن ذاك، وكثر ما يقولن ذاك. قال عمرو بن هند ربما أوفيت في علم ...
ترفعن ثوبي شمالات
حذف النون المؤكدة وطرح هذه النون سائغ في كل موضع إلا
في القسم فإنه فيه ضعيف، وذلك قولك: والله ليقوم زيد.
وإذا لقي الخفيفة ساكن بعدها حذفت حذفاً ولم تحرك كما
حرك التنوين فتقول: لا تضرب ابنك. وقال:
لا تهين الفقير علك أن ... تركع يوماً والدهر قد رفعه
أي لا تهينن.
الباب الثالث والعشرون
هاء السكت
هاء السكت للوقف وهي التي في نحو قوله تعالى: " ما
أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه " . وهي مختصة بحال الوقف، فإذا أدرجت قلت
مالي هلك سلطاني خذوه. وكل متحرك ليست حركته إعرابية يجوز عليه الوقف بالهاء نحو: ثمة
وليته وكيفه وأنه وحيهله وما أشبه ذلك.
هاء السكت يجب أن تكون ساكنة وحقها أن تكون ساكنة،
وتحريكها لحن ونحو ما في إصلاح ابن السكيت من قوله يا مرحباه بحمار عفرا
و: يا مرحباه بحمار ناجيه
مما لا معرج عليه للقياس واستعمال الفصحاء، ومعذرة من
قال ذلك أنه أجرى الوصل مجرى الوقف مع تشبيه هاء السكت بهاء الضمير.
الباب الرابع والعشرون
شين الوقف وهي شين التي تلحقها بكاف المؤنث إذا وقف من
يقول: اكرمتكش، ومررت بكش. وتسمى الكشكشة. وهي في تميم. والكسكسة في بكر، وهي
الحاقهم بكاف المؤنث سيناً. وعن معاوية أنه قال يوماً: من أفصح الناس؟ فقام رجل من
جرم، وجرم من فصحاء الناس فقال: قوم تباعدوا عن فراتية العراق، وتيامنوا عن كشكشة
تميم، وتياسروا عن كسكسة بكر، ليست فيهم غمغمة قضاعة، ولا طمطمانية حمير. قال
معاوية: فمن هم؟ قال. قومي.
الباب الخامس والعشرون
حرف الإنكار
حده وهو زيادة تلحق الآخر في الإستفهام على طريقين:
أحدهما أن تلحق وحدها بلا فاصل كقولك أزيدنيه. والثاني أن تفصل بينها وبين الحرف
الذي قبلها إن مزيدة كالتي في قولهم: ما إن فعل فيقال أزيدانيه.
لحرف الإنكار معنيان ولها معنيان: أحدهما إنكار أن يكون
الأمر على ما ذكر المخاطب. والثاني إنكار أن يكون على خلاف ما ذكر كقولك لمن قال
قدم زيد: أزيدنيه، منكراً لقدومه أو لخلاف قدومه. وتقول لمن قال غلبني الأمير:
آلاميروه. قال الأخفش: :كأنك تهزأ به وتنكر تعجبه من أن يغلبه الأمير. قال سيبويه
وسمعنا رجلاً من أهل البادية قيل له أتخرج إن أخصبت البادية فقال أأنا إنيه منكراً
لرأيه أن يكون على خلاف أن يخرج.
حركته ولا يخلو الحرف الذي تقع بعده من أن يكون متحركاً
أو ساكناً. فإن كان متحركاً تبعته في حركته فتكون ألفاً وواواً وياء بعد المفتوح والمضموم
والمكسور كقولك في هذا عمر أعمروه، وفي رأيت عثمان أعثماناه وفي
مررت بحذام أحذاميه، وإن كان ساكناً حرك بالكسر ثم تبعته
كقولك أزيدنيه وأزيدانيه.
وإن أجبت من قال لقيت زيداً وعمراً قلت: أزيداً وعمرنيه،
وإذا قال ضربت عمر قلت أضربت عمراه، وإن قال ضربت زيداً الطويل قلت أزيداً
الطويلاه فتجعلها في منتهى الكلام.
وتترك هذه الزيادة في حال الدرج فيقال أزيداً يا فتى كما
تركت العلامات في من حين قلت من يا فتى.
الباب السادس والعشرون
حرف التذكر وهو أن يقول الرجل في نحو قال ويقول من العام
قالا، فيمد فتحة اللام ويقولو ومن العامي إذا تذكر ولم يرد أن يقطع كلامه.
وهذه الزيادة في اتباع ما قبلها إن كان متحركاً بمنزلة
زيادة الإنكار. فإذا سكن حرك بالكسر كما حرك ثمة ثم تبعته. قال سيبويه:
سمعناهم يقولون إنه قدي وألي يعني في قد فعل. وفي الألف واللام إذا تذكر الحارث
ونحوه. قال وسمعنا من يوثق به يقول هذا سيفني يريد سيف من صفة كيت وكيت.
القسم الرابع المشترك
الباب الأول
الإمالة المشترك نحو الإمالة والوقف وتخفيف الهمزة
والتقاء الساكنين ونظائرها مما تتوارد فيه الأضرب الثلاثة أو اثنان منها. وأنا
أورد ذلك في هذا القسم على نحو الترتيب المار في الأقسام الثلاثة، معتصماً بحبل
التوفيق من ربي بريئاً من الحول والقوة إلا به.
حدها يشترك فيها الإسم والفعل. وهي أن تنحو بالألف نحو
الكسرة، فتميل الألف نحو الياء ليتجانس الصوت، كما أشربت الصاد صوت الزاي لذلك.
وسبب ذلك أن تقع بقرب الألف كسرة أو ياء، أو تكون هي منقلبة عن مكسورة أو ياء أو
صائرة ياء في موضع، وذلك نحو قولك عماد وشملال وعالم وسيال وشيبان وهاب وخاف وناب
ورمى ودعا لقولك دعى ومعزى وحبلى لقولك معزيان وحبليان.
متى تؤثر الكسرة في الإمالة وإنما تؤثر الكسرة قبل الألف
إذا تقدمته بحرف كعماد، أو بحرفين أولهما ساكن كشملال، فإذا تقدمت بحرفين متحركين
أو بثلاثة أحرف كقولك
أكلت عنباً وفتلت قنباً لم تؤثر. وأما قولهم يريد أن
ينزعها ويضربها، وهو عندها، وله درهمان، فشاذ والذي سوغه أن الهاء خفية فلم يعتد
بها.
الألف المنفصلة كالمتصلة وقد أجروا الألف المنفصلة مجرى
المتصلة، والكسرة العارضة مجرى الأصلية، حيث قالوا درست علماً ورأيت زيداً ومررت
ببابه وأخذت من ماله.
الألف الآخرة والألف الآخرة لا تخلو من أن تكون في اسم
أو فعل، وأن تكون ثالثة أو فوق ذلك. فالتي في الفعل تمال كيف كانت، والتي في الإسم
إن لم يعرف انقلابها عن الياء لم تمل ثالثة، وتمال الرابعة. وإنما أميلت العلى
لقولهم العليا.
والمتوسطة إن كانت في فعل يقال فيه فعلت كطاب وخاف أميلت
ولم ينظر إلى ما انقلبت عنه، وإن كانت في اسم نظر إلى ذلك فقيل ناب ولم يقل باب.
وقد أمالوا الألف ممالة قبلها فقالوا رأيت عماداً
ومعزانا.
سبعة أحرف تمنع الإمالة وتمنع الإمالة سبعة أحرف وهي
الصاد والضاد والطاء والظاء والغين والخاء والقاف إذا وليت الألف قبلها أو بعدها،
إلا في باب رمى وباع فإنك تقول فيهما طاب وخاف وصغى وطغى، وذلك نحو صاعد وعاصم
وضامن وعاضد وطائف وعاطس وظالم وعاظل وغائب وواغل وخامد وناخل وقاعد وناقف، أو وقعت
بعدها بحرف أو حرفين كناشص ومفاريص وعارض ومعاريض وناشط ومناشيط وباهظ ومواعيظ
ونابغ ومباليغ ونافخ ومنافيخ ونافق ومعاليق. وإن وقعت قبل الألف بحرف وهي مكسورة
أو ساكنة بعد مكسور لم تمنع عند الأكثر نحو صعاب ومصباح وضعاف ومضحاك وطلاب ومطعام
وظماء وإظلام وغلاب ومغناج وخباث وإخبات وقفاف ومقلات.
قال سيبويه: وسمعناهم يقولون أراد أن يضربها زيد
فأمالوا، وقالوا أراد أن يضربها قبل فنصبوا للقاف، وكذلك مررت بمال قاسم وبمال ملق.
حكم الراء والراء غير المكسورة إذا وليت الألف منعت منع
المستعلية تقول راشد، وهذا حمارك، ورأيت حمارك، على التفخيم. والمكسورة أمرها
بالضد من ذلك يمال لها ما لا يمال مع غيرها، تقول طارد وغارم وتغلب غير المكسورة
كما تغلب المستعلية فتقول من قرارك وقريء: " كانت قوارير " . فإذا
تباعدت لم تؤثر عند أكثرهم، فأمالوا هذا كافر، ولم يميلوا مررت بقادر، وقد فخم
بعضهم الأول وأمال الآخر.
وعند شذ عن القياس قولهم الحجاج والناس مالين. وعن بعض العرب
هذا مال وباب. وقالوا العشا والمكا والكبا وهؤلاء من الواو. وأما قولهم الربا
فلأجل الراء.
وقد أمال قوم جاد وجواد نظراً إلى الأصل، كما أمالوا هذا
ماش في الوقف.
وقد أميل: " والشمس وضحاها " . وهي من الواو
لتشاكل جلاها ويغشاها.
وقد أمالوا الفتحة في نحو قولهم من الضرر ومن الكبر ومن
الصغر ومن المحاذر.
الحروف لا تمال والحروف لا تمال نحو حتى وعلى وإلى وإما
وإلا إلا إذا سمي بها. وقد أميل بلى ولا في إمالا وياء في النداء لإغنائها عن الجمل.
حكم الأسماء غير المتمكنة في الإمالة والأسماء غير
المتمكنة يمال منها المستقبل بنفسه نحو ذا ومتى وأنى، ولا يمال ما ليس بمستقبل نحو
ما الإستفهامية أو الشرطية أو الموصولة أو الموصوفة ونحو إذا. قال المبرد وإمالة
عسى جيدة.
الباب الثاني
الوقف
في الوقف أربع لغات تشترك فيه الأضرب الثلاثة. وفيه أربع
لغات: الإسكان الصريح، والإشمام وهو ضم الشفتين بعد الإسكان، والروم وهو أن تروم
التحريك والتضعيف. ولها في الخط علامات فللإسكان الخاء، وللإشمام نقطة، خ وللروم خ
خط بين يدي ش الحرف، وللتضعيف الشين. مثال ذلك هذا حكم وجعفر وخالد وفرج. والإشمام مختص
بالمرفوع، ومشترك في غيره المجرور والمرفوع والمنصوب غير المنون، والمنون يبدل من
تنوينه ألف في المنصوب كقولك رأيت فرجاً وزيداً ورشاءاً وكساءاً وقاضياً فلا متعلق
به لهذه اللغات، والتضعيف مختص بما ليس بهمزة من الصحيح المتحرك ما قبله.
