سورة الطلاق مشاري

**

 المصحف المرتل ختمة كاليفورنيا

** ///

طلاق سورة الطلاق  إعجازٌ وضعه الله في حرفٍ.حيث وضع الله الباري إعجاز تبديل أحكام الطلاق التي كانت  في سورة البقرة 2هـ  إلي أحْكَمِ  أحكامها  في  سورةِ الطلاقِ 5هـ لينتهي كل متشابهٍ  وظنٍ وخلافٍ واختلافٍ  إلي الأبد وحتي يوم القيامة ..وسورة الطلاق5هـ نزلت بعد سورة البقرة2هـ بحوالي عامين ونصف تقريباً يعني ناسخة لأحكام طلاق سورة البقرة2هـ .

الأربعاء، 5 أبريل 2023

ج23.وج24. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي

ج23. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث أنس: أنت مع من أحببت]

6171# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ [1]: مَتَّى السَّاعَةُ؟): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الرجل قريبًا جدًّا، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: قيل: هو أبو موسى، أو أبو ذرٍّ، وفيه نظرٌ؛ لمجيئه من الطريق السابقة بلفظ: (أنَّ رجلًا من أهل البادية)، وقد تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ذو الخُوَيصرة، قال: ويحتمل أن يكون الذي من أهل البادية سأل أوَّلًا، ثُمَّ سأل أبو ذرٍّ أو أبو موسى، انتهى.

قوله: (مِنْ كَثِيرِ صَلَاةٍ): هو بالثاء المُثَلَّثَة، كذا في أصلنا.

==========

[1] (فقال): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 628]

(1/11102)

[باب قول الرجل للرجل: اخسأ]

قوله: (قَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ: اخْسَأْ): هو بهمزة في آخره ساكنة؛ لأنَّه أمرٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (اخسأ) في (الجنائز) ما معناه.

==========

[ج 2 ص 628]

(1/11103)

[حديث: قد خبأت لك خبيئًا فما هو؟]

6172# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظُ، و (سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ): (سَلْم): بفتح السين المُهْمَلَة، وإسكان اللام، و (زَرِيْر): بفتح الزاي، وكسر الراء، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء أخرى، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عِمران بن ملحان، و (ابْن صَائِدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (الجنائز)، وما يتعلَّق به؛ فانظره، وكذا على (خَبَأْتُ لَكَ خَبْئًا [1])، وعلى (الدُّخِّ) لفظًا ومعنًى.

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (خبيئًا).

[ج 2 ص 628]

(1/11104)

[حديث: إن يكن هو لا تسلط عليه ... ]

6173# 6174# 6175# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْط)، وأنَّه ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (النَّفر)، وعلى (ابْن صَيَّادٍ)، واسمه عبد الله، ولقبه صافٍ، وعلى (أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ)، وعلى (فَلَمْ يَشْعُرْ)؛ أي: يعلم، وقوله: (حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ): قال شيخنا: قال الداوديُّ: يحتمل أن يريد: ليخرج ما يُسرُّه على لسانه، وعلى قول ابن صيَّاد للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ)، وعلى قوله: (فَرَضَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وعلى (صَادِقٌ وَكَاذِبٌ)، وعلى (خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا)، وعلى (الدُّخِّ)، وعلى (إِنْ يَكُنْ هُوَ ... وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ)، وعلى قوله: (أَتَأْذَنُ لِي [1] أَضْرِبُْ عُنُقَهُ): (أضربُْ): مَرْفُوعٌ ومجزومٌ في أصلنا، وبخطِّ الشيخ أبي جعفر شيخِنا الأندلسيِّ مجزومٌ، وهما جائزان، الجزم على تقدير شرط؛ أي: إن تأذنْ لي؛ أضربْ، والله أعلم، وعلى (يَؤُمَّانِ النَّخْلَ): أي: يقصدان، وعلى (طَفقَ)؛ بكسر الفاء وفتحها؛ ومعناها: جعل، وعلى (يَخْتِلُ)؛ ومعناه: يأخذ في غفلة، وعلى (قَطِيفَةٍ)، وعلى (رَمْرَمَة) برواياتها الأربع، وعلى أنَّ (أُمَّ ابْنِ صَيَّادٍ) لا أعرف اسمها، وعلى قوله: (لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ)؛ على اختصاص (نوح) دون غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (فيه).

[ج 2 ص 628]

(1/11105)

[باب قول الرجل: مرحبًا]

قوله: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَرْحَبًا): اعلم أنَّ (الرُّحبَ)؛ بالضَّمِّ: السَّعة، تقول منه: فلان رحيب الصدر، و (الرَّحْبُ)؛ بالفتح: الواسع، تقول منه: بلدٌ رَحْب، وأرضٌ رَحْبة، وقد رَحُبَتْ؛ بضَمِّ الحاء، ترحُب رُحبًا ورَحَابةً، وقولهم: مرحبًا وأهلًا؛ أي: أتيتَ سَعة، وأتيت أهلًا، فاستأنِس ولا تستوحشْ، وقد رحَّب به ترحيبًا؛ إذا قال له: مرحبًا.

قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (أمِّ هانئ)، وأنَّها بهمزة في آخرها، والاختلاف في اسمها.

(1/11106)

[حديث: مرحبًا بالوفد الذين جاؤوا غير خزايا ولا ندامى]

6176# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو التَّيَّاحِ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه يزيد بن حُمَيدٍ، و (أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّمَ بعيدًا أنَّه بالجيم، والراء، وأنَّه نصر بن عِمران الضُّبَعِيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا في أوائل هذا التعليق.

قوله: (لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الوفد)، وعلى (وفد عبد القيس) متى وفدوا، وأنَّهم وفدوا مرَّتين، وكم كانوا، وذكرتُ الكلام في عددهم، وذكرت منهم خمسةَ عشرَ رجلًا، وجماعةً أيضًا كثيرةً، أيضًا منهم، وعلى (خَزَايَا) و (نَدَامَى)، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (خزايا: جمع «خزيان»؛ كحيارى جمع «حيران»، و (ندامى): جمع الواحد الذي هو نادم، ولكنَّه جاء هنا على غير قياس إتباعًا لـ (خزايا)، وإنَّما يُجمَع على (ندامى): الندمان الذي هو النديم، وقال القزَّاز في «جامعه»: يقال في النادم: الندمان، فعلى هذا يكون جاريًا على الأصل، لا على الإتباع)، انتهى، وعلى قولهم: (مِنْ رَبِيعَةَ)، وعلى قولهم: (لَا نَصِلُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ)، وعلى (نَدْخُلُْ): أنَّه بالجزم على الجواب، ويجوز رفعه، وكذا هو في أصلنا، وقوله: (أَرْبَعٌ وَأَرْبَعٌ)؛ أي: الذي آمركم به أربع، والذي أنهاكم عنه أربع، وعلى (الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ)، وهل الانتباذ في هذه الأربع نُسِخ أم لا، والأكثرون على النسخ، مُطَوَّلًا، ومَن لم يقل بالنسخ.

==========

[ج 2 ص 628]

(1/11107)

[باب: ما يدعى الناس بآبائهم]

قوله: (بَابُ مَا يُدْعَى النَّاسُ بِآبَائِهِمْ): هذا التبويب هو معنى الحديث الذي في «أبي داود»: «إنَّكم تُدعَون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم ... »؛ الحديث، رواه أبو داود من حديث أبي الدرداء، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: بإسنادٍ جيِّد، قال البيهقيُّ: مرسلٌ، وفي هذا التبويب ردٌّ لقول مَن قال: إنَّه لا يُدعى الناس يوم القيامة إلَّا بأمَّهاتهم؛ لأنَّ فيه سترًا على آبائهم، وقد ذكر ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» فيه حديثًا من حديث أنس رضي الله عنه: قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «يُدعى الناس يوم القيامة بأمَّهاتهم؛ سترًا من الله عزَّ وجلَّ عليهم»، قال أبو الفرج ابن الجوزيِّ: هذا حديثٌ لا يصحُّ، والمتَّهم به إسحاق؛ يعني: ابن إبراهيم المذكور في سنده، قال ابن عديٍّ: (منكر الحديث، ومِن حديثه ... )؛ فذكر هذا الحديث، وقال ابن حِبَّانَ: (يأتي عن الثقات بالأشياء الموضوعات، لا يحلُّ كتب حديثه إلَّا على سبيل التعجُّب) انتهى، والحديث الذي ذكره ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» ذكره الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الطَّبَريِّ، كان بصنعاء، قال الذَّهَبيُّ: هذا منكرٌ، انتهى.

وصريح كلام شيخنا أنَّهم يُدعَون بآبائهم المنسوبين إليهم في الحياة الدنيا، لا إلى آبائهم في نفس الأمر، والله أعلم.

(1/11108)

[حديث: الغادر يرفع له لواء يوم القيامة]

6177# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب الفقيه، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 628]

(1/11109)

[حديث: إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة]

6178# قوله: (الْغَادِر): تَقَدَّمَ أنَّ (الغدر): نقضُ العهد.

==========

[ج 2 ص 628]

(1/11110)

[باب: لا يقل خبثتْ نفسي]

قوله: (خَبُثَتْ نَفْسِي): هو بفتح الخاء المُعْجَمَة، وضمِّ المُوَحَّدة؛ ومعناه: تغيَّرت نفسي، وهو تغيير النفس وكسلُها وقلَّة نشاطها، أو غثيانها، أو سوء خلقها، قاله ابن قُرقُول.

(1/11111)

[حديث: لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست نفسي]

6179# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرت الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

قوله: (لَقِسَتْ نَفْسِي): (لَقِسَتْ): بفتح اللام، وكسر القاف، وفتح السين المُهْمَلَة، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة؛ ومعناه: غثت، و (اللَّقَس): الغثيان، وإنَّما كره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (خَبُثت) وإن كان (لَقِسَت) معناه؛ هربًا من لفظ الخبث والخبيث، قال الجوهريُّ: لَقِسَت نفسي من الشيء تلقَسُ؛ أي: غثت وخَبُثَت، انتهى، وكذا قال جميع أهل اللغة، والغريب فيما حكاه النَّوَويُّ عنهم، انتهى، وفي «المطالع»: (لَقِست): غثت، وقيل: ساء خلقها، وقيل: خبثت، وقيل: نازعته مالت به إلى الدَّعَة والكسل، انتهى.

[ج 2 ص 628]

(1/11112)

[حديث سهل: لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست ... ]

6180# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ لقبَ عبد الله عَبْدانُ، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه أسعد بن سهل بن حُنَيف الأنصاريُّ المدنيُّ، وُلِد في حياته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وسُمِّيَ باسم جدِّه لأمِّه أسعد بن زرارة النَّقيبِ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (خَبُثَتْ نَفْسِي): تَقَدَّمَ قريبًا الكلام [عليها]، وعلى (لَقِسَتْ)؛ فانظره إن أردته.

(1/11113)

[باب: لا تسبوا الدهر]

(1/11114)

[حديث: قال الله: يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر]

6181# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعدٍ، أحد الأعلام والأجواد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/11115)

قوله: (وَأَنَا الدَّهْرُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالرفع، هذا هو الصواب المعروفُ الذي قاله الشَّافِعيُّ، وأبو عُبيدة، وجماهير المتقدِّمين والمُتَأخِّرين، وقال أبو بكر مُحَمَّد بن داود بن عليِّ بن خلف الأصبهانيُّ الظاهريُّ: إنَّما هو (الدهرَ)؛ بالنصب على الظرف؛ أي: أنا مدَّةَ الدهر أقلبُ ليله ونهاره، وحكى ابن عَبْدِ البَرِّ هذه الروايةَ عن بعض أهل العلم، وقال النَّحَّاس: يجوز النصب؛ أي: فإنَّ الله باقٍ مقيمٌ أبدًا لا يزول، قال القاضي عياض: هو مَنْصُوبٌ على التخصيص، قال: والظرف أصحُّ وأصوبُ، وأمَّا رواية الرفع _وهي الصواب_؛ فموافقةٌ لقوله: «فإنَّ الله هو الدهر»، قال العلماء: وهو مجازٌ، وسببه: أنَّ العرب كان شأنَها أن تسبَّ الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها؛ من موت، أو هرم، أو تلف مال، أو غير ذلك، فيقولون: يا خبيثة الدهر، ونحوها من ألفاظ سبِّ الدهر، فقال عليه السلام: «لا تسبُّوا الدهرَ، فإنَّ الله هو الدهر»؛ أي: لا تسبُّوا فاعل النوازل، فإنَّكم إذا سببتم فاعلها؛ وقع السبُّ على الله تعالى؛ لأنَّه فاعلها ومنزلها، وأمَّا الدهر الذي هو الزمان؛ فلا فعل له، بل هو مخلوقٌ من جملة المخلوقات، ومعنى: «فإنَّ الله هو الدهر»؛ أي: فاعل النوازل والحوادث والكائنات، والله أعلم، وفي «المطالع» لمَّا فرغ من الكلام على الدهر المذكور في الحديث؛ قال: وأمَّا في الرواية الأخرى: «فإنِّي أنا الدهر»، ورُوِيَ بالنصب والرفع، وهو أكثر، والنصب [1] على الظرف، وقيل: على الاختصاص، وأمَّا الرفع؛ فعلى التأويل الآخر، وذهب بعضُ مَن تكلَّم بالعلم ممَّن [2] لا تحقيق عنده إلى أنَّه اسمٌ من أسماء الله تعالى، ولا يصحُّ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ بأقلَّ من هذا، وكلامُ ابن الجوزيِّ فيه، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (أ): (لعلَّه سقط: والنصب).

[2] في (أ): (من)، والمثبت موافق لما في مصدره.

[ج 2 ص 629]

(1/11116)

[حديث: لا تسموا العنب الكرم]

6182# قوله: (حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عيَّاشًا) بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وأنَّ (عبد الأعلى): هو ابن عبد الأعلى، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، وتَقَدَّمَ (الزُّهْرِيُّ)، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ)، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ).

وقوله: (لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ): سيأتي الكلام عليه قريبًا جدًّا.

==========

[ج 2 ص 629]

(1/11117)

[باب قول النبي: إنما الكرم قلب المؤمن]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ»): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (وجه المطابقة بجميع هذه الأحاديث من الجهة العامَّة، وههنا وقف الشارح _ يعني: ابن بَطَّال_ الأخبارَ على عكس الحقيقة العُرفيَّة والوَضعيَّة؛ تحقيقًا للمعنى المجازيِّ، ولا يُعَدُّ ذلك خُلفًا من القول؛ فتأمَّله، والله أعلم) انتهى.

قوله: (الصُّرَعَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الصاد، وفتح الراء، وبالعين، المُهْمَلَتين، وهو الذي يصرع الناس بقوَّته، وتَقَدَّمَ الكلام على: «إنَّما الصُّرَعة الذي يملك نفسه عند الغضب»؛ يعني: الذي يغلب شهوتَهُ وغضبَه حتَّى كأنَّه يصرعه، فهو أحقُّ بالمدح شرعًا وحقيقةً من الذي يصرع الناس؛ لأنَّ ذلك دليلٌ على اعتدال الخُلُق، وكمال العقل، وهذا من تحويل الكلام من معنًى إلى معنًى آخرَ، وأمَّا (الصُّرْعة) _بسكون الراء_؛ فهو الذي يصرعه الناس كثيرًا.

==========

[ج 2 ص 629]

(1/11118)

[حديث: ويقولون الكرم إنما الكرم قلب المؤمن]

6183# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (وَيَقُولُونَ: الْكَرْمُ)، وكذا قوله في الباب قبله: (لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ): قال العلماء: سبب كراهة ذلك: أنَّ لفظة (الكرم) كانت العرب تُطلِقها على شجر العِنَب، وعلى العِنَب، وعلى الخمر المتَّخذة من العِنَب، سمَّوها كرمًا؛ لكونها متَّخذة منه، ولأنَّها تحمل على الكرم والسخاء، فكره النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إطلاقَ هذه اللفظةِ على العِنَب وشَجَرِه؛ لأنَّهم إذا سمعوا اللفظة؛ ربَّما تذكَّروا بها الخمرَ، وهيَّجت نفوسَهم إليها، ووقعوا فيها، وقاربوا ذلك، وقال: إنَّما يستحقُّ هذا الاسمَ الرجلُ المسلمُ أو قلبُ المؤمن؛ لأنَّ الكَرْم مشتقٌّ من الكَرَم؛ بفتح الكاف والراء، وقد قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، فسُمِّيَ قلبُ المؤمن كَرْمًا؛ لما فيه من الإيمان، والهُدى، والنُّور، والصفات المستحِقَّة لهذا الاسم، وكذلك الرجل المسلم، قال أهل اللغة: يقال: رجلٌ كَرَْم؛ بإسكان الراء وفتحها، وامرأة كَرَْم، يوصف به المفرد والمثنَّى والمجموع، مذكَّرًا كان أو مؤنَّثًا، وهذا مثل: عَدْل، وأمثاله.

==========

[ج 2 ص 629]

(1/11119)

[باب قول الرجل: فداك أبي وأمي]

قوله: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي): تَقَدَّمَ الكلام غَيْرَ مَرَّةٍ على التفدية بالأبوين أو بأحدهما ما حكمه في (غزوة أُحُد) وغيرها، وفي استدلال البُخاريِّ بالحديث الذي ذكره في الباب وقفةٌ، وذلك لأنَّ القاضيَ عياضًا قال: وقد كرهه بعض السلف، وقال: لا يفدَّى بمسلمٍ،

[ج 2 ص 629]

قال القاضي عياض: والأحاديث الصحيحة تدلُّ على جوازه، سواء كان المفدَّى به مسلمًا أو كافرًا، حيًّا كان أو ميِّتًا، انتهى.

وقال السُّهَيليُّ في حديثٍ فيه التفدية بالأب والأمِّ: وفقهُ هذا الحديث: أنَّه جائز هذا الكلامُ لمن كان أبواه غير مؤمنَين، وأمَّا [مَن] كان أبواه مؤمنَين؛ فلا؛ لأنَّه كالعُقوق لهما، سمعت شيخنا أبا بكرٍ يقول في هذه المسألة، انتهى، وقد تعقَّبتُ كلام السُّهَيليِّ حين ذكرته في (غزوة أُحُد)، وأمَّا إطلاق البُخاريِّ؛ فإن كان أحدٌ قال: إنَّه لا تجوز التفدية بالأب والأمِّ مطلقًا؛ فما ذكره صالحٌ للاحتجاج، والحديث المعلَّق الموقوف على أبي بكر في الباب بعده: (فديناك بآبائنا وأمَّهاتنا) _وهو مسندٌ في غير هذا المكان_ فيه الاستدلال على مَن منع مِن السلف مِن ذلك؛ لأنَّ أبوَي أبي بكر إذ ذاك كانا مسلمَين؛ لأنَّه قال له عليه السلام في أواخر حياته عليه السلام، أو يحتمل أنَّ بعضهم منع منه مطلقًا، ولكن لم أقف عليه، ولا من وقفت أنا على كلامه، والله أعلم.

وكتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ تجاه هذا الكلام: (إنَّما أشار البُخاريُّ إلى تضعيف خبرٍ ورد في النهي عن ذلك، وقد أورده ابن بَطَّال من عند الطَّبَريِّ عن أنس) انتهى.

(1/11120)

[حديث علي: ارم فداك أبي وأمي]

6184# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: يحتمل أن يكون ابن عُيَيْنَة، وأن يكون الثَّوريَّ، من غير ترجيح، وذلك لأنَّ القَطَّان روى عنهما [1]، وهما عن سعد بن إبراهيم، ولم أرَ مَن عيَّن مَن هو منهما، والله أعلم، و (سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف.

قوله: (مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَدِّي أَحَدًا غَيْرَ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ عليًّا ما سمع، وغيرُه سمعه عليه السلام يُفَدِّي الزُّبَيرَ، قال النَّوَويُّ: وفدَّى غيرَه، انتهى، أو أراد عليٌّ رضي الله عنه تفديةً خاصَّة، وقد ذكرتها في (غزوة أُحُد)، و (سعد): ابن أبي وقَّاص، أحد العشرة، والله أعلم.

==========

[1] هذا المثبت مضروب عليه في (أ)، وفيها بدلًا منه: (رويا عنه)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 630]

(1/11121)

[باب قول الرجل: جعلني الله فداك]

قوله: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ): تَقَدَّمَ الكلام [على] ضبطه؛ (فداءك)؛ فانظره.

(1/11122)

[حديث: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون]

6185# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بِشْرًا) بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (المُفضَّل)؛ بتشديد الضاد المُعْجَمَة مفتوحة: اسم مفعول.

قوله: (وَأَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا طلحة): هو زيد بن سهلٍ الأنصاريُّ النقيب البدريُّ، زوجُ أمِّ سُلَيم، وعمُّ أنسِ بن مالكٍ.

قوله: (وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةُ مُرْدِفَهَا): (صفيَّة) هذه: هي بنت حُيَيِّ بن أخطب، أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَت، وتَقَدَّمَ مَن وقفتُ عليه أنَّه أردفه عليه السلام في أوائل هذا التعليق، وأنَّ ابن منده جمعهم بضعًا وثلاثين شخصًا، و (مردفَها): بالنصب، وجُوِّز الرفع.

قوله: (عَلَى رَاحِلَتِهِ): هذه الراحلة التي [1] صُرِع عنها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ومعه صفيَّة هي العضباء، كما صُرِّحَ بها في «مسلم».

قوله: (فَصُرِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (صُرِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، ومعناه: أي: سقط عن بعيره.

(1/11123)

[باب: أحب الأسماء إلى الله عز وجل]

قوله: (بَابُ أَحَبِّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ): كذا في أصلنا الذي سمعت منه على شيخنا العِرَاقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وقال ابن المُنَيِّر في «تراجمه»: (باب قول الرجل لصاحبه: يا أبا فلان، وأحبِّ الأسماء إلى الله عزَّ وجلَّ)، و «التراجم» لابن المُنَيِّر التي كانت عندي سقيمةٌ، لكنَّ الظاهر أنَّ مثل هذا كلِّه لا يزيده الكاتب، ثُمَّ ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته؛ وهو حديث جابر رضي الله عنه: (وُلِد لرجلٍ منا غلامٌ، فسمَّاه القاسمَ ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: مطابقة الترجمة أنَّهم أنكروا عليه أنْ كنَّاه بكنية النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لا أصلَ الكنية، وأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أشار عليه بعبد الرَّحْمَن، وإنَّما أشار بما هو خيرٌ عند الله، وقد ورد حديثٌ على لفظ الترجمة في عبد الرَّحْمَن وعبد الله) انتهى، والحديث الذي أشار إليه ابن المُنَيِّر هو في «مسلم» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ أحبَّ أسمائكم إلى الله عبدُ الله، وعبدُ الرَّحْمَن».

==========

[ج 2 ص 630]

(1/11124)

[حديث: سم ابنك عبد الرحمن]

6186# قوله: (وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ، فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ) هذا (الرجل) لا أعرفُ اسمه، وأمَّا المولود القاسم؛ فعَدُّوه في الصَّحَابة، ولم يزدِ الذَّهَبيُّ على: (القاسم الأنصاريِّ)، وذكر الحديثَ مختصرًا، ولم يذكره أبو عمر في «الاستيعاب» بالكُلِّيَّة.

قوله: (فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ): (أَخبر): مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: أخبر والدُ القاسم، و (النَّبيَّ): مَنْصُوبٌ مفعول، كذا هو مضبوطٌ في أصلنا.

==========

[ج 2 ص 630]

(1/11125)

[باب قول النبي: «سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي»): ملخَّص المذاهب في هذه المسألة: النهي مطلقًا، وهو الذي نصَّ عليه الشَّافِعيُّ، الثاني: أنَّه خاصٌّ بحياته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، الثالث: أنَّه على الأدب، الرابع: إنَّما يحرم الجمع بين التسمية بأحمدَ أو مُحَمَّدٍ، والتكنِّي بأبي القاسم.

تنبيهٌ: شذَّ بعضهم فمنع التسمية باسم النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جملةً كيفما يكنى، حكاه غير واحد؛ منهم: النَّوَويُّ، وزكيُّ الدين عبد العظيم المنذريُّ قبله، قال: وذهب آخرون إلى أنَّ النهيَ منسوخٌ، وقد جاء في النهي عن التسمية بمُحَمَّد حديثٌ في «مسند عَبْد بن حُمَيدٍ» من حديث أنسٍ، ذكره الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة الحكم بن عَطيَّة، وقال: إنَّه منكرٌ، وهو في «مسند عبد» من حديث هذا الرجل، والله أعلم.

تنبيهٌ: قيل بالمنع من التسمِّي بالقاسم، حكاه غيرُ واحد.

غريبةٌ أغرب من اللَّتَين قبلها: كره جماعةٌ من السلف والخلف التكنِّي بـ (أبي عيسى)، وأجازها آخرون، وفي «أبي داود» بسنده إلى زيد بن أسلم عن أبيه: أنَّ عمر بن الخَطَّاب ضرب ابنًا له يكنى بأبي عيسى، وأنَّ المغيرة بن شعبة يكنى بأبي عيسى، فقال له عمر: أَمَا يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله؟ فقال: إنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كنَّاني، فقال: إنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد غُفِر له ما تَقَدَّمَ من ذنبه وما تأخَّر، وإنَّ في جَلَجتنا، فلم يزل يكنى بأبي عيسى حتَّى هلك، وقد بوَّب عليه أبو داود: (بابٌ فيمن يتكنَّى بأبي عيسى)، والظاهر أنَّ سبب الكراهة: أنَّ عيسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ليس له والد، والله أعلم، والكلام في التسمِّي بأسماء الملائكة نقل كراهتَه عن الحارث بن مسكين القاضي عياضُ، وكره مالكٌ التسمِّي بجبريل ويس، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 630]

(1/11126)

[حديث جابر: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي]

6187# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هذا هو خالد بن عبد الله الواسطيُّ الطَّحَّان، أحد العلماء، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (حُصَيْنٌ): هو بضَمِّ الحاء، وفتح الصاد، وقدَّمت مرارًا أنَّ الأسماء كذلك، وأنَّ الكنى بفتح الحاء، وكسر الصاد، وهذا هو حُصَين بن عبد الرَّحْمَن، و (سَالِم): هو ابن أبي الجَعْد الغَطَفانيُّ.

قوله: (وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ، فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ): هذا الرجل تَقَدَّمَ قريبًا [أنِّي] لا أعرفه، وقدَّمتُ قريبًا أنَّ القاسم هذا مذكورٌ في الصَّحَابة، ذكره الذَّهَبيُّ مختصرًا، وابن عَبْدِ البَرِّ لم يذكره.

==========

[ج 2 ص 630]

(1/11127)

[حديث أبي هريرة: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي]

6188# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيانَ) بعد (عليِّ بن عبد الله) _هو ابن المَدينيِّ_: ابنُ عُيَيْنَة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (ابْن سِيرِينَ): هو مُحَمَّد، وقد قَدَّمْتُ عدد بني سيرين في أوائل هذا التعليق وغيرِه.

(1/11128)

[حديث: أسم ابنك عبد الرحمن]

6189# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنَديُّ؛ لما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة.

قوله: (وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ، فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ هذا (الرجل) لا أعرفه [1]، وأنَّ القاسم وَلَدَه ذُكِر في الصَّحَابة، ولم يذكره [2] ابن عَبْدِ البَرِّ في «استيعابه».

قوله: (وَلَا نُنْعِمُكَ عَيْنًا): هو بضَمِّ النون الأولى، وسكون الثانية، وكسر العين، قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: («ولا نُنْعِمُك عينًا» و «لا نُعمة عين»؛ أي: لا تقرُّ عينُك بذلك، والنّعمة؛ بالضَّمِّ والفتح: المَسَرَّة، يُقال: أنعم الله بك عينًا، ونَعِمَ بك عينًا؛ أي: أقرَّ بك عينَ من يُحبُّك، وأنكر بعضهم: نَعِمَ الله بك عينًا؛ لأنَّ الله لا يَنعَم؛ يريد: نعمة المخلوقين، وإذا تُؤوِّل على موافقة مراد الله؛ صحَّ لفظًا ومعنًى، ويقال: نُعمة عين، ونُعْمَى عين؛ أي: مسرَّتها وقرَّتها، والنَّعمة؛ بالفتح: التنعُّم، وبالكسر: اسمُ ما أُنعِم به)، انتهى.

فقوله: (وأنكر بعضهم: نَعِمَ الله بك عينًا): مراده مطرِّف، ففي «النهاية» لابن الأثير: وفي حديث مطرِّف: لا تقل: نَعِم الله بك عينًا، فإنَّ الله لا ينعم بأحد عينًا، ولكن قل: أنعم الله بك عينًا، قال الزمخشريُّ: الذي منع منه مطرِّف فصيحٌ في كلامهم، و (عينًا): نصبٌ

[ج 2 ص 630]

على التمييز من الكاف، والباء للتعدية؛ والمعنى: نعَّمك الله عينًا؛ أي: نعَّم عينك وأقرَّها، وقد يحذفون الجارَّ، ويوصلون الفعل، فيقولون: نعمك الله عينًا، وأمَّا أنعم الله بك عينًا؛ فالباء فيه زائدةٌ؛ لأنَّ الهمزة كافيةٌ في التعدية، تقول: نعم زيد عينًا، وأنعمه الله عينًا، ويجوز أن يكون من أنعم؛ إذا دخل في النعيم، فيتعدَّى بالباء، قال: ولعلَّ مطرِّفًا خُيِّل إليه أنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن الفاعل، فاستعظمه _تعالى الله أن يوصف بالحواسِّ علوًّا كبيرًا_ كما يقولون: نعمت بهذا الأمر عينًا، والباء للتعدية، فحسِبَ أنَّ الأمر في «نعم الله بك عينًا» كذلك، انتهى.

قوله: (أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ): (أسْمِ)؛ بقطع الهمزة، وكسر الميم: فعل أمر، رُباعيٌّ، والهمزة من الرباعيِّ مفتوحةٌ، كذا هو في أصلنا، ورأيت في بعض النسخ الصحيحة: (اسمُ ابنك)؛ بهمزة وصلٍ، مَرْفُوعٌ على أنَّه مبتدأ، و (عبدُ الرَّحْمَن): خبره.

(1/11129)

[باب اسم الحزن]

قوله: (بَابُ اسْمِ الْحَزْنِ): هو بفتح الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الزاي، وبالنون، وهو ما غَلُظ من الأرض وخَشُنَ، وأرضٌ فيها حُزونة؛ أي: خشونة.

==========

[ج 2 ص 631]

(1/11130)

[حديث: أنت سهل]

6190# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هذا هو الحافظ الكبير المصنِّف عبد الرزاق بن همَّام الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيّب): سعيد، و (المُسَيّب)؛ بفتح الياء وكسرها، وغيره لا يجوز فيه إلَّا فتح الياء، وأبوه: المُسَيّب بن حَزْن بن عمرو بن وهب بن عمرو بن عائذ _بالذال المُعْجَمَة_ بن عِمران بن مخزوم بن يقظة بن مُرَّة بن كعب بن لؤيِّ بن غالبٍ القرشيُّ المخزوميُّ، والمُسَيّب وحَزْن صحابيَّان أسلما يوم الفتح رضي الله عنهما.

قوله: (فَمَا زَالَتِ الْحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ): (الحُزُونة)؛ بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة والزاي: الخشونة والغِلَظ، وقال شيخنا: يريد: صعوبة الأمور، وامتناع التسهيل فيما يريدونه، وقال الداوديُّ: يريد الصعوبة في أخلاقهم، إلَّا أنَّ سعيدًا قضى بذلك إلى الغضب في ذات الله، انتهى، كذا في النسخة التي وقفت عليها: (قضى)، ولعلَّه: (نحا)، وقال شيخنا في (كتاب الإيمان): فما زالت الحُزُونة في ولده؛ ففيهم سوء خُلُق، انتهى.

==========

[ج 2 ص 631]

(1/11131)

[باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه]

قوله: (بَابُ تَحْوِيلِ الاِسْمِ إِلَى اسْمٍ أَحْسَنَ مِنْهُ): ذكر في هذا الباب ثلاثةَ أسماءٍ غيَّرها عليه السلام إلى أسماءٍ أحسنَ منها: زينب، وزَنِبَ _كـ (فَرِحَ) _: سَمِنَ، والأزنبُ: السَّمِينُ، وبه سُمِّيت المرأة، أو من الزَّينَب: لشجرٍ حسنِ المنظرِ، طيِّبِ الرائحةِ، أو أصلُها: زَيْنُ أبٍ.

وقد غيَّر عليه السلام أسماءَ جماعةٍ إلى أحسنَ من أسمائهم فيما يُروى، وبعضها تغييره صحيحٌ؛ وهم: (عاصية بنت عمر)، فغيَّرها إلى (جميلة)، كما في «مسلم»، وفيه نظرٌ، ولا يُعرَف لعمرَ بنتٌ اسمها عاصية، وإنَّما هي زوجته، و (عبد الله بن سلَام) كان اسمه الحُصَين، و (جويرية) كان اسمها برَّة، و (جميلة) زوج عمر كان اسمها عاصية، و (زينب بنت أمِّ سلمة)، وكان اسمها برَّة، و (بشير الحارثيُّ) كان اسمه أكبر، فغيَّره إلى بشير، و (أمُّ صبيح عنبة): سمَّاها عُنقودة، في حديث ضعيفٍ، وقال خيثمة بن عبد الرَّحْمَن: كان اسم أبي عزيزًا، فغيَّره عليه السلام، و (مُحَمَّد بن خليفة) شهد الفتح فيما يُقال، وكان اسمه عبد مناف، فغيَّره عليه السلام، ذكره الحاكم فيمَن قدم خراسان من الصَّحَابة، وكان اسمه ناهية، فغيَّره إلى مُحَمَّد، رواه الحاكم بإسنادٍ مظلمٍ، و (عاقل بن البُكَير) كان اسمه غافلًا؛ بالمعجمَة والفاء، فسمَّاه: عاقلًا؛ بالعين والقاف، و (هشام بن عامر الأنصاريُّ) والدُ سعد بن هشام، كان اسمه شهاب، فقال له: «بل أنت هشام»، و (ناجية بن جندب بن كعب) صاحب بدنِهِ، كان اسمه ذكوان، فغيَّره إلى ناجية، و (صرم بن يربوع) غيَّره عليه السلام إلى سعيدٍ، و (عبد الله ذو البجادين) كان اسمه عبد العزَّى، فغيَّره، و (الحُباب بن عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول) غيَّره إلى عبد الله، وعن سعيد بن المُسَيّب: (كان رجلٌ يقال له: شيطان، فسمَّاه عليه السلام الحُبابَ)، و (الحارث بن حكيم الضَّبِّيُّ) رُوِيَ من طريقٍ واهية: كان اسمه عبد الحارث، فسمَّاه عليه السلام عبدَ الله، و (مكرَّم الغِفَاريُّ) كان اسمه مِهران، فغيَّره إلى مكرَّم.

(1/11132)

وفي «المسند» من حديث عليٍّ رضي الله عنه: (لمَّا وُلِد الحسن؛ سمَّاه حمزةَ، فلمَّا وُلِد الحسين؛ سمَّاه بعمِّه جعفرٍ، فدعاني رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «أُمِرتُ أن أغيِّرَ اسم هذين»، قلت: الله ورسوله أعلم، فسمَّاهما حَسَنًا وحُسَينًا)، وفيه أيضًا من حديثه: (لمَّا وُلِد الحسن؛ سمَّيته حربًا، فجاء عليه السلام، فقال: «أروني ابني، ما سمَّيته؟»، قلت: حربًا، فقال: «بل هو حَسَنٌ»، فلمَّا وُلِد الحسين؛ سمَّيته حربًا، فجاء عليه السلام، فقال: «أروني ابني، ما سمَّيتموه؟»، قلت: حربًا، قال: «بل هو حُسَين»، فلمَّا وُلِد الثالث؛ سمَّيته حربًا، فجاء عليه السلام، فقال: «أروني ابني، ما سمَّيتموه؟»، قلت: حربًا، قال: «بل هو مُحْسِنٌ»، ثُمَّ قال: «سمَّيتهم بأسماء ولد هارون: شَبَر، وشُبَير، ومُشْبر»).

وفي «المسند» أيضًا عن سبرة بن أبي سبرة عن أبيه: أنَّه أتى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «ما ولدك؟» قال: فلان، وفلان، وعبد العزَّى، وقال عليه السلام: «هو عبد الرَّحْمَن»، و (بشير بن الخصاصية) كان اسمه زحمًا، فسمَّاه عليه السلام بَشيرًا، وفي «التِّرْمِذيِّ» إشارةٌ إلى ذلك، وهو في «المسند» أيضًا.

وفي «المسند» أيضًا عن أبي إسحاق، عن رجل من جهينة سمعه عليه السلام يقول: يا حرام، فقال: «يا حلالُ»، وفيه عن مسلم بن عبد الله الأزديِّ قال: جاء عبد الله بن قرط الأزديُّ إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «ما اسمك؟»، قال: شيطان بن قرط، فقال: «بل أنت عبد الله بن قرط»، وقد قَدِم عليه السلام المدينةَ واسمها يثرب، لا تُعرَف بغير هذا، فغيَّره بطيبة، و (عبد الله بن أبي عوف بن عوف البجليُّ) له وفادةٌ، وكان اسمه عبد شمس، فغيَّره.

وفي «سنن أبي داود» ما لفظه: وغيَّر النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اسم العاصي، وعُزَير، وعَتْلة، وشيطان، وأبو الحكم، وغراب، وحُباب، وشهاب، فسمَّاه: هشام، وسمَّى حَرْبًا سِلْمًا، وسمَّى المضطجع المُنْبَعِثَ، وأرض عفرة سمَّاها خضرة، وشِعْب الضلالة سمَّاه بشِعْب الهُدَى، وبنو الزِّينة سمَّاهم بني الرِّشْدة، وسمَّى بني معاوية بني الرِّشْدة، قال أبو داود: تركت أسانيدها اختصارًا، انتهى.

(1/11133)

وهذا بابٌ متَّسعٌ، وتغيير الاسم إلى اسمٍ أحسنَ منه مستحبٌّ، وقد غيَّر عليه السلام أسماء إلى أقبحَ منه، فغيَّر عليه السلام أبا الحكم عمرَو بن هشام إلى أبي جهلٍ، وكذلك أبو عامر الراهب، واسمه: عبد عمرو بن صيفيِّ بن النعمان والد حنظلة الغَسِيل، كان يُقال له: الراهب، فلما قدم عليه السلام المدينة؛ أبى إلَّا الكفرَ والفراق لقومه حين اجتمعوا على الإسلام، فقال عليه السلام: «لا تقولوا: الراهب، ولكن قولوا: الفاسق».

ومن التغيير إلى ما دونه ما ذكره السُّهَيليُّ في «روضه» قال: (كان اسمُ جحش بن رئاب بُرَّةَ؛ بضَمِّ المُوَحَّدة)؛ يعني: وتشديد الراء، قال: (قالت زينب لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: لو غيَّرت اسم أبي، فإنَّ البُرَّةَ صغيرةٌ، فقيل: إنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال لها: «لو كان أبوك مسلمًا؛ لسمَّيته باسمٍ من أسمائنا أهلَ البيت، ولكنِّي سمَّيته جحشًا، والجحش أكبر من البُرَّة»؛ ذكره مسندًا الدَّارَ قُطْنيُّ في «المؤتلف والمختلف») انتهى.

(1/11134)

[حديث: ولكن أسمه المنذر]

6191# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ اسمه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (غسَّان): يُصرَف ولا يُصرَف، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة: سلمة بن دينار.

قوله: (أُتِيَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المنذر): وُلِد في عهده عليه السلام، وروى عن أبيه، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، و (أبو أُسَيد): تَقَدَّمَ أنَّ الصواب فيه ضمُّ الهمزة، وفتح السين.

قوله: (فَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بكسر الهاء وفتحها، قال ابن قُرقُول: بفتح الهاء؛ أي: غفل، هذه لغة طيِّئ، وغيرهم يقولون: لهيَ، وهو أشهرُ.

قوله: (فَاحْتُمِلَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَاسْتَفَاقَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: الاستفاقة: (استفعال) من أفاق؛ إذا رجع إلى ما كان قد شُغِل عنه، وعاد إلى نفسه.

قوله: («مَا اسْمُهُ؟» قالَ: فُلَانٌ): لا أعلم ما كان سمَّاه.

قوله: (لَكِنْ أَسْمِهِ الْمُنْذِرَ): (أَسمِه)؛ بفتح الهمزة: فعل أمر، وإنَّما أَمَرَ بتسميتِه المنذر؛ لأنَّ ابنَ عمِّ أبيه المنذرَ بن عمرو كان قد استُشهِد ببئر معونة، وكان أميرَهم، فتفاءل النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بكونه خَلَفًا منه، والله أعلم.

ويصحُّ أن يقرأ: (اسمُه المنذرُ): (اسمُه): مبتدأ مَرْفُوعٌ، و (المنذرُ): خبره، ويدلُّ لهذا الضبطِ قولُ النَّوَويِّ في «شرح مسلم»: وسببُ تسمية النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هذا المولودَ المنذر ... ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 631]

(1/11135)

[حديث: أن زينب كان اسمها برة فقيل: تزكي نفسها]

6192# قوله: (عَنْ أَبِي رَافِعٍ): اسمه رُفَيع، أبو رافع الصائغ، و (زَيْنَب) هذه: بنت جحش، أمُّ المؤمنين، قال ابن شيخنا: زينب بنت جحش، ويصحُّ تفسيرها بزينب بنت أمِّ سَلَمة، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين: هي بنت أمِّ سَلَمة، رواه ابن مردويه، وقيل: إنَّه وقع ذلك لزينب بنت جحش، ولميمونة بنت الحارث، ولجويرية بنت الحارث؛ أمَّهات المؤمنين.

==========

[ج 2 ص 631]

(1/11136)

[حديث: بل أنت سهل]

6193# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ.

(1/11137)

[باب من سمى بأسماء الأنبياء]

قوله: (بَابُ مَنْ تَسَمَّى [1] بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ): الأحاديث التي ذكرها البُخاريُّ دالَّةٌ لِما ترجم له، وقد قال ابن المُسَيّب: «أحبُّ الأسماء إلى الله أسماءُ الأنبياء»، وهذه الأحاديث تردُّ قولَ مَن كره التسمية بأسماء الأنبياء، وقد كتب عمر رضي الله عنه إلى الكوفة: (لا تسمُّوا أحدًا باسم نبيٍّ)، وقد ذكر عنه النَّوَويُّ في «شرح مسلم».

(1/11138)

[حديث: مات صغيرًا ولو قضي أن يكون بعد محمد نبي ... ]

6194# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن نُمَيْر، و (مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ): هو بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو ابن أبي خالد، و (ابْن أَبِي أَوْفَى): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن أبي أوفى علقمةَ بنِ الحارث) انتهى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (أبا أوفى) صَحَابيٌّ؛ كابنه عبد الله.

قوله: (رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟): (رأيتَ): بفتح تاء الخطاب، وهذا ظاهِرٌ؛ لأنَّ إسماعيلَ تابعيٌّ.

قوله: (قَالَ: مَاتَ صَغِيرًا): تَقَدَّمَ متى وُلِد، وكم عاش، ومتى تُوُفِّيَ، رضي الله عنه.

قوله: (وَلَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ [1] نَبِيٌّ؛ عَاشَ ابْنُهُ ... ) إلى آخره: (قُضِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة إبراهيم بن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لمَّا ذكر هذا الحديث؛ قال: هذا لا أدري ما هو، وقد وَلَد نوحٌ مَن ليس بنبيٍّ، وكما يلد غيرُ النبيِّ نبيًّا؛ فكذلك يجوز أن يَلِدَ النبيُّ غير نبيٍّ، والله أعلم، ولو لم يَلِد النَّبيُّ إلَّا نبيًّا؛ لكان كلُّ أحدٍ نبيًّا؛ لأنَّه مِن وَلَدِ نوحٍ عليه السلام، وآدمُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نبيٌّ مكلَّم، وما أعلم في ولده لصلبه نبيًّا غير شيث) انتهى، وقال شيخنا في (الكسوف): ما يُروى عن بعض المتقدمين: (لو عاش إبراهيم؛ لكان نبيًّا) باطلٌ، انتهى.

(1/11139)

وكذا تَقَدَّمَ أيضًا عن أنس مثل كلام ابن أبي أوفى، وهو في «مسند أحمد»، وقد رأيت بخطِّ الحافظ أبي إسحاق بن الأمين ما لفظه: الدَّارَقُطْنيُّ: حدَّثنا إبراهيم بن حَمَّاد القاضي وأبو الحسن أحمد بن مُحَمَّد الكاتب قالا: حدَّثنا مُحَمَّد بن يحيى الحُنَينيُّ: حدَّثنا الحارث بن رجب الضَّبِّيُّ، عن أبي شيبة، عن الحكم، عن مِقْسَم، عن ابن عَبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لو عاش إبراهيم؛ لكان صِدِّيقًا نبيًّا، ولم أسترقَّ قبطيًّا»، انتهى، وهو في «ابن ماجه»، فيه أبو شيبة؛ وهو إبراهيم بن عثمان، أبو شيبة العبسيُّ الكوفيُّ، قاضي واسط، وجدُّ أبي بكر ابن أبي شيبة، يروي عن خاله الحكم بن عتيبة وغيرِه، كذَّبه شعبة؛ لكونه روى عن الحكم عن ابن أبي ليلى أنَّه قال: (شهد صِفِّينَ من أهل بدرٍ سبعون)، قال شعبة: (كذب والله، ذاكرتُ الحكم، فما وجدنا شهد صِفِّين أحدٌ من أهل بدرٍ غير خزيمة)، انتهى، وهذا الكلام متعقَّبٌ، فما شهدها عليٌّ وعمَّار؟! وقد روى عثمان الدارميُّ عن ابن معين: ليس بثقة، وقال أحمد ابن حنبل: ضعيف، وقال البُخاريُّ: سكتوا عنه، وقال النَّسائيُّ: متروك، تُوُفِّيَ بعد الستين ومئة، أخرج له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، والله أعلم.

(1/11140)

[حديث البراء: إن له مرضعًا في الجنة.]

6195# قوله: (لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ [1]؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ»): تَقَدَّمَ متى مات إبراهيم رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ ضبط (المرضع) بثلاثة ضبوطٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ في «مسلم»: «إنَّ له لظئرين يكملان رضاعه في الجنَّة».

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

[ج 2 ص 631]

(1/11141)

[حديث جابر: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي فإنما ... ]

6196# قوله: (عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وقدَّمت أنَّ الأسماء كذلك، وأنَّ الكنى بفتح الحاء، وكسر الصاد.

(1/11142)

[حديث أبي هريرة: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي ... ]

6197# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو حَصِينٍ): بفتح الحاء، وكسر الصاد؛ لأنَّه كنية، واسمه عثمان بن عاصم، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وذكرتُ فيه أربعة مذاهب.

قوله: (وَمَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ؛ فَقَدْ رَآنِي): يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في (التعبير).

==========

[ج 2 ص 631]

(1/11143)

[حديث أبي موسى: ولد لي غلام فأتيت ... ]

6198# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، واسم (أَبِي بُرْدَةَ) ابن أبي موسى: الحارث، ويقال: مالك، القاضي، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (وُلِدَ لِي غُلَامٌ): في هذا الحديث أنَّه عليه السلام سمَّاه إبراهيم، وهو إبراهيم بن أبي موسى، روى عن أبيه والمغيرةِ بن شعبة، وعنه: الشَّعْبيُّ

[ج 2 ص 631]

وعمارة بن عمير، روى له مسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، تابعيٌّ له رؤيةٌ، وقد قَدَّمْتُ في شرط الصَّحَابيِّ أنَّه يشترط أن يرى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مميِّزًا، وقد حنَّكه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

(1/11144)

[حديث: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم]

6199# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (زَائِدَةُ): هو ابنُ قدامة، أبو الصَّلْت الثقفيُّ الكوفيُّ الحافظ، و (زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ): بكسر العين وفتحها.

قوله: (انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ إبراهيم رضي الله عنه؛ فليُنظَر منه.

قوله: (رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث.

(1/11145)

[باب تسمية الوليد]

قوله: (بَابُ تَسْمِيَةِ الْوَلِيدِ): اعلم أنَّ البُخاريَّ إنَّما بوَّب بهذا الباب؛ ليَرُدَّ على الحديث الوارد في النهي عن ذلك، وقد رواه الإمام أحمدُ في «مسنده»، فقال: (حدَّثنا أبو المغيرة: حدَّثنا ابن عيَّاش: حدَّثني الأوزاعيُّ وغيره عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد بن المُسَيّب، عن عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه قال: وُلِد لأخي أمِّ سلمة زوجِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم غلامٌ، فسمَّوه الوليدَ، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «سمَّيتموه بأسماء فراعِنَتِكم، ليكوننَّ في هذه الأمَّة رجلٌ يقال له: الوليد، هو أشرُّ على هذه الأمَّة من فرعونَ لقومه»)، سعيد بن المُسَيّب اختُلِف في سماعه من عمر رضي الله عنه، والصحيح: أنَّه لم يسمع منه، وذهب أحمد إلى أنَّه سمع منه، وقد ذكر أبو الفرج ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» من طريق أحمدَ هذا الحديثَ، ثُمَّ نقل عن ابن حِبَّانَ: أنَّه خبر باطلٌ، ما قاله رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولا رواه عمر، ولا حدَّث [1] به سعيدٌ ولا الزُّهْرِيُّ، ولا هو من حديث الأوزاعيِّ بهذا الإسناد ... إلى آخر كلامه، وقد اعترض بعض حُفَّاظ العَصْرِ هذا الكلامَ بكلامٍ فيه طولٌ، والله أعلم.

وقال شيخنا لمَّا ذكر الحديث في الباب ما لفظه: وهذا يردُّ ما رُويَ عن مَعْمَر عن الزُّهْرِيِّ قال: بلغني: أراد رجلٌ أن يسمِّيَ ابنًا له الوليدَ، فنهاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقال: «إنَّه سيكون رجلٌ يُقال له: الوليد، يعمل في أمَّتي كما عمل فرعونُ في قومه»، وهذا بلاغٌ، وحديث الباب هو الحُجَّة، واعترض ابن التين فقال: لا يظهر لي فيه ردٌّ؛ لأنَّ الوليد لم يسمِّه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وإنَّما ذلك اسمه، انتهى، وجوابُه: أنَّه أقرَّه، ففي إقراره دليلٌ على جوازه، والله أعلم، وشيخنا لم يَقِف على الحديث من عند أحمد، وقد ذكر هذا المتنَ الحاكمُ في «المستدرك» في (كتاب الفتن والملاحم)، فرواه من طريق نعيم بن حَمَّاد، عن الوليد، عن الأوزاعيِّ، عن الزُّهْرِيِّ، عن ابن المُسَيّب، عن أبي هريرة ... ؛ فذكره، ولم يتعقَّبه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»؛ فاعلمه، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (حدثت)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 632]

(1/11146)

[حديث: اللهم أنج الوليد بن الوليد]

6200# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد): هو ابن المُسَيّب، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ أَنْجِ): (أَنجِ)؛ بفتح الهمزة: رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ): هذا هو أخو خالد بن الوليد بن المغيرة، أسره عبد الله بن جحش يوم بدر، فافتكُّوه، وذهبوا به إلى مكَّة، فأسلم، فحبسوه بمكَّة، وكان رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يدعو له في القنوت، ثُمَّ إنَّه نجا، وتوصَّل إلى المدينة، فمات بها في حياة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ): هو سَلَمة بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، أخو أبي جهلٍ، قديم الإسلام، وهو المسمَّى في القنوت، هاجر إلى الحبشة، ثُمَّ قدم مكَّة، فمنعوه من الهجرة وعذَّبوه، ثُمَّ هاجر بعدَ الخندق، وشهد مؤتة، واستُشهِد بمرج الصُّفر، وقيل: بأجنادين، رضي الله عنه.

قوله: (وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ): و (أبو ربيعة): عمرو بن المغيرة المخزوميُّ، أخو أبي جهل لأمِّه، قديم الإسلام، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَطْأَتَكَ): تَقَدَّمَ أنَّ (الوطأة): العقاب، وتَقَدَّمَ أنَّ (كَسِنِي يُوسُفَ) بتخفيف الياء، وأنَّ معناه: قَحْطًا وجَدْبًا.

==========

[ج 2 ص 632]

(1/11147)

[باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا]

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ اسم (أبي حَازم) هذا: سلمانُ، وأنَّه بالحاء المُهْمَلَة.

قوله: (يَا أَبَا هِرٍ): هو بتخفيف الراء، كذا في أصلنا؛ لأنَّه مكتوبٌ على الراء (خف)، والذي ظهر لي أنَّه مشدَّد الراء دائمًا إلَّا في هذا المكان؛ وذلك لأنَّ البُخاريَّ بوَّب عليه: (باب من دعا صاحبه فنقص مِن اسمه حرفًا)؛ فهو هنا ينبغي أن يكون مخفَّفًا؛ لأنَّه إذا خفَّف الراء؛ فقد نقص منه حرفًا، وهو التشديد، ولم أرَ فيه كلامًا لأحد؛ فأنقُلَه، ثُمَّ إنِّي رأيت فيه ما ذكره شيخنا؛ قال شيخنا: أمَّا قوله: (يا أبا هِرٍ)؛ فليس من باب الترخيم، وإنَّما هو نقل اللفظ من التصغير والتأنيث إلى التكبير والتذكير؛ لأنَّه كنَّاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بتصغير هرَّةٍ كانت له، فخاطبه باسمها مذكَّرًا مكبَّرًا، وإن كان نقصانًا من اللفظ؛ ففيه زيادةٌ في المعنى، انتهى، فهذا كالصريح في أنَّ الراء مُشَدَّدةٌ، والله أعلم، ثُمَّ رأيت بعضهم قال: بتشديد الراء، ومنهم من خفَّف وصحَّحه، انتهى لفظه.

(1/11148)

[حديث عائشة: يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام]

6201# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (يَا عَائِش): هذا يجوز فيه البناء على الضمِّ، ويجوز فيه الفتح، وكذا يجوز في كلِّ منادًى مرخَّمٍ بناؤه على الضمِّ، أو إبقاء حركة ما قبل الحرف المحذوف، فإن كان مضمومًا؛ فضمٌّ، وإن كان مفتوحًا؛ ففتحٌ، وإن كان مكسورًا؛ فكسرٌ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 632]

(1/11149)

[حديث: يا أنجش رويدك سوقك بالقوارير]

6202# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد الكرابيسيُّ الحافظ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (أُمُّ سُلَيْم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها، وهي أمُّ أنس بن مالك، وزوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهلٍ.

قوله: (فِي الثَّقَلِ): هو بفتح الثاء والقاف، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَأَنْجَشَةُ غُلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو عبدٌ أسودُ رضي الله عنه.

قوله: (يَا أَنْجَش): يجوز فيه بناؤه على الضمِّ، ويجوز فيه فتح الشين، كما تَقَدَّمَ أعلاه، وتَقَدَّمَ الكلام على (رُوَيْدَكَ)، وعلى نصب (سَوْقَكَ)، وعلى (القَوَارِيْر)، قريبًا.

==========

[ج 2 ص 632]

(1/11150)

[باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل]

[ج 2 ص 632]

قوله: (بَابُ الْكُنْيَةِ لِلصَّبِيِّ وَقَبْلَ [1] أَنْ يُولَدَ لِلرَّجُلِ): فائدةٌ: ذكر أبو العَبَّاس ابن القاصِّ من الشَّافِعيَّة أنَّ عمر بن الخَطَّاب كان يكره كنية مَن لم يولد له حتَّى خُبِّر به عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وما نقله ابن القاصِّ عن عمر هو في «ابن ماجه»، والله أعلم، فالظاهر أنَّ الإمام البُخاريَّ قصد به الردَّ على هذا المذهبِ، والله أعلم، وقد نقل شيخنا [2] أنَّه رُويَ عن عمر بن الخَطَّاب أنَّه قال: (عجِّلوا بكنى أولادِكم؛ لا تسرع إليهم الألقابُ السُّوء) انتهى، والجمع ممكنٌ، والله أعلم.

(1/11151)

[حديث أنس: يا أبا عمير ما فعل النغير؟]

6203# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد، أبو عُبيدة الحدَّاد، و (أَبُو التَّيَّاحِ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه يزيد بن حُمَيدٍ الضُّبَعِيُّ.

قوله: (أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا): قال القاضي عياض: وأمَّا حديث أنس _يعني: هذا_؛ فروايته بالضَّمِّ؛ لأنَّه أخبرَ عن حُسْنِ معاشرته، انتهى.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو ابن أبي طلحة زيدِ بن سهلٍ من أمِّ سُلَيم، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه حفصٌ، وقد عزوت ذلك للمكان الذي هو فيه؛ فانظره.

قوله: (قَالَ: أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (فطيمًا)، أمَّا رواية النصب؛ فظاهرةٌ، وأمَّا الرفع؛ فالظاهر أنَّه على الحكاية، فأنسٌ قال: كان لي أخٌ يُقال له: أبو عُمير، فطيمٌ)، فـ (فطيم): صفة لـ (أخٌ)، و (أخٌ): مَرْفُوعٌ اسم (كان)، و (يقال له): محلُّه النصب؛ لأنَّه خبر (كان)، والله أعلم، وأدخل الراوي الحُسْبان بين (عُمير) و (فطيم)؛ بين الصفة والموصوف.

قوله: (مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟): تَقَدَّمَ ضبط (النُّغَير) وما هو في (كتاب العلم).

قوله: (فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ لَهُ [1]): هما مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعلُهما، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11152)

[باب التكني بأبي تراب وإن كانت له كنية أخرى]

قوله: (بَابُ التَّكَنِّي بِأَبِي تُرَابٍ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ كُنْيَةٌ أُخْرَى): في هذا أنَّ (أبا تراب) كنية؛ لأنَّ (الكنية) عند النحاة: ما صُدِّر بأبٍ أو أمٍّ، وهذا مُصَدَّر بأبٍ، وقد قال أبو عمرو ابن الصلاح في «علومه» في (النوع الموفي خمسين) ما لفظه: (الضرب الثالث: الذين لُقِّبوا بالكنى؛ مثاله: عليُّ بن أبي طالب يُلَقَّب بأبي تراب، ويكنى أبا الحسن، وأبو الزِّنَاد، وأبو الرِّجَال لقبٌ لُقِّبَ به؛ لأنَّه كان له عشرة أولادٍ كلُّهم رِجَالٌ، وأبو تُمَيلة لقبٌ، وأبو الآذان لُقِّبَ به، وأبو الشيخ الأصبهانيُّ عبد الله بن مُحَمَّد الحافظ كنيته أبو مُحَمَّد، وأبو الشيخ لقبٌ، وأبو حَازم العبدريُّ، وأبو حازم لقبٌ) انتهى، وذكر لكلِّ مَن ذكرته كنيةً [1]، وقد ذكر المِزِّيُّ في «تهذيبه» مَن لقب بكنية، فذكر جماعةً.

==========

[1] زيد في (أ) مستدركًا: (انتهى)، ولعلَّه سبق قلمٍ.

[ج 2 ص 633]

(1/11153)

[حديث سهل: اجلس يا أبا تراب]

6204# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان الخاء من (مَخْلد)، وهذا ظاهِرٌ عند أهلِه، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (أبو حَازم)؛ بالحاء المُهْمَلَة: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (فَجَعَلَ [1] يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ وَيَقُولُ: «اجْلِسْ [2] أَبَا تُرَابٍ»): ذكر أبو الفتح ابن سَيِّد النَّاسِ في «سيرته» في (ذي العشيرة) _وقد رأيته في «سيرة ابن هشام» عن ابن إسحاق، ورأيته في «المستدرك»، ولم يتعقَّبه الذَّهَبيُّ_: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كنَّاه بذلك حين وجده نائمًا هو وعمَّار بن ياسر وقد عَلِقَ به ترابٌ، فأيقظه عليه السلام برِجْلِه، وقال له: «ما لك أبا تراب؟»؛ لِما يُرَى عليه من التراب، ثُمَّ قال: «ألا أحدِّثكما بأشقى الناس رجلين؟»، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «أُحَيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا عليُّ [على] هذه _ووضع يده على قرنه_ حتَّى يَبلَّ منها هذه»، وأخذ بلحيته، وحديث أشقى الرجلين هو في «النَّسائيِّ» من حديث عمَّار بن ياسر.

قال الحافظ الدِّمْيَاطيُّ في غير هذه الحواشي: وفي «الصحيح» أنَّه كنَّاه بذلك حين غاضب فاطمة، وكان نكاحه إيَّاها بعد بدر، وبدرٌ بعد هذه؛ لأنَّ العشيرة في أثناء جمادى الأولى من السنة الثانية، وقد تعقَّب الحافظُ ابنُ القَيِّمِ في «الهدي» في غزوة العشيرة الدِّمْيَاطيَّ في ذلك، وأنَّه ليس كذلك، وذكر قصَّة «الصحيح»، ثُمَّ قال: وهو أوَّل يوم كنَّى فيه رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أبا تراب، والله أعلم، انتهى، ولعلَّه عليه السلام كنَّاه بذلك في العشيرة، ثُمَّ خاطبه بها عندما غاضب فاطمة، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال ابن إسحاق _كما حكاه ابن هشام_ ما لفظه: (وقد حدَّثني بعض أهل العلم: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إنَّما سمَّى عليًّا أبا تراب؛ أنَّه كان إذا عتب على فاطمة في شيءٍ؛ لم يكلِّمها، ولم يقل لها شيئًا تكرهه، إلَّا أنَّه كان يأخذ ترابًا، فيضعُه على رأسه، قال: فكان رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا رأى عليه التراب؛ عرف أنَّه عاتب فاطمة، فيقول: «ما لك يا أبا تراب؟»، والله أعلم أيَّ ذلك كان) انتهى.

وفي «الصحيح» أنَّ العلَّة في تسمِّيه أبا تراب غيرُ ما ذكره ابن إسحاق، والله أعلم.

==========

(1/11154)

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يَا).

[ج 2 ص 633]

(1/11155)

[باب أبغض الأسماء إلى الله]

(1/11156)

[حديث: أخنى الأسماء يوم القيامة عند الله]

6205# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تقدَّموا مرارًا.

قوله: (أَخْنَى الأَسْمَاءِ [1] عِنْدَ اللهِ): (أخْنَى): بفتح الهمزة، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ نون، مقصورٌ، قال في «المطالع»: أي: أفحش، والخنا: الفُحْشُ، وقد يكون بمعنى: الهلاك، يقال: أخنى عليه: أهلكه، ولابن الأثير مثلُه.

قوله: (رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ): قال ابن قُرقُول: (تسمَّى بمَلِك الأملاك)؛ أي: سمَّى نفسه؛ مثل قوله: (شاهٍ شاه)، كذا فسَّره ابن عُيَيْنَة، وقال غيره: هو أن يتسمَّى باسمٍ مِن أسماء الله تعالى عزَّ وجلَّ الذي هو مَلِك الأملاك؛ كالعزيز، والجبَّار، والرَّحْمَن، والقادر، والمقتدر، كما فعل مَن لا خلاق له) انتهى، وقوله: (شاهٍ شاه): قال القاضي عياض: وأمَّا قول سفيان: مثل: شاهان شاه؛ فكذا في جميع النسخ؛ يعني: نسخ

[ج 2 ص 633]

«مسلم»، قال القاضي: ووقع في رواية [2]: (شاهٍ شاه)، وزعم بعضُهم أنَّ الأصوب: شاهان شاه .. إلى آخر كلامه، وسيأتي قريبًا في هذا «الصحيح»: (قال سفيان: يقول غيره: شاهان شاه).

فائدةٌ: رأيتُ في «معجم الطَّبَرانيِّ الصغير» _وقد سمعتُ بعضَه بحلب_ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سمع رجلًا يقول للآخر: يا شاهان شاه، فقال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «اللهُ مَلِك الملوك»، وسنده ضعيفٌ، فيه من تُكُلِّم فيه.

(1/11157)

[حديث: أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك]

6206# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله) _هو ابن المَدينيِّ_: هو ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو الزِّنَادِ) و (الأَعْرَج) و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا.

قوله: (رِوَايَةً): تَقَدَّمَ أنَّ قولَهم عن الصَّحَابيِّ: (يرفع الحديث)، أو (يبلغ به)، أو (رواية)، أو (ينميه): مَرْفُوعٌ، قال ابن الصلاح: وحكم ذلك عند أهل العلم حكمُ المرفوع صريحًا، وقد قَدَّمْتُ ذلك مُطَوَّلًا، والله أعلم.

قوله: (أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللهِ): (أَخْنَع): بفتح الهمزة، وإسكان الخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ عين مهملة، قال في «المطالع»: (فسَّره في «مسلم» أبو عمرٍو الشيبانيُّ: «أخنع» بـ «أوضع»، وقال أبو عبيد: «أخنع»: أذلُّ، والخانع: الذليل الخاضع، وقد يكون «أخنع»: أقبح، ويكون: أفجر، قال الخليل: الخنع: الفجور، وقال أبو عبيد: إنَّه رُويَ: «أبخع»؛ أي: أقتل وأهلك، والبخع: القتل الشديد، ورُويَ: «أخبث»)، انتهى، قال في «مسلم»: قال أحمد ابن حنبل: سألت أبا عمرو عن «أخنع»، فقال: أوضع.

وأبو عمرٍو الشيبانيُّ _بالشين المُعْجَمَة_: اسمه إسحاق بن مِرَار؛ بكسر الميم، وتخفيف الراء، وزان (قِتَال)، وقيل: مَرَّار؛ بفتح الميم، وتشديد الراء؛ كـ (عَمَّار)، ويُقال: بفتح الميم، وتخفيف الراء؛ كـ (غَزَال)، وهو أبو عمرو الشيبانيُّ النَّحْويُّ المشهور، وليس بأبي عمرو الشيبانيِّ سعدِ بن إياس، ذلك تابعيٌّ، تُوُفِّيَ قبل ولادة أحمد ابن حنبل، مشهور ذلك عنه وعن غيره، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ: غَيْرَ مَرَّةٍ: أَخْنَى [1]): أمَّا (سفيان)؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عُيَيْنَة.

(1/11158)

[باب كنية المشرك]

قوله: (بَابُ كُنْيَةِ الْمُشْرِكِ): اعلم أنَّ الشيخ محيي الدين النَّوَويَّ حكى خلافًا للعلماء، ولفظه: قال القاضي عياض: وقد استُدِلَّ بهذه السورة _يعني: بسورة {تبَّت} _ على جواز تكنية الكافر، وقد اختلف العلماء في ذلك، واختلفت الراوية عن مالك في تكنية الكافر بالجواز والكراهة، وقال بعضُهم: إنَّما يجوز من ذلك ما كان على جهة التأليف، وإلَّا؛ فلا، إذ في التكنية تعظيمٌ وتكبيرٌ، انتهى، والظاهر أنَّ مجموع هذا الكلام للقاضي، ولكن أقرَّه عليه، وبعضُهم قال: إنَّما يجوز من ذلك ما كان على جهة التأليف، وإلَّا؛ فلا، إذ في التكنية نوعُ تعظيمٍ، انتهى ما قاله شيخنا.

ونحوُ هذه العبارة في «شرح مسلم» للنوويِّ، والذي في «الأذكار» للنوويِّ: (باب جواز تكنية الكافر والمبتدع والفاسق إذا كان لا يُعرَف إلَّا بها، أو خِيف من ذكره باسمه فتنةٌ ... ) إلى أن قال: (ونظائر هذا كثيرةٌ، هذا كلُّه إذا وُجِد الشرط الذي ذكرناه، فإن لم يوجد؛ لم يزد على الأسماء) انتهى، وفي «الروضة» قال: ولا بأس بمخاطبة الكافر والمبتدع والفاسق بكنيته إذا لم يُعرَف بغيرها، أو خيف من ذكره باسمه فتنةٌ، وإلَّا؛ فينبغي ألَّا يزيد على الاسم) انتهى.

قوله: (وَقَالَ المِسْوَرُ [1]): هو بكسر الميم، وإسكان السين، وفتح الواو، وهو ابن مَخْرَمة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ والده مَخْرَمةَ من مسلمة الفتح.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (مِسْوَرٌ).

[ج 2 ص 634]

(1/11159)

[حديث: أن رسول الله ركب على حمار عليه قطيفة]

6207# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق؛ فانظره إن أردته، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنَا [2] إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَخَاهُ): اسمه عبد الحميد بن أبي أويسٍ [3] عبدِ الله، وتَقَدَّمَ أنَّه لا عبرة بما قاله الأزديُّ فيه، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (سُلَيْمَان): تَقَدَّمَ أنَّه ابن بلال، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي عَتِيقٍ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ التيميُّ المدنيُّ، عن أبي يونس مولى عائشة، ونافعٍ، والزُّهْرِيِّ، وعنه: عبد العزيز الماجِشُونُ، ومُحَمَّد بن إسحاق، وسليمان بن بلال، وحاتم بن إسماعيل، وجماعةٌ، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، روى له البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وهو هنا مقرونٌ بشعيب، وهذا نوعٌ من القرن، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ.

قوله: (عَلَى قَطِيفَةٍ [4]): تَقَدَّمَ (القطيفة)، وكذا (الفَدَكِيَّة)، وتَقَدَّمَ الكلام على (عَبْد اللهِ بْن أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ) ترجمةً وكتابةً وتلفُّظًا، وأنَّ (سلول) لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، وعلى قوله: (قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ)؛ أي: في الظاهر، وعلى (عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ)، وعلى (خَمَّرَ)؛ أي: غطَّى، وعلى (لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ)، وعلى قوله: (مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ)، وأنَّه بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف المُوَحَّدة، وهي كنية عبد الله بن أُبَيٍّ ابن سلول، وعلى (الْبَحْرَةِ)، وفي رواية: (البحيرة)؛ أي: البلدة أو البُليدة، وعلى (العِصَابَة)، وعلى قوله: (شَرِقَ بِذَلِكَ) ضبطًا ومعنًى.

قوله: (حَتَّى أَذِنَ لَهُ فِيهِمْ): (أَذن)؛ بفتح الهمزة: مَبْنيٌّ للفاعل، وعلى (فَقَتَلَ اللهُ [5] مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ): تَقَدَّمَ أسماء المشاهر من القتلى، وجملةُ القتلى سبعون، وكذا الأسرى سبعون، وتَقَدَّمَ المشاهير من الأسرى.

(1/11160)

قوله: (قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله، وتَقَدَّمَ كيف يُقرَأ ويُكتَب، وأنَّ (سلول) لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث.

قوله: (فَبَايَعُوا [6] رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت قبل العين، فعل ماضٍ، وهو خبرٌ، لا أمرٌ، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا، وكذا (فَأَسْلَمُوا): فعلٌ ماضٍ.

(1/11161)

[حديث: نعم هو في ضحضاح من نار]

6208# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ) بعده: هو ابن عُمير، و (عَبْد اللهِ بْن الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ): هو ابن الحارث بن عبد المُطَّلِب، و (العَبَّاس): يكون عمَّ جدِّه، وهذا مشهورٌ معروفٌ.

قوله: (هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ؟): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (أبي طالب): عبد مَناف، وقيل: اسمه كنيته، وقيل غيرُ ذلك، وقد تَقَدَّمَ في (الجنائز) وغيرِها.

قوله: (يَحُوطُكَ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الحاء، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ طاء، مهملتين، والكاف للخطاب، يُقال: حاطه يحوطه حياطةً وحَوْطًا؛ إذا حفظه، وصانه، وذبَّ عنه، وتوفَّر على مصالحه.

قوله: (هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ): (الضَّحْضاح): بضادَين معجمتَين؛ الأولى مفتوحة، وحاءين مهملتين؛ الأولى ساكنة؛ أي: في شيء قليل، و (الضَّحْضَاح): الماء، وهو ماءٌ لا يكادُ يستر القدم.

تنبيهٌ:

[ج 2 ص 634]

الحكمة في كون العذاب على رجليه فقط؛ لأنَّه كان مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بجملته متحزِّمًا له، إلَّا أنَّه كان مثبِّتًا لقدميه على ملَّة عبد المُطَّلِب، حتَّى قال عند الموت: أنا على ملَّة عبد المُطَّلِب، فسُلِّط العذاب على قدميه خاصَّةً؛ لتثبيته إيَّاهما على ملَّة آبائه، ثبَّتنا الله على الصراط المستقيم، قاله الإمام السُّهَيليُّ في «روضه».

(1/11162)

[باب: المعاريض مندوحة عن الكذب]

قوله: (بَابٌ: الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ذكر الطَّبَريُّ بإسناده عن عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه قال: إنَّ في المعاريض لمندوحةً عن الكذب، وعن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما قال: ما أحبُّ أنَّ لي بمعاريض الكلام كذا وكذا، وهي مندوحةٌ؛ أي: متَّسع، يُقال منه: انتدح فلان بكذا ينتدح انتداحًا؛ أي: اتَّسع، وقال ابن الأنباريِّ: يُقال: ندحتُ الشيء؛ إذا وسَّعتَه، قال الطَّبَريُّ: انتدحَتِ الغنمُ في مرابضها؛ إذا تبدَّدت واتَّسعت من البِطنة، وانتدح بطنُ فلان وأندح؛ بمعنى: استرخى واتَّسع، مطابقة الحديث الأوَّل _يعني: حديث أنس رضي الله عنه: مات ابنٌ لأبي طلحة، فقال: كيف الغلام؟ قالت: هَدأ نَفَسُه، وأرجو أن يكون قد استراح، قال ابن المُنَيِّر_: للترجمة بيِّنةٌ، وأمَّا ما بعده _يعني: من الأحاديث التي أخرجها؛ يعني: حديث أنس بطرقه: «يا أنجشة؛ ويحك بالقوارير»، وحديثٌ أيضًا: «وإن وجدناه لبحرًا»، قال ابن المُنَيِّر_: فليس من المعاريض التي يُفزَع إليها عن الكذب، وإنَّما هو تشبيهٌ ومبالغةٌ، ولكنَّ وجهَ دخوله أنَّ التشبيه إذا كان ذكرُه بصيغة الإخبار بلا آلة تشبيه، ولم يعدَّ خلفًا، ولا دعت إليه حاجةٌ؛ فالمعاريض أولى) انتهى.

قوله: (بَابٌ: الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ): (المعاريض): جمع (مِعْراض)؛ من التعريض؛ وهو خلاف التصريح من القول، يُقال: عرفت ذلك في مِعراض كلامه، ومَعْرِض كلامه، قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: قال الحربيُّ: هو الكلام يشبه بعضُه بعضًا، يوُري بعضُه عن بعضٍ إذا لم يُدخَل به على أحد مكروهٌ؛ كاللفظ المشترك والمحتمِل المعنيين فصاعدًا، أو الذي فيه تجوُّزٌ يوري به عن التصريح والبيان عندما يضطرُّ إليه لدفع مكروهٍ عنه، أو حِنْثٍ يلزمه، أو لائمةٍ تتوجَّه إليه، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (مندوحة) ما معناها في كلام ابن المُنَيِّر أعلاه، وهذا التبويب نفسُه هو حديثٌ في «صحيح مسلم»، ولفظه: (إنَّ في المعاريض لمندوحةً عن الكذب).

تنبيهٌ: وقع في «صحاح الجوهريِّ» ما لفظُه: (وفي المثل: «إنَّ في المعاريض لمندوحةً عن الكذب»)، وقد علمتَ أنَّه حديث في «صحيح مسلم».

فائدةٌ: رأيتُ بدمشق مؤلَّفًا في المعاريض لابن دريد اسمه: «الملاحن»، وقد نظرت في أوائله.

(1/11163)

قوله: (وَقَالَ إِسْحَاقُ: سَمِعْتُ أَنَسًا: مَاتَ ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ): أمَّا (إسحاق)؛ فهو ابن عبد الله بن أبي طلحة، وهو ابن أخي أنس بن مالك لأمِّه أمِّ سُلَيم، وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (الجنائز) عن بِشْر بن الحكم، عن ابن عُيَيْنَة، عن إسحاق به.

قوله: (هَدَأَ نَفَسُهُ): (هدأَ): بهمزة مفتوحة في آخره، و (نَفَسُه): بفتح الفاء.

قوله: (وَظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ): أي: في الظاهر، وإلَّا؛ فهي صادقةٌ في نفس الأمر، والله أعلم.

(1/11164)

[حديث: ارفق يا أنجشة ويحك بالقوارير]

6209# قوله: (فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَحَدَا الْحَادِي): سيأتي في نفس هذا الحديث أنَّه أنجشة، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، و (المسير): هي غزوة خيبر، كما في بعض طرقه.

قوله: (وَيْحَكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (وَيْح)، وكذا على (القَوَارِيْر).

==========

[ج 2 ص 635]

(1/11165)

[حديث: رويدك يا أنجشة سوقك بالقوارير]

6210# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (حَمَّادًا) إذا لم يُنسَب؛ فإن كان الذي أطلقه سليمان بن حرب أو عَارم مُحَمَّد بن الفضل؛ فإنَّ حَمَّادًا يكونُ ابنَ زيد، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عَفَّانَ أو الحَجَّاج بن منهال؛ فإنَّه يكون ابنَ سلمة، وكذا إذا أطلقه هدَّاب، وحَمَّاد بن سلمة قد عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعة، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (وَأَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ): (أيُّوبَ): مجرورٌ، علامة الجرِّ فيه الفتحةُ؛ لأنَّه لا ينصرف، وقائل ذلك هو حَمَّاد بن زيد، روى الأوَّل عن ثابت عن أنس، والثاني عن أيُّوب عن أبي قِلَابَة عن أنس، والأوَّل أعلى برَجُلٍ، وهذا ظاهِرٌ عند أهل الفنِّ، والله أعلم.

قوله: (كَانَ فِي سَفَرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ هذا (السَّفَر) كان غزوة خيبر، وتَقَدَّمَ أنَّ (الغُلَام): هو أنجشة، وقد صُرِّحَ به في نفس الحديث، وتَقَدَّمَ الكلام على (رُوَيْدَكَ)، وعلى نصب (سَوْقَكَ)، وعلى (القَوَارِيْر)؛ كلُّ ذلك قريبًا، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

==========

[ج 2 ص 635]

(1/11166)

[حديث: رويدك يا أنجشة لا تكسر القوارير]

6211# قوله: (حَدَّثَنِي [1] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ الجَيَّانيَّ قال: لعلَّه إسحاق بن منصور، فقد روى مسلمٌ عن إسحاقَ بن منصور، عن حَبَّان بن هلال، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخُنا، والله أعلم، و (حَبَّان بن هلال): بفتح الحاء، وهذا ظاهِرٌ، و (هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/11167)

[حديث أنس: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرًا]

6212# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ.

قوله: (فَرَسًا لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الفرس) يقال له: مندوب، كما في بعض طرقه في «الصحيح».

قوله: (وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا): تَقَدَّمَ الكلام على (إنْ)، وعلى (بَحْرًا)، غَيْرَ مَرَّةٍ.

==========

[ج 2 ص 635]

(1/11168)

[باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء وهو ينوي أنه ليس بحق]

(1/11169)

[حديث: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني]

6213# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) الصحيحُ في لامه التخفيفُ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكُهَّانِ): هؤلاء الأناس يأتي الكلام عليهم آخرَ «الصحيح»، و (الكهَّان): تَقَدَّمَ الكلام على (الكاهن) ما صفته.

قوله: (أَحْيَانًا): أي: أوقاتًا، [تقدَّم الكلام عليه]، وعلى (يَخْطَفُهَا)، وأنَّ الأفصح فتحُ الطاء، وهي لغة القرآن، ويجوز كسرها، وقوله: (يحفظها [2]): اعلم أنَّ ابن قُرقُول قال في «مطالعه» ما لفظه: (وفي «كتاب الأدب»: «تلك الكلمة يحفظها الجنيُّ» كذا لهم، من الحفظ، وللقابسيِّ: (يخطفها [3])، وفي «كتاب التوحيد»: (يخطفها) لكافَّتهم، وعند القابسيِّ وعُبدوس: (يحفظها)، وصوابه في الموضعَين: (يخطفها)، وهو المذكور في غير هذا الموضع، ومنه: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ} [الصافات: 10]) انتهى.

وعلى (فَيَقُرُّهَا)، وعلى (قَرَّ الدَّجَاجَةِ):

[ج 2 ص 635]

قال ابن قُرقُول: لم يختلف الرواة في كتاب «مسلم» فيه، واختلف رواةُ «البُخاريِّ» فيه، فرواه بعضهم: (الزجاجة)؛ بالزاي، قال الدَّارَقُطْنيُّ: وهو تصحيفٌ، وكذا للمستملي وابن السكن وعُبدوس والقابسيِّ في (كتاب التوحيد)، وللأصيليِّ هناك: (الدجاجة)، وقد ذكر في بعض رواياته: «في القارورة»، فمَن رواه (الدجاجة)؛ شبَّه إلقاءَ الشيطان ما يَسْتَرِقُه مِن السَّمْع في أُذُن وليِّه بقرِّ الدجاجة؛ وهو صوتُها لصواحباتها، وقيل: «يَقُرُّها»: يُسارُّه بها، ومَن قال: (الزجاجة) _ بالزاي_؛ فمعناه: يلقيها ويُودِعُها في أذن وليِّه كما يُقَرُّ الشيء في القارورة، وقيل: يقُرُّها بصوت وحسٍّ كحسِّ الزجاجة إذا حرَّكتها على الصفا أو غيره، وقيل: معناه: يردِّدها في أذن وليِّه كما يتردَّد ما يُصَبُّ في الزجاجة وفي جوانبها، لا سيَّما على رواية مَن رواه: (فيُقِرُّها)، وسيأتي في (القاف) إن شاء الله تعالى، و (الدَّجاجة): بالفتح أفصح، والكسر لغة، انتهى، و (الدجاجة): مُثَلَّثَة الدال، وكذا الجمع، وقد تَقَدَّمَ.

==========

(1/11170)

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنَا).

[2] الكلمة محرَّفة في (أ): (يحفظفها)، ولعلَّ المراد رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ ورواية أبي الوقت في الحديث (7561).

[3] في (أ): (يحفظها)، وفوقها: (لعلَّه: يخطفها).

(1/11171)

[باب رفع البصر إلى السماء ... ]

قوله: (بَابُ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ): فيما ذكره الإمام البُخاريُّ رحمه الله تعالى ردٌّ لقول مَن قال: لا ينبغي النظر إلى السماء تخشُّعًا وتذلُّلًا، وهو بعضُ الزُّهَّاد، وذكر الطَّبَريُّ عن إبراهيم التيميِّ: أنَّه كره أن يُرفَع البصرُ إلى السماء في الدعاء، انتهى، ورُويَ عن عطاء السُّلَميِّ أنَّه مكث أربعين سنةً لا ينظر إلى السماء، فحانت منه نظرةٌ، فخرَّ مغشيًّا عليه، فأصابه فتقٌ في بطنه، وسيأتي في (الدعاء): أنَّ شريحًا وآخرين كرهوا رفع البصر إلى السماء في الدعاء، وجوَّزه الأكثرون، قالوا: لأنَّ السماءَ قِبلةُ الدُّعاء؛ كما أنَّ الكعبةَ قِبلةُ الصلاة، فلا يُكرَه رفعُ الأبصار إليها، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ): أمَّا (أيُّوب)؛ فهو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، وأمَّا (ابن أبي مُلَيْكَة)؛ فهو عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 636]

(1/11172)

[حديث: ثم فتر عني الوحي فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء]

6214# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1] ابْنُ بُكَيْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، وتَقَدَّمَ (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الْوَحْيُ): تَقَدَّمَ كم كانت مدَّة فترة الوحي في أوَّل هذا التعليق من عند السُّهَيليِّ، وما الحكمة في فتوره، وتَقَدَّمَ الكلام على (المَلَك) الذي جاءه بِحِرَاء، وأنَّه جبريل، وتَقَدَّمَ الكلام [على] (حِرَاء) بلُغَاتِه.

==========

[1] (يحيى): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 636]

(1/11173)

[حديث: بت في بيت ميمونة والنبي عندها]

6215# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (شَرِيكٌ): هو شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر.

قوله: (فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها خالته، وأنَّها أمُّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلاليَّة، وتَقَدَّمَ متى عقد عليها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ومتى تُوُفِّيَت، رضي الله عنها.

(1/11174)

[باب نكت العود في الماء والطين]

قوله: (منْ نَكَتَ العُودَ فِي الْمَاءِ): (نكت): هو بالتاء المُثَنَّاة من فوق، و (النكت): أن ينكت في الأرض بقضيب؛ أي: يضرب فيؤثِّر فيها، وفائدة هذا التبويب: أنَّ مثل هذا جائزٌ، وأنَّه ليس من باب العبث.

==========

[ج 2 ص 636]

(1/11175)

[حديث: افتح له وبشره بالجنة]

6216# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُثْمَان بْن غِيَاثٍ): بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، وهذا ظاهِرٌ مشهورٌ عند أهله، و (أَبُو عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمَتِ اللُّغَات في (مَلٍّ)، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ.

قوله: (فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحائط): البستان، وهذا الحائط بقُباء، وهو الذي فيه بئر أريس.

قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ): الرجل الأوَّل الذي لم يُسَمَّ في هذه الرواية هو أبو بكرٍ عبدُ الله بن عثمان الصِّدِّيقُ، والرجل الثالث المبشَّر بالجنَّة على بلوى تصيبه هو عثمان بن عَفَّانَ رضي الله عنه.

(1/11176)

[باب الرجل ينكت الشيء بيده في الأرض]

قوله: (بَابُ الرَّجُلِ يَنْكُتُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ فِي الأَرْضِ): (ينكت): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بالتاء المُثَنَّاة فوق، وتَقَدَّمَ أعلاه ما (النَّكْتُ).

(1/11177)

[حديث: ليس منكم من أحد إلا وقد فرغ من مقعده من الجنة والنار]

6217# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بَشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، (وَمَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضَمِّ العين، وهذا مَعْرُوفٌ، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ): بضَمِّ السين، وفتح اللام، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ اسمه عبد الله بن حَبِيب.

قوله: (كُنَّا [1] فِي جَنَازَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ صاحب الجنازة لا أعرفه، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (يَنْكُتُ) بالمُثَنَّاة فوق.

قوله: (فُرِغَ): هو بضَمِّ الفاء، وكسر الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/11178)

[باب التكبير والتسبيح عند التعجب]

(1/11179)

[حديث: سبحان الله ماذا أنزل من الخزائن]

6218# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، و (صَوَاحِبَ الْحُجَرِ): بضَمِّ الحاء، وفتح الجيم، جمع (حُجْرة).

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): (ابن أبي ثور): عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور المدنيُّ، مولى ابن نوفل، عن ابن عَبَّاس وصفيَّة بنت شيبة، وعنه: الزُّهْرِيُّ وغيره، وَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ، أخرج له الجماعة، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في أماكنَ من «صحيحه» مسندًا، فأخرجه في (العلم) عن أبي اليمان الحكمِ بن نافع، عن شعيب، قال: وقال ابن وهب: أخبرنا يونس؛ كلاهما عن الزُّهْرِيِّ عن ابن أبي ثور به، وأعاده في (النكاح) عن أبي اليمان به، وأخرجه في (المظالم)، وأخرجه مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

(1/11180)

[حديث: على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي.]

6219# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها تلفُّظًا وكتابةً، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك بن أنس، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَخَاه): عبدُ الحميد بن أبي أويسٍ، وأنَّ ما قاله عنه الأزديُّ ليس بصحيح، و (سُلَيْمَان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بلال، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي عَتِيقٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيق، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّ البُخاريَّ قرنه، وهو هنا مقرونٌ بشعيب، وهذا نوعٌ من القَرْن، و (عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ): هو زين العابدين، و (صَفِيَّة بِنْت حُيَيٍّ): هي أمُّ المؤمنين، و (حيَيٌّ): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة وكسرها، تَقَدَّمَت.

قوله: (فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ): أي: البواقي، و (غبر): يستعمل فيما بقي، وفيما مضى، وهنا معناه: البواقي؛ بدليل الرواية الأخرى: (في العشر الأواخِرِ).

[ج 2 ص 636]

قوله: (ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ): أي: تنصرف، و (يَقلبها): يَصرفُها.

قوله: (مَرَّ بِهِمَا رَجُلَانِ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذين الرَّجُلَين في (الاعتكاف)، قال شيخنا نقلًا عن بعض شُرَّاح «العمدة»: (إنَّهما عبَّاد بن بِشْر وأُسَيد بن الحُضَير)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ فيه نظرًا، وقدَّمْتُ أنِّي سألتُ [2] شيخَنا عن قائل ذلك، فقال لي: إنَّه ابن العطَّار، انتهى، والظاهر أنَّه انتقالُ حفظٍ من قضيَّةٍ إلى قضيَّة، والله أعلم.

قوله: (عَلَى رِسْلِكُمَا): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الراء وفتحها، باختلاف المعنى.

قوله: (وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا): (كبُر): بضَمِّ المُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11181)

[باب النهي عن الخذف]

قوله: (بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ): (الخَذْف)؛ بفتح الخاء وإسكان الذال المعجمتين، وبالفاء: هو الرَّميُ بحصًى أو نوًى بين السبَّابتين وبين الإبهام والسبَّابة، وقد تَقَدَّمَ.

(1/11182)

[حديث: إنه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو وإنه يفقأ العين]

6220# قوله: (سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ صُهْبَانَ): هو بضَمِّ الصاد المُهْمَلَة، وإسكان الهاء، والباقي معروفٌ مشهورٌ، و (عَبْد اللهِ بْن مُغَفَّلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ فاء مُشَدَّدة مفتوحة، وأنَّه فردٌ، وأنَّه صَحَابيٌّ، رضي الله عنه وعن ابنه عبد الله.

قوله: (وَلَا يَنْكَأُ الْعَدُوَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل (كتاب الذبائح)، وأنَّ الأشهر أنَّه معتلٌّ، لا مهموزٌ.

قوله: (يَفْقَأُ الْعَيْنَ): تَقَدَّمَ أنَّه بهمزة في آخره.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11183)

[باب الحمد للعاطس]

قوله: (بَابُ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ): اعلم أنَّ العاطس يُستَحَبُّ له الحمدُ، فإن كان في خلوة؛ فإنَّه يحمد، فإن لم يكن هناك أحدٌ؛ فقد ذكر العبَّاديُّ في «طبقاته» في ترجمة يحيى بن سعيد القَطَّان: أنَّ السُّنَّةَ أن يقولَ العاطسُ: الحمدُ لله، بحيث يسمع الحاضرُ، فإن لم يسمع منه؛ قال: يرحمك اللهُ إن حمدتَ اللهَ، وإذا لم يكن هناك أحدٌ؛ قال العاطسُ: الحمد لله، يرحمني الله، انتهى.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11184)

[حديث: هذا حمد الله وهذا لم يحمد الله]

6221# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن طرخان التيميُّ، أبو المعتمر البصريُّ.

قوله: (عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): الذي لم يشمِّتْه هو عامر بن الطفيل، والذي شمَّته هو ابن أخي عامر بن الطفيل، كما رواه الطَّبَرانيُّ في «معجمه الكبير» من حديث سهل بن سعد، قاله ابن بشكوال، وعامر بن الطفيل رماه الله بالطاعون، فهلك على كفره، وأخطأ مَن عدَّه صحابيًّا، وابن أخيه لا أعرف له ترجمةً.

قوله: (فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا، وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ): تَقَدَّمَ أنَّ (التشميت) بالسين والشين غَيْرَ مَرَّةٍ، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (التشميت؛ بالسين والشين: الدعاء، وكلُّ داعٍ لأحدٍ بخيرٍ؛ فهو مُشَمِّتٌ ومُسَمِّتٌ) انتهى.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11185)

[باب تشميت العاطس إذا حمد الله]

قوله: (بَابُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللهَ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (الترجمة مقيَّدةٌ بالحمد، والحديث مطلَقٌ، فنبَّه البُخاريُّ على أنَّ الحديث ليس على إطلاقه، بل مقيَّد [1] بالأحاديث التي أوردها قبل هذه الترجمة، وقد تضمَّنَتِ اشتراطَ الحمد)، انتهى.

(1/11186)

[حديث: أمرنا النبي بسبع ونهانا عن سبع أمرنا]

6222# قوله: (عَن أَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (الأشعث) بالثاء المُثَلَّثَة، وأنَّ أشعب الطامع _ بالمُوَحَّدة_ فردٌ، و (سُلَيم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ أنَّ (مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ) بضَمِّ الميم، وتشديد الراء مكسورة، و (البَراء): هو ابن عَازب، وعَازبٌ صَحَابيٌّ أيضًا.

قوله: (وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها بالفتح والكسر، وقيل بالفرق في أوَّل (الجنائز)، و (التَّشْمِيت): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه وقبله، وتَقَدَّمَ الكلام على (الحَلْقَة)، وأنَّها بإسكان اللام، ويجوز فتحها، وكذا تَقَدَّمَ (الدِّيبَاجِ)، وكذا (السُّنْدُسِ)، وكذا (الْمَيَاثِرِ) ضبطًا ومعنًى.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11187)

[باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب]

قوله: (مِنَ التَّثَاؤُبِ): قال الجوهريُّ: الثُّؤَبَاء: ممدودٌ، وفي المثَل: (أعدى من الثُّؤَباء)، تقول منه: تثاءبت؛ على (تفاعلت)، ولا تقل: تثاوبت، انتهى، وفي «القاموس»: (ثُئِبَ؛ كـ «عُنِيَ» ثَأَبًا، فهو مَثْؤُوب، وتثاءب وتثأَّب: أصابه كسل وفترة كفترة النعاس؛ وهي الثُّؤَبَاء، والثَّأَبُ؛ محرَّكة) انتهى.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11188)

[حديث: إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب]

6223# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ)؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، ووالد سعيد اسمه كيسان، وكنيته أبو سعيد، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (فَلْيَرُدّهُ مَا اسْتَطَاعَ): هو بضَمِّ الدال المُشَدَّدة في (يردُّه)، ويجوز فتحها، تَقَدَّمَ له نُظَرَاءُ.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11189)

[باب: إذا عطس كيف يشمت؟]

قوله: (كَيْفَ يُشَمَّتُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ أنَّه يجوز فيه الإعجام والإهمال.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11190)

[حديث: إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله]

6224# قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان.

(1/11191)

[باب: لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله]

قوله: (بَاب لَا يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ إِذَا لَمْ يَحْمَدِ اللهَ): (يُشمَّت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العاطسُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 637]

(1/11192)

[حديث: إن هذا حمد الله ولم تحمد الله]

6225# قوله: (عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أعلاه الرجلان مَن هما، والذي شمَّته، والذي لم يشمِّتْه.

(1/11193)

[باب إذا تثاوب فليضع يده على فيه]

قوله: (بَاب إِذَا تَثَاءَبَ): تَقَدَّمَ الكلام على (تثاءب) قريبًا، ووضع اليد على الفم: إن شاء؛ وضع باطنها، وإن شاء؛ ظاهرها، والباطن أمكن، وقد سألني شخصٌ في قطنا عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان إذا تثائب؛ يضع يده على فِيه بباطنها أو بظاهرها؟ فأجبته: بأنَّه عليه السلام

[ج 2 ص 637]

كان لا يتثاءب؛ لأنَّه التثاؤُبُ من الشيطان.

قال شيخنا الشارح في كتاب «الخصائص» فيما قرأته عليه قال: (ومن الفوائد الجليلة: أنَّه عليه السلام كان لا يتثاءب)، أخرجه البُخاريُّ في «تاريخه الكبير» مرسلًا، وأخرجه في كتاب «الأدب» تعليقًا، وقال سلمة بن عبد الملك: (ما تثاءب نبيٌّ قطُّ)، وإنَّها من علامة النبوَّة، انتهى، ونحوُه في شرح هذا الكتاب، وفي الحديث ما يشير إلى ذلك، وذلك أنَّه عليه السلام قال: «وأمَّا التثاؤب؛ فإنَّما هو من الشيطان».

فائدةٌ ثانيةٌ: قال شيخنا في «الخصائص»: (وقيل: كان لا يتمطَّى أيضًا؛ لأنَّه من عمل الشيطان)، ذكره ابن سبع في «الشفا»، انتهى، والمراد بـ (كتاب الأدب): «الأدب المفرد»، والله أعلم.

(1/11194)

[حديث: إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب .. ]

6226# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، وأنَّ اسم والد سعيد كيسان، وأنَّ كنيته أبو سعيد.

قوله: (فَإِذَا عَطَسَ): هو بفتح الطاء في الماضي، وكسرها وضمِّها في المضارع.

==========

[ج 2 ص 638]

(1/11195)

((79)) (كِتَابُ الاِسْتِئْذَان) ... إلى (كِتَاب الدَّعَوَات)

فائدةٌ: قال شيخنا شيخ الإسلام البُلْقينيُّ: لمَّا كان الاستئذان يتقدَّمه السلام؛ بدأ البُخاريُّ بترجمة (بدء السلام)، ثُمَّ ترجم بما يقتضي الاستئذان بقوله: (باب قوله: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: 27] ... ) إلى آخر كلامه.

(1/11196)

[باب بدء السلام]

قوله: (بَابُ بَدْءِ السَّلَامِ): هو بفتح المُوَحَّدة، وسكون الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ همزة، من الابتداء، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (بَدْوِ)؛ على أنَّه من المعتلِّ، بمعنى الظُّهور، ولا أعرف مصدر (بدا)؛ بمعنى: ظهر، إلَّا (بُدُوًّا)؛ كقعدَ قُعودًا، والله أعلم، ففي النسخة نظرٌ.

(1/11197)

[حديث: خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعًا]

6227# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن همَّام الصنعانيُّ، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه الأبناويُّ الصنعانيُّ.

قوله: (خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ): قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في حديث: «فإنَّ الله خلق آدم على صورته»، قال: إنَّه من أحاديث الصفات، وقد سبق في (كتاب الإيمان) بيانُ حكمها واضحًا مبسوطًا، وأنَّ مِن العلماء مَن يُمسِك عن تأويلها، ويقول: نؤمن بأنَّها حقٌّ، وظاهرها غيرُ مرادٍ، ولها معنًى يليق بها، وهذا مذهب جمهور السلف، وهو أحوطُ وأسلمُ، والثاني: أنَّه يُتأوَّل على حسب ما يليق بتنزيه الله عزَّ وجلَّ، وأنَّه ليس كمثله شيءٌ، قال المازريُّ: هذا الحديث بهذا اللفظ ثابتٌ، ورواه بعضُهم: (إنَّ الله خلق آدم على صورة الرَّحْمَن)، وهذا ليس بثابتٍ عند أهل الحديث، وكأنَّ مَن نقله رواه بالمعنى، ووقع له غلطٌ في ذلك، انتهى.

واعلم أنَّ الذَّهَبيَّ ذكر في «ميزانه» _في ترجمة أبي الزِّناد عبدِ الله بن ذكوان_ كلامَ مالكٍ في حديث: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»، وتعقَّبه، ثُمَّ قال: قال حرب: سمعت إسحاق ابن راهويه يقول: صحَّ عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ الله خلق آدم على صورة الرَّحْمَن»، قال: وقال الكوسج: سمعت أحمد يقول: صحيحٌ ... إلى آخر كلامه، انتهى.

(1/11198)

قال المازريُّ: وقد غلط ابن قُتَيْبَة في هذا الحديث _يعني: الحديث الذي في الأصل، الذي فيه: «على صورته» _، قال: فأجراه على ظاهره، وقال: (الله تعالى [له] صورة لا كالصور)، وهذا الذي قاله ظاهرُ الفساد؛ لأنَّ الصورة تفيد التركيب، وكلُّ مركَّبٍ مُحْدَثٌ، والله تعالى ليس بمُحْدَثٍ، وليس هو مُرَكَّبًا، فليس مُصَوَّرًا، وهذا كقول الجسميَّة: جسمٌ لا كالأجسام، لمَّا رأوا [1] أهل السُّنَّة تقول: (الباري شيءٌ لا كالأشياء)؛ طردوا الاستعمال فقالوا: جسم لا كالأجسام، والفرق: أنَّ لفظة (شيء) لا تفيد الحدوث ... إلى أن قال: واختلف العلماء في تأويله؛ فقالت طائفة: الضمير في (صورته) عائدٌ على الأخ المضروب، وهذا ظاهِرُ رواية مسلم، انتهى، وهذا لا يتأتَّى في الحديث الذي نحن فيه، قال: وقالت طائفةٌ: يعود إلى آدم، وفيه ضعفٌ، انتهى، وهذا يتأتَّى في الحديث الذي نحن فيه، قال: وقالت طائفة: يعود إلى الله تعالى، ويكون المراد إضافةَ تشريفٍ واختصاصٍ؛ كقوله تعالى: {نَاقَةَ اللهِ} [الشمس: 13]، وكما يُقال في الكعبة: بيت الله، ونظائره، والله أعلم.

والحاصل من الضمير: هل يعود إلى آدم، أو إلى المضروب، أو إلى الله تعالى؟ ثلاثة أقوالٍ، والله أعلم، ولا شكَّ أنَّ الضمير في حديث «صحيح البُخاريِّ» إنَّما يعود على آدم؛ لأنَّه أقرب، والله أعلم.

تنبيهٌ: روى حمدان بن الهيثم _روى عنه أبو الشيخ ووَثَّقَهُ، لكنَّه أتى بشيء منكرٍ_ عن أحمدَ ابن حنبل في معنى قوله عليه السلام: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»، زعم أنَّه قال: صوَّر الله آدمَ قبل خلقه، ثُمَّ خلقه على تلك الصورة، فأمَّا أن يكون خلقَ اللهُ آدمَ على صورته؛ فلا، فقد قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].

قال يحيى بن منده في «مناقب أحمد»: قال المظفَّر بن أحمد الخيَّاط في كتاب «السُّنَّة»: وحمدان بن الهيثم يزعم أنَّ أحمد قال: صوَّر اللهُ آدمَ قبل خلقه، وأبو الشيخ موَثِّقُهُ في كتاب «الطبقات»، ويدلُّ على بطلان روايته ما رواه حمدان بن عليٍّ الورَّاق _الذي هو أشهر من حمدان بن الهيثم وأقدم_: أنَّه سمع أحمد ابن حنبل وسأله رجلٌ عن حديث: «خلق الله آدم على صورته»؛ على صورة آدم؟ فقال أحمد: وأين الذي يُروى عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (إنَّ الله خلق آدم على صورة الرَّحْمَن)؟! قال أحمد: وأيُّ صورةٍ لآدمَ قبل أن يُخْلَق؟!

(1/11199)

قال الطَّبَرانيُّ: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: قال رجلٌ لأبي: إنَّ قائلًا يقول: حدَّث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»، فقال: على صورة الرجل، فقال أبي: كَذَبَ، هذا قول الجَهْميَّة، وأيُّ فائدةٍ في هذا؟! وقيل: إنَّ عمر بن عبد الوهَّاب هجر أبا الشيخ لمكان حكاية حمدان، وقال: إن أردت أن أُسَلِّمَ عليك؛ فأخرج من كتابك حكايةَ حمدان بن الهيثم، انتهى كلام الذَّهَبيِّ في «ميزانه».

قوله: (طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب خلق آدم) هل هو بذراعه، أو ذراعنا، وأنَّ الصحيح: أنَّه بذراعنا، وتَقَدَّمَ كم عرضُه.

قوله: (فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ): قال شيخنا: قال المهلَّب: الحديث يدلُّ على أنَّ الملأ الأعلى يتكلَّمون بلسان العرب، ويحيُّون بتحيَّة الله، وأنَّ التحيَّةَ للسَّلَام هي التي أراد الله أن يُحيَّا بها، والله أعلم، انتهى، وفي هذا الاستدلال بعضُ وقفةٍ؛ لاحتمال أن يكون هذا معنى ما قالته الملائكةُ، ولكنَّ الظاهر ما قاله المهلَّب، والله أعلم.

(1/11200)

[باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا ... }]

قوله: (بَابُ قَوْلِهِ: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: 27]): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه الجمع بين الترجمة بالآية وبين الآثار والآيات المذكورة بعدها _يعني قوله: قال سعيد بن أبي الحسن: «إنَّ نساء العجم يكشفن صدورهنَّ ورؤوسهنَّ، قال: اصرف بصرك، يقول الله تعالى: {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}» [النور: 30]، وقال قتادة: «عمَّا لا يحلُّ لهم، {وَقُلْ لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ}» [النور: 31]، «{خَائِنَةَ الأَعْيُنِ} [غافر: 19]: النظر إلى ما نهى عنه»، وقال الزُّهْرِيُّ في النظر إلى التي لم تُحصَن من النساء: «لا يصلح النظر إلى شيءٍ منهنَّ ممَّن يُشتَهَى النظر إليه وإن كانت صغيرةً»: خشية أن يرى العورة فجأةً_ فقرَّر بالآثار [أنَّ] رؤيةَ العورة تحرم، ومنهيٌّ عنها [1]، فإذا كان الهجوم بلا استئذان ذريعةً إليه؛ وجب تحريمه؛ لأدائه إلى المحرَّم، انتهى.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ لِلْحَسَنِ: إِنَّ نِسَاءَ الْعَجَمِ ... ) إلى آخره: (سعيد) هذا: هو أخو الحسن البصريِّ ابن أبي الحسن يسارٍ البصريِّ الأنصاريِّ مولاهم، روى سعيدٌ هذا عن أمِّه، وأبي هريرة، وابن عَبَّاس، وأبي بكرة، وجماعةٍ، وعنه: أخوه، وقتادة، ومُحَمَّد بن واسع، وخالد الحَذَّاء، وسليمان التيميُّ، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ أبو زرعة والنَّسائيُّ، تُوُفِّيَ سنة مئة على الصحيح _وقيل غير ذلك_ بفارس، أخرج له الجماعة، وقوله: (للحسن)؛ يعني: أنَّ سعيدًا سأل الحسنَ البصريَّ.

قوله: (إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ): (نُهِيَ): مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول.

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، أحد الأعلام.

قوله: (وَكَرِهَ عَطَاءٌ): هو عطاء بن أبي رَباح المَكِّيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

(1/11201)

[حديث: أردف رسول الله الفضل بن عباس يوم النحر خلفه]

6228# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن منده جمع أرادف النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فنيَّف بهم على ثلاثين نفرًا، وقد ذكرت أنا ما وقفت عليه في أوائل هذا التعليق، والله أعلم.

قوله: (وَضِيئًا): هو بهمزة في آخره؛ أي: حسنًا جميلًا، وكذا في المرأة (وَضِيئَةٌ)؛ أي: حسنةٌ جميلةٌ.

قوله: (وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل (الحجِّ).

قوله: (فَطَفقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الفاء وفتحها، وأنَّ معناه: جعل.

[ج 2 ص 638]

قوله: (وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا): (حسنُها): مَرْفُوعٌ فاعل (أعجب)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ): أي: عطفها إلى خلفه.

قوله: (أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا): أبوها لا أعرفُه.

(1/11202)

[حديث: إياكم والجلوس بالطرقات]

6229# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنَديُّ، وذلك لأنَّ الحافظ عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» لم يذكر في ترجمة العَقَديِّ في الرواة عنه مَن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سوى المسنَديِّ، وليس في «التذهيب» شيءٌ من ذلك، و (أَبُو عَامِرٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الملك بن عمرو بن قيس العَقَديُّ)، انتهى، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (زُهَيْرٌ): هو ابن مُحَمَّد التيميُّ المروزيُّ، أبو المنذر، نزل الشام، عن عمرو بن شعيب، وابن أبي مُلَيْكَة، وابن المنكدر [1]، وعنه: ابن مهديٍّ ويحيى بن أبي بُكَيْر، ثقةٌ مُغرِب، ولبعضهم عنه مناكيرُ، تُوُفِّيَ سنة (162 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ): (الجلوسَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروفٌ على التحذير.

قوله: (مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ): (بُدٌّ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وتشديد الدال المُهْمَلَة، وهذا مَعْرُوفٌ؛ أي: انفكاكٌ وفراقٌ دونها.

==========

[1] في (أ): (المنكد)، والمثبت من المصادر.

[ج 2 ص 639]

(1/11203)

[باب: السلام اسم من أسماء الله تعالى ... ]

(1/11204)

[حديث: إن الله هو السلام فإذا جلس أحدكم في الصلاة]

6230# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هو عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.

قوله: (السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ): تَقَدَّمَ في (باب التشهُّد في الآخرة): أنَّ (فلانًا وفلانًا [1]): الملائكةُ؛ وذلك لأنَّ في «سنن ابن ماجه» من حديث عبد الله بن مسعود: (هذا السلام على الله قَبْلَ عباده، السلام على جبريل وميكائيل، وعلى فلان وفلان)؛ يعنون: الملائكة.

قوله: (فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى (الصَّلَوَاتُ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (السَّلَامُ عَلَيْكَ) في الباب المشار إليه أعلاه.

==========

[1] في (أ): (وفلان)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 639]

(1/11205)

[باب تسليم القليل على الكثير]

(1/11206)

[حديث: يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد]

6231# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عبد الله) بعد (مُحَمَّد بن مقاتل): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد.

==========

[ج 2 ص 639]

(1/11207)

[باب تسليم الراكب على الماشي]

(1/11208)

[حديث: يسلم الراكب على الماشي]

6232# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَلَام [2]): كذا في أصلنا، وعلى (ابن سلَام) علامة نسخة، وهو كذلك مُحَمَّد بن سلَام، وكذا وضَّحه المِزِّيُّ في «أطرافه»، فقال: هو ابن سلَام، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) الصحيحُ فيه التخفيفُ مُطَوَّلًا، و (مَخْلَدٌ): بإسكان الخاء المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ، وهو ابن مرثد الحرَّانيُّ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (زِيَادٌ) بعده: هو ابن سعد، أبو عبد الرَّحْمَن الخراسانيُّ، نزيل مكَّة ثُمَّ اليمن، قال أحمد وجماعةٌ: ثقةٌ، وقال النَّسائيُّ: ثقةٌ ثبتٌ، أخرج له الجماعة، و (ثَابِتٌ مَوْلَى [3] ابْنِ زَيْدٍ): سيأتي في الطريق الثاني بعد هذا: (وَهْوَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ)؛ يعني: عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الخَطَّاب، و (ثابت) هذا: هو ثابت بن عياض العدويُّ مولاهم، الأحنفُ الأعرجُ، وقال ابن سعد: ثابت بن الأحنف بن عياض، عن أبي هريرة، وعبد الله بن عَمرو، وعبد الله بن عُمر، وعنه: زياد بن سعد، وسليمان الأحول، وفُلَيح، ومالكٌ، وآخرون، قال أبو حاتم: لا بأس به، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وقال الدِّمْيَاطيُّ في الطريق التي بعد هذه في قوله: (أنَّ ثابتًا أخبره)، كتب تجاه (ثابت): (ابن عياض الأحنف الأعرج، مولى عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الخَطَّاب) انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثنا).

[2] (بن سلام): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

[3] زيد في «اليونينيَّة»: (عَبْدِ الرَّحْمَن).

[ج 2 ص 639]

(1/11209)

[باب تسليم الماشي على القاعد]

(1/11210)

[حديث: يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد]

6233# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن راهويه، الإمام المشهور، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الراء، وأنَّ بعضهم قال: وبضمِّها، و (عُبَادة): بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، والباقي تَقَدَّمَ أعلاه.

==========

[ج 2 ص 639]

(1/11211)

[باب تسليم الصغير على الكبير]

(1/11212)

[معلق أبي هريرة: يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد.]

6234# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ... ) إلى آخره: هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (إبراهيم) في نسخة في هامش أصلنا: (ابن طهمان)، وهو هو كذلك، و (صفوان بن سُلَيم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، قال شيخنا في تعليق إبراهيم: أسنده أبو نُعَيم في كتابه عن الآجرِّيِّ: (حدَّثنا عبد الله بن العَبَّاس: حدَّثنا أحمد بن حفص: حدَّثنا أبي: حدَّثنا إبراهيم بن طهمان ... )، فذكره، والله أعلم.

(1/11213)

[باب إفشاء السلام]

قوله: (بَابُ إِفْشَاءِ السَّلَامِ): (الإفشاء): الإذاعة والإظهار، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 639]

(1/11214)

[حديث: أمرنا رسول الله بسبع بعيادة المريض]

6235# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد، و (الشَّيْبَانِيُّ [1]) بعده: هو بفتح الشين المُعْجَمَة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشَّيبانيُّ)، انتهى، و (أَشْعَث بْن أَبِي الشَّعْثَاءِ): هو بالثاء المُثَلَّثَة، تَقَدَّمَ، وأنَّ (أشعب) _ بالمُوَحَّدة_ الطامعَ فردٌ، و (مُعَاوِيَة بْن سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح القاف، وكسر الراء المُشَدَّدة.

قوله: (وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالشين والسين، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْمَيَاثِرِ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الدِّيبَاجِ)، وعلى (الْقَسِّيِّ)، وعلى (الإِسْتَبْرَقِ).

==========

[1] في هامش (ق): (هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سُليمان فيروز الشَّيبانيُّ).

[ج 2 ص 639]

(1/11215)

[باب السلام للمعرفة وغير المعرفة]

(1/11216)

[حديث: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت]

6236# قوله: (حَدَّثَنِي يَزِيدُ): هو ابن أبي حَبِيب؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (أَبُو الخَيْر): مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، تقدَّما.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟): هذا الرجل هو أبو موسى الأشعريُّ، كما تَقَدَّمَ في (كتاب الإيمان).

قوله: (أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟): أي: بعد التوحيد، أو يريد: أيُّ شُعَبِ الإسلام خيرٌ؟ وقد تَقَدَّمَ الجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك في (باب من قال: إنَّ الإيمان هو العمل)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 639]

(1/11217)

[حديث: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث]

6237# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو أَيُّوبَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (خالد بن زيد بن كليب) انتهى، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (فَوْقَ ثَلَاثٍ): تَقَدَّمَ أنَّ أبا داود قال في «السنن»: (إذا كانت الهجرة في الله تعالى؛ فليس من هذا في شيءٍ).

قوله: (فَيَصُدُّ هَذَا، وَيَصُدُّ هَذَا): (يصُدُّ): بضَمِّ الصاد فقط؛ أي: يُعرِض، وهذا ظاهِرٌ، إلَّا أنَّه ربَّما ظنَّ شخصٌ أنَّه يجوز (يصُدُّ) و (يصِدُّ)؛ بالضَّمِّ والكسر؛ مثل قوله تعالى: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]، ذاك فيه اللُّغَتان، وهما قراءتان؛ ومعناه: يضجُّ، والله أعلم.

قوله: (وَذَكَرَ سُفْيَانُ: أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ): الضمير في (منه) يعود على الزُّهْرِيِّ، وإنَّما عقَّب البُخاريُّ الحديث بذلك؛

[ج 2 ص 639]

لأنَّ سفيان بن عُيَيْنَة مُدَلِّسٌ، وقد عنعن في السند، فعقَّبه بذلك، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الخلاف في عنعنة المُدَلِّس في غير ابن عُيَيْنَة، وأنَّ عنعنة ابن عُيَيْنَة كالإِخبار والتحديث والسماع، والله أعلم.

(1/11218)

[باب آية الحجاب]

قوله: (بَابُ آيَةِ الْحِجَابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ آية الحجاب نزلت في مبتنَى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بزينب بنت جحش، وهذا في هذا الباب، وقد قَدَّمْتُ في (سورة الأحزاب) الاختلافَ في ذلك، وذكرتُ جمعًا، وقد تزوَّج عليه السلام بزينب بنت جحش في السنة الرابعة، وقيل: سنة ثلاثٍ، وقيل: سنة خمسٍ، والله أعلم.

(1/11219)

[حديث: أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله]

6238# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ مَقْدَمَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ): تَقَدَّمَ ما في ذلك، والجمع بينه وبين ما في «مسلم» وغيرِه، والكلام على ما في «مسند أبي يعلى الموصليِّ».

قوله: (وَبَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْط) غَيْرَ مَرَّةٍ، وأنَّهم ما دون العشرة من الرِّجال، وتَقَدَّمَ أنَّ هؤلاء المتخلِّفين في البيت لا أعرفُهم، وأنَّهم في رواية: (كانوا ثلاثة)، وفي رواية: (كانا اثنين)، وتَقَدَّمَ الجمع في (سورة الأحزاب).

(1/11220)

[حديث: لما تزوج النبي زينب دخل القوم فطعموا]

6239# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقب مُحَمَّد عَارمٌ، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سُليمان بن طرخان، و (أَبُو مِجْلَزٍ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ اسمَه لاحقُ بن حُمَيدٍ.

قوله: (لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه زينب بنت جحش أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ أعلاه وقبله متى تزوَّج بها، وله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زوجةٌ أخرى اسمها زينب، لكنْ أبوها اسمه خزيمة بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف، أمُّ المساكين، تَقَدَّمَت؛ فلهذا قيَّدتها، تُوُفِّيَت بنت خزيمة في حياته، ولم تمت امرأةٌ من أزواجه في حياته إلَّا خديجة وهي، وفي ريحانة خلافٌ، تُوُفِّيَت بنت خزيمة في آخر ربيع الآخر على رأس تسعةٍ وثلاثين شهرًا من الهجرة، وصلَّى عليها عليه السلام، ودفنها بالبقيع، وقد بلغت ثلاثين سنة أو نحوَها.

قوله: (فَطَعِمُوا): هو بفتح الطاء، وكسر العين؛ أي: أكلوا.

قوله: (وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ لِيَدْخُلَ): (إنَّ): بكسر الهمزة، وتشديد النون، على الابتداء، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 640]

(1/11221)

[حديث: كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله: احجب نساءك]

6240# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في آخر (كتاب الأنبياء) قُبَيل (باب ما ذُكِر في بني إسرائيل)، وفي حاشية أصلنا القاهريِّ: (ابن راهويه)، وهو أحد القولين فيه، والقول الآخَرُ: إنَّه إسحاق بن منصور، و (يَعْقُوبُ) بعده: هو ابن إبراهيم بن سعد الزُّهْرِيُّ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ صالح بن أبي الأخضر يروي أيضًا عن الزُّهْرِيِّ، عن عروة، عن عائشة، لكنْ في «النَّسائيِّ»، ليس له عنه شيءٌ في «البُخاريِّ» ولا في «مسلمٍ» بهذا السند، وابن أبي الأخضر ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ لا بهذا ولا بغيره؛ فاعلمه، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (قِبَلَ الْمَنَاصِعِ): (قِبَل): بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، و (المناصع): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (حديث الإفك) في (الشهادات).

==========

[ج 2 ص 640]

(1/11222)

[باب: الاستئذان من أجل البصر]

(1/11223)

[حديث: لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك]

6241# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (اطَّلَعَ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل _كما قال ابن بشكوال_: الحكمُ بن أبي العاصي، قال ابن بشكوال: سمعت شيخَنا أبا الحسن بن مغيث يقول ذلك، ولم يأتِ عليه بشاهدٍ، انتهى، وقد قال ابن شيخنا العِرَاقيِّ الحافظُ وليُّ الدين: إنَّه رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»، انتهى.

قوله: (مِنْ جُحْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الجيم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة.

قوله: (فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الجيم، جمع (حُجْرةٍ)؛ وهي معروفةٌ.

قوله: (مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (المِدْرَى)، وأنَّ الميم فيها زائدةٌ.

==========

[ج 2 ص 640]

(1/11224)

[حديث: أن رجلًا اطلع من بعض حجر النبي]

6242# قوله: (أَنَّ رَجُلًا): تَقَدَّمَ هذا الرجل أعلاه.

قوله: (بِمِشْقَصٍ، أَوْ بِمَشَاقِصَ): (المِشْقَص): بكسر الميم، وإسكان الشين المُعْجَمَة، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ صاد مهملة، وهو نصل السهم الطويل غير العريض، وقال ابن دريد: هو الطويل العريضُ، وجمعه: مشاقص، وقال الداوديُّ: هو السِّكِّين، وهو تفسيرٌ على المعنى.

قوله: (يَخْتِلُ الرَّجُلَ): أي: يغتفله ويُراوِغُه؛ ليأخذه على غفلة، و (يختِل): بكسر التاء.

قوله: (لِيَطْعنَهُ): هو بضَمِّ العين وفتحها، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 640]

(1/11225)

[باب زنا الجوارح دون الفرج]

(1/11226)

[حديث: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا]

6243# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير في أوَّل هذا التعليق، وهو أوَّل شيخٍ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّمَ الكلام على النسبة لماذا، وهو بضَمِّ الحاء، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (ابْن طَاوُوسٍ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه عبد الله بن طاووس.

قوله: (بِاللَّمَمِ): هو بفتح اللام والميم الأولى، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وقد اختُلِف في {اللَّمَمَ} [النجم: 32] الواقع في القرآن العظيم؛ فقيل: أن يأتيَ الذنب نَدرةً، ثُمَّ لا يعاوِده، وقيل: صغائر الآثام؛ وهي التي تكفِّرها الصلاةُ والصيامُ واجتنابُ الكبائر، وقيل: هو الهمُّ بالشيء دون وقوعٍ فيه، وقيل: الميل إليه دون الإصرار عليه، وقيل: هو ما دون الشرك، وقيل: هو كلُّ ذنبٍ لم يأتِ فيه حدٌّ ولا وعيدٌ، وقيل: هو ما كان في الجاهليَّة، ودليل الأحاديث ما دون الكبائر، والله أعلم، قاله في «المطالع».

قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو محمود بن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بعده: هو ابن همَّام، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمَين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (ابْن طَاوُوس): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبد الله.

قوله: (كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ): (كَتَبَ)؛ بفتح الكاف والباء: مَبْنيٌّ للفاعل، و (حظَّه): مَنْصُوبٌ مفعول، كذا هو في أصلنا، ولا يمتنع أن يجيءَ فيه البناءُ للمفعول، ورفعُ (حظُّه) مقام الفاعل.

==========

[ج 2 ص 640]

(1/11227)

[باب التسليم والاستئذان ثلاثًا]

(1/11228)

[حديث: أن رسول الله كان إذا سلم سلم ثلاثًا]

6244# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب سعد بن عبادة)، و (عبد الصمد): هو ابن عبد الوارث، الحافظ الحجَّة، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

[ج 2 ص 640]

قوله: (كَانَ إِذَا سَلَّمَ؛ سَلَّمَ ثَلَاثًا): قال الشيخ محيي الدين: (وهذا محمولٌ على ما إذا كان الجمع كثيرًا) انتهى، والذي ظهر لي أنَّ هذا في الاستئذان، وتبويب البُخاريِّ كالصريح فيه، والله أعلم، وكذا الحديث الذي فيه استئذان أبي موسى.

قوله: (وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ؛ أَعَادَهَا ثَلَاثًا): لتُفهَم عنه، وكذا جاء في بعض طرقه.

(1/11229)

[حديث: إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع]

6245# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة بعد (عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ): هو ابن المَدينيِّ، و (يَزِيدُ ابْنُ خُصَيْفَةَ): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح الصاد المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (بُسْر بْن سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وإسكان السين المُهْمَلَة، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى): هو عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: وَاللهِ؛ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُ الْقَوْمِ، فَكُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ): يقوله أبو سعيد، وقد قَدَّمْتُ في أوَّل (البيع) أنَّه شهد له أُبيُّ بن كعب، وأنَّه قال لعُمرَ: (لا تكن عذابًا على أصحاب مُحَمَّد)، فالظاهر أنَّهما شهدا، وقال أُبَيٌّ ما قال، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ): هو ابن خُصَيْفَة، (عَنْ بُسْرٍ): هو ابن سعيد: (سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ بِهَذَا): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وإنَّما أتى به؛ لأنَّ بُسْر بن سعيد عنعن في السند الأول، وفي الثاني صَرَّحَ بالسماع من أبي سعيد، وبُسْر ليس مُدَلِّسًا، ولكن ليخرج من الخلاف، وهذا التعليق في أصلنا ليس بالبيِّن، وفيه خبطٌ، وهذا هو الصواب، انتهى، وعلى الصواب هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وقال شيخُنا في هذا التعليق: أخرجه ابن المبارك في كتاب «البِرِّ والصِّلَة» بهذا، و (يزيد ابن خُصَيْفَة): هو يزيد بن عبد الله بن خُصَيْفَة، وقد تَقَدَّمَ أعلاه ضبط (خُصَيْفَة).

(1/11230)

[باب: إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن]

قوله: (بَاب إِذَا دُعِيَ الرَّجُلُ فَجَاءَ؛ هَلْ يَسْتَأْذِنُ؟): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: أورد البُخاريُّ الحديثَين ظاهرهما التعارض، ففي حديث أبي هريرة المعلَّق عنه عليه السلام: «هو إذنه»، وحديثه المسنَد: (دخلتُ مع النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فوجد لبنًا في قدح ... ) إلى أن قال: (فأقبلوا، فاستأذنوا)، قال ابن المُنَيِّر: لينبِّه على الجمع، ووجهه: أنَّ الحديث الأول فيمَن دُعِيَ بالباب مثلًا، فهذا لا يستأذن، والحديث الآخَرُ فيمَن دُعِيَ وهو غائبٌ، فجاء؛ هل يستأذن؟ والعادة تشهد بذلك، والله تعالى أعلم، انتهى.

و (دُعِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرجلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، ذكر في الباب حديثَين؛ الأوَّل معلَّقٌ، والثاني مسندٌ؛ وهو مجاهدٌ عن أبي هريرة، والمعلَّق يدلُّ على أنْ لا إذنَ، والمتَّصِلُ يدلُّ على الإذن، فقالت طائفةٌ: بأنَّ الحديثَين على حالين، فإن جاء المدعوُّ على الفور من غير تراخٍ؛ لم يحتج إلى الإذن، وإن تراخى مجيئُه عن الدعوة وطالَ الوقتُ؛ احتاج إلى الاستئذان، وقال آخرون: إن كان عند الداعي مَن قد أُذِن له قبل مجيء المدعوِّ؛ لم يحتج إلى استئذانٍ آخَرَ، وإن لم يكن عنده مَن قد أذن له؛ لم يدخل حتَّى يستأذن، والله أعلم، وتَقَدَّمَ كلام ابن المُنَيِّر في ذلك.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هُوَ إِذْنُهُ»): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، بلا تردُّد، وفي نسخة في هامش أصلنا القاهريِّ عوض (سعيد): (شعبة)، وقد رأيت في حاشية نسخةٍ صحيحةٍ بـ «البُخاريِّ» عن الصغانيِّ، ولفظها: في الإسماعيليِّ: (شعبة)؛ يعني: عن قتادة ... ؛ الحديث، قال: وفي «صحيح ابن عمارة»: (سعيد)، ورفع الحديثَ الإسماعيليُّ، ولم يرفعه ابنُ عمارة، انتهى.

(1/11231)

وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» قال أبو داود: قتادة لم يسمع من أبي رافع، وقال غيره: سمع منه، ثُمَّ ذكر المعلَّق، ثُمَّ قال: وهو مختصَرٌ من الذي بعده، ثُمَّ ذكر الحديث بعده، ولفظه: «إذا دُعِيَ أحدُكم إلى الطعام، فجاء مع الرسول؛ فإنَّ ذلك إذنه»، أبو داود في (الأدب) عن حسين بن معاذ، عن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة به، وقال: قتادة لم يسمع من أبي رافع، انتهى، و (أبو رافع) هذا: اسمه نُفَيع أبو رافعٍ الصائغ البصريُّ، روى أبو رافع هذا عن عمر، وعثمان، وأُبيٍّ، وعنه: قتادة وبكرٌ المزنيُّ، ثقة نبيلٌ، أخرج له الجماعة.

وقال شيخُنا في المعلَّق: وهذا أخرجه أبو جعفر في «مشكله» عن أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى، عن المعتمر، عن ابن عُيَيْنَة، عن سعيد به، انتهى، وأبو جعفر: هو الطحاويُّ، وأبو إبراهيم: هو المزنيُّ صاحب الشَّافِعيِّ.

(1/11232)

[حديث: أبا هر الحق أهل الصفة فادعهم إلي]

6246# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام على (ح) كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بعد (مُحَمَّد بن مقاتل): عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (الْحَقْ إِلَيَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ [2]): هو بهمزة وصل، ثُلاثيٌّ، وبفتح الحاء، وهذا ظاهِرٌ، و (أَهْل الصُّفَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» من حديث أبي هريرة: (لقد رأيتُ سبعين من آل الصُّفَّة)، وتَقَدَّمَ أنَّ شيخنا قال: إنَّ أبا نُعيم صاحبَ «الحلية» عدَّ منهم مئةً ونيِّفًا، انتهى، وقد رأيتهم أنا في «الحلية»، ولم أعدَّهم، وقد قَدَّمْتُ أنا عن الشيخ شهاب الدين السَّهْرَوَرْدِيِّ في «عوارفه»: أنَّهم كانوا نحوَ أربعِ مئةٍ، والله أعلم.

(1/11233)

[باب التسليم على الصبيان]

(1/11234)

[حديث: أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان النبي يفعله]

6247# قوله: (عَنْ سَيَّارٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (سيَّار بن أبي سيَّار وردانَ العنزيُّ الواسطيُّ، أخو مساورٍ الورَّاق لأمِّه) انتهى، وهو سيَّار أبو الحكم العنزيُّ الواسطيُّ، ويقال: البصريُّ، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين، تُوُفِّيَ سنة (122 هـ).

==========

[ج 2 ص 641]

(1/11235)

[باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال]

قوله: (بَابُ تَسْلِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ): ذكر في الباب سلَام جبريلَ على عائشةَ، وردَّ عائشةَ عليه، وهذا يقتضي أنَّ جبريلَ رجلٌ، وقال شيخنا: اعترض الداوديُّ على إدخاله حديثَ عائشةَ في الباب؛ لأنَّ الملائكة لا يُقال لهم: رجالٌ، ولا: نساء، ولكنَّ الله تعالى خاطب فيهم بالتذكير، انتهى، وهذا قدَّمته عن ابن جُبَيرٍ: أنَّهم ليسوا بذكور، ولا إناث، ولا يتوالدون، ولا يأكلون، ولا يشربون، انتهى.

أمَّا أنَّهم ليسوا بإناث؛ فهو بالنصِّ، وأمَّا كونهم ليسوا بذكور؛ فهذا يحتاج إلى نصٍّ، لا بمعنى أنَّهم ذوو فروج، هذا ممَّا لا يجهله أحد أنَّهم ليسوا بأصحاب فروج، وفي «التذكرة» للقرطبيِّ في قوله: (باب منه وذِكْر أصحاب الأعراف)، في أواخر هذا الباب ذَكَر أصحاب الأعراف، وذَكَر فيهم اثني عشرَ قولًا؛ منها: أنَّهم ملائكةٌ موكَّلون بهذا السُّور [1]، يميِّزون الكافرين من المؤمنين قبل إدخالهم الجنَّة والنار، قاله أبو مِجْلَز لاحقُ بن حُمَيدٍ، فقيل له: لا يُقال للملائكة: رجالٌ، فقال: إنَّهم ليسوا بذكورٍ، وليسوا بإناث، فلا يبعد إيقاع لفظ «الرِّجال» عليهم؛ كما وُضِعَ على الجنِّ في قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 6]) انتهى، وقد ذكرت بعض كلامٍ على الملائكة في (باب الملائكة) في (ابتداء الخَلْق)، وذكرته هنا أيضًا؛ لبُعْدِه، والله أعلم.

وقوله في الترجمة: (باب تسليم الرجال على النساء ... ) إلى آخرها: لا يجوز ذلك عند الشَّافِعيَّة إلَّا ألَّا تُخافَ الفتنةُ بهنَّ، وكذا في سلامهنَّ على الرجال بهذا الشرط، وكذا يجوز سلامُ الرجل على المرأة من محارمِه، وعكسُه.

(1/11236)

[حديث: كنا نفرح يوم الجمعة قلت ولم؟]

6248# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، هذا هو عبد العزيز بن أبي حَازمٍ سلمةَ بن دينار، و (سَهْل): هو ابن سعد الساعديُّ.

قوله: (كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ): هذه العجوز لا أعرف اسمها، كما تَقَدَّمَ.

قوله: (تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وبالضاد المُعْجَمَة المُخَفَّفة، وبعد الألف عين مهملة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: بضَمِّ الباء، دارُ بني ساعدة بالمدينة، وبئرها معلومٌ، فيها أفتى عليه السلام بأنَّ الماء طهورٌ ما لم يتغيَّر، وبها مالٌ لأهل المدينة من أموالهم، وفي «البُخاريِّ» تفسيرُ القعنبيِّ لـ (بُضَاعة): نخل بالمدينة، انتهى، وقال غيره: وهي بديار بني ساعدة، قيل: هو اسمٌ للبئر، وقيل: كان اسمًا لصاحبها، فسُمِّيَت باسمه، انتهى، قال ابن الأثير في «النهاية»: ضمُّ الباء، وأجاز بعضهم كسرَها، انتهى، وفي «الصحاح»: أنَّ الباء تُكسَر وتُضَمُّ، انتهى، وذكرهما ابن فارس في «مجمله»، فقال: والضمُّ أشهر.

قوله: (قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ [1]: نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وهو خطأ محضٌ، وقد كانت على الصواب (مسلمة)، فأُصلِحَت على (سلمة)، والصواب: (ابن مسلمة)، وعلى الصواب هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وهو المذكور في أوَّل السند، وهو شيخ البُخاريِّ عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبيُّ، صاحب «موطَّأ» عن مالكٍ سمعتُه بحلبَ عاليًا، وقد تَقَدَّمَ أعلاه في كلام ابن قُرقُول التصريحُ بذلك، ولفظه: (وفي «البُخاريِّ» تفسيرُ القعنبيِّ لـ «بضاعة»: نخل بالمدينة)، والله أعلم.

قوله: (وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ): (تُكَركِر): بضَمِّ أوَّله، وفتح الكاف الأولى، وكسر الكاف الثانية، رُباعيٌّ؛ ومعناه: تطحن.

[ج 2 ص 641]

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (مَسْلَمَة).

(1/11237)

[حديث: يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام.]

6249# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا تصريح البُخاريِّ بأنَّه مُحَمَّد بن مقاتل أبو الحسن، وهذا ظاهِرٌ، وبعده (عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَر)؛ بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما: هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (تَابَعَهُ شُعَيْبٌ): الضمير في (تابعه) يعود على مَعْمَر، وهو شعيب بن أبي حمزة، ومتابعة شعيب أخرجها البُخاريُّ في (الرِّقاق) عن أبي اليمان عن شعيب به، وأخرجها مسلم في (الفضائل) عن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدارميِّ عن أبي اليمان به، وأخرجها النَّسائيُّ.

قوله: (وَقَالَ يُونُسُ وَالنُّعْمَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ): أمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، وأمَّا (النعمان)؛ فقال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن راشد الرَّقِّيُّ) انتهى، يروي النعمان عن ميمون بن مِهْرَان والزُّهْرِيِّ، وعنه: جَرِير بن حَازم وحَمَّاد بن زيد، ضُعِّف، وقال البُخاريُّ: (صدوقٌ، في حديثه وَهَمٌ كبير) انتهى، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ والأربعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليق يونس عن الزُّهْرِيِّ أخرجه البُخاريُّ في (فضل عائشة) عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن يونس، عن الزُّهْرِيِّ به، وتعليق النعمان عن الزُّهْرِيِّ لم يكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أسنده الإسماعيليُّ من حديث إبراهيم بن أبي إسحاق السَّاميِّ: حدَّثنا ابن المبارك ... ، فذكره بلفظ: (وبركاته)، ثُمَّ قال _يعني: الإسماعيلي_: وقال ابن وهب عن يونس، وعُقَيل، وعبيد الله بن أبي زياد؛ كلِّهم: (وبركاته) انتهى.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11238)

[باب: إذا قال من ذا؟ فقال أنا]

قوله: (بَابُ إِذَا قَالَ: مَنْ ذَا؟ فَقَالَ: أَنَا): ذكر فيه حديث جابر رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11239)

[حديث: أتيت النبي في دين كان على أبي]

6250# وقوله: (كَأَنَّهُ كَرِهَهَا): قال شيخنا: قال ابن الجوزيِّ: إنَّ لفظ (أنا) من غير أن يضاف إليها (فلان) يتضمَّن نوعَ كِبرٍ؛ كأنَّه يقول: أنا الذي لا أحتاج أن أُسمِّيَ نفسي، أو أتكبَّرُ عن تسميتها، فيُكرَه لهذا أيضًا، وقال المهلَّب: إنَّما كره قول جابر؛ لأنَّه ليس في ذلك بيانٌ إلَّا عند مَن يعرف الصوت، وأمَّا عند من يمكن أن يشتبهَ عليه؛ فهو من التعصُّب؛ فلذلك كرهه، وقال بعضُ الناس: ينبغي أن يكون لفظ الاستئذان بالسلام، وزعم أنَّه عليه السلام إنَّما كره قول جابر: (أنا)؛ ليستأذن عليه بلفظ السلام، وقال الداوديُّ: (إنَّما كرهَهُ؛ لأنَّه أجابه بغير ما سأله عنه؛ لأنَّه أراد أن يعرف ضاربَ الباب، وهو قد علم أنَّ ثَمَّ ضاربًا، فأخبره أنَّه ضاربٌ.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11240)

[باب من رد فقال عليك السلام]

(1/11241)

[حديث: وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل]

6251# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العُمريُّ، و (سَعِيدٌ المَقْبرِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ): تَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق أنَّه خلَّاد بن رافع الزُّرَقيُّ.

قوله: (فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ): هو بقطع الهمزة، وكسر المُوَحَّدة، رُباعيٌّ، أمرٌ، وهذا ظاهِرٌ، و (الوُضوء): بضَمِّ الواو، وتَقَدَّمَ أنَّه يجوز فتحها.

قوله: (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا): في هذا الحديث ثبوت جلسة الاستراحة، وفي ذلك ردٌّ على مَن أنكرها في حديث المسيء صلاتَه، وهو إمام الحرمين من الشَّافِعيَّة.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11242)

[حديث: ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا]

6252# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا في «البُخاريِّ» ومتى أنَّه مُحَمَّد بن بَشَّار، وتَقَدَّمَ ضبط (بَشَّار) مرارًا، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما (البُنْدَار)، و (يَحْيَى) بعده: هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ، و (سَعِيدٌ): هو المقبريُّ، و (أَبُوهُ): أبو سعيد كيسان، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، هذه الرواية: عُبيد الله، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال التِّرْمِذيُّ: وهو أصحُّ.

(1/11243)

[باب: إذا قال: فلان يقرئك السلام]

قوله: (بَاب إِذَا قَالَ: فُلَانٌ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ): هذا صواب التبويب، وقع في أصلنا الذي سمعنا منه على العِرَاقيِّ: (إذا قال: فلانك يُقرِئك)، وهو غلطٌ.

قوله: (يُقْرِئُكَ السَّلَامَ): قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: قوله: (وهو يقرأ عليك السلام)، وقد رُوِيَ: (يُقرئك السلام)؛ بضَمِّ الياء، قال أبو حاتم: يُقال: اقرأْ عليه السلامَ، وأَقْرِئه الكتابَ، ولا يُقال: أَقْرَأَهُ السلامَ إلَّا في لغة سوءٍ، إلَّا إذا كان مكتوبًا، فيقول ذلك؛ أي: اجعله يقرَأْه؛ كما يُقال: أقرأته الكتاب، انتهى، وقال الجوهريُّ: (قرأ عليك السلام وأقرأكَ السلام بمعنًى)، انتهى، وفي «القاموس»: وقرأ عليه السلام: أبلغه؛ كأَقْرَأَه، أو لا يُقال: «أقرأه» إلَّا إذا كان السلامُ مكتوبًا، انتهى.

(1/11244)

[حديث: إن جبريل يقرئك السلام]

6253# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: هو زكريَّاء بن أبي زائدة، و (عَامِرٌ): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11245)

[باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين]

قوله: (بَابُ التَّسْلِيمِ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ): اعلم أنَّه يحتمل أنَّه عليه السلام نوى المسلمين منهم، وأنَّه لا يجوز مثل هذا إلَّا إذا نوى بالسلام المسلمين، كذا قالت الشَّافِعيَّة، والله أعلم.

(1/11246)

[حديث: أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب؟]

6254# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (مَعْمَر): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (عَلَيْهِ إِكَافٌ): تَقَدَّمَ ما (الإكاف) بلُغَتَيه، وتقدَّمت (القَطِيفَة)، وتقدَّمت (الفَدَكِيَّة)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الأَرْدَاف [1])، وأنَّ ابن منده جمعهم نيِّفًا وثلاثين، وأنِّي قد ذكرتُ مَن وقفت عليه في أوائل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ الكلام على (عَبْد اللهِ بْن أُبَيٍّ ابْن سَلُولَ) كتابةً وتلفُّظًا، وأنَّ (سلول) لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، وعلى (عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ) ما هو، وعلى (خَمَّرَ)؛ ومعناه: غطَّى، وعلى (الرِّدَاء) ما هو.

قوله: (فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّه لعلَّه عليه السلام نوى بالسلام المسلمين.

قوله: (لَا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى (رَحْلِكَ)؛ أي: منزلك، وعلى (أَبِي حُبَابٍ)، وأنَّه عبد الله بن أُبيٍّ ابنُ سلولَ، وأنَّ الحُبَاب هو ولده عبد الله، غيَّره عليه السلام من الحُبَاب إلى عبد الله، وعلى (الْبَحْرَةِ)، وعلى (فَيُعَصِّبُونَهُ)، وعلى (شَرِقَ) ضبطًا ومعنًى.

==========

[1] في (أ): (الأداف)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 642]

(1/11247)

[باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا ... ]

قوله: (وَلَمْ يَرُدّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا وأمثالَه يجوز فيه الضمُّ والفتح.

قوله: (حَتَّى تَتَبَيَّنَ تَوْبَتُهُ): (توبتُه): مَرْفُوعٌ فاعل (تتبيَّن)، وكذا قوله: (تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ الْعَاصِي).

قوله: (وَإِلَى مَتَى تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ الْعَاصِي): ليس في ذلك حدٌّ محدودٌ، ولكنَّ معناه: أنَّه لا تتبيَّن توبته من ساعته، ولا توبةَ حتَّى يمرَّ عليه ما يدلُّ على ذلك، وعند الشَّافِعيَّة: أنَّ الأكثرين قدَّروها بسَنَةٍ.

قوله: (عَلَى شَرَبَةِ الْخَمْرِ): (الشَّرَبَة): بفتح الشين والراء والباء؛ كأنَّه جمع (شارب)؛ كآكِل وأَكَلَة، ولم أرَه في اللغة إلَّا على شَارب وشَرْب؛ كصَاحب وصَحْب، وجمع الشَّرْب: شروب، ولكنَّ عبد الله بن عَمرو بن العاصي من بني سهمٍ، وهُم من صميم قريش، فقوله حجَّةٌ في اللُّغة، والله أعلم، وكذا شيخُنا قال: (شَرَبة): بفتح الشين والراء؛ كأنَّه جمع (شارب)؛ مثل: آكِل وأَكَلة، ولم يجمعه اللُّغَويُّون كذلك، وإنَّما جمعوه شارب وشَرْب؛ مثل: صاحب وصَحْب، وجمع الشَّرْب: شروب، انتهى، ولم يخرِّج شيخُنا موقوفَ عبد الله بن عمرو؛ هو ابن العاصي، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11248)

[حديث عبد الله بن كعب: سمعت كعب يحدث حين تخلف]

6255# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام الجواد، أحد الأعلام، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (حَتَّى كَمَلَتْ): تَقَدَّمَ أنَّ ميم (كمل) مُثَلَّثَة، قال الجوهريُّ: والكسر أردؤها.

قوله: (وَآذَنَ): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: أَعْلَمَ.

==========

[ج 2 ص 642]

(1/11249)

[باب: كيف يرد على أهل الذمة السلام]

(1/11250)

[حديث: مهلًا يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله]

6256# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

[ج 2 ص 642]

قوله: (دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ ما (الرَّهْط)، وهؤلاء من اليهود لا أعرفُهم.

قوله: (فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (السَّام)، وما هو.

(1/11251)

[حديث: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم]

6258# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بشير، حافظ بغداد، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ): قال الشيخ محيي الدين: اتَّفق العلماء على الردِّ على أهل الكتاب إذا سلَّموا، لكن لا يُقال لهم: وعليكم السلام، بل يُقال: (عليكم) فقط، أو: (وعليكم)، وقد جاءت الأحاديث: (عليكم) (وعليكم)؛ بإثبات الواو وحذفها، وأكثر الروايات بإثباتها، وعلى هذا في معناه وجهان؛ أحدهما: أنَّه على ظاهره، فقالوا: عليكم الموت، فقال: وعليكم أيضًا؛ أي: نحن وأنتم فيه سواءٌ، كلُّنا يموت، والثاني: أنَّ الواو هنا للاستئناف، لا للعطف والتشريك؛ وتقديره: وعليكم ما تستحقُّونه من الذمِّ، وأمَّا مَن حذف الواو؛ فتقديره: بل عليكم السَّام، قال القاضي عياض: واختار بعضُ العلماء _منهم: ابن حبيب المالكيُّ_ حذف الواو؛ لئلَّا يقتضي التشريكَ، وقال غيره: بإثباتها، كما في أكثر الروايات، قال: وقال بعضُهم: يقول: (عليكم السِّلام)؛ بكسر السين؛ أي: الحجارة، وهذا ضعيفٌ، وقال الخَطَّابيُّ: عامَّة المحدِّثين يروون هذا الحديث: (وعليكم)؛ بالواو، وكان ابن عُيَيْنَة يرويه بغير واو، قال الخَطَّابيُّ: وهذا هو الصوابُ؛ لأنَّه إذا حذف الواو؛ صار كلامهم بعينه مردودًا عليهم خاصَّة، وإذا ثبتت الواوُ؛ اقتضى المشاركةَ معهم فيما قالوه، هذا كلام الخَطَّابيِّ.

فائدةٌ: ذهب عامَّة السلف وجماعةٌ من الفقهاء إلى أنَّ أهلَ الكتاب لا يُبدَؤن بالسلام حاشا ابن عَبَّاس، وصديِّ بن عجلان، وابن محيريز، فإنَّهم جوَّزوه ابتداءً، وهو وجهٌ لبعض أصحاب الشَّافِعيِّ، حكاه الماورديُّ، ولكنَّه يقول: (عليك)، ولا يقوله: (عليكم)؛ بالجمع.

وحُكِيَ أيضًا أنَّ بعض أصحابنا جوَّز أن يقول: (وعليكم السلام) فقط، ولا يقول: (ورحمة الله وبركاته)، وهو ضعيفٌ مخالفٌ للأحاديث، ورأيت في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» ذكر بإسناده إلى ابن عَبَّاس قال: (من سلَّم عليك مِن خلق الله؛ فاردُدْ عليه وإن كان مجوسيًّا، فإنَّ الله تعالى يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86]) انتهى.

(1/11252)

وذهب آخرون إلى جواز الابتداء للضرورة، أو لحاجةٍ تعنُّ له إليه، أو لذمام، أو نسب، ورُويَ ذلك عن إبراهيم وعلقمة، وقال الأوزاعيُّ: إن سلَّمت؛ فقد سلَّم الصالحون، وإن تركت؛ فقد ترك الصالحون، واختُلِف في ردِّه عليهم؛ فقيل: فريضة على المسلمين والكفَّار، وقالت طائفةٌ: لا يردُّه على الكتابيِّ، والآية مخصوصةٌ بالمسلمين، وهو قول الأكثرين، وقال طاووس: يقول: علاك السلام؛ أي: ارتفع عنك، واختار بعضهم كسرَ سِينه؛ أي: الحجارة.

قال شيخنا: قال القرطبيُّ: الواو هنا زائدةٌ، وقيل: للاستئناف، وحَذْفُها أحسنُ في المعنى، وإثباتها أصحُّ روايةً وأشهرُ، قال المنذريُّ: مَن فسَّر (السام) بالموت؛ فلا تَبعُد الواو، ومَن فسَّره بالسآمة؛ فإسقاطُها هو الوجه، وكان قتادة _فيما حكاه ابن الجوزيِّ_ يمدُّ أَلِفَ (السَّامة) انتهى.

وقال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (والصوابُ: أنَّ إثباتَ الواو وحذفَها جائزٌ؛ لِما صحَّت به الروايات، وأنَّ الواو أجودُ، كما هو في أكثر الروايات، ولا مفسدة فيه؛ لأنَّ السام: الموت، وهو علينا وعليهم، ولا ضرر في قوله بالواو) انتهى.

وقال في «المطالع»: (فقولوا: عليكم)، وفي بعضها: (وعليكم)، وهو أكثر، ثُمَّ ذكر كلام الخَطَّابيِّ، وقال القاضي عياض: مَن فسَّر السام بالموت؛ فلا تَبعُد الواو، ومن فسَّره بالسآمة؛ وهي المَلَالة؛ أي: يسأمون دِينكم؛ فإسقاط الواو هو الوجه) انتهى.

(1/11253)

[باب من نظر في كتاب من يحذر على المسلمين ليستبين أمره]

قوله: (بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ مَنْ يُحْذَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ): (يُحذَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، في هذا التبويب والحديث فيه تخصيصٌ للحديث الوارد فيه: أنَّه لا يجوز النظر في كتاب أَحَد، وأنَّ ذلك حرامٌ، وما جاء في التغليظ فيه محمولٌ على كتابٍ يُظَنُّ به الخيرُ، فإن كان متَّهمًا على المسلمين؛ فإنَّه لا حرمةَ لكتابه ولا له، ألا ترى أنَّه لا يجوز النظر للمرأة _إلَّا لزوجها أو سيِّدها_ عريانةً، ولا مستورةَ العورة مكشوفةَ الباقي إلَّا للمَحْرَم؛ لأنَّها عورةٌ، وقد أراد عليٌّ تجريدها لو لم تُخرِج الكتابَ، وأقسم إنَّه إن لم تخرجْه؛ ليُجَرِّدَنَّها، وحرمة المرأة أكبرُ من حرمة الكتاب، وقد سقطت عند جنايتها، فكذلك حرمة الكتاب، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 643]

(1/11254)

[حديث: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ.]

6259# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، مصروفٌ، وهو في اللغة من الرِّجَال: الضَّحَّاك، وهو يوسف بن بُهلُولٍ التميميُّ، أبو يعقوب الأنباريُّ، حدَّث بالكوفة عن شريك، وابن المبارك، وابن عُيَيْنَة، وغيرِهما، وعنه: البُخاريُّ، وعبد بن حُمَيدٍ، والحارث بن أبي أسامة، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ مُطَيَّن، تُوُفِّيَ سنة (218 هـ)، انفرد به البُخاريُّ، و (ابْنُ إِدْرِيسَ): هو عبد الله بن إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو مُحَمَّدٍ، أحد الأعلام، قال أحمد: كان نَسِيجَ وَحْدِهِ، تَقَدَّمَ، و (حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الصاد، وتَقَدَّمَ أيضًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضَمِّ العين، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ السين، وفتح اللام، وأنَّ اسمه عبد الله بن حَبِيب.

