سورة الطلاق مشاري

**

 المصحف المرتل ختمة كاليفورنيا

** ///

طلاق سورة الطلاق  إعجازٌ وضعه الله في حرفٍ.حيث وضع الله الباري إعجاز تبديل أحكام الطلاق التي كانت  في سورة البقرة 2هـ  إلي أحْكَمِ  أحكامها  في  سورةِ الطلاقِ 5هـ لينتهي كل متشابهٍ  وظنٍ وخلافٍ واختلافٍ  إلي الأبد وحتي يوم القيامة ..وسورة الطلاق5هـ نزلت بعد سورة البقرة2هـ بحوالي عامين ونصف تقريباً يعني ناسخة لأحكام طلاق سورة البقرة2هـ .

الأربعاء، 5 أبريل 2023

ج20. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

ج20. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح)  لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

قوله: (فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ): (النَّجابة)؛ بفتح النُّون، والنَّجيب: الكريم بين النَّجابة والنُّجَبَة؛ مثل (الهُمَزة): النَّجيب.

قوله: (يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهط): ما دون العشرة مِن الرجال؛ كالنَّفر، غيرَ مَرَّةٍ.

قوله: (وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالِيَ): كذا في أصلنا، والجادَّةُ: (ليالٍ).

قوله: (فَيُلْحَقُ [2] بِهِ وَلَدُهَا): (يُلحَقُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (ولدُها): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (تَكُونُ عَلَمًا): هو بفتح اللَّام، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (جُمِعُوا لَهَا): (جُمِعوا)؛ بِضَمِّ الجيم، وكسر الميم: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَدَعَوْا لَهَا [3]): (دَعَوا)؛ بفتح الدَّال والعين، و (الْقَافَةَ): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ، و (القافة): جمع، واحدهم: قائف؛ وهو الذي يتَّبع الآثارَ ويَعْرِفُها، ويَعرِف شبه الرَّجل بأخيه وأبيه، يقال: فلان يقوفُ الأثرَ ويقتافه قيافةً؛ مثل: قفا الأثر واقتفاه.

قوله: (فَالْتَاطَ بِهِ): هو بالمُثَنَّاة فوق، وبعد الألف طاءٌ مهملةٌ؛ أي: التحق به، يقال: لاط به يلوط، ويليط لوطًا، ولَيطًا، ولياطًا؛ إذا لصق به.

قوله: (وَدُعِيَ ابْنَهُ): (دُعِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (ابنَهُ): مَنْصوبٌ مفعولٌ ثانٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ): رواه أبو داود، وقال: (إلَّا نكاح الإسلام).

(1/9317)

[حديث: هذا في اليتيمة التي تكون عند الرجل لعلها أن تكون شريكته .. ]

5128# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هذا (يحيى): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة الأعراف).

قوله: (كَرَاهِيَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بتخفيف الياء.

قوله: (أَنْ يَشْرَكَهُ): هو بفتح أوَّله وثالثه، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 412]

(1/9318)

[حديث: لقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه فقلت .. ]

5129# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ، ولِمَ قيل له: المسنديُّ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ: هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (حِينَ تَأَيَّمَتْ): تَقَدَّمَ؛ أي: صارت أيِّمًا، و (الأيِّم): التي لا زوج لها، وكذا تَقَدَّمَ (خُنَيس [1] بن حُذَافَةَ السَّهْمِي) رضي الله عنه [2]، تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مُترجَمًا.

قوله: (بَدَا لِي): تَقَدَّمَ أنَّه بغير همز؛ أي: ظهر.

==========

[1] (خنيس): ليس في «اليونينيَّة».

[2] في (أ): (عنها)، وليس بصحيح.

[ج 2 ص 412]

(1/9319)

[حديث: زوَّجت أختًا لي من رجل فطلقها]

5130# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو): هذا هو أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد السُّلميُّ النيسابوريُّ، قاضي نيسابور، عن أبيه وجماعة، ولم يرحل، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو حامد أحمد بن الشَّرقيِّ، وأخوه عبد الله بن الشَّرقيِّ، وخلقٌ، قال النَّسَائيُّ: صدوقٌ قليلُ الحديث، وفاته في المُحرَّم سنة ثمان وخمسين ومئتين، وقيل: سنة ستِّين، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، و (أَبُوه): حفص بن عبد الله بن راشد السُّلميُّ، قاضي نيسابور، عن مسعر وابن أبي ذئب، وعنه: ابنه أحمد، ومُحَمَّد بن عَقِيل، ومُحَمَّد بن عَمرو قَشْمَرْد، صدوق، تُوُفِّيَ سنة (209 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن طهمان، و (يُونُس) بعده: هو ابن عُبَيد، و (الحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، و (مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ)؛ بفتح الميم، ثُمَّ عين ساكنة، ثُمَّ قاف مكسورة، ثُمَّ لام، و (يَسار)؛ بتقديم الياء، وبالسين المُهْمَلة: صَحَابيٌّ مشهور، تَقَدَّمَ.

قوله: (زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي): تَقَدَّمَ الكلام على أختِه هذه في (سورةِ البقرة) في (التَّفسير)، وزوجِها أيضًا في السُّورة المشار إليها.

قوله: (وَفَرَشْتُكَ): هو بفتح الراء المُخفَّفة؛ أي: جعلتها لك فراشًا.

==========

[ج 2 ص 412]

(1/9320)

[باب إذا كان الولي هو الخاطب]

قوله: (بَابٌ: إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْخَاطِبَ): (الخاطب): يجوز فيه النصب، وهو الرَّاجح، والرَّفع أيضًا يجوز، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَخَطَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ امْرَأَةً هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا، فَأَمَرَ رَجُلًا، فَزَوَّجَهُ): (المغيرة): صَحَابيٌّ مشهور، والمرأة المخطوبة: قال شيخنا: (ابنة عمِّه عروة بن مسعود، والرَّجل: هو عثمان بن أبي العاصي، أخرجه أبو عبيد بن سلَّام)، أفاده شيخنا، وعروة بن مسعود ثقفيٌّ صَحَابيٌّ شهيد، قتلَهُ قومُه ثقيف، وقد رثاه عمر رضي الله عنهما، وشبَّهه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالمسيح ابن مريم في «مسلم»، ولمَّا استُشهِد؛ قال: «مثلُه في قومه كصاحب {يس}».

تنبيهٌ: في الصَّحابة عروة بن مسعود آخر، لكنَّه غفاريٌّ، أورده ابن شاهين، يروي عنه: الشَّعْبيُّ، وابنته هذه لا أعرفُ اسمها ولا ترجمتها، وعثمان بن أبي العاصي: صَحَابيٌّ مشهورٌ، استعمله عليه السَّلام على الطَّائف، تُوُفِّيَ سنة (51 هـ)، أخرج له مسلم والأربعة.

قوله: (لأُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ قَارِظٍ): (أمُّ حَكِيم) هذه: بفتح الحاء، وكسر الكاف، و (قارِظ)؛ بالقاف، وبعد الألف راءٌ مكسورةٌ، ثُمَّ ظاء معجمة مشالة، لا أعرف ترجمتها.

[ج 2 ص 412]

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي رَباح المَكِّيُّ.

قوله: (لِيُشْهِدْ): بِضَمِّ أوَّله، مجزومٌ بلام الأمر، وكذا (لِيَأْمُرْ): مجزومٌ أيضًا.

قوله: (وَقَالَ سَهْلٌ): هو سهل بن سَعْد الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (قَالَتِ امْرَأَةٌ ... ) إلى قوله: (أَهَبُ لَكَ نَفْسِي): تَقَدَّمَ الاختلافُ فيها في (سورة الأحزاب)، و (الرَّجُل): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه.

(1/9321)

[حديث: هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته ... ]

5131# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن سلَام، وأنَّ الأصحَّ فيه: التَّخفيفُ، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في أوائل هذا التعليق، وما يقطع النِّزاع فيه، و (أَبُو مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن خَازم؛ بالخاء المُعْجَمة، أبو معاوية، الضَّرير، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن عروة بن الزُّبَير، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فِي حجْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء وكسرها.

قوله: (فَيَحْبِسهَا): يجوز فيه النَّصب والرَّفع، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 413]

(1/9322)

[حديث: اذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن]

5132# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المُعْجَمة، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه [1] تَقَدَّمَتْ في (سورة الأحزاب)، وها أنا أذكره لك: قيل: خولة بنت حَكِيم، وكذا تَقَدَّمَ في هذا «الصَّحيح»، وقيل: أمُّ شريك؛ يعني: الأزديَّة، وقيل: ميمونة، وقد ذكر هذه الأقوال الثَّلاثة ابن بشكوال في «مبهماته»، وساق لكلٍّ شاهدًا، وقال الأكثرون: هي أمُّ شريك غزيَّة، وقيل: غُزَيلة بنت دودان، وقيل: بنت جابر، والله أعلم.

قوله: (فَخَفَّضَ فِيهَا النَّظَرَ وَرَفَّعَهُ [2]): هما بالتَّشديد.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه مَرَّاتٍ، وكذا تَقَدَّمَتْ لغات (الخَاتَم).

(1/9323)

[باب إنكاح الرجل ولده الصغار]

قوله: (إِنْكَاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصِّغَارَ): (ولدَه): مَنْصوبٌ مفعول المصدر، وهو (إنكاح)، و (الصِّغارَ)؛ بالنصب صفة لـ (ولده)، قال شيخنا: (كأنَّ البُخاريَّ أراد بهذه التَّرجمة: الرَّدَّ على ابن شبرمة، فإنَّه حُكي عنه: أنَّ تزويج الآباء الصِّغارَ لا يجوز، ولهنَّ الخيارُ إذا بلغن، قال الطَّحَّاويُّ: لم يقل به أحد مِن الفقهاء غيره، ولا يُلتَفت إليه؛ لشذوذه ومخالفته دليلَ الكتاب والسُّنَّة، وإنَّما اختلفوا في الأولياء غير الآباء إذا زوَّج الصَّغيرة، كما سلف)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 413]

(1/9324)

[حديث: أن النبي تزوجها وهي بنت ست سنين]

5133# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): (مُحَمَّد بن يوسف) هذا: هو الفريابيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ في أوائل هذا التَّعليق الفرقَ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، والأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (سفيان) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خويلد.

قوله: (تَزَوَّجَهَا وَهْيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ... ) إلى آخره: كذا في «البُخاريِّ» «ومسلم»، وفي «مسلم» «والنَّسَائيِّ» عنها رضي الله عنها قالت: (تزوَّجني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا بنت سبع سنين)، ولعلَّها كانت بنت ستٍّ وكسرٍ، فتارة حسبتِ الكسرَ سنةً، وتارة أسقطتْه، وهو مجازٌ في الموضعين، والله أعلم.

(1/9325)

[باب تزويج الأب ابنته من الإمام]

قوله: (بَابُ تَزْوِيجِ الأَبِ ابْنَتَهُ): (ابنتَه)؛ بالنَّصب: مفعول المصدر؛ وهو (تزويج).

==========

[ج 2 ص 413]

(1/9326)

[حديث عائشة: أن النبي تزوجها وهي بنت ست سنين]

5134# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ، الحافظ، وتَقَدَّمَ مُتَرجَمًا.

قوله: (قَالَ هِشَامٌ: وَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِينَ): الذي أنبأ هشامًا ذلك لا أعرفه بعينه، ولعلَّه والدُه عروة بن الزُّبَير، فإنَّه مِن أعرف النَّاس بذلك؛ لأنَّ عائشة خالتُه، وسيأتي قريبًا في (بابُ مَن بنى بامرأة وهي بنت تسع سنين) سندًا: عن هشام بن عروة عن عروة: (تزوَّج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عائشة وهي ابنة ستِّ سنين، وبنى بها وهي ابنة تسعٍ، ومكثتْ عندَه تسعًا) انتهى.

==========

[ج 2 ص 413]

(1/9327)

[باب: السلطان ولي ... ]

(1/9328)

[حديث: إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئًا]

5135# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلَمة بن دينار الأعرج.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه، وفي (سورة الأحزاب)، وأنَّ (الرَّجُل) لا أعرف اسمه، و (الخاتم) ولغاته، و (سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا)، تَقَدَّمَ الكلام عليها.

==========

[ج 2 ص 413]

(1/9329)

[باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها]

(1/9330)

[حديث: لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن]

5136# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الفاء، وهذا ظاهِرٌ، إلَّا أنِّي رأيت مَن يضمُّه مِن مُبتدِئي الطَّلبة لهذا الفنِّ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ الحافظ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _أو إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (لَا تُنْكَح الأَيِّمُ): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الأيِّمُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، و (الأيِّم): هي التي مات عنها زوجها أو طلَّقها، قال ابن قُرقُول: (وقد يقال ذلك في الرِّجال أيضًا، وأكثره في النِّساء، قال: وقد استعمل «الأيِّم» فيمَن لا زوج لها بكرًا أو ثيِّبًا)، وفي «النِّهاية»: («الأيِّم أحقُّ بنفسها»: «الأيِّم» في الأصل: التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيِّبًا، مُطلَّقةً كانت أو مُتوفًّى عنها، ويريد «الأيِّم» في هذا الحديث: الثَّيِّب)، وكذا في «الصِّحاح»، ولفظه: («الأيامى»: الذين لا أزواج لهم من الرِّجال والنِّساء، وأصلها: أَيَائِمُ، فقلبت؛ لأنَّ الواحد: رجل أيِّم: سواء كان تزوَّجَ من قبلُ أو لم يتزوَّج، وامرأة أيِّم: أيضًا بكرًا كانت أو ثيِّبًا، وقد آمَتِ المرأةُ مِن زوجها ... ) إلى آخر كلامه، والله أعلم، وكذا (وَلَا تُنْكَح الْبِكْرُ) مثله: مَبْنيٌّ.

قوله: (حَتَّى تُسْتَأْذَنَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 413]

(1/9331)

[حديث: رضاها صمتها]

5137# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، و (أَبُو عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عَمرٍو مولى عائشة وخادمها، واسمه ذكوان، وكانت دبَّرتْهُ، ثقة مُتَّفق عليه، قال الهيثم بن عديٍّ: مات أيَّام الحرَّة)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الحرَّة كانت سنة ثلاث وستِّين، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمة ذكوان هذا في (كتاب الصَّلاة).

(1/9332)

[باب: إذا زوج ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود]

(1/9333)

[حديث خنساء: أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ... ]

5138# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1] وَمُجَمِّعِ [2] ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ): (مجمِّع)؛ بالخفض مِن غير تنوين، ولا يجوز تنوينه، قال ابن عبد المعطي في «ألفيَّته»:

~…وَأَلِفُ ابنٍ وابنةٍ وَصْفًا حُذِفْ…كَحَذْفِ تَنْوِينِ يَزِيدَ بنِ خَلَفْ

وإنَّما ذكرتُ هذا؛ لأنِّي سُئِلت عنه، ونقل لي بعض الطَّلبة عن شخص إمامٍ في العَربية: أنَّه يُنوِّن، و (عبد الرَّحمن): ابن يزيد بن جارية، الأنصاريُّ المدنيُّ، أبو مُحَمَّد، وأخو مُجَمِّع، و (مُجَمِّع): بِضَمِّ الميم، وفتح الجيم، ثُمَّ ميم مكسورة مُشدَّدة، وعبد الرَّحمن أخو عاصم بن عُمر بن الخطَّاب لأمِّه جَمِيلة بنت ثابت بن أبي الأقلح، وُلِد على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وروى عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قصَّة خنساء بنت خذام، وقيل: عن خنساء عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والروايتان في «البُخاريِّ»، فالأولى تأتي، والثَّانية هذا الحديث، قال الحافظ صلاح الدين العلائيُّ شيخ شيوخنا في «المراسيل»: (قال ابن عَبْدِ البَرِّ: وُلِد على عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وله عنه رواية، قلت: أخرج البُخاريُّ له عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قصة خنساء بنت خِذَام، وأخرجه أيضًا عن خنساء عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكأنَّ هذا هو الأصحُّ، قال عبد الرحمن الأعرج: ما رأيت رجلًا بعد الصَّحابة أفضل منه، وهذا يقتضي أنَّه تابعيٌّ، وكذلك قال ابن سعد وغيره)، انتهى، وقد روى عن عمِّه مُجَمِّع بن جارية، قال ابن سعد: مات سنة ثلاث وتسعين، وكان [3] ثقةً قليلَ الحديث، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وفي «التجريد» حمَّر الذَّهَبيُّ على عبد الرحمن، وقال فيه: (وُلِد على عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأرسل عنه، وسمع من عمِّه)، انتهى، فهو عنده تابعيٌّ، وأمَّا مُجَمِّع؛ فقد قَدَّمْتُ ضبطَه، وهو أخو عبد الرحمن أنصاريٌّ، له صحبة ورواية عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعن خنساء بنت خذام وغيرها،

[ج 2 ص 413]

(1/9334)

وهو ابن أخي مُجَمِّع بن جارية، وقيل: هما واحد، نُسِب إلى جدِّه، والله أعلم، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وفي «التَّجريد» في ترجمة مُجَمِّع بن يزيد بن جارية: (كان أبوه ممَّن اتَّخذ مسجدَ الضِّرار، وكان مُجَمِّع غلامًا، وقد جمع القرآنَ على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا سورة أو سورتَين، وله رواية)، انتهى، وجارية: بالجيم، وبعد الرَّاء مثنَّاةٌ تحت.

قوله: (عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (اسم خنساء: زينب بنت خذام بن خالد؛ لقبُه مطروفٌ، كانت تحت إياس بن قتادة بن ربيعة بن خالدٍ مطروفٍ، قُتِل يوم أُحُد، وكان قد شهد بدرًا، فزوَّجها أبوها رجلًا كُرْهًا، فرُدَّ نكاحه، وتزوَّجت بعده بأبي لُبابة بن عبد المنذر بن رفاعة بن زنبر، فولدت له السَّائب بن أبي لُبابة)، انتهى، وفي «ابن ماجه»: أنَّها تزوَّجت بعدَ الزوج المكروه أبا لُبابة كما قاله الدِّمْيَاطيُّ، والله أعلم، والصَّحيح: أنَّ أباها زوجها وهي ثيِّب، وسيأتي ما فيه، وقيل: وهي بكر، قال شيخنا: (وجاء في رواية لأبي موسى المدينيِّ: أنَّ اسمها «ربعة» بدل «خنساء»، واستغربه، وفي رواية: «أمُّ ربعة»).

(1/9335)

قوله: (أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهْيَ كَارِهَةٌ [4] ... )؛ الحديث: زوَّجها أبوها رجلًا من بني عَمرو بن عوف بن الخزرج، كذا في «مسند أحمد»، وقد تَقَدَّمَ أنَّه رجل من مزينة، وقد تَقَدَّمَ أنَّها تزوَّجت بعده أبا لُبابة، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ: (زوَّجها أنيسَ بن قتادة، ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ مختصرًا، وهو وَهَم، فإنَّ أنيس بن قتادة هو زوجها الأوَّل، وقُتِلَ عنها يوم أُحُد، كذا رواه الواقديُّ من طريق خنساء نفسِها: أنَّها كانت تحت أنيس بن قتادة، فقُتِل عنها يوم أُحُد، فزوَّجها أبوها رجلًا من مزينة، فكرهته، فردَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نكاحه، فتزوَّجها أبو لُبابة بن عبد المنذر، ونحو ذلك رواه عبد الرَّزَّاق في «مُصنَّفه» مِن وجه آخرَ مُرْسَلٍ، لكن لم يقل: «من مزينة»، وقال: «فقالت: يا رسول الله؛ ابن عمِّ ولدي أحبُّ إليَّ»، ولم يذكر اسمه في هذه الرِّواية، بل رواه من طريق أخرى، فقال: إنَّه أبو لُبابة بن عبد المنذر، كما في رواية الواقديِّ، وروى ابن إسحاق عن حجَّاج بن السَّائب عن أبيه _هو السَّائب بن أبي لُبابة بن عبد المنذر_ عن جدَّته خنساءَ بنتِ خِذام ... إلى أن قال: فزوَّجها أبوها رجلًا من بني عوف، فجئت إلى أبي لُبابة، فارتفع شأنها للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأمر أباها أن يلحقها بهواها، ثُمَّ قال: قلت: فلاح مِن هذا أنَّ الزَّوج الذي أُبْهِمَ في «البُخاريِّ» لم يُسمَّ، بل فيه: «من مزينة»، وقيل فيه: «من بني عوف»، والله أعلم).

قوله: (وَهْيَ ثَيِّبٌ): قيل: هذا مُدرَج في الحديث، كذا نقله بعضهم عن ابن عَبْدِ البَرِّ، وقد أخرجه النَّسَائيُّ، وقال: وهي بكرٌ، انتهى.

(1/9336)

5139# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ): قال الجَيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال _يعني: البُخاري_ في «الشَّهادات»، و «النِّكاح»، و «الدُّعاء»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا يزيد؛ يعني: ابن هارون»، لم أجده منسوبًا لأحد من شيوخنا، وقد صرَّح البُخاريُّ بنسبه في «شهود الملائكة بدرًا»، فقال: «حدَّثنا إسحاق بن منصور: أخبرني يزيد بن هارون»؛ فذكر حديثًا)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، وشيخنا لخَّصَ كلام الجَيَّانيِّ، و (يَحْيَى) بعد (يزيد) _هو ابن هارون_: هو يحيى [5] بن سعيد الأنصاريُّ، و (الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ): هو ابن أبي بكر الصِّدِّيق، أحد الفقهاء السَّبعة، مشهور الترجمة، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن يَزِيدَ وَمُجَمِّع بْن يَزِيدَ): تقدَّما قريبًا جدًّا، و (خِذَام): هو ابن وديعة من الأوس، وقيل: خِذَام بن خالد هو الذي زوَّج ابنته وهي كارهةٌ، مذكورٌ في الصَّحابة، وقد تَقَدَّمَ شيء من ذلك؛ أعني: من نسبه، أعلاه.

قوله: (أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ): تَقَدَّمَت [6] هذه (الابنة) أعلاه: أنَّها خنساء، وأنَّ خنساءَ لقبٌ لها، وتَقَدَّمَ اسمها وما قاله فيها أبو موسى أعلاه.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: عبد الرحمن هذا هو أخو عاصم بن عمر بن الخطَّاب لأمِّه جميلة بنت ثابت، ولدتهما في حياة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» مُصحَّحًا عليه: (مُجَمِّعٍ)؛ بالتَّنوين.

[3] في (أ): (وكأنه)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وهي ثيِّب فكرهت).

[5] زيد في (أ): (هو)، ولا يستقيم.

[6] في (أ): (تقدم)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/9337)

[باب تزويج اليتيمة ... ]

(1/9338)

[حديث: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها]

5140# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وقد ذكره مُسنَدًا في (النِّكاح): عن يحيى ابن بُكَيْر، عن ليث، عن عُقَيل به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 414]

(1/9339)

[باب: إذا قال الخاطب للولي زوجني فلانة ... ]

(1/9340)

[حديث: ما لي اليوم في النساء من حاجة]

5141# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ عَارمٌ، و (أَبُو حَازِم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ اسم هذه المرأة، والاختلاف فيها قريبًا، وبعيدًا في سورة (الأحزاب).

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه.

قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا): تَقَدَّمَ بلغاته.

(1/9341)

[باب: لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع]

(بَابٌ لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) ... إلى (بَاب حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ) [1]

قوله: (عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ): (الخِطبة)؛ بكسر الخاء، وهذا غاية في الظُّهور، وهي بالكسرِ: التَّكلُّمُ في الزَّواج، وطلبه مِن جهة المرأة وأوليائها، وأمَّا بالضَّمِّ؛ فعند العقد؛ كسائر الخُطَب، والله أعلم.

(1/9342)

[حديث: نهى النبي أن يبيع بعضكم على بيع بعض]

5142# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام.

قوله: (عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (الخِطبة) بالكسر، وتَقَدَّمَ ما هي، وكذا الثَّانية الآتية [1].

(1/9343)

[حديث: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث]

5143# 5144# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، وتَقَدَّمَ (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز.

قوله: (وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا): الأولى: بالجيم، والثانية: بالحاء المُهْمَلة، كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (قال الحربيُّ: هنا بمعنًى واحد، وهو البحث عن بواطن الأمور، وقيل: بالجيم: إذا تخبَّر الأخبار عن غيره بالسؤال، والبحث عن عورات النَّاس، وبواطن أمورهم من قولهم، واعتقادهم فيه، وفي سواه بالحاء؛ إذا تولَّى ذلك بنفسه، ويسمعه بأذنه، وهذا قول ابن وهب، وقال ثعلب: بالحاء؛ إذا طلب ذلك لنفسه، وبالجيم؛ إذا طلبه لغيره، وقيل: إنَّ اشتقاق التَّحسُّس _ بالحاء_ من الحواسِّ؛ لطلب ذلك بها، وقيل: بالجيم؛ للشَّرِّ، وبالحاء؛ للخير والشَّرِّ جميعًا، وقد فسَّر البُخاريُّ في بعض الروايات عنه التَّحسُّس بأنَّه البحث، وهو مِن معنى ما تَقَدَّمَ مِن الاستقصاء والبحث)، انتهى.

(1/9344)

[باب تفسير ترك الخطبة]

قوله: (بَابُ تَفْسِيرِ تَرْكِ الْخِطْبَةِ): ذكر ابن المُنَيِّر الحديث الذي في الباب محذوف بعض الإسناد، ثُمَّ قال: (تَقَدَّمَ له النَّهْي عن الخطبة على خِطبة أخيه حتَّى ينكح أو يَدَعَ، وذكر هنا في «تفسير ترك الخِطبة» حديث حفصة، وأورد الشارح عليه أنَّه لم يكن صلَّى الله عليه وسلَّم أعلم عمر بالخِطبة فضلًا عن التَّراكن، فكيف توقف أبو بكر عن الخِطبة أو قبولها مِن الوليِّ؟ وأجاب: بأنَّ أبا بكر علم أنَّ عُمر يجيبُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ويرغب إلى ذلك، وكأنَّه قد حصل التراكن بلسان الحال، فلهذا امتنع، وبنى الشَّارح الأمر على أنَّ البُخاريَّ إنَّما ترجم على هذا التنزيل، والظَّاهر عندي: أنَّه أراد أن يحقِّق امتناع الخِطبة بامتناع أبي بكر، هذا وإن لم ينبرم الأمرُ مِن الخاطب والوليِّ، فكيف لو تراكنا؟ فكأنَّه من البُخاريِّ استدلالٌ بالأَوْلى)، انتهى، (والخِطبة) في التبويب: بكسر الخاء، وقد تَقَدَّمَ ما هي.

==========

[ج 2 ص 414]

(1/9345)

[حديث: لقيت أبا بكر فقلت إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر]

5145# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

[ج 2 ص 414]

قوله: (حِينَ تَأَيَّمَتْ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك قريبًا؛ فانظره.

قوله: (لِأُفْشِيَ): هو بِضَمِّ الهمزة، رُبَاعيٌّ؛ أي: أُظهِرَ وأُذيعَ، وقد تَقَدَّمَ.

(1/9346)

قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على شعيب _هو ابن أبي حمزة_ و (يونس): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (موسى بن عقبة): تَقَدَّمَ أيضًا، وتَقَدَّمَ أنَّه لم يسمع من الزُّهريِّ، وقد استبعدت أنا ذلك؛ لأشياء قدَّمتُها، و (ابن أبي عتيق): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بنِ عبد الرحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق التَّيميُّ المدنيُّ، عن أبي يونس مولى عائشة، ونافع، والزُّهريِّ، وعنه: عبد العزيز ابن الماجِشُون، ومُحَمَّد بن إسحاق، وسُليمان بن بلال، وحاتم بن إسماعيل، ويزيد بن زريع، وجماعة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، روى له البُخاريُّ مقرونًا بغيره كما هنا، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، والله أعلم، قال شيخنا: («تابعه يونس، وموسى بن عقبة، وابن أبي عتيق عن الزُّهريِّ»؛ يعني: أنَّهم جعلوه مِن مُسنَد ابن عمر، وقد سلف في «النِّكاح» هذا من مسند عمر)، انتهى، والذي ظهر لي أنَّ هذا الحديث هنا من مسند عمر، لا ابنه، وأنَّهم تابعوا الزُّهريَّ على أنَّه مِن مُسنَد عمر، ولم أر المِزِّيَّ في «أطرافه» جعله من مسند ابن عمر، وإنَّما ذكره في مُسنَد أبي بكر، وجعله في مُسنَد عمر، والله أعلم، ولم أر _أيضًا_ المِزِّيَّ ذكر هذه المتابعات في مسند ابن عمر، وعنه سالم، وعنه الزُّهريُّ، ولمَّا ذكره من مسند أبي بكر؛ رَقَمَ عليه: (خ، س)، وقال في ترجمة عبد الله بن عمر: عن أبيه عمر، وقد راجعته، فرأيته قال: (البُخاريُّ في «المغازي»: عن أبي اليمان عن شعيب، وفي «النِّكاح»: عن عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، وعن عبد الله بن مُحَمَّد، عن هشام بن يوسف، عن مَعْمَر؛ ثلاثتهم عن الزُّهريِّ عنه به)؛ يعني بـ (عنه): عن سالم، و (به)؛ أي: ابن عمر عن عمر، وعزاه للنَّسَائيُّ في (النِّكاح) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر به، وعن مُحَمَّد بن عبد الله المخرميِّ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه به، انتهى، ولم أره تعرَّض للمتابعات، والله أعلم.

(1/9347)

[باب الخطبة]

قوله: (بَابُ الْخُطْبَةِ): هي بِضَمِّ الخاء، وهي معروفة.

==========

[ج 2 ص 415]

(1/9348)

[حديث: إن من البيان سحرًا]

5146# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا غاية في الظهور إلَّا أنِّي سمعت عن بعض العجم أنَّه قرأه بالتَّصغير، وهو قَبِيصة بن عقبة السُّوائيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو _الظَّاهر أنَّه_ الثَّوريُّ، وذلك أنِّي رأيت في «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ في ترجمة قَبِيصة: أنَّه روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكرِ ابن عيينة في مشايخه، وراجعتُ «التذهيب»؛ فرأيته ذكر في مشايخه سفيانَ، فحملت المُطلَق على المُقيَّد، والله أعلم، وأمَّا (زيد بن أسلم)؛ فقد روى عنه السُّفيانان.

قوله: (جَاءَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا) قال الدِّمْيَاطيُّ: («المشرق» هنا: مشرقُ المدينة، و «الرَّجلان»: هما الزِّبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهيم سنان، وفدا على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سنة تسعٍ مِن الهجرة في وفد بني تميم؛ سبعين، أو ثمانين، فيهم الأقرع بن حابس، وقيس بن عاصم، وعطارد بن حاجب)، انتهى، ونقل ذلك شيخنا عن ابن بَطَّال في (باب قوله: إنَّ مِن البيان سحرًا) في (كتاب الطِّبِّ، وقد ذكر ذلك بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين، وعزاه للطَّبَرانيِّ في «الأوسط» من حديث أبي بكرة.

(1/9349)

قوله: (إِنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْرًا): قال ابن قُرقُول: (فيه وجهان: قيل: مقصده الذَّمُّ؛ لأنَّه يصرفُ الحقَّ إلى صورة الباطل، والباطل إلى صورة الحقِّ؛ كالسِّحر الذي يقلب الأعيانَ، وسياق الحديث وسببه يشهدُ لهذا، وقيل: بل هو مدحٌ وثناءٌ عليه، وشبَّهه بالسِّحر؛ لصرف القلوب به، ومنه قالوا: السِّحرُ الحلالُ، و «البيان»: الفهم وذكاء القلب مع اللَّسن، و «البيان» أيضًا: الظُّهور، ومنه بانَ لي كذا؛ أي: ظهر، وتبيَّن بَيْنًا، وبَيَانًا)، انتهى، وقال في (السِّين مع الحاء): (قيل: أورده مورد الذَّمِّ؛ لشبهه بعمل السِّحر؛ لقلبه القلوب، وجلبه الأفئدة، وتزيينه القبيح، وتقبيحه الحسن، وأصل السحر في كلام العرب: الصَّرف، ومنه: سحرك فلان؛ أي: صرفك، وصيَّرك كمَن سُحِرَ له، ويشهد لهذا قوله: «ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحجَّته من بعض ... »؛ الحديث؛ أي: يكسب به صاحبه مِن الإثم ما يكسبه السَّاحر بعلمه، وقيل: إنَّه أورد مورد المدح؛ أي: تُمال به القلوب، ويُترَضَّى به السَّاخط، ويُستَنْزَل به الصَّعب، ولذلك قالوا فيه: «السِّحر الحلال»، ويشهد له في نفس الحديث: «إنَّ مِن الشعر لحكمةً») انتهى، وقد ذكر غيرُ واحد هذين التَّأويلَين، وقال الشَّيخ محيي الدِّين النَّوَويُّ: في «شرح مسلم»: (التَّأويل الثاني هو الصَّحيح المختار، وقد أدخل مالك هذا الحديث في «المُوطَّأ» في «باب: ما يكره من الكلام»، والله أعلم).

==========

[ج 2 ص 415]

(1/9350)

[باب ضرب الدف في النكاح والوليمة]

قوله: (بَابُ ضَرْبِ الدُّفِّ): (الدُّفُّ): معروف، وهو بِضَمِّ الدَّال، وحكى أبو عبيد عن بعضهم أنَّ الفتح فيه لغةٌ.

==========

[ج 2 ص 415]

(1/9351)

[حديث: دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين]

5147# قوله: (فِي النِّكَاحِ وَالْوَلِيمَةِ): ترجم البُخاريُّ للنِّكاح والوليمة، وذكر ما يدلُّ للوليمة فقط، وكأنَّه قاس النِّكاح عليها، أو أنَّ البناء نكاحٌ، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بشرًا): بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المُعْجَمة، و (المُفضَّل): اسم مفعول مِن (فَضَّله) المُشدَّد، و (الرُّبَيِّعُ): تَقَدَّمَ أنَّها بِضَمِّ الرَّاء، وفتح الموحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مكسورة مُشدَّدة، ثُمَّ عين مهملة، وأنَّ (مُعَوِّذًا): بكسر الواو المُشَدَّدة، وتُفتَح، وهي مشهورة التَّرجمة، وقد قَدَّمْتُ بعضَها، و (عَفْرَاء): بفتح العين المُهْمَلة، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ راء ممدودة.

قوله: (حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ): (بُنِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهو بِضَمِّ الموحَّدة، وكسر النُّون؛ أي: دخل عليَّ زوجي، وهذا معروف، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ مِن المُتأخِّرين: (اسم زوجها إياس بن البكير اللَّيثيُّ).

قوله: (مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ): كذا هنا، قال بعضهم: صوابه: يوم أُحُد، انتهى، وسيأتي قريبًا تصويبُ (أُحُدٍ) أيضًا، وقال شيخنا: (وقال الكلبيُّ: يوم بعاث، وقال ابن التِّين عن النَّسَائيِّ: حديثٌ حسنٌ، وإنَّما هو: «مَن قُتِل مِن آبائي يوم أُحُد»، وفي بعض روايات البُخاريِّ: «مَن قتل آبائي»؛ بإسقاط «مِن»)، انتهى، ولعلَّهنَّ يُردْنَ: مَن قُتِلَ مِن آبائها يوم بعاث، وبدر، وأُحُد؛ لأنَّ في هذه الثَّلاث وقائعَ قُتِل فيها مِن الأنصار)، والله أعلم.

(1/9352)

[باب قول الله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}]

قوله: (بَابُ قَوْلِهِ [1] تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النِّساء: 4] ... ) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (الترجمة مطابقة إلَّا قولَه: «وأدنى ما يجوز من الصداق»، والظاهر عندي: أنَّ البُخاريَّ اختار أنْ لا حدَّ لأكثره ولا أقلِّه، وهو قول مشهور للعلماء: أنَّ المُعتبَر فيه التَّراضي، فاستدلَّ البُخاريُّ على الكثير بقوله: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا} [النساء: 4]، وعلى القليل بقوله: {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236]، فإطلاقُ [2] ذلك دلَّ على أنَّه غير محدود، والله أعلم)، انتهى.

فائدةٌ: أكثر ما رأيت في الصَّداق: أنَّ معاوية بذل لأمامة بنت أبي العاصي مِن زينب بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعد موت عليٍّ رضي الله عنه مئةَ ألف دينار، فلم تتزوَّج به، والحسن بن عليٍّ تزوَّج امرأة فأرسل إليها بمئة جاريةٍ، مع كلِّ جاريةٍ ألفُ درهم، وتزوَّج مصعب بن الزُّبَير عائشة بنت طلحة فأرسل إليها ألف ألف درهم، وقال ابن إسحاق: على مئة ألف دينار، وهذا مُتَّفِقٌ مع القول الأوَّل، ويكون الدِّينار بعشرة دراهم، ثُمَّ تزوَّجها بعد مصعب ابنُ عمِّها عمر بن عبيد الله التَّيميُّ على مئة ألف دينار، وتزوَّجت فاطمةُ بنت الحسين بعبد الله بن عمرو بن عثمان على ألف ألف، واختُلِف في أقلِّ ما يجوز فيه على أقوال؛ أحدها: أدنى ما يجب القطع فيه، الثاني: لا يكون أقلَّ من عشرة دراهم، الثالث: أربعون درهمًا، الرابع: أقله خمسون درهمًا، الخامس: خمسة دراهم، السادس: لا حدَّ لأقلِّه، ويجوز ما تراضَوا عليه، والله أعلم.

وقوله: ({صَدُقَاتِهِنَّ} [النِّساء: 4]): جمع (صداق)، وفيه سبع لغات؛ فتح الصَّاد، وكسرها، و (صَدُقة)؛ بفتح الصاد وضمِّ الدَّال، وبضمِّ الصَّاد وسكون الدَّال، وبفتح الصَّاد مع سكون الدَّال، ويُفتحَان، ويُضمَّان، وفي «الصِّحاح» منها: أربع لغات؛ فتح الصَّاد وكسرها، و (الصَّدُقة): بفتح الصَّاد وضمَّ الدَّال، وضمِّ الصَّاد وإسكان الدَّال.

فائدةٌ ثانيةٌ: تَقَدَّمَ في (سورة النِّساء) أنَّ الصداق له أسماءٌ نظمها بعضهم في بيت، فقال:

~…صَدَاقٌ ومهرٌ نحلةٌ وفريضةٌ…حِباءٌ وأجرٌ ثُمَّ عُقْرٌ علائقُ

(1/9353)

وقوله: ({وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا} [النِّساء: 4]): قال الجوهريُّ: (القنطار معيار، ويروى عن معاذ بن جبل أنَّه قال: هو ألف ومئتا أوقية، ويقال: هو مئة وعشرون رطلًا،

[ج 2 ص 415]

ويقال: مِلءُ مَسْكِ التَّور ذهبًا، ويقال غير ذلك، ومنه: {وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ} [آل عمران: 14])، انتهى، وقال ابن عبد السَّلام في {الْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ}: {القناطير}: جمع (قنطار)، وهو ألف ومئتا أوقية، وقيل: ألف ومئة أوقية، وقيل: ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم، وقيل: أربعون ألف درهم، وقيل: ما لا يُحدُّ، {المقنطرة}: المحفوظة، أو المضاعفة، أو المنضدة، أو المدفونة، أو المضروبة دراهمَ ودنانيرَ)، انتهى، والله أعلم.

قوله: ({أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236]): تَقَدَّمَ أنَّ (الفريضة): من أسماء الصداق.

قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ): تَقَدَّمَتْ لغات (الخاتم).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قول الله).

[2] في (أ): (فأطلق)، والمثبت من مصدره.

(1/9354)

[حديث: أن عبد الرحمن بن عوف تزوج امرأة على وزن نواة]

5148# قوله: (تَزَوَّجَ امْرَأَةً): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأةَ لا أعرفها، وقد ذكرت اسم والدها في أوَّل «البيوع»، وهي بنت أبي الحيسر أنسِ بن رافع.

قوله: (عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على مقدارها في أوَّل «البيوع» أيضًا.

قوله: (بَشَاشَةَ الْعَرُوسِ): هو بفتح الموحَّدة، ثُمَّ شين معجمة مُخفَّفة، ثُمَّ ألف، ثُمَّ شين أخرى مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: أَثرُه وبِشْرُه، كما قال في الطَّريق الأخرى: «وعليه وضر من صفرة»؛ أي: عبيرًا أو طيبًا مِن طيب العروس.

قوله: (وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ): هذا معطوف على السَّند الذي قبله، وقد روى هذا البُخاريُّ عن سليمان بن حرب، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس؛ فذكره، فقائل: (وعن قتادة): هو شعبة؛ فاعلمه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 416]

(1/9355)

[باب التزويج على القرآن وبغير صداق]

(1/9356)

[حديث: اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديد]

5149# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (أَبُو حَازِم): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (إِذْ قَامَتِ امْرَأَةٌ): تَقَدَّمَتْ قريبًا، وفي (سورة الأحزاب)، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرَّجُل) الذي تزوَّج بها لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَتْ لغات (الخَاتَم)، وتَقَدَّمَ ما معه من القرآن.

(1/9357)

[باب المهر بالعروض وخاتم من حديد]

قوله: (بَابُ الْمَهْرِ بِالْعُرُوضِ): (العُروض): بِضَمِّ العين، جمع (عَرْض)؛ بفتحها، وإسكان الراء، وهو المَتَاع، وكلُّ شيءٍ فهو عَرْض، سوى الدراهم والدنانير فإنَّها عينٌ، قال أبو عبيد: (العُروض: الأمتعة التي لا يدخلها كيلٌ ولا وزنٌ، ولا يكون حَيَوَانًا ولا عقارًا، تقول: اشتريت المتاع بعَرْض؛ أي: بمَتاعٍ مِثْليٍّ.

==========

[ج 2 ص 416]

(1/9358)

[حديث: تزوج ولو بخاتم من حديد]

5150# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (يحيى) هذا في (سورة الأعراف) في (التفسير)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح الإمام، و (سُفْيَان) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، و (أَبُو حَازِم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (لِرَجُلٍ: «تَزَوَّجْ وَلَوْ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ»): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا الرجل لا أعرف اسمه، و (الخاتم): تَقَدَّمَتْ لغاتُه.

==========

[ج 2 ص 416]

(1/9359)

[باب الشروط في النكاح]

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ): هو عمر بن الخطَّاب، الفاروق، أحد العشرة رضي الله عنهم، وإنَّما ميَّزتُه؛ لأنَّ في الصَّحابة من اسمه عمر ثمانيةٌ وعشرون نفرًا، لكن فيهم مَن الصَّحيحُ أنَّه تابعيٌّ اثنان، وفيهم من ذِكْرُه فيهم غلطٌ أربعةٌ، وفي التابعين كثيرٌ جدًّا، وكذا في أتباعهم، وقد عزا شيخُنا تعليقَه إلى أبي عبيد، وذكر سند أبي عبيد إلى عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه.

قوله: (وَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (المِسْور) هذا بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ والده مَخْرَمة من مُسْلِمة الفَتْح ومن المؤلَّفة، رضي الله عنهما.

قوله: (ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الصهر هو أبو العاصي بن الرَّبيع، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه، وبعض ترجمته، في (المناقب).

==========

[ج 2 ص 416]

(1/9360)

[حديث: أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم ... ]

5151# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعدٍ، أحد الأعلام، و (يَزِيد بْن أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء، وكسر الموحَّدة، و (أَبُو الْخَيْرِ): تَقَدَّمَ أنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، و (عُقْبَة): هو ابن عامر، تَقَدَّمَ رضي الله عنه، جهنيٌّ مشهورٌ.

==========

[ج 2 ص 416]

(1/9361)

[باب الشروط التي لا تحل في النكاح]

(1/9362)

[حديث: لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها]

5152# قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (طَلَاقَ أُخْتِهَا): أي: ضرَّتها.

قوله: (مَا قُدِّرَ لَهَا): (قُدِّر): مشدَّدٌ مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 416]

(1/9363)

[باب الصفرة للمتزوج]

قوله: (بَابُ الصُّفْرَةِ لِلْمُتَزَوِّجِ): ذكر فيه حديث أنس رضي الله عنه، وهو ظاهِرٌ فيما ترجم له، ثُمَّ ذكر بعده: (باب)، ذكر فيه حديث أنس: (أَوْلَم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب ... »؛ الحديث، وقد اعترض ابن بَطَّال فقال: الحديث ليس يتعلَّق بشيءٍ من معنى الترجمة، قال: وفي رواية النسفيِّ فيه: «بابٌ»، قال شيخنا: ولعلَّ وجهه _والله أعلم_ لينبِّه على أنَّ الصفرة للمتزوِّج ليست قصدًا، فتُرِكت في هذا، وقد يقع، كما في الحديث قبله، انتهى.

(1/9364)

[حديث: أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله ... ]

5153# قوله: (وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ): الصَّحيح في معنى الحديث: أنَّه تعلَّق به أثرٌ من الزعفران وغيرُه من طِيب العروس، ولم يقصده عبد الرحمن رضي الله عنه، ولا تعمَّد التَّزَعْفُرَ، فقد ثبت في «الصَّحيح» النَّهْيُ عن التزعفر للرجال، وكذا نُهيَ الرجال عن الخَلوق؛ لأنَّه من شِعار النساء، وقد نُهِيَ الرجال عن التشبُّه بالنساء، فهذا هو الصَّحيح في معنى الحديث، وقال الشيخ محيي الدين: وهو الذي اختاره القاضي والمحقِّقون، قال القاضي: وقيل: إنَّه يُرَخَّص في ذلك للرَّجُل العروس، وقد جاء ذلك في أثرٍ ذكره أبو عبيد: أنَّهم كانوا يرخِّصون في ذلك للشابِّ أيام عرسه، قال: وقيل: لعلَّه كان يسيرًا، فلم ينكره، وقيل: كان في أوَّل الإسلام مَن تزوَّج؛ لبس ثوبًا مصبوغًا؛ علامةً لسروره وزواجه، وهذا غير معروفٍ، قال: وقيل: يحتمل أن يكون في ثيابه دون بدنه، ومذهب مالكٍ وأصحابِه: جواز لبس الثياب المزعفرة، وحكاه مالكٌ عن علماء المدينة، وهو مذهب ابن عمر وغيرِه رضي الله عنهم، وقال الشَّافِعيُّ وأبو حنيفة رحمهما الله: لا يجوز ذلك للرجل، انتهى، ويحتمل أنَّ هذا كان قبل النَّهْيِ عن التزعفر للرجال، والله أعلم.

قوله: (تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه لا أعرفها، وقد ذكرت اسم أبيها في أوَّل (البيع)، وأبوها أبو الخير أنس بن رافع.

قوله: (زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوائل (البيع).

==========

[ج 2 ص 416]

(1/9365)

[باب الصفرة للمتزوج من الجائز لا من المشروط]

(1/9366)

[حديث: أولم النبي بزينب فأوسع المسلمين خيرًا فخرج]

5154# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ يحيى بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (حُمَيْد): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الحاء، وأنَّه الطويل، ابن تير، وقيل: تيرويه.

قوله: (أَوْلَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ): هذه هي زينب بنت جحش أمُّ المؤمنين، وإنَّما قيَّدتُها؛ لأنَّ في أمَّهات المؤمنين

[ج 2 ص 416]

زينبَ بنتَ خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مَناف بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خَصَفة بن قيس عيلان، كانت تُدعى أمَّ المساكين؛ لرأفتها بهم، كانت عند الطفيل بن الحارث، والطفيل صَحَابيٌّ، تُوُفِّيَ سنة (31 هـ)، بدريٌّ رضي الله عنه، فطلَّقها، فتزوجها أخوه عبيدة، فقُتِل يوم بدر شهيدًا، فخلف عليها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في رمضان على رأس أَحَدٍ وثلاثين شهرًا من مهاجَره، ومكثت عنده ثمانية أشهرٍ، وتُوُفِّيَت في آخر شهر ربيع الأوَّل على رأس تسعةٍ وثلاثين شهرًا من مهاجَره، وصلَّى عليها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ودفنها بالبقيع، وقد بلغت ثلاثين سنةً أو نحوها، ولم يمت من أزواجه عليه السلام في حياته إلَّا خديجة وهذه، وفي ريحانة خلافٌ، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: كانت قبل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند عبد الله بن جحش، حكاه عن الزُّهريِّ، قال: وقُتِل عنها فتزوَّجها عليه السلام سنة ثلاث، ولم تلبث عنده إلَّا يسيرًا؛ شهرَين أو ثلاثة، وحكى عليُّ بن عبد العزيز الجرجانيُّ: أنَّها كانت أخت ميمونة لأمِّها، قال: ولم أرَ ذلك لغيره، ترجمتها معروفة رضي الله عنها، فلا نطوِّل بها.

قوله: (فَأَوْسَعَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا): هو بالمُثَنَّاة تحت، كذا في أصلنا، وقد صُحِّحَ عليها، ولا شكَّ في صحَّتها؛ لأنَّه لو ذُكِرَ معه اللحم؛ لكان (خُبزًا)؛ بِضَمِّ الخاء المعجمة، وبالموحَّدة، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (خُبزًا)؛ بِضَمِّ الخاء، وبالموحَّدة، وصُحِّح عليها، وكُتِب في الهامش بخطٍّ يَحتمل أن يكون خطَّ ابن المقريزيِّ مُقَابِلِ هذا الأصلَ على أصل السُّمَيْسَاطِيِّ وغيره: (ولحمًا)، والله أعلم، وعلى ثبوت هذه: (ولحمًا) يتعيَّن أن يكون (خبزًا)، وإذا حُذِفَت؛ لا يتعيَّن.

(1/9367)

قوله: (فَرَأَى رَجُلَيْنِ): تَقَدَّمَ في (الأحزاب) أنِّي لا أعرفهما، وتَقَدَّمَ الكلام هناك على رواية: (ثلاثة رَهْطٍ)، وما قيل في ذلك، ووجه الجمع.

(1/9368)

[باب: كيف يدعى للمتزوج]

(1/9369)

[حديث: بارك الله لك أولم ولو بشاة]

5155# قوله: (أَثَرَ صُفْرَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك قريبًا مُطَوَّلًا، وأنَّ المرأة التي تزوَّج بها لا أعرف اسمها، وعلى (وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ) في أوَّل (البيوع).

==========

[ج 2 ص 417]

(1/9370)

[باب الدعاء للنساء اللاتي يهدين العروس وللعروس]

قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ لِلنِّسَاءِ اللَاتِي يَهْدِينَ الْعَرُوسَ وَلِلْعَرُوسِ): اعلم أنَّه لم يأتِ في الباب بالدعاء لهنَّ، قال شيخنا: ولعلَّه أراد صفة دعائهنَّ للعروس؛ لأنَّه قال: فقلن: على الخير والبركة ... إلى آخره، وهذا خروجٌ عن الظاهر، انتهى، وقوله: (ولعله أراد صفة دعائهن)؛ يعني: أنَّ تقدير التبويب: (باب صفة الدعاء للنساء ... ) إلى آخره، والله أعلم.

قوله: (يَهْدِينَ الْعَرُوسَ): هو مفتوح الأوَّل ومضمومه، وفيه لُغتان: هديت العروس إلى زوجها، وقيل: أهديت، قاله ابن قُرقُول، وفي «الصحاح»: (والهِداء: مصدرُ قولك: هديت المرأة إلى زوجها هِداءً، وفي «أفعال ابن القطَّاع»: هديت المرأة إلى زوجها هَداء، وأهديتها لغةٌ، انتهى، فالثلاثيُّ إذن أفصح، فعليه يكون (يَهدين)؛ بالفتح، ويجوز الضمُّ على لغة الرُّبَاعيِّ، والله أعلم، و (العروس): الذكر والأنثى في اللُّغة، والله أعلم.

(1/9371)

[حديث: تزوجني النبي فأتتني أمي فأدخلتني الدار]

5156# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، ممدود الآخر.

قوله: (فَأَتَتْنِي أُمِّي): تَقَدَّمَ أنَّ أمَّها أمُّ رومان؛ بِضَمِّ الراء وفتحها، وأنَّ اسمها دعدٌ، ويقال: زينب، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها في (الشهادات) في (حديث الإفك).

قوله: (فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: جاء تسمية واحدةٍ من هؤلاء النسوة، ففي «أُسْد الغابة»: أسماء مُقَيِّنة عائشة، وفي «مسند أحمد» و «الطَّبَرانيِّ»: أنَّها أسماء بنت يزيد بن السكن، وفي رواية: أنَّها أسماء بنت عميس، ورُدَّت بأنَّها إذ ذاك كانت بالحبشة، ثُمَّ قال: والصواب الأوَّل، انتهى ملخَّصًا، وأسماء المُقَيِّنة ذكرها الذَّهَبيُّ في «تجريده»: أسماء؛ غير منسوبة، و (المُقَيِّنة): بِضَمِّ الميم، وفتح القاف، ثُمَّ مثناة تحت مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ تاء التأنيث، و (التقيين): التزيين، و (المُقَيِّنة): كالماشطة في زماننا، والله أعلم.

قوله: (وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ): أي: خير حظٍّ، وتَقَدَّمَ أنَّه دعاءٌ بالسعادة، وأصله من تَفَؤُّل العرب بالطير، وقد يكون بمعنى القسم والنصيب.

==========

[ج 2 ص 417]

(1/9372)

[باب من أحب البناء قبل الغزو]

(1/9373)

[حديث: غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

5157# قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ، تقدَّموا.

قوله: (غَزَا نَبِيٌّ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّه يوشع بن نون.

قوله: (وَهْوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، وَلمَّا [1] يَبْنِ بِهَا): تَقَدَّمَ إنكار الجوهريِّ ذلك قريبًا، وأنَّ ابن دُرَيد حكاه.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ولم).

[ج 2 ص 417]

(1/9374)

[باب من بنى بامرأة وهي بنت تسع سنين]

(1/9375)

[حديث: تزوج النبي عائشة وهي ابنة ست]

5158# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.

قوله: (عَنْ عُرْوَةً قَالَ [1]: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّه مُرْسَلٌ، وقد تَقَدَّمَ روايته له عن عائشة في (النِّكاح)، وفي (تزويج عائشة رضي الله عنها).

قوله: (وَهِي بِنْتُ سِتِّ سِنِيْن): تَقَدَّمَ ما في «مسلمٍ» «والنَّسَائيِّ»: (سبع سنين)، وتَقَدَّمَ الجمع بينهما.

==========

[1] (قال): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 417]

(1/9376)

[باب البناء في السفر]

قوله: (بَابُ الْبِنَاءِ فِي السَّفَرِ): (البناء): الدخول على الأهل.

==========

[ج 2 ص 417]

(1/9377)

[حديث: أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاثًا يبنى عليه بصفية]

5159# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالتخفيف على الأصحِّ، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، وما يقطع النزاعَ فيه.

قوله: (يُبْنَى عَلَيْهِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ): (صفيَّة) هذه: هي أمُّ المؤمنين الهارُونيَّة، تَقَدَّمَ أنَّ أباها (حُيَيًّا) بِضَمِّ الحاء وكسرها، وأنَّه قُتِل مع بني قريظة على يهوديَّته.

قوله: (أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ): تَقَدَّمَ أنَّها جمع (نطع)، وتَقَدَّمَ أنَّ في المفرد لُغاتٍ.

قوله: (فَأُلْقِيَ فِيهَا): (أُلقِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الأَقِط): تَقَدَّمَ ما هو ولُغَتَاه.

قوله: (وَطَّأَ [1] لهَا): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا معروفٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (وطَّى).

[ج 2 ص 417]

(1/9378)

[باب البناء بالنهار بغير مركب ولا نيران]

(1/9379)

[حديث: تزوجني النبي فأتتني أمي فأدخلتني الدار .. ]

5160# قوله: (حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، وقبله أيضًا.

قوله: (تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ متى تزوَّجها.

قوله: (فَأَتَتْنِي أُمِّي): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّها أمُّ رومان دعدٌ، ويُقال: زينب، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها في (الشهادات) في (حديث الإفك).

قوله: (فَلَمْ يَرُعْنِي): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الراء، تَقَدَّمَ معناه.

(1/9380)

[باب الأنماط ونحوها للنساء]

قوله: (بَابُ الأَنْمَاطِ): هو بفتح الهمزة، وفي آخره طاء مهملة، جمع (نَمَط)؛ بفتح النون والميم، قال ابن قُرقُول: وهو ظهر فراشٍ، وهو أيضًا يُغشى به الهودج، انتهى، وفي «النهاية»: (الأنماط: ضربٌ من البُسط، له خملٌ رقيقٌ، واحدها: نمط، ومنه حديث جابر: «وأنَّى لنا أنماط؟!»).

==========

[ج 2 ص 417]

(1/9381)

[حديث: هل اتخذتم أنماطًا؟]

5161# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): (سفيان) هذا: تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة الهلاليُّ.

==========

[ج 2 ص 417]

(1/9382)

[باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها]

قوله: (بَابُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي يَهْدِينَ الْمَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (يَهدين) فيه لُغتان: الفتح على أنَّه ثُلاثيٌّ، وهو أكثر، والضمُّ على أنَّه رُبَاعيٌّ، قريبًا.

==========

[ج 2 ص 417]

(1/9383)

[حديث: يا عائشة ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم ... ]

5162# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): هذا هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعيِّ عمرِو بن عبدالله، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ ... )؛ الحديث: قال ابن شيخنا البلقينيِّ: في «أُسْد الغابة» أنَّ الفارعة بنت أسعد بن زُرارة أوصى بها أبوها إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فزوَّجها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من نُبَيط بن جابر، من بني النَّجَّار، ثُمَّ أخرج عن لُهيَّة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أهدينا يتيمةً من الأنصار، فلمَّا رجعنا؛ قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما قلتم؟» قالت: سلَّمنا وانصرفنا»، ثُمَّ قال: هذه اليتيمة هي الفارعة بنت أسعد بن زرارة، فيحتمل تفسير المبهمة هنا بذلك، انتهى، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 417]

(1/9384)

[باب الهدية للعروس]

[ج 2 ص 417]

قوله: (بَابُ الْهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ): تَقَدَّمَ أنَّ (العروس) يُقال للذكر والأنثى؛ والمراد هنا: الرجل، هذا ما دامَا عَروسَين، وإنَّما استُحِبَّت الهدية له؛ لأنَّه مشغولٌ بأهله؛ كما استُحِبَّت في العزاء، والله أعلم.

(1/9385)

[معلق إبراهيم: ادع لي رجالًا وادع لي من لقيت]

5163# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ _وَاسْمُهُ الْجَعْدُ_، عَنْ أَنَسٍ): أمَّا (إبراهيم)؛ فهو ابن طهمان، و (الجَعْدُ): هو ابن دينار، وقيل: ابن عثمان، أبو عثمان اليشكريُّ البصريُّ الصَّيرفيُّ، صاحب الحليِّ، عن أنسٍ، وأبي رجاءٍ العطارديِّ، وغيرِهما، وعنه: شعبة، ومَعْمر، والحمَّادان، وإبراهيم بن طهمان، وعبد الوارث، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وهذا التعليق أخرجه مسلمٌ في (النِّكاح) عن قتيبة، عن جعفر بن سليمان، عن الجَعْد، عن أنسٍ، وعن مُحَمَّد بن رافع، عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن الجَعْد، عن أنس، وأخرجه التِّرْمِذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنَّسَائيُّ في (النِّكاح)، وفي (الوليمة)، وفي (التفسير)، قال شيخنا: كذا أخرجه هنا معلَّقًا، ثُمَّ وصله بقوله: حدَّثنا الصَّلْت بن مُحَمَّد: حدَّثنا حمَّاد بن زيد، عن الجعد أبي عثمان، عن هشام، عن مُحَمَّد بن سنان بن ربيعة، عن أنس، انتهى، والموصولُ الذي أشار إليه شيخنا هو في (الأطعمة) من «البُخاريِّ» في (باب مَن أدخل الضِّيفان عشرةً عشرة)، وهو غير هذا التعليق، فإن أردت حقيقة ذلك؛ فقابِلْ بين الحديثين؛ تجدهما غيرَين بلا نزاعٍ، والله أعلم.

قوله: (فِي مَسْجِدِ بَنِي رِفَاعَةَ): هذا المسجد هو في البصرة فيما يظهر؛ وذلك لأنَّ أبا عثمان الجَعْدَ هذا بصريٌّ، وأنسٌ سكن آخرًا البصرة، وبها مات رضي الله عنه، والله أعلم.

قوله: (إِذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُلَيْمٍ): (الجَنَبَات): بفتح الجيم والنون، وبالباء الموحَّدة، وفي آخره تاء؛ أي: بنواحيها، واحدها: جَنَبَة؛ وهي الناحية والجانب.

قوله: (بِزَيْنَبَ): هذه بنت جحش أمُّ المؤمنين، وقد قَدَّمْتُ أنَّه [1] تزوَّج عليه السلام أيضًا بزينب بنت خزيمة، وتُوُفِّيَت في حياته؛ فانظر ذلك قريبًا، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَتْ لِي أُمُّ سُلَيْمٍ): هي أمُّ أنس، وقد تَقَدَّمَتْ مع الاختلاف في اسمها، فقيل: سهلة، ويُقال: رُمَيلة، ويُقال: رميثة، ويقال: أُنَيفة، ويُقال: مُلَيكة، ويُقال: إنَّها الغُمَيصاء، ويُقال: الرُّمَيصاء، وقال أبو داود: الرُّمَيصاء أختُ أمِّ سُلَيم من الرضاعة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها.

(1/9386)

قوله: (فَعَمَدَتْ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، وتَقَدَّمَ ما رأيته في حاشية على «البُخاريِّ»: أنَّه في «شرح الفصيح» للَّبليِّ على العكس أيضًا.

قوله: (إِلَى تَمْرٍ وَأَقِطٍ وَسَمْنٍ [2]، فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً): كذا هنا في تزويجه عليه السلام بزينب، قال القاضي عياض رحمه الله: وهو وَهَمٌ من بعض الرواة، ركَّب قصَّة على أخرى، قال شيخنا: قلت: لمَ لا يجوز أن يكون المجموع وقع؟! يعني: أنَّه أشبع الناس خبزًا ولحمًا، وأنَّه أولم بشاةٍ، وأنَّه أشبعهم من حَيْس أمِّ سُلَيم، قال: فأخبر كلٌّ بما شاهده بعد انصراف الأوَّلِين، انتهى، وفي هذا نظرٌ، وقول القاضي: (ركَّب قصَّة على أخرى)؛ أي: ركَّب قصَّة وليمته عليه السلام على صفيَّة بقصَّة وليمته على زينب، والله أعلم.

تنبيهٌ: في «مستدرك الحاكم» في ترجمة صفيَّة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها عن أنس رضي الله عنه: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أطعم على صفيَّة خبزًا ولحمًا)، ثُمَّ قال: صحيحٌ، قال الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»: قلت: ذا غلطٌ، وإنَّما ذي زينبُ، انتهى.

قوله: (فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً): هي بفتح الحاء، وإسكان المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ سين مهمَلَتَين مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، و (الحَيْس): الأَقِط والتمر والسَّمْن، وقال بعضهم: ربَّما جُعِلت فيه خميرة، قال ابن وضَّاح: هو التمر يُنزَع نواه، ويُخلَط بالسَّويق، والأوَّل أعرفُ، وقد تَقَدَّمَ، والله أعلم.

قوله: (فِي بُرْمَةٍ): تَقَدَّمَ ما (البُرمة).

قوله: (غَاصٌّ بِأَهْلِهِ): (غاصٌّ): هو بالغين المُعْجَمة، وتشديد الصاد المُهْمَلة في آخره؛ أي: ممتلئٌ بهم.

قوله: (الْحَيْسَةِ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (الحَيْسَة).

قوله: (حَتَّى تَصَدَّعُوا): أي: تفرَّقوا.

قوله: (وَبَقِيَ نَفَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (النَّفَر) ما دون العشرة من الرجال، وقد تَقَدَّمَ أنَّه (بقي ثلاثة رهط)، وفي بعضها: (اثنان)، وسيجيء: (وبقي رهط)، وهم كـ (النَّفَر)، وتَقَدَّمَ أنَّه لا منافاة بين الروايات في (سورة الأحزاب).

(1/9387)

قوله: (وَجَعَلْتُ أَغْتَمُّ): كذا هو في أصلنا من (الغمِّ)، قال ابن قُرقُول في (الغين المُعْجَمة): (فجعلت أغتمُّ لذلك)؛ أي: أصابني الغمُّ؛ لِتأذِّي النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بذلك، وضبطه بعضهم: (أعتم)، وفسَّره بمعنى: (أُبطِئُ)، ولا معنى له، ولا صحَّت به روايةٌ، وإنَّما ظنَّه ظنًّا لمَّا أشكل عليه، وإنَّما أراد به: اغتمَّ لغمِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين أطالوا الحديث عنده، و (المغموم): المهموم الذي غَمَّ قلبَه الغمُّ؛ أي: ستره، واشتمل عليه، انتهى، قال الجوهريُّ: (العَتْمُ: الإبطاء، يُقال: جاءنا ضيفٌ عاتمٌ، وقرًى عاتمٌ؛ أي: بطيءٌ مُمْسٍ، وقد عَتَم قراه؛ أي أبطأ، وعَتَّم تعتيمًا مثلُه، انتهى، فعلى هذا؛ يُقرَأ على تلك الرواية _إن صحَّت مجيئًا_ بالتخفيف والتشديد، والله أعلم.

قوله: (فِي إِثْرِهِ): تَقَدَّمَتْ اللُّغَتان فيه: (إثْر، وأثَر)، وما قاله شيخنا، والله أعلم.

قوله: (قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: قَالَ أَنَسٌ: إِنَّهُ خَدَمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ): (أبو عثمان) هذا: هو الجَعْد الذي تَقَدَّمَ قريبًا مترجمًا.

(1/9388)

[باب استعارة الثياب للعروس وغيرها]

(1/9389)

[حديث عائشة: أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت ... ]

5164# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً، فَهَلَكَتْ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه (أسماء): هي أختُها بنت أبي بكر، وأنَّها أختُها لأبيها، وتَقَدَّمَ مَن أمُّ كلِّ واحدةٍ.

قوله: (نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا): إن كان هذا العقد سقط بالأبواء؛ فقد أرسل عليه السلام في طلبه أُسَيدَ بن حُضَير والزُّبَيرَ بن العَوَّام، قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الآية في (التيمُّم) أيُّ الآيتين؛ آية (المائدة) أم آية (النساء)؟

[ج 2 ص 418]

قوله: (فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الهمزة، وأنَّ (حُضَيرًا) بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، غيرَ مَرَّةٍ.

(1/9390)

[باب ما يقول الرجل إذا أتى أهله]

(1/9391)

[حديث: أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله باسم الله]

5165# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو شيبان بن عبد الرحمن النَّحْويُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة مَرَّاتٍ، الصَّحيح: أنَّها إلى علم النحوِ، لا إلى القبيلة، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المعتمر.

قوله: (ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا، أَوْ قُضِيَ وَلَدٌ): (قُدِّر) و (قُضِيَ): مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما، و (ولدٌ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (لَمْ يَضُرّهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالضمِّ والفتح؛ لأنَّه مضعَّفٌ.

قوله: (لَمْ يَضُرّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا): تَقَدَّمَ ما معناه في أوَّل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 419]

(1/9392)

[باب: الوليمة حق]

قوله: (بَابٌ: الْوَلِيمَةُ حَقٌّ): هذه الترجمة هي لفظ حديثٍ أخرجه البَيْهَقيُّ من حديث أنسٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «الوليمة أوَّل يومٍ حقٌّ، وفي الثاني معروفٌ، وفي الثالث رياءٌ وسُمْعَةٌ»، قال البَيْهَقيُّ: ليس بقويٍّ، فيه بكر بن خنيس تكلَّموا فيه، انتهى.

وهو في «التِّرْمِذيِّ» وضعَّفَه، لكن من حديث ابن مسعود، وفي «ابن ماجه» من حديث أبي هريرة بإسنادٍ ضعيفٍ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 419]

(1/9393)

[حديث أنس: أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله المدينة]

5166# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعدٍ الإمام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ ... ) إلى قوله: (فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ): في «مسلم»: (خدمتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم تسعَ سنين)، وفيه أيضًا: (عشر)؛ ومعناه: تسع سنين وأشهر، فإنَّه عليه السلام أقام بالمدينة عشر سنين تحديدًا، وخدمه أنسٌ في السنة الأولى، فروايته (التسع) لم يحسب فيها الكسرَ، ورواية (عشر) _وهي الأكثر_ حسبه سنةً، وكلاهما صحيحٌ.

تنبيهٌ: في «مسند أبي يعلى المَوْصِلِيِّ» من حديثه: (قَدِمَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المدينةَ وأنا ابن ثماني سنين، فخدمته عشرَ سنين)، في سنده عليُّ بن زيد، وهو ابن جدعان، وفيه مُحَمَّد بن الحسن بن أبي يزيد الهمدانيُّ، متروكٌ، وقال ابن معين وغيرُه: كذَّابٌ، وعبَّاد المنقريُّ، مختَلَفٌ فيه، وحديث «الصَّحيح» صحيحٌ، وكذا حديث «مسلمٍ».

قوله: (يُوَاظِبْنَنِي عَلَى خِدْمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (يواظبْنَنِي): يحملْنَنِي ويَبْعَثْنَنِي على ملازمة خدمته والمداومةِ عليها، ورُوِيَ بالطاء المُهْمَلة والهمز، من المواطأة على الشيء، انتهى، وما قاله الدِّمْيَاطيُّ أخذه من ابن الأثير بلفظه، وقال ابن قُرقُول: (يواطِئْنَنِي)، كذا للقابسيِّ، من المواطأة؛ وهو الموافقة، وعند الأصيليِّ وابن السكن: (يواظبنني)، من المواظبة والملازمة، والأوَّل أوجه، ورُوِّينَاه في غير هذه الكتب: (يعاطينني)؛ أي: يُناولْنَني، و (المعاطاة): المناولة، انتهى.

ورأيت في حاشية عن الصغانيِّ اللُّغويِّ لفظُها: (كذا وقع في النُّسَخ، وليست بشيءٍ، والمواظبة لا تتعدَّى بنفسها، وروى بعضهم: «يواطئنني»؛ أي: يوافقْنَنِي، وهي إن كانت تصحُّ معنًى؛ فإنَّها لا طائل تحتها، والصواب: «يوطِّئنني»؛ من التَّوطئة، أو «يوطِنَنِّي»، [من] وَطَن نفسَه على الشيء، وروى الإسماعيليُّ: «يوطِّنَّني»؛ بنونَين، وروى أيضًا: يَحثُثَنِّي). انتهت.

(1/9394)

[باب الوليمة ولو بشاة]

(1/9395)

[حديث أنس: أولم ولو بشاة]

5167# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (حُمَيْدٌ): هو الطَّويل حميد بن تير، ويقال: تيرويه.

قوله: (سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ): (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ فاعلٌ، و (عبدَ الرحمن): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأة لا أعرف اسمها، وتَقَدَّمَ اسم أبيها في أوَّل (البيوع)، وهو أبو الحيسر أنسُ بن رافع، وكذا تَقَدَّمَ (وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ).

قوله: (وَعَنْ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ [1]): هذا معطوفٌ على السَّند الذي قبله، فروى هذا أيضًا البُخاريُّ، عن عليٍّ، عن سفيان، عن حُميد، عن أنسٍ، وليس تعليقًا، فاعلمه، والله أعلم.

قوله: (عَنْ إِحْدَى امْرَأَتَيَّ): تَقَدَّمَ أنَّ امرأتي سعد بن الرَّبيع لا أعرفهما، وقد تَقَدَّمَ عن بعض حفَّاظ العصر في (البيوع) تسمية إحداهما.

قوله: (شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ): تَقَدَّمَ ما (الأقط) بلغتيه.

قوله: (فَتَزَوَّجَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم هذه الزَّوجة لا أعرفه، وتَقَدَّمَ اسم أبيها في أوَّل (البيوع)، وفي أعلاه، وقبله أيضًا.

==========

[1] (بن مالك): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق): علامة زيادة.

[ج 2 ص 419]

(1/9396)

[حديث: أن رسول الله أعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها]

5169# قوله: (عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ): هذا هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة، الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (شُعَيْب) بعده: هو ابن الحبحاب الأزديُّ، أبو صالح.

قوله: (أَعْتَقَ صَفِيَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّها بنت حُييِّ بن أخطب الهارونيَّة، تَقَدَّمَتْ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا)، وهل هذا خاصٌّ به كما قالت الشَّافِعيَّة، أو هو لجميع الأمَّة؟ تَقَدَّمَ، وأنَّ التِّرْمِذيَّ نقل عن الشَّافِعيِّ في «جامعه»: أنَّه ليس خاصًّا، وتَقَدَّمَ أنَّه أصدقها رُزَينة، وما ذكرتُ فيه، والله أعلم، وتَقَدَّمَ (الحِيْس) قريبًا.

(1/9397)

[حديث: بنى النبي بامرأة فأرسلني فدعوت رجالًا إلى الطعام]

5170# قوله: (زُهَيْرٌ): هذا هو زهير بن معاوية، و (بَيَان) بعده: هو بيان بن بشر الأحمسيُّ الكوفيُّ، أبو بشر.

قوله: (بَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ): الظاهر أنَّها زينب بنت جحش، والله أعلم.

(1/9398)

[باب من أولم بأقل من شاة]

(1/9399)

[حديث: أولم النبي على بعض نسائه بمدين من شعير]

5172# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفِرْيابيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، والأماكن التي رواها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التَّعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مَنْصُور): هو ابن صفيَّة، وهو منصور بن عبد الرَّحمن بن طلحة بن الحارث العبدريُّ الحَجَبيُّ المَكِّيُّ، ابن صفيَّة بنت شيبة، عنها وعن سعيد بن جبير، وعنه: السُّفيانان، ووُهيب، وداود العطَّار، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وكان خاشعًا بكَّاءً عابدًا، مات سنة (137 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان» يسيرة، وأمَّا أمُّه؛ صفيَّة بنت شيبة الحاجبِ بالبيت ابنِ عثمان بن أبي طلحة العبدريِّ؛ يقال: لها رؤية، وقيل: لا رؤية لها [1]، عن عائشة رضي الله عنها وأمِّ حبيبة، تَقَدَّمَ الكلام عليها مُطَوَّلًا، فانظره في (الجنائز)، وقبله أيضًا في (الغسل)، قال الدِّمْيَاطيُّ: (صفيَّة بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة قُتِل جدُّها يوم أُحُد كافرًا، قتله عليٌّ، الصَّحيح في رواية صفيَّة عن أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال أبو الحسن: انفرد البُخاريُّ بالإخراج عن صفيَّة عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهي من الأحاديث التي تعدُّ فيما أخرج مِن المراسيل، وقد اختُلِف في رؤيتها النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» عقيب تطريف هذا الحديث: ذكره خلفٌ، وأغفله أبو مسعود، وقال أبو بكر البرقانيُّ: اختُلِف فيه على الثَّوريِّ، فقال أبو أحمد الزُّبَيريُّ، ومُؤمَّل بن إسماعيل، ويحيى بن يمان: (عن الثَّوريِّ، عن منصور ابن صفيَّة، عن أمِّه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ... )، ليس فيه: عن عائشة، قال البرقانيُّ: وهذا القول أصحُّ؛ لأنَّ البُخاريَّ أخرجه مِن حديث الفِرْيابيِّ عن الثَّوريِّ، عن منصور، عن أمِّه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يُخرِّج خلافه، قال: ومِن الرُّواة أيضًا مَن غلط فيه، فقال:

(1/9400)

(عن منصور ابن صفيَّة، عن صفيَّة بنت حُييٍّ، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، وإنَّما هي صفيَّة بنت شيبة، قال البرقانيُّ: (وصفيَّة بنت شيبة ليست بصحابيَّة، وحديثها مُرْسَل وإن كان البُخاريُّ أخرجه، ورأيت في كتاب أبي عبد الرَّحمن أحمدَ بن شعيب النَّسَائيِّ قد نصر قول مَن لم يقل: «عن عائشة»، وأورده من حديث بُنْدَار عن ابن مهديٍّ، وقال: إنَّه مُرْسَل)، انتهى، وقد تَقَدَّمَتْ المسألة في (الجنائز)، وقبله في (كتاب الغسل)، والله أعلم.

قوله: (عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ): هذه المرأة لا أعرفها بعينها، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (لم أر تعيين هذه المرأة، لكن في «سيرة الدِّمْيَاطيِّ» في «باب أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم»: «عن أمِّ سلمة قالت: «تزوَّجني النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ... »؛ فذكر ما يمكن أن يكون مُستنَدًا، ثُمَّ قال: فليُتأمَّل هذا؛ هل يصحُّ تفسير هذه المرأةِ المبهمةِ به، أم لا؟ ثُمَّ ذكر عن الطَّبَرانيِّ: أنَّه عليه السَّلام أولم على أمِّ سلمة بتمر وسمن، ثُمَّ قال: وهذا ينفي ذلك الظَّنَّ السَّابق، والله أعلم)، انتهى، وجزم بعض الحُفَّاظ مِن المُتأخِّرين بأنَّها أمُّ سلمة.

(1/9401)

[باب حق إجابة الوليمة والدعوة ... ]

قوله: (بَابُ حَقِّ إِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ، وَمَنْ أَوْلَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ترجم على جواز سبعة أيَّام، ولم يأت فيه بحديث، وقصده: الرَّدُّ على مَن أنكر اليوم الثَّالث، وقال: الثَّاني فضل، والثالث: سُمعة، فاستدلَّ البُخاريُّ على جوازه إلى سبعة ونحوها، بإطلاق الأمر بإجابة الدَّاعي غير مُقيَّدة، فاندرج فيه السَّبعة المُدَّعى أنَّها ممنوعة)، انتهى، وقد ذكر شيخنا نحوَ كلام ابن المُنَيِّر، وكأنَّه أخذه منه، ثُمَّ قال: (روى ابن أبي شيبة عن أبي أسامة، عن هشام، عن حفصة قالت: لمَّا تزوَّج أبي سيرينُ؛ دعا الصَّحابةَ سبعة أيَّام، فلمَّا كان يوم الأنصار؛ دعاهم، وفيهم أُبَيُّ بن كعب وزيد بن ثابت، قال هشام: وأظنُّها قالت: ومعاذ، فكان أُبيٌّ صائمًا، فلمَّا طعموا؛ دعا أُبَيٌّ، وأمَّن القوم، وأخرجه البَيْهَقيُّ من حديث مُحَمَّد عن حفصة: أنَّ سيرين عرَّس بالمدينة، فأولم فدعا النَّاس سبعًا،

[ج 2 ص 419]

وكان فيمَن دعا أُبَيَّ بنَ كعب وهو صائم، فدعا لهم بخير، وانصرف، وكذا ذكر حمَّاد بن زيد، إلَّا أنَّه لم يذكر حفصة في إسناده، وقال مَعْمَر عن أيُّوب: ثمانية أيَّام، والأوَّل أصحُّ، قال الدَّاوديُّ: جاء أنَّ الوليمة سبعةَ أيَّام، ودلَّ أنَّها فوقه رياء وسمعة.

قوله: (بَابُ حَقِّ إِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ): أمَّا وليمة العرس إذا دعي لها؛ فواجبٌ إتيانُها، وهو فرض عين، وقيل: كفاية، وقيل: سُنَّة، وأمَّا وليمة غير النِّكاح؛ فالإجابة إليها مُستحبَّة على المذهب، وقيل: بطرد الخلاف، ومذهبُ المُؤلِّف رحمه الله وجوبُها؛ لقوله في «مسلم»: «عرسًا كان أو نحوه».