تحويل حركة الوقف إلى الحرف الساكن قبله وبعض العرب يحول
ضمه الحرف الموقوف عليه وكسرته على الساكن قبله دون الفتحة في غير الهمزة، فيقول
هذا بكر ومررت ببكر، ويجري أيضاً في حال التعريف. قال:
تحفزها الأوتار والأيدي الشعر ... والنبل ستون كأنها
الجمر
يريد الشعر والجمر ونحوه قولهم إضربه وضربته قال عجبت
والدهر كثير عجبه ... من عنزي سبني لم أضربه
وقال أبو النجم فقر بن هذا وهذا زحله
ولا تقول رأيت البكر. وفي الهمزة تحولهن جميعاً فتقول
هذا الخبء ورأيت الخبا ومررت بالخبيء، وكذلك البطؤ والردؤ. ومنهم من يتفادى وهم
ناس من تميم من أن يقول هذا الردؤ ومن البطيء فيفر إلى الإتباع فيقول من البطؤ
بضمتين، وهذا الرديء بكسرتين.
إبدال
الهمزة بحرف لين
وقد يبدلون من الهمزة حرف لين تحرك ما قبلها أو سكن،
فيقولون هذا الكلو والخبو والبطو والردو، ورأيت الكلا والخبا والبطا والردا، ومررت
بالكلي والخبي والبطي والردي، ومنهم من يقول هذا الردي ومررت بالبطو فيتبع، وأهل
الحجاز يقولون الكلا في الأحوال الثلاث لأن الهمزة سكنها الوقف وما قبلها مفتوح
فهو كرأس. وعلى هذه العبرة يقولون في أكمؤ أكمو وفي أهنيء أهني كقولهم جونة وذيب.
حكم المعتل الآخر إذا سكن ما قبله وإذا اعتل الآخر وما
قبله ساكن كآخر ظبي ودلو فهو كالصحيح. والمتحرك ما قبله إن كان ياء قد أسقطها
التنوين في نحو قاض وعم وجوار فالأكثر أن يوقف على ما قبله فيقال قاض وعم وجوار،
وقوم يعيدونها ويقفون عليها فيقولون قاضي وعمي وجواري. وإن لم يسقطها التنوين في نحو
القاضي ويا قاضي رأيت جواري فالأمر بالعكس، ويقال يا مري لا غير، وإن كان ألفاً
قالوا في الأكثر الأعرف هذه عصا وحبلى، ويقول ناس من فزارة وقيس حبلي بالياء، وبعض
طيء حبلو بالواو، ومنهم من يسوي في القلب بين الوقف والوصل. وزعم الخليل أن بعضهم
يقلبها همزة فيقول هذه حبلأ ورأيت حبلأ وهو يضربها. وألف عصا في النصب هي المبدلة
من التنوين، وفي الرفع والجر هي المنقلبة عند سيبويه، وعند المازني هي المبدلة في
الأحوال الثلاث.
حكم الفعل المعتل اللام والوقف على المرفوع والمنصوب من
الفعل الذي اعتلت لامه بإثبات أواخره نحو يغزو ويرمي، وعلى المجزوم والموقوف منه
بإلحاق الهاء نحو لم يغزه ولم يرمه ولم يخشه واغزه وارمه واخشه، وبغير هاء نحو لم
يغز ولم يرم واغز وارم إلا ما أفضى به ترك الهاء إلى حرف واحد، فإنه يجب الإلحاق نحو
قه وره.
حذف الواو والياء في الفواصل وكل واو أو ياء لا تحذف تحذف
في الفواصل والقوافي كقوله تعالى: " الكبير المعتال ويوم التناد إذا يسر
" . وقول زهير وبعض القوم يخلق ثم لا يفر
وأنشد سيبويه لا يبعد الله إخواناً تركتهم ... لم أدر
بعد غداة البين ما صنع
أي صنعوا.
تاء التأنيث تقلب هاء وتاء التأنيث في الأسم المفرد تقلب
هاء في الوقف نحو غرفه وظلمه.
ومن العرب من يقف عليها تاء قال بل جوز تيهاء كظهر
الحجفت
وهيهات أن جعل مفرداً وقف عليه بالهاء، وإلا فبالتاء.
ومثله في
إحتمال الوجهين استأصل الله عرقاتهم وعرقاتهم.
وقد يجري الوصل مجرى الوقف. منه قوله مثل الحريق وافق
القصبا
ولا يختص بحال الضرورة تقول ثلاثة أربعة وفي التنزيل:
" لكنا هو الله ربي "
.
الوقف في غير المتمكن وتقول في الوقف على غير المتمكنة
أنا بالألف، وأنه بالهاء، وهو بالإسكان، وهوه بإلحاق الهاء، وههنا وههناه وهؤلاء
وهؤلاه إذا قصر، وأكرمتك وأكرمتكه، وغلامي وضربني وغلاميه وضربنيه بالإسكان وإلحاق
الهاء فيمن حرك في الوصل، وغلام وضربن فيمن أسكن في الوصل، وفي قراءة أبي عمرو ربي
أكرمن وأهانن وقال الأعشى ومن شانيء كاسف وجهه ... إذا ما انتسبت له أنكرن
وضربكم وضربهم وعليهم وبهم ومنه وضربه بالإسكان فيمن
ألحق وصلاً أو حرك، وهذه فيمن قال هذه هي أمه الله وحتام وفيم وحتامه وفيمه بالإسكان
والهاء، ومجيء مه في مجيء مَ جئت وفي مثل مَ أنت بالهاء لا غير.
حكم النون الخفيفة والنون الخفيفة تبدل ألفاً عند الوقف
في قوله تعالى: " لنسفعن بالناصية " . لنسفعا قال الأعشي ولا تعبد الشيطان
والله فاعبدا
وتقول في هل تضربن يا قوم هل تضربون بإعادة واو الجمع.
الباب الثالث
القسم
حده يشترك فيه الإسم والفعل. وهو جملة فعلية أو أسمية
تؤكد بها جملة موجبة أو منفية نحو قولك: بالله، وأقسمت، وآليت، وعلم الله، ويعلم
الله، ولعمرك، ولعمر أبيك، ولعمر الله، ويمين الله، وأيمن الله، وأيم الله، وأمانة
الله، وعلي عهد الله لأفعلن أو لا أفعل. ومن شأن الجملتين أن تتنزلا منزلة جملة واحدة
كجملتي الشرط والجزاء، ويجوز حذف الثانية ها هنا عند الدلالة جواز ذلك ثمة.
فالجملة المؤكد بها هي القسم، والمؤكدة هي القسم عليها، والإسم الذي يلصق به القسم
ليعظم به ويفخم هو المقسم به.
تخفيف القسم ولكثرة القسم في كلامهم أكثروا التصرف فيه،
وتوخوا ضروباً من التخفيف، من ذلك حذف الفعل في بالله، والخبر في لعمرك وأخواته،
والمعنى لعمرك ما أقسم به، ونون أيمن وهمزته في الدرج، ونون مِن ومن وحرف القسم في
والله والله بغير عوض، وبعوض في ها الله وآلله وفالله، والإبدال عنه تاء في تالله وإيثار
الفتحة على الضمة هي التي أعرف في
ويتلقى القسم بثلاثة أشياء باللام وبان وبحرف النفي
كقولك بالله لأفعلن، وأنك لذاهب، وما فعلت ولا أفعل. وقد حذف حرف النفي في قول
الشاعر تالله يبقى على الأيام مبتقل
الواو والتاء واللام ومن مكان الباء وقد أوقعوا موقع
الباء بعد حذف الفعل الذي ألصقته بالقسم به أربعة أحرف: الواو والتاء وحرفين من
حروف الجر وهما اللام ومن في قولك لله لا يؤخر الأجل ومن ربي لأفعلن روماً
للإختصاص، وفي التاء واللام معنى التعجب، وربما جاءت التاء في غير التعجب، واللام
لا تجيء إلا فيه وأنشد سيبويه لعبد مناة الهذلي لله يبقى على الأيام ذو حيد ...
بمشمخر به الظيان والآس
وتضم ميم من فيقال من ربي أنك لأشر. قال سيبويه ولا تدخل
الضمة في من إلا ههنا، كما لا تدخل الفتحة في لدن إلا مع غدوة، ولا تدخل إلا على
اسم الله والكعبة. وسمع الأخفش من الله وتربى وإذا حذفت نونها فهي كالتاء تقول مِ
الله ومُ الله كما تقول تالله ومن الناس من يزعم أنها من أيمن.
مميزات الباء والباء لأصالتها تستبد عن غيرها بثلاثة أشياء
بالدخول على المضمر كقولك به لأعبدنه وبك لأزورن بيتك وقال فلا بك ما أبالي.
وبظهور الفعل معها كقولك حلفت بالله، وبالحلف على الرجل على
سبيل الإستعطاف كقولك بالله لما زرتني وبحياتك أخبرني وقال ابن هرمة بالله ربك إن
دخلت فقل له ... هذا ابن هرمة واقفاً بالباب
وقال المجنون بدينك هل ضممت إليك نعما
حذف الباء وتحذف الباء فينتصب المقسم به بالفعل المضمر
قال:
ألا رب من قلبي له الله ناصح
وقال فقلت يمين الله أبرح قاعدا
وقال إذا ما الخبر تأدمه بلحم ... فذاك أمانة الله
الثريد
وقد روي رفع اليمين والأمانة على الإبتداء محذوفي الخبر،
وتضمر كما تضمر اللام في لاه أبوك.
حذف الواو وتحذف الواو ويعوض عنها حرف التنبيه في قولهم
لا هالله ذا، وهمزة الإستفهام في آلله. وقطع همزة الوصل في أفألله وفي لا هالله ذا
لغتان: حذف ألف ها وإثباتها. وفيه قولان: أحدهما قول الخليل أن ذا مقسم وتقديره:
لا والله للأمر ذا، فحذف الأمر لكثرة الإستعمال، ولذلك لم يجز أن يقاس عليه فيقال
هالله أخوك على تقديرها الله لهذا أخوك. والثاني وهو قول الأخفش. أنه من جملة
القسم توكيد له، كأنه قال ذا قسمي. قال: والدليل عليه أنهم يقولون لاها الله ذا
لقد كان كذا فيجيئون بالمقسم عليه بعده.
والواو الأولى في نحو: " والليل إذا يغشى " .
للقسم وما بعدها للعطف كما تقول بالله فالله وبحياتك ثم حياتك لأفعلن.
الباب الرابع
تخفيف الهمزة تشترك فيه الأضراب الثلاثة. ولا تخفف
الهمزة إلا إذا تقدمها شيء، فإن لم يتقدمها نحو قولك ابتداء أب أم ابل فالتحقيق
ليس إلا. وفي تخفيفها ثلاثة أوجه: الإبدال، والحذف، وأن تجعل بينَ بين، أي بين
مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركتها.
إبدال الهمزة ولا تخلو إما أن تقع ساكنة فيبدل منها
الحرف الذي منه حركة ما قبلها كقولك رأس وقرأت وإلى الهداتنا وبير وجيت والذيتمن
ولوم وسوت ويقولوذن.
وأما أن يقع متحركة ساكناً ما قبلها، فينظر إلى الساكن
فإن كان حرف لين نظر، فإن كان ياء أو واواً مدتين زائدتين أو ما يشبه المدة كياء
التصغير قلبت إليه وأدغم فيها كقولك: خطية ومقروة وأفيس. وقد التزم ذلك في نبي
وبريه.
الهمزة بين بين وإن كان ألفاً جعلت بين بين كقولك: سأل
وتساؤل وقائل.
حذف الهمزة وإن كان حرفاً صحيحاً أو واواً أو ياء
أصليتين أو مزيدتين لمعنى ألقيت
عليه حركتها وحذفت كقولك: مسلسلة والخب ومن بوك ومن بلك
وجيل وحوبة وأبو يوب وذومرهم واتبعي مره وقاضوبيك، وقد التزم ذلك في باب يري، وأري
يرى، ومنهم من يقول المراة والكماة فيقلبها ألفاً وليس بمطرد، وقد رآه الكوفيون مطرداً.