قوله: (بعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّام وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ): تَقَدَّمَ من طريق أخرى: عليٌّ والزُّبَيرُ والمقدادُ، وقد قَدَّمْتُ ما ذكره الواقديُّ في ذلك في (باب الجهاد بإذن الأبَوَين)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام [على] ضبط (رَوْضَةَ خَاخٍ)، وعلى (المَرْأَةِ مِنَ المُشْرِكِين)، والاختلاف في اسمها، وأنَّها أمُّ سارة، أو سارة، أو كنود، المزنيَّة، وعلى (المُشْرِكِينَ) الذين كتب إليهم حاطب؛ وهم ثلاثةٌ: سُهَيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أُمَيَّة، فإنَّهم أسلموا بعد ذلك، وذكرت ما كان في الكتاب بما فيه من الخلاف.

قوله: (وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ): (يُحلَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (الْجِدَّ): هو بكسر الجيم، ضدُّ الهَزْل.

قوله: (إِلَى حُجْزَتِهَا): و (الحُجْزة): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الجيم، وبالزاي، و (الحُجْزة): معقد الإزار والسراويل، وتَقَدَّمَ الجمع بين هذا [و] (فأخرجته من عقاصها).

قوله: (عَنْ أَهْلِي وَمَالِي): أعرفُ أنَّ له فيهم أُمًّا، كما جاء في روايةٍ.

قوله: (فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ): هو بنصب (أضربَ)، ونصبه ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 643]

(1/11255)

[باب: كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب؟]

[ج 2 ص 643]

قوله: (بَاب كَيْفَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ [1] إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ): (يَكتُب): مَبْنيٌّ للفاعل، و (الكتابَ) بعده: مَنْصُوبٌ مفعول، ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وهم ابن بَطَّال فاستدلَّ بالكتاب على جواز بُداءة أهل الكتاب بالسلام، وليس فيه إلَّا (سلامٌ على من اتَّبع الهُدَى)؛ فكأنَّه سلامٌ معلَّقٌ على إسلامهم، والمعلَّقُ على شرطٍ عدمٌ عند عدمِ الشرط، ولو كان كما ظنَّ؛ لقال [2]: سلامٌ عليكم، انتهى.

(1/11256)

[حديث: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله .. ]

6260# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عبد الله) بعد (ابن مقاتل): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سُفْيَان بْنَ حَرْبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ اسمه صخرٌ، في أوَّل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ الكلام على (هِرَقْلَ) بلُغَتيه، وما يتعلَّق به، وأنَّه هلك على نصرانيَّته سنة عشرين، وكذا تَقَدَّمَ على (النَّفَرِ مِنْ قُرَيْشٍ)، وتَقَدَّمَ أنَّ فيهم المغيرةَ بن شعبة، وليس من قريش، بل هو من ثقيف، وما فيه من تعقُّبٍ، وعلى (تِجَارًا) بلُغَتَيه، وعلى (الشَّأمِ): الإقليم المعروف طولًا وعرضًا، وعلى (أَمَّا بَعْدُ) بما فيها من إعرابٍ، وأوَّل مَن قالها.

(1/11257)

[باب: بمن يبدأ في الكتاب؟]

قوله: (بَاب بِمَنْ يُبْدَأُ فِي الْكِتَابِ): (يُبدَأ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مهموزٌ، وهذا ظاهِرٌ، قال شيخنا: قال الداوديُّ: كتب ابن عمر إلى أبيه، فبدأ بنفسه، وسأله رجلٌ كتابًا إلى معاوية، فأراد أن يبدأ بنفسه، [فـ] قيل: إن بدأتَ به؛ كان أنجحَ للحاجة، ففعل، وهو جائزٌ عند مالكٍ؛ البُداءةُ بالمكتوب إليه، قال: وتطابق الناسُ اليومَ على ذلك، وكان يأباه بعضُ العراقيِّين، وقال المهلَّب: السُّنَّة أنَّ يبدأ صاحبُ الكتاب بذكر نفسه، وذَكَرَ آثارًا في ذلك، ورُويَ عن مالك: أنَّه سُئِل عن الذي يبدأ في الكتاب بأصغرَ منه، ولعلَّه ليس بأفضلَ منه؟ قال: لا بأس بذلك، أرأيت إذا وسَّع له في المجلس إذا جاء؛ إعظامًا له؟ وقال: إنَّ أهل العراق يقولون: لا تبدأ بأحدٍ قبلَك وإن كان أباك أو أكبرَ منك؛ يعيب ذلك من قولهم، انتهى.

==========

[ج 2 ص 644]

(1/11258)

[حديث: نجر خشبةً فجعل المال في جوفها]

6261# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام على هذا التعليق ستَّ مَرَّاتٍ معلَّقًا، وسابعة اختُلِف فيها؛ وهي (باب في التجارة في البحر)؛ اختُلِف فيه هل أسنده أم لا، وكونه مسندًا هو ثابتٌ في عدَّة أصول من رواية أبي الوقت، عن الداوديِّ، عن ابن حَمُّويه، عن الفِرَبْريِّ، عن البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (كتاب الزكاة)، وأنِّي لا أعلم له نظيرًا، وهو أنَّ البُخاريَّ يذكر حديثًا ستَّ مَرَّاتٍ معلَّقًا، والسابعة يُختَلَف فيها، والله أعلم، وقد ذكرت ذلك في (الزكاة) حيث ذكره البُخاريُّ أوَّل مرَّةٍ في (باب ما يستخرج من البحر)، وذكرت [1] إلى مَن عزاه شيخُنا، وعزا شيخُنا هنا تخريجَه إلى الإسماعيليِّ، وفي (الزكاة) استوعب.

قوله: (أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ): هذا الرجل لا أعرفُ اسمه.

قوله: (إِلَى صَاحِبِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ المقرِض هو النجاشيُّ أصحمةُ.

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ): (عمر) هذا: هو ابن أبي سلمة بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ المدنيُّ، يروي عن أبيه وغيرِه، وعنه: ابن عمِّه سعد بن إبراهيم، ومسعر، وأبو عوانة، وهُشَيمٌ، وغيرُهم، قال ابن سعد: كثير الحديث، لا يُحتَجُّ به، وضعَّفه يحيى القَطَّان، وقال ابن المَدينيِّ: تركه شعبةُ، وليس بذاك، وقال ابن مَعين مرَّةً: ضعيف، ومرَّةً: ليس به بأسٌ، وقال أبو حاتمٍ: صدوقٌ، لا يُحْتَجُّ به، وقال ابن خُزيمة وغيرُه: لا يُحْتَجُّ به، وقال ابن حِبَّانَ في «الثقات»: قدم واسط، فكتبوا عنه، وكان على قضاء المدينة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له الأربعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (133 هـ)، وإنَّما نبَّهت عليه؛ لئلَّا يظنَّ مَن لا خبرة عنده أنَّه الرَّبيبُ.

وتعليقه هذا ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّج شيخُنا هذا التعليقَ، إنَّما عزا تعليق الليث، عن جعفر، عن عبد الرَّحْمَن بن هرمز، عن أبي هريرة، كما قدَّمتُه قريبًا أعلاه.

==========

[1] في (أ): (وذكره)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 644]

(1/11259)

[باب قول النبي: «قوموا إلى سيدكم»]

(1/11260)

[حديث: لقد حكمت بما حكم به الملك]

6262# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (أَبُو أُمَامَة بْن سَهْلٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ اسمه أسعد، و (أَبُو سَعِيد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه سعد بن معاذٍ الذي اهتزَّ لموته عرش الرَّحْمَن، سيِّدُ الأنصار، تَقَدَّمَ بعض مناقبه في (المناقب).

قوله: (أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ): (تُقتَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مقاتلتُهم): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ)، وقد تَقَدَّمَ كم كان أهل قريظة، والاختلاف فيهم، مُطَوَّلًا في مكانه، وأنَّهم كانوا ستَّ مئةٍ أو سبعَ مئةٍ، والمُكَثِّر يقول: بين الثمان مئة والتسع مئة، وقد تَقَدَّمَ ما عددهم غير ذلك.

قوله: (بِحُكْمِ الْمَلِكِ [1]): هو بكسر اللام؛ أي: بحُكْم الله، وتَقَدَّمَ أنَّ بعضهم رواه بالفتح؛ يعني: جبريل.

قوله: (قالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: أَفْهَمَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، مِنْ قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ: إِلَى حُكْمِكَ): (أبو عبد الله): هو البُخاريُّ مُحَمَّد بن إسماعيل، و (بعض أصحابه الذي أفهمَهُ): لا أعرفه، وقال بعضُ حُفَّاظ مِصْرَ المُتَأخِّرين: وقع لنا الحديثُ تامًّا من رواية مُحَمَّد بن سعدٍ كاتبِ الواقديِّ عن أبي الوليد، أخرجه في «الطبقات»، ووقع لنا أيضًا من رواية مُحَمَّد بن أيُّوب بن الضُّرَيس عن أبي الوليد، أخرجه البيهقيُّ في «شعب الإيمان»، انتهى.

(1/11261)

[باب المصافحة]

قوله: (فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي): تَقَدَّمَ لِمَ قام إليه طلحة دون غيره من عند السُّهَيليِّ، وأمَّا قوله: (وهنَّأَني)؛ هو بهمزة مفتوحة بعد النون الأولى، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَكَفَّيَّ بَيْنَ كَفَّيْهِ) [1]: كذا في أصلنا مشدَّد الياء هنا، والذي أحفظه: (وكَفِّي)؛ على الإفراد [2]، ثُمَّ أيضًا كان من حقِّه أن يكون (وكفَّاي) على رواية التثنية، والله أعلم.

==========

[1] هذا القول جاء في «اليونينيَّة» بعد (باب المصافحة)، وعليه علامة السقوط من رواية أبي ذرٍّ، وعليه في (ق) علامة التقديم والتأخير.

[2] وهي رواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق).

[ج 2 ص 644]

(1/11262)

[حديث: أكانت المصافحة في أصحاب النبي؟]

6263# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

==========

[ج 2 ص 644]

(1/11263)

[حديث: كنا مع النبي وهو آخذ بيد عمر]

6264# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (حَيْوَة): بفتح الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو ابن شريح؛ بالشين المُعْجَمَة، والحاء المُهْمَلَة، التُّجِيبيُّ المصريُّ، أحدُ الزُّهَّاد والعُبَّاد والأئمَّة، لاحَيْوَة بن شُريح الحضرميُّ الحمصيُّ، و (أَبُو عَقِيلٍ)؛ بفتح العين، وكسر القاف: زهرة بن معبد.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (حدَّثني).

[ج 2 ص 644]

(1/11264)

[باب الأخذ باليدين]

(1/11265)

[حديث: علمني رسول الله وكفي بين كفيه التشهد]

6265# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سَيْفٌ): هو ابن سليمان، ويقال: ابن أبي سليمان، المخزوميُّ مولاهم المَكِّيُّ، عن مجاهد وعديِّ بن عديٍّ، وعنه: يحيى القَطَّان وأبو نُعَيم، قال النَّسائيُّ: ثقةٌ ثبتٌ، تُوُفِّيَ سنة (151 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَخْبَرَةَ أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة.

قوله: (وَكَفَّيَّ): هو في أصلنا القاهريِّ بفتح الفاء على أنَّه مثنًّى، وفي الهامش بالإفراد [1]، ويجيء فيه ما جاء في الذي قبله، والله أعلم.

قوله: (التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في مكانها، وكذا (الصَّلَوَاتُ).

قوله: (بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا): هو بفتح النون الأولى، ولا يجوز كسرها؛ أي: بيننا.

قوله: (فَلَمَّا قُبِضَ): هو بضَمِّ القاف، وكسر المُوَحَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 644]

(1/11266)

[باب المعانقة وقول الرجل: كيف أصبحت؟]

قوله: (بَابُ الْمُعَانَقَةِ، وَقَوْلِ الرَّجُلِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب؛ وهو حديث ابن عَبَّاس: (أنَّ عليًّا خرج من عندِ النَّبيِّ

[ج 2 ص 644]

صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في وَجَعِه الذي تُوُفِّيَ فيه، فقال الناس: يا أبا حسنٍ؛ كيف أصبح رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ فقال: أصبح بحمدِ الله بارئًا)، قال ابن المُنَيِّر: (المعانقة) ترجم عليها، ولم يذكر حديثها وإن كان قد ذكر معانقة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم للحسن في غير هذا الكتاب، ذكره في (باب ما ذُكِر في الأسواق)، وكأنَّ الذي منعه من ذكره ههنا أنَّ عادته لا يُكرِّر الحديث إلَّا إذا اختلف ألفاظُه أو إسنادُه، فلمَّا لم يجد لهذا الحديث عنده إسنادًا آخَرَ؛ كان في مُهْلةِ التماسه، فاختُرِم قبل ذلك، والله أعلم) انتهى، وفيما قاله نظرٌ؛ إذ قد كرَّر أحاديثَ متنًا وإسنادًا، وقد ذكرتُ منها عدَّة أحاديثَ قبل هذا، وهي قابلةٌ للزيادة، وأيضًا الحديث المشار إليه عند البُخاريِّ بإسناد آخَرَ، فإنَّه أخرجه في (اللباس) عن إسحاق بن إبراهيم الحنظليِّ، عن يحيى بن آدم، عن ورقاء بن عمر، عن عُبيد الله بن أبي يزيد، وفي (باب ما ذُكِر في الأسواق) أخرجه عن عليِّ بن عبد الله، عن سفيان، عن عُبيد الله بن أبي يزيد، عن نافع بن جُبَيرٍ بن مُطعِم، عن أبي هريرة، فهذان إسنادان مختلفان، وكذا المتنان أيضًا بينهما اختلافٌ، والذي يظهر _والله أعلم_ أنَّه ذكر (المعانقة) في الترجمة، ولم يذكر لها حديثًا؛ اعتمادًا على الحديثِ الذي فيه معانقتُه للحسن _لشهرته_ ولغيره؛ كحديث معانقته لزيد بن حارثة لمَّا قدم المدينة، روَته عائشةُ رضي الله عنها، أخرجه التِّرْمِذيُّ وقال: حسنٌ.

وجوابٌ آخرُ أحسنُ مِن هذا؛ وهو أنَّ (المعانقةَ) و (الواوَ) التي بعدها ثابتةٌ في بعض الروايات، وفي بعضها محذوفةٌ، فتبقى الترجمة على حذفها: (باب قول الرجل: كيف أصبحت؟)، وعلى هذه؛ فلا سُؤال عليها، وقد قال شيخنا: ذكر المعانقة مضروبٌ عليه في أصل الدِّمْيَاطيِّ، انتهى.

(1/11267)

[حديث: أن علي بن أبي طالب خرج من عند النبي في وجعه]

6266# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخُنا، و (بِشْر بن شعيب): بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، وقد تَقَدَّمَ الكلام في سماع بِشْر من أبيه شعيب، والصوابُ: أنَّه سمع منه، كيف وقد قال هنا وفي (مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم): (حَدَّثَنِي أَبِي)؟! والله أعلم، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ): هو ابن خالد، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد روى له البُخاريُّ مقرونًا، وهذا المكان مقرونٌ، وأخرج له أبو داود، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): تَقَدَّمَ الكلام في رواية الزُّهْرِيِّ عنه في (باب مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) من عند الدِّمْيَاطيِّ، وذكرت هناك ما يؤيِّد كلامَ الدِّمْيَاطيِّ؛ فانظره.

قوله: (أَنْتَ وَاللهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ [2] عَبْدُ الْعَصَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ووفاتِه)؛ ومعناه: إنَّك من الرَّعِيَّة؛ يعني: أنَّه عليه السلام يموت بعد ثلاثٍ، وتكون أنت مأمورًا، لا أميرًا.

قوله: (لأُرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُرَى)؛ بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، و (رسولَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه ظاهرٌ معروفٌ.

قوله: (فَنَسْأَلَهُ): هو مَنْصُوبٌ على جواب الأمر، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَمَرْنَاهُ، فَأَوْصَى بِنَا): من الأمر، بقصر الهمزة، كذا رويته، وقال شيخنا: ضبطه بعضُهم بمدِّ الهمزة؛ أي: شاورناه، والذي قرأناه: (أمرناه)؛ من الأمر، مقصورٌ بغير مدٍّ، انتهى.

(1/11268)

[باب من أجاب بلبيك وسعديك]

قوله: (بَابُ مَنْ أَجَابَ بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ): (لبَّيك): تثنيةٌ، ومعناها: إجابةً لك بعد إجابةٍ تأكيدًا؛ كما قالوا: حَنانَيك، ونُصِب على المصدر، هذا مذهب سيبويه، ومذهب يونس: أنَّه اسمٌ غير مسمًّى، وأنَّه أَلِفُه انقلبت ياءً؛ لاتِّصالها بالضمير؛ مثل: لَديَّ وعليَّ، وأصله: لبب؛ من لَبَّ بالمكان، وألَبَّ به؛ إذا أقام، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في قوله: (لبَّيك اللهمَّ لبَّيك) في (الحجِّ)؛ فانظره.

قوله: (وَسَعْدَيْكَ): أي: إسعادًا لك بعد إسعادٍ، ولهذا ثُنِّيَ، وهو من المصادر المنصوبة بفعلٍ لا يظهر في الاستعمال، قال الجَرْميُّ: لم يُسمَع (سعديك) مفردًا.

==========

[ج 2 ص 645]

(1/11269)

[حديث: هل تدري ما حق الله على العباد أن يعبدوه ... ]

6267# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (قَالَ: أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن منده جمع أرادف النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فنيَّف بهم على ثلاثين، وقد ذكرتُ أنا مَن وقفت عليه منهم في أوائل هذا التعليق؛ فانظرهم.

قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ [1]): هو بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ مُوَحَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، تَقَدَّمَ، وأنَّه يُقال له: هدَّاب أيضًا، و (هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

==========

[1] (بن خالد): ليس في «اليونينيَّة»، وضُرِبَ عليها في (ق).

[ج 2 ص 645]

(1/11270)

[حديث: يا أبا ذر ما أحب أن أحدًا لي ذهبًا]

6268# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث)، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا، والاختلاف في اسمه واسم أبيه، والأصحُّ: جُندب بن جنادة.

قوله: (بِالرَّبَذَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها، وأين هي، وكذا تَقَدَّمَ (الحَرَّة) ما هي.

قوله: (عُرِضَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عُرِض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، ومعناه: لَقِيَه أَحَدٌ.

قوله: (قُلْتُ لِزَيْدٍ): قائل ذلك هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، و (زيد): هو ابن وهب المذكورُ في السند.

قوله: (بَلَغَنِي أَنَّهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عُويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غيرُ ذلك، وتَقَدَّمَ مترجمًا رضي الله عنه.

قوله: (وقَالَ الأَعْمَشُ: حَدَّثَنِيِ [1] أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ نَحْوَهُ): (الأعمش): هو سليمان بن مِهْرَان، و (أبو صالح): هو ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أبو الدرداء): عُويمر، تَقَدَّمَ أعلاه، والظاهر أنَّه أراد بتعليق الأعمش هذا ما أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة»: «يا أبا ذرٍّ؛ اذهب فنادِ: مَن شهد أنْ لا إله إلَّا الله ... »؛ الحديث، أخرجه في «اليوم والليلة» عن أحمد بن حرب الطائيِّ، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح به، ولم أرَ في «الأطراف» لذكوان أبي صالح السَّمَّان الزَّيَّات عن أبي الدرداء سوى هذا، وسوى حديث: «ذهب أهل الأموال بالدنيا والآخرة ... »؛ الحديث، علَّقه البُخاريُّ في (الدَّعَوَات): وقال جَرِير [خ¦6329]، ورواه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة»، وسوى حديثٍ في (تفسير قوله عزَّ وجلَّ: {لَهُمُ الْبُشْرَى} [يونس: 64])، أخرجه التِّرْمِذيُّ في (التفسير).

قوله: (وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ عَنِ الأَعْمَشِ): (أبو شهاب): اسمه عبد ربِّه بن نافع الحنَّاط؛ بالنون، تَقَدَّمَ، و (الأعمش): سليمان بن مِهْرَان، وتعليق أبي شهاب أخرجه البُخاريُّ في (الاستقراض) عن أحمد ابن يونس عن أبي شهابٍ به.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال الأعمش: وحدَّثني).

[ج 2 ص 645]

(1/11271)

[باب: {إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا ... }]

(1/11272)

[حديث: نهى أن يُقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر]

6270# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العُمريُّ.

قوله: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَكَانِهِ [1]، ثُمَّ يُجْلِسُ [2] مَكَانَهُ): (يُجلِسُ): بضَمِّ أوَّله، وكسر اللام، مَرْفُوعٌ، وفيه وقفةٌ، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا بالقلم، وعليه (صح)، ومعناه: كان ابن عمر يكره أن يقومَ الرجل من مكانِه، ويُجلِس ذلك الرجلُ القائمُ مكانَه شخصًا آخرَ، وهذا الضبط على أنَّه رُباعيٌّ،

[ج 2 ص 645]

يدلُّ له حديثان في «سنن أبي داود» في (كتاب الأدب)؛ أحدهما عن أبي بكرة، والثاني عن ابن عمر، وكذا هو مضبوطٌ بخطِّ شيخنا الإمام العلَّامة أبي جعفر الغَرناطيِّ في نسخته بالقلم، والله أعلم؛ أعني: على أنَّه رُباعيٌّ، وأمَّا كونه مرفوعًا؛ ففيه وقفةٌ.

(1/11273)

[باب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه ... ]

قوله في الترجمة: (أَوْ تَهَيَّأَ): هو بهمزةٍ مفتوحة في آخره.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11274)

[حديث: لما تزوج رسول الله زينب دعا الناس طعموا]

6271# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي): هو معتمر بن سُليمان بن طرخان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو مِجْلَزٍ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه لاحق بن حُمَيدٍ.

قوله: (لمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف متى تزوَّج بها على ثلاثة أقوال تَقَدَّمَت مرارًا، وأنَّه سنة أربعٍ، وقيل: ثلاثٍ، وقيل: خمسٍ.

قوله: (ثُمَّ [2] طَعِمُوا): هو بفتح الطاء، وكسر العين؛ أي: أكلوا.

قوله: (وَبَقِيَ ثَلَاثَةٌ): تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) أنِّي لا أعرفهم، وتَقَدَّمَ أنَّ في رواية أخرى: (فلمَّا رجع إلى بيته؛ رأى رَجُلَين)، وفي رواية: (بقي نَفَرٌ)، وفي طريق أخرى: (وبَقِيَ رَهْطٌ)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (النَّفَر) و (الرَّهْط)، والحاصل: أنَّه لا منافاة بين الرواياتِ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).

[2] (ثُمَّ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 646]

(1/11275)

[باب الاحتباء باليد وهو القرفصاء]

قوله: (بَابُ الاِحْتِبَاءِ بِالْيَدِ؛ وَهُوَ الْقُرْفُصَاءُ): تَقَدَّمَ ما (الاحتباء)، وقوله هنا: (وهو القرفُصاء): قال الدِّمْيَاطيُّ: (القُرفُصَاء): يُمَدُّ ويُقصَر، وتُكسَر القاف والفاء أيضًا، وهي جِلسة المحتبي بيديه، وقيل: هي جِلسة المستوفز، وقيل: هي جِلسة الرجل على أليتَيه، وقال الفرَّاء: إذا ضممتَ؛ مددتَ، وإذا كسرتَ؛ قصرتَ، انتهى، وهذا قد اختصره من «المشارق» أو «المطالع»، ولفظ «المطالع»: (القُرفُصاء): يُمَدُّ ويُقصَر، ويُقال بكسر القاف والفاء أيضًا، وبالوجهين قيَّدناه عن ابن سراج، وهي جِلسة المحتبي بيديه، وقال البُخاريُّ في (باب الاحتباء باليد): (وهو القرفصاء): قال: (وهي جِلسة المستوفز)، وقال أبو عليِّ: هي جِلسة الرجل على أليتَيه، وحديث قَيلة يدلُّ عليه؛ لقولها: (وبيده عَسِيب)، فقد أخبرت أنَّه لم يحتبِ بيديه، قال الفرَّاء: إذا ضممتَ؛ مددتَ، وإذا كسرتَ؛ قصرتَ، انتهى.

وينبغي أن يُقال: بضَمِّ القاف والفاء، وبكسرهما، ويُمَدُّ ويُقصَر، وهذا أكمل في الضبط، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11276)

[حديث: رأيت رسول الله بفناء الكعبة محتبيًا بيده]

6272# قوله: (أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ): هو بالزاي، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وهو من ولد خالد بن حِزَام أخي حَكِيم بن حِزَام، وهو شيخ البُخاريِّ، ويروي عن واحد عنه، و (مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11277)

[باب من اتكأ بين يدى أصحابه]

قوله: (بَابُ مَنِ اتَّكَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (قَالَ خَبَّابٌ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً): (خَبَّاب) هذا: هو بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد الباء المُوَحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدة أخرى، وهو ابن الأرتِّ؛ بمُثَنَّاة فوق مُشَدَّدة، وهذا كلُّه معروفٌ، صَحَابيٌّ مشهورٌ، من السابقين، تَقَدَّمَ مترجمًا.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11278)

[حديث: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟]

6273# 6274# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر): بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وهذا مَعْرُوفٌ، و (الْجُرَيْرِيُّ): بضَمِّ الجيم، وفتح الراء، وهو سعيد بن إياس، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفيع بن الحارث، صَحَابيٌّ مشهور رضي الله عنه.

قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ مِثْلَهُ): (بِشْر): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، وأنَّه ابن المفضَّل.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11279)

[باب من أسرع في مشيه لحاجة أو قصد]

قوله: (بَابُ مَنْ أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ [1]): (المِشْية): بكسر الميم، وإسكان الشين، وهذا مَعْرُوفٌ.

(1/11280)

[حديث: صلى النبي العصر فأسرع]

6275# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيلُ، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صَحَابيٌّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11281)

[باب السرير]

(1/11282)

[حديث: كان رسول الله يصلي وسط السرير]

6276# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح؛ بضَمِّ الصاد المُهْمَلَة، وفتح المُوَحَّدة.

قوله: (وَسْطَ السَّرِيرِ): بإسكان السين، ويجوز تحريكها بالفتح.

قوله: (فَأَسْتَقْبِلَهُ): بالنصب، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَأَنْسَلُّ): هو مَرْفُوعٌ، ليس معطوفًا، ولو قُرِئ بالنصب؛ لفسد المعنى.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11283)

[باب من ألقي له وسادة]

قوله: (بَابُ مَنْ أُلْقِيَ لَهُ وِسَادَةٌ): (أُلقِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (وسادةٌ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 646]

(1/11284)

[حديث: لا صوم فوق صوم داود شطر الدهر]

6277# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (إسحاق) هذا: هو ابن شاهين، أبو بِشْر الواسطيُّ، عن خالد بن عبد الله الطَّحَّان، وقد تَقَدَّمَ ذلك من عند الغسَّانيِّ، وكذا صَرَّحَ به المِزِّيُّ، وكأنَّه وقع في روايته منسوبًا، فإنَّه قال: (عن إسحاق بن شاهين)، ولو كان يوضِّحه أو يوضِّح غيره؛ لقال: عن إسحاق؛ هو ابن شاهين، أو: يعني: ابن شاهين.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق.

قوله: (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ): (عبد الله) هذا: هو المسنَديُّ، قال الكلاباذيُّ وابن طاهر في ترجمة عَمرو بن عون: روى عنه البُخاريُّ في (الصلاة) وغير موضع، وروى عن عبد الله بن مُحَمَّد المسنَديِّ عنه في (الاستئذان) انتهى؛ يعني: أنَّ هذا المكانَ الثاني أنزلُ من الذي قبله بدرجةٍ، و (خَالِد) الأوَّل: هو الطَّحَّان، والثاني: الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (أَبُو المَلِيحِ): بفتح الميم، وكسر اللام، واسمه عامر _وقيل: زيد_ ابن أسامة بن عُمير الهُذَليُّ، وَثَّقَهُ أبو زرعة وغيرُه، تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وتسعين، وقيل: سنة اثنتي عشرة ومئة، أخرج له الجماعة.

قوله: (ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (صومي): نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (قَالَ: خَمْسًا): (خمسًا): مَنْصُوبٌ بفعل مقدَّر؛ تقديره: صُمْ خمسًا، وكذا (سَبْعًا)، وكذا (تِسْعًا)، و (إِحْدَى عَشْرَة).

قوله: (شَطْرَ الدَّهْرِ): هو مَنْصُوبٌ في أصلنا، ونصبه على أنَّه بدلٌ من (صَوْمَ) المنصوب قبله، أو مفعولٌ لفعلٍ مقدَّرٍ؛ وهو: أعني، ويجوز رفعه على أنَّه خبر مبتدأ محذوف؛ تقديره: وهو، ويجوز جرُّه على أنَّه بدلٌ من (صَوْمِ دَاوُدَ)، والله أعلم.

[ج 2 ص 646]

(1/11285)

[حديث: اللهم ارزقني جليسًا]

6278# قوله: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ): هذا هو يزيد بن هارون، و (مُغِيرَة): هو ابن مِقْسم الضَّبِّيُّ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيدَ النَّخَعيُّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (مُغِيرَة) و (إِبْرَاهِيم): تقدَّما أعلاه، والثاني أعلى من الأوَّل بدرجة، وهذا عملٌ مِن باب الترقِّي.

قوله: (إِلَى الشَّأْمِ): تَقَدَّمَ، الإقليم المعروف، وتَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق طولُه وعرضُه.

قوله: (إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عُويمر _وقيل غير ذلك_ ابن مالك، وقيل غيرُ ذلك، من بني الحارث بن الخزرج، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا مترجمًا.

قوله: (أَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي [2] لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ؟ يَعْنِي: حُذَيْفَةَ): هذا هو ابن اليماني، تَقَدَّمَ، و (السِّرُّ) المشار إليه: هو سرُّه عليه السلام إليه في المنافقين، كان يعلمهم وحدَه، وقد سأله عمر بن الخَطَّاب: هل في عُمَّاله أحدٌ منهم؟ فقال: نعمْ؛ واحدٌ، قال: مَن هو؟ قال: لا أذكره، فعزله عمر؛ كأنَّما دُلَّ عليه، وقد تَقَدَّمَ ذلك بزيادة في (مناقب عمَّار بن ياسر رضي الله عنهما).

(1/11286)

قوله: (أَلَيْسَ فِيكُمْ [3] الَّذِي أَجَارَهُ اللهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ [4] مِنَ الشَّيْطَانِ؟ يَعْنِي: عَمَّارًا): تَقَدَّمَ في (مناقب عمَّار) قصَّتُه، وقد ذكرها الدِّمْيَاطيُّ هنا، فقال هنا ما لفظه: (بيانُه: قال عمَّار: نزلت مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم منزلًا، فأخذت قِربتي ودَلوي لأستقيَ، فقال لي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أَمَا إنَّه سيأتيك من يمنعُك من الماء»، فلمَّا كنت على رأس البئر؛ إذا رجلٌ أسودُ؛ كأنَّه مِرسٌ، فقال: لا والله لا تستقي اليوم منها ذَنوبًا واحدًا، فأخذتُه وأخذني، فصرعتُه، ثُمَّ أخذتُ حَجَرًا، فكسرت به أنفه ووجهه، ثُمَّ ملأتُ قِربتي، فأتيت بها رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «هل أتاك على الماء مِن أحد؟»، فقلت: عبدٌ أسودُ، فقال: «ما صنعتَ بِه؟»، فأخبرته، فقال: «أتدري مَن هو؟» قلت: لا، قال: «ذاك الشيطان، جاء يمنعك من الماء»، روى هذه القصَّةَ ابنُ سعد عن الحسن)، انتهى، و (المِرس) في كلامه: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب صفة إبليس وجنوده).

قوله: (صَاحِبُ السِّوَاكِ وَالْوِسَادِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قراءة {والذَّكَرِ وَالْأُنْثَى} [الليل: 3]؛ بالجرِّ على العطف، وهي شاذَّةٌ، في {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}؛ فانظر ذلك.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] زيد في «اليونينيَّة»: (كان)، وضُرِب عليها في (ق).

[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (أَوْ كَانَ فِيكُمُ).

[4] زيد في «اليونينيَّة»: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[ج 2 ص 647]

(1/11287)

[بابُ القائلة بعد الجمعة]

(1/11288)

[حديث سهل: كنا نقيل ونتغدى بعد الجمعة]

6279# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة [1]، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (نَقِيلُ): هو بفتح النون، ثُلاثيٌّ؛ قَالَ يَقِيلُ.

(1/11289)

[باب القائلة في المسجد]

(1/11290)

[حديث: ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب]

6280# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (أبا حَازم) بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (لإِنْسَانٍ: انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟): هذا الإنسان لا أعرفُ اسمه.

قوله: (قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ): تَقَدَّمَ ما ذكره ابن سَيِّد النَّاسِ في «سيرته» في (غزوة العُشَيرة)، وتَقَدَّمَ ما تعقَّبه ابنُ القَيِّمِ للدمياطيِّ في ذلك، وتَقَدَّمَ تنبيهٌ من عند ابن هشام؛ فانظره في (باب الكنية للصبيِّ).

==========

[ج 2 ص 647]

(1/11291)

[باب من زار قومًا فقال عندهم]

قوله: (بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَقَالَ عِنْدَهُمْ): (قَالَ): هو من القيلولة.

==========

[ج 2 ص 647]

(1/11292)

[حديث: أن أم سليم كانت تبسط للنبي نطعًا]

6281# قوله: (عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ ... )؛ فذكره: كذا هو في أصلنا بإثبات (أنس)، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (عن ثمامة: أنَّ أمَّ سُلَيم)، وهذا مرسلٌ، وقد ضَبَّبَ في أصلنا الدِّمَشْقيِّ على (عن أنس)، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»، فرأيته ذكره في «أطرافه» في مسند أنسٍ عن ثُمَامة عنه، فإذن الضَّبُّ في أصلنا الدِّمَشْقيِّ غيرُ صحيحٍ، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها، وأنَّها [1] أمُّ أنس بن مالك، وزوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهل.

قوله: (نِطَعًا): تَقَدَّمَت اللُّغَات فيه.

قوله: (فِي سُكٍّ): هو بضَمِّ السين المُهْمَلَة، وتشديد الكاف، قال ابن قُرقُول: هو طِيبٌ مصنوعٌ من أخلاطٍ قد جُمِعَت، وفي «النهاية» بمعناه، وفي «الصحاح»: والسُّكُّ أيضًا: طِيب عربيٌّ.

قوله: (أَنْ يُجْعَلَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا بعده (فَجُعِلَ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فِي حَنُوطِهِ): هو بفتح الحاء، معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ ما هو.

(1/11293)

[حديث: ناس من أمتي عرضوا علي غزاةً في سبيل الله]

6282# 6283# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام.

قوله: (إِلَى قُبَاءٍ): موضعٌ معروفٌ، تَقَدَّمَت اللُّغَات فيه.

قوله: (يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ): هي بفتح الحاء المُهْمَلَة، وبالراء، بنت ملحان، وهي أخت أمِّ سُلَيم، وقدَّمت الاختلاف في اسمَيهما، وقد تَقَدَّمَ الكلام في أنَّهما كانتا خالَتَي النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مُطَوَّلًا، وإنكارُ الحافظ الدِّمْيَاطيِّ ذلك، وأنَّه كان يدخل عليهما بالعصمة.

قوله: (عُرِضُوا عَلَيَّ): (عُرِضوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية الآتية.

قوله: (يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ): (الثَّبَج)؛ بفتح الثاء المُثَلَّثَة، وفتح المُوَحَّدة، وبالجيم: الظهر، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (شَكَّ إِسْحَاقُ): هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة المذكورُ في السند، وهو ابن أخي أنس بن مالك لأمَّه.

[ج 2 ص 647]

قوله: (فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ زَمَنَ [1] مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجهادِ).

قوله: (عَنْ دَابَّتِهَا): تَقَدَّمَ أنَّها كانت بغلةً.

(1/11294)

[باب الجلوس كيف ما تيسر]

قوله: (بَابُ الْجُلُوسِ كَيْفَمَا تَيَسَّرَ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب؛ وهو حديث أبي سعيد الخُدْريِّ رضي الله عنه: (نهى النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن لِبستين ... )؛ الحديث، ثُمَّ قال: مطابقة الترجمة للحديث من جهة المفهوم؛ لأنَّه إنَّما نهى عن حالةٍ واحدةٍ من حالات الجلوس، فأفهم بالتخصيص أنَّ الحكمَ فيما عدا هذه الحالةِ الإباحةُ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 648]

(1/11295)

[حديث: نهى النبي عن لبستين]

6284# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظُ الجِهْبِذُ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (عَنْ لِبْسَتَيْنِ): (اللِّبسة): بكسر اللام؛ لأنَّها هيئةٌ وحالةٌ في اللِّباس، قال في «المطالع» بعد أن ذكر الكسرَ: وقد رُوِيَ بضَمِّ اللام على اسم الفعل، قال: والأوَّل هنا أوجهُ، انتهى، ولابن الأثير نحوُه، ولفظُه: (نهى عن لِبستين): هي بكسر اللام، الهيئة والحالة، ورُوِيَ بالضَّمِّ على المصدر، والأوَّل أوجهُ.

قوله: (وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ): الذي أحفظه فيه فتحُ الباء، ورأيتُ بعضَهم ذكره بالكسر لا غير، غَيْرَ مَرَّةٍ؛ أي: الهيئة، وقد قَدَّمْتُ ذلك، و (اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ): تَقَدَّمَ، وكذا (الاِحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) ما هو، وكذا تَقَدَّمَ (الْمُلَامَسَةِ) و (المُنَابَذَةِ).

قوله: (تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ بُدَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على سفيان؛ وهو ابن عُيَيْنَة، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (مُحَمَّد بن أبي حفصة): أبو سلمة بنُ ميسرة البصريُّ، عن الزُّهْرِيِّ، وقتادة، وجماعةٍ، وعنه: ابن المبارك، ورَوحٌ، وآخرون، وَثَّقَهُ غيرُ واحد، وليَّنه يحيى بن سعيد القَطَّان، وقال النَّسائيُّ: ضعيف، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، و (عبد الله بن بُدَيْل): مكِّيٌّ، يروي عن عَمرو بن دينار والزُّهْرِيِّ، وعنه: ابن مهديٍّ وزيد بن الحُباب، صُوَيلح الحديث، له مناكيرُ، قال ابن عديٍّ: له ما يُنكَر من الزيادة والنقص، وغمزه الدَّارَقُطْنيُّ، ومشَّاه غيره، قال ابن معين: صالح، له ترجمةٌ في «الميزان»، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وروى له أبو داود والنَّسائيُّ.

تنبيهٌ: لهم عبد الله بن بُدَيل بن ورقاء الخزاعيُّ، قُتِل يوم صفِّين مع عليٍّ، وأبوه صَحَابيٌّ مشهورٌ، ولا شيء له في الكُتُب السِّتَّة، ولا في مؤلَّفات أصحاب الكُتُب المذكورة في «التهذيب».

(1/11296)

ومتابعة مَعْمَر أخرجها البُخاريُّ في (البيوع) عن عيَّاش، عن عبد الأعلى، عن مَعْمَر به، وأخرجها أبو داود في (البيوع) عن الحسن بن عليٍّ، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر به، وأخرجها النَّسائيُّ فيه عن مُحَمَّد بن رافع، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر به، وأمَّا متابعة مُحَمَّد بن أبي حفصة؛ فلم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا، وأمَّا متابعة عبد الله بن بُدَيْل؛ فكذلك، ولم يخرِّجها شيخُنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 648]

(1/11297)

[باب من ناجى بين يدي الناس ومن لم يخبر بسر صاحبه ... ]

(1/11298)

[حديث: مرحبًا بابنتي]

6285# 6286# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (فِرَاسٌ): هو ابن يحيى الهَمْدانيُّ الكوفيُّ المُكَتِّب، عن الشَّعْبيِّ وأبي صالح، وعنه: شعبةُ وأبو عوانة، مات سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد وَثَّقَهُ أحمد، وابن معين، والنَّسائيُّ، قال القَطَّان: ما أنكرت من حديثه إلَّا حديث الاستبراء، ذكره في «الميزان» تمييزًا، و (عَامِر) بعده: الشَّعْبيُّ عامر بن شَراحيل.

قوله: (كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بالنصب على الاختصاص، و (عِنْدَهُ): الخبر، وفي أصلنا بالقلم مَرْفُوعٌ بدلٌ من الضمير في (كنَّا)، والخبر: (عنده).

قوله: (لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ): هو بفتح الدال بالقلم في أصلنا، وفي نسخة بكسر الدال، و (واحدةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن؛ أي: لم تُخلَّفْ منَّا واحدةٌ، أو تتخلَّفْ منَّا واحدةٌ.

قوله: (مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (المِشْية): بكسر الميم، تَقَدَّمَت هيئة المشي.

قوله: (رَحَّبَ بِهَا [1]): هو بتشديد الحاء المُهْمَلَة المفتوحة؛ أي: قال لها: مرحبًا.

قوله: (ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ في «سنن ابن ماجه»: (أجلسها عن شماله)؛ من غير شكٍّ.

قوله: (لِأُفْشِيَ): أي: لأذيعَ وأظهرَ، و (الإفشاء): الإذاعة والإظهارُ.

قوله: (عَزَمْتُ عَلَيْكِ): هو بفتح الزاي المُخَفَّفة؛ أي: أقسمتُ عليك، قاله الجوهريُّ في «صحاحِه».

قوله: (لَما [2] أَخْبَرْتِنِي): هو بفتح اللام، مخفَّف الميم، كذا أحفظه، وقال شيخنا هنا: يحتمل أن تكون اللام بمعنى: (إلَّا)، و (ما) زائدة، هذا مذهب الكوفيِّين، ويحتمل أن تكون (لمَّا [3]) مُشَدَّدة بمعنى: (إلَّا)، ذكره سيبويه، وأنكره الجوهريُّ، انتهى.

قوله: (أَمَّا حِينَ سَارَّنِي): (أمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم، و (سارَّني): بفتح الراء المُشَدَّدة، وكذا الثانية: (سَارَّنِي).

قوله: (كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ)، وكذا قوله: (وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي [4] الْعَامَ مَرَّتَيْنِ): تَقَدَّمَ معناه في (فضائل القرآن).

(1/11299)

قوله: (وَلَا أَرَى الأَجَلَ إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ): (أَرى): بفتح الهمزة، كذا في أصلنا، ومعناه صحيحٌ، ولو ضُمَّ؛ كان معناه: أظنُّ، وهو هو، لكنَّ الروايةَ المتَّبَعةُ.

قوله: (نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ): و (السَّلَف): قيل: هو من سلف المال؛ كأنَّه قد أسلفه وجعله ثمنًا للأجر والثواب الذي يُجازَى على الصبر عليه، وقيل: سلفَ الإنسان: مَن تقدَّمه بالموت مِن آبائه وذوي قرابته، ولهذا سُمِّيَ الصدر الأوَّل من التابعين: السَّلَف الصالح، قاله ابن الأثير، وفي «المطالع»: (السَّلَف): العمل الصالح تُقَدِّمُه، ومنه: (فاجعله فَرَطًا وسَلَفًا)؛ أي: خيرًا مقدَّمًا تجده في الآخرة، انتهى.

==========

[1] (بها): ليست في «اليونينيَّة»، وهي في (ق) مستدركة من نسخة.

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (لمَّا).

[3] في (أ) تبعًا لمصدره: (ما)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[4] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (به).

[ج 2 ص 648]

(1/11300)

[باب الاستلقاء]

قوله: (بَابُ الاِسْتِلْقَاءِ): هو الاضطجاع على القفا.

(1/11301)

[حديث: رأيت رسول الله في المسجد مستلقيًا]

6287# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله) _هو ابن المَدينيِّ_: ابنُ عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عَمُّ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ.

[ج 2 ص 648]

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

(1/11302)

[باب لا يتناجى اثنان دون الثالث]

(1/11303)

[حديث: إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث]

6288# قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11304)

[باب حفظ السر]

(1/11305)

[حديث: أسر إليَّ النبي سرًا فما أخبرت ... ]

6289# قوله: (أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرًّا): هذا السِّرُّ لا أعلم أحدًا ذكره، وفي كلام أنسٍ التصريحُ بأنَّه لم يُطلِع عليه أحدًا بعده عليه السلام، وأنَّ أمَّه أمَّ سُلَيم سألته عنه، فما أخبرها به، والظاهر أنَّه ليس بعِلْمٍ؛ لأنَّه لو كان عِلمًا؛ لما وسعه كتمانُه، ولعلَّه شيءٌ يتعلَّق بأحدٍ من زوجاته أو غيرهنَّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11306)

[باب: إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارة والمناجاة]

قوله: (بَاب إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ فَلَا بَأْسَ بِالْمُسَارَّةِ وَالْمُنَاجَاةِ): (المُسارَّة): بضَمِّ الميم، وتشديد الراء المفتوحة، قال الجوهريُّ: سارَّهُ في أذنه مُسارَّةً وسرارًا، وتسارُّوا: تناجَوا، وقال في (نجا): والنَّجْوُ: السِّرُّ بين اثنين، يُقال: نَجوته نجوًا؛ أي: ساررته، وكذلك ناجيته، وانتجى القومُ وتناجَوا؛ إذا تسارُّوا، وانتجيته أيضًا: خصصتَه بمناجاتك، والاسم: النَّجوى ... إلى آخر كلامه، فعلى هذا عطفُ البُخاريِّ (المناجاة) على (المُسارَّة) هو من باب عطف الشيء على نفسه، وحَسُنَ ذلك؛ لأنَّه تغيَّر اللفظ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11307)

[حديث: إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى رجلان دون الآخر]

6290# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): هذا هو ابن أبي شيبة، أحد الأعلام، وهو أكبر في السِّنِّ من أخيه أبي بكر، تَقَدَّمَ، و (جَرِيرٌ) بعده: هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

قوله: (أَجْلَ أَنْ يحْزنَهُ): قال في «النهاية»: (أَجْلَ أنْ يحزنه)؛ أي: من أجله ولأجله، والكلُّ لُغاتٌ، وتُفتَح همزتها وتُكسَر، انتهى، وفي «المطالع»: (أَجْل أن يأكلَ معك)، وكذا في (باب النهي عن المناجاة): (أَجْلَ أن يحزنه)، وكلُّه بمعنى: من أجل ذلك؛ أي: مِن سببه، وقد يُقال في هذا: إجل، ومن إجل، وهي لغةٌ أخرى، وفي «صحاح الجوهريِّ»: يُقال: فعلتُ ذلك من أجلك، ومن إجلك؛ بفتح الهمزة وكسرها، ومن إجْلاك؛ أي: مِن جَرَّاك، انتهى، و (جَرَّاك) معناه: من أجلك، و (يحزنه): ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، لُغتَان قُرِئ بهما في السبع.

(1/11308)

[حديث: رحمة الله على موسى أوذي بأكثر من هذا فصبر]

6291# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقبه، و (أَبُو حَمْزَةَ)؛ بالحاء المُهْمَلَة، والزاي: مُحَمَّد بن ميمون السُّكريُّ، وإنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، تَقَدَّمَ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (شَقِيق): هو ابن سلمة أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن شيخنا البُلْقينيِّ قال: إنَّه مُعتِّب بن قُشَير.

قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.

قوله: (قَدْ [1] أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا، فَصَبَرَ): تَقَدَّمَ الكلام على ما أُوذِيَ به موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

==========

[1] (قد): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 649]

(1/11309)

[باب طول النجوى]

قوله: (بَابُ طُولِ النَّجْوَى): تَقَدَّمَ أنَّ (النجوى): المُسارَّةُ أعلاه.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11310)

[حديث: أقيمت الصلاة ورجل يناجي رسول الله]

6292# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّد بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدُر، و (عَبْد العَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

قوله: (وَرَجُلٌ يُنَاجِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11311)

[باب: لا تترك النار في البيت عند النوم]

قوله: (بَاب لَا تُتْرَكُ النَّارُ فِي الْبَيْتِ عِنْدَ النَّوْمِ): (تُترَك): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النارُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11312)

[حديث: لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون]

6293# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11313)

[حديث: إن هذه النار إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم]

6294# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه الحارث، أو عامر، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ.

قوله: (احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ): أهلُ هذا البيت لا أعرفُهم.

قوله: (فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حُدِّث): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 649]

(1/11314)

[حديث: خمروا الآنية وأجيفوا الأبواب]

6295# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حَمَّاد بن زيد، و (كَثِير): بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وهو ابن شَنْظِيْر، و (شَنْظِيْر): بفتح الشين، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ ظاء معجمة مشالة مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، مصروفٌ، و (كَثِير): له ترجمة في «الميزان»، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (خَمِّرُوا الآنِيَةَ): أي: غطُّوها، وسيأتي قريبًا ما الحكمة فيه، وقد تَقَدَّمَ بعيدًا.

قوله: (وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ): (أَجِيْفوا): بفتح الهمزة، وكسر الجيم، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء؛ أي: ردُّوها.

(1/11315)

[باب إغلاق الأبواب بالليل]

(1/11316)

[حديث: أطفئوا المصابيح بالليل إذا رقدتم]

6296# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (عَطَاء): هو ابن أبي رباح، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (أَطْفِئُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر الفاء، رُباعيٌّ، وهذا مَعْرُوفٌ، وكذا (وَأَغْلِقُوا [1]): بفتح الهمزة، وكسر اللام، رُباعيٌّ.

قوله: (وَأَوْكِئُوا [2]): كذا في أصلنا، وكذا تَقَدَّمَ له غيرُ هذا الموضع، وتعقَّبته، والذي أعرفه: (أَوكُوا): بفتح الهمزة، وضمِّ الكاف من غير همز بعدها، وقد ذكره في (وكا) المعتلِّ الجوهريُّ في «صحاحه»، وابنُ الأثير في «نهايته»، وذكره ابن قُرقُول في (المعتلِّ)، ولم أرَ أحدًا ذكره في الهمز، ومعنى (أَوكُوا): شُدُّوا رؤوسها بالوكاء؛ لئلَّا يدخلها حَيَوانٌ، أو يَسقط فيها شيءٌ، يُقال: أوكيت السقاء إيكاءً؛ فهو موكًى.

فائدةٌ: إنَّما أمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء؛ للحديث الآخَرِ الذي في «مسلم»: «إنَّ في السنة ليلةً ينزل فيها وَباء لا يمرُّ بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاءٍ ليس عليه وكاء؛ إلَّا ترك فيه من ذلك الوباء»، قال الليث _هو ابن سعد_ عقيبه: (والأعاجمُ عندنا يتَّقون ذلك في كانون الأوَّل)، انتهى، ويحتمل أن تكون العلَّةُ ما جاء في حديثٍ آخَرَ في «الصحيح»: «فإنَّ الشيطان لا يَحُلُّ سِقاءً، ولا يَكشِف إناءً»، ويحتمل أن يكون من أجل العلَّتين قال ذلك، والله أعلم، قال شيخنا: قلت: وهو من شهور القيظ كيهك، انتهى؛ يعني: كانون الأوَّل.

قوله: (قَالَ هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن يحيى العَوْذِيُّ المذكورُ في السند.

قوله: (وَلَوْ بِعُودٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (تعرُضُه)، قال ابن قُرقُول: بضَمِّ الراء، كذا رويناه، وكذا قاله الأصمعيُّ، ورواه أبو عبيد بفتح التاء أيضًا مع كسر الراء، والأوَّل أشهرُ، وهو أن يضعه عليه عرضًا [كأنَّه جعلَه بعرْضِه ومدَّه هناك؛ إذ لم يجِد ما يخمِّرُه أجمع، ومثلُه: «كان يُعرِّضُ رَاحِلَته ويُصلِّي إليها» [خ¦507، م: 502]؛ أي: يُنيخُها عَرضًا] في قِبلته، كذا ضبطناه، وكذا فسَّره الأصيليُّ، وقَيَّدهُ بعضهم: (بعَرْضٍ)، والأوَّل أوجهُ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

(1/11317)

[باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط]

[ج 2 ص 649]

قوله: (بَابُ الْخِتَانِ بَعْدَ الْكِبَرِ): (الختان) معروفٌ، يُقال: ختنتُ الصبيَّ خَتْنًا، والاسم: الخِتان والخِتانة، و (الخِتان) أيضًا: موضعُ القطع من الذَّكَر، ومنه: «إذا التقى الخِتانان»، وقد تُسَمَّى الدعوة لذلك: خِتانًا، و (الخِفَاض)؛ بكسر الخاء، وبالفاء المُخَفَّفة، وبعد الألف ضاد، معجمتان: للجارية؛ كالختان للغلام، و (الخافضة): الخاتنة، وقوله: (بعد الكِبَر): هو بكسر الكاف، وفتح المُوَحَّدة، معروفٌ.

(1/11318)

[حديث أبي هريرة: الفطرة خمس الختان والاستحداد]

6297# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (قَزَعَة) بفتح الزاي، ويجوز سكونها، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (الْفِطْرَةُ خَمْسٌ): تَقَدَّمَ ما المراد بـ (الفطرة) في هذا الحديث، وهو من سُنَن المرسلين الذين أُمِرنا بالاقتداء بهم.

قوله: (وَالاِسْتِحْدَادُ): تَقَدَّمَ أنَّه حلق العانة بالحديد.

(1/11319)

[حديث: اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنةً]

6298# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (أَبُو الزِّنَادِ): عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ؛ مُخَفَّفَةً): تَقَدَّمَ الكلام على الجملة في (باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]) في (كتاب الأنبياء).

قوله: (حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ [2]): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو مُغيرة بن عبد الرَّحْمَن الحِزَاميُّ، و (أَبُو الزِّنَاد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، وقوله: (بِالْقَدُّومِ): يعني: بالتشديد، وهذا يُعرَف أنَّه بالتشديد مِن قوله في الحديث قبلَه: (مُخَفَّفة)، فهذه الطريق تخالف الأولى في التشديد فقط، وقد تَقَدَّمَ الكلام على التشديد والتخفيف مُطَوَّلًا في الباب المشار إليه في (كتاب الأنبياء).

==========

[1] (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (المغيرةُ).

[ج 2 ص 650]

(1/11320)

[حديث: سئل ابن عباس: مثل من أنت حين قبض النبي؟]

6299# 6300# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرِو بن عبد الله.

قوله: (وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ): قال شيخنا: قال الإسماعيليُّ: لا يُدرَى من قول إسرائيلَ، أو أبي إسحاق، أو مَن بعدهم، انتهى، وقد تَقَدَّمَ كم كان سنُّ ابن عَبَّاس حين [1] قُبِضَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وسيأتي بالاختلاف، والصحيح: ثلاثَ عشرةَ، ودخل في أربعَ عشرةَ، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ): (ابن إدريس): هو عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرَّحْمَن، أبو مُحَمَّد الكوفيُّ، أحد الأعلام، شيخ جماعة من شيوخ البُخاريِّ، و (إدريس) والده: أبو عبد الله الكوفيُّ، عن طلحة بن مُصرِّف، وسِمَاك، وعلقمة بن مرثد، وقيس بن مسلم، وأبيه يزيدَ بنِ عبد الرَّحْمَن، وطائفةٍ، وعنه: ابنه عبد الله بن إدريس، ووكيعٌ، ومُحَمَّد ويعلى ابنا عُبيد، وضمرة بن ربيعة، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وأخرج له الجماعة، و (أبو إسحاق): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، وهذا التعليق لم يذكره أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا.

قوله: (قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قُبِضَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَأَنَا خَتِينٌ): (فعيل) بمعنى: (مفعول)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في سنِّ ابن عَبَّاس حين تُوُفِّيَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وذكرتُ فيه أقوالًا، والذي قاله عَمرو بن عليٍّ الفَلَّاس: إنَّه كان ابن ثلاثَ عشرةَ، ودخل في أربعَ عشرةَ، والله أعلم.

(1/11321)

[باب: كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله]

قوله: (بَابٌ: كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ ... ) إلى آخر الترجمة: ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه استفادة الترجمة من الآية؛ يعني: قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6]، قال ابن المُنَيِّر: إنَّ الله عزَّ وجلَّ جعل اللَّهوَ داعيةَ الضلال عن سبيل الله، وسبيلُ الله هو الحقُّ، فكلُّ شيءٍ ضادَّها وحادَّها باطلٌ، وهذا الانتزاعُ أحسنُ من قول المؤلِّف: إنَّه انتزعه من قول القاسم: الغناءُ باطلٌ، والباطلُ في النار، انتهى، والمراد بـ (المؤلِّف): ابن بَطَّال، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 650]

(1/11322)

[حديث: من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى ... ]

6301# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَرِيُّ، الحِمْيَرِيُّ ليس له شيءٌ عن أبي هريرة غيرَ حديثٍ واحدٍ عند مسلمٍ، وليس له شيءٌ عن أبي هريرة في «البُخاريِّ»، والله أعلم.

قوله: (بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى): تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وكذا تَقَدَّمَ على قوله: (تَعَالَ أُقَامِرْكَ؛ فَلْيَتَصَدَّقْ).

(1/11323)

[باب ما جاء في البناء]

قوله: (رُعَاةُ [1] البَهْمِ): في أصلنا هنا: (البَهْم)؛ بفتح المُوَحَّدة بالقلم، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، واختلاف الرواة فيه، في أوَّل هذا التعليق في (كتاب الإيمان).

(1/11324)

[حديث: رأيتني مع النبي بنيت بيدي بيتًا]

6302# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (إِسْحَاقُ؛ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ): هو إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي بن سعيد الأَمويُّ الكوفيُّ، عن أبيه وعكرمة بن خالد، وعنه: ابن عُيَيْنَة، ووكيع، وأبو الوليد الطيالسيُّ، وأبو نُعيم، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ النَّسائيُّ وغيرُه، وقال أبو داود: مات سنة (170 هـ)، وقال البُخاريُّ: يُقال: مات سنة (176 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وابن ماجه، وأبوه (سَعِيد): تَقَدَّمَ مترجمًا، عن ابن عَبَّاس، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عَمرو، وعائشة، ومعاوية، وأمِّ خالد بنت سعيد بن العاصي، ووالدِه.

قوله: (رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ تاء (رأيتُني)؛ أي: رأيتُ نفسي.

قوله: (يُكِنُّنِي مِنَ الْمَطَرِ): هو في أصلنا رُباعيٌّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّه رُباعيٌّ وثلاثيٌّ في قول عمر: (أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ مَطَرٍ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ)، في (المساجد) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).

[ج 2 ص 650]

(1/11325)

[حديث: والله ما وضعت لبنةً على لبنة ولا غرست نخلةً]

6303# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (عَمرو) بعده: هو ابن دينار.

قوله: (لَبِنَةٍ): هي بكسر الباء، ومن العرب مَن يُسَكِّنها.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة.

قوله: (لِبَعْضِ أَهْلِهِ): بعض أهل ابن عُمر لا أعرفه، والله أعلم.

[ج 2 ص 650]

(1/11326)

((80)) (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ) ... إلى (كِتَاب الرِّقَاقِ)

قوله: (وَلِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ): سيأتي الكلام عليها قريبًا.

(1/11327)

[حديث: لكل نبي دعوة يدعو بها]

6304# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

قوله: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ [1]): يعني: محققَّة الإجابة، وباقي دعائه في مظنَّة الإجابة، والله أعلم.

قوله: (أَنْ أَخْتَبِئَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[1] (مستجابة): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتةٌ في رواية أبي ذرٍّ، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[ج 2 ص 651]

(1/11328)

[حديث: لكل نبي دعوة قد دعا بها]

6305# قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: قَالَ مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي عَنْ أَنَسٍ): كذا في نسخة في هامش أصلنا، وعليها علامة راويها و (صح)، وفي الأصل: (وقال مُعتمر)؛ بحذف (خليفة)، وما في الهامش هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولكن في «أطراف المِزِّيِّ» جعله تعليقًا، وقال فيه: (وقال مُعتمر عن أبيه ... ) إلى آخره، والله أعلم.

و (خليفة) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خيَّاط شبابٌ العصفريُّ الحافظ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلانٌ)؛ فهو كـ (حدَّثني فلان)، غير أنَّ الغالب أخذه ذلك عنه في حال المذاكرة، و (مُعتمر): هو ابن سُليمان بن طرخان.

==========

[ج 2 ص 651]

(1/11329)

[باب أفضل الاستغفار ... ]

(1/11330)

[حديث: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي]

6306# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بميمَين مفتوحَتَين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج المنقريُّ، الحافظ المُقْعَد البصريُّ، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة الحافظ، و (الْحُسَيْنُ) بعده: هو ابن ذكوان المعلِّم.

تنبيهٌ: وقع لشيخِنا في «شرحه» قال: (إنَّه حسين، وهو ابن حُرَيث) [1]، وأين ابن حُرَيث وأين هذا؟ ابنُ حُرَيث من مشايخ الأئمَّة سوى ابن ماجه، وهذا غلطٌ، ونقل في آخر كلامه عن أبي نُعَيم في «عمل اليوم والليلة» قال: (ورواه الحسين بن ذكوان عن ابن بُريدة، عن بُشَير ... ) إلى آخر كلامه.

و (بُشَيْر بْن كَعْبٍ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمَة، و (شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ): هو شدَّاد بن أوس بن ثابت الأنصاريُّ، أبو يعلى، ويقال: أبو عبد الرَّحْمَن، المدنيُّ الشاعر، ابن أخي حسَّان بن ثابت، له ولأبيه صحبةٌ، نزل بيت المقدس، وعنه: ابنه يعلى، ومحمود بن لبيد، ومحمود بن الربيع، وأبو الأشعث الصنعانيُّ، وبُشَير بن كعب، وخلقٌ، غلط مَن عدَّه بدريًّا، بل أبوه، ذكره أحمد بن البرقيِّ فيهم، تُوُفِّيَ بالشام سنة (58 هـ)، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: ويُقال: سنة (64 هـ)، ويُقال: سنة (41 هـ)، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

قوله: (سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ): (السيِّد): هو الذي يفوق قومَه، وهي السيادة والسُّؤدَد، وهي الرِّئاسة والزَّعامة، ورِفعةُ القَدْرِ، والنَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سَيِّد النَّاسِ في الدنيا والآخرة، ومن هذا المعنى (سيِّد الاستغفار)، وهو الذي يفوق الاستغفارَ كلَّه، والله أعلم.

قوله: (وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ): أي: أنا مقيمٌ على ما عاهدتُك عليه من الإيمان بك والإقرارِ بوَحدانيَّتِك، لا أزول عنه، واستثنى بقوله: (ما استطعتُ) موضعَ القَدَر، والسابقَ في أمره؛ أي: إن كان قد جرى القضاءُ أن أنقضَ العهدَ يومًا ما؛ فإنِّي أخلد عند ذلك إلى التنصُّل والاعتذار؛ لعدم الاستطاعة في دفع ما قضيتَه عَلَيَّ، وقيل: معناه: إنِّي متمسِّكٌ بما عهدتَه إليَّ مِن أَمْرِكَ ونَهْيِك، ومُبدٍ العذرَ في الوفاء به قَدْرَ الوسع والطاقة، وإن كنت لا أقدرُ أن أَبْلُغَ كُنْهَ الواجب، والله أعلم.

(1/11331)

قوله: (أَبُوءُ لَكَ): (أَبُوءُ): بفتح الهمزة، وضمِّ المُوَحَّدة، ثُمَّ همزة مضمومة؛ أي: أُقِرُّ وأعترفُ، وكذا الثانية.

==========

[1] العبارة في «التوضيح»: (هذا الحديث أخرجه البخاريُّ عن أبي معمر: حدَّثنا عبد الوارث: حدَّثني الحسين _ هو ابن ذكوان_: حدَّثنا عبد الله بن بريد، عن بشير، عن شداد به، وأخرجه الترمذيُّ من حديث الحسين بن حريث ... )، فلعلَّ ثمَّة سقطًا في نسخة المؤلِّف رحمه الله من قوله: (ابن ذكوان ... ) إلى ماقبل قوله: (بن حريث).

[ج 2 ص 651]

(1/11332)

[باب استغفار النبي في اليوم والليلة]

(1/11333)

[حديث: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه]

6307# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً): اعلم أنَّه تكرَّر في القرآن والسُّنَّة ذكر السبعين، والسبعة، والسبع مئة، والعرب تضعها موضعَ التضعيف والتكثير؛ كقوله تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: 261]، وكقوله: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]، وكقوله: «الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة»، و «أعطى رجلٌ أعرابيًّا درهمًا، فقال: سبَّع الله لك الأجرَ»؛ أراد التضعيف، قاله ابن الأثير، وفي «المطالع»: كلُّ ما جاء في الحديث من ذكر الأسباع؛ قيل: هو على ظاهره وحصرِ عَدَدِه، وقيل: هو بمعنى التكثير والتضعيف وإن جاوز عَدَدَهُ.

==========

[ج 2 ص 651]

(1/11334)

[باب التوبة]

قوله: (بَابُ التَّوْبَةِ): اعلم أنَّ التوبةَ واجبةٌ مِن كلِّ ذَنْبٍ، وتصحُّ توبتُه مِن كلِّ مُذْنبٍ إذا وُجِدَت شروطُها، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله؛ فلها شروطٌ ثلاثةٌ، وإن كانت بينه وبين آدميٍّ؛ فلها أربعةٌ: الثلاثة، وأن يبرأَ من حقِّ صاحبِها بطريقةٍ، والثلاثةُ شروطٍ: أن يُقلِعَ عن المعصية، وأن يَندمَ على فعلها، وأن يَعزمَ ألَّا يعودَ إليها أبدًا، وفي كلام بعضهم شروطٌ أُخَرُ.

تنبيهٌ: رأيت في كلام شيخِنا استثناءَ جماعةٍ، قال: لا تُقبَل توبتَهم؛ وهم: إبليس، وهاروت، وماروت، وقابيل، وعاقر الناقة التي لصالح صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كذا قال، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 651]

(1/11335)

[حديث: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف ... ]

6308# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (أَبُو شِهَابٍ): اعلم أنَّهما اثنان؛ أحدهما: أبو شهاب الأكبر، واسمه موسى بن نافع الهُذَليُّ الحنَّاط، من أهل الكوفة، عن عطاء بن أبي رَباح، روى عنه أبو نُعَيم، ذكر له البُخاريُّ حديثًا واحدًا في (كتاب الحجِّ)، والآخر: أبو شهاب الأصغر، وهو هذا الذي في سند هذا الحديث، واسمه عبد ربِّه بن نافع المدائنيُّ الحنَّاط، يروي عن يونس بن عبيد، وابن عون، وعاصمٍ الأحول، والأعمش، وإسماعيلَ بنِ أبي خالد، وشعبةَ، رَوَيا له جميعًا، روى له البُخاريُّ في آخِرِ (الزكاة)، و (الأشربة)، و (الاستقراض)، و (الكفَّارات)، و (التوحيد)، حدَّث عنه: أحمد ابن يونس، وعاصم بن يوسف، والله أعلم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ حَدِيثَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ ... )؛ فذكرهما: أمَّا الحديث الذي عن نفسه؛ فهو من أوَّل الحديث إلى قوله: (هَكَذَا)، وأمَّا الحديث الذي عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فهو قوله: «لَلَّهُ أَفْرَحُ ... » إلى آخره، وكذا هو في «مسلم»، لكن لم يذكر مسلمٌ الحديثَ الذي عن نفسه، وذكر النَّسائيُّ قصَّة التوبة فقط، وذكرهما التِّرْمِذيُّ، والله أعلم.

قوله: (لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ): (الفرح) هنا وأمثاله: الرِّضا والسُّرعةُ إلى القَبول وحسن الجزاء؛ لأنَّ السُّرور _الذي هو انبساط النفس_ في حقِّ الله محالٌ.

[ج 2 ص 651]

قوله: (قَالَ أَبُو شِهَابٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبدُ ربِّه بن نافع.

قوله: (وَبِهِ مَهْلَكَةٌ): قال ابن الأثير: المهلكة: موضع الهلاك، أو الهلاكُ نفسُه، وجمعها: مهالك، وتُفتَح لامها وتُكسَر؛ يعني: مع فتح الميم، وهما أيضًا: المفازة، انتهى، وكذا قال الجوهريُّ: والمهلكة: المفازة، وفي «المطالع»: بفتح اللام؛ أي: يهلك فيها سالكُها بغير زادٍ، ولا ماءٍ، ولا راحلةٍ، وقال ثعلب: مُهلكة ومَهلِكة، والكلام: مُهْلِكة؛ بالكسر، انتهى.

قوله: (أَرْجِعُ): هو بفتح الهمزة، مَرْفُوعٌ، فعل مضارع لم يتقدَّمْه ناصبٌ ولا جازمٌ.

(1/11336)

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَجَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ): الضمير في (تابعه) يعود على أبي شهاب عبدِ ربِّه بنِ نافع، و (أبو عوانة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، ومتابعته عن الأعمش لا أعلم مَن خرَّجها مِن [أصحاب] الكُتُب السِّتَّة سوى البُخاريِّ، ولم يخرِّجها [1] شيخنا، و (جَرِير): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ مِرارًا، ومتابعة جَرِير أخرجها مسلم في (التوبة) عن عثمان ابن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم؛ كلاهما عن جَرِير به، ولم يخرِّجها [2] شيخُنا، و (الأعمش): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا.

قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): (أبو أسامة): هو حَمَّاد بن أسامة، وتعليق أبي أسامة أخرجه مسلم في (التوبة) عن إسحاق بن منصور، عن أبي أسامة، عن الأعمش، ولم يخرِّجه شيخُنا، و (الأعمش): تَقَدَّمَ أعلاه، و (عُمَارَةُ): هو ابن عُمير المذكورُ في السند، و (الْحَارِث): هو ابن سُوَيد.

قوله: (وَقَالَ شُعْبَةُ وَأَبُو مُسْلِمٍ عَنِ الأَعْمَشِ): أمَّا (شعبة)؛ فشعبة، وتعليقُه لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا، وأمَّا (أبو مسلم)؛ فاسمه عُبيد الله بن سعيد بن مسلم، أبو مسلم الجعفيُّ الكوفيُّ، قائد الأعمش، عن الأعمش، وهشام بن عروة، وجماعةٍ، وعنه: عبد الله بن نُمَيْر، والحُسين بن حفص، وأبو مسلم عبدُ الرَّحْمَن بن واقد، ويحيى بن أبي بُكَيْر، وآخرون، قال البُخاريُّ: (في هذا نظرٌ)، وقال أبو داود: قائد الأعمش، أحاديثُه موضوعةٌ، وقال ابن حِبَّانَ في «الثقات»: يخطئ، عَلَّقَ له _كما ترى_ البُخاريُّ فقط، ولم يخرِّج له أحدٌ من أصحاب الكُتُب [السِّتَّة]، له ترجمةٌ في «الميزان»، ولم أرَ تعليقَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله، والله أعلم، و (الأعمش): تَقَدَّمَ أعلاه.

(1/11337)

قوله: (وقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): (أبو معاوية): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن خازم الضرير، بالخاء المُعْجَمَة، وتعليق أبي معاوية أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الزهد) عن هنَّادٍ عن أبي معاوية، وأخرجه النَّسائيُّ في (البعوث) عن مُحَمَّد بن عبيد بن مُحَمَّد عن أبي معاوية به، وعن أحمد بن حريث الموصليِّ، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عُمير، عن الحارث بن سُوَيد والأسود؛ كلاهما عن ابن مسعود به.

قوله: (وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ): هذا معطوفٌ على تعليق أبي معاوية؛ يعني: أنَّه رواه عن الأعمش، عن عمارة، عن الأسود، عن عبد الله، ورواه عن الأعمش، عن إبراهيم التيميِّ، عن الحارث بن سويد، عن عبد الله، وقد ذكرتُ تعليقَه الأوَّل من هذين التعليقَين، وأمَّا تعليقُه الثاني؛ فلم أرَه، لكنِّي رأيتُ حديثَ الأعمش عن إبراهيم عن الحارث به، أخرجه النَّسائيُّ في (البعوث) عن مُحَمَّد بن عبيد بن مُحَمَّد، عن عليِّ بن مسهر، عن الأعمش به، والله أعلم، ولم يعزُه شيخُنا رحمه الله.

(1/11338)

[حديث: الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره]

6309# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه لعلَّه ابنُ منصور، فقد روى مسلم عن إسحاق بن منصور، عن حَبَّان بن هلال، قاله الجَيَّانيُّ، انتهى، والمِزِّيُّ وشيخُنا لم ينسباه، ورأيت بخطِّ شيخِنا البُلْقينيِّ في هذا الحديث: أنَّه هو إسحاق بن منصور الكوسج، انتهى، ولكنَّ الذَّهَبيَّ قال في «تذهيبه»: إسحاق روى البُخاريُّ عنه، عن عبد الله بن بكر، وأبي عاصم، وجماعةٍ، والظاهر أنَّه الكوسج، وقيل: إنَّ الذي يروي عن أبي عاصم هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر، انتهى، وهذا اختصره من كلام المِزِّيِّ، فإذن الظاهر عند المِزِّيِّ أنَّ هذا المذكورَ هنا: هو الكوسج، وهو ابن منصور الذي ذكره الغسَّانيُّ، والله أعلم.

و (حَبَّان): هو ابن هلال، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، و (هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ [2]): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه يُقال له: هدَّاب، و (هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن يحيى العَوْذيُّ، وهذا الثاني أعلى مِن الذي قبله برَجُلٍ.

قوله: (سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ): أي: وجده وصادفه.

قوله: (وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ): معناه: أضاعه وأهلكه، رُباعيٌّ، وفي «المطالع»: لم يجده بموضعه.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] (بن خالد): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 652]

(1/11339)

[باب الضجع على الشق الأيمن]

قوله: (بَابُ الضَّجْعِ عَلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ): وفي نسخة من أصولنا: (باب الضّجْعَة)، أمَّا (الضَّجْع)؛ فبفتح الضاد المُعْجَمَة، وإسكان الجيم، وهو مصدرٌ، يُقال: ضجع الرجل؛ أي: وضع جنبه بالأرض، يضجَعُ ضَجْعًا وضُجوعًا؛ فهو ضاجعٌ، واضطجع مثلُه، وأمَّا (الضجعة)؛ فإن أراد الهيئة؛ كسر، وإن أراد المرَّة؛ فتح، والظاهر أنَّ المراد هنا: الهيئة؛ فهي مكسورةٌ، والله أعلم، و (الشِّقُّ)؛ بكسر الشين: الجانبُ.

==========

[ج 2 ص 652]

(1/11340)

[حديث: كان النبي يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة]

6310# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

==========

[ج 2 ص 652]

(1/11341)

[باب: إذا بات طاهرًا]

(1/11342)

[حديث: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة.]

6311# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طرخان، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضَمِّ العين، وفتح المُوَحَّدة.

قوله: (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ): هو بفتج الجيم، تَقَدَّمَ، وقد نصَّ عليه النَّوَويُّ، ولكنَّ شيخَنا ذكر في هذا «الشرح» في (الجنائز): أنَّه بالكسر أيضًا.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ)، وفي رواية: (وجهي): المراد بـ (النفس) و (الوجه): الذَّاتُ كلُّها، والله أعلم.

قوله: (رَهْبَةً وَرَغْبَةً): أي: خوفًا من عذابك، وطمعًا في ثوابك.

قوله: (لَا مَلْجَأَ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلَا مَنْجَى): هو غير مهموزٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (عَلَى الْفِطْرَةِ): أي: على الإسلام.

قوله: (وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، قَالَ: لَا، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ): تمسَّك بهذا بعضُ من اختصر «علوم الحديث» لابن الصلاح على منع الرواية بالمعنى، وفي الرواية بالمعنى للعالِم أقوالٌ معروفةٌ، فلا نطوِّل بها، وقد تقدَّمه غيرُه، فقيل: إنَّه ليس فيه حجَّةٌ على ذلك؛ لأنَّ ألفاظ الأذكار توقيفيَّة في تعيين اللفظ وتقديرِ الثواب، وربَّما كان في اللفظ سرٌّ ليس في لفظٍ آخَرَ يرادفه، ولعلَّه أراد الجمع بين وصفه بالنبوَّة والرسالة في موضعٍ واحدٍ، لا جرمَ أنَّ النَّوَويَّ [قال]: الصوابُ جوازه؛ لأنَّه لا يختلف به هنا معنًى، والله أعلم؛ أعني: في مسألة إبدال (الرسولِ) بـ (النَّبيِّ)، وعكسِه.

(1/11343)

قال الشيخ محيي الدين حين ذكر هذا الحديثَ في «شرح مسلم»: (اختلف العلماء في سبب إنكاره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وردِّه اللفظَ؛ فقيل: إنَّما ردَّه؛ لأنَّ قوله: (آمنت برسولك) يحتمل غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من حيث اللفظُ، واختار المازريُّ وغيره: أنَّ سبب إنكاره: أنَّ هذا ذكرٌ ودعاءٌ، فينبغي فيه الاقتصارُ على اللفظ الواردِ بحروفه، وقد يتعلَّق الجزاء بتلك الحروف، ولعلَّه أُوحِيَ إليه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بهذه الكلمات، فيتعيَّن أداؤها بحروفها، وهذا القول حَسَنٌ، وقيل: لأنَّ قوله: (وبنبيِّك الذي أرسلت) فيه جزاءٌ له من حيث صنعةُ الكلام، وفيه الجمع بين النبوَّة والرسالة، فإذا قال: (رسولك الذي أرسلت)؛ فات هذان الأمران، مع ما فيه من تكرير لفظ (رسول) و (أرسلت)، وأهل البلاغة يَعيبُونه، وقد قدَّمنا في أوَّل شرح خُطبة هذا الكتاب أنَّه لا يلزم من الرِّسالة النبوَّة ولا عكسه، واحتجَّ بعض العلماء

[ج 2 ص 652]

بهذا الحديث لمنع الرواية بالمعنى، وجمهورُهم على جوازها من العارِف، ويجيبون عن هذا الحديثِ: بأنَّ المعنى هنا مختلفٌ، ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى، انتهى.

تنبيهٌ: أمَّا إبدال (الرسول) بـ (النَّبيِّ) وعكسه في الأحاديث؛ ففيه قولان معروفان، قال النَّوَويُّ: والصواب جوازه، انتهى، وقد نقل الخطيبُ عن مذهب أحمد الترخيصَ في ذلك لما سأله ابنُه صالحٌ: يكون في الحديث «رسولُ الله»، فيُجعَل «النَّبيُّ»؟ قال: أرجو أنَّه لا يكون به بأسٌ، وقال حَمَّاد بن سلمة لعَفَّانَ وبهزٍ حين جعلا يَغيِّران «النَّبيَّ» من «رسول الله»: أمَّا أنتما؛ فلا تفقهان أبدًا.

(1/11344)

[باب ما يقول إذا نام]

(1/11345)

[حديث: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور]

6312# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (عَبْد الْمَلِكِ) بعده: هو ابن عمير، و (رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (رِبعيًّا [1]) بكسر الراء، مشدَّد الياء؛ كالمنسوب إلى (الربيع)، وأنَّ (حِرَاشًا) بالحاء المُهْمَلَة المكسورة، والباقي معروفٌ، و (حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِي [2]): تَقَدَّمَ أنَّ الصحيح كتابته بالياء مع (ابن أبي الموالي)، و (ابن الهادي)، و (ابن العاصي)، وتَقَدَّمَ أنَّ (اليماني) اسمه حُسيل، ويُقال: حِسْل.

قوله: (إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (أوى) إذا كان لازمًا كهذا؛ كان الأفصح فيه قصر الهمزة، وإذا كان متعدِّيًا؛ كان الأفصح فيه مدُّها، وأنَّ هذا لغة القرآن.

قوله: (أَحْيَا وَأَمُوتُ [3]): (أَحيا): بفتح الهمزة.

قوله: (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ): يُقال: نَشَر الميتُ يَنْشُرُ نُشُورًا؛ إذا عاشَ بعد الموت، وأنشره الله؛ أي: أحياه، و (النُّشُور): البعث من القبور.

==========

[1] في (أ): (ربيعًا)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] (بن اليماني): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

[3] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَمُوتُ وَأَحْيَا).

[ج 2 ص 653]

(1/11346)

[حديث: إذا أردت مضجعك فقل اللهم أسلمت نفسي إليك]

6313# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا إسحاق) هذا: عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (أَمَرَ رَجُلًا): هذا الرجل: قال الخطيبُ البغداديُّ _كما نقله النَّوَويُّ عنه في «مبهماته» _: إنَّه أُسَيد بن الحُضَير، انتهى، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: إنَّه البراء بن عازب، كما في «التِّرْمِذيِّ»، وكذلك في «مسلم»، قال: (وجاء أنَّه أُسَيد بن حُضَير، ذكره الخطيب)، انتهى.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا إسحاق) هذا: عَمرو بن عبد الله، و (الهَمْدانيُّ)؛ بإسكان الميم، وبالدال المُهْمَلَة: نسبة إلى القبيلة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وليس في الصَّحَابة ولا التابعين ولا في أتباعهم أحدٌ يُنسَب إلى البلد، والله أعلم.

قوله: (أَوْصَى رَجُلًا): تَقَدَّمَ أعلاه الكلام عليه.

قوله: (مَضْجَعَكَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم، وأنَّ النَّوَويَّ نصَّ عليه، وأنَّ شيخَنا قال: وبالكسر.

قوله: (لَا مَلْجَأَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مهموزٌ، وأنَّ (مَنْجَى): ليس بالهمز، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْفِطْرَةِ).

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 653]

(1/11347)

[باب وضع اليد اليمنى تحت الخد الأيمنى]

قوله في الترجمة: (تَحْتَ الخَدِّ اليُمْنَى [1]): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا الدِّمَشْقيِّ، وعلى الدِّمَشْقيِّ (صح)، وفي طُرَّة أصلنا القاهريِّ: (الأيمن)، وعليها (صح)، وقد قال شيخُنا مجدُ الدين في «القاموس»: إنَّ الخدَّ مذكَّرٌ، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة ما لفظه: (قال ابن سيده في «المحكم»: قال اللحيانيُّ: الخدُّ مذكَّرٌ لا غير)، انتهى، وفي «الجمهرة»: (الخدُّ معروفٌ)، انتهى، فهذا يدلُّ على أنَّه مذكَّرٌ، وأمَّا الجوهريُّ؛ فقال: (الخدُّ في الوجه، وهما خدَّان، فلم يبيِّن أهو مذكَّرٌ أم مؤنَّثٌ، وإذا كان كذلك _أنَّ الخدَّ مذكَّرٌ_؛ فيحتمل أنَّ البُخاريَّ أنَّثه على إرادة اللحمة، أو أنَّه رأى فيه التأنيثَ، والله أعلم.

تنبيهٌ: ليس في الحديث الذي أورده تعرُّضٌ لليمين، لكن ورد التصريحُ به على غير شرطه، فأراد الإشارةَ إليه، والله أعلم، مع أنَّ الحديثَ الذي في الترجمة التي بعد هذه فيه التصريحُ بالنوم على الشِّقِّ اليمين، فيُحمَل خدُّه على اليمين خصوصًا على قول مَن يقول: إنَّ (كان) تقتضي الدوام، والله أعلم.

(1/11348)

[حديث: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.]

6314# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْد الْمَلِكِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُمَير أعلاه، و (رِبْعِيٌّ): تَقَدَّمَ ضبطه، وهو ابن حِرَاش، وتَقَدَّمَ ضبطه أيضًا أعلاه، و (حذيفة): تَقَدَّمَ أنَّه ابن اليماني.

قوله: (مَضْجَعَهُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الجيم، وأنَّ شيخَنا حكى فيه الكسرَ، وكذا (أَحْيَا): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بفتح الهمزة، وتَقَدَّمَ الكلام على (النُّشُورُ).

==========

[ج 2 ص 653]

(1/11349)

[باب النوم على الشق الأيمن]

قوله: (عَلَى الشِّقِّ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بكسر الشين، وأنَّه الجانبُ.

==========

[ج 2 ص 653]

(1/11350)

[حديث: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك]

6315# قوله: (إِذَا أَوَى): تَقَدَّمَ أنَّ الأفصح فيه القصر؛ لأنَّه لازمٌ، وتَقَدَّمَ الكلام قريبًا على (رَغْبَةً وَرَهْبَةً)، وعلى (مَلْجَأَ)، وأنَّه مهموزٌ، وعلى (مَنْجَى)، وأنَّه بغير همزٍ، وعلى (الْفِطْرَةِ)، وأنَّها الإسلام.

قوله في بعض النسخ: (رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ): فسَّره البُخاريُّ بقوله: (تُرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُرْحَمَ [1])، انتهى، وكذا قال الجوهريُّ في «صحاحِه» في (رهب) و (رحم)، وقوله: (تُرْهَبُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (تُرْحَمَ).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (تَرهَب ... تَرحَم)، وفي (ق) معًا.

[ج 2 ص 653]

(1/11351)

[باب الدعاء إذا انتبه بالليل]

(1/11352)

[حديث: اللهم اجعل في قلبي نورًا]

6316# قوله: (عَنْ سُفْيَانَ): الظاهر أنَّه الثَّوريُّ؛ وذلك لأنِّي نظرت ترجمة سلمة بن كُهَيل؛ فوجدتُ عَبْد الغَنيِّ الحافظَ في «الكمال» ذكره في الرواة عنه، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، وكذلك الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، فغلب على ظنِّي أنَّه الثَّوريُّ، وأمَّا ابن مهديٍّ؛ فإنَّه روى عنهما، وقدَّمت هنا أنَّ (سَلَمَةَ): هو ابن كُهَيل، وتقدَّمت (مَيْمُونَة) أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها، ومتى تزوَّج بها، ومتى تُوُفِّيَت، وأنَّها تُوُفِّيَت بسَرِف؛ المكانِ الذي دخل بها فيه، وأنَّها خالة ابن عَبَّاس وخالدِ بن الوليد.

قوله: (فَأَتَى حَاجَتَهُ): يعني: الخلاء.

قوله: (شِنَاقَهَا): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو، وأنَّه ما يُربَط به فم القِربة، و (وُضُوءًا): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الواو، وهو الفعل، وأمَّا الماء؛ فبالفتح، ويجوز في كلٍّ اللُّغَتان؛ الضمُّ والفتحُ، وتَقَدَّمَ (كَرَاهِيَةَ)، وأنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يجوز في اللغة: كراهي.

قوله: (فَتَمَطَّيْتُ): هو بغير همزٍ، كذا في أصلنا، وهو الصواب، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (تمطَّيت) في (غزوة بدر).

قوله: (إِنِّي كُنْتُ أَرْقُبُهُ [1]): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخةٌ: (أتَّقيه)، وعليها (صح)، وفي نسخةٍ أخرى: (أرتقبه)، وعلى هذه علامةُ نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وفي «نهاية ابن الأثير»: (إنِّي أَبْقيه)؛ يعني: بفتح الهمزة، ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، وهذه في بعض أصولنا الدِّمشقيَّة، قال: أي: أنظره وأرصده، انتهى، وكذا في «الصحاح»، ولفظه: وبقيته؛ أي: نظرتُ إليه وترقَّبتُه.

قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في (باب صلاة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم

[ج 2 ص 653]

ودُعائِه بالليل) في هذا الحديث: ووقع في «البُخاريِّ»: (أَبْقِيه)؛ بمُوَحَّدة، وقاف، ومعناه: أرقبه، وهو معنى: «أَنْتَبِهُ له»، انتهى؛ يعني: التي في «مسلم»، وفي «المطالع»: وفي الحديث الآخَرِ من رواية ابن السكن والقابسيِّ والأصيليِّ: (كنت أَبْقيه)؛ مثل رواية: (بقيت) في الحديث الأوَّل؛ أي: أرتقبه، ولغيرهم: (أتَّقيه)، وعند الطرابلسيِّ: (أبغيه)، وفي «مسلم» عند شيوخنا: (أنتبه)، ورواه أيضًا البرقانيُّ: (أرتقبه)، وأجوده: (بقيت)، و (أَبقيه)، و (ترقَّبتُ)، و (ارتقبتُ).

(1/11353)

قوله: (فَأَخَذَ بِأُذُنِي، فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ المُحَوَّلين من الشمال إلى اليمين أربعةُ أشخاص: ابنُ عَبَّاس في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وجابرُ بن عبد الله في «مسلم»، وجَبَّار بن صخر في «مسند أحمد»، وحذيفةُ بن اليماني في «زوائد معجمَي الطَّبَرانيِّ»، والله أعلم.

قوله: (فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تَقَدَّمَ أنَّ مِن خصائصه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّ وضوءَه لا ينتقض بالنوم على أيِّ صفة كان النومُ، وسواء كان طويلًا أو قصيرًا، ثقيلًا أو خفيفًا، قاعدًا أو نائمًا أو قائمًا.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تَقَدَّمَ أنَّ فيه: (يتوضَّ)، و (يتوضَّأْ)، و (يتوضَّا)، في (الوضوء) مُطَوَّلًا؛ فانظره إن أردته.

قوله: (اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا ... ) إلى آخره: قال ابن قُرقُول: هدايةً وبيانًا وضياءً للحقِّ، ويحتمل أن يريد الرزقَ الحلالَ؛ حتَّى يَقوَى به على هذه الأعضاء المذكورة للطاعة، انتهى.

قوله: (وَاجْعَلْ لِي نُورًا): وفي «مسلم»: (واجعلني نورًا)، قال ابن سبع: من خصائصه عليه السلام أنَّه كان نورًا، فكان إذا مشى في الشمس أو القمر؛ لا يظهر له ظلٌّ، ويشهد له أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلَ في جميع أعضائِه وجهاتِه نورًا، وختم ذلك بقوله: «واجعلني نورًا»، انتهى.

وقد ذكر شيخنا ابن العاقوليِّ في «الرَّصْف» عن ذكوان مولى عائشةَ: (أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يكن يُرَى له ظلٌّ في شمسٍ ولا قمرٍ، وله أثر قضاء حاجة)، أخرجه أبو عبد الله الحَكِيمُ التِّرْمِذيُّ، وقال: (معناه: لا يطأ عليه كافرٌ يكون له مذلَّة)، انتهى.

وقد رأيت أنا في «مسند أحمد» من حديث صفيَّة بنت حُيَيٍّ حديثًا، وفيه: (فلمَّا كان ربيع الأوَّل؛ دخل عليها، فرأت ظلَّه، فقالت: إنَّ هذا ظلُّ رجلٍ، وما يدخل عليَّ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فمَن هذا؟ ... )؛ الحديث، ولعلَّ هذا كان قبل الدُّعاء، فإنَّ ابن عَبَّاس متأخِّرُ الصحبة، وهو راوي حديث: «واجعلني نورًا»، والله أعلم.

(1/11354)

قوله: (وَسَبْعٌ فِي التَّابُوتِ): قال ابن قُرقُول: قيل: معناه: نسيتها، وقد وقع في رواية أبي الطاهر في «مسلم»: (ونسيتُ ما بقي)، فقد يريد: أنَّها كانت عنده مكتوبةً في كتبه في تابوته، كذا قال بعضُهم، وقد يحتمل عندي أن يريدَ: أنَّها في جسده وجوفه، ألا تراه كيف قال: (فلقيت بعضَ ولد العَبَّاس، فحدَّثني بهنَّ، فذكر: عصبي، ولحمي، ودمي، وشَعري، وبشري؟ ويكون نسيانه لما بقي من تمام السبعة، انتهى، وفي «النهاية»: أصل (التابوت): الأضلاع وما تحويه، والكبدُ [2]، وغيرُهما؛ تشبيهًا [3] بالصندوق الذي يُحرَز فيه المتاع؛ أي: أنَّه مكتوبٌ موضوعٌ في الصندوق، انتهى.

قوله: (فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ، فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ): قائل ذلك هو سلمة بن كُهَيل، كذا قاله الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، وفي طرَّة أصلنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة: قيل: هو عليُّ بن عبد الله بن العَبَّاس، قاله أبو ذرٍّ، انتهى، يعني: الرجل المبهم من ولد العَبَّاس، وقال بعضُ حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين: هو داود بن عليِّ بن عبد الله بن العَبَّاس، رواه التِّرْمِذيُّ وغيرُه من جهته، انتهى.

والقائل (فلقيت): هو سلمة بن كُهَيل الراوي له عن كُرَيب، لا كُرَيب، وقيل: هو كُرَيب، والذي لقيه عليُّ بن عبد الله بن عَبَّاس.

قوله: (فَذَكَرَ: عَصَبِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعَرِي وَبَشَرِي، وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ): في «مسلم»: «في لساني نورًا، وفي نفسي نورًا»، وقال شيخنا: قال ابن بَطَّال: وقد وجدتُ الخَصْلَتَين من رواية داود بن عليِّ بن عبد الله بن عَبَّاس عن أبيه: وهما: اللهم اجعل نورًا في عظامي، ونورًا في قبري، انتهى، وقال الداوديُّ: والخَصْلَتين: العظم والمخُّ، انتهى، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (أَتَّقِيهِ).

[2] كذا في (أ) مضبوطًا، ولعلَّه من عطف الخاصِّ على العام، وعبارة «النهاية»: (أرادَ بالتَّابوت: الأضلاع وما تَحْوِيه؛ كالقلب والكبد وغيرهما).

[3] في (أ): (نسبتها)، والمثبت من مصدره.

(1/11355)

[حديث: اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض]

6317# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنَديُّ، ويترجَّح أنَّه المسنَديُّ بما ذكرتُه عن بعض الحُفَّاظ في عصرنا في (الجمعة)، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة.

قوله: (أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ): قال ابن قُرقُول: (الله نورٌ)؛ أي: ذو نورٍ؛ أي: خالق النور، وقيل: مُنَوِّر الدنيا بأنوار الفَلَك، وقيل: مُنَوِّر قلوبَ عباده بالهداية والمعرفة، وقال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في شرح هذا الحديث: قال الخَطَّابيُّ في تَفْسِيرِ اسمِهِ (النُّور): معناه: الذي يبصر بنوره ذو العَماية، وبهدايته يَرشُد ذو الغَوَاية، قال: ومنه: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35]؛ أي: منه نورُهُما، قال: ويحتمل أن يكون معناه: ذو النور، ولا يصحُّ أن يكون النورُ صفةَ ذاتِ الله تعالى، وإنَّما هو صفةُ فعلِه؛ أي: هو خالقه، وقال غيره: معنى {نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: مدبِّر شمسها وقمرها ونجومها.

قوله: (أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ): قال العلماء: من صفاته: القَيَّام، والقَيِّم، والقيُّوم بنصِّ القرآن، وقائم، ومنه قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: 33]، قال الهرويُّ: ويقال: قَوَّام، قال ابن عَبَّاس: القيُّوم: الذي لا يزول، وقال غيره: هو القائم على كلِّ شيءٍ؛ ومعناه: مُدَبِّر أمر خلقه، وهما سائغان في تفسير الآية والأحاديث.

==========

[ج 2 ص 654]

(1/11356)

[باب التكبير والتسبيح عند المنام]

(1/11357)

[حديث: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم]

6318# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تَقَدَّمَ مِرارًا، ابن عتيبة، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (ابْن أَبِي لَيْلَى) بعده: هو عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى الأنصاريُّ، عالم الكوفة، تَقَدَّمَ.

قوله: (مِنَ الرَّحَى): هي التي يُطحَن بها، قال الجوهريُّ: (الرحى: معروفةٌ مؤنَّثةٌ، والأَلِفُ منقلبةٌ من الياء، تقول: هما رَحَيَان، وأنشد بيتًا لمُهَلْهِل، ثُمَّ قال: وكلُّ مَن مدَّ؛ قال: رحاء، ورحاءان، وأرحية؛ مثل: عطاء، وعطاءان، وأعطية، جعلها منقلبة من الواو، ولا أدري ما حُجَّته؟ وما صحَّته؟)، انتهى.

قوله: (إِذَا أَوَيْتُمَا): تَقَدَّمَ أنَّه بقصر الهمز؛ وذلك لأنَّه لازمٌ، والأفصح: قصرُها في اللازم، وإذا كان متعدِّيًا؛ كان الأفصحَ مدُّها، والله أعلم.

قوله: (فَكَبِّرَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ... ) إلى آخره: قال الحافظ أبو العَبَّاس ابن تيمية ما معناه: (بلغنا أنَّ الشخص إذا حافظ على هذا الذِّكْر عند المنام؛ لا يصيبه إعياءٌ).

قوله: (وَعَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: التَّسْبِيحُ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، رواه سليمان بن حرب عن شعبة به، هذا الذي يظهر من كلام المِزِّيِّ، ولفظه: (وزاد في حديث سليمان عن شعبة، عن خالدٍ الحَذَّاء، عن ابن سيرين قال: «التسبيح أربع وثلاثون») انتهى؛ يعني: في هذا الحديث، وقد ذكره المِزِّيُّ في «المراسيل» في ترجمة مُحَمَّد بن سيرين، ثُمَّ قال في ترجمة الحكم: عن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عن عليٍّ، انتهى.

و (خالد): هو الحَذَّاء، و (ابن سيرين): مُحَمَّد، وقد أخرجَ حديثَ مُحَمَّد بن سيرين التِّرْمِذيُّ في (الدعوات) عن أبي الخطَّاب زياد بن يحيى البصريِّ، عن أزهر بن سعد السَّمَّان، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن عَبيدة بن عَمرو السَّلْمانيِّ، عن عليٍّ بطوله، وقال: حسنٌ غريبٌ، وعن مُحَمَّد بن يحيى عن أزهرَ السَّمَّان به مختصرًا، والنَّسائيُّ في «عشرة النساء» عن أبي الخطَّاب زياد بن يحيى به، والله أعلم.

(1/11358)

[باب التعوذ والقراءة عند المنام]

(1/11359)

[حديث: أن رسول الله كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه]

6319# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام، و (عُقَيْلٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم، وأنَّ شيخَنا حكى فيها الكسر أيضًا.

قوله: (نَفَثَ): تَقَدَّمَ الكلام على (النَّفْث)، وأنَّ الشيخ محيي الدين قاله: النفث: نفخٌ لطيفٌ لا ريق معه، وتَقَدَّمَ [ما] قال غيرُه.

[ج 2 ص 654]

قوله: (وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ): هي بكسر الواو، وهي {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، والمعوِّذتان.

(1/11360)

[باب عموم الذكر عند لنوم وما هو بمعنى التعوذ]

(1/11361)

[حديث: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة]

6320# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية بن حُدَيج، أبو خيثمة الحافظ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ): هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، الفقيه، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبرِيُّ): بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، واسم والد سعيد كيسانُ.

قوله: (إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ (أوى) هنا لازمٌ، وإذا كان لازمًا؛ فالأفصح فيه قصر الهمزة، وإن كان متعدِّيًا؛ كان الأفصحَ فيه مدُّها.

قوله: (بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ): (داخِلة الإزار)؛ بالدال المُهْمَلَة، وبالخاء المُعْجَمَة المكسورة، ثُمَّ لام، ثُمَّ تاء التأنيث: طَرَفه وحاشيته من داخلٍ، وإنَّما أمره بداخِلة إزاره دون خارجته؛ لأنَّ المؤتَزِر يأخذ إزاره بيمينه وشماله، فيكون ما بشماله على جسده، وهي داخِلةُ إزاره، ثُمَّ يضع ما بيمينه فوق داخلته، فمتى عاجله أمرٌ وخشي سقوطَ إزاره؛ أمسكه بشماله، ودفع عن نفسه بيمينه، فإذا صار إلى فراشه، فحلَّ إزاره؛ فإنَّما يَحُلُّ بيمينه خارجة الإزار، وتبقى الداخلة معلَّقةً، وبها يقع النَّفْض؛ لأنَّها غير مشغولة اليد، والله أعلم.

قوله: (مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ): هو بتخفيف اللام؛ يعني: فراشه؛ أي: ما صار فيه بعده من الهَوَامِّ.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): الضمير في (تابعه) يعود على زهير؛ هو ابن معاوية الحافظ، و (أبو ضمرة): هو أنس بن عياض، أبو ضمرة الليثيُّ المدنيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، روى له الأربعة، ومتابعة أبي ضمرة أخرجها مسلمٌ في (الدعوات) عن إسحاق بن موسى عن أبي ضمرة، و (إسماعيل بن زكرياء): هو ابن مرَّة، أبو زياد الأسَديُّ مولاهم، الخُلقانيُّ الكوفيُّ، نزيل بغداد، ولقبه شَقُوصَا، أخرج له الجماعة، ومتابعة إسماعيل لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا، و (عُبيد الله): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم الفقيه.

(1/11362)

قوله: (وَقَالَ يَحْيَى وَبِشْرٌ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (يحيى)؛ فهو ابن سعيد الأنصاريُّ، وتعليق يحيى أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عَمرو بن عليٍّ، ومُحَمَّد بن المثنى؛ كلاهما عن يحيى بن سعيد، وأمَّا (بِشْر)؛ فهو بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وهو ابن المفضَّل، ومتابعة بِشْر لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجها شيخُنا رحمه الله.

والحاصلُ: أنَّ زُهيرًا وأبا ضمرة أنسَ بن عياض وإسماعيلَ بنَ زكرياء روَوه عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأنَّ يحيى بن سعيد الأنصاريَّ وبِشْرَ بن المفضَّل روياه عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد، عن أبي هريرة؛ بإسقاط أبيه.

قوله: (وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَابْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (مالك)؛ فمالكٌ الإمامُ المجتهدُ، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (التوحيد) عن عبد العزيز الأويسيِّ عنه به، انتهى، وقال شيخنا: متابعة مالك أخرجها الدَّارَقُطْنيُّ في كتابه «حديث مالك؛ الغرائب» عن أبي بكر النيسابوريِّ إلى عبد العزيز بن عبد الله الأويسيِّ: حدَّثني عبد الله بن عمر العمريُّ ومالكُ بن أنس عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، عن رسول الله ... )، فذكره، ثُمَّ قال: هذا حديثٌ غريبٌ من حديث مالكٍ عن المقبريِّ عن أبي هريرة، ولا أعلم أسنده عنه إلَّا الأويسيُّ، ورواه إبراهيم بن طهمان عن مالك مرسلًا عن سعيد: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ، قال: وقال لنا أبو بكر النيسابوريُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ عن المقبريِّ ... إلى آخر كلام شيخنا فيه، وقد علمتَ أنَّها في «البُخاريِّ»، كما قدَّمته لك.

وأمَّا (ابن عجلان)؛ فهو مُحَمَّد بن عجلان، والله أعلم، وأمَّا متابعة ابن عجلان؛ فأخرجها التِّرْمِذيُّ في (الدعوات) عن ابن أبي عمر، عن سفيان، عن ابن عجلان، وقال: حسنٌ، والنَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن قُتَيْبَة بن سعيد، عن يعقوب بن عبد الرَّحْمَن، عن ابن عجلان.

(1/11363)

[باب الدعاء نصف الليل]

قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ): قال في هذه الترجمة: (نصف الليل)، وفي الحديث: «حين يبقى ثلث الليل الآخر»، وقد تَقَدَّمَت روايات النزول في (كتاب الصلاة)، وأنَّها ثلاثُ رواياتٍ، وأصحُّها ما أخرجه البُخاريُّ: «حين يبقى ثلث الليل الآخِر»، وذكرت جمعًا هناك؛ فانظره.

وقال شيخنا هنا: إن قلت: كيف ترجم (الدعاء نصف الليل)، وذكر الحديث: أنَّ النزول في ثلث الليل الآخِر؟ قيل: إنَّما أخذ ذلك من قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} [المزمل: 2 - 3]، فالترجمة تقوم من دليل القرآن، والحديثُ يدلُّ على أنَّ وقت الإجابة ثلثُ الليل، إلَّا أنَّ ذكر النصف في كتاب الله يدلُّ على تأكيد المحافظة على وقت النزول قبل دخوله؛ ليأتيَ وقتُ الإجابة والعبدُ مُرتَقِبٌ له، مستعدٌّ للإنابة، فيكون ذلك سببًا للإجابة، وينبغي ألَّا يمرَّ وقتٌ _ليلًا كان أو نهارًا_ إلَّا أحدث العبدُ فيه دعاءً وعبادةً لله تعالى، انتهى.

==========

[ج 2 ص 655]

(1/11364)

[حديث: يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا]

6321# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَغَرُّ): بفتح الهمزة، وبالغين المُعْجَمَة، وبالراء المُشَدَّدة، واسمه سلمان المدنيُّ، مولى جُهينة، عن أبي هريرة في الكتب كلِّها، وعن أبي الدرداء، وعمَّار، وأبي أيُّوب، وغيرِهم، وعنه: الزُّهْرِيُّ، وبُكَيْر بن الأشجِّ، وعِمران بن أبي أنس، وعبد الله بن دينار، وجماعةٌ، قال شعبة: كان الأغرُّ قاصًّا من أهل المدينة، وكان رضًا، وقال الواقديُّ: سمعت وُلْدَه يقولون: لقي عُمرَ، قال عَبْد الغَنيِّ بن سعيد: سلمان الأغرُّ، عن أبي هريرة، وهو أبو عبد الله الأغرُّ الذي روى عنه الزُّهْرِيُّ وغيره، وهو أبو عبد الله المدنيُّ، مولى جُهينة، وهو أبو عبد الله الأصبهانيُّ الأغرُّ، وهو مسلمٌ المدينيُّ، عن أبي هريرة وأبي سعيد، وعنه: الشَّعْبيُّ، وقال قومٌ: هو _الآخِرُ_ مسلمٌ الذي روى عنه أهل الكوفة، فهو زعمٌ باطلٌ؛ لأنَّ الكوفيَّ اسمُه الأغرُّ، وصاحب الترجمة اسمه سلمان، ولقبه الأغرُّ، احتجَّ لذلك بأشياء حسنةٍ، أخرج لسلمانَ الأغرِّ الجماعةُ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عوف الزُّهْرِيُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (يُنْزَلُ [1] رَبُّنا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الصلاة)، ومَن قاله بضَمِّ (يُنزَل) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (فَأَسْتَجِيبَ لَهُ): هو بنصبٍ، وكذا قوله: (فَأُعْطِيَهُ)، وكذا (فَأَغْفِرَ لَهُ)، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يتَنزَّلُ)، وفي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ: (يَنزِلُ).

[ج 2 ص 655]

(1/11365)

[باب الدعاء عند الخلاء]

قوله: (عِنْدَ الْخَلَاءِ): هو بفتح الخاء المُعْجَمَة، وبالمدِّ، وهو مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 655]

(1/11366)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.]

6322# قوله: (مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما.

==========

[ج 2 ص 655]

(1/11367)

[باب ما يقول إذا أصبح]

(1/11368)

[حديث: سيد الاستغفار اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت]

6323# قوله: (حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ): هو ابن ذكوان المعلِّم، و (بُشَيْر بْن كَعْبٍ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمَة.

قوله: (سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على (سيِّد الاستغفار) في أوَّل هذا الكتابِ؛ (كتابِ الدعاء)؛ فانظره.

[ج 2 ص 655]

قوله: (وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل (كتاب الدعاء)، وكذا (ما استطعتُ)، وكذا (أَبُوءُ)، وأنَّه بالهمز في آخره، وأنَّ معناه: أُقِرُّ وأعترفُ.

قوله: (مِثْلهُ): يجوز فيه الرفع والنصب، وهما ظاهران.

(1/11369)

[حديث: باسمك اللهم أموت وأحيا]

6324# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضلُ بن دُكَين الحافظُ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (رِبْعِيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الراء، مشدَّد الياء؛ كالمنسوب إلى (الربيع)؛ الفصلِ المعروفِ، و (حِرَاشٌ): تَقَدَّمَ أيضًا أنَّه بكسر الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف الراء، وفي آخره شين معجمة، و (حُذَيْفَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن اليماني حُسَيل، ويقال: حِسْل، وهما صحابيَّان؛ حذيفةُ وأبوه.

قوله: (وَأَحْيَا): تَقَدَّمَ [1] أنَّه بفتح الهمزة، وهذا ظاهِرٌ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (النُّشُورُ)، وأنَّه البَعث من القبور.

(1/11370)

[حديث: كان النبي إذا أخذ مضجعه من الليل قال: الحمد لله ... ]

6325# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبه، و (أَبُو حَمْزَةَ): بالحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن ميمون السُّكريُّ، وأنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ) تَقَدَّمَ، و (خَرَشَة بْن الْحُرِّ): بفتح الخاء المُعْجَمَة والراء والشين المُعْجَمَة، ثُمَّ تاء التأنيث، و (الحُرِّ): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وتشديد الراء، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا، جُندب بن جنادة، وقيل غير ذلك، من السابقين.

قوله: (إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم، وأنَّ شيخَنا قال: وبكسرها، وكذا تَقَدَّمَ (وَأَحْيَا): أنَّه بفتح الهمزة، وكذا (النُّشُورُ).

==========

[ج 2 ص 656]

(1/11371)

[باب الدعاء في الصلاة]

(1/11372)

[حديث: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب.]

6326# قوله: (أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (يَزِيدُ) بعده: هو يزيد بن أبي حَبِيب، عالم أهل مصر، و (أَبُو الخَيْر)؛ بالخاء المُعْجَمَة، والمُثَنَّاة تحت: مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، أبو الخير المصريُّ، و (أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيِق): عبد الله بن عثمان، أشهر من أن يُذكَر.

قوله: (ظُلْمًا كَثِيرًا): هو بالمُثَلَّثَة في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (كبيرًا)، وللقابسيِّ بالثاء المُثَلَّثَة، انتهى، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ رحمه الله ما معناه: رُويَ: (كثيرًا) بالمُثَلَّثَة وبالمُوَحَّدة، وينبغي أن يُجمَع بينهما، فنقول: (ظلمًا كثيرًا كبيرًا) انتهى، وفي هذا وقفةٌ؛ وذلك لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يقلهما جملةً، إنَّما قال واحدًا منهما، والظاهر أنَّه قاله مرَّةً بالمُثَلَّثَة، ومرَّةً بالمُوَحَّدة، والذي ينبغي أن يقولَه كذلك؛ فمرَّةً كذا، ومرَّةً كذا، والله أعلم.

قوله: (مِنْ عِنْدِكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (وَقَالَ عَمْرُو بنُ الحَارِثِ [1]): كذا هو منسوبٌ في نسخةٍ في أصلنا (عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ [2]: سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو: قَالَ أَبُو بَكْرٍ [3] لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (عمرو)؛ فهو ابن الحارث، كما في نسخة، و (يزيد): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي حَبِيب، و (أبو الخير): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، وأنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

والحاصلُ: أنَّ الرواة اختلفوا في هذا الحديث؛ فجعله بعضُهم من مسند أبي بكر الصِّدِّيق، وبعضُهم من مسند عبد الله بن عَمرو بن العاصي، وكلا الطريقَين أخرجها البُخاريُّ، وقد أخرج تعليقَ عَمرو بن الحارث به البُخاريُّ في (التوحيد) عن يحيى بن سليمان، وأخرجها مسلم في (الدعوات) عن أبي الطاهر؛ كلاهما عن ابن وهب، عن عَمرو بن الحارث به، وأخرجها النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن أبي الطاهر عن ابن وهب به، والله أعلم.

(1/11373)

[حديث عائشة في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}]

6327# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): قال المِزِّيُّ في تطريف هذا الحديث وحديثٍ آخَرَ رواه البُخاريُّ عن عليٍّ: أُنزِلَت هذه: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] ... )؛ الحديث، البُخاريُّ في (الدعوات) عن عليٍّ، عن مالك بن سُعَيْر، عن هشام به، على هذا قال أبو مسعودٍ في الحديث الأوَّل _يعني: (أُنْزِلَت هذه الآية) _: هو ابن سلمة، وقال في الحديث الثاني _يعني: هذا الذي نحن فيه_: يُقال: هو ابن سلمة، انتهى.

والأوَّل أخرجه البُخاريُّ في (التفسير)، وقد تَقَدَّمَ في (سورة المائدة) الكلامُ على ذلك بأطولَ من هذا من عند الجَيَّانيِّ، وذكرت هناك كلامَ المِزِّيِّ، والله أعلم.

و (مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ): بضَمِّ السين وفتح العين المُهْمَلَتين، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهذا ظاهِرٌ عند أهلِه.

قوله: ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110] ... ) إلى آخره: إنَّها نَزَلَتْ فِي الدُّعَاءِ، وقد تَقَدَّمَ في (سورة سبحان) حديثُ عائشة هذا، وحديثُ ابن عَبَّاس: (أنَّها نَزلت في القراءة في الصلاة) [خ¦4722]، وذكرت هناك ما صحَّحه الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ، والله أعلم؛ فانظره.

(1/11374)

[حديث: إن الله هو السلام فإذا قعد أحدكم في الصلاة ... ]

6328# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا على (التَّحِيَّاتُ).

==========

[ج 2 ص 656]

(1/11375)

[باب الدعاء بعد الصلاة]

قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ): ذكر الإمام البُخاريُّ في الباب حديثين؛ الأوَّل فيه: التسبيح، والتحميد، والتكبير، وهذا ثناءٌ وذكرٌ، وليس فيه من الدعاء شيءٌ، غير أنَّ المرء إذا أثنى على الله عزَّ وجلَّ؛ كفاه مِن تعرُّضه ذلك الثناء، ولقوله عليه السلام عن الله: «مَن شغله ذكري عن مسألتي ... »؛ الحديث، والحديث الثاني: (كان يقول في دُبر كلِّ صلاة ... )؛ الحديث، وليس صريحًا في أنَّه يقولُه بعد الفراغ من الصلاة، فإنَّ دُبُر الشيء منه، ودبر الصلاة: آخِرُ وقتها، وآخِرُ وقتها منها، وهذا الدعاء يقوله في آخِرِ الصلاة، والحاصلُ: أنَّه ليس صريحًا في الدعاء بعد الفراغ من الصلاة.

وقد قال ابن القَيِّمِ في «الهدي»: وأمَّا الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبلَ القِبلة أو المأمومين؛ فلم يكن ذلك من هَدْيِه أصلًا، ولا رُوِيَ عنه بإسنادٍ حسنٍ ولا صحيحٍ، وأمَّا تخصيص ذلك بصلاتَي الفجر والعصر؛ فلم يفعله هو ولا أحدٌ من خُلفائه، ولا أرشد إليه أمَّتَه، وإنَّما هو استحسانٌ رآه مَن رآه عوضًا من السُّنَّة بعدَهما، والله أعلم، وعامَّة الأدعية المتعلِّقة بالصلاة إنَّما فعلها فيها، وأمر بها فيها، وهذا هو اللائق بحال المصلِّي، فإنَّه مقبلٌ على ربِّه يناجيه ما دام في الصلاة، فإذا سلَّم منها؛ انقطعت تلك المناجاة ... إلى أن قال: إلَّا أنَّ ههنا نكتةً لطيفةً؛ وهي أنَّ المصليَ إذا فرغ من صلاته وذكر الله، وهلَّله، وسبَّحه، وحَمِدَه، وكبَّره، بالأذكار المشروعة عقيب الصلاة؛ استُحِبَّ له أن يصلِّيَ على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعد ذلك، وأن يدعوَ بما شاء، ويكون دعاؤه عقيب هذه العبادة الثانية، لا لكونه دُبُر الصلاة، فإنَّ كلَّ مَن ذَكَرَ الله، وحَمِده، وأثنى عليه، وصلَّى على رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ استُحِبَّ له الدعاءُ عَقيب ذلك؛ كما في حديث فَضالة بن عبيد: «إذا صلَّى أحدُكم؛ فليبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثُمَّ ليصلِّ على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثُمَّ ليدعُ ما شاء»، قال التِّرْمِذيُّ: حديثٌ صحيحٌ، انتهى.

(1/11376)

وقال أيضًا في «الهدي» في (الدعاء عند الجمرتين، ولم يدعُ في الثالثة) ما لفظه: (وهذه كانت سُنَّتَه في دعائه في الصلاة، كان يدعو في صُلبها، وأمَّا بعد الفراغ منها؛ فلم يثبت عنه أنَّه كان يعتادُ الدعاءَ، ومَن روى عنه ذلك؛ فقد غلط عليه، وإن رُويَ في غير «الصحيح» أنَّه كان أحيانًا يدعو بدعاءٍ عارضٍ بعد السلام، وفي صحَّته نظرٌ، وبالجملة فلا ريب أنَّ عامَّة أدعيته التي كان يدعو بها وعَلِمَها الصِّدِّيق إنَّما هي في صُلب الصلاة، وأمَّا حديث معاذٍ: «لا تنسَ أن تقولَ دُبُر كلِّ صلاة: اللَّهمَّ أعنِّي على ذكرك ... »؛ الحديث؛ فـ «دُبُر الصلاة» يُراد به: آخرُها قبل السلام منها؛ كدُبُر الحَيَوَان، ويُراد ما بعد السلام منها؛ كقوله: «تُسَبِّحُون [1] الله في دُبُر كلِّ صلاةٍ ... »؛ الحديث)، انتهى.

(1/11377)

[حديث: أفلا أخبركم بأمر تدركون من كان قبلكم]

6329# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ): تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ قال في (الشهادات)، و (النكاح)، و (الدعاء): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا يزيد)، وأنَّ الجَيَّانيَّ قال: إنَّه لم يجده منسوبًا لأحد من شيوخه، قال: وقد صَرَّحَ بنسبه في (باب شهود الملائكة بدرًا)، فقال: (حدَّثنا إسحاق بن منصور: أخبرني يزيد بن هارون) انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وزان (عُلَيٍّ)؛ مُصَغَّرًا، وأنَّه مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ): القائلون لا أعرفهم بأعيانهم، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين: تَقَدَّمَ في أواخر (صفة الصلاة) أنَّ قائل ذلك فقراء المهاجرين، وسُمِّيَ منهم في رواية النَّسائيِّ في «اليوم والليلة»: أبو الدرداء، أخرجه من طريق أبي عمر الضَّبِّيِّ وأبي صالح؛ كلاهما عن أبي الدرداء، قال: (قلت: يا رسول الله)، وسُمِّيَ منهم أيضًا: أبو ذرٍّ، أخرجه الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» من وجهٍ آخَرَ عن أبي هريرة، وأخرجه أحمدُ، وابنُ خزيمة، وابنُ ماجه، من حديث أبي ذرٍّ نفسِه، انتهى، تنبيهٌ: أبو الدرداء أنصاريٌّ.

قوله: (ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ): هو بضَمِّ الدال المُهْمَلَة، وضمِّ الثاء المُثَلَّثَة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء، جمع (دَثْر)؛ بفتح الدال المُهْمَلَة، وإسكان الثاء المُثَلَّثَة، قال شيخُنا: وحُكِيَ التحريكُ، انتهى، و (الدَّثْر): المال الكثير، يُقال: مال دَثْر، ومالان دَثْرٌ، وأموال دَثْرٌ، لا يُثَنَّى ولا يُجمَع، و (الدُّثور) في غير هذا: دثر الشيءُ؛ إذا درس، وجاء في رواية المروزيِّ: (أهل الدور)، وهو تصحيفٌ، وقد تَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق، والله أعلم.

[ج 2 ص 656]

(1/11378)

قوله: (فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ): قال ابن قُرقُول: قال الخَطَّابيُّ: الدَّبْرُ _بفتح الدال، وسكون الباء_ والدُّبُر _ بضمِّهما_ أيضًا: آخرُ وقت الشيءِ، وكذا الرواية بضَمِّ الدال والباء، وفي كتاب «اليواقيت» المعروفِ في اللغة: (دَبْر) _في مثل هذا_ بفتح الدال، وإسكان الباء، ومنه: جعلته دَبْر أُذُني؛ أي: خلفي، وأمَّا الجارحة؛ فالبضمِّ في الدال مع ضمِّ الباء وإسكانها أيضًا، وقد تَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق.

قوله: (تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُمَيٍّ): الضمير في (تابعه) يعود [على] ورقاء، و (عبيد الله بن عمر): هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، الفقيهُ، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ ضبطه، ومتابعة عبيد الله أخرجها البُخاريُّ في (الصلاة) عن مُحَمَّد بن أبي بكر، وأخرجها مسلم فيها عن عاصم بن النَّضْر، والنَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن مُحَمَّد بن عبد الأعلى؛ ثلاثتهم عن مُعتمر بن سليمان عن عبيد الله بن عمر به.

قوله: (وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ سُمَيٍّ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ): أمَّا (ابن عجلان)؛ فهو مُحَمَّد بن عجلان، وروايته أخرجها مسلمٌ في (الصلاة).

قوله: (وَرَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ): أمَّا (جَرِير)؛ فهو ابن عبد الحميد، و (عبد العزيز بن رُفَيع): بضَمِّ الراء، وفتح الفاء، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو الدَّرْدَاءِ): عُوَيمر، وقيل غيرُ ذلك، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهذا التعليقُ _تعليقُ جَرِيرٍ_ أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن إسحاق بن إبراهيم عن جَرِير به، والله أعلم.

قوله: (وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (سُهَيل)؛ فهو سُهَيل بن أبي صالح السَّمَّان، أبو يزيدَ، عن أبيه وابن المُسَيّب، وعنه: شعبة، والحَمَّادان، وعليُّ بن عاصم، قال ابن معين: هو مثل العلاء بن عبد الرَّحْمَن، وليسا بحُجَّة، وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجُّ به، ووَثَّقَهُ ناسٌ، تُوُفِّيَ سنة (140 هـ)، قرنه البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وما رواه سُهَيلٌ أخرجه مسلمٌ في (الصلاة) عن أُمَيَّة بن بِسطام، عن يزيد بن زُرَيع، عن رَوح بن القاسم، عن سُهَيل به، والله أعلم.

(1/11379)

[حديث معاوية: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد]

6330# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (المُسَيَّب بْن رَافِعٍ): بفتح يائه بلا خلاف، و (وَرَّاد): بفتح الواو، وتشديد الراء، وفي آخره دال مهملة.

قوله: (كَتَبَ الْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على الرواية بالمكاتبة، سواء جرَّدها من الإجازة كهذه، أو أجاز معها، وأنَّها صحيحةٌ، مُطَوَّلًا، و (معاوية): ابن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمسٍ، الخليفةُ، تَقَدَّمَ، رضي الله عنهما.

قوله: (في دُبُرِ صَلَاتِهِ [1]): تَقَدَّمَ الكلام على (الدبر) أعلاه وقبله أيضًا.

قوله: (وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ): قال ابن قُرقُول: المشهور الفتح، وبالوجهين رَويناه؛ أي: البَخْتُ والحظُّ، أو العَظَمَةُ والسُّلطان، أو الغنى والمال؛ كقوله: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} [الشعراء: 88]، والمعاني متقاربةٌ، وأمَّا رواية الكسر؛ فمعناه: الحرص في أمور دنياه لا ينفعه ممَّا كُتِبَ له من الرزق فيها، وأنكر أبو عبيدٍ روايةَ الكسر التي قيَّدناها في «المُوطَّأ» عن أحمد بن سعيد بن حزم، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق.

قوله: (وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ المُسَيَّبَ): (منصور): هو ابن المعتمر، و (المُسَيَّب): هو ابن رافع المذكورُ في سند هذا الحديث، وإنَّما أتى بتعليق شعبة؛ لأنَّ منصورًا عنعن في السند الأول، وهنا صَرَّحَ بالسماع من المُسَيَّب، ومنصورٌ لا أعلم أحدًا ذكره بالتدليس، ولكن ليخرجَ من الخلاف، ويدلَّ على اللُّقِيِّ، ورواية شعبة عن منصور لم أرَها إلَّا ما هنا، ولم يذكرها شيخُنا رحمه الله.

(1/11380)

[باب قول الله تعالى: {وصل عليهم} ... ]

قوله: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأمير، و (عُبَيْدٌ أَبُو عَامِرٍ): هو عمُّ أبي موسى الأشعريِّ، وهو عُبيد بن سُلَيم بن حَضَّار، استُشهِد يوم أوطاس، مشهورٌ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 657]

(1/11381)

[حديث: ما هذه النار على أي شيء توقدون؟]

6331# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كان فتح خيبر مع الاختلاف في ذلك غَيْرَ مَرَّةٍ.

قوله: (فَقَالَ [2] رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَيْ [3] عَامِرُ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه.

تنبيهٌ: وقع في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (أي أبا عامر)، وهو خطأ محضٌ، وقد ضبَّبتُ أنا على (أبا)، والصوابُ حذفُها، ولكن في بعض النسخ: (أَيَا عامر)؛ بالنداء، فمِن هنا نشأ الخطأ، جمع الناسخُ بين نسختين؛ وهما (أي)، وفي نسخة: (أيا)، فحصل هذا الخطأ، والله أعلم، ولكن في أصلنا نقط (أبا) بواحدةٍ فقط.

قوله: (أَيْ عَامِرُ): (عامرٌ) هذا: هو ابن الأكوع، وتَقَدَّمَ أنَّه عمُّ سلمة بن عمرو بن الأكوع، وتَقَدَّمَ ما وقع في «صحيح مسلم»، وجمعتُ بينه وبين غيره في (غزوة خيبر)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (هُنَيْهَاتِكَ) في (خيبر)، وكذا (الرَّجُلُ مِنَ القَومِ) الذي قال: (لَوْلَا مَا [4] مَتَّعْتَنَا بِهِ)، وأنَّه عمر بن الخَطَّاب، وهو القائل: (وَجَبَتْ)، وتَقَدَّمَ مستند عمر بن الخَطَّاب في ذلك في قوله: (وجبت)؛ أي: وجبت له الشهادةُ، وعلى (الحُمُرِ الإنْسِيَّة)، وعلى (نُهَْرِيقُ)، وأنَّه بفتح الهاء وإسكانها، وعلى (الرَّجُل) الذي قال: (أَلَا نُهَرِيقُ مَا فِيهَا؟)، وأنِّي لا أعرفه، وأنَّ بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين قال: يحتمل أن يكون عمرَ بن الخَطَّاب، انتهى، وعلى (أَوْ ذَاكَ)، وأنَّها ساكنة الواو على الإباحة والتسوية، ولا يجوز الفتح، قاله ابن قُرقُول، وقال بعضُهم: إنَّه بفتح الواو على التقرير، انتهى، وفيه نظرٌ، بل هو خطأ محضٌ، والله أعلم.

(1/11382)

[حديث: اللهم صل على آل أبي أوفى.]

6332# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه، وأنَّها إلى جدِّه فُرهُود، والنسبة إلى (فُرهود): فرهوديٌّ [1] وفراهيديٌّ، وتَقَدَّمَ بعضُ ترجمته، و (ابْن أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن [أبي] أوفى

[ج 2 ص 657]

علقمةَ بنِ خالد بن الحارث بن أبي أُسَيد بن رفاعة الأَسلَميِّ، أتى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بصدقته، فصلَّى على آله، وعبدُ الله وأبوه صحابيَّان، تقدَّما.

قوله: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ [2] فُلَانٍ ... ) إلى آخره: (آل الرجل): أهلُه وعياله، و (آله) أيضًا: أتباعُه، فيحتمل أنَّه عليه السلام كان إذا جاءهُ أحدٌ بصدقة؛ دعا لآله، ويحتمل أن يكون (الآل) صلةً زائدةً؛ كمِثل قوله: «من مزامير آل داود»، وهذا أولى؛ لأنَّ الدعاء للمتصدِّق أنسبُ من الدعاء لآلِه وعيالِه، ويؤيِّد ذلك: أنَّ (آل) نسخةٌ في أصلنا، وعليها علامة راويها.

وفي تبويب البُخاريِّ على هذا الحديث في (الزكاة): (باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة) ما يؤيِّد هذا الاحتمالَ، ويؤيِّده أيضًا في تبويبه هنا: (وَمَنْ خَصَّ أَخَاهُ بِالدُّعَاء دُونَ نَفْسِهِ)، وستجيء في (باب هل يُصلَّى على غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) روايةٌ تدلُّ على هذا الاحتمال، وهي قوله: (وكان إذا أتى الرجلُ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بصدقته؛ قال: «اللهمَّ صلِّ عليه»)، والله أعلم.

فائدةٌ هنا: إنَّ الدعاء لدافع الزكاة على المشهور من مذهب الشَّافِعيِّ ومذهب العلماء كافَّةً أنَّه مستحبٌّ، وليس بواجبٍ، وقال أهل الظاهر: واجبٌ، وبه قال أبو عبد الله الحنَّاطيُّ _بالحاء المُهْمَلَة، وتشديد النون_ من الشَّافِعيَّة، واعتمدوا الأمرَ في الآية.

(1/11383)

وأمَّا قول آخذ الزكاة: (اللهمَّ صلِّ على آل فلان)؛ فكرهه جمهور الشَّافِعيَّة، وهو مذهب ابن عَبَّاس، ومالك، وابن عُيَيْنَة، وجماعةٍ من السَّلَف، وقال جماعةٌ: يجوز ذلك بلا كراهة؛ لهذا الحديث، قال أصحاب الشَّافِعيِّ: لا يُصلَّى على غير الأنبياء إلَّا تَبَعًا، واختلفوا في النهي عن ذلك؛ هل هو تنزيهٌ، أو محرَّمٌ، أو مجرَّد أدبٍ؟ ثلاثةُ أوجه؛ الأصحُّ الأشهر: التنزيه، واتَّقفوا على أنَّه يجوز أن يُجعَل غير الأنبياء تبعًا لهم في ذلك، وقال أبو مُحَمَّد الجوينيُّ: السلام في معنى الصلاةِ، فلا يُفرَد غيرُ الأنبياء؛ لأنَّ الله تعالى قرن بينهما، فلا يُفرَد به غائبٌ، فلا يقال: فلانٌ عليه السلام، وأمَّا المخاطبة به لحيٍّ أو ميِّتٍ؛ فسُنَّة، فيقال: السلام عليكم، أو عليك، أو سلامٌ عليك، أو عليكم، وقد ذكر القاضي عياض في كتاب «الشفا» كلامًا مُطَوَّلًا في الصلاة على غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فإن أردته؛ فانظره، فإنَّه حسنٌ.

وقد قال شيخنا في (باب هل يُصلَّى على غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم): والصلاة على غير رسولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جائزةٌ بدليل الكتاب والسُّنَّة، ألا ترى أنَّه عليه السلام كان يصلِّي على مَن أتاه بصدقته؟! وفي حديث أبي حُميد: (أمرنا بالصلاة على أزواجه وذرِّيَّته)، وهذا الباب ردٌّ لقول مَن أنكر الصلاة على غير رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وروى ابن أبي شيبة من حديث عثمان بن حَكِيم، عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس: (ما أعلم الصلاة تنبغي مِن أحدٍ على أحدٍ إلَّا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، والحُجَّة في السُّنَّة، لا في ما خالفها، ثُمَّ ذكر كلامًا آخر، لكن في النسخة التي نقلتُ منها سُقْمٌ، والله أعلم، وما ذكره شيخنا عن ابن عَبَّاس ذكره القاضي عياض عنه في «الشفا».

وعن «فتاوى ابن عبد السلام» الشيخِ عزِّ الدين الشَّافِعيِّ في «الفتاوى الموصليَّة»: الأَولى أن يُقتَصَرَ في الصلاة على الرسول على ما صحَّ في الحديث، ولا يزيد عليه بذكر الصَّحَابة ولا غيرهم، قال: وصحَّ أنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نصَّ على أزواجِه وذرِّيَّته في الصلاة عليه، انتهى.

==========

[1] في (أ): (فرودي)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] عليها في (أ) علامة ثبوتها من نسخة، وهي ساقطة في رواية أبي ذرٍّ.

(1/11384)

[حديث: ألا تريحني من ذي الخلصة.]

6333# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (جَرِيْر): هو ابن عبد الله البَجَليُّ، يوسفُ هذه الأمَّة، تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها وضبطُها، وعلى (النُّصُب)، وضبطه، و (الْيَمَانِيَةَ): بتخفيف الياء.

قوله: (فَصَكَّ فِي صَدْرِي): أي: ضرب بكفِّه بقوَّة في صدري.

قوله: (فَخَرَجْتُ فِي خَمْسِينَ مِنْ أَحْمَسَ): كذا هنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّه خرج في خمسين ومئة من أَحْمَسَ من طُرُقٍ، ولا تنافيَ؛ لأنَّه ليس في ذكر القليل ما ينفي الكثيرَ، وهو من باب مفهوم العدد، ولا يُعمَل به عند جمهور الأصوليِّين، ويحتمل أنَّ الخمسين الرؤساء، والمئة الأتباع، ويحتمل العكس، ويحتمل غير ذلك، والله أعلم.

قوله: (مِنْ أَحْمَسَ): هو بالحاء والسين المُهْمَلَتين، قبيلةٌ معروفةٌ.

قوله: (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا): تَقَدَّمَ أنَّه مقلوبٌ؛ أي: مَهدِيًّا هاديًا.

قوله: (فِي عُصْبَةٍ): (العُصبة) من الناس: ما بين العشرة إلى الأربعين، وقيل: العشرة، لا تُقال لمن دونها، وقيل: كلُّ جماعة عُصبةٌ إذا كانوا قِطَعًا قِطَعًا، وقيل: العُصبة والعصابة: جماعةٌ ليس لها واحد، قاله بِرُمَّته في «المطالع».

قوله: (مِثْلَ الْجَمَلِ الأَجْرَبِ): أي: سوداء محترقة؛ كالجمل الأجرب المدهون بالقَطِرَان.

==========

[ج 2 ص 658]

(1/11385)

[حديث: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته]

6334# قوله: (قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها، وأنَّها زوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهل، وأمُّ أنس بن مالك الخادمِ.

(1/11386)

[حديث: رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتها ... ]

6335# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وأنَّه ابن سليمان.

قوله: (رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ): تَقَدَّمَ في (باب نسيان القرآن) أنَّ هذا الرجل اسمه عبد الله بن يزيد الخطميُّ الأنصاريُّ، قاله الخطيب البغداديُّ، كما نقله النَّوَويُّ في «مبهماته»، انتهى، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا الحديثَ وقع في هذا «الصحيح» في (الشهادات)، وفيه: (وزاد عبَّاد بن عبد الله عن عائشة قالت: تهجَّد النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في بيتي، فسمع صوت عبَّاد ... )؛ الحديث، وقد تَقَدَّمَ مَن عبَّاد هذا، وأنَّ ابن بشكوال ذكر هذا الحديثَ، وذكر زيادةَ عبَّادٍ، وأنَّ الرجل عبَّادٌ، ولم ينسبه، ثُمَّ قال: وقد جاء أنَّه عبد الله بن يزيد الأنصاريُّ، وشاهده في «غوامض عَبْد الغَنيِّ الأزديِّ»، وفي «المنتخب» لعليِّ بن عبد العزيز، وقد ذكر بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين هنا: أنَّه تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن يزيد الأنصاريُّ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 658]

(1/11387)

[حديث: يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر]

6336# قوله: (أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ): هذا هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا): هو بفتح القاف، هذا الذي أحفظه، وهو في أصلنا بفتحها وكسرها بالقلم، وقد قَدَّمْتُ ما (القَسْم)؛ بالفتح، وما (القِسْم)؛ بالكسر؛ فانظره.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ [1]: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّ ابنَ شيخنا البُلْقينيِّ قال: إنَّه مُعتِّب بن قُشَير، قاله الواقديُّ، انتهى.

[ج 2 ص 658]

قوله: (لَقَدْ أُوذِيَ مُوسَى [2] بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ): تَقَدَّمَ ما أُوذِيَ به موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

==========

[1] (من القوم): ليس في «اليونينيَّة»، وضُرِب عليه في (ق) بالحُمْرَة.

[2] (موسى): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/11388)

[باب ما يكره من السجع في الدعاء]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ): (السَّجع): بالسين المُهْمَلَة، وهذا ظاهِرٌ، وإنَّما قيَّدته؛ لأنِّي سمعتُ بعضَ المغفَّلين من طلبة الفقه يُعجِمُه، و (السَّجع): هو الكلام المُقَفَّى، والجمع: أسجاعٌ وأساجيع، وقد سجع الرجل سجعًا، وسجَّع تسجيعًا، وكلام مُسَجَّعٌ.

تنبيهٌ: ينبغي أن تكون الكراهة فيما إذا كان يتكلَّفه، أمَّا إذا طبعًا، أو أنَّه محفوظٌ له؛ فلا يُكرَه؛ لأنَّ المحذورَ لم يوجد في ذلك، وقد ذكر شيخُنا عن الداوديِّ نحوَ ما ذكرتُه أنا، وعن ابن بَطَّال مثلَ ما ذكرته، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 659]

(1/11389)

[حديث: حدِّث الناس كل جمعة مرة فإن أبيت ... ]

6337# قوله: (حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء، وهو أبو حَبِيب؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، كنيته؛ حَبَّانَ بن هلال، و (هَارُونُ الْمُقْرِئُ)؛ بالهمز: منسوب إلى القراءة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ): بكسر الخاء المُعْجَمَة، وكسر الراء المُشَدَّدة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق، وهذا أيضًا معروفٌ عند أهله.

قوله: (حَدِّثِ النَّاسَ): (حدِّث): فعل أمر، و (الناسَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَإِنْ أَبَيْتَ): هو بفتح تاء الخِطَاب، وكذا (أَكْثَرْتَ).

قوله: (وَلَا تُمِلَّ النَّاسَ): هو بضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وكسر الميم، وتشديد اللام.

قوله: (وَلَا أُلْفِيَنَّكَ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الفاء؛ ومعناه: لا أجِدَنَّك، يقال: ألفيتُ الشيءَ أُلفيه إلفًا؛ إذا وجدتَه، وصادفتَه، ولقيتَه.

قوله: (فَتَقُصُّ عَلَيْهِمْ)، وكذا (فَتَقْطَعُ)، وكذا (فَتُمِلُّهُمْ): الكلُّ مَرْفُوعٌ، كذا في أصلنا في الكلِّ، ويجوز نصب الكلِّ، وهو جادَّة العربيَّة، وكذا هو في نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وقال شيخنا: كلُّه مَرْفُوعٌ، عطف على قوله: (تَأْتِي)، قاله ابن التين، قال: وضُبِطَ في بعض الكتب بنصب (فتُمِلَّهم) على أنَّه جواب النهي، وصوَّبه بعضُهم، والصواب أنَّه معطوف على (تأتي)، انتهى.

قوله: (أَنْصِتْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الصاد، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، فعل أمر، و (الإنصات): السُّكون، و (الاستماع): الإصغاء.

قوله: (فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (السَّجع).

(1/11390)

قوله: (لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (لا يفعلون إلَّا ذلك) [1]؛ يعني: إلَّا ما ذكرت لك من الاجتناب، والحكمة في عدوله عن قوله: (فإنِّي عهدت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابَهُ يفعلون ذلك)؛ للحصر، وفي بعض النسخ _وهي في أصلِنا، كما قدَّمته_: (لا يفعلون ذلك)؛ يعني: لا يفعلون هذا الفعلَ الذي نهيتُك عنه، وقال شيخنا حين ذكر (لا يفعلون إلَّا ذلك) ما لفظه: أخرجه الطَّبَرانيُّ من هذا الوجه، وهو أشبهُ بما في الكتاب من قوله: (إلَّا ذلك) انتهى؛ يعني: يفعلون ذلك، ثُمَّ ذكره بُعَيده بـ (إلَّا)، وحَلَّه، ثُمَّ قال: ورواية الطَّبَرانيِّ السالفةُ: (لا يفعلون ذلك) واضحةٌ، انتهى.

(1/11391)

[باب: ليعزم المسألة فإنه لا مكره له]

قوله: (بَاب لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ): معناه: يَجِدُّ فيها ويقطعُها.

==========

[ج 2 ص 659]

(1/11392)

[حديث: إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة]

6338# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو ابن إبراهيم بن مِقْسَم البصريُّ، المعروف بابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

قوله: (فَأَعْطِنِي): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ [1] لَهُ): يُفهَم الإكراه من قوله: (إن شئت؛ فأعطني)؛ لأنَّه لمَّا خيَّره؛ دلَّ ذلك على أنَّ له الإكراهَ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)،، وهي رواية الحديث اللاحق، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مُسْتَكْرِهَ).

[ج 2 ص 659]

(1/11393)

[حديث: لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي اللهم ارحمني]

6339# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.

==========

[ج 2 ص 659]

(1/11394)

[باب: يستجاب للعبد ما لم يعجل]

(1/11395)

[حديث: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت ... ]

6340# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو عُبَيْد مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه سعد بن عبيد الزُّهْرِيُّ المدنيُّ، مولى عبد الرَّحْمَن بن أزهر.

قوله: (فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي): (يُستَجَبْ): مَبْنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فَاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 659]

(1/11396)

[باب رفع الأيدي في الدعاء]

قوله: (بَابُ رَفْعِ الأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ): اعلم أنَّ النَّوَويَّ ذكر في «شرح المهذَّب» نحوَ ثلاثين حديثًا في «الصحيحين»، أو في أحدهما، فيها كلِّها رفعُ الأيدي في الدعاء، وأمَّا مسح الوجه بعد الدعاء؛ فقال العلَّامة عزُّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ: ولا يمسح بهما وجهه، ولا يفعله إلَّا جاهلٌ، انتهى، وفي مسح الوجه باليدين بعد الدعاء حديثٌ في «أبي داود»، وحديثٌ في «التِّرمِذيِّ» وقال: إنَّه غريبٌ، وأمَّا عبدُ الحقِّ؛ فإنَّه نقل عنه أنَّه صحَّحه، وغَلِطَ في ذلك، وقد ترجم عليه النَّوَويُّ في «الأذكار» في (باب رفع اليدين ومسح الوجه بهما)، انتهى.

وهل يرفعهما إذا كانت يدُه نجسةً؟ قال الرُّويانيُّ: يحتمل أن يُقال: يُكرَه من غير حائلٍ، ولا يُكرَه، وقد ذكر الحاكم في «المستدرك» في (كتاب الذِّكْر والدعاء) حديثًا عن حَمَّاد بن عيسى: حدثنا حنظلة عن سالم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان إذا مدَّ يديه في الدعاء؛ لم يردَّهما حتَّى يمسح بهما وجهه)، سكت عليه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، وذكر بعده حديثًا آخَرَ عن ابن عَبَّاس مرفوعًا: «إذا سألتم الله؛ فاسألوه ببطون أَكُفِّكُم، ولا تسألوه بظهورهما، وامسحوهما بوجوهكم»، سكت أيضًا عليه الذَّهَبيُّ، أمَّا الأول؛ فمُتَعقَّبٌ، كيف وفيه حَمَّاد بن عيسى الجُهنيُّ؟! وقد ضعَّفه غير واحد، وقد قال فيه الحاكم: دجَّال، فكيف يُخَرِّج حديثَه ويسكت عليه الذَّهَبيُّ؟! وأمَّا الثاني؛ فإنَّ فيه سعيدَ بن هبيرة، وقد قال فيه ابن حِبَّانَ: يروي الموضوعاتِ عن الثقات؛ كأنَّه كان يضعُها، أو تُوضَع له فيجيب فيها، وأخرج حديثَ ابنِ عَبَّاس أبو داود، وقال: رُوِيَ هذا الحديثُ من غير وجهٍ عن مُحَمَّد بن كعب كلُّها واهيةٌ، وهذا الطريق أمثلُها، وهو ضعيفٌ أيضًا، فإذن الحديثان ضعيفان، والله أعلم، ولأجل ذلك لم يترجِم البُخاريُّ على مسح الوجه، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا، عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرُ رضي الله عنه.

[ج 2 ص 659]

(1/11397)

[معلق أنس عن النبي رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه]

6341# قوله: (وَقَالَ الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): (الأُوَيسيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أُوَيس)، انتهى، روى عن الأويسيِّ البُخاريُّ، وهارونُ الحمَّال، والذهليُّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وآخرون، ووَثَّقَهُ أبو داود وغيرُه، وقال أبو حاتم: صدوق، وهو أحب إليَّ من يحيى ابن بُكَيْر، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخذه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (مُحَمَّد بن جعفر): هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، و (شَرِيك): هو ابن عبد الله بن أبي نَمِر.

قوله: (حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّ بياض إبطه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من علاماتِ نبوَّته، وأنَّ غيرَه أسودُ الإبط؛ لمكان الشَّعر.

(1/11398)

[باب الدعاء غير مستقبل القبلة]

(1/11399)

[حديث أنس: اللهم حوالينا ولا علينا]

6342# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ اُدْعُ اللهَ أَنْ يَسْقِيَنَا): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه، وتَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين.

قوله: (فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، أَوْ غَيْرُهُ): تَقَدَّمَ في (الاستسقاء) أنَّه هو، وذكرتُ مستندي في ذلك في (الاستسقاء).

قوله: (وَلَا يُمْطَرُ أَهْلُ [1] الْمَدِينَةِ): (يُمطَر)؛ بضَمِّ أوَّله، وفتح الطاء: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مقام الفاعل، وفي روايةٍ: (يُمطِر أهلَ): (يُمطِر): بضَمِّ أوَّله، وكسر الطاء، و (أهلَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (مطرت) و (أمطرت).

(1/11400)

[باب الدعاء مستقبل القبلة]

(1/11401)

[حديث: خرج النبي إلى هذا المصلى يستسقي]

6343# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): التَّبُوذَكيُّ، تَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة غَيْرَ مَرَّةٍ، و (وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد الحافظ.

==========

[ج 2 ص 660]

(1/11402)

[باب دعوة النبي لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله]

قوله: (بَابُ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَادِمِهِ بِطُولِ الْعُمُرِ وَبِكَثْرَةِ مَالِهِ): ثُمَّ ذكر حديث أنسٍ رضي الله عنه، وليس فيه طولُ العُمُر، ولكن ورد في بعض طرق الحديث، ويُؤخَذ أيضًا من دعوته بكثرة الولد؛ لأنَّه لا يكون ذلك إلَّا في كثيرٍ من السنين، فدعاؤه له بكثرة الولد دعاءٌ له بطول العُمُر، ويدخل أيضًا في قوله: «وبارِك له فيما أعطيته»، والعُمُر ممَّا أعطاه، وأمَّا كثرة ماله؛ فكانت نخله تطرح في السنة مرَّتين، وفي «التِّرْمِذيِّ» في (المناقب): (وكان له بُستانٌ يحمل في السنة مرَّتين، وكان فيه رَيحان يجيء منه رائحة المِسْك)، وأمَّا كثرة ولده؛ فهو أحد الصَّحَابة الذين لم يموتوا حتَّى رأوا من صلبهم مئة ولد ذَكَرٍ، وقد تَقَدَّمَ في (الصوم) تحديثه عن ابنته أُمَينة: أنَّها أخبرته أنَّه دُفِن لصُلْبِه مَقْدَمَ حَجَّاج البصرةَ مئةٌ وبضعٌ وعشرون، وقد تَقَدَّمَ أنَّه قَدِمها سنة خمسٍ وسبعين، ووُلِدَ لأنسٍ بعد قدوم الحجَّاج [1] البصرةَ أولادٌ كثير ببركة دعائه عليه الصلاة والسلام، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (وكان أكثر الصَّحَابة أولادًا) انتهى.

وأمَّا عُمُره؛ فجاوز المئة على قول الأكثر، قال النَّوَويُّ: واتَّفق العلماء على مجاوزة عُمُره مئةَ سنةٍ، والصحيح الذي عليه الجمهور: أنَّه تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وتسعين، وقيل: سنة تسعين، وقيل: سنة خمسٍ وتسعين، وقيل: سنة سبعٍ وتسعين، انتهى، قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «استيعابه»: وأصحُّ ما فيه؛ يعني: أنَّه عاش مئةَ سنةٍ إلَّا سنةً، انتهى، قال شيخنا: ودعا له برابعةٍ؛ وهي المغفرة، وتُرجَى له، انتهى.

فإن قلت: فما معنى دعائه بطول العُمُر؟ فالجواب عنه: ما تَقَدَّمَ في قوله: «ويُنْسَأَ له في أثره» في أوائل (البيع).

(1/11403)

فائدةٌ: قال ابن قُتَيْبَة في «معارفه»: (ثلاثةٌ من أهل البصرة لم يموتوا حتَّى رأى كلُّ واحدٍ منهم مئةَ ذَكَرٍ من صُلبه: أنس بن مالك، وأبو بكرة، وخليفة بن بدر) انتهى، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الصوم)، وذكرت هناك أنَّ ابن خَلِّكان نقل في «تاريخه»: أنَّ تميم بن المعزِّ بن باديس خلَّف مئةَ ابنٍ، وستِّين بنتًا، وأزيدُ هنا _بل قد ذكرته في (الصوم) _ أنَّ في «تاريخه» أيضًا في ترجمة المهلَّب بن أبي صفرة: أنَّه وقع من صُلبه إلى الأرض ثلاثُ مئةِ ولدٍ، انتهى، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (الحجام)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 660]

(1/11404)

[حديث أنس: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته]

6344# قوله: (حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ): هو لا كالمنسوب إلى الحَرَم؛ لأنَّ المنسوب إلى الحرم: حِرْميٌّ؛ بكسر الحاء، وإسكان الراء، وهذا بفتح الحاء والراء، وهو ابن عُمارة.

قوله: (قَالَتْ أُمِّي: يَا رَسُولَ اللهِ): (أمُّ أنس): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّها] أمُّ سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ الخلاف في اسمها رضي الله عنها.

قوله: (أَكْثِرْ مَالَهُ): هو بفتح الهمزة، وكسر الثاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 660]

(1/11405)

[باب الدعاء عند الكرب]

قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ): ذكر فيه حديثَ ابن عَبَّاس رضي الله عنهما المشهورَ، فإن قلت: إنَّ هذا ذِكْرٌ، وليس بدعاءٍ؟ فالجوابُ: أنَّه ذكرٌ يُسْتَفتَح به الدعاء، ثُمَّ يدعو بما شاء، على ما روى عَبْد بن حُمَيدٍ في «مسنده» بإسناده إلى أبي العالية عن ابن عَبَّاس: (أنَّه عليه السلام كان إذا حَزَبَه أمرٌ؛ قال هذا الذِّكْرَ، ثُمَّ يدعو) توضِّحه رواية الأعمش عن النَّخَعيِّ قال: كان يُقال: إذا بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء؛ استوجب، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء؛ كان على الرجاء، وقد أوضح هذا المعنى ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه، قال: (إذا خشيتم من أميرٍ ظُلمًا؛ فقولوا [1]: اللهمَّ ربَّ السماوات وربَّ العرش العظيم؛ كن لي جارًا من فلان وأشياعِه من الجنِّ والإنس ... ) إلى آخره، ويحتمل أيضًا ما رُويَ عن الحُسين المروذيِّ قال: سألت ابن عُيَيْنَة: ما كان أكثرَ قوله عليه السلام بعَرَفة؟ قال: «لا إله إلَّا الله»، فـ «سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولله الحمدُ»، ثُمَّ قال لي سفيان: إنَّما هو ذكرٌ، وليس فيه دعاءٌ، ثُمَّ قال: أمَا علمت قول الله حيث يقول: «إذا شغل عبدي ثناؤه على مسألتي؛ أعطيته أفضلَ ما أعطي السائلين ... » إلى أن قال سفيان: أمَا علمت قول أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت؛ بيتين ثانيهما:

…~…إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ المَرْءُ يَوْمًا…كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ

والله أعلم، ذكر ذلك شيخنا [من] غير عزوِ الحديث لعبد بن حُمَيدٍ.