(1/9402)

تنبيهٌ: إنَّما تجب الإجابةُ أو تستحبُّ بشروط: ألَّا يخصَّ الأغنياء، وأَن يُدعَى في اليوم الأوَّل، فإن أولم ثلاثةً؛ لم تجب في الثَّاني بلا خلاف، كما في «المُحرَّر»، «والشَّرح»، «والرَّوضة»، مع أنَّ فيه وجهًا في «التَّعجيز»، ويُكرَه في الثَّالث، وألَّا يحضر لخوف أو طمع في جاهه؛ بل يكون حضورُه لمجرَّد التَّقرُّب والتَّودُّد، وألَّا يكون ثَمَّ مَن يتأذَّى به، أو لا يليق به مجالستُه؛ كأراذل، وألَّا يكون هناك مُنكَرٌ، فإن كان يزول بحضوره؛ فليحضُر، وإن كان لا يزول بحضوره؛ فيحرُم الحضورُ على الأصحِّ، ومِن المُنكَر: إذا كان هناك داعيةٌ إلى بدعة ولا يقدِر المدعوُّ على ردِّه، وما إذا كان هناك من يُضحِك بالفحش والكذب، كما صرَّح به الغزاليُّ في «الإحياء»، وإنَّما تجب إذا خصَّه بالدَّعوة، وأن يدعوه مسلمٌ، وأن يكون طعام الدَّاعي مُباحًا، فإن دعتْه امرأةٌ؛ اشترط وجود مَحرمٍ إن كانت أجنبيَّة وكان المدعوُّ رجلًا إلى دارها، ويكون المدعوُّ غير قاض، ومِن مسقطات الإجابة أيضًا الأعذار المُرخِّصة عن الجماعة، وليس مِن المُسقِطات ألَّا يكون الدَّاعي عدوًّا للمدعوِّ، ولا أن يكون في الدَّعوة مَن هو عدوٌّ له، كما صرَّح به الماورديُّ [1]، أمَّا لو اعتذر المدعوُّ إلى صاحب الدَّعوة، فرضي بتخلُّفه؛ سقط الوجوب، ولو غلب على ظنِّ المدعوِّ أن الدَّاعي لا يتألَّم بانقطاعه؛ ففيه تردُّدٌ، حكاه في «الذخائر»، وظاهر الحديث يقتضي المنع، ولو قال الدَّاعي: إن رأيت أن تُجمِّلني؛ لزمت الإجابة، قاله في «البحر»، والشبع والزِّحام ليسا بعذرٍ، والله أعلم.

قوله: (وَلَمْ يُوَقِّتِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ): كأنَّه لم يصحَّ عنده حديث أنس الذي ذكرته أنا في (باب الوليمة حقٌّ)، وذكرت أنَّه ضعيف، ولا الأحاديث التي جاءت مثله، والله أعلم.

==========

[1] في الأصل: (الماودي)، وهو تحريفٌ.

(1/9403)

[حديث: إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها]

5173# قوله: (إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ): (دُعِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (أحدكُم): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

==========

[ج 2 ص 420]

(1/9404)

[حديث: فكوا العاني وأجيبوا الداعي وعودوا المريض]

5174# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (سُفْيَان) بعده: يحتمل أن يكون ابن عيينة، وأن يكون الثَّوريَّ، فإنَّه روى عنهما، وكذا هما رويا عن منصور، ولكنَّ أثبت النَّاس في منصور الثَّوريُّ، والله أعلم، و (مَنْصُورٌ [1]): هو ابن المُعتمِر، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس الأشعريُّ، تقدَّموا كلُّهم مرارًا.

قوله: (فُكُّوا الْعَانِيَ): هو بالعين المُهْمَلة، وبعد الألف نونٌ، منقوصٌ؛ كـ (القاضي)، وهو الأسير؛ وأصله: الخضوع، ومنه: {وَعَنَتِ الوُجُوهُ} [طه: 111].

(1/9405)

[حديث: أمرنا النبي بسبع ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة ... ]

5175# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الهمزة، وبالحاء، والصاد المُهْمَلتين، قال الدِّمْيَاطيُّ: (سلَّام بن سُلَيم الحنفيُّ، مات سنة تسعٍ وسبعين ومئة، وفيها مات مالك بن أنس، وحمَّاد بن زيد، وخالد بن عبد الله الطَّحَّانُ)، انتهى، و (سلَّام): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد اللَّام، و (سُلَيم): بِضَمِّ السِّين وفتح اللَّام، و (الأَشْعَث): هو بالمُثلَّثة، وهو ابن أبي الشَّعثاء، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَتَسْمِيتِ العَاطِسِ): تَقَدَّمَ أنَّه بالمُعْجَمة والمُهْمَلة، وأنَّه الدُّعاء له؛ بقولك: يرحمك الله.

قوله: (وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ): تَقَدَّمَ أنَّه إظهارُه وإذاعتُه.

قوله: (وَعَنِ الْمَيَاثِرِ): قال ابن قُرقُول: («المياثر»: جمع «مِيْثرَة»؛ بكسر الميم، ثُمَّ مثنَّاة ساكنة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وهي غير مهموز، قال الحربيُّ عن ابن الأعرابيِّ: هي كالمرفقة تُتَّخَذ كصُفَّة السَّرج، قال الحربيُّ: إنَّما نُهِي عنها؛ لأنَّها كانت حمراء، وقيل: هي سروج تُتَّخذُ مِن الدِّيباج، وذكر البُخاريُّ أنَّها كمثل القطائف يصفُّونها على الرِّحال، وذكر عن بُريدة أنَّها جلود السِّباع، وهذا عندي وَهَمٌ، إنَّما يجب أن يرجع هذا على تفسير النُّمور، وقال غيره: أغشية السُّروج مِن الحرير، وقال النَّضر: هي مرفقة محشوَّة ريشًا، أو قطنًا، تُجعَل في وسط الرَّحل، والمِيثَرة أيضًا: الحشية، وهي الفراش المحشوُّ، ياؤها منقلبة عن واو، وأصلها: الوثارة؛ وهي اللِّين والوِطاء، وقد قيل في جمعها: مواثر؛ على الأصل)، انتهى، وكذا في «الصِّحاح»: (والجمع: مواثر، ومياثر)، وفي «النِّهاية»: (نُهِي عن ميثرة الأرجوان، «الميثرة» _بالكسر_: «مفعلة»، من الوثارة، يقال: وثر وثارة فهو وثير؛ أي: وطيْءٌ ليِّنٌ؛ وأصلها: مِوْثرة، فقلبت الواوُ ياءً؛ لكسرةِ الميم، وهي من مراكب العجم تُعمَل من حرير أو ديباج، و «الأُرجوان»: صبغٌ أحمر، تُتَّخَذُ كالفراش الصَّغير، وتُحشَى بقطن أو صوف، يجعلها الرَّاكب تحته على الرحال فوق الجمال، ويدخل فيه مياثر السُّروج؛ لأنَّ النَّهْي يشمل كلَّ ميثرةٍ حمراءَ، سواء كانت على رحلٍ أو سرجٍ)، انتهى.

(1/9406)

قوله: (وَالْقَسِّيَّةِ): هي بفتح القاف، وتشديد السِّين المُهْمَلة، ثُمَّ ياء مُثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: (و «الثِّياب القسِّيَّة»: فسَّرها في كتاب «البُخاريِّ»: «بأنَّها ثياب يُؤتَى بها مِن الشام أو من مصر، مُضلَّعة فيها حريرٌ، أمثال الأترجِّ»، قال صاحب «العين»: «القسُّ»: موضع تُنسَب إليه الثِّياب القسِّيَّة، قال ابن بكير وابن وهب: هي ثياب مُضلَّعة بالحرير، تُعمَل بالقَسِّ مِن بلاد مصر ممَّا يلي الفَرَما، وكلُّ هذا بفتح القاف، وتشديد السِّين، قال أبو عبيد: أصحاب الحديث يقولونه بكسر القاف، وأهل مصر بالفتح)، انتهى، وفي «النِّهاية»: (هي ثيابٌ مِن كتَّان مخلوطٍ بحريرٍ يُؤتَى بها مِن مصر، نُسِبتْ إلى قريةٍ على ساحل البحر قريبًا من تِنِّيس، يقال لها: القَسُّ؛ بفتح القاف، وبعض أهل الحديث يكسرها، وقيل: أصل القَسِّيِّ: القزِّيُّ؛ بالزَّاي، منسوبٌ إلى القزِّ، وهو ضربٌ من الإبريسم، فأُبدِل مِن الزاي سينًا، وقيل: هو منسوب إلى القزِّ، وهو الصَّقيع؛ لبياضه)، انتهى، فقوله: (قريبًا من تِنِّيس)، وقول ابن قُرقُول فيما تَقَدَّمَ: (ممَّا يلي الفَرَما): كلُّه صحيحٌ؛ لأنَّ تونة وتنِّيس والفرما والقسَّ كلُّها قريباتٌ مِن بعضها البعض، وتونة وتنِّيس أكلهما البحرُ المَلِح، والفَرَما: خرابٌ، قريبة من الطِّينة، والقَسُّ: قريبة مِن الفَرَما، وأهلها يزرعون فيها البطِّيخ الأخضر، ويجيئُون إلى المطايب يبيعونه على السَّفارة.

قوله: (وَالإِسْتَبْرَقِ): هو غليظ الدِّيباج، فارسيٌّ معرَّب؛ أصله: إستبره، وقد ذكره الجوهريُّ في (التاء مع القاف) على أنَّ الهمزة، والسِّين، والتَّاء زوائد، وأعاد ذكره في (السِّين مع الرَّاء)، وذكره الأزهريُّ في (خماسي القاف) على أنَّ همزتها وحدَها زائدةٌ، وقال: أصلها بالفارسيَّة: (استفره)، وقال أيضًا: إنَّها وأمثالها مِن الألفاظ حروفٌ عربيَّةٌ وقع فيها وفاقٌ بين العجميَّة والعربيَّة، وقال: هذا عندي هو الصَّواب؛ وتصغيره: أُبَيْرق، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهدُ به.

قوله: (وَالدِّيبَاجِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/9407)

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالشَّيْبَانِيُّ عَنْ أَشْعَثَ: فِي إِفْشَاءِ السَّلَامِ): الضمير في (تابعه): يعود على أبي الأحوص سلَّام بن سُلَيم، و (أبو عوانة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه الوضَّاح بن عبد الله، و (الشيبانيُّ)؛ بالشين المُعْجَمة: سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان، تَقَدَّمَ مِرارًا، والله أعلم، ومتابعة أبي عوانة عن أشعث أخرجها البُخاريُّ في (الأشربة) عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن أشعث به، وأخرجها مسلم في (الأطعمة) عن أبي الربيع الزَّهرانيِّ، عن أبي عوانة، عن أشعث به، وأمَّا متابعة الشيبانيِّ _وقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان_ أخرجها البُخاريُّ في (الاستئذان) عن قتيبة، عن جرير، عن أبي إسحاق الشيبانيِّ، عن أشعث به، وأخرجها مسلم في (الأطعمة) عن عثمان ابن أبي شيبة، عن جرير، عن الشيبانيِّ به، وعن أبي كريب، عن ابن إدريس، عن الشيبانيِّ وليث ابن أبي سليم؛ كلاهما عن أشعث.

[ج 2 ص 420]

(1/9408)

[حديث: دعا أبو أسيد رسول الله في عرسه وكانت امرأته يومئذ ... ]

5176# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا بالحاء المُهْمَلة، وأبو حازم والده: سلمة بن دينار، تقدَّما.

قوله: (دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ [1]): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الهمزة، وفتح السِّين، وقد قيل فيه: بفتح الهمزة، وكسر السِّين، والصواب الأوَّل، وقد تَقَدَّمَ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (مالك بن ربيعة، وهو آخر مَن مات مِن البدريِّين، سنة ستِّين، وله عقب بالمدينة وبغداد)، انتهى، وكذا قال ابن عَبْدِ البَرِّ: (تُوُفِّيَ سنة ستِّين، فيما قاله المدائنيُّ، وقال الواقديُّ وخليفة: مات سنة ثلاثين، وهذا تبايُنٌ كبيرٌ، وقيل: مات سنة أربعين، وأمَّا آخر مَن مات مِن البدريِّين؛ فقد ذكرتُه مع الاختلاف فيه في آخر غزوة بدر قبل ذكرهم جريدةً، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ): امرأة أبي أُسَيد، وستأتي بكنيتها: (أمُّ أُسَيد)، وهي معدودة في الصَّحابيَّات، ويقال لها: أمُّ المنذر أيضًا، قاله شيخنا، وقال أيضًا: (اسمها سلامة بنت وهب بن سلامة بن أُمَيَّة، ذكرها أهل النَّسب، ولم يذكرها أحدٌ في جملة الصَّحابة، وقد صحَّ أنَّ ابنَها المنذرَ حنَّكه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا جِيء به إليه، فدلَّ أنَّ لها صحبةً لا جرمَ، ذكرها الذَّهَبيُّ فيهم، ولم يذكرِ اسمَها، فقال: أمُّ أُسَيد الأنصاريَّة امرأةُ أبي أُسَيد، ذكر عرسَها سهلُ بن سعد، أخرجه البُخاريُّ)، انتهى، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ بعد ذكر هذا الكلام: (وفي «طبقات ابن سعد»: كان لأبي أُسَيد منِ الولد: أُسَيدٌ الأكبرُ والمنذرُ، أمُّهما سلامة بنت وهب بن سلامة بن أُمَيَّة، وأُسَيد الأصغر، أمُّه أمُّ ولد)، انتهى.

(1/9409)

[باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله]

(1/9410)

[حديث: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء]

5177# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [1] أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: شَرُّ الطَّعَامِ ... )؛ الحديث، كذا أخرجه البُخاريُّ موقوفًا على أبي هريرة، وكذا هو في كلِّ طرق مسلم غير طريقٍ واحدةٍ، فإنَّه مَرْفوعٌ فيها، وهي آخر طرقه في هذا الحديث مِن طريق ثابت الأعرج عن أبي هريرة، إلَّا أنَّ قوله: (فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ) يقتضي رفعه، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في الرَّفع والوقف، أو الوصل والإرسال، وأنَّ في كلٍّ منهما أربعةَ أقوال، والصَّحيح: أنَّ العبرة بمَن وصل أو رفع، والله أعلم، وهذا الحديث فيه الإخبار بما يقع بين النَّاس بعده عليه السَّلام من مراعاة الأغنياء في الولائم، ونحوها، وتخصيصهم بالدَّعوة، وإيثارهم بطيِّب الطَّعام، ورفع مجالسهم، وتقديمهم، وغير ذلك، كما هو الغالب في الولائم، والله أعلم.

قوله: (وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ): (يُترَك): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الفقراءُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ): هي بفتح الدَّال، وهو الطعام المدعوُّ إليه، ودِعوة النَّسب مكسورة الدَّال، كذا لكافَّة العرب إلَّا عديَّ الرِّباب _بكسر الرَّاء_ فإنَّهم يعكسون الأمر، فيكسرون دعوة الطَّعام، ويفتحون في النَّسب، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

[ج 2 ص 421]

(1/9411)

[باب من أجاب إلى كراع]

قوله: (إِلَى كُرَاعٍ): (الكُراع): بِضَمِّ الكاف، وتخفيف الرَّاء، وفي آخره عينٌ مهملةٌ، وهو كراع الشاة، وهو ما فوق الظِّلف للأنعام وتحت الساق، وقد تَقَدَّمَ بما فيه مِن غلط بعضِهم.

(1/9412)

[حديث: لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت]

5178# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ عبدان لقبٌ، و (أَبُو حَمْزَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلة والزَّاي، وأنَّه اسمه مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وأنَّه إنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو حَازِم): بالحاء المُهْمَلة سلمان مولى عزَّة الأشجعيَّة.

قوله: (إِلَى كُرَاعٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وضبطه.

قوله: (وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ): (أُهدِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 421]

(1/9413)

[باب إجابة الداعي في العرس وغيرها]

قوله: (إِلَى [1] الْعُرْسِ [2] وَغَيْرِهَا): (العرس): طعام الوليمة، يُذكَّر ويُؤنَّث، قاله الجوهريُّ، وأتى به البُخاريُّ هنا على إحدى اللُّغتَين، والله أعلم.

(1/9414)

[حديث: أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها]

5179# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (البغداديُّ، انفرد به البُخاريُّ عن الخمسة)، انتهى، عليُّ بن عبد الله بن إبراهيم البغداديُّ عن حجَّاج بن مُحَمَّد، وعنه: البُخاريُّ في (النِّكاح)، وسُئِل عنه فقال: مُتقِن، وروى البُخاريُّ حديثًا آخر عن عليِّ بن إبراهيم عن روح، فقيل: هو هذا، وقال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في «كتاب النِّكاح» في «إجابة الدَّاعي إلى العرس وغيرها»: حدَّثنا عليُّ بن عبد الله بن إبراهيم: حدَّثنا الحَجَّاج بن مُحَمَّد، فذكر هذا المكان، قلت: جعل أبو نصر الكلاباذيُّ عليَّ بن عبد الله (عن عليِّ بن إبراهيم) الذي قبل هذا _يعني: الذي ذكرتُه في «فضائل القرآن» في «باب نزول السَّكينة والملائكة عند قراءة القرآن» _ وقال أبو عبد الله الحاكم: عليُّ بن عبد الله بن إبراهيم شيخ له مجهول، وربَّما قال فيه: عليُّ بن إبراهيم، فأشار إلى أنَّه رجل واحد، ولم يقل فيه أبو مسعود شيئًا)، انتهى، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج)، انتهى، وهذا معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا كثيرة.

قوله: (إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا): (دُعِيتُم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 421]

(1/9415)

[باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس]

(1/9416)

[حديث أنس: اللهم أنتم من أحب الناس إلي]

5180# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة، الحافظ.

قوله: (فَقَامَ مُمْتِنًا): قال ابن قُرقُول: («مُمْتِنًا»: كذا في «النِّكاح» من «البُخاريِّ» عن مُتقِني شيوخنا؛ ومعناه: طويلًا، وضبطه أبو ذرٍّ: «مُمْتَنًّا»، ورواه ابن السَّكن: «يمشي» بدلًا مِن «ممتنًا»، قال القاضي أبو الفضل: وهو تصحيف، وذكره في «الفضائل»: «ممثِلًا»؛ بكسر الثَّاء؛ أي: منتصبًا قائمًا، وضبطناه في «مسلم»: «مُمْثَلًا»؛ بفتح الثاء، قال أبو القاسم: قال الوقَّشيُّ: صوابه: «مُمْثلًا»؛ أي: قائمًا، وعند الخَطَّابيِّ [1]: «مقبلًا»، وقد جاء في الرِّواية الأخرى: «فَمَثُلَ»، وهذا يُفسِّر كلَّ خلاف)، وقد تَقَدَّمَ في (فضائل الأنصار) من (المناقب)، ولكن طال العهد به.

(1/9417)

[باب: هل يرجع إذا رأى منكرًا في الدعوة؟]

قوله: (فِي الدَّعْوَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على الدَّعوة أعلاه.

[ج 2 ص 421]

قوله: (وَرَأَى ابْنُ مَسْعُودٍ صُورَةً فِي الْبَيْتِ فَرَجَعَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة على هامش أصلنا: أبو مسعود، قال ابن قُرقُول في (الهمزة) ما لفظه: (وفي «النِّكاح»: «إذا رأى مُنكَرًا في الدَّعوة»، و «رأى ابن مسعود صورة فرجع»، كذا للأصيليِّ والقابسيِّ وعبدوس، وعند الباقين: «أبو مسعود»)، انتهى، و (ابْنُ مَسْعُودٍ): هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذليُّ، من المهاجرين الأولين، مشهور، و (أبو مسعود): عقبة بن عمرٍو الأنصاريُّ البدريُّ تَقَدَّمَ رضي الله عنه [1].

قوله: (أَبَا أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خالد بن زيد الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا رضي الله عنه، بدريٌّ جليلٌ.

قوله: (لَا أَطْعَمُ): هو بفتح الهمزة والعين؛ أي: لا آكل.

==========

[1] زيد في (أ) مستدركًا: (تَقَدَّمَ)، وهو تكرارٌ.

(1/9418)

[حديث: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة]

5181# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أُوَيس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (نمْرقَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها بلغاتها: الوِسادة، وقيل غير ذلك.

قوله: (الْكَرَاهِيَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال مِن حيث اللُّغةُ: (كراهي).

قوله: (لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ): سيأتي الكلام عليه، وقد تَقَدَّمَ أيضًا.

==========

[ج 2 ص 422]

(1/9419)

[باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس]

(1/9420)

[حديث: لما عرَّس أبو أسيد الساعدي دعا النبي وأصحابه ... ]

5182# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ أنَّه يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ): (عرَّس): بتشديد الرَّاء، كذا في أصلنا، والمعروف (أعرس)، قاله غير واحد، ورأيت في حاشيةِ نسخةٍ بـ «البُخاريِّ»: (الفصيح: أعرس)، انتهى، وقال ابن القطَّاع في «أفعاله»: (و «أعرس»: بنى بأهله، أو عمل عرسًا، ولا تقل: عرَّس)، انتهى، وقال الجوهريُّ: (وأعرس بأهله؛ إذا بنى بها، وكذلك إذا غشيها، ولا تقل: عرَّس، والعامَّة تقوله)، وقال ابن قُرقُول في قوله: («أعرستم اللَّيلة»: كذا هو الصَّواب، وضبطه الأصيليُّ بشدِّ الرَّاء، وهو غلط، إنَّما ذلك في النزول)، وقال النَّوَويُّ في «تهذيبه» بعد أن نقل بعض كلام الجوهريِّ: (ونقل غيره: «عرَّس»)، ثُمَّ ذكر هذا المكان من «البُخاريِّ» مستشهدًا به على (عرَّس) وجوازه، والله أعلم.

قوله: (أَبُو أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وأنَّ الصَّواب: ضمُّ الهمزة، وفتح السِّين، مالك بن ربيعة.

قوله: (إِلَّا امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، وعلى اسمها ونسبها؛ فانظره.

قوله: (فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ): هو بفتح المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء، وقد تَقَدَّمَ ما هو.

قوله: (أَمَاثَتْهُ لَهُ): قال ابن قُرقُول: (قال بعضهم: الصَّواب: ماثته؛ أي: حلته، ومرسته؛ يريد: التَّمر في الماء، وأنكر الهمزة، ولم يذكر صاحب «الأفعال» إلَّا الثُّلاثيَّ، وحكى ثابت عن أبي حاتم: من قال: أماث؛ فقد أخطأ، وحكى الهرويُّ: مثْتُ، وأمَثْتُ، وقال ابن دريد: مَثْتُ أميث، ومَثْتُ أموث مَيْثًا، ومَوْثًا، وقال يعقوب: ومَوْثانًا، ولم يذكروا «أماث»)، انتهى، وفي «النهاية»: (أماثته)، هكذا رُوي، والمعروف (ماثته)، يقال: مثتُ الشيءَ أميثه، وأموثه، وانماث؛ إذا ذفَّته في الماء)، انتهى، وليس في «الصِّحاح»: أماث، ولا في «القاموس»، ولم يذكر ابن القطَّاع في «أفعاله» إلَّا الثُّلاثيَّ لهما.

==========

[ج 2 ص 422]

(1/9421)

[باب النقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس]

(1/9422)

[حديث: أن أبا أسيد دعا النبي لعرسه ... ]

5183# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد الياء، منسوب إلى القارة؛ القبيلةُ المعروفة، لا إلى القراءة، و (أَبُو حَاِزم): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار مرارًا، و (أَبُو أُسَيْد): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ الصَّواب فيه: ضمُّ الهمزة، وفتح السِّين، وأنَّه مالك بين ربيعة، وقد تَقَدَّمَ الكلام في تاريخ وفاته قريبًا.

قوله: (فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، واسمها ونسبها، وأنَّه سلامة بنت وهب، صحابيَّة.

قوله: (مَا أَنْقَعَتْ): هو بتاء التأنيث الساكنة، وكذا الثانية: (أَنْقَعَتْ).

قوله: (فِي تَوْرٍ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه وبعيدًا، وتَقَدَّمَ ما هو.

==========

[ج 2 ص 422]

(1/9423)

[باب المداراة مع النساء ... ]

قوله: (بَابُ الْمُدَارَاةِ مَعَ النِّسَاءِ): هي في أصلنا غير مهموزة، وهي تُهمَز ولا تُهمَز، وهي المداجاة والملاينة، قاله الجوهريُّ.

قوله: (كَالضِّلَعِ): هو بكسر الضَّاد، وفتح اللَّام وتُسكَّن، وهي مؤنَّثة معروفة.

==========

[ج 2 ص 422]

(1/9424)

[حديث: المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها]

5184# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن ذكوان، وأنَّه بالنُّون، وأنَّ (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (وَفِيهَا عِوَجٌ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (قال أهل اللُّغة: بالفتح في كلِّ شخص مرئيٍّ، وبالكسر فيما ليس بمرئيٍّ، إلَّا أبا عمرو الشَّيبانيَّ، فإنَّه قال: الكسر فيهما جميعًا، ومصدرهما بالفتح معًا، حكاه ثعلب عنه، وقال الجوهريُّ: العَوَج _بالتحريك_ مصدرُ قولك: عَوِجَ؛ بالكسر، فهو أعْوَجُ، والاسم: «العِوَج»؛ بكسر العين، قال ابن السِّكِّيت: كلُّ ما كان ينتصب؛ كالحائط والعود قيل فيه: عَوَج؛ بالفتح، والعِوَج؛ بالكسر:

[ج 2 ص 422]

ما كان في أرض، أو دِين، أو معاش، يقال: في دِينه عِوَج)، انتهى، والجملة الأولى التي قالها الدِّمْيَاطيُّ هي لفظ «المطالع»، وفي «القاموس» (عَوِج؛ كـ «فرح»، والاسم كـ «عِنَبٍ»، أو يقال في كلِّ منتصب؛ كالحائط والعصا: فيه عَوَج؛ مُحرَّكة، وفي نحو الأرض والدِّين؛ كـ «عِنَب»)، انتهى، وفي «النهاية»: (وهو بفتح العين، مختصٌّ بكلِّ شخص مرئيٍّ؛ كالأجسام، وبالكسر بما ليس بمرئيٍّ؛ كالرَّأي، وقيل: الكسر يقال فيهما معًا، والأوَّل أشهر، وقد اقتصر الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «رياضه» على فتح العين والواو، وفي «تهذيبه» ذكر هذا الحديث، ثُمَّ قال: واختُلِف في ضبط «عوج»، فضبطه كثيرون بفتح العين، وضبطه الحافظ أبو القاسم وآخرون من المُحقِّقين بالكسر، وهو الصَّواب الجاري على ما ذكره أهل اللُّغة كما ذكرنا)، انتهى.

(1/9425)

[باب الوصاة بالنساء]

قوله: (بَابُ الْوَصَاةِ بِالنِّسَاء): (الوصاة): تَقَدَّمَ أنَّها غير ممدودة، تقول: أوصيته، ووصَّيته أيضًا إيصاء وتوصية بمعنًى، والاسم: الوَصَاة.

==========

[ج 2 ص 423]

(1/9426)

[حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره]

5185# 5186# قوله: (عَنْ زَائِدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ زائدة هذا هو ابن قدامة، أبو الصَّلت، الثقفيُّ الكوفيُّ، الحافظ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (مَيْسَرَة) هذا: هو الأشجعيُّ، و (أَبُو حَازِم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمان مولى عزَّة الأشجعيَّة.

قوله: (مِنْ ضِلَعٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الضاد وفتح اللَّام، وتُسكَّن، وتَقَدَّمَ أنَّ حوَّاء أمَّنا عليها السَّلام خُلِقت مِن ضِلَعِ آدمَ القصيرى اليسرى، نام آدم نومة، فاستلَّ المَلَك ضِلَعَه، فخُلِقت منه حوَّاء عليهما السّضلام.

قوله: (وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ المراد به: اللِّسان، وقد ضربه مثلًا لأعلى المرأة؛ لأنَّ فيه اللِّسانَ، وهو الذي يُتَّقى منها، وقيل: في قوله تعالى: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 90]: إنَّه كان في لسانها طولٌ، فأُذهِب عنها ذلك، ولبعضهم:

~ هِيَ الضِّلَعُ العَوْجَاءُ لَسْتَ تُقِيمُهَا…أَلَا أَنَّ تَقْويِمَ الضُّلُوعِ انْكِسَارُهَا

~أَتَجْمَعُ ضَعْفًا وَاقْتِدَارًا عَلَى الفَتَى…أَلَيسَ عَجِيبًا ضَعْفُهَا واقْتِدَارُهَا؟!

وقوله: (أعلاه): ولم يقل: (أعلاها)، ولا: (تقيمها)، ولا: (كسرتها)، وكذا (لم يزل أعوج)، ولم يقل: (عوجاء)، و (الضِّلع): مؤنَّثة، كما تَقَدَّمَ، إلَّا أنَّ تأنيثها ليس بحقيقيٍّ، وكسرها: طلاقها.

(1/9427)

[حديث: كنا نتقي الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد النبي]

5187# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

قوله: (أَنْ يُنْزَلَ فِينَا شَيْءٌ): (يُنزَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (شيءٌ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

==========

[ج 2 ص 423]

(1/9428)

[باب: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا}]

(1/9429)

[حديث: كلكم راع وكلكم مسئول فالإمام راع]

5188# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، و (عَبْد اللهِ): هو ابن عمر.

(1/9430)

[باب: حسن المعاشرة مع الأهل]

(بَابُ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ) ... إلى (كِتَاب الطَّلَاق)

سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (نبَّه بهذه الترجمة على أنَّ إيراد هذه الحكاية من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليس خاليًا عن فائدة شرعيَّة؛ بل مُشتمِلًا عليها، وتلك الفائدة: الإحسان [1] في معاشرة الأهل، كما ندب الله سبحانه إليه، وفي بعض طرقه قال لها: «كنت لك كأبي زرع لأمِّ زرع، غير أنِّي لا أطلِّقك»، انتهى، فقوله: (إيراد هذه الحكاية ... ) إلى آخره: فيه نظر؛ لأنَّ الحاكيَ في «البُخاريِّ» و «مسلم»: إنَّما هي عائشة رضي الله عنها، ولكنَّه عليه السَّلام أقرَّها، وأمَّا في «النَّسَائيِّ»؛ فالكلُّ مَرْفوعٌ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعليه يتوجَّه كلام ابن المُنَيِّر، والله أعلم.

تنبيهٌ: وقع في هذا الحديث ألفاظٌ ليست في «صحيح البُخاريِّ»، ذكرت بعضها، ولم أستوعبْها.

وقول ابن المُنَيِّر: (وفي بعض طرقه ... ) إلى آخره: فاعلم أنَّه روى حديث أمِّ زرع بهذه الزِّيادة _أعني: «غير أنِّي لا أطلِّقك» _ الزُّبَيرُ بن بكَّار والخطيب البغداديُّ، كما عزاه شيخنا العراقيُّ إليهما، وفي «معجم الطَّبَرانيِّ الكبير» من حديث عائشة حديثُ أمِّ زرع، وفي آخره: «إلَّا أنَّ أبا زرع طلَّق، وأنا لا أطلِّق»، انتهى، وعزاها بعضهم إلى التِّرْمِذيِّ؛ يعني: في «الشَّمائل»، ولم أرها فيه، والحديث ليس في «جامعه».

فائدةٌ: جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في «معجم الطَّبَرانيِّ الكبير» في «معجم النساء» أنَّها قالت بعد قوله عليه السَّلام: «غير أنِّي لا أطلِّقك»: (أنتَ خيرٌ لي مِن أبي زرع لأمِّ زرع)، وهو جوابُ مثلِها في علمها وفضلها، فإنَّه عليه السَّلام لمَّا أخبرها أنَّه لها كهو؛ لفرط محبَّة أمِّ زرع له، وإحسانه إليها؛ أخبرته هي أنَّه عندها أفضل وأحبُّ، والله أعلم، وفي لفظ آخر لم يكن في «المعجم»: (بأبي أنت وأمِّي، بل أنت خيرٌ لي مِن أبي زرع)، وفي لفظ: «كنتُ لكِ كأبي زرع لأمِّ زرع، في الألفة والوفاء، لا في الفرقة والخِلاء».

(1/9431)

قال المِزِّيُّ: (أخرجه النَّسَائيُّ بطوله في «عشرة النِّساء» عن عبد الرحمن بن مُحَمَّد بن سلَّام، عن أبي عصمة ريحان بن سعيد بن المثنَّى، عن عبَّاد بن منصور، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعًا كلُّه، تابعه عقبة بن خالد عن هشام بن عروة، والمحفوظ حديث هشام بن عروة عن أخيه عبد الله بن عروة، عن أبيه عروة، عن عائشة)، انتهى، يعني: موقوفًا، والمرفوع منه ما ذكرتُه، والله أعلم.

ثُمَّ اعلم أنَّ هذا حديث عظيم، وهو في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وليس هو في «مسند أحمد»، وهذا شيء غريب، واعلم أنَّ المرفوع منه _كما تَقَدَّمَ قريبًا في «البُخاريِّ» و «مسلم» _ قولُه عليه السَّلام: «كنتُ لكِ كأبي زرع لأمِّ زرعٍ»، ولكنَّه في النَّسَائيِّ مَرْفوعٌ كلُّه، كما قدَّمته، وقد أفرده بالتأليف القاضي العلَّامة أبو الفضل عياض اليحصَبيُّ في مجلَّدة كانت عندي، ثُمَّ خرجت عن ملكي، وذهبت في فتنة تَمُرلنك، سمَّاه «بغية الرَّائد فيما في حديث أمِّ زرع مِن الفوائد»، ذكر فيه غرائبَ وأشياءَ حسنةً، رحمه الله ما أكثر فوائدَه وتحقيقَه! فمَن أراد زيادة على ما أذكره هنا؛ فلينظر هذا المُؤلَّف، فإنَّه بديعٌ في بابه، وقد ذكر عليه شيخنا الشارح كلامًا كثيرًا أيضًا.

(1/9432)

[حديث: كنت لك كأبي زرع لأم زرع]

5189# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ): (عبد الله) هذا: هو أخو هشام بن عروة الرَّاوي عنه.

قوله: (جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً): قال النَّوَويُّ في «مبهماته» وفي «شرح مسلم» له: (قال الخطيب البغداديُّ في «المبهمات»: لا أعلم أحدًا سمَّى النِّسوة المذكوراتِ في حديث أمِّ زرع؛ أي: ليس الطَّريق الذي أذكره، وهو غريب جدًّا، فذكره، وفيه: أنَّ الثَّانية اسمها عمرة، والثالثة: حُبَّى بنت كعب، والرَّابعة: مَهْدَدُ بنت أبي هَزُومة)، انتهى، وقد رأيتُه في «المعجم الكبير» للطَّبَرانيِّ، كما رأيتُه في نسخة صحيحة مسموعة على الحافظ أبي الحَجَّاج يوسف بن خليل الدِّمَشْقيِّ تسمية الثَّانية كما ذكر، والثالثة كذلك، وأمَّا الرابعة؛ فسمَّاها: هدد بنت أبي هرومة، قال النَّوَويُّ: (والخامسة: كبشة، والسَّادسة: هند، والسَّابعة: حُبَّى بنت علقمة، والثَّامنة: بنت أوس بن عبد، وفي «معجم الطَّبَرانيِّ» المذكور: أسماء بنت عبد، قال النَّوَويُّ في العاشرة: كبشة بنت الأرقم، وفي «المعجم» المشار إليه: كُبَيْشة؛ بالتَّصغير، والحادية عشرة: أمُّ زرع بنت أُكَيهِل، وفي «المعجم» المشار إليه: بنت أُكَيحِل؛ بالحاء المُهْمَلة، وكذا ذكره ابن بشكوال في «مبهماته»، كما ذكره النَّوَويُّ، وفي «الوشاح» لابن دريد: أنَّ أمَّ زرع اسمها عاتكة، ورأيت عن شرح بـ «مشارق الأنوار» لوجيه الدِّين الأرزجانيِّ الحنفيِّ: الأولى: مهدد بنت أبي هزومة، والثانية: عمرة بنت عمرٍو، أو رملة بنت شُمَيلة، والثالثة: كبشة بنت الأرقم، أو بنت كعب، والرابعة: مُجيبة بنت ساعدة، أو مهدد بنت أبي هرمة، والخامسة: حُبَّى بنت علقمة، والسادسة: عاتكة بنت دوس، والسابعة: هند بنت شبل، أو حُبَّى بنت علقمة، والثامنة: عمرة بنت عمرٍو، أو عجيبة بنت دوس، والتاسعة: كبشة بنت سموقة، والعاشرة: كبشة بنت الأرقم، أو حُبَّى بنت كعب، والحادية عشرة: أمُّ زرع بنت أُكَيحل بن ساعدة، وأمَّها جميلة، وفي الحاشية: وفي رواية ابن الضَّحَّاك: (هند)، وفي شرح الإمام أكمل الدين قولٌ محكيٌّ في السادسة: أنَّها هند، انتهى، وكذا ذكر الرَّافعيُّ في «التدوين تاريخ قزوين»، والله أعلم.

(1/9433)

فائدةٌ: جاء في رواية ذكرها القاضي عياض: (أنَّ هؤلاء النِّسوة من قرية من قرى اليمن)، انتهى، وذكر الإمام الرافعيُّ الشَّافِعيُّ عن الزُّبَير _وذكر سند الزُّبَير_ ما لفظه: (أنَّهن من قرية من قرى اليمن)، وهذا في «المعجم الكبير» للطَّبَرانيِّ في مسند عائشة، وفيه أيضًا: أنَّهن كنَّ في الجاهليَّة، وذكر شيخنا رواية: (أنَّهنَّ مِن قريش مِن مكَّة)، وهذا في «الدَّارقطنيِّ» في (أفراده)، قال شيخنا: (وذكر القاضي أنَّه رأى في بعض كتب الأدباء أنَّهنَّ أخواتٌ، قال: ويشبه أنَّه موضوع)، انتهى، ولا يُعرَف إسلامُهنَّ، والله أعلم.

[ج 2 ص 423]

قوله: (زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثّ): (جَمَل): بالجيم والميم المفتوحتَين، و (غَثٍّ): بفتح الغين المُعْجَمة، وتشديد الثاء المُثلَّثة؛ أي: مهزول، يقال: (غَثَّ يغِثُّ، ويغَثُّ، وأغثَّ يُغِثُّ)، ويجوز في (غثَّ): الكسرُ مع التَّنوين، والرَّفع معه، وهما روايتان.

قوله: (عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ): أي: صعبٌ الوصولُ إليه؛ فالمعنى: أنَّه قليل الخير مِن أوجه؛ منها: أنَّه كونه كلحم الجمل، لا كلحم الضَّأن، ومنها: أنَّه مع ذلك غثٌّ مهزول رديء، ومنها: أنَّه صعب المتناوَل، لا يُوصَل إليه إلَّا بمشقَّة شديدة، كذا فسَّره الجمهور.

قوله: (لَا سَهْل ... وَلَا سَمِين): يجوز في (سهل) و (سمين): الضَّمُّ مع التنوين، وهو ما في أصلنا، والكسرُ معه، وهو ما في أصلٍ آخرَ صحيحٍ، والفتحُ ولا تنوين، والثَّلاثة الأوجه مرويَّةٌ، قاله شيخنا، قال: (وأغربُها عندي الرَّفع في الكلمتين)، انتهى.

قوله: (فَيُنْتَقَلُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح القاف، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، قال ابن قُرقُول: (باللَّام، وعند بعض رواة مسلم والبُخاريِّ: «فينتقى»، والروايتان مشهورتان، فمعنى اللَّام: مِن النقل؛ رغبةً فيه، ومن الياء: يستخرج نِقْيُه؛ وهو شحمه، وأصله: المخُّ، أو يكون معناه: نرغب فيه ونختار، ويقال: انتقيت الشيء؛ إذا تخيَّرتَه)، انتهى، وفي «النِّهاية»: في (نقل): فينتقل؛ أي: ينقله النَّاس إلى بيوتهم فيأكلونه، وقال: في (نقا): أي: ليس له نِقْيٌ فيُستخرَج، والنِّقْيُ: المخُّ، يقال: نقيت العظم، ونقوته، وانتقيته، ويروى: فيتنقَّل، وقد تَقَدَّمَ.

(1/9434)

قوله: (لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ): أي: لا أظهر، وأنشر، هو بالباء، ولم يذكر ابن قُرقُول غيره، قال شيخنا: (ورواه بعضهم بالنون، ومعناهما واحد، إلَّا أنَّ النون أكثر ما تستعمل في الشَّرِّ)، انتهى.

قوله: (أَنْ لَا أَذَرَهُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (معناه: أخاف أن أصفه، ولا أقدر على تركه؛ لما بيننا من الصُّحبة والولد؛ والمعنى: أنِّي أخاف أن أذره؛ أي: أطلِّقه وأفارقه؛ لأنِّي إن ذكرتُه؛ دعتني مساوئُه إلى ذكر فواحشه، فتتحقَّق الفرقة، فالسكوت أجمل من بثِّ مساوئه، وتكون (لا) زائدةً)، انتهى، وقال النَّوَويُّ: (فيه تأويلان؛ أحدهما لابن السِّكِّيت وغيره: أنَّ الهاء عائدة إلى «خبره»؛ فالمعنى: أنَّ خبره طويل، إن شرعتُ في تفصيله؛ لا أقدر على إتمامه؛ لكثرته، والثاني: أنَّ الهاء عائدة على الزَّوج، وتكون (لا) زائدة؛ كما في قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12]؛ ومعناه: أبى أن يطلِّقني، فأذره.

قوله: (إِنْ أَذْكُرْهُ؛ أَذْكُرْ): (إن): هي الجازمة، و (أذكره): الشَّرط، و (أذكر): الجزاء، مجزومان، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: («العُجر والبُجر»: تَعَقُّدٌ تكون في البطن، كَنَتْ بها عن أموره المستورة القبيحة)، انتهى، قال ابن قُرقُول: و («العُجَرُ»: العُقَد المُجتمِعة في الجسد تحت الجلد، وقيل: في الظَّهر خاصَّة، و «البُجَرُ» مثلُها، وقيل: في البطن خاصَّة، وهي ههنا كناية عن العيوب المستورة)، انتهى، وقال بعضهم: أسراره.

(1/9435)

قوله: (الْعَشَنَّقُ): هو بفتح العين المُهْمَلة، وفتح الشين المُعْجَمة، ثُمَّ نون مفتوحة مُشدَّدة، ثُمَّ قاف، وقال بعضهم: ويروى بالطاء بدل القاف، قال الدِّمْيَاطيُّ: («العشنَّق»: الطويل، وقيل: السَّيِّئ الخُلُق، فإن أرادتِ الخُلُق؛ فقد فسَّرتْه بأنَّه إن نطقت؛ طلَّقها، وإن سكتت؛ علَّقها، وإن أرادت الطول؛ فلأنَّ الطول يتبعه السَّفَه، وقد عُلِّل ببعد الدِّماغ من القلب، وفي لام التعريف إشارةٌ بأنَّه العشنَّق؛ أي: المعروف بهذا الخلق)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: (العشنَّق: هو الطويل، قاله أبو عبيد؛ يريد: أنَّه ليس فيه خصلةٌ غير طوله، وغلَّطه ابن حبيب وقال: هو المقدام الشرس؛ بدليل بقيَّة وصفها له، وقال النَّيسابوريُّ قولًا يجمع التفسيرَين: هو الطويل النحيف، وقيل: هو الطويل العنق، كذا في «العين»، وحكى ابن الأنباريِّ عن ابن أبي أويس: أنَّه الطويل، وقد يكون القصير، كأنَّه مِن الأضداد، وهذا لا يُعرَف في اللُّغة، وإنَّما الذي قاله ابن أبي أويس: أنَّه الصقر المقدام الجريء، قال: ويقال: الطويل، فتصحَّف «الصَّقر» بـ «القصير»، والله أعلم)، انتهى.

قوله: (إِنْ أَنْطِقْ؛ أُطَلَّقْ): (إن) وشرطها وجزاؤها، و (أُطلَّق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (أُعَلَّقْ).

قوله: (كَلَيْلِ تِهَامَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها بكسر المُثَنَّاة فوق، وهو كلُّ ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، سُمِّيت بذلك؛ لتغيُّر هوائها، يقال: تَهِمَ الدُّهْنُ؛ إذا تغيَّر ريحُه، ومكَّة من تهامة معدودة، وسيأتي معنى هذا الكلام.

قوله: (لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ): (الحَرُّ): بفتح الحاء المُهْمَلة، وتشديد الراء، و (القُرُّ): بِضَمِّ القاف، وتشديد الراء؛ بمعنى: البرد؛ أي: معتدل، قيل: معناه: لا ذو حرِّ، ولا ذو قُرٍّ، فحُذِف؛ استخفافًا، وكونه بِضَمِّ القاف كذا ضبطه ابن قُرقُول، وكذا هو في أصلنا، وكذا هو؛ لأنَّ (القُرَّ): هو البرد، وفي «النِّهاية»: («القُرُّ»: البرد؛ أرادت أنَّه لا ذو حرٍّ ولا ذو برد، فهو مُعتدِل، يقال: قرَّ يومُنا يقَرُّ قِرَّة، ويوم قَرٌّ _ بالفتح_؛ أي: بارد، وليلة قَرَّة، وأرادت بالحرِّ والبرد: الكناية عن الأذى، فالحرُّ عن قليله، والبرد عن كثيره)، انتهى، وقال بعضهم: بِضَمِّ القاف، وقال صاحب «تثقيف اللِّسان»: (يقال: اليوم قَرٌّ؛ بفتح القاف، وضمُّها خطأ، إنَّما «القُرُّ»: البرد بعينه)، انتهى.

(1/9436)

قوله: (وَلَا سَآمَةَ): (السَّآمة): الملالة، وقال بعضهم: ورُوي: (ولا وخامة)؛ أي: لا ثقل، يقال: سئمتُ من الشَّيء أسأم سأمًا، وسأمة، وسآمًا، وسآمة؛ إذا مَلِلْتَه، ورجلٌ سَؤُومٌ، قاله الجوهريُّ، وفي رواية بعد (سآمة): (ولا وَخامة)؛ بفتح الواو، وبالخاء المُعْجَمة، وهي الثِّقل، وأصله: الوباء، وفي رواية: (ولا يُخاف خلفَه ولا أمامَه)، وفي رواية: (والغيث غيث غمامة)؛ يعني: أنَّ جوده ينهلُّ، ويحيا به الأنام؛ كغيث الغمام.

قوله: (فَهِدَ): هو بفتح الفاء، وكسر الهاء _قال شيخنا: (وقد تُسكَّن) _ وبالدَّال المُهْمَلة، قال ابن قُرقُول: (أي: هو كالفهد في تغافُلِه، وكثرة نومه، والفَهد: دُويبَّة كثيرة النَّوم، والغفلة بطبعه، وصَفَتْهُ بالإغضاء والسُّكون، قال الشيخ محيي الدين: (والصَّحيح المشهور التَّفسير الأوَّل)، انتهى، قال ابن قُرقُول: (وقيل: بل معناه: وثب عليَّ وثْب الفهد، وهو سريع الوثب، وقيل: «الفهد»: دُويبَّة ليِّنة [1] المسِّ، كثيرة السُّكون والحركة، تصفه بلين الجانب)، انتهى.

قوله: (أَسِدَ): هو بفتح الهمزة، وكسر السين، وبالدال المُهْمَلتين؛ أي: صار كالأسد في الشجاعة، يقال: أَسِد، واستأسد؛ إذا اجترأ.

قوله: (وَلَا يَسْأَلُ) هو بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (عَمَّا عَهِدَ) هو بكسر الهاء، ومعنى (ولا يسأل عمَّا عهد): لا يستقصي عمَّا عمله في البيت مِن قوت، وذلك لسخاوة نفسه وإغضائه.

[ج 2 ص 424]

قوله: (إِنْ أَكَلَ؛ لَفَّ) هو بفتح اللَّام، وتشديد الفاء؛ أي: جمع وضمَّ؛ أي: قمش وخلط من كلِّ شيء، قال بعضهم: ورُوِي: (رفَّ)، وكذا ذكر غيرُه أنَّها رواية، ومعناها: مشَّ وترشَّف، وعن أبي عبيد: ويقال: (إنَّ «الرَّفَّ»: الإكثارُ من الأكل)، انتهى، وفيه روايةٌ أخرى: (قفَّ)، وهو قريب من اللَّفِّ، وقد يكون من (القفَّاف)؛ وهو الذي يسرق الدراهم بين أصابعه، قال بعضهم: ورُوي: (اقتفَّ)، وهو بمعناه، وبه سُمِّيت القُفَّة؛ لجمعها ما جُعِلَ فيها.

(1/9437)

قوله: (اشْتَفَّ): هو بهمزة وصلٍ، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ مُثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ فاء؛ أي: استقصى ولم يُبْقِ شيئًا، و (الشُّفافة): بقيَّة الماء في قعر الإناء، و (اشتفَّ): شَرِبَ الشُّفافة، وقد ذكره ابن قُرقُول في (الشين المُعْجَمة)، وقال ما ذكرتُه، وذكره في (السين المُهْمَلة)، فقال: («اشتفَّ»: كذا عند مسلم، وللأصيليِّ: بالسين المُهْمَلة، وهو الإكثار مِن الشُّرب، قال أبو زيد: وسَفِفتُ الماءَ؛ إذا أكثرتَ مِن شربه ولم تَرْوَ، ورواه بعض رواة البُخاريِّ: «اشتفَّ»، وهو قريب من الأوَّل، وهو الاستقصاء في الشُّرب، مأخوذ مِن «الشُّفافة»؛ وهو بقيَّة الماء تبقى في الإناء، فإذا شربها صاحبها؛ فقد اشتفَّ)، انتهى، وفي «النهاية» بعد أن فسَّر (اشتفَّ) قال: (وذكر بعض المتأخِّرين أنَّه رُوِي بالسِّين المُهْمَلة، وفسَّره بالإكثار مِن الشرب، وحكى عن أبي زيد: أنَّه قال: سَفِفتُ الماءَ؛ إذا أكثرتَ من شربه ولم تَرْوَ)، انتهى، والظاهر أنَّه أراد ابنَ قُرقُول، والله أعلم.

قوله: (وَإِنِ اضْطَجَعَ؛ الْتَفَّ)؛ أي: إذا نام؛ تلفَّف في ثوب، ونام ناحيةً عنِّي.

قوله: (وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ)؛ أي: لا يُدخِله.

قوله: (لِيَعْلَمَ الْبَثَّ [2]) هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الثَّاء المثلَّثة، قال ابن قُرقُول: (و «البثُّ» الذي أرادت: داءٌ وعيب كانت تتستَّر به ويحزنها، وكان لا يتعرَّض للاطِّلاع عليه؛ كرمًا، هذا قول أبي عبيد، وقال ابن الأعرابيِّ: بل أرادت: أنَّه لا يجامعها، ولا يضاجعها، فإنَّه كان إذا رقد؛ التفَّ، و «البثُّ» ههنا: حبُّها إيَّاه، وشدَّة حاجتها إليه، وقال غيرهما: أرادت أنَّه لا يتفقَّد مصالحها، ولا ينظر في أمورها، يقال: فلانٌ لا يُدخِل يده في هذا الأمر، وقال الدِّمْيَاطيُّ: كأنَّها ذمَّته بالنَّهَم والشَّره وقلَّة الشَّفقة عليها، وأنَّه إذا رآها؛ لم يُدخِل يده في ثوبها؛ ليجسَّها)، انتهى.

(1/9438)

قوله: (عَيَايَاءُ أَوْ غَيَايَاءُ [3]): الأولى بالعين المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاتين تحت، بينهما ألف، وبعد الثانية همزةٌ ممدودة، والثانية مثلها إلَّا أنَّها بغين معجمة، وهذا شكٌّ مِن الرَّاوي، قال شيخنا: (والشاكُّ عيسى بن يونس؛ يعني: ابن أبي إسحاق السَّبيعيَّ، وكذا قاله غيرُ شيخنا من الحُفَّاظ، وذكر حديثًا خارجَ الكتب، فيه التصريحُ بأنَّه الشَّاكُّ، وعقبة بن خالد وسائر الرُّواة يقولونه بالمُهْمَلة، وأما المُعْجَمة؛ فليس بشيء، وقال ابن قتيبة: إنَّه تصحيفٌ)، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (العياياء من النَّاس والإبل: الذي عَيِيَ عن الضِّراب)، انتهى، وهذا تفسير للمهملة، ولابن قرقول في المُهْمَلة نحوُه، وكذا لابن الأثير، وقال ابن قُرقُول في المُعْجَمة: («غياياء»؛ بغين معجمة، إن كان هو الصَّحيح من الشَّكَّين؛ فهو بمعنى: طباقاء، وهو الذي تُطبَّق عليه أموره، فكأنَّها أيضًا غطَّت على عقله غَيَايةٌ مِن الجهل والحمق، وأظلَّته، وسترته، أو يكون من الغِيِّ؛ وهو الانهماك في الشَّرِّ، أو من الغَيِّ؛ وهو الخيبة، ومنه: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]، قيل: خيبة، وقيل غير هذا)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ ابن الأثير قال في المُهْمَلة نحوَ كلام ابن قُرقُول والدِّمْيَاطيَّ، وفي المُعْجَمة قال: («غياياء»: هكذا جاء في رواية؛ أي: كأنَّه في غياية أبدًا وظلمةٍ، لا يهتدي إلى مسلك ينفذ فيه، ويجوز أن تكون قد وَصَفتْهُ بِثِقَلِ الرُّوح؛ كالظِّلِّ المتكاثف المُظلِم الذي لا إشراقَ فيه)، انتهى، وقال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (وأنكر أبو عبيد وغيره المُعْجَمة، قالوا: والصَّوابُ المُهْمَلة، قال: وقال القاضي وغيره: «غياياء»؛ بالمُعْجَمة له معنًى صحيحٌ).

قوله: (طَبَاقَاءُ): هو بفتح الطاء المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وبعد الألف قاف، ثُمَّ همزة ممدودة، قال الدِّمْيَاطيُّ: و («الطَّباقاء»: المعجم الذي انطبق عليه الكلام؛ أي: انغلق، وَصَفَتْهُ بعجز الطَّرفين، وقيل: «الطَّباقاء»: الذي انطبقت [4] عليه الأمور، ولا يهتدي لوجهها)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: («والطَّباقاء»: الأحمق الذي انطبقت عليه أموره، وقيل: الذي لا يأتي النِّساء، وقيل: هو الذي ليس بصاحب غزوٍ ولا سفرٍ، وقيل: هو الغبيُّ الفَدْم، وقيل: الثَّقيل الصَّدر عند المباضعة)، انتهى.

(1/9439)

قوله: (كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ): (الدَّاء): بهمزة ممدودة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: كلُّ داء في الناس؛ فهو فيه)، انتهى، ومعنى كلامها: كلُّ عيب يكون في الرجال؛ فهو فيه، فجعلتِ العيبَ داءً، وقولها: (له داء): خبر لـ (كلُّ)، ويحتمل أن يكون صفةً لـ (داءٍ)، و (داءٌ) الثَّانية خبرٌ لـ (كلُّ)؛ أي: كلُّ داء فيه بليغٌ متناهٍ؛ كما يقال: إنَّ هذا الفرسَ فرسٌ، والله أعلم.

قوله: (شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ): (شجَّكِ): بالشين المُعْجَمة، وبالجيم المُشَدَّدة المفتوحتين، و (فلَّك): بالفاء واللَّام المُشَدَّدة المفتوحتين، قال ابن قُرقُول: (أي: جرحك، و «الشجَّة» مُختصَّة بجراح الرأس، ولا دية موفية فيها وفي الجائفة، وأصله: من الارتفاع، شجَّ البلاد: علاها)، وقال في (فلَّك): (أي: كسرك، يقال: ذهب بملكك، ويقال: كسر حِجَّتك وكلامَك بكثرة خصومته وعذله)، انتهى، وفي رواية: (بجَّك)، مِن قولهم: بجَّ القرحةَ يبجُّها بجًّا؛ أي: شقَّها، وقيل: البجُّ: الطَّعْنُ، وقال الدِّمْيَاطيُّ: («والفلُّ»: الكسر؛ أرادت: أنَّه ضَرُوبٌ لامرأته، كلَّما ضربها؛ شجَّها، أو كسر عظمها، أو جمع الشجَّ والكسر معًا)، انتهى، وفي «النهاية»: («الشَّجُّ»: في الرأس خاصَّة في الأصل، وهو أن يضربه بشي فيجرحه، ويشقَّه، ثُمَّ استُعمِل في غيره من الأعضاء)، وقال في (فلل): («الفلُّ»: الكسر والضَّرب، تقول: إنَّها معه بين شجِّ رأس، أو كسر عضو، أو جمعٍ بينهما، وقيل: أرادت بـ «الفلِّ»: الخصومة).

قوله: (الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ): (المسُّ): بفتح الميم وتشديد السين المُهْمَلة في الموضعين، وصَفَتْهُ بلين الجانب وحسن الخُلُق.

قوله: (زَرْنَبٍ): (الزَّرْنَب): بفتح الزاي، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة: نوع من الطِّيب، تصفه بالثَّناء الطَّيِّب، أو بحسن العشرة، أو بطيب العرق، أو باستعماله الطِّيب، وفي «النِّهاية»: («الزَّرْنَب»: نوع من أنواع الطيب، وقيل: هو نبت طيِّب الرِّيح، وقيل: هو الزَّعفران)، انتهى.

قوله: (رَفِيعُ الْعِمَادِ): هو بكسر العين، وتخفيف الميم، وفي آخره دالٌ، مهملتين، قال ابن قُرقُول: (لأنَّ بيوت السَّادة عاليةُ الأسمِكة، مُتَّسِعة الأرجاءِ، وكذلك بيوت الكرماء، وقد يُكنَى بـ «العماد» عن البيت نفسِه؛ أي: أنَّه رفيعُه، على ما تَقَدَّمَ، ورفيعٌ موضعُه؛ ليقصده الأضياف، وقيل: المراد به: حسبه وشرف نسبه)، انتهى.

[ج 2 ص 425]

(1/9440)

قوله: (طَوِيلُ النِّجَادِ): هو بكسر النون، وتخفيف الجيم، وفي آخره دال مهملة، وهو حِمَالة السيف، وهو ما يُتَقَلَّد به في العنق، قيل: أرادت حِمَالة سيفه، وقيل: طول قامته، وهما سواءٌ؛ لأنَّ مَن طالت قامته؛ طال نِجاده.

قوله: (عَظِيمُ الرَّمَادِ): قال ابن قُرقُول: كناية عن كثرة الطبخ للضِّيفان، ويسمِّيه أهل البلاغة: الإرداف؛ وهو التعبير عن الشيء بأحد لواحقه؛ كقوله: {يَأْكُلانِ الطَّعَامَ} [المائدة: 75] خبَّر به عن الحدث.

قوله: (مِنَ النَّادِ): قال ابن قُرقُول: تعني: مجلس القوم، وهو النديُّ أيضًا، والمنتدى، ومنه: دار الندوة؛ لاجتماعهم للمشورة فيها، والشريف يقرب من مجتمع القوم؛ لأنَّهم لا يعنُّونه في المشي، وقيل: الكريم يعتمد ذلك؛ ليظهر بيته للقاصدين وحيث الاجتماعُ، بخلاف البخيل الذي يتوارى وينزل من الشِّعاب حيث لا يُهتَدى إليه ولا يُرَى، وقد يكون النادي اسمًا لجماعة القوم، وقد فسَّر مسلمٌ قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} [العلق: 17]؛ أي: جماعة قومه؛ كما سُمُّوا مجلسًا في قوله:

واستبَّ بعدك يا كليبُ المجلسُ

لمَّا كانوا أهل المجلس والنادي، انتهى، وقال شيخنا: هو بحذف الياء، وهو المشهور في الرواية؛ ليتمَّ السجع وإن كان الفصيح في العربيَّة إثباتُها، انتهى.

قوله: (مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟): (ما): استفهاميَّة، وفيها معنى التعظيم والتهويل؛ أي: وما هو؟ أي: أيُّ شيءٍ هو؟! ما أعظمه وأكبره وأكرمه! ومثله قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ مَا الحَاقَّةُ}؟! [الحاقة: 1 - 2]، و {الْقَارِعَةُ مَا القَارِعَةُ}؟! [القارعة: 1 - 2].

قوله: (مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ): زيادةٌ في التعظيم وتفسيرٌ لبعض الإبهام، وأنَّه خيرٌ ممَّا أُشِيرُ إليه من ثناءٍ وطِيبِ ذكرٍ، أو فوق ما أعتقده فيه من سؤددٍ وفخرٍ.

قوله: (لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ ... ) إلى آخره: قال الدِّمْيَاطيُّ: وصفته الأخرى _أي: العاشرة_ بالجود والنحر للأضياف أيضًا، وأنَّ إبله في أكثر الأحوال باركةٌ بفنائه، مُعَدَّةٌ للقِرى، وقد اعتادت أن تُنحَر إذا سمعت المِزهر، انتهى.

وقال ابن قُرقُول: (كثيرات المبارك) قيل: محبوسة في أكثر وقتها للنحر، قليلًا ما تسرح، وكثيرًا ما تبرُك، وقيل: محبوسة للحلب للأضياف، فتُقام لذلك ثُمَّ تبرك، فيتكرَّر بروكها، ويُقال: هي كثيرةٌ في مباركها لمن ينتابهنَّ من الضِّيفان والعُفاةِ، قليلةٌ في أعدادها إذا سرحت للرعي.

(1/9441)

قوله: (قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ): قال ابن قُرقُول: أي: المراعي، انتهى، وفي «النهاية»: (المسارح: جمع «مسرح»؛ وهو الموضع الذي تسرح إليه الماشية بالغداة للرعي ... )، إلى أن قال: (تصفه بكثرة الإطعام وسقي الألبان؛ أي: أنَّ إبله على كثرتها لا تغيب عن الحيِّ، ولا تسرح في المراعي، ولكنَّها تبرك بفنائه؛ ليَقْرُب الضِّيفان من لبنها ولحمها؛ خوفًا من أن ينزل به ضيفٌ وهي بعيدةٌ عازبةٌ، وقيل: معناه: أنَّ إبله كثيرةٌ في حال بروكها، فإذا سرحت؛ كانت قليلةً؛ لكثرة ما نُحِر منها في مباركها للأضياف)، انتهى.

قوله: (صَوْتَ الْمِزْهَرِ): هو بكسر الميم، وإسكان الزاي، وبالهاء المفتوحة، وهو عود الغناء، قال القاضي _كما نقله عنه النَّوَويُّ_: وقال أبو سعيد النيسابوريُّ: إنَّما هو إذا سمعن صوت المُزْهِر؛ بِضَمِّ الميم، وهو موقد النار للأضياف، قال: ولم تكن العرب تعرف المِزْهَر الذي هو العود إلَّا مَن خَالَطَ الحضر، قال القاضي: وهذا خطأ منه؛ لأنَّه لم يروه أحدٌ بِضَمِّ الميم؛ لأنَّ المِزهر _بالكسر_ مشهورٌ في أشعار العرب ... إلى آخر كلامه.

وفي رواية خارج «الصَّحيح»: (الضيف) عوض (المِزْهر)، وفي رواية بعد (هَوَالِك): (وهو أمامُ القوم في المهالك).

قوله: (زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ؟): هو كقول العاشرة: (زوجي مالك، وما مالك؟)، وقد تَقَدَّمَ معناه أعلاه.

قوله: (أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ): (أَناسَ): بفتح الهمزة، ثُمَّ نون، وفي آخره سين مهملة؛ أي: ملأها حُلِيًّا ينوس؛ أي: يتعلَّق فيضطرب.

قوله: (مِنْ حُلِيٍّ): هو بِضَمِّ الحاء، وكذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، وهو جمع (حَلْيٍ)؛ بفتحها وإسكان اللام؛ مثل: ثَدْي، وثُدِيٍّ، وهو (فُعُول)، وقد تكسر الحاء لمكان الياء؛ مثل: عِصِيٍّ، وقُرِئ: {مِنْ حلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا} [الأعراف: 148]؛ بالضمِّ والكسر، قرأ حمزة والكِسائيُّ بالكسر، والباقون بالضمِّ، والله أعلم.

قوله: (أُذُنَيَّ): هو مثنًّى، ولا أستحضر فيه خلافًا، وليزدوج اللفظ، وهو بِضَمِّ الذال وإسكانها، وبهما قُرِئ في السبع.

قوله: (عَضُدَيَّ): هو تثنية (عَضُد)، و (العَضُد): بين الكتف والمرفق، ولم تُرِدِ العَضُدَ وحدَه، وإنَّما أرادت الجسدَ كلَّه؛ لأنَّ العَضُد إنَّما سمنت بسمن سائر الجسد، و (العَضُد) أيضًا: القوَّة، وقيل: قصدت بذكرهما سجع الكلام.

(1/9442)

قوله: (وَبَجَّحَنِي، فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي): (بَجَّحَني): بفتح الموحَّدة، وتشديد الجيم بعدها وتُخَفَّف، ثُمَّ حاء مهملة، مفتوحتَين، ثُمَّ نون، ثُمَّ ياء الإضافة، وكذا (فبَجِحَت إليَّ نفسي): (بَجِحَت): بتاء التأنيث، وفي أوَّله مُوَحَّدَة، ثُمَّ جيم مخفَّفة مفتوحة ومكسورة، والكسر أفصح، ثُمَّ حاء مهملة مفتوحة، و (نفسي): فاعلُ (بَجِحَت)، وقال ابن قُرقُول: («بَجَّحَني فبَجحتُ»؛ أي: فرَّحني ففرحتُ، وقيل: عظَّمني فعظُمتُ عند نفسي، قاله ابن الأنباريِّ، وحكى أيضًا: «بَجَحَني»؛ بالتخفيف أيضًا)، انتهى، ومقتضى تفسيره أن تكون (فبَجِحَتْ إليَّ نفسي): أن تكون التاء من (بجحتُ) مضمومة تاء المتكلم، و (إلى نفسي): جارٌّ ومجرور، وكذا لابن الأثير، ويُروى: (فبجُحْتُ)؛ بِضَمِّ الجيم والتاء، وسكون الحاء، و (إلى): ساكنة حرف جرٍّ، و (نفسي): مجرور؛ أي: عظُمْتُ عند نفسي.

قوله: (وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ): تصغير (غنم)، صغَّرها؛ لأنَّه أراد جماعة الغنم، أو قطعة منها؛ أي: ليسوا بذوي خيل ولا إبل، والعرب لا تعتدُّ بأصحاب الغنم، بل بأصحاب الخيل والإبل.

قوله: (بِشِقٍّ): هو بالموحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمة وفتحها _وصوَّبه الهرويُّ، وقال النَّوَويُّ: إنَّه المعروف عند أهل اللغة_ وتشديد القاف بعدها، قال ابن قُرقُول: بالكسر يقوله المحدِّثون، قال أبو عبيد الهرويُّ [5]: الصواب بالفتح، قال أبو عبيد القاسم بن سلَّام: هو موضعٌ بعينه، قال ابن الأنباريِّ: يُقال بالفتح والكسر، وقال ابن حَلَبٍ [6] وابن أبي أويس: بشقِّ [جبلٍ]؛ لقلَّتهم وقلَّة غنمهم، وهذا يصحُّ على رواية الفتح؛ أي: بشَقٍّ فيه كالغار ونحوه، وعلى رواية الكسر: في ناحية، والفتح على هذا التفسير أظهرُ، وقال القتيبيُّ ونفطويه: إنَّ (الشِّقَّ)

[ج 2 ص 426]

بالكسر ههنا: الشظف من العيش والجهد، وهو صحيحٌ، وهو أولى الوجوه عندي، قال الله تعالى: {إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ} [النحل: 7]؛ أي: بجهدها، وقال شيخنا: قال الداوديُّ: يُروى بفتح الباء والشين، وبكسرهما، والتشديد في القاف، فمَن رواه بالتخفيف؛ أراد موضعًا، ومن شدَّد؛ هو الجهد، من قوله: {بِشِقِّ الأَنفُسِ}، انتهى.

قوله: (صَهِيلٍ): (الصهيل)؛ بفتح الصاد المُهْمَلة: أصوات الخيل؛ والمراد: في أهل خيلٍ.

(1/9443)

قوله: (وَأَطِيطٍ): (الأطيط): بفتح الهمزة، ثُمَّ طاءين مهملتين، بينهما مثنَّاة تحت ساكنة، والطاء الأولى مكسورة، قال الدِّمْيَاطيُّ: صوت الإبل، انتهى، والمراد: في أهل إبل.

قوله: (وَدَائِسٍ): هو بالدال، وبعد الألف مثنَّاة تحت مكسورة، ثُمَّ سين، مهملتين، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ودائس): من دياس الطعام، انتهى، وقال صاحب «المطالع»: و (الدائس: الأندر، وقيل: الذي يدوس طعامه بعد حصاده، داسه ودرسه بمعنًى).

قوله: (وَمُنَقٍّ): هو بِضَمِّ الميم، وفتح النون وتُكسَر، وقاف مشدَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: و («مُنَقٍّ»: من تنقية الطعام)، انتهى، وقال ابن الأثير: هو بفتح النون الذي ينقِّي الطعام؛ أي: يخرجه من قشره وتِبْنِه، ويُروى بالكسر، وقد تَقَدَّمَ، والفتح أشهر؛ لاقترانه بالدائس، وهما مختصَّان بالطعام، وقال النَّوَويُّ: بِضَمِّ الميم، وفتح النون، وتشديد القاف، ومنهم من يكسر النون، والصَّحيح المشهور فتحُها، قال أبو عبيد: هو بفتحها، قال: والمحدِّثون يكسرونها، ولا أدري ما معناه، قال القاضي: روايتنا فيه بالفتح، ثُمَّ ذكر قول أبي عبيد، قال: وقاله ابن أبي أويسٍ بالكسر، من النقيق؛ وهو أصوات المواشي، تصفه بكثرة المواشي ... ، إلى آخر كلامه، والله أعلم.

قوله: (فَلَا أُقَبَّحُ): هو بِضَمِّ الهمزة، وفتح الموحَّدة المُشَدَّدة، وبالحاء المُهْمَلة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه؛ أي: لا يُقال لي: قبَّحكِ اللهُ.

قوله: (وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ): أي: أنام الصبحة، وهي نومة الضحى؛ تريد: أنَّها مخدومةٌ مكفيَّةُ المؤنة.

(1/9444)

قوله: (فَأَتَقَنَّحُ): هو بمثنَّاة فوق بعد الهمزة، ثُمَّ نون مشدَّدة، مفتوحات، ثُمَّ حاء مهملة، وقال البُخاريُّ في آخر الحديث: (قَالَ بَعْضُهُمْ: «فَأَتَقَمَّحُ»؛ بِالْمِيمِ، وَهَذَا أَصَحُّ) كذا هو ثابتٌ في بعض النسخ، وفي أصلنا كُتِب عليها: (زائد)، ما قاله البُخاريُّ هو متابِع فيه لأبي عبيد، فإنَّه قال: لا أعرف هذا، ولا أُراه محفوظًا إلَّا بالميم، قال الدِّمْيَاطيُّ: أرادت: تشرب حتَّى تُروى وترفع رأسها رِيًّا، ويُروى: (فأتقنَّح)؛ أي: أقطع الشرب وأتمهَّل فيه، وقيل: هو الشرب بعد الرِّيِّ، انتهى، وفي «المطالع»: (فأتقمَّح): بالميم، ويُروى بالنون، وكلاهما صحيحٌ؛ بمعنى: لا يقطع عليَّ شربي؛ أي: أشرب حتَّى أُروى، وقيل: معناه: أشرب فوق حاجتي، وقيل: حتَّى إنِّي لأرى المشروب، فأصرف وجهي عنه؛ لشدَّة الرِّيِّ، وقال في (الاختلاف): (أتقنَّح) كذا لمسلمٍ والبُخاريِّ، إلَّا أنَّ البُخاريَّ زاد من قول بعضهم بالميم، وهما سواءٌ؛ كما يُقال: أنتقع، وأمتقع، وهو الشرب بعد الرِّيِّ، وقيل: الشرب على مهل، وقد تَقَدَّمَ، انتهى.

قوله: (أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟): تَقَدَّمَ الكلام على [أنَّ] (ما) استفهاميَّة، وفيها معنى التعظيم.

(1/9445)

قوله: (عُكُومُهَا رَدَاحٌ): (العُكُوم): بِضَمِّ العين المُهْمَلة والكاف، وميم بعد الواو الساكنة، و (رَداح): بفتح الراء، وبالدال، وفي آخره حاء، مهملتين، و (العُكُوم): الغَرائر، واحدها (عِكم)؛ بالكسر؛ كجِلْد، وجُلُود؛ أي: أنَّها كثيرة الخير واسعة الحال، و (الرَّداح): العظام الممتلئة، ويُقال: الثقيلة، ويحتمل أن [7] تريد بذلك كفلها ومؤخَّرها، وكنَّت عن ذلك بـ «العُكُوم»، وامرأةٌ رَداح؛ أي: عظيمة الأكفال، ثقيلتها عند الحركة إلى النهوض، قاله ابن قُرقُول، وقال في (رَداح): ثقيلةٌ بما امتلأت به، و (العُكُوم): الأعدال المشتملة على الأمتعة والأطعمة، الواحد: عِكم، تصفها بكثرة المال، والسَّعَة في الرزق، وقد تريد بذلك: كفلها؛ لامتلائه سمنًا، و (الرَّداح): اسمٌ مفرد لا يُوصَف به العُكُوم، ولا يخبر عنها؛ لأنَّه جمعٌ؛ فتقديره: كلُّ عِكْم منها رَدَاحٌ، أو يكون مصدرًا؛ كالذهاب، والطلاق، فيكون خبرًا عن العُكُوم، أو يكون على وجه التشبيه؛ أي: ذات رَداح، كما قال: {السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: 18]؛ أي: ذات انفطار، أو تكون ردَّته على الكفل حملًا على المعنى؛ كما قال القرشيُّ: (ثلاث شخوص)، وإنَّما كنَّ نساءً، فردَّه على «الشخص»؛ وهو مذكَّرٌ، انتهى، و (رَدَاح): بفتح الراء، قال الجوهريُّ: المرأة الثقيلة الأوراك، وكتيبة رداح: ثقيلة السير؛ لكثرتها، انتهى.

وذكر فيه شيخُنا شيئًا لا يتحرَّر لسقم [8] النسخة، وفي آخره كلام أبي عبيد، ثُمَّ ذكر بعده شيئًا، فما أدري من كلام أبي عبيد هو، أو من كلام شيخنا؟ قال: وكذا وجدته مضبوطًا عند بعض رواة الحديث بكسر الراء، انتهى.

(1/9446)

قوله: (وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ): هو بالفاء المفتوحة، وبالسين المخففة، وفي آخره حاء، مهملتين، قال ابن قُرقُول: أي: واسع، و (الفَسَاحة): السعة، أرادت سعة فَساحة المنزل، وذلك دليلٌ على الثروة، وسعة النعمة، ويحتمل أنَّها تريد خيرَ بيتها، وسعةَ ذات يدها، وكثرةَ مالها، وقولي: (بالفاء المفتوحة) كذا سمعت الناس يقرؤونه، وكذا كنت أقرؤه، وكذا هو مضبوطٌ في الأصل الذي سمعت منه على العراقيِّ بالقلم، وكذا ضبطه الشيخ محيي الدين باللفظ في «شرح مسلم»، فقال: بفتح الفاء، وتخفيف السين المُهْمَلة؛ أي: واسع، والفسيح مثلُه، كذا فسَّره الجمهور، قال القاضي: ويحتمل أنَّها أرادت كثرةَ الخير والنَّعْمَة، انتهى، ونقل ذلك بعض الحُفَّاظ عن ابن الأثير فقال: وقيَّده جماعةٌ بالضمِّ؛ منهم ابن الأثير، انتهى.

وفي روايةٍ: (وفِناؤها فياح)، و (الفِناء): بالفاء المكسورة والمدِّ، و (فياح): بالفاء، ثُمَّ المُثَنَّاة تحت المخفَّفة، ورُوِيَ بتشديدها، ثُمَّ الحاء المُهْمَلة، وكذا ضبطه بالفتح شيخُنا، ولم يذكر غيره، وفي «نهاية ابن الأثير» ما لفظه: (وبيتها فُساح)؛ أي: واسع، يُقال: بيت فسيح، وفُساح؛ كطويل وطُوال، انتهى.

وفي «القاموس» لشيخنا مجد الدين: (الفُسحة)؛ بالضمِّ: السعة، وفَسُحُ المكان؛ كـ (كَرُمَ)، وأفسح، وتفسَّح، وانفسح، فهو فَسِيحٌ، وفُسَاحٌ، وفُسُح، وفُسْحُم، انتهى، ورأيت في نسخة صحيحةٍ بـ «البُخاريِّ» مضبوطًا بالقلم في الأصل بِضَمِّ الفاء، وفي الحاشية بفتحها، وكتب عليها (دار الذهب)، و (دار الذهب) بمكان ببغداد؛ يعني: أنَّه كذا في نسخته.

قوله: (كَمَسَلِّ الشَّطْبَةِ [9]): (مَسَلُّ): بفتح الميم والسين المُهْمَلة، وتشديد اللام؛ بوزان (مَحَلٍّ)، وهو مصدر؛ بمعنى: المسلول؛ أي: ما سُلَّ من قشره، و (الشَّطْبَة): بفتح الشين المُعْجَمة، ثُمَّ طاء مهملة ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال في «المطالع»: وهي ههنا ما شُطِب من جريد النخل؛ وهو سعفه؛ تريد: أنَّه ضرب اللحم، دقيقُ الخصر، شبَّهته بالشَّطْبة؛ وهو ما شُقَّ من جريد النخل، وصُيِّر قضبانًا صغارًا يُنسَج منها الحصير، وقال ابن الأعرابيِّ: أرادت سيفًا سُلَّ من غمده شبَّهته به، والشَّطْب من السيوف: ما فيه طَرْقٌ، وسيوف اليمن كذلك، وقال ابن حبيب: (الشَّطْبَة): عودٌ محدَّد؛ كالمسلَّة، انتهى.

(1/9447)

قوله: (الْجَفْرَةِ): هو بالجيم المفتوحة، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ راء، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي من ولد الغنم ما مضى له أربعة أشهرٍ، وقَوِيَ على الرعي، والذكر جَفْرٌ، وقيل: الجفر: الجذع من ولد الضأن، وما قالته مدحٌ له بقلَّة الأكل، وهو مدحٌ في الرجل، وفي رواية: (وتُرويه فِيْعَة [10] اليَعْرَة): و (الفيقة): ما يجتمع في الضرع من اللبن بين الحَلْبتَين، و (اليَعْرَة): بمثناة تحت، ثُمَّ عين مهملة ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو الجديُ يربط في زُبْيَةِ الأَسَد، وفي رواية: (ويميس في حلَق النَّثْرة)، انتهى، و (النَّثْرة): الدِّرع الواسعة.

[ج 2 ص 427]

قوله: (طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا): وقد يُروى عوضه: (زين أبيها، وزين أمِّها).

قوله: (وَغَيْظُ جَارَتِهَا): (الجارة) هنا: المراد بها: الضَّرَّة، وعُدِل عن الضَّرَّة تحسينًا لِلَّفْظ، وسُمِّيَت الضَّرَّة ضرَّة؛ لما في اشتراكهما من الضَّرَر، وسُمِّيَت جارةً؛ لمجاورتها الأخرى، وتُسمَّى أيضًا الزوجةُ جارةً، من الجوار؛ الذي هو دنوُّ المسكن، وقد جاءت رواياتٌ عوض (وغيظ جارتها)؛ منها: (وعَقْر جارتها)، و (العَقْر): بفتح العين المُهْمَلة، وإسكان القاف، وبالراء، وفُسِّر بمعنيين؛ أحدهما: تغبط جارتُها مكانَها، تصير معقورة، والثاني: تدهشها، من قولهم: عقِر الرجل _بكسر القاف_؛ إذا دُهِشَ.

قوله: (لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا): قال في «المطالع»: أي: لا تشيعه، ويُروى: (تنثُّ)؛ يعني: بالنون، قال: ولكن في غير «الصَّحيحين»، إلَّا أنَّ عند المستملي (تنثيثًا) في المصدر، والمعنى متقاربٌ، انتهى، وكذا قال ابن الأثير: (لا تبثُّ حديثنا)، ويُروى بالنون بمعناه، انتهى.