وأما أن تقع متحركة متحركاً ما قبلها فتجعل بين بين
كقولك: سأل ولؤم وسئل، إلا إذا انفتحت وانكسر ما قبلها أو انضم فقلبت ياء أو واواً
محضة كقولك ميروجون. والأخفش يقلب المضمومة المكسورة ما قبلها ياء أيضاً فيقول
يستهزيون، وقد تبدل منها حروف اللين فيقال منساة ومنه قول الفرزدق فارعي فزارة لا
هناك المرتع
وقال حسان سالت هذيل رسول الله فاحشة ... ضلت هذيل بما
سالت ولم تصب
وقال ابنه عبد الرحمن يشجج رأسه بالفهر واجي
وقال سيبويه وليس ذا بقياس متلئب وإنما يحفظ عن العرب
كما يحفظ الشيء الذي تبدل التاء من واوه نحو أتلج .
وقد حذفوا الهمزة في كل ومر وخذ حذفاً غير قياسي، ثم
التزموه في اثنين دون الثالث فلم يقولوا أوخذ ولا أوكل. وقال الله تعالى: "
وأمر أهلك " .
حكم همزة أحمر وإذا خففت همزة الأحمر على طريقها فتحركت
لام التعريف اتجه لهم في ألف اللام طريقان: حذفها وهو القياس، وإبقاؤها لطرو
الحركة، فقالوا لحمر وألحمر ومثل لحمر عاد لولى في قراءة أبي عمرو، وقولهم من لان
في الآن، ومن قال أحمر قال من لان بتحريك النون كما قريء من رض أو ملان بحذفها كما
قيل ملكذب.
التقاء همزتين وإذا التقت همزتان في كلمة فالوجه قلب
الثانية إلى حرف لين كقولهم
آدم وأيمة وأويدم، ومنه جائي وخطايا، وقد سمع أبو زيد من
بقول اللهم اغفر لي خطائئي، قال همزها أبو السمح ورداد ابن عمه وهو شاذ، وفي
القراءة الكوفية أئمة. وإذا التقيا في كلمتين جاز تحقيقهما وتخفيف إحداهما بأن
تجعل بين بين. والخليل يختار تخفيف الثانية كقوله تعالى: " فقد جاء أشراطها
" . وأهل الحجاز يخففونهما معاً. ومن العرب من يقحم بينهما ألفاً قال ذو
الرمة آأنت أمْ أمُّ سالم
وأنشد أبو زيد حزق إذا ما القوم أبدوا فكاهة ... تفكر
آإياه يعنون أم قردا
وهي في قراءة ابن عامر. ثم منهم من يحقق بعد إقحام
الألف. ومنهم من يخفف.
وفي اقرأ آية ثلاثة أوجه: أن تقلب الأولى ألفاً، وأن
تحذف الثانية تلقي حركتها على الأولى، وإن تجعلا معاً بين بين وهي حجازية.
الباب الخامس
التقاء الساكنين
حذف الساكن الأول يشترك فيه الأضرب الثلاثة. ومتى التقيا
في الدرج على غير حدهما وحدهما أن يكون الأول حرف لين، والثاني مدغماً، في نحو
دابة، وخويصة، وتمود الثوب، وقوله تعالى: " قل أتحاجونا " . لم يخل،
أولهما من أن يكون مدة أو غير مدة، فإن كان مدة حذف كقولك: لم يقل، ولم يبغ، ولم
يخف ويخشى القوم، ويغزو الجيش، ويرمي الغرض، ولم يضربا اليوم، ولم يضربوا الآن،
ولم تضربي ابنك، إلا ما شذ من قولهم آلحسن عندك، وآيمن الله يمينك، وما حكي من قولهم:
حلقتا البطان. وإن كان غير مدة فتحريكه في نحو قولك لم أبله، واذهب اذهب، ومن
ابنك، ومذ اليوم، وألم الله، ولا تنسوا الفضل، واخشو الله، وأخشى القوم، ومصطفى
الله، ولو استطعنا، ومنه قولك الاسم والابن والانطلاق والاستغفار أو تحريك أخيه في
نحو قولك انطلق ولم يلده ويتقه ورد، ولم يرد، في لغة بني تميم. قال:
عجبت لمولود وليس له أب ... وذي ولد لم يلده أبوان
حركة الساكن الأول والأصل فيما حرك منهما أن يحرك
بالكسر، والذي حرك بغيره فلأمر، نحو ضمهم في نحو: وقالت أخرج عليهن، وعذابن اركض،
وعيونن أدخلوها للإتباع؛ وفي نحو أخشوا الله، للفضل بين واو الضمير وواو لو. وقد
كسرها قوم كما ضم قوم واو لو في لو استطعنا تشبيهاً بها، وفريء مر يبين الذي بفتح النون
هرباً من توالي الكسرات. وقد حركوا في نحو رد ولم يرد بالحركات الثلاث، ولزموا
الضم عند ضمير الغائب، والفتح عند ضمير الغائبة فقالوا رده وردها، وسمع الأخفش
ناساً من بني عقيل يقولون مده وعضه بالكسر. ولزموا فيه الكسر عند ساكن يعقبه
فقالوا: رد القوم. ومنهم من فتح وهم بنو أسد فقال فغض الطرف إنك من نمير
وقال ذم المنازل بعد منزلة اللوى
وليس في هلم إلا الفتح.
ولقد جد في الهرب من التقاء الساكنين من قال دأبة وشأبة،
ومن قرأ ولا الضألين ولا جأن، وهي عن عمرو بن عبيد ومن لغته النقر في الوقف.
من وكسروا نون من عند ملاقاتها كل ساكن سوى لام التعريف
فهي عندها مفتوحة، تقول من ابنك ومن الرجل. وقد حكى سيبويه عن قوم فصحاء من ابنك
بالفتح. وحكي في من الرجل الكسر، وهي قليلة خبيثة. وأما نون عن فمكسورة في
الموضعين وقد حكي عن الأخفش عن الرجل بالضم.
الباب السادس
أوائل الكلم
الحالات التي تسكن فيها أوائل الكلم تشترك فيه الأضرب الثلاثة.
وهي في الأمر العام على الحركة. وقد جاء منها ما هو على السكون. وذلك من الأسماء
في نوعين: أحدهما أسماء غير مصادر وهي ابن وابنه وابنم واثنان واثنتان وامرؤ وامرأة واسم
واست وأيمن الله وأيم الله. والثاني مصادر الأفعال التي بعد ألفاتها إذا ابتديء
بها أربعة أحرف فصاعداً نحو انفعل وافتعل واستفعل تقول: إنفعال وافتعال واستفعال،
ومن الأفعال فيما كان على هذا الحد، وفي أمثلة أمر المخاطب من الثلاثي غير المزيد
فيه نحو أضرب وأذهب، ومن الحروف في لام التعريف وميمه في لغة طيء، فهذه الأوائل
ساكنة كما ترى يلفظ بها كما هي في حال الدرج، فإذا وقعت في موضع الإبتداء أو وقعت
قبلها همزات ومزيدة متحركة، لأنه ليس في لغتهم الإبتداء بساكن كما ليس فيها الوقوف
على متحرك.
وتسمى هذه الهمزات همزات الوصل، وحكمها أن تكون مكسورة،
وإنما ضمت في بعض الأوامر، وفيما بني من الأفعال الواقعة بعد ألفاتها أربعة أحرف
فصاعداً للمفعول للإتباع، وفتحت في الحرفين وكلمتي القسم للتخفيف.
وإثبات شيء من هذه الهمزات في الدرج خروج عن كلام العرب
ولحن فاحش، فلا تقل الإسم والإنطلاق والإقتسام والإستغفار ومن إبنك وعن إسمك وقوله
إذا جاوز الإثنين سر فإنه
من ضرورات الشعر. ولكن همزة حرف التعريف وحدها إذا وقعت
بعد همزة الإستفهام لم تحذف، وقلبت ألفاً، لأداء حذفها إلى الإلباس.
إسكان أول هو وهي وأما إسكانهم أول هو وهي متصلتين
بالواو والفاء ولام الابتداء وهمزة الاستفهام ولام الأمر متصلة بالفاء والواو
كقوله تعالى: " وهو خير لكم " وقوله تعالى: " فهي كالحجارة "
وقوله تعالى: " لهو القصص الحق " وقول الشاعر فقلت أهي سرت أم عادني حلم
وقوله تعالى: " فلينظر " وقوله: " وليوفوا
نذورهم " فليس بأصل. وإنما شبه الحرف عند وقوعه في ذا الموقع بضاد عضد وباء
كبد ومنهم من لا يسكن.
الباب السابع
زيادة الحروف
جمعت في سألتمونيها يشترك فيها الإسم والفعل. والحروف
الزوائد هي التي يشملها قولك اليوم تنساه، أو أتاه سليمان، أو سألتمونيها، أو
السمان هويت. ومعنى كونها زوائد أن كل حرف وقع زائداً في كلمة فإنه منها لا إنها
تقع أبداً زوائد. ولقد أسلفت في قسمي الأسماء والأفعال عند ذكر الأبنية المزيد
فيها نبذاً من القول في الحروف، واذكر ههنا ما يميز به بين مواقع أصالتها ومواقع زيادتها
والله تعالى الموفق.
الهمزة الزائدة والأصلية فالهمزة يحكم بزيادتها إذا وقعت
أولاً بعدها ثلاثة أحرف أصول كأرنب وأكرم، إلا إذا اعترض ما يقتضي أصالتها كإمعة
وإمرة، أ تجيز الأمرين كأولق. وبأصالتها إذا وقع بعدها حرفان أو أربعة أصول كإتب
وإزار واصطبل واصطخر، أو وقعت غير أول ولم يعرض ما يوجب زيادتها في نحو شمأل ونئدل
وجرائض وضهيأة.
الألف والألف لا تزاد أولاً لامتناع الإبتداء بها. وهي
غير أول إذا كان معها ثلاثة أحرف أصول فصاعداً لا تقع إلا زائدة كقولهم خاتم وكتاب
وحبلى وسرادح وحلبلاب. ولا تقع للالحاق إلا آخراً في نحو معزى. وهي في قبعثرى كنحو
ألف كتاب لإنافتها على الغاية.
الياء والياء إذا حصلت معها ثلاثة أحرف أصول فهي زائدة
أينما وقعت كيلمع ويهير ويضرب وعثير وزبنية، إلا في نحو يأجج ومريم ومدين وصيصية
وقوقيت. وإذا حصلت معها أربعة فإن كانت أولاً فهي أصل كيستعور، وإلا فهي زائدة
كسلحفية.
الواو
والواو كالألف لا تزاد أولاً وقولهم ورنتل كجحنفل. وأما
غير أول فلا تكون إلا زائدة كعوسج وحوقل وقسور ودهور وترقوة وعنفوان وقلنسوة إلا
إذا اعترض ما في عزويت.
والميم إذا وقعت أولاً وبعدها ثلاثة أحرف أصول فهي زائدة
نحو مقتل ومضرب ومكرم ومقياس، إلا إذا عرض ما في معد ومعزى ومأجج ومهدد ومنجنون
ومنجنيق. وهي غير أول أصل إلا في نحو دلامص وقمارص وهرماس وزرقم. وإذا وقعت أولاً
خامسة فهي أصل كمزرنجوش. ولا تزاد في الفعل ولذلك استدل على أصالة ميم معد
بتمعددوا ونحو تمسكن وتمدرع وتمندل لا اعتداد به.
النون والنون إذا وقعت آخراً بعد ألف فهي زائدة إلا إذا
قام دليل على أصالتها في نحو فينان وحسان وحمار قبان فيمن صرف، وكذلك الواقعة في
أول
المضارع والمطاوع نحو نفعل وانفعل، والثالثة الساكنة في
نحو شرنبت وعصنصر وغضنفر وعرند. وهي فيما عدا ذلك أصل إلا في نحو عنسل وعفرني
وبلهنية وخنفقيق ونحو ذلك.