(1/11406)

[حديث: لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله]

6345# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، و (قَتَادَةُ): هو ابن دعامة، أبو الخطَّاب السدوسيُّ، وسأذكر قريبًا ما قيل في سماعه من أبي العالية، و (أَبُو العَالِيَةِ) هذا: هو رُفَيع بن مِهْرَان.

تنبيهٌ: أبو العالية اثنان تابعيَّان من أهل البصرة؛ أحدهما: صاحب هذا الحديث رُفَيع، كما قدَّمته، وهو مولى امرأة من بني رِياح؛ بكسر الراء، وبالمُثَنَّاة تحت، أعتقته سائبةً لوجه الله، أسلم بعد عامين من موته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، روى عن ابن عَبَّاس،

[ج 2 ص 660]

وروى عنه قتادة، والثاني: أبو العالية البرَّاء، يروي عن ابن عَبَّاس أيضًا، وعبدِ الله بن الصامت ابن أخي أبي ذرٍّ، روى عنه: أيُّوب السَّخْتيَانيُّ، ومطر الورَّاق، وبُدَيل بن ميسرة، وزياد، هذا ليس له عن ابن عَبَّاس في «البُخاريِّ» غيرُ حديثٍ واحدٍ؛ وهو: (قدم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابُه لصُبح رابعةٍ يُلَبُّون بالحجِّ)، ليس له غيره، وهو في «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «النَّسائيِّ».

تنبيهٌ ثانٍ: قال يحيى بن سعيد القَطَّان: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي العالية رُفَيع بن مِهْرَان إلَّا ثلاثة أحاديث؛ حديث عليٍّ: (القضاة ثلاثةٌ)، وحديث: «لا صلاةَ بعدَ العصر»، وحديث يونس بن متَّى، كذا نقله غيرُ واحدٍ عن يحيى بن سعيد عن شعبة، وهذا الحديث ليس واحدًا من الثلاثة، وقد أخرجه البُخاريُّ، ومسلمٌ، وغيرُهما، وله فيهما عن أبي العالية هذا الحديثُ في مسند ابن عَبَّاس، وحديث: «لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خيرٌ من يونس بن متَّى ... »؛ الحديث، وحديث: ذكر عليه السلام ليلةَ أُسْرِيَ به، فقال: «موسى آدمُ طُوال ... »؛ الحديث، والله أعلم.

(1/11407)

[حديث: لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش ... ]

6346# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان.

قوله: (وَقَالَ وَهْبٌ) _كذا في أصلنا، وفي نسخة: (وُهَيب) _: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ): أمَّا (وهب)؛ فهو وهب بن جَرِير بن حَازم، قاله أبو ذرٍّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (وَهْب)؛ بلا خلاف، والظاهر صحَّة هذه، وفي كونه وُهَيبًا نظرٌ، وفي «الأطراف»: (وَهْب)؛ مُكَبِّرًا، وتعليق وَهب عن شعبة به لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 661]

(1/11408)

[باب التعوذ من جهد البلاء]

قوله: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ): (جَهْد): بفتح الجيم، ونقل شيخُنا عن القزَّاز بعد تفسير (الجَهد) أنَّه قال: وتُفتَح جيمه وتُضَمُّ، انتهى، قال ابن قُرقُول في أثناء كلامٍ في (الجَهد): وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه قال: (إنَّ جَهْدَ البلاء قلَّةُ المال، وكثرةُ العيال)، وعن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «جهدُ البلاء الصبرُ»، ثُمَّ ذكر كلامًا في (الجَهد) و (الجُهد)، وهو مَعْرُوفٌ، وقال غيره: كلُّ ما أصاب الإنسانَ من شدَّة المشقَّة والجهد ممَّا لا طاقةَ له بحمله، ولا يقدر على دفعه؛ فهو من جَهد البلاء، انتهى.

وفي «النهاية»: تكرَّر لفظ «الجَهد» و «الجُهد» في الحديث كثيرًا، وهو بالضَّمِّ: الوُسْع والطَّاقة، وبالفتح: المشقَّة، وقيل: المبالغة والغاية، وقيل: هما لُغَتان في الوُسْع والطاقة، فأمَّا في المشقَّة والغاية؛ فبالفتح لا غير ... إلى أن قال: ومن المفتوح حديثُ الدعاء: «أعوذ بك من جَهد البلاء»؛ أي: الحالة الشاقَّة.

(1/11409)

[حديث: كان رسول الله يتعوذ من جهد البلاء]

6347# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه وزان (عُلَيٍّ) المصغَّر، وأنَّه مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (وَدَرَكِ الشَّقَاءِ): (الدَّرَك): اللَّحَاقُ والوصولُ إلى الشيء، أدركته إدراكًا ودَرَكًا، و (الشقاء): ضدُّ السعادة، وفي «المطالع»: («دَرَك الشقاء»، و «إلَّا كان دَرَكًا لحاجته»: «الدَّرَك»؛ بالفتح في الراء والدال: اسمٌ من «الإدراك»؛ كاللَّحَق من اللَّحاق، وقد ضبطه بعضُهم في الحديثَين بالإسكان، والأشهر ههنا الفتحُ، وأمَّا الوجهان؛ ففي المنزلة؛ كقوله: {فِي الدَّرَْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145] ... إلى آخر كلامه، وكذا فعل ابن الأثير، فإنَّه لم يذكر اللُّغَتَين إلَّا في الذي قاله في «المطالع»، والله أعلم.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: الْحَدِيثُ ثَلَاثٌ، زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً): أمَّا (سفيان)؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عُيَيْنَة، وأمَّا الواحدة التي زادها؛ فهنا قد جزم بأنَّه زاد واحدةً، وفي «مسلم» في (الدَّعَوَات): قال عمرٌو في حديثه: قال سفيان: أشكُّ أنِّي زدتُ واحدةً منها، ففي وقتٍ جزم بالزيادة، وفي وقتٍ شكَّ؛ هل زاد أم لا؟ وفي وقتٍ جزم فحدَّث بالأربعِ مرفوعةً، وذلك في (كتاب القدر) في هذا «الصحيح»، وفي «النَّسائيِّ» تارةً رفع، وتارةً شكَّ في الواحدة، والله أعلم، وما أعلم أنا الواحدةَ المزادةَ؛ فليُتَّبعْ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 661]

(1/11410)

[باب دعاء النبي: «اللهم الرفيق الأعلى»]

قوله: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى): تَقَدَّمَ الكلام على (الرفيق الأعلى) غَيْرَ مَرَّةٍ؛ منها مرَّة في (الوفاة) قُبَيل (التفسير).

==========

[ج 2 ص 661]

(1/11411)

[حديث: لن يقبض نبي قطُّ حتى يرى مقعده من الجنة ... ]

6348# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عُفَيْرًا) بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وفتح الفاء، والباقي معروفٌ، بل كلُّه معروفٌ عند أهله، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام الجواد، أحد الأعلام، و (عُقَيْلٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): تَقَدَّمَ أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، بخلاف غير أبيه، فإنَّه لا يجوز في يائه إلَّا الفتحُ.

قوله: (فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ): هؤلاء الرجال لا أعرفُهم بأعيانِهم.

قوله: (لَمْ [1] يُقْبَضَ نَبِيٌّ [قَطُّ] حَتَّى): (يُقبَض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (نبيٌّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام على اللُّغَات التي فيها في أوائل هذا التعليق.

قوله: (فَلَمَّا نزلَ بِهِ): (نَزَل): بفتح النون والزاي، وبضمِّ النون وكسر الزاي أيضًا، وبهما ضُبِط في أصلنا، قال النَّوَويُّ: إنَّه بضَمِّ النون، وكسر الزاي، انتهى، و (نزل): لازمٌ لا يُبنى منه على الجادَّة، وقد نُقِل عن سيبويه جوازهُ.

قوله: (فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ): تَقَدَّمَ الكلام في قوله: (شخَص بصرُه)؛ بفتح الخاء، ورفع (البصر)؛ إذا ارتفع، وقيل: امتدَّ ولم يَطْرَف، وكذلك (شخَص في الحاجة)؛ بالفتح، وأشخص بصره: مدَّه ولم يَطْرَف، قال أبو زيد: شخَص البصر يشخَص _بالفتح فيهما_ شخوصًا، ولا أعرف الكسر، وإنَّما الكسر إذا عَظُم شخصُه.

قوله: (قلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارنَا): تَقَدَّمَ الكلام على أنَّه بالرفع والنصب.

قوله: (فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ): (آخِرَ): مَنْصُوبٌ خبرُ (كان)، و (تلك): هو الاسم، وهذا ظاهِرٌ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ما تكلَّم به عليه السلام آخِرَ حياته.

[ج 2 ص 661]

قوله: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/11412)

[باب الدعاء بالموت والحياة]

(1/11413)

[حديث: لولا أن رسول الله نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به]

6349# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أن (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم؛ بالحاء المُهْمَلَة، و (خَبَّاب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ مُوَحَّدة مُشَدَّدة، وفي آخره مُوَحَّدة، وهو ابن الأَرَتِّ؛ بفتح الهمزة، وفتح الراء، وبالمُثَنَّاة فوق المُشَدَّدة.

قوله: (وَقَدِ اكْتَوَى): تَقَدَّمَ الكلام على (الكَيِّ) في (الطِّبِّ).

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11414)

[حديث: أتيت خبابًا وقد اكتوى سبعًا ... ]

6350# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (خَبَّاب): هو ابن الأَرَتِّ، تقدَّموا.

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11415)

[حديث: لا يتمنين أحد منكم الموت لضر نزل به]

6351# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ): هو مُحَمَّد بن سلَام البيكنديُّ، و (سلَام): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصحيحَ فيه التخفيفُ.

قوله: (أَحْيِنِي): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11416)

[باب الدعاء للصبيان بالبركة ومسح رؤوسهم]

قوله: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرُ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (وُلِدَ لِي غُلَامٌ): هذا الغلام اسمه إبراهيم، كذا سمَّاه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كما تَقَدَّمَ في «الصحيح»، وتَقَدَّمَ بعض ترجمة إبراهيمَ هذا.

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11417)

[حديث: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله ... ]

6352# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هو حاتم بن إسماعيل، و (الْجَعْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ، وأنَّه يقال له: الجُعيد، وقد ذكره البُخاريُّ في موضع مُكَبَّرًا، وفي موضعٍ مُصَغَّرًا، وهو بهما مشهورٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وغيره، وتَقَدَّمَ (السائب بن يزيد).

قوله: (ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي): تَقَدَّمَ أنَّ اسم خالته لا أعرفه، وأنَّ أمَّه عُلَيَّة بنت شريح، وقد تَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ في خالته.

قوله: (وَجِعٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الجيم، كذا لأكثرهم، وأنَّ عند ابن السكن في (باب استعمال فضل وَضوء الناس): (وَقِعٌ)، وهو بمعنى: (وَجِعٌ)؛ أي: مُشْتَكٍ مريضٌ.

قوله: (فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو الماءُ، وأنَّه يجوز ضمُّها.

قوله: (مِثْل زِرِّ الْحَجَلَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب خاتم النبوَّة)، وقدَّمت الروايات التي وقفتُ عليها في صفة خاتم النبوَّة في الباب المذكور، وضبطتُ (زرَّ الحَجَلة)، وما وقع لإبراهيم بن حمزة فيه، وأنِّه (رِزِّ)؛ بتقديم الراء؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11418)

[حديث أبي عقيل: أنه كان يخرج به جده ... ]

6353# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (أَبُو عَقِيل) هذا: تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وكسر القاف، وأنَّ اسمه زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام بن زُهرة بن عثمان، وجدُّه عبدُ الله بن هشام له رؤيةٌ، وُلِدَ سنة أربعٍ، حمَّر عليه الذَّهَبيُّ في «تجريده»، فالصحيح عنده أنَّه تابعيٌّ، لكن قال: له رؤيةٌ، انتهى، وشرطُ الرؤيةِ المعتبرةِ في الصُّحبَة: أن تكون مع التمييز حتَّى يُعَدَّ صحابيًّا، وفي ترجمة زُهْرَة بن معبد أبي عَقِيل في «التذهيب» قال: له صحبةٌ؛ يعني: لعبد الله بن هشام، فناقضَ.

قوله: (أَشْرِكْنَا): هو بقطع الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فيَشْرَكُهُمْ [1]): هو بفتح الياء والراء، وفي أصلنا مجوَّد بالحُمْرة: (فيُشرِكهم)؛ بضَمِّ الياء وكسر الراء بالقلم؛ يعني: أنَّه رُباعيٌّ وثلاثيٌّ، قال في «المطالع»: يُقال: شرِكتُه أشرَكُه، وأَشركتُه أُشرِكه، وفي «الصحاح»: شاركت فلانًا: صِرت شريكَه، واشتركنا وتشاركنا في كذا، وشرِكته في البيع والميراث أَشرَكُه، والاسم: الشِّرك ... إلى أن قال: وقوله عزَّ وجلَّ: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 32]؛ أي: اجعله شريكي فيه، انتهى، فهو هنا رُباعيٌّ، وقال شيخنا هنا: (أشرِكنا): رُباعيٌّ؛ أي: اجعلنا من شركائك، ومنه: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}، وضبطُهُ ثُلاثيٌّ في بعض الكتب، والصحيح ما تَقَدَّمَ، وإنَّما يُقال: شرِكه [2] في الميراث والبيع؛ إذا ثبتت شركته، وأمَّا إذا سألته الشركة؛ فإنَّما تقول: أشرِكني؛ رباعيًّا، نبَّه عليه ابن التين، انتهى.

==========

[1] (فيشركهم): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

[2] كذا في (أ)، وفي مصدره: (شركته).

[ج 2 ص 662]

(1/11419)

[حديث محمود بن الربيع: مج رسول الله في وجهه وهو غلام ... ]

6354# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ): قد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب العلم) في (باب سماع الصغير).

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11420)

[حديث: كان النبي يؤتى بالصبيان فيدعو لهم]

6355# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقب له، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا الصبيُّ تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب بول الصبيان) من كلام شيخنا: أنَّه لا يخلو من أن يكون عبدَ الله بن الزُّبَير، أو الحسنَ، أو الحُسينَ؛ لرواياتٍ في ذلك سُقْتُها في «تخريجي أحاديثَ الرافعيِّ»، انتهى، وذكرت هناك أنَّ ابن شيخنا البُلْقينيِّ قال: يحتمل أن يكون ابنَ أمِّ قيس، انتهى، وقد ذكرت مَن بال في حِجْره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهم خمسةُ أشخاصٍ رضي الله عنهم، ذكرتهم قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 662]

(1/11421)

[حديث عبد الله بن ثعلبة: كان رسول الله قد مسح عنه]

6356# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عَبْدُ اللهُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ): بضَمِّ الصاد وفتح العين المُهْمَلَتين، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، تَقَدَّمَ الكلام على عبد الله هذا.

قوله: (رَأَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَوْتَرَ [1] بِرَكْعَةٍ): يعني: أنَّه لا شفع قبلها، وقد تَقَدَّمَ عن معاوية بن أبي سفيان مثلُه، وأنَّه ذُكِر ذلك لابن عَبَّاس، فقال: إنَّه فقيهٌ، ومذهب أكثر الفقهاء: استحباب الشفع قبلها، وفي هذا حجَّة على قائل: الوتر بثلاث رَكَعاتٍ، والله أعلم.

(1/11422)

[باب الصلاة على النبي]

قوله: (بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ الصلاة على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ هل هي واجبةٌ كُلَّما ذُكِر، أو لا تجب في العمر إلَّا مرَّة، أو تجب في التشهُّد الأخير؟ أقوالٌ، وقال شيخنا في «شرح المنهاج» في الفقه: أحدها: يجب في حقِّ كلِّ مَن أسلم لله تعالى خاصَّةً، وثانيها: لا تجب بعد الإسلام

[ج 2 ص 662]

إلَّا مرَّة، وثالثها: أنَّها واجبةٌ بكلِّ حال مهما ذُكِر، ورابعها: إن كانت في الصلاة؛ وجبت في التشهُّد الأخير، وإن كانت في غيرها؛ كانت مستحبَّةً، وقيل: هي فرضٌ على الكفاية إذا ذُكِرَ، ذَكَرَ هذه الأقوالَ برهانُ الدين بن الفِركاح في «تعليقه على التنبيه»، وفي «الزمخشريِّ» منها الثاني والثالث، وحكى قولًا: أنَّها تجب في كلِّ مجلسٍ مرَّةً وإن تكرَّر ذكرُه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

تنبيهٌ: نسب القاضي عياض في «الشفا» الشَّافِعيَّ إلى الشذوذ في إيجابه إيَّاها في التشهُّد الأخير، وفي كلامه نظرٌ، فإنَّه لم يشذَّ، وله سَلَفٌ، ونقل شيخُنا أنَّه روايةٌ عن أحمد أيضًا، وحكاه الرُّويانيُّ عن عمر، وابنه عبد الله، وابن مسعود، وأبي مسعود البدريِّ، ونقله الماورديُّ عن مُحَمَّد بن كعب القرظيِّ التابعيِّ، ورواه البيهقيُّ عن الشَّعْبيِّ، وغيرُه عن عليِّ بن الحسين، وبه قال ابن الموَّاز من المالكيَّة، فيما حكاه ابن القصَّار، انتهى.

تنبيهٌ ثانٍ: تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) أنَّ أبا ذرٍّ الحافظَ قال: ابتداء الصلاة على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في السنة الخامسة من الهجرة، وأنَّ اليونينيَّ قال: وفيه نظرٌ؛ لأنَّه قد ورد في حديث الإسراء ذِكْرُ الصلاة عليه، وكان الإسراءُ بمكَّة شرَّفها الله تعالى، انتهى، وقد ألَّفَ الحافظُ شمس الدين ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة في الصلاة على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تأليفًا حسنًا، وذكر أنَّ في الصلاة عليه فوائدَ، ذكرها وعدَّدها؛ فانظره، فإنَّه تأليفٌ حسنٌ، منها: أنَّها تُفَرِّج الهمَّ، والله أعلم، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

(1/11423)

[حديث: فقولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد]

6357# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عتيبة القاضي، وتَقَدَّمَ للبُخاريِّ فيه غلطٌ، وأنَّ مَن يقال له: (الحكم بن عتيبة) اثنان، ذكرتهما فيما مضى، وتَقَدَّمَ الكلام على (كَعْب بْن عُجْرَةَ)، وأنَّه بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وإسكان الجيم، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

قوله: (أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً): (أُهدِي): بضَمِّ الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 663]

(1/11424)

[حديث: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك.]

6358# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه عبد العزيز بن أبي حَازم سلمة بن دينار، و (الدَّرَاوَرْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد العزيز بن مُحَمَّد، و (يَزِيد) بعدهما: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (عَبْد الله بْنِ خَبَّابٍ)؛ بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة: الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ مولاهم، المدنيُّ، أخرج له الجماعة، لا عبد الله بن خَبَّاب بن الأرتِّ، هذا الثاني أخرج له التِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ فقط، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 663]

(1/11425)

[باب هل يصلى على غير النبي ... ]

قوله: (بَابُ هَلْ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يعني: من الناس، قال شيخُنا: والصلاة على غير رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جائزةٌ بدليل الكتاب والسُّنَّة، أَلا ترى أنَّه عليه السلام كان يصلِّي على مَن أتاه بصدقته؟! وفي حديث أبي حُمَيد: (أُمِرنا بالصلاة على أزواجه ... ) إلى آخر كلامه، قال: وهذا الباب ردٌّ لقول مَن أنكر الصلاةَ على غير رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقال النَّوَويُّ في كتاب «الأذكار» ما لفظه: اتَّفقوا على الصلاة على نبيِّنا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكذلك أجمعَ مَن يُعْتَدُّ به على جوازها واستحبابها على سائر الأنبياء والملائكة استقلالًا، انتهى، وقد روى [1] ابن أبي شيبة من حديث عثمان بن حَكِيم عن عكرمة عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما قال: (ما أعلم الصلاةَ تنبغي من أحد إلَّا على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، والحُجَّة في السُّنَّة لا [2] فيما خالفها، وعندنا يُصَلَّى عليهم تبعًا كهذا الحديث، انتهى، وإن أردت أن تنظر الكلام في الصلاة على غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الأنبياء؛ فانظر كتاب القاضي عياض في الباب الرابع في (فصل في الاختلاف في الصلاة على غير النَّبيِّ وسائر الأنبياء عليهم السلام)، وقد تَقَدَّمَ.

وقد تَقَدَّمَ الكلام في الصلاة على غير الأنبياء استقلالًا ما حكمه، ولا خلاف في جوازها تبعًا فيما أعلمه، وإن كان عموم كلام ابن عَبَّاس يعارضه، وللقاضي عياض في «الشفا» كلامٌ في الصلاة على غير النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الأنبياء؛ فانظره في (فصل في الاختلاف في الصلاة على غير النَّبيِّ وسائر الأنبياء عليهم السلام)، وقد قُدِّم ذلك قريبًا، وما ذكرته قريبًا عن ابن عبد السلام في «الفتاوى الموصليَّة» هو في الأَولويَّة، كما صَرَّحَ هو به فيها، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (وروى)، وذلك أنَّ قول النوويِّ السابق كان مستدركًا.

[2] زيد في (أ): (ما)، وذلك أنَّها كانت: (ما في)، ثمَّ ضَرَبَ على (في)، وترك (ما)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[ج 2 ص 663]

(1/11426)

[حديث ابن أبي أوفى: اللهم صل على آل أبي أوفى]

6359# قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن أبي أوفى، وأنَّ أبا أوفى صَحَابيٌّ أيضًا، واسمه علقمة بن خالد.

==========

[ج 2 ص 663]

(1/11427)

[حديث: قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته]

6360# قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ): (سُلَيم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (الزُّرَقي)؛ بضَمِّ الزاء، وفتح الراء المُخَفَّفة، وبالقاف: نسبة إلى بني زُرَيق من الأنصار، و (أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ): بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، تَقَدَّمَ، واسمه، واسم أبيه، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (أبو حُمَيد: اسمه عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، ابن عمِّ سهل بن سعد) انتهى.

==========

[ج 2 ص 663]

(1/11428)

[باب قول النبي: «من آذيته فاجعله له زكاةً ورحمة»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ آذَيْتُهُ؛ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً»): ذكر في هذا الباب حديثًا واحدًا، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم»: قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «اللهمَّ إنَّما أنا بشرٌ، فأيُّ المسلمين لعنتُه أو سببتُه؛ فاجعله له زكاةً وأجرًا»، وفي رواية: «أو جلدته؛ فاجعلها له زكاةً»، وفي رواية: «فأيُّ المؤمنين آذيتُه؛ شتمتُه أو لعنتُه، إنَّما مُحَمَّدٌ بشرٌ، يغضب كما يغضب البشر، وإنِّي اتَّخذت عندك عهدًا لن تخلِفَنِيه، فأيُّما مؤمن آذيتُه أو سببتُه أو جلدتُه؛ فاجعلها له كفارةً وقُربةً»، وفي رواية: «إنِّي اشترطت على ربِّي، فقلت: إنَّما أنا بشرٌ، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيُّما أحدٍ دعوت عليه من أمَّتي بدعوةٍ ليس لها بأهلٍ؛ أن تجعلها له طَهورًا وزكاةً وتوبةً»، هذه الأحاديث مبيِّنةٌ ما كان عليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الشَّفَقَةِ على أمَّته، والاعتناءِ بمصالحهم، والاحتياطِ لهم، والرغبةِ في كلِّ ما ينفعهم، وهذه الرواية المذكورة أخيرًا تبيِّن المرادَ بباقي الروايات المُطْلَقة، وإنَّما يكون دعاؤه عليه رحمةً وكفَّارةً وزكاةً ونحوَ ذلك إذا لم يكن أهلًا للدعاء عليه والسبِّ واللعنِ ونحوِه، وكان مسلمًا، وإلَّا؛ فقد دعا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الكفَّار والمنافقين، ولم يكن ذلك رحمةً.

(1/11429)

فإن قيل: كيف يدعو على مَن ليس هو أهلٌ للدعاء عليه، أو يسبُّه، أو يلعنه، ونحو ذلك؟ والجواب ما أجاب به العلماء، ومختصره وجهان: أحدهما: أنَّ المراد: ليس بأهل لذلك عند الله تعالى، وفي باطن الأمر، ولكنَّه في الظاهر مستوجبٌ له، فيظهر له صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم استحقاقُه لذلك بأمارةٍ شرعيَّة، ويكون في باطن الأمر ليس أهلًا لذلك، وهو صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مأمورٌ بالحكم بالظاهر، والله يتولَّى السرائر، والثاني: أنَّ ما وقع من سبِّه ودعائه ونحوِه ليس بمقصودٍ، بل هو ما جرت به عادة العرب في وَهَل كلامها بلا نيَّة؛ كقوله: «تَرِبت يمينكِ»، و «عَقْرَى حَلْقَى»، وفي هذا الحديث: «لا كبرت سنُّك»، وفي حديث معاوية رضي الله عنه بعده: «لا أشبع الله بطنه»، ونحو ذلك، لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقةَ الدعاء، فخاف صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يصادِفَ شيءٌ من ذلك إجابةً، فسأل ربَّه سبحانه وتعالى ورَغِب إليه أن يجعل ذلك رحمةً، وكفَّارةً، وقُربةً، وطَهورًا، وأجرًا، وإنَّما كان يقع منه هذا في النادر الشاذِّ من الأزمان، ولم يكن صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فاحشًا ولا مُتَفَحِّشًا، وقال: «اللهمَّ؛ اغفِر لقومي؛ فإنَّهم لا يعلمون»، انتهى لفظه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 663]

(1/11430)

[حديث: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك ... ]

6361# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ،

[ج 2 ص 663]

و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/11431)

[باب التعوذ من الفتن]

(1/11432)

[حديث: لا تسألوني اليوم عن شيء إلا بينته لكم]

6362# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (حَتَّى أَحْفَوْهُ الْمَسْأَلَةَ): أي: أكثروا عليه وألحُّوا، وقال شيخُنا: وقال الداوديُّ: يريد: سألوه عمَّا يكره الجوابَ عنه.

قوله: (فَكَانَ رَجُلٌ [1] إِذَا لَاحَى الرِّجَالَ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن حذافة، كذا جاء مسمًّى في هذا «الصحيح»، واسم والد حذافة: قيسُ بن عديٍّ، أبو حذافة السهميُّ، له هجرتان، وهو أخو خُنَيس بن حذافة زوجِ حفصة أمِّ المؤمنين قبل النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد تَقَدَّمَ ذكره أيضًا في (سورة المائدة)، و (لاحى): تَقَدَّمَ معناه، وفاعل (لاحى): (هو)؛ عائد على (رجل)، و (الرجالَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وقال شيخُنا عن العسكري: إنَّه أخوه قيسٌ، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ [2] أَنْشَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ، ومعناه: ابتدأ.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (صُوِّرَتْ لِي الْجَنَّةُ وَالنَّارُ): (صُوِّرت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الجنَّةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (النَّارُ): معطوف عليه.

(1/11433)

[باب التعوذ من غلبة الرجال]

(1/11434)

[حديث: التمس لنا غلامًا من غلمانكم يخدمني]

6363# قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حَنْطَبًا) بفتح الحاء، وإسكان النون، وفتح الطاء، المُهْمَلَيتن، ثُمَّ مُوَحَّدة، وقد تَقَدَّمَ ما رأيتُه في حاشيةِ نسخةٍ عراقيَّةٍ، والله أعلم.

قوله: (لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل الأنصاريُّ، زوجُ أمِّ سُلَيم، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ.

قوله: (يَخْدُمْنِي): هو بإسكان الميم، جواب الأمر، ويجوز رفعه، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما؛ فانظره، وأنَّه يجوز (الحزن)؛ بضَمِّ الحاء وإسكان الزاي، وبفتحهما، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ): (الكسل): فترةٌ تقع في النفس تُثَبِّط عن العمل، وسيأتي بمقلوبها ما قاله صاحب «تثقيف اللسان».

قوله: (وَالْبُخْلِ): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز (البُخْل) و (البَخَل)؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وإسكان الخاء، وبفتحهما، وهذا مَعْرُوفٌ، وقد قُرِئ بهما في السبع، وسيجيء ذلك قريبًا من كلام البُخاريِّ.

قوله: (وَالْجُبْنِ): هو ضدُّ الشجاعة، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (ضَلَعِ الدَّيْنِ): أنَّه بفتح الضاد المُعْجَمَة واللام، وبالعين المُهْمَلَة، قال ابن قُرقُول: (ضَلَع الدَّين): شدَّته وثقلُ حمله، ورُوِيَ عن الأصيليِّ في موضعٍ بالظاء، ووهَّمه بعضهم، والذي حكى ابن العربيِّ بالضاد، انتهى، وفي «النهاية»: («وضَلَع الدَّين»: ثقله، والضَّلَع: الاعوجاج؛ أي: يثقله حتَّى يميل صاحبُه عن الاستواء والاعتدال، يُقال: ضَلِعَ _بالكسر_ يَضْلَعُ ضَلَعًا؛ بالتحريك، وضَلَع يضْلَع ضَلْعًا؛ بالتسكين: مال، وقد أخذ ذلك من «صحاح الجوهريِّ».

قوله: (فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ): يعني: إلى موته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثُمَّ ابتدأ فقال: (حَتَّى أَقْبَلْنَا)؛ يقول: فلمَّا أقبَلْنا، والله أعلم، وهذا متعيِّنٌ، ولا يُقال: إنَّه لم يزل يخدمه حتَّى أقبل من خيبر؛ يعني: في السَفَر؛ فإنَّه لم يزل يخدمه حَضَرًا وسَفَرًا حتَّى تُوُفِّيَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهذا مَعْرُوفٌ لا يُرتَاب فيه.

(1/11435)

قوله: (وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ): تَقَدَّمَ الكلام على صفيَّة أمِّ المؤمنين، وأنَّ والدها حيَيُّ بن أخطب بضَمِّ الحاء وكسرها، يهوديٌّ معروفٌ، قُتِل مع بني قريظة.

قوله: (يُحَوِّي لَهَا [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة خيبر) وغيرِها، وتَقَدَّمَ (الصَّهْبَاء) أين هي، وأنَّها على رَوْحة من خيبر، كما وقع في هذا «الصحيح»، وضبطُها، وتَقَدَّمَ الكلام على (الحَيْس) ضبطًا، وما هو، وتَقَدَّمَ (النِّطَع) بِلُغَاته، و (بَدَا لَهُ أُحُدٌ): بغير همزة؛ أي: ظهر، وهذا مَعْرُوفٌ، وعلى (يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ)، وأنَّه حقيقةٌ على الصحيح، ولا مانعَ منها، والكلام على (المُدِّ) و (الصَّاعِ).

==========

[1] (لها): ليست في «اليونينيَّة»، وهي مستدركة في (ق) من نسخة، وهي ثابتة في الحديث (2235).

[ج 2 ص 664]

(1/11436)

[بابُ التعوذ من عذاب القبر]

(1/11437)

[حديث: سمعت النبي يتعوذ من عذاب القبر]

6364# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وتَقَدَّمَ لماذا نُسِب، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه أوَّل شيخٍ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سُفْيَان) بعده: ابن عُيَيْنَة.

قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدٍ [1]، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهَا): (أمُّ خالد): تَقَدَّمَ أنَّ اسمها أَمَةٌ _بغير إضافة_ بنت خالد بن سعيد بن العاصي، وأنَّ أباها من السابقين، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وهو أفضل بني أُمَيَّة حاشى عثمان بن عَفَّانَ، فإنَّه أسلم قديمًا، فقال بعضهم: قبل عليٍّ، وقال بعضهم: قبل الصِّدِّيق، وهاجر إلى الحبشة، وهو سيِّدٌ جليلٌ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (أمُّ خالد) ابنتُه تَقَدَّمَت، وأنَّها وُلِدَت بالحبشة، وقول موسى بن عقبة هو حقيقةٌ، لا مجازَ فيه، ولم يسمع من أحدٍ من الصَّحَابة غيرَها، لكنَّه رأى أنسًا ولم يسمع منه، وهذا بخلاف ما يجيء عن سلمة بن كُهَيل: أنَّه سمع جُندبًا ولم يسمع غيره، ذاك فيه مجازٌ، وسأذكره حيث يجيء إن شاء الله تعالى في (باب الرياء والسمعة) من (كتاب الرقائق)، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 2 ص 664]

(1/11438)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن]

6365# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ): هذا هو عبد الملك بن عُمَير؛ بضَمِّ العين، وفتح الميم، تَقَدَّمَ، و (مُصْعَب): هو ابن سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، وسعدٌ أحد العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (مِنَ الْبُخْلِ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال: (بُخْل) و (بَخَل) قريبًا، وكذا تَقَدَّمَ قريبًا (الْجُبْن)، وأنَّه ضدُّ الشجاعة.

قوله: (أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ): (أرذل العُمُر): آخرُه في حال الكِبَر والعَجْز والخَرَف، والأرذلُ من كلِّ شيء: الرديء منه.

قوله: (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وفسَّرها هنا بفتنة الدَّجَّال.

(1/11439)

[حديث: صدقتا إنهم يعذبون عذابًا تسمعه البهائم كلها]

6366# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة.

[ج 2 ص 664]

قوله: (دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ): هاتان العجوزان اليهوديَّتان لا أعرف اسميهما.

قوله: (وَلَمْ أُنْعِمْ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر العين؛ أي: لم تطب نفسي.

قوله: (بَعْدُ): هو بضَمِّ الدال، مقطوع عن الإضافة، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11440)

[باب التعوذ من فتنة المحيا والممات]

(1/11441)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل]

6367# قوله: (حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ [1]: سَمِعْتُ أَبِي): هو المعتمر بن سُليمان بن طرخان التيميُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (مِنَ الْعَجْزِ): عن صاحب «تثقيف اللسان»: أنَّ (العجز) عمَّا لا يستطيعه، و (الكسل): أن يترك الشيء ويتراخى عنه وإن كان يستطيعه.

قوله: (وَالْكَسَلِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الكسل)، وكذا (الجُبْنِ)، و (الهَرَمِ): معروفٌ، وهو بفتح الهاء والراء، وهو غاية الكِبَرِ وضعف الشيخ، وإنَّما استعاذ منه؛ كما قال: «وأن أُرَدَّ إلى أرذل العُمر»، يقال: هَرِم الرجل يهرَم هَرَمًا، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (فِتْنَةِ الْمَحْيَا)، وعلى (فِتْنَةِ الْمَمَاتِ)، في (الدعاء قبل السلام) في (الصلاة).

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 2 ص 665]

(1/11442)

[باب التعوذ من المأثم والمغرم]

قوله: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ): تقدَّما في (باب الدعاء قبل السلام).

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11443)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم]

6368# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد.

قوله: (مِنَ الْكَسَلِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الكسل)، و (الهَرَم): تَقَدَّمَ أعلاه، و (المَأْثَم وَالمَغْرَم): تقدَّما في (باب الدعاء قبل السلام)، و (فِتْنَة الْقَبْرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، و (الْمَسِيح الدَّجَّال): تَقَدَّمَ الكلام عليه في ضبط (المسيح)، ويأتي الكلام على (الدَّجَّال) في بابه في (الفتن) إن شاء الله تعالى، وتَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق سؤالٌ؛ وهو إن قال قائلٌ: كيف استعاذ عليه السلام من المسيح الدَّجَّال، وقد ثبت أنَّ الدَّجَّال إذا رأى عيس ابن مريم يذوب، فكيف بسيِّد الخلق؟ وجوابه: أنَّه أراد تعليم أمَّته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو تعوَّذ منه لأمَّته، أو أنَّه معصومٌ ويُظهِر الاستعاذة.

قوله: (بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ): تَقَدَّمَ ما الحكمة في طلبه عليه السلام أن يغسل ذلك بماء الثلج والبَرَد والماء المُسَخَّن أبلغُ في إزالة الأدران.

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11444)

[باب الاستعاذة من الجبن والكسل]

قوله: (بَابُ الاِسْتِعَاذَةِ مِنَ الْجُبْنِ وَالْكَسَلِ): تقدَّما.

قوله: ({كَسَالَى} و {كُسَالَى} [النساء: 142] وَاحِدٌ) [1]: الأولى بفتح الكاف، والثانية بضمِّها، كذا في أصلنا بالقلم، وهذه الجملة هي في بعض النسخ، وعليها علامة نسخةٍ في أصلنا، هذا ما يتعلَّق بها من ثبوتها وعدمه، وأمَّا من حيث اللغةُ؛ ففيها (كُسَالَى) و (كَسالى)؛ بضَمِّ الكاف وفتحها؛ لُغَتان، وكلٌّ منهما فيه فتح اللام وكسرها، حكى الكلَّ الجوهريُّ في «صحاحه»، وقال الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»: الجمهور على ضمِّ الكاف، وهي لغة أهل الحجاز، وقرأ الأعرج بفتحها، وهي لغة تميم وأسَد، وقرأ ابن السَّمَيْفَع: {كَسْلَى}، وصفهم بما توصف به المؤنَّثة المفردة؛ اعتبارًا بمعنى الجماعة؛ كقوله: {وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى} [الحج: 2].

==========

[1] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي الوقت، ورواية أبي ذرٍّ عن المستملي.

[ج 2 ص 665]

(1/11445)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن]

6369# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه باسكان الخاء من (مَخْلد)، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو سليمان بن بلال، و (عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو): هو مولى المُطَّلِب بن عبد الله بن حَنْطَب، تَقَدَّمَ قريبًا.

قوله: (مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ): تقدَّما في (الصلاة)، و (الكَسَلِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، وكذا (الجُبْنِ)، وكذا (البُخْلِ) بِلُغَتَيه، وكذا (ضَلَعِ الدَّيْنِ)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11446)

[باب التعوذ من البخل]

(1/11447)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ ... ]

6370# قوله: (حَدَّثَنَا [1] غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة ومضمومة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ مَن لقَّبه به.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثني).

[ج 2 ص 665]

(1/11448)

[باب التعوذ من أرذل العمر]

قوله: ({أَرَاذِلُنَا} [هود: 27]: أَسْقَاطُنَا)، وفي نسخةٍ: (سُقَّاطُنَا)، جمع (ساقط)؛ وهو اللئيم في حَسَبه ونفسه.

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11449)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الكسل]

6371# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو، (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحدَّاد.

(1/11450)

[باب الدعاء برفع الوبأ والوجع]

قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الوباء) بِلُغَتَيه وما هو في (باب ما يُذكَر في الطاعون) في (كتاب الطِّبِّ)، وأنَّه هو الطاعون أم لا، وأنَّ الصحيح أنَّ بينهما خصوصًا وعمومًا، فكلُّ طاعونٍ وباءٌ، ولا عكس، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على الدعاء برفعه قُبَيل (كتاب الطِّبِّ).

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11451)

[حديث: اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد]

6372# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.

قوله: (وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ): تَقَدَّمَ ضبط (الجحفة)، وأنَّها بقرب رابغ، ولِمَ دعا عليهم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في أواخر (الحجِّ) قُبَيل (الصوم).

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11452)

[حديث: إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً]

6373# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَامِر بْن سَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب، وسعدٌ أحد العشرة.

قوله: (إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّ اسمها عائشة، وأنَّها [1] تابعيَّة لها رؤيةٌ، (وتَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: إنَّها أمُّ الحكم الكبرى، ووَهم مَن قال: إنَّها عائشة) [2]، و [تقدَّم] أنَّ سعدًا رُزِقَ بعد ذلك أولادًا كثيرةً؛ بضعًا وثلاثين ولدًا [3]، ذكرتهم في أوائل (كتاب البيع) عن الدِّمْيَاطيِّ، ومن كلام ابن الجوزيِّ الحافظ أبي الفرج.

قوله: (أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على (أَنْ)، وأنَّ الصحيح أنَّها بالفتح، وعلى (العَالَةَ)، وأنَّهم بالتخفيف: الفقراء، وعلى (يَتَكَفَّفُونَ).

قوله: (آأُخَلَّفُ؟): هو بمدِّ الهمزة في أصلنا، كذا هي في أصلنا، ثُمَّ أُزِيلت المَدَّة، وبقيت (أُخَلَّف)؛ بغير همزة الاستفهام.

قوله: (حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجنائز)، و (أَمْضِ)؛ بقطع الهمزة: رُباعيٌّ، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ) من كلام مَن هو في (الجنائز)، وأنَّه مِن كلام ابن أبي وقَّاص، ويُقال: من كلام الزُّهْرِيِّ، وهنا: (قالَ سَعْدٌ: رَثَى لَهُ رَسُولُ اللهِ [4] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [5] أَنْ تُوُفِي بِمَكَّةَ)، وتَقَدَّمَ بعض ترجمة سعد ابن خولة.

(1/11453)

[باب الاستعاذة من أرذل العمر ومن فتنة الدنيا وفتنة النار]

قوله: (بَابُ الاِسْتِعَاذَةِ مِنْ أَرْذَلِ الْعُمُرِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (أرذل العمر)، والكلام على (فِتْنَةِ الدُّنْيَا).

==========

[ج 2 ص 665]

(1/11454)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من البخل]

6374# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (الحُسَيْن) بعده: هو الحسين بن عليِّ بن الوليد الجعفيُّ مولاهم، الكوفيُّ المقرئ الزاهد، أبو مُحَمَّد، وأبو عبد الله، أحد الأعلام، عن خاله الحسن بن الحرِّ، والأعمش، وجعفر بن بُرْقان، وزائدة بن قدامة، وجماعةٍ، وعنه: أحمد، وإسحاق،

[ج 2 ص 665]

وابن معين، وخلقٌ، قال أحمد: ما رأيت أفضل منه ومن سعيد بن عامر، تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة (203 هـ)، أخرج له الجماعة، و (زَائِدَةَ): هو ابن قدامة، و (عَبْد المَلِكِ): هو ابن عُمير، و (مُصْعَب): هو ابن سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، وسعدٌ أحد العشرة، تَقَدَّمَ.

(1/11455)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمغرم ... ]

6375# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى البَجَلِيُّ [1]): كذا في أصلنا، وعلى (البَجَليُّ): (ز)؛ علامة راوٍ، أو إشارة إلى أنَّها زائدة، وفي صحَّة هذه النسبة نظرٌ، وهو يحيى بن موسى بن عبد ربِّه بن سالم الحُدانيُّ، أبو زكريَّا الكوفيُّ ثُمَّ البلخيُّ، خَتٌّ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وضبط (خَتٍّ)، وأنَّه بالخاء المُعْجَمَة المفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق مُشَدَّدة، روى عنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال موسى بن هارون: كان من خِيار المسلمين، وقال السراج: ثقةٌ مأمونٌ، قيل: مات في رمضان سنة (239 هـ)، وقال البُخاريُّ: سنة أربعين، أخرج له مِن الأئمَّة مَن روى عنه، وقوله في نسبه: (البَجَليُّ) لا أعرفه، ولعلَّ هذه النسبةَ زائدةٌ، وإنَّما هو بلخيٌّ، كما ذكرت لك، والله أعلم.

(1/11456)

[باب الاستعاذة من فتنة الغنى]

قوله: (مِنْ [1] فِتْنَةِ الْغِنَى): هو بكسر الغين، مقصورٌ، معروفٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وشرِّ).

[ج 2 ص 666]

(1/11457)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار]

6376# قوله: (حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد اللام، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (خَالَتهِ): عائشة أمُّ المؤمنين؛ لأنَّ أمَّه أسماءُ بنت أبي بكر الصِّدِّيق.

==========

[ج 2 ص 666]

(1/11458)

[باب التعوذ من فتنة الفقر]

قوله: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ): جاء في حديث: «كاد الفقر أن يكون كفرًا»، وسأذكر مَن ذكره في (باب فضل الفقر) في (الرقائق).

==========

[ج 2 ص 666]

(1/11459)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار.]

6377# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة أُحُد) في (باب ما أصاب النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الجراح يوم أُحُد).

قوله: (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ) [1]: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وسؤالٌ فيه وجوابه قريبًا وبعيدًا، وكذا تَقَدَّمَ (الْكَسَلِ، وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ).

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث السابق، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ).

[ج 2 ص 666]

(1/11460)

[باب الدعاء بكثرة المال مع البركة]

(1/11461)

[حديث: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته .. ]

6378# 6379# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا وبعيدًا مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أُمُّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَت، وأنَّها بضَمِّ السين، وفتح اللام، والاختلاف في اسمها، وأنَّها [1] زوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهل، وهي أمُّ أنسٍ.

قوله: (أَكْثِرْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الثاء المُثَلَّثَة، رُباعيٌّ، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (وَعَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مِثْلَهُ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، وقائل: (وعن هشام) هو شعبة، فروى هذا الحديث عن قتادةَ، وعن هشام بن زيد، وقتادةُ مُدَلِّس، وقد عنعن عن أنسٍ، وهشامٌ صَرَّحَ بالسماع من أنس، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (وأنَّه)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 666]

(1/11462)

[باب الدعاء عند الاستخارة]

(1/11463)

[حديث: إذا هم بالأمر فليركع ركعتين]

6382# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي): تَقَدَّمَ أنَّ (ابن أبي الموالي) و (ابنَ الهادي) و (ابنَ العاصي) و (ابن اليماني) الصحيحُ: إثبات الياء في ذلك كلِّه، نبَّه عليه النَّوَويُّ، وقد تَقَدَّمَ في (صلاة الليل) أنَّ حديثَ الاستخارة قال الإمام أحمد: منكرٌ، وقد أخرجه البُخاريُّ هنا، وفي المكان المشار إليه، وأخرجه الأئمَّة إلَّا مسلمًا، وقال التِّرْمِذيُّ: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرفه إلَّا من حديث ابن أبي الموالي، وهو مدنيٌّ ثقةٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ له ترجمةً في «الميزان».

قوله: (وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ): هو بفتح الهمزة؛ أي: أطلب منك أن تجعل لي عليه قدرةً.

قوله: (فَاقْدُرْهُ لِي): (اقدُر): بهمزة وصل، وبضمِّ الدال، وبالضَّمِّ هو مضبوط في أصلنا، قال في «المطالع» في قوله: (واقدر لي الخير): بالكسر ضبطه الأصيليُّ، وبالوجهين ضبطه غيره، انتهى، وهذا مثله، وكذا (وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ): بهمزة وصل، وكسر الدال وضمِّها، كما قاله ابن قرقول.

تنبيهٌ: هذا الدعاء يقوله عقيب السلام من الركعتين، كذا نُصَّ عليه، وهذا سألني عنه غيرُ واحد، وهو يُؤخَذ من قوله: «فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثُمَّ يقول ... »، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 666]

(1/11464)

[باب الدعاء عند الوضوء]

قوله: (الوُضُوءِ عِنْدَ الدُّعَاءِ [1]): كذا في أصلنا، وقد كُتِبَ على (الوضوء): (م)، وعلى (الدعاء): (م)، فصار: (باب الدعاء عند الوضوء)، وفي ذلك نظرٌ، وإنَّما صوابه: (باب الوضوء عند الدعاء)، كما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم.

قوله: (بَابُ الوُضُوءِ): هو بضمِّ الواو الفعلُ، ويجوز فتح الواو، وتقدَّم مرارًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (الدعاء عند الوضوء).

[ج 2 ص 666]

(1/11465)

[حديث: اللهم اغفر لعبيد أبي عامر.]

6383# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، مشهورٌ، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر، ويُقال: الحارث، القاضي، وَلَدُ أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (عُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ)، وأنَّه عمُّ أبي موسى الأشعريِّ، وهو عبيد بن سُلَيم بن حَضَّار، وأنَّه استُشهِد يوم أوطاس رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ ما وقع في رواية ابن إسحاق من أنَّه ابن عمِّ أبي موسى، وقد سُقْتُ نسبَهما قبل هذا.

قوله: (وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّ بياض إبطه من علامات النبوَّة، ذكره أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصبهانيُّ.

==========

[ج 2 ص 666]

(1/11466)

[باب الدعاء إذا علا عقبة]

(1/11467)

[حديث: ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة]

6384# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، العالم المشهور، و (أَبُو عُثْمَانَ): هو النهديُّ عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (مَلٍّ)، و (أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ): (اربَعوا): بهمرة وصل _فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها_ وفتح المُوَحَّدة؛ أي: اعطفوا عليها بالرِّفْق بها، والكفِّ عن الشِّدَّة.

==========

[ج 2 ص 666]

(1/11468)

[باب الدعاء إذا أراد سفرًا أو رجع]

قوله: (فِيهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ) [1]: (يحيى) هذا: هو ابن أبي إسحاق الحضرميُّ مولاهم، البصريُّ النَّحْويُّ، عن أنس وسليمان بن يسار، وعنه: عبَّاد بن العَوَّام، وعبد الوارث، وابن عُلَيَّة، ثقةٌ، صاحب قرآن وعربيَّةٍ، تُوُفِّيَ سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وحديثه المشار إليه أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن أبي مَعْمَر عن عبد الوارث، وفيه وفي (الأدب) عن عليٍّ عن بِشْر بن المفضَّل، وفي (اللباس) عن الحسن بن مُحَمَّدِ بن الصَّبَّاح، عن يحيى بن عبَّاد، عن شعبة، عن يحيى به.

==========

[1] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي.

[ج 2 ص 666]

(1/11469)

[حديث ابن عمر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك ... ]

6385# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ أحدِ الأعلام.

قوله: (إِذَا قَفَلَ): معناه: رجع.

قوله: (شَرَفٍ مِنَ الأَرْضِ): (الشَّرَف): بفتح الشين المُعْجَمَة والراء، وبالفاء، وهو ما ارتفع من الأرض.

قوله: (وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ): (الأحزاب): الجموع المتحزِّبة من قبائلَ شتَّى لحربه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكان ذلك في الخندق، وهي غزوة الأحزاب.

(1/11470)

[باب الدعاء للمتزوج]

(1/11471)

[حديث: بارك الله لك، أولم ولو بشاة]

6386# قوله: (أَثَرَ صُفْرَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على التَّزَعْفُر للرَّجُلِ العروسِ.

قوله: (مَهْيَمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل (البيع).

[ج 2 ص 666]

قوله: (أَوْ: مَهْ): هذا شكٌّ من الراوي، وتَقَدَّمَ الجزم بـ (مَهْيَم)، وقد قَدَّمْتُ معنى (مه)، ومعنى (مَهْيَم).

قوله: (تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً): تَقَدَّمَ أنَّ هذه لا أعرف اسمها، وأنَّها بنت أبي الحيسرِ أنسِ بن رافعٍ الأنصاريِّ، وتَقَدَّمَ الكلام على أبيها.

قوله: (عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل (البيع).

(1/11472)

[حديث: هلا جارية تلاعبها وتلاعبك]

6387# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ عَارم، وعَارمٌ لقبه، وتَقَدَّمَ معنى (عَارم).

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار.

قوله: (هَلَكَ أَبِي): تَقَدَّمَ أنَّ أباه عبدُ الله بن عمرو بن حرامٍ الأنصاريُّ، استُشهِد بأُحُد رضي الله عنه، بدريٌّ نقيب.

قوله: (وَتَرَكَ سَبْعَ _أَوْ تِسْعَ_ بَنَاتٍ): تَقَدَّمَ (إنَّ أبي هلك وترك تسعَ بناتٍ)، ولكن هنا شكَّ الراوي، والصواب من أحد الشَّكَّين: التسع، ولا أعرف أسماءَ أخواتِ جابرٍ.

قوله: (فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً): هذه المرأة التي تزوَّج بها جابرٌ لا أعرف اسمها، وقد قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: إنَّ اسمها سُهَيمة بنت مسعود.

قوله: (لَمْ يَقُلِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو): أمَّا (ابن عُيَيْنَة)؛ فهو الإمام، أحد الأعلام، سفيانُ، أشهرُ من أن يُذكَر، وأمَّا تعليقه؛ فأخرجه البُخاريُّ في (المغازي) عن قُتَيْبَة، وعليِّ بن عبد الله، فرَّقهما، كلاهما عن سفيان عن عمرو به، وأخرجه مسلمٌ في (النكاح) عن قُتَيْبَة به.

تنبيهٌ: حديثُ عليٍّ رفيقِ قُتَيْبَة ذكره خلفٌ وحدَه، وقال ابن عساكر: لم أجده، ولم يذكره أبو مسعودٍ.

وأمَّا (مُحَمَّد بن مسلم)؛ فهو الطائفيُّ، يروي عن عَمرو بن دينار وابنِ أبي نَجِيْح، وعنه: ابن مهديٍّ ويحيى بن يحيى، فيه لينٌ، وقد وُثِّقَ، وله في «مسلمٍ» حديثٌ، تُوُفِّيَ سنة (177 هـ)، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج [له] مسلمٌ والأربعةُ، قال ابن القَيِّمِ في «الهدي» عن ابن حزم: ساقطٌ ألبتَّة، قال: ولم [أرَ] هذه العبارةَ فيه لغيره، قال: وقد استشهد به مسلمٌ، ونقل قبل ذلك عن أحمد تضعيفه، وأنَّه عند ابن معين ثقةٌ، انتهى، وقال الذَّهَبيُّ: له في «مسلم» حديثٌ واحدٌ، انتهى، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجه شيخُنا رحمه الله، وأمَّا (عَمرو)؛ فهو ابن دينار.

(1/11473)

[باب ما يقول إذا أتى أهله]

(1/11474)

[حديث: لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال باسم الله]

6388# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المعتمر، و (سَالِم): هو ابن أبي الجَعْد الغطفانيُّ.

قوله: (لَمْ يَضُرّهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالرفع، ويجوز فتحه.

قوله: (لَمْ يَضُرّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب التسمية على كلِّ حالٍ وعند الوِقاع) في أوائل هذا التعليق.

(1/11475)

[باب قول النبي: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة}]

(1/11476)

[حديث: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً]

6389# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

(1/11477)

[باب التعوذ من فتنة الدنيا]

قوله: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا): تَقَدَّمَ ما (فتنة الدنيا).

(1/11478)

[حديث سعد: اللهم إني أعوذ بك من البخل ... ]

6390# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَ (المَغْراء) بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ راء، ثُمَّ مدَّة، و (عَبِيدَةُ) بعده: ابن حُمَيدٍ، بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة.

قوله: (كَمَا تُعَلَّمُ الْكِتَابَةُ): (تُعَلَّم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الكتابةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ): تَقَدَّمَ بِلُغَتَيه، وتَقَدَّمَ ما (الْجُبْن)، وتَقَدَّمَ (أَرْذَلِ الْعُمُرِ) ما هو، وتَقَدَّمَ ما (فِتْنَة الدُّنْيَا).

==========

[ج 2 ص 667]

(1/11479)

[باب تكرير الدعاء]

(1/11480)

[حديث: أشعرت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه]

6391# قوله: (طُبَّ): هو بضَمِّ الطاء المُهْمَلَة، وتشديد المُوَحَّدة، فعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الذي طبَّه هو لبيد بن الأعصم، وستجيء تسميتُه في هذا الحديث، وقد قَدَّمْتُ الكلام على (لبيد).

قوله: (لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ [1] قَدْ صَنَعَ الشَّيْءَ وَمَا صَنَعَهُ): تَقَدَّمَ ماذا كان يُخَيَّل إليه، وذكرتُ فيه قولَين.

قوله: (وَإِنَّهُ دَعَا): (إنَّه): بكسر همزتها.

قوله: (أَشَعَرْتِ؟): أي: أَعَلِمْتِ؟ وتَقَدَّمَ (أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ) ما معناه، وأنَّ معناه: أجابني فيما دعوتُه، وكذا الكلام على (الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ جَاءَاهُ) مَن هما، وأنَّهما جَبرئيل وميكائيل، وعلى (مَطْبُوبٌ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (المُشْط) بِلُغَاته، وعلى (المُشَاطَة)، وعلى (جُفِّ طَلْعَةٍ)، وأنَّه بالإضافة، وعلى (ذَرْوَان) و (زُرَيْق)؛ بتقديم الزاي المضمومة، على الراء المفتوحة: قَبيلٌ من الأنصار، وعلى قوله: (فَهَلَّا أَخْرَجْتَهُ)، والتوفيق بين الروايتين: الإخراج وعدمه، وعلى قوله: (وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا).

قوله: (زَادَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَاللَّيْثُ عَنْ هِشَامٍ): أمَّا (عيسى بن يونس)؛ فهو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، أحدُ الأعلام في الحفظ والعبادة، عن أبيه، وهشام بن عروة، والأعمش، وخلقٍ، وعنه: حَمَّاد بن سلمة مع تقدُّمه وجلالته، وابنُ المَدينيِّ، وإسحاق، وابن عرفة، وكان يحجُّ سنةً، ويغزو سنةً، تُوُفِّيَ سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، وتعليقه أخرجه البُخاريُّ في (الطِّبِّ) و (صفة إبليس) عن إبراهيم بن موسى، عن عيسى بن يونس به، وأخرجه النَّسائيُّ في (الطِّبِّ) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس به، وحديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، و (الليث): هو ابن سعد، وتعليقه قال: البُخاريُّ في (صفة إبليس): قال البُخاريُّ: وقال الليث: كتب إليَّ هشام بن عروة ... ؛ فذكره به، ولم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة سواه، ولم يخرِّجه شيخُنا رحمه الله تعالى.

(1/11481)

[باب الدعاء على المشركين]

قوله: (اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا ... ) إلى أن قال: (حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى [1]: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]): تَقَدَّمَ الكلام عليهم في (غزوة أُحُد).

[ج 2 ص 667]

(1/11482)

[حديث: اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب.]

6392# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ): هو مُحَمَّد بن سلَام، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام على الصحيح، و (وَكِيعٌ): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (ابْن أَبِي خَالِدٍ): هو إسماعيل بن أبي خالد، و (ابْن أَبِي أَوْفَى): عبد الله بن أبي أوفى علقمةَ بنِ خالد، وتَقَدَّمَ أنَّ أبا أوفى صَحَابيٌّ أيضًا، رضي الله عنهما.

قوله: (دَعَا [1] عَلَى الأَحْزَابِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّهم أهلُ الخندق الذين تحزَّبوا لحربِ رسولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الخندق، وكم كانوا.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[ج 2 ص 668]

(1/11483)

[حديث: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة]

6393# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء على قول الأكثر.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ أَنْجِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ و (عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (الْوَلِيد بْن الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ أنَّه أخو خالد بن الوليد، وبعض ترجمته، و (سَلَمَة بْن هِشَامٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه أخو أبي جهل لأبوَيه، رضي الله عنهم، وتَقَدَّمَ الكلام على (الوَطْأَةِ)، وعلى (مُضَرَ)، وتَقَدَّمَ أنَّها قبيلةٌ معروفةٌ، وتَقَدَّمَ الكلام على (السنين)، و (كَسِنِي): أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّ (السنين): القَحْطُ والجَدْب.

==========

[ج 2 ص 668]

(1/11484)

[حديث: إن عصية عصوا الله ورسوله]

6394# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بحاء وصاد مهملتين، وأنَّه سلَّام _بتشديد اللام_ ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (عَاصِم) بعده: هو عاصم بن سليمان الأحول، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً يُقَالُ لَهُمُ: الْقُرَّاءُ): تَقَدَّمَ متى كان هذا البَعث، وأنَّه كان في صفر على رأس أربعة أشهر من أُحُد عند ابن إسحاق، وقد تَقَدَّمَ متى كانت غزوة أحُد، وأنَّ هؤلاء السَّرِيَّة أصحابُ بئر معونة، وأنَّهم كانوا سبعين، وقد تَقَدَّمَ أنَّهم سبعون، كما في هذا «الصحيح»، وفي هذا «الصحيح»: (أربعون، أو سبعون)؛ بالشكِّ، والصحيح: سبعون، ويُقال: كانوا أربعين، كما عند ابن إسحاق، وأنَّ في قوله: (أُصِيبُوا) مجازًا؛ لأنَّهم كلَّهم لم يُقْتَلوا، بل بقي منهم كعب بن زيد أخو بني دينار بن النَّجَّار، فإنَّهم تركوه وبه رمقٌ، فارتُثَّ من بين القتلى حتَّى قُتِل في الخندق شهيدًا، وكان في سَرْح القوم عَمرو بن أُمَيَّة الضمريُّ ورجلٌ آخرُ من الأنصار، وقد تَقَدَّمَ مَن هو، كلُّ ذلك في (أُحُد)، وقد ذكرت قبل ذلك مَن عُدَّ أنَّه استُشهِد في بئر معونة، والله أعلم.

قوله: (فَمَا ... وَجَدَ): أي: حَزِن، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 668]

(1/11485)

[حديث: مهلًا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله .. ]

6395# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المسنديُّ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ [1] ضبطه، وأنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، وتَقَدَّمَ أنَّ (الزُّهْرِيَّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يَقُولُونَ: السَّامُ عَلَيْكَ): تَقَدَّمَ ما (السام)، وضبطُه.

قوله: (فَفَطَنَتْ [2] عَائِشَةُ): هو بفتح الطاء، كما قَيَّدهُ به الجوهريُّ في «صحاحه».

قوله: (ذَلِكِ عَلَيْهِمْ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] في (أ): (بفتح)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ففطِنت)؛ بكسر الطاء.

[ج 2 ص 668]

(1/11486)

[حديث: ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا]

6396# قوله: (حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله، و (عَبِيدَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عَمرو السَّلْمانيُّ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَهْيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو الصحيحُ _أنَّها العصر_ الذي ثبت في الأحاديث، وقدَّمت سبعةَ عشرَ قولًا فيها، وأنَّ شيخَ شيوخنا الحافظَ أبا مُحَمَّد عبدَ المؤمن بن خلف التونيَّ الدِّمْيَاطيَّ أفردها بالتأليف، وقد قرأته بالقاهرة على ناصر الدين مُحَمَّدِ الطبردار بإجازته منه، وذكر فيه مَدرك كلِّ قولٍ، ومَن قال به.

==========

[ج 2 ص 668]

(1/11487)

[باب الدعاء للمشركين]

(1/11488)

[حديث: اللهم اهد دوسًا وأت بهم .. ]

6397# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ الحافظُ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (قَدِمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو): هو الطُّفيل بن عمرو بن طريف الأزديُّ الدَّوسيُّ، يُلَقَّب ذا النور، استُشهِد يوم اليمامة، صَحَابيٌّ مشهورٌ، وقد تَقَدَّمَ متى كانت اليمامة مرارًا.

قوله: (اللَّهُمَّ اهْدِ): هو بهمزة وصلٍ؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 668]

(1/11489)

[باب قول النبي: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت»]

(1/11490)

[حديث: رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله]

6398# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (ابْن أَبِي مُوسَى): هو أبو بُردة الحارثُ _ويُقال: عامر_ ابن أبي موسى الأشعريِّ عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، فإنَّه يأتي مصرَّحًا به في الطريق التي بعد [1] هذه، ويحتمل أن يكون أبا بكر بن أبي موسى، فإنَّه يأتي كذلك بعدَ التصريحِ بأبي بُردة [2]، ثُمَّ إنِّي راجعت «الأطراف» للمِزِّيِّ؛ فوجدته قد ذكر الحديثَ في ترجمة أبي بُردة عن أبيه، وفي ترجمة أبي بكر عن أبيه، وكلاهما روى عنه هذا الحديثَ أبو إسحاق عَمرُو بن عبد الله، والله أعلم.

قوله: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي ... ) إلى قوله: (وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي): أي: أنا متَّصفٌ بهذه الأشياءِ، فاغفرها لي، قيل: قاله تواضعًا، وعدَّ على نفسه فواتَ الكمالِ ذنوبًا، وقيل: أراد ما كان عن سهو، وقيل: ما كان قبل النبوَّة، وعلى كلِّ حالٍ فهو صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مغفورٌ له ما تَقَدَّمَ وما تأخَّر، فدعا بهذا وغيرِه تواضعًا، ولأنَّ الدعاءَ عبادةٌ، قاله النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، انتهى، والذي يُقال هنا: إنَّه قاله تعليمًا، ويُعَكِّر عليَّ ما تَقَدَّمَ آخِرَ الحديث، إلَّا أن يؤوَّل، وتأويله متعيِّنٌ لا بدَّ منه، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ: وَحَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ... ) إلى آخره: هذا تعليقٌ، و (عبيد الله بن معاذ): أخرج له البُخاريُّ عن واحدٍ عنه، وقد روى عنه نفسِه مسلمٌ وأبوداود، والبُخاريُّ عن واحدٍ عنه، وقد أخرج تعليقَه مسلمٌ في (الدَّعَوَات) عنه به [3].

==========

[1] في (أ): (بعده)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] يعني في التعليق: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ: وَحَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيه).

[3] هذ الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متأخِّرةً بعد قوله: (وَجِدِّي ... ).

[ج 2 ص 668]

(1/11491)

[حديث: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري]

6399# قوله: (وَجِدِّي): هو بكسر الجيم: ضدُّ الهَزْل، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 668]

(1/11492)

[باب الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة]

قوله: (بَابُ [الدُّعَاءِ فِي] السَّاعَةِ الَّتِي فِي [1] الْجُمُعَةِ): اعلم أنَّه تَقَدَّمَ الاختلاف في ساعة الإجابة التي في يوم الجمعة في (كتاب الجمعة)، وذكرت فيها أحدَ عشرَ قولًا، وأنَّ الراجح من الأقوال قولان تضمَّنتهما الأحاديثُ الصحيحةُ الثابتةُ، واختُلِف في ترجيح كلٍّ منهما على الآخَرِ؛ أحدهما: أنَّها ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تُقضَى الصلاةُ، رواه مسلمٌ في «صحيحه»، والثاني: أنَّها بعد العصر، وذكرت حُجَّته من عند أحمد من «المسند» من حديث أبي سعيد وأبي هريرة، وأنَّه جاءت بذلك أحاديثُ غير ذلك، وأنَّ ذلك قولُ أكثر السَّلَف، كما قاله ابن القَيِّمِ، وأنَّ عليه أكثرَ الأحاديثِ، وذكرت في الحديث الذي في «صحيح مسلم» علَّتين؛ إحداهما ليست قادحةً على الصحيح، والثانيةُ قادحةٌ، وقد ذكر شيخُنا فيها عشرين قولًا، وفيها تداخلٌ، قال: وقد أفردتها قديمًا في جزء، انتهى.

[ج 2 ص 668]

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يوم).

(1/11493)

[حديث: في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم]

6400# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن عُلَيَّة، أحدُ الأعلام، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.

قوله: (يُزَهِّدُهَا): معناه: يُقلِّلها، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 669]

(1/11494)

[باب قول النبي: يستجاب لنا في اليهود ولا يستجاب لهم فينا]

(1/11495)

[حديث: مهلًا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف أو الفحش]

6401# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي، أبو مُحَمَّد الحافظ الثقفيُّ، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَ، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرِ بن عبد الله بن جُدعان التيميُّ المَكِّيُّ، مشهورٌ جدًّا، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ.

قوله: (أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوُا رَسُولَ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هؤلاء اليهودُ لا أعرف أسماءهم.

قوله: (فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ): (وإيَّاكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ (العنف) مثلَّث العين، وهو هنا مَنْصُوبٌ على التحذير، و (العنف): ضدُّ الرِّفْق.

قوله: (أَوِ [2] الْفُحْشَ): تَقَدَّمَ ما (الفحش)، وهو مَنْصُوبٌ أيضًا، سواء قلنا على رواية: (أو)، فيكون الراوي شكَّ في أيِّهما قال، أو إن حذفنا الهمزة [3]؛ فإنَّه يكون بحذفها معطوفًا على المنصوب، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيَّ).

[2] على الهمزة في (أ) علامة نسخة، وعليها في (ق): (لا ه)؛ أي: أنَّ رواية أبي ذرٍّ بالواو: (والفحش).

[3] في (أ): (الواو)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 669]

(1/11496)

[باب التأمين]

قوله: (بَابُ التَّأْمِينِ): (التأمين): هو قول: (آمين)، وقد تَقَدَّمَ أنَّها بمدِّ الهمزة وقصرها، ومُخَفَّفة الميم ومشدَّدته، وأنكر أكثرُ العلماء شدَّ الميم، وأنكر ثعلب قصرَ الهمزة إلَّا في الشِّعر، وصحَّحه يعقوب في الشِّعر وغيرِه، والنون مفتوحة أبدًا مبنيَّةٌ؛ مثل: (كيف) و (ليت)، واختُلِف في معناها؛ فقيل: كذلك يكون، وقيل: هو اسمٌ من أسماء الله تعالى، أصله القصر، فأُدخِلَت عليه همزةُ النداء؛ كما يقال: يا أمينُ؛ استجب دعاءنا، وهذا لا يصحُّ، وقد رَوينا هذا القول عن مجاهد، وليس من أسماء الله عزَّ وجلَّ اسمٌ مَبْنيٌّ ولا غيرُ مُعْرَب، مع أنَّ أسماءه تعالى لا تثبت إلَّا قرآنًا أو سُنَّةً متواترةً، واختار بعضهم ثبوتَها بالآحاد، وقد عُدِم الكلُّ في (أمين)، وقيل: (آمين): درجةٌ في الجنَّة تجب لقائلها، وقيل: هو طابَع الله على عباده يدفع به الآفاتِ، وقيل: معناه: اللهمَّ؛ أُمَّنا بخير، وقيل: معناه: مَن استُجِيب له كما يُستَجَاب للملائكة، وقيل: بل معناه: اللهمَّ؛ استجب لنا، وقد قَدَّمْتُ هذا كلَّه، ولكن طال به العهد، فلهذا أَعَدْتُه.

وملخَّص ما في (آمين) من اللغات: (آمين)؛ بالمدِّ، وهو أفصحها، ثانيها: القصر، ثالثها: المدُّ والإمالة مُخَفَّفة الميم، رابعها: المدُّ وتشديد الميم، وأُنْكِرَت، وفي بطلان الصلاة بها وجهٌ، خامسها: القصر والتشديد، وهي غريبةٌ.

(1/11497)

[حديث: إذا أمن القارئ فأمنوا فإن الملائكة تؤمن]

6402# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهْبِذ، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، وأنَّ (الزُّهْرِيَّ): مُحَمَّد بن مسلم، وأنَّ (سَعِيد بْن المُسَيّبِ) بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب)، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (إِذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ؛ فَأَمِّنُوا): قال ابن قُرقُول في قوله: «إذا أمَّن الإمام»: أي: قال: آمين، وقيل: أراد: دعا بقوله: {اهْدِنَا ... } إلى آخرها [الفاتحة: 6 - 7]، ويُسَمَّى كلُّ واحدٍ من الداعي والمؤمِّن داعيًا ومؤمِّنًا، قال الله تعالى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 89]، وكان أحدُهما مُؤَمِّنًا، والآخرُ داعيًا، وقيل: معناه: إذا بلغ موضعَ استدعاءِ التأمين بقوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، انتهى.

قوله: (فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ [1] الْمَلَائِكَةِ): إن رفعتَ الأوَّل؛ فانصب الثاني، وإن عكستَ؛ فاعكس، وهذا ظاهِرٌ، قيل: هي موافقةُ القول؛ لقوله: «قالت الملائكة: آمين»، قال الشيخ محيي الدين في هذا القول: هذا هو الصواب والصحيح، وقيل: في الصفة من الخشية والإخلاص، وقيل: هو أن يكونَ دعاؤه لعامَّة المؤمنين كالملائكة، وقيل: معناه: مَن استُجِيب له كما يُستَجَاب للملائكة، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به.

قوله: (الْمَلَائِكَةِ): قد اختُلِف فيهم؛ فقيل: الحَفَظَة، وقيل: غيرهم.

قوله: (غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه كلِّه في (باب جهر الإمام بالتأمين [2]).

(1/11498)

[باب فضل التهليل]

(1/11499)

[حديث: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له]

6403# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ السين المُهْمَلَة، وفتح الميم، وتشديد الياء، وزان (عُلَيٍّ) المُصَغَّر، وأنَّه مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ذكوانُ مرارًا.

قوله: (كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ): (عَدل) في أصلنا: بفتح العين، وهو بالفتح: المِثْلُ، وما عادل الشيء وكافأه من غير جنسه، وإن كان من جنسه؛ فهو بكسر العين، وهما لغتان، وهو قول البصريِّين، ونحوُه عن ثعلب، قاله ابن قُرقُول، وقال ابن الأثير: قد تكرَّر لفظ «العَدل» و «العِدل» _بالكسر والفتح_ في الحديث، وهما بمعنى: المثل، وقيل: بالفتح: ما عادله من جنسه، وبالكسر: ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس.

قوله: (وكُتِبَتْ [1] لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ): (كُتِبَتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مئةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وكذا (وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ).

قوله: (حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ): (الحِرْز): الحافظ.

قوله: (بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ [2]): (أفضل) هنا: مجرورٌ، علامة الجرِّ فيه الفتحةُ؛ لأنَّه لا ينصرف، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِلَّا رَجُلٌ): بالرفع، كذا في أصلنا، وهذا مثل قوله: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: 66]، فقرأ القرَّاء السِّتَّة بالرفع، وقرأ ابن عامر بالنصب على الاستثناء.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة»: (وكُتِبَ).

[2] (به): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهو ثابت في بعض نسخ «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 669]

(1/11500)

[حديث: من قال عشرًا كان كمن أعتق رقبةً من ولد إسماعيل]

6404# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو _فيما يظهر_ المسنَديُّ؛ وذلك لأنَّ الحافظَ عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» لم يذكر في الرواة عن أبي عامر العَقَديِّ مَن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سوى المسنَديِّ، والذَّهَبيُّ لم يذكره في ترجمة عبد الملك أبي عامر، و (عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو): هو أبو عامر العَقَديُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مترجمًا، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن خالد، و (دَاوُد): هو ابن أبي هند، و (عَامِرٌ): هو ابن شراحيل الشَّعْبيُّ، و (أَبُو أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خالد بن زيد الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

[ج 2 ص 669]

قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ): هذا هو ابن أبي خالد، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، و (الرَّبِيع): هو ابن خُثَيْم، وتعليقه أخرجه النَّسائيُّ في (الدَّعَوات) عن أحمد بن سليمان، عن يعلى بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد به.

قوله: (قَوْلَهُ): (قولَهُ): مَنْصُوبٌ _أي: من قوله_ بنزع الخافض، ومعنى هذا: أنَّه موقوفٌ عليه من كلامه، لا مرفوعًا من كلام النبوَّة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، إلَّا أنَّه خفي عند غيرهم، والله أعلم.

(1/11501)

قوله: (وَقَالَ آدَمُ): هذا هو ابن أبي إياسٍ العسقلانيُّ شيخُ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ عنه في حال المذاكرة، و (هِلَال بْن يسَافٍ): قال ابن قُرقُول: بكسر الياء يقوله المحدِّثون، قال أبو عبيد: ويُقال: إساف، قال غيره: هو كلام العرب، قال بعضهم: بفتح الياء؛ لأنَّه لم يأتِ في كلام العرب كلمةٌ أوَّلها ياءٌ مكسورةٌ إلَّا قولهم: يسار، انتهى، وقد جاءت (يِسار) لغةً في اليدِ وغيرِ ذلك، و (الرَّبِيع بْن خُثَيْمٍ): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَلَّثَة مفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، وهذا مَعْرُوفٌ، وليس له مشتَبِهٌ، إلَّا أنَّ بعض المغفَّلين يقوله: خيْثم؛ بتقديم المُثَنَّاة تحت الساكنة، ثُمَّ بالثاء المُثَلَّثَة، وهو تصحيفٌ.

قوله: (قَوْلَهُ): تَقَدَّمَ أعلاه الكلامُ عليه؛ فانظره، وهو مَنْصُوبٌ.

قوله: (وَقَالَ الأَعْمَشُ وَحُصَيْنٌ عَنْ هِلَالٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَوْلَهُ): أمَّا (الأعمش)؛ فتقدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، وتعليقُه هذا أخرجه النَّسائيُّ عن حاجب بن سليمان، عن وكيع، عن الأعمش به، وأمَّا (حُصَين)؛ فقد تَقَدَّمَ أيضًا مرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وهذا حُصَين بن عبد الرَّحْمَن، وتعليقه أخرجه النَّسائيُّ عن أحمد بن حرب، عن ابن فُضَيل، عن حُصَين به، و (هلال): هو ابن يساف، و (الربيع): ابن خُثَيْم، و (قولَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه مَنْصُوبٌ أعلاه؛ أي: مِن قوله؛ يعني: أنَّه موقوفٌ عليه من كلامه، لامن كلام النبوَّة.

(1/11502)

قوله: (وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ): (أبو مُحَمَّد الحضرميُّ) هذا: عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وهو غلام أبي أيُّوب خالدِ بن زيد، يقال: هو أفلح، عن أبي أيُّوب، وعنه: أبو الورد ثمامةُ، قال الذَّهَبيُّ في «الميزان» في أبي مُحَمَّد الحضرميِّ: لا يُعرَف، ورقم عليه: (خت)؛ يعني: عَلَّقَ له البُخاريُّ، وقال في «التذهيب» في أفلح: مولى أبي أيُّوب المدنيِّ، من سبي عين التمر، عن أبي أيُّوب، وكان يكون معه في مغازيه، وعن زيد بن ثابت، وأبي سعيد، وعثمانَ، وغيرِهم، وعنه: ابن سيرين، وأبو الوليد عبدُ الله بن الحارث، وأبو سفيان مولى ابن أبي أحمد، وآخرون، وَثَّقَهُ أحمد العِجْليُّ، قُتِل بالحرَّة سنة ثلاث وستِّين، أخرج له مسلمٌ، وما رواه أبو مُحَمَّد هذا لا أعلم أحدًا من أصحاب الكُتُب السِّتَّة أخرجه إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله تعالى.

قال شيخُنا: أبو مُحَمَّد هذا ذكره الحاكمُ وأبو عُمر وغيرُهما فيمَن لا يُعرَف اسمه، وقال أبو زرعة: لا أعلم أحدًا سمَّاه، وهو غلام أبي أيُّوب، وزعم المِزِّيُّ أنَّ اسمه أفلح، وعلَّم عليه علامة: (م)، وفيه وقفةٌ؛ لأنَّ أفلحَ مولى أبي أيُّوب اسمُ أبيه كثيرٌ، وتُوُفِّيَ في الحرَّة، روى عنه جماعةٌ منهم [1] مُحَمَّد بن سيرين، وعن عثمان وغيرِه، ولم أرَ له كنية، وادَّعى أبو عمر _وعنه نقله في «الاستقصاء» _: أنَّه روى عن أبي أيُّوب حديثين؛ أحدهما: في «أعلام النبوَّة»، والثاني: أنَّ رجلًا قال خلف رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا ... )؛ وأهمل حديث الباب، وقال الدَّارَقُطْنيُّ: لا يُعرَف أبو مُحَمَّد، في هذا الحديث فقط، انتهى لفظه.

(1/11503)

وقد رأيت في «ثقات ابن حِبَّانَ» في أفلح بن كثير، فقال: (مولى أبي أيُّوب الأنصاريِّ، من أهل المدينة، يروي عن عثمان بن عَفَّانَ، وأبي أيُّوب، وعبد الله بن سلَام، روى عنه: ابن سيرين، وأبو بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم، قُتِل يوم الحرَّة سنة ثلاث وستِّين) انتهى، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» في أفلح بنحوِ ما ذكره ابن حِبَّانَ، غير أنَّه لم يؤرِّخ وفاته، ولم يذكر فيه تجريحًا ولا تعديلًا، وذكره في (الكنى)، فقال: أبو مُحَمَّد الحضرميُّ، روى عن أبي أيُّوب الأنصاريِّ: أنَّ رجلًا قال خلف النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (الحمد لله حمدًا ... )؛ الحديث، روى عنه أبو الوَرْد بن ثمامة، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعت أبا زرعة يقول: أبو مُحَمَّد هذا لا أعلم أحدًا سمَّاه، انتهى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الفاء في (الكنى)، قاله ابن الصلاح، قال: ومن المغاربة من سكَّن الفاء من «أبي السَّفْر» سعيدِ بن يحمد، قال: وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث، حكاه الدَّارَقُطْنيُّ عنهم، وقد تَقَدَّمَ، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، و (الرَّبِيْع بْن خُثَيْم): تَقَدَّمَ ضبط (خُثَيْم) أعلاه، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن الأنصاريُّ، عالم الكوفة، و (أَبُو أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا أنَّه خالد بن زيد.

(1/11504)

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ... ) إلى آخره: (إبراهيم) هذا: هو ابن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله، عن أبيه وجدِّه، وعنه: إسحاق بن منصور السلوليُّ، وشريح بن مسلمة، وجماعةٌ، قال عَبَّاس عن ابن معين: ليس بشيء، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال الجَوْزَجَانيُّ: ضعيف، وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، قيل: تُوُفِّيَ سنة (198 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، و (أبوه): يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، عن جدِّه، وأبيه، والشَّعْبيِّ، وابن المنكدر، وغيرِهم، وعنه: ابنه إبراهيم، وابن عمِّه إسرائيل، وابن عمِّه عيسى بن يونس، وابن عُيَيْنَة سفيانُ، وغيرُهم، قال ابن عُيَيْنَة: لم يكن في ولد أبي إسحاق أحفظُ منه، وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال آخرُ: قليلُ الحديث، تُوُفِّيَ سنة (157 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان» ذكر فيها: أنَّه أُتِيَ من الراوي عنه، وإنَّما هو ثبتٌ حُجَّةٌ، والله أعلم، و (أبو إسحاق): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (قولَهُ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه مَنْصُوبٌ بنزع الخافض؛ أي: من قوله؛ يعني: أنَّه موقوف عليه، وليس من كلام النبوَّة، وتعليق إبراهيم بن يوسف لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا رحمه الله.

تنبيهٌ: وقع في أصلنا الذي سمعنا منه على العِرَاقيِّ وفي بعض أصولنا الدِّمشقيَّة ما لفظه: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَوْلَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كذا هو مجوَّد، ولا يتبيَّن لي وجهُه، بل هما متضادَّان، والصواب حذف: (عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ويكون الحديث موقوفًا من هذه الطريق، أو أنَّه يُحذَف (قولَه)، ويُثبَت: (عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، فيصحُّ الكلام بحذف أحدهما، والله أعلم.

(1/11505)

قوله: (قالَ أبُو عبدِ اللهِ: والصَّحيحُ قولُ عَمْرٍو) [2]: كذا هو ثابتٌ في بعض النسخ، وليس في بعضها، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة: (قال أبو ذرٍّ: صوابه: عمر بن أبي زائدة، كما تَقَدَّمَ)، انتهى، وأمَّا على ما في أصلنا: (عَمرو)؛ فهو عَمرو بن ميمون، وهو مذكورٌ أيضًا في السند، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (معه)، وفوقها: (كذا)؛ يُراجَع التوضيح.

[2] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ عن المستملي.

(1/11506)

[باب فضل التسبيح]

(1/11507)

[حديث: من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه]

6405# قوله: (عن سُمَيٍّ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطُه وبعيدًا مرارًا، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

==========

[ج 2 ص 670]

(1/11508)

[حديث: كلمتان خفيفتان على اللسان]

6406# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، واسمه مُحَمَّد بن فُضَيل، و (عُمَارَةَ): هو بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو ابن القعقاع، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا [1] أنَّ اسمه هرم _وقيل غير ذلك_ ابن عمرو بن جَرِير بن عبد الله البَجَليُّ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[1] زيد في (أ): (أنَّه).

[ج 2 ص 670]

(1/11509)

[باب فضل ذكر الله عز وجل]

(1/11510)

[حديث: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت]

6407# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): الحارث، أو عامرٌ، القاضي، تَقَدَّمَ مترجمًا، ابن عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، وعبد الله بن قيس: هو أبو موسى الأشعريُّ الأمير، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 670]

(1/11511)

[حديث: إن لله ملائكة يطوفون في الطرق]

6408# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان.

قوله: (إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ): هؤلاء الملائكة غيرُ الحَفَظَة، والله أعلم.

قوله: (هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ): تَقَدَّمَ الكلام على (هَلُمَّ)، وهي أفصح، لغة القرآن، وعلى (هلمُّوا)، ولغة مَن هي، والله أعلم.

[ج 2 ص 670]

قوله: (فَيَحُفُّونَهُمْ): هو بفتح أوَّله، وبالحاء المُهْمَلَة، وتشديد الفاء، المضمومتين؛ ومعناه: يُحْدِقُون بهم ويصيرون أَحِفَّتَهم؛ أي: جوانبهم.

قوله: (قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ... ) إلى آخره: هذا المَلَك إنَّما أراد إدخاله بالنصِّ عليه، لا بالعموم؛ لأنَّهم جُبِلوا على الخير، وهم يستغفرون للذين آمنوا، ولم يُرِدْ إخراجه، والله أعلم.

قوله: (رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ): يعني: أنَّ الراويين [1] عن الأعمش؛ أحدهما _وهو جرير؛ يعني: ابن عبد الحميد_ يرفعه عن الأعمش، وشعبةُ لم يرفعه عن الأعمش، بل وقفه على أبي هريرة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الثقات إذا اختلفوا في الحديث، فوصله بعضهم وبعضهم أرسله، أو بعضهم رفعه وبعضهم وقفه؛ على أربعة أقوالٍ، وأنَّ الصحيحَ: أنَّ العبرة بمَن [2] وَصَل أو رَفَع، والقول الثاني: العكس، والثالث: العبرة بالأكثر، والرابع: بالأحفظ، والصحيح الأوَّل، والله أعلم، وما رواه شعبة عن الأعمش لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا رحمه الله.

قوله: (وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سهيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سهيل بن أبي صالح، واسم أبي صالح: ذكوانُ السَّمَّان الزَّيَّات، وتقدَّمت ترجمته، وأنَّ البُخاريَّ قرنه، وروى له مسلمٌ والأربعة، والله أعلم، وما رواه سهيلٌ به لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْهُ شيخُنا رحمه الله تعالى.

==========

[1] في (أ): (الروايين)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] في (أ): (بم)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11512)

[باب قول: لا حول ولا قوة إلا بالله]

(1/11513)

[حديث: فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا]

6409# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ): هو سُليمان بن طرخان، و (أَبُو عُثْمَانَ): هو النهديُّ عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (مَلٍّ)، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرُ.

قوله: (أَوْ [1]: ثَنِيَّةِ): (الثنيَّة): طريق العَقَبة.

قوله: (رَجُلٌ نَادَى): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: أظنُّه أبا موسى الأشعريَّ، انتهى.

قوله: (عَلَى بَغْلَتِهِ): تَقَدَّمَ كم كان له عليه السلام بغلةً، والله أعلم.

(1/11514)

[باب: لله مئة اسم غير واحد]

قوله: (بَابُ لِلَّهِ مِئَةُ اسْمٍ غَيْرَ وَاحِدٍ)، وكذا في الحديث: (لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [1] تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا؛ مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا): اعلم أنَّ العلماء اتَّفقوا على أنَّ هذا الحديثَ ليس فيه حصرٌ لأسمائه تعالى، فليس معناه: أنَّه ليس له أسماءٌ غيرُ هذه التسعةِ والتسعين، وإنَّما مقصود الحديث: أنَّ هذه التسعةَ والتسعين مَن أحصاها؛ دخل الجنَّة، فالمراد: الإخبار عن دخول الجنَّة بإحصائها، لا الإخبارُ بحصر الأسماء، ولهذا جاء في الحديث الآخَرِ: «أسألك بكلِّ اسمٍ سمَّيت به نَفسك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك»، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الحافظ أبا بكر ابنَ العربيِّ ذكر عن بعضهم أنَّه قال: لله تعالى ألفُ اسمٍ، قال ابن العربيِّ: وهذا قليلٌ فيها، والله أعلم، قال: وللنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ألفُ اسمٍ، وأمَّا تعيين هذه الأسماء _يعني: التي لله_؛ فقد جاء في «جامع أبي عيسى» _مُحَمَّد بن عيسى بن سَورة_ و «ابنِ ماجه» و «الحاكمِ» تعيينُها، وفي بعضها اختلافٌ، وقيل: إنَّها مختفية التعيين؛ كالاسم الأعظم، وليلةِ القدر، ونظائرِهما، وقال شيخُنا عن المهلَّب: ذهب قومٌ إلى أنَّ ظاهر هذا الحديثِ يقتضي أن لا اسمَ لله غير ما ذُكِر، ثُمَّ قال بعد ذلك: ذهب ابن حزم ومَن وافقه إلى القول الأوَّل؛ لأنَّه لا تجوز الزيادة عليها، قال _يعني ابن حزم_: والأحاديث في إحصائها مضطربةٌ، لا يصحُّ منها شيءٌ ألبتَّةَ، قال شيخُنا: قلت: فصحَّح بعضَها ابنُ خزيمة والحاكمُ، قال: وإنَّما تُؤخَذ من نصِّ القرآن، وممَّا صحَّ عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: وقد بلغ إحصاؤها إلى ما نذكره، فذكر أربعةً وثمانين اسمًا، انتهى.

==========

[1] (عزَّ وجلَّ): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 671]

(1/11515)

[حديث: لله تسعة وتسعون اسمًا]

6410# قوله: (لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ): اعلم أنَّه جاء في بعض الطرق في «الصحيحين»: «مَن أحصاها»، واختُلِف في المراد بالإحصاء؛ فقال البُخاريُّ والمحقِّقون: حفظها؛ كهذه الرواية التي هنا، وفي «ابن ماجه»: «مَن حفظها؛ دخل الجنَّة»، وقيل: معنى (أحصاها): عدَّها في الدعاء، وقيل: أطاقها؛ أي: أحسن المراعاةَ لها، والمحافظةَ عليها على ما تقتضيه، وصدَّق بمعانيها، وقيل: معناه: العملُ بها، والطاعةُ بمعنى كلِّ اسمٍ؛ من الإيمان بما لا يقتضي عملًا، وقال بعضهم: حفظ القرآن وتلاوتُه كلِّه؛ لأنَّه مستوفٍ لها، وهذا ضعيفٌ، والصحيح الأوَّل، والله أعلم.

قوله: (وَهْوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ): (الوتر): بكسر الواو وفتحها، وقُرِئ بهما في السبع، قال شيخُنا: وبالكسر رويناه، انتهى: الفردُ؛ ومعناه في حقِّ الله تعالى: الواحدُ الذي لا شريك له ولا نظير، ومعنى (يحبُّ الوتر): يفضِّل الوتر في الأعمال وكثيرٍ من الطاعات، فجعل الصلواتِ خمسًا، والطهارةَ ثلاثًا ثلاثًا، والطوافَ سبعًا، ورميَ الجمار سبعًا، وأيَّام التشريق ثلاثًا، وكذا الأكفان، وفي الزكاة خمسة أوسق، وخمس أواق من الوَرِق، ونُصُب الإبل، وغير ذلك، وجعل كثيرًا من عظيم مخلوقاته وترًا؛ منها: السموات، والأرَضون، والبحار، وأيَّام الأسبوع، وغير ذلك، وقال: معناه منصرفٌ إلى صفة مَن يعبد الله تعالى بالوحدانيَّة والتفرُّد مخلِصًا، والله أعلم.

(1/11516)

[باب الموعظة ساعةً بعد ساعة]

(1/11517)

[حديث: أما إني أخبر بمكانكم ولكنه يمنعني من الخروج ... ]

6411# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، وتَقَدَّمَ أنَّ (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيق): هو ابن سلَمة أبو وائل، و (عبد الله): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، الصَّحَابيُّ المشهور، رضي الله عنه.

[ج 2 ص 671]

قوله: (إِذْ جَاءَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ): هذا الرجل نَخَعيٌّ معدودٌ في عُبَّاد الكوفة، روى عن عبد الرَّحْمَن بن يزيد النَّخَعيِّ، قال: خرجنا مع جيش إلى نحوِ فارسَ وعلينا علقمة ويزيد بن معاوية، وله ذكرٌ في هذا «الصحيح» في هذا المكان، وليس له شيءٌ في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، لكنَّه يروي عن إدريس وجُندبٍ البَجَليِّ، وفي حاشية أصلنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة ما لفظه: يزيد بن معاوية هذا عبسيٌّ كوفيٌّ، قاله أبو ذرٍّ، وقال الحافظ أبو مُحَمَّد المنذريُّ في «حواشيه على كتاب ابن طاهر»: (تابعيٌّ نَخَعيٌّ من أصحاب ابن مسعود، قُتِل غازيًا بفارسَ رحمه الله)، انتهى، وما قاله المنذريُّ قاله ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، ولفظه: (يزيد بن معاوية النَّخَعيُّ، يروي عن ابن مسعود، عداده في أهل الكوفة، روى عنه أهلُها، قُتِل غازيًا بفارسَ) انتهى، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»، ولفظه: يزيد بن معاوية النَّخَعيُّ، من أصحاب عبد الله، روى عن عبد الله بن مسعود، روى عنه: عبد الرَّحْمَن بن يزيد، روى أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرَّحْمَن بن يزيد قال: خرجنا في جيشٍ نحوَ فارس، فيهم علقمة ويزيد بن معاوية، فقُتِل يزيد بن معاوية، سمعت أبي يقول ذلك، انتهى.

تنبيهٌ: لهم يزيد بن معاوية جماعةٌ؛ منهم: يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس الذي وُلِّيَ الخلافةَ، وفَعلَ الأفاعيلَ، أخباره مشهورةٌ معروفةٌ، لا رواية له في الكُتُب السِّتَّة، وقد روى عن أبيه، وعنه: ابنه خالد وعبد الملك بن مروان، قال الذَّهَبيُّ في «الميزان»: مقدوحٌ في عدالته، ليس بأهلٍ أن يُروَى عنه، وقال أحمد ابن حنبل: لا ينبغي أن يُروَى عنه، انتهى، مات في نصف ربيع الأوَّل سنة (64 هـ)، وخلافته أقلُّ من أربع سنين، وعمره تسعٌ وثلاثون سنةً، ولم يسمع عبدَ الله بن مسعود؛ لأنَّ ابن مسعود تُوُفِّيَ سنة (32 هـ) رضي الله عنه، والله أعلم.

(1/11518)

قوله: (وَلَكِنْ أَدْخُلُ فَأُخْرِجُ إِلَيْكُمْ صَاحِبَكُمْ): (أدخلُ): فعلٌ مضارعٌ مَرْفُوعٌ، وكذا (أُخرِج): رُباعيٌّ، وهذان ظاهران.

قوله: (فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود رضي الله عنه.

قوله: (أَمَا إِنِّي أَخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إِنِّي): مكسورةُ الهمزة؛ لأنَّ (أَمَا) مثلُ: (أَلَا) التي للاستفتاح، فـ (إنَّ) بعدها مكسورةٌ، و (أَخْبَرُ): فعلٌ مضارعٌ، (أفعل) تفضيل، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا بالقلم، ومصحَّحٌ عليه.

قوله: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أنَّ): بفتح الهمزة، وتشديد النون؛ أي: لأنَّ.

قوله: (يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى الروايات فيها، وكذا (كَرَاهِيَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يجوز من حيث اللغةُ: (كراهي)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام [على] (السَّآمَةِ)؛ وهي الملالة.

(1/11519)

((81)) (كِتَابُ الرِّقَاقِ) ... إلى (بَاب التَّوَاضُعِ)

قوله: (كِتَابُ الرِّقَاقِ): هو بكسر الراء، وقافين، بينهما ألف، جمع (رقيق)؛ وهو الشيء المستحسن، وترقيق الكلام: تحسينُه، وفي بعض النسخ: (الرَّقائق)، وهو جمع (رقيقة)، وهي المستحسَنة واللطيفة، قال شيخنا: (قال ابن سيده: الرِّقَّة: الرحمة، ورققت له أرقُّ، ورقَّ وجهه [1]: استحيا، والرِّقَّة: ضدُّ الغِلَظ، رقَّ يرقُّ، فهو رقيقٌ ورِقَاقٌ، وفي «الصحاح»: ترقيق الكلام: تحسينه، وفي «الجامع»: الرقق في المال والعيش: القلَّة، فكأنَّه قصد أحد هذه المعاني، و «الرقائق» غير مقولة وإن طبَّقت كتب العلماء)، انتهى.

قوله: (وَأَنَّ لَا عَيْشَ): (أَنَّ): بفتح الهمزة، مشدَّد النون في أصلنا، وله وجهٌ، والذي أحفظه بإسكان النون [2]، ثُمَّ اعلم أنَّ ابن المُنَيِّر ذكر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه دخول الحديث الأوَّل في الترجمة _ويعني بالحديث الأول: «نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ» _: قال: إنَّ النَّاس غُبِنَ كثيرٌ منهم في هاتين النعمتين؛ إيثارًا منهم لعيش الدنيا على عيش الآخرة، فبيَّن بحديث الترجمة أنَّ العيش الذي شغفوا به ليس بشيءٍ، إنَّما العيش هو الذي شُغِلوا عنه، والله أعلم، انتهى.

تنبيهٌ: إنَّما ابتدأ بحديث: «نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ»؛ اقتداءً بعبد الله بن المبارك، فإنَّه ابتدأ به في كتابه «الرِّقاق»، هذا فيما يظهر، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (وجهد)، والمثبت من مصدره.

[2] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 672]

(1/11520)

[حديث: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس]

6412# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ؛ هُوَ [1] ابنُ أبي هِنْدٍ): (ابن أبي هند): هو سعيد، لا عبد الله؛ فاعلمه.

قوله: (قَالَ عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ): (عَبَّاس): هو بالمُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة، وهو عَبَّاس بن عبد العظيم العنبريُّ، أبو الفضل البصريُّ الحافظ، روى عن خلائقَ، وعنه: مسلمٌ، والأربعة، والبُخاريُّ تعليقًا، وبقيُّ بن مَخْلد، وعبدان، وابن خزيمة، وطائفةٌ، قال النَّسائيُّ: ثقةٌ مأمونٌ، وقال مُحَمَّد بن المثنَّى: كان من سادات المسلمين، قال البُخاريُّ: مات سنة (246 هـ)، أخرج له مَن أخذ عنه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ قولَ البُخاريِّ: (قال فلانٌ) إذا كان شيخَه كهذا؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أَخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

==========

[1] (هو): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 672]

(1/11521)

[حديث أنس: اللهم لا عيش إلا عيش الآخره ... ]

6413# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّ مُحَمَّدًا هو بُنْدَار الحافظ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غُنْدر، وهو في نسخةٍ في هامش أصلنا مذكورٌ باللَّقب دون الاسمِ والنسبِ [1]، وقد تَقَدَّمَ ضبط (غُنْدر).

قوله: (فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةْ): (أَصلِح): بفتح الهمزة، وكسر اللام، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، والمثبت موافق لرواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 672]

(1/11522)

[حديث سهل: اللهم لا عيش إلا عيش الآخره ... ]

6414# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (كُنَّا مَعَ النَّبيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَنْدَقِ [2]): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الخندق، والاختلاف فيها، في مكانها وغيرِه.

قوله: (وَنَحْنُ نَحْفِرُ [3]): تَقَدَّمَ في كم حُفِر، وذكرت فيه ثلاثةَ أقوالٍ في غير مكانٍ منها في غزوته.

قوله: (وبَصُرَ بِنَا [4]): وفي نسخة عوض (وبَصُر بنا): (ويمرُّ بنا)، وفي أصلنا الثانية عليها (صح)، و (بَصُر): بفتح المُوَحَّدة، وضمِّ الصاد، وهذا مَعْرُوفٌ.

تنبيهٌ: في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (تَابَعَهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [5])، وكذا في أصلٍ آخرَ صحيحٍ، وكذا في أصلنا القاهريِّ في الهامش، وعليه (لا ... إلى)، وعلامة راويه، وفيه نظرٌ، وذلك لأنَّ الأوَّل عن سهل بن سعد، وسهلٌ لا يتابع نفسَه، ولو كان قبل سهلٍ تابعيٌّ غير أبي حازم، أو كان الحديثُ عن غير سهل؛ لكان له وجهٌ، وعلى تقدير ثبوته لا وجهَ له، وقد راجعت «الأطراف»؛ فلم أرَه ذكر هذه المتابعةَ، ولو قال: تابعه عبد العزيز بن أبي حَازم؛ لكان وجهًا؛ لأنَّه رواه عبد العزيز بن أبي حَازم كما رواه فضيل بن سليمان؛ كلاهما عن أبي حَازم، أخرج حديثَ عبدِ العزيز عن أبي حَازمٍ البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولِ اللهِ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (في الخندق).

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَهْوَ يَحْفِرُ).

[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (ويمرُّ بنا)، وهي رواية الكشميهنيِّ.

[5] زيد في «اليونينيَّة»: (مثلَه)، وهي مستدركة بالحمرة في (ق).

[ج 2 ص 672]

(1/11523)

[باب مثل الدنيا في الآخرة ... ]

قوله: (بَابُ مَثَلِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ): وأخرج حديث سهل: «موضع سوط في الجنَّة ... »، اعلم أنَّ البُخاريَّ لم يخرِّج حديثًا يطابق الترجمة، والحديثُ المطابقُ لها حديثُ المستورد بن شدَّاد، أخرجه مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه: «ما الدنيا في الآخرة إلَّا مثلُ ما يجعل أحدُكم إصبَعه في اليمِّ، فلينظر بمَ يرجع؟»، وطرقه صحيحةٌ، فكان ينبغي للبُخاريِّ تخريجُه، ولا عذرَ له في عدم تخريجه، ولعلَّ كان في عزمه تخريجُه، فاخترمته المنيَّة، كذا يُعتَذر عنه في أحاديثَ، وفي ذلك نظرٌ؛ لأنَّه أسمعه غَيْرَ مَرَّةٍ، والله أعلم [1].

قوله: (مَثَلِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ): (مَثَل): بفتح الميم والثاء، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متقدِّمة بعد قوله: (فَأَصْلِحِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةْ).

[ج 2 ص 672]

(1/11524)

[حديث: موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها.]

6415# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا حازم) بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار، منها أعلاه قريبًا.

قوله: (وَلَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ): (الغدوة) و (الرَّوحة): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (الجهاد)، وقال ابن قُرقُول: (الغدوة: من أوَّل النهار إلى الزوال، كما أنَّ الروحة بعدها ... ) إلى أن قال: (والغدوة ههنا: السير في النهار، وقيل: الغُدوة؛ بالضَّمِّ: من الصبح إلى طلوع الشمس، وقد استُعمِل الغُدُوُّ والرَّواحُ في جميع النهار، وفي الأحاديث من هذا: «غدا»؛ بمعنى: سار بالغُدُوِّ)، وقال في (الراء مع الواو): (والروحة: من زوال الشمس إلى الليل، والغدوة: ما قبلها، ومنه: «راح» و «غدا» حيثما وُجِدَ)، انتهى، و (أو) في الحديث: للتقسيم، لا للشكِّ، والله أعلم.

3/ 355/أ وما المراد بقوله: (فِي سَبِيلِ اللهِ): الجهادُ، وهو صريحُ عبارة الشيخ محيي الدين النَّوَويِّ في «شرح مسلم»؛ لأنَّه قال: والظاهر أنَّه لا يختصُّ ذلك الغدوّ أو الرواح من بلدته، بل يحصلُ هذا الثوابُ بكلِّ غَدوة أو رَوحة في طريقه إلى الغزو، وكذا غَدوُه أو رَوحُه من مواضع القتال؛ لأنَّ الجميعَ يُسمَّى: غَدوةً ورَوحةً في سبيل الله، وكذا أخرجه البُخاريُّ ومسلمٌ في الأحاديث المتعلِّقة بالجهاد والشهادة والدرجات في الجنَّة للمجاهدين، ولا شكَّ أنَّ الجهاد من سبيل الله، ولكن لا يمنع أن يكون عامًّا في سائر وجوه الخير، أو المراد ما هو أعمُّ من الجهاد من أفعال الطاعات كلِّها، ولا شكَّ أنَّ العرف يقتضي أنَّه الجهاد، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 672]

(1/11525)

[باب قول النبي: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل»]

(1/11526)

[حديث: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل]

6416# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظُ الجِهْبِذ، و (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الْمُنْذِرِ الطُّفَاوِيُّ): بضَمِّ الطاء المُهْمَلَة، وبالفاء المُخَفَّفة، وبعد الألف واو، ثُمَّ ياء النسبة إلى طُفَاوة؛ بضَمِّ الطاء أيضًا: قبيلة من قيس عيلان، و (الطُّفَاوة) في اللُّغَة: دارة الشمس، ويُقال أيضًا: أصبنا طُفَاوةً من الربيع؛ أي: شيئًا منه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان.

قوله: (بِمَنْكِبِي): هو بالإفراد، كذا أحفظه، وهو مُدَلَّسٌ في أصلنا، و (المنكِب): ما بين الكتف والعنق، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَكَانَ [1] ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ ... ) إلى آخره: هذا موقوفٌ على ابن عمر هنا، وهو مَرْفُوعٌ نحوَه في «ابن حِبَّانَ».

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (وكان)، وهي في (ق) محتملة.

[ج 2 ص 672]

(1/11527)

[باب في الأمل وطوله ... ]

(1/11528)

[حديث: هذا الإنسان وهذا أجله محيط به]

6417# قوله: (أَخْبَرَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَان): هو الثَّوريُّ، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مُنْذِر): هو منذر بن يعلى الثَّوريُّ الكوفيُّ، عن ابن الحنفيَّة والربيع بن خُثَيْم، وعنه: الأعمش، وفطر، وابن سوقة، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين وابن خراش، و (الرَّبِيع بْن خُثَيْم): تَقَدَّمَ، وأنَّه بضَمِّ الخاء، وفتح المُثَلَّثَة، ثُمَّ مُثَنَّاة ساكنة، ثُمَّ ميم، و (عَبْد اللهِ) بعده: هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا ... ) إلى آخره: هذه صورته:

-

وعمله شيخنا هكذا:

-

وتكلَّم عليه، ولا يظهر لي ما عمله، وسأذكر كلامه عليه قريبًا.

قوله: (فِي الْوَسَْطِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح السين وإسكانها.

قوله: (وَخَطَّ خُطَطًا [1] صِغَارًا): (الخُطَط): بضَمِّ الخاء، وفتح الطاء المُهْمَلَة الأولى، جمعٌ، ونقل شيخُنا الشارح رحمه الله عن ابن التين أنَّه قال: رويناه بالضَّمِّ والكسر، وكذا ذكره مرَّة ثانيةً.

قوله: (وَهَذِهِ الْخُطَطُ [2] الصِّغَارُ): يأتي فيها ما تَقَدَّمَ.

قوله: (الأَعْرَاضُ): هو جمع (عَرَض)؛ بفتح العين المُهْمَلَة والراء، وبالضاد المُعْجَمَة؛ وهو ما يَعرِض للإنسان من مرضٍ ونحوِه، هذا الذي فهمتُه من الحديث، وقال بعضهم: جمع (عَرَض)؛ ما يُنْتَفَع به في الدنيا، انتهى، وسيجي ما فهمه شيخُنا من الحديث، وأنَّ مقتضى ما فهمه أن يكون: (الأغراض)؛ بالغين المُعْجَمَة، والله أعلم.

قوله: (نَهَشَهُ هَذَا): (نَهَشَه) في الموضعين: بالشين المُعْجَمَة، كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (النهش) و (النهس)؛ بالإعجام وبالإهمال، وهل بينهما فرقٌ أم لا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (خُطُطًا)؛ بضمِّ الطاء.

[2] في «اليونينيَّة»: (الخُطُط)؛ بضمِّ الطاء.

[ج 2 ص 672]

(1/11529)

[حديث: هذا الأمل وهذا أجله]

6418# قوله: (إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الأَقْرَبُ) [1]: تقدم أنه: الأجل، والله أعلم، قاله شيخنا، والذي يظهر أنَّه آخر الأعراض؛ وهي الأمراضُ ونحوُها، وقد تَقَدَّمَ تفسيرها، قال شيخنا: ومثَّل الشارعُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أملَ ابن آدم وأجلَه وأغراضَ الدنيا التي لا تفارقه، فجعل أجَلَه الخطَّ المحيط، وجعل أملَه وأغراضَه خارجةً من ذلك الخطِّ، [ومعلوم في العقول أن ذلك الخطَّ] المحيطَ به [الذي] هو أجلُه أقربُ إليه من الخطوط الخارجة منه، ألا ترى قوله في حديث أنسٍ رضي الله عنه: «فبينا هو كذلك؛ إذ جاءه الخطُّ الأقرب»؛ يريد: أجله؟)، انتهى، والله أعلم.

واعلم أنَّا إذا فسَّرنا الأعراض بالأمراض؛ فلا شكَّ أنَّها داخلة الأجل، فإن أخطأه مرضٌ منها؛ أصابه الآخرُ، وكلُّها داخلة الأجل؛ ففكِّر فيه، وقوله: «إذ جاءه الخطُّ الأقرب»: تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه الأجلُ، وقوله في الحديث: «من جانبه الذي في الوسط» يردُّ ما عمله شيخُنا، وأن تكون الخُطَط داخلة الخطِّ المربَّع، لا خارجته، والله أعلم، وكذا ما في «التِّرْمِذيِّ»، ولفظه: (خطَّ لنا رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خطًّا مربَّعًا، وخطَّ في وسط الخطِّ خطًّا، وخطَّ خارجًا من الخطِّ خطًّا، وحَوْلَ الذي في الوسط خطوطًا، وقال: «هذا ابن آدم، وهذا أجله محيطٌ به، وهذا الذي في الوسط الإنسان، وهذه الخطوط عروضه، إن نجا منه؛ تنهشه، وهذا الخطُّ الخارج الأملُ»)، وقال شيخنا: («الخطُّ الأقرب»: الأجل، والذي يظهر أنَّ الأقربَ آخرُ الأعراض؛ أي: مرض الموت، وهو عرض قريبٌ إلى الأجل، وليس العرض نفسُه الأجلَ، ويحتمل أنَّ شيخَنا أنَّه ظنَّ أنَّها (الأغراض)؛ بالغين المُعْجَمَة، فحلَّه على ما ذكر، وهذا إن كان فهمه؛ ففيه نظرٌ، وإنَّما هي (الأعراض)؛ بالعين المُهْمَلَة، ولم أسمع أحدًا قرأ ذلك بالمُعْجَمَة، ولا قرأتُه أنا إلَّا بالعين المُهْمَلَة، وهو مُدَلَّس في أصلنا، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، والكلام على نسبته، و (هَمَّامٌ) بعده: هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الأَقْرَبُ): تَقَدَّمَ أنَّه الأجل، قاله شيخُنا، والذي يظهر أنَّه آخر الأعراض ونحوِها، وقد تَقَدَّمَ تفسيرها، والله أعلم.

==========

(1/11530)

[1] كذا جاءت هذه الفقرة في (أ) متقدِّمة على سند حديثها، ومكرَّرة لاحقًا.

[ج 2 ص 672]

(1/11531)

[باب: من بلغ ستين سنةً فقد أعذر الله إليه في العمر ... ]

قوله: (بَابٌ: مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً؛ فَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْهِ): قال في «النهاية»: لم يبقَ فيه موضعًا للاعتذار حيث أمهله طولَ هذه المدَّة ولم يعتذر، يقال: أعذر الرجل؛ إذا بلغ أقصى الغاية في العذر، وقد يكون (أعذر) بمعنى: عذر، ومنه حديث المقداد: «لقد أعذر الله إليك»؛ أي: عذرك وجعلك موضع العذر، فأسقط عنك الجهادَ، ورخَّص لك في تركه؛ لأنَّه كان قد تناهى في السِّمَن، وعجز عن القتال، انتهى، وقال النَّوَويُّ: لم يترك له عذرًا، قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: وجه مطابقة حديثِ عِتْبَان للترجمة _وحديثُ عِتْبَان: «لن يوافيَ عبدٌ يوم القيامة يقول: لا إله إلَّا الله يبتغي بها وجهَ الله إلَّا حرَّم الله عليه النارَ» _ قال ابن المُنَيِّر: التنبيه على أنَّ هذا الإعذار لا يقطع التوبة بعد ذلك، وإنَّما هو إعذارٌ لقطع الحُجَّة التي جعلها الله حجَّةً للعبد بفضله، وإلَّا؛ فللَّه الحُجَّة البالغة قبل هذا السِّنِّ وبعدَه، واستدلَّ على قبول التوبة بعد الستِّين وبقاءِ الرجاء بالأحاديث التي ساقها مع حديث الترجمة، فقَبول الله توبة عبده بعد هذا السِّنِّ من فضله، لا من حقِّ العبد، على أنَّه لا حقَّ له على الله قبلُ ولا بعدُ، انتهى، وما قاله لا يتأتَّى على ما في أصلنا الذي سمعنا منه على العِرَاقيِّ، ولا أصلنا الآخر الدِّمَشْقيِّ؛ وذلك لأنَّه فصل بين حديث عِتْبَان والحديثِ الذي قبله بترجمةٍ، ولفظ الترجمة: (باب العمل الذي يُبتَغَى به وجه الله)، ولا سؤال على ذلك، والسؤال إنَّما يتأتَّى على ما وقع له؛ وهو وصلُ حديثِ عِتْبَان بما قبله، لا على فصله بينهما بترجمةٍ، والله أعلم.

[ج 2 ص 672]

قوله: ({وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37]): هو الرسول، أو الكتاب، أو كمال العقل، أو الحُمَّى، أو موت الأهل والعشائر، أو الشَّيب، والله أعلم.

(1/11532)

[حديث: أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنةً]

6419# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ): هو بفتح الهاء المُشَدَّدة، اسم مفعول، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (سَعِيد بْن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، وتَقَدَّمَ أنَّ اسم أبي سعيد كيسان.

قوله: (أَعْذَرَ اللهُ إِلَى امْرِئٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا جدًّا.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو حَازِمٍ وَابْنُ عَجْلَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على معن بن مُحَمَّد الغفاريِّ، و (أبو حَازم): بالحاء المهملة، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه سلمة بن دينار، ومتابعته: قال شيخنا: أخرجها الإسماعيليُّ من حديث ولده عبد العزيز بن أبي حَازم: حدَّثني أبي عن سعيد به، قال: وأخرجها أيضًا عن أبي حَازم، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأخرجها النَّسائيُّ عن قُتَيْبَة عن يعقوب بن عبد الرَّحْمَن، عن أبي حَازم به، انتهى، وقد رأيت التي في «النَّسائيِّ» في «أطراف المِزِّيِّ»، وقال: حديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، انتهى، ومتابعة ابن عَجْلان _وهو مُحَمَّد_: قال شيخُنا: أخرجها الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» عن _سقط واحد، ولعله إسحاق بن إبراهيم الدبريِّ عن ... ، أو يكون شيخنا قال: بسنده_ عبدِ الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن منصور بن المعتمر، عنه، انتهى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ مُحَمَّد بن عَجلان عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له مسلمٌ في «صحيحه» ثلاثةَ عشرَ حديثًا؛ كلُّها شواهدُ، وأخرج له الأربعةُ، له ترجمةٌ في «الميزان».

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثني).

[ج 2 ص 673]

(1/11533)

[حديث: لا يزال قلب الكبير شابًا في اثنتين في حب الدنيا]

6420# قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يُقال فيه إلَّا بالفتح.

قوله: (وَقَالَ [1] اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): أمَّا (الليث)؛ فهو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن وَهْب): مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه معطوف على (اللَّيث)؛ أي: وقال ابن وهب، فالليث صَرَّحَ بالتحديث من يونس، وابن وهب عنعن عن يونس، وزادا عن يونس في السند عن الزُّهْرِيِّ أبا سلمة مع سعيدٍ، و (أبو سلمة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، والله أعلم، وقال شيخُنا في تعليق الليث: وصله الإسماعيليُّ ... ؛ فذكره.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو، وهي مضروبٌ عليها بالحمرة في (ق).

[ج 2 ص 673]

(1/11534)

[حديث: يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان حب المال]

6421# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفراهيديُّ الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

قوله: (يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ): هو بفتح المُوَحَّدة فيهما، وهذا ظاهِرٌ، و (الكِبَر): في السِّنِّ، وقد كَبِر الرجل؛ بالكسر، يكبَر؛ بالفتح، كِبَرًا؛ أي: أسنَّ، ومكبِرًا أيضًا بكسر الباء، يُقال: علاه الكِبَر، والاسم: الكَبْرة؛ بالفتح، يُقال: عَلَتْ فلانًا كَبْرةٌ، وأمَّا كبُر يكبُر _بالضَّمِّ فيهما_؛ فمعناه: عَظُمَ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 673]

(1/11535)

[باب العمل الذي يبتغي به وجه الله]

قوله: (بَابُ الْعَمَلِ الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]): (يُبتَغَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (وجهُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَيهِ سَعْدٌ): هو سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحد العشرة رضي الله عنهم، وحديثه سلف مَرَّاتٍ: «إنَّك لن تخلَّف فتعملَ عملًا تبتغي به وجهَ الله إلَّا ازددت به درجةً ورِفعةً».

==========

[1] (عزَّ وجلَّ): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 673]

(1/11536)

[حديث: لن يوافي عبد يوم القيامة يقول لا إله إلا الله]

6422# 6423# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ): صَحَابيٌّ صغيرٌ، تَقَدَّمَ في (كتاب العلم)، وكذا تَقَدَّمَ (عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ) رضي الله عنه.

قوله: (لَنْ يُوَافِيَ): أي: يأتي.

==========

[ج 2 ص 673]

(1/11537)

[حديث: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء]

6424# قوله: (عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ): هذا هو عمرو بن أبي عمرٍو مولى المُطَّلِب بن عبد الله بن حَنْطَب، تَقَدَّمَ.

تنبيهٌ: مَن يُقال له: عمرٌو، ويروي عن سعيد المقبريِّ عن أبي هريرة في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: هذا، وعمرو بن شعيب بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي، ولكن رواية الثاني عنه به في «أبي داود» فقط، ومولى المُطَّلِب في «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «أبي داود»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، له في «البُخاريِّ» بهذه الطريق هذا الحديثُ، وثلاثةُ أحاديثَ أُخَرَ، وحديثُ: «بُعِثْتُ من خير قرون بني آدم قَرْنًا فَقَرْنًا»، وحديثُ: «مَن أسعد الناس بشفاعتك؟»، وحديث: «إنَّ الله خلق الرحمةَ يوم خلقها مئةَ رحمةٍ»، والله أعلم.

قوله: (صَفِيَّهُ): قال ابن قُرقُول: (صفيَّه)؛ أي: حبيبه ومن يصافيه، وصفوة كلِّ شيء: خالصُه، انتهى، وفي «النهاية»: (صفيُّ الرجل: الذي يصافيه الوُدَّ ويخلصه له، «فعيل» بمعنى: «مفعول» أو «فاعل»)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 673]

(1/11538)

[باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها]

قوله: (بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَالتَّنَافُسِ فِيهَا): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ومختصرًا، ثُمَّ قال: وجه مطابقة هذه الترجمة لحديث عمرَ رضي الله عنه: «خير القرون قرني، ثُمَّ الذين يلونهم ... »؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: قوله: «ويظهر فيهم السِّمَن»؛ فذلك من زهرة الدنيا، ويحتمل أن يكون ساقه لينبَّه على أنَّ السَّلَف رضي الله عنهم سَلِمُوا من فتنة الدنيا؛ لأنَّه عليه السلام وصفهم بأنَّهم خيرُ القرون إلى القرن الثالث؛ حذرًا من أن يُتَخَيَّل أنَّهم افتتنوا بزهرة الدنيا، وأنَّ الذي خشي عليهم وقع بهم، فبرَّأهم بحديثِ عمرَ، ويؤيِّدُه حديثُ خبَّابٍ، والله أعلم، وحديث خبَّاب: (إنَّ أصحاب مُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مضَوا ولم تنقصهم الدُّنيا شيئًا ... )؛ الحديث.

قوله: (يُحْذَرُ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الذال المُعْجَمَة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا): (زهرتها): غضارتها ونعيمها؛ كزهرة النبات؛ وهو حُسنه ونُوَّاره، وزهرة الجنة: نضرتها وسرورها.

(1/11539)

[حديث: فأبشروا وأملوا ما يسركم]

6425# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس، وأنَّه ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام.

قوله: (عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): اعلم أنَّ الإمام أبا بكر الإسماعيليَّ قال: إنَّ موسى بنَ عقبة لم يسمع من الزُّهْرِيِّ، انتهى، وفي هذا بُعْدٌ، وذلك لأنَّ البُخاريَّ لا يكتفي بمجرَّد إمكان اللقاء، ولم أرَ مَن ذكر ابنَ عقبة بالتدليس، وموسى بن عقبة بلديُّ الزُّهْرِيِّ ومعاصرُه، فيبعد كلَّ البعد ألَّا يكون سمع منه والزُّهْرِيُّ شيخ بلده وعالمُه في وقته، هذا بعيدٌ جدًّا، وقد ذكرته بأطولَ من هذا، والله أعلم، وقد ذكرت أنَّ في «المحدِّث الفاصل بين الراوي والواعي»: أنَّ موسى بن عقبة فيه صرَّح بالتحديث عن الزُّهْرِيِّ، أو أذكرُ.

قوله: (أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ أباه من مسلمة الفتح، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

[ج 2 ص 673]

قوله: (أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ، وَهْوَ حَلِيفُ بَنِي [1] عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، كَانَ مِمَّنْ [2] شَهِدَ بَدْرًا): تَقَدَّمَ في (بدر) أنَّ الدِّمْيَاطيَّ قال ما لفظه: (قال ابن سعد، وموسى بن عقبة، وأبو معشر، ومُحَمَّد بن عمر: هو عمير بن عوف، وقال ابن إسحاق: عمرو بن عوف)، انتهى، وتَقَدَّمَ هناك أنَّه كذا عن ابن إسحاق: عمير بن عوف، والذي قاله الذَّهَبيُّ عن ابن إسحاق: إنَّه سمَّاه عَمرًا؛ بفتح العين، وزيادة واو في آخره، وقد قدَّمته مُطَوَّلًا.

قوله: (بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمين هذه الأمَّة، وأحد العشرة رضي الله عنهم أجمعين.

قوله: (إِلَى الْبَحْرَيْنِ [3]): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأين هي.

قوله: (وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (الحضرميِّ): عبدُ الله بن عبَّاد، أو ابن عمَّار، صَحَابيٌّ _ أعني: العلاء_ مشهورٌ، أخرج له الجماعةُ وأحمدُ.

(1/11540)

قوله: (فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ): قال شيخنا: كان قدوم أبي عبيدة سنة عشرٍ، قَدِمَ بمئة ألفِ ألفٍ [4] وثمانين ألفَ ألفٍ، كذا في «جامع المختصر»، وفي غيره: أنَّهم كانوا مجوسًا، وقال قتادة: كان المالُ ثمانين ألفًا، قال ابن حَبِيب: وهو أكثر مالٍ قَدم على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال الزُّهْرِيُّ: قدم ليلًا، قال قتادة: وصُبَّ على حصير ... إلى آخر كلامه، وقد وقع في كلام شيخِنا في (الجزية) ما يخالفه؛ فانظره، وقد رأيت أنا في «المستدرك» في ترجمة العَبَّاس بن عبد المُطَّلِب رضي الله عنه: أنَّه كان ثمانين ألفًا، وقال: على شرط مسلم، ولم يتعقَّبْه الذَّهَبيُّ.

قوله: (فَوَافَتْ [5] صَلَاةَ الصُّبْحِ): (وافت)؛ أي: أَتَتْ.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: نعم، وتَقَدَّمَ ضبطها.

قوله: (فَأَبْشِرُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين المُعْجَمَة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وكذا (أَمِّلُوا): بفتح الهمزة، وكسر الميم، رُباعيٌّ أيضًا.

قوله: (مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ): (الفقرَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروفٌ، ورفعه ضعيفٌ، فيقدَّر حذف العائد.

قوله: (أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمُ [6]): (تُبْسَط): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (بُسِطَتْ): مَبْنيٌّ أيضًا.

(1/11541)

[حديث: إني فرطكم وأنا شهيد عليكم]

6426# قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (أَبُو الخَيْر) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ اسمه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

قوله: (فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ معناه: دعا لهم بدعاء صلاة الميِّت، وقال شيخنا هنا: ظاهره أنَّها حقيقةٌ، وبه قال بعضُهم، وخُولِف، انتهى، وقد قَدَّمْتُ هنا وهناك أنَّه دعا لهم بدعاء صلاة الميِّت، والله أعلم.

قوله: (إنِّي فَرَطٌ لَكُمْ [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ): (أُعطِيت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مفاتيحَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ ثانٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ): (أوْ): بإسكان الواو؛ لأنَّه شكٌّ من الراوي، و (مفاتيحَ) بعد (أو): مَنْصُوبٌ، وهذا ظاهِرٌ أيضًا.

(1/11542)

[حديث: لا يأتي الخير إلا بالخير إن هذا المال خضرة حلوة]

6427# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو سَعِيدِ الخُدْرِيُّ [1]): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَقَالَ [2] رَجُلٌ: هَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (يُنْزَلُ عَلَيْهِ): (يُنزَلُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الجبين)، وأنَّ لكلِّ إنسان جبينَين يكتنفان الجبهة.

قوله: (خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ): أي: ناعمة غضَّة طريَّة، وقال ابن قُرقُول: (خَضِرة حُلوة): وقع للأصيليِّ في (كتاب الوصايا) و (كتاب الخمس) هكذا، وفي غير هذين الموضعين: (خَضِرٌ حُلوٌ)، والخَضِر من النبات: الرَّخْصُ الغضُّ، وقال الأزهريُّ: الخَضِر هنا: ضرب من الجَنبة؛ وهو ما له أصلٌ غامضٌ في الأرض، فالماشية تشتهيه، وتُكثِر منه؛ لأنَّه يبقى فيه خضرةٌ ورطوبةٌ بعد هَيْجِ النبات، واحدتها: خَضِرة، وكذلك قوله في المال: «خَضِرٌ»؛ أي: ناعمٌ يُشتَهَى، شبَّهه بالمراعي الشهيَّة للأنعام، ومَن روى: «إنَّ هذا المال خَضِرة»؛ أنث على معنى تأنيث المشبَّه به؛ أي: هذا المال شيءٌ كالخضرة، وقال ثابتٌ: معناه: كالبقلة الخضرة، أو يكون على معنى: فائدة المال؛ وهي الحياة به؛ أي: أنَّ الحياة أو العيشة خَضِرة، أو أنَّ الدنيا خَضِرَة حُلوة؛ كما جاء في الحديث الآخر.

قوله: (يَقْتُلُ حَبَطًا): هو بفتح الحاء والمُوَحَّدة، وبالطاء، المُهْمَلَتين، حبطت الدابَّة؛ إذا أكلت المرعى حتَّى تنتفخَ فتموت، وفي النهاية: أحبط الله عمله؛ أي: أبطله، يقال: حبط عملُه يحبَط، وأحبطه غيرُه، وهو من قولهم: حَبِطت الدابَّة حَبَطًا _ بالتحريك_؛ إذا أصابت مرعًى طيِّبًا فأفرطت في الأكل حتَّى تنتفخَ فتموت، ومنه الحديث: «وَإِنَّ ممَّا يُنبِت الرَّبِيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطًا أو يُلِمُّ»، وذلك أنَّ الربيع يُنبِت أحرار العشب، فتستكثر منه الماشيةُ، ورواه بعضهم بالخاء المُعْجَمَة؛ من التخبُّط؛ وهو الاضطراب، انتهى.

قوله: (أو يُلِمُّ): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر ثانيه، وتشديد الميم؛ ومعناه: يقرب من القتل.

(1/11543)

قوله: (إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ [3]): (آكلة): بمدِّ الهمزة، اسمُ فاعلٍ، قال ابن قُرقُول: و (الخضِر)؛ بكسر الضاد: كذا وقع بغير هاء في قوله: (إلَّا آكلة الخَضِر) في أكثر الروايات، وعند العذريِّ في حديث أبي الطاهر: (إلَّا آكلة الخَضِرَة)؛ بزيادة الهاء، وللطَّبريِّ: (الخُضْرة)، ثُمَّ ذكر كلامه في (خَضِرَةٌ حُلوةٌ ... ) إلى آخره، ثُمَّ قال: وأمَّا ما رُوِيَ: (إلَّا آكلة الخُضْرَة) _وهي رواية الطَّبَريِّ_؛ أي: النبات الأخضر الناعم، والرواية الأولى أعرفُ، انتهى، وفي «النهاية»: و (الخَضِر)؛ بكسر الضاد: نوعٌ من البقول، ليس من أحرارها وجيِّدها.

قوله: (فَاجْتَرَّتْ): هو بالجيم، وتشديد الراء؛ أي: ردَّدت جِرَّتها من جوفها ومضغتها.

[ج 2 ص 674]

قوله: (وَثَلَطَتْ): هو بثاء مُثَلَّثَة، ثُمَّ لام، ثُمَّ طاء مهملة، مفتوحات، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، وقال شيخنا هنا: (وثلَطت)؛ بفتح اللام، ورويناه بكسرها، انتهى، وذكر قبل هذا كلامًا عن الشيخ أبي الحسن، فيحتمل أن يكون هذا من كلام أبي الحسن، وأن يكون من كلام شيخنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في أصلنا في (الزكاة) مضبوطٌ بكسر اللام، وتَقَدَّمَ أنَّ معناه: سَلَحتْ، و (الثَّلَطُ): الرجيع الخفيف، وفي «الصحاح»: ثلط البعير؛ إذا ألقى بعره رقيقًا، انتهى، والمضارع من المفتوح بكسر اللام، والمصدر: ثلْطًا؛ بإسكانها، وفي «النهاية»: الثَّلَط: الرجيع الرقيق، وأكثر ما يُقال للإبل والبقر والفِيَلَة.

قوله: (فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ): (المَعُوْنَة)؛ بفتح الميم، وضمِّ العين المُهْمَلَة، وبعد الواو الساكنة نون: الإعانة، يقال: ما عندك مَعُونة، ولا مَعَانة، ولا عونٌ.

واعلم أنَّ ابن الأثير ذكر هذا الحديث في (خضر)، وساقه على ما وقع له، ثُمَّ قال: هذا الحديثُ يحتاج إلى شرح ألفاظه مجتمعةً، فإنَّه إذا تفرَّق؛ لا يكاد يُفْهَم الغرضُ منه، وقد ذكرت كلامَه في (الزكاة)؛ فانظره إن أردته.

==========

[1] (الخدري): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (له).

[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (الخَضِرَة).

(1/11544)

[حديث: خيركم قرني ثم الذين يلونهم]

6428# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه غُنْدر، وقد تَقَدَّمَ ضبطه، وفي نسخة عوض (مُحَمَّد بن جعفر): (غُنْدر) [1]، و (أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا بأنَّه بالجيم والراء، وأنَّ اسمه نصر بن عمران الضُّبَعيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وتشديد الراء المكسورة، ثُمَّ مُوَحَّدة، و (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وأنَّ (حُصَينًا) هذا صَحَابيٌّ، وقد قدَّمته مُطَوَّلًا.

قوله: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي): تَقَدَّمَ في أوَّل (فضائل الصَّحَابة) أنَّ الظاهر أنَّ ابتداء قرنه عليه السلام من حين البعثة، أو من حين فشوِّ الإسلام، وقد تَقَدَّمَ كلام الناس فيه، وتَقَدَّمَ أنَّ في (القرن) أقوالًا ذكرتها هناك، وأنَّ معنى «خيركم قرني»؛ أي: الصَّحَابة، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): التابعين، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): أتباع التابعين.

قوله: (يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ): تَقَدَّمَ في أوَّل (فضائل الصَّحَابة) فيه ثلاثُ تأويلاتٍ، وتَقَدَّمَ الجمع بين هذا الحديثِ الآخرِ الصحيحِ: «ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بالشهادة قبل أن يُسأَلَهَا»؛ فانظر إن أردته.

قوله: (وَيَنْذِرُونَ): (النذر): معروف، يقال: نذر ينذِر وينذُر؛ بضَمِّ الدال في المستقبل وكسرِها، وقد تَقَدَّمَ، وسأذكر في (النذر) ما لأصحاب الشَّافِعيِّ في الابتداء بالنذر، ولِمَ نهى عنه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ): تَقَدَّمَ الكلام في أوَّل (فضائل الصَّحَابة).

(1/11545)

[حديث عبدالله: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم]

6429# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): [تَقَدَّمَ] مرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبٌ، و (أَبُو حَمْزَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، وأنَّه مُحَمَّد بن ميمون السُّكريُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، وإنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، لا لأنَّه يبيع السُّكَّر، ولم يكن بيَّاعَهُ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عمرو السَّلْمانيُّ، تَقَدَّمَ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل (فضائل الصَّحَابة).

==========

[ج 2 ص 675]

(1/11546)

[حديث: لولا أن رسول الله نهانا أن ندعو بالموت لدعوت بالموت]

6430# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو البلخيُّ السَّخْتيَانيُّ خَتُّ؛ بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المثنَّاة فوق، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (وَكِيعٌ): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (خَبَّاب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدة أخرى، وهو ابن الأرتِّ؛ بالمُثَنَّاة المُشَدَّدة.

قوله: (وَقَدْ اكْتَوَى يَوْمَئِذٍ سَبْعًا): تَقَدَّمَ الكلام على (الكيِّ)، والجمع بين الأحاديث التي وردت فيه، وأنَّها أربعة أنواع، في (الطِّبِّ)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 675]

(1/11547)

[حديث: إن أصحابنا الذين مضوا لم تنقصهم الدنيا شيئًا]

6431# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (خَبَّاب)، تقدَّموا كلُّهم أعلاه.

==========

[ج 2 ص 675]

(1/11548)

[حديث: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم]

6432# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر، وبيانه: أنَّ الحافظ عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» ذكر في مشايخ مُحَمَّد بن كَثِير الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، وأمَّا الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»؛ فإنَّه قال في ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير: إنَّه سمع من فلانٍ وفلانٍ وسفيانَ، وأطلق، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ مثلُه [1]، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (خَبَّاب): تَقَدَّمَ أعلاه.

(1/11549)

[باب قول الله تعالى {يا أيها الناس إن وعد الله حق ... }]

(1/11550)

[حديث: من توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد فركع ركعتين]

6433# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هو ابن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا ومرَّةً مترجمًا، وأنَّه منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، قاله ابن الأثير في «لُبابه»، وقد قَدَّمْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ ابنَ أبي داود وغيرَه قالوا: إنَّ المنسوبَ إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد، لا شيبانُ النَّحْويُّ هذا، انتهى، و (يَحْيَى) بعده: هوابن أبي كَثِير، و (مُحَمَّدُ بْنِ إِبْرَاهِيم الْقُرَشِيِّ): هو التيميُّ، و (ابْن أَبَانَ): هو حُمْران بن أبان، وكذا هو مسمًّى في نسخة، ويقال فيه: ابن أبا، ويُقال: ابن أبي خالد بن عبد عمرو بن عقيل بن عامر النَّمِريُّ؛ من النَّمِر بن قاسط، من سبي عين التمر، كان للمسيَّب بن نَجَبة، فابتاعه منه عثمانُ بن عَفَّانَ وأعتقه، أدرك أبا بكر، وروى عن عثمان ومعاويةَ، ثقةٌ، ذكره ابن سعد في «الطبقات»، فقال: لم أرَهم يحتجُّون به، وقد أورده البُخاريُّ في «الضعفاء»، لكن لم يأتِ فيه ما يليِّنه قطُّ، ترجمته معروفة، وقد ذكره الذَّهَبيُّ في «الميزان»، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ بعد سنة خمسٍ وسبعين.

تنبيهٌ: جاء في بعض النسخ: (أنَّ أبان أخبره)؛ بسقوط (ابن)، والصواب: إثبات (ابن).

قوله: (بِطَهُورٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الطاء: الماء، وأنَّه يجوز فيه الضمُّ أيضًا، وكذا تَقَدَّمَ (الْمَقَاعِد)، وكذا (فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ): أنَّه بضَمِّ الواو، ويجوز فتحها.

قوله: (غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 675]

(1/11551)

[باب ذهاب الصالحين]

قوله: (بَابُ ذَهَابِ الصَّالِحِينَ): هو بفتح الذال المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ، ذَهَبَ؛ كـ (مَنَع)، ذهابًا وذُهوبًا ومذهبًا، فهو ذاهبٌ وذُهوبٌ: سار أو مرَّ، وفي بعض النسخ: (وَيُقَالُ: الذِّهَابُ: الْمَطَرُ): (الذِّهاب) الثاني: بكسر الذال المُعْجَمَة في أصلنا بالقلم، اعلم أنَّ (الذِّهبة)؛ بكسر الذال المُعْجَمَة: المطرة، كذا في «الصحاح»، والجمع: الذِّهاب؛ بكسرها أيضًا.

[ج 2 ص 675]

(1/11552)

[حديث: يذهب الصالحون الأول فالأول]

6434# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (بَيَان): هو ابن بشر المؤدِّب، و (قَيْس بْن أَبِي حَازِم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، و (مِرْدَاس الْأَسْلَمِيُّ): تَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّه مرداس بن مالك الأسلميُّ، شهد بيعة الرضوان.

قوله: (الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ): هما مرفوعان، ورفعهما معروفٌ.

قوله: (وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ): قال بعد ذلك: (قالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) يعني: البُخاري: (حُفَالَةٌ وَحُثَالَةٌ): كذا في بعض النسخ، و (الحُفَالة): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف الفاء، وكذا (الحُثَالة)، وكذا (الخُشَارة)، بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة في الأولى، وبضم الخاء وبالشين المعجمتين المُخَفَّفة في الثانية: الرُّذالة.

قوله: (لَا يُبَالِيهِمُ اللهُ بَالَةً): قال الجوهريُّ: وقولهم: لا أباليه؛ أي: لا أكترثُ له، وإذا قالوا: لم أُبَلْ؛ حذفوا الألف تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال؛ كما حذفوا الياء من قولهم: لا أدرِ، وكذلك يفعلون في المصدر، فيقولون: ما أباليْه بالةً، والأصل: باليةً؛ مثل: عافاه الله عافيةً، حذفوا الياء منها؛ بناءً على قولهم: لم أُبَلْ ... إلى آخركلامه، وكذا قال شيخُنا، قال ابن بَطَّال: (بالة): مصدرٌ، وقال الشيخ أبو الحسن: سمعته (بالة) في الوقف، ولا أدري كيف هو في الإدراج ... إلى آخر كلامه.

(1/11553)

[باب ما يتقى من فتنة المال]

قوله: (بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ): (يُتَّقَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/11554)

[حديث: تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة]

6435# قوله: (حَدَّثَنا [1] يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ): هذا هو يحيى بن يوسف بن أبي كريمة الزَّمِّيُّ، أبو يوسف، ويقال: أبو زكريَّا، الخراسانيُّ، نزيل بغداد، عن شريك، وأبي المليح الرَّقِّيِّ، وأبي الأحوص، وضمام بن إسماعيل، وابن عُيَيْنَة، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، والذهليُّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وآخرون، وَثَّقَهُ أبو زرعة، وقال: هو من قرية يُقال لها: زَمُّ، قال البغويُّ: مات في رجب سنة خمسٍ وعشرين ومئتين، وقال ابن قانع: سنة ستٍّ، أخرج له البُخاريُّ وابن ماجه، و (أَبُو بَكْرٍ) بعده: هو ابن عيَّاش، و (أَبو حَصِينٍ): بفتح الحاء وكسر الصاد المُهْمَلَتين، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، واسم هذا عثمانُ بن عاصم، و (أَبو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان.

قوله: (تَعَسَ [2] عَبْدُ الدِّينَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على (تعَس)، وأنَّه بفتح العين، قاله في «الصحاح»، وفي «النهاية» ذكره، ثُمَّ قال: وقد تُفتَح العين، فهو بالكسر والفتح، وقد تَقَدَّمَ أنَّ معناه: هلك، وقيل: عثر، وقيل: سقط، وقيل: خرَّ على وجهه خاصَّةً، وقيل: لزمه الشرُّ، وقيل: بَعُد، وكذا تَقَدَّمَ (القَطِيفَة) و (الخَمِيصَة) ما هما، و (أُعْطِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (إِن لَم يُعْطَ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ معناه في (الجهاد) من كلام ابن بَطَّال.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[2] في «اليونينيَّة»: (تعِس)؛ بكسر العين، وفي (ق) معًا.

[ج 2 ص 676]

(1/11555)

[حديث: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثًا]

6436# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّمَ مراراً أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح؛ بفتح الراء، وبالمُوَحَّدة.

(1/11556)

[حديث: لو أن لابن آدم مثل واد مالًا لأحب أن له إليه مثله]

6437# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ أنَّ الجَيَّانيَّ قال: نسبه شيوخُنا: مُحَمَّد بن سلَام، قال: وقد نسبه البُخاريُّ كذلك في مواضعَ من آخِرِ الكتاب، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (مَخْلد): هو بفتح الميم، وإسكان الخاء، وهو ابن يزيد، و (ابن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ ... ) إلى آخره (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَا أَدْرِي أهُوَ مِنْ الْقُرْآنِ أَمْ لَا): هذا الذي لم يدرِ ابنُ عَبَّاس أقرآن هو أم لا سيأتي قريبًا عن أُبيٍّ _هو ابن كعب_: (كُنَّا نُرَى [1] هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ، حَتَّى نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ})؛ يعني: فعلمنا أنَّه ليس من القرآن، هذا ظاهِر كلامه.

واعلم أنَّ هذا كان قرآنًا ونُسِخَت تلاوتُه، فإن قيل: في أيِّ سورةٍ كان هذا؟ وقد سُئِلت عنه، والجواب: أنَّه كان في (سورة لَمْ يَكُنِ)، كذا جاء في «مسند الإمام أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل» من غير طريق، وسيأتي أيضًا أنَّه في «التِّرْمِذيِّ»، ويأتي أنَّها كانت في (يونس)، فأمَّا إثبات كونه قرآنًا؛ ففي «مسند أحمد» أحاديثُ تشهد لذلك؛ منها: عن زيد بن أرقم قال: (لقد كنَّا نقرأ على عهد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضَّة ... »)، ومنها: عن عائشة رضي الله عنها: (أنَّه عليه السلام كان إذا دخل البيت؛ تمثَّل: «لو كان لابن آدم واديان من مالٍ؛ لابتغى واديًا ثالثًا، ولا يملأ فمَه إلَّا الترابُ، وما جعلنا المال إلَّا لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ويتوب الله على من تاب»)، ومنها: عن أبي واقد الليثيِّ: (كنَّا نأتي النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا أُنزِل عليه الوحيُ فيحدِّثنا، قال لنا ذات يوم: «إنَّ الله عزَّ وجلَّ قال: إنَّا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم وادٍ؛ لأحبَّ أن يكون إليه ثانٍ، ولو كان له واديان؛ لأحبَّ أن يكون إليهما ثالثٌ، ولا يملأُ جوفَ ابن آدم إلَّا الترابُ، ثُمَّ يتوب الله على من تاب»).

(1/11557)

وأمَّا تعيين السورة؛ فروى التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (المناقب) في (فضل أُبيِّ بن كعب) من حديث زِرِّ بن حُبَيش عنه، ورواه مُطَوَّلًا أحمدُ من غير طريقٍ بسنده إلى أُبيِّ بن كعب باختلافٍ بعضَ الشيء، قال: (إنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «إنَّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن»، فقرأ عليه: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}، قال: فقرأ فيها: «ولو أنَّ ابنَ آدم سأل واديًا من مال فأُعطيَهُ؛ لسأل ثانيًا، ولو سأله ثانيًا فأُعطِيَه؛ سأله ثالثًا، ولا يملأ جوفَ ابن آدم إلَّا الترابُ، ويتوب الله على من تاب، وإنَّ ذات الدين عند الله الحنيفيَّة غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية، ومن يفعلْ خيرًا؛ فلن يُكْفَرَهُ»)، وهو في «المستدرك» في أوَّل (التفسير) بسندٍ صحيحٍ، فإن قيل: سيأتي قريبًا في هذا الحديث عن أُبيِّ بن كعب: (كنَّا نرى هذا من القرآن حتَّى نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ})، فبين هذا وما تَقَدَّمَ عنه من «المسند» و «المستدرك» تعارضٌ؛ والجواب: أنَّه يُحمَل قولُه: (كنَّا نرى هذا من القرآن)؛ أي: من القرآن الذي يثبت ولم يُنسَخ، والله أعلم.

فائدة: قال الإمام السُّهَيليُّ في خبر بئر معونة: وكانت هذه الآية _يعني قوله: (لو أنَّ لابن آدم) _ في سورة (يونس) بعد قوله: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]، كذلك قال ابن سلَّام، انتهى؛ يعني: يحيى بن سلَّام المغربيَّ، وسأذكر بعض ترجمة يحيى هذا إن شاء الله تعالى.

[ج 2 ص 676]

(1/11558)

[حديث: لو أن ابن آدم أعطي واديًا ملأً من ذهب أحب إليه ثانيًا]

6438# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ ابْنِ الْغَسِيلِ): هو بفتح الغين المُعْجَمَة، وكسر السين المُهْمَلَة، وهو عبد الرَّحْمَن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاريُّ، و (الغَسِيل): هو حنظلة، تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى حنظلة، ولِمَ قيل له: الغَسِيل، و (ابْن الزُّبَيْر): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خُوَيلد.

==========

[ج 2 ص 677]

(1/11559)

[حديث: لو أن لابن آدم واديًا من ذهب أحب أن يكون له واديان]

6439# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (وَلَنْ يَمْلَأَ): هو بهمزةٍ مفتوحةٍ في آخره، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 677]

(1/11560)

[حديث: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت {ألهاكم التكاثر}]

6440# قوله: (وَقَالَ لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ): أمَّا (أبو الوليد)؛ فقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال لنا فلانٌ)؛ أنَّه كـ (حدَّثنا فلانٌ)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، و (حَمَّاد بن سلمة): تَقَدَّمَ أنَّه أحد الأعلام، وأنَّ البُخاريَّ عَلَّقَ له، وروى له مسلمٌ والأربعة، وتَقَدَّمَ ببعض ترجمة.

قوله: (كُنَّا نُرَى [1] هَذَا مِنْ الْقُرْآنِ): (نُرَى): بضَمِّ النون؛ أي: نظنُّ، وفي نسخة: (نَرى)؛ بفتحها، وهما في أصلنا مضبوطٌ بهما، وقد تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين ما تَقَدَّمَ عن أُبيِّ بن كعب في «المسند» و «المستدرك»، والله أعلم.

(1/11561)

[باب قول النبي: «هذا المال خضرة حلوة»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ [1] هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ»): تَقَدَّمَ الكلام قريبًا على (خَضِرَة حُلوة).

قوله: (وَقَالَ [2] عُمَرُ): هو عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه، وفي الصَّحَابة من اسمه عُمر ثمانيةٌ وعشرون نفرًا؛ منهم أربعةٌ غلطٌ، وفيهم واحدٌ الصحيحُ: أنَّه تابعيٌّ.

==========

[1] قوله: (إنَّ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وفوقه في (أ) علامة نسخة، وفي هامش (ق) علامة على أنَّها في رواية الدِّمياطيِّ.

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

[ج 2 ص 677]

(1/11562)

[حديث: إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه]

6441# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غير أبيه؛ فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، و (حَكِيم بْن حِزَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء، وكسر الكاف، و (حِزَام): بكسر الحاء، وبالزاي، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (بِإِشْرَافِ نَفْسٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بالشين المُعْجَمَة، في (الزكاة)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْيَد الْعُلْيَا)، و (الْيَدِ السُّفْلَى).

(1/11563)

[باب ما قدم من ماله فهو له]

(1/11564)

[حديث: أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله]

6442# قوله: (حَدَّثَنا [1] عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنا [2] أَبِي): تَقَدَّمَ أنَّ (أباه) _كما قال هنا_: حفصٌ؛ وهو ابن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث)، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ): هو إبراهيم بن يزيد، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 677]

(1/11565)

[باب: المكثرون هم المقلون]

(1/11566)

[حديث: إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة]

6443# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (عَبْد الْعَزِيزِ بْن رُفَيْعٍ): بضَمِّ الراء، وفتح الفاء، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ الخلاف في اسمه واسم أبيه، وأنَّ الأكثر: جُندب بن جنادة.

قوله: (فِدَاءَكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (فَنَفَحَ): هو بالنون والفاء وبالحاء المُهْمَلَة المفتوحات؛ أي: ضرب يديه فيه بالعطاء، و (النفح): الضربُ والرَّمْيُ.

قوله: (فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ): (القاع): المستوي الواسعُ من الأرض، وقد يجتمع فيه الماء، وجمعه: قِيعان، وقيل: هي أرضٌ فيها رَمْلٌ.

قوله: (فِي الْحَرَّةِ): تَقَدَّمَ ما (الحرَّة)، وأنَّها أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ.

قوله: (فَأَطَالَ اللَّبْثَ): هو بفتح اللام، ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، وهو كـ (سَمِع)، وفي «النهاية»: يقال: لبِثَ يلبَثُ لَبْثًا؛ بسكون الباء، وقد تُفْتَح قليلًا على القياس، وقيل: اللَّبث: الاسم، واللُّبث؛ بالضَّمِّ: المصدر، انتهى، فما في الأصل يجوز فيه فتحُ اللام وضمُّها، مع سكون الباء، والله أعلم.

قوله: (مَنْ تُكَلِّمُ؟): هو بضَمِّ التاء، وكسر اللام المُشَدَّدة، فعلٌ مضارعٌ، وفاعله ضميرٌ مستترٌ؛ أي: أنت، وفي نسخة: (مَنْ تَكَلَّمَ؟): فعلٌ ماضٍ؛ يعني: معك.

قوله: (يَرْجِعُ إِلَيْكَ شَيْئًا): (يَرجِع): هو بفتح أوَّله، وكسر الجيم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (رجع) متعدٍّ.

قوله: (قَالَ النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَالْأَعْمَشُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ بِهَذَا): أمَّا (النَّضْر)؛ فهو ابن شُمَيل، بالضاد المُعْجَمَة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لا يُحتَاج إلى تقييده، وذلك لأنَّ (نصرًا) _بالصاد المُهْمَلَة_ لا يأتي بالألف واللام، و (النَّضْر) _ بالمُعْجَمَة_ لا يأتي إلَّا بهما، و (حَبِيب بن أبي ثابت): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (الأعمش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (عبدُ العزيز بن رُفَيع): هو بضَمِّ الراء، وفتح الفاء، وتعليق النَّضْر أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عبدة بن عبد الرحيم عن النَّضْر بن شُمَيل به.