(1/9448)

قوله: (وَلَا تُنَقِّثُ): هو بالمُثَنَّاة المضمومة فوق، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ قاف مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، قال في «المطالع»: («تُنَقِّثُ ميرَتَنا تَنْقِيثًا»؛ بكسر القاف مع الشدِّ، وعند مسلم في ضبطِ أبي بحرٍ: «تَنْقُث»؛ بِضَمِّ القاف؛ أي: لا تبدِّدها وتخرجها مسرعة بذلك، و «الميرة»: طعامهم، وقد فسَّرناه، وكان عند القاضي أبي عليٍّ وغيرِه فيه اختلافٌ في حديث الحلوانيِّ في كتاب «مسلمٍ» تَقَدَّمَ في «الباء»)، وقال في (الباء): و (لا تبقِّتُ [11]) كذا عند السجزيِّ في حديث الحلوانيِّ بالباء، وهو وَهَمٌ، وكذا عند القاضي التميميِّ، وكان عند العذريِّ فيما كتبناه عن القاضي أبي عليٍّ عنه: (ولا تنفث)؛ بالفاء والثاء المثلثة، ولا وجه له أيضًا، والصواب ما لغيرهم؛ كما في حديث عليِّ بن حُجْر، وكما ذكره البُخاريُّ أيضًا، إلَّا أنَّ فيهما: (تنقِّث ميرَتَنا تنقيثًا)؛ ومعناه: لا تبذِّرها وتخرجها مسرعةً، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ في (لا تنقِّث) ما لفظه: نفت عنها السرقة والخيانة.

(1/9449)

قوله: (وَلَا تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا): قال في «المطالع»: بعين مهملة، وفي كتاب «مسلم» عن جميعهم، ووقع فيه لبعض الرواة بالمُعْجَمة، وكلاهما صحيحٌ، ووقع في «البُخاريِّ» في حديث عيسى بن يونس بعين مهملة، ثُمَّ قال: وقال سعيد بن مسلمة عن هشام: (لا تغشش بيتنا تغشيشًا)؛ كلُّه بغين معجمة، كذا للمستملي، وهو الصواب ههنا، وعند الحمُّوي: (وغشش) هكذا، وعند القابسيِّ: (وينتعش تعشيشًا)؛ بعين مهملة في جميع ذلك، وهذا تغييرٌ وغلطٌ كبيرٌ، فمَن رواه بعين مهملة؛ كان معناه: أنَّها مصلحةٌ للبيت مهتبلةٌ لتنظيفه وإلقاءِ كناسته وإبعادِها، ولا تتركها هنا وهنا؛ كأعشاش الطير هنا وهنا، وقيل: إنَّها أرادت: لا تدع فيه [12] العشبَ والكناسةَ كأنَّه عشُّ طائرٍ لقذره، ومَن رواه بالغين؛ فهو من الغشِّ، وقيل: من النميمة، انتهى، وفي «النهاية»: (ولا تملأ بيتنا تعشيشًا)؛ أي: أنَّها لا تخوننا في طعامنا فتخبَأ منه في هذه الزاوية؛ كالطيور إذا عشَّشت في مواضعَ شتَّى، وقيل: أرادت: لاتملأ بيتنا بالمزابل؛ كأنَّه عشُّ طائرٍ، ويُروى بالغين المُعْجَمة، وفي رواية: (ولا تَنْجُث أخبارنا تنجيثًا)؛ أي: لا تستخرجها، و (النجيثة): ما يخرج من البئر من التراب، و (تَنْجُث): بفتح المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ جيم مضمومة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، وصفها بالأمانة على السرِّ والمال.

قوله: (وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ): (الأوطاب): جمع (وَطْب)، و (الوَطْب): بفتح الواو، وإسكان الطاء المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، و (الأوطاب): بفتح الهمزة، و (الوَطْب): سقاء اللبن خاصَّة، وهذا الجمع قليلٌ في (فَعْل)، إنَّما بابه (فِعَال)، وقد جاء كذلك في «النَّسَائيِّ»: (والوِطاب تُمْخَض)، وإذًا ذكره ابن السِّكِّيت في (باب نسخ الألفاظ)، قال ابن قُرقُول: وكذا في كتاب شيخنا أبي عبد الله بن سليمان في أصل خاله غانم بن وليد اللُّغويِّ، انتهى، ولم يذكر الجوهريُّ في جمع (وَطْب) غير (أَوطب) في القلَّة، و (وِطَاب) في الكثرة، وفي «القاموس»: (الوَطْب: سقاء اللبن، «ج» _يعني: الجمع_: أوطب، ووطاب، وأوطاب، و «جج» _يعني: وجمع الجمع_: أواطب)، انتهى.

قوله: (تُمْخَضُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9450)

قوله: (فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا؛ كَالْفَهْدَيْنِ): هذه المرأة لا أعرف اسمها، واحتاجت إلى ذكرهما هنا؛ لتنبِّه على أحد أسباب تزويجه لها؛ لأنَّ العرب كانت ترغب في الأولاد، وتحرص على المرأة الولود، قال شيخنا: لكن في رواية الخطيب: أنَّهما أخواها، لا ابناها، وأنَّه إنَّما تزوَّجها بكرًا، انتهى، وقد رويتُ أنَّهما أخواها في «التعقُّبات العشرة» في الجزء الثالث منها، والله أعلم.

قولها: (مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا): جاء في رواية: (من تحت صدرها).

قوله: (كَالْفَهْدَيْنِ): قال ابن قُرقُول: (أي: نارين [13] ممتلئَين، حَسَنَا الجسمِ والضَّرب، وقولها: (كالفهدين) جاء في رواية: (كالصقرين)، وفي رواية: (فمرَّ بجارية شابَّة يلعب من تحت درعها برمَّانتين).

قوله: (فَطَلَّقَنِي): يحتمل طلاقه لأمِّ زرع، أو [14] يحتمل اشتراط أمِّ الثانية طلاق أمِّ زرع، وإلَّا؛ فهو قادر على اثنتين وأكثر، وقد جاء في رواية: (فلم تزل به أمُّ زرع حتَّى طلَّقها، فتزوَّجت أمُّ زرع برجلٍ، فأكرمها).

قوله: (فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ): (نكحتُ): بِضَمِّ التَّاء على التَّكلُّم.

قوله: (رَجُلًا): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وفي رواية: (شابًّا سريًّا).

قوله: (سَرِيًّا): هو بفتح السين المُهْمَلة، وكسر الراء، وتشديد المُثَنَّاة تحت؛ أي: شريفًا، وقيل: سخيًّا ذا مروءة، والجمع: سَراة؛ بفتح السِّين، على غير قياس، وقد تُضم، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: وحكى القاضي عن ابن السِّكِّيت: أنَّه حكى فيه بالمُهْمَلة والمُعْجَمة، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (سريٍّ) وجمعه، وكلام السُّهيليِّ مع النُّحاة وغيرهم.

(1/9451)

قوله: (رَكِبَ شَرِيًّا): هو بفتح الشين المُعْجَمة، وكسر الراء، ثُمَّ مُثنَّاة تحت مُشدَّدة، ولا خلاف في هذا أنَّه بالشين المُعْجَمة، بخلاف (رجلًا سَرِيًّا) كما تَقَدَّمَ؛ أي: فرسًا يستشري في جريه، وقال يعقوب: خيارًا فائقًا، و (شراة المال): خيارُه، قاله ابن قُرقُول؛ ومعنى (يستشري) في جريه: يلجُّ ويجدُّ، قال شيخنا: (ولمَّا ضبطه النَّوَويُّ بالمُعْجَمة؛ ادَّعى فيه الاتِّفاق، ويأتي على ما حكاه ابن بَطَّال عن ابن السِّكِّيت الإهمالُ أيضًا)، انتهى، وهذا الكلام فيه شيء، وكأنَّه أشار إلى ما حكاه القاضي عن ابن السِّكِّيت في (سَرِيًّا)، كما تَقَدَّمَ نقله عن القاضي، والله أعلم، ويُروى عوض (شَرِيًّا): (عربيًّا)، والعربيُّ: ضدُّ البرذون.

قوله: (وَأَخَذَ خَطِّيًّا): هو بفتح الخاء المُعْجَمة _قال النَّوَويُّ: وكسرها، والفتح أشهر، ولم يذكر الأكثرون غيره، وممَّن حكى الكسرَ أبو الفتح الهمَذَانيُّ في كتاب «الاشتقاق»، انتهى_ ثُمَّ طاء مهملة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مُشدَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: («الخطُّ»: موضع باليمامة، وهو خطُّ هَجَر، تُنسَب إليه الرِّماحُ الخَطِّيَّة، يقال: رماح خَطِّيَّة، فإذا جعلت النسبة اسمًا لازمًا؛ قلت: خِطْيَة، ولم تَذكرِ الرِّماح)، انتهى، قال ابن قُرقُول: («خَطِّيًّا»؛ أي: رمحًا من الخطِّ، وهو موضع بناحية البحرين، تُجلَب إليه الرِّماحُ من الهند، وقيل: إنَّها انكسرت فيه مرَّة سفينةٌ فيها رماح، ولا يصحُّ قول مَن قال: إنَّها تَنْبُتُ فيه الرِّماحُ، وقيل: «الخطُّ»: ساحل البحر)، انتهى، وقد جاء في رواية: (وأخذ رمحًا خَطِّيًّا).

[ج 2 ص 428]

قوله: (وَأَرَاحَ عَلَيَّ نِعَمًا): أي: أعطاني.

قوله: (نِعَمًا): هو بكسر النُّون، كذا في أصلنا، وصحَّح عليه بالقلم، جمع (نعمة)، قال ابن قُرقُول: («نَعَمًا ثَرِيًّا»؛ أي: إبلًا كثيرة)؛ يعني: أنَّه بفتح النُّون والعين، قال: (ورواه بعضهم: بكسر النُّون، جمع «نعمة»، والأوَّل أشهر)، انتهى، و (النَّعَم)؛ بفتح النون والعين: الإبل والبقر والغنم أيضًا.

(1/9452)

قوله: (ثَرِيًّا): هو بفتح الثاء المُثلَّثة، وكسر الراء، ثُمَّ ياء مُشدَّدة، قال في «المطالع»: (كثيرة)، وقد تَقَدَّمَ أعلاه، قال: (يقال: أثرت الأرض؛ إذا كان ترابها كثيرًا، وأثرى بنو فلان: كثرت أموالهم، إثراء، والاسم: الثراء، والثروة: المال الواسع)، وقال: («ثريًّا»: مُذكَّر مُفرَد، وصف به النَّعم)؛ أي: من حقِّه أن يقول: ثريَّة، قال ابن قُرقُول: (لأنَّ النَّعَم قد تُذكَّر أيضًا، أو حملًا على اللَّفظ، وتقدير جمع «نَعَم»)، انتهى.

قوله: (مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ): أي: ماشية تروح عليها؛ أي: ترجع، وفي «النهاية»: (ممَّا يروح عليه مِن أصناف المال أعطاني نصيبًا وصنفًا، ويروى: «ذابحة»؛ بالذال المُعْجَمة، وبالباء)، وقال في (ذبح): (هكذا جاء في رواية؛ أي: أعطاني من كلِّ ما يجوز ذبحه من الإبل، والبقر، والغنم، وغيرِها زوجًا، وهي «فاعلة»؛ بمعنى: «مفعولة»، والرِّواية المشهورة بالرَّاء والياء؛ من الرَّواح)، انتهى، ويروى: (من كلِّ سائمة).

قوله: (زَوْجًا): (الزوج) هنا: الاثنان، ويقال للواحد: زوج، وقال ابن قُرقُول: (قيل: اثنين، وقد يقع الزَّوج على الاثنين كما يقع على الفرد، قيل: الزوج: الفرد إذا كان معه آخر، وقيل: إنَّما يقع على الفرد؛ إذا ثُنِّي، ويحتمل أنَّه أعطاها من كلِّ رائحة صنفًا أو من كلِّ شيء شِبْهَ صاحبِهِ في الجَودة، ويقال: الزَّوج: القرين).

قوله: (وَقَالَ [15] سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ): هو سعيد بن سَلَمة _بفتح اللَّام_ ابن أبي الحُسام، أبو عمرو، المدنيُّ، مولى عمر بن الخطَّاب، عن أبيه، وزيد بن أسلم، ومُحَمَّد بن المنكدر، وهشام بن عروة، وطائفة، وعنه: عبد الصمد بن عبد الوارث، ومُحَمَّد بن أبي بكر المُقدَّميُّ، وأبو سلمة التَّبُوذَكيُّ، وجماعة، قال التَّبُوذَكيُّ: ما رأيت كتابًا أصحَّ من كتابه، وضعَّفه النَّسَائيُّ، وقال: إنَّما أخرجناه للزيادة في الحديث، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، علق له البُخاريّ كما ترى، وأخرج له مسلم والنَّسَائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، و (هشام): هو ابن عروة المذكور في السَّند، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9453)

قوله: (تُغَشِّشُ بَيْتَنَا تَغْشِيْشًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه قبيل هذا، وهو في أصلنا: بالغين المُعْجَمة في الفعل والمصدر، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وفي بعض أصولي تخريجُ التعليقين في الهامش بخطِّ ابن المقريزيِّ المُحدِّث الإمام من غير تصحيح عليه، وفيه إعجام الغين في المكانين في التعليق الأوَّل، والثاني في أصلنا الذي سمعت منه على العراقيِّ: (وقَالَ [16] بَعْضُهُمْ: فَأَتَقَمَّحُ؛ بِالمِيمِ، وَهَذَا أَصَحُّ)، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (فأتقمَّج؛ بالجيم): كذا فيه بخطِّ ابن المقريزيِّ، وصوابه: (بالميم)، فغلط الكاتب، ولم أر مَن ذكره بالجيم، والمعروف في هذه اللَّفظة روايتان: (أتقمَّح)؛ بالميم، و (أتقنَّح)؛ بالنُّون، والله أعلم، ولا رأيت في كتب اللُّغة (قمج)، وأمَّا (بعضهم)؛ فقال بعض حفَّاظ المصريِّين من المُتأخِّرين: (هو في رواية أحمد بن حباب عن عيسى بن يونس، وفي رواية سعيد بن سَلَمة بن أبي الحُسام عن هشام بن عروة).

==========

[1] في (أ): (لبيد)، والمثبت من مصدره.

[2] في هامش (ق): (الحال والحزن).

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (غيَايَاءُ أَوْ عيَايَاءُ).

[4] في (أ): (انطقت)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[5] في مصدره: (والهروي).

[6] في مصدره: (حبيب).

[7] في (أ): (أنه)، والمثبت من مصدره.

[8] في (أ): (لقسم)، وهو تحريف.

[9] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (شَطْبَةٍ).

[10] كذا في (أ) مضبوطًا، وفي المصادر: (فيقة).

[11] في (أ): (تبقث)، ولعلَّه تصحيف عن المثبت من مصدره.

[12] في (أ): (في)، والمثبت من مصدره.

[13] كذا في (أ) تبعًا لمصدره، وفي هامشه: (لعله: بارعين).

[14] زيد في (أ): (لا)، ولعلَّ الصَّواب حذفها.

[15] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بغير واو.

[16] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

(1/9454)

[حديث: كان الحبش يلعبون بحرابهم فسترني رسول الله وأنا أنظر]

5190# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف القاضي الصَّنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وهو ابن راشد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 429]

(1/9455)

[باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها]

(1/9456)

[حديث: أوفي هذا أنت يا ابن الخطاب إن أولئك قوم عجلوا ... ]

5191# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، تقدَّموا.

قوله: (بِإِدَاوَةٍ): تَقَدَّمَ ضبطها وما هي، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الرجل الأنصاريِّ قريبًا في (سورة الُمتحرِّم) وغيرها.

قوله: (مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ) تَقَدَّمَ أنَّ (العَوالي) بفتح العين، وكسر اللَّام، وهي من المدينة على أربعة أميال، وقيل: ثلاثة، وذلك أدناها، وأبعدها ثمانية، وكذا تَقَدَّمَ (فَطَفقَ)، وأنَّه بكسر الفاء وفتحها، وأنَّ معناها: جعل.

قوله: (فَصَخِبْتُ): هو بالخاء المُعْجَمة المكسورة، و (الصَّخب) و (السَّخب): الصياح، تَقَدَّمَ.

قوله: (عَلَى امْرَأَتِي): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف امرأة عمر هذه، وقد ذكرت له زوجاتٍ في (المتحرم) وفي غيره؛ فانظره، والظاهر من كلامه أنَّها ليست أنصاريَّة، والله أعلم، وجزم بعض الحُفَّاظ من المصريِّين بأنَّها زينب بنت مظعون، وفيه نظر؛ إذ زينب تُوُفِّيَت بمكَّة قبل الهجرة.

قوله: (مَنْ فَعَلَ ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمُؤنَّث.

قوله: (ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي): (جمع الثياب): هو لبس الثِّياب التي يُبرَز بها إلى النَّاس من الإزار والرِّداء.

قوله: (لَا تَسْتَكْثِرِي): أي: لا تكثري عليه السؤال؛ أي: تطلبي منه استخراج الكثير منه أو من الحوائج، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (مَا بَدَا لَكِ): (بدا): غير مهموز؛ أي: ظهر، و (لكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمُؤنَّث.

قوله: (أَنْ كَانَتْ): (أَنْ)؛ بفتح الهمزة، وسكون النون، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (جَارَتُكِ): (الجارة): الضَّرَّة، وقد تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا.

قوله: (أَوْضَأَ): هو مهموز الآخر؛ أي: أجمل وأحسن، وقد تَقَدَّمَ.

(1/9457)

قوله: (أَنَّ غَسَّانَ): تَقَدَّمَ أنَّه حيٌّ من قحطان، وفي رواية: (كنَّا نتخوَّف مَلِكَ غسَّان)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على مَلِك غسَّان؛ فانظره، وهو الحارث بن أبي شمر، وذكر بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين قال: (ومَلِك غسَّان هو جبلة بن الأيهم، رواه الطَّبَرانيُّ من حديث ابن عَبَّاس، وقد ذكرنا من رواية عائشة: أنَّه الحارث بن أبي شمر، ويُجمَع بينهما بأنَّ الحارث هو مَلِك غسَّان، وهو الذي كان أراد أن يُجهِّز إليهم جَبَلَةَ بن الأيهم)، انتهى.

قوله: (تُنْعِلُ الْخَيْلَ): (تُنْعِل)؛ بِضَمِّ أوَّله، وكسر العين، رُبَاعيٌّ؛ أي: تجعل لها نعالًا، وكذلك: أنعلت السيف، ولا يقال عند أكثره: (نعل)، وقد قيل فيهما: (نعل) أيضًا، ويقال: نعلت رحلي وأنعلتها، الثُّلاثيُّ أكثر، وذكر الرُّبَاعيَّ ابنُ القطَّاع في «أفعاله»، كما تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 429]

قوله: (عِشَاءً): هو بكسر العين، ممدود؛ مثل: العشيِّ، و (العَشِيُّ والعَشِيَّة): من صلاة المغرب إلى العَتَمَة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَثَمَّ هُوَ؟): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة والثاء، وقد تَقَدَّمَ معناه.

قوله: (طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية بعيدًا في سورة (المُتحرِّم)، وفيها: (اعتزل)، وهي الصَّواب.

قوله: (وَقَالَ عُبَيدُ بنُ حُنَينٍ: سَمِعَ ابنُ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ فَقَالَ: اعْتَزَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجَهُ) [2]: كذا في أصلنا، وعليه: (ز)، وعلامة مَن زاده هنا، وقد ذكره في أصلنا في آخر الحديث، وكُتِب عليه أيضًا: (زائد)، ليس هذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ بالكليَّة، وتعليق عُبيد بن حُنَين جزم به هنا، وقد أخرجه في (التفسير)، وفي (النِّكاح)، وفي (خبر الواحد) عن عبد العزيز بن عبد الله عن سليمان بن بلال، وفي (التفسير) أيضًا عن عليِّ بن عبد الله، وعن الحُمَيديِّ؛ كلاهما عن سفيان، وفي (اللِّباس) أيضًا وفي (خبر الواحد) عن سليمان بن حرب عن حمَّاد بن زيد، وأخرجه مسلم في (الطلاق) عن أبي بكر ابن أبي شيبة وزُهير بن حرب؛ كلاهما عن ابن عيينة، وعن هارون بنِ سعيد الأيليِّ عن ابن وهب عن سليمان بن بلال، وعن ابن المُثنَّى عن عثمان بن مسلم عن حماد بن سلمة؛ أربعتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاريِّ عن عُبَيد بن حُنين به، والله أعلم.

(1/9458)

و (عُبَيد بن حُنين): هو أبو عبد الله المدنيُّ، عن أبي موسى الأشعريِّ، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة، وابن عَبَّاس، وجماعة، وعنه: عتبة بن مسلم، وسالم أبو النضر، وأبو الزِّناد، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن سعد، وقال: ليس بكثير الحديث، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، قال الواقديُّ وغيره: تُوُفِّيَ سنة خمس ومئة، أخرج له الجماعة.

قوله: (يُوشِكُ): هو بكسر الشِّين؛ أي: يسرع، والعامَّة تقول: (يوشَك)؛ بفتحها، وهو لغة رديئة، كلاهما في «الصِّحاح»، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (المَشْرُبَة): ضبطها وما هي، وكذا تَقَدَّمَ (الرَّهْط): كم هم، وكذا تَقَدَّمَ (الغُلَام الأَسْوَد)، وأنَّه رَباح؛ بفتح الراء وبالموحَّدة، كذا جاء مُسمًّى في بعض طرقه في «الصَّحيح»، وكذا تَقَدَّمَ (الرِّمَال): ما هو وضبطه، و (الأَدَمُ)، وأنَّه بفتح الهمزة المقصورة، وفتح الدَّال، و (أَسْتَأْنِسُ): فعل مضارع، و (رَأَيْتُنِي [3])، تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ التاء، وكذا الثانية، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّه بفتح التَّاء، وقد تَقَدَّمَ، و (جَارَتُكِ)، و (أَوْضَأَ)، و (الأَهَبَة): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة والهاء، و (فَارِس)، و (الرُّوم)، وقد تَقَدَّمَ أنَّهما [4] كسرى وقيصر، وهما قريب؛ لأنَّ كسرى: ملك فارس، وقيصر: ملك الروم، (وُسِّعَ)؛ بِضَمِّ الواو، وكسر السين المُهْمَلة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (أُعْطُوا): مَبْنيٌّ أيضًا، وكذا (أَوَفِي): أنَّه بفتح الواو على استفهام الإنكار، وتَقَدَّمَ، ومتى تُسكَّن الواو، ومتى تُحرَّك، و (عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ): (عُجِّلوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (طيِّباتِهم): بكسر التاء مَنْصوبٌ، وعلامة النصب الكسرة، مفعولٌ ثانٍ، وهذا ظاهِرٌ، و (أَفْشَتْهُ): أظهرتْه وأذاعتْه، و (المَوْجِدَة): مصدر، من الغضب، وكذا (فَبَدَأَ بِهَا)، و (بَدَأَ [5] بِي)؛ بهمز في آخره، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ): تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) أنَّ في هذا إبطالًا لقول مَن قال: إنَّ فاطمة بنت [6] قيس أخت الضَّحَّاك الكلابيَّة لم تختره صلَّى الله عليه وسلَّم، مُطَوَّلًا؛ فانظره.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النبيُّ).

[2] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ من رواية أبي ذرٍّ.

(1/9459)

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (رأيتَني)؛ بفتح التَّاء، وفي (ق) معًا.

[4] في (أ): (أن)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[5] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فبدأ).

[6] تكرَّر في (أ): (بنت).

(1/9460)

[باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا]

قوله: (بَابُ صَوْمِ الْمَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا تَطَوُّعًا): طِبْق ما ترجم له حديثٌ في «سنن أبي داود» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لا تصومنَّ امرأة يومًا سوى شهر رمضان، وزوجها شاهد إلَّا بإذنه»، وحسَّنه التِّرْمِذيُّ، وصحَّحه ابن حِبَّان مع أنَّ حديث الباب يُؤخَذ منه أيضًا ذلك؛ إذ لو كان فرضًا؛ لصاماه، ولا يقال: يحتمل أن يكون زوجها مريضًا، أو قدم من سفر؛ لبُعدِه، وفي «المسند» أيضًا: «لا تصوم المرأة يومًا واحدًا وزوجها شاهد إلَّا بإذنه إلَّا رمضان»، وهذا كما تَقَدَّمَ في «الصَّحيح» إلَّا قوله: (إلَّا رمضان)، والله أعلم.

(1/9461)

[حديث: لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه]

5192# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بإسكان العين، وفتح الميمَين، وأنَّه ابن راشد.

قوله: (لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ): وهذا خبر، ومعناه النَّهْي، وهو أبلغ من النَّهْي المُجرَّد، والله أعلم.

(1/9462)

[باب: إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها]

(1/9463)

[حديث: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء ... ]

5193# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقبه بُنْدَار، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ البصريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (سُلَيْمَان) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن مِهْرَان الأعمش، و (أَبُو حَازِم)؛ بالحاء المُهْمَلة: تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه سليمان الأشجعيُّ.

(1/9464)

[حديث: إذا باتت المرأة مهاجرةً فراش زوجها لعنتها الملائكة]

5194# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بعينين مهملتين مفتوحتين، وبعد كلِّ عين راء؛ الأولى: ساكنة، والثانية: مفتوحة، وبعدها تاء التأنيث، و (زُرَارَة) هذا: قال الدِّمْيَاطيُّ: (زرارة بن أوفى أبو حاجب العامريُّ، قاضي البصرة، مات وهو ساجد سنة ستٍّ أو ثمان ومئة)، انتهى، فقوله: (وهو ساجد سنة ستٍّ أو ثمان ومئة): الذي أعرفه أنَّه أَمَّ في صلاة الصبح، فقرأ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} [المدثر: 8 - 9]؛ خرَّ ميِّتًا، وقد ذكر الحافظ أبو عيسى مُحَمَّد بن عيسى بن سَوْرَةَ التِّرْمِذيُّ في «جامعه» خبر موته كذلك بسنده في (باب ما جاء في وصف صلاة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم باللَّيل)، قال مُحَمَّد بن سعد: تُوُفِّيَ سنة (93 هـ)، وقد ذكر وفاته كذلك عبد الغنيِّ في «الكمال»، وكذا ذكر الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، ولم يميِّزه، فهو في «التَّهذيب»، وذكره في «كاشفه» أيضًا، وكذا أرَّخه في «الإشارة» المُنتَقى من تاريخه «تاريخ الإسلام»، والله أعلم.

(1/9465)

[باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه]

(1/9466)

[حديث: لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه]

5195# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّمَ (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر.

قوله: (وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ): أي: حاضر.

قوله: (يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ): (يُؤدَّى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (شطرُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ أَيْضًا عَنْ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (أبو الزناد)؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بالنون، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن

[ج 2 ص 430]

ذكوان)، وأمَّا (موسى عن أبيه)؛ فهو موسى بن أبي عثمان التَّبَّان، واسمه سعيد، ويقال: عثمان، مولى المغيرة بن شعبة، عن أبيه أبي عثمان، وأبي يحيى المَكِّيِّ، وإبراهيم النَّخعيِّ، وسعيد بن جُبَير، وعنه: أبو الزِّناد، وشعبة، وسفيان، وغيرهم، قال أبو حاتم: كان مُؤذِّنًا _ونِعْمَ الشَّيخُ كان_ سمع من إبراهيم، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا كما ترى، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وأمَّا أبوه؛ فقد قَدَّمْتُ أنَّه سعيد، ويقال: عثمان، فروى عن أبي هريرة، وعنه: ابنه موسى، ومنصور بن المُعتمِر، ومغيرة بن مِقْسَم، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وتعليقه هذا أخرجه النَّسَائيُّ في (الصوم)، والله أعلم.

(1/9467)

[باب النساء غالبًا ما يفعلن المنهيات المذكورة فيستوجبن النار]

قوله: (بَابٌ): كذا هو بغير ترجمة، وقد أخرج فيه حديث أسامة؛ وهو ابن زيد: «قمت على باب الجنَّة ... »؛ الحديث، والذي يظهر أنَّه ساقه في التَّحذير عن مخالفة _ يعني: المرأة_ الزَّوجِ فيما هو حقٌّ له، وقد أخبر أنَّ عامَّة مَن دخل النَّارَ النِّساءُ، قاله شيخنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 431]

(1/9468)

[حديث: قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين]

5196# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (التَّيْمِيُّ): هو سليمان، و (أَبُو عُثْمَان): هو النَّهديُّ عبد الرحمن بن مَلٍّ، و (أُسَامَة): هو ابن زيد بن حارثة، تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ): (عامَّة) في أصلنا: مَنْصوبٌ خبر (كان)، واسمها مَرْفوعٌ: (المساكين)، ويجوز العكس؛ لأنَّهما معرفتان.

قوله: (وَأَصْحَابُ الْجَدِّ): هو بفتح الجيم، وتشديد الدال المُهْمَلة: هم أصحاب البُخوت والحظوظ الدُّنياويَّة بالمال والجاه، ويحتمل أن يريد: الملوك المُعظَّمين؛ مِن قوله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن: 3]؛ أي: سلطانه وعظمته، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (مَحْبُوسُونَ): أي: ممنوعون عن دخول الجنَّة، موقوفون للحساب، أو حتَّى يدخلها الفقراء.

==========

[ج 2 ص 431]

(1/9469)

[باب كفران العشير]

قوله: (بَابُ كُفْرَانِ الْعَشِيرِ؛ وَهْوَ الزَّوْجُ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام على (العشير) في (باب ترك الحائضِ الصومَ)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 431]

(1/9470)

[حديث: خسفت الشمس على عهد رسول الله فصلى رسول الله ... ]

5197# قوله: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخسوف) و (الكسوف) في بابه؛ فانظره إن أردته، وأنَّه كان ذلك يومَ مات إبراهيم بنُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد تَقَدَّمَ تاريخ موته في (الكسوف) وغيره، وقد تَقَدَّمَ الكلام على أنَّ الشمس انكسفت مَرَّاتٍ أم مرَّة واحدة، وهو الأصحُّ عند المُحقِّقين من الحُفَّاظ؛ فانظر ذلك.

قوله: (تَكَعْكَعْتَ): أي: نكصت إلى خلف، هذا قول الأصمعيِّ وأبي زيد، وقيل: معناه: رجعت.

قوله: (مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا): يريد: أنَّهم كانوا يأكلون منه، ويأكل منه مَن بعدَهم حتَّى تنقضي الدُّنيا؛ لأنَّه كان لا يفنى، وقد تَقَدَّمَ في أوائل (الكسوف) مع قدر (عُنْقُود الجَنَّةِ).

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بلغاتها.

قوله: (وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ): تَقَدَّمَ إعراب (أكثر)، وفيه ثلاث إعراباتٍ في أوَّل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ فيه سؤال وجوابه في أوَّل (الكسوف).

قوله: (يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب ترك الحائض الصومَ).

(1/9471)

[حديث: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء.]

5198# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن جهم بن حسَّان بن المنذر العبدريُّ، بصريٌّ مُؤذِّن بجامعها، أبو عمرو، مات سنة عشرين ومئتين، انفرد به البُخاريُّ) انتهى، هو كما قال: عثمان بن الهيثم بن جهم بن عيسى بن حسَّان بن الأشجِّ العَصَريِّ، أشجِّ عبد القيس، أبو عمرو، البصريُّ مُؤذِّنها، عن عوف، وجعفر بن الزُّبَير الشاميِّ، وهشام بن حسَّان، وابن جُرَيج، ورؤبة بن العجَّاج، وجماعة، وعنه: البُخاريُّ، وأبو حاتم، والذُّهْليُّ، ويعقوب الفسويُّ، والحارث بن أبي أسامة، والكَجِّيُّ، وخلق، قال أبو حاتم: صدوق غير أنَّه بأَخَرة كان يتلقَّن، له ترجمة في «الميزان»، وما قاله الدِّمْيَاطيُّ في وفاته قاله ابن عساكر في «النَّبَل»، فإنَّه قال: مات لإحدى عشرة خلت من رجب سنة عشرين ومئتين، وفي «الكاشف»: تُوُفِّيَ سنة (218 هـ)، وقد تَقَدَّمَ.

و (عَوْفٌ) بعده: هو عوف الأعرابيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهو عوف بن أبي جَمِيلة، و (أَبُو رَجَاءٍ) بعده: قال الدِّمْيَاطيُّ: (عمران بن ملحان، أسلم بعد الفتح، وعاش مئة وعشرين سنة، وتُوُفِّيَ في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقيل: سنة ثمان ومئة، وقيل: سنة سبعَ عشرةَ ومئةٍ) انتهى، فقوله: (ابن ملحان): هذا قول في اسم أبيه، وقُدِّم على غيره من الأسماء، وقيل غير ذلك، و (عِمْرَان): هو ابن حُصَين، تَقَدَّمَ الكلام على والده بما فيه من خلافٍ في صحبته رضي الله عنه.

قوله: (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ): وكذا الثانية، تَقَدَّمَ الكلام على إعراب (أكثر)، وأنَّ فيه ثلاثَ إعراباتٍ، في أوائل هذا التعليق، وكذا تَقَدَّمَ سؤال وجوابه في قوله: «واطَّلعت في النَّار، فرأيت أكثر أهلها النِّساء» في أوَّل (الكسوف).

(1/9472)

قوله: (تَابَعَهُ أَيُّوبُ وَسَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ): (سَلْم)؛ بفتح السِّين، وإسكان اللَّام، و (زَرِيْر)؛ بفتح الزاي، وكسر الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء أخرى، وقد تَقَدَّمَ، والضَّمير في (تابعه) يعود على عوف _هو الأعرابيُّ_؛ أي: تابعا عوفًا في روايته عن أبي رجاء عن عمران، وقد أخرج متابعة سَلْم بن زَرِير البُخاريُّ في (صفة الجنَّة) عن أبي الوليد، عن سَلْم، عن أبي رجاء به، و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، ومتابعته أخرجها النَّسَائيُّ في (عشرة النِّساء)، وفي (الرِّقاق).

ثُمَّ اعلم أنَّ أبا مسعود الدِّمَشْقيَّ قال: إنَّما رواه عن أيُّوب كذلك عبدُ الوارث، وسائر أصحاب أيُّوب يقولون: عن أيُّوب، عن أبي رجاء، عن ابن عَبَّاس، وقد رواه أبو الأشهب، وابن أبي عروبة، وابن عُلَيَّةَ، وعاصم بن هلال، وجماعة عن أبي رجاء عن ابن عَبَّاس، وقد رواه التِّرْمِذيُّ في (صفة جهنَّم) عن ابن بَشَّار، عن ابن أبي عديٍّ، وغندر، وعبد الوهَّاب الثَّقفيِّ؛ ثلاثتهم عن عوف به، وقال: حسن صحيح، قال: وهكذا يقول عوف: عن أبي رجاء عن عمران بن حُصَين، وكذا روى غيره، ويقول أيُّوب: عن أبي رجاء عن ابن عَبَّاس، وكلا الإسنادين ليس فيه مقال، ويحتمل أن يكون أبو رجاء سمعه منهما، انتهى.

(1/9473)

[باب: لزوجك عليك حق]

قوله: (قَالَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أبو جُحَيْفَة): هو بِضَمِّ الجيم، وفتح الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا معروف مشهور عند أهله، وقد تَقَدَّمَ أنَّ اسمه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، وقيل: وهب بن وهب بن سُواءة بن عامر بن صعصعة، ويقال له: وهب الخير، تُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو مراهِقٌ، ووُلِّي بيتَ المال لعليٍّ رضي الله عنهما، ترجمته معروفة جدًّا، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، وقيل: تُوُفِّيَ سنة (74 هـ)، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (الصوم) و (الأدب)، والتِّرْمِذيُّ في (الزهد)، وقال شيخنا: (أخرجه البزَّار) مقتصرًا شيخنا على ذلك، ولا حاجة إلى إبعاد النُّجْعة، والله أعلم.

(1/9474)

[حديث ابن عمرو: يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل]

5199# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، و (الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أبو عَمرو عبد الرحمن بن عَمرو، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته (الأوزاعيِّ)، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى والده، وعلى ياء (العاصي)، وأنَّ الصَّحيح إثباتُها، وكذا (ابن الهادي)، و (ابن أبي الموالي)، و (اليماني)، وتَقَدَّمَ الكلام على جدِّه العاصي بن وائل السَّهميِّ، وأنَّه هلك على كفره.

[ج 2 ص 431]

قوله: (أَلَمْ أُخْبَرْ): هو بفتح الموحَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9475)

[باب: المرأة راعية في بيت زوجها]

(1/9476)

[حديث: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ... ]

5200# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقبه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك.

(1/9477)

[باب قول الله تعالى: {الرجال قوامون على النساء ... }]

(1/9478)

[حديث: إن الشهر تسع وعشرون]

5201# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح الميم، وإسكان الخاء المُعْجَمة، وهذا مشهور عند أهله، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو سليمان بن بلال المدنيُّ، و (حُمَيْدٌ): هو الطويل ابن تير، ويقال: تيرويه، تقدَّما.

قوله: (آلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ): (آلى)؛ بمدِّ الهمزة؛ أي: حلف ألَّا يدخل عليهنَّ، وإنَّما عدَّاه بـ (مِن)؛ حملًا على المعنى، وهو الامتناع من الدخول، وهو يتعدَّى بـ (مِن)، والإيلاء الذي ذكره الفقهاء معروفٌ، له أحكام تخصُّه، وعندهم لا يُسمَّى إيلاءً بدونها، وقد تَقَدَّمَ هذا، وسيأتي تاريخ إيلائه، وأتعقَّبه.

قوله: (فِي مَشْرُبَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بلغاتها.

(1/9479)

[باب هجرة النبي نساءه في غير بيوتهن ... ]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَفْعُهُ: «غَيْرَ أَنْ لَا تُهْجَرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ): هذا ثابت في بعض الروايات، وهو نسخة في أصلنا، وأصل في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، و (معاوية بن حَيْدة)؛ بفتح الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، ثُمَّ تاء التأنيث، وحَيْدة: هو ابن معاوية القشيريُّ، جدُّ بَهْزِ بن حَكِيم بن معاوية، ومعاوية صَحَابيٌّ مشهور، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له الأربعة، وأحمد في «المسند»، والحديث المشار إليه أخرجه أبو داود، والنَّسَائيُّ، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وهو من رواية حَكِيم بن معاوية بن حَيْدة عن أبيه، وليس له في «البُخاريِّ» و «مسلم» شيء في الأصول، وقد علَّق له البُخاريُّ.

قوله: (وَالأَوَّلُ أَصَحُّ): يعني حديث أنس: (آلى مِن نسائه شهرًا).

==========

[ج 2 ص 432]

(1/9480)

[حديث: أن النبي حلف لا يدخل على بعض أهله شهرًا]

5202# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيلُ، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسيأتي أيضًا في أواخر هذا التَّعليق.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله، وقدَّم السَّند الأوَّل؛ لعلوِّه؛ لأنَّه بينه وبين ابن جُرَيج واحدٌ، وفي الثَّاني اثنان.

قوله: (أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (أمِّ سلمة)، وأنَّها أمُّ المؤمنين، وأنَّ اسمها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وأنَّها آخر الأزواج موتًا، وتَقَدَّمَ تاريخ وفاتها، وبعض ترجمتها رضي الله عنها.

قوله: (غَدَا عَلَيْهِنَّ أَوْ رَاحَ): تَقَدَّمَ [أنَّ] (الغدوَّ): من أوَّل النَّهار إلى الزَّوال، وأنَّ (الرَّواح): منه إلى آخر النَّهار.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[ج 2 ص 432]

(1/9481)

[حديث: لا ولكن آليت منهن شهرًا]

5203# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ، و (أَبُو يَعْفُورٍ) هذا: قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو يعفور الصغير: عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، وأبو يعفور الكبير: واقد، ولقبه وقدانُ، سمع عبدَ الله بن أبي أوفى ومصعبَ بن سعد بن أبي وقَّاص)، انتهى، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مسلم بن صُبَيح؛ بِضَمِّ الصاد المُهْمَلة، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (فَصَعِدَ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر العين، وأنَّ المستقبل: بفتحها، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَسَلَّمَ، فَلَمْ يُجِبْهُ ... ) إلى آخره: الظاهر أنَّ المراد بالسلام هنا: الاستئذان؛ يعني: أنَّه استأذن ثلاثًا، فلم يجبه، كما في الحديث الآخر، فأطلق (السَّلام)، وأراد: الاستئذان، وصورة الاستئذان: السلام عليكم، أأدخلُ؟ فكرَّره ثلاثًا، قلته، ولم أر ذلك لأحدٍ، ولكن ما قلته ظاهر مُتعيِّن.

قوله: (وَلَكِنْ آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا): أي: حَلفتُ، وقد تَقَدَّمَ قريبًا.

==========

[ج 2 ص 432]

(1/9482)

[باب ما يكره من ضرب النساء]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ): (يُكرَه): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (مُبَرِّحٍ): هو بِضَمِّ الميم، وفتح الموحَّدة، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، وبالحاء المُهْمَلة؛ أي: غير شاقٍّ شديد.

==========

[ج 2 ص 432]

(1/9483)

[حديث: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم]

5204# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو مُحَمَّد بن يوسف، هذا هو الفِرْيابيُّ الحافظُ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها عن البيكنديِّ، في أوائل هذا التعليق، وبعده أيضًا، و (سفيان): هو ابن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، وقد نصَّ المِزِّيُّ على أنَّه الثَّوريُّ في «أطرافه»، و (عَبْد اللهِ بْن زَمْعَةَ): هو ابن الأسود بن المطَّلب بن أسد بن عبد العزَّى الأسديُّ، ابن أخت أمِّ سلمة، أحد الأشراف، كان يأذن على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، تُوُفِّيَ عليه السلام وله خمسَ عشرةَ سنة، وعنه: عروة، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وغيرهما، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، وقد تَقَدَّمَ، ولكن بَعُدَ العهد به.

قوله: (وَيُجَامِعها [1]): يجوز فيه الجزم عطفًا على النَّهْي في (لَا يَجْلِد)، ويجوز النصب، ويجوز الرفع، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ثم يجامعها).

[ج 2 ص 432]

(1/9484)

[باب: لا تطيع المرأة زوجها في معصية]

(1/9485)

[حديث: لا، إنه قد لعن الموصلات]

5205# قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا): هذه (المرأة) و (ابنتها)، وكذا (زوج ابنتها) لا أعرف أسماءهم، والله أعلم، وجعل بعض حفَّاظ العصر أنَّ هذه هي الآتية في العدَّة، انتهى، وسيأتي ما ذُكِر في تلك.

قوله: (فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا): (تَمَعَّط)؛ بفتح المُثَنَّاة فوق والميم والعين المُشَدَّدة وبالطاء المُهْمَلتين؛ أي: تناثر.

قوله: (قَدْ لُعِنَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَالمُوَصِّلَاتُ [1]): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (المُوَصِّلات)؛ بِضَمِّ الميم، وفتح الواو، وتشديد الصاد المُهْمَلة المكسورة: كذا

[ج 2 ص 432]

في أصلنا، وفي نسخة في طُرَّة أصلنا: (الموصولات)، وسيجيء الكلام على الواصلة والمستوصلة إن شاء الله وقدَّره.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (المُوصلات)؛ بلا واو.

(1/9486)

[باب: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا} .. ]

(1/9487)

[حديث: هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها فيريد طلاقها]

5206# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ سَلَامٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في أصلنا: (مُحَمَّد بن سلَام)، وهو هو، وفي «أطراف المِزِّيِّ»: (مُحَمَّد بن سلَام)، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصَّحيح في (سلَام): التخفيف، وذكرته مُطَوَّلًا، وما يقطع النزاع في ذلك في أوائل هذا التعليق، و (أَبُو مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضرير مُحَمَّد بن خَازم، وأنَّه بالخاء المُعْجَمة، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير.

قوله: (أَمْسِكْنِي): هو بقطع الهمزة، وهذا ظاهِرٌ معروف.

(1/9488)

[باب العزل]

قوله: (بَابُ الْعَزْلِ): اعلم أنِّي لا أذكر الأحكام إلَّا نادرًا، و (العزل): يُتشوَّف إلى معرفة حكمه، (العزل): هو أن يجامع الرَّجل حليلته، فإذا أراد الإنزال؛ نزع، وأنزل خارج الفرج، وهو مكروه عند الشَّافِعيَّة في كلِّ حال، وكلُّ امرأة سواء أرضيت أم لا؛ لأنَّه طريق إلى قطع النَّسل، ولهذا جاء في الحديث تسميتُه بالوأد الخفيِّ، وأمَّا التحريم؛ فقال أصحاب الشَّافِعيِّ: لا يحرم في مملوكته، ولا في زوجته الأَمَة، سواء أرضيتا أم لا؛ لأنَّ عليه ضررًا في مملوكته، وعليه ضرر في زوجته الرقيقة، بمصير ولدها رقيقًا تَبَعًا لأمِّه، وأمَّا زوجته الحرَّة؛ فإن أذنت في ذلك؛ لم يحرم، وإلَّا؛ فوجهان؛ أصحُّهما: لا يحرم، ومَن حرَّمه بغير إذنها؛ قال: عليها ضرر فيه، فيشترط إذنها في جوازه، ثُمَّ الأحاديث الواردة في العزل تجمع بأنَّ ما ورد منها في النَّهْي؛ فمحمولٌ على كراهة التنزيه، وما ورد منها في الإذن في ذلك؛ فمحمول على أنَّه ليس بحرام، وليس معناه نفيَ الكراهة، وللسَّلف خلافٌ نحو ما ذكرته، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 433]

(1/9489)

[حديث: كنا نعزل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم]

5207# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ الذي قال [1] فيه الإمام أحمد: ما رأت عيناي مثل يحيى بن سعيد القَطَّان، وقد تقَدَّمَتْ ترجمته، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ.

(1/9490)

[حديث: كنا نعزل والقرآن ينزل]

5208# 5209# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آلِ الزُّبَير، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، ويأتي في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَعَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ: عن عليِّ بن عبد الله، عن سفيان، عن عمرٍو به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 433]

(1/9491)

[حديث: أوإنكم لتفعلون ما من نسمة كائنة إلى يوم ... ]

5210# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): هذا هو جويرية بن أسماء، والراوي عنه هنا: هو ابن أخيه عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، وقد تَقَدَّمَ جويرية مُترجَمًا، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (ابْن مُحَيْرِيز): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن مُحيريز: ابن جنادة بن وهب بن لوذان، وأبو محذورة: أوس بن معير بن لوذان، وأخوه أنيس بن معير، قُتِل ببدر كافرًا، مُتَّفق عليه) انتهى، و (أَبُو سَعِيدٍ) هذا: هو سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا ومرَّةً مترجمًا.

قوله: (أَصَبْنَا سَبَايَا [1]، فَكُنَّا نَعْزِلُ): هذه (السَّبايا) التي أصابوها كانت في غزوة بني المصطلق، كما صرَّح به في بعض طرقه في «مسلم»، وقد تَقَدَّمَ متى كانت غزوة بني المصطلق، والخلاف فيها.

قوله: (أَوَإِنَّكُمْ): هو بفتح الواو، استفهام إنكارٍ، وقد تَقَدَّمَ متى تُسكَّن الواو، ومتى تُحرَّك.

قوله: (نَسَمَةٍ): هي بفتح السِّين: النَّفس والرُّوح، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (سبيًا).

[ج 2 ص 433]

(1/9492)

[باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرًا]

(1/9493)

[حديث: أن النبي كان إذا خرج أقرع بين نسائه]

5211# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظُ، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ رضي الله عنه، و (الْقَاسِم): تَقَدَّمَ أنَّه ابن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، أحد الفقهاء السبعة.

قوله: (فَرَكِبَتْ): هو بتاء التأنيث الساكنة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (بَيْنَ الإِذْخِرِ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه نبْتٌ طيِّب الرائحة.

قوله: (عَقْرَبًا): هو الحيوان المعروف، وهو مصروف، وليس ما يمنعه من الصرف، و (عقرب): اسم جنس، وقول ابن الحاجب: وعقرب: ممتنع؛ مراده: إذا سمَّيت به رجلًا؛ لاجتماع العلميَّة والزِّيادة على ثلاثة أحرف، والحرف الرَّابع قائمٌ مقام التأنيث، والله أعلم.

قوله: (تَلْدَغُنِي): هو بفتح الدال المُهْمَلة، وضمِّ الغين المُعْجَمة، وهذا معروف.

قوله: (رَسُولكِ [1]): كذا في نسخة خارج أصلنا، ولم أره في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وهو مَرْفوعٌ ومنصوب بالقلم، قال شيخنا: (كذا وقع في بعض النُّسخ، كذا هو بالنصب بإضمار فعل؛ التقدير: وانظر رسولَك، ويجوز الرَّفع على الابتداء، وإضمار الخبر، وقد أسلفنا أنَّ في رواية الإسماعيليِّ: «ورسولك ينظرُ») انتهى.

(1/9494)

[باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها وكيف يقسم ذلك؟]

قوله: (بَابُ الْمَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا): (تهَب)؛ بفتح الهاء، وهذا ظاهِرٌ معروف.

==========

[ج 2 ص 433]

(1/9495)

[حديث: أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة]

5212# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو زُهير بن معاوية، أبو خيثمة، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام.

==========

[ج 2 ص 433]

(1/9496)

[باب: إذا تزوج البكر على الثيب]

(1/9497)

[حديث: السنة إذا تزوج البكر أقام عندها سبعًا]

5213# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ): هذا هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وهو ابن المفضَّل، و (خَالِدٌ) بعده: هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان، الحافظ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوَحَّدَةٌ، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (السُّنَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ): هذا مَرْفوعٌ؛ لأنَّ قول الصَّحابيِّ: (السُّنَّة كذا) أو (من السُّنَّة كذا): مَرْفوعٌ على الأصحِّ، كما هو معروف في المداخل إلى علوم الحديث، وكذا ألفاظ أخرى؛ لأنَّ الظاهر أنَّه لا يريد الصَّحابيُّ به إلَّا سنَّتَه صلَّى الله عليه وسلَّم وما يجب اتِّباعه، قال ابن الصَّبَّاغ في

[ج 2 ص 433]

«العُدَّة»: وحُكِي عن أبي بكر الصَّيرفيِّ، وأبي الحسن الكرخيِّ، وغيرهما: أنَّهم قالوا: يحتمل أن يريد به: غير النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا يحمل على سنَّتِه، انتهى، ويُؤيِّد كونه مرفوعًا قولُ أبي قِلَابَة في آخر الحديث: (ولو شئتُ؛ لقلتُ: إنَّ أنسًا رفعه إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ يعني: أنَّه لا فرق بين أقوال (رفعه) أو (السُّنَّة)، وكذا قول خالد في الطريق الأخرى: (ولو شئتُ؛ قلتُ: رفعه إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم).

تنبيهٌ هو فائدةٌ: حديث أنس كذا هو في «البُخاريِّ» «ومسلم»: (السُّنَّة)، وفي رواية لابن حِبَّان _بكسر الحاء المُهْمَلة، وتشديد الموحَّدة_ عن أنس: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «سبعٌ للبكر، وثلاثٌ للثَّيِّب»، ورواه كذلك الدَّارقطنيُّ والبَيْهَقيُّ، والله أعلم.

(1/9498)

[باب: إذا تزوج الثيب على البكر]

(1/9499)

[حديث: من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعًا]

5214# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام.

قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَخَالِدٌ): أمَّا (أيُّوب)؛ فهو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، وأمَّا (خالد)؛ فهو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا أنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): هذا هو عبد الرَّزَّاق بن همَّام، الحافظ الكبير، و (سُفْيَانُ) بعده: الثَّوريُّ، صرَّح به المِزِّيُّ، و (أَيُّوب) و (خَالِد): تقدَّما أعلاه، وتعليق عبد الرَّزَّاق عن الثَّوريِّ أخرجه مسلم في (النِّكاح) عن مُحَمَّد بن رافع عن عبد الرَّزَّاق به.

==========

[ج 2 ص 434]

(1/9500)

[باب من طاف على نسائه في غسل واحد]

قوله: (بَابُ مَنْ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غَسْلٍ [1] وَاحِدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الغَسل)؛ بالفتح: الفعل، وبالضَّمِّ: الماء [2]، وأنَّه يجوز في كلٍّ منهما الفتحُ والضَّمُّ، مُطَوَّلًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (غُسل)؛ بضمِّ الغين، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.

[2] زيد في الأصل: (وبالفتح: الفعل)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 434]

(1/9501)

[حديث: أن نبي الله كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة]

5215# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو سعيد بن أبي عروبة.

قوله: (كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ): يعني بهنَّ: أزواجه اللَّاتي تُوُفِّيَ عنهنَّ؛ وهنَّ: سودة، وعائشة، وحفصة بنت عمر، وأمُّ سلمة _وهي هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة بن المغيرة_ وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وأمُّ حبيبة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة، واسمها رملة، وصفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب، وميمونة بنت الحارث بن حزن، وقد ذكرت زوجاتِه صلَّى الله عليه وسلَّم المدخولَ بهنَّ، ومَن لم يدخل بها، ومَن وهبت نفسها، ومَن خطبها ولم يتَّفق له عليه السَّلام نكاحُها في (كتاب الغسل)، وهذا الفعل محمول عند الشَّافِعيَّة على رضاهنَّ بذلك، أو أنَّ ذلك عند إقباله من سفر؛ حيث لا قسم يلزم؛ لأنَّه كان إذا سافر؛ أقرع بين نسائه، فإذا انصرف؛ استأنف القسم بعد ذلك، ولم تكن واحدةٌ أولى مِن صاحبتها بالبُداءة، فلمَّا استوت حقوقهنَّ كلُّهنَّ في وقت واحد ثَمَّ؛ استأنف القسم بعد ذلك، وجوابٌ ثالثٌ؛ وهو أنَّ ذلك كان في يوم فراغه من القسم بينهنَّ، فيفرغ في هذا اليوم لهنَّ أجمع، ثُمَّ يستأنف القسم بعد ذلك، قاله المهلَّب شارح «البُخاريِّ»، [ورابع ... ]، وخامسٌ ذكره ابن العربيِّ المالكيُّ: أنَّ الله تعالى خصَّ نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم بأشياء في النِّكاح؛ منها: أنَّه أعطاه ساعة لا يكون لأزواجه فيها حقٌّ، يدخل بها على جميع أزواجه فيفعل ما يريد بهنَّ، ثُمَّ يدخل عند التي يكون الدَّور لها، والله أعلم، وسيأتي ما في ذلك قريبًا، والقسم [عند] الشَّافِعيَّة: واجبٌ عليه على الصَّحيح، وهذا معروفٌ.

(1/9502)

[باب دخول الرجل على نسائه في اليوم]

(1/9503)

[حديث: كان رسول الله إذا انصرف من العصر دخل على نسائه]

5216# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي المَغْراء، وتَقَدَّمَ ضبط (المَغْرَاء)، وترجمة فروة.

قوله: (إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ؛ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ ما قاله ابن العربيِّ أعلاه، واعلم أنَّ في «الأحوذي شرح التِّرْمِذيِّ» لابن عربي عزوَ ذلك لمسلم عن ابن عَبَّاس، والحديث الذي ذكره عن ابن عَبَّاس في «مسلم» لم أقف عليه، لكن فيهما في هذا الحديث في قصة شرب العسل: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا صلَّى العصر؛ دخل على نسائه، فيدنو منهنَّ ... )؛ الحديث، وليس فيه ما يدلُّ على ما ذكره، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 434]

(1/9504)

[باب: إذا استأذن الرجل نساءه في أن يمرض في بيت بعضهن فأذن له]

قوله: (فِي أَنْ يُمَرَّضَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح الميم، وتشديد الرَّاء مفتوحة، وهو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 434]

(1/9505)

[حديث: أين أنا غدًا أين أنا غدًا ... ]

5217# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت الإمامِ مالكِ بن أنس المجتهدِ، أحدِ الأعلام.

قوله: (لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/9506)

[باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض]

قوله: (بَابُ حُبِّ الرَّجُلِ بَعْضَ نِسَائِهِ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ): (بعض) الأولى: مَنْصوبٌ مفعول المصدر، وهو (حُبُّ)، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9507)

[حديث عمر: دخل على حفصة فقال: يا بنية لا يغرنك هذه ... ]

5218# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هو ابن بلال، و (يَحْيَى): هو ابن سعيد الأنصاريُّ.

قوله: (حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابه في (سورة المُتحرِّم)، وقد وعدت هناك أن أذكر بعضه هنا، فـ (حسنُها): مَرْفوعٌ، وكذا هو في أصلنا هنا وهناك، وإعراب (حسن)؛ بالرَّفع فاعلٌ، والضَّمير بعده مضافٌ إليه، و (حبُّ): مَرْفوعٌ أيضًا بدلٌ من (حسن)، وذكر شيخنا هناك شيئًا عن نسخة الدِّمْيَاطيِّ؛ فراجعه، وقال هنا: (هو بفتح النُّون من «حسنها»؛ لأنَّه مفعولٌ من أجله، و «حبُّ»: فاعل؛ تقديره: أعجبها حبُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إيَّاها؛ لأجل حسنها، وقيل: إنَّه مَرْفوعٌ؛ كـ «الحب»؛ مثل: أعجبني زيدٌ حلمُه عقلُه علمُه، وهو غير صحيح؛ لأنَّ أعجبني زيدٌ حلمُه عقلُه: هو بدلُ اشتمال، فـ «زيد»: مَرْفوعٌ، والمبدل منه: مَرْفوعٌ مثله، والضَّمير هنا الذي مع «أعجبها»: مَنْصوبٌ، لا يصحُّ بدل «الحسن» منه، ولا «الحب»؛ لأنَّهما لا يعقلان، فيصحُّ أن يَتعجَّبا، ولا يُبدَل «الحبُّ» من «الحسن» إلَّا في بدل الغلط، وهو ليس في القرآن، ولا في الكلام الفصيح، نبَّه عليه ابن التِّين)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ في (سورة المُتحرِّم) عكس هذا عن ابن التين، ولعلَّه من سقم النُّسخة، لا من ابن التين، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 434]

(1/9508)

[باب المتشبع بما لم ينل وما ينهى من افتخار الضرة]

قوله: (وَمَا يُنْهَى مِنِ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ): (يُنهَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9509)

[حديث: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور]

5219# قوله: (عَنْ هِشَامٍ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (فَاطِمَةَ) بعده: هي زوجته فاطمة بنت المنذر بن الزُّبَير، بنت عمِّه، تَقَدَّمَتْ، وكذا جدَّتُها (أَسْمَاء) بنت أبي بكر الصِّدِّيق، تَقَدَّمَتْ رضي الله عنها.

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو يحيى بن سعيد القَطَّان، و (هِشَام): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عروة، وكذا (فَاطِمَةُ) بنت المنذر بن الزُّبَير زوجة هشام، وبنت عمِّه، و (أَسْمَاءَ): بنت أبي بكر، كلُّ ذلك أعلاه وقبله أيضًا.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ لِي ضَرَّةً ... )؛ الحديث: هذه (المرأةُ)، و (ضرَّتُها)، و (زوجُها) لا أعرف أسماءهم، وقال بعض المُتأخِّرين من الحُفَّاظ المصريِّين: (إنَّها أسماء، كَنَّت في هذه الرواية عن نفسها، وزوجها: الزُّبَير، وضرَّتها: أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.

==========

[ج 2 ص 434]

(1/9510)

[باب الغيرة]

قوله: (بَابُ الْغَيْرَةِ): هي بفتح الغين، وهي الأنفة، وهذا ظاهِرٌ معروف.

[ج 2 ص 434]

قوله: (وَقَالَ وَرَّادٌ): هو بفتح الواو، وتشديد الرَّاء، وفي آخره دال مهملة، وهو مولى المغيرة بن شعبة وكاتبه، كنيته أبو سعيد، ويقال: أبو الورد، يروي عن المغيرة، وعنه: الشعبيُّ، والقاسم بن مخيمرة، والمُسَيَّب بن رافع، ورجاء بن حيوة، وجماعة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، أخرج له الجماعة، وتعليقه هذا يأتي في (كتاب المحاربين) و (التوحيد): عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة، قال: وقال عبيد الله بن عمرو، ومسلم في (اللِّعان): عن القواريريِّ وأبي كامل؛ كلاهما عن أبي عوانة، وعن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن حسين بن عليٍّ، عن زائدة؛ ثلاثتهم عن عبد الملك بن عمير عن وَرَّاد به.

قوله: (غَيْرَ مُصْفحٍ): هو بالصَّاد، والفاء، والحاء المُهْمَلتين، قال ابن قُرقُول: (بكسر الفاء وفتحها؛ يعني: مع ضمِّ الميم، وسكون الصاد المُهْمَلة؛ أي: بحدِّه لا بعرضه؛ تأكيدًا لبيان ضربه؛ ليقتله، فمَن فتحه؛ كان وصفًا للسيف حالًا منه، ومن كسره؛ جعله حالًا من الضارب، و «صفحا السَّيف»: وجهاه العريضان، و «غِراراهُ»: حدَّاه)، انتهى، و (الغِرار)؛ بالغين المُعْجَمة المكسورة، وراءين مخفَّفتين: الحدُّ، وغِرار كلِّ شيء: حدُّه، وقال ابن الأثير في (مصفِح)؛ لغتي الكسر والفتح يرويان معًا، انتهى، ورأيته في بعض النسخ مشدَّد الفاء مفتوحها، وقال شيخنا عن ابن التين: والتشديد هو ما في سائر الأمهات، انتهى، والله أعلم.

قوله: (وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي): (الغيرة): تغيُّر القلب، وهيجان الحَفيظة، هذا في حقِّ البشر، والغيرة في وصف الله تعالى: منعه من ذلك وتحريمه، ويدلُّ عليه قوله: «ومن أجل ذلك حرَّم الفواحش»، وقوله: «وغيرته: أن يأتي المؤمن ما حرَّم الله عليه»، وقد تكون غيرة الرَّبِّ تعالى تغيير حال ذلك بعقاب.

(1/9511)

[حديث: ما من أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش]

5220# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غياث، وتَقَدَّمَ ضبط (غياث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ أيضًا مرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيق): هو ابن سلَمة أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

==========

[ج 2 ص 435]

(1/9512)

[حديث: لا شيء أغير من الله]

5222# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كثير، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر.

قوله: (لَا شَيْءَ أَغْيَر مِنَ اللهِ): يُقرَأ برفع الرَّاء ونصبها، فمن نصبه؛ جعله نعتًا لـ (شيء) على إعرابه؛ لأنَّ (شيئًا) مَنْصوبٌ، ومن رفع؛ نَعَتَ موضعَ (شيء) قبل دخول (لا) عليه؛ كقوله تعالى: {مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غيرِه} [الأعراف: 59]، قُرئ بخفض {غيرِه}، ورفعِه، فالرَّفع على الموضع، والخفض على اللَّفظ، وقد قرأ الكِسائيُّ بالخفض حيث وقع؛ إذا كان قبل {إله}: {من} التي للخفض، والباقون بالرفع، ويجوز أيضًا رفع (شيء)؛ مثل: {لا لَغْوٌ فِيهَا} [الطور: 23]، و {لا بَيْعٌ} [البقرة: 254]، قاله شيخنا، وهو ظاهِرٌ.

قوله: (وَعَنْ يَحْيَى: أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، فروى هذا البُخاريُّ عن موسى بن إسماعيل، عن همام _يعني: ابن يحيى العَوْذيَّ_ عن يحيى _هو ابن أبي كثير_ عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وليس تعليقًا؛ فاعلمه، والله أعلم.

(1/9513)

[حديث: إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله]

5223# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين، الحافظ، و (شَيْبَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عبد الرحمن، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كثير، و (أَبُو سَلَمَة): هو عبد الرحمن بن عوف، تَقَدَّمَ أعلاه، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرحمن بن صخر، على الأصح من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (وَغَيْرَةُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح الغين، وتَقَدَّمَ أعلاه ما الغيرة في حقِّ الله تعالى.

==========

[ج 2 ص 435]

(1/9514)

[حديث: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك]

5224# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [ابن] غيلان، و (أَبُو أُسَامَةَ): حمَّاد بن أسامة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (أَسْمَاء): هي أمُّ عروة، وهي بنت أبي بكر كما هنا، تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (غَيْرَ نَاضِحٍ): (غير): يجوز فيها الرَّفع والنَّصب، وهما ظاهران، وكذا (غَير) الثانية، و (النَّاضِح)؛ بالنون، وبعد الألف ضادٌ معجمةٌ مكسورةٌ، ثُمَّ حاءٌ مهملةٌ، وهو البعير الذي يُستقى عليه الماءُ.

قوله: (وَأَخْرزُ): (أخرُزُ): بِضَمِّ الراء وكسرها، تقدَّما، و (الغَرْبُ): بفتح الغين المُعْجَمة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وهو الدَّلو.

قوله: (عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ): (الفرسخ): ربع بَريد؛ وهو ثلاثة أميال، وقد تَقَدَّمَ كم الميل، والاختلاف فيه، وذكرت فيه سبعة أقوال.

قوله: (وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ): (النفر): تَقَدَّمَ أنَّهم ما دون العشرة من الرِّجال؛ كالرَّهط، ولا أعرف أسماء هؤلاء النَّفر.

قوله: (فَقَالَ [1] إخٍّ إخٍّ): هو بكسر الهمزة، وتشديد الخاء المُعْجَمة؛ إناخة الجمل، قال شيخنا مجد الدين في «القاموس» في زياداته على «الصِّحاح»: في (أخخ): (و «أَخْ»: كلمة تكرُّهٍ وتأوُّهٍ، و «الأخُّ»: القَذَر، ويُكسَر، ولغة في «الأَخِ»، و «إخْ»؛ بالكسر: صوت إناخة الجمل)، وقال بعده في زياداته على «الصِّحاح»: («إيخٍ»: مبنيَّة على الكسر، تقال عند إناخة البعير)، وقال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم» في هذا الحديث: (أمَّا لفظة: «إِخْ»، فهي بكسر الهمزة، وإسكان الخاء المُعْجَمة، وهي كلمة تقال للبعير ليبرك)، ولم ينبِّه على أنَّها مخفَّفة أو مشدَّدة، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ): يعني: مَن عدا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

(1/9515)

[حديث: غارت أمكم]

5225# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو ابن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، و (ابْنُ عُلَيَّةَ) بعده: هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (حُمَيْد): تَقَدَّمَ أنَّه حميد الطويل، ابن تير، ويقال: تيرويه.

قوله: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ): تَقَدَّمَ قبيل (الشركة) أنَّها عائشة رضي الله عنها، كذا صرَّح بها التِّرْمِذيُّ في «جامعه».

قوله: (فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ): تَقَدَّمَ قبيل (الشَّركة) أنَّ المُرسِلة ماختُلِف فيها؛ فقيل: صفيَّة، كذا في «أبي داود» «والنَّسَائيِّ» بإسناد فيه مقالٌ، قاله شيخنا، وقيل: حفصة، كذا في بعض طرق الحديث خارج الكتب، وقيل: زينب بنت جحش، وقيل: أمُّ سلمة، حكاهما المحبُّ الطَّبريُّ، كما نقله شيخنا عنه، وعزا الثَّاني إلى المنذريِّ، وقد ذكرتُ هناك جمعًا بين الأقوال؛ فانظره، والله أعلم.

[ج 2 ص 435]

قوله: (بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ): تَقَدَّمَ قبيل (الشَّركة) عن «المُحَلَّى»: أنَّه كان حيسًا، وفي «سنن الدَّارميِّ أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبد الرَّحمن»: أنَّه كان ثريدًا، ويحتمل أنَّه كان ثريدًا عليه حيسٌ، والله أعلم.

قوله: (يَدَ الْخَادِمِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الخادم) هنا الظاهر أنَّها أنثى، والله أعلم، ولا أعرف اسمها.

قوله: (فِلَقَ الصَّحْفَةِ): (فِلَق): بكسر الفاء، وفتح اللَّام، وبالقاف، وكذا قَيَّدهُ شيخنا، ثُمَّ قال: (ولا يبعد فتح الفاء، وسكون اللَّام، قال ابن التين: وهو الظاهر)، انتهى.

(1/9516)

قوله: (غَارَتْ أُمُّكُمْ): قال شيخنا: (يريد سارةَ لمَّا غارت على هاجر حتَّى أخرج إبراهيم إسماعيل طفلًا مع أمِّه، قاله الدَّاوديُّ، وظاهر الحديث: أنَّ كاسرة الصَّحفة أمُّ المؤمنين)، انتهى، وقدَّم هذا القولَ على غيره، والظاهر: إنَّما المراد: أمُّ المؤمنين عائشة، وسارة ليست أمَّ قريش، إنَّما أمُّهم هاجر، وقد جعل القضاعيُّ ذلك له عليه السَّلام دون غيره من الأنبياء؛ أعني: أنَّ أزواجَه أمَّهات المؤمنين خاصًّا به، وقد نقل صاحب «المحكم» عن الزَّجَّاج في معنى قوله تعالى: {هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: 78]: كنَّى ببناته عن نسائهم، ونساء أمَّة كلِّ نبيٍّ بمنزلة بناته، وأزواجُه بمنزلة أمَّهاتِهم، وحكى جماعة مِن المفسِّرين في ذلك قولين؛ أحدهما: أنَّه أراد: بنتيه حقيقةً؛ لأنَّ الجمع يقع على الاثنين، والثاني: أنَّه أراد: نساء أمَّته؛ لأنَّه وليُّ أمَّته، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى أُتِيَ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا): (كُسِرت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (صحفتُها): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (كَسَرَتْ): هو بفتح الكاف والسِّين، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة.

(1/9517)

[حديث: دخلت الجنة فأبصرت قصرًا]

5226# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح الدال المُشَدَّدة، اسم مفعول، وهو نسبة إلى جدِّه مُقدَّم، و (مُعْتَمِرٌ) هذا: هو ابن سليمان، تَقَدَّمَ، و (عُبَيْد اللهِ [1]) بعده: هو ابن عمر العُمريُّ، تَقَدَّمَ أيضًا، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبيد الله بن عمر بن حفص أبو عثمان، مات سنة (147 هـ)، أخو عبد الله، وعاصم، وأبي بكر العُمريُّون)، انتهى، فقوله في وفاته: سنة (147 هـ)؛ هذا قول الهيثم بن عديٍّ، وقُدِّم هذا القول على غيره، وقال غيره: مات سنة أربعٍ أو خمسٍ وأربعين ومئة، والله أعلم، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (أَوَعَلَيْكَ أَغَارُ؟): الواو مفتوحة من (أوَ) للاستفهام، وقد تَقَدَّمَ متى تفتح الواو، ومتى تُسكَّن.

==========

[1] في هامش (ق): (عُبيد الله بن عمر بن حفص، أبو عثمان، مات سنة سبع وأربعين ومئة، أخو عَبد الله وعاصم وأبي بكر العمريون العدويون).

[ج 2 ص 436]

(1/9518)

[حديث: بينما أنا نائم رأيتني في الجنة]

5227# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ عبدان لقبه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْنُ المُسَيّب): سعيد، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه لايجوز في يائه إلَّا الفتحُ.

قوله: (رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ التَّاء؛ أي: رأيتُ نفسي.

قوله: (تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (بَاب ما جاء في صفة الجنَّة).

قوله: (فَبَكَى عُمَرُ): تَقَدَّمَ لماذا بكى في (باب صفة الجنَّة).

قوله: (أَوَعَلَيْكَ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح الواو، على الاستفهام.

==========

[ج 2 ص 436]

(1/9519)

[باب غيرة النساء ووجدهن]

قوله: (بَابُ غَيْرَةِ النِّسَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الغَيرة) بفتح الغين، وقد تَقَدَّمَ ما هي قريبًا.

قوله: (وَوَجْدِهِنَّ): (الوَجْدُ)؛ بفتح الواو، وإسكان الجيم: الغَضَبُ.

==========

[ج 2 ص 436]

(1/9520)

[حديث: إني لأعلم إذا كنت عني راضية]

5228# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، وهذا مشهور ظاهر عند أهله.

قوله: (وَإِذَا كُنْتِ عليَّ غَضْبَى): سيجيء الكلام على غضبها عليه عليه السَّلام في (كتاب الأدب) إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، والجيم، وإسكان اللَّام؛ أي: نعم.

==========

[ج 2 ص 436]

(1/9521)

[حديث: ما غرت على امرأة لرسول الله كما غرت على خديجة]

5229# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالمُهْمَلة؛ لأنَّ نصرًا بالمُهْمَلة لا يجيء بالألف واللَّام؛ بخلاف (النضر)؛ فإنَّه لا يأتي إلَّا [1] بهما، وهذا هو النضر بن شميل الإمامُ، تَقَدَّمَ.

قوله: (كَمَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ): هي أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَتْ ترجمتها في (المناقب)، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَت رضي الله عنها.

قوله: (وَقَدْ أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُوحِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (بِبَيْتٍ لَهَا فِي الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب تزويجه عليه السَّلام خديجةَ).

قوله: (مِنْ قَصَبٍ): تَقَدَّمَ أيضًا في الباب المشار إليه أعلاه.

==========

[1] في الأصل: (لا).

[ج 2 ص 436]

(1/9522)

[باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف]

قوله: (بَابُ ذَبِّ الرَّجُلِ): هو بفتح الذال المُعْجَمة، وتشديد الموحَّدة، وهو الدَّفع والمنع.

==========

[ج 2 ص 436]

(1/9523)

[حديث: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم علي .. ]

5230# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا انَّه ابن سعد، أحد الأجواد والأعلام، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة زهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زهيرًا صَحَابيٌّ، و (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السِّين المُهْمَلة، وأنَّه صَحَابيٌّ صغير، وأنَّ أباه مَخْرَمة مِن مُسْلِمة الفَتْح.

قوله: (إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوني): (هشام بن المغيرة): هو والد أبي جهل عمرِو بن هشام بن المغيرة، قال بعض حفَّاظ العصر: (والذي استأذن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم هو عمُّها الحارث بن هشام، روى ابن أبي شيبة في «مناقب فاطمة» من «مصنَّفه» ما يرشد إليه)، انتهى.

قوله: (أَنْ يُنْكِحُوا): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الكاف، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (ابْنَتَهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمها العوراء، وقيل: جويرية، وقيل: جهدمة بنت أبي جهل، وهي صحابيَّة، وقيل: اسمها جميلة، خطبها على فاطمة، فغضب رسولُ الله

[ج 2 ص 436]

صلَّى الله عليه وسلَّم، فتزوَّجها عتَّاب بن أَسِيد رضي الله عنها وعنه.

قوله: (فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي): (البَضعة)؛ بفتح الموحَّدة: القطعة، تَقَدَّمَ.

قوله: (يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا [1]): هو بفتح أوَّله؛ (يَريبني)، وفي نسخة: (ما أرابها)، هما لغتان، والأفصح الثُّلاثيُّ، تَقَدَّمَ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أرابها).

(1/9524)

[باب: يقل الرجال ويكثر النساء]

قوله: (وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ): (تَرى): بفتح المُثَنَّاة فوق أوَّلِه، و (الرجل): مفعول مَنْصوبٌ، و (الواحد): صفة لـ (الرجل)، كذا في أصلنا، ويجوز فيه: (يُرى)؛ بِضَمِّ أوَّله، وفتح الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الرجل): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (الواحد): مَرْفوعٌ صفة له، والله أعلم.

قوله: (يَتْبَعُهُ): هو بإسكان المُثَنَّاة، ويجوز فتحها مع التشديد، وهما لغتان ذكرهما البُخاريُّ في (تفسير يونس)، وكذا ذكرَهما غيرُه.

قوله: (أَرْبَعُونَ امْرَأَةً): هذا مثلُ: «حتَّى يكون لخمسين امرأة القيِّمُ الواحدُ»، وإذا كان كذلك؛ فلا منافاة بين الأربعين والخمسين، وسيأتي الكلام عليه قريبًا.

==========

[ج 2 ص 437]

(1/9525)

[حديث: إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم.]

5231# قوله: (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وإسكان الواو، وبالضاد المُعْجَمة، ثُمَّ ياء النسبة، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ): (يُرفَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (العِلْمُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَيَكْثُرَ الزِّنَى): هو بالزاي والنُّون، معروفٌ.

قوله: (حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ): قال ابن الأثير: (قيِّم المرأة: زوجها ومن يقوم بأمرها وما تحتاج إليه)، انتهى، فيحتمل الحديث _والله أعلم_ أن يكون لخمسين امرأة زوجٌ واحدٌ، ويكون ذلك حين لا يقال في الأرض: الله الله، ويحتمل أن يكون لهنَّ قيِّمٌ واحدٌ يقوم عليهنَّ في حوائجهنَّ وتدبيرهنَّ، ثُمَّ رأيت القُرْطُبيَّ في «التَّذكرة» حكى القولين اللَّذين ذكرتُهما احتمالين بمعناهما، ثُمَّ قال: (والقول الأوَّل أشبه)؛ يعني: القول بأنَّه يقوم بأمورهنَّ وحوائجهنَّ، لا أنَّه يتزوَّج بهنَّ، وذكرهما شيخنا احتمالَين قال: (ويؤيِّد الأوَّل؛ _يعني: يقوم عليهنَّ في حوائجهنَّ وأمورهنَّ_ ما رواه عليُّ بن معبد ... )؛ فذكر حديثًا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 437]

(1/9526)

[باب: لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة]

قوله: (وَالدُّخُولُ عَلَى الْمُغِيبَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها بِضَمِّ الميم، وكسر الغين المُعْجَمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، يقال: امرأة مُغِيبة ومُغِيب، وفي «الصِّحاح»: (وأغابت المرأة: غاب عنها زوجها فهي مغيبة؛ بالهاء، ومُشهِد؛ بلا هاء)، انتهى، و (المُشهِد): التي زوجها حاضرٌ، وفي «القاموس»: (مغيبة ومغيب)، وفي «نهاية ابن الأثير»، والله أعلم، وفي كلام بعضهم: (المغيبة: التي غاب زوجها عن مسكنها سواء أكان في البلد أم مسافرًا)، وهذا مراد الباقين.

==========

[ج 2 ص 437]

(1/9527)

[حديث: إياكم والدخول على النساء]

5232# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): هو ابن سعد الإمامُ، و (يَزِيدَ بْن أَبِي حَبِيبٍ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، و (أَبُو الْخَيْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يزيد بن عبد الله اليزنيُّ.

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ): (الدُّخول): مَنْصوبٌ _ونصبه معروف ظاهر_ على التَّحذير.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.

قوله: (أَفَرَأَيْتَ الْحَمُوْ): قال ابن قُرقُول: (كذا بِضَمِّ الميم ثُمَّ بواوٍ بعدَها ساكنةٍ دون همز جاءت الرواية، وفيه لغات؛ هذه أحدها)، ثُمَّ ذكر الباقي، والمجموع فيه خمس لغات، وفي «القاموس»: (الحَمْءُ _ويحرَّك_ والحَمَا، والحَمُوْ، والحَمَ: أبو المرأة أو الواحد من أقارب الزوج والزوجة، «ج» _يعني: الجمع_ أحماء)، انتهى، في «الصحاح»: (فيه أربع لغات: حَمْءٌ، وحَمَا _ كـ «قفا» _، وحَمُو _مثل: «أَبُوْ» _، وحَمٌ؛ مثل: «أَبٌ»)، انتهى، وهو أخو الزَّوج وما أشبهه من أقارب الزوج، كابن عمِّه ونحوه، قال أهل اللُّغة: الأحماء: أقارب زوج المرأة؛ كأبيه، وعمِّه، وأخيه، وابن أخيه، وابن عمِّه، ونحوهم، والأَخْتَان: أقارب زوجة الرجل، والأصهار: يقع على النَّوعين.

قوله: (الحَمُو المَوْتُ): معناه: أنَّ الخوف منه أكثر مِن غيره، والشَّرُّ يُتوقَّع منه والفتنة أكثر من غيره؛ لتمكُّنه مِن الوصول إلى المرأة والخلوة مِن غير أن يُنكَر عليه؛ بخلاف الأجنبيِّ، والمراد هنا: أقارب الزَّوج غير آبائه وأبنائه، فأمَّا الأبناء؛ فمحارم لزوجته، يجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت، وأمَّا الأخ، وابن الأخ، والعمُّ، وابنه، ونحوهم ممَّا ليس محرمًا، وعادة الناس المساهلة فيه، ويخلو بامرأة أخيه؛ فهذا هو الموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبيِّ، هذا هو الصواب في معنى الحديث، وأمَّا ما حكاه المازريُّ أو ذكره من أنَّ المراد بـ (الحَمُو): أبو الزَّوج، وقال: (إذا نُهِي عن أبي الزَّوج، وهو محرم، فكيف بالغريب؟!)؛ ففاسد مردود، ولا يحمل عليه الحديث، وكذا ما نقله القاضي عن أبي عبيد، والله أعلم، قاله الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ.