التاء والتاء اطردت زيادتها أولاً في نحو تفعيل وتفعال
وتفعل وتفاعل وفعليهما، وآخراً في الانيث والجمع. وفي نحو رغبوت وجبروت وعنكبوت ثم
هي أصل إلا في نحو ترتب وتولج وسنبتة.
الهاء والهاء زيدت زيادة مطردة في الوقف لبيان الحركة أو
حرف المد في نحو كتابيه وثمه ووازيداه وواغلاماه وواغلامهوه ووانقطاع ظهرهيه، وغير
مطردة في جمع أم، وقد جاء بغير هاء، وقد جمع اللغتين من قال إذا المهات قبحن الوجو
... ه فرجت الظلام بأماتكا
وقيل قد غلبت الأمهات في الناسي والأمات في البهائم. وقد
زاد هاء في الواحد من قال أمهتي خندف والياس أبي
وفي كتب العين أمهت وهو مسترذل. وزيدت في اهراق اهراقه،
وفي هركولة وهجرع وهلقامة عند الأخفش. ويجوز أن تكون مزيدة في قولهم قرن سلهب
لقولهم سلب.
السين والسين اطردت زيادتها في استفعل، ومع كاف الضمير
فيمن كسكس، وقالوا اسطاع كأهراق.
اللام واللام جاءت مزيدة في ذلك، وهنالك، وأولالك، قال
وهل يعظ الضليل إلا ألالكا
وفي عبدل وزيدل، وفي فجعل، وفي هيقل إحتمال.
الباب الثامن
إبدال الحروف
جمعت في استنجده يوم صال زط يقع الإبدال في الأضرب
الثلاثة كقولك أجوه وهراق وإلا فعلت وحروفه حروف الزيادة والطاء والدال والجيم
والصاد والزاي ويجمعها قولك استنجده يوم صال زط.
الهمزة فالهمزة أبدلت من حروف اللين ومن الهاء والعين.
فإبدالها من حروف اللين على ضربين مطرد وغير مطرد. والمطرد على ضربين واجب وجائز.
فالواجب إبادلها من ألف التأنيث في نحو حمراء وصحراء، والمنقلبة لاماً نحو كساء
ورداء وعلباء، أو عيناً في نحو قائل ونائل وبائع، ومن كل واو واقعة أولاً شفعت
بأخرى لازمة في نحو أواصل وأواق جمعي واصلة وواقية.
قال يا عدي لقد وقتك الأواقي
وأويصل تصغير واصل. والجائز إبادلها من كل واو مضمومة
وقعت مفردة فاء كأجوه، أو عيناً غير مدغم فيها كادؤر، أو مشفوعة عيناً كالغؤور
والنؤور، وغير المطرد إبدالها من الألف في نحو دأبة وشأبة ابيأض واهأم، وعن العجاج
أنه كان يهمز العالم والخاتم فقال فخندف هامة هذا العالم
وحكي بأز، وقوقأت الدجاجة. وقال يا دار مي بدكاديك البرق
... صبراً فقد هيجت شوق المشتاق
ومن الواو غير المضمومة في نحو إشاحة وإفادة وإسادة
وإعاء أخيه في قراءة سعيد بن جبير، وأناة وأسماء واحدٍ وأحَّدْ أحِّد في الحديث،
والمازني يرى الإبدال من المكسورة قياساً، ومن الياء في قطع الله أديه وفي أسنانه
ألل وقالوا الشئمة وإبدالها من الهاء في ماء وأمواء. قال وبلدة قالصة أمواءها ... ما صحة رأد
الضحي أفياءها
وفي أل فعلت وإلا فعلت، ومن العين في قوله:
أباب بحر ضاحك زهوق
الألف والألف أبدلت من أختيها ومن الهمزة والنون.
فإبدالها من أختيها مطرد في نحو قال وباع ودعى ورمى وباب وناب مما تحركتا فيه
وانفتح ما قبلهما، ولم يمنع ما منع من الإبدال في نحو رميا ودعوا إلا ما شذ من نحو
القود والصيد. وغير مطرد في نحو طائي وحاري وياجل. وإبدالها من الهمزة لازم
في نحو آدم، وغير لازم في نحو رأس. وإبادلها من النون في الوقف خاصة على ثلاثة
أشياء: المنصوب المنون، وما لحقته النون الخفيفة المفتوح ما قبلها، وإذن، كقولك رأيت
زيداً ولنسفعا وفعلتها إذا.
الياء والياء أبدلت من أختيها، ومن الهمزة، ومن أحد حرفي
التضعيف، ومن النون والعين والعين و
الباء والسين والثاء. فإبدالها من الألف في نحو مفيتيح
وهو مطرد. ومن الواو في نحو ميقات وعصى وغاز وغازية وأدل وقيام وانقياد وحياض وسيد
ولية واغزيت واستغزيت وهو مطرد. وفي نحو صبية وثيرة وعليان وبيجل، وهو غير مطرد.
ومن الهمزة في نحو ذيب ومير على ما قد سلف في تخفيفها. ومن أحد حرفي التضعيف في قولهم
أمليت، وقصيت أظفاري، ولا وربيك لا أفعل، وتسريت وتظنيت، ولم يتسن، وتقضى البازي.
وقوله:
نزور امرأ أما الإله فيتقي ... وأما بفعل الصالحين
فيأتمي
والتصدية فمن جعلها من صد يصد، وتلعيت من اللعاعة،
ودهديت وصهصيت ومكاكي في جمع مكوك، ودياج في جمع ديجوج، وديوان وديباج وقيراط،
وشيراز وديماس فيمن قال شراريز ودماميس. وقوله وايتصلت بمثل ضوء الفرقد
أبدل الياء من التاء الأولى في اتصلت ومما سوى ذلك في
قولهم أناسي وظرابي. وقوله ومنهل ليس له حوازق ... ولضفادي جمه نقانق
وقوله يصف عقاباً لها أشارير من لحم تتمرة ... من
الثعالي ووخز من أرانيها
وقوله إذا ما عد أربعة فسال ... فزوجك خامس وأبوك سادي
وقوله قد مر يومان وهذا الثالي ... وأنت بالهجران لا
تبالي
الواو والواو تبدل من أخييها ومن الهمزة. فإبدالها من
الألف في نحو ضوارب وضويرب تصغير ضربات مصدر ضارب، وأوادم وأويدم ورحوي وعصوي
وألوان تثنية إلى إسما. ومن الياء في نحو موقن وطوبى مما سكن ياؤه غير مدغمة وانضم ما
قبلها، وفي ضويرب تصغير ضراب مصدر ضاربه، وفي بقوي وبوطر من بيطر، وهذا أمر ممضو
عليه، وهو نهو عن المنكر، وفي الجباوة. ومن الهمزة في نحو جونة وجون كما سلف في تخفيفها.
الميم والميم أبدلت من الواو واللام والنون والباء. فإبدالها من
الواو في فم وحدها. ومن اللام في لغة طيء في نحو ما روى النمر بن تولب عن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقيل إنه لم يرو غير هذا ليس من
امبرامصيام في امسفر. ومن النون في نحو عمبر وشمباء مما وقعت فيه النون ساكنة قبل
الباء. وفي قول رؤبة يا هال ذات المنطق التمتام ... وكفك المخضب البنام
وطامه الله على الخير. ومن الباء في بنات مخر وما زلت
راتماً على هذا ورأيته من كثم. وقوله فبادرت شاتها عجلى مثابرة ... حتى استقت دون
محني جيدها نغما
قال ابن الأعرابي أراد نغباً
النون والنون أبدلت من الواو واللام في صنعاني وبهراني،
ولعن بمعنى لعل.
التاء والتاء أبدلت من الواو والياء والسين والصاد
والباء. فإبدالها من الواو فاء في نحو اتعد وأتلجه قال:
متلج كفيه في قتره
وتجاه وتيقور وتكلان وتكاة وتكلة وتخمة وتهمة وتقية
وتقوى وتترى وتوراة وتولج وتراث وتلاد. ولاماً في أخت وبنت وهنت وكلتا. ومن الياء
فاء في نحو اتسر، ولاماً في نحو أسنتوا وثنتان وكيت وذيت. ومن السين في طست ومنه
قوله يا قاتل الله بني السعلاة ... عمرو بن يربوع شرار النات
غير أعفاء ولا أكيات ومن الصاد في لصت قال كاللصوت المرد
ومن الباء في الذعالت بمعنى الذعالب وهي الأخلاق.
الهاء والهاء أبدلت من الهمزة والألف والياء والتاء.
فإبدالها من الهمزة في هرقت الماء، وهرحت الدابة، وهنرت الثوب، وهردت الشيء، عن
اللحياني، وهياك، ولهنك، وهما والله لقد كان كذا، وهن فعلت فعلت لغة طيء، وفيما
أنشد أبو الحسن وأتى صواحبها فقلن هذا الذي ... منح المودة غيرنا وجفانا
أي إذا الذي ومن الألف في قوله إن لم تروها فمه
وفي أنه وحيهلة وقوله: وقد رابني قولها يا هناه وهي
مبدلة من الألف المنقلبة عن الواو في هنوات، ومن الياء في هذه أمة الله، ومن التاء
في طلحة وحمزة في الوقف. وحكى قطرب أن في لغة طيء كيف البنون والبناه، وكيف الأخوة
والأخواه.
اللام واللام أبدلت من النون والضاد في قوله وقفت فيها
أصيلالاً أسائلها
وقوله مال إلى أرطاة حقف فالطجع
الطاء والطاء أبدلت من التاء في نحو اصطبر، وفحصط برجلي.
الدال والدال أبدلت من التاء في ازدجر، وازدان، وفزد،
واذدكر غير مدغم فيما رواه أبو عمرو. واجدمعوا واجدز في بعض اللغات قال واجدز شيحا
وفي دولج.
الجيم و
الجيم أبدلت من الياء المشددة في الوقف. قال أبو عمرو:
قلت لرجل من بني حنظلة: ممن أنت؟ فقال فقيمج. فقلت من أيهم؟ فقال: مرج. وقد أجرى الوصل
مجرى الوقف من قال خالي عويف وأبو علج ... المطعمان الشحم بالعشج
وبالغداة تل البرنج ... يقلع بالود وبالصيصج
وأنشد ابن الأعرابي:
كأن في أذنابهن الشول ... من عبس الصيف قرون الأجل
وقد أبدلت من غير المشددة في قوله لاهم إن كنت قبلت حجتج
... فلا يزال شاحج يأتيك بج
أقمر نهات ينزى وفرتج
وقوله حتى إذا أمسجت وأمسجا
السين و
السين إذا وقعت قبل غين أو خاء أو قاف أو طاء جاز
إبدالها ضاداً كقولك صائغ، وأصبغ نعمه صخر، ومس صقر، ويصاقون وصقت، وصبقت، وصويق،
والصملق، وصراط، وصاطع ومصيطر؛ وإذا وقعت قبل الدال ساكنة أبدلت زاياً خالصة كقولك
في يسدد يزدد، وفي يسدل ثوبه يزدل. قال سيبويه ولا تجوز المضارعة يعني إشراب صوت الزاي.
وفي لغة كلب تبدل زاياً مع القاف خاصة يقولون مس زقر.
الصاد والصاد الساكنة إذا وقعت قبل الدال جاز إبدالها
زاياً خالصة في لغة فصحاء من العرب ومنه لم يحرم من فزد له. وقول حاتم هكذا فزدي
أنه
وقال الشاعر ودع ذا الهوى قبل القلى ترك ذي الهوى ...