(1/11567)

قوله: (وَحَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): هذه الواو إنَّما أتى بها شعبة؛ لأنَّه كان الحديثُ عنده معطوفًا على ما قبله بالواو، فأدَّاه كذلك، والله أعلم.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: حَدِيثُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مُرْسَلٌ لَا يَصِحُّ، إِنَّمَا أَرَدْنَا لِلْمَعْرِفَةِ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ، قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حَدِيثُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ قَالَ: مُرْسَلٌ أَيْضًا لَا يَصِحُّ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ، وَقَالَ: اضْرِبُوا عَلَى حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ): هكذا هو في نسخةٍ في هامش أصلنا، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ ثابتٌ في الأصل، قال شيخُنا في «شرحه»: («وقال أبو عبد الله: حديث أبي صالح ... » إلى آخره: قد أخرجه النَّسائيُّ بإسنادٍ صحيحٍ من حديث ابن إسحاق عن عيسى بن مالك، عن زيد، عن أبي الدرداء، وكما قال شيخُنا: أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة»، قال شيخُنا: ولمَّا ذكر الدَّارَقُطْنيُّ روايةَ الحسن وعيسى مع رواية مَن رواه عن أبي ذرٍّ؛ قال: يشبه أن يكون القولان صحيحين، وحديث عطاء بن يسار مرسلٌ، قد أخرجه الطَّبَرانيُّ بإسنادٍ جيِّد مصرِّحًا بسماعه منه: أخبرني أبو الدرداء: أنَّه عليه السلام ... ؛ فذكره، انتهى، وقد رأيت أنَّ البُخاريَّ قال: سمع من ابن مسعود، وابنُ مسعود تُوُفِّيَ سنة (32 هـ)، وكذا أبو الدرداء، وقد ذكروا في ترجمته بأنَّه روى عن أبي ذرٍّ وأبي الدرداء، وأبو ذرٍّ أيضًا تُوُفِّيَ سنة (32 هـ)، وذكروا في وفاة عطاء بن يسار أنَّه تُوُفِّيَ سنة (97 هـ)، وقال الفَلَّاس وجماعةٌ: تُوُفِّيَ سنة (103 هـ)، وهو ابن أربعٍ وثمانين سنةً، وحديث عطاء عن أبي الدرداء أخرجه النَّسائيُّ في (التفسير) عن عليِّ بن حُجْر، عن إسماعيل بن جعفر، عن مُحَمَّد بن أبي حرملة، عن أبي الدرداء ... ؛ فذكره.

(1/11568)

نعم؛ عطاءُ بن أبي مسلم الخراسانيُّ عن أبي الدرداء مرسَلٌ، لم يدركه، وقد أخرج له ابنُ ماجه عنه حديثَ: «إنَّه ليستغفر للعالِم مَن في السموات ومَن في الأرض حتَّى الحيتان في البحر»، أخرجه في (كتاب السُّنَّة)، وحديث أبي صالحٍ ذكوانَ المشارُ إليه أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن أحمد بن حرب الطائيِّ، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي الدرداء ... ؛ فذكره، ثُمَّ ساقه كما قال شيخُنا _يعني: الطَّبَراني_ من حديث مُحَمَّد بن سعيد بن مالك عن أبي الدرداء: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره، وقد ذكره شيخُنا عن الطَّبَرانيِّ من طرقٍ أخرى، ثُمَّ قال: وذكر الدَّارَقُطْنيُّ في حديث الأعمش عن زيد بن وهب علَّةً إن صحَّتْ؛ فهي تقدح في صحَّته، وهي روايةُ جَرِير بن حَازم عن الأعمش: فقال رجل عن زيد بن وهب عن أبي ذرٍّ، انتهى.

وأبو صالح ذكوانُ السَّمَّان روى عن أبي الدرداء وحضر الدار، وتُوُفِّيَ أبو الدرداء سنة (32 هـ)، ولا يتبيَّن لي وجه إرساله، اللهمَّ إلَّا أن يريدَ أنَّ الصحيح حذف (أبي الدرداء)، ويكون الحديثُ مرسلًا، لا أنَّه من جهةِ اللقيِّ، أو يكون جاءه الإرسالُ قبل عطاء، فيكون المرادُ بالإرسال سقوطَ راوٍ من الإسناد، وعطاء بن يسار تابعيٌّ كبيرٌ، والله أعلم.

قوله: (هَذَا: إِذَا [1] مَاتَ وَقَالَ [2]: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ): كذا في نسخةٍ، وهو ثابتٌ في أصلنا الدِّمَشْقيِّ نحوَه، والله أعلم.

[ج 2 ص 677]

==========

[1] في (أ): (ذا)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] كذا في (أ) وهامش (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو، وهي ساقطة من رواية أبي ذرٍّ.

(1/11569)

[باب قول النبي: «ما أحب أن لي مثل أحد ذهبًا»]

(1/11570)

[حديث: ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبًا]

6444# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء والصاد المُهْمَلَتين، وأنَّ اسمه سلَّام _بتشديد اللام_ ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سُليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه واسم أبيه، وأنَّ الأكثر: جُندب بن جنادة.

قوله: (فِي حَرَّةِ الْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ ما (الحرَّة)، وضبطُها.

قوله: (إِلَّا شَيْئًا أرْصدُهُ لِدَيْنٍ): كذا في [هامش] أصلنا القاهريِّ، وفيه: (شيءٌ)، وعليه علامة روايه، وفي الدِّمَشْقيِّ: (شيءٌ)، وهما جائزان، قال ابن قُرقُول: (أرصِده): أُعِدُّه؛ بضَمِّ الهمزة وفتحها، ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، يُقال: أرصدته ورصدته، أَرصُده بالخير والشَّرِّ: أعددته له، وقيل: رصدته: ترقَّبته، وأرصدته: أعددتُه، قال الله تعالى: {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة: 107]، وقال: {شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: 9].

==========

[ج 2 ص 678]

(1/11571)

[حديث: لو كان لي مثل أحد ذهبًا لسرني أن لا تمر علي ثلاث ليال]

6445# قوله: (حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): هو أحمد بن شبيب بن سعيد التميميُّ الحنظليُّ، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَثَنَا [1] يُونُسُ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وأتى به؛ لأنَّ شَبِيبًا عنعن، فأتى بهذا التعليقِ؛ لأنَّ فيه تصريحَ الليث بالتحديث من يونس، وشبيبٌ ليس مُدَلِّسًا، ولكن ليخرج من الخلاف، وتعليقُ الليث ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

(1/11572)

[باب: الغنى غنى النفس]

قوله: (بَاب الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ): (الغنى) في المكانين: بالقصر؛ وهو ضدُّ الفَقْرِ.

(1/11573)

[حديث: ليس الغنى عن كثرة العرض]

6446# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا، أحمد بن عبد الله بن يونس، نُسِب إلى جدِّه، و (أَبُو بَكْرٍ) بعده: هو ابن عيَّاش، أحد الأعلام، و (أَبُو حَصِينٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَ هذا عثمانُ بن عاصم، و (أَبُو صَالِح): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ): هو بفتح العين والراء، قال ابن قُرقُول: (العَرَض)؛ بفتح الراء؛ يعني: كثرة المال والمتاع، وسُمِّيَ عرضًا؛ لأنَّه عارضٌ يَعرِض وقتًا، ثُمَّ يزول ويَفنى، ومنه قوله: «يبيع دينه بعَرَض من الدنيا»؛ أي: بمتاعٍ ذاهبٍ، والعَرَض: ما عدا العين، قاله أبو زيد، قال الأصمعيُّ: ما كان من مال غير نَقْدٍ، قال أبو عبيد: ما عدا الحَيَوَان والعَقَار والمَكِيل والموزون، وقال بعضُهم بعد ضبطه لما ذكرته: وقال ابن فارس في «المقاييس» وذكر هذا الحديثَ: إنَّما سمعناه بسكون الراء، وهو كلُّ ما كان من المتاع غير نقد، وجمعه: عُروض، فأمَّا العَرَض _بفتح الراء_؛ فما يصيبُه الإنسانُ مِن حظِّه مِن الدُّنيا، قال تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} [الأنفال: 67]، {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ} [الأعراف: 169]، انتهى.

==========

[ج 2 ص 678]

(1/11574)

[باب فضل الفقر]

قوله: (بَابُ فَضْلِ الْفَقْرِ): فائدةٌ: حديث: «الفقر فخري ... »؛ الحديث، وكذا حديثُ: «اتَّخِذوا مع الفقراءِ أياديَ»، قال أبو العَبَّاس ابن تيمية فيما رأيته عنه: كلاهما كَذِبٌ، انتهى، وقال شيخُنا المؤلِّف في «تخريج أحاديث الرافعيِّ» _التخريج المختصَر_ فيما قرأته عليه قال فيه: غريبٌ، وقاعدته: إذا قال: غريبٌ؛ أنَّه لا يُعرَف مَن رواه، ثُمَّ قال: وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: كَذِبٌ، ولا نعرفه في شيءٍ من كتب المسلمين المعروفةِ، انتهى، وما أظنُّ قائلَ ذلك إلَّا ابنَ تيمية أبا العَبَّاس، والله أعلم.

وقد رأيت شيخَنا الحافظ العِرَاقيَّ قال في «تخريج أحاديث الإحياء»: ذكر حديث: «أكثروا معرفة الفقراء، واتَّخذوا عندهم الأياديَ، فإنَّ لهم دولة ... »؛ الحديث أبو نُعَيم في «الحِلية» من حديث الحسين بن عليٍّ بسندٍ ضعيفٍ: «اتَّخِذوا عند الفقراء أياديَ، فإنَّ لهم دولة يوم القيامة، وإذا كان يوم القيامة؛ نادى منادٍ: سيروا إلى الفقراء، فيُعتَذَر إليهم كما يَعتَذِر أحدُكم إلى أخيه في الدنيا»، انتهى.

تنبيهٌ: حديث: «كاد الفقر أن يكون كفرًا» ضعيفٌ، أخرجه أبو مسلم الكجِّيُّ في «سننه»، والبيهقيُّ في «شعب الإيمان» من حديث أنسٍ رضي الله عنه، وفيه: يزيدُ الرَّقاشيُّ عنه، وهو ضعيفٌ، ورواه الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» من وجهٍ آخرَ بلفظ: «كادت الحاجة أن تكون كفرًا»، وفيه ضعفٌ أيضًا.

تنبيهٌ آخَرُ: اختلف الناس في تفضيل الفقر على الغنى؛ فذهب قومٌ إلى تفضيله على الغنى، وممَّن ألَّفَ فيه ابن الفخار، وذهب آخرون إلى تفضيل الغنى، وممَّن ألَّف فيه ابنُ قُتَيْبَة، وقد فضَّل قومٌ الكفافَ؛ وهو الذي سأله رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «اللهمَّ؛ اجعل رزقَ آلِ مُحَمَّد قوتًا»، وهو أعلى من الدرجتَين اللَّتَين قبله، قال شيخُنا: المختار عندنا: أنَّ الغنيَّ الشاكرَ أفضلُ من الفقيرِ الصابرِ؛ لأنَّ الغنى الحالةُ التي تُوُفِّيَ عنها الشارع، وهي أكملُ الحالات، ثُمَّ ذكر كلام أبي عليٍّ الدَّقَّاق في ترجيح الغنيِّ الشاكرِ على الفقيرِ الصابرِ، ثُمَّ قال: وأمَّا الكَفَاف؛ فهي الدرجة الرفيعة؛ لأنَّه عليه السلام لا يسأل إلَّا أفضلَ الأحوال، ثُمَّ ذكر كلام القرطبيِّ في تفضيل الكفاف، وقد رأيته في «التذكرة» قبل ذلك.

(1/11575)

واعلم أنَّ الغنيَّ الشاكرَ قد عرَّفه النَّوَويُّ في «رياضه»: بأنَّه مَن أخذَ المال من وجوهه، وصرفه في وجوهه المأمورِ بها، انتهى، ومحلُّ الخلاف في الغنيِّ الشاكر والفقير الصابر ذكره الشيخُ تقيُّ الدين ابن دقيق العيد، فقال بعد أن ذكر بعضَ أدلَّة المَأْخَذَيْن للغنيِّ الشاكر والفقير الصابر، ثُمَّ قال: وإنَّما النظرُ إذا تساوَوا في أداء الواجب فقط، وانفرد كلُّ واحدٍ بمصلحةِ ما هو فيه، وإذا كانت المصالحُ متقابلةً؛ ففي ذلك نظرٌ يرجع إلى تفسير الأفضل، فإن فُسِّر بزيادة الثواب؛ فالقياس يقتضي أنَّ المصالحَ المتعدِّيةَ أفضلُ من القاصرة، وإذا كان الأفضل بمعنى: الأشرف بالنسبة إلى صفات النفس؛ فالذي يحصل للنفس من التطهير للأخلاق، والرياضة لسوء الطباع بسبب الفقر أشرفُ، فيترجَّح الفقر، ولهذا المعنى ذهب الجمهور من الصوفيَّة إلى ترجيح الفقيرِ الصابرِ؛ لأنَّ مدارَ الطريق على تهذيب النفس ورياضتها، وذلك مع الفقر أكثرُ منه مع الغنى، فكأنَّ أفضلَ بمعنى: أشرف، انتهى، ذكره في «شرح العمدة»، ذكره في حديث: «ذهب أهل الدثور ... »؛ الحديث في (الذِّكْرِ عقيب الصلاة).

وأجاب أبو العَبَّاس ابن تيمية، فقال: أفضلهما: أتقاهما لله، فإن استويا في التقوى؛ استويا في الدرجة، انتهى، والله أعلم.

(1/11576)

[حديث: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.]

6447# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ أحدِ الأعلام، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمَ أبي حَازم سلمةُ بن دينار.

قوله: (مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل لا أعرفه، سيأتي قريبًا جدًّا ما قاله بعضُ الحُفَّاظ فيه.

قوله: (فَقَالَ لرَجُلٍ جَالِسٍ عِنْدَهُ): قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: الرجل المقول له: هو أبو ذرٍّ، كذلك رواه ابن حِبَّانَ، فذكر الحديثَ الذي فيه الشاهدُ له، انتهى، وقد رأيتُ حديثًا في «المستدرك» في (الرقائق) عن أبي ذرٍّ نحوَه، وقال: على شرط البُخاريِّ، قال: وأخرجا بعضَه من حديث زيد بن وهب عن أبي ذرٍّ، انتهى، وأقرَّه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه».

قوله: (حَرِيٌّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه وضبطُه في (النكاح).

قوله: (إِنْ خَطَبَ؛ أَنْ يُنْكَحَ): (إِنْ) الأولى: بكسر الهمزة، شرطيَّة، والثانية: بفتحها، تقدَّما في (النكاح)، وكذا قوله: (وَإِنْ شَفَعَ؛ أَنْ يُشَفَّعَ): مثلُ الذي قبله، وقد تقدَّما في (النكاح)، و (شفَع): بفتح الفاء، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ): هذا الثاني تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه أيضًا، قال بعض حفَّاظ [مصر] من المُتَأخِّرين: والمارَّانِ لم يُسَمَّيا، لكن في «مسند أبي يعلى» ما يُشْعِر بأنَّ الفقيرَ المارَّ هو جُعيل الضمريُّ، انتهى.

قوله: (حَرِيٌّ): تَقَدَّمَ في (النكاح)، وكذا (إِنْ خَطَبَ؛ أَلَّا يُنْكَحَ)، وكذا (إِنْ شَفَعَ؛ أَلَّا يُشَفَّعَ)، وكذا (إِنْ قَالَ؛ أَلَّا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ).

==========

[ج 2 ص 678]

(1/11577)

[حديث: هاجرنا مع النبي نريد وجه الله فوقع أجرنا على الله]

6448# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه [النسبة] لماذا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (الْأَعْمَشُ):

[ج 2 ص 678]

تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلَمة، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (خَبَّاب): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدة أخرى، وأنَّه ابن الأرتِّ؛ بالمُثَنَّاة فوق المُشَدَّدة.

قوله: (هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): فيه مجازٌ؛ لأنَّه لم يهاجر معه عليه السلام إلَّا أبو [1] بكر وغلامُه عامر بن فُهَيرة.

قوله: (فَوَقَعَ): أي: وَجَب، وفيه مجازٌ أيضًا؛ لأنَّ الله لا يجب عليه شيءٌ لعباده.

قوله: (مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (يَوْمَ أُحُدٍ): تَقَدَّمَ متى كانت وقعة أحُد في مكانها وغيرِه مرارًا، وهي في شوَّال سنة ثلاثٍ من الهجرة.

قوله: (وَتَرَكَ نَمِرَةً): (النَّمِرة): تَقَدَّمَت، وكذا (بَدَا [2]): بغير همزٍ؛ أي: ظهر، وكذا (بَدَا) الثانية، وكذا تَقَدَّمَ (الْإِذْخِر) ضبطًا وما هو، وكذا (أَيْنَعَتْ): تقدَّم، وكذا (يَهْدِبُهَا): تَقَدَّمَ، وأنَّه بكسر الدال وضمِّها.

==========

[1] في (أ): (أبا)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] يعني: الذي هو أصل (بَدَت) التي في الحديث.

(1/11578)

[حديث: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء .. ]

6449# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (سَلْمُ بْنُ زَرِيْرٍ): بإسكان اللام، و (زَرِيْر): بفتح الزاي، وكسر الراء، وفي آخره راء أخرى، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ أنَّه العطارديُّ، وأنَّ اسمه عمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك، و (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ (حُصَينًا) صَحَابيٌّ أيضًا، وقدَّمته مُطَوَّلًا.

قوله: (فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على نصب (أكثرَ) في الموضعين، وقدَّمت فيه ثلاثَ إعراباتٍ، وتَقَدَّمَ في الحديث سؤالٌ وجوابُه.

قوله: (تَابَعَهُ أَيُّوبُ وَعَوْفٌ): الضمير في (تابعه) يعود على سَلْم بن زَرِيْر؛ يعني: أنَّه رواه عن أبي رجاء عن عِمران كما رواه سَلْم، (أيُّوب): ابن أبي تيمية السَّخْتيَانيُّ، و (عوف): الأعرابيُّ، وهو عوف بن أبي جَمِيلة، والاثنان تَقَدَّمَت ترجمتُهما، قال المِزِّيُّ: قال أبو مسعود: (تابعه أيُّوب)، إنَّما رواه عن أيُّوبَ كذلك عبد الوارث، وسائر أصحاب أيُّوب يقولون: عن أيُّوب عن أبي رجاء عن ابن عَبَّاس، وقد رواه أبو الأشهب، وابن أبي عروبة، وابن عُلَيَّة، والثقفيُّ، وعاصم بن هلال، وجماعةٌ، عن أيُّوب عن أبي رجاء عن ابن عَبَّاس، انتهى.

(1/11579)

قوله: (وَقَالَ صَخْرٌ وَحَمَّادُ بْنُ نَجِيحٍ: عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ): أمَّا (صخرٌ)؛ فهو ابن جويرية، أبو نافع البصريُّ، عن أبي رجاء وعائشةَ بنتِ سعد، وعنه: ابن مهديٍّ وعَفَّانُ، ثقةٌ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، قال أحمد ابن حنبل: ثقة ثقة، وقال ابن معين: صالح، ذهب كتابه فبُعِث إليه من المدينة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، وتعليقه هذا لم أرَه إلَّا ما في هذا «الصحيح»، ولم يخرَّجْه شيخُنا، و [أمَّا] (حَمَّاد بن نَجِيْح)؛ فهو الإسكاف أبو عبد الله السدوسيُّ البصريُّ، عن أبي رجاء العطارديِّ، ومُحَمَّد بن سيرين، وأبي عمران الجونيِّ، وعنه: وكيع، وأبو داود الطيالسيُّ، ومسلم بن إبراهيم، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وأحمد، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا كما ترى، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليقه هذا أخرجه النَّسائيُّ في «عِشرة النساء» عن مُحَمَّد بن مَعْمَر البحرانيِّ، عن عثمان بن عمر، عن حَمَّاد بن نَجِيْح، عنه به.

تنبيهٌ: لهم: حَمَّاد بن نَجِيْح آخرُ، لكنَّه رازيٌّ قصَّابٌ، يروي عن طلحة بن عمرو، وعنه: نوح بن أنس الرازيُّ، وليس له شيءٌ في الكُتُب السِّتَّة، له ترجمةٌ في «الميزان».

و (أبو رجاء): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عِمران بن تيم، وقيل في أبيه غيرُ ذلك.

(1/11580)

[حديث: لم يأكل النبي على خوان حتى مات]

6450# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطُه، وأنَّ اسمه عبد الله بن عَمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ.

قوله: (عَلَى خوَانٍ): تَقَدَّمَ ما (الخوان) بِلُغَاتِه.

==========

[ج 2 ص 679]

(1/11581)

[حديث: لقد توفي النبي وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد]

6451# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

قوله: (وَمَا فِي رَفِّي): (الرَّفُّ): خشبةٌ تُرفَع عن الأرض في البيت، يُوقَّى عليه ما يُراد حفظه، وهو الرفرف أيضًا، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ): قال ابن قُرقُول: أي: نصف وَسْق من شعير، وقال ابن الأثير: قيل: أراد نصف مكُّوك، وقيل: أراد نصف وَسْق، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (المكُّوك) كم هو في (باب نفقة نساء النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وقال التِّرْمِذيُّ: يعني: شيئًا من شعير، انتهى.

==========

[ج 2 ص 679]

(1/11582)

[باب كيف كان عيش النبي وأصحابه وتخليهم من الدنيا؟]

(1/11583)

[حديث: الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي]

6452# قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِ هَذَا الْحَدِيثِ): (أبو نعيم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وقوله: (بنحوٍ من نصف هذا الحديث)؛ يعني: الحديثَ الآتيَ الذي يسوقه، وليس له شيخٌ في هذا الحديث، مُطَوَّلًا كما هنا، إنَّما أخرجه في (الاستئذان) عن أبي نُعَيم هذا، وعن مُحَمَّد بن مقاتل عن عبد الله بن المبارك؛ كلاهما عن عمرَ بن ذرٍّ عن أبي هريرة ببعضه ... إلى قوله: (فدخلوا)، وأعاده هنا عن أبي نُعَيم وحدَه كما ترى بطوله، فقال: (حدَّثنا أبو نُعَيم بنحوٍ من نصف هذا الحديث ... )؛ فذكره أجمعَ، وقد أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الزهد) عن هنَّاد بن السَّريِّ، عن يونس بن بُكَيْر، عن عمرَ بن ذرٍّ به، وقال: صحيحٌ، وأخرجه النَّسائيُّ في (الرقائق) عن أحمد بن يحيى عن أبي نُعَيم به، حديث أحمد بن يحيى ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، انتهى.

والظاهر أنَّ المراد بقوله: (بنحوٍ من نصف هذا الحديث): النصف الأوَّل، فيحتمل أنَّ باقيَه إجازةٌ، أو يكون وِجادةً، ولم يحدِّث البُخاريُّ في هذا الحديث الصحيح بالإجازة _خلافًا لابن منده، وقد تَقَدَّمَ كلامه_، ولا بالوِجادة _فيما أعلم_، ولا بالمناولة، خلافًا لأبي عمرو مُحَمَّد بن أبي جعفر بن حمدان الحيريِّ، فإنَّه قال: كلُّ ما قال البُخاريُّ: (قال فلانٌ)؛ فهو عرضٌ ومناولةٌ، وابن منده جعلها إجازةً، وبعضُهم جعلها من أقسام التعليق.

(1/11584)

قال شيخُنا الشارح: ولعلَّه [1] النصفُ المشارُ إليه ههنا، انتهى، وقد ذكر شيخُنا العِرَاقيُّ في «النكت على ابن الصلاح» هذا الحديثَ؛ فانظره في (السماع على نوعٍ من الوهن أو عن رجلين)، والله أعلم، وها أنا أسوق لك ما قاله فيها، قال شيخُنا العِرَاقيُّ: وقد بيَّن البُخاريُّ في موضعٍ آخَرَ من «صحيحه» القَدْرَ الذي سمعه من أبي نُعَيم من هذا الحديث، أو بعضَ ما سمعه منه، فقال في (كتاب الاستئذان): «حدَّثنا أبو نُعَيم: حدَّثنا عمر بن ذرٍّ. ح: وحدَّثنا مُحَمَّد بن مقاتل: أخبرنا عبد الله: أخبرنا عمر بن ذرٍّ: أخبرنا مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلتُ مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فوجد لبنًا في قَدَح، فقال: «أبا هرٍّ؛ الحق أهلَ الصُّفَّة فادعهم» ... إلى أن قال: فأتيتُهم فدعوتُهم، فأقبلوا فاستأذنوا، فأَذِنَ لهم، فدخلوا»، انتهى، فهذا بعض حديث أبي نُعَيم الذي ذكره في (الرقاق)، وأمَّا بقيَّة الحديث؛ فيحتمل أنَّ البُخاريَّ أخذه من كتاب أبي نُعَيم وجادةً أو إجازةً، أو سمعه من شيخٍ آخَرَ غير أبي نُعَيم، إمَّا مُحَمَّد بن مقاتل الذي روى عنه في (الاستئذان) بعضَه، أو غيرُه، ولم يبيِّن ذلك، بل اقتصر على بعض الحديث من غير بيان، ولكن ما من قطعةٍ منه إلَّا وهي محتملةٌ لأنَّها غير متَّصلة بالسماع، إلَّا القطعة التي صَرَّحَ بها البُخاريُّ في (الاستئذان) باتِّصالها، والله أعلم، انتهى، وهذا لمكانٌ من عُقَد «صحيح البُخاريِّ»، والله أعلم.

قوله: (آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ): هو في أصلنا: (اللهِ) مجرورٌ، وجرُّه معروفٌ، قال القاضي عياض في أواخر «شرح مسلم»: («قال: آلله؟ قال: الله»: رويناه بكسر الهاء وفتحها معًا، قال: وأكثر أهل العربيَّة لا يُجِيزون غير كسره)، انتهى، وقال شيخُنا: يجوز في (الله) الخفضُ والنصبُ، قال ابن التين: ورويناه بالنصب، قال ابن جنِّي: إذا حذفتَ حرفَ القسم؛ نصبتَ الاسم بعده بالفعل المقدَّر، ومن العرب مَن يجرُّ اسم (الله)، انتهى مُلَخَّصًا، وهو مَعْرُوفٌ.

قوله: (مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيسْتَتْبِعَنِي [2]): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (ليُشْبِعَني)، وعليها (صح) في الموضعين، قال ابن قُرقُول: (ليشبعني): كذا لابن السكن، والنَّسَفيِّ، والحمُّوي، والبلخيِّ، ولبقيَّتهم: (يستتبعني)؛ أي: يأمرني باتِّباعه فيطعمني، وهو المعروف، انتهى.

(1/11585)

قوله: (إِلَّا لِيسْتَتْبِعَنِي): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه.

قوله: (أَبَا هِرٍّ): قال بعضهم: يُروَى بتخفيف الراء وتشديدها، انتهى، كذا قال، وقد تَقَدَّمَ الكلام فيه في (باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا) ما ذُكِرَ فيه، والله أعلم.

قوله: (قُلْتُ: لَبَّيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (الحجِّ).

قوله: (الْحَقْ): هو بهمزة وصلٍ _فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها_ وبفتح الحاء، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أَهْلِ الصُّفَّةِ)، وما هي (الصُّفَّة)، وأنَّ صاحب «الحِلْية» عدَّ منهم مئة ونيِّفًا، وقدَّمت أنَّ الإمام السَّهْرَوَرْدِيَّ قال في «عوارفه»: إنَّهم كانوا نحوَ أربع مئة، والله أعلم.

[ج 2 ص 679]

قوله: (وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا): قال الدِّمْيَاطيُّ: قال ابن القوطيَّة: شركتك في الأمر شِرْكًا وشِركةً: صرت لك شريكًا، وفي المال كذلك، وأشرك الكافرُ بالله: جعل له شريكًا، والنَّعْلَ: جعلتَ لها شراكًا، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (شرك) و (أشرك).

قوله: (فَأَعْطِهِمْ): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ): هو بفتح الراء، وكسر الواو، وفتح الياء.

(1/11586)

[حديث: إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله.]

6453# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيل) بعده: هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (سَعْد): هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحدُ العشرة رضوان الله عليهم أجمعين.

قوله: (إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ): تَقَدَّمَ أنَّ رميه ذلك كان في سريَّة عبيدة بن الحارث بن المُطَّلِب، وكان عليه السلام بعث عبيدة في ستِّين _أو ثمانين_ راكبًا من المهاجرين، والقصَّة معروفةٌ، وقد رمى سعدٌ بسهمٍ في سبيل الله فيها، وكان أوَّلَ سهمٍ رُمِيَ به في سبيل الله، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (مناقب سعد)، وتَقَدَّمَ هناك أيضًا أنَّه أوَّل من أراق دمًا في الإسلام، ويُقال: بل أوَّلُ من أراق دمًا في الإسلام طُلَيب بن عُمَير، ذكر القولَين ابنُ عَبْدِ البَرِّ في ترجمة طُلَيب في «الاستيعاب»، والله أعلم.

قوله: (وَرَأَيْتُنَا نَغْزُو): هو بضَمِّ تاء (رأيتُنا)، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ): تقدَّم، وكذا (السَّمُرُ)، وكذا (مَا لَهُ خِلْطٌ)، وكذا (بَنُو أَسَدٍ)، وأنَّ النَّوَويَّ قال: إنَّهم بنو الزُّبَير بن العَوَّام، وتَقَدَّمَ ما وقع لابن بَطَّال فيه من الغلط، وكذا تَقَدَّمَ (تُعَزِّرُنِي) ما معناه، كلُّ ذلك في (مناقب سعد).

==========

[ج 2 ص 680]

(1/11587)

[حديث: ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام بر]

6454# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (قُبِض): بضَمِّ القاف، وكسر المُوَحَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 680]

(1/11588)

[حديث: ما أكل آل محمد أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر]

6455# قوله: (حَدَّثَنا [1] إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هذا الرجل بغويٌّ، يُلَقَّب لؤلؤ، وهو ابن عمِّ أحمد بن مَنِيع، روى عن وكيع، وإسحاقَ الأزرقِ، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأحمد بن عمرو البزَّار، وابن أبي داود، ومُطَيَّن، ومُحَمَّد بن مَخْلد، وآخرون، وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنيُّ وجماعةٌ، تُوُفِّيَ سنة (259 هـ) في شعبان، أخرج له البُخاريُّ، و (إِسْحَاقُ؛ هُوَ الْأَزْرَقُ): هو إسحاق بن يوسف بن مرداس، أبو مُحَمَّد المخزوميُّ الواسطيُّ الأزرق، أحد الأعلام، عن الأعمش، وابن عون، وزكريَّاء بن أبي زائدة، وفُضَيل بن غزوان، وعبد الملك بن أبي سليمان، وطائفةٍ، وأَكْثَرَ عن شَريك، وعنه: أحمد، وابن معين، وتميم بن المنتصر، وخلقٌ، قيل لأحمد: أثقةٌ هو؟ قال: إي والله، وقال أبو حاتم: صحيحُ الحديث، صدوقٌ، تُوُفِّيَ سنة (195 هـ)، أخرج له الجماعة، و (مِسْعَر): هو بكسر الميم، وإسكان السين، وفتح العين، و (كِدَام): بكسر الكاف، وتخفيف الدال المُهْمَلَة، و (هِلَال): هو هلال بن أبي حُمَيد، ويُقال: ابن حُمَيدٍ، ويُقال: ابن عبد الله، ويُقال: ابن مقلاص، الجهنيُّ مولاهم، الكوفيُّ، أبو عمرو، ويُقال: أبو أُمَيَّة، ويُقال: أبو الجهم، الصيرفيُّ الجِهْبِذُ الوزَّان، عن عبد الله بن عُكَيم، وعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وعروة بن الزُّبَير، وعنه: مِسْعَر، وشعبة، وشيبان، وإسرائيل، وشَريك، وابن عُيَيْنَة، وطائفةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وقال ابن عُيَيْنَة: كان هلال الوزَّان قد كَبِر، وكان يكتب على البيدر في الشهر بعشرة دراهم، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (أَكْلَتَيْنِ): هو بفتح الهمزة: المَرَّة، وأمَّا بالضَّمِّ؛ فاللقمة، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليهما: (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 680]

(1/11589)

[حديث: كان فراش رسول الله من أدم وحشوه من ليف]

6456# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): هو ابن شُمَيل الإمام، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يلتبس بـ (نصر)؛ بالصاد.

قوله: (مِنْ أَدَمٍ): هو بفتح الهمزة والدال، وهذا مَعْرُوفٌ.

(1/11590)

[حديث: كلوا فما أعلم النبي رأى رغيفًا مرققًا]

6457# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، وأنَّه يُقال له: هدَّاب أيضًا.

قوله: (وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ): خبَّاز أنس تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها في أوَّل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 680]

(1/11591)

[حديث: كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارًا]

6458# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وتَقَدَّمَ أنَّ مَن يُقال له: يحيى، ويروي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في الكتب أو بعضِها جماعةٌ؛ هذا أحدهم، والثاني: يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، ويحيى بن أبي زكريَّا أبو مروان الغسَّانيُّ، ويحيى بن سعيد الأمويُّ، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن مُحَمَّد بن قيس أبو زُكير، ويحيى بن يمان، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 680]

(1/11592)

[حديث: إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين]

6459# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): هذا الحديث هو ثابتٌ في بعض النسخ، وهو في أصلنا نسخةٌ، ومكتوبٌ في الطُّرَّة، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل، لكن كتب عليه (لا ... إلى) من أوَّله إلى آخره، وهو ثابتٌ في نسخة الدِّمْيَاطيِّ، و (ابن أبي حازم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، عبد العزيز بن أبي حَازم سلمةَ بنِ دينار.

قوله: (يَا [1] بْنَ أُخْتِي): تقول ذلك لعروة بن الزُّبَير بن العَوَّام؛ لأنَّه ابنُ أختها أسماءَ بنتِ أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما، وأسماءُ أختُ عائشةَ لأبيها فقط.

قوله: (ثَلَاثَةً): هو مَنْصُوبٌ مُنَوَّن في أصلنا، ونصبُه على أنَّه مفعولٌ مطلقٌ، والله أعلم، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (ثلاثةَ أَهِلَّةٍ) [2].

قوله: (فَمَا [3] كَانَ يُعِيْشُكُمْ؟): هو بضَمِّ أوَّله، وسكون الياء المُثَنَّاة تحت، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: وأعاشه الله سبحانه عيشةً راضيةً، ولا أعلمه بالتشديد، وهو معدًّى بالهمزة، لا بالتضعيف، إلَّا ما حكاه الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في أواخره مقتصرًا عليه.

قوله: (كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ): (المنائح): جمع (مَنيحةٍ)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (المِنحة)، و (المَنيحة) ما هي.

(1/11593)

[حديث: اللهم ارزق آل محمد قوتًا]

6460# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو ابن أبي شيبة فيما يظهر، ومستندي أنَّ الحافظ عَبْدَ الغَنيِّ في «الكمال» لم يذكر في الرواة عن مُحَمَّد بن فُضَيل

[ج 2 ص 680]

مَن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سواه، وكذا الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، وقد تَقَدَّمَ في (الجمعة) ما قاله بعض حُفَّاظ العَصْرِ من اطِّراد صنيع البُخاريِّ؛ أنَّه إذا قال: (حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد)؛ أنَّه الظاهر أنَّه المسنَديُّ، والله أعلم، و (مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، معروفٌ، ووالده فُضَيل بن غزوان بن جَرِير الضَّبِّيُّ مولاهم، و (عُمَارَة): هو بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو ابن القعقاع، و (أَبو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه هرم، وقيل غير ذلك.

قوله: (قُوتًا): تقدَّم، وأنَّه ما يَسدُّ [1] الرَّمَقَ.

(1/11594)

[باب القصد والمداومة على العمل]

قوله: (بَابُ الْقَصْدِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ): (القَصْد): الوسط بين الطَّرَفَين.

(1/11595)

[حديث: أي العمل كان أحب إلى النبي قالت الدائم]

6461# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدان لقبٌ له، و (أَشْعَث): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالثاء المُثَلَّثَة، وهو ابن سُليَم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، أبو الشعثاء، وأنَّ أشعبَ _بالمُوَحَّدة_ ذاك الطامعُ، وهو فردٌ.

قوله: (إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ): (الصارخ): هو الدِّيكُ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه يصيح نصفَ الليل.

فائدةٌ: ذكر شيخُنا العِرَاقيُّ في «سيرته»: أنَّه عليه السلام كان له ديكٌ أبيضُ، وعزا ذلك إلى المُحِبِّ.

==========

[ج 2 ص 681]

(1/11596)

[حديث: لن ينجي أحدًا منكم عمله]

6463# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): هو ابن أبي إياس العسقلانيُّ، (عَنِ [1] ابْن أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ مترجمًا، ووقع في أصلنا: (حدَّثنا ابن ذئب)، وهو غلطٌ، وقد سقط (أبي)، وغَفِل عنها المقابلُ والقارئُ، واعلم أنَّه إذا كان الساقط من الأصل يسيرًا يُعلَم أنَّه سقط في الكتابة وهو مَعْرُوفٌ؛ كهذا وكحرفٍ لا يَخْتَلِف المعنى به؛ فلا بأسَ بإلحاقه في الأصل من غير تنبيهٍ على سقوطه، وقد سأل أبو داود أحمدَ ابنَ حنبل، فقال: وجدت في كتابي (حجَّاج عن جريج عن أبي الزُّبَير)، يجوز لي أن أُصلِحه: (ابن جُرَيجٍ)؟ فقال: أرجو أن يكون هذا لا بأسَ به، وقيل لمالك: أرأيتَ حديث النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يُزاد فيه الواو والألف والمعنى واحدٌ؟ فقال: أرجو أن يكون خفيفًا، والمسألة معروفةٌ في علوم الحديث، والله أعلم، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبريُّ، وأنَّ (المقبريَّ) بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها.

قوله: (وَشَيْءٌ مِنْ الدُّلْجَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوائل هذا التعليق، وعلى معنى الحديث المذكورة فيه.

قوله: (وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا): معناه: عليكم بالقصد في الأمور في القول والفعل؛ وهو الوسط بين الطرفين، وهو مَنْصُوبٌ على الإغراء؛ أي: الزموا القصدَ، ويحتمل أن يكون نصبُه على المصدر، وكُرِّرَ للتأكيد.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[ج 2 ص 681]

(1/11597)

[حديث: سددوا وقاربوا واعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله الجنة]

6464# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن بلال، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمَ أبي سلمة عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّهُ [1] لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72] في (كتاب الإيمان).

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أنْ).

[ج 2 ص 681]

(1/11598)

[حديث: أي الأعمال أحب إلى الله؟]

6465# قوله: (اكْلَفُوا مِنْ الْأَعْمَالِ): (اكلَفوا): بهمزة وصلٍ _فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها_ وبفتح اللام، قال ابن قُرقُول: («اكلفوا من العمل ما تطيقون»: كلِفت بالشيء: أُولِعْتُ به، ثُلاثيٌّ مفتوح اللام في المضارع، مكسورُها في الماضي، ووقع عند بعض شيوخنا بألف القطع ولامٍ مكسورة، ولا يصحُّ عند أهل العربيَّة، انتهى، وما قاله ابن قُرقُول هو الذي رأيته في كتب اللغة التي وقفت عليها، وقال شيخُنا: (اكلَفوا)؛ بفتح اللام، وقال ابن التين: قرأناه بالضَّمِّ، وهو بالفتح في كتب اللغة، انتهى.

==========

[ج 2 ص 681]

(1/11599)

[حديث: يا أم المؤمنين كيف كان عمل النبي]

6466# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً): أي: دائمًا متَّصلًا، و (الدِّيمة)؛ بكسر الدال المُهْمَلَة: المطر الدائم في سكونٍ.

==========

[ج 2 ص 681]

(1/11600)

[حديث: سددوا وقاربوا وأبشروا فإنه لا يدخل أحدًا الجنة عمله]

6467# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ): هو بكسر الزاي، ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، ثُمَّ راء مكسورة أيضًا، ثُمَّ قاف، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، يقال: زبرقت الثوب؛ أي: صفَّرته، والزِّبْرِقَان: القمر، والزِّبْرِقَان أيضًا: خفيف العارضين، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عوف الزُّهْرِيُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، وهو أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (وَأَبْشِرُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَإِنَّهُ لَن يُدْخِلَ الْجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ): (عملُهُ): مَرْفُوعٌ فاعلُ (يُدخِل)، و (أحدًا): مَنْصُوبٌ مُنَوَّنٌ مفعولٌ.

قوله: (قَالَ: أَظُنُّهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ): قائل ذلك هو موسى بن عقبة، و (أبو النَّضْر)؛ بالضاد المُعْجَمَة: اسمه سالم بن أبي أُمَيَّة مولى عمر بن عبيد الله التيميِّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَقَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): أمَّا (عَفَّانُ)؛ فهو ابن مسلم، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، إلَّا أن الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (وُهَيب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد.

(1/11601)

[حديث: قد أريت الآن منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار]

6468# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، واسمُ والد فُلَيْحٍ سليمانُ.

قوله: (ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ): هو بكسر القاف، ويجوز فتحها، ويجوز [1] (رقأ)؛ بهمزة في آخره، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 681]

قوله: (قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ): (قِبَل): بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، مَنْصُوبٌ، ونصبه معروف.

قوله: (فِي قُبُلِ هَذَا الْجِدَارِ): (قُبُل): بضَمِّ القاف والمُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11602)

[باب الرجاء مع الخوف]

قوله: (بَابُ الرَّجَاءِ مَعَ الْخَوْفِ): (الرجاء): ممدودٌ، وهو ضدُّ الخوف، واعلم أنِّ الخوفَ والرجاءَ مقامان لا بدَّ للإيمان منهما، ثُمَّ اعلم أنَّ الشخص له حالتان: حالة صِحَّة، وحالة مرضٍ، ففي حالة الصِّحَّة فيها وجهان؛ أحدهما: أن يكون رجاؤه وخوفُه سواءً، قال النَّوَويُّ في «شرح المهذَّب»: وهو الأظهرُ، وجزم في «رياضه» بأنَّهما في حال الصِّحَّة يكونان على السواء، ولم يحكِ خلافًا، والثاني: أن يكون خوفُه أرجحَ، وصحَّحه القاضي حسينٌ، وللغزاليِّ في «الإحياء» في ذلك كلامٌ مطوَّلٌ فيه تفاصيلُ، فإن أردته؛ فانظره، وقد ذكرته في المُسَوَّدَة، وأمَّا في حالة المرض؛ فيكون رجاؤه أرجحَ، ويحتمل أن يُقال: إنَّه يتمحَّض الرجاء، وفي حفظي أنِّي رأيتُه منقولًا كذلك.

قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ: مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ: {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68]): (سفيان) هذا: هو [ ... ] [1].

==========

[1] في (أ) بياض.

[ج 2 ص 682]

(1/11603)

[حديث: إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة]

6469# قوله: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِئَةَ رَحْمَةٍ): إن قيل: كيف هذا؟ وذلك لأنَّ الرحمة صفةٌ لله عزَّ وجلَّ، وهي إمَّا صفةُ ذاتٍ أو صفةُ فعلٍ، فإن كانت صفةَ ذاتٍ؛ فقديمةٌ، وإن كانت صفةَ فعلٍ؛ فكذا عند الحنفيَّة؟ وجوابه: أنَّ عند الأشعريِّ صفةُ الفعل حادثةٌ، وأصلُ الرحمةِ النعمةُ، وبه فُسِّر قولُه تعالى: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف: 98]، وفي «الصحيح»: «جعل الله الرحمة في مئة جزء»، لا بلفظ (خلق)، والله أعلم.

(1/11604)

[باب الصبر عن محارم الله]

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ: وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ): (عمرُ): هو ابن الخَطَّاب، أبو حفصٍ، الخليفةُ الفاروقُ.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11605)

[حديث: ما يكن عندي من خير لا أدخره عنكم]

6470# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَعِيد): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ): هؤلاء الناس لا أعرفهم بأعيانهم.

قوله: (حَتَّى نَفِدَ): هو بكسر الفاء، وبالدال المُهْمَلَة؛ أي: فَرَغ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (يُعِفَّهُ اللهُ): تَقَدَّمَ أنَّ مثلَه الأفصحُ فيه الضمُّ، وهو الذي نصَّ عليه سيبويه، ويجوز فتحه، وهو الجاري على ألسنة الناس.

قوله: (تُعْطَوْا): هو بفتح الطاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11606)

[حديث: أفلا أكون عبدًا شكورًا.]

6471# قوله: (حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين المُهْمَلَة، وهو ابن كِدَام، تَقَدَّمَ، و (زِيَادُ بْنُ علَاقَةَ): بكسر العين وفتحها.

قوله: (قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَلَّثَة مفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة ساكنة، وهذا ظاهِرٌ، ولا يتصحَّف، غير أنِّي رأيت مَن يُقَدِّم المُثَنَّاة على المُثَلَّثَة، وهذا تصحيفٌ وخطأٌ.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11607)

[باب: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}]

(1/11608)

[حديث: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب]

6472# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا رَوْحُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة البقرة)، وفي غير ذلك، و (رَوح بن عبادة): بفتح الراء، وقال بعضهم: وبضمِّها، و (حُصَيْن بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): بضَمِّ الحاء، وفتح الصاد، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح.

قوله: (هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ): تَقَدَّمَ أنَّ في «مسلم»: «لا يرقون ولا يسترقون»، وتَقَدَّمَ من كلام أبي العَبَّاس ابن تيمية: أنَّ (يرقون) مقحمةٌ في الحديث، قال: ولهذا لم يذكرها البُخاريُّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11609)

[باب ما يكره من قيل وقال]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ قِيلَ وَقَالَ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وأنَّهما فعلان، ويُقال: مصدران، وما معناهما.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11610)

[حديث: لا إله إلا الله وحده لا شريك له]

6473# قوله: (أَخبرنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، حافظ بغدادَ.

قوله: (أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ؛ مِنْهُمْ: مُغِيرَةُ، وَفُلَانٌ [1]، وَرَجُلٌ ثَالِثٌ): (مغيرة) هذا: هو ابن مِقْسَم، والاثنان لا أعرفهما، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيلَ.

قوله: (أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ: اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على الرواية بالكتابة، سواء قرنها بالإجازة أو جرَّدها، وكلاهما صحيحٌ، مُطَوَّلًا.

قوله: (عَنْ قِيلَ وَقَالَ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّهما فعلان، ويُقال: مصدران، وقد قَدَّمْتُ الكلامَ في معناهما، وتَقَدَّمَ [2] الكلام على (كَثْرَةِ السُّؤَالِ)، وعلى (إِضَاعَةِ الْمَالِ)، وعلى (مَنْعٍ)، وَعلى (هَاتِ)، وعلى (عُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ)، وعلى (وَأْدِ الْبَنَاتِ).

قوله: (وَعَنْ هُشَيْمٍ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن عليِّ بن مسلم، عن هُشَيم، عن عبد الملك بن عمير به، وليس تعليقًا.

==========

[1] زيد في (أ): (وفلان)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[2] في (أ): (وعلى تَقَدَّمَ)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 682]

(1/11611)

[باب حفظ اللسان]

(1/11612)

[حديث: من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة]

6474# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه منسوب إلى جده مقدَّم؛ بفتح الدال المُهْمَلَة المُشَدَّدة، اسمُ مفعولٍ، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ): يعني: لسانه، وقيل: بطنه، و (اللّحي)؛ بفتح اللام وكسرها: عظم الأسنان الذي تنبت عليه اللحيةُ.

قوله: (وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ): يعني: فَرْجَهُ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنَا).

[ج 2 ص 682]

(1/11613)

[حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا]

6475# قوله: (عَنْ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الرَّحْمَن [بن] عوف الزُّهْرِيُّ، وأنَّ اسمَه عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ.

==========

[ج 2 ص 682]

(1/11614)

[حديث: الضيافة ثلاثة أيام جائزته]

6476# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (اللَّيْث): هو ابن سعد الإمام، و (سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبريُّ؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها وكسرها، و (أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه بالشين

[ج 2 ص 682]

المُعْجَمَة، والحاء المُهْمَلَة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَه خُوَيلد بن عمرو، وقيل: بالعكس، وقيل: كعب بن عمرو، وقيل: هانئ بن عمرو، وتَقَدَّمَ أنَّه حمل لواءَ قومه يومَ الفتح، وكان من العقلاء، وقد أنكر على عمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكَّة، وتَقَدَّمَ الكلام في ذلك.

قوله: («جَائِزَتُهُ»، قِيلَ: مَا جَائِزَتُهُ؟ قَالَ: «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ»): تَقَدَّمَ الكلام على (جائزته).

(1/11615)

[حديث: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالًا]

6478# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيْرٍ) [1]: هو بضَمِّ الميم، وكسر النون، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، تَقَدَّمَ، و (النَّضْر) بعده: بالضاد المُعْجَمَة، هو ابن شُمَيل الإمام، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ): هو بفتح أوَّله، وكسر الواو؛ أي: يسقط، وهو في أصلنا الآن مضبوطٌ ثلاثيًّا ورُبَاعيًّا، والرُّباعيُّ طارئٌ عليها، قال ابن قُرقُول لمَّا ذكر (هوى) بمعنى: سقط؛ قال: وزعم بعضُهم أنَّ صواب هذا الحرف: أهوى إلى الأرض، وكذا جاء في «البُخاريِّ» في (الوفاة)، ولم يَقُل شيئًا، إنَّما يُقال من السقوط: هَوَى، ومنه: «فهو يهوي في النار»، أي: ينزل ساقطًا، وقيل: أهوى: من قريب، وهَوَى: من بعيد، انتهى.

(1/11616)

[حديث: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها]

6477# قوله: (حَدَّثَنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): هو عبد العزيز بن أبي حَازم _بالحاء المُهْمَلَة_ سلمةَ بن دينار، تَقَدَّمَ، و (يَزِيد) بعده: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثيُّ، و (مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ): هو التيميُّ.

قوله: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ ... ) إلى آخره: قال ابن عَبْدِ البَرِّ: هي الكلمة عند السُّلطانِ الجائرِ، وقال ابن عبد السلام: هي الكلمة التي لا يُعرَف حسنُها من قُبْحِها، ويَحْرُم على الإنسان أن يتكلَّم بما لا يعرف حُسنَه مِن قُبْحِه.

قوله: (مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا): أي: ما يفكِّر أخيرٌ هي أم شرٌّ؟

==========

[ج 2 ص 683]

(1/11617)

[باب البكاء من خشية الله]

(1/11618)

[حديث: سبعة يظلهم الله رجل ذكر الله ففاضت عيناه]

6479# قوله: (حَدَّثَني [1] مُحَمَّدُ بن بَشَّار): تَقَدَّمَ أنَّ (بَشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيْد اللهِ) بعده: هو عُبيد الله بن عُمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة.

قوله: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ [2]): ذكر هذا الحديثَ مختصرًا، فلم يذكر مِن السبعة غير الباكي من خشية الله، وقد ذكرهم مجموعًا مَرَّاتٍ، وقد قال الإمامُ قاضي المسلمين تاجُ الدين أبو نصر ابن شيخ الإسلام تقيِّ الدين عليِّ بن عبد الكافي السُّبكي قال: أنشدونا للشيخ شهاب الدين أبي شامة:

…~…وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ المُصْطَفَى إِنَّ سَبْعَةً…يُظِلُّهُمُ اللهُ العَظِيمُ بِظِلِّهِ

…~…عَفِيفٌ مُحِبٌّ نَاشِئٌ مُتَصَدِّقٌ…وَبَاكٍ مُصَلٍّ وَالإِمَامُ بِعَدْلِهِ

وقد أنشدني بعضُهم بيتين يجمع أحدهما السبعةَ، وهما:

…~…إِمَامٌ مُحِبٌّ نَاشِئٌ مُتَصَدِّقٌ مُصَلٍّ…وَبَاكٍ خَائِفٌ سَطْوَةَ البَاسِ

…~…يُظِلُّهُمُ الرَّحْمَنُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ إِذَا…كَانَ يَوم الحَشْرِ لَا ظِلَّ لِلنَّاسِ

قوله: (يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ [3]): يعني: ظلَّ عرشه، كما جاء في الحديث الآخَرِ، وإضافته إضافةُ مُلكٍ، أو على حذف مضافٍ، أو يريد بذلك ظلًّا من الظِّلال، وكلُّها لله، وكلُّ ما أكنَّ؛ فهو ظلٌّ، وظلُّ كلِّ شيء: كِنُّه، وقد يكون (الظلُّ) بمعنى الكنف والستر، ويكون بمعنى: في خاصَّته ومَن يدني منزلته ويخصُّه بكرامته في الموقف، وقد قيل هذا في قوله: (السلطان ظلُّ الله في الأرض)؛ أي: خاصَّته، وقيل: ستره، وقيل: عزُّه، وقد يكون الراحة والنعيم؛ كما يُقال: عيشٌ ظليلٌ؛ أي: طيِّبٌ، ومنه: «في ظلِّ شجرة يسير في ظلِّها خمس مئة عامٍ»؛ أي: في ذراها وكنفها، أو راحتها ونعيمها، قاله ابن قُرقُول في «مطالعه»، وفي «النهاية» لابن الأثير: (سبعة في ظلِّ العرش)؛ أي: في ظلِّ رحمته، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنَا).

[2] (في ظِلِّه): ليست في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي ثابتة في رواية الحديث (660) و (6806).

(1/11619)

[3] (في ظِلِّه): ليست في «اليونينيَّة» و (ق)، وقد تقدَّم أنَّها ثابتةٌ في رواية الحديث (660) و (6806).

[ج 2 ص 683]

(1/11620)

[باب الخوف من الله]

(1/11621)

[حديث: كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله]

6480# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ أيضًا مرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (رِبْعِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الراء، وإسكان المُوَحَّدة، مشدَّد الياء؛ كالمنسوب إلى (الربيع)، وهو ابن حِرَاش، و (حُذَيْفَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن اليماني حُسَيلٍ، ويُقال: حِسْل، وتَقَدَّمَ أنَّ حُسَيلًا صَحَابيٌّ أيضًا.

قوله: (كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ): سيأتي أنَّه كان نبَّاشًا، قال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: جاء في وصف هذا أربعةُ أشياء؛ أحدها: أنَّه كان نبَّاشًا، وهذا في «البُخاريِّ»، والثاني: أنَّه كان من بني إسرائيل، وهذا في «البُخاريِّ» ما يرشد إليه، فإنَّه ذكره في بني إسرائيل، والثالث: أنَّه آخِرُ أهلِ النار خروجًا منها، والرابع: أنَّه كان يقول: أجرني من النار؛ مقتصرًا على ذلك، ثُمَّ ذكر للأَوَّلَينِ _أنَّه كان نبَّاشاً، ومن بني إسرائيل_ حديثًا من «الطَّبَرانيِّ»، قال: وأمَّا الثالث؛ ففي «صحيح أبي عوانة» في (باب صفة الساعة) ... ؛ فذكر الحديثَ، وفيه: (فيقول الله تعالى: انظروا من النار، هل مِن أحدٍ عَمِل خيرًا ... ) إلى أن قال: (ثُمَّ يخرجون من النار رجلًا آخَرَ، فيقول: هل عملتَ خيرًا قطُّ؟ فيقول: لا، غير أنِّي أمرت ولدي: إذا متُّ؛ فأحرِقوني)، قال: وأمَّا الرابع؛ ففي «الزهد» لابن المبارك عن عوف بن مالك الأشجعيِّ: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «قد علمتُ آخرَ أهلِ الجنَّة دخولًا؛ رجلٌ كان يسأل الله عزَّ وجلَّ في الدنيا أن يجيره من النار، ولا يقول: أدخلْنِي الجنَّةَ ... »؛ فذكر الحديث، ثُمَّ ذكر جوابًا عن اعتراضٍ قد يُعتَرَض به، ثُمَّ قال: وحيث ثبت هذا؛ فيكون هو الذي يُعرَض عليه صغار ذنوبه ويُشفِق من كبارها، ففي «مسلم» ... ؛ فذكره، قال: وينبغي أن يُعَدَّ هذا أمرًا خامسًا، ثُمَّ قال: وفي «تذكرة القرطبيِّ»: (آخِرُ مَن يدخل الجنَّة رجلٌ من جُهَينة يقال له: جهينة)، ذكره الميَانشيُّ، وقد قيل: إنَّ اسمَه هنَّاد، انتهى، وهذا قد قدَّمتُه في (الصلاة) في (السجود)، وهو آخرُ مَن يخرج من النار ويدخلُ الجنَّة، والله أعلم.

(1/11622)

قوله: (كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين: قيل: إنَّ هذا اسمُه جهينةُ؛ وذلك أنَّ في «صحيح أبي عوانة» عن أبي بكر: أنَّ هذا الرجل هو آخِرُ أهلِ النار خروجًا منها، وفي «الرواة عن مالكٍ» للخطيب من رواية ابن عمر: آخِرُ مَن يدخل الجنَّة رجلٌ من جُهينة، يقول أهل الجنَّة: عند جهينة الخبرُ اليقين، انتهى، وقال السُّهَيليُّ: إنَّ اسمَه هنَّاد، فلعلَّ أحدَهما اسمٌ، والآخرَ اللقبُ.

قوله: (فَذَرُّونِي): هو بضَمِّ الراء المُشَدَّدة، ومعناه معروفٌ.

قوله: (فِي يَوْمٍ صَائِفٍ): قال ابن قُرقُول: كذا للكافَّة ههنا في حديث ابن أبي شيبة؛ يعني: هذا الحديث، فإنَّه من رواية عثمان ابن أبي شيبة، قال: ورواه بعضهم: (في يوم عاصف)؛ وهو المعروف، انتهى، و (اليوم العاصف): اليوم الشديد الرِّيحِ، يقال: عصفت الريح وأعصفت.

قوله: (إِلَّا مَخَافَتُكَ): هو مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه استثناءٌ مفرَّغٌ.

==========

[ج 2 ص 683]

(1/11623)

[حديث: أي عبدي ما حملك على ما فعلت قال مخافتك]

6481# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طرخان، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (ذَكَرَ رَجُلًا فِيمَنْ كَانَ سَلَفَ قَبْلَكُمْ): هذا هو الرجل المذكور أعلاه، وقد علمت أنَّه كان نبَّاشًا، وكان من بني إسرائيل، والله أعلم.

قوله: (آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا؛ يَعْنِي: أَعْطَاهُ): (آتاه): بمدِّ الهمزة.

قوله: (فَلَمَّا حُضِرَ): هو بضَمِّ الحاء، وكسر الضاد المُعْجَمَة؛ أي: جاءَه الموتُ.

قوله: (أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ [1]؟): (أيَّ): مَنْصُوبٌ، ونصبُه معروفٌ على أنَّه خبرٌ مقدَّمٌ.

قوله: (لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا، فَسَّرَهَا قَتَادَةُ: لَمْ يَدَّخِرْ): (يَبْتَئِر): بمُثَنَّاة تحت مفتوحة؛ ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ همزة مكسورة، ثُمَّ راء،

[ج 2 ص 683]

قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: عند أبي زيد المروزيِّ بالزاي، قال القاضي: وعند الأصيليِّ داخلَ كتابه: (ينْتَبئر)؛ بنون وراء، وصحَّح عليه، وعند ابن السكن: «ينتئر» أو «يبتئر»، وهما بمعنًى، وُجِدَ بخطِّ القاضي رحمه الله بخطِّ يده في داخل الكتاب: (ينتئر)، وكُتِب عليه في مقابلته في الحاشية: كذا، عند أبي زيدٍ بالزاي قرأه، وداخل كتاب الأصيليِّ: (ينتئر) صحيحٌ، قلت: هذا كلُّه ممَّا نقلته من خطِّ القاضي أبي الفضل رحمه الله بخطِّه، ومن خطِّه أيضًا في الحاشية: وعند ابن السكن: (لم يأتبر) و (يبتئر)، وهما بمعنًى، وأنشد الأصيليُّ:

~…فَإِنْ لَمْ تَأْتَبِرْ رُؤَسَا قُرَيْشٍ…فَلَيْسَ لِسَائِرِ النَّاسِ ابْتِئَارُ

(1/11624)

وفي رواية: (يبتهر)، وفي رواية أخرى: (ما ابتأر)؛ بالهمز، هكذا في «مسلم»، وفسَّره: «لم يدَّخر»، وفي روايةٍ لمسلمٍ أيضًا: (ما امتأر)؛ بالميم، انتهى، وفي «النهاية»: (فلم يبتئر خيرًا) _على ما ضبطتُه في أوَّل الكلام_: أي: لم يقدِّم لنفسه خبيئةَ خيرٍ، ولم يدَّخر، تقول منه: بأَرْتُ الشيءَ وابتأَرْتُه أَبْأَرُه وأَبتئِرُه، انتهى، ولم يذكر غيرَه، انتهى، وتعقَّب المحبُّ الطَّبَريُّ رواية: (لم يبتهر)، فقال: الابتهار: ادِّعاء الشيء كذبًا، فإن كان صادقًا؛ فهو الابتئار، على قلب الهاءِ ياءً، ولعلَّه: (لم يبتئر)، فصُحِّف، وإن صحَّ النقل؛ فيكون وضع أحدهما موضِعَ الآخر، والله أعلم.

قوله: (فَأَحْرِقُونِي): هو بهمزة مفتوحة أوَّله، وكسر الراء، رُباعيٌّ.

قوله: (فَاسْحَقُونِي، أَوْ قَالَ: فَاسْهَكُونِي): أمَّا معناه بالحاء؛ فقال ابن قُرقُول: دُقُّوني إذا أحرقتموني؛ بدليل بقيَّة الحديث: (ليُذرَى رماده في الريح)؛ كما قال: (فإذا كان يوم ريحٍ عاصفٍ؛ فأذروني فيها) انتهى، وأمَّا بالهاء؛ فلم يذكر في معناها ابنُ قُرقُول ولا ابنُ الأثير شيئًا، وهي بمعنى: اسحقوني، يُقال: سهَكَه يسْهَكه سَهْكًا: لغةٌ في (سحقه)، قاله الجوهريُّ، انتهى، وهذا شكٌّ من الراوي هل قال هذا أو هذا.

قوله: (فَأَذْرُونِي فِيهَا [2]): هو بقطع الهمزة، قال ابن قُرقُول: (وذرُّوني)، وفي رواية: (أذروني)، وفي رواية: (أذروا نصفي): فرِّقوه في البحر مقابلَ الرِّيحِ لتنتشر أجزاءُ رمادِه ويتبدَّد، يُقال: ذريت الشيءَ وذروتُه ذَريًا وذَروًا، وأذريت أيضًا؛ رُباعيٌّ، وذرَّيتُ _ بالتشديد_؛ إذا بدَّدتَه وفرَّقتَه، وقيل: إذا طرحتَه مقابلَ الريح كذلك، مثله النَّسْفُ، وقال شيخُنا: (فذُرُّوني)؛ أي: فرِّقوني، وهو بضَمِّ الذال، ثلاثيٌّ متعدٍّ، قال الجوهريُّ وغيرُه: تقول: ذرَرْتُ الملحَ والدواءَ والحَبَّ أذروه ذرًّا: فرَّقتُه ... إلى أن قال: ويصحُّ فتح الذال من ذَرَّتِ الريحُ الشيءَ تذروه؛ أي: تفرِّقُه، ومنه قوله تعالى: {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف: 45]، وقال ابن التين: قرأناه بالفتح، ورَويناه بالضَّمِّ.

قوله: (أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ): (الفَرَق): بفتح الفاء والراء، وبالقاف؛ وهوالفَزَع.

قوله: (فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ): (تلافاه)؛ أي: تداركه، قال الجوهريُّ: وتلافيتُه: أدركتُه، ذكره في (المعتلِّ).

(1/11625)

قوله: (فَحَدَّثْتُ أَبَا عُثْمَانَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ): القائل: (فحدَّثت أبا عثمان): هو سليمان بن طرخان التيميُّ، والد المعتمر، وهو مذكورٌ في سند الحديث، و (أبو عثمان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدمت اللُّغَات في (مَلٍّ)، و (سلمان): هو الفارسيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا رضي الله عنه.

قوله: (فَاذْرُونِي): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، فمَن قاله ثلاثيًّا؛ كانت همزتُه همزةَ وصلٍ [3]، ومَن قاله رباعيًّا؛ كانت همزتُه همزةَ قطعٍ [4].

قوله: (وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (معاذ)؛ فهو ابن معاذ التميميُّ العنبريُّ الحافظ، قاضي البصرة، عن حميد والتيميِّ، وعنه: ابناه: عبيدُ الله ومثنَّى، وأحمدُ، وبُنْدَار، قال أحمد: إليه المنتهى في الثَّبْت بالبصرة، مات سنة (196 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، وهذا تعليقٌ مجزومٌ به، وإنَّما أتى بهذا التعليق؛ لأنَّ قتادةَ مُدَلِّسٌ، وقد عنعن في السند الأوَّل عن عقبة، وفي هذا صَرَّحَ بالتحديث، وكذا عقبةُ بن عبد الغافر صَرَّحَ بالتحديث من أبي سعيد في هذا، وفي الأوَّل عنعن، فأتى به؛ فإنَّ فيه التصريحَ من أبي سعيد، وإن كان عقبةُ ليس مُدَلِّسًا، لكن ليخرج من الخلاف في العنعنة، والله أعلم، وتعليق معاذ في «مسلم» في (التوبة) أخرجه عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه به.

(1/11626)

[باب الانتهاء عن المعاصي]

(1/11627)

[حديث: مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قومًا]

6482# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّه] بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، وهو بُرَيد بن عبد الله بن أبي بُردة، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه اسمه الحارث أو عامرٌ، القاضي، ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ.

قوله: (بِعَيْنَيَّ): هو تثنية (عين)، وكذا هو مشدَّد الياء في أصلنا.

قوله: (وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ): تَقَدَّمَ الكلام على (النذير العُريان)، وقال شيخُنا هنا: و (النذير العُريان): رجلٌ من خَثْعَم، حمل عليه رجلٌ يوم ذي الخَلَصَة _وهو عوف بن عامر_ فَقَطَّ يده ويدَ امرأته، فرجع إلى قومه، وزعم ابن الكلبيِّ أنَّ (النذير العُريان): هي امرأةُ رقبة بن عامر بن كعب، لمَّا خَشِيَ زوجُها ... إلى آخر كلامه، ويُقال: إنَّ أوَّل مَن فعله أبرهةُ الحبشيُّ، لمَّا أصابته الرميةُ بتهامة حين غزا البيت، وفي «المؤتلف والمختلف» لأبي بشر الآمديِّ: زنبر _بالنون_ ابن عمرو الخثعميُّ، الذي يقال له: النذير العُريان، هذا ملخَّصٌ مِن كلام شيخنا.

قوله: (الْعُرْيَانُ): هو بالعين المُهْمَلَة المضمومة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ بالمُثَنَّاة تحت، قال الخَطَّابيُّ: ورواه مُحَمَّد بن خالد بباء مُوَحَّدة، فإن كان محفوظًا؛ فمعناه: المُفْصِح بالإنذار، لا يُكَنِّي ولا يُورِي، يقال: رجلٌ عَرَبَان؛ أي: فصيحُ اللسان، و (العَرَبان) في رواية مُحَمَّد بن خالد: بفتح العين المُهْمَلَة والراء، وبالمُوَحَّدة.

قوله: (فَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ): قال ابن قُرقُول: (فالنجا النجا): مقصورٌ؛ يعني: التخلُّص، وكذلك النجاة، وقد يُمَدُّ فيُقال: نجاء، حكاها ابن ولَّاد، والأوَّل أشهر، وفي «الأفعال»: نجا من المكروه: خلص، وكلُّ شيء: أسرع، وهو عندي بمعنى: سبق وفات، انتهى، وفي «النهاية»: (فالنجاء النجاء)؛ أي: انجوا بأنفسكم، وهو مصدرٌ مَنْصُوبٌ بفعلٍ مُضمَرٍ؛ أي: انجوا النجاء، وتَكراره للتأكيد، وقد تَكرَّر في الحديث، و (النجاء): السرعة، يقال: نجا ينجُو نجاءً؛ إذا أسرع، ونجا من الأمر: إذا خلص، وأنجاه غيرُه، انتهى، وفي «الصحاح»: نجوتُ من كذا نجاء؛ ممدودٌ، ونجاةً؛ مقصورٌ، انتهى.

فالحاصل:

[ج 2 ص 684]

(1/11628)

أنَّه بالقصر والمدِّ، والجوهريُّ لم يذكر غير الممدود، وابن قُرقُول ذكره، غير أنَّه قال: إنَّ المقصورَ أشهرُ.

قوله: (فَأَدْلَجُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (أدْلَج) و (ادَّلج)، قال شيخُنا: ضبطه الدِّمْيَاطيُّ _يعني: هنا_ بتشديد الدال.

قوله: (فَاجْتَاحَهُمْ): أي: استأصلهم.

(1/11629)

[حديث: إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارًا]

6483# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (عَبْد الرَّحْمَنِ): هو ابن هرمز الأعرج، و (أَبو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (جَعَلَ الْفَرَاشُ): هو ما تطاير من الذُّباب والبَعُوض، ما يطير بالليل ويتساقط في النار، الواحد والجمع سواءٌ، قاله ابن دريد، وقال غيره: يقال للخفيف من الرجال وغيرِه: فَراشة، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (فَأَنَا آخِذٌ [1]): هو بمدِّ الهمزة، وكسر الخاء، اسم فاعلٍ من (أَخَذ).

قوله: (بِحُجَزِكُمْ): (الحُجَزُ): جمع (حُجزة)، تَقَدَّمَ الكلام عليها؛ وهي مَعْقِد الإزار والسراويل، قال شيخُنا هنا: والجيم يصحُّ سكونُها وفتحُها، قال ابن التين: وبالفتح قرأناه، انتهى، قال بعضهم: قيل: صوابه: (بحُجَزِهم)، انتهى، وهو كلامٌ صحيحٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (آخُذُ)، ويُنظَر هامشها.

[ج 2 ص 685]

(1/11630)

[حديث: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده]

6484# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: هو ابن أبي زائدة، و (عَامِر): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ.

==========

[ج 2 ص 685]

(1/11631)

[باب قول النبي: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرا]

(1/11632)

[حديث أبي هريرة: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا]

6485# قوله: (حَدَّثَنَا يحيى ابن بُكَيْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر؛ بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: ابن خالد، و (ابْن شِهَاب): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله ابن شهاب الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): بفتح الياء وكسرها، تَقَدَّمَ مِرارًا، وغيرُه لا يُقال إلَّا بالفتح.

==========

[ج 2 ص 685]

(1/11633)

[باب: حجبت النار بالشهوات]

قوله: (حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ): (حُجِبَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النارُ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مقام الفاعل، ومعناه: أنَّ الشهواتِ بين الشخص وبين النار، وكذا المكاره بين الشخص وبين الجنَّة، فإذا أخذ بالشهوات؛ دخل النار، والمراد: الشهوات المحرَّمة؛ كالخمر، والزنى، والنظرِ إلى الأجنبيَّة، والغيبةِ، واستعمالِ الملاهي، ونحوِ ذلك، وأمَّا الشهواتُ المباحةُ؛ فلا تدخل في هذا، لكن يُكرَه الإكثار منها؛ مخافةَ أن تجرَّ إلى المحرَّمة، وتُقَسِّيَ القلبَ، وتشغلَ عن الطاعاتِ.

وقال القرطبيُّ في «تذكرته» فيه شيئًا عن القاضي أبي بكر ابن العربيِّ المالكيِّ في قوله: «حُفَّتِ الجنَّة بالمكاره، وحُفَّتِ النار بالشهوات»؛ أي: جُعِلَت بحفافها [1]؛ أي: جوانبها، قال: وتوهَّم الناس أنَّها ضُرِبَ فيها المَثَلُ، فجعلها في جوانبها من خارج، ولو كان ذلك مَثَلًا؛ كان صحيحًا، وإنَّما هي من داخل، وهذه صورتها:

الدنيا المال الجاهُ…الصبر الألم الفقر المكاره العدوُّ

وعن هذا عبَّر ابنُ مسعود بقوله: (الجنَّة حُفَّت بالمكاره، والنَّار حُفَّت بالشهوات)، فمَن اطَّلع الحجابَ؛ فقد واقع ما وراءه، وكلُّ مَن تصوَّرها من خارج؛ فقد ضلَّ عن معنى الحديث، وعن حقيقة الحال.

[مطلبٌ في التوفيق بين حديث: «حُفَّتِ الجنَّةُ بالمكاره»، وحديث: «حُجِبَت الجنَّة بالمكاره»]

فإن قيل: فقد قيل: (حُجِبَت النار بالشهوات)؟ قلنا: المعنى واحدٌ؛ لأنَّ الأعمى عن التقوى الذي قد أَخَذَت سمعَه وبصَرَه الشهواتُ يراها ولا يرى النارَ التي هي فيها وإن كانت؛ باستيلاء الجهالة ورَين الغفلة على قلبه؛ كالطائر يرى الحبَّة من داخل الفخِّ وهي محجوبةٌ عنه؛ لغلبة شهوة الحبَّة، وتعلُّق بالِه بها، وجهلِه بما جُعِلَت فيه وحُجِبَت، انتهى.

==========

[1] في (أ): (بحفافتها)؛ بلا نقط، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 685]

(1/11634)

[حديث: حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره]

6487# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أَبو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّمَ (الْأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

قوله: (شِرَاك نَعْلِهِ): (الشِّراك): تَقَدَّمَ ما هو.

==========

[ج 2 ص 685]

(1/11635)

[باب: «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك»]

(1/11636)

[حديث: الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله]

6488# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان [1] الثَّوريُّ، وقد صَرَّحَ الحافظُ عَبْدُ الغَنيِّ والذَّهَبيُّ في «التذهيب» _والظاهر أنَّه في أصله_ بأنَّ موسى بن مسعود روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكرا ابنَ عُيَيْنَة في مشايخه، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (الْأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللَّهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

==========

[1] زيد في (أ): (هو)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[ج 2 ص 685]

(1/11637)

[حديث: أصدق بيت قاله الشاعر: ألا كل شيء ما خلا الله باطل]

6489# قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة ومضمومة، ثُمَّ راء، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ مَن لقَّبه بذلك، و (أَبُو سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّ اسمَه عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (قَالَهُ الشَّاعِرُ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ): هذا الشاعر جاء مسمًّى في بعض طرقه بـ (لبيد)، وهو لبيد بن ربيعة، صَحَابيٌّ مشهورٌ رضي الله عنه، تَقَدَّمَ مترجمًا.

(1/11638)

[باب: لينظر إلى من هو أسفل منه ولا ينظر إلى من هو فوقه]

قوله: (بَابٌ: لِيَنْظُرْ): هو بلام الأمر المكسورة، و (ينظرْ): مجزومٌ بالأمر.

قوله: (إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ): (أسفلَ): مَنْصُوبٌ على الظرف.

قوله: (وَلَا يَنْظُرْ): هو مجزومٌ على النهي.

==========

[ج 2 ص 685]

(1/11639)

[حديث: إذا نظر أحدكم إلى مَن فضل عليه في المال والخلق]

6490# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، و (أَبُو الزِّنَادِ): [تقدَّم] أعلاه أنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الْأَعْرَج): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ.

قوله: (فُضِّلَ عَلَيْهِ): (فُضِّل)؛ بضَمِّ الفاء، وكسر الضاد المُشَدَّدة المُعْجَمَة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (وَالْخَلْقِ): هو بفتح الخاء، وإسكان اللام.

==========

[ج 2 ص 685]

(1/11640)

[باب من هم بحسنة أو بسيئة]

قوله: (بَابُ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ سَيِّئَةٍ [1]): الحديثُ الذي ذكره مع التبويب يصحِّحان مقالةَ من قال: إنَّ الحَفَظَة تكتبُ ما يَهمُّ به العبدُ من حسنةٍ أو سيِّئةٍ، وتعلم اعتقادَه لذلك، وردَّ مقالةَ مَن زعم أنَّ الحَفَظَة إنَّما تكتب ما ظهر مِن عمل العبدِ وسُمِعَ، قاله الطحاويُّ، وقيل: إنَّ ذلك بريح تظهر لهما من القلب، قاله شيخُنا، انتهى.

تنبيهٌ: في «مسند أبي يعلى المَوْصِليِّ» من حديث عائشة رضي الله عنها حديثٌ قال في أثنائه: «إذا كان يومُ القيامة، وجمعَ اللهُ الخلائقَ لحسابهم، وجاءتِ الحَفَظَة بما حفظوا وكتبوا؛ قال الله لهم: انظروا هل بقيَ له مِن شيءٍ؟ فيقولون: ربَّنا؛ ما تركنا شيئًا ممَّا علمناه وحفظناه،

[ج 2 ص 685]

إلَّا وقد أحصيناه وكتبناه، فيقول الله تبارك وتعالى: إنَّ لك عندي خَبْئًا لا تعلمه، وأنا أجزيك به؛ وهو الذِّكْرُ الخَفِيُّ»؛ ففي هذا: أنَّ الحَفَظَة لا يكتبون إلَّا ما ظهر من الأعمال، والله أعلم.

وقد عزا شيخُنا في أوائل «شرح هذا الكتاب» إلى أبي يعلى: أنَّه عليه السلام قال: «يقول الله للحَفَظَة يوم القيامة: اكتبوا كذا وكذا من الأجر، فيقولون: ربَّنا؛ لم نحفظ ذلك عنه، ولا هو في صُحُفنا، فيقول: إنَّه نواه، إنَّه نواه»، ولم أرَ أنا هذا في «مسند أبي يعلى»، فهو أيضًا شاهدٌ للحديث الآخَرِ الذي ذكرتُه، ورأيتُ القرطبيَّ ذكر حديثًا صريحًا في أنَّ الحَفَظَة لا يكتبون إلَّا الظاهرَ من الأعمال، والله أعلم، ورأيت ابنَ الأثير ذكر في «النهاية» في (قرأ): وأنَّ معنى قوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]: أنَّ القراءة التي تجهر بها أو تسمعها نفسك يكتُبُها المَلَكان، وإذا قرأت بها في نفسك؛ لم يَكتباها، والله يحفظُها لك ولا ينساها؛ ليجازيَك عليها، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (بسيِّئة).

(1/11641)

[حديث: إن الله كتب الحسنات والسيئات]

6491# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه عبد الله بن عمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عِمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك.

قوله: (سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام في أنَّ الحسناتِ هل تنتهي إلى سبع مئة أو تزيد على ذلك؛ لهذا الحديث، في أوائل هذا التعليق، وذكرت فيه حديثًا عن أبي هريرة: «إنَّ الله يجازي بالحسنة الواحدة ألفَي ألفِ حسنةٍ»، والله أعلم، وعزوتُ الحديثَ الذي فيه (ألفا ألفِ حسنةٍ)، وتكلَّمتُ عليه؛ فانظره.

تنبيهٌ: روى هذا الحديثَ مسلمٌ أيضًا وغيرُه، وفي طرقه عنده في آخره: «ولا يهلك على الله إلَّا هالكٌ»، وقد سُئِلتُ عن معناه، معناه _كما قاله القاضي عياض_: مَن حُتِم هلاكُه، وسُدَّت عليه أبوابُ الهدى مع سعة رحمة الله تعالى به وكرمه، وجَعْلِه السيِّئةَ حسنةً إذا لم يعملها، وإذا عملها؛ واحدةً، والحسنة إذا لم يعملها؛ واحدةً، وإذا عملها؛ عشرًا إلى سبع مئة ضعف إلى أضعافٍ كثيرةٍ، فمن حُرِم هذه السَّعَةَ، وفَاته هذا الفضلُ، وكثرت سيِّئاته حتَّى غلبت _مع أنَّها أفرادٌ_ حسناتِه مع أنَّها مضاعفةٌ؛ فهو الهالِك المحروم، والله أعلم، انتهى.

تنبيهٌ ثانٍ: سئلت: أكلُّ الحسناتِ تتضاعف؟ فظهر لي من الأحاديث: أنَّ الحسنة المبدلَةَ من السيِّئة لا تتضاعف، بخلاف الحسنة الأصليَّة، والله أعلم، وقد ذكرته مُطَوَّلًا في أوائل هذا التعليق في (كتاب الإيمان).

(1/11642)

[باب ما يتقى من محقرات الذنوب]

(1/11643)

[حديث: إنكم لتعملون أعمالًا هي أدق في أعينكم من الشعر]

6492# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (مَهْدِيٌّ) بعده: هو ابن ميمون المَعْوليُّ، عن أبي رجاء وابن سيرين، وعنه: يحيى، وابن مهديٍّ، ومسدَّد، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (172 هـ)، أخرج له الجماعة، و (غَيْلَان) بعده: هو ابن جَرِير المَعْوليُّ الأزديُّ البصريُّ.

قوله: (الْمُوبِقَاتِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: يَعْنِي [1]: الْمُهْلِكَاتِ).

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (بذلك)، وهي ساقطة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 686]

(1/11644)

[باب: الأعمال بالخواتيم وما يخاف منها]

قوله: (بَابٌ: الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ): سيأتي في آخر هذا الكتاب؛ (كتابِ الرقائق): (باب العمل بالخواتيم)، وأذكرُ هناك أعمالًا هي بخواتمها.

قوله: (وَمَا يُخَافُ مِنْهَا): (يُخاف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 686]

(1/11645)

[حديث: إن العبد ليعمل فيما يرى الناس عمل أهل الجنة]

6493# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (أَبُو غَسَّانَ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مُطرِّف، وأنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمَه سلمةُ بن دينار.

قوله: (نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ ... ) إلى آخره: هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّه قُزْمَان، وأنَّه منافقٌ، وأنَّ كنيتَه أبو الغَيداق، وأنَّه أَتِيٌّ؛ أي: غريبٌ، وتَقَدَّمَ في أيِّ الغزوات كان ذلك، وقد ذكره البُخاريُّ في (خيبر)، وكذا هو في «مسلم»، وقد اختلف رواة «مسلم»؛ هل هو خيبر أو حنين؟ والأصحُّ عندهم: خيبر، وذكرت الخلاف في تلك الغزوة، وأنَّ الذي يظهر _وجاء به حديثٌ_: أنَّه في أُحُد، وكذا ذكروه في المغازي، والله أعلم.

قوله: (وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْنَّاسِ [1] غَنَاءً عَنْهُمْ): (الغَنَاء): بفتح الغين المُعْجَمَة، ممدودٌ، وكذا في أصلنا، وهي الكفاية، و (الغِنى)؛ بكسر الغين، والقصر: ضدُّ الفَقر، وكذا ضبطه شيخُنا وفسَّرَه.

قوله: (فَتَبِعَهُ رَجُلٌ): (الرَّجل الذي تبع قُزْمان): قال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: يحتمل أنَّه أكثم بن الجون، أو ابن أبي الجون؛ فليُحَرَّر، انتهى.

قوله: (حَتَّى جُرِحَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَقَالَ بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ): تَقَدَّمَ ما (ذُبَابة السيف)، وتَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين الروايتين الأُخْرَيَين؛ إحداهما في «صحيح البُخاريِّ»: (فانتزع سهمًا من كنانةٍ، فانتحر بها)، ورواية ابن إسحاق: (فقطع رواهشَ يده)، في (غزوة خيبر).

قوله: (فِيمَا يَرَى النَّاسُ)، وكذا الثانية: (يَرَى النَّاسُ): كلاهما بفتح الياء، من رؤية العين.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وكان من أعظم المسلمين).

[ج 2 ص 686]

(1/11646)

[باب: العزلة راحة من خلاط السوء]

قوله: (الْعُزْلَةُ رَاحَةٌ مِنْ خُلَّاطِ السُّوءِ): (خُلَّاط): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وتشديد اللام، وفي آخره طاء مهملة، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا، و (خُلَّاط): لم أجدها، والذي قاله الجوهريُّ: والخليطُ المخالِط؛ كالنديمِ المنادِمِ، والجليسِ المُجَالِسِ، وهو واحدٌ وجمعٌ، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وقد يُجمَع على خُلطاء وخُلُط، ثُمَّ أنشد بيتًا، و (السَّوء) في أصلنا: بفتح السين بالقلم، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ بضمِّها، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (السَّوء) و (السُّوء) في (سورة الفتح) في (التفسير)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 686]

(1/11647)

[حديث: رجل جاهد بنفسه وماله ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه]

6494# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، محدِّث قَيساريَة، وقد قَدَّمْتُ الفرقَ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ البُخاريِّ، وذكرتُ الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، والله أعلم، و (الْأَوْزَاعِيُّ): أبو عمرو عبدُ الرَّحْمَن بن عمرو، وتَقَدَّمَ الكلام على (الأوزاع) ما هي، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته؛ ومنها: أنَّه أفتى في سبعين ألفَ مسألةٍ رحمة الله عليه، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عمرو عبد الرَّحْمَن بن عمرو، مات سنة «157 هـ») انتهى، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟): هذا الأعرابيُّ لا أعرفه.

قوله: (فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ): (الشِّعب): بكسر الشين، تَقَدَّمَ ما هو.

قوله: (تَابَعَهُ النُّعْمَانُ وَالزُّبَيْدِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ [2] عَنْ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على الأوزاعيِّ، و (النعمان): هو ابن راشد،

[ج 2 ص 686]

(1/11648)

ترجمته معروفةٌ، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له مسلمٌ والأربعة، له ترجمة في «الميزان»، وكذا قال الدِّمْيَاطيُّ، ولفظه: (وأمَّا النعمان؛ فهو ابن راشد الجزريُّ، ضعَّفه ابن المَدينيِّ، وقال البُخاريُّ: كثير الوَهَم)، انتهى، ومتابعةُ النعمان _هو ابن راشد_ لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا رحمه الله، و (الزُّبَيديُّ): بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (مُحَمَّد بن الوليد الشاميُّ، اتَّفقا عليه، مات سنة ثمان وأربعين ومئة)، انتهى، ومتابعة الزُّبَيديِّ أخرجها مسلمٌ في (الجهاد) عن منصور بن أبي مزاحم، عن يحيى بن حمزة، عن الزُّبَيدي به، و (سليمان بن كَثِير): هو بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، ترجمته معروفة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، ومتابعة سليمان أخرجها أبو داود في (الجهاد) عن أبي الوليد الطيالسيِّ عن سليمان بن كَثِير به.

قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ): (مَعْمَر): بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وهو ابن راشد، وتعليق مَعْمَر أخرجه مسلم في (الجهاد) عن عَبْد بن حُمَيدٍ، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ به، قال المِزِّيُّ: قال أبو مسعود: روى الناس عن عبد الرَّزَّاق، فقالوا فيه: قال عبد الرَّزَّاق: كان مَعْمَرٌ يقول مرَّةً: عن عبيد الله عن أبي سعيد، ومرَّةً: عن عطاء عن أبي سعيد، ثُمَّ حدَّث به مرَّةً عن عطاءٍ بغير شكٍّ، انتهى.

قوله: (عَنْ عَطَاءٍ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عبيد الله): مجرورٌ معطوفٌ على (عطاءٍ)، و (عطاءٌ): هو ابن يزيد الليثيُّ، و (عبيد الله): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذَليُّ، وقد شكَّ الزُّهْرِيُّ في أيِّهما روى عنه ذلك؛ عطاء أو عبيد الله؟ وكلاهما ثقةٌ، وإذا كانا ثِقَتَين؛ لم يضرَّ الشكُّ؛ لأنَّهما عدلان، إنَّما كان يضرُّ إنْ لو كان أحدُهما غيرَ ثقة، والله أعلم.

(1/11649)

قوله: (وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ مُسَافِرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ): أمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن مسافر): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافر)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، و (يحيى بن سعيد): هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، وما قاله يونسُ وابن مسافر ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب لم أرَ شيئًا منها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا رحمه الله تعالى، و (ابن شهاب): تَقَدَّمَ أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَطَاء): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن يزيد الليثيُّ.

وقوله: (عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو أبو سعيد الخُدْريُّ، ولو لم يُعرَف أنَّه أبو سعيد؛ كان ذلك لا يضرُّ؛ لأنَّ الجهلَ بعين الصَّحَابيِّ لا يضرُّ؛ لأنَّ الصَّحَابةَ كلّهم عدولٌ على الصحيح من أقوال تَقَدَّمَت، وإنَّما يضرُّ الجهلُ بعين غيرهم، والله أعلم، والمِزِّيُّ ذكر هذا الحديثَ في ترجمة عطاء بن يزيد عن بعض أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثُمَّ قال في ترجمته: عن أبي سعيد الخُدْريِّ، انتهى، فهو عنده أبو سعيد.

(1/11650)

[حديث: يأتي على الناس زمان خير مال الرجل المسلم الغنم]

6495# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (الْمَاجِشُونُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الجيم، وشين معجمة مضمومة، وتَقَدَّمَ معناه، قال الدِّمْيَاطيُّ: (الماجِشُونُ: عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة دينارٍ، مات سنة أربع وستِّين ومئة على الأصَحِّ)، انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في تطريف هذا الحديث: عن أبي نُعَيم، عن عبد العزيز ابن أبي سلمة، عن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، عن أبيه به؛ يعني: عن أبي سعيد، انتهى، وقول الدِّمْيَاطيِّ في وفاته مثلُ قولِ جماعةٍ، وقيل في وفاته غيرُ ذلك، و (عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن أَبِي صَعْصَعَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن الحارث بن أبي صعصعة عمرِو بن زيدٍ الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ، أخو مُحَمَّد بن عبد الله، انفرد البُخاريُّ بهما وبأبيهما، انتهى؛ يعني: عن مسلمٍ، وهي عادته، و (أَبو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (شَعَفَ الْجِبَالِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، واختلافُ الرواة فيه، في أوَّل هذا التعليق في (كتاب الإيمان).

(1/11651)

[باب رفع الأمانة]

(1/11652)

[حديث: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة]

6496# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (فُلَيحًا) بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

قوله: (إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ): (ضُيِّعَت)؛ بضَمِّ الضاد المُعْجَمَة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الأمانةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر النون، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، كذا هو في أصلنا في الهامش، وعليه (صح)، وفي نفس الأصل: (أُسِّدَ)؛ بضَمِّ الهمزة، وكسر السين المُشَدَّدة وبالدال المُهْمَلَتين، وعلى هذه علامة نسخةِ الدِّمْيَاطيِّ، قال ابن قُرقُول: قوله: (وسِّد الأمر): كذا لكافَّة [1] الرواة؛ أي: أُسنِد وجُعِل إليهم وقُلِّدوه؛ يعني: الإمارة، وعند القابسيِّ: (أُسِّد)، وقال: الذي أحفظ: (وُسِّد)، قال: وفيه عنده إشكالٌ بين (وُسِّدَ) أو (أُسِّد)، قال: وهما بمعنًى، قال القاضي: هو كما قال، وقد قالوا: وِساد وإساد، واشتقاقهما واحدٌ، والواو هنا بعد الألف، ولعلَّها صورة الهمزة، انتهى، وقال ابن الأثير في «نهايته»: (إذا وُسِّد)؛ أي: أُسنِد وجُعِل في غير أهله؛ يعني: إذا سُوِّد وشُرِّف غيرُ المستحقِّ للسيادة والشَّرَف، وقيل: هي الوسادة،؛ إذا وُضِعَت وسادةُ المِلْك والأمرِ والنهيِ لغير مَن يستحقُّها، وتكون (إلى) بمعنى اللام، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (الإيمان) في أوَّل هذا التعليق.

(1/11653)

[حديث: أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال]

6497# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني حُسَيلٍ، ويُقال: حِسْل، صَحَابيٌّ أيضًا، رضي الله عنهما، تقدَّما.

قوله: (فِي جَذْرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم وكسرها، وإسكان الذال المُعْجَمَة والمُهْمَلَة، وبالراء: الأصلُ.

قوله: (فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ): (تُقبَض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الأمانةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، [تقدَّم]، وكذا تَقَدَّمَ (فَيَظَلُّ أَثَرُهَا)، وكذا (الْوَكْتِ)، وأنَّه بفتح الواو، وإسكان الكاف، وبالمُثَنَّاة فوق، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (الوَكْتة: الأثر في الشيء كالنقطة من غير لونه، والجمع: وَكْتٌ)، انتهى.

تنبيهٌ: لا أعلم خلافًا في أنَّه بالمُثَنَّاة فوق، ووقع في «شرح شيخِنا» هنا: أنَّه بالمُثَلَّثَة، وهو تصحيفٌ فيما أعلم، والله أعلم؛ فاحذره، ولعلَّه من الناسخ.

وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الْمَجْلِ)، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (مَجِلَت يدُه؛ إذا ثَخُنَ جِلدها وتعجَّر وظهرَ فيه ما يُشبِه البثر من العمل)، انتهى، وكذا تَقَدَّمَ (فَنَفِطَ)، وأنَّه بكسر الفاء، وكذا تَقَدَّمَ (مُنْتَبِرًا)؛ أي: مرتفعًا، وضبطُه.

قوله: (مَا أَعْقَلَهُ!): مَنْصُوبٌ على التعجُّب، وكذا (مَا أَظْرَفَهُ!)، وكذا (مَا أَجْلَدَهُ!)؛ أي: أقواه.

قوله: (وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ ... ) إلى آخره: هو من قول حذيفةَ، وهذا ظاهِرٌ، وفي «التِّرْمِذيِّ»: (قال: ولقد)، وكذا قال النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، ولفظه: (وأمَّا قول حذيفة: «ولقد أتى عليَّ زمانٌ» ... )، والله أعلم.

قوله: (أَيَّكُمْ): هو مَنْصُوبٌ مفعولٌ.

قوله: (رَدَّهُ عَلَيَّ [1] الْإِسْلَامُ): (عليَّ): جارٌّ ومجرورٌ، و (الإسلامُ): مَرْفُوعٌ فاعلُ (ردَّ)، وهذا ظاهِرٌ، وكذا (رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ).

(1/11654)

قوله: (سَاعِيهِ): قال في «المطالع»: قيل: واليه، وقيل: رئيسه، كلُّ مَن وَلِيَ على قومٍ؛ فهو ساعٍ لهم، وأكثر ما يستعمل في وُلَاة الصدقات، انتهى، وكذا قال في «النهاية»، ولفظه: يعني: رئيسهم الذي يَصدُرُون عن رأيه، ولا يُمضُون أمرًا دونه، وقيل: أراد الوليَّ عليه؛ أي: يُنْصِفُه منه، وكلُّ مَن وَلِيَ أمرَ قومٍ؛ فهو ساعٍ عليهم.

قوله: (فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا): أي: أفرادًا أعرِفُهم وأثقُ بهم، قال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: قال صاحب «التحرير» والقاضي رحمهما الله: وحمل بعض العلماء المبايعةَ هنا على بيعة الخلافة وغيرِها من المعاقدة والتحالف في أمور الدين، قالا: وهذا خطأ مِن قائله، تبطله مواضعُ؛ منها: قوله [2] كذا ... ؛ فذكراها.

(1/11655)

[حديث: إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلةً]

6498# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارً أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِئَةِ، لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً): يريد عليه السلام: أنَّ الناسَ كثيرٌ، والمرضيَّ منهم قليلٌ، وهذا إنَّما يكون في القرون المذمومة في آخِرِ الزمان، ولذلك ذكره البُخاريُّ هنا، ولم يُرِدْ عليه السلام زمنَ أصحابه وتابعيهم؛ لأنَّه شهد لهم بالفضل، وقيل: يحتمل كلَّ الناس، فلا يكون المؤمنُ إلَّا في مئةٍ وأكثر، وقيل: إنَّ الناس في أحكام الدين سواءٌ، لا فضلَ لشريفٍ على غيره، وقيل في معناه غيرُ ذلك، والله أعلم، وعن الأزهريِّ: الزاهدُ في الدنيا قليلٌ؛ كقلَّة الراحلة في الإبل، والراحلة: الناقة المختارة، والهاء للمبالغة، والإبل هي المئة، قاله بعضُهم، قال: فإنَّ العرب تقول لمن له مئةٌ من الإبل: لفلانٍ إِبِلٌ، ومَن له مئتان: لفِلانٍ إبلان، فـ (المئة) توكيدٌ، انتهى، وفي «الصحاح»: الإبل: لا واحدَ لها من لفظها، وهي مؤنَّثة ... إلى أن قال: فإذا قالوا: إبلان، وغنمان، فإنَّما يريد: قطعتين من الإبل، انتهى، وقال أيضًا بعضهم عن ابن مالك ما لفظه: قال الراغب: إنَّ الإبل في عرفهم اسمٌ لمئةِ بعيرٍ، فمئة بعيرٍ هي عشرة آلاف، انتهى، فتقديره: الناس كالمئة المئة، فهذه عشرة آلافٍ.

==========

[ج 2 ص 687]

(1/11656)

[باب الرياء والسمعة]

[ج 2 ص 687]

قوله: (بَابُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ): (الرياء)؛ بالمدِّ معروف، أتقنه بعض الناس إتقانًا عظيمًا، والفرق بين الرياء والسمعة: أنَّ العمل لغير الله عزَّ وجلَّ رياءٌ، وأمَّا السُّمعة؛ فهي أن يعمل عملًا فيما بينه وبين الله تعالى، ثُمَّ يحدِّث به الناسَ، فإن كان ذلك لأجل أن يُقتَدى به أو يُنتَفَع به؛ ككتابة علم؛ فهذا لا يكون تسميعًا محرَّمًا، ولذلك استُحِبَّ للعالم أن يعبد الله تعالى جهرًا؛ ليُقتَدَى به، قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّما فعلت هذا لتأتمُّوا بي، ولتعلموا صلاتي»، وإن كان قصدُه بإفشاء [1] عمله التحدُّثَ بنعمة ربِّه؛ لم يكن هذا محرَّمًا، نصَّ عليه بعضهم، وإن كان قصدُه بإفشاء عمله التودُّدَ إلى الناس والتقرُّبَ إليهم؛ حَبِطَ عملُه، قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «من سمَّع؛ سمَّع الله به، ومن راءى؛ راءى اللهُ به»، وهذا الفرقُ بين الرياء والسُّمعة ذكره الشيخُ عزُّ الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى.

(1/11657)

[حديث: من سمَّع سمَّع الله به]

6499# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ، و (سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ): بفتح اللام، و (كُهَيل): بضَمِّ الكاف، وفتح الهاء.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، ويأتي في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (سَلَمَة): هو ابن كُهَيل المذكورُ قبله، و (جُنْدب): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الدال وفتحها، وهو ابن عبد الله بن سفيان البَجَليُّ ثُمَّ العَلَقيُّ، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

قوله: (عَنْ سَلَمَةَ): هو ابن كُهَيل: ( ... وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُ): صريحُ هذا أنَّه لم يسمع أحدًا يحدِّثُ عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الصَّحَابة سواه، وهذا مؤوَّل بأنَّه لم يسمع هذا الحديثَ من غيرِه من الصَّحَابة؛ وذلك لأنَّ سلَمة هذا رأى ابنَ عمر وزيدَ بنَ أرقم، ولكن روى عن جُندب بن عبد الله هذا، وعن أبي جُحَيْفَة، وعبدِ الله بن أبي أوفى، وأبي الطُّفيل عامرِ بن واثلة، وسويدِ بن غفلة _والصحيح: أنَّ هذا تابعيٌّ، وقيل: رأى وصحب_، وعلقمةَ بنِ قيس، والصحيح: أنَّه تابعيٌّ، وقد روى في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» و «ابنِ ماجه» عن جُندب، وروايته عن ابن أبي أوفى وقعت في «النَّسائيِّ» في «اليوم والليلة» وفي «ابن ماجه»، ولم يروِ أيضًا في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة عن أبي الطُّفيل، وكذا لم يروِ في الكُتُب السِّتَّة ولا في شيءٍ منها عن أبي جُحَيْفَة، وسلَمَة متقنٌ، قال أحمد العِجْليُّ: ثَبْتٌ ثقةٌ، فيه تشيُّعٌ قليلٌ، انتهى، وقد وَثَّقَهُ غيره، وُلِد سلَمةُ _كما قاله ابنه يحيى_ سنة (47 هـ)، ومات يوم عاشوراء سنة (121 هـ)، وكذلك قال غيرُ واحدٍ في وفاته، وغلط مَن قال: سنة اثنتين، أو سنة ثلاثٍ، أخرج له الجماعة.

(1/11658)

قوله: (مَنْ سَمَّعَ؛ سَمَّعَ اللهُ بِهِ): أي: من عَمِل عملًا مراءاة للناس يشتهر بذلك ويعظِّم شهرةَ الناس؛ شَهَره اللهُ يوم القيامة، وقيل: معناه: من أذاع على مسلم عيبًا وسمَّعه عليه؛ أظهر اللهُ عيوبَه، وقيل: (سمَّع الله به): أسمعه المكروهَ، قال ذلك ابن قُرقُول في «مطالعه»، وقيل في «النهاية»: (سمَّع الله به سامعَ خَلْقِه)، وفي رواية: (أسامعَ خلقه)، ويُقال: سمَّعتُ بالرجل تسميعًا وتسمعةً؛ إذا شهرتَه وندَّدتَ به، وسامع: اسم فاعل من سَمِع، وأسامع: جمع «أسمُعَ»، وأسمُعُ: جمع قلَّة لـ «سَمع»، وسمَّع فلانٌ؛ إذا أظهرَه ليُسمَع، فمَن رواه: (سامعُ خلقه)؛ بالرفعِ؛ جَعَله من صفةِ الله تعالى، أي: سمَّع اللّهُ سامِعُ خلقه به الناسَ، ومن رواه: (أسامِعَ)؛ أراد أنَّ الله يُسمِع به أسماعَ خَلْقه يومَ القيامة، وقيل: أرادَ: مَن سمَّع الناس بعَمَله؛ سمَّعه اللهُ وأرَاه ثوابَه من غير أن يُعْطِيَه، وقيل: [مَن] أراد بعمله الناسَ؛ أسمعَهُ اللهُ الناسَ، وكان ذلك ثوابَه، وقيل: أراد أن يفعل فعلًا صالحًا في السِّرِّ، ثُمَّ يُظهره ليَسمعه الناسُ، ويُحمَد عليه، فإنَّ الله يُسَمِّع به، ويُظْهِر إلى الناس غرضَه، وأنَّ عملَه لم يكن خالصًا، وقيل: يريد: مَن نسبَ إلى نفسه عملًا صالحًا لم يفعلْه، وادَّعى خيرًا لم يصنعه، فإنَّ الله يفضَحُه ويُظْهِرُ كَذِبَه، انتهى، وقد قَدَّمْتُ الفرقَ بين الرياءِ والسُّمعة قريبًا أعلاه.

قوله: (وَمَنْ يُرَائِي؛ يُرَائِي اللَّهُ بِهِ): أي: مَن تزيَّن للناس بما ليس فيه من عملٍ صالحٍ؛ ليَعْظُم في نفوسهم؛ أظهرَ الله في الآخرة سريرتَه على رؤوس الخلائق، قاله في «المطالع»، وقد قَدَّمْتُ الفرق بين الرياء والسُّمعة قريبًا أعلاه.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[ج 2 ص 688]

(1/11659)

[باب من جاهد نفسه في طاعة الله]

(1/11660)

[حديث: حق العباد على الله أن لا يعذبهم]

6500# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): هو بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، ويُقال فيه: هَدَّاب، و (هَمَّامٌ) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يحيى العَوْذِيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (بَيْنَمَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ ابنَ منده جمع أرداف النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في جزء فبلغ بهم نيِّفًا وثلاثين شخصًا، وقد ذكرتُ أنا في أوَّل هذا التعليق مَن وقفت عليه منهم، والله أعلم.

قوله: (إِلَّا آخِرَةُ الرَّحْلِ): هو بهمزة ممدودة، عودٌ في مؤخِّره، وأوضح من هذه العبارةِ عبارةُ ابن الأثير: هي بالمدِّ: الخشبةُ التي يَسْتَنِدُ إليها الرَّاكبُ من كور البعير، وكذا في «صحاح الجوهريِّ».

قوله: (لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (لبَّيك) في (الحجِّ) وقريبًا أيضًا، و (سعديك): تَقَدَّمَ أيضًا في (الأدب).

قوله: (يَا مُعَاذ بْنَ جَبَلٍ): (معاذ) في الموضعين: بضَمِّ الذال وفتحها، وفي (ابن) الفتح، ويُضَمُّ أيضًا، وقد قَدَّمْتُ ذلك، والثاني في (ابن) ذكره ابن مالك في «التسهيل»، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه مُطَوَّلًا في أوائل هذا التعليق.

قوله: (هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟): (حقُّ العباد): معناه: حقُّهم الذي وعدهم به مَن صفةُ وعدِه أن يكون واجبَ الإنجاز، فهو حقٌّ بوعده الحقِّ، لا أنَّهم يستحقُّون ذلك عقلًا، قاله في «المطالع»، وهو ظاهِرٌ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 688]

(1/11661)

[باب التواضع]

(بَابُ التَّوَاضُعِ) ... إلى (كِتَاب القَدَرِ)

(التَّوَاضُع): التذلُّل.

(1/11662)

[حديث: إن حقًا على الله أن لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه]

6501# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زُهير بن معاوية الجعفيُّ، أبو خيثمة الكوفيُّ، تَقَدَّمَ، و (حُمَيْدٌ) هذا: هو الطويل، ابن تير، ويُقال: تيرويه، تَقَدَّمَ.

قوله: (كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةٌ): سيأتي في الطريق الثاني: (تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (القصواء) و (العضباء) و (الجدعاء)؛ هل هنَّ ثلاثٌ، أو اثنتان، أو واحدة وُصِفَت بثلاثِ صفاتٍ، والله أعلم.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكر ذلك أيضًا في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

[ج 2 ص 688]

قوله: (وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ وَأَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ): قال الحافظ أبو مُحَمَّد الدِّمْيَاطيُّ: (هو مُحَمَّد بن سلَام، والفَزَاريُّ: هو مروان بن معاوية، وأبو خالد: سليمان بن حيَّان الكوفيُّ)، انتهى، وكذا قال أبو عليٍّ الغَسَّانيُّ: إنَّه مُحَمَّد بن سلَام، في «تقييده»، وها أنا أذكرُ لك كلام الجَيَّانيِّ: قال البُخاريُّ في (كتاب الحجِّ)، و (تفسير المائدة)، وغيرِ ذلك: (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا مروان الفزاريُّ): نسبه ابن السكن وأبو نصر: مُحَمَّد بن سلَام، وحدَّث البُخاريُّ في غير موضع من «الجامع»: عن مُحَمَّد بن سلَام منسوبًا عن مروان، انتهى، ومقتضى كلام المِزِّيِّ في «أطرافه» أنَّه جاء كذلك منسوبًا؛ لأنَّه لو كان من توضيحه أو توضيح أحدٍ؛ لقال: عن مُحَمَّد؛ هو ابن سلَام، أو يعني: ابن سلَام، كما جرت عادة الحُفَّاظ وعادتُه.

قوله: (لَا تُسْبَقُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ [2] فَسَبَقَهَا): هذا الأعرابيُّ لا أعرف اسمه.

(1/11663)

قوله: (عَلَى قَعُودٍ): (القَعود) _ بالفتح_ من الإبل: هو البكر حين يُركَب؛ أي: يمكِّنُ ظهره من الركوب، وأدنى ذلك أن يأتيَ عليه سنتان إلى أن يُثني، وإذا أثنى؛ سُمِّيَ جملًا، ولا تكون البَكْرة قعودًا، وإنَّما تكون قَلُوصًا، قال أبو عبيد: القعود من الإبل: الذي يقتعده الراعي في كلِّ حاجة، وهو بالفارسية: رَخْت، ويُقال للقعود أيضًا: قُعدة؛ بالضَّمِّ، يُقال: نِعْمَ القُعدةُ هذا؛ أي: نِعْمَ المقتَعَدُ، وفي «القاموس»: وبالفتح _يعني: القَعود من الإبل_: ما يقتعده الراعي في كلِّ حاجة؛ كالقَعودة، والقُعدة؛ بالضَّمِّ، انتهى.

قوله: (سُبِقَتْ الْعَضْبَاءُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العضباءُ): مَرْفُوعٌ ممدودٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (له).

(1/11664)

[حديث: إن الله قال من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب]

(1/11665)

6502# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ): هذا هو مُحَمَّد بن عثمان بن كرامة _كما قاله الجَيَّانيُّ_، العِجْليُّ مولاهم، عن أبي أسامة وطبقتِه، وعنه: البُخاريُّ، وأبوداود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وابن صاعد، والمحامليُّ، وابنُ مَخْلد مُحَمَّدٌ، وآخرون، مات في رجب سنة (256 هـ)، أخرج له مَن روى عنه من الأئمَّة، وكان صاحبَ حديثٍ، صدوقًا، وَثَّقَهُ ابنُ حِبَّانَ وغيرُه، و (خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): القَطَوانيُّ، بفتح القاف والطاء المُهْمَلَة، أبو الهيثم البَجَليُّ مولاهم، الكوفيُّ، وقَطَوان: مكانٌ بالكوفة، عن نافع القارئ، وعليِّ بن صالح بن حيٍّ، وكَثِير بن عبد الله المزنيِّ، ومالكٍ، وسليمان بن بلال، وعنه: البُخاريُّ، وابن راهويه، وابن نمير، وأبو كُرَيب، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وعَبَّاس الدُّوريُّ، ومُحَمَّد بن عثمان بن كرامة، وخلقٌ، قال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال ابن معين: ما به بأسٌ، وقال أحمدُ: له مناكيرُ، وقال أبو داود: صدوقٌ، لكنَّه يتشيَّع، تُوُفِّيَ سنة (213 هـ)، وقال ابن سعد: منكر الحديث، مفرِط التشيُّع، وذكره ابن عديٍّ، وساق له في «الكامل» عشرةَ أحاديثَ منكرة، ثُمَّ قال: هو من المكثرين، ولا بأس به إن شاء الله عندي، أخرج له الجماعةُ، ذكره الذَّهَبيُّ في «ميزانه» ترجمةً، وذكر له [2] فيها مناكيرَ استُنكِرت عليه، وفي آخرها ما لفظه: وممَّا انفرد به: ما رواه البُخاريُّ في «صحيحه» عن ابن كرامة عنه، ثُمَّ ساق بإسناده من طريق البُخاريِّ هذا الحديثَ الذي نحن فيه، ثُمَّ قال: فهذا حديثٌ غريبٌ جدًّا، ولولا هيبة «الجامع الصحيح»؛ لعدُّوه في منكرات خالد بن مَخْلد؛ وذلك لغرابة لفظه، ولأنَّه ممَّا ينفرد به شَريك، وليس بالحافظ، ولم يُروَ هذا المتنُ إلَّا بهذا الإسناد، ولا خرَّجه مَن عدا البُخاريِّ، ولا أظنُّه في «مسند أحمد»، وذكره في ترجمة عبد السلام بن حفص، فقال: وخالدٌ له مناكيرُ، قال: وقد اختُلِف في عطاء؛ فقيل: هو ابن أبي رَباح، والصحيح: أنَّه عطاء بن يسار، ثُمَّ أرَّخ وفاةَ خالد، وقد ذكر أيضًا هذا الحديثَ في «تذهيبه» في ترجمة مُحَمَّد بن عثمان بن كرامة، وقال في آخره: لشيخِنا أبي الحَجَّاج _يعني: المِزِّيَّ_ فيه طرقٌ عدَّةٌ ساقها، وقال: رواه البُخاريُّ عن ابن كرامة، وليس له في «الصحيح» غيرُه، تفرَّد به شَريك ابن أبي نَمِر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة، وتفرَّد به خالد

(1/11666)

بن مَخْلد عن سليمان عنه، انتهى لفظه في «التذهيب»، وقد راجعت الحديثَ المشارَ إليه؛ فرأيته في ترجمة عطاء بن يسار عن أبي هريرة، كما رجَّحه الذَّهَبيُّ، ولم يذكر فيه خلافًا، ولم يذكره في ترجمة عطاء بن أبي رَباح عن أبي هريرة، ولم أرَهُ عزاه لغيرِ البُخاريِّ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة.

قوله: (فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ): (آذنته): بمدِّ الهمزة؛ أي: أعلمتُه بأنِّي محاربٌ له.

قوله: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ): و (التَّقرُّب): المراد به: قرب المنزلة وقَبول العمل، والله أعلم.

قوله: (كُنْتُ سَمْعَهُ ... ) إلى آخره: هو من المجاز؛ يعني: أنَّ الله يحفظُه كما يحفظ العبدُ جوارحَه؛ لئلَّا يقع في مهلكة، قاله الداوديُّ، وقال الخَطَّابيُّ: هذه أمثالٌ؛ والمعنى: ترقِّيه في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء، وتيسير [3] الخير له فيها، فيحفظ جوارحَه عليه بعَصْمِهِ من مواقعةِ ما يكره اللهُ من إفضاءٍ إلى لهوٍ، ونظرٍ إلى ما نُهِيَ عنه، وبطشٍ في [4] ما لا يحلُّ، وسعيٍ في باطلٍ، قال: وقد يكون معناه: سرعة إجابة الدعاء، والإلحاح في الطلب؛ وذلك أنَّ مساعيَ الإنسان إنَّما تكون بهذه الجوارح، وقال بعضهم: قيل: لا تتحرَّك جوارحُه إلَّا في الله وبالله ولله، وجوارحُه كلُّها تعمل بالحقِّ، انتهى.

قوله: (يَبْطِشُ بِهَا): هو بكسر الطاء وضمِّها.

قوله: (وَلَئِنْ اسْتَعَاذَ بِي): رُويَ بالمُوَحَّدة، وبالنون [5]، قاله الشيخ محيي الدين في «رياضه» في (باب علامات حبِّ الله تعالى العبدَ).

قوله: (وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ): أي: ما عطفت وأشفقت، والتردُّد في صفات الله عزَّ وجلَّ غيرُ جائزٍ، والبَدَاء عليه في الأمور غيرُ ثابتٍ، وقال بعضهم: ردَّدْتُ رسلي؛ كما حُكِيَ عن ترادِّ مَلَك الموت لموسى، أو يشرف على البلاء، فيدعو، فأعافيه وأصرف السوءَ عنه _كما قال: «الدعاء يردُّ البلاءَ» _ إلى أن ينقضيَ أجلُه فيموت، انتهى.

(1/11667)

[باب قول النبي: «بعثت أنا والساعة كهاتين»]

قوله: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ): (الساعة): مَنْصُوبٌ ومرفوعٌ، فالنصب على أن تكون الواو بمعنى (مع)، والرفعُ ظاهرٌ.

قوله: (كَهَاتَيْنِ): يعني: السبَّابة والوسطى، وكذا في بعض طرقه، والحكمة في قرنه بين السبَّابة والوسطى: القربُ، وقيل في معناه غيرُ ذلك، قال الإمام السُّهَيليُّ في «الروض» فيه شيئًا لطيفًا، وكذا ذكرَ شيخُنا الشارح في (سورة والنازعات) فيه شيئًا عن السُّهَيليِّ وغيرِه مقدارَ صفحةٍ، فإن أردتهما أو واحدًا منهما؛ فانظره، وذكر شيخُنا أيضًا في هذا المكان كلامًا في ذلك، وكلام السُّهَيليِّ في الحروف المقطَّعة في أوائل السُّوَر، وتكلَّم على الحديث الذي أُخِذَ منه ذلك: أنَّ ألفاظَه مصنوعةٌ، قاله ابن الأثير، قال: وذكر بعض الحُفَّاظ أنَّه موضوعٌ، وذكر كلامَ ابنِ الجوزيِّ فيه، انتهى.

تنبيهٌ: ليُعلَم أنَّ ممَّا يَردُّ على السُّهَيليِّ في ذلك: أنَّ سبَّابةَ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أطولُ من الوسطى، وهذا في «مسند أحمد»، وذكره القرطبيُّ أيضًا في «تفسيره» في {أَفَتَطْمَعُونَ} [البقرة: 75]، اللهمَّ؛ إلَّا أن يقولَ السُّهَيليُّ: إنَّ السبَّابةَ أطولُ من الوسطى؛ كما طالت به الوسطى على السبَّابة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 689]

(1/11668)

[حديث: بعثت أنا والساعة هكذا]

6503# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، وأبو مريم كنيةُ الحكم، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مُطرِّف، وتَقَدَّمَ أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار، و (سَهْل): هو ابن سعد الساعديُّ، مشهورٌ.

==========

[ج 2 ص 689]

(1/11669)

[حديث: بعثت أنا والساعة كهاتين]

6504# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الجعفيُّ الحافظ، و (وَهْبُ) بعده: هو ابن جَرِير، و (وَأَبو التَّيَّاحِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُثَنَّاة فوق، وتشديد المُثَنَّاة تحت، وفي آخره حاء مهملة، وأنَّ اسمه يزيدُ بن حُمَيدٍ.

قوله: (أَنَا وَالسَّاعَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (الساعة) بالنصب والرفع.

==========

[ج 2 ص 689]

(1/11670)

[حديث: بعثت أنا والساعة كهاتين.]

6505# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيَّاش، أحد الأعلام، و (أَبو حَصِينٍ): بفتح الحاء وكسر الصاد المُهْمَلَتين، تَقَدَّمَ أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وأنَّ اسم هذا عثمان بن عاصم، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان.

قوله: (تَابَعَهُ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ): الضمير في (تابعه) يعود على أبي بكر؛ هو ابن عيَّاش، و (إسرائيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله، ومتابعةُ إسرائيلَ لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولا خرَّجهُ شيخُنا رحمه الله، و (أَبو حَصِينٍ): تَقَدَّمَ أعلاه، وأنَّه عثمان بن عاصم.

(1/11671)

[باب طلوع الشمس من مغربها]

(1/11672)

[حديث أبي هريرة: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ... ]

6506# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): هو بالنون، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَه عبدُ الله بن ذكوان، و (عَبْد الرَّحْمَنِ) بعده: هو الأعرج عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

[ج 2 ص 689]

قوله: (بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (اللِّقْحَة) ما هي.

قوله: (فَلَا يَطْعَمُهُ): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكلُه.

قوله: (وَهُوَ يَلِيْطُ حَوْضَهُ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت في أوَّله، ثُمَّ لام مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة أخرى تحت ساكنة، ثُمَّ طاء مهملة؛ أي: يطينه ويصلحه، وأصله من اللصوق، قال الجوهريُّ: الكسائيُّ: لاط الشيء بقلبي يلوطُ ويليطُ، يُقال: هو أَلْوَطُ بقلبي وأَلْيَطُ، وإنِّي لأجد له في قلبي لَوْطاً ولَيْطًا؛ يعني: الحُبَّ اللازق بالقلب ... إلى أن قال: ولُطْتُ الحوضَ بالطِّين لَوْطًا؛ أي: مَلَّطتُه به وطيَّنتُه.

قوله: (أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ): (الأُكلة)؛ بالضَّمِّ: اللقمة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَلَا يَطْعَمُهَا): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكلُها.

(1/11673)

[باب: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه]

(1/11674)

[حديث: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه]

6507# قوله: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هو حجَّاج بن منهال، و (هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذِيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ [1] أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ): (بعض أزواجه): لا أعرفها بعينها، والراوي شكَّ، وفي روايةٍ جُزِم فيها بأنَّها عائشةُ رضي الله عنها.

قوله: (لَيْسَ ذَاكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّثٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلَكِنِ الْمُؤْمِنُ): (لكن): مُخَفَّفة، و (المؤمنُ): مَرْفُوعٌ، كذا هو في أصلنا.

قوله: (إِذَا حُضِرَ [2]): هو بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وكسر الضاد المُعْجَمَة؛ أي: نزل به الموتُ.

قوله: (مِمَّا أَمَامَهُ): هو بفتح الهمزة، ظرفٌ؛ أي: قُدَّامه.

قوله: (اخْتَصَرَهُ أَبُو داود وَعَمْرٌو عَنْ شُعْبَةَ): أما (أبو داود)؛ فالظاهر أنَّه الطيالسيُّ سليمانُ بن داود بن الجارود الحافظُ، تَقَدَّمَ، وأنَّه عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له مسلمٌ والأربعةُ، وأما (عمرو)؛ فإنَّه ابن مرزوق، وقوله: (عن شعبة)؛ يعني: عن قتادة، وما رواه أبو داود أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الزهد) عن محمود بن غيلان، عن أبي داود، عن شعبة به، وما رواه عمرو بن مرزوق؛ لم أرَه إلَّا ما هنا في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، وقال شيخُنا: أخرجه الطَّبَرانيُّ في «أكبر معاجمه» عن أبي مسلم الكجِّيِّ ويوسفَ بنِ يعقوب القاضي قالا: حدَّثَنا عمرو بن مرزوق: أخبرَنَا شعبة ... ؛ فذكره بمثل لفظ أبي داود، انتهى.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا [3]): (سعيد): هو ابن أبي عروبة، و (زُرارة): هو ابن أبي أوفى، و (سعد): هو ابن هشام، و (عائشة): أمُّ المؤمنين رضي الله عنها، وتعليق سعيد به أخرجه مسلمٌ في (الدَّعَوات) عن مُحَمَّد بن عبد الله الرازي عن خالد بن الحارث، وعن مُحَمَّد بن بَشَّار عن مُحَمَّد بن بكر؛ كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة به، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (الجنائز) عن مُحَمَّد بن بَشَّار به، وعن عَبْد بن حُمَيد بن مسعدة، عن خالد بن الحارث به، وقال: حسنٌ صحيحٌ، وأخرجه النَّسائيُّ عن حُمَيد بن مسعدة به، وعن عمرو بن عليٍّ، عن عبد الأعلى عن سعيد به، وأخرجه ابن ماجه في (الزهد) عن أبي سلمة يحيى بن خلف، عن عبد الأعلى به، وشيخُنا اقتصر على عزوه لـ «مسلم» فقط، والله أعلم.

==========

(1/11675)

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قَالَتْ عَائشَةُ).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَضَرَهُ).

[3] الترضية ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 690]

(1/11676)

[حديث: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه.]

6508# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث، ويقال: عامر، القاضي، ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

==========

[ج 2 ص 690]

(1/11677)

[حديث: إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير]

6509# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعدٍ الإمام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (ابْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ): هؤلاء الرجال لا أعرفهم بأعيانهم.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ): في أصلنا: (نزل)؛ مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول، وقد تَقَدَّمَ الكلام قريبًا، وفي (باب ما ذُكِر عن بني إسرائيل).

قوله: (فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ): تقدَّم، وكذا (الرَّفِيقَ الْأَعْلَى): تَقَدَّمَ، والأقوالُ فيه، وكذا قوله: (إِذًا لَا يَخْتَارنَا)، وأنَّه يجوز فيه الرفعُ والنصبُ، وكذا ضُبِطَ في أصلنا، وقال شيخُنا: يُقرأ برفع الراء من (يختار)؛ لأنَّه فعلُ حالٍ، و (إذًا) إنَّما تنصب الفعلَ المستقبلَ إذا لم يعتمد ما بعدها على ما قبلها، وإذا لم يكن معها حرف عطف، فإن كان معها حرفُ عطفٍ؛ جاز الوجهان: الرفعُ والنصب ... إلى آخر كلامه، وحاصله: أنَّ (يختارنا) بالرفع لا بالنصب؛ لأنَّه حال، والله أعلم، وقد ضبطت مثله في (مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) بهما؛ فانظره.

(1/11678)

[باب سكرات الموت]

قوله: (بَابُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ): (السَّكَرات)؛ بفتح السين والكاف: جمع (سَكْرة)؛ بإسكان الكاف؛ وهي غلبة الكرب على العقلِ واختلاطُه.

==========

[ج 2 ص 690]

(1/11679)

[حديث: لا إله إلا الله إن للموت سكرات.]

6510# قوله: (أَخْبَرَنِي ابْنُ أبي مُلَيْكَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صَحَابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبو عَمْرٍو ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ): تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ _أَوْ عُلْبَةٌ_ فِيهَا مَاءٌ): قال الدِّمْيَاطيُّ: قال البُخاريُّ: العُلبة من الخشب، والرَّكوة من الأَدَم، انتهى، وقال ابن قُرقُول: ركوة: هي شبه تَور من أَدَمٍ، وتُفتَح الراء وتُكسَر، انتهى، وقال أيضًا: العُلْبة: القَدَح الضخم من جلود الإبل يُحلَب فيه، وقيل: أسفله جلدٌ، وأعلاه خشبٌ مدوَّرٌ؛ مثل إطار الغربال، وقيل: هو من خشبٍ كلُّه، وقيل: هو عُسٌّ يُحلَب فيه، وقيل: جفنة يُحلَب فيها، انتهى، ولم يذكر شيخُنا في (الركوة) سوى الكسر، ولكن أطال فيها كلامَ أهلِ اللغة، وفي (العلبة).

قوله: (يَشُكُّ عُمَرُ): هو عمر بن سعيد المذكورُ في السند، وهو عمر بن سعيد بن أبي حسين القرشيُّ النوفليُّ المَكِّيُّ، عن طاووس، والقاسم بن مُحَمَّد، وابن أبي مُلَيْكَة، وعطاء، وطائفةٍ، وعنه: ابن المبارك، ويحيى القَطَّان، وعيسى بن يونس، ورَوح بن عُبَادة، وخلقٌ، وَثَّقَهُ أحمدُ وابن معين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

قوله: (فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

[ج 2 ص 690]

(1/11680)

[حديث: إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم]

6511# قوله: (حَدَّثَنَا [1] صَدَقَةُ): هذا هو ابن الفضل المروزيُّ، و (عَبْدَةُ) بعده: بإسكان المُوَحَّدة، ابن سليمان.

قوله: (كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْأَعْرَابِ): هؤلاء الرجال لا أعرفهم بأعيانهم، و (الأعراب): سكَّان البوادي، وكلُّ بدويٍّ أعرابيٌّ وإن لم يكن من العَرَب، وإن كان يتكلَّم بالعربيَّة وهو من العَجَم؛ قلتَ: عَرَبانيٌّ.

قوله: (جُفَاةٌ [2]): أي: غليظو الطَّبْع، وهو مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، صفة لـ (رجال)، و (يَأْتُونَ): هو الخبر، وفي هامش أصلنا نسخةٌ وعليها علامة راويها: (حُفَاةٌ)، وقد عُمِل عليها علامة إهمال تحت الحاء، ولم أرَ أنا هذه النسخةَ في «المطالع» ولا في غيرِه، والذي أعرفه من أنَّه بالجيم، والله أعلم.

قوله: (لَا يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ): تَقَدَّمَ ما (الهرم).

قوله: (قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي: مَوْتَهُمْ): (هشامٌ) هذا: هو المذكور في السند ابنُ عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (جفاةً).

[ج 2 ص 691]

(1/11681)

[حديث: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله]

6512# قوله: (حَدَّثَنِي [1] إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، و أنَّه [ابن] أخت مالكٍ أحدِ الأعلام المجتهدِ، و (مُحَمَّد بْن عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بحاءين مهملتين [2] مفتوحَتَين، بعد كلِّ حاءٍ لامٌ؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، وبعد الثانية تاء التأنيث، و (أَبو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث بن رِبعيٍّ، و (رِبعيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الراء، مشدَّد الياء؛ كالنسبة إلى (الربيع) الفصلِ المعروفِ، صَحَابيٌّ معروفٌ، فارسُ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ): (مُرَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو لازمٌ، وقد بُنِيَ منه، واللازم لا يُبنَى منه إلَّا قليلًا، نُقِل عن سيبويه، وصاحبُ هذه الجنازة لا أعرفه، و (الجنازة): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح الجيم وكسرها، وقيل بالفرق: فللميِّت بالفتح، وبالكسر للسرير، وقيل بالعكس، تَقَدَّمَ في أوَّل (الجنائز).

قوله: (مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا): (النَّصَب): التعب، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَذَاهَا): هو بالقصر، معروفٌ.

قوله: (وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ): أمَّا استراحة الشجر؛ فقيل: لأنَّها تُمنَع القطرَ بمعصيته، قاله الداوديُّ، وقال الباجيُّ: لأنَّه يغيضها ويمنعها حقَّها من الشرب وغيرِه، وأمَّا استراحة الدَّوَابِّ؛ فلأنَّه يؤذيها بضربها والتحميلِ عليها ما لا تطيقه، ويجيعها في بعض الأوقات، وغير ذلك.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] في (أ): (مهملة)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 691]

(1/11682)

[حديث: مستريح ومستراح منه المؤمن يستريح]

6513# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (مُحَمَّد بْن عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، و (ابْنُ كَعْب): ابن مَالِكٍ، تَقَدَّمَ في الطريق التي قبل هذه أنَّه معبد بن كعب بن مالك، وهو هو، وكذا طرَّفه المِزِّيُّ، و (أَبو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه.

(1/11683)

[حديث: يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد]

6514# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء، ولماذا نسب في أوَّل هذا التعليق، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه أوَّل شيخ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/11684)

[حديث: إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده غدوةً وعشيًا]

6515# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبَ مُحَمَّد عَارم، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ): (عُرِض)؛ بضَمِّ العين، وكسر الراء: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مَقعدُهُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (إِمَّا النَّارُ، وَإِمَّا الْجَنَّةُ): (إِمَّا) في الموضعين: بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (حَتَّى تُبْعَثَ): (تُبعَث): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (البَعْثُ): نشر الموتى من قبورهم.

==========

[ج 2 ص 691]

(1/11685)

[حديث: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا.]

6516# قوله: (عَنْ الْأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.

==========

[ج 2 ص 691]

(1/11686)

[باب نفخ الصور]

قوله: (بَابُ نَفْخِ الصُّورِ: قَالَ مُجَاهِدٌ: الصُّورُ: كَهَيْئَةِ الْبُوقِ) انتهى: تنبيهٌ: قد أنكر بعض أهل الزيغ أن يكون الصُّور قرنًا، انتهى، يُقال: هو من نورٍ تُجعَل فيه الأرواحُ، يُقال: فيه من الثقب على [عدد] أرواح الخلائق، والله أعلم، ويُروى: أنَّ له رأسَين؛ رأسًا بالمشرق، ورأسًا بالمغرب، والله أعلم.

تنبيهٌ: اختُلِف في عدد النفخات؛ فقيل: ثلاثة؛ نفخة الفَزَع، ونفخة الصَّعْق، ونفخة البَعْث، وهذا اختيار القاضي أبي بكر ابن العربيِّ المالكيِّ وغيرِه، وقيل: نفختان، ونفخةُ الفزع هي نفخةُ الصَّعْق؛ لأنَّ الأمرين لازمان لها؛ أي: فزعوا فزعًا ماتوا منه، والصحيح أنَّهما نفختان لا ثلاثٌ، وصحَّحه القرطبيُّ في «تذكرته»، قال الحَلِيميُّ: واتَّفقتِ الرواياتُ على أنَّ بين النفختين أربعينَ سنةً، وقد تَقَدَّمَ في (تفسير حم السجدة): أنَّها ثلاثُ نفخاتٍ.

(1/11687)

تنبيهٌ: وأمَّا الذي ينفخ؛ فهو إسرافيلُ، قال القرطبيُّ: قال علماؤنا: والأممُ مُجمِعُون على أنَّ الذي ينفخ في الصور إسرافيلُ عليه السلام، قال القرطبيُّ: وقد جاء حديثٌ يدلُّ على أنَّ الذي ينفخ في الصور غيرُ إسرافيلَ، خرَّجه أبو نُعَيم ... ؛ فذكره كما أذكرُه عنه بُعَيد هذا، والله أعلم، ووقع في «المستدرك» للحاكم في (كتاب الأهوال) في أوَّله عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكر حديثًا، وفيه: «مَلَكان مُوَكَّلان بالصُّوْر، ينتظران متى يُؤمَران، فيَنْفُخان ... »؛ الحديث، وفي سنده خارجةُ؛ ضعيفٌ، وفي «سنن ابن ماجه» وغيرِه عن أبي سعيد: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ صاحبَي الصُّوْر في أيديهما قرنان ... » إلى آخره، وفي سنده في «ابن ماجه» حجَّاج وعَطيَّة، وحالتهما معروفةٌ مشهورةٌ، وفي «مسند أحمد» عن أبي مرية _ولا أعرفه؛ أهو صَحَابيٌّ أو تابعيٌّ أو غيرُ ذلك؟ وعنه أسلم الحرانيُّ_ عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو عن عبد الله بن عمرو عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (النافخان في السماء الثانية، رأس أحدهما في المشرق، ورِجلاه بالمغرب، أو قال: رأس أحدهما بالمغرب، ورجلاه بالمشرق، ينتظران متى يُؤمَران أن ينفخان في الصور، فينفخان)، قال القرطبيُّ في «تذكرته» في آخر الكلام على النافخ للصور وقد ذكر حديثًا من «سنن أبي داود» فقال: عن يمينه _يعني: صاحب الصور_ جبريلُ، وعن يساره ميكائيلُ، قال: فلعلَّ لأحدهما قرنًا آخَرَ ينفخ فيه، والله أعلم، وذكر أيضًا حديثًا آخَرَ، وقد قال قبله: قد جاء حديثٌ يدلُّ على أنَّ الذي ينفخ في الصور غيرُ إسرافيل عليه السلام، خرَّجه أبو نُعَيم الحافظ: حدَّثنا سليمان: حدَّثَنا أحمد بن القاسم: حدَّثَنا عَفَّانُ بن مسلم: حدَّثَنا حَمَّاد بن سلمة عن عليِّ بن زيد، عن عبد الله بن الحارث قال: كنت عند عائشة رضي الله عنها وعندها كعبُ الأحبار، فذكر كعبٌ إسرافيلَ، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا كعبُ؛ أخبرني عن إسرافيل، قال: عندكم العِلْمُ، فقالت: أَجَلْ؛ فأخبرني، فقال: له أربعةُ أجنحةٍ؛ جناحان في الهواء، وجناحٌ قد تسربل به، وجناحٌ على كاهله، والعرشُ على كاهله، والقلمُ على أذنه، فإذا نزل الوحيُ؛ كتب القلمُ، ثُمَّ درست الملائكة، ومَلَك الصُّوْر جاثٍ على إحدى رُكبتَيه، وقد نصبَ الأخرى، ملتقمٌ الصُّوْر،

(1/11688)

محنيًّا ظهرُه، شاخصًا ببصره، ينظر إلى إسرافيل، وقد أُمِر إذا رأى إسرافيلَ قد ضمَّ جناحه أن ينفخَ في الصُّوْر، قالت عائشة: هكذا سمعتُ من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول، غريبٌ من حديث كعبٍ، لم يروِه عنه إلَّا عبدُ الله بن الحارث، رواه خالدٌ الحَذَّاء عن الوليد أبي بشر، عن عبد الله بن رباح، عن كعب نحوَه، انتهى، في السند عليُّ بن زيد، وحالتُه معروفةٌ، قال القرطبيُّ: وما خرَّجه التِّرْمِذيُّ وغيرُه يدلُّ على أنَّ صاحبَ الصُّوْر إسرافيلُ، ينفخ فيه وحدَه، وحديث ابن ماجه يدلُّ على أنَّ معه غيرَه، ثُمَّ ذكر حديثًا عن أبي السريِّ التيميِّ بسنده إلى عبد الرَّحْمَن بن أبي عمرو، وفيه: «ومَلَكان مُوَكَّلان بالصُّوْر، ينتظران متى يُؤمَران»، ثُمَّ قال: قال _يعني: أبا السريِّ_ وحدَّثنا ... ؛ فذكر حديثًا عن كعب، وفيه: «ومَلَكان مُوَكَّلان بالصُّوْر، ينتظران متى يُؤمَران فينفخان».

تنبيهٌ: الصُّوْرُ: القرنُ الذي ينفخ فيه إسرافيلُ عليه السلام عند بعث الموتى إلى المحشر، وقد تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ بعضَ أهل الزيغ أنكرَ أن يكون الصُّوْر قرنًا، وقال بعضهم: إنَّه الصُّوَرُ؛ جمعُ (صورة)؛ يريد: صُوَر الموتى تُنفَخ فيها الأرواح، وبه قرأ الحسن بن أبي الحسن البصريُّ: {وَنُفِخَ فِي الصُوَرِ} [الكهف: 99]، وقد ذكر هذه القراءةَ البُخاريُّ في (التفسير) في (سورة الأنعام) [الآية: 73]، ولفظه: ({الصُّوَرِ}: جَمَاعَةُ صُورَةٍ؛ كَقَوْلِهِ: سُورَةٌ وَسُوَرٌ)، انتهى، وكسر الصاد لغةٌ في (الصُّوَر)، والصحيح الأوَّل؛ لأنَّ الأحاديثَ تعاضدت عليه، تارةً بـ (الصُّوْر)، وتارةً بـ (القرن)، وذكر ابن عبد السلام الشَّافِعيُّ الشيخ عزُّ الدين السُّلَميُّ:

[ج 2 ص 691]

الصُّوَر: جمع (صورة)، أو شبه قرن ينفخ فيه، أو عبارة عن الدعاء؛ كالنفخ بالبوق للجيش، انتهى.

قوله: (النَّاقُورُ: الصُّوْرُ): هو بضَمِّ الصاد، وإسكان الواو.

(1/11689)

[حديث: لا تخيروني على موسى.]

6517# قوله: (عَنْ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): ابن عوف عبدُ الله، وقيل: اسمه إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (اسْتَبَّ رَجُلَانِ؛ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذين لا أعرفهما، غير أنَّ الرجلَ المسلمَ أنصاريٌّ، وتَقَدَّمَ قول مَن قال: إنَّ اليهوديَّ فَنحاص، وإنَّ المسلمَ أبو بكر الصِّدِّيق، وأنَّه غلطٌ، تلك قصَّةٌ أخرى غير هذه.

قوله: (لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه غَيْرَ مَرَّةٍ، منها مرَّةٌ في (الأنبياء)، وقبل ذلك في (الإشخاص).

قوله: (يَصْعَقُونَ): قال ابن قُرقُول: ويصعق الناس؛ يعني: يُغشَى على الناس؛ لأنَّه إنَّما يُفاقُ من الغَشْيِ، ويُبْعَثُ من الموت، وأيضًا فإنَّ موسى عليه السلام قد مات بلا شكٍّ، وصعقة الطور لم تكن موتًا؛ بدليل قوله: {فَلَمَّا أَفَاقَ} [الأعراف: 143]، وبدليل قوله تعالى: {فَفَزِعَ} [النمل: 87]، ومرَّةً: {فَصَعِقَ} [الزمر: 68]، وهذه الصعقة _والله أعلم_ في عرصة القيامةِ غيرُ نفخة الموت والحشر، وبعدهما عند تشقُّق الأرض والسماء، وقد تَقَدَّمَ، وفي «التذكرة» ذكر فيه كلامًا للقاضي عياض وغيرِه؛ فانظره، فإنَّه حسنٌ، لكنْ فيه طولٌ، وقد ذكرت أنا كلامًا في ذلك في (الإشخاص)؛ فانظره، وفي آخر كلام «التذكرة»: فإذا تقرَّر أنَّهم أحياءُ؛ فإذا نُفِخَ في الصُّوْر نفخةُ الصَّعْق؛ صَعِق كلُّ مَن في السموات ومن في الأرض إلَّا مَن شاء الله، فأمَّا صعق غير الأنبياء؛ فموتٌ، وأمَّا صعقُ الأنبياء؛ فالأظهر أنَّه غشيةٌ، فإذا نُفِخ في الصور نفخةُ البعث؛ فمَن مات؛ حَيِيَ، ومَن غُشِيَ عليه؛ أفاقَ ... إلى أن قال: ما أختاره هو ما ذكره الحَلِيميُّ واختاره في قوله: فإن حُمِل عليهما الحديث؛ فذاك.

(1/11690)

[حديث: يصعق الناس حين يصعقون فأكون أول من قام]

6518# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَاد): بالنون، واسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (يَصْعَقُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وفي (الإشخاص).

==========

[1] (يوم القيامة): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 692]

(1/11691)

[باب: يقبض الله الأرض]

(1/11692)

[حديث: يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه]

6519# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن المبارَك، شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغيرُ أبيه لا يُقال إلَّا بالفتح.

==========

[ج 2 ص 692]

(1/11693)

[حديث: تكون الأرض يوم القيامة خبزةً واحدةً]

6520# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، و (خَالِد): هو ابن يزيد، أبو عبد الرحيم المصريُّ الفقيه، عن عطاء بن أبي رَباح والزُّهْرِيِّ، وعنه: الليث ومُفَضَّل بن فَضالة، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ النَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: لا بأس به.

تنبيهٌ: في الثقات والضعفاء جماعةٌ كلٌّ منهم اسمه: خالد بن يزيد.

و (أَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً): (الخُبْزة): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وإسكان المُوَحَّدة، وبالزاي، ثُمَّ تاء التأنيث، قال أهل اللغة: هي الظُّلمة توضَع في الملَّة.

قوله: (يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ): (يتكفَّؤها): بالهمز؛ أي: يميلها من يدٍ إلى يدٍ حتَّى تجتمعَ وتستويَ؛ لأنَّها ليست منبسطةً كالرُّقَاقة ونحوِها، والكلام في (اليد) معروفٌ، تعالى الله عن الجارحة.

قوله: (كَمَا يَكْفَأُ): هو بفتح أوَّله، وهمزة في آخره.

قوله: (فِي السَّفَرِ): هو بفتح السين المُهْمَلَة والفاء، و (السَّفَر): ضدُّ الحضر، قال شيخُنا: وروينا: (السُّفر)؛ بضَمِّ السين، على أنَّه جمع «سُفرة»، انتهى، وظاهر ذلك أنَّه من كلام ابن التين، لا من كلام شيخِنا، والله أعلم.

قوله: (نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ): (النُّزُل): بضَمِّ النون والزاي، ويجوز إسكانها، و (النُّزل): ما يُعَدُّ للضيف عند نزوله، والحكمة في جعل الله عزَّ وجلَّ الأرضَ رغيفًا واحدًا يضيف به أهل الجنَّة؛ إشارة إلى أنَّهم لا يعودون إلى دار الدنيا إلى الأرض التي كان قرارُهم عليها، وكذا الحكمة في ريح النون والثور، كما تَقَدَّمَ، وقدَّمت فيه كلامَ السُّهَيليِّ؛ فانظره.

قوله: (فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ): هذا الرجل اليهوديُّ لا أعرف اسمه.

قوله: (بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ ما (النُّزل) أعلاه وضبطُه، وكذا تَقَدَّمَ (خُبْزَةً) أعلاه، وكذا تَقَدَّمَ قبلُ (النَّوَاجِذ): أنَّها الأنيابُ، ويقال: الأضراس.

(1/11694)

قوله: (بَالَامُ [1] وَنُونٌ): قال النَّوَويُّ: هو بفتح المُوَحَّدة، وتخفيف اللام، وميم مرفوعة غير مُنَوَّنة، وفي معناها أقوالٌ مضطربةٌ، الصحيح منها الذي اختاره القاضي عياض وغيرُه من المحقِّقين: أنَّها لفظة عبرانيَّة؛ معناها بالعبرانيَّة: ثور، ولهذا سألوا اليهوديَّ عن تفسيرها، ولو كانت عربيَّة؛ لعرفتها الصَّحَابةُ، ولم يحتاجوا إلى سؤاله، فهذا هو المختار في بيان هذه اللفظة، انتهى، وللناس فيها كلامٌ ذكره في «المطالع» في (الباء مع الهمزة)، وكذا في «النهاية»، ولكن لم يُطِلِ الكلامَ عليها، بل ذكرَ فيها كلام الخَطَّابيِّ، والله أعلم، ومقتضى ما ذكره ابن قُرقُول وابنُ الأثير أن تكون الكلمةُ مهموزةً، وكأنَّها لمَّا كانت همزتُها في الوسط ساكنةً؛ تُجُوِّزَ تسكينُها، ولم ينصَّ النَّوَويُّ على همزها، والله أعلم.

قوله: (مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا): تَقَدَّمَ الكلام على (زيادة الكبد) ما هي.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» بالتنوين.

[ج 2 ص 692]

(1/11695)

[حديث: يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء]

6521# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّ] أبا مريم الحكمُ بن مُحَمَّد، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير المدنيُّ، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة:

[ج 2 ص 692]

سلمة بن دينار.

قوله: (عَفْرَاءَ): (العَفْرَاء): بفتح العين المُهْمَلَة، ثُمَّ فاء ساكنة، ممدودٌ، وهي التي ليست بخالصة البياض، هي إلى الحُمْرة قليلًا، ومنه قيل للظِّباء: عُفْرٌ؛ لأنَّها كذلك، وقيل: شديدة البياض.

قوله: (كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ): (النَّقِيُّ): بفتح النون، وكسر القاف، وتشديد الياء، وهو الدقيق الحُوَّارى؛ وهو الدَّرْمَك، قال القاضي: كأنَّ النارَ غيَّرت بياضَ هذه الأرض إلى الحُمْرة.

قوله: (قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ): أمَّا (سهل)؛ فهو الصَّحَابيُّ راوي هذا الحديث، ابنُ سعد، وأمَّا (غيره)؛ فلا أعرفه مَن هو مِن رواة هذا الحديث، والله أعلم، والظاهر أنَّه صَحَابيٌّ، والله أعلم.

قوله: (مَعْلَمٌ لِأَحَدٍ): (المَعْلَم)؛ بفتح الميم، وإسكان العين [1] المُهْمَلَة، وفتح اللام: العلامة والأثر؛ لأنَّها أرضٌ أُخرى.

تنبيهٌ: قوله: (لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَدٍ): فصله البُخاريُّ فجعله من قول سهلٍ أو غيرِه، وأدرج ذلك مسلمٌ، ولفظه: «كقرصة النَّقِيِّ، ليس فيها عَلَمٌ لأَحَدٍ»، انتهى.

==========

[1] في (أ): (اللام)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11696)

[باب: كيف الحشر]

قوله: (بَاب كَيْفَ الْحَشْرُ): اعلم أنَّه اختلف الناس في حشر البهائم، وفي قصاص بعضها من بعض؛ فرُوِيَ عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: أنَّ حشرَ الدَّوابِّ والطيرِ موتُها، وقاله الضَّحَّاك، ورُوِيَ عن ابن عَبَّاس في روايةٍ أخرى: أنَّ البهائمَ تُحشَر وتُبعَث، وقاله أبو ذرٍّ، وأبو هريرة، والحسنُ، وغيرُهم، وهو الصحيح؛ لقوله: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: 5]، وقولِه: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38]، وقال أبو هريرة: يُحشَر الخلقُ كلُّهم يوم القيامة؛ البهائم، والطير، والدَّوابُّ، وكلُّ شيء، فيبلغ من عدل الله أن يأخذَ للجمَّاء من القرناء، ثُمَّ يقول: (كوني ترابًا)، فذلك قولُه تعالى حكايةً عن الكفَّار: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: 40]، ونحوُه عن ابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاصي، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 693]

(1/11697)

[حديث: يحشر الناس على ثلاث طرائق]

6522# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، و (ابْنُ طاوُوسٍ) بعده: هو عبد الله بن طاووس.

قوله: (عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ): (ابن طاووس): هو عبد الله، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ [1]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كذا في أصلنا، ومكتوبٌ في هامشه: (عن أبي هريرة، في بعض النسخ) [2]، و (أبو هريرة) لا بدَّ منه، والحديثُ ليس مرسلًا، وإنَّما هو متَّصلٌ، وقد طرَّفه المِزِّيُّ بذكر (أبي هريرة) في «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «النَّسائيِّ»، وراجعت أصلنا الدِّمَشْقيَّ؛ فوجدته بذكر (أبي هريرة)، والله أعلم، فقد سقط من أصلنا القاهريِّ.

قوله: (يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ): قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: قال العلماء: هذا الحشرُ في آخر الدنيا قبل القيامة قبل النفخ في الصُّوْر؛ بدليل قوله: «وتَحشُر بقيَّتَهم النارُ تبيت معهم حيث باتوا»، وهذا الحشر آخر أشراط الساعة؛ بدليل قوله: «وآخرُ ذلك نارٌ تخرج من قعر عدن، تُرحل الناسَ»، وفي رواية: «تطردُ الناسَ إلى محشرهم»، انتهى، وعن الخَطَّابيِّ: أنَّ هذا الحشرَ الذي قبل قيام الساعة، يُحشَرُ الناسُ أحياءً إلى الشام، وأمَّا الحشرُ بعد البعث من القبور؛ فإنَّ ذلك يخرجون حفاةً [3] عراةً، انتهى.

قوله: (عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ): (الطرائق): الفِرق، وقال الحَلِيميُّ في كتاب «المنهاج»: حديث ابن عَبَّاس ... ؛ وذكر أنَّ ذلك في الآخرة، فقال: يحتمل قولَه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «يحشر الناس على ثلاثِ طرائقَ»: إشارةً إلى الأبرار والمخلِّطين والكفَّار، فالأبرار: هم الراغبون إلى الله تعالى فيما أعدَّ لهم من ثوابه، والراهبون هم الذين بين الخوف والرجاء، فأمَّا الأبرار؛ فإنَّهم يُؤتَون بالنجائب، كما في الحديث على ما يأتي في هذا الباب، وأمَّا المخلِّطون؛ فهم الذين أُريدوا في هذا الحديث، وقيل: إنَّهم يُحمَلون على الأبعرة، وأمَّا الفُجَّار؛ فإنَّهم الذين تحشرُهم النارُ ... إلى آخر كلامه، فإن أردته؛ فانظره من «المنهاج»، أو في كلام القرطبيِّ في «التذكرة» في (باب الحشر)، وعقَّب الكلامَ القرطبيُّ: أنَّ ما ذكره القاضي عياض أنَّ ذلك في الدنيا أظهرُ.

ج24. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح)  لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

قوله: (رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ): أي: طالِبِين راجِين، وخائفِين فَزِعِين.

قوله: (تَقِيلُ مَعَهُمْ): هو بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ، وهذا يُعرَف من قوله: (قَالُوا).

(1/11699)

[حديث: أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا ... ]

6523# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ): هذا هو المسنَديُّ وإن كان يونسُ بن مُحَمَّد روى عنه المسنَديُّ وابنُ أبي شيبة؛ لأنَّ المسنَديَّ روى عنه عند البُخاريِّ، وابنَ أبي شيبة روى عنه عند مسلم، قاله ابن طاهر، وتَقَدَّمَ في (الجمعة) ما يؤيِّده، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يا نَبِيَّ اللهِ؛ كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟ ... )؛ الحديث: هذا الرجل لا أعرف اسمه.

==========

[ج 2 ص 693]

(1/11700)

[حديث: إنكم ملاقو الله حفاةً عراةً مشاةً غرلًا]

6524# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المَكِّيُّ.

قوله: (مُلَاقُو اللهِ): (الاسم الجليل): مجرورٌ على الإضافة، وهذا ظاهِرٌ، ويجوز من حيث العربيَّة على قلَّة نصبُه، وشاهده: {وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ} [الحج: 35]؛ بنصب {الصَّلَاةِ} قراءة شاذَّة.

قوله: (غُرْلًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا، والحكمةُ في ذلك من عند ابن عقيل الحنبليِّ.

قوله: (قالَ سُفْيَانُ: هَذَا مِمَّا نَعُدُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (سفيان)؛ فقد قَدَّمْتُ أنَّه ابن عُيَيْنَة، وأمَّا (نَعُدُّ)؛ فهو بفتح النون، وضمِّ العين، وتشديد الدال المُهْمَلَة، من العَدَد.