(1/9528)

[حديث: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم]

5233# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المدينيِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (أَبُو مَعْبَدٍ [1]): بالموحَّدة، اسمه: نافذ؛ بالفاء والذال المُعْجَمة، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ): هذا (الرَّجل) لا أعرف اسمه.

قوله: (امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً): هذه (المرأة) لا أعرفها.

قوله: (وَاكْتُتِبْتُ): هو بِضَمِّ المُثَنَّاة فوق، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[1] في هامش (ق): (اسمه نافذ، مات سنة أربع ومئتين، من أفضل موالي ابن عباس).

[ج 2 ص 437]

(1/9529)

[باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس]

(1/9530)

[حديث: والله إنكن لأحب الناس إلي]

5234# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَار، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (هِشَام): هو ابن زيد بن أنس بن مالك الأنصاريُّ البصريُّ.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذه (المرأة) لا أعرفها.

سؤالٌ: إن قيل: ليس في الحديث أنَّه خلا بها عند النَّاس كما ترجم عليه، قيل: قول أنس: (فخلا بها) يدلُّ أنَّه كان مع الناس، فتنحَّى بها ناحيةً، ولا أقلَّ مِن أن يكون مع أنس راوي الحديث وناقلِ القصَّة، وجاء في بعض طرقه أنَّه كان معها صبيٌّ أيضًا، ولم يُرِدْ بقوله: (فخلا بها): أنَّه غاب عن أبصارهم، إنَّما خلا بها حيث لا يسمع الذي بالحضرة كلامها ولا شكواها إليه، ألا ترى أنَّهم سمعوا قوله: «إنَّكنَّ أحبُّ النَّاس إليَّ»، وفي رواية: (أنتم)؛ يريد: الأنصار قوم المرأة، و (إنكنَّ) نسوتها، قال شيخنا: (قلت: وكأنَّه أراد: تعليم الأُمَّة كيف الخلوة بالمرأة، والعصمة قائمة به)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 437]

(1/9531)

[باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة]

قوله: (بَابُ مَا يُنْهَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 437]

(1/9532)

[حديث: لا يدخلن هذا عليكم]

5235# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان الموحَّدة، وهذا هو عبدة بن سليمان، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (زَيْنَب بِنْت أَمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ رضي الله عنها، وكذا أمُّها (أمُّ سَلَمَةَ) هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّها آخر الأزواج موتًا، تُوُفِّيَت بعد مَقتَل الحسين بن عليٍّ رضي الله عنهما.

قوله: (وَفِي الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (المخنّث) بكسر النُّون وفتحها، وتَقَدَّمَ في (باب غزوة الطَّائف) أنَّ هذا اسمه هيت، وتَقَدَّمَ ضبطه، وقيل: إنَّه ماتع، وتَقَدَّمَ أسماء المَخانِثَة الذين كانوا في عهده عليه السلام، وهم: هيت، وأنَّة، وهرم [1]، وماتع، وتَقَدَّمَ أنَّ الخناث ضربان، وهذا الضَّرب منه غير ملعونٍ صاحبٌه؛ فانظر ذلك، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (وقيل: المخنَّث: ماتع، والمقول له: خالد بن الوليد في بادية بنت غيلان، وما في «البُخاريِّ» أصحُّ)، انتهى.

قوله: (عَلَى بِنْتِ غَيْلَان): تَقَدَّمَ في (غزوة الطَّائف) أنَّها بادية، وقيل: بادنة، وأنَّ أباها غيلان بن سلمة، أسلم على عشر نسوة، وقصَّته معروفة.

قوله: (فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ): تَقَدَّمَ في (غزوة الطَّائف) مع زيادة جاءت في بعض طرقه؛ فانظرها.

(1/9533)

[باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة]

قوله: (إِلَى الْحَبَشِ): هم بفتح الحاء المُهْمَلة والموحَّدة: جنس مِن السُّودان.

==========

[ج 2 ص 437]

(1/9534)

[حديث: رأيت النبي يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون]

5236# قوله: (عَنْ عِيسَى): (عيسى) هذا: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعيُّ، أحد الأعلام، و (الأَوْزَاعِي): عبد الرحمن بن عمرو، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

[ج 2 ص 437]

قوله: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بِضَمِّ تاء المتكلِّم، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (بِرِدَائِهِ): تَقَدَّمَ ما (الرداء) مَرَّاتٍ.

(1/9535)

[باب خروج النساء لحوائجهن]

(1/9536)

[حديث: قد أذن لكن أن تخرجن لحوائجكن]

5237# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (المَغْراء) بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، وفي آخره همزة ممدودة.

قوله: (سَوْدَةُ بِنْتُ زَمعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ المؤمنين، و (زَمعة): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان الميم وفتحها، والفتح في اللغة، ولكن نحن نقرؤه بالإسكان.

قوله: (لَعَرْقًا): (العَرْق): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين المُهْمَلة، وإسكان الراء، وبالقاف، وتَقَدَّمَ ما هو.

==========

[ج 2 ص 438]

(1/9537)

[باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره]

قوله: (بَابُ اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا): (زوجَها): بالنصب مفعول المصدر؛ وهو (استئذان)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 438]

(1/9538)

[حديث: إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها]

5238# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (إِلَى الْمَسْجِدِ، فَلَا يَمْنَعْهَا): تَقَدَّمَ الكلام على الشروط التي ذكرها فقهاء الشَّافِعيَّة في جواز خروجها إلى المسجد، في مكانه؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 438]

(1/9539)

[باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء في الرضاع]

(1/9540)

[حديث: إنه عمك فأذني له]

5239# قوله: (جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على عمِّ عائشة، وأنَّه أفلح أخو أبي القُعَيس، ويُقال: أفلح بن أبي قُعَيس، ويقال: أفلح أبو القُعَيس، والصَّحيح: أفلح أخو أبي القُعَيس، وكنيته أبو الجَعْد، وقد تَقَدَّمَ أنَّ لها عمًّا آخر، كما قاله القابسيُّ، وأنا لا أعرف اسمه، مُطَوَّلًا، والله أعلم.

قوله: (إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ): هذه المرأة لا أعرفها.

قوله: (ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ): (ضُرِب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الحجابُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

(1/9541)

[باب: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها]

قوله: (لَا تُبَاشِر الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ): (تباشر): يجوز جزمه بـ (لا) الناهية، وكسر الراء؛ لالتقاء الساكنين، ويجوز رفعه، وهو خبر، ومعناه النَّهْي.

قوله: (فَتَنْعَتهَا): يجوز رفعه ونصبه، إن جزمتَ (تباشر)؛ فانصب (تنعت)، وإن رفعت؛ فارفع، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 438]

(1/9542)

[حديث: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها]

5240# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيابيُّ، كما قاله شيخنا عن أبي نعيم وغيره، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، والأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكندي، في أوائل هذا التعليق وبعده أيضًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، كما قاله شيخنا، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلَمة.

قوله: (فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (فَتَنْعَتهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا): ظاهره أنَّه من قوله عليه السلام، وقال شيخنا: قال الداوديُّ: نهيه عن المباشرة للوجه الذي ذكر عبدُ الله، فكأنَّه جعل قوله: (تنعتها ... ) إلى آخره من كلام ابن مسعودٍ، وظاهرُ الحديث رفعُه، انتهى [1].

(1/9543)

[حديث: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها]

5241# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ [1] بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، وأنَّه بكسر الغين المُعْجَمة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل، شقيق بن سلَمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

(1/9544)

[باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائه]

(1/9545)

[حديث: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة بمائة امرأة]

5242# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (ابْن طَاوُوس): اسمه عبد الله، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (كتاب الأنبياء).

قوله: (لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِئَةِ امْرَأَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ سليمان عليه السلام [1] كان له ستُّون امرأةً، وفي رواية: (سبعون)، وفي رواية: (تسعون)، وفي رواية: (تسع وتسعون)، وفي رواية: (مئة)، وهذا كلُّه ليس بمتعارضٍ؛ لأنَّه ليس في ذكر القليل ما ينفي الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، ولا يُعمَل به عند جمهور الأصوليِّين، وقال شيخنا عن ابن التين: إنَّه جاء في بعض الروايات: (بألف)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على أزواجه وسراريه في (كتاب الأنبياء) مُطَوَّلًا، وما قاله ابن عَبَّاس، وما قاله غيرُه، وما رأيته أنا، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ): هذا فاصل للنزاع، وفي رواية في «الصَّحيح»: (فقال له صاحبه)؛ والمراد به: الملَك، كما هنا، وهو الظاهر، وقيل: القرين، وقيل: صاحبٌ له آدميٌّ، وأبعدَ من قال: خاطره، والصَّحيح الأوَّل؛ لمجيئه كذلك في «البُخاريِّ» و «مسلم».

قوله: (فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ): الظاهر أنَّ (النسيان) هنا المراد به: الترك، لا النسيان المشهور؛ لأنَّ في هذه المدَّة القريبة بعيدٌ نسيانَ سليمان قول المَلَك، والله أعلم.

قوله: (نِصْفَ إِنْسَانٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[1] زيد في (أ): (أنه)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[ج 2 ص 438]

(1/9546)

[باب: لا يطرق أهله ليلًا إذا أطال الغيبة مخافة أن يخونهم ... ]

قوله: (بَابٌ: لَا يَطْرُق أَهْلَهُ لَيْلًا): (يطرق): مجزوم بـ (لا) الناهية، ويجوز رفعه على أنَّه خبرٌ معناه النَّهْي؛ أي: لا يأتيهم من سفرٍ ليلًا بغتةً؛ ليستغفلهم، ويطلب عثراتهم، والاطِّلاع على خلواتهم، كما فُسِّر ذلك في قوله: (يتخوَّنهم بذلك)، و (الطروق) بالليل حقيقةٌ، وبالنهار مجازٌ، وذَكَر الليل في التبويب تبعًا للحديث؛ لأنَّ الحديث الآتي كذلك بعد الحديث الأوَّل، وكأنَّه تأكيدٌ أو لرفع المجاز، وقد قال ابن فارس عن بعضهم: إنَّ الطروق يكون في النهار، فعلى هذا؛ يكون (ليلًا) على البيان، والله أعلم.

قوله في الترجمة: (مَخَافَةَ أَنْ يُخَوِّنَهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ): كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (يخوِّنهنَّ) و (عثراتهنَّ)، قال شيخنا: أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن جابر قال: (نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يطرق الرجل أهله ليلًا، يتخوَّنهم، أو يلتمس عثراتهم) انتهى.

(1/9547)

[حديث: كان النبي يكره أن يأتي الرجل أهله طروقًا]

5243# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي إياس، و (مُحَارِبٌ): اسم فاعل من (حارب)، و (دِثَار): بكسر الدال المُهْمَلة، وتخفيف الثاء المثلَّثة، وفي آخره راء.

قوله: (طُرُوقًا): هو بِضَمِّ الطاء، مصدرٌ في موضع الحال.

==========

[ج 2 ص 438]

(1/9548)

[حديث: إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلًا]

5244# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الشين، وأنَّ اسمه عامر بن شَراحيل، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

[ج 2 ص 438]

(1/9549)

[باب طلب الولد]

(1/9550)

[حديث جابر: كنت مع رسول الله في غزوة فلما قفلنا ... ]

5245# قوله: (عَنْ هُشَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هُشَيم بن بَشِير، حافظ بغدادَ، و (سَيَّار): هو ابن سلامة الرِّياحيُّ؛ بكسر الراء، وبالمُثَنَّاة تحت، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه عامر بن شَراحيلَ.

قوله: (فِي غَزْوَةٍ): تَقَدَّمَ ما كانت هذه الغزاة، وفيها بيعُ جَمَلِه، والاختلاف فيها، ففي هذا «الصَّحيح» معلَّقًا: أنَّها غزوة تبوك، وتَقَدَّمَ أنَّ ابن إسحاق ذكر قصَّة بيع الجمل في (غزوة ذات الرقاع)، وتَقَدَّمَ أنَّه لمَّا كان بصرار، وتَقَدَّمَ غير ذلك، والله أعلم.

قوله: (قَطُوفٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف، وضمِّ الطاء المُهْمَلة المخفَّفة، وتَقَدَّمَ ما (القَطُوف).

قوله: (مَا يُعْجِلُكَ؟): هو بِضَمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، رُبَاعيٌّ متعدٍّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَمْ ثَيِّبًا؟): تقديره: أبكرًا؛ لأنَّ (أم) لا يُعطَف بها إلَّا بعد همزة الاستفهام، والله أعلم.

قوله: (قُلْتُ: لَا [1]، بَلْ ثَيِّبًا): تَقَدَّمَ أنَّ زوجة جابر هذه الثيِّب لا أعرف اسمها، وتَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين في تسميتها من أنَّها سُهَيمة بنت مسعود بن أوسٍ الأوسيَّة، والله أعلم.

قوله: (الشَّعِثَةُ): تَقَدَّمَ ضبطها، وكذا (الْمُغِيبَةُ)، وكذا (تَسْتَحِدَّ).

قوله: (وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ): قائل ذلك لا أعرفه، ولا (الثقة) أيضًا، وشيخُنا لم يذكرهما أيضًا.

قوله: (الْكَيْسَ الْكَيْسَ): هو بفتح الكاف، وإسكان المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ بالسين المُهْمَلة، مَنْصوبٌ على الإغراء، وقيل: على التحذير من العجز عن الجماع، وهو راجعٌ إلى الإغراء؛ لتضمُّنه الحثَّ على الجماع، قال ابن قُرقُول: يريد: الولدَ وطلبَ النسل، يُقال: كاس الرجل في عمله: حذق، وكاس: وَلَدَ كَيْسًا، وقال الكِسائيُّ: أكاس: وُلِد له كَيْس، وفي «النهاية»: قيل: أراد: الجماعَ.

(1/9551)

[حديث: إذا دخلت ليلًا فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة]

5246# قوله: (عَنْ سَيَّارٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن سلامة الرِّياحيُّ، وتَقَدَّمَ ضبط (الرِّياحيِّ) أعلاه، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عامر بن شَراحيل.

قوله: (حَتَّى تَسْتَحِدَّ): تَقَدَّمَ أنَّ (الاستحدادَ) حلقُ العانة بالحديد، و (الشَّعِثَةُ): تَقَدَّمَ ضبطها.

قوله: (تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللهِ عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ): الضمير في (تابعه) يعود على سيَّار فيما يظهر، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر العُمريُّ، و (وَهْب): هو ابن كيسان، ومتابعة عبيد الله هذه أخرجها البُخاريُّ في (البيوع) عن بُنْدَار، عن عبد الوهَّاب الثقفيِّ، عن عبيد الله بن عمر به، وفي (الشروط): قال عبيد الله وابن إسحاق عن وهب، عن جابر، وأخرجها مسلمٌ في (الصلاة) مختصرًا، وفي (النِّكاح) بتمامه عن أبي موسى، عن عبد الوهَّاب الثقفيِّ به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 439]

(1/9552)

[باب: تستحد المغيبة وتمتشط]

قوله: (بَابٌ: تَسْتَحِدُّ الْمُغِيبَةُ، وَتَمْتَشِطُ الشَّعِثَةُ): تَقَدَّمَ الكلُّ.

==========

[ج 2 ص 439]

(1/9553)

[حديث: فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك]

5247# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أدناها أعلاه أنَّه ابن بَشِير، و (سَيَّارٌ): هو ابن سلامة، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل.

قوله: (فِي غَزْوَةٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف في هذه الغزوة أعلاه وقبله مُطَوَّلًا، وكذا تَقَدَّمَ (القَطُوف) ضبطًا، وما هو، و (العَنَزَة): تَقَدَّمَ ما هي، وزوجة جابر الثيِّب: تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفها.

قوله: (أَمْهِلُوا): هو بقطع الهمزة، وكسر الهاء، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، و (الشَّعِثَةُ) و (الْمُغِيبَةُ): تقدَّما.

==========

[ج 2 ص 439]

(1/9554)

[باب: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن}]

(1/9555)

[حديث: اختلف الناس بأي شيء دووي جرح رسول الله]

5248# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (أَبُو حَازِم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (بِأَيِّ شَيْءٍ دُوْوِيَ جُرْحُ [1] النَّبيِّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟): يعني: جرحه يوم أُحُد، وقد تَقَدَّمَ مَن فعل به ذلك في (غزوة أحد) وغيرِها.

قوله: (فَسَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سهل بن سعد): تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وثمانين، وهو ابن بضع وتسعين سنةً، وقال الواقديُّ وجماعةٌ: تُوُفِّيَ سنة إحدى وتسعين، وهو آخر مَن مات بالمدينة، انتهى [3]

قوله: (فَأُخِذَ حَصِيرٌ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن قَيِّم الجَوزيَّة مقتضى كلامه أن يكون من بُرْديٍّ، و (أُخِذ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (حصيرٌ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (فَحُشِيَ بِهِ جُرْحُهُ): (حُشِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (جرحُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

(1/9556)

[بابٌ: {والذين لم يبلغوا الحلم}]

(1/9557)

[حديث: شهدت مع رسول الله العيد أضحى أو فطرًا؟]

5249# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ، مردويه السِّمْسَار، أبو العَبَّاس، عن ابن المبارك، وجرير بن عبد الحميد، وإسحاق الأزرق، وعنه: البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ وقال: لا بأس به، تُوُفِّيَ سنة (235 هـ)، أخرج له مِن الأئِمَّة مَن روى عنه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَابِسٍ): بالموحَّدة، والسين المُهْمَلة، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ يشتبه مَن به، وهو عبد الرحمن بن عائش؛ بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمة.

قوله: (سَأَلَهُ رَجُلٌ: شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيدَ؟): الرجل السائل لابن عَبَّاس لا أعرفه.

قوله: (يهْوِينَ): هو بِضَمِّ الياء وفتحها، رُبَاعيٌّ وثُلَاثيٌّ، تَقَدَّمَ، وقد اقتصر شيخنا هنا على الضمِّ فقط.

==========

[ج 2 ص 439]

(1/9558)

[باب قول الرجل لصاحبه: هل أعرستم الليلة؟]

قوله: (بَابُ طَعْنِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ فِي الْخَاصِرَةِ عِنْدَ الْعِتَابِ): كذا هذا التبويب في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (باب قول الرجل لصاحبه: هل أعرستم الليلة؟ وطَعْن الرجلِ ابنتَه في الخاصرة عند العتاب)، وكذا ذكره ابن المُنَيِّر في «تراجمه»، قال ابن المُنَيِّر: فيه عائشة: (عاتَبَني أبو بكر، وجعل يطعُنُني ... )؛ الحديث، ثُمَّ قال في أوَّل الترجمة: من [1] حديث أبي طلحة لمَّا تُوُفِّيَ ابنُه، أخرجه في (العقيقة)، ولم يخرِّجه هنا، وساقه مع طعن الرجل ابنتَه في الخاصرة، والجامع بينهما: أنَّ كِلَا الأمرَين يُستَثنى في بعض الحالات، فإمساك الرجل بخاصرة ابنته ممنوعٌ إلَّا بمثل هذه الحاجة، وسؤال الرجل صاحبَهُ عمَّا فعله في كسرِ بيته مع أهله ممنوعٌ، وقد ورد النَّهْيُ فيه إلَّا في مثل هذه الحالة المقتضيةِ للبسط ولتسلية المصاب، ولا سيَّما مع الصلاح، وانتفاء المظنَّة، وسقط المزاح.

و (ابنتَه) في الترجمة: مَنْصوبٌ مفعول المصدر؛ وهو (طَعْن)، و (الرجلِ): مجرورٌ مضافٌ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] في (أ): (في)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 439]

(1/9559)

[حديث: عاتبني أبو بكر وجعل يطعنني بيده في خاصرتي ... ]

5250# قوله: (وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ): قال شيخنا: وفي رواية أبي زيد: (بيديه)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (يطعن): يجوز في عينه الضمُّ والفتح؛ لُغَتان، وقال شيخنا هنا: إنَّه بالضمِّ؛ لأنَّه باليد، والطعن بالقول: بالفتح، ذكره ابن فارس عن بعضهم، انتهى.

(1/9560)

((68)) (كِتَابُ الطَّلَاقِ) ... إلى (بَاب الخُلْعِ)

فائدةٌ: مَن طلَّقها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أزواجه أو قيل: إنَّه طلَّقها: طلَّق حفصة، هذا لا شكَّ فيه، وقد قيل: إنَّه طلَّق سودة، وكذا ريحانة على القول بأنَّها زوجةٌ، وقيل: إنَّه طلَّق سنَّا، وكذا العالية تزوَّجها، فكانت عنده ما شاء الله، ثُمَّ طلَّقها، قاله ابن عَبْدِ البَرِّ، وقال غيره: الأصحُّ أنَّه لم يدخل بها، وقيل: إنَّه طلَّق عمرة بنت الجون، وسيأتي في باطنها الاختلاف في اسم المستعيذة، وفي هذا «الصَّحيح»: أنَّها ابنة الجون، والله أعلم.

[ج 2 ص 439]

(1/9561)

[قول الله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}]

(1/9562)

[حديث: مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض]

5251# قوله: (أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ امرأةَ ابن عمر المطلَّقة اسمُها آمنة بنت غفار، كذا ذكرها النَّوَويُّ في «مبهماته»، وفي «تهذيبه» ذكرها كذلك عن ابن باطيش، وكذا ذكرها الذَّهَبيُّ عن النَّوَويِّ، والله أعلم.

قوله: (أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ): (تُطلَّق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النساءُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 440]

(1/9563)

[باب: إذا طلقت الحائض يعتد بذلك الطلاق]

قوله: (بَابٌ: إِذَا طُلِّقَتِ الْحَائِضُ): (طُلِّقت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الحائضُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (هَلْ [1] يُعْتَدُّ): (يُعتَدُّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[1] (هل): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 440]

(1/9564)

[حديث: مره فليراجعها]

5252# قوله: (تُحْتَسَبُ): هو بِضَمِّ المُثَنَّاة تحت في أوَّله، وفتح السين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَمَهْ): يحتمل الزجر، ثُمَّ استأنف، ويحتمل (ما) التي للاستفهام، وقف عليها بالهاء؛ أي: فأيُّ شيء يكون حكمه إن عجز وتحامق؟ أما يلزمه الطلاق؟! قاله ابن قُرقُول.

قوله: (وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، وقد روى هذا البُخاريُّ عن سليمان بن حرب، عن شعبة، عن قتادة به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.

قوله: (أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ؟): أي: عن النطق بالرجعة، أو ذهب عقلُه عنها.

قوله: (وَاسْتَحْمَقَ): (استَحْمَق): بفتح التاء، قال ابن الأثير: ويُروى (استُحْمِق)؛ على ما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، والأوَّل أولى _يعني: الذي بفتح التاء مبنيًّا للفاعل_؛ ليزاوج (عَجَز)، ومعنى (استحمق): فَعَل فِعْلَ الحمقى، وقال بعضهم عن القُرْطُبيِّ: لا يجوز بناؤه للمفعول؛ لأنَّه غير متعدٍّ، انتهى، وما قاله صحيحٌ، وهو لازمٌ، لكنِّي رأيتُ عن سيبويه جوازَ بناء اللازم، والله أعلم.

5253# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، أبو مَعْمَر المنقريُّ الحافظ المُقْعَد، تقدَّم مُتَرجَمًا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (وقال أبو معمر)، وقد تَقَدَّمَ أن (قال) إذا عزاها لشيخه كهذا؛ فإنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام.

قوله: (حُسِبَتْ عَلَيَّ تَطْلِيقَةً [2]): (حُسِبتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، والتاء في آخره ساكنة علامة التأنيث، و (عليَّ): جارٌّ ومجرور.

(1/9565)

[باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟]

قوله: (بَابُ مَنْ طَلَّقَ، وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلَاقِ؟): أمَّا ما ترجم له من المواجهة بالطلاق؛ فهو موجودٌ في حديث عائشة _دون حديث أبي أُسَيد وابن عمر_ صريحًا، ولا شكَّ في جواز ذلك، لكنَّ تركه أولى؛ لأنَّه أَرْفَقُ وأَلْطَفُ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 440]

(1/9566)

[حديث: لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك]

5254# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، و (الْوَلِيدُ) بعده: هو ابن مسلم، أحد الأعلام، الدِّمَشْقيُّ، و (الأَوْزَاعِيُّ): عبد الرحمن بن عمرو، أبو عمرو، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام المشهورين.

قوله: (أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ): اختُلف في اسم المستعيذة منه صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال النَّوَويُّ في «تهذيبه»: والأصحُّ أنَّ اسمها أميمة، قال: ورُوِّينا في آخر كتاب «دلائل النبوَّة» للبيهقيِّ قال: ورُوِّينا في حديث أبي أُسَيد في قصَّة الجونيَّة التي استعاذت: أنَّ اسمها أميمة بنت النعمان بن شَراحيل، انتهى، ويأتي قريبًا أنَّه أتى بالجونيَّة، فأُنزِلت في بيت أميمة بنت النعمان بن شَراحيل، فصريحه أنَّ المستعيذة ابنة الجون، وأنَّها غير أميمة بنت النعمان بن شَراحيل، وفي «مستدرك الحاكم» في (المناقب) في ترجمة الكلابيَّة: ثُمَّ قالت لها إحداهما _يعني: عائشة أو حفصة_: (إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعجبه من المرأةِ إذا دخلت عليه؛ أن تقول: أعوذُ بالله منكَ ... ) إلى آخره، ثُمَّ تعقَّبه الذَّهَبيُّ بأنَّ سنده واهٍ، وقال بعض مشايخي: وفي «مستدرك الحاكم» بسند الواقديِّ: أنَّ القائل لها ذلك [إمَّا] عائشةُ وإمَّا حفصة، انتهى.

وذكر الحاكم في ترجمتها أيضًا قبل هذا حديثًا فيه الواقديُّ فقال: (ودخل عليها داخلٌ من النساء فعلَّمها ذلك)، وذكر هذا أيضًا شيخُنا عن الحاكم، وسيأتي قريبًا شيءٌ من ذلك، قال النَّوَويُّ: قال _يعني: البَيْهَقي_: وذكر ابن منده في كتاب «المعرفة» اسمها أميمة بنت النعمان، وأنَّه يُقال: إنَّها فاطمة بنت الضَّحَّاك، ويُقال: إنها مُلَيكة الليثيَّة، قال: والصَّحيح أنَّها أميمة، قال النَّوَويُّ: قلت: وقيل: اسمها عمرة، قال الخطيب في «الأسماء المبهمة»: اسمها أسماء، قال هشام بن مُحَمَّد الكلبيُّ: اسمها أسماء بنت النعمان بن الحارث بن شَراحيل بن عبدِ بن الجون، انتهى.

(1/9567)

وذكر شيخنا في شرحه لهذا الكتاب في اسمها أقوالًا، وقال في «تخريج أحاديث الرافعيِّ؛ الخلاصة» _وقد قرأتُها عليه أجمع_: فيها سبعة أقوالٍ: أميمة، أو أسماء، أو عمرة، أو فاطمة، أو مليكة، أو سَبَا، أو العالية، انتهى، و (سَبَا): بالسين المُهْمَلة المفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة خفيفة، وهي بنت الصَّلْت السُّلَميَّة، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده» في (سبا): ويُقال: سنا _يعني: بالنون_ ذكر ابن الكلبيِّ: أنَّه عليه السلام تزوَّج بها فماتت قبل الدخول، انتهى.

ورأيت في «تذهيب الذَّهَبيِّ» والظاهر أنَّه في أصله في ترجمة النوَّاس بن سمعان ما لفظه: وقد وفد أبوه _يعني: سمعان_ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فزوَّجه ناجية؛ وهي الكلابيَّة التي تعوَّذت من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فتركها، انتهى، ولا أعلم أنا أحدًا من الصَّحابيَّات اسمها ناجية، والله أعلم.

قوله: (قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ): اعلم أنَّه وقع في «الوسيط» للغزاليِّ: فعلَّمها نساؤه كلمةً؛ يعني: الاستعاذة، قال النَّوَويُّ في «مبهمات التهذيب» عقيب تسمية المستعيذة: هذا باطلٌ، ليس بصحيحٍ، وقد رواه مُحَمَّد بن سعد في «طبقاته» بهذه الزيادة، وإسنادُه ضعيفٌ، انتهى، وقد قَدَّمْتُ لك ما في «المستدرك» والكلام عليه.

سؤالٌ: على تقدير صحَّة ما رواه ابن سعد في «الطبقات» وما رواه الحاكم، وهو إذا كان علَّمها نساؤه أن تقول ذلك؛ فلِمَ عاقبها بالطلاق وهي لا تعلم؟ وجوابه: أنَّها إذا لم تعلم قبح هذه اللفظة؛ لا تصلح أن تكون من أزواجه، خصوصًا من يخاطب أفضل الأنبياء بل أفضل الخلق بهذا الخطاب، كما سيأتي أنَّها قالت له قبل الاستعاذة: وهل تَهَبُ الملكة نفسها للسُّوقة؟! والله أعلم.

قوله: (الْحَقِي بِأَهْلِكِ): هو بهمزة وصل، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتها، وبفتح الحاء، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

[ج 2 ص 440]

(1/9568)

قوله: (رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): (حجَّاج بن أبي مَنِيع): هو حجَّاج بن يوسف بن أبي مَنِيع عبيدِ الله بن أبي زياد الرُّصافيُّ، أبو مُحَمَّد، مولى بني أُمَيَّة، وقيل: حجَّاج بن أبي مَنِيع يوسفَ بن عبيد [1] الله بن أبي زياد، عن جدِّه عبيد الله عن الزُّهريِّ نسخة كثيرة، وعن موسى بن أعين، وعنه: الذُّهْليّ، وابن وَارَةَ، وأبو أسامة عبدُ الله بن مُحَمَّد الحلبيُّ، وطائفة، سكن حلب، قال هلال: كان مِن أعلم الناس بالأرض وما أنبتت، وأعلم الناس بالفرس مِن ناصيته إلى حافره، وبالبعير مِن سَنامه إلى خُفِّه، وهو ثقة، قال الذُّهْليُّ: لم أر لعبيد الله راويةً غير ابن ابنه حجَّاج، أخرج إليَّ جزءًا مِن أحاديث الزُّهريِّ، فوجدتها صحاحًا، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، علَّق له البُخاريُّ فقط، وأمَّا (جدُّه)؛ فعبيد الله بن أبي زياد الرُّصافيُّ الشاميُّ، صاحب الزُّهريِّ، روى عنه حفيدُه حجَّاج بن أبي مَنِيع وحده، قال ابن سعد: كان أخا امرأة هشام بن عبد الملك من الرَّضاعة، ولمَّا قدم الزُّهريُّ على هشام بالرصافة؛ لزمه عبيد الله وسمع كتبه، سمعها منه ولده أبو مَنِيع يوسف، وابن ابنه حجَّاج، تُوُفِّيَ سنة ثمان أو تسع وخمسين ومئة، عن نيِّف وثمانين سنةً، قال مُحَمَّد بن يحيى الذُّهْليُّ: عبيد الله بن أبي زياد لا أعلم له روايةً غير ابن ابنه حجَّاج، وذكر ما ذكرته في ترجمة حجَّاج، وقال الدَّارقطنيُّ وغيره: ثقة، علَّق له البُخاريُّ فقط، ذكر الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: عبيد الله بن أبي زياد الرُّصافيُّ عن الزُّهريِّ، فقال: له عنه نسخةٌ، ما روى عنه سوى حفيدِه حجَّاج بن أبي مَنِيع يوسف بن عبيد الله، قال الذُّهْليُّ: هو من رُصافة الشام، لا أعلم له راويًا غير ابن ابنه الحَجَّاج، وذكر كلامه كما ذكرته، ثُمَّ قال: فهذا مجهول مُقارِب الحديث، وقال الدَّارقطنيُّ: هو ثقة، قلت: وعلَّق البُخاريُّ له شيئًا في (الطَّلاق)، انتهى، وقد رأيته في «الثِّقات» لابن حِبَّان، ولم يذكر عنه راويًا سوى الحَجَّاج هذا ابن ابنه، والله أعلم.

قال شيخنا: (وهذا التعليق رواه الفسويُّ يعقوب بن سفيان في «مُنتخبه» عن حجَّاج به، وليس فيه ذكر للجونيَّة، إنَّما فيه أنَّها كلابيَّة، ثُمَّ ذكره، وسمَّاها فيه: العالية، ونَسَبَها).

==========

[1] في (أ): (عبد)، وليس بصحيح.

(1/9569)

[حديث: يا أبا أسيد اكسها رازقيتين وألحقها بأهلها]

5255# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ غَسِيلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الغين المُعْجَمة، وكسر السين المُهْمَلة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة، ابن الغسيل، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (حَمْزَة بْن أَبِي أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ، و (أبو أُسَيد): تَقَدَّمَ أنَّ الصواب أنَّه بِضَمِّ الهمزة، وفتح السِّين: مالك بن ربيعة أو هلال بن ربيعة، ومالك أشهر، بدريٌّ مشهور رضي الله عنه.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: الشَّوْطُ): هو بفتح الشين المُعْجَمة، وإسكان الواو، وبالطاء المُهْمَلة، ولا أعلم في إهمالها خلافًا، وقد ذكره ابن الأثير في «نهايته» مع الشَّوط الذي هو الطَّوفة، وقد رأيت في كلام بعضهم أنَّه بالظَّاء المشالة، وهذا تصحيف فيما أَخال، والله أعلم، اسم حائط من بساتين المدينة المُشرَّفة.

قوله: (إِلَى حَائِطَيْنِ): تَقَدَّمَ ما (الحائط) مُطَوَّلًا.

قوله: (حَتَّى [1] أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الجونيَّة): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا.

قوله: (وَمَعَهَا دَايَتُهَا): (داية الجونيَّة) لا أعرف اسمها.

قوله: (وَهَلْ تَهَبُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهاء.

قوله: (لِلسُّوقَةِ): هو بِضَمِّ السِّين، وإسكان الواو، قال في «النِّهاية»: (السُّوقة من الناس: الرَّعيَّة دون الملِك، وكثير مِن الناس يظنُّون أنَّ السُّوقةَ أهلُ الأسواق)، انتهى، وقال الجواليقيُّ: وليس كما يذهب إليه عَوامُّ النَّاس إلى أنَّهم أهل السُّوق، وسمُّوا سوقة؛ لأنَّ الملك يسوقهم، فيُساقون له، ويصرفهم عن مرادهم، يقال للواحد منهم والاثنين: سُوْقة، وربَّما جُمِعَ: سُوْقَى، وأمَّا أهل السُّوق؛ فالواحد منهم: سُوقيٌّ، والجماعة: سوقيُّون، قاله شيخنا.

(1/9570)

قوله: (اكْسُهَا رَازِقِيَّيْنِ [2]): (الرَّازقيُّ): بالرَّاء، وبعد الألف زايٌ مكسورةٌ، ثُمَّ قاف، ثُمَّ ياء مُشدَّدة مفتوحة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ثياب كتَّان بيضٍ)، انتهى، وما قاله هو لفظ «الصِّحاح» للجوهريِّ، وفي «المطالع»: (ثياب من الكتَّان بيض طوال، قاله أبو عبيد، وقال غيره: داخلتْ بياضَها زُرقةٌ)، انتهى، وفي «النهاية»: («رازقيَّين»، وفي رواية: «رازقيَّتَين»: الرَّازقيَّة: ثياب بيض كتَّان، والرَّازقيُّ: الضَّعيف من كلِّ شيء)، انتهى، ورواية (رازقيَّتين) تأتي قريبًا معلَّقة، ثُمَّ أسندها، وقال: (بهذا)، ولم يسق لفظه، وأظنُّها على إرادة الشُّقَّة أو الخرقة، والله أعلم.

قوله: (وَأَلْحِقْهَا): هو بفتح الهمزة، وكسر الحاء، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9571)

[حديث: تزوج النبي أميمة بنت شراحيل]

5256# 5257# قوله: (وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ): هو الحُسين بن الوليد النيسابوريُّ، أبو عبد الله، ويقال: أبو عليٍّ، الفقيه، مولى قريش، عن ابن جُرَيج، وابن أبي ذئب، وعكرمة بن عمَّار، ومالك، وشعبة، وطبقتهم، وعنه: أحمد، وابن راهويه، ومُحَمَّد بن يحيى، قال أحمد: ثقة، وقال الدَّارقطنيُّ: ثقة، قال الحاكم: كان شيخ بلدنا في عصره، وكان أسخى النَّاس، وأورعهم، وأقرأهم للقرآن، قرأ على الكِسائيِّ وعلى عيسى بن طهمان، وكان يغزو التُّرك في كلِّ ثلاث سنين، ويحجُّ كلَّ خمس سنين، مات سنة (202 هـ)، وقد زرت قبره، وقال البُخاريُّ: مات سنة (203 هـ)، انتهى، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له النَّسَائيُّ، و (عَبْد الرَّحْمَنِ): هو ابن سليمان، تَقَدَّمَ أعلاه، و (عَبَّاسِ بْن سَهْلٍ)؛ بالموحَّدة، والسين المُهْمَلة، مشهور جدًّا عند أهله، و (أَبُو أُسَيد): بِضَمِّ الهمزة على الصَّواب، تَقَدَّمَ أعلاه وقبل ذلك أيضًا، وتعليق الحسين: لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا؛ فانظره.

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ [1] إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِ): هذا هو المسنديُّ، قال الكلاباذيُّ في «كتابه في رجال البُخاريِّ» في أواخره قال: (ومنهم مَن أورده البُخاريُّ مقرونًا في إسناد واحد، أو أورده في إسناد مضموم إلى إسنادٍ آخرَ قبل متن الحديث أو مُعقَّبًا بعد إسناد الحديث الذي تَقَدَّمَ إلى آخر التَّرجمة، فمنهم مَن أعرفه باسمه؛ منهم من أوَّل الحرف مِن اسمه «الألف»: إبراهيم بن أبي الوزير، واسمه عمر ... إلى أن قال: حدَّث عن عبد الرحمن ابن الغسيل، روى البُخاريُّ عن عبد الله بن مُحَمَّد المسنديُّ عنه في «الطَّلاق»)، انتهى؛ فهذا هو المسنديُّ، والله أعلم.

(1/9572)

[قوله]: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ): هو إبراهيم بن أبي الوزير عمرَ بن مُطرِّف، مولى بني هشام، مكِّيٌّ، نزل البصرة، عن عبد الرحمن ابن الغسيل _وهو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاريُّ، والغسيل: حنظلة بن أبي عامر_، ونافعِ بن عمر، وشريك، ومالك، وفليح، وجماعة، وعنه: مُحَمَّد بن المثنَّى، وبُنْدَار، وزيد بن أخزم، وبكَّار بن قتيبة القاضي، وخلق، قال أبو حاتم وغيره: لا بأس به، وقال بعضهم: مات بعد أبي عاصم النَّبِيل، قال خليفة وجماعة في وفاة أبي عاصم النَّبيل: تُوُفِّيَ في ذي الحجَّة سنة اثنتي عشرة ومئتين، قال ابن سعد: في رابعَ عشرةَ، وغلط مَن قال: سنة ثلاثَ عشرةَ، وأمَّا البُخاريُّ؛ فقال: مات سنة أربعَ عشرةَ في آخرها، وقد رأيت في «التذهيب» رقم عليه: (خ 4)، وكذا في نسخة صحيحة مقروءة من «الكاشف»، وفي نسختي من «الكاشف»: رقم عليه: (خ مقرونًا 4)، وهذا المذكور هنا قرن، و (عبد الرَّحمن): هو ابن سليمان ابنُ الغسيل المذكور أعلاه، والله أعلم.

قوله: (وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا): هذا معطوفٌ على السَّند قبله، وقد رواه البخاريُّ بإسناده إلى عبدِ الرَّحمن؛ وهو ابن الغسيل، وهو القائل.

[ج 2 ص 441]

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

(1/9573)

[حديث: تعرف ابن عمر إن ابن عمر طلق امرأته ... ]

5258# قوله: (عَنْ أَبِي غَلَّابٍ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ): (أبو غَلَّاب): هو بفتح الغين المُعْجَمة، وتشديد اللَّام، وفي آخره مُوَحَّدَة.

قوله: (قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): هذا السُّؤال إن كان على حقيقة؛ فلا أعرف هذا الرَّجل وإن كان لم يقع وإنَّما هو مثال وفرضٌ كما يفعل أهل العلم اليوم؛ فلا يُسأَل عن الرَّجل.

قوله: (طَلَّقَ ابنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ [1]): تَقَدَّمَ الكلام على امرأة ابن عمر المطلَّقة، وأنَّها آمنة بنت غِفَار قريبًا.

قوله: (فَإِذَا طَهُرَتْ): هو بفتح الهاء وضمِّها، وهذا معروف.

قوله: (أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ؟!): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، وما قيل في (استحمق) من جهة أنَّه مَبْنيٌّ للمفعول.

(1/9574)

[باب من أجاز طلاق الثلاث]

قوله: (بَابُ مَنْ أَجَازَ طَلَاقَ الثَّلَاثِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (لزوم الثَّلاث إذا وقعت متفرِّقات لا خلاف فيه، فإن وقعت في كلمة واحدة؛ فالمذهب أيضًا كذلك؛ اللُّزوم، ونقلُ عدمِ اللُّزوم شاذٌّ عن الحَجَّاج بن أرطاة وابن إسحاق، وإنَّما ساق البُخاريُّ الترجمة؛ للردِّ على المخالف، فذكر الحديث فيه إرسال الثَّلاث دفعةً، وأحاديثَ فيها لزوم الثلاث، ولم يذكرِ الكيفيَّة [1]؛ هل مجتمعات أو متفرِّقات؟ ولمَّا قام الدليل عنده على تساوي الصور؛ كفاه الدليل في بعضها دليلًا في الجميع، والله أعلم، وكأنَّه أثبت حكم الأصل بالنصِّ، وألحق الفرع بقياس نفي الفارق)، انتهى، فقوله: (في كلمةٍ واحدةٍ): كذلك الحكم إذا قال: أنتِ طالق، وطالق، وطالق، وقصد الاستئناف، كذا قاله أبو العَبَّاس ابن تيمية، وهما المسألة المعروفة، أمَّا حديث سهل بن سعد؛ ففيه إرسال الثَّلاث دفعةً واحدةً، وأمَّا حديث عائشة في امرأة رفاعة؛ ففيه إرسال البتات، وأمَّا الحديث الثَّالث؛ ففيه إرسال الثلاث من غير بيان لذكر الكيفيَّة، هل هنَّ مجتمعاتٌ أو متفرِّقاتٌ؟ لكن في (باب التَّبسُّم والضَّحك) من (كتاب الأدب): (إنَّ رفاعة طلَّقني آخر ثلاث تطليقات)، فبان بذلك أنَّها كانت مُتفرِّقات، ولم تكن في كلمة، فلا حجَّة فيه هنا، وكذلك ما ذكره عن ابن الزُّبَير، فيحتمل أن يكون في كلمة أو أكثر، وأن يكون خُلْعًا، وكذا قاله شيخنا فيهما، والكلامُ فيما إذا طلق ثلاثًا بلفظ واحد، وكذا إذا قال: أنت طالق، وطالق، وطالق، وقَصَدَ الاستئناف؛ معروفٌ، وللنَّاس في ذلك خلاف، وقد أطال فيها أبو العَبَّاس ابن تيمية الكلام، ولخَّصه ابن قَيِّم الجَوزيَّة في غير مكان مِن كتبه؛ في «الهدْي»، وفي «إغاثة اللَّهفان»، ومذهبهما في المسألة معروفٌ، وقد تكلَّم النَّاس مع ابن تيمية في المسألة، وردُّوا عليه، وقد رأيت في كلام ابن القَيِّم في «معاليم المُوقِّعين»: (أنَّ ابن تيمية له فيها نحوُ ألفي ورقةٍ قال: وبلغتِ الوجوه التي استدلَّ بها عليها من الكتاب، والسُّنَّة، وأقوال الصَّحابة، والقياس، وقواعد إمامه _يعني: أحمد ابن حنبل_ خاصَّة، وغيره من الأئِمَّة زهاء ألفين دليلًا)، انتهى.

(1/9575)

وفي عصرنا بلغنا أنَّ الإمام الرَّئيس القاضي برهان الدين ابنُ جماعة قاضي القضاة بدمشق عزَّر مَن أفتى بها مِن الحنابلة، وكان المُعزَّر رجلًا صالحًا، وهو من أصحابنا، وممَّن سمع بقراءتي، وسمعت بقراءته، وكذلك بلغنا أنَّه عُزِّر قبله بعض مُفْتِي الحنابلة عليها ممَّن سمعت عليه حديثًا.

وتحرَّر في المسألة أربعةَ أقوال: الوقوعُ، وعدمُه _وحكَوه عن الحَجَّاج بن أرطاة، وابن إسحاق، والإماميَّة، وعن جماعةٍ مِن أهل البيت_، ووقوعُ واحدةٍ فقط، الرَّابع: الفرق بين المدخول بها وغيرها؛ فغير المدخول بها تقع واحدة، والمدخول بها الثَّلاث، وفيه حديث في «سنن أبي داود»، ومذهب الأئِمَّة الأربعة: الإمضاء، هذا الذي نعرفه، وحكى ابن القَيِّم عن جدِّ الشيخ _يعني: أبا الرِّكاب عبد السلام ابن تيمية صاحب «المنتقى»، و «المُحرَّر» _ اختيارَه: أنَّه واحدة، قال: ولا أقلَّ من أن يكون صاحبَ وجه، وقد نقل ابن القَيِّم أيضًا أنَّه لم يَسلَم عصرٌ مِن مُخالِف فيها مُطَوَّلًا، والمسألة معروفة، والدَّليل لابن تيمية: حديثٌ في «صحيح مسلم»؛ فانظره إن أردته، والذي نعتقده مذهبُ الجماعة الأكثرين؛ وهو الوقوع، والله أعلم [2].

قوله: (وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام، الصَّحابيُّ المشهور، ابن الصَّحابيِّ المشهور رضي الله عنهما.

قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الشين المُعْجَمة، وأنَّه عامر بن شراحيل مرارًا.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ): هو عبد الله بن شُبرمة بن طُفَيل بن حسَّان، أبو شُبرمة، الضَّبِّيُّ الكوفيُّ القاضي، عالم أهل الكوفة، تابعيٌّ مشهور، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وقد علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له أبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه.

قوله: (تَزَوَّجُ): هو بفتح التَّاء، محذوف إحدى التَّاءين؛ أي: تتزوَّج، وقد طرأ في أصلنا ضمُّ التاء، فيبقى مبنيًّا للمفعول، وهذا ظاهِرٌ أيضًا جائزٌ.

قوله: (الزَّوْجُ الآخِرُ [3]): هو بكسر الخاء بالقلم في أصلنا، وطرأ على أصلنا فتحُ الخاء، وهو جائز.

==========

[1] في (أ): (الفقيه)، والمثبت من مصدره.

[2] تكرَّر في الأصل: (والله أعلم).

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (الآخَرُ)؛ بفتح الخاء، وفي (ق) بالضبطين معًا.

[ج 2 ص 442]

(1/9576)

[حديث: قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها]

5259# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ): تَقَدَّمَ، وأنَّه صَحَابيٌّ مشهور، في (سورة النُّور).

قوله: (فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا)؛ لِمَا فيها مِن هتك المسلم.

قوله: (حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ): (كَبُر): بفتح الكاف، وضمِّ الموحَّدة، وهذا معروف ظاهر.

قوله: (الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا): (سألْتُه): بِضَمِّ التاء على التكلُّم.

قوله: (وَسطَ النَّاسِ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال بالإسكان والتَّحريك.

قوله: (قَدْ أُنْزِلَ [1] فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ): (أُنزِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (صاحبته): زوجته، وقد ذكرت في (النور) ما قاله ابن شيخنا البلقينيِّ فيها، وذكرت هناك أنَّ هذا يوهم أنَّ آية اللِّعان أُنزِلت فيه، والجوابُ عنه، والصَّحيح: أنَّها أُنزِلت في هلال بن أُمَيَّة وزوجتِه، والله أعلم.

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ [2] سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام في (سورة النُّور)، وهذا المكان ممَّا يُبيِّن الإدراج.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (أَنْزَلَ اللهُ).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (تِلْكَ).

[ج 2 ص 442]

(1/9577)

[حديث: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة]

5260# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (عُقَيْلٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ ... ) إلى أن قال: (فنَكَحْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ القُرَظِيَّ): قال الشَّيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «تهذيبه»: امرأة رفاعة التي تزوَّج بها عبد الرحمن بن الزَّبِير اختُلِف فيها؛ فقيل: سُهَيمة، وقيل: عائشة، وقيل: تميمة، حكى الأقوال الثلاثة ابنُ الأثير في مواضعَ مِن كتابه، وذكرها في «حرف التَّاء»: تميمة بنت وهب أبي عبيد القرظيَّة، مُطلَّقة رفاعة القُرظيِّ، وقال فيها القلعيُّ: تُمَيمة _بِضَمِّ التاء_ بنت وهب الفزاريُّ، وذكرها الخطيب في «الأسماء المبهمة»، فقال: هي تميمة، وقيل: سُهيمة بنت وهب بن عبيد، وذكر غيرهم أنَّه يقال فيها: تَميمة _بفتح التاء_ وتُميمة؛ بضمِّها)، انتهى، وقال شيخنا

[ج 2 ص 442]

في غير هذا «الشَّرح» فيما قرأته عليه: (اختُلِف في اسمها؛ فقيل: سُهيمة، وقيل: عائشة، وقيل: تميمة _بِضَمِّ التَّاء وفتحها_ وقيل: أُميمة، وقيل: نعيمة، وقيل: أُمَيَّة، وقيل: الرُّميصاء، وقيل: الغُميصاء)، انتهى؛ واقتصر ابن شيخنا البلقينيِّ على أنَّها تميمة، فقال: (تَقَدَّمَ أنَّها تميمة بنت وهب؛ تضمُّ تاؤها وتُفتَح)، انتهى.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ): هو رفاعة بن سَمْوال؛ بسين مهملة تُفتَح وتُكسَر، ثُمَّ ميم ساكنة، وقيل: رفاعة بن رفاعة القرظيُّ المدنيُّ، من بني قريظة، وهو خال أمُّ المؤمنين صفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب؛ لأنَّ أمَّها برَّة بنت سَمْوال، رفاعة: صَحَابيٌّ معروفٌ رضي الله عنه.

(1/9578)

قوله: (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الزَّبِيرِ): هو بفتح الزَّاي، وكسر الموحَّدة بلا خلاف، وهو الزَّبِير بن باطا، وقيل: باطيا، و (عبد الرحمن): صَحَابيٌّ مشهور، و (الزَّبِير): والده هو الذي قتله الزُّبَير بن العَوَّام، يوم بني قريظة على يهوديَّته، والزَّبِير؛ بفتح الزَّاي: هو الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى، قاله الجوهريُّ في «صحاحه»، هذا هو المشهور: أنَّ عبد الرحمن الذي تزوَّج امرأة رفاعة هو ابن الزَّبِير بن باطا، وقيل: باطيا، وكذا ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ وغيره، وقال ابن منده وأبو نعيم: هو عبد الرحمن بن الزَّبِير بن زيد بن أُمَيَّة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، والصَّواب الأوَّل، والله أعلم.

قوله: (مِثْلُ الْهُدْبَةِ): هي بِضَمِّ الهاء، وإسكان الدَّال المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، هذه اللُّغة الفصيحة، قال الجوهريُّ: (ويقال: بِضَمِّ الدال أيضًا في لغة، ويقال: هُدْب؛ بِضَمِّ الهاء، وإسكان الدَّال، من غير هاءٍ في آخره، وهي طرف مِن سدا الثَّوب لم تُلحَم؛ أرادت: أنَّ متاعَه رخوٌ مثلُ طرف الثَّوب لا يُغنِي عنها شيئًا.

قوله: (حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ ... ) إلى آخره: (العُسيلة): تصغير (عَسَل)، وكنَّى به عن لذَّة الجماع، وكأنَّه أراد: لعقة عسل؛ فأنَّث، وإلَّا؛ فهو مُذكَّر، وقياسه: عُسَيل، وقيل: بل أنَّث على معنى النُّطفة، وقيل: إنَّ العسل يؤنَّث، واعلم أنَّ في «النَّسَائيِّ» عن عائشة مرفوعًا: (العُسَيلة: الجماع)، وكذا رأيت في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» حديثًا عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «العُسَيلة: الجماع»، وذكره أيضًا بسند آخر عنها مرفوعًا.

(1/9579)

واعلم أنَّ الإنزال لا يُشترَط في التَّحليل؛ بل دخول الحشفة فقط، أو قدرها من مقطوعها، واشترطه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، وهو شاذٌّ، وأمَّا العقد وحده؛ فقال جميع العلماء من الصَّحابة والتابعين فمَن بعدهم: لا يكفي، وانفرد سعيد بن المُسَيّب بأنَّه يكفي فقال: إذا عقد عليها الثاني ثُمَّ فارقها؛ حلَّت للأوَّل، ولا يُشترَط وطء الثاني؛ لقوله تعالى: {حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]، والنِّكاح حقيقة في العقد على الصَّحيح، وأجاب الجمهور بأنَّ هذا الحديث مخصِّصٌ لعموم الآية، ومُبيِّنٌ للمراد بها، واعتُذِر عن ابن المُسَيّب بأنَّه لم يبلغه الحديث، قال القاضي عياض: لم يقل أحد بقول ابن المُسَيّب: إلَّا طائفة من الخوارج، والله أعلم.

(1/9580)

[حديث: لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول]

5261# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بشارًا) بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَار، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيْد اللهُ): هو ابن عمر العمريُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا): الظَّاهر أنَّ (الرَّجل) هو رفاعة، وأنَّ (امرأته [1]): هي التي اختُلِف في اسمها قريبًا، والحديثان من رواية عائشة، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ مِن المُتأخِّرين: (حديث عائشة: «أنَّ رجلًا طلَّق امرأته ثلاثًا فتزوَّجت، فطلَّق»، وأعاده بعد بابين بلفظ آخر: الزَّوج: هو رفاعة القُرظيُّ، والثاني: عبد الرحمن بن الزَّبِير، كما في «الصَّحيح»، والمرأة: اسمها تميمة بنت وهب، وقيل: سهيمة _ بالسِّين_ وقيل: أميمة بنت الحارث، وقيل: عائشة بنت عبد الرَّحمن بن عقيل، ووقع في «السِّيرة» لابن إسحاق، و «المعرفة» لابن منده مقلوبًا أنَّ الأوَّل: عبد الرحمن، والثاني: رفاعة، ويحتمل أن يكون مَن أُبهِم في حديث عائشةَ هذا عين هذه القصَّة، فقد روى النَّسَائيُّ من طريق عائشة أيضًا: (أنَّ عمرو بن حزم طلَّق الرُّميصاء، فنكحها رجل، فطلَّقها قبل أن يمسَّها)، وأشار التِّرْمِذيُّ في الباب إلى رواية الرُّميصاء هذه، والله أعلم.

(1/9581)

[باب: من خير نساءه ... ]

قوله: (بَابُ مَنْ خَيَّرَ نِساءَهُ): هذا الباب ذكره ردَّ به على مَن يقول: إنَّ التَّخيير نفسَه طلاقٌ، والقائل به فيما رُوِي عن عليٍّ، وزيد بن ثابت، والحسن، واللَّيث: أنَّ نفس التَّخيير يقع به طلقة ثانية سواء اختارت زوجها أم لا، وحكاه الخَطَّابيُّ وغيره عن مذهب مالك، قال القاضي: لا يصحُّ عنه، وقال ربيعة: يقع رجعيًّا وإن اختارت زوجها، والمسألة طويلة ويكفي هذا منها.

==========

[ج 2 ص 443]

(1/9582)

[حديث: خيرنا رسول الله فاخترنا الله ورسوله]

5262# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غياث، وتَقَدَّمَ ضبط (غياث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (مُسْلِمٌ): هو ابن صبيح، أبو الضُّحى، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا شَيْئًا): (يَعُدَّ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ العين، وتشديد الدَّال المُهْمَلتين، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9583)

[حديث: خيرنا النبي أفكان طلاقًا؟]

5263# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، الحافظ، و (إِسْمَاعِيل) بعده: هو ابن أبي خالد، و (عَامِرٌ): هو الشعبيُّ عامر بن شَراحيل.

قوله: (عَنِ الْخِيَرَةِ): هي بكسر الخاء المُعْجَمة، وفتح المُثَنَّاة تحت؛ أي: عن تخيير الرَّجل امرأتَه.

قوله: (قَالَ مَسْرُوقٌ: لَا أُبَالِي خَيَّرْتُهَا [1] وَاحِدَةً أَوْ مِئَةً بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِي): قال شيخنا: (فيه تقديم وتأخير، وذلك أنَّه قال: لا أبالي بعد أن تختارني أكنت خيَّرتها واحدة أو مئة؟ ذكره ابن التِّين)، انتهى.

قوله: (أَنَّ أَبَوَيَّ): تَقَدَّمَ أنَّ أبويها أبو بكر عبد الله بن عثمان الصِّدِّيق، وأُمُّ رومان دعد، ويقال: زينب، وهذا ظاهِرٌ جليٌّ.

(1/9584)

[باب من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام]

قوله: (إِذَا [1] قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ): أصول المذاهب في هذه المسألة أربعةَ عشرَ مذهبًا، ذكرها النَّوَويُّ في «شرح مسلم» عن القاضي عياضٍ، وذكرها ابن القَيِّم ثلاثةَ عشرَ، وأطال فيها الكلام، ومذهب الشَّافِعيِّ إن نوى طلاقًا؛ فطلاقٌ، أو ظهارًا؛ فظهارٌ [2]، فإن نواهما؛ تخيَّر، وثبت ما اختاره على الصَّحيح، أو تحريم عينها؛ لم تحرُم، وعليه كفَّارة يمين، وكذا إن لم يكن له نيَّةٌ في الأظهر، والثاني لغوٌ، والله أعلم، ويتفرَّع إلى أكثر مِن عشرين مذهبًا.

قوله: (قَالَ الْحَسَنُ: نِيَّتُهُ): هو الحسن بن أبي الحسن البصريُّ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مَنْ).

[2] في الأصل: (فظهارًا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 443]

(1/9585)

[حديث: لو طلقت مرةً أو مرتين فإن النبي أمرني بهذا]

5264# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي [1] نَافِعٌ قَالَ [2]: كَانَ ابْنُ عُمَرَ ... )؛ فذكره، هذا ذكره البُخاريُّ في (الطلاق) عن قتيبة، عن اللَّيث بن سعد به، وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى، وقتيبة، وابن رمح؛ ثلاثتهم عن اللَّيث به، وأخرجه أبو داود عن قتيبة عنه، وهذا الذي عزوته أصلُ الحديث، وعزاه شيخنا لمسلم فقط.

قوله: (فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِهَذَا)؛ أي: أمرني بالمراجَعة؛ لأجل الحيض، وإن طلَّقت ثلاثًا؛ لم يكن لك مراجعة؛ لأنَّها لا تحلُّ لك إلَّا بعد زوجٍ، وكذا جاء مُفسَّرًا في رواية أخرى، كما نبَّه عليه القُرْطُبيُّ، وأمَّا رواية من روى أنَّ ابن عمر طلَّق ثلاثًا؛ فوَهَمٌ، وكأنَّ البُخاريَّ أراد بإيراد هذا: أنَّ فيه لفظة: «حَرُمتْ عليك»، وإلَّا؛ فلا مناسبةَ له في الباب، قاله شيخنا، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا: (عن).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وعليها في (ق) علامة راويها، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، و (قال): ليس في رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 443]

(1/9586)

[حديث: لا تحلين لزوجك الأول حتى يذوق الآخر عسيلتك]

5265# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة أحد) في (باب ما أصاب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من الجراج يوم أُحُد).

قوله: (طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ): الظاهر أنَّ المُطلِّق هو رفاعة القرظيُّ، و (المرأة): تَقَدَّمَ الاختلاف فيها قبل هذا بقليل، والحديثان مِن رواية عائشة، والله أعلم.

قوله: (فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فَطَلَّقَهَا): (الزَّوج الثاني (: هو عبد الرحمن بن الزَّبِير فيما يظهر، وتَقَدَّمَ أعلاه ما ذُكِر فيه، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا وضبطه، وما قاله بعض حفَّاظ العصر في ذلك.

قوله: (مِثْلُ الْهُدْبَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا معنًى وضبطًا.

قوله: (إِلَّا هَنَةً وَاحِدَةً [1]): هو بفتح الهاء، وتخفيف النُّون بعدها، ثُمَّ تاء التأنيث، كذا في أصلنا؛ أي: مرَّة واحدة، و (الهنة)؛ بتخفيف النُّون وتشديدها: كلمة يُكنى بها عن الشيء الذي لا يُذكَر اسمه، وقد رُوِي بالموحَّدة المفتوحة المُشَدَّدة، ذكره ابن قُرقُول في (الهاء مع الباء): (كذا لابن السَّكن؛ أي: مرَّة واحدة، وقيل: الهبَّة: الوقعة،، يقال: احذر هبَّة السيف؛ أي: وقعته، فهو كناية عن المواقعة بالجماع، ويُسمَّى الوقاع، وقيل: هو مِن هباب الجمل أو التَّيس إذا هاج للجماع وصاح، ورواية الكافَّة: «هنة»؛ بالنون، قال ابن عبد الحكم: أي: مرَّة، قلت: فكأنَّها تشير إلى تحقيرها ونزارتها)، انتهى، وقول ابن قُرقُول: (مرَّة واحدة ووطأة واحدة)؛ يُرِيد بذلك: إلى أنَّه جلس بين شعبها، وهَمَّ بها فلم ينتشر عليه، أو انتشر انتشارًا يسيرًا، ولم يمكنه أن يدخله فيها، والله أعلم، وابن الأثير لم يذكر اللَّفظة إلَّا في (الهاء مع الباء).

[ج 2 ص 443]

قوله: (حَتَّى يَذُوقَ الأَخِير)، وفي نسخة: (الآخِر)؛ بكسر الخاء مِن غير ياء.

قوله: (عُسَيْلَتَكِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام قريبًا على (العُسَيلة) ما هي.

(1/9587)

[باب: {لم تحرم ما أحل الله لك}]

(1/9588)

[حديث ابن جبير: أنه سمع ابن عباس يقول: إذا حرَّم امرأته ليس بشيء]

5266# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ): هذا هو معاوية بن سلَّام؛ بتشديد اللَّام، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف وكسر المُثلَّثة.

قوله: (فَلَيْسِ [1] بِشَيْءٍ)؛ أي: فليس بتحريم مُؤبَّد، وعليه كفَّارة يمين، ورُويَ عنه: أنَّ عليه كفَّارةَ ظِهارٍ، قاله شيخنا.

قوله: ({أسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]): تَقَدَّمَ أنَّ (الأسوة)؛ بِضَمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان، وهما قراءتان في السَّبع.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ليس)؛ بلا فاء.

[ج 2 ص 444]

(1/9589)

[حديث: لا بل شربت عسلًا عند زينب ابنة جحش ولن أعود له]

5267# قوله: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هذا هو الحَجَّاج بن مُحَمَّد الأعور المصِّيصيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا): هي حفصة.

قوله: (رِيحَ مَغَافِيرَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (سورة المُتحرِّم).

==========

[ج 2 ص 444]

(1/9590)

[حديث: سقتني حفصة شربة عسل]

5268# قوله: (حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (المَغْراء) بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، ممدود الآخر.

قوله: (يُحِبُّ الحَلْوَاءَ وَالعَسَل [1]): (الحلواء): بالمدِّ، قال ابن قُرقُول: (ممدود عند أكثرهم، والأصمعيُّ يقصرها، وحكى أبو عليٍّ الوجهين، وقال اللَّيث: «الحلواء»: ممدود، وهو كلُّ شيءٍ حلوٌ)، انتهى، وفي «الصِّحاح»: (و «الحلواء» التي تُؤكَل: تُمدُّ وتُقصَر)، انتهى، وقال المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: (الظاهر أنَّ المراد بالحلواء في الحديث: التَّمر)، ثُمَّ استدلَّ عليه، وسيجيء في (باب الحلواء والعسل) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ ... ) إلى أن قال: (سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ): قال القاضي عياض كلامًا وفي آخره: (والأوَّل أصحُّ)؛ يعني: أنَّ شرب العسل كان عند زينب، لا حفصة، قال: (قال النَّسَائيُّ: إسناد حديث حجَّاج صحيحٌ جيِّدٌ غاية، قال الأصيليُّ: حديث حجَّاج أصحُّ، وهو أولى بظاهر كتاب الله، وأكمل فائدةً؛ يريد: قوله تعالى: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} [التحريم: 4]، فهما ثنتان، لا ثلاث، وأنَّهما عائشة وحفصة، وكما اعترف عمر رضي الله عنه، وقد انقلبت الأسماء على الراوي في الرواية الأخرى، كما أنَّ الصَّحيح في نزول الآية أنَّها نزلت في قصَّة العسل، لا في قصَّة مارية المرويِّ [2] في غير «الصَّحيحين»)، قال القاضي: (ولم تأتِ قصَّة مارية في حديث صحيح، قال النَّسَائيُّ: إسناد حديث عائشة في العسل صحيح غاية)، ثُمَّ قال القاضي بعد ذلك: (هذا هو الصَّواب: أنَّ شرب العسل كان عند زينب)، انتهى، قال شيخنا: (وفي «تفسير عبد بن حميد» أنَّها سودة؛ يعني: التي شرب عندها كان لها أقاربُ أهدَوا لها من اليمن عسلًا)، انتهى، وقد ذكر أيضًا شيخنا في (الحِيل) عن الدَّاوديِّ: (أنَّ «حفصة» غلطٌ، وإنَّما الشرب عند صفيَّة بنت حييٍّ، وقيل: عند زينب)، ثُمَّ قال: (والأصحُّ أنَّه عند زينب)، والظَّاهر من كلام شيخنا أنَّ التصحيح من كلام شيخنا: أنَّ الصَّحيح أنَّ الشرب كان عند زينب، والله أعلم.

قوله: (أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا): هذه المرأة لا أعرفها.

قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.

(1/9591)

قوله: (أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟): تَقَدَّمَ ما (المغافير) في (سورة المُتحرِّم).

قوله: (جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ): (جَرَسَتْ): بالجيم، والرَّاء، والسِّين المُهْمَلة المفتوحات، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة؛ أي: أكلت ورعت، و (العُرْفُط): بِضَمِّ العين، وإسكان الراء، وضمِّ الفاء، وبالطاء المُهْمَلتين، قال الدِّمْيَاطيُّ: («العُرْفُط»: شجر الطلح، وهو شجر عظام من شجر العضاه، وله صمغٌ: هو المغافير، كريه الرائحة، واحده: مُغْفُور)، انتهى.

قوله: (وَسَأَقُولُ ذَلِكِ): هو بكسر الكاف، خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَنْ أُبَادِئَهُ [3]): هو بالباء الموحَّدة بعد الهمزة المضمومة، وهمزة مفتوحة قبل هاء الضمير، قال ابن قُرقُول: («أُبادئَه»؛ بالباء: أسابقَه الكلامَ وأبتدئَه؛ مثل: أبادره، وليس من النداء)، وقال في (الاختلاف): («أبادئه»؛ بالباء للكافَّة، وللنَّسفيِّ وأبي الهيثم: «أناديه»؛ بالنُّون، من النداء، وفي كتاب «مسلم» في «باب: أكلت مغافير؟»: لابن الحَذَّاء: «لقد كدت أن أناديه»؛ بالنون، ولسائرهم بالباء)، انتهى.

قوله: (فَرَقًا مِنْكِ): (الفَرَق)؛ بفتح الفاء، والراء، وبالقاف: الفزع.

قوله: (أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟): تَقَدَّمَ في (سورة المُتحرِّم)، و (جَرَسَتْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وكذا (العُرْفُط).

قوله: (لَقَدْ حَرَمْنَاهُ): (حَرَمه): يتعدَّى، و (أحرمه): لغة أيضًا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يُحِبُّ العَسَل والحَلْوَاءَ).

[2] في الأصل: (المروري)، وهو تحريفٌ.

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أُبَادِيَه).

[ج 2 ص 444]

(1/9592)

[باب: لا طلاق قبل النكاح ... ]

قوله: (لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ ... ) إلى أن قال: (وَيُرْوَى فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيّب ... ) إلى آخر كلامه في ذلك: قال شيخنا: (هذه التعاليق أوردها بصيغة تمريض، وليس كذلك في أكثرها كما ستعلمه، أخرج أكثرها ابن أبي شيبة ... إلى أن قال في أَثَرِ سعيد بن المُسَيّب: أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة ... إلى أن قال: وهذا إسناد جيِّدٌ، والله أعلم)، وقد أخرج شيخُنا غالبَ هذه التَّعاليق، وعزاها إلى كتبها.

قوله: (وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيّب): تَقَدَّمَ أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (وَأَبُو بَكْرِ بْن عَبْدِ الْرَّحْمَنِ): هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ المدنيُّ، أحد الفقهاء السَّبعة على قول، قيل: اسمه مُحَمَّد، وقيل: أبو بكر اسمه، وكنيته أبو عبد الرحمن، وكان ضريرًا، وله إخوة، ثقة فقيه عالم سخيٌّ، كثير الحديث، تُوُفِّيَ سنة (94 هـ) على الأصحِّ، أخرج له الجماعة.

قوله: (وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ): ابنِ مَسْعُودٍ، أحد الفقهاء السبعة، الأعمى، عن عائشة، وأبي هريرة، وابن عَبَّاس، وعنه: الزُّهريُّ، وأبو

[ج 2 ص 444]

الزِّناد، وصالح بن كيسان، وخلق، وهو معلِّم ابن عمر بن عبد العزيز، وكان مِن بحور العلم، تُوُفِّيَ سنة (98 هـ)، أخرج له الجماعة، فقيه عالم ثقة كثير العلم والحديث شاعر.

قوله: (وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبان) الصَّحيح صرفُه، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، وهو أبان بن عثمان بن عَفَّانَ الأمويُّ، أبو سعيد، ويقال: أبو عبد الله، عن أبيه، وزيد بن ثابت، وغيرهما، وعنه: ابنه عبد الرحمن، والزُّهريُّ، وأبو الزِّناد، ونُبَيه بن وهب، وأشعب الطامع، وجماعة، قال عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة عن عمرو بن شعيب: ما رأيت أحدًا أعلمَ بحديث ولا فقه منه، وقال يحيى القَطَّان: كان فقهاء المدينة عشرةً؛ منهم: أبان بن عثمان، وسعيد بن المُسَيّب، وذكر الباقين، وقال العِجْليُّ: تابعيٌّ ثقة، تُوُفِّيَ سنة (105 هـ)، أخرج له مسلم، والأربعة.

(1/9593)

قوله: (وَعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ): هذا عليُّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب الهاشميُّ زين العابدين، قال الزُّهريُّ: ما رأيت قرشيًّا أفضل منه، تُوُفِّيَ سنة (94 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَشُرَيْحٍ): هو بالشين المُعْجَمة، والحاء المُهْمَلة، وهو شريح بن الحارث القاضي، أبو أُمَيَّة، الكنديُّ، ولَّاه عمر قضاء الكوفة، أخرج له النَّسَائيُّ، تُوُفِّيَ سنة (78 هـ)، وقيل سنة (80 هـ) تَقَدَّمَ.

قوله: (وَالْحَسَنِ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَعَطَاء): هو ابن أبي رباح، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَعَامِر بْن سَعْدٍ): هو عامر بن سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب الزُّهريُّ، ثقة كثير الحديث، مات سنة (103 هـ)، وقيل: سنة (96 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَسَالِمٍ): هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، أحد فقهاء التابعين، وهو أحد الفقهاء السبعة على قول، قال مالك: لم يكن أحد في زمن سالمٍ أشبهَ مَن مضى في الزُّهد، والفضل، والعيش الحسن منه، تُوُفِّيَ سنة (106 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (وَمُحَمَّدِ [1] بْن جُبَيْرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن جبير بن مطعم النَّوفليُّ، عن أبيه، وعنه: الزُّهريُّ وطائفة، بقي إلى سنة مئة، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ العِجْليُّ وغيره.

قوله: (وَمُحَمَّد بْن كَعْبٍ): هذا هو مُحَمَّد بن كعب القرظيُّ، أبو حمزة، ويقال: أبو عبد الله، المدنيُّ، من حلفاء الأوس، وأبوه من سبي بني قريظة، سكن الكوفة، ثُمَّ رجع إلى المدينة، أرسل عن أبي ذرٍّ، وأبي الدرداء، وروى عن فَضالة بن عُبيد، وعائشة، وأبي هريرة، وابن عَبَّاس، وغيرهم، وعنه: ابن المنكدر، وموسى بن عُبيدة، ويزيد بن الهادي، والحكم بن عتيبة، وخلق، قال ابن سعد: كان ثقة عالمًا ورعًا كثيرَ الحديث، وقال ابن المدينيِّ وغيره: ثقة، تُوُفِّيَ سنة ثمان ومئة، ويقال: سنة سبعَ عشرةَ ومئة، وقيل: سنة عشرين ومئة، وقيل غير ذلك، أخرج له الجماعة.

(1/9594)

قوله: (وَسُلَيْمَان بْن يَسَارٍ): هو سليمان بن يسار؛ بالمُثَنَّاة تحت في أوَّله، مولى ميمونة أمِّ المؤمنين، عنها، وأبي هريرة، وعائشة، وعنه: يحيى بن سعيد، وربيعة الرَّأي، وصالح بن كيسان، وكان من فقهاء المدينة السَّبعة، قال الحسن بن مُحَمَّد ابن الحنفيَّة: هو عندنا أفهم من سعيد بن المُسَيّب، وقال أبو زرعة: ثقة مأمون عابد فاضل، في وفاته أقوالٌ؛ منها: سنة (170 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (وَعَمْرِو بْن هَرِم): قال شيخنا: (لم أره)؛ يعني: لم يرَ تعليقه، قال: (وذكره البَيْهَقيُّ عن كتاب عمرو بن حزم في الكتاب الذي كتبه له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال ابن حزم: وصحَّ عن طاووس، وسعيد بن المُسَيّب، وعطاء، ومجاهد، وابن جبير، وقتادة، والحسن، ووهب بن مُنبِّه، وعليِّ بن الحسين، والقاسم بن عبد الرحمن، وشريح)، انتهى، و (عمرو بن هرم): شخص روى له مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وهو عمرو بن هرم الأزديُّ البصريُّ، يروي عن سعيد بن جبير، وربعيِّ بن حِراش، وأبي الشَّعثاء، وعكرمة، وجماعة، وعنه: أبو بشر، وسالم المراديُّ، وغيرهما، وَثَّقَهُ أحمد وجماعة، وليس بابن هرم بن حَيَّانَ العبديِّ، وذكر صاحبَ التَّرجمة ابنُ حِبَّان في «الثِّقات»، والظاهر أنَّ المراد هذا، وليس بعمرو بن هرم الصَّحابيِّ، يقال: إنَّه من البكائِّين الذين نزلت فيهم الآية في غزوة تبوك، ولو أراد هذا الصَّحابيَّ؛ لقدَّمه مع عليٍّ، والله أعلم.

قوله: (وَالشَّعْبِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، والله أعلم.

(1/9595)

إن قلت: لِمَ اقتصر الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ في هذا الباب على هذه الآثار، ولم يذكر فيها حديثًا؟ وجوابه: أنَّ الأحاديث التي في هذا الباب ليست على شرطه، مُتكلَّم بها، نعم؛ في السُّنَن الأربعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه _وهذا إسناد ليس على شرط البُخاريِّ أيضًا، وإن قال البُخاريُّ عن عمرو بن شعيب: إنَّ حديثه ما معناه أنَّه صحيحٌ، لكن لم يخرِّج له شيئًا في «الصَّحيح»، وفي الاحتجاج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أقوالٌ معروفةٌ_ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا طلاق إلَّا فيما تملك»، وأخرجه الحاكم في «مستدركه»، وقال: صحيح الإسناد، وأخرجه ابن الجارود في «منتقاه»، وقال التِّرْمِذيُّ: حسن صحيح، وهو أحسن شيء رُوِي في الباب، وقال أيضًا [سألت] مُحَمَّدَ بن إسماعيل _ يعني: البُخاري_: فقلت: أي شيء أصحُّ في الطَّلاق قبل النِّكاح؟ فقال: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه، ذكر ذلك شيخنا، وذكر أحاديثَ عدَّةً في الباب، وتكلَّم عليها، وذكر آثارًا غير ذلك، فإن أردتها؛ فانظرها من «شرحه»، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نافع)، وهما أخوان.

(1/9596)

[باب: إذا قال لامرأته وهو مكره: هذه أختي، فلا شيء عليه]

قوله: (بَابٌ: إِذَا قَالَ لاِمْرَأَتِهِ وَهْوَ مُكْرَهٌ: هَذِهِ أُخْتِي؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ): أراد بهذا التبويب: ردَّ قول مَن نهى عن أن يقول الرجل لامرأته: يا أختي؛ لأنَّه روى عبد الرَّزَّاق عن الثَّوريِّ، عن خالد الحَذَّاء، عن أبي تميمة الهُجيميِّ قال: (مرَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على رجل وهو يقول لامرأته: يا أخيَّة، فزجره)، ومعنى كراهة ذلك: خوف ما يدخل على مَن قال لامرأته: يا أختي، أو أنت أختي؛ بمنزلة مَن قال: أنت عليَّ كظهر أمِّي في التَّحريم، إذا قصد إلى ذلك، فأرشده الشارع إلى اجتناب الألفاظ المُشكِلة التي يُتطَرَّق بها إلى تحريم المُحَلَّلات، وليس يعارض هذا قولُ إبراهيم عليه السَّلام في زوجته: (هذه أختي)؛ لأنَّه إنَّما أراد بها: أخته في الدين والإيمان، فمن قال لامرأته: إنَّها أخته وهو ينوي ما نوى إبراهيم من أخوَّة الدين؛ فلا يضرُّه شيئًا عند جماعة العلماء؛ لأنَّ بساط الحال يقضي على قوله، ذكر ذلك شيخنا، وذكر في ذلك حديثًا من عند ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه»، وذكر في ذلك أثرًا عن الحسن، ثُمَّ قال: وقال أبو يوسف: إن لم يكن لدينه؛ فهو تحريم، وقال مُحَمَّد بن الحسن: هو ظهار إذا لم يكن لدينه، ذكره الخَطَّابيُّ، ثُمَّ قال في باب آخر: «لم يكذب إبراهيم إلَّا ثلاث كذبات؛ ثنتين في ذات الله، وواحدة في ذات نفسه»، وهو أشبه؛ لأنَّه إنَّما خاف على نفسه، انتهى.

قوله: (وَهْوَ مُكْرَهٌ): هو بفتح الرَّاء، اسم مفعول، وهذا معروفٌ.