متين القوى خير من الصرم مزدرا
وأن تضارع بها الزاي فإن تحركت لم تبدل. ولكنهم قد
يضارعون بها الزاي فيقولون صدر وصدف والصراط. والراط. قال سيبويه: والمضارعة أكثر،
وأعرب من الإبدال والبيان أكثر، ونحو الصاد في المضارعة الجيم والشين تقول هو أجدر
وأشدق.
الباب التاسع
الاعتلال
حروف الاعتلال
حروفه الألف والواو والياء. وثلاثتها تقع في الأضرب
الثلاثة، كقولك مال وناب وسوط وبيض وقال وباع وحاول وبايع ولا ولو وكي إلا أن
الألف تكون في الأسماء والأفعال زائدة أو منقلبة عن الواو والياء لا أصلاً، وهي في
الحروف أصل ليس إلا لكونها جوامد غير متصرف فيها.
اتفاق الواو والياء واختلافهما والواو والياء غير
المزيدتين تتفقان في مواقعهما وتختلفان.
فاتفاقهما إن وقعت كلتاهما فاء كوعد ويسر، وعينا كقول
وبيع، ولاماً كغزو ورمى، وعينا ولاما معا كقوة وحية وان تقدمت كل واحدة منهما على
أختها فاء وعينا في نحو ويل ويوم.
واختلافهما أن الواو تقدمت على الياء في نحو وفيت وطويت،
وتقدمت الياء عليها في يوم، وأما الواو في الحيوان وحيوة فكواو جباوة في كونها
بدلاً عن الياء والأصل حييان وحيية.
واختلافهما أن الياء وقعت فاء وعيناً معاً، وفاء ولاما
معاً في بين اسم
مكان وفي يديت، ولم تقع الواو كذلك. ومذهب أبي الحسن في
الواو أن تأليفها من الواوات فهي على قوله موافقة للياء في بييت. وقد ذهب غيره إلى
أن ألفها عن ياء فهي على هذا موافقتها في يديت. وقالوا ليس في العربية كلمة فاؤها
واو ولامها واو إلا الواو. ولذلك آثروا في الوغي أن يكتب بالياء.
الفصل الأول الواو والياء فاءين
الواو والياء في مضارع فعل الواو تثبت صحيحة، وتسقط
وتقلب. فثباتها على الصحة في نحو وعد وولد والوعد والوالدة. وسقوطها فيما عينه
مكسورة من مضارع فعل أو فعل لفظاً أو تقديراً. فاللفظ في يعد ويق، والتقدير في بضع
ويسع، لأن الأصل فيهما الكسر والفتح لحرف الحلق، وفي نحو العدة والمقة من المصادر.
والقلب فيما مر من الإبدال.
والياء مثلها إلا في السقوط. تقول ينع يينع ويسر ييسر
فتثبتها حيث أسقطت الواو. وقال بعضهم يئس كومق يمق فأجراها مجرى الواو وهو قليل.
وقلبها في نحو إتسر.
والذي فارق به قولهم وجع ووجل يوجل قولهم وسع يسع ووضع
يضع حيث ثبتت الواو في أحدهما وسقطت في الآخر. وكلا القبيلتين فيه حرف الحلق أن
الفتحة في يوجع أصلية بمنزلتها في يوجل، وهي في يسع عارضة مجتلية لأجل حرف الحلق
فوزانهما وزان كسرتي الراءين في التجاري والتجارب.
الواو والياء في مضارع افتعل
وياتسر، ويقول في ييبس وييئس يابس ويائس. وفي مضارع وجل
أربع لغات يوجل ويأجل وييجل وييجل وليس الكسرة من لغة من يقول تعلم.
وإذا بني افتعل من أكل وأمر فقيل ايتكل وايتمر لم تدغم
الياء في التاء كما أدغمت في ايتسر، لأن الياء ههنا ليست بلازمة وقول من قال اتزر
خطأ.
الفصل الثاني الواو والياء عينين
لا تخلوان من أن تعلا أو تحذفا أو تسلما. فالإعلال في
قال وخاف وباع وهاب وباب وناب، ورجل لاع ومال ونحوها مما تحركتا فيه وانفاح ما
قبلهما، وفيما هو من هذه الأفعال من مضارعاتها وأسماء فاعليها ومفعوليها، وما كان
منها على مفعل ومفعلة ومفعل ومفعلة ومفعلة كمعاد ومقالة ومسير معيشة ومشورة، وما كان
نحو أقام واستقام واختار وانقاد من ذوات الزوائد التي لم يكن ما قبل حرف العلة
فيها ألفاً أو واواً أو ياء نحو قاول وتقاولوا وزايل وتزايلوا وعوذ وتعوذ وزين
وتزين، وما هو منها أعلت هذه الأشياء وإن لم تقم فيها علة الإعتلال اتباعاً لما
قامت العلة فيه لمونها منها وضربها بعرق فيها.
والحذف في قل وقلن وقلت ولم يقل. ولم يقلن وبع وبعن وبعت
ولم يبع ولم يبعن، وما كان من هذا النحو في المزيد فيه، وفي سيد وميت، وكينونة
وقيلولة، وفي الإقامة والإستقامة ونحوها مما التقى فيه ساكنان أو طلب تخفيف أو
اضطر اعلال.
والسلامة فيما وراء ذلك مما فقدت فيه أسباب الإعلال
والحذف أو وجدت خلا أنه اعترض ما يصد عن حكمها كالذي اعترض في صورى وحيدي والجولان
والجيكان والقوباء والخيلاء.
أبنية الفعل الثلاثي وأبينة الفعل في الواو على فعل يفعل
نحو قال يقول، وفعل يفعل نحو خاف يخاف، وفعل يفعل نحو طال يطول وجاد يجود إذا صار
طويلاً وجواداً. وفي الياء على فعل يفعل نحو باع يبيع، وفعل يفعل نحو هاب يهاب،
ولم يجيء في الواو يفعل بالكسر، ولا في الياء يفعل بالضم، وزعم الخليل في طاح يطيح
وتاه إنهما فعل يفعل كحسب يحسب وهما من الواو لقولهم طوحت وتوهت، وهو أطوح منه
وأتوه، ومن قال طيحت وتيهت فهماً على باع يبيع.
عند اتصال الفعل الثلاثي بالضمير وقد حولوا عند اتصال
ضمير الفاعل فعل، من الواو إلى فعل، ومن الياء إلى فعل، ثم نقلت الضمة أو الكسرة
إلى الفاء فقيل: قلت وقلن، وبعت وبعن. ولم يحولوا في غير الضمير إلا ما جاء من قول
ناس من العرب كيد يفعل ذاك وما زيل يفعل ذلك.
في الفعل الثلاثي المجهول وتقول فيما لم يسم فاعله قيل
وبيع بالكسر، وقيل وبيع بالإشمام، وقول وبوع بالواو، وكذلك اختير وانقيد له تكسر
وتشم وتقول اختور وانقود له، وفي فعلت من ذلك عدت يا مريض واخترت يا رجل بالكسر
والضم الخالصين والإشمام، وليس فيما قبل ياء أقيم واستقيم إلا بالكسر الصريح.
وقالوا عور وصيد وازدوجوا واجتوروا، فصححوا العين لأنها
في معنى ما يجب فيه تصحيحها، وهو أفعال وتفاعلوا، ومنهم من لم يلمح الأصل فقال عار
يعار. وقال:
أعارت عينه أم لم تعارا
وما لحقته الزيادة من نحو عور في حكمه، تقول أعور الله
عينه وأصيد بعيره، ولو بنيت منه استفعلت لقلت استعورت، وليس مسكنه من ليس كصيد،
كما قالوا علم في علم، ولكنهم ألزموها الإسكان لأنها لما لم تصرف تصرف أخواتها لم
تجعل على لفظ صيد ولا هاب، ولكن على لفظ ما ليس من الفعل نحو ليت، ولذلك لم ينقلوا
حركة العين إلى الفاء في لست. وقالوا في التعجب ما أقوله! وما أبيعه! وقد شذ عن
القياس نحو أجودت واستروح واستحوذ واستجود واستصوب وأطيبت وأغيلت وأخليت وأغيمت
واستفيل.
إعلال اسم الفاعل من الثلاثي وإعلال إسم الفاعل من نحو
قال وباع أن تقلب عينه همزة، كقولك قائل وبائع، وربما حذفت كقولهم شاك، ومنهم من
يقلب فيقول شاكيء. وفي جائي قولان: أحدهما أنه مقلوب كالشاكيء والهمزة لام الفعل
وهو قول الخليل، والثاني أن الأصل جائيء فقلبت الثانية ياء والباقية هي نحو همزة
قائم. وقالوا في عور وصيد عاور وصايد كمقاوم ومباين.
إعلال إسم المفعول من الثلاثي وإعلال إسم المفعول منهما
أن تسكن عينه ثم أن المحذوف منهما واو مفعول عند سيبويه، وعند الأخفش العين، ويزعم
أن الياء في مخيط منقلبة
عن واو مفعول، وقالوا مشيب بناء على شيب بالكسر، ومهروب بناء
على لغة من يقول هوب، وقد شذ نحو مخيوط ومزيوت ومبيوع وتفاحة مطيوبة. وقال يوم رذاذ
عليه الدجن مغيوم
قال سيبويه ولا نعلمهم أتموا في الواو لأن الواوات أثقل
عليهم من الياءات وقد روى بعضهم ثوب مصؤون.
ورأي صاحب الكتاب في كل ياء هي عين ساكنة مضموم ما قبلها
أن تقلب الضمة كسرة لتسلم الياء، فإذى بني نحو برد من البياض قال بيض، والأخفش
يقول بوض، ويقصر القلب على الجمع نحو بيض في جمع أبيض، ومعيشة عنده يجوز أن يكون مفعلة
ومفعلة، وعند الأخفش هي مفعلة، ولو كانت مفعل لقلت معوشة، وإذا بني من البيع مثل
ترتيب قال تبيع وقال الأخفش تبوع والمضوفة في قوله وكنت إذا جاري دعا لمضوفه ...
أشمر حتى ينصف الساق مئزر
كالقود والقصوى عنده وعند الأخفش قياس.
الأسماء الثلاثية المجردة والأسماء الثلاثية المجردة
إنما يعل منها ما كان على مثال الفعل نحو باب ودار وشجرة شاكة ورجل مال، لأنها على
فعل أو فعل. وربما صح ذلك نحو القود والحركة والخونة والجورة ورجل روع وحول. وما
ليس على مثاله ففيه التصحيح كالنومة واللومة والعيبة والعوض والعودة. وإنما أعلوا قيماً
لأنه مصدر بمعنى القيام وصف به في قوله تعالى: " ديناً قيماً " . والمصدر
يعل بإعلال الفعل. وقولهم حال حولاً كالقود. وفعل إن كان من الواو سكنت عينه
لاجتماع الضمتين الواو، فيقال نور وعون في جمع نوار وعوان، ويثقل في الشعر. قال
عدي بن زيد وفي الأكف اللامعات سور
وإن كان من الياء فهو كالصحيح. من قال كتب ورسل قال غير
وبيض في جمع غيور وبيوض ومن قال كتب ورسل قال غير وبيض.
الأسماء المزيدة وأما الأسماء المريد فيها فإنما يعل
منها ما وافق الفعل في وزنه وفارقه إما بزيادة لا تكون في الفعل كقولك مقال ومسير
ومعونة وقد شذ نحو مكوزة ومزيد ومريم ومدين ومشورة ومصيدة والفكاهة مقودة إلى
الأذى وقرئ: " لمثوبة من عند الله " ، وقولهم مقول محذوف من مقوال كمخيط
من مخياط. وإما بمثال لا يكون فيه كبنائك مثال تحلى نم باع يبيع تقول يبيع
بالإعلال لأن مثال تفعل بكسر التاء ليس في أمثلة الفعل. وما كان منها مماثلاً
للفعل صحح فرقاً بينه وبينه كقولك أبيض وأسود وأدور وأعين وأخونة وأعينة. وكذلك لو
بنيت تفعل أو تفعل من زاد يزيد لقلت تزيد وتزيد على التصحيح.