واعلم أنَّ ابن عَبَّاس عبدَ الله من السِّتَّة المكثرين، أو السبعة، وهو كثيرُ الرواية عن الصَّحَابة، قليلُ السماع من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، حتَّى قال الإمام أبو حامد الغزاليُّ في «المستصفى»: إنَّ ابن عَبَّاس مع كثرة روايته لم يسمع من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا أربعةَ أحاديثَ؛ لصِغَر سِنِّه، وصرَّح بذلك في حديث الرِّبا في النسيئة، وقال: (حدَّثني به أسامة بن زيد، وروى _يعني: ابن عَبَّاس_ أنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يزل يلبِّي حتَّى رمى جمرةَ العقبة، فلمَّا رُوجِع؛ قال: حدَّثني به أخي الفضلُ بن عَبَّاس)، انتهى.

(1/11701)

قال بعض مشايخي: والذي حكاه غيرُه _يعني: غير الغزاليِّ_: أنَّ له تسعةَ أحاديثَ أو عشرة، قال شيخُنا الشارح: قال أبو جعفر مُحَمَّد بن الحسن البغداديُّ في كتابه: وقد سألتُ أبا داود قلت: ما سمعتَ من يحيى بن معين يقولُ في رواية ابن عَبَّاس عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ قال: سمعتُه يقول: روى ابنُ عَبَّاس عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تسعةَ أحاديثَ، قال: وذُكِر عنه أنَّه قال: قُبِض رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأنا ختين ابن أربعَ عشرةَ سنةً، فكان الناس يعزُّونني، قال: وسمعت مُحَمَّد بن نصر يقول: سألت غُنْدرًا: قلت: كم روى ابنُ عَبَّاس عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سماعًا؟ قال: عشرة أحاديثَ، قال مُحَمَّد بن نصر: ناظرتُ يحيى بن سعيد القَطَّان _انتهى، وأين يحيى القَطَّان، وأين مُحَمَّد بن نصر؟! ولعلَّه سقط منه واحدٌ، وذلك لأنَّ يحيى بن سعيد تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وتسعين ومئة في صفر، ومُحَمَّد بن نصر وُلِد سنة اثنتين ومئتين، والله أعلم، وقد كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ على هذا الكلام ما لفظه: مُحَمَّد بن نصر هذا الذي روى عنه أبو جعفر ما هو المروزيُّ، وإنَّما هو آخَرُ، ويؤيِّده أنَّه سأل غُنْدرًا، والمروزيُّ ما أدرك السماعَ من غُنْدر أيضًا، انتهى_ في رواية ابن عَبَّاس عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: له تسعةُ أحاديثَ، انتهى.

وقال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة شمسُ الدين في «الهدي» في (رضاع الكبير): إنَّه سمع منه عليه السلام دون العشرين حديثًا، وسائرها عن الصَّحَابة، وقد نقل شيخُنا في أوائل «شرح هذا الكتاب» عن الداوديِّ قال: الذي صحَّ ممَّا سمع ابنُ عَبَّاس اثني عشرَ حديثًا، وحَكى غيره عن غُنْدر: عشرة أحاديثَ، وعن يحيى القَطَّان وأبي داود: تسعة، ووقع في «المستصفى»: أنَّ ابن عَبَّاس مع روايته قيل: إنَّه لم يسمع من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا أربعةَ أحاديثَ؛ لصِغَر سِنِّه ... إلى آخر كلامه، فالأقوال إذن خمسةٌ: أربعةٌ، تسعةٌ أو عشرةٌ، عشرةٌ من غير شكِّ، اثنا عشر، دون العشرين.

(1/11702)

[حديث: إنكم ملاقو الله حفاةً عراةً غرلًا]

6525# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٍو): هو ابن دينار.

قوله: (مُلَاقُو اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وكذا (غُرْلًا): تَقَدَّمَ بعيدًا.

==========

[ج 2 ص 693]

(1/11703)

[حديث: إنكم محشورون حفاةً عراةً]

6526# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.

قوله: (حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا [1]): تَقَدَّمَ أَهَلْ جميعُ الناس يُحْشَرون عُراةً، أو كلُّهم مكسوُّون، أو بعضٌ عارٍ وبعضُهم مكسوٌّ، ثلاثةُ أقوالٍ؛ الصحيح: أنَّ الشهداء يُحشَرون في أثوابهم، وغيرُهم عارٍ، في (كتاب الأنبياء) في (إبراهيم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ)، وما الحكمة في ذلك، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي ... ) إلى آخره، وقال شيخُنا هنا: ولعلَّهم المنافقون، ويحتمل أن يسمَّوا، فلا يسمِّيهم؛ تحذيرًا لغيرهم، ويحتمل ألَّا يسمَّوا له، وقيل: مَن قُتِل على رِدَّتِه، وأحرق الصِّدِّيقُ بعضَهم بالنار، ولعلَّ بعضَ من راجع الإيمان لم يخلص إيمانه، انتهى، وقد ذكرتُ أنا فيهم أقوالًا في (سورة المائدة)، والله أعلم.

(1/11704)

[حديث: الأمر أشد من أن يهمهم ذاك]

6527# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٌ، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان التيميُّ.

[ج 2 ص 693]

قوله: (قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ [اللهِ]؛ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ... )؛ الحديث: كذا في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» أنَّ عائشةَ القائلةُ، وفي «المستدرك» في (سورة عبس) في (التفسير) و «الثعلبيِّ» و «البغويِّ»: أنَّها سودة، وأنَّها قالت: (وا سوءَتاه ... )؛ الحديث، وفي «الأوسط» للطبرانيِّ من حديث أمِّ سلمة أنَّها القائلةُ: (وا سوءَتاه ... )؛ الحديث، والظاهر أنَّ كلًّا منهنَّ قال ذلك، والله أعلم.

قوله: (يُهِمَّهُمْ ذَلِكِ [1]): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الهاء، وفي الهامش بفتح أوَّله، وضمِّ ثانيه، وعليها تصحيحٌ، والضبط فيهما بالقلم، يُقال: همَّني الأمر همًّا؛ أي: أحزنني وأغمَّني، وأهمَّني؛ إذا بالغَ في ذلك، وهو المهمُوم، قاله ابن قُرقُول، وفي «صحاح الجوهريِّ»: الهمُّ: الحزن، والجمع: الهُموم، وأهمَّني الأمرُ؛ إذا أقلقكَ وحَزَنَكَ، يُقال: همَّك ما أهمَّك، والمُهِمُّ: الأمر الشديد، وهمَّني [2] المرض: أذابني، وفي هامش أصلنا من جملة حاشيةٍ: (قال في «المحكم»: همَّه الأمر همًّا ومَهَمَّةً، وأهمَّه فاهتمَّ، واهتمَّ به)، انتهى.

قوله: (ذَاكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّثٍ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11705)

[حديث: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة]

6528# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطُه، وأنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدر): تَقَدَّمَ أيضًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

قوله: (أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين الحديثِ الآخَرِ: «أهل الجنَّة مئةٌ وعشرون صفًّا، أنتم منهم ثمانون»، وقد تَقَدَّمَ الذي ذكره ابن قُتَيْبَة في «عوارفه» من طول الصَّفِّ وعرضِه، وعدد الصفوف، في (كتاب الأنبياء) في قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125].

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية الدمياطيِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 694]

(1/11706)

[حديث: أول من يدعى يوم القيامة آدم]

6529# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ [1] عبدِ الله، و (أَخُوهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويسٍ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّ ما قاله الأزديُّ عنه ليس بصحيحٍ، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (ثَور): هو بالمُثَلَّثَة، وهو ابن زيد الديليُّ، و (أَبُو الغَيْثِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه سالم مولى عبد الله بن مطيع، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَخْرِجْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (بَعْثَ جَهَنَّمَ): (البَعْث): اسم المبعوث إليها؛ أي: المرسَل والموجَّه، وهو من باب تسمية المفعول بالمصدر.

قوله: (إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ): (أُخِذ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (تسعةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/11707)

[باب قوله عز وجل: {إن زلزلة الساعة شيء عظيم}]

(1/11708)

[حديث: يقول الله: يا آدم فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك]

6530# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ [1]): كذا في أصلنا: (عن أبي سعيد: يقول الله)، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وفي الهامش من أصل سماعنا على العِرَاقيِّ نسخةٌ: (قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وعليها علامة راويها، وفي آخرها (صح)، وقد ذكره قبل ذلك مرفوعًا إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد راجعت «الأطراف» للمِزِّيِّ؛ فلم أرَه ذكره إلَّا مرفوعًا، والله أعلم.

قوله: (أَبْشِرُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا [2]): كذا في أصلنا، وفي هامشه: (ألفٌ)؛ بالرفع، وصُحِّح عليه، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ فقط، أمَّا النصب؛ فظاهرٌ، وأمَّا الرفع؛ فعلى أنَّ اسمَها ضميرٌ؛ تقديره: فإنَّه، والله أعلم، أو على خبرِ مبتدأ محذوفٍ؛ أي: والمُخرَج منهم ألفٌ.

قوله: (شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الجمع بينه وبين حديث: «أهل الجنَّة مئة وعشرون [3] صفًّا، أنتم منهم ثمانون»، وتَقَدَّمَ ما ذكره ابن قُتَيْبَة في «معارفه»، وعرضُ الصَّفِّ وطولُه، والله أعلم.

قوله: (أَوْ كَالرَّقْمَةِ [4] فِي ذِرَاعِ الْحِمَارِ): (الرَّقمة): هي الدائرة فيه، وقيل: هي شبه الظُّفُر في ذراع الدَّابَّة، قاله ابن قُرقُول، وفي «النهاية»: (الرَّقمة): الهَنَة النابتة في ذراع الدَّابَّة من داخِل، وهما رَقمَتان في ذراعَيها، وقد تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية في (الأنبياء).

==========

[1] (عزَّ وجلَّ): ليس في «اليونينيَّة».

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (ألفٌ).

[3] في (أ): (عشرون ومئة)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (الرَّقْمَةِ).

[ج 2 ص 694]

(1/11709)

[باب قول الله تعالى: {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون}]

قوله: (الْوُصُلَاتُ فِي الدُّنْيَا): (الوُصُلات): هو بضَمِّ الواو والصاد المُهْمَلَة، كذا في أصلنا بالقلم، قال شيخنا: بضَمِّ الصاد، ويجوز إسكانُها وفتحُها أيضًا، كما نبَّه عليه ابن التين، وقال الجوهريُّ: جمع وُصلةٍ: وُصَل، انتهى، وهذا رأيته في «الصحاح».

==========

[ج 2 ص 694]

(1/11710)

[حديث: يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه]

6531# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق أنَّ (أبان) الصحيحُ صرفُه، وقدَّمته مُطَوَّلًا؛ فانظره إن شئته، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان أحدُ الأعلام، لا ابن أمير مصر، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ.

قوله: (فِي رَشْحِهِ): (الرَّشْح): العَرَق.

==========

[ج 2 ص 694]

(1/11711)

[حديث: يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض]

6532# قوله: (حَدَّثَنَا [1] سُلَيْمَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بلال، وتَقَدَّمَ (أَبُو الغَيْثِ): أنَّه سالم مولى عبد الله بن مطيع أعلاه وقبله.

قوله: (حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا): أي: يسوخ وينزل.

قوله: (وَيُلْجِمُهُمْ): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الجيم، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ؛ أي: يبلغَ أفواهَهم ويعلوَ عليها حتَّى يكون كاللجام على فم الدَّابَّة يمنعهم الكلامَ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 694]

(1/11712)

[باب القصاص يوم القيامة]

قوله: (الْحَقَّةُ وَ {الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1] وَاحِدٌ، و {الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1]، وَالْغَاشِيَةُ، وَ {الصَّاخَّةُ} [عبس: 33]، وَالتَّغَابُنُ): ذكر هنا الإمام البُخاريُّ أسماءً للقيامة، ولها أسماءٌ عديدةٌ؛ منها غير ما ذكر: كيوم الانشقاق، ويوم الانفطار، ويوم التكوير، ويوم الانكدار، ويوم التسيير، ويوم التعطيل، ويوم التسجير، ويوم التفجير، ويوم الكشط، ويوم المدِّ، والساعة، والقيامة، ويوم النفخة، ويوم الزلزلة، ويوم الراجفة، ويوم الناقور، ويوم القارعة، ويوم البعث، ويوم النشور، ويوم الخروج، ويوم الحشر، ويوم العَرْض، ويوم الجمع، ويوم الفَرْق، ويوم الصَّدْع، والصَّدر، ويوم البعثرة، ويوم الفزع، ويوم التناد، ويوم الدعاء _وهو النِّداءُ_، ويوم الواقعة، ويوم الخافضة والرافعة، ويوم الحساب، ويوم السؤال،

[ج 2 ص 694]

ويوم الشهادة، ويوم يقوم الأشهاد، ويوم الجِدَال، ويوم الطامَّة، ويوم الوعيد، ويوم الدين، ويوم الجزاء، ويوم الوفاء، ويوم الحسرة، ويوم التبديل، ويوم التلاق، ويوم الآزفة، ويوم المآب، ويوم المصير، ويوم القضاء، ويوم الحُكْم، ويوم البعث، ويوم القصاص، ويوم الوزن، ويوم عقيم، ويوم عسير، ويوم مشهود، ويوم عَبوس، و {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9]، و {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} [الانفطار: 19]، ويوم الفصل، ويوم الفرار، ويوم الدَّعِّ، ويوم التقلُّب _وهو التجوِّي [1]_، ويوم الشخوص والإقناع، و {يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 35 - 36]، و {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} [غافر: 52]، ويوم {لَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 42]، ويوم الفتنة، و {يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} [الروم: 43]، ويوم الغاشية، ويوم {لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} [الفجر: 25 - 26]، و {يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ} [إبراهيم: 31]، ويوم {لَا رَيْبَ فِيهِ} [آل عمران: 9]، و {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]، ومنها: يوم الأذان، ويوم الشفاعة، ويوم المعرفة، ويوم القلق والجوَلان.

(1/11713)

قال القرطبيُّ وقد ذكرَ هذه الأسماءَ: ولا يمتنع أن تُسَمَّى بأسماء غير ما ذُكِر بحسب الأحوال الكائنة فيه من الازدحام، والتضايق، واختلاف الأقدام، والخزي، والهوان، والذُّلِّ، والافتقار، والصَّغَار، والانكسار، ويوم الميقات، والمرصاد ... إلى غير ذلك من الأسماء، وسيأتي التنبيه على ذلك في الباب بعد هذا، انتهى، والله أعلم.

قوله: (وَحَوَاقَّ الأُمُورِ) [2]: (حَواقُّ): بفتح الحاء، وتشديد القاف، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (الْحَقَّةُ): هو بفتح الحاء، وتشديد القاف المفتوحة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَالتَّغَابُنُ: غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ): (غَبْن): مصدرٌ، و (أهلِ): مجرورٌ مضافٌ، و (أهلَ النار): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ، وكذا هو مضبوطٌ هنا في أصلنا، وفي (سورة التغابن): (غَبِنَ أهلُ الجنَّة أهلَ النار): (غَبِنَ): فعلٌ ماضٍ، و (أهلُ الجنَّة): مَرْفُوعٌ فاعل (غَبِنَ)، و (أهلَ النار): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وقد تَقَدَّمَ.

(1/11714)

[حديث: أول ما يقضى بين الناس بالدماء]

6533# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث): أنَّه بكسر الغين المُعْجَمَة، وبالمُثَنَّاة تحت المُخَفَّفة، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، و (شَقِيقٌ): هو ابن سلمة أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ بِالدِّمَاءِ): إن قيل: ما الجمع بين هذا وبين الحديث الآخَرِ: «أوَّلُ ما يُحاسَب به العبدُ من عمله صلاتُه ... »؛ الحديث؟ قيل: الجواب: أنَّ الدماءَ أوَّل ما يُقضَى فيها في الحساب بين الناس بعضِهم في بعض، فإذا فرغ من الناس؛ فأوَّلُ ما يُحاسَب به من عمله صلاتُه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 695]

(1/11715)

[حديث: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها]

6534# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكِ بن أنس الإمامِ، و (سَعِيد الْمَقْبرِيُّ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبريُّ، وأنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المقبريُّ.

قوله: (مَظْلِمَةٌ): هي بفتح الميم، ولام مكسورة: ما يطلبه عند الظالم، وهو اسمُ ما أُخِذ منك، وأمَّا مَظلَمة؛ بفتحهما _أعني: الميم واللام_؛ فمصدرٌ، تقول: ظَلَمه يظلِمه ظُلْمًا، ومَظْلَمةً، قاله الجوهريُّ، وقال شيخُنا: والمظلَمة: بفتح اللام القياس، وبه ضبطه ابن التين، والدِّمْيَاطيُّ ضبطه بكسرها، انتهى، وقد قَدَّمْتُ كلام الجوهريِّ وغيرِه في (كتاب المظالم).

قوله: (ثَمَّ دِينَارٌ): (ثَمَّ): بفتح الثاء، وتشديد الميم؛ أي: هناك، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَنْ يُؤْخَذَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ): (أُخِذ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: سعيد المقبريُّ وأبوه أبو سعيد كيسانُ سمعا من أبي هريرة).

[ج 2 ص 695]

(1/11716)

[حديث: يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة ... ]

6535# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي عروبة، و (أَبُو المُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عليُّ بن داود، وقيل: ابن دُؤاد، و (الناجيُّ): تَقَدَّمَ أيضًا أنَّه بالنون، وبعد الألف جيم، ثُمَّ ياء النسبة، تَقَدَّمَ لماذا نُسِب، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (فَيُقْتَصُّ [1] لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ): (يقتصُّ): يجوز بناؤه للفاعل وللمفعول، فإن بنيتَه للفاعل؛ كان (مظالم) منصوبًا، مفعول، وهو مَنْصُوبٌ بالفتحة؛ لأنَّه لا ينصرف، وإن بنيتَه للمفعول؛ كان (مظالم) مَرْفُوعًا [2] غير مُنَوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (هُذِّبُوا وَنُقُّوا): هما مبنيَّان لِما لم يُسَمَّ فاعلُهما، و (هُذِّبوا): بضَمِّ الهاء، وكسر الذال المُعْجَمَة المُشَدَّدة، و (نُقُّوا): بضَمِّ النون، وتشديد [3] القاف.

قوله: (أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ): (أذن لهم): مَبْنيٌّ للمفعول وللفاعل أيضًا.

قوله: (أَهْدَى): هو غير مهموز، وهذا ظاهِرٌ، من الهداية.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (فَيُقَصُّ).

[2] في (أ): (مرفوع)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[3] زيد في (أ): (يد)، وهو سبق قلم.

[ج 2 ص 695]

(1/11717)

[باب: من نوقش الحساب عذب]

قوله: (بَاب مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ؛ عُذِّبَ): تنبيهٌ: بعد أن يُعلَم أنَّ الحسابَ: أنَّ الباري عزَّ وجلَّ يعدِّد على الخلق أعمالَهم من إحسانٍ وإساءةٍ، ويعدِّدُ عليهم نِعَمَه، ثُمَّ يقابل البعضَ بالبعض، فما يشفُّ منها على الآخر؛ حُكِمَ للمشفوف بحكمه الذي عيَّنه للخير بالخير، والشرِّ بالشرِّ؛ قيل: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يحاسب المكلَّفين بنفسه، ويخاطبهم تعالى عزَّ وجلَّ، ولا يخاطبهم واحدًا بعد واحدٍ، وقيل: إنَّ الملائكة يحاسِبون بأمر الله عزَّ وجلَّ؛ كما أنَّ الحُكَّام يحكمون بأمر الله، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ... } إلى قوله: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 77]، وإن لم يكن بهذه الصفة؛ فإنَّ الله يكلِّمُه، فيكلِّمُ المؤمنين، ويحاسبُهم حسابًا يسيرًا من غير ترجمان؛ إكرامًا لهم؛ كما أكرم اللهُ موسى عليه السلام في الدنيا بالتكليم، ولا يُكلِّم الكفَّار، فتحاسبهم الملائكةُ، ويُميِّزهم بذلك عن أهل الكرامة، فتتَّسع قدرتُه لمحاسبة الخلق كلِّهم معًا؛ كما تتَّسع قدرتُه لإحداث خلائقَ كثيرةٍ معًا، قال الله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان: 28]، ويروى عن عليٍّ رضي الله عنه: أنَّه سُئِل عن محاسبة الخلق، فقال: كما يرزقهم في غداة واحدة كذلك يحاسبهم في ساعةٍ واحدةٍ، والله أعلم.

(1/11718)

[حديث: من نوقش الحساب عذب]

6536# قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان.

قوله: (ذَلِكِ الْعَرْضُ): (ذلكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّثٍ.

تنبيهٌ: في «مستدرك الحاكم» في (كتاب التوبة) عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول في بعض صلاته: «اللهمَّ؛ حاسبني حسابًا يسيرًا»، فلمَّا انصرف؛ قلتُ: يا رسولَ الله؛ ما الحساب اليسير؟ قال: «ينظر في كتابه، ويتجاوز عنه، إنَّه مَن نُوقِش الحسابَ يومئذٍ؛ هلك ... »؛ الحديث، لم يتعقَّبه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه».

[ج 2 ص 695]

قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو أبو حفص الفَلَّاس، أحد الأعلام، الصيرفيُّ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد، وكذا في نسخة، القَطَّانُ الحافظُ الجِهْبِذ، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ قُبَيل هذا أنَّه عبد الله بن عُبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ.

قوله: (وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَيُّوبُ، وَصَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ [2]، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): قوله: (وتابعه): الضمير في (تابعه) يعود على عثمان بن الأسود، و (ابن جُرَيجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، ومتابعة ابنِ جُرَيجٍ لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: متابعة ابن جُرَيجٍ ومُحَمَّد بن سُلَيم أخرجهما أبو عوانة في «صحيحه» بسند ذلك، انتهى.

و (مُحَمَّد بن سُلَيم): هو بضَمِّ السين، وفتح اللام، أبو هلال، عن الحسن، ومُحَمَّد، وقتادة، وعنه: ابن مهديٍّ، وطالوتُ، وشيبان، وآخرون، وَثَّقَهُ أبو داود، وقال ابن معين: صدوقٌ، وقال النَّسائيُّ وغيرُه: ليس بالقويِّ، تُوُفِّيَ سنة (167 هـ)، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى [له] الأربعةُ، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومتابعة مُحَمَّد بن سُلَيم لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وشيخُنا رحمه الله لم يخرِّجْها.

(1/11719)

و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، ومتابعة أيُّوبَ أخرجها البُخاريُّ في (التفسير) عن سليمان بن حرب، عن حَمَّاد، عن أيُّوب به، وأخرجها مسلمٌ في (صفة النار) عن أبي الربيع الزهرانيِّ وأبي كامل الجحدريِّ؛ كلاهما عن حَمَّاد بن زيد به، وعن أبي بكر ابن أبي شيبة وعليِّ بن حُجْر؛ كلاهما عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن أيُّوب به، وأخرجها التِّرْمِذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ، وأخرجها النَّسائيُّ.

و (صالح بن رُسْتمَ): (رُسْتمُ): لا ينصرف؛ للعُجْمَة والعلميَّة، وهذا ظاهِرٌ، و (صالح): هو أبو عامر الخزَّاز المزنيُّ مولاهم، البصريُّ، عن عكرمة، والحسن، وابن أبي مُلَيْكَة، وطائفةٍ، وعنه: ابنه عامر بن أبي عامر، وإسرائيلُ، وهُشَيمٌ، ويحيى القَطَّان، وأبو داود الطيالسيُّ، وخلقٌ، ضعَّفه ابن معين، وقال أيضًا: لا شيء، وقال أحمد: صالح الحديث، وقال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، وقال أبو داود الطيالسيُّ وأبو داود: ثقة، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، وقال الدَّارَقُطْنيُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن عديٍّ: لم أرَ له حديثًا منكرًا، أخرج له مسلمٌ والأربعة، وعلَّق له البُخاريُّ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، ومتابعته لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وشيخُنا لم يخرِّجْها.

تنبيهٌ: لهم: صالح بن رُسْتمَ آخَرُ، يكنى أبا عبد السلام، دمشقيٌّ، مولى بني هاشم، عن ثوبان وعبد الله بن حَوالة، وعنه: سعيد بن أبي أيُّوب، وعبد الرَّحْمَن بن يزيد بن جابر، وغيرُهما، قال أبو حاتم: مجهولٌ، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، أخرج له أبو داود، وله ترجمةٌ في «الميزان»، في (صالح عن مكحولٍ): شاميٌّ مجهولٌ، قال الذَّهَبيُّ: قلت: روى عنه ثقتان، فخفَّت الجهالةُ، انتهى، تَقَدَّمَ أنَّه روى عنه غيرُهما، وقوله: (خفَّت الجهالة): الظاهر أنَّ معناه: انتقل من جهالة العين إلى جهالة الحال، وقد تَقَدَّمَ أنَّ ابنَ القَطَّان قال: إذا روى عن الشخصِ شخصٌ مع توثيقٍ واحدٍ له من أئمَّة الجرح والتعديل؛ قُبِل، وإلَّا؛ فلا، وهذا قولٌ من أقوالٍ في المسألة.

و (ابن أبي مُلَيْكَة): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (رستمٍ).

(1/11720)

[حديث: ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك]

6537# قوله: (حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الراء، وأنَّ بعضَهم قال: وبالضَّمِّ أيضًا، و (عُبَادة): بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، و (عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا.

قوله: (يُحَاسَبُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (ذَلِكِ الْعَرْضُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّثٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها تلفُّظًا وكتابةً في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

(1/11721)

[حديث: يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان لك ... ]

6538# قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ): هو بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وهو مُحَمَّد بن مَعْمَر بن رِبْعيٍّ القيسيُّ، أبو عبد الله البصريُّ، المعروف بالبحرانيِّ، أخرج له الجماعة، ترجمته معروفةٌ، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (سَعِيدٌ): هو ابن أبي عَرُوبة، وقد تَقَدَّمَ كلام صاحب «القاموس» في (عروبة).

==========

[ج 2 ص 696]

(1/11722)

[حديث عدي: ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة]

6539# 6540# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) قريبًا وبعيدًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (خَيْثَمَةُ): هو ابن عبد الرَّحْمَن الجعفيُّ الكوفيُّ.

قوله: (لَيْسَ بَيْنَهُ [1] وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الترجمان) في حديث هرقل في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (قَالَ الأَعْمَشُ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ): (عمرو): هو ابن مُرَّة، وفي «أطراف المِزِّيِّ»: (قال الأعمش: وحدَّثني)؛ بالواو، وهذا أوضح، وقد أخرجه البُخاريُّ في (التوحيد) عن عليِّ بن حُجر، عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، بالإسنادين جميعًا، وزاد: (ولو بكلمة طيِّبة)، وفيه أيضًا عن يوسف بن موسى، عن أبي أسامة، عن الأعمش، عن خيثمة به مختصرًا، وأخرجه مسلمٌ في (الزكاة)، والتِّرْمِذيُّ في (الزهد)، وابن ماجه في (السُّنَّة).

قوله: (وَأَشَاحَ): تَقَدَّمَ الكلام على (أَشاح)، وهو بفتح الهمزة، ثُمَّ شين معجمة، وبعد الألف حاء مهملة؛ أي: جدَّ وانكمش على الوصيَّة باتِّقاء النار، وقيل: حَذِر من ذلك كأنَّه ينظر إليها، و (المشيح): الحَذِر، وقيل: الهاربُ، وقيل: (أشاح): أقبل، وقيل: قبضَ وجهَه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (بَيْنَ اللهِ).

[ج 2 ص 696]

(1/11723)

[باب: يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب]

قوله: (بَاب يَدْخُلُونَ [1] الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ): فائدةٌ هي تنبيهٌ: سُئِل الحنَّاطيُّ من الشَّافِعيَّة عن الأنبياء والأولياء هل يُحاسَبون يوم القيامة؟ فأجابَ في «فتاويه»: أنَّهم يُحاسَبون بأعمالهم، قال: وكذلك الكفَّارُ يُعرَّفون ما عملوا، ثُمَّ يُؤمَر بهم إلى النار، قال: والصحيح أنَّ الكافرَ وُكِّلَ به مَن يكتب عملَه من المَلَكين؛ كما على المسلم، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} [الإنشقاق: 10]؟! فهؤلاء هم الكفَّار عند أكثر العلماء، وهو الصحيح، ومَن يؤتى كتابه بيمينه؛ كان مؤمنًا مُصلِحًا، ومن أوتيه بشماله؛ كان فاجرًا فاسقًا، انتهى، فقوله في الأنبياء: (إنَّهم يحاسبون): فيه نظرٌ، وإذا كان يدخل الجنَّةَ سبعون ألفًا بغير حساب، وهم الذين وُصِفوا بأنَّهم «لا يسترقون ... »؛ الحديث، وأين مقام هؤلاء من الأنبياء؟! والأنبياء أعلى مقامًا من جميع الخلق؛ فكيف يُحاسَبون؟! بل يُؤخَذ من السبعين ألفًا أنَّ الأنبياءَ لا يُحاسَبون من بابٍ أَولى، وكذلك الحديث الذي في «الصحيح»: «أدخِل من أمَّتك مَن لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنَّة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب»، والحديث الآخَرُ: «سبعين ألفًا، مع كلِّ ألفٍ سبعون ألفًا لا حساب عليهم»، وسيجيء، وغير ذلك، والحساب هو لمن له حسناتٌ وسيِّئاتٌ، والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصومون، وقول الحنَّاطيِّ: (إنَّ من أُوتِيَ كتابه بيمينه؛ كان مؤمنًا مصلحًا ... ) إلى آخر كلامه؛ فاعلم أنَّ القاضيَ عياضًا رحمه الله نقل في «شرح مسلم» في (أحاديث الحوض) في (كتاب المناقب) قولَين؛ أحدهما: أنَّ جميع المؤمنين من الأمم يأخذون كُتُبَهم بأيمانهم، ثُمَّ يعذِّب الله مَن شاء [2] مِن عُصاتهم، والثاني: إنَّما يأخذ كتابَه بيمينه الناجون من النار خاصَّةً، انتهى [3].

تنبيهٌ ثانٍ: هؤلاء السبعون ألفًا هم من مقبرةٍ واحدةٍ؛ وهي البقيعُ؛ مقبرةُ أهل المدينة المشرَّفة، ويحتمل أنَّهم منهم ومِن غيرهم.

(1/11724)

قال القرطبيُّ في «تذكرته» في (باب مَن يدخل الجنَّةَ بغير حساب) ما لفظه: (خرَّج التِّرْمِذيُّ _يعني: مُحَمَّد بن عليٍّ الحافظ الحكيم_ عن نافعٍ، عن أمِّ قيس حدَّثته: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خرج آخذًا بيدها في سكَّةٍ من سِكَك المدينة حتَّى انتهى بها إلى بقيع الغرقد، فقال: «يُبعَث منها سبعون ألفًا يوم القيامة في صورة القمر ليلةَ البدر، يدخلون الجنَّةَ بغيرِ حسابٍ»، فقام رجل، فقال: يا رسول الله؛ ادعُ الله أن يجعلني منهم، قال: «أنت منهم»، فقام رجلٌ آخَرُ

[ج 2 ص 696]

فقال: يا رسول الله؛ ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال: «سبقك بها عكَّاشة»)، انتهى، وقد رأيتُ هذا الحديثَ في «معجم الطَّبَرانيِّ الكبير» من حديث أمِّ قيسٍ بنتِ محصن في (معجم النساء)، قال الحكيم التِّرْمِذيُّ: (فهذا العدد من مقبرةٍ واحدةٍ، فكيف بسائر مقابر أمَّته؟!) انتهى، فيحتمل أنَّ هذه القصَّةَ غيرُ التي فيها: «هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيَّرون ... »؛ الحديث، ويحتمل أنَّها هي، وأنَّ قوله: «هم الذين لا يسترقون ... » إلى آخره اختُصِر، فإن كانت غيرَها؛ فهؤلاء غيرُ أولئك، وإن كانت؛ فهم هم، والله أعلم.

وممَّا يؤيِّد أنَّه هو الحديثُ حديثٌ رواه أبو بكر ابن أبي شيبة من حديث أبي أمامة الباهليِّ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «وعدني ربِّي أن يُدخِل الجنَّةَ من أمَّتي سبعين ألفًا، مع كلِّ ألفٍ سبعون ألفًا لا حسابَ عليهم ولا عذابَ، وثلاث حَثَياتٍ من حَثَيات ربِّي»، وفي سنده إسماعيل بن عيَّاش، وقد عنعن، ولكن الطَّبَرانيَّ قد صَرَّحَ في طريقه بالتحديث فيه، وهو يرويه عن مُحَمَّد بن زياد؛ هو الألهانيُّ، وهو شاميٌّ.

(1/11725)

وأيضًا قد جاء من غير طريقه كما أخرجه ابن أبي عاصم، وصحَّح أبو عبد الله المقدسيُّ الضياءُ طريقَ ابن أبي عاصم، وقد ذكره ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة في «حادي الأرواح» من حديث عتبة بن عبد السُّلَميِّ من عند الطَّبَرانيِّ، قال الضياء المقدسيُّ: لا أعلم لهذا الإسناد علَّةً، وكذا ذكره ابن القَيِّمِ من حديثِ غيرِ مَن ذكرت؛ فانظره إن أردته من «حادي الأرواح» في الباب الثالث والثلاثين، وفي بعض طرقه في «الطَّبَرانيِّ»: (فحُسِب ذلك عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فبلغ كذا وكذا)، وفي الجملة في النسخة التي وقفتُ عليها غلطٌ، والصوابُ: فجاءت جملة الكلِّ خمسةَ آلافِ ألفِ أَلفِ إلَّا عشرةَ آلافٍ، والله أعلم، وهذا غيرُ الثلاثِ حَثَيات، فالحَثَيات لا يَعلمُ عدَدَهم إلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ، ولو شاء الله؛ لأدخل الخلقَ كلَّهم بحثيةٍ واحدةٍ.

وقد رأيت أنا في «مسند أبي يعلى المَوصليِّ» حديثًا عن أبي بكر رضي الله عنه _وفي سنده رجلٌ مبهمٌ_: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «يدخل الجنَّة من أمَّتي سبعون ألفًا بغير حساب ... » إلى أن قال: «فاستزدتُ ربِّي، فزادني مع كلِّ واحدٍ سبعين ألفًا ... »؛ الحديث، وفي «التِّرْمِذيِّ» و «ابن ماجه» من حديث أبي أمامة: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «وعدني ربِّي أن يُدخِلَ الجنَّة من أمَّتي سبعين ألفًا لا حسابَ عليهم ولا عذابَ، مع كلِّ ألفٍ سبعون ألفًا، وثلاث حَثَيات من حَثَيات ربِّي»، قال التِّرْمِذيّ: حسنٌ غريبٌ.

تنبيهٌ: جملة هذا المذكور في هذا الحديث تَقَدَّمَت أعلاه، وأمَّا حديث: «مع كلِّ ألفٍ [4] سبعون ألفًا»؛ فجملة ذلك تسعُ مئةِ ألفِ ألفٍ وأربعةُ آلافِ ألفِ أَلفٍ، كذا حسبه اثنان ممَّن يحسب، والله أعلم، قال القرطبيُّ في «التذكرة»: وخرَّج أبو بكر البزَّار من حديث أنس بن مالك: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «يدخل الجنَّةَ من أمَّتي سبعون ألفًا، مع كلِّ واحدٍ من السبعين ألفًا سبعون ألفًا».

(1/11726)

[حديث: عرضت علي الأمم فأخذ النبي يمر معه الأمة]

6541# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن فُضَيل بن غزوان الضَّبِّيُّ مولاهم، الحافظ، و (فُضَيل): بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، و (حُصَيْنٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وهو ابن عبد الرَّحْمَن السُّلَميُّ.

قوله: (وَحَدَّثَنِي أَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ): (أَسِيد): بفتح الهمزة، وكسر السين، وهو أَسِيد بن زيد بن نَجِيح الجمَّال؛ بالجيم، روى عنه البُخاريُّ حديثًا واحدًا؛ وهو هذا الذي نحن فيه مقرونًا كما تراه هنا، أبو مُحَمَّد الكوفيُّ، قال ابن معين: كذَّاب، وقال النَّسائيُّ: متروك، وقال ابن عديٍّ: عامَّة ما يرويه لا يُتابَع عليه، لم يخرِّج له سوى البُخاريِّ مقرونًا بعِمران بن ميسرة، لأَسِيد ترجمةٌ في «الميزان»، وفيها: أنَّه تُوُفِّيَ قبل العشرين ومئتين، انتهى، وقد اتَّهمه ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» في حديثٍ في فضل عائشةَ رضي الله عنها بأنَّه وضعه، و (هُشَيْمٌ) بعده: هو ابن بَشِير، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه حافظ بغداد، و (حُصَيْن): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عبد الرَّحْمَن.

قوله: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ): (عُرِضَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عَلَيَّ): جارٌّ ومجرورٌ.

قوله: (فَأَخَذَ النَّبِيُّ): (أخَذَ): بالخاء والذال المعجمتين المفتوحَتَين، كذا في أصلنا الذي سمعنا منه على العِرَاقيِّ، فـ (النَّبيُّ) على هذه: مَرْفُوعٌ فاعلٌ، ورأيتُ في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (فَأَجِدُ)؛ بفتح الهمزة، وكسر الجيم، وبالدال المُهْمَلَة، من الوِجْدان، فـ (النَّبيَّ) على هذه: مَنْصُوبٌ مفعولٌ.

قوله: (فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ): أي: أشخاصٌ كثيرةٌ.

قوله: (إِلَى الأُفُقِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الأُفُق) بضَمِّ الهمزة والفاء وتُسَكَّن: جانب السماء.

قوله: (لَا يَكْتَوُونَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الكَيِّ)، وعلى الجمع بين أحاديثه، وأنَّها أربعةُ أنواعٍ، في (كتاب الطِّبِّ).

قوله: (وَلَا يَسْتَرْقُونَ): تَقَدَّمَ أنَّ ما رواه مسلمٌ: «لا يرقون ولا يسترقون» مقحمةٌ في الحديث، وأنَّ الصوابَ ما رواه البُخاريُّ بحذف (يرقون)، وأنَّ ابنَ تيمية أبا العَبَّاس نبَّه عليه.

قوله: (وَلَا يَتَطَيَّرُونَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الطِّيَرَة).

(1/11727)

قوله: (فَقَامَ [1] عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (عكَّاشة) بالتشديد ويُخَفَّف، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وتَقَدَّمَ ضبط (مِحْصَن)، وما قاله ابن قُرقُول في أخته أمِّ قيس بنت [2] مِحْصَن نقلًا.

قوله: (ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ): تَقَدَّمَ أنَّه سعد بن عبادة سيِّد الخزرج، وقد يُجاب عن قوله: «سبقك بها عكَّاشة»: بأنَّه لم يبلغ منزلةَ عكَّاشة؛ لكونه شهد بدرًا، وهذا من معاريضِ الكلام، والرِّفقِ في الخطاب، وقد وقع في «صحيح مسلم»: أنَّ سعدَ بن عبادة شهد بدرًا، وهو غيرُ معروفٍ عند أهل السِّيَر، قال أبو الفتح ابن سَيِّد النَّاسِ في شهوده بدرًا: لم يصحَّ، انتهى، أو أنَّه لم يهتمَّ كما اهتمَّ عكَّاشةُ، بل جلس حتَّى قام عكَّاشة، أو أنَّه لم يكن فيه تلك الشروط، والله أعلم، ويحتمل في كونه ليس منهم التنبيهُ على فضيلة السَّبْق إلى القُربات، ولو أجابه؛ لم يكن للسَّابقِ مزيَّةٌ، وهو قريبٌ من الثاني، أو هو هو، والله أعلم.

تنبيهٌ: ذكر السُّهَيليُّ في «روضه» ما لفظه _وذكر قول النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لعكَّاشة حين قال: ادعُ الله يا رسول الله أن يجعلني منهم، فدعا له، ثُمَّ قام رجلٌ آخَرُ، فقال: ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال: «سبقك بها عكَّاشة» _: هذا الحديث في «الصحاح»، وزاد ابن إسحاق: «وبَرَدَتِ الدَّعوةُ»، وذكر أبو عمر النَّمِريُّ عن بعض أهل العلم _ولم يسمِّه_: أنَّ الرجلَ الذي قيل له: «سبقك بها عكَّاشة» كان منافقًا، ولذلك لم يدعُ له النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال السُّهَيليُّ: وهذا لا يصحُّ؛ لأنَّ في «مسند البزَّار» من طريق أبي صالح عن أبي هريرة في هذا الحديث: (فقام رجلٌ من خِيار المهاجرين، فقال: ادعُ الله أن يجعلني منهم)، قال ابن بَطَّال: (معنى قوله: «سبقك بها عكَّاشة»؛ أي: سبقك بهذه الصِّفَة التي هي صِفَةُ السبعين ألفًا؛ ترك التطيُّر ونحوه، ولم يقل: لستَ منهم ولا على أخلاقهم؛ لحسن أَدَبِه عليه السلام، وتلطُّفِه في الكلام، لا سيَّما مع أصحابه الكرام.

قال السُّهَيليُّ: (والذي عندي في هذا الحديث أنَّها كانت ساعة إجابة علمها عليه السلام، فلمَّا انقضت؛ قال للرجل ما قال، يبيِّن هذا الحديثَ حديثُ أبي سعيد الخُدْريِّ، فإنَّه قال فيه بعد ذكر عكَّاشة: (فقام رجلٌ آخَرُ، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «اللهمَّ؛

[ج 2 ص 697]

(1/11728)

اجعله منهم»، ثُمَّ سكتوا ساعةً يتحدَّثون، ثُمَّ قام الثالث فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «سبقك بها عكَّاشة وصاحبُه، ولو قلتُ؛ لقلتُ، ولو قلتُ؛ لوجبت»، وهي في «مسند ابن أبي شيبة»، وهو في «مسند البزَّار» أيضًا، ويقوِّي هذا المعنى أيضًا روايةُ ابن إسحاق، فإنَّه زاد: (فقال: «سبقك بها عكَّاشة، وبَرَدَت الدعوة»)؛ فَقِفْ على ما ذكرتُه في تفسير حديث عكَّاشة، فإنَّه من فوائد هذا الكتاب، انتهى، وقال غيره: وفي امتناعه أن يدعُوَ للرجل الثاني سدُّ باب الطلب، فإنَّه لو دعا لكلِّ مَن سأله ذلك؛ فربَّما طلبه مَن ليس مِن أهله، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (إليه).

[2] في (أ): (بن)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11729)

[حديث: يدخل من أمتي زمرة هم سبعون ألفًا]

6542# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب)؛ فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (زُمْرَةٌ): (الزُّمْرة): الجماعة في تفرقة؛ أي: بعضهم على إثر بعضٍ.

قوله: (تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ): (تُضيء): بضَمِّ أوَّله، وهمزة في آخره، رُباعيٌّ، و (وجوهُهم): مَرْفُوعٌ فاعل، و (إضاءةَ)؛ بكسر الهمزة، وهمزة ممدودة في آخره: مَنْصُوبٌ على المصدر.

قوله: (فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (عكَّاشة) بالتشديد وبالتخفيف أيضًا، وتَقَدَّمَ ضبط (مِحْصَن)، وبعض ترجمة عكَّاشة، و (الأَسَدِيُّ): بفتح الهمزة والسين.

قوله: (يَرْفَعُ نَمِرَةً): تَقَدَّمَ ما (النَّمِرة).

قوله: (ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ في ظاهر هذه أنَّه سعد بن عبادة، وتَقَدَّمَ كلام أبي عمر ابن عَبْدِ البَرِّ، وكلام السُّهَيليِّ، وما يتعلَّق بذلك، قريبًا جدًّا.

(1/11730)

[حديث: ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفًا أو سبعمائة ألف]

6543# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا مريم) هو الحكم بن مُحَمَّد، وتَقَدَّمَ (أَبُو غَسَّانَ): أنَّه يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّه مُحَمَّد بن مُطَرِّف، وتَقَدَّمَ (أَبُو حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار، مرارًا.

قوله: (مُتَمَاسِكِينَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ): (آخِذٌ)؛ بمدِّ الهمزة، وكسر الخاء: اسمُ فاعلٍ.

==========

[ج 2 ص 698]

(1/11731)

[حديث: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقوم ... ]

6544# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، و (يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (صَالِح): هو ابن كيسان.

قوله: (ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ): هذا المؤذِّن لا أعرف اسمه.

==========

[ج 2 ص 698]

(1/11732)

[حديث: يقال لأهل الجنة خلود لا موت]

6545# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: تَقَدَّمَ [أنَّه] عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 2 ص 698]

(1/11733)

[باب صفة الجنة والنار]

قوله: (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ): تَقَدَّمَ ما (زيادة الكبد)، وتَقَدَّمَ ما هذا (الحوت)، وما الحكمة في ذلك.

(1/11734)

[حديث: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ... ]

6546# قوله: (حَدَّثَنَا عَوْفٌ): هذا هو عوفٌ الأعرابيُّ، وهو ابن أبي جَمِيلة، واسمُ أبي جَمِيلة رُزَينَةُ، وقيل: بندويه، ولم يكن أعرابيًّا، وإنَّما لُقِّبَ به، وقال ابن دقيقِ العيد: (لدخوله درب الأعراب)، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عِمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك، العطارديُّ، و (عِمْرَان): هو ابن حُصَين، وحُصَين صَحَابيٌّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام على (حُصَين)، وأنَّه بالضَّمِّ.

قوله: (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ)، وكذا بعده: (وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ): قال ابن قُرقُول في قوله عليه السلام: «ولو أنَّ امرأةَ اطَّلعت على أهل الأرض»: أي: أشرفت، يقال: أَطْلع الرجلُ إطْلاعةً؛ بسكون الطاء فيهما؛ أي: أشرف، واطَّلعت من فوق الجبل.

قوله: (فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ)، وكذا الثانية: (أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على نصب (أكثرَ) في أوائل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ الكلام على سؤالٍ في الحديث وجوابِه.

==========

[ج 2 ص 698]

(1/11735)

[حديث: قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين.]

6547# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو ابن إبراهيم ابن عُلَيَّة، أحد الأعلام، و (سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن طرخان، و (أَبُو عُثْمَانَ): هو عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّم اللُّغَات في (مَلٍّ)، النهديُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أُسَامَة): هو ابن زيد بن حارثة، الحِبُّ بن الحِبِّ، رضي الله عنهم، وحارثةُ أسلمَ وصَحِبَ.

قوله: (فَكَانَ عَامَّة مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِين): (عامَّةَ): مَنْصُوبٌ خبرٌ، و (المساكينُ): مَرْفُوعٌ، الاسم، ويجوز العكس [1].

قوله: (وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ): (الجَدُّ)؛ بفتح الجيم، وتشديد الدال المُهْمَلَة: الحظُّ والغنى، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (مَحْبُوسُونَ): أي: عن دخول الجنَّة، أو موقوفون للحساب.

قوله: (قَدْ أُمِرَ بِهِمْ): (أُمِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 698]

(1/11736)

[حديث: إذا صار أهل الجنة إلى الجنة]

6548# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان، و (عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ): هو ابن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّمَ.

قوله: (جِيءَ بِالْمَوْتِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الموتَ) معنًى، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ يُجَسِّدُه، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في (سورة مريم) في (التفسير) [خ¦4730]، وهناك ذكرتُ مَن يذبحُه، وكلامَ مَن قال: إنَّ مَلَك الموت يُذبَح، وردَّه، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ يُذْبَحُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ في (سورة مريم) مَن يذبحُه.

قوله: (حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ): (الحُزْن) و (الحَزَن) لغتان، تقدَّمتا.

(1/11737)

[حديث: إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة]

6549# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما.

قوله: (أُحِلُّ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الحاء، وتشديد اللام، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ.

(1/11738)

[حديث: ويحك أوهبلت أوجنة واحدة هي؟]

6550# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المسنَديُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث، أبو إسحاق الفَزاريُّ، و (حُمَيد): هو ابن أبي حُمَيد الطويلُ، أبو عُبيدة البصريُّ، تَقَدَّمَ، وليس بحُمَيد بن هلال، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» عن أنسٍ إلَّا حديثان: «أخذ الراية زيدٌ، فأصيب»، وحديث: «كأنَّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غَنْم موكب جبريل»، ليس له عن أنس في «البُخاريِّ» غيرُهما، والأوَّل في «النَّسائيِّ» أيضًا، والثاني انفرد به البُخاريُّ، والله أعلم.

[ج 2 ص 698]

قوله: (أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (حارثة) هذا في (الجهاد) مُطَوَّلًا، وهو بالحاء المُهْمَلَة، وبعد الألف ثاء مُثَلَّثَة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أمِّه)، وأنَّها الرُّبَيِّع _بضَمِّ الراء، وفتح المُوَحَّدة، وتشديد المُثَنَّاة تحت المكسورة_ بنت النَّضْر، وأنَّها عمَّة أنسِ بن مالك، وبقيَّة نسبها في نسب أنسٍ، رضي الله عنهما.

قوله: (أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ): (أصبرْ)؛ بالجزم: جواب الشرط، و (أحتسبْ): معطوف عليه، وتَقَدَّمَ ما (الاحتسابُ).

تنبيهٌ: وقع هذا الحديثُ في «البُخاريِّ» هنا وفي (غزوة بدر) سندًا ومتنًا، وقلَّ أن يتَّفق له مثلُ ذلك، وقد تَقَدَّمَ التنبيهُ عليه، وتَقَدَّمَ التنبيهُ على أحاديثَ وقفتُ عليها مثلَه مجموعةً، وهي قابلةٌ للزيادة، في (كتاب الحجِّ)، وذلك أنِّي لم أقصد جمعها، وإنَّما وقع منِّي ذلك اتِّفاقًا، والله أعلم.

قوله: (أَوَهَبِلْتِ؟): هو بفتح الواو على الاستفهام، وتَقَدَّمَ الكلام على الواو متى تُسَكَّن، ومتى تُفتَح، وعلى (هَبِلْتِ).

قوله: (أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ؟): تَقَدَّمَ أنَّ (أوَ) بفتح الواو أيضًا على الاستفهام.

تنبيهٌ: تَقَدَّمَ في (باب صفة الجنَّة) كم جنَّة هي، وذكرت هناك ثلاثةَ أقوالٍ؛ فانظره، وهي سبعٌ أو ثمانٍ أو أربعٌ، مُطَوَّلًا، وأسماءَ الجنَّة، وفوائدَ، والله أعلم.

قوله: (الْفِرْدَوْسِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وذكرت فيه أقوالًا.

(1/11739)

[حديث: ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع]

6551# قوله: (أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، وهو ابن غزوان.

تنبيهٌ: قال الجَيَّانيُّ في «تقييده» _كما رأيته فيه_: هكذا رُويَ في هذا الإسنادِ عن أبي زيد وأبي أحمد: «الفُضَيل»؛ غيرَ منسوب، ونسبه ابن السكن: الفُضَيل بن غزوان، وكان الشيخ أبو الحسن يقول: إنَّه الفُضَيل بن عياض، وذلك وَهَمٌ، والصواب ما قال ابن السكن، وفُضَيل بن عياض لا رواية له عن أبي حَازمٍ الأشجعيِّ، ولا أدركه، وليس لابن عياض ذكرٌ في «الجامع» إلَّا في موضعين من (كتاب التوحيد)، رواهما القعنبيُّ عنه عن منصور بن المعتمر، انتهى، ولم يذكر المِزِّيُّ فيه خلافًا: أنَّه ابن غزوان.

و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه سلمان الأشجعيُّ، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 699]

(1/11740)

[معلق إسحاق: إن في الجنة لشجرةً يسير الراكب في ظلها مائة عام]

6552# 6553# قوله: (وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا [1] الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ): أمَّا (إسحاق بن إبراهيم)؛ فهو ابن راهويه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون في الغالبِ قد أخذَ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (المغيرة بن سلمة): قُرَشيٌّ، كنيته أبو هشام، مخزوميٌّ، عن أبان بن يزيد العطَّار، والقاسم بن الفضل الحُدَّانيِّ، وسليمان بن المغيرة، وطبقتِهم، وعنه: ابن راهويه، وابن المَدينيِّ، وبُنْدَار، وإسحاق الكوسج، وآخرون، قال يعقوب بن شيبة: كان ثقةً ثبتًا، وقال ابن المَدينيِّ: ثقةٌ، ما رأيت قُرَشيًّا أفضلَ منه، ولا أشدَّ تواضعًا ... إلى آخر كلامه، قال البُخاريُّ: مات سنة مئتين، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال المِزِّيُّ في «تهذيبه» في ترجمة المغيرة هذا: استَشْهَد به البُخاريُّ في «الصحيح»، انتهى، قال الإمام مغلطاي: فيه نظرٌ؛ لأنَّ البُخاريَّ قال في أواخر (الرقائق): (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم عن المغيرة بن سلمة المخزوميِّ ... )؛ فذكر هذا المكان، انتهى، والذي وقع في أصلنا: (وقال إسحاق بن إبراهيم: حدَّثنا المغيرة بن سلمة)، كما سُقْتُه لك، والله أعلم، وفيه شاهدٌ لِما قاله المِزِّيُّ.

و (وُهَيب): هو ابن خالد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أبو حَازم)؛ بالحاء المُهْمَلَة: سلمة بن دينار.

قوله: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا): أي: في ذُراها، وكنفها، وراحتها، ونعيمها، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك، وعلى اسم هذه الشجرة، في (باب صفة الجنَّة وأنَّها مخلوقةٌ) في (بدءِ الخلق)؛ فانظره.

قوله: (قَالَ أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سلمة بن دينار.

(1/11741)

قوله: (فَحُدِّثَ بِهِ النُّعْمَانُ): (حُدِّث): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النعمانُ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مقام الفاعل، وفي نسخة: (فَحَدَّثْتُ به النعمانَ) [2] (بْن أَبِي عَيَّاشٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (عيَّاشًا) بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، ووالد النعمان هذا: اسمه زيد بن الصامت، وقيل: عُبيد بن زيد بن الصامت، وقيل: عبيد بن معاوية بن الصامت، الخزرجيُّ الزُّرَقيُّ، شهد أبو عيَّاش أُحُدًا، أخرج له أبو داود، والنَّسائيُّ، وأحمد في «المسند»، وابنه النعمان ترجمتُه معروفةٌ، و (أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ الْمُضَمَّرَ السَّرِيعَ): (الراكبُ): مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه فاعلٌ، و (الجوادَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، يُقال: سارت الدَّابَّةُ، وسارها صاحبُها، يتعدَّى ولا يتعدَّى، قاله الجوهريُّ، و (الجواد): يقال: جاد الفرس؛ إذا صار رائعًا، يجود جُودةً؛ بالضَّمِّ، فهو جوادٌ، للذَّكَر والأنثى، من خَيْل جِيادٍ وأجيادٍ وأجاويدَ، و (المُضَمَّرَ): صفة لـ (الجواد)، تقول: ضمَّرت الفرس، وأضمرته، وتضمير الخيل: هو أن يظاهرَ عليها بالعلف حتَّى تسمن، ثُمَّ لا يعلف إلَّا قوتًا ليخفَّ، وقيل: تُشَدُّ عليها سروجُها، وتُجَلَّل بالأجلَّة حتَّى تعرق تحتها، فيذهبَ رَهَلُها، ويشتدَّ لحمها، و (السريعَ): صفةٌ بعد صفةٍ، وعن الأصيليِّ برفع (المضمِّرُ) و (الجوادُ) صفة لـ (الراكبُ)، فتكون على هذا بكسر الميم الثانىة، وقد تكون على البدل، وفي أصلنا رفع (الجوادُ)، وعليه (صح)، ونصب (المضمَّرَ) و (السريعَ)، ورفع (الجوادُ) و (المضمِّرُ) أيضًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[2] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 699]

(1/11742)

[حديث: ليدخلن الجنة من أمتي سبعون أو سبع مئة ألف]

6554# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ): هو عبد العزيز بن أبي حَازم _بالحاء المُهْمَلَة_ سلمةَ بنِ دينار.

قوله: (لَا يَدْرِي أَبُو حَازِمٍ أَيَّهُمَا قَالَ): (أبو حَازم): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سلمة بن دينار، و (أيَّهما): بالنصب.

==========

[ج 2 ص 699]

(1/11743)

[حديث: إن أهل الجنة ليتراءون الغرف في الجنة]

6555# 6556# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ): هذا هو القعنبيُّ الحافظ، سمعت «موطَّأه» بحلبَ عاليًا، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن أبي حازم سلمةَ بنِ دينار، و (سَهْل): هو ابن سعد، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (لَيَتَرَاءَوْنَ الْغُرَفَ فِي الْجَنَّةِ): أي: ينظرون إليهم، ويتعاطَون رؤيتهم، ومنه: تراءينا الهلالَ؛ أي: تعاطينا رؤيته وتكلَّفناها.

قوله: (قَالَ أَبِي: فَحَدَّثْتُ بِهِ [1] النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ): القائل (قال أبي): هو عبد العزيز بن أبي حَازم سلمةَ بنِ دينار، وتَقَدَّمَ (النعمان بن أبي عيَّاش)، وضبط (أبي عيَّاش)، والاختلاف في اسم (أبي عيَّاش)، وبعض ترجمته، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (الْغَارِبَ): وفي نسخة: (الغابر)، تَقَدَّمَ الاختلاف فيه وضبطُه مُطَوَّلًا؛ فانظره إن أردته في (باب صفة الجنَّة).

قوله: (فِي الأُفُقِ الشَّرْقِيِّ وَالْغَرْبِيِّ): (الأُفُق): بضَمِّ الهمزة والفاء وتُسَكَّن، وقوله: (الشرقيِّ والغربيِّ): تَقَدَّمَ كلام ابن التين فيه في (صفة الجنَّة).

==========

[1] (به): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 699]

(1/11744)

[حديث: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة]

6557# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَبُو عِمْرَانَ) هذا: اسمه عبد الملك بن حبيب، أبو عِمران الجَونيُّ الأزديُّ، ويقال: كنديٌّ، أحد علماء البصرة، تَقَدَّمَ، أخرج له الجماعة.

قوله: (لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا): الظاهرُ أنَّ (أهلَها) الخالدون فيها، وإذا كان كذلك؛ فأهونُهم أبو طالب عبدُ مَناف، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في اسم أبي طالب، وسيأتي قريبًا، والله أعلم، وسيأتي بمقلوبها ما قاله شيخُنا في هذا، وما قاله ابن شيخِنا البُلْقينيِّ من أنَّه في «مسلم» ما يقتضي أنَّه أبو طالب، فذكره، وما قاله صحيحٌ.

قوله: (أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا): (أردت): معناه: طلبت منك وأمرتُك، انتهى، قاله النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، وهو ظاهِرٌ؛ لأنَّ إرادةَ الله لا تتخلَّف، ولا يكون إلَّا ما يريد سبحانه وتعالى.

[ج 2 ص 699]

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثَني).

(1/11745)

[حديث: يخرج من النار بالشفاعة كأنهم الثعارير]

6558# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ عَارمٌ، وأنَّه بعيد من العَرامة، وتَقَدَّمَ ما (العَرامة)، و (حَمَّادٌ) بعده: هو ابن زيد، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا عمرو بن دينار قهرمانُ آل الزُّبَير، هذا ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، إنَّما روى [له] التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، والله أعلم، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ.

(1/11746)

قوله: («كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ»، قُلْتُ: مَا الثَّعَارِيرُ؟ قَالَ: الضُّغَابِيسُ): (الثَّعارِيْر): بفتح الثاء المُثَلَّثَة، وبالعين المُهْمَلَة، وبعد الألف راءان، بينهما مُثَنَّاة تحت ساكنة، الراء الأولى مكسورة، و (الضُّغَابِيْس): بضَمِّ الضاد المُعْجَمَة [1]، والغين مثلها، وبعد الألف مُوَحَّدة مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (الضُّغَابِيْس: صغار القِثَّاء، شُبِّهوا بها؛ لسرعة نموِّها)، انتهى، وفي «المطالع»: «الثَّعَارِير»: فسَّرها في الحديث: «الضغابيس»، قال ابن الأعرابيِّ: هي قثَّاء صغار، وقال أبو عبيد: هي شبه قثَّاء صغارٍ تُؤكَل؛ يعني: الضغابيسَ، قال: وهي الشعارير أيضًا بالشين، وقال غيره: الثعارير: واحدها: ثُعرور؛ وهي رؤوس الطراثيث تكون بيضاءَ، شُبِّهوا بها، وقيل: هو شيءٌ يخرج من أصول السَّمُر، قال: والضغابيس: شبه العراجين تنبت في أصول الثُّمَام، قال: والثعارير: الطراثيث، والطُّرثوث: نباتٌ كالقطن مستطيلٌ، وقيل: الثعارير: شبه العساليج، وفي «الجمهرة»: الطرثوث: نَبْتٌ ينبت في الرمل، وقال الأصمعيُّ: الضغابيس: نَبْتٌ ينبت في أصول الثُّمَام، يشبه الهليون، يُسلَق ثُمَّ يُؤكَل بالخلِّ والزيت، وقيل: هو نَبْتٌ بالحجاز ينبت في أجواف الشجر وفي الإذخر، يخرج قدر شبر في دقَّة الأصابع، لا ورقَ له، أخضر في غبرة، وفيه حُموضة، يُؤكَل نيِّئًا، وقد يُسَمَّى بذلك ما دام رَطْبًا، فإذا اكتمل؛ فهو الثعارير، وقيل: الثعارير: هو البياض الذي في أسفل الضغابيس، وقيل: الثعارير: الأَقِط ما دام رَطْبًا، وجدتُ للقابسيِّ: هي صَدَفُ الجَوْهر، وقد يعضد هذا قولُه في الحديث الآخَرِ: «كأنَّهم اللؤلؤ»، انتهى، وفي «النهاية»: القثَّاء، وقيل: رؤوس الطراثيث، شُبِّهوا بالأوَّل؛ لسرعة نمائها، وبالثاني؛ لبياضها، وفي «الصحاح»: (الثعارير: الثآليل، وحملُ الطراثيث)، انتهى.

و (الضُّغَابِيس): تَقَدَّمَ ضبطه، وواحدها: ضُغبوس، ورأيت في حاشيةٍ عن الصغانيِّ أبي الحسن اللغويِّ: (يُروى: «التغاريز»؛ بالتاء باثنتين من فوقها، والغين المُعْجَمَة، وآخرها زاي، وهي جمع «تَغرِيز»؛ وهو ما حول الفسيل وغيرِه يُغرَز، ويُروى: «الثعارير») ... إلى آخر كلامه، والكلام في هذه الرواية الثانية معروفٌ.

(1/11747)

قوله: (وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ): النَّحْويُّون يُنكرون اجتماع الميم مع إضافة الفم إلى المضمر، ويَرَوْنَ أنَّه جائزٌ في الشِّعر، لا في غيره، وإنَّما إعرابُه عندهم بالحروف؛ بالواو رفعًا، وبالألف نصبًا، وبالياء جرًّا، فحقُّه هنا أن يُقال: (سقط فُوه) عندهم، ومعنى (سقط فمُه)؛ أي: سقطت أسنانه، ومعنى هذا الكلام: أنَّه كان لا يعطي الحروفَ حقَّها، فيُبدِل الثاءَ تاءً، والله أعلم.

(1/11748)

[حديث: يخرج قوم من النار بعدما مسهم منها سفع]

6559# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال، وبالمُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه يُقال له: هدَّاب أيضًا، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ الحافظ.

قوله: (سَفْعٌ): هو بفتح السين، وإسكان الفاء، وبالعين، المُهْمَلَتين؛ أي: سوادٌ مِن لَفْحِها.

(1/11749)

[حديث: إذا دخل أهل الجنة الجنة ... ]

6560# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، و (عَمْرُو بْنُ يَحْيَى): هو ابنُ عمارة بن أبي حسن المازنيُّ الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو سَعِيْدٍ الْخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تقدَّموا.

قوله: (فَأَخْرِجُوهُ): هو بقطع الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (فَيُخْرَجُونَ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (قَدِ امْتُحِشُوا): قال ابن قُرقُول: بضَمِّ التاء، وكسر الحاء، وعند أبي بحر بفتحهما، وكذا للأصيليِّ، يُقال: مَحَشَتْهُ النَّارُ، وامتُحِش هو، قال يعقوبُ: لا يُقال: مَحَشَتْه، إنَّما هو أَمْحَشَته، والصحيح: أنَّهما لُغَتان، والرباعيُّ أكثرُ، وامتُحِش غضبًا؛ أي: احترق، قال الداوديُّ: معناه: انقبضوا واسودُّوا، انتهى.

قوله: (وَعَادُوا حُمَمًا): هو بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الميم الأولى، وهو الفحم، وفي «الصحاح»: (والحُمَمُ: الرَّمَادُ، والفحم، وكلُّ ما احترق من النار، الواحد: حُمَمة).

قوله: (الْحِبَّةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق، وكذا (حَمِيلِ السَّيْلِ، أَوْ [1]: حَمِئَةِ السَّيْلِ)، وفي نسخة: (حَمِيَّةِ) [2]، قال ابن قُرقُول: (في حَمْأة السيل): عن السمرقنديِّ والعذريِّ والسجزيِّ: (في حَمِئَة السيل)، وعند الطَّبَريِّ: (حميَّة السيل)؛ مشدَّد الياء، ولا معنى له ههنا.

(1/11750)

[حديث: إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة لرجل توضع في أخمص]

6561# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو السَّبِيعيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله، و (النُّعْمَان): هو ابن بَشِير _بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمَة_ ابن سعد الأنصاريُّ، رضي الله عنهما، تَقَدَّمَ الكلام على النعمان.

قوله: (إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا ... ) إلى آخره: إن أراد أهلَ النار الخالدين؛ فالظاهر أنَّه أبو طالب، وإن أراد الداخلين عمومًا؛ فلا أعرفه، قُلتُه ولم أرَه لأحدٍ، وقد تَقَدَّمَ قريبًا، ثُمَّ رأيتُ شيخَنا قال: [قال] الداوديُّ: يحتمل أن يكون هذا الرجلُ أبا طالب وغيرَه من المسلمين؛ لأنَّ أبا طالب تبلغ النار كعبيه، ولأنَّه أخفُّ الكافرين عذابًا، ولأنَّ الكفَّارَ {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56]، انتهى، وقال ابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ: جاء في «مسلم» ما يقتضي أنَّه أبو طالب، فذكره، وما قاله صحيحٌ.

قوله: (فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ): (أخمص القَدَم): هو المتجافي منه عن الأرض، وأصله من الضمور، وقد تَقَدَّمَ ما الحكمة في كون العذاب على رِجْلَي أبي

[ج 2 ص 700]

طالب فقط من عند السُّهَيليِّ.

(1/11751)

[حديث: إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة رجل على أخمص ... ]

6562# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عَمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ): تَقَدَّمَ، وأنَّه بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمَة، في الصفحة قبل هذه وقبله ببعيد أيضًا، وتقدَّمت بعضُ ترجمة النعمان.

قوله: (كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ بِالْقُمْقُمِ [1]): قال الدِّمْيَاطيُّ: قال القاضي عياض: (صوابه: «المِرْجَلُ والقُمْقُمُ»)، انتهى، (المِرْجَل)؛ بكسر الميم، وإسكان الراء، وفتح الجيم، ثُمَّ لام، قال ابن قُرقُول: هو القِدْر، وقيل: من نُحَاسٍ، انتهى، وفي «الصحاح»: (المِرْجَل: قِدْر من نحاس)، انتهى، و (المِرْجَل): مذكَّر من بين أسماء القِدْر، قاله ابن سيده في «شرح المتنبِّي»، وقال ابن قُرقُول: («كما يغلي المِرْجَل بالقُمْقُم»: كذا في جميع الروايات، وذكره ابن الصابونيِّ: «كما يغلي المِرْجَل والقُمْقُم»، وهذا أبينُ إن ساعدَتْه روايةٌ، وزعم بعضُهم أنَّ الذي في «الصحيح» مغيَّرٌ، ثُمَّ تكلَّف فيه ما يبعدُ، والقُمْقُم: فارسيٌّ مُعَرَّبٌ)، انتهى، و (القُمْقُم): بقافين مضمومتين، وميمين؛ الأولى ساكنة، وهو ما يُسَخَّن فيه الماء الحارُّ، قال ابن الأثير: ومنه: («كما يغلي المِرْجَل بالقُمْقُم»: هكذا رواه بعضُهم: «كما يغلي المِرْجَل والقُمْقُم»، وهو أبينُ إن ساعدتْه الروايةُ)، انتهى، قال بعضهم: القمقم: البُسر المطبوخ، هكذا قال أبو عمر المطرِّزيُّ، إلَّا أنَّه حكاه مكسور القافين، ووقع في كتب الحديث بالضَّمِّ، قاله ابن السِّيْد، وهو أجودُ ما قيل فيه، انتهى، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (المِرْجَلُ والقُمْقُمُ)، وكُتِب في الحاشية: (بالقُمْقُم)، وعليها (خ)؛ يعني: نسخة، وما في أصلنا هو الصوابُ إن صحَّ روايةً، والله أعلم.

(1/11752)

[حديث: اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة]

6563# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عَمرو بن مرَّةَ الجَمَليُّ، أحد الأعلام، و (خَيْثَمَة): هو ابن عبد الرَّحْمَن الجعفيُّ الكوفيُّ.

قوله: (فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ): تَقَدَّمَ معنى (أشاح)، وأنَّه جدَّ وانكمش، وقيل: حَذِر، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا.

==========

[ج 2 ص 701]

(1/11753)

[حديث: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار]

6564# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد العزيز بن أبي حَازم، وأنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار، و (الدَّرَاوَرْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد العزيز بن مُحَمَّد، و (يَزِيدُ): هو ابن عبد الله بن أسامة بن الهادي، تَقَدَّمَ، و (عَبْد اللهِ بْن خَبَّابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عمُّه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (أبو طالب): تَقَدَّمَ أنَّ الصحيحَ أنَّ اسمَه عبدُ مَناف، وقيل: اسمه كنيته، وقال بعضُهم: عِمران، وليس بصحيحٍ، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ.

قوله: (فَيُجْعَل [1]): هو بنصب (يُجعَل)، ويجوز رفعُها، و (يُجعَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فِي ضَحْضَاحٍ): تَقَدَّمَ ضبطُه ومعناه.

قوله: (أُمُّ دِمَاغِهِ): (أمُّ الدماغ): الجلدة التي تجمع الدماغَ، ويقال لها: أمُّ الرأس، قاله الجوهريُّ.

==========

[1] كذا هي في «اليونينيَّة» و (ق) بالضبطين معًا.

[ج 2 ص 701]

(1/11754)

[حديث: يجمع الله الناس يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا]

6565# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ): تَقَدَّمَ [أنَّ] الأنبياء معصومون من الكبائر والصغائر قبل النبوَّة وبعدها، هذا الذي ينبغي أن يُعتَقَد، وما وقع في القرآن أو في السُّنَّة غيرُ ذلك فكلُّه مُؤوَّل، والله أعلم، وقد ذكر عياض في «الشفا» عدَّة آياتٍ وأحاديثَ فيها شيء من ذلك، وذكر تأويلَها، والله أعلم.

قوله في نوح: (أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ): أي: بعثه الله إلى كفَّار أهل الأرض، كما تَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق، وآدم نبيٌّ مرسلٌ إلى بنِيه وبني بنيه، وتَقَدَّمَ الكلام في إدريس هل هو جدُّ نوحٍ أم [لا]، وما يتعلَّق بذلك، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَنِي [1]): تَقَدَّمَ أنَّ هذه والتي بعدَ بعدِها مقدارُ كلِّ واحدة منهما مقدارُ جمعة، كما في «مسند أحمد»، وتَقَدَّمَ أنَّ في بعض الأجزاء أنَّ مقدارَ كلِّ يومٍ عشرُ سنين، فهذه السجدة مقدارُ سبعين سنة، والله أعلم.

قوله: (تُعْطَهْ): هذه هاء السَّكْت.

(1/11755)

[حديث: يخرج قوم من النار بشفاعة محمد]

6566# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (الْحَسَن بْن ذَكْوَانَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (الحسن بن ذكوان، أبو سلمة البصريُّ، روى عن أبي رجاء، وروى عنه يحيى، انفرد به البُخاريُّ، والحسين بن ذكوان البصريُّ روى عن قتادة، وعطاء، ويحيى، وغيرِهم، وروى عنه يحيى أيضًا، وابن المبارك، وغيرُهما، اتَّفقا عليه)، انتهى، وللحسن بن ذكوان المُكَبَّر ترجمةٌ في «الميزان»، وكذا للمُصَغَّر، لكن صحَّح على المصغَّر، والله أعلم، وقال الجَيَّانيُّ: حسن بن ذكوان وحسين بن ذكوان _وهما من أهل البصرة_ في درجةٍ واحدة، فالأوَّل: حسن بن ذكوان أبو سلمة، عن أبي رجاء العطارديِّ، روى عنه القَطَّان، روى البُخاريُّ عن مسدَّد عن القَطَّان، فذكر هذا المكان، قال: ولم يخرِّج البُخاريُّ للحسن غيرَه، ولم يروِ له مسلمٌ شيئًا، والثاني بالتصغير: الحُسين بن ذكوان المعلِّم، يروي عن قتادة وعطاء، روى عنه شعبة وابن المبارك، رَوَيا له، انتهى، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عِمران بن ملحان، وقيل: ابن تيم، العطارديُّ، وقيل في اسم أبيه غير ذلك، و (عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ، وأنَّ (حُصَينًا) بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وأنَّ الأسماء كذا إلَّا حُضَين بن المنذر أبا ساسان، فإنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ أنَّ الكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ حُصَينًا صَحَابيٌّ، وتَقَدَّمَ عليه الكلامُ.

قوله: (يُسَمَّوْنَ): هو بتشديد الميم المفتوحة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الْجَهَنَّمِيِّينَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ ثانٍ، وعلامةُ النصب فيه الياءُ.

(1/11756)

[حديث: هبلت أجنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة]

6567# 6568# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الطويل، ابن تير، ويقال: تيرويه، و (أُمُّ حَارِثَةَ): [تقدَّمت]، وأنَّها الرُّبَيِّع؛ بضَمِّ الراء، وفتح المُوَحَّدة، وتشديد المُثَنَّاة تحت المكسورة، وتَقَدَّمَ نسبُها، و (حَارِثَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وبعد الألف ثاء مُثَلَّثَة، مُطَوَّلًا في (الجهاد).

قوله: (أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ [1]): تَقَدَّمَ ضبطُه ومعناه، وفي نسخةٍ وهي مصحَّح عليها في أصلنا هنا: (غَرْبُ سَهْمٍ)، و (غربُ): مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن، و (سهمٍ): مجرورٌ مُنَوَّن؛ للإضافة، في (الجهاد) في (باب من أتاه سهمٌ غربٌ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (هَبِلْتِ)، وعلى (الْفِرْدَوْسِ)، وعلى (الغَدْوَة)، وعلى (الرَّوْحَة)، وكذا الكلام على (القَاب).

قوله: (أَوْ مَوْضِعُ قدِّهِ [2]): قال الدِّمْيَاطيُّ: (القِدُّ: السَّوط؛ أي: مقدارُ سَوطٍ؛ لأنَّه يَقدُّ؛ أي: يَقطَعُ طولًا)، انتهى، وقد أخذ هذا من «المشارق» أو «المطالع»، ولفظ ابن قُرقُول: (لَمَوضعُ قِدِّه): كذا في (كتاب الرقائق) من «البُخاريِّ» بكسر القاف؛ وهو السَّوط؛ أي: مقدار سوطه؛ لأنَّه يقدُّ؛ أي: يَقطعُ طولًا، والقَدُّ: الشَّقُّ، وقيل: (موضع قدِّه): موضع شِرَاكه، انتهى، وفي «النهاية»: القِدُّ؛ بالكسر: السَّوط، وهو في الأصل: سَيْرٌ يُقَدُّ من جلد غير مدبوغٍ؛ أي: قدر سَوط أحدِكم، أو قدر الموضع الذي يسع سوطه من الجنَّة خيرٌ من الدنيا وما فيها، انتهى، وقيل: موضع شِراكه، ويُروى: (قدمه)؛ بالميم والإضافة، ويُروى: (قدم)؛ بغير إضافة، قاله بعضُهم.

قوله: (اطَّلَعَتْ): تَقَدَّمَ الكلام (اطَّلعت)، وأنَّه معناه: أشرفت، ويُقال: أطْلع الرجل إطْلاعةً؛ بسكون الطاء فيهما؛ أي: أشرف، واطَّلعت من فوق الجبل.

[ج 2 ص 701]

قوله: («وَلَنَصِيفُهَا»؛ يَعْنِي: الْخِمَارَ): (النَّصِيْفُ)؛ بفتح النون، وكسر الصاد المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت [3] ساكنة، ثُمَّ فاء، وقد فسَّره هنا بـ (الخمار)، وقيل: هو المِعْجَر؛ وهو ما تشدُّه المرأة على رأسها.

(1/11757)

[حديث: لا يدخل أحد الجنة إلا أري مقعده من النار]

6569# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ): (أُرِيَ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ، و (مَقعدَهُ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ ثانٍ، وكذا قوله في الثاني: (إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ).

==========

[ج 2 ص 702]

(1/11758)

[حديث: لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد ... ]

6570# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عمرو بن أبي عمرٍو، مولى المُطَّلِب، لا عمرو بن شعيب، الثاني له عن سعيد المقبريِّ عن أبي هريرة في «أبي داود» و «ابن ماجه»، وليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، لا عن سعيد ولا غيرِه.

قوله: (مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ؟): (أسعدُ): (أفعلُ) تفضيلٍ من السعادة التي هي ضدُّ الشقاوة.

قوله: (أَنْ لَا يَسْأَلُنِي): هو بضَمِّ اللام على أنَّها مُخَفَّفة من الثقيلة؛ وتقديره: أنَّه لا يسألُني، قال شيخُنا: وضبَطَه الحُفَّاظ بنصب اللام [1]، ويصحُّ رفعها؛ لأنَّ (أنْ): مُخَفَّفة من الثقيلة، وهو مثل قوله: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُون فِتْنَةٌ} [المائدة: 71]؛ بالوجهين، انتهى.

قوله: (أَوَّل مِنْكَ): يجوز في (أوَّل) ضمُّ اللام وفتحُها، وإعرابهما ظاهرٌ، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا [2].

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق) بالحمرة.

[2] يعني: بالضمِّ والفتح معًا، والفتح رواية أبي ذرٍّ، والضمُّ رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 702]

(1/11759)

[حديث: إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها]

6571# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور) بعده: هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): هو بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، وهو عَبِيدة بن عمرو، وقيل: ابن قيس، السَّلْمانيُّ؛ بفتح السين، وإسكان اللام، تَقَدَّمَ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ الكلامُ على اسم هذا الرجل، وأنَّه جهينة، من جهينة، ويُقال: هنَّاد، في (فضل السجود) في (كتاب الصلاة).

قوله: (تَسْخَرُ مِنِّي _أَوْ: تَضْحَكُ مِنِّي_ وَأَنْتَ الْمَلِكُ؟!): تَقَدَّمَ الكلام على (تسخَرُ)، وأمَّا الضَّحِك في حقِّ الباري؛ فقد تَقَدَّمَ معناه، وهنا قد شكَّ الراوي في (تسخر) أو (تضحك).

قوله: (نَوَاجِذُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها الأنيابُ أو الأضراسُ.

==========

[ج 2 ص 702]

(1/11760)

[حديث: هل نفعت أبا طالب بشيء؟]

6572# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْد الْمَلِكِ): هو ابن عُمير، و (عَبْد اللهِ بْن الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ): هو ابن الحارث بن عبد المُطَّلِب، روى عن عمِّ جدِّه العَبَّاسِ بن عبد المُطَّلِب.

قوله: (هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ؟): (أبو طالب): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، وأنَّه عبدُ مَناف على الصحيح، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ، في (الجنائز).

==========

[ج 2 ص 702]

(1/11761)

[باب: الصراط جسر جهنم]

قوله: (بَابٌ: الصِّرَاطُ جسْرُ [1] جَهَنَّمَ): فائدةٌ: ذهب مَن تكلَّم على أحاديثِ الصراط في وصفه أنَّه أدقُّ من الشَّعرة وأحدُّ من السيف؛ بأنَّ ذلك راجعٌ إلى عُسْرِه ويُسْرِه على قدر الطاعات والمعاصي، ولا يعلم حدَّ ذلك إلَّا اللهُ؛ لخفائها وغموضها، قال القرطبيُّ: (وما ذكره من هذا التأويل مردودٌ بما ذكرناه من الأخبار، وأنَّ الإيمان يجب بذلك، وأنَّ القادر على إمساك الطائر في الهواء قادرٌ على أن يمسك عليه المؤمن، فيُجرِيه أو يُمشِيه، ولا يُعدَل عن الحقيقة إلى المجاز إلَّا عند الاستحالة، ولا استحالةَ)، انتهى.

تنبيهٌ: رُوِيَ أنَّ مسافة الصراط ألفُ سنة صعودًا، وألفُ سنة هبوطًا، وألفُ سنة استواءً، وهو لا يسع الخلقَ على هذا العِظَم، فإنَّهم أكثرُ من ذلك، ولكن يقوم من فَضَل من الخلق عن الصراط على متن جهنَّم، وهي كإهالة، ذكره القرطبيُّ في «تذكرته» عن كتاب «الإفصاح» لشبيب بن إبراهيم بن حيدرة، انتهى، وفي كتاب «المجالسة» للدِّيْنَوَرِيِّ القاضي أبي بكر بن أحمد بن مروان بسنده إلى بشرٍ الحافي قال: دخلتُ على الفُضَيل بن عياض، فذكر كلامًا، وفيه: بلغني أنَّ الصراطَ مسيرةُ خمسةَ [عشرَ] ألفَ عامٍ؛ خمسة آلاف صعود، وخمسة آلاف نزول، وخمسة آلاف مستوٍ، أدقُّ من الشَّعرة، وأحدُّ من السيف، على متن جهنم، لا يجوزها إلَّا كلُّ ضامرٍ مهزولٍ من خشية الله عزَّ وجلَّ، وبلغني في بعض الروايات: (أنَّه إذا دخلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ، وأهلُ النارِ النارَ؛ ذكروا أهلُ الجنَّة: هل بقيَ أحدٌ على الصراط بعد خمسةٍ وعشرين ألفَ عامٍ؟ فيُقال: بقي رجلٌ يحبو، فبلغ ذلك الحسنَ، فقال: يا ليتني أنا ذلك الرجل، فأنا يا أبا نصر لا أهدأ من البكاء أبدًا)، انتهى، وأبو نصرٍ: هو بشرٌ الحافي.

وفي «منهاج الواعظين» لأبي الفرج ابن الجوزيِّ: (يُنصَب الصراط على متنها، طوله خمس مئة عامٍ، وقيل: ثلاثة آلاف؛ منها صعود ألف، واستواء ألف، وهبوط ألف، وقيل: سبعة آلاف عام، وقيل: ستَّة وثلاثون ألف سنة من سنِي الدنيا، أدقُّ من الشَّعرة، وأحدُّ من السيف، وأحرُّ [2] من الجمر، وقيل: إنَّه شَعرة من جَفن عينِ مالكٍ يمدُّها على متن جهنَّم، عليه حَسَكٌ وكلاليبُ، متعلِّقٌ بكلِّ كلُّوب منها عددُ نجوم السماء من الزبانِيَة ... ) إلى آخر كلامه.

(1/11762)

فائدةٌ: في «مسند أحمد» من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا في جملة حديث: «وبجهنَّم جسرٌ أدقُّ من الشَّعرة، وأحدُّ من السيف ... »؛ الحديث، وفي «صحيح مسلم» من قول أبي سعيد _هو الخُدْريُّ_: (بلغني أنَّ الجسرَ أدقُّ من الشَّعرة، وأحدُّ من السيف)، انتهى، وهذا البلاغ هو في «مسند أحمد» من حديث عائشة، كما تَقَدَّمَ، قال القرطبيُّ في «تذكرته»: (قال بعضُ الحُفَّاظ: هذه اللفظة _يعني: «أدقُّ من الشعرة» _ ليست بثابتةٍ)، انتهى، ووقع بلاغ أبي سعيد مرفوعًا في «شعب الإيمان» للبيهقيِّ من حديث أنس، وضعَّفه، وفي «الشعب» أيضًا من رواية عُبيد بن عمير مرسلًا، ومن قول ابن مسعود: (الصراط كحدِّ السيف)، وفي آخره ما يدلُّ على أنَّه مَرْفُوعٌ، والله أعلم، وفي «المستدرك» من كلام ابن مسعود رضي الله عنه في (سورة مريم) قال: («الصراط على جهنَّم مثلُ حدِّ السيف»، على شرطهما)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الصَّحَابيَّ إذا قال قولًا لا مجال للاجتهاد فيه كهذا؛ فإنَّه يكون مرفوعًا، نصَّ عليه الشَّافِعيُّ، ثُمَّ ذكره الحاكم مرَّة أخرى في السورة المذكورة، ورفعه إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على شرطهما.

قوله: (جسْرُ جَهَنَّمَ): (الجسر): بفتح الجيم وكسرها، وأصله: القنطرة يُعبَر عليها، ذكر اللُّغَتَين صاحبُ «المطالع»، وقدَّم الفتحَ.

==========

[1] كذا في (ق) بالضبطين معًا، وهي في «اليونينيَّة» بالفتح فقط.

[2] في (أ): (وأحد)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 702]

(1/11763)

[حديث: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب]

6573# 6574# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدٌ): هو سعيد بن المُسَيّب.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّفُ الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة: ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (هَلْ تُضَارُّونَ) في الموضعين: تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (فَلْيَتَّبِعْهُ): هو بالتشديد والتخفيف؛ لُغَتان، وكذا (فَيَتْبَعُ)، و (يَتْبَعُ)، و (يَتّبعُ).

قوله: (الطَّوَاغِيتَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

قوله: (فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ): تَقَدَّمَ الوعد بالكلام على هذا المكان، فاعلم _قبلَ ذلك_ أنَّ أحاديثَ الصفات وكذا آياتِ الصفات لأهل العلم فيها قولان؛ أحدهما وهو مذهب معظم السَّلَف أو كلِّهم: أنَّه لا يُتَكلَّم في معناها، بل يقولون: يجب علينا الإيمان

[ج 2 ص 702]

(1/11764)

بها، ونعتقد لها معنًى يليق بجلال الله تعالى مع اعتقادنا الجازم أنَّ الله تعالى ليس كمثله شيءٌ، وأنَّه منزَّه عن التجسيم، والانتقال، والتحيُّز في جهة، هذا القولُ هو مذهبُ جماعة من المتكلِّمين، واختاره جماعةٌ من محقِّقيهم، وهو أسلَمُ، والقول الثاني وهو مذهب معظم المتكلِّمين: أنَّها تتأوَّل على ما يليق بها على حسب مواقعِها، وإنَّما يسوغ تأويلها لمن كان مِن أهله؛ بأن يكونَ عارفًا بلسان العرب، وقواعدِ الأصول والفُروع، فعلى هذا؛ يُقال في قوله: «فيأتيهم الله»: إنَّ الإتيانَ عبارةٌ عن رؤيتهم إيَّاه، فعبَّر بالإتيان والمجيء هنا عن الرؤية مجازًا، وقيل: الإتيان: فعلٌ من أفعال الله تعالى سمَّاه إتيانًا، وقيل: المراد بـ «يأتيهم» [2]؛ أي: يأتيهم بعضُ ملائكته، قال القاضي عياض: وهذا الوجهُ أشبه عندي بالحديث، ويكون هذا المَلَك الذي جاءهم بالصُّورة التي أنكروها من سمات الحدث الظاهرةِ على المَلَكِ والمخلوقِ، قال: أو يكون معناه: يأتيهم الله في صورة؛ أي: يأتيهم بصُورة، ويُظهِر لهم من صُور ملائكته ومخلوقاته التي لا تشبه صفاتِ الإله؛ ليختبرهم، وهذا آخر امتحان المؤمنين، فإذا قال لهم المَلَك أو هذه الصُّورة: أنا ربُّكم؛ رأوا عليه من علاماتِ المخلوق ما ينكرونه، ويعلمون أنَّه ليس ربَّهم، ويستعيذون بالله منه، وأمَّا قوله [3]: «فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون»؛ فالمراد بـ (الصورة) هنا: الصفة؛ ومعناه: فيتجلَّى لهم سبحانه على الصفة التي يعلمونها ويعرفونه بها، وإنَّما عرفوه بصفته وإن لم تكن تَقَدَّمَت لهم رؤيةٌ له سبحانه؛ فإنَّهم يرونه لا يشبه شيئًا من مخلوقاته، وقد علموا أنَّه لا يشبه شيئًا من مخلوقاته، فيعلمون أنَّه ربُّهم، فيقولون: أنت ربُّنا، وإنَّما عبَّر عن الصفة بـ (الصورة)؛ لمشابهتها إيَّاها، ولمجانسة الكلام، فإنَّه تَقَدَّمَ ذكر (الصورة).

وأمَّا قولهم: (نعوذ بالله منك)؛ فقال الخَطَّابيُّ: يحتمل أن تكون هذه الاستعاذة من المنافقين خاصَّةً، وأنكر هذا القاضي عياض، وقال: لا يصحُّ أن تكونَ من المنافقين، ولا يستقيم الكلامُ به، قال النَّوَويُّ: وهذا الذي قاله القاضي هو الصواب، وإنَّما استعاذوا منه لما قدَّمناه من كونهم رأوا سماتِ المخلوق، وأمَّا قولهم: (فيتَّبعونه)؛ فمعناه: يتَّبعون أمرَه إيَّاهم بذهابهم إلى الجنَّة، أو يتَّبعون ملائكته الذين يذهبون بهم إلى الجنَّة، والله أعلم.

(1/11765)

قوله: (وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ): (يُضرَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (جسرُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّمَ قريبًا أنَّها بالفتح والكسر الجيمَ.

قوله: (وَبِهِ كَلَالِيبُ): هو مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن؛ لأنَّه لا ينصرفُ، قال القاضي أبو بكر ابن العربيِّ المالكيُّ رحمه الله: هذه الكلاليب: هي الشهوات التي كانت تجذبه في الدنيا تُمثَّل له كلاليبَ تجذبه في الآخرة، والله أعلم، والمراد: الشهوات المحرَّمات، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ): (السعدان): قيل: تثنية سعد؛ وهو نباتٌ ذو شوك من أفضل مراعي الإبل، يُضرَب به المثلُ، قال الجوهريُّ: والنون زائدةٌ.

قوله: (قَدْرَ عظْمهَا): قال شيخُنا: هو بضَمِّ العين، وإسكان الظاء، وقال ابن التين: به قرأناه، قال: وفي رواية أخرى بكسر العين، وفتح الظاء، وهو أشبهُ، انتهى.

قوله: (فَتَخْطَفُ النَّاسَ): هو بفتح الطاء، هذه لغةُ القرآن، ويجوز كسرُها في لغة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (فَمِنْهُمُ [4] الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ): هو بفتح المُوَحَّدة اسمُ مفعولٍ؛ أي: المُهلَك، وقيل: المحبوس المعاقَبُ، {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} [الشورى: 34].

قوله: (وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الصلاة)، وقال شيخُنا هنا: قال ابن التين: بالدال والذال جميعًا، وقرأناه بالمُهْمَلَة.

قوله: (وَحَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الصلاة) في (باب فضل السجود)، وهل المرادُ الجبهةُ فقط، أو الأعضاءُ السبعةُ كلُّها، وهو الذي صحَّحه الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ.

قوله: (قَدِ امْتُحِشُوا): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/11766)

قوله: (فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ [5] مَاءُ الْحَيَاةِ): (يُصَبُّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (ماءُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَت (الْحِبَّة)، وكذا (حَمِيل السَّيْلِ)، وكذا (الرَّجُلُ)، وأنَّه جهينة، من جهينة، أو هنَّاد، وأنَّ الظاهر أنَّ أحدَهما لقبٌ، والآخَرُ الاسمُ، والله أعلم، وكذا (قَشَبَنِي)، وقال شيخُنا هنا: هو بفتح الشين، ونحفظه مخفَّفًا، وقال ابن التين: هو بتشديدها، انتهى، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (ذَكَاهَا [6])، وأنَّه بالقصر وبالمدِّ أيضًا، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: ذَكَتِ النارُ تذكو ذكًا _مقصور_؛ أي: اشتعلت، والمدُّ في لغة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (مَا أَغْدَرَكَ!)؛ أي: ما أنقضكَ للعهد والميثاق!

قوله: (وَمَوَاثِيقَ): هو لا ينصرف؛ لأنَّه جمعٌ ثالثُه الألفُ، وبعدها ثلاثة أحرف أوسطُها ساكنٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (حَتَّى يَضْحَكُ [7]): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا، وعليه (صح)، والمراد به الحال، ونزيد هنا: أنَّ (حتَّى) إن أدخلتَها على الفعل المستقبل؛ نصبْتَه بإضمار (أنْ)؛ تقول: سرت إلى الكوفة حتَّى أدخلَها؛ بمعنى: إلى أن أدخلَها، فإن كنتَ في حالِ دخولٍ؛ رفعتَ، وقُرِئ: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] و {يَقُولَ}، فمَن نصبَ؛ جعلَه غايةً، ومَن رفعَ؛ جعَلَه حالًا؛ بمعنى: حتَّى الرسولُ هذه حالُه، وقد تَقَدَّمَ معنى الضَّحِك في حقِّ الباري تعالى.

قوله: (تَمَنَّ مِنْ كَذَا): (مِن): حرف جرٍّ، وهذا ظاهِرٌ، وهذا في الأمكنة الثلاثة.

قوله: (قالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [يَقُولُ]: «هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ»): تَقَدَّمَ في (الصلاة) في (باب فضل السجود) أنَّ في «مسند أحمد» على العكس ممَّا هنا، وهو أنَّ أبا هريرة حفظ: «وعشرة أمثاله»، وأبا سعيد حفظ: «ومثله»، وتَقَدَّمَ الجوابُ عنه، والله أعلم.

(1/11767)

فائدةٌ: شِعار المؤمنين على الصراط: ربِّ سَلِّم، ربِّ سلِّم، كما رواه التِّرْمِذيُّ بإسناده إلى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، عنه عليه السلام قال: «شعار المؤمنين على الصراط ... »؛ فذكره، قال التِّرْمِذيُّ: غريبٌ، وفي «مسلم»: «ونبيُّكم قائمٌ على الصراط يقول: ربِّ سَلِّم سَلِّم»، وفي «الصحيحين»: «ولا يتكلَّم يومئذٍ إلَّا الرسلُ، ودعوى الرسل يومئذٍ: اللهمَّ سَلِّم»، وفي «مسلم»: «ثُمَّ يُضرَب الجسرُ على جهنَّم، وتحلُّ الشفاعة، ويقولون: اللهمَّ سلِّم سلِّم»، وظاهر السياق أنَّ الناسَ على الصراط يقولون ذلك، والله أعلم.

والظاهر أنَّ الروايتين في حالَين، لا في وقتٍ واحد؛ لقوله: «ولا يتكلَّم يومئذٍ إلَّا الرسلُ، وكلام الرسل: ربِّ سلِّم، ربِّ سلِّم»، والله أعلم، وفي «زوائد معجمَي الطَّبَرانيِّ الصغيرِ والأوسطِ» من حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «شعار أمَّتي إذا حملوا على الصراط: يا لا إله إلَّا أنت»، وفي سنده ابنُ لهيعة وغيرُه.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] في (أ): (يأتيهم)؛ بغير باء، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[3] في (أ): (قولهم)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[4] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث (7437)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مِنْهُمُ).

[5] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (مَاءٌ يُقَالُ لَهُ).

[6] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ في الحديث (806)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ذَكَاؤُها).

[7] في «اليونينيَّة»: (يضحكَ)؛ بالنصب.

(1/11768)

[باب: في الحوض]

قوله: (بَابٌ فِي الْحَوْضِ): تنبيهٌ: ذكر البُخاريُّ هنا الحوضَ بعد الصراط، وكذا ذكر صاحب «القوت» وغيرُه: أنَّ الحوضَ إنَّما هو بعد الصراط، والصحيح: أنَّ للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حوضين؛ أحدهما: في الموقف قبل الصراط، والثاني: في الجنَّة، وكلاهما يُسَمَّى كوثرًا.

واختُلِف أيضًا في الميزان والحوض؛ أيُّهما قبل الآخر؟ والصحيح الذي صحَّحه أبو الحسن القابسيُّ: أنَّ الحوضَ قبلُ، والمعنى يقتضيه، فإنَّ الناس يخرجون من قبورهم عطاشًا، فيَرِدُون الحوضَ مَن يَرِد منهم، وقال الغزاليُّ في «الكشف»: (وحكى بعضُ السَّلَف: أنَّ الحوضَ يُورَد بعد الصراط، وهو غلطٌ من قائله)، انتهى.

فائدة: في «الغيلانيَّات» من حديث حُمَيد عن أنس رضي الله عنه: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ لحوضي أربعةَ أركانٍ؛ فأوَّل ركنٍ منها في يد أبي بكر رضي الله عنه، والركن الثاني في يد عمر رضي الله عنه، والركن الثالث في يد عثمان رضي الله عنه، والركن الرابعُ

[ج 2 ص 703]

في يد عليٍّ رضي الله عنه، فمَن أحبَّ أبا بكر وأبغض عُمرَ؛ لم يَسْقِه أبو بكر، ومَن أحبَّ عُمرَ وأبغض أبا بكر؛ لم يَسْقِه عُمرُ، ومَن أحبَّ عثمانَ وأبغض عليًّا؛ لم يَسْقِه عثمانُ، ومَن أحبَّ عليًّا وأبغض عثمانَ؛ لم يَسْقِه عليٌّ ... »؛ الحديث.

فائدةٌ ثانيةٌ: لكلِّ نبيٍّ حوضٌ في الموقف، واختصَّ نبيُّنا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بحوضٍ آخَرَ في الجنَّة، كما تَقَدَّمَ قريبًا، ومستند أنَّ لكلِّ نبيٍّ حوضًا في الموقف ما رواه التِّرْمِذيُّ في «جامعه» من حديث سَمُرَة: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ لكلِّ نبيٍّ حوضًا ... »؛ الحديث، قال التِّرْمِذيُّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ، ثُمَّ ذكر الاختلاف في وصله وإرساله، وأنَّ المرسَلَ أصحُّ، قال القرطبيُّ في «تذكرته»: (وقال البكريُّ المعروف بابن الواسطيِّ: ولكلِّ نبيٍّ حوضٌ إلَّا صالحًا، فإنَّ حوضه ضَرع ناقته، والله أعلم)، انتهى.

(1/11769)

تنبيهٌ: الظاهر أنَّ أصلَ كلامِ ابن الواسطيِّ ما ذكره الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة عبد الكريم بن كيسان _وهو من المجاهيل_ قال: (وحديثُه منكرٌ)، ذكره العقيليُّ: أبو عاصم العبَّادانيُّ: حدَّثنا عبد الكريم بن كيسان عن سويد بن عُمير [1] قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «حوضي أشربُ منه يوم القيامة ومن اتَّبعني من الأنبياء، ويبعث الله ناقةَ ثمودَ لصالحٍ، فيحلبها، فيشربها والذين آمنوا معه حتَّى يوافيَ بها الموقفَ ولها رُغاء، وابنتي فاطمةُ على العضباء، وأنا على البُراق»، رواه العقيليُّ: حدَّثنا صالحٌ: حدَّثنا أُمَيَّة بن بِسطام: حدَّثنا أبو عاصم، قال الذَّهَبيُّ: (قلتُ: موضوعٌ، والله أعلم)، انتهى، وقد رأيته في «موضوعات ابن الجوزيِّ» في (كتاب البعث وأهوال القيامة) من حديث سويد بن عمير: قال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره، ثُمَّ قال: (موضوعٌ لا أصلَ له، قال العُقيليُّ: عبد الكريم مجهولٌ، وحديثُه غيرُ محفوظٍ)، انتهى.

تنبيهٌ: قال القاضي عياض: أحاديث الحوض صحيحةٌ، والإيمان به فرضٌ، والتصديق به من الإيمان، وهو على ظاهره عند أهل السُّنَّة والجماعة، ولا يُتَأوَّل، ولا يُختَلَف فيه، قال القاضي: حديثُه متواترُ النقل، رواه خلائقُ من الصَّحَابة، فذكره مسلمٌ من رواية ابن عمر، وأبي سعيد، وسهل بن سعد، وجندب، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وعائشة، وأمِّ سلمة، وعقبة بن عامر، وابن مسعود، وحذيفة، وحارثة بن وهب، والمستورد، وأبي ذرٍّ، وأنس، وجابر بن سَمُرة، انتهى.

وفي «مسلم» أيضًا هو من حديث ثوبان، وكذا حدَّث به أبو هريرة في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، ولم أرَ هذين في «شرح مسلم»، وقد استدرك النَّوَويُّ الثاني على القاضي، قال القاضي: ورواه غيرُ مسلم من رواية أبي بكر الصِّدِّيق، وزيدِ بن أرقم، وأبي أمامة، وعبدِ الله بن زيد، وأبي بَرزة، وسُويدِ بن غَفَلة، وعبدِ الله الصنابجيِّ، والبراء بن عازب، وأسماءَ بنتِ أبي بكر، وخولةَ بنتِ قيس، وغيرِهم، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: ورواه البُخاريُّ ومسلمٌ أيضًا من رواية أبي هريرة، انتهى، وقد روى حديثَ ابنِ عمر البُخاريُّ، وكذا حديث أبي سعيد، وسهل بن سعد، وجندب، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وعقبة بن عامر، وابن مسعود، وحذيفة _لكنَّه أخرجه في (الرقائق) تعليقًا_ وحارثة بن وهب، والمستورد تعليقًا في الحوض، وأنس، والله أعلم.

(1/11770)

قال النَّوَويُّ: ورواه غيرُهما _يعني: غيرَ البُخاريِّ ومسلم_ من رواية عمر بن الخَطَّاب، وعائذ بن عمرو، وآخرين، رضي الله عنهم، قال: وقد جمع ذلك كلَّه الإمام أبو بكر البيهقيُّ في كتابه «البعث والنشور» بأسانيده وطرقه المتكاثراتِ، قال القاضي: وفي بعض هذا ما يقتضي كونَ الحديث متواترًا، انتهى، وقد جمع طرقَه أيضًا وأفردها بالتأليف الحافظُ ضياء الدين المقدسيُّ، وفي بعض طرقه: «وماؤه أحلى من السُّكَّر».

قال ابن إمام الجوزيَّة الحافظُ شمسُ الدين في «الهَدْيِ» في (حرف القاف): (جاء في بعض ألفاظ السُّنَّة الصحيحةِ في الحوض: «وماؤه أحلى من السُّكَّر»، ولا أعرف السُّكَّر في الحديث إلَّا في هذا الموضع)، انتهى.

وقوله: (في الحديث)؛ يعني: الصحيحَ، وإلَّا؛ فقد جاء ذكره في حديثٍ آخَرَ في النِّثَار، وقد أفرد حديثَ النِّثَار بالتأليف [2] شيخُنا وصاحبُنا الإمامُ الحافظ صدر الدين سليمانُ الياسوفيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقيُّ، وهو عندي بخطِّه، سمَّاه: «منادمة المُحدَّث المُبصَّر بحديث اللوز والسُّكَّر»، وقد رأيتُ أنا حديثًا آخرَ ذكره التِّرْمِذيُّ، وفيه: «ألسنتهم أحلى من السُّكَّر، وقلوبهم قلوب الذئاب .. »؛ الحديث، وعقَّبه بأنَّه غريبٌ، وقد رأيتُ هذا الحديثَ في «الزهد والرقائق» لابن المبارك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولكنَّ لفظَه: «أحلى من العسل».

==========

[1] في (أ) علامة تشبه علامة الضبَّة: (ضـ)، وكذا في الموضع اللاحق، ولعلَّه يريد بها الدلالة على انقطاع السند، ولم نقف على ترجمة لسويد بن عمير، انظر «».

[2] في (أ): (بالتألف)، ولعلَّ المثبت هو المعتاد.

(1/11771)

[حديث: أنا فرطكم على الحوض]

6575# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه الوضَّاح بن عبد الله، و (سُلَيْمَان) بعده: هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (شَقِيق): هو أبو وائل شقيق بن سلمة، و (عَبْدِ الله) هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ): تَقَدَّمَ ما (الفَرَط).

==========

[ج 2 ص 704]

(1/11772)

[حديث: أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم]

6576# قوله: (وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفَلَّاس الصيرفيُّ الحافظ، أحد الأعلام، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، و (الْمُغِيرَة): هو ابن مِقْسَم الضَّبِّيُّ، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (عَبْد اللهِ).

قوله: (وَلَيُرْفَعَنَّ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رِجَالٌ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (لَيُخْتَلَجُنَّ)؛ أي: يُجتَذَبُون ويُقتَطَعون عنِّي، هو بضَمِّ أوَّله المُثَنَّاةِ تحت، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق، ثُمَّ لام، مفتوحَتَين، ثُمَّ جيم مضمومة.

قوله: (يَا رَبِّ؛ أَصْحَابِي): تَقَدَّمَ أنَّه أطلق عليهم اسمَ الصحبة باعتبار ما فارقهم عليه، والله أعلم [1].

قوله: (مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ): هو مَن ارتدَّ من الأعراب وثبتوا على رِدَّتهم حتَّى هلكوا عليها، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ في (المائدة) مُطَوَّلًا.

قوله: (تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ): الضمير في (تابعه) يعود على المغيرة؛ هو ابن مِقْسم الضَّبِّيُّ، و (عاصم): هو ابن أبي النَّجود بَهْدَلَةَ، أحدُ القرَّاء السبعة، وهو ابن بهدلة، ومتابعتُه لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وشيخُنا رحمه الله لم يخرِّجْها.

قوله: (وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ): أمَّا (حُصَين)؛ فهو ابن عبد الرَّحْمَن، وتَقَدَّمَ أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، و (أبو وائل): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه شقيق بن سلمة، و (حذيفة): هو ابن اليماني حُسَيلٍ، ويقال: حِسْل، واليماني صَحَابيٌّ أيضًا، وتعليقُ حُصَين أخرجه مسلمٌ في (فضائل النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) عن سعيد بن عمرو عن عَبْثَر بن القاسم، وعن أبي بكر عن مُحَمَّد بن فُضَيل؛ كلاهما عن حُصَين به، والله أعلم.

(1/11773)

[حديث: أمامكم حوض كما بين جرباء وأذرح]

6577# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.

قوله: (كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما وضبطُهما [1]، وفي هامش أصلِنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة: (صوابه: «كما بينكم وبين جرباء وأذرح»، وكذا وقع في «الطَّبَرانيِّ» في «المعجم الكبير»؛ قاله صلاح الدين العلائيُّ)، انتهى، وكذا قال بعض مشايخي: (إنَّ الصواب: «كما بينكم وبين جرباء وأذرح»، وعزاه إلى «الطَّبَرانيِّ») انتهى.

وفي «القاموس» لشيخنا مجد الدين: (والجرباء: كذا وكذا ... ) إلى أن قال: (وقرية بجنب أذرح، وغلط مَن قال: بينهما ثلاثة أيَّامٍ، وإنَّما الوَهَم من رواة الحديث من إسقاط زيادةٍ ذكرها الدَّارَقُطْنيُّ، وهي: «ما بين ناحيتَي حوضي؛ كما بين المدينة وجرباء

[ج 2 ص 704]

وأذرج»)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ، وفي بعض طرقه في «مسلم»: (قال عبيد الله: فسألته _يعني: سألت نافعًا_ فقال: قريتين بالشام بينهما مسيرةُ ثلاثِ ليالٍ) انتهى، وقد علمتَ ما في ذلك، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (وضبطها)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11774)

[حديث: إن أناسًا يزعمون أنه نهر في الجنة]

6578# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا عمرو بن مُحَمَّد بن بُكَيْر، أبو عثمان البغداديُّ الناقد الحافظ، نزل الرَّقَّة، عن هُشَيم، ومُعتمر، وطبقتِهما، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والفِرْيَابيُّ، والبَغَويُّ، قال أحمدُ: يتحرَّى الصدقَ، وقال أبو داود وغيرُه: ثقةٌ، وقال ابن معين وقيل له: إنَّ خلفًا يقع في عمرو، فقال: ما هو من أهل الكذب، انتهى، تُوُفِّيَ في ذي الحجَّة سنة (232 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، و (هُشَيْمٌ): هو ابن بَشِير، و (أَبُو بِشْرٍ): بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، واسمه جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

(1/11775)

[حديث: حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن]

6579# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان التيميُّ.

قوله: (أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ): قال الجوهريُّ: وهذا أشدُّ بياضًا من كذا، ولا تَقُل: أبيضُ منه، وأهلُ الكوفة يقولونه، ويحتجُّون بقول الراجز ... ؛ فذكر الشاهدَ، قال المبرِّد: ليس البيت الشاذُّ بحجَّة على الأصل المجمَع عليه.

قوله: (لَا يَظْمَأُ): هو بهمزة في آخره، وهذا مَعْرُوفٌ، وسيأتي قريبًا فيه سؤالٌ.

==========

[ج 2 ص 705]

(1/11776)

[حديث: إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء ... ]

6580# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ): تَقَدَّمَ الكلام على (أيلة)، وأنَّها مدينة بالشام على النصف ما بين طريق فُسَّاطِ مصر ومكَّة على شاطئ البحر من بلاد الشام، قاله أبو عبيدة، وقال مُحَمَّد بن حَبِيب: أيلة: شعبة من رَضْوَى؛ وهو جبلٌ يتبع ما بين مكَّة والمدينة، وهو غيرُ المدينة المذكورة، قاله ابن قُرقُول، وتَقَدَّمَ بزيادة، وأمَّا (صنعاء)؛ فقد تَقَدَّمَ الكلام عليها.

فإن قيل: لِمَ قال «من اليمن»، وهل في الدنيا صنعاء غير التي هي قاعدة اليمن؟ فالجواب: أنَّ بقُرب دمشقَ قريةٌ في جانبها الغربيِّ في ناحية الرَّبْوَة قريةٌ يُقال لها: صنعاء، وأُخرَى بالروم، والله أعلم.

تنبيهٌ: ذكر القرطبيُّ في «تذكرته» بعد أن ذكر الرواياتِ التي وقفتُ عليها في الحوض: (ظنَّ بعضُ الناس أنَّ هذه التحديداتِ في أحاديثِ الحوضِ اضطرابٌ واختلافٌ، وليس كذلك، وإنَّما يحدِّث النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بحديث الحوض مَرَّاتٍ عديدةً، وذكر فيها تلك الألفاظَ المختلفةَ مخاطِبًا لكلِّ طائفةٍ بما كان يعرف من مسافاتِ مواضعها ... ) إلى آخر كلامه.

==========

[ج 2 ص 705]

(1/11777)

[حديث: بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر ... ]

6581# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ.

قوله: (وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه يُقال له: هدَّاب.

قوله: (حَافَتَاهُ): هو بتخفيف الفاء، فإيَّاك أن تشدِّدها؛ ومعناه: جانباه.

قوله: (فَإِذَا طِينُهُ، أَوْ: طِيبُهُ): الأولى: بالنون، والثانية: بالمُوَحَّدة.

قوله: (مِسْكٌ أَذْفَرُ): (الأذْفَر): بفتح الهمزة، ثُمَّ ذال معجمة ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ راء، و (الذَّفَرُ)؛ بفتح الذال والفاء: كلُّ ريحٍ ذكيَّة من طِيبٍ أو نَتْنٍ، فأمَّا (الدَّفْر)؛ بالدال المُهْمَلَة، وإسكان الفاء؛ فالنَّتْنُ لا غير، قاله ابن قُرقُول، وفي «الصحاح»: (الذَّفَر؛ بالتحريك: كلُّ رائحةٍ ذكيَّة من طِيبٍ أو نَتْنٍ ... ) إلى أن قال: (والذَّفَر: الصُّنان، وهذا رجلٌ ذَفِر؛ أي: له صُنان وخَبَث رِيح)، والفاءُ محرَّكة في نسختي، وهي في غايةٍ من الصِّحَّة، وبعد ذلك ما يدلُّ على أنَّه مفتوحٌ، (قال الأصمعيُّ لأبي عمرو بن العلاء: الذِّفْرَى من الذَّفَر؟ فقال: نعم، والمِعْزَى من المَعَز؟ فقال: نعم)، انتهى، والذِّفْرَى من القفا: هو الموضع الذي يعرق من البعير خلفَ الأذن.

وفي «النهاية» ما يدلُّ على أنَّ الفاءَ محرَّكةٌ، فإنَّه قال: والذَّفَر؛ بالتحريك: يقع على الطيِّب والكريه، ويُفَرَّق بينهما بما يُضاف إليه ويُوصَف به، انتهى، فجعل الفارق بينهما ما يُضاف إليه ويُوصَف به، ولم يقل إنَّ النَّتِنَ والكريهَ بإسكان الفاء، فلمَّا لم يقلْ ذلك؛ دلَّ على أنَّه بالفتح عنده، إذ لو كان بالسكون؛ لكان الفارقَ، والحاصلُ: أنَّهما لُغَتان، وابن قُرقُول ذكر السكونَ، وغيرُهُ ذكر الفتحَ، والله أعلم.

(1/11778)

[حديث: ليردن علي ناس من أصحابي الحوض]

6582# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفراهيديُّ، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، تَقَدَّمَ، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

قوله: (لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي الْحَوْضَ): تَقَدَّمَ مَن هؤلاء في (المائدة) وغيرِها، و (اخْتُلِجُوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ قريبًا معناه، وتَقَدَّمَ أنَّ قوله: (مِنْ أَصْحَابِي): أنَّه أطلق عليهم اسم الصحبة باعتبار ما فارقهم عليه.

==========

[ج 2 ص 705]

(1/11779)

[حديث: إني فرطكم على الحوض]

6583# 6584# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ أبي مريم الحكمُ بن مُحَمَّد، و (مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ): تَقَدَّمَ أنَّ راء (مُطرِّف) مُشَدَّدةٌ مكسورةٌ، اسمُ فاعلٍ، وتَقَدَّمَ (أَبُو حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، سلمة بن دينار.

قوله: (إِنِّي فَرَطُكُمْ): تَقَدَّمَ ما (الفَرَط).

قوله: (لَمْ يَظْمَأْ): تَقَدَّمَ أنَّه بهمزة في آخره، ويُسكَّن هنا للجزم.

تنبيهٌ: هل يختصُّ الشرب منه بالناجين، أو يشرب منه الناجون ومَن يدخل جهنَّم مِن موحِّدِي أمَّة مُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لكن إذا دخلوا جهنَّم لا يظمؤون؟ قولان، والذي يظهر هذا الثاني، والله أعلم.

قوله: (قَالَ أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سلمة بن دينار، وقبله مرارًا، وتَقَدَّمَ (النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ): أنَّه بالمُثَنَّاة تحت المُشَدَّدة، وبالشين المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (سُحْقًا سُحْقًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه يُقال بإسكان الحاء وضمِّها، وأنَّه نصب على تقدير: ألزَمَهُمُ اللهُ سُحقًا، أو أَسْحَقَهُمُ اللهُ سحقًا، وسيأتي قريبًا جدًّا في هذا الحديث: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سُحْقًا: بُعْدًا).

قوله: (سَحَقَهُ [1] وَأَسْحَقَهُ: أَبْعَدَهُ): يعني: أنَّهما لُغَتان؛ ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، وهذا ليس في «الصحاح» للجوهريِّ، إنَّما فيه الرباعيُّ، ولكنِّي رأيتُه في «أفعال ابن القَطَّاع»، ولفظه: (وسَحَقَه اللهُ سَحْقًا وسُحوقًا، وأسحقه: أبعده، وأيضًا أهلكه)، انتهى.

(1/11780)

[معلق أبي هريرة: يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلون .. ]

6585# قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِيُّ): تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (وقال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أَخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (شَبِيب): بفتح الشين المُعْجَمَة، وكسر المُوَحَّدة، والباقي معروفٌ، و (الحَبَطيُّ): بفتح الحاء والمُوَحَّدة وبالطاء المُهْمَلَتين، والحَبَطات: من بني تميم، و (يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْنِ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يقال فيه إلَّا بالفتح.

قوله: (رَهْطٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْط).

[ج 2 ص 705]

قوله: (فَيُحَلَّؤُونَ): هو بضَمِّ المُثَنَّاة تحت في أوَّله، ثُمَّ حاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ لام مفتوحة مُشَدَّدة، ثُمَّ همزة مضمومة، وفي نسخة في هامش أصلنا: (فيُحَلَّون)، وفي نسخة: (فيُحْلَون)، قال ابن قُرقُول: فحَلأْتُهم؛ أي: طردتهم، وقد تسهَّل همزتُه، وقد تَقَدَّمَ حديث الحوض: (فيحلَّؤُون)، يقال: حلأتُ الإب تحلئةً، وحلاتُها _مخفَّف_ أحلوها؛ إذا صرفتَها عن الورود، وقال في (الجيم): (فيُجْلَون عنه)؛ بجيم ساكنة، كذا في حديث أحمد بن شَبِيب لكافَّتهم، وعند الحمُّوي: (فيُحلون)؛ بحاء مهملة، وأتقنه في كتاب عُبدوس: (فيُحلؤون)، وهو أصوبُ ذلك وأتقنُه، ثُمَّ ذكره من حديث أحمد بن صالح: (يُحلَّؤُون) على الصواب، ولبعضِهم بالجيم أيضًا هنا، ثُمَّ قال: عن عُقيل: (فيُحْلَون)، كذا قَيَّدهُ الأصيليُّ وغيرُه، وصوابه: (فيُحَلَّون) أو (فيُحَلَّؤُون)؛ بفتح الحاء، وسكون الواو، وهمزها لأبي الهيثم؛ أي: يصدُّون ويمنعون، يقال: حلأتُه عن الماء وحلَّيتُه؛ إذا طردتَه، وأصله الهمزُ.

قوله: (وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ): هو شعيب بن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

(1/11781)

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ): رواية الزُّهْرِيِّ عن أبي هريرة مرسلةٌ، وقدَّمت ذلك أيضًا، وقد قَدَّمْتُ مَن لَقِيَ الزُّهْرِيُّ من الصَّحَابة؛ فانظره في (الجنائز)، وقد تَقَدَّمَ هذا الحديثُ بمقلوبها في قوله: (وقال أحمد بن شَبِيب بن سعيد عن أبيه، عن يونس، عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة)، و [سيأتي] (عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهْرِيِّ، عن ابن المُسَيّب: أنَّه كان يحدِّث عن أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم).

قوله: (وَقَالَ عُقَيْلٌ): هو بضَمِّ العين، وفتح القاف، ابن خالد.

قوله: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ): هو بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن الوليد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ): هو أبو جعفر الباقرُ، وتعليق الزُّبَيديِّ لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله [1].

(1/11782)

[حديث: يرد على الحوض رجال من أصحابي]

6586# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (ابْن المُسَيّبِ): سعيدٌ، و (المُسَيّب): بفتح يائه وكسرها، بخلاف غيرِه ممَّن اسمه (المُسَيَّب)، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

وقوله: ([عَنْ] رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ [1] النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هؤلاء الأصحاب لا أعرفهم بأعيانهم، إلَّا أنَّ الحديثَ ذكره المِزِّيُّ في ترجمة سعيدٍ عن أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو عن رجلٍ من الأنصار، ثُمَّ قال في ترجمة يونس عن الزُّهْرِيِّ عن سعيد: عن أبي هريرة، وذكره في هذه الترجمة من هذه الطريق.

قوله: (الْقَهْقَرَى): تَقَدَّمَ معناها.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَن أَصْحَابِ).

[ج 2 ص 706]

(1/11783)

[حديث: بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل]

6587# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الحِزَامِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، و (مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، و (هِلَالٌ): هو ابن عليِّ بن أسامة، وهو هلال بن أبي ميمونة، وهلال بن أبي هلال، يروي عن أنس، وعطاء بن يسار، وأبي سلمة، وعنه: مالك وفُلَيح، وهو هلال ابن أسامة، منسوب إلى جدِّه، ثقة، قال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا.

قوله: (إِذَا زُمْرَةٌ): (الزُّمْرة): هي الجماعة من الناس.

قوله: (خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ): هذا الرجل لا أعرفُه، والظاهر أنَّه من الملائكة، وأطلق عليه رجلًا، والله أعلم، وفي «مسلم»: «فيجيبني مَلَكٌ، فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟»، وقد قَدَّمْتُ الكلام في أنَّه يُقال للملائكة: رجالٌ، ومواخذةَ مَن واخذ البُخاريَّ في ذلك.

قوله: (هَلُمَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّ هذه اللغةَ أفصحُ، وهي لغةُ القرآن، وفي اللغة الأخرى: (هلمُّوا) للجماعة، وقد تقدَّمتا.

قوله: (خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ): هذا الرجل أيضًا لا أعرفُه، وهو من الملائكة، وأطلق عليه رجلًا، كما تَقَدَّمَ أعلاه، وقدَّمت أنَّ في «مسلم»: «فيجيبني مَلَكٌ».

قوله: (فَلَا أُرَاهُ): هو بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.

قوله: (إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ): (الهَمَل): بفتح الهاء والميم، قال الدِّمْيَاطيُّ: (الهَمَل: ضوالُّ الإبل، واحدها: هامِلٌ؛ أي: الناجي منهم قليلٌ)، انتهى، وهذا لفظ «النهاية»، وفي «المطالع»: الهَمَل: الإبل بغير راعٍ، وهي الهاملة والهوامِلُ، وذلك يكون في الليل والنهار، الواحدة: هاملٌ، ولا يُقال ذلك في الغنم، والهامل أيضًا من الإبل: الضالُّ.

==========

[ج 2 ص 706]

(1/11784)

[حديث: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة .. ]

6588# قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، و (خُبَيْب بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1]): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة، ونسبته إلى أبيه في نسخةٍ في أصلنا، وهو هو.

قوله: (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ الصحيحَ أنَّ تلك البقعةَ المشرَّفةَ تُنقَل إلى الجنَّة بعينها، وذكرتُ ذَرْعَ ما بين القبر المكرَّم والمِنبر، وكذا ما بين المِنبر ومكانِ صلاته من ذِراع، وقبرُه في بيته، فلا فرقَ بين قوله: «ما بين بيتي ومنبري»، ولا: «ما بين قبري ومنبري»، والله أعلم.

==========

[1] (بن عبد الرحمن): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة وعلامة راويها، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 706]

(1/11785)

[حديث جندب: أنا فرطكم على الحوض]

6589# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عَبْدان لقبٌ، و (عَبْد الْمَلِكَ): هو ابن عُمير الكوفيُّ، لا عبد الملك بن حبيب أبو عمران الجَونيُّ البصريُّ، وهما اثنان يرويان في «البُخاريِّ» عن جندب؛ فاعلمه، ورحم الله الأئمَّةَ الذين يفرِّقون بين واحدٍ واحد، ويميِّزون حديثَ ذا من حديثِ ذا.

(1/11786)

[حديث: إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم .. ]

6590# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، الجواد، و (يَزِيد): هو ابن أبي حَبِيب، و (أَبُو الخَيْرِ): مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (عُقْبَة): هو ابن عامر الجهنيُّ.

قوله: (صَلَّى [1] عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه؛ أي: دعا لهم بدعاء صلاة الميِّت، ويُقال: صلَّى عليهم حقيقةً.

قوله: (إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ): تَقَدَّمَ ما (الفَرَط).

قوله: (أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ): (أُعطيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة، و (مفاتيحَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ ثانٍ.

(1/11787)

[حديث: حوضه ما بين صنعاء والمدينة]

6591# 6592# قوله: (حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (حَرَميًّا) بفتح الحاء المُهْمَلَة والراء، مشدَّد الياء، لا كالمنسوب إلى الحَرَم؛ لأنَّ المنسوب إلى الحَرَم: (حِرْميٌّ)؛ بكسر الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الراء، وكذا امرأةٌ حِرْميَّةٌ، قاله في «الصحاح» بضبط القلم، والله أعلم، وأنَّ (عُمَارة) بضَمِّ العين، وتخفيف الميم.

[ج 2 ص 706]

قوله: (وَصَنْعَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على (صنعاء)، وأنَّها من اليمن، مرَّ قريبًا، وأنَّ بقرب الربوة بدمشقَ صنعاء أخرى، وأنَّ في الروم صنعاء.

قوله: (وَزَادَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هذا هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، وتَقَدَّمَ أنَّ (زاد) مثلُ: (قال)، فهو تعليقٌ مجزومٌ به، تُوُفِّيَ ابن أبي عديٍّ سنة (194 هـ)، وتعليقُه هذا أخرجه مسلمٌ في (فضائل النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن بَزِيع عن ابن أبي عديٍّ به.

قوله: (فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ): هو المستورد بن شدَّاد الفِهريُّ، نزيل الكوفة، صَحَابيٌّ كأبيه شدَّاد بن عمرو، له عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أحاديثُ، وعنه: جُبير بن نُفير، وقيس بن أبي حَازم، وأبو عبد الرَّحْمَن الخُتَّليُّ، وغيرُهم، أخرج له مسلمٌ والأربعة، وعلَّق له البُخاريُّ، والله أعلم.

قوله: (قَالَ: الأَوَانِي): (الإناء): معروف، وجمعه: آنية، وجمع الآنية: أوانٍ؛ مثل: سِقاء وأسقية وأساقٍ، قاله الجوهريُّ.

قوله: (تُرَى فِيهِ الآنِيَةُ): (تُرَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الآنيةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (مِثْلَ): هو مَنْصُوبٌ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11788)

[حديث: إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم]

6593# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صَحَابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان التيميُّ، و (أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما): تَقَدَّمَت، وأنَّها تُوُفِّيَت بعدما عَمِيَت، رضي الله عنها.

قوله: (حَتَّى أَنْظُرُ): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ مثلُه قريبًا، وذكرت فيه كلامَ الجوهريِّ، وأنَّه على الحال، وأنَّه مثل: {حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] على قراءة الرفع.

==========

[ج 2 ص 707]

(1/11789)

((82)) (كِتَابُ القَدَرِ [1]) ... إلى (كِتَاب الأَيْمَانِ وَالنُّذُور)

(القَدْر) و (القَدَر): ما يقدِّرُه الله عزَّ وجلَّ من القضاء، وهو قَدر الله تعالى الذي يجب الإيمانُ به كلِّه؛ خيرِه وشرِّه، حُلوِه ومُرِّه، نفعِه وضَرِّه، ومذهبُ أهل الحقِّ إثباتُ القدر، والإيمانُ به كلِّه كما ذكرته، وقد جاء من النصوص القطعيَّات في القرآن العزيز والسُّنَن الصحيحة المشهورةِ في إثباته ما لا يُحصَى من الأدلَّة، وقد أكثر العلماءُ في إثباته من المصنَّفات، وذهبتِ القدريَّة إلى إنكاره، وأنَّ الأمرَ آنفٌ؛ أي: مستأنَفٌ لم يَسبق به علمُ الله، تعالى الله عن قولهم الباطلِ عُلُوًّا كبيرًا، وقد جاء في الحديث تسميتهم مجوسَ هذه الأمَّة؛ لكونهم جعلوا الأفعالَ لفاعِلِين، فزعموا أنَّ الله يخلقُ الخيرَ، وأنَّ العبدَ يخلق الشرَّ، جلَّ الله عن قولهم.

قال إمام الحرمين وغيرُه من متكلِّمِي أصحابنا، وابنُ قُتَيْبَة من أهل اللغة: اتَّفقنا نحن وهم على ذمِّ القَدرِيَّة، وهم يسمُّوننا قَدريَّة؛ لإثبات القَدر، ويموِّهون بذلك، وهذا جهلٌ منهم ومباهتةٌ، بل هم المسمَّون بذلك؛ لأوجهٍ؛ أحدها: النصوص الصريحة في القرآن والسُّنَّة المشهورة في إثبات القدر، والثاني: أنَّ الصَّحَابة فمَن بعدهم من السَّلَف لم يزالوا على الإيمان بالقدر، وإغلاظِ القول على مَن ينفيه، الثالث: أنَّا أثبتناه لله تعالى وهم يزعمونه لأنفسهم، وادَّعوا أنَّهم مخترعون لأفعالهم، فلم يتقدَّم بها علمٌ، فمَن أثبته لنفسه؛ كان بأن يُنسَبَ إليه أولى ممَّن نفاه عن نفسه وأثبتَه لغيرِه، وهذا الثالث هو جواب ابن قُتَيْبَة والإمامِ، والله أعلم [2].

==========

[1] كذا في (أ) معًا، والدال في «اليونينيَّة» و (ق) مفتوحةٌ فقط.

[2] انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (&).

[ج 2 ص 707]

(1/11790)

[حديث: إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا.]

6594# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.

قوله: (وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ): يعني: الصادقُ في قوله، والمصدوقُ فيما يأتيه من الوحيِ الكريمِ.

قوله: (إِنَّ أَحَدَكُمْ): هو بكسر الهمزة على الحكاية [1]، وكذا ضبطه النَّوَويُّ في «شرح مسلم» بالكسر، كما تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ عن ابن مالك وغيرِه: أنَّها بالفتح، ذكرتُه في (خلق آدم) وقبله أيضًا.

(1/11791)

قوله: (ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا): ظاهر هذا الحديث: أنَّ إرسالَه يكون بعد مئةٍ وعشرين يومًا، وفي «صحيح مسلم»: «يدخل المَلَك على النطفة بعدما تستقرُّ في الرَّحِم بأربعين _أو خمسة وأربعين_ ليلة، فيقول: يا ربِّ؛ أشقيٌّ أم سعيدٌ؟»، وفي رواية أخرى: «إذا مرَّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة؛ بعث الله تعالى مَلَكًا، فصوَّرها، وخلق سمْعَهَا وبصرَها وجِلْدَها»، وفي رواية حذيفة بن أَسِيد فيه أيضًا: «أنَّ النطفة تقع في الرَّحِم أربعين ليلة، ثُمَّ يتسوَّر عليها المَلَك»، وفي رواية فيه أيضًا: «أنَّ مَلَكًا مُوَكَّلًا بالرحم، إذا أراد الله أن يخلق شيئًا؛ يأذن الله تعالى لبضع وأربعين ليلة»، وفي رواية أنس: «أنَّ الله وكَّل بالرحم مَلَكًا، فيقول: أي ربِّ؛ نطفة، أي ربِّ؛ علقة، أي ربِّ؛ مضغة»، قال العلماء: طريق الجمعبين هذه الروايات: أنَّ للمَلَك ملازمةً ومراعاةً لحال النطفة، وأنَّه يقول: يا ربِّ؛ هذه نطفةٌ، هذه علقةٌ، هذه مضغةٌ، في أوقاتها، فكلَّ وقتٍ يقول ما صارت إليه بأمر الله وهو أعلم، وكلامُ المَلَك وتصرُّفه [2] في أوقاتٍ؛ أحدها: يخلقها نطفةً، ثُمَّ ينقلها علقةً، وهو أوَّل علم المَلَك بأنَّه ولدٌ؛ لأنَّه ليس كلُّ نطفة تصير ولدًا، وذلك عقب الأربعين الأولى حين يكتب رزقَه، وأجلَه، وسعادتَه أو شقاوته، ثُمَّ للمَلَك فيه تصرُّفٌ آخَرُ في وقتٍ آخَرَ، وهو تصويره، وخلقُ سمعِه وبصرِه، وجِلدِه ولحمِه وعظمِه، وكونِه ذكرًا أو أنثى، وذلك إنَّما يكون في الأربعين الثالثة، وهي مدَّة المضغة، وقبل انقضاء هذه الأربعين، وقبل نفخ الروح فيه؛ لأنَّ النفخَ لا يكون إلَّا [بعد] تمام صورته، وأمَّا قوله في بعض الروايات: «إذا مرَّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة؛ بعث الله إليها مَلَكًا، فصوَّرها، وشقَّ سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها ... »؛ الحديث، ذكر القاضي عياض وغيرُه أنَّه ليس على ظاهره، ولا يصحُّ حمله على الظاهر، بل المرادُ تصويرُها وخلقُ سمعِها ... إلى آخره، أنَّه يكتب ذلك، ثُمَّ يفعله في وقت آخرَ؛ لأنَّ التصوير عقب الأربعين الأولى غيرُ موجودٍ في العادة، وإنَّما يقع في الأربعين الثالثةِ هذه مدَّة المُضْغَة، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ... } إلى {لَحْمًا} [المؤمنون: 12 - 14]، ثُمَّ يكون للمَلَك فيه تصريفٌ آخرُ، وهو وقت نفخ الروح عقب الأربعين الثالثةِ حين يكمل له

(1/11792)

أربعة أشهرٍ، واتفق العلماء على أنَّ نفخَ الروح لا يكون إلَّا بعد أربعة أشهرٍ، ووقع في رواية البُخاريِّ: «أنَّ خلقَ أحدكم يُجمَع في بطن أمِّه ... »؛ الحديث، وفيه: «ثُمَّ يُبعَث»؛ بحرف (ثُمَّ)؛ [وهو] يقتضي تأخيرَ كَتْبِ المَلَك هذه الأمورَ بعد الأربعين الثالثةِ، والأحاديثُ الباقية تقتضي الكَتْبَ عقيب الأربعين الأولى، وجوابُه: أنَّ قوله: «ثُمَّ يُبعَث إليه المَلَك، فيكتب» معطوفٌ [3] على قوله: «يُجمَع في بطن أمِّه»، [ومتعلِّقٌ به، لا بما قبلَه]؛ وهو قوله: «ثُمَّ يكون مضغةً مثله»، ويكون قوله: «ثُمَّ يكون علقةً مثله، ثُمَّ يكون مضغةً مثله»، [معترضًا بين المعطوف] والمعطوف عليه، وذلك جائزٌ موجودٌ في القرآنِ والحديثِ الصحيحِ وغيرِه من كلام العرب، وذكر كلامًا آخرَ له بهذا تعلُّقٌ؛ فانظره من «شرح مسلم» للنوويِّ، والله أعلم.

وقوله فيه: (لا يكون إلَّا بعد أربعة أشهر) عبارةٌ قاصرةٌ، بل تحريرُه: بعد مئةٍ وعشرين يومًا؛ لأنَّ الأشهرَ قد تكون ناقصةً أو فيها ناقصٌ، والله أعلم.

قوله: (مُضْغَةً): (المضغة): قطعةُ لحمٍ بقَدْر ما يُمضَغ في الفم.

قوله: (فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ: بِرِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ): هذه ثلاثٌ؛ لأنَّ الشقاءَ والسعادةَ واحدٌ؛ لأنَّه يكتب إمَّا ذا وإمَّا ذا، فالمكتوبُ واحدٌ، ولعلَّه أراد جملةَ ما يُؤمَر به، لا أنَّ كلَّ شخص يُؤمَر فيه بهذه الأربع، وفي رواية أخرى: «رزقه، وأجله، وأثره، وشقيٌّ أو سعيدٌ»، وهذه مصرِّحة بالرابعة، فإنَّ مجموع الروايتين: أنَّه يُؤمَر برزقه، وأجله، وأثره، وشقيٌّ أو سعيدٌ، وهو جوابٌ حسنٌ، وفي «الصحيح» أيضًا: (وعمله)، ويحتمل أن تكون مثل: (أثره)، والله أعلم.

قوله: (وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، خبر مبتدأ محذوفٍ؛ أي: هو شقيٌّ أو سعيدٌ.

قوله: (وَقَالَ [4] آدَمُ: إِلَّا ذِرَاعٌ): إنَّما أتى بحديث آدمَ؛ لأنَّ الحديثَ الذي قبلَه شكَّ فيه راويه؛ هل هو (ذراع) أو (ذراعين)؟ فأتى بحديث آدم؛ لأنَّه لا شكَّ فيه، وحديث آدم أخرجه البُخاريُّ في (التوحيد) عن آدم، وهنا أخرجه عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك؛ كلاهما عن شعبة، وقد أخرجه البُخاريُّ أيضًا في (بدء الخلق) عن الحسن بن الربيع عن أبي الأحوص، وفي (خلق آدم) عن عمر بن حفص بن غِيَاث عن أبيه، وقد أخرجه بقيَّةُ الجماعة.

==========

(1/11793)

[1] هذا على إسقاط: (قال)، وهي رواية الحديث (3332) وغيرِه.

[2] في (أ): (يفرقه)، والمثبت من مصدره.

[3] في (أ): (معطوفًا)، والمثبت من مصدره.

[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

[ج 2 ص 707]

(1/11794)

[حديث: وكل الله بالرحم ملكًا فيقول أي رب نطفة]

6595# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد.

تنبيه: قَدَّمْتُ فيما مضى غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه إذا أُطلِقَ في الإسناد (حَمَّادٌ) من غير أن يُنسَب؛ هل هو ابن زيد أو ابن سلمة، وأنَّ ذلك يتميَّز عند أهل الحديث بحسب مَن أَطلق الروايةَ عنه، فإن كان الذي أطلق الروايةَ عنه سليمانُ بن حرب _كهذا الحديث الذي نحن فيه_ أو مُحَمَّدُ بن الفضل عَارمٌ؛ فالمراد حَمَّادُ بن زيد، قاله الذهليُّ مُحَمَّد بن يحيى، وكذا قاله ابن خلَّاد الرَّامَهُرْمُزِيُّ في «المحدِّث الفاصل»، والمِزِّيُّ في «التهذيب»، وإن كان الذي أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ؛ فمراده حَمَّاد بن سلمة، قاله الرَّامَهُرْمُزيُّ، إلَّا أنَّ ابن الجوزيِّ قال في «تلقيحه»: إنَّ التَّبُوذَكيَّ ليس يروي إلَّا عن حَمَّاد بن سلمة خاصَّة، وكذا إذا أطلقه عفَّانُ، روى الذهليُّ عن عَفَّانَ قال: إذا قلت لكم: (حدَّثنا حَمَّاد) ولم أنسبه؛ فهو ابن سلمة، وقال الرَّامَهُرمُزيُّ: إذا قال عَفَّانُ: (حدَّثنا حَمَّاد)؛ أمكن أن يكونَ أحدَهما، كذا قال، وهو ممكنٌ لولا ما حكاه الذهليُّ عن عَفَّانَ، فزال أحدُ الاحتمالين، وكذا اقتصر المِزِّيُّ في «تهذيبه» على أنَّ المرادَ ابنُ سلمة، وهو الصواب، وإن كان ابنُ الصلاح حكى القولين، وكذا إذا أطلق ذلك حجَّاج بن منهال؛ فالمراد ابن سلمة، قاله الذهليُّ والرَّامَهُرمُزيُّ والمِزِّيُّ، وكذا إذا أطلقه هُدْبَة بن خالد؛ فالمراد ابن سلمة، قاله المزِّيُّ في «تهذيبه»، والله أعلم.

وقد تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ حَمَّاد بن زيد أخرج له البُخاريُّ وغيرُه، وأنَّ ابنَ سلمة عَلَّقَ له البُخاريُّ، ولم يخرِّج له في الأصول، وأخرج له مسلمٌ والأربعة، والله أعلم.

قوله: (أَيْ رَبِّ؛ نُطْفَةٌ، أَيْ رَبِّ؛ عَلَقَةٌ، أَيْ رَبِّ؛ مُضْغَةٌ): الثلاث في أصلنا مرفوعاتٌ منوَّناتٌ، وهنَّ أخبارُ مبتدآتٍ محذوفاتٍ؛ أي: هذه كذا، وهذه كذا، وهذه كذا، ولو نُصِبت؛ لكان له وجهٌ، وهو أن تكون مفعولاتٍ بأفعالٍ مقدَّرة؛ نحو: اجعلها، وشبهه، و (المضغة [1]): قطعة لحمٍ بقدر ما يُمضَغ في الفم، وقد تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ): (يُكتَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

[ج 2 ص 707]

==========

[1] في (أ): (والمضعفة).

(1/11795)

[باب: جف القلم على علم الله]

(1/11796)

[حديث: كل يعمل لما خلق له]

6596# قوله: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرِّشْك) بكسر الراء، وإسكان الشين المُعْجَمَة، ثُمَّ كاف، وقد تَقَدَّمَ معناه، و (مُطَرِّف بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ): (مُطَرِّف): بكسر الراء المُشَدَّدة، وهو اسمُ فاعلٍ، و (الشِّخِّيْر): بكسر الشين المُعْجَمَة، وكسر الخاء المُعْجَمَة المُشَدَّدة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، و (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وتَقَدَّمَ أيضًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ حُصَينًا صَحَابيٌّ، وتَقَدَّمَ فيه كلامٌ؛ فانظره.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟): هذا الرجل لا أعرفه، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: ثُمَّ ظهر بعد ذلك أنَّه يُفَسَّر بعِمران الراوي؛ يعني: ابنَ الحُصَين راوي الحديث المذكور، ثُمَّ ذكر مستنده من عند «البُخاريِّ»، والله أعلم، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُعاصرين: هو عمران الراوي، بيَّنه مسدَّد في «مسنده»، وهو عند المصنِّف في موضعٍ آخَرَ، انتهى.

قوله: (أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟): (يُعرَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 708]

(1/11797)

[باب: الله أعلم بما كانوا عاملين]

قوله: (بَابٌ: اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ): غرض البُخاريِّ بهذه الترجمة مع ما فيها من الأحاديث الردُّ على الجهميَّة في قولهم: إنَّ الله لا يعلمُ أفعالَ العباد حتَّى يعملوها، تعالى الله عن قولهم، ومصداق ما أورده قولُه تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28]، وقال في آيةٍ أخرى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال: 23].

==========

[ج 2 ص 708]

(1/11798)

[حديث ابن عباس: الله أعلم بما كانوا عاملين]

6597# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بندار، وتَقَدَّمَ (غُنْدرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة ومضمومة، ثُمَّ راء، وتَقَدَّمَ معناه، وأنَّه لقبُ مُحَمَّدٍ، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وأنَّ اسمَه جعفرُ بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

قوله: (سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ): هذا السائل لا أعرفه.

قوله: (عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ في أولاد المشركين في (الجنائز) عشرةُ أقوالٍ؛ ما حكمهم في دار الآخرة، واختيار البُخاريِّ: أنَّهم في الجنَّة، وسيأتي التصريح بذلك في (كتاب الرؤيا).

==========

[ج 2 ص 708]

(1/11799)

[حديث أبي هريرة: الله أعلم بما كانوا عاملين]

6598# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ) بعده: هو ابن سعد، الإمام المجتهد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ): الذي ظهر لي في هذه الواو أنَّ الزُّهْرِيَّ روى أحاديثَ ليونسَ معطوفًا بعضُها على بعض، وهذا الحديثُ ليس الأوَّلَ منها، فرواه يونس بالعطف، ولم يغيِّره لمَّا فرَّقها، أو أنَّ البُخاريَّ هو الذي فرَّقها، أو مَن فوقه إلى يونس، فلم يغيِّره، والله أعلم.

قوله: (سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أعلا ه أنَّ هذا السائلَ لا أعرفه.

قوله: (عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ): (الذراريُّ): بتشديد الياء وتخفيفها، تَقَدَّمَ [1].

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) متقدِّمة بعد قوله: (عن أولاد المشركين ... ).

[ج 2 ص 708]

(1/11800)

[حديث: ما من مولود إلا يولد على الفطرة.]

6599# 6600# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة النساء)، وهو في أصلنا: (إسحاق)، وفي نسخةٍ في هامش أصلنا: (إسحاق بن إبراهيم) منسوبًا إلى أبيه، و (عبد الرَّزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الصنعانيُّ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (عَلَى الْفِطْرَةِ): تَقَدَّمَ ما (الفِطْرَة) في (الجنائز).

قوله: (كَمَا تُنْتِجُونَ): هو بضَمِّ أوَّله المُثَنَّاة فوق، وكسر ثالثه المُثَنَّاة فوق أيضًا، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وضبطه بعضُهم كما ضبطتُه: بضَمِّ أوَّله، وكسر ثالثه، قال: ومنهم مَن فتحه، انتهى، و (الْبَهِيمَةَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ.

قوله: (مِنْ جَدْعَاءَ): تَقَدَّمَ معناه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 708]

(1/11801)

[باب: {وكان أمر الله قدرًا مقدورًا}]

(1/11802)

[حديث: لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها]

6601# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

قوله: (طَلَاقَ أُخْتِهَا): أي: ضرَّتها، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَلْتَنْكِحْ): هو بإسكان اللام، ساكن الحاء، أمرٌ، وهذا ظاهِرٌ، و (قُدِّرَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو مشدَّد الدال.

(1/11803)

[حديث: لله ما أخذ ولله ما أعطى كل بأجل فلتصبر ولتحتسب]

6602# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق عَمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (عَاصِم) بعده: هو ابن سُليمان الأحول، و (أَبُو عُثْمَانَ): عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمتِ اللُّغات في (مَلٍّ) مرارًا، و (أُسَامَة): هو ابن زيد بن حارثة، الحِبُّ بن الحِبِّ، وهو وأبوه وجدُّه صحابةٌ.

قوله: (إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ): هذا الرسول لا أعرفه، و (إحدى بناته): تَقَدَّمَت في (الجنائز) مَن هي منهنَّ رضي الله عنهنَّ، وسيأتي قريبًا في كلامي أنَّها زينبُ.

قوله: (وَعِنْدَهُ سَعْدٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُبادة بن دُلَيم، سيِّد الخزرج، كما صُرِّحَ به في روايةٍ.

قوله: (أَنَّ ابْنَهَا يَجُودُ بِنَفْسِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الابن في (الجنائز)، وهل هو ابن أو ابنةٌ، والصحيح: أنَّه ابنٌ، واسمه عليُّ بن أبي العاصي بن الربيع، والبنت: زينبُ.

قوله: (وَلْتَحْتَسِبْ): هو مجزومٌ معطوفٌ على الأمر الذي قبله، وتَقَدَّمَ ما (الاحتساب).

==========

[ج 2 ص 708]

(1/11804)

[حديث: أوإنكم تفعلون ذلك لا عليكم أن لا تفعلوا]

6603# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): هو بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ مَن يُقال فيه كذلك: هذا ابن موسى، روى عنه الشيخان، وحِبَّان بن عَطيَّة السُّلَميُّ، له ذِكرٌ في «البُخاريِّ» في قصَّة حاطب بن أبي بَلْتَعَة، وحِبَّان ابن العَرِقة، له ذِكرٌ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وهو كافرٌ هلك على كفره، رمى سعدَ بن معاذ يومَ الخندق في أَكْحَلِه، فتُوُفِّيَ منها سعدٌ بعد بني قريظة، والله أعلم، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان الأنصاريُّ.

[ج 2 ص 708]

قوله: (جَاءَهُ [1] رَجُلٌ مِنِ الأَنْصَارِ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا وَنُحِبُّ الْمَالَ): هذا الرجل الأنصاريُّ لا أعرفه، غير أنَّ في «صحيح مسلم» من حديث أبي سعيد: (فسألْنَا رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وفي طريقٍ أخرى من حديثه: (ثُمَّ سألْنَا رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ثُمَّ إنِّي رأيتُ ابنَ شيخنا البُلْقينيِّ قال: وقع نحوُ هذا السؤالِ من مجديٍّ الضَّمْرِيِّ، ذكره في «الأُسْدِ»، وذكر لفظَه، ثُمَّ قال: (لكنَّ هذا ليس أنصاريًّا)، ثُمَّ ذكر ما ذكرتُه عن أبي سعيدٍ، ثُمَّ قال: فيدلُّ هذا على أنَّ أبا سعيد من جملة السائلين، ثُمَّ قال: وفي «الأُسْدِ» في ترجمة أبي صِرمة بن قيس عن ابن مُحيريز: (أنَّ أبا سعيد وأبا صِرمة أخبراه أنَّهم أصابوا سَبايا ... ) إلى أن قال: (فذكرنا ذلك لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: «لا عليكم»)، فهذا يحتمل أنَّ يُفَسَّر الأنصاريُّ به، انتهى، والله أعلم، وكذا ذكر بعضُ حفَّاظ المِصريِّين من المُتَأخِّرين، فذكر القولين: أبا صِرمة بن قيس، وأبا سعيد.

قوله: (كَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ؟): تقدَّم ما (العزْل) وما حكمه في (النكاح)، والله أعلم.

قوله: (أَوَإِنَّكُمْ؟): هو بفتح الواو، و (إنَّ) بعدها: مكسورةُ الهمز، و (أوَ): محرَّكة على الاستفهام، وقد تَقَدَّمَ متى تُفتَح (أو) ومتى تُسَكَّن.

قوله: (نَسَمَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح السين وما هي في أوَّل هذا التعليق.

(1/11805)

[حديث: لقد خطبنا النبي خطبةً ما ترك فيها شيئًا إلى قيام الساعة ... ]

6604# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وبيانه: أنَّ عَبْد الغَنيِّ الحافظَ في «الكمال» ذكر في مشايخ موسى بن مسعودٍ الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، وكذا فعل الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، و (الأَعْمَش): سُليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مرارًا، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّمَ، و (حُذَيْفَةَ): هو ابن اليماني حُسَيلٍ، ويُقال: حِسْل، صَحَابيٌّ أيضًا كابنه حذيفة، رضي الله عنهما.

قوله: (لَأَرَى الشَّيْءَ): (أَرى): بفتح الهمزة، من رؤية العين.

قوله: (كَمَا [1] يَعْرِفُ الرَّجُلَ): (الرجلَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ؛ أي: كما يَعرِف الرَّجُلُ الرَّجُلَ، كذا في أصلنا، ومُصحَّح عليه، وفي نسخة حدثت في هامش أصلنا: (الرجلُ)؛ بالرفع [2]، فيكون على هذه (الرجلُ) مَرْفُوعًا [3] فاعل (يَعرف)، ويكون المفعولُ محذوفًا؛ أي: الرجلَ، والله أعلم.

(1/11806)

[حديث: ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من النار أو من الجنة]

6605# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، و (أَبُو حَمْزَةَ)؛ بالحاء والزاي: مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وإنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضَمِّ العين، وفتح المُوَحَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن حَبِيب بن رُبَيِّعة، وتَقَدَّمَ أنَّ (السُّلَميَّ) بضَمِّ السين، وفتح اللام.

قوله: (يَنْكُتُ): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّه بالمُثَنَّاة فوق، لا المُثَلَّثَة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (كُتِبَ مَقْعَدُهُ): (كُتِبَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مَقعدُهُ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مقام الفاعل.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، تَقَدَّمَ ذلك غَيْرَ مَرَّةٍ، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: وقع في «أُسْد الغابة» في ترجمة ذي اللحية الكلابيِّ _واسمه شريح بن عامر_: أنَّه قال: يا رسول الله؛ أنعمل في أمرٍ مستأنَفٍ أو في أمر قد فُرِغ منه؟ ثُمَّ قال: وهذا يحتمل أن يُفَسَّر به المبهمُ في حديث عِمران السابق، وحديثِ عليٍّ الذي نحن فيه، قال: وقد وقعت مثلُ هذه القضيَّةِ لعُمر بن الخَطَّاب، رواه التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (أبواب القدر)، فذكرها، انتهى، وقد رأيتُه في (أبواب القدر) في (باب ما جاء في الشقاء والسعادة)، وقال: حسنٌ صحيحٌ.

قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: تَقَدَّمَ في (التفسير): أنَّ سراقة سألَ عن ذلك، وقيل: إنَّ السائل هو عليٌّ الراوي، وفي (مسند أبي بكر) من «مسند أحمد»: أنَّ أبا بكر سأل عن ذلك، وفي (مسند عُمر) لأبوَي بكرٍ المروزيِّ والبزَّار: أنَّ عمرَ سأل عن ذلك، ووقع مثلُ ذلك لذي اللحية الكلابيِّ، واسمه شريح بن عامر، أخرجه عبد الله بن أحمد في «زيادات المسند»، والحسن بن سفيان، وابن أبي خيثمة، والطَّبَرانيُّ؛ كلُّهم من حديثه، انتهى.

==========

[ج 2 ص 709]

(1/11807)

[باب: العمل بالخواتيم]

قوله: (بَابٌ: الْعَمَلُ بِالْخَوَاتِيمِ): تَقَدَّمَ في (كتاب الرقاق): (باب الأعمال بالخواتيم وما يُخَاف منها)، وهنا: (العمل)؛ بالإفراد من غير زيادةٍ عليها.

واعلم أنَّه حكم الله في عباده في الخير والشرِّ، فيغفر الكفرَ وأعمالَهُ بكلمةِ الحقِّ يقولها العبدُ عند الموت قبل المعاينة لملائكة العذاب، وكذلك يحبط عمل المؤمن إذا خُتِم له بالكفر، ثُمَّ هذا الحكمُ موجودٌ في الشرع؛ كقوله: «مَن أدرك ركعةً من الصلاة؛ فقد أدرك الصلاةَ»، وقوله: «مَن أدرك ركعةً من الصبح»، وكذا «من العَصْر»؛ فجُعل مدرِكًا لفضل الوقت بإدراك الخاتمة وإن كان لم يدرِك منه إلَّا أقلَّه، وكذلك مَن أدرك جزءًا من ليلة عرفة _وهي ليلة النحر_ قبل الفجر فوقف بها؛ أدركَ الحجَّ، وتمَّ له ما فاته من مقدِّماته، كما عهد الذي لم يعمل خيرًا قطُّ أن يُحرَق ويُذرى، فكانت خاتمة سوء عمله خشيةً أدركته تلافاه الله بها، فغفر له سوءَ عمله طولَ عمره، هذا فعلُ مَن لا تضرُّه الذنوبُ، ولا تنفعه العبادةُ، وإنَّما تنفع وتضرُّ المكتسبَ لها، الدائمَ عليها إلى أن يموت.

==========

[ج 2 ص 709]

(1/11808)

[حديث: يا بلال قم فأذن لا يدخل الجنة إلا مؤمن]

6606# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بكسر الحاء مُطَوَّلًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): بفتح ياء (المُسَيّب) وكسرها، وغيره لا يقال فيه إلا بفتح الياء، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ أنَّ فيه مجازًا أن شهد الصَّحَابة، وأمَّا أبو هريرة؛ فإنَّما جاء بعد الفتح قبل القسمة، وقد تَقَدَّمَ متى كانت غزوتها بالاختلاف فيه، ومدرك الخلاف، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ [1] لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الإِسْلَامَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل اسمُه قُزمان، وتَقَدَّمَ الاختلافُ في أيِّ غزوة كانت قصَّته، وأنَّ أصحابَ «الصحيح» ذكروها في خيبر، وفي بعض الروايات: حُنين، وأنَّ غيرَهم ذكروها في أحُد، وأنَّه هو الذي يظهر، وقد قَدَّمْتُ ذلك مُطَوَّلًا؛ فانظره في (خيبر).

قوله: (حَضَرَ الْقِتَالُ): (القتالُ): مَرْفُوعٌ فاعل (حضر).

قوله: (فَأَثْبَتَتْهُ): أي: أصابت مَقَاتِلَه.

قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: هذا الرجل تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه، وأنَّ ابنَ شيخِنا البُلْقينيِّ قال: لعلَّه أكثمُ بن الجون، انتهى.

قوله: (أَمَا إنَّه): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّه): بكسر الهمزة، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (أَمَا) بمعنى (أَلَا) التي للاستفتاح، وأنَّ (إنَّ) بعدها همزتُها مكسورةٌ.

قوله: (إِلَى كِنَانَتِهِ): تَقَدَّمَ ما (الكِنانة).

قوله: (فَانْتَحَرَ بِهَا): تَقَدَّمَ أنَّه كذلك في أصلنا: (بها)، وأنِّي رأيت عن الصغانيِّ ما لفظه: وقع في النسخ: (فانتحر بها)، والصوابُ: (به)، وروى الحديثَ أبو بكر الإسماعيليُّ من طريق حِبَّان وابنُ عمارة من طريق أحمد ابن حنبل عن عبد الله فقالا: (بهِ) على الصواب، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الجمع [بين] (فانتحر بها)، وبين (أنَّه اعتمد على ذُباب سيفه حتَّى خرج من ظهره)، وبين رواية ابن إسحاق: (أنَّه قطع رواهش يده)، ووجه الجمع: أنَّه فَعَلَ الثلاثَ فِعلاتٍ.

[ج 2 ص 709]

(1/11809)

قوله: (فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ): (اشتدَّ)؛ أي: عَدَوا، وهؤلاء الرجال لا أعرفهم، والظاهر أنَّ منهم أكثمَ بنَ أبي الجون الذي كان يَتْبَعُه.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

(1/11810)

[حديث: من أحب أن ينظر إلى الرجل من أهل النار فلينظر إلى هذا]

6607# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ (أبا غسَّان): اسمه مُحَمَّد بن مُطَرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا كَانَ [1] مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ): هذا (الرجل): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل اسمُه قُزمان، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في (غزوة خيبر).

قوله: (غَنَاءً): هو بفتح الغين المُعْجَمَة، ممدودٌ، تَقَدَّمَ أنَّ معناه: كفاية، وكذا الثانية الآتية.

قوله: (فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّها غزوة خيبر، كذا في «الصحيحين»، وتَقَدَّمَ ما فيه، وأنَّ الذي يظهر أنَّها أُحُد، كما جاء في روايةٍ في «أبي يعلى»، وكما ذكرها ابنُ إسحاق.

قوله: (فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه، وأنَّ ابنَ شيخِنا البُلْقينيِّ قال: لعلَّه أكثم بن الجون.

قوله: (حَتَّى جُرِحَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَجَعَلَ ذُبَابَةَ سَيْفِهِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا الجمعُ بين هذا وبين غيرِه.

(1/11811)

[باب إلقاء النذر العبد إلى القدر]

قوله: (بَابُ إِلْقَاءِ النَّذْرِ الْعَبْدَ إِلَى الْقَدَرِ): (العبدَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (إلقاء)، و (النذرِ): مجرورٌ مضافٌ، وهذا ظاهِرٌ.

وقوله: (بَابُ إِلْقَاءِ النَّذْرِ الْعَبْدَ إِلَى الْقَدَرِ): وفي نسخة أخرى: (باب إلقاءِ العبدِ النذرَ إلى القدر)، رأيت بخطِّ شيخِنا شيخِ الإسلام البُلْقينيِّ قال: وليست واحدةٌ من الترجمتين مطابقةً للحديث، والمطابِق للحديث أن يُقال: (باب إلقاءِ القدرِ العبدَ إلى النذر)؛ لأنَّ الله تعالى قال: «لا يأتي ابنَ آدم النذرُ بشيءٍ لم يكن قد قدَّرتُه، ولكن يلقيه القدر وقد قدَّرته له، أستخرج به من البخيل»، فالحديث يقتضي أنَّ القدرَ يُلقِي العبدَ إلى أن ينذر، فيستخرج به من مال البخيل ما نذره، وقضيَّة الترجمة المذكورة في هذه النسخة _يعني: (باب إلقاءِ العبدِ النذرَ إلى القدر) _: أنَّ العبدَ يُلقِي النذرَ إلى القدر، وهذا لا يطابِقُ الحديثَ، وليس بمعنًى صحيحٍ، وقضيَّة الترجمة في أكثر النسخ: أنَّ النذر يُلقِي العبدَ إلى القدر، وليس كذلك، فتعيَّن ما قرَّرناه، انتهت، وهو فَهمٌ حسنٌ في غايةٍ، والله أعلم، انتهى.

وكتب إليَّ بعض حُفَّاظ العَصْرِ: أنَّ البُخاريَّ رواه _والظاهر أنَّه يعني: في غير «صحيحه» _: «ولكن يلقيه النذرُ إلى القَدَر»، فكأنَّ البُخاريَّ أراد هذه الطريقَ، أو ما هذا معناه، أو قريب منه)، فكأنَّ هذا الحافظَ يقول: بوَّب البُخاريُّ بالحديث الذي ليس على شرطه، وأخرج ما هو على شرطه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 710]

(1/11812)

[حديث: إنه لا يرد شيئًا وإنما يستخرج به من البخيل]

6608# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ أبا نُعَيم روى عن السفيانين، وهما عن منصور، غير أنَّ الثَّوريَّ أثبتُ الناس في منصورٍ، والله أعلم، وقد سأل ابني أبو ذرٍّ حافظَ وقته ابنَ حَجَرٍ عن هذا المكان أو عن مثله، فأجابه فقال: هو كما قال _أنا_ هو الثَّوريُّ، وأبو نُعَيم وإن كان روى عن ابن عُيَيْنَة، لكنَّه إذا روى عنه؛ [نسبه]، وإذا روى عن الثَّوريِّ؛ نسبه تارةً، ولم ينسبه أخرى، فإذا لم ينسبه؛ فهو الثَّوريُّ؛ لأنَّ الإطلاق ينصرفُ إلى مَن يكون المطلَقُ أشدَّ له ملازمةً، وأكثرَ عنه روايةً، وأبو نُعَيم معروفٌ بالرواية عن الثَّوريِّ، قليلُ الرواية عن ابن عُيَيْنَة، وقد نبَّه على ذلك ونظائرِه الخطيبُ في «المكمل»، وهذا القولُ في مُحَمَّد بن كَثِير إذا قال: حدَّثنا سفيان ... إلى آخر كلامه، فإنَّه يتعلَّق بغيرِ ما نحن فيه، والله أعلم، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر.

قوله: (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ): اعلم أنَّ هذه المسألةَ اختلف قولُ الشَّافِعيَّة فيها على أربعة آراء:

أحدها: أنَّ النذرَ مكروهٌ، كما أشار إليه النَّوَويُّ، وهذا هو الذي نصَّ عليه الشَّافِعيُّ، نقله عنه أبو عليٍّ السِّنْجيُّ في «الشرح الكبير»، كذا نقله عنه ابن أبي الدم في «شرح الوسيط»، وجزم به الشيخُ محيي الدين في «شرح المهذَّب»، ونقله عن التِّرْمِذيِّ وجماعةٍ من أهل العلم، ولم ينقله عن الشَّافِعيِّ، ولا عن أحدٍ من أئمَّة مذهبه.

والثاني: أنَّه خلاف الأَولى، وهو ما اختاره ابن أبي الدم في «الشرح» المذكور، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ المكروهَ: ما ورد فيه نهيٌ مقصودٌ، وخلافُ الأولى: ما لم يرد ذلك فيه، كذا فرَّق الإمامُ وغيرُه بينهما، ونقله عنه الرافعيُّ في (باب أداء الزكاة)، والنذر وردَ فيه نهيٌ مقصودٌ، فإن أوَّل ذلك وتمسَّك بالقياس وغيرِه؛ لزم استحبابه، وإن لم يُؤَوِّل وتمسَّك بظاهره؛ لزم كراهته، فالقول بأنَّه خلاف الأولى ضعيفٌ.

(1/11813)

الثالث: قُربةٌ، وهو ما جزم به المتولِّي في (الوكالة)، فقال: لا يجوز التوكيل في النذر؛ لأنَّه قُربةٌ، وكذلك الغزاليُّ في كفَّارة الظهار من «الوسيط» قُبَيل الخَصلة الثانية، وهو مقتضى كلام الرافعيِّ، ونقل ابن أبي الدم: أنَّ جماعة قالوا بذلك، وهو القياس، وذكر النَّوَويُّ في (باب ما يفسد الصلاة) من «شرح المهذَّب» ما يقتضيه.

والرابع: التفصيل؛ فيُستحبُّ نذرُ التبرُّر؛ وهو الذي ليس معلَّقًا على شيء، ولا يُستَحَبُّ النذر المعلَّق، وهذا التفصيلُ ذكره ابن الرِّفعة في (باب الوكالة) من «المطلب».

واعلم أنَّ القولَ باستحبابه يعضده النصُّ والقياس، أمَّا النصُّ؛ فقوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270] حثَّهم الله سبحانه وتعالى على النذر وأكَّدَه بالمصدر، فاقتضى أن يكون قربةً، وأمَّا القياس؛ فلأنَّه وسيلةٌ إلى القُربة، وللوسائل حُكمُ المقاصد، ولهذا قال ابن أبي هريرة: إنَّ الحَلِف على الطاعة من النوافل المستحبَّةِ، لا يُتوصَّل به إلى الإحسان، ويبعثه على القُرب وأفعالِ الخير، والاستدلال بهذا الحديث يتوقَّف على قاعدتين؛ إحداهما: أنَّ المفرد المعرَّف بـ (أل) للعموم، الثانية: أنَّ قولَ الصَّحَابيِّ: (نهى عن كذا) عامٌّ، وفيهما خلافٌ، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال الإمام المازريُّ المالكيُّ: يحتمل أن يكون سببُ النهي عن النذر كونَ الناذر يصير ملتزمًا [1] له، فيأتي به تكلُّفًا بغير نشاط، قال: ويحتمل أن يكون سببُه كونَه يأتي بالقربة التي التزمها في نذرٍ على صورة المعاوضة للأمر الذي طلبه، [فـ] ينقص أجره، وشأن العبادة أن تكون متمحِّضةً لله تعالى، قال القاضي عياض: ويحتمل أنَّ النهيَ لكونه قد يظنُّ بعضُ الجَهَلة أنَّ النذرَ يردُّ القدرَ، ويمنعُ من حصول المقدَّر، فنُهِيَ عنه؛ خوفًا من جاهلٍ يعتقد ذلك، فسياق الحديث يؤيِّد هذا، والله أعلم.

قوله: (وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ): (يُسْتَخرَج): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] في (أ): (متلزمًا)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 710]

(1/11814)

[حديث: لا يأت ابن آدم النذر بشيء لم يكن قد قدرته]

6609# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الصنعانيُّ.

قوله: (لَا يَأْتِي [1] ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ): (النذرُ): مَرْفُوعٌ فاعل (يأتي)، و (ابنَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ مقَدَّمٌ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ): (أستخرجُ): بفتح همزة المتكلِّم، هو فعلٌ مستقبلٌ مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه لم يتقدَّمْه ناصبٌ ولا جازمٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يَأْتِ).

[ج 2 ص 710]

(1/11815)

[باب لا حول ولا قوة إلا بالله]

(1/11816)

[حديث: يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ... ]

6610# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (خَالِدٌ الْحَذَّاءُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه خالد بن مِهْرَان، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل: الحَذَّاء، و (أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمتِ اللُّغًات في (مَلٍّ)، و (النَّهديُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح النون، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.

قوله: (فِي غَزَاةٍ): هذه الغزاة لا أعرف عينَها، وأبو موسى إنَّما قَدِم بعد قتال خيبر، قبل القسمة، مع جعفرٍ، في السفينَتَين، والغزوات بعدها معروفةٌ مضبوطةٌ.

قوله: (شَرَفًا): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الشين والراء؛ وهو ما علا من الأرض، وكذا تَقَدَّمَ (ارْبَعُوا) ضبطًا ومعنًى.

قوله: (فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا): جعل قولهم: (الله أكبر) دعاءً، والدعاء: النداء؛ من أجل أنَّهم يريدون به إسماعَه الشهادةَ له بالحقِّ.

(1/11817)

[باب: المعصوم من عصم الله]

(1/11818)

[حديث: ما استخلف خليفة إلا له بطانتان بطانة تأمره بالخير]

6611# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبُه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك،

[ج 2 ص 710]

شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ): (استُخلِف)؛ بضَمِّ التاء، وكسر اللام: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (خليفةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ): (البِطانة)؛ بكسر المُوَحَّدة: دخلاء الإنسان ومَن يختصُّ به، و (البِطانة) أيضًا: السريرة، فسُمِّيَ مَن يطَّلع على السريرة بطانةً، يُقال منه: بَطنتُ أمرَه؛ إذا علمتَ مِن خفيِّه، وبَطُنَ الشيء: خَفِيَ، وفي «النهاية»: بطانة الرجل: صاحبُ سِرِّه وداخلةِ أمره الذي يشاوره في أحواله.

(1/11819)

[باب: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون}]

قوله: (وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [1]): كذا في أصلنا: (منصور بن النعمان)، وكذا كان في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ثُمَّ ضَرَب عليها المِزِّيُّ بخطِّه، وكتب بخطِّه: (المعتمر)، وصحَّحَ عليه، وفي هامش أصلنا القاهريِّ: (صوابه: منصور بن المعتمر، وفي حاشية أصل أبي ذرٍّ: منصور بن النعمان، وكذا في أصل الأصيليِّ، وفي أصل ابن عساكر)، انتهى، وكذا عزاه شيخُنا في «شرحه» حين ذكره، فقال: منصور بن النعمان، ولم يذكر فيه خلافًا، ولمَّا خرجه؛ قال: أخرجه أبو جعفر، والظاهر أنَّ مرادَه بـ (أبي جعفر): مُحَمَّد بن جرير الطَّبَريُّ في «تفسيره»، قال: عن ابن قُهزاذ عن أبي عوانة عنه؛ يعني: عن منصور به، والله أعلم، و (منصور بن النعمان) هذا: يشكريٌّ، كنيته أبو حفص، بصريٌّ، نزل مروَ، ثُمَّ بُخارى، عن أبي مِجْلَز لاحقِ بن حُمَيدٍ وعكرمة، وعنه: ابن المبارك، وعبد العزيز بن أبي رِزْمة، وأبو أحمد الزبيريُّ، وجماعةٌ، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، روى له البُخاريُّ تعليقًا، له ترجمةٌ في «الميزان».

قوله: ({أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ}): {أنَّه}: بفتح الهمزة من {أنَّه}، والتلاوة: {وأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: 36] [2].

قوله: ({وَحِرْمٌ} [الأنبياء: 95] بِالْحَبَشِيَّةِ: وَجَبَ): {حِرْم}: بكسر الحاء، وإسكان الراء، وهذه قراءة أبي بكر، وحمزة، والكسائيِّ، والباقون قرؤوا بفتحهما وألفٍ بعد الراء، ثُمَّ قوله: (بالحبشيَّة)؛ يعني: أنَّ الحبشيَّة وافقت العربيَّةَ أو عرَّبتها العربُ، وليس في القرآن شيءٌ بغير لغة العرب، وقوله: (وَجَبَ): فسَّر الاسمَ بفعلٍ، وكان من حقِّه تفسيرُه باسمٍ مثلِه، والله أعلم.

(1/11820)

[حديث أبي هريرة: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا]

6612# قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مرارًا [أنَّه] بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (ابْن طَاوُوسٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله.

قوله: (أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ): تَقَدَّمَ الكلام على (اللَّمم) ما هو.

قوله: (وَقَالَ شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ): (شَبابة) هذا: هو ابن سَوَّار؛ بفتح السين، وتشديد الواو، وهذا ظاهِرٌ، روى عنه: أحمد، وإسحاق، وابن المَدينيِّ، وابن معين، وعمرٌو الناقد، وعَبَّاسٌ الدُّوريُّ، أخرج له الجماعةُ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (ورقاء): هو ابن عمر، و (ابْن طَاوُوسٍ): عبد الله، تَقَدَّمَ أعلاه.

==========

[ج 2 ص 711]

(1/11821)

[باب {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس}]

(1/11822)

[حديث في تفسير: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس}]

6613# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح [الميم]، وتَقَدَّمَ لماذا نُسِب، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

قوله: ({وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60]): إن قلت: لم يُذكَر في القرآن لعنُ تلك الشجرة؟ فالجواب: أنَّه لُعِن آكلُها، وهم الكفَّار، كما قال تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ} [الدخان: 43 - 44]، وقال: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 64]، أو أنَّ كلَّ طعام مكروهٍ يُقال له: ملعونٌ، والله أعلم.

(1/11823)

[باب: تحاج آدم وموسى عند الله]

(1/11824)

[حديث: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة]

6614# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار.

قوله: (احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى): قال البُخاريُّ في الترجمة: (باب تحاجِّ آدم وموسى عند الله)، قال أبو الحسن القابسيُّ في قوله: «احتجَّ آدمُ وموسى»: التقت أرواحُهُما في السماء، فوقع الحِجَاج بينهما، قال القاضي عياض: ويحتمل أنَّه على ظاهره، وأنَّهما اجتمعا بأشخاصهما، وقد ثبت في حديث الإسراء أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اجتمع بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في السماوات وفي بيت المقدس، وصلَّى بهم، ولا يبعد أنَّ الله تعالى أحياهم، كما في الشهداء، قال: ويحتمل أنَّ ذلك جرى في حياة موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، سأل اللهَ تعالى أن يُرِيَه آدمَ، فحاجَّه، وقال شيخنا: يحتمل أن يكون بين روحَيهما بعد موت موسى، أو يكون ذلك يوم القيامة، قال: وقال ابن بَطَّال: التقت أرواحهما في السماء، فوقع الحِجَاج بينهما، وقد جاءت الروايةُ بذلك، ثُمَّ ذكر دليلَه حديثًا مرفوعًا من عند «الطَّبَريِّ»، والله أعلم.

قوله: (خَيَّبْتَنَا): قال الدِّمْيَاطيُّ: ([الخيبة] [1]: الحرمان والخسران، وقد خاب يخيب ويخوب)، انتهى، ومعنى (خيَّبتنا): أوقعتنا في الخيبة؛ وهي الحرمان والخسران.

قوله: (وأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ): المراد [بـ] الجنَّة التي أُخرِج منها آدم: جنَّة الخلد وجنَّة الفردوس، وهي دار الجزاء، وهي موجودةٌ من قَبْلِ آدم، هذا مذهبُ أهل الحقِّ، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (قَدَّرَ اللهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً): اعلم أن في بعض طرقه في «مسلم»: «بِكم وجدتَ الله كتب التوراة قبل أن أُخلَق؟ قال موسى: بأربعين سنةً ... »؛ الحديث، فهذه الرواية مصرِّحةٌ ببيان المراد بالتقدير، ولا يجوز أن ترادَ حقيقةُ القَدَر، فإنَّ علمَ الله وما قدَّره على عباده وأراده مِن خلقه الأزليُّ، لا أوَّل له، ولم يزل سبحانه وتعالى مريدًا لما أراده مِن خلقه مِن طاعةٍ ومعصيةٍ، وخيرٍ وشرٍّ.

قوله: (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى): (آدمُ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، كذا الرواية في جميع كتب الحديث باتِّفاق الناقلين والرواةِ والشُّرَّاحِ وأهلِ الغريب؛ ومعناه: غلبه بالحُجَّة وظهرَ عليه، والله أعلم.

(1/11825)

تنبيهٌ: ذكروا في ترجمة الحافط أبي سعيد السجزيِّ الرَّكَّاب _واسمُه مسعود بن ناصر بن أبي زيد عبدِ الله بن أحمد، الرَّحَّال، صاحب المصنَّفات، المُتَوفَّى في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وأربع مئة_: قال ابن الخاضبة: كان قَدَريًّا، سمعته يقرؤُها: (فحجَّ آدمَ موسى)؛ بالنصب، وقال المؤتمن الساجيُّ: كان يرجع إلى هدايةٍ وإتقانٍ وحسنِ ضبطٍ، وقال عبد الغافر بن إسماعيل: كان متقنًا وَرِعًا.

قوله: (وَقَالَ [2] سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا بِهِ [3] أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ... ) إلى آخره: هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن عليِّ بن عبد الله عن سفيان عن أبي الزِّناد به، وليس تعليقًا، و (أبو الزناد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأعرج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

==========

[1] ما بين معقوفين مستفادٌ من هامش (ق).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

[3] (به): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 711]

(1/11826)

[باب: لا مانع لما أعطى الله]

(1/11827)

[حديث: لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللهم لا مانع لما أعطيت]

6615# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وهو ابن سليمان العدويُّ مولاهم، و (عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ): بإسكان المُوَحَّدة.

[ج 2 ص 711]

قوله: (اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على الرواية بالكتابة، سواء اقترنت بالإجازة أم لا، والصحيح المشهور بين أهل الحديث: أنَّها معدودةٌ في المسند الموصول، ومنعَ صحَّة ذلك قومٌ آخرون، وبه قطع الماورديُّ في «حاويه»، وقال السيفُ الآمديُّ: لا يرويه إلَّا بتسليطٍ من الشيخ؛ كقوله: فاروه عنِّي، أو: أجزت لك روايتَه، وذهب ابن القَطَّان إلى انقطاعِ الرواية بالكتابة، وردَّ ذلك عليه ابن المَوَّاق، ويظهر لي أنَّه إذا التمس منه الكتابةَ كهذا؛ فإنَّه قائمٌ مقامَ الإجازة، والله أعلم.

قوله: (وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ في الجيم الفتحَ _وهو أصحُّ_ والكسرَ، وتَقَدَّمَ معنى المفتوحِ، ومعنى المكسور.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (عَبْدَةُ) بعده: هو بإسكان المُوَحَّدة، كما تَقَدَّمَ، وهو ابن أبي لُبَابة، وتعليق ابن جُرَيجٍ أخرجه مسلمٌ في (الصلاة) عن مُحَمَّد بن حاتم، عن مُحَمَّد بن بكر، عن ابن جُرَيجٍ، عن عَبْدة به.

قوله: (ثُمَّ وَفَدْتُ بَعْدُ إِلَى مُعَاوِيَةَ): قائل هذا هو ورَّاد، قاله المِزِّيُّ في «أطرافه».

(1/11828)

[باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء]

قوله: (بَابُ مَنْ تَعَوَّذَ بِاللهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام على (دَرَك)، وأنَّه بفتح الدال والراء، وأنَّه اسمٌ من الإدراك؛ كاللَّحَق من اللحاق، وأنَّ بعضهم ضبطه بالإسكان، وأنَّ الأشهرَ هنا الفتحُ، وأمَّا الوجهان؛ ففي المنزلة؛ كقوله: {فِي الدَّرَْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145]، وهي المنازِل إذا كانت بِسُفْلٍ، فإن كانت بعُلْوٍ؛ فبالجيم: دَرَج.

(1/11829)

[حديث: تعوذوا بالله من جهد البلاء]

6616# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بضَمِّ السين المُهْمَلَة، وفتح الميم، مشدَّد الياء، بوزن: (عُلَيٍّ) المصغَّر، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا (دَرَكِ الشَّقَاء).

(1/11830)

[باب: {يحول بين المرء وقلبه}]

(1/11831)

[حديث: لا ومقلب القلوب]

6617# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان.

==========

[ج 2 ص 712]

(1/11832)

[حديث: اخسأ فلن تعدو قدرك]

6618# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ): هذا مروزيٌّ، نزيل عسقلان، عن ابن المبارك، وعنه: البُخاريُّ، وقال: لقيتُه سنة سبعَ عشرةَ ومئتين، انفرد البُخاريُّ بالإخراج عنه، قال في بعض نسخ «الكاشف»: لا نعرفه، ولم يذكره في «الميزان»، ولا ذكر فيه كلامًا لأحدٍ في «التذهيب»، لكنِّي رأيته في «ثقات ابن حِبَّانَ»، قال ابن حِبَّانَ: عليُّ بن حفص المروزيُّ، سكن عسقلان، يروي عن ابن المبارك، حديثُه عند أهل الشام، انتهى، ولم أرَه في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، إنَّما ذكر فيه عليَّ بنَ حفص المدائنيَّ، ولأجل ذلك قرنه البُخاريُّ هنا ببِشْر بن مُحَمَّد إن لم يكن روى عنه في مكانٍ آخَرَ، ولم يتعرَّضوا إلى أنَّه روى عنه مقرونًا، وظاهر ذلك أنَّه روى عنه في مكانٍ آخَرَ مستقلًّا، والله أعلم، و (بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، مروزيٌّ، روى عن ابن المبارك، وعنه: البُخاريُّ وغيره، ذكره ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (لاِبْنِ صَيَّادٍ): تَقَدَّمَ الكلام على ابن صيَّاد، وأنَّه عبد الله، ولقبه: صافِ، وما يتعلَّق به، في (الجنائز)، وكذا على (خَبَأْتُ [1] خَبِيئًا)، وعلى (الدُّخِّ)، وعلى (فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ)، وعلى (ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ)، وأنَّه بالنصب، وعلى (إِنْ يَكُنْ هُوَ)، كلُّ ذلك في (الجنائز).

(1/11833)

[باب: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}]

(1/11834)

[حديث: كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء]

6619# قوله: (حَدَّثَنَا [1] النَّضْرُ): هو ابن شُمَيل الإمام، وقد تَقَدَّمَ أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر) مرارًا، و (يَحْيَى بْن يَعْمَرَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميم، وأنَّ ابنَ قرقول نقل عن البُخاريِّ في اليعمُريِّ أنَّه بالضَّمِّ أيضًا، انتهى، و (يَعمَر): لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل.

قوله: (عَنِ الطَّاعُونِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في بابه وغيرِه، وأنَّه غير الوباءِ، أو هو هو، وأنَّ الصحيحَ أنَّ بينهما خصوصًا وعمومًا، فكلُّ طاعونٍ وباءٌ، ولا عكسَ.

قوله: (مُحْتَسِبًا): تَقَدَّمَ ما (الاحتسابُ).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 712]

(1/11835)

[باب {وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}]

(1/11836)

[حديث: والله لولا الله ما اهتدينا]

6620# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ عَارمٌ، و (جَرِيرُ [1] بْنُ حَازِمٍ): هو بالحاء المُهْمَلَة، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (يَوْمَ الْخَنْدَقِ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الخندق في مكانها وغيرِه، وتَقَدَّمَ الكلام على (السَّكِيْنَة).

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (هو)، وهي في (ق) مستدركة مصحَّحٌ عليها.

[ج 2 ص 712]

(1/11837)

((83)) (كِتَابُ الْأَيْمانِ والنُّذُورِ) ... إلى (كِتَاب الكَفَّارَاتِ)

فائدةٌ: أمر الله سبحانه وتعالى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يحلف في القرآن العظيم في ثلاثةِ مواضعَ؛ أحدها: في قوله: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: 53]، الثاني: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ: 3]، الثالث: قوله: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: 7].

ثانيةٌ: أقسم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على ما أخبر به من الحقِّ في أكثر من ثمانين موضعًا، وهي موجودةٌ في «الصِّحَاح» و «المسانيد»، والله أعلم.

قوله: (كِتَابُ الْأَيْمانِ): هو بفتح الهمزة، جمع (يمين)، و (النذور): جمع (نَذْر).

(1/11838)

[باب قول الله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ... }]

قوله تعالى: ({لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225]): هي جمع (يمين)، وهي يمينٌ على شيءٍ ظنَّه كذلك فتبيَّن غيرُه؛ لأنَّ النزول في تحريم الطيِّبات أو مارِيَة على ظنِّ أنَّها قُربة، وقيل: ما يجري على اللسان بلا قصدٍ؛ نحو: لا والله، وبلى والله؛ لأنَّه لا يُعتَدُّ به، قالت عائشة رضي الله عنها: إنَّ الآيةَ نزلت في ذلك، وما ذكَرْتُه عن عائشة ساقه البُخاريُّ في هذا «الصحيح» بسنده إليها في (سورة المائدة)، وسيأتي قريبًا أيضًا: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} موقوفًا عليها لفظًا، ولكنَّه مَرْفُوعٌ معنًى، وهو مَرْفُوعٌ لفظًا في «أبي داود» و «البيهقيِّ»، وصحَّحه ابن حِبَّانَ، قال الدَّارَقُطْنيُّ: إنَّ الموقوفَ هو الصحيح، والله أعلم.

[ج 2 ص 712]

(1/11839)

[حديث: لا أحلف على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها إلا أتيت ... ]

6621# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن المبارك، شيخ خُراسان.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها في أوَّل هذا التعليق.

(1/11840)

[حديث: يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة]

6622# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (حَازمًا) بالحاء المُهْمَلَة، و (الْحَسَنُ) بعده: هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ): صَحَابيٌّ مشهورٌ، وأبوه سَمُرَة بن حَبِيب بن عبد شمس بن عبد مَناف بن قصيٍّ العَبْشَمِيُّ، وقال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (الأَمويُّ)، كذا في نسختي، وهو غلطٌ، إنَّما هو عَبْشَميٌّ، قال: يُقال: إنَّه أسلم، ذكره ابن دَاسَةَ، انتهى، وقد عمل عليه ضبَّةً، وشرطُه فيمن ضبَّب عليه أن يكونَ غلطًا، فعلى هذا؛ ليس هو بصَحَابيٌّ.

فائدةٌ: حديث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرة هذا أخرجه البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، ولم يخرِّجه ابن ماجه فقط، وقد جمع طرقَه الحافظُ أبو الحَجَّاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدِّمَشْقيُّ، نزيلُ حلبَ، والمُتَوفَّى بها، وكان عندي نسخةٌ بخطِّه في جزء ضخمٍ، وهي وقفٌ وَقَفَها على المدرسة السُّلطانيَّة بحلبَ، وهو مُؤذِن بسَعة حفظه وروايته، وهذا أمرٌ مشهورٌ، رحمه الله تعالى.

قوله: (وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ): إن قيل: الحَلِف باليمين، لا على اليمين؟ والجواب: أنَّ فيه وجهين؛ أحدُهما: أنَّ (على) بمعنى الباء، ففي رواية النَّسائيِّ: «إذا حلفت بيمين»، الثاني: أنَّها على بابها، وسُمِّيَ المحلوف عليه يمينًا؛ لملابسة اليمين؛ والتقدير: على شيءٍ ممَّا يُحلَف عليه.

==========

[ج 2 ص 713]

(1/11841)

[حديث: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه]

6623# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل، عَارمٌ السدوسيُّ، وتَقَدَّمَ (أَبُو بُرْدَةَ): أنَّه الحارث أو عامر، القاضي، وهو ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس الأشعريِّ الأميرِ.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهْط): ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (النفر).

قوله: (بِثَلَاثِ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّود)، وعلى (غُرِّ الذُّرَى).

==========

[ج 2 ص 713]

(1/11842)

[حديث: والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله]

6624# 6625# قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن راشد، وأنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين.

قوله: (نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللهِ لَأَنْ يَلجَّ ... ») إلى آخره: إن قلت: ما تعلُّق قوله: (نحن الآخرون السابقون) بالأيمان والنذور؟ فالجوابُ: أنَّ النسخَ التي إسنادُ أحاديثها واحدٌ _كهذه النسخةِ نسخةِ همَّام بن مُنَبِّه عن أبي هريرة، رواية عبد الرزاق بن همَّام عن مَعْمَر عن همَّام ونحوِها_ الأحوطُ أن يجدِّدَ ذكرَ الإسناد عند كلِّ حديثٍ منها، ومن أهل الحديث مَن يفعله، وأوجبَ بعضُهم ذلك، والأغلبُ الأكثرُ أن يبدأ بالإسناد في أوَّلها، أو في أوَّل كلِّ مجلسٍ من سماعها، ويُدرِجَ الباقيَ عليه بقوله في كلِّ حديثٍ بعد الحديث الأوَّل: (وبه) أوْ (وبالإسناد)، ونحوِ ذلك.

ثُمَّ مَن سمع هكذا بذكرِ السندِ في أوَّله وإدراجِ ما بعدَهُ عليه؛ هل له أن يُفرِد ما بعد الحديث الأوَّل بالسند المذكورِ في أوَّله؟ ذهب الأكثرون إلى الجواز؛ منهم: وكيع، وابن مَعين، والإسماعيليُّ؛ لأنَّ المعطوفَ له حكم المعطوف عليه، وهو بمثابة تقطيع المتن الواحد في أبوابٍ بإسنادِه المذكورِ في أوَّله، وذهب أبو إسحاق الإسفراينيُّ وبعضُ أهل الحديث إلى المنع إلَّا مع البيان في كيفيَّة التحمُّل، وعلى القول بالجواز؛ فالأحسنُ البيان، كما يفعل كثيرٌ من المؤلِّفين؛ منهم: مسلمٌ، فإنَّه يذكر سنده إلى عبد الرَّزَّاق: أخبرنا مَعْمَرٌ عن همَّام بن مُنَبِّه قال: هذا ما حدَّثنا أبو هريرة رضي الله عنه، فذكر أحاديثَ منها كذا وكذا، والبُخاريُّ يذكر الحديثَ الأوَّل منها، ويَعطِف ما يريد ذكرَه عليه؛ كهذا.

قوله: (لأَنْ يَلَجَّ [1] أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ): (لَأَن): بفتح اللام والهمزة، وهي لام القَسَم، و (يَلَجَّ): بفتح المُثَنَّاة تحت واللام، وتشديد الجيم؛ أي: يتمادى، والاسم: اللَّجاج، والمراد: التمادي عليها، ولا يُكَفِّرها ويحنث.

(1/11843)

قوله: (آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللهِ): (آثم): بمدِّ الهمزة؛ أي: أكثرُ إثمًا؛ ومعنى الحديث: أنَّه إذا حلف يمينًا يتعلَّق بأهله، ويتضرَّرون بعدم الحِنث، ويكون الحِنثُ ليس بمعصيةٍ؛ فينبغي له أن يحنَثَ، فيفعلَ ذلك الشيءَ، ويكفِّرَ عن يمينه، فإن قال: لا أحنث، بل أتورَّع عن ارتكاب الحِنث، وأخاف الإثمَ؛ فهو مخطئ بهذا القول، بل استمراره في عدم الحِنث وإدامةِ الضرر على أهله أكثرُ إثمًا من الحِنث.

و (اللَّجاج) في اللغة: هو الإصرار على الشَّيء، هذا مختصرُ بيانِ الحديث، ولا بدَّ من تنزيله على ما إذا كان الحِنْث ليس بمعصيةٍ، كما ذكرته، والله أعلم.

وقوله: (آثَمُ): خرج على لفظ المفاعلة المقتضية للاشتراك في الإثم؛ لأنَّه قصد مقابلةَ اللَّفظ على زعم الحالف وتوهُّمه، فإنَّه يتوهَّم أنَّ عليه إثمًا في الحِنث مع أنَّه لا إثمَ عليه، فقال عليه السلام: الإثم في اللَّجاج لو ثبت الإثمُ، والله أعلم، ونقل شيخُنا كلامًا عن ابن حزم في هذا الحديث معناه: أن يحلفَ المرءُ أن يُحسِن إلى أهله، أو ألَّا يضربَهم، ثُمَّ يَلَجَّ في أن يحنث، فيضربهم، ولا يحسن إليهم، ولا يكفِّر عن يمينه، فهذا بلا شكٍّ مستلِجٌّ بيمينه في أهله ألَّا يفيَ بها، وهو أعظم إثمًا بلا شكٍّ، والكفَّارة لا تغني عنه، ولا تحطُّ إثمَ إساءته إليهم وإن كانت واجبةً عليه، لا يحتمل هذا الخبرُ معنًى غيره، انتهى.

(1/11844)

[حديث: من استلج في أهله بيمين فهو أعظم إثمًا ليبر]

6626# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة الحديبية)، وفي هامش أصلنا نسخة: (ابن إبراهيم) منسوبًا إلى أبيه، انتهى، وفي «الأطراف»: أنَّه إسحاق بن إبراهيم، وكأنَّه وقع في روايته كذلك منسوبًا، و (مُعَاوِيَةُ): هو ابن سلَّام؛ بتشديد اللام، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كثير.

قوله: (مَنِ اسْتَلَجَّ): تَقَدَّمَ أنَّ معناها: تمادى وأصرَّ.

قوله: («لِيَبَرَّ»؛ يَعْنِي: الْكَفَّارَةَ): كذا في هامش أصلنا، وصُحِّح عليه، وفي الأصل وعليه علامة نسخة وراويها: (ليس تغني الكفَّارة)، قال ابن قُرقُول: («ليبرَّ؛ يعني: الكفَّارة»، كذا لابن السكن، ولأبي ذرٍّ: «تغني الكفَّارة» بدلًا من «يعني»، وعند الأصيليِّ والنَّسَفيِّ وعُبدوس: «ليس تغني الكفارة»، فجعل «ليس» بدلًا من قوله: «ليبرَّ»؛ كأنَّه تصحيفٌ منه، وما لابن السكن أحسنُ)، انتهى، وقال شيخُنا: (ليس تغني الكفَّارة)، كذا رواه جماعةٌ، وروى أبو الحسن القابسيُّ: (ليَبَرَّ)، وكذا رواه النَّسَفيُّ، وهو الصَّوابُ، ومَن روى (ليس تغني الكفَّارة)؛ فلا معنَى له؛ لأنَّ الكفَّارة تغني غِنًى شديدًا، وقد جعلها تحلَّةً للأيمان، ومعنى قوله: (لِيَبَرَّ)؛ أي: ليأتيَ البِرَّ، ثُمَّ فسَّر ذلك البرَّ ما هو بقوله: (يعني: الكفَّارة)؛ خوفًا من أن يُظَنَّ أنَّه من إبرار المُقسم والتمادي.

فائدةٌ: هذا الحديث يردُّ قولَ مسروق، وعكرمة، وسعيد بن جُبَيرٍ، فإنَّهم ذهبوا إلى أنَّه يفعلُ الذي هو خيرٌ ولا كفَّارة عليه، وقولهم خلافُ الأحاديث، فلا معنَى له، نقله شيخُنا عنهم هنا، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

[ج 2 ص 713]

(1/11845)

[باب: قول النبي: «وايم الله»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَايْمُ اللهِ»): تَقَدَّمَ الكلام على (وايم)، ولُغَاتها، وهل همزتُها همزةُ وصلٍ _وهو الأكثر_ أو قطعٍ.

تنبيهٌ: اعلم أنَّ العلماء اختلفوا في (ايم الله)، فقال مالكٌ وأبو حنيفة: هو يمين، وقال أصحاب الشَّافِعيِّ: إن نوى به اليمينَ؛ فهو يمينٌ، وإلَّا؛ فلا.

(1/11846)

[حديث: إن كنتم تطعنون في إمرته فقد كنتم تطعنون]

6627# قوله: (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ): تَقَدَّمَ متى أرسل هذا البعث، وهو آخر البعوث، والله أعلم.

[ج 2 ص 713]

قوله: (تَطْعنُونَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين وضمِّها؛ لُغَتان، وكذا الثانية.

تنبيهٌ: الذي عُرِف من الطاعنين: عيَّاشُ بن أبي ربيعة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (لَخَلِيقًا): هو بفتح الخاء المُعْجَمَة، وكسر اللام، وبالقاف، وقد تَقَدَّمَ معناه.

(1/11847)

[باب: كيف كانت يمين النبي]

قوله: (وَقَالَ سَعْدٌ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ»): (سعدٌ) هذا: هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب، أحدُ العشرة.

قوله: (وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ الأصحَّ أنَّه الحارثُ بن رِبْعِيٍّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (لَا هَا اللهِ إِذًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (الجهاد)، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (قيل: الصَّواب: لا ها الله ذا)، انتهى، وذكرت هناك كلامَ شيخِنا أبي جعفر بالتصويب في الرواية.

قوله: (وَاللهِ وَبِاللهِ وَتَاللهِ): الأولى بالمُوَحَّدة، والثانية بالمُثَنَّاة فوق.

==========

[ج 2 ص 714]

(1/11848)

[حديث: لا، ومقلب القلوب]

6628# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرقَ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وقدَّمت الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَان): هو الثَّوريُّ.

(1/11849)

[حديث: إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده]

6629# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ): هو ابن عُمير الكوفيُّ.

قوله: (إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ): تَقَدَّمَ الكلام على (قيصر) في أوَّل هذا التعليق، وأنَّه لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الروم، وتَقَدَّمَ معنى الحديث.

قوله: (وَإِذَا هَلَكَ كَسْرَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بكسر الكاف وفتحها، وأنَّه لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الفرس، وتَقَدَّمَ معنى الحديث: (فَلاَ كَسْرَى بَعْدَهُ)؛ أي: في العراق، و (لا هرقل بعده)؛ أي: في الشام، قاله الشَّافِعيُّ في «المختصر».

==========

[ج 2 ص 714]

(1/11850)

[حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده.]

6630# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غيرَ أبيه لا يجوز فيه إلَّا فتحُ الياء.

(1/11851)

[حديث: يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا]

6631# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجهاد) في (باب الغسل بعد الحرب والغبار)، و (عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وهو ابن سليمان.

==========

[ج 2 ص 714]

(1/11852)

[حديث: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك]

6632# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، وأنَّه أحد الأعلام، و (حَيْوَةُ): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وإسكان المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو ابن شريح بن صفوان بن مالك، أبو زرعة التُّجِيبيُّ المِصريُّ الفقيه، أحد الزُّهَّاد والعُبَّاد والأئمَّة، وقد تَقَدَّمَ، لا حَيْوَة بن شريح بن يزيد الحضرميُّ، هذا الثاني من شيوخ البُخاريِّ، و (أَبُو عَقِيلٍ): بفتح العين، وكسر القاف، وقد سمَّاه هنا (زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ)، و (جَدُّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ هِشَامٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن زُهْرة بن عثمان بن عَمرو بن كعب بن سعْد بن تيم بن مُرَّةَ، ذهبت به أمُّه إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو صغيرٌ، فمسح رأسَه، ودعا له، روى له البُخاريُّ حديثين، وروى [له] [1] أبو داود)، انتهى، له في «صحيح البُخاريِّ» حديث: زُهْرة بن معبد عن جدِّه عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وذهبت به أمُّه زينبُ بنتُ حُميد، فقالت: (يا رسولَ الله؛ بايعه، فقال: «هو صغيرٌ»، فمسح رأسَه، ودعا له)، أخرجه البُخاريُّ في (الشركة)، وأبو داود فيها، وحديثٌ ثانٍ: حديث أبي عقيل: أنَّه كان يخرج مع جدِّه عبدِ الله بن هشام إلى السُّوق، فيشتري الطَّعامَ، فيلقاه [2] ابن عمر وابن الزُّبَير، فيقولان له: أشركنا .. )؛ الحديث، البُخاريُّ في (الدعوات) و (الشركة) أيضًا، والثالث: (كنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو آخذٌ بيد عمرَ بن الخَطَّاب .. )؛ الحديث، في (النذور) _وأعاده في (مناقب عمر) _ قولُه: (وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ)، فهذه ثلاثة أحاديثَ، ويمكن حملُ كلام الدِّمْيَاطيِّ على الصِّحَّة؛ لأنَّ الأوَّل والثاني في معنى حديثٍ واحدٍ، والله أعلم.

==========

[1] ما بين معقوفين مستفاد من هامش (ق).

[2] في (أ): (فليقاه)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 714]

(1/11853)

[حديث: أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله]

6633# 6634# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكِ بن أنس، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذين الرَّجلين لا أعرفُهما، ولا (ابن) أحدهما، ولا (امْرَأَة) الآخر.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ أنَّ اللَّامَ ساكنةٌ، وأنَّ معناه: (نعم).

قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ الكلام على ضبطه، وأنَّه فسَّره مالكٌ بـ (الأَجِير)؛ كما هنا أيضًا.

قوله: (ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ): تَقَدَّمَ الكلام على المفتين الذين كانوا يُفتون في عهده عليه السَّلام، وأنَّه سبعةٌ، وفي كلام بعض الحُفَّاظ ستَّةٌ، فلم يذكر الصِّدِّيقَ فيهم، وفي كلام غيره زيادةٌ على ذلك، وذكرت هناك مَن حُفِظَت عنه الفتوى من الصَّحَابة، وأنَّه مئةٌ وبضعٌ وثلاثون نفرًا.

قوله: (لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الصلح)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أُنَيسٍ الأَسْلَمِيِّ)؛ وهو أنيس بن الضَّحَّاك، وفي أصلنا: (أُنَيسَ) غير مصروف، وهذا إنَّما هو في ضرورة الشِّعر، أو أنَّه كتبه على نيَّة الوقف، وكذا يُوجَد في كتابة القدماء أحيانًا، وفي نسخة (أُنَيسًا): مصروفٌ [1]، وهذه على القواعد.

قوله: (امْرَأَةَ الآخَرِ): هو بمدِّ الهمزة، وفتح الخاء، كذا رويناه، وقال شيخُنا: (كذا ضبطه الدِّمْيَاطيُّ، وقال ابن التين: هو بقصر الألف، وكسر الخاء، والله أعلم)، انتهى، وفي هذا بُعدٌ مِن حيث المعنى، وقد تَقَدَّمَ تفسير (الأخِر)؛ بقصر الهمزة، وكسر الخاء، وأنَّ معناه: الأبعدُ؛ على الذمِّ.

(1/11854)

[حديث: أرأيتم إن كان أسلم وغفار ومزينة وجهينة خيرًا من تميم]

6635# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنَديُّ؛ لأنَّ عَبْدَ الغَنيِّ الحافظَ في «الكمال» ذكره فيمَن روى عن وهب بن جرير، وكذا الكلاباذيُّ، ولم أرَ أحدًا اسمُه عبد الله بن مُحَمَّد في الرواة عنه سواه، و (وَهْبٌ): هو ابن جرير بن حازم، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي يَعْقُوبَ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي يعقوب التميميُّ الضَّبِّيُّ البصريُّ، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو حاتم، قال شعبةُ: سيِّد بني تميم، انتهى، أخرج له الجماعةُ، و (أَبُو بَكْرَةَ): نُفيع بن الحارث، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَسَدٍ): هو بفتح السين، قبيلةٌ معروفةٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَني).

[ج 2 ص 714]

(1/11855)

[حديث: أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا؟]

6636# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِديُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّ اسمَه عبدُ الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد، الخزرجيُّ، صَحَابيٌّ مشهورٌ، رضي الله عنه.

[ج 2 ص 714]

قوله: (اسْتَعْمَلَ عَامِلًا ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّ هذا العاملَ عبدُ الله ابن اللُّتْبِيَّة، وتَقَدَّمَ ضبط اللُّتْبيَّة، وأنَّ الأصحَّ والصوابَ سكونُ المُثَنَّاة فوق.

قوله: (وَهَذَا أُهْدِيَ لِي): (أُهدِي): بضَمِّ الهمزة، وكسر الدال، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (أَيُهْدَى إِلَيكَ [1]؟): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلَاةِ): (العشيُّ) و (العشيَّة): من صلاة المغرب إلى العتمة.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل مَن قالها، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَهَذَا أُهْدِيَ): (أُهدِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله بعده: (يُهْدَى لَهُ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (لَا يَغُلُّ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الغين، و (الغُلول): تَقَدَّمَ ما هو، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الرُّغاء)، وعلى (الخُوار)، وقال ابن قُرقُول: («لها جُؤار»؛ أي: صوت، ورُوِيَ: «خُوار»، والمعنى واحدٌ، إلَّا أنَّ الخُوارَ يستعمل في الشاء والظِّباء، والجُؤار للبقر وللناس، {فَإِلَيْهِ [2] تَجْأَرُونَ} [النحل: 53]؛ أي: تضجُّون).

قوله: (تَيْعرُ): تَقَدَّمَ الكلام على (تيعِر) بِلُغَتَيها، وهو في أصلنا مفتوحٌ بالقلم، وطرأ عليها الكسرُ؛ وهو الأفصح.

قوله: (إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مَعِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ [3]): تنبيهٌ: لم أرَ حديثَ زيد بن ثابتٍ في ابن اللُّتْبِيَّة في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، والله أعلم.

(1/11856)

[حديث: والذي نفس محمد بيده لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا]

6637# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ) قال الدِّمْيَاطيُّ: هو ابن يوسف، انتهى، و (مَعْمَر): هو ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الأبناويُّ الصنعانيُّ.

==========

[ج 2 ص 715]

(1/11857)

[حديث: هم الأخسرون ورب الكعبة]

6638# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عمر بن حفص بن غياث، وتَقَدَّمَ ضبط (غياث) مرارًا، وتَقَدَّمَ (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (الْمَعْرُور): بالعين المُهْمَلَة، وإيَّاك أن تصحِّفَه، وهو المعرور بن سُوَيد الأسديُّ الكوفيُّ، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو حاتم، أخرج له الجماعة، ترجمتُه معروفةٌ، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جنادة، وقيل غيرُ ذلك، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (أَتُرَى [1] فِيَّ شَيْءٌ؟): (أَتُرى): بفتح الهمزة همزةِ الاستفهام، (تُرى): بضَمِّ التاء المُثَنَّاة فوق، و (فيَّ): جارٌّ ومجرورٌ، و (شيءٌ): مَرْفُوعٌ، ورفعُه على أنَّه مبتدأ، و (فيَّ) الجارُّ والمجرور المقدَّم خبرُه، ويجوز أن يُقدَّر: أنزل فيَّ شيءٌ؟، كما يجيء في رواية، وفي بعض أصولنا الدِّمشقيَّة: (أتَرى فيَّ شيئًا؟): (تَرَى): بفتح التاء، ونصب (شيئًا)، وهذه ظاهرةٌ، وفي نسخةٍ في هامش أصلنا، وعُزِيَت إلى أصل الدِّمْيَاطيِّ: (أتُرَى فيَّ شيءٌ أُنزِل؟)؛ بزيادة (أُنزِل) [2]، وعليها (صح)، و (أُنزِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/11858)

[حديث: قال سليمان لأطوفن الليلة على تسعين امرأةً]

6639# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان.

قوله: (قَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ [1]): تَقَدَّمَ بعض ترجمة نبيِّ الله سليمانَ بنِ داودَ عليه السلام في (كتاب الأنبياء عليهم السلام).

قوله: (عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً): تَقَدَّمَ أنَّ رواياتِ هذا الحديث من عند البُخاريِّ وغيرِه: (ستُّون امرأةً)، وفي رواية: (سبعون)، وفي رواية: (تسعون)، وفي رواية: (تسع وتسعون)، وفي رواية: (مئة)، وهذا ليس بمتعارضٍ، وليس في رواية القليل ما ينفي الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، وقد تَقَدَّمَ ذلك مع زيادة في (كتاب الأنبياء): (أنَّه كان في ظهره ماءُ مئة رجلٍ)، وتَقَدَّمَ فيه ما كان له من الزوجات، وما كان له من السراري؛ فانظره إن أردته في (باب قوله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163]).

قوله: (فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ): تَقَدَّمَ في الباب المذكور أعلاه وقبله أيضًا أنَّ صاحبَه هذا المَلَكُ، وهو الصحيح، وقيل: القرين، وقيل: صاحبٌ له آدميٌّ، وأبعدَ مَن قال: خاطِره.

قوله: (بِشِقِّ رَجُلٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو الجسد الذي ذكره الله أنَّه أُلقِيَ على كُرسيِّه.

(1/11859)

[حديث: والذي نفسي بيده لمناديل سعد في الجنة خير منها]

6640# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: قال _يعني: البُخاري_ في (الأيمان والنذور): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا أبو الأحوص) نسبه أبو عليِّ ابن السكن: مُحَمَّد بن سلام، وقال في (باب مَن نام عند السَّحَر) بعد حديثٍ ذكره عن عبدان، عن أبيه، عن شعبة: حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا أبو الأحوص عن الأشعث مثلَهُ، هكذا قال: (مُحَمَّد)؛ غيرَ منسوب، ونسبه ابن السكن وغيرُه: مُحَمَّد بن سلام، ووقع في نسخة أبي ذرٍّ عن أبي مُحَمَّد الحمُّوي: (حدَّثنا مُحَمَّد بن سالم)، وذلك وَهَمٌ، وقد تَقَدَّمَ ذكر الصواب في ذلك في «علل البُخاريِّ»، انتهى، وقد رأيته في «علل البُخاريِّ» وقد ذكره، ثُمَّ قال: (قال لي أبو الوليد: سألت أبا ذرٍّ عنه، فقال: أُراه ابنَ سلام، وسها فيه أبو مُحَمَّد الحمُّوي)، انتهى.

و (أَبُو الأَحْوَصِ): بالحاء والصاد المُهْمَلَتين، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَه سلَّامُ _بتشديد اللام_ ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَةٌ مِنْ حَرِيرٍ): (أُهدِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (سَرَقةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّمَ مَن أهداها في (مناقب سعد بن معاذ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (السَّرَقَة) في مكان آخرَ غير (مناقب سعد)؛ فانظر ذلك من مكانَيه.

قوله: (لَمْ يَقُلْ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): أمَّا (شعبة)؛ فشعبة، وأمَّا (إسرائيل)؛ فهو ابن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ.

وحديث (شعبة) أخرجه البُخاريُّ ومسلمٌ؛ البُخاريُّ في (مناقب سعد) عن بُنْدَار، ومسلمٌ في (الفضائل) عن أبي موسى وبُنْدَار؛ كلاهما عن غُنْدر، عن شعبة.

وحديث (إسرائيل) أخرجه البُخاريُّ في (اللباس) عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل به، والله أعلم.

(1/11860)

[حديث: إن هند بنت عتبة بن ربيعة قالت: يا رسول الله ... ]

6641# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ [1]، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (هِنْد بِنْت عُتْبَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ معاوية، وزوجُ أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة، وقد تَقَدَّمَ الكلام [عليها]، وتاريخ وفاتها، وبعض ترجمتها.

قوله: (أَهْلُ أَخْبَاءٍ، أَوْ خِبَاءٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخباء)، و (الأخباء): جمع قلَّة لـ (خباء)، وفي أصلنا نسخة تجاه (أخباء): (أحياء)؛ يعني: بالحاء المُهْمَلَة، والمُثَنَّاة تحت، وكذا تجاه (أخبائك): (أحيائك)؛ بالمُهْمَلَة، والمُثَنَّاة تحت، وعلى كلِّ واحدةٍ علامةُ نسخة الدِّمْيَاطيِّ، ومعناها ظاهرٌ، ولكنَّ لفظَها غريبٌ، وما رأيت مَن ذكرها سوى ما في هذه النسخة، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه صخرُ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، والدُ معاوية، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (رَجُلٌ مِسِّيكٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وتَقَدَّمَ أنَّ أبا سفيان كان حاضرًا، وأنَّه قد دخل الاستدلالُ به على غير واحدٍ ممَّن استدلَّ به على القضاء على الغائب، والله أعلم.

[ج 2 ص 715]

قوله: (أَنْ أُطْعِمَ): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

(1/11861)

[حديث: فوالذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف .. ]

6642# قوله: (حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهلِه، و (إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: هو إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، انتهى.

قوله: (مُضِيفٌ ظَهْرَهُ إِلَى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ): (مُضِيْف): بضَمِّ الميم، وكسر الضاد، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء؛ أي: مسنِدٌ، يُقال: أضفتُه إليه أُضيفُه، و (ظهرَه): بالنصب مفعولُ اسمِ الفاعل؛ وهو (مُضِيف)، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مِنْ أَدَمٍ يَمَانٍ): (الأَدَم): بفتح الهمزة والدال، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (أَفَلَمْ تَرْضَوْنَ): كذا في أصلنا، وهذه لغةٌ، وفي نسخة: (أَفَلَمْ تَرْضَوا) [1]، وهذه على الجادَّة.

قوله: (إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا، وبين الحديث الآخَرِ: «أهل الجنَّة مئةٌ وعشرون صفًّا، أنتم منهم ثمانون»، وقد تَقَدَّمَ أنَّ صفوفَ الكلِّ _المؤمنين والكافرين_ مئةٌ وعشرون صفًّا، المؤمنون منهم ثلاثةُ صفوف، ومئة وسبعةَ عشرَ صفًّا كفَّارٌ، وطولُ كلِّ صفٍّ من هذه وعرضُه، والله أعلم.

(1/11862)

[حديث: والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن.]

6643# قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الأنصاريُّ الخُدْريُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُهَا ... )، إلى أن قال: (وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}) مَن هو الرجل، وقال الدِّمْيَاطيُّ هناك؛ يعني: المتقالَّ، وهو السامع أيضًا: قتادة بن النعمان، أخو أبي سعيد الخُدْريِّ لأمِّه، انتهى، وقد ذكرت أنا هناك من عند ابن بشكوال أنَّ القارئ قتادةُ بن النعمان، وساق له شاهدًا من «الصَّحَابة» للعثمانيِّ، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: (الرجل الذي قرأ هو قتادة بن النعمان، والسامع أخو أبي سعيد الخُدْريِّ، كما سبق)، انتهى، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من أهل مصر: السامع هو أبو سعيد نفسُه، والقارئ هو قتادة بن النُّعمان، انتهى.

قوله: (وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا): (كأنَّ): من أخوات (إنَّ)، و (الرجلَ): مَنْصُوبٌ اسمها، و (يتقالُّها): الخبر، ومعنى (يتقالُّها)؛ أي: يراها قليلةً.

قوله: (إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد})؛ فانظره إن أردته.

(1/11863)

[حديث: أتموا الركوع والسجود]

6644# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى أماكنَ غيرِه؛ كهو: أنَّ الجَيَّانيَّ لم يجده منسوبًا عند أحدٍ من رواة الكتاب، قال: ولعلَّه إسحاق بن منصور، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه أيضًا، و (حَبَّان): بفتح الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، وهو ابن هلال.

قوله: (إِنِّي لأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي): تَقَدَّمَ الكلام على رؤية النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من ورائه في (كتاب الصلاة)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 716]

(1/11864)

[حديث: والذي نفسي بيده إنكم لأحب الناس إلي]

6645# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ): تَقَدَّمَ الكلام على رواية إسحاق عن وهب بن جرير، وقد ذكر الجَيَّانيُّ أماكنَ ليس هذا منها، ولفظه: وقال _يعني: البُخاري_ في (الأذان)، و (الاستسقاء)، و (ذكر الملائكة): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا وهب)؛ يعني: ابن جرير، نسب ابنُ السكن موضعين من هذه: إسحاق بن إبراهيم، وأهمل الذي في (الأذان)، وذكر أبو نصر: أنَّ وهب بن جرير روى عنه إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ، انتهى، والظاهر أنَّه لو ظفر بهذا؛ لقال فيه كذلك، والله أعلم، والمِزِّيُّ في «الأطراف» لم ينسبه.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا أَوْلَادُهَا [1]): هذه المرأة الأنصاريَّة وكذا أولادُها لا أعرفهم، والله أعلم.

(1/11865)

[باب: لا تحلفوا بآبائكم]

قوله: (بَابٌ: لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: الأحاديثُ مطابقةٌ للترجمة إلَّا حديثَ أبي موسى؛ يعني قولَهُ: «إنَّي لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها؛ إلَّا أتيتُ الذي هو خيرٌ، وتحلَّلتها»، قال ابن المُنَيِّر: غير أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أخبر عن أيمانه دائمًا أنَّها قابلةٌ للتحليل بالكفَّارة، وإنَّما يُكفَّر اليمين بالله تعالى خاصَّةً، فدخل في ذلك أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يحلف إلَّا بالله، فيخرج الحَلِفُ بالآباء، و {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، انتهى وما قاله حسنٌ في غايةٍ.

==========

[ج 2 ص 716]

(1/11866)

[حديث: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم.]

6646# قوله: (أَدْرَكَ عُمَرَ [1] وَهْوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ): كان هذا المسيرُ في غزوة الحديبية، كما جاء التصريح به.

قوله: (إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ): قال العلماء رحمة الله عليهم: الحكمة في النهي عن الحَلِف بغير الله تعالى: أنَّ الحَلِف يقتضي تعظيمَ المحلوف به، وحقيقةُ العَظَمَة مختصَّةٌ بالله عزَّ وجلَّ، فلا يُضاهَى به غيرُه، وقد جاء عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: (لَأن أحلفَ بالله مئةَ مرَّةٍ أحبُّ إليَّ من أن أحلفَ بغيره فأَبَرَّ).

فإن قيل: هذا الحديث مخالفٌ لقوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أفلح وأبيه إن صدق»؟ فجوابه: أنَّ هذه كلمةٌ تجري على اللسان لا يُقصَد بها اليمين.

فإن قيل: فقد أقسم الله ببعض مخلوقاته؛ كقوله: {وَالصَّافَّاتِ} [الصافات: 1]، {وَالذَّارِيَاتِ} [الذاريات: 1]، {وَالطُّورِ} [الطور: 1]، {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1]، {وَالضُّحَى} [الضحى: 1]، {وَاللَّيْلِ} [القمر: 1]، وغيرِ ذلك؟ فالجوابُ: أنَّ الله يُقسِم بما شاء من مخلوقاته؛ تنبيهًا على شرفه، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (بْنَ الْخَطَّابِ).

[ج 2 ص 716]

(1/11867)

[حديث: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم]

6647# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله، أحد الأعلام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَالِمٌ): هو ابن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب.

قوله: (وَلَا آثِرًا): هو بهمزة ممدودة، وكسر الثاء المُثَلَّثَة؛ أي: حاكيًا عن غيري، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (قَالَ مُجَاهِدٌ: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}؛ يَأْثُرُ عِلْمًا): هذا تفسيرٌ لقوله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} التي في (الأحقاف) [الآية: 4]، كذا في أصلنا، وفي الهامش: {أَوْ أُثْرَةٍ}، وعليها (صح)، وهي بالقلم بضَمِّ الهمزة، ثُمَّ مُثَلَّثَة ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وقد تَقَدَّمَ في (سورة الأحقاف) كلامُ البُخاريِّ، وذكرت

[ج 2 ص 716]

هناك أنَّها قُرِئت {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} بستَّة أوجهٍ؛ منها هذا المذكور هنا، وتَقَدَّمَ ما في «مسند أحمد» وغيرِه من تفسير (الأثارة من العلم).

قوله: (تَابَعَهُ عُقَيْلٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على (يونس)، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (الزُّبَيديُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، وأنَّه مُحَمَّد بن الوليد، وأمَّا (إسحاق الكلبيُّ)؛ فقد قال الدِّمْيَاطيُّ: إسحاق بن يحيى الكلبيُّ الحمصيُّ، استَشهد به البُخاريُّ في غير موضعٍ، انتهى، وهو إسحاق بن يحيى بن علقمة الكلبيُّ الحمصيُّ، يعرف بالعوصيِّ، عن الزُّهْرِيِّ، وعنه: يحيى الوُحاظيُّ فقط، قال مُحَمَّد بن يحيى الذهليُّ: مجهولٌ، وقال مُحَمَّد بن عوف: يُقال: إنَّه قتل أباه، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ، ومتابعة عقيل عن الزُّهْرِيِّ أخرجها مسلمٌ في (الأيمان والنذور) عن عبد الملك بن شعيب بن الليث، عن أبيه، عن جدِّه، عن عُقَيل به، ومتابعة الزُّبَيديِّ عن الزُّهْرِيِّ أخرجها النَّسائيُّ في (الأيمان والنذور) عن عمرو بن عثمان، عن مُحَمَّد بن حرب، عن الزُّبيديِّ به، وأمَّا متابعة إسحاقَ الكلبيِّ عن الزُّهْرِيِّ؛ فلم أرهَا في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخُنا.

(1/11868)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ): أمَّا (ابن عُيَيْنَة)؛ فأحد الأعلام، سفيانُ، شيخُ الحجاز، تَقَدَّمَ كلام الشَّافِعيِّ فيه: لولا سفيانُ ومالكٌ؛ لذهب عِلم الحجاز، وأمَّا (مَعْمَر)؛ فبميمين مفتوحتين بينهما عين ساكنة، ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، والحاصل: أنَّ يونس وعُقيلًا والزُبيديَّ وإسحاقَ الكلبيَّ روَوه عن الزُّهْرِيِّ، فجعلوه من مسند عمر، وأنَّ ابنَ عُيَيْنَة ومَعْمَرًا روَياه عن الزُّهْرِيِّ، فجعلاه من مسند عبد الله بن عمر ابنِه، فإذن الحديثُ اختُلِف فيه عن الزُّهْرِيِّ، والله أعلم، و (النَّبيُّ): في رواية ابن عُيَيْنَة ومَعْمَر مَرْفُوعٌ فاعل (سمع)، و (عمرَ) مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ، والله أعلم.

وتعليق ابن عُيَيْنَة أخرجه مسلم في (النذور) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب، والتِّرْمِذيُّ فيه عن قُتَيْبَة، والنَّسائيُّ فيه عن قُتَيْبَة وعُبَيد الله بن سعيد؛ خمستهم عن سفيان به، وقال التِّرْمِذيُّ: (حسنٌ صحيحٌ)، وأمَّا تعليق مَعْمَر عن الزُّهْرِيِّ؛ فلم يخرِّجْه أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

تنبيهٌ: قال شيخُنا: ومتابعة سفيان رواها ابن ماجه عن مُحَمَّد بن أبي عمر العدنيِّ عنه، والتِّرْمِذيُّ عن قُتَيْبَة عنه، وقال: (حسنٌ صحيحٌ)، وإخراج ابن ماجه لها لم أره أنا، وهو أيضًا ناقصٌ في العزو، قال شيخُنا: ومتابعة مَعْمَر رواها أبو داود عن أحمد ابن حنبل، عن عبد الرَّزَّاق عنه، وهذا شيءٌ لم أرَه أنا، والله أعلم.

(1/11869)

[حديث: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم.]

6649# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلْت الثقفيُّ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن زيد الجَرْميُّ، و (الْقَاسِم التَّمِيمِيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: ابن عاصم التميميُّ الكُلَيبيُّ، انتهى، وهو القاسم بن عاصم البصريُّ، عن رافع بن خَديج، وزهدم الجَرْميِّ، وسعيد بن المُسَيّب، وعنه: أيُّوب، وحميدٌ، وخالدٌ الحَذَّاء، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، كذا هو مرقومٌ عليه في «الكاشف» و «التذهيب»، وقال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: روى عنه أيُّوبُ السَّخْتيَانيُّ مقرونًا معه أبو قِلَابَة؛ كلاهما عن زهدم، انتهى، وصدق؛ فهو هنا مقرونٌ، وكذا قُبَيل (كتاب الفرائض)، و (الكُلَيبيُّ): مصغَّرٌ منسوبٌ إلى كُلَيب بن يَربوع من بني تميمٍ؛ قاله الغسَّانيُّ أيضًا، وفي «المطالع»: القاسم بن عاصم الكلبيُّ، كذا لابن السكن، والقابسيِّ، وعُبدوس، وعند الأصيليِّ والنَّسَفيِّ: (الكُلَيبيُّ)؛ مصغَّرٌ، انتهى والله أعلم، و (أَبُو مُوسَى): هو عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ الأميرُ.

قوله: (فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ): (قُرِّب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (طعامٌ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فِيهِ لَحْمُ دَجَاج): تَقَدَّمَ أنَّ (الدّجاج) و (الدّجاجة) مثلَّثُ الدال.

قوله: (وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ أَحْمَرُ؛ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي): هذا الرجل لا أعرفه، وقوله: (كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي)؛ أي: كأنَّه من سَبْيِ الروم.

قوله: (فَقَذِرْتُهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الذال المُعْجَمَة في الماضي، مفتوحها في المستقبل.

قوله: (فَلَأُحَدِّثَنَّكَ): هو مفتوح اللام، مؤكَّدٌ بلام التأكيد وبالنون.

قوله: (فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ): هؤلاء النفر الذين مع أبي موسى لا أعرفُهم، إلَّا أنَّهم من الأشعريِّين قبيلته كما هنا، و (النفر): ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (الرَّهْط)، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/11870)

قوله: (بِنَهْبِ إِبِلٍ): هو بفتح النون بلا خلافٍ أعلمه، وهو في أصلنا مفتوحٌ ومكسورٌ بالقلم، وعليها (معًا)، وهذا لا أعرفه، ولا أعلم أحدًا ذكره به، وقد نصَّ النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في أوائل (كتاب الأيمان) _بفتح الهمزة_ في هذا الحديث: أنَّه بفتح النون، ولفظه: قال أهل اللغة: النَّهب: الغنيمة، وهو بفتح النون، وجمعه: نِهاب؛ بكسرها، ونُهوب؛ بضمِّها، وهو مصدرٌ بمعنى: المنهوب؛ كالخلق بمعنى: المخلوق، انتهى، وقال شيخُنا مجد الدين في «القاموس»: (النَّهْب: الغنيمة، ج: نِهاب، ونَهبَ النَّهْبَ؛ كـ «جَعَلَ» و «سَمِعَ» و «كَتَبَ»: أخذه؛ كانتهبَهُ، والاسم: النُّهبة، والنُّهْبَى، والنُّهَيْبَى، والنُّهَّيْبَى، والنَّهْبُ: الركض، وكلُّ ما انتُهِب)، انتهى، وبعض هذا في «صحاح الجوهريِّ»، وفي «النهاية»: (النَّهْب: الغنيمة، يُقال: نَهَبْتُ أنهَبُ نَهْبًا)، انتهى، وكذا في «المطالع»: أنَّه الغنيمة، وسمعت بعضَ الطَّلَبة غيرَ الحُذَّاق بالقاهرة يكسرون نونَ (النِّهْب)، ولا أعلم ذلك منقولًا، والمنقولُ ما ذكرته لك، والله أعلم.

قوله: (بِخَمْسِ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّود)، وعلى (غُرِّ الذُّرَى)؛ أي: بيض الأعالي والأسْنِمَة، و (تَغَفَّلْنَا): تَقَدَّمَ، وأنَّ معناه: جعلناه غافلًا عن يمينه.

(1/11871)

[باب: لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت]

قوله: (بَابٌ: لَا يُحْلَفُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ): (يُحلَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (اللَّات): تَقَدَّمَت، وكذا (العُزَّى)، وكذا (الطواغيت).

(1/11872)

[حديث: من حلف فقال في حلفه: باللات والعزى فليقل ... ]

6650# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو قاضي صنعاء، تَقَدَّمَ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، تَقَدَّمَ، وكذا (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَريُّ.

قوله: (وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ؛ فَلْيَتَصَدَّقْ): قال العلماء: أُمِرَ بالصدقة؛ تكفيرًا لخطيئةٍ في كلامه بهذه المعصية، قال الخَطَّابيُّ: معناه: فليتصدَّق بمقدار ما أراد أن يُقامِر به، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: والصوابُ الذي عليه المحقِّقون _وهو ظاهِرُ الحديث_: أنَّه لا يختصُّ بذلك المقدار، بل يتصدَّق بما تيسَّر ممَّا ينطلق عليه اسمُ الصَّدَقَة، وتؤيِّده روايةُ مَعْمَر التي [2] ذكرها مسلم: «فليتصدَّق بشيءٍ»، انتهى، وقد قَدَّمْتُ فيه قولًا آخَرَ؛ وهو هذا الآتي في هذا الحديث الذي أذكره من عند ابن عَدِيٍّ.

تنبيهٌ: ذكر شيخُنا في [«شرح] هذا الكتاب» حديثًا من عند ابن عَدِيٍّ عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بإسنادٍ ضعيفٍ: «مَن قال لصاحبه: تعالَ أقامِرْك؛ فقد وجب عليه كفَّارة يمين»، انتهى، وقد رأيت هذا الحديثَ في «الميزان» للذهبيِّ في ترجمة مسلمة بن عُلَيٍّ، قال فيه الذَّهَبيُّ: أبو همَّام السكونيُّ: حدَّثنا مسلمة: حدَّثنا الزُّبيديُّ عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا: «إذا قال الرجلُ لأخيه: هلمَّ أقامِرْك؛ فقد وجب عليه كفَّارة يمين وإن لم يفعل»، انتهى، مسلمةُ متروكٌ، وقد ذكر هذا الحديثَ الذَّهَبيُّ في ترجمته فيما أُنكِر عليه مع جملةِ أحاديثَ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

[2] في (أ): (الذي)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 717]

(1/11873)

[باب من حلف على الشيء وإن لم يحلف]

[ج 2 ص 717]

قوله: (بابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى الشَّيْءِ وَإِنْ لَمْ يُحَلَّفْ): (يُحَلَّف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، ساق ابن المُنَيِّر حديثَ الباب على عادته، ثُمَّ قال: مقصود الترجمة أن يَخرُج مثلُ هذا من قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224]؛ لئلَّا يُتَخيَّلَ أنَّ الحالف قبل أن يُستَحلفَ مطلقًا مرتكبٌ النَّهيَ، فبيَّن أنَّ اليمينَ بمثل هذا القصدِ الصحيحِ مشروعةٌ، والقصدُ تأكيدُ الكراهة عندهم للتختُّم بالذهب، انتهى، تَقَدَّمَ من كلامٍ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حلف في أكثرَ من ثمانين مكانًا من غير استحلافٍ في «الصحيحين» و «السنن» و «المسانيد»، والله أعلم، وأنَّ الله قد أمره في القرآن أن يحلف في ثلاثة أماكنَ.

(1/11874)

[حديث: إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل]

6651# قوله: (اصْطَنَعَ خَاتَمًا): تَقَدَّمَتِ اللُّغَات في (الخاتم)، و (اصطنع): (افتعل) من (صنع)، التاء مبدلةٌ منها [1] طاء، وقد تَقَدَّمَ متى اتَّخذ الخاتم.

قوله: (يَلْبَسُهُ): هو بفتح المُوَحَّدة.

قوله: (فَصَّهُ): تَقَدَّمَ، بفتح الفاء وكسرها، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الجوهريَّ قال: فَصُّ الخاتم: واحد الفُصوص، والعامَّة تقول: فِصٌّ؛ بالكسر، انتهى، وقد علمتَ أنَّ فيه اللُّغَتين، ذكرهما صاحب «المطالع».

قوله: (فِي بَاطِنِ كَفِّهِ): تَقَدَّمَ الكلام على جعل الخاتم في بطن الكفِّ من (كتاب الزينة).

قوله: (فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ): (نَبَذَ): بفتح النون والمُوَحَّدة والذال المُعْجَمَة؛ أي: طَرَحَ، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[1] في (أ): (من)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 718]

(1/11875)

[باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام]

قوله: (بَابُ مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الإِسْلَامِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: قصد بهذه الترجمةِ وبما أعقبها من حديثِ الحَلِفِ باللَّات: أن يُبَيِّن أنَّ قولَه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «مَن حلف بغير ملَّة الإسلام؛ فهو كما قال» ليس على ظاهره في نسبته إلى الكفر، بل هو كما قال في كَذِبه؛ مثل كذب المعظِّم للَّات من الجهة العامَّة إذا حلف بها، انتهى.

قوله: (مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى): تَقَدَّمَ الكلام على (اللَّات) و (العُزَّى) ما هما.

==========

[ج 2 ص 718]

(1/11876)

[حديث: من حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال]

6652# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهيب بن خالد، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (عُذِّبَ بِهِ): (عُذِّب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مضموم العين، مشدَّد الذال.

(1/11877)

[باب: لا يقول ما شاء الله وشئت وهل يقول أنا بالله ثم بك]

قوله: (بَابٌ: لَا يَقُولُ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، وَهَلْ يَقُولُ: أَنَا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ؟): اعلم أنَّه ذكر فيها حديثًا معلَّقًا عن شيخه عمرو بن عاصم لشقِّ الترجمة الثاني، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وقد أسنده في (بني إسرائيل) فقال: حدَّثنا أحمد بن إسحاق: حدَّثنا عَمرو بن عاصم، وحدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الله بن رجاء؛ قالا: حدَّثنا همَّام بالسند هنا، وأمَّا شقُّها الأوَّل؛ فلم يذكر فيه حديثًا، وفيه حديثُ قُتيلةَ الجُهنيَّةِ في «النَّسائيِّ»، ولفظها: أنَّ يهوديًّا أتى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: إنَّكم تندِّدون، وإنَّكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبةِ، فأمرهم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا أرادوا أن يحلفوا؛ أن يقولوا: وربِّ الكعبة، ويقولَ أحدُهم: ما شاء الله ثُمَّ شئت، وفي الباب حديثُ حذيفة في «أبي داود»، أمَّا حديث قُتَيلةَ؛ ففي سنده عبد الله بن يسار الجهنيُّ لم يخرِّج له البُخاريُّ ومسلمٌ شيئًا، إنَّما أخرج له أبو داود والنَّسائيُّ، وهو ثقةٌ.

وأمَّا حديث أبي داود؛ فلفظه: «لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثُمَّ شاء فلانٌ»، في سنده عبد الله المذكور، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لم يخرِّج له البُخاريُّ ومسلمٌ شيئًا، فلمَّا لم يكن هذا على شرطه؛ أشار إلى الحكم في الترجمة، وأخرج الذي على شرطه، وهو يعطي المعنى المقصودَ الذي ليس على شرطه، والله أعلم، وقال شيخُنا: قال المهلَّبُ: إنَّما أراد البُخاريُّ أن يميِّز (ما شاء الله ثُمَّ شئت)؛ استدلالًا من قوله عليه السلام في حديث أبي هريرة: «فلا بلاغَ لي اليومَ إلَّا بالله ثُمَّ بك»، انتهى، وإنَّما امتنع (ما شاء الله وشئت)؛ لأنَّ الواو للتشريك بين المشيئَتَين، بخلاف (ثُمَّ)، فإنَّه يُقَدِّمُ مشيئةَ الله على مشيئةِ خَلْقه، والله أعلم.

(1/11878)

[معلق عمرو بن عاصم: إن ثلاثةً في بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم]

6653# قوله: (وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو عمرو بن عاصم بن عُبيد الله بن الوازع، أبو عثمان الكلابيُّ الحافظ، عن شعبة، وهمَّام، وجرير بن حازم، وجدِّهِ عبيد الله بن الوازع، وقُرَيبٍ والدِ الأصمعيِّ عبدِ الملك، وحَمَّاد بن سلمة، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو خيثمة، وبُنْدَار، وابن مثنَّى، وعبد بن حُمَيدٍ، والدارميُّ، وخلقٌ، ثقةٌ، قال البُخاريُّ: مات سنة ثلاثَ عشرةَ ومئتين، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليقُه هذا أخرجه البُخاريُّ في (ذكر بني إسرائيل) عن أحمد بن إسحاق عن عمرو بن عاصم، وعن مُحَمَّد عن [1] عبد الله بن أبي رجاء، وفي (الأيمان والنذور) هنا: (وقال عمرو بن عاصم)، وأخرجه مسلمٌ في آخر الكتاب عن شيبان بن فرُّوخ؛ ثلاثتهم عن همَّام به، و (همَّام): هو ابن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ، و (إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن أبي طلحة زيدِ بن سهلٍ الأنصاريِّ.

قوله: (تَقَطَّعَتْ بِي الْحِبَالُ): تَقَدَّمَ الكلام أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، والباء المُوَحَّدة، وفيه روايتان أخريان، تَقَدَّمَ في (بني إسرائيل).

(1/11879)

[باب قول الله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم}]

قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109]): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: مقصوده من هذا الباب _والله أعلم_ الردُّ على مَن لم يجعل القَسَم بصيغةِ «أُقْسِم بالله» يمينًا منعَقِدةً؛ كالشَّافِعيِّ، وكمالكٍ في قوله: إنَّها ليست يمينًا حتَّى يذكرَ معها اسمَ الله أو ينوي، فذكر البُخاريُّ الآيةَ وقد قرن القَسَمَ فيها بالله، ثُمَّ بيَّن أنَّ هذا الأمر ليس شرطًا بالأحاديث، فإنَّه جعل هذه الصيغةَ بمجرَّدها يمينًا تتَّصف بالبرِّ [1] من غير الحالف، وهو المحلوف عليه، انتهى ما عزاه الإمام ابن المُنَيِّر إلى الشَّافِعيِّ، وفيه تفصيلٌ ذكره الشَّافِعيَّة في كُتُب الفروع.

تنبيهٌ: اختلف الفقهاء؛ إذا أقسم الشخص على شخصٍ، فحَنِثَ؛ فرُوِيَ عن ابن عمر: أنَّ الحالفَ يُكَفِّر، ورُويَ مثلُه عن عطاء وقتادة، وهو قولُ أهل المدينة والعراق والأوزاعيِّ، وفيه قولٌ ثانٍ: أنَّ الكفَّارة تجب على المُقسَم عليه، وفيه حديثٌ عن عائشة رضي الله عنها لا يثبت، قاله ابن المنذر، وفيه قولٌ ثالثٌ: رُوِيَ عن أبي هريرة وعُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أنَّهما لم يجعلا في ذلك كفَّارةً،

[ج 2 ص 718]

قال عُبيد الله: ألا ترى الصِّدِّيق قال ما قال؟ فقال الشارع: «لا تُقْسِم»، قال: ولم يبلغنا أنَّه أمره بالتكفير، هذا ملخَّصٌ من كلامِ شيخِنا.

قوله: (فَوَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ): وكذا في «مسلم» في جميع نسخه، قال القاضي عياض حين ذكر الحديث: (وفيه: أنَّ مَن قال: أُقْسِم لا كفَّارة عليه؛ لأنَّ أبا بكر رضي الله عنه لم يَزِد على قوله)، وهذا الذي قاله القاضي فيه نظرٌ؛ لما ذكرتُه من عند مسلم، وما هو مذكورٌ في «البُخاريِّ»، والله أعلم، وقد تعقَّب القاضيَ الشيخُ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، فقال: وهذا الذي قاله القاضي عجيبٌ، فإنَّ الذي في جميع نسخ «مسلم» أنَّه قال: (فوالله يا رسولَ الله؛ لَتُحدِّثنِّي)، فهذا صريحٌ بيمينٍ، وليس فيه: أُقْسِم، والله أعلم.

قوله: (لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ [2]، قَالَ: «لَا تُقْسِمْ»): سيأتي الكلام في الذي أخطأ فيه الصِّدِّيقُ، والاختلاف في مكان الخطأ، في (كتاب الرؤيا) إن شاء الله تعالى.

(1/11880)

[حديث: أمرنا النبي بإبرار المقسم]

6654# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عقبة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر؛ وبيانه: أنَّ الحافظَ عَبْدَ الغَنيِّ في «الكمال» لم يذكر في الرواة عن الأشعث بن أبي الشعثاء إلَّا الثَّوريَّ، لم يذكر ابنَ عُيَيْنَة وكذا الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، وكذا في ترجمة قبيصة بن عقبة عَبْدُ الغَنيِّ لم يذكر ابنَ عُيَيْنَة في مشايخه، إنما ذكر الثَّوريَّ، وفي «التذهيب» قال في مشايخه: سفيان، وأطلق، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (أَشْعَث)؛ بالثاء المُثَلَّثَة: هو ابن أبي الشعثاء سُلَيمِ بن أسودَ المحاربيُّ الكوفيُّ، مشهورٌ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (بشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ أيضًا مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَشْعَث): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي الشعثاء، وتَقَدَّمَ بعيدًا وقريبًا أنَّه بالمُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ أنَّ (أشعب) _ بالمُوَحَّدة_ الطامعَ فردٌ، و (مُعَاوِيَة بْن سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (مُقَرِّنًا) بتشديد الراء المكسورة، اسمُ فاعلٍ، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، وعازبٌ صَحَابيٌّ، رضي الله عنهما.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[ج 2 ص 719]

(1/11881)

[حديث: إن لله ما أخذ وما أعطى وكل شيء عنده مسمى.]

6655# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه النَهْديُّ عبد الرَّحْمَن بن ملٍّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (ملٍّ)؛ وهو بتثليث الميم، وتشديد اللام، و (مَلْء)؛ بفتح الميم، وإسكان اللام، وبالهمز.

قوله: (أَنَّ ابْنَةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّها زينب في (الجنائز).

وقوله: (وَمَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةُ وَسَعْدٌ): هذا هو سعد بن عبادة، كما جاء مصرَّحًا به في «صحيح مسلم».

قوله: (وَأُبَيٌّ): هو بضَمِّ الهمزة، وفتح الباء، وهو أُبيُّ بن كعب.

قوله: (أَنَّ ابْنِي قَدِ احْتُضِرَ): (احتُضِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذا الابن، وأنَّه عليُّ بن أبي العاصي بن الربيع.

قوله: (وَتَحْتَسِبْ): تَقَدَّمَ ما (الاحتساب)؛ وهو ادِّخار الثوابِ عندَ الله عزَّ وجلَّ.

قوله: (فَرُفِعَ [1]) هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فِي حَجْرِهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء وكسرها.

قوله: (تَقَعْقَعُ): هو مَرْفُوعٌ، فعلٌ مضارعٌ محذوفُ إحدى التاءين، وهذا ظاهِرٌ، ومعناه: تتحرَّك وتضطرِبُ.

قوله: (فَقَالَ سَعْدٌ): تَقَدَّمَ أنَّ سعدًا الذي ذهب معه هو ابن عبادة بن دُليم الأنصاريُّ أعلاه.

قوله: (وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ): تَقَدَّمَ في (الرحماء) إعرابان؛ النصب والرفع، في (الجنائز)، قاله الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رُفِعَ).

[ج 2 ص 719]

(1/11882)

[حديث: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد]

6656# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّ (إسماعيل) ابنُ أخت مالكٍ الإمامِ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيّبِ): هو سعيدٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وغير أبيه لا يُقال إلَّا بالفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 719]

(1/11883)

[حديث: ألا أدلكم على أهل الجنة كل ضعيف متضعف]

6657# قوله: (حَدَّثَنَا [1] غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.

قوله: (كُلُّ ضَعِيفٍ): تَقَدَّمَ في (تفسير {ن وَالْقَلَمِ})، وكذا (مُتَضَعَّفٍ)، وأنَّ الأصحَّ فيه فتحُ العَين، في (ن)، وكذا (الجَوَّاظ)، وكذا (العُتُلِّ)، في (ن).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

[ج 2 ص 719]

(1/11884)

[باب: إذا قال أشهد بالله، أو: شهدت بالله]

(1/11885)

[حديث: قرني ثم الذين يلونهم]

6658# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، وأنَّه منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، وتَقَدَّمَ ما قال فيه ابن أبي داود وغيرُه: إنَّ المنسوبَ إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْويُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عَمرو السَّلْمَانيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

قوله: (سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟): هذا السائل لا أعرفُه.

قوله: (قَرْنِي): تَقَدَّمَ الكلام على (القرن) في (فضائل الصَّحَابة)، وذكرتُ فيه أقوالًا، وأنَّ المرادَ بـ (قرنه): الصَّحَابة، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): التابعين، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): أتباع التابعين.

قوله: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، كما تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (وَكَانَ أَصْحَابُنَا يَنْهَوْنَنَا [1] وَنَحْنُ غِلْمَانٌ أَنْ نَحْلِفَ بِالشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ): تَقَدَّمَ الكلام في (الشهادات) وغيرها.

(1/11886)

[باب عهد الله عز وجل]

(1/11887)

[حديث: من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال رجل مسلم]

6659# 6660# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ [2] ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (سُلَيْمَان): هو ابن مِهْرَان الأعمشُ، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (قَالَ سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه الأعمشُ سليمانُ بن مِهْرَان.

قوله: (وَفِي صَاحِبٍ لِي فِي بِئْرٍ كَانَتْ بَيْنَنَا): تَقَدَّمَ في (كتاب الخصومات): (كان بيني وبين رجلٍ من اليهود)، وقد قَدَّمْتُ أنَّ اليهوديَّ الذي خاصمه لا أعرف اسمَه، وفي «مبهمات النَّوَويِّ» التي اختصرها من كتاب الخطيب البغداديِّ ما لفظه: حديثٌ عن الأشعث بن قيس: «مَن حلف على يمين صبر ... »، قال: فيَّ نزلت: خاصمت رجلًا في بئر إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «بيِّنَتُك أو يمينُه»، قال الخطيب: هذا الرجلُ الذي خاصم الأشعثَ

[ج 2 ص 719]

اسمُه الجَفشيش؛ بالجيم، وقيل: بالحاء المُهْمَلَة، وقيل: بالخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ رواه الخطيبُ عن كلِّ شيخٍ من شيوخه بوجهٍ من الأوجه الثلاثةِ، وعن أبي حاتمٍ الرازيِّ: (أنَّه ذكره بالجيم، وكناه أبا الخير)، قال الطَّبَرانيُّ: (له صحبةٌ، ولا روايةَ عنه، وفي روايةٍ: رجل يُقال له: الجَفشيش بن حُصَين)، انتهى، قال النَّوَويُّ: (هو بالشين المُعْجَمَة المكرَّرة، وبفتح أوَّله) انتهى، وذكر غيرُه أنَّه يُقال بالحركات الثلاث، وقد ذكره بالجيم والحاء والخاء ابنُ عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»، وكناه أبا الخير، ونسبه: كِنْديًّا، قال: ويُقال: حضرميٌّ ... إلى أن قال: ورواه يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، عن مجالد، عن الشَّعْبيِّ قال: قال الأشعث بن قيس: كان بين رجلٍ منَّا وبين رجلٍ من الحضرميِّين _يُقال له: الجفشيش_ خصومةٌ في أرضٍ ... )؛ الحديث، فهذا يدلُّ على أنَّ مخاصِمَ الجفشيش غيرُ الأشعث.

(1/11888)

وقد رأيت في «معجم الطَّبَرانيِّ الصغير» في (الأباره) عن الجفشيش الكنديِّ قال: (جاء قومٌ من كندة إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقالوا: أنت منَّا، وادَّعَوه ... )؛ الحديث، قال الطَّبَرانيُّ: (لا يُروى عن الجفشيش الكنديِّ _وله صحبةٌ، وهو الذي خاصم الأشعث بن قيس إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في الأرض، فنزلت فيهما هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} ... ؛ الآية [آل عمران: 77]_ إلَّا بهذا الإسناد، تفرَّد به الحسن بن صالح)، انتهى، وقد غايرَ الذَّهَبيُّ في «تجريده» بين الجَفشيش بن النعمان الكنديِّ أبي الخير _قال: وهو الذي خاصم إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في أرض_ وبين الجفشيش الكنديِّ مَعْدَان بن الأسود بن مَعْدِيكَرِب، فقال: له وفادةٌ، قاله مُحَمَّد بن سعدٍ، انتهى، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ في قصَّة الأشعث ما لفظه: وفي «مختصر الاستيعاب»: أنَّه جَرير بن مَعْدَان، انتهى، والظاهر أنَّ قصَّة اليهوديِّ غيرُ هذه التي للجَفشيش، والله أعلم.

(1/11889)

[باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته]

قوله: (بَابُ الْحَلِفِ بِعِزَّةِ اللهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلِمَاتِهِ [1]): سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مقصود الترجمة: أنَّ الحَلِف بالصفات القديمةِ بصيغة المصدر كالحَلِف بالأسماء، وطابقتِ الترجمةُ قولَه: «أعوذ بعزَّتك»، مع أنَّ هذا دعاءٌ وليس بقَسَم؛ من ناحية أنَّه لا يُستَعَاذ إلَّابالقديم، فأثبت هذا أنَّ العزَّة من الصفات القديمة، لا من صفة الفعل، فينعقد اليمين، والله أعلم، انتهى.

قوله: (يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ): تَقَدَّمَ الكلام على اسم هذا الرجل في (باب فضل السجود) من (كتاب الصلاة).

قوله: (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (لَا غِنًى [2] بِي عَنْ بَرَكَتِكَ): (غنًى): مُنَوَّن، وفي حاشية أصلنا القاهريِّ: (غَنَاء)؛ بفتح الغَين، ممدود، بالقلم، نسخة، وعليها علامة راويها، و (الغَنَاء): الكفايةُ، والمنوَّن معناه: لا بُدَّ، والله أعلم.

(1/11890)

[حديث: لا تزال جهنم تقول هل من مزيد؟]

6661# قوله: (قَدَمَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية في (سورة {ق}) في (التفسير)، تعالى الله، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].

قوله: (فَتَقُولُ: قَطِْ قَطِْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (ق)، وكذا (وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ ومعناه: ينضمُّ ويجتمع.

قوله: (رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ): ما رواه شعبةُ عن قتادةَ أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) وفي (التوحيد) عن عبد الله بن أبي الأسود، عن حَرَميِّ بن عُمَارة، عن شعبة به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 720]

(1/11891)

[باب قول الرجل: لعمر الله]

قوله: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: لَعَمْرُ اللهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72]: لَعَيْشُكَ): قوله: (لعمرُ الله): هو قَسَمٌ ببقاء الله ودوامِه، وهو رفعٌ بالابتداء، والخبرُ محذوفٌ؛ تقديره: لعَمْرُ الله قَسَمي، أو ما أُقْسِم، واللام للتوكيد، فإن لم تأتِ باللام؛ نصبتَه نصبَ المصادر، فقال: عَمْرَ الله، وعَمْرَك اللهُ؛ أي: بإقرارك لله تَعْمِيرَك له بالبقاء، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 720]

(1/11892)

[حديث: لعمر الله لنقتله]

6662# قوله: (حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ (الأُوَيسيَّ): هو عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أويس بن سعد بن أبي سَرْح القرشيُّ العامريُّ، أبو القاسم المدنيُّ الأويسيُّ الفقيه، ترجمته معروفة، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها تلفُّظًا وكتابةً في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هو حجَّاج بن منهال، تَقَدَّمَ، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغيرُ أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ في يائه.

قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا): تَقَدَّمَ الكلام على أهل الإفك في (الشهادات)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام [على] (الطَّائِفَة)، وأنَّها القطعة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (عَبْد اللهِ بْن أُبَيٍّ): هو ابن سلولَ؛ ترجمةً وكتابةً وتلفُّظًا، وقبله أيضًا، وكذا تَقَدَّمَ (أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ)، وأنَّه صَحَابيٌّ جليلٌ، بضَمِّ همزته، وضمِّ حاء أبيه، وبالضاد المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ الكلام أعلاه على (لَعَمْرُ اللهِ).

==========

[ج 2 ص 720]

(1/11893)

[باب: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}]

قوله: (بَابٌ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225]): ذُكِر هنا مسندًا إلى عائشة رضي الله عنها: أنَّ الآية نزلت في قول الرجل: لا والله، وبلى والله، وقد تَقَدَّمَ الكلامُ على (اللَّغو) ما هو في أوَّل (كتاب الأيمان والنذور)، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا الموقوفَ هنا لفظًا على عائشة هو مَرْفُوعٌ معنًى، وتَقَدَّمَ مَن رفعه في غير هذا الكتاب لفظًا أيضًا.

==========

[ج 2 ص 720]

(1/11894)

[حديث: {لا يؤاخذكم الله باللغو}]

6663# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

==========

[ج 2 ص 720]

(1/11895)

[باب: إذا حنث ناسيًا في الأيمان ... ]

قوله: (بَاب إِذَا حَنِثَ نَاسِيًا فِي الأَيْمَانِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب أجمعَ على عادته، ثُمَّ قال: (لمَّا كان حكمُ الناسي قاعدةً مختلفًا فيها، وكذلك الجاهلُ هل يلحق بالناسي أو العامد؛ أطال البُخاريُّ الأحاديثَ المتعارضةَ فيه؛ فمنها: ما أقام النسيان فيه عذرًا مطلقًا، ومنها: ما كان الخطأُ فيه ملغًى، وأُلحِقَ صاحبُه بالمتعمِّد، ومنها: ما عُذِر به من وجهٍ دون وجه، والتدبُّر بيَّن ذلك كلَّه)، انتهى.

(1/11896)

[حديث: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها]

6664# قوله: (حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ): هو بكسر الميم، وإسكان السين وفتح العين المُهْمَلَتين، ابن كدام، أحد الأعلام.

قوله: (يَرْفَعُهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (يرفعه)، و (يبلغ به)، و (يَنْمِيه)، و (روايةً)، وأنَّه كلَّه مَرْفُوعٌ، مُطَوَّلًا، والله أعلم.

[ج 2 ص 720]

قوله: (مَا [1] وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا): (الوَسواس) و (الوَسوسة): ما يُلقِيه الشيطانُ في القلب، وأصله: الحركة الخفيَّة، و (ما وسوست به أنفسها)؛ أي: حدَّثتها به، وألقته خواطرُها إليها، و (أنفسُها) في رواية: (ما وسوست به أنفُسُها) بالرفع، وعند الأصيليِّ بالنصب، وله وجهٌ بكون (وسوست) بمعنى: حدَّثَت، فالحاصل أنَّ في رواية: (وسوست به) (أنفسها) بالرفع والنصب، و [أمَّا] في روايةِ (حدَّثت)؛ فبالنصب ليس غير، والله أعلم، هذا مقتضى كلام ابن قُرقُول، ولكن لا يمتنع أن يجيءَ أيضًا الرفعُ والنصبُ على رواية (حدَّثت)، والله أعلم.

قوله: (أَوْ تَكَلَّمْ): هو محذوف إحدى التاءين، وهو فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11897)

[حديث: افعل ولا حرج.]

6665# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ): (مُحَمَّد) هذا: هو الذهليُّ مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذُؤَيب الذهليُّ الحافظ، أحد الأعلام، فيما قاله الحاكمُ وغيرُه، وقد قَدَّمْتُ ذلك من كلام أبي عليٍّ الغسَّانيِّ في (اللباس) في (باب الذريرة)، وإذا كان الشيخُ مشكوكًا فيه، وكان الشكُّ بينه وبين ثقةٍ آخَرَ؛ فإنَّه لا يضرُّ؛ لأنهما عدلان، أمَّا لو كان أحدُهما عدلًا والآخرُ غيرَ ذلك؛ فإنَّه يسقطُ الاحتجاج بالحديث الذي هذا شأنه، والله أعلم، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: كُنْتُ أَحْسِبُ يَا رَسُولَ اللهِ كَذَا [1] قَبْلَ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ قَامَ آخَرُ): هذان الرجلان لا أعرفُهما، وقد قَدَّمْتُ ذلك.

قوله: (لَهُنَّ كُلِّهِنَّ): (كلِّ): مجرورةٌ، وجرُّها ظاهرٌ.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (وَكَذَا).

[ج 2 ص 721]

(1/11898)

[حديث: ذبحت قبل أن أرمي قال لا حرج]

6666# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبه إلى جدِّه، و (أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ [1]): بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمَة، أحد الأعلام، مشهورٌ، و (عَبْد الْعَزِيزِ بْن رُفَيْعٍ): بضَمِّ الراء، وفتح الفاء، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (عَطَاء) بعده: هو عطاء بن أبي رَباح المَكِّيُّ الفقيه.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ): هذا الرجل لا أعرفه، ومعنى (زرت)؛ أي: طُفْت طواف الإفاضة.

قوله: (قالَ آخَرُ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرفه.

==========

[1] (بن عيَّاش): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 721]

(1/11899)

[حديث: ارجع فصل فإنك لم تصل.]

6667# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يُصَلِّي): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل هو خلَّاد بن رافع الزُّرَقِيُّ.

قوله: (فَأَعْلِمْنِي): هو بقطع الهمزة، وكسر اللام، رُباعيٌّ.

قوله: (فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ): (أسبِغ): بقطع الهمزة، وكسر المُوَحَّدة، رُباعيٌّ، و (الوُضوء)؛ بضَمِّ الواو: الفعل، ويجوز فتحُها، تَقَدَّمَ.

قوله: (ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ وَتَطْمَئِنَّ جَالِسًا): اعلم أنَّ في هذا الحديث التصريحَ بالطمأنينة في الجلوس بين السجدتين، وقد قال إمام الحرمين من الشَّافِعيَّة: إنَّ الطمأنينة بين السجدتين لم تُذكَر في حديث المسيء صلاتَه، وفيه نظرٌ، وقد تَقَدَّمَ في (الاستئذان) أيضًا ثبوتُها فيه، وكذا في «مسلم».

فائدةٌ: قال أيضًا الإمامُ: إنَّ الطمأنينةَ في الاعتدال لم تُذْكَر في حديث المسيء صلاتَه، وفيه نظرٌ أيضًا؛ فهي فيه في «صحيح ابن حِبَّانَ»، والله أعلم، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: (أخرجها ابن ماجه بسندٍ أخرج مسلمٌ الحديثَ به، لكنَّه لم يَسُقْ لفظَه، وشيخُهما واحدٌ، والسَّنَدُ واحدٌ؛ فلو قال قائلٌ: إنَّ مسلمًا أخرجها؛ [صحَّ] إطلاقه)، انتهى.

(1/11900)

[حديث: هزم المشركون يوم أحد هزيمةً تعرف فيهم]

6668# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (المَغْرَاء) بفتح الميم، وإسكان الغين، ممدود الآخر.

قوله: (هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ): (هُزِم): بضَمِّ الهاء، وكسر الزاي، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المشركون): نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (أُخْرَاكُمْ): نصب على الإغراء؛ أي: أدرِكوا، و (أُخراكم): آخر الجيش.

قوله: (فَاجْتَلَدَتْ): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّه اقتتلت.

قوله: (فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِي): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (اليماني) حُسَيل، ويُقال: حِسْل، رضي الله عنه، في (غزوة أُحُد)، وتَقَدَّمَ أنَّ الصحيحَ إثباتُ الياء فيه، وفي (ابن العاصي)، و (ابن أبي الموالي)، و (ابن الهادي)، قاله النَّوَويُّ.

قوله: (مَا انْحَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ): تَقَدَّمَ أنَّه يُقال: إنَّه قتله خطأ عتبةُ بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود، وهو يظنُّه من العدوِّ.

(1/11901)

[حديث: من أكل ناسيًا وهو صائم فليتم صومه]

6669# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (عَوْفٌ): هو ابن أبي جميلة الأعرابيُّ، تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (عَنْ خِلَاسٍ وَمُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (خِلَاس)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الخاء المُعْجَمَة، وتخفيف اللام، وهو ابن عَمرو البصريُّ، عن عليٍّ، وعمَّار، وعائشة، وأبي هريرة، وعنه: قتادة، وعوفٌ، وجماعةٌ، قال أحمدُ: ثقةٌ ثقةٌ، وروايته عن عليٍّ من كتاب، وقال: كان يحيى القَطَّان يتوقَّى أن يُحدِّثَ عن خِلاس عن عليٍّ خاصَّة، وقال أبو داود: (لم يسمع من عليٍّ، وسمعتُ أحمدَ يقول: لم يسمع من أبي هريرة شيئًا)، وقال يحيى بن سعيد: كان في «أطراف عوف»: (خِلاس ومُحَمَّد عن أبي هريرة، حديث: أنَّ موسى عليه السلام كان حَيِيًّا ... )؛ الحديث، فسألتُ عوفًا، فترك مُحَمَّدًا وقال: خِلاس مُرسِلٌ)، وقال ابن معين: ثقة، أخرج له الجماعة؛ البُخاريُّ مقرونًا بآخَرَ كما ترى، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، مشهور الترجمة، وقد قَدَّمْتُ هذا غَيْرَ مَرَّةٍ؛ منها في (سورة سبأ).

(1/11902)

[حديث: صلى بنا النبي فقام في الركعتين الأوليين قبل أن يجلس]

6670# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا، مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (عَبْد اللهِ ابْن بُحَيْنَةَ): تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ نسبه، وأنَّ (بُحَينة) أمُّه، ومالكًا أبوه، وتَقَدَّمَ الكلام على مالك، وما وقع فيه، وأنَّ الأصحَّ [أنَّه] ليس بصَحَابيٍّ، ولا مسلمٍ أيضًا، وغلطُ مَن غَلِطَ فيه وعَدَّه صحابيًّا، وذكر له روايةً، والله أعلم.

[ج 2 ص 721]

(1/11903)

[حديث: هاتان السجدتان لمن لا يدري زاد في صلاته أم نقص]

6671# قوله: (حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (لَا أَدْرِي إِبْرَاهِيمُ وَهِمَ أَمْ عَلْقَمَةُ): (وَهِم): بكسر الهاء، قال شيخنا: بفتح الهاء، ثُمَّ نقل كلام الجوهريِّ، وهو: وَهَمْتُ في الشيء؛ بالفتح، أَهَم وَهْمًا؛ إذا ذهبَ وهمك إليه وأنت تريد غيرَه، انتهى، وقال ابن قُرقُولَ في قوله: (إنِّي أهم في صلاتي): كذا للجمهور من الرواة، وعند القُلَيعيِّ: أُوهِم وهمًا، وهما صحيحان بمعنًى، يُقال: وَهِم؛ بالكسر، يوهَم؛ إذا غلط، ووهَم؛ بالفتح، يَهِم إلى كذا: ذهب وهمُه إليه، وأوهمت الشيءَ: تركتُه، قاله ثعلب، وأوهم في صلاته: أسقط، انتهى.

قوله: (أَقُصِرَتِ [1]؟): قائل ذلك هو ذو اليدين، واسمه الخِرباق، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، و (أَقُصِرَت): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (السهو).

قوله: (فَيَتَحَرَّ [2] الصَّوَابَ): كذا في أصلنا، فعل أمر مجزومٌ، و (فَيُتِمَّ) عليه: مَنْصُوبٌ، ونصبُه معروفٌ، وفي نسخة: (فيتحرَّى)؛ بإثبات الياء، و (فيتمُّ): مَرْفُوعٌ، وكلُّه ظاهرٌ، و (يتحرَّى): يتعمَّد ويتقصَّد، وهذا مَعْرُوفٌ.

(1/11904)

[حديث: كانت الأولى من موسى نسيانًا]

6672# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مرارا أنّه بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه أوَّل شيخ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة.

==========

[ج 2 ص 722]

(1/11905)

[حديث البراء: وكان عندهم ضيف لهم فأمر أهله أن بذبحوا ... ]

6673# قوله: (كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ... ) إلى آخره: اعلم أنِّي لا أستحضرُ أنَّ البُخاريَّ نفسَه روى بالمكاتبة في «صحيحه» إلَّا هذا الحديثَ، وأمَّا المكاتبة في أثناء السندَ؛ فكثيرٌ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الكتابةَ قسمان؛ أحدهما: الكتابة المقرونة بالإجازة، بأن يكتب إليه ويقول: أجزت لك ما كتبته، ونحو ذلك، وهي شبيهةٌ بالمناولة المقرونةِ بالإجازة في الصِّحَّة والقوَّة، والقسم الثاني: الكتابة المجرَّدة عن الإجازة كهذه؛ لأنَّه لو أجاز له معها؛ لنبَّه عليه البُخاريُّ، وهي صحيحةٌ تجوز الرواية بها على الصحيح المشهور بين أهل الحديث، وهو عندهم معدودٌ في المسندِ الموصولِ، وهو قولُ كثيرٍ من المتقدِّمين والمُتَأخِّرين؛ منهم: أيُّوب السَّخْتيَانيُّ، ومنصور، والليث بن سعد، وغير واحد من الشَّافِعيِّين؛ منهم: أبو المظفَّر السَّمعانيُّ وجعلها أقوى من الإجازة، وإليه صار جماعةٌ من الأصوليِّين؛ منهم: صاحب «المحصول»، وفي «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» أحاديثُ من هذا النوع، ولكنَّ هذا أوَّلُ مكانٍ حدَّث فيه البُخاريُّ نفسُه بالمكاتبة؛ فلهذا ذكرتُ ذلك هنا، وقد قدَّمتُه أيضًا، لكنَّ ما تَقَدَّمَ المكاتبةُ فيه بعد البُخاريِّ، وقد منع صِحَّةَ ذلك قومٌ آخرون، وبه قطع الماورديُّ في «الحاوي»، وقال الآمديُّ: لا يرويه إلَّا بتسليطٍ من الشيخ؛ كقوله: فاروِه عنِّي، أو أجزت لك روايتَه، ولكن إذا بدأ الطالب بالمكاتبة للشيخ، وقال له: اكتب إليَّ ما سمعتَ من فلان، أو نحو ذلك؛ فالذي يظهر لي أنَّه كالإجازة؛ لأنَّه التمسَ منه ذلك، ولم أرَ هذه منقولةً، وهي ظاهرةٌ، وقد قدَّمتها، وقد ذهب أبو الحسن بن القَطَّان إلى انقطاع الرواية بالكتابة، وردَّ ذلك عليه أبو عبد الله بن المَوَّاق، والله أعلم.

(1/11906)

وقد أخرج هذا الحديثَ البُخاريُّ في (العيدين) [عن آدم و] عن سليمان بن حرب، وفي (العيدين) و (الأضاحي) عن حجَّاج بن منهال، وفي (الأضاحي) عن بُنْدَار عن غُنْدر؛ أربعتهم عن شعبة، وفي (العيدين) عن أبي نُعَيم عن مُحَمَّد بن طلحة؛ كلاهما عن زُبَيد، وفي (الأضاحي) عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة عن فراس، وعن مسدَّد عن خالد بن مُطرِّف، وفي (العيدين) عن عثمان عن جَرير، وعن مسدَّد عن أبي الأحوص؛ كلاهما عن منصور، وهنا عن مُحَمَّد بن بَشَّار عن معاذ بن معاذ عن ابن عون؛ خمستهم عن عامر بن شَراحيل عن البراء به، والله أعلم.

و (ابْنُ عَوْنٍ): عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أميرِ مصر، هذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ.

قوله: (قَالَ: قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَكَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ): قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من المصريِّين: كذا وقع، والصواب أنَّ البراء روى ذلك عن أبي بُردة بن نِيَار خالِه، والضيف لم يُسَمَّ، انتهى، وما قاله حسنٌ صحيحٌ، والحديث أخرجه البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وقد طرَّفه المِزِّيُّ من «أبي داود»، فقال: أبو داود في (الأضاحي) عن مسدَّد، عن أبي الأحوص به، وعن مسدَّد عن خالد به مختصرًا: (ضحَّى خالٌ لي يُقال له: أبو بردة قبل الصلاة)، ولم يذكر أوَّل الحديث، انتهى، فهذا يرشد إلى أنَّ المضحِّيَ أبو بُردة، والله أعلم.

قوله: (كَانَ عِنْدَهُمْ ضَيْفٌ): هذا الضَّيف لا أعرفه، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّه لم يُسمَّ.

قوله: (أَنْ يُعِيدَ الذّبْحَ): في أصلنا بكسر الذَّال وفتحها بالقلم، وكُتِب عليها (معًا)، فالكسر معناه: المذبوح، وهذا هو الظَّاهر، وبه قَيَّدهُ الشيخ محيي الدِّين النَّوَويُّ، وكذا قَيَّدهُ شيخُنا، ونقله أيضًا عن ابن التين، وأمَّا الفتح؛ فهو المصدر، لكنَّ معناه هنا غيرُ ظاهرٍ إلَّا بتقديرٍ، والله أعلم، وقد ذكرته في (العيدين)، والظَّاهر الكسر، والله أعلم.

قوله: (عَنَاقٌ جَذَعٌ): هما مرفوعان منوَّنان، وقد تَقَدَّمَ ما (العَنَاق).

قوله: (فَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أمير مصر.

(1/11907)

قوله: (رَوَاهُ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): أمَّا (أيُّوب)؛ فهو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (ابن سيرين): مُحَمَّد، وقد تَقَدَّمَ عدد بني سيرين وبناته في أوَّل هذا التعليق، وما رواه أيُّوب عن ابن سيرين مُحَمَّدٍ عن أنس أخرجه البُخاريُّ في (صلاة العيد)، وفي (الأضاحي) عن مسدَّد، وفي (الأضاحي) عن عليِّ بن عبد الله، وصدقة بن الفضل، فرَّقهم؛ ثلاثتهم عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، وفي (صلاة العيد) عن حامد بن عمر عن حَمَّاد بن زيد؛ كلاهما عن أيُّوب عنه به، وأخرجه مسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

(1/11908)

[حديث: من ذبح فليبدل مكانها ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله]

6674# قوله: (فَلْيُبَدِّلْ مَكَانَهَا): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الدال المُشَدَّدة، كذا هو مضبوطٌ في أصلنا بالقلم، وقال شيخُنا: هو بضَمِّ أوَّله، من «أَبْدَلَ»، انتهى [1]، فظاهر كلامه أنَّه بالضَّمِّ مع التخفيف، وقد قال الجوهريُّ: وأَبدلتُ الشيءَ بغيره، وبدَّله اللهُ سبحانه من الخوف أَمْنًا، وتبديل الشيء أيضًا: تغييره وإن لم يأت بِبَدَل، واستبدل الشيءَ بغيره، وتبدَّله [2] به؛ إذا أخذه مكانَه، انتهى، فما في الأصل يجوز فيه التشديد والتخفيف.

(1/11909)

[باب اليمين الغموس ... ]

قوله: (بَابُ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ): (اليمين الغَموس): هي التي يُقتَطَع بها الحقُّ، وقال الخليل: هي التي لا استثناءَ فيها، قيل: سُمِّيَت بذلك؛ لغَمْسِها صاحبَها في الإثم، وقيل: في النار، قاله ابن قُرقُولَ، وقال الجوهريُّ: واليمين الغموس: التي تغمس صاحبها في الإثم، وفي «النهاية»: اليمين الكاذبة الفاجرة؛ كالتي يَقتطِع بها الحالفُ مالَ غيره، سُمِّيَت غموسًا؛ لأنَّها تغمس صاحبها في الإثم ثُمَّ في النار، و «فَعولٌ» للمبالغة، انتهى.

==========

[ج 2 ص 722]

(1/11910)

[حديث: الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين]

6675# قوله: (أَخْبَرَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه ابن شُمَيل، و (فِرَاسٌ): بكسر الفاء، وتخفيف الراء، وفي آخره سين مهملة، وهو ابن يحيى الهَمْدانيُّ الكوفيُّ المُكَتِّب، تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 722]

قوله: (الْكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ أنَّ الذَّهَبيَّ قد ألَّف في الكبائر جزءًا بأدلَّتها، وعدَّها فيه ستَّةً وسبعين كبيرةً، وذكر في بعض نسخ هذا الكتاب الذي للذهبيِّ ممَّا يلحق بالكبائر ويتردَّد النظرُ فيه، وقد ذكرتُ عددها فيما مضى، وذكر ابن قَيِّمِ الجوزيَّة في أواخر «معالم المُوَقِّعين» جماعةً منها، وقد أشرت إلى ذلك كلِّه فيما تَقَدَّمَ.

(1/11911)

[باب قول الله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ... }.]

(1/11912)

[حديث: من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم]

6676# 6677# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّمَ الكلُّ مترجَمِين.

قوله: (يَمِينٍ [1] صَبْرٍ): هما في أصلنا منوَّنَين، وقد تَقَدَّمَ مثلُه له، وسيجيء في (كتاب الأحكام) في (باب الحكم في البئر ونحوها): (لا يحلف على يمين صبر): (يمينِ): مجرورٌ غيرُ مُنَوَّن، وقد صُحِّحَ عليه في أصلنا، وكان قبل ذلك مُنَوَّنًا فكشط، وأُصلِح على غير التنوين بالكسر، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الشيخ محيي الدين ضبطه بالإضافة في (كتاب الإيمان) _بكسر الهمزة_ من «شرح مسلم»، وسيأتي كلام ابن الأثير، وهو يقتضي أن يكون بالتنوين وبالإضافة، وقال ابن قُرقُول: ويمين الصَّبر: هي التي يُحبَس ويُجبَر عليها حالفُها، انتهى، وفي «النهاية»: (من حلف على يمين مصبورة كاذبًا)، وفي حديث آخَرَ: (مَن حلف على يمين صبر)؛ أي: أُلزِم بها وحُبِس عليها، وكانت لازمةً لصاحبها من جهة الحكم، وقيل لها: «مصبورة» وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور؛ لأنَّه إنَّما صُبِر من أجلها؛ أي: حُبِس، فوُصِفَت بالصَّبر، وأُضِيفَت إليه مجازًا، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي): ابن عمِّه لا أعرفه، إلَّا أن يكون مخاصمَه، وهو الظاهر، فإن كان هو؛ فقد ذكرته قريبًا، والله أعلم.

قوله: (بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ): هما مرفوعان في أصلنا بالقلم على أنَّه خبر مبتدأ محذوف، ويجوز نصبُهما.

قوله: (إِذًا يَحْلِف): هو مَنْصُوبٌ ومرفوعٌ في أصلنا بالقلم، وعليه (معًا)، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الشيخ محيي الدين بعد أن ذكر النصبَ قال: وقال أبو الحسن بن خَرُوف في «شرح الجُمَل»: إنَّ الرواية بالرفع.

(1/11913)

[باب اليمين فيما لا يملك وفى المعصية وفى الغضب]

قوله: (بَابُ الْيَمِينِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَفِي الْمَعْصِيَةِ وَالْغَضَبِ [1]): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: حديث أبي موسى _يعني: (أتيت النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في نفرٍ من الأشعريِّين، فوافقته وهو غضبان ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر_: يطابقُ اليمينَ فيما لا يملك، قال الشارح _يعني: ابن بَطَّال_: لأنَّه حلف حين لم يملك ظهرًا يحملهم عليه، فلمَّا طرأ له الملك؛ حملهم، وفهم عن البُخاريِّ أنَّه نحا ناحية تعليق الطلاق قبل ملك العصمة، والحُريَّة قبل ملك الرقبة، والظاهر من قصد البُخاريِّ غيرُ هذا، وهو أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حلف ألَّا يحملَهَم، فلمَّا حملهم وراجعوه في يمينه؛ قال: «ما أنا حملتكم، ولكنَّ الله حملكم»، فبيَّن أنَّ يمينه إنَّما انعقدت فيما يملكه بقصد حجَّة اليمين؛ لأنَّهم سألوه أن يحملهم، وإنَّما سألوه ظنًّا أنَّه يملك حملانًا، فحلف لا يحملهم على شيءٍ يملكه؛ لعدم الملك حينئذٍ، والذي حملهم عليه مالُ الله، لا مِلكُه الخاصُّ، فلو حملهم على ما يملكه؛ لكفَّر، ولا خلاف فيما إذا حلف على شيء وليس في ملكه أنَّه لا يفعل فعلًا متعلِّقًا بذلك الشيء؛ مثل قوله: «لا ركبت هذا البعير»، ولم يكن البعير في ملكه وركب؛ حَنِثَ وكفَّرَ، وليس هذا من تعليق العتق على الملك، والله أعلم، انتهى.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (وفي الغضب)، و (في): ساقطة في رواية أبي ذرٍّ، ومستدركة مصحَّحٌ عليها في (ق).

[ج 2 ص 723]

(1/11914)

[حديث أبي موسى: والله لا أحملكم على شيء]

6678# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث أو عامر، القاضي، ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ الأميرِ.

قوله: (أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي): تَقَدَّمَ أنَّ هؤلاء أصحابه لا أعرفهم، غير أنَّهم من قبيلة الأشعريِّين.

قوله: (أَسْأَلُهُ الْحُمْلَانَ): تَقَدَّمَ ما (الحُملان).

==========

[ج 2 ص 723]

(1/11915)

[حديث عائشة في سبب نزول: {ولا يأتل أولو الفضل منكم}]

6679# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن عبد الله العامريُّ الأويسيُّ الفقيه، تَقَدَّمَ.

قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا حَجَّاجٌ [1]): هو ابن منهال، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء (المُسَيّب) وكسرِها، وأنَّ غيرَه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (أَهْلُ الإِفْكِ): تَقَدَّمَ في (الشهادات) مَن هم أهل الإفك، وتَقَدَّمَ أنَّ (طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ)؛ أي: قطعةً منه، وتَقَدَّمَ الكلام على (مِسْطَحٍ)، وهو ابن أثاثة، وتَقَدَّمَ أنَّ لقبه مِسْطَح، وأنَّ اسمَه عوفٌ، وقيل: عامرٌ، وقوله: (لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ): تَقَدَّمَ ما قرابته منه في نفس الحديث، وأنَّ قوله: (فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ في «معجم الطَّبَرانيِّ الكبير» في (معجم النِّساء): أنَّه أضعفَ له ما كان يعطيه؛ أي: أعطاه مثلَهُ مرَّتين.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الْحَجَّاجُ).

[ج 2 ص 723]

(1/11916)

[حديث: والله إن شاء الله لا أحلف على يمين]

6680# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن عمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة الحافظ، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (الْقَاسِم): هو ابن عاصم البصريُّ، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ.

قوله: (فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ): تَقَدَّمَ أنَّ هؤلاء النفر لا أعرفهم، وتَقَدَّمَ أنَّ (النَّفَر): ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (الرَّهْط).

==========

[ج 2 ص 723]

(1/11917)

[باب: إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى أو قرأ أو سبح ... ]

قوله: (قالَ أَبُو سُفْيَانَ: كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا سفيان): صخرُ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس الأمويُّ، والد معاوية، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وتَقَدَّمَ متى كتب النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى هرقل، وتَقَدَّمَ أنَّ (هرقل) فيه لُغَتان، وأنَّ هذا اسمُه، وأنَّ (قيصر) لقبٌ له ولكلِّ مَن مَلَكَ الرومَ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمة هرقل، وأنَّه هلك سنة عشرين.

[ج 2 ص 723]

(1/11918)

[حديث: قل لا إله إلا الله كلمةً أحاج لك بها عند الله]

6681# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، وقوله: (عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّمَ الكلام في رواية سعيدٍ عن أبيه، وأنَّه لم يروِ عنه غير ابنه سعيد.

قوله: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (أبي طالب): عبدُ مَناف على الصحيح، وقيل: اسمه كنيته، وأضعف منه أنَّ اسمه عِمران، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ مُطَوَّلًا في (كتاب الجنائز) في (باب قول المشرك عند الموت: لا إله إلَّا الله)، وغيرِه أيضًا.

==========

[ج 2 ص 724]

(1/11919)

[حديث: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان]

6682# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، و (عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ عند أهله، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه، وأنَّه هَرِم.

(1/11920)

[حديث: من مات يجعل لله ندًا أدخل النار]

6683# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ) هذا هو عبد الواحد بن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ له ما يُنكَر، وأنَّ أصحابَ «الصحيح» تجنَّبا تلك المناكير، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيق): هو ابن سلمة أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.

قوله: (قَالَ النَّبِيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً، وَقُلْتُ أُخْرَى): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك في (الجنائز)، وقدَّمتُ جمعًا بين ما وقع في الروايات مُطَوَّلًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).

[ج 2 ص 724]

(1/11921)

[باب من حلف أن لا يدخل على أهله شهرًا وكان الشهر تسعًا وعشرين]

(1/11922)

[حديث: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين.]

6684# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حُمَيدًا) هذا: هو الطويل، ابن تير، ويقال: تيرويه، لا حُمَيد بن هلال، وقد قَدَّمْتُ ما روى ابنُ هلال في «البُخاريِّ»، وهو حديثان فقط، وذكرتُهما غَيْرَ مَرَّةٍ.

قوله: (آلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ): تَقَدَّمَ معنى (آلى)؛ أي: أَقْسَمَ وحلف، وتَقَدَّمَ الكلام على (المَشْرُبَة) بما فيها من اللغات.

==========

[ج 2 ص 724]

(1/11923)

[باب: إن حلف أن لا يشرب نبيذًا فشرب طلاءً أو سكرًا أو عصيرًا ... ]

قوله: (فَشَرِبَ طِلَاءً): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الطاء، ممدودٌ؛ وهو ما طُبِخ من عَصير العِنَب حتَّى ذهب ثلثاه، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا.

قوله: (أَوْ سَكَرًا): هو بفتح السين والكاف؛ وهو نبيذ التمر، تَقَدَّمَ.

قوله: (فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ): لا شكَّ إن كان الطِّلاء والسَّكَر يُسكِران أنَّه يحنث، و (بعض الناس): هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زُوْطَا، الإمام المجتهد، رحمه الله، فإنَّه قال: إنَّ الطلاء والعصيرَ ليسا بنبيذٍ في الحقيقة، وإنَّما النَّبيذ: ما نُبِذ في الماء، وأُنقِع فيه، ومنه سُمِّيَ المنبوذُ منبوذًا؛ لأنَّه نُبِذَ؛ أي: طُرِح، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 724]

(1/11924)

[حديث: أن أبا أسيد أعرس فدعا النبي لعرسه ... ]

6685# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَلِيٌّ): هذا هو عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ بْن أَبِي حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ، واسم (أَبِي حَازِمٍ): سلمة بن دينار، و (أَبُو أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الهمزة وفتح السين على الصواب، وقد قَدَّمْتُ اسمَه واسمَ أبيه.

قوله: (فَكَانَتِ الْعَرُوسُ خَادِمَهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ (العروس): اسمٌ يقع على الرجل والمرأة ما داما في إعراسهما، وتَقَدَّمَ أنَّ هذه العروس أمُّ أُسَيد سلامةُ بنت وهب في أوائل (النكاح)، صحابيَّةٌ معروفةٌ، رضي الله عنها.

قوله: (فِي تَوْرٍ): تَقَدَّمَ ما (التَّوْر).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَني).

[ج 2 ص 724]

(1/11925)

[حديث: ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننبذ فيه]

6686# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل.

قوله: (فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا): هو بفتح الميم، وإسكان السين؛ الجلد، تَقَدَّمَ، و (الشِّنُّ): القِربة البالية، تَقَدَّمَ.

فائدةٌ: قال الدِّمْيَاطيُّ: (حديث سودة _يعني: هذا_ انفرد به البُخاريُّ، وحديث ميمونة _: (مرَّ عليه السلام بشاةٍ ميِّتة لها، فقال: «هلَّا انتفعتم بجلدها»)، من رواية ابن عَبَّاس عنها_ انفرد به مسلمٌ)، انتهى، وهو كما قاله، فحديث سودة في «البُخاريِّ» فقط، ويعني بانفراد البُخاريِّ به؛ يعني: عن مسلم، والحديثُ المذكورُ حديثُ سودة في «النَّسائيِّ» أيضًا، وهو في «النَّسائيِّ» أيضًا من رواية ابن عَبَّاس.

وقوله في حديث ميمونة صحيحٌ أيضًا، لم يخرِّجْه البُخاريُّ، إنَّما أخرجه مع مسلمٍ أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والله أعلم، وقد اعترض شيخُنا على الدِّمْيَاطيِّ، فقال: أمَّا حديث ابن عَبَّاس عن ميمونة: (مرَّ عليه السلام بشاةٍ لها، فقال: «هلَّا انتفعتم بجلدها»)؛ فمِنَ المتَّفق عليه، لا كما زعمه خَلَفٌ في «أطرافه»، وتَبِعه عليه الدِّمْيَاطيُّ؛ فاحذره، انتهى، وما قاله شيخُنا لم أرَه في «أطراف المِزِّيِّ»؛ فاعلمه، إنَّما رأيتُ فيه ما قاله الدِّمْيَاطيُّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 724]

(1/11926)

[باب: إذا حلف أن لا يأتدم فأكل تمرًا بخبز وما يكون من الأدم]

قوله: (إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْتَدِمَ، فَأَكَلَ تَمْرًا بِخُبْزٍ، وَمَا يَكُونُ مِنْهُ [1] الأُدْمُ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته مختصرًا، ثُمَّ قال: (مقصوده الردُّ على مَن زعم أنَّه لا يُقال: «ائتدم» إلَّا إذا اصطبغ، فذلك حديث عائشة رضي الله عنها، والمعلوم أنَّها نفت الإدام مطلقًا في سياق بيان شَظَف العيش، فدخل فيه التمرُ وغيرُه، وحديثُ أنسٍ رضي الله عنه أنَّها عصرت العُكَّة على الأقراص، فلم يكن اصطباغ، وقال: «فآدمته»)، انتهى.

فقوله: (شَظَف العيش): هو بفتح الشين والظاء المشالة المعجمتين، وبالفاء؛ ضِيْقُه، قال أبو زيد: الشَّظَف: الضيق والشِّدَّة؛ مثل الضَّغَف، وكذلك الشَّظَاف، والله أعلم.

(1/11927)

[حديث: ما شبع آل محمد من خبز بر مأدوم]

6687# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، والله أعلم، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَابِسٍ): بالمُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة، وهو ابن ربيعة.

قوله: (آلُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّها تعني: أهلَ بيته، لا آلُه المعروفون؛ بنو هاشم، أو هم وبنو المُطَّلِب، ولا غيرُ ذلك من القولَين الآخَرَين في (الآل).

قوله: (وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن كَثِير؛ بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، العبديُّ، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وإنَّما أتى بهذا وإن كان في علوِّ الأوَّل إلَّا أنَّ سفيانَ عنعن في الأوَّل، وسفيانُ مُدَلِّسٌ، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه تصريحَ سفيان بالتحديث من عبد الرَّحْمَن، والله أعلم، وفي الأوَّل: (قال عابس عن عائشة)، وفي الثاني: (قال لعائشة)، فصرَّح بأنَّه شافهها وإن كان عابسٌ غيرَ مُدَلِّس، إلَّا ليخرج من الخلاف.

==========

[ج 2 ص 724]

(1/11928)

[حديث: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله ... ]

6688# قوله: (قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ): (أبو طلحة): زيد بن سهل، نقيبٌ بدريٌّ، تَقَدَّمَ، و (أمُّ سُلَيم): زوجتُه، أمُّ أنس بن مالك، تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها.

قوله: (آرْسَلَكَ [1]؟): هو بمدِّ الهمزة على الاستفهام، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ): تَقَدَّمَ الكلام (هلمَّ) بِلُغَتَيها، والمذكورةُ هنا لغةُ أهل نجدٍ، ولغة أهل الحجاز: (هلمَّ) _وبها جاء القرآن_ للأنثى والذكر، الواحد والاثنين والجمع.

[ج 2 ص 724]

قوله: (فَأَتَيْتُ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (فأتَتْ)، وهو ظاهِرٌ، والله أعلم.

قوله: (فَفُتَّ): هو بضَمِّ الفاء الثانية، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتشديد المُثَنَّاة فوق، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً): (العُكَّة)؛ بضَمِّ العين: آنية السَّمْن، قال ابن السِّكِّيت: يُقال لمثل الشُّكوة ممَّا يكون فيه السَّمْن: عُكَّةٌ، والجمع: عُكَك وعِكاك، وفي «المطالع»: العُكَّة: أصغر من القِربة، قاله الخليلُ.

قوله: (فَآدَمَتْهُ [2]): هو بمدِّ الهمزة، وقد قَدَّمْتُ ما في هذه اللفظة من الرواياتِ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَرْسَلَكَ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَأَدَمَتْهُ).

(1/11929)

[باب النية في الأيمان]

قوله: (بَابُ النِّيَّةِ فِي الأَيْمَانِ): هو بفتح الهمزة، جمع (يمين)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11930)

[حديث: إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى]

6689# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثقفيُّ، أبو مُحَمَّد الحافظُ، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ.

قوله: (إِلَى دُنْيَا): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق أنَّ (دنيَا) بغير تنوين الروايةُ، وتَقَدَّمَ الكلام على حقيقة الدنيا.

قوله: (أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا): تَقَدَّمَ الكلام على هذه المرأة، وأنَّها أمُّ قيس، وأنَّ ابن دحية قال: إنَّ اسمها قَيلة، وأنَّ الرجلَ الذي هاجر بسببها كانوا يُسَمُّونه مهاجرَ أمِّ قيسٍ، وما يتعلَّق بهما في أوَّل هذا التعليق، وأنَّهما صحابيَّان.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11931)

[باب: إذا أهدى ماله على وجه النذر والتوبة]

(1/11932)

[حديث: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك.]

6690# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (مِنْ بَنِيهِ): هو جمع (ابن)، وقد تَقَدَّمَ ما فيه، وأنَّ هذا هو الصوابُ في حديث كعبٍ عقيب (غزوة تبوك)، وفي غير مكان.

قوله: ({وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118]): تَقَدَّمَ أنَّهم كعب بن مالك، وهلال بن أُمَيَّة الواقفيُّ، ومُرارة بن الربيع العَمريُّ.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11933)

[باب: إذا حرم طعامًا ... ]

(1/11934)

[حديث: لا بل شربت عسلًا عند زينب بنت جحش]

6691# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو ابن الصَّبَّاح، و (الْحَجَّاجُ): هذا هو ابن مُحَمَّد المصيصيُّ الأعور الحافظ، عن ابن جُرَيجٍ، وابن أبي ذئب، وشعبة، وعنه: أحمد، والزعفرانيُّ، وهلال بن العلاء، قال أحمد: ما كان أضبطَه وأشدَّ تعاهده للحروف! ورفع من أمره جدًّا، وقال أبو داود: بلغني أنَّ ابن معين كتب عنه نحوًا من خمسين ألفَ حديثٍ، تُوُفِّيَ سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعة، قال ابن المَدينيِّ: ثقة، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ الإمام، تَقَدَّمَ، و (عَطَاءٌ) بعده: هو ابن أبي رَباح.

قوله: (رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟): قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (المغافير: واحدُه: مُغْفُور؛ وهو شيءٌ ينضحه شجر العُرْفُط، كريهُ الرائحة)، انتهى، وقد ضبطتُه وما هو في (سورة المتحرِّم).

قوله: ({وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 3]): هو قوله: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا ... وَلَنْ أَعُودَ لَهُ»، وقد سبق، ويأتي هنا: «وَقَدْ حَلَفْتُ، لَا [1] تُخْبِرِي بِذَلِكِ أَحَدًا»، وقيل: قصَّة مَارِيَة، والصحيحُ الأوَّلُ، وأَغْرَبَ مَن قال: إنَّه أسرَّ خلافةَ الصِّدِّيق، وأنَّه خليفةٌ بعدَه، وقال ابن عبد السلام الشيخُ عزُّ الدين: الخلافة، وقيل: تحريم مَارِيَة على نفسه، انتهى.

قوله: (وَقَالَ [2] إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامٍ): (إبراهيم) هذا: هو ابن موسى بن يزيد بن زاذان الفرَّاء، أبو إسحاق التميميُّ الرازيُّ الحافظ، أحد بحور الحديث، ويُعرَف بالفرَّاء الصغير، وكان أحمد ابن حنبل ينكر على من يقول: الصغير، ويقول: هو كبيرٌ في العِلم، تَقَدَّمَ ببعضِ ترجمةٍ، روى عنه البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والباقون بواسطةٍ، وغيرُهم، وقد تَقَدَّمَ [الكلام] على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالبَ أنَّ أخذَه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (وقال لي إبراهيمُ بن موسى)، وهذا أصرح من الأوَّل، و (هشام) بعده: هو ابن يوسف الصنعانيُّ القاضي، عن ابن جُرَيجٍ به، وتعليق إبراهيم بن موسى أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) به.

قوله: (بِذَلِكِ أَحَدًا): (ذلكِ): هو بكسر الكاف، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

(1/11935)

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (فلا).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) مستدركة مصحَّحًا عليها: (لي).

[ج 2 ص 725]

(1/11936)

[باب الوفاء بالنذر ... ]

قوله: (بَابُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (موضع الاستشهاد قولُه: «فيُستَخْرَج به من البخيل»، وإنَّما يُخرِج البخيلُ ما يجب عليه، لا ما هو متبرِّعٌ به، وإلَّا؛ كان جوادًا)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11937)

[حديث: إن النذر لا يقدم شيئًا ولا يؤخر]

6692# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام.

قوله: (أَوَلَمْ يُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ؟): (أوَ): هو بتحريك الواو على الاستفهام، وهو استفهامُ إنكارٍ، و (يُنهَوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ قريبًا أنَّ في ابتداء النذر أربعةَ آراءٍ للشافعيَّة، وقدَّمتُ ما الحكمة في النهي عنه، والله أعلم.

قوله: (وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ): (يُستَخرَج): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11938)

[حديث: إنه لا يرد شيئًا ولكنه يستخرج به من البخيل]

6693# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الظاهر أنَّه الثَّوريُّ؛ وذلك لأنَّ الحافظَ عَبْد الغَنيِّ ذكر في ترجمة خلَّاد أنَّه روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكر في مشايخه ابنَ عُيَيْنَة، وأمَّا الذَّهَبيُّ؛ فلم يتعرَّض لذكرهما ولا لأحدهما في مشايخه، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، وقد سمع منه السفيانان.

قوله: (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ الشَّافِعيَّ نصَّ على كراهة النذر، وقدَّمتُ للشافعيَّة في ابتداء النذر أربعةَ آراءٍ، وقدَّمتُ ما الحكمة في النهي عنه، والله أعلم.

قوله: (يُسْتَخْرَجُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/11939)

[حديث: لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له]

6694# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، وتَقَدَّمَ مِرارًا (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (فَيُؤْتِي عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِي عَلَيْهِ): هو بكسر المُثَنَّاة فوق بعد الواو فيهما، مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: يُعطِي ما لم يكن يُعطِي، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 725]

(1/11940)

[باب إثم من لا يفي بالنذر]

(1/11941)

[حديث: خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.]

6695# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالجيم، والراء، وأنَّه نصر بن عِمران الضُّبَعيُّ، و (زَهْدَم): بالدال المُهْمَلَة، و (مُضَرِّبٍ): بتشديد الراء المكسورة، اسمُ فاعلٍ، و (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وتَقَدَّمَ أنَّ الأسماء كذا، وأنَّ الكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ الكلام على حُصَين، وأنَّه صَحَابيٌّ أيضًا.

قوله: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي): تَقَدَّمَ الكلام على (القرن) في أوَّل (مناقب الصَّحَابة)، وذكرتُ فيه أقوالًا، وأنَّ قوله: «خيركم قرني»؛ أي: الصَّحَابة، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): التابعون، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): أتباع التابعين، والله أعلم.

[ج 2 ص 725]

قوله: (يَنْذرُونَ): هو بكسر الذال وضمِّها؛ لُغَتَان تقدَّمتا.

قوله: (وَلَا يَفُونَ): وفي نسخة: (يوفون)، و (يَفُون): ثُلاثيٌّ، وهو صحيحٌ، يقال: وفى بعهده يفي، و (أوفى): لغة القرآن، رُباعيٌّ، وهو الأصحُّ، وفي «الصحاح»: وفى بعهده وأوفى بمعنًى.

قوله: (وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ): تَقَدَّمَ الكلام فيه مُطَوَّلًا مع الجمع بينه وبين «خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسأَلَها».

(1/11942)

[باب النذر في الطاعة ... ]

(1/11943)

[حديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه]

6696# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (الْقَاسِم): هو ابن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، ابن أخي عائشةَ، وهو أحد الفقهاء السبعة.

==========

[ج 2 ص 726]

(1/11944)

[باب: إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانًا في الجاهلية ثم أسلم]

(1/11945)

[حديث ابن عمر: أوف بنذرك]

6697# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ): هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.

==========

[ج 2 ص 726]

(1/11946)

[باب من مات وعليه نذر]

قوله: (وَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَةً جَعَلَتْ [أُمُّهَا] عَلَى نَفْسِهَا صَلَاةً بِقُبَاءٍ): هذه المرأة لا أعرفها ولا أمَّها، و (قُباء): تَقَدَّمَت مرارًا بِلُغَاتها؛ وهو المدُّ والقصر، والتأنيث والتذكير، والصرف وعدمه.

تنبيهٌ: ما أفتى به ابنُ عمر وابنُ عَبَّاس؛ فاعلم أنَّ مذهبَ الشَّافِعيِّ وجماهيرِ العلماء _كما قاله الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم» _: أنَّه لا يصل ثوابُها إلى الميِّت، إلَّا إذا كان الصوم واجبًا على الميِّت فقضاه وليُّه أو من أَذِن له الوليُّ؛ فإنَّ فيه قولَين للشافعيِّ؛ أشهرهما عنه: أنَّه لا يصحُّ، وأصحُّهما عند محقِّقي متأخِّري أصحابِه: أنَّه يصحُّ، انتهى، واختار العلَّامة تقيُّ الدين السُّبكيُّ عليُّ بن عبد الكافي: أنَّ الوليَّ يُصلِّي عنه، وقد رأيت في كلام بعض الناس: أنَّ ما أفتى به ابنُ عمر وابنُ عَبَّاس لا يُعرَف لهما مخالفٌ من الصحابة، انتهى.

وقد حكى صاحب «الحاوي الكبير» عن عطاء بن أبي رَباح وابنِ راهويه: أنَّهما قالا بجواز الصلاة عن الميِّت، واختاره أبو سعد عبدُ الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن أبي عصرون في «الانتصار»، وقال البغويُّ في «تهذيبه»: لا يبعد أن يُطعَم عن كلِّ صلاة مدٌّ من طعام، قال النَّوَويُّ: وكلُّ هذه المذاهب ضعيفةٌ، انتهى.

ويصحُّ الحجُّ عنه، وفي الاعتكاف قولٌ للشافعيِّ، وأمَّا قراءة القرآن؛ فالمشهور من مذهب الشَّافِعيِّ أنَّه لا يصل ثوابُها إلى الميِّت، وقال بعض أصحابه: يصل، وذهب جماعةٌ من العلماء إلى أنَّه يصل إلى الميِّت ثوابُ جميع العبادات؛ من الصلاة، والصوم، والقراءة، وغير ذلك، وأمَّا الصدقة؛ فتصل بلا خلاف، وكذا حُكِيَ في الدعاء الإجماعُ أنَّه يصل.

تنبيهٌ: ما حكاه الماورديُّ في «الحاوي» عن بعض أصحاب الكلام من أنَّ الميِّتَ لا يلحقه بعدَ موته ثوابٌ؛ فهذا مذهبٌ باطلٌ قطعًا، وخطأٌ بيِّنٌ مخالِفٌ لنصوص الكتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ الأمَّة، فلا التفاتَ إليه، ولا تعريجَ عليه، انتهى، والذي يظهر ما قاله جماعةٌ من العلماء: إنَّ ثواب جميع العبادات يصل إلى الميِّت، والله أعلم.

(1/11947)

[حديث: استفتى النبي في نذر كان على أمه]

6698# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ): تَقَدَّمَ أنَّ أمَّه صحابيَّةٌ، وهي عَمرة بنت مسعود رضي الله عنها، تُوُفِّيَت سنة خمسٍ من الهجرة.

قوله: (فَكَانَتْ سُنَّةً): هذا الكلام مِن كلام مَن؟ لم أرَ فيه كلامًا لأحدٍ، والذي ظهر لي أنَّه من كلام الزُّهْرِيِّ، وإنَّما قلتُ ذلك؛ لأنَّ هذه عادتُه؛ أنَّه يذكر أمثالَ ذلك في الأحاديث، ويفسِّر الحديثَ، ويذكر فيه غيرَ ذلك، وقد قَدَّمْتُ ما إذا قال التابعيُّ: (من السُّنَّة كذا)، أو: (السُّنَّة كذا)، وأنَّ الصحيحَ [أنَّه] موقوفٌ، والذي يظهر لي أنَّه مرسلٌ، مُطَوَّلًا.

==========

[ج 2 ص 726]

(1/11948)

[حديث: فاقض الله فهو أحق بالقضاء]

6699# قوله: (عَنْ أَبِي بِشْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

قوله: (أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ [1]: إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ): هذا الرجل وأختُه لا أعرفهما، وقال بعض حفَّاظ المصريِّين: هو عقبة بن عامر الجهنيُّ، واسم أخته أمُّ حبَّان، كما تَقَدَّمَ، وهذا بناءً منه على أنَّ الحديثَ مختصرٌ من ذاك؛ وهو: (إنَّ أختي نذرت أن تحجَّ ماشيةً)، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (له).

[ج 2 ص 726]

(1/11949)

[باب النذر فيما لا يملك وفي معصية]

قوله: (بَابُ النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَفِي مَعْصِيَةٍ)، وفي نسخةٍ: (بَابُ النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته مختصرًا، ثُمَّ قال: ألغى الشارح _يعني: ابن بَطَّال_ ترجمته ههنا على النذر فيما لا يملك، وقال: لا تدخل في هذا الحديث، وإنَّما يدخل فيها نذرُ المعصية، والصواب مع البُخاريِّ؛ فإنَّه تلقَّى عدمَ لزوم النذر فيما لا يملك من عدم لزومه في المعصية، أو نذره فيما لا يملك نذر المتصرِّف في ملك الغير، وهو معصيةٌ، فمِن ههنا أدخله في الترجمة، والله أعلم، ولهذا لم يقل: باب النذر فيما لا يملك وفي المعصية، ولكن قال: (النذر فيما لا يملك)، ثُمَّ قال: (والنذر في معصية)، اندرج النذر في ملك [1] الغير في النذر في المعصية الذي نفاه على العموم؛ فتأمَّلْه، انتهى.

وقد ذكرت لك أوَّلًا أنَّ في أصلنا: (باب النذر فيما لا يملك وفي معصية)، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (ذلك)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 726]

(1/11950)

[حديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه.]

6700# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، و (الْقَاسِم): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، ابن أخي عائشةَ رضي الله عنها.

==========

[ج 2 ص 726]

(1/11951)

[حديث: إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه]

6701# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (حُمَيْد) [1]: هو ابن أبي حُمَيد الطويل.

قوله: (عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ): (نفسَهُ)؛ بالنصب: مفعولُ المصدر؛ وهو (تعذيب)، وهذا الرجل لا أعرفه، وكذا لا أعرف (ابْنَيْهِ)، وليس هو بأبي إسرائيل، ثُمَّ إنِّي رأيتُ بعد ذلك قد قال ابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ عن خطِّ الحافظ مغلطاي: إنَّه أبو إسرائيل، عن «مبهمات الخطيب»، قال: ولم نرَه فيها، ثُمَّ ذكر من عند أحمدَ: أنَّ قصَّة أبي إسرائيل كانت في المسجد، والظاهر من حاله ردُّ كلام مغلطاي، وهو مردودٌ بلا شكٍّ، وقد ذكرت ذلك وردَّه فيما مضى، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ): أمَّا (الفزاريُّ)؛ فهو مروان بن معاوية، ترجمته معروفة، كوفيٌّ حافظٌ واسعُ الرواية جدًّا، وهو من شيوخِ شيوخِ البُخاريِّ، أخرج له الجماعةُ، تُوُفِّيَ فجأةً في ذي الحجَّة سنة (193 هـ)، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد أخرج هذا التعليقَ البُخاريُّ في (الحجِّ) عن مُحَمَّد بن سلَام عن مروان بن معاوية، وأخرجه مسلمٌ في (النذور) عن ابن أبي عمر عن مروان الفزاريِّ، وإنَّما أتى بهذا؛ لأنَّ في رواية الفزاريِّ هذه تصريحَ حُمَيد بالتحديث من ثابت، وحُمَيدُ الطويل مُدَلِّسٌ، والله أعلم.

(1/11952)

[حديث: أن النبي رأى رجلًا يطوف بالكعبة بزمام فقطعه]

6702# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيلُ، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ.

قوله: (رَأَى رَجُلًا يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَطَعَهُ): هذا الرجل المَقُود لا أعرفه، وقد رأيت ابنَ شيخِنا البُلْقينيِّ قال: إنَّه يحتمل أن يفسَّر ببشرٍ أبي خليفة، وعزاه لـ «أُسْد الغابة»، وقد ذكرت ذلك في (الحجِّ)، والقائدُ لا أعرفه أيضًا.