(1/9597)

[باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون ... ]

قوله: (بَابُ الطَّلَاقِ فِي الإِغْلَاقِ): لفظ الترجمة حديثٌ، وهو «لا طلاق في إغلاق»، رواه أبو داود، وابن ماجه، وصحَّحه الحاكم على شرط مسلم، ونقل شيخنا عن ابن بَطَّال: (أنَّه ليس بثابت)، وتعقَّبه، و (الإغلاق): بكسر الهمزة، وبالغين المُعْجَمة، وفي آخره قافٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: («الإغلاق»: الإكراه؛ لأنَّ المُكرَه مُغلَقٌ عليه في أمره، ومُضيَّق عليه في تصرُّفه، كما يُغلَق الباب على الإنسان، ومنه: «لا يَغْلَقُ الرَّهنُ»، وغُلوقُه: إذا بقي في يد المُرتِهن ولا يقدر صاحبه على تخليصه؛ والمعنى: أنَّه لا يستحقُّه المرتهِن إذا لم يفكَّه صاحبُه،

[ج 2 ص 445]

كان هذا من فعل الجاهليَّة إذا لم يؤدِّ ما عليه في الوقت المُعيَّن؛ ملك المرتهِنُ الرَّهنَ، فأبطله الإسلام)، انتهى، وما قاله أخذه من «النِّهاية» لابن الأثير مِن مكانَين، وقال ابن قُرقُول: (لا طلاقَ في إغلاقٍ): هو الإكراه، وهو مِن «أَغْلَقْتُ الباب»، وإلى هذا ذهب مالكٌ)، انتهى، وذهب إليه خمسةٌ مِن الصَّحابة: عُمر، وعليٌّ، وابن عمر، وابن عَبَّاس، وزيد بن ثابت، كما نقله البَيْهَقيُّ عنهم، قال: (ولا مخالفَ لهم مِن الصَّحابة، فصار إجماعًا)، انتهى، قال ابن قُرقُول: (وقيل: «الإغلاق» هنا: الغضب، وإليه ذهب أهل العراق، وقيل: معناه: النَّهْي عن إيقاع الطلاق الثلاث بمرَّة، وهو نهيٌ عن فعله، وليس بنفي لحكمه إذا وقع، ولكن ليطلِّق للسُّنَّة كما أمره الله)، انتهى، وفي «مجمع الغرائب» للفارسيِّ تغليطُ قولِ مَن قال: إنَّه الغضب؛ لأنَّ أكثر طلاق النَّاس في حال الغضب، إنَّما هو الإكراه)، انتهى، وفسَّره بعضُهم بالجنون، والظَّاهر مِن عبارة البُخاريِّ: أنَّ الإغلاق غير الإكراه وغير الجنون؛ لأنَّه عطفهما عليه، فهما غيره عنده، فبقي في المسألة قولان، وهو لم يقل بأنَّه النَّهْيُ عن فعل الثَّلاث، فما بقي إلَّا أنَّه عنده الغضب، والله أعلم، ويحتمل أن يفسِّره هو بشيء آخرَ غير ما قيل فيه، ويأتي في (كتاب الأيمان) ما مقتضاه: أنَّ اليمين في الغضب مُنعقِدة عنده، ويحتمل أن يُفرِّق بين الطَّلاق واليمين، والله أعلم.

(1/9598)

وقال بعض المُتأخِّرين ممَّن يتكلَّم على طريق الاجتهاد _وهو ابن القَيِّم، وظاهر حاله أنَّه أخذه من أبي العَبَّاس ابن تيمية_: حقيقة الإغلاق: أن يُغلَق على الرجل قلبُه، فلا يقصد الكلام أو لا يعلم به؛ كأنَّه انغلق عليه قصده وإرادته، قال: والغضب ثلاثة أقسام؛ أحدها: ما يزيل العقل، فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع، الثاني: ما يكون في مبادئه؛ بحيث لا يَمنَع صاحبَه مِن تصوُّر ما يقول وقصده، فهذا يقع طلاقه، الثالث: أن يستحكم ويشتدَّ به، فلا يزيل عقله بالكليَّة، ولكن يحول بينه وبين نيَّته؛ بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال، فهذا محلُّ نظر، وعدم الوقوع في هذه الحالة قويٌّ مُتَّجه، والله أعلم، وقال الإمام أحمد: الغضب، نصَّ عليه، حكاه عنه الجلال وأبو بكر في «الشَّافي» و «زاد المسير»، هذا تفسير أحمد للحديث، وقال أبو داود في «سننه»: أظنُّه الغضب، وترجم عليه: (باب الطَّلاق على غلط)، وفسَّره أبو عبيد وغيره بأنَّه الإكراه، وفسَّره غيرهما بالجنون، وقيل: هو نهي عن إيقاع الطلقات الثلاث دفعةً واحدةً، فيُغلَق عليه الطَّلاقُ حتَّى لا يبقى منه شيء؛ كغلق الرَّهن، حكاه أبو عبيد الهرويُّ، وقال أبو العَبَّاس ابن تيمية: وحقيقة الإغلاق: أن يُغلَق على الرجل قلبُه، فلا يقصد الكلام ولا يعلم به؛ كأنَّه انغلق عليه قصده وإرادته، قال: فيدخل في ذلك طلاقُ المُكرَه، والمجنون، ومن زال عقله بسكر أو غضب، وكلُّ مَن لا قصد له ولا معرفة له بما قال.

فائدةٌ: الأشياء التي لا يُؤاخَذ بها الإنسان عشرةٌ؛ أحدها: الخطأ مِن شدَّة الغضب، والخطأ مِن شدَّة الفرح، الثالث: في حال السُّكر، والخطأ، والنسيان، والمُكرَه، واللَّغو، وسَبْق اللِّسان بما لم يُردْهُ المُتكلِّم، والإغلاق، والجهل بالمعنى، فهذه عشرة أشياءَ ذكرها ابن قَيِّم الجَوزيَّة الحافظ شمس الدِّين في «معاليم المُوقِّعين» أنَّ الشخص لا يؤاخذه الله بها؛ لعدم قصده وعقد قلبه الذي يؤاخَذُ به، ثُمَّ ذكر أدلَّتها في الكتاب المذكور، فإن أردتها؛ فانظره.

ومسألة السُّكر: الأصحُّ عند الشَّافِعيَّة: أنَّه مُؤاخَذٌ بما يقول فيه أو يفعل إذا أثم به سواء كان شرابًا أو دواء، له وعليه، قولًا وفعلًا.

قوله: (وَالْكرْهِ): هو بِضَمِّ الكاف وفتحها، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الكِسائيَّ قال: (الكَره والكُره: لغتان)، انتهى، وقيل: بالفرق بينهما.

(1/9599)

قوله: (وَالشِّرْكِ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا في الدِّمَشْقيِّ، قال شيخنا: (ووقع في كثير من النُّسخ: («والنِّسيان في الطَّلاق والشِّرك»، وهو خطأ، والصَّواب: «والشَّكُّ» مكان «الشِّرك»)، انتهى، وهذا لم أره في «المطالع»، ولكنَّه كلام معقول، وأمَّا (الشرك)؛ فليس له معنًى طائلٌ، ثُمَّ ذكر شيخنا بعد كلام النَّاس في الشَّكِّ في الطَّلاق قال: (ولا يجوز عندهم أن يُرفَع يقينُ النِّكاح بشكٍّ، وإليه أشار البُخاريُّ)، انتهى، وقال بعضهم: (والشرك)، ويروى: (والشَّكُّ)، وهو أليق.

قوله: (وَتَلَا الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه عامر بن شَراحيل الشَّعبيُّ، وأنَّه بفتح الشين، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مَنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ): هو بكسر الواو الثَّانية، ولا يقال بفتحها، وهو مَن غلب عليه الوسواس.

قوله: (لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ: أَبِكَ جُنُونٌ؟!): يريد بهذا: ماعزَ بن مالك المرجوم في الزِّنى رضي الله عنه، وسيأتي قريبًا.

قوله: (شَارِفَيَّ): هو تثنية (شارف)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الشَّارف).

قوله: (فَطَفقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا بكسر الفاء [1] وفتحها؛ وأنَّ معناه: جعل.

قوله: (قَدْ ثَمِلَ)، وكذا قوله: (أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ): هو بفتح الثاء المُثلَّثة، وكسر الميم؛ أي: سكر، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذا كان قبل تحريم الخمر، بل قُتِل حمزة شهيدًا رضي الله عنه والخمر ما حُرِّمت بعدُ.

قوله: (وَقَالَ عُثْمَانُ): هو عثمان بن عَفَّانَ، أحد العشرة، الخليفة المقتول ظلمًا رضي الله عنه، وفي الصَّحابة مَن اسمه عثمان نيِّفٌ وعشرون شخصًا، ولكن فيهم مَن الصَّحيح أنَّه تابعيٌّ، وقد قَدَّمْتُ ذلك رضي الله عنهم.

قوله: (وَالْمُسْتَكْرَهِ): هو بفتح الرَّاء [2]، اسم مفعول، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ): هذا الظاهر أنَّه هو الصَّحابيُّ عقبة بن عامر بن عبس بن عمرٍو الجهنيُّ، مشهور نبيل شريف فصيح مُقرِئٌ فَرَضِي شاعرٌ، وُلِّي غزوَ البحر، تُوُفِّيَ بمصر سنة (58 هـ)، وقد زرت قبره بالقرافة، وفي الصَّحابة شخصٌ آخرُ اسمه عقبة بن عامر بن نابي الأنصاريُّ السَّلِميُّ، بدريٌّ، شهد العقبة الأولى، وقُتِل باليمامة، والظاهر أنَّ هذا ليس المرادَ، والله أعلم.

قوله: (طَلَاقُ الْمُوَسْوِسِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بكسر الواو الثانية، ولا يجوز فتحها، وتَقَدَّمَ مَن هو.

(1/9600)

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو عطاء بن أبي رَباح المَكِّيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِذَا بَدَأَ): هو بهمزة في آخره.

قوله: (إِذَا بَدَأَ بِالطَّلَاقِ؛ فَلَهُ شَرْطُهُ): يريد: مثل قوله: أنت طالق إن فعلتِ كذا، وشبهه، وذُكِر عن بعضهم أنَّه لا ينتفع بشرطه، قاله شيخنا.

قوله: (نَافِعٌ): هذا هو نافع مولى ابن عمر، وهو أحد الأعلام، مِن المغرب، وقيل: من نيسابور، وقيل: من سبي كابل، وقيل: كان اسم أبيه هرمز، مشهور الترجمة رحمه الله تعالى.

قوله: (طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ألْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ خَرَجَتْ؛ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ): (الرجل) و (امرأته) لا أعرفهما، و (بُتَّتْ منه): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، أحد الأعلام المشهورين رحمة الله عليه.

[ج 2 ص 446]

قوله: (يُسْألُ) هو بِضَمِّ أوَّله، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ): (قلبُه): مَرْفوعٌ، فاعل (عقد)، وكذا (قَلْبُهُ) الثانية، قال شيخنا: (يريد: إذا لم يحلف بحضرةِ بيِّنة، ولا يُقبَل ذلك منه؛ إذا حضرتِ البيِّنةُ يمينَهُ)، انتهى.

قوله: (جُعِلَ ذَلِكَ): (جُعِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فِي دِينِهِ): بكسر الدَّال، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ، الفقيه الكوفيُّ، أحد الأعلام، مشهور الترجمة.

قوله: (فِيكِ): هو بكسر الكاف، خطابٌ لمُؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَطَلَاقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِمْ): (طلاقُ): مَرْفوعٌ مبتدأٌ، و (بلسانهم): خبره.

قوله: (يَغْشَاهَا): أي: يجامعها، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.

قوله: (الْحَقِي): هو بهمزة وصلٍ _فإن ابتدأت بها؛ كسرتها_ وفتحِ الحاء، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (عَنْ وَطَرٍ): هو بفتح الواو والطَّاء المُهْمَلة، وبالراء، قال الجوهريُّ: («الوَطَر»: الحاجة، ولا يُبنَى منه فعلٌ، والجمع: الأوطار)، انتهى.

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، أحد الأعلام.

(1/9601)

قوله: (وَقَالَ عَلِيٌّ [3]: أَلَمْ تَعْلَمْ ... ) إلى آخره: هذا حديث مَرْفوعٌ، وكأنَّه لم يصحَّ رفعه عنده، إنَّما صحَّ عنه وقفُه على عليٍّ رضي الله عنه، أخرجه الأربعة في «سننهم» مرفوعًا، وحسَّنه التِّرْمِذيُّ، وقال: غريبٌ مِن هذا الوجه، ولا نعلم للحسن سماعًا من عليٍّ رضي الله عنه، وصحَّحه ابن حِبَّان والحاكم، وزاد: (على شرط الشَّيخين)، وأخرجه أبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا أيضًا، وصحَّحه ابن حِبَّان والحاكم وزاد: (على شرط مسلم)، وقال ابن المنذر: ثابت.

قوله: (إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ): هو المجنون المُصاب بعقله، و (عُتِهَ)، فهو معتوه، وقال شيخنا: (النَّاقص العقل).

==========

[1] في (أ): (القاف)، وليس بصحيح.

[2] في (أ): (الكاف)، وليس بصحيح.

[3] الترضية: ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/9602)

[حديث: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها]

5269# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ أنَّ هذه النسبة إلى جدِّه فُرهود، والنِّسبة إليه: فُرهوديٌّ وفراهيديٌّ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسهَا): يجوز [1] في سين (أنفسها): الضَّمُّ والفتح، فالضَّمُّ: على أنَّ النَّفس فاعلة (حدَّثت)، والنصب على أنَّها مفعوله، قال ابن قُرقُول: («أنفسَها»؛ بالفتح، ويدلُّ عليه قوله: «إنَّ أحدنا يحدِّث نفسه»، قال الطَّحَّاويُّ: وأهل اللُّغة يرفعون السين؛ أي: بغير اختيار، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16]، وفي الحديث الآخر: «ما وسوست به أنفسُها»، فالنَّفس: لفظ يقع على الذَّات، والرُّوح، والحياة).

قوله: (قَالَ قَتَادَةُ: إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ؛ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ): هذا عزاه شيخنا في «شرحه» إلى ابن أبي شيبة أنَّه أخرجه، ثُمَّ اعلم أنَّ ابن سيرين سُئِل عمَّن طلَّق في نفسه، فقال: أليس قد علم الله ما في نفسك؟! فقال: بلى، قال: فلا أقول فيها شيئًا، وهذا قولٌ في مسألة ما إذا طلَّق في نفسه، وهو التوقُّف، والقول الثاني: وقوعه إذا جزم عليه، وهذا رواية أشهب عن مالك، ورُوي عن الزُّهريِّ، وحجَّة هذا القول: قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّما الأعمال بالنِّيَّات»، وأنَّ من كَفَر في نفسه؛ فهو كُفْر، وقوله تعالى: {إِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ} [البقرة: 284]، وأنَّ المُصر على المعصية فاسقٌ مُؤاخَذٌ وإن لم يفعلها، وبأنَّ أعمال القلوب في الثواب والعقاب كأعمال الجوارح، ولهذا يُثابُ على الحبِّ والبغض والموالاة والمعاداة في الله، وعلى التَّوكُّل والرِّضا، والعزم على الطَّاعة، ويُعاقَب على الكِبْر، والحسد، والعُجْب، والرياء، وظنِّ السُّوء بالأبرياء، ولا حجَّة في شيء مِن هذا على وقوع الطلاق والعتاق بمجرَّد النِّيَّة مِن غير تلفُّظ، والجواب عمَّا ذَكَرَ مذكورٌ في «الهدْي» لابن قَيِّم الجَوزيَّة، فإن أردته؛ فانظره، والله أعلم.

==========

[1] في الأصل: (يجو).

[ج 2 ص 447]

(1/9603)

[حديث: هل بك جنون هل أحصنت]

5270# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن): هو ابن عوف، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ ... )؛ الحديث: هذا الرجل هو ماعز بن مالك الأسلميُّ، مشهور جدًّا، قال ابن بشكوال في «مبهماته»: قال أبو الوليد الفرضي: ماعز لقبٌ، واسمه عَرِيْب بن مالك، وكذا قاله الرَّشيد العطَّار الحافظ عن ابن بشكوال، وقد رأيت بخطِّ أبي إسحاق بن الأمين ما لفظه: (ذكر ابن الفرضيِّ عن ابن السَّكن أنَّ ماعزًا لقبٌ، واسمه عَرِيب؛ بعين مهملة)، انتهى.

في الصَّحابة مَن اسمه ماعزٌ آخر تميميٌّ، نزل البصرة، صَحَابيٌّ، له في «مسند أحمد»، روى عنه يزيد ابن الشِّخِّير، وآخر يقال له: ماعز البكَّائيُّ بصريٌّ، رُوِيَ عن ابنه عبد الله عنه، قيل: إنَّه المُتقدِّم قبله، والثَّالث: ماعز بن مَخْلد بن ثور البكَّائيُّ، له وفادةٌ، ذكره ابن الكلبيِّ، والله أعلم.

فائدةٌ: المرأة التي زنى بها ماعزٌ اسمُها فاطمةُ جارية هزَّال.

(1/9604)

[حديث: اذهبوا به فارجموه]

5271# 5272# قوله: (إِنَّ الأَخِرَ): هو بفتح الهمزة مقصورة، _قال ابن قُرقُول: (وبعض المشايخ: يمدُّها، وكذا رُوِي عن الأصيليِّ في «المُوطَّأ»، وهو خطأ) _، وكسر الخاء، (ومَن فتحَها؛ فقد أخطأ)، قاله ابن قُرقُول، يعني: الأبعد، على الذَّمِّ، ويقال: الأرذل الخسيس.

قوله: (قِبَلَهُ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وكذا الثَّانية.

قوله: (وَكَانَ قَدْ أحْصنَ): هو بفتح الهمزة والصَّاد، ويجوز ضمُّ الهمزة، وكسر الصَّاد، والإحصان: المنع، وكذلك يأتي بمعنى: العفَّة والنِّكاح _وهو المراد هنا_، والإسلام، والحرِّيَّة؛ لأنَّ بكلِّ واحدة مِن هذه الخصال يمتنع الإنسان مِن الفاحشة، يقال: أَحصَن، فهو مُحصِن، وأُحصِن، فهو مُحصَن، والمرأة مُحْصَنة، وكلُّ هذا في القرآن والسُّنَّة.

قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ): هذا معطوف على السند الذي قبله، قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (زاد البُخاريُّ ومسلم في حديثهما: «قال الزُّهريُّ: حدَّثني من سمع جابرًا قال: كنت فيمَن رجمه»، رواه غير واحد عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة، عن جابر، وقد مضى)، انتهى، فالشيخ المُبهَم للزُّهريِّ الظاهر أنَّه أبو سلمة، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين: (قيل: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن)، فجزم به، وحديث الزُّهريِّ عن أبي سلمة عن جابر أخرجه البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ.

قوله: (فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ [1]): هو بفتح الهمزة، وإسكان الذَّال المُعْجَمة، ثُمَّ لام مفتوحة، ثُمَّ قاف مفتوحة [2]، ثُمَّ تاء التَّأنيث السَّاكنة، ثُمَّ هاء الضمير، كذا ذكره بالذال المُعْجَمة ابن قُرقُول وابن الأثير، ونقل بعضهم عن ابن مُغيث في «الوثائق» أنَّه قال: (يُروَى بذال معجمة، وصوابه: بمهملة، مِن الاندلاق)، انتهى؛ وهذا غريبٌ يُحفَظ، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (أذلقته: بلغت منه الجهد حتى قلِقَ).

[2] في (أ): (ساكنة)، ولا يستقيم.

[ج 2 ص 447]

(1/9605)

[باب الخلع ... ]

[ج 2 ص 447]

(بَابُ الْخُلْعِ) ... إلى (بَاب الظِّهَارِ)

فائدةٌ: أوَّل خُلْعٍ كان في الإسلام خُلْعُ ثابت بن قيس مِن أخت عبد الله بن أُبيٍّ.

قوله: (بَابُ الْخُلْعِ وَكَيْفَ الطَّلَاقُ فِيهِ): كأنَّ مراده بهما بيان الخلع، وأنَّه طلقة بائنة، وقد اختلف العلماء في البينونة بالخلع على قولين، والله أعلم.

قوله: (وَأَجَازَ عُثْمَانُ الْخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا): يعني: أنَّ يأخذ منها الزَّوجُ كلَّ مالها إلى أن يكشف رأسها، فيترك لها قناعها وشبهه ممَّا لا كبير قيمةٍ له)، انتهى، و (العِقاص): بكسر العين، تَقَدَّمَ ما هو، وقال ابن قُرقُول: (معنى ذلك: بكلِّ شيء حتَّى بعِقاص رأسها وغيره)، قال ابن قُرقُول: (وعندي أنَّ معناه: بما سوى عِقاص رأسها؛ أي: أنَّ الخلع جائز بكلِّ ما تملكه المرأة، وتجوز المعاوضة به، وانتقالها عنه إلى غيرها)، انتهى.

قوله: (فِيمَا افْترضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا): (افترض): مَبْنيٌّ للفاعِل، وللمفعول أيضًا.

قوله: (وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ السُّفَهَاءِ)؛ أي: لم يقل طاووس قول السُّفهاء: لا تحلُّ ... إلى آخره؛ يريد: أنَّ قول السُّفهاء: إنَّ الخلع لا يحلُّ حتَّى تقول المرأة ذلك؛ أي: تمنعه [1] أن يطأَها، وظاهر ما في «البُخاريِّ» أنَّ قوله: (لم يقل ... ) إلى آخره: من كلام البُخاريِّ، ونقل غيرُه بعض هذا الكلام عن ابن جُرَيج، ويجوز أن يكون البُخاريُّ ظهر له ما قال ابن جُرَيج، فنَسبه إلى نفسه، قاله ابن التِّين، نقله شيخنا.

قوله: (لَا أَغْتَسِلُ لَكِ [2] مِنْ جَنَابَةٍ): كذا في أصلنا (لكِ): مكسور الكاف على الخطاب للمرأة، ومقتضى ما ذكرته في جلِّ كلام طاووس: أن يكون (لكَ)؛ بفتح الكاف، خطابٌ للرَّجل، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (لمنعه)، والمثبت من مصدره.

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (لكَ).

(1/9606)

[حديث: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة.]

5273# قوله: (حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ): هو بفتح الجيم، وكسر الميم، وهذا معروف عند أهله، و (خَالِدٌ) بعد (عبد الوهَّاب): هو خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (امرأة ثابت): ستأتي أنَّها أخت عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول، وسيأتي في آخر هذ الباب عن عكرمة: (أنَّ جَميلة ... )؛ فذكر الحديث، وجَمِيلة: بفتح الجيم، وكسر الميم، وقد اجتمع لنا من الأحاديث المذكورة في هذا الباب: أنَّ زوجة ثابت المُختَلِعةَ منه جميلةُ أختِ عبد الله بن أُبيٍّ، قال الدِّمْيَاطيُّ في قوله: (إنَّ أخت عبد الله): (صوابه: جميلة بنت عبد الله، لا أخته)، انتهى، وكذا قاله ابن منده فيما وقفت عليه من كلام الذَّهَبيِّ، ووهَّمه، وصوَّب: (أخت)، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ أيضًا تجاه قوله: (جميلة) ما لفظه: (هي جميلة بنت عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول، وَلَدتْ لثابتٍ مُحَمَّدًا [1]، ثُمَّ خلف عليها بعد ثابت مالكُ بن الدُّحشم، فولدت له الفُريعةَ، ثُمَّ خلف عليها بعد مالك خُبَيب بن إساف، فولدت له أبا كثير عبدَ الله، هذا رواية أهل البصرة: أنَّ المختلعة هي جميلة مِن ثابت، وكانت [2] نشزت عليه؛ لدمامته، وأهل المدينة يقولون: إنَّ المختلِعةَ من ثابت حبيبةُ بنت سهل بن ثعلبة الأنصاريَّة، وكان في خُلُق ثابت شدَّة فضربها، فأتتِ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: لا أنا ولا ثابت، فاختلعت منه بكلِّ ما أعطاها، ثُمَّ تزوَّجها أُبيُّ بن كعب، قال أبو عمر: وجائز أن تكون حبيبةُ وجميلةُ اختلعتا مِن ثابت بن قيس بن شمَّاس)، انتهى.

(1/9607)

وحاصل مَن وقفت عليها أنَّها اختلعت من ثابت: جميلة أخت عبد الله أو بنت عبد الله؛ على الخلاف في ذلك، أو زينب بنت عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول، وعُزِيَ إلى «سنن الدارقطنيِّ»، أو حبيبة بنت سهل، كذا في «سنن ابن ماجه»، أو جميلة بنت سهل، كما في «المهذَّب» للشيخ أبي إسحاق، وهو وَهَمٌ، وصحَّح الشيخ محيي الدين في «تهذيبه»: أنَّها حبيبة بنت سهل، وأطال الكلام في ذلك، انتهى، وقال بعض حفَّاظ العصر: إنَّها حبيبة بنت سهل، رواه الشَّافِعيُّ وأبو داود، انتهى، أو مريم المغاليَّة، وهذا أيضًا في «ابن ماجه»، وهي منسوبةٌ إلى بني مغالة، هذا مجموع مَن وقفت عليه، وفي «جزء عليِّ بن حرب» من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه قال: كانت أمُّ حبيبة تحت ثابت بن قيس بن شمَّاس، فكرهته ... ؛ فذكر حديث الخُلْع.

(1/9608)

و (ثابت) هذا: هو ثابت بن قيس بن شمَّاس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، أبو مُحَمَّد، وقيل: أبو عبد الرحمن، خطيب الأنصار، شهد أحدًا، وقُتِل باليمامة، وهو الذي انقطع في بيته حزينًا، وقال: كنت أرفع صوتي فوق صوت النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأنا من أهل النار، فرجع إليه رسولُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ببشارةٍ عظيمةٍ من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: لست من أهل النار، ولكنَّك من أهل الجنَّة، وهو الذي رُؤِيَ في النوم بعد قتله، وأُجِيزَت وصيَّتُه، وها أنا أذكر لك المنام، وهو غريبٌ، رُويَ عن عطاء الخراسانيِّ قال: قَدِمْتُ المدينة، فدخلت على ابنة ثابت بن قيس، فقلت: حدِّثيني عن ثابتٍ يرحمك الله، قالت: لمَّا كان يوم اليمامة؛ خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة الكذَّاب، فلمَّا لقي أصحابَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ حمل عليهم فانكشفوا، فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنَّا نقاتل مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثُمَّ حفر كلُّ واحد منهما لنفسه حُفرة، وحمل عليهم القوم، فثبتا، وقاتلا حتَّى قُتِلا، قال: وعلى ثابتٍ يومئذ درعٌ له نفيسةٌ، فمرَّ به رجلٌ من المسلمين فأخذها، فبينا رجلٌ من المسلمين نائمٌ؛ إذ أتاه ثابت بن قيس في منامه فقال له: إنِّي موصيك بوصيَّة، فإياَّك أن تقول: هذه حلم، فتضيِّعها، إنِّي لمَّا قُتِلت أمس؛ مرَّ بي رجلٌ من المسلمين، فأخذ درعي، ومنزله في أقصى العسكر، وعند خبائه فرسٌ يستنُّ في طِوَلِه، وقد كفأ على الدرع بُرمة، وجعل فوق البُرمة رحله، فائتِ خالدًا، فمُرْه يبعث إلى درعي فيأخذها، فإذا قَدِمْتَ على خليفة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فقل له: إنَّ عليَّ من الدَّين كذا وكذا، ولي من الدَّين كذا وكذا، وفلان من رقيقي حرٌّ، وفلان ... إلى أن قال: فلا نعلم أحدًا أُجِيزت وصيَّته بعد موته غير ثابت بن قيس، انتهى، والرائي: هو بلال بن رَباح، والعبدان المعتقان: سعْدٌ ومباركٌ، وله شاهدٌ في كتاب «الردة» للواقديِّ، والله أعلم.

قوله: (مَا أَعْتبُ عَلَيْهِ): (أعتب): بِضَمِّ التاء المُثَنَّاة من فوق وكسرها، لُغَتان مشهورتان.

قوله: (فِي خُلُقٍ): هو بِضَمِّ الخاء واللام.

[ج 2 ص 448]

(1/9609)

قوله: (وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الإِسْلَامِ): الظاهر _والله أعلم_: أنَّها من شدَّة ما حصل عندها منه من البغض خافت أن تكفر العشير، وتجحدَ نعمته، هذا ما ظهر لي، ولم أرَ فيه كلامًا لأحد، والله أعلم.

5274# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ): الأوَّل: الطَّحَّان خالد بن عبد الله، تقدَّم مُتَرجَمًا، ومن جملة ترجمته: أنَّه اشترى نفسه من الله تعالى بزنته فضَّةً ثلاث مَرَّاتٍ، و (خالدٌ) الثاني: هو الحَذَّاء، كما في أصلنا، وهو خالد بن مِهْرَان.

قوله: (أَنَّ أُخْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ بِهَذَا): تَقَدَّمَ الكلام على أخت عبد الله، واسمها، أو هي بنته، قريبًا.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ): (إبراهيم بن طهمان): هو أبو سعيد الخراسانيُّ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وعنه: يحيى بن أبي بُكير، ومُحَمَّد بن سنان العَوَقيُّ، وخلقٌ، وكان من أئمَّة الإسلام غير أنَّ فيه إرجاءً، تَقَدَّمَ، و (خالدٌ) بعده: هو ابن مِهْرَان الحَذَّاء، وتعليق إبراهيم هذا المُرْسَل ليس في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، وأصل الحديث أخرجه البُخاريُّ في (الطلاق) عن أزهر بن جميل، عن الثقفيِّ، عن خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس، وهنا عن إسحاق الواسطيِّ، عن خالد، عن خالد، عن عكرمة: (أنَّ أخت عبد الله [بن] أُبَيٍّ بهذا)، وقد أخرجه النَّسَائيُّ في (الطلاق) عن أزهر بن جميل به، والله أعلم.

5275# قوله: (وَعَنِ ابْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): هذا تعليقٌ، و (ابن أبي تميمة): هو أيوب السَّخْتيَانيُّ، وسيأتي فيما يليه مسندًا عن مُحَمَّد بن عبد الله بن المبارك المُخَرِّميِّ.

قوله: (لَا أَعْتبُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بِضَمِّ المُثَنَّاة فوق وكسرها.

قوله: (وَلَا خُلُقٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بِضَمِّ الخاء واللام.

قوله: (وَلَكِنِّي لَا أُطِيقُهُ): أي: من بغضي إيَّاه، وقد جاء في رواية قتادة عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس: (لا أطيقه بُغضًا).

(1/9610)

[حديث: فتردين عليه حديقته؟]

5276# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرِّمِيُّ): هو بِضَمِّ الميم، وفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الراء المُشَدَّدة، ثُمَّ ميم، ثُمَّ ياء النسبة، وهذه النسبة إلى المُخَرِّم؛ محلَّة ببغداد، هذا حافظٌ مشهورٌ، قاضي حُلوان، عن أبي معاوية، ويحيى بن سعيد القَطَّان، وإسحاق الأزرق، وابن مهديٍّ، وخلقٍ كثير، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وإبراهيم الحربيُّ، وابن أبي الدُّنيا، وابن خزيمة، وآخرون، قال الباغنديُّ: كان حافظًا متقنًا، وقال أبو حاتم والنَّسَائيُّ: ثقة، وقال الدارقطنيُّ: كان ثقةً حافظًا، قال الخطيب: كان المُخَرِّميُّ من أحفظ الناس للأثر، قال ابن قانع: تُوُفِّيَ سنة (254 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، و (قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ): بِضَمِّ القاف، وتخفيف الراء، وبدال مهملة في آخره، واسمه عبد الرحمن بن غزوان البغداديُّ، عن عوف ويونس بن أبي إسحاق، وعنه: أحمد، وابن معين، والحارث بن أبي أسامة، وَثَّقَهُ ابن المدينيِّ، وكان حافظًا، وله مناكير، تُوُفِّيَ سنة (207 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ ابْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ): تَقَدَّمَ الكلام على اسم المرأة التي اختلعت منه قريبًا؛ فانظره.

قوله: (مَا أَنْقِمُ): هو بفتح الهمزة، وكسر القاف، وتُفتَح أيضًا على لغة.

قوله: (وَلَا خُلُقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الخاء واللام.

قوله: (إِلَّا أَنِّي أَخَافُ الْكُفْرَ): تَقَدَّمَ ما ظهر لي في معناه قريبًا؛ فانظره.

5277# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو ابن حرب: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد، وقد قَدَّمْتُ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ حمادًا إذا أطلقه سليمان بن حرب أو مُحَمَّد بن الفضل عَارم؛ فهو ابن زيد، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عَفَّانَ أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدَّاب بن خالد، و (أَيُّوب): ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (جَمِيلَة): تَقَدَّمَ ضبطها، وكلام الدِّمْيَاطيِّ فيها قبل ذلك؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 449]

(1/9611)

[باب الشقاق ... ]

قوله: (بَابُ الشِّقَاقِ، وَهَلْ يُشِيرُ بِالْخُلْعِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ؟): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ويحتمل أن يكون استدلاله بقوله: «إلَّا أن يريد عليٌّ أن يطلِّق ابنتي»، كما قال الشارح، ويحتمل أن يستدلَّ بقوله: «فلا آذن»، ووجه الدليل: أنَّه أشار على عليٍّ بتقدير [1] نكاح ابنتهم، ومنعه من ذلك؛ إذ عُلِم من ذلك أنَّه موقوفٌ على إذنه، ولم يأذن صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لضرورة صيانة فاطمة عليها السلام عن التعرُّض لما جُبِلَت عليه النفوس من الغَيرة وأحوالها، فإذا استقرَّ جواز الإشارة بعدم التزويج؛ التحق جواز الإشارة بقطع النِّكاح لمصلحة، والله أعلم، انتهى، وقال شيخنا: هذا الحديث _يعني: حديث المِسْوَر بن مَخْرَمة_ سلف، ولا يظهر دلالته لِما ترجم له، وحاول البُخاريُّ إدخاله في الباب بأن يجعل قوله: «فلا آذن» خُلْعًا، كما ادَّعاه المهلَّب، ثُمَّ قال: ولا يقوى هذا المعنى؛ لأنَّه قال في الحديث: «إلَّا أن يريدَ ابنُ أبي طالب أن يطلِّق ابنتي»، فدلَّ على الطلاق، فإن أراد أن يستدلَّ من كامل الطلاق على الخُلع؛ فهو دليلٌ من دليلٍ، وذلك ضعيفٌ، وإنَّما فيه الشقاق والإشارة بالطلاق من خوفه، وأقرَّه عليه ابن بَطَّال، ثُمَّ ذكر شيخُنا كلامَ ابن المُنَيِّر إلى آخره، وقد قدَّمته، انتهى.

==========

[1] في مصدره: (بعدم).

[ج 2 ص 449]

(1/9612)

[حديث: إن بني المغيرة استأذنوا في أن ينكح علي ابنتهم فلا آذن]

5278# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعدٍ الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة زُهيرٍ، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، و (المِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ أباه مَخْرَمة من مُسْلِمة الفَتْح.

قوله: (إِنَّ بَنِي الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا): تَقَدَّمَ أنَّ (المغيرة) هو جدُّ أبي جهلٍ عَمرِو بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، وتَقَدَّمَ قريبًا أنَّ الذي استأذن هو الحارث بن هشام.

قوله: (أَنْ يَنْكِحَ عَلِيٌّ ابْنَتَهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه الابنة هي ابنة أبي جهل، واسمها العوراء، وقيل: اسمها جويرية، وقيل: جهدمة، وقيل: جُميلة، صحابيَّة رضي الله عنها.

==========

[ج 2 ص 449]

(1/9613)

[باب: لا يكون بيع الأمة طلاقًا]

قوله: (بَابٌ: لَا يَكُونُ بَيْعُ الأَمَةِ طَلَاقًا): ما ترجم له هو مذهب كافَّة الفقهاء، وخالفت فيه طائفةٌ، رُوِيَ عن ابن مسعود، وابن عَبَّاس، وأُبيِّ بن كعب، ومن التابعين سعيد بن المُسَيّب، والحسن، ومجاهد، واحتجُّوا بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]، فحرَّم علينا المزوَّجات من النساء، [إلَّا] إذا ملكتهنَّ أيماننا؛ فهنَّ حلالٌ لنا؛ لأنَّ البيع لها حدوثُ ملكٍ فيها، فوجب أن يرتفع حكم النِّكاح ويبطلَ، [دليله]: الأَمَة المسبيَّة ذاتُ الزوج، وحجَّة الجماعة: قصَّة بريرة: أنَّها أُعتِقَت فخُيِّرَت في زوجها، فلو كان طلاقها يقع ببيعها؛ لم يخيِّرْها الشارع بعد ذلك عند العتق، ويقول لها: إن شئت أقمت تحته، وأيضًا فإنَّه عقدٌ على منفعة، والإجارة كذلك، ثُمَّ إنَّ البيع لا يبطلها، فكذا النِّكاح، قاله شيخنا، وحذفتُ منه شيئًا من آخره، والله أعلم.

[ج 2 ص 449]

(1/9614)

[حديث: الولاء لمن أعتق]

5279# قوله: (كَانَ فِي بَرِيرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها رضي الله عنها.

قوله: (أُعْتِقَتْ): هو بِضَمِّ الهمزة، وكسر التاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، والتي أعتقتها هي عائشة رضي الله عنها.

قوله: (فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا): (خُيِّرت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (زوجها): اسمه مُغِيْث؛ بِضَمِّ الميم، وكسر الغين المُعْجَمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، قال ابن منده وأبو نعيم: هو مولى أبي أحمد بن جحشٍ على المشهور، وأبو أحمد أَسَديٌّ، من أسد بن خزيمة، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: هو مولى بني مطيع، وبنو مطيع من عديِّ قريش، ذكره ابن الأثير، وقيل: كان مولًى لبني مخزوم، فهو قرشيٌّ بالولاء على قول مَن قال: إنَّ مُغِيْثًا كان عبدًا حال عتق بريرة، ثبت ذلك عن عائشة في «الصَّحيح»، وقيل: كان حرًّا، وجاء ذلك في روايةٍ لمسلم، والمشهور: أنَّه كان عبدًا، وفي هذا «الصَّحيح» فيما يأتي قريبًا جدًّا عن عكرمة عن ابن عَبَّاس: (أنَّ زوج بريرة كان عبدًا أسودَ يُقال له: مُغِيْث، كأنِّي أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ... )؛ الحديث، ومُغِيْث هذا صَحَابيٌّ، قال شيخنا في «تخريج أحاديث الرافعيِّ» فيما قرأته عليه: إنَّ اسمه برير، وقيل: مِقْسَم، حكاه أبو موسى، انتهى، وسيأتي في (الفرائض): (قَالَ الْحَكَمُ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا)، قال البُخاريُّ عقيبه: (وَقَوْلُ الْحَكَمِ مُرْسَلٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُهُ عَبْدًا)، ثُمَّ يأتي قريبًا منه في (الفرائض) أيضًا: (قَالَ الأَسْوَدُ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا)، وتعقَّبه البُخاريُّ فقال: (قَوْلُ الأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُهُ عَبْدًا، أَصَحُّ)، انتهى.

وأمَّا رواية الأسود عن عائشة؛ فقد عارضها من هو ألصقُ بعائشة وأقعدُ بها من الأسود، وهو القاسم بن مُحَمَّد وعروة بن الزُّبَير، فروَيَا عنها: أنَّه كان عبدًا، والأسود سمع منها من وراء حجابٍ، وعروةُ والقاسمُ كانا يسمعان منها بغير حجابٍ؛ لأنَّها خالة عروة، وعمَّة القاسم، فهما أقعد بها من الأسود، قال شيخنا: قال ابن المنذر: ورواية اثنين أولى من رواية واحدٍ مع رواية ابن عَبَّاس من الطرق الثابتة: أنَّه كان عبدًا، انتهى.

قوله: (وَالْبُرْمَةُ): تَقَدَّمَ ما (البُرمة).

(1/9615)

قوله: (فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ): (قُرِّب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (خبزٌ): نائب مناب الفاعل، و (أُدْمٌ): معطوف عليه.

قوله: (تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ): (تُصُدِّق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهو مشدَّد الدال المكسورة، وقد تَقَدَّمَ أيُّ لحمٍ كان.

(1/9616)

[باب خيار الأمة تحت العبد]

(1/9617)

[حديث ابن عباس: رأيته عبدًا يعني زوج بريرة]

5280# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ.

قوله: (رَأَيْتُهُ عَبْدًا): يعني: زوج بريرة، تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

==========

[ج 2 ص 450]

(1/9618)

[حديث ابن عباس: ذاك مغيث عبد بني فلان كأني أنظر إليه يتبعها ... ]

5281# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الباهليُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام.

قوله: (ذَاكَ مُغِيثٌ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، والكلام عليه.

قوله: (عَبْدُ بَنِي فُلَانٍ): تَقَدَّمَ أعلاه الخلاف في مواليه.

==========

[ج 2 ص 450]

(1/9619)

[حديث ابن عباس: كان زوج بريرة عبدًا أسود يقال له مغيث عبدًا ... ]

5282# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلْت الثقفيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، والكلام عليه، والاختلاف في مواليه؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 450]

(1/9620)

[باب شفاعة النبي في زوج بريرة]

قوله: (بَابُ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: (مدخله في الفقه: تشريعُ الشفاعة للحاكم عند الخصم في خصمه إذا ظهر حقُّه، وإشارته عليه بالترك أو الصلح إذا سلم إليه القصد، ولا يعدُّ من التضجيع في الأحكام) انتهى، و (التضجيع) في كلامه: بالضاد المُعْجَمة، والجيم، والعين المُهْمَلة في آخره، في الأمر: التقصير فيه، انتهى.

قوله: (فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه مُغِيْث، أو برير، أو مِقْسَم، أعلاه؛ فانظره.

(1/9621)

[حديث: يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة]

5283# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الصلاة)، و (الجنائز)، و (المناقب)، و (الطلاق)، و (التوحيد)، وغير ذلك: (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الوهَّاب)، نسبه ابن السكن في بعضها: ابن سلَام، وقد صرَّح البُخاريُّ باسمه في (الأضاحي) وفي غير موضع، فقال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: حدَّثنا عبد الوهَّاب)، وذكر أبو نصر أنَّ البُخاريَّ يروي في «الجامع» عن مُحَمَّد بن سلَام، وبُنْدَار مُحَمَّد بن بَشَّار، وأبي موسى مُحَمَّد بن المثنَّى، ومُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب الطائفيِّ، عن عبد الوهَّاب الثقفيِّ، انتهى، وقد قَدَّمْتُ ذلك فيما مضى، ولكن طال به العهد، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «أطرافه».

و (عبد الوهَّاب): تَقَدَّمَ في كلام الجَيَّانيِّ أنَّه الثقفيُّ، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلْت الثقفيُّ، و (خَالِدٌ) بعده: هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان.

قوله: (أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، والاختلاف في اسمه، ومَن مواليه؛ فانظره.

قوله: (لَوْ رَاجَعْتِهِ): هو بكسر التاء من غير ياءٍ.

(1/9622)

[باب في التخيير]

(1/9623)

[حديث: اشتريها وأعتقيها؛ فإنما الولاء لمن أعتق]

5284# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو الحكم بن عتيبة القاضي الإمام، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيدَ النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيدَ النَّخَعِيُّ.

قوله: (فَأَبَى مَوَالِيهَا): تَقَدَّمَ الاختلاف في مواليها؛ فانظر ذلك.

قوله: (وَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ هذا (اللحم) لحمُ أيِّ شيء كان.

قوله: (مَا تُصُدِّقَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الدال المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

[ج 2 ص 450]

قوله: (فَخُيِّرَتْ): هو بِضَمِّ الخاء، وفتح الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9624)

[باب قول الله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ... }]

[قوله]: (بَابُ قَوْلِهِ [1] تَعَالَى: {وَلَا تَنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} ... )؛ الآية [البقرة: 221]: هذا يعمُّ العبد والوطء بالملك، قيل: المراد: مشركات العرب، وقيل: عامٌّ نُسِخَ في الكتابيَّة، أو خُصَّت منه الكتابيَّة، وإنَّما سُمِّيَت مشركةً؛ لقولها: عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ، وقيل: عامٌّ محكمٌ لم يتناول الكتابيَّات، وسيأتي ما يشهد لهذا في الموقوف الذي أخرجه عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقد جاءت الآثار عن الصَّحابة والتابعين وأهلِ العلم بعدهم: أنَّ نكاح الكتابيَّات حلالٌ، وبه قال مالكٌ، والأوزاعيُّ، والثَّوريُّ، والكوفيُّون، والشَّافِعيُّ، وعامَّةُ العلماء، ولا يُروى خلافُ ذلك إلَّا عن ابن عمر، فإنَّه شذَّ عن جماعة الصَّحابة والتابعين، وخالفَ ظاهر قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ} [المائدة: 5]، ولم يلتفت أحدٌ من العلماء إلى قوله، قال أبو عبيدٍ: والمسلمون اليوم على الرخصة في نساء أهل الكتاب، قاله شيخُنا مُطَوَّلًا، أنا اختصرته، انتهى.

نزلت الآية المذكورة في مرثد الغنويِّ، كان يهوى في الجاهليَّة امرأةً، فدعته بعدما أسلم، فاستأذن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فنزلت، وقيل: في ابن رَواحة، فأعتق أَمَةً له فتزوَّجها، والذي ظهر لي من عادة البُخاريِّ: أنَّه قائلٌ بمقالة ابن عمر، وإلَّا؛ فما كان به حاجةٌ أن يبوِّب عليه، ولو لم يكن قائلًا [2] بمقالته؛ لقال: باب جواز نكاح المشركات، أو: باب جواز نكاح نساء أهل الكتاب، ويذكر آية (المائدة)، ويكون في التبويب والآية ردٌّ على ابن عمر، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قولِ الله).

[2] في (أ): (قائل)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 451]

(1/9625)

[حديث: إن الله حرم المشركات على المؤمنين]

5285# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): هو الليث بن سعد الإمام، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 451]

(1/9626)

[باب نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن]

(1/9627)

[حديث: كان المشركون على منزلتين من النبي]

5286# 5287# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ ... ) إلى آخره [1]، قال: (وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) أيضًا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى حديثٍ آخرَ، في (تفسير سورة نوح)؛ فانظره، فإنَّه مكانٌ حسنٌ، والله أعلم.

قوله: (لَمْ تُخْطَبْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَإِذَا طَهرَتْ): هو بفتح الهاء وضمِّها، لُغَتان تقدَّمتا.

قوله: (رُدَّتْ إِلَيْهِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ): قال بعض حفَّاظ المصريِّين: أشار إلى حديثه المُرْسَل، وهو في «مصنَّف عبد الرَّزَّاق» وغيرِه من طريقه، انتهى [2].

قوله: (لَمْ يُرَدُّوا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ): مَبْنيٌّ أيضًا، و (أثمانُهم): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي رَباح، وتَقَدَّمَ ما فيه في (سورة نوح) في (التفسير)، وهذا معطوفٌ على الحديث الذي قبله بالسند، لا تعليقٌ، والله أعلم.

(1/9628)

قوله: (كَانَتْ قَرِيبَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ): (قَرِيبة) هذه: صحابيَّة، وهي أخت أمِّ سَلَمة، وهي بفتح القاف، وكسر الراء، قال الذَّهَبيُّ في «المشتبه»: لم أجد أحدًا بالضمِّ، وكذا هو بالفتح في نسخة الدِّمْيَاطيِّ بالقلم، كما تَقَدَّمَ، وأمَّا هنا في أصلنا؛ فهي مضمومةٌ في أصلنا بالقلم، وفي الهامش مفتوحةٌ، وعليها (صح)، وقال شيخنا هنا ما لفظه: و (قُرَيْبة) هذه: بقاف مضمومة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ ياء مثنَّاة تحت، ثُمَّ مُوَحَّدَة، قال: ورأيت بخطِّ الدِّمْيَاطيِّ فتح القاف، وكسر الراء، وهي أخت أمِّ المؤمنين أمِّ سَلَمة ... إلى آخر كلامه، انتهى، وضبطها أيضًا شيخُنا فيما تَقَدَّمَ بفتح القاف أيضًا عن خطِّ الدِّمْيَاطيِّ، وقال: قال ابن التين: ضبطها بعضهم بالضمِّ، وبعضهم بالفتح، انتهى، وفي «القاموس»: وقَرِيبة؛ كـ «حَبِيبة»: بنت زيدٍ، صحابيَّة، وكـ «جُهَينة»: بنت الحارث، وبنت أبي قحافة، وبنت أبي أُمَيَّة، وقد تُفتَح هذه، انتهى، وقد تَقَدَّمَ كلُّ هذا بزيادةٍ في (باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب)، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَتْ أُمُّ الْحَكَمِ ابْنَةُ أَبِي سُفْيَانَ): هي أمُّ الحكم بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، أسلمت يوم الفتح، وهي أمُّ عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثَّقفيِّ ابن أمِّ الحكم، وهي أخت معاوية وأمِّ حبيبة لأبيهما، وقال ابن سعد: أمُّها هند بنت عتبة بن ربيعة، انتهى؛ يعني: فهي أختهما لأبويهما، وعبد الرَّحمن ابنها الصَّحيحُ: أنَّه تابعيٌّ، وقيل: صَحَابيٌّ، وأبوه عبد الله بن عثمان الثقفيُّ، صَحَابيٌّ، روى عنه: الحسن.

قوله: (وَكَانَتْ ... تَحْتَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ الْفِهْرِيِّ): (عياض) هذا: هو عياض بن غَنْمِ بن زهير بن أبي شدَّاد بن ربيعة الفهريُّ، ابن أخي عياض، وقريب أبي عبيدة، وابن امرأته، والذي افتتح الجزيرة، وأجاز درب الرُّوم غازيًّا، وكان أحد الأمراء الخمسة يوم اليرموك هو، وأبو عُبيدة، وخالد، وشرحبيل ابن حَسَنَة، ويزيد بن أبي سفيان، ترجمته معروفة رضي الله عنه.

قوله: (فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه صَحَابيٌّ، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (آخر)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/9629)

[2] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة سابقًا بعد قوله: (وعطاء: هو ابن أبي رباح).

[ج 2 ص 451]

(1/9630)

[باب: إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي]

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): أمَّا (عبد الوارث)؛ فهو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة، الحافظ، و (خالد): هو الحَذَّاء، وهو خالد بن مِهْرَان، وأثر ابن عَبَّاس: قال شيخنا: (أسنده ابن أبي شيبة ... )، فذكر سنده إليه.

قوله: (وَقَالَ دَاوُدُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ عَنْ [1] عَطَاءٍ): اعلم أنَّ اثنين كلٌّ منهما اسمه داود يرويان عن إبراهيم الصائغ؛ أحدهما: داود بن عبد الرحمن المَكِّيُّ العطَّار، والثاني: داود بن أبي الفرات، والظاهر: أنَّ هذا هو العطَّار أبو سليمان، مشهور التَّرجمة، أخرج له الجماعة، وقال ابن معين: ثقة، تُوُفِّيَ سنة (175 هـ)، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، وداود بن أبي الفرات الكنديُّ المروزيُّ، عن ابن بريدة وعلياء بن أحمرَ، وعنه: ابن مهديٍّ وعَفَّانَ، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (167 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (إبراهيم الصائغ): هو إبراهيم بن ميمون الصَّائغ المروزيُّ، أبو إسحاق، عن عطاء بن أبي رَباح، ونافع، وأبي الزُّبَير، وأبي إسحاق السَّبيعيِّ، وعنه: إبراهيم بن أدهم، وحسَّان بن إبراهيم الكرمانيُّ، وأبو حمزة السُّكَّريُّ، وداود بن عبد الرحمن العطَّار، وجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال أبو زرعة والنَّسَائيُّ: لا بأس به، وقال أبو حاتم: لا يُحتجَّ به، قيل: قتله أبو مسلم الخراسانيُّ سنة (131 هـ)، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له أبو داود والنَّسَائيُّ، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (عطاء): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام.

قوله: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ): هو عطاء بن أبي رَباح المَكِّيُّ، العالم المشهور.

قوله: (أَيُعَاوَضُ زَوْجُهَا؟): (يُعاوَضُ)؛ بفتح الواو: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (زوجُها): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

(1/9631)

قوله: (هَذَا كُلُّهُ فِي صُلْحٍ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ): يعني: صلح الحديبية، وقد تَقَدَّمَ متى كان صلح الحديبية، وكم المدَّة التي اصطلحوا عليها في أوَّل هذا التعليق، وذكرتُ فيها ثلاثةَ أقوال، والأصحٌّ: عشر سنين.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (سُئِل).

[ج 2 ص 451]

(1/9632)

[حديث: انطلقن فقد بايعتكن]

5288# قوله: (حَدَّثَنَا يَحيَى ابْنُ بُكَيْر): هو بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

[ج 2 ص 451]

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ الْمُنْذِرِ): هذا هو إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خويلد بن أسَد الأسَديُّ الحزاميُّ، من كبار العلماء والمحدِّثين بالمدينة، وخالد بن حزام جدُّه أسلم قديمًا وهاجر إلى الحبشة فلُدِغ، ونزلت فيه: {وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا ... }؛ الآية [النساء: 100]، وهو _أعني: إبراهيم_ شيخ البُخاريِّ وابن ماجه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، والمُسنَد إليه القول شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه بمنزلة (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُه عنه ذلك في حال المذاكرة، كذا هو في أصلنا: (وقال إبراهيم بن المنذر)، وكذا ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه»، ونقل فيه عن أبي مسعود أنَّه قال فيه: (عن إبراهيم بن المنذر)، وقد أخرج هذا مسلم في (المغازي) عن أبي الطاهر بن السَّرح، والنَّسائيُّ في (التَّفسير) وفي (البيعة) عن يونس بن عبد الأعلى، وابنُ ماجه في (الجهاد): عن ابن السَّرح؛ ثلاثتهم عن ابن وهب به، والله أعلم، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (لَا وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام على بيعة النِّساء كيف كانت، وهذا هو الصَّحيح فيها، وذكرت قولين آخرين في (الممتحنة) في (التَّفسير)؛ فانظر ذلك إن أردتَه.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة».

(1/9633)

[باب قول الله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر}]

(1/9634)

[حديث: الشهر تسع وعشرون]

5289# قوله: (عَنْ أَخِيهِ): أخو إِسمَاعِيل بن أَبِي أُوَيْسٍ: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويس عبد الله، وأنَّهما أخوان لأب وأمٍّ، وأمُّهما أخت مالك المجتهد أحدِ الأعلام، وتَقَدَّمَتْ ترجمة عبد الحميد بما قال فيه الأزديُّ، وهو مردود عليه، و (سُلَيْمَان) بعده: هو ابن بلال المدنيُّ، و (حُمَيْد): هو الطَّويل ابن تير، ويقال: تيرويه.

قوله: (آلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (آلى): معناه: حلف عليهنَّ، وإنَّما عدَّاه بـ (من)؛ حملًا على المعنى؛ وهو الامتناع مِن الدُّخول عليهنَّ، وهو يتعدَّى بـ (من)، وللإيلاء في الفقه أحكام تخصُّه لا يُسمَّى بدونها إيلاءً.

فائدةٌ: إيلاؤه عليه السَّلام مِن نسائه كان في السَّنة التاسعة من الهجرة، ذكره ابن سَيِّد النَّاسِ في الحوادث، وكذا قال مغلطاي والعراقيُّ في «سيرتَيهما»، وفيه نظر، وذلك لأنَّ في «مسلم» في (الإيلاء): (قبل أن يُؤمَرن بالحجاب)؛ يعني: إيلاءَه عليه السَّلام مِن نسائه، والحجابُ إنَّما أُنزِل على الصَّحيح في مُبتَنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب بنت جحش، وأكثر ما قيل في مبتناه بها سنة خمس، والله أعلم، ولكن يعكِّر عليه ما تَقَدَّمَ من حديث ابن عَبَّاس: (أصبحنا يومًا ونساء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم يبكين ... ) إلى أن قال: «ولكن آليتُ منهنَّ شهرًا»، وظاهر الحديث: أنَّ ابن عَبَّاس حضر ذلك، وابن عَبَّاس إنَّما جاء مع أبيه وأمِّه في السَّنة الثَّامنة في رمضان قبيل الفتح بأيَّام يسيرة، ويحتمل أنَّ قوله: (أصبحنا يومًا)؛ أي: أصبح الصَّحابة، فيكون مُرسَلَ صَحَابيٍّ، وغالبُ رواية ابن عَبَّاس عن الصَّحابة، ولم يسمع منه عليه السَّلام إلَّا أحاديث قليلة، أذكر عددَها قريبًا.

قوله: (فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ): تَقَدَّمَ ما (المشرُبة)، وضبطُها، واللُّغتان فيها.

==========

[ج 2 ص 452]

(1/9635)

[حديث: إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق]

5291# قوله: (وَقَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (إسماعيل) هذا: هو ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ فإنَّه بمنزلة (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أن يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

قوله: (يُوقَفُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَائِشَةَ، وَاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذه صيغة تمريض، فكأنَّه لم يصحَّ عنده ذلك على شرطه عَن هؤلاء المذكورين، قال شيخنا: (ما ذكره عن عثمان فمَن بَعدَهُ بصيغة تمريضٍ أسانيدُهم جيِّدةٌ، أخرجها ابن أبي شيبة، قال في الأوَّل)، ثُمَّ ساق أثر عثمان، وعليٍّ، وأبي الدَّرداء، وعائشة من عند ابن أبي شيبة، ثُمَّ قال: (والتَّعليق عن الاثني عشر سلف منه ما تَقَدَّمَ عن زيد بن ثابت)، ثُمَّ تكلَّم على بقيَّة ذلك، والله أعلم، و (أبو الدَّرداء): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عُويمِر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة، وأنَّه تأخَّر إسلامُه إلى عقب بدر، وأنَّ عمر ألحقه بالبدريِّين؛ لجلالته، وأنَّه تُوُفِّيَ سنة (32 هـ).

==========

[ج 2 ص 452]

(1/9636)

[باب حكم المفقود في أهله وماله]

قوله: (بَابُ حُكْمِ الْمَفْقُودِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (هذه الترجمة وما ساقه فيها مِن الآثار والحديث دليلٌ واضحٌ على فضله وحِدَّة نظره، وذلك أنَّه وجد الأحاديث مُتعارِضةً بالنِّسبة إلى المفقود، فحديث ضالَّة الغنم يدلُّ على جواز التصرُّف في ماله في الجملة وإن لم تُتَحقَّق وفاتُه، وينقاس عليه تصرُّف المرأة في نفسها بعد إيقاف الحاكم، وتطليقه بشروطه، والحديث عن ابن مسعود وما معه يُؤيِّده، ويقابل هذا على المعارضة حديث الضَّالَّة [في الإبل]، فمقتضاه بقاء ملكه أبدًا حتَّى تُتَحقَّقَ وفاتُه بالتَّعمير أو غيره، وبحسب هذا التعارُض اختلف العلماء في الجملة؛ واختار البُخاريُّ إيقافَ الأهل أبدًا إلى الوفاة يقينًا أو التعمير، ونبَّه على أنَّ الغنم إنَّما يُتصرَّف فيها؛ خشية الضَّياع بدليل التعليل في الإبل، والإبل في معنى الأهل؛ لأنَّ بقاء العصمة مُمكنٌ؛ كبقاء الإبل مملوكةً له) انتهى.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن المُسَيّب، وأنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيّب لا يجوز فيها إلَّا الفتح.

قوله: (إِذَا فُقِدَ فِي الصَّفِّ): (فُقِد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (جَارِيَةً، وَالْتَمَسَ صَاحِبَهَا [سَنَةً]، فَلَمْ يَجِدْهُ): (الجارية) و (صاحبها): لا أعرف اسميهما، قال شيخنا: (أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد جيِّد عن شريك، عن عامر، عن شقيق بن عامر، عن أبي وائل قال: «اشترى عبد الله جارية بسبع مئة درهم، فغاب صاحبها، فأنشده حولًا أو قال: سنة، ثُمَّ خرج إلى المسجد، فجعل يتصدَّق ويقول: اللَّهمَّ؛ فله، فإنَّ أبى؛ فعليَّ، ثُمَّ قال: هكذا فافعلوا باللُّقطة وبالضَّالة») انتهى.

قوله: (فَإِن أَبَى فُلَانٍ؛ فَلِي [1] وَعَليَّ ... ) إلى قوله: (فَلِي): هو في بعض الروايات، والرواية التي في أصلنا: (اللَّهمَّ؛ عن فلان وعليَّ)، ومعنى

[ج 2 ص 452]

الكلامِ؛ (فإن أبى فلان) يحتمل: أي: إن أبى أجرَ الصدقة يوم القيامة؛ فلي الأجرُ، وعليَّ حقُّه، ويحتمل أيضًا إن جاء في الدُّنيا، وأبى الصَّدقة عنه بها؛ فلي الأجر، وعليَّ حقُّه أوفيه إيَّاه، والله أعلم.

(1/9637)

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا كثيرةً أنَّه العالم المشهور أحد الأعلام مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يُعْلَمُ مَكَانُهُ): (يُعلَم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (مكانُه)؛ بالرَّفع: نائب مناب الفاعل، وكذا: (لا يُقْسَمَ مَالُهُ).

قوله: (فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ الْمَفْقُودِ): (سنَّتُهُ سنَّةُ): مبتدأ وخبر مرفوعان.

(1/9638)

[حديث: خذها فإنَّما هي لك أو لأخيك أو للذئب]

5292# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ، و (سُفْيَان) بعده: هو ابن عيينة، و (يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، و (يَزِيد مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ): هو بِضَمِّ الميم، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ عين مهملة مكسورة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، تَقَدَّمَ.

قوله: (عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: هذا مُرْسَل؛ لأنَّ يزيد تابعيٌّ، ثُمَّ أسنده عقيبه عن زيدِ بن خالد الجهنيِّ.

قوله: (مَعَهَا الْحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما.

قوله: (يَلْقَاهَا رَبُّهَا): أي: مالكها، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (الوكَاء) و (العِفَاص) ضبطًا ومعنًى.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة، أحد الأعلام الذي قال فيه الشَّافِعيُّ: (لولا سفيان ومالك؛ لذهب علم الحجاز).

قوله: (رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ربيعة الرَّأي، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَيَقُولُ [1] يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعيد الأنصاريُّ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 2 ص 453]

(1/9639)

[باب: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}]

(بَابُ الظِّهَارِ) ... إلى (بَاب اللِّعَانِ)

فائدةٌ: كان الظِّهار في السَّنة السَّادسة مِن الهجرة.

مسألةٌ: إن قيل: لم يذكر الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ في الباب حديثًا، وجوابه: أنَّه لم يجده على شرطه، وأمَّا الحاكم؛ فأخرجه على شرطهما، وقال ابن العربيِّ: ليس في الظهار حديث صحيح يُعَوَّل عليه.

قوله: ({قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]): هذه المرأة هي خولة بنت مالك بن ثعلبة راوية كفَّارة الظِّهار، وهي المجادلة، وفي بعض كتب الفقه: خولة بنت مالك بن ثعلبة، وفي بعضها: خويلة؛ بزيادة ياء، وهما مَرويَّان، ورواية أبي داود بالياء، وفي بعض الروايات: خولة بنت ثعلبة بن أصرم، وفي بعضها: خولة بنت ثعلبة بن مالك، وفي بعضها: خُوَيلةُ بنت خُوَيلِد؛ بالتَّصغير فيهما، وهي أنصاريَّة زوجة أوس بن الصَّامت، ويقال: إنَّها جَمِيلة؛ بفتح الجيم، كذا جاء في رواية لأبي داود، والبَيْهَقيِّ، وغيرهما، وقال شيخنا في التي نزلت فيها الآية: كانت أمة لعبد الله بن أُبيٍّ، وهي التي نزل فيها: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ} [النور: 33]، انتهى، وزوجها أوس بن الصَّامت أخو عبادة بن الصَّامت بن قيس الخزرجيُّ، شهد بدرًا والمشاهد، ونزل الشَّام، تُوُفِّيَ سنة (32 هـ) بالرَّملة، وقيل: سنة (72 هـ) رضي الله عنه.

قوله: (وَقَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا كثيرةً أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمامِ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ أنَّه مثل: (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

(1/9640)

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ): هو الحسن بن الحرِّ بن الحكم النَّخعيُّ، ويقال: الجعفيُّ الكوفيُّ، أبو مُحَمَّد، ويقال: أبو الحكم، وقد يُنسَب إلى جدِّه، نزيل دمشق، عن أبي الطُّفيل عامر بن واثلة، وخاله عبدة بن أبي لبابة، والشعبيِّ، والقاسم بن مُخيمِرة، وطائفة، وعنه: ابن أخيه حسين الجعفيُّ، وزهير بن معاوية، وحُمَيد بن عبد الرَّحمن، وجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين وابن خِراش، وقال الحاكم: ثقة مأمون مشهور، وقال ابن سعد: مات بمكَّة سنة (133 هـ)، أخرج له أبو داود والنَّسَائيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان».

قوله: (وَفِي الْعَرَبِيَّةِ: {لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3]؛ أَيْ: فِيمَا قَالُوا، وَفِي بَعْضِ مَا قَالُوا): قال ابن قُرقُول: («وفي بعض ما قالوا»: كذا لهم، وعند الأصيليِّ: «وفي نقض» مكان «بعض»، والأوَّل هو الصَّواب)، انتهى، وقوله: (وفي العربية: {لِمَا قَالُوا}): هذا في «المعاني» للفرَّاء، وقال الأخفش: المعنى على التَّقديم والتَّأخير: وَالَّذِينَ يظَّهَّرون مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ؛ لِمَا قَالُوا، قال شيخنا: (وهو قول حسن)، كما قاله ابن بَطَّال، وذكر شيخنا فيه وجهين آخرين، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 453]

(1/9641)

[باب الإشارة فِي الطَّلاق والأمور]

قوله: (فَأَوْمَأَتْ): كذا في أصلنا، وهو مهموزٌ، (أومأ)، ويجوز (ومأ)، والله أعلم، وكذا: (فَأَوْمَأتْ) الثَّانية فيه.

قوله: (وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: النُّعمان أو عمرو، فارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَقَدَّمَ ببعض ترجمة.

(1/9642)

[حديث: طاف رسول الله على بعيره وكان كلما أتى على الركن أشار إليه]

5293# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، ولِمَ قيل له: المسنديُّ، و (أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو) بعده: هو العَقَديُّ، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (إبراهيم بن طهمان)، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث بن أسماء بن خارجة، أبو إسحاق، الفزاريُّ، مات سنة خمس أو ثمان وثمانين ومئة)، انتهى، وشيخنا أخذه من الدِّمْيَاطيِّ مِن حاشيته، فذكره مقتصرًا عليه، انتهى، و (خَالِد) بعده: هو ابن مِهْرَان الحَذَّاء.

قوله: (وَقَالَتْ زَيْنَبُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فُتِحَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ... »)؛ الحديث: (زينب) هذه: هي بنت جحش أمُّ المؤمنين زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وحديثها هذا في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسَائيِّ»، و «ابن ماجه».

قوله: (وَعَقَدَ تِسْعِينَ): كذا في «البُخاريِّ» مِن حديثها، وفي «مسلم» مِن حديثها: (فُتِح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وعقد سفيان عشرةً)، وفي لفظٍ آخرَ: (وحلَّق بإصبعيه؛ الإبهام والتي تليها)، وبعده من حديث أبي هريرة: (فُتِحَ اليوم مِن ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وعقد وُهَيب بيده تسعين»، وحديث أبي هريرة في «البُخاريِّ»، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (أمَّا رواية يونس وسفيان؛ فمتَّفقتان في المعنى؛ يعني: رواية: «عشرة»، ورواية: «حلَّق بإصبعيه؛ الإبهام والتي تليها») انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (الأنبياء) عن ابن التِّين أنَّه قال: ليس عقد التسعين في الحساب مثل التحليق، والله أعلم، قال: (وأمَّا رواية أبي هريرة؛ فمُخالِفة لهما؛ لأنَّ عقد التسعين أضيقُ مِن عقد العشرة، قال القاضي: لعلَّ حديث أبي هريرة مُتقدِّم، فزاد قدرُ الفتحِ بعدُ هذا القدرَ، قال: ويكون المراد: التقريب بالتمثيل، لا حقيقة التجديد)، انتهى، وقد علمت أنَّ في رواية زينب في بعض طرقها: (تسعين)، كما روى أبو هريرة، لكنَّ الجواب أنَّها روت الشيئَين، فمرَّة حدَّثت بهذا، ومرَّة بهذا، وسأذكر ذلك في (الفتن) مُطَوَّلًا بزيادة رواية أخرى وقعت في حديث زينب، والله أعلم، وأذكر هناك صورةَ التِّسعين والعشرة عند أهل الحساب إن شاء الله تعالى وقدَّره.

[ج 2 ص 453]

(1/9643)

[حديث: في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم قائم يصلي]

5294# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر): هو بكسر الموحَّدة، وبالشين المُعْجَمة، و (الُمفضَّل): اسم مفعول من المُشَدَّدة، وقد تقدَّما.

قوله: (فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على ساعة الإجابة في يوم الجمعة في (الجمعة)، مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (أَنْمَلَتَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الأنملة) تسعَ لغاتٍ: تثليثَ الهمزة، وتثليثَ الميم، والعاشرة: أنمولة، وهي معروفة.

قوله: (يُزَهِّدُهَا): أي: يقلِّلها.

==========

[ج 2 ص 454]

(1/9644)

[معلق الأويسي: عدا يهودي في عهد رسول الله على جارية فأخذ أوضاحًا.]

5295# قوله: (وَقَالَ الأُوَيْسِيُّ): هو عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أوس بن سعد بن أبي سرح القرشيُّ العامريُّ، أبو القاسم، الأويسيُّ المدنيُّ الفقيه، ترجمته معروفة، وعنه: البُخاريُّ وأبو زرعة، ثقة مُكثِر، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان كذا)، وفلانٌ المُسنَد إليه القول شيخُه؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، لكنَّ الغالب أن يكون أخذه عنه في حال المذاكرة.

قوله: (عَدَا يَهُودِيٌّ): هو بالعين المُهْمَلة، وكذا الدَّال؛ من العدوان؛ وهو تجاوز الحدِّ في الظُّلم، واليهوديُّ: لا أعرف اسمه، وكذا (الجَارِيَة) المقتولة.

قوله: (فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا): (الأوْضاح)؛ بفتح الهمزة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ضاد معجمة، وبعد الألف حاءٌ مهملةٌ، قال أبو عبيد: الحلي من الفضَّة، الواحدة: وضَحة، قيل: هي حَلْيٌ من حجارة، وقال الحربيُّ: الأوضاح: الخلاخيل، وفي «الصِّحاح»: الوضَح: الدرهم الصَّحيح، والأوضاح: حَلْيٌ من الدَّراهم الصِّحاح، انتهى.

قوله: (وَقَدْ أُصْمِمَتْ [1]): هو بِضَمِّ الهمزة، ساكن تاء التأنيث؛ أي: أُسكِتَت، وفي نسخة صحيحة: (أَصمَمَت)؛ بفتح الهمزة بالقلم، وصُحِّح عليها، وفي هامشها: مضموم الهمزة، وكذا هو مضبوط في «صحاح الجوهريِّ» بالقلم في نسخة صحيحة، وهو مقتضى التصنيف، وكذا في «القاموس»، ولفظه: (وأصمَتَه وصمَّته، لازمان مُتعدِّيان)، انتهى، فيقال فيه: أَصمَمَتْ وأُصمِمَتْ، والله أعلم.

قوله: (غَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا): (غيرِ)؛ بالجرِّ: بدل من (آخر) المجرور، وعلامة الجرِّ في (آخَرَ) الفتحة؛ لأنَّه لا ينصرِف.

قوله: (فَرُضِخَ رَأْسُهُ): (رُضِخ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (رأسُه): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

(1/9645)

[حديث: الفتنة من هنا]

5296# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 454]

(1/9646)

[حديث: إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا فقد أفطر الصائم]

5297# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ [1]): اسم (أبي إسحاق) هذا: سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان أبو إسحاق الشَّيبانيُّ؛ بالشين المُعْجَمة، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى والده أبي أوفى، وأنَّه صَحَابيٌّ أيضًا كابنه، وأنَّ اسمه علقمة بن خالد بن الحارث، ورفعتُ في نسبه رضي الله عنهما.

قوله: (قَالَ لِرَجُلٍ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي): (الرجل): تَقَدَّمَ أنَّه بلال، وتَقَدَّمَ الكلام على (الجدح).

(1/9647)

[حديث: لا يمنعن أحدًا منكم نداء بلال]

5298# قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): هذا هو النهديُّ عبد الرحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَتْ اللُّغات في (مَلٍّ).

قوله: (مِنْ سَحُورِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على سينِه، وهو معروف.

قوله: (لِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ): (يَرجعَ)؛ بفتح أوَّله، مُتَعدٍّ، و (قائمَكم): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وكان في أصلنا مضبوطًا بالقلم: بالفتح والضَّمِّ [1]، ثُمَّ أُزيلَت الضَّمَّة، وكلاهما صحيح إن ساعدته الرواية، ويؤيِّد النصب قولُه في طريق أخرى: (وليُنبَّه نائمُكم)، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (أ): (بالقلم)، ولعلَّه تكرارٌ.

[ج 2 ص 454]

(1/9648)

[حديث: مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد]

5299# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ): هذا التعليق مجزوم به، وقد تَقَدَّمَ كذلك في (الزكاة)، وليس هو في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا و (الزكاة).

قوله: (جُبَّتَانِ): هو بالموحَّدة في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على رواية: (جبَّتَين) و (جنَّتين) في (الزَّكاة)، وأنَّ الصَّحيح: بالنُّون.

قوله: (إِلَى تَرَاقِيهِمَا): تَقَدَّمَ أنَّه جمع (ترقوة)، وقد تَقَدَّمَ ما هي في (الزَّكاة).

قوله: (إِلَّا مَادَّتْ عَلَيهِ): هو بفتح الدَّال المُهْمَلة المُشَدَّدة، ثُمَّ تاء التَّأنيث الساكنة.

قوله: (حَتَّى تُجِنَّ): هو بِضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وكسر الجيم، مُشدَّد النُّون، رُبَاعيٌّ، ويجوز فتح التاء، وضمُّ الجيم، ومعناه معروف.

قوله: (بَنَانَهُ): (البَنان)؛ بفتح الموحَّدة: الأصابع، وقيل: أطرافها، قال ابن قُرقُول: (كذا للكافَّة، ورواه بعضهم عن ابن الحَذَّاء: «ثيابه»، كذا في أصل مُحَمَّد بن عيسى، وهو غلط، وبالأوَّل يستقلُّ التَّشبيه، ويستقيم الكلام، كما في الحديث الآخر: «تعفو أنامله») انتهى.

قوله: (وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ): أي: تَمحاهُ وتذهبه، و (عفا): يتعدَّى ولا يتعدَّى، يقال: عفتِ الريحُ المنزلَ: درسته، وعفا المنزل يعفو: دَرَس.

قوله: (كُلُّ حَلْقَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بإسكان اللَّام وتُفتَح، وتَقَدَّمَ جمع كلِّ واحدة من اللُّغتين.

قوله: (وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ): (يُشير)؛ بِضَمِّ أوَّله، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، و (الإصبع): تَقَدَّمَ عشرُ لغاتٍ فيها.

==========

[ج 2 ص 454]

(1/9649)

[باب اللعان ... ]

(بَابُ اللِّعَانِ) ... إلى (بَاب: إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَلَمْ يَمَسَّهَا)

فائدةٌ: نزلت آية اللِّعان في شعبان في السنة التَّاسعة من الهجرة.

ثانيةٌ: لم يكنِ اللِّعان بالمدينة بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا في أيَّام عمر بن عبد العزيز.

ثُمَّ اعلم أنَّ (اللِّعان): هو مصدر: (لاعَنَ يلاعِنُ لعانًا)، وإطلاق اللِّعان في جانب المرأة مِن مجاز التغليب،

[ج 2 ص 454]

وهو مشتقٌّ من اللَّعن؛ وهو الطَّرد والإبعاد؛ لبعدهما مِن الرحمة أو لبعد كلٍّ منهما عن الآخر، فلا يجتمعان أبدًا، وهل أُنزِلتِ الآية في عويمر العجلانيِّ أو في هلال بن أُمَيَّة، قولان؛ أرجحهما: أنَّها أُنزِلت في هلال، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (سورة النُّور)، وفي «مسلم»: (فكان أوَّل رجل لاعنَ في الإسلام)، وقوله عليه السَّلام لعويمر: «إنَّ الله قد أنزل فيك وفي صاحبتك»؛ فمعناه: ما نزل في قصَّة هلال، قال النَّوَويُّ: (ويحتمل أنَّها نزلت في ذا وذاك، فإنَّ هلالًا أوَّلُ مُلاعِن)، انتهى.

تنبيهٌ: قصَّة هلال في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» مِن حديث عبد الله بن عَبَّاس، وفيها: جاء هلال بن أُمَيَّة وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فجاء مِن أرضه عشاء، فوجد عند أهله رجلًا، فرأى بعينيه، وسمع بأذنيه، فلم يهجد حتَّى أصبح، فغدا على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فذكر قصَّته أنَّه رأى بعينه، وسمع بأذنيه، وقصَّة هلال في «الصَّحيح»، ولكن ليست بهذا السياق، والله أعلم، ولم يكن بالمدينة بعده عليه السَّلام لعانٌ إلَّا في أيَّام عمر بن عبد العزيز، كما قدَّمته.

قوله: (فَإِذَا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ بِكِنَايةٍ [1]): هو بالنُّون قبل الألف، وبعد الألف مثنَّاة تحت، كذا في أصلنا، والذي أحفظه: (بكتابة)؛ بمثنَّاة فوق، وبعد الألف مُوَحَّدَة، وعليه يدلُّ ما بعده في موضعين، والله أعلم، ويدلُّ له أيضًا أنَّ شيخنا لمَّا ساق ما في الباب؛ قال: (فإذا قذف الأخرس امرأته بكتاب ... )، وكذا حلَّه على ذلك، والله أعلم.

(1/9650)

قوله: (وَقَالَ الضَّحَّاكُ): هو الضَّحَّاك بن مزاحم البلخيُّ، المُفسِّر، أبو القاسم، كنَّاه ابن معين، وأمَّا الفَلَّاس؛ فكنَّاه: أبا مُحَمَّد، وكان يُؤدِّب، ترجمته معروفة، ويقال: إنَّه كان في مكتبه ثلاثة [2] آلاف صبيٍّ، وكان يطوف عليهم على حمار، وهو مُتكلَّم فيه، وقد وثِّق، تُوُفِّيَ سنة (105 هـ)، أخرج له الأربعة.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ): اختلف العلماء في لعان الأخرس؛ فقال الشَّافِعيُّ، ومالك، وأبو ثور: يُلاعِن الأخرسُ؛ إذا عقل الإشارة، وفهم الكتابة، وعُلِم ما يقول وفُهِم، وكذلك الخرساء تلاعِن أيضًا بالكتاب، وقال الكوفيُّون: لا يصحُّ قذفه ولا لعانه، فإذا قذف الأخرس امرأته بإشارة؛ لم يُحَدَّ ولم يُلاعِن، وكذلك لو قذف بكتاب، ورُوِي مثله عن الشَّعبيِّ، وبه قال الأوزاعيُّ، وأحمد، وإسحاق، ومأخذهم معروف، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): هو عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، العالم المشهور.

قوله: (وَقَالَ حَمَّادٌ) ....

قوله: (الأَخْرَسُ وَالأَصَمُّ إِنْ قَالَ بِرَأْسِهِ؛ جَازَ): كذا في أصلنا: (إن قال)، والجادَّة: قالا، ومعنى ما في الأصل: إن قال كلُّ واحد منهما برأسه؛ جاز، والله أعلم.

(1/9651)

[حديث: ألا أخبركم بخير دور الأنصار قالوا بلى بنو النجار ... ]

5300# قوله: (بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ): يعني: قبائلها وعشائرها المجتمعة في المحلَّة، فتُسمَّى المحلَّة: دارًا، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 455]

(1/9652)

[حديث: بعثت أنا والساعة كهذه من هذه أو كهاتين]

5301# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عيينة، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلة، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَة): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز في (السَّاعة) الرفعُ والنصبُ، قال بعضهم عن أبي البقاء: يتحتَّم النَّصبُ، ولو رفع؛ فسد المعنى، إذ لا يقال: بعثت السَّاعة، وقال القاضي: الأحسن الرفع عطفًا على الضمير، ويجوز النصب مفعولًا معه، أو بمضمر؛ أي: فانتظرِ السَّاعة.

==========

[ج 2 ص 455]

(1/9653)

[حديث: الشهر هكذا وهكذا وهكذا]

5302# قوله: (حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ): هو بِضَمِّ السِّين وفتح الحاء المُهْمَلتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ميم، وهذا معروف مشهور عند أهله.

==========

[ج 2 ص 455]

(1/9654)

[حديث: الإيمان هاهنا _ مرتين _ ألا وإن القسوة وغلظ القلوب ... ]

5303# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ، تقدَّموا كلُّهم، وفي نسخة على أصلنا على قوله: (عن أبي مسعود) كتب ابن قصَّار: (عن ابن مسعود)، وعلى (ابن) علامة راويها، ولم يذكرِ الحديثَ المِزِّيُّ إلَّا في ترجمة أبي مسعود عقبة بن عمرو؛ فاعلمه.

قوله: (فِي الْفَدَّادِينَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى (قَرْنَا الشَّيْطَانِ).

==========

[ج 2 ص 455]

(1/9655)

[حديث: وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا]

5304# قوله: (عَنْ [1] عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسم (أبي حَازم) سلمة بن دينار.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[ج 2 ص 455]

(1/9656)

[باب إذا عرض بنفى الولد]

قوله: (إِذَا عَرَّضَ بِنَفْيِ الْوَلَدِ): (عرَّض)؛ بتشديد الرَّاء، وهذا ظاهِرٌ، ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بغير إسناد، ثُمَّ قال: (ذكر البُخاريُّ التَّعريض عقيب الإشارة، وقد تَقَدَّمَ له فيها أنَّها كاللَّفظ؛ لاشتراكهما في إفهام المقصود، وقد كان ينبغي أن يكون التَّعريض مثل اللَّفظ الظاهر في المقصود بطريق المنطوق؛ لمشاركته إيَّاها في إفهام المقصود، وهو مذهب مالك، وتبويب البُخاريِّ على الحديث بأنَّه تعريض يدلُّ على أنَّ مذهبه إهدارُ التَّعريض، وذلك مناقض لمذهبه في الإشارة، والتَّحقيق: أنَّ الحديث المذكور ليس بتعريض، فإنَّ التَّعريض هو [1] إفهام البتِّ [2] بالقذف، وهذا السائل إنَّما جاء مستريبًا مستشيرًا، فلمَّا ضُرِب له المثل؛ زالتِ الرِّيبة، والله أعلم)، انتهى، وقد فرَّق بعضهم فقال: (الشرع أعمل الإشارة عند الحاجة، ولم يُعمِلِ التَّعريضَ في إلزام شيء، فلا وجهَ للتسوية بينهما)، انتهى.

==========

[1] في (أ): (فهو)، والمثبت من مصدره.

[2] في (أ): (البثُّ)، ولعلَّه تصحيف عن المثبت من مصدره.

[ج 2 ص 455]

(1/9657)

[حديث: أن رجلًا أتى النبي فقال: يا رسول الله ولد لي غلام أسود .. ]

5305# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف والزاي، ويجوز إسكانُها، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (سَعْيِد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها [1]، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ وُلِدَ لِي غُلَامٌ أَسْوَدُ): هذا الرَّجل هو ضمضم بن قتادة، قاله عبد الغنيِّ بن سعيد الأزديُّ في «الغوامض والمبهمات»، وساق له شاهدًا، وفيه زيادة: (فَقَدِمْنَ عجائزُ من بني عجل، وأخبرن أنَّه كان للمرأة جدَّةٌ سوداء)، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (ضمضم بن قتادة وُلِد له وَلد أسود، فاستوحش، وشكا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فبيَّن له)، انتهى، وقال ابن شيخنا العراقيِّ: (وامرأته من بني عجل)، انتهى، والله أعلم.

[ج 2 ص 455]

قوله: (وُلِدَ لِي غُلَامٌ أَسْوَدُ): هذا (الغلام): لا أعرفُ اسمه.

قوله: (مِنْ أَوْرَقَ): (الوُرقة) في الإبل: لون يُضرَب إلى الخضرة؛ كلون الرَّماد، وقيل: إلى السَّواد.

قوله: (نَزَعَهُ عِرْقٌ)، انتهى: تَقَدَّمَ أنَّه كان كذلك، فإنَّ له جدَّةٌ سوداءُ، كما تَقَدَّمَ قريبًا.

(1/9658)

[باب إحلاف الملاعن]

(1/9659)

[حديث: أن رجلًا من الأنصار قذف امرأته فأحلفهما النبي]

5306# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جويرية بن أسماء، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (عَبْد اللهِ): هو ابن عمر بن الخطَّاب، وهذا ظاهِرٌ عند أهله.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ قَذَفَ امْرَأَتَهُ): تَقَدَّمَ في (النُّور) مِن حديث ابن عمر، والظاهر: أنَّه عويمرُ العجلانيُّ وامرأته، وقد جزم بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين بأنَّه عويمر العجلانيُّ، وقال: (كما سيأتي مِن رواية ورقاء: «مِن أحد بني العجلان»، كما تَقَدَّمَ، ومن حديث سهل بن سعد قريبًا)، انتهى، وتَقَدَّمَ الكلام في (تفسير النُّور): أنَّها خولة بنت قيس، وتَقَدَّمَ ما في ذلك، وإنَّما قلت: إنَّه عويمر وامرأته؛ وذلك لأنَّه سيأتي من حديثه: (فرَّق النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين أخوي بني العجلان)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (يصحُّ تفسيره بعويمر العجلانيِّ وامرأتِه، وبهلال بن أُمَيَّة وامرأته خولة بنت عاصم)، انتهى، وما قاله حَسَنٌ، ولكنَّ التفسير الأوَّلَ أحسنُ وأصنعُ.

==========

[ج 2 ص 456]

(1/9660)

[باب: يبدأ الرجل بالتلاعن]

(1/9661)

[حديث: إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب]

5307# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ.

قوله: (أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ): هو الواقفيُّ، أحدُ الثَّلاثة المُتخلِّفين عن تبوك الذين تِيبَ عليهم، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (قَذَفَ امْرَأَتَهُ): امرأة هلال بن أُمَيَّة تَقَدَّمَ الكلام عليها في (سورة النُّور)، وتَقَدَّمَ أعلاه تسميتُها.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 456]

(1/9662)

[باب اللعان، ومن طلق بعد اللعان]

(1/9663)

[حديث: قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها]

5308# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسماعيل بن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة النُّور).

قوله: (فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا)؛ لِمَا فيها مِن هتك المسلم.

قوله: (سَأَلْتُهُ عَنْهَا): (سألتُه): بِضَمِّ التاء؛ تاء المتكلِّم.

قوله: (وَسَطَ النَّاسِ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال: بإسكان السين وفتحها، وتَقَدَّمَ الفرق بينهما مُطَوَّلًا.

قوله: (وَفِي صَاحِبَتِكَ): أي: امرأتك، وقد تَقَدَّمَ في سورة [النُّور] أنِّي لا أعرف زوجة عويمر، وتَقَدَّمَ ما قاله ابن شيخنا فيها في (النُّور).

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة النُّور)، و (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

(1/9664)

[باب التلاعن في المسجد]

(1/9665)

[حديث: قد قضى الله فيك وفي امرأتك]

5309# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في سورة {اقرأ}، وقبل ذلك أيضًا، و (عبد الرَّزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ في (سورة النُّور) أنَّ الظاهر مِن القصة أنَّه عويمر، والله أعلم.

قوله: (مَعَ امْرَأَتِهِ): تَقَدَّمَ في (النور) أنَّ امرأة عويمر لا أعرفها، وتَقَدَّمَ ما قاله فيها ابن شيخنا البلقينيِّ، وهو أنَّها خولة بنت قيس.

قوله: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وقوله: (وَكَانَتْ حَامِلًا): تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه من كلام الزُّهريِّ، وتَقَدَّمَ في (سورة النُّور) مِن كلام سهل بن سعد.

قوله: (وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لأُمِّهِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الابن) في (سورة النُّور).

قوله: (ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللهُ): الذي ظهر لي أنَّ ذلك من كلام الزُّهريِّ، وهو في سند هذا الحديث، وقد تَقَدَّمَ الكلام ما إذا قال التابعيُّ: (السُّنَّة كذا)؛ ومثله: (جرتِ السُّنَّة) ما هو، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في (ميراثها) منه، هل تحوزه إذا لم يكن له غيرُها أم لا، والله أعلم.

قوله: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وهذا معطوف على سند الحديث الذي قبله فيما ظهر لي، وقد رواه البُخاريُّ عن يحيى، عن عبد الرَّزَّاق، عن ابن جُرَيج به، والله أعلم.

قوله: (كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ): هو بفتح الواو والحاء المُهْمَلة والرَّاء، ثُمَّ تاء التأنيث، تَقَدَّمَ ما هي في (النور).

قوله: (فَلَا أُرَاهَا): هو بِضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّها، وكذا (أُرَاهُ) الثَّانية.

==========

[ج 2 ص 456]

(1/9666)

[باب قول النبي: لو كنت راجمًا بغير بينة]

(1/9667)

[حديث: لو رجمت أحدًا بغير بينة رجمت هذه]

5310# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (ذُكِرَ التَّلَاعُنُ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (التَّلاعنُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ): (الرَّجل): هو عويمر العجلانيُّ، كما جاء مُبيَّنًا في الأحاديثِ الأخر.

قوله: (أَنَّهُ [1] وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا): تَقَدَّمَ أنَّ امرأة عويمر لا أعرف اسمها، وقد تَقَدَّمَ ما قاله ابن شيخنا فيها أعلاه، وفي (النور).

قوله: (مَا ابْتُلِيتُ): هو بِضَمِّ التاء، وكسر اللَّام، وضمِّ تاء المُتكلِّم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (سَبْطَ الشَّعَرِ): تَقَدَّمَ الكلام على (السبوطة) ما هي، وعلى (آدَم)؛ أي: أسمر.

قوله: (خَدْلًا): هو بفتح الخاء المُعْجَمة، وإسكان الدَّال المُهْمَلة، كذا هو في أصلنا، قال الدِّمْيَاطيُّ: (بسكون الدَّال لأكثر الرُّواة، وبكسرها للأصيليِّ، قاله عياض؛ ومعناه: الغليظ الممتلئ الساقين، وهو مثل قوله: «خدلج») انتهى، ونحوه لابن قُرقُول، وسيأتي في آخر هذا الحديث: (وقال أبو صالح وعبد الله بن يوسف: خَدِلًا)؛ يعني: بكسر الدَّال، وسيأتي قريبًا ما فيه.

قوله: (فَقَالَ [2] رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): هذا الرجل جاءت تسميته في (كتاب التمنِّي) من هذا «الصَّحيح» في (باب ما يجوز من اللَّوِّ): (فقال عبد الله بن شدَّاد ... ) إلى آخره، والله أعلم.

[ج 2 ص 456]

قوله: (لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ ... ) إلى آخره: هذه المرأة لا أعرف اسمها، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين من المصريِّين: (والمرأة لم أعرفها، لكن في «سنن النَّسَائيِّ» في «الفرائض» من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه ما يدلُّ على أنَّها الملاعنة)، انتهى، ومراده: الملاعنة في حديث عويمر العجلانيِّ، فإنَّه ذكر ذلك عقيب قصَّته، فتكون خولة بنت قيس، والله أعلم.

(1/9668)

قوله: (وَقَالَ [3] أَبُو صَالِحٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ: خَدِلًا): أمَّا (أبو صالح)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن صالح بن مُحَمَّد بن مسلم الجهنيُّ، كاتب اللَّيث، عن اللَّيث وغيره، وعنه: البخاريُّ تعليقًا، واستشهد به في «الصَّحيح»، وقيل: إنَّه روى عنه أيضًا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك في (سورة الفتح) وغيرها، وكلام المِزِّيِّ، وتَقَدَّمَتْ ترجمة عبد الله بن صالح، و (عبد الله بن يوسف): هو التِّنِّسيُّ، وهما شيخا [4] البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان) وفلانٌ المُسنَد إليه القولُ شيخُه _ كهذين_؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخذُه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

قوله: (خَدِلًا): هو بكسر الدَّال، كما قدَّمته قريبًا، وقال شيخنا في هذا المكان بعد أن فسَّره، وأنَّه بفتح الخاء، وسكون الدَّال في أصل الحديث، ثُمَّ قال: (وقال ابن التِّين: ضُبِط في بعض الكتب: بكسر الدَّال، وتخفيف اللَّام، وفي بعضها: بتشديد اللَّام، وفي بعضها: بسكون الدَّال، وكذلك هو في كتب أهل اللُّغة، وكذلك ضُبِط في رواية أبي صالح وابن يوسف)، انتهى.

(1/9669)

[باب صداق الملاعنة]

(1/9670)

[حديث: لا مال لك إن كنت صادقًا فقد دخلت بها ... ]

5311# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْمَاعِيلُ): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، الإمام، أحد الأعلام، و (أَيُّوب) بعده: هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيِّ كيسانَ، الإمامُ.

قوله: (فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ): هما: عويمر العجلانيُّ وامرأته، وقد تَقَدَّمَ الكلام على [عويمر] في (سورة النُّور)، وأنَّ امرأتَه لا أعرفها، وتَقَدَّمَ ما قاله فيها ابن شيخنا البلقينيِّ هنا، وفي (النور).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[ج 2 ص 457]

(1/9671)

[باب قول الإمام للمتلاعنين: إن أحدكما كاذب فهل منكما تائب]

(1/9672)

[حديث: حسابكما على الله أحدكما كاذب]

5312# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سفيان بن عيينة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار.

قوله في حديث ابن عمر: (قَالَ [1] لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ): (المتلاعنان): عويمر العجلانيُّ وامرأته، وقد صرَّح به في الباب قبل هذا: (فرَّق النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين أخوي بني العجلان ... )؛ الحديث، وقد تَقَدَّمَ أنَّ امرأة عويمر لا أعرفها، وتَقَدَّمَ أعلاه وفي (النور) ما قاله ابن شيخنا فيها.

قوله: (قَالَ أَيُّوبُ): قائله هو سفيان بن عيينة.

قوله: (فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ): تَقَدَّمَ أنَّهما عويمر وامرأته، وامرأته لا أعرف اسمها، وتَقَدَّمَ قريبًا ما قاله ابن شيخنا فيها، وبعيدًا في (النور).

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[ج 2 ص 457]

(1/9673)

[باب التفريق بين المتلاعنين]

(1/9674)

[حديث: أن رسول الله فرق بين رجل وامرأة قذفها وأحلفهما]

5313# قوله في حديث ابن عمر: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ قَذَفَهَا، وَأَحْلَفَهُمَا): وسيأتي أنَّهما مِن الأنصار، الظاهر أنَّ مراده: عُوَيمرٌ وامرأته، وسبق قريبًا ما قاله ابن شيخنا البلقينيِّ.

(1/9675)

[حديث: لاعن النبي بين رجل وامرأة من الأنصار وفرق بينهما]

5314# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيْد اللهِ) بعده: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.

قوله: (بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه عويمر وامرأته، وتَقَدَّمَ [ما] قاله ابن شيخنا البلقينيِّ.

==========

[ج 2 ص 457]

(1/9676)

[باب: يلحق الولد بالملاعنة]

قوله: (يُلْحَقُ [1] الْوَلَدُ بِالْمُلَاعِنَةِ): (يُلحَق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الولدُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يَلْحَق).

[ج 2 ص 457]

(1/9677)

[حديث: أن النبي لاعن بين رجل وامرأته]

5315# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر.

قوله: (لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ [1]): تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه عويمر وامرأته.

قوله: (وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الولد في (النور)؛ فانظره.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وامرأته).

[ج 2 ص 457]

(1/9678)

[باب قول الإمام: اللهم بين]

(1/9679)

[حديث: لو رجمت أحدًا بغير بينة لرجمت هذه]

5316# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أُوَيس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المُجتَهِد، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعد (مالك): هو الأنصاريُّ القاضي.

قوله: (ذُكِرَ الْمُتَلَاعِنَانِ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المتلاعنان): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ): هذا (الرجل) الذي جاء عاصم بن عديٍّ: هو عويمر العجلانيُّ، كما جاء في الأحاديث، والله أعلم.

قوله: (وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ امرأة عويمر لا أعرف اسمها.

قوله: (سَبْطَ الشَّعَرِ): تَقَدَّمَ الكلام في (السبوطة) ما هي، وكذا (خَدلًا) ضبطًا قريبًا.

قوله: (جَعْدًا قَطَطًا): (الجَعْد)؛ بفتح الجيم، وإسكان العين وبالدَّال المُهْمَلتين: الشعر الجعد، وهو ضدُّ السَّبط، وهو الذي فيه عزَّة ورجوع في نفسه، ليس باللَّيِّن في استرساله، فإذا وُصِفَ بالقطط؛ كان الشَّديد الجعودة؛ كشعور السُّودان، و (القَطَط)؛ بالقاف المفتوحة، وطاءين مهملتين؛ الأولى مفتوحة ومكسورة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه شديد الجعودة.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبد الله بن شدَّاد.

قوله: (لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ السُّوءَ فِي الإِسْلَامِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمها.

==========

[ج 2 ص 457]

(1/9680)

[باب: إذا طلقها ثلاثًا ثم تزوجت بعد العدة زوجًا غيره فلم يمسها]

(بَابٌ: إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ... ) إلى آخر التَّرجمة ... إلى (كِتَاب النَّفَقَات)

==========

[ج 2 ص 457]

(1/9681)

[حديث: لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك]

5317# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو الفَلَّاس، الحافظ، أبو حفص، أحدُ الأعلام، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان الموحَّدة، وأنَّه ابن سليمان.

قوله: (أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ): تَقَدَّمَ أنَّه رِفاعة بن سَمْوال، وأنَّ (سمْوال)؛ بالسين المُهْمَلة المفتوحة وتُكسَر، وسكون الميم، وقيل: رفاعة بن رفاعة القرظيُّ، خال صفيَّة أمِّ المؤمنين، صَحَابيٌّ مشهور.

[ج 2 ص 457]

قوله: (تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا): تَقَدَّمَ الكلام على اسم هذه المرأة، والخلاف فيه في (باب مَن أجاز الطَّلاق الثَّلاث) قريبًا.

قوله: (فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ): هذا (الآخر): هو عبد الرحمن بن الزَّبِير، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه ونسبه، والخلاف فيه في (باب مَن أجاز الطَّلاق الثَّلاث).

(1/9682)

[باب: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}]

(1/9683)

[حديث: توفي عنها وهي حبلى فخطبها أبو السنابل بن بعكك]

5318# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ ترجمتها، وأنَّ أباها (أبا سلمة) عبدُ الله بن عبد الأسد تَقَدَّمَ، و (أُمهَا أُم سَلَمَةَ): هي أمُّ المؤمنين هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا سُبَيْعَةُ كَانَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هي امرأة سعد بن خولة مولى بني عامر بن لؤيٍّ، كان مِن اليمن هاجر إلى الحبشة، وشهد بدرًا وما بعدها، تُوُفِّيَ بمكَّة في حجَّة الوداع، رثى له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن مات بمكَّة، ووضعت امرأتُه سُبَيعةُ بعد وفاته بليالٍ، قيل: خمس وعشرون ليلة، وقيل: أقلُّ مِن ذلك)، انتهى، تَقَدَّمَ الكلام على (سُبَيعة) وضبطها، ومتى تُوُفِّيَ زوجها سعد بن خولة، وكم لبثت بعده حتَّى وضعت في (سورة الطَّلاق) في (التَّفسير)؛ فانظره.

قوله: (فَخَطَبَهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: («أبو السَّنَابِل»: اسمه حبَّة على الصَّحيح، أسلم يوم الفتح، وكان شاعرًا، ومات بمكَّة، وكان أسلم يوم بدر) انتهى، كذا بخطِّ الناقل عن الدِّمْيَاطيِّ، وإنَّما صوابه: (أُسِر يوم بدر)، لا (أسلم)، وقد تَقَدَّمَ في (سورة التَّغابن) و (الطلاق): أنَّ (بَعْكَك)؛ بفتح الموحَّدة، ثُمَّ عين مهملة ساكنة، ثُمَّ كافَين؛ الأولى مفتوحة، مصروف، وقد قَدَّمْتُ نسبه والاختلاف في اسمه، وقد تَقَدَّمَ أيضًا قبل (سورة الطلاق)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (وفي بعض النسخ: «فخطبها آخر»، والخاطب الآخر: هو أبو البشر بن الحارث)، انتهى، وقد رأيت في «تجريد الذَّهَبيِّ»: (أبا بشر بن الحارث العبدريَّ خطب سُبَيعةَ الأسلميَّة، قاله ابن الدَّبَّاغ)، انتهى.

(1/9684)

قوله: (حَتَّى تَعْتَدِّي آخِرَ الأَجَلَيْنِ): يعني: أنَّها كانت حاملًا، فوضعت قبل انقضاء أربعة أشهر وعشرة أيام، فإنَّ عدَّتها تكون بانقضاء الأشهر، وإنَّ كانت حاملًا وانقضت الأشهر؛ فعدَّتها بوضع الحمل، وهذا مذهب معروف، تَقَدَّمَ مَن ذهب إليه؛ منهم: ابن عَبَّاس وعليٌّ.

==========

[ج 2 ص 458]

(1/9685)

[حديث: أفتاها النبي فقالت أفتاني إذا وضعت أن أنكح]

5319# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، وتَقَدَّمَ (اللَّيْث): أنَّه ابن سعد، و (يَزِيد): هو ابن أبي حَبِيب، كذا في «أطراف المِزِّيِّ»، وقال الدِّمْيَاطيُّ في حاشية نسخته من «صحيح البُخاريِّ»: (هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي)، انتهى، وفيما قاله نظر، قال شيخنا: (وقد صرَّح أبو نعيم بأنَّه ابن أبي حَبِيب، وكذا الطَّبَرانيُّ، وكذا أبو مسعود في «أطرافه»)، انتهى، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (كَتَبَ إِلَيْهِ): يعني: أنَّ ابن شهاب كتب إلى يزيد؛ هو ابن أبي حَبِيب ... إلى قوله: (أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الأَرْقَمِ): تَقَدَّمَ الكلام على جواز الرواية بالكتابة، وسواء كانت مقرونًا بها الإجازة أم لا، وأنَّ الصَّحيح: جوازُ الرِّواية بها عند أهل الحديث، وهي عندهم معدودة في المسند الموصول، وهو قول كثير مِن المُتقدِّمين والمُتأخِّرين، مُطَوَّلًا؛ فانظره، و (ابن الأرقم): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زُهْرة، أسلم عام الفتح، وكتب للنَّبيِّ صلى عليه وسلم، ثُمَّ لأبي بكر، ثُمَّ لعمر، واستعمله على بيت المال، ثُمَّ عثمان سنتين، ثُمَّ استعفاه، فأعفاه، قال عمر: ما رأيت أخشى لله مِن عبد الله بن الأرقم)، انتهى، (عبد الله) هذا: ترجمته معروفة، أخرج له أصحاب السُّنَن الأربعة، وأحمد في «المسند»، وبقيٌّ أخرج له في «مسنده» حديثين، وقد أضرَّ قبل موته، وقد ذكرته في جماعة العميان مِن الصَّحابة رضي الله عنهم.

(1/9686)

[حديث: أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها ... ]

5320# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف والزاي، وتُسكَّن، و (المِسْوَر بْن مَخْرَمة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السِّين، وفتح الواو، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ أباه مَخْرَمة مِن مُسْلِمة الفَتْح.

قوله: (نُفِسَتْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بِضَمِّ النُّون وفتحها، وتَقَدَّمَ الكلام على (زَوْجهَا)، وأنَّه سعد بن خولة، وتَقَدَّمَ الكلام على المُدَّة التي نُفِسَت فيها بعد وفاته، والاختلاف فيها في (سورة الطَّلاق).

(1/9687)

[باب قول الله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}]

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (فِيمَنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ): (تَزوَّج): هو بفتح أوَّله، وتشديد الواو المفتوحة، وهو فعل ماضٍ.

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام.

قوله: (وَهَذَا أَحَبُّ إِلَى سُفْيَانَ): يعني: قول الزُّهريِّ، و (سفيان) هذا: ظاهر كلام شيخنا في نقله المذهبَين في المسألة: أنَّه الثَّوريُّ، فإنَّه صرَّح بأنَّه مذهب الثَّوريِّ مِن جملة مَن قاله، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): هو بفتح الميمَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، قال شيخنا: (وهو أبو عبيدة اللُّغويُّ الإمام، وقد ذكره كذلك في «مجازه»، والله أعلم)، انتهى، وكذا قال غيره، وهو أبو عبيدة مَعْمَر بن المثنَّى، التَّيميُّ بالولاء؛ تَيْم قريشٍ، البصريُّ، الإمام اللُّغويُّ، قال الجاحظ: (لم يكن في الأرض خارجيٌّ ولا جماعيٌّ أعلمَ بجميع العلوم

[ج 2 ص 458]

منه، وكان الغالبُ عليه الغريبَ، وأخبار العرب وأيَّامها، وكان مع فضيلته لم يُقِمِ البيتَ إذا أنشده حتَّى يَكسِره، ويُخطِئ إذا قرأ القرآن نظرًا، وكان يبغض العرب، وألَّف في مثالبها كُتُبًا، وكان يرى رأي الخوارج، وأقدمه هارونُ الرَّشيد البصرةَ في سنة ثمان وثمانين ومئة، وقرأ عليه بها شيئًا من كتبه، وأسند الحديث إلى هشام بن عروة وغيره، وروى عنه: عليُّ بن المغيرة الأثرم، وأبو عبيد القاسم بن سلَّام، وأبو عثمان المازنيُّ، وأبو حاتم السجستانيُّ، وغيرهم، ولم يزل يُصنِّف حتَّى مات، وتصانيفه تقارب مئتي مُصنَّف في علوم شتَّى، وكان ممَّن يُتَّقى لسانُه، وكان وسخًا ألثغ مدخول النَّسب والدِّين، ولمَّا مات؛ لم يحضر أحدٌ جنازته؛ لأنَّه لم يَسلَم مِن لسانه شريفٌ ولا غيرُه، وكان لا يقبل شهادتَه أحدٌ مِن الحكَّام؛ لأنَّه كان يُتَّهم بالغلمان، ووُجِد يومًا على الأُسطوانة التي يجلس بإزائها في المسجد على نحو سبعة أذرع:

~…صَلَّى الإِلَهُ عَلَى لُوطٍ وَشِيْعَتِهِ…أَبَا عُبَيدَةَ قُلْ بِاللهِ آمِينَا

وثاني بيتٍ:

~…فَأَنْتَ عِنْدِي بِلَا شَكٍ بَقِيَّتُهُمْ…مُنْذُ احْتَلَمْتَ وَقَدْ جَاوَزْتَ سَبْعِينَا

(1/9688)

فحمل الأصمعيُّ على هذه حتَّى مسحه، وقد أثقله، فقال له: قد قطعت ظهري، فقال: قد بقيت الطَّاء، قال: هي شرُّ حروف هذا البيت، وأخباره كثيرة، وتُوُفِّيَ سنة تسع ومئتين بالبصرة، وقيل: عشر، وقيل: إحدى عشرة، وكان سببُ موته: أنَّ مُحَمَّد بن القاسم بن سهل النُّوْشَجَانيَّ أطعمه موزًا فمات، وجدُّه يهوديٌّ مِن أهل ماجروان، وهي قرية مِن أعمال البَلِّيخ من أعمال الرَّقَّة، وقد ذكره الذَّهَبيُّ في «الميزان»، وأرَّخ وفاته لعشر ومئتين، وذكر في ترجمته كلام الجاحظ، ونقل عن يعقوب بن شيبة أنَّه قال: سمعت ابن المدينيِّ يصحِّح رواية أبي عبيدة، وقال المبرِّد: كان أكمل القوم، وقال الدَّراقطنيُّ: لا بأس به إلَّا أنَّه يُتَّهم بشيء مِن رأي الخوارج، ويُتَّهم بالأحداث)، انتهى، والله أعلم.

قوله: (أَقْرَأَتْ): هو بهمزة مفتوحة بعد الرَّاء، وكذا (أَقْرَأَتْ) الثَّانية.

قوله: (مَا قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام [عليه] في (سورة النور).

(1/9689)

[باب قصة فاطمة بنت قيس ... ]

قوله: (بَابُ قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ): هي فاطمة بنت قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة الفهريَّة القرشيَّة، وهي أخت الضَّحَّاك بن قيس، قيل: كانت أكبر منه بعشر سنين، وكانت مِن المهاجرات الأُوَل، ذات عقل وافرٍ، وفي بيتها اجتمع أهل الشُّورى، بقيت إلى خلافة ابن الزُّبَير، وترجمتها معروفة، أخرج لها الجماعة وأحمد في «المسند»، فإن قيل: من الزَّوج المُطلِّق لها؟ فالجواب: أنَّه أبو عمرو بن حفص، كذا في «مسلم» في حديثها، وقيل فيه: أبو حفص بن عمرو، وقيل: أبو حفص بن المغيرة، واختُلِف في اسمه؛ فالأكثرون على أنَّ اسمه عبد الحميد، وقال النَّسَائيُّ: اسمه أحمد، وقيل: اسمه كنيته، قيل: مات باليمن حين أرسله عليه السَّلام مع عليٍّ إليها، وقيل: إنَّه كلَّم عمرَ بالجابية، وأغلظ له حين عزل خالدًا، وصحَّح هذا الذَّهَبيُّ في «كاشفه»، وفي غيره حكاه بعد القول الأوَّل بصيغة: (وقيل)؛ فهو تناقُضٌ، وكونه طلَّقها هو الصَّحيح المشهور الذي رواه الحُفَّاظ، واتَّفق على روايته الثِّقات على اختلاف ألفاظهم في أنَّه طلَّقها ثلاثًا، وجاء في آخرِ «مسلم» في حديث الجسَّاسة ما يُوهِم أنَّه مات عنها، قال العلماء: وليست هذه الرواية على ظاهرها، بل وَهَمٌ أو مُؤَوَّلةٌ، وجاء في رواية: (أنَّه طلَّقها ثلاثًا)، وفي أخرى: (طلَّقها ألبتَّة)، وفي رواية: (ثلاث تطليقات)، وفي أخرى: (طلَّقها طلقة بقيت مِن طلاقها)، وفي أخرى: (طلَّقها)، ولم يذكر عددًا، والجمع بين الروايات أنَّه طلَّقها قبل هذا تطليقتين، ثُمَّ طلَّقها هذه المرَّة الثَّالثة، فمَن روى: (طلَّقها) وأطلق، أو (طلَّقها واحدة)، أو (طلَّقها آخِرَ ثلاثِ تطليقاتٍ)؛ فهو ظاهر، ومَن روى (ألبتَّة)؛ فمراده: طلَّقها طلاقًا صارت مبتوتة بالثَّلاث، ومَن روى: (ثلاثًا)؛ أراد: تمام الثلاث، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 459]

(1/9690)

[حديث: أن يحيى بن سعيد طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم ... ]

5321# 5322# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ) بعد (مالك): هو الأنصاريُّ، و (سُلَيْمَان بْن يَسَارٍ)؛ بتقديم المُثَنَّاة تحت.

قوله: (أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي طَلَّقَ ابْنَةَ [1] عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ): (ابنة عبد الرحمن) لا أعرف اسمها، وقال حافظ عصري: (هي عمرة فيما أظنُّ)، انتهى، و (يحيى بن سعيد بن العاصي): هو ابن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة الأمويُّ المدنيُّ، أخو عمرٍو الأشدق، وعنبسة، وأبان، وعبد الله، عن أبيه، وعثمان، وعائشة، وعنه: الزُّهريُّ والربيع بن سبرة، وقد لحق بعد قتل أخيه الأشدقِ بابن الزُّبَير، ثُمَّ خرج في الأمان، وولده بالكوفة، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ، وقيل: إنَّ عبد الملك نال منه، وقال: إنَّك أشبه النَّاس بإبليس، فقال: ولم تُنكِر أن يُشبَّه سيِّد الإنس بسيِّد الجنِّ، له في «الكتابين» حديثٌ في (مناقب عثمان)، أخرج له مسلم، وأخرج له البُخاريُّ في «الأدب المفرد».

قوله: (فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرْوَانَ): تَقَدَّمَتْ ترجمة (مروان)، وأنَّه لم ير النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فهو تابعيٌّ، وقد تَقَدَّمَتْ وفاته [2].

قوله: (إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ غَلَبَنِي بِالحُجَّةِ [3]): أي: احتجَّ عليَّ بالشرِّ الذي كان بينهما، وكانت كفاطمة بنت قيس، و (عبد الرَّحمن) هذا ...

(1/9691)

[حديث: ما لفاطمة ألا تتقي الله يعني في قولها لا سكنى ولا نفقة]

5323# 5324# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَارٌ، وتَقَدَّمَ ضبط (غُنْدرٌ)، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.

(1/9692)

[حديث: ألم ترين إلى فلانة بنت الحكم طلقها زوجها البتة فخرجت]

5325# 5326# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالموحَّدة، والسِّين المُهْمَلة، وأنَّه ليس في الكتب (عمرو بن عيَّاش)؛ بالمُثَنَّاة، والشين المُعْجَمة، و (ابْنُ مَهْدِيٍّ): هو عبد الرَّحمن أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

قوله: (إِلَى فُلَانَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمها أعلاه، وأنَّ حافظًا عصريًّا قال: (هي عمرة فيما أظنُّ)، انتهى.

قوله: (أَمَا إِنَّهُ): (أمَا)؛ بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّه)؛ بالكسر؛ لأنَّ (أَمَا)؛ كـ (أَلَا) التي للاستفتاح، و (إنَّ) بعدها مكسورةٌ.

قوله: (وَزَادَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ): هو بالنُّون، وهو عبد الرَّحمن بن عبد الله بن ذكوان، أبو مُحَمَّد المدنيُّ، ترجمته معروفة، وقد تَقَدَّمَتْ، علَّق له البُخاريُّ كما ترى؛ لأنَّ (زاد)؛ مثل: (قال)، وأخرج له مسلم في المُقدِّمة، والأربعة، وله ترجمةٌ في «الميزان».

فائدةٌ: ما زاده ابن أبي الزِّناد أخرجه أبو داود وابن ماجه؛ أبو داود في (الطَّلاق) عن سليمان بن داود عن ابن وهب، وابن ماجه فيه عن مُحَمَّد بن يحيى الذُّهْليِّ، عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسيِّ؛ كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد نحوَه، قال شيخنا: قال ابن حزم: حديث باطل؛ لأنَّه مِن رواية ابن أبي الزِّناد، وهو ضعيف، وأوَّل مَن ضعَّفه جدًّا مالكٌ، قال: وهو يردُّ حديث ابنِ إسحاق؛ لأنَّه كان مِن أجل لسانِها، فقد بطل بهذا الذي علَّل به هنا أنَّها كانت في مكان وَحْشٍ، وفي «مسلم» مِن حديث هشام عن أبيه عن فاطمة قالت: (قلت: يا رسول الله؛ إنَّ زوجي طلَّقني ثلاثًا، وأنا أخاف أن يقتحم عليَّ، قال: فأمرها، فتحوَّلت)، قال ابن حزم: (فأمرها، فتحوَّلت): ليس مِن كلام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا من كلام فاطمة، فإن كان هنا هو أصل هذا الخبر؛ فهو مُنقطِع، أو يكون عروة سمعه منها ولا حجَّة فيه أيضًا؛ لأنَّه ليس فيه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: إنَّما آمرك بالتَّحوُّل مِن خوف الاقتحام، انتهى [1]

[ج 2 ص 459]

قوله: (فِي مَكَانٍ وَحْشٍ [2]): هو بإسكان الحاء المُهْمَلة؛ أي: خلاء.

(1/9693)

[باب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها أن يقتحم عليها ... ]

قوله: (بَابُ الْمُطَلَّقَةِ إِذَا خُشِيَ عَلَيْهَا فِي مَسْكَنِ زَوْجِهَا ... ) إلى آخر التَّرجمة: ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب، ثُمَّ قال: (ذكر البُخاريُّ في الترجمة علَّتين؛ أحدهما: الخوفُ مِن الزَّوج عليها، والأخرى: الخوف منها على أهل الزَّوج أن تبذوَ عليهم بفاحشةٍ، وذكر حديث فاطمة وما فيه إلَّا الخوف عليها، وقد ورد قول عائشة لها: «إنَّما أخرجك هذا اللِّسانُ»، ولكنَّ البُخاريَّ لمَّا لم توافق هذه الزِّيادةُ شرطَه؛ أسقطها مِن الحديث، وضمَّنها الترجمة؛ لأنَّ الخوف عليها إذا اقتضى خروجها؛ فمثله الخوفُ منها، ولعلَّه أَوْلى في إخراجها، فلمَّا صحَّت عنده الزِّيادةُ بالمعنى؛ ضمَّنها التَّرجمة)، انتهى.

قوله: (إِذَا خُشِيَ عَلَيْهَا): (خُشِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (يُقْتَحَمَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (أَوْ تَبْذُوَ): هو بالذَّال المُعْجَمة؛ أي: تُفحِشَ في القول.

==========

[ج 2 ص 461]

(1/9694)

[حديث: أن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة]

5327# 5328# قوله: (حَدَّثَنِي حِبَّانُ): هو بكسر الحاء المُهْمَلة، وتشديد الموحَّدة، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حِبَّان بن موسى، وقد قَدَّمْتُ أنَّ ثلاثةً بكسر الحاء: هذا في «البُخاريِّ» «ومسلم»، وحِبَّان بن عَطيَّة، وحِبَّان ابن العَرِقة، أمَّا ابن عَطيَّة؛ فله ذكر في «البُخاريِّ» في قصَّة حاطب بن أبي بلتعة، وحِبَّان بن موسى هذا روى عنه البُخاريُّ ومسلم في «صحيحَيهما»، وابن العَرِقة كافرٌ معروف، له ذِكْرٌ في «البُخاريِّ» «ومسلم»، والباقي بالفتح، وقد تَقَدَّمَ، والله أعلم، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 461]

(1/9695)

[باب قول الله تعالى: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله ... }]

قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ} [البقرة: 228] ... ) إلى آخر التَّرجمة: ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على قاعدته، ثُمَّ قال: (استدلالُه بالحديث على التَّرجمة لطيفٌ، وذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رتَّب على مُجرَّد قول صفيَّة أنَّها حائض لزومَ أن يحتبس عليها، وهذا حكم مُتعدٍّ عنها إلى الزَّوج، فمُقاسٌ عليه تصديقُها في الحيضِ والحمل باعتبار رجعة الزَّوج وسقوطها، والتحاق الحمل به، والله أعلم)، انتهى.

قوله: (مِنَ الحَيْضِ وَالْحَمِلِ): وفي نسخة وعليها (صح) في هامش أصلنا: (والحبل)، وهما واحدٌ.

(1/9696)

[حديث: عقرى إنك لحابستنا أكنت أفضت يوم النحر]

5329# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة الإمامُ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (إِذَا صَفِيَّةُ): هي صفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها.

قوله: (خِبَائِهَا): هو بكسر الخاء المُعْجَمة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وفي آخره همزةٌ ممدودةٌ: بيتٌ مِن بيوت الأعراب، ثُمَّ يُستعمَل في غيرها مِن منازلهم ومساكنهم، قاله أبو عبيد، و (الخِباء): من وبرٍ وصوفٍ، ولا يكون مِن شعرٍ، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (عَقْرَى حَلْقَى): تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (أهل الحديث يروونه غير منوَّن، بوزن «غَضْبَى»، والمعروف في اللُّغة التَّنوينُ على أنَّه مصدرُ فعلٍ متروكٍ؛ تقديره: عقرها الله عقرًا، وحلقها حلقًا؛ والمعنى: عقرها الله وحلقها؛ أي: أصابها بوجعٍ في حلقها)، انتهى.

قوله: (أَكُنْتِ أَفَضْتِ؟): أي: طفتِ طوافَ الإفاضة.

(1/9697)

[باب: {وبعولتهن أحق بردهن}]

قوله: (وَكَيْفَ تُرَاجَعُ الْمَرْأَةُ؟ [1]): (تُراجَع): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المرأةُ): مرفوعةٌ نائبةٌ مناب الفاعل، ويجوز بناؤه للفاعل، و (المرأة): منصوبةٌ، مفعولٌ، وفي (يراجِع) ضميرٌ: هو فاعل.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يُراجِع المرأةَ)، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.

[ج 2 ص 461]

(1/9698)

[حديث: زوج معقل أخته فطلقها تطليقة]

5330# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [2] عَبْد الوَهَّابِ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: (وقال _يعني: البُخاري_ في «الصلاة»، و «الجنائز»، و «المناقب»، و «الطلاق»، و «التوحيد»، وغير ذلك: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الوهَّاب»، نسبه ابن السَّكن في بعضها: ابن سلَام، وقد صرَّح البُخاريُّ باسمه في «الأضاحي» وغير موضع، فقال: «حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: حدَّثنا عبد الوهَّاب»، وذكر أبو نصر أنَّ البُخاريَّ يروي في «الجامع» عن مُحَمَّد بن سلَام، وبُنْدَار مُحَمَّد بن بَشَّار، وأبي موسى مُحَمَّد بن المثنَّى، ومُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب الطَّائفيِّ عن عبد الوهَّاب الثَّقفيِّ)، انتهى، وهذا تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به.

و (يُونُسُ): هو ابن عبيد، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.

تنبيهٌ: السَّند الأوَّل مُرْسَل؛ لأنَّ الحسن لم يدرك تزويج مَعْقل أختَه، ولهذا عقَّبه بالسند الثاني المُتَّصِل، و (مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى): هو أبو موسى العنزيُّ، الحافظ الزَّمِنُ، شيخُ الأئمَّة السِّتَّة، و (عَبْدُ الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ، و (سَعِيدٌ [3]): هو ابن أبي عَروبة مِهرانَ، و (الْحَسَنُ): هو البصريُّ ابن أبي الحسن، و (مَعْقِل بْن يَسَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميم، وإسكان العين المُهْمَلة، و (يسار)؛ بتقديم الياء، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة.

قوله: (زَوَّجَ مَعْقلٌ أُخْتَهُ): (أخت مَعْقلٍ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمها جُمَيل، وقيل غير ذلك في (سورة البقرة) مُطَوَّلًا، صحابيَّة مشهورة، وتَقَدَّمَ اسم زوجها في (سورة البقرة)، وما فيه، وما سمَّاه ابن عبد السَّلام الشيخ عزُّ الدين في «مجازه»؛ فانظر ذلك.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أخبرنا).

[3] في هامش (ق): (ابن أبي عروبة اليشكريُّ).

[ج 2 ص 461]

(1/9699)

[حديث: أن معقل بن يسار كانت أخته تحت رجل فطلقها ثم خلى عنها]

5331# قوله: (ثُمَّ خَلَّى عَنْهَا): (خَلَّى)؛ بفتح الخاء، وتشديد اللَّام.

قوله: (فَحَمِيَ مَعْقِلٌ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الميم؛ أي: غضب وأنف.

قوله: (وَاسْتَقَادَ لأَمْرِ اللهِ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (واسترادَّ)؛ ومعناها: رجع ولان وانقاد، قال شيخنا: (وذكره ابن التين بلفظ: «واستعادَّ»، وقال: كذا وقع عند الشيخ أبي الحسن؛ بتشديد الدَّال، والألف، ولا يتبيَّن لي وجهُه؛ لأنَّ ألف «الفَاعلة» لا تجتمع مع سين «الاستفعال»، وعند أبي ذرٍّ: «واستقاد»؛ أي: أذعن وأطاع، وهو بيِّنٌ)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 461]

(1/9700)

[حديث: أن ابن عمر طلق امرأة له وهي حائض تطليقةً واحدةً فأمره ... ]

5332# قوله: (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ [1] طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ): تَقَدَّمَ أنَّها آمنة بنت غِفار، و (ابن عمر): هو عبد الله.

قوله: (أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ): (تُطلَّق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النِّساءُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ عَنِ اللَّيْثِ): (غيرُه): لا أعرف مَن هو، ولعلَّه مُحَمَّد بن رمح، فإنَّ مسلمًا أخرجه مِن طريقه هو وقُتَيبةَ، ثُمَّ قال: (وزاد ابن رمح في روايته _يعني: عن اللَّيث_: وكان عبد الله إذا سُئِل عن ذلك؛ قال لأحدهم: أمَّا أنت طلَّقتَ امرأتك مرَّةً أو مرَّتين، فإنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمرني بهذا، وإن كنت طلَّقتَها ثلاثًا؛ فقد حرمت عليك حتَّى تنكح زوجًا غيرك، وعصيتَ الله فيما أمرك به مِن طلاقِ امرأتك) انتهى، وقال حافظٌ عصريٌّ: (هو أبو الجهم العلاء بن موسى)، انتهى، وقد رأيتُه في «جزء أبي الجهم»، و (مُحَمَّد بن رمح): هو مُحَمَّد بن رمح بن المهاجر التُّجِيبيُّ مولاهم، المصريُّ الحافظ، أبو عبد الله، عن اللَّيث بن سعد وابن لهيعة، وحكى عن مالك، وعنه: مسلم، وابن ماجه، وبقيُّ بن مَخْلَد، وعليُّ بن الحُسين بن الجُنَيد، والحسن بن سفيان، وخلقٌ، قال ابن الجُنَيد: كان أوثقَ مِن ابن زغبة، وقال أبو داود: ثقة، وقال النَّسَائيُّ: ما أخطأ في حديث واحد، وقال ابن يونس: ثقةٌ ثَبْتٌ، كان أعلمَ الناس بأخبار البلد ووقفه، وكان إذا شهد في دار؛ عَلِم أهلُ البلد أنَّها طيِّبة الأصل، تُوُفِّيَ يوم أحد وعشرين مِن شوَّال سنة اثنتين وأربعين ومئتين، وقال ابن حِبَّان: سنة ثلاث، والصَّحيح الأوَّل، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما).

[ج 2 ص 461]

(1/9701)

[باب مراجعة الحائض]

(1/9702)

[حديث: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي فأمره ... ]

5333# قوله: (مِنْ قُبُلِ عِدَّتِهَا): هو بِضَمِّ القاف والموحَّدة.

قوله: (فَيُعْتَدُّ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ): (يُعتَدُّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي رواية: بناؤه للفاعل [1].

قوله: (إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ): تَقَدَّمَ الكلام على (عجز) وعلى (استحمق)، وهل هو مَبْنيٌّ للفاعل أو المفعول، وما معناه، وما معناهما.

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة»، وفي (ق) بالرِّوايتين معًا.

[ج 2 ص 461]

(1/9703)

[باب: تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرًا]

قوله: (بَابٌ: تُحِدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا): (تُحِدُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه يجوز الرُّبَاعيُّ والثُّلاثيُّ، يقال: حَدَّت وأحدَّت، وتَقَدَّمَ ما (الإحداد).

[ج 2 ص 461]

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم، أحد الأعلام المشهورين.

قوله: (أَنْ تَقْرَبَ الصَّبِيَّةُ): (تَقْرَب)؛ بفتح أوَّله، وإسكان ثانيه، وفتح ثالثه: مَبْنيٌّ للفاعل، و (الصَّبيَّةُ): بالرَّفع فاعله، و (الطِّيبَ): مَنْصوبٌ مفعولٌ.

(1/9704)

[حديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت ... ]

5334# 5335# 5336# 5337# قوله: (عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّها [1] صحابيَّة، ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَقَدَّمَ أنَّ أباها أبا سلمة صَحَابيٌّ جليلٌ، عبد الله بن عبد الأسد، وأمُّها أمُّ المؤمنين هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، أمُّ سلمة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنهم.

قوله: (دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، أمُّ المؤمنين رضي الله عنها، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وقوله: (حِينَ تُوُفِي أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ): تَقَدَّمَ في (الجنائز) متى تُوُفِّيَ، وتَقَدَّمَ (الخَلُوق) ما هو، وتَقَدَّمَ أنَّ (الجَارِيَة) لا أعرف اسمها، و (تُحِدَّ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه رُبَاعيٌّ وثلاثيٌّ، وتَقَدَّمَ الكلام على (زَيْنَبَ بِنْتِ [2] جَحْشٍ)، وكذا على قوله: (حِيْنَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا) كلامًا طويلًا؛ فانظره في (باب حدِّ المرأة على غير زوجها) في (الجنائز)، وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين: (وأخو زينب بنت جحش: هو أبو أحمد)، و (أَمَا)؛ بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أعلاه وقبله كلامٌ على (أمِّ سَلَمَةَ) أمِّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ بعضُ ترجمتها.

(1/9705)

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ [3] زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا): هذه المرأة المُستفتِية: عاتكة بنت عبد الله بن نُعَيم، والحُجَّة لذلك مسوقةٌ في «مبهمات ابن بشكوال»، وهي في «ابن وهب»، وسمَّاها الذَّهَبيُّ في «تجريده»: عاتكة بنت نُعَيم بن عبد الله، قال ابن بشكوال: (والرجل المُتوفَّى المغيرةُ المخزوميُّ)، انتهى، قال الذَّهَبيُّ: (المغيرة بن شهاب المخزوميُّ، شيخ بني عامر، قيل: إنَّه وُلِد سنة اثنتين من الهجرة أو قبلها، وهو مجهولٌ)، انتهى، وكونُه وُلِد سنة اثنتين مِن الهجرة؛ فيه بعد أن يكون زوجَ هذه المرأة وإن كان يحتمل، ويحتمل أن يكون وُلِد قبل ذلك، والله أعلم، ولكن يبعده قوله: (شيخ بني عامر)، وابنة المرأة المستفتية لا أعرف اسمها، وقال بعض الحُفَّاظ من المصريِّين المتأخِّرين بعد أن ذكر تسمية المرأة المستفتية بما ذكرتُه، وذكر الزوج كذلك وعزاهما، قال: (وروى الإسماعيليُّ في «مسند يحيى بن سعيد الأنصاريِّ» تأليفَه مِن طريق يحيى المذكورِ عن حميد بن نافع عن زينب بنت أمِّ سلمة قالت: «جاءتِ امرأة من قريش»، قال يحيى: لا أدري ابنة النَّحام أو أمُّها بنت سعد؟ ورواه الإسماعيليُّ من طرق كثيرة فيها التَّصريحُ بأنَّ البنت هي عاتكة، فعلى هذا؛ فأمُّها لم تُسمَّ)، انتهى.

قوله: (وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا [4]): (عينُها)؛ بالرَّفع، وبه ضبطه النَّوَويُّ مقتصرًا عليه، قال: (وفي بعض الأصول _ يعني لـ «مسلم» _: «عيناها») انتهى، وبالنَّصب والرَّفع ضُبِط في أصلنا بالقلم، وفي أصلنا بـ «سنن ابن ماجه» ضُبِط بالقلم بالنَّصب، وأنا أحفظه بهما، وقال شيخنا: (يجوز ضمُّ النون؛ أنَّها مشتكية، وفتحها؛ أنَّ في «اشتكت» ضميرَ الفاعل، وهي الجادَّة، ورُجِّح الأوَّل بما وقع في بعض الرِّوايات: «عيناها») انتهى، وفي «شرح العمدة» للعلَّامة أبي الفتح القشيريِّ المشهور بابن دقيق العيد ما لفظه: (يجوز في «عينها» وجهان؛ أحدهما: ضمُّ النُّون على الفاعليَّة على أن تكون العين هي المُشتَكِية، والثاني: فتحها، ويكون المُستكِنُّ في «اشتكت» ضميرَ الفاعل هي المرأة، وقد رُجِّح هذا، ووقع في بعض الروايات: «عيناها») انتهى.

قوله: (أَفَنَكْحُلُهَا؟ [5]): هو بِضَمِّ الحاء.

(1/9706)

قوله: (كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لا): (كلَّ): مَنْصوبٌ على الظرف؛ أي: في كلِّ ذلك يقول: لا.

قوله: (تَرْمِي بِالْبَعَرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ): سأذكر الكلام عليه قريبًا جدًّا.

قوله: (قَالَتْ [6] زَيْنَبُ): هي زينب بنت أمِّ سلمة المذكورة في السَّند.

قوله: (دَخَلَتْ حِفْشًا): (الحِفْش)؛ بكسر الحاء المُهْمَلة، وإسكان الفاء، وبالشين المُعْجَمة، تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (تُؤْتَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَتَفْتَضُّ بِهِ): قال ابن قُرقُول: (بالفاء، كذا الرواية في هذه الكتب، إلَّا أنَّ المروزيَّ رواه بالقاف في «كتاب الطَّلاق»، ونقله بعضهم عنه: «فتقبض»؛ بالباء؛ ومعنى الفاء: فتمسح بها قُبُلَها، فتموت؛ لقبحِ ريحِها وقذارتها، وسُمِّي فعلها ذلك افتضاضًا؛ كأنَّه كسر لعدَّتها وما كانت فيه بفعلها ذلك، والفضُّ: الكسر، وقيل: «تفتضُّ»: تنفرج ممَّا كانت فيه وتزيله عنها، أو تزول بذلك مِن مكانها، وحفشها الذي اعتدَّت فيه، و «الفضُّ»: التَّفرُّق، ومنه: {لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، و {انفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11]، وقيل: كلُّ شيء يفعلونه؛ كالنُّشرة، قال مالك: تمسح به جلدها؛ كالنُّشرة، وقال البرقيُّ: (تفتضُّ): تمسح بيدها على ظهره، وقيل: هو مشتقٌّ مِن الفضَّة؛ كأنَّها تتنظَّف بما تفعله بذلك ممَّا كانت فيه، وتغتسل بعده، وتتنقَّى مِن دَرنها حتَّى تصير كالفضَّة، و «تقتضَّ» قريبٌ مِن التفسير الأوَّل؛ لأنَّ «الفضَّ [7]»: الكسر، وقد رواه الشَّافِعيُّ رحمه الله عن مالك: «فتقبص»؛ بالقاف مع الباء، وبالصاد المُهْمَلة، وقد فسَّره بأنَّها تأخذ بأطراف أصابعها، والمعروف الأوَّل)، انتهى، وقد قرأ الحسن: (فقبصت قبصة)؛ بالصاد المُهْمَلة، والقاف، وفي «النِّهاية»: («فتفتض به»؛ أي: تكسر ما هي فيه من العدَّة ... ) إلى أن قال: (ويُروَى بالقاف والموحَّدة، وسيجيء)، ثُمَّ ذكر في (قبص)؛ بالقاف، والموحَّدة، والصاد المُهْمَلة، فنقل عن الأزهريِّ أنَّ الشَّافِعيَّ رواه بالقاف، والباء المُعْجَمة بواحدة، والصَّاد المُهْمَلة؛ أي: تعدو مسرعةً نحو منزل أبويها؛ كالمُستحيِية مِن قبح منظرها، قال ابن الأثير: (والمشهور في الرواية بالفاء، والتاء المُثَنَّاة، والضاد المُعْجَمة، وقد تَقَدَّمَ)، انتهى.

(1/9707)

قوله: (فَتُعْطَى بَعَرَةً): (تُعطَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (بعرةً): مَنْصوبٌ مُنوَّن، ونصبه معروف؛ ومعنى (تُعطَى بعرةً): أي: مِن بعر الغنم أو الإبل.

قوله: (فَتَرْمِي بِهَا [8]): معنى (رميها بالبعرة): إعلامٌ لها أنَّ صبرَها عامًا أهونُ عليها من رميها بالبعرة، قاله شيخنا، ثُمَّ قال بعده بقليل: (وقوله: «ترمي بالبعرة»؛ يعني: رمت بالعدَّة، وخرجت كانفصالها مِن هذه البعرة، ورميها بها، وقيل: إشارةٌ إلى ما فعلت وصبرت عليه من الاعتداد سنة)، انتهى.

(1/9708)

[باب الكحل للحادة]

قوله: (بَابُ الْكُحْلِ لِلْحَادَّةِ)، وبعده هذا: (بَابُ الْقُسْطِ لِلْحَادَّةِ)، وبعده: (بَابٌ تَلْبِسُ الحَادَّة): كذا في هذه الأبواب بالهاء، قال شيخنا: («باب الكحل للحادِّ»: هو الصَّواب، وفي «شرح ابن بَطَّال»: «الحادَّة»، والصَّواب الأوَّل؛ مثل: طالق، وطامث، وحائض؛ لأنَّه نعت للمؤنَّث لا يشركه فيه الرِّجال)، انتهى، وقد راجعتُ أنا كتبًا في اللُّغة؛ فلم أر (حادَّة)؛ بإثبات الهاء، والله أعلم، والذي أعرفه مِن كلام أهل اللُّغة: أنَّ صفاتِ المُؤنَّث التي لا تكون للمُذكَّر لا تحتاج إلى إلحاق الهاء فيه؛ للفرق، بخلاف: مسلمة وقائمة، وقد حكى الجوهريُّ عن الفرَّاء: (حائضة)، والله أعلم.

[ج 2 ص 462]

(1/9709)

[حديث: لا تكحل قد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها]

5338# 5339# قوله: (عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ، و (أُمهَا): أمُّ سلمة هند، وأبوها أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد رضي الله عنهم، وأنَّ زينب ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ عَنْهَا [1] زَوْجُهَا): تَقَدَّمَ قريبًا أنِّي لا أعرف اسمها، وقد قَدَّمْتُ اسم أمِّها وزوجها قريبًا.

قوله: (فَخَشُوا): هو بِضَمِّ الشين، وأصله: (خَشِيُوا)؛ مثل: عَلِمُوا، استُثقِلت الضَّمَّةُ على الياء، فحُذِفَت، واجتمع ساكنان؛ الياءُ والواوُ، فحُذِفتِ الياءُ؛ لاجتماع السَّاكنَين، وضُمَّتِ الشين؛ لتصحَّ الواو.

قوله: (فِي شَرِّ أَحْلَاسِهَا): هو بالحاء والسِّين المُهْمَلتين؛ أي: أدنى ثيابها، وأصله: مِن الحلس؛ وهو كساءٌ أو لبد يُجعَل على ظهر البعير تحت القَتب يلازمه، ومنه قيل: فلان حلس بيته؛ أي: يلازمه، ونحن أحلاس الخيل؛ أي: المُلازِمون لظهورها.

قوله: (رَمَتْ بِبَعَرَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.

قوله: (وَسَمِعْتُ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ): قائل ذلك هو حُمَيد بن نافع المذكورُ في السَّند، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب، أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها.

قوله: (أَنْ تُحِدَّ): تَقَدَّمَ أنَّه رُبَاعيٌّ وثلاثيٌّ.

==========

[1] (عنها): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة نسخة.

[ج 2 ص 463]

(1/9710)

[حديث: نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا بزوج]

5340# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وهو ابن المُفضَّل، وتَقَدَّمَ أنَّ (المفضَّل): اسم مفعول مِن (فضَّله)؛ المُشدَّد، و (أُمُّ عَطِيَّةَ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّها [1] نُسَيبة؛ بِضَمِّ النُّون على الصَّحيح.

قوله: (أَنْ نُحِدَّ): تَقَدَّمَ أنَّه رُبَاعيٌّ وثلاثيٌّ، وكذا الثَّانية [خ¦5341]: (أن نُحِدَّ).

==========

[1] في الأصل: (وأنَّه).

[ج 2 ص 463]

(1/9711)

[باب القسط للحادة عند الطهر]

قوله: (بَابُ الْقُسْطِ لِلْحَادَّةِ): (القُسْط): بخورٌ معروفٌ، يقال: قُسْط وكُسْت، وقد ذكرهما البُخاريُّ كما سيأتي قريبًا جدًّا، ويقال: قُسْت، وهذه ذكرها مع اللَّتَين قبلها ابن قُرقُول في «مطالعه»، وقال ابن الأثير في قوله: (من قسط وأظفار) _وفي رواية: (من قسط أظفار) _: («القسط»: ضربٌ مِن الطِّيب، وقيل: هو العود، والقُسْط: عقار معروف في الأدوية، طيِّب الرِّيح تتبخَّر به النِّساء [1] والأطفال [2]، وهو أشبه بالحديث؛ لإضافته إلى «الأظفار»)، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ فيما يأتي قريبًا: («القسط»: معلوم، وكذلك «الأظفار»، وهي شيءٌ مِن العطر شبيهة بالظفر، ولا يصحُّ: قسط أظفار؛ على الإضافة، ولا وجه له، ويقال: قسط ظفارِ؛ منسوب إلى مدينة باليمن يقال لها: ظفار)، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (النُّفساء).

[2] في (أ): (الأظفار)، ولعلَّه تحريف عن المثبت من مصدره.

[ج 2 ص 463]

(1/9712)

[حديث: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج ... ]

5341# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، و (حَفْصَة): هي بنت سيرين، تَقَدَّمَتْ أنَّها مِن أفضل نساء التَّابعين، وأنَّ أفضل نساء التابعين ثلاثةٌ: حفصة، وعَمرة، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى، و (أُم عَطِيَّة): نُسَيبة؛ بِضَمِّ النُّون، على الصَّحيح، تَقَدَّمَتْ.

قوله: (نُنْهَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ الكلام على قول الصَّحابيِّ: (أُمِرنا بكذا) أو (نُهينا عن كذا) أنَّه مِن نوع المرفوعِ والمسندِ عندَ أصحاب الحديث، وهو الصَّحيحُ وقولُ أكثر أهل العلم، قاله أبو عمرو ابن الصَّلاح؛ لأنَّ مُطلَقَ ذلك ينصرفُ بظاهره إلى مَن إليه الأمر والنهي، وهو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: (وخالف في ذلك فريقٌ؛ منهم: أبو بكر الإسماعيليُّ)، انتهى، وجزم به أبو بكر الصَّيرفيُّ في «الدلائل»، وقد قَدَّمْتُ ذلك، وذكرت أنَّ بعضهم خصَّ الخلاف بما إذا كان القائل غيرَ الصِّدِّيق، وهو قيدٌ حَسَنٌ، والله أعلم.

قوله: (أَنْ نُحِدَّ): تَقَدَّمَ أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ غيرَ مَرَّةٍ أعلاه وقبله.

قوله: (إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بفتح العين وإسكان الصاد المُهْمَلتين في (الحيض)، وذكرت رواية فيه عن النَّسَائيِّ والبَيْهَقيِّ، وذكرت ما قاله البَيْهَقيُّ فيها، والله أعلم.

قوله: (وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، ويأتي فيه ما يأتي في (أُمِرْنا بكذا) أو (نُهينا عن كذا) أعلاه وقبله غيرَ مَرَّةٍ.

قوله: (فِي نُبْذَةٍ): هي بِضَمِّ النُّون، وإسكان الموحَّدة، ثُمَّ ذال معجمة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ القطعة من ذلك؛ لأنَّه يطرح البَخور في النَّار، وقيل: (النُّبْذة): الشيء القليل.

قوله: (مِنْ كُسْتٍ أَظْفَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الكُسْتَ): القُسْط، وهو مجرورٌ منوَّنٌ في أصلنا، وكذا (أظفار) مُنوَّن، وقد تَقَدَّمَ كلام ابن الأثير أعلاه أنَّه مضاف إلى (الأظفار)، فعلى هذا: يكون مجرورًا مِن غير تنوين، وقد تَقَدَّمَ كلام الدِّمْيَاطيِّ أنَّه لا يقال: قُسطِ أظفارٍ؛ على الإضافة، والله أعلم.

(1/9713)

[باب: تلبس الحادة ثياب العصب]

قوله: (تَلْبَسُ الْحَادَّةُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الهاء أعلاه، وكذا تَقَدَّمَ (الْعَصْبِ) في (الحيض).

(1/9714)

[حديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث]

5342# قوله: (عَنْ هِشَام): هذا هو هشام بن حسَّان، الأزديُّ مولاهم، الحافظ، و (حَفْصَة): هي بنت سيرين، تَقَدَّمَتْ، و (أُمُّ عَطِيَّةَ): نُسَيبة، تَقَدَّمَتْ.

قوله: (أَنْ تُحِدَّ): تَقَدَّمَ أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيُّ؛ لغتان، وكذا (العَصْب) تَقَدَّمَ في (الحيض).

==========

[ج 2 ص 463]

(1/9715)

[معلق الأنصاري: ولا تمس طيبًا إلا أدنى طهرها إذا طهرت]

5343# قوله: (وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ): (الأنصاريُّ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن المثنَّى بن عبد الله بن أنس بن مالك بن النضر الأنصاريُّ، الفقيه البصريُّ، قاضي البصرة، وقد وُلِّي قضاء بغداد، وهو شيخ البُخاريِّ، وروى عنه الباقون بواسطة، ترجمته معروفة، وقد تَقَدَّمَتْ أيضًا، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلان المعزوُّ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخذ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (هشام): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن حسَّان، وهذا أعلى مِن السند الذي قبله بواحد، أخرج أوَّلًا النَّازل، ثُمَّ ذكر العالي، وهذا من باب التَّرقِّي، وحفصةُ روى عنها هشام في السَّند الأوَّل بـ (عن)، وصرَّح هنا عنها بالتَّحديث، وكذلك حفصةُ عنعنتْ في السَّند الأوَّل عن أمِّ عَطيَّة، وفي الثَّاني صرَّحت بالتحديث منها، وإن كان هشام وحفصة غيرَ مُدلِّسَين إلَّا ليخرج مِن الخلاف، فأفاد في السَّند الثَّاني فوائدَ، والله أعلم.

[ج 2 ص 463]

قوله: (وَلَا تَمسّ طِيبًا): يجوز في سين (تمسّ) الضَّمُّ والفتح، وهذا ظاهِرٌ معروف، ويجوز في ميمِه الفتحُ والضَّمُّ.

قوله: (إِذَا طَهرَتْ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهاء وضمِّها؛ لغتان، وكذا تَقَدَّمَ (النُّبْذَة) ضبطًا، وأنَّها القطعة، وتَقَدَّمَ (القُسْط) و (الأَظْفَار)، وكلام الدِّمْيَاطيِّ ذكره هنا، فقدَّمتُه أنا إلى هناك.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: القُسْطُ والكُسْتُ؛ مِثْلُ: الكَافُورِ وَالقَافُورِ [1]): تَقَدَّمَ الكلامُ على لغاته قريبًا، وكلام البُخاريِّ هذا ثابتٌ في بعض النُّسخ، وهو على روايةٍ في أصلنا، وليس مِن سماعنا فيها.

==========

[1] قول أبي عبد الله: ليس في رواية «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ، وعليه في (ق) علامة زيادة وعلامة راويه.

(1/9716)

[باب: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا}]

(1/9717)

[حديث: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت ... ]

5345# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانَ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام، و (زَيْنَب بِنْت أَمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ، وكذا (أُمُّ حَبِيْبَة بِنْتُ أَبِي سُفْيَان): صخر بن حرب، واسمها رملة، أمُّ المؤمنين.

قوله: (نَعِيُّ أَبِيهَا): تَقَدَّمَ أنَّه يقال: نعْي ونَعِيٌّ؛ وهو خبر الموت، وتَقَدَّمَ في (الجنائز) متى تُوُفِّيَ أبوها أبو سفيان، بالشَّام أو بالمدينة المُشرَّفة.

==========

[ج 2 ص 464]

(1/9718)

[حديث مجاهد في قوله {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا}]

5344# قوله: (حَدَّثَنَا شِبْلٌ): هو بكسر الشين المُعْجَمة، وإسكان الموحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن عبَّاد المَكِّيُّ، انفرد به البُخاريُّ عن عبد الله بن أبي نَجِيح)، انتهى، واسم أبي نَجِيح يسارٌ، تَقَدَّمَ.

قوله: (قَالَ عَطَاء): هو ابن أبي رَباح الإمام المَكِّيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا): (نَسَخَت)؛ بفتح النون والسين والخاء، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، و (الآيةُ): مَرْفوعٌ فاعل، و (عدَّتَها): مَنْصوبٌ مفعول.

قوله: (قَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي رَباح المَكِّيُّ، الإمامُ.

قوله: (فَنَسَخَ السُّكْنَى): (نَسَخ)؛ بفتح النُّون والسِّين، و (السُّكنى): مفعول مَنْصوبٌ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 464]

(1/9719)

[باب مهر البغي والنكاح الفاسد]

قوله: (بَابُ مَهْرِ الْبَغِيِّ): (البغيُّ): هي الزَّانية الفاجرة، وهذا معروف.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام المشهورين.

قوله: (تَزَوَّجَ مُحَرَّمَةً): هو بِضَمِّ الميم، وفتح الحاء المُهْمَلة، وفتح الرَّاء المُشَدَّدة، مُنوَّن مَنْصوبٌ مفعول، كذا في أصلنا بالقلم، قال ابن قُرقُول: («مَحْرَمَهُ»؛ بفتح الميم، وسكون الحاء، وفتح الرَّاء [1] والميم بعدها، وهاء الضَّمير مضمومةٌ، ومنهم مَن يجعلها تاءً مفتوحةً، فيقول: «مَحْرَمَةً»، وكذا رأيتُه في نسخةٍ عتيقة مِن نُسخ أبي ذرٍّ، ولم أروِه، ومنهم مَن يقول: «مُحَرَّمةً»، وهي روايتنا عن الأصيليِّ عن أبي ذرٍّ، والأوَّل عن أبي أحمد، ووهم القاضي فقَيَّدهُ: «مُحْرِمَةً») انتهى، وقد رأيتُ أنا في نسخةٍ بغداديَّةٍ صحيحةٍ: (مَحْرَمه)، كما ضبطه ابن قُرقُول في الأوَّل في الأصل، وفي الطُّرَّة: (محرِمًا)؛ بكسر الرَّاء بالقلم، وفي أخرى: (مُحرِمة)؛ بكسر الرَّاء بالقلم، والله أعلم.

قوله: (وَهْوَ لَا يَشْعُرُ): أي: لا يعلم، وهذا معروف.

قوله: (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا): (فُرِّق)؛ بِضَمِّ الفاء، وكسر الرَّاء مُشدَّدة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[1] في الأصل: (الحاء).

[ج 2 ص 464]

(1/9720)

[حديث: نهى النبي عن ثمن الكلب وحلوان الكاهن]

5346# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرٍو الأنصاريُّ البدريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (نَهَى [1] عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه جاء في رواية: (إلَّا كلبَ صيد)، وأنَّها ضعيفة، وأنَّ ما يروى فيه عن عثمان في التغريم لكلب الصَّيد ضعيفٌ أيضًا.

قوله: (وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ): هو بِضَمِّ الحاء، وإسكان اللَّام؛ وهو ما يأخذه الكاهن رُشوة على تكهُّنه، والحلوان أيضًا: الشيء الحلو، و (الكاهن): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ أجرته حرام بالإجماع، وقد حكى في تحريمها الإجماعَ غيرُ واحد، وقال الماورديُّ: إنَّه يُؤدَّبُ الآخِذُ والمُعطِي في المكتَسب بالكهانة واللَّهو، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَمَهْرِ الْبَغِيِّ): هو ما تأخذه الزَّانية على زناها.

(1/9721)

[حديث: لعن النبي الواشمة والمستوشمة]

5347# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه آدم بن أبي إياس، وتَقَدَّمَ (عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ)، وضبط (أبي جُحَيْفَة)، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ.

==========

[ج 2 ص 464]

(1/9722)

[حديث: نهى النبي عن كسب الإماء.]

5348# قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ): هو بِضَمِّ الجيم، وتخفيف الحاء، وبعد الألف دالٌ مهملةٌ مفتوحةٌ، ثُمَّ تاء، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمان الأشجعيُّ.

قوله: (عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ): هكذا جاء مطلقًا في رواية أبي هريرة، وفي رواية رافع بن خَدِيج مُقيَّدًا: (حتَّى يعلم مِن أين هو)، وفي رواية أخرى: (إلَّا ما عملتْ بيدِها)، ووجه الإطلاق: أنَّه كان لأهل مكَّة والمدينة إماءٌ عليهنَّ ضرائبُ يخدمن النَّاسَ، ويأخذن أجرهنَّ، ويؤدِّين ضرائبهنَّ، ومَن تكون مبتذلةً داخلةً خارجةً عليها ضريبةٌ، فلا يُؤمَن أن تبدُوَ منها زلَّةٌ، إمَّا للاستزادة في المعاش، وإمَّا لشهوة تَغلِب، أو لغير ذلك، والمعصوم قليل، فنُهِيَ عن كسبهنَّ مُطلَقًا؛ تنزُّهًا عنه، هكذا إذا كان للأمة وجهٌ معلومٌ تَكتَسِب منه، فكيف إذا لم يكن لها وجه معلوم؟! والله أعلم، قاله ابن الأثير.

==========

[ج 2 ص 464]

(1/9723)

[باب المهر للمدخول عليها]

قوله: (بَابُ الْمَهْرِ لِلْمَدْخُولِ عَلَيْهَا ... ) إلى آخر التَّرجمة: ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بغير إسناد، ومن جملة الحديث: (قال الرجل: مالي، قال: لا مالَ لك ... )؛ الحديث، ثُمَّ قال: (وجه المطابقة للترجمة أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم جعل الدُّخول عليها استحقاقًا بجميع المهر، فاستحقاق المدخول بها المهرَ كاملًا مَن المنطوق، وعدم استحقاق غير المدخول بها من المفهوم، فبالمنطوق والمفهوم يطابق الحديث قِسْمَي التَّرجمة جميعًا، والله أعلم).

[ج 2 ص 464]

قوله: (وَكَيْفَ الدُّخُولُ؟ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ): تقديره: أو كيف طلاقها؟ فاكتفى بذكر الفعل عن المصدر؛ لدلالته عليه؛ كقوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ} ... إلى قوله: {تُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [آل عمران: 110]، فأقام {تُؤْمِنُونَ} _وهو فعل_ مقامَ (الإيمان)، وهو مصدر، والله أعلم.

(1/9724)

[حديث: الله يعلم أن أحدكما كاذب]

5349# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، الإمامُ، أحد الأعلام، سبق، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة كيسانَ السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ): تَقَدَّمَ أنَّه عويمر وامرأتُه، وأنَّ امرأته لا أعرف اسمها، وانَّ ابن شيخنا سمَّاها.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أخبرنا).

[ج 2 ص 465]

(1/9725)

[باب المتعة للتي لم يفرض لها]

قوله: (لَمْ يُفْرَضْ لَهَا): (يُفْرَض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 465]

(1/9726)

[حديث: حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها]

5350# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه ابن عيينة، وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ ذكر ابن عيينة في مشايخ قُتيبةَ، ولم يذكرِ الثَّوريَّ، والله أعلم، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.

قوله: (لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ): المراد بـ (المُتلاعَنين): عويمر وامرأته، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 465]

(1/9727)

((69)) (كِتَابُ النَّفَقَاتِ) ... إلى (كِتَاب الأَطْعِمَةِ)

(1/9728)

[حديث: إذا أنفق المسلم نفقةً على أهله وهو يحتسبها]

5351# قوله: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عقبة بن عامر الأنصاريُّ البدريُّ، وأنَّه لم يشهد بدرًا، وإنَّما كان ينزل ماءً هناك، فنُسِب إليها، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (وَهْوَ يَحْتَسِبُهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (الاحتساب): ادِّخار الثَّواب عند الله مِن غير رياء ولا سمعة، وقد تَقَدَّمَ في (الصَّوم).

==========

[ج 2 ص 465]

(1/9729)

[حديث: قال الله: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك]

5352# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وتَقَدَّمَ (أَبُو الزِّنَادِ) مرارًا: أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (أَنْفِقْ [1] ... ؛ أُنْفِقْ عَلَيْكَ): هو أمرٌ مجزومٌ، وجوابه مجزوم أيضًا، والأولى: بفتح الهمزة، والثانية: بضمِّها؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يا بن آدم).

[ج 2 ص 465]

(1/9730)

[حديث: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله]

5353# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ بفتح الزَّاي وإسكانها، وتَقَدَّمَ (أَبُو الغَيْثِ): أنَّه بفتح الغين المُعْجَمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، وأنَّ اسمه سالم مولى عبد الله بن مطيع العدويِّ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسَائيُّ، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ): (اللَّيل) و (النَّهار): منصوبان؛ لأنَّهما مفعولا اسم الفاعل، وفي أصلنا: كلاهما مجروران بالقلم، وقد طرأ عليهما النَّصبُ أيضًا، وكلاهما جائز، ولكنَّ الرَّاجح النَّصبُ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 465]

(1/9731)

[حديث: الثلث والثلث كثير أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة]

5354# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر؛ لأنَّ عبد الغنيِّ ذكر في مشايخ مُحَمَّد بن كَثِير الثَّوريَّ، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، والذَّهَبيُّ في «تذهيبه» ذكر في مشايخه سفيانَ، وأطلقَ، فحملتُ المُطلَقَ على المُقيَّد، و (سَعْد بْن إِبْرَاهِيمَ): هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، تَقَدَّمَ، و (عَامِر بْن سَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحدُ العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ): هو بالثَّاء المُثلَّثة، كذا في أصلنا هنا، وقال ابن قُرقُول: («كَبِير»؛ بالباء، ويُروى: بالثَّاء، وفي بعضها: «أو كَثِير»، على الشَّكِّ)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَنْ تَدَعَ): تَقَدَّمَ الكلام على (أن تذرَ)، وهذا مثله، وكذا تَقَدَّمَ (يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ).

==========

[ج 2 ص 465]

(1/9732)

[باب وجوب النفقة على الأهل والعيال]

(1/9733)

[حديث: أفضل الصدقة ما ترك غنى]

5355# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وأنَّ غِيَاثًا؛ بكسر الغين المُعْجَمة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاءٌ مُثَلَّثةٌ، وهذا معروف عند أهله، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (مَا تَرَكَ غِنًى): وفي رواية في «الصَّحيح»: (عن ظهر غنًى)، فسَّره أيُّوب في الحديث: عن فضل عيال، وبيانه مِن وراء ما يحتاج إليه العيال؛ كالشيء الذي يُطرَح خلف الظهر، ويفسِّره قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ابدأْ بمَن تَعُول»، وقد يكون قوله: (عن ظهر غنًى)؛ بمعنى: بيان الغنى عن المسألة، ويردُّ هذا قولُه: «ابدأْ بمَن تَعُول»، وأنَّه خرج على سبب، وهو أنَّ رجلًا تصدَّق بأحد ثوبين كانا له قد تُصِدِّق بهما عليه، فنهاه عن ذلك، وقال: «خير الصَّدقة ما كان عن ظهر غنًى»، والله أعلم، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى): تَقَدَّمَ الكلام على (اليد العليا) و (اليد السُّفلى) في (الزَّكاة) مُطَوَّلًا، وتَقَدَّمَ أنَّ بعضهم قال: إنَّ التَّفسير مدرجٌ.

(1/9734)

قوله: (تَقُولُ الْمَرْأَةُ ... ) إلى آخر ما قال: (لَا، هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ): سُئِل عن هذا شيخُنا الحافظ العراقيُّ بحضوري: أمرفوع هذا أم لا؟ فقال: لا، ليس بمرفوع، أو ما هذا معناه، وكنتُ أنا تلك الساعة توقَّفتُ فيه، ثُمَّ ظهر لي ما قاله شيخُنا أنَّه موقوف هنا على أبي هريرة، قال شيخنا الشارح فيما قرأتُه عليه في «تخريج أحاديث الرَّافعيِّ»: رواه أحمد في «مسنده»، والدَّارقطنيُّ بإسناد صحيح ومُتَّفقٍ عليه، لكن يَجعَل الزِّيادةَ المعتبرةَ مِن قول أبي هريرة، وقال في هذا «الشَّرح»: إنَّه مِن قول أبي هريرة، وقد رأيت في «الهدي» لابن قَيِّم الجَوزيَّة: أنَّ في «النَّسَائيَّ» هذا الذي قاله أبو هريرة مرفوعًا، وفيه: «وابدأْ بمَن تَعُول»، فقيل: مَن أعولُ يا رسول الله؟ قال: «امرأتك، تقول: أطعِمْني، وإلَّا؛ فارقني، خادمُك يقول: أطعِمْني واستعملْني، ولدك يقول: أطعِمني، إلى مَن تتركني؟!»، وهذا في جميع النُّسخ في كتاب «النَّسَائيِّ» هكذا، وهو عنده مِن حديث سعيد بن أيُّوب عن مُحَمَّد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وسعيد ومُحَمَّد ثقتان، انتهى، وكذا رأيت المِزِّيَّ ذكره في «أطرافه»، وهو في «النَّسَائيِّ الكبير»، وقد راجعتُ «الصَّغير»؛ فلم أره فيه، و «الكبير» ليس بحلب منه نسخة فيما أعلم، وقال لي الإمام زين الدين القرشيُّ: إنَّ دمشق ليس بها منه إلَّا هذه النسخة؛ يعني: نسخةً كان أعارها للإمام صدر الدين الياسوفيِّ مغربيَّة في جلدٍ واحدٍ، ومنها سمعت أنا بعضَه بقراءة الياسوفيِّ بدمشق على ابن الفصيح تاج الدين الحنفيِّ، ومُؤذِّنِ اليعموريَّة، والله أعلم، قال ابن القَيِّم: (وقال الدَّارقطنيُّ: حدَّثنا أبو بكر الشَّافِعيُّ: حدَّثنا مُحَمَّد بن بشر بن مطر: حدَّثنا شيبان بن فرُّوخ: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «المرأة تقول لزوجها: أطعمني أو طلِّقني ... »؛ الحديث، وقال الدَّارقطنيُّ: حدَّثنا عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك وعبد الباقي بن قانع

[ج 2 ص 465]

(1/9735)

وإسماعيل بن عليٍّ قالوا: أخبرنا أحمد بن عليٍّ الحدانيُّ: حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم الباورديُّ: حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة عن يحيى بن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مثلَه)، انتهى، قال شيخنا الشارح: (وفي رواية للنَّسائيِّ: «قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: «امرأتك تقول: أطعمني، وإلَّا؛ فارقني ... »؛ الحديث).

قوله: (مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ): هو بكسر الكاف في أصلنا بالقلم، قال ابن قُرقُول: (كذا رواه الكافَّة؛ أي: ممَّا عنده مِن العلم المُقتَنى في قلبه، كما يُقتَنى المالُ في الكِيس، ورواه الأصيليُّ: بفتح الكاف؛ أي: مِن فقهه وفطنته، لا من روايته)، انتهى.

(1/9736)

[حديث: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى.]

5356# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمامُ الجواد، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيّب): سعيد، والمُسَيّب: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى): تَقَدَّمَ قريبًا.

==========

[ج 2 ص 466]

(1/9737)

[باب حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله وكيف نفقات العيال]

(1/9738)

[حديث: أن النبي كان يبيع نخل بني النضير]

5357# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ [1]: أَخْبَرنَا وَكِيعٌ): (مُحَمَّد) هذا: وقع في أصلنا منسوبًا: (ابن سلَام)، والنسبة ملحقة في الهامش، لكن صُحِّح عليها، وقال المِزِّيُّ لمَّا طرَّفه: (البخاريُّ عن مُحَمَّد بن سلَام)، انتهى، ومقتضى ذلك: أنَّه كذلك وقع له، وكذا قال شيخنا الشارح: (ذكر فيه _أي: في الباب_ حديثَ مُحَمَّد بن سلَام)، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن راشد.

قوله: (أَوْ بَعْضِ السَّنَةِ): (بعض): مجرور معطوف على المضاف إليه، وهو (سَنَتِهِمْ)، و (ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْريُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (مَالِك بْن أَوْسٍ): هو ابن الحَدَثَان النَّصريُّ، تَقَدَّمَ في (باب فرض الخُمُس).

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (بْنُ سَلَامٍ).

[ج 2 ص 466]

(1/9739)

[حديث: انطلقت حتى أدخل على عمر إذ أتاه حاجبه]

5358# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، وبعيدًا مرارًا، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء والدَّال المُهْمَلتين، ثُمَّ مُثَلَّثة، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (إِذْ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فرض الخمس) مُطَوَّلًا، وأنَّ الصَّحيح: أنَّه غير مهموز، وكذا تَقَدَّمَ (الرَّهْطُ): أنَّهم ما دون العشرة مِن الرجال؛ كالنَّفر.

قوله: (اتَّئِدُوا): تَقَدَّمَ في (فرض الخمس)، و (أَنْشُدُكُمْ): بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألكم، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ: (لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ) في (فرض الخمس).

قوله: (إِنَّ اللهَ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ): (إنَّ)؛ بكسر الهمزة، وتشديد النُّون على الابتداء، وتَقَدَّمَ ما (المالُ) الذي خصَّ الله رسوله به في (فرض الخمس)، وكذا (اسْتَأْثَرَ).

==========

[ج 2 ص 466]

(1/9740)

[باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ونفقة الولد]

قوله: (بَابُ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ إِذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ): أخرج في هذا الباب حديث هند زوجِ أبي سفيان، وقد سبق أنَّه لم يكن غائبًا، بل كان حاضرًا وقت السُّؤال والجواب، وها أنا أذكر ذلك لك، قال السُّهيليُّ في «روضه» في (غزوة الفتح): (إنَّ هندًا بنت عتبة امرأة أبي سفيان بايعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على الصَّفا يوم الفتح ... ) إلى قوله: (لكن يا رسول الله؛ أبو سفيان رجل مِسِّيكٌ، ربَّما أخذت مِن ماله بغير علمه ما يصلح ولده، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف»، ثُمَّ قال: «أئنَّك لأنت هند؟» قالت: نعم؛ يا رسول الله؛ اعف عني، عفا الله عنك، وكان أبو سفيان حاضرًا، فقال: أنت في حلٍّ ممَّا أخذت، فلمَّا قال: «{وَلَا يَزْنِينَ} [الممتحنة: 12]»، قالت: وهل تزني الحُرَّة يا رسول الله؟! فلمَّا قال: «{وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]»؛ قالت: بأبي وأمِّي ما أكرمَك وأحسنَ ما دعوتَ إليه! فلمَّا سمعت: «{وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [الممتحنة: 12]»؛ قالت: قد والله ربَّيناهم صغارًا حتَّى قتلتَهم كبارًا أنت وأصحابُك ببدر، قال: فضحك عمر مِن قولها حتَّى مال) انتهى، فلا يصحُّ استدلالُ مَن استدلَّ به على القضاء على الغائب، وهذا مكانٌ حسنٌ جدًّا، ولم أر أحدًا تَقَدَّمَ السُّهيليَّ في ذلك، ومرَّ عليه حفَّاظ كثيرون ولم ينتبهوا له، وكأنَّ مدركَ البُخاريِّ رحمه الله إن كان وقف على الرواية التي ذكرها السُّهيليُّ: أنَّها إذا جاز لها أن تأخذ وهو حاضر ولولدها؛ فلَأَنْ يجوز وهو غائب بطريقٍ أَولى، وهذا مِن باب مفهوم الموافقة، والله أعلم، وقال شيخنا في هذا الباب: (ذكر فيه حديثَ هند السَّالف، وليس مطابقًا لما ترجم له إلَّا في نفقة الولد فقط؛ لأنَّه كان حاضرًا في المدينة، فلا ينبغي أن يُستَدلَّ به على القضاء على الغائب وإن استدلَّ به ابن بَطَّال وغيره)، انتهى، ومراده بالمدينة: مكَّة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 466]

(1/9741)

[حديث: جاءت هند بنت عتبة فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان ... ]

5359# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مقاتل، أبو الحسن، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنِ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها والدة معاوية، وليست [1] بأمِّ أمِّ حبيبة، أمُّ أمِّ حبيبة صفيَّة بنت أبي العاصي بن أُمَيَّة عمَّةُ عثمان، تَقَدَّمَتْ، و (أَبُو سُفْيَانَ): صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، تَقَدَّمَ.

قوله: (رَجُلٌ مِسِّيكٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ رواية المُتقِنين: (مَسِيْك)، ورواية أكثر المُحدِّثين: (مِسِّيك).

==========

[1] في (أ): (ليس)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 466]

(1/9742)

[حديث: إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره]

5360# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هذا المكان تَقَدَّمَ الكلام عليه في (التَّفسير) في سورة {اقرأ}، وقبل ذلك أيضًا، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (البُخاريُّ في «البيوع» وفي «النَّفقات» عن يحيى بن جعفر، ولم ينسبه في «النَّفقات») انتهى، و (عبد الرَّزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَر)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنبِّه بن كامل الأبناويُّ.

==========

[ج 2 ص 466]

(1/9743)

[باب: وقال الله تعالى {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ... }]

قوله: (وَقَالَ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرَيِّ) [1]: (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهري): ابن شهاب، مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (غِذَاءً): هو بكسر الغين وبالذَّال المعجمتين، ممدودٌ، مَنْصوبٌ مُنوَّن، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] قول يونس جاء في «اليونينيَّة» مقدَّمًا ضمن بابه (باب {والوالدات يرضعن}) على (باب نفقة المرأة ... )، وعليهما في (ق) علامةُ تقديم وتأخير، وهي رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 466]

(1/9744)

[باب عمل المرأة في بيت زوجها]

(1/9745)

[حديث: ألا أدلكما على خير مما سألتما]

5361# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ [1] يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (الْحَكَمُ): هو ابن عتيبة، القاضي الإمامُ، و (ابْنِ أَبِي لَيْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن أبي ليلى، أبو عيسى الأنصاريُّ.

قوله: (مِنَ الرَّحَى): هو بالقصر معروفة مُؤنَّثة.

[ج 2 ص 466]

قوله: (أَوْ أَوَيْتُمَا): تَقَدَّمَ أنَّ (أوى) إذا كان لازمًا _ كهذا_؛ يكون الأفصحُ فيه قصرَ الهمزة، وإذا كان مُتعدِّيًا؛ الأفصحُ فيه مدُّ الهمزة، وأنَّ هذه لغةُ القرآن.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

(1/9746)

[باب خادم المرأة]

(1/9747)

[حديث: ألا أخبرك ما هو خير لك منه]

5362# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّ (الحُمَيدي)؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وفتح الميم، وتَقَدَّمَ في أوَّل هذا التَّعليق لماذا نُسِب، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عيينة.

قوله: (قِيلَ: لَهُ [1] وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟): القائل له ذلك هو ابن أبي ليلى عبد الرحمن، كما رواه مسلم في «صحيحه»، وفي «مسند أحمد» السائلُ له ابن الكوَّاء، واسمه عبد الله، فيحتمل أنَّهما سألاه معًا أو في مجلسَين، والله أعلم.

قوله: (صِفِّينَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها موضعٌ بقرب الفرات معروفٌ، بين الرَّقَّة وبالس، وهي بكسر الصَّاد، وتشديد الفاء، ومنهم مَن يقول: صِفُّون، في حالة الرَّفع، شبَّهها بالجموع المُعربة، وفي الحديث: «وبئست صِفُّون».

==========

[1] (له): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 467]

(1/9748)

[باب خدمة الرجل في أهله]

(1/9749)

[حديث: ما كان النبي يصنع في البيت قالت كان في مهنة أهله]

5363# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ): هو بالمُثَنَّاة فوق المفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، تصغير (عتبة)، وهذا معروف عند أهله ظاهر جدًّا، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (فِي مهْنَةِ أَهْلِهِ): هو بفتح الميم وكسرها؛ أي: عمل أهله وخدمتهم، وما يصلحهم، قال ابن الأثير في قوله عليه السلام: «سِوَى ثَوبَي مِهْنَتِهِ»: (أي: بذلته وخدمته، والرِّواية: بفتح الميم، وقد تُكسَر، قال الزَّمخشريُّ: وهو عند الأثبات خطأٌ، قال الأصمعيٌّ: بفتح الميم: هي الخدمة، ولا يقال: مِهنة؛ بالكسر، وكان القياس لو قيل: مثل: جلسة وخدمة، إلَّا أنَّه جاء على فَعلة واحدة، يقال: مهنت القوم أُمهِنهم وأَمهُنُهم، وامتهنوني: ابتذلوني في الخدمة)، انتهى، وفي «الصِّحاح»: (المَهْنة؛ بالفتح: الخدمة، وحكى أبو زيد عن الكِسائيِّ: المِهنة؛ بالكسر، وأنكره الأصمعيُّ).

(1/9750)

[باب: إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها ... ]

(1/9751)

[حديث: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف]

5364# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القَطَّان، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خويلد [1]، و (هِنْد بِنْت عُتْبَةَ): تَقَدَّمَتْ، وكذا (أَبُو سَفْيَانَ): صخر بن حرب.

==========

[1] في (أ): (خولد)، ولعلَّه تحريفٌ.

[ج 2 ص 467]

(1/9752)

[باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده والنفقة]

(1/9753)

[حديث: خير نساء ركبن الإبل نساء قريش]

5365# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عيينة، و (ابْنُ طَاوْوس): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله.

قوله: (وَأَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا بأنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن ذكوان، وقائل ذلك هو سفيان بن عيينة، روى هذا الحديث عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، ورواه عن أبي الزِّناد عبدُ الله بن ذكوان، عن الأعرج عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة؛ فاعلمه.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ [1] رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكأنَّه لم يكن على شرطه، فلهذا ذكره بصيغة تمريض.

==========

[1] (رضي الله عنهما): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 467]

(1/9754)

[باب كسوة المرأة بالمعروف]

قوله: (بَابُ كِسْوَةِ الْمَرْأَةِ بِالْمَعْرُوفِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بغير إسناد على عادته، ثُمَّ قال: (موضع المطابقة: تشقيقه الحلَّة بين نسائه، وهذا مِن الاقتصاد بالمعروف بحسب الحالة، لا بالإسراف والتَّغليل [1]؛ لأنَّ الذي ناب فاطمة عليها السَّلام مِن هذه الحلَّة خرقةٌ رضيت بها وقبلتها)، انتهى.

قوله: (بَابُ كسْوَةِ): هي بكسر الكاف وضمِّها.

==========

[1] في مصدره: (التَّغالي).

[ج 2 ص 467]

(1/9755)

[حديث: آتى إلي النبي حلةً سيراء فلبستها]

5366# قوله: (آتَى إِلَيَّ [1] النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّة سِيَرَاءَ): قال ابن قُرقُول: («آتى»؛ بمدِّ الهمزة؛ لأنَّه بمعنى: أعطى، و «إليَّ»: مُشدَّد الياء، وبقيَّة الحديث تدلُّ عليه، وفي رواية النَّسفيِّ: «بعث إليَّ»، وضبطه بعضهم: «بُعِث إليَّ»، وقال بعضهم: هو وَهَمٌ)، قال ابن قُرقُول: (بل له وجهٌ في العربيَّة، وفي كتاب عُبدوس: «أهدى إليَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم») انتهى.

قوله: (حُلَّة سِيَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلَّة) وعلى (السِّيَرَاء) ما هما، وأنَّه يقال بالإضافة وبالصِّفة مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي): تَقَدَّمَ أنَّ الظَّاهر أنَّ المراد بـ (نسائِه): الفواطمُ الأربعُ، كما في الحديث الآخر: «اقسمه بين الفواطم»، وقد ذكرتهنَّ قبل هذا في (الهبة)، والحامل لي على هذا التَّأويل: أنَّ عليًّا لم يتزوَّج في حياة فاطمةَ عليها.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: حمل «آتى» على «بعث»، أو على «أهدى»، فعداهُ «إلى»).

[ج 2 ص 467]

(1/9756)

[باب عون المرأة زوجها في ولده]

(1/9757)

[حديث: فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك]

5367# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عَمرو بن دينار، تَقَدَّمَ.

قوله: (هَلَكَ أَبِي): هو بفتح الهمزة، وكسر الموحَّدة، وهو عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ، نقيبٌ بدريٌّ كبيرٌ، استُشهِد بأُحُد رضي الله عنه.

قوله: (وَتَرَكَ سَبْعَ بَنَاتٍ أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ): هذا شكٌّ مِن الراوي، وقد جُزِم في بعض الطُّرق بأنَّهنَّ تسعٌ، والله أعلم.

قوله: (فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ثَيِّبًا): تَقَدَّمَ أنَّ (امرأة) هذه الثَّيِّب: تَقَدَّمَ أنَّها سُهَيمة بنت مسعود بن أوس.

قوله: (إِنَّ عَبْدَ اللهِ هَلَكَ): تَقَدَّمَ أنَّه والدُه عبدُ الله بن عَمرو بن حَرام.

قوله: (وَتَرَكَ بَنَاتٍ): تَقَدَّمَ أنَّهنَّ تسعٌ مِن كلام جابر، ولكنَّ الراوي شكَّ، والصَّواب مِن أحد الشَّكَّين: أنَّهنَّ تسعٌ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 467]

(1/9758)

[باب نفقة المعسر على أهله]

قوله: (بَابُ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ عَلَى أَهْلِهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته بغير إسناد، وهو حديث المجامع في رمضان، ثُمَّ قال: (وجهُ الاستدلال: أنَّ الكفَّارة واجبة، ومع هذا أسقطها عنه في الحال؛ لمعارضة ما هو أقوى منها، وهو الإنفاق على الزَّوجة وإن كان مُعسِرًا، ولو لم تكنِ النَّفقةُ واجبةً عليه؛ ما سقط بها الواجبُ) انتهى.

(1/9759)

[حديث: فوالذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا]

5368# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه نسبه إلى جدِّه، أحمدُ بن عبد الله بن يونس، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (حُمَيد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حُمَيد بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ حُمَيد بن عبد الرَّحمن الحميريَّ ليس له في «البُخاريِّ» عن أبي هريرة شيء، إنَّما روى عنه مسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهرُ الله المُحرَّم»؛ فاعلمه، وليس للحميريِّ عن أبي هريرة في «البُخاريِّ» شيءٌ، والله أعلم.

قوله: (أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ اسم هذا (الرَّجل) في (الصوم)؛ فانظره.

[ج 2 ص 467]

قوله: (ولِمَ؟): هو بكسر اللَّام وفتح الميم، على الاستفهام.

قوله: (أَعْتِقْ [1]): هو بفتح الهمزة، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِي)؛ بِضَمِّ الهمزة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وقد تَقَدَّمَ في (الصوم) مَن جاء به؛ فانظره.

قوله: (بِعَرَقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين المُهْمَلة والرَّاء، وقد تُسكَّن، وبالقاف، وقد تَقَدَّمَ في (الصَّوم) ما هو (العَرَق).

(1/9760)

[باب: {وعلى الوارث مثل ذلك} ... ]

قوله: (بَابٌ: {وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (وجه المطابقة يَبينُ بمقصوده، وإنَّما قصد الرَّدَّ على مَن زعم أنَّ الأمَّ يجب عليها نفقةُ ولدِها بعد أَبيه وإرضاعها؛ لدخولها في إطلاق: {وَعَلَى الوَارِثِ}، فبيَّن البُخاريُّ أنَّ الأمَّ كانت كَلًّا على الأب واجبةَ النَّفقة عليه، ومَن هو كَلٌّ بالأصالة لا يقدر على شيء في الغالب؛ كيف يتوجَّب عليه أن يُنفِق على غيره؟ قال: وبحديث أمِّ سلَمة؛ فإنَّه صريح في إنفاقها على بنيها، فضلٌ وتطوُّعٌ [1]، وبحديث هند؛ فإنَّه أوجب لها أن تأخذ مِن مال زوجها نفقة بنيه من حيث لا يشعر، وإذا كانت ساقطةً عنها في حياته؛ فالأصل استصحاب السقوط بعد الوفاة)، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (فضلًا وتطوُّعًا).

[ج 2 ص 468]

(1/9761)

[حديث: نعم لك أجر ما أنفقت عليهم]

5369# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ، الحافظ، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (زَيْنَب بِنْت أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ هي، وأمُّها أُمُّ سَلَمَةَ هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، و (أُمُّ سَلَمَةَ): هي أمُّ المؤمنين، وابنتها زينب ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ): (بنو أبي سلَمة) عبدِ اللهِ بن عبد الأسد: زينب ولدتها أمُّ سلَمة بأرض الحبشة، وولدت له بعد ذلك دُرَّة، وأمَّ كلثوم، ولا أعرف اسمها، وعمرَ، وسلمةَ، وسلمة وُلِد بمكَّة قبل هجرة أبيه وأمِّه إلى الحبشة، ولم يذكر بعض حفَّاظ هذا العصر أمَّ كلثوم، وقال: وقيل: فيهم مُحَمَّد، ولمَّا كان أولاد أبي سلَمة ثلاثةَ ذكورٍ على ما يأتي، وثلاثَ إناث؛ غلَّبت عليهنَّ الذُّكور، هذا الذي يحضرني مِن أولاد أبي سلَمة، والله أعلم.

قوله: (لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابه في (الزَّكاة).

==========

[ج 2 ص 468]

(1/9762)

[حديث: خذي بالمعروف]

5370# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو الفِرْيابيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سفيان): هو الثَّوريُّ.

قوله: (قَالَتْ هِنْدُ): هي بنت عتبة بن ربيعة، أمُّ معاوية، من مُسْلِمة الفَتْح، تَقَدَّمَتْ، و (أَبُو سُفْيَان) زوجها: صخر بن حرب، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 468]

(1/9763)

[قول النبي: من ترك كلًا أو ضياعًا فإليَّ]

قوله: (مَنْ تَرَكَ كَلًّا [1]): (الكَلُّ)؛ بفتح الكاف، وتشديد اللَّام: يُطلَق على الواحد والجميع، والذكر والأنثى، وقد جمعه بعضهم على (كلول)؛ ومعناه: الثَّقيل ومَن لا يقدر على شيء؛ كالعيال، واليتيم، والمسافر، والمُعْيَى، هذا أصله مِن الكلال؛ وهو الإعياء، ثُمَّ استُعمِل في كلٍّ ضائع وأمر مُثْقِلٍ، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَوْ ضَيَاعًا): هو بفتح الضاد المُعْجَمة، قال ابن قُرقُول: (بفتح الضاد: هم العيال، سُمُّوا باسم الفعل: ضاع الشيء ضياعًا؛ أي: مَن ترك عيالًا عالة، وأطفالًا يَضِيْعُون بعده، وأمَّا بكسر الضاد؛ فجمع «ضائع»، والرواية عندنا: بالفتح، وقد رُوِي: «من ترك ضيعة»؛ أي: ذوي ضيعة؛ أي: قد تُرِكوا وضُيِّعوا، وهو أيضًا مصدر: ضاع العيال ضيعة وضياعًا، وأضعتهم: تركتهم)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] في هامش (ق): (أي: عيالًا).

[ج 2 ص 468]

(1/9764)

[حديث: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم]

5371# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، الإمام، أحد الأعلام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (كَانَ يُؤْتَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَإِنْ حُدِّثَ): هو بتشديد الدَّال المكسورة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَلَمَّا فُتِحَ [1] عَلَيْهِ الْفُتُوحُ): (فُتِح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الفتوحُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَتَحَ اللهُ).

[ج 2 ص 468]

(1/9765)

[باب المراضع من المواليات وغيرهنَّ]

قوله: (بَابُ الْمَرَاضِعِ مِنَ الْمَوَالِيَاتِ وَغَيْرِهِنَّ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (يشير بقوله: «المواليات وغيرهنَّ»: إلى أنَّ حرمة الرَّضاع تنتشر كانت المرضعة حرَّةً أصليَّة أو مولاة أو أمة؛ لأنَّ ثويبةَ كانت مولاةً لأبي لهب)، انتهى، والذي ظهر لي أنَّه يحتمل أنَّه إنَّما ترجم عليه؛ ليردَّ كلام العرب في أوَّل أمرها؛ لأنَّها كانت تكره رضاع الإماء، وتقتصر على العربيَّات؛ طلبًا لنجابة الولد، فأتاهم الشارع بأنْ قد رضع مِن غير العربيَّات، وأنَّ رضاع الإماء لا يُهجِّن؛ أعني: لا يجعل الرَّضيعَ هَجِينًا، و (الهجين): الذي أمُّه عجميَّة، وأبوه عربيٌّ، عكس المُقْرِف، والله أعلم.

قوله: (الْمَوَالِيَاتِ): هو بفتح الميم، وتخفيف الياء، وكسر اللَّام قبلها، ورأيت في نسخة صحيحة: (المُواليات)؛ بِضَمِّ الميم بالقلم، قال شيخنا: (قال ابن بَطَّال: كان الأقرب أن يقول: «المولَيات»: جمع «مولاة»، و «المواليات»: جمع «مولًى» جمع التَّكسير، ثُمَّ جمع «موالي» جمع السَّلامة بالألف والتاء، فصار «موليات» جمع الجمع، وقال ابن التِّين: ضُبِط بِضَمِّ الميم وفتحها، والوجه الضَّمُّ؛ لأنَّه اسم فاعل من «والَتْ تُوالِي»).

==========

[ج 2 ص 468]

(1/9766)

[حديث: فوالله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي]

5372# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأدناها أعلاه، وكذا الباقي تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (انْكِحْ أُخْتِي ابْنَةَ أَبِي سُفْيَانَ): تَقَدَّمَ أنَّ أختها هي عزَّة، كما في «مسلم»، انتهى، وقيل: حمنة، وقيل: درَّة، وقد تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ.

قوله: (ذَلِكِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ، وكذا الثانية الآتية في الحديث نفسه، وكذا تَقَدَّمَ (مُخْليَة) ضبطًا ومعنًى، وتَقَدَّمَ الكلام على (دُرَّة بِنْت [1] أَبِي سَلَمَةَ)، وكذا على قوله: (لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي؛ مَا حَلَّتْ لِي)، وهو أنَّه علَّل الحكم بعلَّتين، فإن تخلَّفت إحداهما؛ قامتِ الأخرى، وتَقَدَّمَ أنَّ (الحجْر)؛ بفتح الحاء وكسرها، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (ثُوَيْبَة) ضبطًا وبعض ترجمة.

[ج 2 ص 468]

(1/9767)

((70)) (كِتَابُ الأَطْعِمَةِ) ... إلى (بَاب الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ)

قوله في الآية الثانية التي تلاها: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا الدِّمَشْقيُّ، والتِّلاوة: {أَنفِقُوا} [البقرة: 267]، وقد تَقَدَّمَ الكلام في مثل هذه المسألة في أوَّل هذا التعليق في قوله: (و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 64])؛ فانظر ذلك، والله أعلم.

(1/9768)

[قول الله تعالى: {كلوا من طيبات ما رزقناكم} ... ]

(1/9769)

[حديث: أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني]

5373# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (كَثِيرًا) بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، هذا فيما يظهر؛ وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ ذكر الثَّوريَّ في مشايخ مُحَمَّد بن كَثِير، ولم يذكرِ ابن عيينة، والذَّهَبيُّ ذكر في مشايخه سفيانَ، وأطلق، فحملت المُطلَق على المُقيَّد، و (مَنْصُور) روى عنه: السُّفيانان؛ وهو ابن المُعتمِر، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى) كذلك: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، وتقدَّموا مُترجَمِين.

قوله: (أَطْعِمُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، قد رأيتُ بخطِّ شيخنا البلقينيِّ فائدةً: (ليس في إطعام الجائع ما يدلُّ على الأطعمة المُترجَم عليها المَتلوِّ فيها الآيات المذكورة)، انتهت، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (مطابقة الآيات والترجمة مُتَّجهٌ لمن له فطنةٌ)، انتهى.

قوله: (وَفُكُّوا الْعَانِيَ): تَقَدَّمَ أنَّه بالعين المُهْمَلة، ونون بعد الألف، منقوص؛ كـ (القاضي)، قال سفيان هنا: (وَالْعَانِي: الأَسِيرُ)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (سفيان): الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، والله أعلم.

(1/9770)

[حديث: ما شبع آل محمد من طعام ثلاثة أيام حتى قبض]

5374# 5375# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء، وأنَّ اسمه سلمانُ مولى عزَّة الأشجعيَّة.

قوله: (وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): هو معطوف على السَّند الذي قبله بلا شكٍّ، وقائله هو فُضَيل بن غزوان، ورأيت بخطِّ شيخنا البلقينيِّ ما لفظه: (فائدةٌ: قوله: «وعن أبي حَازم، عن أبي هريرة»: لا يمكن عطفه على قوله: «عن أبيه»؛ لأنَّه يلزم عليه إسقاطُ فُضَيل، فيكون منقطعًا؛ لأنَّه يصير التَّقدير: عن أبيه وعن أبي حَازم، ولا يمكن عطفه على قوله: «عن أبي حَازم»؛ لأنَّ المُحدِّث الذي أتى بـ «عن»: هو مُحَمَّد بن فُضَيل، فيلزم الانقطاعُ، كما في الذي قبله، وإن كان قوله: «وعن أبي حَازم» معطوفًا على الجملة السابقة؛ كان مُعلَّقًا، وقد ذكره في «الأطراف» في «المُسنَد» بالسند الأوَّل، فكان اللَّائقُ أن يقول: (وبه إلى أبي حَازم عن أبي هريرة) انتهت، ورأيت بخطِّ بعض الحُفَّاظ العصريِّين ما لفظه: (قوله: «لا يمكن عطفه على أبي حَازم» مردودٌ، بل هو ممكنٌ واضحٌ، فإنَّه يصير هكذا: مُحَمَّد بن فُضَيل، عن أبيه، عن أبي حَازم، عن أبي هريرة بكذا، وعن مُحَمَّد بن فُضَيل، عن أبيه، عن أبي حَازم ... إلى آخره، فحذف من «مُحَمَّد ... » إلى «أبيه»، فصارت: «وعن»، ولا فرق بين أن يقول: «وعن أبي حَازم»، أو «وعن أبيه عن أبي حَازم»، أو «وعن مُحَمَّد بن فُضَيل، عن أبيه، عن أبي حَازم»؛ بل ولو قال: «وعن أبيه»؛ لكان سائغًا)، انتهى.

قوله: (أَصَابَنِي جهْدٌ شَدِيدٌ): (الجهد)؛ بِضَمِّ الجيم وفتحها؛ لغتان، وقيل: بالفرق بينهما.

(1/9771)

قوله: (فَاسْتَقْرَأْتُهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1] ... ) إلى آخره: هذه الآية لا أعرفها بعينها، قال شيخنا الشارح: (كان من عادتهم إذا استقرأ أحدُهم صاحبَه القرآنَ؛ أن يحمله إلى بيته، ويطعمه ما تيسَّر عنده، والله أعلم، ولم يحمل عمرُ أبا هريرة حين استقرأه، إمَّا لشغل كان به، أو أنَّه لم يتيسَّر له حينئذٍ ما يُطعِمه، وقد رُوِي عن أبي هريرة قال: «والله لقد استقرأت عمر الآية وأنا أقرأ منه إلَّا طمعًا في أن يذهب ويُطعمُني»، وهو زائد على ما في «البُخاريِّ»)، انتهى، وسيأتي قريبًا ما قاله أبو هريرة لعمر بعد ذلك، والله أعلم، وسيأتي الكلام على قوله: (وأنا أقرأُ منه).

قوله: (إِلَى رَحْلِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه المَنزِل والمأوى.

قوله: (فَأَمَرَ لِي بِعُسٍّ): هو بِضَمِّ العين، وبالسين المُهْمَلة المُشَدَّدة؛ وهو القدح الضخم، وجمعه: عساس وأعساس.

قوله: (كَالْقِدْحِ): هو بكسر القاف، وإسكان الدَّال وبالحاء المُهْمَلتين، وقد تَقَدَّمَ أنَّه عود السهم إذا قُوِّم واستوى قبل أن يُنصَل ويُراشَ، فإذا رُكِّب فيه النَّصلُ والرِّيشُ؛ فهو سهم، وقيل: (القدح): عود السهم نفسه؛ والمراد هنا: امتلأ واعتدل.

قوله: (تَوَلَّى اللهُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ): كذا لهم، وعند النَّسفيِّ: (تولَّى والله)، وعند ابن السَّكن: (ولَّى الله ذلك)، وهو أبين؛ أي: جعله مُتولِّيَ صنعِه وإحسانِه.

قوله: (لَقَدِ اسْتَقْرَأْتُكَ الآيَةَ وَلأَنَا أَقْرَأُ لَهَا مِنْكَ): رأيت بخطِّ شيخنا شيخ الإسلام البلقينيِّ حاشيةً لفظها: (فائدةٌ: يبعد أن يقول هذا أبو هريرة؛ لحرمة عمر، ولعدم اطِّلاع أبي هريرة على ذلك)، انتهت، قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: هذا الاستبعاد عجيب؛ لأنَّ قول أبي هريرة ذلك لعمر لا بدَّ أن يكون سبق له اطِّلاع على أنَّه أقرأ لعمر منها، إمَّا لكون عمر ما كان يحفظها كلَّها؛ لغيبته، وحضر أبو هريرة مثلًا عند نزولها كلِّها فحفظها كلَّها، أو لغير ذلك مِن المحتملات، وأمَّا كونه لا يقول ذلك لعمر؛ هيبةً له، فمحمول أنَّه خاطبه في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، لا بعد أن وُلِّي عمر الخلافة)، انتهى، وهذا الظَّاهر مِن الحديث.

قوله: (مِثْلُ حُمْرِ النَّعَمِ): (حُمْر)؛ بإسكان الميم: جمع (أحمر)؛ يعني: الإبل، وحُمْرها أفضلها عند العرب، وقد تَقَدَّمَ.

==========

(1/9772)

[1] (عزَّ وجلَّ): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 469]

(1/9773)

[باب التسمية على الطعام والأكل باليمين]

(1/9774)

[حديث: يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك]

5376# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عيينة، و (الْوَلِيدُ بْنُ كَثِير): بفتح الكاف، وكسر الثَّاء المُثلَّثة.

قوله: (فِي حَجْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ (حجرًا) بفتح الحاء وكسرِها.

قوله: (وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ): أي: تتحرَّك وتضطرب.

قوله: (فِي الصَّحْفَةِ): هو إناء؛ كالقصعة المبسوطة، وجمعها: صحاف.

قوله: (طِعْمَتِي): هو بكسر الطَّاء؛ أي: صفة أكلي، كذا صرَّح بكسرها ابن الأثير، ولم يذكر فيها غير الكسر، وكذا هي بالكسر على مقتضى كلام ابن قُرقُول، ولكنَّها في أصلنا بـ «البُخاريِّ» مضمومة الطَّاء، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ بالكسر، وكلاهما في أصلنا، وكذا هو بهما في نسخة صحيحة أخرى، و (الطُّعمة)؛ بالضمِّ؛ الأكلة، وبالكسر: وجه الكسب وهيئته، قاله ابن قُرقُول، وقال ابن الأثير: («الطّعمة»؛ بالكسر والضَّمِّ: وجه الكسب، يقال: هو طيِّب الطعمة، وخبيث الطعمة).

==========

[ج 2 ص 469]

(1/9775)

[الأكل مما يليه]

(1/9776)

[حديث ابن أبي سلمة: كل مما يليك]

5377# قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ): (حَلْحَلَة): بحاءَين مهملتَين مفتوحتَين، بعد كلِّ واحدة لامٌ؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، وبعدها تاء التأنيث، تَقَدَّمَ، و (وَهْب بن كَيْسَانَ): أبو نُعَيمٍ، مُؤدِّب، يروي عن ابن عَبَّاس وجابر، وعنه: مالك وابن الماجشون، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له الجماعة.

(1/9777)

[حديث: سم الله وكل مما يليك]

5378# قوله: (عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَعَامٍ ... )؛ الحديث: هذا مُرْسَل، والعمدةُ المُسنَد المُتَّصلُ: المُتقدِّمُ؛ وهو مُحَمَّد بن عمرو بن حلحلة عن وهب بن كيسان، عن عمر بن أبي سلمة، فمالكٌ أرسله، وابنُ حلحلة أسنده، لكن أخرجه النَّسَائيُّ من طريق مالك عن وهب مسندًا، رواه النَّسَائيُّ كذلك عن أبي داود الحرَّانيِّ، عن خالد بن مَخْلد، عن مالك كذلك، وعن قتيبة عن مالك مُرْسَلًا، والله أعلم.

قوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (رسول): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 469]

(1/9778)

[باب من تتبع حوالى القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية]

قوله: (بَابُ مَنْ تَتَبَّعَ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ): (حوالَي): بفتح اللَّام، ثُمَّ كسرة؛ لالتقاء الساكنين، تقول: (قعدت حولَه، وحوالَه، وحولَيه، وحوالَيْه)، ولا تقل: (حوالِيه)؛ بكسر اللَّام.

قوله: (الْقَصْعَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح القاف، ولا تُكسَر.

قوله: (إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ كَرَاهِيَةً): (يَعرِف): مَبْنيٌّ للفاعل، و (كراهية): مَنْصوبٌ مُنوَّنٌ مفعول (يَعرف)، و (الكراهية): تَقَدَّمَ أنَّها بتخفيف الياء.

[ج 2 ص 469]

(1/9779)

[حديث: إن خياطًا دعا رسول الله لطعام صنعه قال أنس]

5379# قوله: (إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الخيَّاط) لا أعرف اسمه، وسيجيء في (باب الثَّريد) مِن هذا «الصَّحيح» مِن حديث أنس: «دخلت مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على غلام له خيَّاط»، ويجيء أيضًا في (باب: الدُّبَّاء): (أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أتى مولًى له خيَّاطًا)، كلُّه مِن حديث أنس، وقد قَدَّمْتُ مواليه صلَّى الله عليه وسلَّم قبل هذا في (مناقب زيد بن حارثة)؛ فانظرهم، ولا أعرف هذا بعينه.

قوله: (يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ): هو بِضَمِّ الدَّال المُهْمَلة، وتشديد الموحَّدة، ممدودٌ ومقصورٌ: القَرع، جمع (دُبَّاءة)؛ بالمدِّ والقصر أيضًا.

قوله: (مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (حوالَيِ): بفتح الحاء واللَّام، ثُمَّ كسرةٍ؛ لالتقاء السَّاكنين، و (القصعة): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح القاف، ولا تُكسَر.

==========

[ج 2 ص 470]

(1/9780)

[باب التيمن في الأكل وغيره]

(1/9781)

[حديث: كان النبي يحب التيمن ما استطاع في طهوره وتنعله]

5380# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ عبدان لقب، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (أَشْعَث): بالثاء المُثلَّثة، وهو أشعث بن أبي الشَّعثاء، وتَقَدَّمَ أنَّ اسم (أَبِي الشَّعْثَاءِ): سُلَيم بن أسود المحاربيُّ _وسُلَيم: بِضَمِّ السين وفتح اللَّام_ الكوفيُّ، تقدَّما.

قوله: (فِي طُهُورِهِ): هو بِضَمِّ الطَّاء، ويجوز فتحها، وتَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (وَتَرَجُّلِهِ): (التَّرجُّل): تسريح الرأس بماء، أو دهن، أو شيء ممَّا يُليِّنه، ويُرسِل ثائره، ويردُّ مُنْقَبِضَه.

قوله: (وَكَانَ قَالَ بِوَاسِطٍ): قال شيخنا: (الظاهر أنَّ المراد بهذا القائل: شعبة، فإنَّه واسطيٌّ وإن سكن البصرة)، انتهى.

قوله: (بِوَاسِطٍ): قال الجوهريُّ: (و «واسط»: بلد سُمِّي بالقصر الذي بناه الحَجَّاج بين الكوفة والبصرة، وهو مُذكَّر مصروفٌ؛ لأنَّ أسماء البلدان الغالب عليها التَّأنيث وترك الصَّرف إلَّا منًى، والشام، والعراق، وواسط، ودابق، وفلج، وهجر [1]، فإنَّها تُذكَّر وتُصرَف، ويجوز أن تريد بها: البقعة أو البلدة، فلا تصرفه)، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (منًى، والشَّام، والعراق، وواسطًا، ودابقًا، وفلجًا، وهجرًا).

[ج 2 ص 470]

(1/9782)

[باب من أكل حتى شبع]

قوله: (بَابُ مَنْ أَكَلَ حَتَّى شَبِعَ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (تَقَدَّمَ له في جملة التَّراجم «بابُ شُربِ البَرَكَة»، وساق قول أنس رضي الله عنه: «فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه»، نبَّه ثَمَّ على أنَّ شربَ أنسٍ ليس مِن الإكثار المكروه؛ لأنَّ هذا شراب خاصُّ لبَرَكَتِهِ، فرغب فيه تبرُّكًا لا تَكثُّرًا [1]، ولم يتعرَّض في ترجمة الشِّبَع هنا لهذا المعنى، فيحتمل أنَّ شبعهم منه كان على عادتهم في الاقتصاد [2] على ما يملأ ثلث المِعَى، ويحتمل الشِّبع الذي هو الامتلاء؛ لأنَّه طعام بَرَكَةٍ؛ كشرب البَرَكَةِ، والله تعالى أعلم)، انتهى، والذي ظفرت به الآن إنَّما هو حديث جابر في آخر (باب الأشربة): (باب شرب البَرَكَة والماءَ المُبارَك)، وهو في آخر (كتاب الأشربة)، وهذا الكتاب لم يأت بعد، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (ثلث)، ولعلَّه سبق نظر، والمثبت من مصدره.

[2] كذا في (أ)، وفي مصدره: (الاقتصار).

[ج 2 ص 470]

(1/9783)

[حديث: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله ضعيفًا]

5381# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت الإمامِ مالك بن أنس المجتهدِ، و (أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ ببعض ترجمته، وأنَّ اسمه زيد بن سهل النَّجَّاريُّ، بدريٌّ نقيبٌ رضي الله عنه، و (أُم سُلَيْم): تَقَدَّمَتْ، والاختلاف في اسمها: سهلة، أو رُميلة، أو مُلَيكة، أو غير ذلك ممَّا تَقَدَّمَ رضي الله عنها.

قوله: (أَأَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟): هو بمدِّ الهمز على الاستفهام، ويجوز تحقيق الهمز، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مَا نُطْعِمُهُمْ): هو بِضَمِّ النُّون، كذا في أصلنا.

قوله: (هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ): هذا على لغة أهل نجد، فإنَّهم يصرفون (هلمَّ)، فيقولون للاثنين: هلمَّا، وللجميع: هلمُّوا، وللمرأة: هلمِّي، وأمَّا أهل الحجاز: فإنَّهم يستوي عندهم الواحد والجمع والتأنيث، قال الله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18]، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (فَفُتَّ): هو بِضَمِّ الفاء الثانية، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (عُكَّةً لَهَا): قال الدِّمْيَاطيُّ: (وعاء مِن جلود يكون فيه السَّمن والعسل يختصُّ بهما، وهو بالسَّمن أخصُّ)، انتهى، وهذا أخذه مِن ابن الأثير.

قوله: (فآدَمَتْهُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: خلطته وجعلت فيه إدامًا يُؤكَل، يقال بالمدِّ والقصر [1]، ورُوِي بتشديد الدَّال على التَّكثير)، انتهى، وأصرح مِن هذا ما قاله ابن قُرقُول، فإنَّه قال: («فآدمَتْه»؛ بمدِّ الهمزة، كذا أكثرُ ما ضبطناه قراءة، ويقال أيضًا: «أدْمته»؛ مُخفَّف الدَّال مقصور الألف؛ لغتان، ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ، ورواه القنازعيُّ في «المُوطَّأ»: «فأدَّمَتْه»؛ بتشديد الدَّال، ووجهه: تكثير الإدام)، انتهى.

(1/9784)

[حديث: هل مع أحد منكم طعام؟]

5382# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى نسبته هذه، و (مُعْتَمِرٌ): هذا هو ابن سليمان بن طرخان، تقدَّما، و (أَبُو عُثْمَان): هذا هو النَّهديُّ عبد الرحمن بن مَلٍّ، وقد تَقَدَّمَتْ اللُّغات في (مَلٍّ)، وتَقَدَّمَ بعض ترجمة أبي عثمان، وقوله: (وَحَدَّثَ أَبُو عُثْمَانَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ): الظَّاهر أنَّ هذا الحديث كان معطوفًا على حديث قبله، فحُذِف ذلك، وحُدِّث بهذا، والله أعلم.

قوله: (فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ): هذا (الرجل) لا أعرف اسمه، و (الصَّاع): تَقَدَّمَ كم هو [من] مُدٍّ، وكم زنة المُدِّ بالرَّطل، وكم الرَّطل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَوْ نَحْوُهُ): هو بكسر الواو في أصلنا، والذي يظهر الرَّفعُ؛ أي: معه صاع أو نحوُه، لا نحو الطعام، وقد طرأ على أصلنا الرَّفعُ كما قلت، والظاهر أنَّه أُخِذ ذلك منِّي، والله أعلم.

قوله: (فَعُجِنَ): هو بِضَمِّ العين وكسر الجيم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ): هذا (الرَّجل المُشرِك) لا أعرف اسمه.

قوله: (مُشْعَانٌّ): هو بِضَمِّ الميم، وإسكان الشين المُعْجَمة، ثُمَّ عين مهملة، وفي آخره نونٌ مُشدَّدةٌ، هو المُنتفِش الشَّعر الثَّائر الرأس، يقال: شعر مُشعانٌّ، ورجل مُشعانٌّ، ومشعانُّ الرأس، والميم زائدة، وقال المستملي كما نقله ابن قُرقُول: (هو الطويل جدًّا، البعيد العهد بالدُّهن، الشعِث)، انتهى.

قوله: (فَصُنِعَتْ): هو بِضَمِّ الصاد، وكسر النُّون، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

[ج 2 ص 470]

قوله: (بِسَوَادِ الْبَطْنِ): قال ابن قُرقُول: («سواد البطن»: قيل: الكبد خاصَّة، وقيل: حشو البطن كلِّها)، انتهى، و (البطن): مُذكَّرٌ وحُكِي تأنيثُه.

قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام على همزته، وأنَّها همزة وصل، وقيل: قطع، وقد تَقَدَّمَ ما معناه.

قوله: (خَبَأَهَا لَهُ): (خبأ): بهمزة مفتوحة في آخره.

قوله: (قَصْعَتَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّ القصعة بالفتح، ولا تُكسَر.

(1/9785)

قوله: (وَفَضَلَ): بفتح الضاد، يقال: (فضَل يفضُل)؛ كـ (دخَل يدخُل)، وفيه لغة أخرى: (فضِل _بكسر الضَّاد_ يفضَل)؛ بفتحها؛ مثل: (حذِر يحذَر)، حكاها ابن السِّكِّيت، وفيه لغة ثالثة مُركَّبة منهما: (فضِل _ بالكسر_ يفضُل)؛ بالضَّمِّ، وهو شاذٌّ لا نظير له، قال سيبويه: (هذا عند أصحابنا إنَّما يجيء على لغتين ... ) إلى آخر كلامه، قاله الجوهريُّ في «صحاحه»، وقد قَدَّمْتُ فيما مضى ذلك أنَّ في (فضل) ثلاثَ لغاتٍ.

(1/9786)

[حديث: توفي النبي حين شبعنا من الأسودين التمر والماء]

5383# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ، الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة: أنَّها إلى جدِّه فُرهود، والنِّسبة إليه: فُرهوديٌّ، وفراهيديٌّ، و (وُهَيْبٌ) بعده: هو ابن خالد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ): هو منصور بن صفيَّة بنت شيبة بن عثمان، وهو منصور بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث، وتَقَدَّمَ الاختلاف في صحبة أمِّه مُطَوَّلًا في (الغسل) و (الجنائز).

==========

[ج 2 ص 471]

(1/9787)

[باب: {ليس على الأعمى حرج} ... ]

قوله: (بَابٌ: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} [النُّور: 61]): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ترجم له _يعني: للحديث المذكور في الباب_: «باب السويق»، ثُمَّ قال: موضع المطابقة من الترجمة وسط الآية؛ وهو قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} ... ، وذكر الحديث، وهو أصل في جواز أكل المُحَارَجة في حقِّ الأسخياء، لا السُّفهاء).

==========

[ج 2 ص 471]

(1/9788)

[حديث: خرجنا مع رسول الله إلى خيبر فلما كنا بالصهباء]

5384# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ سفيانَ بعد (عليِّ بن عبد الله) _هو ابن المدينيِّ_: ابنُ عيينة، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، و (بُشَيْر بْن يَسَارٍ): بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمة، و (يسار): بفتح الياء قبل السِّين.

قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر، والخلاف في تاريخها.

قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): تَقَدَّمَ ضبطها.

قوله: (قَالَ يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن سعيد الأنصاريُّ.

قوله: (عَلَى رَوْحَةٍ): هي بفتح الرَّاء، وإسكان الواو، وحاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ تاء، وهي المرحلة.

قوله: (فَمَا أُتِيَ): هو بِضَمِّ الهمزة، وكسر التَّاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (إِلَّا بِسَوِيقٍ [1]): تَقَدَّمَ ما (السَّوِيق).

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ فيه ثلاثَ لغات؛ (ولم يتوضَّ، ويتوضَّأْ، ويتوضَّا) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة المذكور في السَّند، و (سَمِعْتُهُ مِنْهُ)؛ يعني: من يحيى بن سعيد الأنصاريِّ.

قوله: (عَوْدًا وَبَدْءًا): هما مصدران، في موضع الحال؛ يعني: مرَّتين، و (بَدْءًا): بفتح الموحَّدة، وإسكان الدال المُهْمَلة، ثُمَّ همزة، مَنْصوبٌ مُنوَّن، وقد قَدَّمْتُ في أوَّله لِمَ ذاك، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9789)

[باب الخبز المرقق والأكل على الخوان والسفرة]

قوله: (وَالأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ): هو بكسر الخاء، ويُضمُّ، والإخوان: المائدة ما لم يكن عليها طعامٌ.

قوله: (وَالسُّفْرَةِ): أصل (السُّفرة): طعام المسافر، وسُمِّيت هذه الآلة التي يُعمَل فيها سفرةً؛ إذا كانت مِن جلدٍ، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 471]

(1/9790)

[حديث: ما أكل النبي خبزًا مرققًا ولا شاة مسموطة]

5385# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ): (خبَّاز أنس) لا أعرف اسمه.

==========

[ج 2 ص 471]

(1/9791)

[حديث: ما علمت النبي أكل على سكرجة قط]

5386# قوله: (عَنْ يُونُسَ _قَالَ عَلِيٌّ: هُوَ الإِسْكَافُ_): هذا هو يونس بنُ أبي الفرات، الإسكافُ البصريُّ، يروي عن الحسن وعمر بن عبد العزيز، وعنه: هشام الدَّستوائيُّ، والبرسانيُّ، أخرج له البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وهو ثقة، وقال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به؛ لغلبة المناكير في حديثه، وتعقَّبه الذَّهَبيُّ في «ميزانه» بأن قال: بل الاحتجاج به واجب؛ لثقته، وقوله: (قال عليٌّ: هو الإسكاف): يعني: أنَّ عليَّ بن عبد الله ابن المدينيِّ شيخَ البُخاريِّ في هذا الحديث نَسبَ يونسَ فقال: الإسكاف، وهذا توضيح مِن عليٍّ، لا من هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيِّ الرَّاوي عنه؛ فاعلمه، وقد سألني عن هذا المكانِ بعضُ مَن يقرأ «البُخاريَّ» بحلبَ، والله أعلم.

قوله: (عَلَى سُكُرُجَةٍ): قال ابن قُرقُول: (بِضَمِّ السين والكاف والراء قيَّدناه، وقال ابن مكِّيٍّ: صوابه بفتح الراء، وهي قصاع صغار يُؤكَل فيها، وليست بعربيَّة، فيها كبيرة وصغيرة، فالكبيرة تحمل قدر ستَّةِ أواقيَّ، وقيل: أربعة مثاقيل، وقيل: ما بين ثلثي أوقية؛ ومعنى ذلك: أنَّ العجم كانت تستعملها في الكواميخ وما أشبهها من الجوارشنات [1] على الموائد حول الأطعمة؛ للتَّشهِّي، فأخبر أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يأكل على هذه الصِّفة قطُّ، وقال الدَّاوديُّ: هي قصعة صغيرة مدهونة، قلت: ورأيت لبعضهم أنَّها قصعةٌ ذات قوائم مِن عود؛ كمائدة صغيرة)، انتهى، وفي «النهاية»: (هي بِضَمِّ السِّين والكاف والرَّاء والتَّشديد: إناء صغير يُؤكَل

[ج 2 ص 471]

فيه الشيء القليل من الأُدم، وهي فارسيَّة، وأكثر ما يُوضَع فيها الكواميخُ ونحوها)، وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ: (إنَّها بِضَمِّ السِّين والكاف وفتح الراء المُشَدَّدة، نقله عن شيخه أبي منصور اللُّغويِّ قال: وكان بعض أهل اللُّغة يقول: الصواب: أسكرَجة؛ بالألف، وفتح الرَّاء، وهي فارسيَّة مُعرَّبة، وترجمتها: مقرب الخلِّ، وقد تكلَّمت بها العرب).

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، ولغاتها.

قوله: (وَلَا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ): (خُبِزَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (مُرقَّق): مَرْفوعٌ مُنوَّن نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَلَا أَكَلَ عَلَى خِوَانٍ): تَقَدَّمَ ما (الخوان) قريبًا بلغاته.

==========

[1] في مصدره: (الجوارشات).

(1/9792)

[حديث: قام النبي يبني بصفية فدعوت المسلمين إلى وليمته]

5387# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): هو سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن مُحَمَّد بن سالم الجمحيُّ، تَقَدَّمَ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كثير المدنيُّ، و (حُمَيْدٌ): هو الطويل، وهو حميد بن أبي حميد، وهو حميد بن تير، ويقال: تيرويه.

قوله: (يَبْنِي بِصَفِيَّةَ): فيه ردٌّ على الجوهريِّ؛ حيث قال: وبنى على أهله: زفَّها، والعامَّة تقول: بنى بأهله، وهو خطأ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ ابن دريد حكى: بنى بأهله.

قوله: (فَبُسِطَتْ): هو بِضَمِّ الموحَّدة، وكسر السين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا): مَبْنيٌّ أيضًا.

قوله: (وَالأَقِطُ): تَقَدَّمَ ما هو بِلُغَتَيه.

قوله: (وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ أَنَسٍ): هو عمرو بن أبي عمرٍو، مولى المطَّلب بن عبد الله بن حنطب، وحديثه أسنده البُخاريُّ في (المغازي) وفي (البيوع) عن عبد الغفَّار بن داود، وفي (الجهاد) عن قتيبة، وفي (المغازي) عن أحمد عن ابن وهب؛ ثلاثتهم عن يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو به، وفي (الأطعمة) وفي (الدعوات) عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر، عن عمرٍو به بطوله، وأخرجه أبو داود في (الخراج) ببعضه.

فائدةٌ: من اسمه (عمرو) ويروي عن أنسٍ في الكُتُب السِّتَّة أو بعضِها: صاحب الترجمة عمرو بن أبي عمرو، وعمرو بن سعيد أبو سعيد القرشيُّ، ويُقال: الثقفيُّ مولاهم، وعمرو بن عامر الأنصاريُّ الكوفيُّ، وليس بوالد أسد بن عمرو، وعمرو بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاريُّ، وعمرو بن عبد الله الهمدانيُّ أبو إسحاق السبيعيُّ، وعمرو بن الوليد بن عبْدة السهميُّ المصريُّ، والله أعلم.

قوله: (صَنَعَ حَيْسًا): (الحَيْس): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو.

(1/9793)

[حديث أسماء: يا بني إنهم يعيرونك بالنطاقين ... ]

5388# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: هو [ابن] سلَام؛ بالتخفيف على الأصحِّ، قال شيخنا: كما نصَّ عليه أبو نعيم، وذكر الكلاباذيُّ أنَّ مُحَمَّد بن سلَام ومُحَمَّد بن المثنَّى يرويان عن أبي معاوية مُحَمَّدِ بن خازم الضرير، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه.

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ): (هشام) هذا: هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، وقد روى هذا الحديث عن أبيه عروة ووهب بن كيسان؛ كلاهما عن أسماء، والذي ظهر لي في الحكمة في أنَّه أعاد الجارَّ في قوله: (وعن وهب بن كيسان)، ولم يقل: عن أبيه ووهب بن كيسان: أنَّه سمعه منهما متفرِّقَين لا مجتمعَين، فلو لم يُعْدِ الجارَّ؛ لفُهِم منه أنَّه سمعه منهما في مجلسٍ مجتمعَين، والله أعلم.

قوله: (يَا بْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على (ذات النطاقين)، وما (النطاق).

قوله: (يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ): الأفصح تعديته بنفسه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (إِيهًا): هو بكسر الهمزة منوَّن، كلمة تصديق وارتضاء، ورُويَ: (إيهٍ)؛ وهي كلمة استزادة؛ ومعناه: زدني من هذا الكلام، وقد تأتي (إيهًا) بمعنى: كيف.

قوله: (تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا): وفي بعض النسخ: (فتلك شكاة ... ) إلى آخره، هذا عجز بيت من قصيد، أوَّل هذا البيت:

~…وَعَيَّرَهَا الوَاشُونَ أَنِّي أُحِبُّهَا…وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا

وهي لأبي ذُؤيب الهذليِّ في نسيبة [2] الهذليَّة، قاله شيخنا، وفي كلام ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة أسماء بنت أبي بكر، قال ما لفظه: لمَّا بلغ ابن الزُّبَير أنَّ الحَجَّاج يعيِّره بـ «ابن ذات النِّطَاقَين»؛ أنشد قول الهذليِّ، فذكر بيتين؛ البيت الأوَّل:

وَعَيَّرَهَا الوَاشُونَ .................

البيت، والبيت الثاني:

~…فَإِنْ أَعْتَذِرْ مِنْهَا فَإنِّي مُذْنِبٌ…وَإِنْ تَعْتَذِرْ تَرْدُدْ عَلَيْكَ اعتِذَارَهَا

ففي هذا الكلام أنَّه تمثَّل به ولم يبتدئه، وقال شيخنا: قال ابن قتيبة: لست أدري أخذ ابن الزُّبَير هذا من قول أبي ذؤيب أو ابتدأه؟ انتهى، وقد تَقَدَّمَ كلام ابن عَبْدِ البَرِّ، والله أعلم، و (ظاهرٌ) معناه: زائلٌ، قال الأصمعيُّ: ظهر عنه العار: زال وذهب؛ أي: لا عارَ عليَّ فيه.

(1/9794)

قوله: (وتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا): فإن كان ابتدأه؛ فـ (تلكَ) و (عنكَ) بفتح الكاف، يخاطِب نفسه، وهو في أصلنا بالفتح فيهما، وكذا أحفظه أنا في «الصَّحيح»، وإن كان تمثَّل به؛ فتُكسَر الكاف من (تلكِ)، وكسرها من (عنكِ)؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[2] في هامش (أ): (لعلَّه: نبيشة).

[ج 2 ص 472]

(1/9795)

[حديث: أن أم حفيد بنت الحارث بن حزن أهدت إلى النبي سمنًا .. ]

5389# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه _كما قال الدِّمْيَاطيُّ_: مُحَمَّد بن الفضل، الملقَّب بعارم، انتهى، و (أَبُو عَوَانَةَ) كما قال الدِّمْيَاطيُّ: إنَّه الوضَّاح بن عبد الله، انتهى، و (أَبُو بِشْرٍ): بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، قال الدِّمْيَاطيُّ: أبو بشرٍ جعفر بن إياس، انتهى.

قوله: (أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ): (أمُّ حُفَيد)؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وفتح الفاء، والباقي معروفٌ: هزيلة بنت الحارث بن حزن الهلاليَّة، من أخوات ميمونة، وسيأتي قريبًا ما وقع في «البُخاريِّ».

قوله: (وَأَقِطًا): تَقَدَّمَ ما هو بِلُغَتَيه.

قوله: (وَأَضُبًّا): جمع (ضبٍّ)، و (الضَّبُّ): دويبَّة معروفة مأكولة عند جماعة كبيرة، ومنع أكلها آخرون، وقد جوَّزت أكلَها السُّنَّةُ.

[ج 2 ص 472]

قوله: (فَأُكِلْنَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا قوله: (مَا أُكِلْنَ): مَبْنيٌّ أيضًا.

(1/9796)

[باب السويق]

قوله: (بَابُ السَّوِيقِ): تَقَدَّمَ ما (السويق).

==========

[ج 2 ص 473]

(1/9797)

[حديث: أنهم كانوا مع النبي بالصهباء وهي على روحة من خيبر]

5390# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، مشهورٌ، وقد قَدَّمْتُ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ (سليمان بن حرب) الراوي هنا إذا أطلق الرواية عن حمَّاد؛ فهو ابن زيد، وكذا إذا أطلقه عارم مُحَمَّد بن الفضل، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، أو عَفَّانُ، أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ حمَّاد بن سلمة علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعة، وأنَّ البُخاريَّ لم يروِ له في الأصول، و (يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، و (بُشَيْر بْن يَسَارٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمة، و (يسار): بتقديم المُثَنَّاة تحت.

قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): تَقَدَّمَ ضبطها وأين هي، وتَقَدَّمَ أنَّها على روحة من خيبر، وكذا هنا، و (الروحة): المرحلة؛ وهي المنقلة.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّه يجوز: (ولم يتوضَّ)، (ولم يتوضَّأْ)، (ولم يتوضَّا)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 473]

(1/9798)

[باب: ما كان النبي لا يأكل حتى يسمى له فيعلم ما هو]

قوله: (مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُسَمَّى لَهُ): قد يُستَشْكَل دخولُ النفي على النفي، وجوابه: أنَّ الثاني مؤكِّدٌ، والأصل: كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يأكل حتَّى يُسمَّى له، وقد ثبت في بعض الأصول: (ما كان يأكل حتَّى يُسمَّى له).

قوله: (حَتَّى يُسَمَّى لَهُ): (يُسمَّى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 473]

(1/9799)

[حديث: لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه]

5391# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيُّ): اسمه أسعد، له إدراكٌ، وُلِدَ في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، وسُمِّيَ باسم جدِّه لأمِّه أسعد بن زرارة النقيب، أرسل عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وروى عن أبيه، وعمر، وعائشة، وأبي هريرة، وجماعةٍ، وعنه: سعد بن إبراهيم، وأبو الزِّناد، والزُّهريُّ، ويحيى بن سعيد، وابناه مُحَمَّد وسهل ابنا أبي أمامة، وآخرون، قال جماعة: تُوُفِّيَ سنة مئة، أخرج له الجماعة.

قوله: (فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا): أي: مشويًّا، كما جاء في بعض الروايات: (بضبَّين مشويَّين)، وسيجيء في تبويب البُخاريِّ: (باب الشواء، [و] قول الله تعالى: فـ {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69 ٍ]؛ أَيْ مَشْوِيٍّ)، انتهى، وقوله: {حَنِيذ}: قيل: على الحجارة المحمَّاة بالنار، وقيل: هو الشواء المغموم، وقيل: هو الشواء الذي لم يبالغ في نُضْجِه، والله أعلم.

قوله: (قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ): كذا هنا (أختها حُفيدة)، والمعروف ما تَقَدَّمَ في الرواية: (أمُّ حُفيد)، وقد تَقَدَّمَ نسبُها.

قوله: (حَتَّى يُحَدَّثَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح الدال المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا قوله: (وَيُسَمَّى لَهُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ الْحُضُورِ): هذه (المرأة): في «صحيح مسلم»: (فنادت امرأة من نساء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّه لحمُ ضبٍّ ... )، ثُمَّ ساق مسلمٌ بعد ذلك بطرقٍ: (قالت له ميمونة: إنَّه لحم ضبٍّ)، وفي «الطَّبَرانيِّ الأوسط» أصرح منه عن ابن عَبَّاس قال: (أُتِيَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو في بيت ميمونة وعنده خالد بن الوليد بِلَحْمٍ، فقالت ميمونة: أخبروا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما هو ... )؛ الحديث.

قوله: (فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ): (أَجدُني): بفتح الهمزة، مضمومة الدال، ثُمَّ نون، ثُمَّ ياء الإضافة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَعَافُهُ): أي: أكرهُه.

(1/9800)

[باب: طعام الواحد يكفي الاثنين]

قوله: (بَابٌ: طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاِثْنَيْنِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: (إن قلت: كيف تطابق الترجمة الحديث، ومقتضاها أنَّ الواحد إذا قنع بنصف شبعة؛ توفَّر نصف طعامه للآخَر، والحديث لا يقتضي ذلك، وإنَّما يقتضي أنَّ الذي يمكنه تركه من شبعه إنَّما هو الثلث، وما يلزم من إمكان ترك [1] الثلث إمكان ترك النصف؛ لأنَّه تجحُّفٌ؟ قلت: قد ورد في حديثٍ بلفظ الترجمة، لكنَّه لم يوافق شرط البُخاريِّ، فاستُقرِئ معناه على الجملة من هذا الحديث، وإنَّ مَن أمكنه ترك الثلث؛ أمكنه ترك النصف؛ لتقاربهما، والله أعلم، انتهى، ولفظ الترجمة أخرجه التِّرْمِذيُّ وابن ماجه من حديث أبي الزُّبَير عن جابر مرفوعًا: «طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية»، وأخرجه مسلمٌ، وسند ابن ماجه ليس على شرطه، والله أعلم؛ لأنَّه من رواية أبي الزُّبَير عن جابر، والله أعلم، و (أبو الزُّبَير): مُحَمَّد بن مسلم بن تدرس، لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما قرنه.

قوله: (بَابٌ: طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاِثْنَيْنِ): أي: ما يشبعه يقوتُهما.

==========

[1] في (أ): (من ترك إمكان)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 473]

(1/9801)

[حديث: طعام الاثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي الأربعة]

5392# قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه كتابة وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسيأتي الكلام عليها في آخر هذا التعليق أيضًا.

قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالكٍ المجتهدِ، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وأنَّ (الأَعْرَجِ): عبد الرحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (كَافِي الثَّلَاثَةِ): (الثلاثةِ): بالجرِّ مضاف، وكذا (الأَرْبَعَةِ): بالجرِّ أيضًا؛ لأنَّه مضاف.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[ج 2 ص 473]

(1/9802)

[باب: المؤمن يأكل في معى واحد]

قوله: (فِي مِعًى وَاحِدٍ): (مِعًى): بكسر الميم، منوَّن، و (المعى): واحد (الأمعاءِ).

==========

[ج 2 ص 473]

(1/9803)

[حديث: المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء]

5393# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقبه (بُنْدَار)، و (عَبْدُ الصَّمَدِ): هو ابنُ عبد الوارث الحافظ الحجَّة، تَقَدَّمَ، و (وَاقِد بْن مُحَمَّدٍ): بالقاف.

قوله: (فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (لعلَّ هذا الرجلَ أبو نَهِيك المذكورُ في الثانية)، انتهى، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر من المصريِّين: (هو أبو نَهِيك، كما أخرجه المصنِّف من وجهٍ آخرَ)، انتهى، وأبو نَهِيك: لا أعرف ترجمته ولا اسمه.

قوله: (وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ): نظم هذه الأمعاءَ السبعةَ شيخُنا الحافظُ العراقيُّ، _وقد أنشدني ذلك_ فقال:

~…سَبْعَةُ أَمْعَاءٍ لِكُلِّ آدَمِي…مَعِدَةٌ بَوَّابُهَا مَعَ صَائِمِ

~…مَعَ الرَّقِيقِ أَعْوَرٌ قَيْلُونُ مَعْ…المُسْتَقِيمِ مَسْلَكِ المَطَاعِمِ

[ج 2 ص 473]

قال الجوهريُّ حين ذكر هذا الحديث: (فِي مِعًى) ما لفظه: وهو مَثَلٌ؛ لأنَّ المؤمن لا يأكل إلَّا من الحلال، ويتوقَّى الحرامَ والشُّبهة، والكافر لا يبالي بما أكل، ومن أين أكل، وكيف أكل، انتهى، وفي «النهاية»: هذا مَثَلٌ ضربه للمؤمن وزهدِه في الدنيا، والكافر وحرصه عليها، وليس معناه كثرة الأكلِ دون الاتِّساع في الدنيا، ولهذا قيل: الرُّغب شؤمٌ؛ لأنَّه يحمل صاحبَهُ على النار، وقيل: هو تخصيصٌ للمؤمن، وتحامي ما يجرُّه الشِّبَع من القسوة وطاعة الشهوة، ووصفَ الكافرَ بكثرة الأكل؛ إغلاظًا على المؤمن وتأكيدًا لما رُسِمَ له، وقيل: هو خاصٌّ في رجلٍ بعينِه كان يأكل كثيرًا، فأسلم، فقلَّ أكلُه، و «المعى»: واحد «الأمعاء»؛ وهي المصارينُ، انتهى.

فائدةٌ: هذا قاله عليه السلام في جهجاهِ بن مسعود، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: جهجاه بن سعد بن حرام هو صاحب حديث: «المؤمن يأكل في مِعًى واحدٍ»، وقيل: إنَّ ذلك قيل في غيره، انتهى، فقيل: إنَّه ثمامة بن أثال الحنفيُّ، ذكره ابن إسحاق، وقيل: بل هو أبو بصرة الغفاريُّ؛ قاله أبو عُبيد، وقيل: نضلة بن عمرو، وقيل: أبو غزوان؛ ذكرهما ابن بشكوال في «مبهماته» مع أبي بصرة وثمامة، وفي «مبهمات الخطيب»: (هذا الرجل أبو بصرة)، انتهى، وقد رأيت أنا ذلك في «مسند أحمد ابن حنبل» من حديثه، والله أعلم.

(1/9804)

[حديث: إن المؤمن يأكل في معى واحد]

5394# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأصحَّ فيه التخفيفُ، وتَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، وما يفصل النزاعَ فيه، و (عَبْدَةُ): بإسكان الموحَّدة، وهو عبْدة بن سليمان الكلابيُّ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ، تقدَّما، وهو (عُبَيْد اللهِ) المذكورُ بعده.

قوله: (لَا [2] أَدْرِي أيَّهُمَا قَالَ): (أيَّهما): بالنصب.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ): هو يحيى بن عبد الله بن بكير الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه الغالب أخذه ذلك عنه في حال المذاكرة.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَلا).

[ج 2 ص 474]

(1/9805)

[حديث: إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء]

5395# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (ابن المدينيِّ) _عليِّ بن عبد الله_ يكون ابن عيينة، و (عَمْرو) بعد (سفيان): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا قهرمان آل الزُّبَير، وقد تَقَدَّمَ هذا مرارًا.

قوله: (كَانَ أَبُو نَهِيكٍ): هو بفتح النون، وكسر الهاء، ثُمَّ مثناة تحت ساكنة، ثُمَّ كاف، ولا أعرف اسمه ولا ترجمته، والله أعلم، كما تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 474]

(1/9806)

[حديث: يأكل المسلم في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء]

5396# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وهو ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام، و (أَبُو الزِّنَادِ): بالنون، تَقَدَّمَ مِرارًا، واسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 2 ص 474]

(1/9807)

[حديث أبي هريرة: إن المؤمن يأكل في معى واحد]

5397# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمَه سلمانُ مولى عزَّة الأشجعيَّة.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ [1] كَثِيرًا، فَأَسْلَمَ، فَكَانَ يَأْكُلُ [2] قَلِيلًا): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه جهجاه، وقيل: ثمامة بن أثال، وقيل: أبو بصرة الغفاريُّ، وقيل غيرُهم ممَّن تَقَدَّمَ.

قوله: (وَالْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ): تَقَدَّمَ معناه أعلاه.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق): (أَكْلًا).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (أَكْلًا).

[ج 2 ص 474]

(1/9808)

[باب الأكل متكئًا]

قوله: (بَابُ الأَكْلِ مُتَّكِئًا:) ذكر الحديث الذي فيه: «لا آكل متَّكئًا»، اعلم أنَّ أكله عليه السلام متَّكئًا؛ هل هو حرام عليه أو مكروه، كما هو في حقِّنا؟ فيه وجهان لأصحاب الشَّافِعيِّ، أشبههما _كما قاله الرافعيُّ_ الثاني؛ يعني: أنَّه مكروه، وجزم بالأوَّل صاحبُ «التلخيص»؛ أي: لما فيه من الكِبر والعُجْب، وعُلِّل الأوَّل بأنَّه لم يثبت فيه ما يقتضي التحريم، واجتنابه عليه السلام الشيءَ واختيارُه غيرَه لا يدلُّ على كونه محرَّمًا عنده.

ثُمَّ ما المراد بـ (المتَّكئ) في الحديث؟ قال الخَطَّابيُّ: (المراد به هنا: الجالس المعتمد على وِطاءٍ تحته)، وأقرَّه البَيْهَقيُّ عليه في «سننه»، وكذا قال صاحبُ «الشفا»، فإنَّه فسَّره بما فسَّره به الخَطَّابيُّ، ثُمَّ قال: (وليس هو الميل إلى شقٍّ عند المحقِّقِين)، وكذا قال ابن دحية في «المستوفَى في أسماء المصطفى»: (إنَّ الاتِّكاء في اللغة هو التمكُّن في الأكل)، ونقل ابن قُرقُول الكلامَ المتقدِّم عن الخَطَّابيِّ، وأقرَّه عليه، وقال ابن الأثير في «نهايته»: (المتَّكئ في العربيَّة: كلُّ مَن استوى قاعدًا على وِطَاء متمكِّنًا، والعامَّة لا تعرف المتَّكئ إلَّا مَن مال في قعوده معتمدًا على أحد شقَّيه، والتاء فيه بدلٌ من الواو، وأصله من «الوكاء»؛ وهو ما يُشَدُّ به الكيس، كأنَّه أوكأ مقعدته وشدَّها بالقعود على الوِطاء التي تحته، ومعنى الحديث: إنَّي إذا أكلت؛ لم أقعد متمكِّنًا فعلَ من يريد الاستكثار منه، ولكن آكل بُلْغَةً، فيكون قعودي مستوفزًا، ومَن حمل الاتِّكاء على الميل إلى أحد الشقَّين؛ تأوَّله على مذهب الطبِّ؛ فإنَّه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلًا، ولا يُسيغه هنيًّا، وربَّما تأذَّى به) انتهى، وأنكر ابن الجوزيِّ المعتمد، وقال: (المراد به: المائل [1] على جنبٍ)، والله أعلم.

(1/9809)

[حديث: لا آكل متكئًا]

5398# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكين، و (مِسْعَرٌ) بعده: بكسر الميم وإسكان السين المُهْمَلة، ابن كدام، أبو سلمة الهلاليُّ الكوفيُّ العَلَمُ، و (أَبُو جُحَيْفَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الجيم، وفتح الحاء المُهْمَلة، واسمه وهب بن عبد الله، ويُقال: وهب بن وهب، السُّوائيُّ؛ من سواءة بن عامر بن صعصعة، تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 474]

(1/9810)

[حديث: لا آكل وأنا متكئ]

5399# قوله: (حَدَّثَنَا [1] جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم وكسر الراء، ابن عبد الحميد الضبِّيُّ، و (مَنْصُور) بعده: هو ابن المعتمر، و (أَبُو جُحَيْفَة): تَقَدَّمَ أعلاه.

[ج 2 ص 474]

قوله: (فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرف اسمه.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

(1/9811)

[باب الشواء]

قوله: (باب: الشِّوَاءِ، وَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: فـ {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69]): تَقَدَّمَ الكلام على {حَنيذ} قريبًا.

(1/9812)

[حديث: لا ولكنه لا يكون بأرض قومي فأجدني أعافه]

5400# قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّه] بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ): تَقَدَّمَ في ظاهرها.

قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الذي أتى به أمُّ حُفيد خالةُ ابن عَبَّاس وخالدٍ قريبًا.

قوله: (بِضَبٍّ): تَقَدَّمَ أنَّ (الضبَّ): دابَّةٌ معروفةٌ اختُلِف في أكلها، وجوَّزت السُّنَّةُ أكلَها.

قوله: (فَأَجِدُنِي): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا، وكذا (أَعَافُهُ)، ومعناه: أكرهه.

(1/9813)

[باب الخزيرة]

قوله: (الخَزِيْرَةِ): هي بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الزاي، ثُمَّ مثناة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، ثُمَّ تاء التأنيث، قال البُخاريُّ هنا: (قَالَ النَّضْرُ)؛ يعني: ابن شميل الإمام اللُّغَويَّ، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمته: (الْخَزِيرَةُ مِنَ النُّخَالَةِ، وَالْحَرِيرَةُ مِنَ اللَّبَنِ)، انتهى، و (الخزيرة) التي من النُّخَالة: بالخاء المُعْجَمة، كما قَدَّمْتُ ضبطه، والتي من اللَّبن بالحاء المُهْمَلة، والراء المكسورة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (الخزيرة: لحمٌ يقطع صِغارًا، ويُصَبُّ عليه ماءٌ كثير، فإذا نضج؛ ذُرَّ عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحمٌ؛ فهي عَصِيدةٌ، وقيل: إذا كان من دقيق؛ فهو حريرةٌ، وإن كان من نخالة؛ فهي خزيرة، والتلبينة والتلبين: حساء [1] يُعمَل من دقيقٍ أو نخالة، وربَّما جُعِل فيها عسلٌ، سُمِّيَت تشبيهًا باللبن؛ لبياضها ورقَّتها، وقيل: دقيقٌ ولبن)، انتهى، وما قاله أخذه من ابن الأثير، أمَّا الكلام على (الخزيرة)؛ فبالحروف، وأمَّا الكلام على (التلبينة)؛ فبالحروف أيضًا، غير أنَّه زاد عليه قوله: (وقيل: دقيق ولبن)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الخزيرة) في أوائل هذا التعليق، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (فحساء)، والمثبت من حاشية الدمياطيِّ.

[ج 2 ص 475]

(1/9814)

[حديث عتبان: أين تحب أن أصلي من بيتك.؟]

5401# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وأنَّ (بُكَيرًا) بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، وأنَّ (عُقَيلًا): بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (مَحْمُود بْن الرَّبِيع): تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، وأنَّ له رؤيةً، وهو خزرجيٌّ، وقد عَقِل المجَّة وهو ابن خمس سنين، أو أربع سنين، في (كتاب العلم) في (باب متى يصحُّ سماع الصبيِّ)، وتَقَدَّمَ (عِتْبَان بْن مَالِكٍ): الخزرجيُّ السالميُّ البدريُّ، وأنَّه تُوُفِّيَ زمان معاوية.

قوله: (فَوَدِدْتُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الدَّال الأولى، مضموم تاء المُتكلِّم.

قوله: (وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ): (حبسناه)؛ أي: أخَّرناه، و (الخزير): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أيضًا.

قوله: (فَثَابَ فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ): (ثاب)؛ بالثاء المُثلَّثة في أوَّله؛ أي: اجتمع، وقد تَقَدَّمَ، و (أَهْل الدَّارِ): المحلَّة، تَقَدَّمَ، والقائل (أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ؟): تَقَدَّمَ أنيَّ لا أعرفه، وتَقَدَّمَ الكلام على (مالك)، واللُّغات في (الدُّخْشُن)، وكذا تَقَدَّمَ القائل (ذَاكَ [1] مُنَافِقٌ): أنيَّ لا أعرفه، وأنَّ شيخنا قال: (إنَّه عتبان بن مالك)، وتَقَدَّمَ ما في ذلك، وقال هنا بعضُ حفَّاظ هذا العصر ما لفظه: (تَقَدَّمَ في «الصَّلاة» أنَّ بعضهم قال: إنَّ القائل هو عتبان بن مالك) انتهى، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْحُصَيْن بْن مُحَمَّدٍ): وأنَّه بِضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلتين، وأنَّه شبهُ مجهولٍ، وهو مُحتجٌّ به في «البُخاريِّ» و «مسلم»، في (باب المساجد في البيوت)، قال الذَّهَبيُّ: (لا يَكاد يُعرَف)، وتَقَدَّمَ الكلام على (سَرَاتِهِمْ)، وذكرت كلام السُّهَيليِّ مع كلامه مع النحُّاة وغيرهم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (ذلك).

[ج 2 ص 475]

(1/9815)

[باب الأقط]

قوله: (بَابُ الأَقِطِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وما هو بلُغَتَيه.

قوله: (وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ ... ) إلى آخره: هذا هو عمرو بن أبي عمرٍو، مولى المطَّلب بن عبد الله بن حنطب، يروي عن أنسٍ وعكرمة، وعنه: مالكٌ، والدَّراورديُّ، وعِدَّة، صدوق، قال ابن معين وأبو داود: ليس بالقويِّ، وقال أحمد: ليس به بأسٌ، قال ابن سعد: (تُوُفِّيَ في أوَّل خلافة المنصور)، قال النَّسَائيُّ في «الصغرى»: ليس هو بالقويِّ وإن كان قد روى عنه مالك، له ترجمة في «الميزان»، وقد قدَّمته، أخرج له الجماعة، وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ وأبو داود.

قوله: (حَيْسًا): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو غيرَ مَرَّةٍ قريبًا وبعيدًا.

(1/9816)

[حديث: أهدت خالتي إلى النبي ضبابًا وأقطًا ولبنًا]

5402# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، الحافظ، و (أَبُو بِشْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وأنَّه جعفر بن أبي وحشيَّةَ إياسٍ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (أَهْدَتْ خَالَتِي): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ حُفَيد بنت الحارث بن حَزَن، ووقع في هذا «الصَّحيح» قريبًا أنَّها حُفَيدة، وليس بمعروف، وقَدَّمْتُ أنَّ اسمها هُزَيلة.

قوله: (فَوُضِعَ الضَّبُّ): (وُضِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الضَّبُّ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعلِ.

==========

[ج 2 ص 475]

(1/9817)

[باب السلق والشعير]

(1/9818)

[حديث: إن كنا لنفرح بيوم الجمعة كانت لنا عجوز تأخذ]

5403# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وأنَّه بِضَمِّ الموحَّدة وفتح الكاف، وتَقَدَّمَ (أَبُو حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المُهْمَلة،

[ج 2 ص 475]

وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ): تَقَدَّمَ أنَّي لا أعرف اسم هذه العجوز.

(1/9819)

[باب النهس وانتشال اللحم]

قوله: (بَابُ النَّهْشِ): هو بالإعجام في أصلنا، قال الدِّمْيَاطيُّ: («النَّهس»؛ _يعني: بالإهمال_: الأخذ بأطراف الأسنان، و «النَّهش» _يعني: بالإعجام_: الأخذ بجميعها) انتهى، وهذا قول في ذلك، وقال ابن قُرقُول في (نهس منها نَهْسَةً): (بالسِّين والشِّين ... ) إلى أن قال: (ومعناهما واحدٌ، وقيل: بالمُهْمَلة: الأخذ بأطراف الأسنان، وبالمُعْجَمة: بالأضراس، وقال الخَطَّابيُّ: بالعكس، وقال ثعلب: «النَّهس: سرعة الأكل»)، وقد تَقَدَّمَ ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَانْتِشَالِ اللَّحْمِ): قال ابن قُرقُول: (وانتشل عرقًا؛ أي: رفعه، وأخرجه، وقيل: نهشه بفمه وبعرقه) انتهى، ومعنى (انتشال اللَّحم): أخذه مِن القِدر قبل النُّضج؛ قاله ابن الأثير بمعناه.

==========

[ج 2 ص 476]

(1/9820)

[حديث: تعرق رسول الله كتفًا ثم قام فصلى ولم يتوضأ]

5404# 5405# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو ابن زيد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): بعده هو ابن سيرين، وليس لابن سيرين مُحَمَّدٍ عن ابن عَبَّاس في «البُخاريِّ» غيرُ هذا الواحد، وليس هو في «مسلم»، إذا علمتَ ذلك؛ فاعلم [أنَّ] أحمد ابن حنبل وعليَّ ابن المَدينيِّ قالا: لم يسمع مُحَمَّد بن سيرين من ابن عَبَّاس شيئًا، قال أحمد: (إنَّما يقول: نُبِّئتُ عن ابن عَبَّاس)، وقد سمع مَن سمع عن ابن عَبَّاس؛ إنَّما سمعه مِن عكرمة، لقيه أيَّام المختار بالكوفة، نقل ذلك شيخ شيوخي الحافظُ صلاح الدين العلائيُّ في كتابه «المراسيل»، ونقل شيخنا الشارح عن ابن بَطَّال الجزمَ بأنَّه لا يصحُّ له سماع منه، والله أعلم، وهذا مكان حسن، وقد ذكره المِزِّيُّ والذَّهَبيُّ في ترجمة مُحَمَّد بن سيرين أنَّه روى عن ابن عَبَّاس، ونقلا بعد ذلك كلامَ أحمد، ثُمَّ قالا: وقال خالد الحَذَّاء: (كلُّ شيء يقول: نُبِّئت عن ابن عَبَّاس؛ إنَّما سمعه من عكرمة أيَّام المختار)، وقال الذَّهَبيُّ: (قلت: وذلك في حياة ابن عَبَّاس) انتهى، وأنا أستبعد دخول مثل ذلك على البُخاريِّ مع اشتراطه اللُّقيَّ، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين ما لفظه: (لم يعتمدِ البُخاريُّ على طريق ابن سيرين عن ابن عَبَّاس، ولم يخفَ ذلك عليه، وهو مِن تنبيهات شيخه عليِّ ابن المدينيِّ، بل اعتمد على إسناد أيُّوب وعاصم عن عكرمة، ورمز إلى صحَّة ما قال خالد الحَذَّاء: إنَّ راوية ابن سيرين، عن ابن عَبَّاس هي من حديث عكرمة)، انتهى.

تنبيهٌ: ولأجلِ ما قِيل في ذلك عقَّبه البُخاريُّ بقوله: (وعن أيُّوب)؛ يعني: بالسَّند المُتقدِّم، وهو عبد الله بن عبد الوهَّاب، عن حمَّاد، عن أيُّوبَ وعاصم _يعني: ابن سُليمان الأحول_ عن عكرمة، عن ابن عَبَّاس، قال: (انتشل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عَرْقًا)، والله أعلم.

قوله: (تَعَرَّقَ النَّبيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يأتي الكلام عليه قريبًا.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّه يجوز فيه: (ولم يتوضَّ)، (ولم يتوضَّأْ)، (ولم يتوضَّا)؛ ثلاثة ضبوط، مُطَوَّلًا.

قوله: (انْتَشَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرْقًا): تَقَدَّمَ معنى (انتشل) أعلاه.

(1/9821)

قوله: (عَرْقًا): هو بفتح العين المُهْمَلة، وإسكان الرَّاء [2]، وبالقاف: هو العظم بما عليه مِن بقيَّة اللَّحم يقال: عرَّقتُه، وتعرَّقتُه، واعترقتُه؛ إذا أكلتَ ما عليه بأسنانك، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (العَرْق).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).

[2] في (أ): (العين)، وهو سبق قلم.

[ج 2 ص 476]

(1/9822)

[باب تعرق العضد]

قوله: (بَابُ تَعَرُّقِ الْعَضُدِ): تَقَدَّمَ ما (التعرُّق) أعلاه.

==========

[ج 2 ص 476]

(1/9823)

[حديث: خرجنا مع النبي نحو مكة]

5406# 5407# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّه] بِضَمِّ الفاء وفتح اللَّام، وأنَّه ابن سُليمان، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (أَبُو حَازِمٍ) بعده: بالحاء المُهْمَلة سلمة بن دينار، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّمَ أنَّ أبا قتادة الحارث بن ربعيٍّ، وقيل فيه غير ذلك، فارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (نَحْوَ مَكَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا كان في عمرة الحديبية، وأنَّها كانت في ذي القعدة سنة ستٍّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسيأتي في الكلام عليها أيضًا في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كثير، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلَمةُ بن دينار، و (أَبُو قَتَادَةَ): الحارث بن ربعيٍّ، وقيل غير ذلك.

قوله: (السَّلَمِيِّ): هو بفتح السِّين واللَّام؛ نسبةً إلى بني سلِمة؛ بكسر اللَّام، ويجوز كسر اللَّام أيضًا في النَّسب، على لغة، وأهل العربيَّة يفتحون؛ لكراهة توالي الكسرات؛ كنمَرِيٍّ، وشَقَرِيٍّ، وصَدَفِيٍّ، وأهل الحديث يكسرونها؛ قاله ابن السَّمعانيِّ، قال ابن الصَّلاح في «علومه»: (وأكثر أهل الحديث يقولونه بكسر اللَّام على الأصل، وهو لحنٌ)، واقتصر ابن باطيش في «مشتبه النِّسبة» على كسر اللَّام، وجعل المفتوح نسبة إلى سَلَمِيَّة مِن عَمل حماةَ.

قوله: (وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ): تَقَدَّمَ الكلام على عدم إحرام أبي قتادة في (الحجِّ) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم فرسه الجرادةُ.

قوله: (فَعَقَرْتُهُ): تَقَدَّمَ معناه.

قوله: (شَكُّوا): هو بتشديد الكاف، من الشكِّ المعروف، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بإسكان الكاف، والضمير مَرْفوعٌ فاعل، و (رسولَ): مَنْصوبٌ مفعول.

قوله: (حَتَّى تَعَرَّقَهَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

(1/9824)

قوله: (قَالَ مُحَمَّدُ [2] بْنُ جَعْفَرٍ): كذا في الأصل، وعلى (مُحَمَّد) علامة نسخة، بقي: (قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: وَحَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: مِثْلَهُ)، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ مثل ما في أصلنا القاهريِّ: (وقال مُحَمَّد بن جعفر)، من غير تردُّد، (ابن جعفر) وقع في الأصيليِّ والقابسيِّ عن المروزيِّ: (قال أبو جعفر) مُكَنًّى، وهو وَهَمٌ، وإنَّما هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كثير الذي تَقَدَّمَ في السَّند، وكذا قال ابن السَّكن في روايته: هو أخو إسماعيل بن جعفر المدنيُّ؛ قاله الغسَّانيُّ في «تقييده»، والله أعلم، وهذا ليس تعليقًا، وإنَّما رواه البُخاريُّ بالسَّند المُتقدِّم: (عن عبد العزيز بن عبد الله، عن مُحَمَّد بن جعفر)، ورواه مُحَمَّد بن جعفر بسندَين؛ الأوَّل: عن أبي حازم، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، والثاني: عن مُحَمَّد بن جعفر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي قتادة، وقوله: (مثلَهُ): مَنْصوبٌ؛ أي: مثل الحديث الذي قبله، والله أعلم.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] (محمَّد): ليس في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

[ج 2 ص 476]

(1/9825)

[باب قطع اللحم بالسكين]

قوله: (بَابُ قَطْعِ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ): إنَّما بوَّب بهذا؛ ردًّا على الحديث الذي جاء فيه النَّهْي عن قطع اللَّحم بالسِّكِّين، فإنَّه مِن صنيع الأعاجم، والمراد: المطبوخ، وهو في «أبي داود» من حديث عائشة رضي الله عنها، تعقَّبه المِزِّيُّ في «أطرافه» بقوله: قال النَّسَائيُّ: (أبو معشر له أحاديثُ مناكيرُ؛ منها: هذا، ومنها: حديث أبي هريرة: ما بين المشرق والمغرب قبلةٌ) انتهى، قال النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في (الوضوء ممَّا مسَّت النَّار): (قالوا: ويُكرَه قطع اللَّحم بالسِّكِّين من غير حاجة) انتهى،

[ج 2 ص 476]

وقال شيخنا في «شرح هذا الكتاب» في (الجهاد): (إنَّما يُكرَه قطعُ الخبز بالسِّكِّين، ففي «شُعَب الإيمان» للبيهقيِّ مِن حديث أمِّ سلمة: (لا تقطعوا الخبز بالسِّكِّين، كما تفعله الأعاجم) انتهى، وما في «الصَّحيح» هو الصَّحيح، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر: (حديث النَّهْي عن قطع اللَّحم بالسِّكِّين أقوى من حديث النَّهْي عن قطع الخبز فقوله: «إنَّما» حصرٌ مُعترَضٌ)، انتهى.

(1/9826)

[حديث عمرو بن أمية: رأى النبي يحتز من كتف شاة]

5408# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ): (دُعِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ فيه ثلاثةَ ضبوطٍ: (ولم يتوضَّ)، (ولم يتوضَّأْ)، (ولم يتوضَّا) مُطَوَّلًا.

==========

[ج 2 ص 477]

(1/9827)

[باب: ما عاب النبي طعامًا]

(1/9828)

[حديث: ما عاب النبي طعامًا قط إن اشتهاه أكله.]

5409# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وقد قَدَّمْتُ مدركي في ذلك، وهو أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر الثَّوريَّ في مشايخ مُحَمَّد بن كثير، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، والذَّهَبيُّ في «تذهيبه» ذكر في مشايخ مُحَمَّد بن كثير سفيانَ، وأَطلَق، فحملت المُطلَق على المُقيَّد، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو حَازِمٍ): سلمان مولى عزَّة الأشجعيَّة، تقدَّموا.

==========

[ج 2 ص 477]

(1/9829)

[باب النفخ في الشعير]

(1/9830)

[حديث: هل رأيتم في زمان النبي النقي؟]

5410# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [1] سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء: سلمة بن دينار.

قوله: (النَّقِيَّ): هو بفتح النُّون، وكسر القاف، وتشديد الياء، وهو الحُوَّارَيُّ، و (الحُوَّارَيُّ)؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وتشديد الواو، وفتح الرَّاء، وهو الدَّرْمَك.

==========

[1] زيد في (أ): (أنَّه)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 477]

(1/9831)

[باب ما كان النبي وأصحابه يأكلون]

(1/9832)

[حديث: قسم النبي يومًا بين أصحابه تمرًا فأعطى]

5411# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل، ولقبُ مُحَمَّدٍ عارمٌ، و (عَبَّاس الْجُرَيْرِي [1]): بالموحَّدة، والسين المُهْمَلة، وهو العَبَّاس بن فرُّوخ الجُريريُّ؛ بِضَمِّ الجيم، بصريٌّ، عن أبي عثمان النَّهديِّ وعمرو بن شعيب، وعنه: شعبة والحمَّادان، ثقةٌ، مات كهلًا بعدَ العشرين ومئة، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، و (أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمَتْ اللُّغات في (مَلٍّ).

قوله: (فَأَعْطَانِي سَبْعَ تَمَرَاتٍ): كذا هنا، وذكر بعد ذلك أنَّه أعطاه خمسًا، قال شيخنا: (قال ابن التِّين: فإمَّا أن تكون إحداهما فيها وَهَم، أو كان مرَّتين)، انتهى، ويحتمل أن السَّبع مِن نوعين، والخمس مِن نوعٍ واحدٍ، والله أعلم.

قوله: (إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ): قال ابن قُرقُول: (بفتح الشين، واحدة «الحشف»، وقيل: معناه: صُلبةٌ، وهذا إنَّما يصحُّ على تسكين الشِّين، والمُتحشِّف: المتقبِّض) انتهى، وفي «النهاية»: (الحشف: اليابس الفاسد مِن التمر، وقيل: الضَّعيف الذي لا نوى له؛ كالشِّيص).

قوله: (أَعْجَبَ): مَنْصوبٌ خبر (كان)، و (تَمْرَةٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّنٌ، الاسمُ.

قوله: (فِي مَضَاغِي): قال ابن قُرقُول: («في مِضاغي»، وعند الأصيليِّ: بفتح الميم)، انتهى، وهو في أصلنا: بفتح الميم وكسرها بالقلم، وعلى كلٍّ واحدٍ منهما: (صح)، وفي «النِّهاية»: («المَضاغ»؛ بالفتح: الطَّعام يُمضَغ، وقيل: هو المَضغُ نفسُه، يقال: لقمة ليِّنة المضاغ، وشديدة المضاغ؛ أراد أنَّها كان فيها قوَّةٌ عند مضغها)، انتهى.

(1/9833)

[حديث: رأيتني سابع سبعة مع النبي ما لنا طعام إلا ورق الحبلة]

5412# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنديُّ، وقد تَقَدَّمَ، و (وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، و (إِسْمَاعِيلَ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (سَعْد): هو ابن أبي وقَّاصٍ مالكِ بن أُهَيب، ويقال: وُهَيب، أحد العشرة.

تنبيهٌ: تَقَدَّمَ أنَّ (قيسًا) هذا: هو ابن أبي حازم، وأنَّ (سعدًا): هو أحد العشرة، ابنُ أبي وقَّاص، ووقع في «شرح شيخنا»: (قيس بن سعد عن أبيه)؛ فذكره، فاجتنبه، وأنَّه ظنَّه قيس بن سعد بن عبادة بن دُلَيم، ثُمَّ تنبَّه شيخنا في الكلام عليه، ولم يغيِّره، وهذا الحديث ذكره أصحاب الأطراف في ترجمة قيس بن أبي حَازم عن سعد بن أبي وقَّاص، وليس بسعد بن أبي وقَّاص ابنٌ يُقال [له]: قيسٌ، وله عدَّة أولاد ذكرهم ابن الجوزيِّ وغيرُه؛ فاعلمْه واجتنبْه، والله أعلم.

قوله: (رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ): هو بِضَمِّ التَّاء من (رأيتُني)، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ): قال ابن قُرقُول: («الحُبْلة»؛ بِضَمِّ الحاء، وسكون الموحَّدة: كذا هو في «مسلم»؛ وهو السَّمُر، كذا هو عند عامَّة الرواة، وعند التَّميميِّ والطَّبريِّ وقال: السَّمُر، وعند البُخاريِّ: ورق السَّمُر، قال ابن الأعرابيِّ: «الحبلة»: ثمر السَّمُر، تشبه اللُّوبياء، وقيل: ثمر العِضاه، والأوَّل هو المعروفُ، وضبطه الإمام الأصيليُّ في «كتاب الرَّقائق»: «الحَبُلة»، ورأيتُ بعضَهم صوَّبه)، انتهى، وفي «النِّهاية»: (بِضَمِّ الحاء، وسكون الباء، وفسَّره: ثمر السَّمُر، وقيل: ثمر العِضاه)، ثُمَّ قال ابن قُرقُول: (وفي «كتاب الأطعمة»: «الحُبلة أو الحَبَلة»، ولم يكن عند الأصيليِّ في الأولى إلَّا ضمَّةٌ واحدةٌ، والذي ذكرناه أوَّلًا ذكره أبو عُبَيد، وكذلك قيَّدناه)، انتهى.

قوله: (أَوِ الْحَبَلَةِ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وفي الموحَّدة الفتحُ، وربَّما سُكِّنت: الأصل أو القضيب من شجر الأعناب، وفي أصلنا تجاه (أو الحبلة) ما لفظه: (ورق الكرم) انتهى.

قوله: (بَنُو أَسَدٍ): هو بفتح السين، تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب سعد بن أبي وقَّاص).

قوله: (تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلَامِ): تَقَدَّمَ معناه في (مناقب سعد بن أبي وقَّاص).

(1/9834)

[حديث: ما رأى رسول الله النقي من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله]

5413# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): هذا هو يعقوب بن عبد الرَّحمن القاريُّ، و (أبو حَازم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (النَّقِيَّ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه وما هو.

قوله: (مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللهُ): يجوز في (حينَ) الفتح، وهو أفصح، ويجوز الكسر، والله أعلم.

[ج 2 ص 477]

قوله: (مُنْخُلًا): هو بِضَمِّ الميم والخاء، ويجوز فتحها: ما يُنخَل به، وهو أحد ما جاء في الأدوات، على (مُفْعُلٍ)، و (المُنخَلُ) لغةٌ فيه، قاله الجوهريُّ.

قوله: (مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللهُ): يجوز في (حين) الفتح، وهو أفصح، ويجوز الكسرُ، كما تَقَدَّمَ في التي قبلها.

قوله: (ثَرَّيْنَاهُ): هو بتشديد الرَّاء؛ أي: ندَّيناه بالماء، فصيَّرناه كالثَّرى، وهو التُّراب النَّدِيُّ.

(1/9835)

[حديث: خرج رسول الله من الدنيا ولم يشبع من الخبز الشعير]

5414# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الراء، وحكى بعضهم ضمَّها؛ و (عُبَادة) بِضَمِّ العين وتخفيف الموحَّدة، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام.

قوله: (مَرَّ بِقَوْمٍ): هؤلاء (القوم) لا أعرفهم.

قوله: (مَصْلِيَّةٌ): هي بفتح الميم، وإسكان الصَّاد، وبعد اللَّام المكسورة مثنَّاةٌ تحت مُشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: مشويَّة، صَليْتُها: شَويْتُها.

==========

[ج 2 ص 478]

(1/9836)

[حديث: ما أكل النبي على خوان ولا في سكرجة]

5415# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذٌ): هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، و (يُونُس): هو ابن أبي الفرات، الإسكاف البصريُّ، تقدَّموا.

قوله: (عَلَى خِوَانٍ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الخِوان) بلغتيه، وكذا (السُّكْرُجَة) بلغاتها، وما هي، وكذا (السُّفَر): واحدها (سُفرة)، تَقَدَّمَتْ.

==========

[ج 2 ص 478]

(1/9837)

[حديث: ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال]

5416# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ، القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّ المراد بـ (آله): أهل بيته؛ أزواجُه وأتباعُهنَّ، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى قُبِضَ): هو بِضَمِّ القاف، وكسر الموحَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9838)

[باب التلبينة]

قوله: (بَابُ التَّلْبِينَةِ): هي بفتح المُثَنَّاة فوقُ، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، تَقَدَّمَ في (باب الخزيرة) كلامُ الدِّمْيَاطيِّ على (التَّلبينة) ما هي، وذكر فيها قولين، وقال ابن قُرقُول: (حساء مِن دقيق أو نخالة، سُمِّيت من اللَّبن؛ لبياضها، وقد يُجعَل فيها اللَّبنُ والعَسل)، انتهى، وقال ابن قَيِّم الجَوزيَّة في «الهَدْي» لمَّا ذكر الأحاديث التي فيها ذكر التَّلبينة: («التَّلبين»: هو الحساء الرَّقيق الذي هو في قوام اللَّبن، ومنه اشتُقَّ اسمُه، قال الهرويُّ: سُمِّيت تلبينةً؛ لشبهها باللَّبن؛ لبياضها ورقَّتها، وهذا الغذاء النَّافع للعليل، وهو الرَّقيق النَّضيج، لا الغليظ النَّيْء، وإذا شئتَ أنْ تعرف فضل التَّلبينة؛ فاعرف فضل ماء الشَّعير، بل هي ماء الشَّعير لهم، فإنَّها حساء مُتَّخذ مِن دقيق الشَّعير، والفرق بينها وبين ماء الشعير أنَّه يُطبَخ صحاحًا، والتَّلبينة تُطبَخ منه مطحونًا، وهي أنفع منه؛ لخروج خاصِّيَّة الشَّعير بالطَّحن، وقد تَقَدَّمَ أنَّ للعادات تأثيرًا في الانتفاع بالأدوية والأغذية، وكانت عادة القوم أنْ يتَّخذوا ماء الشعير منه مطحونًا، لا صِحاحًا، وهو أكثر تغذيةً وأقوى فعلًا، وأعظم جِلاءً، وإنَّما اتَّخذه أطبَّاء المدن منه صحاحًا؛ ليكون أرقَّ وألطفَ؛ فلا يثقل على طبيعة المريض، وهذا بحسب طبائع أهل المدن ورَخاوتها، وثقل ماء الشعير المطبوخ عليها ... ) إلى آخر كلامه، والله أعلم.

(1/9839)

[حديث: التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن]

5417# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّه بِضَمِّ الموحَّدة وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيل): بِضَمِّ العين وفتح القاف، ابنُ خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا): هو بالنَّصب، و (خاصَّتها): معطوف عليه، ويجوز (أهلُها) بالرَّفع [1]، و (خاصَّتُها): معطوف عليه، والله أعلم.

قوله: (بِبُرْمَةٍ): تَقَدَّمَ [ما] (البُرْمةُ)، وتَقَدَّمَ ما (التَّلْبِينَة).

قوله: (فَطُبِخَتْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (صُنِعَ): مَبْنيٌّ أيضًا، و (ثَرِيدٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّن، نائب مناب الفاعل، وكذا (فَصُبَّتِ): مَبْنيٌّ أيضًا، و (التَّلْبِينَةُ): مَرْفوعٌ، نائب مناب الفاعل.

قوله: (مَجمَّةٌ): قال ابن قُرقُول: (بفتح الجيم وكسرها مع فتح الميم، فإن ضممْتَ الميم؛ كسرتَ الجيم لا غيرُ، وفي حديثٍ آخرَ: «تَجمُّ فؤادَ الحَزِين»؛ أي: تُريحه، وقيل: تفتَحه، وقيل: تجمَعه)، انتهى، وقال ابن القَيِّم في (مَجمَّة): (تُروَى بوجهين؛ بفتح الميم والجيم، وبضمِّ الميم وكسر الجيم، والأوَّل أشهر، ومعناه: أنَّها مُريحة له؛ أي: تريحه وتُسكنه، مِن الإجمام؛ وهو الراحة)، وذكر شيخنا عن ابن بَطَّال أنَّه قال: (ويُروى: «تخمُّ»؛ يعني بالخاء المُعْجَمة، قال: ومعنى «تخمُّ»: تنقِّي، والمِخمَّة: المِكنسة، ثُمَّ ذكر مِن هذه المادة حديث: «صادق اللِّسان المخموم القلب») انتهى.

(1/9840)

قوله: (تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ): قال ابن القَيِّم في «الهدْي»: (هذا _والله أعلم_ لأنَّ الغمَّ والحزن يُبرِّدان المزاج، ويُضعِفان الحرارة الغريزيَّة؛ لميل الرُّوح الخامل لها إلى جهة القلب الذي هو منشؤها، وهذا الحساء يقوِّي الحرارة الغريزيَّة، بزيادة في مادتها، فتزيل أكثر ما عرض له مِن الغمِّ والحزن، وقد يقال _وهو أقرب_: إنَّها تُذهِب ببعض الحزن بخاصِّيَّةٍ فيها من جنس خواصِّ الأغذية المُفرِحة، فإنَّ مِن الأغذية ما يُفرِح بالخاصِّيَّة، والله أعلم، وقد يقال: قِوى الحزين تضعف باستيلاء اليُبس على أعضائه وعلى معدته خاصَّة لتقليل الغذاء، وهذا الحساء يرطِّبها ويقوِّيها ويغذِّيها، وتفعل مثل ذلك في فؤاد المريض، لكنَّ المريض كثيرًا ما يجتمع في معدته خلطٌ مراريٌّ أوبلغميٌّ وصديديٌّ، وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة، ويسروه، ويحدره، ويمنعه، ويعدل كيفيَّته، ويكسر سَورته؛ فيُريحها ولا سيَّما لمن عادته الاغتذاء بخبز الشَّعير، وهي عادة أهل المدينة إذ ذاك، وكان هو غالبَ قُوْتِهم، وكانت الحنطةُ عزيزةً عندهم، والله أعلم)، انتهى.

(1/9841)

[باب الثريد]

[ج 2 ص 478]

قوله: (بَابُ الثَّرِيدِ): ذكر حديث: «كفضل الثَّريد على سائر الطَّعام»، قال ابن الأثير لمَّا ذكر هذا الحديث: (لم يُرِدْ عينَ الثَّريد، وإنما أراد الطَّعام المُتَّخذ من اللَّحم والثَّريد معًا؛ لأنَّ الثَّريد غالبًا لا يكون إلَّا مِن لحم، والعرب قَلَّمَا تتَّخذ طبيخًا ولا سيَّما بلحم، ويقال: الثَّريد: أحد اللَّحمين، بل اللَّذَّة والقوَّة؛ إذا كان اللَّحم نضيجًا في المرق أكثر ممَّا في نفس اللَّحم)، انتهى، وهذا تَقَدَّمَ، وكذا قال ابن قَيِّم الجَوزيَّة في «الهدْي»، ولفظه: (الثَّريد: الخبز واللَّحم، وأنشد قولَ الشاعر: [من الوافر]

~…إِذَا مَا الخُبْزُ تَأْدَمُه بِلَحْمٍ…فَذَاكَ أَمَانَةُ اللهِ الثَّرِيدُ

انتهى، وقال الجوهريُّ: (ثردت الخبزَ ثَرْدًا؛ كسرتُه؛ فهو ثريدٌ ومثرودٌ، والاسم: الثُّردة؛ بالضَّمِّ، وكذلك أثردتُ الخبزَ)، وفي «القاموس»: (ثرد الخبز: فتَّه، كـ «اتَّرده» و «اثَّرَدَه»؛ على «افتَعَله»؛ بالتَّاء والثَّاء)، انتهى، ورأيتُ في بعض التَّفاسير أنَّ (الثَّريد): الخبزُ والتَّمر.

(1/9842)

[حديث: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم]

5418# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بُنْدَار، وهو لقبٌ له، وتَقَدَّمَ ما معنى (بُنْدَار)، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطُه مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (عَمْرو بْن مُرَّةَ الْجَمَلِي): بفتح الجيم والميم، منسوب إلى جملٍ؛ فخذٌ مِن مراد، وقيل فيه: الجهنيُّ، وهو خطأ، و (مُرَّة الْهَمْدَانِي): تَقَدَّمَ أنَّه مُرَّة بن شَراحيل الهمْدانيُّ الطَّيِّب، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (الهمْدانيُّ): بإسكان الميم وبالدال المُهْمَلة، إلى القبيلة، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار، الأمير، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ): تَقَدَّمَ أنَّه مُثلَّث الميم، والكسر أردؤها، وتَقَدَّمَ ما معناه.

قوله: (وَلَمْ يَكْمُلْ): تَقَدَّمَ أيضًا.

==========

[ج 2 ص 479]

(1/9843)

[حديث أنس: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد]

5419# قوله: (عَنْ أَبِي طُوَالَةَ): هو بِضَمِّ الطاء، وتخفيف الواو، قال الدِّمْيَاطيُّ: (اسمه عبد الله بن عبد الرحمن بن مَعْمَر بن حزم، قاضي المدينة، مات في خلافة السَّفَّاح، مُتَّفق عليه)، انتهى، قال ابن قُرقُول: (في «بَابِ الثَّريد»: «خالد بن عبد الله عن ابن أبي طوالة»، كذا للأصيليِّ والقابسيِّ، ولغيرهما: «عن أبي طوالة»، قال أبو ذرٍّ والأصيليُّ والقابسيُّ: الصَّواب: عن أبي طوالة)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 479]

(1/9844)

[حديث: دخلت مع النبي على غلام له خياط]

5420# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): هو بِضَمِّ الميم وكسر النُّون، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، تَقَدَّمَ، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون ابن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسَائيُّ، و (ثُمَامَة بْن أَنَسٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك روى له الجماعة)، انتهى، وهذا واضح، ولكن شرطي أنْ أذكر حواشي الدِّمْيَاطيِّ التي وقفتُ عليها في هوامش أصلنا، والله أعلم.

قوله: (عَلَى غُلَامٍ لَهُ خَيَّاطٍ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه.

قوله: (قَصْعَةً): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بفتح القاف، وكذا تَقَدَّمَ (الدُّبَّاء) ضبطًا.

==========

[ج 2 ص 479]

(1/9845)

[باب شاة مسموطة والكتف والجنب]

قوله: (بَابُ شَاةٍ مَسْمُوطَةٍ وَالْكَتِفِ وَالْجَنْبِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ظنَّ الشَّارح أنَّ مقصود التَّرجمة: تحقيقُ أنَّه أكل السَّميط، فأورد عليه حديث أنس: «أنَّه ما رأى سميطًا قطُّ»، واعتقد أنَّ البُخاريَّ أراد ذلك وتلقَّاه مِن حزِّها بالسِّكِّين إذا شُوِيَتْ بجلدها، وجمع بينهما أنَّ المنفيَّ سمطُ جميع الشَّاة، والمُثبَتَ سمطُ بعضها، وذلك كلُّه وَهَمٌ، ليس في حزِّ الكتف ما يدلُّ على أنَّها كانت مسموطة، إنَّما حزَّها؛ لأنَّ عادة العرب في الغالب ألَّا تُنضِجَ اللَّحم، والشِّواء الهِضَبُّ يتمادحون [1] بأكله، وهو الذي لم ينضج؛ فلعدم نضجها احتِيج إلى حزَّها، والحديثان مُتَّفِقان)، انتهى.

==========

[1] في مصدره: (المهضب يتمادحون).

[ج 2 ص 479]

(1/9846)

[حديث أنس: كلوا فما أعلم النبي رأى رغيفًا مرققًا حتى لحق بالله]

5421# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الهاء، وإسكان الدَّال المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا واضح، ويقال له: هَدَّاب، و (هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى): هو العوذيُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (خبَّاز أنس) لا أعرف اسمه.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَتْ بلغاتها في أوائل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 479]

(1/9847)

[حديث: رأيت رسول الله يحتز من كتف شاة فأكل منها]

5422# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ فيه ثلاثةَ ضبوطٍ: (ولم يتوضَّ)، (ولم يتوضَّأ)، (ولم يتوضَّا)، والله أعلم.

(1/9848)

[باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام ... ]

قوله: (بَابُ مَا كَانَ السَّلَفُ): (السَّلَف): هم المُتقدِّمون، والجمع أسلاف، وسلف الرجل: أباؤه المتقدِّمون، و (السَّلف): العمل الصالح يقدِّمه الإنسان، والله أعلم.

قوله: (صَنَعْنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ سُفْرَةً): تَقَدَّمَ أنَّ (السُّفرة): طعام المسافر، وبه سُمِّيت الآلة التي يُعمَل فيها سفرةً؛ إذا كانت مِن جلد.

==========

[ج 2 ص 479]

(1/9849)

[حديث: أنهى النبي أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث؟]

5423# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في مشايخ خلَّاد بن يحيى الثَّوريَّ، ولم يذكرِ ابن عيينة، وذكر في عبد الرَّحمن بن عابس أنَّه روى عنه الثَّوريُّ، ولم يذكرِ ابن عيينة، والذَّهَبيُّ ذكر في ترجمة عبد الرَّحمن بن عابس أنَّه روى عنه سفيان وأَطلق، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَابِسٍ [1]): تَقَدَّمَ أنَّه بالموحَّدة والسِّين المُهْمَلة، وتَقَدَّمَ ما يشتبه به، وهو عبد الرَّحمن بن عائش؛ بالمُثَنَّاة والشين المُعْجَمة، شاميٌّ، مُختلَف في صحبته، له في «التِّرْمِذيِّ» حديث الرؤية، وصحَّحه التِّرْمِذيُّ، وأبوه عابس بن ربيعة النَّخعيُّ، يروي عن عمر وعليٍّ، وعنه: ابنه عبد الرحمن، وإبراهيم، وأبو إسحاق، قال النَّسَائيُّ: (ثقةٌ).

قوله: (لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الكاف، وتخفيف الراء، وتَقَدَّمَ ما هو.

[ج 2 ص 479]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، وهو مُحَمَّد بن كثير العبديُّ، البصريُّ، أبو عبد الله، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ شيخٌه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّه الغالب أخذُه عنه في حال المذاكرة، والحكمة في المجيء بهذا؛ لأنَّ سفيان _هو الثَّوريُّ_ مُدَلِّسٌ، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه تصريحَ سفيانَ بالتَّحديث من عبد الرحمن بن عابس، وفي الأوَّل عنعن، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (اتفقا عليه وعلى أبيه).

(1/9850)

[حديث: كنا نتزود لحوم الهدي على عهد النبي]

5424# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، كما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، لا الحافظ الكبير أبو بكر ابن أبي شيبة، و (سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، صرَّح به المِزِّيُّ في «أطرافه»، وسيجيء التَّصريح به في المتابعة مِن عند البُخاريِّ، و (عَمْرو): هو ابن دينار، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح المَكِّيُّ، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (تَابَعَهُ مُحَمَّدٌ عن ابن عُيَيْنَةَ): قال شيخنا هو ابن سلَام، قاله أبو نعيم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاء): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي رَباح، وتعليق ابن جُرَيج أخرجه البُخاريُّ في (الحجِّ) عن مُسدَّد عن يحيى، ومسلم في (الأضاحي) عن أبي بكر عن عليِّ بن مسهر، وعن يحيى بن أيُّوب عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، وعن مُحَمَّد بن حاتم عن يحيى، والنَّسَائيُّ في (الحجِّ) عن عمرو بن عليٍّ عن يحيى، وعن عمران بن يزيد عن شُعَيب؛ أربعتهم عن ابن جُرَيج به.

==========

[ج 2 ص 480]

(1/9851)

[باب الحيس]

قوله: (بَابُ الْحَيْسِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحيس) ضبطًا، وما هو غيرَ مَرَّةٍ.

==========

[ج 2 ص 480]

(1/9852)

[حديث: التمس غلامًا من غلمانكم يخدمني]

5425# قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ): (حَنْطَب)؛ بفتح الحاء، وإسكان النُّون، ثُمَّ طاء مفتوحة مهملتين، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وقد تَقَدَّمَ أنِّي كذلك أحفظه، ولم أره في كتب اللُّغة، وليس له معنًى، وأنِّي رأيتُه في نسخة بـ «البُخاريِّ» قُرِئت على شيخنا الإمام غياث الدين ابن العامريِّ أنَّه حُنْظب؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ نونٍ ساكنة، ثُمَّ ظاءٍ معجمة مُشَالة، ويجوز فتحُها، وقد ذكرتُ ما معناه في هذا التَّعليق، والله أعلم، والظاهر أنَّ هذا الضَّبطَ هو الصَّواب.

قوله: (لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن سهل، وتَقَدَّمَ نسبُه وبعضُ ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ): يأتي الكلام عليه في (الدَّعوات): هل هما غيِّران أو واحد؟ وتَقَدَّمَ أيضًا الكلام عليهما، والله أعلم.

قوله: (وَالْبُخْلِ): يقال: (بُخْل وبَخَل)؛ لغتان معروفتان.

قوله: (وَالْجُبْنِ): هو ضدَّ الشَّجاعة.

قوله: (وَضَلَعِ الدَّيْنِ): هو بفتح الضَّاد المُعْجَمة واللَّام، وبالعين المُهْمَلة، قال ابن قُرقُول: (شدَّتُه وثقل حمله، ورُوِي عن الأصيليِّ في موضع بالظَّاء، ووهَّمه بعضُهم، والذي حكى ابن العربيِّ بالضَّاد)، انتهى، وقوله: (بالظَّاء): يعني المُعْجَمة المشالة.

قوله: (يُحَوِّي): تَقَدَّمَ ضبطُه ومعناه في (الجهاد).

قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): تَقَدَّمَ ضبطُها، وأين هي، وأنَّها على روحة مِن خيبر، وكذا تَقَدَّمَ (الحَيْس): ما هو وضبطه، وكذا (النِّطَع): بلغاته، وأنَّ أفصحها كسرُ النُّون وفتح الطَّاء.

قوله: (بَدَا لَهُ أُحُدٌ): (بدا): غير مهموز؛ أي: ظهر.

قوله: (هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ): تَقَدَّمَ الكلام على محبَّة أُحُد في أواخر (غزوة أُحُد)، وأنَّ الصَّحيح أنَّه حقيقةٌ؛ إذ لا مانع منها، مُطَوَّلًا.

(1/9853)

[باب الأكل في إناء مفضض]

(بَابُ الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ) ... إلى (كِتَاب الذَّبَائِحِ وَالصَّيْدِ)

قوله: (بَابُ الأَكْلِ فِي إِنَاءٍ مُفَضَّضٍ): والحديث في آنية الفضَّة، إلَّا أن يراد أنَّ الإناء كان مضبَّبًا وأنَّ الماء كان فيه، أو في موضع الشِّفة، على أنَّ الأصحَّ عند الشَّافِعيَّة أنَّه لا فرق بين أنْ يكون في موضع الاستعمال أو غيره، والله أعلم، ولعلَّ البُخاريَّ يميل إلى أنَّه لا يحرُم الأكلُ في إناء مُضبَّب، إنَّما يحرُم ذلك في الإناء الخالص مِن الذَّهب أو الفضَّة، ويكون التبويب تقديره: باب جواز الأكل في إناء مُفضَّض، واستدلَّ بالحديث على أنَّه لا يحرُم إلَّا الخالص، لا في المُضبَّب، والله أعلم، وهذا نظير ما قيل في ثوب الحرير؛ فلا يحرُم المُركَّب مِن إبريسيم وغيره إلَّا إذا زاد وزن الإبريسم، أمَّا إذا كان الغالب المباح أو استويا؛ فإنَّه يحلُّ، هذا من حيثُ مذهبُ الشَّافِعيِّ، ويكون نظيرَ حديث ابن عَبَّاس: (إنَّما نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الثوب المُصمَّت مِن الحرير، أمَّا العَلَم وسداء الثَّوب؛ فلا بأسَ به)؛ رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، ورواه الحاكم بلفظ: (إنَّما نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن المُصمَّت إذا كان حريرًا)، ثُمَّ قال: (صحيحٌ على شرط الشَّيخين، ولم يخرِّجاه)، انتهى.

تنبيهٌ: جاء في حديث: «مَن شرب في أنية الذَّهب والفضَّة، أو إناء فيه شيء مِن ذلك؛ فإنَّما يجرجر في جوفه نار جهنَّم» رواه الدَّارقطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، والحاكم في «علومه» مِن رواية ابن عمر، وهو حديث ضعيف لا يصِحُّ، كما قاله ابن القَطَّان في «علله»، قال البَيْهَقيُّ: (المشهور عن ابن عمر في المُضبَّب موقوفًا عليه أنَّه كان لا يشرب في قدحٍ فيه حلقة فضَّة ولا ضبَّة فضَّة) انتهى، وقد ذكر الذَّهَبيُّ في ترجمة يحيى بن مُحَمَّد: الجاري أنَّ هذا حديث مُنكَر، وعزا الحديث إلى الدَّارقطنيِّ فقط، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 480]

(1/9854)

[حديث: لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب ... ]

5426# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني حِسْلٍ أو حُسيلٍ، تقدَّما.

قوله: (وَلَا الدِّيبَاجَ): تَقَدَّمَ الكلامُ عليه.

قوله: (فِي صِحَافِهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (الصِّحاف) جمع (صحفة)، وتَقَدَّمَ ما (الصَّحفة).

==========

[ج 2 ص 480]

(1/9855)

[باب ذكر الطعام]

قوله: (بَابُ ذِكْرِ الطَّعَامِ)، ثمَّ ذكر حديث: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ... ) إلى آخره: وجهُ تخريج هذا الحديث في هذا الباب: قولُه: (طَعْمُهَا طَيِّبٌ)؛ لأنَّ الطَّعم يُطلَق لغةً على الطَّعام، والثاني: على ما يُشتَهى من الطعام، قاله بمعناه الجوهريُّ في «صحاحه»، فلهذا بوَّب عليه بذلك.

==========

[ج 2 ص 480]

(1/9856)

[حديث: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ... ]

5427# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتَقَدَّمَ (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار مُترجَمًا.

قوله: (الأُتْرُجَّةِ): تَقَدَّمَ ضبطها ولغاتها في (سورة يوسف) في (التفسير).

==========

[ج 2 ص 480]

(1/9857)

[حديث: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.]

5428# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (خالد) هذا: هو ابن عبد الله الواسطيُّ، الطَّحَّان، الرَّجل الصالح، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن مَعمَر بن حزم، أبو طُوَالة الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (كَفَضْلِ الثَّرِيدِ): تَقَدَّمَ ما (الثَّريد) قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 480]

(1/9858)

[حديث: السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه]

5429# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه بالسِّين المُهْمَلة، وزان (عُلَيٍّ)؛ المُصغَّر، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ): تَقَدَّمَ في (الحجِّ) وغيره لِمَ كان قطعة مِن العذاب، وجواب إمام الحرمين، وجواب المحبِّ الطَّبريِّ، وتَقَدَّمَ أنَّ بعض أشياخنا الحلبيِّين المُحدِّثين أنَّه أخبرني: أنَّه مرَّ به في بعض الأجزاء: أنَّ عائشة رضي الله عنها قالت: (لولا أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «السفر قطعةٌ مِن العذاب»؛ لقلت: العذابُ قطعةٌ من السفر).

قوله: (نَهْمَتَهُ): تَقَدَّمَ أنَّها شهوته ورغبته، وأنَّها بفتح النُّون، ونقل بعضهم عن ابن التِّين أنَّه قال: (وضبطناه أيضًا بكسرها) انتهى.

(1/9859)

[باب الأدم]

[ج 2 ص 480]

قوله: (بَابُ الأُدْمِ): هو بِضَمِّ الهمزة، وإسكان الدَّال المُهْمَلة: ما يُؤكَل مع الخبز، أيَّ شيء كان، وكذا (الإِدام)؛ بكسر الهمزة.

(1/9860)

[حديث: لو شئت شرطتيه لهم فإنما الولاء لمن أعتق]

5430# قوله: (عَنْ رَبِيعَةَ): هو ربيعة بن أبي عبد الرَّحمن فرُّوخٍ، مَولى آل المُنكَدر، فقيه المدينة، أبو عثمان، صاحب الرَّأي، عن السائب ابن يزيد وأنس وابن المُسَيّب، وعنه: مالك واللَّيث وأبو ضمرة وغيرهم، تُوُفِّيَ بالأنبار سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، تَقَدَّمَ.

قوله: (سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ): هو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، وهو هنا مِن كلام القاسم، وقد تَقَدَّمَ في (النِّكاح) و (الطَّلاق): (عن القاسم، عن عائشة: كان في بَريرة ... )؛ الحديث.

تنبيهٌ: قال شيخنا: (اعترض الدَاوديُّ، فقال: يشتمل على نحو ثلاثين، قلت: وُصِّلت إلى نحو أربع مئةٍ، وأُفرِدت بالتَّأليف، والجواب: أنَّ هذه الثَّلاث مهمَّاتٌ)، انتهى.

قوله: (فَقَالَ أَهْلُهَا): تَقَدَّمَ (أهلُها)، والاختلاف في مواليها.

قوله: (وَأُعْتِقَتْ): هو بِضَمِّ الهمزة، وكسر التّضاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، والتي أعتقتْها عائشةُ رضي الله عنهما.

قوله: (فَخُيِّرَتْ): تَقَدَّمَ أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَنْ تَقِرَّ): هو بفتح التَّاء، وكسر القاف وفتحها أيضًا، وهو لازمٌ، ولا يُبْنَى منه.

قوله: (تَحْتَ زَوْجِهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (زوجها) اسمُه مغيثٌ _وتَقَدَّمَ ضبطه_ أو برير، أو مِقْسم، والاختلاف في أنَّه عبدٌ _وهو الصَّحيح_ أو حُرٌّ.

قوله: (بُرْمَةٌ): تَقَدَّمَ ما (البرمة).

قوله: (فَأُتِيَ بِخُبْزٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَأُدْمٍ): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو، وكذا (الإِدام).

قوله: (أَلَمْ أَرَ لَحْمًا): تَقَدَّمَ أيُّ لحمٍ كان، وأنَّه بقر.

قوله: (تُصُدِّقَ): هو بِضَمِّ أوَّله وثانيه، وكسر ثالثه مُشدَّدًا، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 481]

(1/9861)

[باب الحلواء والعسل]

قوله: (بَابُ الْحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته ثُمَّ قال: (وجه مطابقة الترجمة لحديث أبي هريرة _يعني: الحديث الذي فيه: (كنت ألزم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ... ) إلى أنْ قال: (ليخرج إلينا العكَّة ليس فيها شيءٌ، فنشقَّها ونلعقَ ما فيها) _ قال: إنَّه أراد التَّنبيهَ على أنَّ الحلواء المذكورة ليستِ المعهودةَ الآن على وجه الإسراف واجتماع المفردات الكثيرة، وإنَّما هي الحلو ولو نبيذ التَّمر، ونبَّه بحديث أبي هريرة على خشونة العيش التي لا تُناسب هذه الحلواءَ المعهودةَ، والله أعلم)، انتهى.

قوله: (بَابُ الْحَلْوَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحلواء)؛ ممدودة ومقصورة، وأنَّها كلُّ شيء حلوٍ، وقد ذكر المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه» في (ذكر حبِّه صلَّى الله عليه وسلَّم الحلواءَ والعسلَ) قال ما لفظه: (والظَّاهر أنَّ المراد بالحلواء في الحديث: التمر، يدلُّ عليه ما رُويِ مِن قوله صلَّى الله عليه وسلَّم لعليٍّ رضي الله عنه: «أتأكل الحلواء وأنت أرمد؟!»، وكان يأكل تمرًا) انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

(1/9862)

[حديث: كان رسول الله يحب الحلواء والعسل]

5431# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير.

==========

[ج 2 ص 481]

(1/9863)

[حديث: كنت ألزم النبي لشبع بطني حين لا آكل الخمير]

5432# [قوله]: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ شَيْبَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة، أبو بكر القرشيُّ مولاهم، روى عنه البُخاريُّ، وروى النَّسَائيُّ عن رجل عنه)، انتهى، قال أبو زرعة: لم يكن بين تحديثه وبين موته كثيرُ شيءٍ، اختلفتُ إلى بيته عشرين ليلة أنظر في كتبه، وقال ابن حِبَّان في «الثِّقات»: ربَّما خالف، وقال أبو بكر بن أبي داود: ضعيف، تُوُفِّيَ في حدود العشرين ومئتين، له ترجمةٌ في «الميزان»، أخرج له البُخاريُّ والنَّسَائيُّ فقط، و (ابْنُ أَبِي فُدَيْكِ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إسماعيل بن أبي فديك؛ بِضَمِّ الفاء، وفتح الدال المُهْمَلة، الدِّيليُّ مولاهم، تَقَدَّمَ، أخرج له الجماعة، و (ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ): مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (الْمَقْبُرِي): سعيدٌ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر.

قوله: (لِشِبْعِ [2] بَطْنِي): هو بإسكان الموحَّدة، و (الشِّبْع): بكسر الشين، وإسكان الموحَّدة، اسم ما أشبعك مِن شيء، وأمَّا (الشِّبَع) بتحريكها؛ فهو نقيض الجوع، وقد تَقَدَّمَ، وفي أصلنا هنا بفتح الموحَّدة بالقلم، وفيه نظر.

قوله: (حِينَ لَا آكُلُ الْخَمِيرَ): هكذا هو في «الصَّحيح» بلا خلاف، وقال ابن الأثير في «نهايته» في (الخاء _يعني: المُعْجَمة_ والباء _يعني الموحَّدة_ والراء؛ يعني المُهْمَلة) ما لفظه: (وفي حديث أبي هريرة: «حين لا آكل الخبير»، هكذا جاء في رواية؛ أي: الخبز المأدوم، و «الخبير والخُبرة»: الإِدام، وقيل: هي الطَّعام مِن اللَّحم وغيره، ويقال: اخبِر طعامك؛ أي: دسِّمه، وأتانا بخُبْزة ولم يأتِنا بخُبْرة)، انتهى، وقد علَّم عليه: (س)؛ يعني: أنَّه في «غريب أبي موسى المدينيِّ»، والله أعلم.

قوله: (وَأُلْصِقُ): هو بِضَمِّ الهمزة، وكسر الصَّاد، رُبَاعيٌّ.

قوله: (بِالْحَصْبَاءِ): هو بفتح الحاء، وإسكان الصَّاد المُهْمَلتين، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ممدودٌ، وهو الحَصَى الصِّغار.

قوله: (لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ): تَقَدَّمَ ما (العُكَّة).

(1/9864)

قوله: (فَنَشُقُّهَا [3]): كذا هو في أصلنا، وفي هامشه نسخةٌ وهي: «فَنَشْتَفُّهَا»، وفي نسخة أخرى في هامش أصلنا: «فنشتقُّها»، وهذه وإنْ كانت في الهامش فعليها: (صح)، قال ابن قُرقُول: («فنستفُّها»، كذا لهم؛ أي: نتقصَّى ما فيها من بقيَّة؛ كما جاء: «فنلعق ما فيها»، ورواه المروزيُّ والبلخيُّ بالشِّين والقاف وهو أوجه مِن قوله: «فنلعق ما فيها») انتهى، قال شيخنا: (قال ابن التين: لأبي الحسن، بالمُعْجَمة والفاء، ورُوِي بالقاف، والثاني أظهر ... ) إلى آخر كلامه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الفُدَيك).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لِشِبَعِ)؛ بفتح الباء.

[3] كذا في (أ) و (ق)، وعليها في (ق) علامة نسخة، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (فَنَشْتَقُّهَا).

[ج 2 ص 481]

(1/9865)

[باب الدباء]

[ج 2 ص 481]

قوله: (بَابُ الدُّبَّاءِ): تَقَدَّمَ أنَّه بالمدِّ والقصر، وأنَّه القرع.

(1/9866)

[حديث: أن رسول الله أتى مولى له خياطًا فأتي بدباء]

5433# قوله: (حَدَّثَنِي [1] عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ): كذا في أصلنا، وهو خطأ، وصوابه: (عَمرو [2])؛ بفتح العين وزيادة واوٍ، وهو الفَلَّاس، وليس في مشايخ أصحاب الكُتُب السِّتَّة أحدٌ يقال له: عمر بن عليٍّ، وفي الكُتُب السِّتَّة عمر بن عليٍّ اثنان؛ أحدهما: عمر بن عليِّ بن أبي طالب، أخرج له الأربعة، تُوُفِّيَ سنة (67 هـ)، والثَّاني: عمر بن عليِّ بن عطاء بن مُقدَّم المُقدَّميُّ، أخرج له السِّتَّة، تُوُفِّيَ سنة (190 هـ)، والذي في أصلنا خطأ محضٌ، وقد ضببتُ عليه، وكتبت في الهامش: صوابه: عمرو بن عليٍّ، والله أعلم، و (ابن عون): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر؛ هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسَائيُّ، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.

قوله: (أَتَى مَوْلًى لَهُ خَيَّاطًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا المولى الذي للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الخيَّاطَ لا أعرفه، وقد ذكرت مواليه عليه السَّلام في (المناقب) في (زيد بن حارثة).

قوله: (فَأُتِيَ بِدُبَّاءٍ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، كذا في أصلنا، ويجوز بناؤه للفاعل، وهو أحسن، ولكنَّ الروايةَ المُتَّبعةُ، و (الدُّبَّاء): تَقَدَّمَ أنَّه بالمدِّ والقصر في الجمع والمُفرَد، وأنَّه القرع.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثنا).

[2] كذا هو في «اليونينيَّة» على الصَّواب.

[ج 2 ص 482]

(1/9867)

[باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه]

قوله: (بَابُ الرَّجُلِ يَتَكَلَّفُ الطَّعَامَ لإِخْوَانِهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ترجم لهذا الحديث بصيغة التَّكلُّف، ولم يترجم كذلك لحديث أبي طلحة، وسرُّ ذلك أنَّه قال لغلامه: اصنع لي طعامًا لخمسة، فكانت نيَّته في الأصالة التَّحديدَ، ولهذا لم يأذن النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم للسادس حتَّى أذن له أبو شعيب، وأمَّا حديث أبي طلحة؛ فإنَّه استصحب معه أُمَّة كثيرة ولم يدْعُها أبو طلحة؛ لاسترسال نيَّة أبي طلحة مِن الأوَّل، والمعروف أنَّ التحديدَ يُنَافي البركة، والاسترسال بلاغها، والتَّحديد في الطعام حال الُمتكلِّف، والله أعلم)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 482]

(1/9868)

[حديث: إنك دعوتنا خامس خمسة وهذا رجل قد تبعنا]

5434# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيابيُّ، وقد قَدَّمْتُ في أوائل هذا التعليق الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ البُخاريِّ، وذكرتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سَلَمَة، و (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ، تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ [1] يُقَال لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ): (أبو شعيب): معدود في الصَّحابة، وهو من الأنصار، كما هنا، ولا أعرف اسمه، وأمَّا (غلامه)؛ فلا أعرف اسمه أيضًا، والله أعلم.

قوله: (فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ): هذا (الرَّجل التَّابع) لا أعرف اسمه.

قوله: (قَالَ مُحَمَّدُ بْنْ يُوسُف: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا _يَعْنِي: ابِن إِسْمَاعِيل_ يَقُول ... ) إلى آخر كلامه: كذا هو في بعض النُّسخ، وعليه في أصلنا علامة: (مِن ... إلى)؛ مِن أوَّل هذا الكلام إلى آخره، وعليه علامة راويه، ولم يكن في روايتنا، وليس هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، و (مُحَمَّد بن يوسف): قائل ذلك هو الفِرَبْريُّ، راوي «الصَّحيح» عن البُخاريِّ، و (مُحَمَّد) بعده _الذي فيه: (يعني: ابن إسماعيل) _: هو البخاريُّ، وقوله: (يعني: ابن إسماعيل) هو مِن توضيح مَن دون الفِرَبْريِّ، وضَّحه، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كان مِن الأنصار رجلٌ).

[ج 2 ص 482]

(1/9869)

[باب من أضاف رجلًا إلى طعام وأقبل هو على عمله]

(1/9870)

[حديث: كنت غلامًا أمشي مع رسول الله فدخل رسول الله ... ]

5435# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بِضَمِّ الميم، وكسر النُّون، ثُمَّ مثنّضاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، و (النَّضْرَ): بالمُعْجَمة، ولا يَحتاج إلَّا تقييد، كما تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ، وهو ابن شميل، الإمامُ، و (ابْنُ عَوْنٍ): عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أمير مصر، ذا ليس له في «البُخاريِّ» شيء، إنَّما روى له مسلم والنَّسَائيُّ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (عَلَى غُلَامٍ لَهُ خَيَّاطٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الغلام) لا أعرفه، و (القَصْعَة): تَقَدَّمَتْ أنَّها بفتح القاف، ولا تُكسَر، وتَقَدَّمَ (الدُّبَّاء): أنَّه بالمدِّ والقصر، وأنَّه القرع.

==========

[ج 2 ص 482]

(1/9871)

[باب المرق]

(1/9872)

[حديث: أن خياطًا دعا النبي لطعام صنعه فذهبت مع النبي]

5436# قوله: (أَنَّ خَيَّاطًا): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه، و (حَوَالَيِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح اللَّام، ثُمَّ كسرة؛ لالتقاء الساكنَين، و (الْقَصْعَةِ): بالفتح، ولا تُكسَر.

(1/9873)

[باب القديد]

(1/9874)

[حديث: رأيت النبي أتي بمرقة فيها دباء وقديد]

5437# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ.

قوله: (أُتِيَ بِمَرَقَةٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 482]

(1/9875)

[حديث: ما فعله إلا في عام جاع الناس أراد أن يطعم الغني الفقير]

5438# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهِرٌ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بمُوحَّدة، وسين مهملة، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين عبد الرَّحمن [بن] عائش؛ بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمة، وأنَّ هذا الثاني شخصٌ مُختلَف في صحبته، أخرج له التِّرْمِذيُّ، وصحَّح حديثه عن معاذ، رواه: عبد الرَّحمن بن عائش، عن مالك بن يُخامِر، عن معاذ، والله أعلم.

قوله: (الْكُرَاعَ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الكاف، وتخفيف الرَّاء، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَمَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّ المراد بـ (الآل): الزَّوجات، أمَّهات المؤمنين، والظاهر: وأتباعهنَّ في بيوتهنَّ، وقد تَقَدَّمَ قريبًا، والله أعلم.

(1/9876)

[باب من ناول أو قدم إلى صاحبه على المائدة شيئًا]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ): هو عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظليُّ، التَّميميُّ مولاهم، المروزيُّ، شيخ خراسان، أبوه تركيٌّ، وأمُّه خُوارزميَّة، تُوُفِّيَ في رمضان سنة (181 هـ)، وقبره بهيت يُزار، وهو أشهر مِن أنْ يُترجَم، رحمة الله عليه.

==========

[ج 2 ص 482]

(1/9877)

[حديث: إن خياطًا دعا رسول الله لطعام صنعه.]

5439# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، شيخِ الإسلام.

قوله: (إِنَّ خَيَّاطًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الخيَّاط) لا أعرفه، و (الدُّبَّاء): تَقَدَّمَ أنَّه بالمدِّ والقصر: القرع.

==========

[ج 2 ص 482]

(1/9878)

[باب الرطب بالقثاء]

قوله: (بَابُ الرُّطَبِ بالْقِثَّاءِ): هو بكسر القاف وضمِّها، والمدِّ، وقد قرأ يحيى بن وثَّاب وطلحة بن مُصرِّف بالضَّمِّ، وكذا الأشعثُ العُقيليُّ، وهو معروف، وفي «صحاح الجوهريِّ»: (الخيار: القثَّاء)، ذكره في (خير)، وإنَّما هو نوع آخرُ غيره، هذا الذي نعرفه.

[ج 2 ص 482]

(1/9879)

[حديث: رأيت النبي يأكل الرطب بالقثاء]

5440# قوله: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ القِثَّاءِ بِالرُّطَبِ [1]): كذا في «البُخاريِّ» و «مسلم» من حديث عبد الله بن جعفر، وفي غيرهما زيادةٌ: قال: «يَكسر حر هذا برد هذا».

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الرُّطب بالقِثَّاء).

[ج 2 ص 483]

(1/9880)

[باب التمر]

(1/9881)

[حديث: تضيفت أبا هريرة سبعًا فكان هو وامرأته وخادمه ... ]

5441# قوله: (عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِيِّ): (عَبَّاس): تَقَدَّمَ أنَّه بموحَّدة وسين مهملة، و (الجُرَيريُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الجيم وفتح الراء، واسم والده فرُّوخ، وليس عَبَّاس هذا بأخٍ لسعيد الجريريِّ، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمَتْ [1] اللُّغات في (مَلٍّ).

قوله: (تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ): (تضيَّفه): إذا اتَّخذه ضيفًا.

قوله: (فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ): امرأة أبي هريرة، وكذا خادمه لا أعرف اسمَيهما، وقال بعض حفَّاظ العصر: (امرأته: بُسرة بنت غزوان)، ثُمَّ رأيت الذَّهَبيَّ ذكر في «تجريده» ما لفظه: (بُسرة بنت غزوان التي كان أبو هريرة أجيرها، ثُمَّ تزوَّجها، ما رأيت أحدًا ذكرها)، انتهى.

قوله: (فَأَصَابَنِي سَبْعُ تَمَرَاتٍ): وفي الحديث الآخر الآتي قريبًا: (فأصابني منه خمس تمرات)، وقد قَدَّمْتُ الكلام في ذلك، وجمعًا قريبًا، والله أعلم.

قوله: (إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا؛ فانظره.

قوله: (عَنْ عَاصِمٍ): هذا هو عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن، البصريُّ، و (أَبُو عُثْمَان): عبد الرحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمَتْ اللُّغات في (مَلٍّ).

قوله: (فَأَصَابَنِي مِنْهُ خَمْسٌ [2] تَمَرَاتٍ): تَقَدَّمَ جمعٌ بين هذا وبين (سبع) قبل هذا؛ فانظره، وكذا قوله: (وَحَشَفَةٌ)، وضبطها.

==========

[1] زيد في (أ): (في)، وهو تكرارٌ.

[2] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (أربع).

[ج 2 ص 483]

(1/9882)

[باب الرطب والتمر ... ]

(1/9883)

[معلق ابن يوسف: توفي رسول الله وقد شبعنا من الأسودين التمر والماء]

5442# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان ... ) إلى آخره: أمَّا (مُحَمَّد بن يوسف)؛ فهو الفِرْيابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (سُفْيَان): هو الثَّوريُّ، و (مَنْصُور): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو منصور بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبي طلحة الحَجَبِيُّ)، انتهى، وأمُّه (صَفِيَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها: هل هي صحابيَّة أم لا؟ في (الجنائز) وقبله، وفي (النِّكاح)، وهي صفيَّة بنت شيبة الحاجب، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان: كذا)، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ والذَّهَبيُّ تعليقًا، وعلى كلِّ تقدير؛ فقد تَقَدَّمَ هذا مُسنَدًا عن مسلم بن إبراهيم، عن وُهَيب، عن منصور به، وأخرجه مسلم في آخر الكتاب عن يحيى بن يحيى، وسعيد بن منصور؛ كلاهما عن داود بن عبد الرَّحمن، عن منصور بن عبد الرَّحمن به، وعن ابن مثنًّى عن عبد الرَّحمن بن مهديٍّ، وعن أبي كريب عن الأشجعيِّ، وعن نصر بن عليٍّ عن أبي أحمد الزُّبَيريِّ؛ ثلاثتهم عن سفيان، عن منصور به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 483]

(1/9884)

[حديث: امشوا نستنظر لجابر من اليهودي]

5443# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّه مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، سلمة بن دينار.

قوله: (كَانَ بِالْمَدِينَةِ يَهُودِيٌّ [1] يُسْلِفُنِي): هذا اليهوديُّ قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (إنَّه هو أبو الشحم)، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر: (لم أعرف اسمه، ويحتمل أنْ يكون هو [أبو] الشَّحم).

قوله: (إِلَى الْجِدَادِ): هو بفتح الجيم وكسرها، وهو معروف.

قوله: (رُومَةَ): هي بِضَمِّ الرَّاء، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ميم مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، قال ابن قُرقُول: («رُوْمة»: اسم بئر عثمان بالمدينة، وفي الحديث: «وأرض جابر بطريق رومة»، ولعلَّها تلك)، انتهى، وتَقَدَّمَ الكلام على (رومة) صاحب البئر.

قوله: (فَجَلَسَتْ، فَخَلَا عَامًا [2]): كذا في أصلنا، وفي هامش أصلنا نسخة: (فخاست نخلُها عامًا)، وفي نسخة أخرى لم تكن بأصلنا: (فحبست)، وقد ذكر ابن قُرقُول الروايات الثَّلاث في (الجيم مع اللَّام) وقال: (وصواب ذلك: ما رواه أبو الهيثم؛ يعني: «فخاست نخلها»؛ أي: خالفت معهود حملها) ... إلى أنْ قال: (وكان أبو مروان بن سراج يُصوِّب رواية القابسيِّ)؛ يعني: (فجلست، فخلا عامًا)، قال: (إلَّا أنَّه يُصلِح ضبطَها: «فجلست»؛ أي: فجلست عن القضاء، «فخلا»؛ يعني: السَّلف، «عامًا»، لكنَّ ذكرَه للأرض في أوَّل الحديث يدلُّ على أنَّ الخبر عنها، لا عن نفسه، والله أعلم) انتهى مُلخَّصًا، وفي «النِّهاية»: (في «خنس» _يعني: بالخاء المُعْجَمة، ثُمَّ النُّون، ثُمَّ السِّين المُهْمَلة_ ما لفظه: (وفي حديث جابر أنَّه كان له نخل فخنستِ النَّخل؛ أي: تأخَّرت عن قبول التَّلقيح؛ فلم يُؤثِّر فيها، ولم تحمل تلك السَّنة) انتهى، وهذه في هامش أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم.

قوله: (أَسْتَنْظِرُهُ): أي: أطلب منه الإِنظار؛ وهو الَّتأخير.

قوله: (فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُخبِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ، نائب مناب الفاعل.

قوله: (امْشُوا): هو بهمزة وصل، فإنْ ابتدأت بها؛ كسرتَها [3].

(1/9885)

قوله: (لَا أُنْظِرُهُ): هو بِضَمِّ الهمزة وكسر الظَّاء، رُبَاعيٌّ؛ أي: لا أُؤَخِّره.

قوله: (أَيْنَ عَرِيشُكَ): هو بفتح العين، وكسر الرَّاء، وفي آخره شينٌ معجمةٌ، وهو بيت في النخيل مِن سعفه؛ مثل الكوخ، يقيمون فيه، يأكلون مدَّة حمل الرُّطب إلى أنْ يُصرِم.

قوله: (بِقُبْضَةٍ أُخْرَى): (القُبضة): ما قبضتَ عليه مِن شيء، يقال: أعطاه قُبضة من سويق أو تمر؛ أي: كفًّا منه، وربَّما جاء بالفتح [4]، وهو في أصلنا مفتوحُ القاف بالقلم، وقد قال الجوهريُّ: (إنَّه قليل)، والله أعلم.

قوله: (فِي الرِّطَابِ): هو بكسر الرَّاء، قال ابن قُرقُول: («فقام في الرِّطاب في النَّخل ثانية»، كذا جاء في «الأطعمة» عند أكثر الرواة، وعند ابن السَّكن: «فقام فطاف في النخل ثانية»، وكأنَّه الأشبه)، انتهى، و (الرُّطب) مِن التمر معروفٌ، الواحدة: رُطَبة، وجمع الرُّطب: أرطاب ورِطاب أيضًا؛ مثل: ربع ورِباع، وجمع الرُّطبة: رطبات، ورُطَب.

قوله: (فَوَقَفَ فِي الْجدَادِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بالكسر والفتح.

قوله: (وَفَضَلَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الضَّاد وكسرها، وفي مجموعه ثلاثُ لغات، تَقَدَّمَتْ.

(1/9886)

[باب أكل الجمار]

قوله: (بَابُ أَكْلِ الْجُمَّارِ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الجيم، وتشديد الميم، وفي آخره راءٌ، وهو الكَثَرُ، وهو رخْصُ طلع النَّخل وما يُؤكَل من غلقته [1].

[ج 2 ص 483]

(1/9887)

[حديث: إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم]

5444# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غِياثًا)؛ بكسر الغين وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاءٌ مُثَلَّثةٌ، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، الكاهليُّ القارئ.

قوله: (إِذْ أُتِيَ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الجُمَّار): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو قريبًا جدًّا.

قوله: (لَمَا بَرَكَتُهُ): هو بفتح اللَّام وتخفيف الميم، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (أَنَا أَحْدَثُهُمْ): أي: أصغرهم سنًّا، وهذا ظاهِرٌ.

(1/9888)

[باب العجوة]

(1/9889)

[حديث: من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوةً لم يضره ... ]

5445# قوله: (حَدَّثَنَا جُمْعَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ [1]): هو جمعة بن عبد الله بن زياد السُّلَميُّ البلخيُّ، أبو بكر، وقيل: اسمه يحيى، وجمعة لقبه، عن هشيم، ومروان بن معاوية، وجماعة، وعنه: البُخاريُّ، والحسن بن سفيان، وغيرهما، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وأنَّه مِن دُعاة السُّنَّة، وتُوُفِّيَ سنة (233 هـ)، انفرد به البُخاريُّ عن أصحاب الكُتُب السِّتَّة، و (مروان): هو ابن معاوية.

قوله: (مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً ... )؛ الحديث: هو في أصلنا: (تمراتٍ عجوةً)، وفي نسخة: (تمراتِ عجوةٍ)، واعلم أنَّه يجوز فيه الإضافةُ وتركُها، قال ابن مالك: ويجوز نصبه على التمييز، و (العجوة): نوع مِن التَّمر، واعلم أنَّ هذا ورد مُقيَّدًا في «مسلم»، وكلاهما من رواية سعد بن أبي وقَّاص، ولفظه: «مَن أكل سبع تمرات ممَّا بين لابتيها حين يصبح؛ لم يضرَّه سمٌّ حتَّى يُمسِي ... »؛ الحديث، وفي «مسلم» أيضًا من حديثه الإطلاقُ كما هنا، وفي «المستدرك» وقال: صحيح الإسناد: «مَن تصبَّح ... » إلى أنْ قال: «مِن البرنيِّ»، وفي «الدَّارميِّ»: «لم يضرَّه ذلك اليومَ شيءٌ حتَّى يمسي»، وأخرج مسلم مِن حديث عائشة رضي الله عنها: «إنَّ في عجوة العالية شفاءً _ أو إنَّها ترياقٌ_ أوَّل البُكرة»، والحاصل: أنَّه ليس مراده العجوة من حيث هي، بل عجوة أرضٍ مخصوصةٍ، وقد بوَّب عليه الشيخ محي الدين في «شرح مسلم»: (باب فضل تمر المدينة)، و (اللَّابتان): الحرَّتان، وظاهر تبويب البُخاريِّ: أنَّه أراد مُطلَق العجوة؛ وذلك لأنَّه فيما يأتي في (الطِّبِّ) قال: (باب الدَّواء بالعجوة للسِّحر)، والظَّاهر من حاله: أنَّه وقف على رواية التَّقييد، ولو رضيَها؛ لقال في (الطِّبِّ): (باب الدواء بعجوة كذا للسِّحر)، وقد نقل شيخنا في (كتاب الطِّبِّ) في (باب الدَّواء بالعجوة): (عن الفرَّاء: أنَّها ممَّا غرس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالمدينة، قال: وكذا قال ابن الأثير: إنَّها نوع مِن تمر المدينة، أكبر من الصيحانيِّ، يقرب إلى السَّواد، مِنْ غرس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، ثُمَّ رأيت الذي قاله عن ابن الأثير في «نهايته» في حديث: «العجوة من الجنَّة»، ولم يقوَ فهمي أنَّه أراد: عجوة المدينة خاصَّةً مِن كلامه)، والله أعلم.

(1/9890)

قوله: (لَمْ يَضُرَّهُ): هو بفتح الراء المُشَدَّدة، ونصَّ سيبويه على ضمِّها، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (السّمَّ) مثلَّث السين، وأردؤها الكسر، وقد أُنكِر.

تنبيهٌ: قال الخَطَّابيُّ وغيرُه: وكونها عُوذة من السمِّ والسحر إنَّما هو ببركة دعوة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم التي سيقت فيها، لا لأنَّ التمر يصنع شيئًا من ذلك، انتهى.

==========

[1] في هامش (ق): (في «التذهيب»: اسمه يحيى، قيل: جمعة لقبه، واسمه عبيد بن عبد الله بن زياد بن شداد أبو بكر السلميُّ البلخيُّ، انفرد به البخاري عن الخمسة، مات سنة ثلاث وثلاثين ومئتين، توفي يوم الخميس لخمس مضين من جمادى الآخرة).

[ج 2 ص 484]

(1/9891)

[باب القران في التمر]

(1/9892)

[حديث: نهى النبي عن القران]

5446# قوله: (حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ): هو بِضَمِّ السين وفتح الحاء المُهْمَلتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ميم.

قوله: (أَصَابَنَا عَامُ سَنَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (السنة): القَحْط والجَدْب.

قوله: (مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام، الصَّحابيُّ المشهور، ابن الصَّحابيِّ، أحد العشرة.

قوله: (عَنِ الإِقْرَان): كذا في أصلنا وعليه علامة نسخة وراويه، وفي الهامش: (القِران) وعليه (صح)، قال ابن قُرقُول: (نهى عن القران في التمر): وجاء في أحاديثَ كثيرةٍ في الصَّحيحين: (عن الإقران)، والأوَّل هو المعروف، انتهى، وقد رأيت في حواشي الحافظ زكيِّ الدين بن عبد العظيم بن عبد القويِّ المنذريِّ على «أبي داود»: نقل ذلك عن أبي بكر المعافريِّ _هو القاضي أبو بكر ابن العربيِّ المالكيُّ_: أنَّه يُقال: قرن بين الشيئين وأقرن؛ إذا جمع بينهما، انتهى، وفي «النهاية»: (نهى عن القران إلَّا أنَّ يستأذن الرجلُ صاحبَه)، ويُروى: (الإقران)، والأوَّل أصحُّ، وهو أنَّ يقرن بين التمرتين في الأكل، وإنما نهى عنه؛ لأنَّ فيه شرهًا، وذلك يُزري بفاعله، أو لأنَّ فيه غُبنًا لصاحبه، وقيل: إنَّما نهى عنه لما كانوا فيه من شدَّة العيش، وقلَّة الطعام، وكانوا مع هذا يواسون من القليل، فإذا اجتمعوا على الأكل؛ آثر بعضُهم بعضًا على نفسه، وقد يكون في القوم من قد اشتدَّ جوعه، فربما قرن بين التمرتين، أو عظَّم اللقمة، فأرشدهم إلى الإذن فيه؛ لتطيب به أنفس الباقين، انتهى.

(1/9893)

واعلم أنَّه اختُلِف في هذا النَّهْي؛ أهو على التحريم أو الكراهة؟ قال النَّوَويُّ رحمه الله: والصواب التفصيل: فإنْ كان الطعام مشتركًا بينهم؛ فالقران حرامٌ إلَّا برضاهم، ويحصل الرضا بتصريحهم، أو بما يقوم مقام التصريح من قرينة حالٍ وإدلال عليهم، بحيث يعلم يقينًا أو ظنًّا قويًّا أنَّهم يرتضون به، ومتى شكَّ فى رضاهم؛ فهو حرامٌ، وإنْ كان الطعام لغيرهم أو لأحدهم؛ اشتُرط رضاه وحده، فإنْ قرن بغير رضاه؛ فحرام، ويستحبُّ أنْ يستأذنَ الآكلين معه، ولا يجب، وإنْ كان الطعام لنفسه وقد ضيَّفهم به؛ فلا يحرم عليه القران، ثُمَّ إنْ كان فى الطعام قلَّةٌ؛ فحسنٌ ألَّا يقرن؛ ليُساويَهم، وإنْ كان كثيرًا بحيث يفضل عنهم؛ فلا بأس بقرانه، لكنَّ الأدب مطلق التأدُّب في الأكل وترك الشَّرَه، إلَّا أنْ يكون مستعجلًا ويريد الإسراع لشغل ... إلى آخر كلامه، وذكر أيضًا (الإقران) فقال: هكذا هو فى الأصول، والمعروف فى اللغة: القران، والله أعلم.

قوله: (إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ، قَالَ شُعْبَةُ: الإِذْنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ): ولفظ شعبة في «مسلم»: (لا أُرى هذه الكلمة إلَّا من كلمة ابن عمر)؛ يعني بـ (الكلمة): الكلام، وهذا معروفٌ سائغٌ، قال النَّوَويُّ:

[ج 2 ص 484]

وما قاله شعبة لا يؤثِّر في رفع الاستئذان؛ لأنَّه نفاه بظنٍّ في «مسلم»، وكأنَّه قَوِيَ ظنُّه مرَّة أخرى، فجزم به، كما هنا، ولكن أثبته سفيان في «صحيح مسلم» ولفظه: (نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ يقرن الرجلُ بين التمرتين حتَّى يستأذن أصحابه)، انتهى، وقال الخطيب البغداديُّ: إنَّ هذا من قول ابن عمر، وليس من قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، نقله عنه المحبُّ الطبريُّ، وقد تَقَدَّمَ كلامٌ على هذا الموضع، والله أعلم.

(1/9894)

[باب بركة النخل]

(1/9895)

[حديث: من الشجر شجرة تكون مثل المسلم وهي النخلة]

5448# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (زُبَيْد)؛ بالموحَّدة: هو ابن الحارث الياميُّ، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 485]

(1/9896)

[باب القثاء]

قوله: (بَابُ الْقثَّاءِ) [1]: تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بكسرِ [2] القاف وضمِّها، وتَقَدَّمَ مَن قرأ بِضَمِّ القاف، وتَقَدَّمَ ما وقع للجوهريِّ فيه.

(1/9897)

[باب جمع اللونين أو الطعامين بمرة]

قوله: (بَابُ جَمْعِ اللَّوْنَيْنِ أَوِ الطَّعَامَيْنِ بِمَرَّةٍ): قال شيخنا: قال المهلَّب: لا أعلم مَن نهى عن خلط الأدم إلَّا شيئًا يُروى عن عمر رضي الله عنه، ويمكن أنْ يكون ذلك من السَّرَف _ والله أعلم_؛ لأنَّه كان يمكن أنْ يأتدم بأحدهما ويرفع الآخر إلى مرَّة أخرى، ولم يحرِّم ذلك عمرُ رضي الله عنه؛ لأجل الاتِّباع في أكل الرطب بالقثَّاء، والقديد مع الدُّبَّاء، وقد رُوِيَ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما يبيِّن هذا، روى عبيد الله بن عمر القواريريُّ، وساق سندًا إلى سلمة بن حنيف عن أهل بيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (أنَّه عليه الصلاة والسلام نزل قباء ... )؛ فذكر حديثًا، إلى أنْ قال عليه السلام: «ما شرابك هذا؟» قال: لبنٌ وعسلٌ يا رسول الله، قال: «إنِّي لا أحرِّمه، ولكن أدعه تواضعًا لله، فإنَّه من تواضع لله؛ رفعه الله، ومَن تكبَّر؛ قصمه الله، ومَن بذَّر؛ أفقره الله، ومَن اقتصد؛ أغناه الله، ومَن ذكر الله؛ أحبَّه الله»، انتهى.

وقد ذكر ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» بسنده حديثًا في الجمع بين إدامين عن عائشة رضي الله عنها قالت: أُتِيَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بقدح لبن وعسل، فقال: «أشربتان في شربة، وأُدمان في أدم وقدح؟! لا حاجة لي فيه، أمَا إنِّي لا أزعم أنَّه حرامٌ، ولكنِّي أكره أن يسألني الله عن فضول الدنيا يوم القيامة، أتواضع، فمَن تواضع لله؛ رفعه الله، ومَن تكبَّر؛ وضعه الله، ومَن استغنى؛ أغناه الله، ومن أكثر ذكر الله؛ أحبَّه الله»، قال ابن الجوزيِّ: تفرَّد به نعيم، ثُمَّ ذكر جرحه عن جماعةٍ، انتهى.

وفي «المستدرك» في (الأطعمة): (عن أنس رضي الله عنه: أُتِيَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقعب فيه لبنٌ [وشيء] [1] من عسل، فقال: «أُدمان في إناء؟! لا آكله ولا أحرِّمه»، صحيحٌ)، قال الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»: بل منكرٌ واهٍ، رواه مُحَمَّد بن عبد الكبير بن شعيب بن الحبحاب: حدَّثَني عمِّي عبد السلام عن أبيه عن أنس، ولم أرَ فيهم مجروحًا، انتهى، والله أعلم.

وتقدير تبويب البُخاريِّ: باب جواز جمع اللَّونَين، أو باب جمع اللَّونَين ... إلى آخره، هل جاء فيه شيء؟ وقد ذكر فيه دليلَ الجوازِ.

==========

[1] ما بين معقوفين بياض في (أ)، وكُتِبَ فوقها: (كذا)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 485]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لقد أبطل الله كل طلاق سبق علي تنزيل طلاق سورة الطلاق 5هـ

  المقدمة الأولي /التفصيل القريب و الصواب في التفصيل الاتي 1= نزلت أحكام الطلاق في ثلاث سور قرانية أساسية تُشرِّع قواعده علي المُدرَّج ال...