إعلال فعال وقد أعلوا نحو قيام وعياد واحتياز وانقياد
لإعلال أفعالها مع قوع الكسرة قبل الواو والحرف المشبه للياء بعدها وهو الألف ونحو
ديار ورياح وجياد تشبيهاً لإعلال وحدانها بإعلال الفعل مع الكسرة والألف ونحو سياط
وثياب ورياض لشبه الإعلال في الواحد وهو كون الواو ميتة ساكنة فيه بألف دار وياء ريح
مع الكسرة والألف. وقالوا ثير وديم لإعلال الواحد والكسرة. وقالاو ثيرة لسكون الواو في الواحد
والكسرة. وهذا قليل والكثير عودة وكوزة وزوجة. وقالوا طوال لتحرك الواو في الواحد
وقوله فإن أعزاء الرجال طيالها
ليس بالأعراف. وأما قولهم رواء مع سكونها في ربان وانقلابها
فلئلا يجمعوا بين إعلالين: قلب الواو الي هي عين ياء وقلب الباء التي هي لام همزة.
ونواء ليس بنظيره لأن الواو في واحده صحيح وهو قولك ناو.
كيف يمنع إعلال الإسم ويمتنع الإسم من الإعلال بأن يسكن
ما قبل واوه ويائه أو ما هو بعدهما إذا لم يكن نحو الإقامة والإستقامة مما يعتل
باعتلال فعله وذلك قولهم حول وعوار ومشوار وتقوال وسووق وغوور وطويل ومقاوم
واهوناء وشيوخ وهيام وخيار ومعايش وابيناء.
إعلال الجمع الذي اكتنفت ألفه الواو والياء وإذا اكتنفت
ألف الجمع الذي بعده حرفان واوان، أو ياءان، أو واو وياء، قلبت الثانية همزة كقولك
في أول أوائل، وفي خير خيائر، وفي سيقة سيائق، وفي فوعلة من البيع بوائع، وقولهم
ضياول شاذ كالقود وإذا كان الجمع بعد ألفه ثلاثة أحرف فلا قلب كقولك عواوير
وطواويس. وقوله وكحل العينين بالعواور
إنما صح لأن الياء مرادة وعكسه قوله فيها عياييل أسود
ونمر
لأن الياء مزيدة للإشباع كياء الضياريف. ومن ذلك إعلال
صيم وقيم للقرب من الطرف، مع تصحيح صوام وقوام. وقولهم فلان من صيابة قومه وقوله
فما أرق النيام إلا سلامها
شاذ.
ونحو سيد وميت وديار وقيام وقيوم قلب فيها الواو ياء،
ولم نفعل ذلك
في سوير وبويع وتسوير لئلا يختلطا بفعل وتفعل.
وتقول في جمع مقامة ومعونة ومعيشة مقاوم ومعاون ومعايش
مصرحاً بالواو والياء، ولا تهمز كما همزت رسائل وعجائز وصحائف ونحوها مما الألف
والواو والياء في وحدانه مدات لا أصل لهن في الحركة.
إعلال فعلي وفعلي من الياء إذا كانت إسماً قلبت ياؤها
واواً كالطوبي والكوسي من الطيب والكيس، ولا تقلب في الصفة كقولك في الصفة مشية
حيكى وقسمة ضيزى.
الفصل الثالث
الواو والياء لامين الواو والياء لامين
حكمهما أن تعلا أو تحذفا أو تسلما فاعلاً لهما متى
تحركتا وتحرك ما قبلهما إن لم يقع بعدهما ساكن، إما قلبا لهما إلى الألف إن كانت
حركة ما قبلهما فتحة نحو غزا ورمى وعصا ورحى، أو لإحداهما إلى صاحبتها كأغريت
والغازي ودعي ورضي وكالبقوي والشروي والجباوة أو إسكانهما كيغزو ويرمي وهذا الغازي
وراميك. وحذفهما في نحو لا ترم ولا تغز واغز وارم وفي يد ودم وسلامتهما في نحو
الغزو والرمي ويغزوان ويرميان وغزوا ورميا.
حركات إعرابهما ويجريان في تحمل حركات اإعراب مجرى
الحروف الصحاح إذا سكن ما قبلهما في نحو دلو وظبي وعدو وعدي ومحوار وواو وزاي وآي.
وإذا تحرك ما قبلهما لم يتحملا إلا النصب نحو لن يغزو ولن يرمي وأريد أن تستقي
وتستدعي ورأيت الرامي والعمى والمضوضي.
وقد جاء الإسكان في قوله أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
وقول الأعشى فآليت لا أرثي لها من كلالة ... ولا من حفى
حتى تلاقي محمدا
وقوله يا دار هند عفت إلا أثافيها
وفي المثل أعط القوس باريها. وهما في حال الرفع ساكنان.
وقد شذ التحريك في قوله موالي ككباش العوس سحاح
ولا يقع في المجرور إلا الياء لأنه ليس في الأسماء
المتمكنة ما آخره واو قبلها حركة. وحكم الياء في الجر حكمهما في الرفع. وقد حكي
لجرير فيوماً يجازين الهوى غير ماضي ... ويوماً ترى منهن غولا تغول
وقال ابن الرقيات لا بارك الله في الغواني هل ... يصبحن
إلا لهن مطلب
وقال الآخر ما أن رأيت ولا أرى في مدتي ... كجواري يلعبن
في الصحراء
سقوطهما في الجزم ويسقطان في الجزم سقوط الحركة. وقد
ثبتتا في قوله هجوت زبان ثم جئت معتذراً ... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع
وقوله ألم يأتيك والأنباء تنمى ... بما لاقت لبون بني
زياد
وفي بعض الروايات عن ابن كثير أنه قرأ: " من يتقي
ويصبر " . وأما الألف فتثبت ساكنة أبداً، إلا في حال الجزم فإنها تسقط
سقوطهما نحو لم يخش ولم يدع. وقد أثبتها من قال وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم
ترى قبلي أسيراً يمانياً
ونحوه ما أنس لا أنساه آخر عيشتي ... ما لاح بالمعزاء
ريع سراب
ومنه إذا العجوز غضبت فطلق ... ولا ترضاها ولا تملق
حكم الواو المتطرفة بعد متحرك ولرفضهم في الأسماء
المتمكنة أن تتطرف الواو بعد متحرك قالوا في جمع دلو وحقو على أفعل، وفي جمع عرقوة
وقلنسوة في حد تمرة، وتمر أدل وأحق وعرق وقلنس، قال:
لا صبر حتى تلحقي بعنس ... أهل الرباط البيض والقلنس
فأبدلو من الضمة الواقعة قبل الواو كسرة لتنقلب ياء
مثلها في ميزان وميقات وقالوا قلنسوة وقمحدوة وافعوان وعنفوان وأقحوان حيث لم تتطرف.
ونظير ذلك الإعلال في نحو الكساء والرداء. وتركه في نحو النهاية والعظاية والصلاية
والشقاوة والأبوة والأخوة والثنائين والمذروين. وسأل سيبويه الخليل عن قولهم صلاءة
وعباءة فقال: إنما جاؤوا بالواحد على قولهم صلاء وعظاء وعباء وأما من قال صلاية
وعباية فإنه لم يجيء بالواحد على الصلاء والعباء كما أنه إذا قال خصيان لم يثنه
على الواحد المستعمل في الكلام.
وقالوا عتى وجثى وعصى ففعلوا بالواو المتطرفة بعد الضمة
في فعول مع حجز المدة بينهما ما فعلوا بها في أدل وقلنس كما فعلوا في الكساء نحو
فعلهم في العصا. وهذا الصنيع مستمر فيما كان جمعاً، إلا ما شذ من قول بعضهم إنك
لتنظر في نحو كثيرة ولم يستمر فيما ليس بجمع قالوا عتو ومغزو وقد قالوا عتي ومغزى
قال:
وقد علمت عرسي مليكة أنني ... أنا الليث معدياً عليه
وعادياً
وقالوا أرض مسنية ومرضي، وقالوا مرضو على القياس. قال
سيبويه والوجه في هذا النحو الواو والأخرى عربية كثيرة والوجه في الجمع الياء.
حكم الواو والياء بعد ألف والمقلوب بعد الألف يشترط فيه
أن تكون الألف مزيدة مثلها في كساء ورداء فإن كانت أصلية لم تقلب كقولك واو وزاي
وثاية.
حكم الواو المكسور ما قبلها والواو المكسور ما قبلها مقلوبة
لا محالة نحو غازية ومحنية. وإذا كانوا ممن يقلبها وبينها وبين الكسرة حاجز في نحو
قنية وهو ابن عمي دنيا فهم لها بغير حاجز أقلب.
قلب الياء واواً في فعلي وما كان فعلي من الياء قلبت
ياؤه واواً في الأسماء كالتقوى والبقوى والرعوى والشروى والعوى لأنه من عويت والطغوى
لأنها من الطغيان. ولم تقلب في الصفات نحو خزيا وصديا وريا ولا يفرق فيما كان من
الواو نحو
دعوى وعدى وشهوى ونشوى وفعلى تقلب واوها ياء في الإسم
دون الصفة. فالإسم نحو الدنيا والعليا والقصيا وقد شذ القصوى وحزوى، والصفة قولك
إذا بنيت فعلى من غزوت غزوي، ولا يفرق في فعلى من الياء نحو الفتيا والقضيا في
بناء فعلى من قضيت وأما فعلى فحقها أن تنساق على الأصل صفة وإسماً.
قلب الياء ألفاً بعد ألف الجمع والهمزة وإذا وقعت بعد
ألف الجمع الذي بعده حرفان همزة عارضة في الجمع وياء قلبوا الياء ألفاً والهمزة
ياء وذلك قولهم مطايا وركايا والأصل مطائي وركائي على حد صحائف ورسائل، وكذلك
شوايا وحوايا في جمع شاوية وحاوية فاعلتين من شويت وحويت، والأصل شواوي وحواوي ثم
شوائي وحوائي على حد أوائل ثم شوايا وحوايا. وقد قال بعضهم هداوي في جمع هدية وهو
شاذ. وأما نحو إداوة وعلاوة وهراوة فقد ألزموا في جمعه الواو بدل الهمزة فقالوا
أداوي وعلاوي وهراوي كأنهم أراوا مشاكلة الواحد الجمع في وقوع واو بعد ألف. وإذا لم
تكن الهمزة عارضة في الجمع كهمزة جواء وسواء جمع جائية وسائية فاعلتين من جاء وساء
لم تقلب.
قلب الواو ياء إذا وقعت رابعة فصاعدا ً وكل واو وقعت
رابعة فصاعداً ولم ينضم ما قبلها قلبت ياء نحو أغزيت وغازيت ورجيت وترجيت
واسترشيت. ومضارعتها ومضارعة غزي ورضي وشائي في قولك يغزيان ويرضيان ويشأيان.
وكذلك ملهيان ومصطفيان ومعليان ومستدعيان.
وقد أجروا نحو حي وعي مجري بقي وفني فلم يعلوه. وأكثرهم
يدغم فيقول حي وعي بفتح الفاء وكسرها كما قيل لي ولي في جع ألوى قال الله تعالى:
" ويحيى من حيي عن بينة "
. وقال عبيد:
عيوا بأمرهم كما ... عيت ببيضتها الحمامة
وكذلك أحي واستحي وحوى في أحيى واستحيى وحويى وكل ما
كانت حركته لازمة. ولم يدغموا فيما لم تلزم حركته نحو لن يحيى لن يحيى ولن يستحيى
ولن يحايي. وقالوا في جمع حياء وعي أحية واعياء وأحيية. وقوي مثل حي في ترك الإعلال ولم
يجيء في الإدغام إذا لم يلتق فيه مثلان لقلب كسرة الواو الثانية ياء.