==========

[ج 2 ص 726]

(1/11953)

[حديث: أن النبي مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان]

6703# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف، القاضي الصنعانيُّ، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (بِإِنْسَانٍ يَقُودُ إِنْسَانًا): تَقَدَّمَ أنَّ المَقُود: قال ابن شيخِنا: يحتمل أن يُفَسَّر ببشرٍ أبي خليفة، وتَقَدَّمَ ذلك في (الحجِّ)، وأمَّا قائدُه؛ فتقدم أنِّي لا أعرفه.

[ج 2 ص 726]

(1/11954)

[حديث: مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه]

6704# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ، ابن خالد، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا، وأنَّه لا يُعرَف إلَّا في هذا الحديث، وأنَّه ليس في الصَّحَابة من كنيته (أبو إسرائيل) سواه، وأنَّه ليس في الصَّحَابة مَن اسمه قُشَير سواه، وسمَّاه بعضهم قيصرَ، وكذلك ليس في الصَّحَابة مَن اسمه (قيصر) سواه، والله أعلم.

قوله: (قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ): هو ابن عبد المجيد الثقفيُّ، تَقَدَّمَ: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ [1]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الحديثُ رُوِيَ بوجهين؛ أحدهما: مسندٌ وقد قدَّمه، ومرسلٌ وقد أخَّره، وقد عُمِل في أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الهامش بعد عكرمة: (عن ابن عَبَّاس)، وعُمِل عليه علامةُ نسخة، لكن كُتِب في آخرها: (صح)، وفي ذلك نظرٌ، وقد طرَّف المِزِّيُّ المعلَّقَ مرسلًا، وقد أخرج الحديثَ أبو داود في (الأيمان) عن موسى بن إسماعيل بسند البُخاريِّ في هذا الحديث المسنَد، وأخرجه ابن ماجه في (الكفَّارات) عن الحُسين بن مُحَمَّد بن شيبة الواسطيِّ، عن العلاء بن عبد الجبَّار، عن وُهَيب، عن أيُّوب متَّصِلًا به، والله أعلم.

==========

[1] كتب فوقها في (أ): (ضـ).

[ج 2 ص 727]

(1/11955)

[باب: من نذر أن يصوم أيامًا فوافق النحر أو الفطر]

(1/11956)

[حديث ابن عمر سئل عن رجل نذر أن لا يأتي عليه ... ]

6705# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أن (المُقدَّميَّ) بضَمِّ الميم، وفتح الدال المُشَدَّدة، نسبة إلى جدِّه مُقدَّم؛ اسمُ مفعولٍ، و (فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، و (حَكِيمُ بْنُ أَبِي حُرَّةَ): بفتح الحاء، وكسر الكاف، مكبَّر، و (حُرَّة): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الراء المُشَدَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

قوله: (سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ): السائل لابن عمر لا أعرفه.

==========

[ج 2 ص 727]

(1/11957)

[حديث: نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء ما عشت]

6706# قوله: (عَنْ يُونُسَ): هذا هو يونس بن عبيد، أحد أئمَّة البصرة، عن الحسن وأبي بردة، وعنه: عبد الوهَّاب الثقفيُّ وابنُ عُلَيَّة، من العلماء العامِلين الأثبات، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ أحمدُ والجماعة، تَقَدَّمَ.

تنبيهٌ: يونس بن عبيد شخصٌ آخَرُ كوفيٌّ، حدَّث عن البراء بن عازب، لا يُدرى مَن هو، وقد ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، وحديثه: (ذكر راية النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّها سوداء مربَّعة من نَمِرَة)، أخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وحديثُه حسنٌ، تَقَدَّمَ ذكرُه غير هذه المرَّة.

قوله: (فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثَلَاثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ): هذا السائل لابن عمر لا أعرفه، وقد تَقَدَّمَ في (الصوم) ما في «ثقات ابن حِبَّانَ»؛ فانظره إن أردته، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ الآن: لم يُسَمَّ، وفي «الأوسط» للطبرانيِّ: أنَّ كريمةَ بنتَ سيرين سألَتِ ابنَ عمر عن ذلك.

قوله: (أَوْ أَرْبِعَاءَ): هو مثلَّث المُوَحَّدة، الأفصحُ الكسرُ، ممدودٌ، وكذا (الثَّلَاثَاء): ممدودٌ أيضًا، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَمَرَ اللهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا في (الصوم).

==========

[ج 2 ص 727]

(1/11958)

[باب: هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزروع والأمتعة]

قوله: (بَابٌ: هَلْ يَدْخُلُ فِي الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ الأَرْضُ وَالْغَنَمُ وَالزَّرعُ [1] وَالأَمْتِعَةُ؟): قال شيخُنا الشارح: وإنَّما أراد البُخاريُّ _والله أعلم_ الردَّ على أبي حنيفة، فإنَّه يقول: إنَّ مَن حلف أو نذر أن يتصدَّق بماله كلِّه؛ فإنَّه لا تقع يمينُه ونذرُه من الأموال إلَّا على ما فيه الزكاة خاصَّةً، وعند مالكٍ ومَن تبعه: تقع يمينه على جميع ما يقع عليه اسمُ مالٍ، قال ابن بَطَّال: وأحاديث هذا الباب تشهد له، وهو الصحيح، انتهى.

قوله: (قَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ): تَقَدَّمَ أن هذا المالَ أرضُه، وأنَّ اسمَها ثَمْغُ.

قوله: (حَبَّسْتَ أَصْلَهَا): (حبَّس): بتشديد المُوَحَّدة وتخفيفها، قاله الخَطَّابيُّ، تَقَدَّمَ؛ ومعناه: وَقَفَ.

قوله: (وَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ، رضي الله عنه.

قوله: (بَيْرحَاء): تَقَدَّمَت اللغات فيها، وأين هي، وأنَّها وَقْفٌ، وتُعرَف بالنوريَّة في شمالي المدينة المشرَّفة، وأنَّها اشترتها امرأةٌ من النوريِّين، ووَقَفَتْها على الفقراء والمساكين.

قوله: (لِحَائِطٍ لَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحائط): البستان، و (مُسْتَقْبِلَة): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر المُوَحَّدة.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (والزُّروع).

[ج 2 ص 727]

(1/11959)

[حديث: كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها ... ]

6707# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أَبُو الغَيْث): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سالم.

قول أبي هريرة: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى [1] خَيْبَرَ): هذا فيه مجازٌ، وهو لم يخرج معهم، وإنَّما جاء إلى المدينة المشرَّفة، فلم يجد النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيها، فصلَّى خلف سباع بن عُرفطة، ثُمَّ إلى خيبر بعد القتال قبل القسمة، وقد تَقَدَّمَ مثله في (غزوة خيبر)، وتَقَدَّمَ ما قيل فيه.

قوله: (فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ [لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] غُلَامًا، يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الجملة في (غزوة خيبر)، وأنَّ ما وقع هنا هو الصواب.

تنبيهٌ شاردٌ: وقع في كلام الذَّهَبيِّ في «المشتبه» ما لفظه: وبمعجمةٍ ثُمَّ مُوَحَّدة: ضَبينة؛ بطنٌ من جذام؛ منهم رفاعة بن زيد الضبينيُّ، وقال بعض المحدِّثين: الضُّبَيبي؛ من الضُّبيب من حزام [2]، له صحبةٌ، انتهى، وقد راجعت كلام ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»؛ فوجدته قال: رفاعة بن زيد بن وهب الجذاميُّ الضُّبَيبيُّ، من بني الضُّبَيب، هكذا يقولُ أهل الحديث، وأمَّا أهل النسب؛ فيقولون: الضِّيني، من بني ضِين من جذام، وذكر قصَّة الأسود، وتجاه هذا الاسم في هامش «الاستيعاب» بخطِّ أبي إسحاق بن الأمين ما لفظه: (صوابه: الضَّبِيني، من بني ضَبِينة)، انتهى.

قوله: (إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ): تَقَدَّمَ في (غزوة خيبر)، وهو الذي لا يُدرى مَن رماه.

قوله: (لَتُشْعِلُ [3] عَلَيْهِ نَارًا): (تُشعِل): بضَمِّ أوَّله، وكسر العين، رُباعيٌّ، كذا في أصلنا بالقلم، و (نارًا): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، والفاعل: (هي) عائدٌ على (الشَّمْلَة)، و (أشعل): رُباعيٌّ متعدٍّ، وثلاثيٌّ قاصرٌ، وقال ابن القَطَّاع في «أفعاله»: وأشعلتُ النارَ والحربَ: أوقدتهما، وقال أبو زيد: شعلتُ النارَ وأشعلتها بمعنًى، انتهى، وفي بعض نسخ «البخاريِّ»: (لتَشْتَعِلُ عليه نارًا).

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ): الرجل لا أعرف اسمَه، و (الشِّرَاك): أحد سُيور النعل التي على ظهر القدم.

(1/11960)

((84)) (كِتَابُ الكَفَّاراتِ) ... إلى (كِتَاب الفَرَائِضِ)

فائدةٌ هي تنبيهٌ: ذكر الزمخشريُّ في «تفسيره» في (سورة التحريم) في قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2]: إن قلت: هل كفَّر النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لذلك؟ قلت: عن الحسن أنَّه لم يُكَفِّر؛ لأنَّه كان مغفورًا له ما تَقَدَّمَ من ذنبه وما تأخَّر، وإنَّما هو تعليمٌ للمؤمنين، وعن مقاتل: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أعتق رقبةً في تحريم مَارِيَة، انتهى.

وفي «التِّرْمِذيِّ» في (تفسير التحريم) حديثُ عمر رضي الله عنه، وفيه: (وكان قد أقسم ألَّا يدخلَ على نسائه شهرًا، فعاتبه الله في ذلك، وجعل له كفَّارة اليمين)، وهو حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، كما قاله التِّرْمِذيُّ، والله أعلم.

وقوله في الحديث: (إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِيْنِي [1]) على القول بأنَّه لا يجب عليه كفَّارةٌ: أنَّه كفَّر للتشريع لأمَّته، والله أعلم.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكأنَّه لم يصحَّ ذلك عنهم على شرطه، و (عطاءٌ): هو _فيما يظهر_ ابن أبي رَباح المَكِّيُّ.

قوله: (أَوْ أَوْ): هو بإسكان الواو فيهما، وهذا في غاية الوضوح، كاد أن يكون عند الطلبة بديهيًّا، وهي للتخيير، وقد قَدَّمْتُ متى تُفتَح الواو، ومتى تُسَكَّن.

قوله: (كَعْبًا فِي الْفِدْيَةِ): هو كعب بن عُجرة، وقد تَقَدَّمَ حديثُه غَيْرَ مَرَّةٍ، صَحَابيٌّ مشهورٌ، رضي الله عنه، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّه [2] في الصَّحَابة أحدٌ وثلاثون شخصًا يُسمَّى كلٌّ منهم: كعبًا، وفيهم مَن الصحيحُ أنَّه تابعيٌّ جماعةٌ.

(1/11961)

[حديث: فدية من صيام أو صدقة أو نسك]

6708# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبة إلى جدِّه، و (أَبُو شِهَابٍ) هذا: هو الأصغر، واسمه عبد ربِّه بن نافع المدائنيُّ الحنَّاط، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ أبا شهاب اثنان؛ أحدهما: هذا الأصغر، والآخر: أبو شهاب الأكبر، واسمه موسى بن نافع الهُذَليُّ الحنَّاط، من أهل الكوفة، ذكر لهذا البُخاريُّ حديثًا واحدًا في (كتاب الحجِّ)، وقد قَدَّمْتُ ذلك، ولكن طال العهد به، و (ابْن عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبدُ الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ، تَقَدَّمَ ذلك غَيْرَ مَرَّةٍ.

قوله: (هَوَامُّكَ): أي: قَمْلُك، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 727]

قوله: (وَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَوْنٍ): قائل ذلك هو أبو شهاب عبدُ ربِّه بن نافع، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، (عَنْ أيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ؛ يعني: (عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ).

(1/11962)

[باب قوله تعالى: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ... }]

قوله: (بَابٌ [1]: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] ... ) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مقصوده التنبيهُ على أنَّ الكفَّارة إنَّما تجب بالحنث؛ كما أنَّ كفَّارة الإفطار إنَّما كانت بعد اقتحام الذنب، وأدرجَ في ذلك إيجابَها على الفقير؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عَلِم فقرَه، ومع ذلك أعطاه ما يكفِّر به؛ كما لو أُعطِيَ الفقيرُ ما يقضي به دَينَه، انتهى.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قَوْلِهِ)، ثُمَّ زيد في «اليونينيَّة»: (تَعَالَى).

[ج 2 ص 728]

(1/11963)

[حديث: جاء رجل إلى النبي فقال: هلكت]

6709# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عوف الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَرِيُّ، هذا الثاني ليس له شيءٌ عن أبي هريرة عند البُخاريِّ، إنَّما روى [له] مسلمٌ عنه حديثًا واحدًا: «أفضل الصيام بعد رمضان ... »؛ الحديث، وهذا ليس في «البُخاريِّ».

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ هذا الرجل سلمةُ بن صخر البياضيُّ، وفي «التِّرْمِذيِّ»: سلمان بن صخر؛ فانظره في (كتاب الصوم) من هذا التعليق، فإنَّه مطوَّلٌ هناك، وقال بعضهم هنا حين ذكر القولَين اللَّذَين ذكرتُهما، قال: وقيل: سليمان، انتهى، وهذا ما رأيتُه لغيره، إلَّا أنِّي رأيتُ في بعض النسخ الصحيحة من «المصابيح» ذلك، فما أدري؛ أهو سبق قلمٍ من النُّسَّاخ، أو من المؤلِّف؟

قوله: (وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي): امرأة سلمة بن صخر لا أعرف اسمها.

قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الذي جاء به هو فروة بن عمرو البياضيُّ، ذكره التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (كتاب الظهار).

قوله: (بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين والراء، وبالقاف، وقد فسَّره هنا بأنَّه (الْمِكْتَلُ الضَّخْمُ)، و (المِكْتَل): بكسر الميم، وإسكان الكاف، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ لام، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (نَوَاجِذُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ (النواجذ): الأنياب، ويُقال: الأضراس.

قوله: (أَطْعِمْهُ): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيِّ).

[ج 2 ص 728]

(1/11964)

[باب من أعان المعسر في الكفارة]

(1/11965)

[حديث أبي هريرة: جاء رجل إلى رسول الله فقال: هلكت]

6710# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه له مناكير تجنَّبَها أهلُ «الصحيح»، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف الزُّهْرِيُّ، وتَقَدَّمَ أعلاه بقيَّة الكلام عليه.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سلمة بن صخر البياضيُّ، وأنَّ في «التِّرْمِذيِّ»: سلمان بن صخر، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّ الرجل الذي جاء بالعَرَق فروةُ بن عمرو البياضيُّ، ذكره التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (كتاب الظهار)، وتَقَدَّمَ الكلام على (العَرَق) أعلاه وقبله، وعلى ضبط (المِكْتَل)، وعلى (اللَّابَتَيْنِ) قبل ذلك، وأنَّ (اللابة): الحَرَّة، و (الحَرَّة): أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ، وعلى (أَطْعِمْهُ): أنَّه بفتح الهمزة، وكسر العين، رُباعيٌّ، أعلاه.

(1/11966)

[باب: يعطي في الكفارة عشرة مساكين قريبًا كان أو بعيدًا]

قوله: (بَابٌ: يُعْطِي فِي الْكَفَّارَةِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب _وهو حديث المجامِع في رمضان_ على عادته، ثُمَّ قال: أعاد الحديثَ في هذه الترجمة، وما فيه إلَّا (أَطْعِمْهُ أهلك)، لكن إذا جاز إعطاءُ الأقرباء؛ فالبُعَداء أجوزُ، وقاس البُخاريُّ كفَّارة اليمين على كفَّارة الإفطار في إجازة الصَّرْف إلى الأقرب، انتهى.

==========

[ج 2 ص 728]

(1/11967)

[حديث: خذه فأطعمه أهلك]

6711# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، وقد تَقَدَّمَ بقيَّة الكلام عليه أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ): تَقَدَّمَ أنَّه سلمة بن صخر البياضيُّ، وأنَّ في «التِّرْمِذيِّ»: سلمان بن صخر، و (أُتِيَ النَّبيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ منابَ الفاعل، وتَقَدَّمَ أنَّه فروة بن عمرو البياضيُّ، كما في (ظهار التِّرْمِذيِّ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (العَرَق) أعلاه، وعلى (اللَّابَتَيْنِ)، وعلى (فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ)، وأنَّه بقطع الهمزة، وكسر العين، رُباعيٌّ.

==========

[ج 2 ص 728]

(1/11968)

[باب صاع المدينة ومد النبي]

قوله: (بَابُ صَاعِ الْمَدِينَةِ وَمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الصاع): أربعة أمداد، و (المُدُّ): رطلٌ وثلثٌ برطل بغداد عند أهل الحجاز، ورطل بغداد: مئةٌ وثمانيةٌ وعشرون درهمًا وأربعةُ أسباعِ درهم، وقيل: بلا أسباع، وقيل: وثلاثون، فالصاع على الصحيح عند أهل الحجاز: ستُّ مئة وخمسةٌ وثمانون درهمًا وخمسة أسباع درهم، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف في (القرن) على أقوال ذكرتها [1] في أوَّل (مناقب الصَّحَابة رضي الله عنهم).

==========

[1] في (أ): (ذكرها)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 728]

(1/11969)

[حديث: كان ابن عمر يعطي زكاة رمضان بمد النبي]

6713# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ؛ وَهْوَ سَلْمٌ): بفتح السين، وإسكان اللام، وهو ابن قُتَيْبَة، وهذا ظاهِرٌ، إلَّا أنَّه ربَّما جاء مُغَفَّل يقوله: سالم.

قوله: (عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي زَكَاةَ رَمَضَانَ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ الْمُدِّ الأَوَّلِ): قال شيخُنا: (ووصف ابن عمر «الأوَّل»)، كذا قال، وإنَّما وصفَه نافعٌ، قال شيخُنا: (ليفرِّق بينه وبين مُدِّ هشام بن الحارث الذي أخذ به أهلُ المدينة في كفَّارة الظهار؛ ليُغَلِّظَها على المتظاهرين الذين شهد عليهم أنَّهم [1] يقولون مُنكَرًا من القول وزُورًا، فجعلوها بمُدِّ هشام، وهو أكبر مِن مُدِّه عليه السلام بثلثي مُدٍّ، ولم يكن لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا مدٌّ واحدٌ، وهو الذي نقله أهلُ المدينة وعَمِل به الناس إلى اليوم)، انتهى.

قوله: (قَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ): هو سَلْم بن قُتَيْبَة الذي تَقَدَّمَ.

قوله: (تُعْطُونَ): هو بضَمِّ الطاء، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (نُعْطِي): هو بكسر الطاء، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] في (أ): (أنَّه)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 728]

(1/11970)

[باب قول الله تعالى: {أو تحرير رقبة} وأي الرقاب أزكى؟]

(1/11971)

[حديث: من أعتق رقبةً مسلمةً أعتق الله بكل عضو منه عضوًا من النار]

6715# قوله: (حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الراء، وفتح الشين المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله.

[ج 2 ص 728]

قوله: (عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ (مُطَرِّفًا) بكسر الراء [1] المُشَدَّدة، اسمُ فاعلٍ، و (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ): هو زَين العابدين.

==========

[1] في (أ): (الطاء)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11972)

[باب عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة وعتق ولد الزنا]

قوله: (بَابُ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَعِتْقِ وَلَدِ الزِّنَى): ذكر ابن المُنَيِّر حديثَ الباب على عادته، وهو حديث بيع المُدَبَّر لنعيم بن [1] النَّحَّام، ثُمَّ قال: وجه مطابقة الترجمة لبيع المُدَبَّر أنَّه باعه، وبيعه يدلُّ على ملكه، فهو كالقِنِّ، وقول طاووس بإجازة أمِّ الولد يوجب إجازَة المكاتب بطريقٍ أَولى، ولا أعلمُ مناسبةً بين عِتْق ولد الزنى وبين ما أدخله في الترجمة، إلَّا أن يكون المخالِفُ في عِتْقه خالفَ في عِتْق ما ذكرته، فاستدلَّ عليه البُخاريُّ بطريق لا قائل بالفضل، أو لأنَّ الذي منع عتق المكاتَب ونحوِه في الكفَّارة بنى على نقص قيمته، فلا يُجزِئ في الكفَّارة؛ كعيب العين، فنقض عليه البُخاريُّ بنقص ولد الزنى في القيمة، ومع ذلك جاز عتقه في الكفَّارة، والله أعلم، انتهى.

وقد نقل شيخُنا: أنَّ عتق ولد الزنى في الرقاب الواجبة أجازه الفقهاء، رُويَ ذلك عن عمر، وعليٍّ، وعائشة، وجماعةٍ من الصَّحَابة، وقال عطاءٌ والشَّعْبيُّ والنَّخَعيُّ: لا يجوز عتقه، وهو قول الأوزاعيِّ، وما رُويَ عن أبي هريرة: أنَّه شرُّ الثلاثة؛ فقد رُوِيَ عن عائشة وابنِ عَبَّاس رضي الله عنهم إنكارُ ذلك، قال ابن المنذر: روينا عن فَضالة بن عبيد وأبي هريرة إجزاءه، وبه قال سعيد بن المُسَيّب، والحسن، وطاووس، وإسحاق، والشَّافِعيُّ، وأحمدُ، وأبو عبيد، وبه نقول؛ لدخوله في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92]، والله أعلم.

تنبيهٌ: جاء في الحديث: أنَّه عليه السلام سُئِل عن عِتْق ولد الزنى، فقال: «لا خيرَ فيه، نعلان أجاهد فيهما في سبيل الله أحبُّ إليَّ من أن أُعتِق ولدَ زنى»، ذكره الإمام أحمد.

(1/11973)

[حديث: أن رجلًا من الأنصار دبر مملوكًا له ... ]

6716# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ عَارمٌ، وهو بعيدٌ منها؛ لأنَّ العَارِم: الشِّرير أو الشَّرِس، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، أبو مُحَمَّد، مولى قريش، لا عَمرو بن دينار قهرمان آل الزُّبَير، هذا ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، إنَّما روى له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، وهو ضعيفٌ، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا): هذا الرجل الأنصاريُّ تَقَدَّمَ أنَّ في «مسلم» أنَّه يُقال له: أبو مذكور، و (المملوك) يقال له: يعقوب، وهو قِبطيٌّ، كما سيأتي في هذا الحديث، رضي الله عنهما، تُوُفِّيَ يعقوبُ أيَّام ابن الزُّبَير.

قوله: (فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على نُعَيم هذا، وأنَّه هو النَّحَّام، لا أبوه، وما ذكرتُه هو الصواب، وقد قَدَّمْتُ الكلامَ في ترجمته.

==========

[ج 2 ص 729]

(1/11974)

[باب: إذا أعتق في الكفارة لمن يكون ولاؤه؟]

قوله: (بابٌ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَهُ وبَيْنَ آخَرَ [1] فِي الْكَفَّارَةِ؛ لِمَنْ يَكُونُ وَلَاؤُهُ؟): ساق ابن المُنَيِّرحديثَ الباب على عادته، ثُمَّ قال: ترجم على العبد المشترَك يُعتِقُه أحدهما، وحديث بريرة لا اشتراك فيه، لكنَّهم لمَّا اشترطوا الولاءَ وكانت الرقبةُ لعائشة؛ صار الحقُّ في الأَمَة مدخولًا فيه على الاشتراك، فأسقط الشرع حقَّ الولاء عن غير المعتِق، وخصَّ به المعتِق، فكذلك أحدُ الشريكين إذا أعتق نصيبَه [2] وكان موسرًا، ويجزئه في الكفَّارة عند مالك رحمه الله تعالى، انتهى.

قوله: (إِذَا أُعْتِقَ [3] فِي الْكَفَّارَةِ): (أُعتِق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن المستملي، وزيد فيها: (باب: إذا أعتق)، ورواية «اليونينيَّة» الشطر الثاني من الترجمة فقط.

[2] في (أ): (يريد)، وفي هامشها: (لعله: نصيبه).

[3] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَعْتَقَ).

[ج 2 ص 729]

(1/11975)

[حديث: اشتريها إنما الولاء لمن أعتق]

6717# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة القاضي، وقد سبق التنبيهُ فيه على وَهَمٍ وَهِم فيه البُخاريُّ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (فَاشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا [1]): أي: اشترط أهلُها، وقد تَقَدَّمَ مَن أهلُها.

==========

[1] كذا في (أ)، وهو بنحو رواية الحديث (2578)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَلَيْهَا الْوَلَاءَ).

[ج 2 ص 729]

(1/11976)

[باب الاستثناء في الأيمان]

قوله: (بَابُ الاِسْتِثْنَاءِ فِي الأَيْمَانِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ترجم على الاستثناء في اليمين، وليس في حديث أبي موسى إلَّا قولُه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «وإنِّي إن شاء الله»، وهذه ليست بيمينٍ، وأمَّا حديث سليمان؛ ففيه: «لأطوفنَّ»، وهذا لم يكن فيه يمينٌ، لكنَّ فيه ما يتعيَّن أن يكون جوابَ قَسَمٍ، وكأنَّ البُخاريَّ يقول: إذا استُثنِيَ من الأخبار؛ فكيف لا يُستَثْنَى من الأخبار المؤكَّدة بالقسم؟! وهو أحوج للتفويض إلى المشيئة؛ لأنَّه أدخلُ في التألِّي على الله بالغيب المستقبل، والله أعلم، وفي حديث سليمان لطيفةٌ تدلُّ على أنَّ الفصل اليسير بين اليمين والاستثناء لا يضرُّ؛ لأنَّه قال: «فقال له المَلَك: قل: إن شاء الله، فنَسِيَ»، فمقتضى هذا أنَّه لو قالها؛ لاعتُبِر استثناؤه، وذلك مع الفصل بقول المَلَك بين اليمين والاستثناء، لكنَّ المذهبَ الصحيحَ عند العلماء: اشتراطُ الاتِّصال في الاستثناء، فيُحمَل على أنَّ المَلَك قال له ذلك خلال يمينه [بحيث] لو لم ينسَ؛ لكان الاستثناء متَّصلًا، ففيه دليلٌ على أنَّ حدوثَ نيَّة الاستثناء خلال اليمين كافٍ، وهو الصحيح عند مالكٍ؛ لأنَّا لا نعتبر مقارنة النيَّة لأوَّل اليمين، بل لو حدثت متَّصلة بآخِرِ جزء؛ جاز واعتُبِر، والله أعلم، انتهى.

فقول ابن المُنَيِّر هذا الإمامِ في حديث أبي موسى: (وليس فيه إلَّا قولُه: «وإنِّي إن شاء الله»)، وكأنَّه وقع في نسخته كذلك، وأمَّا في أصل سماعنا على العِرَاقيِّ وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: «وإنِّي والله إن شاء الله»، وأيضًا جاء في غير هذه الطريق، وهو في «مسلم» أيضًا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 729]

(1/11977)

[حديث: والله لا أحملكم ما عندي ما أحملكم]

6718# قوله: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ [1]: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو حَمَّاد بن زيد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوْسَى): تَقَدَّمَ أنَّه الحارث أو عامر القاضي، و (أَبُو مْوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْط) وعلى (النَّفَر)، وكذا تَقَدَّمَ على (أَسْتَحْمِلُهُ).

قوله: (فَأُتِيَ بِإِبِلٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (بشائل) عوض (بإبل)، و (الشائل)؛ بالشين المُعْجَمَة: قال ابن قُرقُول: وهي ناقةٌ ارتفع لبنُها، وقد يُوصَف بذلك الجماعةُ منها، والمسموع: «شوائل» في الجمع ... إلى آخر كلامه، وفي «الصحاح»: والشَّوْل أيضًا: النوق التي خفَّ لبنها، وارتفع ضرعها، وأتى عليها من نتاجها سبعةُ أشهرٍ أو ثمانية، الواحدة: شائلة، وهو جمعٌ على غير قياسٍ، تقول منه: شوَّلت الناقةُ؛ بالتشديد؛ أي: صارت شائلة، وأنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وأمَّا الشائل؛ بلا هاء؛ فهي الناقة التي تشول بذنبها للِّقاح، ولا لبنَ لها أصلًا، والجمع: شُوَّل؛ مثل: رَاكع ورُكَّعٍ.

[ج 2 ص 729]

قوله: (بِثَلَاثَةِ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّود) في الإبل.

6719# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ عَارم، و (حَمَّادٌ): هو ابن زيد، وقد تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (حَمَّادًا) إذا أُطلِق؛ فإن كان الراويَ عنه مُحَمَّد بن الفضل عَارم أو سليمان بن حرب؛ فهو ابن زيد، وإن كان الذي أطلقه _وهو الراوي عنه_ موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عَفَّانُ أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدَّاب، وقد تَقَدَّمَ أنَّ ابن سلمة لم يروِ له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما أخرج له مسلمٌ والأربعة، والله أعلم.

ويعني البخاريُّ بالسند الذي ساقه _وهو حَمَّاد_: عن غيلان بن جَرِير، عن أبي بردة، عن أبي موسى، وهذا ظاهِرٌ، وقد اختصره.

(1/11978)

[حديث: لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركًا في حاجته]

6720# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (هِشَام بْن حُجَيْرٍ): هو مثل تصغير (حَجَرٍ)؛ بتقديم الحاء على الجيم، وترجمة هشامٍ معروفةٌ، وله ترجمةٌ في «الميزان».

قوله: (سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام [1]: لأَطُوفَنَّ ... )؛ الحديث: هذا موقوفٌ على أبي هريرة لفظًا، مَرْفُوعٌ معنًى، وقد تَقَدَّمَ مرفوعًا لفظًا، وقد رفع بعضَه هنا في قوله: (فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ، قَالَ: «لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ ... »، وَقَالَ مَرَّةً: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوِ اسْتَثْنَى»).

قوله: (عَلَى تِسْعِينَ): تَقَدَّمَ الكلام على روايات هذا الحديث، وأنَّه لا تنافيَ بينها وبين (المئة) في (كتاب الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163]) وغيرِه، وقد ذكرت هناك كَم كان لسليمان عليه السلام من زوجةٍ وسرِّيَّة، وكم كان في ظهره ماءُ رَجُلٍ، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ، قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي: الْمَلَكَ): تَقَدَّمَ الخلاف في صاحبه في الباب المذكور أعلاه، وأنَّ الصحيح: أنَّه المَلَك؛ لأنَّه جاء في رواية في «الصحيح»: (فقال له المَلَك).

قوله: (فَلَمْ تَأْتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ بِوَلَدٍ إِلَّا وَاحِدَةٌ): (واحدةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، كذا في أصلنا، وعليه (صح).

قوله: (بِشِقِّ غُلَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا يُقال: إنَّه المذكورُ في قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} [ص: 34].

قوله: (فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ): تَقَدَّمَ أنَّ قولَه: (يرويه)، أو: (يبلغ به)، أو: (رواية)، أو: (ينميه)، أو: (يرفعه)؛ كلُّه مَرْفُوعٌ.

قوله: في (دَرَكًا لِحَاجَتِهِ [2]): قال ابن قُرقُول: الدَّرَك؛ بالفتح في الراء والدال: اسمٌ من الإدراك؛ كاللَّحَق من اللَّحَاق، وقد ضبطه بعضهم في الحديثَين _يعني: في «دَرَك الشقاء»، وهذا الحديث_ بالإسكان، والأشهرُ ههنا الفتحُ ... إلى آخر كلامه، وقد قدَّمتُه غيرَ هذه المرَّة.

(1/11979)

قوله: (وَحَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ): قائل (وحدَّثنا أبو الزناد): هو سفيان بن عُيَيْنَة، و (أبو الزِّناد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[1] (بْن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي ثابتة في رواية الحديث (2819) بنحوها.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (في حاجته)، وفي رواية أبي ذرٍّ: (له في حاجته).

[ج 2 ص 730]

(1/11980)

[باب الكفارة قبل الحنث وبعده]

قوله: (بَابُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا على عادته، وهو حديث أبي موسى: «إنِّي والله إن شاء الله لا أحلف على يمين، فأرى غيرَها خيرًا منها؛ إلَّا أتيتُ الذي هو خيرٌ، وتحلَّلْتُها»، والحديث الآخر حديثُ عبد الرَّحْمَن بن سَمُرة: «وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرَها خيرًا منها؛ فائتِ الذي هو خيرٌ، وكفِّر عن يمينك»، قال: إن قيل: ترجم على التكفير قبلُ وبعدُ، وساق الحديثَ المجمَل في الترتيب؛ لأنَّ الواو لا تدلُّ إلَّا على الجمع المطلق؟ فالجواب: أنَّه لو كان الترتيبُ بينهما شرعيًّا بحيث لا تُشرَع الكفَّارة إلَّا بعد الحِنْث؛ لنبَّه الشرعُ عليه، فلمَّا لم يلتفت إلى ذلك؛ فُهِمَ التساوي فيه، انتهى.

(1/11981)

[حديث: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم .. ]

6721# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ): هو بضَمِّ الحاء، وإسكان الجيم، و (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيم): هو ابن عُلَيَّة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (الْقَاسِم التَّمِيمِيُّ): هو القاسم بن عاصم التميميُّ، ويُقال: الكُلَيبيُّ، ستأتي ترجمته قريبًا، وتقدَّمت، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.

قوله: (فَقُدِّمَ طَعَامٌ): (قُدِّم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مشدَّد الدال، و (طعامٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا قوله: (وَقُدِّمَ فِي طَعَامِهِ لَحْمُ دَجَاجٍ): مَبْنيٌّ أيضًا، مشدَّد الدال، و (لحمُ): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ أَحْمَرُ؛ كَأَنَّهُ مَوْلًى): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرفه، وسيجيء كلامُ ابنِ شيخِنا البُلْقينيِّ: أنَّ زَهدمًا جرت له هذه القضيَّة، وليس المرادَ، بل شخصٌ آخَرُ من بني تيم، والاثنان جرت لهما القصَّة مع أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه.

قوله: (قَذِرْتُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ الماضيَ بكسر الذال المُعْجَمَة، وأنَّ المستقبل بفتح الذال المُعْجَمَة.

قوله: (أُخْبِرْكَ): هو مجزومٌ جوابُ الأمر، وهو (ادْنُ)، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ ما (الرَّهْط).

قوله: (قَالَ أَيُّوبُ): هو أيُّوب المذكورُ في السند، أيُّوب بن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (بِنَهْبِ إِبِلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح النون، ولا أحفظ غيرَه، وما تَقَدَّمَ في أصلنا من أنَّه بفتح النون وكسرها؛ فلا أعرف الكسرَ، وقد قَدَّمْتُ ذلك قريبًا مُطَوَّلًا، وكلام أهل اللغة الذي وقفتُ على كلامهم، وأنَّ الشيخ محيي الدين النَّوَويَّ في «شرح مسلم» ضبطه بالفتح ليس إلَّا، كما أحفظه.

قوله: (بِخَمْسِ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ ما (الذَّود) في الإبل، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (غُرِّ الذُّرَى)؛ أي: بيضِ الأعالي والأسْنِمَة.

قوله: (فَلْنُذَكِّرْهُ): هو بإسكان اللام مجزومٌ، وهذا ظاهِرٌ، وبه مضبوطٌ في أصلنا.

(1/11982)

قوله: (تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ عَاصِمٍ الْكُلَيْبِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على إسماعيل بن إبراهيم؛ وهو ابن عُلَيَّة، ومتابعة حَمَّاد بن زيد أخرجها البُخاريُّ في (التوحيد) عن عبد الله بن عبد الوهَّاب عن حَمَّاد بن زيد به، وأخرجها مسلمٌ في (الأيمان والنذور) عن أبي الربيع الزَّهرانيُّ عن حَمَّاد بن زيد به، و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أبو قِلَابَة): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر القاف [1]، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (القاسم بن عاصم الكُلَيبيُّ): هو القاسم بن عاصم البصريُّ، عن رافع بن خديج، وزَهدم الجَرْميِّ، وسعيد بن المُسَيّب، وعنه: أيُّوب، وحُمَيد، وخالد الحَذَّاء، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ.

وقوله: (الكُلَيبي): هو بضَمِّ الكاف، وفتح اللام، نسبة إلى كُلَيب بن يَربوع، من بني تميم، قاله أبو عليٍّ الغسَّانيُّ، وفي «المطالع»: (القاسم بن عاصم الكلبيُّ)، كذا لابن السكن والقابسيِّ وعُبدوس، وعند الأصيليِّ والنَّسَفيِّ: (الكُلَيبيُّ)؛ مُصَغَّرًا، انتهى، وقد تَقَدَّمَ بزيادة من كلام الغسَّانيِّ ذكرتُها فيما مضى؛ فانظرها، والله أعلم.

[ج 2 ص 730]

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثقفيُّ، و (أَيُّوب): هو السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (القَاسِم): هو ابن عاصم الكُلَيبيُّ، و (زَهْدَمٍ)؛ كلُّهم تقدَّموا قريبًا جدًّا.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن عمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (أَيُّوبُ)، و (القَاسِم)، و (زَهْدَم).

==========

[1] في (أ): (الفاء)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11983)

[حديث: لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة ... ]

6722# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ): نظرت ترجمةَ عثمانَ بنِ عمر بن فارس في «الكمال» و «التذهيب»؛ فرأيتهما لم يذكرا فيها أنَّه روى عنه مَن اسمه مُحَمَّد بن عبد الله سوى المُخَرِّميِّ؛ وهو مُحَمَّد بن عبد الله بن المبارك، أبو جعفر المُخَرِّميُّ، و (المُخَرِّم)؛ بضَمِّ الميم، وفتح الخاء المعجمة، وتشديد الراء المكسورة: محلَّة ببغداد، وقد قَدَّمْتُ ضبطَها، وهذا الرجل قَدَّمْتُ بعضَ ترجمته، وهو حافظٌ قاضي حُلوان، عن يحيى القَطَّان، وأبي معاوية، والناسِ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن خزيمة، والمحامليُّ، وخلقٌ من أئمَّة الأثر، مات سنة (254 هـ)، أخرج له مِن الأئمَّة السِّتَّة مَن أخذ عنه منهم، وَثَّقَهُ جماعةٌ، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ»، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريِّ يَسارٍ.

قوله: (إِنْ أُعْطِيتَهَا): هو بضَمِّ الهمزة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، وكذا (أُعِنْتَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ والثلاثة بفتح تاء الخطاب فيها.

قوله: (تَابَعَهُ أَشْهَلُ بنُ حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ): الضمير في (تابعه) يعود على عثمان بن عمر بن فارس، و (ابن عون): تَقَدَّمَ أعلاه، و (أشهل): بالشين المُعْجَمَة، يروي عن ابن عون وكَهْمَس، روى عنه: ابن مثنًّى والذهليُّ، قال أبو زرعة وغيرُه: ليس بقويٍّ، تُوُفِّيَ سنة (308 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، وحسَّن له التِّرْمِذيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومتابعة أشهل لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، ولا أخرجها شيخُنا، كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ: هي في «صحيح أبي عوانة»، انتهى.

(1/11984)

قوله: (وَتَابَعَهُ يُونُسُ، وَسِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَحُمَيْدٌ، وَقَتَادَةُ، وَمَنْصُورٌ، وَهِشَامٌ، وَالرَّبِيعُ): الضمير في (تابعه) يعود على ابن عون؛ وهو عبد الله، وهؤلاء كلُّهم روَوه عن الحسن بن أبي الحسن البصريِّ، واسم أبي الحسن يسارٌ، أمَّا (يونس)؛ فهو ابن عبيد، أحد أئمَّة البصرة، أخرج له الجماعة، ومتابعته أخرجها البُخاريُّ في (الأحكام) عن أبي مَعْمَر عن عبد الوارث عن يونس، وأخرجها مسلمٌ في (الأيمان والنذور) عن عليِّ بن حُجر عن هُشَيم عن يونس، وعن أبي كامل الجحدريِّ، عن حَمَّاد بن زيد، عن سِماك بن عَطيَّة ويونس بن عبيد وهشام بن حسَّان، في آخرين، وعن يحيى بن يحيى عن خالد بن عبد الله عن يونس به، وأخرجها أبو داود في (الخراج) عن مُحَمَّد بن الصَّبَّاح البزَّاز الدولابيِّ، عن هُشَيم، عن يونس ومنصور بقصَّة الإمارة، وأخرجها النَّسائيُّ بقصَّة الإمارة في (القضاء) وفي (السير) عن مجاهد بن موسى، عن إسماعيل ابن عُلَيَّة، عن يونس به، وعن زياد بن أيُّوب، عن هُشَيم، عن منصور بن زاذان ويونس به.

و (سِمَاك بن عَطيَّة): ثقةٌ قديمٌ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، ومتابعة سِمَاك بن عَطيَّة أخرجها مسلمٌ عن أبي كامل الجحدريِّ، عن حَمَّاد بن زيد، عن سِمَاك بن عَطيَّة ويونس بن عبيد وهشام بن حسَّان، في آخرين.

و (سِمَاك بن حرب): هو الذهليُّ، أبو المغيرة، أحد علماء الكوفة، ثقةٌ ساء حفظه، وكان شعبة يضعِّفُه، وضعَّفَه أيضًا عدَّةٌ، له ترجمةٌ في «الميزان»، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعةُ، ومتابعة سماك بن حرب لا أعلم مَن خرَّجها من أصحاب الكُتُب السِّتَّة، ولا خرَّجها شيخُنا، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ في هذه المتابعة: هي في «الطَّبَرانيِّ الكبير»، انتهى.

و (حُمَيد): هو الطويل، تَقَدَّمَ، أخرج له الجماعة، ومتابعة حُمَيد أخرجها مسلمٌ عن عليِّ بن حُجر، عن هُشَيم، عن يونس ومنصور وحُمَيد به.

و (قتادة): ثقةٌ مشهورٌ، ومتابعته أخرجها مسلمٌ عن عقبة بن مكرَّم، عن سعيد بن عامر، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن به، وأخرجها أبو داود في (الخراج) عن يحيى بن خلف، عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن.

(1/11985)

و (منصور) هذا: هو ابن زاذان الواسطيُّ، أبو المغيرة، ثقةٌ عابدٌ، كبيرُ الشأن، سريعُ القراءة جدًّا، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، قال أبو نُعَيم في «الحِلْيَة»: كان يصلِّي في ركعتين بين المغرب والعشاء يقرأ فيهما القرآنَ مرَّتين، ويقرأ في الثالثة إلى الطواسين، ومتابعته أخرجها مسلمٌ عن عليِّ بن حُجر، عن هُشَيم، عن يونس ومنصور وحُمَيد به، وأخرجها أبو داود في (الخراج) عن مُحَمَّد بن الصَّبَّاح البزَّاز الدولابيِّ، عن هُشَيم، عن يونس ومنصور بقصَّة الإمارة، وأخرجها النَّسائيُّ عن زياد بن أيُّوب، عن هُشَيم، عن منصور بن زاذان ويونس به.

و (هشام): هو ابن حسَّان الأزديُّ مولاهم، الحافظ، تَقَدَّمَ، أخرج له الجماعة، ومتابعة هشام بن حسَّان أخرجها مسلمٌ عن أبي كامل الجحدريِّ، عن حَمَّاد بن زيد، عن سِمَاك بن عَطيَّة ويونس بن عبيد وهشام بن حسَّان _في آخرين_ عن الحسن به.

و (الرَّبيع): هو ابن صَبِيح، وكذا وقع منسوبًا في نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وهو بفتح الراء، و (صَبِيح): بفتح الصاد، وكسر المُوَحَّدة، السعديُّ، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وأخرج له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، صدوقٌ غزَّاءٌ عابدٌ، قال أبو زرعة: صدوقٌ، وضعَّفه النَّسائيُّ، تُوُفِّيَ سنة (160 هـ) بالسِّنْدِ، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومتابعة الرَّبيع لا أعلمُ مَن خرَّجها مِن أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: وصلها أبو عوانة في «صحيحه»، انتهى.

==========

[ج 2 ص 731]

(1/11986)

((85)) (كِتَابُ الفَرَائِضِ) [1] ... إلى (كِتَاب الحُدُودِ)

(1/11987)

[حديث: مرضت فعادني رسول الله وأبو بكر وهما ماشيان]

6723# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، أحد الأعلام.

قوله: (فَصَبَّ عَلَيَّ وَضُوءَهُ): هو بفتح الواو: الماء، ويجوز فيه الضمُّ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (فَنَزَلَتْ [1] آيَةُ الْمَوَارِيثِ): إن قيل: أيُّ آيةٍ نزلت في جابر؟ فالجواب على ما فيه ممَّا سيأتي: أنَّ البُخاريَّ ذكر في (سورة النساء): {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11]، وقد سبق أنَّ الحافظَ شرفَ الدين أبا مُحَمَّد عبدَ المؤمن بنَ خلف الدِّمْيَاطيَّ شيخَ شيوخِنا قال: إنَّ ذلك وَهَمٌ من ابن جُرَيجٍ، والتي [2] نزلت في جابر الآيةُ الأخيرة: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَة} [النساء: 176]، كذلك رواه شعبةُ والثَّوريُّ وابن عُيَيْنَة عن مُحَمَّد بن المنكدر ... إلى آخر كلامه، وهو كلامٌ حسنٌ ذكرتُه حيث ذكره في (سورة النساء)؛ فانظره من هناك، وذكرت هناك تعقُّبًا في بعض كلام الدِّمْيَاطيِّ.

(1/11988)

[باب تعليم الفرائض]

قوله: (وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ): هذا هو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو الجهنيُّ، كان من أحسن الناس صوتًا بالقرآن، مشهورٌ نبيلٌ، أميرٌ شريفٌ، فصيحٌ فَرَضِيٌّ شاعرٌ، وُلِّيَ غزوَ البحر، تُوُفِّيَ سنة (58 هـ) بمصر، أخرج له الجماعةُ وأحمد في «المسند»، وقد زرتُ قبرَه بالقرافة، رضي الله عنه.

قوله: (قَبْلَ الظَّانِّينَ): هو بتشديد النون، جمع (ظانٍّ)؛ وهو الذي يتكلَّم بالظنِّ.

(1/11989)

[حديث: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا]

6724# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى نسبته هذه، و (وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنه ابن خالد، و (ابْن طَاوُوسٍ): هو عبد الله، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ): (الظَّنَّ): مَنْصُوبٌ على الإغراء؛ أي: احذروا.

قوله: (فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ): (الظنُّ): الشكُّ، ويأتي بمعنى: الشكِّ، والتُّهَمةِ، واعتقادِ ما لا تحقيقَ له، ومنه هذا الحديث، والاسم منه: الظِّنَّة، و (الظَّنَّ) قد جاء بمعنى: العِلْم، وهو من الأضداد، وقد تَقَدَّمَ معنى الحديث.

قوله: (وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا): الأُولى بالحاء، والثانية بالجيم، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وكذا (تَدَابَرُوا)، و (التدابر): المعاداة.

==========

[ج 2 ص 731]

(1/11990)

[باب قول النبي: «لا نورث ما تركنا صدقة»]

قوله: (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ (صَدَقةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، خلافًا للإماميَّة، في (فرض الخمس).

(1/11991)

[حديث: لا نورث ما تركنا صدقة ... ]

6725# 6726# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ لم قيل له: المسنَديُّ في أوائل هذا التعليق، و (هِشَامٌ): هذا هو ابن يوسف، القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، مرارًا، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (مِنْ فَدَكٍَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وبُعدُها من المدينة، وأنَّ فيها الصرفَ وعدمَه، وأنَّها بفتح الفاء والدال المُهْمَلَة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ)؛ أي: انقبضت عن لقائه، وأنَّ هذا ليس بحَرَامٍ، ذاك أن يلتقيا [1] فيصدَّان أو يصُدُّ أحدُهما، وأيُّهما صدَّ؛ كان مرتكبًا المحذورَ، وكذا تَقَدَّمَ (فَلَمْ تُكَلِّمْهُ)؛ أي: في هذه المسألة، وتَقَدَّمَ الاختلاف في تاريخ وفاتها [2]، وذكرت فيها أقوالًا أصحُّها أنَّه عاشت بعد أبيها عليهما السلام ستَّة أشهرٍ.

[ج 2 ص 731]

==========

[1] في (أ): (يلقيا)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[2] في (أ): (وفتها)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11992)

[حديث عائشة: لا نورث ما تركنا صدقة]

6727# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبانًا) الصحيحُ صرفُه مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، و (ابْنُ الْمُبَارَكِ): هو عبد الله، شيخ خراسان، و (يُونُس): هو ابن يزيد [1]، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (صَدَقَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّه مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، وتَقَدَّمَ كلام الإماميَّة في (فرض الخمس) والردُّ عليهم.

(1/11993)

[حديث مالك بن أوس: انطلقت حتى أدخل على عمر فأتاه حاجبه ... ]

6728# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأن الصحيحَ أنَّه تابعيٌّ، وإذا كان كذلك؛ فقد قال ابن عَبْدِ البَرِّ: إنَّه سَمِع العشرةَ، ولم يذكر قيسَ بن أبي حازم، وقد تَقَدَّمَ ذلك مُطَوَّلًا، و (الحَدَثان): بفتح الحاء والدال المُهْمَلَتين، وبالثاء المُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (فَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه وضبطُه، وأن الصحيحَ المشهورَ أنَّه غيرُ مهموزٍ، ومنهم مَن همزه.

قوله: (وَسَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص، أحد العشرة.

قوله: (أَنْشُدُكُمْ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألكم.

قوله: (صَدَقَةٌ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، خلافًا للإماميَّة، وتَقَدَّمَ ردُّه، وتَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْطِ)، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ) ما معناه، وتَقَدَّمَ الكلام على (وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا) و (الاستئثار): الانفراد.

(1/11994)

[حديث: لا يقتسم ورثتي دينارًا]

6729# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام، و (أَبُو الزِّنَاد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ) عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (وَمُؤْنَةِ عَامِلِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه، فقيل: الخليفة بعده، ويُقال: جابي الصدقات، وقيل: حافر قبره، واستُبعِد؛ لأنَّهم كانوا لا يحفرون بالأجرة.

==========

[ج 2 ص 732]

(1/11995)

[حديث: لا نورث ما تركنا صدقة]

6730# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أزواجُه تَقَدَّمَ أنَّهنَّ تسعٌ مشهوراتٌ، وقد قدَّمتُهنَّ _قبل ذلك_ اللَّاتي تُوُفِّيَ عنهنَّ عليه السلام.

قوله: (تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (تُوُفِّيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (صَدَقَةٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، وتَقَدَّمَ كلام الإماميَّة فيه وردُّه.

==========

[ج 2 ص 732]

(1/11996)

[باب قول النبي: «من ترك مالًا فلأهله»]

(1/11997)

[حديث: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم.]

6731# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبٌ لعبد الله، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (يُونُسُ) هو ابن يزيد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ.

==========

[ج 2 ص 732]

(1/11998)

[باب ميراث الولد من أبيه وأمه]

قوله: (بَابُ مِيرَاثِ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ): (أَبيه): بفتح الهمزة، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت، وهذا يُعرَف من قوله: (الولد)، ومن قوله: (وأمِّه).

قوله: (وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ): سيأتي قريبًا ببعض ترجمةٍ في الصفحة التي بعد هذه؛ فانظره، رضي الله عنه، وقد تَقَدَّمَ أيضًا.

قوله: (بُدِئَ بِمَنْ شَرِكَهُمْ): (بُدِئَ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وكسر الدال، ثُمَّ همزة مفتوحة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شَرِكَهم): بكسر الراء.

قوله: (فَيُؤْتَى فَرِيضَتَهُ): (يُؤتَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي نسخة: (فيُعْطَى)؛ مَبْنيٌّ أيضًا، و (فريضتَه)؛ بالنصب: مفعولٌ ثانٍ.

==========

[ج 2 ص 732]

(1/11999)

[حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر]

6732# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [ابن] خالد، و (ابْنُ طَاوُوس): عبد الله، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا): (ألحِقوا): بقطع الهمزة، وكسر الحاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَلِأَوْلَى [1]): أي: فَلِأَقْرَب.

قوله: (رَجُلٍ ذَكَرٍ): قال ابن قُرقُول: (فلِأَولى رجلٍ ذَكَرٍ) و (فابن لبون ذَكَرٍ): على التأكيد، وقيل: احترازًا من الخنثى، وقيل: تنبيهًا على نقص الذُّكوريَّة في الزكاة مع ارتفاع السِّنِّ، وعلى معنى اختصاص الرجال بالتعصيب بالذُّكوريَّة التي لها القيام على الإناث، وقيل: في الزكاة؛ لأنَّ «الولد» يقع على الذَّكَر والأنثى، ثُمَّ قد يُوضَع «الابن» موضعَ «الولد»، فعُبِّر به عن الذكر والأنثى، فعيَّنه بـ (ذَكَرًا)؛ ليزول الالتباس، وقيل: لأنَّ «ابن» يقال لذَكَرِ بعض الحيوانات وأنثاه؛ كابن آوى، وابن قِتْرَة، وابن عِرس، فرفع الإشكال بذكر الذُّكوريَّة، انتهى، وقد قَدَّمْتُ هذا في (الزكاة)، ولكن طال العهد به.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (فَهُوَ لِأَوْلَى).

[ج 2 ص 732]

(1/12000)

[باب ميراث البنات]

(1/12001)

[حديث: الثلث كبير إنك إن تركت ولدك أغنياء خير من ... ]

6733# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وهو أوَّل شيخٍ روى البُخاريُّ عنه في هذا الكتاب، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (مَرِضْتُ بِمَكَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّه مَرِض في حَجَّة الوداع، كما هو مصرَّح به.

قوله: (وَلَيْسَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَتِي [1]): تَقَدَّمَ أن هذه البنتَ اسمُها عائشةُ، وأنَّها تابعيَّةٌ لها رؤيةٌ، وتَقَدَّمَ ما قاله بعضُ حفَّاظ [مصر] من العصريِّين: أنَّ الصوابَ أنَّها أمُّ الحكم الكبرى، وتَقَدَّمَ أن شرطَ اللُّقيِّ في الصحبة التمييزُ مع اللُّقِيِّ، وتَقَدَّمَ أنَّ سعدًا جاءه عدَّة أولاد بعد ذلك؛ بضعٌ وثلاثون بين ذَكَر وأنثى، ذكرتهم في أوائل (البيع) من هذا التعليق.

قوله: (كَثِيْر): هو بالثاء المُثَلَّثَة في أصلنا هنا.

[ج 2 ص 732]

قوله: (عَالَةً): تَقَدَّمَ ذكره، وأنَّهم الفقراء، وتَقَدَّمَ أنَّه بتخفيف اللام، وتَقَدَّمَ (يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ): أنَّ معناه: يأخذون الصدقات في أكُفِّهم.

قوله: (آأُخَلَّفُ [2]؟): هو بمدِّ الهمزة على الاستفهام.

قوله: (ولَعَلَّ [3] أَنْ تُخَلَّفَ): تَقَدَّمَ أنَّه كان ما ترجَّاه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فتُوُفِّيَ سنة خمسٍ وخمسين من الهجرة، وقيل غيرُ ذلك، والقصَّة جرت في حَجَّة الوداع، فبينهما خمسٌ وأربعون سنةً.

قوله: (حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجنائز)، وعلى قوله: (لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ)، وأنَّه من كلام الزُّهْرِيِّ، وقيل: غيره؛ وهو سعدٌ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ)، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ، والخلاف في ذلك.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَسَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ): تَقَدَّمَ ما في هذه المسألة من الخلاف، و (سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة المذكورُ في السند.

==========

(1/12002)

[1] في هامش (ق): (هذه الابنة اسمها عائشة، ذكرها غير واحد من الحفَّاظ، ولم يكن له إذ ذاك غيرها، ثُمَّ جاءه أولادٌ سواها، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: هي أمُّ الحكم الكبرى، وليست بعائشة، عائشة بقيت حتَّى أدركها مالكٌ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَأُخَلَّف).

[3] كذا في هامش (أ) و «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وفي (أ) من نسخة و (ق): (ولعلَّك)، وهي رواية أبي ذرٍّ.

(1/12003)

[حديث: أتانا معاذ بن جبل باليمن معلمًا وأميرًا]

6734# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن غيلان، و (أَبُو النَّضْرِ): هو بالضاد المُعْجَمَة، وهو هاشم بن القاسم، و (أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو شيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحْو، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ هذا قاله ابن الأثير في «لُبابه»، وأنَّ ابنَ أبي داود وغيرَه قالوا: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْويُّ هذا، انتهى، و (أَشْعَث)؛ بالثاء المُثَلَّثَة: هو ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (الأَسْوَد بْن يَزِيدَ): هو النَّخَعيُّ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفوقها فيهما ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثني).

[ج 2 ص 733]

(1/12004)

[باب ميراث ابن الابن إذا لم يكن ابن]

قوله: (وَقَالَ زَيْدٌ): هو زيد بن ثابت بن الضَّحَّاك بن زيد بن لوذان النَّجَّاريُّ _بالنون والجيم_ المالكيُّ، كاتب الوحي، استُصغِر يوم بدر، وقيل: إنَّه شهد أحدًا، وقد شهد الخندق، ورُويَ: أنَّ رايةَ بني مالك بن النَّجَّار كانت يومَ تبوك مع عمارة بن حزم، فدفعها النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى زيد، وقال: «هو أكثر أخذًا للقرآن منك»، وكان أفرضَ الأمَّة، واستخلفه عمرُ وعثمانُ رضي الله عنهما على المدينة، ووُلِّيَ بيتَ المال لعثمان، وكان من أفكه شيءٍ إذا خلا مع أهله رضي الله عنه، أخرج له الجماعةُ وأحمدُ في «المسند»، تُوُفِّيَ سنة (45 هـ)، وقيل: سنة (48 هـ)، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ): هما بفتح أوَّلهما، وضمِّ ثالثهما، مَبْنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12005)

[حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر]

6735# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو الفراهيديُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، وأنَّها نسبة إلى جدِّه فُرهود، والنسبةُ إليه: فرهوديٌّ وفراهيديٌّ، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، و (ابْن طَاوُوس): عبد الله، تقدَّموا.

قوله: (أَلْحِقُوا): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح الهمزة، وكسر الحاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وكذا تَقَدَّمَ قريبًا الكلامُ على (لِأَوْلَى) وعلى (رَجُلٍ ذَكَرٍ).

(1/12006)

[باب ميراث ابنة ابن مع ابنة]

(1/12007)

[حديث: للابنة النصف ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين]

6736# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو قَيْسٍ: سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو قيس: عبد الرَّحْمَن بن ثروان الأوديُّ الكوفيُّ، مات سنة عشرين ومئة، انفرد به وبهُزَيل البُخاريُّ)، انتهى؛ يعني: عن مسلم، و (أبو قيس): عبد الرَّحْمَن بن ثروان، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، قال ابن معين: ثقة، وقال أحمد العِجْليُّ: ثقةٌ ثبتٌ، وقال أبو حاتم: ليس بقويٍّ، ليس بحافظٍ، وقال أحمد: يخالفُ في أحاديثه، وقد خرَّج له البُخاريُّ حديثَه عن هُزَيل هنا _كما ترى_ في ميراث ابنةٍ وابنةِ ابنٍ وأختٍ، وصحَّح له التِّرْمِذيُّ حديثَه عن هُزَيل عن عبد الله في لعن المحلِّل والمحلَّل له، وخرَّج له البُخاريُّ بالإسناد: (إنَّ أهل الجاهليَّة كانوا يُسيِّبُون ... )؛ الحديث [خ¦6753]، له ترجمةٌ في «الميزان».

وأمَّا (هُزَيل)؛ فهو بضَمِّ الهاء، وفتح الزاي، الأوديُّ، عن أخيه أرقمَ بنِ شُرَحبيل، وعليٍّ، وابن مسعود، وطلحة، وأبي موسى، وجماعةٍ، وعنه: السَّبِيعيُّ، وأبو قيس بن عبد الرَّحْمَن بن ثروان المذكورُ أعلاه، وطلحةُ بن مُصَرِّف، وجماعةٌ، وكان ثقةً، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، والله أعلم، و (أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُليم بن حضَّار الأميرُ.

قوله: (لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا): هو بفتح اللام، و (الضلال): ضدُّ الرشاد، يُقال منه: ضلَلت أَضِلُّ، قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} [سبأ: 50]، فهذه لغة نجدٍ، وهي الفصيحةُ، وأهل العالية يقولون: ضلِلت _ بالكسر_ أضلُّ.

قوله: (السُّدُسُ تَكْمِلَةُ [1]): (تكملةُ): هو مَرْفُوعٌ.

قوله: (هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ): (الحبر)؛ بفتح الحاء وكسرها: الرجلُ العالم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (تكملةَ).

[ج 2 ص 733]

(1/12008)

[باب ميراث الجد مع الأب والإخوة]

قوله: (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ): هو الصِّدِّيقُ الخليفةُ، عبدُ الله بن عثمان، و (ابْنُ الزُّبَيْرِ): عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خُوَيلد.

قوله: (وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أَحَدًا خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ فِي زَمَانِهِ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (يُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أَقَاوِيلُ): مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف، وهو نائبٌ مَنَابَ فاعلِ (يُذكَر).

قوله: (وَزَيْدٍ): هو زيد بن ثابت، تَقَدَّمَ بعض ترجمته أعلاه.

==========

[ج 2 ص 733]

(1/12009)

[حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر]

6737# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد، و (ابْن طَاوُوسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن طاووس.

قوله: (أَلْحِقُوا): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه بفتح الهمزة، وكسر الحاء، وكذا (فَلِأَوْلَى): تَقَدَّمَ، وكذا (رَجُلٍ ذَكَرٍ).

==========

[ج 2 ص 733]

(1/12010)

[حديث: لو كنت متخذًا من هذه الأمة خليلًا لاتخذته.]

6738# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنه عبد الله بن عمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ.

قوله: (أَمَّا الَّذِي): (أَمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخُلَّة)، وعلى قوله: (خُلَّة الإسلام أفضل).

قوله: (فَإِنَّهُ أَنْزَلَهُ أَبًا): (إنَّه): بكسر الهمزة، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12011)

[باب ميراث الزوج مع الولد وغيره]

(1/12012)

[حديث: كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين .. ]

6739# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ البُخاريِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (وَرْقَاء): هو بفتح الواو، وإسكان الراء، ممدودُ الآخِر، وهو ابن عمر، تَقَدَّمَ، و (ابْن أَبِي نَجِيحٍ): عبد الله بن أبي نَجِيْح يسارٍ، مولى الأخنس بن شَرِيق الثقفيِّ، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح.

[ج 2 ص 733]

(1/12013)

[باب ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره]

(1/12014)

[حديث: قضى رسول الله في جنين امرأة من بني لحيان سقط ... ]

6740# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (ابْن المُسَيّبِ): سعيد، وتَقَدَّمَ مِرارًا أن ياءَ أبيه بالفتح والكسر، وغير أبيه لا يجوز في يائه إلَّا الفتحُ.

قوله: (فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لحْيَانَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه المضروبة، وأنَّها مُلَيكة بنت عُوَيمر، والضاربة أمُّ غُطَيف، ويُقال: أمُّ عفيف بنت مسروح، و (لحيان): بفتح اللام وكسرها، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الغُرَّة)، وأنَّ قوله: (بِغُرَّةٍ عَبْدٍ): بتنوينهما؛ الثاني على البدل، وأنَّ بعضَهم قاله بالإضافة، وأنَّ المحدِّثين يروُونه بالإضافة، والصوابُ: البدل، وتَقَدَّمَ أنَّ الإسماعيليَّ قال: إنَّه قرأه العامَّة على الإضافة، قال: ويُقرَأ بالتنوين، انتهى.

قوله: (قَضَى عَلَيْهَا): (قَضَى): بفتح القاف والضاد، مَبْنيٌّ للفاعل.

قوله: (وَأَنَّ الْعَقْلَ): تَقَدَّمَ، وأنَّه الدِّيَة.

==========

[ج 2 ص 734]

(1/12015)

[باب: ميراث الأخوات مع البنات عصبةً]

قوله: (بَابٌ: مِيرَاثُ [1] الأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ [2]): (بابٌ): مُنَوَّن مَرْفُوعٌ، و (عَصَبةٌ) مثلُه.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (باب ميراث) بالقطع والإضافة معًا.

[2] في «اليونينيَّة»: (عصبة) بتنوين الرفع والنصب معًا.

[ج 2 ص 734]

(1/12016)

[حديث: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله ... ]

6741# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

تنبيهٌ: لهم آخر اسمه الأسود، ووالده اسمه هلالٌ المحاربيُّ، روى عن معاذ بن جبل في «البُخاريِّ» و «مسلم»، والله أعلم، وهذا الحديث للأسود بن يزيد؛ فاعلمه.

قوله: (النِّصْفُ لِلاِبْنَةِ، وَالنِّصْفُ الآخَرُ [1]): (النصفُ) فيهما: مَرْفُوعٌ، ويجوز نصبه.

قوله: (ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه الأعمش، والله أعلم.

(1/12017)

[حديث: لأقضين فيها بقضاء النبي]

6742# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُوَحَّدة، والسين المُهْمَلَة، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، فيما يظهر؛ وذلك لأنَّ الحافظَ عَبْدَ الغَنيِّ ذكر في ترجمة أبي قيس عبد الرَّحْمَن بن ثروان أنَّ الثَّوريَّ روى عنه، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، والذَّهَبيُّ ذكر في ترجمته: أنَّه روى عنه سفيان، فحملت المطلَق على المقيَّد، و (أَبُو قَيْسٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن ثروان، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (هُزَيْل): هو ابن شُرحبيل، تَقَدَّمَ قريبًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

(1/12018)

[باب ميراث الأخوات والإخوة]

(1/12019)

[حديث: دخل علي النبي وأنا مريض فدعا بوضوء فتوضأ]

6743# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ): هذا عبدان، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وعبدان لقبٌ لعبدِ الله، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (فَدَعَا بِوَضُوءٍ): هو بفتح الواو: الماء، ويجوز فيه الضمُّ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا، وكذا بعده (مِنْ وَضُوئِهِ): بالفتح، ويجوز الضمُّ.

قوله: (فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ): تَقَدَّمَ في أوَّل (الفرائض) أيُّ آيةٍ، وهي آيةُ الكلالة على الصحيح.

(1/12020)

[باب: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}]

قوله: (فِي الْكَلَالَةِ): تَقَدَّمَ الاختلاف في (الكلالة) في أوَّل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 734]

(1/12021)

[حديث: آخر آية نزلت خاتمة سورة النساء]

6744# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، وعازبٌ صَحَابيٌّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق الخلاف في آخر ما نزل من القرآن، وفي أوَّلَ أيضًا.

==========

[ج 2 ص 734]

(1/12022)

[باب ابني عم أحدهما أخ للأم والآخر زوج]

قوله: (وَقَالَ عَلِيٌّ): هو عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وفي الصَّحَابة مَن اسمه عليٌّ سبعةَ عشرَ شخصًا، لكنَّ منهم مَن الصحيحُ أنَّه تابعيٌّ ثلاثة.

==========

[ج 2 ص 734]

(1/12023)

[حديث: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن مات]

6745# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): هذا هو ابن غيلان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن موسى العبسيُّ؛ بالمُوَحَّدة، أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام على تشيُّعه وبِدعته، تَقَدَّمَ، وقد روى عنه البُخاريُّ أيضًا نفسِه، و (إِسْرَائِيل): هو ابن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله، و (أَبُو حَصِيْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء وكسر الصاد المُهْمَلَتين، وأنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضَّمِّ، وتَقَدَّمَ أن اسمَ هذا عثمانُ بن عاصم، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان.

قوله: (وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الكاف واللام، وتَقَدَّمَ ما هو، وكذا (ضَيَاعًا)، وأنَّهم العيال.

==========

[ج 2 ص 734]

(1/12024)

[حديث: ألحقوا الفرائض بأهلها فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر]

6746# قوله: (حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر المُوَحَّدة وفتحها، وأنَّه غير مصروفٍ، وقد صرفه بعضُهم [1]، قال ابن الصلاح: عجميٌّ لا ينصرف، وقال ابن دريد: ليس من كلام العرب، قال: ووجدته في كتاب الجواليقيِّ في «المُعرَّب» مصروفًا، وهو بعيدٌ، وقال النَّوَويُّ: قال الجوهريُّ في «صحاحه»: بسطام ليس من أسماء العرب، انتهى، و (رَوْح): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الراء، وأنَّ بعضَهم حكى في مثله الضمَّ، والمذكور هنا: هو ابن القاسم.

قوله: (أَلْحِقُوا): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وكسر الحاء، رُباعيٌّ، وكذا تَقَدَّمَ (فَلِأَوْلَى)، وكذا (رَجُلٍ ذَكَرٍ)؛ كلُّه قريبًا.

(1/12025)

[باب ذوي الأرحام]

(1/12026)

[حديث: كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث ... ]

6747# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن راهويه فيما يظهر، و (أَبُو أُسَامَةَ): حَمَّاد بن أسامة، و (إِدْرِيسُ): هو إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو عبد الله الكوفيُّ، عن طلحة بن مُصرِّف، وسِمَاك، وعلقمة بن مرثد، وقيس بن مسلم، وطائفةٍ، وعنه: ابنه عبد الله بن إدريس، ووكيع، ومُحَمَّد ويعلى ابنا عبيد، وضمرة بن ربيعة، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، أخرج له الجماعة، و (طَلْحَةُ) هذا: هو ابن مُصرِّف الياميُّ.

تنبيهٌ: في الرواة طلحة عن سعيد بن جُبَيرٍ عن ابن عَبَّاس، وهو طلحة بن نافع، أبو سفيان الواسطيُّ، له بهذا الإسناد في «ابن ماجه» فقط، والله أعلم.

[ج 2 ص 734]

قوله: (يَرِثُ الأَنْصَارِيُّ الْمُهَاجِرِيَّ): (الأنصاريُّ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، و (المهاجريَّ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ [1].

==========

[1] في هامش (أ): (تقرأ الفرجة).

(1/12027)

[باب ميراث الملاعنة]

(1/12028)

[حديث: أن رجلًا لاعن امرأته في زمن النبي وانتفى من ولدها]

6748# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الزاي، ومنهم مَن سكَّنها، وصوَّبه ابنُ مكِّيٍّ، وكذلك وُجِد بخطِّ ابن الأنباريِّ، قاله في «المطالع».

قوله في حديث ابن عمر: (أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ): تَقَدَّمَ في (سورة النور): أنَّ الظاهر أنَّه عويمر العجلانيُّ، وإذا كان عُوَيمرًا؛ فامرأته لا أعرفها، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ في هذا: يحتمل أن يُفَسَّر بقضيَّة عويمر، ويحتمل أن يُفَسَّر بقضيَّة هلال بن أُمَيَّة، انتهى، وقد تَقَدَّمَ له ذلك أيضًا غير هذه المرَّة، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (سورة النور) ما قاله ابن شيخِنا البُلْقينيِّ، وما قاله بعضُ الحُفَّاظ المصريِّين المُتَأخِّرين: من أنَّها خولة بنت قيس.

(1/12029)

[باب: الولد للفراش حرة كانت أو أمة]

[قوله]: (بَابٌ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ): أي: لمالك الفراش؛ مِن زوجٍ أو سَيِّد، وهو كنايةٌ عن وطء المفترَش لها بوجهِ الحقِّ، فذلك من اختصار الكلام، ويُقال: افترش فلانٌ فلانةً؛ إذا تزوَّجها، وسيأتي قريبًا: «الولدُ لصاحب الفراش».

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12030)

[حديث: هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر]

6749# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (عُتْبَةُ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ): هو عتبة بن أبي وقَّاص، أخو سعدٍ أحدِ العشرة، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه هل أسلم أم لا، والصواب: أنَّه لم يسلم، وتَقَدَّمَ أنَّه قتله حاطبُ بن أبي بَلْتَعَة يوم أُحُد، كذا في «مستدرك الحاكم».

قوله: (أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن وليدة زمعة: هو عبد الرَّحْمَن بن زَمْعة، وتَقَدَّمَ نسبه، وتَقَدَّمَ أنَّ وليدةَ زَمعة لا أعرف اسمَها، ولكنَّها امرأة يمانِيَة.

قوله: (عَام الْفَتْحِ): تَقَدَّمَ أنَّ الفتحَ كان في رمضان سنة ثمانٍ، وتَقَدَّمَ الاختلافُ كم كان في الشهر.

قوله: (فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ): تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (فَتَسَاوَقَا): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّ حقيقةَ المساوقة: مجيءُ واحدٍ بعد آخَرَ.

قوله: (يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ): تَقَدَّمَ في مثل هذا أنَّه يجوز فتح (عبد) وضمُّه، وكذا (ابن) فتحه وضمُّه.

قوله: (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ): تَقَدَّمَ معناه.

(1/12031)

[حديث: الولد لصاحب الفراش]

6750# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).

[ج 2 ص 735]

(1/12032)

[باب: الولاء لمن أعتق وميراث اللقيط]

(1/12033)

[حديث: اشتريها فإن الولاء لمن أعتق]

6751# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة القاضي، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (اشْتَرَتْ [1] بَرِيرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها ولمن كانت مُطَوَّلًا.

قوله: (وَأُهْدِيَ لَهَا شَاةٌ): (أُهدِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شاةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (قَالَ الْحَكَمُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عتيبة.

قوله: (كَانَ [2] زَوْجُهَا حُرًّا): تَقَدَّمَ أنَّ زوجَها مغيثٌ، ويُقال: برير، ويُقال: مِقْسم.

قوله: (وَقَوْلُ الْحَكَمِ مُرْسَلٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُهُ عَبْدًا): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسم زوجها، ثلاثة أقوال ذكرها شيخُنا في «تخريج أحاديث الرافعيِّ» عن أبي موسى، وتَقَدَّمَ الخلافُ في أنَّه حرٌّ أو عبد؛ وهو الصحيح، في (باب الشقاق) في (كتاب النكاح).

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث (6754)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (اشْتَرَيْتُ).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وكان).

[ج 2 ص 735]

(1/12034)

[حديث: إنما الولاء لمن أعتق.]

6752# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن أبي أويسٍ، وهو ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12035)

[باب ميراث السائبة]

قوله: (بَابُ مِيرَاثِ السَّائِبَةِ): هو بالسين المُهْمَلَة، وهو العبد يُعتَق سائبةً، يقول مالِكُه: أنت سائبةٌ؛ يريد بذلك عتقه، وأنْ لَا ولاءَ عليه، أو: أعتقتك سائبةً، فالعتق على هذا ماضٍ بالإجماع، وإنَّما اختلف الفقهاء في ولايته، وفي كراهة هذا الشرط وإباحته، والجمهور على كراهته، وعلى أنَّ ولاءَه للمسلمين خاصَّةً، كأنَّه قصد عتقه عنهم، قاله في «المطالع»، انتهى.

وقد أخرج فيه حديثَ: «الولاء لمن أعتق»، فولاؤه للذي أعتقه، وهذا خلافُ ما تَقَدَّمَ ذكره، وما تَقَدَّمَ الظاهرُ أنَّه مذهبه، وأمَّا مذهبُ الشَّافِعيِّ: أنَّه لو أعتقه على أن يكون سائبةً؛ يلغو الشرطُ ويثبت الولاء للمعتِق، وكذا لو أعتقه على أنْ لا ولاءَ عليه؛ فولاؤه للمُعتِق، وهو ظاهِرُ استدلال البُخاريِّ.

(1/12036)

[حديث: إن أهل الإسلام لا يسيبون]

6753# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر، وقد تَقَدَّمَ قريبًا، وكذا (أَبُو قَيْسٍ): عبد الرَّحْمَن بن ثروان، وكذا (هُزَيْل): هو ابن شُرحبيل.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12037)

[حديث: أعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق]

6754# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عَوَانَةَ): الوضَّاح بن عبد الله، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وكذا على أهلها مَن هم.

قوله: (وَخُيِّرَتْ): مَبْنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (لَوْ أُعْطِيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المتكلِّم مضمومة.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12038)

[باب إثم من تبرأ من مواليه]

(1/12039)

[حديث: ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله]

6755# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان.

قوله: (فِيهَا أَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَأَسْنَانِ الإِبِلِ): (أسنانِ): مجرورٌ بالقلم في أصلنا، والذي أحفظه: (وأسنانُ)؛ بالرفع، والله أعلم.

قوله: (مَا بَيْنَ عَيْرٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا قوله: (إِلَى كَذَا [1])، في (الحجِّ)، وكذا على (مَنْ [2] أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا).

قوله: (أَوْ آوَى): تَقَدَّمَ أنَّ هذا بالمدِّ؛ لأنَّه متعدٍّ، وأنَّ اللازم بالقصر، ويجوز في كلٍّ المدُّ والقصر، ولكنَّ الفَرقَ لغةُ القرآن.

قوله: (صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ): تقدَّما.

قوله: (بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ): قد احتجَّ به قومٌ على جواز التولِّي بإذن مواليه، قال الشيخ محيي الدين: والصحيح الذي عليه الجمهورُ: أنَّه لا يجوز وإن أَذِنوا؛ كما لا يجوز الانتساب إلى غير أبيه وإن أذن أبوه، وحملوا التقييد في الحديث على الغالب؛ لأنَّ غالبَ ما يقع هذا بغير إذن الموالي، فلا يكون له مفهومٌ يُعمَل به ... إلى آخر كلامه.

قوله: (وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ): (الذِّمَّة): الأمان، وقيل: العهد، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَدْنَاهُمْ): العبد والمرأة، وقد أجاز عمر رضي الله عنه أمانَ عبدٍ على جميع الجيش، وقد قال عليه السلام: «قد أجرنا مَن أجرتِ يا أمَّ هانئ».

قوله: (فَمَنْ أَخْفَرَ): تَقَدَّمَ.

(1/12040)

[حديث: نهى النبي عن بيع الولاء وعن هبته]

6756# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ مرارًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

(1/12041)

[باب: إذا أسلم على يديه]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَفَعَهُ [1]: «هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ»، وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ): هذا الخبر أخرجه الأربعةُ أصحابُ «السنن» في (الفرائض)، رواه عن تميم قَبِيصةُ بن ذؤيب، وقد وُلد قَبِيصةُ عامَ الفتح على الصحيح، وقيل: أوَّل سَنَةٍ من الهجرة، قال الميمونيُّ صاحبُ أحمدَ: قال بعضُ أصحابنا: لم يلقَ قَبِيصة تميمًا؛ يعني: الداريَّ، وقال يعقوب الفسويُّ: إنَّ قَبِيصة لم يدرك تميمًا، انتهى، وقد رأيت الخَطَّابيَّ نقل عن أحمد: أنَّه ضعَّف هذا الحديثَ، وقال: عبد العزيز راويه ليس من أهل الحفظ والإتقان، انتهى، وقد أخرج لعبد العزيز الجماعةُ، وقد عقَّب التِّرْمِذيُّ الحديثَ بأن قال: لا نعرفه إلَّا من حديث عبد الله بن موهب _ويقال: ابن وهب_ عن تميم الداريِّ، وقد أدخل بعضُهم بين عبد الله بن موهب وبين تميم قَبِيصةَ بنَ ذؤيب، وهو عندي ليس بمتَّصلٍ، انتهى، قيل: لو صحَّ هذا الحديثُ؛ لكان معناه: هو أحقُّ به أن يوالِيَه، وينصرَه، ويَبَرَّه، ويَصِلَه، ويُغَسِّلَه، ويصلِّيَ علىه، ويدفِنَه.

(1/12042)

[حديث: لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق.]

6757# قوله: (أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا): تَقَدَّمَ أنَّها بَريرة، وتَقَدَّمَ مَن أهلها.

قوله: (لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكِ): هما بكسر الكاف فيهما؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّثٍ.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12043)

[حديث: أعتقيها فإن الولاء لمن أعطى الورق.]

6758# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] جَرِيرٌ): ذكر الجَيَّانيُّ هذا الموضعَ، فقال: هو مُحَمَّد بن سلَام إن شاء الله، فقد روى البُخاريُّ في «الجامع» عن مُحَمَّد بن سلَام عن جَرِير، انتهى، و (جَرِير): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا): تَقَدَّمَ أنَّه مغيثٌ، وقيل: برير، وقيل: مِقْسَم.

(1/12044)

[باب ما يرث النساء من الولاء]

(1/12045)

[حديث: اشتريها فإنما الولاء لمن أعتق.]

6759# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12046)

[حديث: الولاء لمن أعطى الورق وولي النعمة]

6760# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن سلَام، وأنَّ الصحيحَ: أنَّه مخفَّف، وتَقَدَّمَ ذلك مُطَوَّلًا، و (سُفْيَان): لا أعرفه بعينه، فيحتمل أنَّه الثَّوريُّ، وأنَّه ابنُ عُيَيْنَة؛ لأنَّ وكيعًا روى عنهما، وهما عن منصور، غير أنَّ الثَّوريَّ أثبتُ الناس في منصور، والله أعلم، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

(1/12047)

[باب: مولى القوم من أنفسهم وابن الأخت منهم]

قوله: (بَابٌ: مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَابْنُ الأُخْتِ): قوله في الحديث: («مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ»، أَوْ كَمَا قَالَ): قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: الذي قال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في حقِّه: «مولى القوم من أنفسهم»: هو رُشَيد الفارسيُّ، مولى بني معاوية بن مالك من الأنصار، ثُمَّ ذكر مستنده، وكذا ذكره بعضُ حفَّاظ المصريِّين المُتَأخِّرين، وعزاه لابن سعد.

قال ابن شيخنا وذكر نحو هذه القصَّة لعقبة مولى جبر بن عتيك: (رواها في «الأُسْد»، وقال فيها: إنَّ «مولى القوم من أنفسهم» الذي قال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في حقِّه للأنصار: هو النعمان بن مُقَرِّن، والذي قال ذلك في حقِّه لقريش: هو عتبة بن غزوان، والذي قال ذلك في حقِّه لوفد عبد القيس: هو مشمرج بن خالد، والأوَّل أخرجه أحمد بن منيع في «مسنده» من طريق أنس، والثاني ذكره الحاكمُ في «المستدرك» في ترجمة عتبة بن غزوان، والثالث ذكره ابن الأثير في «الأُسْد» في مشمرج، والذي قال في حقِّه لبني عبد المُطَّلِب: «ابن أخت القوم منهم»: هو جبير بن مُطعِم، كما في «تاريخ دمشق» لابن عساكر في ترجمته، والله أعلم، وكذا قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من المصريِّين، انتهى، و (رُشَيد): له ترجمة في «الاستيعاب» وغيرِه.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12048)

[حديث: ابن أخت القوم منهم]

6762# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12049)

[باب ميراث الأسير]

قوله: (وَكَانَ شُرَيْحٌ): هو بالشين المُعْجَمَة، والحاء المُهْمَلَة، ابن الحارث بن قيس بن الجهم الكنديُّ الكوفيُّ التابعيُّ، ويقال: شُريح بن شُرحبيل، ويقال: شَراحيل، ويُقال: إنَّه من أولاد الفُرْسِ الذين كانوا باليمن، والصحيحُ الأوَّلُ، تَقَدَّمَ مترجمًا، ولَّاه عمرُ رضي الله عنه قضاءَ الكوفة، ووُلِّيَ قضاءَ البصرة، قيل: إنَّه تعلَّم من معاذ باليمن، تُوُفِّيَ سنة (78 هـ)، وقيل: سنة (80 هـ)، أخرج له النَّسائيُّ.

(1/12050)

[حديث: من ترك مالًا فلورثته]

6763# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مترجمًا، و (عَدِيٌّ): هو ابن ثابت، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، سلمان مولى عَزَّة الأشجعيَّة، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا): تَقَدَّمَ ما (الكَلُّ)، وأنَّه بفتح الكاف، وتشديد اللام.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12051)

[باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ... ]

قوله: (بَابُ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ): اعلم أنَّهم أجمعوا على أنَّ الكافرَ لا يرثُ المسلمَ، وأمَّا المسلمُ؛ فلا يرث الكافرَ عند جماهير العلماء من الصَّحَابة والتابعين ومَن بعدهم، وذهبت طائفةٌ إلى توريث المسلمِ من الكافر، وهو مذهب معاذ بن جبل، ومعاوية، وسعيد بن المُسَيّب، ومسروق، وغيرِهم، زاد الحافظ الإمام محبُّ الدين الطَّبَريُّ في «مناسكه»: والحسن البصريِّ وإبراهيم النَّخَعيِّ، ورُوِيَ أيضًا عن أبي الدرداء والشَّعْبيِّ والزُّهْرِيِّ والنَّخَعيِّ نحوَه، على خلافٍ بينهم في ذلك، والصحيحُ عنهم كقول الجمهور.

وأمَّا المرتدُّ؛ فلا يرث المسلمَ إجماعًا، وأمَّا العكس؛ فكذا عند الشَّافِعيِّ، ومالكٍ، وربيعةَ، وابنِ أبي ليلى، وغيرِهم، بل يكون فَيئًا للمسلمين، وقال أبو حنيفة، والكوفيُّون، والأوزاعيُّ، وإسحاقُ: وَرَثَتُه المسلمون، ورُوِيَ ذلك عن عليٍّ وابنِ مسعود وجماعةٍ من السَّلَف، لكن قال الثَّوريُّ وأبو حنيفة: ما كسبه في رِدَّتِه؛ فهو للمسلمين، وقال آخرون: الجميع لوَرَثَتِه من المسلمين.

وأمَّا توريث الكفَّار بعضِهم من بعض؛ كاليهوديِّ من النصرانيِّ، وعكسه، والمجوسيِّ منهما، وهما منه؛ فقال به الشَّافِعيُّ وأبو حنيفة وآخرون، ومنعه مالكٌ، لكن قال الشَّافِعيُّ: لا يرث حربيٌّ مِن ذِميٍّ، ولا العكس، قال أصحابه: وكذا لو كانا حربِيَّين في بلدَين متحارِبَين؛ لم يتوارثا، والله أعلم.

(1/12052)

[حديث: لا يرث المسلم الكافر]

6764# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (عَلِيُّ بْن حُسَيْنٍ): هو زَين العابدين، و (عَمْرُو [1] بْنُ عُثْمَانَ): كذا في أصلنا بفتح العين وزيادة واو، وعليه (صح)، وفي هامش أصلنا: (عُمر)؛ بضَمِّ العين، محذوف الواو، وعلى الآخَرِ أيضًا (صح)، قال في «المطالع»: وفي (باب ميراث أهل المِلَل) في «المُوطَّأ»: (عن عمرو بن عثمان)، كذا ليحيى وابنِ وهب وابنِ القاسم، وكذا قاله الحُفَّاظ من أصحاب مالك، وكذا ذكره أصحاب التاريخ والنَّسَب، ووقف عبدُ الرَّحْمَن بن مهديٍّ مالكًا على ذلك، فأبى أن يرجع، قال: نحن أعلم به، كان لعثمانَ ابنٌ يُقال له: عَمرو، وقال: أنا أعرفُ عَمرًا مِن عُمر، هذه دار عَمرو، وهذه دارُ عُمر، قال ابن أبي أويسٍ وغيرُه: وَهِمَ مالكٌ في ذلك، ولم يقُلْه غيرُه، ولا يُعرَف لعثمانَ ابنٌ يُقال له: عمرو، وقد رواه القعنبيُّ ومعنٌ وغيرُهما عن مالك: (عُمر بن عثمان)؛ بضَمِّ العين، وروى ابن بُكَيْر عن مالك: (عَمرو بن عثمان، أو عُمر)؛ على الشكِّ، وقد وافقَ مالكًا على قوله: «إنَّ لعثمان ولدًا يُقال له: عَمرو، وآخرُ يُقال له: عُمر» مُحَمَّدُ بنُ سعدٍ كاتبُ الواقديِّ، فذكر عَمرو بن عثمان وولده، وعُمر بن عثمان، وقال: ومِن ولده زيدٌ وعاصم، روى عنه: الزُّهْرِيُّ، وكان قليلَ الحديث، انتهى.

وقال الذَّهَبيُّ في عُمر: عُمر بن عثمان بن عثمان الأمويُّ المدنيُّ، عن أسامة: (لا يرث المسلمُ الكافرَ)، قاله مالكٌ عن الزُّهْرِيِّ، عن عليِّ بن حُسين، عنه، قال الناسُ عن الزُّهْرِيِّ عن عليٍّ: «عن عمرو»، انتهى، وذكر له ترجمةً في عمرو، والظاهر من كلامه أنَّه عَمرو؛ بفتح العين، وزيادة واو، لا عُمر، وقال في «الكاشف»: والصواب: عمرو، انتهى.

وذكره عَبْد الغَنيِّ الحافظُ في «الكمال» في عَمرو؛ بفتح العين، وزيادة واو، ثُمَّ قال: قال أبو زرعة: الرواة يقولون: (عَمرو)، ومالكٌ يقول: (عُمر)، قال البُخاريُّ: وهو وَهَمٌ، وقال إبراهيم بن طهمان عن مالك: عَمرو، وهو أخو أبان وسعيد، وقال يحيى القَطَّان: قلت لمالك: إنَّما هو عمرو بن عثمان، فأبى أن يرجع، وقد كان لعثمانَ ابنٌ يُقال له: عُمر، وهذه داره، انتهى.

(1/12053)

والمِزِّيُّ ذكر في «أطرافه» عُمرَ بن عثمان الأمويَّ عن أسامة في ترجمة عَمرو بن عثمان عن أسامة، ثُمَّ ذكر هذا الحديث، ثُمَّ نقل عن النَّسائيِّ ما لفظه: والصواب من حديث مالك: (عن عمر بن عثمان)، ولا نعلم أحدًا تابع مالكًا على قوله: (عمر بن عثمان)، والله أعلم، انتهى.

فإذن الصواب مع مَن قال: عمرو بن عثمان، والله أعلم.

(1/12054)

[باب ميراث العبد النصراني ومكاتب النصراني ... ]

قوله: (بَابُ مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ وَمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ): كذا في أصلنا هذه الترجمة، ولم يذكر فيها حديثًا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ هذه الترجمة مع زيادة: (وَإِثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ): قال ابن المُنَيِّر: لم يُدخِلِ البُخاريُّ تحت هذا الرسم حديثًا، وكأنَّه أدرجها تحت الحديث المتقدِّم؛ ليُفهَم أنَّ النظر فيها يحتمل أن يُقال: لا يرثه؛ عملًا بعموم الحديث، وأن يُقال: يأخذ المالَ؛ لأنَّ العبدَ مالٌ، وله انتزاعُ مالِه حيًّا، فكيف لا يأخذه ميِّتًا؟! هذا إن قلنا: إنَّه يملك، وإن قلنا: إنَّه لا يملك العبدُ ألبتَّة؛ فأَولى، انتهى.

وقد رأيت حديثًا في «المستدرك» عن جابر، وفيه عنعنة أبي الزُّبَير عنه: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «لا يرث المسلمُ النصرانيَّ إلَّا أن يكون عبدَه أو أَمَتَه»، ثُمَّ قال: صحيحٌ، ولم يتعقَّبْه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، قد رواه النَّسائيُّ، وأعلَّه ابنُ حزم بعنعنة أبي الزُّبَير عن جابر؛ كعادته في ردِّه عنعنةَ أبي الزُّبَير من غير طريق الليث، وأعلَّه ابن القَطَّان بمُحَمَّد بن عمرو اليافعيِّ الذي في سنده، وقال: إنَّه مجهولُ الحال، انتهى.

وقد انفرد عنه ابن وهب، لكن أخرج له مسلمٌ في «صحيحه»، وذكره ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: شيخٌ، وقال الحاكمُ: صدوقُ الحديثِ صحيحٌ، وقال ابن عديٍّ: له مناكيرُ، وقد ذكر الذَّهَبيُّ منها هذا الحديثَ، وقال ابن يونس: روى عنه ابن وهب وحدَه غرائبَ.

أمَّا إذا هلك العبد المعتَق الكافرُ وله معتِقٌ مسلمٌ؛ فإنَّه لا يرثه؛ عملًا بالحديث: «لا يرث المسلمُ الكافرَ ... »؛ الحديث، وعن أحمد: أنَّه يرثه بالولاء، واختلاف الدين لا يمنع الإرث بالولاء، ولحديث «المستدرك»، ونقل هذا القاضي عبدُ الوهَّاب المالكيُّ عن الشَّافِعيِّ، لكنْ في «الأمِّ» خلافُه، والله أعلم، وفي «شرح التنبيه» لشيخنا الشارح: فرع: لو أعتق المسلمُ عبدًا كافرًا ومات؛ ورثه عندنا، خلافًا لمالكٍ، أفاده القاضي عبد الوهَّاب في كتابه «الأشراف بيننا وبين مالك»، انتهى، ولم يتعقَّب شيخُنا هذا الفرع، وقد قَدَّمْتُ أنَّ في «الأمِّ» خلافَه.

(1/12055)

أمَّا إذا مات شخصٌ وليس له وارثٌ وله عبدٌ عتق؛ فإنَّه يرثه عند بعضهم، وقد سُئِل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن رجلٍ مات ولم يَدَعْ وارثًا إلَّا غلامًا له كان أعتقه، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «هل له أحدٌ؟» قالوا: لا، إلَّا غلامًا له كان أعتقه، فجعل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ميراثَه له، رواه أحمدُ وأهل السُّنَن، قال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: وهو حديثٌ حسنٌ، قال: وبهذه الفتوى نأخذ، انتهى، وأخرجه الحاكم وقال: على شرط البُخاريِّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 735]

(1/12056)

[باب من ادعى أخًا أو ابن أخ]

[ج 2 ص 735]

قوله: (بَابُ مَنِ ادَّعَى أَخًا أَوِ ابْنَ أَخٍ): كذا في أصلنا هذه الترجمة، ولم يذكر فيها حديثًا، ولم يتكلَّم على ذلك ابن المُنَيِّر، وذكر بعده: (باب إثم من انتفى من ولده)، ولو جعل بعد هذه الترجمة التي لم يذكر فيها حديثًا (باب مَن ادَّعى إلى غير أبيه)؛ لقلنا باندراج الترجمة تحت الحديث الذي ذكره في (باب من ادَّعى إلى غير أبيه)، إلَّا [أنَّه] لم يذكره بعده، لكنَّها داخلةٌ في حديث الترجمة التي بعدها، وهو حديث سعد؛ فإنَّه ادَّعى ابنَ أخٍ؛ بلا فرق، والله أعلم.

(1/12057)

[حديث: هو لك يا عبد، الولد للفراش وللعاهر الحجر]

6765# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام المشهور، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على عبد بن زَمعة رضي الله عنه.

قوله: (فِي غُلَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرَّحْمَن بن زَمعة.

قوله: (ابْنُ أَخِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ): تَقَدَّمَ الكلام على عتبة بن أبي وقَّاص، وأنَّ الصحيح: [أنَّه] لم يُسلِم، وغُلِّط من قال: إنَّه أسلم، وقد تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ عتبةَ قتله حاطب بن أبي بَلْتَعَة يوم أُحُد، كما في «المستدرك».

قوله: (مِنْ وَلِيدَتِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه الوليدة لا أعرف اسمَها، وأنَّها [1] امرأةٌ يَمانِيَة.

قوله: (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ): أي: لصاحب الفراش، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ).

==========

[1] في (أ): (وأنَّه)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 736]

(1/12058)

[باب من ادعى إلى غير أبيه]

(1/12059)

[حديث: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم ... ]

6766# 6767# قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو أبو عثمان النهديُّ، عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمَ أنَّ (مَلًّا) مثلَّثُ الميم، وفيه لغةٌ رابعةٌ.

قوله: (عَنْ سَعْدٍ): هو سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحدُ العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ): يعني: إن استحلَّ ذلك، والقول الثاني: أنَّه جزاؤه، أو أنَّها محرَّمة عليه أوَّلًا عند دخول الفائزين وأهلِ السلامة، ثُمَّ إنَّه يُجازَى فيُمنَعها عند دخولهم، ثُمَّ يدخلها بعد ذلك، وقد لا يُجازَى، بل يعفو الله عزَّ وجلَّ عنه، ومعنى (حرام): ممنوعة، ومعنى (رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ [1]): ترك الانتساب إليه وجَحَدَه، والله أعلم.

قوله: (فَذَكَرْتُهُ لأَبِي بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.

تنبيهٌ: حديث أبي بكرة في ذلك أخرجه البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وابن ماجه.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث (6768) الآتي، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) هنا: (مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ).

[ج 2 ص 736]

(1/12060)

[حديث: لا ترغبوا عن آبائكم]

6768# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو): هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة الأنصاريُّ مولاهم، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (عِرَاك): هو ابن مالك الغِفاريُّ المدنيُّ.

قوله: (فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ؛ فَهُوَ كُفْرٌ): قيل: فيه تأويلان؛ أحدهما: أنَّه في حقِّ المستحِلِّ، والثاني: كفر النعمة والإحسان، وحقِّ الله، وحقِّ أبيه، وليس المراد الكفرَ الذي يُخرِجُه من ملَّة الإسلام، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 736]

(1/12061)

[باب: إذا ادعت المرأة ابنًا]

(1/12062)

[حديث: كانت امرأتان معهما ابناهما]

6769# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ، عبد الله بن ذكوان، و (الْأَعْرَج [1]): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (مناقب داود صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم).

قوله: (فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا): هذا حديثٌ عظيمٌ، وفيه فوائدُ، وقد ذكره ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة، وذكر أنَّ النَّسائيَّ استنبط منه أحكامًا، ثُمَّ أثنى على النَّسائيِّ، وقال: فهذا فَهمُ مَن عَقِلَ عن الله ورسولِه.

قوله: (وَاللهِ إِنْ سَمِعْتُ): (إِنْ): بكسر الهمزة، وسكون النون؛ أي: ما سمعت، نافية.

قوله: (إِلَّا الْمُدْيَةَ): يجوز فيها الرفع والنصب، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12063)

[باب القائف]

قوله: (بَابُ الْقَائِفِ): (القائف): هو الذي يتتبَّعُ الآثارَ ويعرفها، ويعرف شَبَهَ الرجلِ بأخيه وأبيه، والجمع: القافة، يُقال: فلان يقوف الأثر، ويقتافه قيافةً؛ مثل: قفا الأثر واقتفاه.

==========

[ج 2 ص 736]

(1/12064)

[حديث: ألم تري أن مجززًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة ... ]

6770# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ أنَّه [ابن] سعد، الإمام الجَوَاد، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، العالم المشهور.

قوله: (تَبْرُقُ [1]): هو بضَمِّ الراء: تتلألأ.

قوله: (أَسَارِيرُ وَجْهِهِ): هو بالسين المُهْمَلَة، وراءين مهملتين، بينهما مُثَنَّاة تحت ساكنة، الأولى مكسورة، وهي خطوط الجبهة وتكسُّرها، واحدها: سِرٌّ وسَرَر، والجمع: أسرار، وجمع الجمع: أسارِيْر.

قوله: (أَنَّ مُجَزِّزًا): هو بضَمِّ الميم، وفتح الجيم، وكسر الزاي الأولى المشدَّدة، ثُمَّ زاي أخرى، هذا هو الصحيح المشهور، وقال بعض الحُفَّاظ: إنَّه الصوابُ المشهورُ في ضبط هذا الاسم، وحكى القاضي عياض عن الدار قطنيِّ وعبد الغنيِّ: أنَّهما حَكَيَا عن ابن جُرَيجٍ: أنَّه بفتح الزاي الأولى، وعن ابن عَبْدِ البَرِّ وأبي عليٍّ الغسَّانيِّ: أنَّ ابنَ جُرَيجٍ قال: إنَّه مُحْرِز؛ بإسكان الحاء، وبعدها راء، وقد راجعتُ كلام [2] أبي عليٍّ الغسَّانيِّ في «تقييده»، فوجدته كما نُقِل عنه رُوِي بإسناده عن سفيان عن ابن جُرَيجٍ يُحَدِّث به عن الزُّهْرِيِّ، فقال فيه: «ألم تَرَي أنَّ مُحْرِزًا ... »، فقلت له: يا أبا الوليد؛ إنَّما هو مُجَزِّز، فأنكر ورجع، انتهى.

وهو مُجَزِّز بن الأعور بن جعدة الكنديُّ المدلِجيُّ القائف، روى عنه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قولَه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (آنِفًا): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه بالمدِّ والقصر، وأنَّ معناه: الآن والساعة.

قوله: (إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ): قال العلماء: سبب سروره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أنَّ أسامةَ كان

[ج 2 ص 736]

لونُه أسودَ، وكان طويلًا، خرج إلى أمِّه، وكان أبوه زيدٌ قصيرًا أبيضَ، وقيل: بل بين البياض والسواد، وكان بعض المنافقين قصد المغايظة والإيذاء، فدفع الله ذلك، وله الحمد.

==========

[1] في (أ): (يبرق)، ثمَّ فيها: (تتلألأ)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] زيد في (أ): (كلام)، وهو تكرار.

(1/12065)

[حديث: يا عائشة ألم تري أن مجززًا المدلجي]

6771# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (أنَّ مُجَزِّزًا): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا جدًّا، وما وقع فيه.

قوله: (وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ): تَقَدَّمَ ما (القطيفة).

==========

[ج 2 ص 737]

(1/12066)

((86)) (كِتَابُ الحُدُودِ) ... إلى (كِتَاب المُحَارِبِيْن)

قوله: (ومَا يُحْذَرُ مِنَ الْحُدُودِ): (يُحذَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 737]

(1/12067)

[باب: لا يشرب الخمر]

(1/12068)

[حديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن .. ]

6772# قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو بَكْر بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ): هو ابن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، أحد الفقهاء السَّبعة على قولٍ، مشهورٌ.

(1/12069)

قوله: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ): اعلم أنَّ هذا الحديث ممَّا اختلف العلماء في معناه؛ فالقول الصحيح الذي قاله المحقِّقون: أنَّ معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل، وهذا من الألفاظ التي تُطلَق على نفي الشَّيء ويُراد: نفيُ كماله ومختاره، وكما يقال: لا علمَ إلَّا ما نفع، ولا مالَ إلَّا الإبل، ولا عيشَ إلَّا عيش الآخرة، وإنَّما تأوَّل ما ذُكِر بحديث أبي ذرٍّ: «مَن قال: لا إله إلَّا الله؛ دخل الجنَّة وإن زنى وإن سرق»، وبحديث عبادة: «فمن وفى منكم؛ فأجره على الله، ومَن أصاب مِن ذلك شيئًا فعوقب به الدُّنيا؛ فهو كفَّارة ... »؛ الحديث، فهذان الحديثان ونظائرهما في «الصَّحيح» مع قول الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] مع إجماع أهل الحقِّ على أنَّ الزاني والسارق والقاتل وغيرَهم من أصحاب الكبائر غير الشِّرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصو الإيمان، إن تابوا؛ سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرِّين على الكبائر؛ كانوا في المشيئة، إن شاء؛ عفا عنهم وأدخلهم الجنَّة، وتأوَّل بعض العلماء على مَن فعل ذلك مُستحلًّا مع علمه بورود الشَّرع بتحريمه، وقال الحسن وابن جَرِير الطَّبَريُّ: معناه ينزع من اسم المدح الذي يُسمَّى به أولياء الله المؤمنين، ويستحقُّ الذَّمَّ، فيقال: سارقٌ، وزانٍ، وفاجرٌ، وحُكِي عن ابن عَبَّاس: أنَّ معناه: أنَّه ينزع منه نور الإيمان، وهذا قد نقله عنه الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ هنا مُعلَّقًا مجزومًا به، وسيأتي مُسنَدًا إليه في (كتاب المحاربين) قريبًا جدًّا، وفي ذلك حديث مَرْفُوعٌ، وقال المُهلَّب: تُنزَع منه بصيرتُه في طاعة الله، وذهب الزُّهْرِيُّ إلى أنَّ هذا الحديث وما أشبهه يُؤمَنُ بها، ويُمَرُّ على ما جاءت، ولا يُخاض في معناها، وأنَّا لا نعلم معناها، وقال: أمرُّوها كما أمرَّها مَن قبلكم، وقيل في معنى الحديث غيرُ ما ذُكِر ممَّا ليس بظاهر، بل بعضُها غلطٌ، والصَّحيح في معناه ما تَقَدَّمَ، والله أعلم، وفي «المطالع»: («وهو مؤمن»: قيل: آمنٌ مِن عذاب الله، وقيل: مُصدِّق حقيقة التَّصديق بما جاء في ذلك مِن النَّهي والوعيد، وقيل: كامل الإيمان، وقيل: هو على المبالغة في التَّغليظ كما جاء: «لا إيمانَ لمَن لا أمانةَ له»؛ ومعناه: النهي عن أن يفعل ذلك وهو مؤمن، وأنَّ هذا لا يليق

(1/12070)

بالمؤمن، وقيل: إذا استحلَّ ذلك ولم يره معصية، وقيل: يُنزَع منه الإيمان فيكون فوقه كالقبَّة، فإذا فارق الذَّنب؛ عاد إليه إيمانُه)، انتهى.

قوله: (وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً): (النُّهبة)؛ بضَمِّ النون، وكذا (النُّهبى): اسم الانتهاب؛ وهو أخذ الجماعة الشيءَ اختطافًا على غير سويَّة، لكن بحسب السَّبق إليه.

قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّب وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ إِلَّا النُّهْبَةَ): هذا معطوف على السَّند الذي قبله، فروى هذا الثاني أيضًا البُخاريُّ عن يحيى ابن بُكَيْر، عن اللَّيث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن سعيد وأبي سلمة به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.

==========

[ج 2 ص 737]

(1/12071)

[باب ما جاء في ضرب شارب الخمر]

(1/12072)

[حديث: أن النبي ضرب في الخمر بالجريد والنعال]

6773# قوله: (ح: وَحَدَّثَنَا [1] حَفْصُ بْنُ عُمَرَ [2]): تَقَدَّمَ الكلام على (ح) كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى، و (هِشَامٌ) بعد (حفص بن عمر): هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

(1/12073)

[باب من أمر بضرب الحد في البيت]

(1/12074)

[حديث: جيء بالنعيمان شاربًا فأمر النبي من كان بالبيت]

6774# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد المجيد الثقفيُّ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ الإمامُ، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَة): هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَةَ زُهيرٍ _وزُهيرٌ صحابيٌّ_ ابن عبد الله بن جُدعان التَّيميُّ.

قوله: (جِيءَ بِالنُّعَيْمَانِ أَوْ بِابْنِ النُّعَيْمَانِ شَارِبًا): الصوَّاب مِن أحد الشَّكَّين: النُّعيمان، وكان مُكبّرًا صُغِّر، قال الدِّمْيَاطيُّ: («نُعيمان» _تصغير «نعمان» _: ابن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن غنم بن مالك بن النَّجَّار، شهد العقبة مع السبعين)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في عددهم، وسيأتي، قال: (وبدرًا، وأحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد، وأُتِي به في شرب الخمر إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فجلده، ثم أُتِي به فجلده أربعًا أو خمسًا، فقال رجلٌ من القوم: اللَّهمَّ؛ العنه ما أكثرَ ما يشرب وأكثر ما يجلد! فقال عليه السَّلام: «لا تلعنه؛ فإنَّه يحبُّ الله ورسوله»، وكان صاحبَ مزاح)، انتهى، فقول الحافظ الدِّمْيَاطيِّ: (مع السَّبعين): اعلم أنَّه اختُلِف في عددهم؛ فيقال: ثلاثة وسبعون، ويقال: سبعون رجلًا، وقال ابن سعد: يزيدون رجلًا أو رجلين وامرأتان، وقال ابن إسحاق: ثلاثة وسبعون وامرأتان، وقال الحاكم: خمسة وسبعون نفسًا، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ المرأتين: نَسبية بنت كعب أمُّ عمارة، وأسماءُ بنت عمرو بن عديِّ بن نابي أمُّ منيع، والله أعلم، قال الواقديُّ: (بقي نُعيمانُ حتَّى تُوُفِّيَ أيَّام معاوية، كذا نقله ابن عَبْدِ البَرِّ)، انتهى، وكان كثير المزاح يضحكُ رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من مزاحه، وهو صاحب سُويبط بن حرملة، وقصَّتهما مشهورة، وأنَّ نُعيمان باع سُويبطًا بالشام، وقال للذين اشتروه: هو ذو لسان، وسيقول: إنَّه حرٌّ، فلا تغترُّوا بقوله، وله أشياءُ كثيرةٌ في المزاح مشهورة.

تنبيهٌ شاردٌ: وقع في أصل سماعنا بـ «سنن ابن ماجه» _وهو أصل عظيم جدًّا دخل فيه حفَّاظٌ كبارٌ_ في (باب المزاح): خرج أبو بكر في تجارة إلى بصرى قبل موت النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعام ومعه نُعَيمان وسُوَيبط بن حرملة، وكانا شهدا [1] بدرًا، وكان نُعيمان على الزَّاد،

[ج 2 ص 737]

(1/12075)

وكان سُوَيبطٌ رجلًا مزَّاحًا، فقال لنُعيمان: أطعمني، فقال: حتَّى يجيء أبو بكر، قال: أَمَا لأغيظنَّك، قال: فمرُّوا بقوم، فقال لهم سُويبط: تشترون منِّي عُبيدًا لي؟ قالوا: نعم ... إلى أن قال: فقال نُعيمان: إنَّ هذا يستهزئ بكم ... )؛ الحديث، كذا في أصلنا: أنَّ سويبطًا باع نُعَيمان، والمعروف العكس، وكذا ذكره الزُّبَير بن بكَّار في كتاب «المزاح»، والواقديُّ في «مغازيه»، وغيرُهما، وكذا ذكره بعض الحُفَّاظ، وقد ذكر ابن عَبْدِ البَرِّ سويبطًا في «استيعابه»، وذكر هذا الحديث من طريق ابن أبي شيبة بإسناده، ثم قال: (هكذا روى هذا الحديث وكيعٌ وخالفه غيرُه، فجعل مكان «سويبطٍ»: «نُعَيمان»)، انتهى، وسويبط بن حرملة، وقيل: ابن سعد بن حرملة القرشيُّ العبدريُّ، هاجر إلى الحبشة، وهو الذي سافر مع أبي بكر ومزح معه نُعَيمان، انتهى، وذكر في نُعيمان بن رفاعة بن عمرو النَّجَّاريِّ: هو نُعمان، فصُغِّر، بدريٌّ، كان يمزح كثيرًا، وذكره النَّوويُّ في «تهذيبه» كما في أصلنا في «ابن ماجه»، فخالف، ويحتمل أنَّ كلًّا منهما صنع ذلك، والثاني عمله؛ مكافأةً لفعل الأوَّل، والله أعلم.

(1/12076)

[باب الضرب بالجريد والنعال]

(1/12077)

[حديث: أن النبي أتي بنعيمان أو بابن نعيمان وهو سكران فشق عليه]

6775# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ أنَّه السَّخْتيَانيُّ، و (عَبْد اللهِ بْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ نسبه قريبًا جدًّا.

قوله: (أُتِيَ بالنُّعَيْمَانِ [1]): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النُّعَيمَان أو ابن النُّعيمان): تَقَدَّمَ أنَّ الصَّواب مِن أحد الشَّكَّين: أنَّه النُّعيمان، وتَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وأنَّه مُكبَّر صُغِّر.

(1/12078)

[حديث: جلد النبي في الخمر بالجريد والنعال]

6776# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ، الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامٌ): هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

==========

[ج 2 ص 738]

(1/12079)

[حديث: لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان]

6777# قوله: (أَخْبَرَنا [1] أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أنس بن عياض، و (يَزِيد بْن الْهَادِ): هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وهو في أصلنا: بغير ياء، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الصحيح: إثبات الياء، و (مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ): هو ابن الحارث التيميُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ.

قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرَّجل): يحتمل أن يكون النُّعيمان، ويحتمل أن يكون عبدَ الله الملقَّب بحمار، على ما فيه، وسيأتي قريبًا ما فيه من كلام الحافظ الدِّمْيَاطيِّ، ثمَّ إنِّي رأيت كلام ابن شيخنا البُلْقينيّ، فقال: (يصحُّ تفسيره بالنُّعيمان وبعبد الله حمارٍ)، قال: (وفي «مختصر الاستيعاب» في ترجمة نُعيمان بن عمرو: قال أبو عمر: كان نُعيمان رجلًا صالحًا على ما كان فيه من الدُّعابة، وكان له ابنٌ قد انهمك في الخمر، فجلده رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيها أربعَ مَرَّاتٍ، وقال عليه السَّلام للذي لعنه: «لا تلعنه؛ فإنَّه يحبُّ الله ورسوله»، وقد رُوِي ذلك في النُّعيمان نفسِه، وفيه قال القوم: أخزاك الله)، انتهى.

قوله: (قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللهُ): القائل ذلك لا أعرفه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين في هذا الحديث _وهو حديث أبي هريرة_: (هو عمر بن الخَطَّاب، رواه البيهقيُّ، ثمَّ قال: ويُفسَّر به القائل في حديث عمر في قصَّة عبد الله الملقَّب حمارًا)، انتهى.

(1/12080)

[حديث: ما كنت لأقيم حدًا على أحد فيموت]

6778# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، و (أَبُو حَصِينٍ)؛ بفتح الحاء وكسر الصَّاد المُهْمَلَتين، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الكنى: بالفتح، والأسماء: بالضَّمِّ، واسم أبي حَصِين هذا: عثمان بن عاصم، و (عُمَيْر بْن سَعِيدٍ النَّخَعِي): يروي عن ابن مسعود وعليٍّ رضي الله عنهما، وعمَّار، وسعد، وأبي موسى رضي الله عنهم، وطائفة، وعنه: الشَّعْبيُّ، وأبو حَصِين، والأعمش، وحجَّاج بن أرطاة، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين، تُوُفِّيَ في ولاية خالد بن عبد الله سنة خمسَ عشرةَ ومئةٍ، وقال ابن حِبَّانَ: سنة سبع ومئة في ولاية عمر بن هبيرة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه.

تنبيهٌ: يشتبه به عمير بن سعد؛ بغير ياء، وهذا أنصاريٌّ أوسيٌّ، يروي عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعنه: ابنه محمود، وكثير بن مُرَّة، وأبو إدريس الخولانيُّ، وراشد بن سعد، وجماعة، وكان يقال له: نسيج وحده، وُلِّي فلسطين لعمر، وأبوه بدريٌّ، قال مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير: سعد بن عبيد هو أبو زيد الذي جمع القرآن على عهده عليه السَّلام، وهو بدريٌّ، قُتل بالقادسيَّة سنة ستَّ عشرةَ، وابنه عمير هو والي عمر، وأمَّا مصعب الزُّبَيريُّ؛ فروى عبد الله بن مُحَمَّد بن عمارة بن القدَّاح [1] قال: عمير بن سعد بن شهيد بن قيس بن النُّعمان بن عمرو بن أُمَيَّة، صحب النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولم يشهد شيئًا من المشاهد، واستعمله عمر على حمص، ثمَّ ارتحل عنها إلى المدينة، وكانت ولايته بعد سعيد بن عامر، وقال ابن سيرين: كان عمير بن سعد يعجب عمر بن الخَطَّاب، وكان مِن عجبه به يسمِّيه: نسيج وحده، رُوِي: أنَّه مات في زمن عمر، وقيل: زمن عثمان، أخرج لهذا التِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ في «عمل اليوم واللَّيلة»، وليس له في الكتابَين شيءٌ، وأبو زيد قد ذكرتُه في مكانه، قال أنس: (وهو أحد عمومتي ونحن ورثناه)، وهذا مِن الخزرج، والله أعلم.

قوله: (فَيَمُوتَ، فَأَجِدَ فِي نَفْسِي): هو بنصب (يموت) و (أجد)، ويصحُّ رفعهما أيضًا.

قوله: (إِلَّا صَاحِبَ): هو مَنْصُوبٌ على الاستثناء، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَدَيْتُهُ): أي: أعطيت دِيتَه، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12081)

قوله: (لَمْ يَسُنّهُ): معناه: لم يُقدِّر فيه حدًّا مضبوطًا، قاله النَّوويُّ، وقال في «تهذيبه»: (قيل: لم تسنَّ الزيادة على الأربعين؛ تعزيرًا، فأنا إذا زدتها تعزيرًا فمات؛ وديتُه، والثَّاني معناه: لم يسنَّه بالسَّوط، بل بالنِّعال وأطراف الثِّياب)، انتهى، وقال في «شرح مسلم»: (وقد أجمع العلماء على أنَّ مَن وَجَبَ عليه حدٌّ، فجلده الإمامُ أو جلَّاده الحدَّ الشرعيَّ، فمات؛ فلا دية له ولا كفَّارة، لا على الإمام ولا على جلَّاده ولا في بيت المال، وأمَّا مَن مات مِن التَّعزير؛ فمذهب الشَّافِعيِّ وجوبُ ضمانه بالدِّية والكفَّارة، وفي محلِّ ضمانه قولان للشَّافعيِّ؛ أصحُّهما: تجب دِيتُه على عاقلة الإمام، والكفَّارة في مال الإمام، والثَّاني: تجب الدِّية في بيت المال، وفي الكفَّارة على هذا وجهان لأصحاب الشَّافِعيِّ؛ أحدهما: في بيت المال أيضًا، والثاني: في مال الإمام، وقال جماهير العلماء: لا ضمانَ فيه، لا على الإمام ولا على عاقلته ولا في بيت المال، والله أعلم.

تنبيهٌ: قوله: (وقد أجمع العلماء ... ) إلى آخره: فيه شيء يُعرَف مِن كلام الشَّافِعيَّة فيما إذا مات المحدود في شرب الخمر، وكان قد حُدَّ أربعين فقط، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (الفلاح)، والمُثبَت من كتب التَّراجم.

[ج 2 ص 738]

(1/12082)

[باب ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج من الملة]

(1/12083)

[حديث: لا تلعنوه فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله]

6780# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام الجواد.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ [2] اسْمُهُ عَبْدَ اللهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هذا وَهَم، واسمه النُّعيمان، كما تَقَدَّمَ) انتهى، واعلم أنَّ عبد الله حمارًا معدود في الصَّحَابة، وقد ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ فيهم وغيرُه، وقد رأيت بخطِّ الحافظ فتح الدين ابن سيِّد الناس: (أنَّه كان يُضحِك رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ذكر حديثه البزَّار)، انتهى، ولا أعرف نسبه، وهو صاحب مزاح، وكان يُهدي إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ويضحكه، والتَّوهيم في كلام الدِّمْيَاطيِّ: الذي ظهر لي أنَّه لم ينكر صحبة عبد الله حمار، ولكنَّه أنكر كونه المعروف بشرب الخمر، وأنَّه جلد فيه، إنَّما يُعرَف بها النُّعيمان، لا أنَّه يُنكِر أن يكون عبدُ الله حمارٌ صحابيًّا، والله أعلم، وحمارٌ لقبُ هذا الرَّجل؛ كالحمار؛ الدَّابَّة المعروفة، ووقع في «الاستيعاب» في آخر (العبادلة): (أنَّه يلقَّب جمازًا)؛ بالجيم والزَّاي بالقلم، وقد كتب تجاه ذلك ابن الأمين أبو إسحاق: (أنَّ صوابه: حمار)، وكذا رأيت بخطِّ أبي الفتح اليعمريِّ، ولفظه: (الصَّوابُ عندهم: حمار؛ بالمُهْمَلَتين)، انتهى، وهذا مَعْرُوفٌ لا شكَّ فيه، وكأنَّه سبق قلم مِن النَّاسخ، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يُضحِك)؛ بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ؛ الْعَنْهُ): هذا (الرجل) لا أعرف اسمه، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (هذا الرجل مُسمًّى في رواية البيهقيِّ، وهو عمر بن الخَطَّاب راوي الحديث) _وكذا ذكر بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين كما تَقَدَّمَ قريبًا_ ثمَّ ذكر الحديث، انتهى.

واعلم أنَّ ترجمة البُخاريِّ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شَارِبِ الْخَمْرِ): مراده بالكراهة: التَّحريم، وقد تَقَدَّمَ له أمثالُه، وهذه

[ج 2 ص 738]

(1/12084)

عادة الأقدمين، واعلم أنَّ لعن الإنسان بعينه إذا اتَّصف بشيء من المعاصي؛ كيهوديٍّ أو نصرانيٍّ أو ظالم أو زانٍ أو آكل ربًا؛ فظواهر الأحاديث أنَّه ليس بحرام، وأشار الغزاليُّ إلى تحريمه، وهو مذهب البُخاريِّ، وسيأتي قريبًا: (بَاب لعن السَّارق إذا لم يُسَمَّ) انتهى، قال الغزاليُّ: (إلَّا في حقِّ مَن علمنا أنَّه مات على الكفر؛ كأبي لهب وأبي جهل وفرعون وهامان وأشباههم، قال: ويَقرُب مِن اللَّعن الدُّعاء على الإنسان بالشَّرِّ حتَّى الدُّعاء على الظَّالم؛ كقول الإنسان: لا أصحَّ اللهُ جسمَه، ولا سلَّمه اللهُ، وما جرى مجراه، وكلُّ ذلك مذمومٌ، وكذلك جميع الحيوانات والجماد، فكلُّه مذموم، وفي تبويب «رياض الصَّالحين» منعُ لعن المعيَّن، وما ذكرته أعلاه هو كلامه في «الأذكار»، وعن أحمد روايتان في لعن المعيَّن، حكاهما ابن تيمية في «الرَّد على الرَّافضيِّ» في قضيَّة يزيد بن معاوية، فمرَّةً لعنه، ومرَّةً أمسك، والله أعلم، وأمَّا غير المُعيَّن؛ فيجوز، قال الله: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]، وقال عليه السَّلام: «لعن الله الواصلة والمُستوصِلة»، وقال: «لعن الله آكل الرِّبا»، و «لعن المصوِّرين»، و «لعن مَن غيَّر منار الأرض»؛ أي: حدودها، و «لعن السَّارق»، وأمثالُ هذا كثيرٌ.

(1/12085)

قوله: (مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ): كذا في أصلنا، وفي الهامش خُرِّج (إلَّا) بعد (علمتُ)، وعُمِل عليها علامةُ راويها، فيبقى الكلام: ما علمت إلَّا أنَّه يحبُّ الله ورسوله، ولا إشكال في هذه النسخة، وأمَّا الرِّواية التي هي في الأصل: (ما علمتُ أنَّه يحبُّ الله ورسوله)؛ فقال في «المطالع»: (وتاء المُتكلِّم مضمومة، و «أنَّه»؛ بفتح الهمزة؛ ومعناه: فوالله؛ الذي علمته أنَّه يحبُّ الله ورسوله، أو لقد علمت، وليست (ما) بنافية، و (أنَّه) وما بعده بتأويل المفعول بـ «علمتُ»، ووقع عند بعضهم: «فوالله ما علمت إنَّه»؛ بكسر الهمزة من «إنَّه»، وهو وَهم يُحيل المعنى إلى ضدِّه، ويجعل «ما» نافيةً، والتَّاء عند الأصيليِّ: مضمومةٌ، وعند ابن السَّكن: مفتوحة؛ «علمتَ» تاء المخاطب على طريق التَّقرير له، ويصحُّ على هذا كسرُ «إنَّه» وفتحها، والصَّواب: كسر «إنَّ» وضمُّ التَّاء؛ وتقدير الكلام: لا تلعنوه، فوالله إنَّه يحبُّ الله ورسوله ما علمتُ؛ أي: مدَّة علمي، و «ما»: ظرفٌ للمحبَّة، وفتحُ التَّاءخطأ)، انتهى، وقال في (حرف الميم مع الهمزة): (في «باب لعن الشارب»: «لا تلعنه»؛ فوالله ما علمتُ إنَّه يحب الله ورسوله»: «ما» ههنا بمعنى: الذي، و «إنَّ» بعده مكسورةٌ مبتدأٌ، وفي بعض الروايات: «فوالله لقد علمت») انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيِّ).

[2] في (أ): (وكان)، ولعلَّه سبق نظر، والمثبت من «اليونينيَّة» و (ق).

(1/12086)

[حديث: لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم]

6781# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ): كذا في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ الصَّحيح: إثبات الياء فيه، وفي (العاصي) و (ابن أبي الموالي) و (ابن اليماني)، وتَقَدَّمَ أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن الحارث التَّيميُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف.

قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَكْرَانَ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذا (السَّكران): يحتمل أن يكون النُّعيمانَ أو عبد الله حمارًا، على ما قَدَّمْتُ فيه من كلام الدِّمْيَاطيِّ.

قوله: (رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللهُ؟!): تَقَدَّمَ أنَّ هذا لا أعرفه.

==========

[ج 2 ص 739]

(1/12087)

[باب السارق حين يسرق]

(1/12088)

[حديث ابن عباس: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ... ]

6782# قوله (حَدَّثَنَا [1] عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس الصيرفيُّ، الحافظ، أحد الأعلام، و (فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ)؛ بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المُعْجَمَة.

قوله: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا في أوَّل (كتاب الحدود).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثني).

[ج 2 ص 739]

(1/12089)

[باب لعن السارق إذا لم يسم]

قوله: (بَابُ لَعْنِ السَّارِقِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ): (يُسَمَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقوله: (إذا لم يُسَمَّ): تَقَدَّمَ الكلام على لعن المعيَّن مِن أصحاب المعاصي؛ فانظره أعلاه، وأمَّا لعن غير المعيَّن؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه يجوز.

==========

[ج 2 ص 739]

(1/12090)

[حديث: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده]

6783# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غِيَاثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاءٌ مُثَلَّثَةٌ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان.

قوله: (يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ): سيأتي عقب هذا في طرف الحديث: (قالَ الأَعْمَشُ: كَانُوا يُرَوْنَ [1] أَنَّهُ بَيْضُ الْحَدِيدِ) انتهى، قيل: هي بيضة الطَّائر المعروفة، وهذا يؤيِّد مذهب مَن يقطع في كلِّ قليل وكثير، ولا يَعْتَبِر النِّصَابَ، وقيل: هو مَثَلٌ وإِخْبَار عن مآل مَن اعتاد السَّرقة ولو للشيء التَّافه، فإنَّ ذلك يجرُّه إلى سرقة ما له بالٌ، وقيل: المراد: بيضةُ الحديد _كما تَقَدَّمَ عن الأعمش_ التي لها قدرٌ، قال ابن الأثير في «نهايته»: («يسرق البيضة»؛ يعني: الخوذة، قال ابن قُتَيْبَة: الوجه في الحديث: أنَّ الله لمَّا أنزل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، وقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لعن الله السَّارق يسرق البيضة، فتُقطَع يدُه»، على ظاهر ما نزل عليه؛ يعني: بيضة الدَّجاجة ونحوها، ثمَّ أعلمه اللهُ بعدُ أنَّ القطع لا يكون إلَّا في ربع دينار فما فوقه، وأنكر تأويلها بالخوذة؛ لأنَّ هذا ليس موضعَ تكثيرٍ لما يأخذه السارق، وإنَّما موضع تقليل، فإنَّه لا يقال: قبَّح الله فلانًا عرَّض نفسه للضَّرب في عقد جوهر، إنَّما يقال: لعنه الله تعرَّض لقطع يده في خَلِقٍ رثٍّ أو كبَّة شعر)، انتهى.

قوله: (وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ): عقَّبه الأعمش، فقال: (وَالْحَبْلُ كَانُوا يُرَوْنَ [2] أَنَّهُ مِنْهَا مَا يَسْوَى دَرَاهِمَ): وفي نسخة: (يُسَاوي)، وهذه الفصيحة، و (يَسوي): لُغيَّة، وفي «مسلم» في آخر (كتاب النذر) استعمالُها مِن كلام عبد الله بن عمر، قال الجوهريُّ: (الفرَّاء: هذا الشَّيء لا يساوي كذا، وكذا لا يساويه؛ أي: لا يعادله)، انتهى، وقال المرزوقيُّ في «شرح الفصيح»: (هذا الشيء يساوي ألفًا؛ أي: يستوي معه في القَدْر، قال: والعامَّة تقول: يَسْوِي، وليس بشيء، واعتذر بعضهم عن كلام ابن عمر، فقال: هو تغيير من بعض الرُّواة)، و (الحبل): قيل: هو على ظاهره، وقيل: حبل السَّفينة، والله أعلم، ويأتي فيه ما ذكرته في (البيضة) أعلاه.

==========

(1/12091)

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يَرَوْن).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يَرَوْن).

[ج 2 ص 739]

(1/12092)

[باب: الحدود كفارة]

قوله: (بَابٌ: الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحدود كفَّارة)، وعلى حديث أبي هريرة: (ما أدري الحدود كفَّارات لأهلها أم لا؟) في أوَّل هذا التعليق، وإشكال على حديث عبادة هذا، والجواب عنه مُطَوَّلًا؛ فانظره في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة.

(1/12093)

[حديث: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا.]

6784# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيَابيُّ، والفِرْيَابيُّ قد روى عن السُّفيانَين، ويؤيِّد أنَّه الفِرْيَابيُّ: أنَّ أبا عليٍّ الغسَّانيَّ ذكر الفِرْيَابيَّ ومُحَمَّد بن يوسف أبا أحمد البُخاريَّ البيكنديَّ، فقال: (حدَّث _يعني: الثَّاني_ عن سفيان بن عُيَيْنَة، وعبد الأعلى بن مسهر، وأبي أسامة، وأحمد بن يزيد الحرانيِّ)، ثمَّ ذكر أماكنَ في «صحيح البُخاريِّ» رواها البُخاريُّ عنه، ولم يذكر هذا المكان منها، بل ذكر مكانًا بعد هذا يأتي، وأتت مِن وراء الكشف، ولم يعينه المِزِّيُّ في «أطرافه»، بل قال: (مُحَمَّد بن يوسف)، ولم يتعرَّض له شيخنا بالكليَّة، والله أعلم،

[ج 2 ص 739]

و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو إِدْرِيس الخَوْلَانِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عائذُ الله بن عبد الله.

قوله: (كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا كان في بيعة العقبة، وقد تَقَدَّمَ متى كانت هذه الثَّانية، وإن شئت؛ قلت الثَّالثة، وكم كانوا، والاختلاف في عددهم، والله أعلم.

(1/12094)

[باب: ظهر المؤمن حمًى إلا في حد أو حق]

(1/12095)

[حديث: ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمةً]

6785# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا فيما يظهر لي مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهليُّ الحافظ، ومستندي في ذلك أنَّ الذَّهَبيَّ قال في «التذهيب» في ترجمة عاصم بن عليٍّ: وعنه فلانٌ وفلانٌ، وقد روى البُخاريُّ وابن ماجه عن مُحَمَّد بن يحيى الذهليِّ عنه، والله أعلم.

و (عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ): هو عاصم بن عليِّ بن عاصم بن صهيب الواسطيُّ، أبو الحسين، ويقال: أبو الحسن، التَّميميُّ، روى عن أبيه، وابن أبي ذئب، والمسعوديِّ، وعكرمة بن عمَّار، وعاصم بن مُحَمَّد بن زيد العمريِّ، وشعبة، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ، والدارميُّ، وعليُّ بن عبد العزيز البغويُّ، وكان مِن ثقات الشيوخ وأعيانهم، قال أحمد: ما أقلَّ خطأه! لقد عرض عليَّ حديثه، وهو أصحُّ حديثًا مِن أبيه، وقال ابن معين: ضعيف، وفي رواية: ليس بشيء، وفي رواية: ليس بثقة، وفي رواية: كذَّاب، قال ابن سعد وغيره: مات في نصف رجب سنة (221 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/12096)

و (عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عاصمٌ وواقدٌ وزيدٌ وعمر وأبو بكر أولاد مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر، روى عاصم عن أبيه، وعن أخويه واقدٍ وعمرَ، اتَّفقا على واقدٍ وعاصم وعمر، وانفرد البُخاريُّ لعاصم بن عليٍّ الواسطيِّ)، انتهى، و (وَاقِد)؛ بالقاف، وهذا مَعْرُوفٌ، وقد تَقَدَّمَ، وقوله: (وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَبِي): يعني: مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، عن جدِّه عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، وهذا ظاهِرٌ، وإنَّما كتبته؛ لأنَّ في أصلنا تحت قوله: (سمعت أبي) ما لفظه: (هو زيد)، وهذا خطأ، وإنَّما هو مُحَمَّد بن زيد، وهذا الحديث الذي نحن فيه ذكره المِزِّيُّ في مسند مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب عن جدِّه ابن عمر، لا في مسند زيد بن عبد الله بن عمر، ومُحَمَّد بن زيد له أحاديثُ في «البُخاريِّ»، وروى له أيضًا عن عبد الله بن عمر جدِّه مسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأمَّا زيد بن عبد الله بن عمر؛ فليس له في شيء مِن الكتب عن عبد الله بن عمر إلَّا حديثًا واحدًا: (بينما هو في الدَّار _يعني: عمر_ خائفًا؛ إذ جاءه العاصي بن وائل ... »؛ الحديث في إسلام عمر، وحديثًا آخرَ مُعلَّقًا: «من جرَّ ثوبه مِن مخيلة ... »؛ الحديث، عقيب حديث محارب عن ابن عمر، قال: تابعه زيد بن عبد الله عن أبيه، والله أعلم، وكتب بعض فضلاء الحنفيَّة تحت (عبد الله) ما لفظه: (ابن عمر، وهو جدُّ زيد) انتهى، إنَّما هو والده، والله أعلم.

قوله: (أَلاَ شَهْرُنَا هَذَا)، وكذا (بَلَدُنَا)، وكذا (يَوْمُنَا): كلُّه مَرْفُوعٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (كُلَّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ): (كلَّ): مَنْصُوبٌ على الظَّرف؛ أي: في كلِّ ذلك يجيبونه، ويصحُّ رفعه.

قوله: (وَيْحَكُمْ، أَوْ وَيْلَكُمْ!): تَقَدَّمَ الكلام على (وَيْح) وعلى (وَيْل).

قوله: (يَضْرِبُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالرفع، وأنَّ مَن جزمه أخطأ، وتَقَدَّمَ ما قال فيه أبو البقاء وابن مالك، وتَقَدَّمَ أنَّ الرواية بالرَّفع في أوائل هذا التعليق.

(1/12097)

[باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله]

(1/12098)

[حديث: ما خير النبي بين أمرين إلا اختار أيسرهما]

6786# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيل) مرارًا: أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَأْثَمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، و (خُيِّر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (يُؤْتَى إِلَيْهِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَت بلغاتها.

قوله: (حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللهِ): (تُنتهَكَ): مَبْنيٌّ لما يُسَمَّ فاعله، و (حرماتُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَيَنْتَقِمُ): يجوز نصبه ورفعه.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ).

[ج 2 ص 740]

(1/12099)

[باب إقامة الحدود على الشريف والوضيع]

(1/12100)

[حديث: إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا يقيمون الحد ... ]

6787# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (كَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةٍ): هذه (المرأة) هي السارقة، وقد قَدَّمْتُ أنَّ اسمها فاطمة بنت أبي الأسد أو أبي الأسود، وقيل: بنت الأسود بن عبد الأسد المخزوميَّة، صحابيَّة رضي الله عنها.

قوله: (أَنَّهُمْ كَانُوا): (أنَّهم)؛ بفتح الهمزة، وهذا ظاهِرٌ معروف.

قوله: (لَوْ فَاطِمَةُ فَعَلَتْ ذَلِكَ): تَقَدَّمَ أنَّ الحكمة في تنظير السَّارقة بفاطمة؛ للاسم، ولأنَّ كلَّ واحدة منهما قرشيَّة، وقد تَقَدَّمَ ما ذكره ابن ماجه عن شيخه مُحَمَّد بن رمح عن اللَّيث بن سعد في أنَّ حقًّا على كلِّ مسلم سمع هذا الحديث أن يقول: قد أعاذها الله مِن أن تسرق، قد أعاذها الله مِن أن تسرق.

(1/12101)

[باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان]

قوله: (بَابُ كَرَاهِيَةِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ إِذَا رُفِعَ إِلَى السُّلْطَانِ): قوله: (كراهية): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بتخفيف الياء، ويقال من حيث اللُّغةُ: كراهي، وقوله: (باب كراهية ... ) إلى آخره: يريد: تحريم، والقدماء يعبِّرون بالمكروه عن الحرام، وقد تَقَدَّمَ له أمثاله.

قوله: (إِذَا رُفِعَ إِلَى السُّلْطَانِ): (رُفِع): مَبْنيٌّ لما يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 2 ص 740]

(1/12102)

[حديث: يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم أنهم ... ]

6788# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (شَأْنُ [1] المَرأةِ [2] الَّتِي سَرَقَتْ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله اسمُها ونسبُها.

قوله: (وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ): (يجترئ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (إِلاَّ أُسَامَةُ): هو مَرْفُوعٌ، استثناء مفرغ.

قوله: (حِبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حِبُّ)؛ بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة؛ أي: محبوب.

قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (وايم) وما يتعلَّق بها، وهل همزتها وصل _وهو الصَّحيح_ أو قطع، والله أعلم.

(1/12103)

[باب قول الله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} ... ]

[ج 2 ص 740]

قوله: (وَفِي كَمْ تُقْطَعُ [1]): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فِي امْرَأَةٍ سَرَقَتْ): هذه (المرأة) لا أعرف اسمها.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يُقطَع).

(1/12104)

[حديث: تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا]

6789# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَمْرَة): بنت عبد الرَّحمن، تَقَدَّمَت، وأنَّها مِن أجلِّ التابعيَّات، وأجلُّ التابعيَّات: عمرةُ، وحفصةُ بنت سيرين، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى، و (عمرة): هي بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرارة الأنصاريَّة المدنيَّة الفقيهة، كانت في حجر عائشة، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها.

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على إبراهيم بن سعد، و (عبد الرَّحْمَن بن خالد): هو ابن مسافر أمير مصر، تَقَدَّمَت ترجمته، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، و (ابن أخي الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم، أخرج له الجماعة، ومتابعته لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: (رواها مُحَمَّد بن خالد الذهليُّ في كتاب «علل أحاديث الزُّهْرِيِّ» عن رَوح بن عُبَادة ومُحَمَّد بن أبي بكر عنهما)؛ أي: عن عبد الرَّحْمَن بن خالد وابن أخي الزُّهْرِيِّ، و (مَعْمَر): هو ابن راشد، تَقَدَّمَ مِرارًا، ومتابعة مَعْمَر أخرجها مسلم عن عَبْد بن حُمَيدٍ وإسحاق بن إبراهيم؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق عن مَعْمَر عن الزُّهْرِيِّ، وأخرجها النَّسائيُّ عن الحسن بن مُحَمَّد الزَّعفرانيِّ، عن عبد الوهَّاب _وهو ابن عطاء الخفَّاف_ عن سعيد بن أبي عَروبة، عن مَعْمَر به.

==========

[ج 2 ص 741]

(1/12105)

[حديث: تقطع يد السارق في ربع دينار]

6790# قوله: (عَنِ ابْنِ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 741]

(1/12106)

[حديث: يقطع في ربع دينار]

6791# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد، أبو عُبَيدة، الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (الْحُسَيْنُ): هو ابن ذكوان المُعلِّم، وقوله فيه: (عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي الدِّمَشْقيِّ: (عن يحيى بن آدم، عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عن عمرة)، وفي «أطراف المِزِّيِّ»: (البُخاريُّ في «الحدود» عن عمران بن ميسرة، عن عبد الوارث، عن الحُسين المُعلِّم، عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عن عمرة به، والنَّسائيُّ في «القطع» عن إبراهيم بن يعقوب، عن عبد الله بن يوسف، عن عبد الرَّحْمَن بن أبي الرِّجال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عن أبيه نحوه: تُقطَع يد السَّارق في ثمن المجنِّ ربع دينار، وعن يحيى بن دُرستَ، عن أبي إسماعيل القنَّاد، عن يحيى بن أبي كَثِير به، وعن حُمَيد بن مسعدة عن عبد الوارث به، أخرجه أبو مسعود في هذه الترجمة، وأخرجه خلف في ترجمة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابن أخي عمرة عن عمرة، ورواه لوين، عن أبي إسماعيل القنَّاد، عن يحيى، عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ثوبان، عن عمرة)، انتهى، والظَّاهر أنَّ نسختي بـ «الأطراف» سقط منها (يحيى)، والظَّاهر أنَّه ابن أبي كَثِير؛ لقول المِزِّيِّ: (عن يحيى بن أبي كَثِير به)، ويحيى بن آدم، ليس في هذه الطَّبقة، والله أعلم، ورأيت في نسختين؛ إحداهما: (يحيى بن أبي كَثِير)، والثَّانية: (يحيى: هو ابن أبي كَثِير)، والله أعلم.

(1/12107)

[حديث: أن يد السارق لم تقطع على عهد النبي إلا في ثمن مجن]

6792# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وهو ابن سليمان.

قوله: (إِلَّا فِي ثَمَنِ مِجَنٍّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ): (المِجَنُّ)؛ بكسر الميم، وفتح الجيم، وتشديد النون؛ وهو التُّرس، وميمه أصليَّة عند سيبويه، وقيل: زائدة، وفي (جنن) أخرجه الجوهريُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): هذا هو ابن أبي شيبة، أخو الحافظ أبي بكر، وهو أسنُّ من أبي بكر ابن أبي شيبة، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو الرؤاسيُّ، أخرج له الجماعة، مشهورٌ.

(1/12108)

[حديث: لم تكن تقطع يد السارق في أدنى من حجفة أو ترس]

6793# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ): (تُقطع): مَبْنيٌّ لما يسمَّ فاعله، و (يدُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 741]

(1/12109)

[حديث: لم تقطع يد سارق على عهد النبي]

6794# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

قوله: (تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ): (تُقطَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (يدُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (رَوَاهُ وَكِيعٌ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، مُرْسَلًا) [1]: أمَّا (وكيع)؛ فهو ابن الجرَّاح الرؤاسيُّ، أحد الأعلام، و (ابن إدريس): هو عبد الله بن إدريس الأوديُّ، أحد الأعلام، و (المُرسَل) فيه أقوالٌ؛ الأصحُّ فيه: أنَّه قول التابعيِّ: (قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وهو الذي أراده البُخاريُّ هنا، أو قول التابعيِّ الكبير، أو ما سقط مِن رجالِ إسنادِه واحدٌ، وفيه غير ذلك من الأقوال، وهذا المُرسَل لم أره في شيء مِن الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا في رواية وكيع: (أخرجها عبد الرزَّاق في «مُصنَّفه» عنه فيما ذكره الطَّبَرانيُّ في «أوسطه»)، انتهى، وسكت عن رواية ابن إدريس، انتهى، كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ تجاه هذا المكان على كلامي ما لفظه: (هذا العزوُ _أنَّ رواية وكيع ليس بشيء_ وقد وصل البيهقيُّ روايتَي وكيعٍ وعبدِ الله بن إدريس، وأخرج ابن أبي شيبة روايةَ وكيع في «مُصنَّفه»، وليس لشيء من ذلك ذِكْرٌ في «الأوسط» للطَّبرانيِّ).

(1/12110)

[حديث: أن رسول الله قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم]

6795# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (فِي مِجَنٍّ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، وما هو.

(1/12111)

[حديث: قطع النبي في مجن ثمنه ثلاثة دراهم]

6797# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.

قوله: (فِي مِجَنٍّ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، وما هو.

==========

[ج 2 ص 741]

(1/12112)

[حديث: قطع النبي يد سارق في مجن ثمنه ثلاثة دراهم]

6798# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أنس بن عياض.

قوله: (يَدَ سَارِقٍ): هذا (السَّارق) لا أعرف اسمه.

قوله: (تابعه مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ): الضَّمير في (تابعة) يعود على موسى بن عقبة، وهذه المتابعة رأيتها في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم أراجع أصلنا القاهريَّ، ثمَّ إنِّي رأيتها في أصلنا، وعليها بالحمرة: (ز)؛ يعني: زائدة، وعليها أيضًا علامة راويها بالحمرة، وفي آخره: (صح)؛ بالحمرة، ثمَّ ذَكَر في أصلنا هذه المتابعة بعينها قبلَ حديث موسى بن إسماعيل: «لعن الله السَّارق ... »؛ الحديث، وقد كتب عليها: (لا، ه)، وفي آخرها: (إلى) و (صح)، وفي ثبوتها في الموضعَين نظرٌ، والله أعلم، وقد كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: (ومتابعة ابن إسحاق وصلها الإسماعيليُّ في «مستخرجه»)، انتهى، ورأيت المِزِّيَّ ذكرها في «الأطراف»، لكن ذكرها شيخنا في طرف الحديث ولم يخرِّجها، ولا أعلم من خرَّجها، وليست في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ: قِيمَتُهُ): كذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم أراجع أصلنا القاهريَّ، وتعليق اللَّيث أخرجه مسلم عن قُتَيْبَة ومُحَمَّد بن رمح؛ كلاهما عن اللَّيث به، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن قُتَيْبَة به، وقال: حسن صحيح.

(1/12113)

[حديث: لعن الله السارق يسرق البيضة، فتقطع يده]

6799# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وقد قَدَّمْتُ بعضَ ترجمته، وأنَّ صاحبَي «الصَّحيح» تجنَّبا ما أُنكِر عليه مِن تلك الأحاديث، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان.

قوله: (لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.

==========

[ج 2 ص 741]

(1/12114)

[باب توبة السارق]

(1/12115)

[حديث: أن النبي قطع يد امرأة ... ]

6800# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (قَطَعَ يَدَ امْرَأَةٍ): الظاهر، بل البتُّ أنَّها المخزوميَّة التي سرقت في الفتح، وتكلَّم فيها أسامة، وقد تَقَدَّمَ اسمها قريبًا وبعيدًا؛ فانظرها.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 741]

(1/12116)

[حديث: أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئًا]

6801# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، ولمَ قيل له: المسنديُّ، تَقَدَّمَ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو الصنعانيُّ، قاضي صنعاء، تَقَدَّمَ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين بينهما، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيس): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عائذ الله بن عبد الله، أبو إدريس الخولانيُّ.

[ج 2 ص 741]

قوله: (بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه البيعة كانت في العقبة الثانية، وإن شئت؛ قلت: الثَّالثة، وتَقَدَّمَ كم كانت الأنصار المبايعون فيها، مع الخلاف في ذلك في أوائل هذا التعليق وغيره، وهم معروفون، فإن أردتَهم؛ فانظر «سيرة أبي الفتح اليعمريِّ»، وإن شئت؛ غيرها مِن السِّير.

قوله: (فَهْوَ كَفَّارَةٌ [1] وَطَهُورٌ): هو بضَمِّ الطَّاء وتُفتَح، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (له).

(1/12117)

((86 م)) (كِتَابُ المُحارِبِينَ) ... إلى (بَاب رَجْمِ المُحْصَنِ)

ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (ترجم على المحاربين الكفَّار، وأدخل الآية؛ يعني: قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... }؛ الآية [المائدة: 33]، وهي عامَّة لا تخصُّ الكافر، وبها استدلَّ الفقهاء على أحكام المحاربين من المسلمين، ولكن _والله أعلم_ بنى على قول مَن قال: إنَّها نزلت في هؤلاء النَّفر المرتدِّين، وهو قول قتادة)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12118)

[حديث: قدم على النبي نفر من عكل فأسلموا فاجتووا المدينة]

6802# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، تَقَدَّمَ، و (الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ): أحد الأعلام الدِّمَشْقيُّ، و (الأَوْزَاعِيُّ): أبو عَمرو عبد الرَّحْمَن بن عَمرو، تَقَدَّمَ أنَّه منسوب إلى الأوزاع؛ وهو بطن من حِمْيَر، وقيل: مِن هَمْدان؛ بإسكان الميم، وبالدَّال المُهْمَلَة، وقيل: إنَّ الأوزاع: قرية كانت عند باب الفراديس مِن دمشق، وهي نسبة إلى الأوزاع؛ القبائل؛ أي: فرقها وبقايا مجتمعة من قبائل شتَّى، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه أفتى في سبعين ألف مسألة، وهو شيخ الإسلام رحمه الله، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو قِلاَبَةَ): تَقَدَّمَ ضبطُه مرارًا، و (الْجَرْمِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بالجيم المفتوحة، وإسكان الرَّاء، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّهم كانوا ثمانية، كما في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقيل: سبعة، وتَقَدَّمَ أنَّ في رواية: (أنَّهم مِن عكل)، وفي رواية: (مِن عرينة)، وفي رواية بالشَّكِّ، وفي رواية: (من عكل وعرينة)، و (أنَّ نفرًا)؛ ولم يذكر من أيِّ قبيلة هم، وأنَّ الكلَّ في «الصَّحيح» من حديث أنس.

(1/12119)

قوله: (فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ): تَقَدَّمَ معناه في (الوضوء)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على: (فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَقَتَلُوا رُعَاتَهَا)، وكذا وقع في «مسلم»: (ومالوا على الرُّعاة)، وفي بعض النُّسخ: (الرعاءِ)، وهما لغتان، ولا أعرف منهم إلَّا واحدًا، وكذا في بعض طرقه: (وقتلوا الرَّاعي)، فالظاهر أنَّ الجمع مجاز، وقد قَدَّمْتُ أنَّ اسمه يسار، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الإِبِل) التي أخذوا، وأنَّها كانت خمسَ عشرةَ غِزارًا، وأنَّهم ردُّوها إلى المدينة، ففقدوا منها واحدة تُدعى: الحَنَّاء، فسأل عنها، فقيل: نحروها، والذي أحفظه فيها أنَّها بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد النُّون، ممدودة، وتَقَدَّمَ مَن (بَعَثَ فِي آثَارِهِمْ)، وأنَّه أرسل أمير السَّريَّة سعيد بن زيد عند ابن عقبة، قال بعضهم: أحد العشرة، ويقال: الأشهليُّ سعيد بن زيد الأنصاريُّ، وأنَّ السَّريَّة كانت في شوَّال سنة عشر عند ابن سعد، قال ابن سعد: بلغ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الخبرُ، فبعث في إثرهم عشرين فارسًا، واستعمل عليهم كُرْز بن جابر الفهريَّ، وقد تَقَدَّمَ تغليط مَن قال: إنَّ أميرهم جَرِير بن عبد الله البَجَليُّ، وهو ظاهِرٌ التغليط، وكذا (سَمَلَ): تَقَدَّمَ معناه، وكذا (لَمْ يَحْسِمْهُمْ)، و (الحسم): قطع سيلان الدَّم بالكيِّ، كلُّ ذلك في (الوضوء)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12120)

[باب لم يحسم النبي المحاربين من أهل الردة حتى هلكوا]

قوله: (بَابٌ: لَمْ يَحْسِمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَارِبِينَ): هو بكسر السِّين، وقد تَقَدَّمَ أعلاه ما (الحسم).

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12121)

[حديث: أن النبي قطع العرنيين ولم يحسمهم حتى ماتوا]

6803# قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هو ابن مسلم، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (الأَوْزَاعِيُّ) أعلاه، و (يَحْيَى): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي كَثِير؛ بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، تَقَدَّمَ أعلاه، وتَقَدَّمَ كم كان (العُرَنِيُّون).