حكم مضاعف الواو ومضاعف الواو مختص بفعلت دون فعلت
وفعلت، لأنهم لو بنوا من القوة نحو غزوت وسروت أن يقولوا قووت وقووت. وهم لاجتماع
الواوين أكره منهم لاجتماع الياءين. وفي بناء نحو شقيت تنقلب الواو ياء. وأما
القوة والصوة والبو والجو فمحتملات للإدغام.
وقالوا في أفعال من الحوة احواوي فقلبوا الواو الثانية
ألفاً ولم يدغموا لأن الإدغام كان يصيرهم إلى ما رفضوه من تحريك الواو بالضم في
نحو يغزو ويسرو لو قالوا يحواو، وتقول في مصدره احويواء واحوياء، ومن قال أشهباب
قال احوواء. ومن أدغم اقتتال فقال قتال قال حواء.
الباب العاشر
الإدغام
حده ثقل التقاء المتجانسين على ألسنتهم فعمدوا بالإدغام
إلى ضرب من الخفة. والتقاؤهما على ثلاثة أضرب: أحدها أن يسكن الأول ويتحرك الثاني
فيجب الإدغام ضرورة كقولك لم يرح حاتم ولم أقل لك. والثاني أن يتحرك الأول ويسكن
الثاني فيمتنع الإدغام كقولك ظللت ورسول الحسن. والثالث أن يتحركا وهو على ثلاثة
أوجه: ما الإدغام فيه واجب وذلك أن يلتقيا في كلمة وليس أحدهما للإلحاق نحو رد ويرد.
وما هو جائز وذلك أن ينفصلا وما قبلهما متحرك أو مدة نحو أنعت تلك، والمال لزيد،
وثوب بكر، أو يكونا في حكم الإنفصال نحو اقتتل لأن تاء الإفتعال لا يلزمها وقوع
تاء بعدها فهي شبيهة بتاء تلك. وما هو ممتنع فيه وهو على ثلاثة أضرب: أحدها فهي
شبيهة بتاء تلك. وما هو ممتنع فيه وهو على ثلاثة أضرب: أحدها أن يكون أحدهما
للإلحاق نحو قردد وجلبب، والثاني أن يؤدي فيه الإدغام إلى لبس مثال بمثال نحو سرر
وطلل وجدد، والثالث أن ينفصلا ويكون ما قبل الأول حرفاً ساكناً غير مدة نحو قرم
مالك وعدو وليد. ويقع الإدغام في المتقاربين كما يقع في المتماثلين. ولا بد من ذكر
مخارج الحروف لتعرف متقاربتها من متباعدتها.
مخارج الحروف ومخارجها ستى عشر. فللهمزة والهاء والألف
أقصى الحلق. وللعين والحاء أوسطه وللغين والخاء أدناه. وللقاف أقصي وما فوقه من الحنك. وللكاف
من اللسان والحنك ما يلي مخرج القاف. وللجيم والشين والياء وسط اللسان وما يحاذيه
من وسط الحنك. وللضاد أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس. وللام ما دون أول
حافة اللسان إلى منتهى طرفه وما يحاذي ذلك من الحنك الأعلى فويق الضاحك والناب.
الرباعية والثنية. وللنون ما بين طرف اللسان وفويق الثنايا. وللراء ما أدخل في ظهر
اللسان قليلاً من مخرج النون. وللطاء والدال والتاء ما بين طرف اللسان وأصول
الثنايا. وللصاد والزاي والسين ما بين الثنايا وطرف اللسان. وللظاء والذال والثاء
ما بين طرف اللسان وأطراف الثنايا. وللفاء باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا
العليا. وللياء والميم والواو ما بين الشفتين.
عدد الحروف ويرتقي عدد الحروف إلى ثلاثة وأربعين. فحروف
العربية الأصول تلك التسعة والعشرون. وتتفرع منها ستة مأخوذ بها في القرآن وكل
كلام فصيح، وهي الهمزة بين بين، والنون الساكنة التي هي غنة في الخيشوم نحو عنك
وتسمى النون الخفيفة والخفية، وألفا الإمالة والتفخيم نحو عالم والصلوة، والشين التي
هي كالجيم نحو أشدق، والصاد التي كالزاي نحو مصدر، والبواقي حروف مستهجنة وهي
الكاف التي كالجيم، والجيم التي كالكاف، والجيم التي كالشين. والضاد الضعيفة، والصاد التي كالسين،
والطاء التي كالتاء، والظاء التي كالثاء، والباء التي كالفاء.
أقسام الحروف حسب أصواتها وتنقسم إلى المجهورة،
والمهموسة، والشديدة، والرخوة، وما بين الشديدة والرخوة، والمطبقة، والمنفتحة،
والمستعلية، والمنخفضة،
وحروف القلقة، وحروف الصفير، وحروف الذلاقة، والمصمتة،
واللينة، وإلى المنحرف، والمكرر، والهاوي، والمهتوت. فالمجهور ما عدا المجموعة في
قولك ستشحثك خصفة وهي المهموسة. والجهر إشباع الإعتماد من مخرج الحرف ومنع النفس
أن يجري معه. والهمس بخلافة. والذي يتعرف به تباينهما أنك إذا كررت القاف فقلت قق وجدت النفس
محصوراً لا تحس معها بشيء منه، وتردد الكاف فتجد النفس مقاوداً لها ومساوقاً
لصوتها. والشديدة ما في قولك أجدت طبقك أو أجدك قطبت. والرخوة ما عداها وعدا ما في
قولك لم يروعنا أو لم يرعونا وهي التي بين الشديدة والرخوة. والشدة أن يحصر صوت
الحرف في مخرجه فلا يجري. والرخاوة بخلافها. ويتعرف تباينهما بأن تقف على الجيم
والشيم فتقول الحج والطش فإنك تجد صوت الجيم راكداً محصوراً لا تقدر على مده وصوت
الشين جارياً تمده إن شئت. والكون بين الشدة والرخاوة أن يتم لصوته الإنحصار ولا الجري
كوقفك على العين وإحساسك في صوتها بشبه الإنسلال من مخرجها إلى مخرج الحاء.
والمطبقة الصاد والظاء والضاد والطاء. والمنفتحة ما عداها. والإطباق أن تطبق على مخرج
الحرف من اللسان وما حاذاه من الحنك. والإنفتاح بخلافه. والمستعلية الأربعة
المطبقة والخاء والغين والقاف. والمنخفضة ما عداها. والإستعلاء ارتفاع اللسان إلى
الحنك أطبقت أو لم تطبق والانخفاض بخلافه. وحروف القلقلة ما في قولك قد طبج،
والقلقلة ما تحسن به إذا وقفت عليها من شدة الصوت المتصعد من الصدر مع الحفز
والضغط. وحروف الصفير الصاد والزاي والسين لأنها يصفر بها. وحروف الذلاقة ما في
قولك مر بنفل. والمصمتة ما عداها. والذلاقة الإعتماد بها على ذلق اللسان وهو طرفه.
والإصمات إنه لا يكاد يبنى منها كلمة رباعية وخماسية معراة من حروف الذلاقة فكأنه
قد صمت عنها. واللينة حروف اللين. والمنحرف اللام قال سيبويه هو حرف شديد جرى فيه
الصوت لانحراف اللسان مع الصوت. والمكرر الراء لأنك إذا
وقفت عليه تعثر طرف اللسان بما فيه من التكرير. والهاوي
الألف لأن مخرجه أتسع لهواء الصوت أشد من أتساع مخرج الياء والواو. والمهتوت التاء
لضعفها وخفائها.
وصاحب العين يسمى القاف والكاف لهويتين لأن مبدأهما من
اللهاة، والجيم والصاد شجرية لأن مبدأهما من شجر الفم وهو مفرجه، والصاد والزاي
والسين أسلية لأن مبدأهما من أسلة اللسان، والطاء والدال والتاء نطعية لأن مبدأها
من نطع الغار الأعلى والظاء والذال والثاء لثوية لأن مبدأها من اللثة، والراء واللام
والنون ذولقية لأن مبدأها من ذولق اللسان، والواو والفاء والباء والميم شفوية أو
شفهية، وحروف المد واللين جوفاء.
لا بد من تقريب حرفي الإدغام وإذا ريم إدغام الحرف في
مقاربة فلا بد من تقدمه قلبه إلى لفظه ليصير مثلاً له، لأن محاولة إدغامه فيه كما
هو محال. فإذا رمت إدغام الدال إلى السين من قوله تعالى: " يكاد سنا برقه
" . فاقلب الدال أولاً سيناً. ثم أدغمها في السين فقل يكاسنا برقه. وكذلك
التاء في الطاء من قوله: "
وقالت طائفة
" .
إدغام الحرفين المتقاربين من كلمة أو كلمتين ولا يخلو
المتقاربين من أن يلتقيا في كلمة أو في كلمتين. فإن التقيا في كلمة نظر، فإن كان
إدغامهما مما يؤدي إلى اللبس لم يجز نحو عتد ووقد ووتد يتد وكنية، وشاة زنماء،
وغنم زنم. ولذلك قالوا في مصدر وطد ووتد طدة وتدة، وكرهوا وطداً ووتداً لأنهم من
بيانه وإدغامه بين ثقل ولبس، وفي وتد يتد مانع خر وهو أداء الإدغام إلى إلا
علالين: وهما حذف الفاء في المضارع والإدغام، ومن ثم لم يبنوا نحو وددت بالفتح لأن
مضارعه كان يكون فيه إعلالان، وهو كقولك يد وإن لم يلبس جاز نحو امحى وهمرش وأصلهما
انمحى وهنمرش، لأن افعل وفعلل ليس في أبنيتهم فأمن الإلباس.
وإن التقيا في كلمتين بعد متحرك أو مدة فالإدغام جائز
لأنه لا لبس فيه، ولا تغيير صيغة.
ليس التقارب شرطاً كافياً للإدغام وليس بمطلق أن كل
متقاربين في المخرج يدعم أحدهما في الآخر، ولا أن كل متباعدين يمتنع ذلك فيهما.
فقد يعرض للمقارب من الموانع ما يحرمه الإدغام، ويتفق للمباعد من الخواص ما يسوغ إدغامه.
ومن ثم لم يدغموا حروف ضوي مشفر فيما يقاربهما. وما كان من حروف الحلق أدخل في
الفم. وأدغموا النون في الميم، وحروف طرف اللسان في الضاد والشين. وأنا أفصل لك
شأن الحروف واحداً فواحداً، وما لبعضها مع بعض في الإدغام، لأقفك على حد ذلك عن
تحقق واستبصار بتوفيق الله تعالى وعونه.
إدغام الهمزتين فالهمزة لا تدغم في مثلها إلا في نحو
قولك سأل ورأس والدأث في اسم واد؛ وفيمن يرى تحقيق الهمزتين قال سيبويه: فأما
الهمزتان فليس فيهما إدغام من نحو قولك قرأ أبوك وأقرئ أباك. قال: وزعموا أن ابن
أبي إسحاق كان يحقق الهمزتين وناس معه وهي رديئة. فقد يجوز الإدغام في قول هؤلاء
ولا تدغم في غيرها ولا غيرها فيها.
الألف لا تدغم والألف لا تدغم البتة لا في مثلها ولا في
مقاربها ولا يستطاع أن تكون مدغماً فيها.