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12122)

[باب: لم يسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا]

قوله: (بَابٌ: لَمْ يُسْقَ الْمُرْتَدُّونَ): (يُسْقَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المرتدُّون): نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (الْمُحَارِبُونَ): صفة له.

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12123)

[حديث: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله]

6804# قوله: (عَنْ وُهَيْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد، و (أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (رَهْطٌ): تَقَدَّمَ ما (الرَّهط) من العدد، وتَقَدَّمَ الكلام على: (عُكْلٍ)، وكم كانوا، وعلى: (فَاجْتَوَوُا).

قوله: (أبْغِنَا رِسْلًا): قال ابن قُرقُول: («أبغني أحجارًا وأبغنا رسلًا»، والرِّسل: اللَّبن، وأبغني حبيبًا؛ أي: أطلب، ويقال: أعنِّي على الطَّلب ذلك، وأصل البغاء: الطَّلب، ومنه البَغيُّ؛ لأنَّها تطلب الفساد، قال ابن قُتَيْبَة: البُغاء والبِغاء: الزِّنى، وابغ؛ أي: اطلُب لي، وأبغني: أعنِّي على الطَّلب ... ) إلى آخر كلامه، وقال ابن الأثير: يقال: ابغني؛ بهمزة الوصل؛ أي: اطلب لي، وأبغني؛ بهمزة القطع؛ أي: أعنِّي على الطَّلب، وقد تَقَدَّمَ ذلك، و (الرِّسْل)؛ بكسر الرَّاء، وإسكان السين المُهْمَلَة لا غير: اللَّبن، قال في «المطالع»: (وكذلك ابغنا رسلًا؛ أي: هبْه لنا واطلبْه، وقال ابن دريد: الرَّسَل؛ بفتح الرَّاء والسِّين: المال من الإبل والغنم، وقال غيره: الإبل تُرسَل إلى الماء)، انتهى.

قوله: (فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الوُضوء)، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّاعِي) اسمه يسار، وتَقَدَّمَ (الذَّوْدَ)، وأنَّه كان خمسة عشر غِزارًا.

قوله: (الصَّرِيخُ): مَرْفُوعٌ فاعل (أتى)؛ ومعناه: المُستغِيث، وقد يأتي بمعنى: المغيث، والأوَّل: هو المراد هنا، وأصله: رفع الصَّوت، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (بَعَثَ الطَّلَبَ)، وكم كانوا فارسًا، ومَن أميرهم، وتاريخ البَعث.

قوله: (فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ): معناه: ارتفع، وقد تَقَدَّمَ، وكذا (حَسَمَهُمْ): تَقَدَّمَ معناه.

قوله: (ثُمَّ أُلْقُوا): هو بضَمِّ الهمزة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (سَرَقُوا): هذه ليست بسَرِقة، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 742]

(1/12124)

[باب سمر النبي أعين المحاربين]

[ج 2 ص 742]

قوله: (بَابٌ: سَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ الْمُحَارِبِينَ): (بابٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، و (سَمَرَ): فعل ماضٍ؛ بالتَّخفيف، ويقال: بالتَّشديد، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ فاعل، و (أعينَ): مَنْصُوبٌ مفعول، وفي رواية: (بابُ): مَرْفُوعٌ؛ من غير تنوين، و (سَمْرِ [1])؛ بفتح السين، وإسكان الميم: مجرور مُضافٌ، و (أعينَ): مَنْصُوبٌ مفعول المصدر، وهو (سَمْرِ).

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة»، ويُنظَر هامشها.

(1/12125)

[حديث: أن رهطًا من عكل قدموا المدينة فأمر لهم ... ]

6805# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، الإمام، و (أَيُّوب): هو السَّخْتيَانيُّ ابن أبي تميمة، و (أَبُو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، تقدَّموا.

قوله: (أَنَّ رَهْطًا): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهط) كم هو، وتَقَدَّمَ أنَّ هؤلاء في «البُخاريِّ» و «مسلم» كانوا ثمانية، وأنَّ النَّوويَّ عزا ذلك لخارج الكُتُب السِّتَّة، وأنَّ عددهم ثمانيةٌ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقيل: كانوا سبعة، وتَقَدَّمَ الكلام على (عُكْلٍ)، وعلى (عُرَيْنَةَ)، وتَقَدَّمَ (اللِّقَاح): جمع (لقحة)، وتَقَدَّمَ أنَّها كانت خمسةَ عشرَ غِزارًا، وتَقَدَّمَ الكلام على (أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا)، وشربهم البول، وعلى (الرَّاعِي)، وأنَّ اسمه يسار، وعلى قوله: (فَبَعَثَ الطَّلَبَ): تَقَدَّمَ متى بعثهم، وكم كانوا فارسًا، ومن أميرهم قريبًا، وفي (الطَّهارة) وغيرِها، وعلى (سَمَرَ): أنَّه بالتَّخفيف، وضبطه بعضهم بالتَّشديد، وعلى (الحَرَّةِ) وأنَّها أرض تركبها حجارة سود.

قوله: (فَلاَ يُسْقَوْنَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 743]

(1/12126)

[باب فضل من ترك الفواحش]

(1/12127)

[حديث: سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله]

6806# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصَّحيح: تخفيف لام (سلَام) في أوائل هذا التَّعليق، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (عُبَيْد اللهِ بْن عُمَرَ): هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب الفقيه، و (خُبَيْب بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة، تَقَدَّمَ، و (حَفْص بْن عَاصِمٍ): هو ابن عمر بن الخَطَّاب، و (أَبُو هُرَيْرَة): هو عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ [1] فِي ظِلِّهِ): تَقَدَّمَ أنِّي زدت هؤلاء السَّبعة جماعةُ آخرين، وقد ذكرتهم جملةً في هذا التعليق، وهم الذين يستظلُّون بظلِّه تعالى، وتَقَدَّمَ الكلام على (ظلِّه) عزَّ وجلَّ، وما المراد به، أو هو ظلُّ عرشه كما جاء في رواية، وما الظِّلُّ، وما الفَيء.

قوله: (نَشَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره.

قوله: (ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (المَنصِب)؛ أي: ذات قَدْرٍ وشرفٍ.

قوله: (حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى الرواية التي وقعت في «مسلم» على العكس في (الزَّكاة)، وأنَّها وهم مِن بعض الرواة دون مسلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

[ج 2 ص 743]

(1/12128)

[حديث: من توكَّل لي ما بين رجليه وما بين لحييه]

6807# قوله: (وَحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خيَّاط شَبَاب العصفريُّ، الحافظ، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (تَوَكَّلَ): كذا هنا، وهو بمعنى: (تكفَّل) في الرِّواية الأخرى، وفي «النِّهاية»: («توكَّل»: ضمن القيام به، وقيل: بمعنى: تكفَّل له).

قوله: (مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ): أي: لسانه، وقيل: بطنه، تَقَدَّمَ، و (مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ): فرجه.

==========

[ج 2 ص 743]

(1/12129)

[باب إثم الزناة]

(1/12130)

[حديث: من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل]

6808# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (وَإِمَّا قَالَ): (إِمَّا)؛ بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ): (يُرفَعَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العلمُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (يُشْرَبَ الْخَمْرُ) مثله.

قوله: (حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ [1] امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، والذي فهمه البُخاريُّ رحمه الله هو أحد الاحتمالَين؛ وهو التَّزوُّج، فالزَّيادة على أربعٍ زنًى، أو أنَّه يَطؤُهُنَّ بغير عقد؛ فالكلُّ زنى بهنَّ.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (للخمسين).

[ج 2 ص 743]

(1/12131)

[حديث: لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن]

6809# قوله: (حَدَّثَنَا [1] الْفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُصغَّر، وأنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد.

قوله: (لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.

(1/12132)

[حديث أبي هريرة: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن]

6810# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (ذَكْوَان): هو أبو صالح السَّمَّان الزَّيَّات، تَقَدَّمَ مُترجَمًا.

==========

[ج 2 ص 743]

(1/12133)

[حديث: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك.]

6811# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحد الأعلام الصَّيرفيُّ الفلَّاس، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان شيخُ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، والله أعلم، و (مَنْصُورٌ): وهو ابن المُعتمِر، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَيْسَرَةَ): اسمه عمرو بن شرحبيل الهَمْدانيُّ، مشهور جدًّا، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (نِدًّا): تَقَدَّمَ ما (الندُّ) تعالى الله عنه، وتَقَدَّمَ الكلام [على] (أيُّ) هل هي [1] مرفوعة مُنَوَّنة [أو] مرفوعةٌ مِن غير تنوينٍ في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (أَجْلَ [2] أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ): (أَجْلَ)؛ بفتح الهمزة، وإسكان الجيم، مفتوح اللَّام، تَقَدَّمَ، و (يَطعَم)؛ بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قَالَ يَحْيَى: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا معطوف على السند الذي قبله الذي يرويه عَمرو بن عليٍّ عن يحيى، و (يحيى): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعيد القَطَّان، و (سفيان): هو الثَّوريُّ، و (وَاصِلٌ): هو واصل بن حَيَّان؛ بفتح الحاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت، الأحدب الأسديُّ، بيَّاع السَّابريِّ، مولى أبي بكر بن عيَّاش من فوق، عن شريح القاضي، والمعرور بن سويد، وأبو وائل، وإبراهيم النَّخَعيِّ، وجماعة، وعنه: مغيرة بن مِقْسَم، ومِسْعَر، وشعبة، والثَّوريُّ، ومهديُّ بن ميمون، وطائفة، وَثَّقَهُ ابن مَعِين وأبو داود، قال أبو داود: مات سنة عشرين ومئة، أخرج له الجماعة، تَقَدَّمَ، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

[ج 2 ص 743]

قوله: (قَالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُهُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ): أمَّا (عَمرو)؛ فهو ابن عليٍّ الفلَّاس الصَّيرفيُّ، شيخ البُخاريِّ، وأمَّا (عبد الرَّحْمَن)؛ فهو ابن مهديٍّ، أحد الأعلام.

قوله: (وَكَانَ حَدَّثَنَا عَنْ سُفْيَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ، و (حَدَّثَنَا): فعل ماضٍ ومفعول، وهذا ظاهِرٌ.

(1/12134)

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ وَوَاصِلٍ): (الأعمش): هو سليمان بن مِهْرَان، و (منصور): هو ابن المُعتمِر، و (واصل): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن حيَّان، و (منصور) و (واصل): مجروران بالعطف على (الأعمش)، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَيْسَرَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا، عَمرو بن شُرَحبيل.

(1/12135)

قوله: (قَالَ: دَعْهُ دَعْهُ): أي: قال عبد الرَّحْمَن بن مهديٍّ: دعه دعه، قال شيخنا: (أي: دع حديث أبي وائل عن عبد الله، فإنَّه لم يروه عنه وإن كان قد روى عنه الحديث الكثير)، انتهى؛ يعني: أنَّه إنَّما روى هذا الحديث أبو وائل شقيق بن سلمة عن أبي ميسرة عَمرو بن شُرحْبيل عن عبد الله، ولم يأخذه عن عبد الله نفسِه، وقد ذكر شيخنا الحافظ العِرَاقيُّ في «المُدرَج من شرح الألفيَّة» له في علوم الحديث فيما قرأته عليه وسمعته أيضًا بقراءة غيري، قال: رواه التِّرْمِذيُّ عن بُنْدَار، عن عبد الرَّحْمَن بن مهديٍّ، عن سفيان الثَّوريِّ، عن واصل ومنصور والأعمش، عن أبي وائل، عن عَمرو بن شُرَحْبيل، عن عبد الله، قال: وهكذا رواه مُحَمَّد بن كَثِير العبديُّ عن سفيان فيما رواه الخطيب، فرواية واصل هذه مدرجة على رواية منصور والأعمش؛ لأنَّ واصلًا لا يذكر فيه عمْرًا، بل جعله عن أبي وائل عن عبد الله، هكذا رواه شعبة ومهديُّ بن ميمون ومالك بن مغول وسعيد بن مرزوق عن واصل كما رواه الخطيب، وقد بيَّن الإسنادَين معًا يحيى بن سعيد القَطَّان في روايته عن سفيان، وفصلَ أحدَهما من الآخر، رواه البُخاريُّ في «صحيحه» في (كتاب المحاربين) عن عَمرو بن عليٍّ، عن يحيى، عن سفيان، عن منصور والأعمش؛ كلاهما عن أبي وائل، عن عَمرو، عن عبد الله، وعن سفيان، عن واصل، عن أبي وائل، عن عبد الله من غير ذكر عَمرو بن شُرَحْبيل، قال عمرو: فذكرتُه لعبد الرَّحْمَن، وكان حَدَّثَنَا عن سفيان عن الأعمش ومنصور وواصل، عن أبي وائل، عن أبي ميسرة _يعني: عَمرًا_ فقال: دعْه دعْه، قال شيخنا: (ولكن رواه النَّسائيُّ في (المحاربة) عن بُنْدَار، عن ابن مهديٍّ، عن سفيان، عن واصل وحده، عن أبي وائل، عن عَمرو بن شُرَحْبيل، فزاد في السَّند عَمْرًا من غير ذكر أحد أدرج عليه رواية واصل، وكأنَّ ابنَ مهديٍّ لمَّا حدَّث به عن سفيان عن منصور والأعمش وواصل بإسنادٍ واحدٍ؛ ظنَّ الرواة عن ابن مهديٍّ اتِّفاق طرقهم، فربَّما اقتصر أحدهم على بعض شيوخ سفيان)، انتهى.

(1/12136)

[باب رجم المحصن]

(بَابُ رَجْمِ الْمُحْصَنِ) ... إلى (كِتَاب الدِّيَاتِ)

وفي بعض النُّسخ: (كِتَابُ رَجْمِ المُحْصَنِ).

قوله: (بَابُ رَجْمِ الْمُحْصَنِ): اعلم أنَّ (الإحصان) أصلُه: المنعُ، والمرأة مُحصَنة بالإسلام وبالعفاف والحريَّة وبالتَّزويج، وهو المراد هنا، يقال: أحصنت المرأةُ؛ فهي مُحْصَنة ومُحْصِنة، وكذلك الرَّجل، فـ (المُحْصَن) في كلام البُخاريِّ يُقرَأ بالكسر وبالفتح أيضًا، والله أعلم.

فائدةٌ: شرط المُحصَن الذي يُرجَم في الزِّنى أن يكون بالغًا عاقلًا حرًّا، وَطِئ في نكاح صحيح في حال تكليفه وحريَّته، أمَّا إذا وَطِئ في نكاح شبهة أو فاسد؛ فإنَّه ليس بمُحصَن على القول الصحيح، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام المشهورين، وفي نسخة في هامش أصلنا القاهريِّ عوضُ (الحسن): (منصور)، وفيه نظرٌ، وقد عزا شيخنا أَثَرَ الحسن إلى «ابن أبي شيبة»، ولم يذكر منصورًا بالكليَّة، والله أعلم.

قوله: (مَنْ زَنَى بِأُخْتِهِ حَدُّهُ حَدُّ الزَّانِي): (أخته)؛ بالمُثَنَّاة فوق، والحكم فيمَن زنى بأحد مِن مَحارِمه كذا حدُّه عند الشَّافِعيِّ، وبه قال مالك، ويعقوب، ومُحَمَّد، وأبو ثور، وقالت طائفة: إذا زنى بالمَحْرَم منه؛ قُتِل، رُوِيَ عن جابر بن زيد وهو قول أحمد وإسحاق، واحتجُّوا بحديث البَراء الذي أخرجه البزَّار عن البَراء قال: (لقيت خالي ومعه الرَّاية، فقلت له، فقال: بعثني رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى رجل تزوَّج امرأةَ أبيه أن أقتلَه أو أضربَ عنقَه)، وللدَّارقطنيِّ مِن حديث معاوية بن قرَّة عن أبيه: (أنَّه عليه السَّلام بعث إلى رجل عَرَّسَ بامرأة أبيه أن يُضْرَبَ عنقُه)، زاد ابن ماجه: (وأَصْفِي مالَه)، وللطَّحَّاويِّ: (ويُخمِّس مالَهُ [1])، وروى ابن أبي شيبة عن جابر بن زيد فيمَن أتى ذات مَحْرَم منه قال: ضرب عنقه، وقال ابن عَبَّاس مرفوعًا: «من وقع على ذات مَحْرَم؛ فاقتلوه»، قال الطَّحَّاويُّ في «مشكله»: (هذا الحديث يدور على إبراهيم بن إسماعيل، وهو متروك الحديث، وفي الباب غير ذلك؛ فانظر المُطوَّلات إن أردت الوقوف على ذلك.

(1/12137)

فائدةٌ: في «إكمال ابن ماكولا» في (عُقَيل) ما لفظه: (وزبَّان بن سيَّار بن عمرو العشر [2] بن جابر بن عُقَيل بن هلال بن سُمَيٍّ رئيسٌ شاعرٌ، وابنه منظور بن زبَّان بن سيَّار، هو منافر عُيَيْنَة بن حصن، وهو الذي تزوَّج امرأة أبيه، فأنفذ إليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خالَ البَراء؛ ليقتله)، انتهى، ومنظور بن زبَّان الفزاريُّ المُتزوِّج بامرأة [أبيه] أنفذ إليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من يقتله، ذكره ابن ماكولا، وقال: (لو لم يكن مسلمًا؛ لما أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بقتله؛ لنكاح امرأة أبيه)، انتهى، وقد رأيت الذَّهَبيَّ ذكره في «تجريده»، وحمَّر عليه، فهو عنده تابعيٌّ، وخال البَراء: هو أبو بردة ابن نِيَار، والله أعلم.

(1/12138)

[حديث: رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم]

6812# قوله: (حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الكاف، وفتح الهاء، و (الشَّعْبِي): عامر بن شراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا، وقوله: (عَنْ عَامرٍ الشَّعْبيِّ عن عليٍّ): في «التَّذهيب»: (روى عن عليٍّ في «البُخاريِّ»، وفلان وفلان ... ) إلى [أن] قال: (ولم يسمع منهم) انتهى.

قوله: (حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ [1]: رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذه (المرأة) اسمها شُرَاحَة؛ بضَمِّ الشين المُعْجَمَة، وتخفيف الرَّاء، وبعد الألف حاءٌ مهملة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، وسأذكر شاهدًا لذلك، والحديث في «النَّسائيِّ» عن عليٍّ كرَّم الله وجهه: (أنَّه جلد شُرَاحَة الهَمْدانيَّة، ثمَّ رجمها، وقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتُها بسنَّة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ورواه أيضًا الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وقد عزاه غير واحد إلى البُخاريِّ، وتوقَّف في ذلك الضِّياء المقدسيُّ، والذي في «البُخاريِّ» ما قد رأيتَه، وقد قال المِزِّيُّ في «أطرافه» ما لفظه: (حديثٌ: البُخاريُّ والنسائيُّ: (أنَّ عليًّا حين رجم المرأة وضربها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنَّة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وفي حديث بهز: (أنَّ عليًّا جلد شُرَاحَة يوم الخميس)، والباقي مثله، ثم طرَّفه من عند البُخاريِّ والنَّسائيِّ، وقد راجعت «تلخيص المستدرك» للذَّهبيِّ؛ فرأيته قد ساقه من طريقين؛ الثانية عن الشَّعْبيِّ، وسُئِل: هل رأيت مِن عليٍّ شيئًا؟ قال: نعم؛ أذكر أنَّه جلد شُرَاحَة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، قال: (جلدتُها بكتاب الله، ورجمتُها بسنَّة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ثمَّ قال: صحيح، وفي الطَّريق الأولى أُتِيَ بامرأة من هَمْدان، يقال لها: شُرَاحَة، فجلدها مئة، ثمَّ رجمها ... ) إلى آخره.

(1/12139)

فائدةٌ: اختلفوا في جلد الثَّيِّب مع الرَّجم؛ فقالت طائفة: يجب الجمع بينهما؛ فتُجلَد، ثمَّ تُرجَم، وبه قال عليٌّ رضي الله عنه، والحسن البصريُّ، وابن راهويه، وداود، وأهل الظاهر، وبعض أصحاب الشَّافِعيِّ، وقال جماهير العلماء: الواجب الرَّجم وحده، وحكى القاضي عياض عن طائفة من أهل الحديث: أنَّه يجب الجمع بينهما إن كان الزاني شيخًا ثَيِّبًا، فإن كان شابًّا؛ اقتُصِر على الرَّجم، قال النَّوويُّ: وهذا مذهب باطل لا أصل له، وحجَّة الجمهور: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اقتصر على رجم الثَّيِّب في أحاديثَ كثيرةٍ؛ منها: قصَّة ماعز، وفي قصَّة الغامديَّة، وفي قوله: «يا أنيس؛ اغدُ على امرأة هذا، فإن اعترفتْ؛ فارجمْها»، قالوا: وحديث الجمع بين الجلد والرَّجم منسوخٌ، فإنَّه كان في أوَّل الأمر، وقال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة الحافظ شمس الدين في «الهدي»: إنَّه منسوخ، قال: هذا كان في أوَّل الأمر عند نزول حدِّ الزاني، ثمَّ رجم ماعزًا والغامديَّة ولم يجلدهما، وهذا بعد حديث عبادة بلا شكٍّ، وأمَّا حديث جابر في «السُّنن»: (أنَّ رجلًا زنى، فأمر به النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فجُلِد الحدَّ، ثمَّ أقرَّ أنَّه مُحصَن، فأَمَرَ به، فَرُجِم)، قال جابر في الحديث نفسِه: (لم يعلم بإحصانه، فجُلِد، ثمَّ علم بإحصانه، فَرُجِمَ)، رواه أبو داود، انتهى.

(1/12140)

[حديث: هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم]

6813# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (إسحاق) هذا: ذكر الجَيَّانيُّ أماكن في «البُخاريِّ» قد ذكرتُها قبل هذا، ليس هذا المكان منها، فيها: (حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا خالد)، ثمَّ قال: (فإسحاق في هذه المواضع كلِّها: هو إسحاق بن شاهين أبو بِشْر الواسطيُّ عن خالد بن عبد الله الطَّحَّان، قال: وكذلك نسبه أبو عليٍّ

[ج 2 ص 744]

ابنُ السَّكن في أكثر هذه المواضعِ من «الجامع»، وقال أبو نصر الكلاباذيُّ في «كتابه»: إسحاق بن شاهين الواسطيُّ سمع خالدَ بن عبد الله، روى البُخاريُّ في «الصَّلاة» وفي غير موضع، فلم يزد _يعني: البُخاري_ على أن قال: «حَدَّثَنَا إسحاق الواسطيُّ»، ولم ينسبه إلى أبيه، وكذلك قال أبو عبد الله الحاكم في «المدخل»)، انتهى، والظاهر أنَّ الغسَّانيَّ لو رأى هذا المكان؛ لقال فيه كما قال فيما وقع كذلك، والله أعلم.

و (خالد): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عبد الله الطَّحَّان، وقد تَقَدَّمَ مُترجَمًا، ومن جملةِ ترجمتِه: أنَّه اشترى نفسه من الله عزَّ وجلَّ ثلاث مَرَّاتٍ، كلَّ مرَّة بزنته فضَّة تصدَّق بها، وأمَّا (الشَّيْبَانِيُّ)؛ فهو بالشِّين المُعْجَمَة، وهو سليمان فيروز، أبو إسحاق الشَّيبانيُّ، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، وكذا (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى)، وتَقَدَّمَ أنَّ (أبا أوفى): علقمة بن خالد، صحابيٌّ أيضًا رضي الله عنه وعن ابنه عبد الله.

(1/12141)

[حديث: أن رجلًا من أسلم أتى رسول الله ... ]

6814# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخُ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ): هذا (الرَّجل) هو ماعز بن مالك الأسلميُّ، وقد تَقَدَّمَ، وقدَّمت أنَّ بعضهم سمَّاه: عَرِيبًا؛ بالعين المُهْمَلَة المفتوحة، وكسر الرَّاء.

قوله: (فَرُجِمَ): هو بضَمِّ الرَّاء، وكسر الجيم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (وَكَانَ قَدْ أحْصنَ): هو بفتح الهمزة والصَّاد، وبضمِّ الهمزة وكسر الصَّاد، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 745]

(1/12142)

[باب: لا يرجم المجنون والمجنونة]

قوله: (بَابٌ: لَا يُرْجَمُ الْمَجْنُونُ وَالْمَجْنُونَةُ): (يُرجَم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المجنونُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (المجنونةُ): معطوفة عليه.

قوله: (وَقَالَ عَلِيٌّ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [1]: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنِ الْمَجْنُونِ ... ) إلى آخره: هذا مُعلَّق بصيغة جزم موقوفٌ على عليٍّ رضي الله عنه، وقد رواه الأربعة والحاكم من رواية عليٍّ مُسنَدًا، قال التِّرْمِذيُّ: حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخَين، وصحَّحه ابن حِبَّانَ، ورواه الحاكم أيضًا مِن رواية أبي قتادة، وقال: صحيح الإسناد، ورواه أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وابن حِبَّانَ، والحاكم مِن رواية عائشة رضي الله عنها، قال الحاكم: على شرط مسلم، قال صاحبُ الإمام: هو أقوى إِسنادًا مِن رواية عليٍّ رضي الله عنه.

==========

[1] (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 745]

(1/12143)

[حديث: اذهبوا به فارجموه.]

6815# 6816# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: هو ابن خالد، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذا في «البُخاريِّ» و «مسلم»، ويحيى بن عُقَيل: روى له مسلم، والقبيلة بنو عُقَيل: لهم ذكر عند مسلم، والباقي في «البُخاريِّ» و «مسلم»: عَقِيل؛ بفتح العين، وكسر القاف، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، أحد الأعلام المشهورين، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (سَعِيْد بْن المُسَيّب)؛ بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرَّجل هو ماعز بن مالك الأسلميُّ، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّ اسمه عَرِيب.

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: (الظَّاهر أنَّ المُحدِّث لابن شهاب أبو سلمة كما أخرجه بعد في «بَاب الرَّجم بالمُصَّلى») انتهى، وجزم به بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين.

قوله: (فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ): (أذْلقتْه)؛ بالذال المُعْجَمَة السَّاكنة وبالقاف؛ أي: أصابته بحدِّها، وسنان منذلق: حادٌّ، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (بِالْحَرَّةِ): تَقَدَّمَ ما هي، وأنَّها أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ.

==========

[ج 2 ص 745]

(1/12144)

[باب: للعاهر الحجر]

قوله: (بَابٌ: لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ): تَقَدَّمَ أنَّ (العاهر) الزَّاني، و (الحجر)؛ يعني: الخيبة والحرمان وعدم الانتساب، وقيل: للزَّاني الرَّجم [1]، وليس كذلك؛ لأنَّ كلَّ زانٍ لا رجمَ عليه، إنَّما الرَّجم على مَن أحصن مِن الزُّناة، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (للرَّجم)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 745]

(1/12145)

[حديث: هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش.]

6817# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (ابْن شِهَابٍ).

قوله: (اخْتَصَمَ سَعْدٌ وَابْنُ زَمْعَةَ): أمَّا (سعد)؛ فهو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحدُ العشرة، و (ابن زمعة): هو عبد بن زمعة، تقدَّما، وزمعة: هو ابن قيس بن عبد شمس بن عبد ودِّ بن نصر بن مالك، وقد قَدَّمْتُ في نسبه وهمًا لأبي نعيم أحمدَ بن عبد الله بن إسحاق الحافظ الأصبهانيِّ، والله أعلم.

قوله: (يَا عَبْد بْن زَمْعَةَ): يجوز في (عبد) وجهان: الفتح والضَّمُّ، وكذا في (ابن)، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 745]

(1/12146)

[باب الرجم في البلاط]

قوله: (بَابُ الرَّجْمِ بالْبَلَاطِ [1]): الباء: بمعنى (عند)؛ بدليل الحديث، وكذا هي في نسخة في أصلنا، أو بمعنى (في)، وكذا هو في أصلنا: (باب الرَّجم في البَلاط)، ذكر ابن المنيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (استشكل ابن بَطَّال ترجمته هذه، وقال: البَلاط وغيره سواءٌ؛ أي: فلا فائدةَ للاحتجاج على صورة غير مقصودة)، قال ابن المنيِّر: (ويحتمل عندي فائدتين تُقصَدان؛ إحداهما: أن نبَّه على أنَّ الرَّجم لا يختصُّ بمكان مخصوص؛ لأنَّه مرَّةً رجم بالبَلاط، ومرَّةً بالمصلَّى، وهو الذي ترجم عليه بعد [2] هذه التَّرجمة، ويحتمل على أن نبَّه على أنَّه لا يُحفَر للمرأة؛ لأنَّ البَلاط لا يُحفَر فيه عادةً، كما استدلَّ على عدم الحفر بكون اليهوديِّ أكبَّ عليها يقيها بنفسه، على أنَّ منهم مَن قال: إنَّ البَلاط: هو الأرض الملساء الصُّلْبة، والظَّاهر أنَّ البَلاط مكانٌ معروفٌ عندهم بالمدينة، باقٍ على العرف المعهود في إطلاقه كما قدَّمناه)، انتهى، ولا شكَّ أنَّ (البَلاط) _بفتح المُوَحَّدة_: مكانٌ معروفٌ، وسيأتي قريبًا، قال ابن قُرقُول: (موضع مُبلَّط بالحجارة بين المسجد والسُّوق بالمدينة)، انتهى، ويحتمل ما قاله ابن المُنيِّر أنَّ البُخاريَّ قصده؛ أعني: عدم الحفر، وكأنَّ البُخاريَّ أراد ردَّ رواية بشير بن المهاجر التي رواها مسلم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حفر لماعز بن مالك حفرةً، ثمَّ أمر به، فَرُجِم، وهذه الرواية قال ابن إمام الجوزيَّة: غلط، فالثِّقة قد يغلط، على أنَّ أحمد وأبا حاتم الرازيَّ قد تكلَّما فيه، وإنَّما حصل الوهم مِن حفره للغامديَّة، فسرى إلى ماعز، والله أعلم، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (في البلاط).

[2] في (أ): (قبل)، والمُثْبَت موافق لمصدره.

[ج 2 ص 745]

(1/12147)

[حديث: ما تجدون في كتابكم؟]

6819# قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن بلال المدنيُّ.

قوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ أَحْدَثَا): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (اليهوديُّ) لا أعرف أحدًا سمَّاه، وأمَّا (اليهوديَّة) الزَّانية؛ فسمَّاها السُّهَيليُّ: بُسرةَ، وقد تَقَدَّمَ.

فائدةٌ: رجم اليهوديَّين كان في السَّنة الرَّابعة من الهجرة، ذكره أبو الفتح اليعمريُّ في «سيرته» في (الحوادث)، والله أعلم.

[ج 2 ص 745]

قوله: (تَحْمِيمَ الْوَجْهِ): أي: تسويده، مِن الحُمَم؛ وهو الفحم.

قوله: (وَالتَّجْبِيْهَ): هو بفتح المُثَنَّاة فوق، ثمَّ جيم ساكنة، ثمَّ مُوَحَّدة مكسورة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ هاء، لا تاء، قال ابن قُرقُول: (جاء تفسيره في الحديث: أنَّهما يُجلَدان وتُحمَم وجوههما، ويُحمَلان على دابَّة ويُخالَف بين وجوههما، قال الحربيُّ: معناه: التَّعيير والتَّوبيخ، يقال: جَبَهتُه؛ إذا قابلتَه بما يكره)، انتهى، وفي «النِّهاية» بعد أن ذكر ما جاء تفسيره في الحديث: (أصل التَّجْبِيْه: أن يُحمَل اثنان على دابَّة، ويُجعَلَ قفا أحدهما إلى قفا الآخر، والقياس: أن يُقابَل بين وجوهِهما؛ لأنَّه مأخوذ مِن الجبهة، والتَّجْبِيْه أيضًا: أن ينكس رأسه، فيحتمل أن يكون المحمول على الدابَّة إذا فُعِل به ذلك؛ نَكَسَ رأسه، فسُمِّي الفعل تجبيهًا، ويحتمل أن يكون من الجَبْهِ؛ وهو الاستقبال بالمكروه، وأصله من إصابة الجَبْهة، يقال: جبهتُه؛ إذا أصبتَ جبهتَه)، انتهى، وفي «سيرة ابن هشام» عن ابن إسحاق بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه وذكر قصَّة التَّجْبِيْهِ ما لفظه: (و «التَّجْبِيْه»: الجلد بحبل مِن ليف مَطليٍّ بقَارٍ، ثمَّ تُسوَّدُ وجوههُما، ثمَّ يُحمَلان على حمار، وتُجعَل وجوهُهما مِن قِبَل أدبار الحمارَين)، انتهى، فما أدري: هل هذا كلُّه تفسير التَّجْبِيْه أم إلى قوله: (بقار)، والباقي زيادة عليه؟ ولا أدري مِن تفيسر مَن مِن الرُّواة؟ والله أعلم.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وبعض ترجمته في (المناقب) الذي للصَّحابة رضي الله عنه.

قاله: (فَأُتِيَ بِهَا): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12148)

قوله: (فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ): هذا الذي وضع يده على آية الرَّجم هو عبد الله بن صوري الأعور الحبر، وسيجيء في آخر «البُخاريِّ»: (ارفع يدك يا أعور)، قال الإمام السُّهَيليُّ: (عن النَّقَّاش: إنَّه أسلم)، انتهى، ويقال في أبيه: صوريا.

قوله: (أَجْنَأَ عَلَيْهَا) [1]: هو بفتح الهمزة في أوَّله وفتحها في آخره، كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على الروايات التي فيها؛ فانظرها إن أردتَها.

قوله: (فَرُجِمَا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله بعده: (فَرُجِمَا عِنْدَ الْبَلاَطِ).

قوله: (عِنْدَ الْبَلاَطِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وأين هو في المدينة المُشرَّفة.

قوله: (فَرَأَيْتُ الْيَهُودِيَّ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسم اليهوديِّ الزَّاني.

قوله: (أَجْنَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وقد تَقَدَّمَ أعلاه وقبلَه.

(1/12149)

[باب الرجم بالمصلى]

(1/12150)

[حديث: أن رجلًا من أسلم جاء النبي فاعترف بالزنا فأعرض .. ]

6820# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه محمود بن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، المُحدِّث الحافظ الكبير المُصنِّف، الصَّنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام _بالرَّاء_ الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ في الصَّحَابة جماعةً، كلٌّ منهم: جابر، وأنَّ فيهم أربعةً، كلٌّ منهم: جابر بن عبد الله، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ): تَقَدَّمَ أنَّه ماعز بن مالك الأسلميُّ، وأنَّ اسمه عَرِيب.

فائدةٌ: المرأة التي زنى بها ماعز هي أمةٌ لهزَّال الأسلميِّ، اسمُها فاطمة، قال الشيخ محيي الدين بعد أن ذكر هذا القول في «مبهماته» في (حرف الميم): (وقيل: اسمها منيرة)، انتهى، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (وفي «طبقات ابن سعد»: اسمها مهيرة، والذي صرعه لمَّا هرب هو عبد الله بن أنيس، وكان أبو بكر مبعوثًا من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على رجمه، ذكر ذلك ابنُ سعد في «طبقاته»، وروى الحاكم أيضًا قصَّة عبد الله بن أُنَيس، ثمَّ قال: وروى عبد الوارث عن ابن جُرَيجٍ: أنَّه عمر بن الخَطَّاب)، انتهى، وقد رأيت في «تلخيص المستدرك» في (كتاب الحدود) هذا الحديث، ولفظه: (فخرج عبد الله بن أنيس من باديته، فرماه بوظيف حمار فصرعه، ورماه الناس حتَّى قتلوه) انتهى.

قوله: (فَرُجِمَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ (أَذْلَقَتْهُ) ضبطه ومعناه.

قوله: (فَأُدْرِكَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَرُجِمَ): مَبْنيٌّ أيضًا.

(1/12151)

قوله: (وَصَلَّى عَلَيْهِ، لَمْ يَقُلْ يُونُسُ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: فَصَلَّى عَلَيْهِ): وفي بعض النُّسخ بعد هذا: (سُئِلَ أبُو عَبْدِ اللهِ: فَصَلَّى عَلَيْهِ يَصِحُّ؟ قال: رَواهُ مَعْمَرٌ، قِيلَ لَهُ: رَواه غيرُ مَعْمَرٍ؟ قال: لَا)، انتهى، اعلم أنَّه اختُلِف على الزُّهْرِيِّ في ذكر الصَّلاة على ماعز؛ فأثبتها محمود بن غيلان عن عبد الرَّزَّاق، وطائفة ثمانية من أصحاب عبد الرَّزَّاق؛ فلم يذكروها؛ وهم: ابن راهويه، ومُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، ونوح بن حبيب، والحسن بن عليٍّ، ومُحَمَّد بن المُتوكِّل، وحُمَيد بن زنجويه، وأحمد بن منصور الرَّماديُّ، وهؤلاء سبعةٌ، وكأنَّه سقط واحد، فإنَّ ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة قال: ثمانية، قال البيهقيُّ: وقول محمود بن غيلان: إنَّه صلَّى عليه؛ خطأ؛ لإجماع أصحاب عبد الرَّزَّاق على خلافه، ثمَّ إجماع أصحاب الزُّهْرِيِّ على خلافه، وقد اختُلِف في قصَّة ماعز؛ فقال أبو سعيد الخدريُّ: ما استغفر له ولا سبَّه، وقال بريدة بن الحُصَيب: إنَّه قال: استغفروا لماعز بن مالك، فقال: غفر الله لماعز بن مالك، ذكرهما مسلم، وقال جابر كما هنا: (فصلَّى عليه) ذكره البُخاريُّ، وهو حديث عبد الرَّزَّاق المُعلَّل، وقال أبو برزة الأسلميُّ: لم يصلِّ عليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولم ينه عن الصَّلاة عليه، ذكره أبو داود، انتهى، وقول البيهقي: (ثمَّ إجماع أصحاب الزُّهْرِيِّ على خلافه): تَقَدَّمَ أن مَعْمَرًا روى الصَّلاة عليه عن الزُّهْرِيِّ، فلم يجمعوا، بل رواية مَعْمَر شاذَّة، والشَّاذُّ قال الشَّافِعيُّ: ليس الشَّاذُّ من الحديث أن يروي الثِّقة ما لا يروي غيره، إنَّما الشَّاذُّ: أن يروي الثِّقة مخالفًا رواية النَّاس، وهذا الحديث قد عقَّبه البُخاريُّ بأنَّه قد خالفه في الصَّلاة عليه عن الزُّهْرِيِّ مَعْمَرٌ وابن جُرَيجٍ، وقال ما قال في بعض النُّسخ الذي سقتُه، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثني).

[ج 2 ص 746]

(1/12152)

[باب: من أصاب ذنبًا دون الحد فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه ... ]

قوله: (قَالَ عَطَاءٌ: لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عطاء): هو ابن أبي رَباح، وكأنَّ مرادَه حديثُ المُجامِع في رمضان، وهو كقول ابن جُرَيجٍ، والظاهر أنَّه لم يُرِدْه؛ لأنَّه يأتي قريبًا، ولم يعاقبِ الذي جامع في رمضان، ويحتمل أن يريد حديث أبي مسعود أيضًا، قال شيخنا: (قال الدَّاوديُّ: لعلَّه يريد الذي قال: أتيت امرأة فعلت بها كلَّ شيء إلَّا اللِّواط، وحديث أبي عثمان عن ابن مسعود المشار إليه، فهو أبين شيء في الباب، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ مُترجَمًا.

[ج 2 ص 746]

قوله: (وَلَمْ يُعَاقِبِ الَّذِي جَامَعَ فِي رَمَضَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه سلمة بن صخر البياضيُّ، وفي «التِّرْمِذيِّ»: سلمان بن صخر.

(1/12153)

قوله: (وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ صَاحِبَ الظَّبْيِ): اعلم أنَّه روى مالك عن مُحَمَّد بن سيرين: أنَّ رجلًا أتى عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه، فقال: إنِّي أجريت أنا وصاحبٌ لي فرسين إلى ثغرة ثنيَّة، فأصبنا ظبيًا ونحن مُحرِمان، فما ترى؟ قال عمر رضي الله عنه لرجلٍ إلى جنبه: تعالَ حتَّى أحكم أنا وأنت، قال: فحكما عليه بعنز، فولَّى الرجل، وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتَّى دعا رجلًا، فحكم معه، فسمع عمر قولَ الرَّجل، فدُعِي له فسأله: هل تقرأ سورة المائدة؟ قال: لا، قال: تعرف هذا الرَّجل الذي حكم معي؟ قال: لا، قال عمر: لو أخبرتني أنَّك تقرأ سورة المائدة؛ لأوجعتُك ضربًا، ثمَّ قال: إنَّ الله تعالى يقول في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95]، وهذا عبد الرَّحْمَن بن عوف، فالظَّاهر أنَّ مراد الإمام شيخ الإسلام البُخاريِّ هذا، والله أعلم، والرَّجل: هو قَبِيصة بن جابر الأسَديُّ، قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، والثَّغرة: الثَّلمة، انتهى، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (صاحب الظَّبي الظاهر أنَّه قَبِيصة بن جابر، ثمَّ ذكر قصَّته مِن «سنن البيهقيِّ الكبرى»)، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (يعني: حيث حكم على قَبِيصة بن جابر في الظَّبي بشاة هو وعبد الرَّحْمَن بن عوف، فقال قَبِيصة: فقلت: يا أمير المؤمنين؛ إنَّ أمره أهون من أن تدعوَ أحدًا يحكم معك، قال: فضربني بالدُّرَّة حتَّى سابقته عَدْوًا، ثمَّ قال: قتلت الصَّيد وأنت مُحرِم، ثمَّ تغمض الفتوى؟! والقصَّة أخرجها مالك عن عبد الملك بن قُرَير [1] عن ابن سيرين)، ثمَّ ذكر القصَّة كما ذكرتُها من عند ابن بشكوال، ثمَّ إنِّي رأيت في «تلخيص المستدرك» للذَّهبيِّ في ترجمة عبد الرَّحْمَن بن عوف، وذكر القصَّة بنحو ما ذكرتها، لكنَّها أطول، وسمَّاه أيضًا: قَبِيصة بن جابر الأسَديَّ، وقال: (خ، م)؛ يعني: على شرطِهما، وسكتَ عليه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، والله أعلم، ونقل بعضهم: أنَّه قَبِيصة بن جابر عن الثَّعلبيِّ وابن عَطيَّة.

(1/12154)

قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ): أمَّا (أبو عثمان)؛ فهو النَّهديُّ عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغات في (مَلٍّ)، وحديث أبي عثمان عن ابن مسعود: (أنَّ رجلًا أصاب من امرأة قبلة ... »؛ الحديث في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، وقوله: (عن ابن مسعود): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (أبي) عوض: (ابن)، وفيها نظرٌ، وليس في الكُتُب السِّتَّة روايةٌ لأبي عثمان عن أبي مسعود، فضلًا عن «البُخاريِّ»، فالصواب: ابن، والله أعلم، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (ابن)؛ بلا خلاف.

==========

[1] في (أ): (قريب)، وفي هامشها: (لعلَّه: قُرَير)، والمثبت موافق لمصدره.

(1/12155)

[حديث: أن رجلًا وقع بامرأته في رمضان فاستفتى]

6821# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام الجواد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ، وأنَّ الحِمْيريَّ ليس له في «البُخاريِّ» شيء عن أبي هريرة، إنَّما روى له عنه مسلمٌ حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضل الصِّيام بعد رمضان»، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ هذا (الرَّجلَ) هو سلمة بن صخر البياضيُّ، وأنَّ في «التِّرْمِذيِّ»: (سلمان بن صخر)، وتَقَدَّمَ أنَّ بعضهم قال: سليمان أيضًا، (امرأته): لا أعرفها.

(1/12156)

[معلق الليث في كفارة من جامع امرأته في رمضان]

6822# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الصَّوم) عن عبد الله بن مُنِير، عن يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، وفي (المحاربين): وقال اللَّيث: عن عمرو بن الحارث؛ كلاهما عن عبد الرَّحْمَن بن القاسم، عن مُحَمَّد بن جعفر بن الزُّبَير به، وتعليق اللَّيث أخرجه مسلم في (الصَّوم) عن مُحَمَّد بن رمح، عن اللَّيث، عن يحيى بن سعيد، ولم أرَ تعليق اللَّيث عن عمرو بن الحارث، إنَّما رأيته فيما وصفتُ لك عن يحيى بن سعيد، ولكن في «مسلم» أخرجه عن أبي الطَّاهر بن السَّرح، عن ابن وهب، عن عَمرو بن الحارث به، والله أعلم، وكتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ تجاه ذلك: (رواية اللَّيث عن عَمرو بن الحارث وصلها البُخاريُّ في «تاريخه»، والإسماعيليُّ في «مستخرجه»، والطَّبَرانيُّ في «الأوسط»).

قوله: (أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ): هذا (الرَّجل) هو المُجامِع في رمضان، وقد تَقَدَّمَ أعلاه، وتَقَدَّمَ أنَّ (امْرَأَته) لا أعرفها.

قوله: (فَأَتَاهُ [1] إِنْسَانٌ يَسُوقُ حِمَارًا وَمَعَهُ طَعَامٌ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الظِّهار) مِن «التِّرْمِذيِّ»: أنَّه فروة بن عمرٍو البياضيُّ.

(1/12157)

[باب: إذا أقر بالحد ولم يبين هل للإمام أن يستر عليه؟]

(1/12158)

[حديث: فإن الله قد غفر لك ذنبك]

6823# قوله: (فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ [1]، وَلَمْ يَسْأَلْهُ [2]: وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ ... )؛ الحديث: الظَّاهر أنَّه غير المذكور في حديث ابن مسعود: (أنَّ رجلًا أصاب من امرأة قبلة ... »؛ الحديث، ذاك اختُلِف فيه على أقوالٍ ذكرتُها في (سورة هود) في (التَّفسير)، وهنَّ قبله في (باب الصَّلاة كفَّارة)، ويحتمل أن يكون هو، قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (هذا تَقَدَّمَ أنَّه أبو اليسر كعب بن عمرٍو، وقيل: نبهان التَّمَّار، وقد حكينا الخلاف فيه مُطَوَّلًا)، انتهى، فظهر له أنَّ القصَّتين واحدةٌ، والله أعلم، وكذا قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: إنَّه أبو اليسر كعب بن عمرو، فجعل القصَّتين واحدةً.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (قال).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْهُ، قال).

[ج 2 ص 747]

(1/12159)

[باب: هل يقول الإمام للمقر لعلك لمست أو غمزت؟]

(1/12160)

[حديث: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت]

6824# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه المسنديُّ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثني).

[ج 2 ص 747]

(1/12161)

[باب سؤال الإمام المقر هل أحصنت؟]

(1/12162)

[حديث: أتى رسول الله رجل من الناس وهو في المسجد ... ]

6825# 6826# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهْرِيُّ، و (ابْن المُسَيّب): سعيدٌ، و (المُسَيّب)؛ بفتح الياء وكسرها، وغيره لا يقال فيه إلَّا بالفتح، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ وَهْوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَنَادَاهُ ... )؛ الحديث: هذا (الرجل) هو مالك بن مالك الأسلميُّ.

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا قَالَ: كُنْتُ [1] فِيمَنْ رَجَمَهُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ شيخنا قال: (الظاهر أنَّ المُحدِّث لابن شهاب أبو سلمة، كما أخرجه بعدُ في «بَاب الرَّجم بالمصلَّى») انتهى، والله أعلم، وهذا بالسند الذي قبله: سعيد ابن عُفَير عن اللَّيث، عن عبد الرَّحْمَن بن خالد، عن ابن شهاب، فلا تظنَّه تعليقًا، والله أعلم.

قوله: (فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ): تَقَدَّمَ معنى (أذْلقته) وضبطُه، وكذا تَقَدَّمَت (الحَرَّة) ما هي.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَكُنْتُ).

[ج 2 ص 747]

(1/12163)

[باب الاعتراف بالزنا]

(1/12164)

[حديث: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله جل ذكره]

6827# 6828# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عُيَيْنَة، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ إِلاَّ قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ): هذا (الرَّجل) و (امْرَأَته)، و (الرَّجُل) الآخر و (ابنه)؛ الكلُّ تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفهم.

قوله: (أَنْشُدُكَ اللهَ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: أسألك.

قوله: (إِلَّا قَضَيْتَ لِي [1] بِكِتَابِ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب: إذا اصطلحوا على جور؛ فهو مردود).

قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ ضبط (العَسِيف)، وأنَّ مالكًا قال في بعض طرقه: الأجير.

[ج 2 ص 747]

قوله: (ثُمَّ سألت [2] أَهْلَ الْعِلْمِ): تَقَدَّمَ أسماء الذين كانوا يفتون في عهد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتَقَدَّمَ عدد مَن حُفِظَتْ عنهم الفتوى مِن الصَّحَابة رضي الله عنهم.

قوله: (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ): تَقَدَّمَ الكلام على (أنيس) هذا، وهو أسلميٌّ، واسمُ والده الضَّحَّاكُ.

قوله: (قُلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل له ذلك هو عليُّ بن عبد الله بن جعفر ابن المَدينيِّ الراوي عنه في السَّند.

قوله: (فَرُبَّمَا قُلْتُهَا، وَرُبَّمَا سَكَتُّ): (قلتُ) و (سكتُّ)؛ بضَمِّ تاء المُتكلِّم فيهما، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (بَيْنَنَا).

[2] زيد في «اليونينيَّة»: (رِجَالًا مِنْ)، وضُرِب عليها في (ق).

(1/12165)

[حديث: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل ... ]

6829# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن عُيَيْنَة بعد (ابن المَدينيِّ)، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود.

قوله: (أَوْ كَانَ الْحَمْلُ): تَقَدَّمَ الكلام على مَن قال بأنَّ الحمل مُوجِبٌ للحدِّ، قيل: هذا إذا لم يكن لها زوج ولا سيِّد، وهو مذهب عمر، وبه أخذ بعضُ العلماء، كما قدَّمته.

==========

[ج 2 ص 748]

(1/12166)

[باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت]

قوله: (بَابُ رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَى إِذَا أَحْصَنَتْ): اعلم أنَّه لا تُرجَم الحُبْلى ما كان حملها من زنًى أو غيرِه حتَّى تضع، وهذا مُجمَعٌ عليه؛ لئلَّا يُقتَل جنينُها، وكذا لو كان حدُّها الجلدَ وهي حامل؛ لم تُجلَد بالإجماع حتَّى تضع، وكأنَّ الإمام البُخاريَّ لمَّا كان هذا إجماعًا؛ لم يقيِّد التَّرجمة؛ للعلم به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 748]

(1/12167)

[حديث: لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم]

6830# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ؛ مِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ): (أُقرِئ): بهمزة في آخره؛ من القراءة، لا مُعتلٌّ مِن القِرى، وفي «سيرة ابن هشام»: كنت أُقرِؤُهم القرآنَ، وإنَّما ذكرت هذا [1] حتَّى تتَّضح لك؛ لئلَّا تستنكر عليه قراءةَ ابن عوف عليه وغيره مَن المهاجرين وهو حَدَثٌ.

قوله: (فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا): هذه (الحجَّة) كانت في سنة ثلاث وعشرين، فقَدِمَ في ذي الحجَّة في أواخرها، فقُتِل في أواخرها، طُعِن يوم الأربعاء لأربعٍ بقين من ذي الحجَّة، وقد تَقَدَّمَ في (مناقبه)، انتهى.

قوله: (إِذْ رَجَعَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ): (إليَّ)؛ بالتشديد: جارٌّ ومجرور، و (عبدُ الرَّحْمَن): مَرْفُوعٌ فاعل (رجع)، والله أعلم.

قوله: (لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ): هذا (الرَّجل) لا أعرفه، قال بعض حفَّاظ مصر مِن المُتَأخِّرين _ولم يُسمِّ القائل ولا النَّاقل، ثمَّ وجدته في «الأنساب» للبلاذريِّ مِن رواية هشام بن يوسف عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ بالإسناد المذكور في الأصل، ولفظه: (قال عمر: بلغني أنَّ الزُّبَير قال: لو مات عمر؛ بايعنا عليًّا ... )؛ الحديث، فهذا أصحُّ؛ يعني: مِن الذي يأتي من «مسند البزَّار» و «الجعديَّات» _ قال بعض حفَّاظ مصر الآن: (إنَّ في «مسند البزَّار» و «الجعديَّات» بإسنادٍ ضعيفٍ أنَّ المبايع له طلحة بن عبيد الله)، انتهى، وقال بعد ذلك في مكان آخر: (ويمكن أن يكون كلٌّ مِن طلحة والزُّبَير قال ألفاظه، فلا تتضادُّ الرِّوايتان)، انتهى.

قوله: (لَقَدْ بَايَعْتُ فُلاَنًا): (بايعتُ)؛ بضَمِّ تاء المُتكلِّم، والقائل لا أعرفه، كما تَقَدَّمَ أعلاه، والمقول عنه قال الإمام الحافظ وليُّ الدين ابن شيخنا العراقيِّ: (حديث عمر رضي الله عنه في قصَّة السقيفة وبيعة أبي بكر ... ) إلى أن قال: («بايعت فلانًا»: فلانٌّ المشار إليه هو طلحة بن عبيد الله كما في «فوائد البغويِّ» عن عليِّ بن الجعد)، انتهى، نقل ذلك عن ابن بشكوال، وقد اختصرت أنا «مبهمات ابن بشكوال»، ولم أر هذا فيها، وكأنِّي أغفلتُه أو سقط من النُّسخة التي اختصرتُ منها، والله أعلم.

(1/12168)

قوله: (مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلاَّ فَلْتَةً فَتَمَّتْ): قال ابن قُرقُول: («الفلتة»: كلُّ شيء عُمِل على غير رويَّة، وبودر به انتشار خبره، هذا قول أبي عبيدة، وأنكره بعضهم، وقال: بل كانت بيعة أبي بكر عن مشورة واتِّفاق مِن الأنصار والمهاجرين، وإنَّما معناه: ما رُوِي عن سالم بن عبد الله وقد سُئِل عنه، فقال: كانت الجاهليَّة تتحاجز في الأشهر الحُرُم، فلا يعدو بعضها على بعض، فإذا كانت ليلة ثلاثين مِن الشهر الأخير منها أدغلت فيها فأغارت، وكان يسمُّون تلك اللَّيلة: فلتة، ثمَّ يحتجُّون بأنَّها مِن أوَّل الشَّهر الحلال، وأنَّ الشهر الحرَام كان ناقصًا؛ إدغالًا منهم وتطرُّقًا إلى ما يحبُّون، قال سالم: فكذلك لمَّا كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أدغل النَّاس بموته بين مُدَّعٍ إمارةً، وجاحدٍ زكاةً، ومُرتَدٍّ إلى غير الإسلام، فلولا بيعةُ أبي بكر التي اعترضت دون هذه الأمور؛ كانت [2] الفضيحة، وإلى هذا ذهب الخَطَّابيُّ؛ إذ كان موته بعد الأمن في حياته شبهَ الفلتةِ آخرَ شهور الحرم التي كانت [3] أمنًا، وتلك اللَّيلة فلتةٌ كما كان موت النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبيعة أبي بكر بعده فلتةً بعد أمان، وبفتح الفاء؛ هو الضبط المشهور والرواية المعروفة، قال القاضي أبو الفضل: ووجدت بخطِ الجَيَّانيِّ فيما قيَّدته [4] عن أبي مروان: بضَمِّ الفاء)، انتهى.

قوله: (الْعَشِيَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

قوله: (رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ): (الرَّعاع)؛ بفتح الراء، وعينَين مهملتَين، بينهما ألفٌ، و (الغَوْغَاء)؛ بفتح الغين المُعْجَمَة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ غين أخرى معجمة، ممدود، وهما سواء؛ أي: سُقَّاطهم، واحدهم: رعرع.

قوله: (عَلَى قُرْبِكَ): هو بضَمِّ القاف، وبالموحَّدة، كذا لهم، وعند المروزيِّ: (على قرنك)؛ بالنُّون، قال في «المطالع»: (والأوَّل هو الصحيح).

(1/12169)

قوله: (يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ): (يُطيِّر)؛ بتشديد المُثَنَّاة تحت المكسورة بعد الطَّاء المُهْمَلَة، و (مُطيِّر): اسم فاعل مِن المُضعَّف، كذا في أصلنا، و (كلُّ): مَرْفُوعٌ فاعل (يُطيِّر)، وفي «المطالع»: («فيُطَيِّر بها النَّاسُ كلَّ مُطيَّر»؛ أي: يشيِّعونها ويذهبون بها كلَّ مذهب)، انتهى؛ يعني: بضَمِّ أوَّله، وفتح الطاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت المكسورة، و (النَّاسُ): مَرْفُوعٌ فاعل، و (كلَّ): مَنْصُوبٌ، ونصبُه معروف، و (مُطَيَّر)؛ بفتح الطَّاء، وتشديد الياء مفتوحة، قال ابن قُرقُول: (وضبطه بعضهم في «كتاب الرَّجم»: «يُطِيْرها كلُّ مُطِيْر»؛ برفع «كلُّ» على أنَّه فاعل، و «مُطِير»: اسم فاعل من «أطار»)، انتهى، و (يُطِيْرها)؛ بكسر الطَّاء، وسكون الياء، و (كلُّ): مَرْفُوعٌ فاعل (يُطِيْر)، و (مُطِيْر)؛ بإسكان الياء، والحاصل أنَّه يَجتمع في هذه اللَّفظة ثلاثةُ ضبوط، والله أعلم.

قوله: (فَأَمْهِلْ): هو بفتح الهمزة، فعل أمر من الرُّباعيِّ.

قوله: (فَتَخْلُصَ): هو مَنْصُوبٌ، وهذا ظاهِرٌ، وكذا (فَتَقُولَ): معطوف عليه.

قوله: (أَمَا وَاللهِ): هو بفتح الهمزة، وتخفيف الميم؛ مثل: (أَلَا)؛ للاستفتاح.

[ج 2 ص 748]

قوله: (فِي عُقْبِ ذِي الْحِجَّةِ): هو بضَمِّ العين، وإسكان القاف، كذا هو مضبوط في أصلنا، قال الجوهريُّ: (تقول أيضًا: جئت في عُقْبِ شهر رمضان، وفي عُقباته؛ إذا جئت بعدما يمضي كلُّه، وجئت في عَقِبه؛ بكسر القاف؛ إذا جئتَ وقد بقيت منه بقيَّةٌ، حكاه ابن السِّكِّيت)، انتهى، وقد طرأ على أصلنا فتحُ العين، وكسرُ القاف، والحال: أنَّه إنَّما جاء المدينةَ وقد بقيت من الشهر بقيَّةٌ، وقد تَقَدَّمَ متى طُعِنَ، والله أعلم.

قوله: (ذِي الْحِجَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ فيه لغتين: الفتحَ والكسرَ، والكسر أرجح.

قوله: (عَجَّلْتُ [5] الرَّوَاحَ): تَقَدَّمَ متى يكون الرَّواح، ولهذا قال هنا: (حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ).

قوله: (حَتَّى أَجِدَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا): (أجدُ): مَرْفُوعٌ في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّ مثله مَرْفُوعٌ على الحال، ومثله: {حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214]؛ بالرَّفع على قراءة مَن قرأه كذلك، و (سعيد): هو أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة، تَقَدَّمَ.

(1/12170)

قوله: (فَلَمْ أَنْشَبْ): هو بفتح الهمزة، وسكون النُّون، وفتح الشين، ثمَّ مُوَحَّدة؛ أي: ألبث، ولم أُحدِثْ شيئًا حتَّى خرج.

قوله: (لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ): تَقَدَّمَ ما (العشيَّة).

قوله: (مُنْذُ اسْتُخْلِفَ): هو بضَمِّ التَّاء، وكسر اللَّام، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل مَن قالها.

قوله: (قَدْ قُدِّرَ لِي): (قُدِّر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مُشدَّد الدَّال.

قوله: (فَلاَ أُحِلُّ لأَحَدٍ): (أُحِلُّ)؛ بضَمِّ الهمزة، وكسر الحاء، مُشدَّد اللَّام، رُباعيٌّ.

قوله: (فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ [6] آيَةُ الرَّجْمِ): (آية): مَرْفُوعٌ اسم (كان)، و (آية الرجم) المراد بها: (الشيخ والشيخة إذا زنيا؛ فارجموهما ألبتَّة)، وسيأتي الكلام عليها، وفي أيِّ سورة كانت، وقد كانت في (الأحزاب) كما في «مسند أحمد» وغيره، وهي في أصلنا: (آيةَ)؛ بالنَّصب، وفيه نظرٌ، فقد كُتِبَ بعد قراءتنا نسخةٌ، وهي مرفوعة، وهذا الصَّواب، والله أعلم.

قوله: (إِذَا أُحْصِنَ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الصَّاد، ويجوز فتحهما، وقد تَقَدَّمَ ما (الإحصان).

قوله: (أَوْ كَانَ الْحَبَلُ): تَقَدَّمَ مذهب مَن هذا.

قوله: (فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ): تَقَدَّمَ ما المراد بـ (الكفر) في هذا وأمثاله.

قوله: (لَا تُطْرُونِي): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وقد تَقَدَّمَ ما (الإطراء).

قوله: (كَمَا أُطْرِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ): (أُطرِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (ثُمَّ [7] بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا مِنْكُمْ يَقُولُ: وَاللهِ لَوْ مَاتَ عُمَرُ): هذا (القائل) تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه، وتَقَدَّمَ ما ذكرته عن بعض الحُفَّاظ مِن أنَّ القائل هو الزُّبَير.

قوله: (بَايَعْتُ فُلاَنًا): تَقَدَّمَ أنَّ (فلانًا) هو طلحة بن عبيد الله، أحد العشرة رضي الله عنهم، وتَقَدَّمَ ما هو أصحُّ منه، وهو أنَّه عليٌّ رضي الله عنه، وأنَّ الجمعَ مُمْكِنٌ.

قوله: (إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا.

(1/12171)

قوله: (وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ): معناه: ليس فيكم سابق للخيرات مثله حتَّى لا يُلحَق، يقال للفرس: تقطَّعت أعناق الخيل عليه، فلا تلحقه، ويقال: الجواد يقطع الخيل إذا خَلَّفَها ومضى، وطيرٌ قَطَعَ: إذا أسرعت في طيرانها، وقال بعضهم في قول عمر رضي الله عنه: إنَّه مِن قولهم: فلان مُنقَطِع الفرس؛ أي: ليس له مَن يقارنه.

قوله: (منْ [8] غَيْرِ مَشْورَةٍ [9]): هي بفتح الميم، وإسكان الشين: الشُّورى، وكذلك (المَشُورة)؛ بضَمِّ الشين.

قوله: (فَلَا يُتَايَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي تَايَعَهَ [10]): (يتايَع): هو بفتح المُثَنَّاة تحت قبل العين، كذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، ومكتوب قبالته: (التتايع: التَّهافُت في الشَّرِّ واللَّجاجُ)، انتهى، وهذا صريح فيما ضبطه به، والتفسير بذلك هو لفظ الجوهريِّ، وفي هذا الضبط نظرٌ، ولعلَّه: (يُتَابَع)؛ بموحَّدة بعد الألف وقبل العين؛ مِن المتابعة، ثمَّ إنَّها أُصلِحت في أصلنا على هذا، فبقيت الحاشية مُسيَّبة، وضبطه بعضهم: (يُبايَع)؛ من البيعة، قال: ورُوِي: (يُتَابَع)؛ بمُثَنَّاة، وفتح المُوَحَّدة، انتهى.

(1/12172)

قوله: (تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا): (تَغِرَّة)؛ بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر الغين، ثمَّ راء مُشَدَّدة، ثمَّ تاء، قال ابن قُرقُول: (أي: حذارًا وتغريرًا؛ أي: مخاطرة؛ لئلَّا يُقتَلا، وهي مصدر منصوبة على المفعول من أجله أو له، قال الأزهريُّ: وقال الخليل: غرَّر فلان بنفسه: عرَّضها للمكروه وهو لا يدري تغريرًا وتغرَّة، وقال بعضهم: معنى قوله: «تَغِرَّة أن يُقتَلا»؛ أي: عقوبتهما، وهذا بعيد من جهة اللُّغة والمعنى)، انتهى، وفي «النِّهاية»: («التَّغرَّة»: مصدر «غرَّرته»، إذا ألقيتَه في الغُرَر، وهي من التَّغرير؛ كالتَّعلَّة مِن التَّعليل، وفي الكلام مضافٌ محذوفٌ؛ تقديره: خوف تغرَّة أن يُقتَلَا؛ أي: خوف وقوعهما في القتل، فحَذَفَ المضافَ الذي هو الخوف، وأقام المضاف إليه الذي هو «تغرَّة» مقامَه، وانتصب على أنَّه مفعولٌ له، ويجوز أن يكون قوله: «أن يُقتَلا» بدلًا من «تغرَّة»، ويكون المضاف محذوفًا؛ كالأوَّل، ومَن أضاف «تغرَّة» إلى «أن يقتلا»؛ فمعناه خوف تَغْرِيةِ قتلهما؛ ومعنى الحديث: أنَّ البيعة حقُّها أن تقعَ صادرةً عن المشورة والاتِّفاق، فإذا استبدَّ رجلان دون الجماعة فبايع أحدُهما الآخر؛ فذلك تظاهُر بينهما بشقِّ العصا وإطراح الجماعة، فإن عُقِد لأحد بيعةٌ؛ فلا يكون المعقود له واحدًا منهما، وليكونا معزولين من الطَّائفة التي تتَّفق على تمييز الإمام منها؛ لأنَّه إن عُقِد لواحد منهما وقد [11] ارتكبا تلك الفعلة الشنيعة التي أخطأت [12] الجماعة مِن التَّهاون بهم والاستغناء عن رأيهم؛ لم يُؤْمَن أن يُقتَلا)، انتهى.

قوله: (وَإِنَّهُ [13] كَانَ مِنْ خَيْرِنَا [14]): هو بالمُثَنَّاة تحت، كذا في هامش أصلنا، وفي الأصل: بالموحَّدة، قال ابن قُرقُول: (بالموحَّدة، كذا للكافَّة، وعند المستملي وعُبدوس: «من خيرنا»: بالمُثَنَّاة تحت؛ يعني: أبا بكر؛ لأنَّه مذكور من قبل)، انتهى.

قوله: (فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ): (بنو ساعدة): قوم مِن الخزرج، وسقيفتهم بالمدينة بمنزلة دار لهم، والله أعلم، و (السَّقيفة): الصُّفَّة، و (ساعدة): هو ابن كعب بن الخزرج، ولساعدة ولدٌ اسمه الخزرج.

قوله: (لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلاَنِ صَالِحَانِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أحدهما: معن بن عديِّ بن الجدِّ بن العجلان أخو عاصم، والآخر: عويم بن ساعدة)، انتهى، وكذا قال غيره ممَّن تقدَّمه، وقد صَرَّحَ بهما البُخاريُّ في (غزوة بدر).

(1/12173)

تنبيهٌ: كون عُوَيم بن ساعدة مذكورًا في هذه القصَّة هو على القول بأنَّه تُوُفِّيَ في خلافة عمر رضي الله عنهما، وقد بدأ في «الاستيعاب» بأنَّه تُوُفِّيَ في حياته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فاعلمه.

قوله: (ما تَمَالَأَ [15] عَلَيْهِ الْقَوْمُ): هو بهمزة مفتوحة في آخره؛ أي: اجتمع.

قوله: (اقْضُوا أَمْرَكُمْ): هو بهمزة وصل، فإنِ ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.

قوله: (مُزَمَّلٌ): أي: مُلفَّف في أثوابه.

قوله: (بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ): هو بفتح النُّون؛ أي: بينهم، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 749]

قوله: (يُوعَكُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ أي: بالحمَّى والرِّعدة _والله أعلم_؛ لهول ذلك المقام، وقد تَقَدَّمَ ما (الوَعْكُ).

قوله: (تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ): خطيب الأنصار المعروف المشهور: هو ثابت بن قيس بن شمَّاس الصَّحَابيُّ المشهور، فإن أُرِيد غيرُه؛ فلا أعرفه، ثمَّ رأيت ابن شيخنا البُلْقينيِّ قال: (الظاهر أنَّه ثابت بن قيس بن شمَّاس)، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (قيل: هو ثابت بن قيس بن شمَّاسٍ).

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق إعرابُها، والاختلافُ في أوَّل مَن قالها.

قوله: (وَكَتِيبَةُ الإِسْلاَمِ): أي: جيشه، وهو بالمُثَنَّاة فوقُ، لا المُثَلَّثَة؛ فاحذَرْ.

قوله: (مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ): (معشرَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروف.

قوله: (رَهْطٌ): تَقَدَّمَ ما (الرهط)؛ وأنَّه ما دون العشرة من الرِّجال؛ كالنفر، ويريد هنا: جماعة قليلة.

قوله: (دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ): (الدَّافَّة)؛ بالدال المُهْمَلَة، وتشديد الفاء؛ من الدَّف؛ وهو سير ليس بالشديد في جماعة، وقال الدِّمْيَاطيُّ: («الدَّافَّة»: قوم يسيرون سيرًا ليس بالشديد؛ لضعفهم وحاجتهم)، انتهى.

قوله: (أَنْ يَخْتَزِلُونَا): هو بالخاء المُعْجَمَة، والزَّاي المكسورة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: يقتطعونا ويذهبوا بنا مُتفرِّقين)، انتهى، وما قاله هو عبارة «النِّهاية» لابن الأثير، غير أنَّ في «النهاية»: (منفردين)، لا (مُتفرِّقين)، وهو قريب، وفي «المطالع»: (أي: يُنحُّونا ويختزلونا عن الأمر في حديث السقيفة؛ أي: يقطعونا ويزيلوه عنَّا).

(1/12174)

قوله: (وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأَمْرِ): هو بحاء مهملة ساكنة، ثمَّ ضاد معجمة مضمومة، قال في «المطالع»: («يحضنونا»؛ أي: يخرجونا في ناحية عنه، ويستبدُّون به علينا، ويختزلونا منه، كذا للكافَّة، وعند ابن السَّكن: «يحتضونا»؛ بحاء مهملة، وفي رواية أبي الهيثم: «يحصُّوننا»؛ بصاد مهملة، ولا وجهَ له، وقد جاء مُفسَّرًا فيما قبله: يريدون أن يختزلوا الأمر ويحضُّوننا عنه، قال ابن دريد: يقال: أحضنت الرَّجل عن كذا؛ إذا نحَّيته عنه، واستبددت به دونه، ومنه قول الأنصار، وذكره فيه، قال الهرويُّ فيه: حضنته: ثُلاثيٌّ، ورُوِي الحديث كذلك؛ بفتح الياء، وأمَّا «يحتصُّونا»؛ فمعناه: يقطعوننا عنه ويستأصلوننا، من «حَصَّتِ البيضةُ رأسَه»)، وفي «النِّهاية»: («أن يحضنونا»؛ أي: يخرجونا، يقال: حضنت الرَّجل عن الأمر حضنًا وحضانةً؛ إذا نحَّيته عنه، وانفردتَ به دونه، كأنَّه جعله في حضن منه؛ أي: جانب، قال الأزهريُّ: قال اللَّيث: يقال: أحضنني مِن هذا الأمر؛ أي: أخرجني منه، قال: والصَّواب: حضنني)، انتهى.

قوله: (فَلَمَّا سَكَتَ): أي: الخطيب.

قوله: (زَوَّرْتُ مَقَالَةً): أي: هيَّأتها وأصلحتها، وقيل: صوَّبتُها وشددتُها، ومعناهما قريب، أي: زَوَّرَ ما يقول وأعدَّه، قال بعضهم عن الزُّهْرِيِّ: وأراد عمر بالمقالة قولَه: إنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يمُت.

قوله: (وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ): كذا في أصلنا، هو معتلٌّ ومهموزٌ؛ لغتان، ومدارأة النَّاس؛ بهمزة، ولا تُهمَز: الملاينة، وقد تَقَدَّمَ.

(1/12175)

قوله: (بَعْضَ الجَدِّ [16]): هو بفتح الجيم، وتشديد الدَّال المُهْمَلَة، كذا في أصلنا، وعليه (صح)، وفي الهامش: (الحَدِّ)؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة وتحتها علامةُ إهمال، وتشديد الدَّال المُهْمَلَة، قال في «المطالع» في (الحاء والدَّال)؛ يعني: المُهْمَلَتين ذكر هذه اللَّفظة وغيرها، ثمَّ قال: (كلُّها مِن سرعة الغضب وحدَّة الخُلُق)، ولم يذكر فيها شيئًا غير ذلك، وقال ابن الأثير في «نهايته» في (الحاء والدال)؛ يعني: المُهْمَلَتين: (وفيه: «الحدَّة تعتري خيار النَّاس»، «الحدَّة»؛ كالنَّشاط والسُّرعة، والمضاء فيها مأخوذٌ من حدِّ السَّيف، والمراد بالحدَّة هنا: المضاء في الدين والصلابة والقصد إلى الخير)، ثمَّ ذكر حديثًا آخر من هذه المادَّة، ثمَّ قال: (ومنه حديث عمر رضي الله عنه: «كنت أداري من أبي بكر بعض الحَدِّ»، والحَدُّ والحِدَّةُ سواءٌ؛ من الغضب، يقال: حَدَّ يحِدُّ حَدًّا وحِدَّةً؛ إذا غضب، وبعضهم يرويه بالجيم؛ من الجدِّ: ضدُّ «الهزل»، ويجوز أن يكون بالفتح، من الحظِّ)، انتهى، وقال أبو ذرٍّ في «حواشيه على السِّيرة الهشاميَّة» _وذكر هذا_ قال: («وكنت أداري منه بعض الحدِّ»؛ يعني: أنَّه كان في خُلُقه حدَّة، وكان عمر يداريه)، انتهى.

والحاصل: أنَّه يجوز فيه ثلاثةُ ضبوطٍ: (الحَدُّ)، و (الجِدُّ)، و (الجَدُّ)، والله أعلم.

قوله: (عَلَى رسْلِكَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الرَّاء وكسرها؛ باختلاف المعنى.

قوله: (أَنْ أُغْضِبَهُ): كذا في أصلنا، من الغضب، وفي هامش أصلنا: (أعصيه)؛ من العصيان، وعليه علامة راويها، ولم أرَ هذه اللَّفظة في «المطالع»، ومعناها صحيح، والذي أحفظه: (أُغضِبه)؛ من الغضب، والله أعلم.

قوله: (وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الأَمْرُ): (يُعرَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الأمرُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، ويعني بـ (الأمر): الخلافة.

(1/12176)

تنبيهٌ: لم يُستحضَر في ذلك المجلس الأئمَّة مِن قريش، رواه النَّسائيُّ عن أنس والبيهقيِّ مِن رواية عليٍّ، وفي «الرَّافعيِّ»: أنَّ أبا بكر احتجَّ على الأنصار يوم السقيفة بهذا الحديث، وهذا لا أعرفه فيها مرفوعًا، نعم؛ في «البيهقيِّ» نحوُ ذلك عن مُحَمَّد بن بَشَّار، وفي سند حديث أنسٍ بكيرُ بنُ وهب، قال ابن القَطَّان أبو الحسن: لا يُعرَف، وقال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: يُجهَل، وعنه أبو الأسد فقط، انتهى، قال الذَّهَبيُّ: وهو الجزريُّ [17] الذي قال فيه الأزديُّ: ليس بالقويِّ، انتهى، وقد رأيته في «ثقات ابن حِبَّانَ»، كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ تجاه ذلك: (هو باللَّفظ المذكور _يعني: الذي لم أره أنا_ هو في «مسند أحمد» في أثناء حديث السقيفة، لكن مِن وجه آخر عن أبي بكرٍ)، انتهى.

قوله: (هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا): أي: أشرفهم.

قوله: (وَدَارًا): أي: خيرهم دارًا، والمراد بالدَّار: مكَّة؛ لأنَّها أشرف البقاع بعد البقعة التي ضمَّت أعضاءه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (كأنَّ وَاللهِ أَنْ أُقَدَّمَ، فَتُضْرَبَ عُنُقِي): (كأنَّ): من أخوات (إنَّ)، كذا في أصلنا، وفيه وقفةٌ، وقد أُصلِحَت على (كان) [18] التي هي فعل ماضٍ، وهذه ظاهرة.

قوله: (كَانَ وَاللهِ لَأَنْ تُضْرَبَ [19] عُنُقِي لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ؛ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ): معنى هذا الكلام _والله أعلم_:

[ج 2 ص 750]

أنَّي لو قُدِّمْتُ؛ لتُضرَبَ عنقي ولا يكون ضرب عنقي يُقرِّبني مِن إثم.

(1/12177)

قوله: (فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ ... ) إلى آخره: هذا (القائل) هو الحُبَاب بن المنذر، قاله غيرُ واحد؛ منهم: مالك روايةً حتَّى الجوهريُّ في «صحاحه» في (رجَّب)، وفي (عذَّق)، وفي (حكَّك)، وفي (جذَّل)، وقال بعضهم بعد أن ذكر أنَّه الحُبَاب: وقيل: سعد بن عبادة، والصَّحيح الأوَّل، انتهى، و (الحُبَاب)؛ بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف المُوَحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدةٌ أخرى، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وهو الحُبَاب بن المنذر بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سَلِمة الخزرجيُّ السَّلَميُّ أبو عُمَر، وقيل: أبو عمرٍو، شهد بدرًا، وكان يقال له: ذو الرَّأي؛ لأنَّه أشار على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يوم بدر أن ينزل، روى عنه: أبو الطُّفيل، وتُوُفِّيَ في خلافة عمر.

تنبيهٌ: لهم: حُبَاب _كهو_ في الصَّحَابة جماعةٌ غيرُه.

و (الجِذْل)؛ بكسر الجيم، وبالذال المُعْجَمَة، قال ابن قُرقُول: («أنا جُذَيلُهَا المُحكَّك»: تصغير «جِذْل»؛ وهو عود يُنصَب للجرباء مِن الإبل تَستحِكُّ به في مَرابِدها، فتَطرحُ ما عليها من قُرَاد وغيرِه ممَّا يؤذيها عند الاحتكاك، فتَستشفي بذلك؛ كالتمرُّغ للدَّابَّة؛ يعني: أنَّه ممَّن يُستشفَى برأيه، وتصغيرُه تصغيرُ تعظيمٍ، وقيل: معناه: أنا صاحب رِهان، و «المُحكَّك»: المعاود له، كما قيل:

~…جذل رِهان في ذراعيه جرب [20] … .....

يريد: الميسرَ، ضربه مثلًا؛ لفخره، وصغَّره؛ للمدح أو للتقريب، كما قيل: أُخيَّ وبُنيَّ)، انتهى.

و (المُحكَّك)؛ بالحاء المُهْمَلَة، وتشديد الكاف الأولى المفتوحة؛ وهو الذي كثر الاحتكاك به، وقيل: إنَّه أراد أنَّه شديد البأس، صلب المكْسَرِ؛ كالجذل المُحكَّك، وقيل: معناه: أنا دون الأنصار جذل حكَّاك، فبي تُقْرن الصعبة.

(1/12178)

قوله: (وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ): قال ابن قُرقُول: («العَذق»؛ بفتح العين: النخلة، وبالكسر: العرجون، واختُلِف في هذا: هل هو تصغير النَّخلة أو العُرجون؟)، وقال في (المُرجَّب): («وعذيقُها المرجَّبُ»: تصغير: عِذق؛ بكسر العين؛ وهو العُرجون، أو عَذق؛ وهو النَّخلة)، انتهى، وفي «النِّهاية»: (و «العذيق»: تصغير «العَذق»؛ بالفتح؛ وهي النخلة)، انتهى، وكذا قال أيضًا في (عذق) في هذا الحديث، قال ابن قُرقُول: (تصغير تعظيم أو تصغير مدح، كما قيل: قُرَيش، أو تصغير تقريب؛ كبُنيَّ وأُخيَّ، و «المُرجَّب»: المعمَّد يبنى مِن حجارة؛ خوف سقوطه؛ لكثرة حمله، وقد يعمَّدُ ويرفد بخشب ذوات شُعَب، وقد يُفعَل ذلك بالعُرجون إذا خُشِي إنكساره بالحمل، وفعل [ذلك]: التَّرجيب، واسمه: الرَّجْبَةُ والرَّجمة)، انتهى، وفي «النهاية» بعد أن ذكر نحو ما ذكره ابن قُرقُول في تفسير (المرجَّب)، قال: (وقيل: أراد بالترجيب: التَّعظيم، يقال: رجَّب فلانٌ مولاه؛ أي: عظَّمه، ومنه سُمِّي: شهر رجب؛ لأنَّه كان يُعظَّم)، انتهى.

قوله: (مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ): أي: مِن الأنصار أميرٌ، فإذا مات أمير الأنصار؛ أُقِيم أمير قريش، كذا رأيته في كلامٍ لا أستحضر قائلَه، وقال بعضهم: وإنَّما قال ذلك؛ لأنَّ العرب لم تكن تعرف الإمارة، إنَّما كانت تعرف السِّيادة، لكلِّ قبيلةٍ سيِّد، فلا تطيع إلَّا سيِّدَ قومِها، فجرى هذا القول معه على العادة المألوفة لهم، فلمَّا بلغه قول النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «الخلافة في قريش»؛ أمسَكَ عن ذلك.

قوله: (فَكَثُرَ اللَّغَطُ): تَقَدَّمَ ما هو.

قوله: (فَرِقْتُ مِنَ الاِخْتِلاَفِ): هو بكسر الرَّاء؛ أي: فَزِعتُ.

قوله: (وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ): (نَزَوْنا): هو بفتح النُّون، ثمَّ زاي مفتوحة، ثمَّ واو ساكنة، قال ابن الأثير: («فنزونا»؛ أي: وقعوا عليه ووَطِئُوه).

قوله: (فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ): هذا القائل مِن الأنصار لا أعرف اسمه.

(1/12179)

قوله: (قَتَلَ اللهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ): الذي يظهر أنَّ عمر قاله من باب التغليظ عليه؛ حيث أراد القيام في فتنة، قال شيخنا: (فيه الدعاء على مَن تُخشَى منه الفتنة، وقال الخَطَّابيُّ: «قتل الله سعد بن عُبَادة»: أي: اجعلوه كمن قَتَلَه، واحسبوه في عدد الأموات، ولا تعتدُّوا لمشهده؛ وذلك أنَّ سعدًا أراد في ذلك المقام أن يُبعَث أميرًا على قومه على مذهب العرب في الجاهليَّة؛ ألَّا يسود القبيلةَ إلَّا رجلٌ منها، وكان حكم الإسلام خلافَ ذلك، فرأى عمر رضي الله عنه إبَطَّالَه بما غلظ مِن القول وأشنعه ... إلى آخر كلامه.

قوله: (إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ): هو بإسكان القاف، والضَّمير فاعل، و (القومَ): مَنْصُوبٌ مفعول، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ): (إمَّا)؛ بكسر الهمزة وتشديد الميم، وكذا الثَّانية، وفي نسخة: (تابعناهم).

قوله: (مَشُورَةٍ): تَقَدَّمَ قريبًا فيها لغتان: مَشْورة، ومَشُورة، وهي الشُّورى.

قوله: (فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا ... ) إلى أن قال: (فَلاَ يُتَابَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِي بَايَعَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وكذا قوله: (تَغِرَّةً).

==========

[1] في (أ): (هنا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[2] في (أ): (كان)، والمثبت من مصدره.

[3] في (أ): (كان)، والمثبت من مصدره.

[4] في مصدره: (قيَّده).

[5] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت والأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (عجلنا).

[6] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَنْزَلَ اللهُ).

[7] زيد في «اليونينيَّة» (ق): (أنَّه).

[8] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة»: (عن).

[9] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (مَشُورَة).

[10] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (يُبَايَعُ ... بَايَعَهُ).

[11] في (أ): (فقد)، والمثبت من مصدره.

[12] كذا في (أ)، وفي مصدره: (أحفظت).

[13] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق): (قد).

[14] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن المستملي، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (مِن خَبَرِنا).

[15] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (تَمَالَى).

[16] كذا في (أ) و (ق) مُصحَّحًا عليه، وفي «اليونينيَّة» مُصحَّحًا عليه وهامش (ق): (الْحَدِّ).

[17] في (أ): (الخرزي)، وهو تصحيفٌ.

[18] كذا في «اليونينيَّة».

(1/12180)

[19] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» كالفقرة السَّابقة.

[20] في مصدره: (حدب).

(1/12181)

[باب: البكران يجلدان وينفيان ... ]

قوله: (بُابٌ: الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ): (يُجلَد) و (يُنفَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُما، والمراد بالبكر هنا مِن الرِّجال والنِّساء: مَن لم يجامع في نكاح صحيح، وهو حرٌّ بالغٌ عاقلٌ، ولو جامع في نكاح شبهة أو نكاح فاسد؛ ففيه قولان للشافعيِّ؛ الصَّحيح: أنَّه لا يُعتدُّ بذلك الوطء، والثَّيِّب إذا ورد في هذا المقام؛ فالمراد به: مَن جامع في دهره ولو مرَّةً في نكاح صحيح وهو بالغٌ حرٌّ عاقلٌ، والرَّجل والمرأة في هذا سواءٌ، وسواءٌ في هذا المسلمُ والكافرُ، والرَّشيد والمحجور عليه لسفهٍ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 751]

(1/12182)

[حديث: سمعت النبي يأمر من زنى ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام]

6831# 6832# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلَمة الماجِشُون أبو عبد الله، تَقَدَّمَ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (جَلْدَ مِئَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ): (جلدَ): مَنْصُوبٌ على نزع الخافض؛ أي: بِجَلْد، وكذا (تغريبَ).

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن مالك بن إسماعيل عن عبد العزيز _هو ابن عبد الله بن أبي سلمة_ عن ابن شهاب، عن عروة به، واعلم أنَّ عروة بن الزُّبَير لم يدرك عمر بن الخَطَّاب، وذلك أنَّ عمر تُوُفِّيَ سنة ثلاث وعشرين، كما تَقَدَّمَ مِرارًا، وقد وُلِد عروة تلك السَّنة، وقال مصعب الزُّبيريُّ: وُلِد لستِّ سنين مِن خلافة عثمان، وُلِد سنة تسع وعشرين، وليس لعروةَ عن عمر في «البُخاريِّ» غيرُه، ولا له في بقيَّة الكُتُب السِّتَّة عنه شيءٌ، والله أعلم.

قوله: (تِلْكَ السُّنَّةَ): (السُّنَّة): مَنْصُوبٌ خبر (تَزَلْ)، و (تلك): هو الاسم، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 751]

(1/12183)

[حديث: أن رسول الله قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام]

6833# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْن المُسَيّب)؛ بفتح الياء وكسرها، وغيره لا يقال فيه إلَّا بالفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 2 ص 751]

(1/12184)

[باب نفي أهل المعاصي والمخنثين]

[ج 2 ص 751]

قوله: (بَابُ نَفْيِ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَالْمُخَنَّثِينَ): تَقَدَّمَ أنَّ (المخنّث)؛ بكسر النُّون وفتحها، وتَقَدَّمَ ما صفتُه.

(1/12185)

[حديث: أخرجوهم من بيوتكم.]

6834# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير.

قوله: (أَخْرِجُوهُمْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَأَخْرَجَ فُلاَنًا، وَأَخْرَجَ فُلاَنًا): كذا في أصلنا، وفي الطُّرَّة بعد (وأخرج) الثَّانية: (عمر)؛ فالظاهر أنَّ الضمير في قوله: (وأخرج) الأولى عائد إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وإذا كان كذلك؛ فالذي أخرجه هيتَ، وأمَّا المُخنَّث الذي أخرجه عمر؛ سيأتي الكلام عليه، وفي بعض أصولنا الدِّمشقيَّة: (وأخرج عمرُ فلانًا وفلانًا)، قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ في قوله: (لعن النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم المُخنّثين، وأخرج فلانًا وفلانًا) ما لفظه: (تَقَدَّمَ أنَّه أُخرِج هيتُ، وهرمٌ، وماتعٌ، وأنةُ) انتهى.

(1/12186)

[باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبًا عنه]

(1/12187)

[حديث: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله]

6835# 6836# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... )؛ الحديث: (الأعراب): سُكَّان البوادي، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذا الرَّجل لا أعرفه، ولا (امْرَأَته)، ولا (الرَّجَل) الآخر، ولا (ابْنه)، وتَقَدَّم الكلامُ على (اقْضِ بَيْنَنَا [1] بِكِتَابِ اللهِ)، وتَقَدَّمَ أنَّ (العَسِيف): الأجير، وكذا جاء تفسيره في بعض طرقه من كلام مالك، وتَقَدَّمَ أنَّ (الوَلِيْدَة): الجارية الصَّبيَّة، وتَقَدَّمَ أسماء الذين كانوا يُفتُون في عهده صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد تَقَدَّمَ عدد مَن حُفِظَتْ عنه الفتوى من الصَّحَابة، وتَقَدَّمَ الكلام على (أُنَيْسُ)؛ وهو ابن الضَّحَّاك الأسلميُّ.

==========

[1] (بيننا): ليس «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 752]

(1/12188)

[باب إذا زنت الأمة]

(1/12189)

[حديث: إذا زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها]

6837# 6838# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا كثيرةً أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ: إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ؟): قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (قال الطَّحاويُّ: لم يذكر أحدٌ من الرُّواة: «ولم تُحصَن» غيرُ مالك، وأشار بذلك إلى تضعيفها، وأنكر الحُفَّاظ هذا على الطَّحاويِّ، قالوا: بل روى هذه اللَّفظةَ أيضًا ابنُ عُيَيْنَة ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب، كما قال مالكٌ، فحصل أنَّ هذه اللَّفظة صحيحةٌ، وليس فيها حكم مخالف ... ) إلى آخر كلامه.

قوله: (سُئِلَ عَنِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ): فيه ردٌّ لما قاله ابن عَبَّاس، وطاووس، وعطاء، وابن جُرَيجٍ، وأبو عُبَيد مِن أنَّ الأَمة إن كانت مزوَّجةً؛ كان عليها نصفُ حدِّ الحرَّة من الجلد؛ استدلالًا بالآية، وإن كانت غير مُزوَّجة؛ فلا حدَّ عليها، وقد تكلَّم العلماء على هذه؛ ومنهم: النَّوويُّ في «شرح مسلم»، فإن أردتَ ذلك؛ فانظرْه، والحكم فيها: أنَّ عليها نصفَ الحدِّ، ولا تُرجَم اتِّفاقًا، أمَّا وجوبُ نصف الحدِّ على المُزوَّجة؛ فبالقرآن، وأمَّا على غير المُزوَّجة؛ فبالأحاديث الصَّحيحة؛ ومنها: حديث مالك هذا، وما في الرِّوايات المُطلَقة: «إذا زنت أَمةُ أحدِكم؛ فلْيجلدْها»، وهذا يتناول المُزوَّجة وغيرَها، وهذا مذهبُ الشَّافِعيِّ، ومالك، وأبي حنيفة، وأحمد، والجماهير.

قوله: (وَلَوْ بِضَفِيرٍ): قال مالك: الحبل، أراد: التَّقليل للثَّمن، وقد جاء مُفسَّرًا: (ولو بحبل)، وفي «النِّهاية»: (أي: حبل مفتول مِن شعر، «فعيل» بمعنى «مفعول»)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 752]

(1/12190)

[باب: لا يثرب على الأمة إذا زنت ولا تنفى]

قوله: (بَابٌ: لَا يُثَرّبُ عَلَى الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ): (التَّثريب): التَّعيير والتَّوبيخ بالذَّنب.

==========

[ج 2 ص 752]

(1/12191)

[حديث: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب]

6839# قوله: (عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبرِيِّ): تَقَدَّمَ أنَّه سعيد بن أبي سعيد، واسم أبي سعيد كيسانُ، وأنَّ (المقبري)؛ بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها.

قوله: (تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على اللَّيث، وقد تابعه في رواية الحديث، ولكن خالفه في أنَّ اللَّيث رواه عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وهذا رواه عن سعيد عن أبي هريرة؛ بإسقاط (أبيه)، فقد تابعه مِن وجهٍ، وخالفه في آخرَ، وكما رواه إسماعيل بن أُمَيَّة رواه غيرُ واحدٍ كذلك عن سعيد عن أبي هريرة، والله أعلم، ومتابعة إسماعيل أخرجها النَّسائيُّ في (الرَّجم) عن إسماعيل بن مسعود، عن بِشْر بن المفضَّل، عن إسماعيل بن أُمَيَّة به.

==========

[ج 2 ص 752]

(1/12192)

[باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إلى الإمام]

قوله: (وَرُفِعُوا إِلَى الإِمَامِ): (رُفِعوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/12193)

[حديث: رجم النبي صلى الله عليه وسلم]

6840# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد العبديُّ، وتَقَدَّمَ في ترجمته أنَّ له ما يُنكَر تجنَّبه أهلُ «الصَّحيح»، و (الشَّيْبَانِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بالشين المُعْجَمَة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه سليمان بن فَيْروز، أبو إسحاق، الشَّيبانيُّ الكوفيُّ، و (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى): علقمة بن خالد بن الحارث، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أبا أوفى صحابيٌّ؛ كابنه عبد الله.

قوله: (تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَالْمُحَارِبِيُّ، وَعَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ): أمَّا الضمير في (تابعه)؛ فيعود على عبد الواحد؛ وهو ابن زياد العبديُّ، و (خالد بن عبد الله): هو الطَّحَّان، تَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (المحاربيُّ): هو عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن زياد المحاربيُّ، أبو مُحَمَّد، الكوفيُّ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: صدوقٌ إذا حدَّث عن الثِّقات، ويروي عن المجهولين أحاديثَ مُنكَرةً، فيفسد حديثه بذلك، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (195 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، و (عَبِيدة بن حُمَيد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عَبِيدة بن حُمَيد انفرد به البُخاريُّ، وعَبِيدة بن سفيان انفرد به مسلم، وعَبِيدة بن عمرو السلمانيُّ اتَّفقا عليه)، ومتابعة عليِّ بن مسهر أخرجها مسلم في (الحدود) عن أبي كامل، عن عبد الواحد، عن أبي إسحاق الشَّيبانيّ به، وباقي المُتابَعات لم أرها ولا واحدةً منها في شيء مِن الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم، قال شيخنا: (ومتابعة عَبِيدة أخرجها أحمد بن منيع في «مسنده» عنه، عن أبي بكر إسحاقَ، عن ابن أبي أوفى)، كتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ على هذا المكان ما لفظه: (متابعة عليِّ بن مسهر وصلها مسلم من طريقه، ومتابعة خالد وصلها المُؤلِّف _أعني: البُخاري_، ومتابعة عَبِيدة وصلها الإسماعيليُّ من طريقه بالسند الذي هنا، ومتابعة المُحارِبيِّ لم أجدها بعد طول البحث والتَّنقيب)، انتهى.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمَائِدَة، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ): (بعضهم): لم أعرفه.

==========

[ج 2 ص 752]

(1/12194)

[حديث: ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟]

6841# قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا): تَقَدَّمَ أنَّ الرَّجل الزاني اليهوديَّ لا أعرف اسمه، وأنَّ اليهوديَّة الزَّانية اسمها بُسْرة، كذا سمَّاها السُّهَيليُّ في «روضه»، كما رأيتُه فيه.

قوله: (فَقَالَ [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) والدَ عبد الله بتخفيف اللَّام، وتقدَّمت ترجمة عبد الله بن سلَام رضي الله عنه.

[ج 2 ص 752]

قوله: (فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ): (أتَوا): فعلٌ ماضٍ.

قوله: (فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الذي وضع يده هو الأعور، كما يأتي في آخر هذا «الصحيح»: (ارفع يدك يا أعور)، وهو عبد الله بن صوري، ويُقال في والده: صوريا، ذكر السُّهَيليُّ عن النَّقَّاش: أنَّه أسلم.

قوله: (يَجْنَأُ [2]): هو بالجيم، مهموزٌ، كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ: (يحني)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على الروايات في ذلك؛ فانظره.

(1/12195)

[باب: إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس]

(1/12196)

[حديث: أما والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله]

6842# 6843# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا): تَقَدَّمَ أنَّ هذين الرجلين لا أعرفُهما، ولا (ابن) أحدهما، ولا (زَوْجَة) الآخر، والله أعلم.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ معناه: نعم.

قوله: (فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح العين وكسر السين المُهْمَلَتين، وبالفاء، وقال مالكٌ هنا: (والعَسِيفُ: الأَجِيرُ).

قوله: (ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ): تَقَدَّمَ أسماء الجماعة الذين كانوا يُفتون في عهده عليه السَّلام، وتَقَدَّمَ عدد مَن حُفِظَت عنه الفتوى من الصَّحَابة رضي الله عنهم، وأنَّه مئة ونيِّفٌ وثلاثون شخصًا.

قوله: (أَمَا وَالَّذِي): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.

قوله: (وَأَمَرَ أُنَيْسًا الأَسْلَمِيَّ): تَقَدَّمَ أنَّه أنيس بن الضَّحَّاك الأسلميُّ.

قوله: (امْرَأَةَ الآخَرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة الممددة، وفتح الخاء، وتَقَدَّمَ ما نقل فيه شيخُنا من أنَّه بقصر الهمزة، وكسر الخاء.

==========

[ج 2 ص 753]

(1/12197)

[باب من أدب أهله أو غيره دون السلطان]

قوله: (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ): هو سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

==========

[ج 2 ص 753]

(1/12198)

[حديث: جاء أبو بكر ورسول الله واضع رأسه ... ]

6844# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ أحدِ الأعلام.

قوله: (وَجَعَلَ يَطْعنُ بِيَدِهِ): هو بضَمِّ العين وفتحها، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (مكانُ): مَرْفُوعٌ، استثناء مفرَّغ.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ): تَقَدَّمَ في (التيمُّم) وغيرِه أيُّ آيةٍ نزلت في ذاك، والاختلاف فيها.

==========

[ج 2 ص 753]

(1/12199)

[حديث: أقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة ... ]

6845# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة الأنصاريُّ، أحد الأعلام.

قوله: (فِي قِلاَدَةٍ): (في): سببيَّة هنا، وفيه ردٌّ على من أنكر مجيئها سببيَّة.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 753]

(1/12200)

[باب من رأى مع امرأته رجلًا فقتله]

(1/12201)

[حديث: أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني]

6846# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، و (أَبُو عَوَانَةَ): الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ): هو ابن عُمير.

قوله: (مَعَ امْرَأَتِي): امرأة سعد بن عُبَادة هي أمُّ [ ... ] [1].

قوله: (غَيْرَ مُصْفَحٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل (النكاح) في (باب الغيرة)، وهو بالصاد، والفاء، والحاء، المهلتين، قال في «المطالع»: بكسر الفاء وفتحها، مع ضمِّ الميم، وسكون الصاد؛ أي: بحدِّه لا بعرضه؛ تأكيدًا لبيان ضربه ليقتله، فمَن فتحه؛ كان وصفًا للسيف، ومَن كسره؛ جعله حالًا من الضارب، وصفحا السيف: وجهاه العريضان، وغراراه: حدَّاه، انتهى، ورأيته في بعض النسخ مشدَّد الفاء ومفتوحها، قال شيخُنا عن ابن التين: والتشديد هو ما في سائر الأمَّهاتِ، انتهى.

(1/12202)

[باب ما جاء في التعريض]

(1/12203)

[حديث: هل لك من إبل؟]

6847# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يُقال إلَّا بالفتح [1].

قوله: (جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ): هذا الأعرابيُّ تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه ضمضمُ بن قتادة، قاله عَبْد الغَنيِّ بن سعيد الأزديُّ المصريُّ في «مبهماته» _وقد رويتها بالسماع بالقاهرة_ وساقَ له شاهدًا، وفي الشاهد: (فقدمْنَ عجائزُ من بني عجل، فأخبرْنَ أنَّ للمولود جدَّةً سوداءَ)، وكذا سمَّاه الذَّهَبيُّ في «تجريده».

قوله: (وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ): هذا الولد لا أعرف اسمه.

قوله: (مِنْ أَوْرَقَ): تَقَدَّمَ ما (الأورق).

قوله: (أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ): (أُراه): بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.

==========

[1] في (أ): (بالكسر)، والمثبت موافق للمواضع السابقة.

[ج 2 ص 753]

(1/12204)

[باب كم التعزير والأدب؟]

(1/12205)

[حديث: لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله]

6848# قوله: (حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة.

قوله: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): هو هانئُ بن نِيَار، وهو أبو بُردة بن نيار بن عَمرو بن عُبيد بن عَمرو الأوسيُّ، وقيل غيرُ ذلك في نسبه، وهو خالُ البَراء بن عازب، عَقَبيٌّ بدريٌّ جليلٌ، تُوُفِّيَ عام الجماعة، أخرج له الجماعةُ، رضي الله عنه.

قوله: (لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَة [1]): (يُجلَد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (جَلَدَاتٍ): بفتح اللام.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَشْرِ).

[ج 2 ص 753]

(1/12206)

[حديث: لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله]

6849# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحد الأعلام، الفَلَّاس الصيرفيُّ، و (فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة.

[ج 2 ص 753]

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ عَمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ الجهل بعين الصَّحَابيِّ _وسيجيء مَن هو_ لا يضرُّ؛ لأنَّهم كلَّهم عدولٌ، وهذا هو الصحيح، وقد قَدَّمْتُ فيه خلافًا، وهذا الحديثُ ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة عبد الرَّحْمَن بن جابر بن عبد الله عمَّن سمع النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ الحديث، فقال: البُخاريُّ في (المحاربين)، وطرَّفه عن صحابيٍّ منهم كما هنا، ثم قال: رُوِيَ عن سليمان بن يسار، عن عبد الرَّحْمَن بن جابر، عن أبي بُردة بن نيار، وقيل: عنه عن عبد الرَّحْمَن بن جابر، عن أبيه، عن أبي بُردة بن نيار، وقد مضى، انتهى؛ يعني: في مسند أبي بُردة هانئ بن نيار، والله أعلم.

(1/12207)

[حديث: لا تجلدوا فوق عشرة أسواط إلا في حد]

6850# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَحَدَّثَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ): (سليمانَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وفاعل (حدَّث): (هو) عائد على عبد الرَّحْمَن بن جابر، و (أَبُو بُرْدَةَ الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه هانئ بن نيار قريبًا، [و] أنَّه عَقَبيٌّ بدريٌّ جليلٌ.

==========

[ج 2 ص 754]

(1/12208)

[حديث: أيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقين]

6851# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحدُ الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ): تَقَدَّمَ أنَّه صومُ يومَين فما زاد من غير أن يتناول بينهما مفطرًا، وقدَّمتُ حُكْمَهُ.

قوله: (فَقَالَ لَهُ رِجَالٌ): هؤلاء الرجال لا أعرفُهم.

قوله: (إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ): تَقَدَّمَ الكلام مُطَوَّلًا، وذكرت فيه أقوالًا في (الصوم)، وأنَّ الصحيحَ: أنَّ الله عزَّ وجلَّ يجعل فيه قوَّةً مِن أكلٍ وشربٍ.

قوله: (تَابَعَهُ شُعَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَيُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على عُقَيل، و (شعيب): هو ابن أبي حمزة، ومتابعة شعيب أخرجها البُخاريُّ في (الصوم) عن أبي اليمان عن شعيب به، وأخرجها النَّسائيُّ فيه عن عمرو بن عثمان، عن أبيه، عن شعيب به، و (يحيى بن سعيد): هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّمَ، ومتابعة يحيى بن سعيد لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة سوى ما هنا، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، ومتابعة يونس أخرجها مسلم في (الصوم) عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس به.

(1/12209)

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ): هو عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافرٍ أمير مصر، عن الزُّهْرِيِّ، وعنه: مولاه الليث بن سعد، ويحيى بن أيُّوب، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا: قال المِزِّيُّ: (قال أبو مسعود: هكذا رواه البُخاريُّ، ولم يقل شعيب عمَّن؟ وإنَّما هو شعيب عن الزُّهْرِيِّ عن أبي سلمة، وقال في حديث ابن مسافر: عن سعيدٍ وحده، وإنَّما هو عن سعيد وأبي سلمة، زاد المِزِّيُّ: كذلك هو في نسخة أبي اليمان من رواية عليِّ بن مُحَمَّد الحكانيِّ عنه، عن شعيب، عن الزُّهْرِيِّ عن أبي [1] سلمة، وكذلك أخرجه البُخاريُّ في «الصوم» عن أبي اليمان بإسناده، وقال: عن أبي سلمة)، انتهى، وقد ذكرت هذا الكلام أنا في (الصوم) أيضًا، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد): هو ابن المُسَيّب.

==========

[1] في (أ): (الزهري وأبي)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 754]

(1/12210)

[حديث: أنهم كانوا يضربون على عهد رسول الله إذا اشتروا ... ]

6852# قوله: (حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمَة، وقدَّمت الكلام عليه مرارًا، وعلى عَبَّاس بن الوليد؛ بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وعيَّنتُ الأماكنَ التي له _أي: لهذا الثاني_ في «البُخاريِّ»، وهي ثلاثة [1] أماكن، وفي الأخير منها عيَّنه: (النرسي)، و (عَبْدُ الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (يُضْرَبُونَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (جزَافًا): هو مثلَّث الجيم.

(1/12211)

[حديث: ما انتقم رسول الله لنفسه في شيء]

6853# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدان لقبُه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يُؤْتَى إِلَيْهِ): (يُؤتَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (حَتَّى يُنْتَهَكَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 754]

(1/12212)

[باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة]

قوله: (وَاللَّطْخَ): هو بفتح اللام، وإسكان الطاء المُهْمَلَة، وبالخاء المُعْجَمَة، قال في «المطالع»: هو التُّهمة، وإلصاقُ الشرِّ إلى الملطوخ، انتهى، ومقتضى عطفِ البُخاريِّ (التُّهَمة) عليه: أنَّه غيرُه، وفي «الصحاح»: (لطخه لطخًا، فتلطَّخ به؛ أي: لوَّثه به فتلوَّث، ولُطِخَ فلانٌ بشرٍّ: رُمِيَ به، ومثله في «القاموس»، والحاصل: أنَّ (اللَّطخ): الرَّميُ بالقبيح.

قوله: (وَالتُّهَمَةَ): هو بفتح الهاء، وفي «النهاية» لابن الأثير: وقد تُفتَح الهاء، وسأذكر لفظه إن شاء الله تعالى.

(1/12213)

[حديث: شهدت المتلاعنين وأنا ابن خمس عشرة ... ]

6854# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله بن جعفر بن نَجِيْح ابن المَدينيِّ، الحافظ الكبير، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (شَهِدْتُ الْمُتَلاَعِنَيْنِ): هذان المتلاعنان هما: عويمر العجلانيُّ وامرأتُه، كما صَرَّحَ به في (اللعان)، وتَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمها، وتَقَدَّمَ في (سورة النور) ما قاله ابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ، وما قاله ابنُ الملقِّن شيخُنا الشارحُ.

قوله: (فَرَّقَ بَيْنَهُمَا): هو مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: فرَّق بينهما رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ويجوز بناؤه للمفعول، والله أعلم.

قوله: (قَالَ [1] زَوْجُهَا): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ زوجَها عويمر العجلانيُّ.

قوله: (كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ): هو بفتح الواو والحاء المُهْمَلَة والراء، ثمَّ تاء التأنيث، تَقَدَّمَ معناه.

قوله: (يُكْرَهُ): مَبْنيٌّ للمفعول.

(1/12214)

[حديث: لو كنت راجمًا امرأةً عن غير بينة]

6855# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظُ الجِهْبِذُ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان.

قوله: (تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ): هذه المرأة المعلنةُ لا أعرف اسمَها.

(1/12215)

[حديث: لو رجمت أحدًا بغير بينة رجمت هذه.]

6856# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح.

[ج 2 ص 754]

قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): كذا في أصلنا، وعلى (القاسم بن مُحَمَّد) علامة أبي ذرٍّ، وهذه الرواية _أعني: إثبات (القاسم بن مُحَمَّد) _ قال في هامش أصلنا ما لفظه: الصواب: إثبات (القاسم بن مُحَمَّد) التي هي رواية أبي ذرٍّ؛ لأنَّ عبد الرَّحْمَن بنَ القاسم لم يسمع من ابن عَبَّاس، انتهت، ولم يذكر المِزِّيُّ في «أطرافه» الحديثَ إلَّا في ترجمة القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق عن ابن عَبَّاس، ولم يذكر في «أطرافه» رواية: عن عبد الرَّحْمَن بن القاسم عن ابن عَبَّاس بالكُلِّيَّة، فالصواب: إثبات (القاسم بن مُحَمَّد)، والله أعلم، وكذا هو ثابتٌ في أصلنا الدِّمَشْقيِّ بلا خلافٍ، والله أعلم.

قوله: (ذُكِرَ التَّلاَعُنُ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (التَّلاعنُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَجَاءَهُ [1] رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ): هذا الرجل هو عويمر العجلانيُّ، كما صَرَّحَ به في (كتاب اللعان)، والله أعلم.

قوله: (مَا ابْتُلِيتُ): هو بضَمِّ التاءين؛ الأُولى؛ لأنَّه لم يُسَمَّ فاعلُه، والثانيةُ؛ لأنَّها تاء المتكلِّم، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ): امرأة عويمر العجلانيِّ تَقَدَّمَ الكلام عليها في (سورة النور)، وأنِّي لا أعرفها، وتَقَدَّمَ ما قاله شيخُنا الشارح وابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ.

قوله: (سَبطَ الشَّعَرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا (آدَمَ)، وكذا (خَدِْلًا).

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ هو عبد الله بن شدَّاد، مشهورُ الترجمة.

قوله: (تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلاَمِ السُّوءَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنِّي لا أعرف هذه المرأة.

(1/12216)

[باب رمي المحصنات]

قوله: (بَابُ رَمْيِ الْمُحْصنَاتِ): هو بفتح الصاد وكسرها، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12217)

[حديث: اجتنبوا السبع الموبقات ... ]

6857# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هو ابن بلال، و (أَبُو الْغَيْثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سالم مولى عبد الله بن مطيع.

قوله: (الْمُوبِقَاتِ): هو بكسر المُوَحَّدة، اسمُ فاعلٍ، وهذا ظاهِرٌ، وتَقَدَّمَ تفسيرها بـ (المُهْلِكَات).

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12218)

[باب قذف العبيد]

(1/12219)

[حديث: من قذف مملوكه وهو بريء مما قال]

6858# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى بن سعيد) بعد (مسدَّد): هو القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ): بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، و (ابْن أَبِي نُعْمٍ): بضَمِّ النون، وهو عبد الرَّحْمَن بن أبي نُعمٍ البَجَليُّ، أبو الحكم العابد، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ): (جُلِد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12220)

[باب: هل يأمر الإمام رجلًا فيضرب الحد غائبًا عنه]

قوله: (فَيَضْرِبَ الْحَدَّ): (يضربَ): مَنْصُوبٌ جواب الاستفهام؛ وهو (هل) في أوَّل الترجمة، وفي أصلنا رُفِعَ بالقلم، والظاهر أنَّ الرَّفعَ طارئٌ عليها.

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12221)

[حديث: والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله]

6859# 6860# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ): هذا هو مُحَمَّد بن يوسف، أبو أحمد البيكنديُّ البُخاريُّ، تَقَدَّمَ في (العلم) و (بدء الخلق) و (علامات النبوَّة في الإسلام) وغير ذلك، وذكرتُ بعضَ ترجمته، وأنَّه واسع الرحلة، ولا أعلم فيه جرحًا ولا تعديلًا، إلَّا أنَّ البُخاريَّ روى عنه محتجًّا به غَيْرَ مَرَّةٍ، والله أعلم.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، أحدُ الأعلامِ المشاهيرِ.

قوله: (رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ وامرأتَه، والزانيَ بها وأباه [2]، لا أعرفهم.

قوله: (أَنْشُدُكَ اللهَ): (أَنشُدك): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألك.

قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ مالكًا فسَّره في بعض الطرق بـ (الأجير)، وكذا (الرِّجَال مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ): قَدَّمْتُ أسماءَ الذين كانوا يُفتون في عهده عليه السَّلام، والاختلافَ في عَددهم، وقدَّمت عددَ مَن حُفِظَت عنه الفتوى من الصَّحَابة، وأنَّهم مئةٌ ونيِّفٌ وثلاثون شخصًا من بين رجلٍ وامرأةٍ، وتَقَدَّمَ الكلام على (أُنَيْس)، وأنَّه ابن الضَّحَّاك الأسلميُّ، وما قال فيه بعضُهم، ولا يصحُّ.

(1/12222)

((87)) (كِتَابُ الدِّيَاتِ) ... إلى (بَاب القَسَامَةِ)

قوله: (كِتَابُ الدِّياتِ): هي جمع (دِيَة)، والهاء عوضٌ من الواو، تقول: وَدَيْتُ القتيلَ أَديه دِيَةً؛ إذا أعطيتَ دِيَتَه، واتَّدَيْتُ؛ أي: أخذتُ دِيَتَه، وإذا أمرتَ منه؛ قلتَ: دِ فلانًا، وللاثنين: دِيَا، وللجماعة: دُوا فلانًا، قاله الجوهريُّ.

واعلم أنَّ أوَّل مَن قضى بها مئةً من الإبل أبو سيارة، وسمَّاه السُّهَيليُّ: عُميلة بن الأعزل، عن ابن إسحاق، وعن الخَطَّابيِّ: أنَّ اسمَه العاصي، وقيل: أوَّل من قضى بها عبدُ المُطَّلِب، قاله ابن قُتَيْبَة، ونقل بعضُ شيوخِ شيوخِنا ثلاثةَ أقوالٍ في أوَّل مَن قضى بها مئةً؛ القولَين اللَّذَين ذكرتُهما، والثالث: القلمس، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12223)

[قول الله تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم}]

(1/12224)

[حديث: ثم أن تقتل ولدك أن يطعم معك]

6861# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [ابن] عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ [1]؟): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: هو ابن مسعودٍ راوي الحديث، كما وقع عند المصنِّف من وجهٍ آخَرَ، انتهى.

قوله: (أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا): تَقَدَّمَ ما (النِّدُّ)، وأنَّه بكسر النون، تعالى الله عنه، وتَقَدَّمَ الكلام على (أَيٌّ) هل هي مُنَوَّنة، أو مرفوعة من غير تنوين، وتَقَدَّمَ (يَطْعَمَ): أنَّه بفتح الياء والعين؛ أي: يأكل، وتَقَدَّمَ الكلام على (الحَلِيْلَة).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَكْبَرُ).

[ج 2 ص 755]

(1/12225)

[حديث: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه]

6862# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي): أمَّا (عليٌّ)؛ فقد قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»: (عليٌّ عن إسحاق بن سعيد القرشيِّ وخلفِ بن خليفة، فقيل: هو عليُّ بن الجعْد، وعن مالك بن سُعير وعنه: البُخاريُّ، فقيل: هو عليُّ بن سلمة الليثيُّ)، انتهى؛ فتَحرَّرَ أنَّه عليُّ بن الجعْد؛ لأنَّه هنا يروي عن إسحاق بن سعيد، وعليُّ بن الجَعْد: هو ابن عُبيد، أبو الحسن الهاشميُّ مولاهم، البغداديُّ الجوهريُّ، أحدُ الأعلام الحُفَّاظ، عن حَريز بن عثمان، وابن أبي ذئب، وسعيد، وعبد الحميد بن بهرام، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وابنُ معين، وأبو زرعة، وأحمدُ ابن حنبل، وابن أبي الدنيا، وأبو يعلى المَوْصِليُّ، وأبو القاسم البغويُّ، وخلقٌ كثيرٌ، ثَبْتٌ، تَقَدَّمَ، ومسلمٌ أعرض عنه، وقد سمع منه جملةً، لكن لم يخرِّج له شيئًا في «كتابه»، وهو أكبرُ شيخٍ لقيه مسلمٌ، وقد وَثَّقَهُ، لكنَّه قال: جهميٌّ، انتهى، وقد قال: مَن قال: القرآنُ مخلوقٌ؛ لم أعنِّفْه، له ترجمةٌ في «الميزان»، أخرج له البُخاريُّ وأبو داود، تُوُفِّيَ في رجب سنة (230 هـ)، وله ستٌّ وتسعون سنةً.

قوله: (فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ): (الفُسحة)؛ بضَمِّ الفاء: السَّعَة.

قوله: (مِنْ دِينِهِ): هو بكسر الدال المُهْمَلَة، ثم مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثم نون، قال ابن قُرقُول: (من دِينه): كذا للأصيليِّ، وأبي ذرٍّ، وابنِ السكن، وعند غيرهم: (ذنبه)، وكلاهما له وجهٌ، والأوَّل أوجهُ عندي، انتهى، وقد تَقَدَّمَ، والأُولى في أصلنا، والثانيةُ نسخةٌ في الطُّرَّة.

==========

[ج 2 ص 755]

(1/12226)

[حديث: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها]

6863# قوله: (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ): هذا هو المسعوديُّ الكوفيُّ، عن عبد الرَّحْمَن ابن الغَسِيل، وإسحاق بن سعيد بن عمرو الأمويِّ، ويزيد بن المقدام، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وابن نُمَيْر، وأبو سعيد الأشجُّ، وأبو مُحَمَّد الدارميُّ، وجماعةٌ، تُوُفِّيَ سنة بضعَ عشرةَ ومئتين، فإنَّ أبا زرعة أدركه ولم يكتب عنه.

[ج 2 ص 755]

قوله: (إِنَّ مِنْ وَرْطَاتِ الأُمُورِ): قال في «المطالع»: («ورْطات الأمور»؛ بإسكان الراء؛ أي: شدائدها، وما لا يُتخلَّص منه، قال الخليل: الورْطة: البليَّة يقع الإنسان فيها)، انتهى، والمفرد بإسكان الرَّاء، بلا خلاف في ذلك أعلمُه، وفي أصلنا: (ورَطات)؛ بفتح الرَّاء، وعليه (صح)، وكتب بعض علماء الحنفيَّة تجاهه: (قال ابن مالك: صواب: «ورَطات» أن يكون مُحرَّكًا؛ مثل: ثمَرة وثَمَرات، ورُطَبة ورَطَبات)، انتهى، كذا قال، والله أعلم، وكذا نقله بعضُهم عن ابن مالك، ومثَّلَ المثال الأوَّل فقط عنه.

(1/12227)

[حديث: أول ما يقضى بين الناس في الدماء]

6864# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

قوله: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أوَّل ما يُحاسَب به العبدُ من عمله صلاتُه»، في (الرَّقائق).

(1/12228)

[حديث المقداد: لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله]

6865# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (الْمِقْدَاد بْن عَمْرٍو الْكِنْدِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو ابن عَمرٍو، كما نسبه هنا، والأسود بن عبد يغوث تبنَّاه، وليس بابنه، وقد قدَّمته مُطَوَّلًا في (النِّكاح) في أوائله.

قوله: (إِنْ لَقِيتُ كَافِرًا ... )؛ الحديث: تنبيهٌ: هذا لم يقع، وإنَّما هو فَرَضٌ؛ أي: لو وقع؛ ما حكمه؟

قوله: (ثُمَّ لاَذَ): هو بالذَّال المُعْجَمَة؛ أي: تستَّر واختفى، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (آقْتُلُهُ): هو بمدِّ الهمزة على الاستفهام، وكذا الثَّانية.

قوله: (فَإِنْ قَتَلْتَهُ؛ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ): اعلم أنَّه اختُلِف في معنى هذا الحديث؛ فأحسنُ ما قيل فيه وأظهرُه ما قاله الإمام الشَّافِعيُّ وابن القصَّار المالكيُّ وغيرُهما: أنَّ معناه: فإنَّه معصوم الدَّم مُحرَّمٌ قتلُه بعد قوله: (لا إله إلَّا الله)، كما كنتَ أنتَ قبل أن تقتله، وإنَّك بعد قتله غيرُ معصوم الدَّم، ولا مُحرَّم القتلِ كما كان هو قبل قوله: (لا إله إلَّا الله)، قال ابن القصَّار: يعني: لولا عذرُك بالتَّأويل المُسقِط للقصاص عنك، قال القاضي عياض: وقيل معناه: إنَّك مثله في مخالفة الحقِّ، وارتكابك الإثم وإن اختلفت أنواع المخالفة والإثم، فيُسمَّى إثمُه: كُفرًا، وإثمُك: معصيةً وفسقًا، انتهى ما قاله الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»، وقد تَقَدَّمَ أيضًا.

6866# قوله: (وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ): هو بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، القصَّاب الكوفيُّ، عن أمِّ الدَّرداء وسعيد بن جُبَيرٍ، وعنه: شعبة وابن فُضَيل، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (142 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، قال أحمد وابن معين: ثقة، وهذا تعليق مجزوم به، و (سَعِيد): هو ابن جُبَيرٍ، قال شيخنا في تعليق حَبِيب: أخرجه ابن سعْد في «طبقاته»: عن عُبيد الله بن موسى: حَدَّثَنَا إسرائيل عنه، عن سعيد بن جُبَيرٍ به.

(1/12229)

==========

[ج 2 ص 756]

(1/12230)

[باب قول الله تعالى: {ومن أحياها}]

(1/12231)

[حديث: لا تقتل نفس إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها]

6867# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ): تَقَدَّمَ الكلام [على] ابني آدم: هل هما لصلبه، أو من بني إسرائيل في (الجنائز)، وإذا كانا لصلبه؛ فالقاتلُ: قابيلُ.

قوله: (كِفْلٌ مِنْهَا): (الكفل): أي: نصيب، وقال الخليل: ضعْف، ويقال: يُستعمَلُ في الأجر والوِزر، قال تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ} [الحديد: 28]، وقال: {شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النِّساء: 85]، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 756]

(1/12232)

[حديث: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض .. ]

6868# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، و (وَاقِد ابْنُ عَبْدِ اللهِ): هو بالقاف، وهو واقد بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر العُمريُّ المدنيُّ، نُسِب هنا إلى جدِّه.

قوله: (يَضْربُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ الكلام في أوائل هذا التعليق في (كتاب العلم) على (يضرب)، وأنَّه مَرْفُوعٌ، ومَن جوَّز فيه الجزمَ مُطَوَّلًا.

(1/12233)

[حديث: استنصت الناس لا ترجعوا بعدي كفارًا ... ]

6869# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَارٌ، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ): هو بضَمِّ الميم، وإسكان الدَّال المُهْمَلَة، وكسر الرَّاء، اسم فاعل من (أدرك)، وهذا ظاهِرٌ معروف عند أهلِه، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مرَّةً الاختلافُ في اسمه، وهو هَرِم _وقيل غير ذلك_ ابن عَمرو بن جَرِير بن عبد الله البَجَليُّ، و (جَرِير): هو ابن عبد الله البَجَليُّ.

قوله: (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (يَضرِب): مَرْفُوعٌ، وتَقَدَّمَ كلام مَن أجاز فيه الجزم على تقدير شرطٍ، وأنَّ الرواية بالرفع.

قوله: (رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

(1/12234)

[حديث: الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين.]

6870# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه وقبله مرارًا، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غُنْدر، و (فِرَاس): هو بكسر الفاء، وتخفيف الرَّاء [2]، وهو ابن يحيى الهَمْدانيُّ الكوفيُّ، تَقَدَّمَ، و (الشَّعْبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، و (الشَّعْبيُّ)؛ بفتح الشين المُعْجَمَة، وهذا مشهور معروف.

قوله: (الْكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ الذَّهَبيَّ أفردها بمُؤلَّف بلَّغها ستَّةً وسبعين كبيرةً، وذكر في بعض نسخ «الكبائر» أعمالًا يتردَّد النَّظر في أنَّها كبيرة أم لا؟ وأنَّ ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة ذكر جملةً مِن الكبائر في آخر «إعلام الموقِّعين».

قوله: (وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ): تَقَدَّمَ ما (العقوق).

[ج 2 ص 756]

قوله: (أَوْ قَالَ: الْيَمِينُ الْغَمُوسُ): تَقَدَّمَ لِمَ سُمِّيت غموسًا في (الأيمان)؛ بفتح الهمزة.

قوله: (مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ): هو معاذ بن معاذ، أبو المثنَّى، التَّميميُّ العنبريُّ البصريُّ، الحافظ، قاضي البصرة، تَقَدَّمَ، وهذا تعليق مجزوم به، وقد أخرج لمعاذٍ هذا الجماعةُ، وعنه: أحمد، وعبد الله بن المثنَّى، وأحمد، وابن المَدينيِّ.

(1/12235)

[حديث: أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس]

6871# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو عبد الصَّمد بن عبد الوارث، أبو سهل، حافظ حجَّة، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَحَدَّثَنَا [1] عَمْرٌو): هذا هو ابن مرزوق، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ في «أطرافه»، روى عنه: البُخاريُّ مقرونًا، وهنا قد قرنه بإسحاق بن منصور، لا بعبد الصَّمد بن عبد الوارث، وهذا نوع مِن القرن، وقد تَقَدَّمَ، وإنَّما أتى به؛ لعلوِّه؛ لأنَّه يعلو على المُتقدِّم بواحدٍ، وله ترجمة في «الميزان».

تنبيهٌ: عَمرو بن مرزوق هذا باهليٌّ مولاهم، كنيته أبو عثمان، بصريٌّ، ولهم آخرُ يقال له: عَمرو بن مرزوق واشحيٌّ بصريٌّ، يروي عن غير واحد، وعنه: أبو داود وأبو الوليد الطَّيالسيَّان، ومسلم بن إبراهيم، وجماعة، قال ابن معين: ليس به بأس، ذكره في «الميزان» تمييزًا من الراوي هنا، فقال فيه: شيخ صدوق، روى عنه: الحوضيُّ ومسلم، انتهى.

و (ابْن أَبِي بَكْرٍ): اسمه عُبَيد الله _بالتَّصغير_ ابن أبي بكر بن أنس بن مالك المذكور في السند الذي قبله، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو داود، قال أبو حاتم: صالح، أخرج له الجماعة.

(1/12236)

[حديث: يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله]

6872# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشيم بن بَشِير، حافظ بغداد، و (حُصَيْنٌ) بعده: بضَمِّ الحاء وفتح الصَّاد المُهْمَلَتين، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الأسماء: بالضَّمِّ، والكنى: بالفتح، وهذا هو كما قال الدِّمْيَاطيُّ: (حُصَين بن عبد الرَّحْمَن السُّلميُّ عن أبي ظبيانَ حُصَين بن جندب الكوفيِّ، اتَّفقا عليهما)، انتهى، و (أَبُو ظَبْيَانَ): تَقَدَّمَ أنَّ أهل اللُّغة: يفتحون الظاء المُعْجَمَة، ويُلَحِّنُون مَن يكسرها، وأنَّ أهل الحديث: يكسرونها، وكذا قَيَّدهُ بالكسر غيرُ واحد من الحُفَّاظ، والله أعلم.

قوله: (بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح الثاء، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ فاعل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ): (الحُرَقَة)؛ بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الراء، وبالقاف، ثمَّ تاء التأنيث؛ وهي بطن من جُهَينة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ): أمَّا (الرَّجل الأنصاريُّ)؛ فلا أعرفُه، وأمَّا الرَّجل المقتول الذي طعنه أسامة بن زيد بالرمح؛ فاسمه مرداس بن نَهِيك، قاله ابن بشكوال وغيره، ويقال: اسمه مرداس بن عَمرو بن نَهِيك الفدكيُّ، قال الذَّهَبيُّ: هو الذي قتله أسامة وهو شهيد، وقد تَقَدَّمَ، وقد ذكره الذَّهَبيُّ في «تجريده»، ولم يحمِّره، وينبغي أن يُحمَّر؛ لأنَّه إنَّما رأى الصَّحَابة بعد إسلامه، ولم يرَ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ): معناه: لم يكن تَقَدَّمَ إسلامي، بل ابتدأتُ الآن الإسلام؛ ليمحوَ عنِّي ما تَقَدَّمَ، وقال هذا الكلام مِن عِظَمِ ما وقع فيه، وقد قَدَّمْتُ ذلك، وقدَّمتُ فرعًا ذكره بعض الشَّافِعيَّة في كتبهم مثلَ هذا؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 757]

(1/12237)

[حديث: بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئًا]

6873# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام الجوادُ، و (يَزِيدُ) بعده: هو ابن أبي حَبِيب؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (أَبُو الخَيْر): قال الدِّمْيَاطيُّ: (مَرْثد بن عبد الله اليزنيُّ) انتهى، وهذا تَقَدَّمَ، و (الصُّنَابِحِي): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الرَّحْمَن بن عُسَيلة بن عِسْل بن عسَّال الصُّنَابحيُّ، أبو عبد الله، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن سعد وغيره، تُوُفِّيَ في خلافة عبد الملك، وكان جليلَ القدر.

قوله: (إِنِّي مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ (النُّقباء) كانوا اثني عشر؛ تسعةً مِن الخزرج، وثلاثةً من الأوس، وقد قدَّمتُهم في (كتاب الإيمان) _بكسر الهمزة_ في أوَّل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 757]

(1/12238)

[حديث: من حمل علينا السلاح فليس منا]

6874# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ؛ فَلَيْسَ مِنَّا): اعلم أنَّ من قاعدة أهل السُّنَّة والفقهاء: أنَّ من حمل السَّلام على المسلمين بغير حقٍّ ولا تأويل ولم يستحلَّه؛ فهو عاصٍ، ولا يكفر بذلك، فإنِ استحلَّه؛ كفر، وأمَّا تأويل الحديث؛ فقيل: هو محمول على المُستحِلِّ بغير تأويل؛ فيكفر، ويخرج عن الملَّة، وقيل: ليس على سيرتنا الكاملة، وكان سفيان بن عُيَيْنَة يكره قول مَن يفسِّر بـ (ليس على هدينا)، ويقول: ليس هذا القول؛ يعني: بل يُمسِك عن تأويله؛ ليكون أوقعَ في النفوس وأبلغَ في الزَّجر، والله أعلم.

قوله: (رَوَاهُ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أبو موسى): هو الأشعريُّ عبدُ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/12239)

[حديث: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه]

6875# قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، واسم أبي تميمة: كيسان، أحد الأعلام أيُّوب، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، و (الأَحْنَف بْن قَيْسٍ)؛ بفتح الهمزة، ثمَّ حاء مهملة ساكنة، ثمَّ نون، ثمَّ فاء، واسمه الضَّحَّاك، ويقال: الحارث بن قيس، ويقال: صخر، والأصحُّ: أنَّه تابعيٌّ مخضرمٌ سيِّدٌ نبيل، تُوُفِّيَ سنة (67 هـ)، وقيل: سنة (72 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: ووقع في «المُستَوفى» لابن دحية: أنَّ اسمه قيس، وإنَّما قيسٌ اسمُ أبيه، والله أعلم.

قوله: (ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ): الرَّجل المشار إليه: هو عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه.

قوله: (فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نُفَيع بن الحارث، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة؛ فانظره.

(1/12240)

[باب سؤال القاتل حتى يقر والإقرار في الحدود]

(1/12241)

[حديث: أنَّ يهوديًا رضَّ رأس جارية بين حجرين ... ]

6876# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ): (اليهوديُّ) و (الجارية) لا أعرف اسمَيهما.

قوله: (أَفُلاَنٌ أَوْ فُلاَنٌ): هذان [1] لا أعرفُهما.

قوله: (حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ): (سُمِّي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (اليهوديُّ)؛ بالرَّفع: نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

[ج 2 ص 757]

قوله: (فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ): (رُضَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رأسُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[1] في (أ): (هذا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/12242)

[باب: إذا قتل بحجر أو بعصًا]

(1/12243)

[حديث: خرجت جارية عليها أوضاح بالمدينة ... ]

6877# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ لمَّا ذكر هذا الموضع: (نسبه ابن السَّكن: مُحَمَّد بن سلَام، وقال أبو نصر: مُحَمَّد بن عبد الله بن نُمَيْر، سمع أباه، وعبد الله بن إدريس)، انتهى، وقال المِزِّيُّ فيه ما لفظه: (عن مُحَمَّد؛ هو ابن سلَام) انتهى، و (عبد الله بن إدريس): هو ابن يزيد الأوديُّ، أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (خَرَجَتْ جَارِيَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه (الجارية) لا أعرف اسمها، وكذا (اليَهُودِيُّ) الذي ضربَها.

قوله: (عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ): تَقَدَّمَ ما (الأوضاح)، وأنَّه الحلي من الفضَّة على قولٍ، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا.

قوله: (فُلاَنٌ قَتَلَكِ؟): هذا (فلانٌ) لا أعرفه، وكذا (فُلاَنٌ) الذي بعده، وقد قَدَّمْتُ ذلك.

==========

[ج 2 ص 758]

(1/12244)

[باب قول الله تعالى: {أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف}]

قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]): {أَنَّ}؛ بفتح الهمزة، وتشديد النون، كذا التلاوة؛ فلا تكسرها، فتقول: إنَّها بعد القول، وافتحها على الحكاية.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (تعالى).

[ج 2 ص 758]

(1/12245)

[حديث: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله]

6878# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ ضبط (غَيِاث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.

قوله: (النَّفْسُ بِالنَّفْسِ): (النَّفسُ): مَرْفُوعٌ، وكذا ما بعده من (الثَّيِّب) و (المُفَارِق [1])، ويجوز جرُّ الكلِّ على البدل، وهما ظاهران.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، والأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (والمارق).

[ج 2 ص 758]

(1/12246)

[باب من أقاد بالحجر]

(1/12247)

[حديث: أن يهوديًا قتل جاريةً على أوضاح لها]

6879# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما معنى (البُنْدَار)، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غُنْدُر المشهورُ.

قوله: (أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (اليهوديَّ) و (الجارية) لا أعرف اسميهما.

قوله: (عَلَى أَوْضَاحٍ): تَقَدَّمَ (الأوضاح) ما هو؛ وهو الحليُّ من الفضَّة على قول، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (أَقَتَلَكِ فُلاَنٌ؟): هذا لا أعرفه، وكذا الثاني.

==========

[ج 2 ص 758]

(1/12248)

[باب: من قتل له قتيل فهو بخير النظرين]

قوله: (بَابُ مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ): (قُتِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قَتِيلٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ): يعني: القصاص والدِّية، أيُّهما اختار؛ كان له، وكذا قال في الحديث الذي في الباب: «فهو بخير النَّظرَين؛ إمَّا أن يُودِي، وإمَّا أن يُقاد».

==========

[ج 2 ص 758]

(1/12249)

[حديث: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليهم رسوله والمؤمنين]

6880# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (شَيْبَانُ) بعده: هو شيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحْو، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ كلام ابن أبي داود وغيرِه: أنَّ المنسوب إلى القبيلة: يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان هذا، انتهى، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا): هذا (الرجل) الذي قتله خزاعة عام الفتح تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب العلم) في (باب كتابة العلم)، وفي (الحجِّ) أيضًا.

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ): هذا أبو عَمرو الغُدَانيُّ البصريُّ، عن شعبة، وعكرمة، وحرب بن شدَّاد، وخلق، وعنه: البُخاريُّ، وأبو بكر الأثرم، وأبو حاتم، وعثمان الدَّارميُّ، وأبو مسلم الكجِّيُّ، وخلائقُ، قال الفلَّاس: صدوق كثير الغلط والتَّصحيف، ليس بحجَّة، وقال أبو حاتم: ثقة رضيٌّ، وقال ابن المَدينيِّ: اجتمع أهل البصرة على عدالة رجلين؛ أبي عمر الحوضيِّ، وعبد الله بن رجاء، تُوُفِّيَ في سلخ ذي الحجَّة سنة تسعَ عشرةَ ومئتين، وقيل: في أوَّل سنة عشرين، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تَقَدَّمَ، لكن طال به العهد، وقد قَدَّمْتُ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه_ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالب أنَّ أَخْذَهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وإنَّما أتى بهذا؛ لأنَّ يحيى _هو ابن أبي كَثِير_ مُدَلِّس، فأتى بهذا الثَّاني؛ لأنَّ فيه تصريحَ يحيى بالتحديث من أبي سلَمة، وفي الأوَّل عنعن، والله أعلم، و (حَرْبٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن شدَّاد، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير.

تنبيهٌ: مَن يقال له: يحيى، ويروي عن أبي سلمة عن أبي هريرة في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها؛ هذا يحيى الذي ذكرناه، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ روى له بهذا السَّند البُخاريُّ والنَّسائيُّ.

(1/12250)

و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ).

قوله: (أَنَّهُ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّها فُتِحَت في رمضان سنة ثمانٍ، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف متى كان مِن شهر رمضان، وكان يوم الجمعة، والله أعلم.

قوله: (رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الرَّجل) في (كتاب العلم) وفي (الحجِّ)، وكذا (القَتِيل الذي لَهُم فِي الجَاهِلَيَّة).

قوله: (إِنَّ اللهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ): كذا هو في أصلنا: (الفيل)، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الفيل المحبوس عن مكَّة اسمه محمود.

قوله: (أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ): (أُحِلَّتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ هذه (الساعة) كم كانت، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على (لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا)، وعلى (وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا)، وتَقَدَّمَ الكلام على (المُنْشِد)، وعلى (خَيْر النَّظَرَين)، وعلى (أَبِي شَاهٍ)، وعلى كتابة العلم، وأنَّ الإجماع انعقد بعد الاختلاف على الجواز، وعلى (الرَّجُل مِنْ قُرَيش) القائل: (إِلَّا الإِذْخِر)، وأنَّه العَبَّاس، وهذا مشهور معروف، وقد وقع التَّصريح به في «الصَّحيح»، وقال بعض حفَّاظ مصر من المُعاصِرين بعد أن قال: إنَّه العَبَّاس: (وفي «مُصنَّف ابن أبي شيبة»: (فقام رجل من قريش يقال له: أبو شاهٍ) انتهى، ولا أعرف أحدًا مِن قريش يقال له: أبو شاه، وإنَّما أبو شاه المذكور من أهل اليمن، والله أعلم، وعلى (الإِذْخِرَ).

قوله: (تَابَعَهُ [1] عُبَيْدُ اللهِ عَنْ شَيْبَانَ): الضمير في (تابعه) يعود على أبي نعيم، و (عُبيد الله): هو ابن موسى العبسيُّ الكوفيُّ أبو مُحَمَّد، أحد الحُفَّاظ المشاهير، عن أبيه، وهشام بن عروة، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وشيبان، ومِسْعَر، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وابن راهويه، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وعبد بن حُمَيد، ومُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، والدَّارميُّ، وخلقٌ كثيرٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وغيره، انتهى، تُوُفِّيَ سنة ثلاثَ عشرةَ ومئتين في ذي القعدة، وكان مع تشيُّعه كاملًا في الزُّهد والعبادة والتَّألُّه، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به، و (شيبان): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، ومتابعة عُبَيد الله عن شيبان أخرجها مسلم في (الحجِّ) عن إسحاق بن منصور عن عُبيد الله بن موسى به.

(1/12251)

[ج 2 ص 758]

قوله: (فِي الْفِيلِ): هو بالفاء، وهذا يُعرَف مِن ضبطي ذلك قُبَيلَهُ.

قوله: (وَقَالَ [2] بَعْضُهُمْ: عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ: الْقَتْلَ): يعني: بالقاف، والمُثَنَّاة فوق، و (بعضهم): هو الإمام مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ النَّيسابوريُّ، كذا في هامش أصلنا بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة، والله أعلم، وكذا رأيت بعضَهم قاله، وكذا قاله بعض حُفَّاظ العَصْرِ في مكانٍ آخرَ _أعني: بعض حُفَّاظ العَصْرِ_ إلى الجوزقيِّ في «المُتَّفِق» من طريق الذُّهليِّ كذلك، انتهى.

قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن موسى، وقدَّمتُه مُترجَمًا، وكذا قبل هذا المكان.

(1/12252)

[حديث: كان في بني إسرائيل القصاص ... ]

6881# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عُيَيْنَة فيما ظهر لي، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الأثرم.

قوله: (فَالْعَفْوَ [1] أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ): هو بالنَّصب في أصلنا، وعليه (صح) بالقلم، ولا شكَّ أنَّه يجوز أيضًا من حيث العربيَّةُ الرَّفعُ، وهذان ظاهران.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (العفوُ)؛ بالرَّفع، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.

[ج 2 ص 759]

(1/12253)

[باب: من طلب دم امرئ بغير حق]

(1/12254)

[حديث: أبغض الناس إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم]

6882# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ): هو عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَين، مُكبَّر، ووقع في بعض أصولنا؛ وهو أصلنا الدِّمَشْقيُّ: (عبيد الله)؛ مُصغَّرًا، وهو خطأ، وقد ضبَّبتُ عليه، وصوَّبتُ في الهامش.

قوله: (مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ): أصله: الميل، والمُلحِد: المائلُ عن الحقِّ، يقال: لَحَد ولَحُد، ومُلحَدٌ ومُلحِدٌ، ومنه: (مُلحِد في الحرم)، والله أعلم، ومثله لابن الأثير، ولفظه: (احتكارُ الطَّعام في الحرم إلحادٌ فيه؛ أي: ظلمٌ وعدوانٌ، وأصل الإلحاد: الميل والعدول عن الشَّيءِ).

قوله: (وَمُبْتَغِي [1] فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ): كذا في أصلنا: (ومُبتغِي)؛ بالياء، والجادَّةُ حذف الياء؛ لأنَّه منقوص، ولكن إثباتها لغة، وهو مِن الابتغاء؛ وهو الطَّلبُ.

قوله: (لِيُهَْرِيقَ): هو بضَمِّ الياء، وفتح الهاء، ويجوز سكونها، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (وَمُبْتَغٍ)، وهي في (ق) بعد الإصلاح: (ومُبْتَغٍي).

[ج 2 ص 759]

(1/12255)

[باب العفو في الخطأ بعد الموت]

(1/12256)

[حديث: صرخ إبليس يوم أحد في الناس]

6883# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بنُ أَبِي المَغْرَاءِ [1]): تَقَدَّمَ ضبط (المَغْرَاء) مرارًا، وهو أنَّه بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمَة، ممدود الآخر.

قوله: (أُخْرَاكُمْ): تَقَدَّمَ إعرابُه.

قوله: (حَتَّى قَتَلُوا الْيَمَانَ): هو بكسر النُّون في أصلنا، وصُحِّح عليه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الشيخ محيي الدين النَّوويَّ قال: (إنَّ الصحيح أنَّ «اليماني» و «ابن أبي العاصي» و «ابن أبي الموالي» و «ابن الهادي»: بإثبات الياء)، وقُدِّم أنَّ اسم (اليماني) حُسيل _ويقال: حسل، وقُدِّم كلٌّ من القولين على الآخر_ ابن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جِروة؛ بكسر الجيم، وقد تَقَدَّمَ لقبه [و] نسبه، و (اليماني): لقب حُسَيل، كذا قالوا، وقال الكلبيُّ وابن سعد: هو لقب جِروة، قالوا: ولُقِّب بـ (اليماني)؛ لأنَّه أصاب دمًا في قومه؛ فهرب إلى المدينة، فحالف بني عبد الأشهل مِن الأنصار، فسمَّاه قومُه: اليماني؛ لأنَّه حالف الأنصار وهو مِن اليمن، وحُسَيل صحابيٌّ، قُتِل شهيدًا في أُحُد، وقد تَقَدَّمَ، وقدَّمتُ أنَّ الذي قتله خطأً هو عتبة بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود، والله أعلم.

قوله: (وَقَدْ كَانَ انْهَزَمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ حَتَّى لَحِقُوا بِالطَّائِفِ): قال شيخنا: (قال الدَّاوديُّ: يعني: من المشركين، وكان الله أَدَال المسلمين، وقال رسولُهُ لهم: لا تبرحوا حتَّى يُؤذَن لكم، فهُزِمَ المشركون، فمال القوم للغنيمة، فصرف الله وجوههم، وهُزِموا، وقُتِل مِن المسلمين يومئذٍ سبعون)، وقد قَدَّمْتُ الاختلاف في قتلى أُحُد في (أُحُد)، والله أعلم.

(1/12257)

[باب: إذا أقر بالقتل مرةً قتل به]

قوله: (قُتِلَ بِهِ): (قُتِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 759]

(1/12258)

[حديث: أن يهوديًا رضَّ رأس جارية بين حجرين ... ]

6884# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه غَيْرَ مَرَّةٍ، وأنَّ الجَيَّانيَّ قال: (لم أجد «إسحاق» هذا منسوبًا عند أحد مِن رواة «الكتاب»، ولعلَّه: إسحاق بن منصور، وقد روى مسلم عن إسحاق بن منصور عن حَبَّان بن هلال)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «الأطراف»، و (حَبَّان)؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُوَحَّدة، وهو ابن هلال، كما تَقَدَّمَ أعلاه، و (هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (اليهوديَّ) و (الجارية) لا أعرف اسميهما.

قوله: (أَفُلاَنٌ، أَفُلاَنٌ؟): تَقَدَّمَ أنَّ (فلانًا) و (فلانًا) لا أعرفهما.

قوله: (حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ): (سُمِّي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (اليهوديُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَرُضَّ رَأْسُهُ): (رُضَّ)؛ بضَمِّ الراء: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رأسُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَقَالَ [1] هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ.

(1/12259)

[باب قتل الرجل بالمرأة]

(1/12260)

[حديث: أن النبي قتل يهوديًا بجارية قتلها على أوضاح لها]

6885# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا (سعيد): هو ابن أبي عَرُوْبة، وتَقَدَّمَ ما قاله شيخنا صاحب «القاموس» في (عَرُوبة) غَيْرَ مَرَّةٍ.

قوله: (قَتَلَ يَهُودِيًّا بِجَارِيَةٍ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّ (اليهوديَّ) و (الجارية) لا أعرفهما.

==========

[ج 2 ص 759]

(1/12261)

[باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات]

قوله: (يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ): (يُقتَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرَّجل): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكأنَّ هذا الأثر لم يصحَّ عند البُخاريِّ على شرطه، فلهذا مرَّضه، قال شيخنا: وأثر عمرَ أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح: حَدَّثَنَا جَرِير عن مُغيرة، عن إبراهيم، عن شريح قال: (أتاني عروة البارقيُّ من عند عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه: أنَّ جراحات الرِّجال والنِّساء ... )؛ الحديث.

قوله: (وَإِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان.

قوله: (وَجَرَحَتْ أُخْتُ الرُّبَيِّعِ إِنْسَانًا): كذا في أصلنا: (أخت الرُّبَيِّع)، وقد تَقَدَّمَ في (سورة المائدة) إنَّما هي الرُّبَيِّع _بضَمِّ الرَّاء، وفتح المُوَحَّدة، وكسر المُثَنَّاة تحت_ بنت النَّضْر، عمَّة أنس بن مالك، تَقَدَّمَت، وقد تَقَدَّمَ الكلام على رواية: (كَسَرتْ ثنيَّة جارية)، وعلى الذي هنا: (جرحت إنسانًا [1])، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ هنا: قال البيهقيُّ:

[ج 2 ص 759]

(1/12262)

ظاهر الخبرين يدلُّ على كونهما قضيَّتَين، وإلَّا؛ فثابتٌ أحفظُ، يشير بذلك إلى أنَّ رواية ثابت عن أنس: (أنَّ أخت الرُّبَيِّع جرحت إنسانًا)، ورواية حُمَيد عن أنس: (أنَّ الرُّبَيِّع بنت النَّضْر كسرت ثنيَّة جارية)، وعكس هذا النَّوويُّ، فقال: إنَّ العلماء قالوا: المعروف في الروايات روايةُ البُخاريِّ، قال: ويحتمل أنَّهما قضيَّتان، فعلى كلِّ تقدير كونهما قضيَّتين؛ يحتاج إلى بيان المُبهَم، وهي أخت الرُّبَيِّع، ووقع في «السُّنَن الكبير» للبيهقيِّ في (أبواب الجنايات) أَنْ ذكر التعليق المذكور، ثمَّ قال: أمَّا حديث الرُّبَيِّع؛ فأخبرنا به أبو مُحَمَّد يوسفُ، فساقه إلى حَمَّاد عن أنس، ثمَّ قال: وخالفه حُمَيد عن أنس، فقال: لطمت الرُّبَيِّع بنت مُعوِّذ جاريةً، فكسرت ثنيَّتها، وثابتٌ أحفظُ، ويحتمل أنَّهما قضيَّتان، وهو الأظهر، انتهى، قال ابن شيخنا: (وهذا مُتعقَّبٌ، فإنَّ القصَّة التي فيها مخالفةُ حُمَيد لثابتٍ إنَّما هي في الرُّبَيِّع بنت النَّضْر عمَّة أنس بن مالك، لا في الرُّبَيِّع بنت مُعوِّذ ابن عفراء، وقد ذكر ذلك البيهقيُّ في جماع «أبواب القصاص فيما دون النَّفس» على الصَّواب، فنسب القصَّة الأولى إلى مسلم، وهي التي فيها جراحة أخت الرُّبَيِّع، ونسب الثَّانية إلى البُخاريِّ التي فيها كسر السِّنِّ أيضًا كذلك في الرُّبَيِّع بنت النَّضْر، وقال ما تَقَدَّمَ عنه من احتمال الاختلاف والتَّرجيح؛ فلْيُتأمَّل، فإنَّه موضع مُهمٌّ)، انتهى،÷ وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: (كونها أخت الرُّبَيِّع هذه رواية حَمَّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس، والمحفوظ قصَّة الرُّبَيِّع، لكنَّ الخبر يحتمل التَّعدُّد؛ لأنَّ هذه جرحت، وتلك كسرت)، انتهى.

(1/12263)

[حديث: لا يبقى أحد منكم إلا لد غير العباس فإنه لم يشهدكم]

6886# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفلَّاس الصَّيرفيُّ، أحد الأعلام، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَانُ) بعده: يحتمل أن يكون سفيانَ الثَّوريَّ، ويحتمل أن يكون ابن عُيَيْنَة؛ لأنَّهما رويا عن موسى بن أبي عائشة، والله أعلم، والقطَّان روى عنهما، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عُتْبَة بن مسعود.

قوله: (لَدَدْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ (اللَّدَّ): جعل اللَّدود في جانب الفم، وقد تَقَدَّمَ أنَّه عليه السَّلام لُدَّ يوم الأحد، وكانت وفاته يوم الاثنين عند الزَّوال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (كراهية)؛ بتخفيف الياء، وأنَّه يقال من حيث اللُّغةُ: كراهي، وتَقَدَّمَ أنَّ (الدَّواء) فيه لغتان؛ فتح الدَّال وكسرها، وكلاهما مع المدِّ.

قوله: (غَيْر الْعَبَّاسِ): يجوز في (غير) النَّصبُ والرَّفعُ، وبهما ضُبِطَ في أصلنا، وعلى الرَّفع علامةُ راويها، وتَقَدَّمَ روايةُ أنَّ العَبَّاس لُدَّ أيضًا.

==========

[ج 2 ص 760] 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لقد أبطل الله كل طلاق سبق علي تنزيل طلاق سورة الطلاق 5هـ

  المقدمة الأولي /التفصيل القريب و الصواب في التفصيل الاتي 1= نزلت أحكام الطلاق في ثلاث سور قرانية أساسية تُشرِّع قواعده علي المُدرَّج ال...