الهاء تدعم في الحاء والهاء والهاء تدغم في الحاء وقعت
بعدها أو قبلها كقولك في أجبه حاتماً واذبح هذه: أجبحاتماً واذبحاذه. ولا يدغم
فيها إلا مثلها نحو أجبه هلالاً.
العين تدغم في مثلها: وفي الحاء والعين تدغم في مثلها
كقولك ادفع علياً، كقوله عز وجل: " من ذا الذي يشفع عنده " . وفي
الحاء وقعت بعدها أو قبلها كقولك في ارفع حاتماً واذبح عتوداً: ارفحاتما
واذبحتودا. وقد روى اليزيدي عن أبي عمرو: " فمن زحزح عن النار " بإدغام
الحاء في العين. ولا يدغم فيها إلا مثلها. وإذا اجتمع العين والهاء جاز قلبهما
حاءين وإدغامهما في نحو قولك في معهم وأجبه عتبة: محم، وأجبحتبة.
الحاء تدغم في مثلها وفي الهاء والعين والحاء تدغم مثلها
نحو اذبح حملاً وقوله تعالى: " لا أبرح حتى " . وتدغم فيها الهاء والعين.
إدغام الغين والخاء والغين والخاء تدغم كل واحدة منهما
في مثلها وفي أختها كقراءة أبي عمرو: " ومن يبتغ غير الإسلام ديناً " .
وقولك لا تمسخ خلقك وادمغ خلقاً، واسلخ غنمك.
إدغام القاف والكاف القاف والكاف كالغين والخاء تدغم كل
منهما في مثلها وفي أختها قال تعالى: " فلما أفاق قال " . وقال تعالى: " كي نسبحك
ونذكرك كثيراً " : وقال تعالى: " خلق كل دابة " . وقال تعالى: " حتى إذا
خرجوا من عندك قالوا " .
إدغام الجيم والجيم تدغم في مثلها نحو أخرج جابراً، وفي
الشين نحو أخرج شيئاً
وقال تعالى: " أخرج شطأه " . وروى اليزيدي عن
أبي عمرو إدغامها في التاء في قوله تعالى: " ذي المعارج تعرج " . وتدغم
فيها الطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء نحو اربط جملاً، واحمد جابراً،
ووجبت جنونها، واحفظ جارك، وإذ جاؤوكم، ولم يلبث جالساً.
إدغام الشين والشين لا تدغم إلا في مثلها كقولك أقمش
شيحاً. ويدغم فيها ما يدغم في الجيم، والجيم، واللام، كقولك لا تخالط شراً، ولم
يرد شيئاً، وأصابت شرباً، ولم يحفظ شعراً، ولم يتخذ شريكاً، ولم يرث شسعاً، ولم
يخرج شيئاً ودنا الشاسع.
إدغام الياء والياء تدغم في مثلها متصلة كقولك حيي وعيي،
وشبيهة بالمتصلة كقولك قاضي ورامي، ومنفصلة إذا انفتح ما قبلها كقولك اخشي ياسراً،
وإن كانت حركة ما قبلها من جنسها كقولك اظلمي ياسراً لم تدغم ويدغم فيها مثلها،
والواو نحو طيا، والنون نحو من يعلم.
إدغام الضاد الضاد لا تدغم إلا في مثلها كقولك إقبض
ضعفها، وأما ما رواه أبو شعيب السوسي عن اليزيدي أن أبا عمرو كان يدغمها في الشين
في قوله تعالى: " لبعض شأنهم " . فما برئت من عيب رواية أبي شعيب. ويدغم
فيها ما يدغم في الشين إلا الجيم كقولك: حط ضمانك، وزد ضحكاً، وشدت ضفائرها، واحفظ
ضأنك، ولم يلبث ضارباً، وهو الضاحك، وإذ ضرب.
إدغام اللام واللام إن كانت المعرفة فهي لازم إدغامها في
مثلها وفي الطاء والدال
والتاء والظاء والذال والثاء والصاد والسين والزاي
والشين والضاد والنون والراء. وإن كانت غيرها نحو لام هل وبل فإدغامها فيها جائز. ويتفاوت
جوازه إلى حسن وهو إدغامها في الراء كقولك هل رأيت، وإلى قبيح وهو إدغامها في
النون كقولك هل نخرج، وإلى وسط وهو إدغامها في البواقي. وقرئ: " هثوب الكفار
" . وأنشد سيبويه فذرذا ولكن هتعين متيماً ... على ضوء برق آخر الليل ناضب
وأنشد تقول إذا أهلكت مالاً للذة ... فكيهة هشيء بكفيك
لائق
ولا يدغم فيها إلا مثلها، والنون كقولك من لك، وإدغام
الراء لحن.
إدغام الراء والراء لا تدغم إلا في مثلها كقوله تعالى:
" واذكر ربك " . وتدغم فيها اللام والنون كقوله تعالى " كيف فعل
ربك" "وإذ تأذن ربك
"
إدغام النون والنون تدغم في حروف يرملون كقوله من يقول،
ومن راشدن ومن محمد، ومن لك، ومن راقد ومن نكرم. وإدغامها على ضربين: إدغام بغنة
وبغير غنة. ولها أربع أحوال: إحداها الإدغام مع هذه الحروف. والثانية البيان مع
الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء كقولك: من أجلك، ومن هانيء، ومن عندك، ومن
حملك، ومن غيرك، ومن خانك. إلا في لغة فوم أخفوها مع الغين والخاء فقالوا منخل
ومنغل. والثالثة القلب إلى الميم قبل الباء كقولك شنباء وعمبر. والرابعة الإخفاء
مع سائر الحروف وهي خمسة عشر حرفاً كقولك من جابر، ومن كفر ومن قتل، وما أشبه ذلك.
قال أبو عثمان وبيانها مع حروف الفم لحن.
إدغام الطاء والتاء والظاء والذال والثاء والطاء والدال
والتاء والظاء والذال والثاء ستتها يدغم بعضها في بعض، وفي الصاد والزاي والسين.
وهذه لا تدغم في تلك إلا أن بعضها يدغم في بعض. والأقيس. في المطبقة إذا أدغمت
تبقية الإطباق كقراءة أبي عمرو: " فرطت في جنب الله " .
إدغام الفاء والفاء لا تدغم إلا في مثلها كقوله تعالى:
" وما اختلف فيه " . وقريء أيضاً: " نخسف بهم " بإدغامها في
الباء.
وهو ضعيف تفرد به الكسائي وتدغم فيها الباء.
إدغام الباء والباء لا تدغم إلا في مثلها. قرأ أبو عمرو:
" لذهب بسمعهم " . وفي الفاء والميم نحو: " اذهب فمن تبعك منهم فإن
جهنم " . ولا يدغم فيها إلا مثلها.
إدغام الميم والميم لا تدغم إلا في مثلها قال الله
تعالى: " فتلقى آدم من ربه " . وتدغم فيها النون والباء.
إدغام التاء في افتعل وافتعل إذا كان بعد تائها مثلها
جاز فيه البيان والإدغام. والإدغام سبيله أن تسكن التاء الأولى وتدغم في الثانية وتنقل
حركتها إلى الفاء، فيستغنى في الحركة عن همزة الوصل فيقال قتلوا بالفتح. ومنهم من
يحذف الحركة ولا ينقلها فيلقى ساكنان فيحرك الفاء بالكسر فيقول قتلوا. فمن فتح قال
يقتلون ومقتلون بفتح الفاء ومن كسر قال يقتلون ومقتلون بالكسر، ويجوز مقتلون بالضم
اتباعاً للميم لما حكي عن بعضهم مردفين، وتقلب مع تسعة أحرف إذا كن قبلها مع الطاء
والظاء والصاد طاء، ومع الدال والذال والزاي دالاً، ومع الثاء والسين ثاء وسيناً
فأما مع الطاء فتدغم ليس إلا، كقولك: وأطعنوا. ومع الظاء تبين وتدغم بقلب الظاء طاء
أو الطاء ظاء كقولهم أظطلم وأطلم وأظلم. ورويت الثلاثة في بيت زهير هو الجواد الذي
يعطيك نائله ... عفواً ويظلم أحياناً فيظلم
ومع الضاد تبين وتدغم بقلب الطاء ضاداً كقولك: اضطرب وأضرب، ولا
يجوز أطرب. وقد حكي أطجع في اضطجع، وهو في الغرابة كالطجع. ومع الصاد تبين وتدغم
بقلب الطاء صاداً كقولك: مصطبر ومصبر واصطفى واصطلى واصفى واصلى وقريء: " إلا
أن يصلحا " . ولا يجو مطبر. وتقلب مع الدال والذال والزاي دالاً. فمع الدال
والذال تدغم كقولك إدان وادر واذكر وحكى أبو عمرو عنهم اذدكر وهو مذدكر. وقال
الشاعر تنحي على الشوك جرازاً مقضباً ... والهرم تذريه اذدراء عجباً
ومع الزاي تبين وتدغم بقلب الدال إلى الزاي كقولك: إزدان
وازان. ومع الثاء تدغم ليس إلا بقلب كل واحد منهما إلى صاحبتها فتقول مثرد ومترد
ومنه آثار وأتار. ومع السين تبين وتدغم بقلب التاء إليها نحو مستمر ومسمع. وقد
شبهوا تاء الضمير بتاء الإفتعال فقالوا خبط قال وفي كل حي قد خبط بنعمة
وفزد وحصط عينه، وعده ونقده، يريدون خبطت وفزت وحصت وعدت
ونقدت. قال سيبويه وأعرب اللغتين وأجودهما أن لا تقلب. وقال: وإذا كانت التاء
متحركة وبعدها هذه الحروف ساكنة لم يكن إدغام يريد نحو: استطعم واستضعف. واستدرك
لأن الأول متحرك والثاني ساكن فلا سبيل إلى الإدغام، واستدان واستضاء واستطال بتلك
المنزلة لأن فاءها في نية السكون.
إدغام تاء تفعل وتفاعل وادغموا تاء تفعل وتفاعل فيما بعدها
فقالوا اطيروا وازينوا وأثاقلوا. وإذا رأو مجتلبين همزة الوصل للسكون الواقع
بالإدغام لم يدغموا نحو تذكرون، لئلا يجمعوا بين حذف التاء الاولى وإدغام الثانية.
إدغام شاذ ومن الإدغام الشاذ قولهم أصله سدس، فأبدلوا
السين تاء وأدغموا فيها الدال. ومنه ود في لغة بني تميم وأصلها وتد وهي الحجازية
الجيدة. ومثله عدان في عتدان. وقال بعضهم عتد فراراً من هذا.
العدول عن الإدغام إلى الحذف وقد عدلوا في بعض ملاقي المثلين
أو المتقاربين لإعواز الإدغام إلى
الحذف فقالوا في ظللت ومسست وأحسست ظلت ومست وأحست قال
أحسن به فهن إليه شوس
وقول بعض العرب استخذ فلان أرضاً، لسيبويه فيه مذهبان:
أحدهما أن يكون أصله استتخذ فتحذف التاء الثانية، والثاني أن يكون اتخذ فتبدل السن
مكان الأولى. ومنه قولهم يسطيع بحذف التاء، وقولهم يستيع، إن شئت قلت حذفت الطاء وتركت
تاء الإستفعال، وإن شئت قلت حذفت التاء المزيدة وأبدلت التاء مكان الطاء. وقالوا
بلعنبر وبلعجلان في بني العنبر وبني العجلان وعلماء بنو فلان أي على الماء. قال
غداة طفت علماء بكر بن وائل ... وعاجت صدور الخيل شطر تميم
وإذا كانوا ممن يحذفون مع إمكان الإدغام في يتسع ويتقي
فهم مع عدم إمكانه أحذف.
تم الكتاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق