سورة الطلاق مشاري

**

 المصحف المرتل ختمة كاليفورنيا

** ///

طلاق سورة الطلاق  إعجازٌ وضعه الله في حرفٍ.حيث وضع الله الباري إعجاز تبديل أحكام الطلاق التي كانت  في سورة البقرة 2هـ  إلي أحْكَمِ  أحكامها  في  سورةِ الطلاقِ 5هـ لينتهي كل متشابهٍ  وظنٍ وخلافٍ واختلافٍ  إلي الأبد وحتي يوم القيامة ..وسورة الطلاق5هـ نزلت بعد سورة البقرة2هـ بحوالي عامين ونصف تقريباً يعني ناسخة لأحكام طلاق سورة البقرة2هـ .

الأربعاء، 5 أبريل 2023

ج11و ج12. : التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

ج11وج12.

ج11. : التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: الثلث والثلث كثير أو كبير]

2743# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه ابن عيينة، وذلك لأنِّي رأيت الحافظ عبد الغنيِّ ذكر في مشايخ قتيبة ابنَ عيينة، ولم يذكر الثَّوريَّ، والله أعلم.

قوله: (لَوْ غَضَّ النَّاسُ): هو بالغين المفتوحة، والضَّاد المُشدَّدة المفتوحة المعجمتين؛ أي: نقصوا، وقال الطَّبريُّ: معناه: رجعوا، وأصل الغَضِّ: الكفُّ والرَّدُّ.

قوله: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ): كذا في أصلنا: بالمثلَّثة، وفي نسخة خارج الأصل، وكُتِب عليها: (صح) و (أصل)؛ بالموحَّدة.

==========

[ج 1 ص 691]

(1/5272)

[حديث: لعل الله يرفعك وينفع بك ناسًا]

2744# قوله: (حَدَّثَنَا مَرْوَانُ): هو ابن معاوية الفَزاريُّ، أبو عبد الله، الحافظ، عن عاصمٍ الأحول وحُمَيد، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن ملَّاس، تُوُفِّيَ سنة (193 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه جماعة، وقد تقدَّمت ترجمته، ولكن طال العهدُ بها.

قوله: (عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (هاشم بن هاشم)؛ فهو هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقَّاص، ويقال: هاشم بن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقَّاص، قال الذَّهبيُّ في «تذهيبه»: وهذا أصحُّ، فإنَّ هاشم بن عتبة قُتِل بصفِّين، ولا يمكن أن يكون هذا ولدَه لصلبه إلَّا ولد ولده، عن عبد الله بن وهب بن زَمْعة، وابن المسيّب، وعامر بن سعد، وجماعة، وعنه: يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، ومروان بن معاوية، وموسى بن يعقوب الزُّمعيُّ [1]، وأبو أسامة، وآخرون، وثَّقه ابن معين والنَّسائيُّ، قال البخاريُّ عن مكِّيِّ: سمعت منه سنة (147 هـ)، أخرج له الجماعة، و (عامر بن سعد): هو ابن أبي وقَّاص، عن أبيه، وعثمان، وعائشة، وغيرهم، وعنه: ابنه داود، والزُّهريُّ، وطائفةٌ، ثقة، تُوُفِّيَ سنة ثلاث أو أربع ومئة، أخرج له الجماعة.

قوله: (مَرِضْتُ، فَعَادَنِي رَسُولُ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذا المرض كان في حجَّة الوداع سنة عشرٍ، وهذا معروف.

[ج 1 ص 691]

قوله: (عَقبيِّ [3]): هو بتشديد الياء.

قوله: (وَإِنَّمَا لِي ابْنَةٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّها عائشة، وأنَّها تابعيَّة لها رؤية، وقد تَقَدَّم ما قاله بعض حُفَّاظ مصر: (أنَّها أمُّ حكيم)، انتهى، وقد تَقَدَّم عددُ أولاده مِن الرِّجال والنِّساء الذين جاؤوا بعد الواقعة في أوائل (البيع).

==========

[1] في (ب): (الرضعي)، وهو تحريفٌ.

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ).

[3] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (عَقِبِي)؛ بتخفيف الياء.

(1/5273)

[باب قول الموصي لوصيه: تعاهد ولدي. وما يجوز للوصي .. ]

(1/5274)

[حديث: هو لك يا عبد ابن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر]

2745# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ [1]، العالم المشهور.

قوله: (كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا أخو سعد بن أبي وقَّاص، وقَدَّمتُ أنَّ الصَّحيح: أنَّه لم يسلم عتبةُ.

تنبيهٌ: وقد ذكر الحاكم في «المستدرك» في ترجمة حاطب بن أبي بلتعة: أنَّه قتل عتبة بن أبي وقَّاص في أُحُد، قال: فأخذت رأسه وفرسه، فقال _يعني: رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم_: «رضي الله عنك» مرَّتين، سكت عليه الذَّهبيُّ في «تلخيصه»، فمتى أسلم هذا؟!

قوله: (أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ): تَقَدَّم (ابن وليدة زَمْعة) أنَّه [2] عبد الرَّحمن، صحابيٌّ مشهور، وأنَّ (وليدة زَمْعة) لا أعرف اسمها، وهي امرأة يمانيَّة، وكذا تَقَدَّم الكلام على (عَبْد بْن زَمْعَةَ)، وكذا قوله: (فَتَسَاوَقَا)، وكذا إعرابُ (يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ)، وكذا (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ)؛ أي: لصاحب الفراش، وكذا على قوله: (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ)، وكذا الكلام على (سَوْدَة بِنْت زَمْعَةَ)، وهي أمُّ المؤمنين رضي الله عنها.

==========

[1] (الزهري): سقط من (ب).

[2] في (ب): (اسمه).

[ج 1 ص 692]

(1/5275)

[باب: إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازت]

قوله: (إِذَا أَوْمَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره.

==========

[ج 1 ص 692]

(1/5276)

[حديث أنس: أن يهوديًا رض رأس جارية بين حجرين]

2746# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ، وقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا ضبطُ نسبتِه غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (أَنَّ يَهُوِدِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ): (اليهوديُّ) و (المقتولة): لا أعرف اسمهما.

قوله: (فَرُضَّ رَأْسُهُ): (رُضَّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (رأسُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، ويجوز أن يُبنَى للفاعل، ويُنصَب (رأسَه) على أنَّه مفعول.

==========

[ج 1 ص 692]

(1/5277)

[باب: لا وصية لوارث]

قوله: (لَاْ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ): هذا هو الصَّحيح، وأمَّا الاستثناء «إلَّا أن يشاء الورثة»؛ فضعيفٌ [1].

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في النُّسختين بعد الفقرة اللَّاحقة، وهي مستدركة في (أ).

[ج 1 ص 692]

(1/5278)

[حديث: كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين]

2747# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ وَرْقَاءَ): هذا هو الفريابيُّ، تَقَدَّم، وتَقَدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريِّ البيكنديِّ في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (عَنْ وَرْقَاءَ): هو بفتح الواو، وبالمدِّ في آخره، وهو ابن عمر اليشكريُّ، مشهور، و (ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ): اسمه عبد الله بن أبي نَجِيح، تَقَدَّم، و (عَطَاء) هذا: هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تَقَدَّم.

==========

[ج 1 ص 692]

(1/5279)

[باب الصدقة عند الموت]

(1/5280)

[حديث: أن تصدق وأنت صحيح حريص تأمل الغنى وتخشى الفقر]

2748# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا (سُفْيَان): الظَّاهر أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، وذلك لأنِّي رأيت في «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ في ترجمة حمَّاد بن أسامة أنَّه روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكرِ ابنَ عيينة في مشايخه، والله أعلم.

قوله: (عَنْ عُمَارَةَ): هو ابن القَعْقَاع الضَّبِّيُّ، عن أبي زُرْعة هرمٌ _وقيل في اسمه غير ذلك، وقد تَقَدَّم _وجماعةٍ، وعنه: السُّفيانان وابن فُضَيل، له نحوُ ثلاثين حديثًا، أخرج له الجماعة، قال ابن معين والنَّسائيُّ: ثقة، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا مرارًا.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ [1]: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟): هذا لا أعرفه.

قوله: (تَأْمُلُ): هو بضَمِّ الميم؛ أي: تطمع.

قوله: (حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ): أي: قاربت، وإلَّا؛ إذا بلغت الحلقوم سُلِبَ التَّكليف.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يَا رَسُولَ اللهِ).

[ج 1 ص 692]

(1/5281)

[باب قول الله تعالى: {من بعد وصية يوصى بها أو دين}]

قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بغير إسناد، ثمَّ قال: (قيل: ترجم على تقديم الدَّين على الوصيَّة، فما وجه ذكر حديث العبد؛ يعني: حديث: «العبد راع في مال سيِّده»، قال: وحديث حَكِيم؛ يعني به: (سألت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأعطاني ... )؛ الحديث؟ قال ابن المُنَيِّر: قلت: أمَّا حديث العبد؛ فأصلٌ يندرج تحته مقصود التَّرجمة؛ لأنَّه لمَّا تعارض في ماله حقُّه وحقُّ السَّيِّد؛ قوي الأقوى، وهو حقُّ السَّيِّد، وجُعِل العبدُ مسؤولًا عنه، ومُؤَاخَذًا بحفظه، وكذلك حقُّ الدَّين لمَّا عارضه حقُّ الوصيَّة _والدَّين واجبٌ، والوصيَّة تطوُّع_؛ وجب تقديمُه، وأمَّا حديث حَكِيم [1]؛ فيحتمل مطابقته من وجهين؛ أحدهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم زهد في قبول العطيَّة، ومرض [2] فيها، وجعل يدَ آخذِها اليدَ السُّفلى؛ تنفيرًا عن قبولها، ولم يَرِدْ مثلُ هذا في تقاضي الدَّين.

فالحاصل: أنَّ قابض الوصيَّة يدُه السُّفلى، وقابض الدَّين استيفاء حقِّه، إمَّا أن تكون يده العُليا؛ لأنَّه المُتفضِّل، وإمَّا أن تكون يدُه ليست بالسُّفلى، هذا أصل حالته [3]، فتحقَّق تقديمُ الدَّين على الوصيَّة بذلك الوجه الآخر في المطابقة، ذكره المُهلَّب، وهو أنَّ عمر رضي الله عنه اجتهد أن يوفيَه حقَّه في بيت المال، وبالغ في خلاصه من عُهدته، هذا وليس دَينًا، ولكن فيه شبه الدَّين؛ لكونه حقًّا في الجملة، والوجه الأوَّل أقوى في مقصود البخاريِّ عند النظر، والله أعلم.

قوله: (وَيُذْكَرُ أَنَّ شُرَيْحًا): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وقد تَقَدَّم أنَّها صيغة تمريض، فليس على شرطه، و (شُرَيح): تَقَدَّم أنَّه ابن الحارث القاضي مُتَرجَمًا.

قوله: (وَعَطَاءً): هو ابن أبي رَباح مفتي أهل مكَّة، تَقَدَّم.

(1/5282)

قوله: (وَابْنَ أُذَيْنَةَ): هو تصغير (أُذن)، واسمه عبد الرَّحمن بن أُذينة العبديُّ الكوفيُّ، قاضي الكوفة، روى عن أبيه وأبي هريرة، وعنه: يحيى بن أبي إسحاق الحضرميُّ، وقتادة، وسليمان التَّيميُّ، وجماعة، وثَّقه أبو داود، ولَّاه الحجَّاجُ القضاءَ سنة (83 هـ)، وقال عمر بن شبَّة: تُوُفِّيَ سنة (95 هـ) أو قبلها، وقيل: قبل ذلك، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له ابن ماجه.

تنبيهٌ: أُذينة بن الحارث الكنانيُّ اللَّيثيُّ أبو عبد الرَّحمن، وقيل: أُذَينة بن مسلم أو سلمة العبديُّ، قال أبو إسحاق السَّبيعيُّ: عن عبد الرَّحمن بن أُذَينة، عن أبيه رفعه: «مَن حلف على يمين ... »، وقال أبو أحمد العسكريُّ: هو مِن عبد القيس، وقال البخاريُّ: (أُذَينة العبديُّ عن عمرو، وعنه: ابنه، وروى عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مُرسَلًا)، وقال أبو نعيم: هو تابعيٌّ كوفيٌّ، وقد حمَّر عليه الذَّهبيُّ، فالصَّحيح: أنَّه تابعيٌّ أيضًا [4] عنده.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه البصريُّ، العالم المشهور الفرد.

[ج 1 ص 692]

قوله: (أَحَقُّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ الرَّجُلُ ... ) إلى آخره: هو بفتح التَّاء والصَّاد، وتشديد الدال، كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (كذا للأصيليِّ، وعند أبي ذرِّ: «يُصدَّق»، على ما لم يُسمَّ فاعله، وهو أشبه)، انتهى.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ): (إبراهيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، و (الحكم): هو ابن عُتيبة، تقدَّما.

قوله: (وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ): تَقَدَّم بعض ترجمته، وأنَّ (خَدِيجًا) بفتح الخاء المعجمة، وكسر الدال المهملة، وفي آخره جيمٌ، ورَافعٌ صحابيٌّ مشهورٌ.

قوله: (أَنْ لَا تُكْشَفَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (امرأتُه): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ): هذه المرأة لا أعرف اسمها.

قوله: (عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُها): (أُغلِق): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (بابُها): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (لِمَمْلُوكِهِ): هو (مملوك)، وهاءُ الضَّمير مضافٌ إليه، و (أَعْتَقْتُكَ)؛ بفتح الكاف على الخطاب للمذكَّر.

قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، و (الشَّعبيُّ)؛ بفتح الشين المعجمة.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): قال شيخنا الشَّارح: (المراد به: أبو حنيفة رحمه الله تعالى).

(1/5283)

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ): هو مَنْصوبٌ، وهذا مشهور جدًّا.

==========

[1] (حكيم): سقط من (ب).

[2] كتب فوقها في (أ): كذا، و (مرض فيها): ليس في مصدره.

[3] كذا في النُّسختين، وفي مصدره: (هذا أقلُّ حاليه).

[4] (أيضًا): سقط من (ب).

(1/5284)

[حديث: آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان]

2749# قوله: (آيَةُ الْمُنَافِقِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وكذا (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ): تَقَدَّم الكلام عليه.

(1/5285)

[باب تأويل قول الله تعالى {من بعد وصية يوصى بها أو دين}]

قوله: (وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وقد تَقَدَّم أنَّها صيغة تمريض، ولم يكن [1] ما ذكره فيه على شرطه، وقد أخرجه التِّرمذيُّ وابن ماجه، قال التِّرمذيُّ: لا نعرفه إلَّا مِن حديث أبي إسحاق عن الحارث [2]، وقد تكلَّم بعضُ أهل العلم في الحارث، انتهى، للحارث ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تكلَّم مسلم عليه في مُقدِّمة «الصَّحيح»، ولم يخرِّج له البخاريُّ ومسلم، وأخرج له الأربعة، وقد ذكر الحاكم مِن حديث عليٍّ رضي الله عنه قال: (إنَّكم تقرؤون هذه الآية: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11]، وإنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قضى بالدَّين قبل الوصيَّة)، فيه: الحارث الأعور، المذكور قبله، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (يذكر)، ولعلَّه تكرارٌ.

[2] (عن الحارث): سقط من (ب).

[ج 1 ص 693]

(1/5286)

[حديث: يا حكيم إن هذا المال خضر حلو فمن أخذه بسخاوة نفس .. ]

2750# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا [1] هو الفريابيُّ، الحافظ، مُحدِّث قيسارية، تَقَدَّم، وتَقَدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريِّ البيكنديِّ في أوائل هذا التَّعليق، وذكرت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ، والله أعلم، وكذا تَقَدَّم (الأَوْزَاعِيُّ): أنَّه أبو عمرو عبد الرَّحمن بن عمرو، وتَقَدَّم الكلام على نسبته لماذا، وكذا (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا (سَعِيد بْن الْمُسَيّبِ)، وأنَّه بفتح يائه وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المسيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وكذا (حَكِيم بْن حِزَامٍ): أنَّه بفتح الحاء، وكسر الكاف، وأنَّ حِزَامًا؛ بكسر الحاء المهملة، وبالزاي، صحابيٌّ مشهور _أعني: حَكِيمًا_، تَقَدَّم [2].

قوله: (بِإِشْرَافِ نَفْسٍ): هو بالشين المعجمة؛ ومعناه: بطلبٍ لذلك وارتفاعٍ وتعرُّضٍ إليه.

قوله: (لَمْ يُبَارَكْ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى): تَقَدَّم الخلاف في (اليد العليا) و (السُّفلى) في (الزَّكاة)؛ فانظره إن شئته.

قوله: (لَا أَرْزَأُ): هو بفتح الهمزة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ زاي مفتوحة، ثمَّ همزة؛ ومعناه: لا أُصيبُ بالأخْذِ.

قوله: (أَعْرِضُ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء.

قوله: (فَلَمْ يَرْزَأْ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه، ويجيء فيه ما جاء في (لم يتوضَّ)؛ الأوجه الثَّلاثة التي ذكرتها في (الوضوء)؛ فانظرها.

قوله: (حَتَّى تُوُفِّيَ): تُوُفِّيَ حَكِيم سنة (54 هـ)، قاله جماعة، وقال البخاريُّ: سنة (60 هـ)، وقد تَقَدَّم ذلك.

(1/5287)

[حديث: كلكم راع ومسؤول عن رعيته والمرأة في بيت]

2751# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن المبارك، وكذا (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد [1]، وكذا (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

==========

[1] زيد في (ب): (الأيلي).

[ج 1 ص 693]

(1/5288)

[باب: إذا وقف أو أوصى لأقاربه ومن الأقارب؟]

قال: (بَابٌ: إِذَا وَقَفَ ... ) إلى آخر التَّرجمة: تنبيهٌ: الوقف والتحبيس والتَّسبيل بمعنًى واحدٍ، وهي [1] الصَّدقة المعروفة، والوقف ممَّا اختصَّ به المسلمون، قال الإمام الشَّافعيُّ: ولم يحبس أهل الجاهليَّة فيما علمته دارًا ولا أرضًا تبرُّرًا بحبسها، وإنَّما حَبَس أهلُ الإسلام، انتهى.

قوله: (لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّم أنَّه زيد بن سهل، صحابيٌّ مشهور بدريٌّ نقيب، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «صوت أبي طلحة في الجيش خيرٌ مِن فئة».

قوله: (لِحَسَّانَ [2] وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ): سيأتي نسبهما في كلام البخاريِّ.

قوله [3]: (وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن المثنَّى بن عبد الله بن أنس بن مالك [4] الأنصاريُّ، شيخ البخاريِّ، وأخرج له الباقون بواسطة، وقد تَقَدَّم أنَّ البخاريَّ إذا قال: (قال فلان) وفلانٌ المسند إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا.

قوله: (عَنْ ثُمَامَةَ): هو بضَمِّ المثلَّثة، وتخفيف الميم، وهو ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك، قاضي البصرة، روى عن جدِّه والبراء، وعنه: عبد الله بن المثنَّى، ومَعْمَر، وعدَّة، ثقة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي): هذا هو المشهور المعروف، وسيأتي ما يخالفه في (تفسير آل عمران)، وذاك مُشكِلٌ، ونتكلَّم عليه في مكانه.

قوله في نسب أبي طلحة: (حَرَامِ): هو بالرَّاء، وكذا في نسب حسَّان، وكلُّ مَن في [5] الأنصار من الأسماء؛ فهو كذلك.

(1/5289)

قوله: (وَهُوَ [6] يُجَامِعُ حَسَّانَ، وأَبَا [7] طَلْحَةَ، وَأُبَيًّا إِلَى سِتَّةِ آبَاءٍ): (حسَّانَ): مَنْصوبٌ مفعول، وفي نسخة الدِّمياطيِّ الحافظ: (فهو يجامع حسانُ أبا طلحة، وأُبيًّا)، فـ (حسَّان) فيها؛ بالرَّفع، وهو فاعل (يجامع)، و (أبا طلحة): مفعول، و (أُبيًّا): معطوف عليه، قال الدِّمياطيُّ: (ظاهر هذا الكلام مُشكِلٌ يحتاج إلى تبيين؛ فإيضاحُه أنَّ أبا طلحة زيدُ بن سهل بن الأسود بن حرام، وحسَّان ابنُ ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عديِّ بن عمرو بن مالك بن النَّجَّار، وأُبيَّ ابنُ كعب بن قيس بن عُبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النَّجَّار، فيجتمع أبو طلحة، وحسَّان، وأُبيُّ بن كعب في عمرو بن مالك، ويجتمع أبو طلحة، وحسَّان في حرام جدِّ أبويهِما، وبنو عمرو بن عديِّ بن مالك يقال لهم: بنو مغالة، وبنو معاوية بن عمرو بن

[ج 1 ص 693]

مالك يقال لهم: بنو حُدَيلة؛ بطنان مِن بني [8] مالك بن النَّجَّار، فقوله: «فهو يجامع حسَّانُ أبا طلحة وأُبيًّا»: «هو» ضمير الشَّأن)، انتهى.

فقوله: (إِلَى سِتَّةِ آبَاءٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ): اعلم أنَّ (عمرو بن مالك) سابعُ أبٍ لأبي طلحة، وسادسٌ لأُبيٍّ، والله أعلم.

فائدةٌ هي تنبيهٌ: قال السُّهيليُّ في (غزوة بني المصطلق) في «الرَّوض»: (وأمَّا أُبيٌّ؛ فيجتمع معه في الأب السَّادس، وهو عمرو بن مالك بن النَّجَّار، وقد كان أُبيٌّ غنيًّا، فكيف ترك مَن هو أقرب منه وخصَّه؟! والوجْه في ذلك: أنَّ أُبيًّا كان ابن عمَّة أبي طلحة، وهي صُهَيلة [9] بنت الأسود بن حرام، وهو معروف عند أهل النَّسب، فمن أجل ذلك [10] النَّسب خصَّه، لا من أجل النَّسب الذي ذكرناه، فإنَّه بعيد، وإنَّما قال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «اجعلها في الأقربين»)، انتهى، وقوله: (أنَّ أُبيًّا كان غنيًّا): فيه نظرٌ، فإنَّ في «الصحيح»: «اجعلها لفقراء قرابتك»، والله أعلم، ولو كان غنيًّا؛ لما أعطاه شيئًا، والله أعلم، ويحتمل أنَّه استغنى بعد الإعطاء.

(1/5290)

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ؛ فَهْوَ إِلَى آبَائِهِ فِي الإِسْلَامِ [11]): قال شيخنا: (قال ابن التِّين في قول البخاريِّ: «إذا أوصى لقرابته؛ فهو إلى آبائه في الإسلام»: ثمَّ نقل عن أبي يوسف: أنَّ الوصيَّة لقرابته دون رحمه المحرمة وغيرهم مِن الرِّجال والنِّساء، الأقرب والأبعد في ذلك سواءٌ إلى أقصى أبٍ له في الإسلام مِن الرِّجال والنِّساء.

==========

[1] في (أ): (وهذه)، وكتب فوقها: (هي)، وزيد في (ب): (هذه).

[2] في (ب): (بحسان)، وهو تحريفٌ.

[3] (قوله): سقط من (ب).

[4] (بن مالك): سقط من (ب).

[5] (في): سقط من (ب).

[6] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (فهو).

[7] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (يجامع حسانُ أبا طلحة)، وكتب في هامش (ق): وهو الصَّواب.

[8] (بني): سقط من (ب).

[9] في (ب): (سهيلة)، وهو تحريفٌ.

[10] (ذلك): سقط من (ب).

[11] زيد في (ب): (ثمَّ).

(1/5291)

[حديث: أرى أن تجعلها في الأقربين]

2752# قوله: (أَفْعَلُ): هو بفتح همزة المُتكلِّم، وهو فعلٌ مضارعٌ مَرْفوعٌ؛ لأنَّه لم يتقدَّمه ناصبٌ ولا جازمٌ، وقد تَقَدَّم قولُ مَن قال: هو [1] بالجزم على أنَّه أمر.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214])، وكذا (قَالَ [2] أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}): هذان مُرسَلَا صحابيٍّ؛ لأنَّ أبا هريرة كان إذ ذاك كما [3] كان، ولم يصحب إلَّا بالمدينة، وجاء إليها والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في خيبر، فصلَّى خلف سباع بن عُرفطة، ثمَّ ذهب إلى خيبر بعد الفراغ مِن القتال وقبل القسمة، وابن عبَّاس: وُلِد في الشعب، ولمَّا تُوُفِّيَ عليه الصَّلاة والسَّلام؛ اختُلِف في سنِّه على أقوالٍ ستأتي، وكان على قولٍ: ابنَ ثلاثَ عشرةَ، ودخل في أربعَ عشرةَ، وقيل: دون ذلك، ومُرسَلُ الصَّحابيِّ معمولٌ به، خلافًا لأبي إسحاق الإسفراينيِّ وطائفةٍ يسيرةٍ.

==========

[1] (هو): سقط من (ب).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وقال).

[3] في (ب): (فما)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 694]

(1/5292)

[باب: هل يدخل النساء والولد في الأقارب]

(1/5293)

[حديث: يا معشر قريش اشتروا أنفسكم]

2753# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي): أنَّه [1] مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (ابْن المُسَيّب): أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره بالفتح ليس إلَّا، وكذا تَقَدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): مرارًا تَقَدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (حِينَ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]): تَقَدَّم أعلاه أنَّه مُرْسَلُ صحابيٍّ.

قوله: (يَا عَبَّاسَ بنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ): تَقَدَّم في نظيره فتح (عبَّاس) و (بن)، [وضمُّ (عبَّاس) وفتح (بن)] [2]، وضمُّهما، وهو أغربها، وأنَّ ابن مالك ذكرها [3] في «التَّسهيل»، وذكرت شرط ذلك في أوائل هذا التَّعليق، وذكرت ما إذا كان بين غير علمين ما حكمه؛ فانظره إن أردته، وكذا (يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ): مثل (يا عبَّاس) المذكور.

قوله: (وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ): (عمَّةَ): فيها النَّصب فقط على الصَّحيح، وقد ذكرت ذلك في أوائل هذا التَّعليق؛ فانظره.

قوله: (تَابَعَهُ أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): الضمير في (تابعه): الظاهر عوده إلى (أَبِي اليَمَانِ)؛ الحكم بن نافع، و (أصبغ): هو ابن الفرج المصريُّ الفقيه، شيخ البخاريِّ، والظاهر أنَّ قوله: (تابعه فلان) إذا كان شيخَه _ كهذا_؛ يكون قد رواه عنه إمَّا مذاكرة، وإمَّا غير ذلك من وجوه الأخذ، إمَّا تحديثًا، وإمَّا إخبارًا، و (ابن وهب): هو عبد الله بن وهب أحد الأعلام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهري): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب؛ الكلُّ تقدَّموا، والله أعلم، ومتابعة (أصبغ عن ابن وهب) لم أرَها في شيءٍ مِن الكتب السِّتَّة إلا ما هنا، وإنَّما روى مسلم هذا الحديث في (الإيمان) عن حرملة بن يحيى، والنَّسائيُّ في (الوصايا) عن سليمان بن داود المَهْرِيِّ؛ كلاهما عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهريِّ، عن سعيد، وأبي سلمة به.

(1/5294)

[باب: هل ينتفع الواقف بوقفه؟]

قوله: (بَابٌ: هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بغير إسناد، ثمَّ قال: (بنى البخاريُّ رحمه الله في مطابقة حديث عمر رضي الله عنه للترجمة أنَّ المُخاطِب به يدخل في خطابه، وهو أصل مُختلَفٌ فيه، ومالك رحمه الله في مثلِ هذا يحكم بالعُرف، حتَّى يُخرِج غيرَ المخاطب أيضًا من العُموم؛ لقرينة عُرفيَّة؛ كما إذا أوصى بمالٍ للمساكين وله أولاد، فلم يقسم حتَّى أنفقَ أولادُهُ؛ يعني: افتقروا، وذهب مالُهم، قال: فابن القاسم يمنع الأولادَ، وإن كانوا مساكين؛ لأنَّ العُرفَ في الإطلاق للأجانب، ولمطرِّف أنَّهم يُعطَون، ولابن الماجشون أنَّهم يُعطَون إن كانوا يومَ أوصى أغنياءَ، ثمَّ افتقروا، ولا يُعطَون إن كانوا يوم الوصيَّة مساكينَ، ولو وقف على المساكين فافتقر أولادُه؛ فلم يُختلَف أنَّهم يُعطَون بالمسكنة، ولكن قال: يجب إدخال الأجانب معهم؛ لئلَّا يندرس الوقفُ، ويَكتُب على الأولاد كتابًا: أنَّهم بالمسكنة العامَّة قبضوا، لا بخصوص القرابة، وشذَّت قاعدتُه هذه على كثير مِن أهل العصر، فقارب مشايخَهم الصَّوابُ، وأبعد غيرُهم غايةَ الإبعاد، والله المُوفِّق.

==========

[ج 1 ص 694]

(1/5295)

[حديث: اركبها ويلك أو ويحك]

2754# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً): هذا (الرجل): تَقَدَّم أنِّي لا أعرف اسمه.

قوله: (وَيْلَكَ أَوْ: وَيْحَكَ): تَقَدَّم الكلام على (ويح)، وعلى (ويل).

==========

[ج 1 ص 694]

(1/5296)

[حديث: أن رسول الله رأى رجلًا يسوق بدنة فقال: اركبها]

2755# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي [1] أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمامِ، وكذا تَقَدَّم (أَبُو الزِّنَادِ): أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وكذا تَقَدَّم (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً): تَقَدَّم أنَّ هذا (الرجل) لا أعرف اسمه أعلاه، وقبله أيضًا [2]، وكذا تَقَدَّم الكلام على (وَيْلَكَ).

==========

[1] (أبي): سقط من (ب).

[2] في (ب): (مرارًا).

[ج 1 ص 694]

(1/5297)

[باب: إذا وقف شيئًا فلم يدفعه إلى غيره فهو جائز]

قوله [1]: (أَوقَفَ): كذا في أصلنا، والفصيح: وقف، و (أوقف): لغة رديئة.

قوله: (لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ): تَقَدَّم أنَّه النَّاظر.

قوله: (لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه زيد بن سهل الأنصاريُّ، وتَقَدَّم قريبًا نسبُه في الصَّحيح، وبعض ترجمته، وكذا تَقَدَّم على (أَفْعَلُ)، وأنَّه بقطع الهمزة مَرْفوعٌ، فعلٌ مضارعٌ، وتَقَدَّم قول مَن قال: إنَّه فعلُ أمرٍ.

(1/5298)

[باب: إذا قال: داري صدقة لله ولم يبين للفقراء أو غيرهم]

قوله: (بَيْرحَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأين هي، وضبطها، واللُّغات التي فيها.

[ج 1 ص 694]

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ؟ وَالأَوَّلُ أَصَحُّ): ممَّن اشترط بيان المَصْرِف الشَّافعيَّة، ومِن شروط صحَّة الوقف عند الشافعيَّة: بيان المَصْرِف، فلو اقتصر على (وقفت هذا)؛ فقولان: وقيل: وجهان؛ أظهرهما: عند الأكثرين بطلانُ الوقف، والقول الثَّاني أو الوجه الثاني: يصحُّ، وإليه ميل الشيخ أبي حامد، واختاره صاحب «المُهذَّب» والرُّويانيُّ، والله أعلم.

(1/5299)

[باب: إذا قال أرضي أو بستاني صدقة عن أمي فهو جائز]

(1/5300)

[حديث: يا رسول الله إن أمي توفيت أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟]

2756# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ سَلَامٍ [1]): تَقَدَّم مرارًا أنَّ الصَّحيح في (سلَام): التَّخفيف، وقد قَدَّمتُ بعض ترجمته، والكلام على (سلَام) مُطَوَّلًا.

قوله: (حَدَّثَنَا [2] مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ): هو بإسكان الخاء [3]، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، العالم المشهور، تَقَدَّم بعض ترجمته، و (يَعْلَى): هو ابن مسلم بن هرمز المكِّيُّ، يروي عن أبي الشعثاء، وسعيد بن جبير، وعكرمةَ، وعنه: ابن جُرَيج، وشعبة، وجماعة، وثَّقه ابن معين وأبو زرعة، أخرج له الجماعة خلا ابن ماجه، وقال شيخنا: («يعلى»: هو ابن مسلم، كما صرَّح به الإسماعيليُّ، وأبو نعيم، والحُمَيديُّ، وقال الطُّرُقيُّ: هو ابن حكيم)، انتهى، وقال المِزِّيُّ: إنَّه ابن مسلم.

تنبيهٌ: يعلى عن عكرمة عن ابن عبَّاس اثنان؛ هذا أحدهما، والآخر: يعلى بن حكيم الثَّقفيُّ البصريُّ، أخرج له عن عكرمة عنه البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، له في «البخاريِّ» حديثان؛ أحدهما: في رجم ماعز، ذكره في (المحاربين)، والحديث الثاني: (خرج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في مرضه الذي مات فيه عاصبًا رأسه .. )؛ الحديث.

قوله: (أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ [4] تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ): (أمُّه): صحابيَّةٌ، واسمها عَمرة بنت مسعود، قاله ابن بشكوال، وكذا النَّوويُّ، وقد تَقَدَّم في (الجنائز)، قال الذَّهبيُّ: (عمرة بنت مسعود بن قيس يقال: أمُّ سعد بن عبادة، ويقال: أمُّ سعد بن زيد بن مالك النَّجَّاريِّ، أختها عمرة الصُّغرى، زوجة أوس بن زيد بن أصرم، وأختهما عمرة الثَّالثة امرأة أبي حسَّان [5] بن ثابت، وأختهنَّ عمرة الرَّابعة هي والدة سعد بن عُبادة، تُوُفِّيَت سنة (5 هـ)، ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة دومة الجندل، وأختهنَّ عمرةُ الخامسة والدة قيس بن عمرو)، وذكر ابن سعد: (أنَّ الخمس أسلمْنَ، وبايعنَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى.

(1/5301)

قوله: (أَنَّ حَائِطِي الْمِخْرَافَ): تَقَدَّم ما الحائط، وأمَّا (المِخْراف)؛ فهو بكسر الميم، ثمَّ خاء ساكنة، وفي آخره فاء، قال شيخنا: (والمَخراف: جماعة النَّخل _بفتح الميم_ قاله القزَّاز)، قال: وبكسرها: الزِّنبيل الذي تُخترَف فيه الثمار، وأحسب المخراف [6] اسمَ هذا الحائطِ الذي تصدَّق به عن أمِّه، وقال الخطَّابيُّ: (المخراف: الثَّمرة، صوابه: الشَّجر [7] سمَّاها مخرافًا؛ لما يُخترَف مِن ثمارها كما قيل: امرأة مِذْكَار، وقد يستوي هذا في نعت الذُّكور والإناث ... ) إلى آخره، وسيجيء (في أواخر الورقة التي بعد هذه الصَّفحة) [8] كلام الدِّمياطيِّ [9] فيه [خ¦2770]؛ فانظره، فإنَّه قال: (صوابه مخْرفًا)، والله أعلم.

(1/5302)

[باب: إذا تصدق أو أوقف بعض ماله أو بعض رقيقه أو دوابه فهو جائز]

قوله: (بَابٌ: إِذَا تَصَدَّقَ أَوْ أَوْقَفَ): كذا في أصلنا، وفي الطُّرَّة: (أوقف)، وعليها علامةُ راويها، ومكتوب عليها: أصل، وقد تَقَدَّم أعلاه [1] أنَّ (وقف) الفصيح، وأنَّ (أوقف) لغةٌ رديئة.

==========

[1] (أعلاه): سقط من (ب).

[ج 1 ص 695]

(1/5303)

[حديث: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك]

2757# 2758# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وأنَّ (بُكَيرًا): بضَمِّ الموحَّدة، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، الإمامُ المجتهدُ، وأنَّ (عُقَيلًا): بضَمِّ العين وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور.

قوله: (أَمسِكْ): هو بفتح الهمزة، وكسر السين، رُباعيٌّ، وتَقَدَّم أنَّ فيه لغةً أخرى: (مسك)، ثلاثيٌّ، فإذا قُرِئ بالثُّلاثيِّ؛ تكون همزتُه وصلًا [1]، فإذا ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.

قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم أنَّ قول البخاريِّ: (قال فلان) وفلانٌ المُسنَد إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وهو متَّصل، وأنَّ المِزِّيَّ والذَّهبيَّ يجعلان هذا وأمثالَهُ تعليقًا، و (إسماعيل) هذا: هو إسماعيل بن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالكٍ الإمامِ، تَقَدَّم مرارًا، كذا جعل هذا الحديثَ المِزِّيُّ في ترجمة عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون عن إسحاق، عن أنس، وعنه: إسماعيل بن أبي أويس، وعلَّم عليه تعليقًا، كما قدَّمتُه لك، ورأيتُ بخطِّ بعض مُحدِّثي دمشق الفضلاء وممَّن صاحبناه وسمع بقراءتي [2] وسمعتُ بقراءته وصحبته بدمشق والقاهرة وحلبَ ما صورته: (في كتاب أبي مسعود وكتاب خلف: وقال إسماعيل بن جعفر، والصَّواب إن شاء الله: إسماعيل بن أبي أويس)، تمَّت، وكذا قال شيخنا غير أنَّه زاد: أنَّه في نسخة الدِّمياطيِّ مسندٌ، وإسماعيل بن جعفر ليس من مشايخ السِّتَّة، وإنَّما هو من شيوخ شيوخهم، وهو إسماعيل بن جعفر المدنيُّ، عن عبد الله بن دينار والعلاء، وعنه: عليُّ بن حُجْر وخلق، تُوُفِّيَ سنة (180 هـ)، أخرج له الجماعة، مِن ثقات العلماء، فإن كان كما قال أبو مسعود وخلف؛ فهو تعليق اتِّفاقًا، لا يخالف في هذا ابنُ الصَّلاح ولا غيرُه، والله أعلم.

قوله: (جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه زيد بن سهل، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وكذا تَقَدَّم (بَيْرُحَاءَ): وأين هي، وضبطها، واللُّغات فيها، وكذا تَقَدَّم الكلام على (بَخْ)، و (رَابِحٌ) هنا في أصلنا بالموحَّدة، وقد تَقَدَّم ما فيه.

(1/5304)

قوله: (وَكَانَتْ تِلْكَ الْحَدِيقَةُ فِي [مَوْضِعِ] قَصْرِ بَنِي جَدِيلَةَ الَّذِي [3] بَنَاهُ مُعَاوِيَةُ): (جَدِيلة): في أصلنا بالقلم بفتح الجيم، وكسر الدال المهملة، وقال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده»: (وحُدَيلة؛ بالحاء المهملة المضمومة وفتح الدَّال: هم بنو حُدَيلة؛ بطنٌ مِن الأنصار، وهم بنو معاوية بن عمرو بن مالك بن النَّجَّار، وحديلة أمُّهم، وإليهم يُنسَبُ قصر بني حُديلة) [4] انتهى، وقال ابن الأثير في «نهايته»: في (الحاء والدَّال المهملتين واللَّام): (وفيه قصر بني حُدَيلة _ بضَمِّ الحاء، وفتح الدال_؛ وهي محلَّة بالمدينة، تُنسَب إلى بني حُديلة؛ بطنٌ من الأنصار) انتهى، وقال أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس في «السِّيرة» في (العقبة الثَّالثة): (وحديلة أمُّ معاوية بن عمرو، وهي ابنة مالك بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج) انتهى، وفي «إكمال ابن ماكولا»: (حديلة) وذكر فيها كلام شَبَاب، فقال: (حديلة هو معاوية بن عمرو بن مالك بن النَّجَّار)، انتهى، فعلى هذا: حديلة لقبٌ لمعاوية، وقال الأمير عن ابن إسحاق: (بنو [5] عمرو بن مالك بن النَّجَّار: هم بنو حديلة)، وقد ذكر غير واحد من الحُفَّاظ: أنَّه بالحاء المهملة المضمومة، وإنَّما أحببتُ ذكرَه مِن عند الذين [6] ذكرتهم؛ لأنَّ فيه ذكرَ القصر الذي وقع في «البخاريِّ»، وإلَّا؛ فلو سقته من غير تعيين (قصر)؛ لقال بعضُ مَن لا يعلم شيئًا غير الجدال غيرَ ما ذكرتُه، فالصَّواب: النطق بما وقع في «البخاريِّ»: بالحاء المضمومة المهملة [7]، وفتح الدال، وكذلك هو في نسخة الدِّمياطيِّ على الصَّواب، فينبغي أن يقرأ أوَّلًا بالصَّواب، ثمَّ يقول القارئ: ووقع في الأصل: جَدِيلة، والله أعلم.

(1/5305)

[باب قول الله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى}]

(1/5306)

[حديث ابن عباس: إن ناسًا يزعمون أن هذه الآية نسخت .. ]

2759# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وأنَّ (العارم): الشِّرِّير أو الشَّرس، وأنَّه بعيدٌ من العرامة، وكذا تَقَدَّم (أَبُو عَوَانَةَ) أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وكذا (أَبُو بِشْرٍ) أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المعجمة، وأنَّه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

قوله: (نُسِخَتْ): وكذا الثَّانية، هما مبنيَّان لما لم يُسمَّ فاعلهما.

==========

[ج 1 ص 695]

(1/5307)

[باب ما يستحب لمن يتوفى فجأةً أن يتصدقوا عنه ... ]

قوله: (لِمَنْ يُتَوَفَّى فَجْأَةً [1]): (يُتوفَّى): هو [2] مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (فجأة) [3]: فيها لغتان تقدَّمتا، وتَقَدَّم الكلام على موت الفجاءة في (الجنائز)، وما فيه.

[ج 1 ص 695]

(1/5308)

[حديث: إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت ... ]

2760# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا): (الرَّجل): هو سعد بن عبادة فيما يظهر، وإذا كان كذلك؛ فأمُّه صحابيَّة، وقد تقدَّمت قريبًا أنَّ اسمها عمرة بنت مسعود مُطَوَّلًا.

قوله: (افْتُلِتَتْ نَفْسَهَا): هو بهمزة وصلٍ، فإنِ ابتدأت بها؛ ضمَمْتها، ثمَّ فاء ساكنة، ثمَّ مثنَّاتين من فوق؛ الأولى مضمومة، والثَّانية مفتوحة، بينهما لامٌ مكسورةٌ، ثمَّ تاء التأنيث، وهو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ ومعناه: ماتت فجأة [1]، وقيل: اختُلِسَتْ، قال ابن قُرقُول: (و «نفسها» مَنْصوبٌ على المفعول الثاني، وهو أكثر الرِّوايات، ورُوِي برفع السِّين، قال الخطَّابيُّ: «أخذت نفسها»، وبالوجهين قيَّده الجيَّانيُّ وغيره من شيوخنا، وذكر القتيبيُّ: «اقتُلِتت»؛ بالقاف، قال: وهي كلمةٌ تقال لمن مات فجأة، ولمن قتله الحبُّ، والأوَّل هو المشهور في الرِّواية) انتهى، وقد تَقَدَّم في (الجنائز)، وقال في «النِّهاية»: (ويُروَى بنصب «النَّفس» ورفعها؛ فمعنى النَّصب: افتلتها الله، مُعدًّى إلى مفعولين، كما تقول: اختلسه الشيء، واستلبه إيَّاه، ثمَّ بُنِي الفعل لما لم يُسمَّ فاعله، فتحوَّل المفعول الأوَّل مُضمَرًا، وبقي الثاني منصوبًا، وتكون التاء الأخيرة ضميرًا لـ «الأمِّ»؛ أي: افْتَلَتَتْ هي نفسَها، وأمَّا الرفع؛ فيكون مُتعدِّيًا إلى مفعولٍ واحدٍ قام مقام الفاعل، وتكون التَّاء لـ «النَّفس»؛ أي: أُخِذت نفسها فلتةً، وهذا ليس فيه زيادةٌ على ما قاله ابن قُرقُول، وإنَّما ذكرتُه لأنَّه واضح، والمُبتدِئ لا يفهم الإشارات، وإنَّما يفهم الواضحات.

قوله: (وَأُرَاهَا): هو بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّها، وهذا ظاهرٌ.

(1/5309)

[حديث سعد بن عبادة: إن أمي ماتت وعليها نذر]

2761# قوله: (إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مُطَوَّلًا أنَّ أمَّ سعد بن عبادة عمرةُ بنت مسعود رضي الله عنها، صحابيَّة تُوُفِّيَت سنة (5 هـ).

==========

[ج 1 ص 696]

(1/5310)

[باب الإشهاد في الوقف والصدقة]

(1/5311)

[حديث: إن أمي توفيت فهل ينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟]

2762# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وتَقَدَّم [1] بعض ترجمته، وكذا تَقَدَّم قريبًا (يَعْلَى): أنَّه ابن مسلم [2]، وما قيل فيه.

قوله: (أَخَا بَنِي سَاعِدَةَ)؛ أي: الذي هو من بني ساعدة.

قوله: (تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ): تَقَدَّم الكلام على (أمِّه)، وأنَّها عمرة بنت مسعود، صحابيَّةٌ، تُوُفِّيَت سنة (5 هـ).

قوله: (وَهْوَ غَائِبٌ عَنْهَا): تَقَدَّم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان في غزوة دومة الجندل، فالظاهر أنَّه كان معه عليه الصَّلاة والسَّلام، وقد جُزِم بذلك.

قوله: (أَنَّ حَائِطِي الْمِخْرَافَ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره، وسيأتي تصويبُ الدِّمياطيِّ قريبًا.

==========

[1] في (أ): (فقدم).

[2] في (ب): (أسلم)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 696]

(1/5312)

[باب قول الله تعالى: {وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا}]

(1/5313)

[حديث: هي اليتيمة في حجر وليها فيرغب في جمالها ومالها]

2763# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا كثيرة أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم [1].

قوله: (وَلَمْ يُلْحِقُوهَا): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا): هو [2] بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا [3].

==========

[1] زيد في (ب): (ابن شهاب).

[2] (هو): سقط من (ب).

[3] (جدًّا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 696]

(1/5314)

[باب قول الله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح}]

قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى ... }) إلى قوله: ({مَفْرُوضًا} [النساء: 6 - 7]}): سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب بغير إسناد، ثمَّ قال: (لا يطابق حديث عمر مقصودَ التَّرجمة، وحديث عمر المشار إليه: (يا رسول الله؛ استفدت مالًا وهو عندي نفيسٌ ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: (لأنَّ عمر هو المُمْلِك لمنافع وقفه، مَن شاء؛ فله ذلك، ولا كذلك المُوصَى على أولاده، فإنَّهم إنَّما يملكون المال بقسمة الله وتمليكه، ولا حقَّ لمالكه فيه بعد موته؛ فلذلك كان المختار أنَّ وَصِيَّ اليتيم ليس له الأكل من ماله إلَّا أن يكون فقيرًا فيأكل، ويختلف في قضائه إذا أيسر، والله أعلم) انتهى.

==========

[ج 1 ص 696]

(1/5315)

[حديث: تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن ينفق ثمره]

2764# قوله: (حَدَّثَنِي هَارُونُ بْن الأَشْعَثِ): كذا في أصلنا، و (ابن الأشعث) عليه علامة نسخة، وكذا مقتضى كلام المِزِّيِّ: أنَّه هارون من غير نسب، ولو أنَّ النسب وقع في الأصل؛ ما اختُلِف في (هارون) هذا، كما سيجيء، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (حدَّثنا هارون)، وهو ابن الأشعث، وهذا مِن توضيح مَن دون البخاريِّ، وفي نسخة أخرى عتيقةٍ: (هارون)؛ بغير نسب، قال الدِّمياطيُّ: (هارون بن الأشعث الهمْدانيُّ، مولى أبي إسحاق السِّبيعيِّ، انفرد به البخاريُّ عن الخمسة) انتهى، (هارون) هذا: بُخاريٌّ، روى عن وكيع وجماعة، وعنه: البخاريُّ، وسهل بن شاذويه، وجماعة، وُثِّق، انفرد البخاريُّ بالإخراج له عن الثِّقة؛ كما قاله أيضًا الدِّمياطيُّ.

تنبيهٌ: لمَّا ذكر المِزِّيُّ في «أطرافه» عزوَ هذا الحديث الذي فيه هارون؛ قال: (في «الوصايا»: عن هارون، عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن صخر بن جويرية البصريِّ مولى بني نُمَير، عن نافع، عن ابن عمر)؛ فذكره، ثمَّ قال: (هارون هذا: هو ابن الأشعث البخاريُّ عند عامَّة المُصنِّفين في رجال الحديث، وزعم أبو أحمد بن عديٍّ وحده: أنَّه هارون بن يحيى المكِّيُّ، الزُّبيريُّ من ولد الزُّبير بن العوَّام، فالله أعلم) انتهى، وقال الذَّهبيُّ في «تذهيبه»: (هارون بن يحيى الأسديُّ الزُّبيريُّ المدنيُّ، عنه: البخاريُّ، قاله ابن عديٍّ وحده) انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ): قال الدِّمياطيُّ: (عن أبي سعيد عبد الرَّحمن بن عبد الله بن عُبيدٍ، مولى بني هاشم البصريُّ) انتهى، هذا هو أبو سعيد عبد الرَّحمن بن عبد الله بن عُبيد [1] البصريُّ، الحافظ، مولى بني هاشم، عن عكرمةَ بن عمَّار وشعبةَ، وعنه: أحمد والعدنيُّ، ثقة تُوُفِّيَ سنة (197 هـ)، أخرج له البخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، قال الإمام أحمد: (كثير الخطأ، وهو أيقظ من عبد الله بن رجاء)، وقد وثَّقه أحمد أيضًا، ولقَّبه: جرذقة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ): قال الدِّمياطيُّ: (وصخر بن جويرية النَّميريُّ مولاهم، البصريُّ، كنيته أبو نافع) انتهى، روى صخرٌ عن أبي رجاء وعائشة بنت سعد، وعنه: ابن مهديٍّ وعفَّانُ، ثقة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/5316)

قوله: (يُقَالُ لَهُ ثَمْغٌ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الثَّاء [2] المثلَّثة، وإسكان الميم، وبالغين المعجمة، وقد تَقَدَّم أين هو، وكلام ابن الأثير قبيل (كتاب الوصايا).

قوله: (نَفِيسٌ)؛ أي: يُتَنافس فيه ويُرغَبُ.

قوله: (يُنْفَقُ ثَمَرُهُ): (يُنفَق): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (ثمرُه): بالثَّاء المثلَّثة، مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

[ج 1 ص 696]

قوله: (غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ بِهِ): هو بتشديد الواو المكسورة؛ أي: جامعٌ مالًا، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] في (ب): (عبيد الله).

[2] (الثاء): ليس في (ب).

(1/5317)

[حديث عائشة: أنزلت في والي اليتيم أن يصيب من ماله .. ]

2765# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّم مرارًا.

قوله: (بِقَدْرِ مَالِهِ): هو بجرِّ (مالِه)، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 1 ص 697]

(1/5318)

[باب قول الله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا}]

(1/5319)

[حديث: اجتنبوا السبع الموبقات]

2766# قوله: (عَنْ أَبِي الْغَيْثِ): هو بفتح الغين المعجمة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ ثاء مثلَّثة، واسمه سالمٌ، مولى عبد الله بن مطيع، عن أبي هريرة، وعنه: ثور بن زيد وصفوان بن سُلَيم، حجَّة، أخرج له الجماعة، قال أبو عبد الله ابن الحذَّاء: في رجال مالك، قال ابن معين: لا أعرف اسمه، وليس بثقة، وقال مرَّةً أخرى: هو ثقةٌ، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (الْمُوبِقَاتِ): أي: المُهلِكات.

قوله: ({لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: 220]: لأَحْرَجَكُمْ وَضَيَّقَ عَلَيكُم [1]، {وَعَنَتْ} [طه: 111]: خَضَعَتْ): قال ابن قُرقُول: ({لأعنتكم}: لأحرجكم؛ بالحاء المهملة؛ أي: أدخل الحرج عليكم، والعنت: المشقَّة، هكذا في تفسيره، ثمَّ قال البخاريُّ: «{وَعَنَتِ}: خضعت»: كذا لهم، وعند الأصيليِّ: «وَعَنِتُّ: خضعتُ»، وليس عنده {الْوُجُوهُ}، فجاء على لفظ «العنت» المذكور في الآية، وعلى رواية: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ}؛ يكون من لفظ العناء؛ لأنَّ التَّاء فيه غير أصليَّة، إنَّما هي علامة التَّأنيث، وفي رواية الأصيليِّ هي أصليَّة، لكن «عنت»؛ بمعنى: خضعت غير معروف في اللُّغة، وهذا ممَّا انتُقِد على البخاريِّ)، انتهى، واعلم أنَّ الفربريَّ قال في «غريبه»: ({وَعَنَتِ الْوُجُوهُ}: استأسرتْ وذُلَّت وخضعت) انتهى، وفي «الصِّحاح»: (عَنَا يعنو: خضع وذلَّ)، ذكره في (المُعتلِّ)، والله أعلم.

==========

[1] (عليكم): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 697]

(1/5320)

[باب: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير}]

(1/5321)

[حديث: ما رد عمر على أحد وصية]

2767# قوله: (وَقَالَ لَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن حرب، أبو أيُّوب، الواشحيُّ _وواشح من الأزد_ البصريُّ، قاضي مكَّة، عن شعبة وجَرِير بن حازم، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والكجِّيُّ، وأبو خليفة، قال أبو حاتم: إمامٌ من أئمَّة الأندلس، ويتكلَّم في الرِّجال وفي الفقه، لعلَّه أكثر من عفَّان، ما رأيت في يده كتابًا قطُّ، حُزِرَ مجلسه ببغداد بأربعين ألفًا، ولد سنة (140 هـ)، وتُوُفِّيَ سنة (224 هـ)، أخرج له الجماعة، ومقتضى كلام المِزِّيِّ في «أطرافه» أن يكون وقع له سليمان بن حرب منسوبًا، لا سليمان فقط، وهذا تعليق مجزوم به، وهو شيخه، وقد تَقَدَّم أنَّه محمول على أنَّه سمِعه منه في حال المذاكرة.

قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد، وسليمان بن [1] حرب روى عن الحمَّادين، وروى الحمَّادان عن أيُّوب، ولكنَّ حمَّاد بن سلمة لم يروِ له البخاريُّ شيئًا في الأصول، إنَّما علَّق له، فتعيَّن أن يكون هذا ابنَ زيد، والله أعلم، ثمَّ اعلم أنِّي ذكرت فيما مضى أنَّ حمادًا إذا أطلقه سليمان بن حرب هذا أو عارمٌ مُحَمَّد بن الفضل؛ فهو ابن زيد، وإن أطلقه التَّبُوذَكيُّ موسى بن إسماعيل أو عفَّان أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم.

و (أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.

قوله: (وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن سيرين، العالم المشهور، وتَقَدَّم الكلام كم عدد بني سيرين [2] أوَّل هذا التَّعليق، وكذا بناته [3].

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو عطاء بن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ): (الصَّغير): مجرور؛ لأنَّه بدل بعضٍ من كلٍّ، والكلُّ هو (اليتامى) المذكور قبله، و (الكبير): معطوف على (الصَّغير)، ويجوز رفعهما، وهذا في بعض النُّسخ.

==========

[1] (بن): سقط من (ب).

[2] زيد في (أ): (كم هم).

[3] (وكذا بناته) سقط من (ب).

[ج 1 ص 697]

(1/5322)

[باب استخدام اليتيم في السفر والحضر إذا كان صلاحًا له]

قوله: (وَنَظَرِ الأُمِّ): هو بالجرِّ بالإضافة [1] إلى (باب).

==========

[1] في (ب): (للإضافة).

[ج 1 ص 697]

(1/5323)

[حديث: قدم رسول الله المدينة ليس له خادم]

2768# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر الثاء المثلَّثة، وقد تَقَدَّم، وهو معروف عند أهله، وكذا تَقَدَّم (ابْنُ عُلَيَّةَ): أنَّه إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليَّة، الإمامُ، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (عَبْدُ الْعَزِيزِ): أنَّه ابن صُهيب، أبو حمزة، البصريُّ، تَقَدَّم.

قوله: (فَأَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّم أنَّه زيد بن سهل الصَّحابيُّ، زوج أمِّ سُلَيم، وهو [1] عمُّ أنس بن مالك زوج أمِّه، تَقَدَّم بعض ترجمته مَرَّاتٍ.

قوله: (غُلَامٌ كَيِّسٌ): (الكَيِّس): الحاذق في عمله.

==========

[1] في النُّسختين: (وهم)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 697]

(1/5324)

[باب: إذا وقف أرضًا ولم يبين الحدود فهو جائز]

قوله: (بَابٌ إِذَا وَقَفَ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحُدُودَ؛ فَهْوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ): سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب بغير إسناد، ثمَّ قال: (الوقف لازمٌ بالنِّيَّة [1] واللَّفظ المشار به إلى المقصود، فقد يتلفَّظ باسم العَلَم ومحدوده، وقد يتلفَّظ باسمه المُتواطِئِ خاصَّة، وقد يُذكَر العلمُ ولا يُذكَر المحدودُ به، فـ «بيرحاء»: علَم على حائط بعينه، ولم يذكر حدوده، و «المخراف»: الحائط، وقد ذكره مُنكَرًا مُتواطِئًا، لكنَّه قصد [2]، وكأنَّما أشار إليه مطابقًا لنيَّته، وكلاهما جائزٌ ولازمٌ له دِينًا، لكن إذا أشهد؛ احتاج في المُتواطِئ إلى ذكر الاسمِ العَلَمِ زيادة على ذلك أو الحدود، وهذا كلُّه بعد اللُّزوم، وترجمة البخاريِّ مطابقةٌ صحيحةٌ، وانتقدها المُهلَّب، فقال: إن كان الوقف غير ذي اسم يُعرَف؛ فلا يجوز حتَّى يذكر الحدود، قال: ولا خلافَ في هذا، ووهم، بل لا [3] خلاف فيما أراده البخاريُّ، والله أعلم؛ لأنَّه إنَّما تعرَّض لجواز الوقف، وقد ثبت أنَّ الوقف على صورِه لازمٌ، ولو استفتى مَن وقف بهذه الصيغة المُنكَرة لفظُها المتعيَّنِ مقصودُها نيَّةً: هل يجب عليه تنفيذ الوقف؛ لألزمناه ذلك، وأوجبنا عليه الإشهادَ بصيغة دالَّة على المقصود بنصٍّ أو ظاهر) انتهى.

==========

[1] في (ب): (بالبينة)، وكذا في مصدره.

[2] في (ب): (فصل)، وهو تحريفٌ.

[3] (لا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 697]

(1/5325)

[حديث: بخ ذلك مال رابح وإني أرى أن تجعلها في الأقربين]

2769# قوله: (وَكَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليها، واللُّغات فيها، وأين هي من المدينة، وكذا تَقَدَّم الكلام على (بَخْ)، وكذا (أَفْعَلُ).

قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ: رَايِحٌ): تَقَدَّم أنَّ (إسماعيل) هذا: هو ابن أبي أويس عبد الله، وهو ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (عبد الله بن يوسف): هو التِّنِّيسيُّ، العالم المشهور، و (يحيى بن يحيى): هو أبو بكر التَّميميُّ، أبو زكريَّا، النَّيسابوريُّ، أحد الأعلام، لا يحيى بن يحيى اللَّيثيُّ عالمُ الأندلس، تَقَدَّم أنَّ هذا الأندلسيَّ ليس له في الكتب السِّتَّة شيءٌ، وإنَّما الذي له في الكتب خلا أبا داود وابن ماجه؛ هو التَّميميُّ النَّيسابوريُّ، و (رايح): في رواية هؤلاء الثَّلاثة عن مالك بالمثنَّاة تحت، وإنَّما أتى بهذا عن هؤلاء الثَّلاثة، وهم مشايخه، وقد تَقَدَّم أنَّه إذا قال: (قال فلان [1])، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه _ كهؤلاء_؛ يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا؛ لأنَّ في روايته عن عبد الله بن مسلمة _هو القعنبيُّ_ عن مالك بالشَّكِّ بين الموحَّدة والمثنَّاة، وهؤلاء الثَّلاثة [2] جزموا بالمثنَّاة عن مالك، والله أعلم.

(1/5326)

[حديث: إن أمه توفيت أينفعها إن تصدقت عنها؟]

2770# قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي [1] تُوُفِّيَتْ): تَقَدَّم أنَّ الظاهر أنَّ هذا الرجل هو سعد بن عبادة، وإذا كان كذلك؛ فأمُّه عَمْرة بنت مسعود، تُوُفِّيَت سنة (5 هـ)، من المبايِعات، وقد تقدَّمت قريبًا مُطَوَّلًا، وقبله أيضًا.

قوله: (فَإِنَّ لِي مِخْرَافًا): قال الدِّمياطيُّ: (صوابه: مخرفًا، وكذا رواه مالك في «مُوطَّئه»، والمِخرف؛ بكسر الميم: ما يجتنى فيه الثمار)، انتهى، وقد قَدَّمتُ الوعدَ بهذا المكان، والله أعلم، وقد تَقَدَّم الكلام على (المخراف) مُطَوَّلًا فيه؛ فانظره.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أمَّه).

[ج 1 ص 697]

(1/5327)

[باب: إذا أوقف جماعة أرضًا مشاعًا فهو جائز]

قوله: (بَابٌ: إِذَا أَوْقَفَ جَمَاعَةٌ أَرْضًا مُشَاعًا؛ فَهْوَ جَائِزٌ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الأصل بغير إسناد، ثمَّ قال: (جوَّد البخاريُّ رحمه الله في التَّرجمة، وإنَّما عدل عن قوله: إذا وقف المشاع؛ لئلَّا يَدخل فيه وقفُ أحد الشركاء حصَّته، ومالك رحمه الله لا يُمضيه على الشريك إن كانت تنقسم جَبْرًا؛ لضرر الشريك الآخر بالحبس، فالتَّرجمة بوقف الجماعة للمشاع بينهم تُخلِّص المسألة)، والله سبحانه وتعالى أعلم [1].

[ج 1 ص 697]

==========

[1] (أعلم): سقط من (ب).

(1/5328)

[حديث أنس: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا]

2771# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ، أبو عبيدة الحافظ.

قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح المثنَّاة فوق، وتشديد المثنَّاة تحت، وفي آخره حاءٌ مهملةٌ، وأنَّ اسمه يزيد بن حُمَيد.

قوله: (لمَّا [1] أُمِرَ): (أمر): مبنيٌّ للفاعل وللمفعول، وقد تَقَدَّم.

قوله: (ثَامِنُونِي): تَقَدَّم معناه: ساوموني وبايعوني.

قوله: (بِحَائِطِكُمْ): تَقَدَّم ما الحائط.

قوله: (لَا وَاللهِ؛ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللهِ): تَقَدَّم الكلام على ظاهر هذا اللَّفظ، وأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام اشتراه بعشرة دنانير، أوفاها الصِّدِّيق مِن ماله [2].

==========

[1] (لما): ليس في «اليونينيَّة»، وضُرِبَ عليها في (ق).

[2] (من ماله): سقط من (ب).

[ج 1 ص 698]

(1/5329)

[باب الوقف كيف يكتب؟]

قوله: (بَابٌ: كَيْفَ يُكْتَبُ الوَقْفُ [1]): (يُكتَب): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الوقفُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الْوَقْفِ كَيْفَ يُكْتَبُ).

[ج 1 ص 698]

(1/5330)

[حديث: أصاب عمر أرضًا فأتى النبي فقال: أصبت]

2772# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، مولى عبد الله بن مُغفَّل، أحد الأعلام، لا عبد الله بن عون ابنِ أمير مصر، ذا الثَّاني لم يروِ له البخاريُّ شيئًا، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، وهو مِن الأبدال.

قوله: (أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا): تَقَدَّم أنَّها ثمغ، وتَقَدَّم ضبطها قريبًا قُبيل (الوصايا) وبعيدًا، وما وقع لابن الأثير فيها.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّم اللُّغات فيها في أوَّل هذا التَّعليق، وكذا تَقَدَّم قريبًا (أَنْفَس): ما معناه، وكذا (حَبَّسْتَ) [1]: تَقَدَّم أنَّه يقال بالتَّشديد وبالتَّخفيف، وقد تَقَدَّم قوله: (مَنْ وَلِيَهَا): أنَّه النَّاظر، وكذا قريبًا (غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ).

(1/5331)

[باب الوقف للغني والفقير والضيف]

(1/5332)

[حديث: إن شئت تصدقت بها]

2773# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، وكذا تَقَدَّم قريبًا أعلاه وبعيدًا (ابْنُ عَوْنٍ): أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، أحد الأعلام، وكذا (مَالًا بِخَيْبَرَ): تَقَدَّم أنَّه ثمغ، وتَقَدَّم ضبطُه.

==========

[ج 1 ص 698]

(1/5333)

[باب وقف الأرض للمسجد]

(1/5334)

[حديث: لما قدم رسول الله المدينة أمر بالمسجد]

2774# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاري_ في «الوضوء» ... ، وكذا وكذا: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبد الصَّمد»؛ يعني: ابن عبد الوارث، نسب الأصيليُّ ثلاثة مواضعَ مِن هذه الذي في «الأوقاف»، وفي «غزوة الفتح»، وفي «الأحكام»: إسحاق بن منصور، وأهمل سائرَها، ولم أجده لابن السَّكن ولا لغيره منسوبًا في شيءٍ مِن هذه المواضع، وقد نسبه البخاريُّ في «باب مقدم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم»، فقال: «حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الصَّمد»؛ فذكر حديثًا، قال: وذكر أبو نصر: أنَّ إسحاق بن منصور وإسحاق بن إبراهيم يرويان عن عبد الصَّمد، وقد روى مسلم في «الحجِّ» في «تقليد الغنم»: «عن إسحاق بن منصور عن عبد الصَّمد بن عبد الوارث»؛ فذكر حديثًا)، انتهى مُلخَّصًا، ولم أر المِزِّيَّ تعرَّض لنسبة إسحاق، والله أعلم، وفي نسخة عتيقة: (إسحاق)؛ بغير نسب، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (إسحاق بن منصور) منسوب إلى أبيه؛ فاعلمه.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن عبد الوارث، وكذا تَقَدَّم في أوائل هذه الصفحة (أَبُو التَّيَّاحِ)، وأنَّه يزيد بن حُمَيد، وضبطتُ كنيتَه.

قوله: (أَمَرَ بِالْمَسْجِدِ): تَقَدَّم أنَّه مبنيٌّ للفاعل وللمفعول أعلاه، وكذا (ثَامِنُونِي)، وكذا (الحَائِط)، وكذا تَقَدَّم (لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللهِ).

(1/5335)

[باب وقف الدواب والكراع والعروض والصامت]

قوله: (وَالْكُرَاعِ): هو بضَمِّ الكاف، وتخفيف الرَّاء، وفي آخره عينٌ مهملةٌ؛ وهو اسم جامع للخيل، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَالْعُرُوضِ): تَقَدَّم أنَّه بضَمِّ العين، جمع (عَرْض)؛ بفتحها، في (الزَّكاة)، وما هو.

قوله: (وَالصَّامِتِ): هو ضدُّ النَّاطق؛ وهو الذَّهب والفضَّة، و (النَّاطق): الحَيَوانُ.

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العَلَمُ الفرد [1].

==========

[1] في (ب): (بن شهاب العالم المشهور).

[ج 1 ص 698]

(1/5336)

[حديث: لا تبتعها ولا ترجعن في صدقتك]

2775# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان شيخ الحُفَّاظ، وتَقَدَّم أنَّ (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العُمريُّ.

قوله: (حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ): تَقَدَّم أنَّ معناه: أعطاه لمن يجاهد عليه، وتَقَدَّم أنَّ اسم هذه الفرس: الورد، وأنَّ تميمًا الدَّاريَّ أهداها للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأعطاها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لعمر، فأعطاها عمر [1] لمَن يجاهد عليها، والرَّجل الذي أعطاه عمرُ الفَرَسَ لا أعرف اسمه.

قوله: (أَعْطَاهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا) انتهى: (رسول): مَنْصوبٌ في أصلنا بالقلم، وفيه نظرٌ، وينبغي أن يكون (رسول) مَرْفوعًا [2]؛ لأنَّه فاعل؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أعطاها لعمر، فأعطاها عمر لمن يجاهد عليها، كما في الحديث نفسه، والذي في أصلنا يكون أعطاها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم [3] لعمر، ثمَّ إنَّ عمر أعطى لرسول الله؛ ليحمل عليها، وكلُّ الطُّرق تنافي هذا؛ إذِ القصَّة ما قدَّمتها لك، فـ (رسول الله) [4]: مَرْفوعٌ فاعل [5]، لا شكَّ فيه، والله أعلم.

(1/5337)

[باب نفقة القيم للوقف]

قوله: (بَابُ نَفَقَةِ الْقَيِّمِ لِلْوَقْفِ): (القيِّم): هو النَّاظر.

==========

[ج 1 ص 698]

(1/5338)

[حديث: لا يقتسم ورثتي دينارًا ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي]

2776# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن ذكوان، وتَقَدَّم مرارًا أنَّ (الأَعْرَج): عبد الرَّحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (لَا يَقْتَسِمْ وَرَثَتِي): سمَّاهم ورثةً بالقوَّة، والله أعلم.

قوله: (وَمَؤُونَةِ عَامِلِي): قال ابن قُرقُول: (قيل: أجرة حافر قبره، وقيل: أجرة عامل صدقاته، وقيل: العامل فيها والأجير، وقيل: الخليفة بعده)، انتهى، واستُبْعِد بأنَّه الحافر؛ لأنَّهم كانوا لا يحفرون بالأجرة، وسيأتي الكلام عليه بأطولَ مِن هذا في (باب أداء الخمس) إن شاء الله تعالى، واقتصر ابن الأثير على القول الأخير.

==========

[ج 1 ص 698]

(1/5339)

[حديث: أن عمر اشترط في وقفه أن يأكل مَن وليه]

2777# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد، وقد قَدَّمتُ قريبًا أنَّ البخاريَّ لم يرو لحمَّاد بن سلمة شيئًا في الأصول، إنَّما علَّق له، وتَقَدَّم أنَّ (أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، المشهور، وقد تَقَدَّم بعض ترجمته.

قوله: (مَنْ وَلِيَهُ): تَقَدَّم أنَّه النَّاظر، وكذا تَقَدَّم (غَيْر مُتَمَوِّلٍ).

==========

[ج 1 ص 698]

(1/5340)

[باب: إذا وقف أرضًا أو بئرًا واشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين]

قوله: (بَابٌ: إِذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا، وَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب محذوفَ الإسناد، ثمَّ قال: (ما في الحديث بجملته ما يوافق التَّرجمة إلَّا وقف أنس خاصَّة، ووقف عمر بالطَّريقة المُتقدِّمة من دخول المُخاطِب في خطابه) انتهى، هذا ما وجدته في النُّسخة بـ «التراجم» لابن المُنَيِّر التي كانت عندي، ونقل شيخنا زيادة على ذلك، وعزا الكلَّ إلى ابن المُنَيِّر، قال ابن المُنَيِّر: (وقد ظهر لي مقصودُ البخاريِّ من بقيَّة حديث الباب، فتطابق [1] التَّرجمة ووجهها: أنَّ الزُّبير يكون قصد مَن يلزمه نفقته مِن بناته كالتي [لم] تُزَوَّج؛ لصغرٍ مثلًا، والتي تزوَّجت ثمَّ طُلِّقت

[ج 1 ص 698]

قبل الدُّخول، [لأنَّ] تناولَ هاتين الصُّورتَين أو إحداهما من الوقف؛ إنَّما يحمل عنه الإنفاق الواجب، فقد دخل في الوقف الذي وقفه بهذا الاعتبار)، قال: (ووجه مطابقة التَّرجمة من قوله: وجعل ابن عمر نصيبَه من دار عمر سكنى لذوي الحاجة من آل عبد الله، فيقال: كيف يدخل ابن عمر في وقفه؟ فنقول: نعم يدخل، فإنَّ الآل [2] يُطلَق على الرَّجل نفسِه، كان الحسن بن أبي الحسن [3] يقول في الصَّلاة على رسول الله [4]: (اللَّهمَّ؛ صلِّ على آل مُحَمَّد)، وقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «اللَّهمَّ؛ صلِّ على آل أبي أوفى»، وقال تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46]، انتهى.

قوله: (وَأَوْقَفَ أَنَسٌ): كذا في أصلنا، وفي طُرَّته: (ووقف)، وعليها علامة راويها، وقد قَدَّمتُ أنَّ (أوقف) لُغيَّةٌ رديئةٌ.

قوله: (لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ): كذا في أصلنا، وكذا سمعناه يقرأ، قال بعضهم: ويروى: (من نسائه)، وهو أصوبُ، انتهى، وفي هذا وقفةٌ، والله أعلم.

قوله: (غَيْرَ مُضِرَّةٍ): هو بفتح [5] الرَّاء المُشدَّدة، اسم فاعل.

قوله: (وَلَا مُضَرٍّ بِهَا [6]): هو بضَمِّ الميم، وفتح الضَّاد، وتشديد الرَّاء مجرورة.

(1/5341)

[معلق عبدان: من جهز جيش العسرة فله الجنة]

2778# قوله: (وَقَالَ عَبْدَانُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، أبو عبد الرَّحمن، ومرَّةً مُتَرجَمًا، وقد تَقَدَّم أنَّ البخاريَّ إذا قال: (قال فلان: كذا) وهو شيخه؛ يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأنَّ المِزِّيَّ والذَّهبيَّ يجعلان هذا تعليقًا، وقد أغفل هذا الحديث المِزِّيُّ في «أطرافه»، فعزاه: (التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ)، ولم يذكره من عند البخاريِّ تعليقًا، كعادته في أمثاله أنَّه يجعله [1] تعليقًا.

قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله الهمْدانيُّ السَّبيعيُّ، أحد الأعلام.

قوله: (عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ [2]): قال الدِّمياطيُّ: (أبو عبد الرَّحمن: اسمه عبد الله بن حبيب بن رُبَيِّعة السُّلَميُّ، لأبيه [3] صحبةٌ) انتهى، وهو كما قال الحافظ شرف الدين عبد الله بن حبيب بن رُبَيِّعة _بضَمِّ الرَّاء؛ مُصغَّرٌ_ أبو عبد الرَّحمن السُّلَميُّ؛ بضَمِّ السِّين، وفتح اللَّام، الإمامُ، مُقرِئ الكوفة، [وسيأتي في كلامي ما يشدُّ كلام الدِّمياطيِّ: (لأبيه صحبةٌ)، بعد هذا قريبًا جدًّا] [4]، عن عمر وعثمان، وعنه: عاصم بن أبي النجود وأبو إسحاق، وأقرأ دهرًا، تُوُفِّيَ سنة ثلاث وسبعين تقريبًا، أخرج له الجماعة.

(1/5342)

قوله في الحديث: (أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَيْثُ حُوصِرَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ): ظاهر في سماعه من عثمان، وقد قال شعبة: إنَّه لم يسمع من عثمان، وقال أبو حاتم: لا تثبت [5] روايته عن عليٍّ، فقيل له: سمع من عثمان قال: روى عنه ولا يذكر [6] سماعًا، وقد أخرج له البخاريُّ حديث: «خيركم مَن تعلَّم القرآن وعلَّمه»، والآخر: (أنَّ عثمان أشرف عليهم)، وقد عُلِم أنَّ البخاريَّ لا يكتفي بمجرَّد إمكان اللُّقيِّ، وأخرج النَّسائيُّ روايته عن عمر رضي الله عنه، وقد ثبت في «صحيح البخاريِّ»: أنَّه جلس للإقراء في خلافة عثمان رضي الله عنه، وروى حُسين الجعفيُّ عن مُحَمَّد بن أبان، عن علقمة بن مرثد قال: تعلَّم أبو عبد الرَّحمن القرآن من عثمان، وعرض على عليٍّ رضي الله عنهما، وقال عاصم بن أبي النجود كلامًا معناه: أنَّ أبا عبد الرَّحمن قرأ على عليٍّ، وقال أبو عمرو الدَّاني: أخذ أبو عبد الرَّحمن القراءة عرضًا على عثمان، وعليٍّ، وابن مسعود، وأُبيِّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وكلُّ هذا يعارض ما تَقَدَّم، والله أعلم، وقولُ الدِّمياطيِّ: (لأبيه صحبةٌ)؛ صحيحٌ، وهو حبيب بن رُبَيِّعة السُّلَميُّ والد المقرئ، قال المِزِّيُّ: (له صحبة)، وسيأتي، قاله الذَّهبيُّ، ثمَّ قال في حبيب أيضًا: (والد عبد الرَّحمن السُّلَميِّ، قال ابنه: شهد أبي مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مشاهده [7])، انتهى.

قوله: (أَنْشُدُكُمْ): أي: أسألكم، وهو بفتح الهمزة، وضمِّ الشِّين، وكذا (وَلَا أَنْشُدُ) مثله.

قوله: (إِلَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى قوله: (فَصَدَّقُوهُ): قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: (عند النَّسائيِّ وأبي داود الطَّيالسيِّ من طريق الأحنف بن قيس: إنَّ ممَّن صدَّقه على ذلك عليٌّ، وطلحة، والزُّبير، وسعد بن أبي وقَّاص)، انتهى.

(1/5343)

قوله: (مَنْ حَفَرَ رُومَةَ ... )؛ الحديث: الذي نعرفُ أنَّه اشتراها ولم يحفرها، ولا يُعرف أنَّ عثمان حفرها إلَّا في حديث شعبة، والله أعلم، ويحتمل أنَّه لمَّا اشتراها؛ وسَّعها ونقَّاها بالحفر، وغير ذلك [8]، فأطلق عليه: أنَّه حفرها، ثمَّ إنِّي رأيت ابن قُرقُول قال ما لفظه: (وفي «الوقف»: «من حفر بئر رُوْمَة؛ فله الجنَّة»، فحفرتُها، قيل: وهو وَهَمٌ، وصوابه: من يشتري بئر رُوْمَة؛ فله الجنَّة، فاشتريتُها، ولم يحفرها هو رضي الله عنه)، انتهى، و (رُوْمَة) هذا: بضَمِّ الراء، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ [ميم] مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث؛ وهي بئر معروفة خارج المدينة المُشرَّفة، قال أبو بكر الحازميُّ في «المؤتلِف والمختلِف» في (أسماء الأماكن): (هذه البئر تُنسَب إلى رُوْمَة الغفاريِّ)، وقال ابن منده: (أبو عبد الله رُوْمَة صاحب بئر رُوْمَة، يقال: إنَّه أسلم)، وفي «تجريد الصَّحابة» للذَّهبيِّ: الجزم بصحبته، ولم يحكِ فيه خلافًا، واشتراها عثمان بخمسة وثلاثين ألف درهم، والله أعلم، وقيل: بعشرين ألفًا، وقد ذكر رُوْمَة هذا الذهبيُّ في «تجريده» في الصَّحابة كما تَقَدَّم، ورأيت في «تاريخ الإمام زين الدِّين بن حُسين المراغيِّ»، ثمَّ المدنيِّ عن ابن النَّجَّار: أنَّ عثمان ابتاعَ نصفها بمئة بَكْرةٍ، وأنَّه اشترى النِّصف الآخر منها بشيء يسير، قال: وذكر أبو عمر بن عبد البَرِّ: (أنَّ عثمان اشترى نصفها باثني عشر ألف درهم، وأنَّه اشترى النِّصف الآخر بثمانية آلاف [9])، وذكر عن «مسند البغويِّ»: (أنَّه اشتراها بخمسة وثلاثين ألفًا)، ثمَّ قال: قال المَطَرِيُّ: وقد خربت هذه البئر؛ يعني: بئر رومة، ونُقِضت حجارتها، وأُخِذت وانطمت، ولم يبق منها اليوم إلَّا أثرُها، قال الإمام زين الدِّين بن حسين: (وينبغي أن يُعلَم أنَّها جُدِّدت بعد ذلك، ورُفِع بناؤها عن الأرض نحو نصف قامة، ونُزِحت، فكثر ماؤها، ولله الحمدُ، أحياها كذلك القاضي شهابُ الدين أحمد بن مُحَمَّد بن المُحبِّ الطَّبريِّ، قاضي مكَّة المُشرَّفة رحمه الله في حدود الخمسين وسبع مئة).

(1/5344)

قوله: (مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ): هم [10] جيش تبوك، وقد اختُلِف في عددهم، وسيأتي في الغزوة إن شاء الله تعالى، وأذكر إن شاء الله تعالى في (مناقب عثمان) بكم جهَّزهم، وقد جهَّزهم بتسع مئة بعيرٍ وخمسين بعيرًا وخمسين فرسًا، وفي كلام بعضهم: بألف بعير وسبعين فرسًا، ذكر هذا أبو عمر في «الاستيعاب»: عن أسد بن موسى: حدَّثني أبو هلال الرَّاسبيُّ: حدَّثنا قتادة قال: (حمل عثمانُ في جيش العسرة على ألف بعير وسبعين فرسًا) انتهى، وأذكر في (مناقبه) أنَّه جهَّزهم بغير ذلك أيضًا مُطَوَّلًا إن شاء الله تعالى.

(1/5345)

[باب: إذا قال الواقف لا نطلب ثمنه إلا إلى الله فهو جائز]

(1/5346)

[حديث: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم قالوا ... ]

2779# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّم أنَّه ابن سعيد، أبو عبيدة، الحافظ، وتَقَدَّم قريبًا وبعيدًا بترجمة، وكذا تَقَدَّم (أَبُو التَّيَّاح) ضبطًا قريبًا، وأنَّه يزيد بن حُمَيد، والله أعلم [1].

[ج 1 ص 699]

قوله: (ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ [2]): تَقَدَّم الكلام عليهما، وكذا على قولهم: (لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللهِ).

(1/5347)

[باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم}]

قوله: (عُثِرَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (ظُهِرَ [1]) تفسيره.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي هامش «اليونينيَّة» من رواية أبي ذرٍّ: (أُظْهِرَ).

[ج 1 ص 700]

(1/5348)

[حديث: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري]

2780# قوله: (وَقَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهبذ، وأنَّ قول البخاريِّ: (قال لي فلان)، وكذا: (قال فلان) وفلان [1] شيخه؛ أنَّه يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، كذا قالوه [2]؛ ابنُ الصَّلاح وغيرُه، وأنَّ المِزِّيَّ وكذا الذَّهبيُّ يجعلان هذين تعليقًا، والله أعلم، وقد ذكر الدِّمياطيُّ تجاه هذا: (رواه أبو داود في «القضايا» عن الحسن بن عليٍّ، والتِّرمذيُّ في «التَّفسير» عن سفيان بن وكيع؛ جميعًا عن يحيى بن آدم عن يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة به، وقال التِّرمذيُّ: غريبٌ، ومُحَمَّد بن أبي القاسم الطَّويلُ، ويقال فيه: الأسديُّ، قال فيه ابن المَدينيِّ: لا أعرفه، وقال ابن طاهر: ليس لمُحَمَّد ولا لعبد الملك في «صحيح البخاريِّ» غيرُ هذا الحديث، وحكى الحميديُّ عن ابن المَدينيِّ أنَّه قال فيه: حديثٌ غريبٌ لا نعرفه إلَّا بهذا الإسناد) انتهى، ومُحَمَّد بن أبي القاسم ليس مِن شرطه، ولا رقموا عليه: (خ)، بل قالوا: علَّق له، ورقموا عليه: (خت)؛ يعنون: أخرج له تعليقًا، وقد أخرج لمُحَمَّد أبو داود والتِّرمذيُّ، وقد وُثِّق، وله ترجمة في «الميزان»، وقد راجعت هذا الحديث من «أطراف المِزِّيِّ»، فوجدته طرَّفه من البخاريِّ، ثمَّ ذكر كلامًا مقتضاه: أن يكون في «البخاريِّ»، ولم أره فيه، وهو: (قال عليٌّ _يعني: ابن المَديني_: لا أعرف مُحَمَّد بن أبي القاسم، وقال عليٌّ: وهو حديثٌ حسنٌ)، انتهى، هذا القدر لم أره في أصلنا، ولا في أصلنا الدِّمشقيِّ، والله أعلم.

(1/5349)

قوله: (خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ): هذا (الرَّجل): هو بُديل بن أبي مريم، كذا في «جامع التِّرمذيِّ»، قال شيخنا: (وفي «تفسير مقاتل»: بُدَيل بن أبي ماوية ... ) إلى أن قال: (وقال ابن ماكولا: بزيل) انتهى، قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (بُدَيل بن مارية مولى عمرو بن العاصي، روى عنه: ابن عبَّاس والمطَّلب بن أبي وداعة قصَّةَ الجام لمَّا سافر هو وتميم الدَّاريُّ، وكذا قال ابن منده وأبو نعيم: وإنَّما هو بزيل)، انتهى، وما قاله ابن ماكولا موافقٌ، بخلاف كلام الذَّهبيِّ، ولفظ ابن ماكولا: («بُزيل»؛ بضَمِّ الباء؛ فهو بُزيل بن أبي مارية، مولى العاصي بن وائل السَّهميِّ، صاحب الجام، وهو الذي مات في السَّفر، وأوصى إلى تميم الدَّاريِّ وعديِّ بن بدَّاء)، انتهى، وذكر ذلك كذلك بعضُ الحُفَّاظ العصريِّين وضبط: بديلًا بالباء والدَّال، وهذا معروفٌ، وضبط: نُزَيلًا؛ بضَمِّ النُّون [3]، وفتح الزَّاي، بعدها ياءٌ آخر الحروف، ثمَّ لام، هذا هو المعروف، وفي كثيرٍ مِن الرِّوايات: (بُدَيل)، فذكر ضبطَه بالموحَّدة، والدَّال المهملة، ثمَّ قال: (وعند التِّرمذيِّ والطَّبريِّ: «ابن أبي مريم»، وللطَّبريِّ في رواية أخرى: «ابن أبي مارية») انتهى، وما ضبطه في (بزيل) من أنَّه بضَمِّ النُّون وفتح الزَّاي مخالفٌ لما قاله ابن ماكولا، والله أعلم.

(1/5350)

قوله: (مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ): قال الذَّهبيُّ في «تجريده» ما لفظه: (تميم بن أوس بن خارجة بن سويد، ويقال: سواد أبو رقيَّة الدَّاريُّ دمشقَ، فأمَّا تميمٌ الدَّاريُّ المذكور في قصَّة الجام؛ فذاك نصرانيٌّ من أهل دارين، قاله مقاتل بن حَيَّان)، انتهى، وفي هذا نظر، والذي يظهر أنَّهما واحد؛ إذ في «التِّرمذيِّ» قصَّة الجام، وفيه: (فلمَّا أسلمت بعد قدوم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة ... ) استغربه التِّرمذيُّ، وقال [4]: ليس [5] إسناده [6] بصحيحٍ، ثمَّ ذكره من حديث ابن عبَّاس مختصرًا، وقال في آخره: (حسن غريب)، وفي «كتاب النَّحاس» في القصَّة: (فاعترف تميم بالجناية، فقال له عليه الصَّلاة والسَّلام: «ويحك يا تميم! أسلم؛ يتجاوزِ الله عنك ما كان في شركك»، فأسلم، وحسن إسلامه، ومات عديُّ بن بداء نصرانيًّا)، انتهى، و (الدَّاري): منسوب إلى جدِّه الدَّار، وقيل غير ذلك، ويقال فيه: تميم الدَّيريُّ، وهذه النِّسبة إلى ديرٍ كان يتعبَّد فيه قبل الإسلام، أسلم سنة تسع، وقيل في الدَّيريِّ: أنَّه نسبةٌ إلى قبيلة، وهو بعيدٌ شاذٌّ، مِن أعظم مناقب تميم _وهي أعظمها_ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام روى عنه قصَّة الجسَّاسة والدَّجَّال في «مسلم»، وهو من باب رواية الأكابر عن الأصاغر، وكذلك عليه الصَّلاة والسَّلام روى عن مُجزَّز [7] المُدْلجيِّ قصَّته مع أسامة، ووالده زيد بن حارثة، ومرَّ بي في «مسند أحمد» روايته عليه الصَّلاة والسَّلام عن امرأة، والله أعلم.

قوله: (وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ): هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الدَّال المهملة، وبالمدِّ، مصروفٌ، وغير مصروف في نسخة، قال الذَّهبيُّ في «تجريد الصَّحابة» _وقد ضبب عليه، فذِكرُه في الصَّحابة غلطٌ عنده_ ما لفظه: (عديُّ بن بَدَّاء مذكورٌ في تفسير: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] في «جامع التِّرمذيِّ»، والصَّحيح: أنَّ عديًّا نصرانيٌّ لم يبلغنا إسلامُه)، انتهى، وهذا موافقٌ لما قدَّمته لك عن النَّحَّاس أعلاه [8]: أنَّ عديًّا مات نصرانيًّا، وقوله مذكور إلى آخره هو كذلك مذكورٌ في «البخاريِّ»، والله أعلم.

قوله: (فَمَاتَ السَّهْمِيُّ): تَقَدَّم قريبًا اسمُه والاختلاف فيه؛ فانظره.

قوله: (فَقَدُوا جَامًا مِنْ فِضَّةٍ): (الجام)؛ بالجيم: إناءٌ يُشرَب فيه، وهو عربيٌّ، وقيل: هو [9] جمع (جامة)، انتهى.

(1/5351)

تنبيهٌ: كان هذا الجام من فضَّة _كما هنا_ زنتُه ثلاثُ مئة مثقال، منقوشٌ، مُموَّهٌ بالذَّهب.

قوله: (مُخَوَّصًا مِنْ ذَهَبٍ): (المُخَوَّص)؛ بضَمِّ الميم، ثمَّ خاء مفتوحة معجمة، ثمَّ واو مُشدَّدة مفتوحة، ثمَّ صاد مهملة: الذي صُنِعت [له] من الذَّهب صفائحُ؛ مثل الخوص، قال ابن قُرقُول بعد أن ذكر أنَّه الذي صُنِعت له من الذَّهب صفائح؛ مثل الخوص: (قلت: وعندي أنَّ المُخَوَّص مِن الجام: هو المُطوَّق ... إلى أن قال: وعند القابسيِّ في حديث الجام: «مُخَوَّض بالذَّهب»؛ بالضَّاد المعجمة، قال أبو الفضل: وهو بعيد، قلت: ويُخرَّج على أنَّه مغسولٌ بالذَّهب؛ أي: خُوِّض بالذَّهب حتَّى انصبغ فيه، [إمَّا جميعُه] [10]، وإمَّا باطنُه) انتهى.

قوله: (فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ): هذان (الرَّجلان) هما: عمرو بن العاصي والمطَّلب بن أبي وداعة، كذا ذكرهما شيخنا، أمَّا عمرو؛ فهو في «التِّرمذيِّ»، وأمَّا المطَّلب؛ فإنَّه ذكره شيخنا ضمن كلام، والظَّاهر من كلامِه أنَّه في «كتاب النَّحَّاس»، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين: هما عمرو بن العاصي رواه الطَّبرانيُّ من حديث تميم، والآخر المطَّلب بن أبي وداعة السَّهميَّان رواه عبد الغنيِّ بن سعيد.

قوله: (وَإِنَّ الْجَامَ): هو بكسر همزة (إنَّ).

[ج 1 ص 700]

==========

[1] (وفلان): سقط من (ب).

[2] في (ب): (وقاله).

[3] في (ب): (بالنون المضمومة).

[4] في (أ): (وليس)، وهو سبق قلم، وسقط (قال) من (ب).

[5] زيد في (ب): (له)، والمثبت موافق لما في «التِّرمذيِّ».

[6] في النُّسختين: (إسناد)، والمثبت من مصدره.

[7] في (ب): (محرز)، وكلاهما صحيحٌ.

[8] (أعلاه) سقط من (ب).

[9] (هو): سقط من (ب).

[10] (إما جميعه): مثبت من مصدره.

(1/5352)

[باب قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة]

(1/5353)

[حديث: اذهب فبيدر كل تمر على ناحيته]

2781# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ أَوِ الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْهُ): أمَّا (مُحَمَّد بن سابق)؛ فهو كوفيٌّ نزل بغداد، كنيته أبو جعفر، ويقال: أبو سعيد مولى بني تميم، عن مالك بن مِغْوَل، ومسعر، وإسرائيلَ، وإبراهيم بن طهمان، وطبقتِهم، وعنه: البخاريُّ على الشَّكِّ في هذا المكان، وقد روى عنه من غير شكٍّ في كتاب «الأدب المُفْرَد»، وروى أيضًا في «الصَّحيح» عن الحسن بن الصَّبَّاح، كما سيأتي قريبًا جدًّا، وعن الحسن بن إسحاق المروزيِّ، ومُحَمَّد بن عبد الله عنه، وعنه أيضًا: أبو بكر ابن أبي شيبة، وابن نُمَير، وأبو بكر الصَّغانيُّ، وخلق، وثَّقه العجليُّ، وروى أحمد بن أبي خيثمة وغيره عن ابن معين: ضعيفٌ، وقال يعقوب بن شيبة: ثقةٌ، وليس ممَّن يُوصَف بالضَّبط، وقال النَّسائيُّ وغيره: لا بأس به، قال مُطيَّن: تُوُفِّيَ سنة (213 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وأمَّا (الفضل بن يعقوب)؛ فجدُّه يقال له: إبراهيم، وكنية الفضل أبو العبَّاس، بغداديٌّ رخاميٌّ، عن أبي النَّضر هاشم بن القاسم، والحسن بن مُحَمَّد بن أعين، وأبي قتادة الحرَّانيِّ، والهيثم بن جَميل، وطبقتهم، وعنه: البخاريُّ، وابن ماجه، وأبو حاتم، وابن صاعد، وعبد الرَّحمن بن أبي حاتم، وآخرون، قال أبو حاتم: صدوقٌ، وقال الدَّراقطنيًّ: ثقة حافظ، قال ابن مَخْلد: تُوُفِّيَ في جمادى الأولى سنة (258 هـ)، أخرج له مِن الأئمَّة مَن أخذ عنه منهم.

قوله: (قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الشين المعجمة، وأنَّه عامر بن شَراحيل.

قوله: (يَوْمَ أُحُدٍ): تَقَدَّم متى كانت أُحُد، وسيجيء في (غزوة أُحُد)، وكذا تَقَدَّم (وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ)، وأنَّ الرِّوايات كلَّها داخلةٌ في رواية: [(تسع بنات)، وليس في رواية] [1] القليل ما ينفي الكثير، وهو مِن باب مفهوم العدد، وكذا تَقَدَّم أنَّ (دَينهُ) كان ثلاثين وَسْقًا، وتَقَدَّم أنَّ الوسْق؛ بفتح الواو وكسرها: ستُّون صاعًا، وقد ذكرت فيه فيما مضى حديثين في (الوَسْق).

قوله: (جدَادُ): هو بفتح الجيم [2] وكسرها: الصرام؛ وهو قطع ثمرها.

(1/5354)

قوله: (أُغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ): (أُغرُوا)؛ بضَمِّ الهمزة: مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ ومعناه: أُولِعُوا بي مُستضعفِين لي، ولا يقال: أغرى بي إلَّا في مثل هذا، ويقال: غَرِي به وأغريته به: سلَّطتُه عليه، وفي بعض النُّسخ ما لفظه: (قال أبو عبد الله: أُغرُوا بي؛ يعني: هِيجُوا بي، {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 14]) انتهى.

قوله: (وَلَا أَرْجِعَ): مَنْصوبٌ معطوف على (أَنْ يُؤَدِيَ).

قوله: (حَتَّى إِنِّي [3] أَنْظُرُ): (إنِّي): بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (لَمْ يَنْقُصْ تَمْرَةً): (تمرةً): مَنْصوبٌ مُنوَّن، و (وَاحِدَة) مثله: صفة لـ (تمرة)، و (تمرةً): تمييز.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[2] في (ب): (الميم)، وهو تحريفٌ.

[3] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أنِّي)، وينظر هامشها.

[ج 1 ص 701]

(1/5355)

((56)) (كِتَابُ الجِهَادِ والسِّيَرِ) [1] ... إلى (بَاب: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا ... }؛ الآية [آل عمران: 169])

اعلم أنَّ الجهاد فرضُ كفاية في عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أمَّا كونُه فرضًا؛ فبالإجماع، وأمَّا كونه فرضَ كفاية؛ فاحتُجَّ له بقوله: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ... } إلى قوله: {وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى} [النساء: 95]، ولو كان القاعدون تاركين للفرض؛ لما وعدهم اللهُ الحسنى، وقال بعض العلماء من الشَّافعيَّة: كان فرضَ عين على الأنصار دون غيرهم؛ لأنَّهم بايعوا [2] عليه [3]، وكان شعارهم:

~…نَحْنُ الذينَ بَايَعُوا مُحَمَّدا…عَلَى الجِهَادِ مَا حَيِيْنَا أَبَدَا

وقال الماورديُّ: كان فرضَ عينٍ على المهاجرين، وكفايةً على غيرهم.

تنبيهٌ: لمَّا أذن اللهُ عزَّ وجلَّ لنبيِّه في القتال؛ كانت أوَّل آية نزلت في ذلك: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]، ورُوِي مسندًا إلى ابن عبَّاس رضي الله عنهما _وهذا في «النَّسائيِّ الصَّغير» _: رُوِّيناه عنه من طريق أبي عروبة بسنده إليه [4]، ورُوِّيناه عن ابن عائذ بسنده إلى الزُّهريِّ قال فيه: كان أوَّل آية أُنزِلت في القتال، فذكر ذلك غير أنَّه تلا إلى: {عَزِيزٌ} [الحج: 40]، وفي «سيرة مغلطاي»: وكانت أوَّل آية نزلت في الإذن بالقتال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ ... }؛ الآية، وفي «الإكليل»: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} [التوبة: 111]، ذكر ذلك بعد العقبة الثانية قبل التَّنقيب عليهم وقبل الهجرة [5]، وابن سيَّد النَّاس ذكره في أوَّل [6] (المغازي)، والله أعلم.

قوله: (والسِّيَر): هي جمع (سِيرة)، و (السِّيَر)؛ بكسر السين وفتح الياء، و (السِّيرة): الطَّريقة، يقال: إنَّها من (سار يسير)، وترجموه بكتاب السِّيَر؛ لأنَّ الأحكام المذكورة فيه مُتلقَّاة من سير رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غزواته.

(1/5356)

[حديث: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟]

2782# قوله: (حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ): هو بكسر الميم، وإسكان الغين المعجمة، وفتح الواو، ثمَّ لام، وهذا معروف عند أهله.

قوله: (الْوَلِيدَ بْنَ الْعَيْزَارِ): هو بفتح العين المهملة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ زاي، وبعد الألف راءٌ معروفٌ عند أهله.

قوله: (عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ): هو بالشين المعجمة المفتوحة، واسمه سعد بن إياس، مشهورٌ.

قوله: (ثُمَّ أَيٌّ؟): تَقَدَّم الكلام على النُّطق بها، وبما بعدها: هل هي (أيٌّ) مُنوَّنة، أو (أيُّ) مرفوعة من غير تنوين؟ في أوائل هذا التَّعليق.

==========

[ج 1 ص 701]

(1/5357)

[حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا]

2783# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو القطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): (سفيان) هذا: لا أعلمه من هو، أهو الثوريُّ أو ابن عيينة؟ وذلك لأنَّ يحيى القطَّان روى عنهما، وهما عن منصور، ولم أرَ من ميَّزه من الحُفَّاظ، وقد تَقَدَّم (مَنْصُورٌ): أنَّه ابن المُعتمِر.

قوله: (لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ): أي: من مكَّة؛ لأنَّها صارت دار إسلام، أو لا هجرة فضيلتها كفضيلة الهجرة من مكَّة، ولا بدَّ من تأويل، والله أعلم.

قوله: (وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 701]

(1/5358)

[حديث: لكن أفضل الجهاد حج مبرور]

2784# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هو خالد بن عبد الله الواسطيُّ الطَّحَّان، أحد العلماء، تقدَّمت ترجمته، ومنها: أنَّه اشترى نفسه من الله ثلاث مرَّاتٍ بزنته فضَّة تصدَّق بها، و (حَبِيبُ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهو ابن أبي عَمٍرة، كما نسبَه هنا، مشهورٌ ثقةٌ.

قوله: (نرَى الْجِهَادَ): هو بفتح النُّون وضمِّها، وقد تَقَدَّم.

قوله: (لكنْ أَفْضَلُ الْجِهَادِ): هو بإسكان نون (لكنْ)، ورفع (أفضلُ)، وقد تَقَدَّم بزيادة.

تنبيهٌ: إنَّما جُعِلَ الحجُّ أفضلَ للنِّساء من الجهاد؛ لقلَّة غَنَائِهنَّ [1] فيه.

قوله: (حَجٌّ مَبْرُورٌ): تَقَدَّم الكلام عليه غير مرَّةٍ منها في أوَّل (الحجِّ)، ومنها [2]: أنَّه الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية.

(1/5359)

[حديث: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم]

2785# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] عَفَّانُ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (ابن منصور)، وعليها علامة راويها، قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: (قال البخاريُّ: روى في «الجهاد»، و «الاعتصام»، و «التَّوحيد»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عفَّان»، وكذلك لم يَنسِب إسحاق عن عفَّان هذا أبو نصر، ولا أحدٌ من شيوخنا في شيء مِن هذه المواضع، ولعلَّه إسحاق بن منصور، أو إسحاق ابن راهويه) انتهى، ولم يتعرَّض لنسبته المِزِّيُّ ولا شيخُنا.

قوله: (حَدَّثَنَا عَفَّانُ): هذا هو ابن مسلم، أبو عثمان، الصَّفَّار الحافظ، عن هشام الدَّستوائيِّ، وهمَّام، والطَّبقة، وعنه: البخاريُّ، وإبراهيم الحربيُّ، وأبو زرعة، وأُممٌ،

[ج 1 ص 701]

وكان ثبتًا مِن حُكَّام الجرح والتَّعديل، تُوُفِّيَ سنة (220 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»؛ منها: أنَّ ابن عديٍّ آذى نفسه بذكره له في «كامله»، وابن الجوزيِّ أجاد في حذفه، ولكن تَقَدَّم الكلام عليه، ولكن طال به العهدُ.

قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو ابن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّم مرارًا، وكذا تَقَدَّم (أَبُو حَصِينٍ): أنَّه بفتح الحاء وكسر الصَّاد المهملتين، وأنَّه عثمان بن عاصم، وتَقَدَّم أنَّ الأسماء: بالضَّمِّ، والكنى: بالفتح، وتَقَدَّم (ذَكْوَان): أنَّه أبو صالح السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ): هذا الرجل: لا أعرف اسمه.

قوله: (دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ، قَالَ: لَا أَجِدُهُ): قال شيخنا: (يريد: إذا أتى المجاهد بالصَّلاة في ميقاتها).

قوله: (لَيَسْتَنُّ): أي: ليجري، وقيل: لِيَلِجَّ في عدوِّه إقبالًا وإدبارًا، وقيل: (الاستنان): يختصُّ [2] بالجري إلى فوق، وقيل: المرح والنَّشاط، وفي «البارع»: الاستنان كالرَّقص، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم مُطَوَّلًا عند قوله: (فاسْتَنَّتْ شرفًا أو شرفين).

قوله: (فِي طِوَلِهِ): هو بكسر الطَّاء المهملة، وفتح الواو، ويقال: طِيَل؛ بكسر الطَّاء، وفتح الياء المثنَّاة تحت، والأوَّل أكثر؛ وهو الحبل، وقيل: الرَّسن، وهو الطِّوال أيضًا.

(1/5360)

قوله: (حَسَنَاتٍ): يجوز كسرها مُنوَّنةً، وهي منصوبة، وعلامة النَّصب فيها الكسرة، ويجوز رفعها مُنوَّنة، والإعرابان ظاهران.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[2] في (ب): (مختص).

(1/5361)

[باب: أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله]

(1/5362)

[حديث: مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله]

2786# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تَقَدَّم (أَبُو سَعِيدٍ): أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟): هذا القائل لا أعرفه.

قوله: (مُؤْمِنٌ مُجَاهِدُ [1] فِي سَبِيلِ اللهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ): قال شيخنا: (ليس على عمومه، فلا يريد أنَّه أفضل الناس؛ لأنَّه أفضل منه مَن أَوْلَى منازل الصِّدِّيقين، وحمل النَّاس على الشرائع والسُّنن، وقادهم إلى الخير، وسبَّب لهم أسباب المنفعة دِينًا ودُنيا، لكن إنَّما أراد _والله أعلم_: أفضل أحوال عامَّة الناس؛ لأنَّه قد يكون في خاصَّتهم من أهل الدِّين، والعلم، والفضل، والضَّبط للسُّنن مَن هو أفضلُ منه) انتهى.

قوله: (فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ): (الشِّعْب)؛ بكسر الشِّين المعجمة، وإسكان العين المهملة، وبالموحَّدة؛ وهو ما انفرج بين جبلين، وقال يعقوب: الطَّريق في الجبل.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يجاهد).

[ج 1 ص 702]

(1/5363)

[حديث: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم]

2787# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (شُعَيْبٌ)، وكذا (الزُّهْرِي)، وتَقَدَّم أنَّ ياء (المُسَيّب) _والد سعيد_ بالفتح والكسر، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المسيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وتَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أعلاه.

قوله: (أَوْ يَرْجِعَهُ): هو بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ مُعدًّى، وقد قَدَّمتُ فيه لغة أخرى: أنَّه يقال في المُعدَّى: أَرْجَعَهُ، والأصحُّ الثُّلاثيُّ.

قوله: (أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ): يحتمل أن يدخلها إثرَ وفاته؛ تخصيصًا للشهداء، أو بعد البعث، ويكون فائدة تخصيصه كفَّارةً لجميع خطايا المجاهد، ولا تُوزَن مع حسناته، ذكره شيخنا، انتهى، وقد اختُلِف في دخول الجنَّة قبل الدَّار الآخرة على ثلاثة أقوالٍ؛ والمُصحَّح: أنَّه يدخلها الشهداء دون غيرهم، والله أعلم، هذا الذي اختاره أبو عمر بن عبد البَرِّ، كما نقله القرطبيُّ عنه.

قوله: (مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ): إنَّما أدخل (أَوْ) هنا؛ لأنَّه قد يرجع مرَّةً بالأجر وحده، ومرَّةً به وبالغنيمة جميعًا، فأدخل (أو)؛ ليدلَّ على اختلاف الحالَين، لا أنَّه يرجع بغنيمة دون أجر، بل أبدًا يرجع بالأجر كانت غنيمة أو لم تكن، نبَّه عليه ابن بطَّال، نقله شيخنا عنه، وحُكِي أنَّ (أو) هنا: بمعنى: الواو الجامعة على مذهب الكوفيِّين، وقد سقطت في «أبي داود»، وفي بعض روايات «مسلم»، وذهب بعضهم إلى أنَّها على بابها، وليست بمعنى الواو، وليس بصحيح؛ لحديث عبد الله بن عمرو: (ما من غازية تغزو ويصيبوا ويغنموا؛ إلَّا يُعَجَّلوا ثلثي أجورهم [1]، ويبقى الثُّلث وإن لم يصيبوا غنيمة، ثمَّ لهم أجرهم).

==========

[1] في (ب): (أجور)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 702]

(1/5364)

[باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء]

قوله: (بَابُ الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ): سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب كعادته، ثمَّ قال: (مدخله مِن الفقه: أنَّ الدعاء بالشَّهادة حاصله: أن يدعُوَ الله أن يُمَكِّن منه كافرًا يعصي الله؛ فيقتله، وقد استُشكِل إجزاءُ الدُّعاء بالشَّهادة على القواعد؛ إذ مقتضاها: ألَّا يتمنَّى معصية الله لا له ولا لغيره، ووجْهُ تخريجه على القواعد: أنَّ الدعوة به تعبُّدًا إنَّما هو نيل الدَّرجة الرَّفيعة المُعدَّة للشُّهداء، وأمَّا قتل الكافر؛ فليس بمقصود الدَّاعي، وإنَّما هو من ضرورات الوجود؛ لأنَّ الله تعالى أجرى حكمته ألَّا ينال تلك الدَّرجة إلا شهيدٌ، فلهذا أدخل البخاريُّ هذه التَّرجمة، وعضدها بالأحاديث رحمه الله تعالى) انتهى.

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ؛ ارْزُقْنِي شَهَادَةً ... ) إلى آخره: هذا التَّعليق أسنده البخاريُّ في (الحجِّ) فيما يتعلَّق بفضل المدينة، وأخرجه ابن سعد في «طبقاته».

==========

[ج 1 ص 702]

(1/5365)

[حديث: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله]

2788# 2789# قوله: (يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ): هي بالرَّاء، وهذا معروف مشهور جدًّا عند أهله، وهي أخت أمِّ سُلَيم، واسم أمِّ حرام مُلَيكة، وقال الذَّهبيُّ: (يقال: الغُمَيصاء والرُّمَيصاء [1]، قال غير واحد: إنَّ اسمها مُلَيكة)، وقال ابن عبد البَرِّ: (لم أقف لها على اسمٍ صحيحٍ)، انتهى [2]، وفي «أبي داود» تسميتها بمليكة [3]، قال النَّوويُّ: واتَّفق العلماء على أنَّها كانت مَحرَمًا له عليه الصَّلاة والسَّلام، واختلفوا في كيفيَّة ذلك؛ فقال ابن عبد البَرِّ وغيره: (كانت إحدى خالاته من الرَّضاعة، وقال آخرون: بل كانت خالةً لأبيه؛ لأنَّ عبد المطَّلب كانت أمُّه من بني النَّجَّار)، انتهى، وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ: (إنَّه سمع من بعض الحُفَّاظ يقول: كانت أمُّ سُلَيم أختَ آمنة من الرَّضاعة)، انتهى، وقيل: إنَّه ليس بينهما رضاعٌ مُحرِّم، قاله شيخ شيوخنا الحافظ الدِّمياطيُّ عبد المؤمن بن خلف في «جزء مفرد»، وإنَّما هو من خصائصه، انتهى، وسيأتي في (باب فضل من جهَّز غازيًا أو خلفه بخير) تعليلُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم دخولَهُ عليها بالرَّحمة لها؛ لكون أخيها [4] قُتِل معه عليه الصَّلاة والسَّلام، وقال شيخنا عن ابن العربيِّ: إنَّه ذُكِر عن بعض العلماء أنَّ هذا مخصوص به [5]، أو يحمل على أنَّه قبل الحجاب، إلَّا أنَّ (تَفْلِي رَأْسَهُ) يُضعِّفُ هذا.

[ج 1 ص 702]

قوله: (وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ) [6]: (تَفْلِي): هو بفتح أوَّله، وإسكان الفاء، واعلم أنَّ شيخنا قال في «الخصائص» وهو كتاب مفرد قرأته عليه: (نُقِلَ عن «الشفا» لابن سَبُع أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يكن القمل يؤذيه؛ تعظيمًا وتكريمًا، وهذا يحتمل سببين؛ أحدهما: أنَّه لم يكن عليه قمل بالكليَّة، أو عليه ولا يؤذيه، والاحتمال الثَّاني أظهر لهذا الحديث، ولحديث: «تفلي ثوبَهُ»، والله أعلم.

قوله: (عُرِضُوا عَلَيَّ): (عُرِض): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ): (الثَّبَج)؛ بفتح الثَّاء المثلَّثة، والباء الموحَّدة، وبالجيم: ظهر البحر، وفي رواية أخرى: (يركبون ظهر هذا البحر)، و (الثَّبج): ما بين الكتفين، انتهى، وفي «أمالي القالي»: («ثَبج البحر»: ظهرُه، وقيل: معظمه، وقيل: قوته)، قاله شيخنا.

(1/5366)

قوله: (شَكَّ إِسْحَاقُ): هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة المذكور في سند الحديث، وهو ابن ابن أخت أمِّ حرام بنت ملحان [7]، جدَّته أمُّ سُلَيم أمُّ أنس.

قوله: (فِي زَمَنِ [8] مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ): ليس المراد بـ (زمن معاوية): زمن خلافته؛ إنَّما المراد: أنَّه كان عليهم في الغزو من جهة عثمان بن عفَّان، وقيل: بل كان ذلك في خلافة معاوية، قال القاضي: وهو الأظهر في دلالة قوله: في زمانه، انتهى، والأوَّل هو الصَّحيح؛ لأنَّها تُوُفِّيَت سنة سبع وعشرين، قيل: بقبرس، وفي هذا «الصَّحيح»: (فنزلوا الشَّام فقُرِّبت إليها دابَّة؛ لتركبها، فصُرِعَت فماتت)، وقيل: تُوُفِّيَت سنة ثمان وعشرين، وكلاهما يردَّان أنَّ ذلك كان في خلافة معاوية.

قوله: (فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا): جاء في بعض طرقه: أنَّ دابَّتها كانت بغلة [9].

(1/5367)

[باب درجات المجاهدين في سبيل الله]

قوله: (يُقَالُ: هَذِهِ سَبِيلِي وَهَذَا سَبِيلِي): يعني: أنَّ السَّبيل _وهو الطَّريق_ يُؤنَّث ويُذكَّر، قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يوسف: 108]، وقال عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} [الأعراف: 146]؛ فذكَّر [1]، والله أعلم.

==========

[1] (فذكر): سقط من (ب).

[ج 1 ص 703]

(1/5368)

[حديث: من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان]

2790# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وأنَّه ابن سليمان، وأنَّه فرد في الكتب السِّتَّة.

[قوله]: (فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَفَلَا نُبَشِّرُ النَّاسَ؟): قال بعض حُفَّاظ العصر: (المستأذِن في ذلك مُعاذ بن جبل، أخرجه التِّرمذيُّ من حديثه)، انتهى، وهنا: أنَّهم قالوا؛ فمِن القائلين على هذا مُعاذٌ.

قوله: (فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ): هو البستان بلغة الرُّوم، وقيل: بالسِّريانيَّة، وقيل: بالنَّبطيَّة؛ أي: فنُقِل إلى لسان العرب، وقيل: الكرم، وهو ههنا: ربوة الجنَّة؛ هو أوسط الجنَّة وأعلاها وأفضلها، وجمع فردوس: فراديس.

قوله: (فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ): أي: أفضلها.

قوله: (أُرَاهُ): هو بالهمزة المضمومة؛ أي: أظنُّه، وهذا الظَّنُّ من كلام الرَّاوي، ظنَّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «وفوقه عرش الرَّحمن»، ولهذا قال البخاريُّ عقيبه: (قال مُحَمَّد بن فُلَيح عن أبيه: وفوقه عرش الرَّحمن)؛ أي: من غير أن يظنَّ، بل جزم بذلك، وسيأتي هذا التَّعليق مسندًا في (كتاب التَّوحيد) في (باب قول الله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7]): عن إبراهيم بن المنذر، عن مُحَمَّد بن فُلَيح، عن أبيه به.

قوله: (وَفَوْقهُ [1]): هو بضَمِّ القاف، وقيل: بالفتح، قال ابن قُرقُول: (بضَمِّ القاف على معنى: أعلاه عرش الرَّحمن، كذا ضبطه الأصيليُّ، وعند غيره: بالنَّصب على الظَّرف، قال القاضي: «فوقَه»: ضبطه الأصيليُّ، قال القاضي: ولا أعرف له معنًى، قلت: وعندي أنَّ الذي قاله عنه وَهَمٌ، إنَّما ضبطه كما قلناه، وكذا رأيت بخطِّ القاضي في أصله عن الأصيليِّ)، انتهى، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة شمس الدِّين في «حادي الأرواح» في آخر الباب الثَّالث عشر: (قال شيخنا أبو الحجَّاج المِزِّيُّ: والصَّواب: رواية مَن روى: «وفوقُه» على أنَّه اسمٌ، لا ظرف؛ أي: وسقفه عرش الرَّحمن)، انتهى، فالضَّمير في (وفوقه) يوهم عوده لـ (الفردوس)، بل هو راجع إلى (الجنَّة) كلِّها.

(1/5369)

[حديث: رأيت الليلة رجلين أتياني فصعدا بي الشجرة]

2791# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، وكذا تَقَدَّم (جَرِيرٌ): أنَّه ابن [1] حَازم؛ بالحاء المهملة، وتَقَدَّم أيضًا (أَبُو رَجَاءٍ): أنَّه عمران بن تيم، ويقال: ابن ملحان أبو رَجاء العطارديُّ، و (سَمُرَة): هو ابن جندب، تَقَدَّم الكلام على بعض ترجمته، صحابيٌّ شهيرٌ.

قوله: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي): هما: جبريل وميكائيل، كما صرَّحا بذلك فيما تَقَدَّم في (الجنائز): «وأنا جبريل، وهذا ميكائيل».

==========

[1] زيد في (ب): (أبي)، وليس بصحيحٍ.

[ج 1 ص 703]

(1/5370)

[باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة]

قوله: (بَابُ الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ): (الغَدوة): من أوَّل النَّهار إلى الزَّوال، و (الرَّوحة): من الزَّوال إلى اللَّيل، وهما بالفتح، وهو المرَّة من الغدوِّ والرَّواح، وسيجيء الكلام عليهما أيضًا، وأمَّا الغُدوة _بالضَّمِّ_؛ فمن صلاة الغداة إلى طلوع الشَّمس.

قوله: (وَقَابِ قَوْسِ أَحَدِهِمْ [1]): أي: قدر طولها، ويحتمل قدر رميتها، يقال: قاب رمح، وقاد رمح، وقيد رمح، وقِدَى رمح، وقيده [2]، وقيل في قوله تعالى: {قَابَ قَوْسَيْنِ} [النجم: 9] ههنا: الذِّراع بلغة أزد شنوءة، وقيل: قدر قوسين، وقيل: القاب: ظفر القوس؛ وهو ما وراء معقد الوَتَر.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَحَدِكُمْ).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «المطالع»: (وقدة).

[ج 1 ص 703]

(1/5371)

[حديث: لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها]

2792# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هذا تَقَدَّم أنَّه ابن خالد الكرابيسيُّ الحافظ، وكذا تَقَدَّم (حُمَيْدٌ): أنَّه الطَّويل ابن تير، ويقال: تيرويه.

قوله: (لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ): تَقَدَّم الكلام عليهما أعلاه.

قوله: (أَوْ رَوْحَةٌ): (أو) هنا: للتقسيم، لا للشَّكِّ، وسيأتي في (الرِّقاق) أيضًا إن شاء الله تعالى.

قوله: (خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا): يعني: ثواب ذلك في الجنَّة خيرٌ من الدُّنيا، وقيل في مثل هذا: خير من أن يتصدَّق بما في الدُّنيا إذا ملكها، فأنفقها في وجوه البرِّ والطَّاعة غير الجهاد، وقال القرطبيُّ: أي: الثَّواب الحاصل في مَشْيَةٍ واحدةٍ في الجهاد خيرٌ لصاحبه

[ج 1 ص 703]

من الدُّنيا كلِّها لو جُمِعت بحذافيرها، وقال المُهلَّب: هما خير مِن زمن الدُّنيا؛ لأنَّهما في زمن قليل؛ أي: ثواب هذا الزَّمن [1] القليل في الجنَّة خيرٌ من زمن الدُّنيا كلِّها، وكذا قوله: (لَقَابُ قَوسٍ فِي الجَنَّةِ)؛ يريد: ما صغر في الجنَّة من المواضع خيرٌ من المواضع كلِّها، فأخبر في هذا الحديث أنَّ قصر الزَّمان وصغر المكان في الآخرة خيرٌ من طويل الزَّمان وكبر المكان في الدُّنيا، نقله شيخنا.

(1/5372)

[حديث: لقاب قوس في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب]

2793# قوله: (وَلَقَابُ [1] قَوْسٍ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لَقابُ)، بغير واو.

[ج 1 ص 704]

(1/5373)

[حديث: الروحة والغدوة في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها]

2794# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، والباقي معروفٌ، بل الكلُّ معروفٌ عند أهله، ابن عقبة السُّوائيُّ، وكذا تَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّه سُفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، وكذا تَقَدَّم (أَبُو حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار، الأعرج المدنيُّ.

قوله: (الرَّوْحَةُ وَالْغَدْوَةُ): تَقَدَّم عليهما الكلام قريبًا.

(1/5374)

[باب الحور العين وصفتهن]

قوله: (يَحَارُ فِيهَا): هو بفتح المثنَّاة تحت، وتخفيف الحاء المهملة، وبعد الألف راءٌ، يقال: حار يَحَارُ حَيْرة وحَيْرًا؛ أي: تحيَّر في أمره؛ فهو حيران، وهذا من (حَيَر)، والحُور من (حَوَر)، فليس هذا مِن اشتقاق هذا، والله أعلم.

قوله: ({وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ} [الدخان: 54]: أَنْكَحْنَاهُمْ): هذا خلافُ المشهور عند المفسِّرين في معناه، بل معناه: قرنَّاهم، و (نكح) لا [1] يتعدَّى بالباء.

==========

[1] في (ب): (قرناهم، وهو نكح مما)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 704]

(1/5375)

[حديث: ما من عبد يموت له عند الله خير يسره أن يرجع إلى الدنيا]

2795# 2796# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المُسنديُّ، تَقَدَّم مرارًا، ولماذا نُسِب، وكذا تَقَدَّم (أَبُو إِسْحَاقَ) هذا: أنَّه إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث، أبو إسحاق، الفزاريُّ، تَقَدَّم، و (حُمَيْد) هذا: هو الطَّويل حُمَيد بن تير، ويقال: ابن تيرويه.

قوله: (وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا): هو بفتح همزة (أَنَّ)، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (إِلَّا الشَّهِيدَ): هو مَنْصوبٌ على الاستثناء، و (الشَّهيد): معلوم أنَّه القتيل في سبيل الله؛ لأنَّ ملائكة الرحمة تشهده [1]، أو لأنَّ أرواحهم حضرت دار السَّلام، وأرواح غيرهم لا تشهدها إلى يوم القيامة، أو لأنَّ الله عزَّ وجلَّ وملائكته شهودٌ له بالجنَّة، أو لأنَّه ممَّن يشهد يوم القيامة على الأمم الخالية، أو لسقوطه على الشَّاهد؛ أي: الأرض، أو لأنَّه حَيٌّ عند الله حاضر، أو لأنَّه يشهد ملكوت الله وملكه.

تنبيهٌ: الشَّهيد ثلاثة أقسام: شهيدٌ في الدُّنيا والآخرة؛ وهو المقتول في حرب الكفَّار بسبب من أسبابه، فإن تُوُفِّيَ بعد انقضاء الحرب أو في قتال البغاة؛ فغيرُ شهيدٍ في الأظهر عند الشَّافعيَّة؛ يعنون: في الغُسل والصَّلاة، وشهيدٌ في الآخرة دون أحكام الدُّنيا؛ وهم المذكورون في الأحاديث، وسيأتون قريبًا في (باب الشَّهادة سبع سوى القتل)، وشهيد في الدُّنيا دون الآخرة؛ وهو مَن غلَّ من الغنيمة، أو مُن قُتِل مُدبِرًا.

قوله: (قَالَ: وَسَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ): القائل ذلك هو حُمَيد؛ هو [2] الطَّويل المذكور في السَّند، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ): تَقَدَّم الكلام على (القاب) قريبًا جدًّا.

قوله: (أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ [3]؛ يَعْنِي: سَوْطَهُ): (القِيْد)؛ بكسر القاف، وبالمثنَّاة تحت السَّاكنة، ثمَّ دال مهملة مكسورة غير مُنوَّنة، قال ابن قُرقُول: (أي: قدر)، وكذا في «النِّهاية» لابن الأثير، وعن الصَّغانيِّ اللُّغويِّ: (كذا وقع في النُّسخ: «قِيْد»؛ بزيادة الياء، إنَّما هو «قدٌّ»؛ بتشديد الدال لا غير؛ وهو السَّوط المُتَّخَذ مِن الجلد الذي لم يُدبَغ، ومَن رواه: «قَيده» _بفتح القاف_؛ فقد صحَّف وغيَّر)، انتهت، والذي قاله ابن قُرقُول وابن الأثير أحسنُ، والله أعلم.

(1/5376)

قوله: (خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا): تَقَدَّم الكلام على ذلك [4] قريبًا جدًّا؛ [فانظره.

قوله: (وَلَنَصِيفُهَا): (النَّصِيْف)؛ بفتح النُّون، وكسر الصاد المهملة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ فاء، وهو الخمار، وقيل: المِعْجَر، وهو بكسر الميم، وإسكان العين المهملة، وفتح الجيم، ثمَّ بالراء، وهو ما تشدُّه المرأة على رأسها.

قوله: (خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا جدًّا] [5].

(1/5377)

[باب تمني الشهادة]

قوله: (باب تَمَنِّي الشَّهَادَةِ): تَقَدَّم الكلام عليه في الورقة التي قبل هذه؛ فانظره، فإنَّه حسن.

==========

[ج 1 ص 704]

(1/5378)

[حديث: والذي نفسي بيده لولا أن رجالًا من المؤمنين .. ]

2797# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وتَقَدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وتَقَدَّم (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): أنَّه بفتح ياء (المسيّب) وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المسيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وتَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (عَنْ سَرِيَّةٍ): تَقَدَّم أنَّ (السَّريَّة): قطعة من الجيش ما بين خمسة أنفس إلى ثلاث مئة، قاله يعقوب، وقال الخليل: هي نحو أربع مئة.

قوله: (لَوَدِدْتُ): هو بكسر الدَّال الأولى، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

تنبيهٌ: هذا من كلامه صلَّى الله عليه وسلَّم، ونقل شيخنا عن ابن التِّين: أنَّه رأى من يقول أنَّه من كلام أبي هريرة، وهو بعيد، انتهى، وقال ابن التِّين أيضًا حكاية: (يحتمل أنَّه قاله قبل نزول قوله تعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، وقيل: بعده، والخبر على المبالغة في فضل الجهاد والقتل فيه، قال: وهذا أشبه)، انتهى.

قوله: (ثُمَّ أُحْيَا): هو بضَمِّ الهمزة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا الثاني، والثالث، وهذا ظاهرٌ، وأمَّا قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «باسمك أَحيا»؛ هو بفتح الهمزة، وهذا ظاهرٌ أيضًا إلَّا أنِّي سُئلت عنه، وسمعت عن بعض من يتعاطى الحديث أنَّه قاله بضَمِّ الهمزة، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 704]

(1/5379)

[حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب.]

2798# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الصَّفَّارُ): هو بفتح الصاد المهملة، وتشديد الفاء، وبالراء، والصُّفر: الذي تُعمَل منه الأواني بالضَّمِّ، وأبو عُبيدة يقوله بالكسر، وقد تَقَدَّم أنَّه النُّحَاس مُطَوَّلًا.

قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هذا [1] تَقَدَّم [2] أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.

قوله: (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ): تَقَدَّم أنَّ كلَّ ما في الكتب السِّتَّة (حُمَيدٌ عن أنس)؛ فهو الطَّويل، إلَّا في حديثين؛ أحدهما في «البخاريِّ» و «النَّسائيِّ»: (أخذ الرَّاية زيد فأُصِيب)، والثاني [3]: في «البخاريِّ» فقط: (كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غنم موكب جبريل)؛ فإنَّهما عن حُمَيد بن هلال عن أنس، وقد قَدَّمتُ أنَّ حُمَيد بن هلال عدويٌّ؛ عديُّ تميم، بصريٌّ، يروي عن أنس، وعبد الله بن مُغفَّل [4]، وهشام بن عامر، وعبد الله بن الصَّامت، ومُطرِّف بن الشِّخِّير، وخلق، وعنه: أيُّوب، وابن عون، وشعبة، وخلقٌ، قال يحيى القطَّان: كان ابن سيرين لا يرضاه؛ يعني: لكونه دخل في شيءٍ من عمل السُّلطان، وقال ابن [5] معين: ثقة، مات في ولاية خالد بن عبد الله على العراق، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

[ج 1 ص 704]

قوله: (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ): تَقَدَّم الكلام على وقت بعث هذا الجيش إلى مؤتة، وأنَّ الأمراء: زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رَواحة قُتِلوا، وكم كان جيش المسلمين، وكم كان جيش الكفَّار بما فيها مِن الخلاف في (الجنائز)؛ فانظره.

قوله: (ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ): تَقَدَّم ما قاله مغلطاي في «سيرته الصُّغرى»؛ فانظره في (الجنائز).

قوله: (فَفُتِحَ لَهُ): تَقَدَّم الكلام على هذا، وأنَّ ظاهر هذا أنَّ جيش المسلمين انتصر، وقد ذكرت فيه ثلاثة أقوال، وستأتي إن شاء الله تعالى.

قوله: (تَذْرِفَانِ): هو بالذَّال المعجمة الساكنة، وكسر الراء، يقال: ذرَفت عينُه تذرِف؛ _الماضي بالفتح، والمستقبل بالكسر؛ إذا انصبَّ دمعُها_ ذرْفًا وذَرَفانًا [6] وذُروفًا، وقيل: الذُّروف: بغير بكاء.

(1/5380)

قوله الآية التي تلاها: ({وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} [النساء: 100]): هذه الآية أُنزِلت في ضمرة بن الفيض بن ضمرة بن زنباع الخزاعيِّ لمَّا أُمرِوا بالهجرة وكان مريضًا، فأمر أهله أن يفرشوا له على سرير ويحملوه إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ففعلوا، قال: فأتاه الموت وهو بالتَّنعيم، فنزلت هذه الآية، قاله سعيد بن جبير، وقال: إنَّه كان مصابًا [7] ببصره، وفي «تجريد الذَّهبيِّ»: (ضمرة بن العيص بن ضمرة الخزاعيُّ) انتهى، وفي «التَّجريد» أيضًا: (أنَّه ضمرة بن عمرو الخزاعيُّ، وقيل: ضمرة بن جندب، وقيل: ضمضم، هاجر [8]، فأدركه أجلُه في الطَّريق)، انتهى، وقد [9] قيل في ضمرة هذا: أبو ضمرة بن العيص [10]، والصَّحيح: ضمرة، لا أبو ضمرة، ويقال: نزلت في [ ... ] [11].

تنبيهٌ: وقع في «تفسير ابن عبد السَّلام» الشَّافعيِّ: (أنَّها نزلت في أكثم بن صيفيٍّ)، انتهى، وأكثم هذا مِن حكماء العرب، والصَّحيح: لم يُسلِم، وأخطأ أبو نعيم في عدِّه في الصَّحابة، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (أ): (هو).

[2] في (ب): (تَقَدَّم هذا).

[3] في (أ): (والباقي).

[4] في (ب): (المغفل).

[5] (ابن): سقط من (ب).

[6] في النُّسختين: (ذرافانًا)، ولعلَّه من إشباع الفتح.

[7] في (ب): (مصدابًا)، وهو تحريفٌ.

[8] في (ب): (وقيل: خرج مهاجرًا).

[9] (قد): ليس في (ب).

[10] في النُّسختين: (العيس)، ولعلَّه تحريفٌ عن المثبت.

[11] أخلى في (أ) بياضًا.

(1/5381)

[باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم]

(1/5382)

[حديث: أناس من أمتي عرضوا علي يركبون هذا البحر الأخضر]

2799# 2800# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد الأنصاريُّ، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ): أنَّه بفتح الحاء، وتشديد الموحَّدة، وتَقَدَّم مَن يقال له: حَبَّان؛ بالفتح مع تشديد [1] الموحَّدة في «البخاريِّ» و «مسلم»، ومَن يقال له حِبَّان؛ بالكسر مع تشديد الموحَّدة فيهما، وكذا تَقَدَّم (أُم حَرَامٍ): أنَّها بالحاء المهملة، والرَّاء، وأنَّ اسمَها مُلَيكة، ومتى تُوُفِّيَت.

قوله: (عُرِضُوا عَلَيَّ): (عُرِضوا)؛ بضَمِّ العين: مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (الأَخْضَرَ): الظَّاهر أنَّ معناه: الأسود، والله أعلم.

قوله: (مَعَ مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه؛ هل هو في خلافته كما هو ظاهرُ روايةٍ أخرى، أو كونه أميرًا من جهة عثمان؟ وقد رجَّحتُ هذا؛ لما ذُكِرَ في تاريخ وفاتها أنَّها في سنة ثمان وعشرين أو في سبع وعشرين، وهذان في خلافة عثمان، وكذا تَقَدَّم أنَّ دابَّتها كانت بغلة، وأنَّها تُوُفِّيَت بساحل حمص، ومَن قال: بقبرس فيه نظرٌ، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (بالفتح وتشديد).

[ج 1 ص 705]

(1/5383)

[باب من ينكب في سبيل الله]

(1/5384)

[حديث: بعث النبي أقوامًا من بني سليم إلى بني عامر في سبعين]

2801# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا، وتَقَدَّم (إِسْحَاق): أنَّه ابن عبد الله بن أبي طلحة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَقْوَامًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى بَنِي عَامِرٍ): (سُلَيم)؛ بضَمِّ السين، وفتح اللَّام، وهذا ظاهرٌ، قال الإمام الحافظ شيخ شيوخنا شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدِّمياطيُّ: (قوله: «من بني سُلَيم» وَهَمٌ؛ لأنَّ بني سُلَيم هم الذين قتلوا السَّبعين أصحابَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكانوا من الأنصار)، انتهى، ولا شكَّ في صحَّة ما قاله، غير أنَّ في قول الرَّاوي _كما في «صحيح مسلم» _: أنَّهم من الأنصار، ومعناه في «البخاريِّ» في حديثٍ آخرَ فيه تجوُّزٌ، فإنَّ فيهم من هو مهاجريٌّ، وسأذكر ذلك، واعلم أنَّ هذا البعث كان في صفر على رأس أربعة أشهر من أُحُد عند ابن إسحاق، وهو قصَّة بئر معونة، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فِي سَبْعِينَ رَجُلًا [1]): كذا هنا، وكذا في كلام ابن إسحاق، وفي كلام غيره: (في أربعين)، وقد جاء أيضًا في «الصَّحيح»: بالشَّكِّ بين السَّبعين والأربعين، وقيل: ثلاثون، والصَّحيح: (في سبعين)، وسيأتي، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ [2] لَهُمْ خَالِي: أَتَقَدَّمُكُمْ [3]): خال أنس هو حَرام بن ملحان، وحَرام؛ بفتح الحاء، وبالرَّاء، وقيل في هذه القصَّة: خالا أنس؛ حَرام وسُلَيم ابنا ملحان، واسم ملحان مالك، وفي «السيرة»: (أنَّهم بعثوا ملحان بكتاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى عدوِّ الله عامر بن الطُّفيل، فلمَّا أتاه؛ لم ينظر في كتابه حتَّى عدا على الرَّجل؛ فقتله).

قوله: (فَإِنْ آمَنُونِي [4]): هو بمدِّ الهمزة، وفتح الميم مخفَّفة، ووقع [5] في أصلنا: بتشديد الميم بالقلم، وفيه نظر، وكذا الذي بعدها: (فَآمَنُوهُ)، وشدَّد الميم في أصلنا، وفيه نظر.

قوله: (إِذْ أَوْمَؤُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (الذي طعنه هو عامر بن الطُّفيل)، انتهى، وكذا قاله حافظ مصريٌّ مِن المعاصرين، وسيأتي في بئر معونة ما ينفي هذا.

قوله: (فَأَنْفَذَه): هو بالفاء، والذَّال المعجمة، وهذا ظاهرٌ.

(1/5385)

قوله: (ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا رَجُلًا أَعْرَجَ [6] صَعِدَ الْجَبَلَ، قَالَ هَمَّامٌ: فَأُرَاهُ وَآَخَرَ [7] مَعَهُ): هذا الآخر هو عمرو بن أميَّة الضَّمريُّ، أمَّا (همَّام)؛ فهو ابن يحيى العَوْذِيُّ المذكور في السَّند، وقد ذكرتُه أعلاه [8]، وأمَّا (أُرَاه): فهو بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، واعلم أنَّ في «السيرة»: (فقاتلوهم حتى قُتِلوا إلى آخرهم إلَّا كعب بن زيد أخا بني دينار بن النَّجار، فإنَّهم تركوه وبه رمقٌ، فارتُثَّ مِن بين القتلى، فعاش حتَّى قُتِل في الخندق، وكان في سرح القوم عمرو بن أميَّة الضَّمريُّ ورجلٌ آخر، قال ابن هشام: هو المنذر بن مُحَمَّد بن عقبة بن أُحَيحة بن الجُلَاح، وقال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (إنَّ الذي كان في سرح القوم مع عمرٍو الحارثُ بن الصِّمَّة؛ فيُحرَّر؛ فذكرُ القصَّةِ في «السيرة» يقتضي أنَّ المنذر قُتِل، وأُخِذ عمرٌو [9] أسيرًا، والجمع بين ما في «الصَّحيح» و «السيرة» ظاهر؛ لأنَّ كعبًا كان في حكم القتلى، فأَخْبَرَ عن ابتداء أمره على المقاربة)، انتهى، وذكر ابن شيخِنا البلقينيِّ كلامًا طويلًا وفي آخره: (فحينئذٍ لم يسلم من أصحاب بئر معونة إلَّا رجلان؛ كعب بن زيد، وعمرو بن أميَّة، فيفسَّر بهما الرجلان اللَّذان ذكرهما البخاريُّ)، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ القاهرة: (الأعرج هو كعب بن زيد الأنصاريُّ، وقد سبق في كلامي أنَّ كعب بن زيد عاش بعد ذلك)، انتهى، وهو من بني أميَّة بن زيد كما عند الإسماعيليِّ، والآخر معه هو عمرو بن أميَّة الضمريُّ، قال هذا الحافظ [10]: كما في «السِّيرة»، انتهى والاثنان تقدَّما في كلامي، والله أعلم.

(1/5386)

فائدةٌ: يحضرني ممَّن استُشهِد ببئر معونة: عامر بن فهيرة، قتله جَبَّار بن سُلْمى بن جعفر بن مالك بن جعفر بن كلاب، ثمَّ أسلم بعد هذه القصَّة وصَحِب، والحكم بن كيسان، والمنذر بن مُحَمَّد [11] بن عقبة بن الجُلَاح، وأبو عبيدة [12] بن عمرو بن محصن، والحارث بن الصِّمَّة، وأُبيُّ بن مُعاذ، وأخوه أنس، ومُحَمَّد بن إسحاق وموسى بن عقبة يُسمِّيانِه أوسًا، والواقديُّ يقول: إنَّ أنسًا هذا مات في خلافة عثمان، وأبو شيخ بن أبي ثابت، وحرام وسُلَيم خالا أنس، ومالك وسُفيان ابنا ثابت من الأنصار، وذلك ممَّا انفرد به الواقديُّ، وعروة بن أسماء، وقطبة بن عبد عمرو بن مسعود، والمنذر بن عمرو بن خُنَيس وهو أميرهم، ومُعاذ بن ماعص، وأخوه عائذ كذا عند الواقديِّ، ومسعود بن سعد عند الواقديِّ، وأمَّا ابن القدَّاح [13]؛ فقال: مات بخيبر، وخالد بن ثابت بن النُّعمان، وقيل: قُتِل خالد هذا بمؤتة، وسفيان بن حاطب، وسعد بن عمرو بن ثقف، وابنه

[ج 1 ص 705]

الطُّفيل، وابن أخيه سهل بن عامر بن سعد بن عمرو بن ثقف، وعبد الله بن قيس بن صرمة، ونافع بن بُديل، وعند ابن سعد فيهم: الضَّحَّاك بن عبد عمرٍو، وذكر [14] ابن القدَّاح فيهم عمرو بن معبد بن الأزعر بن زيد بن العطَّاف بن ضُبَيعة من بني عمرو بن عوف، واسمه عند ابن إسحاق: عمرو، وهو عند ابن القدَّاح: عُمير، وذكر ابن الكلبيِّ: خالد بن كعب بن عمرو، وذكر أبو عمر في «الاستيعاب»: سهيل بن عامر بن سعد فيهم، قال ابن سيِّد النَّاس: سهل بن عامر، وأهل المغازي مُتَّفِقون [15] على أنَّ الكلَّ قُتِلوا إلَّا عمرو بن أميَّة، وكعب بن زيد بن قيس بن مالك، فإنَّه جُرِح يوم بئر معونة، ومات بالخندق، والله أعلم.

قوله: (وَآخَرَ مَعَهُ): (آخرَ)؛ بالنَّصب معطوف على (رجلًا).

قوله: (فَكُنَّا نَقْرَأُ: أَنْ بَلِّغُوا عَنَّا [16] قَوْمَنَا ... ) إلى آخره [17]: (فكنَّا نقرأ ... ) إلى آخره: هذا في «الصحيح»، قال السُّهيليُّ: (وليس عليه رونق الإعجاز، فيقال: إنَّه لم ينزل بهذا النَّظم، ولكن بنظمٍ مُعجِزٍ كنظم القرآن).

(1/5387)

فإن قيل: إنَّه خبرٌ والخبر لا يُنسخُ؟ قلنا: لم يُنسَخ منه الخبرُ، وإنَّما نُسَخ الحكمُ، فإنَّ حكم القرآن أن يُتلَى في الصَّلاة ولا يمسُّه إلَّا طاهر، وأن يكون بين اللَّوحين، وأن يكون تعلُّمُه من فروض الكفاية، فكلُّ ما نُسِخَ ورُفِعَت منه هذه الأحكامُ وإن بقي محفوظًا؛ فإنَّه منسوخٌ، وإن تضمَّن خبرًا؛ جاز أن يبقى ذلك الخبرُ مُصدَّقًا به وأحكام التَّلاوة منسوخة عنه، كما قد نزل: «لو أنَّ لابن آدم واديًا مِن ذهب؛ لابتغى ثانيًا، ولا يملأ جوفَ ابنِ آدم إلَّا الترابُ، ويتوب الله على من تاب»، ويروى: (ولا يملأُ عيني ابنِ آدم، وفم ابن آدم)، وكلُّها في «الصحيح»، وكذلك رُوِيَ: (واديًا من مال) أيضًا، فهذا خبرٌ، والخبر لا يُنسَخ، ولكن نُسِخ منه أحكام التِّلاوة ... إلى آخر كلامه، وهو مُتعلِّق بالمسألة، والله أعلم.

وقوله: (أَنْ بَلِّغُوا): بفتح همزتها، وإسكان نونها.

قوله: (عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبَنِي لِحْيَانَ) أمَّا (رِعْل)؛ فهو _بكسر الرَّاء، وإسكان العين المهملة، وباللَّام_ قبيلة معروفة، وأمَّا (بنو لِحيان)؛ فهم _بكسر اللَّام، وفتحها_؛ لغتان، وقوله: (وبني لِحيان) كذا في «البخاريِّ» و «مسلم»، وهذا يُوهِم أنَّ بني لِحيان ممَّن أصاب القُرَّاء يوم بئر معونة، وليس كذلك، وإنَّما أصاب القُرَّاءَ رِعْلٌ، وذكوانُ، وعُصيَّة، ومَن صحبهم من سُلَيم، وأمَّا بنو لِحيان؛ فهم الذين أصابوا بعث الرَّجيع، وإنَّما أتى الخبرُ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عنهم كلِّهم في وقتٍ واحدٍ، فدعا على الذين أصابوا أصحابَهُ في الموضعين دعاءً واحدًا، والله أعلم.

(1/5388)

[حديث: هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت]

2802# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم [1] لماذا نُسِب، وكذا تَقَدَّم (أَبُو عَوَانَةَ) أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (عَنْ جُنْدبِ ابْنِ سُفْيَانَ): أمَّا (جندب)؛ فبضمِّ الدَّال المهملة وفتحها، وهو جندب بن عبد الله بن سفيان، أبو عبد الله، البجليُّ، ثمَّ العَلَقيُّ، وعلقة حيٌّ مِن بجيلة، وقد يُنسَب إلى جدِّه، يروي عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وعن حذيفة، وعنه: الحسن، وابن سيرين، وأبو مجلز، وأبو عمران الجونيُّ، وسلمة بن كُهَيل [2]، وجماعة، قال جندب: (كنَّا مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ونحن فتيان حزاورة، فتعلَّمنا الإيمان).

قوله: (فَقَالَ: هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... ) إلى آخره: قال النَّوويُّ: (الرِّواية المعروفة كسرُ التَّاء، وسكَّنها بعضُهم) انتهى، واعلم أنَّ بعض المشايخ غَيَّر شيئًا مِن هذا الكلام حتَّى صيَّره غير موزون، وكأنَّه غفل عن نكتةٍ، وهو وإن كان موزونًا؛ فإنَّه ليس بشعر، وإن قلنا: إنَّ الرَّجزَ شعرٌ؛ لأنَّ شرط الشِّعر أن يكون مقصودًا موزونًا مقفًّى، وقد حُكِي عليه اتِّفاق العلماء والشعراء، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يقصد ذلك، هذا إن قلنا: إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قاله [3] وإن قلنا: إنَّه تمثَّل به؛ فذلك [4] لأنَّه قد جاء في «السِّيرة» لابن هشام: أنَّ الوليد بن الوليد قال ذلك، وسيأتي ذلك بأطولَ مِن هذا في (باب حقِّ الضَّيف)، ورأيت بخطِّ شيخنا في «شرحه» ما لفظه: (وقال ابن التِّين: هذا الشعر لابن رواحة)، انتهى

(1/5389)

فائدةٌ: اعلم أنَّ الخطَّ والشعر كانا يحرَّمان على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد تَقَدَّم الكلام في الخطِّ في (الصلح)، قال تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69]، قال الإمام الرافعيُّ: (وإنَّما يتَّجه القول بتحريمهما ممَّن يقول: إنَّه كان يحسنهما)، وقد اختُلِف فيه، فقيل: كان يحسنهما، ويُمنَع منهما، والأصحُّ: أنَّه كان لا يحسنهما، قال النَّوويُّ في «الرَّوضة»: (ولا يمتنع تحريمهما وإن لم يحسنهما، ويكون المراد: تحريم التَّوصُّل إليهما، وتمسَّك القائل بأنَّه كان يحسن بالرِّواية التي تقدَّمت في (الصلح)، وقد ألحق الماورديُّ بقول الشعر روايتَه، وبالكتابة القراءةَ؛ أي: في الكتاب، وعبارة القضاعيِّ في «عيون المعارف»: (أنَّ من خصائصه أنَّه لم يكن يقول شعرًا، ولا أن يتعلَّمه، ولا فرق بين الخطِّ [5] العربيِّ وغيره).

==========

[1] في (أ) و (ب): (وتقدما)، ولعلَّه تحريفٌ.

[2] في (ب): (نهيل)، وهو تحريفٌ.

[3] (قاله): سقط من (ب).

[4] في النُّسختين: (وذلك)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[5] في (ب): (خط).

[ج 1 ص 706]

(1/5390)

[باب من يجرح في سبيل الله عز وجل]

قوله: (بَابُ مَنْ يُجْرَحُ [1] فِي سَبِيلِ اللهِ): (يُجرَح): بضَمِّ أوَّله، وبالجيم، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[1] في (ب): (يخرج)، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[ج 1 ص 706]

(1/5391)

[حديث: والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله]

2803# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وتَقَدَّم (الأَعْرَجِ): أنَّه عبد الرَّحمن [1] بن هرمز.

قوله: (لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ): (يُكلَم): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، ومعناه: يُجرَح.

(1/5392)

[باب قول الله تعالى: {هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}]

قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّوَجَلَّ: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52]، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب كعادته، ثمَّ قال: (استَشكل الشَّارحُ _يعني: ابن بطَّال_ التَّرجمة بالآية، ومطابقتهما بحديث هرقل من حيث إنَّه ظنَّ أنَّ المطابقة قوله: «الحربُ بيننا وبينه سجال»،

[ج 1 ص 706]

مع قول هرقل: «وكذلك الرُّسل»، والتحقيق أنَّ البخاريَّ ما ساق الحديث إلَّا لقوله: «وكذلك الرُّسل تُبتَلى، ثمَّ تكون لهم العاقبة»، فبهذا يتحقَّق أنَّهم على إحدى الحُسنَيين؛ إن انتصروا؛ فلهم العاجلة والعاقبة، وإن انتصر [1] عدوُّهم؛ فللرسِل العاقبة، والعاقبةُ خيرٌ من العاجلة وأحسن، ففي تمام حديث هرقل تظهر المطابقة، والله تعالى أعلم) انتهى، وقال شيخنا: (فإن قلت: أغفل البخاريُّ أن يذكر تفسير الآية في الباب، وذكر حديث ابن عبَّاس: «أنَّ الحرب سجال» فما تعلُّقه بالآية التي ترجم بها؟! فالجواب: تعلُّقه بها صحيح، والآية مُصدِّقة للحديث، والحديث [2] مُبيِّن للآية، وإذا كان الحربُ سجالًا؛ فذلك إحدى الحُسنَيين؛ لأنَّها إن كانت علينا؛ فهي الشَّهادة، وتلك أكبر الحُسنيين، وإن كانت لنا؛ فهي الغنيمة، وتلك أصغر الحُسنَيين، فالحديث مطابقٌ لمعنى الآية، فكلُّ [3] فتح يقع إلى يوم القيامة أو غنيمة؛ فإنَّه من إحدى الحُسنيين، وكلُّ قتيلِ يُقتَل في سبيل الله إلى يوم القيامة؛ فهو من إحدى الحُسنَيين له) انتهى.

قوله: (وَالْحَرْبُ سِجَالٌ): هو بكسر السِّين المهملة، وتخفيف الجيم، وفي آخره لامٌ؛ أي: مرَّةً على هؤلاء، ومرَّةً على هؤلاء، من مساجلة المستقين على البئر بالدِّلاء.

==========

[1] زيد في (ب): (عليهم).

[2] زيد في (ب): (والحديث)، وهو تكرارٌ.

[3] في (ب): (بكل)، وهو تحريفٌ.

(1/5393)

[حديث: أن أبا سفيان أخبره: أن هرقل قال له: سألتك كيف .. ]

2804# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وأنَّ (بُكَيرًا) بضَمِّ الموحَّدة وفتح الكاف، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، الإمام [1] المجتهد الجَوَاد، وأنَّ (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وأنَّ (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الهُذليُّ، وتَقَدَّم الكلام على (أَبِي سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ [2])، وأنَّه ابن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، وبعض ترجمته، ومتى أسلم، ومتى تُوُفِّيَ، وعلى (هِرَقْلَ) بلغتيه، وماذا جرى له، وأنَّه هلك على كفره في بلاده سنة عشرين.

قوله: (وَدُوَلٌ): هو بضَمِّ الدَّال المهملة وكسرها، وفتح الواو، والدَّوْلة في الحرب: أن تُدالَ إحدى الفئتين على الأخرى، والجمع: الدُّول بهما، ولم يحكِ الجوهريُّ غير الكسر، والدُّولة في المال: بالضَّمِّ، يقال: صار الفيءُ دُولةً بينهم يكون مرَّةً لهذا، ومرَّةً لهذا، والجمع: دُولات ودُوَلٌ، وقال أبو عبيد: الدُّولة؛ بالضَّمِّ: اسم الشَّيء الذي يُتَداوَلُ بعينه، والدَّولة؛ بالفتح: الفعل، وقال بعضهم: الدُّولة والدَّولة لغتان بمعنًى، وقال عيسى بن عمر: الدُّولة والدَّولة كلتاهما يكون في المال والحربِ سواء، ونقل شيخنا عن القزَّاز قال: تقول: (الأيَّام دَول ودُول ودِول؛ ثلاث لغات)، انتهى.

قوله: (تُبْتَلَى): هو بضَمِّ أوَّله وفتح اللَّام، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/5394)

[باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله}]

قوله: ({فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23])؛ أي: عهده، وبه فسَّره البخاريُّ، ويقال: قَدَره، وقال ابن عبَّاس: (أي: مات على ما عاهد عليه)، وسيأتي أنَّها نزلت في أنس بن النضر، وسأذكر في (تفسير الأحزاب) من عُدَّ فيمن قضى نحبَه إن شاء الله تعالى وقدَّره.

==========

[ج 1 ص 707]

(1/5395)

[حديث: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء]

2805# 2806# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): هذا هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى السَّاميُّ _بالسِّين المهملة_ عن الحذَّاء، والجُريريِّ، وعنه: إسحاق وبُنْدار، ثقة لكنَّه قدريٌّ، تُوُفِّيَ سنة (189 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (ح [1] وَحَدَّثَنَا [2] عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ): تَقَدَّم الكلام على هذه (الحاء) في أوَّل هذا [3] التَّعليق كيف النطق بها، وغير ذلك.

قوله: (حَدَّثَنَا زِيَادٌ): هذا هو زياد بن عبد الله بن الطُفيل البكَّائيُّ العامريُّ، وهو منسوب إلى البكَّاء، واسمه ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وإنَّما لُقِّب بالبكَّاء؛ لأنَّه دخل على أمِّه وهي تحت أبيه، فبكى وصاح وقال: إنَّه يقتل أُمِّي، فلُقِّب بذلك، يروي زياد عن عبد الملك بن عمير ومنصور، وعنه: أحمد وابن عرفة، قال ابن معين: لا بأس به في المغازي خاصَّة، وقال أبو حاتم: لا يُحتجُّ به، وقال عبد الله بن إدريس: ما أحدٌ أثبت في ابن إسحاق من البكَّائيِّ؛ لأنَّه أملاها عليه مرَّتين، وقال صالح جزرة: زياد على ضعفه أثبتُ النَّاس في كتاب «المغازي»، تُوُفِّيَ سنة (183 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ): (النَّضر): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالضَّاد المعجمة، وأنَّه لا يأتي إلَّا بالألف واللَّام، بخلاف نصر _بالمهملة_ فإنَّه لا يأتي إلا مُجرَّدًا منهما، وهو أنس بن النَّضر بن ضمضم النَّجَّاريُّ، عمُّ أنس بن مالك، استُشهِد بأُحُد، وكان من السَّادة، غاب عن بدر، فقال: (لئنِ الله أشهدني قتالَ المشركين؛ ليرينَّ الله ما أصنع)، فلمَّا كان يوم أُحُد؛ استُشهِد رضي الله عنه.

قوله: (لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أَصْنَعُ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (لَيَراني الله)، وسيأتي الكلام عليها في (غزوة أُحُد) إن شاء الله تعالى.

قوله: (فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ): تَقَدَّم أنَّ (أُحُدًا) كانت وقعتها يوم السَّبت في شوَّال لإحدى عشرة ليلةً خلت منه عند ابن عائذ، وعند ابن سعد: لسبع ليالٍ خلون منه على رأس اثنين وثلاثين شهرًا من مهاجره، وقيل: للنصف منه.

(1/5396)

قوله: (وَانْكَشَفَتْ [4] الْمُسْلِمُونَ)؛ أي: انهزموا، وهذا فيه مجاز، لم ينهزم كلُّهم، بل معظمهم، قال ابن سعد: (وثبت معه عليه الصَّلاة والسَّلام عصابةٌ [5] من أصحابه أربعة عشر رجلًا؛ سبعة من المهاجرين، وسبعة من الأنصار حتَّى تحاجزوا)، وروى البخاريُّ: (لم يبق مع النَّبيِّ صلَّى الله

[ج 1 ص 707]

عليه وسلَّم إلَّا اثني عشر رجلًا)، وفي «مسلم»: (أُفرِد يومئذٍ في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش؛ طلحة وسعد بن أبي وقَّاص)، وفي «البخاريِّ» أيضًا: (لم يبق معه عليه الصَّلاة والسَّلام في بعض تلك الأيَّام التي تقاتل فيهنَّ غير طلحة وسعْد)، والظاهر أنَّ هذا كان تاراتٍ، وسأذكر في (باب ما يُكرَه من التَّنازع) عن ابن شيخِنا البلقينيِّ تعيينَ مَن ثبتَ معه يومئذٍ، والله أعلم، وهم كما عزاه لـ «طبقات ابن سعد»: (أنَّ منهم: مُحَمَّدَ بن مسلمة، وعاصمَ بن ثابت بن أبي الأقلح [6]، وسهلَ بن حنيف، وأبا دجانة سماك بن خرشة، والحُباب بن المنذر، وأُسَيد بن حضير)؛ ذكر ذلك مُفرَّقًا في تراجمهم، وفي «مغازي الواقديِّ»: (وثبت معه عليه الصَّلاة والسَّلام أربعةَ عشرَ؛ سبعةٌ من المهاجرين: أبو بكر الصِّدِّيق، وعليٌّ، وعبد الرَّحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، وطلحة بن عبيد الله، وأبو عبيدة ابن الجرَّاح، والزُّبير، ومن الأنصار سبعةٌ: الحُباب بن المنذر، وأبو دجانة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، والحارث بن الصِّمَّة، وسهل بن حنيف، وأُسَيد بن حُضَير، وسعد بن معاذ، ويقال: ثبت معه سعد بن عُبادة ومُحَمَّد بن مسلمة، يجعلونهما مكان أُسَيد بن حضير وسعد بن معاذ) انتهى، وقد ذكرتُ أيضًا مَن ثبتَ معه في (آل عمران) مِن نَقْلِ بعض الحُفَّاظ المصريِّين عن البلاذريِّ [7] والواقديِّ، ونَقَلَ في ذلك شيئًا عن غيرهما.

(1/5397)

قوله: (فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ): هذا هو سعد بن معاذ بن النُّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأوسيُّ الأشهليُّ، أبو عمرو سيِّد الأوس، بدريٌّ، اهتزَّ لموته عرش الرَّحمن، وستأتي مناقبه في (المناقب)، وهو في الأنصار كالصِّدِّيق أبي بكر في المهاجرين، روى عامر بن سعد عن أبيه: (أنَّ سعد بن معاذ كان موته بعد الخندق بشهر)، وقد قَدَّمتُ متى كانت الخندق، وسأذكرها فيما يأتي، أخرج له البخاريُّ رضي الله عنه، وأمُّه كبشةُ بنت رافع، لها صحبةٌ، أسلم بين العقبتين، وشهد بدرًا والمشاهد، ورُمِي يوم الخندق بسهم، فعاش شهرًا، ثمَّ انتفض جُرحه، ومات، رماه حِبَّان ابن العرقة العامريُّ، وقد قَدَّمتُ أنَّ ابن العرقة هلك على كفره، وأنَّه بكسر الحاء وبالموحَّدة.

قوله: (يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ): تَقَدَّم أنَّه يجوز في مثل (سعدَ) الفتح، وكذا في (ابنَ)، وأنَّه يجوز الضَّمُّ في (سعدُ)، والفتح في (ابنَ)، وأنَّه يجوز الضَّمُّ فيهما، ولم أرَه إلَّا في «التَّسهيل» لابن مالك، وقد ذكرته مُطَوَّلًا في أوائل هذا التَّعليق، وذكرتُ شرطه.

قوله: (الْجَنَّة وَرَبِّ النَّضْرِ): تَقَدَّم أنَّ (النَّضر): بالضَّاد المعجمة، و (الجنَّة): مرفوعة، ويجوز نصبُها، وبهما ضُبِطتْ في أصلنا.

قوله: ([قَالَ سَعْدٌ]: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا صَنَعَ): (سعدٌ): هو ابن معاذ، وهذا ظاهرٌ، ومعنى كلامه: ما استطعت أن أصفَ ما صنع مِن كثرة ما أعتى وأبلى في المشركين، والله أعلم.

قوله: (فَوَجَدْنَا بِهِ بضْعًا): (البضع): بكسر الباء وفتحها، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل هذا التَّعليق، وهو ما بين ثلاث إلى عشر، وقيل: ما بين اثنين إلى عشرة، أو ما بين اثني عشر إلى عشرين، ولا يقال في: أحد عشر ولا في اثني عشر، وقال الخليل: البضع: سبع، وهو وَهَم منه، وقال أبو عبيدة: هو ما بين نصف؛ يريد: من واحد إلى أربع، وقال ابن قتيبة: هو من ثلاث إلى تسع، وهو الأشهر، وقد ذكرتُ فيما تَقَدَّم مكانًا من «صحاح الجوهريِّ» أخذ فيه عليه.

(1/5398)

قوله: (بِضْعًا وَثَمَانِينَ): كذا هنا، وعن ابن إسحاق، عن حُمَيد الطويل، عن أنس: (سبعين ضربة)، وهذا لا ينافي ما في «الصَّحيح»؛ لأنَّ هذه داخلةٌ في لفظ «الصحيح»، وليس في رواية القليل ما ينافي الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، ويحتمل أن يكون السبعين من نوع، والبضع والثمانون جميع ما فيه مِن الضربات، والله أعلم.

قوله: (وَقَدْ مَثَّلَ [8] بِهِ المُشْرِكُونَ): قال أهل اللُّغة: مَثَل بالعبد والحيوان يمثُل [9] مَثْلًا؛ بالتخفيف في الجميع؛ كـ (قتَل يقتُل قَتْلًا) في الجميع؛ إذا قطع أطرافه، أو أنفه، أو أذنه، أو مذاكيره، ونحو ذلك، والاسم: المثلة، وأمَّا (مَثَّل) بالتشديد؛ فهو للمبالغة، وبالتشديد [10] هو مضبوط في أصلنا.

قوله: (إِلَّا أُخْتهُ): هي بالنَّصب والرَّفع، وهي تُسمَّى: الرُّبَيِّع؛ بضَمِّ الرَّاء، وفتح الموحَّدة، ثمَّ مثنَّاة تحت مُشدَّدة مكسورة، ثمَّ عين مهملة، صحابيَّة مشهورة [11]، وهي التي كسرت ثنيَّة جارية، فطلبوا القصاص، وهي التي أُصِيب ابنها حارثة يوم بدر رضي الله عنها.

قوله: (بِبَنَانِهِ): (البَنَان)؛ بفتح الموحَّدة، ثمَّ نون مخفَّفة، وبعد الألف نونٌ أخرى، ثمَّ هاء الضمير: وهي الأصابعُ، وقيل: أطرافُها، واحدها: بَنانة.

قوله: (كُنَّا نرَى أَوْ نَظُنُّ): (نُرَى): بضَمِّ النون وفتحها، ومعناهما واحد، وإنَّما شكَّ [12] الراوي: هل قال الصَّحابيُّ: (نُرى) أو (نظنُّ)؟

قوله: (إِنَّ أُخْتَهُ، وَهْيَ تُسَمَّى الرُّبَيِّعَ): تَقَدَّم أعلاه [13] ضبطها؛ فانظره.

قوله: (كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ امْرَأَةٍ): المرأة المكسورة ثنيَّتها لا أعرف اسمها.

قوله: (فَقَالَ أَنَسٌ): هو ابن النضر، تَقَدَّم في الصفحة قبل هذه؛ فانظره.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة».

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثنا)؛ بلا واوٍ، وفي هامش «اليونينيَّة» و (ق) من رواية أبي ذرٍّ: (وحدَّثني).

[3] في (أ): (هذه)، والمثبت هو الصَّواب.

[4] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (وانكشف).

[5] (عصابة): سقط من (ب).

[6] في (ب): (الأفلح)، وكذا في الموضع اللَّاحق، وهو تصحيف.

[7] في (ب): (المصريِّين وغير أني لا أدري)، وهو تحريفٌ.

[8] في هامش (ق): («مَثلَ»؛ بالتخفيف ليس المعروف في اللغة).

[9] (يمثل): سقط من (ب).

[10] (فهو للمبالغة وبالتشديد): سقط من (ب).

(1/5399)

[11] (مشهورة): سقط من (ب).

[12] في (ب): (الشك من).

[13] (أعلاه): سقط من (ب).

(1/5400)

[حديث: نسخت الصحف في المصاحف ففقدت آية من سورة الأحزاب]

2807# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تَقَدَّم الكلام على (ح) [1]، وكذا تَقَدَّم (إِسْمَاعِيلُ) أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك بن أنس، وكذا تَقَدَّم الكلام على (أَخِيهِ) أنَّه عبد الحميد بن أبي أويس، وأنَّه ابن أخت مالك أيضًا، وتَقَدَّم الكلام على (سُلَيْمَانَ) أنَّه ابن بلال، أبو مُحَمَّد، مولى أبي بكر.

قوله: (أُرَاهُ)؛ أي: أظنُّه، وهو بضَمِّ الهمزة، والاعتبار هو بالسَّند الأوَّل؛ لأنَّ هذا بالظَّنِّ والحسبان، ولا يثبتُ به شيء، وإنَّما هو مِن باب المتابعة [2]، ولا حجَّة فيه.

قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق التيميُّ المدنيُّ، عن أبي يونس مولى عائشة، ونافع، والزُّهريِّ، وعنه: عبد العزيز بن الماجشون، ومُحَمَّد بن إسحاق، وسُليمان بن بلال، وجماعة، ذكره ابن حِبَّان في «ثقاته»، روى له البخاريُّ مقرونًا بغيره، وهذا المكان هو نوع من القرن، قرنه بشعيب، والله أعلم.

[ج 1 ص 708]

(1/5401)

قوله: (ففَقَدْتُ [3] آيَةً مِنْ الأَحْزَابِ ... ): إلى قوله: (فَلَمْ أَجِدْهَا إِلَّا مَعَ خُزَيْمَةَ [4] الأَنْصَارِيِّ): هذا كان في الجمع الأوَّل زمن الصِّدِّيق [5]، ولم يرد أنَّ حفظها ذهب على جميع الناس، فلم يكن عندهم؛ لأنَّ زيد بن ثابت حفظها، فهما اثنان، والقرآن لا يثبت إلَّا بالتواتر، لا باثنين، ويدلُّ على أنَّ معنى قوله: (وجدها عنده)؛ يريد: مكتوبة، قال شيخنا: (وقد رُوِي أنَّ عمر قال: أشهد لسمعتها مِن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، ورُوِي أنَّ أُبيَّ بن كعب قال مثل ذلك، وعن هلال بن أميَّة مثلُه، فهؤلاء جماعةٌ، وإنَّمَا أمر أبو بكر عند جمع المصحف عمر بن الخطَّاب وزيدًا بأن يطلبا ما يُنكرانِه شهادةَ رجلين يشهدان سماعَ [6] ذلك من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ ليكون أثبتَ وأشدَّ في الاستظهار، وممَّا لا يتسرَّع أحد إلى دفعِه وإنكاره؛ قاله القاضي أبو بكر بن الطَّيِّب، وقد ذكر في ذلك وجوهًا؛ هذا أحسنها [7]، انتهى، وقوله: (إلَّا مع خزيمة الأنصاريِّ ... ) إلى آخره: هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الخطميُّ الأنصاريُّ، من بني خطمة من الأوس، يُعرَف بذي الشهادتين، جعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم شهادته كشهادة رجلين، وقصَّته [8] هذه في بيع الفرس: (اشترى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فرسًا من سواء بن الحارث، فدُفِع لسواء فيه أزيد ممَّا اشترى به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأنكر العقد، فشهد خزيمة بجريان العقد، ولم يحضر العقد، وإنَّما شهد بتصديق النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو فقه حسن ظاهر جليٌّ، فأجاز عليه الصَّلاة والسَّلام شهادةً بشهادة رجلين، والفرس يقال له [9]: الطِّرف، وكان أبيض، وهو بكسر الطاء المهملة، وقيل: هو المرتجز، سُمِّي بذلك؛ لحسن صهيله، يكنى خزيمة أبا عُمارة، شهد بدرًا وما بعدها من المشاهد، وكانت راية بني خطمة يوم الفتح بيده، وكان مع عليٍّ رضي الله عنه بصفِّين، فلمَّا قُتِل عمَّارٌ؛ جرَّد سيفه، فقاتل حتَّى قُتِل، وصفِّين سنة سبع وثلاثين، والله أعلم.

(1/5402)

[باب: عمل صالح قبل القتال]

قوله: (بَابٌ: عَمَلٌ صَالِحٌ قَبْلَ الْقِتَالِ): يجوز فيه رفع (بابٌ) منوَّنًا، و (عملٌ) بعده: مَرْفوعٌ منوَّن أيضًا، ويجوز (بابُ) مَرْفوعٌ من غير تنوين، و (عملٍ): مجرور منوَّن، قال ابن المُنَيِّر بعد أن سرد ما في الباب على عادته: (المطابقة بين التَّرجمة وبين ما بعدها بيِّنٌ ظاهر إلَّا قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2]، لكن وجهه على الجملة: أنَّ الله عاتب مَن قال: إنَّه [1] يفعل الخير ولم يفعله، ثمَّ اعتقب ذلك بقوله: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [2] [الصف: 4] فأثنى الله على من وَفَى وثبت، ثمَّ قاتل، والله أعلم، وفي الآية بالمفهوم: الثَّناء على مَن قال وفعل بقوله المُتقدِّم، وتأهُّبه للجهاد عملٌ صالحٌ قدَّمه على الجهاد) انتهى.

قوله: (وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّم أنَّ اسمه عويمر، وقيل: عامر بن زيد بن قيس صحابيٌّ، اختُلِف في شهوده أُحُدًا، وكان إسلامه تأخَّر عن أوَّل الهجرة كما تَقَدَّم، قبْرُه وقبر زوجته [3] أمِّ الدَّرداء الصُّغرى التَّابعيَّة _وقد تَقَدَّم الكلام على زوجتيه؛ الكبرى خيرة الصَّحابيَّة، وعلى هجيمة، وقيل: جهيمة بنت حييٍّ الأوصابيَّة التَّابعيَّة_ بباب الصغير مشهوران، تُوُفِّيَ سنة إحدى _وقيل: سنة اثنتين [4]_ وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنه.

قوله: (وَقَوْلُهُ تَعَالَى [5]: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... } [الصف: 2])؛ الآية: إن نوَّنت (بابًا)؛ فارفع (قوله)، وإن لم تنوِّنه؛ فجُرَّ (قوله)، وهذا ظاهرٌ.

(1/5403)

[حديث: عمل قليلًا وأجر كثيرًا]

2808# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ): هذا هو صاعقة الحافظ، مشهور، وكذا (شَبابةُ): هو بالشين المعجمة المفتوحة، ثمَّ موحَّدة مخفَّفة، وبعد الألف موحَّدة ثانية، ثمَّ تاء التَّأنيث [1]، و (سَوَّار): بفتح السين المهملة، وتشديد الواو، وفي آخره راءٌ، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (إِسْرَائِيلُ) هذا: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعيُّ، روى عن جدِّه أبي إسحاق عمرو بن عبد الله أحد الأعلام، تقدَّما.

قوله: (أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ): لا أعرفه، غير أنَّ في «مسلم»: (جاء رجل من بني النَّبِيتِ، قَبِيلِ من الأنصار).

==========

[1] في النُّسختين: (الثانية)، ولعلَّه سبق نظر.

[ج 1 ص 709]

(1/5404)

[باب من أتاه سهم غرب فقتله]

قوله: (بَابُ مَنْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ): (سهم غرَب): في التَّرجمة والحديث على النَّعت، وهو بفتح الراء وسكونها، وقيل: بالفتح؛ إذا رمى شيئًا، فأصاب غيره، وبسكونها؛ إذا أتى السَّهمُ من حيث لا يُدرَى، وقال الكسائيُّ والأصمعيُّ: (إنَّما هو سهمُ غرَبٍ _بفتح الرّضاء، مضاف_ الذي لا يُدرَى راميه، فإذا عُرِف؛ فليس بغرَب)، وقال أبو عُبيد: والمُحدِّثون يُسكِّنون الرَّاء، والفتح أجود، قال ابن سراج: وبالإضافة مع فتح الرَّاء، ولا يُضاف مع سكونها.

==========

[ج 1 ص 709]

(1/5405)

[حديث: يا أم حارثة إنها جنان في الجنة]

2809# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ عَبْدِ اللهِ): الظاهر أنَّه الذُّهليُّ، وهو مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذُّهليُّ؛ نسبه إلى جدِّه، والله أعلم، ومستندي في ذلك: أنِّي راجعت ترجمة حسين بن مُحَمَّد أبي أحمد من «الكمال»، فرأيته قد ذكر [1] فيها: أنَّه روى عنه مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، فغلب على ظنِّي أنَّه مُحَمَّد ابن عبد الله هذا، نسبَه إلى جدِّه، والبخاريُّ لا يُفصِح به؛ لما جرى بينهما، ولم يتركِ الرِّواية عنه، وقد تَقَدَّم بعض ترجمة الذُّهليِّ، وقال ابن طاهر في ترجمة الحسين المذكور: (وروى عنه مُحَمَّد ابن عبد الله، وهو ابن يحيى بن عبد الله الذُّهليُّ عند [2] البخاريِّ) انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو أَحْمَدَ): هذا هو حسين بن [3] مُحَمَّد بن بهرام، أبو أحمد، المرُّوْذيُّ المُؤدِّب، نزيل بغداد، عن ابن أبي ذئب، وإسرائيل، وشيبان، وجرير بن حازم، وطبقتهم، وعنه: أحمد، وابن معين، وأبو خيثمة، وعبَّاس الدُّوريُّ، وخلق، وثَّقه ابن سعد وغيره، وقد حدَّث عنه من القدماء ابن مهديٍّ، قال مُطيَّن [4]: تُوُفِّيَ سنة (أربعَ عشرةَ _وقال حنبل: سنة) [5] ثلاثَ عشرةَ_ ومئتين، أخرج له الجماعة، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (حسين بن مُحَمَّد بن بهرام عن ابن أبي ذئب مجهولٌ، كذا قال أبو حاتم، واعتقده آخر غير أبي أحمد المرُّوذيِّ الحافظ، وهو هو، لا مَغمَزَ فيه ... ) إلى آخر كلامه.

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو شيبان بن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، منسوب إلى القبيلة، تَقَدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا، هذا قول ابن الأثير، وقال ابن أبي داود وغيره: (إنَّ الذي نُسِب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد، لا شيبان هذا) انتهى.

(1/5406)

قوله: (أَنَّ أُمَّ الرَّبِيْعِ [6] بِنْتَ البَرَاءِ، وَهْيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ): في أصلنا: (أمَّ الرُّبَيِّع): بضَمِّ الرَّاء بالقلم، وقد قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (إنَّها بفتح الرَّاء وكسر الموحَّدة) انتهى، وقوله فيه: (بنت البراء) فيه نظر؛ إنَّما هي بنت النَّضر، لا أعلم فيها خلافًا، وقال الدِّمياطيُّ: أمُّ حارثة بن سراقة هي الرُّبيِّع بنت النًّضر أخت أنس بن النَّضر، وهي عمَّة أنس بن مالك، وهي التي كسرت ثنيَّة امرأة، فأمر عليه الصَّلاة والسَّلام بالقصاص، فعفا القوم، وقد رواه على الصَّواب سعيدٌ عن قتادة، ورواه التِّرمذيُّ

[ج 1 ص 709]

في (التَّفسير) عن عبد بن حميد، عن روح بن عُبادة، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس: (أنَّ الرُّبيِّع بنت النَّضر أتت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وكان ابنها حارثة أُصِيب يوم بدر ... )؛ الحديث، انتهى، قال شيخنا بنحوِ ما أذكر، وكذا بيَّن ذلك غير التِّرمذيِّ، فبيَّنه الإسماعيليُّ في «مستخرجه»، وأبو نعيم، وغيرُهما، انتهى، و (الرُّبَيِّع): بضَمِّ الرَّاء، وفتح الموحَّدة، وتشديد المثنَّاة تحت؛ صحابيَّة مشهورة.

قوله: (وَهْيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ): (حارثة): بالحاء المهملة، وبعد الألف ثاء مثلَّثة، وهو حارثة بن سراقة بن الحارث بن عديِّ بن مالك بن عديِّ بن عامر بن غنم بن عديِّ بن النَّجَّار، قتله حِبَّان ابن العرقة_وقد قَدَّمتُ أنَّ حِبَّان هذا: بكسر الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة، وأنَّه هلك على كفره_ ضربه بسهم وهو يشرب مِن الحوض، وهو أوَّل قتيل من الأنصار ببدر، وهو الذي قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «كيف أصبحت يا حارثة؟» قال: أصبحت مؤمنًا بالله حقًّا، وقال بعض حُفَّاظ المصريِّين من المتأخِّرين: حديث أنس: (أنَّ أمَّ الرُّبيِّع بنت البراء، وهي أمُّ حارثة بن سراقة)؛ قلت: كذا وقع، وعند الإسماعيليِّ والتِّرمذيِّ: (أنَّ الرُّبيِّع بنت النَّضر، وهي زوج سراقة والد حارثة)، وهذا هو الصَّواب، انتهى.

تنبيهٌ: قال ابن منده: (إنَّه شهد بدرًا، واستُشهِد بأُحُد؛ قولٌ غير جيِّد).

(1/5407)

تنبيهٌ ثانٍ: عند أبي نعيم: (أنَّه كان كثيرَ البِرِّ بأمِّه، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «دخلت الجنَّة فرأيت حارثة، كذلك البِرُّ»، وهو غير جيِّد؛ لأنَّ المقول فيه ذلك هو حارثة بن النُّعمان، كذا ذكر هذا الحديث في ترجمته ابنُ عبد البَرِّ من عند عبد الرَّزَّاق، وقد أخرجه أحمد أيضًا في «مسنده»، والله أعلم.

قوله: (أَتَاهُ [7] سَهْمٌ غَرْبٌ): تَقَدَّم الكلام على ضبطه قريبًا، وما هو.

قوله: (أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ): تَقَدَّم قريبًا أنَّ (الفردوس) بالسِّريانيَّة: البستان، وقيل: الكرم، وهو ههنا [8]: ربوة الجنَّة هي أوسط الجنَّة، وأعلاها، وأفضلها، وقد تَقَدَّم أنَّه بلغة الرُّوم، وقيل: بالسِّريانيَّة، وقيل: بالنبطيَّة، فنُقِل إلى لسان العرب، وأنَّ جمعه: فراديسُ.

==========

[1] في (ب): (فرأيته فذكر).

[2] (عند): سقط من (ب).

[3] (بن): سقط من (ب).

[4] (مطين): سقط من (ب).

[5] ما بين قوسين سقط من (ب).

[6] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الرُّبَيِّع)، وفي هامشها: (الرُّبيِّع بنت النَّضر).

[7] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أصابه).

[8] في (ب): (هنا).

(1/5408)

[باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا]

(1/5409)

[حديث أبي موسى: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل .. ]

2810# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عمرو بن مُرَّةَ الجمليُّ، وجَمَل من مراد، أحد الأعلام، عن ابن أبي أوفى، وابن أبي ليلى، وابن المسيّب، وعدَّة، وعنه: مسعر، وشعبة، وسفيان، وخلق، وكان من الأئمَّة العاملين، قال أبو حاتم: ثقة يرى الإرجاء، مات سنة (116 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، وكذا تَقَدَّم (أَبُو مُوسَى): أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، أمَّره عليه الصَّلاة والسَّلام على زَبيد وعدن، وأمير عمر رضي الله عنه على الكوفة والبصرة، تَقَدَّم رضي الله عنه.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، فليُبحَث عنه، غير أنَّ في بعض طرقه في «مسلم» عن أبي موسى قال: (أتينا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقلنا: يا رسول الله؛ الرجل [1] يقاتل منَّا شجاعة ... )، وورد في «الصَّحيح»: أنَّه من الأعراب، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (هذا الرَّجل يحتمل أن يفسَّر بلاحق بن ضُميرة) كما ذكره في «أسد الغابة»، فذكره، ثمَّ قال: (إنَّه معاذ بن جبل)، وذكر مستنده من «جزء أبي بكر بن أبي الحديد»، انتهى، وكذا قال حافظ مصريٌّ معاصر.

قوله: (لِيُرَى مَكَانُهُ): (يُرَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (مكانُه): بالرَّفع نائبٌ مناب الفاعل، ويجوز (لِيُرِيَ): بضَمِّ أوَّله، وكسر الرَّاء، وفتح الياء، مبنيٌّ للفاعل، و (مكانَه): بالنَّصب مفعول، والفاعل هو ضمير يعود على الرَّجل، والله أعلم.

==========

[1] (الرجل): سقط من (ب).

[ج 1 ص 710]

(1/5410)

[باب من اغبرت قدماه في سبيل الله]

قوله: (بَابُ مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ ... } [التوبة: 120]) إلى آخر الآية: المطابقة بين الآية والترجمة بأخذ الآية عند قوله: {وَلَا يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ}، فأثابهم الله بخطواتهم وإن لم يلقَوا قتالًا، نبَّه عليه ابن المُنَيِّر.

==========

[ج 1 ص 710]

(1/5411)

[حديث: ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار]

2811# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ): قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: (نسب الأصيليُّ في نسخته إسحاقَ هذا، فقال: «حدَّثنا إسحاق بن منصور»، وكذلك قال أبو نصر فيه)، وقال شيخنا بعد ما ذكرتُه عن الجيَّانيِّ: (ويحتمل أن يكون إسحاقَ بنَ زيد الخطَّابيَّ ساكنَ حرَّان)، ومن طريقه أخرجه الإسماعيليُّ كما ذكره البخاريُّ، انتهى، ولم يزد في ترجمة إسحاق على ذلك شيئًا، وقد ذكر إسحاقَ بن زيد هذا ابنُ حبَّان في «ثقاته»، فقال: (إسحاق بن زيد الخطَّابيُّ، وهو إسحاق بن زيد بن عبد الكبير بن عبد الحميد بن عبد الرَّحمن بن زيد بن الخطَّاب، سكن حرَّان، يروي عن أبي نعيم، حدَّثنا عنه ابنه عبد الكبير بن إسحاق بن زيد)، انتهى، لكن هذا لم يُخرِّج له البخاريُّ شيئًا، ولا له في الكتب السِّتَّة، ولا في مُصنَّفاتهم التي ذكرها المِزِّيُّ في «تهذيبه» شيءٌ، ففيما قاله شيخنا بُعْدٌ، ولم ينسب إسحاقَ هذا المِزِّيُّ في «أطرافه»، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): هو بالمثنَّاة تحت، وبالزاي، وهو غير بُريد بن أبي مريم؛ بالموحَّدة المضمومة، (بريد) هذا: ليس له في «البخاريِّ» و «مسلم» شيءٌ؛ إنَّما روى [له] أصحاب «السُّنن» الأربعة.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبَايَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ): تَقَدَّم أنَّ (خَديجًا) بفتح الخاء المعجمة، وكسر الدال المهملة، وهذا ظاهرٌ معروفٌ عند أهله.

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْسٍ [1]): ابْنُ جَبْرٍ، و (عَبْس): بفتح العين المهملة، وإسكان الموحَّدة، وبالسِّين المهملة أيضًا، و (جَبْر): بفتح الجيم، وإسكان الموحَّدة، وبالرَّاء، و (جَبْر): هو ابن عمرو بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن النَّبيتِ بن مالك بن الأوس الأنصاريُّ البدريُّ، روى عنه ابنه زيدٌ.

و (عباية) هذا: تُوُفِّيَ سنة (34 هـ)، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، رضي الله عنه.

قوله: (فَتَمَسَّهُ [2] النَّارُ): هو بنصب (تمسَّه) [3]، وكذا هو في أصلنا، وعليه تصحيحٌ، ويجوز رفعه؛ أي: فما تمسُّه النَّار.

==========

[1] زيد في هامش (أ): (هو عبد الرَّحمن بن جبر) وجاءت في (ب): (ابن جبر)، وهي ثابتة في رواية «اليونينيَّة» وهامش (ق)، ساقطة من رواية أبي ذرٍّ.

(1/5412)

[2] في هامش (ق): (حاشية: «فَتَمَسُّهُ»؛ أي: قاعة النار).

[3] في (ب): (تمس).

[ج 1 ص 710]

(1/5413)

[باب مسح الغبار عن الناس في السبيل]

(1/5414)

[حديث: ويح عمار تقتله الفئة الباغية]

2812# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت الثَّقفيُّ، أبو مُحَمَّد، الحافظ، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (خَالِدٌ): أنَّه ابن مهران الحذَّاء مُتَرجَمًا، وغير مترجمٍ مرارًا.

قوله: (وَلِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ): هذا هو عليُّ بن عبد الله بن عبَّاس بن عبد المطَّلب الهاشميُّ، كنيته أبو مُحَمَّد وأبو عبد الله، يروي عن أبيه، وأبي هريرة، وطائفة، وعنه: بنوه، والزُّهريُّ، ومنصور، وابن طاووس، وُلِد ليلة قُتِل عليُّ بن أبي طالب سنة أربعين في رمضان، وكان أجمل قرشيٍّ في الدُّنيا، قال عليُّ بن أبي حملة: (كان يسجد كلَّ يوم ألف سجدة، ورأيته آدم جسيمًا بين عينيه أثرُ السُّجود) مات سنة (118 هـ)، وقيل: سنة (117 هـ) بالحميمة، أخرج له مسلم، والأربعة، وثَّقه أبو زرعة والعجليُّ.

[ج 1 ص 710]

قوله: (ائْتِيَا أَبَا سَعِيدٍ): تَقَدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وتَقَدَّم بعض ترجمته.

(1/5415)

قوله: (فَأَتَيْنَاهُ هُوَ [2] وَأَخُوهُ فِي حَائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِهِ،): قال الدِّمياطيُّ: (لم يكن لأبي سعيد الخدريِّ أخٌ بالنَّسب سوى قتادة بن النُّعمان، فإنَّه كان أخاه لأمِّه، ومات قتادة في عهدِ عمر) انتهى، وفي كلام الدِّمياطيِّ إشارةٌ إلى أنَّه ليس المراد قتادة بن النُّعمان؛ لأنَّه تُوُفِّيَ زمن عمر [3] كما قال؛ يعني: وعكرمة إنَّما أُهدِي لابن عبَّاس حين كان واليًا على البصرة لعليٍّ، وابنُه إنَّما وُلِد _كما قال ابن سعد_: ليلة قُتِل عليٌّ _كما تَقَدَّم قريبًا_ سنة أربعين في رمضان، وأين قتادة وهذان؟! ولعلَّ المراد بأخيه هنا شخصٌ من الأنصار من فخذه أو من بني عمِّه، والله أعلم، وقد تُوُفِّيَ قتادة سنة ثلاث وعشرين، وصلَّى عليه عمر؛ فاعلمه، وقد رأيت في حاشية على «الاستيعاب» بخطِّ ابن الأمين أبي إسحاق: (قال ابن السَّكن: هو مِن رهط أبي سعيد الخدريِّ) انتهت، وقد رأيتُ أنا شخصًا من الصَّحابة يقال له: أبو شيبة، يقال: إنَّه أخو أبي سعيد الخدريِّ، له حديث رواه يونس بن الحارث الطَّائفيُّ، وهو جَيِّد الحديث، عن أبيه، عن أبي شيبة، ومنهم من يقول فيه: عن يونس بن الحارث: حدَّثني مِشْرَسٌ عن أبيه، عنه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَن قال: لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه؛ دخل الجنَّة»، مات أبو شيبة هذا بأرض الرُّوم، ولا أعلم تاريخ وفاته، والله أعلم.

قوله: (فِي حَائِطٍ): تَقَدَّم ما الحائط.

قوله: (فَاحْتَبَى) [4]: تَقَدَّم (الاحتباء [5]): أن ينصب ساقيه، ويدير عليهما ثوبَه، أو يعقد يديه على ركبتيه معتمدًا على ذلك، والاسم: الحبوة _بالضَّمِّ والكسر_ والحُبية والحِبية؛ بالضَّمِّ والكسر وبالياء.

قوله: (وَكَانَ عَمَّارٌ): هو عمَّار بن ياسر أبو اليقظان، تَقَدَّم الكلام عليه في أوائل هذا التَّعليق، وقد قُتِل في صفِّين سنة سبع وثلاثين، وذكرت مَن قتله؛ وهو أبو الغادية يسار بن سبع؛ فانظر ذلك.

قوله: (لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ): (اللَّبِنة)؛ بفتح اللَّام، وكسر الموحَّدة، وتسكن، والجمع: لَبِن؛ بفتح اللَّام وكسر الموحَّدة، ولَبْن؛ بكسر اللَّام وسكون الموحَّدة، وهو هذا الطُّوب، قال شيخنا: (لبنة عنه، ولبنة عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم).

قوله: (وَيْحَ عَمَّارٍ): تَقَدَّم الكلام على (ويح)، وأنَّه كلمة ترحُّم على مَن وقع في هلكة لا يستحقُّها، مُطَوَّلًا، وعلى (ويل) أيضًا.

(1/5416)

قوله: (يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ): قال شيخنا: (قال ابن بطَّال: يريد _والله أعلم_: أهلَ مكَّة الذين أخرجوا عمَّارًا من دياره، وعذَّبوه في ذاتِ الله، ولا يمكن أن يُتأوَّل على المسلمين؛ لأنَّهم أجابوا دعوة الله، وإنَّما يدعى إلى الله من كان خارجًا عن الإسلام، والمراد: بـ «يدعوهم» و «يدعوه»: الماضي، لا المستقبل، وهذا من عادة العرب).

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وهو)؛ بزيادة واو.

[3] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[4] في (ب): (فاجتنى)، وهو تصحيفٌ.

[5] في (ب): (الاجتناء)، وهو تصحيفٌ.

(1/5417)

[باب الغسل بعد الحرب والغبار]

قوله: (بَابُ الْغَسْلِ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْغُبَارِ): تَقَدَّم أنَّ (الغَسل) الفعل _بفتح الغين_ وهو المصدر، وأمَّا الماء؛ فهو بالضَّمِّ، وقد تَقَدَّم مُطَوَّلًا بما فيه، قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر حديث الباب: (إنَّما بوَّب عليه؛ لئلَّا يُتوهَّم كراهية غسلِ الغبار؛ لأنَّه من حميد الآثار، كما كره بعضُهم مسح ماء الوضوء بالمنديل، فبيَّن جوازَه بالعمل المذكور) انتهى، والتَّنشيف في الوضوء عند الشافعيَّة خلاف الأَوْلى، لا مكروهٌ على الصَّحيح.

==========

[ج 1 ص 711]

(1/5418)

[حديث: أن رسول الله لما رجع يوم الخندق]

2813# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): وفي بعض النُّسخ _وهي نسخة في أصلنا_: (ابن سلَام) وفي غيره، وقد تَقَدَّم أنَّ (سلَامًا) بالتَّخفيف على الصحيح مُطَوَّلًا في أوائل هذا التَّعليق، قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاري_ في «الاعتكاف»، و «الجهاد»، وفي «صفة إبليس»، وفي «الأنبياء»، و «مناقب الأنصار»، و «تفسير البقرة»، و «يوسف»، و «النِّكاح»، و «اللِّباس»، و «الأدب»، و «الأيمان والنُّذور»، و «الأحكام»، و «التمنِّي»: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبدة»، كذا أتى «مُحَمَّد» غير منسوب «عن عَبْدة»، وفي بعض هذه المواضع قد نسبه ابن السَّكن: «ابن سلَام»، وكذلك صرَّح به البخاريُّ في بعض المواضع باسمه، فقال: «حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: حدَّثنا عَبْدة»، وذكر أبو نصر: «أنَّ مُحَمَّد بن سلَام يروي عن عَبْدة») انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (إنَّه مُحَمَّد بن سلَام [1])، هذا مُقتضَى كلامه [2]، وكذا قال شيخنا: (إنَّه ابن سلَام على ما قاله الجيَّانيُّ)، انتهى، و (عَبْدة) هذا: بإسكان الموحَّدة، هو ابن سليمان، وقد قَدَّمتُ مَن يقال له: عَبْدة؛ بإسكان الموحَّدة، ومن يقال له: عَبَدة؛ بتحريكها في «البخاريِّ» و «مسلم»، وهما عامر بن عبَدة وبجالة بن عبَدة، ويجوز فيهما السُّكون؛ فاعلمه.

قوله: (لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ): تَقَدَّم متى كانت الخندق، والخلاف فيها، وأنَّها كانت في شوَّال سنة (5 هـ)، قاله ابن إسحاق، وقال ابن سعد: في ذي القعدة، وقال ابن عقبة: سنة (4 هـ)، وسيجيء.

قوله: (فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ): قال شيخنا: (قال القرطبيُّ: كذا وقع في الرِّواية، والصَّواب: طرحها؛ يعني: الفاء، فإنَّه جواب «لمَّا»، ولا تدخل [3] في جوابها، وكأنَّها [4] زائدة، كما زيدت الواو في جوابها) انتهى.

قوله: (وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ [5] الغُبَارُ): (رأسَه): مَنْصوبٌ مفعول، و (الغبارُ): مَرْفوعٌ فاعل، و (عصَبَ): بتخفيف الصَّاد.

==========

[1] زيد في (ب): (يروي عن عبدة، انتهى)، وهو تكرارٌ.

[2] (كلامه): سقط من (ب).

[3] في (ب): (يدخل).

[4] في (ب): (وكأنه).

[5] في هامش (ق): (قال الجوهريُّ: تقول أيضًا: عصب رأسه بالعصابة تعصيبًا).

[ج 1 ص 711]

(1/5419)

[باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}]

(بَابُ [1] قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا ... }؛ الآية [آل عمران: 169]) ... إلى (بَاب الحِرَاسَةِ فِي الغَزْوِ فِي سَبِيْلِ اللهِ)

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (فَضْلِ).

[ج 1 ص 711]

(1/5420)

[حديث: دعا رسول الله على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة .. ]

2814# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك [1].

قوله: (عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ): تَقَدَّم مَن وقفت عليه ممَّن قُتِل من الصَّحابة ببئر معونة، وتَقَدَّم أنَّها كانت في صفر على رأس أربعة أشهر مِن أُحُد عند ابن إسحاق، وتَقَدَّم مَن قتلهم من القبائل، وجاء ذكرُهم هنا أيضًا: (عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ)، و (عُصَيَّة)؛

[ج 1 ص 711]

بضَمِّ العين، وفتح الصَّاد المهملتين، وتشديد المثنَّاة تحت بعدها، ثمَّ تاء التأنيث: قبائل من العرب.

قوله: (أُنْزِلَ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنٌ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره، وهو [2] حسن.

==========

[1] في (ب): (مالك الإمام).

[2] في (ب): (فإنَّه).

(1/5421)

[حديث: اصطبح ناس الخمر يوم أحد ثم قتلوا شهداء]

2815# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ الجهبذ، وتَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّه ابن عيينة، وتَقَدَّم (عَمْرو): أنَّه ابن دينار.

قوله: (اصْطَبَحَ نَاسٌ الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ ... ) إلى آخره: هذا كان قبل تحريمها، وذلك لأنَّها حُرِّمت في السَّنة الرَّابعة في ربيع الأوَّل، كما تَقَدَّم، وأُحُد كانت في شوَّال سنة ثلاث، وقد تَقَدَّم الخلاف في تاريخ أُحُد، وقال الحافظ علاء الدين مغلطاي شيخ شيوخي في «سيرته الصُّغرى» في (حمراء الأسد) عقيب (أُحُد) ما لفظه: (وحُرِّمت الخمر في شوَّال، وقيل: سنة أربع)، فقولُه: في شوَّال؛ يعني به [1]: شوَّالًا المذكور فيه غزوة أُحُد، وهو شوَّال سنة ثلاث، كما تَقَدَّم، والله أعلم، وهؤلاء النَّاسُ لا أعرف أعيانهم، والله أعلم بهم.

قوله: (قِيلَ [2] لِسُفْيَانَ: مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ؟): تَقَدَّم أنَّ (سفيان) هذا: هو ابن عيينة، أحد الأعلام قريبًا أعلاه.

==========

[1] (به): ليس في (ب).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَقِيلَ).

[ج 1 ص 712]

(1/5422)

[باب ظل الملائكة على الشهيد]

(1/5423)

[حديث: لم تبكي؟! ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها]

2816# قوله: (جِيءَ بِأبِي): تَقَدَّم أنَّ أباه عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ، وهذا ظاهرٌ معروفٌ جدًّا.

قوله: (وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وتَقَدَّم أنَّه مخفَّف الثَّاء في اللُّغة، وهو في أصلنا: مُشدَّد بالقلم، وشُدِّد للمبالغة، وتَقَدَّم ما (المثلةُ).

قوله: (ابْنَةُ عَمْرٍو، أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو): تَقَدَّم أعلاه وقبله أنَّ المقتول عبد الله بن عَمرو بن حرام، وهنا شكَّ الرَّاوي في الصائحة أهي أخته؛ فتكون عمَّة عبد الله والد جابر، أو بنت عَمرو؛ فتكون أخت عبد الله عمَّة جابر، والصَّحيح: أنَّها فاطمة بنت عَمرو بن حرام عمَّة جابر، كما تَقَدَّم الجزم بها في الحديث، وتَقَدَّم في اسمها خلاف في (الجنائز)؛ فانظره.

قوله: (لِمَ تَبْكِي أَوْ لَا تَبْكِي): تَقَدَّم الكلام عليه في (الجنائز).

قوله: (قُلْتُ لِصَدَقَةَ): هو صدقة بن الفضل شيخ البخاريِّ، فعلى هذا: يكون القائل له هو البخاريُّ.

قوله: (أَفِيهِ: حَتَّى رُفِعَ؟ قَالَ: رُبَّمَا قَالَهُ): الضَّمير في (قاله) يرجع إلى شيخ صدقة؛ وهو ابن عيينة، و (رُبَّما): للتَّقليل، وتأتي للتَّكثير.

==========

[ج 1 ص 712]

(1/5424)

[باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا]

(1/5425)

[حديث: ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا]

2817# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بُنْدار، وقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وتَقَدَّم ما معنى بُنْدار، وكذا تَقَدَّم (غُنْدرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثمَّ راء، وأنَّه لقب مُحَمَّد بن جعفر، وقد تَقَدَّم مَن قاله له.

قوله: (إِلَّا الشَّهِيدَ): هو مَنْصوبٌ على الاستنثاء، ويجوز فيه الرَّفع، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 1 ص 712]

(1/5426)

[باب: الجنة تحت بارقة السيوف]

قوله: (بَابٌ: الْجَنَّةُ تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (لم يترجم على الحديث بلفظِه)؛ يعني: أنَّ التَّرجمة: «تحت بارقة السُّيوف»، والحديث: «تحت ظلال السُّيوف»، قال: (فإمَّا أن يكون لفظ التَّرجمة في حديث آخر لا يوافق شرطه، فنبَّه عليه في التَّرجمة، أو نبَّه على معنى «تحت ظلال السُّيوف»، وأنَّ السُّيوف لمَّا كانت لها بارقةٌ وشعاعٌ؛ كان لها أيضًا ظلالٌ بحسبها) انتهى، وقال ابن الجوزيِّ: (والمراد أنَّ دخوله الجنَّة يكون بالجهاد، و «الظِّلال» جمع: ظلٍّ، فإذا دنا الشخص من الشخص؛ صار تحت ظلِّ سيفه، وقال في موضع آخر: وإذا تدانى الخصمان؛ صار كلُّ واحد منهما تحت ظلِّ سيف الآخر، فالجنَّة تُنال [1] بهذا)، انتهى، ويقال: إنَّ ثواب الله والسَّبب الموصل إلى الجنَّة عند الضرب بالسُّيوف في سبيل الله، ومشي المجاهدين في سبيله أيضًا؛ فاحضروا فيه بصدق واثبتوا.

قوله: (تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ): (بارقتها): لَمعانُها، يقال: برق بسيفه، وأبرق؛ إذا لمع به.

قوله: (وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وهو صحابيٌّ مشهور، تَقَدَّم أنَّه حصَّن ثلاث مئة امرأة، وقيل: ألفًا، فلا نُطوِّل به.

(1/5427)

[حديث: واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف]

2818# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو): الظاهر أنَّ (عبد الله بن مُحَمَّد) هذا: هو المُسنديُّ، وذلك لأنِّي رأيتُ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة معاوية بن عَمرو [1]: أنَّه روى عنه عبد الله بن مُحَمَّد المُسنديُّ، والله أعلم، ولم يذكر فيها أحدًا اسمُه عبدُ الله بن مُحَمَّد غيره.

قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو): هذا هو معاوية بن عَمرو بن المُهلَّب بن عَمرو بن شبيب الأزديُّ المعنيُّ _بالعين المهملة، ووَهم ابن نقطة في أخيه كرمانيِّ بن عمرٍو، فقال: (المغَنِّي) _ الكوفيُّ، ثمَّ البغداديُّ، أخو الكرمانيِّ بن عمرٍو، روى عن المسعوديِّ، وزائدة، وإسرائيل، وفُضَيل بن مرزوق، وأبي إسحاق الفزاريِّ، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، والجماعة كلُّهم عن رجل عنه، وعَمرٌو النَّاقد، ومُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، وعبد بن حُمَيد، وخلقٌ كثيرٌ، قال أحمد: ثقة صدوق، وقال أبو حاتم: ثقة، قال ابن سعد: مات سنة (224 هـ) غرَّة جمادى الأولى، وقيل: كان مولده سنة (228 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث بن خارجة بن حصن بن حذيفة، أبو إسحاق، الفَزاريُّ الكوفيُّ، أحد الأعلام، ولجدِّه خارجةَ صحبةٌ، تَقَدَّم، وقد تَقَدَّم [2] (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى)، وأنَّه صحابيٌّ ابن صحابيٍّ مُطَوَّلًا؛ فأغنى عن إعادته هنا.

قوله: (إنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (إِنَّ)؛ بكسر الهمزة على الحكاية، وفي أصلنا: الكسر والفتح.

(1/5428)

قوله: (تَابَعَهُ الأُوَيْسِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ): أمَّا الضمير في (تابعه) يحتمل أن يعود على عبد الله بن مُحَمَّد المُسنديِّ، ويحتمل عوده إلى أبي إسحاق، ويحتمل عوده على معاوية بن عمرو، هذا هو الذي قاله شيخنا: أنَّه تابع معاوية بن عمرٍو الذي رواه عن أبي إسحاق عن موسى بن عقبة، و (الأويسيُّ): هو عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أويس بن سعد بن أبي سرح القرشيُّ العامريُّ، أبو القاسم، الأويسيُّ المدنيُّ الفقيه، عن مالك، وسليمان بن [3] بلال، ونافع بن عمر الجمحيِّ، واللَّيث بن سعد، وخلقٍ، وعنه: البخاريُّ، والذُّهليُّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وآخرون، وثَّقه أبو داود وغيره، وقال أبو حاتم: صدوق، وهو أحبُّ إليَّ من يحيى ابن بُكَير، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وقد تَقَدَّم، وقوله: (تابعه الأويسيُّ): الظاهر أنَّه مثل قوله: (قال الأويسيُّ)، وإذا كان كذلك؛ فيكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم، وقوله: (عن ابن أبي الزِّناد): تَقَدَّم أنَّه بالنُّون، واسمه عبد الرَّحمن بن عبد الله بن ذكوانَ، تَقَدَّم والده مرارًا، وكنيتُه أبو مُحَمَّد، مدنيٌّ، روى عن أبيه، وزيد بن عليٍّ، وسُهَيل بن أبي صالح، وشرحبيل بن سعد، وصالحٍ مولى التَّوءمة، وطائفة، وعنه: أبو داود الطَّيالسيُّ، وابن وهب، وسويد بن سعيد، وخلق، قال ابن معين: أثبتُ النَّاس

[ج 1 ص 712]

في هشام بن عروة ابنُ أبي الزِّناد [4]، وقال عن ابن معين: لا يُحتجُّ به، وقال معاوية بن صالح وغيره عن ابن معين: ضعيف، وقال ابن المَدينيِّ: ما حدَّث بالمدينة؛ فهو صحيح، وما حدَّث ببغداد؛ أفسده البغداديُّون، مات سنة (174 هـ)، وهو ابن أربعٍ وسبعين سنةً، علَّق له البخاريُّ، وروى له مسلم في المقدِّمة، والأربعة، وله ترجمة في «الميزان»، وهذه المتابعة ليست في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وشيخنا لم يُخرِّجها.

(1/5429)

[باب من طلب الولد للجهاد]

(1/5430)

[حديث: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على مائة امرأة]

2819# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ ... ) إلى آخره: هذا التَّعليق أخرجه البخاريُّ في ستَّةِ أماكنَ من «صحيحه»، لكن ليس مِن هذه الطَّريق، وقد أخرج طريقَ اللَّيث أبو نُعيم من طريق يحيى ابن بُكَير عنه، قاله شيخنا.

قوله: (مِئَةَ امْرَأَةٍ أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ): هذا جاء بألفاظ، فجاء على: (ستِّين امرأة)، وفي لفظ: (سبعين)، وفي آخر: (تسعين)، وفي أخرى: (تسع وتسعين) من غير شكٍّ، وفي لفظ: (مئة) من غير شكٍّ، والكلُّ داخل في رواية (مئة)، وليس في رواية القليل ما ينفي الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، قال القاضي عياض في «الشِّفا»: (عن ابن عبَّاس: كان في ظهر سليمان ماءُ مئة رجل، وكان له ثلاثُ مئة زوجة، وثلاثُ مئة سريَّة، قال: وحكى النَّقَّاش: أنَّه كان له سبعُ مئة امرأة، وثلاثُ مئة سرية)، انتهى، وفي «المستدرك» في ترجمة عيسى ابن مريم: (أنَّ سليمان كان له تسع مئة سريَّة)، وقد تعقَّبه الحافظ الذَّهبيُّ بأنَّ في السند عبدَ المُنعِم، وهو ساقطٌ، وقد أفادني بعض العلماء أنَّ في «المسند» لأحمد: (أنَّه كان له ألفُ امرأةٍ) انتهى، وقد قال شيخنا: (عن ابن التِّين: إنَّه كان له ألفُ امرأةٍ)، قال شيخنا: (وقد [1] جاء ذلك في بعض الرِّوايات).

قوله: (فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ): قيل المراد بـ (صاحبه): الملك، قال النَّوويُّ: (وهو الظاهر من لفظه، وقيل: القرين، وقيل: صاحبٌ له آدميٌّ، وعن القرطبيِّ أنَّه قال: وقد أبعد مَن قال: خاطره)، انتهى، والصَّواب: أنَّه الملك؛ لأنَّ في هذا «الصحيح» في (النِّكاح): (فقال له صاحبه؛ يعني: الملك)، والله أعلم.

قوله: (جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ): قيل: هو الجسد الذي ذكره الله أنَّه أُلقِي على كرسيه.

قوله: (وَالْجُبْنِ): هو مجرور معطوف على (الشَّجاعة)، وهو ضدُّها، وهو بضَمِّ الجيم، وإسكان الباء الموحَّدة، وبالنُّون، ويجوز ضمُّ الموحَّدة، وهو صفة الجبان.

==========

[1] (قد): ليس في (ب).

[ج 1 ص 713]

(1/5431)

[باب الشجاعة في الحرب والجبن]

(1/5432)

[حديث: كان النبي أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس]

2820# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ [1] بْنِ وَاقِدٍ): هو بالقاف.

قوله: (سَبَقَهُمْ عَلَى فَرَسٍ): هذه الفَرَس [2] استعارها عليه الصَّلاة والسَّلام من أبي طلحة، واسمه مندوب، وكان يُبطَّأُ، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «وجدناه بحرًا»؛ أي: وجدنا الفَرَس شديدَ الجري، فكان بعد ذلك لا يُسبَق، وشبَّهه عليه الصَّلاة والسَّلام بذلك؛ لأنَّ الجري منه لا ينقطع؛ كما لا ينقطعُ ماء [3] البحر.

==========

[1] في النُّسختين: (الله)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في (ب): (الفراس)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ب): (كماء)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 713]

(1/5433)

[حديث: أعطوني ردائي لو كان لي عدد هذه العضاه نعمًا .. ]

2821# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (مَقْفَلَهُ): هو بفتح الميم والفاء؛ أي: مَرجِعَهُ.

قوله: (فَعَلِقَهُ النَّاسُ): هو بكسر اللَّام؛ أي: لزموه، أو جذبوا ثوبه، و (العَلْق): الجذب في الثَّوب.

قوله: (إِلَى سَمُرَةٍ): هي بضَمِّ الميم، من شجر [1] الطَّلح، والجمع: سمُر وسَمُرات.

قوله: (فَخَطِفَتْ): هو بكسر الطَّاء على الأفصح، ويجوز فتحها.

قوله: (هَذِهِ الْعِضَاهِ): هو بالهاء، لا التَّاء درجًا ووقفًا، كلُّ شجر يعظُمُ وله شوك، واحده: عِضَاهةٌ، وعَضْهَةٌ، وعضَةٌ؛ بحذف الهاء الأصليَّة، كما حُذِفت من (الشَّفة).

قوله: (نَعَمًا): وهذه في هامش أصلنا، وفي الأصل: (نَعَم)، فالنَّصب ظاهر، وهو أولى، وذلك لأنَّ (نَعَمًا) نكرة، فهو أولى أن يكون خبرًا، ويصحُّ نصبه على التَّمييز، وأمَّا الرَّفع؛ فعلى أنَّه اسم (كَانَ)، و (عددَ) الخبر؛ لكن (عدد) في أصلنا: مَرْفوعٌ، والظَّاهر أنَّه [2] كُتِب (نَعَم)؛ بغير ألف على نيَّة الوقف، وهو لغةٌ في الوقف معروفة، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (سمر)، وهو تحريفٌ.

[2] (أنَّه): سقط من (ب).

[ج 1 ص 713]

(1/5434)

[باب ما يتعوذ من الجبن]

قوله: (بَابُ مَا يُتَعَوَّذُ مِنَ الْجُبْنِ): (يُتعوَّذ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الجُبْن): تَقَدَّم ما هو بلُغتيه أعلاه [1].

(1/5435)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد .. ]

2822# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ [1]، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، وكذا تَقَدَّم (أَبُو عَوَانَةَ): أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وكذا تَقَدَّم (الأَوْدِيُّ): أنَّه بفتح الهمزة، وهو اسم رجل.

قوله: (كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ): (سعْدٌ) هذا: هو سعد بن أبي وقَّاص مالك بن أهيب، أحد العشرة، وبنوه وبناته ذكرتُهم في (البيوع) عن خطِّ الحافظ الدِّمياطيِّ، وذكرت من «التلقيح» لابن الجوزيِّ: أنَّهم ستَّةٌ وثلاثون ولدًا.

قوله: (دُبُرَ الصَّلَاةِ): تَقَدَّم الكلام على (الدُّبُر) في (الصَّلاة)، وأنَّ الخطَّابيَّ قال: الدَّبْر؛ بفتح الدال، وسكون الباء، وبضمِّهما: آخر وقت الشَّيء، وكذا الرواية بضَمِّ الدال والباء، وفي «اليواقيت»: المعروف في اللُّغة: دَبْر؛ بفتح الدَّال، وسكون الباء في مثل هذا؛ ومنه: جعلته دَبْرَ أذني؛ أي: خلفي، وأمَّا الجارحة؛ فبالضَّمِّ في الدَّال مع ضمِّ الباء، وإسكانها أيضًا، والله أعلم.

[ج 1 ص 713]

قوله: (مِنَ الْجُبْنِ): تَقَدَّم قريبًا ما هو بلُغتَيه.

قوله [2]: (إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ): أي: آخر العمر في حال الكبر والعجز والخَرَف، و (الأرذل) من كلِّ شيء: الرَّديءُ منه.

قوله: (فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا، فَصَدَّقَهُ): القائل ذلك هو عبد الملك بن عمير، وقد أخرجه التِّرمذيُّ بإسناده إلى عبد الملك بن عمير عن مصعب بن سعد؛ يعني: ابن أبي وقَّاص، وعمرو بن ميمون؛ كلاهما عن سعد نحوَه، وقال: حسن صحيح مِن هذا الوجه، وأخرجه النَّسائيُّ.

==========

[1] زيد في (ب): (الحافظ).

[2] (قوله): سقط من (ب).

(1/5436)

[حديث: اللهم إني أعوذ بك من العجز]

2823# قوله [1]: (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ): تَقَدَّم الكلام على (فتنة المحيا) و (فتنة الممات) في (الصَّلاة).

(1/5437)

[باب من حدث بمشاهده في الحرب]

قوله: (قَالَهُ أَبُو عُثْمَانَ عَنْ سَعْدٍ): (أبو عثمان) هذا: هو النَّهديُّ عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وقد تَقَدَّم ضبط (مَلٍّ)، و (سعد): هو ابن أبي وقَّاص، أحد العشرة، والحديث أخرجه البخاريُّ ومسلم؛ وهو: (لم يبق مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بعض تلك الأيَّام التي قاتل فيهنَّ غير طلحة وسعد عن حديثهما)، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 714]

(1/5438)

[حديث: صحبت طلحة بن عبيد الله وسعدًا والمقداد]

2824# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو حاتم بن إسماعيل، عن هشام بن عروة ويزيد بن أبي عُبَيد، وعنه: ابن معين وابن راهويه، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (187 هـ) بالمدينة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وفيها: (قال أحمد: زعموا أنَّه كان فيه غفلةٌ).

قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ): هذا هو مُحَمَّد بن يوسف بن عبد الله بن يزيد، الكنديُّ المدنيُّ الأعرج، ابن أخت نَمِر، عن السَّائب بن يزيد، وسليمان بن يسار، وابن المسيّب، وجماعة، وعنه: ابن جُرَيج، ومالك، وحاتم بن إسماعيل، وحفص بن غياث، ويحيى بن سعيد القطَّان، وآخرون، قال يحيى بن معين: سمع منه يحيى بن سعيد خمسةَ أحاديثَ، وقال لي يحيى: لم أر شيخًا يشبهه في الثِّقة، وقال أحمد وغيره: ثقةٌ، وقال مصعب الزُّبيريُّ: كان له شرف وقدر بالمدينة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.

==========

[ج 1 ص 714]

(1/5439)

[باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية]

قوله: (ويُذْكَر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وقد تَقَدَّم أنَّ هذه صيغة تمريض، وكأنَّها لم تصحَّ على شرطه إلى ابن عبَّاس، قال شيخنا: (أخرجه إسماعيل بن أبي زياد الشَّاميُّ في «تفسيره» عنه).

قوله: («انْفِرُوا ثُبَاتٍ» [النِّساء: 71]: سَرَايَا مُتَفَرِّقِينَ، وَيُقَالُ: وَاحِدُ الثُّبَاتِ: ثُبَةٌ): قائل ذلك هو أبو عبيدة مَعْمَر بن المثنَّى، وهو في كتاب «المجاز» له، قاله بعض الحُفَّاظ المعاصرين، انتهى، اعلم أنَّ للمفسِّرين في قوله تعالى: {فانْفِرُوا [1] ثُبَاتٍ} أقوالًا؛ أحدها: أنَّه جمع: ثُبَة؛ بضَمِّ الثاء المثلَّثة، وفتح الموحَّدة؛ وهي العُصْبة من الرِّجال، والجمع: ثباتٍ، وثُبُون، وثِبُون، وأثابيُّ، وقيل: فِرَقٌ، وقيل: مُتفرِّقين؛ أي: اخرجوا سريَّة سريَّة.

(1/5440)

[حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية]

2825# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّ هذا هو الفلَّاس، الحافظ، مشهور التَّرجمة، وتَقَدَّم أنَّ (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو القطَّان.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة فيما يظهر، ومستندي في ذلك: أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة عمرو بن يحيى بن سعيد بن العاصي _الذي يأتي فيه: (قال سفيان: وحدَّثني السَّعيديُّ عن جدِّه عن أبي هريرة [1]) _: أنَّ ابن عيينة روى عنه، وكذا ذكر الذَّهبيُّ في «تذهيبه»، ولم يذكرِ الثَّوريَّ فيهم، والله أعلم.

وقد تَقَدَّم أنَّ (مَنْصُورًا): هو ابن المُعتمِر، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ): يوم الفتح كان يوم الجمعة، وقد تَقَدَّم الخلاف متى كان، ويأتي أيضًا في شهر رمضان سنة ثمان.

قوله: (لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه مُؤوَّل؛ أي: لا هجرة من مكَّة بعد الفتح؛ لأنَّها صارت دار إسلام، أو لا هجرة كالهجرة من مكَّة في الفضيلة، ولا بدَّ من التَّأويل.

قوله: (ثُمَّ يُسْلِمُ): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر اللَّام.

(1/5441)

[باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدد بعد ويقتل]

قوله: (ويُسَدَّدُ [1]): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (ويُقتَل) [2]: مبنيٌّ أيضًا لما لم يُسمَّ فاعله.

تنبيهٌ: وقع في «صحيح مسلم» من حديث أبي هريرة [3]، وعنه: أبو صالح: «لا يجتمعان في النَّار اجتماعًا يضرُّ أحدهما الآخر»، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: «مؤمن قتل كافرًا، ثمَّ سُدِّدَ»، انتهى، وهذا اللَّفظ تغييرٌ [4] من بعض الرُّواة، وصوابه: (مؤمن قتله كافر، ثمَّ سُدِّد)، ويكون معنى قوله: «لا يجتمعان في النَّار اجتماعًا يضرُّ أحدهما الآخر»: لا يدخلانها للعقاب، ويكون هذا استثناءً من اجتماع الورود، وتخاصمهم على جسر جهنَّم، قاله القاضي عياض.

(1/5442)

[حديث: يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر .. ]

2826# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وكذا تَقَدَّم (الأَعْرَجِ): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا تَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (يَضْحَكُ اللهُ): قال ابن قُرقُول: (هذا وأمثاله من الأحاديث طريقُها الإيمان بها من غير كيف ولا تأويل، وتسليمها إلى عالمها) انتهى، وللنَّاس في آيات الصِّفات وأحاديثها طريقان: طريقة السَّلف _وهي أسلم_: ما ذكره ابن قُرقُول، وطريقة الخلف _وهي أحكم_: تأويلها على ما يليق بجلاله عزَّ وجلَّ، والله أعلم.

قوله: (فَيُقْتَلُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (فَيُسْتَشْهَدُ) [1]: مبنيٌّ أيضًا لما لم يُسمَّ فاعله.

==========

[1] زيد في (ب): (هو).

[ج 1 ص 714]

(1/5443)

[حديث: أتيت رسول الله وهو بخيبر بعد ما افتتحوها]

2827# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبير، وأنَّه أوَّل شيخ حدَّث عنه البخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم لماذا نُسِب.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (وَهْوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا افْتَتَحَهَا [1]): خيبر كانت في أوَّل السنة السابعة، ويقال: في آخر السادسة، والقولان _فيما يظهر_ مبنيَّان على الخلاف [2] في أوَّل التَّأريخ، وقد تَقَدَّم، وسيجيء الكلام في أوَّل التَّأريخ في مكانه إن شاء الله تعالى، وأذكر فيه أقوالًا.

قول [3] أبي هريرة: (يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْهِمْ لِي): (أَسهم)؛ بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، كذا هنا: (فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: لَا تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ)، وسيأتي في (خيبر): (أنَّ أبا هريرة أتى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فسأله، فقال له بعض بني سعيد بن العاصي: لا تعطه)، وبعده مُعلَّقًا بصيغة تمريض عن عنبسة: أنَّه سمع أبا هريرة يخبر سعيد بن العاصي ... إلى أن قال: (قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله؛ لا تقسم لهم، قال أبان: وأنت بهذا يا وَبْرُ؟)، وهو في «أبي داود»: (فقال أبان بن سعيد: اقسم لنا يا رسول الله ... )؛ الحديث، قال الخطيبُ البغداديُّ: الصَّحيح أنَّ أبا هريرة السائل، وجوَّز شيخنا أن يكونا سألاه جميعًا، وأنَّ أحدهما جازى الآخر بقوله: (لا تقسم له)، وسيأتي في (خيبر) بأطولَ مِن هذا، والله أعلم.

[ج 1 ص 714]

قوله: (فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي [4]): اسم هذا القائل: أبان بن سعيد بن العاصي، كذا هو مُسمًّى في «صحيح البخاريِّ» في (غزوة خيبر)، وكذا هو مُسمًّى في «أبي داود» في (الجهاد)، في (باب: مَن جاء بعد الغنيمة؛ لا سهم له)، قال ابن حِبَّان في «ثقاته»: (أبان بن سعيد بن العاصي بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، له صحبةٌ، قُتِل في أجنادين على عهد عمر لليلتين بقيتا مِن جمادى سنة ثلاثَ عشرةَ، أمُّه: هند بنت المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم) انتهى.

تنبيهٌ: صريح ما تَقَدَّم أنَّ أبانًا قاتلُ ابن قَوْقَل، وسيأتي فيما يلي هذا ما فيه.

(1/5444)

تنبيهٌ ثانٍ: قال الخطيبُ البغداديُّ: (فقال سعيد بن العاصي)؛ كذا عند أبي داود، قال: وإنَّما هو ابن سعيد، وهو أبان.

(1/5445)

قوله: (هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ): الظَّاهر أنَّه أراد: النُّعمانَ بن قَوْقَل؛ بقافين مفتوحتين، بينهما واوٌ ساكنةٌ، وهو النُّعمان بن مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن قَوْقَل _واسمه غنم_ ابن عوف بن عمرو بن عوف، و (قَوْقَل): لقبٌ لثعلبة بن أصرم، فنُسِب النُّعمان إلى جدِّه، شهد النُّعمان بدرًا، قاله ابن عيينة، استُشهِد بأُحُد، وقال ابن عبد البَرِّ: النُّعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف بن الخزرج، وثعلبة بن دعد: هو الذي يُسمَّى: قَوْقَلًا، وقال في النُّعمان: قتله صفوان بن أميَّة يوم أُحُد في قول مُحَمَّد بن عمر، وأمَّا عبد الله بن مُحَمَّد بن عُمارة؛ فإنَّه قال: الذي شهد بدرًا وقُتِل يوم أُحُد: النُّعمان الأعرج بن مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر، والذي يُدعى قَوْقَلًا: هو النُّعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد بن فهر [5] بن ثعلبة بن غنم، لم يشهد بدرًا، وذكر قبله في «الاستيعاب»: (النُّعمان بن قَوْقَل، ويقال: النُّعمان بن ثعلبة، وثعلبة يُدعى قَوْقَلًا، قاله موسى بن عقبة، وقال موسى أيضًا: النُّعمان بن ثعلبة، وهو ابن قَوْقَل، ذكره في البدريِّين، وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه: النُّعمان بن قَوْقَل كوفيٌّ، له صحبة، عنه: بلال بن يحيى)، انتهى، وفي «حاشية الاستيعاب» بخطِّ ابن الأمين عن ابن دريد، وفي آخرها: (ومنهم بنو قَوْقَل [6]، واسمه: غنم)، انتهى، وقال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (النُّعمان بن قَوْقَل، وقيل: النُّعمان بن ثعلبة، وقَوْقَل لقبَ ثعلبة [7]، بدريٌّ خزرجيٌّ على الصَّحيح، ثمَّ قال بعده بترجمتين ما لفظه: (النُّعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد، وثعلبة [8] هو الذي يُدعى قَوْقَلًا، الأوسيُّ بدريٌّ، قتله صفوان بن أميَّة يوم أُحُد، قاله الواقديُّ، وهو النُّعمان بن قَوْقَل الذي بعده)، انتهى، فقوله فيه: (هذا قاتل ابن قَوْقَل) في أبان؛ محلُّ نظر، ولعلَّه مُؤوَّل، وقد انتقد الحافظ الدِّمياطيُّ ذلك على البخاريِّ في (غزوة خيبر)، وسيأتي كلامه في (خيبر)، وقال شيخنا: (قال ابن الجوزيِّ: لا أدري مَن يعني، فإنَّ العبَّاس بن عبادة والنُّعمان بن مالك بن ثعلبة _وهو قَوْقَل_ قتلهما صفوان بن أميَّة)، قال شيخنا: (قلت: قوله: «وهو قَوْقَل» ليس كذلك؛ إنَّما قَوْقَل اسمه غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، كذا ذكره ابن الكلبيٍّ، وأبو عُبَيد، وابن دريد، وغيرُهم)، انتهى، وقد

(1/5446)

تَقَدَّم عن «حاشية الاستيعاب» عن ابن دريد نَقْلُ ذلك في قَوْقَل، وأنَّه غنم، فتحصَّلنا في قَوْقَل على أقوال _أعني: في الذي لُقِّب بذلك_: هل هو ثعلبة بن دعد، أو ثعلبة بن أصرم، أو لقب غنم والد ثعلبة في نسب النُّعمان، كما تَقَدَّم؟ والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي): تَقَدَّم أعلاه [9] أنَّه أبان بن سعيد بن العاصي، وهذا في الهامش، وفي الأصل: (فقال سعيد بن العاصي)، وفيه نظر.

قوله: (لِوَبْرٍ): (الوَبْر)؛ بفتح الواو، وإسكان الموحَّدة، وبالراء، كذا لأكثر الرُّواة؛ وهي دويبة غبراء، ويقال: بيضاء، على قدر السِّنَّور، حسنة العَينين، من دوابِّ الجبال، وإنَّما قال ذلك؛ احتقارًا له، وضبطها بعضهم: بفتح الباء، وتأوَّله: جمع (وَبَرة)؛ وهي شعر الإبل؛ تحقيرًا له أيضًا؛ كشأن الوبَرة التي لا خطر لها [10]، وتأوَّل [11] (قدوم ضأن): على ضأن، وهذا تكلُّفٌ بعيدٌ، والأوَّل أشهر روايةً، وأوجه معنًى، قاله ابن قُرقُول، والوَبْر _كما ضبطته أوَّلًا_ مأكولٌ، قاله الماورديُّ في «الحاوي»، والحمويُّ في «شرح التَّنبيه»، وذكر الرَّافعيُّ في (كتاب الحجِّ) نحوَه أيضًا.

(1/5447)

قوله: (مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ): قال في «المطالع»: (ويروى: «ضال» غير مهموز، مفتوح القاف من «قَدُوم» مخفَّف الدَّال؛ كذا للجميع إلَّا المروزيَّ؛ ضمَّ القاف، وفي «كتاب المغازي»: «من رأس ضأن [12]»، قال الحربيُّ: وهو جبل ببلاد دوس [13]، و «قَدومه»: ثنيَّته، بفتح القاف، وهو عند المروزيِّ: بضَمِّ القاف، قال الأصيليُّ: ومعناه على هذا: من قُدُوم؛ أي: قَدِم علينا من هذا الموضع، ويردُّ [14] هذا روايةُ مَن روى: «رأس ضأن»، وكذلك يردَّ قولَ الحربيِّ: أنَّه ثنيَّة الجبل، ووقع في موضعٍ آخرَ: «رأس ضال»؛ باللَّام، وهي رواية ابن السَّكن، والقابسيِّ، والهمَذانيِّ، وزاد في رواية المستملي: «والضَّال: السِّدر»، وهو وَهَم، وما [15] تَقَدَّم من تفسير الحربيِّ أولى أنَّه ثنيَّة، وأنَّ ضأن: جبل، وقال بعضهم: يقال في الجبل: ضأن وضال، وتأوَّله بعضهم على أنَّه الضَّأن من الغنم، وجعل قدومها؛ أي: رؤوسها، وروى الحرف الذي قبله: واعجبًا من وبَر؛ بفتح الباء، وقال: هو شعر رؤوسها، وهذا تكلُّفٌ وتعسُّفٌ)، انتهى، وقال ابن دقيق العيد في «شرح الإلمام»: (رواه النَّاس عن البخاريِّ بالنُّون إلَّا الهمذانيَّ؛ فإنَّه رواه باللَّام، وهو الصَّواب: والضَّال: السِّدر البرِّيُّ ... ) إلى أن قال: (وفي ضبط «القدوم» بالتَّشديد والتَّخفيف خلافٌ) انتهى، وفي ذلك نظرٌ، إنَّما الخلاف في (القدوم) في حديث آخر؛ وهو: (اختتن إبراهيم صلَّى الله عليه وسلَّم [16] بالقدوم)، هذا الذي فيه الخلاف في تخفيفه وتشديده، فتحصَّلنا: على إسكان الباء في (وَبْر)، وتحريكها بالفتح، وفي (ضأن): بالنون واللَّام، وفي (قُّدوم): بفتح القاف وضمِّها، وفي (القدوم): التَّشديد والتخفيف، على ما قاله ابن دقيق العيد، وفيه نظر، والله أعلم.

قوله: (قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَسْهَمَ لَهُ أَمْ لَمْ يُسْهِمْ؟): قائلُ ذلك كما قال شيخنا عن ابن التِّين: (أنَّه عنبسة، أو مَن دونه إلى شيخ البخاريِّ)، انتهى، وفي «أبي داود»: (ولم يقسم له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم).

(1/5448)

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِيهِ السَّعِيدِيُّ عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) قال البخاريُّ بعده: (السَّعِيدِيُّ: هُوَ [17] عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي)، انتهى: أمَّا (سُفيان)؛ فقد قَدَّمتُ أنَّه ابن عيينة الإمامُ، وأمَّا (السَّعِيديُّ)؛ فهو بفتح السِّين، وكسر العين، وهذا ظاهرٌ جدًّا عند أهله، وقد سمَّاه البخاريُّ ونسبه، وهو كذلك، كنيته أبو أميَّة الأمويُّ السَّعِيديُّ المكِّيُّ، عن جدِّه وأبيه، وعنه: ابن عيينة، وموسى بن إسماعيل، وسويد بن سعيد، وجماعة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وقال ابن معين: صالح، أخرج له البخاريُّ وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان» قال فيها: (أورد له ابن عديٍّ حديثين، وما نطق فيه بحرف، ولولا أنَّه ذكره؛ لما ذكرتُه؛ لأنَّه احتجَّ به البخاريُّ)، ثمَّ ذكر له مِن عند البخاريِّ حديثَ أبي هريرة مرفوعًا: «ما بعث الله نبيًّا إلَّا رعى الغنم ... »؛ الحديث، تفرَّد به عمرٌو، وهو مُخرَّج في «البخاريِّ»، وأمَّا جدُّ السَّعِيديِّ؛ فهو سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي بن أُحَيحة [18] الأمويُّ أبو عثمان، ويقال: أبو عنبسة، كان مع ابنه الأشدق حين توثَّب على دمشق، ثمَّ انتقل بعد قَتْلِ ابنِه إلى الحجاز ثمَّ الكوفة، روى عن ابن عبَّاس، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عمرو، وعائشة، ومعاوية، وأمِّ خالد بن سعيد بن العاصي، ووالده، وعنه: ابناه؛ إسحاق وخالد، وحفيده عمرو بن يحيى بن سعيد، وشعبة، وغيرهم، قال النَّسائيُّ: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، قال الزُّبير: كان مِن علماء الكوفة، ووُلِد بها، انتهى، عاش إلى أن وفد على الوليد بن يزيد، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقوله: (قال سفيان): اعلم أنَّ البخاريَّ رواه هنا بالسند الأوَّل: الحُمَيديُّ عن سفيان قال: حدَّثنيه السَّعِيديُّ؛ فذكره، فهو مِن طريقين عنده، وسيأتي في (المغازي) أعلى ممَّا هنا بدرجة؛ لأنَّه رواه فيها عن موسى بن إسماعيل، عن عمرو بن يحيى، عن جدِّه، عن أبي هريرة، والله أعلم.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (افْتَتَحُوهَا).

[2] (على الخلاف): سقط من (ب).

[3] في (ب): (قوله)، وهو تحريفٌ.

[4] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (العاص)؛ بغير ياء، وكذا في المواضع اللَّاحقة.

(1/5449)

[5] في (ب): (فهيرة)، وهو تحريفٌ.

[6] في (ب): (نوفل)، وهو تحريفٌ.

[7] في (ب): (لثعلبة).

[8] (وثعلبة): سقط من (ب).

[9] (أعلاه): ليس في (ب).

[10] (لها): سقطت من (ب).

[11] في (ب): (ويؤول).

[12] في (ب): (حال)، وهو تحريفٌ.

[13] في النُّسختين: (وس)، وهو تحريف عن المثبت.

[14] زيد في (ب): (على).

[15] في (ب): (وكما).

[16] في (ب): (عليه السلام).

[17] كذا في النُّسختين، وعليها في (ق): علامة زيادة وعلامة راويها، وهي رواية أبي ذرٍّ، و (هو): ليس في رواية «اليونينيَّة».

[18] في (ب): (أجنحة)، وهو تصحيفٌ.

(1/5450)

[باب من اختار الغزو على الصوم]

(1/5451)

[حديث: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي من أجل الغزو]

2828# قوله: (كَانَ أَبُو طَلْحَةَ لَا يَصُومُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: أمَّا (أبو طلحة)؛ فقد تَقَدَّم بعض ترجمته رضي الله عنه، وأنَّه زيد بن سهل، وقوله في آخره: (لَمْ أَرَهُ مُفْطِرًا إِلَّا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى): ظاهرُه: أنَّه كان يصوم أيَّام التَّشريق، والظاهر أنَّه كان يرى صومها، وفي صومها خلافٌ بين العلماء؛ قال جماعة منهم: يجوز صيامها لكلِّ أحد تطوُّعًا وغيرَه، حكاه ابن المنذر عن الزُّبير، وابن عمر وابن سيرين، وقال مالك، والأوزاعيُّ، وإسحاق، والشَّافعي في أحد قوليه: يجوز صومها للمُتمتِّع إذا لم يجدِ الهديَ، ولا يجوز لغيره، واعلم أنَّه يحرم صومها في الجديد مِن مذهب الشَّافعيِّ [1]، والقديم: أنَّه يجوز للمُتمتِّع إذا لم يجدِ الهديَ صومُها عن الثَّلاثة الواجبة في الحجِّ؛ لقول ابن عمر [2] وعائشة: (لم يُرخَّص في أيَّام التَّشريق أن يُصَمْنَ إلَّا لمَن لم يجدَ الهديَ)، رواه البخاريُّ في «صحيحه»، وصحَّحه جماعة، وقد مال إليه أبو مُحَمَّد والبيهقيُّ، وصحَّحه ابن الصلاح، والنَّوويُّ قال في «الروضة»: (إنَّه الرَّاجح دليلًا وإن كان مرجوحًا عند الأصحاب) انتهى.

تنبيهٌ: ذكرتُ فيما مضى من (الصَّوم) مَن كان يسرد الصَّوم من الصَّحابة والتَّابعين فيما وقفتُ عليه؛ فانظرْه إن أردته.

[ج 1 ص 715]

==========

[1] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

(1/5452)

[باب: الشهادة سبع سوى القتل]

قوله: (بَابٌ: الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بلا إسناد، ثمَّ قال: (أشكل على الشَّارح _يعني: ابن بطَّال_ مطابقةُ التَّرجمة بحديث: «الشُّهداء خمسةٌ»، فقال: هذا دليلٌ على أنَّ البخاريَّ رحمه الله مات ولم يُهذِّب كتابه، وكأنَّه أراد أن يُدخِل في التَّرجمة حديثَ مالكٍ رحمه الله، وفيه: «أنَّ الشُّهداء سبعةٌ سوى القتل في سبيل الله»، فأعجلتْه المنيَّة، ويحتمل عندي أن يكون البخاريُّ أراد التَّنبيهَ على أنَّ الشَّهادة لا تنحصر في القتل، بل لها أسبابٌ أخرُ، وتلك الأسبابُ أيضًا اختلفت الأحاديث في عددها، ففي بعضها: «خمسةٌ»، وهو الذي صحَّ عند البخاريِّ ووافق شرطه، وفي بعضها: «سبعةٌ»، ولم يوافق شرطَ البخاريِّ، فنبَّه عليه في التَّرجمة؛ إيذانًا بأنَّ الوارد في عددها مِن الخمسة أو السَّبعة ليس على معنى التَّحديد الذي لا يزيد ولا ينقص، بل هو إخبار عن مخصوصِ ما ذُكِر، والله أعلم بحصرها)، انتهى، وحديث مالكٍ هو [1] عن جابر بن عتيك رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «ما تعدُّون الشَّهادةَ؟» قالوا: القتلُ في سبيل الله، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «الشهادة سبعٌ سوى القتلِ في سيبل الله: المطعون شهيدٌ، والغَرِق شهيدٌ، وصاحب ذات الجَنْبِ شهيدٌ، والمبطون شهيدٌ، وصاحب الحرق شهيدٌ، والذي يموت تحت الهَدَم شهيدٌ، والمرأة تموت بجُمْعٍ شهيدةٌ»)، أخرجه مالك، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأبو حاتم، وفي سند [2] حديث «المُوَطَّأ»: عتيك بن الحارث عن عمِّه جابر بن عتيك، وهو تابعيٌّ، ما روى عنه سوى سبطِه عبدِ الله بن عبد الله، فلهذا لم يخرِّجه البخاريُّ؛ لأنَّ رواية واحد لا تُخرِج الشَّخصَ عن جهالة العين، وقد ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، ولم يذكر عنه راويًا سوى عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، ولكن قال أبو الحسن ابن القطَّان: إنَّ الشخص إذا وثَّقه واحد وروى عنه واحد؛ انتفت عنه جهالة العين، ولكن هذا قولٌ في المسألة، والله أعلم.

(1/5453)

فائدةٌ: أوَّل من استُشهِد في [3] الإسلام سُميَّة أمُّ عمَّار بن ياسر رضي الله عنها، وكانت أَمةً لأبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فزوَّجها مِن حليفه ياسر بن عامر بن مالك، طعن أبو جهل سُميَّةَ بحربةٍ حتَّى بلغت فرجها، فماتت رحمة الله عليها، وقيل: أوَّل قتيل في الإسلام: الحارث بن أبي هالة ابنُ خديجة، فيما ذكره العسكريُّ، قاله مغلطاي في «سيرته الصُّغرى»، والحارث صحابيٌّ، قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (الحارث بن أبي هالة هندٍ بن النَّبَّاش، وهو أوَّل مَن قُتِل لله [4] في الإسلام تحت الكعبة، ذكره ابن الكلبيِّ، وقاله ابن بشكوال)، انتهى، وقال الثَّعلبيُّ في «تفسيره»: (إنَّ ياسرًا والدَ عمَّار وسُميَّة المذكورة رضي الله عنهما [5] أوَّل قتيلٍ قُتِلا في الإسلام) انتهى [6].

فائدةٌ ثانيةٌ: أوَّل مَن يُدعَى إلى الجنَّة مِن شهداء هذه الأمَّة: مهجع مولى عمر بن الخطَّاب، وهو أوَّل قَتيل من المسلمين في بدر، رماه ابن الحضرميِّ بسهم [7]، قاله شيخنا في (تفسير سورة العنكبوت)، وقد قال فيه عليه الصَّلاة والسَّلام يومئذٍ: «مهجعٌ سيِّدُ الشُّهداء»، انتهى، وقال ابن عقبة _كما نقله ابن سيِّد النَّاس [8]_: أوَّلُ قتيلٍ مِن المسلمين يوم بدر: عُمَير بن الحُمَام، وقال ابن سعد: وكان أوَّلَ مَن خرج مِن المسلمين مهجعٌ مولى عمر، فقتله عامر ابن الحضرميِّ، وكان أوَّل قتيل من الأنصار حارثة بن سُراقة، ويقال [9]: قتله حِبَّان ابن العَرِقة [10]، ويقال: عمير بن الحُمَام، قتله خالد بن الأعلم العُقيليُّ.

(1/5454)

فائدةٌ ثالثةٌ: الشُّهداء جماعة كثيرة، وقد ذكر منهم القرطبيُّ في «تذكرته» جماعةً، وذكر شيخنا الشَّارح جماعة، وجملة مَن وقفتُ عليه أنَّه أُطلِق عليه أنَّه شهيدٌ في حديثٍ _ولا أشترط الصِّحَّة_ جماعةٌ، وهم الثمانية المذكورون في حديث «المُوَطَّأ» الذي قدَّمته، وقد رواه أيضًا غيره كما ذكرته، والقتل في سبيل الله أعلاها، وفي «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و «التِّرمذيِّ» وقال: حسن صحيح: «من قُتِل دون ماله؛ فهو شهيد، ومن قُتِل دون أهله، ومن قُتِل دون دمه، ومن قُتِل دون دِينه»، انتهى، ومَن وقصَه فرسُه، أو لدغته هامَّةٌ، أو مات على فراشه على أيِّ حتف كان في الله؛ فهو شهيد، ومَن حبسه السُّلطان ظالمًا له أو ضربه فمات؛ فهو شهيد، وكلُّ موتةٍ يموت بها المسلم؛ فهو شهيد، وفي حديث ابن عبَّاس: «المُرابِط يموت في فراشه في سبيل الله شهيدٌ، والشَّرِق شهيدٌ، والذي يفترسه السَّبُع شهيدٌ»، وعن ابن مسعود: «مَن تردَّى من الجبال؛ شهيد»، أخرجه ابن عبد البَرِّ، قال ابن العربيِّ: وصاحب النَّظرة [11]؛ وهو المَعِين، والغريبُ شهيد» إلى أن قال: وحديثهما حسنٌ، ولمَّا ذكر الدَّراقطنيُّ حديث ابن عمر: «الغريب شهيد»؛ صحَّحه، ولابن ماجه مرفوعًا من حديث أبي هريرة: «من مات مريضًا؛ مات شهيدًا ... »؛ الحديث، وله عن ابن مسعود: «وإنَّ الرجل ليموت على فراشه وهو شهيد»، وجاء من حديث ابن عبَّاس: «مَن عشق، وعفَّ، وكتم، ومات؛ مات شهيدًا»، وقد ضعَّفوه، والفقهاء ذكروه من الشُّهداء، وفي «التِّرمذيِّ»: «من قال حين يصبح ثلاث مرَّاتٍ: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وقرأ ثلاث آياتٍ من آخر سورة الحشر، فإن مات من يومه؛ مات شهيدًا»، حسَّنه مع الغرابة، وفي «الصَّحابة» لأبي موسى: عن عليِّ بن الأقمر [12] عن أبيه مرفوعًا، وفيه: «من مات يشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ مُحَمَّدًا رسول الله»، وفي «علل [13] ابن أبي حاتم»: (سألت أبي عن حديث ابن أبي ليلى، عن أبيه، عن جدِّه أبي ليلى مرفوعًا: «من أكله السَّبُع؛ فهو شهيد، ومَن أدركه الموت وهو يكدُّ على عياله من حلال؛ فهو شهيد، والشَّريق شهيد، والذي يفترسه السَّبع شهيد، والخارُّ عن دابَّته شهيد»، علَّتُه [14] عمرُو بن عطيَّة الوداعيُّ، ضعَّفه الدَّراقطنيُّ، وفي «الثَّعلبيِّ»: «مَن قرأ آخر سورة الحشر فمات من ليلته؛ مات شهيدًا»، وروى الآجريُّ: «يا أنس؛ إن استطعت أن تكون على وُضوء؛

(1/5455)

فافعل، فإنَّ ملك الموت إذا قبض روح العبد وهو على وضوء؛ كُتِب له شهادةٌ»، وللبزَّار من حديث عبادة بن الصَّامت مرفوعًا: «والنُّفساء شهادة»، ولأبي نعيم عن ابن عمر: «من صلَّى الضُّحى، وصام ثلاثة أيَّام من كلِّ شهر، ولم يتركِ الوترَ؛ كُتِب له أجر شهيد»، وعن جابر: «من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة؛ أُجير من عذاب القبر، وجاء يوم القيامة وعليه طابَعُ الشُّهداء»، قال أبو نعيم: غريب من حديث جابر وابن المنكدر، تفرَّد به عمر بن موسى الوجيهيُّ عن ابن المنكدر، وعند الطَّبرانيِّ وأبي موسى من حديث عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا، فذكر حديثًا: «والسِّلُّ شهيدٌ، والغريب شهيد»، وعبد الملك ووالده ضعيفان، وجدُّه [15] لم يذكره في الصَّحابة إلَّا الطَّبرانيُّ، وقد ذكره أبو موسى كما قاله شيخنا، وقد علَّم عليه الذَّهبيُّ: (س)؛ يعني: أنَّه في «كتاب أبي موسى، وفي «الأفراد والغرائب» للدَّارقطنيِّ من حديث أنس مرفوعًا: «المحموم شهيد»، ثمَّ قال: تفرَّد به الموقريُّ عن ابن شهاب عنه، ولأبي عمر في كتاب «العلم» من حديث أبي ذرٍّ وأبي هريرة: «إذا جاء الموتُ طالبَ العلمِ وهو على حاله؛ مات شهيدًا»، ولابن أبي عاصم في «الجهاد» من حديث ابن سلَام عن ابن معانق الأشعريِّ، عن أبي مالك الأشعريِّ: «من خرج به [16] خُراج في سبيل الله؛ كان عليه طابَع

[ج 1 ص 716]

الشُّهداء»، وذكر المنتجاليُّ في «تاريخه» عن ابن سيرين قال: (رأيتُ كثير بن أفلح مولى أبي أيُّوب في المنام، فقلت: كيف [17] أنت؟ قال: بخير، قلت: أنتم الشهداء؟ فقال: إنَّ المسلمين إذا قتلوا فيما بينهم؛ لم يكونوا شهداء، ولكنَّا نُدَباء)، قال مُحَمَّد: وأعياني أن أعرف النُّدباء وغلبني على ذلك، لخَّصت هذا من «شرح شيخنا الإمام العلَّامة سراج الدِّين» رحمه الله تعالى، وقد عزا حديثَ: «مَن قُتِل دون ماله ... »؛ الحديث إلى «الصحيح»، وإنَّما هو في «أبي داود»، و «التِّرمذيِّ»، و «النَّسائيِّ» كما ذكرته، وقد بقي غير مَن ذكره من الشُّهداء، والله أعلم.

(1/5456)

[حديث: الشهداء خمسة المطعون والمبطون]

2829# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّه وزان (عُلَيٍّ)؛ مصغرًا، وقد قَدَّمتُ بعض ترجمته، وكذا تَقَدَّم (أَبُو صَالِحٍ): أنَّه ذكوان السَّمَّان.

قوله: (الْمَطْعُونُ): أي: الذي أصابه الطَّاعون.

قوله: (وَالْمَبْطُونُ): وهو الذي يموت بعلَّة البطن؛ كالاستسقاء وانتفاخ البطن، وهو الصَّحيح، أو الإسهال، وقيل: الذي يشتكي بطنه ويموت بدائه.

قوله: (وَالْغَرِقُ): هو بكسر الرَّاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَصَاحِبُ الْهَدَمِ [1]): تَقَدَّم الكلام عليه في (باب التهجير إلى الظهر)، وهو في أصلنا هنا: بإسكان الدال، وهو بفتحها [2]: الأبنية المنهارة على الشَّخص، والميِّت تحت تلك الأبنية: الهَدِم؛ بكسر الدَّال، ويجوز في (صاحب الهَدَم): سكون الدال؛ لأنَّه بسكونها المصدرُ.

(1/5457)

[حديث: الطاعون شهادة لكل مسلم]

2830# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وسكون الشِّين المعجمة، وتَقَدَّم أنَّ (عَبْد اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، الإمام، أحد الأعلام، و (عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، أبو عبد الرَّحمن البصريُّ، تَقَدَّم، و (حَفْصَة بِنْت سِيرِينَ) تقدَّمت، وأنَّ أفضل نساء التَّابعين حفصة هذه، وعَمْرة، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى.

==========

[ج 1 ص 717]

(1/5458)

[باب قول الله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}]

(1/5459)

[حديث: لما نزلت: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} دعا رسول الله]

2831# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، وكذا تَقَدَّم (أَبُو إِسْحَاق): أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ.

قوله: (وَشَكَا [ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ] ضَرَارَتَهُ): أي: عماه، وكان ابن أمِّ مكتوم أعمى، حصل له العمى بعد بدرٍ بسنتين، كذا رأيته، ولا أعرف مِن أين هو، والعُميان من الصَّحابة بضع وعشرون، وغالبهم طرأ له العمى بعد وفاته عليه الصَّلاة والسَّلام، وقد ذكرتهم في أوَّل هذا التَّعليق [1].

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في النُّسختين بعد فقرتين، والصَّواب إثباتها هنا، وهو الموافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 717]

(1/5460)

[حديث: أن رسول الله أملى عليه: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}]

2832# قوله (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ [1] قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إليه [2]، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَمْلَى عَلَيْهِ): هذا السَّند فيه لطيفةٌ من لطائف الإسناد، وهو رواية صحابيٍّ _وهو سهل بن سعد_ عن تابعيٍّ؛ وهو مروان بن الحكم، قال شيخنا العراقيُّ: (وقد بلغني أنَّ بعضَ أهل العلم أنكر أن يكون قد وُجِد شيء من رواية الصَّحابة، عن التَّابعين، عن الصَّحابة، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، قال شيخنا: فرأيتُ أن أذكر ما وقع لي مِن ذلك، فذكر هذا الحديث، وقد أخرجه البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ من جملة عشرين حديثًا، فإن أردتها؛ فانظرها من «النُّكت على ابن الصلاح» له في (المُرسَل)، والله أعلم.

(1/5461)

قوله: (فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ): تَقَدَّم أنَّ اسمه عمرو بن قيس، وقيل: عبد الله بن قيس، قيل: كان اسمه الحُصَين، فسمَّاه عليه الصَّلاة والسَّلام: عبد الله، وأمُّ مكتوم: عاتكة بنت عبد الله، وابن أمِّ مكتوم قديم الإسلام بمكَّة، وهاجر إلى المدينة، وقدمها _فيما قيل_ بعد بدر بيسير، وقيل: قدمها مع مصعب بن عُمَير قبل مقدمه عليه الصَّلاة والسَّلام المدينة، وهذا في «الصَّحيح»، واستخلفه عليه الصَّلاة والسَّلام على المدينة ثلاثَ عشرةَ مرَّةً، وأنا أسرد ما وقفت عليه منها: سريَّة بني سُلَيم بخلافٍ في ذلك [3]، الثَّانية: قرقرة الكُدْر، والثالثة: غزوة بَحران، والرابعة: غزوة أُحُد، والخامسة: حمراء الأسد عقيب أُحُد، والسادسة: النضير، والسابعة: الخندق، والثامنة: غزوة بني قريظة [4]، والتاسعة: غزوة بني لحيان، والعاشرة: غزوة ذي قَرَد، والحادية عشرة: الفتح، على ما قاله ابن سعد، وقال المنذريُّ في «حواشيه»: (عن ابن عبد البَرِّ: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام استخلفه على المدينة ثلاثَ عشرةَ مرَّةً في غزوة الأبواء، وبُواط، وذي العشيرة، وخروجه إلى ناحية جُهَينة في طلب كُرز بن جابر، وفي غزوة السَّويق، وغطفان، وأُحُد، وحمراء الأسد، وبَحران، وذات الرِّقاع، واستخلفه حين سار إلى بدر، ثمَّ أبا لُبابة، فاستخلفه عليها، واستخلف عَمْرًا أيضًا؛ يعني: ابن أمِّ مكتوم في حجَّة الوداع، وقُتِل شهيدًا في [5] سبيل الله، فمات ولم يُسمَع له بذكر بعد عمر ... ) إلى أن قال المنذريُّ: (وذكر أبو القاسم البغويُّ: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام استعمله يوم الخندق) انتهى، فيجتمع من مجموع ما ذكرته أنا وما ذكره المنذريُّ أكثرُ من ثلاثَ عشرةَ مرَّةً، والله أعلم.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ [6] تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ ... ) إلى آخره: قال مالك: نزل جبريل بقوله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] قبل أن يجفَّ القلم، فألحق [7] بما في القلم، وذلك مسيرة ألف سنة في هبوطه وعروجه [8]، انتهى ذكره شيخنا في (فضائل القرآن).

قوله: (أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الرَّاء، وفي نسخة: بضَمِّ التَّاء، وفتح الرَّاء، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، ومعنى (ترضَّ): تُكسَر وتُدقُّ.

قوله: (ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ): تَقَدَّم أنَّه مخفَّف ومُثَّقل؛ أي: كُشِف.

(1/5462)

[باب الصبر عند القتال]

(1/5463)

[حديث: إذا لقيتموهم فاصبروا]

2833# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو): هذا هو المُسنديُّ، وذلك لأنِّي رأيت في «الكمال» لعبد الغنيِّ في ترجمة معاوية بن عمرو: أنَّه روى عنه المُسنديُّ، ولم يذكر فيمن أخذ عنه أحدًا اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سواه وإن كان معاوية بن عمرو روى عنه ابن أبي شيبة [1]، وذلك إنَّما روى عنه عند مسلم، قاله ابن طاهر، والله أعلم، وقد تَقَدَّم الكلام على معاوية بن عمرو، وعلى (أَبِي إِسْحَاقَ): أنَّه الفزاريُّ، وهو إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث، أحد الأعلام، وعلى (عَبْدِ اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى)، وهو صحابيٌّ ابن صحابيٍّ، وذكرت اسم أبي أوفى مرارًا، والله أعلم.

[ج 1 ص 717]

قوله: (إنَّ رَسُولَ اللهِ): تَقَدَّم أنَّ همزة (إنَّ) مكسورة على الحكاية، وأنَّه يجوز فتحها.

==========

[1] في (ب): (عنه ابن المسيِّب)، والمثبت هو الصَّواب.

(1/5464)

[باب التحريض على القتال]

(1/5465)

[حديث: اللهم إن العيش عيش الآخره فاغفر للأنصار والمهاجره]

2834# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم قريبًا جدًّا أنَّه المُسنديُّ، وذلك لأنِّي رأيت في «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ في ترجمة معاوية بن عمرو: أنَّه روى عنه المُسنديُّ، ولم يذكر فيمن أخذ عنه أحدًا اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سواه، وتَقَدَّم كلام ابن طاهر، والله أعلم، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو): قَدَّمتُ ترجمته، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث، أبو إسحاق، الفَزاريُّ، و (حُمَيْد): تَقَدَّم [1] ابن تير، وقيل: تيرويه، الطَّويل، وتَقَدَّم الفرق بينه وبين حُمَيد بن هلال عن أنس، والله أعلم.

قوله: (لَمَّا [2] خَرَجَ النَّبيُّ [3] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْخَنْدَقِ): (غزوة الخندق): تَقَدَّم أنَّها في سنة (4 هـ)، قاله ابن عقبة، ويقال: كانت في شوَّال سنة (5 هـ)، قاله ابن إسحاق، وقال ابن سعد: في ذي القعدة، ونزيد هنا: أنَّه كمُل الخندق في ستَّة أيَّام، قاله ابن سعد، وقال غيره: حفر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابُه في الخندق بضعَ عشرةَ ليلة، وقيل: أربعًا وعشرين ليلة، ذكر ذلك ابن سيِّد النَّاس في «سيرته».

قوله: (مِنَ النَّصَبِ): هو بفتح النُّون، والصاد المهملة، وبالموحَّدة: التَّعب.

==========

[1] زيد في (ب): (أنَّه).

[2] (لمَّا): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).

[ج 1 ص 718]

(1/5466)

[باب حفر الخندق]

قوله: (بَابُ حَفْرِ الْخَنْدَقِ): تَقَدَّم أعلاه [1] الكلام في مدَّة حفره؛ فانظره، وتاريخه.

(1/5467)

[حديث: جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة]

2835# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الميمَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وتَقَدَّم أنَّ (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد التَّنُّوريُّ البصريُّ، الحافظ، أبو عبيدة، وتَقَدَّم أنَّ (عَبْد الْعَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ): سيأتي الكلام عليه في (هجرة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 1 ص 718]

(1/5468)

[حديث: لولا أنت ما اهتدينا]

2836# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ، وكذا تَقَدَّم (أَبُو إِسْحَاقَ): أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ.

قوله: (لَوْلَا أَنْتَ؛ مَا اهْتَدَيْنَا): كذا رُوِي، وهو: (تالله لولا أنت).

2837# قوله: (إِنَّ الأُلَى ... ) إلى آخره: ليس يتَّزن هكذا كما رُوِي، وإنَّما هو: (إنَّ الأُلَى هم قد بَغَوا علينا)، قال شيخنا: قال الدَّاوديُّ: وفي رواية: «إنَّ الأعادي قد بَغَوا»، ولا يتَّزن إلَّا بزيادة «هم» أو «قد»، والله أعلم [1].

(1/5469)

[باب من حبسه العذر عن الغزو]

(1/5470)

[حديث: رجعنا من غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم]

2838# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ [1]): تَقَدَّم أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وقَدَّمتُ بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن معاوية الجعفيُّ، أبو خيثمة، وكذا تَقَدَّم (حُمَيْدٌ): أنَّه الطَّويل ابن تير، وقيل: ابن [2] تيرويه.

قوله: (رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ): (تبوك): في رجب في السنة التاسعة من الهجرة، وقولي: في رجب؛ كذا قاله ابن إسحاق، وسيجيء في (تبوك) ما فيه: (ورجع في رمضان)، والله أعلم.

2839# قوله: (كَانَ): يعني: رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (فِي غَزَاةٍ): تَقَدَّم قبيله ما يُرشِد إلى أنَّها تبوك.

قوله: (خَلْفَنَا): هو بإسكان اللَّام.

قوله: (شِعْبًا): تَقَدَّم ما هو.

قوله: (وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (موسى)؛ فهو شيخ البخاريِّ، وهو ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّم الكلام عليه، ولماذا نُسِب، وقد تَقَدَّم أنَّ البخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المُسنَد إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وقد أخرج هذا الحديث أبو داود عن موسى بن إسماعيل، عن حمَّاد بن سلمة، عن حُمَيد _هو الطويل_ عن موسى بن أنس، عن أنس، وقد قَدَّمتُ أنَّ حمَّاد بن سلمة علَّق له البخاريُّ، وروى له مسلم والأربعة، وهو أحد الأعلام، وهو ثقة صدوق يغلط، وليس هو في قوَّة مالك، له ترجمة مُطوَّلة في «الميزان»، وقد قَدَّمتُ غير مرَّةٍ أنَّ حمَّادًا إذا لم يُقيَّد وكان الرَّاوي عنه سليمان بن حرب أو عارم مُحَمَّد بن الفضل؛ فإنَّه يكون ابنَ زيد، وإن كان الرَّاوي عنه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عفَّان أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، و (موسى بن أنس بن مالك): قاضي البصرة، عن أبيه وابن عبَّاس، وعنه: ابن عون وشعبة، ثقة مُقِلٌّ، أخرج له الجماعة، قديم الوفاةِ.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ): يعني: البخاري: (وَالأَوَّلُ [3] عِنْدِي أَصَحُّ)؛ يعني به: حديث حُمَيد عن أنس، وقد تَقَدَّم من أخرج الثاني أعلاه [4]؛ فانظره.

==========

[1] في (ب): (إدريس)، وهو تحريفٌ.

[2] (ابن): ليس في (ب).

[3] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الأوَّل)؛ بغير واو.

(1/5471)

[4] في (ب): (بظاهرها).

[ج 1 ص 718]

(1/5472)

[باب فضل الصوم في سبيل الله]

قوله: (بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللهِ): هل المراد بـ (سبيل الله): الجهاد، كما هو مفهومُ تبويبِ [1] البخاريِّ في هذا الباب وجعله هنا؟ أو المراد أفعال الخيرِ كلُّها، فالجهاد فرد من أفرادها؟ قال ابن دقيق العيد العلَّامة أبو الفتح القشيريُّ في «شرح العمدة»: (الأكثر فيه استعمالُه في الجهاد، ويحتمل أن يريد بـ «سبيل الله»: طاعته كيف كانت، ويُعبَّر بذلك عن صحَّة القصد والنِّيَّة فيه، والأوَّل أقربُ إلى العُرْف، وقد ورد في بعض الأحاديث جعلُ الحجِّ أو سفره في سبيل الله، وهو استعمالٌ وضعيٌّ)، انتهى، وأمَّا النَّوويُّ؛ فلم يتعرَّض لتفسير (سبيل [2] الله) في «شرح مسلم» في هذا الحديث، لكن قال: (قال القاضي عياض في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «من أنفق زوجين في سبيل الله»: قيل: هو على العُموم في جميع وجوه الخير، وقيل: مخصوص بالجهاد، والأوَّل أصحُّ وأظهر)، انتهى، وأقرَّه الشَّيخ محيي الدِّين عليه، والبخاريُّ أخرج الحديث المذكور بعد هذا، وبوَّب عليه: (باب فضل النَّفقة في سبيل الله) في (كتاب الجهاد) أيضًا، وممَّا يدلُّ على أنَّ المراد _والله أعلم_: جميع الطَّاعات ما قاله أبو عبس بن جَبْر، كما ذكره البخاريُّ في (باب المشي إلى الجمعة) عن عباية بن رفاعة: قال: (أدركني أبو عبس وأنا أذهب إلى الجمعة، فقال: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «من اغبرَّت قدماه في سبيل الله؛ حرَّمه الله على النَّار»)، فهذا أبو عبس استدلَّ بذلك على أنَّ سبيلَ الله الطاعةُ من حيث هي، والحديث المذكور في «التِّرمذيِّ» و «النَّسائيِّ» أيضًا، والله أعلم.

[ج 1 ص 718]

(1/5473)

[حديث: من صام يومًا في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار .. ]

2840# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، وكذا تَقَدَّم (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) هذا: أنَّه الأنصاريُّ، و (سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ): ذكوان، تَقَدَّم أنَّ البخاريَّ أخرج له مقرونًا، وهذا المكان هو مقرون بيحيى بن سعيد الأنصاريِّ، وأخرج له مسلم والأربعة، وقد قَدَّمتُ الكلام فيه، وأنَّ [1] ابن معين قال: هو مثل العلاء بن عبد الرَّحمن، وليسا بحجَّة، وقال أبو حاتم: لا يُحتجُّ به، ووثَّقه آخرون، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ): هو بالمثنَّاة تحت، وبالشين المعجمة، والنُّعمان زُرقيٌّ أنصاريٌّ، كنيته أبو سلمة المدنيُّ، واسم والده زيدُ بن الصَّامت، وقيل: زيد بن النُّعمان، وقيل غير ذلك، عن خولة، وأبي سعيد، وجابر، وابن عمر، وعنه: سُمَيٌّ مولى أبي بكر، وسُهَيل بن أبي صالح، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، وطائفة، وثَّقه ابن معين وغيره، وأبوه من جلَّة الأنصار وفرسانهم، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

قوله [2]: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وتَقَدَّم بعض ترجمته.

==========

[1] (أنَّ): سقط من (ب).

[2] (قوله): سقط من (ب).

[ج 1 ص 719]

(1/5474)

[باب فضل النفقة في سبيل الله]

(1/5475)

[حديث: من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة]

2841# قوله: (حَدَّثَنَا [1] سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ): وقع في أصلنا: (سعيد بن حفص)؛ بزيادة ياء، قال ابن قُرقُول في «مطالعه» [2]: («سعد بن حفص: حدَّثنا شيبان»: كذا لهم، وعند القابسيِّ: «سعيد بن حفص»، وهو وَهَم)، انتهى، وما قاله من أنَّه بحذف الياء؛ هو الصَّواب، وأمَّا سعيد بن حفص _بزيادة ياء_؛ فشخص ليس له في «البخاريِّ» شيء، ولا في بقيَّة الكتب إلَّا أنَّ النَّسائيَّ روى له، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تَقَدَّم أنَّه شيبان بن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحو، كذا قاله ابن الأثير، وقد قَدَّمتُ غير مرَّةٍ أنَّ ابن أبي داود وغيره قالوا: إنَّ اسم [3] المنسوب إلى القبيلة يزيدُ بن [4] أبي سعيد، لا شيبان النَّحويُّ هذا، انتهى، وكذا تَقَدَّم (يَحْيَى): أنَّه ابن أبي كَثِير؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا معروف عند أهله، وتَقَدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ [5] فِي سَبِيلِ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الزَّكاة)، وتَقَدَّم الكلام على (سبيل الله) قريبًا جدًّا.

(1/5476)

قوله: (أَيْ فُل): هو بضَمِّ الفاء، ويجوز في اللَّام الفتحُ والضَّمُّ؛ لأنَّه منادى مُرخَّم، وقال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم» في حديث المرباع في أواخر «مسلم»: (إنَّه بإسكان اللَّام، ولفظه هو بضَمِّ الفاء، وإسكان اللَّام؛ ومعناه: يا فلان، وهو ترخيمٌ على خلاف القياس، وقيل: هي لغة بمعنى: فلان، حكاها القاضي)، انتهى، وقال في (الزَّكاة) في «شرح مسلم»: هكذا ضبطناه: (فلُ)؛ بضَمِّ اللَّام، وهو المشهور، ولم يذكرِ القاضي وآخرون غيرَه، وضبطه بعضُهم: بإسكان اللَّام، والأوَّل أصوبُ، قال القاضي: ومعناه: أي فلان، فرَخَّم، ونقل إعرابَ الكلمة [6] في إحدى اللُّغتين في التَّرخيم، وقيل: «فل»: لغة في فلان في غير النّضداء والترخيم)، انتهى، وقال ابن الأثير: (معناه: يا فلان، وليس ترخيمًا؛ لأنَّه لا يقال إلَّا بسكون اللَّام، ولو كان ترخيمًا؛ لفتحوها أو ضمُّوها ... إلى أن قال: وقال قوم: إنَّه ترخيم «فلان»، حُذِفت النُّون؛ للتَّرخيم [7]، والألف؛ لسكونها، وتُفتَح اللَّام وتُضمُّ، على مذهبي التَّرخيم)، انتهى.

قوله: (هَلُمَّ): معناه: أَقبِلْ، وقد تَقَدَّم أنَّ فيها لغتين؛ لغةَ أهل الحجاز: بالإفراد في كلِّ حال، ولغة بني تميم: يُثنَّى ويُجمَع، ويُؤنَّث ويُذكَّر، والأُولى أفصح؛ لمجيء القرآن بها، وهو قوله تعالى: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} [8] [الأنعام: 150]، {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18].

قوله: (لَا تَوَى عَلَيْهِ): هو بفتح المثنَّاة فوق والواو، مقصور، الهلاك، وقال الجوهريُّ: هلاك المال.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثني).

[2] في (ب): (مطابقة)، وهو تحريفٌ.

[3] (اسم): ليس في (ب).

[4] (بن): سقط من (ب).

[5] في هامش (ق): (الزوج في اللغة: الفرد، والاثنان: زوجان، وقوله: «من أنفق زوجين في سبيل الله»: قال الحسنُ البصريّ: يعني: اثنين درهمين، دينارين، ثوبين، وقال غيره: يريد شيئين درهمًا ودينارًا، درهمًا وثوبًا).

[6] في (ب): (الكلمتين).

[7] (للترخيم): سقط من (ب).

[8] زيد في (ب): ({الذين}؛ الآية).

[ج 1 ص 719]

(1/5477)

[حديث: إنما أخشى عليكم من بعدي ما يفتح عليكم .. ]

2842# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وأنَّه [1] ابن سليمان، وأنَّه فرد في الكتب السِّتَّة، وكذا تَقَدَّم (هِلَالٌ): أنَّه ابن أبي ميمونة، وهو هلال بن عليٍّ، عن أنس، وعطاء بن يسار، وأبي سلمة، وعنه: مالكٌ وفُلَيحٌ، وهو هلال ابن أسامة _منسوب إلى جدِّه_ وهلال بن أبي هلال، أخرج له الجماعة، قال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وقال الواقديُّ: مات في آخر خلافة هشام، وكذا تَقَدَّم (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ) مرارًا منها أعلاه [2]: أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (ثُمَّ ذَكَرَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا): هي غضارتها ونعيمها؛ كزهرة النَّبات؛ وهو حسنه، وزهرة الجنَّة: نضرتها وسرورها.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ): هذا (الرَّجل): لا أعرف اسمه، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (أَوَيَأْتِي): هو بفتح الواو؛ لأنَّه استفهام، وقد تَقَدَّم.

قوله: (كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِمِ الطَّيْرَ): (كأنَّ): بتشديد النُّون التي هي مِن أخوات (إنَّ)، و (الطَّير): اسمها، وهو مَنْصوبٌ، وهذا وصف للصَّحابة رضي الله عنهم بالسكون والوقار، وأنَّهم لم يكن فيهم طَيْش ولا خِفَّة؛ لأنَّ الطَّير لا تكاد تقع [3] إلَّا على شيء ساكن.

قوله: (الرُّحَضَاءَ): تَقَدَّم أنَّه بضَمِّ الراء، وفتح الحاء المهملة، وبالضَّاد المعجمة، ممدود؛ وهو عرق الحُمَّى، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّم الكلام [4] عليه، وأنَّ العُرَواء: الحمَّى النَّافض، والبُرحاء: الحمَّى الصَّالبُ، والرُّحَضاء: الحمَّى التي تأخذ بالعروق، والمُطَواء: التي تأخذ بالتَّمطِّي، والثُّؤَباء: التي تأخذ بالتَّثاؤب، قاله الصَّدفيُّ، كما تَقَدَّم نقله عنه.

قوله: (آنِفًا): هو بمدِّ الهمزة وقصرها؛ أي: السَّاعة.

قوله: (أَوَخَيْرٌ هُوَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الواو، على الاستفهام.

[ج 1 ص 719]

قوله [5]: (وَإِنَّهُ كُلُّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ): (إنَّه)؛ بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ.

(1/5478)

قوله: (يَقْتُلُ [6] أَوْ يُلِمُّ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (يَقتل حَبَطًا)، يقال: حبطتِ الدَّابَّة؛ إذا أكلت المرعى حتَّى ينتفخ جوفها فتموت، وقوله: (أو يلمُّ)؛ أي: يقرب من ذلك، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (الزَّكاة)، وكذا (ثَلَطَت [7]): أنَّه بفتح اللَّام وكسرها؛ ومعناه: سلحت، و (الثَّلط): الرَّجيع الخفيف، وكذا قوله: (خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ).

قوله في التبويب: (أَوْ خَلَفَهُ): هو بتخفيف اللَّام، وكذا في الحديث: (وَمَنْ خَلَفَ).

==========

[1] (أنَّه): سقط من (ب).

[2] (أعلاه): ليس في (ب).

[3] في (ب): (لا يكاد يقع).

[4] زيد في (ب): (الكلام)، وهو تكرارٌ.

[5] (قوله): سقط من (ب).

[6] زيد في رواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حَبَطًا)، وسقوطها رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وأبي الوقت.

[7] في هامش (ق): (ثلط؛ بفتح اللَّام في الماضي، وكسرها في المضارع؛ فلينتقب عن الضبط في الأصل، ثمَّ رأيته منقولًا).

(1/5479)

[باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير]

(1/5480)

[حديث: من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا]

2843# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عينٌ ساكنةٌ: عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج، الحافظ المقعَدُ، وتَقَدَّم أيضًا مرارًا (عَبْدُ الْوَارِثِ): أنَّه ابن سعيد التَّنُّوريُّ الحافظ، وكذا تَقَدَّم (الْحُسَيْنُ): أنَّه ابن ذكوان، المُعلِّم البصريُّ الثِّقة، وكذا تَقَدَّم (يَحْيَى): أنَّه ابن [1] أبي كَثِير، وتَقَدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وكذا تَقَدَّم (بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ): أنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وبالسين المهملة، وقد تَقَدَّم مَن يقال له: بُسرٌ في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوَطَّأ»، وهو ابن سعيد هذا، وبسر المازنيُّ والد عبد الله بن بُسر، وبُسر بن عبيد الله الحضرميُّ، وبُسر بن محجن، وقد اختُلِف فيه؛ فذهب مالك والجمهور إلى ما ذكرته من الضَّبط، وقال الثَّوريُّ: بشر؛ بالمعجمة، وقال الدَّراقطنيُّ: إنَّ الثَّوريَّ رجع عنه.

قوله: (وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا): تَقَدَّم أنَّه بفتح اللَّام المخفَّفة؛ أي: صار عوضًا عنه في أهله بخير، وإذا فعل ذلك؛ فله أجرُ غازٍ.

==========

[1] (ابن): سقط من (ب).

[ج 1 ص 720]

(1/5481)

[حديث: إني أرحمها، قتل أخوها معي]

2844# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ) تَقَدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وقد تَقَدَّم لماذا نُسِب، وكذا تَقَدَّم (هَمَّامٌ): أنَّه ابن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ): قال شيخنا: (قال ابن أبي صفرة: كانت أمُّ حرام تسكن بقباء، وقال ابن التِّين: يريد: أنَّه كان يكثر ذلك، وإلَّا؛ فقد دخل على أختها أمِّ حرام، ولعلَّها كانت شقيقةً للمقتول، أو وَجَدَت عليه أكثر من أمِّ حرام)، انتهى، وما قاله ابن أبي صفرة حسنٌ، وليس فيه مجازٌ، والله أعلم.

قوله: (قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي): أعرف لأمِّ سُلَيم أخوين _وهما أخوا أمِّ حرام زوج عبادة بن الصَّامت_ حرام وسُلَيم، وأذكرهما في شهداء بئر معونة إن شاء الله تعالى، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يحضر بئر معونة، فيكون مجازًا، قال شيخنا: (أي: في سبيلي)، انتهى، وقال غيره: معيَّة الصحبة اللَّائقة، وقد قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (إنَّ المراد بأخيها: حرام بن ملحان)، انتهى، وفي هذا الحديث: أنَّ أمَّ سُلَيم ليست بخالته، ولا خالة أبيه، ولا أنَّ بينهما رضاعًا مُحرِّمًا؛ لأنَّه علَّل بالعلَّة المذكورة، ولو كان بينهما محرميَّة؛ لذكرها مفردةً أو مجموعةً مع ما علَّل به، وقد تَقَدَّم الكلام على ذلك، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 720]

(1/5482)

[باب التحنط عند القتال]

قوله: (بَابُ التَّحَنُّطِ): هو استعمال الحَنوط _وهو بفتح الحاء_ ما يُطيَّب به الميِّت من طيب يُخلَط، ويقال: الحِناط؛ بكسر الحاء، وقد ذُكِر، وهكذا يفعله مَن تأهَّب للموت، وكان هذا عادةٌ لجماعة من الصَّحابة رضي الله عنهم في الغزوات.

==========

[ج 1 ص 720]

(1/5483)

[حديث: أتى أنس ثابت بن قيس وقد حسر عن فخذيه وهو يتحنط]

2845# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عون أبو عون، مولى عبد الله بن مُغفَّل المزنيِّ، أحد الأعلام، وأنَّه ليس بابن عون عبد الله بن عون [1] [ابنِ] أميرِ مصر أبي عون عبد الملك، هذا الثاني روى له مسلم والنَّسائيُّ، والله أعلم.

قوله: (ذُكِرَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ): (ذُكِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (يومُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (اليمامة): مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف، وأربعٍ من مكَّة، سُمِّيت باسم جارية زرقاءَ كانت تُبصِر الرَّاكب من مسيرة ثلاثة أيَّام، يقال: أبصر مِن زرقاء اليمامة، فسُمِّيت اليمامة؛ لكثرة ما أُضِيف إليها، والنِّسبة إليها: يماميٌّ، ووقعة اليمامة كانت في ربيع الأوَّل [2] سنة اثنتي [3] عشرةَ في خلافة الصِّدِّيق، استُشهِد بها أربعُ مئة وخمسون من الصَّحابة، وقيل: ستُّ مئة، ثمَّ قُتِل مسيلمة الكذَّاب عن مئة وخمسين سنة، اشترك في قتله جماعةٌ، سأذكرهم في مكانه إن شاء الله تعالى، قال أنس كما في «صحيح البخاريِّ»: (قُتِل بها سبعون من الأنصار)، والله أعلم.

(1/5484)

قوله: (عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَالَ: وَذَكَرَ [4] يَوْمَ الْيَمَامَةِ قَالَ: أَتَى أَنَسٌ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ): (أَتى): فعل ماض مبنيٌّ للفاعل [5]، و (أنسٌ): مَرْفوعٌ فاعله، و (ثابتَ): مَنْصوبٌ مفعول، [ولم يقل في الحديث موسى بن أنس: (حدَّثني أنس)، ولا (أَخْبَرني)، ولا (سمعت)، ولا (عن)، وسيأتي قريبًا تصريحُه فيه بـ (عن أنس) من عند البرقانيِّ، وقوله هنا: (وذكر يوم اليمامة) وأين مولد أنس ويوم اليمامة؟! وهي سنة اثنتي [6] عشرةَ كان أنس _إذ ذاك عمرُه_ اثنتين وعشرين سنة، فقد ذكر موسى واقعةً لم [7] يحضرها، ولا كان وُلد بعد؛ فهي مرسلة هنا، والله أعلم] [8]، [و (ثابت)]: هو ثابت بن قيس بن شمَّاس بن زُهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج أبو مُحَمَّد، وقيل: أبو عبد الرَّحمن خطيبُ الأنصار، شهد أُحُدًا، وقُتِل باليمامة، وهو الذي انقطع في بيته حزينًا، وقال: كنت أرفع صوتي فوق صوت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأنا من أهل النَّار، فرجع إليه الرَّسول ببشارة عظيمة من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: لست من أهل النَّار، ولكنَّك من أهل الجنَّة، وهو الذي رُؤِي في النَّوم بعد قتله، وأجيزت وصيَّتُه بالمنام رضي الله عنه.

قوله: (وَقَدْ حَسَرَ عَنْ فَخِذَيْهِ): أي: كشف.

قوله: (أَنْ لَا تَجِيءَ): كذا في أصلنا على أنَّ (لا) زائدة؛ فـ (تجيءَ): مَنْصوبٌ، وفي نسخة حادثة على هامش أصلنا: (أَلا تجيءُ): (ألا): للاستفتاح، و (تجيءُ) بعد [9]: مَرْفوعٌ؛ لأنَّه لم يتقدَّمْه ناصبٌ ولا جازمٌ.

قوله: (انْكِشَافًا مِنَ النَّاسِ): أي: انهزامًا، اعلم أنَّ الإخباريِّين نقلوا: أنَّ المشركين في اليمامة كانوا أضعاف المسلمين، فالفرار فيها كان مباحًا، وأمَّا ثابت؛ فإنَّه أخذ بالشِّدة في استهلاك النفس في ذاتِ الله، وترك الأخذ بالرُّخصة، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى نُضَارِب الْقَوْمَ): هو بنصب (نُضاربَ) ورفعه.

قوله: (بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ): كذا في أصلنا، وهو الصَّواب، وقد رواه المروزيُّ، والمستملي، والحمُّوي: (بئس ما عوَّدَتْكم أقرانكم)، قال ابن قُرقُول: (وهو وَهَمٌ، والصَّواب: «عودتُّم أقرانكم»، كما لأبي الهيثم والجرجانيِّ، يريد: من الجرأة عليكم والإقدام).

(1/5485)

قوله: (رَوَاهُ حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ): هذا التَّعليق ليس في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: ادَّعى الحُمَيديُّ في «جمعه» أنَّ البرقانيَّ وصله [10] عن العبَّاس بن حمدان بالإسناد عن قَبِيصة بن عقبة، عن حمَّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بلفظ: (انكشفنا [11] يوم اليمامة، فجاء ثابت بن قيس بن شمَّاس، فقال: بئس ما عوَّدتم أقرانكم منذ اليوم)؛ فذكر حديثًا، وذكر مع ذلك كلامًا طويلًا من مُتعلِّقاته، فإن أردته؛ فانظره من «شرحه»، وعزاه أيضًا إلى غيره ... إلى أن قال: قال الحُمَيديُّ: كذا فيما عندنا من كتاب «البخاريِّ» أنَّ موسى بن أنس قال [12]: (أتى أنسٌ ثابتًا)، لم يقل: (عن أنس)، وهو عند البرقانيِّ من حديث موسى بن أنس، عن أبيه قال: (أتيتُ ثابتًا)، وعند ابن سعد ... ؛ فذكره عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس قال: (أتيت على ثابت يوم اليمامة ... ) إلى آخر كلامه، وفيه طولٌ، لكن بفوائدَ.

==========

[1] (عون): سقط من (ب).

[2] (كانت في ربيع الأول): سقط من (ب).

[3] في (ب): (اثني)، ولا يصحُّ.

[4] في (ب): (في ذكر)، وليس بصحيح.

[5] (مبني للفاعل): سقط من (ب).

[6] في (ب): (اثني)، ولا يصحُّ.

[7] في (أ): (لن)، ولعلَّه تحريفٌ.

[8] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله لاحقًا: (وصيته بالمنام رضي الله عنه).

[9] في (ب): (بعده).

[10] في (ب): (ومثله)، وهو تحريفٌ.

[11] في (ب): (تكشفنا).

[12] في (ب): (فإن)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 720]

(1/5486)

[باب فضل الطليعة]

[ج 1 ص 720]

قوله: (بَابُ فَضْلِ الطَّلِيعَةِ): (الطَّليعة): المُتقدِّمة؛ لتطَّلع على أمر العدوِّ، وتشرف على أخباره، وقد تَقَدَّم.

(1/5487)

[حديث: إن لكل نبي حواريًا وحواري الزبير]

2846# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتَقَدَّم أنَّ (سُفْيَان): هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام.

قوله: (مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ يَوْمَ الأَحْزَابِ، قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا) أمَّا (يوم الأحزاب)؛ فهو يوم الخندق، وقد تَقَدَّم تاريخه، وأمَّا قوله: (فقال الزُّبير: أنا)؛ فقد قال ابن سيِّد النَّاس في «سيرته الكبرى» وقد ساق هذا الحديث: كذا في هذا الخبر، والمشهور أنَّ الذي توجَّه؛ ليأتي بخبر القوم حذيفة بن اليماني، كما رُوِّينا عنه من طريق ابن إسحاق وغيره، ثمَّ ساق ذلك، وقد ساقه أيضًا من طريق ابن إسحاق قبل ذكره حديثَ البخاريِّ المذكورَ، وذكره مِن عند ابن عقبة وابن عائذ مختصرًا، انتهى، وكون حذيفة هو الذي أتى بخبر القوم؛ هو في «صحيح مسلم»، أخرجه منفردًا به، والله أعلم، ويحتمل بعثهُما، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا): قال الدِّمياطيُّ: (قال الزَّجَّاج: حواريٌّ: يُنصرِف؛ لأنَّه مُنسوبٌ إلى «حوار»، وليس كـ «بخاتي وكراسي»؛ لأنَّ واحدها: بختيٌّ وكرسيٌّ)، انتهى، والحواريُّ: النَّاصر، وقيل: الخالص، وقيل: الحواريُّون: المجاهدون، وقيل: أصحاب الأنبياء، وقيل: الذين يَصْلُحون للخلافة، حكاه الحربيُّ عن قتادة، وقيل: الأخلَّاء، قاله السُّلميُّ، هذا كلُّه في حواريِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقيل في أصحاب عيسى صلَّى الله عليه وسلَّم [1]: كانوا قصَّارين؛ لأنَّهم يبيِّضون الثِّياب، و (الحَوَر): البياض، وكانوا أولاد قصَّارين، وقيل: صيَّادون، وقيل: الحواريُّون: الملوك، فيصحُّ في الزُّبير صحبته للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ونُصرته، واختصاصه به، وإخلاصه له، وقيل: المُفضَّل عندي كفضل الحُوَّاريِّ في الطعام، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يذهب إلى أنَّه اسم مختصٌّ بالزَّبير؛ لتخصيصه عليه الصَّلاة والسَّلام إيَّاه به [2].

(1/5488)

فائدةٌ: حواريُّوه صلَّى الله عليه وسلَّم كلُّهم من قريش؛ وهم: الخلفاء الأربعة، وحمزة، وجعفر، وأبو عبيدة، وعثمان بن مظعون، وعبد الرَّحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، وطلحة، والزُّبير، ومعظم النَّاس لا يُعرَف بذلك إلَّا الزُّبير فقط، فجملتهم: اثنا عشر شخصًا؛ تسعةٌ من العشرة المشهود لهم بالجنَّة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ليس منهم، وثلاثة خارج العشرة، والله أعلم.

قوله: (وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ): ضبطه المُحقِّقون _كما قاله عياض_ بفتح الياء؛ كـ (مُصْرِخِيَّ) [إبراهيم: 22]، وضبطه أكثرهم: بكسرها، وقد قَدَّمتُ تفسير (الحواريِّ) أعلاه.

(1/5489)

[باب: هل يبعث الطليعة وحده؟]

(1/5490)

[حديث: إن لكل نبي حواريًا وإن حواري الزبير بن العوام]

2847# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): تَقَدَّم أنَّه صدقة بن الفضل المروزيُّ، عن معتمر وابن عيينة، وعنه: البخاريُّ ومُحَمَّد بن نصر المروزيُّ، وكان حافظًا إمامًا ثبتًا، أخرج له البخاريُّ فقط، قال النَّسائيُّ: ثقة، وقال ابن حِبَّان: كان صاحب حديث وسُنَّة، وقال البخاريُّ: مات سنة نَيِّف وعشرين ومئتين، وقال غيره: سنة ستٍّ وعشرين.

قوله: (نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ [1] ... ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ): (ندب)؛ أي: دعاهم فأجابه الزُّبير، والنَّدب أيضًا: الحَثُّ على الشيء.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قَالَ صَدَقَةُ: أَظُنُّهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ).

[ج 1 ص 721]

(1/5491)

[باب سفر الاثنين]

(1/5492)

[حديث: أذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما]

2848# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وقَدَّمتُ شيئًا من ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ): هذا هو عبد ربِّه بن نافع، وهذا هو الصَّغير الحنَّاط، عن ليث بن أبي سُلَيم وعاصم بن بهدلة، وعنه: مُسدَّد وأحمد ابن يونس، صدوق، في حفظه شيءٌ، تُوُفِّيَ سنة (172 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان».

فائدةٌ: أبو شهاب الحنَّاط اثنان؛ أحدهما: الأكبر، واسمه موسى بن نافع الهذليُّ، من أهل الكوفة، يروي عن عطاء بن أبي رَباح، روى عنه: أبو نعيم، ذكر له البخاريُّ حديثًا واحدًا في (كتاب الحجِّ)، والآخر: هذا المذكور هنا الأصغر عبد ربِّه بن نافع المدائنيُّ الحنَّاط، يروي عن يونس بن عبيد، وابن عون، وعاصم الأحول، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، رويا له جميعًا، روى له البخاريُّ في أبوابٍ، حدَّث عنه: أحمد ابن يونس وعاصم بن يوسف، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوحَّدة، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجرميُّ.

قوله: (عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ): تَقَدَّم الكلام عليه في أوائل هذا التَّعليق، وأنَّه ابن عمِّه، وهو ليثيٌّ.

قوله: (فَقَالَ لَنَا أَنَا وَصَاحِبٌ لِي): ذكرتُ مَن هو صاحبُه في أوائل هذا التَّعليق.

==========

[ج 1 ص 721]

(1/5493)

[باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة]

(1/5494)

[حديث: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة]

2850# قوله: (عَنْ حُصَيْنٍ وَابْنِ أَبِي السَّفَرِ [1]): أمَّا (حُصَين)؛ فقد تَقَدَّم أنَّ الأسماء: بالضَّمِّ في الحاء وفتح الصاد المهملتين، إلَّا حُضَين بن المنذر أبا ساسان؛ فإنَّه بالضَّاد المعجمة، وأنَّ الكنى: بالفتح، قال الدِّمياطيُّ: (حُصَين بن عبد الرَّحمن أبو الهذيل الكوفيُّ، انفرد بأخيه سَلْمٍ مسلمٌ، وأمَّا «ابن أبي السَّفَر»؛ فاسمه عبد الله بن يُحمِد، ويقال: أحمد)، انتهى، و (ابن أبي السَّفَر)؛ بفتح السين والفاء، و (يُحمِد): قال الدَّراقطنيُّ: (بضَمِّ الياء، وكسر الميم)، قال: (وأصحاب الحديث يقولون: يَحمِد؛ بفتح الياء)، وقوله في سَلْم: أنَّه انفرد به مسلم؛ يعني: عن البخاريِّ، وقد أخرج له الأربعة، وفيه كلام، وله ترجمة في «الميزان» قبيحةٌ، ومفهوم كلامه: أنَّ حُصَينًا أخرجا له، وهو كذلك، بل قد أخرج له الجماعة السِّتَّة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (ابن أبي السَّفَر): مجرور معطوف على (حُصَين)؛ فاعلمه.

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الشِّين المعجمة، وأنَّ اسمَه عامرُ بن شَراحيل.

قوله: (عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ)، ثمَّ قال في آخره: (عُرْوَةَ بْن أَبِي الْجَعْدِ): وهو كذلك، اختُلِف فيه: هل هو ابن الجَعْد أو ابن أبي الجَعْد البارقيُّ؟

[ج 1 ص 721]

وبارقٌ: بطن من الأزد، صحابيٌّ نزل الكوفة، له أحاديثُ، وعنه: قيس بن أبي حَازم؛ بالحاء المهملة، والشَّعبيُّ، ولُمازة بن زَبَّار، وشبيب بن غرقدة، وسماك بن حرب، وأبو إسحاق، وآخرون، وله أيضًا عن عمر وغيره، قيل: استعمله عمر على قضاء الكوفة، وضمَّ إليه سَلْمانَ بنَ ربيعة قبل أن يستقضي شريحًا، قال الشَّعبيُّ: عروة أوَّل مَن قضى بالكوفة [2]، أخرج له الأئمة السِّتَّة، وأحمد في «المسند»، ولا أعرف تاريخَ وفاته رضي الله عنه.

(1/5495)

قوله: (قَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ [3]: عُرْوَةُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ): (سليمان) هذا: هو ابن حرب، أبو أيُّوب، الواشحيُّ البصريُّ، قاضي مكَّة، تَقَدَّم بعض ترجمته، وقد تَقَدَّم أنَّ سليمان بن حرب شيخ البخاريِّ وأبي داود، وإذا كان كذلك؛ فقوله: (قال سليمان)؛ يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا؛ يعني: أنَّ شعبة رواه عن حُصين وابن أبي السَّفَر عن الشَّعبيِّ: (عن عروة بن الجَعْد)، ورواه سليمان _يعني: ابن حرب، كما تَقَدَّم_ عن شعبة، عن حُصَين: (عروةُ بن الجَعْد).

فالحاصل: أن شعبة اختُلِف عليه؛ فرواه حفص [4] بن عمر [5] عنه: (عروة بن الجَعْد)، ورواه سليمان عنه: (عروة بن أبي الجَعْد)، وقد اختُلِف فيه على الشَّعبيِّ، فرواه [6] حُصَين وابن أبي السَّفَر عنه: (عروة بن الجَعْد)، ورواه حُصَين: (عروة بن أبي الجَعْد)، فاضطرب حصين في روايته عن الشَّعبيِّ: هل هو عروة بن الجَعْد أو ابن أبي الجَعْد؟ وسيأتي الكلام على متابعة مُسدَّد.

قوله: (تَابَعَهُ مُسَدَّدٌ): الضَّمير في (تابعه) يعود على سليمان بن حرب، فرواه مُسدَّد عن هُشَيم [7]_هو [8] ابن بشير_ عن حُصَين _هو ابن عبد الرَّحمن_ عن الشَّعبيِّ؛ وهو عامر بن شَراحيل، فقال أيضًا: (عروة بن أبي الجَعْد)، ومُسدَّد [9] شيخُه وشيخُ أبي داود، فقوله: (تابعه): الظاهر أنَّها مثل: (قال)، فيكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم، وقد روى متابعة مُسدَّدٍ البخاريُّ في (الخمس)، لكن [10] عن مُسدَّد، عن خالد بن عبد الله، عن حُصَين، عن الشَّعْبيِّ به.

(1/5496)

[حديث: البركة في نواصي الخيل]

2851# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، الحافظ، وكذا تَقَدَّم (أَبُو التَّيَّاح): أنَّه بفتح التَّاء المثنَّاة فوقُ، وتشديد المثنَّاة تحت، وفي آخره حاء مهملة، قال الدِّمياطيُّ: (أبو التَّيَّاح لقبٌ، وكنيته أبو حمَّاد، واسمه يزيد [1] بن حُمَيد الضُّبَعيُّ، مات سنة «128 هـ») انتهى.

==========

[1] في (ب): (بريد)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 722]

(1/5497)

[باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر]

(1/5498)

[حديث عروة: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة .. ]

2852# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتَقَدَّم (زَكَرِيَّاءُ): أنَّه ابن أبي زائدة، الهمدانيُّ الوادعيُّ، الحافظ [1]، وكذا تَقَدَّم (عَامِر): أنَّه ابن شَراحيل الشَّعبيُّ، و (عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ) تَقَدَّم قريبًا.

==========

[1] في (ب): (الحفظ)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 722]

(1/5499)

[باب من احتبس فرسًا لقوله تعالى {ومن رباط الخيل}]

قوله: (مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ): (احتبس)؛ أي: وقف، واللُّغة الفُصحى: أحبس، قال الخطَّابيُّ: ويقال: حَبَس؛ مخفَّفًا، وحَبَّس؛ مُشدَّدًا.

==========

[ج 1 ص 722]

(1/5500)

[حديث: من احتبس فرسًا في سبيل الله إيمانًا بالله وتصديقًا بوعده]

2853# قوله: (إِيمَانًا بِاللهِ وَتَصْدِيقًا): تَقَدَّم الكلام على (إيمانًا) وعلى (تصديقًا) في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (فَإِنَّ شِبَعَهُ [1]): هو بفتح الباء؛ وهو نقيضُ الجوع، وهو مصدر من مصادر الطَّبائع، و (الشِّبْع)؛ بإسكانها: ما أشبعك من شيء، وفي أصلنا: الباء مفتوحة وساكنة بالقلم، وعليها: معًا.

قوله: (وَرِيَّهُ): (الرِّيُّ)؛ بكسر الرَّاء، مُشدَّد [2] الياء، ويجوز فتح الرَّاء مع التشديد، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] في (ب): (شعبه)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (مشددة).

[ج 1 ص 722]

(1/5501)

[باب اسم الفرس والحمار]

(1/5502)

[حديث: هل معكم منه شيء؟ قال: معنا رجله. فأخذها النبي فأكلها]

2854# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد، وهذا ظاهرٌ عند أهله معروفٌ، وكذا قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): هو بالحاء المهملة، سلمة بن دينار، تَقَدَّم مرارًا، وكذا قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّم أنَّ (أبا قتادة) اسمه الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: النُّعمان، وقيل: عمرو، فارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم غيرَ مرَّةٍ، وقد تَقَدَّم الكلام على عدم إحرام أبي قتادة ومجاوزته الميقات غير مُحرِم في (الحجِّ).

قوله: (يُقَالُ لَهُ: الْجَرَادَةُ): هو كواحد (الجراد)، معروفٌ.

قوله: (فَعَقَرَهُ): أي: أصابَ مقاتله.

==========

[ج 1 ص 722]

(1/5503)

[حديث: كان للنبي في حائطنا فرس يقال له: اللحيف]

2855# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ): هذا هو الحافظ الكبير الجِهبذ ابن المَدينيِّ.

قوله: (حَدَّثَنِي [1] أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ): (أُبَيٌّ)؛ بضَمِّ الهمزة، وفتح الموحَّدة، وتشديد الياء، و (عبَّاس)؛ بالموحَّدة، وبالسِّين المهملة: ابن سهل بن سعد السَّاعديُّ المدنيُّ، عن أبيه وأبي بكر ابن حزم، وعنه: معن القزَّاز، وابن أبي فُدَيك، وزيد بن الحُباب، وجماعة، قال الدُّولابيُّ: ليس بالقويِّ، انتهى، وضعَّفه ابن معين أيضًا، وقال أحمد: مُنكَر الحديث، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، قال في ترجمته [2] الذَّهبيُّ في «الميزان» _وقد ذكر هذا الحديث الذي هنا_: (كان لرسول الله عليه وسلم فرسٌ خلف حائط يقال له: اللُّحيف)، وفي رواية: (المجيب): كذا أورده الذَّهبيُّ، ثمَّ قال: (قلت: وإن لم يكن بالثبت؛ فهو حسنُ الحديث، وأخوه عبد المهيمن واهٍ).

قوله: (فِي حَائِطِنَا): تَقَدَّم ما (الحائط)؛ وهو البستان.

(1/5504)

قوله: (يُقَالُ لَهُ اللُّحَيْفُ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَقَالَ بَعْضُهُم: اللُّخَيْفُ [3]): و (بعضهم): لا أعرفه [4]، و (اللُّحَيف) الأوَّل: هو بضَمِّ اللَّام، وفتح الحاء المهملة، وفي آخره فاءٌ، والثَّاني كهو إلَّا أنَّه بالخاء المعجمة، قال ابن قُرقُول: (اللُّحَيف: اسم فرس للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، على لفظ التصغير، وضبطناه عن عامَّة شيوخنا، وعند ابن سرَّاج: بفتح اللَّام، وكسر الحاء [5]، على وزن «رَغِيف»، وكذا ذكره الهرويُّ، سُمِّي بذلك؛ لطول ذنبه، فهو بمعنى «فاعل»، كأنَّه يلحف الأرضَ به، قال البخاريُّ: وقال بعضهم: بالخاء [6]_قال بعض الحُفَّاظ المصريِّين في «بعضهم»: هي رواية الواقديِّ عن ابن عبَّاس بسنده المذكور، انتهى_ والأوَّل: هو المعروف، انتهى) [7]، وفي «سيرة ابن سيِّد النَّاس»: (أهداه له ربيعة بن أبي [8] البراء [9])، وفي مكان آخر منها: (ابن البراء)؛ فيحرَّر، فإنِّي لا أعرف هذا الرَّجل بإسلام، وقال النَّوويُّ في «تهذيبه»: (أهداه له ربيعة بن البراء، فأثابه [10] عليه فرائض) انتهى، [زاد شيخنا: (من نعم بني كلاب)] [11]، وقال ابن الأثير في (اللُّخَيف): (ويُروى بالجيم والحاء) انتهى، وذكر في (اللَّام مع الجيم): (اللُّجيف)؛ يعني: بالجيم، قال: (هكذا رواه بعضهم، فإن صحَّ؛ فهو من السُّرعة)، وقال النَّوويُّ في «تهذيبه»: (اللُّحَيف؛ بضَمِّ اللَّام، وفتح الحاء المهملة، وقيل: بالمعجمة، وقيل: النُّحَيف؛ بالنُّون) انتهى، وقال ابن أبي خيثمة في «تاريخه»: (أهداه له فَرْوة بن عمرو الجذاميُّ من أرض البلقاء) انتهى.

فائدةٌ: له عليه الصَّلاة والسَّلام سبعة أفراس مُتَّفق عليها، كما قاله الدِّمياطيُّ الحافظ؛ وهي: سلب [12]، ولُخَيف [13]، وسبحة، وظرِب [14]، ولزاز، ومرتجز، وورد، وقد نظم ذلك ابن جماعة في بيت، فقال: [من البسيط]

~…والخَيْلُ سلبٌ لُحَيفٌ [15] سبحةٌ ظرِبٌ…لزازُ مرتجزٌ وردٌ لها اسْرَارُ

انتهى، وقيل: كانت له أفراس أُخَر غيرها؛

[ج 1 ص 722]

(1/5505)

وهي: الأبلق، حمل عليه بعضَ أصحابِه، وذو العُقَّال؛ بضَمِّ العين المهملة، وبعضهم يُشدِّد قافه، وبعضهم يُخفِّفها؛ وهو ظلع في قوائم الدَّوابِّ، وذو اللِّمة، واللِّمة: بين الوفرة والجُمَّة، فإذا وصل شعر الرَّأس إلى شحمة الأذن؛ فهي وفرة، وإذا زادت حتَّى ألمَّت بالمنكبين؛ فهي لمَّة، فإذا زادت؛ فهي الجُمَّة، وفي «صحاح الجوهريِّ» في ذلك تناقض، وسأذكره إن شاء الله تعالى، والمرتجل، والارتجال: خلط الفرس [16] العَنَق بالهَمْلَجة، وهما ضربان من السَّير، والمِرواح: من الرِّيح؛ لسرعته، والسِّرحان؛ وهو الذئب، وهذيل تسمِّي الأسد بذلك، واليعسوب؛ وهو طائر، وهو أيضًا أمير النَّحل، والسَّيِّد يعسوب قومه، واليعسوف: غرَّة تستطيلُ في وجه الفرس، واليعبوب؛ وهو الفرس الجواد، وجَدْول يعبوب: شديد الجري، والبحر؛ وهو كميت، والأدهم، والشَّحَّاء، من قولهم: فرس بعيد الشَّحوة؛ أي: بعيد الخطوة، والسِّجْل: قال ابن الأثير: (أخاف أن يكون أحدهما تصحيف من الآخر)، ومُلاوح، والطِّرف، والنَّجيب، وذكر السُّهيليُّ في خيله: الضَّريس، وذكر ابن عسكر فيها: مندوبًا، وفي «الجهاد» لابن أبي عاصم: فرس أدهم يقال له: السَّقْب، قاله شيخنا، انتهى، ولعلَّه لغة في سكب [17]، وذلك لأنَّ الكاف والقاف أختان، وقد قرئ: {فَلَا تَقْهَرْ} [الضُّحى: 9] و {تكهر}، و {قشطت} و {كُشِطَتْ} [التكوير: 11]، ويقال: كافور، وقافور، وكُسْت [18]، وقسط، والله أعلم.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثنا).

[2] في النُّسختين: (ترجمة)، ولعلَّه تحريفٌ.

[3] كذا في النُّسختين و (ق)، وعليها فيها علامة الزِّيادة وعلامة رواتها، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وأبي الوقت، وقول أبي عبد الله ليس في رواية «اليونينيَّة».

[4] (وبعضهم لا أعرفه): سقط من (ب).

[5] في (ب): (الخاء)، وهو تصحيفٌ.

[6] في (ب): (بالحاء)، وهو تصحيفٌ.

[7] (والأوَّل هو المعروف): سقط من (ب).

[8] (أبي): سقط من (ب).

[9] زيد في (ب): (فأتابه عليه فرائض، انتهى زاد شيخنا: من نعم بني كلاب).

[10] في (ب): (فأتابه)، وهو تصحيفٌ.

[11] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[12] كذا في النُّسختين، ولعلَّ الصَّواب: (سكب)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[13] في (ب): (ونحيف)، وكلاهما صحيحٌ.

[14] في (ب): (وضرب)، وهو تحريفٌ.

(1/5506)

[15] في (ب): (والخيل سكب نحيف).

[16] زيد في (ب): (من)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[17] في (ب): (سقب)، وهو تحريفٌ.

[18] في (ب): (وكسط).

(1/5507)

[حديث: يا معاذ هل تدري حق الله على عباده وما حق العباد على الله؟]

2856# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): الظَّاهر أنَّه ابن راهويه، ومستندي في ذلك أنِّي رأيت الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» وكذا الذَّهبيُّ في «تذهيبه» ذكرا في ترجمة يحيى بن آدم: أنَّه روى عنه ابنُ راهويه، والله أعلم، وقد تَقَدَّم (أَبُو الأَحْوَصِ): أنَّه [بالحاء والصَّاد المهملتين، وأنَّ اسمه سلَّام _بتشديد اللَّام_ ابنُ سُلَيم؛ بضَمِّ السِّين، وفتح اللَّام، وكذا تَقَدَّم (أَبُو إِسْحَاقَ) هذا: هو السَّبيعيُّ] [1] عَمرو بن عبد الله، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، و (مُعَاذ): هو ابن جبل، تَقَدَّم ببعض ترجمة.

قوله: (كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم أنَّ ابن منده أبا زكريَّا يحيى جمع أردافَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد ذكرت منهم مَن وقفتُ عليه في (كتاب الإِيمان).

قوله: (عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ): هو بضَمِّ العين المهملة _على المشهور، وزعم القاضي عياض أنَّه بالمعجمة، وردَّ عليه أبو عمرو بن الصَّلاح، وقال النَّوويُّ: اتَّفقوا على تغليطِه، ثمَّ اعلم أنَّ عُفَيْرًا مات في حجَّة الوداع فيما قيل، قاله الشَّيخ محيي الدِّين عن ابن الصَّلاح، وهو بضَمِّ العين، كما تَقَدَّم، وأمَّا يعفور؛ فإنَّه طرح نفسه في بئرٍ يومَ مات النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم_[وفتح الفاء، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء، وهو تصغير (أعفر)، أخرجوه عن أصله، كما قالوا في أسود: سويدٍ] [2]، واعلم أنَّ هذا الحمار أهداه له المقوقس، وله عليه الصَّلاة والسَّلام حمار آخر يقال له: يعفور [3]، أهداه له فَرْوة بن عمرو الجذاميُّ، ويقال: إنَّ يعفورًا وعُفَيْرًا واحد، قال ابن قيِّم الجوزيَّة شمس الدِّين: (والظَّاهر أنَّهما واحد)، انتهى، وذُكِر أنَّ سعد بن عُبادة أعطى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حمارًا، فركبه، وفي لفظ بعضهم: ومن الحمير: عُفَيْر، وكان أشهبَ، أهداه له المقوقس، وحمارٌ آخرَ أهداه له فَرْوة الجذاميُّ، وذُكِر أنَّ سعد بن عبادة أعطى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حمارًا، فركبه؛ فهذه ثلاثة [4] حمير.

(1/5508)

فائدةٌ: يعفور: قيل كلَّم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال: (يا رسول الله؛ أنا زياد بن شهاب)، وسيأتي (يزيد بن شهاب، وكان في آبائي ستُّون حمارًا كلُّهم ركبه نبيٌّ، فاركبني أنت)؛ ذكر ذلك السُّهيليُّ في (غزوة بدر) في «روضه»، عن ابن فورك في كتاب «الفُصول»، قال السُّهيليُّ: (وزاد الجوينيُّ في كتاب «الشَّامل» أنَّ [5] النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا أراد أحدًا من أصحابه؛ أرسل هذا الحمار إليه، فذهب حتَّى يضرب الباب برأسه، فيخرج الرجل، فيعلم أنَّه قد أُرسِل إليه، فيأتي النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى كلامه، ثمَّ اعلم أنَّ الذَّهبيَّ ذكر في «ميزانه» مُحَمَّد بن مزيد روى: (عن أبي حذيفة النهديِّ)، ذكر ابن أبي حاتم أنَّه روى عن أبي حذيفة هذا الخبرَ الباطل، عن عبد الله بن حبيب، عن أبي عبد الرَّحمن السُّلميِّ، عن أبي منظور، وكانت له صحبة قال: (لمَّا فتح الله على نبيِّه خيبرَ؛ أصابه من سهمه أربعةُ أزواج خفاف، وعشر أواق ذهب، وحمار أسود، فكلَّم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الحمارَ، فقال: «ما اسمك؟» فقال: يزيد بن شهاب، أخرج الله من نسل جدِّي ستِّين حمارًا كلُّهم لم يركبهم إلَّا نبيٌّ، ولم يبق من نسل جدِّي غيري، ولا مِن الأنبياء غيرك أتوقَّعك أن تركبني، وقد كنت قبلك لرجل من اليهود، وكثيرًا أعثرتُه عمدًا، وكان يُجيع بطني، ويضرب ظهري، فقال له [6] النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «قد سمَّيتك يعفورًا، تشتهي الإناث؟»، قال: لا، وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يركبه في حاجة، فإذا نزل عنه؛ بعث به إلى باب رجل، فيأتي الباب، فيقرعه برأسه، فإذا خرج إليه صاحبُ الدَّار؛ أومأ إليه أن أجبْ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا قُبِض النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ جاء إلى بئر كانت لأبي الهيثم بن التَّيِّهان [7]، فتردَّى فيها، فصارت قبره؛ جزعًا منه على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، قال ابن حِبَّان: (خبرٌ لا أصل له، وإسنادُه ليس بشيء، وقال ابن الجوزيِّ: لعن الله واضعه)، انتهى، ولفظ ابن الجوزيِّ في «موضوعاته»: (لعن الله واضعَه، فإنَّه لم يقصد إلَّا القدح في الإسلام والاستهزاء به، وإسناده ليس بشيء، ولا يجوز الاحتجاج بمُحَمَّد بن مزيد)، انتهى، ورأيت في حاشية على «روض السُّهيليِّ» عند كلام السُّهيليِّ ما قدَّمته عن ابن دحية أنَّه قال: (هذا كلُّه موضوعٌ قصد

(1/5509)

واضعُه _لعنه الله_ القدحَ في الإسلام والاستهزاء به، وهو راويه [8] مُحَمَّد بن مزيد، لا يجوز الاحتجاج به عندهم) انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (قال أبو [9] القاسم _يعني: ابن عساكر_: هذا حديث غريب، وفي إسناده غير واحد مِن المجهولين)، ثمَّ ذكر كلام ابن حِبَّان، انتهى، وقال شيخي [10] العراقيُّ

[ج 1 ص 723]

في «سيرته» [11]:

~…وَكَوْنُهُ كَانَ اسْمُهُ زِيَادَا…أَوْ فَيَزيدُ مُنْكَرًا إِسْنَادًا

(1/5510)

[حديث: ما رأينا من فزع وإن وجدناه لبحرًا]

2857# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّه بُنْدار، مرارًا، وقد قَدَّمتُ ما البُنْدار، وكذا تَقَدَّم (غُنْدرٌ) ضبطًا، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وقَدَّمتُ مَن لقَّبه بذلك.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: مَنْدُوبٌ): تَقَدَّم قريبًا الكلام عليه، وكذا (وَإِنْ وَجَدْنَا [1]): وأنَّ (إِنْ) بكسر الهمزة وإسكان النُّون، وتَقَدَّم الكلام على (لَبَحْرًا) [2]؛ أي: أنَّه شديد الجري واسعُ الخطو، وأنَّه كان فرسًا يُبَطَّأ، فكان بعد ذلك لا يُسبَق.

(1/5511)

[باب ما يذكر من شؤم الفرس]

(1/5512)

[حديث: إنما الشؤم في ثلاثة في الفرس والمرأة والدار]

2858# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا كثيرة [1] أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ؛ فِي الْفَرَسِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ): وفي الرِّواية الآتية: «إن كان في شيء؛ ففي المرأة، والمسكن، والفرس» اختلف العلماء في هذا الحديث، فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأنَّ الدَّار قد يجعل الله سكناها سببًا للضَّرر والهلاك، وكذا اتِّخاذ المرأة المَعِينة أو الفرس قد يحصل الهلاك عنده بقضاء الله؛ ومعناه: قد يحصل الشُّؤم في هذه الثَّلاثة، كما صرَّح به في رواية: «إن كان الشُّؤم في شيء»، وقال الخطَّابيُّ وكثيرون: (هو في معنى الاستثناء من الطِّيَرة؛ أي: الطيرة منهيٌّ عنها إلَّا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس؛ فليفارقِ الجميع بالبيع ونحوه، ويُطلِّق المرأة، وقال آخرون: شؤم الدَّار ضيقُها، وسوء جيرانها، وأذاهم، زاد شيخنا: وألَّا يُسمَع فيها أذان)، انتهى، وشؤم المرأة عدم ولادتها، وسلاطة لسانها، وتعرُّضها للرِّيَب، زاد شيخنا: (قال عروة: أوَّل شؤمها كثرةُ مهرها)، انتهى، وشؤم الفرس ألَّا يُغزَى عليها، وقيل: حِرَانها وغلاءُ ثمنها، وقيل غير ذلك، والله أعلم، ورأيت في كتاب «الخيل» للحافظ الدِّمياطيِّ _وقد قرأتُه أجمع بالقاهرة على الشيخ المسند ناصر الدين الطبردار بسماعه له [2] على الدِّمياطيِّ_ من رواية سالم بن عبد الله مُرسَلًا: (إذا كان الفرس ضروبًا؛ فهو مشؤوم، وإذا كانت المرأة قد عَرفْت زوجًا قبل زوجها، فحنَّت إلى الزَّوج الأوَّل؛ فهي مشؤومة، وإذا كانت الدار بعيدةً من المسجد لا يُسمَع فيها الأذانُ والإقامة؛ فهي مشؤومة)، وإسناده ضعيف، قال شيخنا الحافظ العراقيُّ، ووصله صاحبُ «مسند الفردوس» بذكر ابن عمر فيه، وللطَّبرانيِّ من حديث أسماء بنت عُمَيس قالت: يا رسول الله؛ ما سوءُ الدَّار؟ قال: «ضيق ساحتها، وخبث جيرانها» قيل: فما سوء الدَّابَّة؟ قال: «منعها ظهرَها، وسوءُ خلقها» قيل: فما سوء [3] المرأة؟ قال: «عقم نسلها، وسوء خلقها»، وسندُه ضعيفٌ.

(1/5513)

فائدةٌ: قال شيخنا: (وكانت عائشة [4] تنكر الشُّؤم، وتقول: إنَّما حكاه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أهل الجاهليَّة وأقوالهم، ومقتضى كلامِه: أن يكون هذا في «الحلية» لأبي نعيم، ثمَّ ذكر _يعني: أبا نعيم_ بإسناده إلى أبي حسَّان: أنَّ رجلين دخلا على عائشة رضي الله عنها، فقالا: إنَّ أبا هريرة يُحدِّث أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال: إنَّما الطِّيَرة في المرأة، والدار، والدَّابَّة)؛ فذكرت كلمة معناها: غلط، ولكن كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: كان أهل الجاهليَّة تقول الطِّيَرة في ذلك) انتهى، ثمَّ ذكر بعده بقليل أنَّ ابن التِّين قال: (وقيل: إنَّ الراوي لم يسمع أوَّل الحديث، وهو «الجاهليَّة تقول: الشُّؤم في ثلاث ... »، فحكى ما سمع) انتهى، ونقل شيخنا [5] في «الطِّبِّ» عن ابن الجوزيِّ قال: (غلَّطتْ عائشةُ على مَن روى هذا الحديث، وقالت: إنَّما كان أهل الجاهليَّة تقول: الطِّيَرة في كذا وكذا، وهو ردٌّ لصريح رواية الثِّقات، والصَّحيح أنَّ المعنى: إن خيف في شيء أن يكون سببًا لما يُخاف شرُّه ويُتشاءَم؛ فهذه الأشياء، لا على السَّبيل الذي يظنُّه أهل الجاهليَّة من الطِّيَرة والعدوى) انتهى.

فائدةٌ ثانيةٌ: رأيت في «المستدرك» للحاكم في (سورة الحديد): أنَّ عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «كان أهل الجاهليَّة يقولون: إنَّما الطِّيَرة في المرأة، والدَّابَّة، والدَّار»، ثمَّ قرأت: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22] صحيحٌ، وأقرَّه عليه الذَّهبيُّ [6] في «تلخيصه».

ثالثةٌ: ذكر ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب»: حكيم بن معاوية النُميريَّ، قال البخاريُّ: في صحبته نظر، قال ابن عبد البَرِّ: (كلُّ مَن جمع في الصَّحابة ذكره فيهم، وله أحاديثُ منها: أنَّه سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «لا شؤمَ وقد يكون اليُمْن في الدَّار، والمرأة، والفرس» [7]، وهو في «التِّرمذيِّ» من حديثه: «لا شؤمَ وقد يكون اليُمن في الدَّار، والمرأة، والفرس»، ورواه ابن ماجه، فسمَّاه مخمر [8] بن معاوية، وهو حديث ضعيف) انتهى [9].

(1/5514)

رابعةٌ: ذكر السِّلَفيُّ [10] الحافظ في «الطُّيوريَّات» من الجزء العشرين في حديث مسلسل بالسؤال بإسناده إلى سالم بن عبد الله عن أبيه: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال: [«الشُّؤم في ثلاث ... »؛ فذكرهنَّ، فذكر بسنده إلى سالم قال: سألت أبي عن معنى هذا الحديث، وقد صحَّ عنه عليه السَّلام أنَّه قال] [11]: «البركة في ثلاث؛ في الدَّار، والمرأة، والدَّابَّة»، فقال أبي: سألت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن معنى هذا الحديث، وقد سمعناك تقول: «البركة في ثلاث؛ في [12] الفرس، والمرأة، والدَّار»، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «إذا كان الفرس ضروبًا؛ فهو مشؤوم، وإذا كانت المرأة قد عرفت زوجًا قبل زوجها، فحنَّت إلى الزَّوج الأوَّل؛ فهي مشؤومة، وإذا كنَّ بغير هذا الوصف؛ فهي مباركات»، كذا في النُّسخة التي نقلت منها، ولعلَّه سقط بعد «المرأة؛ فهي مشؤومة» ما ذكرتُه عن كتاب «الخيل» للدِّمياطيِّ، وهو «وإذا كانت الدار بعيدةً من المسجد لا يُسمَع فيها الأذان والإقامة؛ فهي مشؤومة»، والله أعلم.

==========

[1] (كثيرة): سقط من (ب).

[2] (له): سقط من (ب).

[3] في (ب): (شؤم)، والمثبت موافقٌ لما في الطَّبراني».

[4] زيد في (ب): (رضي الله عنها).

[5] زيد في (ب): (عن ابن التِّين)، وهو تكرارٌ.

[6] زيد في (ب): (عليه)، وهو تكرارٌ.

[7] زيد في (ب): (انتهى).

[8] في (ب): (مُحَمَّد)، وهو تحريفٌ.

[9] في (ب): (قوله).

[10] في (ب): (السليقي)، وهوتحريفٌ.

[11] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[12] (في): سقط من (ب).

[ج 1 ص 724]

(1/5515)

[حديث: إن كان في شيء ففي المرأة والفرس والمسكن]

2859# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ): تَقَدَّم مرارًا [1] أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّه سلمة.

(1/5516)

[باب: الخيل لثلاثة]

(1/5517)

[حديث: الخيل لثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر]

2860# قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ اسمه ذكوان.

قوله: (فِي طِيَلِهَا): تَقَدَّم الكلام فيه ضبطًا ومعنًى.

قوله: (كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ): (حسناتٍ): مَنْصوبٌ خبر (كان)، وعلامة النَّصب فيه الكسرة، وكذا التي بعد هذا في هذا الحديث.

قوله: (فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ): تَقَدَّم الكلام على (استنَّت)، وعلى الشَّرَف، وكذا (نِوَاء): ضبطًا ومعنًى، وأنَّه بكسر النُّون، ممدودٌ، وكذا على (الْفَاذَّة): وأنَّه بالذَّال المعجمة، ومعناه: الفَرْدَة.

==========

[ج 1 ص 724]

(1/5518)

[باب من ضرب دابة غيره في الغزو]

(1/5519)

[حديث: من أحب أن يتعجل إلى أهله فليعجل]

2861# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ): هو بفتح العين وكسر القاف، قال الدِّمياطيُّ: (بشير بن عقبة الدَّورقيُّ النَّاجيُّ)، انتهى، و (بشير)؛ بفتح الموحَّدة وكسر الشِّين المعجمة: أبو عَقيل الدَّروقيُّ، يروي عن مجاهد والحسن، وعنه: القطَّان، ومسلم بن إبراهيم، وعدَّة، ثقة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وثَّقه ابن معين وغيرُه.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ): قال الدِّمياطيُّ: (عليُّ بن داور، وقيل: داود النَّاجيُّ)، انتهى، قد تَقَدَّم بعض ترجمة أبي المُتوكِّل، و (النَّاجيُّ): بالنُّون والجيم، مُشدَّد الياء، وهذا معروف عند أهله.

[ج 1 ص 724]

قوله: (سَافَرْتُ مَعَهُ [فِي] بَعْضِ أَسْفَارِهِ، قَالَ أَبُو عَقِيلٍ: لَا أَدْرِي غَزْوَةً أَوْ عُمْرَةً): فذكر قصَّة بيع الجمل، (تَقَدَّم غير مرَّةٍ أنَّ قصَّة بيع الجمل) [1] علَّق البخاريُّ فيما تَقَدَّم أنَّها في تبوك، وقد قَدَّمتُ أنَّ ابن سيِّد النَّاس ذكرها _والظاهر أنَّه مِن عند ابن إسحاق_ في ذات الرِّقاع، وسيأتي في (باب الصَّلاة إذا قدم من سفر) قبل (فرض الخمس): (فلمَّا قدم صرار ... )؛ الحديث، و (صرار): مكانٌ قريبٌ من المدينة من ناحية العراق، وفي «مسلم»: (رجعنا من مكَّة إلى المدينة)؛ فذكر بيع الجمل، والله أعلم.

قوله: (عَلَى جَمَلٍ لِي أَرْمَكَ): هو بفتح الهمزة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ ميم مفتوحة، ثمَّ كاف، وهو الذي في لونه كُدُورة؛ قاله ابن الأثير، وفي «المطالع»: (هو الأورق، وقيل: الرُّمْكَة: لون الرَّماد، ويقال: أَرْبَك؛ بالباء أيضًا، والميم أشهرُ) انتهى.

قوله: (لَيْسَ فِيهِ شِيَةٌ): (الشِّيَة): بكسر الشِّين المعجمة، ثمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث؛ مثل قوله تعالى: {لَا شِيَةَ فِيهَا} [البقرة: 71]؛ أي: لون يخالف سائر الألوان، وهو من وشيت الثوب أصلها: وشية، وقال نفطويه: الشِّيَة: اللَّون.

قوله: (إِذْ قَامَ عَلَيَّ)؛ معناه: وقف من الإعياء والكلال، قال تعالى: {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} [البقرة: 20]، أي: وقَفُوا.

قوله: (فَضَرَبَهُ بِصَوْتِهِ): كذا في أصلنا، وصوابه: بسَوطِه [2]، وهذا ظاهرٌ لا شكَّ فيه.

قوله [3]: (فِي طَوَائِفِ أَصْحَابِهِ): (طوائف): جمع غير منصرف، لكنَّه هنا أُضِيف؛ فانجرَّ بالكسرة على القاعدة.

(1/5520)

قوله: (فِي نَاحِيَةِ الْبَلَاطِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتخفيف اللَّام، وبالطَّاء المهملة، وتَقَدَّم أنَّ (البلاط) بين المسجد والسُّوق بالمدينة.

قوله: (فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَوَاقٍ): كذا هنا، وفي صحَّته نظرٌ، والجادَّة: أواقيَّ؛ بتشديد الياء وتُخفَّف، وقد تَقَدَّم أنَّ (الأوقية): أربعون درهمًا، وأنَّ (النَّشَّ): عشرون درهمًا.

قوله: (قَالَ: الثَّمَنُ وَالْجَمَلُ لَكَ): سيأتي ما الحكمة في ذلك في جمعه لجابر عليه الصَّلاة والسَّلام بين الثَّمن والمثمَّن إن شاء الله من عند السُّهيليِّ.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ب).

[2] كذا هي في «اليونينيَّة» على الصَّواب.

[3] (قوله): سقط من (ب).

(1/5521)

[باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل]

قوله: (وَقَالَ رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ): الظاهر أنَّه الحمصيُّ، يروي عن ثوبان، وسعد بن أبي وقَّاص، وعوف بن مالك، وعتبة بن عبدٍ، ومعاوية وشهد معه صفِّين، وجماعةُ، وعنه: أحوص بن حكيم، وثور بن يزيد، وصفوان بن عمرٍو، وحَزِير بن عثمان، وغيرهم، وثَّقه ابن معين وأبو حاتم، وقال أحمد: لا بأس به، قال ابن سعد: ثقةٌ، مات في خلافة هشام سنة ثمان ومئة، وقال أبو خليفة، وأبو عبيد، وغيرهما: تُوُفِّيَ سنة (113 هـ)، وكان من علماء التَّابعين، وأعيانهم ببلده، وشذَّ ابنُ حزم، فقال: ضعيف، وقال الدَّراقطنيُّ: يُعتبَر به لا بأس به، انتهى، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وأرَّخ وفاته لسنة [1] (113 هـ)، أخرج له البخاريُّ في «الأدب المفرد» والأربعةُ.

قوله: (لأَنَّهَا أَجْرَى): كذا في أصلنا، من الجَري، وقد رأيته في نسخة صحيحة مُعتَلًّا ومهموزًا، من الجري والجُرْأَةِ، وفيها: (وأحسن من الحُسن)، وفي هامش أخرى عتيقة: (أخشن)؛ بالخاء والشين المعجمتين، والنُّون عوض (أجرى)، وقد حلَّه شيخنا على أنَّه مِن الجرأَة.

==========

[1] في (ب): (بسنة).

[ج 1 ص 725]

(1/5522)

[حديث أنس: ما رأينا من فزع وإن وجدناه لبحرًا]

2862# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاري_ في مواضعَ من الكتاب: «حدَّثنا أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك: قال أبو عبد الله النَّيسابوريُّ_ يعني: الحاكم_: هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ، يكنى أبا العبَّاس، يُلقَّب مِرْدويه، وقال أبو الحسن الدَّراقطنيُّ: أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك: هو أحمد بن مُحَمَّد بن ثابت، يُعرَف بابن شَبُّويه) انتهى، وشيخنا لخَّص [1] كلام الجيَّانيِّ، والمِزِّيُّ لم يُنبِّه عليه أصلًا.

قوله: (يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ): تَقَدَّم معناه، وكذا (وَإِنْ وَجَدْنَاهُ): (إنْ) بكسر الهمزة وسكون النُّون، نافية؛ أي: ما وجدناه، وتَقَدَّم الكلام على (بَحرًا)؛ أي: شديد الجري، واسع الخطو.

قوله: (قَالَ مَالِكٌ: يُسْهِمُ للخَيْلِ وَالبَرَاذِينِ مِنْهَا) [2]: (البراذين): مَرْفوعٌ مبتدأ، والجارُّ والمجرور الخبرُ، والبراذين: واحدها: بِرْذَوْن [3]؛ بكسر الموحَّدة، وإسكان الراء، ثمَّ ذال معجمة مفتوحة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ نون، وهذا ظاهرٌ، ثمَّ اعلم أنَّ الفرس إن كان أبواه عربيَّين؛ فهو عتيقٌ، أو أعجميَّين؛ فهو بِرْذَوْن، وإن كان أبوه عربيًّا وأمُّه أعجميَّة؛ فهو هَجِين، وإن كان بالعكس؛ فهو مُقْرِف.

==========

[1] في (ب): (يخص)، وهو تحريفٌ.

[2] كذا في النُّسختين و (ق)، وقول مالك جاء في «اليونينيَّة» بعد حديث عبيد بن إسماعيل، وعليه علامة تقديم وتأخير من رواية أبي ذرٍّ.

[3] في (ب): (برذن)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 725]

(1/5523)

[باب سهام الفرس]

(1/5524)

[حديث: أن رسول الله جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهمًا]

2863# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا تَقَدَّم (عُبَيْد اللهِ): أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.

==========

[ج 1 ص 725]

(1/5525)

[باب من قاد دابة غيره في الحرب]

(1/5526)

[حديث: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب]

2864# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): هذا هو السَّبيعيُّ عمرو بن عبد الله، تَقَدَّم مرارًا.

قوله: (قال: قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ [1]: أَفَرَرْتُمْ [2] يَوْمَ حُنَيْنٍ): هذا (الرَّجل) لا أعرفه غير أنَّه من قيس، كما وقع في (المغازي) من «البخاريِّ».

قوله: (أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ ... ) إلى آخره: سيأتي الكلامُ عليه في (غزوة حُنين) إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ [3]): (إنَّه): بكسر الهمزة، ثمَّ اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان له بغلةٌ شهباءُ، يقال لها: الدُّلدُّل أهداها له المقوقس،

[ج 1 ص 725]

وبغلةٌ يقال لها: فضَّة، أهداها له فروة بن عمرو الجذاميُّ، فوهبها لأبي بكر، وبغلةٌ أهداها له ابن العَلماء صاحب أيلة، وبعث صاحب دومة الجندل إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ببغلة، وقيل: أهدى له كسرى بغلةً، ولا يَثبُتُ، وقد روى الحاكم في «المستدرك» بإسناده إلى ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: (أُهدِي إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بغلةٌ، أهداها له كسرى، فركبها بحبل من شعر، ثمَّ أردفني خلفه ... )؛ الحديث، قال الحاكم: (لم يُخرِّجِ الشيخان ابنَ خراش؛ يعني: شهاب بن خراش، ولا القدَّاح؛ يعني: عبد الله بن ميمون القدَّاح)، قال الذَّهبيُّ في «تلخيص المستدرك»: (لأنَّ القدَّاح قال أبو حاتم: متروكٌ، والآخر: مُختَلف فيه، وعبد الملك _يعني: ابن عُمير_ لم يسمع من ابن عبَّاس فيما أُرَى) انتهى، وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (أهدى النَّجاشيُّ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بغلةً، فكان يركبها)، فهذه ستُّ بغلات، وذكر بعضهم خمسًا، ولم يذكر بغلةَ كسرى، ولفظ مغلطاي الحافظ في «سيرته الصُّغرى»: (ومِن البغال: دُلدُل، وفضَّة، والتي أهداها له ابن العَلماء، والأيليَّة، وبغلة أهداها له كسرى، وأخرى من دومة الجندل، وأخرى من عند النَّجاشيِّ؛ فهنَّ سبعٌ).

(1/5527)

فائدةٌ هي تنبيهٌ: البغلة التي ركبها يوم حُنَين هي فضَّة، وهي التي أهداها له فروة بن نفاثة [4]؛ كذا قاله ابن سيِّد النّضاس [في «سيرته»، وفي كلام السُّهيليِّ معناه، ورأيته أيضًا كذلك في كلام السُّهيليِّ، ولفظه: (والبغلة التي كان عليها يومئذٍ _يعني: يوم حُنَين_ هي التي تُسمَّى: الشَّهباء، وهي التي أهداها إليه فروة بن نفاثة)] [5]، وفي كلام بعضهم في سيرته في (غزوة حُنين): (وركب بغلة تُسمَّى: الدُّلدُّل)، وكذا سمَّاها النَّوويُّ في «شرح مسلم» في (غزوة حُنَين)، ولفظه: (قال العُلماء: لا يُعرَف له عليه الصَّلاة والسَّلام بغلةٌ سواها ... ) إلى آخر كلامه، وفي هذا «الصَّحيح»: (أنَّه كان على بغلته البيضاء)، وكذا في «مسلم»، وفي «مسلم» أيضًا: (أهداها له فروة بن نفاثة، كما صرَّح به العبَّاس بن عبد المطَّلب)، وهذا يردُّ أنَّها الدُّلدُّل؛ لأنَّ الدُّلدُّل أهداها له المقوقس، وفروة أهدى له فضَّة، وقال شيخنا: واختُلِف في لون البغلة التي كانت تحته يومئذٍ؛ يعني: يوم حُنَين، ففي «مسلم»: (كانت بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة)، وفي لفظ: (كانت شهباء)، وعند ابن سعد: (كان راكبًا دُلدُلَ التي أهدى له المقوقس، فيجوز أن يكون ركوبه مُتعدِّدًا بعد أن نزل)، انتهى.

قوله: (وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا): (أبو سفيان): هذا هو ابن الحارث بن عبد المطَّلب، واسمه المغيرة، قاله إبراهيم بن المنذر، والزُّبير بن بكَّار، وابن الكلبيِّ، وقيل: اسمه كنيته، وهو ابن عمِّه صلَّى الله عليه وسلَّم، وأخوه مِن الرَّضاعة، تُوُفِّيَ سنة عشرين، وقال ابن عبد البَرِّ: المغيرة بن الحارث بن عبد المطَّلب: هو أخو أبي سفيان، وهذا وَهَمٌ، انتهى، قال السُّهيليُّ في (غزوة الفتح) من «الرَّوض»: (وقيل: اسمُ أبي سفيان المغيرةُ، وقيل: بل المغيرةُ أخوه، قال القتبيُّ: إخوته: المغيرة، ونوفل، وعبد شمس، وربيعة بنو الحارث بن عبد المطَّلب) انتهى.

قوله: (وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... ) إلى آخره: سيأتي الكلام عليه في (غزوة حُنين) إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُما).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ).

(1/5528)

[3] في هامش (ق): (كان للنَّبيِّ عليه السلام بغلة شهباء يقال لها: الدلدل، أهداها له المقوقس، وبغلة يقال لها: فضة، أهداها له فروة بن عمرو الحذامي فوهبها، وبغلة أهداها له ابن العلماء صاحب إيلية، وبعث صاحب دومة الجندل لرسول الله ببلغة، وقيل: أهدى له كسرى بغلة ولا يثبت، وهذه البعير التي ركبها يوم حنين هي فضة، كذا في كلام السهيلي بمعناه، وكذا أيضًا في «سيرة أبي الفتح اليعمري»، وفي سيرة بعضهم: أنَّها الدلدل، وكذا في كلام بعضهم أيضًا).

[4] في (ب): (نعامة)، وهو تحريفٌ.

[5] ما بين معقوفين سقط من (ب).

(1/5529)

[باب الركاب والغرز للدابة]

قوله: (بَابُ الرِّكَابِ وَالْغَرْزِ لِلدَّابَّةِ): (الغَرْز): بفتح الغين المعجمة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ زاي، وهو ركابُ كور البعير إذا كان من جلد أو خشب، وقد تَقَدَّم.

==========

[ج 1 ص 726]

(1/5530)

[حديث: أن النبي أنه كان إذا أدخل رجله في الغرز واستوت به]

2865# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا تَقَدَّم (عُبيد الله) قريبًا.

قوله: (أَهَلَّ): تَقَدَّم أنَّ (الإهلال): رفعُ الصَّوت بالتَّلبية، يقال: هلَّ، و (أهلَّ) أفصح.

قوله: (مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ): تَقَدَّم الكلام على [1] (الحليفة) ضبطًا، وعلى بُعدها من المدينة المُشرَّفة.

==========

[1] زيد في (ب): (ذي).

[ج 1 ص 726]

(1/5531)

[باب ركوب الفرس العري]

(1/5532)

[حديث أنس: استقبلهم النبي على فرس عري]

2866# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد بن درهم، تَقَدَّم.

قوله: (عَلَى فَرَسٍ عُرْيٍ [1]): تَقَدَّم أنَّ هذا الفرس استعاره من أبي طلحة، وأنَّه: مندوب.

==========

[1] في (ب): (عربي)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 726]

(1/5533)

[باب الفرس القطوف]

قوله: (بَابُ الْفَرَسِ الْقَطُوفِ [1]): هو بفتح القاف، وبالطاء المهملة، وفي آخره فاء، وهو متقارب الخُطو بسرعة، وهو من عيوب الدَّوابِّ، وقيل: هو البطيءُ الخطوة، وهو يرجع إلى معنًى واحدٍ؛ لأنَّ سرعته تقارُبَ خطوِه ليستْ بمُوجِبة لسُرعة مشيه.

==========

[1] في هامش (ق): (القطوف: هو ضيق الخطوة).

[ج 1 ص 726]

(1/5534)

[حديث: أن أهل المدينة فزعوا مرة فركب النبي فرسًا]

2867# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي عَروبة، أبو النَّضر، البصريُّ.

تنبيهٌ: تَقَدَّم أنَّ شيخنا في «القاموس» قال: (وابن أبي العروبة باللَّام، وتركها لحنٌ أو قليلٌ) انتهى.

تنبيهٌ آخرُ: مَن يقال له: سعيد وروى عن قتادة عن أنس في الكتب السِّتَّة أو بعضها: سعيدُ بن بشير [1]، وسعيد بن أبي عَرُوبة هذا، (وهو أكثرهم روايةً عن قتادة عن أنسٍ) [2]، وسعيد بن أبي هلال، وقد تَقَدَّم هذا.

قوله: (فَرَسًا لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه: مندوب.

قوله: (كَانَ يَقْطِفُ): هو في أصلنا بفتح أوَّله، وكسر ثالثه، وإنَّما هو بضَمِّ ثالثه في المستقبل، وفتحها في الماضي، والمنقول فيه الضَّمُّ في المستقبل، كما نصَّ عليه الزمخشريُّ في «مُقدِّمته» في (فَعَلَ _بفتح العين_ يفعُل)؛ بضمِّها، والله أعلم، ورأيت بعضهم حكاه بالكسر والضَّمِّ.

قوله: (أَوْ [3] فِيهِ قِطَافٌ): هو بكسر القاف، وقد تَقَدَّم معناه أعلاه.

قوله: (وَجَدْنَا فَرَسَكُمْ هَذَا بَحْرًا): تَقَدَّم معناه قريبًا وبعيدًا.

==========

[1] في (ب): (كثير)، وهو تحريفٌ.

[2] ما بين قوسين سقط من (ب).

[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (كان).

[ج 1 ص 726]

(1/5535)

[باب السبق بين الخيل]

قوله: (بَابُ السَّبْقِ بَيْنَ الْخَيْلِ [1]): هو بإسكان الموحَّدة، وهو المصدر [2]، وأمَّا السَّبَق _بفتحها_؛ فهو الخطر الذي يُوضَع بين أهل السِّباق، وأوضح مِن هذه العبارة ما يجعل من المال رهنًا على المسابقة، ومنه حديث أبي هريرة: «لا سَبَق إلا في خفٍّ، أو حافر، أو نصلٍ» رواه الأربعة، وصحَّحه ابن حِبَّان، وحسَّنه التِّرمذيُّ، قال ابن الصَّلاح: وهو حسن الإسناد، قال: والرواية الصَّحيحة فيه: «لا سبَق»؛ بفتح الباء.

تنبيهٌ:

[ج 1 ص 726]

زاد في هذا الحديث _أعني: حديث أبي هريرة: «لا سبَق ... »؛ الحديث_ غياثُ بن إبراهيم، فقال: (أو جناح)، وضع ذلك للمهديِّ، وكان المهديُّ يلعبُ بالحمام، فتركها بعد ذلك، وأمر بذبحها، وقد ذكروا ذلك في ترجمة غياث بن إبراهيم.

فائدةٌ: سابق صلَّى الله عليه وسلَّم بين الخيل في سنة خمس من الهجرة، قاله أبو الفتح بن سيِّد النَّاس في «سيرته»، في (الحوادث)، وقد تَقَدَّم.

(1/5536)

[حديث: أجرى النبي ما ضمر من الخيل من الحفياء إلى ثنية الوداع]

2868# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): هو بفتح القاف وكسر الموحَّدة، وقد تَقَدَّم ذلك مرارًا، وهو ابن عقبة تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، وتَقَدَّم (عُبيد الله) أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.

قوله: (مَا ضُمِّرَ مِنَ الْخَيْلِ): (ضُمِّر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وسيأتي قريبًا الكلام على تضمير الخيل.

قوله: (مِنَ الْحَفْيَاءِ [1] إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ): (الحَفْياء): بفتح الحاء المهملة، ثمَّ فاء ساكنة، وفي آخره همزةٌ ممدودةٌ، ويُقصَر، قال سفيان _كما سيأتي في هذا الحديث_: (بين الحَفْياء إلى ثنيَّة خمسةُ أميال أو ستَّة) انتهى، وقال ابن عقبة: (ستَّة أو سبعة)، وسيجيء أيضًا في هذا «الصَّحيح» ما ذكرته عن موسى بن عقبة عنه، وضبط بعضهم (الحُفيا)؛ بضَمِّ الحاء والقصر، وهو خطأ، كما قاله ابن قُرقُول، وقال ابن الأثير: (الحَفْياء؛ بالمدِّ والقصر: موضع بالمدينة على أميال، وبعضُهم يُقدِّم الياء على الفاء) انتهى.

قوله: (إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ): (ثنيَّة الوداع): الثنيَّة: الطَّريق في الجبل، وأمَّا إضافتها إلى (الوداع)؛ فاختُلِف فيه، كما قاله في «المطالع» قال: (لأنَّه موضع وداع المسافرين من المدينة إلى مكَّة، وقيل: إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ودَّع بها بعض مَن خلَّفه بالمدينة في آخر خرجاته، وقيل: بعض سراياه المبعوثة عنه، وقيل: الوداع: اسم واد بمكَّة، حكاه ابن المُظفَّر، وزعم أنَّ إماء أهل مكَّة قلنه في رجزهم عند لقاء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يوم الفتح، وهذا خلف [2] للمعلوم المشهور من أنَّ نساء المدينة ارتجزنه عند ورود النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة، وهو اسم قديم جاهليٌّ لهذه الثنيَّة؛ لأنَّه موضع للتَّوديع، كما تَقَدَّم) انتهى، وسيجيء، وفي هذا نظر، وسيأتي في (غزو ة تبوك) ما يردُّ هذا، وهو أن ثنيَّة الوداع من جهة الشَّام لا يراها القادم من مكَّة ولا يمرُّ بها إلَّا إذا توجَّه إلى الشَّام، والله أعلم.

(1/5537)

قوله: (وقَالَ عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ [3]: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ [4] اللهِ): إنَّما أتى بهذا التَّعليق؛ لأنَّ فيه تصريحَ سفيان _وهو ابن سعيد بن مسروق الثوريُّ_ بالتحديث؛ لأنَّه عنعن في الأوَّل، وهو مُدَلِّس، وعبد الله: الراوي عنه [5] هو ابن الوليد، والله أعلم.

قوله: (خَمْسَةُ أَمْيَالٍ): (الأميال): واحدها: ميل، وقد ذكرت سبعة أقوال في قدره؛ فانظره في (القصر).

(1/5538)

[باب إضمار الخيل للسبق]

قوله: (بَابُ إِضْمَارِ الْخَيْلِ لِلسَّبْقِ): ذكر فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم سابق بين الخيل التي لم تُضمَر، وكان أمدها من الثنيَّة إلى مسجد بني زريق ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: (إن [1] قيل: كيف ترجم على إضمار الخيل للسَّبق وذَكَرَ المسابقة للخيل التي لم تضمر؟ قيل: إنَّما كان البخاريُّ يترجم على الشَّيء من الجهة العامَّة، فقد يكون ثابتًا، وقد يكون منفيًّا، فمعنى قوله: «باب إضمار الخيل للسَّبق»: أي: هل هو شرط أم لا؟ فبيَّن أنَّه ليس بشرط؛ لأنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم سابق بها مُضمَرة وغير مُضمَرة، وهذا أقعدُ بمقاصد البخاريِّ من [2] قول الشَّارح: إنَّما ذكر طرفًا من الحديث؛ ليدلَّ على تمامِه، وقد سبق تمامُه؛ لأنَّ للقائل أن يقول: إذا لم يكن بدٌّ من الاختصار؛ فذِكْر الطَّرف الموافق للترجمة أولى في البيان لا سيَّما والطَّرفُ المطابق هو أوَّل الحديث؛ إذ أوَّله: عن ابن عمر رضي الله عنهما: «سابق النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين الخيل التي أُضمِرت [3] من الحَفْياء إلى ثنيَّة الوداع»، ثمَّ ذكر الخيل التي لم تُضمَر، كما ساقه في هذه التَّرجمة، فحمْلُه على تأويلنا لا يُعترَض عليه إن شاء الله تعالى)، انتهى [4].

قوله: (لِلسَّبْقِ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان الموحَّدة، وأنَّه المصدر.

==========

[1] في (ب): (كان).

[2] زيد في (ب): (الجهة العامة، فقد يكون ثابتًا)، وهو تكرارٌ.

[3] في (ب): (ضمرت).

[4] (انتهى): سقط من (ب).

[ج 1 ص 727]

(1/5539)

[حديث: أن النبي سابق بين الخيل التي لم تضمر]

2869# قوله: (لَمْ تُضَمَّرْ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو بضَمِّ أوَّله، وإسكان الضَّاد، وفتح الميم مخفَّفة، ويجوز ضمُّ أوَّله، وفتح الضاد، وتشديد الميم مفتوحة؛ لأنَّه يقال: ضَمَرَ الفرسُ يَضمُرُ ضمْرًا، وضَمُر [1]؛ بالضَّمِّ لغةٌ فيه، وأضمرتُه أنا، وضمَّرته تضميرًا، وتضميرُه: أن تعلفه حتَّى يسمن، ثمَّ تردَّه إلى القوت، وذلك أربعين يومًا، وهذه المدَّة تُسمَّى المضمار، والموضع الذي فيه الخيل أيضًا: مضمار.

قوله: (مِنَ الثَّنِيَّةِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّها (ثنيَّة الوداع)، وما قيل فيها.

قوله: (إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ): هو بضَمِّ الزَّاي، وفتح الرَّاء، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ قاف، و (بنو زريق) من الأنصار.

قوله: (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ): هو بفتح همزة (أنَّ)، وهذا ظاهرٌ.

(1/5540)

[باب غاية السبق للخيل المضمرة]

قوله: (بَابُ غَايَةِ السَّبْقِ): (الغاية): بالغين المعجمة، وبعد الألف مثنَّاة تحت، وغاية كلِّ شيء: مداه ومنتهاهُ، و (السَّبق): تَقَدَّم أنَّه بإسكان الموحَّدة المصدرُ، أعلاه.

==========

[ج 1 ص 727]

(1/5541)

[حديث: سابق رسول الله بين الخيل التي قد أضمرت]

2870# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المُسنديُّ، ومستندي في ذلك أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة معاوية بن عمرو بن المُهلَّب بن عمرو بن شبيب المُسنديَّ عبدَ الله بن مُحَمَّد فيمن روى عنه، ولم يذكر أحدًا روى عنه [1] اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سواه، وقد تَقَدَّم، ثمَّ رأيت بعض حُفَّاظ العصر جزم به، وتَقَدَّم في كلام ابن طاهر أنَّ ابن أبي شيبة روى عن معاوية بن عمرو عند مسلم، لا البخاريِّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو الفَزاريُّ إبراهيمُ بن مُحَمَّد بن الحارث، تَقَدَّم.

[ج 1 ص 727]

قوله: (الَّتِي [2] أُضْمِرَتْ): تَقَدَّم الكلام على (أضمر) و (ضمَّر) قريبًا، وعلى (الْحَفْيَاءِ)، و (ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ)، وقد تَقَدَّم كلام موسى بن عقبة كم بين ذلك، وعلى (المِيْل)، و (بَنِي زُرَيْقٍ).

(1/5542)

[باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله: (بَابُ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى قوله: (عَلَى الْقَصْوَاءِ) [1]: للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ناقةٌ تُسمَّى القصواء؛ بفتح القاف وبالمدِّ في آخرها، وضبطها العذريُّ في «مسلم» بضَمِّ القاف والقصر، وقد تَقَدَّم أنَّه خطأ، و (القصواء): المقطوعة الأذن، وكلُّ ما قطع من الأذن؛ فهو جدع، وإن زاد على الرُّبع؛ فهي عضْباء، وقال الدَّاوديُّ [2]: سُمِّيت بذلك لأنَّها لا تكاد تُسبَق، كان عندها أقصى الجري، وقد تَقَدَّم، وسيأتي في ذلك كلام قريبًا.

قوله: (أَرْدَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّ أبا زكريَّا يحيى بن منده جمع أرداف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في جزء، وقد ذكرتُ مَن وقع لي أنَّه أردفه عليه الصَّلاة والسَّلام في (كتاب الإيمان) من هذا التَّعليق.

قوله: (وَقَالَ الْمِسْوَرُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بكسر الميم وإسكان السِّين، وأنَّه ابن مخرمة، وأنَّه صحابيٌّ صغيرٌ، تُوُفِّيَ عليه الصَّلاة والسَّلام وله نحوُ ثماني سنين.

قوله: (مَا خَلأَتِ): تَقَدَّم أنَّها بفتح الخاء المعجمة [3] وبالهمزة، وأنَّ معناه: حرنت، و (الْقَصْوَاءُ): تَقَدَّم ضبطُها أعلاه، وقبله أيضًا.

(1/5543)

[حديث: كانت ناقة النبي يقال لها: العضباء]

2871# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم قريبًا أنَّ الظاهر أنَّه المُسنديُّ، وذكرت مستندي في ذلك قريبًا، ثمَّ رأيت المِزِّيَّ صرَّح في هذا الحديث بأنَّه المُسنديُّ، انتهى، وذكرتُ (مُعَاوِيَة بن عَمْرٍو [1]): من هو، وكذا (أَبُو إِسْحَاقَ): أنَّه الفَزاريُّ إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث، وتَقَدَّم قبله أنَّ (حُمَيْدًا) هذا: هو بضَمِّ الحاء وفتح الميم، وأنَّه الطَّويل ابن تير، وقيل: تيرويه، وتَقَدَّم الفرق بينه وبين حُمَيد بن هلال.

قوله: (يُقَالُ لَهَا: الْعَضْبَاءُ): هي بفتح العين المهملة، وإسكان الضَّاد المعجمة، ثمَّ موحَّدة، ثمَّ همزة ممدودة، وهو اسمُ علمٍ لها، قال ابن قُرقُول: (كانت للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ناقةٌ تُسمَّى العضباء لا تُسبَق، وكذا رواه مالك في أكثر حديثه، ومن رواية أبي مصعب عن مالك: «كانت القصواء لا تسبق»، على أنَّه جاء في الحديث: «أنَّه خطب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على ناقته الجدعاء»، وفي حديثٍ آخرَ: «على ناقة خرماء»، وفي آخرَ: «مخضرمة»، قال الحربيُّ: والجدع والخرم والقصو والخضرمة كلُّه في الأذن، فقيل في الحديث: «كان اسمها»، وإن كانت عضباء الأذن؛ فقد جعل لها اسمًا، فهو معضوبة الأذن، وتُسمَّى عضباء مرَّةً، والجدعاء، والخرماء، والمخضرمة، وهي ناقةٌ واحدة؛ لأنَّه وقف عليها في حجَّة الوداع، وهي الموصوفة بهذه الصفات، وكذلك في الحديبية: «ما خلأتِ القصواء»، وقد قال بعض النَّاس: إنَّها نوق بعدد هذه الصفات، وهذه الأحاديثُ عن حجَّة الوداع تردُّ قوله، لم يقف إلَّا على واحدة، قال المازنيُّ: «إنَّما سُمِّيت القصواء لسبقها؛ لأنَّ عندها أقصى السَّير، وغايةَ الجري) انتهى.

فائدةٌ: كان له عليه الصَّلاة والسَّلام من اللِّقاح _كما قاله مغلطاي في «سيرته الصُّغرى» _ الحنَّاء، والسَّمراء، والعُرَيس، والسَّعديَّة، والبَغُوم، واليَسِيرة، والرَّيَّاء [2]، وبَردة، والمروة، والحَفِدة، ومهرة، والشقراء، والعضباء، والقصواء، والجدعاء، ويقال: هنَّ واحدةٌ، انتهى، وهذا قولٌ في النُّوق الثَّلاث، وقيل: اثنتان، وهذا الذي يظهر لي [3]، والله أعلم.

(1/5544)

[حديث: حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه]

2872# قوله: (طَوَّلَهُ مُوسَى عَنْ حَمَّادٍ ... ) إلى آخره [1]: أمَّا (موسى)؛ فالظاهر أنَّه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ شيخُه، وذلك لأنَّ أبا داود أخرجه في (الأدب) من «السُّنن» عن موسى بن إسماعيل عن حمَّاد بسنده في «البخاريِّ»، انتهى، ولعلَّ قوله: (طوَّله) مثل قوله: (قال موسى)، وإذا كان كذلك؛ فيكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، و (حمَّاد) هذا: هو ابن سلمة، وقد علَّق له كما هنا، وليس مِن شرطه، وقد ذكرت له ترجمةً مختصرةً فيما مضى.

تنبيهٌ: تَقَدَّم أنَّ (حمَّادًا) إذا أُهمِل، فلم يُقيَّد؛ فإن كان الذي أطلقه سليمانُ بن حرب أو عارم مُحَمَّد بن الفضل؛ فإنَّه ابن زيد، وإن كان الذي أطلقه التَّبُوذَكيُّ موسى بن إسماعيل الرَّاوي هنا، أو عفَّان، أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا [2] أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم.

قوله: (فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ): هذا (الأعرابيُّ) لا أعرف اسمه.

قوله: (عَلَى قَعُودٍ لَهُ [3]): (القَعود)؛ بفتح القاف: ما يقتعده الرَّاعي في كلِّ حاجاته؛ كالقَعودة، والقُعدة؛ بالضَّمِّ، واقتعده [4]: اتَّخذه قُعدة، الجمع: أقعِدة، وقُعُدٌ، وقعدان، وقعائد، والقلوص أيضًا [5]، والبَكْرُ إلى أن يُثني، والفصيل، قاله شيخنا مجد الدين في «قاموسه».

==========

[1] هذا القول جاء في النُّسختين و (ق) مقدَّمًا على قوله: (حدثنا مالك بن إسماعيل)، وكذلك رواية أبي ذرٍّ، بخلاف ما في «اليونينيَّة».

[2] (إذا): سقط من (ب).

[3] (له): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[4] في (ب): (وأقعده)، وهو تحريفٌ.

[5] (أيضًا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 728]

(1/5545)

[باب الغزو على الحمير]

قوله: (بَابُ الغَزْوِ عَلَى الحَمِيرِ): كذا هذا الباب في أصلنا، وقد عُلِّم عليه علامة راويه، وهو ثابت في بعض الروايات، ولم يذكر فيه حديثًا، ولم يذكر هذا الباب شيخُنا في «شرحه»، وكأنَّه داخل في الباب الذي بعده، وهو (باب بغلة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، وأخرج فيه: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يوم حنين على بغلةٍ بيضاءَ)، أو أنَّ معنى كلامه _والله أعلم_ هل غزا عليه الصَّلاة والسَّلام على حمار أم لا؟ ولم يَثبُت له فيه شيء، وقد روى التِّرمذيُّ في «جامعه»، وابن ماجه في «سننه» من حديث أنس [1] رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يعود المريض، ويشهد الجنازة، ويركب الحمار، ويجيب دعوة العبد، وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف، عليه إكافٌ من ليف)، قال فيه التِّرمذيُّ: (لا نعرفه إلَّا من حديث مسلم)؛ يعني: ابن كيسان الملائيَّ الأعور الكوفيَّ، قال: (ومسلم يُضعَّف)، انتهى، وأخرجه الحاكم في (تفسير سورة ق)، وقال: صحيح، ولم يتعقَّبه الذَّهبيُّ، وفيه مسلم الأعور؛ فاعلمه، وأخرجه عبْد بن حميد في «مسنده» من طريق مسلم الأعور عن أنس، ومسلم واهٍ، وأخرج أيضًا عبدٌ في «مسنده» بسند فيه مسلمٌ المذكور: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يوم خيبر ويوم النضير على حمار عليه إكافٌ مخطومٌ بحبلٍ من ليف).

تنبيهٌ: إن صحَّ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام غزا خيبر على حمار، وكذا قريظة، وبني النضير؛ لأنَّ فيه إشارةً إلى ما ذكره ابن إسحاق في كتابه عليه الصَّلاة والسَّلام إلى النَّجاشيِّ، وفي الكتاب: (فقال النَّجاشيُّ: أشهد للنَّبيِّ الذي ينتظره أهل الكتاب، وأنَّ بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل ... )؛ فذكر الحديث، ولهذا غزاهم _أعني: خيبر، وقريظة، والنَّضير_ على حمارٍ؛ إشارة إلى ما عندهم عن موسى [2] من أنَّه بَشَّر براكب [3] الحمار، كما قاله النَّجاشيُّ، والله أعلم، واعلم أنَّ مذهب الشَّافعيِّ أنَّ مَن حضر الوقعة على بعير أو فيل أو بغل أو حمار؛ لا يُعطَى سهم المركوب؛ لأنَّ هذه لا تصلح للحرب صلاحية الخيل، ولا يتأتَّى بها الكرُّ والفرُّ، وبهما تحصل النُّصرة، واستأنسوا لذلك بقوله تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [4] [الأنفال: 60]، نعم؛ يعطى راكبُ هذه الدَّوابِّ سهمَه، ويُرضَخ له، ويُفاوَت بينها، والله أعلم.

(1/5546)

[باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء]

قوله: (بَابُ بَغْلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الْبَيْضَاءِ): تَقَدَّم الكلام قريبًا على بغلاته عليه الصَّلاة والسَّلام قبل هذا؛ فانظره.

قوله: (وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ): وهو أبو حميد السَّاعديُّ عبد الرَّحمن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد الخزرجيُّ، تُوُفِّيَ في آخر خلافة معاوية، روى عنه جماعة، وقد قدَّمته، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند» رضي الله عنه.

[ج 1 ص 728]

قوله: (أَهْدَى مَلِكُ [1] أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ): تَقَدَّم فيما مضى أنَّ ملك أيلة يُوحنَّة بن روبة، وأنَّ الظاهر هلاك يوحنَّة على كفره، وذكرتُ بغلاتِه قريبًا عليه الصَّلاة والسَّلام.

==========

[1] (ملك): سقط من (ب).

(1/5547)

[حديث: ما ترك النبي إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضًا .. ]

2873# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّ هذا هو الفلَّاس، الحافظ، و (يَحْيَى): تَقَدَّم أنَّه ابن سعيد القطَّان، الحافظ شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ): لا أعلم أهو الثَّوريُّ أو ابن عيينة؟ وقد راجعت ترجمة القطَّان، فوجدته قد روى عن السُّفيانَين، ونظرت ترجمة أبي إسحاق السَّبيعيِّ، فوجدتُ السُّفيانين رويا عنه، غير أنَّ الثَّوريَّ أثبت النَّاس فيه، ورأيت قد روى هذا الحديث أيضًا عبدُ الرَّحمن بن مهديٍّ [1] عن سفيان، وقد رأيت ابن مهديٍّ روى عن السُّفيانَين، فلا أعلم سفيان هذا من هو منهما، والله أعلم.

و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أنَّه عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السَّبيعيُّ، أحد أعلام [2] التابعين مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (عَمْرَو بْن الْحَارِثِ)، وهو ابن أبي ضرار المصطلقيُّ الخزاعيُّ، أخو أمِّ المؤمنين جويريةَ بنتِ الحارث مُتَرجَمًا، وكذا ذكره والده، وأنَّه صحابيٌّ، والد جويرية.

قوله: (إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ): تَقَدَّم أنِّي ذكرت أنَّ الظاهر أنَّها الدُّلدُل، وذكرت مستندي في في ذلك، وماذا جرى لها، وكذا ذكرت (سِلَاحَهُ)، و (الأَرْضَ) التي جعلها صدقة؛ فانظر ذلك في أوَّل (الوصيَّة).

==========

[1] في (ب): (جندي)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (الأعلام).

[ج 1 ص 729]

(1/5548)

[حديث البراء: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب]

2874# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان، الحافظ، تَقَدَّم، وكذا (سُفْيَان) بعده: هو ابن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (قَالَ لَهُ رَجُلٌ): هذا (الرَّجل): تَقَدَّم أنِّي لا أعرفه غير أنَّه من قيس، كما وقع في (المغازي) من «البخاريِّ».

قوله: (وَلَّيْتُمْ [1] يَوْمَ حُنَيْنٍ؟): سيأتي في (غزوة حنين) الكلامُ عليه، وهذا السؤال مطابق لجواب البراء، ولهذا أخرجَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّ قوله: (ولَّيتُم) يشمل مجموع المسلمين الحاضرين بحنين، فلهذا أخرجه البراءُ عليه الصَّلاة والسَّلام، وهذا مُجمَعٌ عليه أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يفرَّ، وسيأتي الكلام عليه في (حُنَين)، كما تَقَدَّم، وسأذكر قريبًا من ثَبَت معه في حُنَين عليه الصَّلاة والسَّلام، والاختلافُ في عددهم، والله أعلم.

قوله: (سَرَعَانُ النَّاسِ): هو بفتح السين والراء، ويجوز تسكينُها، وقد تَقَدَّم الكلام على (فخرج سرعان الناس) في [2] (السَّهو)، وقد ذكرت هناك ضبطَ هذا اللَّفظِ بالخلاف فيه، وكلام ابن الأثير مُصرِّح في هذا بفتح الرَّاء وإسكانها؛ لأنَّه ذكر حديث السهو، وضبطه بالوجهين، ثمَّ قال: (ومنه حديث يوم حنين).

(1/5549)

تنبيهٌ: قال مغلطاي في «سيرته الصُّغرى»: (ولم يثبت معه يوم حنين إلَّا عشرةٌ، وقيل: ثمانية، وقال ابن سيِّد النَّاس في «سيرته الكبرى» من كلام ابن إسحاق: عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرَّحمن بن [3] جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله ... ؛ فذكر حديثًا، وفيه: (وفيمن ثبت معه من المهاجرين: أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته: عليُّ بن أبي طالب، والعبَّاس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه، والفضل بن العبَّاس، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، وأيمن ابن أمِّ أيمن وقُتِل يومئذٍ، فهؤلاء عشرة، وذكر أيضًا أبو الفتح ابن سيِّد الناس المذكور في أعمامه وعمَّاته: أنَّ عتبة ومُعتِّبًا ابني أبي لهب ثبتا معه يوم حنين، وذكر أيضًا في أعمامه وعمَّاته الزُّبيرَ، فقال: فولده عبدُ الله شهد يوم حنين، وثبت معه، وذكر ابن عبد البَرِّ في «استيعابه»: (أنَّ أمَّ الحارث الأنصاريَّة ثبتت معه يوم حنين)، ذكر ذلك في ترجمتها، وفي «الاستيعاب» في ترجمة العبَّاس قال: (وانهزم النَّاس عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم حنين غيرَه وغيرَ عمر وعليٍّ وأبي سفيان بن الحارث، وقد قيل: غير سبعة من أهل بيته ... ) إلى أن قال: (قال ابن إسحاق: والسبعة: عليٌّ، والعبَّاس، والفضل بن العبَّاس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، والثَّامن: أيمن بن عُبَيد، وجعل غير ابن إسحاق في موضع أبي سفيان عمرَ بن الخطَّاب، والصحيح: أنَّ أبا سفيان كان معه يومئذٍ، ولم يُختلَف فيه، واختُلِف في عمر) انتهى.

(1/5550)

وقال شيخنا الشارح: (وثبت معه يومئذٍ العبَّاس، وعليٌّ، والفضل، وأبو سفيان بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وأبو بكر، وعمر، وأسامة في أناس من أهل بيته، قال الحارث بن النعمان: مئة رجل، وسيأتي تعداد بعضهم ... ) إلى أن قال: (وعدذَ ابن هشام وغيره فيمن ثبت معه: قُثَمُ بن العبَّاس، وفيه نظر؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام تُوُفِّيَ وهو صغير، وعند الزُّبير بن أبي بكر: وكان عتبة ومُعتِّب ابنا أبي لهب ممَّن ثبت معه يومئذٍ، ولابن [4] إسحاق: وأيمن بن أمِّ أيمن، ولابن عبد البَرِّ: وجعفر بن أبي سفيان بن الحارث، وأمُّ سُلَيم، ولعبد الغنيِّ: وعبد الله بن الزُّبير بن عبد المطَّلب، ولابن الأثير: وعَقيل بن أبي طالب، ولابن عبَّاس في «تفسيره»: وأبو دجانة، ونفر من الأنصار تعلَّقوا بثَفَر البغلة، وللبيهقيِّ عن ابن مسعود: ثَبَتُّ معه يومئذٍ في ثمانين رجلًا مِن الأنصار والمهاجرين ... ) إلى أن قال: (ولأبي معشر: ثبت معه يومئذٍ مئةُ رجل؛ بضعة وثلاثون من المهاجرين، وسائرهم من الأنصار) انتهى، فاته نوفل بن الحارث بن عبد المطَّلب، قاله أبو عمر في «استيعابه»، والذي عزاه للبيهقيِّ هو في «المستدرك» في (الجهاد) من حديث ابن مسعود، ولفظه: (ثبتُّ معه في ثمانين رجلًا) انتهى، وفي التِّرمذيِّ مُحسَّنًا عن ابن عمر: (وما معه إلَّا مئةُ رجل)، وسيأتي الكلام على فرارهم في (حُنين) إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَإنَّ النَّبِيَّ [5] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ): تَقَدَّم الكلام على هذه البغلة قريبًا، وبغلاته أيضًا، وعلى (أَبِي سُفْيَانَ بْن الحَارِثِ): وأنَّ اسمه المغيرة، وقيل: بل المغيرة أخوه، وقيل: اسمه كنيته.

[ج 1 ص 729]

قوله: (أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... ) إلى آخره: ستأتي الحكمة في ذلك في (حنين).

(1/5551)

[باب جهاد النساء]

(1/5552)

[حديث: جهادكن الحج]

2875# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف وكسر المثلَّثة، وكذا (سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه الثوريُّ، ومستندي في ذلك أنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمته أنَّه روى عن الثوريِّ، وذكر الذَّهبيِّ في «تذهيبه» في ترجمته أنَّه روى عن سفيان، وأطلق، فحملت المُطلَق على المُقيَّد، وقلت: (الظاهر أنَّه: الثوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق)، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «أطرافه»، ورأيت الإمام البخاريَّ قد قال عقيب الحديث: (وقال عبد الله بن الوليد: حدَّثنا سفيان عن معاوية بهذا) فهذا قوَّاني، وذلك لأنَّ عبد الله بن الوليد العدنيَّ روى عن الثوريِّ «جامِعَهُ»، وروى أيضًا عن زمعة، وروى عنه أحمد ومُؤمَّل بن إهاب، شيخٌ، قال أبو زرعة: صدوق، وقال أبو حاتم: لا يُحتجُّ به، وهو مكيٌّ اشتُهِر بالعَدَنيِّ، وقال أحمد: ما كان صاحب حديث، ولكن [حديثُه] حديثٌ صحيحٌ، وربَّما أخطأ في الأسماء، كتبتُ [أنا] عنه كثيرًا، وقال ابن عديٍّ: ما رأيت لعبد الله حديثًا منكرًا؛ فأَذْكرَه، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما ترى، وأخرج له أبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّم أعلاه الكلام عليه، إنَّما أتى بهذا التَّعليق؛ لأنَّ سفيان: هو الثوريُّ فيما يظهر، وهو مُدَلِّس، قال في الأوَّل: عن معاوية بن إسحاق، وفي الثاني: صرَّح بالتحديث، وتعليقه هذا ليس في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وشيخنا لم يَعْزُهُ.

2876# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): هو بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهو ابن عقبة، تَقَدَّم [1] مرارًا، وكذا (سُفْيَانُ) الظاهر أنَّه الثوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام، ومستندي في ذلك ما ذكرتُه أعلاه.

قوله: (وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ): (حَبِيب): بالحاء المهملة المفتوحة وكسر الموحَّدة، القصَّابُ الكوفيُّ، روى عن أمِّ الدَّرداء وسعيد بن جبير، وعنه: شعبة وابن فضيل، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (142 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقائلُ: (وعن حبيب بن أبي عمرة) هو سفيان، وهو الثَّوريُّ، والله أعلم، وهذا معطوف على السند الذي قبله؛ وهو (قَبِيصة، عن سفيان، عن حبيب بن أبي عمرة)، وليس تعليقًا، فإيَّاك أن تجعله تعليقًا.

==========

(1/5553)

[1] (تَقَدَّم): سقط من (ب).

[ج 1 ص 730]

(1/5554)

[باب غزو المرأة في البحر]

(1/5555)

[حديث: ناس من أمتي يركبون البحر الأخضر في سبيل الله]

2877# 2878# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم أنَّه المُسنديُّ، وذكرتُ مستندي في ذلك، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو): تَقَدَّم أنَّه معاوية بن عمرو بن المُهلَّب بن عمرو بن شبيب الأزديُّ المعْنيُّ الكوفيُّ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (أَبُو إِسْحَاقَ) أنَّه الفَزاريُّ، وكذا في نسخة، وهو إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث، أحد الأعلام.

وقوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ): قال الدِّمياطيُّ: (سقط زائدة بن قُدَامة الثَّقفيُّ بين أبي إسحاق إبراهيم بن مُحَمَّد الفَزاريِّ وبين أبي طوالة عبد الله بن عبد الرَّحمن) انتهى، وقد ذكر العلائيُّ في «المراسيل» ما قاله الدِّمياطيُّ عن أبي بكر بن مردويه الحافظ قال العلائيُّ ما لفظه: بعد أن ذكر إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث أبا إسحاق الفَزاريَّ؛ أخرج البخاريُّ له في (باب غزو المرأة في البحر) عن أبي طوالة عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن أنس قصَّةَ أمِّ حرام بنت ملحان، ونوم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وذكر أبو بكر بن مردويه الحافظ أنَّه لم يسمع من أبي طوالة، وأنَّ الصَّواب ما رواه المسيَّب بن واضح، عن أبي إسحاق الفزاريِّ، عن زائدة، عن أبي طوالة، ثمَّ قال: قلت: وفي ذلك نظرٌ لما تَقَدَّم أنَّ البخاريَّ لا يكتفي بمجرِّد إمكان اللِّقاء، وأبو إسحاق الفزاريُّ ليس بمُدلِّس، والله أعلم)، انتهى، وقال المِزِّيُّ بعد تطريفه: (رواه المسيَّب بن واضح، عن أبي إسحاق الفزاريِّ، عن زائدة، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، عن أنس) انتهى، وقد راجعت «التقييد» للغسَّانيِّ؛ فرأيته ذكره عن أبي مسعود، ثمَّ قال: (فتأمَّلتُه في «سير أبي إسحاق الفَزاريِّ»؛ فوجدته بها عن أبي إسحاق ليس بينهما زائدة ... ) إلى أن قال: (والحديث محفوظٌ لزائدةَ عن أبي طوالة رواه عنه حُسين بن عليٍّ الجُعْفِيُّ وغيره، وقد رواه معاوية بن عمرو أيضًا عن زائدة، ثمَّ ذكر طريقَي حُسين ومعاوية بإسناده) انتهى.

وكذا تَقَدَّم الكلامُ على (ابْنَةِ مِلْحَانَ)، وهي أمُّ حَرَام _بفتح الحاء المهملة وبالراء_ بنت ملحان النَّجَّاريَّة، الغميصاء أو الرُّميصاء، الشَّهيدةُ، زوج عبادة بن الصَّامت رضي الله عنها، وتَقَدَّم تاريخ وفاتها، وأين تُوُفِّيَت مع ما ذُكِر في ذلك.

قوله: (فَاتَّكَأَ): هو مهموز الآخر.

(1/5556)

قوله: (لِمَ [1] تَضْحَكُ): (لمَ): استفهام، و (تضحك): مَرْفوعٌ؛ لأنَّه لم يتقدَّمه جازم ولا ناصب.

قوله: (الأَخْضَرَ): تَقَدَّم أنَّه الأسود.

قوله: (فَتَزَوَّجَتْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ): ظاهره أنَّها تزوَّجتْه بعد قصَّة النَّوم عندها، وقد تَقَدَّم أنَّها كانت تحت عبادة بن الصَّامت حين النَّوم عندها، وهذان مختلفان، ولعلَّ الجمع بينهما أن يكون طلَّقها، ثمَّ تزوَّجها، والله أعلم ما كان.

قوله: (مَعَ بِنْتِ قَرَظَةَ): هي فاختة بنت قَرَظَة؛ بفتح القاف، والرَّاء، وبالظاء المعجمة المشالة المفتوحة، وقَرَظَة: هو ابن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف، لم أقف على ترجمتها، غير أنَّها تابعيَّة، والله أعلم، قال بعض الحُفَّاظ المصريِّين: وُلِدت في عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ومات أبوها كافرًا، وقُتِل أخوها يوم الجمل، وهي زوج معاوية بن أبي سفيان، انتهى.

قوله: (فَلَمَّا قَفَلَتْ)؛ أي: رجعت، و (القُفول): الرُّجوع.

قوله: (رَكِبَتْ دَابَّتَهَا): تَقَدَّم أنَّها كانت بغلةً، وكذا تَقَدَّم معنى (وَقَصَتْ [2] بِهَا) في (الجنائز)، وأنَّه كسرُ العنق، وهنا (وقصت بها) يقال: وقصه وأوقصه؛ إذا كسر عنقه، وهو مُعدًّى، لكنَّه عدَّاه في أصلنا بحرف الجرِّ؛ لأنَّه يقال أيضًا: وقصت به راحلته، وهو كقوله: خذِ الخِطامَ، وخذْ بالخِطام؛ قاله الجوهريُّ.

(1/5557)

[باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه]

(1/5558)

[حديث: كان النبي إذا أراد أن يخرج أقرع بين نسائه]

2879# قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تَقَدَّم (سَعِيْد بِن المُسَيّب): أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المسيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، وكذا تَقَدَّم (طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ) أنَّ معناه: قطعة، وقد تَقَدَّم الكلام على هذه المسألة في حديث الإفك في (الشهادات)، وأنَّ قولها: (خَرَجَ [1] فِيهَا سَهْمِي): هذه غزوة المريسيع، ولا ينفي ألَّا يكون خرج سهم غيرها، وقد قَدَّمتُ أنَّه كان معه أمُّ سلمة، وكذا (بَعْدَمَا [2] أُنْزِلَ الْحِجَابُ) أنَّ (أُنزِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وتَقَدَّم تاريخ نزوله بما فيه من الخلاف، وسيأتي في (الأحزاب).

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَخَرَج).

[2] في (ب): (وكذا تَقَدَّم ما).

[ج 1 ص 730]

(1/5559)

[باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال]

قوله: (بَابُ غَزْوِ النِّسَاءِ وَقِتَالِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: (بوَّب على غزوهنَّ وقتالهنَّ، وليس في الحديث أنَّهنَّ قاتلن، فإمَّا أن يريد: أنَّ إعانتهنَّ للغزاة غزوٌ، وإمَّا أن يريد: أنَّهنَّ ما ثبتن للمداواة ولسقي [1] الجرحى في حالة الهزيمة إلَّا وهنَّ يدافعْنَ عن أنفسهنَّ، هذا هو الغالب، فأضاف إليهنَّ القتالَ لذلك، والله أعلم) انتهى.

فإن قيل: لمَ لمْ يُخرِّج حديث أنس: أنَّ أمَّ سُلَيم اتَّخذت يوم حنين خنجرًا فكان معها، فرآها أبو طلحة، فقال: يا رسول الله؛ هذه أمُّ سُلَيم معها خنجر، فقال لها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما هذا الخنجر؟» فقالت: اتَّخذتُه إن دنا منِّي أحدٌ من المشركين؛ بقرتُ به بطنَه) أخرجه مسلم مِن طريقين؟ فالجواب: أنَّه ليس على شرطه؛ لأنَّه مِن رواية حمَّاد بن سلمة، والبخاريُّ قد تَحايَدَه، ولم يُخرِّج له في الأصول شيئًا، فاكتفى بما على شرطه عن هذا، وقد تَقَدَّم أنَّ أمَّ سُلَيم ثبتت معه في حنين، وكذا أمُّ الحارث الأنصاريَّة، والله أعلم.

[ج 1 ص 730]

==========

[1] في (ب): (ولشفي).

(1/5560)

[حديث أنس: لما كان يوم أحد انهزم الناس]

2880# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، الحافظ المُقعَد المِنقريُّ، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ الْوَارِثِ): أنَّه ابن سعيد، أبو عُبيدة، التَّنُّوريُّ البصريُّ، وكذا (عَبْدُ الْعَزِيزِ): أنَّه ابن صهيب.

قوله: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ؛ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذا فيه مجاز؛ أي: معظمهم، ولا نعرف في موطن من المواطن أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أُفرِد وحده، وانهزم الناس عنه، وقد تَقَدَّم قريبًا أنَّه قال ابن سعد: وثبتَ معه _أي: مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم_ عصابةٌ مِن أصحابه، أربعةَ عشرَ رجلًا؛ سبعة من المهاجرين فيهم: أبو بكر الصِّدِّيق، وسبعةٌ من الأنصار، حتَّى تحاجزوا، وروى البخاريُّ: (لم يبق مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غير [1] اثني عشر رجلًا)، وقال بعضهم في (تفسير آل عمران): (في «لم يبق معه غير اثني عشر رجلًا»، قال: قيل: هم العشرة، وجابر، وبلال، وعمَّار) انتهى، والذي ظهر لي أنَّ هذا انتقالُ حفظٍ مِن الانصراف عن الجمعة إلى هنا، وقد عرفتَ ما جرى لعثمان [2]، والله أعلم، وفي مسلم: (أُفرِد يومئذٍ في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش؛ طلحة وسعد بن أبي وقَّاص)، وفي «البخاريِّ» أيضًا: (لم يبق معه عليه الصَّلاة والسَّلام في بعض تلك الأيَّام التي يقاتل فيهنَّ غيرُ طلحةَ وسعدٍ)، والظاهر أنَّ هذا تاراتٌ في يوم أُحُد، وقد ذكرت في (باب ما يُكرَه من التنازع) عن ابن شيخِنا البلقينيِّ تعيينَ مَن ثبتَ معه يومئذٍ عليه الصَّلاة والسَّلام؛ فانظره إن أردته.

قوله: (وَأُمَّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّها بضَمِّ السين وفتح اللَّام، وتَقَدَّم الخلاف في اسمها، وهي أمُّ أنس، وتَقَدَّم أنَّها خالة، وأختها أمُّ حرام أم لا؟

قوله: (أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا): (الخَدَم): بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة؛ أي: جلاجلهما، الواحدة: خدمة، وقد يُسمَّى موضعها مِن الساقين خدمة ومخدَّمة؛ الأولى في «المطالع»، والثانية في «الصِّحاح»، وجمع الأولى: خِدام، وقد جاء: (وبدتْ خلاخلُهنَّ [3])، وكان هذا قبل الحجاب، وسيأتي متى أُنزِل الحجاب في (سورة الأحزاب)، وقد تَقَدَّم أيضًا.

(1/5561)

قوله: (تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَنْقُلَانِ الْقِرَبَ): (النَّقْز): بالنُّون، والقاف، والزّضاي، و (تنقُزان): بضَمِّ القاف، وهذا ظاهرٌ، قال ابن قُرقُول: (القرِب على ظهورهما: كذا في حديث أبي مَعْمَر، قال البخاريُّ: «وقال غيره: تنقلان [4]»، وكذا رواه مسلم، وقيل: معنى «تنقزان» على الرِّواية الأولى: تَثِبان [5]، والنقز: الوثب والقفز، كأنَّه من سرعة السَّير، وضبط الشيوخ «القِرَبَ» بنصب الباء، ووجهه بعيدٌ على الضبط المٌتقدِّم، وأمَّا «تنقلان»؛ فصحيح)، قال: (وكان بعض شيوخنا يقرأ هذا الحرف بضَمِّ الباء: «القِرَبُ»، ويجعله مبتدأ؛ كأنَّه قال: والقرب على متونهما، والذي عندي في الرواية اختلالٌ؛ ولهذا جاء البخاريُّ بعدها بالرواية البيِّنة الصِّحَّة، وقد تُخرَّج رواية الشيوخ بالنصب على عدم الخافض؛ كأنَّه قال: تنقزان بالقِرَب [6]، وقد وجدته في بعض الأصول «تُنقِزان»؛ بضَمِّ التاء [7]، ويستقيم على هذا نصبُ «القرب»؛ أي: تُحرِّكان القرب بشدَّة عَدْوِهِما، فكانت القرب ترتفع وتنخفض؛ مثل الوثب على ظهورهما) انتهى [8].

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: تَنْقُلَانِ): (غيره): هو جعفر بن مهران، قاله بعض حُفَّاظ العصر.

==========

[1] في النُّسختين: (إلَّا)، ولا يستقيم، وكذا في الموضع اللَّاحق، والمثبت من مصدره.

[2] في (ب): (بع ثمَّ ان).

[3] في (ب): (جلاجلهن)، وهو تصحيفٌ، وزيد فيها: (قوله).

[4] في (ب): (ينقلان).

[5] في (ب): (تثبتان)، وهو تحريفٌ، وزيد فيها: (النقز).

[6] في (ب): (بالقران)، وهو تحريفٌ.

[7] في (ب): (ينقران: بضَمِّ الياء)، وهو تصحيفٌ.

[8] (انتهى): سقط من (ب).

[ج 1 ص 731]

(1/5562)

[باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو]

قوله: (بَابُ حَمْلِ النِّسَاءِ الْقِرَبَ): (القِرَبَ): مَنْصوبٌ، مفعول المصدر؛ وهو (حمل)، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[ج 1 ص 731]

(1/5563)

[حديث: إن عمر بن الخطاب قسم مروطًا بين نساء المدينة]

2881# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، وتَقَدَّم الكلام على لقبه بـ (عبدان)، وتَقَدَّم أنَّ (عَبْد اللهِ) هذا: هو ابن المبارك، أحد الأعلام، وكذا تَقَدَّم (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ): (ثعلبة بن أبي مالك): القرظيُّ، حليف الأنصار، أبو مالك، ويقال: أبو يحيى، إمام مسجد بني قريظة، له رؤية، وحديث عند ابن ماجه سيجيء، وروى عن عمر، وعثمان، وقيس بن سعد، وغيرهم، وعنه: ابنا منظور [1]، وأبو مالك، وابن أخيه منصور [2] بن رفاعة، والزُّهريُّ، وآخرون، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن ثعلبة بن أبي مالك، فقال: هو من التابعين، والحديث مُرسَلٌ، وقال ابن معين: له رؤية من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وذكر ابن عبد البَرِّ أنَّه وُلِد في عهده عليه الصَّلاة والسَّلام، وروى شعبة، عن سماك بن حرب، عن ثعلبة قال: (كنت غلامًا على عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، وقد قَدَّمتُ حديثه من عند ابن ماجه، وهو أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يخطب قائمًا يفصل بينهما بجلوس، وأبو بكر وعمر كذلك، وقول الزُّهريِّ: (قال ثعلبة) لا شكَّ أنَّه لقيه، ولكن قولُ المُدلِّس: (قال فلان): هو مثل قوله: (عن) و (أنَّ)، وقد قبل الأئمَّة عنعنة الزُّهريِّ، والله أعلم.

قوله: (قَسَمَ مُرُوطًا): (المروط): واحدها: مِرْط؛ بكسر الميم، وإسكان الراء، وبالطاء المهملة، كساءٌ من خزٍّ، أو صوف، أو كَتَّان، قاله الخليلُ، وقال ابن الأعرابيِّ: هو الإزار، وقال النَّضر: (لا يكون المِرْط إلَّا درعًا، وهو من خزٍّ أخضرَ، ولا يُسمَّى المِرْط إلَّا الأخضر، ولا يلبسه إلَّا النِّساء، وظاهر الحديث يصحِّحُ قولَ الخليل، وفي الصحيح: (مِرْط من شعر أسودَ)، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ): (بعض مَن عنده): لا أعرفهم، والظاهر أنَّهم جماعة؛ لأنَّه قال بعده: (يُرِيدُونَ)، والله أعلم.

قوله: (أَعْطِ هَذَا): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ.

(1/5564)

قوله: (ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الَّتِي عِنْدَكَ ... ) إلى آخره: أمُّ كُلثوم بنت عليِّ بن أبي طالب [3] من فاطمة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهي بضَمِّ الكاف، وُلِدتْ في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد ذكروها [4] في الصَّحابة، ولم أقف على اسمها، ولا متى وُلِدت، والذَّهبيُّ لم يحمِّرها؛ فهي عنده صحابيَّة، وقد حمَّر أختها لأبويها زينبَ، فزينب عنده تابعيَّة، وأولاد عليٍّ من فاطمة رضي الله عنهم [5] الحسن، والحسين، والمحسن مات صغيرًا، وأمُّ كلثوم، وزينبُ، ورقيَّة، والأخيرة ذكرها اللَّيث بن سعد، نقل ذلك عنه ابن الجوزيِّ الحافظ أبو الفرج في أوَّل «تلقيحه» قال اللَّيث: وماتت قبل أن تبلغ، وما رأيت أحدًا ذكرها إلَّا ابنَ الجوزيِّ، تزوَّج عمر بأمِّ كلثوم على صَداقٍ مبلغه [6] أربعون [7] ألفًا،

[ج 1 ص 731]

فولدت له زيدًا، ورقيَّة، وتُوُفِّيَت هي وابنها زيد بن عمر بن الخطَّاب في يوم واحد، قال ابن أبي حاتم: (سمعتُ أبي يقول: تُوُفِّيَ زيد وأمُّه أمُّ كلثوم في ساعة واحدة، وهو صغير لا ندري أيُّهما مات أوَّل) انتهى، وقال ابن الأثير: وكان زيدٌ أُصِيب في حرب كانت بين بني عديٍّ، خرج ليصلح بينهم، فضربه رجلٌ منهم في الظلمة، فشجَّه، وصرعه، فعاش أيَّامًا، ثمَّ مات هو وأمُّه، فصلَّى عليهما عبد الله بن عمر، قدَّمه حسن بن عليٍّ رضي الله عنهم، وقد تزوَّجت أمُّ كلثوم بنت عليٍّ بعد مقتل عمر بعون بن جعفر، وزينب بنت عليٍّ تَقَدَّم أنَّها تابعيَّة، وكانت عاقلةً لبيبةً ولدت من عبد الله بن جعفر عليًّا، وعونًا، وعبَّاسًا، وأمَّ كلثوم.

(1/5565)

قوله: (فَقَالَ عُمَرُ: أُمُّ سَلِيطٍ أَحَقُّ): هي بفتح السين، وكسر اللَّام، ثمَّ مثنَّاة تحت [8] ساكنة، ثمَّ طاء مهملتين، صحابيَّة رضي الله عنها من نساء الأنصار ممَّن بايع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كما قال هنا، وليس في الصَّحابيَّات _فيما أعلم_ أمُّ سَلِيط سواها، ولا أعرف اسمها، وقال شيخنا: (وهي أمُّ قيسٍ [بنت عبيد بن زياد بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو] [9] بن غنم بن مازن بن النَّجَّار، وزوجها أبو سَلِيط أُسيرةُ بن أبي خارجة عمرِو بن قيس بن مالك بن عديِّ بن عامر بن غنم بن عديِّ بن النَّجَّار، فولدت له سليطًا، وقيل: يُسيرة بن عمرو، والأوَّل أصحُّ، وأمُّه آمنة أخت كعب بن عُجرة، شهد بدرًا، وعنه: عبد الله، وأخته أُنَيسة بنت أبي خارجة) انتهى، وقد اختُلِف في اسمه، فقيل: أُسَيرة، وبه صدَّر أبو عمر، وقيل: أُسَير، وقيل: سَبْرة، وقيل: أُسَيد، والأوَّل أصحُّ، قاله أبو عمر، وفي «الاستيعاب»: (شهد بدرًا، وما بعدها من المشاهد مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى.

قوله: (كَانَتْ تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ): (تَزْفِر): بفتح المثنَّاة فوق، ثمَّ زاي ساكنة، ثمَّ فاء مكسورة، ثمَّ راء، قال البخاريُّ هنا: (تَزْفِرُ [10]: تَخِيطُ)، قال ابن قُرقُول ومِن قبله القاضي أبو الفضل عياض، واللَّفظ لابن قُرقُول: (تَزْفِر؛ أي: تحملها ملأى على ظهرها، والزِّفْر: الحمل على الظَّهر خاصَّة، والزِّفر: القربة [11]؛ كلاهما بفتحِ الزاي، وسكون الفاء؛ كذا [12] قال القاضي، وليس كذلك، بل الزِّفر _بكسر الزاي_: القِربة، كذا في «العين»، وفي «المُصنَّف»: كلُّ ما حمل على ظهر؛ فهو زِفْر؛ مثل: حِمل، وزِفر، ووِزر، وعِدْل، يقال منه: زفر وأزفر، وروى المستملي في «البخاريِّ» قال أبو عبد الله: «تزفر: تخيط»، وهذا غير معروف في اللُّغة) انتهى، وما عزاه إلى «العين» و «المُصنَّف» هو في «صحاح الجوهريِّ»، قال ما لفظه: (والزِّفر؛ بالكسر: الحمل، والجمع: أزفار، والزِّفر أيضًا: القربة) انتهى، وفي «الجمهرة»: (الزِّفر: الحمل على الظهر)، وقال في «المجمل»: (الزِّفر: الحمل، والجمع: أزفار) انتهى، وأخبرني بعض فضلاء الحنفيَّة أنَّه سأل شيخنا مجد الدين صاحب «القاموس» عن تفسير البخاريِّ: (تزفر: تخيط)، فقال في جوابه: (هذا تفسير باللَّازم) انتهى.

(1/5566)

[باب مداواة النساء الجرحى في الغزو]

(1/5567)

[حديث: كنا مع النبي نسقي ونداوي الجرحى ونرد القتلى .. ]

2882# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): أنَّه بكسر الموحَّدة وبالشين المعجمة، و (المُفضَّل)؛ بتشديد الضاد المعجمة وفتحها: اسم مفعول.

قوله: (عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ): هي بضَمِّ الراء، وفتح الموحَّدة، وتشديد المثنَّاة تحت، ثمَّ عين مهملة؛ مُصغَّرةٌ، و (مُعَوِّذ): بضَمِّ الميم، وفتح العين المهملة، وتشديد الواو مكسورة، هذا الأشهر، ثمَّ ذال معجمة، وفي «المطالع»: (بكسر الواو، وفتحها، فبالفتح لأبي بحر عن الوقَّشيِّ، وحكى فيه أنَّه لا يجيز [1] الكسر، وبالوجهين ضبطناه عن الصَّدفيِّ) انتهى، وهي الرُّبيِّع بنت مُعَوِّذ بن عفراء بن الحارث بن رفاعة بن الحارث الأنصاريَّة، ممَّن بايع تحت الشجرة بيعةَ الرضوان رضي الله عنها، أخرج لها الجماعة وأحمد في «المسند».

قوله: (كُنَّا ... نُدَاوِي الْجَرْحَى): تَقَدَّم في (الحجِّ) النِّسوةُ اللَّاتي كنَّ يداوين الجرحى.

(1/5568)

[باب رد النساء الجرحى والقتلى]

(1/5569)

[حديث: كنا نغزو مع النبي فنسقي القوم ونخدمهم]

2883# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): تَقَدَّم أعلاه ضبطه وضبط أبيه.

==========

[ج 1 ص 732]

(1/5570)

[باب نزع السهم من البدن]

(1/5571)

[حديث: اللهم اغفر لعبيد أبي عامر]

2884# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا تَقَدَّم (بُرَيْدِ): أنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وكذا تَقَدَّم (أَبُو بُرْدَةَ): أنَّ اسمه الحارث أو عامر، القاضي، ابن أبي موسى الأشعريُّ، عبد الله بن سُلَيم بن حَضَّار تَقَدَّم.

قوله: (رُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ): (رُمِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (أبو عامر): هو الأشعريُّ، وهو عمُّ أبي موسى، واسمه عبيد _كما سيأتي في هذا الحديث نفسِه_ ابن سُلَيم بن حَضَّار؛ بالحاء المهملة، وتشديد الضَّاد المعجمة، وفي آخره راء، استُشهِد يوم أوطاس، رماه جُشميٌّ بسهم في ركبته، قال ابن إسحاق: فيزعمون أنَّ سلمة بن دريد بن الصِّمَّة هو الذي رمى أبا عامر فقتله، وقد قتل أبو موسى الأشعريُّ قاتلَه، وقد قال شيخنا عن ابن هشام: (رماه أخوان من بني جشم بن معاوية، فأصاب أحدُهما قلبَه، والآخرُ ركبتَه)، وعند ابن عبد البَرِّ: (هما العلاء وأوفى ابنا الحارث) انتهى، وقول شيخنا: وعند أبي عمر؛ يعني: في غير «الاستيعاب»، وإلَّا؛ لم أره في ترجمته، ولا في ترجمة ابن أخيه أبي موسى، والله أعلم، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ بعد كلام ابن إسحاق: وقال ابن هشام: وحدَّثني مَن أثق به قال: (ورمى أبا عامر أخوانِ؛ العلاءُ وأوفى _وفي نسخة: وأوفى_ ابنا الحارث من بني جشم بن معاوية، فأصاب أحدُهما قلبَه، والآخرُ ركبتَه، فقتلاه ... ) إلى أن قال: (فحمل عليهما؛ يعني: أبا موسى، فقتلهما) انتهى، وقد رأيتُ ذلك في «سيرة ابن هشام»، والله أعلم.

تنبيهٌ: العلاء وأوفى لا أعرف لهما ترجمة، فإن كانا قتلاه؛ فقد قتل أبو موسى الاثنين، كما تَقَدَّم، وإن كان القاتلُ سلمةَ بن دريد بن الصِّمَّة؛ فقد قتله أبو موسى الأشعريُّ، والثلاثة كفَّار، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 732]

(1/5572)

[باب الحراسة في الغزو في سبيل الله]

(بَابُ الْحِرَاسَةِ فِي الْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللهِ) ... إلى (بَاب الدُّعَاءِ لِلمُشْرِكِيْن بِالهُدَى؛ لِيَتَألَّفَهُم)

اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام حرسه جماعة؛ حرسه يوم بدر حين نام في العَرِيش: سعد بن معاذ، (وكذا حرسه في ليلة بدر: أبو قتادة؛ كذا في «المعجم الصغير» للطَّبرانيِّ في [1] آخره عن عبدة بنت عبد الرَّحمن، وهي شيخته) [2]، ويوم أُحُد: مُحَمَّد بن مسلمة، ويوم الخندق: الزُّبير بن العوَّام، وحرسه ليلة بنى بصفيَّة بنت حُيَيٍّ: أبو أيُّوب الأنصاريُّ بخيبر، أو ببعض طريقها، والثَّاني في «الصَّحيح»، فذكر أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

[ج 1 ص 732]

قال: «اللَّهمَّ؛ احفظ أبا أيُّوب كما بات يحفظني»، وبوادي القُرى: بلال، وسعد بن أبي وقَّاص، وذكوان بن عبد قيس، وفي «مسند أحمد» من حديث ابن الأدرع قال: (كنتُ أحرس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذات ليلة، فخرج لحاجته ... )؛ وذكر قصَّة ذي البجادَين، رواها عنه زيد بن أسلم، وكان على حرسه عبَّاد بن بشر، فلمَّا نزلت: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]؛ ترك الحرسَ، وحرسه أيضًا العبَّاس عمُّه، كما رواه الطَّبرانيُّ في «معجمه الصغير» في (الحاء المهملة) في (حمْد) من حديث أبي سعيد [3]: أنَّ العبَّاس عمَّه كان فيمن يحرسه، فلمَّا نزلت: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ... } [المائدة: 67]؛ الآية؛ ترك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الحرسَ.

وحرسه أيضًا: أنس بن أبي مرثد الغنويُّ في اللَّيلة التي كان في صبيحتها وقعةُ حُنَين؛ كذا في «المستدرك» في (الجهاد)، وهو في «أبي داود» و «النَّسائيِّ»، وفيه أيضًا عن أبي ريحانة قال: (خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة ... ) إلى أن قال: («ألا رجلٌ يحرسُنا اللَّيلة»، فقام رجلٌ من الأنصار، فقال: أنا يا رسول الله، فدعا له)، قال أبو ريحانة: (فقلت: أنا، فدعا لي هو دون ما دعا به للأنصاريِّ ... )؛ الحديث، وهذا في (الجهاد) أيضًا، وحرسه حذيفة كما ذكره الواقديُّ من حديث عائشة: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال: «ألا رجل صالح يحرسني»، فجاء سعد وحذيفة ... ؛ الحديث، وفيه: فنزلت هذه الآية؛ يعني: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67].

(1/5573)

وفي «ابن ماجه»: أنَّ الأدرع السُّلميَّ حرسه عليه الصَّلاة والسَّلام، وقال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (الأدرع السُّلميُّ كان في حرس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يروي عنه المقبريُّ).

وكان حارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خشرم [4] بن الحُبَاب؛ هو ابن المنذر، رأيته بخطِّ أبي الفتح ابن سيِّد النَّاس في «حاشية الاستيعاب»، وعزاه لابن دريد، وبقيَّة كلامه فيه تدلُّ على أنَّه ذكره في كتاب «الاشتقاق» له، ثمَّ نظرته فيه [5]، والله أعلم.

وفي سيرة مُطوَّلة جدًّا، ولا أعرف من مُؤلِّفها: أنَّه حرسه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في ليلة من ليالي أيَّام الخندق، والله أعلم، فأمَّا عمر؛ فحرسه في ليلة الفتح، ذكره أبو داود، وسيأتي في «الفتح» عَزْوُهُ.

(1/5574)

[حديث: ليت رجلًا من أصحابي صالحًا يحرسني الليلة]

2885# قوله: (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، تَقَدَّم.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ): (رَبِيعة): بفتح الراء وكسر الموحَّدة، [و] (عبد الله) هذا: عنزيٌّ، كنيته أبو مُحَمَّد، مدنيٌّ، حليف لقريش، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأبيه [2]، وعمر، وعثمان، وعبد الرَّحمن بن عوف، وعائشة، وغيرهم، وعنه: عبد الرَّحمن بن القاسم، والزُّهريُّ، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، وجماعة، وكان أبوه من كبار الصَّحابة، قيل: مات سنة (85 هـ)، ومات النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وله خمس سنين، أخرج له الجماعة.

(1/5575)

[حديث: تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميص]

2886# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو بَكْرٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة وهي داخل أصلنا، وعليها علامة راويها: (ابن عيَّاش)، وعيَّاش: بالمثنَّاة تحت وبالشين المعجمة، تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه المقرئ، أحد الأعلام، وكذا تَقَدَّم (أَبُو حَصِينٍ): أنَّه بفتح الحاء وكسر الصَّاد المهملتين، واسمه عثمان بن عاصم، وتَقَدَّم أنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضَّمِّ، وكذا تَقَدَّم (أَبُو صَالِحٍ): أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ): (تَعِسَ): تَقَدَّم الكلام على (تَعِسَ) في (حديث الإفك)، فإنَّ [2] في «العين»: الفتح والكسر، وتَقَدَّم معناها، وقوله: (تعس عبد الدِّينار ... ) إلى آخره؛ أي: إنَّ طلب ذلك قد استعبده، وصار عمله كلُّه في طلبها كالعبادة لها.

قوله: (وَالْقَطِيفَةِ): هي كساءٌ ذو خَمْل، وجمعه: قطائفُ، وهي الخميلة أيضًا، وقد تقدَّمت.

قوله: (وَالْخَمِيصَةِ): هي بفتح الخاء المعجمة، وكسر الميم، وبالصَّاد المهملة، وهي كساء من صوف أو خزٍّ، مُعلَّمة، كانت من لباس النَّاس، وقيل: البَرنكان الأسود، وقال أبو عبيد: (هو كساء مُربَّع له عَلَمَان)، وقيل غير ذلك، وقد تقدَّمت غير مرَّةٍ.

قوله: (إِنْ أُعْطِيَ): (أُعطِيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (وَإِنْ لَمْ يُعْطَ).

وقوله: (إِنْ أُعْطِيَ؛ رَضِيَ)؛ أي: إن أُعطيَ ما لَه؛ عَمِلَ، رضيَ عن معطيه؛ وهو خالقه تعالى، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ؛ سخط ما قدَّر له خالقُه، ويسَّر له مِن رزقه، فصحَّ بهذا أنَّه عبدٌ في طلب ما ذكر؛ فوجب الدُّعاء عليه بالتَّعْس؛ لأنَّه إذ قصر عملَه على متاع الدُّنيا الفاني، وترك العمل لأجل نعيم الآخرة الباقي، والله أعلم.

(1/5576)

قوله: (لَمْ يَرْفَعْهُ [3] إِسْرَائِيلُ ومُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ): أمَّا (إسرائيل)؛ هو ابن يونس بن أبي إسحاق [4] السَّبيعيِّ، تقدَّمت ترجمته، وأمَّا (مُحَمَّد بن جُحَادة)؛ فـ (جُحَادَةُ) بجيم مضمومة، ثمَّ حاء مهملة مخفَّفة، وبعد الألف دالٌ مهملةٌ، ثمَّ تاء التأنيث، (مُحَمَّد): كوفيٌّ، يروي عن أنس وطائفة، وعنه: شعبة، وعبد الوارث، وطائفة، ثقة صالح، مات سنة (130 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، من حيث الاعتقاد، وقول البخاريِّ: (لم يرفعه فلان وفلان)؛ يعني: بل وقفاه على أبي هريرة؛ يعني: أنَّه من كلامه، وقد تَقَدَّم ما إذا تعارض الوصلُ والإرسال، أو الرَّفع والوقف بين الثِّقات، وذكرت في ذلك أربعة أقوال؛ الأصحُّ: أنَّ العبرة بالوصل والرفع، وقيل: الأكثر على الإرسال والوقف، وقيل: العبرة بالأكثر، وقيل: بالأحفظ.

وقد سُئِل البخاريُّ عن حديث: «لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ»، وهو حديث اختُلِف فيه على أبي إسحاق السَّبيعيِّ؛ فرواه شعبة والثَّوريُّ عنه، عن أبي بردة [5]، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مُرسَلًا، ورواه إسرائيل بن يونس في آخرين، عن جدِّه أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريِّ، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مُتَّصلًا، فحكم البخاريُّ لمن وصله وقال: (الزيادة من الثِّقة مقبولة، هذا مع أنَّ مَن أرسله شعبةُ وسفيانُ، وهما جبلان في الحفظ والإتقان، والله أعلم)، وقد قال شيخنا الشَّارح: (قال الإسماعيليُّ: تابع أبا بكر شريكٌ وقيسٌ) انتهى.

وقوله: (عَنْ أَبِي حَصِينٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عثمان بن عاصم.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[2] في (ب): (قال).

[3] في هامش (ق): (قوله: «لم يرفعه ... » إلى آخره: ينبغي أن يكون عقيب حديث يحيى بن يوسف المذكور أعلاه، وكذا ذكره في نسخة صحيحة من رواية أبي ذرٍّ، وكذا ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه»).

[4] زيد في (ب): (مُحَمَّد)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[5] زيد في (ب): (عنه)، ولعلَّها في (أ) علامة التضبيب.

[ج 1 ص 733]

(1/5577)

[حديث: تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة]

2887# قوله: (وَزَادَ عَمْرٌو [1]): (عمرو) هذا: هو شيخ البخاريِّ عمرو بن مرزوق، كذا قاله المِزِّيُّ في «أطرافه»، ووقع في أصلنا ما لفظه: (وزاد: حدَّثنا عمرٌو)، وهذه خلافُ ما قاله المِزِّيُّ، لكن يكون المعنى: وزاد البخاريُّ، فقال: (حدَّثنا عمرٌو)، وهذا كلام صحيح، لكن ليس ذلك من عادات أصحاب الحديث، فالصَّواب إذًا: (وزاد عمرٌو)، والله أعلم، والظاهر أنَّها كانت: (وزادنا عمرٌو) [2]، فظنَّ المقابِل أنَّها: (حدَّثنا)، ثمَّ رأيت في نسخة صحيحة: (وزاد لنا)، وهذه [3] هي الصَّواب، و (عمرو) هذا: باهليٌّ، عن مالك بن مِغول، وعكرمة بن عمَّار، وطائفة، وعنه: البخاريُّ مقرونًا، وأبو داود، وإسماعيل القاضي، وأبو خليفة، وخلقٌ، ثقةٌ، وفيه بعض الشيء، مات سنة (224 هـ)،

[ج 1 ص 733]

له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّم قولُ البخاريِّ [4]: (زاد فلان)؛ إذا كان الزَّائد شيخَه؛ هو مثل قولِه: (قال)، وقد تَقَدَّم أنَّ (قال) إذا ذكرها البخاريُّ عن أحد من شيوخه؛ يكون أخذَ عنه ذلك الشيء في حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم، وهذا الحديث الذي زاده رواه أيضًا ابن ماجه في (الزُّهد) عن يعقوب بن حميد بن كاسب، عن إسحاق بن سعيد _وهو إسحاق بن إبراهيم بن سعيد المدنيُّ_ عن صفوان بن سُلَيم، عن عبد الله بن دينار به [5].

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ اسمه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، وأنَّ (أبا هريرة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (تَعِسَ): تَقَدَّم قريبًا جدًّا [6] وبعيدًا، وتَقَدَّم الكلام على (عَبْدُ الدِّينَارِ) و (عَبْدُ الدِّرْهَمِ)، وكذا (الخَمِيصَةِ).

قوله: (وَانْتَكَسَ): قال في «المطالع»: (أي: لا استقلَّ حتَّى يَسقط أخرى، وقيل: لا يزال منكوسًا في سِفال، وذكر بعضهم: «انتكش»؛ بشين معجمة، وفسَّره بالرُّجوع، وجعله دعاءً له، لا عليه)، انتهى.

قوله: (وَإِذَا شِيكَ): هو بكسر الشين المعجمة، وإسكان المثنَّاة تحت، ثمَّ كاف، وهو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، ومعناه: وإذا أصابته شوكة؛ فلا أخرجها بالمِنْقاش، وهذا دعاءٌ عليه.

(1/5578)

قوله: (فَلَا انْتَقَشَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ معناه: إن أصابته شوكة في قدمه؛ فلا قدر على إخراجها، يقال: انتقش _بالقاف والشين المعجمة_ إذا سلَّ الشوكة [7] من قدمه بالمِنْقَاش؛ وهو شبه جفتٍ صغيرٍ يجذب به الشَّوكة من القدم، وفي «الجمهرة»: (المِنْقاش: المِنْتاخ، وهو أيضًا المِنْماص) انتهى، والظَّاهر أنَّ الذي تُسمِّيه الناس المِلْقَطَ، قال بعضهم: وعن ابن قتيبة قال: (سمعت من يرويه بالعين بدل القاف؛ أي: ارتفع، يقال: نعشتُ الرَّجلَ، وأنعشتُه؛ إذا رفعتَه مِن عثرته، ولا معنى له مع ذكر الشَّوكة) انتهى.

قوله: (طُوبَى لِعَبْدٍ): (طُوبى): (فُعْلَى)، من الطِّيب، وقيل: هي الشجرة التي في الجنَّة، وسيجيء قريبًا فيه، وأنَّه من الطَّيِّب.

قوله: (آخِذٍ): هو بمدِّ الهمزة وكسر الخاء، اسم فاعل.

قوله: (أَشْعَثَ رَأْسُهُ): (أشعث): يجوز فتحه؛ لأنَّه لا ينصرف، وهو صفة لـ (عَبْدٍ) المجرور، وعلامة الجرِّ فيه الفتحةُ، ويجوز رفعُه.

قوله: (مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ): يجوز في (مغبرَّة) الجرُّ مع التَّنوين؛ لأنَّه صفة لمجرور، كما تَقَدَّم، ويجوز رفعه مُنوَّنًا، كما تَقَدَّم في (أشعث).

قوله: (وَإِنْ شَفَعَ): هو بفتح الفاء، وهذا غاية في الظُّهور، إلَّا أنِّي سُئِلتُ عنه، وأُخبِرتُ عن بعض طلبة العلم أنَّه وقع له وكشف عليه أو غلط [8] فيه وقال: إنَّه مكسور الفاء، والله أعلم.

==========

[1] في (ق): (وزاد: حدَّثنا عمرو)، وفي هامشها: (فائد: يعني: ابن مرزوق)، (الصَّواب: حذفُ «حدَّثنا» التي في الأصل قبل «عمرو»، والظاهر أنَّها كانت: «وزادنا عمرو»، فظنَّ المقابل أنَّ الضمير: «حدَّثنا»، وقد رأيت في نسخة صحيحة: «وزاد لنا»، وهذه هي الصواب).

[2] وكذا في «اليونينيَّة».

[3] في (ب): (وزاد حدثنا، فذكره)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[4] زيد في (ب): (أن).

[5] زاد في (ب): (انتهى).

[6] زيد في (ب): (قربيًا)، وهو تكرارٌ.

[7] في (ب): (شوكه).

[8] في (ب): (عليه وأغلط).

(1/5579)

[باب فضل الخدمة في الغزو]

(1/5580)

[حديث أنس: خرجت مع رسول الله إلى خيبر أخدمه]

2889# قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ): هو بفتح الحاء المهملة، وإسكان النون، وفتح الطاء المهملة أيضًا، ثمَّ موحَّدة، كذا ضبطه غيرُ واحد من الحُفَّاظ، ورأيت في نسخة صحيحة بـ «البخاريِّ» في الأصل كما ضبطته، وصحَّح عليه مرَّتين، وفي الهامش: (حَنْطَب)؛ بفتح الحاء المهملة، ثمَّ سكون النون، وبالطاء المهملة المفتوحة، وبضمِّ الحاء والطاء، وفي الهامش أيضًا نسخة؛ وهي إعجامُ الطَّاء مُدلَّسة الحركات، وكُتِب فوقها ما صورته: (متن)، وتحت (متن): (ب)، وما أدري ما أراد بقوله: (ب) [1]، والله أعلم، وهي نسخة مخضومة مقابلة بعدَّة نسخ، وهي بغداديَّة، وهي بخطِّ شخص معروف بالطلب ببغداد، وقد قرأها على شيخنا غياث الدِّين ابن العاقوليِّ، وعليها طبعة بخطِّ ابن العاقوليِّ أنَّها قُرِئت عليه، وذكر أسانيده فيها، والله أعلم، وما عمله نسخةً [2] هو المعروف في اللُّغة، وهو بفتح الظاء المعجمة المشالة وضمِّها، وهو ذَكَرُ الجراد، وذَكَرُ الخنافس، أو ضربٌ منه طويل، أو دابَّةٌ مثله.

قوله: (إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّم متى كانت (خيبر) بما فيه من الخلاف.

قوله: (وَبَدَا لَهُ أُحُدٌ): (بدا): غيرمهموز، بل معتلٌّ؛ أي: ظهر، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ): هل هو مجاز أو حقيقة؟ والصَّحيح: أنَّه حقيقة، وسيأتي مُطَوَّلًا [3].

قوله: (مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا): تَقَدَّم أنَّ (اللَّابتين): الحرَّتان، وتَقَدَّم ضبط (اللَّابة)، وأنَّها بترك الهمز [4]، وتَقَدَّم الكلام على (الصَّاع) و (المُدِّ).

==========

[1] في النُّسختين: الرَّمزان بلا نقط.

[2] (نسخة): سقط من (ب).

[3] زيد في (ب): (إن شاء الله تعالى).

[4] في (ب): (الهمزة).

[ج 1 ص 734]

(1/5581)

[حديث: ذهب المفطرون اليوم بالأجر]

2890# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن زكريَّا الخُلْقانيُّ، عن حُصَين [2]، وعاصم الأحول، وعدِّة، وعنه: سعيد بن منصور، ولُوَين، وعدَّة، صدوق، اختلف قول ابن معين فيه، تُوُفِّيَ سنة (173 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم كلام عبد الرَّحمن بن المبارك: أنَّ كلَّ مَن اسمُه عاصمُ في حفظه شيءٌ، وأنَّ يحيى القطَّان قال: ما وجدت رجلًا اسمُه عاصمٌ إلَّا وجدته رديء الحفظ.

قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ): هذا هو عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرَّحمن البصريُّ، عن عبد الله بن سرجس، وأنس، وعمرو بن سلمة، وخلق، وعنه: شعبة، وابن عُليَّة، وخلقٌ، قال أحمد: ثقة من الحُفَّاظ، مات سنة (142 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد قَدَّمتُ الكلام في كلِّ مَن اسمه عاصم، والله أعلم.

قوله: (عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ): هو بضَمِّ الميم، وفتح الواو، وتشديد الرَّاء مكسورة، وبالقاف، اسم فاعل من (ورَّق)، عجليٌّ، يروي عن عمر، وسلمان، وخلقٍ، وعنه: قتادة وحميد، ثقة عابد مجاهد مؤثر، أخرج له الجماعة، قال ابن سعد: (مات في [3] ولاية عمر بن هبيرة على العراق)، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره.

قوله: (فَبَعَثُوا الرِّكَابَ)؛ أي: أثاروها من مُناخها.

قوله: (وَعَالَجُوا)؛ أي: مارسوا الأعمال.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).

[2] في (ب): (حصن)، وهو تحريفٌ.

[3] زيد في (ب): (آخر).

[ج 1 ص 734]

(1/5582)

[باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر]

(1/5583)

[حديث: كل سلامى عليه صدقة كل يوم يعين الرجل في دابته]

2891# قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، وتَقَدَّم أنَّ (هَمَّامًا) هو ابن مُنبِّه بن كامل اليماني.

قوله: (كُلُّ سُلَامَى): تَقَدَّم الكلام عليها، وهل هي [1] مفرد أو جمع، وهي المفاصل.

قوله: (كُلَّ يَوْمٍ): (كلَّ): مَنْصوبٌ على الظرف.

قوله: (يُحَامِلُهُ عَلَيْهَا): قال ابن قُرقُول: (من الحمل؛ أي: يعقبه) انتهى، وقال شيخنا: (يعينه في الحمل، فيحملان [2] بينهما) انتهى.

قوله: (وَكُلُّ خَطْوَةٍ): هي في أصلنا بفتح الخاء، وضمِّها بالقلم، وهي بالضَّمِّ: ما بين القدمين، وبالفتح: المرَّة الواحدة.

قوله: (وَدَلُّ الطَّرِيقِ): هو بفتح الدال المهملة، وتشديد اللَّام؛ أي: دلالته وهدايته مَنْ لا يعرفه.

(1/5584)

[باب فضل رباط يوم في سبيل الله]

[ج 1 ص 734]

قوله: (بابُ فَضْلِ الرِّبَاطِ [1] فِي سَبِيلِ اللهِ): (الرِّباط): ملازمة الثَّغر؛ للجهاد في سبيل الله عزَّ وجلَّ، وشبَّهوا به المصلِّي في الآخر، وربط الخيل: حبسها وإعدادها لما تراد له من جهادٍ، وكسب، وغير ذلك، وقيل: معناه: أنَّ هذا يربط صاحبه عن المعاصي، ويعقله عنها، فهو كمن رُبِط وعُقِل.

(1/5585)

[حديث: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها]

2892# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): هو بإسكان المثنَّاة تحت، تَقَدَّم مرارًا.

قوله: (سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّه لا يأتي إلَّا بالألف واللَّام بخلاف (نصر)؛ فإنَّه لا يأتي بهما، وتَقَدَّم أنَّ اسمه هاشم بن القاسم، وكذا تَقَدَّم (أَبُو حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار، أبو حازم، الأعرج.

قوله: (رِبَاطُ يَوْمٍ): تَقَدَّم أعلاه ما الرِّباط، وكذا تَقَدَّم قبله (الرَّوْحَةُ) و (الغَدْوَةُ) ما هما.

==========

[ج 1 ص 735]

(1/5586)

[باب من غزا بصبي للخدمة]

(1/5587)

[حديث: التمس غلامًا من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر]

2893# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): هو يعقوب بن عبد الرَّحمن القاريُّ المدنيُّ، نزل الإسكندريَّة، عن زيد بن أسلم وسهيل بن أبي صالح، وعنه: قتيبة ويحيى ابن بُكَير، مات سنة (181 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين.

تنبيهٌ: هذا غير يعقوب بن عبد الرَّحمن الجصَّاص، الدَّعَّاء الواعظ، هذا له جزءان معروفان، وهو يروي عن ابن عرفة وحفص الرَّبَاليِّ [1]، وعنه: الدَّراقطنيُّ، وابن جُمَيع الصَّيْداويُّ، قال الخطيب: في حديثه وَهَمٌ كثير، مات سنة (331 هـ)، وقال الحافظ أبو مُحَمَّد الحسن ابن غُلَامِ الزُّهريِّ: ليس بالمرضيِّ.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو عمرو بن أبي عمرو، مولى المطَّلب بن عبد الله بن حنطب.

قوله: (قَالَ لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّم أنَّه زيد بن سهل، الصَّحابيُّ المشهور، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ): (الغلام): يُقال للصبيِّ من حين يولد إلى أن يبلغ: غلامٌ، وتصغيره: غُلَيم، وجمعه: غِلمان، وأُغيلمة: تصغيرٌ، ويُقال أيضًا للرجل المستحكم القوَّة: غلامٌ، قاله ابن قُرقُول، والمراد هنا الأوَّل، وقد تَقَدَّم الكلام في (الغلام) فيما مضى.

قوله: (يَخْدُمنِي) [2]: هو مجزوم جواب الأمر، ويجوز رفعه.

قوله: (حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ): قد يتوَّهم من هذا متوهمٌ أنَّه إنَّما الخدمة [3] من عام خيبر، وقد [4] قَدَّمتُ أنَّها كانت في آخر السادسة [5] أو في أوَّل السابعة، ويعارضه قولُه: (خدمتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عشرَ سنين)؛ يعني: مدَّة إقامته بالمدينة، ولعلَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أراد غلامًا آخرَ يخدمه في السفر، فجاء أبو طلحة عمُّ أنسٍ زوجُ أمِّه بأنسٍ، فقال: (هذا يخدمك)، فخدمه مستمرًّا، والله أعلم.

قوله: (وَأَنَا غُلَامٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ): كأن أنسًا _والله أعلم_ تأخَّر احتلامه؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لمَّا قدم المدينة؛ كان لأنس عشرُ سنين، وقد قَدَّمتُ متى كانت خيبر، والمراد بالبلوغ: الاحتلام، لا السِّنُّ، والله أعلم.

(1/5588)

قوله: (مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ): (الحَزَن) و (الحُزْن) لغتان [6]، قال ابن قُرقُول: (قيل: هما بمعنًى واحدٍ؛ وهو تحسُّر القلب، وشغلُه بالفكر، والتأسُّف على ما فات من الدنيا، وقيل: هو شغل القلب وفكرته فيما يخاف ويُرجى في المستقبل من غنًى أو فقرٍ، وغير ذلك من الحوادث الطارئة المتوقَّعة، وقيل: الحَزَن: على ما فات، والهمُّ: على ما هو آتٍ، استعاذ صلَّى الله عليه وسلَّم من ذلك كلِّه؛ لأنَّ مقامَه [7] أسنى، ومنزلته في التوكُّل أعلا من أن يحزنه أو يهمَّه شيءٌ من أمور الدنيا، ويُقال: حزنني وأحزنني لغتان، وحَزِنَ، وحَزنَ)، وقال أبو حاتم: أحزنني في الماضي، والأوَّل أشهر، وقد قُرئ بـ (أحزنه) و (حزنه).

قوله: (وَالْبُخْلِ): (البُخْل) و (البَخَلُ) لُغتان معروفتان.

قوله: (وَالْجُبْنِ): تَقَدَّم أنَّه ضدُّ الشجاعة، ويقال: جُبْن وجبُنٌ لُغَتان.

قوله: (وَضَلَعِ الدَّيْنِ): هو بفتح الضاد المعجمة، واللَّام، وبالعين المهملة، وهو شدَّته وثقل حمله، قال ابن قُرقُول: ورُويَ عن الأصيليِّ في موضع بالظاء، ووهَّمه بعضهم، والذي حكى ابن العربيِّ بالضاد.

قوله: (ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ): (ذُكِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (جمالُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (صفيَّة): أمُّ المؤمنين بنت حيَيٍّ؛ بضَمِّ الحاء المهملة وكسرها، وفتح الياء المثنَّاة تحت، ثمَّ مثلها مشدَّدة، وحييٌّ قُتِل على يهوديَّته في بني قريظة، و (أَخْطَب): بفتح الهمزة، ثمَّ خاء معجمة ساكنة، ثمَّ طاء مهملة مفتوحة، ثمَّ موحَّدة، تَقَدَّم.

قوله: (وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا): (قُتِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (زوجُها): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهو كنانة بن [8] الربيع بن أبي الحُقَيْق، تَقَدَّم.

قوله: (سَدَّ الصَّهْبَاءِ): (سدُّ)؛ بفتح السين وضمِّها، وتشديد الدال، المهملتين: جبلها، ويُقال: ما كان خلقةً؛ فهو بالضَّمِّ، و (الصَّهْباء): بفتح الصاد

[ج 1 ص 735]

المهملة، ثمَّ هاء ساكنة، ثمَّ موحَّدة، ثمَّ همزة ممدودة، وهي على رَوْحة من خيبر.

تنبيهٌ: تَقَدَّم (سدُّ الرَّوحاء) في (البيوع)، وهو غلطٌ، والله أعلم.

قوله: (حَلَّتْ): أي: طهرت من حيضها.

(1/5589)

قوله: (فَبَنَى بِهَا): يُقال: بنى بأهله، وبنى على أهله، وأنكر يعقوبُ: (بنى بها)، ونسبه إلى العامَّة، وقد رأيتَ مَن تكلَّم به، فهو حجَّة على يعقوب، وكذا غيره من الأحاديث؛ كقوله: (وبنى بها وهو مُحرِمٌ) في قصَّة ميمونة، وغير ذلك، وأصل (بنى عليها [9]): أنَّهم كانوا إذا أراد أحدهم الدخولَ على أهله؛ رفع [10] قبَّةً أو بناءً يحُلَّان فيه.

قوله: (ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا): هو بفتح الحاء، وإسكان المثنَّاة تحت، ثمَّ سين، مهملتين، وقد تَقَدَّم ما هو.

قوله: (فِي نِطَعٍ): تَقَدَّم ما فيه من اللُّغَات، وأنَّ أفصحهنَّ كسرُ النون وفتحُ الطاء.

قوله: (آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ): (آذِن): هو بمدِّ الهمزة، وكسرالذال المعجمة؛ أي: أَعلِم.

قوله: (فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَتَهُ [11]): (وليمتَه): بالنصب خبر (كانت)، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (يُحَوِّي لَهَا): هو بضَمِّ المثنَّاة تحت، وفتح المهملة، وتشديد الواو المكسورة، ثمَّ ياء، قال ابن قُرقُول: (يُحَوِّي لها) كذا رُوِّينَاه، وذكره ثابتٌ والخطَّابيُّ: (يَحْوي)، ورُوِّيناه كذلك عن بعض رواة البخاريِّ، وكلاهما صحيحٌ، وهو أن يجعل لها حَوِيَّة؛ وهو كساءٌ محشوٌّ بليفٍ يُدار حولَ سنام الراحلة، وهو مركبٌ من مراكب النساء، وقد رواه ثابتٌ: (فيُحَوِّل [12])؛ باللَّام، وفسَّره: يُصلِح لها عليه مركبًا.

قوله: (هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ الصحيح أنَّه حقيقةٌ، خلق الله فيه الحبَّ، وسيأتي مُطَوَّلًا.

قوله: (مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا): تَقَدَّم أنَّ (اللَّابة)؛ بغير همز: الحرَّةُ، والحرَّة: أرضٌ تركبها [13] حجارةٌ سودٌ.

==========

[1] في (ب): (الزباني)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (يحدثني)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ب): (الحدية)، وهو تحريفٌ.

[4] (قد): سقط من (ب).

[5] زيد في (ب): (من الهجرة).

[6] (الحَزَن والحُزْن لغتان): سقط من (ب)، وجاء في هامش (أ) بلا إشارة، ولعلَّ موضعه هنا.

[7] في (ب): (معالجة)، وهو تحريفٌ.

[8] (بن): سقط من (ب).

[9] في (ب): (بها).

[10] في (ب): (يقع)، وهو تحريفٌ.

[11] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَلِيمَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[12] في مصدره: (يحوِّل).

[13] في (ب): (تركها)، وهو تحريفٌ.

(1/5590)

[باب ركوب البحر]

(1/5591)

[حديث: عجبت من قوم من أمتي يركبون البحر كالملوك .. ]

2894# 2895# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وهو بعيدٌ من العرامة، والعارم: الشِّرِّير أو الشَّرِس.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ): أنَّه بفتح الحاء، وتشديد الموحَّدة، وتَقَدَّم مَن يقال له: حَبَّان؛ بالفتح، وحِبَّان؛ بالكسر، في «البخاريِّ» و «مسلم»، و «المُوَطَّأ»، والله أعلم، وكذا تَقَدَّم (أُمُّ حَرَامٍ): أنَّها بالراء، وأنَّ اسمها الغميصاء أو الرُّميصاء، وقَدَّمتُ بعض ترجمتها، وأين تُوُفِّيَت، ومتى تُوُفِّيَت، رضي الله عنها.

قوله: (قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا): هو من القيلولة، لا من القول.

قوله: (فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ): تَقَدَّم الكلام [1] عليه في الورقة التي قبل هذه بورقتين [2]؛ فانظره، وكذا (قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا): أنَّها كانت بغلةً.

==========

[1] زيد في (ب): (الكلام)، وهو تكرارٌ.

[2] في (ب): (بثلاثة أوراق).

[ج 1 ص 736]

(1/5592)

[باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب]

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ): تَقَدَّم غير مرَّةٍ _ومنها في أوَّل هذا التَّعليق_ أنَّه صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مَناف.

قوله: (قَالَ لِي قَيْصَرُ): تَقَدَّم أنَّه [1] لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الروم في أوَّل هذا التَّعليق، وهو [2] هرقل، وتَقَدَّم (هرقل) بلُغَتَيه.

==========

[1] في (أ): (أن)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (واسمه).

[ج 1 ص 736]

(1/5593)

[حديث: هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟!]

2896# قوله: (عَنْ [1] مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ طَلْحَةَ): أمَّا (مُحَمَّد بن طلحة)؛ فهو ابن مُصَرِّف، يروي عن أبيه وطائفةٍ، وعنه: ابن مهديٍّ، وسليمان بن حرب، وابن الجَعْد، قال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، قال ابن معين: يُتَّقى حديثه، وقال مرَّةً: ضعيف، وقال أبو زرعة وغيره: صدوقٌ، تُوُفِّيَ سنة (167 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان»، وأمَّا والده (طلحة)؛ ابن مُصَرِّف بن عمرو الياميُّ، أحد أئمَّة الكوفة، عن عبد الله بن أبي أوفى، وأنسٍ، ومُرَّةَ الطِّيب، وعدَّةٍ، وعنه: ابنه مُحَمَّد، ومسعر، وشعبة، وخلقٌ، وثَّقوه، وقال ابن إدريس: (كانوا [2] يسمُّونه سيِّدَ القرَّاء)، مات سنة (112 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وأبو حاتم.

قوله: (عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: رَأَى سَعْدٌ [3] أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخر الحديث: أمَّا (مصعب بن سعد)؛ فهو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب، وسعد أحد العشرة، وهذا ظاهرٌ، يكنى مصعب أبا [4] زرارة، مدنيٌّ، عن أبيه، وعليٍّ، وطلحة، وعنه: عمرو بن مُرَّة وأبو إسحاق، نزل الكوفة، تُوُفِّيَ سنة (103 هـ) [5]، أخرج له الجماعة، قال ابن سعد: ثقةٌ كثيرُ الحديث، وهذا الحديث مرسلٌ؛ لأنَّ مصعبًا تابعيٌّ حكى واقعةً لم يدركها، ولو أدركها؛ لكان يكون صحابيًّا، قال النَّوويُّ في «رياضه»: (وقد وصل هذا الحديثَ أبو بكر البرقانيُّ [6] في «صحيحه»، فقال: عن مصعب بن سعد عن أبيه) انتهى.

ولا حاجة إلى عزوه للبرقانيِّ [7]؛ فهو في «النَّسائيِّ الصغير» في (الجهاد)، بوَّب عليه النَّسائيُّ: (الاستنصار بالضعيف)، انتهى.

وأنا أعجبُ من دخول هذا على البخاريِّ وهو ظاهر الإرسال، وفي «النَّسائيِّ»: (بصومهم، وصلاتهم، ودعائهم) انتهى.

وتأويل ذلك: أنَّ عبادة الضعفاء، ودعاءهم أشدُّ إخلاصًا، وأكثرُ خشوعًا؛ لخلوِّ قلوبهم من التعلُّق بزخرف الدنيا وزينتها، وصفاءِ ضمائرهم ممَّا يقطعهم عن الله تعالى، فجعلوا همَّهم همًّا واحدًا، فزكت أعمالُهم، وأُجيبَ دعاؤهم، والله أعلم.

قوله: (هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ): هما مبنيَّان لما لم يُسمَّ فاعلهما.

(1/5594)

[حديث: يأتي زمان يغزو فئام من الناس]

2897# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو فيما يظهر أنَّه المُسنديُّ، وتَقَدَّم في (الجمعة) ما يؤيِّده [1].

قوله: (عَنْ [2] سُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة أعلاه [3]، و (عَمْرو): هو ابن دينار، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ الصَّحابيُّ، و (أَبُو سَعِيدٍ): هو سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ؛ فاعلمه.

[ج 1 ص 736]

قوله: (يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ): (الفِئَام): بكسر الفاء، ثمَّ همزة مفتوحة، قال ابن قُرقُول: أي: جماعةٌ، وقيل: الطائفة، وقال ثابتٌ: مأخوذ من الفئام؛ وهو كالقطعة من الشيء، وقال بعضهم: بفتح الفاء، حكاه الخليل، وهي رواية القابسيِّ، وأدخله صاحب «العين» في الياء بغير همز، وغيرُه بهمزٍ، وفي المهموز ذكره الهرويُّ، وكذا قُيِّد عن أبي ذرٍّ، وحكى الخطَّابيُّ: أنَّ بعضهم رواه بفتح الفاء، وشدِّ الياء، وهو غلطٌ، انتهى.

قوله: (فَيُفْتَحُ عَلَيْهِ): وكذا الثانية والثالثة؛ كلُّها مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/5595)

[باب: لا يقول فلان شهيد]

قوله: (بِمَنْ يُكْلَمُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه؛ أي: يُجرَح، وقد [1] تَقَدَّم الكلام على [2] (الكَلْم).

(1/5596)

[حديث: الله أعلم بمن يجاهد في سبيله، الله أعلم بمن يكلم في سبيله]

2898# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّه سلمة بن دنيار.

قوله: (الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا): وذكر فيها قصَّة قزمان، وهذا كان في أُحُد، وذكرها البخاريُّ في خيبر، واختُلف عندهما؛ هل هي حنين أو خيبر، قال ابن قُرقُول: («حنينًا» كذا لجميع رواة مسلم، وبعضِ رواة البخاريِّ من طريق يونس، عن الزُّهريِّ، وكذا للمروزيِّ، وصوابه: «خيبر») انتهى، وسأذكره مُطَوَّلًا من عند ابنِ قُرقُول، وكذا صوَّبه القاضي، كما حكاه النَّوويُّ عنه، والذي ظهر لي: أنَّه _كما ذكر أهل المغازي_ قصَّته في أُحُد، والتعدُّد خلاف الأصل، وسأذكره مُطَوَّلًا في (خيبر)، وأذكر هناك أنَّ الخطيب قال: (إنَّها في أُحُد)، والنَّوويَّ أقرَّه على أنَّها في أُحُد، وأذكر في ذلك حديثًا من «مسند أبي يعلى»: أنَّها في أُحُد.

قوله: (وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ [1] ... ) إلى آخره: هذا (الرجل): تَقَدَّم أعلاه أنَّ اسمه قزمان، وهو منافقٌ معدودٌ فيهم، وكنيته أبو الغَيْداق، وكان قَتْلَه نفسَه في أُحُد، كما ذكره أهل المغازي، وسيجيء ذلك في (غزوة خيبر)، كما ذكره في «البخاريِّ»، وسأذكر مَن نُبِزَ بنفاقٍ في (سورة المنافقين) مرتَّبِين على حروف المعجم، وقد قال ابن عبَّاس: كان المنافقون من الرجال ثلاثَ مئةٍ، ومن النساء مئةً وسبعين.

تنبيهٌ: المنافقون كلُّهم كانوا مشايخ غير واحدٍ منهم؛ وهو قيس بن عمرو بن سهل؛ فإنَّه شابٌّ، والله أعلم.

قوله: (لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً): (الشذوذ): الانفراد، و (الفاذَّة): الفردة، وهي بمعنى الشاذَّة؛ ومعناه: لا يدع لهم من الناس أحدًا، ولا من فذَّ وشذَّ؛ أي: انفرد؛ أي: لا يدع نفسًا إلَّا قتلها واستقصاها، قال ابن الأنباريِّ: (يُقال: ما يدع فلانٌ شاذًّا ولا فاذًّا؛ إذا كان شجاعًا لا يَلقى أحدًا إلَّا قتله).

قوله: (كَمَا أَجْزَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهرٌ، وكذا [2] الثانية.

قوله: (أَمَا إِنَّهُ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّه): بكسر الهمزة، وقد تَقَدَّم أنَّ (أَمَا) للإستفتاح؛ كـ (أَلَا)، وإذا كان كذلك؛ فإنَّ (إنَّ) مكسورةٌ بعدها.

(1/5597)

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ): هذا (الرجل): قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (إنَّه أكثم بن الجون، ويُقال: أكثم بن أبي الجون)، وذكر مستنده من «أُسْد الغابة».

قوله: (فَجُرِحَ الرَّجُلُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (الرجلُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ [3]): وسيأتي: (فانتزع أسهمًا [4] من كنانته، فنحر بها نفسه)، وفي «سيرة ابن إسحاق»: أنَّه أخذ سهمًا من كنانته، فقطع به رواهش يده، فقتل نفسه، انتهى، وكأنَّه فعل الثلاثة، و (الرواهش): عروق باطن الذِّراع، وسيجيء ذلك أيضًا في (خيبر) حيث ذكر قصَّتَه البخاريُّ، والله أعلم.

قوله: (آنِفًا): تَقَدَّم أنَّه بالمدِّ والقصر، وهما قراءتان في السبع، ومعناه: الساعة.

قوله: (فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ): (الناسُ): مَرْفوعٌ فاعل.

قوله: (فِيمَا يَبْدُو): أي: يظهر، وهو معتلٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وكذا الثانية بعدها.

(1/5598)

[باب التحريض على الرمي]

(1/5599)

[حديث: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا ارموا وأنا مع .. ]

2899# قوله: (عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ ... ) إلى آخره: استُدلَّ بهذا على أنَّ قحطان من ولد إسماعيل [1]؛ لأنَّه قال: (من أسلم ... بني إسماعيل)، و (أَسْلَمُ): هو ابن أفصى، أخوه خزاعة، وهم بنو حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر، وهم من سبأ بن يشجُبَ بن يعرُبَ بن قحطان، قال السُّهيليُّ: (ولا حجَّة عندي في هذا الحديث لأهل هذا القول؛ لأنَّ اليمن لو كانت من [2] إسماعيل مع أنَّ عدنان كلَّها من إسماعيل بلا شكٍّ؛ لم يكن لتخصيص هؤلاء القوم بالنسب إلى إسماعيلَ معنًى؛ لأنَّ غيرهم من العرب أيضًا أبوهم إسماعيل، ولكن في الحديث دليلٌ _والله أعلم_ أنَّ خزاعة من بني قمعة أخي مدركة بن إلياس بن مضر، كما سيأتي بيانه [3] في هذا الكتاب _يعني: «روضه» _ عند حديث عمرو بن لُحَيٍّ [4] إن شاء الله تعالى، وكذلك قول أبي هريرة: «هي أمُّكم يا بني ماء السماء»؛ يعني: هاجر، يحتمل أن يكون تأوَّل في قحطان ما تأوَّله غيره، ويحتمل أن يكون نسبهم إلى ماء السماء على زعمهم، فإنَّهم ينتسبون إليه؛ كما يُنسَب كثيرٌ من قبائل العرب إلى حاضنتهم وإلى رابِّهم؛ أي: زوج أمِّهم، كما سيأتي بيانه في قضاعة إن شاء الله تعالى).

وقال في المكان المذكور وذكر عمرو بن لُحيِّ بن قمعة بن إلياس: (وقد تَقَدَّم في نسب خزاعة وأسلم أنَّهما ابنا حارثة بن ثعلبة، وأنَّ ربيعة بن حارثة هو أبو خزاعة، وقول النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأسلم: «ارموا بني إسماعيل، فإنَّ أباكم كان راميًا» هو معارِضٌ [لحديث] أكثم بن الجون في الظاهر، إلَّا أنَّ بعض أهل النسب ذكر أنَّ عمرَو بن لُحَيٍّ كان حارثة قد خلف على أمِّه بعد أن آمَّت من قمعة ولُحَيٌّ صغير، ولُحَيٌّ هو ربيعة، فتبنَّاه [5] حارثة وانتسب إليه، فيكون النسب

[ج 1 ص 737]

صحيحًا بالوجهين جميعًا؛ إلى حارثة بالتبنِّي، وإلى قمعة بالولادة، وكذلك أسلم بن أفصى بن حارثة، وأنَّه أخو خُزاعة، والقول فيه كالقول في خُزاعة، وقيل في أسلم بن أفصى بن [حارثة: إنَّهم من بني] [6] أبي حارثة بن عامر، لا من بني حارثة، فعلى هذا لا يكون في الحديث حجَّة لمن نسب [7] قحطان إلى إسماعيل، والله أعلم ... ) إلى آخر كلامه، انتهى.

قوله: (يَنْتَضِلُونَ): هو بالنون الساكنة، ثمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ ضاد معجمة مكسورة؛ أي: يرمون بأَسْهُمٍ.

(1/5600)

قوله: (ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ): (ارم): همزه همزة وصلٍ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ): قال [8] بعض الحُفَّاظ العصريِّين: لم أرَ تعيينَ البطن المذكور، إلَّا أنَّ في رواية أخرى: «وأنا مع بني الأدرع»، وقد سُمِّيَ منهم: مِحْجَن وسلمة، والأدرع لقبٌ، واسمه ذكوان.

وعند ابن إسحاق في «المغازي» عن سفيان بن فروة الأسلميِّ عن أشياخٍ من قومه من الصَّحابة قالوا: مرَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ونحن نتناضل، فبينا [9] مِحْجَن يناضل رجلًا منَّا، فقال: «ارموا»، فألقى نضلةُ قوسَه من يده وقال: والله؛ لا أرمي مع محجن وأنت معه، قال: «ارموا وأنا معكم كلِّكم»، وعُرِف بهذا تسميةُ القائل: (كيف نرمي؟)؛ وهو نضلة الأسلميُّ، ويحتمل أن يكون هو أبا برزة؛ فإنَّ اسمه نضلة بن عبيد، وفي «الطبرانيِّ» من حديث حمزة بن عمرو الأسلميِّ في هذا الحديث: «وأنا مع مِحْجَن بن الأدرع»، انتهى.

وقال ابن قُرقُول: كذا جاء في أكثر الروايات والأحاديث _يعني: «وأنا مع بني فلان» _ وجاء في (باب {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ} [مريم: 54]): «وأنا مع ابن فلان»، كذا للقابسيِّ وأبي ذرٍّ، ولغيره كما تَقَدَّم، والصَّواب روايةُ القابسيِّ وأبي ذرٍّ؛ لأنَّه جاء في الحديث الآخر: «وأنا مع ابن الأدرع»، قال عياض: بل الصَّواب رواية الكافَّة، وهو المرويُّ بغير خلاف في غير هذا الباب، ولقولهم: (كيف نرمي وأنت معهم؟) انتهى.

اعلم أنَّ أبا عمر في «الاستيعاب» سمَّى ابن الأدرع مِحْجَنًا، وذكره في الأسماء، وقال [10] الذهبيُّ في «تجريده» في الأبناء: ابن الأدرع الذي قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «وأنا مع ابن الأدرع»: اسمه سَلمة، أو مِحْجن، وعلَّم عليه علامة [11] «المسند»، وقد راجعت «رجال المسند» للحسينيِّ [12]، فرأيته قال ما لفظه: (قال: كنت أحرس النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذات ليلة، فخرج لحاجته ... )؛ فذكر قصَّة ذي البجادين، ولم يذكره في الأسماء، وذكر الذهبيُّ في الأسماء: سلمة بن الأدرع، روى عنه زيدُ بن أسلم إن كان متَّصلًا، انتهى.

(1/5601)

وقد حمَّر عليه، فهو عنده تابعيٌّ؛ لأنَّ شرطه كذلك، وذكر في (مِحْجن بن الأدرع الأسلميِّ) قال: (قديم الإسلام، نزل البصرة، واختطَّ مسجدها [13]، له أحاديثُ) انتهى، ومِحْجن هذا له في «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و «المسند»، و «الأدب المفرد» للبُخاريِّ، قال الذهبيُّ في «تذهيبه»: (مِحْجن بن الأدرع الأسلميُّ الذي قال فيه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ارموا وأنا مع ابن الأدرع»، سكن البصرة، واختطَّ مسجدها، روى عنه: حنظلة [14] بن عليٍّ الأسلميُّ، وعبد الله بن شقيق، ورجاء بن أبي رجاء الباهليُّ، يُقال: مات في آخر خلافة معاوية، له في الكتب حديثان) انتهى، ورقم عليه: (بخ [15]، د، س) [16]، وقد ذكر غير واحد مِحْجنَ [17] بن الأدرع، ورأيت في «مبهمات» ابن شيخنا الحافظ وليِّ الدين أبي زرعة بن العراقيِّ: (حديث «ط»: «ارموا وأنا مع ابن الأدرع»: اسمه بجلمة بن ذكوان) انتهى [18]، والطاء علامة ابن طاهر في «مبهماته»، وقد ذكر ابن الجوزيِّ ابنَ الأدرع في «تلقيحه»، وسمَّاه سلمةَ، وسمَّى أباه ذكوانَ، فلعلَّ (بجلمة) تصحيفٌ من (سلمة)، والله أعلم.

قوله: (ارْمُوا وَأَنَا [19] مَعَكُمْ كُلِّكُمْ): (كلِّكم): مجرورٌ، وجرُّه معروفٌ.

تنبيهٌ: في «مستدرك الحاكم» في (كتاب الجهاد): (فلقد رموا عامَّة يومهم ذلك، ثمَّ تفرَّقوا على السَّواء، ما نضل بعضُهم بعضًا)، قال الحاكم: صحيحٌ، وأقرَّه عليه الذهبيُّ في «تلخيصه».

==========

[1] زيد في (ب): (عليه السلام).

[2] في (ب): (مع)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[3] (بيانه): ليس في (ب).

[4] في (ب): (يحي)، وهو تحريفٌ.

[5] في النسختين: (فتبنا حارثةَ)، والمثبت من مصدره.

[6] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[7] في (ب): (ينسب).

[8] زيد في (ب): (ابن قُرقُول: كذا جاء في كلام)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[9] في (ب): (فبينما).

[10] في (ب): (وذكر).

[11] زيد في (ب): (في).

[12] في (ب): (للحسني)، وهو تحريفٌ.

[13] في (ب): (مساجدها).

[14] في (ب): (حنطة)، وهو تحريفٌ.

[15] في (ب): (ع)، وليس بصحيح.

[16] أي: البخاريُّ في «الأدب المفرد»، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

[17] في (ب): (محجر)، وهو تحريفٌ.

[18] (انتهى): ليس في (ب).

[19] كذا في النسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فأنا).

(1/5602)

[حديث: إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل]

2900# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الْغَسِيلِ): هو بفتح الغين المعجمة، وكسر السين المهملة، هذا [1] عبد الرَّحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة؛ وهو الغَسِيل، غسلته الملائكةُ يوم أُحُد رضي الله عنه، وحنظلةُ هو ابن أبي عامر عمرِو بن صيفيِّ ابن زيدٍ الأنصاريُّ الأوسيُّ الضُبَعيُّ، يُعرَف أبو عامرٍ بالراهب في الجاهليَّة، فسمَّاهُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الفاسقَ، وقصَّته معروفةٌ، روى عبد الرَّحمن عن المنكدرِ وحمزةَ بن أبي أُسَيد الساعديِّ، ورأى أنسًا وسهلَ بن سعد، وعنه: وكيعٌ، وابن إدريس، وأبو نعيم، وجماعةٌ، وثَّقه ابن معين، وقال أيضًا في رواية عثمان الدارميِّ عنه: صُوَيلح، وقال النَّسائيُّ والدراقطنيُّ: ثقةٌ، وقال النَّسائيُّ أيضًا: ليس بالقويِّ، وقال مرَّةً: ليس به بأسٌ، وقال ابن عديٍّ: يُعتَبَر حديثه ويُكتَب، قال البخاريُّ: يُقال: مات سنة (171 هـ)، وفيها ورَّخه جماعةٌ، وقال أبو حسَّان الزياديُّ: سنة (172 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ): هو بضَمِّ الهمزة، وفتح السين، وقد قيل في والده: أَسِيد؛ بفتح الهمزة، وكسر السين، والأوَّل صُوِّب، و (حمزة) هذا: هو حمزة بن أبي [2] أُسَيد مالكِ بن ربيعة الساعديُّ، عن أبيه، وعنه: ابناه: مالكٌ ويحيى، والزُّهريُّ، وعبد الرَّحمن ابن الغَسِيل، نقلت من خطِّ الحافظ الياسوفيِّ ما لفظه: قال ابن القطَّان: مجهولٌ، وذكره ابن حِبَّان في «الثقات»، انتهى، وقد رأيته في «ثقات ابن حِبَّان»، ولم يذكره الذهبيُّ في «ميزانه»، وكان من حقِّه أن يذكرَه؛ لأنَّه من شرطه، والله أعلم، أخرج لحمزةَ البخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه.

(1/5603)

قوله: (إِذَا أَكْثَبُوكُمْ؛ فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ): قال ابن قُرقُول: (كذا رواه الكافَّة، وهو المعروف؛ أي: إذا أمكنوكم وقربوا منكم، والكثبُ: القربُ، وفسَّره في الحديث في كتاب «أبي داود»: غَشُوكم، وفسَّره في «البخاريِّ» بـ «أكثروكم»، ولا وجه له ههنا، وتابعه ابن المرابط، فقال: «جاؤوكم بكثرةٍ؛ كالكثيب من الرمل»، ورواه القابسيُّ: «أكبثوكم»؛ بتقدم الباء على الثاء المثلَّثة، وهو تصحيفٌ، وفسَّره بعضهم: من الكتيبة؛ وهي جماعة الخيل والرَّجل إذا اجتمعوا عليكم، وقيَّده بعضهم: «أكبتوكم»، وزعم أنَّه الصَّواب، وهو الخطأ المحض من جهة اللفظ والمعنى، إنَّما يُقال: كبته، لا أكبته؛ أي: ردَّه لغيظه)، انتهى.

(1/5604)

[باب اللهو بالحراب ونحوها]

(1/5605)

[حديث: بينا الحبشة يلعبون عند النبي بحرابهم دخل عمر]

2901# قوله: (حَدَّثَنَا [1] هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف الصنعانيُّ، أبو عبد الرَّحمن، قاضي صنعاء، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، و (مَعْمَر): هو ابن راشد، تَقَدَّم أنَّه بسكون العين، وفتح الميمين، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيّبِ): هو سعيد، تَقَدَّم أنَّ ياء أبيه فيها الفتح والكسر، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه (المسيَّب) بالفتح [2] ليس إلَّا.

[ج 1 ص 738]

قوله: (فَحَصَبَهُمْ): أي: رماهم بالحصباء؛ وهي الحصى الصغارُ.

قوله: (وَزَادَ عَلِيٌّ): وفي نسخة: (وزادنا عليٌّ)، (عليٌّ) هذا: هو عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور، و (عَبْد الرَّزَّاقِ): هو [ابن] همَّام، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، وقد تَقَدَّم أنَّ (زاد) مثلُ (قال)، فالظاهر أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، كما قالوا في نُظَرائه، والله أعلم.

==========

[1] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أخبرنا).

[2] (بالفتح): سقط من (ب).

(1/5606)

[باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه]

قوله: (المِجَنِّ): هو بكسر الميم، وفتح الجيم، وتشديد النون، وهو التُّرْس، والجمع: مَجانُّ؛ بفتح الميم.

فائدةٌ: تَقَدَّم أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان له ثلاثةُ أتراسٍ: الزلوق، وفُتق، وأُهدِيَ له تُرسٌ فيه تمثال عقاب أو كبش، فوضع يده عليه، فأذهب الله التمثالَ.

(1/5607)

[حديث: كان أبو طلحة يتترس مع النبي صلى الله عليه وسلم]

2902# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أنَّ الجيَّانيَّ قال عن أبي عبد الله النيسابوريِّ _يعني: الحاكم_: إنَّه أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ، يكنى أبا العبَّاس، ويُلقَّب مردويه، وقال الدَّراقطنيُّ: أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك: هو أحمد بن مُحَمَّد بن ثابت، يُعرَف بابن شَبُّويه، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن المبارك، أحد الأعلام، و (الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو، أبو عمرو، وتَقَدَّم الكلام على نسبته لماذا، وكذا [2] تَقَدَّم الكلام على (أَبِي طَلْحَةَ) زيدِ بن سهل الصَّحابيِّ المشهور، وتَقَدَّم بعض ترجمته.

قوله: (يَتَتَرَّسُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِتُرْسٍ وَاحِدٍ): قال شيخنا: (قيل: يريد: أنَّ الرامي لا يُمسِك التُّرْس؛ إنَّما يرمي بيديه جميعًا، فيسدُّه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لئلَّا يُرمَى، وهو كلامٌ صحيحٌ).

قوله: (تَشَرَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح التاء والشين المعجمة، وفتح الراء المشدَّدة، وهذا ظاهرٌ؛ أي: تَطلَّع.

==========

[1] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[2] (كذا): ليس في (ب).

[ج 1 ص 739]

(1/5608)

[حديث: لما كسرت بيضة النبي على رأسه وأدمي وجهه .. ]

2903# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (لَمَّا كُسِرَتْ بَيْضَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (كُسِرت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (بيضةُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، و (البيضة): الخُوذة، وقد تَقَدَّم مَن فعل ذلك به، وسأذكره أيضًا [1] قريبًا.

قوله: (وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ): (كُسِرت): أيضًا مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (الرَّباعيَةُ): مرفوعة، وهي نائبةٌ مناب الفاعل، وهي وزان (الثَّمَانِيَة [2])، وهي السِّنُّ التي بين الثنيَّة والناب، ولم تنكسر من أصلها، وإنَّما ذهب منها فلقة، وكان هذا في أُحُد، وكانت السُّفلى اليمنى، وقد ذكرتُ فيما مضى أنَّ ابن هشام قال: وذكر لي ربيحُ بن عبد الرَّحمن بن أبي سعيد الخدريِّ، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدريِّ: أنَّ عتبة بن أبي وقَّاص رمى رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومئذٍ، فكَسَر رَباعِيَته اليمنى السُّفلى، وجَرَح شَفَتَه، وأنَّ عبد الله بن شهاب الزُّهريَّ شجَّه في وجهه، وأنَّ ابن قَمِئَة جَرح وجنَتَه، فدخلت حَلْقتان من المِغْفَر في وجنته، وقد ذكرت فيما مضى أنَّ الصحيح أنَّ عتبةَ لم يسلم، وأنَّ حاطب بن أبي بَلْتَعة قتله بأُحُد، كما رواه الحاكم في «مستدركه»، وأنَّ عبد الله بن شهابٍ أسلم، وأنَّ ابن قَمِئَة نطحه تيسٌ، فألقاه من شاهق، فقُتِل على كفره؛ فراجعه إن شئت، وسيأتي بأطولَ من هذا في (أُحُد) إن شاء الله تعالى.

قوله: (إِلَى حَصِيرٍ): تَقَدَّم أنَّ ابن القيِّم الحافظَ شمس الدين الحنبليَّ قال: إنَّها بُرديٌّ.

قوله: (فَرَقَأَ الدَّمُ): (رقأَ): بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهرٌ.

(1/5609)

[حديث: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله]

2904# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور، أحد المبرزين في هذا الفنِّ، تَقَدَّم، و (سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة فيما يظهر؛ وذلك لأنِّي راجعت ترجمة ابنِ المدينيِّ في «الكمال» و «التذهيب»، فرأيتهما ذكرا في ترجمته أنَّه أخذ عن ابن عيينة، ولم يذكرا الثوريَّ، والله أعلم، و (عَمْرو): تَقَدَّم أنَّه ابن دينار، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (مَالِك بْن أَوْس بْنِ الحَدَثَانِ): و (الحَدَثَان): بالحاء المهملة، وكذا الدال، المفتوحَتَين، وبالثاء المثلَّثة، و (مالك): ذكرت فيه قولَين، والصحيح: أنَّه تابعيٌّ، وقد روى عن العشرة، وقد ذكرتُ فيما مضى أنَّ ابن عبد البَرِّ ذكر هذا، وأنَّه تابعيٌّ، وأنَّه روى عن العشرة، ولم يذكر في ترجمة قيس بن أبي حازم أنَّه روى عن العشرة، فعنده [1] مالكٌ فَرْدٌ بهذا الوصف، ونبَّهتُ على أنَّه مَن عدَّ سعيد بن المسيّب أنَّه روى عن العشرة؛ فقد غَلِطَ.

قوله: (كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ): غزوة بني النضير عند ابن إسحاق في ربيع الأوَّل على رأس خمسة أشهرٍ من وقعة أُحُد، وقد ذكرت تاريخ وقعة أُحُد، وسيأتي أيضًا، وقال البخاريُّ: (قال الزُّهريُّ: كانت على رأس ستَّة أشهرٍ من وقعة بدر، قبل أُحُد)، وسيأتي ما فيه في (المغازي) إن شاء الله تعالى.

قوله: (مِمَّا لَمْ يُوجِفِ): أي: لم يُؤخَذ بغَلَبَة جيش، وأصله من الإيجاف في السير؛ وهو الإسراع.

قوله: (وَالْكُرَاعِ): هو بضَمِّ الكاف، وتخفيف الراء، وبالعين المهملة في آخره، وقد قَدَّمتُ أنَّه اسمٌ جامعٌ للخيل.

==========

[1] في (ب): (يقيده)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 739]

(1/5610)

[حديث: ارم فداك أبي وأمي]

2905# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، و (سُفْيَانُ): فيما يظهر الثوريُّ، وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ ذكر في «الكمال» في ترجمة قَبِيصة بن عقبة: أنَّه روى عن الثوريِّ، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، وراجعتُ «التذهيب»، [فرأيته] ذكر أنَّه روى عن سفيان، وأطلق، فحملتُ المطلق على المقيَّد، والله أعلم.

[ج 1 ص 739]

قوله: (سَمِعْتُ عَلِيًّا [1] يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُفَدِّي رَجُلًا بَعْدَ سَعْدٍ): اعلم أنَّ عليًّا لم يسمع ذلك، وسمعه غيرُه، وذلك لأنَّه فَدَّى الزبيرَ بن العوَّام، كما في «البخاريِّ» و «مسلم»، وقال النَّوويُّ: إنَّه جمعَهما لغيرِهما أيضًا، ويحتمل أنَّ عليًّا أراد ما ذكره في «شرف المصطفى»: أنَّ سعدًا رمى يوم أُحُد بألفِ سهمٍ، فما منها سهمٌ إلَّا قال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إيهًا سعدُ، فداك أبي وأمِّي»، وقد رأيت في «المستدرك»: عن الزُّهريِّ: أنَّ سعدًا رمى يوم أُحُد بألفِ سهمٍ، وسأذكر ما حُكم تفدية الشخص شخصًا آخر بأبيه، أو بأبيه وأمِّه، في (أُحُد)، وقد ذكرته أيضًا فيما مضى أنَّه جائزٌ، والله أعلم.

و (سعدٌ) هذا: هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب، أحد العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (يُفَدِّي رَجُلًا): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح ثانيه، وتشديد ثالثه المكسور؛ أي: يقول له: فداك أبي وأمِّي.

قوله: (فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي): قال ابن قُرقُول: قال الأصمعيُّ: الفداء يُمَدُّ ويُقصَر، وأمَّا المصدر من فاديت؛ ممدودٌ لا غير، والفاء في كلِّ ذلك مكسورةٌ، وحكى الفرَّاء: فَدًى: مقصور، وممدود، ومفتوح، و (فَداك أبي وأمِّي): فعلٌ ماضٍ مفتوح الأوَّل، ويكون اسمًا على ما حكاه الفرَّاء، انتهى.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

(1/5611)

[باب الدرق]

(1/5612)

[حديث عائشة: دخل علي رسول الله وعندي جاريتان تغنيان .. ]

2906# 2907# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، ابنُ أخت مالكٍ الإمامِ، وتَقَدَّم أنَّ (عَبْدَ اللهِ [1]): هو ابن وَهْبٍ، أحد الأعلام، وأنَّ (عَمرًا): هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أميَّة الأنصاريُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (أَبُو الأَسْوَدِ): أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن، يتيم عروة، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ): تَقَدَّم أنِّي لا أعرفهما، إلَّا أنَّ في «أربعين أبي عبد الرَّحمن السُّلَميِّ» في التَّصوُّف _وقد رُوِّيتها_: أنَّهما جاريتان لعبد الله بن سلَام، وقد قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: إنَّ إحداهما [2] حمامةُ، وعزاه لابن أبي الدنيا في كتاب «العيدين»، وقَدَّمتُ أنِّي لا أعرف في الصَّحابيَّات أحدًا اسمها حمامةُ إلَّا أمَّ بلال.

قوله: (بُعَاثَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وبالعين المهملة المخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، مُطَوَّلًا.

قوله: (مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّم.

قوله: (فَلَمَّا غَفَلَ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (عَمِلَ)، وعليها علامة راويها و (صح)، قال ابن قُرقُول: وفي (باب الدَّرَق): (فلمَّا عَمِل عمرُ بها)، كذا للمروزيِّ، من العمل، وللكافَّة: (فلمَّا غَفَلَ [3])، وهو الوجه، انتهى، لكن يؤيِّد (عمل) ما يأتي من قوله: (قال أحمدُ عن ابن وَهْب: فلمَّا غَفَلَ)، وهذه الزيادة في هامش أصلنا، وهي نسخةٌ [4]، والله أعلم.

قوله: (فَإِمَّا سَأَلْتُ): هو بكسر الهمزة، وتشديد الميم، وكذا الثانية.

قوله: (يَا بَنِي أَرْفدَةَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ فاء مفتوحة ومكسورة، وأنَّه جدُّ الحبشة، أو لقبٌ لهم، مُطَوَّلًا.

قوله: (مَلِلْتُ): هو بكسر اللَّام الأولى، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَالَ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: فَلَمَّا غَفَلَ): كذا هذا الكلام في نسخةٍ، وهي خارج أصلنا، وعليها علامة راويها، و (أحمد عن ابن وهب) فيه خلافٌ ذكرته في (الصَّلاة) وفي غيرها؛ فانظره فإنَّه مطوَّل، فلهذا لم أذكره هنا.

==========

[1] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ابنُ وَهْبٍ).

[2] في النسختين: (أحدهما)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] في (ب): (عقل)، وهو تصحيفٌ.

[4] (وهي نسخة): ليس في (ب).

[ج 1 ص 740]

(1/5613)

[باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق]

قوله: (بَابُ الْحَمَائِلِ): هي بفتح الحاء [1]، جمع (حِمالة)؛ بكسرها، وهي عِلَاقة السيف؛ مثل: المحمل، هذا قول الخليل، وقال الأصمعيُّ: حمائل السيف: لا واحد لها من لفظها، وإنَّما واحدها: محملٌ، والله أعلم.

==========

[1] (بفتح الحاء): ليس في (ب).

[ج 1 ص 740]

(1/5614)

[حديث: كان النبي أحسن الناس وأشجع الناس]

2908# قوله: (وَقَدِ اسْتَبْرَأَ): هو مهموز الآخر.

قوله: (عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّم أنَّه مندوب، وتَقَدَّم (أبو طلحة): أنَّه زيد بن سهلٍ.

قوله: (عُرْيٍ): هو بإسكان الراء، مضموم العين، ومعناه معروفٌ، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا، وكذا هو في «صحاح الجوهريِّ»، وقال شيخنا: (بكسر الراء، وتشديد الياء، كما ضبطه ابن التِّين ... ) إلى أن قال: (وضبطه بإسكان الراء، وتخفيف الياء) انتهى، كذا في النسخة، والظاهر أنَّه سقط منه شيءٌ، ويحتمل أنَّ ابن التِّين ضبطه بهما، والله أعلم.

قوله: (لَمْ تُرَاعُوا): هو بضَمِّ أوَّله، معناه: لا تفزعوا، فـ (لم) بمعنى: (لا)، وقيل: تقديره: لم يكن خوف فتُرَاعوا.

قوله: (وَجَدْنَاهُ بَحْرًا): تَقَدَّم معناه غير مرَّةٍ.

==========

[ج 1 ص 740]

(1/5615)

[باب حلية السيوف]

(1/5616)

[حديث: لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة]

2909# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم في الصفحة [2] قبل هذه مَن هو أحمد بن مُحَمَّد؛ فانظره، وأنَّ (عبد الله): هو ابن المبارك، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا [3] الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو، أبو عمرو الأوزاعيُّ، وتَقَدَّم لماذا نُسِب، و (سُلَيْمَان بْن حَبِيبٍ): بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، محاربيٌّ دارانيٌّ، قاضي دمشق، عن أبي هريرة وأبي أمامة، وعنه: عثمان بن أبي العاتكة والأوزاعيُّ، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (126 هـ)، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وتَقَدَّم (أَبُو أُمَامَة): أنَّه صُدَيُّ بن عجلان الباهليُّ، صحابيٌّ مشهورٌ من بقايا الصَّحابة رضي الله عنهم.

تنبيهٌ: اعلم أنَّ أبا أمامة _كما قال الجيَّانيُّ_ اثنان من الصَّحابة؛ أحدهما: هذا صُدَيٌّ، رويا له، والآخر: أبو أمامة الحارثيُّ من الأنصار، اختُلِف في اسمه؛ فقيل: إياس بن ثعلبة، وقيل: ثعلبة، والأوَّل أصحُّ، روى له مسلم وحده حديث: «من اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه؛ حرَّم الله عليه الجنَّة»، انتهى، وقد قيل في الثاني غير ما ذَكَرَ [4]، وأبو أمامة في الصَّحابة غيرهما: أسعدُ بن زرارة، أخرج له أحمد، وأبو أمامة الأنصاريُّ، وأبو أمامة بن سهل الأنصاريُّ أحد بني بياضة، أخرج له أحمد، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف، والأصحُّ: أنَّه تابعيٌّ، وقد حمَّر عليه الذَّهبيُّ، اسمه [5] أسعد، سمَّاه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكناه، وبرَّك عليه، حديثه مُرسَل.

(1/5617)

قوله: (الْعَلَابِيَّ): هو بفتح العين المهملة، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف موحَّدةٌ مكسورةٌ، ثمَّ ياء مُشدَّدة ومخفَّفة، قال ابن قُرقُول: (وهي العصب، تُؤخَذ رطبةً، فتُشدُّ بها أجفانُ السُّيوف تُلْوى بها فتجفُّ، وكذلك تُطْوى رطبةً على ما يُصدَع من الرِّماح، واسم العصبة: العِلْبَاءُ)، انتهى، وقال ابن الأثير: (والعَلَابِيُّ: جمع «علباء»؛ وهو عصب في العُنق يأخُذ [6] إلى الكاهل، وهما علباوان يمينًا وشمالًا، وما بينهما منبتُ عُرْف الفرس، والجمع ساكن الياء ومُشدَّدها، ويقال في تثنيتهما: عِلْبَاءان [7]، وكانت العرب تشدُّ على أجفان سيوفها العلابيِّ الرطبة، فتجفُّ عليها، وتُشَدُّ الرِّماح بها إذا تصدَّعت [8]، فتيبس وتقوى)، وما قاله ابن الأثير أنَّه عصب في العنق يأخذ إلى الكاهل هو في «الصِّحاح» و «الجمهرة»، والله أعلم.

[ج 1 ص 740]

قوله: (وَالآنُكَ): هو بهمزة [9] ممدودة، ثمَّ نون مضمومة، ثمَّ كاف؛ وهو الرَّصاص الأبيض، وقيل: الأسود، وقيل: هو الخالص منه، ولم يجيء على (أفعُل) واحدًا غيرُ هذا، فأمَّا (أَشُدُّ)؛ فمُختلَف فيه: هل هو واحد أو جمع؟ وفي «الصِّحاح» الجزمُ بأنَّ (أَشُدَّ) واحدٌ، انتهى، وقيل: يحتمل أن يكون (الآنك) (فاعلًا)، لا (أفعُلًا)، وهو أيضًا شاذٌّ.

==========

[1] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[2] في (ب): (الورقة التي).

[3] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[4] في (ب): (ذكروا).

[5] في (ب): (أنَّه).

[6] في (ب): (يؤخذ).

[7] في النُّسختين: (علبان)، والمثبت من مصدره.

[8] في (ب): (إذا انصدعت).

[9] في (ب): (بفتح همزة).

(1/5618)

[باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة]

(1/5619)

[حديث: إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو .. ]

2910# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تَقَدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ): يروي عن أبي هريرة وجابر، وعنه: زيد بن أسلم وابن شهاب، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (105 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (الدُّؤليُّ) على وزان (العُمريِّ)، ويقال فيه: الدِّيليُّ، ذكر اللُّغتين الجيَّانيُّ.

تنبيهٌ: هذا تابعيٌّ، ولهم في الصَّحابة: سنان بن أبي سنان بن محصن الأَسَديُّ، ابن أخي عُكَّاشة بن محصن، بدريٌّ من السابقين، وسيأتي [1] مذكورًا في كلامي في أوَّل من بايع تحت الشجرة، وأذكرُ في ذلك خلافًا، والصَّحيح: أنَّ [أوَّل] من بايع تحت الشجرة سنان بن أبي سنان الصَّحابيُّ، وقيل: أبوه، وقيل: غيرهما.

قوله: (فَلَمَّا قَفَلَ): أي: رجع.

قوله: (كَثِيرِ الْعِضَاهِ [2]): هو بالهاء، لا بالتَّاء، وقد تَقَدَّم ما هو وواحدتُه، وكذا تَقَدَّم (السَّمُرَة).

(1/5620)

قوله: (أَعْرَابِيٌّ): هذا الأعرابيُّ اسمه غَوْرَث بن الحارث، وغَوْرَث؛ بفتح الغين المعجمة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ راء مفتوحة، ثمَّ ثاء مثلَّثة، أسلم غَوْرَث بعد هذه القصَّة وصحب، قال ابن قُرقُول: (قال أبو عليٍّ: هو «فَوْعَل» من الغَرَث؛ وهو الجوع، وجاء عند المستملي والحمُّوي: بعين مهملة، ومنهم مَن يقول: غُورث؛ بضَمِّ الغين المعجمة، والأوَّل الصحيح)، انتهى، وقال النَّوويُّ: (من قاله بالمهملة؛ فقد صحَّف)، واعلم أنَّ ابن بشكوال ذكر خلافًا في الذي اخترط سيفَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: غَوْرَث، والثَّاني: دُعثور [3] بن الحارث بن محارب، وقال الذَّهبيُّ في «تجريده» لمَّا ذكر دعثور بن الحارث قال: (في حديث عجيب الإسناد، والأشبه: غَوْرَث) انتهى، وفي «سيرة ابن سيِّد الناس الكبرى» في (غزوة غطفان بناحيةِ نجدٍ) ذكر: (أنَّ دعثورًا جَمَع جمعًا من ثعلبة ومحارب بذي أمَّر [4] ... إلى أن قال: (وأصاب رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابَه مطر، فنزع رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثوبيه، ونشرهما ليجفَّا ... ) إلى أن قال: (فجاءه رجل من العدوِّ يقال له: دعثور بن الحارث، ومعه سيف حتَّى قام على رأس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثمَّ قال: من يمنعك منِّي؟ ... ) إلى أن قال: (أشهد أنَّ لا إله إلَّا الله، وأنَّ مُحَمَّدا رسولُ الله، ثمَّ أتى قومه، فجعل يدعوهم إلى الإسلام)، وذكر أيضًا في (ذات الرقاع) عن جابر قصَّةَ غَوْرَث ... إلى آخر القصَّة، ثمَّ قال: (قلتُ: وقد تَقَدَّم في غزوة ذي أمَّر خبرٌ لرجل يقال له: دعثور بن الحارث يشبه [5] هذا الخبر، والظاهر أنَّ الخبرين واحدٌ) انتهى، كانت هذه الواقعة قبل نجد، وفي الحديث التصريح بأنَّها كانت بعد نجد، وقال شيخنا: (وعند الإسماعيليِّ: قبل أُحُد، وذكر ابن إسحاق أنَّ ذلك كان في غزوته إلى غطفان لثنتي عشرة مضت من صفر، وقيل: في ربيع الأوَّل سنة اثنتين، وهي غزوة ذي أمَّر، وسمَّاها الواقديُّ: غزوة أنمار، ويقال: كان ذلك في ذات الرقاع)، قال شيخنا: (فيجوز تعدُّد الواقعة، ثمَّ قال: وذكرها الحاكم في غزوة خيبر من حديث جابر، قال: ولعلَّه أشبه؛ لأنَّه قيل: إنَّ آية العصمة كانت بعد بنائه بصفيَّة أو ليلة البناء)، انتهى، وقد ذكرها البخاريُّ في هذا «الصَّحيح» في (ذات الرقاع)؛ أعني: قصَّة غَوْرَث، والله أعلم.

(1/5621)

قوله: (صَلْتًا): هو بفتح الصَّاد المهملة وضمِّها، وإسكان اللَّام، ثمَّ تاء مثنَّاة فوق؛ أي: مسلولًا، وللعذريِّ: (صَلتٌ)، وكأنَّه خبر مبتدأ محذوف؛ تقديره: وهو صلت، ونقل شيخنا عن القرطبيِّ في شرح «مختصره» أنَّه قال: (إنَّه بفتح لام «صلَت»، قال: وذكر القتبيُّ: أنَّها تُكسَر في لغة)، انتهى.

تنبيهٌ: لماَّ قال له عليه الصَّلاة والسَّلام: «الله»؛ سقط السَّيف مِن يده، ذكره الإسماعيليُّ.

==========

[1] في (ب): (ويأتي).

[2] في (ب): (العصاه)، وهو تصحيفٌ.

[3] في (ب): (دعبور)، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[4] كذا في النُّسختين، وفي السِّير: (أَمرَّ)، والمثبت موضع بالشام، وما في السِّير: موضع بنجد، انظر (معجم البلدان).

[5] في (ب): (نسبه)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 741]

(1/5622)

[باب لبس البيضة]

قوله: (بَابُ لُبْسِ الْبَيْضَةِ): تَقَدَّم أنَّ (البيضة): الخوذة.

==========

[ج 1 ص 741]

(1/5623)

[حديث: جرح وجه النبي وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه]

2911# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وقوله: (عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّم مرارًا [1] أنَّ أباه: سلمة بن دينار.

قوله: (جُرِحَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (جُرِح): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (وجهُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وكذا (وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ): تَقَدَّم قريبًا مَن فعل به ذلك، وتَقَدَّم أنَّ (الحَصِير) كان برديًّا، كما قاله ابن القيِّم في «الهَدْي» [2].

(1/5624)

[باب من لم ير كسر السلاح عند الموت]

قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ كَسْرَ السِّلَاحِ عِنْدَ الْمَوْتِ): يريد بذلك خلاف ما كان عليه رؤساء الجاهليَّة إذا مات أحدهم؛ عمد فكسر سلاحَهُ، ويحرق متاعه، ويعقر دوابَّه، فخالف الشَّارعُ فعلَهم، وترك ما ذُكِرَ غيرَ معهود فيها بشيء إلى النَّاس إلَّا التَّصدُّق بها.

==========

[ج 1 ص 741]

(1/5625)

[حديث: ما ترك النبي إلا سلاحه وبغلة بيضاء]

2912# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّم أنَّه بموحَّدة، وفي آخره سينٌ مهملةٌ.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هذا هو ابن مهديٍّ، الإمام، أحد الأعلام، و (سُفْيَان): يحتمل أنَّه الثَّوريُّ، ويحتمل أن يكون ابن عيينة، وذلك أنِّي نظرت في ترجمة أبي إسحاق _وهو السَّبيعيُّ الرَّاوي عنه سفيان هنا_ في «الكمال»؛ فرأيته ذكر الثَّوريَّ فيها، قال: (وهو أثبت الناس فيه)؛ يعني: أنَّ الثوريَّ أثبتُ الناس في أبي إسحاق هذا، وذكر فيها أنَّه روى عن ابن عيينة أيضًا، ورأيت في ترجمة أبي إسحاق في «التَّذهيب»؛ فرأيتُه قال: (روى عنه: السُّفيانان)، ونظرت في ترجمة ابن مهديٍّ؛ فرأيته: روى عن السُّفيانَين، والمِزِّيُّ في «الأطراف» لم يقيِّده، وكذا شيخنا لم يتعرَّض له، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه السَّبيعيُّ، وهو عَمرو بن عبد الله، تَقَدَّم مرارًا، وكذا تَقَدَّم ترجمة (عَمْرِو بْن الْحَارِثِ) أخي جويرية بنت الحارث،

[ج 1 ص 741]

وترجمة والده الحارث، وأنَّه أسلم وصحِب رضي الله عنهما.

قوله: (إِلَّا سِلَاحَهُ): تَقَدَّم ذكرُ ما حضرني مِن سلاحه صلَّى الله عليه وسلَّم في (الوصيَّة)، وكذا تَقَدَّم الكلام على (بَغْلَتِهِ البَيضَاء)، وأنَّها الظاهر أنَّها الدُّلدُّل، وذكرت أنَّها تأخَّرت حتَّى قاتل عليها عليٌّ رضي الله عنه الخوارجَ، بل قد ذُكِر: (إلى خلافة معاوية)، وكذا تَقَدَّم الكلام على الأرض التي جعلها صدقة ما هي.

(1/5626)

[باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر]

(1/5627)

[حديث: إن هذا اخترط سيفي]

2913# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا (سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ)، وأنَّه يشتبه بشخص آخر من الصَّحابة، وأنَّه _أعني: الصَّحابيَّ_ أوَّلُ مَن بايع تحت الشجرة على الصَّحيح، وقيل: والده أبو سنان، وقيل: عبد الله بن عمر، وكذا تَقَدَّم الكلام على (أَبِي سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها وكتابتها وقراءتها في أوَّل هذا التَّعليق.

قوله: (أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم قريبًا أنَّ هذه الغزوة اختُلِف فيها، وأنَّها ذات الرقاع، وقيل غيرها، وتَقَدَّم الكلام على (العِضاهِ) [3]، وعلى (الرَّجل) الذي وجده عنده، وقد اخترط سيفَه عليه الصَّلاة والسَّلام.

قوله: (فَشَامَ السَّيْفَ): هو بالشين المعجمة، غير مهموز؛ أي: أغمده، وهو من الأضداد.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة».

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبي).

[3] في (ب): (العصاه)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 742]

(1/5628)

[باب ما قيل في الرماح]

قوله: (بَابُ مَا قِيلَ فِي الرِّمَاحِ): فائدةٌ: كان له عليه الصَّلاة والسَّلام خمسةُ رماح؛ ثلاثةٌ أصابها من بني قينقاع، والمُثْوِيُّ، والمُنْثَنِي [1]، وقد تَقَدَّم ذلك عند ذكر سلاحه.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ [2] رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [3] ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أنَّ هذه صيغة تمريض، وأنَّه لم يصحَّ ذلك عنده على شرطه، قال شيخنا: (ذكر عبد الحقِّ في «جمعه بين الصَّحيحين» أنَّ الوليد بن مسلم رواه عن الأوزاعيِّ، عن حسَّان بن عطيَّة، عن أبي منيب الحرشيِّ، عن ابن عمر) انتهى، والوليد: على شرط السِّتَّة [4]، وله ترجمة في «الميزان»، والأوزاعيُّ: لا يُسأل عن مثله، وحسَّان بن عطيَّة: أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وذكره في «الميزان» للقَدَر، وأبو منيب: ذكره ابن حِبَّان في «ثقاته»، وذكر أنَّه روى عن ابن عمر، وأنَّ حسَّان بن عطيَّة روى عنه، ولم يذكر أنَّه روى عنه غيره، والقاعدة: أنَّ الشَّخص إذا لم يكن معروفًا؛ لا يَخرُج برواية واحدٍ عن الجهالة، وقد ذكر ابن القطَّان أبو الحسن أنَّ الشخص إذا روى عنه واحد، ووثَّقه [5] شخصٌ آخرُ؛ يخرج عن الجهالة، وهذا قولٌ مِن أقوال، والله أعلم، ثمَّ إنِّي رأيته في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم؛ فرأيتُه ذكره، وقال: (روى عن ابن عمر وسعيد بن المسيّب، وروى عنه: حسَّان بن عطيَّة وأبو اليمان، سمعت أبي يقول ذلك) انتهى، فهذا اثنان قد رويا عنه، ووثَّقه ابن حِبَّان، فما بقي إلَّا أنَّ الوليد بن مسلم يُنظَر كيف رواه عن الأوزاعيِّ؛ لأنَّه مُدَلِّس، فيُتَّقى من حديثه ما قال فيه [6]: (عَنْ)، أو (أَنَّ)، أو (قال)، والله أعلم، والوليد بن مسلم من الأعلام.

(1/5629)

[حديث: إنما هي أطعمة أطعمكموها الله]

2914# قوله: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ [1] مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ): (أبو النَّضر) هذا: بالمعجمة [2]، واسمه [3] سالم بن أبي أميَّة، تَقَدَّم مرارًا.

قوله: (نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ) أمَّا (نافع)؛ فهو قد نُسِب إلى أبي قتادة، وإنَّما ولاؤه لعقيلة الغفاريَّة [4]، أبو مُحَمَّد، عن أبي قتادة وأبي هريرة، وعنه: سالم أبو النَّضر [5] والزُّهريُّ، ثقة، أخرج له الجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ، وهو نافع بن عبَّاس، ويقال: ابن عيَّاش، وأمَّا (أبو قتادة)؛ فقد تَقَدَّم أنَّه الحارث بن ربعيٍّ، وقيل غير ذلك، وقد قدَّمته ببعض ترجمته.

قوله: (وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ): تَقَدَّم الكلام في (الحجِّ) على عدم إحرامه وما قيل فيه؛ فانظره، وكذا تَقَدَّم أنَّ (فَرَسه): اسمه الجرادة.

قوله: (طُعْمَةٌ): هي بضَمِّ الطَّاء وكسرها، فبالضَّمِّ: الأُكلة، وبالكسر: وجه الكسب، كذا قاله ابن قُرقُول في هذا الحديث نفسه، وهي في أصلنا: بالضَّمِّ.

قوله: (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ... ) إلى آخره: هذا كذا في أصلنا المصريِّ والدِّمشقيِّ، ولم أر ذلك في «أطراف المِزِّيِّ»، إنَّما ذكره عقيب حديث مُحَمَّد بن جعفر، قال ابن جعفر: (وحدَّثني زيد بن أسلم ... ) إلى آخره، وعزاه لـ (الأطعمة) في «البخاريِّ»، وتعقَّبه شيخنا البلقينيُّ، فقال: (إنَّما هو في «الهبة»)، والحاصل على ما في الأصلين المذكورين قائلُ: (وعن زيد بن أسلم): هو مالك، وقد أخرجه البخاريُّ في (الذَّبائح) عن إسماعيل، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسار به، والله أعلم.

قوله: (مِثْلُ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ): تَقَدَّم مَن (أبو النَّضر)، وأمَّا (مثلَ)؛ فإنَّها بالنَّصب.

(1/5630)

[باب ما قيل في درع النبي والقميص في الحرب]

قوله: (بَابُ مَا قِيلَ فِي دِرْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنِّي قَدَّمتُ أدراعه عليه الصَّلاة والسَّلام، وأنَّها سبع؛ وهي: ذات الوِشاح، وذات الفُضول، وذات الحواشي، والسغديَّة _بالغين المعجمة، وقال مغلطاي: (وبالمهملة)، قيل: إنَّها التي لبسها داود لقتال جالوت_، وخِرْنق، وبتراء، وفضَّة.

قوله: (فَأَمَّا [1] خَالِدٌ؛ فَقَدِ احْتَبَسَ): أمَّا (خالد)؛ فهو ابن الوليد، الصَّحابيُّ المشهور رضي الله عنه، تَقَدَّم، وأمَّا (احتبس)؛ فتقدَّم أنَّ معناه: وقف.

(1/5631)

[حديث: اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت]

2915# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو الثَّقفيُّ عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت، أبو مُحَمَّد، الحافظ، وتَقَدَّم أيضًا أنَّ (خَالِدًا) هذا: هو الحذَّاء ابن مهران، أبو المُنازِل، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ ... ) إلى آخره: (أَنشُدك)؛ بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألك، وقد تَقَدَّم، فإن قيل [1]: كيف جعل أبو بكر رضي الله عنه يأمر النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالكفِّ عن الاجتهاد في الدُّعاء، ويقوِّي رجاءه ويثبتُه، ومقامُ

[ج 1 ص 742]

(1/5632)

رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هو المقام الأحمدُ، ويقينُه فوق يقين كلِّ أحد، قال الإمام السُّهيليُّ في «روضه» في (غزوة بدر): (سمعت شيخنا الحافظ يقول في هذا: كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في مقام الخوف، وكان صاحبه رضي الله عنه في مقام الرَّجاء، وكلا المقامين سواءٌ في الفضل، لا نُريد أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم والصِّدِّيقَ سواء، ولكنَّ [2] الرَّجاء والخوف مقامان لا بدَّ للإيمان منهما، فأبو بكر رضي الله عنه في تلك السَّاعة كان في مقام الرَّجاء لله تعالى، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان في مقام الخوف من الله؛ لأنَّ لله أن يفعل ما يشاء، فخاف ألَّا يُعبدَ في الأرض بعدها، فخوفُه ذلك عبادةٌ، وأمَّا قاسم بن ثابت؛ فذهب في معنى الحديث إلى غير هذا، وقال: إنَّما قال ذلك الصِّدِّيق رضي الله عنه مأوِيَّةً للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ورِقَّة عليه؛ لما رأى من نَصَبه في الدُّعاء والتَّضرُّع حتَّى سقط الرِّداء عن منكبيه، فقال له بعض هذا؛ أي: لِمَ تُتْعبُ نفسك هذا التَّعب والله قد وعدك بالنَّصر؟! وكان رقيق القلب شديد الإشفاق على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال السُّهيليُّ: (وأمَّا شدَّة اجتهاد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ونصبه في الدُّعاء؛ فإنَّه رأى الملائكة تنصب في القتال، وجبريل عليه السَّلام على ثناياه الغبارُ، وأنصار الله تعالى يخوضون غمار الموت، والجهاد على ضربَين؛ جهاد بالسَّيف، وجهاد بالدُّعاء، ومن سُنَّة الإمام أن يكون من وراء الجند لا يقاتل معهم، فكان الكلُّ في اجتهاد وجِدٍّ، ولم يكن ليريح نفسه مِن أحد الجِدَّين والجهادَين وأنصار الله وملائكته يجتهدون، ولا لِيؤثرَ الدَّعة وحزب الله تعالى مع أعدائه يجتلدون) انتهى.

قوله: (حَسْبُكَ): هو مَرْفوعٌ؛ أي: كافيك.

قوله: (فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ): أي: داومتَ الدُّعاء، يقال: ألحَّ السَّحاب بالمطر: دام.

قوله: (وَقَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هذا هو وُهَيب بن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ، الحافظ، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، و (خَالِدٌ) [3]: هو الحذَّاء ابن مِهران، وقوله: (قال): تَقَدَّم أنَّ مثله تعليقٌ مجزوم به، وقد أخرجه في (التفسير) عن مُحَمَّد، عن عفَّان، عن وُهَيب، عن خالد الحذَّاء به.

==========

[1] في (ب): (تَقَدَّم، وقيل).

[2] في (ب): (ولأنَّ).

(1/5633)

[3] في (ب): (وكذا تَقَدَّم خالد).

(1/5634)

[حديث: توفي رسول الله ودرعه مرهونة عند يهودي]

2916# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وكذا تَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّ الظَّاهر [1] أنَّه [2] الثوريُّ، وذلك أنِّي رأيت الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير أنَّه روى عن الثوريِّ، ولم يذكر فيها ابنَ عيينة، ورأيت الذَّهبيَّ قال في مشايخه: وسفيان، وأطلق؛ فحملت المُطلَق على المُقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَش): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، وتَقَدَّم (إِبْرَاهِيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وتَقَدَّم (الأَسْوَد): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أنَّ هذه (الدِّرع): ذاتُ الفضول، قاله غير واحد من الحُفَّاظ، وتَقَدَّم أنَّ (اليَهُودِيَّ): أبو الشَّحم، وتَقَدَّم أنَّ المأخوذ ثلاثون صاعًا من شعير، وتَقَدَّم ما جاء فيه في (البيوع)، وتَقَدَّم أنَّ الأَجَل كان سنة.

قوله: (وَقَالَ يَعْلَى: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): أمَّا (يعلى)؛ فهو ابن عُبيد الطنافسيُّ، أخو مُحَمَّد وعمر، عن يحيى بن سعيد والأعمش، وعنه: ابن نُمَيْر والصَّاغانيُّ، ثقة عابد، وقال ابن معين: ثقة إلَّا في سفيان الثوريِّ، مات في شوَّال سنة (209 هـ)، وقد أخرج له الجماعة، وقد قدَّمته، ولكن طال العهد به، له ترجمة في «الميزان»، وهذا التَّعليق المجزوم به أخرجه البخاريُّ عن مُحَمَّد، عن يعلى بن عبيد به [3] في (السَّلم)، وأتى بتعليق يعلى؛ لأنَّ سفيان مُدَلِّس وقد عنعن، فأتى به؛ لأنَّ يعلى قال: (حدَّثنا الأعمش).

(1/5635)

قوله: (وَقَالَ مُعَلًّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ [4]): أمَّا (معلًّى)؛ فالظاهر أنَّه مُنوَّن، وهو ابن أسد العَمِّيُّ، أبو الهيثم، الحافظ، أخو بهز، عن أبي المنذر سلَّام القارئ، وسلَّام بن أبي مطيع، ووُهَيب، وعنه: البخاريُّ، وأبو حاتم، والكجِّيُّ، ثَبْتٌ ذو صلاح، مات سنة (128 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأمَّا (عبد الواحد)؛ فهو ابن زياد، تَقَدَّم، و (الأعمش): تَقَدَّم قريبًا أعلاه سليمان بن مِهران، وهذا التَّعليق مجزوم به، ومعلًّى تَقَدَّم أنَّه شيخه؛ فيكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وقد أخرجه في (الجهاد)، وإنَّما أتى به هنا؛ لأنَّ السَّند الأوَّل عنعن فيه سفيان عن الأعمش، وهو مُدَلِّس، فأتى بهذا، وهو تعليق عبد الواحد: (حدَّثنا الأعمش)، وبالذي قبله _أعني: تعليق يعلى: (حدَّثنا الأعمش) _؛ للتَّصريح فيهما بالتَّحديث من الأعمش، والله أعلم.

(1/5636)

[حديث: مثل البخيل والمتصدق مثل رجلين عليهما جبتان من حديد]

2917# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، ولماذا نُسِب، وتَقَدَّم (وُهَيْبٌ): أنَّه ابن خالد الباهليُّ الحافظ، وتَقَدَّم (ابْنُ طَاوُوسٍ): أنَّه عبد الله.

قوله: (عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ): تَقَدَّم الكلام على (جبَّتان) و (جنَّتان) في (الزَّكاة)، وفي أصلنا هنا: (جبَّتان) [1]؛ بالموحَّدة، وقد تَقَدَّم أنَّ ابن قُرقُول قال: (والنُّون أصوبُ).

قوله: (قَدِ اضْطُرَّتْ [2]): هو بضَمِّ الطَّاء، يقال: اضْطُرَّ إلى الشيء؛ إذا أُلجِئَ إليه، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وتَقَدَّم الكلام على (التَّراقِي)، [و] (تُعَفِيَ أَثَرَهُ) [3]: أي: تمحوه وتُذهِبُه، وهو مُشدَّد الفاء في أصلنا بالقلم، و (أثره): تَقَدَّم بما فيه من اللُّغات، وأثره: مشي أقدامِه في الأرض، وكذا (الحَلْقَة): أنَّها بإسكان اللَّام، ويجوز فتحُها.

[ج 1 ص 743]

قوله: (وَتَقَلَّصَتْ): أي: ارتفعت.

==========

[1] في (ب): (جنتان)، وهو تصحيفٌ.

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (اضْطَرَّ)؛ بفتح الطَّاء.

[3] في (ب): (يعني أسروه)، وهو تحريفٌ.

(1/5637)

[باب الجبة في السفر والحرب]

(1/5638)

[حديث: انطلق رسول الله لحاجته ثم أقبل فلقيته بماء]

2918# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا؛ أنَّه التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم بعيدًا لماذا نُسِب، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ الْوَاحِدِ) أنَّه ابن زياد [1]، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح؛ بضَمِّ الصَّاد المهملة وفتح الموحَّدة.

قوله: (انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ): هذا كان في غزوة تبوك في السَّنة التاسعة، وكذا تَقَدَّم في (الشَّامِيَّة): أنَّها ممَّا يُصنَع بالشَّام، وتَقَدَّم الكلام على (الشَّام) طولًا [2]؛ وهو من العريش إلى الفرات، وقيل: إلى بالس، وتَقَدَّم عرضًا.

قوله: (مِنْ تَحْتُ): هو بضَمِّ التاء، وهذا ظاهرٌ.

(1/5639)

[باب الحرير في الحرب]

قوله: (بَابُ الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ): أي: باب حكم لبسه فيه، قال بعضهم: الحرب بحاء وراء مهملة ساكنة، ويُروَى: بالجيم والرَّاء المفتوحتين، وأحاديث الباب تشهد لكلِّ منهما، انتهى، قال شيخنا: (وجمع ابن العربيِّ في أصل لُبس الحرير عشرةَ أقوال: التَّحريم بكلِّ حال، مُقابِلهُ؛ وهو مباحٌ بكلِّ حال، الحرمة وإن خُلِط مع غيره؛ كالخزِّ، استثناء الحرب، استثناء السَّفر، استثناء المرض، استثناء الغزو، استثناء العَلَم منه، إلحاق النِّساء بالرِّجال، تحريم لُبسه [1] من فوق دون أسفل؛ وهو الفرش، قاله أبو حنيفة وابن الماجشون، وعلَّلاه بأنَّه ليس بلُبس، ويردُّه قولُ أنس: فقمت إلى حصيرٍ لنا قدِ اسودَّ مِن طول ما لُبِس)، انتهى.

واعلم أنَّ إباحتَه للنساء دون الرِّجال هو مذهب الشَّافعيِّ والجماهير، وحكى القاضي عياض عن قوم: إباحته للرِّجال والنِّساء، وعن ابن الزُّبير: تحريمه عليهما، ثمَّ انعقد الإجماع على إباحته للنِّساء وتحريمه على الرِّجال [2]، وأمَّا الصبيان؛ فقالت الشافعيَّة: يجوز إلباسهم الحليَّ والحرير في يوم العيد؛ لأنَّهم لا تكليف عليهم، وفي جواز إلباسهم ذلك في باقي السَّنة ثلاثةُ أوجهٍ؛ أصحُّها: جوازُه، الثَّالث: تحريمه بعد سنِّ التَّمييز، والله أعلم.

(1/5640)

[حديث: أن النبي رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في .. ]

2919# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هو سعيد بن أبي عَروبة، وقد تَقَدَّم أنَّ [1] مَن اسمه سعيد ويروي عن قتادة عن أنس في الكتب السِّتَّة أو بعضها: سعيدُ بن بشير، وابن أبي عروبة، وسعيد بن أبي هلال، والله أعلم.

تنبيهٌ: في بعض النُّسخ في هذا الحديث خالدُ بن الحارث عن شعبة بدل (سعيد)، وفي ذلك نظر؛ إنَّما حديث أحمد بن المقدام عن خالد بن الحارث عن سعيد، لا عن شعبة [2]، ولكن في (الجهاد) أيضًا هذا المتن عن مُسدَّد، عن يحيى، وعن بُنْدار، عن غُنْدر، وفي (النِّكاح) عن مُحَمَّد _هو ابن سلام_ عن وكيع، عن شعبة به؛ فالحاصل: أنَّ الصَّواب في حديث أحمد بن المقدام: سعيدٌ، وفي حديث مُسدَّد، وبُنْدار، ومُحَمَّد بن سلام: شعبة، والله أعلم.

==========

[1] (أن): سقط من (ب).

[2] (لا عن شعبة): سقط من (ب).

[ج 1 ص 744]

(1/5641)

[حديث: أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى النبي]

2920# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، الحافظ، و (هَمَّامٌ): تَقَدَّم أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذيُّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا في أوَّل هذا التَّعليق؛ فانظره، وسيأتي أيضًا في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (شَكَيا): كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: (شَكَوا)، وعليها (صح)، وهما لغتان يقال: شكيت وشكوت؛ بالياء وبالواو.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 1 ص 744]

(1/5642)

[حديث: رخص النبي لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام .. ]

2921# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مرارًا أنه ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

2922# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه بُنْدارٌ، وتَقَدَّم ما البُنْدار، وكذا تَقَدَّم (غُنْدر): أنَّه بضَمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم مَن قال له: ما أنت إلَّا غُنْدر.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (حَدَّثَنِي).

[ج 1 ص 744]

(1/5643)

[باب ما يذكر في السكين]

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي السِّكِّينِ): تنبيهٌ: لم أر في آلات النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولا في أثاثه سكِّينًا ولا خنجرًا، والسِّكِّين التي كان يحتزُّ بها مِن كتف الشَّاة الظاهر أنَّها لم تكن له، إذ لو كانت له؛ لعُدَّت في آلاته، والبيتُ لا بدَّ له مِن سكِّين، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 744]

(1/5644)

[حديث: رأيت النبي يأكل من كتف يحتز منها]

2923# قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تَقَدَّم فيه [1] في (الوضوء) أنَّه يجوز يتوضَّأْ، ويتوضَّ، ويتوضَّا [2]؛ فراجعه.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[1] (فيه): سقط من (ب).

[2] في (ب): (يتوضأ ويتوضا ويتوض).

[ج 1 ص 744]

(1/5645)

[باب ما قيل في قتال الروم]

قوله: (الرُّومِ): هم جيل مِن النَّاس معروف؛ كالعرب، والفُرس، والزِّنج، وغيرِهم، و (الرُّوم): هم الذين يُسمِّيهم أهلُ بلادِنا: الإفرنج؛ وهم جيلٌ مِن ولد روم بن عيص بن إسحاق، غلب عليهم اسم أبيه، فصار كالاسم للقبيلة، وإن شئت هو جمع (روميٍّ) منسوبًا إلى روم بن عيصو، كما يقال: زنجيٌّ وزنجٌ، وقد تَقَدَّم.

==========

[ج 1 ص 744]

(1/5646)

[حديث: أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم]

2924# قوله: (أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ الأَسْوَدِ الْعَنْسِيَّ حَدَّثَهُ): (العنسيٌّ): بالنُّون والسِّين المهملة؛ لأنَّه شاميٌّ دارانيٌّ، و (عنْس)؛ بالنُّون والسِّين المهملة: في الشام، وبالموحَّدة: في الكوفة، وبالمثنَّاة تحت والشين المعجمة: في البصرة، هذا الغالب في الثَّلاثة، والله أعلم.

قوله: (وَهْوَ فِي بِنَاءٍ لَهُ): أي: خباء، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَمَعَهُ أُمُّ حَرَامٍ): تَقَدَّم أنَّها بالرَّاء، وتَقَدَّم الكلام على اسمها: أنَّها الغُميصاء أو الرُّميصاء، وتاريخ وفاتها رضي الله عنها، وهل هي خالةٌ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أو خالة لأبيه أم لا، ومن حكى الاتَّفاق على أنَّها خالة.

قوله: (قَدْ أَوْجَبُوا): أي: وجبت لهم الجنَّة.

قوله: (أَوَّلُ جَيْشٍ [1] يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ): (قيصر): تَقَدَّم أنَّه لقب مَن مَلك الرُّوم، ومدينته هي القسطنطينيَّة، قال شيخنا: (قال ابن التِّين: قيل: فيه فضل يزيدَ؛ يعني: ابن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أميَّة، قال: لأنَّه أوَّل مَن غزاها، قال: ولعلَّ يزيدَ لم يحضر مع الجيش، وأراد الشَّارع: مَن يغزو بنفسه، أو أراد: الجماعة، فغُلِّب وإن كان فيهم واحد أوقليل غير مغفور لهم)، انتهى، اعلم أنَّ غزوها كان في خلافة معاوية، ويزيد ابنه الأمير من قِبَلِه معهم، فقوله: (لم يحضر)، فيه نظر، والله أعلم، ويزيد ترجمته معروفة روى عن أبيه، وعنه: ابنه خالد، وعبد الملك بن مروان مقدوح في عدالته، ليس بأهل أن يروى عنه، وقال الإمام أحمد: لا ينبغي أن يروى عنه، انتهى؛ أي: لمَّا ولَّى مَن قتل الحسين بن عليٍّ رضوان الله عليهما، وأوقع بأهل المدينة يوم الحرَّة على يد مُسِرف، وأرسل جيشه إلى الكعبة؛ لحصر ابن الزُّبير، ومات سنة (64 هـ) في ثالث عشرين ربيع الأوَّل، وقال الحافظ: في صفر، والله أعلم.

(1/5647)

[باب قتال اليهود]

[ج 1 ص 744]

قوله: (بَابُ قِتَالِ الْيَهُودِ): هذا عند نزول عيسى ابن مريم، تكون اليهود مع الدَّجَّال.

(1/5648)

[حديث: تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر]

2925# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ): هو بفتح الفاء وإسكان الرَّاء، منسوبٌ إلى أبي فروة، وهو إسحاق بن مُحَمَّد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة، تَقَدَّم.

قوله: (حَتَّى يَخْتَبِئ): هو بهمزةٍ في آخره، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَيَقُولُ): وسيأتي قريبًا (فيقول الحجر): يحتمل المراد: الحقيقة، ويُنطِقُه الله بذلك، ويحتمل أن يكون مجازًا؛ لأنَّه لا يبقى منهم أحد، قاله شيخنا، ولا مانع من الحقيقة، وفي «مسلم»: «حتَّى يقول الحجر والشجر إلَّا الغرقد؛ فإنَّه مِن شجرهم»، والله أعلم [1].

(1/5649)

[باب قتال الترك]

قوله: (بَابُ قِتَالِ التُّرْكِ): هم _بضَمِّ التَّاء_ جيلٌ مِن النَّاس، وهم بنو قنطُورا، وهي جارية لإبراهيم صلَّى الله عليه وسلَّم ولدت له أولادًا جاء مِن نسلهم التُّرك، وقال: كراع التُّرك هم الذين يقال لهم الدَّيلم، وقال ابن عبد البَرِّ: (هم ولد يافث، وهم أجناس كثيرة، ومنهم: أصحابُ مدن وحصون، ومنهم: قوم في رؤوس الجبال والبراري ليس لهم عمل غير الصيد، ومن لم يصد؛ فَصَد وَدَجَ دابَّته، وشوى الدَّم في مصران يأكله، وهم يأكلون الرخم والغربان، وليس لهم دين، ومنهم: من يدين بدين المجوسيَّة، وهم الأكثرون، ومنهم: من تهوَّد، وملكهم يلبس الحرير وتاج الذَّهب، ويحتجب كثيرًا، وفيهم سحر، وقال وهب بن مُنبِّه: هم بنو عمِّ يأجوج ومأجوج، وقيل: إنَّ أصل التُّرك أو بعضهم من حِميَر، وقيل: بقايا قوم تُبَّع، وقال بعضهم: أكثرهم يقول: الترك من ولد إِفريدون بن سام بن نوح، ثمَّ ذكر سبب تسميتهم، والله أعلم.

(1/5650)

[حديث: إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قومًا ينتعلون نعال الشعر]

2927# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مرارًا كثيرة أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وقد تَقَدَّم أنَّ معنى عارم: الشِّرِّير أو الشَّرس، وأنَّه بعيد منها، وكذا تَقَدَّم (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ): (تغْلِب): هو بالمثنَّاة فوق، ثمَّ غين معجمة ساكنة، وكسر اللَّام، وهذا ظاهرٌ، وفي قول الحسن _وهو ابن أبي الحسن البصريُّ أحد الأعلام المذكورين_: (حدَّثنا عمرو بن تغلب)؛ ردٌّ على مَن أنكر سماع الحسن من عمرو؛ وهو عليُّ ابن المدينيِّ، الحافظ الجهبذ المعروف.

قوله: (يَنْتَعِلُونَ نِعَالَ الشَّعَرِ): قال ابن قُرقُول: (ظاهره أنَّ نعالَهم من ضفائر الشعر، أو من جلود مشعرة [1] نيئة غير مدبوغة، ويحتمل أن يريد: كمال شعورهم ووفورَها حتَّى يطؤوها بأقدامهم، أو يقارب ذلك منها الأرض.

قوله: (كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ): (كأنَّ): هي من أخوات (إنَّ)، مفتوحة الهمزة مُشدَّدة النُّون، و (وجوهَهم): مَنْصوبٌ اسمها، و (المَجانُّ): مَرْفوعٌ خبرها، قال ابن قُرقُول: (والمَجانُّ: بفتح الميم وشدِّ النُّون، جمع «مجنٍّ»، ووزنه: «مفاعل»)، وحكى القاضي شيخنا أبو عبد الله مُحَمَّد بن أحمد التُّجيبيُّ عن أبي مروان بن سراج: أنَّ ابن الإفليليِّ كان يقوله: بكسر الميم: مِجان، قال أبو مروان: وهو خطأ، وإنَّما هو مثل مَحمَل ومَحامِل؛ الميم فيه زائدة مفتوحة في الجمع، وقد رواه ابن السماط وغيره من رواة البخاريِّ بكسر الميم، كما قال ابن الإفليليِّ، و (المُطْرَقة): قال ابن قُرقُول: (بسكون الطَّاء، وفتح الرَّاء؛ أي: التِّرَسَة التي أُلبِست بالعَقب طاقةً فوق أخرى، وقال بعضهم: الأصوب فيه: المطَرَّقة؛ وهو كلُّ ما رُكِّب بعضه فوق بعض، وقيل: هو أن يُقوَّر جلدٌ بمقداره، ويُلصَق به كأنَّه ترس على ترس) انتهى، وقوله فيه: (المُطَرَّقة): يعني: بتشديد الرَّاء، وقد ذكر ابن الأثير الرِّوايتين؛ التخفيف الأوَّل، والتشديد للتكثير الثاني، ثمَّ قال: والأوَّل أشهر؛ يعني: التَّخفيف.

==========

[1] في (ب): (مشعرهم)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[ج 1 ص 745]

(1/5651)

[حديث: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك صغار الأعين]

2928# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزُّهريُّ، أبو يوسف، عن أبيه وشعبة، وعنه: أحمد وعبد، حجَّة ورع، مات سنة (208 هـ)، كذا أرَّخ وفاته الذَّهبيُّ في «الكاشف»، و «التذهيب»، و «الميزان»، ذكره تمييزًا، والمعروف في وفاته سنة (182 هـ) انتهى، والله أعلم، كذا رأيته بخطِّي على «التَّذهيب»، ولا أدري من أين لي ذلك، أخرج له الجماعة، وأمَّا (والده)؛ فإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، أبو إسحاق، المدنيُّ، نزيل بغداد، وأحدُ الأعلام، عن أبيه، والزُّهريِّ، ويزيدَ بن الهادي، وصالح بن كيسان، وجماعةٍ، وعنه: أبو داود الطَّيالسيُّ، وابن مهديٍّ، وابن وهب، والقعنبيُّ، ويحيى بن يحيى، ولُوَين، وأحمد ابن حنبل، وخلقٌ كثيرٌ، وثَّقه أحمد، وابن معين، وغيرهما، قال ابن سعد وجماعة: مات سنة ثلاث وثمانين ومئة، وقال سعيد بن عُفير: مات سنة أربع وثمانين، قال الخطيب: حدَّث عنه يزيد بن عبد الله بن الهادي، والحسين بن سيَّار، وبين وفاتيهما مئةُ سنة واثنتا عشرة سنة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (صَالِح): هو ابن كيسان تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وغير مرَّةً بغير ترجمة، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحمن بن هرمز تَقَدَّم مرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم مرارًا.

قوله: (ذُلْفَ الأُنُوفِ): هو بالذال المعجمة المضمومة، ثمَّ لام ساكنة، ثمَّ فاء، جمع (أذلف)؛ كأحمر وحُمْر، قال ابن قُرقُول: (قيل: فُطْس، وقيل: صغار الأنوف، وقيل: قصار الأنوف؛ وهو الفَطَس، والذُّلف: تأخُّر الأرنبة، وقيل: هو غلظ في الأرنبة، وقيل: تطامن فيها، وقيل: همزة تكون فيها، وقد رواه بعضهم بدال مهملة، وقد قيَّدناه عن التَّميميِّ بالوجهين، وبالمعجمة أكثر)، انتهى، ولم يذكر ابن الأثير غير الإعجام، وكذلك من وقفت على كلامه من أهل اللُّغة؛ إنَّما ذكروه في الذَّال المعجمة، والله أعلم.

قوله: (كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ): تَقَدَّم (المجانُّ) و (المُطْرَقة) أعلاه، وكذا (كأنَّ) وأنَّها من أخوات (إنَّ)، وكذا (نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ) أعلاه.

==========

[ج 1 ص 745]

(1/5652)

[باب قتال الذين ينتعلون الشعر]

(1/5653)

[حديث: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر]

2929# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، وتَقَدَّم أنَّ (سُفْيَان): هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): بفتح ياء (المسيّب) وكسرها، وغيره ممَّن اسمه (المسيَّب) لا يجوز فيه إلّضا الفتح، والله أعلم.

[ج 1 ص 745]

قوله: (نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ): تَقَدَّم قريبًا جدًّا، وكذا (الْمَجَانُّ) و (الْمُطْرَقَةُ).

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: زَادَ [1] فِيهِ أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً: صِغَارَ الأَعْيُنِ): أمَّا قوله: (زاد سفيان): يعني: بالسَّند المُتقدِّم، وليس هذا تعليقًا؛ إنَّما هو بسند الحديث الذي قبله؛ وهو عليُّ بن عبد الله عنه؛ فاعلمه، و (سفيان): تَقَدَّم قريبًا أنَّه ابن عيينة [2] في الحديث الذي قبل هذا، و (أبو الزِّناد): هو عبد الله بن ذكوان _بالنُّون_ تَقَدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا، و (الأعرج): كذلك تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وأمَّا قوله: (روايةً)؛ هو مَنْصوبٌ مُنوَّن؛ فاعلم أنَّ قولَ الرَّاوي عن الصَّحابيِّ: يرفع الحديث، أو يبلغُ به، أو روايةً _كهذا المكان_ أو ينميه [3]؛ فإنَّه يكون مرفوعًا، قال ابن الصَّلاح: (وحكم ذلك عند أهل العلم حكمُ المرفوع صريحًا، وذلك كقول ابن عبَّاس: «الشِّفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكيَّة نار، وأنهى أمَّتي عن الكيِّ»؛ رفع الحديث، رواه البخاريُّ، وروى مسلم من رواية أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة يبلغُ به قال: «النَّاس تبعٌ لقريش»، وفي «الصَّحيحين» بهذا السَّند هذا الحديث الذي نحن فيه: «تقاتلون قومًا»، وروى مالك في «المُوَطَّأ» عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: (كان النَّاس يُؤمَرون أن يضع الرَّجلُ يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصَّلاة)، وقد قَدَّمتُ الخلاف في (يَنمي) و (يُنمي) [4]، وقد رواه البخاريُّ من طريق القعنبيِّ عن مالك، يَنمِي ذلك إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وإن قيل ذلك عن التَّابعيِّ؛ فهو مُرسَلٌ.

(1/5654)

[باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر]

(1/5655)

[حديث: والله ما ولى رسول الله ولكنه خرج شبان أصحابه]

2930# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا قد تَقَدَّم مرارًا أنَّه زهير بن معاوية الجعفيُّ، أبو خيثمة، وتَقَدَّم (أبو إسحاق): أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ الهمْدانيُّ.

قوله: (وَسَأَلَهُ رَجُلٌ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّ هذا (الرَّجل): لا أعرفه، غير أنَّه من قيس، كما في (مغازي) «البخاريِّ» [1]، وقد تَقَدَّم.

قوله: (أَكُنْتُمْ فَرَرْتُمْ؟! ... ) إلى أن قال: (مَا وَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): سيأتي في (حنين) أنَّ هذا من بديع الأجوبة والكلام عليه.

قوله: (شُبَّانُ أَصْحَابِهِ): هو جمع (شابٍّ).

قوله: (وَأَخِفَّاؤُهُمْ): هو جمع (خِفٍّ)؛ بكسر الخاء المعجمة وتشديد الفاء، و (الخِفُّ): الخفيف؛ يريد: مَن لا سلاح معه يَثْقُلُه.

قوله: (حُسَّرًا): هو بضَمِّ الحاء وفتح السِّين المُشدَّدة المهملتين، جمع (حاسر)؛ كشاهد وشُهَّد؛ وهو مَن لا درع له ولا مِغْفَر، وقد فسَّره بعده (لَيْسَ بِسِلَاحٍ)، وقال بعضهم: مَن لا درع له ولا مِغفَر على رأسه، والله أعلم.

قوله: (وَبَنِي نَصْرٍ): هو بالصَّاد المهملة، وهذا معروف.

قوله: (فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا): قال ابن قُرقُول: (هو بفتح الرَّاء، وهو المصدر، وبكسرها للأصيليِّ، وهو الاسم، والفتح هنا أوجه) انتهى.

قوله: (وَهْوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ): تَقَدَّم الكلام على هذه (البغلة) التي كان راكبها يوم حنين، وذكرت فيها قولين؛ هل هي الدُّلدُّل أو فضَّة؟ فانظره في أوائل (الجهاد).

قوله: (وَابْنُ عَمِّهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ اسمه المغيرة، أو المغيرة أخ له، وقيل: اسمُه كنيتُه، وتَقَدَّم مُطَوَّلًا.

قوله: (أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ~…أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ): يأتي الكلام عليه في (حنين) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

(1/5656)

[باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة]

(1/5657)

[حديث: ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا]

2931# قوله: (أَخْبَرَنَا عِيسَى): هذا هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، أحد الأعلام في الحفظ والعبادة، عن أبيه، وهشام بن عروة، والأعمش، وخلقٍ، وعنه: حمَّاد بن سلمة مع جلالته وتقدُّمه، وابن المدينيِّ، وإسحاق، وابن عرفة، وأممٌ، وكان يحجُّ سنة ويغزو سنة، مات سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه أبو حاتم وجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا؛ لأجل عيسى بن يونس؛ شيخ روى عن مالك، قال الدَّراقطنيُّ: مجهول، ولهم: عيسى بن يونس الطرسوسيُّ عن حجَّاج الأعور من مشيخة أبي داود، ولهم أيضًا: عيسى بن يونس الرمليُّ الفاخوريُّ، صاحب ضمرة والوليد، ثقة من مشيخة النَّسائيِّ وابن ماجه.

قوله: (عَنْ [1] هِشَامٍ): هذا هو ابن حسَّان الأزديُّ القُردوسيُّ مولاهم، الحافظ، عن الحسن وابن سيرين، وعنه: القطَّان، وأبو عاصم، والأنصاريُّ، مات في صفر سنة (145 هـ)، أخرج له الجماعة، إمام كبير، ثقة كبير الشأن، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنْ مُحَمَّدٍ): هذا هو ابن سيرين، أحد الأعلام، مشهور التَّرجمة، وكذا (عَبِيدَة): وهو بفتح العين [2]، وكسر الموحَّدة، وهو ابن عمرٍو، وقيل: ابن قيس السلْمانيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّم.

قوله: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ): هذا هو يوم الخندق، وقد تَقَدَّم متى كانت الخندق بما فيها من الخلاف.

قوله: (مَلأَ اللهُ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهرٌ معروف.

قوله: (شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ): في (الصَّلاة الوسطى) للعلماء سبعةَ عشرَ قولًا، وقد أفردها شيخُ شيوخنا الحافظ أبو مُحَمَّد عبد المؤمن بن خلف الدِّمياطيُّ بالتأليف، وسمَّاه: «كشف المُغْطَى في الصَّلاة الوُسْطى»، وذكر دليل كلِّ قولٍ، وأصحُّ الأقوال: أنَّها العصر، وها أنا أسرد لك السَّبعةَ عشرَ قولًا عاريةً من الأدلَّة: الصَّلوات الخمس مفردات؛ فهذه خمسة أقوال، والسَّادس [3] مجموعة، أو الجمعة، أو صلاة الجماعة، أو الوتر، أو مكتوبة لا بعينها، وقيل: الصُّبح والعصر، وقيل: الصُّبح والعشاء، وقيل: الأضحى، وقيل: الفطر، الخامس عشر: جمعة في محلِّها، وفي باقي الأيَّام: الظهر، وقيل: صلاة الخوف أو الضُّحى، وقد قرأتُ ما ألَّفه شيخ شيوخنا على بعض المشايخ بإجازته منه؛ وهو ناصر الدين مُحَمَّد بن عليٍّ الحرَّاويُّ الطبردار القاهريُّ بها.

(1/5658)

تنبيهٌ: إنَّما شُغلوا عنها؛ لأجل القتال، فقيل: إنَّه كان قبل نزول صلاة الخوف، وقيل: إنَّهم كانوا على غير وُضوء، ولذلك [4] لم يمكنهم تركُ القتال لطلب الماء وتناول الوضوء؛ لأنَّ الله لا يقبل صلاة بغير طهور، ولا صلاة مَن أحدث حتَّى يتوضَّأ؛ قالهما ابن بطَّال نقله شيخنا، والأوُّل مشهور جدًّا.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] زيد في (ب): (المفتوحة).

[3] في (ب): (والسادسة)، ولا يصحُّ.

[4] زيد في (ب): (كانوا).

[ج 1 ص 746]

(1/5659)

[حديث: اللهم أنج سلمة بن هشام اللهم أنج الوليد بن الوليد]

2932# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح القاف وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ، وهو ابن عقبة، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ، تَقَدَّم، وكذا (ابْن ذَكْوَانَ): هو أبو الزِّناد _بالنُّون_ عبد الله بن ذكوان، وكذا تَقَدَّم (الأَعْرَج) أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَنْجِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة، مكسور الجيم، وهذا ظاهرٌ، وكذا تَقَدَّم ترجمة (سَلَمَة بْن هِشَامٍ) وأنَّه أخو أبي جهل لأبويه، وتَقَدَّم الكلام على إخوة أبي جهلٍ، وكذا تَقَدَّم ترجمة (الْوَلِيد بْن الْوَلِيدِ) وأنَّه أخو خالد بن الوليد، و (عَيَّاش بْن أَبِي رَبِيعَةَ) وأنَّه بالمثنَّاة تحت والشين المعجمة، وأنَّه أخو أبي جهل لأمِّه.

[ج 1 ص 746]

قوله: (وَطْأَتَكَ): تَقَدَّم؛ وأنَّها العقاب والأخذ، وقال الخطَّابيُّ: («الوطأة»: العقوبة والمشقَّة، وأراد بها: ضيق المعيشة، وهي مأخوذة مِن وطء العدُوِّ والدَّابَّة للشَّيء، وركضها إيَّاه برجلها)، قال الخليل: (يقال: وَطِئ العدوُّ وطأة؛ يريد: إذا أثخن فيهم)، قال الدَّاوديُّ: (وَطْأَتك؛ يريد: الأرض؛ فأصابتهم الجُدوبة)، وتَقَدَّم (مُضَرَ): أنَّها القبيلة المعروفة، و (سِنِينَ): أي: القحوط والجدوب، وتَقَدَّم (السَّنة)، و (كَسِنِي يُوسُفَ): تَقَدَّم أنَّها بالتخفيف.

(1/5660)

[حديث: اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اللهم اهزم الأحزاب]

2933# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه في الورقة التي قبل هذه بثلاث [1] أوراق.

قوله: (سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّم الكلام عليه وعلى والده (أبي أوفى) واسمه، وأنَّه صحابيٌّ أيضًا رضي الله عنهما.

قوله: (يَوْمَ الأَحْزَابِ): تَقَدَّم أنَّها غزوة الخندق، وهذا معروف ظاهر.

==========

[1] في (أ): (بثلاثة)، ولعلَّ المثبت هو الصواب، وفي (ب): (هذه الأوراق بخمسة).

[ج 1 ص 747]

(1/5661)

[حديث: اللهم عليك بقريش اللهم عليك بقريش اللهم عليك بقريش]

2934# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه الثوريُّ، ومستندي في ذلك أنِّي رأيتُ في ترجمة جعفر بن عون في «الكمال» أنَّه روى عن الثوريِّ، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، والله أعلم، وتَقَدَّم أنَّ (أَبَا إِسْحَاقَ) اسمه عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، من المهاجرين الأوَّلين، تَقَدَّم.

قوله: (فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه عدوُّ الله، فرعون هذه الأمَّة، في (الطهارة).

قوله: (وَنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ): الظاهر أنَّهم المَدعوُّ عليهم فيما يأتي، وذكرهم هنا ستَّةً [1]، وهم [2] سبعة، سابعهم عمارة بن الوليد، كما جاء في «الصَّحيح» في غير هذا المكان، والله أعلم.

قوله: (وَنُحِرَتْ جَزُورٌ): (نُحِرت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (جزور): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وتَقَدَّم الكلام على (السَّلى) ما هو، وكذا تَقَدَّم (عُتْبَة بْن رَبِيعَةَ)، و (شَيْبَة بْن رَبيعَةَ)، و (الْوَلِيد بْن عُتْبَةَ)، و (أُبَيُّ بْن خَلَفٍ) على ما فيه [3]، و (عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْطٍ).

تنبيهٌ: أسقط السابع، وسيأتي قريبًا [4]: (قال أبو إسحاق: ونسيت السابع، وهو عُمارة بن الوليد)، وقال فيه هنا: (أُبيُّ بن خلف)، وإنَّما هو أميَّة، وسيأتي الاختلاف فيه هنا، وأنَّ الصحيح أنَّه أميَّة، وهو الصَّواب.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ فِي قَلِيبِ بَدْرٍ): تَقَدَّم أنَّ عقبة لم يُقتَل ببدر، وتَقَدَّم المكان الذي قُتِل فيه، وتَقَدَّم أنَّ عُمارة هلك بالحبشة على كفره، وماذا جرى له، وأنَّ أميَّة بن خلف لم يُلقَ في البئر؛ لأنَّه تزايل، كلُّ ذلك في (الطَّهارة)؛ فانظره.

قوله: (قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ: (وَنَسِيتُ السَّابِعَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عُمارة بن الوليد، وتَقَدَّم في (الطهارة) ماذا جرى له، وأنَّه هلك على كفره بالحبشة.

(1/5662)

[حديث عائشة: أن اليهود دخلوا على النبي فقالوا السام عليك .. ]

2935# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، وقد قَدَّمتُ مرارًا أنَّ (حمَّادًا) إذا أطلقه الراوي عنه؛ فإن كان الراوي عنه سليمان بن حرب _ كهذا_ أو عارم مُحَمَّد بن الفضل؛ فهو ابن زيد، وإن كان الذي أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، أو عفَّان، أو حجَّاج بن منهال، وكذا هدبة بن خالد؛ فإنَّه يكون ابن سلمة، وقد قَدَّمتُ أنَّ ابن سلمة لم يرو له البخاريُّ في الأصول، وإنَّما علَّق له، بخلاف ابن زيد، والله أعلم.

و (أَيُّوبَ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وتَقَدَّم (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ) أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيكة زهيرٍ، وأنَّ زهيرًا صحابيٌّ.

قوله: (السَّامُ عَلَيْكَ): (السَّام): الموت، وألفه منقلبةٌ عن واو.

قوله [1]: (وَعَلَيْكُمْ): سيأتي الكلام على إثبات هذه الواو وحذفها في (كتاب الاستئذان) إن شاء الله تعالى.

==========

[1] (قوله): سقط من (ب).

[ج 1 ص 747]

(1/5663)

[باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟]

قوله: (بَابٌ هَلْ يُرْشِدُ): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ.

قوله: (أَوْ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ): المراد بـ (الكتاب) هنا: القرآن، قال أبو حنيفة: لا بأس بتعليم الحربيِّ والذِّمِّيِّ [1] القرآنَ، والعلمَ، والفقهَ؛ رجاء أن يرغبوا في الإسلام، وهو أحد قولي الشافعيِّ، وقال مالك: لا يعلَّمُون الكتابَ ولا القرآن، وهو قول [2] الشافعيِّ الآخر، ومأخذ القولين ليس هذا موضعَه، والمُجوِّز استدلَّ بحديث هرقل المذكور، والله أعلم، واعلم أنَّ أصحابَ الشافعيِّ قالوا: لا يُمنَع الكافرُ سماعَ القرآن، ويُمنع مسَّ [3] المصحف، وهل يجوز تعليمه القرآن؟ ينظر إن لم يُرجَ إسلامُه؛ لم يجز، وإن رُجِي؛ جاز في أصحِّ الوجهين، وبه قطع القاضي الحسين، ورجَّحه البغويُّ وغيره، والثاني: لا يجوز، كما لا يجوز بيعُه المصحفَ، وفي بيعه المصحف: المذهبُ: القطع بأنَّه لا يجوز، وقيل: قولان وإن رُجِي إسلامه، قال البغويُّ: وحيث رآه معانِدًا لا يجوز تعليمه بحال، وهل يُمنَع التَّعليمُ؟ فيه وجهان حكاهما المُتولِّي والرُّويانيُّ؛ أصحُّهما: يُمنَع، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (الذمي والحربي).

[2] في (ب): (وهو أحد قولي)، وهو تكرارٌ.

[3] زيد في (ب): (القرآن).

[ج 1 ص 747]

(1/5664)

[حديث: فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين]

2936# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الصَّلاة)، وقد ذكر الجيَّانيُّ أنَّه كذلك في أبواب؛ فعدَّدها، ثمَّ قال: (نسبه ابن السَّكن في بعض هذه المواضع: «إسحاق بن إبراهيم»؛ يعني: ابن راهويه، وقد أتى إسحاق هذا عن يعقوب منسوبًا من رواية الأصيليِّ وابن السكن في [1] «كتاب الحجِّ» في موضعين، فقال في «باب الفتيا على الدَّابَّة»: «حدَّثنا إسحاق بن منصور: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ... »؛ فذكر حديثًا، ثمَّ قال: وفي «باب حجِّ الصِّبيان»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم ... »؛ فذكر حديثًا، ثمَّ قال: نسبه الأصيليُّ وحده في هذ المواضع: إسحاق بن منصور، وذكر أبو نصر: أنَّ إسحاق بن إبراهيم وإسحاق بن منصور يرويان عن يعقوبَ هذا، وهو يعقوب بن إبراهيم بن سعد)، انتهى مُلخَّصًا، ولم يذكر هذا الباب، بل ولا ذكر (كتاب الجهاد) الجامعَ لهذا الباب وغيره، والظاهر أنَّه مثل ما تَقَدَّم.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، و (عَمُّه): هو العالم، أحد الأعلام، مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (إِلَى هِرَقْلَ [2]): تَقَدَّم بلغتيه في أوَّل هذا التَّعليق، وأنَّه هلك على كفره سنة عشرين ببلده، وتَقَدَّم متى كانت الكتابة، وكذا تَقَدَّم الكلام على (الأَرِيسِيِّينَ)، وما فيه من الرِّوايات، والأقوال؛ فانظره إن أردته.

==========

[1] في (ب): (من).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قَيْصَرَ).

[ج 1 ص 747]

(1/5665)

[باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم]

(بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ [1]؛ لِيَتَأَلَّفَهُمْ) ... إلى (بَاب لَا تَتَمَنَّوْا [2] لِقَاءَ الْعَدُوِّ)

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (بِالْهُدَى).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (تمنَّوا).

[ج 1 ص 747]

(1/5666)

[حديث: اللهم اهد دوسًا وأت بهم]

2937# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّم (أَبُو الزِّنَادِ): أنَّه عبد الله بن ذكوان، و (عَبْد الرَّحْمَن): هو الأعرج.

[ج 1 ص 747]

قوله: (قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ): هو الطفيل بن عمرو بن طريف الأزديُّ الدَّوسيُّ، الذي يُلَقَّب ذا النور، وقد قَدَّمتُ أنَّ أصحاب النور: أُسيد بن الحضير، وعبَّاد بن بشر، وحمزة بن [1] عمرو الأسلميُّ، وقتادة [2]، والطفيل هذا، والحسن بن عليٍّ، وسيأتي [3]، قُتِل يوم اليمامة، صحابيٌّ مشهورٌ رضي الله عنه.

==========

[1] (بن): سقط من (ب).

[2] في (ب): (وهو قتادة)، وضرب على (هو) في (أ).

[3] (والحسن بن علي، وسيأتي): سقط من (ب).

(1/5667)

[باب دعوة اليهودي والنصراني وعلى ما يقاتلون عليه]

قوله: (وَمَا كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ): تَقَدَّم أنَّ (كسرى) بكسر الكاف وفتحها، وقد تَقَدَّم أنَّ (قيصرَ) لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الروم، و (كسرى): لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الفُرس، واسم كسرى: أبرويز _ومعناه: المظفَّر_ ابن هرمز أنوشروان؛ ومعناه: مجدِّد الملك.

==========

[ج 1 ص 748]

(1/5668)

[حديث: لما أراد النبي أن يكتب إلى الروم]

2938# قوله: (لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ): تَقَدَّم الكلام على (الروم) قريبًا، وتَقَدَّم في أوَّل هذا التَّعليق وقتُ كتابته عليه الصَّلاة والسَّلام إلى الملوك.

قوله: (فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ): اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام اتَّخذه سنة ستٍّ، وقد تَقَدَّم الاختلاف في تاريخ الكتابة، واعلم أنَّه اختلفت الروايات في صفة الخاتم، فيحتمل أن يكون خواتم متعدَّدة، وقد كان له عليه الصَّلاة والسَّلام خاتم فضَّةٍ، وخاتمٌ من ذهب قبل النهي، ثمَّ طرحه، وخاتمُ حديدٍ ملويٍّ [1] بفضَّة، نقشه: مُحَمَّد رسولُ الله، قال ذلك أبو الفتح ابن سيِّد الناس، وفي «مسلم» من حديث أنس رضي الله عنه: (كان خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من فضَّة، وكان فَصُّه حبشيًّا)، وفي «البخاريِّ»: (كان فَصُّه منه)، قال أبو عمر: هذا أصحُّ، وقال غيره: كلاهما صحيحٌ، وكان له عليه الصَّلاة والسَّلام خاتمُ فضَّة فَصُّه [2] منه، وفي وقتٍ خاتمٌ فَصُّه [3] حبشيٌّ، وفي حديث آخر: (فَصُّه [4] من عقيق)، قاله النَّوويُّ، وفي معنى الحبشيِّ قولان، قال ابن الأثير: (يحتمل أنَّه أراد من الجزع أو العقيق؛ لأنَّ معدِنهما اليمنُ والحبشة، أو نوعًا آخرَ يُنسَب إليها) انتهى، فإن كان المراد بالخاتم الذي فَصُّه حبشيٌّ: فَصُّه عقيق؛ فهما واحد، أو جزعًا أو نوعًا آخر؛ فهما خاتمان.

فإذن الحاصل خمسة خواتم؛ خاتم ذهب قبل التحريم، ثمَّ فضَّة وفَصُّه منه، وآخر فضَّة فَصُّه حبشيٌّ، وفي معنى الحبشيِّ قولان تقدَّما، وآخر فَصُّه عقيق، وآخر حديدٌ ملويٌّ عليه فضَّة.

وقد تَقَدَّم (الخاتم) فيه أربع لُغاتٍ: خاتم؛ بفتح التاء وكسرها، وخيتام [5]، وخاتام.

قوله: (وَنَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وما قاله فيه الإسنويُّ الإمام الفقيه جمال الدين عبد الرَّحيم في «المهمَّات»، وما تفقَّهته أنا، والله أعلم.

فائدة: ما ذكره البخاريُّ في نقشه هو المعروف الثابت، وقال شيخنا: (وقيل: كان نقشه: لا إله إلا الله مُحَمَّدٌ رسول الله) انتهى، وقال شيخنا أيضًا: (وكان نقش الخاتم في الفَصِّ، وكان الفَصُّ حبشيًّا، أو عقيقًا، ومن شأن الخلفاء والقضاة نقش أسمائهم في خواتمهم) انتهى.

(1/5669)

[حديث: أن رسول الله بعث بكتابه إلى كسرى]

2939# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم أنَّه ابن سعد، الإمام الجواد، وتَقَدَّم (عُقَيْلٌ): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، ومَن هو كذلك في «البخاريِّ» و «مسلمٍ»، والباقي فيهما: عَقيل؛ بالفتح، وكذا تَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (إِلَى كسْرَى): تَقَدَّم قريبًا [1] أنَّه بكسر الكاف وفتحها، واسمه، واسم أبيه، والمبعوث بالكتاب: هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، منصرَفه عليه الصَّلاة والسَّلام من الحديبية، وإنَّما خصَّ عبدَ الله بذلك؛ لأنَّه كان يتردَّد عليهم كثيرًا، ويختلف إلى بلادِهم، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: إنَّ الرسل في السابعة، انتهى، وسيأتي ما كُتِب في الكتاب.

وقيل: إنَّ الذي أرسله بكتابه إلى كسرى خُنيسَ بنَ حذافة أخا المذكور، وقيل: شجاع بن وهب الأسديُّ، ذكر ذلك ابن بشكوال في «مبهماته»، وخُنَيس أصابه بأُحُد جراحةٌ فمات منها، وأين هذا من بعثه عليه الصَّلاة والسَّلام إلى كسرى؟! وقد قَدَّمتُ الخلافَ في أوَّل هذا التَّعليق في المرسَل به، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (إنَّ المعروف أنَّ شجاعًا الرسولُ إلى الحارث بن أبي شمر الغسَّانيِّ) انتهى.

قوله: (أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ): هو المنذر بن ساوى، تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه أسلم، وهل وفد أم لا، قال أبو الربيع بن سالم: لم يَفِد.

==========

[1] (قريبًا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 748]

(1/5670)

[باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله: (بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ): هو مَنْصوبٌ؛ لأنَّه مفعول المصدر؛ وهو (الدعاء).

==========

[ج 1 ص 748]

(1/5671)

[حديث: أن رسول الله كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام وبعث]

2940# 2941# قوله: (كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ): تَقَدَّم أنَّه لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الروم، وتَقَدَّم الكلام على ما يتعلَّق به، وأنَّه هلك على كفره سنة عشرين في بلده، وكذا تَقَدَّم الكلام على (دَحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ [1] الْكَلْبِيِّ) بلُغَتَيه، وتاريخ الكتاب، وما قاله السُّهيليُّ، في أوَّل هذا التَّعليق.

قوله: (أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى): تَقَدَّم أنِّي لا أعرف اسمه، وقد تَقَدَّم أنَّ بعض الحُفَّاظ قال: الحارث بن أبي شمر.

قوله: (لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ): قال بعض الحُفَّاظ المصريِّين: الذي حمل الكتاب من عند الحارث إلى قيصرَ هو عديُّ بن حاتم، وقع ذلك في رواية ابن السكن في «معجم الصَّحابة»، انتهى.

قوله: (مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ): تَقَدَّم الكلام على (حمص)، وذكرت فيها حديثًا أنَّها من مدن الجنَّة، وأنَّه ضعيفٌ، وذكرت فيها حديثًا آخرَ من «مسند أحمد»، وهو ضعيفٌ أيضًا: «أنَّه يُبعَث منها سبعون ألفًا لا حساب عليهم»، و (إيلياء): تَقَدَّم لُغاتُها، وأنَّها بيت المقدس، قيل: معناها بالسريانيَّة: بيت الله، في أوَّل هذا التَّعليق.

قوله: (لِمَا أَبْلَاهُ اللهُ): أي: لِمَا أنعم الله عليه به، وكذا تَقَدَّم الكلام على (أَبِي سُفْيَانَ)، وأنَّه صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس، وما يتعلَّق به، ووفاته، وكذا (الشَّأْم) طولًا وعرضًا.

وكذا قوله: (فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ)، وما قيل في عددهم، واستشكلت فيه شيئًا ذكره بعضُ مشايخي، وكذا (تِجَارًا) بلُغَتَيْها، وكذا (الْمُدَّة) كم كانت، وذكرت فيها ثلاثةَ أقوالٍ، وأنَّ الصحيحَ عشرُ سنين.

قوله: (فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيْصَرَ): هو بفتح دال (وجدَنا)، و (رسولُ): مَرْفوعٌ فاعل، ولا أعرف اسمه.

قوله: (بِبَعْضِ الشَّأْمِ): كانوا بغزَّة، كما في رواية ابن إسحاق، قاله بعض الحُفَّاظ العصريِّين.

قوله: (فَأُدْخِلْنَا): هو بضَمِّ الهمزة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا تَقَدَّم (ترْجُمَان)، وأنَّه بفتح التاء وضمِّها، وما يتعلَّق به، وأنِّي لا أعرف اسمه، وكذا (أَدْنُوهُ): أنَّه بقطع الهمزة، رُباعيٌّ.

(1/5672)

قوله: (وَأَمَرَ بِأَصْحَابِي): (أَمَر): بفتح الهمزة والميم، مبنيٌّ للفاعل، وكذا (فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي)، وما قصده في ذلك، وأنَّه جاء قصدُه في بعض الطرق، وكذا (الْحَيَاءُ) ما هو، في (كتاب الإيمان)، وذكرت فيه قولَين: قول الجُنيد، وقول غيره، وكذا (يَأْثُرُوا): أي: ينقلوا ويحفظوا.

قوله: (لَكَذَبْتُهُ): هو بفتح الذال مخفَّفة؛ أي: حدَّثته حديثَ كذبٍ.

قوله: (مِنْ مَلِكٍ): تَقَدَّم، وكذا (سَخْطَةً لِدِينِهِ)، وكذا (فَهَلْ يَغْدِرُ؟)، وأنَّ (الغدر): تركُ الوفاء، وكذا تَقَدَّم (كَلِمَةٌ): أنَّها مرفوعةٌ منوَّنةٌ، وهذا ظاهرٌ، و (تُؤْثَرَ): نقل وتُحكَى، (غَيْرُهَا): تَقَدَّم أنَّها بالرفع صفة لـ (كلمةٌ)، ويجوز نصبها.

[ج 1 ص 748]

قوله: (دُوَلًا): جمع (دُولة)؛ وهي الغلبة، و (يُدَالُ): معناه: يغلب ويظهر، و (السِّجَال): تَقَدَّم.

قوله: (وَالْعَفَافِ): هو بفتح العين، وهو ترك المحرَّمات، وترك خوارم المروءة، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (البَشَاشَة)، وكذا تَقَدَّم الكلام على (يُوشِك)، و (لَتَجَشَّمْتُ) أيضًا، وكذا (أَمَّا بَعْدُ) في إعرابها، والخلاف في أوَّل مَن قالها [2]، وكذا (دَاعِيَةِ الإِسْلَامِ): وهي كلمةُ التوحيد، وكذا (الأَرِيسِيِّينَ) نطقًا ومعنًى، وكذا قوله: (و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 64]): تَقَدَّم الكلام على هذه الواو، وكذا (اللَّغَطُ): تَقَدَّم، وكذا (لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ)، مُطَوَّلًا، وكذا (بَنِي الأَصْفَرِ).

(1/5673)

[حديث: لأعطين الراية رجلًا يفتح الله على يديه]

2942# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ): هذا منسوبٌ إلى جدِّه قَعْنب، و (عبد الله): أحد الأعلام، تَقَدَّم [1].

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وتَقَدَّم اسم أبي حازم هذا مرارًا أنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (يَوْمَ خَيْبَرَ): تَقَدَّم متى كانت (خيبر)، وأنَّها في آخر [2] السادسة، أو في أوَّل السابعة، ومدرك الاختلاف في ذلك.

قوله: (فَدُعِيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وسيجيء (فأرسلوا إليه)، الرسول: هو سلمة ابن الأكوع، قاله ابن شيخِنا البلقينيِّ في «مبهماته»، وعزاه لـ «طبقات ابن سعد»، ولا حاجة إلى عزوه إليها؛ فهو في «مسلم»، والله أعلم.

قوله: (عَلَى رِسْلِكَ): هو بفتح الراء وكسرها، ومعنى الكسر: التُّؤَدَة، والفتح: اللِّين والرِّفْق، وأصله السَّيْر اللَّيِّن، وقد تَقَدَّم.

قوله: (لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ): (يُهدَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (رجلٌ): مَرْفوعٌ منوَّنٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ): هو بإسكان الميم، وإيَّاك أن تضمَّها، وهو جمع (أحمر)، ومعنى (حمر النَّعَم): الإبل، وحُمْرها أفضلها عند العرب، ويقال: النَّعَم: الإبل والبقر والغنم؛ يريد: خيرٌ مِن أن تكون لك فتتصدَّق بها، وقيل: تنشئها وتملكها.

==========

[1] زيد في (ب): (مرارًا).

[2] زيد في (ب): (السنة).

[ج 1 ص 749]

(1/5674)

[حديث: كان رسول الله إذا غزا قومًا لم يغر حتى يصبح]

2943# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المُسنَديُّ، تَقَدَّم، ولماذا نُسِب، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أنَّه إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث الفزاريُّ، و (حُمَيْد): هو الطويل، ابن تير، وقيل: تيرويه.

قوله: (لَمْ يَغْزُو [1]): كذا في أصلنا بالزاي _من الغزو_ وإثبات الواو، والجادَّة [2] على هذه حذفُ الواو؛ للجزم، والذي أحفظه: (لم يُغِرْ)؛ من الإغارة، وقد [3] ذكروا روايتين في (لم يغز بهم حتَّى يصبح): من الغزو، كذا للتِّنِّيسيِّ، ولغيره من رواة «المُوَطَّأ»: (لم يُغِرْ بهم): من الإغارة، وهو الوجه، قاله ابن قُرقُول، وسيجيء قريبًا جدًّا (لا يغير عليهم حتَّى يُصبِح): من الإغارة، وهو يقوِّي ما أحفظه، والله أعلم.

2945# قوله: (بِمَسَاحِيهِمْ): (المساحي): جمع (مسحاة)؛ وهي المجرفة من الحديد، والميم زائدة؛ لأنَّه من (السحو)؛ الكشف والإزالة.

قوله: (وَمَكَاتِلِهِمْ): هو جمع (مكتل)؛ وهو الزِّنبيلُ.

قوله: (وَالْخَمِيسُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه الجيش، ولمَ سُمِّيَ خميسًا.

قوله: (اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وهل قاله تفاؤلًا أو بوحيٍ؛ احتمالان.

==========

[1] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة»: (لم يُغِرْ)، وفي (ق): (لم يَغْزُ).

[2] في (ب): (وإيجاده)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ب): (وكذا).

[ج 1 ص 749]

(1/5675)

[حديث أبي هريرة: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله]

2946# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم أنَّه الحكم بن نافعٍ مرارًا، وكذا (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا (ابْن المُسَيّب): أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، بخلاف ياء غيره، فإنَّه لا يجوز فيها إلَّا الفتح.

==========

[ج 1 ص 749]

(1/5676)

[باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس]

(1/5677)

[حديث: ولم يكن رسول الله يريد غزوة إلا ورى بغيرها]

2947# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وتَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام، وكذا (عُقَيْل): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وكذا (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (مِنْ بَنِيهِ): هو جمع (ابن)، كذا لهم، وهو المعروف، ولابن السكن: (من بيته)؛ واحد البيوت التي تُسكَن، وكذا للقابسيِّ في (المغازي)، وهو وَهَمٌ في الرواية، وله وجهٌ على حذف مضافٍ؛ أي: من أهل بيته.

قوله: (وَلَمْ يَكُنْ يُرِيدُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةً [1] إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا): اعلم أنَّ في «سيرة ابن إسحاق» في (غزوة الفتح): أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أعلم الناس أنَّه سائرٌ إلى مكَّة، وقد رأيت ما هنا، وهو في «مسلم» أيضًا، فإن صحَّ ما قاله ابن إسحاق؛ فتأويل ما في «الصحيحين» ممكنٌ؛ وذلك لأنَّ في بعض طرقه في «الصحيح» _كما سيجيء قريبًا_: (قلَّما يريد غزوةً يغزوها إلَّا ورَّى بغيرها حتَّى كانت غزوة تبوك)، وإلَّا؛ فالقول قول «الصحيحين»، والله أعلم.

==========

[1] (غزوة): سقط من (ب).

[ج 1 ص 749]

(1/5678)

[حديث: كان رسول الله قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها]

2948# 2949# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم قريبًا مَن هو أحمد بن مُحَمَّد في الورقة التي قبل هذه بأربع [3] أوراقٍ؛ فانظره، وكذا (عَبْدُ اللهِ): أنَّه [4] ابن المبارك، وكذا تَقَدَّم (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (غَزْوَةُ تَبُوكَ): تَقَدَّم أنَّها كانت في السنة التاسعة، وسيجيء ذلك أيضًا في مكانه.

قوله: (فَجَلَى [5] لِلْمُسْلِمِينَ): هو بتخفيف اللَّام، كذا ضبطه النَّوويُّ في «شرح مسلم»، وفي أصلنا بتشديدها، وفي حديث كعب بن مالكٍ في (المغازي) نقل شيخنا عن الدِّمياطيِّ أنَّه ضبطه فيها بالتشديد، انتهى، والذي ينبغي أن يكون مشدَّدًا ومخفَّفًا، والتشديد أفصح؛ لأنَّه لغة القرآن، قال الله تعالى: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187]،

[ج 1 ص 749]

ويكون التخفيف جائزًا في الحديث، والله أعلم.

قوله: (أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ): كذا في أصلنا، وكذا لابن ماهان، ولسائر الرواة: (أهبة غزوهم)؛ بالزاي، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (وَعَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، رواه البخاريُّ عن أحمد بن مُحَمَّد _وقد ذكرت لك مَن هو قريبًا [6] مُحالًا على مكان آخرَ_ عن عبد الله _هو ابن المبارك_ عن يونس، وليس تعليقًا؛ فاعلمه، والله أعلم.

(1/5679)

[حديث: أن النبي خرج يوم الخميس في غزوة تبوك]

2950# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو المُسنَديُّ [1]، و (هشام): هو ابن يوسف الصنعانيُّ، تَقَدَّم.

قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة ساكنة، وأنَّه ابن راشد، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[1] في (ب): (مُحَمَّد هو المُسنديُّ حدثنا هشام).

[ج 1 ص 750]

(1/5680)

[باب الخروج بعد الظهر]

(1/5681)

[حديث: أن النبي صلى بالمدينة الظهر أربعًا]

2951# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، أحد الأعلام، وكذا تَقَدَّم (أَبُو قِلَابَة): أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف موحَّدة، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تَقَدَّم ضبطها، وبُعدها من المدينة، وما وقع من الوهم، وأنَّها الميقات لأهل المدينة.

قوله: (يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا): أي: الحج والعمرة، وهذا ظاهرٌ جدًّا معروفٌ.

==========

[ج 1 ص 750]

(1/5682)

[باب الخروج آخر الشهر]

قوله: (بَابُ الْخُرُوجِ آخِرَ الشَّهْرِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته إلى أن قال: (فيه السفر من غير يوم الخميس؛ فتأمَّله، ويتعيَّن أن يكون ههنا يومَ السبت؛ فتدبَّره، وموقع التَّرجمة من الفقه: الردُّ على من زعم من القائلين بتأثير الكواكب: أنَّ الحركةَ آخر الشهر في محاق القمر مذمومةٌ) انتهى، وقد تَقَدَّم متى خرج [1] صلَّى الله عليه وسلَّم لحجَّة الوداع؛ أيَّ يومٍ، وكلام ابن حزم، وكلام ابن القيِّم؛ فانظره في (الحجِّ)، والله أعلم.

قوله: (مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ): وكذا (مِنْ ذِي الْحِجَّةِ): تَقَدَّم أنَّ في كلٍّ منهما لُغَتَين [2].

==========

[1] زيد في (ب): (النبي).

[2] في (ب): (تعيين)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 750]

(1/5683)

[حديث: خرجنا مع رسول الله لخمس ليال بقين من ذي القعدة]

2952# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ): (يحيى بن سعيد) هذا: هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، تَقَدَّم.

قوله: (وَلَا نُرَى إِلَّا الْحَجَّ): تَقَدَّم أنَّه (نَرى) و (نُرى).

قوله: (فَدُخِلَ عَلَيْنَا): (دُخِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (بِلَحْمِ بَقَرٍ): لا أعلم أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم اقتنى من البقر شيئًا إلَّا ما ذُكر في هذا الحديثِ، وعمَّم بعضُ الحُفَّاظ؛ وهو ابن سيِّد الناس في «سيرته».

قوله: (قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد الأنصاريُّ المذكورُ في السند.

==========

[ج 1 ص 750]

(1/5684)

[باب الخروج في رمضان]

قوله: (بَابُ الْخُرُوجِ فِي رَمَضَانَ): ذكر فيه الحديثَ المذكورَ في الباب: (خرج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في رمضان)، ففيه الردُّ على ما رُويَ عن عليٍّ رضي الله عنه أنَّه قال: (مَن أدركه رمضان وهو مقيمٌ، ثمَّ سافر؛ لَزِمه الصومُ؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185])، وبه قال أبو عبيدة _كذا نقله شيخنا، وسيأتي ما فيه_ وأبو مِجْلَز، وهذا القول مردودٌ بالحديث المذكورِ وإفطارِه، وجماعة الفقهاء على خلافه، والمراد: شهود جميعه، لا شهود أوَّله، والله أعلم، وقوله: (أبو عبيدة) فيه نظرٌ، وقد حكاه النَّوويُّ في «شرح المهذَّب» عن أبي مِجْلَز [وعَبيدة السَّلْمانيِّ، قال النَّوويُّ: (إذا دخل على الإنسان شهر رمضان وهو مقيم؛ جاز له أن يسافرَ ويُفطرَ، إلَّا ما حكاه أصحابنا عن أبي مِجْلَز] [1] التابعيِّ: أنَّه لا يسافر، فإن سافر؛ لَزِمه الصوم، وحَرُم الفطر، وعن عَبيدة السَّلْمانيِّ وسويد بن غَفَلة: أنَّه يلزمه صوم بقيَّة الشهر، ولا يمتنع السَّفَر، والله أعلم.

(1/5685)

[حديث: خرج النبي في رمضان فصام حتى بلغ الكديد أفطر]

2953# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدِينيِّ، وكذا تَقَدَّم (سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه [1] ابن عُيَينة؛ وذلك لأنِّي رأيت عبدَ الغنيِّ في «الكمال»، والذهبيَّ في «التذهيب» ذكرا [2] في مشايخ ابنِ المدينيِّ ابنَ عُيَينة، ولم يذكرا الثوريَّ [3]، والله أعلم، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود [4]، تَقَدَّم.

قوله: (بَلَغَ الْكَدِيدَ): هو بفتح الكاف، وكسر الدال المهملة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ دال أخرى مثلها، وهو على اثنين وأربعين ميلًا من مكَّة، وقد تَقَدَّم.

تنبيهٌ: ظنَّ المُزَنيُّ رحمه الله أنَّ من أصبح صائمًا وسافر له الفطر؛ لهذا الحديث، ظنًّا منه أنَّ الكَدِيد خارج المدينة، وقد تَقَدَّم أعلاه [5] ما بينه وبين مكَّة، وكذا وقع في «البُوَيطيِّ» أيضًا، فلم ينفرد به، والله أعلم.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ): وإنَّما أتى بما قاله عن سفيانَ ثانيًا؛ لأنَّ الزُّهريَّ مُدَلِّسٌ [6]، وقد عنعن في السند الأوَّل، فجاء بالثاني؛ لأنَّ فيه إخبارَ الزُّهريِّ عن عُبيد الله؛ وهو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، والله أعلم، لكن فيه: (قال سفيان: قال الزُّهريُّ)، و (قال) كـ (عن)، و (سفيان) مُدَلِّسٌ أيضًا، والله أعلم.

قوله: (هَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَإِنَّمَا يُؤخَذُ [7] بِالآخِرِ فَالآخِرِ [8] ... ) إلى آخره: (الآخِر) فيهما بالكسر، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[1] في النُّسختين: (أنَّه الظاهر)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] (ذكرا): سقط من (ب).

[3] في (ب): (ولم يذكر النَّوويّ)، وهو تحريفٌ.

[4] زيد في (ب): (والله أعلم).

[5] في (ب): (بظاهرها).

[6] في (ب): (يدلس).

[7] كذا في النسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (يُقال).

[8] (فالآخر): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهذا القول كلُّه جاء في هامش «اليونينيَّة» من رواية أبي ذرٍّ.

[ج 1 ص 750]

(1/5686)

[باب التوديع]

قوله: (بَابُ التَّوْدِيعِ): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: (فيه أنَّ المسافر يودِّعُ المقيم، وفيه النسخ قبل الفعل) انتهى.

==========

[ج 1 ص 750]

(1/5687)

[معلق ابن وهب: إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا بالنار]

2954# قوله: (وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ [1] بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وصوابه: (عمرٌو عن بُكَير)؛ لأنَّ (عَمرًا): هو ابن الحارث المصريُّ الفقيه، أحد الأعلام، و (بُكَيرًا): هو ابن عبد الله بن الأشجِّ.

وقوله: (وقال ابن وهب): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، فهو صحيحٌ عنده إلى ابن وهب، وهو عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، والباقي أيضًا على شرطه، لكن قَدَّمتُ أنَّ التَّعليق المجزوم يكون صحيحًا إلى المعلَّق عنه، ثمَّ تارةً يكون الكلُّ على شرطه كهذا، وتارةً لا يكون على شرطه؛ ككثير من التعاليق التي له، يعرفُها الذي مارس الفنَّ، والله أعلم، و (سليمان بن يسار): هو بالمثنَّاة تحت، والسين المهملة.

وهذا التَّعليق أخرجه النَّسائيُّ في (الجهاد): عن الحارث بن مسكين ويونس بن عبد الأعلى؛ كلاهما عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث وذكر آخرَ؛ كلاهما عن بُكَير نحوه، والآخر: هو عبدُ الله بن لَهِيعة، والعمل على تضعيف حديث ابن لهيعة، فلهذا قرنه النَّسائيُّ، وكذا يقرنه البخاريُّ بثقة ولا يُسَمِّي ابنَ لهيعة، وقد قرنه مسلمٌ مصرِّحًا به بعمرو بن الحارث، والله أعلم.

[الرَّجلان اللَّذان أَمَر عليه السلام بإحراقهما] [2].

قوله: (إِنْ لَقِيتُمْ [3] فُلَانًا وَفُلَانًا _لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ_؛ فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ): (الرجلان): قال الخطيب البغداديُّ في «مبهماته»، وبعده النَّوويُّ [4] في «مختصره» منها، ونقله عنه: (أحدهما هبَّار بن الأسود بن المطَّلب، وكان كافرًا، والرجل الثاني: نافع بن عبد قيس)، انتهى.

وفي «سيرة ابن هشام» عن ابن إسحاق بسنده إلى أبي هريرة قال: (بعث

[ج 1 ص 750]

رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم سريَّة أنا فيها، فقال: «إذا ظفرتم بهبَّار بن الأسود، والرجل الذي سبق معه إلى زينبَ _قال ابن هشام: وقد سَمَّى ابنُ إسحاق الرَّجُل في حديثه، وقد قال: هو نافع بن عبد قيس_؛ فحرِّقُوهما بالنار ... »؛ الحديث)، ذكر ذلك في (غزوة بدر)، انتهى.

(1/5688)

واعلم أنَّ زينب بنتَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين خرجت من مكَّة على راحلتها، مهاجرةً إلى الله وإلى رسوله؛ نخس هبَّار الراحلة؛ فأجهضت ذا بطنها، ولا زالت تهراق الدماء حتَّى ماتت، وقد أهدر دمه صلَّى الله عليه وسلَّم يوم الفتح مع مَن أهدر دمه، ثمَّ أسلم، وحسن إسلامه، وصحب، وأمَّا نافع بن عبد القيس؛ فلا أعلم له إسلامًا، والظاهر هلاكُه على كفره، والله أعلم، وسيأتي بعد سبع ورقاتٍ [5] في باب قد ترجمه البخاريُّ بـ (باب لا يعذَّب بعذاب الله) زيادةٌ على هذا من عند ابن شيخِنا البلقينيِّ رحمه الله.

(1/5689)

[باب السمع والطاعة للإمام]

قوله: (بَابُ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلإِمَامِ مَا لَم يَأمُرْ [1] بِمَعْصِيَةٍ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (فيه أنَّ المنفيَّ محمولٌ [فيه] وفي أمثاله على الشرعيَّة، لا على الحقيقة الوجوديَّة [2]؛ لأنَّ قوله: «فلا سمع ولا طاعة» يقابل قوله: «السمع والطاعة حقٌّ [3]»؛ فكأنَّه قال: فإذا أمر بمعصيةٍ؛ فلا سمع ولا طاعة شرعيَّتين)، انتهى.

==========

[1] في (ب): (يكثر)، وهو تحريفٌ.

[2] في النُّسختين: (والوجوديَّة)، والمثبت من مصدره.

[3] في (ب): (حتى)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 751]

(1/5690)

[حديث: السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بالمعصية]

2955# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا تَقَدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، وكذا تَقَدَّم (عُبَيْد اللهِ): أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.

قوله: (ح: وحَدَّثَنَا [1]): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التَّعليق؛ على كتابتها والنُّطق بها؛ فانظره إن أردته، وسيأتي في أواخره.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (وحدَّثني)، و (ح): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 1 ص 751]

(1/5691)

[باب: يقاتل من وراء الإمام ويتقى به]

قوله: (يُقَاتَلُ مِنْ وَرَاءِ الإِمَامِ وَيُتَّقَى بِهِ [1]): (يُقاتَل) و (يُتَّقى): هما مبنيَّان لما لم يُسمَّ فاعلهما في التَّرجمة والحديث، قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: (وجه مطابقة التَّرجمة لقوله: «نحن الآخرون السابقون» أنَّ معنى قوله: «يقاتل من ورائه»: أي: مِن أمامه، فأطلق الوراء على الأمام؛ لأنَّهم وإن تقدَّموه في الصُّورة؛ فهم أتباعه في الحقيقة، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم تَقَدَّم عليهم بصُورة الزَّمان، لكنَّ المُتقدَّم عليه مأخوذٌ عليه العهدُ أن يؤمن به وينصره، كآحاد [2] أمَّته وأتباعه؛ ولذلك ينزل عيسى عليه السَّلام مأمومًا، وإمام القوم منهم [3]، فهم في الصُّورة إمامه [4]، وفي الحقيقة أتباعه وخلفه) انتهى، والذي أعرفه غير ما ذكره؛ وهو إنَّما ساق «نحن [5] الآخرون السَّابقون»؛ لأنَّه عنده، والحديثَ الذي بعده الشَّاهدَ للتبويب بإسناد واحد، وحديث «نحن الآخرون» أوَّل نسخة الأعرج، فعطف ما يريد إخراجَه على الحديث الأوَّل، وهذه المسألة معروفة عند أهل الفنِّ؛ وهي الرواية من النُّسخ التي إسنادها واحد، كنسخة همَّام بن مُنبِّه عن أبي هريرة رواية عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر عنه، والأحوط أن يُجدِّد ذكر الإسناد عند كل حديث منها، والأغلبُ الأكثر أن يبدأ بالإسناد في أوَّلها، أو في أوَّل [6] كلِّ مجلس مِن سماعها، ويُدرِج الباقي عليه، كما فعل البخاريُّ هنا، وأمَّا مسلم؛ فإنَّه يذكر السند المذكور في أوَّل تلك النُّسخة، ثمَّ يقول: فذكر أحاديث؛ منها: كذا وكذا، فيذكر الحديث الذي يريده، ولكن أبرز له ابن المُنَيِّر فائدةً، وما أظنُّ البخاريَّ يريد ما قاله ابن المُنَيِّر، ولا أراد إلَّا ما يفعله أهلُ الحديث، والله أعلم، وما قاله ابن المُنَيِّر فيه زيادة معنى، ثمَّ إنِّي رأيت شيخنا ذكر ما ذكره ابن المُنَيِّر، ثمَّ قال: وهو معنًى مناسبٌ، لكنَّ البخاريَّ مرادُه بهذا أن يأتي بصيغة روايته لنسخة الأعرج، فإنَّ أوَّل حديث فيها: «نحن الآخرون السابقون»، فلذلك أتى به؛ فاعلمه، وقد نبَّه عليه الدَّاوديُّ أيضًا.

==========

[1] في (ب): (منه)، وهو تحريفٌ.

[2] في النُّسختين: (كما جاء)، والمثبت من مصدره.

[3] (منهم): ليس في (أ)، وكتب في الهامش: (لعلَّه سقَطَ: منهم).

[4] كذا في النُّسختين، وفي مصدره: (أمامه).

(1/5692)

[5] في (ب): (نحو)، وهو تحريفٌ.

[6] (أول): سقط من (ب).

[ج 1 ص 751]

(1/5693)

[حديث أبي هريرة: نحن الآخرون السابقون]

2956# 2957# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّم (أَبُو الزِّنَادِ): أنَّه بالنُّون، وأنَّه [1] عبد الله بن ذكوان، وأنَّ (الأَعْرَجَ): هو عبد الرَّحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): هو عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ): تَقَدَّم معناه في أوَّل (الجمعة).

قوله: (وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ): هي بضَمِّ الجيم، وتشديد النُّون، ثمَّ تاء التَّأنيث؛ كجُنَّة السِّلاح، قال ابن قُرقُول: (سترٌ لمن خلفه في الصَّلاة من المارِّ والسَّهو، وجُنَّة لمن في نظره، ومانعٌ منهم عدوَّهم، وواقيهم إيَّاه، ويفسِّرُه [2] بقيَّة الحديث، وهو قوله: «ويُتَّقى به»، فكأنَّه لهم كالدِّرع والذي يُستَتر به من العدوِّ، والجُنَّة: الدِّرع).

==========

[1] في (ب): (واسمه).

[2] في (ب): (وتفسيره).

[ج 1 ص 751]

(1/5694)

[باب البيعة في الحرب أن لا يفروا]

قوله: (بَابُ الْبَيْعَةِ فِي الْحَرْبِ أَنْ لَا يَفِرُّوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْمَوْتِ): انتهت التَّرجمة، (بعضهم): هو بعض الصَّحابة، وسيأتي حديث من قال: (على الموت) في هذه التَّرجمة، والله [1] أعلم، ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب كعادته، ثمَّ قال: (وجه مطابقة التَّرجمة للآية التي في التبويب؛ وهي: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]: قوله أثناءها: {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} مَثْنِيًّا [2] على قوله: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ}، والسكينة: الثبوت والطُّمأنينة في موقف الحرب، ذكر ذلك على أنَّهم أضمروا في قلوبهم الثبوت وألَّا يفرُّوا، فأعانهم الله على ذلك، وأنزل السَّكينة، وإنَّما أضمروا ألَّا يفرُّوا؛ وفاءً بالبيعة والعهد) انتهى، اعلم أنَّ البخاريَّ ذكر في الحديث عن نافع: (أنَّه بايعهم على الصَّبر)، ثمَّ ذكر حديث عبد الله بن زيد: (أنَّه بايع على الموت)، وحديث سلمة _يعني: ابن الأكوع_: (أنَّه بايعهم على الموت)، وحديث أنس: (أنَّه بايع الأنصار على الجهاد ما حييوا)، وفي رواية مجاشع بن مسعود: (البيعة على الهجرة، والبيعة على الإسلام والجهاد)، وفي حديث ابن عُمر وعُبادة: (على السمع والطَّاعة، وألَّا ينازع الأمرَ أهلَه)، وفي رواية عن ابن عمر: (البيعة على الصَّبر)، قال العلماء رحمهم الله تعالى: هذه الرِّواية تجمع المعاني كلَّها، وتبيِّن مقصودَ كلِّ الرِّوايات، فالبيعة (ألَّا يفرُّوا)؛ معناه: الصَّبر حتَّى نظفر

[ج 1 ص 751]

بعدوِّنا أو نُقتَل، وهو معنى البيعة على الموتِ؛ أي: نصبر، وإن آل بنا ذلك إلى الموتِ، لا أنَّ [3] الموت مقصودٌ في نفسه، وكذا البيعة على الجهاد؛ أي: والصبر فيه، والله أعلم.

قوله: ({إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]): هذه (الشَّجرة): اعلم أنَّها كانت سَمُرة، وفي «الصحيح»: نادى العبَّاس يوم حنين عن أمره صلَّى الله عليه وسلَّم: (يا أصحابَ السَّمُرة).

==========

[1] لفظ الجلالة سقط من (أ).

[2] كذا في النُّسختين، وفي مصدره: (مبنيًّا).

[3] في (ب): (الموت لأن)، وهو تحريفٌ.

(1/5695)

[حديث ابن عمر: رجعنا من العام المقبل فما اجتمع منا .. ]

2958# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النِّسبة، وكذا تَقَدَّم الكلام على (جُوَيْرِيَة): أنَّه ابن أسماء الضُّبَعيُّ، وقدَّمته مُتَرجَمًا.

قوله: (فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ) انتهى: وإنَّما خفي عليهم مكانُها في العام المقبل _كما قال العلماء_؛ لئلَّا يفتتن النَّاسُ بها؛ لما جرى تحتها مِن الخير، ونزول الرُّضوان والسَّكينة، وغير ذلك؛ فلو بقيت ظاهرةً معلومةً؛ لخيف تعظيمُ الأعراب والجهَّال إيَّاها، فكان إخفاؤها رحمةً من الله، كما قال في هذا الحديث، ويحتمل فيما يظهر لي أنَّ قوله: (كانت رحمة من الله): أي: البيعة، والله أعلم، قال أبو [1] الفتح ابن سيِّد النَّاس في «سيرته»: (ورُوِّينا عن ابن سعد: أخبرنا عبد الوهَّاب ابن عطاء: أخبرنا عبد الله بن عون عن نافع قال: كان النَّاس يأتون الشَّجرة التي يقال لها: شجرة الرُّضوان، فيصلُّون [2] عندها، قال: فبلغ ذلك عمرَ بن الخطاب فأوعدهم فيها، وأمر بها؛ فقُطِعت).

قوله: (عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي بَايَعْنَا تَحْتَهَا): تَقَدَّم أعلاه أنَّها كانت سَمُرة.

==========

[1] (أبو): سقط من (ب).

[2] في (ب): (فيظلون)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 752]

(1/5696)

[حديث: لا أبايع على هذا أحدًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم]

2959# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): أمَّا (موسى)؛ فهو ابن إسماعيل، وكذا هو في نسخة في طُرَّة أصلنا، وكذا هو في أصلنا الدِّمشقيِّ في الأصل، وهو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وأمَّا (وهيب)؛ فهو مُصغَّر، وهو ابن خالد الباهليُّ، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ بْن زَيْد): أنَّه عبد الله بن زيد [1] بن عاصم بن كعب بن عمرو بن عوف [2] المازنيُّ.

[وَقْعَةُ الحرَّة] [3].

قوله: (لَمَّا كَانَ زَمَنَ الْحَرَّةِ): وقعة الحرَّة كانت يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجَّة سنة ثلاث وستِّين من الهجرة في الحرَّة الشَّرقيَّة، يقال لها: حرَّة زهرة، وقال الواقديُّ، وأبو عبيدة، وغيرهما: حرَّة وَاقم شرقيَّ المدينة، واستدلَّ لذلك بشعر، قال شيخنا: وقد أفردها بالتَّصنيف [4] المدائنيُّ وغيره، وسببها: أنَّ عبد الله بن حنظلة وغيرَه من أهل المدينة وفدوا على يزيدَ بن معاوية، فرأوا منه ما لا يصلح، فرجعوا إلى المدينة، فخلعوه وبايعوا ابنَ الزُّبير، فأرسل إليهم يزيدُ بن معاوية مسلمَ بن عقبة [5] المعروفَ بمُسرِف، فأوقع بأهل المدينة وقعةً عظيمةً [6]، قُتِل مِن وجوه النَّاس: ألفٌ وسبعُ مئة، وفي كلام بعضهم: سبعُ مئة؛ فيُحرَّر أيُّهما الصَّحيح، ومن أخلاطهم: عشرة آلاف سوى النِّساء والصِّبيان، وفيهم من حملة القرآن: سبع مئة، وانْتُهِبَتِ المدينة، وافتُضَّ فيها ألف عذراء، واستُشهِد فيها عبدُ الله بن حنظلة ابنُ الغسيل في ثمانية من أهل بيته، وله صحبةٌ وروايةٌ، وقُتِل معقلُ بن سنان الأشجعيُّ، حمل لواء قومه يوم الفتح، (واستُشهد عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ _الذي قدَّمته قريبًا جدًّا وبعيدًا جدًّا_ النَّجَّاريُّ، له صحبة ورواية) [7]، واستُشهِد أفلح مولى أبي أيُّوب، ومُحَمَّد بن عمرو بن حزم، وُلِد في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، ومُحَمَّد بن ثابت بن قيس بن شمَّاس، حنَّكه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وغيرُهم، وكانت [8] يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجَّة سنة (63 هـ)، وسعيد بن المسيّب لم يبرح في المسجد مسجدِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالمدينة المُشرَّفة، وكان إذا جاء وقتُ الصَّلاة؛ سمع همهمة من قبر النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذكر قصَّة سعيدٍ البغويُّ في «المصابيح» في (الكرامات).

(1/5697)

قوله: (أَتَاهُ آتٍ): هذا (الآتي): لا أعرفُه.

قوله: (فَقَالَ [9]: إِنَّ ابْنَ حَنْظَلَةَ): تَقَدَّم أعلاه [10] أنَّه عبد الله بن حنظلة، كذا هو مُصرَّح به في هذا «الصحيح» في (غزوة الحديبية)، وهو عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الرَّاهبِ الذي سمَّاه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الفاسقَ، واسمه عبد عمرو [11] بن صيفيِّ بن زيد الأنصاريُّ الأوسيُّ المدنيُّ، كنيةُ عبد الله أبو عبد الرَّحمن، وقيل: أبو بكر، وأبوه حنظلة الغسيل، غسلته الملائكة؛ لأنَّه استُشهِد يوم أُحُد، وهو جنب، وقد تَقَدَّم هذا، وعبد الله صحابيٌّ [12]، وروايته عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في «أبي داود» حديث: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أُمِر بالوضوء لكلِّ صلاة، على طهر وعلى غير طهر ... )؛ الحديث، وأخرج له أحمد في «المسند»، وبقيٌّ أيضًا أخرج له حديثين، وروى عن عُمر، وكعب، وعبد الله بن سلَام، وعنه: أسماء بنت زيد بن الخطَّاب، وضمضم بن جَوْسٍ [13]، وابن أبي مُلَيكة، وعبَّاس بن سهل السَّاعديُّ، وكان أحد من ألَّبَ على يزيدَ بن معاوية، فكانت وقعة الحرَّة، قال خليفة: أُصِيب يومئذٍ عبد الله بن حنظلة، وسبعةُ بنين له؛ عبد الرَّحمن، والحارث، والحكم، وعاصم، قُتِل عبد الله يوم الأربعاء؛ فذكره كما تَقَدَّم، والله أعلم.

قوله: (لَا أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام على عبد الله بن زيد هذا قريبًا جدًّا، وبعيدًا جدًّا [14] مُتَرجَمًا، وإنَّما قال ذلك؛ لأنَّه كان يرى القعود في الفتن التي بين المسلمين، وترك القتال مع إحدى الطَّائفتين، وقد ذهب إلى ذلك جماعة من السلف، وقد قَدَّمتُ قريبًا جدًّا؛ أنَّه قُتِل بالحرَّة رضي الله عنه.

==========

[1] (أنه عبد الله بن زيد): سقط من (ب).

[2] في (ب): (عون)، وهو تحريفٌ.

[3] ما بين معقوفين جاء في هامش (أ) بخطٍّ مغاير.

[4] في (ب): (بالتضعيف)، وهو تحريفٌ.

[5] في (ب): (عتبة)، وهو تحريفٌ.

[6] (وقعة عظيمة): سقط من (ب).

[7] ما بين قوسين سقط من (ب).

[8] (وكانت): سقط من (ب).

[9] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (له).

[10] في (ب): (بظاهرها).

[11] في (ب): (عمر)، وهو تحريفٌ.

[12] في (ب): (هو الصَّحابي).

[13] في (ب): (جوشن)، وهو تحريفٌ.

[14] (وبعيدًا جدًّا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 752]

(1/5698)

[حديث: يا ابن الأكوع ألا تبايع؟]

2960# قوله في حديث سلمة بن الأكوع: (ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ الشَّجَرَةِ): كذا في أصلنا معرَّفة، والظَّاهر أنَّها الشجرة التي بايعوا تحتها، وقد تَقَدَّم أنَّها سَمُرة.

قوله: (أَلَا نُبَايِعُ ... ) إلى آخره: كذا في «البخاريِّ» و «مسلم»، وفي «مسلم» أيضًا: (أنَّه بايع ثلاث مرَّاتٍ) في حديثه الطَّويل المُتضمِّن بيعة الحديبية، وغزوة ذي قَرَد، وخيبر، وإنَّما فعل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك به؛ أراد أن يُؤكِّد بيعته؛ لشجاعته وغَنَائه في الإسلام، وشهرته بالثبات، وليكون له في ذلك فضيلة، ولتقوى نيَّته، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 752]

(1/5699)

[حديث: كانت الأنصار يوم الخندق تقول: نحن الذين ... ]

2961# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو الطويل ابن تير، وقيل: تيرويه، لا حُميد بن هلال، هذا الثاني [1] له حديثان فقط في «البخاريِّ» ذكرتهما غير مرَّةٍ.

قوله: (يَوْمَ الْخَنْدَقِ): تَقَدَّم متى كانت الخندق غير مرَّةٍ.

قوله: (فَأَكْرِمِ): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[1] (الثاني): سقط من (ب).

[ج 1 ص 752]

(1/5700)

[حديث: مضت الهجرة لأهلها]

2962# 2963# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، الإمام المجتهد، أحد الأعلام، أشهر من أن يُذكَر، و (مُحَمَّد بْن فُضَيْل): تَقَدَّم أنَّه بضَمِّ الفاء وفتح الضَّاد، و (عَاصِم): تَقَدَّم أنَّه عاصم بن سليمان الأحول، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّم أنَّه النَّهديُّ عبد الرَّحمن بن ملٍّ، وقد تَقَدَّم اللُّغات في (ملٍّ).

[ج 1 ص 752]

قوله: (عَنْ مُجَاشِعٍ): هو مجاشع بن مسعود بن ثعلبة بن وهب بن عائذ بن ربيعة بن يربوع بن سماك، وقيل: سمال؛ باللَّام، معروفُ النَّسب إلى قيس بن عَيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أخو مجالد بن مسعود، نزل مجاشع البصرة، وقُتِل يوم الجمل مع عائشة، صحابيٌّ، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وأحمد في «المسند» رضي الله عنه.

قوله: (أَنَا وَأَخِي): أخوه هو مجالد بن مسعود بن ثعلبة، كذا صرَّح به في هذا «الصَّحيح» وفي «مسلم» أيضًا: أنَّه مجالد، وهو يكنى بأبي معبد، أسلم بعد الفتح، وعنه: أبو عثمان النَّهديُّ، نزل البصرة، أخرج له البخاريُّ ومسلم، قال أحمد ابن حنبل: قُتِل يوم الجمل.

(1/5701)

[باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون]

(1/5702)

[حديث: لقد أتاني اليوم رجل فسألني عن أمر ما دريت ما أرد عليه]

2964# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم وكسر الراء، وهو ابن عبد الحميد، تَقَدَّم مرارًا، وكذا تَقَدَّم (مَنْصُور): أنَّه ابن المعتمر، وكذا تَقَدَّم (أَبُو وَائِل): أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن مسعود بن غافل الصَّحابيُّ، أحد المهاجرين، مشهور.

قوله: (لَقَدْ أَتَانِي الْيَوْمَ رَجُلٌ فَسَأَلَنِي): هذا (الرَّجل) الذي سأل ابن مسعود لا أعرف اسمه.

قوله: (مُؤْدِيًا): هو بضَمِّ الميم، ثمَّ همزة ساكنة، ثمَّ دال مهملة مكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت خفيفة، قال ابن قُرقُول ومِن قبلِه القاضي، واللَّفظ لابن قُرقُول: («مؤْديًا»؛ ساكن الهمزة خفيف الياء؛ أي: قويًّا، يقال: أودى الرَّجل: قوي، ويقال: مُؤدِيًا: كامل [1] الأداةِ من سلاح وغيره، والأدُّ والأيد: القوَّة)، وقال النَّضر: المُؤدِّي: القادر على السَّفر).

قوله: (فَيَعْزِمُ): هو مبنيٌّ للفاعل؛ بفتح أوَّله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فِي أَشْيَاءَ لَا نُحْصِيهَا): أي: لا نطيقها، وقيل: لا ندري هل هي طاعة أو معصية؟

قوله: (أَلَّا يُعْزَمَ عَلَيْنَا): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَأُوْشِكَ): هو بضَمِّ الهمزة وكسر الشِّين المعجمة، مَرْفوعٌ، كذا بخطِّ شيخنا الأستاذ أبي جعفر الغرناطيِّ في نسخته، وفي أصلنا بفتح الهمزة والشِّين.

قوله: (مَا غَبَرَ): هو بفتح الغين المعجمة والموحَّدة، وبالرَّاء، و (غبر): من الأضداد؛ أي: ما بقي، ويحتمل: مضى، وقدَّم شيخنا: بقي، ونقل عن الدَّاوديِّ: مضى، ثمَّ قال [2] شيخنا: (والمراد في الحديث: ما بقي؛ خلاف قول الدَّاوديِّ، وبه صرَّح ابن الجوزيِّ وغيره، وقال: إنَّه أشبه؛ لقوله: «ما أذكر [3]»).

قوله: (كَالثَّغْبِ): هو بفتح الثَّاء المثلَّثة، وإسكان الغين المعجمة وتحريكها، ثمَّ موحَّدة؛ وهو ما بقي من الماء في المُستنقَع من المطر، وقيل: هو ماءٌ صافٍ يُستنقَع في صخرة، وقيل: بقيَّة الماء في بطن الوادي ممَّا تحفره المسايل، فيغادر فيه الماء، ويجمع على ثغاب، وأثغاب، وثغبان [4]، وقيل: هو الموضع المُطمئنُّ مِن أعلى الجبل.

قوله: (شُرِبَ صَفْوُهُ): (شُرِب): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (صفوه): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

==========

[1] في (ب): (حامل)، وهو تحريفٌ.

(1/5703)

[2] في (ب): (قاله)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ب): (ممَّا ذكر)، وهو تحريفٌ.

[4] في (ب): (نقاب، وأنقاب، ويغبان)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 753]

(1/5704)

[باب: كان النبي إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال]

(1/5705)

[حديث: أن رسول الله في بعض أيامه التي لقي فيها انتظر حتى مالت]

2965# 2966# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المُسنديُّ، ومستندي في ذلك أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة معاوية بن عمرو بن المُهلَّب بن شبيب أبي عمرو أنَّه روى عنه عبد الله بن مُحَمَّد المُسنديُّ، ولم يذكر في الرواة عنه مَن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد سواه، والله أعلم، وقد قَدَّمتُ الكلام على معاوية بن عمرو فيما مضى، وذكرت هنالك نسبه؛ لئلَّا يشتبه عليك بغيره، وكذا تَقَدَّم (أَبُو إِسْحَاقَ): أنَّه هو الفَزاريُّ إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث [1]، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا [2]، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى) وأنَّ اسم أبي أوفى علقمة بن خالد، وأبوه صحابيٌّ، وولده صحابيٌّ أيضًا.

قوله: (إنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (إنَّ): بكسر همزتها على الحكاية، ويجوز فتحها، والله أعلم.

قوله: (وَهَازِمَ الأَحْزَابِ): تَقَدَّم أنَّ (الأحزاب): هم أهل الخندق، وهم عشرة آلاف من المشركين، وقال شيخنا في مكان [3] بعد حكاية هذا: (وقال قتادة فيما ذكره البيهقيُّ: كان المشركون أربعة آلاف، أو ما شاء الله، والصَّحابة فيما بلغنا ألفٌ) انتهى، ونقل شيخنا _بعد حكاية أنَّ المسلمين ألف_ قال: وفي «الجمع _لأبي نعيم الحدَّاد_ بين الصَّحيحين»: (وهم نحو من ألف، وفي لفظ: «ثمان مئة، أو ثلاث مئة»، ساقها البيهقيُّ في «دلائله») انتهى، وفي «السيرة» [4] لابن سيِّد الناس: (وكان المسلمون يومئذٍ ثلاثة آلاف)، هذا من قول ابن سعد، وأمَّا ابن إسحاق؛ فنقل عنه ابن إمام الجوزيَّة: (أنَّهم كانوا يومئذٍ سبع مئة)، قال ابن إمام الجوزيَّة: (وهذا غلط من خروجه يوم أُحُد) انتهى.

==========

[1] في (ب): (الحرب)، وهو تحريفٌ.

[2] زيد في (ب): (قوله).

[3] في (ب): (حكاية)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[4] في (ب): (سيرة).

[ج 1 ص 753]

(1/5706)

[باب استئذان الرجل الإمام لقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا}]

(1/5707)

[حديث: غزوت مع رسول الله فتلاحق بي النبي وأنا على ناضح]

2967# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): الظاهر أنَّه ابن راهويه، ومستندي في ذلك أنِّي رأيت في «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ، وفي «التَّذهيب» للذَّهبيِّ في ترجمة جَرير بن عبد الحميد؛ فرأيتهما ذكرا في ترجمته: أنَّه روى عنه ابن راهويه، والله أعلم، و (جَرِيرٌ): تَقَدَّم أعلاه [1] أنَّه ابن عبد الحميد، و (مُغِيرَة): هو ابن مقسم الضَّبِّيُّ الكوفيُّ الأعمى، و (الشَّعْبِي): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل.

قوله: (غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): وذكر بيع الجمل، وقد تَقَدَّم أنَّ في البخاريِّ مُعلَّقًا في (الشروط): تبوك، وفي «سيرة ابن سيِّد الناس»: ذكر بيع الجمل في ذات الرقاع، وذكرتُ ما وقع في «البخاريِّ» أيضًا، وما وقع في «مسلم»؛ فانظره من (الشروط) وغيره.

قوله: (وَأَنَا عَلَى نَاضِحٍ): تَقَدَّم أنَّه البعير الذي يُستقى عليه الماءُ.

قوله: (وَلَمْ يَكُنْ [لَنَا] نَاضِحٌ غَيْرَهُ): يجوز في (غير) الرَّفع والنَّصب، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فَقَارَ ظَهْرِهِ): أي: ركوبه، فكنَّى به عن الظَّهر.

[ج 1 ص 753]

قوله: (إِنِّي عَرُوسٌ): (العروس): يستوي فيه الذَّكر والأنثى، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَأَذِنَ): هو بفتح الهمزة مبنيٌّ للفاعل.

قوله: (فَلَقِيَنِي خَالِي): خال جابر بن عبد الله لا أعرفه بعينه، وسيأتي في (وفود الأنصار): (شهد خالاي العقبة)، قال ابن عيينة كما نقله عنه البخاريُّ: (أحدهما: البراء بن معرور)، وقال الحافظ الدِّمياطيُّ في قوله: (وخالاي من أهل العقبة): (خالاه هما: ثعلبة وعمرو ابنا عنمة) انتهى، وقد ذكرت الكلام على ثعلبة وعمرو ابني عنمة فيما مضى، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ عن «مختصر تاريخ ابن عساكر»: («شهد خالي العقبة»: الجدُّ بن قيس) انتهى، ولم أرهم عدُّوا الجدَّ من أصحاب العقبة [3]، والجدُّ ترجمته معروفة، ويُزَنُّ بالنِّفاق، وقيل: إنَّه تابَ منه، وقد قَدَّمتُ ذلك كلَّه؛ فانظره، وسيأتي، وقوله: (فَلَامَنِي): قَدَّمتُ: إنَّما لامَه؛ لكونه باعه، وإلَّا؛ فكان [4] ينبغي ألَّا يبايعه عليه، ولا يعطيه إيَّاه بالثَّمن، وإن كان خاله الجدَّ بن قيس _وقد تَقَدَّم أنَّه يُزَنُّ بالنِّفاق_؛ فقد لامه على بيعه له [5] عليه الصَّلاة والسَّلام.

(1/5708)

قوله: (تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا): امرأة جابر الثَّيب تَقَدَّم أنَّ اسمها سُهيمة بنت مسعود الأوسيَّة.

قوله: (إنَّ وَالِدِي اسْتُشْهِدَ [6]): تَقَدَّم أنَّ والده عبد الله بن عمرو بن حرام _بالرَّاء_ وتَقَدَّم أنَّه استُشهِد بأُحُدٍ، وتَقَدَّم متى كانت أُحُد.

قوله: (وَلِي أَخَوَاتٌ صِغَارٌ): سيجيء أنَّه ترك تسع بنات، ورواية: (خمس)، و (ستٍّ)، وكذا رواية الشَّكِّ: (سبعٍ أو تسعٍ)؛ لا تنافي التِّسع، والكلُّ داخلة فيها؛ لأنَّه ليس في رواية القليل ما ينفي الكثير، وهو من باب مفهوم العدد.

قوله: (فَلَا تُؤَدِّبهُنَّ وَلَا تَقُوم عَلَيْهِنَّ): (تؤدِّب) و (تقوم): يجوز فيهما النصب والرفع، وبهما ضبط في أصلنا.

قوله: (فَأَعْطَانِي ثَمَنَهُ وَرَدَّهُ عَلَيَّ): سيأتي ما الحكمةُ في ذلك من عند السُّهيليِّ إن شاء الله تعالى.

قوله: (الْمُغِيرَةُ): تَقَدَّم أنَّه ابن مقسم الضَّبِّيُّ الفقيه الأعمى.

قوله: (فِي قَضَائِنَا [7] حَسَنٌ): يريد: بيع الجمل واستثناء ظهره، خلافًا للدَّاوديِّ في قوله: (أن يزاد الغريم على حقِّه).

==========

[1] في (ب): (بظاهرها).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولِ اللهِ).

[3] زيد في (ب): (انتهى).

[4] في (ب): (لكان).

[5] (له): سقط من (ب).

[6] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (توفِّي والدي أو استشهد).

[7] في (ب): (قضايا)، وهو تحريفٌ.

(1/5709)

[باب من اختار الغزو بعد البناء]

قوله: (بَابُ مَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ بَعْدَ الْبِنَاءِ): (البناء): هو بكسر الموحَّدة ممدود الهمزة، وهو الدُّخول على الأهل، وقد تَقَدَّم أيُّ شيء أصله، قال شيخنا: واعترض الدَّاوديُّ على التَّرجمة فقال: (لو قال: باب من اختار البناء قبل الغزو؛ كان أبين، فإنَّما الحديث فيه، ثمَّ ساقه كما ذكرته، وقال في آخره في حديث ذكره: لا فائدة فيه) انتهى.

==========

[ج 1 ص 754]

(1/5710)

[باب مبادرة الإمام عند الفزع]

(1/5711)

[حديث: ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرًا]

2968# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مرارًا أنّه ابن سعيد القطَّان.

قوله: (فَرَسًا لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّم أنَّ اسم [1] الفرس مندوبٌ غير مرَّةٍ.

قوله: (وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ معناه: شديد الجري واسع الخطوة، بأطول من هذا.

(1/5712)

[باب السرعة والركض في الفزع]

(1/5713)

[حديث: لم تراعوا إنه لبحر]

2969# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ (حازمًا) بالحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

قوله: (عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سيرين، العَلَم [1] الفرد، وقد قَدَّمتُ في أوائل هذا التَّعليق بني سيرين كم هم، وكذا بناتُه.

تنبيهٌ: مَن اسمه مُحَمَّد وروى عن أنس في الكتب السِّتَّة أو بعضها: مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيميُّ، ومُحَمَّد بن أبي بكر بن عوف بن رِياح الثَّقفيُّ الحجازيُّ، ومُحَمَّد بن سيرين هذا المذكور في هذا الحديث، ومُحَمَّد بن عبد الله بن أبي سُلَيم المدنيُّ [2]، ومُحَمَّد بن كعب القرظيُّ، ومُحَمَّد بن مسلم بن السَّائب بن خبَّاب المدنيُّ، ومُحَمَّد ابن شهاب الزُّهريُّ، ومُحَمَّد بن المنكدر بن عبد الله بن الهُدير التيميُّ، والله أعلم.

قوله: (بَطِيئًا): هو بهمزة مفتوحة بعد الياء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (يَرْكُضُ): أي: يحرِّك رجله، وأصل الرَّكض: الدَّفعُ.

قوله: (لَمْ تُرَاعُوا): تَقَدَّم أنَّ معناه: لا تفزعوا، وكذا قوله: (إِنَّهُ لَبَحْرٌ).

قوله: (فَمَا سُبِقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ): (سُبِق): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (الخُرُوجِ فِي الفَزَعِ وَحْدَهُ [3]): كذا هذا الباب مذكورٌ في أصلنا، ولكنَّه عليه علامة راويه بغير حديث، فليس هذا الباب مذكورًا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وهذا الباب مأخوذ ممَّا قبله، وهو حديث أنس: (فركب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فرسًا لأبي طلحة، ثمَّ خرج يركض وحده)، وقد رأيت في نسخةٍ هذا الباب بغير حديث، ولكنَّه عمل بعد باب: (ذمِّ)، وعمل على (ذمِّ): علامة نسخة دار الذَّهب، فعلى ما فيها؛ يكون: (باب ذمِّ الخروج في الفزع وحده)، وعلى هذا يكون معناه: أي: ثبت فيه شيء، ويكون حديث أنس الذي ذكرته دليلًا للجواز من غير ذمٍّ، والله أعلم.

(1/5714)

[باب الجعائل والحملان في السبيل]

قوله: (بَابُ الْجَعَائِلِ وَالْحُمْلَانِ فِي السَّبِيلِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال فيه: (إنَّ كلَّ مَن أخذ مالًا مِن بيت المال على عمل إذا أهمل العملَ؛ ردَّ ما أخذ بالقضاء، وكذلك الآخذ منه على عمل لا يباهلُ له، ولا يُلتفتُ إلى تخييل أنَّ الأصل في مال بيت المال الإباحةُ للمسلمين؛ لأنَّا نقول: الأخذ منه على وجهين؛ أحدهما: أنَّ الآخذَ مسلم وله نصيبٌ كافٍ على وجهٍ، والآخر: الآخذ على عمل، فإنَّما يستحقُّ بوفائه) انتهى.

قوله: (بَابُ الْجَعَائِلِ): هي بفتح الجيم وبالعين المهملة، جمع (جَعِيلة)؛ وهي ما يجعله القاعد للخارج عنه من أهلِ ديوانه، يقال له: أجعلتُ له جُعلًا وجَعَلْتُ، ثلاثيٌّ ورُباعيٌّ، والاسم: الجِعالة والجِعال [1]، وما يُؤخَذ في ذلك: الجُعلُ والجَعِيلةُ، قاله في «المطالع»، وقال شيخنا: (وأراد البخاريُّ

[ج 1 ص 754]

بالجعائل: أن يُخرِج الرَّجل من ماله شيئًا يتطوَّع به في سبيل الله، كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما، أو يعين به مَن لا مال له مِن الفارس؛ كالفرس الذي حمل عليه عمرُ [2] في سبيل الله، وهو حسن مُرغَّب فيه، وليس مِن باب الجعائل التي كرهها العلماء، ثمَّ ذكر مسألة الإجارة على الجهاد، وهي مسألة معروفة) انتهى، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهَدْي»: (إنَّ الجعيلة على نوعين؛ أحدهما: أن يَخرُج الرَّجلُ ويستأجر مَن يخدمه في سفره، والثاني: أن يستأجر من ماله من يَخرُج في الجهاد، ويسمُّون ذلك الجعائلَ، وفيها قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «للغازي أجره، وللجاعل أجره وأجر الغازي») انتهى.

قوله: (وَالْحُمْلَانِ): هو بضَمِّ الحاء، وهو مصدر (حمل يحمل حُملانًا) [3].

قوله: (قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: الْغَزْو): يجوز فيه الضَّمُّ والفتح، والنَّصب بفعل مُقدَّر؛ أي: أريد الغزوَ، ورأيته بخطِّ شيخنا الأستاذ أبي جعفر مضمومًا [4] بالقلم، وتخريجه على أنَّه مبتدأٌ خبرُه محذوف؛ أي: مرادي الغزوُ، أو قصدي، أو نحوه، والله أعلم.

قوله: (أُعِينَكَ): هو بضَمِّ الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِي): أي: بقطعة منه.

قوله: (إِنَّ غِنَاكَ لَكَ): (غِناك): بكسر الغين مقصور، وهذا ظاهرٌ معروف.

(1/5715)

قوله: (إِذَا دُفِعَ إِلَيْكَ شَيْءٌ): (دُفِع): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شيءٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّنٌ قائمٌ مقام [5] الفاعل.

(1/5716)

[حديث: لا تشتره ولا تعد في صدقتك]

2970# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مرارًا كثيرة أنَّه عبد الله بن الزُّبير، وأنَّه أوَّل شيخ روى عنه البخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم الكلام على نسبته، وتَقَدَّم أيضًا أنَّ (سفيان) هذا: هو ابن عيينة.

قوله: (حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّ معناه: أعطيته لمن يجاهد عليه في سبيل الله، وتَقَدَّم أنَّ هذا الرجل الذي أعطاه عمرُ الفرسَ لا أعرف اسمه، وقد تَقَدَّم أنَّ هذا الفرس اسمه الورد، وأنَّ تميمًا الدَّاريَّ أهداه للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فوهبه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لعمر، فأعطاه عمرُ لرجلٍ يجاهد عليه في سبيل الله.

(1/5717)

[حديث: لا تبتعه ولا تعد في صدقتك]

2971# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا كثيرة أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ.

==========

[ج 1 ص 755]

(1/5718)

[حديث: لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت عن سرية]

2972# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، الإمامُ، أحدُ الأعلام في الحديث، وشيخ الحُفَّاظ.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ سَرِيَّةٍ): تَقَدَّم الكلام عليها غير مرَّةٍ، وأنَّها ما بين خمسة أنفس إلى ثلاث مئة، وأنَّ الخليل قال: هي نحو أربع مئة.

قوله: (حَمُولَةً): هي بفتح الحاء وضمِّ الميم المخفَّفة: ما يُحتمَل عليه النَّاس من الدَّوابِّ، سواء كانت عليها الأحمال أو لم تكن؛ كالرَّكوبةِ.

قوله: (وَلَوَدِدْتُ): هو بكسر الدَّال الأولى، وهذا ظاهرٌ معروفٌ.

قوله: (فَقُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ ثُمَّ قُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ): كلُّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/5719)

[باب الأجير]

قوله: (بَابُ الأَجِيرِ): سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (مقصود التَّرجمة: جواز الأجرة على الغزو، والإسهام للأجير أجنبيٌّ عنها [1]، والله أعلم) انتهى، وقد اختلف العلماء في الأجير، فقال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد: لا يسهم له إلَّا أن يقاتل، وهو أظهر قولي الشَّافعيِّ، وقال الأوزاعيُّ واللَّيث: الأجير لا يُسهَم له، وهو قول إسحاق.

قوله: (وقال الحَسَنُ وابنُ سِيرِينَ): أمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، وأمَّا (ابن سيرين)؛ فهو مُحَمَّد بن سيرين، العالم المشهور، وبنو سيرين تقدَّموا، وكذا بناته.

قوله: (وأخَذَ عَطِيَّةُ بنُ قَيْسٍ فَرسًا عَلى النِّصْفِ): (عطيَّة) هذا: كلابيٌّ، ويقال: كلاعيٌّ حمصيٌّ، كنيته أبو يحيى، يروي عن أُبيِّ بن كعب، وأبي الدَّرداء مُرسَلًا، وعن معاوية، والنعمان بن بشير، وابن عمر، وعبد الرَّحمن بن غنم، وأبي إدريس الخولانيِّ، وجماعة، قرأ القرآن على أمِّ الدرداء، ترجمته معروفة، علَّق له البخاريُّ، وأخرج له مسلم والأربعة، قال أبو مسهر [2]: (كان مولد عطيَّة بن قيس في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سنة سبع، وتُوُفِّيَ سنة عشر ومئة)، وقال: ابنه سعد بن عطيَّة بن قيس سنة (121 هـ)، وهو ابن مئة وأربعين سنة.

فائدةٌ: فعلُ عطيَّة لا يجوز عند الشَّافعيِّ، ومالك، وأبي حنيفة رضي الله عنهم؛ لأنَّها إجارة مجهولة، فإذا وقع مثل هذا؛ كان لصاحب الدَّابَّة كِراءُ مثلها، وما أصاب الرَّاكب [3] في المغنم؛ فله، وأجاز الأوزاعيُّ وأحمد أن يُعطَى فرسَه على النِّصف في الجهاد.

قوله: (وأعْطَى صاحِبَهُ): صاحب الفرس لا أعرفه.

==========

[1] في النُّسختين: (والإسهام للأجنبيِّ أجير عليها): وكتب فوقها في (أ): (كذا)، وفي هامشها: (لعلَّه: للأجير)، والمثبت من مصدره.

[2] في (ب): (مهر)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ب): (الراء)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 755]

(1/5720)

[باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله: (بَابُ مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ اللِّواء ما عُقِد في طرف الرمح ويكون معه، وبذلك سُمِّيَ لواءً، والرَّاية: ثوب يجعل في طرف الرمح، ويخلى كهيئته تصفقه الرِّيح، قاله ابن العربيِّ، ثمَّ اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان له رايةٌ سوداءُ مربَّعةٌ يقال لها: العقاب، وراية بيضاءُ يقال لها: الزِّينة، وربَّما جُعِل فيها الأسودُ، وروى أبو داود في «سننه» من حديث سماك بن حرب، عن رجل من قومه، عن آخر منهم قال: (رأيتُ راية رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صفراء)، وروى أبو الشَّيخ ابن حَيَّان _بالمثنَّاة تحت_ من حديث ابن عبَّاس قال:

[ج 1 ص 755]

(مكتوب على راياته: لا إله إلا الله مُحَمَّد رسولُ الله)، وقال الحافظ الدِّمياطيُّ: (قال يوسف ابن الجوزيِّ: رُوِي أنَّ لواءه أبيضُ مكتوبٌ فيه: لا إله إلا الله) انتهى، وإنَّما ذكرتُ هنا الرَّايات مع الألوية؛ لأنَّ بعض أهل العلم قال: إنَّ اللِّواء هو الرَّاية، وقد أخرج البخاريُّ في هذا الباب: «لأُعطِينَّ الرَّاية»، وكذا: (أن تركز الرَّاية)، وهذا يدلُّ على أنَّهما سواء عنده، وقد قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (إنَّ اللِّواء الرَّايةُ العظيمةُ، لا يمسكها إلَّا صاحبُ الحرب أو صاحب دعوة الجيش) انتهى، والله أعلم، ويوسف ابن الجوزي: هو ابنُ قزغلي [1] صاحب «مرآة الزَّمان»، وقد تكلَّم فيه أبو العبَّاس ابن تيمية والذَّهبيُّ في «الميزان»، تَقَدَّم.

(1/5721)

[حديث ثعلبة: أن قيس بن سعد وكان صاحب لواء رسول الله أراد الحج]

2974# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّه سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد، وتَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد الإمام، و (عُقَيْل): تَقَدَّم أنَّه بضَمِّ العين وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، الإمامُ العَلَمُ [1].

قوله: (أَخْبَرَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيُّ): هو ثعلبة بن أبي مالك القُرَظيُّ؛ بضَمِّ القاف، وفتح الراء، وبالظاء المعجمة المشالة، ثمَّ ياء النِّسبة، وهو حليف الأنصار، كنيته أبو مالك، ويقال: أبو يحيى، إمام مسجد بني قريظة، له رؤية، وحديث عند ابن ماجه، وروى عن عمر، وعثمان، وقيس بن سعد، وغيرهم، وعنه: جماعة، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه.

تنبيهٌ: قد ذكرت أنَّ ابن ماجه أخرج له عنه عليه الصَّلاة والسَّلام، والحديث الذي أخرجه له: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قضى في سيل مهزور ... )؛ الحديث، في (الأحكام) فقط، لم [2] يذكر له المِزِّيُّ في «أطرافه» سواه، وقال الحافظ صلاح الدين العلائيُّ: (أخرج له ابن ماجه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: كان يخطبُ قائمًا خطبتين يفصل بينهما، وأبو بكر، وعمر رضي الله عنهما)، ولم أرَ أنا هذا في «أطراف المِزِّيِّ»، ولم يذكرِ الحديثَ الذي ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه»، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن ثعلبة بن أبي مالك، فقال: هو مِن التَّابعين، والحديث مُرسَلٌ، وقال ابن معين: له رؤية مِن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وذكر ابن عبد البَرِّ أنَّه ولد في عهده صلَّى الله عليه وسلَّم، وروى شعبة، عن سماك بن حرب، عن ثعلبة قال: (كنت غلامًا على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى، قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: له حديثان مرسلان، وقد حمَّر عليه، فالصَّحيح عنده أنَّه تابعيٌّ، وهذا الذي يظهر، لكنَّه وُلِد في عهده عليه السَّلام وله رؤية، وقد قَدَّمتُ أنَّ شرط الرُّؤية المعتبرة في الصُّحبة: أن تكون مع التمييز _كما سيأتي في (مناقب الصَّحابة) _ حتَّى يُعدَّ صحابيًّا.

قوله: (أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ الأَنْصَارِيَّ): هو قيس بن سعد بن [3] عُبادة بن دُليم الخزرجيُّ، من دهاة الصَّحابة وكرمائهم، ترجمته طويلة معروفة، وقد أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند».

(1/5722)

تنبيهٌ: في الصَّحابة شخصٌ آخرُ يقال له: قيس بن سعد، لكن يفترق مِن هذا بأنَّ جدَّ هذا الثاني اسمه ثابت، وهو أنصاريٌّ أورده المستغفريُّ، وهو في كتاب «أبي موسى المدينيِّ»، لا أعلم أخرج له أحدٌ، ولا أعلم لهما ثالثًا، والله أعلم.

قوله: (أَرَادَ الْحَجَّ فَرَجَّلَ): قال الدِّمياطيُّ: (قوله: «فرجَّل»: هذا طرفٌ من الحديث، وتمامه: «فرجَّل أحد شقَّي رأسه»، وقد ذكر تمامه [4] آخرَ الكتاب، وإنَّما قصد فائدةَ التَّرجمة في ذكر اللِّواء)، انتهى، وقال ابن قُرقُول في (الرَّاء مع الجيم): (وفي «باب راية النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم»: «إنَّ قيس بن سعد أراد الحجَّ فرجَّل» ههنا، لم يزد [5] في الحديث على هذا، وهو مختصر، وتمامه: «فرجَّل أحد [6] شقَّي رأسه»، وقد تاه في تفسيره بعضُ الشارحين لمَّا لم يقف على تمامه من غير هذا الموضع، فحمله من الشرح على مالا يحتمله، وإنَّما ذكر البخاريُّ منه ههنا فائدةَ التَّرجمة في ذِكْرِ الرَّاية، فاختصر بقيَّته؛ إذ لم يكن سنَّةً عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّما هو فعل غيره)، انتهى، وبقيَّة الحديث: (فرجَّل أحد شقَّي رأسه، فقام غلامٌ له، فقلَّد هديه، فنظر قيس وقد رجَّل أحد شقَّي رأسه، فإذا هو قد قُلِّد فأهلَّ بالحجِّ، ولم يرجِّل شقَّه الآخر)، وإنَّما اختصره البخاريُّ؛ لأنَّ ذلك ليس بمُسنَدٍ؛ إنَّما هو مِن فعل قيس ورأيه، وليس من شرط كتابه، فذكر من الحديث ما هو على شرطه مِن اتِّخاذ اللِّواء، واقتصر عليه دون غيره، وقد أسنده الإسماعيليُّ في «مستخرجه»، وذكره الحميديُّ كما ذكرناه، و (رجَّل)؛ بالجيم وتشديدها: معناه: مشَطه بماء، أو دهن، أو شيء يُليِّنه ويُرسِل ثائره، ويمدُّ مُنْقَبِضَهُ، وقد تَقَدَّم.

(1/5723)

[حديث: ها هنا أمرك النبي أن تركز الراية؟]

2976# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (أَنْ تَرْكُزَ): (ركز)؛ بالفتح، (تَركز)؛ بالضَّمِّ والكسر؛ لغتان في «المحكم»؛ إذا غرزه بالأرض.

==========

[ج 1 ص 756]

(1/5724)

[حديث: أيدفع يده إليك فتقضمها كما يقضم الفحل؟!]

2973# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيانُ): أمَّا (سفيان)؛ فهو ابن عيينة لا شكَّ فيه، وأمَّا (عبد الله بن مُحَمَّد)؛ فهو المُسنديُّ [1].

قوله: (حَدَّثَنَا ابنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، و (عطاء): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي رَباح مفتي أهل مكَّة.

قوله: (عَنْ صَفْوانَ بنِ يَعْلَى، عَنْ أَبيهِ): تَقَدَّم الكلام على (يعلى) هذا.

قوله: (غَزْوَةَ تَبُوكَ): تَقَدَّم أنَّها كانت في السَّنة التَّاسعة، قال ابن إسحاق: وكانت في رجب منها، وسيجيء تعقُّبٌ لابن القيِّم في الشَّهر، والله أعلم.

قوله: (فَحَمَلْتُ علَى بَكْرٍ): أي: أعطيته لمن يركبه في سبيل الله، و (البَكْر): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة وإسكان الكاف؛ الفتيُّ من الإبل.

فإن قيل: إنَّه بوَّب على استعارة الفرس في الغزو وذَكَرَ البعير؟ والجوابُ: أنَّه قاسه عليه، وذلك لأنَّ عارية الفرس في الغزو أولى من عارية البعير، وقوله: (فحملتُ على بكر): أي: وهبته لمن يركبه في سبيل الله، ويحتمل أن يكون أعاره، فكأنَّه بوَّب على الاحتمال، لكن إذا كانت العارية في الغزو جائزةً؛ فالهبة بطريق أولى، والله أعلم.

قوله: (فَهوَ أوْثَقُ أعْمالِي في نَفْسِي): هو بالثَّاء المثلَّثة (أوثق)، و (أعمالي): جمع (عمل)، قال ابن قُرقُول: («أوثق أجمالي»: أعظم، للمستملي، وعند الحمُّوي: «أحمالي»؛ بالحاء، ولسائر الرُّواة في سائر الأحاديث: «أوثق أعمالي»، وهو الصَّواب) انتهى.

قوله: (فاسْتَأْجَرْتُ أجِيرًا، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا [2] ... ) إلى آخره [3]: تَقَدَّم أنِّي لا أعرف العاضَّ ولا المعضوض، وقد جاء في «مسلم» من حديث عمران بن حصين: (قاتل يعلى ابن مُنيَة أو أميَّة رجلًا، فعضَّ أحدهما صاحبه)، فههنا أنَّ القصَّة جرت ليعلى، وأخرج مسلم بعده روايةً ثانيةً وثالثةً: أنَّ صاحب القصَّة أجيره، لا يعلى [4]، قال الحُفَّاظ: الصحيح المعروفُ أنَ صاحب القصَّة أجير يعلى، لا يعلى، ويحتملُ أنَّهما قضيَّتان ليعلى ولأجيره في وقت أو وقتين، والله أعلم.

قوله: (فأهْدَرَها): أي: أبطلها، ولم يجعل فيها قصاصًا ولا دية، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَتَقْضَمُها [5] كَمَا يَقْضَمُ الفَحْلُ): (تقضَم)؛ بالفتح، وقد قَدَّمتُ أنَّ فيه لغتين؛ الفتحَ وهو أفصح، والكسر، والله أعلم.

[ج 1 ص 756]

(1/5725)

قوله: (كَمَا يَقْضَمُ الفَحْلُ): هو ذكر الإبل، وكلُّ ذكر فحلٌ.

==========

[1] زيد في (ب): (ويحتمل أن يكون ابن أبي شيبة، والله أعلم، ولم أر من عيَّن عبد الله بن مُحَمَّد هذا، وقد تَقَدَّم مثله)، وعليها في (أ): (لا ... إلى).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رجلًا).

[3] (إلى آخره): جاء في (أ) و (ب) قبل قوله: (فقاتل إنسانًا).

[4] في (ب): (ليعلى)، وهو تحريفٌ.

[5] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولِ اللهِ).

(1/5726)

[باب قول النبي: نصرت بالرعب مسيرة شهر]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ [1] شَهْرٍ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (موضعُ التَّرجمة من خبر أبي سفيان قوله: «يخافه ملك بني الأصفر»، وبين الحجاز والشام شهرٌ وأكثر).

فائدةٌ: رُوِّينا من حديث السائب بن أخت نمر: «فُضِّلت على الأنبياء بخمس»؛ فذكر منها: «ونصرت بالرُّعب شهرًا أمامي، وشهرًا خلفي»، وقد ذكرت [2] ذلك في (التيمُّم).

==========

[1] في (ب): (مدة)، وهو تحريفٌ.

[2] (ذكرت): سقط من (ب).

[ج 1 ص 757]

(1/5727)

[حديث: بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب]

2977# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ الموحَّدة وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وتَقَدَّم أنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، وأنَّ (عُقَيلًا) بضَمِّ العين وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وأنَّ (سَعِيْد بْن المُسَيّب) بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره لا يقال فيه إلَّا بالفتح، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ): هو القرآن؛ لإيجازه، وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يتكلَّم بجوامع الكلم؛ أي: بالموجز مِن القول، وهو ما قلَّت ألفاظه، واتَّسعت معانيه.

قوله: (وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ): وفي بعض طرق «الصَّحيح»: «مسيرة شهر»، ورُوِي من حديث السائب بن أبي نمر: «فُضِّلت على الأنبياء بخمس»؛ فذكر منها: «ونُصِرتُ بالرُّعب شهرًا أمامي، وشهرًا خلفي»، وقد قدَّمتها قريبًا جدًّا، وبعيدًا جدًّا.

قوله: (فَوُضِعَتْ فِي يَدِيَّ): هو بتشديد الياء الأخيرة.

قوله: (وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا): هو بمثنَّاتَين فوق، بينهما نونٌ ساكنةٌ، وبعد المثنَّاة الثانية مثلَّثة مكسورة، ثمَّ لام مضمومة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ نون؛ ومعناه كما قاله ابن قُرقُول: تستخرجون ما فيها، وتتمتَّعون به، وفي الحديث الآخر: «تنتقلونها»، وعند الخُشنيِّ عن الهوزنيِّ: «تمتثلونها»؛ بالميم)، انتهى.

==========

[ج 1 ص 757]

(1/5728)

[حديث: أن أبا سفيان أخبره أن هرقل أرسل إليه وهم بإيلياء]

2978# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي): أعلاه.

قوله: (أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ): تَقَدَّم الكلام على (أبي سفيان): صخر بن حرب، وكذا تَقَدَّم كلُّ ما في هذا مِن الأسماء والغريب في أوَّل هذا التَّعليق.

==========

[ج 1 ص 757]

(1/5729)

[باب حمل الزاد في الغزو]

(1/5730)

[حديث: صنعت سفرة رسول الله في بيت أبي بكر]

2979# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا تَقَدَّم (هِشَام عَنْ أَبِيهِ [1]): أنَّه ابن عروة بن الزُّبير بن العوَّام بن خويلد، وكذا تقدَّمت (فَاطِمَةُ): أنَّها زوج هشام بن عروة، وهي فاطمة بنت المنذر بن الزُّبير بن العوَّام، وأنَّها [2] تابعيَّة ثقة، أخرج لها الجماعة، وكذا تقدَّمت (أَسْمَاء)، وهي بنت أبي بكر، وهي أمُّ عروة، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها [3] تُوُفِّيَت بعد وفاة ابنها عبد الله بن الزُّبير بيسير [4]، سنة ثلاث وسبعين، وقد عَمِيت رضي الله عنها.

قوله: (سُفْرَةَ): هي بضَمِّ السين، وهذا مشهور، وهي طعام المسافر؛ الزوَّادة، وبه سُمِّيتِ الآلة التي تعمل فيها سفرةً؛ إذا كانت مِن جلد، والله أعلم.

(1/5731)

قوله: (إِلَّا نِطَاقِي): (النِّطَاق): بكسر النُّون، وتخفيف الطَّاء المهملة، وبعد الألف قاف، قال الجوهريُّ: (والنِّطَاق: شقَّة تلبسها المرأةُ، وتشدُّ [5] وسطها، ثمَّ تُرسِل الأعلى على الأسفل إلى الرُّكبة، والأسفل مُنْجرٌّ [6] على الأرض، وليس لها حُجْزَة، ولا نَيْفق، ولا ساقان، والجمع: نُطُق، وكان يُقال لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: ذات النِّطاقين، وذات النِّطاق أيضًا: اسم أكمةٍ لهم)، وقال ابن الأثير: (المنطق: النِّطاق، وجمعه: مناطق، وهو أن تلبس المرأةُ ثوبها، ثمَّ تشدُّ وسطها بشيء، وترفع وسط ثوبها، وترسله على الأسفل عند معاناة الأشغال؛ لئلَّا تعثَّر في ذيلها، وبه سُمِّيت أسماء بنت أبي بكر: ذات النِّطاقين؛ لأنَّها كانت تطارق نطاقًا فوق نطاق، وقيل: كان لها نطاقان تلبس أحدهما، وتحمل في الآخر الزَّاد إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأبي بكر في الغار، وقيل: شقَّت نطاقها نصفين؛ فاستعملت أحدهما، وجعلت في الآخر شدادًا لزادهما) انتهى، وفي «المطالع» نحوُه، ثمَّ قال: (واختُلِف لم سُمِّيت أسماءُ ذاتَ النِّطاقين، وأشهرهما: أنَّ أحدَهما نطاق المرأة المعروف، والآخر الذي كانت به ترفع طعام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وزاده [7])، ووقع في كتاب «مسلم» _وزاده تفسيرًا في «البخاريِّ» _: أنَّها شقَّت نطاقها حين صنعت سفرة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الهجرة، فشدَّته بنصفه، وانتطقت بالآخر، وقيل: بل لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «قد أعطاكِ الله بهما نطاقين في الجنَّة»، وقيل: بل لأنَّها كانت تطارق نطاقًا على نطاق؛ تستُّرًا، وقيل: بل لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لها: «قد أبدلكِ الله بنطاقكِ [8] هذا نطاقين في الجنَّة»، والذي فسَّرتُ به خبرَها أولى)، انتهى، وقيل غير ما ذَكر.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال أخبرني أبي).

[2] في (ب): (وكذا أنها).

[3] في النُّسختين: (وأنه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[4] (بيسير): سقط من (ب).

[5] في (ب): (ويشق)، وهو تحريفٌ.

[6] في (ب): (ينجر).

[7] (وزاده): سقط من (ب).

[8] في النُّسختين: (بنطاقين)، ولعلَّه سبق نظر، والمثبت من مصدره.

[ج 1 ص 757]

(1/5732)

[حديث: كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد النبي إلى المدينة]

2980# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ الجهبذ المشهور، وأنَّ (سُفْيَان): هو ابن عيينة، و (عَمْرو): بعده تَقَدَّم أنَّه ابن دينار، و (عَطَاءٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي رباح.

قوله: (لُحُومَ الأَضَاحِيِّ): هو بتشديد الياء وتخفيفها؛ وذلك لأنَّ القاعدة: أنَّ كلَّ ما كان مفردُه مُشدَّدًا؛ فأنت بالخيار في الجمع بين التَّشديد والتَّخفيف، قال الجوهريُّ: وفي الأضحية أربع لغات: أُضحيَّة وإِضحية؛ بضَمِّ الهمزة وكسرها، والجمع: أضاحيٌّ، وضحيَّة؛ على (فعيلة)، والجمع: ضحايا، وأضحاة، والجمع: أضحًى، كما يقال: أرطاة وأرطًى)، انتهى.

[ج 1 ص 757]

(1/5733)

[حديث سويد: أنه خرج مع النبي عام خيبر حتى إذا كانوا بالصهباء]

2981# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلْت الثقفيُّ، أبو مُحَمَّد الحافظ، وكذا تَقَدَّم (يَحْيَى) الذي [1] بعده، وهو ابن سعيدٍ الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، وكذا تَقَدَّم (بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ): أنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وفتح الشين المعجمة، وأنَّ (يسارًا) بالمثنَّاة تحت، وبالسين المهملة.

قوله: (عَامَ خَيْبَرَ): تَقَدَّم أنَّها كانت في آخر سنة ستٍّ، أو في أوَّل سنة سبعٍ، وتَقَدَّم ما مدرك الخلاف في ذلك، والله أعلم [2]، وسيأتي.

قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): هي بفتح الصاد المهملة، ثمَّ هاء ساكنة، ثمَّ موحَّدة، ممدودٌ، تقدَّمت غير مرَّةٍ.

قوله: (بِسَوِيقٍ): (السَّوِيق): قمحٌ أو شعيرٌ يُغلى ثمَّ يُطحَن، فيُتَزَوَّد ويُستفُّ تارةً بماء تثرَّى به، أو بسمنٍ، أو بعسلٍ وسمنٍ، قال ابن دريد: (وبنو العنبر يقولونه بالصاد) انتهى، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا): قال شيخنا: قال الداوديُّ: «وشربنا»: ما أُراه محفوظًا؛ لأنَّه كان يجزئ من المضمضة، ولكن قد لا يبلغ الشرب ما تبلغه المضمضة عند أكل السَّوِيق، وقد تَقَدَّم في (الوضوء).

==========

[1] في (ب): (البري)، وهو تحريفٌ.

[2] زيد في (ب): (وقد تَقَدَّم).

[ج 1 ص 758]

(1/5734)

[حديث: ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم]

2982# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة.

قوله: (عَنْ سَلَمَةَ): هو ابن عمرو بن الأكوع، وهذا معروفٌ، لكن في الصَّحابة مَن اسمه سلمة مشهورًا بذلك خمسون رجلًا، ولكن فيهم مَن الصحيحُ أنَّه تابعيٌّ.

قوله: (خَفَّتْ أَزْوَادُ القَوْمِ [1] وَأَمْلَقُوا): إن قيل: في أيِّ غزوة كان ذلك؟ قيل: في الحديبية، وقد جرى مثلُه في تبوك، والله أعلم.

قوله: (وَأَمْلَقُوا): أملق الرجلُ _ بالقاف_؛ إذا فَنِيَ زادُه، وأصله: كثرة الإنفاق حتَّى ينفد.

(1/5735)

[باب حمل الزاد على الرقاب]

(1/5736)

[حديث: خرجنا ونحن ثلاثمائة نحمل زادنا على رقابنا]

2983# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): هو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن سليمان، وقد قَدَّمتُ مَن يقال له: عَبَدة _بفتح الموحَّدة_؛ وهما: عامر بن عَبَدة، وبجالة بن عَبَدة، ويجوز فيهما السكون، والباقون: عبْدة؛ بالإسكان.

قوله: (خَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلَاثُ مِئَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا): هذا كان في سريَّة الخَبَط [1]، وأميرهم أبو عبيدة ابن الجرَّاح، وكانت في رجب سنة ثمانٍ، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ): هذا الرجل الذي قال لجابرٍ هذه المقالةَ هو أبو الزُّبير، كما رواه مسلمٌ، والمخاطَب بذلك جابرٌ راوي الحديث.

==========

[1] في (ب): (الحنط)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 758]

(1/5737)

[باب إرداف المرأة خلف أخيها]

(1/5738)

[حديث: اذهبي وليردفك عبد الرحمن]

2984# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس الحافظ، وقال شيخنا: وقع في كتاب ابن التِّين أنَّ الشيخ أبا الحسن قال: إنَّه عمرٌو الناقد، وأنَّ الشيخ أبا عِمران قال: إنَّه ليس هو الناقد، قال: وهو كما قال، فالناقد هو عمرو بن مُحَمَّد الحافظ، نزيل الرَّقَّة، انتهى، وهو كما قال شيخنا، وقد قلتُ أنا: إنَّه الفلَّاس، وكذا طرَّفه المِزِّيُّ، فقال: عمرو بن عليٍّ، والله أعلم.

وكذا تَقَدَّم [1] (أَبُو عَاصِمٍ): أنَّه الضَّحَّاك بن مخلد، وكذا تَقَدَّم (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيكة زهيرٍ، وزهيرٌ صحابيٌّ، تقدمت ترجمة ابن أبي مُلَيكة.

قوله: (وَلْيَرْدِفْكِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هو بإسكان الفاء واللَّام؛ للأمر، و (عبد الرَّحمن) هذا: هو ابن أبي بكر [2] أخوها، تَقَدَّم مرارًا في «الصحيح».

قوله: (أَنْ يُعْمِرَهَا): هو بضَمِّ الياء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مِنَ التَّنْعِيمِ): تقدَّمت ضبطًا، وأنَّها المساجد، ولِمَ سُمِّيَت التنعيم، وأنَّ بين المكان الذي يُحرِم الشخص منه من هذا المكان بالعمرة إلى باب المسجد ستَّةَ عشرَ ألفَ خطوةٍ، ذهابًا وإيابًا: اثنتان وثلاثون ألفَ خطوةٍ، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ب): (الحافظ).

[2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[ج 1 ص 758]

(1/5739)

[حديث: أمرني النبي أن أردف عائشة وأعمرها من التنعيم]

2985# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ): هذا (عبد الله بن مُحَمَّد): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه المُسنَديُّ، وقد أخرج هذا الحديثَ مسلمٌ في «صحيحه» في (الحجِّ) عن أبي بكر ابن أبي شيبة ومُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، عن ابن عيينة، وابن ماجه عن أبي بكر ابن أبي شيبة عنه، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 758]

(1/5740)

[باب الارتداف في الغزو والحج]

(1/5741)

[حديث: كنت رديف أبي طلحة وإنهم ليصرخون بهما جميعًا .. ]

2986# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو ابن عبد المجيد الثقفيُّ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختِيانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف موحَّدة، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد [1] الجَرْميُّ، و (أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه زيدُ بن سهلٍ، وتقدَّمَت تراجمهم كلِّهم.

قوله: (الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ): (الحجِّ)؛ بالجرِّ: بدل من الضمير، و (العمرةِ): مثلُه بالعطف.

==========

[1] في (ب): (يزيد)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 758]

(1/5742)

[باب الردف على الحمار]

قوله: (بَابُ الرِّدْفِ عَلَى الْحِمَارِ): أخرج في هذا الباب حديثَ عبدِ الله _وهو ابن عمر_: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أقبل يوم الفتح من أعلى مكَّة على راحلته مردفًا أسامة بن زيد ... ) إلى أن قال: (حتَّى أناخ بباب المسجد)، فليس فيه الإرداف على الحمار؛ إنَّما فيه الإرداف على البعير، وكان ينبغي _فيما يظهر_ أن يكون [لحديث] هذا الباب ترجمة أخرى مفردة، يقول فيها [1]: (باب الإرداف على البعير)، أو أن يذكره في الباب الذي قبله، وما أدري وجه إخراجه في هذا الباب، وقد راجعتُ كلام شيخنا؛ فلم أره ذكر فيه شيئًا، وكأنَّ البخاريَّ رحمه الله أراد أصل الإرداف؛ ويعني به: إذا كانت الدَّابَّة مطيقة، فإن كان كذلك؛ فهو شاهد له، والله أعلم، أو أنَّه وقع له أنَّه كان راكبًا على حمار وأَرْدَف، ولم يكن على شرطه، وقد أردف على الحمار في غير هذا الحديث، (وقد قدَّمه من حديث ابن عمر في هذا الباب) [2] أنَّه أردف فيه أسامة، وأردف أيضًا على الحمار غير أسامة في قصَّة أخرى، والله أعلم.

(1/5743)

[حديث: أن رسول الله ركب على حمار على إكاف عليه قطيفة]

2987# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ): (أبو صفوان): هو عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان الأمويُّ الدِّمشقيُّ، هربت به أمُّه حين قُتِل أبوه صبرًا، روى عن أبيه، وثور بن يزيد، ويونس بن يزيد الأيليِّ، وابن جريج، وجماعةٍ، وعنه: أحمد، وابن المدينيِّ، والشَّافعيُّ، والحميديُّ، وقتيبة، وجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، سمع منه أبو السُّكَين الطَّائيُّ سنة أربع أو خمس ومئتين، وقد قَدَّمتُ ترجمته، ولكن طال العهد بها.

قوله: (رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ): تَقَدَّم ذكر حميره، والذي يظهر أنَّ هذا [1] غير عفير وغير [2] يعفور، ولعلَّه الذي أعطاه إيَّاه سعد بن عُبادة؛ لأنَّ عفيرًا ويعفورًا [3] كانا مُتأخِّرين عن هذه القصَّة، وهذه القصَّة وقعت هنا مُختصَرة.

[ج 1 ص 758]

قوله: (عَلَى إِكَافٍ): هو بكسر الهمزة وضمِّها _قاله شيخنا في غير هذا الشرح_ ثمَّ كافٍ مخفَّفة، وفي آخره فاءٌ، ويقال من حيث اللُّغةُ: (وُكاف)؛ بضَمِّ الواو وكسرها، والجمع: أُكُف، وقد أكفتُ الدَّابَّة وأوكفتها؛ إذا شددتَ عليها الإكافَ، والإكاف: البردعة، ويقال: هو ما يُشَدُّ فوق البردعة من بعض أدواتها، ولم يذكرِ الهرويُّ في «شرح الفصيح» غيره، والله أعلم.

قوله: (عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ): هي بفتح القاف وكسر الطَّاء؛ كساء ذو خمل، وجمعه: قطائف، وهي الخميلة أيضًا، وقد تقدَّمت.

قوله: (وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ): تَقَدَّم أنَّ أبا زكريَّا يحيى بن منده جمع أرداف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فبلغ بهم نيِّفًا وثلاثين شخصًا، وقد ذكرت أنا في أوَّل هذا التَّعليق ما وقع لي منهم، والله أعلم.

تنبيهٌ: إنَّما ركب؛ ليعود سعدَ بن عبادة، كما جاء في المُطوَّل من هذا الحديث، وسبب العيادة: الظَّاهر أنَّه إنَّما عاده كما ذكره ابن إسحاق في رواية يونس بن بُكَير قال: (كان سعد قد دعاه رجل من اللَّيل، فخرج إليه، فضربه الرَّجل بسيفه، فأشواه [4]، فجاءه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعودُه من تلك الضَّربة، ولامه على خروجه ليلًا)؛ ذكره السُّهيليُّ في «روضه» عن يونس.

==========

[1] زيد في (ب): (هو).

[2] (عفير وغير): سقط من (ب).

[3] في النُّسختين: (عفير ويعفور)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[4] في (ب): (فأسواه)، وهو تصحيفٌ.

(1/5744)

[حديث: أن رسول الله أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته]

2988# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مرارًا كثيرة أنَّه بضَمِّ الموحَّدة وفتح الكاف، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، أحد الأعلام، وأنَّ (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ.

قوله: (أَقْبَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم أنَّه كان يوم الجمعة في رمضان، وقد تَقَدَّم متى كان من الشهر، بالاختلاف فيه.

قوله: (وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ مِنَ الْحَجَبَةِ): تَقَدَّم أنَّه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة عبدِ الله بن عبد العزَّى العبدريُّ الحَجَبِيُّ، قُتِل أبوه وعمُّه عثمان يوم أُحُد كافرَين في جماعةٍ من بني عمِّهما، وعثمان هذا [1]: هاجر مع خالد بن الوليد وعمرو بن العاصي، ودفع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى عثمان هذا وإلى ابن عمِّه شيبة بن عثمان مفتاحَ الكعبة، تُوُفِّيَ سنة (42 هـ)، وقد قدَّمته بأطولَ مِن هذا، ولكن بَعُدَ العهد به، وقوله: (مِنَ الحَجَبَةِ): هو بفتح الحاء المهملة [2]، والجيم [3]، والموحَّدة، وحُجَّاب الكعبة: سدنتها بنو شيبة، والله أعلم.

قوله: (فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ): تَقَدَّم أنَّه سأله وأنَّه أخبره في هذا [4] «الصَّحيح».

==========

[1] في (أ): (وهذا عثمان).

[2] (المهملة): سقط من (ب).

[3] في (ب): (والميم)، وهو تحريفٌ.

[4] (هذا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 759]

(1/5745)

[باب من أخذ بالركاب ونحوه]

قوله: (بَابُ مَنْ أَخَذَ بِالرِّكَابِ وَنَحْوِهِ): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر حديث الباب على عادته بلا إسناد: (موضع التَّرجمة: «ويعين الرَّجل على دابَّته، فيحمل عليها»، فيندرج تحته الأخذ بالرِّكاب، لا من جهة عُموم صيغة الفعل، فإنَّه مُطلَق، ولكن بالمعنى المساوق) انتهى.

==========

[ج 1 ص 759]

(1/5746)

[حديث: كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس]

2989# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ الرَّزَّاقِ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاري_ في «الجهاد» في موضعين، وفي تفسير «النساء»، و «الأعراف»، وفي «القدَر»، و «ترك الحيل»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبد الرَّزَّاق»، وقال في «الغسل» وفي «الصَّلاة» في موضعين، وفي حديث بني النضير، و «غزوة أُحُد»، وفي «باب وفد بني حنيفة»، و «مناقب ابن عمر»، وفي «الأنبياء»، و «التَّمنِّي»، وغير موضع: «حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا عبد الرَّزَّاق»، وهو عندنا: إسحاق بن إبراهيم بن نصر السَّعديُّ، بخاريٌّ، نسبه إلى جدِّه، وقد روى عنه البخاريُّ في «العيدين» وفي «موعظة الإمام النِّساء يوم العيد»، فقال: «حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر: حدَّثنا عبد الرَّزَّاق»، وقال في «الإيمان»، و «تفسير {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}»: «حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرَّزَّاق»، فاجتمع لنا من هذا أنَّ البخاريَّ يروي عن إسحاق بن إبراهيم بن نصر وإسحاق بن إبراهيم الحنظليِّ وإسحاق بن منصور الكوسج عن عبد الرَّزَّاق، غير أنَّ الموضع الذي وقع في «وفد بني حنيفة» اختلف فيه شيوخُنا، فقال أبو زيد، وابن السكن، وفي نسخةٍ عن النَّسفيِّ: «حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا عبد الرَّزَّاق»، وفي نسخة الأصيليِّ عن أبي أحمد: «حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرَّزَّاق»، وقول أبي زيد _عندي_ ومن تابعه أشبه لجلالة مَن تابعه ... إلى أن قال: وذكر أبو نصر أنَّ البخاريَّ يروي عن هؤلاء الثلاثة الذين سمَّيناهم عن عبد الرَّزَّاق، وقد حدَّث مسلمٌ أيضًا [3] عن إسحاق الكوسج عن عبد الرَّزَّاق)، انتهى مُلخَّصًا، والله أعلم، وقال [4] المِزِّيُّ لمَّا طرَّفه: البخاريُّ [5] في «الصُّلح» عن إسحاق، وفي «الجهاد» عن إسحاق ابن نصر، وفي موضع آخر منه: عن إسحاق، فقوَّة [6] كلامه تعطي أنَّه ابن نصر، لكن في عبارته ما [7] يمنع [8] ذلك، وهو أنَّه قال: جميعًا، وإذا جعلناه ابن نصر؛ يريد أنَّ يقول: معًا أو [9] كلاهما، أو نحوهما، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا [10] مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الميمَين وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، وكذا تَقَدَّم (هَمَّام): أنَّه ابن مُنبِّه.

(1/5747)

قوله: (كُلُّ سُلَامَى): هي بضَمِّ السِّين، وتخفيف اللَّام، وفتح الميم، وهي المفصل، وقد تَقَدَّم الكلام عليها: هل هي مفرد أم [11] جمع.

قوله: (كُلَّ يَوْمٍ): هو بنصب (كلَّ) على الظَّرف.

قوله: (وَكُلُّ خَطْوَةٍ): تَقَدَّم الكلام عليها، وعلى الضَّمِّ والفتح فيها.

(1/5748)

[باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو]

قوله: (بَابُ السَّفَرِ بِالْمَصَاحِفِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ): وفي نسخة: (باب كراهيَة)؛ بإثبات (كراهيَة)، ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (الاستدلال بسفر النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه وهم يعلمون القرآن على التَّرجمة ضعيف؛ لأنَّها واقعة عين، فلعلَّهم علموه تلقينًا، وهو الغالب حينئذٍ، والله أعلم) انتهى، ثمَّ اعلم أنَّ في الحديث النَّهيَ عن المسافرة بالمصاحف إلى أرض الكفَّار؛ للعلَّة المذكورة في الحديث، وهي خوف أن ينالوه فينتهكوا حرمته، فإن أُمِنَتْ هذه العلَّة بأن يدخل في جيش المسلمين الظَّاهرِ عليه؛ فلا كراهة ولا منعَ منه حينئذٍ؛ لعدم العلَّة، هذا هو الصحيح، وبه قال أبو حنيفة، والبخاريُّ،

[ج 1 ص 759]

وآخرون، وقال مالك وجماعة من الشافعيَّة بالنَّهي مطلقًا، وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة: الجوازَ مطلقًا، والصَّحيح عنه ما سبق، والعلَّة المذكورة في الحديث هي من كلامه صلَّى الله عليه وسلَّم، وغلط بعضُ المالكيَّة، فزعم أنَّها مِن كلام مالك، وقال شيخنا: إنَّ أبا عمر [1] قال: وهو مَرْفوعٌ صحيحٌ [2]، ونقل شيخنا ذلك عن غيره، ثمَّ قال: (وقال الخطيب: مخافة ... ) إلى آخره: هو قول مالكٍ بيَّن ذلك أبو مصعب، وابن وهب، وابن القاسم، والمسند النَّهي حسب [3]، ثمَّ نقل عن الحميديِّ نحوَ ما نقله المِزِّيُّ عن البرقانيِّ الآتي قريبًا، واتَّفق العلماء على أنَّه يجوز أن يُكتَب لهم كتابٌ فيه آيةٌ أو آياتٌ، والحجَّة فيه كتاب النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى هرقل، قال القاضي عياض: (وكره مالكٌ معاملة الكفَّار بالدَّراهم التي فيها اسم الله تعالى أو ذكره سبحانه وتعالى) والله أعلم.

قوله: (بَابُ كَراهِيَةِ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يجوز من حيث اللُّغةُ: كراهيٌّ.

(1/5749)

قوله [4]: (وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ... ) إلى آخره: اعترض ابن بطَّال على قوله: (وكذلك يُروى ... ) إلى آخره، فقال: (هذا الباب وقع فيه غلط مِن الناسخ، والصَّواب: البُداءة بالمسند، ثمَّ بقوله: «وكذلك يُروى ... » إلى آخره)، قال شيخنا: (وكذا فعله أبو نعيم) انتهى؛ يعني: أنَّ الصَّواب والعادة: أن يبدأ في الباب بالحديث المُسنَد فيه، ثمَّ يقول: (وكذلك يُروى)، ويذكر المتابعة، وهو اعتراضٌ جيِّدٌ حسنٌ، وجوابه فيما قيل: أنَّه احتاج إلى ذكر المتابعة؛ لأنَّ بعضهم زاد في الحديث: (مخافة أن يناله العدوُّ)، وجعله من كلام النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يصحَّ، وإنَّما هو مِن قول مالك، والله أعلم، وقد قَدَّمتُ أعلاه: هل هو مَرْفوعٌ أو مِن قول مالك.

و (مُحَمَّد بن بشر) هذا: هو العبديُّ، أبو عبد الله، الكوفيُّ، عن هشام بن عروة وخلقٍ، وعنه: عَبْد وأحمد بن الفُرات، قال أبو داود [5]: (هو أحفظ مَن كان بالكوفة)، انتهى، وهو ثبت، أخرج له الجماعة [6]، ووثَّقه ابن معين، تُوُفِّيَ سنة (203 هـ)، و (عُبيد الله): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، وقد ذكره بصيغة تمريض، ولم يُخرِّجه أحدٌ من أصحاب الكتب إلَّا ما هنا مُمرَّضًا، قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (قال أبو بكر البرقانيُّ: لم يقل: «كره» إلَّا مُحَمَّد بن بشر رواه أبو همَّام عن مُحَمَّد بن بشر كذلك، ورواه عن عبيد [7] الله بن عمر جماعةٌ، فاتَّفقوا على لفظ [8] النَّهي [9])، انتهى.

قال البخاريُّ: (وَتَابَعَهُ ابنُ إِسْحَاقَ)؛ يعني: تابع ابن إسحاق عبيد الله على روايته عن نافع، وهو مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار، الإمام في المغازي، تَقَدَّم أنَّ حديثه حسنٌ وفوق الحسن، وليس من شرط البخاريِّ؛ إنَّما أخرج له تعليقًا، ومسلم مقرونًا، وأخرج له بقيَّة الأربعة، وقد تَقَدَّم الكلام فيه [10]، ولم يُخرِّج متابعة مُحَمَّد بن إسحاق أحدٌ مِن أصحاب الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا [11] مُمرَّضًا.

قوله: (وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْقُرْآنَ): (يَعْلَمون): بفتح أوَّله وإسكان ثانيه، كذا في أصلنا، وفي نسخة لم تكن في أصلنا: (يُعَلّمون): بضَمِّ أوَّله، وفتح ثانيه، واللَّام مُشدَّدة مفتوحة ومكسورة، فهذه ثلاث رواياتٍ، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (عمرو)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (وهو صحيح مَرْفوعٌ).

(1/5750)

[3] كذا في النُّسختين، ولعلَّ الصَّواب: (فحسب).

[4] (قوله): سقط من (ب).

[5] (أبو داود): سقط من (ب).

[6] (الجماعة): سقط من (ب).

[7] في (ب): (عبد)، وهو تحريفٌ.

[8] في (ب): (اللفظ).

[9] (النهي): سقط من (ب).

[10] (فيه): سقط من (ب).

[11] في (ب): (ههنا).

(1/5751)

[حديث: نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو]

2990# قوله: (أَنْ يُسَافَرَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 760]

(1/5752)

[باب التكبير عند الحرب]

(1/5753)

[حديث: صبح النبي خيبر وقد خرجوا بالمساحي على أعناقهم]

2991# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): أمَّا (سفيان)؛ فهو ابن عيينة بغير شكٍّ، وأمَّا (عبد الله بن مُحَمَّد) عنه؛ فهو المُسنديُّ، وقد ذكرت مستندي في ذلك قبل هذا؛ فانظره.

قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وأمَّا (مُحَمَّد عَنْ أَنَسٍ)؛ فهو ابن سيرين.

تنبيهٌ: من يروي عن أنس في الكتب السِّتَّة أو بعضها، واسمه مُحَمَّد: مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيميُّ، ومُحَمَّد بن أبي بكر بن عوف بن رَيَاح الثَّقفيُّ، ومُحَمَّد بن سيرين هذا، ومُحَمَّد بن عبد الله بن أبي سُلَيم، ومُحَمَّد بن كعب القرظيُّ، ومُحَمَّد [بن مسلم] [1] بن السَّائب بن خبَّاب [2]، ومُحَمَّد ابن شهاب الزُّهريُّ، ومُحَمَّد بن المنكدر بن عبد الله بن الهُدير القرشيُّ التَّيميُّ، وقد تَقَدَّم هذا التنبيهُ قريبًا، والله أعلم.

قوله: (بِالْمَسَاحِي): تَقَدَّم قريبًا ما هي؛ أنَّها المجارف من حديد.

قوله: (مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه الجيش، ولم سُمِّي الجيش خميسًا؛ فانظره، و (الخميس): مَرْفوعٌ معطوف على (مُحَمَّد).

قوله: (فَلَجَؤُوا): هو بهمزة مضمومة بعد الجيم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (خَرِبَتْ خَيْبَرُ): تَقَدَّم هل قاله تفاؤلًا أو بوحي؛ فانظره.

قوله: (وَأَصَبْنَا حُمُرًا): هذه (الحُمُر) كانت أهليَّة، وهذا معروف ظاهر.

قوله: (فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (مناديه) في ذلك اليوم: هو أبو طلحة، كما في «مسلم»، وعزاه النَّوويُّ في «مبهمات تهذيبه» إلى أبي يعلى الموصليُّ، ولا حاجة إلى ذلك؛ فهو في «مسلم»، وفي «النَّسائيِّ الصَّغير»: أنَّه عبد الرَّحمن بن عوف، والظاهر أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أمرهما، فناديا، والله أعلم.

قوله: (فَأُكْفِئَتِ): هو بهمزة بعد الياء المثنَّاة من تحت؛ أي: قُلِبت.

(1/5754)

قوله: (تَابَعَهُ عَلِيٌّ عَنْ سُفْيَانَ): الضمير في (تابعه): يعود على المُسنديِّ _كما ذكرتُ لك قبل هذا بيسير_ الراوي هنا عن سفيان، و (عليٌّ): هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، وهو شيخ البخاريِّ، وإذا كان كذلك؛ فـ (تابعه): الظَّاهر أنَّها مثل قوله: (قال)، فيكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، كما تَقَدَّم في نظرائه، والله أعلم، وقد أخرج هذه المتابعة في «علامات النُّبوَّة»: عن عليِّ بن عبد الله، كما ذكرت أنَّه ابن المدينيِّ.

تنبيهٌ: ليس في الكتب السِّتَّة عليُّ بن عبد الله إلَّا مَن [3] أذكره: ابن المدينيِّ، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ فقط، وشخص آخر اسمه عليُّ بن عبد الله بن إبراهيم البغداديُّ، يروي عن حجَّاج بن مُحَمَّد، وعنه: البخاريُّ فقط، في (النِّكاح) فقط، وقد روى البخاريُّ حديثًا آخر غير [4] الذي في (النِّكاح): عن عليِّ بن إبراهيم عن روح، فقيل: إنَّه هو، والله أعلم، سئل عنه البخاريُّ فقال: مُتقِنٌ، وعليُّ بن عبد الله بن العبَّاس ليس له في «البخاريِّ» شيء، وقد روى له مسلم والأربعة، وعليُّ بن عبد الله الأزديُّ، روى له مسلم والأربعة، والله أعلم.

==========

[1] (بن مسلم): مستفاد من الموضع السَّابق.

[2] في (ب): (حيان)، وهو تحريف.

[3] زيد في (ب): (رواية من).

[4] في (ب): (عن)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 760]

(1/5755)

[باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير]

(1/5756)

[حديث: يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون .. ]

2992# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، لا البخاريُّ [1] البيكنديُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، وهذه الطريق لم أرها في «أطراف المِزِّيِّ»، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه النَّهديُّ عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغات في (ملٍّ)، و (أَبُو مُوسَى): هو عبد الله بن قيس الأشعريُّ، أميره عليه الصَّلاة والسَّلام، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (ارْبَعُوا): هو بهمزة وصل، فإذا ابتدأت بها؛ كسرتها، والموحَّدة بعد الرَّاء مفتوحة في كلِّ حال؛ في الدَّرج والابتداء؛ ومعناه: اعطفوا عليها بالرِّفق بها والكفِّ عن الشِّدَّة [2].

==========

[1] زيد في (ب): (البخاري)، وهو تكرارٌ.

[2] هذه الفقرة سقطت من (ب)، وعليها في (أ) علامة تأخير خاطئة.

[ج 1 ص 760]

(1/5757)

[باب التسبيح إذا هبط واديًا]

(1/5758)

[حديث: كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا]

2993# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو [1] الفريابيُّ، كما تَقَدَّم قبلَهُ، وقد قَدَّمتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريُّ البيكنديُّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التَّعليق، وأنَّ (سُفْيَان) هو الثَّوريُّ، وذلك لأنَّ (حُصَيْنًا) الذي بعده: هو _ابن عبد الرَّحمن_ بضَمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، وقد ذكروا أنَّ الثَّوريَّ روى عنه، ذكر ذلك عبد الغنيِّ والذَّهبيُّ في «تذهيبه»، ولم ىذكرا ابن عيينة أنَّه روى عنه، والله أعلم [2].

قوله: (كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا؛ كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا؛ سَبَّحْنَا): إنَّما كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند أشرافه على الجبال يكبِّر؛ استشعارًا للكبرياء

[ج 1 ص 760]

لله عندما تقع عليه العين من عظيم خلقه أنَّه أكبر من كلِّ شيء، وليس ذلك على أنَّ غيره كبير، وإنَّما معنى قولهم: اللهُ أكبرُ؛ أي: الله الكبير، وأمَّا تسبيحه في بطون الأودية؛ فإنَّه مُستنبَط مِن قصَّة يونس وتسبيحه في بطن الحوت، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: 143]؛ الآية، فنجَّاه الله بذلك من الظُّلمات، فامتثل الشَّارع هذا التَّسبيح في بطون الأودية؛ ليُنجِّيَه الله منها، ومِن أن يدركَه عدوٌّ، وقيل: إنَّ تسبيح يونسَ كان صلاةً كانتْ قبل أن يبتلَعه الحوت، فرُوعيَ فيه فضلُها، قال شيخنا [3]: (والأوَّل أولى؛ بدليل التَّسبيح مِن الشارع في بطون الأودية وكلِّ منخفض)، قال: (وقيل: معنى تسبيحِه هنا في ذلك: أنَّه لمَّا كان التكبير لله تعالى عند رؤية عظيم مخلوقاته؛ وجب أن يكون فيما انخفض مِن الأرض تسبيحٌ لله تعالى؛ لأنَّ التَّسبيح في اللُّغة [4]: تنزيهُ الله تعالى مِن النَّقائص؛ كالولد والشَّريك والصاحبة؛ فـ «سبحان الله»: براءته من ذلك)، انتهى.

==========

[1] (هو): سقط من (ب).

[2] هذه الفقرة جاءت في النُّسختين بعد الفقرة اللَّاحقة، والصَّواب تقديمها.

[3] (قال شيخنا): سقط من (ب).

[4] (في اللغة): سقط من (ب).

(1/5759)

[باب التكبير إذا علا شرفًا]

قوله: (إِذَا عَلَا شَرَفًا): هو بفتح الشين المعجمة والرَّاء، وبالفاء؛ ما علا من الأرض.

(1/5760)

[حديث: كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا تصوبنا سبحنا]

2994# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدار، وتَقَدَّم ما البُنْدار، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّم أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، أبو عمرو، البصريُّ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، و (حُصَيْنٍ): تَقَدَّم أعلاه [1] أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرَّحمن، و (سَالِم): هو ابن أبي الجعْد.

قوله: (كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا): (صعِد): بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَإِذَا تَصَوَّبْنَا؛ سَبَّحْنَا): أي: نزلنا.

==========

[1] (أعلاه): سقط من (ب).

[ج 1 ص 761]

(1/5761)

[حديث: كان النبي إذا قفل من الحج أو العمرة ولا أعلمه إلا قال .. ]

2995# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ [1]: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ): ذكر الجيَّانيُّ هذا المكان في «تقييده»، ثمَّ قال: (هكذا أتى إسنادُ هذا الحديث: «حدَّثنا عبد الله»؛ غير منسوب عن أبي زيد وأبي أحمد، ونسبه ابن السَّكن فقال: «حدَّثنا عبد الله بن يوسف»، وذكره أبو مسعود الدِّمشقيُّ عن البخاريِّ: «عن عبد الله» غير منسوب، ثمَّ قال: وهذا الحديث رواه الناس عن عبد الله بن صالح، وقد رُوي أيضًا عن عبد الله بن رجاء البصريِّ، والله أعلم أيُّهم هو) انتهى، وقد ذكر المِزِّيُّ كلام أبي مسعود عقب تطريف الحديث.

قوله: (إِذَا قَفَلَ): أي: رجع، وهو بفتح القاف والفاء، وباللَّام، وكذا تَقَدَّم (الثَّنِيَّة): أنَّها الطريق في الجبل.

[قوله: (إِلَّا قَالَ: الْغَزْو): يجوز في (الغزو): النَّصب والجرُّ، والله أعلم] [2].

قوله: (أَوْ فَدْفَدٍ): هو بفاءَين مفتوحتين، بعد كلِّ فاء دالٌ مهملةٌ؛ الأولى ساكنة، وهي الفلاة من الأرض لا شيء فيها، وقيل: الغليظة من الأرض ذات الحصى، وقيل: الجلد من الأرض في ارتفاع.

قوله: (وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ): تَقَدَّم أنَّهم الذين جاؤوا من الكفَّار لحرب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الخندق، وتَقَدَّم متى كانت غزوة الخندق، وكم كان عددُ المشركين، وكم كان عدد المسلمين في الخندق، والله أعلم.

قوله: (قَالَ صَالِحٌ: فَقُلْتُ لَهُ): (صالح) هذا: هو ابن كيسان المذكور في السَّند.

[قوله: (أَلَمْ يَقُلْ عَبْدُ اللهِ [3]): يعني: عبد الله بن عمر المذكور في السَّند] [4].

قوله: (إِنْ شَاءَ اللهُ، قَالَ: لَا): يعني: عند قوله: (آيِبُون).

(1/5762)

[باب: يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة]

قوله: (بَابٌ يُكْتَبُ لِلْمُسَافِرِ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الإِقَامَةِ): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: (حمله بعضهم على النَّوافل وحجَّر واسعًا، بل يدخل فيه الفرائض التي شأنه أن يعمل بها، وهو صحيح، إذا عجز عن جملتها أو عن بعضها لمرض؛ كُتِب له أجرُ ما عجز عنه فِعْلًا؛ لأنَّه قام به عزمًا إن لو كان صحيحًا، حتَّى صلاة الجالس في الفرض لمرضه؛ يُكتَب له عنها أجرُ صلاة القائم، والله أعلم، وظاهر التَّرجمة أنَّه نزَّله على إطلاقه) انتهى، وما قاله حسنٌ ظاهرٌ صحيحٌ.

==========

[ج 1 ص 761]

(1/5763)

[حديث: إذا مرض العبد أو سافر]

2996# قوله: (حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ): هذا هو ابن حَوْشب؛ بالحاء المهملة المفتوحة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ شين معجمة مفتوحة، ثمَّ موحَّدة، و (العوَّام): واسطيٌّ، أحد الأعلام، أخرج له الجماعة، وهو ثقة.

قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ): هو بفتح السِّينَين المهملتين، بعد كلِّ سينٍ كافٌ؛ الأولى ساكنة، و (السَّكاسك): قبيلةٌ من اليمن، وهو السكاسك بن وائلة بن حِمير بن سبأ، وقد تَقَدَّم.

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّ اسمه الحارث _أو عامر_ ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، تَقَدَّم مُتَرجَمًا [1].

[ج 1 ص 761]

قوله: (بَابُ السَّيْرِ وَحْدَهُ): وفي بعض النُّسخ: (باب السَّير باللَّيل وحده)، ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (سُيِّر الزُّبير؛ ليتجسَّس للمسلمين، فالوحدة فيه مطلوبة، بخلافها في السَّفر) انتهى، قال السُّهيليُّ في «روضه» في (غزوة الحديبية): (وفيه: أنَّه بعث عينًا له من خزاعة إلى مكَّة؛ فدلَّ على أنَّه يجوز للرَّجل أن يسافر وحده إذا مسَّتِ الحاجة إلى ذلك، أو كان في ذلك صلاحٌ للمسلمين) انتهى.

==========

[1] (مُتَرجَمًا): سقط من (ب).

(1/5764)

[باب السير وحده]

(1/5765)

[حديث جابر: إن لكل نبي حواريًا وحواري الزبير]

2997# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبير، وتَقَدَّم الكلام على هذه النِّسبة لماذا، وتَقَدَّم أيضًا مرارًا أنَّ (سُفْيَان) بعده هو ابن عيينة.

قوله: (نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى قوله: (فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ): أي: دعاهم؛ فأجابه الزُّبير.

تنبيهٌ: تَقَدَّم أنَّ [1] قوله يوم الخندق: (بَعَثَ الزُّبير)؛ فيه نظر، وقد تَقَدَّم ما في ذلك، وسيجيء أيضًا، والمعروف: إنَّما أرسل حذيفةَ، وقَدَّمتُ جمعًا، وسأذكره أيضًا.

قوله: (إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا): تَقَدَّم الكلام على (الحواريِّ)، وأنَّه مصروف، وما هو الحواريُّ، وتَقَدَّم أنَّ الحواريِّين من الصَّحابة اثنا عشر؛ تسعة من العشرة، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ليس منهم، والثلاثة؛ حمزة، وجعفر، وعثمان بن مظعون، والله أعلم.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: والْحَوَارِيُّ [2]: النَّاصِرُ): (سفيان) هذا: هو ابن عيينة، وهو المذكور في السند.

(1/5766)

[حديث: لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

2998# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها كتابةً والنُّطق بها [2] في أوَّل هذا التَّعليق.

قوله: (وحَدَّثَنَا [3] أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» بعد أن طرَّف طريق أبي الوليد ما لفظه: (وقال عقبة: وأبو نعيم عن عاصم بن مُحَمَّد؛ فذكره، ولم يقل: حدَّثنا أبو نعيم، ولا قال في كتاب «حمَّاد بن شاكر»: حدَّثنا أبو نعيم) انتهى، وقد علمتَ ما في أصلنا، ونقل شيخنا عن نسخة الدِّمياطيِّ كما في أصلنا، قال: وكذا ذكره أبو نعيم في «مستخرجه» انتهى.

قوله: (مَا فِي الْوَحْدَةِ): هي بفتح الواو [4]، وإسكان الحاء المهملة، معروفةٌ، وقال شيخنا: (وقال ابن التِّين: ضُبِطَت بفتح الواو وكسرها، فأنكر أهل اللُّغة الكسرَ) انتهى.

(1/5767)

[باب السرعة في السير]

قوله: (وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ): هو بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وهو عبد الرَّحمن بن عمرو بن سعد الساعديُّ، وقيل: ابن المنذر بن سعد الخزرجيُّ، مدنيٌّ، تُوُفِّيَ في آخر خلافة معاوية، روى عنه جماعةٌ، ووصف صلاتَه عليه الصَّلاة والسَّلام، وقد تَقَدَّم ببعض ترجمة، ولا أعلم في الصَّحابة مَن يقال له: أبو حُمَيد مشتهرًا بذلك غيرَه، أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند».

==========

[ج 1 ص 762]

(1/5768)

[حديث: فكان يسير العنق فإذا وجد فجوةً نص]

2999# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيدٍ القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تَقَدَّم مرارًا، وكذا قوله: (قَالَ [1] يَحْيَى: يَقُولُ): هو ابن سعيد القطَّان المذكورُ في السند.

قوله: (كَانَ [2] يَسِيرُ الْعَنَقَ): هو بفتح العين والنون، وبالقاف، وهو سيرٌ سهلٌ في سرعةٍ، ليس بالشديد، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (الفَجْوَةَ)؛ وهو المتَّسع من الأرض، وفي «المُوَطَّأ»: (فرجة)، وكذا (النَّصُّ) ضبطًا ومعنًى، وهو منتهى الغاية في كلِّ شيء.

==========

[1] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كَانَ).

[2] كذا في النسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَكَانَ).

[ج 1 ص 762]

(1/5769)

[حديث: إني رأيت النبي إذا جد به السير أخر المغرب.]

3000# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد.

قوله: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هذا هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كثير المدنيُّ، عن زيد بن أسلم وطبقتِه، وعنه: سعيد بن أبي مريم، والأويسيُّ، وطائفةٌ، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين، وقال ابن المدينيِّ: معروفٌ، وقال النَّسائيُّ: صالح.

قوله: (فَبَلَغَهُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ): تَقَدَّم أنَّ هذه زوجُ ابن عُمر، وأنَّها أختُ المختار بن أبي عُبيد الكذَّاب، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، وقد وثَّقها أحمدُ العجليُّ، كما رأيته في «ثقاته»، وأخرج لها مسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وعلَّق لها البخاريُّ.

قوله: (شِدَّةُ وَجَعٍ): (شدَّةُ): مَرْفوعٌ فاعل (بَلَغَ)، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[ج 1 ص 762]

(1/5770)

[حديث: السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه]

3001# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بوزان (عُلَيٍّ) المصغَّر، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (أَبُو صَالِحٍ): أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ): تَقَدَّم الكلام عليه من عند المحبِّ الطبريِّ، وأنَّه قطعة من عذاب الزاني غيرِ المُحصَن؛ وهو تغريبُه، وذكرت فيه غيرَ ذلك عن إمام الحرمين، وذكرتُ أنَّ بعض مشايخي قال لي: مرَّ بي في بعض الأجزاء عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: لولا أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «السَّفَر قطعةٌ من العذاب»؛ لقلتُ: إنَّ العذابَ قطعةٌ من السَّفَر، والله أعلم.

قوله: (نَهْمَتَهُ): هي بفتح النون، الشَّهوة والشغل، وقال شيخنا: بفتحها وكسرها، ونقله بعضُهم عن السَّفاقسيِّ _أعني: الكسر_، وهو [1] ابن التِّين.

==========

[1] في (ب): (والسفاقسي هو).

[ج 1 ص 762]

(1/5771)

[باب: إذا حمل على فرس فرآها تباع]

قوله: (حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ): تَقَدَّم أنَّ معناه: أعطاها لمن يجاهد عليها في سبيل الله، وتَقَدَّم أنَّ هذه الفرسَ اسمُها الوردُ، وأنَّ تميمًا الداريَّ أهداها للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأعطاها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لعُمرَ، فأعطاها عُمرُ لمن يجاهد عليها، وتَقَدَّم أنَّ الذي حمله عمر عليها لا أعرفُ اسمه، والله أعلم.

[ج 1 ص 762]

(1/5772)

[حديث: لا تشتره وإن بدرهم فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه]

3003# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (وَإِنْ بِدِرْهَمٍ): (إِنْ): بكسر الهمزة، وسكون النون؛ أي: وإن أعطاكه بدرهم.

قوله: (فِي قَيْئِهِ): تَقَدَّم أنَّ (القيء) مهموز الآخر.

==========

[ج 1 ص 763]

(1/5773)

[باب الجهاد بإذن الأبوين]

قوله: (بَابُ الْجِهَادِ بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (وجه التَّرجمة: أنَّه أثبت لهما حقًّا يتقدَّم على الجهاد، والقاعدة: أنَّ ذا الحقِّ إذا أسقط حقَّه؛ سقط) انتهى.

==========

[ج 1 ص 763]

(1/5774)

[حديث: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد]

3004# قوله: (حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ): تَقَدَّم أنَّ اسمَ أبي العبَّاس السَّائب بن فَرُّوخَ، وفَرُّوخ: بفتح الفاء، وتشديد الراء مضمومة، وفي آخره خاء معجمة، غير منصرفٍ؛ للعجمة والعلميَّة، ثقةٌ مشهورٌ، أخرج له الجماعة.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ ... ) إلى آخره: هذا (الرجل) ووالداه لا أعرفهم، وكذا قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: لم أقف على تعيين هذا _يعني: الرجل_ لكن في «أُسْد الغابة» في ترجمة طلحة بن معاوية بن جاهمة السُّلَمِيِّ، قال: وقد رُويَ هذا الحديث لجاهمة أَبيه، وهو في «البيهقيِّ»، وفي «الأُسْد» ساق الحديثَ في ترجمة جاهمة بن العبَّاس بن مرداس السُّلَميِّ، ثمَّ ذكره في معاوية؛ يعني: ابن جاهمة، فذكر نحوه، قال: فظهر من ذلك الخلافُ فيمَن وقعت هذه الواقعةُ له؛ هو طلحة، أو هو أبوه معاوية، أو جدُّه جاهمة، وما ذكره ابن جريج أثبتُ؛ وهو الذي أخرجه البيهقيُّ، انتهى، وقال بعضُ حُفَّاظ مصر من المتأخِّرين: (يحتمل أن يُفَسَّر بجاهمة، أو بمعاوية بن جاهمة، رواه البيهقيُّ وغيره) انتهى.

(1/5775)

[باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل]

قوله: (بَابُ مَا قِيلَ فِي الْجَرَسِ وَنَحْوِهِ فِي أَعْنَاقِ الإِبِلِ): إن قلت: لا ذكر للجرس في الحديث؛ قلت: تمحَّل [1] له بعضُهم بقول الخطَّابيِّ: (أمر بقطع القلائد؛ لأنَّهم كانوا يُعلِّقون فيها الأجراسَ)، وليس بجيِّد، ففي «المُوَطَّآت» للدراقطنيِّ من رواية عثمان بن عمر [2]، عن مالكٍ به، وفيه: (ولا جرسَ في عنق بعيرٍ إلَّا قُطِع)، ومن عادته الإحالة على أطراف الحديث في التبويب، قاله شيخنا، انتهى، ثمَّ ذكر بعد هذا بقليل من عند ابن حِبَّان حديثًا من طريق أنسٍ رضي الله عنه [3]: (أمرَ بقطع الأجراس)، فيحتمل أنَّه أراد هذا، ولكنَّ الأوَّل أظهرُ في إرادته، والله أعلم، انتهى، ولكن في «مسلم»: (قال مالكٌ عَقيبه: أُرى ذلك من العين)، وفي «المُوَطَّأ» إثر [4] الحديث المخرَّج هنا: (إنَّما كُرِه؛ من أجل أنَّهم يزعُمون أنَّها تدفع العين)؛ يعني: أنَّ النهي مختصٌّ بمَن فعل ذلك بسبب [5] دفع ضرر العين، وأمَّا مَن فعله لغير ذلك من زينةٍ أو غيرِها [6]؛ فلا بأسَ به.

تنبيهٌ: قال ابن الصلاح في «فتاويه» [7]: (كتابة الحروف واستعمالها مكروهٌ، وترك تعليقها هو المختار)، وقال في فتوى أخرى: (يجوز تعليق الحروز [8] التي فيها قرآنٌ على النساء والصبيان والرجال، ويُجعَل عليها شمعٌ ونحوُه، ويُستوثَق من النساء وشبههنَّ من التحذير من دخول الخلاء بها، والمختار: أنَّه لا يُكرَه إذا جُعِل عليه شمعٌ ونحوه؛ لأنَّه لم يرد فيه نهيٌ)، ونقل ابن جرير الطبريُّ عن مالكٍ نحوَ هذا، فقال: (قال مالكٌ: لا بأس بما يُعلَّق على النساء الحُيَّض والصبيان من القرآن إذا جُعِل في كنٍّ؛ كقصبة حديد أو جلد، يُحرَز عليه)، قال النَّوويّ: (وقد يُستَدلُّ للإباحة بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يُعلِّمهم من الفزع: «أعوذ بكلمات الله التامَّة، من غضبه، وشرِّ عباده، ومن همزات الشياطين، وأعوذ بك ربِّ أن يحضرون»، قال: وكان عبد الله بن عمرو يُعلِّمهن مَن عقل من بنيه، ومن لم يعقل كتبه، فأعلقه عليه، رواه أبو داود، والتِّرمذيُّ، وقال: حديثٌ حسنٌ) انتهى.

(1/5776)

قوله: (فِي الْجَرَسِ): هو بفتح الجيم والراء، وبالسين المهملة، قال ابن قُرقُول: والجرس: الجلجل، وأصله: صوتٌ متدارك، ويُقال للصوت: جَرْسٌ، وجِرْسٌ، قال القاضي عياض: وقيَّدناه في قوله: «لا تصحب الملائكة رفقةً فيها جرْس»؛ بإسكان الراء، انتهى، وفي «البخاريِّ»: (الجَرْس والجَرَس واحدٌ: الصوت الخفيُّ)، وهذا صحيحٌ، واختار ابن الأنباريِّ الفتحَ إذا لم يتقدَّمه حسٌّ، فإن تقدَّمه؛ فالكسر، قال ابن قرقول: وهذا قول فصحاء العرب، انتهى.

والذي رأيته في «البخاريِّ»: (الحسيس والحِسُّ والجَرْسُ والهَمْسُ واحد، وهو من الصوت الخفيِّ)، كذا رأيته في (سورة الأنبياء) عليهم الصَّلاة والسَّلام، والله أعلم.

(1/5777)

[حديث: أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت]

3005# قوله: (أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الأَنْصَارِيَّ [1]): هو بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، وهو أنصاريٌّ مدنيٌّ، له صحبة ورواية، عنه: عبَّاد بن تميم، وضمرة بن سعيد، وغيرُهما، له ثلاثةُ أحاديثَ، قال الذهبيُّ في «تجريده» في (الكنى): (أبو بَشِير الأنصاريُّ المازنيُّ، وقيل: الساعديُّ، روى عنه عبَّاد بن تميم وغيرُه، شهد بيعة الرضوان، قيل: اسمه قيس بن عبيد، شهد الحديبية، وبقي [2] بعد الحرَّة، وقد جُرِح يومئذٍ)، وقال في (الأسماء): (قيس بن عبيد النجَّاريُّ المازنيُّ، أبو بَشِير، غزا أُحُدًا وما بعدها، وقُتِل باليمامة) انتهى؛ انظر ما هذا؟! وقال في «التذهيب»: قال الواقديُّ: (مات بعد الحرَّة، وكان قد عُمِّر عمرًا طويلًا، وقال غيره: مات سنة أربعين) انتهى، أخرج لأبي بَشِير البخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وأحمد في «المسند»، وفي حاشية أصلنا المصريِّ: ليس لأبي بَشِير [3] في هذا الكتاب مسندٌ سوى هذا الحديث، واسمه [4] قيس الأكبر، قاله الحافظ عبد الغني المقدسيُّ، انتهى، ولم يذكر المِزِّيُّ له في «أطرافه» سوى هذا الحديث الواحد، وهو في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «أبي داود»، والنَّسائيِّ»، إلَّا أنَّ في رواية النَّسائيِّ: (عن عبَّاد بن تميم، عن رجلٍ من الأنصار)، ولم يقل: أبا بَشِير، والله أعلم.

قوله: (فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ [5]: أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ ... )؛ الحديث: هذا (الرسول) هو زيدٌ مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، انتهى، والحجة له في «مسند الحارث بن أبي أسامة»، وفي «مسند الجوهريِّ»، انتهى، وقال شيخنا عن ابن عبد البَرِّ: وهو عندي ابنُ حارثة.

قوله: (أَنْ لَا يُبَقَّيَنَّ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الموحَّدة ثانيه، وبعد القاف [المشدَّدة] مثنَّاة تحت، [ثمَّ نون] مشدَّدة، وهو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وفي أصلنا: (يَبْقَيَنَّ): بفتح أوَّله، وسكون ثانيه [6].

قوله: (قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ): هو بفتح الواو والمثنَّاة فوق، وقال ابن الجوزيِّ: وربما صحَّف مَن لا علم له بالحديث فقال: (من وَبَر)؛ بالموحَّدة، قاله شيخنا رحمه الله.

(1/5778)

[باب مَن اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجةً وكان له عذر هل يؤذن له؟]

قوله: (بَابُ مَنِ اكْتُتِبَ [1]): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

==========

[1] في (ب): (البيت)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 763]

(1/5779)

[حديث: لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم]

3006# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عُيَينة فيما يظهر، و (عَمْرو) بعده: هو ابن دينار، و (أَبُو مَعْبَدٍ): هو نافذ _بالفاء والذال_ مولى ابن عبَّاس، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ): هذا (الرجل) لا أعرفه [1]، كما لا أعرف (امرَأَتَهُ).

[ج 1 ص 763]

==========

[1] في (أ): (أعرف)، وهو تحريفٌ.

(1/5780)

[باب الجاسوس]

==========

[ج 1 ص 764]

(1/5781)

[حديث: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإنَّ بها ظعينة ومعها كتاب]

3007# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة.

قوله: (أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو الحسن بن مُحَمَّد بن عليِّ بن أبي طالب، أبوه ابن الحنفيَّة، وقد تَقَدَّم في أوائل هذا التَّعليق مُتَرجَمًا، وأنَّه أوَّل المرجئة، وله في ذلك تصنيفٌ، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (95 هـ)، وقيل بعد ذلك، وقد تَقَدَّم في (الإيمان) تنبيهٌ [1]؛ فانظره إن أردته.

قوله: (أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ): (الزبيرَ): مَنْصوبٌ، ونصبه معروفٌ، و (المقدادَ): معطوف [2] عليه، وفي بعض طرقه: (أنا والزبير)، وفي بعضها: (بعث عليًّا والمقدادَ)، وفي بعضها: (بعثَ عليًّا والزبير وأبا مرثد)، فالظاهر أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام بعث المجموع؛ عليًّا، والزبير، والمقداد، وأبا مرثد، وهو الغَنَويُّ، ونقل شيخنا عن الواحديِّ: (فبعث عليًّا، وعمَّارًا، وعمر، والزبير، وطلحة، والمقداد، وأبا مرثد) انتهى، وما نقله شيخنا عن الواحديِّ هو في («تفسير البغويِّ» بلا عُمر، وفي) [3] «زوائد المعجَمين [4] الأوسط والأصغر [5] للطبرانيِّ»: (أنَّه بعث عُمر وعليًّا).

قوله: (رَوْضَةَ خَاخٍ): هي بخاءين معجمتين، بينهما ألف، وهي بقرب حمراء الأسَد من المدينة، وذكره البخاريُّ من رواية أبي عوانة: (حاج)؛ بحاء مهملة وفي آخره جيم، وهو وَهَمٌ من أبي عوانة، وحكى الصائديُّ: (أنَّه موضعٌ قريبٌ من مكَّة)، والأوَّل أصحُّ، قال بعضَ ذلك ابنُ قُرقُول، وقال شيخنا: قال السُّهيليُّ: وكان هشيم يصحِّفها فيقول: (حاج)؛ بحاء وجيم، انتهى، يعني: كما يقولها أبو عوانة.

قوله: (فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً): (الظعينة): المرأة، وأصله: الهودج الذي تكون فيه الظعينة، ثمَّ سُمِّيَت المرأةُ ظعينةً به، وقد لا يُقال: ظعينة إلَّا للمرأة إذا كانت راكبةً، وكثر حتَّى استُعمِل في كلِّ امرأةٍ، وحتَّى سُمِّيَ الجملُ الذي تركبُ عليه المرأة ظعينةً، ولا يُقال ذلك إلَّا للجمل الذي عليه هودجٌ، وقيل: سُمِّيَت المرأة ظعينةً؛ لأنَّها يُظعَن بها ويُرحَل.

(1/5782)

فائدةٌ: هذه المرأة اختُلِف في اسمها، فقال الخطيب: (أمُّ سارة، مولاةٌ لعِمران بن أبي صيفيٍّ [6] القرشيِّ) انتهى، ويقال: سارة، انتهى، وسمَّاها مغلطاي: كنودَ [7]، ونسبها: المزنيَّة، انتهى، وفي كلام بعضهم: أنَّها مولاة العبَّاس بن عبد المطَّلب، وسمَّاها: سارة، انتهى، وفي الصَّحابة امرأة يقال لها: أمُّ سارة، مولاةٌ لقريش، شكت الحاجة إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، رواه قتادةُ عن أنس، فالله أعلم.

قوله: (أَخْرِجِي): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ.

قوله: (أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ): قال شيخنا: قال ابن التِّين: صوابه في العربيَّة: (لنُلْقِنَّ) [8]؛ بحذف الياء؛ لأنَّ النون المشدَّدة تجتمع مع الياء الساكنة، فتُحذَف الياء؛ لالتقاء الساكنين، انتهى.

قوله: (فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا): (العِقاص): بكسر العين، جمع (عِقْصة)؛ بكسر العين، ولها جمع آخر وهو: عِقَصٌ، قال الجوهريُّ: (العقيصة: الضَّفيرة، وعَقْصُ الشَّعر: ليُّه على الرأس)، قال أبو عُبيد: ولهذا تقول النِّساء [9]: لها عِقْصة، وجمعها: عِقَصٌ وعِقَاصٌ، ويقال: هي التي تتَّخذ مِن شعرها مثل الرُّمانة، وكلُّ خصلة منها: عِقْصة، والجمع: عِقاص وعقائص)، قال شيخنا: (قال المنذريُّ: ويقال في الخيط الذي يجتمع به أطرافُ الذَّوائب، وبه جزم ابن التِّين) انتهى.

تنبيهٌ: هنا أنَّها أخرجته من عِقاصها، وسيأتي أنَّها أخرجته من حُجْزتها، وهي مُحتجِزة بكساء [10]، والحجزة: معقِد الإزار والسَّراويل، والجمع بينهما: أنَّ ضفائرها كانت طوالًا، فجعلت الكتاب في عقِاصها، وجعلت عِقاصَها في حجزتها، والله أعلم.

(1/5783)

قوله: (فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ): هو حاطب بن أبي بلتعة اللَّخْمِيُّ، من ولد لخم بن عديِّ، في قول بعضهم، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبا مُحَمَّد، واسم (أبي بلتعة): عمرو، قيل: حاطب بن عمرو بن راشد بن معاذ اللَّخْميُّ، حليفُ قريش، ويقال: إنَّه من مذحج، وقيل: حليف للزُّبير بن العوَّام، وقيل: بل كان عبدًا لعُبيد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، وكاتَبه، فأدَّى كتابته يوم الفتح، وهو من أهل اليمن، والأكثر أنَّه حليف لبني أسد [11] بن عبد العزَّى، شهد بدرًا والحديبية، ومات سنة (30 هـ) بالمدينة، وهو ابن خمس وستِّين سنة، وصلَّى عليه عثمان، شهد الله له بالإيمان في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1]، ترجمته معروفة، فلا نُطوِّل بها رضي الله عنه، قال السُّهيليُّ: (وقد قيل: إنَّه كان في الكتاب الذي كتبه حاطبٌ: إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد توجَّه إليكم بجيش كاللَّيل يسير كالسَّيل، وأُقسمُ بالله لو صار إليكم وحده؛ لنصره الله عليكم، فإنَّه مُنجِز له ما وعدَه)، وقيل: كان فيه: إنَّ مُحَمَّدًا قد نفر، فإمَّا إليكم، وإمَّا إلى غيركم، فعليكم الحذرَ، عزاه السُّهيليُّ لـ «تفسير ابن سلَّام»، وهو يحيى بن سلَّام _بتشديد اللَّام_ البصريُّ، حدَّث بالمغرب، عن سعيد بن أبي عَروبة، ومالك، وجماعة، ضعَّفه الدَّراقطنيُّ، وقال ابن عديٍّ: (يُكتَب حديثه مع ضعفه)، انتهى، وقد ذكر ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» عن أبيه: (أنَّه صدوق)، انتهى، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وله في «الميزان» ترجمةٌ، وقال شيخنا عن الواحديِّ: (إنَّه كتب في الكتاب: إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يريدكم، فخذوا حذركم) انتهى، وهو قريب ممَّا عند ابن سلَّام، ونقل شيخنا أيضًا بعدما ذكر ما عند السُّهيليِّ وعند ابن سلَّام، وقيل: كان فيه أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أذَّن في النَّاس بالغزو، ولا أُراه يريد غيركم، فقد أحببتُ أن يكون لي عندكم يدٌ بكتابي إليكم، قال القرطبيُّ: (ويحكى أنَّه كان في الكتاب يفخِّم جيش رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّهم لا طاقة لهم به) انتهى، وهذا معنى ما نقله السُّهيليُّ [12]، وهو القول الأوَّل.

(1/5784)

قوله: (إِلَى نَاسٍ [13] مِنَ الْمُشْرِكِينَ): قال شيخنا: (وكان كتب إلى ثلاثةٍ من قريش: صفوان بن أميَّة، وسُهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل) انتهى.

قوله: (وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا): هو بضَمِّ الفاء، وقد قَدَّمتُ أعلاه أنَّه حليفٌ لبني أسد بن عبد العزَّى من قريش، وما قيل فيه.

قوله: (يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي): في حفظي: أنَّه كان له فيهم والدةٌ، والله أعلم، ورأيت [14] في كلام بعضهم: أنَّه كان له فيهم أهلٌ وولدٌ، هذا معنى كلامه لا لفظُه.

(1/5785)

قوله: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ): هذا مُشكِل؛ لأنَّه إباحةٌ مطلقةٌ، وهو خلاف الشرع، وقيل: ليس هو للاستقبال؛ بل للماضي، وتقديره: أيُّ عمل كان لكم فيه؛ فقد غفرته، وهو ضعيف؛ لأنَّه خاطب به مَن فعله بعد بدر، وقيل: بل خطابُ إكرامٍ وتشريف؛ أي: أنَّ هذا القوم حصلت لهم حالةٌ غفرتُ بها ذنوبهم السَّابقة، وتأهَّلوا بها أن يُغفَر لهم ذنوبٌ إن وقعت منهم، وينبغي أن يُغفَر لهم ما تَقَدَّم مِن ذنوبهم وتأخَّر [15]؛ لظاهر اللَّفظ، ولأنَّ المنذريَّ صحَّح حديثًا في جزء [16] جَمَع فيه غفرانَ ما تَقَدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر، وليس هو حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها: أنَّها سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «مَن أهلَّ بحجَّة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غُفِر له ما تَقَدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر، أو وجبت له الجنَّة»، شكَّ عبد الله أحدُ رواته، رواه أبو داود واللَّفظ له، وابن ماجه، وصحَّحه ابن حِبَّان، وخالف ابن حزم فوهاه، قال شيخنا المؤلِّف في «تخريج [17] أحاديث التُّحفة» بما يثبت غلطه في «تخريج أحاديث الرَّافعيِّ»، انتهى، فإذا كان يغفر له بهذا _إن كان قاله عليه الصَّلاة والسَّلام، وهي مسألة اختُلِف في استحبابها وكراهيتها بين السَّلف وغيرهم_؛ فكيف لا يُغفَر لأهل بدر ذلك؟ [وقد أخرج أبو داود حديثًا في (اللِّباس)، وسكت عليه، فيه غفران ما تَقَدَّم وتأخَّر [18]، ومتنه: عن معاذ بن [19] أنس عن أبيه [20]: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «من أكل طعامًا [21] ثمَّ قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطَّعامَ ورزقنيه من غير حول منِّي ولا قوَّة؛ غُفِرَ له ما تَقَدَّم مِن ذنبه، ومَن لبس ثوبًا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول منِّي ولا قوَّة؛ غُفِرَ له ما تَقَدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر»] [22]، نعم؛ إذا أصاب أحدهم حدًّا؛ أُخِذَ به في الدُّنيا، وقد جلد عليه الصَّلاة والسَّلام مسطحًا حدَّ القذف على الصَّحيح، وجلد [23] النُّعمان حدَّ الخمر، والله أعلم.

(1/5786)

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَأَيُّ إِسْنَادٍ هَذَا): أمَّا (سفيان)؛ فقد تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، وأمَّا (الإسناد)؛ فهو عمرو بن دينار أحد أعلام التابعين، وشيخه فيه الحسن بن مُحَمَّد ابن الحنفيَّة، قال عمرو بن دينار: (أخبرنا الحسن بن مُحَمَّد)، ولم أر أحدًا قطُّ أعلمَ منه، وأمَّا (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ) مولى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فكان من علماء المدينة، وأمَّا (عَلِي)؛ فعليُّ بن أبي طالب، ومحلُّه من العلم والفضل ما هو معروفٌ مشهورٌ عند الموافِق والمخالِف.

[ج 1 ص 764]

==========

[1] في (ب): (بيسير).

[2] في (ب): (معروف)، وهو تحريفٌ.

[3] ما بين قوسين سقط من (ب).

[4] في (ب): (رواية المعجم).

[5] في (ب): (والأصمعي)، وهو تحريفٌ.

[6] في (ب): (ضبعي)، وهو تحريف.

[7] في (ب): (الكنود).

[8] زيد في (ب): (الثياب).

[9] في (ب): (يقول الناس).

[10] في (ب): (بنساء)، وهو تحريفٌ.

[11] في (ب): (الأسد).

[12] زيد في (ب): (انتهى)، ولعلَّه تكرارٌ.

[13] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أناس).

[14] في (ب): (واعلم أني رأيت).

[15] في (ب): (وما تأخر).

[16] في (ب): (أجر)، وهو تحريفٌ.

[17] (تخريج): سقط من (ب).

[18] في (ب): (وما تأخر).

[19] (معاذ بن): سقط من (ب).

[20] (عن أبيه): سقط من (ب).

[21] زيد في (ب): (عن أبيه)، وليس بصحيحٍ.

[22] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله لاحقًا: (حد الخمر، والله أعلم).

[23] في (ب): (وحد).

(1/5787)

[باب الكسوة للأسارى]

قوله: (بَابُ الْكسْوَةِ لِلأُسَارَى): (الكسوة): بضَمِّ الكاف وكسرها؛ لغتان معروفتان.

==========

[ج 1 ص 765]

(1/5788)

[حديث: لما كان يوم بدر أتي بأسارى وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب]

3008# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المُسنديُّ، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (عَمْرو) هذا: هو ابن دينار الإمامُ.

قوله: (وَأُتِيَ بِالْعَبَّاسِ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو العبَّاس بن عبد المطَّلب الهاشميُّ عمُّ رسول الله، وهذا معروفٌ، وفي الصَّحابة مَن اسمه العبَّاس بالعمِّ [1] ثمانية، والله أعلم.

قوله: (عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ): تقدَّمت ترجمته، وأنَّه رأس المنافقين، فلا حاجة إلى إعادتها.

قوله: (يقْدرُ عَلَيْهِ): هو بفتح المثنَّاة تحت وضمِّ الدَّال المهملة، وبضَمِّ الياء أيضًا وفتح الدَّال، قال ابن قُرقُول: (وبالوجهين ضبطها الأصيليُّ؛ أي: على قدره)، وكان العبَّاس طويلًا كأنَّه مسطح، وكذا والده وابنه عبد الله، ورأيت بعضهم قال [2]: بضَمِّ الدَّال المخفَّفة، وقد تُفتَح وتُشدَّد.

قوله: (أَنْ يُكَافِئَهُ): هو بهمزة مفتوحة قبل الهاء، وهذا ظاهرٌ.

(1/5789)

[باب فضل من أسلم على يديه رجل]

(1/5790)

[حديث: لأعطين الراية غدًا رجلًا يفتح على يديه]

3009# قوله في نسبة يعقوب: (الْقَارِيُّ): هو بتشديد الياء، منسوب إلى القارَة؛ بتخفيف الرَّاء، وهو مَرْفوعٌ، وليس [1] منسوبًا للقراءة.

قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (يَوْمَ خَيْبَرَ): تَقَدَّم متى كانت (خيبر)، ومدرك القولين، وهو في آخر السادسة أو في أوَّل السابعة.

قوله: (فَبَرَأَ): هو بفتح الرَّاء، وهمزة مفتوحة في آخره، وفيه لغة أخرى، وهي: (بَرِئَ): بكسر الرَّاء وبالهمزة المفتوحة.

قوله: (فَقَالَ: انْفُذْ): هو بهمزة وصل، وضمِّ الفاء، وبالذَّال المعجمة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (عَلَى رِسْلِكَ): تَقَدَّم الكلام [على] رائه أنَّها بالكسر والفتح، باختلاف المعنى، غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (حُمْرُ النَّعَمِ [2]): تَقَدَّم أنَّه بإسكان الميم، جمع (أحمر)، وقد تَقَدَّم أنَّه [3] في أصلنا مضبوطٌ بالقلم؛ بالسُّكون والضَّمِّ، والضَّمُّ لا أعرفه، وهو يغيِّر المعنى، و (النَّعم): قد تَقَدَّم الكلام [عليها]، كما تَقَدَّم الكلام على (حمر)، ومعناه: أن يتَّصدق بها، وقيل غير ذلك.

==========

[1] في النُّسختين: (وليسا)، والمثبت هو الصَّواب.

[2] في هامش (ق): (تنبيه: قوله: «حمر»: هو جمع «أحمر»، وهو بسكون الميم؟؟؟ بالإسكان والضَّمِّ، وهو به تغيير للمعنى، ولعلَّ الضمة أن تكون على؟؟؟ الميم، وصارت كذلك؟؟؟ فيكون صوابًا، وهذا الظَّاهر).

[3] في النُّسختين: (أن)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 765]

(1/5791)

[باب الأسارى في السلاسل]

قوله: (بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: (إن كان المراد حقيقة وضع السَّلاسل في الأعناق؛ فالتَّرجمةُ مطابقةٌ، وإن كان المراد مجازًا عن الإكراه؛ فليست مطابقة) انتهى، وقد روى أبو داود حديث أبي هريرة المذكور هنا في (بَاب الأسير [1] يُوثق)، وذكر معه حديث ثمامة بن أثال، وحديث الحارث ابن البرصاء، وأنَّهما أُوثِقا، وجيء بهما إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفيه حديث ثالث؛ وهو (وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبلٍ) انتهى، فأراد: الحقيقة، والله أعلم [2].

==========

[1] في (ب): (الأسر)، وهو تحريفٌ.

[2] هذه الفقرة جاءت في النُّسختين لاحقًا بعد فقرتين، وهي مستدركةٌ في هامش (أ)، والمُثبت موافقٌ لترتيب «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 765]

(1/5792)

[حديث: عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

3010# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدار، وبُنْدار لقب له، وتَقَدَّم ما البُنْدار، وكذا تَقَدَّم (غُنْدرٌ): أنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم ضبطه، ومن لقَّبه بذلك.

قوله: (عَجِبَ اللهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ): معنى (عجب) _كما قاله ابن الأثير_: (عَظُم ذلك عنده، وكبُرَ لديه، واعلم أنَّه إنَّما يتعجَّب الآدميُّ من الشيء؛ إذا عظم مَوقِعه عنده، وخفي عليه سببُه، فأخبرهم بما يعرفون؛ ليعلموا موقع هذه الأشياء عنده، وقيل: معنى «عجب ربُّك»: أي: رضي وأثاب، فسمَّاه عجبًا مجازًا، وليس لعجب في الحقيقة، والأوَّل الوجهُ).

قوله: (فِي السَّلَاسِلِ): معناه: يدخلون الإسلام كارهين، ثمَّ إنَّهم يحسُن إسلامُهم، فالمراد بـ (الجنَّة) هنا: الإسلامُ، قلت ذلك تفقُّهًا، ثمَّ رأيته منقولًا، وقال ابن الأثير: (يُقادُون إلى الإلام مُكرَهين، فيكون ذلك سبب دخولهم الجنَّة، ليس أنَّ ثَمَّ سلسلةً يدخل فيها كلُّ مَن حُمِل على عمل مِن أعمال الخير) انتهى، وقال النَّوويُّ في «رياضه»: (معناه: يُؤسَرون ويُقيَّدون، ثمَّ يُسلِمون، فيدخلون الجنَّة) انتهى، وقد تَقَدَّم ما بوَّب عليه أبو داود، فعلى ما فهمه البخاريُّ: يكون المراد به: الحقيقة، والله أعلم.

(1/5793)

[باب فضل من أسلم من أهل الكتابين]

قوله: (بَابُ فَضْلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (إن قيل: مؤمن أهل الكتاب لا بدَّ أن يكون مؤمنًا به صلَّى الله عليه وسلَّم؛ للعهد المُتقدِّم والميثاق، فإذا بُعِث صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فإيمانه الأوَّل مُستمرٌّ، فكيف تعدَّد حتَّى يتعدَّد أجرُه؟ قيل: إيمانه الأوَّل بأنَّ الموصوفَ كذا رسولُ الله، وثانيًا: أنَّ مُحَمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم هو الموصوف، وهما معلومان متباينان) انتهى، وفي «شرح مسلم» للنَّوويِّ: (له أجران؛ أحدهما: لإيمانه بنبيِّه قبل النَّسخ، والثاني: لإيمانه بنبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى، وقال شيخنا: (قال المُهلَّبُ: فيه: أنَّ مَن أحسن في معنيين مِن أيِّ فعل كان من أفعال البِرِّ؛ فله أجره مرَّتين، والله يضاعف لمن يشاء، وإنَّما جاء النَّصُّ في هؤلاء؛ ليستدلَّ بذلك في سائر النَّاس وسائر الأعمال) انتهى، وقال شيخنا أيضًا: ومؤمن أهل الكتاب؛ يعني: مَن بُعِث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو على دين عيسى، وأمَّا اليهود وغيرهم ممَّن كان على غير الإسلام؛ فإنَّما وُضِع عنه ما كان عليه مِن كُفرٍ، ويُؤتَى ثواب ما كان يفعله لله في حال كفره، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «أسلمتَ على ما أسلفتَ مِن خير»، قاله الدَّاوديُّ، وتعقَّبه ابن التِّين، فقال: هذا الذي ذكره إنَّما يصحُّ لو كان عيسى أُرسِل إلى سائر الأمم، لكن مَن كذَّب به كان كافرًا، فإن لم يكن أحدٌ لم يكذِّب به، أو لم يعلم برسالته، وبقي على دِينه يهوديًّا أو غيره؛ فله أجران إذا أسلم، وهو معنى قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: 54])، انتهى.

==========

[ج 1 ص 765]

(1/5794)

[حديث: ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: الرجل تكون له الأمة فيعلمها]

3011# قوله: (حَدَّثَنَا صَالِحُ ابْنُ حَيٍّ أَبُو حَسَنٍ): (حَيٌّ): بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء، وهو صالح بن صالح بن حيٍّ، ويقال له: صالح بن حيٍّ وصالح بن حيَّان، أخرج له الجماعة، وهو مشهور، وله ترجمة في «الميزان»، فأمَّا صالح بن حيٍّ القرشيُّ صاحب بُريدة؛ فكوفيٌّ أيضًا، ضعيف، لا شيء له في الكتب السِّتَّة.

قوله: (سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، وأنَّه ثقة، وأنَّه بالشين المعجمة، وتَقَدَّم (أَبُو بُرْدَةَ): أنَّه الحارث، أو عامر، وتَقَدَّم (والده): أنَّه أبو موسى الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار مترجمَين.

قوله: (وَمُؤْمِنُ أَهْلِ الْكِتَابِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه [1].

قوله: (قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَعْطَيْتُكَهَا [2] بِغَيْرِ شَيْءٍ): (الشَّعبيُّ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عامر بن شَراحيل، وقولُه هذا هو لصالح ابن حيٍّ أبي حسنٍ.

قوله: (يَرْحَلُ): هو بفتح أوَّله، وبإسكان الرَّاء، وبالحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ جدًّا، والله أعلم [3].

==========

[1] في (ب): (قريبًا).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وَأَعْطَيْتُكَهَا)؛ بزيادة واو.

[3] (والله أعلم): سقط من (ب).

[ج 1 ص 765]

(1/5795)

[باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري]

[ج 1 ص 765]

قوله: (بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ ... ) إلى آخرها؛ وهو ({بَيَاتًا} [الأعراف: 4]: لَيلًا)، انتهت: ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (العجب لزيادته في التَّرجمة: «نيامًا: ليلًا»)، كذا وجدت في النُّسخة التي عندي بـ «التراجم» له، والظاهر صحَّة ذلك عنه، وإن لم تكنِ النُّسخة صحيحة في نفسها، ويدلُّ لذلك: ما بعده، والمعروف الموجود في نسخ البخاريِّ التي وقفت عليها ({بَيَاتًا}: ليلًا)، قال ابن المُنَيِّر: والعجب من زيادته في التَّرجمة: (نيامًا)، وما هو في الحديث إلَّا ضمنًا؛ لأنَّ الغالب أنَّهم إذا أوقع بهم في اللَّيل لم يخلوا من نائم، وما الحاجة إلى كونهم نيامًا أو أيقاظًا وهما سواء؟ إلَّا أنَّ قتلهم نيامًا أدخلُ في الغِيلة، فنبَّه على جوازها في مثل هذا، ثمَّ رأيت شيخنا في «شرحه» قال: (صحَّف ابن المُنَيِّر [1] «{بَيَاتًا}» بالباء الموحَّدة بـ «نيامًا»، ثمَّ ساق كلامه، ثمَّ قال: وهو عجيب وتصحيف غريب؛ فاحذره) انتهى، واعلم أنِّي كتبت التعليقة التي هي أصل هذه من (الجهاد) إلى آخر الكتاب، ولم أكن وقفت على «شرح شيخنا»؛ لأنِّي إنَّما كتبت في حياته إلى (الجهاد)، وقرأتُه عليه، ثمَّ إنِّي لما قَدِمتُ حلب؛ علَّقت أصل هذه، ثمَّ إنِّي وقفت على النصف الأخير بعد وفاةِ شيخنا بزمن طويل، فكتبته [2] فصار عندي جميعُ «شرحه»، والله أعلم.

قوله: (وَالذَّرَارِيُّ): هو بتشديد الياء وتخفيفها؛ لغتان، وقد ذكرت لك قبل ذلك أنَّ المفرد إذا كان بالتشديد؛ فأنت في جمعه بالخيار بين التشديد والتخفيف؛ كسُرِّيَّة وسراري، وأثفيَّة وأثافي، وذُرِّيَّة وذراري، والله أعلم.

قوله: ({بَيَاتًا}: لَيْلًا): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه، وكيف صحَّفه ابن المُنَيِّر.

==========

[1] زيد في (ب): (في).

[2] في (ب): (فانتبه).

(1/5796)

[حديث: لا حمى إلا لله ولرسوله.]

3012# 3013# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا كثيرة [1] أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور الجهبذ، وتَقَدَّم [2] أيضًا أنَّ (سُفْيَان): هو ابن عيينة، وأنَّ (الزُّهْرِي): هو مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وأنَّ (عُبَيْد اللهِ) هذا: هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذليُّ، وتَقَدَّم أيضًا (الصَّعْب بْن جَثَّامَةَ)، وأنَّه بفتح الصاد، وإسكان العين المهملتين، وبالموحَّدة، وأنَّ (جَثَّامة) بفتح الجيم، وتشديد الثاء المثلَّثة، وبعد الألف ميمٌ، ثمَّ تاء التأنيث، وأنَّ اسم جَثَّامة يزيدُ بن قيس، وأنَّه أَخرَج للصَّعب الجماعةُ وأحمد في «المسند» رضي الله عنه.

قوله: (بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ): تَقَدَّم الكلام عليهما، وعلى ما وقع في ذلك حيث كان ذلك؛ فانظره في (الحجِّ).

قوله: (فَسُئِلَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (عَنْ أَهْلِ الدَّارِ): (الدَّار) هنا: المحلَّة المجتمعة من القوم، يقال: هذه دار القوم، فإذا أردت محلَّتهم؛ قلت: داره، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (وَذَرَارِيِّهِمْ): تَقَدَّم أعلاه [3] وقبله أنَّ فيها لغتين.

قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ... ) إلى آخره: أي: بالسَّند المُتقدَّم قبله، هذا ما ظهر لي، ولم أر هذه الطريق الثانية في «أطراف المِزِّيِّ» في نسختي وهي مُقابَلة، وأمَّا طريق عمرو بن دينار عن ابن شهاب، عن عبيد الله؛ فأخرجه مسلم والنَّسائيُّ، والله أعلم.

قوله: (كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثُنَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: (وبيَّن الإسماعيليُّ هذا بقوله: «قال سفيان: وكان عمرٌو حدَّثناه أوَّلًا عن الزُّهريِّ قبل أن نلقاه، فقال: هم من آبائهم، فلمَّا حدَّثنا الزُّهريُّ؛ فلم يقل: من آبائهم، قال [4]: هم [5] منهم.، ورواه الطَّبرانيُّ من حديث حمَّاد بن زيد، عن عمرو، عن ابن عبَّاس بلفظ: «هم من آبائهم»، لم يذكرِ الزُّهريَّ ولا عبيد الله ولا الصعب، رواه عن عليِّ بن عبد العزيز: حدَّثنا حجَّاج بن منهال، وعارم عنه)، انتهى كلام شيخنا، و (عمرو) المشار إليه: هو ابن دينار.

==========

[1] في (ب): (مرارًا الكلام عليه).

[2] في (ب): (وقد تَقَدَّم).

[3] في (ب): (بظاهرها).

[4] (قال): سقط من (ب).

[5] في (ب): (فإنَّهم).

[ج 1 ص 766] ==

     ج12. : التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

    الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

    [باب قتل الصبيان في الحرب]

    قوله: (بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ): هو بكسر الصَّاد وضمِّها؛ لغتان.

    ==========

    [ج 1 ص 766]

    (1/5798)

    [حديث: أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي مقتولة]

    3014# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، أبو عبد الله، اليربوعيُّ الحافظ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد.

    قوله: (أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَقْتُولَةً): هذه (المرأة) لا أعرفُها وكذا (الغزوة)؛ لكن يحتمل أن تكون غزوة الطَّائف؛ وذلك لأنَّ في «مراسيل أبي داود»: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام رأى امرأةً مقتولة بالطَّائف، فقال: «أَلَمْ أنهَ عن قَتْل النِّساء؟ مَنْ صاحبُ هذه المرأة المقتولة؟»، فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله أردفتها، فأردات أن تصرعني فتقتلني [2]، فأمر بها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن تُوارى)، رواه أبو داود في «مراسيله» من رواية عكرمة [3]، فذكره، وقد قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: لعلَّ هذه الغزوة هي فتح مكَّة؛ لما روى الطَّبرانيُّ في «الأوسط» عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لمَّا دخل مكة أُتِي بامرأةٍ مقتولةٍ، فقال: «ما كانت هذه تُقاتِل»، ونهى عن قتل النِّساء والولدان) انتهى مُلخَّصًا، وقال شيخنا الشَّارح: (إنَّ ابن المنذر روى عن ابن عبَّاس: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام مرَّ بامرأة مقتولة يوم الخندق، فقال: «من قتل هذه؟» فقال رجل: أنا، قال: «ولمَ؟» قال: نازعتني قائم سيفي، قال: فسكت، وهذه ليست المرادة [4]؛ لأنَّه لم ينه عقيب قول قاتلها: «أنا»، والله أعلم، ولأنَّ المرأة إذا قاتلت قُتِلت).

    ==========

    [1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيِّ).

    [2] في (ب): (فتقلني)، وهو تحريفٌ.

    [3] في (ب): (داود من رواية عكرمة في «مراسيله»).

    [4] في النُّسختين: (المراد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

    [ج 1 ص 766]

    (1/5799)

    [باب قتل النساء في الحرب]

    (1/5800)

    [حديث: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله]

    3015# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، الإمام، أحد الأعلام، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تقدَّما مترجمَين، و (عُبَيْدُ اللهِ) هذا: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تَقَدَّم مرارًا، و (المَرْأَة): تقدَّمت أعلاه، والله أعلم.

    (1/5801)

    [باب: لا يعذب بعذاب الله]

    (1/5802)

    [حديث: إن وجدتم فلانًا وفلانًا فأحرقوهما بالنار]

    3016# قوله: (إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا): تَقَدَّم قريبًا أنَّهما هبَّار بن الأسود، ونافع بن عبد قيس، وتَقَدَّم أنَّ هبَّارًا أسلم، وأنَّ الظَّاهر هلاكُ نافعٍ على كفره، والله أعلم، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ بعد أن ذكر الاثنين اللَّذين ذكرتهما: (وفي غير «السيرة»: أنَّه خالد بن عبد قيس، هكذا ذكره البزَّار فيما يبلغه، قال: وفي موضع آخر في فتح مكَّة، وأمَّا [1] الحويرث بن نقيذ [2] الذي أمر بقتله مع ابن خطل؛ فهو الذي نَخَسَ بزينب بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين أدركها هو وهبَّار بن الأسود، فسقطت عن دابَّتها، فألقت جنينًا) انتهى.

    (1/5803)

    [حديث: من بدل دينه فاقتلوه]

    3017# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ النَّاقد، أحد الأعلام في الحديث، وكذا تَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّه ابن عيينة، و (أَيُّوب): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيِّ.

    قوله: (أَنَّ عَلِيًّا [1] حَرَّقَ قَوْمًا): هؤلاء زنادقة، وسأذكرهم فيما يأتي، و (حرَّق)؛ بتشديد الراء، وها أنا أذكرهم: هم السَّبائيَّة أتباع عبد الله بن سبأ، وكانوا [2] يزعمون أنَّ عليًّا ربُّهم، تَعالى اللهُ عن مقالتهم، وفي «ابن أبي شيبة»: (أنَّهم كانوا يعبدون الأصنام).

    ==========

    [1] (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): زيد في «اليونينيَّة».

    [2] في (أ): (وذا)، وفي (ب): (وكان)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 766]

    (1/5804)

    [باب: {فإما منًا بعد وإما فداءً}]

    [ج 1 ص 766]

    قوله: (فِيهِ حَدِيثُ ثُمَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه بضَمِّ الثَّاء المثلَّثة وتخفيف الميم، وهو ابن أُثال، وقد قدَّمته ببعض ترجمة رضي الله عنه.

    (1/5805)

    [باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟]

    قوله: (فِيهِ حَدِيثُ [1] الْمِسْوَرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (المِسْوَر): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بكسر الميم وإسكان السين، وهو ابن مخرمة، وأنَّه صحابيٌّ صغير؛ أعني: المِسْوَر، وأبوه صحابيٌّ، والمراد بحديث المِسْوَر: صلح الحديبية، وفيه قصَّة أبي بصير، وقد تَقَدَّم الكلام عليه وعلى اسمه.

    ==========

    [1] (حديث): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وذلك أنَّ في هامش (ق) شرحًا: (حديث أبي بصير).

    [ج 1 ص 767]

    (1/5806)

    [باب: إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق؟]

    قوله: (بَابٌ: إِذَا حَرَّقَ الْمُشْرِكُ الْمُسْلِمَ؛ هَلْ يُحَرَّقُ): (المشركُ): مَرْفوعٌ فاعلٌ، و (المسلمَ): مَنْصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ [1]، ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (كأنَّه جمع بين حديث: «لا تعذِّبوا بعذاب الله»، وبين هذا؛ فحمل الأوَّل على غير سببٍ، وحمل الثاني على مقابلة السَّيِّئة بمثلها من الجهة العامَّة، وإن لم تكن من نوعها الخاصِّ، وإلَّا؛ فما في الحديث أنَّ الرَّهط فعلوا بالرُّعاء ذلك)، كذا قال، ثمَّ قال: (وهذا أحسن مِن تقدير ابن بطَّال عليه؛ لأنَّه استدلال أولويٌّ؛ لأنَّهم إذا سُمِلوا ولم يفعلوا؛ فأولى بهم إذا فعلوا) انتهى، وسيأتي أنَّهم فعلُوا ذلك بالرُّعاء بُعيد هذا قريبًا؛ فانظره.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (جدًّا).

    [ج 1 ص 767]

    (1/5807)

    [حديث: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود]

    3018# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هو تصغير (وهب)، وهو ابن خالد، و (أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف موحَّدة، ثمَّ تاء التأنيث، واسمه عبد الله بن زيد الجرْميُّ.

    قوله: (أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ؛ ثَمَانِيَةً): تَقَدَّم أنَّ في بعض طرقه: (من عكل وعرينة)، وفي بعض الطرق: (من عكل) كما تَقَدَّم، وفي بعضها: (من عرينة)، وفي بعضها: (من عكل أو عرينة)، وفي بعضها: (أنَّ نفرًا)، ولم يذكر من أيِّ قبيلة، وكلُّه في «الصَّحيح» من حديث أنس [1]، وتَقَدَّم أنَّ ذلك كان في شوَّال سنة ستٍّ عند ابن سعد.

    تنبيهٌ: وقع هنا عددهم ثمانية، وكذا في «مسلم»، وعزا النَّوويُّ عددهم ثمانية إلى «مسند أبي يعلى الموصليِّ»، وقد أعلمتك أنَّه في «البخاريِّ» و «مسلم»، وكذا تَقَدَّم الكلام [على] (فَاجْتَوَوُا) وأنَّ معناه: استوخموا واستوبؤوا، وكذا على (ابْغِنَا): أي: بالوصل، وأنَّه قد يجوز بالقطع، فمعنى الوصل: اطلب لنا، ومعنى القطع: أعنَّا على الطلب، وهو هنا في أصلنا: بالقطع، وقد تَقَدَّم في (باب الاستنجاء بالحجر) أنَّه بوصل الألف: اطلب لي، وبقطعها: أعنِّي على الطلب [2]، وسأذكر كلام ابن قُرقُول، ومقتضى كلامه: أنَّه في هذا الحديث بالوصل.

    قوله: (رِسْلًا): هو بكسر الراء وإسكان السين المهملة، والرِّسْل: اللَّبن، قال ابن قُرقُول: («فيبيتون في رِسلها»؛ بكسر الراء لا غير، وهو اللَّبن، وكذلك «ابغنا رِسلًا»؛ أي: هَبْهُ لنا واطلبه)، وقال ابن دريد: (الرَّسَل _بفتح الرَّاء والسِّين_: المال من الإبل والغنم)، وقال غيره: الإبل تُرسَلُ إلى الماءِ.

    قوله: (بِالذَّوْدِ): هو مِن الثَّلاث إلى التِّسع في الإبل، وإنَّ ذلك يختصُّ بالإناث، قاله أبو عبيد، وقال الأصمعيُّ: (ما بين الثلاث إلى العشر)، وقال غير واحد: ومقتضى لفظ الأحاديث انطلاقه على الواحد، وليس فيه دليل على ما قالوه، وإنَّما هو لفظ للجميع، كما قالوا: ثلاثة رهط ونفر ونسوة، ولم يقولوه لواحد منها، وقد تَقَدَّم بزيادة.

    (1/5808)

    قوله: (فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه محمول عند جمهور الشافعيَّة ومَن قال بقولهم على التَّداوي، وأنَّه يجوز عندهم التَّداوي بالأشياء النَّجِسة إلَّا الخمر بشرطين تقدَّما، وكان بهذا الرَّهط داءُ الاستسقاء، وأبوالُ الإبل التي ترعى الشِّيح والقيصوم لها دخل عظيم في هذا الدَّاء، وقال غيرهم: إنَّ هذا يدلُّ على طهارة بول ما يُؤكَل لحمُه، والله أعلم.

    قوله: (وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ): هذا (الرَّاعي) اسمه يسار؛ بمثنَّاة تحت وسين مهملة، وهو مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ورضي عنه.

    قوله: (فَأَتَى الصَّرِيخُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (الصَّرِيخُ): مَرْفوعٌ فاعلٌ، و (النَّبيَّ): مَنْصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ جدًّا، و (الصَّرِيخ): بالصاد المهملة المفتوحة، وكسر الراء، وفي آخره خاء معجمة، وهو المُستغيثُ.

    قوله: (فَبَعَثَ الطَّلَبَ): قال ابن عقبة: وأمير الجبل يومئذٍ سعيدُ بن زيد، فقيل: أحد العشرة، وقيل: الأشهليُّ، وقال ابن سعد: فبعث في أثرهم عشرين فارسًا، واستعمل عليهم كُرز بن جابر الفهريَّ، وقد تَقَدَّم ذلك مُطَوَّلًا.

    تنبيهٌ: كون جَرير هو الأمير وَهَمٌ، وسيأتي التَّنبيه عليه في مكانه.

    قوله: (فَكَحَلَهُمْ) [3]: تنبيهٌ: إنَّما سَمَل [4] النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أعينَ المحاربين؛ لأنَّهم سَمَلوا أعين الرُّعاء، كذا في «صحيح مسلم» من حديث أنس، وقد عزا ذلك ابن سيِّد النَّاس في «سيرته» [5] إلى التِّرمذيِّ والنَّسائيِّ، ولا حاجةَ لعزوه إليهما؛ فهو في «مسلم»، والله أعلم.

    قوله: (بِالْحَرَّةِ): تَقَدَّم الكلام عليها غير مرَّةٍ، وأنَّها أرض تركبها حجارة سود.

    قوله: (قَالَ أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم أعلاه [6] ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ.

    قوله: (وَسَرَقُوا): ليست هذه سرقةً، وإنَّما هي حرابة.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

    [2] زيد في (ب): (ومعنى القطع: أعنا على الطلب، وهو هنا في أصلنا: بالقطع)، وهو تكرارٌ.

    [3] في (ب): (فنحلهم)، وهو تحريفٌ.

    [4] في (ب): (نحل)، وهو تحريفٌ.

    [5] زيد في النُّسختين: (ذلك)، وهو تكرارٌ.

    [6] في (ب): (قريبًا).

    [ج 1 ص 767]

    (1/5809)

    [باب 26]

    قوله: (بَابٌ): كذا هو بغير ترجمة، وساق فيه حديث أبي هريرة: (قرصت نملةٌ [1] ... )؛ الحديث، واعلم أنَّ النَّملة [2] لمَّا كانت صاحبة سُمٍّ [3] وقرصت، والسُّمُّ محرقٌ، فأحرقته بسمِّها؛ جاز له إحراقُها بالنَّار، ولم يعاتَبْ على إحراق واحدة، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (بمكة)، وهو تحريفٌ.

    [2] في (ب): (النحلة)، وهو تحريفٌ.

    [3] في (ب): (ثمَّ)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 767]

    (1/5810)

    [حديث: قرصت نملة نبيًا من الأنبياء]

    3019# قوله: (قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ): هذا النَّبيُّ قال الزَّكيُّ عبد العظيم المنذريُّ من غير وجه: (إنَّه عُزَيرٌ)، انتهى، واعلم أنَّ المبهمين في الأحاديث لا يُعرفون إلَّا مِن حديثٍ آخرَ يأتي فيه المُبهَم مُسمَّيًا، وفي «أبي داود» مرفوعًا: (لا أدري أعزير نبيٌّ أم لا؟)، وصحَّحه الحاكم في «مستدركه» من حديث أبي هريرة، ولعلَّ الله

    [ج 1 ص 767]

    عزَّ وجلَّ أطلعه على أنَّه نبيٌّ بعد ذلك، والله أعلم، واعلم أنَّ الحافظ [1] محبَّ الدِّين الطَّبريَّ رحمه الله قال: (إنَّ هذا النَّبيَّ هو موسى عليه السَّلام)؛ نقله عن الحكيم التِّرمذيِّ مُحَمَّد بن عليٍّ الحافظ، وكذا نقله عن الحكيم التِّرمذيِّ بعضُ حُفَّاظ مصر من المتأخِّرين في «نوادره» قال: (وكذا رواه جعفر الفريابيُّ في أواخر كتابه [2] «القدر»، من حديث أبي ذرٍّ موقوفًا [3]، ثمَّ نقل عن المنذريِّ في «التَّرغيب والتَّرهيب»: أنَّه عُزَير)، انتهى.

    قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنّه بضَمِّ الموحَّدة وفتح الكاف، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، وأنَّ (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ [4]، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم [5]، وأنَّ (سَعِيد بْن المُسَيّب): بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير والده لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وأنَّ (أَبَا سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قولِ الأكثر، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ): تَقَدَّم الكلام قريبًا عليه مَن هو.

    قوله: (فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ، فَأُحْرِقَ [6]): وفي رواية: (فأُحرِقتْ)، سيأتي الكلام على إحراق هذا النَّبيِّ قريةَ النَّمل في (باب خَمْسٌ من الدَّوابِّ يُقتَلن في الحرم) قبيل (الأنبياء) إن شاء الله تعالى وقدَّره، و (قرية النَّمل): سكنُها.

    قوله: (أَنْ قَرَصَتْكَ): هو بفتح همزة (أَنْ) وإسكان النُّون، وهذا ظاهرٌ.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (ولي الدين).

    [2] في (ب): (كتاب).

    [3] في (ب): (مرفوعًا).

    [4] في النُّسختين: (اللَّيثيُّ)، وهو سبق قلم.

    [5] في (ب): (هو مُحَمَّد بن مسلم الزهري).

    (1/5811)

    [6] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (فَأُحرِقَتْ).

    (1/5812)

    [باب حرق الدور والنخيل]

    قوله: (بَابُ حَرْقِ الدُّورِ وَالنَّخِيلِ): ينبغي أن يقول البخاريُّ: باب إحراق الدُّور والنَّخيل؛ لأنَّ الفعل أحرقه، لا حرقه، والله أعلم، ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (التَّرجمة أعمُّ؛ إذ المُحرَّق بيت الصَّنم، فلم تُحرَق بيوتُ السُّكنى) انتهى.

    ==========

    [ج 1 ص 768]

    (1/5813)

    [حديث: ألا تريحني من ذي الخلصة]

    3020# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وتَقَدَّم أنَّ (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، وأنَّ (قَيْس بْن أَبِي حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزَّاي، وأنَّ (جَرِيرًا): هو ابن عبد الله البجليُّ الصَّحابيُّ المشهور، وأنَّه بفتح الجيم وكسر الرَّاء، له في الكتب السِّتَّة و «مسند أحمد».

    قوله: (مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ): قال ابن قُرقُول: (بفتح الخاء؛ يعني: المعجمة واللَّام، ويقال: بضمِّها [1]، وكذا ضبطناه عن ابن سراج، وبالفتح قيَّدناه عن أبي بحر، لكن بسكون اللَّام، وكذا قال ابن دريد، وهو بيت صنم ببلاد دوس، وهو اسم صنم، لا اسم بيته، وكذا جاء تفسيره في الحديث) انتهى، و (الخَلَصة): بفتح الخاء المعجمة واللَّام، وبالصاد المهملة، وقال السُّهيليُّ: (بضَمِّ الخاء واللَّام في قول ابن إسحاق، وبفتحهما في قول ابن هشام) انتهى، وقال القرطبيُّ في «تذكرته» بعد أن ذكر اللُّغتين من كلام ابن دحية قال: (وقيَّده الإمام أبو الوليد الكنانيُّ بفتح الخاء وسكون اللَّام، وكذا قاله ابن دريد) انتهى، وفي «النهاية»: (هو بيت صنم لدوس، وخثعم، وبجيلة، وغيرهم، وقيل: «ذو الخَلصة»: الكعبة اليمانيَّة التي كانت باليمن، فأنفذ إليها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم جريرَ بن عبد الله، فخرَّبها، وقيل: ذو الخَلصة: اسم الصَّنم نفسِه، وفيه نظر؛ لأنَّ «ذو» لا يضاف إلَّا إلى أسماء الأجناس، وكذا ضعَّف هذا القولَ الزمخشريُّ؛ لأنَّ «ذو» لا يُضاف إلَّا إلى أسماء الأجناس).

    قوله: (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا): هو من باب التَّقديم والتَّأخير؛ لأنَّه لا يكون هاديًا لغيره إلَّا بعد أن يهتديَ [2] هو.

    (1/5814)

    قوله: (فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ): (رسوله): هو أرطاة، وقيل: حصين بن ربيعة الطَّائيُّ، وهو الصَّواب المحفوظ، كذا في «مبهمات» ابن شيخنا الإمام أبي زرعة ابن العراقيِّ، وعزاه لابن طاهر، انتهى، وقد ذكره ابن عبد البَرِّ في «الكنى» في (أبي أرطاة)، وفي «الأسماء» في (حصين)، وقال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (أرطاة الطَّائيُّ، وقيل: أبو أرطاة الذي بَشَّر بهدم ذي الخَلصة، له ذكر)، وقال في «الكنى»: (أبو أرطاة الأحمسيُّ [3] رسولُ جرير إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بتحريق ذي [4] الخَلَصة)، وقال في «الأسماء»: (حُصَين، وقيل: ابن ربيعة بن عامر بن الأزور أبو أرطاة البجليُّ، له صحبةٌ) انتهى، واعلم أنَّ رسول جرير هذا جاء التَّصريحُ به في هذا «الصَّحيح» في (غزوة ذي الخلصة) بكنيته؛ وهو أبو أرطاة، ولم يسمِّه، ووقع في «مسلم» في (مناقب جرير): (أنَّه أرسل أبا أرطاة)، وفي طريق ثانية: (أبو أرطاة حُصَين بن ربيعة) انتهى، وقد وقع في بعض النُّسخ من «مسلم»: (حسين بن ربيعة)؛ بالسِّين، والصَّواب: بالصَّاد، وكذا وقع عند ابن ماهان، والله أعلم.

    قوله: (كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْوَفُ، أَوْ أَجْرَبُ): كذا في أصلنا: الأوَّل: بالواو والفاء [5]، والثاني: بالرَّاء والموحَّدة، قال ابن قُرقُول: (وفي «المغازي»: كأنَّها جمل أجرب؛ يعني: ذا جرب مطليٍّ [6] بقطران شبَّه به سواد الإحراق في ذي الخَلَصة، وهو بيت كان يُعبَد، ورواية مُسدَّد: «أجوف أو أجرب»؛ على الشَّكِّ، وشرحُه بأبيض [7] البطن: تصحيفٌ وإفسادٌ للمعنى، ولا وجهَ له)، انتهى، ففي هذا أنَّ (أجرب): هو الصَّواب مِن أحد الشَّكَّين، والله أعلم.

    ==========

    [1] كُتِبَ في هامش (أ): (لعلَّه بضمِّهما).

    [2] في (ب): (يهدى).

    [3] في (ب): (الأخمسي)، وهو تصحيفٌ.

    [4] في (ب): (ذا)، ولا يصحُّ.

    [5] (والفاء): سقط من (ب).

    [6] في (ب): (يطلى).

    [7] في (ب): (في بيض)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 768]

    (1/5815)

    [حديث: حرق النبي نخل بني النضير]

    3021# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف وكسر الثَّاء المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وذلك أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة مُحَمَّد بن كثير: أنَّه روى عن سفيان الثَّوريِّ، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، وفي «التذهيب» للذَّهبيِّ قال: (روى عن سفيان، وأطلق؛ فحملت المُطلَق على المُقيَّد، والله أعلم).

    ==========

    [ج 1 ص 768]

    (1/5816)

    [باب قتل النائم المشرك]

    قوله: (بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ الْمُشْرِكِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (يعني: بـ (النَّائم): المضطجع، لا خلاف اليقظان، وإلَّا؛ فلا مطابقةَ بين التَّرجمة والحديث) انتهى، والذي يظهر أنَّ بينهما مطابقةً؛ وذلك أنَّ الرجل الذي دخل عليه بيتَه _وهو عبد الله بن عتيك_ لو قتله وهو نائم؛ جاز له، وإنَّما هو نبَّهه؛ لئلَّا يَقتُلَ غيرَ مَن أُمِر بقتله؛ لأنَّه كان نائمًا وسط عياله، والبيتُ ليس فيه مِصباحٌ، فاحتاج أن ينبِّهه؛ ليعرفَ مَن يقتل، ففيه ما بوَّب له، والله أعلم.

    ==========

    [ج 1 ص 768]

    (1/5817)

    [حديث: بعث رسول الله رهطًا من الأنصار إلى أبي رافع ليقتلوه]

    3022# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله الَّسبيعيُّ، أحد الأعلام.

    قوله: (رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّم الكلام على الرَّهط، وأنَّه ما دون العشرة من الرِّجال؛ كالنَّفر، وهؤلاء الرَّهطُ كانوا خمسةً من بني سلِمة بعثهم إلى أبي رافع، واسمه كما قال البخاريُّ في هذا «الصحيح»: (عبد الله بن أبي الحُقَيق، ويقال: سلَام بن أبي الحُقَيق) انتهى.

    وسلَام _بالتخفيف_ يهوديٌّ مشهورٌ، قال البخاريُّ في هذا «الصحيح»: (إنَّه كان بخيبر، وقيل: بحصنٍ له بأرض الحجاز)، انتهى، والخمسة الذين ذكرتهم وهم من الخزرج: عبد الله بن عتيك، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن أُنَيس، وأبو قتادة بن ربعيٍّ، وخزاعيُّ بن أسود حليف لهم من أسلم، وذكر ابن عقبة فيمَن قَتَلَ أبا رافع أسعدَ بن حرام، ولم يذكره غيرُه، قال السُّهيليُّ: ولا يُعرَف أحدٌ ذكرَه غيره، قال شيخنا: (ذكره الحاكم في «إكليله» عن الزُّهريِّ [1])، انتهى، والظَّاهر أنَّه بالرَّاء في (حرام)؛ لأنَّه بالرَّاء في الأنصار، وبالزاي في قريش، قال ابن سعد: هي في رمضان سنة ستٍّ، وقال شيخنا: في ذي الحجَّة سنة خمس، وفي «الإكليل»: (كان بعد بدر، وقبل غزوة السُّويق، وقال النَّيسابوريُّ: كانت قبل دومة الجندل، وقال ابن حِبَّان: بعد بدر الموعد سنة أربع، وقال أبو معشر: بعد غزوة ذات الرقاع، وقبل سريَّة عبد الله بن رواحة)، انتهى.

    [ج 1 ص 768]

    قوله: (إِلَى أَبِي رَافِعٍ): تَقَدَّم الكلام عليه واسمه، والله أعلم.

    قوله: (فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَدَخَلَ حِصْنَهُمْ): هذا (الرَّجل): هو عبد الله بن عتيك، كذا جاء في بعض طرقه في «الصَّحيح»، وسيأتي قريبًا جدًّا، والحكمةُ في أنَّه انطلق قبلهم؛ لأنَّه كان يرطن باليهوديَّة، قاله شيخنا.

    قوله: (مَرْبطِ): هو بفتح الموحَّدة وكسرها، ذكرهما الجوهريُّ.

    قوله: (دَوَابَّ): هو بفتح الموحَّدة المُشدَّدة؛ لأنَّه لا ينصرف، وهذا ظاهرٌ عند أهلِه.

    قوله: (وَأَغْلَقُوا بَابَ الْحِصْنِ): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا معروف.

    قوله: (فِي كوَّةٍ): هي بفتح الكاف وضمِّها، والفتح المشهور قال في «المطالع»: (وقال الصَّدفيُّ عن بعض شيوخه عن المَعريِّ: إنَّها بالفتح: غير نافذة، وبالضَّمِّ: نافذة)، ثمَّ ضعَّفه ابن قُرقُول.

    (1/5818)

    قوله: (حَيْثُ أَرَاهَا): هو بفتح الهمزة، من رؤية العين.

    قوله: (حَتَّى قَرَعَ الْعَظْمَ): (العظمَ): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهرٌ.

    قوله: (وَأَنَا دَهِشٌ): هو بكسر الهاء، وهذا ظاهرٌ.

    قوله: (فَوُثِئَتْ [2] رِجْلِي): قال ابن قُرقُول: (وُثِئَت [3] رجله؛ بضَمِّ الواو، و «الوَثْءُ»: وصم يصيب العظم لا يبلغ الكسر؛ كأنَّه فَلٌّ [4]) انتهى، (وُثِئَت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو بضَمِّ الواو، ثمَّ مثلَّثة مكسورة، ثمَّ همزة مفتوحة، ثمَّ تاء التَّأنيث، ويجوز فيه البناء للفاعل، قال في «القاموس»: (الوَثْءُ، والوَثاءةُ: وصم يصيب اللَّحم لا يبلغ العظم، أو يُوجِع العظمَ بلا كسر، أو هو الفكُّ، وَثِئَتْ يده _كفرِح_ تَثَأُ وَثْئًا ووثاءً؛ فهي وَثِئَةٌ؛ كـ «فعِلة»، وَوُثِئت؛ كـ «عُنِي»؛ فهي مَوثُوْءَة، ووَثيْئَة، ووثأتها، وبه وثْءٌ، ولا تقل: وَثيْءٌ) انتهى، وهذا فيه زيادات على «صحاح» الجوهريِّ، والله أعلم.

    قوله: (النَّاعِيَةَ): (النَّاعية): معروفة، وفي بعض النُّسخ: (الواعية)؛ بالواو، قال ابن قُرقُول: (الواعية؛ أي: الصَّارخة، قاله الخليل، ورُوِي: «الدَّاعية»، وليس بشيء، والوعى _مقصورٌ_: الصَّوت الشديد؛ قاله أبو عُبَيد [5]، وكذلك الهايعة، وكذا الوَغَى _ بغين معجمة _ قال أبو عليٍّ: هما صوت الحرب وجلبتها [6]، قال ابن دريد: الوَغَى: اختلاطُ الصوت [7]، فكثر حتَّى سُمِّيت به الحرب) انتهى، وقال ابن الأثير: (الواعية: الصِّياح على الميِّت ونعيه، ولا يُبْنَى منه فعلٌ، وقيل: الوعى كالوغى: الجلبة والصَّوت الشَّديد) انتهى.

    قوله: (نَعَايَا أَبِي رَافِعٍ): قال شيخنا: (كذا الرواية، وصوابه: نعايِ؛ بغير ألف كذا نقله النُّحاة؛ أي: انعَ أبا رافع، جعل دلالة الأمرِ فيه، وعلامة الجزم آخره بغير تنوين ... ) إلى آخر كلامه، يقال: نعاءِ فلان؛ أي: انعَه؛ مثل: دراكِ، وكذا نقله بعضهم عن الخطَّابيِّ، وابنُ بطَّال جعلَ دلالة الأمر فيه علامة الجزمِ آخره بغير تنوين، كما قالت العرب: دراكِها، ومِن قطمت: قَطَامِ، قال بعضهم: (وذكر سيبويه أنَّه يُطَّرد هذا في الأفعال الثلاثيَّة كلِّها أن يقال فيها: فَعَالِ [8]؛ بمعنى: افعل؛ نحو: حذارِ، ومناعِ، وتراكِ) انتهى، قال: وإنَّما يصحُّ هذا إن لو قال: نعايا أبا رافع؛ بالنَّصب، وقال الدَّاوديُّ: (نعايا: جمع «ناعية»، والصحيح أنَّه جمع «نعيٍّ»؛ كصفيٍّ وصفايا، والنَّعي خبرُ الموت).

    (1/5819)

    قوله: (قَلَبَةٌ): (القَلَبة): بفتح القاف واللَّام والموحَّدة، ثمَّ تاء التَّأنيث: الدَّاء، وأصله من القلاب؛ وهو داء يصيب الإبل، ثمَّ استُعمِل في كلِّ داء، وقيل: معناه: ما بي داء أقلب له، والله أعلم.

    ==========

    [1] (عن الزهري): سقط من (ب).

    [2] في (ب): (فوثبت)، وهو تصحيفٌ.

    [3] في (ب): (وثبت)، وهو تصحيفٌ.

    [4] في مصدره: (أقل).

    [5] في (ب): (عبيدة)، وهو تحريفٌ.

    [6] في (ب): (وجربتها)، وهو تحريفٌ.

    [7] (الصوت): سقط من (ب).

    [8] (فعال): سقط من (ب).

    (1/5820)

    [حديث: بعث رسول الله رهطًا من الأنصار إلى أبي رافع فدخل]

    3023# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المُسنديُّ، ويُؤيِّده كلام ابن طاهر في (يحيى بن آدم).

    قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ.

    قوله: (رَهْطًا مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّم أنَّهم خمسة، وقد سمَّيتهم، وقَدَّمتُ متى كان هذا البعث قريبًا، وقَدَّمتُ الكلام على (أَبِي رَافِعٍ) واسمه.

    قوله: (بَيْتَهُ): هو واحدُ البيوت للسَّكن قال ابن قُرقُول: (وفي رواية: «بيته»، مِن البَيَات، وهو [2] طروقه اغتفالًا [3] باللَّيل)، هذا [4] في أصلنا، والأوَّل [5] في الطُّرَّة.

    ==========

    [1] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثني).

    [2] (وهو): سقط من (ب).

    [3] في (ب): (طروقُه إلَّا)، وليس بصحيحٍ.

    [4] في (ب): (كذا).

    [5] في (ب): (والأكثر).

    [ج 1 ص 769]

    (1/5821)

    [باب: لا تمنوا لقاء العدو]

    (بَابٌ: لَا تَتَمَنَّوْا [1] لِقَاءَ العَدُوِّ) ... إِلَى (فَرْضِ الخُمُسِ)

    (1/5822)

    [حديث: لا تمنوا لقاء العدو]

    3024# 3025# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ اسمه إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث بن أسماء بن خارجة، أبو إسحاق الفزاريُّ، أحد الأعلام.

    قوله: (كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أبي أَوْفَى): تَقَدَّم الكلام على عبد الله، وعلى والده أبي أوفى علقمة بن خالد بن الحارث الأسلميِّ، وأنَّ عبد الله صحابيٌّ، وأبو أوفى والده صحابيٌّ أيضًا، وقد تَقَدَّم الكلام على الرواية بالكتابة مع الإجازة أو مع عدمها _ كهذه_ وأنَّها صحيحة على الصَّحيح مُطَوَّلًا؛ فانظره.

    قوله: (إِلَى الْحَرُورِيَّةِ): هم الخوارج نزلوا قريةً بقرب الكوفة على ميلَين منها، يقال لها: حَرُوراء تعاقدوا بها على رأيهم، وقد تَقَدَّم.

    قوله: (وَهَازِمَ الأَحْزَابِ): تَقَدَّم أنَّهم أهل الخندق من المشركين، وكم كان عددهم، وقيل غير ذلك مُطَوَّلًا.

    قوله: (إنَّ رَسُولَ اللهَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (إنَّ): بكسر الهمزة على الحكاية، ويجوز فتحها.

    (1/5823)

    [معلق أبي عامر: لا تمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاصبروا]

    3026# قوله: (وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ [1]: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): قال الدِّمياطيُّ: (تجاه أبي عامر عبد الملك بن عمرو بن قيس العَقَديُّ البصريُّ مولى الحارث بن عُبَاد أخي جُرَير بن عُبَاد، مات العقديُّ سنة أربع ومئتين) انتهى، كذا قال ابن سعد وغيره، وقال أبو داود: سنة (205 هـ)، حديثه يعلو في «الغيلانيَّات»؛ فاعلمه، أخرج له الجماعة، وهو ثقة، وقوله: (وقال أبو عامر): تعليق مجزوم به؛ فهو صحيح عنده إلى أبي عامر على شرطه، وتعليقه هذا أخرجه «مسلم» في (المغازي) عن حسنٍ الحلوانيِّ، وعبْد بن حميد، والنَّسائيُّ في (السِّيَر) عن أبي الجوزاء أحمد بن عثمان البصريِّ؛ ثلاثتهم عن أبي عامر به، والله أعلم.

    قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ [2]): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّم أنَّ (الأَعْرَج): عبد الرَّحمن بن هرمز، وتَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ [3].

    ==========

    [1] في هامش (ق): (عبد الملك بن عمرو بن قيس القيسيُّ البصريّ مولى للعقدين، أخي جرير بن عمرو العقديِّ، مات سنة أربع ومئتين).

    [2] في (ب): (الزياد)، وهو تصحيفٌ.

    [3] زيد في (ب): (من نحو ثلاثين قولًا).

    [ج 1 ص 769]

    (1/5824)

    [باب: الحرب خدعة]

    [ج 1 ص 769]

    قوله: (بَابٌ: الْحَرْبُ خَدْعَةٌ): قال الدِّمياطيُّ: (فيه أربعة أوجه: خَدْعة، وخُدْعة، وخُدَعة، وخَدَعة) انتهى، وقد نقل شيخنا عن مكِّيِّ بن عبد الواحد لغةً خامسةً؛ وهي بكسر الخاء وسكون الدَّال، قال: وحكاها ابن قتيبة عن يونس)، انتهى، قال ابن قُرقُول: (خَدْعة: كذا لأبي ذرٍّ وأكثرِ الرواة لـ «الصَّحيحين»، وضبطها الأصيليُّ: «خُدْعة»، قال أبو ذرٍّ: لغة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالفتح، وبه قال الأصمعيُّ وغيره، وحكى يونس فيها الوجهين، ووجهًا ثالثًا «خُدَعة»؛ بضَمِّ الخاء وفتح الدَّال، ولغة رابعة: «خَدَعة»؛ بفتحهما، فالخَدْعة بمعنى: أنَّ أمرَها ينقضي بخدعة واحدة يُخدَع بها المخدوع، فتزلُّ قدمه، ولا يجد لها تلافيًا ولا إقالة، وكأنَّه نبَّه على أخذ الحذر مِن مثل ذلك، ومن ضمَّ الخاء وسكَّن الدال؛ فمعناه: أنَّها تَخْدَع؛ يعني: أهلها ومباشريها، ومن ضمَّ الخاء وفتح الدَّال؛ نسب الفعل إليها؛ أي: تَخدعُ منِ اطمأنَّ إليها، وأنَّ أهلها يُخدَعون فيها، ومَن فتحهما جميعًا؛ كأنَّه جمعُ «خادع»؛ يعني: أنَّ أهلها بهذه الصِّفَة، فلا يُطمأنُّ إليهم كأنَّه قال: أهل الحرب خَدَعةٌ، ثمَّ حذف المضاف، وأصل الخدع إظهارُ أمرٍ وإضمارُ خلافه، ويقال: خدع الرِّيق؛ إذا فسد، فكأنَّ الخِداع يُفسِد تدبير المخدوع وينقل [1] رأيه) انتهى.

    تنبيهٌ: هذا قاله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم الخندق لنُعيم بن مسعود، وقصَّته معروفة رضي الله عنه، كذا قاله بعض أهل السِّيَر، وهي من الكلمات التي لم يُسبَق صلَّى الله عليه وسلَّم [إليها]، وسأذكرها مجموعةً فيما وقفت عليه في مكانٍ يليق بها، والله أعلم.

    (1/5825)

    [حديث: هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

    3027# 3028# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المُسنديُّ، وقد تَقَدَّم غير مرَّةٍ أنَّ من اسمه عبد الله بن مُحَمَّد وهو شيخ البخاريِّ في هذا «الصَّحيح»؛ أربعةُ أشخاص؛ هذا، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وعبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، وعبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الأسود، والله أعلم [1]، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بميمَين مفتوحتين، بينهما عين مهملة [2]، وأنَّه ابن راشد.

    قوله: (هَلَكَ كِسْرَى): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّه بكسر الكاف وفتحها، وتَقَدَّم أنَّه لقب لكلِّ مَن مَلَك الفرس، وتَقَدَّم اسم هذا واسم أبيه، ومعناهما، قال الشَّافعيُّ: معناه: لا كسرى بالعراق، ولا قيصر بعده بالشَّام، قال: وسبب الحديث: أنَّ قريشًا كانت تأتي الشَّام والعراق كثيرًا للتِّجارة في الجاهليَّة، فلمَّا أسلموا؛ خافوا انقطاع سفرهم إليهما؛ لمخالفتهم بالإسلام، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «لا كسرى ولا قيصر بعدهما»: في هذين الإقليمين، ولا ضرر عليكم، فلم يكن قيصر بعده بالشَّام، ولا كسرى بالعراق، ولا يكون.

    قوله: (وَقَيْصَرٌ لَيَهْلِكَنَّ): تَقَدَّم أنَّ (قيصر) لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الرُّوم، وأنَّ اسمه هرقل، وتَقَدَّم بلغتيه، وماذا جرى له، ومتى هلك، وأين هلك.

    قوله: (وَلَتُقْسَمَنَّ [3] كُنُوزُهما): تُنْفَقَنَّ، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (كنوزُهما): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

    قوله: (وَسَمَّى الْحَرْبَ خُدْعَةً): تَقَدَّم الكلام عليها بلغاتها الخمس أعلاه.

    ==========

    [1] (والله أعلم): سقط من (ب).

    [2] زيد في (ب): (ساكنة).

    [3] في (ب): (ولتنفقن)، والمثبت موافقٌ لما في الصَّحيح».

    [ج 1 ص 770]

    (1/5826)

    [حديث: سمى النبي الحرب خدعةً]

    3029# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَصْرَمَ [1]): (أبو بكر) هذا: اسمه بُوْر؛ بضَمِّ الموحَّدة، وإسكان الواو، ثمَّ راء، قال الجيَّانيُّ بعد أن قيَّد الموحَّدة بالضَّمِّ: (قال لي أبو العبَّاس أحمد بن عُمر، وأبو الوليد الباجيُّ: سمعنا أبا ذرٍّ يقول: هو بُور، الباء غير صافية، بين الباء والفاء، على نحو ما ينطق به العجمُ، له حديث واحد في «الجهاد» ... ، إلى أن قال: قال البخاريُّ: مات أبو بكر الأصرم المروزيُّ قريبًا من سنة عشرين) انتهى، بُور بن أصرم المروزيُّ، مشهورٌ بالكنية، عن ابن المبارك، وعنه: البخاريُّ، فَرْدَ حديثٍ، وعبيد الله بن واصل، قال البخاريُّ: مات سنة (223 هـ)، انتهى، وفي «النُّبل» لابن عساكر هذا القول بصيغة: ويُقال، وجزم قبله بسنة (226 هـ)، انتهى، انفرد به البخاريُّ عن الجماعة [2].

    (1/5827)

    [حديث: الحرب خدعة]

    3030# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عمرو بن دينار أبو مُحَمَّد.

    ==========

    [ج 1 ص 770]

    (1/5828)

    [باب الكذب في الحرب]

    قوله: (بَابُ الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (التَّرجمة غير مُخلَصة؛ إذ يمكن جعله تعريضًا، فإنَّ قوله: «عنَّانا»؛ أي: كلَّفنا، والأوامر [1] والنَّواهي تكاليفٌ، و «سألنا الصدقة»؛ أي: طلبها منَّا بأمر الله سبحانه [2]، و «نكره أن ندعه حتَّى ننظر إلى ما يصير أمره)؛ معناه: نكره العدول عنه مدَّة بقائه صلَّى الله عليه وسلَّم، فما فيه دليلٌ على جواز الكذب الصريح، ولا سيَّما إذا كان في المعارِيض مندوحةٌ عن الكذب) انتهى، لكن هو كذب في الظاهر، وقد سمَّاها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في قوله: «لم يكذب إبراهيمُ إلَّا ثلاث كذبات»، وكذا سمَّاها الخليل: (إنِّي كذبت ثلاث كذبات)، وكذا أمُّ سُلَيم لمَّا قالت لأبي طلحة: (إنَّه قد استراح) قال: وظنَّ أنَّها صادقة؛ أي: في الظَّاهر، وإلَّا؛ فهي صادقة [3] في نفس الأمر، وقد تَقَدَّم كلام السُّهيليِّ في قوله: ولم أسمعه أنَّه [4] يُرخِّص إلَّا في ثلاث، في (الصُّلح)، وما نقله عن أهل العلم، وما قاله غيرُه، والله أعلم.

    ==========

    [1] في النُّسختين: (الأوامر)، والمثبت من مصدره.

    [2] زيد في (ب): (وتعالى).

    [3] زيد في (ب): (في الباطن).

    [4] في النُّسختين: (أنَّ)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

    [ج 1 ص 770]

    (1/5829)

    [حديث: من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله]

    3031# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة.

    قوله: (مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ): هو بفتح الهمزة، ثمَّ شين معجمة ساكنة، ثمَّ راء مفتوحة، ثمَّ فاء، وهو رجل من طيِّئ، ثمَّ أحد بني نبهان، وكانت أمُّه من بني النضير، وكان لمَّا جرى لأهل بدر ما جرى؛ قدم مكَّة، ونزل على المطَّلب بن أبي وداعة السَّهميِّ، وجعل يحرِّض على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُنشِد الأشعار، ويبكي على أصحاب القليب، ثمَّ رجع إلى المدينة، فشبَّب بنساء المسلمين حتَّى آذاهم، وقولي: وشبَّب بنساء المسلمين؛ أي: تغزَّل وذكرهنَّ في شِعره، قال الإمام السُّهيليُّ: (وكان قد شبَّب بأمِّ الفضل زوج العبَّاس بن عبد المطَّلب، فقال:

    ~…أراحلٌ أَنتَ لم ترحَلْ بمنْعَبَةٍ…وتارك أنت أمَّ الفضلِ بالحرَمِ

    في أبيات رواها يونس عن ابن إسحاق) انتهى.

    واعلم أنَّ سريَّة كعب هذا فيما قال ابن سعد: كانت لأربعَ عشرةَ ليلةً مضت من شهر ربيع الأوَّل على رأس خمسة وعشرين شهرًا من مهاجره عليه الصَّلاة والسَّلام، وقد اجتمع في قتله مُحَمَّد بن مسلمة، وسِلكان بن سلامة بن وقش _وكان أخًا لكعب من الرَّضاعة، وسيجيء ما في ذلك؛ أعني: ما قيل في أُخوَّته_ وعبَّاد بن بشر بن وقش أحد بني عبد الأشهل، والحارث بن أوس بن معاذ، وأبو عبس بن جبر، وهؤلاء الخمسة من الأوس رضي الله عنهم، وقد تَقَدَّم بعض ذلك فيما مضى.

    ==========

    [ج 1 ص 770]

    (1/5830)

    [باب الفتك بأهل الحرب]

    قوله: (بَابُ الْفتْكِ بِأَهْلِ الْحَرْبِ): (الفّتْك): بفتح الفاء وكسرها وضمِّها _كما سيأتي_ وإسكان المثنَّاة فوق، وبالكاف: هو (أن يجيء الرجل إلى الآخر، وهو غارٌّ، فيفتكه، وقيل: الفتك: القتل مجاهرة، وكلُّ مَن جاهر بقبيحة؛ فهو فاتك، وقيل: الفتك: هو الهمُّ بالشيء، والفاتك: الشُّجاع الذي إذا همَّ بأمر [1]؛ فعله، قال الفرَّاء: «يقال فيه: الفَتك، والفِتْك، والفُتك؛ ثلاث لغات») انتهى كلام ابن قُرقُول.

    ==========

    [1] في (ب): (بشيء).

    [ج 1 ص 770]

    (1/5831)

    [حديث: من لكعب بن الأشرف فقال محمد بن مسلمة: أتحب]

    3032# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المُسنديُّ، و (عَمْرو): هو ابن دينار، و (كَعْب بْن الأَشْرَفِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه؛ فانظره.

    قوله: (فَائذَنْ لِي؛ فَأَقُولَ [1]): (أقولَ): مَنْصوبٌ، ونصبه معروف على جواب الأمر؛ ومعناه: فأقول فيك، قال ابن سيِّد النَّاس في «سيرته» قال: (ممَّا نقلته من الحواشي التي ذكرتها بخطِّ جدِّي ... ، إلى أن قال: وعلى قوله: لا بدَّ لنا من أن نقولَ: قال المبرِّد في «الكامل»: حقُّه أن يقول: فتقوَّل؛ يريد: افتعل قولًا احتال به، قال: وفي «العين»: أَقْوَلْتُهُ ما لم يقل، وقوَّلته: ادَّعيتُه عليه) انتهى.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (فيه ما شئت).

    [ج 1 ص 770]

    (1/5832)

    [باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من تخشى معرته]

    [ج 1 ص 770]

    قوله: (تُخْشَى مَعَرَّتَهُ [1]): (تُخشَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (معرَّته): مرفوعة نائبة مناب الفاعل، و (المعرَّةُ): الأَذى.

    ==========

    [1] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يَخشَى مَعَرَّتَهُ).

    (1/5833)

    [معلق الليث: انطلق رسول الله ومعه أبي بن كعب قبل ابن صياد]

    3033# قوله: (وقَالَ [1] اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وقد سبق مسندًا، لكن من رواية شعيب [2] عن الزُّهريِّ في (الشَّهادات)، ويأتي في (الأدب)، وسبق أيضًا من رواية يونس عن الزُّهريِّ به في (الجنائز)، ويأتي في (بدء الخلق) وأحاديث (الأنبياء)، وقال في (الجنائز): وقال إسحاق الكلبيُّ: عن الزُّهريِّ (رمرمة)، والله أعلم، و (عُقَيل): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ العين وفتح القاف، وأنَّه: ابن خالد، وتَقَدَّم (ابن شهاب): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ): (قِبَل): بكسر القاف وفتح الموحَّدة، وقد تَقَدَّم الكلام على ابن صيَّاد [3] في (الجنائز) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

    قوله: (فَحُدِّثَ بِهِ فِي نَخْلٍ [4]): (حُدِّث): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قوله: (طَفِقَ): تَقَدَّم الكلام بلغتيها؛ ومعناها: جعل، و (القَطِيْفَة)، و (الرَّمْرَمَة) بما فيها من الرِّوايات، وأنَّ (أمَّ ابن صيَّاد) لا أعرف اسمها، وكذا قوله: (يَا صَافِ).

    ==========

    [1] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (قال).

    [2] في (ب): (لشعبة)، وهو تحريفٌ.

    [3] في (ب): (الصياد).

    [4] في (ب): (به فنخل)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 771]

    (1/5834)

    [باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق]

    قوله: (بَابُ الرَّجَزِ فِي الْحَرْبِ): يأتي الكلام على (الرَّجز): ما هو؛ أهو شعرٌ أو لا، إن شاء الله تعالى.

    ==========

    [ج 1 ص 771]

    (1/5835)

    [حديث: رأيت النبي يوم الخندق وهو ينقل التراب]

    3034# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة، ثمَّ حاء مهملة ساكنة، ثمَّ واو مفتوحة، ثمَّ صاد مهملة، قال الدِّمياطيُّ: (أبو الأحوص: سلَّام بن سُلَيم) انتهى، وسلَّام: بتشديد اللَّام، وسُلَيم: بضَمِّ السِّين وفتح اللَّام.

    قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ): قال الدِّمياطيُّ: (أبو إسحاق اسمه عمرو بن عبد الله)، انتهى، وهذا معروف.

    قوله: (يَوْمَ الْخَنْدَقِ): تَقَدَّم الكلام على (الخندق) متى كانت، ويأتي أيضًا.

    (1/5836)

    [باب من لا يثبت على الخيل]

    (1/5837)

    [حديث: ما حجبني النبي منذ أسلمت]

    3035# 3036# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ): هذا هو عبد الله بن إدريس بن يزيد [1] الأوديُّ، أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام، عن أبيه، وعمِّه داود، وحُصَين، وهشام بن عروة، وعنه: أحمد، وإسحاق، والعطارديُّ، قال أحمد: كان نسيج وحده، تُوُفِّيَ سنة (162 هـ)، أخرج له الجماعة، قال ابن معين: ثقة في كلِّ شيء، وتَقَدَّم (إِسْمَاعِيل): أنَّه ابن أبي خالد، و (قَيْس): أنَّه ابن أبي حازم، و (جَرِير): هو ابن عبد الله البُجليُّ، يوسف هذه الأمَّة، تقدَّموا.

    قوله: (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا): تَقَدَّم قريبًا أنَّ هذا مِن المقلوب؛ لأنَّه لا يهدي إلَّا وهو مَهديٌّ، والله أعلم.

    (1/5838)

    [باب دواء الجرح بإحراق الحصير]

    قوله: (الدَّمَ): في التَّرجمة هو مَنْصوبٌ مفعول المصدر، وهو غَسلُ.

    ==========

    [ج 1 ص 771]

    (1/5839)

    [حديث: ما بقي من الناس أحد أعلم به مني]

    3037# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور، وأنَّ (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، وأنَّ (أَبَا حَازِمٍ) بالحاء المهملة، واسمه سلمة بن دينار، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

    قوله: (مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي): تَقَدَّم في (الطَّهارة) لِمَ قال ذلك.

    قوله: (وَأُخِذَ حَصِيرٌ): تَقَدَّم أنَّ ابن القيِّم قال: (كان مِن برديٍّ).

    ==========

    [ج 1 ص 771]

    (1/5840)

    [باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب وعقوبة من عصى إمامه]

    قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    ==========

    [ج 1 ص 771]

    (1/5841)

    [حديث: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا]

    3038# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا [1] وَكِيعٌ): هذا تَقَدَّم الكلام عليه في (الصَّلاة) وغيرها، ويأتي الكلام عليه أيضًا في (الأعراف) في (التَّفسير).

    قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ): هو سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريِّ عبدِ الله بن قيس، يروي عن أبيه وأنس، وعنه: شعبة وأبو عوانة، حجَّة، قال أحمد: بخٍ، ثبت في الحديث، وقال ابن معين وغيره: ثقة، و (أبوه): أبو بردة بن أبي موسى الفقيه قاضي الكوفة اسمه الحارث، أو عامر، تَقَدَّم مرارًا، و (جدُّه): أبو موسى الأشعريُّ، تَقَدَّم.

    قوله: (بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ): تَقَدَّم في أوَّل (الزَّكاة) متى أرسلهما، والاختلاف في ذلك، وهل أرسلهما واليَين أو قاضيَين.

    (1/5842)

    [حديث: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم]

    3039# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زهير بن معاوية الجعفيُّ، أبو خيثمة، تَقَدَّم، وكذا (أَبُو إِسْحَاقَ): أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ.

    قوله: (جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا عَبْدَ اللهِ بْنَ جُبَيْرٍ): المراد بـ (الرَّجَّالة): الرُّماة، وهذا ظاهرٌ؛ لأنَّ (الرَّجَّالة) جمع (راجل)؛ وهو الماشي، وإنَّما قيَّدته [1]؛ لئلَّا يُتخيَّل أنَّ المراد: ضدُّ الفرسان، وليُعلَمَ أنَّ المسلمين في أُحُدٍ كانوا سبع مئة، قال ابن عقبة: وليس في المسلمين فرسٌ واحدٌ، وقال الواقديُّ: لم يكن مع المسلمين يوم أُحُد مِن الخيل إلَّا فرسُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وفرس أبي بردة.

    تنبيهٌ: قال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهَدْي»: (تعبَّأ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في سبع مئة؛ فيهم خمسون فارسًا) انتهى، وهذا انتقال حفظٍ من عدد الرُّماة إلى عدد الخيل، وقد ذكر بعد ذلك أنَّ الرُّماة كانوا خمسين، والله أعلم، وهذا غريبٌ غريبٌ، والله أعلم، والمعروف ما ذكرته لك عن العَالمَين المُتقدِّمَين؛ ابن عقبة والواقديِّ.

    و (عبد الله بن جبير): جدُّه النُّعمان بن أميَّة الأوسيُّ، عقبيٌّ بدريٌّ، قُتِل يوم أُحُد، وهو أخو خَوَّات بن جُبَير رضي الله عنهما.

    قوله: (تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ): هو بفتح أوَّله والطَّاء، ويجوز تشديدها، وهما قراءتان في السَّبع؛ قرأ نافع: بالتشديد، والباقون: بالتَّخفيف، ويجوز كسر الطَّاء، لكنَّ الأوَّل لغة القرآن، والثانية رديئة لا تكاد تُعرَف، كما قاله الجوهريُّ، وقوله: (تَخطَفنا الطَّير): قال شيخنا: قال الخطَّابيُّ: (هذا مثلٌ، يريد: من الهزيمة، يقول: إن رأيتمونا قد زلنا عن مكاننا مُنهزِمين؛ فلا تبرحوا أنتم)، وقال الدَّاوديُّ: (إن قُتِلنا، وأَكلتِ الطَّيرُ لحومَنا؛ فلا تبرحوا مكانَكم) انتهى، وقال ابن الأثير: («تخطفنا الطَّير»: تسلبنا، وتطير بنا، وهو مبالغةٌ في الهلاك) انتهى.

    قوله: (وَأَوْطَأْنَاهُمْ): هو بهمزة ساكنة بعد الطَّاء؛ أي: وطأناهم الخيلَ؛ أي [2]: يكون غلبناهم وقهرناهم.

    [ج 1 ص 771]

    قوله: (فَأَنَا وَاللهِ): (أنا): بفتح الهمزة وتخفيف النُّون.

    (1/5843)

    قوله: (يَشْتَدِدْنَ) [3]: أي: يجرين، كذا في أصلنا: (يشتددن)، قال ابن قُرقُول: (يُسْنِدن في الجبل؛ أي: يصعدن) كذا للقابسي في (الجهاد)، ولابن السَّكن في (الجهاد) و (الفضائل)، وعند الأصيليِّ والنَّسفيِّ: (يشْتَدن)، والشَّدُّ: الجري، وعند أبي الهيثم: (يشتددن)، وكيفيَّة رواية [4] أبي ذرٍّ: (يَشْدُدْنَ)؛ كلُّه من الجري، وكذلك في (غزوة أُحُد) بسينٍ مهملة ونون للجرجانيِّ والقابسيِّ، وعند النَّسفيِّ، وأبي ذرٍّ، والمروزيِّ هنا؛ بشين وتاء، وفي (باب ما يكره من التَّنازُع): (يَشْتَدن) للأصيليِّ، و (يشتددن) عند أبي ذرٍّ، و (يُسنِدن) عند غيرهما.

    قوله: (قَدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ [5]): (بدت): ظهرت، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

    قوله: (رَافِعَاتٍ): هو مُنوَّنٌ مكسورٌ [6]، وهو مَنْصوبٌ على الحال، وعلامةُ النَّصب فيه الكسرةُ.

    قوله: (ثِيَابَهُنَّ): هو مَنْصوبٌ، مفعولُ اسمِ الفاعل؛ وهو (رافع).

    قوله: (الْغَنِيمَةَ): هي منصوبة، ونصبها معروف ظاهر.

    قوله: (أَيْ قَوْم): يجوز في الميم الكسرُ، ويجوز الضَّمُّ، وهذان ظاهران.

    قوله: (ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ): أي: غلبَ وعلا.

    قوله: (صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ): (صُرِفت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (وجوههم): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

    تنبيهٌ: الأمير عبد الله بن جُبَير ثبت يومئذٍ مكانه في نفرٍ يسير دون العشرة، ولم يجاوز أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كذا في خبر ابن سعد.

    (1/5844)

    قوله: (غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا): (غيرُ): مَرْفوعٌ استثناء مُفرَغ، وأمَّا قوله: (غير اثني عشر رجلًا) كذا هنا، وفي خبر ابن سعد: (وثبت معه عصابة من أصحابه أربعةَ عشرَ رجلًا؛ سبعة من المهاجرين، فيهم: أبو بكر الصِّدِّيق، وسبعة من الأنصار) انتهى، وقد ذكرته هناك بزيادة مفيدة في أوَّل (باب غزو النِّساء وقتالهنَّ مع الرِّجال)، وقد جمعت بين الروايات بأنَّها تاراتٌ، والله أعلم، ووعدتُ بأن أذكر هنا، وقد ذكرتُ فيما مضى مَن ثبت معه مُسمًّى، قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: إنَّ ابن سعد ذكر في «الطَّبقات» أنَّ منهم: «مُحَمَّد بن مسلمة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وسهل بن حنيف، وأبا دجانة سماك بن خرشة، والحُباب بن المنذر، وأُسيد بن حضير ذكر ذلك مُفرَّقًا في تراجمهم، وفي «مغازي الواقديِّ»: وثبت معه عليه الصَّلاة والسَّلام أربعةَ عشرَ رجلًا؛ سبعة من المهاجرين: أبو بكر الصِّدِّيق، وعليٌّ، وعبد الرَّحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، وطلحة بن عُبيد الله، وأبو عبيدة ابن الجرَّاح، والزُّبير، ومن الأنصار سبعة: الحباب بن المنذر، وأبو دجانة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، والحارث بن الصِّمَّة، وسهل بن حُنَيف، وأُسَيد بن حُضير، وسعد بن معاذ، ويقال: ثبت معه سعد بن عبادة ومُحَمَّد بن مسلمة، يجعلونهما مكان أُسَيد بن حُضير وسعد بن معاذ)، انتهى، والظَّاهر أنَّ هؤلاء غيرُ مَن قُتِل ممَّن ثبت، والله أعلم

    (1/5845)

    قوله: (فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ): اعلم أنَّ ابن سيِّد النَّاس ذكر في (غزوة أُحُد) قال: (فجميعهم _أي: جميع القتلى_ ستٌّ وتسعون؛ منهم: من المهاجرين ومن ذُكِرَ معهم أحدَ عشرَ، ومن الأنصار: خمسة وثمانون؛ من الأوس: ثمانية وثلاثون، ومن الخزرج: سبعة وأربعون، منهم عند ابن إسحاق من المهاجرين: أربعة، ومن الأنصار: واحد وستُّون؛ من الأوس: أربعة وعشرون، ومن الخزرج: سبعة وثلاثون، والباقون عن موسى بن عقبة، أو عن ابن سعد، أو عن ابن هشام ... ) إلى أن قال: (فقد تجاوز بهذه الزيادات المئة على أنَّه قد ذكر أنَّ قتلى أُحُد سبعون [7]، ومِن النَّاس مَن يجعل السَّبعين من الأنصار خاصَّة، وكذلك قال ابن سعد في «باب غزوة أُحُد»، لكنَّهم في «تراجم الطَّبقات» له زادوا على ذلك، ويذكر في تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: 165]: أنَّه [8] تسلية للمؤمنين عمَّن أُصِيب منهم يوم أُحُد بأنَّهم أصابوا مِن المشركين يومئذٍ سبعين قتيلًا، وسبعين أسيرًا، فإن صحَّ ذلك نقلًا وحملًا؛ فالزيادة ناشئة عن الخلاف في التفصيل، وليست زيادة في الجملة) انتهى، وسأذكر في (أُحُد) ما رأيته عن الشافعيِّ في «أحكام المُحبِّ الطَّبريِّ»، وحديث أُبيِّ بن كعب، وسأذكر أيضًا ما نقله شيخنا، ونقل شيخنا هنا عن مالك: أنَّه قُتِل من الأنصار سبعون، ومن المهاجرين أربعةٌ، ونقل شيخنا أيضًا عن أبي مُحَمَّد في «جامع مختصره»: أنَّه قُتِل يوم بدر من المشركين خمسون، وهذا غريب.

    قوله: (فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ): هذا هو أبو سفيان صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس، وهذا معروف عند أهله، وقد ذكرتُ ترجمته في أوَّل هذا التَّعليق.

    قوله: (أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجِيبُوهُ): الحكمة في كونه عليه الصَّلاة والسَّلام نهاهم عن إجابته تأتي في (غزوة أُحُد) إن شاء الله تعالى.

    قوله: (أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ... أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟): سيأتي أنَّ الحكمة في سؤاله عن هؤلاء الثَّلاثة؛ لعلمه بأنَّ قيام الدِّين بهم.

    قوله: (أَمَّا هَؤُلَاءِ؛ فَقَدْ قُتِلُوا، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ): سيأتي أنَّ جواب عمر ليس مخالفًا للنَّهي، في (غزوة أُحُد) إن شاء الله تعالى.

    (1/5846)

    قوله: (وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوْءُكَ [9]): الظَّاهر أنَّه أراد يوم الفتح، وهذا يكون من باب الكشف، والله أعلم.

    قوله: (وَالْحَرْبُ سِجَالٌ): تَقَدَّم أنَّه بكسر السين، وتخفيف الجيم، وتَقَدَّم من أيِّ شيء أُخِذ، وأنَّ معناه: مرَّةً لنا ومرَّةً علينا، وهو مِن مساجلة المُستقِين على البئر بالدِّلاء.

    [ج 1 ص 772]

    قوله: (لَمْ آمُرْ): هو بمدِّ الهمزة وضمِّ الميم.

    قوله: (أُعْلُ هُبَلْ): أي: زِدْ عُلُوًّا، وسيجيء في (أُحُد) بأطولَ مِن هذا، و (هُبَل)؛ بضَمِّ الهاء [10] وفتح الموحَّدة، وباللَّام: اسم صنمٍ كان في الكعبة.

    فائدةٌ: قال السُّهيليُّ: إنَّ هبل جاء به عمرو بن لُحَيٍّ مِن هيت الجزيرة حتَّى وضعه بالكعبة، ونقل شيخنا عن ابن إسحاق قال: (حدَّثني بعض أهل العلم ... ؛ فذكر قصَّة فيها: عمرو بن لُحَيٍّ جاء بهُبَل مِن مآبٍ مِن أرض البلقاء) انتهى.

    قوله: (أَلَا تُجِيبُوه): ستأتي الحكمة في إجابته في (غزوة أُحُد).

    قوله: (إِنَّ لَنَا الْعُزَّى، وَلَا عُزَّى لَكُمْ): (العزَّى): اسم صنم كان لقريش وبني كنانة، وقيل: إنَّ (العزَّى): سمُرة كانت لغطفان يعبدونها، وكانوا بنَوا عليها بيتًا، وأقاموا لها [11] سدنة فبعث عليه الصَّلاة والسَّلام خالدَ بن الوليد [12]، فهدم البيت وأحرق السَّمُرة.

    ==========

    [1] في (ب): (يتقيد به).

    [2] في (ب): (أن)، وهو تحريفٌ.

    [3] في (ب): (يشددن)، وهي رواية أبي ذرٍّ.

    [4] في (ب): (رواه)، وهو تحريفٌ.

    [5] في (ب): (خلالهن)، وهو تحريفٌ.

    [6] في النُّسختين: (مكسورة)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    [7] في النُّسختين: (سبعين)، ولعلَّ المثبت الصَّواب.

    [8] (أنه): سقط من (ب).

    [9] في (ب): (يؤول)، وهو تحريفٌ.

    [10] في (ب): (أوله).

    [11] في (ب): (عليها).

    [12] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

    (1/5847)

    [باب: إذا فزعوا بالليل]

    (1/5848)

    [حديث: كان رسول الله أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس]

    3040# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد بن درهم، الإمام، و (ثَابِت): هو البنانيُّ.

    قوله: (عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّم أنَّ اسمه مندوبٌ، وتَقَدَّم ما معنى (مندوبٌ).

    قوله: (وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ): (سيفه): مَنْصوبٌ، مفعولُ اسمِ الفاعل، وقد ذكرت أسيافه عليه الصَّلاة والسَّلام فيما مضى، وكذا تَقَدَّم (لَمْ تُرَاعُوا)، وكذا (وَجَدْتُهُ بَحْرًا).

    (1/5849)

    [باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه حتى يسمع الناس]

    قوله: (بَابُ مَنْ رَأَى الْعَدُوَّ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا صَبَاحَاهْ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (موضعها من الفقه: أنَّ هذه الدَّعوةَ ليست من دعوى الجاهليَّة المنهيِّ [1] عنها، إمَّا لأنَّها استغاثةٌ على الكفَّار، وإمَّا لأنَّها عامَّةٌ [2] لا يُنتَدبُ فيها قبيلةٌ مخصوصةٌ) انتهى، قوله: (يَا صَبَاحَاهْ) في التَّرجمة والحديث: بفتح الصَّاد المهملة، ثمَّ موحَّدة، وبعد الألف حاءٌ مهملةٌ، وبعد الألف الثانية هاءٌ ساكنةٌ، قال ابن الأثير: (هذه كلمة يقولها المستغيث، وأصلها: إذا صاحوا للغارة؛ لأنَّهم أكثر ما يغيرون عند الصَّباح، ويسمُّون يوم الغارة يومَ الصَّباح، فكأنَّ القائل: «يا صباحاه» يقول: قد غشينا العدوُّ، وقيل: إنَّ المتقاتلين كانوا إذا جاء اللَّيل؛ يرجعون عن القتال، فإذا عاد النَّهار؛ عاودوه، فكأنَّه يريد بقوله: يا صباحاه: قد جاء وقت الصباح، فتأهَّبوا للقتال)، انتهى، وقال شيخنا: قال ابن المُنَيِّر: (الهاء للنُّدبة، وهي تسقط وصلًا، والرِّواية إثباتُها، فتقف على الهاء).

    فائدةٌ: هذه القصَّة هي غزوة الغابة، ويقال لها: غزوة ذي قَرَد؛ بفتح القاف والرَّاء، وحكى السُّهيليُّ عن أبي عليٍّ الضَّمَّ فيهما، قال السُّهيليُّ: (و «القَرَد» في اللُّغة: الصُّوف الرَّديء)، انتهى، وهو ماءٌ على ليلتين من المدينة، بينها وبين خيبر، ويقال: ذو القَرَد، وقال بعضهم: ذو قَرَد على نحو يوم من المدينة)، وقال مغلطاي في «سيرته»: (على بريد من المدينة)، انتهى، وسأذكر ذلك في (غزوة ذي قَرَد) قبل (خيبر)، وكانت غزوة ذي قَرَد بعد غزوة بني لحيان، وكانت غزوة بني لحيان لغرَّة هلال شهر ربيع الأوَّل سنة ستٍّ، وقال ابن إسحاق: (خرج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في جمادى الأولى على رأس ستَّة أشهر من فتح قريظة)، وقال ابن إسحاق: (ثمَّ قدم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم المدينةَ، فلم يقم إلَّا لياليَ قلائلَ حتَّى أغار عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفَزاريُّ في خيلٍ من غطفان على لقاح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال ابن سعد: إنَّ غزوة ذي قَرَد هذه في شهر ربيع الأوَّل سنة ستٍّ من الهجرة ليلةَ الأربعاء.

    ==========

    [1] في (ب): (للنهي).

    [2] في (ب): (علامة)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 773]

    (1/5850)

    [حديث: يا ابن الأكوع ملكت فأسجح إن القوم يقرون في قومهم]

    3041# قوله: (نَحْوَ الْغَابَةِ): تَقَدَّم الكلام على (الغابة)،وكذا تَقَدَّم أنَّ (الثَّنِيَّةَ): الطريق في الجبل.

    قوله: (لَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) هذا (الغلام): لا أعلم أحدًا سمَّاه.

    قوله: (وَيْحَكَ) تَقَدَّم الكلام على (ويح)، وأنَّها كلمة يُترحَّم بها لمَن وقع في هلكةٍ لا يستحقُّها، وعلى (ويل) أيضًا، مُطَوَّلًا.

    قوله: (أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (أُخِذتْ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (لقاحُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهي بكسر اللَّام جمع (لِقحة)؛ بكسرها أيضًا، وقد تُفتَح، وهي ذات الدَّرِّ، وقد تَقَدَّم الكلام عليها مُطَوَّلًا؛ فانظره.

    فائدةٌ: كانت هذه اللِّقاح عشرين لِقحة عند ابن سعد.

    قوله: (غَطَفَانُ وَفَزَارَةُ): ذكر ابن سعد: (أنَّهم كانوا أربعين فارسًا)، انتهى، و (غطفان وفزارة): قبيلتان من العرب.

    قوله: (مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا): تَقَدَّم أنَّ (اللَّابتين): الحرَّتَين، وأنَّها بغير همزٍ، وأنَّ الحرَّة: أرض تركبها حجارة سود، وكذا تَقَدَّم الكلام على (يَا صَبَاحَاهْ) أعلاه.

    (1/5851)

    قوله: (وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ): يجوز رفعُ (اليومين)، وفي أصلنا رفعهما ونصبهما، وقال السُّهيليُّ في «روضه»: («اليوم يومُ الرُّضَّع»؛ بالرَّفع فيهما، وبنصب الأوَّل ورفع الثاني، حكى سيبويه «اليومَ يومُك» على أن يجعل «اليومَ» ظرفًا في موضع خبرٍ للثاني؛ لأنَّ ظروف الزَّمان يخبر بها عن زمانٍ مثلٍها إذا كان الظَّرف يتَّسع ولا يضيق [1] عن الثاني، مثل أن تقول: السَّاعةُ يومَك، وقد قيل في قوله سبحانه: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} [المدثر: 9]: أنَّ {يَوْمَئِذٍ} ظرفٌ لـ {يَوْمٌ عَسِيرٌ}، وذلك أنَّ ظروفَ الزَّمان أحداثٌ، وليست بجُثَث، فلم يمتنع فيها مثلُ هذا، كما لا يمتنع في سائر الأحداث)، انتهى كلامه، و (الرُّضَّع): اللِّئام، واحدهم: راضع؛ لأنَّه يرضع اللَّبن مِن أخلاف إبله؛ لئلَّا يسمع صوت الشخب، فيُطلَب منه، وقيل: لئلَّا يصيبه في الحلب آفةٌ، ويقال من اللُّؤم: رَضُعَ يَرْضُع رَضاعة؛ مثل: لَؤُم يَلْؤُم، وقال الأصمعيُّ: إنَّما يقال: (رَضُع) في مقابلة (لَؤُم)، فأمَّا إذا أُفرِد؛ قيل: رَضِع ورَضَع؛ كالماصِّ من الثَّدي، وقال غيره: ومعنى (لئيم): راضع؛ أي: رضِعَ اللُّؤم في بطن أمِّه؛ لأنَّه يرضع الخِلالة من الخِلالة التي تخرجها من بين أسنانه ويمصُّها، ومعنى

    [ج 1 ص 773]

    (اليوم يوم الرُّضَّع): أي: يومُ هلاكهم، وقيل: اليوم يوم يُعرَف مَن أرضعتْه كريمةٌ؛ فأنجبت، أو لئيمة؛ فهجَّنت، وقيل: اليوم يظهر مَن أرضعته الحربُ مِن صِغَرِه، قاله ابن قُرقُول.

    قوله: (سِقْيَهُمْ): (السِّقْي): بكسرالسِّين وإسكان القاف، الاسم.

    قوله: (فِي إِثْرِهِمْ): تَقَدَّم الكلام على لغتَيها، وما قاله شيخنا في همزتها.

    قوله: (فَأسْجِحْ): هو بقطع الهمزة المفتوحة، ثمَّ سين مهملة ساكنة، ثمَّ جيم مكسورة، ثمَّ حاء مهملة [2] ساكنة، على الأمر؛ ومعناه: أرفِق وسهِّلْ واعفُ واسمح، و (الإسجاح): حسن العفو.

    (1/5852)

    قوله: (يُقْرَوْنَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، من القِرى، وهي الضِّيافة، وفي نسخة: (يَقِرُّون) من القرار، قال ابن قُرقُول: («ليُقْرَون»، كذا في «البخاريِّ» و «مسلم»، وعند الكافَّة والمستملي والحمُّوي في «البخاريِّ»، ولابن الحذَّاء في «مسلم»: «لَيَقِرُّون»، وهو تصحيف، وبقيَّة الحديث تدلُّ على الأوَّل، وعند عُبْدوس: «يُقوون»؛ بواوين، وضُرِب عليه)، انتهى، ففي كون (يَقِرُّون) في «البخاريِّ» فيه نظر؛ إنَّما ذكر ذلك في «مسلم» مع أنَّها تصحيف، كما ذكر، والله أعلم.

    (1/5853)

    [باب من قال: خذها وأنا ابن فلان]

    [1] [2] قوله: (بابُ مَنْ قَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ فُلاَنٍ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (وموضعُها من الفقه: أنَّها خارجة عن الافتخار المَنْهيِّ عنه؛ لاقتضاء الحال ذلك، خلاف إنكارها على القائل: «أنا»، فجعل يقول: أنا أنا) انتهى، كره بعضُهم التسويم [3] والإعلام في الحرب، وقالوا: فِعلُ ذلك من الشهرة، ولا ينبغي للمسلم أن يُشهِر نفسه في خيرٍ ولا شرٍّ، قالوا: وإنَّما ينبغي للمؤمن إذا فعل شيئًا لله أن يخفيه عن الناس، {إِنَّ اللهَ لَا يَخْفَى عَلَيهِ شَيْءٌ} [آل عمران: 5]، روي هذا عن بُريدة الأسلميِّ، نقله شيخنا عنه، والصوابُ _كما قال الطَّبَريُّ_: أنَّه لا بأس بالتسويم والإعلام إذا قصد به أنَّه يُتأسى به، وأمَّا إذا قصد به الافتخار؛ فهذا هو المكروه؛ لأنَّه قاتَلَ للذِّكر، والله أعلم، قاله شيخنا.

    قوله: (وَقَالَ سَلَمَةُ: خُذْهَا، وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ): (الأكوع): جدُّ سلمة، وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع، واسم الأكوع: سنان بن عبد الله بن قُشَير الأسلميُّ، كنية سلمة أبو مسلم وأبو إياس، بايع تحت الشجرة، ونزل الرَّبَذة مدَّة، وكان شجاعًا راميًا، قال ابنه إياس: ما كذب أبي قطُّ، تُوُفِّيَ بالمدينة سنة (74 هـ)، وقد بايعه عليه الصَّلاة والسَّلام تحت الشجرة ثلاث مَرَّاتٍ، كما في «مسلم»، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند».

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثني).

    [2] كذا في النُّسْخَتَين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

    [3] في النُّسخَتَينِ: (التوسيم)، ولعلَّه تحريفٌ.

    [ج 1 ص 774]

    (1/5854)

    [حديث: أما رسول الله لم يول يومئذ]

    3042# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن موسى العبسيُّ، أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام، على تشيُّعه وبدعته، سمع هشام بن عروة، وابن أبي خالد، وابن جُرَيجٍ، والطبقة، وعنه: البُخاريُّ، والدَّارميُّ، وعبْد، والحارث ابن أبي أسامة، وغيرهم، مات في ذي القعدة سنة (213 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

    قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ، تَقَدَّمَ، وكذا جدُّه (أَبُو إِسْحَاقَ): عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

    قوله: (سَأَلَ رَجُلٌ الْبَرَاءَ): السائل للبراء: لا أعرفه، كما تَقَدَّمَ، غير أنَّه من قيس، كما سيأتي في (المغازي).

    قوله: (أَوَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟): سيأتي الكلام عليه في (حُنين) إن شاء الله تعالى.

    قوله: (أَمَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أَمَّا)؛ بفتح الهمزة، وتشديد الميم.

    قوله: (كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ): هذا هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطَّلِب، وقد تَقَدَّمَ أنَّ اسمه المغيرة، وقيل: المغيرةُ أخوه، وقيل: اسمه كنيته، وهو أخو النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الرضاعة، تُوُفِّيَ سنة عشرين، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا.

    قوله: (بَغْلَتِهِ): تَقَدَّمَ الاختلاف في البغلة التي كان راكبَها يوم حنين؛ هل هي فضَّة أو الدُّلْدُل مُطَوَّلًا، أمَّا كونها فضَّة؛ فقد قاله السُّهَيليُّ ومِن بعدِه ابنُ سيِّدِ النَّاسِ، وأمَّا كونها الدُّلْدُل؛ فقاله النوويُّ، وكذا مُغْلَطاي في «سيرته الصغرى».

    قوله: (أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه هل هو شِعر أم لا؟ لأنَّ الرَّجَز اختُلِف فيه، والأصحُّ أنَّه شِعر، ولكنَّ للشِّعر ثلاثةَ شروط: أن يكون موزونًا، مقفًّى، مقصودًا، وهذا وقع موزونًا مقفًّى، لكنْ لم يكن مقصودًا، وقد قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} [يس: 69]، وسيأتي الكلام في عدوله عن الانتساب إلى والده وانتسبَ إلى جده في (حُنين)، إن شاء الله تعالى.

    قوله: (فَمَا رُئِيَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مِنْهُ): (رُئي): بضَمِّ الراء، ثُمَّ همزة مكسورة، ويجوز (رِيءَ): بكسر الراء، وفي آخره همزة مفتوحة، و (أشدُّ) في الحالين مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    ==========

    [ج 1 ص 774]

    (1/5855)

    [باب: إذا نزل العدو على حكم رجل]

    قوله: (بَاب إِذَا نَزَلَ الْعَدُوُّ عَلَى حُكْمِ [1] رَجُلٍ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: (موضع الترجمة من الفقه: لزوم حكم المحكَّم برضا الخصمين وإن لم ينتصب عمومًا) انتهى.

    ==========

    [1] (حكم): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 774]

    (1/5856)

    [حديث: إن هؤلاء نزلوا على حكمك]

    3043# قوله: (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، هُوَ ابْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ): (أبو أمامة) هذا: اسمه أسعد، وُلِد في زمان رسول الله [1] صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وسُمِّي باسم جدِّه أسعد بن زرارة النَّقيبِ، وروى عن عمر، قال أبو زرعة: مرسل، وعن عدَّة، وعنه: الزُّهْرِيُّ، ويحيى بن سعيد، وخلق، تُوُفِّيَ سنة (100 هـ)، أخرج له الجماعة، و (حُنَيف)؛ بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح النون، والباقي معروفٌ، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِي): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه.

    قوله: (لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ بْنُ مُعَاذٍ): غزوة بني قريظة عقيب الخندق، وقد تَقَدَّمَ متى كانت الخندق مع الاختلاف، وسيأتي؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام حين أصبح [2]؛ انصرف عن الخندق راجعًا إلى المدينة والمسلمون، ووضعوا السلاح، فلمَّا كانت الظهرُ؛ أتى جبريلُ عليه السلام النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكلَّمه، فأمر رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مؤذِّنًا، فأذَّن: «من كان سامعًا لله مطيعًا؛ فلا يُصَلِّينَّ العصر إلَّا في بني قريظة»، وفي «مسلم»: «الظهر»، وقد ذكرت [3] ما قيل فيها، وقصَّة بني قريظة معروفة، والله أعلم.

    [ج 1 ص 774]

    قوله: (أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ): (تُقتَل) و (تُسبَى): مبنيِّان لما لم يُسمَّ فاعلهما، و (المقاتِلةُ) و (الذُّرِّيَّةُ): مرفوعان [4] نائبان مناب الفاعلين، وسيأتي [5] كم كان الذين قُتلوا من بني قريظة إن شاء الله تعالى.

    قوله: (بِحُكْمِ الْمَلِكِ): هو بكسر اللام في «مسلم»، وأمَّا في «البُخاريِّ»؛ فقد اختَلَف رواته فيها؛ فبعضهم كسر، وبعضهم فتح، وبكسرها: هو الله عزَّ وجلَّ، وبفتحها يريد: ما أوحى إليه [6] به جبريل، قال ابن قرقول: والأولُ أولى؛ يعني: الكسر؛ لرواية: (بحكم الله).

    (1/5857)

    [باب قتل الأسير وقتل الصبر]

    ==========

    [ج 1 ص 775]

    (1/5858)

    [حديث أنس: أن رسول الله دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر]

    3044# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه إسماعيل بن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله.

    قوله: (دَخَلَ عَامَ الفَتْحِ): تَقَدَّمَ مرارًا [1] أنَّ الفتح في رمضان سنة ثمانٍ، وقد اختُلِف في دخولها متى كان من الشهر، على أقوالٍ تَقَدَّمَت.

    قوله: (وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ): تَقَدَّمَ ما (المغفر)، قال الحافظ أبو ذرٍّ: (إنَّه لم يروِ حديثَ المغفر عن الزُّهْرِيِّ غيرُ مالك) انتهى، وهذا الكلامُ فيه نظر، وسأذكر في (اللباس): أنَّ مالكًا لم ينفرد به عن الزُّهْرِيِّ، وقد رواه جماعة عن الزُّهْرِيِّ غيرَه، إن شاء الله تعالى.

    قوله: (جَاءَهُ [2] رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ»): تَقَدَّمَ في (الحجِّ) الكلام على (ابن خطل)، والاختلاف في اسمه، والاختلاف في قاتله على أقوالٍ، والظَّاهر أنَّ الكلَّ اشتركوا (في قتله، وهذا الرجل لعلَّه من الجماعة الذين اشتركوا) [3] فيه، والله أعلم، وتَقَدَّمَ ما ذنبه، ومن أهدر عليه الصَّلاة والسَّلام دمَه حين [4] دخول مكة مُطَوَّلًا [5]؛ فانظره.

    ==========

    [1] (مرارًا): ليس في (ب).

    [2] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (جَاءَ).

    [3] ما بين قوسين سقط من (ب).

    [4] في (ب): (من).

    [5] (مُطَوَّلًا): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 775]

    (1/5859)

    [باب: هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل]

    قوله: (باب هَلْ يَسْتَأْسِرُ الرَّجُلُ)، وكذا (وَمَنْ لَمْ يَسْتَأْسِرْ): هو بفتح أوَّله، وسكون السين الأولى، وكسر السين الثانية، ومعناه: هل يجعل نفسه أسيرًا؟

    تنبيه: التبويب والحديث فيه دليلٌ على أنَّه جائزٌ أنْ يَسْتأسِر الرجلُ إذا أراد أن يأخذ برخصة الله عزَّ وجلَّ في إحياء نفسه؛ كما فعل خُبيب وصاحباه، وقال الحسن البصريُّ: لا بأس أن يَسْتأسِر الرجل إذا خاف أن يُغلبَ، وقال الأوزاعيُّ: لا بأس للأسير المسلم أن يأبى أن يُمكِّن من نفسه ويَمدَّ عنقه للقتل، وقال الثوريُّ: أكره للأسير [1] أن يُمكِّن من نفسه إلا مجبورًا، نقله شيخنا.

    ==========

    [1] في (ب): (الأسير)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 775]

    (1/5860)

    [حديث: بعث رسول الله عشرة رهط سريةً عينًا]

    3045# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّمَ (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّمَ (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد ابن شهاب.

    قوله: (أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ): أمَّا (أَسِيد)؛ فهو بفتح الهمزة، وكسر السين، ابن جارية _بالجيم_ الثَّقفيُّ، حليفٌ لبني زهرة بن كلاب، أسلم يوم الفتح، وشهد حُنينًا [1]، وهو والد أبي بَصِير عتبةَ [2] بن أسيد، ولأبي بصير صحبة، وليست له رواية، وقد تَقَدَّمَ، وقد جرى ذكره في صلح الحديبية.

    ومن وَلَد أَسِيد بن جارية: عمرو بن أبي سفيان هذا، وهو من أصحاب أبي هريرة، هكذا يقوله أكثر أصحاب الزُّهْرِيِّ: (عمرو)؛ بالواو، وقال إبراهيم بن سعد: عن الزُّهْرِيِّ، عن عُمر بن أَسِيد، والحاصل: أنَّ الأكثر والأصحَّ أنَّه (عمرو)؛ بفتح العين، وزيادة واو، وكذا ذكر المِزِّيُّ في «أطرافه» الخلاف فيه، وصدَّر بـ (عمرو)، ثمَّ قال: (وقيل: عُمر)، ومن قبله أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ.

    قوله: (عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً): اعلم أنَّ هذا البعث يُسمَّى بعث الرَّجِيْع، وهو بفتح الراء، وكسر الجيم، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ عين مهملة، وهو ماء لهذيل، قال شيخنا: قال الواقديُّ: على سبعة أميال من عسفان، انتهى، وكان هذا البعث في صفر، على رأس ستَّة وثلاثين شهرًا من مهاجَره عليه الصَّلاة والسَّلام عند ابن سعد، وعند ابن إسحاق: سنة أربع في صفر، قاله شيخنا، و (السريَّة): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وكم هي.

    (1/5861)

    وقوله: (عشرة): اعلم أنَّهم: مَرثَد بن أبي مَرثَد الغنويُّ، وخالد بن البُكَيْر اللَّيثيُّ، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح _بالقاف والحاء المُهْمَلَة_، وخُبيب بن عديٍّ _بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة_ أخو بني جحجبى بن كُلفة، وزيد بن الدَّثِنة، وعبد الله بن طارق، ومعتِّب بن عبيد؛ وهو أخو عبد الله بن طارق لأمِّه، هذا الذي يحضرني من العشرة، وقال ابن إسحاق: وحدَّثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: قَدِم على رسول الله بعد أُحُد [3] رهطٌ من عَضْل والقارة، فقالوا: يا رسول الله ... ) إلى أن قال: (فبعث معهم نفرًا ستَّةً من أصحابه)، ثُمَّ عدَّدهم؛ السِّتَّة الأوَل في كلامي، وذكر ابن سيِّدِ النَّاسِ أنَّ في كتاب «ذيل المذيَّل» لأبي جعفر الطَّبَريِّ لحسان بن ثابت يَرثِي أصحاب الرَّجِيْع السِّتَّة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين [4]:

    ~…أَلَا لَيْتَنِي فِيْهَا شَهِدْتُ ابنَ طَارِقٍ…وَزَيدًا وَمَا تُغْنِي الأَمَانِيْ وَمَرْثَدَا

    ~…وَدَافَعْتُ عَنْ حِبَّيْ خُبَيبٍ وَعَاصِمٍ…وَكَانَ شِفَاءً لَو تَدَارَكْتُ خَالِدَا

    ثُمَّ قال ابن سيِّدِ النَّاسِ: (وذكر ابن سعد أنَّ البعث كانوا عشرة، فذكر السِّتَّة الذين ذكرناهم، وزاد: معتِّب بن عبيد .. ) إلى أن قال: (وذكر ابن [5] عقبة أيضًا معتِّبَ بن عبيد فيهم).

    قوله: (وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ): كذا هنا، وقال ابن إسحاق: (وأمَّر رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على القوم مَرثَد بن أبي مَرثد الغنويَّ)، وسند «الصحيح» صحيح لا شكَّ فيه، وكلام ابن إسحاق رواه عن عاصم بن عمر بن قتادة قولَهُ، وعاصم: ثقة عالم بالسِّيَر، ولكن ساقه من قوله.

    قوله في عاصم بن ثابت: (جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ [6]): كذا هنا، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (ليس بجدِّه، إنَّما كان خالَه؛ لأنَّ عاصم بن عمر بن الخَطَّاب أمُّه جَمِيلة بنت ثابت، أخت عاصم بن ثابت، وكان اسمها: عاصية، فسمَّاها رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جميلة) انتهى، وهو كما ذكر الدِّمْيَاطيُّ.

    (1/5862)

    قوله: (حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ، وَهْوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ): (الهَدَأَة): بفتح الهاء، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة، ثُمَّ همزة مفتوحة أيضًا، ثُمَّ تاء التأنيث، ويقال لموضع بين مكَّة والطَّائف: الهَدَةُ، ويُنسَب إليها: هَدَوي، وهذه غير الأُولى، وإنَّما ذكرتُ الثانية؛ دفعًا للتَّوهُّم، ويقال في هذه أيضًا: الهَدَّةُ، وقال شيخنا العلَّامة مجد الدِّين في «القاموس» في (هدأ) المهموز: (وبهاء _يعني: هَدأة _ «ع» _يعني: موضعًا_ بين الطائف ومكَّة، وهو هدَويٌّ)، انتهى.

    [ج 1 ص 775]

    قوله: (يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لحْيَانَ): هو بكسر اللَّام وفتحها، من هُذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، قال شيخنا: وعند الرُّشاطيِّ: إنَّهم بقايا من جُرهم.

    قوله: (فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِئَتَيْ رَجُلٍ): (نفَروا): بتخفيف الفاء، كذا أحفظه، وقال شيخنا: وضبطه بعض شيوخنا بتشديدها، وفي رواية: (فنُفر إليهم بقريبٍ من مئة رجل)، ولكن ما تبعهم إلا مئة، وفي رواية: (فنفذوا): بالذال المُعْجَمَة، انتهى، ثُمَّ رواية التشديد التي ضَبَط بها ظاهرةٌ؛ لأنَّ (قريبًا) مفعولُها، وأمَّا على رواية التخفيف؛ فـ (قريبًا) مَنْصُوبٌ على الحال، ويجوز من حيث العربيَّة رفعه، والله أعلم.

    قوله: (لَجَؤُوا): هو بهمزة بعد الجيم المفتوحة، ومعناه معروف.

    قوله: (إِلَى فَدْفَدٍ): تَقَدَّمَ قريبًا في (باب السفر بالمصاحف) ضبطه وما هو، وأنَّه الفلاة [7] من الأرض لا شيء فيها، وقيل: الغليظة من الأرض ذات الحصى، وقيل: الجَلْد من الأرض في ارتفاع، وسياق الحديث يعطي أنَّه ليس المراد بـ (الفدفد) ما ذكره صاحبُ القول الأوَّل ولا الثاني في الظَّاهر، والظَّاهر: الثالث، والله أعلم.

    قوله: (انْزِلُوا): هو بهمزة وصل، فإذا ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.

    قوله [8]: (وَلاَ نَقْتُلُ [9]): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا، وبخطِّ الشيخ الأستاذ أبي جعفر: مجزومٌ على الجواب.

    قوله: (فَقَالَ [10] عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما قاله ابن إسحاق في أميرهم.

    قوله: (أَمَّا أَنَا): (أمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم.

    قوله: (فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ): أي: في أمانه وعهده.

    (1/5863)

    قوله: (مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ): هو بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة، هو خُبَيب بن عديِّ بن مالك الأنصاريُّ الأوسيُّ، بدريٌّ مشهور، قُتشل صبرًا بمكَّة، كذا قاله ابن عَبْدِ البَرِّ ومِنْ بعدِه الذَّهَبيُّ، وسيأتي ما فيه من عند الحافظ الدِّمْيَاطيِّ قريبًا؛ فانظره فإنَّه مكان حسن.

    قوله: (وابْنُ [11] دَثِنَة): هو بفتح الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَلَّثَة مكسورة _وقد تُسَكَّن، وقد وقع تسكينها في شعرٍ لحسان بن ثابت في رثائه لأهل الرَّجِيْع_ ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، واسم ابن الدَّثِنة: زيد بن دَثِنة بن معاوية بن عُبيد الخزرجيُّ البياضيُّ، بدريٌّ أُحُديٌّ، أُسِرَ يوم الرَّجِيع مع [12] خُبيب، فباعوه بمكَّة، وقُتِلا صَبْرًا.

    تنبيهٌ: لم يذكر من قتل ابن دَثِنة، وقد قتله صفوان بن أُمَيَّة بأبيه، قاله شيخنا في «شرحِه».

    قوله: (وَرَجُلٌ آخَرُ)، وقوله: (فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ): هو عبد الله بن طارق الظفريُّ، وقيل: طارق بن عمرو بن مالك البلويُّ، بدريٌّ، قُتِل يوم الرَّجِيْع، وجعلهما ابن سعد اثنين، وأنَّهما [13] أخوان لأمٍّ.

    قوله: (قِسِيِّهِمْ): هو بتشديد الياء المُثَنَّاة تحت، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (لَأسْوَةً): تَقَدَّمَ أنَّها بضَمِّ الهمزة، وكسرها، وهي منصوبة منوَّنة اسم (إنَّ).

    قوله: (فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ): سيأتي في (غزوة الرَّجِيْع) الاختلاف في ذلك إن شاء الله تعالى.

    قوله: (خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ): كذا هنا، وليس ذلك عند أهل السِّيَر بمعروف، وإنَّما الذي قتل الحارث بن عامر خُبَيبُ بن إساف بن عتبة بن عمرو بن خَدِيج بن عامر بن جُشَم بن الحارث [14] بن الخزرج، وخُبَيب بن عديٍّ لم يشهد بدرًا عند أَحَدٍ من أرباب المغازي، نبَّه على ذلك ابن سيِّدِ النَّاسِ في «سيرته»، وما سُقْتُه هو لفظه.

    ولفظ الدِّمْيَاطيِّ الحافظ شرف الدِّين أبي مُحَمَّد عبد المؤمن بن خلف التونيِّ شيخ شيوخنا _الذي قال المِزِّيُّ: إنَّه ما رأى أحفظَ منه للحديث_: وخُبيب بن عديٍّ الأوسيُّ هذا لم يَقْتُل الحارث، ولم يشهد بدرًا، وإنَّما الذي قتله وشهد بدرًا خبيبُ بن إساف الخزرجيُّ؛ فليُعْلَم ذلك.

    (1/5864)

    وقد رأيت بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة أنَّه سأل الحُفَّاظ الثلاثة؛ العِرَاقيَّ، وابنَ حاتم، ونور الدِّين الهيثميَّ؛ فأنكروا كلام الدِّمْيَاطيِّ، انتهى، واعلم أنَّ الثلاثة مشايخي، وابنُ سيِّدِ النَّاسِ أعلمُ منهم بالمغازي وأَقْعَدُ، وكذا الإمامُ الدِّمْيَاطيُّ أقعدُ وأعلمُ بالسِّيَر والأنساب والحديث من الثلاثة، بل من الأربعة، والله أعلم.

    قوله: (فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عِيَاضٍ): قائل ذلك هو الزُّهْرِيُّ، وكذا قاله المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهو ظاهِرٌ، قال شيخنا: لا كما قاله بعض الشُّرَّاح: إنَّه عمرو، انتهى، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عُبيد الله بن عياض بن عمرو القاريُّ، من القارة، سمع عائشة) انتهى، وهو عبيد الله بن عياض بن عمرو بن عبدٍ القاريُّ، عن أبيه، وعائشة، وابنة الحارث، وأبي سعيد الخُدْرِيِّ، وجابر، وغيرهم، وعنه: الزُّهْرِيُّ، وعمرو بن دينار، وعبد الله بن عثمان بن خُثَيم في «ثقات ابن حِبَّانَ»، أخرج له البُخاريُّ، قال شيخنا: لم يذكره أحد في رجال البُخاريِّ، إنَّما ادَّعاه الدِّمْيَاطيُّ، ثُمَّ تعقَّبه بأنَّ المِزِّيَّ ذكره، وهو صحيحٌ.

    تنبيهٌ: قال شيخنا: رواية عبيدِ الله عن ابنةِ الحارث، قال الحُمَيديُّ في «جمعه»: (رواية عبيد الله عنها هنا ... إلى قوله: فلمَّا خرجوا به من الحرم) انتهى.

    قوله: (أنَّ ابْنَةَ [15] الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ ... ) إلى آخره: قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (وفي كتاب خلف: عن زينب بنت الحارث) انتهى، وقال أبو عمر في «استيعابه» في (النِّساء) ما لفظه: (مارية

    [ج 1 ص 776]

    أو ماوية، مولاةُ حُجير بن أبي إهاب التميميِّ، حليف بني نوفل، هي التي حُبِس خُبَيب في بيتها، عن أبي جعفر العُقيليِّ ما معناه: أنَّ خُبَيبًا حُبِس في بيتها، وأنَّها رأته يأكل قطف عنب مثل رأس الرَّجُل، وهنا استعار منها حديدة، قالت: فأعطيتُ الموسى غلامًا منَّا .. ) إلى أن قال: (لعمري؛ ما خافت أمُّك غدري حين أرسَلَتْك بهذه الحديدة، قال أبو عمر: هكذا قال: مارية، وفي رواية يونس ابن بُكَيْر: ماوية، قال يونس عن ابن إسحاق: فحدَّثني عبد الله بن أبي نَجِيح عن ماوية مولاة حُجير بن أبي إهاب قالت: حُبِس خُبَيب في بيتي، فلقد اطَّلعتُ عليه يومًا وإنَّ في يده لقطفًا من عنب أعظم من رأسه، يأكل منه، وما في الأرض يومئذٍ حبَّة عنب) انتهى.

    (1/5865)

    وبعض هذا ذكره الذَّهَبيُّ في «تجريده» في (الأسماء) في (النساء) [16]، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (وما في «البُخاريِّ» من أنَّها بنت الحارث أصحُّ، ولم يتعيَّن لي اسمها) انتهى، وقد ذكر الذَّهَبيُّ في «تذهيبه» رواية عبيد الله بن عياض عن ابنة الحارث، لكن لم يترجمها في (فصل البنات) بأكثرَ من أن قال: (ابنة الحارث، روى عنها عبيد الله بن عياض قصَّة خُبَيب)، ورقم عليها (خ)، وقد علمت ما في كتاب خلف، والله أعلم.

    وقال شيخنا: وسمَّى ابن إسحاق ابنة الحارث: ماوية، وقيل: مارية، وهي مولاة حجر [17] بن أبي إهاب، وكانت زوج عقبة بن الحارث، وسمَّاها ابن بطَّال: جويرية، قال شيخنا: وفي «معجم البغويِّ»: ماوية بنت حجير بن أبي إهاب، وللواقديِّ: هي مولاة بني عبد مناف، انتهى.

    وبين كلام أبي عمر في «الاستيعاب» والذَّهَبيِّ وبين المذكور في حديث «الصحيح» بَوْنٌ؛ لأنَّ التي في «الصحيح»: (من بعض بنات الحارث)، والتي ذكرها أبو عمر والذَّهَبيُّ: (مولاة)، و (الابن) في «الاستيعاب» مقتضاه أنَّه ابن التي أعارته الموسى ورأته يأكل العنب، و (البنت) التي في «الصحيح»: بنت الحارث؛ يعني: ابن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وتَقَدَّمَ أنَّ في «أطراف خلف»: أنَّ اسمها زينب بنت الحارث، فلعلَّهما رأياه وأعارته كلُّ واحدة موسًى، والله أعلم.

    قوله: (فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ): هذا (الابن): هو أبو الحسين بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، ومن ولده: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الحسين المُحَدِّث، كذا رأيته عن الدِّمْيَاطيِّ، وفي «الروض» للسهيليِّ ما لفظه: هو أبو الحسين [18] بن الحارث بن عديِّ بن نوفل بن عبد مناف، قاله الزُّبَير، وهو جدُّ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حسين الذي يروي عنه مالك في «الموطَّأ»، فما قاله الدِّمْيَاطيُّ _ومِنْ قبلِه السُّهَيليُّ_ لا يجتمع مع ما قيل في نسب ابنة الحارث، اللهمَّ؛ إلا أن يكون هذا الابن نُسِب إلى جدِّه لأمِّه، وأبو الحسين هذا: لا أعرف له ترجمة، والظَّاهر هلاكه على دينهم.

    قوله: (مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكِ): (ذلكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ.

    (1/5866)

    قوله: (ولسْتُ [19] أُبَالِي ... )؛ البيتين: قد أنشد أبو عمر في «الاستيعاب» مع البيتين أبياتًا، لكن أنشد البيتين في الأوَّل، ثُمَّ قال: وذكر غير ابن إسحاق قال: وقال خُبَيب حين صَلْبِه: [من الطَّويل]

    ~…لَقَدْ جَمَّعَ الأَحَزَابُ حَوْلِي وَأَلَّبُوا…قَبَائِلَهُمْ وَاسْتَجْمَعُوا كُلَّ مَجْمَعِ

    ~…وَقَدْ قَرَّبُوا أَبْنَاءَهَمْ وَنِسَاءَهُمْ…وَقُرِّبْتُ مِنْ جِذْعٍ طَوِيلٍ مُمَنَّعِ

    ~…وَكُلُّهُمُ يُبْدِي العَدَاوَةَ جَاهِدًا…عَلَيَّ لِأَنِّي فِي وِثَاقٍ بِمَضْيَعِ

    ~…إِلَى اللهِ أَشْكُو غُرْبَتِي بَعْدَ كُرْبَتِي…وَمَا جَمَّعَ الأَحْزِابُ لِي عِنْدَ مَصْرَعِي

    ~…فَذَا العَرْشِ صَبِّرْنِي عَلَى مَا أَصَابَنِي…فَقَد بَضَّعُوا لَحْمِي وَقَدْ ضَلَّ مَطْمَعِي

    ~…وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ…يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

    ~…وَقَدْ عَرَّضُوا بالكُفْرِ وَالمَوْتُ دُوْنَهُ…وَقَدْ ذَرَفَتْ عَيْنَايَ مِنْ غَيرِ مَدْمَعِ

    ~…وَمَا بِي حِذَارُ المَوْتِ إِنِّي لَميِّتٌ…وَلَكِنْ حِذَارِي حَرُّ نَارٍ تَلَفَّعُ

    ~…فَلَسْتُ بِمُبْدٍ لِلعَدُوِّ تَخَشُّعًا…وَلَا جَزَعًا إِنِّي إِلَى اللهِ مَرْجِعِي

    ~…وَلَسْتُ أُبَالِي حِيْنَ أُقْتَلُ مُسِلِمًا…عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ فِي اللهِ [20] مَضْجَعِي

    وقد ذكرتُ في تعليقي على «سيرة ابن سيِّدِ النَّاسِ» هذا الشِّعر ذكرتُ عن ابن هشام، ومنه هاذان البيتان اللَّذان ذكرهما البُخاريُّ قال: (وبعض أهل العلم بالشِّعر ينكرها له) انتهى، فإنَّ صحَّ أنَّهما [21] لخُبَيب؛ ففيه إثبات الذات عليه سبحانه، ومنعه الأكثرون للتَّأنيث، وسأذكر ذلك في (كتاب التوحيد).

    قوله في شِعر خُبيب: (شِلْوٍ مُمَزَّعِ): (الشِّلْوُ): بكسر الشين المُعْجَمَة، وسكون اللَّام، ثُمَّ واو، قال أبو عبيد: الشِّلْو: العضو من اللَّحم، و (المُمَزَّع): المُقَطَّع، وقال الخليل: الشِّلْو: الجسد؛ لقوله: (أَوْصَال شِلْو)؛ يعني: أعضاء جسد؛ إذ لا يقال: أعضاء عضو.

    (1/5867)

    قوله: (فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ): (ابن الحارث) هذا: هو عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصيٍّ، القرشيُّ الصَّحَابيُّ، أسلم يوم الفتح، وكنيته أبو سرْوَعَة؛ بكسر السين المُهْمَلَة وفتحها، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ عين مهملة مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وما ذكرته في نسبه هو قول أهل الحديث ومصعبٍ الزُّبيريِّ، وقال جمهور أهل النسب: (أبو سِرْوَعة أخو عقبة، أسلما يوم الفتح)، وقال بعض الحُفَّاظ: كذا سمَّاه أهل الحديث _يعني: أبا سِرْوَعة_ عقبة بن الحارث، وقال الزُّبَير وعمُّه مصعبٌ: هو أخوه، والله أعلم، وقال شيخنا: (وكلاهما أسلم بعد ذلك؛ يعني: أبا سِرْوَعة وأخاه)، انتهى.

    تنبيهٌ: قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»: (وكان الذي تولَّى صَلْبَه عقبة بن الحارث وأبو هُبيرة العبدريُّ)، كذا قال، ورأيت بخطِّ الحافظ أبي الفتح ابن سيِّدِ النَّاسِ تجاه هذا الكلام: (يوشك أن يكون «أبو هُبيرة» تصحيفًا، وإنَّ ما ذكره ابن إسحاق: أبو ميسرة)، انتهى.

    قوله: (وَكَانَ [22] خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ [23] مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا): هذا في «الصحيح»: تنبيهٌ: ذكر ابن عَبْدِ البَرِّ في «استيعابه» في ترجمة زيد بن حارثة: أنَّه صلَّاهما، وقصَّة زيد قبل قصَّة خُبَيب بزمن طويل، وقال مغلطاي في «سيرته الصغرى» في (الرَّجِيع) ما هنا عن خُبَيب، ثُمَّ عقَّبه بقوله: (وقيل: أسامة بن زيد حين أراد الكَرِيُّ الغدر به، كذا ذكره بعضهم، وكأنَّ الصواب: زيد)، انتهى.

    قوله: (حِينَ حُدِّثُوا): (حُدِّثوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    [ج 1 ص 777]

    قوله: (وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ): هؤلاء لا أعرفُهم.

    قوله: (حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ): (حُدِّثوا) و (قُتِل): مَبنيِّان لما لم يُسمَّ فاعلهما.

    قوله: (وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ): هذا الرجل من عظمائهم: قيل: إنَّه عقبة بن أبي مُعَيط، قتله بالصَّفراء صَبْرًا بأمره عليه الصَّلاة والسَّلام، وقيل: بل الذي قَتَل عقبة عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه، والخلاف في ذلك معروف، وقد ذكروه.

    قوله: (مِثْلُ الظُّلَّةِ): (الظُّلَّة): السَّحابة، وهي بضَمِّ الظاء المُعْجَمَة المشالة، وتشديد اللَّام، ثُمَّ تاء التأنيث.

    (1/5868)

    قوله: (مِنَ الدَّبْرِ): هو بفتح الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ مُوحَّدة ساكنة، ثُمَّ راء، قيل: ذكر النحل، وقيل: جماعة النَّحل، وقيل: جماعة الزَّنابير، وقال السُّهَيليُّ: الدَّبْر هنا: الزَّنابير، وأمَّا الدِّبْرُ؛ فصغار الجَّراد، ومنه يقال: ما له دِبْرٌ، قاله أبو حنيفة، قال _يعني: أبا حنيفة_: وقد يقال للنحل أيضًا: دَبْرٌ؛ بالفتح، واحدتها: دَبْرة.

    ==========

    [1] في (أ): (خبيبًا)، وهو تصحيفٌ.

    [2] في (ب): (عقبة)، وهو تحريفٌ.

    [3] (بعد أحد): ليس في (ب).

    [4] التَّرضية مثبتةٌ من (ب).

    [5] (ابن): سقط من (ب).

    [6] قوله: (بن الخَطَّاب): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ، وفي هامش (ق): (أي: أبو أمِّه).

    [7] في (ب): (الفلاية)، وهو تحريفٌ.

    [8] (قوله): ليس في (ب).

    [9] في (ب): (يقبل)، وهو تصحيفٌ.

    [10] كذا في النسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (قال).

    [11] في (ب): (وإن)، وهو تحريفٌ.

    [12] (مع): سقط من (ب).

    [13] (وأنهما): ليس في (ب).

    [14] في (ب): (الخلف)، وهو تحريفٌ.

    [15] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (بِنْتَ).

    [16] في (ب): (والنساء).

    [17] كذا في النُّسختين تبعًا لـ «التوضيح» (18/ 269)، وعليها في (أ): (كذا)، وتقدَّم أنَّه (حجير).

    [18] في (ب): (الحسن)، والذي في «الروض»: (عيسى).

    [19] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة»: (ما)، وفي هامش (ق) مُصحَّحًا عليها: (وما).

    [20] في (ب): (لله).

    [21] (أنهما): ليس في (ب).

    [22] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَكَان).

    [23] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (امْرِئٍ).

    (1/5869)

    [باب فكاك الأسير]

    قوله: (باب فَكَاكِ الأَسِيرِ): (الفَكَاك)؛ بفتح الفاء، ويجوز كسرها.

    ==========

    [ج 1 ص 778]

    (1/5870)

    [حديث: فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

    3046# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ، وكذا (مَنْصُور): هو [1] ابن المعتمر، وكذا (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، وكذا (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ الصَّحَابيُّ المشهور.

    قوله: (فُكُّوا الْعَانِيَ): (العاني): منقوصٌ؛ كـ (القاضي) يَظهَر فيه النصب فقط: الأسير، وأصله: الخُضوع.

    ==========

    [1] في (ب): (أنَّه).

    [ج 1 ص 778]

    (1/5871)

    [حديث: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهمًا .. ]

    3047# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبه إلى جدِّه، وقد ذكرته مُتَرْجَمًا مَرَّةً، وكذا تَقَدَّمَ (زُهَيْرٌ): أنَّه ابن معاوية بن حُدَيج، أبو خيثمة الجُعْفيُّ الكوفيُّ، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    قوله: (حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ): هو بفتح [1] الطَّاء المُهْمَلَة، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة [2]، وهو ابن طَرِيف الحارثيُّ، وقيل: الخارفيُّ [3]، الكوفيُّ، أبو بكر، عن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، والشَّعبيِّ، والحكم بن عتيبة [4]، وحَبيب بن أبي ثابت، وجماعة، وعنه: السُّفيانان، وجرير بن عبد الحميد، وخلق كثير، وثَّقه أحمد، وأبو حاتم، وغيرهما، قال الفلَّاس وغيره: مات سنة ثلاث وأربعين ومئة، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين وأربعين [5] ومئة، أخرج له الجماعة.

    قوله: (أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ): هذا هو الشعبيُّ عامر بن شَراحيل تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو جُحَيْفَة)، وأنَّه بضَمِّ الجيم، ثُمَّ حاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه وهبُ بن عبد الله السُّوائيُّ، ويقال: وهب بن وهب، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، رضي الله عنه.

    قوله: (وَبَرَأَ): هو مهموز الآخر، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (النَّسَمَةَ): هو بفتح النون والسين: الإنسان.

    قوله: (إِلَّا فَهمًا): هو بإسكان الهاء وفتحها، معروف.

    قوله: (الْعَقْلُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وإسكان القاف، وهو الدِّيَة، وتَقَدَّمَ لمَ قيل للدِّيَة: العَقْل، في (العلم)، وكذا تَقَدَّمَ (فَكَاك): أنَّه بفتح الفاء وكسرها أعلاه وقبله.

    ==========

    [1] في النُّسخَتَين: (بتشديد)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [2] قوله: (المُشَدَّدة): سقط من (ب).

    [3] في (ب): (الخازني)، وهو تحريفٌ.

    [4] في (ب): (عتبة)، وهو تحريفٌ.

    [5] قوله: (وأربعين): سقط من (أ).

    [ج 1 ص 778]

    (1/5872)

    [باب فداء المشركين]

    (1/5873)

    [حديث: لا تدعون منها درهمًا]

    3048# قوله: (عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّ الحافظ صلاح الدين العلائيَّ شيخ شيوخي قال: (قال [1] الإسماعيلي: لم يسمع موسى بن عقبة من ابن شهاب شيئًا) انتهى، وقد تعقَّبه العلائيُّ في «مراسيله»، وقد ذكرتُ ذلك في (العتق)؛ فانظره، وأنا أيضًا أستبعد أن يكون ابن عقبة لم يسمع من ابن شهاب، وهو بَلِيدُه [2] ومعاصرُهُ، وموسى ليس مُدَلِّسًا، والله أعلم، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله.

    قوله: (أنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ): هؤلاء الرجال لا أعرفهم بأعيانهم، والظَّاهر أنَّهم من بني عديِّ بن النَّجَّار؛ لأنَّهم أخوال عبد المُطَّلِب والدِ العَبَّاس، وقد قَدَّمْتُ اسم والدة عبد المُطَّلِب، وأنَّها سلمى بنت عَمرو بن زيد، ونسبَها إلى عديِّ بن النَّجَّار، فيما مضى.

    قوله: (فِدَاءَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ الفداء كان من أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين إلى الألف، وتَقَدَّمَ ما كان يُعمَل بمَن كان فقيرًا.

    ==========

    [1] (قال): ليس في (ب).

    [2] في (ب): (تلميذه).

    [ج 1 ص 778]

    (1/5874)

    [معلق إبراهيم: يا رسول الله أعطني فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلًا]

    3049# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بنُ طَهْمانَ [1] ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ في أصلنا: (وقال إبراهيم)، وأمَّا (بن طهمان)؛ فعليه علامة نسخة، واعلم أنَّ هذا التَّعليق المجزوم به هو كذلك هنا، و (الصلاةِ)، و (الجزيةِ): (وقال إبراهيم بن طَهْمان، عن عبد العزيز، عن أنس: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أُتي بمال)؛ غيرُ منسوبٍ، وذكره أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ وخلف الواسطيُّ في ترجمة عبد العزيز بن صهيب عن أنسٍ، وكذلك رواه عمر بن مُحَمَّد بن بُجير البُجيريُّ في «صحيحه» من رواية إبراهيم بن طهمان، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، وقيل: إنَّه عبد العزيز بن رُفيع، وقد روى أبو عوانة في «صحيحه» حديثًا من رواية إبراهيم بن طهمان، عن عبد العزيز بن رُفيع، [عن أنس: «تسحَّروا، فإنَّ في السحور بركة»، وروى أبو داود والنَّسائيُّ حديثًا من رواية إبراهيم بن طهمان، عن عبد العزيز بن رُفيع] [2] عن عُبيد بن عُمير عن عائشة حديث: «لا يحلُّ دمُ امرئٍ مسلم إلَّا بإحدى ثلاث ... »؛ الحديث، فيحتمل أن يكون هذا، ويحتمل أن يكون هذا، والله أعلم أيُّهما هو، انتهى كلام المِزِّيِّ في «أطرافه»، والله أعلم، وهذا التعليق ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

    [ج 1 ص 778]

    قوله: (أُتِيَ [3] بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ): (أُتي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (البحرَين) بلفظ تثنية (بَحْر)، بلاد معروفة باليمن، وهو عَمَلٌ فيه مدن، وقاعدتها هَجَر، وقد تَقَدَّمَتْ.

    قوله: (فَادَيْتُ نَفْسِي، وَفَادَيْتُ عَقِيلًا): (عَقِيل): هو ابن أخيه أبي طالب، وتَقَدَّمَ ترجمة (عَقِيل)، وأنَّه بفتح العين، وأنَّه أسلم قبيل [4] الحديبية، وتَقَدَّمَ أنَّه فادى أيضًا نوفلَ بن الحارث بن عبد المُطَّلِب، وهو ابن أخيه أيضًا، أسلم وصَحِب، وكان أسنَّ بني هاشم الصَّحَابة رضي الله عنهم، وتَقَدَّمَ فداء المشركين في بدر كم [5] كان؟ ومن لم يكن له مال؛ ماذا كان [6] يُصْنَع به؟ والله أعلم.

    ==========

    [1] قوله: (بن طَهْمانَ): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

    [2] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    (1/5875)

    [3] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وذلك موافق لرواية أبي ذرٍّ: (أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتي) ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليها: (أُتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

    [4] في (ب): (قبل).

    [5] في (أ): (كما)، وفي (ب): (لما)، ولعلَّه تحريفٌ.

    [6] (ماذا كان): سقط من (ب).

    (1/5876)

    [حديث: سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور]

    3050# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَحْمُودٌ): هذا هو ابن غيلان، المروزيُّ الحافظ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام الحافظ، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين، وفتح الميمين: ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

    قوله: (وَكَانَ جَاءَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّ الأُسَارى كانوا سبعين، وقد أسلم من الأُسَارى غيرُ واحد، فممَّن يحضرني من أسلم منهم: العَبَّاس، وعَقِيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث بن عبد المُطَّلِب، وأبو العاصي بن الربيع زوج زينب [2] بنت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأبو عزيز بن عُمير العبدريُّ، والسَّائب بن أبي حبيش، وخالد بن هشام المخزوميُّ، وعبد الله بن أبي السَّائب، والمطَّلب بن حنطب، وأبو وداعة السهميُّ، وعبد الله بن أُبيِّ بن خلف الجمحيُّ، ووهب بن عُمير الجمحيُّ، وسُهيل بن عَمرو العامريُّ، وعُبيد بن زمعة أخو سودة، وقيس بن السَّائب المخزوميُّ، وبسطاس مولى أُمَيَّة بن خلف، كذا قال ابن سيِّدِ النَّاسِ، ولم أر له ذكرًا في الصَّحَابة؛ فهو من فوائده، وقد ذكره أيضًا السُّهَيليُّ في «روضه»، لكن قال: يقال: إنَّه أسلم بعد أُحُد، وذكر السُّهَيليُّ فيهم: الحجاج بن الحارث، ثُمَّ تعقَّبه بأنَّه وهم، وأنَّه من مهاجِرة الحبشة، وقَدِم المدينة بعد أُحُد، فكيف يُعدُّ في أسرى بدر؟ انتهى، وقد زدت أنا على هؤلاء في الأسرى في تعليقي على «سيرة ابن سيِّدِ النَّاسِ»؛ فانظرهم.

    (1/5877)

    [باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان]

    قوله: (بابُ الْحَرْبِيِّ إِذَا دَخَلَ دَارَ الإِسْلاَمِ بِغَيْرِ أَمَانٍ): ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ بغير إسناد، ثُمَّ قال: (الترجمة أعمُّ [1]؛ لأنَّ الجاسوس حكمُه غيرُ حكمِ الحربيِّ المطلق الداخلِ بغير أمان) انتهى.

    ==========

    [1] (أعمُّ): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 779]

    (1/5878)

    [حديث: اطلبوه واقتلوه]

    3051# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو الْعُمَيْسِ) أنَّه بضَمِّ العين، وفتح الميم، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملتين، وأنَّ اسمه عتبة بن عبد الله بن مسعود الهُذَليُّ.

    قوله: (عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ): (العين): الذي يتجسَّس الأخبار، وأنا [1] لا أعرف هذا العين.

    تنبيهٌ: هذه القصَّة كانت في حُنين؛ وهي هوازن، كما رواه مسلم.

    قوله: (وَلاَ يُسْتَرَقُّونَ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح المُثَنَّاة فوق، وكذا الراء مفتوحة، ثُمَّ بالقاف المُشَدَّدة المضمومة [2]، ومعناه معروف.

    تنبيهٌ: ليس في الحديث الذي ساقه ذكر الاسترقاق، كذا اعتَرَض به ابن التِّين، وقد ذكر ابن المُنَيِّر جوابه، ولفظه: (مُقتَضى الوصية بالإشفاق [3] ألَّا يدخلوا تحت الاسترقاق)، انتهى، ومقتضى التقاتل من ورائهم أنَّهم لا يُسْتَرقُّون، والله أعلم.

    وقد اختُلِف فيه إذا نقض الذِّميُّ العهد؛ هل يُسْتَرقُّ؟ الأظهر في مذهب الشَّافِعيِّ يتخيَّرُ الإمامُ فيه قتلًا، وَمَنًّا، ورِقًّا، وفداءً، فإن أسلم قبل الاختيار؛ امتَنَع الرِّقُّ، والله أعلم، ونقل شيخنا عن أشهب: لا، وعن ابن القاسم: نعم.

    (1/5879)

    [باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون]

    (1/5880)

    [حديث: وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله]

    3052# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيّ الحافظ، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمته، والكلام على نسبته لماذا، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو عَوَانَةَ): أنَّ اسمه الوضَّاح بن عبد الله، وكذا (حُصَيْن): أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وأنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، إلا حُضَين بن المنذر أبا ساسان؛ فإنَّه بالضَّمِّ وبالضاد المُعْجَمَة، وإنَّه فرد، و (حُصَين) هذا: هو ابن عبد الرَّحْمَن، أبو الهُذيل.

    تنبيهٌ: لهم حُصَين بن عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاريُّ، أخرج له أبو داود والنَّسائيُّ، وحُصَين بن عبد الرَّحْمَن الجُعْفيُّ الكوفيُّ، وحُصَين بن عبد الرَّحْمَن الحارثيُّ، وحُصَين بن عبد الرَّحْمَن النَّخَعيُّ الكوفيُّ، ولهم غيرُ هؤلاء.

    قوله: (وَأُوصِيهِ): يعني: الخليفة من بعده، وقوله: (بِذِمَّةِ اللهِ)؛ أي: بأهل الذِّمَّة، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (أَنْ يُوفَى لَهُم): (يُوفَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، ويجوز فيه التخفيف والتشديد، وكذا (وَأَنْ يُقَاتَلَ) و (لَا يُكَلَّفُوا): كلُّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (مِنْ وَرَائِهِمْ): يعني: من بين أيديهم كلُّ مسلم وكافر؛ كما يُقَاتَلُ من ظَلَم مسلِمًا.

    ==========

    [ج 1 ص 779]

    (1/5881)

    [باب جوائز الوفد]

    قوله: (باب جَوَائِزِ الْوَفْدِ): كذا هو (باب جَوَائِزِ الْوَفْدِ)؛ بغير حديث في أصلنا، والظاهر أنَّه استغنى عن ذكر الحديثِ الشَّاهدِ لمَّا ترجم له بذكره له في الباب بعده؛ وهو: «وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ»، ولو عمل كعادته بأن يقول فيه: عن ابن عَبَّاس؛ كان أحسن، وقد رأيت في نسخة صحيحة عكس ذلك، وهو أنَّه ذكر (باب هل يستشفع إلى أهل الذِّمَّة؟) ترجمةً بغير حديث، ثُمَّ ذكر بعدها: (باب جوائز الوفد)، وذكر فيه حديث ابن عَبَّاس: «يوم الخميس، وما يوم الخميس؟! ... »؛ الحديث، وكأنَّه استغنى فيها عن ذكر حديث جابر في دَين أبيه، وذلك لأنَّه كرَّره قبل ذلك مَرَّاتٍ، وفيه ما ترجم له، والله أعلم.

    ==========

    [ج 1 ص 779]

    (1/5882)

    [باب: هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم؟]

    (1/5883)

    [حديث: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده أبدًا]

    3053# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، تَقَدَّمَ، كذا في أصلنا: (قَبِيصة: حدَّثنا ابن عُيَيْنَة)، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والمِزِّيُّ ذكره [1] في «أطرافه» عن هذا المكان: (قَبِيصة)، قال: وفي (المغازي): (عن قُتَيْبَة)، وفي (الجزية): (عن مُحَمَّد)، و «مسلم» في (الوصايا): (عن سعيد بن منصور، وقتيبة، وأبي بكر ابن أبي شيبة، وعَمرو الناقد)؛ ستَّتهم عن ابن عُيَيْنَة، قال الجَيَّانِيُّ: (حدَّثنا قَبِيصة: حدَّثنا ابن عُيَيْنَة)؛ فذكر هذا الحديث، ثُمَّ قال: هكذا روي في إسناد هذا الحديث عن أبي زيد المروزيِّ وأبي أحمد، وكذلك في نسخة عن النَّسَفيِّ، ورُوِّيناه عن أبي عليٍّ ابن السَّكن، عن الفربريِّ، عن البُخاريِّ: (حدَّثنا قُتَيْبَة: حدَّثنا ابن عُيَيْنَة)، وبهذا الإسناد في (مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم): (حدَّثنا قُتَيْبَة: حدَّثنا سفيان)؛ يعني: هذا الحديث، قال: ولم يختلف رواةُ الكتاب عن البُخاريِّ في هذا الموضع، قال: ولعلَّ البُخاريَّ سمع الحديث من قُتَيْبَة بن سعيد، ومن قَبِيصة بن عقبة، غير أنِّي لا أحفظ لقَبِيصة بن عقبة عن ابن عُيَيْنَة شيئًا في «الجامع»، ولا ذكر أبو نصر الكلاباذيُّ أنَّه روى عن غير الثوريِّ في الكتاب، والله أعلم، انتهى.

    قوله: (الحَصْبَاء): هو بمدِّ آخره؛ وهو الحصى الصِّغار.

    قوله: (اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ): اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام ابتدأ به وجعه الذي [2] تُوُفِّيَ فيه في ليالٍ من صفر، أو في أوَّل ربيع الأوَّل، وتتامَّ وجعُه وهو يدور على نسائه حتَّى استُعِزَّ به وهو في بيت ميمونة، فاستأذن أزواجه أن يُمرَّض في بيت عائشة، فأَذِنَّ له، وكانت مدَّة شكواه ثلاثة عشر يومًا، وقيل: اثنا عشر، وقيل: أربعة عشر، وقيل: عشرة، وقيل: ثمانية، وسأذكر ذلك مُطَوَّلًا.

    [ج 1 ص 779]

    قوله: (أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا): (أَكتبْ)؛ بفتح الهمزة، وهي همزة المتكلِّم، وهو مجزوم جواب الأمر [3].

    (1/5884)

    قوله: (كتاب ا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ): اعلم أنَّه تَقَدَّمَ الكلام على هذا الكتاب الذي هَمَّ عليه الصَّلاة والسَّلام بكتابته إمَّا بوحي وإمَّا باجتهاد، ثُمَّ رجع عنه إمَّا بوحي وإمَّا باجتهاد، وسأذكرُه أيضًا بعد هذا إن شاء الله تعالى وقدَّره.

    قوله: (هَجَرَ): سيجيء الكلام على ذلك في (وفاته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)؛ فانظره، وقائل ذلك هو عُمر بن الخَطَّاب، كما قاله ابن الأثير في «نهايته».

    قوله: (أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ.

    قوله: (مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ): قال البُخاريُّ هنا ما لفظه: (وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَأَلْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَقَالَ: مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ، قَالَ [4] يَعْقُوبُ: وَالْعَرْجُ أَوَّلُ تِهَامَةَ): أمَّا (يعقوب) هذا؛ فهو ابن مُحَمَّد، كما قال ابن عيسى الزُّهْرِيُّ العَوْفيُّ المدنيُّ، وهَّاه أبو زرعة وغيره، وقوَّاه أبو حاتم، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثِّقات»، قال الذَّهَبيُّ في «الكاشف»: قال البُخاريُّ في «الصحيح»: (حدَّثنا يعقوب: حدَّثنا إبراهيم بن سَعْد)، فلعلَّه العَوْفيُّ، عَلَّقَ له البُخاريُّ، تُوُفِّيَ سنة (213 هـ)، وأخرج له ابن ماجه، له ترجمة في «الميزان».

    وأمَّا (المغيرة بن عبد الرَّحْمَن)؛ فهو المخزوميُّ المدنيُّ، أبو هاشم، هذا الذي يظهر، عن هشام بن عروة ويزيد بن أبي عُبيد، وعنه: إبراهيم بن المنذر وأبو مصعب، قال الزُّبَير: عرض عليه الرشيد قضاء المدينة، وجائزةً أربعة آلاف دينار، فامنتع، وكان فقيهَ أهل المدينة بعد مالك، مات سنة (186 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وثَّقه ابن معين وغيره، وقال أبو داود: ضعيف الحديث، له ترجمة في «الميزان»، لا المغيرة بن عبد الرَّحْمَن الحزاميُّ، ولا المغيرة بن عبد الرَّحْمَن الأسديُّ، ولا المغيرة بن عبد الرَّحْمَن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، والله أعلم.

    (1/5885)

    وأمَّا (جزيرة العرب)؛ فقال أبو عُبيد: ما بين حَفَرِ أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطُّول، وأمَّا في العَرْض؛ فما بين رَمْلِ يَبْرِينَ إلى مُنْقَطع السَّماوةِ، و (حَفَر أبي موسى): بفتح الحاء المُهْمَلَة والفاء، وكذا قيَّده النَّوويُّ في «تهذيبه»، قالوا: وسُمِّيت جزيرةَ العرب؛ لإحاطة التُّجَّار بها من نواحيها، وانقطاعها عن المياه العظيمة، وأُضيفت إلى (العرب)؛ لأنَّها الأرض التي كانت بأيديهم قبل الإسلام، وديارهم التي هي أوطانُهم، وأوطان أسلافهم، وحكى الهرويُّ عن مالك: أنَّ جزيرة العرب هي المدينة، والصحيح المعروف عن مالك: أنَّها مكَّة والمدينة واليمامة واليمن، وأخذ بهذا الحديث مالكٌ، والشَّافِعيُّ، وغيرهما من العلماء، فأوجبوا إخراج الكفَّار من جزيرة العرب، وقالوا: لا يجوز تمكينهم من سُكْناها، ولكنَّ الشَّافِعيَّ خصَّ هذا الحكم ببعض جزيرة العرب؛ وهو الحجاز، وهو عنده مكَّة والمدينة واليمامة وأعمالها، دون اليمن وغيره ممَّا هو من جزيرة العرب، وخصَّ الشَّافِعيُّ عموم جزيرة العرب بدليلٍ آخرَ مشهورٍ في كتبه وكتب أصحابه، وفي «مسلم»: أنَّ عُمر أجلاهم إلى تيماء وأريحاء، هذا في يهود خيبر، وفي إجلائهم إلى هاتين القريتين دليل على أنَّ مراده عليه الصَّلاة والسَّلام بإخراج اليهود والنَّصارى من جزيرة العرب: إخراجُهم من بعضها، وعتق الحجاز خاصَّة منهم؛ لأنَّ تيماء من جزيرة العرب، لكنَّها ليست من الحجاز، والله أعلم.

    ورأيت في حاشية على نسخةٍ صحيحةٍ من «البُخاريِّ» ما لفظه: (جزيرة العرب من عدن إلى ريف العراق، ومن جُدَّة إلى بحر الشام) انتهت.

    وقال ياقوت في «المشترك»: (جزيرة العرب: ما بين بحر اليمن وبحر الشام، وما أحاط به دِجلة والفرات)، قال الذَّهَبيُّ في «المشتبه»: كذا قال، انتهى.

    وقال شيخنا في شرح هذا الكتاب: جزيرة العرب عند الجوينيِّ والقاضي الحسين: الحجاز؛ وهو مكَّةُ والمدينة واليمامة وقُرَاها، والمشهور: أنَّ الحجاز بعضُ الجزيرة، وبه جزم العراقيُّون وغيرهم، وقالوا: المراد بـ (الجزيرة) في الحديث: الحجاز، وتؤيِّده روايةُ أحمد من حديث أبي عُبيدة ابن الجرَّاح: آخرُ ما تكلَّم به رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أخرجوا يهود الحجاز وأهل نَجْران من جزيرة العرب»، انتهى.

    (1/5886)

    قوله: (وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ): النَّاسي: هو سعيد بن جُبَيرٍ، قاله النَّوويُّ في «شرح مسلم»، وسيأتي من كلام ابن عُيَيْنَة أنَّه من قول سليمان؛ يعني: الأحول، وكذا قال بعض حفَّاظ مصر من المُتَأخِّرين: أنَّ النَّاسِي هو ابن عُيَيْنَة، قال: بيَّنه الإسماعيليُّ في روايته هنا، وقد بيَّنه [5] البُخاريُّ بعدُ في (الجزية).

    قوله: (وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ [6]): قال شيخنا: والثالثة: تجهيز جيش أسامة، قاله المهلَّبُ، وقال شيخنا: وقد ورد في روايةٍ: أنَّه القرآن، انتهى، وقال القاضي عياض: (ويحتمل أنَّها قولُه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لا تتخذوا قبري وَثَنًا يُعَبدُ»، فقد ذكر مالك في «الموطَّأ» معناه مع إجلاء اليهود من حديث عمر رضي الله عنه، والله أعلم)، وقال بعض المُتَأخِّرين من حفَّاظ مصر: وقع في «صحيح ابن حِبَّانَ» ما يرشد إلى أنَّها الوصية بالأرحام) انتهى.

    قوله: (قَالَ [7] يَعْقُوبُ: وَالْعَرْجُ أَوَّلُ تِهَامَةَ): أمَّا (يعقوب)؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه، وأمَّا (العَرْج)؛ فبفتح العين المُهْمَلَة، وإسكان الراء، وبالجيم، وهي قرية جامعة من عَمَل الفُرْع، على نحو ثمانية وسبعين ميلًا من المدينة، وهو أوَّل تهامة، كما قال، و (تِهامة): [تقدَّم] أنَّها بكسر التاء، وهذا مَعْرُوفٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليها.

    ==========

    [1] في (ب): (ونسبوه)، وهو تحريفٌ.

    [2] في النُّسخَتَينِ: (التي)، وهو تحريفٌ.

    [3] (الأمر): سقط من (ب).

    [4] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة»: (وقال)؛ يزيادة واو، وهي مستدركة لاحقًا في (ق).

    [5] في (ب): (تبيَّن)، وهو تحريفٌ.

    [6] في هامش (ق): (وهي إنفاذ جيش أسامة).

    [7] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة»: (وقال)؛ يزيادة واو، وهي مستدركة لاحقًا في (ق).

    (1/5887)

    [باب التجمل للوفود]

    قوله: (باب التَّجَمُّلِ لِلْوُفُودِ): وفي نسخة ليست في طُرَّة أصلنا: (للوفود)، ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ على عادته، ثُمَّ قال: (موضع الترجمة: أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما أَنْكَر عليه طلبه للتَّجمُّل، وإنَّما المُنْكَرُ التجمُّل بهذه الأصناف المَنْهيِّ عنها) انتهى.

    ==========

    [ج 1 ص 780]

    (1/5888)

    [حديث: وجد عمر حلة إستبرق تباع في السوق فأتى بها رسول الله]

    3054# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، نُسِب إلى جدِّه، وكذا تَقَدَّمَ (اللَّيْثُ) أنَّه ابن سعد، وكذا (عُقَيْل): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ) مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، كلُّ واحدٍ منهم مرارًا.

    قوله: (حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلَّة) ما هي غَيْرَ مَرَّةٍ، وكذا (الإستبرق) تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه غليظ الدِّيباج، وكذا (الخَلَاق) تَقَدَّمَ، وهو النَّصيب من الخير.

    قوله: (بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ): هو بكسر الدَّال: الثياب المتَّخَذَة من الإبريسَم، فارسيٌّ معرَّبٌ، وقد تُفتَح داله، ويُجمَع على (ديابيج ودبابيج)؛ بالياء والباء؛ لأنَّ أصله (دِبَّاج)، وقد تَقَدَّمَ.

    ==========

    [ج 1 ص 780]

    (1/5889)

    [باب: كيف يعرض الإسلام على الصبي؟]

    قوله: (باب كَيْفَ يُعْرَضُ الإِسْلاَمُ عَلَى الصَّبِيِّ): (يُعرَض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الإسلامُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، ذكر ابن المُنَيِّر الحديثَ الذي ذكره البُخاريُّ مُختَصرًا، ثُمَّ قال: فائدة صحَّة العرض عليه اعتبارُ إسلامه وكفره، وهل هو اعتبار مطلق أو مقيَّد؟ مُختَلَفٌ، انتهى، وإسلام الصبيِّ المميِّز مُخْتلَف فيه عند العلماء، والظاهر من الأحاديث صحَّتُه، وهو ظاهِرٌ كلام البُخاريِّ هنا، وفي (الجنائز) صحَّتُه، وأمَّا الشَّافِعيَّة؛ فعندهم وجهان في صحَّته استقلالًا، والصحيح منهما عندهم: أنَّه لا يصحُّ، والله أعلم.

    ==========

    [ج 1 ص 780]

    (1/5890)

    [حديث ابن عمر: إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لم يكنه .. ]

    3055# 3056# 3057# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المُسنديُّ، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (هِشَامٌ): أنَّه ابن يوسف الصَّنعانيُّ القاضي، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن راشد، وتَقَدَّمَ ضبطه، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، العَلَم الفَرْد [1]، ابن شهاب.

    [ج 1 ص 780]

    قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّهْط)، وأنَّه ما دون العشرة من الرجال؛ كالنَّفَر، وعلى (قِبَل): أنَّه بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وعلى (ابْنِ صَيَّادٍ)، وأنَّه عبد الله، وصَافٍ لقبُه، وما يتعلَّق به، وأنَّه الدَّجَّال أم لا؟ في (الجنائز)، وعلى (الأُطُم)، و (مَغَالَةَ)، وعلى (يَشْعُر)، ومعناه: يعلم، وعلى قول ابن صَيَّاد للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ)، وذكرتُ عنه في (الجنائز) جوابين، وعلى (خُلِّطَ)، وأنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وعلى (خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا [2])، وما كان هذا الخبيءُ، والكلام على (الدُّخُّ)، وعلى قوله: (فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ)، وعلى قوله: (إِنْ يَكُنْ هُوَ [3]).

    وعلى (طَفِقَ)، وأنَّها بكسر الفاء وفتحها؛ ومعناه: جعل، وعلى (القَطِيْفَة) و (الرَّمْزَة)، والروايات فيها، وأنَّ (أمَّ ابنِ صَيَّادٍ) لا أعرفها.

    (1/5891)

    [باب قول النبي لليهود: أسلموا تسلموا]

    قوله: (قَالَهُ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): هو سعيد المقبريُّ؛ بضَمِّ الباء وفتحها وكسرها، تَقَدَّمَ، و (أبو هريرة) عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ.

    ==========

    [ج 1 ص 781]

    (1/5892)

    [باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهى لهم]

    قوله: (باب إِذَا أَسْلَمَ قَوْمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَهُمْ مَالٌ وَأَرَضُونَ؛ فَهُمْ [1] لَهُمْ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مطابقة التَّرجمة للحديث الأوَّل _يعني: حديث: (وهل ترك لنا عَقِيل منزلًا؟) _ على وجهين: إمَّا أن يكون النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سُئل: هل ينزل بداره بمكَّة؟ وهو مُبيَّنٌ في بعض الحديث، وقوله: (وهل ترك لنا عَقيل منزلًا؟) بيِّنٌ؛ لأنَّه إذا مَلَك ما استولى عليه في الجاهليَّة من ملْك النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فكيف لا يملك ما لم يزل ملكًا أصالةً؟! وإمَّا أن يكون سُئِل: هل يترك من منازل مكَّة شيئًا؛ لأنَّها فُتِحَت عَنوةً؛ فبيَّن أنَّه مَنَّ على أهلها بأنفسهم وأموالهم، فتُقَرُّ أملاكُهم عليها كما كانت، وعلى التقديرين؛ فأهلُ مكَّة ما أسلموا على أملاكهم ولكن مَنَّ عليهم، ثُمَّ أسلموا، فإذا ملكوا وهم كفَّارٌ بالمنِّ؛ فملْكُ من أسلم قبل استيلاءٍ أَولى.

    وأمَّا حديث عمر رضي الله عنه في المدينة _يعني به: (يا هنيُّ؛ اضمم جناحك عن المسلمين ... ) إلى آخره_، فمطابقٌ للترجمة مطابقةً بيِّنةً، غير أنَّ عثمان وعبد الرَّحْمَن لم يكونا من أهل المدينة، ولا دخلا في قوله: «قاتَلوا عليها في الجاهليَّة، وأسلموا عليها في الإسلام»، فالكلام عائدٌ على عموم أهل المدينة لا عليهما، والله أعلم، انتهى.

    قوله: (وَأَرَضُونَ): هو بفتح الراء، ويجوز سكونها على قِلَّةٍ، وقد تَقَدَّمَ.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَهْيَ).

    [ج 1 ص 781]

    (1/5893)

    [حديث: وهل ترك لنا عقيل منزلًا؟!]

    3058# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن غيلان، وتَقَدَّمَ (عَبْدُ الرَّزَّاقِ) ابن همَّام الحافظ المشهور، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، وتَقَدَّمَ (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، العالم المشهور، شيخ الحجاز، و (عَلِيُّ بْن الحُسَيْن [1]): تَقَدَّمَ أنَّه زين العابدين.

    قوله [2]: (عَقِيلٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وكسر القاف، وأنَّه ابن أبي طالب، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

    قوله: (بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ الْمُحَصَّبِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخيف)، وعلى (المحَصَّب) [3].

    قوله: (قَاسَمَتْ): أي: حالفت.

    قوله: (حَالَفَتْ): هو بالحاء المُهْمَلَة؛ أي: قاسمت.

    (1/5894)

    [حديث: أن عمر بن الخطاب استعمل مولًى له يدعى هنيًا على الحمى]

    3059# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مرارًا كثيرةً أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويس عبدِ الله، وهو ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ.

    قوله: (يُدْعَى هُنَيًّا): (هُنَيٌّ): هو بضَمِّ الهاء، وفتح النون، ثُمَّ ياء مُشَدَّدة، قال النَّوويُّ: كذا ضبطه ابن ماكولا وغيره من أهل الإتقان [1] في هذا الشأن، وكذا ضبطناه في «البُخاريِّ» وغيره، قال النَّوويُّ: ورأيت بخطِّ من لا تحقيق عنده أنَّه يقال بالهمز أيضًا، قال النَّوويُّ: وهذا خطأٌ ظاهرٌ نبَّهت عليه؛ لئلَّا يُعتَبر به، روى هُنَيٌّ عن أبي بكر الصِّدِّيق، وعمر، ومعاوية، وعمرو بن العاصي، رضي الله عنهم، وكان عاملَ عمر على الحِمى، والله أعلم، انتهى، فقوله: (وتشديد الياء)، وعزاه لابن ماكولا، وقد راجعتُ «إكمال ابن ماكولا»، فلم أره تعرَّض للياء، لكنَّ الياءَ مُشَدَّدة بالقلم في النُّسخة التي عندي بخطِّ الحافظ أبي الحجَّاج يوسف بن خليل الدِّمَشْقيِّ، وقد شهد هُنَيٌّ صفِّين مع معاوية، روى عنه: ولده عمر، ومُحَمَّد بن عليِّ بن الحسين، وله ترجمة في «التذهيب» أيضًا؛ فانظرها إن شئت.

    قوله: (وَأَدْخِلْ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، مجزوم على الأمر.

    قوله: (رَبَّ الصُّرَيْمَةِ): أمَّا (رَبُّ)؛ فهو بفتح الراء، وتشديد المُوَحَّدة؛ أي: مالك وصاحب، وأمَّا (الصُّرَيْمَة)؛ فبضمِّ الصاد المُهْمَلَة، وفتح الراء، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ميم مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، تصغير (صِرْمَة)؛ بكسر الصاد، وإسكان الراء، وهي القطعة القليلة من الإبل، وقيل: ما دون الأربعين، والصِّرمةُ من الإبل خاصَّةً: اسم لما جاوز الذودَ إلى الثلاثين، والذود: من الخمسة إلى العشرة، كذا قاله الأزهريُّ، وابن فارس، والجوهريُّ، وغيرهم، وقال الزُبيديُّ في «مختصر العين»: (الصُّرَيْمَة: القطيع من الإبل وغيرها)، انتهى.

    قوله: (وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ): (رَبَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه، و (الغُنَيْمَة): تصغير (غَنَمَة)، وإنَّما صغَّرها؛ لأنَّه أراد جماعة الغنم أو قطعة منها، وقال الأزهريُّ: ما بين الأربعين إلى المئة من الشَّاء _ قال_: والغنم: ما يُفرَد لها راعٍ على حِدَة، وهي ما بين المئتين إلى الأربع مئة، انتهى.

    (1/5895)

    قوله: (وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ [2]): (نَعَم): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروفٌ، والمراد بـ (ابن عوف): عبد الرَّحْمَن، والمراد بـ (ابْن عَفَّان): عثمان رضي الله عنهما، وقوله: (ابن عوف) كذا الصَّواب، ووقع في أصلنا: (ابن عون)؛ بالنُّون، والصواب ما تَقَدَّمَ، وإنَّما حذَّره أن تُدخلَ الحِمَى؛ لأنَّها كثيرة، فإن دخلَتْه؛ أنهكَتْه، وإن مُنعتْ الدخول وهلكَتْ؛ كان لأربابها عوضٌ من الغنم يعيشون فيه، وفيه: تحذير المتكلِّم نفسَه، وهو شاذٌّ عند النَّحْويِّين، والله أعلم.

    قوله: (إِنْ تَهْلِكْ): هو بكسر اللَّام، وكذا الثَّانية، وهذا مَعْرُوفٌ.

    قوله: (يَأْتِينِي [3] بِبَنِيهِ): هو جمع: (ابن)، فلا تصحِّفْه [4] بـ (بيِّنة).

    [ج 1 ص 781]

    قوله: (لَا أَبَا لَكَ): أكثر ما يُسْتَعمل هذا في المدح؛ أي: لا كافيَ لك غيرُ [5] نفسك، وقد يُذكَر في مَعرِض الذَّمِّ، كما يقال: لا أمَّ لك، وقد يُذكَر في معرِض التَّعجُّب ودفعًا للعين، كقولهم: لله درُّك! وقد يُذكَر في معنى: جِدَّ في أمرك وشمِّرْ؛ لأنَّ مَن له أبٌ؛ اتَّكل عليه في بعض شأنه، وقد تُحذَف اللَّام، فيقال: لا أباك؛ بمعناه، وسمع سُليمانُ بن عبد الملك رجلًا من الأعرابِ في سنة مُجدِبة يقولُ:

    ~…رَبَّ العِبَادِ مَا لَنَا وَمَا لَكَا…قَدْ كُنْتَ تَسْقِينَا فَمَا بدَا لَكَ [6]

    أَنْزِلْ عَلَينا الغَيثَ لَا أَبَا لَكَ

    فحمَله سليمانُ أحسنَ مَحمَلٍ، فقال: أشهدُ أنَّ الله لا أبَ له ولا صاحبةَ ولا ولدَ.

    قوله: (فَالْمَاءُ وَالْكَلأُ): هو مهموزٌ مقصورٌ، وهو المرعَى والعُشب، رطبًا كان أو يابسًا عند الأكثر، وقال ثعلب وغيره: الكلأُ: اليابس، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الرَّدُّ عليهم.

    قوله: (وَالْوَرِقِ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الورق) أربعَ لغاتٍ؛ الثَّلاثَ المعروفاتِ، والرَّابعة: وَرَقٌ؛ بفتح الواو والراء، ذكرها الصَّغانيُّ في كتاب له مُفرَد [7]، فيه أشياء من القراءات واللُّغات، وبحلبَ منه نسخةٌ.

    قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى همزتها، والصحيح: أنَّها همزة وصل.

    قوله: (إِنَّهُمْ): بهمزة مكسورة؛ لأنَّها بعد القَسَم.

    قوله: (لَيَرَوْنَ): هو بفتح الياء، ويجوز ضمُّها.

    (1/5896)

    قوله: (قَدْ ظَلَمْتُهُمْ): يريد: أهلَ المواشي الكثيرة، ويحتمل أن يريد: أهلَ المدينة، قاله شيخنا، واقتصر بعضهم على الأوَّل، والذي يظهر أنَّ المراد: أهلُ المدينة؛ لأنَّهم قاتلوا عليها في الجاهليَّة، وأسلموا عليها في الإسلام، والله أعلم، والتبويب يشهد له.

    قوله: (لَوْلاَ الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللهِ): أي: الخيل التي أعددتها؛ لأحمل عليها في الجهاد مَنْ لا مركوبَ له، قال بعضهم: قال مالكٌ: وكان عِدَّتُها أربعين ألفًا، انتهى، ثُمَّ رأيتُه في كتاب «الأموال» [8] لأبي عبيدٍ القاسمِ بنِ سلَّام عن مالك.

    (1/5897)

    [باب كتابة الإمام الناس]

    قوله: (بَابُ كِتَابَةِ الإِمَامِ النَّاسَ): (النَّاسَ) مَنْصُوبٌ؛ لأنَّه مفعول المصدر؛ وهو (كتاب ة)، واعلم أنَّ ابن المُنَيِّر ذكر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (موضعُ الترجمة من الفقه: ألَّا يُتخيَّل أنَّ كتابة النَّاس إحصاءٌ لعددهم، وقد يكون ذريعةً لارتفاع البركة منهم، كما ورد في الدَّعوات على الكفَّار: «اللَّهمَّ؛ أَحصِهم عددًا»؛ أي: ارفعِ البركة منهم، فإنَّما خرج هذا عن هذا النَّحوِ؛ لأنَّ الكتابة لمصلحة دِينيَّة، والمُؤاخَذة التي وقعت ليست مِن ناحية الكتابة، ولكنْ مِن ناحية إعجابهم بكثرتهم، فأُدِّبُوا بالخوف المذكور في الحديث، ثُمَّ إنَّ التَّرجمة تطابق الكتابة الأولى، وأمَّا هذه الثانية؛ فكتابة خاصَّة لقوم بأعيانهم) انتهى.

    قال شيخنا: (قال الدَّاوديُّ: «لعلَّ هذا كان عام الحديبية»، وظاهر الكلام: أنَّه سقط منه شيء بعد قوله: «الحديبية»؛ لأنَّ الكلام فيه يدلُّ على ذلك، وقال بعد ذلك: نخاف ونحن ألفٌ وخمسُ مئة؛ يريد: أيَّام حفر الخندق)، انتهى.

    وقوله: (أيَّام حفر الخندق): اعلم أنَّهم كانوا في الخندق ثلاثة آلاف على ما قاله ابن سعد، وأمَّا ابن إسحاق؛ فنقل عنه ابنُ قَيِّمِ الجَوزيَّة: أنَّهم كانوا سبع مئة، قال ابن القَيِّمِ: (وهذا غلط؛ من خروجه يوم أُحُد) انتهى، وقال قتادة فيما نُقِل عنه: (إنَّ الصَّحَابة كانوا _فيما بلغنا_ ألفًا)، ونقل شيخنا الشَّارح في مكانٍ: (أنَّ المسلمين كانوا نحوًا من ألف)، قال: وفي لفظٍ: ثمان مئةٍ أو ثلاث مئةٍ) انتهى.

    ==========

    [ج 1 ص 782]

    (1/5898)

    [حديث: اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

    3060# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): أمَّا (سفيان)؛ فهو الثَّوريُّ، كذا قيَّده المِزِّيُّ في «أطرافه»، وإذا كان كذلك؛ فمُحَمَّد بن يوسف: هو الفِريابيُّ، الحافظ، مُحدِّث قيساريَّة، وهو مُكثِر عن الثَّوريِّ، لا مُحَمَّد بن يوسف البُخاريُّ البيكنديُّ، هذا يروي عن ابن عُيَيْنَة، وهو رحَّال صاحبُ رحلةٍ واسعةٍ، وقد تَقَدَّمَ، ويأتي أيضًا، و (الأَعْمَش) تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئُ، وأمَّا (أَبُو وَائِل)؛ فقد تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه شقيق بن سَلَمة، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    قوله: (اكْتُبُوا لِي): هو بهمزة وصل، فإنِ ابتدأتَ بها؛ ضمَمْتَها، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (فقد [1] رَأَيْتُنَا): هو بضَمِّ التَّاء المُثَنَّاة فوقُ، وهذا ظاهِرٌ أيضًا.

    قوله: (ابْتُلِينَا): هو بضَمِّ التَّاء فوق، وكسر اللَّام، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَهُ وَهْوَ خَائِفٌ): لعلَّ هذا كان في بعض الفتن التي جرت بعده عليه الصَّلاة والسَّلام، فكان بعضُهم يخفي نفسه، ويصلِّي سرًّا؛ مخافة الظُّهور والمشاركة في الفتنة والحروب، والله أعلم.

    قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، ولقبه عبدان، وكنيته أبو عبد الرَّحْمَن، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    قوله: (عَنْ أَبِي حَمْزَةَ): هو بالحاء المُهْمَلَة والزَّاي، وهو مُحَمَّد بن ميمونٍ السُّكريُّ، رحل وكتب عن الكوفيِّين؛ زيادِ بنِ علاقة، وعاصم بن بهدلة، وقيسِ بن وهب، ومنصورٍ، والأعمش، وجماعة، وعنه: ابن المبارك، وأبو تُمَيْلَة يحيى بن واضح، وآخرون، تَقَدَّمَت ترجمته في أوائل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ أنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، لا أنَّه كان يبيع السُّكَّر، و (الأَعْمَش) تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان.

    (1/5899)

    قوله: (وَقَالَ [2] أَبُو مُعَاوِيَةَ): هذا تعليق مجزوم به، و (أبو معاوية): مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، الضَّرير، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا: قال المِزِّيُّ في تطريف هذا الحديث الذي في الأصل المسند: البُخاريُّ في (الجهاد): عن مُحَمَّد بن يوسف، عن سفيان الثَّوريِّ، وعن عبدان، عن أبي حمزة، ومسلم في (الإيمان): عن أبي بكر وابن نُمَير وأبي كُرَيب؛ ثلاثتهم عن أبي معاوية؛ ثلاثتهم _يعني: أبا معاوية والثوريَّ وأبا حمزة_ عن الأعمش عنه _يعني: عن شقيق بن سلمة أبي وائل_ به؛ يعني: عن حذيفة، والنَّسائيُّ في (السِّير): عن هنَّاد، وابنُ ماجه في (الفتن): عن ابن نُمَير، وعليِّ بن مُحَمَّد؛ ثلاثتهم عن أبي معاوية به) انتهى، وإنَّما ذكرت تطريف المِزِّيِّ؛ ليُعرَف أين هذا التعليق، والله أعلم.

    (1/5900)

    [حديث: ارجع فحج مع امرأتك]

    3061# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الفضلُ بن دُكَين، الحافظُ، وكذا (سُفْيَانُ) يحتمل أن يكون ابنَ عُيَيْنَة، وأن يكون الثَّوريَّ، وقد نظرت ترجمة (أبي نعيم)؛ فوجدته روى [1] عن السُّفيانَين، ونظرت [2] ترجمة (ابنِ جُرَيجٍ) _وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ_؛ فرأيته روى عنه السُّفيانان؛ فتحرَّرْ مَن هو الذي هنا منهما، والله أعلم، و (أَبُو مَعْبَدٍ [3]): هو مولى ابن عَبَّاس، واسمه نافذٌ؛ بالفاء، والذال المُعْجَمَة، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى [4] رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرَّجل لا أعرفه ولا امرأته، ولا هذه الغزوة، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (يروي).

    [2] في (ب): (ووجدت).

    [3] في (ق): (عن أبي معبد)، وفي هامشها: (اسمه نافد، وقيل: بالذال المعجمة، مات سنة «154 هـ»).

    [4] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (النَّبِيِّ).

    [ج 1 ص 782]

    (1/5901)

    [باب: إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر]

    قوله: (بَابٌ: إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ هَذَا [1] الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في هذا الباب على عادته، ثُمَّ قال: (موضع الترجمة من الفقه: ألَّا يُتخَيَّل في الإمام أو السُّلطان الفاجر إذا حمى حَوْزة الإسلام؛ أن يُطرَح النَّفع في الدين لفجوره، فيُخرَج عليه ويُخلَع؛ لأنَّ الله قد يؤيِّد دينه به، فيجب الصَّبر عليه، والسَّمعُ والطَّاعة له في غير معصية، والله أعلم، ومن هذا الوجه استحسانُ العلماء الدعاءَ للسلاطين بالتأييد والنَّصر [2]، وغير ذلك؛ من حيث تأييدُهم للدِّين، لا من حيث أحوالُهم الخارجة)؛ انتهى، قال النَّوويُّ في زيادات «الرَّوضة»: (يُكرَه في الخطبة أمورٌ ابتدعها الجهلة؛ منها كذا وكذا، ومنها: المجازفة في أوصاف السَّلاطين في الدعاء لهم)، وأمَّا أصل الدعاء للسلطان، فقد ذكر صاحبُ «المُهذَّب» وغيره: (أنَّه مكروه، والاختيار أنَّه لا بأس به إذا لم يكن فيه مجازفةٌ في وصفه، ولا نحو ذلك؛ فإنَّه يُستحبُّ الدُّعاء بصلاحِ وُلاةِ الأمرِ)، والله أعلم.

    ==========

    [1] ليس في «اليونينيَّة» و (ق): (هَذَا).

    [2] في (ب): (والنصرة).

    [ج 1 ص 783]

    (1/5902)

    [حديث: إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة]

    3062# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا كثيرة أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّمَ (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً ونطقًا، كيف يكون بها، في أوَّل هذا التعليق.

    قوله: (وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): هو ابن غَيْلان، وكذا هو في نسخة، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ المشهور، و (مَعْمَر) تَقَدَّمَ أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِي): [تقدَّم] أعلاه وقبله مرارًا كثيرةً، و (ابْن المُسَيّب): هو سعيد، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وتَقَدَّمَ أنَّ ياء (المُسَيّب) بالفتح والكسر، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ.

    قوله: (شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ): كذا هنا، فذكر فيها قصَّة قزمان، وقد تَقَدَّمَ أنَّها مذكورة في (أُحُد) عند بعضهم، وقد تَقَدَّمَ ما في «البُخاريِّ» و «مسلم» من أنَّها خيبر أو حُنين، وستأتي في (غزوة خيبر)، وأذكر هناك أيضًا، وأنَّ الذي يظهر لي أنَّها في (أُحُد)، وأنَّها ذاتُها [1] في «مسند أبي يعلى» في (أُحُد) من حديث سهل بن سعد.

    قول أبي هريرة: (شهدنا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خيبر) فيه مجاز؛ أي: شهد الصَّحَابة، وإلَّا؛ فهو إنَّما جاء إلى خيبر بعد انقضاء الحرب، وقيل: قسم الغنيمة، وستأتي البيِّنة عليه في مكانه أيضًا، والله أعلم.

    قوله: (فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ): تَقَدَّمَ أنَّه قزمان، وهو منافق معدود فيهم.

    قوله: (فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ... ) إلى آخره: قائل ذلك لا أعرفه.

    قوله: (فَكَادَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ [2] أَنْ يَرْتَابَ): فيه إثبات (أَن) مع (كاد)، وهو قليل.

    قوله: (وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا): (لكنَّ): مُشَدَّدة التي هي من أخوات (إنَّ).

    (1/5903)

    قوله: (فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ): (أُخبِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ [3]، والذي أخبره يحتمل أنَّه أكثم بن الجون أو ابن أبي الجون؛ فليُحرَّرْ، فإنَّه قيل: إنَّه الذي اتَّبعه حتَّى جُرِح واستعجل الموت، كما سيأتي في (خيبر).

    قوله: (إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ): (إنَّه) يجوز فيها الكسر والفتح.

    ==========

    [1] في (ب): (رايتها)،وهو تحريفٌ.

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ، وكذا رواية الحديث (6606)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّاسِ).

    [3] (وهذا ظاهر): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 783]

    (1/5904)

    [باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو]

    قوله: (بَابُ مَنْ تَأَمَّرَ فِي الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ إِذَا خَافَ الْعَدُوَّ): ذكر فيه قصَّة خاله، وأنَّه أخذها من غير إمرة، وهذا هو المعروف، وقد رأيتُ في «سيرة مغلطاي الصُّغرى» ما لفظه: (وقال _يعني: النَّبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم_: «إن قُتِل _ يعني: زيد بن حارثة_؛ فجعفرٌ، فإن قُتل؛ فعبد الله بن رواحة، فإن قُتِل؛ فلترتضِ المسلمون برجل مِن بينهم ... »،إلى أن قال: «إلى أنِ اصطلحوا على خالد»، فإن صحَّ هذا؛ فيكون قول البُخاريِّ: (من غير إمرة)؛ أي: تعييَنه، وذلك لأنَّ هذه إمرة في الجملة، لكنْ من غير تعيين، وإلَّا؛ فالقول قول «الصحيح» في الترجمة، وهذا لا ينافي لفظ «الصحيح» في الحديث.

    ==========

    [ج 1 ص 783]

    (1/5905)

    [حديث أنس: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب]

    3063# قوله: (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن حارثة، وكان ذلك في غزوة مؤتة، و (جَعْفَرٌ): هو ابن أبي طالب، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ): مشهور جدًّا، وقد قَدَّمْتُ في (الجنائز) الاختلافَ في عددِ جيش المسلمين، وجيش الرُّوم، ومَن معهم مِن العرب، وعلى مَن كانت الهزيمة، مُطَوَّلًا؛ فانظره.

    قوله: (لَتَذْرِفَانِ): تَقَدَّمَ أنَّه بالذَّال المُعْجَمَة الساكنة، ثُمَّ راء مكسورة؛ أي: لينصبَّ دمعُهما.

    قوله: (بِالْمَدَدِ): هو بفتح الميم، ودالين مهملتين؛ الأولى مفتوحة، وجمعه: أمداد؛ وهم الأعوان والأنصار الذين يمدُّون أهل الإسلام في الجهاد.

    ==========

    [ج 1 ص 783]

    (1/5906)

    [باب العون بالمدد]

    (1/5907)

    [حديث: قنت رسول الله شهرًا يدعو على رعل وذكوان وبني لحيان]

    3064# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّه بُندار، وهو لقبه، وتَقَدَّمَ ما البندار، وتَقَدَّمَ (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، أبو عَمرو البصريُّ، عن حُميد وطبقته، وعنه: أحمد بن سنان وجماعة، ثقة، أخرج له الجماعة، وتُوُفِّيَ سنة (194 هـ) في ربيع الآخر، وقد قَدَّمْتُ ذلك، ولكن طال العهد به.

    قوله: (وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ [1]): كذا صوابه، ووقع في أصلنا: (سهل بن سعد) وهو خطأ، وقد ضبَّبتُ عليه وكتبت في الهامش صوابه: (ابن يوسف)، هذا هو الأنماطيُّ، أبو عبد الرَّحْمَن، عن سُليمان التَّيميِّ وحُميد، وعنه: أحمد، وبندار، وابن مَعِين، ثقة، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وثَّقه ابن معين وغيره، قال أحمد: سمعت منه سنة (190 هـ)، و (سَعِيد): هو ابن أبي عَروبة، وقد قَدَّمْتُ مَن يقال له: سعيد، وقد روى عن قتادة عن أنس في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها؛ فانظره إن أردته.

    [ج 1 ص 783]

    قوله: (أَتَاهُ رِعْلٌ [2]، وَذَكْوَانُ وَعُصَيَّةُ وَبَنُو [3] لِحْيَانَ ... ) إلى قوله: (قَوْمِهِمْ)، قال الدِّمْيَاطيُّ شيخ شيوخنا، الحافظ شرف الدين، عبد المؤمن بن خلف: (هذا وَهَمٌ، بنو لحيان لم يكونوا من أصحاب بئر معونة، وإنَّما كانوا من أصحاب الرَّجيع الذين قتلوا عاصمًا وأصحابه، وأسروا خُبيب بن عديٍّ وابنَ الدَّثِنَة) انتهى، والذي قاله صحيح.

    قوله: (فَأَمَدَّهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ): كذا في «الصحيح»، وفيه: (بسبعين أو أربعين)؛ بالشَّكِّ، وعند ابن إسحاق: (فبعث رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم المنذرَ بنَ عَمرو أخا بني ساعدة المُعْنِقَ، ليموت في أربعين)، وذكر مغلطاي في «سيرته»: (وقيل: إنَّهم كانوا ثلاثين)، ولولا خوفُ الإطالة؛ لذكرتُ مَن حضرني مِن السبعين، وهم نحو مِن ثلاثين مِن الذين استُشهِدوا فيها.

    وقوله: (من الأنصار) فيه مجاز؛ لأنَّ غالبَهم مِن الأنصار، وفيهم مِن المهاجرين: عامر بن فهيرة والحكم بن كيسان مولى بني مخزوم.

    فائدة: كان بئر معونة في صفر على رأس أربعةِ أشهرٍ من أُحُد.

    (1/5908)

    قوله: (بِئْرَ مَعُونَةَ): هو بفتح الميم، ثُمَّ عين مهملة مضمومة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو بين مكة، وعُسْفان، وأرض هذيل.

    قوله [4]: (يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لِحْيَانَ): تَقَدَّمَ ما ذكرته لك عن الدِّمْيَاطيِّ: (أنَّ بني لحيان لم يكونوا منهم، وإنَّما بنو لحيان هم الذين أصابوا بعث الرَّجيع)، وإنَّما أتى الخبرُ إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عنهم كلِّهم في وقت واحد، فدعا على الذين أصابوا أصحابه في الموضعين دعاءً واحدًا، و (بعث الرَّجيع): تَقَدَّمَ أنَّه كان في صفر أيضًا على رأس ستِّةٍ وثلاثين شهرًا مِن مُهاجَره، فكان البعثان في شهرٍ واحدٍ، وجاء الخبران في وقتٍ واحدٍ، والله أعلم.

    قوله: (قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنَا أَنَسٌ: أَنَّهُمْ قَرَؤُوا [5] قُرْآنًا: أَلاَ بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام على هذا فيما مضى، وكلام السُّهَيليِّ فيه، مُطَوَّلًا، وهو حسن؛ فانظره.

    قوله: (ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ بَعْدُ): (رُفِع)؛ بضَمِّ الرَّاء: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بعدُ): مضموم مقطوع عن الإضافة، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [1] في (ق): (وسهل بن سعد)، وفي هامشها: (صوابه: ابن يوسف، وهو سهل بن يوسف الأنماطيُّ أبو عبد الرَّحْمَن، وثقه ابن معين، أخرج له البخاري والأربعة، وهذا لا شك فيه، وأين سهل بن سعد وسهل بن يوسف؟!).

    [2] في هامش (ق): (قوله: «أتاه رعل وذكوان وعصية»: وَهم، وإنَّما الذي أتاه أبو براء من بني كلاب).

    [3] في (ب): (وهو)، وهو تحريفٌ.

    [4] (قوله): سقط من (ب).

    [5] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (بهم).

    (1/5909)

    [باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثًا]

    قوله: (عَلَى عَرْصَتِهِمْ ثَلاَثًا): (العَرْصة) في الترجمة والحديث [1] بفتح العين، وإسكان الراء؛ وهي بُقعة بين الدور واسعةٌ ليس فيه شيء مِن بناء، والجمع: العِرَاص والعَرَصاتُ.

    ==========

    [1] في (ب): (في الحديث).

    [ج 1 ص 784]

    (1/5910)

    [حديث: أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث]

    3065# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ): هذا هو الحافظ أبو يحيى، المعروف بصاعقة، عن يزيد بن هارون، وروح، وطبقتهما، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن صاعد، والمحامليُّ، وخلق، وكان بزَّازًا [1]؛ بزايَين، تُوُفِّيَ سنة (255 هـ)، أخرج له مَن أخذ عنه مِن السِّتَّة الأئمَّة، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، وقد تَقَدَّمَ، ولكن بَعُدَ العهدُ به، و (سعيد): هو ابن أبي عَروبة، وقدَّمت غَيْرَ مَرَّةٍ ما قاله في «القاموس»، فإنَّه قال: وابن أبي العَروبة؛ باللَّام، وتركها لحن أو قليل، انتهى، و (أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن سهل، وتقدَّمت بعض ترجمته.

    قوله: (إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ): (ظهر) أي: علا وغلب، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (تَابَعَهُ مُعَاذٌ وَعَبْدُ الأَعْلَى: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على رَوح بن عُبادة الرَّاوي عن سعيد بن أبي عَروبة، و (مُعَاذٌ): هو ابن معاذ، و (عَبْدُ الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى، وقد تَقَدَّمَ (معاذ وعبد الأعلى) فيما مضى مُترجمَين، ومتابعة معاذ بن معاذ أخرجها أبو داود في «الجهاد» عن مُحَمَّد بن المثنَّى، عن معاذ بن معاذ به، وأخرجها التِّرْمِذيُّ في «السير» عن قُتَيْبَة ومُحَمَّد بن يسار؛ كلاهما عن معاذ به، وقال: حسن صحيح، ومتابعة عبد الأعلى أخرجها مسلم في «صفة أهل النَّار» عن يوسف، عن عبد الأعلى به [2] نحوه.

    ==========

    [1] في (أ): (بزاز)، وليس بصحيح.

    [2] (به): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 784]

    (1/5911)

    [باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره]

    قوله: (بَابُ مَنْ قَسَمَ الْغَنِيمَةَ فِي غَزْوَةٍ وَسَفَرَةٍ [1]): (غزوةٍ): مجرور مُنَوَّن، وكذا (سفرةٍ)، كذا هو مضبوط في أصلنا، وفي هذا التبويب والحديث ردٌّ على أبي حنيفة رحمه الله؛ حيث قال: لا تُقسَم الغنائم في دار الحرب حتَّى نُخرجَها إلى دار الإسلام، وذلك لأنَّ الملك لم يتمَّ عليها إلَّا بالاستيلاء التامِّ، ولا يحصل إلَّا بإحرازها في دار الإسلام، وقد أجاز ذلك مالكٌ، والأوزاعيُّ، والشَّافِعيُّ، وأبو ثور، والظاهر قول مَن أجاز؛ للسُّنَّة، والله أعلم، بل مذهب الشَّافِعيِّ استحبابُ القسمة في دار الحرب، كما قاله الأصحابُ، بل قال صاحب «المُهذَّب» وغيره: (إنَّه يُكرَه تأخيرُها إلى دار الإسلام من غير عذر)، والله أعلم.

    قوله: (وَقَالَ رَافِعٌ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخر التعليق [2]، (رافع) هذا: هو ابن خَدِيج _بفتح الخاء المُعْجَمَة، وكسر الدَّال المُهْمَلَة_ ابن رافع الأنصاريُّ، وقد قدَّمته مُتَرْجَمًا، وإنَّما قيَّدته هنا؛ لأنَّ في الصَّحَابة مَن اسمه (رافع) سبعةٌ وثلاثون نفرًا؛ فيهم من «الصحيح» أنَّه تابعيٌّ: اثنان، وفيهم مَن هو غلط: ثلاثة، وهذا التعليق أخرجه الأئمَّة السِّتَّة، البُخاريُّ في (الشركة) في موضعين، وفي (الجهاد)، وفي (الذَّبائح) في أماكنَ.

    قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه ليستِ الميقاتَ، وفي بعض طرقه: (بذي الحليفة من تِهامة).

    قوله: (فَعَدَلَ عَشَرًا [3] مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ): هذا ليس بأمر لازم، وفي قوله: (عدل) دليلٌ على أنَّ المعادلة والنظر فيها [4] في كلِّ بلدٍ؛ لأنَّ البعير في الحجاز له قيمة زائدة، ولأكل لحمه عادةٌ جارية، وليس كذلك في غيره من البلاد، وإنَّما هو إلى الاجتهاد في كلِّ بلد، والله أعلم.

    (1/5912)

    [حديث: اعتمر النبي من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين]

    3066# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): هو بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، وبعدها مُوَحَّدةٌ مفتوحةٌ، ثُمَّ تاء التأنيث، ويقال له: هَدَّاب أيضًا، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، و (هَمَّامٌ) هذا: هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، الحافظ، تَقَدَّمَ مرارًا، ومُتَرْجَمًا مَرَّةً.

    قوله: (مِنَ الْجِعْرَانَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بلغتيها؛ التخفيفِ والتَّشديدِ.

    قوله: (حُنَيْنٍ): هي بالحاء المُهْمَلَة المضمومة، ثُمَّ نونٍ، والباقي معروف، وإنَّما قيَّدتها؛ لأنَّها ربَّما اشتَبْهتْ بـ (خيبر).

    ==========

    [ج 1 ص 784]

    (1/5913)

    [باب: إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم]

    (1/5914)

    [معلق ابن نمير: ذهب فرس له فأخذه]

    3067# قوله: (وَقَالَ [1] ابْنُ نُمَيْرٍ): هو عبد الله بن نُمير، شيخ شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، و (عُبَيْدُ اللهِ) هذا: تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عُبيد الله بن عُمر بن حفص بن عاصم بن عُمر بن الخَطَّاب، وهذا التعليق أخرجه أبو داود في (الجهاد): عن مُحَمَّد بن سليمان الأبناويِّ، والحسن بن عليٍّ الخلَّال، وابن ما جه فيه، عن عليِّ بن مُحَمَّد؛ ثلاثتُهم عن عبد الله بن نُمَير عن عُبيد الله به.

    [ج 1 ص 784]

    قوله: (فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كذا هنا، وفي أبي داود: (فردَّه عليه رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم).

    قوله: (وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ): (أبَق)؛ بفتح المُوَحَّدة وكسرها، كذا أحفظه، وفي «الصِّحاح»: (الفتح في الماضي، وأمَّا المستقبل؛ ففيه الكسرُ والضَّمُّ)، وفي «أفعال ابن القطَّاع»: (أبَق؛ يعني: بالفتح؛ إذا زال عن مولاه)، زاد ابن القطَّاع: (وأبِقَ أبقًا) كذلك، وهذا العبد لا أعرفه.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بغير واو، وهي ثابتةٌ في رواية أبي ذرٍّ.

    (1/5915)

    [حديث: أن عبدًا لابن عمر أبق فلحق بالروم]

    3068# قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: عارَ مُشْتَقٌّ مِن العَيْرِ ... ) [1] إلى آخره، هذا موجودٌ في بعض النُّسخ، و (العَيْر)؛ بفتح العين، وإسكان المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ راء، والأنثى: (عَيْرة)؛ الحمار الوحشيُّ، كما قال البُخاريُّ، والجمع: (أعيار، ومَعْيُوراء، وعُيورة)؛ مثل: (فَحْل وفُحولة)، وقد تعقَّب ذلك ابنُ قرقول، فقال: (قلت: بل مِن «عار يعير [2]»؛ إذا تحيَّر، فالفرس إذا فلت؛ ذهب مُتحيِّرًا؛ يمينًا وشمالًا، ذاهبًا راجعًا، قاله الحربيُّ) انتهى.

    ==========

    [1] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت.

    [2] في (ب): (يعور).

    [ج 1 ص 785]

    (1/5916)

    [حديث ابن عمر: أنه كان على فرس يوم لقي المسلمون]

    3069# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبه إلى جدِّه، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وكذا تَقَدَّمَ (زُهير): أنَّه ابن معاوية، أبو خيثمة، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    قوله: (عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ [1]: أَنَّهُ كَانَ عَلَى فَرَسٍ يَوْمَ لَقِيَ الْمُسْلِمُونَ ... ) إلى آخره، هذا كان في خلافة أبي بكر، وهذا خلافُ ما ذكره أوَّلًا أنَّه كان في زمنه عليه الصَّلاة والسَّلام [2]، وهو الصحيح، وعُبيد الله في نافع أثبتُ من موسى بن عقبة فيه، قاله الدَّاوديُّ، كما نقله شيخنا.

    (1/5917)

    [باب من تكلم بالفارسية والرطانة]

    قوله: (مَنْ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالرَّطَانَةِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (والسُّور: الوليمة بالفارسيَّة، مَوضعُ التَّرجمة في الجميع مطابقٌ إلَّا قولَه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «كخٍ كخٍ»، ووجه مناسبته في الجملة: أنَّه خاطبه عليه الصَّلاة والسَّلام بما لا يتكلَّم به الرَّجل مع الرَّجل؛ فهو كمخاطبة العجميِّ بما يفهمه مِن لغته) انتهى، وقال النَّوويُّ بعد أن ضبطها وذكر معناها: (قال الدَّاوديُّ: هي عجميَّة مُعرَّبة؛ بمعنى «بئس»)، وقد أشار إلى هذا البُخاريُّ بقوله في ترجمة (باب مَن تكلَّم بالفارسيَّة والرَّطانة) انتهى، وفي «المطالع» لابن قرقول: قال الدَّاوديُّ: (وهي كلمة أعجميَّة عُرِّبت) انتهى، ورأيت في حاشية بخطِّ شيخنا الأستاذ أبي جعفر: (فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بالفارسيَّة: «كخ كخ»)، وعُمِل على (الفارسيَّة) صورة (خـ)؛ يعني: نسخة، ففي ثبوت هذه النُّسخة _إن ثبتت_ حجَّةٌ للدَّاوديِّ، والله أعلم.

    قوله: (بِالفَارِسِيَّةِ): هي التي يسمِّيها أهل بلادنا العجميَّةَ، وإنَّما العجميَّةُ أعمُّ؛ لأنَّها ما عدا العربيَّةَ، والله أعلم، قوله: (والرَّطانة): هي بفتح الرَّاء وكسرها، قال الجوهريُّ في «صِحاحه»: (الرَّطانة: الكلام بالأعجميَّة) انتهى، والتَّراطُن: كلام لا يفهمه الجمهور [1]، وإنّما هو مواضعةٌ بين اثنين أو جماعة، والعرب تخصُّ بها _ غالبًا_ كلامَ العجم، كذا نصَّ على الفتح في الرَّاء غيرُ واحد _منهم: الجوهريُّ_ من أهل اللُّغة والحديث، وإنَّما ذكرت ذلك وإن كان معروفًا، إلَّا أن بعضَ أهل العلم سمعني أتكلَّم بها بالكسر، فردَّ عليَّ الفتحَ، وقال: لا أعلمه إلَّا بالفتح.

    فائدة: روى الحاكم في «مستدركه» بإسناد إلى ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: «مَن أحسنَ منكم أن يتكلَّم بالعربيَّة؛ فلا يتكلَّمَنَّ بالفارسيَّة، فإنَّه يُورث النِّفاق».

    (1/5918)

    قال الإمام الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»: عُمر _يعني: الذي في سنده، وهو ابن هارون_ كذَّبه ابن مَعِين، وتركه الجماعة، وروى الحاكم أيضًا بإسناده إلى أنس مرفوعًا: «مَن تكلَّم بالفارسيَّة؛ زادت في خبِّه، ونقصت مِن مروءته»، قال الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»: (ليس بصحيح، وإسناده واهٍ بمرَّةٍ) انتهى، وقد ذكر ابن تيمية الحافظ أبو العَبَّاس في «الصِّراط المستقيم» كلامًا في كلام الرَّجل يُحسِنُ العربيَّة بغيرها، وذكر فيه تفصيلًا؛ فانظره من «الصِّراط المستقيم».

    قوله: ({وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ} [الروم: 22]): أي: لغاتكم، قيل: الألسنة اثنان وسبعون لسانًا؛ سبعةَ عشرَ في ولد سام، وسبعةَ عشرَ في ولد حام، وستَّةٌ وثلاثون في ولد يافِثَ، قال شيخنا: (وكان أصل اختلاف اللُّغات من هود، ألقى الله تعالى على ألسنة كلِّ فريق اللِّسانَ الذي يتكلَّمون به، ليلًا؛ فأصبحوا لا يُحسِنون غيرَه) انتهى، وقيل: اختلاف الألسنة: الأصوات والنغمات، دليل على كمال حكمته، وتمام قدرته.

    قوله تعالى: ({وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: 4]): أي: بِلُغَتِهِم؛ تسميةً بالسَّبب، وفي بعض التَّفاسير مرفوعًا: أرسل كلَّ نبيٍّ إلى أمَّته بلسانها، وأَرسلَني إلى كلِّ أحمرَ وأسودَ [2] مِن خَلْقه، أو {بِلِسَان قومِه}: بكلامهم المُعتاد باللِّسان، والله أعلم.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (انتهى)، ولعلَّه تكرارٌ.

    [2] في (ب): (كل أسود وأحمر).

    [ج 1 ص 785]

    (1/5919)

    [حديث: يا أهل الخندق إن جابرًا قد صنع سؤرًا فحي هلًا بكم]

    3070# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو أبو عليٍّ الفلَّاس، الحافظ الصَّيرفيُّ [1]، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو عَاصِمٍ): أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد، وتَقَدَّمَ (سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ): أنَّه بالمدِّ والقصر.

    قوله: (بُهَيْمَةً): هي تصغير (بَهْمة)؛ وهي الواحدة من أولاد الضَّأن، والبَهْمَة: اسم للذَّكر والأنثى، والسِّخَال: أولاد المِعزى، فإذا اجتمعت البِهَام والسِّخَال؛ قلت لهما جميعًا: بِهامٌ وبُهْمٌ أيضًا، وقد جعل لبيد أولاد البقر بِهَامًا في شعره.

    قوله: (وَطَحَنْتُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ): تَقَدَّمَ (الصَّاع)، والاختلاف فيه، وأنَّ الأصحَّ أنَّه زيدُ [2] ستِّ مئةٍ وخمسةٍ وثمانين درهمًا، وخمسة أسباع درهم.

    قوله: (يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ): تَقَدَّمَ عدد أهل الخندق، والاختلاف فيهم، قريبًا وبعيدًا، والله أعلم، وقد قال ابن سعد: (إنَّهم كانوا ثلاثة آلاف)، وأمَّا ابن إسحاق فنَقل عنه ابنُ قَيِّمِ الجَوزيَّة الحافظ شمس الدين في «الهدْي»: (أنَّهم كانوا سبع مئة، ثُمَّ تعقَّبه بأنَّه غلط من خروجهم إلى أُحُد)، وقد نقل شيخنا في مكانٍ عن قتادة فيما ذكره البيهقيُّ: (أنَّهم كانوا ألفًا) انتهى، وهذا في «الصَّحيح» كما سيأتي، قال شيخنا: وفي «الجمع بين الصَّحيحين» لأبي نعيم الحدَّاد: (وهم نحوٌ مِن ألفٍ)، وفي لفظ: (ثمانِ مئةٍ) أو (ثلاث مئةٍ)، ساقها البيهقيُّ في «دلائله» انتهى، والله أعلم.

    [ج 1 ص 785]

    قوله: (قَدْ صَنَعَ سُورًا [3]): هو بضَمِّ السين المُهْمَلَة، وإسكان الواو، ولا يُهمَز، وفي أصلنا نسخة، وعليها (د)؛ إشارةً إلى أنَّها نسخة الدِّمْيَاطيِّ، مهموزةٌ بالقلم، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: اتَّخذ طعامًا لدعوة الناس، قال الطَّبَريُّ: هي كلمة فارسيَّة، وقيل: السُّؤْر: الصنيع بلغة الحبشة، وأمَّا قوله: «فأكلوا وتركوا سؤرًا»؛ فهي عربيَّة؛ بمعنى: بقيَّة، وكلُّ بقيَّة من ماء أوطعام أو غيره؛ فهو سؤر) انتهى.

    (1/5920)

    والذي ضبطه الدِّمْيَاطيُّ بخطِّه يؤيِّده ابن قرقول؛ لأنَّه أخرجها في (السين مع الهمز)، ولفظ الدِّمْيَاطيِّ نحوُ لفظ ابن قرقول، فلعلَّه أخذه منه، أو من القاضي عياض، وهو معذور، وقد أخرج اللَّفظة المذكورة ابنُ الأثير في «نهايته» في (سور)، ثُمَّ قال: (واللَّفظة فارسيَّة)، وكذا أخرج هذه اللَّفظة في (سَوَر) الهرويُّ في «غَرِيبَيه»، وهذا الذي أحفظه، وهو تركُ همزِها.

    وقد ذكر النَّوويُّ في «شرح مسلم» في أوائل الجزء الرَّابع _تجزئة أربعةِ أجزاءٍ_ ما لفظه: (أمَّا السُّور؛ فبضمِّ السين، وإسكان الواو، غير مهموز، وهو الطَّعام الذي يُدعى إليه، وقيل: الطَّعام مُطلَقًا، وهي لفظة فارسيَّة، وقد تظاهرت أحاديثُ صحيحةٌ بأنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تكلَّم بألفاظٍ غيرِ عربيَّةٍ، فتدلُّ على جوازه) انتهى.

    فهذا الشيخ مُحيِي الدين _مع اطِّلاعِه_ ذكر أنَّها بترك الهمز، وقد ذكر شيخنا في (غزوة الخندق) في هذا «الشَّرح»: أنَّ السُّوْر بلا همز، ذكره العسكريُّ في «تلخيصه»، وأمَّا المهموز؛ فهو البقيَّة، عربيٌّ، وقد سلف، وهو العرس بلسان الفرس، قال الدَّاوديُّ: إلَّا أنَّها أُعرِبَت، قال [4]: (والذي يُحفَظ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام تكلَّم به من الأعجميَّة هذه اللَّفظةُ وقولُه: «كخ كخ»، ولعبد الرَّحْمَن: «مَهْيَم؟»؛ ما هذا؟ ولأمِّ خالد (سنَّا سنَّا)؛ يعني: سنة، وذكر ابن فارس أنَّ معنى (مهيم): ما حالك؟ وما شأنك؟ ولم يذكر أنَّها أعجميَّة، وقال الهرويُّ: (إنَّها كلمة يمانيَّة) انتهى، وقد أهمل ألفاظًا أخرى، وفي «سنن» ابن ماجه [5]: اشكنب درد؟ ومعناه: أيوجعك بطنُكَ؟ وغير ذلك، والله أعلم.

    (1/5921)

    قوله: (فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ): يقال: هي هلا، وحي هلا، و (حي هلْ)؛ منصوبة مُخَفَّفة مُشبَّهة بـ (خمسةَ عشرَ)، وحي هلْ: بالسُّكون؛ لكثرة الحركات، وتشبيهًا بـ (صَهْ، ومَهْ، وبَخْ)، و (حي هْلَ)؛ بسكون الهاء: قال ابن الأثير: (هما كلمتان جُعِلتا كلمةً واحدةً، وفيها لغاتٌ، وهلا: حثٌّ واستعجالٌ، قال النَّوويُّ في «شرحه لمسلم»: وأمَّا «حي هلا»؛ فهو بتنوين «هلًا»، وقيل: بلا تنوين على وزن «عَلَى»، ويقال: حيَّ هلٌ، ومعناها: عليك بكذا هكذا قاله أبو عُبيد، وقيل: معناه: اعجَلْ به، وقال الهرويُّ: «معناه: هات، وعجِّل به») انتهى، وقال شيخنا الشارح في (غزوة الخندق) بعد أن تكلَّم على (حي هلا): ولأبي الحسن: («أَهْلًا بكم»، والصَّحيح حذفها)، انتهى.

    ==========

    [1] في (ب): (السيرفي)، وهو تحريفٌ.

    [2] (زيد): ليس في (ب).

    [3] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (سؤرًا)، وفي هامش (ق): («سؤرًا»؛ أي: اتَّخذ طعامًا لدعوة النَّاس، قال الطبريُّ: وهو كلمة فارسيَّة، وقيل: السؤر: الصنيع بلغة الحبشة، وأمَّا قوله: فأكلوا وتركوا سؤرًا؛ فهذه غريبة بمعنى: بقية، وكل بقية من ماء أو طعام أو غيره؛ فهو سؤر. قوله: «عن نسخة الدمياطي: سؤرًا»: يعني: مهموزًا بالخط، وكذا كلامُه في هذه الحاشية، وقد أخذها من «مطالع ابن قرقول» وجعل الذي ضبطها بالهمز؛ لأنَّ ابن قرقول أخرجها بالهمز، والذي أحفظه ترك الهمز حتى يكون فيها المعنى لما بوَّب عليه البخاري؛ لأنَّها بمنزلة الطعام بالفارسية، وبه البقية بالعربية، وقد أخرجه ابن الأثير في سور، ولم يخرجها في سأر؛ فهي حجة لما أحفظه، وكذا الهروي في «غريبه»، والله أعلم. وكذا ضبط النووي في حديث: أنَّ جابرًا قد صنع سورًا؛ بترك الهمز في «شرحه لمسلم»).

    [4] (قال): ليس في (ب).

    [5] (ابن ماجه): ليس في (ب).

    (1/5922)

    [حديث: أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

    3071# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بكسر الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُوَحَّدة، وتَقَدَّمَ الكلام في (حِبَّان)؛ بالكسر، وهم [1] في «البُخاريِّ» و «مسلم»: حِبَّان بن موسى، وحِبَّان بن عطيَّة، وحِباَّن ابن العَرِقة؛ الكافر الذي هلك على كفره الذي رمى سعد بن معاذ يوم الخندق في أكحله، وتَقَدَّمَ الكلام فيمن اسمه: حَبَّان؛ بالفتح، وبالمُوحَّدة في هذين الكتابين، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (حِبَّان بن [2] موسى) يأتي كثيرًا غير منسوب عن عبد الله؛ وهو ابن المبارك.

    قوله: (عَنْ خَالِدِ [3]): (خالد) هذا: هو خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي، الأمويُّ، يروي عن أبيه وغيرِه، وعنه: ابن المبارك، وإبراهيم بن موسى، ومُشكدانةُ [4]، وجماعة، وثَّقه مُحَمَّد بن بشر العبْديُّ، له حديث في «الصَّحيح»، أخرج له البُخاريُّ.

    وأمَّا والده سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي بن أبي أُحَيحة؛ فعن أبي هريرة وابن عَبَّاس، وعنه: ابناه؛ إسحاق وخالد، وحَفيده عمرو بن يحيى، وشعبة، سكن الكوفة، قال النَّسائيُّ: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، انتهى، عاش إلى أن وَفَد على الوليد بن يزيد، وقد أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقد تَقَدَّمَ هذا مَرَّاتٍ، لكنْ ترجمةً مَرَّةً وهذه.

    قوله: (عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ بْنِ العَاصِي [5]): و (العاصي): هو ابن أُمَيَّة، وُلِدت (أمُّ خالد) هذه _واسمها أَمَةُ؛ بغير إضافة_ بالحبشة، تزوجها الزُّبَير بن العوَّام، فولدت له خالدًا وعَمرًا، ولها صحبة، لكنَّها صحابيَّة صغيرة، روى عنها: موسى وإبراهيم ابنا عقبة، وسعيد بن عمرو بن سعيد، أخرج لها البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، لها حديثان، قال الذَّهَبيُّ: (قلت: تأخرتْ وفاتها إلى قريب الثمانين)، قال الواقديُّ: (حدَّثني جعفر بن مُحَمَّد عن الأسود، عن أمِّ خالد بنت خالد قال: سمعت النجاشي يقول [6] يوم خرجنا لأصحاب السفينتين: أَقرِئ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من النجاشي السلام).

    (1/5923)

    قوله: (سَنَهْ سَنَهْ)، وفي نسخة: (سناه سناه): قال ابن قرقول: كلُّها بفتح السين وشدِّ النون إلَّا عند أبي ذرٍّ، فإنَّه خفَّف النون، إلَّا القابسيَّ فإنَّه كسر السين من (سِنا)، ومعنى هذه الكلمة: حَسَنَة؛ بالحبشية، وقال عكرمة: (سنا: الحسن)، انتهى.

    وقال ابن الأثير: («سنا سنا»، قيل: سنا بالحبشية: حسن، وهي لغة، وتُخفَّف نونها وتُشدَّد، وفي رواية: «سنه سنه»، وفي أخرى: «سناه سناه»؛ بالتشديد والتخفيف فيهما [7])، انتهى، وفي «الغريبين» بعض ما ذكره في «النهاية».

    قوله: (فَزَبَرَنِي أَبِي): أي: انتهرني، زَبَرَه يزْبُره؛ إذا انتهره، وهذا مَعْرُوفٌ.

    قوله: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي [8]): هو بقطع الهمزة مفتوحة فيهما، و (أخلقي): بالخاء المُعْجَمَة، قال ابن قرقول: (أَبلِي وأَخلِفي)؛ كذا لأبي ذرٍّ والمروزيِّ بالفاء، ولغيرهما بالقاف، من إخلاق الثوب، ومعناه بالفاء: أن يكتسب خَلَفَه بعد بلاه، يُقال: خلف الله لك مالًا وأخلفه، وهو الأشهر، رُباعيٌّ)، انتهى، و (أخلفي) في أصلنا بالفاء، ومضبوط بالقلم [9].

    قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك المذكور في السند غير منسوب، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (فَبِقِيَ [10] حَتَّى ذَكَرَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في طرَّة أصلنا: (دكِنَ)، قال ابن قرقول: (حتى دَكِنَ)؛ يعني: اسودَّ، كذا لأبي الهيثم، والدُّكنة: غُبْرَة كَدِرَة، ولأكثر الرواة: (حتَّى ذكر)، وزاد ابن السكن: (حتى ذكر دهرًا)، وهو تفسير لرواية من روى: (ذكر)؛ أراد: بقي هذا

    [ج 1 ص 786]

    القميصُ مدَّة من الزمان طويلة نسيها الراوي، فعبَّر عنها بقوله: (ذكر دَهرًا)؛ أي: زمانًا طويلًا، فنسيتُ تحديده، ففي (ذكر) على هذا ضميرٌ يرجع على الراوي؛ أي: ذكر الراوي دهرًا نَسِيَ الذي روى عنه تحديده، وقيل: في (ذكر) ضمير القميص؛ أي: بقي هذا القميص حتى ذكر دهرًا، كما يقال: شيخ مسنٌّ يذكر دهرًا؛ أي: يعقل زمانًا طويلًا قد مضى.

    ==========

    [1] في (ب): (وهي)، وهو تحريفٌ.

    [2] (بن): سقط من (ب).

    [3] في (ق): (عن خالد، عن سعيد)، وفي هامشها: (هو خالد بن سعيد، كتبه أبو ذر).

    [4] في (ب): (وبشكدانة)، وهو تحريفٌ.

    [5] قوله: (بن العاصي): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

    [6] (يقول): سقط من (ب).

    [7] (فيهما): ليس في (ب).

    [8] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (وأخلفي).

    (1/5924)

    [9] هي في نسخة (ق) بالقاف، ولعلَّ إصلاحًا طرأ عليها.

    [10] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَبَقيتْ).

    (1/5925)

    [حديث: كخ كخ أما تعرف أنا لا نأكل الصدقة]

    3072# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مرارًا كثيرة أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّه بُنْدار، وتَقَدَّمَ ما (البُنْدار)، وكذا تَقَدَّمَ (غُنْدرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه لقب، وقد تَقَدَّمَ مَن لقَّبه به، وأنَّ غُنْدُرًا مُحَمَّد بن جعفر.

    قوله: (كَخٍ كَخٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها، ومعناه في (كتاب الزكاة).

    ==========

    [ج 1 ص 787]

    (1/5926)

    [باب الغلول]

    قوله: (باب الْغُلُولِ): هو بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، وهو الجباية، وكلُّ جبايةٍ غُلولٌ، لكنَّه صار في عُرف الشرع لجباية المغانم خاصَّة، يقال: غلَّ وأغلَّ.

    ==========

    [ج 1 ص 787]

    (1/5927)

    [حديث: لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء ... ]

    3073# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

    قوله: (عَنْ أَبِي حَيَّانَ): هو بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، واسمه يحيى بن سعيد بن حيَّان، أبو حيَّان التيميُّ تيم الرِّباب [1]؛ بكسر الراء، الكوفيُّ، عن أبيه، وأبي زرعة، والشعبيِّ، وجماعةٍ، وعنه: أيُّوب السَّخْتيَانيُّ ومات قبله، وشعبة، وسفيان، ووهيب، وابن المبارك، ويحيى القَطَّان، وخلقٌ، ترجمته معروفة، وقد تَقَدَّمَ، ولكن بَعُد العهد به.

    قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (أبا زرعة) هذا اسمه هرم، وقيل غير ذلك، تَقَدَّمَ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ، تَقَدَّمَ مرارًا.

    قوله: (لاَ أُلْفِيَنَّ): هو بضَمِّ الهمزة، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ فاء مكسورة، قال ابن قرقول: (لا أُلفِيَنَّ)؛ أي: لا تفعل فعلًا يكون مِن سببه كذلك، ورُوِيَ: (لا ألقينَّ)؛ بالقاف، رواهما جميعًا أبو ذرٍّ، والأوَّل أحسن وأوجه)، انتهى، يعني: الذي بالفاء، ومعنى (أُلْفِيَنَّ)؛ بالفاء: أجِدَنَّ.

    قوله: (لَهَا ثُغَاءٌ): هو بضَمِّ المُثَلَّثَة، ثُمَّ غين معجمة مُخَفَّفة، ممدود، قال ابن قرقول: (قوله في (باب منع الزكاة): (لها ثعار)؛ بثاء مُثَلَّثَة لأبي أحمد، وعند أبي زيد: (تعار أو يعار) على الشكِّ، وعند غيرهما: (ثُغار)؛ بغين معجمة، وبعده الشكُّ في (ثعار أو يعار)؛ نحو ما لأبي زيد، وفي (باب الغلول) _يعني: هذا الباب الذي نحن فيه_: (شاة لها ثغاء أو يُعار)، والثغاء: للضأن، واليُعار: للمعز، ومثله: (أو شاة تيعَر)، انتهى.

    تنبيهٌ: رأيت بخطِّ شيخنا العلَّامة البُلْقينيِّ على حاشية نسخة من «البُخاريِّ» ما لفظه: (فائدةٌ: سقط من رواية البُخاريِّ ما يتعلَّق بالشاة، وهو موجود في الروايات الثابتة؛ وهو يقول: يا رسول الله؛ أغثني [2]، أقول: «لا أملك شيئًا، قد أبلغتك»)، انتهى.

    قوله: (لَهُ رُغَاءٌ): هو بضَمِّ الراء، وتخفيف الغين المُعْجَمَة، وفي آخره همزة ممدودة، وهو صوت البعير، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (صَامِتٌ): هو الذهب والفضة، والناطق: الحيوان.

    قوله: (رِقَاعٌ): أراد بها: ما عليه من الحقوق المكتوبة في الرقاع.

    قوله: (تَخْفِقُ): هو بكسر الفاء وتضمُّ، لغتان حكاهما الجوهريُّ؛ أي: تضطرب.

    (1/5928)

    قوله: (وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ ... ) إلى آخره: (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أبو حيَّان): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وتَقَدَّمَ الكلام في اسمه ونسبه، وذكرتُ بعض ترجمته، وتَقَدَّمَ أيضًا بعضها، وهذا التعليق مجزوم به، وقد أخرجه مسلم.

    (1/5929)

    [باب القليل من الغلول]

    قوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ حَرَّقَ مَتَاعَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ): (يذكر): مبنيٌّ للفاعل، وفاعله (عبد الله بن عمرو بن العاصي)، وقوله: (وهذا أصحُّ)؛ أي: من الحديث الذي فيه أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أمر بتحريق متاع الغالِّ، والحديث المشار إليه في التحريق أخرجه أبو داود في «سننه» في (كتاب الجهاد) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأبا بكر وعمر حرَّقوا متاع الغالِّ وضربوه، قال أبو داود: وزاد فيه عليُّ بن بحر عن الوليد ولم أسمعه منه: ومنعوه سهمه، ثُمَّ ذكره أبو داود عقيب ذلك بإسنادٍ آخرَ عن عمرو بن شعيب قولَه، وقد ذكر أبو داود في «سننه» بإسناده إلى عمر بن الخَطَّاب عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «إذا وجدتم الرجل قد غلَّ؛ فأحرقوا متاعه، واضربوه».

    وقوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: أَنَّهُ حَرَّقَ مَتَاعَهُ، وَهَذَا أَصَحُّ)؛ أي: أصحُّ من الحديث الذي قدَّمته عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، والحديث المشار إليه في عدم التحريق هو ما ذكره البُخاريُّ هنا من حديث عبد [1] الله بن عمرو في متاع كركرة، فإنَّه لم يُذكَر فيه تحريقٌ، ويشهد لعدم التحريق أيضًا: ما رواه أبو داود من حديث عبد الله بن بريدة [2] عن عبد الله بن عمرو: كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا أصاب غنيمة؛ أمر بلالًا فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم، فيخمِّسه ويقسمه، فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شَعر، فقال: يا رسول الله؛ هذا فيما كنَّا أصبناه من الغنيمة، فقال: «أسمعت بلالًا ينادي ثلاثًا؟»، قال: نعم، قال: «فما منعك أن تجيء به؟»، فاعتذر، فقال: «كن أنت تجيء به يوم القيامة، فلن أقبلَه عنك»)، انتهى.

    ==========

    [1] في (ب): (عبيد)، وهو تحريفٌ.

    [2] في (ب): (بريرة)، وهو تحريف.

    [ج 1 ص 787]

    (1/5930)

    [حديث: كان على ثقل النبي رجل يقال له كركرة فمات]

    3074# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: ابن عُيَيْنَة، وأنَّ (عَمرًا): هو ابن دينار، أبو مُحَمَّد المَكِّيُّ الإمام، لا عَمرو بن دينار قهرمان آل الزُّبَير، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ؛ إنَّما له في «التِّرْمِذيِّ» و «ابن ماجه».

    قوله: (ثَقَلِ): هو بفتح الثاء والقاف، متاع المسافر وحَشَمُه.

    [ج 1 ص 787]

    قوله: (يُقَالُ لَهُ: كِرْكِرَةُ): بكسر الكافَين [وبفتحهما]، بعد كلِّ كاف راءٌ؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وقد ذكره بالوجهين جماعة؛ منهم [1] البُخاريُّ، كما تراه هنا، صحابيٌّ معروفٌ.

    تنبيهٌ: حكى اللغتين النَّوويُّ في «مبهماته»، وأمَّا في «شرح مسلم» فقال: (إنَّه بفتح الكاف الأولى وكسرها، وأمَّا الثانية؛ فمكسورةٌ فيهما)، انتهى، وهذا غريب إن لم يكن سبقَ قلم، والله أعلم.

    قوله: (عَبَاءَةً): هو بهمزة ممدودة قبل التاء، ويقال: عَبَاةً؛ بغير مدٍّ ولا همز.

    قوله: (قَالَ ابْنُ سَلاَمٍ: كَرْكَرَةُ): يَعْنِي: بِفَتْحِ الكَافَيْنِ [2]، و (ابن سلَام): الظاهر أنَّه مُحَمَّد بن سلام البيكنديُّ الحافظ، والأصحُّ أنَّ (سلَامًا) مخفَّف، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمته في أوائل هذا التعليق، وهو شيخ البُخاريِّ فقط، ولم يخرِّج له غيره من أصحاب الكُتُب السِّتَّة، والله أعلم.

    (1/5931)

    [باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم]

    قوله: (باب مَا يُكْرَهُ مِنْ ذَبْحِ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ فِي الْمَغَانِمِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ في هذا الباب على عادته، ثُمَّ قال: (وجْهُ المطابقة: أنَّه أكفأ القدورَ، ولأنَّ الذبح كان تعدِّيًا على حقِّ الغير، وقد ذهب بعض العلماء إلى أنَّ المذبوح تعدِّيًا سرقةً وغصبًا ميتةٌ، وله انتصر البُخاريُّ)، انتهى، وصدق.

    وقوله هنا: (يُكرَه): أراد به التحريم كعادته، وقد بوَّب في (كتاب الصيد والذبائح) (باب إذا أصاب قومٌ غنيمةً، فذبح بعضهم غنمًا أو إبلًا بغير أمر أصحابهم؛ لم يُؤكَل؛ لحديث رافع عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)؛ يعني: هذا الحديث، ثُمَّ قال: (وقال طاووس وعكرمة في ذبيحة السارق: اطرحوه)، وهذا مذهبٌ من ثلاثة مذاهب في المسألة، وقد قال النَّوويُّ في «شرح مسلم» في الحديث المذكور فيه:

    ألا يا حمزُ للشرف النواء

    ما لفظه: (فإن ذكَّاهما؛ فلحمهما حلال باتِّفاق العلماء، إلَّا ما حُكِيَ عن عكرمة وداود: أنَّه لا تحلُّ ذبيحة سارق، أوغاصب، أو متعدٍّ، والصواب الذي عليه الجمهور حِلُّه)، انتهى، وستأتي المسألة في (الصيد والذبائح) بأطول من هذا.

    ==========

    [ج 1 ص 788]

    (1/5932)

    [حديث: هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش]

    3075# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هذا هو التَّبُوذكيُّ، تَقَدَّمَ مرارًا، ولماذا نُسِبَ تَقَدَّمَ مَرَّةً، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، و (سَعِيد بْن مَسْرُوقٍ [1]): هذا هو والد سفيان الثوريِّ أحدِ الأعلام، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، و (رَافِع): هو ابن خَدِيج؛ بفتح الخاء المُعْجَمَة، وكسر الدال، تَقَدَّمَ، وهو صحابيٌّ مشهورٌ.

    قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها، وهو كضبط ميقات أهل المدينة، غير أنَّ هذه من تهامة، كما في بعض طرقه، وتَقَدَّمَ أنَّ ذلك كان سنة ثمان.

    قوله: (فَأُكْفِئَتْ): هو بهمزة مفتوحة قبل التاء؛ أي: قُلِبَت، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا.

    قوله: (فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ): (نَدَّ): بفتح النون، وتشديد الدال المُهْمَلَة؛ أي: شَرَد ونفر.

    قوله: (فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ): هذا الرجل قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: قيل: هو رافعٌ الراوي، وقد ذكرت في هذا التعليق ما يشهد لما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين، وهو في «الصحيح»، وأتى [2] في «مسلم»: (فرميناه)، فيكون هو وغيره.

    قوله: (أَوَابِدُ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ): (الأَوابِد): بفتح الهمزة، وبعد الألف مُوَحَّدة مكسورة، ثُمَّ دال مهملة؛ أي: نوافر، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (فَقَالَ جَدِّي): (جدُّه): هو رافع بن خَدِيج راوي الحديث، وقائل ذلك هو عَباية بن رفاعة بن رافع، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (مَا أَنْهَرَ [3] الدَّمَ): قال ابن قرقول: (أي: أساله بمرِّه وصبَّه كصبِّ النهر، كذا الرواية في الأمَّهات، ووقع للأصيليِّ: «نهر الدم»، وليس بشيء، والصواب ما لغيره، وجاء في «باب إذا ندَّ بعير ... »: «أنهر، أو نهر»؛ على الشكِّ)؛ انتهى.

    قوله: (وَسَأُحَدِّثُكُمْ): تَقَدَّمَ أنَّه مدرج في الحديث، وهو موقوف في (كتاب الشركة)، والله أعلم.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (هو أبو سفيان الثوريُّ).

    [2] في (ب): (وأنَّ).

    [3] في (ب): (ما انهرم)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 788]

    (1/5933)

    [باب البشارة في الفتوح]

    قوله: (بَابُ الْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ): (البِشارة): بكسر المُوَحَّدة وضمِّها؛ لغتان مشهورتان ذكرهما الجوهريُّ.

    ==========

    [ج 1 ص 788]

    (1/5934)

    [حديث جرير: قال لي رسول الله: ألا تريحني من ذي الخلصة]

    3076# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان، أوحد الحُفَّاظ، بل شيخهم، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو ابن أبي خالد، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وكذا (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، وكذا (جَرِير): هو ابن عبد الله [1] البَجَليُّ الصَّحَابيُّ، يوسف هذه الأمَّة.

    قوله: (مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها غير بعيد؛ فانظره.

    قوله: (الْيَمَانِيَةَ): هي بتخفيف الياء، وتُشدَّد على لغة.

    قوله: (هَادِيًا مَهْدِيًّا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا من المقلوب، وأنَّه لا يهدي حتَّى يكون مهديًّا.

    قوله: (فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه بما فيه في (باب حرق الدور والنخيل) في (الجهاد).

    قوله: (جَمَلٌ أَجْرَبُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه [2]، وعلى رواية الشكِّ: (أو أجوف) في الباب المذكور أعلاه.

    ==========

    [1] في (ب): (عبد الملك)، وليس بصحيحٍ.

    [2] (عليه): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 788]

    (1/5935)

    [باب ما يعطى البشير]

    قوله: (بَابُ مَا يُعْطَى الْبَشِيرُ): (يُعطَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (البشيرُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    قوله: (وَأَعْطَى [1] كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ثَوْبَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بِالتَّوْبَةِ): (بُشِّر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والبشير الذي بشَّره بالتوبة وأعطاه كعبٌ ثوبَيه هو حمزة بن عمرو الأسلميُّ، ذكر ذلك الواقديُّ، وسأذكره في مكانه أيضًا مُطَوَّلًا.

    ==========

    [1] في (ب): (فأعطى).

    [ج 1 ص 788]

    (1/5936)

    [باب: لا هجرة بعد الفتح]

    قوله: (بَابُ لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه غَيْرَ مَرَّةٍ، وأنَّه مؤوَّل، إمَّا من مكَّة؛ لأنَّها صارت [دار] إسلام [1]، أو لا هجرةَ فضيلتُها كفضيلة الهجرة من مكَّة، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (إسلامًا).

    [ج 1 ص 788]

    (1/5937)

    [حديث ابن عباس: لا هجرة ولكن جهاد ونية]

    3077# قوله: (شَيْبَانُ): هذا هو ابن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، تَقَدَّمَ، وأنَّه منسوب إلى القبيلة لا إلى صناعة النحو، وتَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ ما قاله ابن أبي داود وغيرُه: أنَّ الذي نُسِب إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْويُّ هذا، والله أعلم، و (مَنْصُور) بعده: هو ابن المعتمر.

    قوله: (اسْتُنْفِرْتُمْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    [ج 1 ص 788]

    (1/5938)

    [حديث: لا هجرة بعد فتح مكة ولكن أبايعه على الإسلام]

    3078# 3079# قوله: (عَنْ خَالِدٍ): هو خالد بن مِهْرَان الحذَّاء الحافظ، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدمت اللغات في (مَلٍّ)، وكذا تَقَدَّمَ ترجمة (مُجَاشِع بْن مَسْعُود)، و (أَخِيهِ مُجَالِد)، رضي الله عنهما.

    (1/5939)

    [حديث: انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه مكة]

    3080# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهْبِذ، وكذا تَقَدَّمَ (سُفْيَانُ) بعده: أنَّه ابن عُيَيْنَة.

    قوله: (قَالَ عَمْرٌو وَابْنُ جُرَيْجٍ): هذا الحديث رواه [1] سفيان _أعني: ابن عُيَيْنَة_ عن عَمرو _ وهو ابن دينار_ وابنِ جُرَيجٍ؛ كلاهما عن عطاء، وقد تَقَدَّمَ (عَمرو): أنَّه ابن دينار، وكذا (ابن جُرَيجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، وكذا (عَطَاء): أنَّه ابن أبي رَباح [2]، مترجَمِين.

    قوله: (بِثَبِيرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه جبل المزدلفة، عن يسار الذاهب إلى منًى.

    ==========

    [1] في (ب): (راويه).

    [2] زيد في (ب): (مفتي أهل مكة).

    [ج 1 ص 789]

    (1/5940)

    [باب: إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة ... ]

    قوله: (بَابُ إِذَا اضْطُرَّ [1] الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُؤْمِنَاتِ إِذَا عَصَيْنَ اللهَ ... ) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ما في الحديث دليلٌ على أنَّها مؤمنة ولا ذِميَّة، ولكن لمَّا استوى حكمُها في حرمة الفاحشة [2] والنظر لغير حاجة؛ شملها الدليلُ)، انتهى.

    فإن قيل: إنَّها لمَّا كانت من نساء أهل العهد؛ كان لها ذِمَّة وإن كان عهدُهم انتقض؛ يقال: لكن قد خرجت عن الذمَّة بالانتقاض، والله أعلم.

    قوله: (إِذَا اضْطُرَّ): هو بضَمِّ الطاء، ومعنى (اضطُرَّ): أُلجِئَ، وهو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَتَجْرِيدِهِنَّ): هو بالجرِّ، معطوف على (النظرِ [3])، وهو مجرور.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وكذا في الموضع اللاحق، وفي «اليونينيَّة»: (اضطَرَّ).

    [2] في (ب): (الفاجر)، وهو تحريفٌ.

    [3] في النُّسخَتَينِ: (البطر)، وهو تصحيفٌ.

    [ج 1 ص 789]

    (1/5941)

    [حديث: ائتوا روضة كذا وتجدون بها امرأةً أعطاها حاطب كتابًا]

    3081# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ (حَوْشَبًا) بفتح الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ شين معجمة مفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

    قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه هشيم بن بشير، أبو معاوية السُّلَميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، وكذا تَقَدَّمَ (حُصَيْنٌ): أنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الصاد المُهْمَلَة، وأنَّ الأسماء كذا، والكنى بفتح الحاء وكسر الصاد المُهْمَلَتين، واستثنيتُ من الأسماء: أبا ساسان حُضَين بن المنذر، فإنَّه بضاد معجمة مفتوحة، و (حُصَين) الذي نحن في الكلام [عليه] الراوي عنه هُشيم: هو ابن عبد الرَّحْمَن، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو السُّلَميُّ، تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن حَبِيب، والسُّلَميُّ؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، تقدَّموا مترجَمِين.

    قوله في أبي عبد الرَّحْمَن _هو السُّلَميُّ_: (وَكَانَ عُثْمَانِيًّا): أمَّا (أبو عبد الرَّحْمَن)؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه، وتَقَدَّمَ قبل ذلك مُتَرْجَمًا، وأمَّا قوله: (وكان عثمانيًّا)؛ يعني: أنَّه يُفضِّل عثمانَ على عليٍّ، رضي الله عنهما، وهي مسألة خلافٍ ستأتي [2] في (مناقب الصَّحَابة)، والصحيح: تفضيل عثمان رضي الله عنهما.

    قوله: (لاِبْنِ عَطِيَّةَ): هذا هو حِبَّان _بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة_ ابن عطيَّة السُّلميُّ، صاحب عليٍّ رضي الله عنه، وقيل فيه: حَيَّان؛ بالياء المُثَنَّاة تحت، قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»: حِبَّان بن عطيَّة السُّلَميُّ، صاحب عليٍّ، قال سعد بن عبيدة: تنازع هو وأبو عبد الرَّحْمَن السُّلَميُّ وكان عثمانيًّا، وبعضهم قيَّده: حَيَّان [3]، انتهى، قال ابن قرقول: وضبطه بعض رواة أبي ذرٍّ بفتح الحاء، وهو وَهَمٌ، انتهى، فصار فيه ثلاثة ضبوط: حِبَّان وهو أصحُّها، وحَيَّان، وحَبَّان؛ بالفتح، وهو وَهَمٌ.

    قوله: (وَكَانَ عَلَوِيًّا): أي: يقدِّم عليًّا على عثمان.

    قوله: (جَرَّأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    (1/5942)

    قوله: (صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ): يعني: عليًّا، في كلام أبي عبد الرَّحْمَن نظرٌ، وسأذكره بعد ذلك في مكان آخرَ إن شاء الله تعالى، ثُمَّ عنَّ لي ذكرُه هنا: قال الداوديُّ: بئس ما قال أبو عبد الرَّحْمَن في تأويله على عليٍّ رضي الله عنه أنَّه يحتوي على شيء يراه حرامًا؛ لقوله في أهلِ بدر، والله يعلم أفعالَ العبادِ قبل كونها، وعلم أنَّهم لا يأتون كبيرة، وإن قال لهم نبيُّهم عنه: «اعملوا ما شئتم»، وقول أبي عبد الرَّحْمَن: (إنِّي لأعلم ... ) إلى آخره ظنٌّ منه؛ لأنَّ [4] عليًّا على مكانته من الفضل والعلم لا يقتل أحدًا [5] إلا بالواجب وإن كان قد ضُمِن له الجنَّة بشهوده بدرًا وغيرها، والله أعلم.

    قوله: (وَالزُّبَيْرَ): هو مَنْصُوبٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أرسل معهما المقداد، وستأتي رواية أخرى: أنَّه بعث عليًّا والزُّبَيرَ وأبا مرثد، وقد تَقَدَّمَ [أنَّه] أرسل معه غيرَ مَن ذكرت؛ فانظره، وقد أرسل الكلَّ، والله أعلم، كما قَدَّمْتُ في (الجهاد).

    قوله: (وَتَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وما قيل في اسمها، ومَولاة مَن هي، وتَقَدَّمَ ما في الكتاب بالاختلاف فيه، وكذا (الحُجْزَة)؛ وهي مَعْقِدُ الإزار والسراويل، ورواية: (مِنْ عِقَاصِهَا)، وتَقَدَّمَ الجمع بينهما.

    قوله: («اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ»، فَهَذَا الَّذِي جَرَّأَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في الكُرَّاسة التي قبل هذه [6]، وهو أنَّ هذا مشكلٌ؛ لأنَّه إباحةٌ مطلقةٌ، وهو خلاف الشرع، وقيل: ليس هو [7] للاستقبال، بل للماضي؛ وتقديره: أيُّ عمل كان لكم فيه؛ فقد غفرته [8]، وهو ضعيفٌ؛ لأنَّه خاطب به [9] مَن فعله بعد بدر، وقيل: بل خطابُ إكرامٍ وتشريفٍ؛ أي: أنَّ هذا القوم حصلت لهم حالةٌ غفرتُ بها ذنوبَهم السابقة، وتأهَّلوا بها أن تُغفَر لهم ذنوبٌ إن وقعت منهم، انتهى، والله أعلم، وقد ذكرته أطولَ من هذا في الكُرَّاسة المشار إليها، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثني).

    [2] في (ب): (وسيأتي).

    [3] في (ب): (الحيان).

    [4] في النُّسخَتَينِ: (أنَّ)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [5] في (أ): (أحد)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    [6] زيد في (ب): (بكراسة).

    [7] في (ب): (هو ليس).

    [8] في (ب): (فيدعى منه).

    (1/5943)

    [9] في (ب): (فيه).

    [ج 1 ص 789]

    (1/5944)

    [باب استقبال الغزاة]

    (1/5945)

    [حديث: أتذكر إذ تلقينا رسول الله أنا وأنت وابن عباس؟]

    3082# قوله: (وَحُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ): هو أبو الأسود الكرابيسيُّ، بصريٌّ، عن سُهَيل بن أبي صالح، وحَبِيب بن الشهيد، وعبد العزيز بن صُهيب، وحُسين المعلِّم، وطبقتِهم، وعنه: عبد الرَّحْمَن بن مهديٍّ، ومسدَّدٌ، وحفيده أبو بكر عبدُ الله بن مُحَمَّد بن حُمَيدٍ، وحميد بن مَسعَدة، ثقةٌ، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له البُخاريُّ والأربعة.

    قوله: (عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ): هو بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله معروفٌ.

    قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صحابيٌّ، تَقَدَّمَ مرارًا.

    قوله: (قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العوَّام بن خُوَيلد.

    قوله: (لاِبْنِ جَعْفَرٍ): هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

    قوله: (فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ): قائل (فحملنا وتركك) هو عبد الله بن جعفر، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: وتوضِّحه الرواياتُ

    [ج 1 ص 789]

    التي بعده؛ يعني: في «مسلم»، قال: (وقد توهَّم القاضي _يعني: عياضًا_ أنَّ قائل: (فحملنا وتركك) ابنُ الزُّبَير، وجعله غلطًا في رواية «مسلم»، وليس كما قال، بل صوابه ما ذكرناه، والله أعلم)، انتهى معناه.

    تنبيهٌ: ما وقع هنا من أنَّ ابنَ الزُّبَير قال ذلك لعبد الله بن جعفر؛ وقع في أفراد [1] مسلم و «مسند» أحمد: أنَّ ابن جعفر قال ذلك لعبد الله بن الزُّبَير، والظاهر أنَّه انقلب على الراوي، كما نبَّه عليه ابن الجوزيِّ في «جامع المسانيد»، انتهى، والصحيح: أنَّ قائل ذلك هو ابن الزُّبَير لابن جعفر، لا ما [2] وقع في «مسلم» وغيره، والله أعلم.

    (1/5946)

    [باب ما يقول إذا رجع من الغزو]

    (1/5947)

    [حديث: آيبون إن شاء الله تائبون عابدون حامدون لربنا ساجدون]

    3084# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه التَّبُوذكيُّ [1]، وقد تَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، وكذا تَقَدَّمَ (جُوَيْرِيَةُ): أنَّه ابن أسماء مُتَرْجَمًا.

    قوله: (إِذَا قَفَلَ): هو بالقاف والفاء المفتوحَتين؛ أي: رجع، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَهَزَمَ الأَحْزَابَ): تَقَدَّمَ أنَّهم مشركو قريش وغيرهم الذين جاؤوا لحرب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى الخندق، وقيل غير ذلك.

    ==========

    [1] في (ب): (الحافظ).

    [ج 1 ص 790]

    (1/5948)

    [حديث: كنا مع النبي مقفله من عسفان ورسول الله على راحلته .... ]

    3085# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن عَمرو بن أبي الحجَّاج المنقريُّ، الحافظ المقعَدُ، وتَقَدَّمَ أنَّ (عَبْد الْوَارِثِ): هو ابن سعيد [1] بن ذكوان التيميُّ مولاهم، التنُّوريُّ البصريُّ، أبو عُبيدة الحافظ.

    قوله: (عَنْ [2] يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ): هذا الحضرميُّ النَّحْويُّ، يروي عن أنس، وسليمان بن يسار، وعنه: عبَّاد بن العوَّام، وعبد الوارث، وابن عُلَيَّة، صاحب قراءات وعربيَّة، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان».

    قوله: (مَقْفَلَهُ): هو بفتح الميم، وإسكان القاف، وفتح الفاء؛ أي: مرجعَهُ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله [3]: (مِنْ عُسْفَانَ): قال الدِّمْيَاطيّ: (ذكرُ عُسْفان مع قصَّة صفيَّة وَهَمٌ؛ لأنَّ غزوة عُسْفان إلى بني لحيان كانت في سنة ستٍّ، وغزوة خيبر في سنة سبع، وإرداف صفيَّة مع النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ووقوعها كان فيها)، انتهى، والذي قاله صحيح، غير أنَّ خيبر _قال بعضهم_: كانت في آخِر [4] ستٍّ، كما قدَّمته غَيْرَ مَرَّةٍ، وقدَّمتُ مدرك الخلاف، و (عُسْفان): قرية جامعة على ستَّة وثلاثين ميلًا من مكَّة، وأين عُسْفان وأين خيبر؟!

    قوله: (فَصُرِعَا جَمِيعًا): أي: وَقَعَا.

    قوله: (فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن سهل، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، رضي الله عنه.

    قوله: (فِدَاءَكَ): تَقَدَّمَ أنَّ (الفِداء) يمدُّ ويقصر، أمَّا المصدر من (فاديت)، فبالمدِّ ليس غير، والفاء في كلِّ ذلك مكسورةٌ، وحكى الفراء: (فِدًى لك) مقصورٌ، وممدود مفتوح.

    قوله: (وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بإسكان الفاء، والضمير فاعل، و (رسولَ): مَنْصُوبٌ مفعول، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [1] في (ب): (سعد)، وهو تحريفٌ.

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثني)، وفي (ق): (أخبرنا)، وفي هامشها: (حدَّثنا).

    [3] (قوله): سقط من (ب).

    [4] زيد في (ب): (سنة).

    [ج 1 ص 790]

    (1/5949)

    [حديث: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون.]

    3086# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): كذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ (عليٌّ) غير منسوب، وكذا في «أطراف المِزِّيِّ»، وقد ظهر لي أنَّه عليُّ بن عبد الله ابن [1] المدينيِّ، وقد راجعتُ كلام أبي عليٍّ الجيانيِّ؛ فلم أرَه ذكر هذا المكان؛ أعني: رواية عليٍّ عن [2] بِشْر بن المفضَّل، وقد راجعت كلام عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» فرأيته قد ذكر في ترجمة بِشْر هذا: أنَّه روى عنه عليُّ ابن المَدينيِّ، ولم يذكر أحدًا في الرواة عنه اسمه (عليٌّ) سوى ابن المَدينيِّ.

    قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ أعلاه [3] مُتَرْجَمًا؛ فانظره.

    قوله: (فَصُرِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (صُرِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ قائم مقام الفاعل، ومعناه: سقط [4].

    قوله: (وأنَّ [5] أَبَا طَلْحَةَ): (أنَّ)؛ بفتح الهمزة، معطوف على (أَنَّهُ أَقْبَلَ) المذكور في أوَّل الحديث.

    قوله: (فِدَاءَكَ): تَقَدَّمَ أعلاه الكلام عليه وقبله أيضًا.

    ==========

    [1] (بن): سقط من (ب).

    [2] في (ب): (بن)، وهو تحريفٌ.

    [3] في (ب): (قريبًا).

    [4] (ومعناه: سقط): سقط من (ب).

    [5] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (وإنَّ).

    [ج 1 ص 790]

    (1/5950)

    [باب الصلاة إذا قدم من سفر.]

    (1/5951)

    [حديث: ادخل المسجد فصل ركعتين]

    3087# قوله: (عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (محاربًا) اسم فاعل من (حارب)، وأنَّ (دِثَارًا) بكسر الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثَة مُخَفَّفة، وفي آخره راء.

    قوله: (كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا السفر، وأنَّ بيع الجمل وقع فيه، والاختلاف الذي وقع فيه غَيْرَ مَرَّةٍ؛ فانظره.

    ==========

    [ج 1 ص 790]

    (1/5952)

    [حديث: أن النبي كان إذا قدم من سفر ضحًى دخل المسجد]

    3088# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مخْلد النَّبيلُ، وأنَّ (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله [1]، العالم المشهور.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (بن شهاب).

    [ج 1 ص 790]

    (1/5953)

    [باب الطعام عند القدوم]

    قوله: (بَابُ الطَّعَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ): هذا الطعام يُسمَّى النقيعة، وهل يصنعه القادم أو المقدوم عليه؟ وتبويب البُخاريِّ يحتمل الاثنين، ولكنَّ الحديث الذي ذكره تعيَّن فيه القادمُ، والنقيعة: مأخوذة من النقع؛ وهو الغبار، قال الله تعالى: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 4]، قال النَّوويُّ من «زوائده» في «الروضة»: ليس فيه بيان من يتَّخذها؛ أهو القادم أو المقدوم عليه؟ فيه خلافٌ لأهل اللغة، فنقل الأزهريُّ عن الفرَّاء: أنَّه القادمُ، وقال صاحب «المحكم»: هو طعام يُصنَع للقادم، وهو الأظهر، انتهى، وهو يقتضي أنَّه لم يقف فيه على نقل لأصحاب الشَّافِعيِّ، وقد صَرَّحَ بذلك الحليميُّ في «منهاجه» في آخر (كتاب الحجِّ [1])، وجزم بالأوَّل، ولفظه: (ويستحبُّ للمسافر إذا رجع واستقرَّ في منزله؛ أن يطعم الناسَ)، ثُمَّ نقل فيه آثارًا عن الصَّحَابة رضي الله عنهم وغيرِهم.

    قوله: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْطِرُ لِمَنْ يَغْشَاهُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: إذا قدم من سفر؛ أطعم مَن يغشاه، وأفطر معهم؛ أي: ترك قضاء رمضان؛ لأنَّه كان لا يصوم رمضان في السفر، فإذا انقضى الإطعام؛ ابتدأ قضاء رمضان الذي أفطر في السفر)، انتهى.

    والظاهر أنَّ في نسخة الدِّمْيَاطيِّ بـ «البُخاريِّ» شيئًا لم يكن في أصلنا، ولا رأيته في نسخة أخرى صحيحةٍ راجعتها، ولعلَّه بعد (يغشاه): (وأفطر معهم)، وهذا تعطيه عبارة الدِّمْيَاطيِّ؛ فانظرها.

    وأمَّا قوله في «الصحيح»: (يُفطِر)؛ فهو في بعض نسخ «الصحيح» بتشديد الطاء، وفي أصلنا بالتخفيف، وعبارة الدِّمْيَاطيِّ تعطي أنَّه بالتخفيف، ولكن ينبغي إذا قُرئ بالتشديد؛ يُقرأ (مَنْ) بغير لام، وإذا قُرئ بالتخفيف؛ يزاد لام في (مَنْ)، فإنَّ في بعض النسخ كأصلِنا إثباتَ اللام في (مَنْ)، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (الحجر)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 790]

    (1/5954)

    [حديث: أن رسول الله لما قدم المدينة نحر جزورًا أو بقرةً]

    3089# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [2] وَكِيعٌ): ذكر الجيَّانيُّ أماكنَ فيها: (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا وكيع)، ولم يذكر هذا المكان منها، وقد قال شيخنا الشارح: هو مُحَمَّد بن المثنَّى، كما صَرَّحَ به الإسماعيليُّ، انتهى.

    قوله: (عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ): تَقَدَّمَ أعلاه الكلام في ضبطه، وضبط أبيه، وكذا قبله أيضًا.

    قوله: (زَادَ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ): هذا هو معاذ بن معاذ شيخ بعض شيوخ البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ ترجمتَه، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (زاد) مثل: (قال)، فيكون تعليقًا، وحديث معاذ أخرجه مسلم في (الصلاة) وفي (البيوع) عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه به [3].

    [ج 1 ص 790]

    قوله: (اشْتَرَى مِنِّي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا بأُوقِيَّتَيْنِ): وفي نسخة هي هامش أصلنا: (بوقيَّتين)، تَقَدَّمَ الكلام على (الأوقيَّة) بما فيها من لغة (وقيَّة)، وأنَّها أربعون درهمًا، وعلى (الأواقيِّ)، وتَقَدَّمَ [4] في كلام البُخاريِّ الاختلافُ في الثمن وترجيحه، وفي الاشتراط وترجيحه.

    قوله: (فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا): قال الدِّمْيَاطيُّ: (بينها وبين المدينة ثلاثةُ أميالٍ من طريق العراق)، انتهى، قال ابن قرقول: موضع قرب المدينة، بصاد مهملة؛ كذا قيَّده الدرارقطنيُّ وغيرُه من المتقنين، وعند الحمُّوي والمستملي وابن الحذَّاء: (ضِرارًا)؛ بضاد معجمة، وهو وَهَمٌ، وهو على ثلاثة أميالٍ من المدينة على طريق العراق، قاله الخَطَّابيُّ، انتهى.

    و (صِرَار)؛ بصاد مهملة، وراء مُخَفَّفة، وبعد الألف راء أخرى، وقد رأيت في نسخة صحيحة عقيب الحديث ما لفظه: (صِرار: موضعٌ بناحية المدينة)، وفي نسخة أخرى: (موضعٌ ناحيةَ المدينة)، وقد عُلِّم عليها علامة الفِربريِّ، والله أعلم.

    وقد قَدَّمْتُ الكلام في بيع الجمل أين كان، والاختلاف فيه؛ فانظره في (الشروط) وغيرِه.

    3090# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، وكذا تَقَدَّمَ في ظاهرها ضبط (مُحَارِب بْن دِثَارٍ)، وأبيه، وقبله أيضًا.

    (1/5955)

    ((57)) (كتابُ [فَرْضِ الْخُمُسِ) ... إلى (بَاب الجِزْيَة والمُوَادَعَة)] [1]

    تنبيهٌ: تَقَدَّمَ ضمن (باب {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا} [البقرة: 276]) في هذا التعليق في (كتاب البيع) متى كان فرض الخُمس، وكلام الناس فيه؛ فانظره.

    و (الخُمس): بضَمِّ الميم وإسكانها، وهي لغة جارية من (ثلْث وثلُث) إلى (عشْر وعُشُر).

    ==========

    [1] ما بين قوسين سقط من (ب).

    [ج 1 ص 791]

    (1/5956)

    [حديث علي: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر]

    3091# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، و (عَبْدان): لقبٌ له، وتَقَدَّمَ لِمَ لُقِّب عَبْدان.

    قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن المبارك، الإمام العَلَم، وتَقَدَّمَ (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتَقَدَّمَ (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وأنَّ (عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ): زينُ العابدين.

    قوله: (كَانَتْ لِي شَارِفٌ): تَقَدَّمَ ما (الشارف)، وأنَّها المُسنَّة من النوق، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ) في (البيع)، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرَّجُلَ الصَّوَّاغَ): أنَّه الصائغ، وأنِّي لا أعرفه، وتَقَدَّمَ (قَيْنُقَاعَ): أنَّه مثلث النون، وكذا (الإِذْخِر) ضبطه، وأنَّه نبتٌ طيِّب الرائحة.

    قوله: (قَدْ أُجِبَّتْ [1]): قال الدِّمْيَاطيُّ: (يقال: جَبَّ الناسُ النخل: قطعوه، وكذلك: اجتُبَّ، ولا يقال: أَجَبَّ)، انتهى، وتَقَدَّمَ الكلام على (وَبُقِرَتْ)؛ أي: شُقَّتْ، وعلى (الشَّرْب)، وأنَّه بفتح الشين المُعْجَمَة وسكون الراء، وأنَّهم الجماعة الجالسون على الشراب.

    قوله: (حَتَّى أَدْخُل): هو بنصب اللام وضمِّها، والفتح الراجح، قاله ابن مالك.

    قوله: (فَأَجَبَّ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أعلاه من عند الدِّمْيَاطيِّ: أنَّه لا يقال: أَجَبَّ [2].

    قوله: (فَطَفِقَ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الفاء، ويجوز فتحها، ومعناه: فجعل.

    قوله: (قَدْ ثَمِلَ): هو بفتح الثاء المُثَلَّثَة، وكسر الميم؛ أي: سكر، وكذا قوله: (أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْقَهْقَرَى).

    (1/5957)

    [حديث: أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله .. ]

    3092# 3093# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن كيسان، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وكذا تَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ) بعده: أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ): (نُورَث): لجميع الرواة بالنون، كما قال القرطبيُّ، يعني: جماعةَ الأنبياء، كما في الرواية الأخرى: (نحن معاشرَ الأنبياء)، وسيأتي بُعَيده ما قيل فيه.

    قوله: (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ): هو مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، خلافًا للإماميَّة حيث نصبوه، قالوا: و (يُورث)؛ بمُثَنَّاة تحت؛ أي: ما تركنا صدقةً؛ فلا يُورث، وهذا مخالفٌ لجميع الروايات، ولِمَا حمله الصَّحَابة من قوله: «فهو صدقة»، وقال بعضهم: وذهب النحَّاس إلى أنَّه يصحُّ نصبه على الحال، واستنكره القاضي؛ لتأييده مذهب الشيعة، ولكنْ وجَّهه ابن مالك: مبذولٌ صدقةً؛ مثل: {وَنَحْنُ عُصْبَةً} [يوسف: 8]، انتهى، ثُمَّ إنَّ نصب (صدقةً) مُنَوَّنًا بلا [1] تأويلٌ يُبَاينُ قولَه: (لا نُورث)، والله أعلم.

    قوله: (فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ ... ) إلى آخره: قال القاضي عياض رحمه الله: وأمَّا ما ذكره من هجران فاطمة لأبي بكر رضي الله عنهما؛ فمعناه: انقباضها عن لقائه، وليس هذا من الهجران المحرَّم؛ الذي هو ترك السلام، والإعراضُ عند اللقاء، والله أعلم.

    (1/5958)

    تنبيهٌ: قال شيخنا رحمه الله تعالى: (وأمَّا ما رُوِيَ من أنَّ فاطمة طلبت فَدَك، وذكرت أنَّ أباها أقطعها إيَّاها، وشهد لها عليٌّ بذلك فلم يقبل أبو بكر بشهادته [2]؛ لأنَّه زوجها؛ فلا أصل له، ولا تثبتُ به روايةٌ أنَّها ادَّعت ذلك، وإنَّما هذا أمرٌ مُفتَعل لا يثبت، وإنَّ ما طلبته وادَّعته وغيرها أيضًا قاله القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن حَمَّاد في كتابه «تركة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم»، وقال لها أبو بكر: أنت عندي مصدَّقة، إن كان رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عهد إليكِ في ذلكِ عهدًا أو وعدك وعدًا؛ صَدَّقتُ وسلَّمتُ، قالت: لا، لم يكن منه إليَّ في ذلك شيءٌ إلَّا ما أنزل الله من القرآن، غير أنِّي لمَّا نزلَتْ عليه؛ قال: «أبشِروا آلَ مُحَمَّدٍ، فقد جاءكم الغنى»، فقال أبو بكر: صدق أبوك وصَدَقْتِ، ولم يبلغني في تأويل هذه الآية أنَّ هذا السهم كاملًا لكم، فلكم الغنى الذي يسعكم ويفضل عنكم، وهذا عمر وأبو عبيدة وغيرُهما فاسأليهم، فانطلَقَتْ إلى عمر، فذكر لها مثلَ ما ذكر أبو بكر، رواه عن أبيه، عن يحيى بن أكثم: حدَّثنا عليُّ بن عيَّاش الألهانيُّ: حدَّثنا أبو معاوية صدقة الدِّمَشْقيُّ، عن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصديق، عن أنس [3].

    قال شيخنا: وروى ابنُ شاهين في كتاب «الخمس» عن الشعبيِّ: أنَّ الصِّدِّيق قال لفاطمة: يا بنتَ رسول الله؛ ما خير عيشِ حياةٍ أعيشها وأنت عليَّ ساخطة، فإن كان عندك من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عهدٌ؛ فأنت الصادقة المصدَّقة المأمونة على ما قُلْتِ، قال: فما قام حتى رَضِيَتْ، قال: وفي حديث أسامة بن زيد الليثيِّ عن الزُّهْرِيّ، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال أبو بكر لفاطمة: بأبي أنت وبآبائي أبوك، إنَّه قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «لا نورث، ما تركنا صدقةٌ»، قالت:

    [ج 1 ص 791]

    فقالت: إنِّي لست ممَّن ينكر، انتهى.

    (1/5959)

    واعلم أنَّ في ترك فاطمة رضي الله عنها منازعةَ أبي بكر رضي الله عنه بعد احتجاجه عليها بالحديث التسليمَ؛ للإجماع على القضيَّة، وأنَّها [4] لمَّا بلغها الحديثُ وتبيَّن لها التأويل؛ تركت رأيها، ثُمَّ لم يكن منها ولا مِن أحدٍ مِن ذريَّتها بعد ذلك طلبٌ لميراثٍ، ثُمَّ لمَّا وَلِيَ عليٌّ رضي الله عنه الخلافةَ؛ فلم يعدل بها عمَّا فعله أبو بكر وعمر، فدلَّ على أنَّ طلب عليٍّ والعَبَّاس إنَّما كان طلبَ القيام بها لأنفسهما، وقسمتها بينهما على حسب ما ينتفع بها الإمام لو وَلِيَها بنفسه، فكره عمر أن يوقع عليها القسمة؛ لئلَّا يُظَنَّ مع تطاول الأزمان أنَّها ميراثٌ، وأنَّهما ورثاه، لا سيَّما وقسمة الميراث بنت البنت والعمِّ نصفان، وكان كلُّ واحد منهما أراد القيام عليها، والله أعلم، انتهى، لكنَّ في هذه المسألة زوجاتٍ، والله أعلم.

    قوله: (فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ [5] حَتَّى مَاتَتْ [6]): هذا اللفظ يردُّ ما حكاه بعضُهم عن شيخه عليِّ بن عيسى: أنَّها لم تكلِّمه في هذا الميراث خاصَّة، والله أعلم.

    قوله: (وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ): هذا هو الصحيح في بقاء فاطمة رضي الله عنها بعده صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقيل: عاشت بعده عليه الصَّلاة والسَّلام ثلاثةَ أشهرٍ، وقيل: ثمانية أشهرٍ، وقيل: سبعين يومًا، وقيل: شهرين، والصحيح الأوَّل، قيل: تُوفِّيَتْ لثلاثٍ خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة، وكان عمرها تسعًا وعشرين سنةً، وقيل: ثلاثين، وقيل: إحدى وعشرين، وقال الكلبيُّ: كان عمرها خمسًا وثلاثين سنةً، وغسَّلها عليٌّ رضي الله عنه وأسماءُ بنت عُمَيس، وصلَّى عليها عليٌّ، وقيل: العَبَّاس، وأوصت أن تُدفَن ليلًا، ففُعِل ذلك بها، ونزل في قبرها عليٌّ والعَبَّاس والفضل بن العَبَّاس رضي الله عنهم.

    قوله: (وَفَدَكٍ): هو بفتح الفاء والدال المُهْمَلَة، وبالكاف، هي مدينة بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاث مراحلَ.

    قوله: (وَصَدَقَتِهِ): هي مجرورة، ويجوز نصبها عطفًا على (نَصِيبَها).

    قوله: (تَعْرُوهُ): هو بفتح المُثَنَّاة فوق، وإسكان العين المُهْمَلَة؛ أي: تَعرِض له، يقال: عراه يعروه؛ إذا قصده طالبًا لحاجة، وقد فسَّر البُخاريُّ (تعروه) بعد هذا؛ فانظره.

    قوله: (قِصَّةُ فَدَكٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (فَدَك) أعلاه؛ فانظره.

    (1/5960)

    [حديث علي: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار]

    3094# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ): هو بفتح الفاء، وإسكان الراء، نسبة إلى جدِّه أبي فَرْوة، وهو إسحاق بن مُحَمَّد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فَرْوة، روى عن مالكٍ وعدَّةٍ، وعنه: البُخاريُّ وعليٌّ البغويُّ، قال أبو حاتم: صدوقٌ ربَّما لُقِّن؛ لذهاب بصره، وقال مَرَّةً: يضطرب [1]، ووهَّاه أبو داود، تُوُفِّيَ سنة (226 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان».

    قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور، وكذا تَقَدَّمَ (مَالِك بْن أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ)، وأنَّ الصحيح أنَّه تابعيٌّ، كذا رجَّحه الذَّهَبيُّ، وهو الذي يظهر من كلام أبي عُمر، وإذا كان كذلك؛ فقد روى عن العشرة المشهود لهم بالجنَّة، وابن عَبْدِ البَرِّ لم يذكر قيس بن أبي حَازم أنَّه روى عن العَشَرة، إنَّما ذكر هذا، والله أعلم.

    قوله: (حَتَّى أَدْخُل عَلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ)، وكذا التي بعدها: (حَتَّى أَدْخُل عَلَى عُمَرَ): يجوز في اللام الرفعُ والنصبُ، فمَن ضَمَّ؛ جعل (حتَّى) عاطفةً، فمعنى الكلام: انطلقت فدخلت، ومَن فتحها؛ كانت بمعنى: (كي)، ومثله: {حَتَّى يَقُول الرَّسُولُ} [البقرة: 214].

    قوله: (مَتَعَ النَّهَارُ): هو بفتح الميم والتاء المُثَنَّاة فوق، وبالعين المُهْمَلَة؛ أي: طال، قال يعقوب: علا واجتمع، وقال غيره: ذلك قبل الزوالِ.

    قوله: (إِذَا رَسُولُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ): رسول عمرَ لا أعرفه، قال بعض الحُفَّاظ: قيل: هو يرفا، وفيه نظر، فإنَّ يرفا إنَّما كان حاجبَه، ويعلو على ما [2] نظَّره أنَّ [3] بُعَيد هذا: (فَبَيْنَا [4] أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا)، اللهمَّ إلا أن [5] يقول: إنَّ المكان الثاني فيه نظرٌ أيضًا.

    قوله: (عَلَى رِمَالِ سَرِيرٍ): هو بكسر الراء وضمِّها، وتخفيف الميم؛ أي: منسوجٌ من السَّعَفِ بالحبال، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (مُتَّكِئٌ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (يَا مَال): هذا منادًى مرخَّمٌ، وفي لامه الكسر والضمُّ، وهذا مَعْرُوفٌ جدًّا.

    قوله: (أَهْلُ أَبْيَاتٍ): أي: قومٌ معهم أهلُهم.

    قوله: (بِرَضْخٍ): هو بفتح الراء، وإسكان الضاد، وبالخاء، المعجمتين، وهو العطيَّة، ويقال: القليلة منها.

    (1/5961)

    قوله: (فَاقْبِضْهُ): هو بهمزة وصل، وكسر المُوَحَّدة، وكذا (فاقبِضْه) الثانية.

    قوله: (حَاجِبُهُ يَرْفَا): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، وإسكان الراء، وبالفاء، ثُمَّ ألف بغير همز، ومنهم من همز، حكاه النَّوويُّ في «شرحه لمسلم»، وفي «التهذيب» له أيضًا، والمشهور ترك الهمز [6]، ولم يذكر فيه صاحبُ «المحكم» إلا ترك الهمز، وقال شيخنا مجد الدين في «القاموس» في (المهموز): و (يَرْفَأ)؛ كـ (يَمْنَع): مولى عمر رضي الله عنه، انتهى، وفي «سنن البيهقيِّ» في (قسمة الفيء): (أنَّه يُسمَّى اليرفأ)؛ بالألف واللام، وكذا في «أبي داود».

    قوله: (فَأَذِنَ لَهُمْ): هو بكسر الذال، فعل ماضٍ، وكذا (فَأَذِنَ لَهُمَا).

    قوله: (وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَالِ بَنِي النَّضِيرِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ هذه المخاصمةَ إنَّما كانت لأن ينفرد كلُّ واحد بالمطلوب بالقيام عليه، لا أنَّهما يتنازعان في المطلوب إرثًا؛ لأنَّهما اطَّلعا على النصِّ بأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لا يُورَث من زمن أبي بكر، والله أعلم، وتراه قال عمر لهما هنا وأقبل عليهما ونَشَدَهما الله: أتعلمان أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد قال ذلك؟ أي: «لا نُورَث، ما تركنا صدقةٌ»، فأجابا بأنَّه قد قال ذلك.

    قوله: (وأَرِحْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، فعل أمر، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (تَيْدَكُمْ [7]): بفتح التاء المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، مفتوح الدال المُهْمَلَة، قال ابن قرقول: (تَيْدَكم): كذا للقابسيِّ وعبدوس؛ يعني: على وزن (كَيْدَكم)، وعن الأصيليِّ: (تِئْدُكم)؛ بكسر التاء، كذا لأبي زيد، قال أبو زيد: وهي كلمةٌ لهم، وعند بعض الرواة: (تَيْدُكم)؛ برفع الدال، وعند أبي ذرٍّ: (تيدكم)، وسقطت اللفظة من رواية الجُرْجانيِّ، قال لنا الأستاذ أبو القاسم النَّحْويُّ: صوابه: (تَيْدَكم)، اسم الفعل من اتَّأَدَ [8]، وحكاه عن أبي عليٍّ الفارسيِّ،

    [ج 1 ص 792]

    (1/5962)

    قال أبو عليٍّ: وأُراه من التُّؤَدة، وقد حكى سيبويه عن بعض العرب: بيئس [9] فلان، وقال القاضي أبو الفضل: فالياء في (تيدكم) مسهَّلة من همزة، والتاء مبدلة من واو؛ لأنَّه في الأصل: وَأَدَة [10]، وفي كتاب «مسلم»: (اتِّيدوا [11])؛ لأنَّه خطاب لهما، وفيه: (اتِّيد)؛ كأنَّه خاطب آخرهما نطقًا، وفي «البُخاريِّ»: (اتيدوا)؛ أراد: جميع الحاضرين للقصَّة.

    قوله: (أَنْشُدُكُمْ): هو بفتح الهمزة؛ أي: أسألكم، وكذا قوله بعده: (أَنْشُدُكُمَا)؛ أي: أسألكما.

    قوله: (لاَ نُورَثُ): تَقَدَّمَ قريبًا الكلام عليه.

    قوله: (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ): تَقَدَّمَ قريبًا الكلام عليه.

    قوله: (قَالَ الرَّهْطُ): تَقَدَّمَ أنَّه ما دون العَشَرة من الرجال؛ كـ (النَّفَر).

    قوله: (إِنَّ اللهَ [12] خَصَّ رَسُولَهُ [13] فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ): يعني: المال، فخصَّه بإحلال الغنائم، ولم تَحِلَّ لأحدٍ قبله، وخصَّه بما [14] أفاء الله عليه من غير قتال من أموال الكفَّار يكون له دون سائر الناس، وخصَّه بصفيِّه في الخُمس، وهذا معنًى ذكره في [15] هذا الحديث في هذا الباب، وقال القاضي عياض: فيه احتمالان: تحليل الغنيمة له ولأمَّته، الثاني: تخصيصه بالفيء، إمَّا كلِّه أو بعضه، وهل في الفيء خمس أم [16] لا؟ قال ابن المنذر: لا نعلم أحدًا قبل الشَّافِعيِّ قال بالخمس في الفيء، قال القاضي: وهذا الثاني أظهر؛ لاستشهاد عمر رضي الله عنه على هذا بالآية، انتهى.

    قوله: (وَلَا اسْتَأْثَرَهَا [17]): أي: انفرد بها.

    قوله: (إِنَّهُ فِيهَا لَصَادِقٌ): (إنَّه): بكسر الهمزة؛ لأنَّ اللام في الخبر، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وكذا الثانية.

    قوله: (تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ): تَقَدَّمَ أنَّه أراد العمل عليه، وكذا عليٌّ، ولم يريدَاه [18] على سبيل الإرث، إنَّما أرادا القيام عليه.

    قوله: (فَلَمَّا بَدَا لِي): (بدا): بغير همز؛ أي: ظهر، وهذا مَعْرُوفٌ.

    ==========

    [1] في (ب): (مضطرب).

    [2] زيد في (ب): (ذكر).

    [3] (أنَّ): ليس في (ب).

    [4] في (ب): (قريبًا).

    [5] زيد في (ب): (يكون).

    [6] في (ب): (الهمزة).

    (1/5963)

    [7] في هامش (ق): («تَيْدكم»: على مثال: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ} [طه: 64]: كذا للقابسيِّ وعبدوس، وعن الأصيليِّ: «تِيدكم»؛ بكسر التاء، قال: وكذا لأبي زيد، وعند بعض الرواة: «تيدَكم»؛ برفع الدال، قال لنا الأستاذ أبو القاسم النحويُّ: صوابه: («َيْدَكم»: اسم الفعل من اتَّأد، وحكاه عن أبي علي الفارسيِّ، قال أبو علي: وأراه من التؤدة، قال القاضي عياض: فالياء من «تيدكم» مسهلة من همزة، والتاء مبدلة من واو؛ لأنَّه في الأصل: وأدة، وقال ابن سيده: «تيدكم»؛ بمعنى ائتد، اسم الفعل؛ كرويد غيِّر؛ لكونه اسمًا للفعل لا فعلًا، فالتاء بدل من الواو كما كانت في التؤدة، والياء بدل من الهمزة، قلبت منها قلبًا لغير علةٍ).

    [8] في (ب): (تاد)، وهو تحريفٌ.

    [9] كذا في النُّسخ، ولعلَّه: (بيس).

    [10] في (ب): (وأة)، وهو تحريفٌ.

    [11] في هامش (أ): (لعله: اتِّيدا).

    [12] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قد).

    [13] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مستدركةً مصحَّحا عليها: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

    [14] في (ب): (ممَّا).

    [15] (في): ليس في (ب).

    [16] في (ب): (أو).

    [17] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (استأثَرَ بها).

    [18] في النُّسخَتَينِ: (يرداه)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    (1/5964)

    [باب: أداء الخمس من الدين]

    قوله: (بَابٌ أَدَاءُ الْخُمُسِ مِنَ الدِّينِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في هذا الباب على عادته، وهو حديث وفد عبد القيس، ثُمَّ قال: ترجم عليه: «أداء الخمس من الإيمان»؛ يعني: في أوَّل [1] «الصحيح» في (كتاب الإيمان) قال: وفائدة الجمع بين الترجمتين: أنَّا إن قدَّرنا: الإيمان قولٌ وعملٌ؛ دخل أداء الخمس في الإيمان، وإن قلنا: إنَّه التصديق بالله؛ دخل أداؤه في الدين، وهو عندي في لفظ الحديث خارج عن الإيمان، داخل في الدين؛ لأنَّه ذكر أربع خصال: أوَّلها: الصلاة، وآخرها: أداء الخمس دلَّ أنَّه لم يَعْنِ بالأربع إلا هذه الفروع، وأمَّا الإيمان الذي أبدل منه الشهادة؛ فخارج عن العدد، فلو جُعِلَ الإيمان بدلًا من الأربع؛ لزاد العدد، ولو جعلت الأربع معطوفةً على الشهادة؛ لأخلَّ الكلام أيضًا، والذي يخلِّص من ذلك كلِّه إخراج الإيمان من الأربع، وجعل الشهادة [2] بدلًا منه، وكأنَّه قال: أمر [3] بأربعٍ أصلُها الإيمان الذي هو الشهادة، ثُمَّ استأنف بيان الأربع؛ كأنَّه قال: والأربع: إقام الصلاة ... إلى آخره، ولا ينتظم الكلام إلا كذلك، والله أعلم، انتهى.

    وقد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك في (باب أداء الخمس من الإيمان) في أوائل هذا التعليق، وقد ذكرت عنه جوابين هناك؛ فانظرها، والذي يترجَّح عدُّ الإيمان منها، فإنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لمَّا ذكره؛ عقد واحدةً كما هنا، فهو من الأربع، ولكنْ زادهم خامسة، وكانوا محتاجين إليها كما سبق هناك؛ فانظره.

    ==========

    [1] في (ب): (معنى أوَّل).

    [2] (وجعل الشهادة): سقط من (ب).

    [3] في (ب): (أمرنا).

    [ج 1 ص 793]

    (1/5965)

    [حديث: آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله]

    3095# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عَارم، وتَقَدَّمَ أنَّ (العَارم): الشِّرير أو الشَّرس، وأنَّه بعيد من العَرامة.

    قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): تَقَدَّمَ أنَّ الراوي عن حَمَّاد إذا لم ينسبه فإن كان أبا النُّعمان مُحَمَّد بن الفضل عَارمًا أو سليمان بن حرب؛ فإنَّه يكون ابنَ زيد، وإن كان الراويَ عنه موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ أو عفَّانُ أو الحجَّاج بن منهال؛ فإنَّه يكون ابنَ سلمة، وكذا إذا كان الراويَ عنه هدبةُ بن خالد، والله أعلم، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ)، وأنَّه بالجيم والراء، واسمه [1] نصر بن عمران بن عصام، في (كتاب الإيمان) مُتَرْجَمًا، وكذا الكلام على (وَفْد عَبْدِ الْقَيْسِ) كم كانوا؛ هل كانوا أربعة عشر أو أربعين؟ وقد ذكرت جماعةً؛ فانظرهم، ومتى وفدوا، في (كتاب الإيمان)، وتَقَدَّمَ الكلام على الانتباذ في هذه الأواني الأربع، وتفسيرها، وهل نُسِخَ ذلك أم لا، كلُّ ذلك هناك؛ فانظره.

    (1/5966)

    [باب نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته]

    قوله: (بَابُ نَفَقَةِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في [1] هذا الباب [2] على عادته، ثُمَّ قال: وجه مطابقة الترجمة لحديث عائشة قولُها: «فأكلتُ منه حتى طال عليَّ، فَكِلْتُهُ، فَفَنِي»، ولم يذكر أنَّها أخذته في نصيبها، إذ لو لم تكن لها النفقة مستحقَّةً؛ لكان الشعير الموجود لبيت المال أو مقسومًا بين الورثة، وهي إحداهنَّ، ووجه مطابقتها للحديث الذي بعده قولُه: «وأرضًا تركها صدقة»؛ لأنَّها الأرض التي أُنفِق على نسائه منها بعدَ وفاته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على ما هو مشروحٌ في الحديث، انتهى.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (الباب في).

    [2] في النُّسخَتين: (الكتاب)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [ج 1 ص 793]

    (1/5967)

    [حديث أبي هريرة: لا يقتسم ورثتي دينارًا ما تركت بعد نفقة .. ]

    3096# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ ... ) إلى آخره: هذا سبق متنًا وإسنادًا في (الوصيَّة)، وقد ذكرتُ أحاديث كرَّرها البُخاريُّ في «صحيحه» متنًا وإسنادًا قبل هذا، والظاهر أنِّي لم أستوعبها، وإنَّما ذكرت منها طائفة في (كتاب الحجِّ)؛ فانظرها، فإنَّها مفيدة.

    قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وكذا تَقَدَّمَ (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (وَمَؤُنَةِ عَامِلِي): قال ابن قرقول: قيل: أجرةُ حافر قبره، انتهى، وقد استُبعد؛ لأنَّهم كانوا لا يحفرون بالأجرة، انتهى، قال: وقيل: أجرة عامل صدقاته، وقيل: العامل فيها والأجير، وقيل: الخليفة بعده، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك، وقال ابن الأثير في «نهايته»: (أراد بعامله: الخليفة بعده ... إلى أن قال: والعامل: هو الذي يتولَّى أمور الرجل في ماله وملكه وعمله، وقيل: الذي يستخرج الزكاة عاملٌ، انتهى.

    وقال شيخنا: وجزم ابن بطَّال بأنَّ المراد بالعامل: عامل نخله فيما خصَّه الله به من الفيء في فَدَك وبني النضير، وسهمه بخيبر ممَّا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وقد تَقَدَّمَ بعضه في

    [ج 1 ص 793]

    (الوقف)، وقال شيخنا في «تخريج أحاديث الوسيط»: (المراد بالعامل: خادمُه، وقيل: أجرة حفر قبره، وقيل: الخليفة بعده، حكاها ابن دحية في «الخصائص»)، انتهى.

    قوله: (فَهْوَ صَدَقَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وفيه ردٌّ على الإماميَّة.

    (1/5968)

    [حديث عائشة: توفي رسول الله وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد]

    3097# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامَةَ.

    قوله: (ذُو كَبِدٍ): في (الكبد) لغات، والمراد به: إنسان أو دابَّة.

    قوله: (إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ): (الشطر): قيل: نصف مكُّوك، وقيل: نصف وَسْق، والمكُّوك المراد به: المدُّ، وقيل: الصَّاع، قال ابن الأثير: والأوَّل أشبه، انتهى، وقال التِّرْمِذيُّ في «جامعه»: (شيء من شعير)، وقال شيخنا: قال ابن الجوزيِّ: (جزء من شعير)، قال: ويشبه أن يكون نصف شيء؛ كالصَّاع ونحوه، انتهى، والوسْق: تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو وكسرها، وأنَّه ستُّون صاعًا.

    قوله: (فِي رَفٍّ لِي): هو بفتح الراء، وبالفاء المُشَدَّدة، وهو [ما] يُرفَع عن الأرض إلى جنب الجدار، وجمعه: رفوف ورفاف.

    ==========

    [ج 1 ص 794]

    (1/5969)

    [حديث: ما ترك النبي إلا سلاحه وبغلته البيضاء]

    3098# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وقد قدَّمته مُتَرْجَمًا، ومن جملة ترجمته: أنَّ الإمام أحمد قال: لم ترَ عيناي مثلَ يحيى بن سعيد القَطَّان، وتَقَدَّمَ (سُفْيَان) في (الجهاد) في هذا الحديث مَن هو؛ فانظره، وتَقَدَّمَ (أَبُو إِسْحَاقَ): أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (عَمْرو بْن الْحَارِثِ): هو أخو جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى أبيه رضي الله عنهما، وعلى (سِلَاحه) عليه الصَّلاة والسَّلام، و (بَغْلَته)، وأنَّ الظاهر أنَّها الدُّلْدُل، ومتى ماتت، والأرض التي تركها صدقة.

    ==========

    [ج 1 ص 794]

    (1/5970)

    [باب ما جاء في بيوت أزواج النبي وما نسب من البيوت إليهن]

    قوله: (بَابُ مَا جَاءَ فِي بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بغير إسناد، ثُمَّ قال: (وجه دخول الترجمة في الفقه: أنَّ سكناهنَّ في بيوت النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الخصائص كما استحققن [1] النفقة، والسرُّ في ذلك حبسهنَّ عليه أبدًا؛ لقوله تعالى: {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: 53]، وساق البُخاريُّ الأحاديث التي تُنسَب إليهنَّ البيوتُ فيها تنبيهًا على أنَّ بهذه النسبة تحقَّق دوام استحقاقهنَّ للبيوت ما بقين، والله أعلم)، انتهى.

    ==========

    [1] في النُّسخَتَينِ: (استحقن)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [ج 1 ص 794]

    (1/5971)

    [حديث: لما ثقل رسول الله استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فأذن له]

    3099# قوله: (حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، وتَقَدَّمَ أنَّ المكسور؛ كهذا اثنانِ آخَرانِ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»: حِبَّان بن عطيَّة، وحِبَّان ابن العَرِقَة [1]؛ رجل من قريش، رمى سعدَ بن مُعاذ في الخندق، فماتَ سعد عقيب بني قريظة مِن رميته، وأنَّ حِبَّان ابن [2] العَرِقَة [3] هلك على كفره، وهؤلاء في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وذكرت مَن يقال له: حَبَّان؛ بالفتح فيهما، والله أعلم.

    قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدٌ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): (مُحَمَّد) هذا: لا يخلو إمَّا أن يكون ابنَ مقاتل أو ابنَ سلَام، قال الجيَّانيُّ: كلُّ ما في «البُخاريِّ»: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الله»؛ فهو مُحَمَّد بن مقاتل المروزيُّ عن ابن المبارك [4]، وهذا أَولى من القول الثاني، والله أعلم.

    قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ): أمَّا (مَعْمَر)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، وأمَّا (يونس)؛ فقد تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتَقَدَّمَ مرارًا كثيرةً أنَّ (الزُّهْرِيَّ): هو [5] مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

    ==========

    [1] في (ب): (العرفة)، وهو تصحيفٌ.

    [2] (بن): سقط من (ب).

    [3] في (ب): (العرفة)، وهو تصحيفٌ.

    [4] زيد في النُّسخَتَينِ: (وهو مُحَمَّد بن مقاتل المروزيُّ، عن ابن المبارك)، وذلك بعد استدراك السابق، وفي إثباته تكرار.

    [5] (هو): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 794]

    (1/5972)

    [حديث: توفي النبي في بيتي وفي نوبتي وبين سحري ونحري]

    3100# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد بن سالم.

    قوله: (حَدَّثَنَا نَافِعٌ): هذا هو نافع بن عمر بن عبد الله بن جَمِيل بن عامرٍ الجمحيُّ المَكِّيُّ، أحد حفَّاظ الحديث، عن ابن أبي مُلَيْكَة، وسعيد بن أبي هند، وعبد الملك بن أبي محذورة، وعَمرو بن دينار، وجماعةٍ، وعنه: ابن المبارك، ويحيى القَطَّان، وابن مهديٍّ، ووكيع، وأبو نعيم، وسعيد بن أبي مريم، وخلقٌ، قال ابن مهديٍّ: كان من أثبت الناس، وقال أحمد وابن معين: ثقةٌ، قال ابن سعد: مات سنة (169 هـ) بمكَّة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان» ذكر فيها: وقال مُحَمَّد بن سعد: ثقةٌ فيه شيء، قال الذَّهَبيُّ: (قلت: هذا نوعٌ من العُنت، والرَّجل فكما قال الإمام أحمد وكما قال ابن مهديٍّ، ثُمَّ ذكر توثيقه عن أبي حاتم وابن معين والنَّسائيِّ)، انتهى، وقد ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، وقد تَقَدَّمَ (ابن أبي مُلَيْكَة): أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صحابيٌّ.

    قوله: (وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه؛ فانظره.

    قوله: (دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ [1]): هو ابن أبي بكر الصِّدِّيق، وهذا ظاهِرٌ كالبديهيِّ عند أربابه، وقد تَقَدَّمَ، وسيأتي أنَّ الذي دخل بالسواك أسامة بن زيد، كما في «مسند أبي يعلى»، وتكلَّمت على سنده، وسأذكره في أواخر (المغازي) قُبَيل (التفسير) إن شاء الله تعالى، والذي في «مسند أبي يعلى» ضعيفٌ.

    قوله: (ثُمَّ سَنَنْتُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الاستنان): الاستياك بما فيه من الأقوال، فإن قيل: أكثر طرقه أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام استنَّ به، وهنا عائشة سَنَّته [2]؟

    فالجواب: أنَّه أوَّلًا استنَّ به، ثُمَّ ضعف، فسنَّته عائشة، أو العكس، والله أعلم.

    (1/5973)

    [حديث صفية: إنها جاءت رسول الله تزوره وهو معتكف ... ]

    3101# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ (عُفَيرًا) بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وفتح الفاء، وتَقَدَّمَ أنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد الإمام، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، وتَقَدَّمَ أنَّ (عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ [1]): هو زين العابدين، وتقدَّمت (صَفِيَّة) زوج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ورضي عنها مترجمةً.

    قوله: (ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ): أي: تنصرف.

    قوله: (عِنْدَ باب أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها زوجه عليه الصَّلاة والسَّلام، وأنَّ اسمها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّة، وتقدَّمت وفاتها وبعضُ ترجمتها رضي الله عنها.

    [ج 1 ص 794]

    قوله: (مَرَّ بِهِمَا رَجُلاَنِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذين الرَّجُلَين، وأنِّي لا أعرفهما، وتَقَدَّمَ ما قيل في تسميتهما.

    قوله: (ثُمَّ نَفَذَا): هو بفتح الفاء، وبالذال المُعْجَمَة؛ أي: أجازا.

    قوله: (عَلَى رِسْلِكُمَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بفتح الراء وكسرها باختلاف المعنى.

    ==========

    [1] في (ب): (الحسين).

    (1/5974)

    [حديث ابن عمر: ارتقيت فوق بيت خفصة فرأيت النبي]

    3102# قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عُبيد الله بن عُمر بن حفص بن عاصم بن عُمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّمَ مرارًا، وكذا تَقَدَّمَ (مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ): أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُوَحَّدة، وكذا واسع بن حَبَّانَ مثله، وتَقَدَّمَ مَن يقال له، حَبَّان _ بالفتح_ في «البُخاريِّ» و «مسلم» و «الموطَّأ».

    قوله: (مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ): هو الإقليم المعروف، وقد قَدَّمْتُ طوله وعرضه.

    ==========

    [ج 1 ص 795]

    (1/5975)

    [حديث: هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

    3104# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، وتَقَدَّمَ أنَّ (جُوَيْرِيَة) هذا: هو ابن أسماء، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    قوله: (قَرْنُ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    ==========

    [ج 1 ص 795]

    (1/5976)

    [حديث: أراه فلانًا لعم حفصة من الرضاعة الرضاعة تحرم .. ]

    3105# قوله: (صَوْتَ إِنْسَانٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ): هذا الإنسان لا أعرفه، كما تَقَدَّمَ.

    ==========

    [ج 1 ص 795]

    (1/5977)

    [باب ما ذكر من درع النبي وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه]

    قوله: (بَابُ مَا ذُكِرَ فِي [1] دِرْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ بغير إسناد، ثُمَّ قال: (وجْهُ الترجمة وأحاديثها في الفقه تحقيقُ أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يورث، وأنَّ آلاتِه بقيت عند من وصلت إليه للتبرُّك، ولو كان ميراثًا؛ لاقتسمها ورثته)، انتهى.

    وقد ذكر البُخاريُّ في الحديث الأول: خاتمه، وفي الثاني: بغلته، وفي الثالث: كساءَه، وفي الرابع: قَدَحه، وفي الخامس: سيفه، والسادس لم يتعرَّض فيه لشيء، ولم يذكر هنا دِرْعَه؛ استغناءً بحديث عائشة الذي أسلفه غَيْرَ مَرَّةٍ: (ودرعه مرهونة عند يهوديٍّ)، وكذا حديث أنس فيه، وللنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم آلاتٌ غير ما ذكر، ولكنَّ هذا الذي صحَّ عنده مع ما يأتي ذكره، أو أنَّه اكتفى بذكره مع ما يأتي عن غيره؛ إيضاحًا لأصل المسألة في الردِّ على الشيعة، والله أعلم.

    قوله: (بَابُ مَا ذُكِرَ [2] فِي دِرْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ عدد أدراعه، وأنَّها سبع: ذات الوشاح، وذات الفضول وهي المرهونة، وذات الحواشي، والسغديَّة _ويقال: السعديَّة، وهي التي لبسها داود لقتال جالوت_، وفضَّة، وخرنق، والبتراء [3]، والظاهر أنَّ البُخاريَّ أراد بـ (درعه): الدرع المرهونة عند اليهوديِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ غير واحد ذكر أنَّها ذات الفضول، والله أعلم.

    قوله: (وَعَصَاهُ): الظاهر أنَّ المراد بـ (العصا): القضيبُ، وقد ذكره بعض الحُفَّاظ، وقال: هو الذي يتداوله الخلفاء، انتهى، والقضيب معروفٌ، وكان من شَوْحَط، وقد ذُكِر أنَّ الجهجاه بن مسعود _وسمَّاه ابنُ عَبْدِ البَرِّ الجَهْجَاهَ بنَ سعد بن حرام، وقيل: الجَهْجَا؛ دون هاء وصُوِّبَ_ جاء وعثمان بن عفان يخطب وبيده عصا النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأخذها وكسرها على ركبته اليمنى، فدخلت فيها شظيَّة منها، فبغى [4] الجرح، وأصابته الأَكَلَة، وشُدَّتِ العصا، فكانت مضبَّبة، ذكر ذلك ابن مسلمة التجيبيُّ في «تاريخه»، وقد قال ابن دحية فيما رأيته عنه عن ابن العربيِّ في كتاب «العواصم»: لا يصحُّ كسر العصا، عمَّن أطاع ولا مَن عصى، انتهى، وقد تُوُفِّيَ الجهجاه _وهو صحابيٌّ مشهورٌ_ بعد عثمان بسنة.

    (1/5978)

    وقد كان له عليه الصَّلاة والسَّلام أيضًا محجنٌ قَدْرَ ذِرَاعٍ أو أكثر، يمشي ويركب به، ويعلِّقه بين يديه على بعيره، وكانت له مِخْصَرةٌ تُسمَّى العُرجون، والله أعلم، هذا ما أستحضره من هذا الصنف.

    قوله: (وَسَيْفِهِ): قد ذكرت له صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تسعة أسياف فيما مضى؛ فانظرها، وأراد السيف الآتي ذكره، وقد وصل إلى عليِّ بن الحسين زين العابدين بعد أبيه الحسين.

    قوله: (وَقَدَحِهِ): كان له عليه الصَّلاة والسَّلام قَدَحٌ يُسمَّى الريَّان، ويسُمَّى مغيثًا، وآخر مضبَّب [5] بقدر أكثر من نصف المدِّ فيه ثلاث ضبَّاتٍ من فضَّة، وحلقةٌ كأنَّه للسفر، وثالثٌ من زجاجٍ، وآخر من عَيْدان، يوضع تحت سريره، يبول فيه من الليل، [وسيأتي في (كتاب الأشربة) فائدةٌ في قدح النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم] [6].

    قوله: (وَخَاتَمِهِ): اعلم أنِّي قد قَدَّمْتُ أنَّ الروايات في صفة الخاتم اختلفت؛ فيحتمل أن يكون له خواتم متعدِّدةٌ، وقد كان له خاتمٌ من فضَّةٍ، وخاتم من ذهب قبل النهي، لبسه ثُمَّ طرحه، وخاتمٌ من حديدٍ ملويٌّ عليه فضَّةٌ، نقشه: مُحَمَّدٌ رسول الله، وغير ذلك، وقد تَقَدَّمَ، ولولا خوف الإطالة؛ لذكرت ما وقع لي من سلاحه وأثاثه.

    فائدة: في مصر في آخرها على البحر النيل مكانٌ عظيمٌ يقال له: الآثار الشريفة، وهو بناء عظيمٌ، وهو مُطِلٌّ على النيل، وفيه مستراحٌ، وماؤه من النيل، وعُمِل فيه درسٌ للشافعية، وفي المكان خزانةٌ فيها عُلبة من جَوزٍ فيه قطعٌ من آثاره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قد زرتها غَيْرَ مَرَّةٍ، وفي العُلبة قطعةٌ من عَنَزَته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقطعةٌ من قَصْعته، ومِنقاشٌ صغيرٌ من حديد، ومِيل من نُحاس اكتحلت به غَيْرَ مَرَّةٍ، ومِخصفٌ صغير، ولما زرته في المرَّة الأولى؛ اجتمع بي [7] الإمام الأديبُ جلال [8] الدين مُحَمَّد بن خطيب داريا الدِّمَشْقيُّ، وقال لي: هل رأيت ما كتبتُه في حائط الآثار؟ فقلت: لا، فأنشدني لنفسه:

    ~…يا عينُ إن بَعُد الحبيبُ ودارُهُ…ونأتْ مرابعُه وشطَّ مزارُهُ

    ~…فلَكِ الهناءُ لقد ظَفِرتِ بطائلٍ…إن لم ترَيهِ فهذهِ آثارُهُ

    قوله: (وَنَعْلِهِ): سيأتي أنَّه كان له نعلان جرداوان لهما قبالان.

    (1/5979)

    فائدة هي تنبيه: كان بدمشق في الأشرفية دار الحديث بقربِ القلعة فردةٌ من نَعْله، وفي الجاروجيَّة فردةٌ أخرى يُتبَرَّك بهما، صلَّى الله عليه وسلم، وفي وقعة تَمُر فُقِدتا.

    قوله: (مِمَّا يَتَبَرَّكُ أَصْحَابُهُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: حذف (به)؛ كما حُذِفَت في قوله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94]) انتهى، قال شيخنا: وقد ذكره ابن بطَّالٍ في الترجمة، انتهى.

    وقوله: (مما يَتَبرَّك أصحابُه): كذا للقابسيِّ وعبدوس، وللأصيليِّ: (مما شَرِك أصحابُه)؛ من الشركة، قال ابن قرقول: وهو ظاهِرٌ؛ لقوله قبلُ: (ممَّا لم يُذكَر قِسمَتُه)، والأوَّل أظهر، ورواه النَّسَفيُّ: (ممَّا شركَ فيه) انتهى.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وكذا في الموضع اللاحق، وفي «اليونينيَّة»: (مِن).

    [2] في (ب): (أذكر)، وهو تحريفٌ.

    [3] في (ب): (وفضة، والبتراء، وخرنق).

    [4] في (ب): (فبقي).

    [5] في (ب): (حصيب)، وهو تحريفٌ.

    [6] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [7] (بي): سقط من (ب).

    [8] في (أ): (جلا)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 795]

    (1/5980)

    [حديث: أن أبا بكر لما استخلف بعثه إلى البحرين]

    3106# قوله: (لَمَّا اسْتُخْلِفَ): هو بضَمِّ التاء، وكسر اللام: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه [1]، وأنَّها كتثنية [2] (بَحْر)، وأين هي في (باب المناولة) في أوائل التعليق.

    قوله: (مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللهِ سَطْرٌ): (مُحَمَّد): مَرْفُوعٌ مبتدأ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ من غير تنوين، و (الله): مجرور، وقد تَقَدَّمَ ذلك وكلام الفقيه العلامة شيخ شيوخنا جمال الدين الإسنويِّ، وأنَّ اسم الرَّبِّ تعالى فوق، و (رسول) في الوسط، و (مُحَمَّد) تحت، بما يتعلق بذلك، وما قلته أنا.

    (1/5981)

    [حديث: أخرج إلينا أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

    3107# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): (عبد الله) هذا: يحتمل أن يكون ابن أبي شيبة، وأن يكون المسنديَّ، ويقوِّي [2] الثاني ما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، فإنَّ كلًّا منهما روى عن مُحَمَّد بن عبد الله الأسديِّ، وهو أبو أحمد الزُّبيريُّ، والزُّبيريُّ هذا ليس منسوبًا للزُّبير بن العوَّام، وإنَّما نُسِب إلى جدِّه، وهو مولى بني أسدٍ، قاله عَبْد الغَنيِّ في «الكمال»، وهو كوفيٌّ حبَّال، روى عن فِطْر بن خليفة، ومِسْعَر، وخلقٍ، وعنه: أحمد، ومحمود بن غَيلان، وأحمد بن الفرات، قال بُنْدار: ما رأيت أحفظَ منه، وقال آخر: كان يصوم الدهر، مات سنة (203 هـ)، أخرج له الجماعة، قال التِّرْمِذيُّ [3] في «جامعه»: (ثقةٌ حافظ)، له ترجمة في «الميزان».

    قوله: (نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ): هو بفتح الجيم، وراء ساكنة، ثُمَّ دال مهملة؛ ومعناه: لا شَعر عليهما، وقال شيخنا: (خَلَقَينِ) انتهى.

    قوله: (لَهُمَا قِبَالاَنِ): (القِبَال)؛ بكسر القاف، وبالموحدة المُخَفَّفة: الشِّراك، والقِبَالان كالزِّمامين يكونان بين الإصبع الوسطى من الرِّجْل والتي تليها، قيل: كان لكلِّ نعل منهما قِبَالان، قاله مالك.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق): (حدَّثني).

    [2] في (ب): (وقد يقوي).

    [3] في (ب): (الزبيري)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 795]

    (1/5982)

    [حديث: أخرجت إلينا عائشة كساءً ملبدًا وقالت: في هذا نزع روح النبي]

    3108# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (بَشَّارًا) بفتح [2] المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّه بُنْدار، وتَقَدَّمَ ما (البُنْدار)، وكذا تَقَدَّمَ (عَبْدُ الْوَهَّابِ): أنَّه ابن عبد المجيد الثقفيُّ مرارًا ومُتَرْجَمًا مَرَّةً، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، وكذا (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه الفقيه قاضي الكوفة الحارث _ أو عامر_ ابن أبي موسى الأشعريِّ عبدِ الله بن قيسٍ [3]، تَقَدَّمَ مرارًا.

    قوله: (كِسَاءً مُلَبَّدًا): (الملبَّد): هو بالموحدة المُشَدَّدة، وبالدال المُهْمَلَة، الذي كثف ومُشِّط وصفق حتى صار شِبْه اللبد، وقيل: معناه: مرقَّعًا، يقال: لبَدْتُ الثوب، ولبَّدته: رقعته، وإلى هذا ذهب الهرويُّ، والأوَّل أصحُّ؛ لقوله في الرِّواية الأخرى: (مَن هذه المُلَبَّدة؟)، فدلَّ على أنَّه جنس، قاله ابن قرقول، وذكر ابن الأثير القولين، وقدم قول الهرويِّ، والهرويُّ نقل في «غريبَيه» ذلك عن ابن عمَّارٍ، عن أبي عمر، عن ثعلب.

    قوله: (وَزَادَ سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ): هذا هو سليمان بن المغيرة، أبو سعيد البصريُّ، أحد الكبار، عن الحسن، ومُحَمَّد، وثابت، وعنه: القعنبيُّ وهُدبَة، قال شعبة: هو سيِّد أهل البصرة، وقال أحمد: ثبت ثبت، تُوُفِّيَ سنة (165 هـ)، أخرج له الجماعة.

    وقد تَقَدَّمَ أنَّ (زاد) مثل: (قال)، وهذا تعليق مجزوم به، وقد أخرج تعليق سليمان هذا مسلمٌ، وأبو داودَ، وابن ماجه، والله أعلم.

    و (حُمَيد): هو ابن هلال، وهذا ظاهِرٌ، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق): (حدَّثني).

    [2] زيد في (ب): (الباء).

    [3] زيد في (ب): (بن سليم).

    [ج 1 ص 796]

    (1/5983)

    [حديث: أن قدح النبي انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلةً من فضة]

    3109# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، و (عَبْدان) لقب له، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو حَمْزَةَ): أنَّه بالحاء، والزاي، وأنَّه مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وإنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة لفظه، لا أنَّه يبيع السُّكَّر، و (ابْن سِيْرِين): هو مُحَمَّد [1]، وتَقَدَّمَ الكلام على بني سيرين كم هم في أوائل هذا التَّعليق، وكذا بناته.

    قوله: (أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْكَسَرَ [2] فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّة): (اتَخَذ): مبنيٌّ للفاعل؛ بفتح التاء والخاء، و (مكانَ): مَنْصُوبٌ مفعول، و (سلسلةً): منصوبة منوَّنةٌ، وفي نسخة شيخنا الإمام الأستاذ أبي [3] جعفر الأندلسيِّ: (فاتُّخِذ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (سلسلةٌ): مرفوعة منوَّنة نائبة مناب الفاعل، و (مكانَ): مَنْصُوبٌ، وكان في نسخة قبل ذلك كما قَدَّمْتُ ضبطه، ثُمَّ ردَّه إلى ما ذكرته عنه.

    و (الشَّعْب)؛ بفتح الشين المُعْجَمَة _فإيَّاك أن تكسرها_ وإسكان العين المُهْمَلَة، وبالموحدة: الصَّدْعُ في الشيء، يقال: شَعْبت الشيء شَعْبًا: لأَمْتُه، وأيضًا: فرَّقتُه، قال الهرويُّ: هو من الأضداد، وقال ابن دريد: ليس من الأضداد، وإنَّما هما لغتان لقوم، وفي حفظي عن أبي عمرو بن الصَّلاح: أنَّ الذي سلسله أنسٌ، لا النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثُمَّ رأيتُ شيخنا قال في (باب الشُّرب في قدح النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) ما لفظه: (وهذا الذي عليه الحُفَّاظ أنَّ المتخِذ له أنسُ بن مالك) انتهى.

    وقال في «تخريج أحاديث الرَّافعي» «الخلاصة» _الذي قرأته أجمعَ عليه، وقد سمعت عليه أماكن من التَّخريج الكبير المسمَّى بـ «البدر المنير، في تخريج أحاديث الشَّرح الكبير»، وهو كثير الفوائد جدًّا_: وأشار البيهقيُّ وغيره أنَّ الذي جعل السلسلة هو أنسٌ رضي الله عنه، انتهى.

    وقد جاء في روايةٍ: (فجعلتُ مكان الشَّعْب سلسلةً)؛ أي: شَدَّ بها الشِّقَّ.

    (1/5984)

    [حديث: إن فاطمة مني وأنا أتخوف أن تفتن في دينها]

    3110# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ): هو بفتح الجيم، وإسكان الراء، وهذا مَعْرُوفٌ ظاهرٌ غير أنَّ ابن السَّكَن ضبطه: (الحَرَميُّ)؛ بالحاء المُهْمَلَة، وراء مفتوحة، وهو تصحيف.

    قوله: (أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهلِه.

    قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ): هو بحاءين مهملتين مفتوحتين، بعد كلِّ حاءٍ لامٌ؛ الأولى ساكنةٌ، والثانية مفتوحةٌ، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (الدُّؤَلِيِّ): وفي نسخة: (الدِّيليِّ)، وهو يقال بهما، كما ذكره أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده».

    قوله: (أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، العالم المشهور، و (عَلِي بْنَ حُسَيْنٍ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه زين العابدين.

    قوله: (مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ): هذا هو يزيد بن معاوية بن أبي سُفيانَ صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مَنافٍ، الأمويُّ الخليفة، أشهر من أن يُذكَر، قال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: روى عن أبيه، وعنه: ابنه خالد، وعبد الملك بن مروان، مقدوحٌ في عدالته، ليس بأهلٍ أن يُروى عنه، وقال أحمد ابن حنبل: لا ينبغي أن يُروى عنه، انتهى، وكيف يُروى عنه وقد قتل الحُسين بن عليِّ بن أبي طالبٍ أبا عبد الله، وأوقع بأهل الحرَّة على يد مسرف بن عقبة؟! وقد تَقَدَّمَت [1] وقعة الحرَّة [2] في كلامي، وكم قُتل فيها سنة ثلاث وستين، وأرسل جيشه إلى الكعبة؛ لحصر ابن الزُّبَير، ومات سنة [3] (64 هـ) في ثالث عشرين ربيع الأوَّل، وقال الجاحظ: في صفر.

    قوله: (مَقْتَلَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ [4] رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [5]): قُتِل الحُسين رضي الله عنه _سبطه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وريحانته_ سنة إحدى وستين من الهجرة، يوم عاشوراء بكربلاء، ويعرف الموضع بالطَّفِّ، وكان ذلك يوم الجمعة، وقيل: يوم السَّبت، قَتله سنان بن أنس النَّخَعيُّ، ويقال: سنان بن أبي سنان، وهو [6] جدُّ شَريك القاضي، ويقال: بل الذي

    [ج 1 ص 796]

    (1/5985)

    قتله رجلٌ من مَذحِج، وقيل: قَتله شمر بن ذي الجوشن، وكان أبرص، وأجهز عليه خوليُّ بن يزيد الأصبحيُّ من حمير [7]، حزَّ رأسه، وأتى به عبيدَ الله بن زياد، وقال ابن معين: أهل الكوفة يقولون: الذي قَتله عمر بن سعد بن أبي وقَّاص، وكان إبراهيم بن سعدٍ يروي فيه حديثًا: أنَّه لم يقتله عمر بن سعد، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: إنَّما نُسِب قَتله إلى عمر بن سعد؛ لأنَّه كان الأمير على الخيل التي أخرجها عُبيد الله بن زياد، وفي شعر حسان بن قَتَّة _وقيل لغيره_: أنَّه اشتُرِك في قتله، والله أعلم.

    قوله: (لَقِيَهُ [8] الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وتَقَدَّمَ أبوه [9] مَخْرَمة أنَّه صحابيٌّ.

    قوله: (مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سيفَ): مَنْصُوبٌ مفعول ثان لـ (مُعْط)، وهذا ظاهِرٌ، والأوَّل الضمير.

    قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّ همزتها همزة وصل على الصَّحيح، وما معناها.

    قوله: (لاَ يُخْلَصُ إِلَيْهِ أَبَدًا): (يُخلَص): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (حَتَّى تُبْلَغَ نَفْسِي): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح اللام، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ أيضًا.

    قوله: (خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ [10]): اسم بنت [11] أبي جهل المخطوبة: العوراء، وقيل: جويرية، وجزم السُّهَيليُّ بالثاني في (غزوة الفتح) من «روضه»، وقيل: اسمها جَهْدمة، أسلمت وصحبت رضي الله عنها.

    (1/5986)

    قوله: (وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ): اعلم أنَّ الحافظ فتح الدين ابن سيِّدِ النَّاسِ قال في «سيرته الكبرى»: كذا وقع في هذا الحديث قوله عن المِسْوَر: (وأنا يومئذٍ مُحْتلمٌ)، وهو وَهم، فإنَّ المِسْور ممن وُلد في السَّنة الثانية من الهجرة، بعد مولد ابن الزُّبَير بأربعة أشهر، فلم يدرك من حياة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا نحو الثمانية أعوامٍ، ولا يُعَدُّ من كانت هذه سنُّه مُحْتلمًا، وقد روى الإسماعيليُّ في «صحيحه» هذا الحديث من هذا الوجه عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبَّار: حدَّثنا يحيى بن مَعِين، عن يعقوب ... ؛ فذكره بسنده، [وفيه عن المِسْور: (وأنا يومئذٍ كالمُحْتلم)؛ يعني: في تثبته وحفظه] [12] ما يسمعه، فبيَّنت هذه اللَّفظة الصَّوابَ، ودار الحمل فيه على مَن دون يعقوب بين أحمد ومسلم، فوجدت الطبرانيَّ في «معجمه الكبير» قد رواه عن عبد الله بن أحمد عن أبيه؛ كرواية مسلم، فبرئ مسلمٌ من عهدته أيضًا، كما برئ [13] يعقوب ومن فوقه، وقد رواه البُخاريُّ عن سعيد بن مُحَمَّد الجَرْميِّ كرواية مسلم عن أحمد، فهو حديث اختُلف فيه على يعقوب، جوَّده يحيى بن مَعِين، انتهى.

    والرِّواية التي أشار إليها ابن سيِّدِ النَّاسِ هنا وأصل الحديث مذكور في «البُخاريِّ» في (الخمس)، و (الجمعة)، و (أصهار النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، ولكن هو مطوَّل في (الخمس) هنا، والاعتراض فيه _والله أعلم_ ليس في المكانين المذكورين بل في المطوَّل هنا، والله أعلم.

    قوله: (وَذَكَرَ [14] صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ): هذا الصهر هو أبو العاصي بن الرَّبيع، (وقد قَدَّمْتُ الاختلاف في اسمه، وكذا في اسم أبيه، والصحيح في اسم أبيه: الرَّبيع) [15] بن عبد العُزَّى بن عبد شمس بن عبد مَناف بن قصيِّ، أمُّه هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنها وعن أختها [16]، وقد ذُكِر في إعراب (بني عبد شمس) وجهان؛ فإن شئت؛ صرفت، وإن شئت؛ لم تصرف، والله أعلم.

    (1/5987)

    [حديث: اذهب إلى عثمان فأخبره أنها صدقة رسول الله]

    3111# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه ابن عُيَيْنَة، ومستندي في ذلك أنِّي رأيت عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة قُتَيْبَة بن سعيد: أنَّه روى عن ابن عُيَيْنَة، ولم يذكر في مشايخه الثَّوريَّ، ونظرت في مُحَمَّد بن سُوْقَة؛ فوجدته قد روى عن السُّفيانين، فغلب على ظنِّي أنَّه ابن عُيَيْنَة، والله أعلم، ثُمَّ إنَّي رأيته بُعيد هذا [1] ذكر عن الحُمَيديِّ الحديثَ، فقطعت بأنَّه ابن عُيَيْنَة، والله أعلم [2].

    قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ): هو بضَمِّ السين المُهْمَلَة، ثُمَّ واوٍ ساكنة، ثُمَّ قافٍ مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ): هو مُحَمَّد بن عليِّ بن أبي طالب، و (الحنفيَّة): أمُّه، اسمها خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلم بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة [3]، من سَبْيِ الصِّدِّيق، ترجمته معروفة رحمة الله عليه.

    قوله: (أَغْنِهَا عَنَّا [4]): (أغنِها): بالغين المُعْجَمَة، والنون مكسورة، قال ابن قرقول: (أغنِها)؛ بقطع الألف؛ أي: اصرفها وسيِّرها عنَّا، وقيل: كُفَّها عنِّي، وقيل: أغنِ عنِّي شَرَّك؛ أي: كُفَّه ... إلى آخر كلامه، ولابن الأثير نحوه، وقال شيخنا الشَّارح: قال الخَطَّابيُّ: معناها: الترك والإعراض، قال شيخنا: وهو ثُلاثيٌّ، من قولهم: غَنِيَ فلان عن كذا؛ فهو غانٍ؛ مثل: علم؛ فهو [5] عالم، ووقع في بعض الكتب: (أَغنها)؛ بفتح الهمزة، وصوابه ما تَقَدَّمَ، انتهى، وقد ذكرت أنَّه كذلك في «المطالع» لابن قرقول، فلا حاجة إلى عزوه [6] لبعض الأصول؛ أي: النُّسخ، والله أعلم.

    3112# قوله: (وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير الحُمَيديُّ، وأنَّه أوَّل شيخ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وقد تَقَدَّمَ الكلام على نسبه وترجمته، وقوله هنا: (وقال فلانٌ): تَقَدَّمَ أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

    [وقوله هنا [7]: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة] [8].

    ==========

    [1] في (ب): (رأيته بعد ذلك).

    [2] زيد في (ب): (انتهى).

    [3] في (ب): (حنفية)، ولعلَّه تحريفٌ.

    (1/5988)

    [4] في هامش (ق): (أغنها عني؛ بقطع الألف؛ أي: اصرفها وسر بها عنَّا، وقيل: كُفَّها عني، يقال: أغن عني شرك؛ أي: كفَّه، ومنه: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37]، و {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ} [آل عمران: 10]، و {لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [الجاثية: 19]؛ أي: يصرف ويمنع. «اغْنِهَا»: قال ابن الملقن ما معناه: إنَّه ثلاثي على الصحيح).

    [5] (علم؛ فهو): سقط من (ب).

    [6] في (ب): (لعزوه).

    [7] زيد في النُّسخَتَينِ: (قوله)، وهو تكرارٌ.

    [8] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله سابقًا: (على نسبه وترجمته).

    [ج 1 ص 797]

    (1/5989)

    [باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله والمساكين]

    قوله: (وَإِيثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الصُّفَّةِ وَالأَرَامِلَ): (إيثارِ): مجرور معطوف على (الدَّليلِ)، و (أهلَ): مَنْصُوبٌ مفعول المصدر؛ وهو (إيثار)، و (الأراملَ): مَنْصُوبٌ أيضًا معطوف على (أهلَ)، وقد تَقَدَّمَ الكلام على أهل الصُّفَّة وعددهم مُطَوَّلًا.

    قوله: (أَنْ يُخْدِمَهَا): هو بضَمِّ أوَّله؛ أي: يجعل لها خادمًا.

    قوله: (فَوَكَلَهَا): هو بتخفيف اللام، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    ==========

    [ج 1 ص 797]

    (1/5990)

    [حديث: ألا أدلكما على خير مما سألتماه]

    3113# قوله: (حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ): (بَدَل): بالموحَّدة المفتوحة، وكذا الدال المُهْمَلَة، وباللام، و (المُحَبَّر)؛ بضَمِّ الميم، وفتح الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ مُوَحَّدة

    [ج 1 ص 797]

    المُشَدَّدة المفتوحة، ثُمَّ راء: اسم مفعول.

    قوله: (أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ): هو الحكم بن عُتيبَة القاضي، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ ما غلط فيه البُخاريُّ من جعله اثنين واحدًا، وتَقَدَّمَ (ابْنُ أَبِي لَيْلَى): أنَّه عبد الرَّحْمَن أبو عيسى الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ.

    قوله: (مِنَ الرَّحَى): هو مقصور؛ الطَّاحونة، وهذا مَعْرُوفٌ.

    قوله: (أُتِيَ بِسَبْيٍ): (أُتي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    (1/5991)

    [باب قول الله تعالى: {فأن لله خمسه وللرسول}]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَّلَ: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41]): ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ على عادته، ثُمَّ قال: (وجه مطابقة الأحاديث للآية: تحقيق أنَّ المراد منها بذكر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إنَّما هو تولِّيه القسم، لا أنَّه يملك خمس الخمس، كما قاله بعض العلماء؛ لأنَّه حصر حاله في القسمة بـ «إنَّما»، فخرج الِملك) انتهى.

    وغرض البُخاريُّ في هذا الباب أيضًا: الرَّدُّ على من جعل لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خمس الخمس ملكًا؛ استدلالًا بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [1] ... ؛ الآية [الأنفال: 41]، وهو قولُ الشَّافِعيِّ، قال شيخنا: قال المهلَّبُ: وإنَّما خُصَّ بنسبة الخمس إليه؛ لأنَّه ليس للغانمين فيه دعوى، وإنَّما هو إلى اجتهاد الإمام، انتهى.

    ==========

    [1] زيد في (ب): {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}.

    [ج 1 ص 798]

    (1/5992)

    [حديث: سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي فإني إنما جعلت قاسمًا]

    3114# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، وكذا تَقَدَّمَ (سُلَيْمَان): أنَّه ابن مِهران الأعمش، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئُ، و (مَنْصُور): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن المعتمر، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، و (قتادة): هو ابن دِعامة الحافظ المفسِّر، ترجمته معروفة.

    قوله: (وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا مِنَ الأَنْصَارِ غُلاَمٌ ... )؛ الحديث: الرَّجل الأنصاريُّ وولده لا أعرفهما، وقال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: هو أنس بن فَضالة؛ يعني الرَّجل، فسمَّى ابنه مُحَمَّدًا، رواه ابن منده، انتهى.

    وقد ذكروا في الصَّحَابة جماعة مُحَمَّدين تسعة وثمانين نفرًا؛ منهم من الصحيح أنَّه تابعيٌّ أحد وثلاثون نفرًا، ومن هو غلطٌ عدُّه فيهم اثنا عشر نفرًا، هذا الذي يحضرني في ذلك، والله أعلم.

    وقد ذكر ابن شيخنا البُلْقينيِّ الإمام جلال الدين هذا الحديث، فقال: يحسن تفسيره بمُحَمَّد بن أنس بن فَضالة الأنصاريِّ، ففي «أُسْد الغابة» في ترجمته قال: قدم رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأنا ابن أسبوعين، وأُتيَ بي إليه، فمسح رأسي، ودعا لي بالبركة، وقال: «سمُّوه باسمي، ولا تكْنوه بكنيتي») انتهى.

    وقد وافق بعض الحُفَّاظ في ذلك كما تَقَدَّمَ أعلاه، ومُحَمَّد بن أنس بن فَضالة الأنصاريُّ الظفَريُّ، لأبيه وجدِّه صحبة، وله رؤية، قال ابن أبي حاتم: قدم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم المدينة وأنا ابن أسبوعين، انتهى، واعلم أنَّ مُحَمَّدًا هذا ذكره الذَّهَبيُّ في «ميزانه»؛ لكون ابن أبي حاتم قال: إنَّه مجهول، وقال: يقال: له رؤية، انتهى، وقد ذكر مُحَمَّدًا هذا ابنُ عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»، وقال: (روى عنه: ابنه يونس بن مُحَمَّد، فذكر أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قدم المدينة وعمره أسبوعان، وقال: فمسح رأسي، وقال: «سمُّوه باسمي، ولا تكنوه بكنيتي»، قال: وحجَّ بي معه وأنا ابن عشر سنين، قال يونس: فلقد عُمِّر أبي حتى شاب شعره كلُّه، وما شاب موضع يد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) انتهى.

    (1/5993)

    قوله: (وَقَالَ حُصَيْنٌ): هو حُصَين بن عبد الرَّحْمَن السُّلميُّ، أبو الهذيل الكوفيُّ، تَقَدَّمَ، وأنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وقد روى هذا الحديث عن سالم بن أبي الجَعْد، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في «الأدب» عن آدم عن شعبة عن حُصَين، وعن مسدَّد عن خالد عن حُصَين، وأخرجه مسلم أيضًا عن سالم بن أبي الجَعْد.

    قوله: (وَقَالَ عَمرٌو: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ): (عَمرو) هذا: هو ابن مرزوق الباهليُّ، أبو عثمان البصريُّ، عن شعبة، ومالك بن مِغْوَل، وعكرمة بن عمَّار، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وأبو داود، وأبو زرعة، وإسماعيل القاضي، وخلق، قال أبو حاتم: ثقةٌ من العُبَّاد لم نجد أحدًا من أصحاب شعبة كان أحسن حديثًا منه، وقال أبو زرعة: قلت لأحمد ابن حنبل: إنَّ عليَّ ابن المَدينيِّ يتكلَّم في عَمرو بن مرزوق، فقال: لا أدري ما يقول على عَمرو؟! عمرٌو رجلٌ صالحٌ، وروى أبو عبيد الحرَّانيُّ عن أحمد ابن حنبل: ثقةٌ مأمون، مات بالبصرة في سنة (224 هـ)، وفيها أرَّخه مُطَيَّن، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وأخرج له أبو داود.

    وقوله هنا: (وقال عَمرو: أَخْبَرنا شعبة): هذا يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، كما تَقَدَّمَ في نظرائه.

    ولعمرٍو ترجمةٌ في «الميزان»، قال شيخنا في تعليق (عَمرو) هذا: أسنده أبو نعيم الأصبهانيُّ: عن أبي العَبَّاس، حدَّثنا يوسف [1] القاضي، حدَّثنا عَمرو بن مرزوق: أَخْبَرنا شعبة عن قتادة ... ؛ الحديث، انتهى.

    قوله: (أَرَادَ أَنْ يُسَمِّيَهُ الْقَاسِمَ): ذكر الذَّهَبيُّ: (القاسم الأنصاريَّ)، كذا من غير كلام عليه، ثُمَّ قال: قال جابر: (وُلد لرجل منَّا غلامٌ، فسمَّاه القاسم ... )؛ وذكر الحديث، انتهى.

    (1/5994)

    [حديث: أحسنت الأنصار سموا باسمي]

    3115# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): اعلم أنَّ مُحَمَّد بن يوسف الذي روى عنه البُخاريُّ اثنان؛ أحدهما: مُحَمَّد بن يوسف بن واقد الفريابيُّ، أبو عبد الله مولى بني ضَبَّة، والثاني: مُحَمَّد بن يوسف أبو [1] أحمد البيكنديُّ، أمَّا الأوَّل؛ فإنَّه روى عن السُّفيانَين، غير أنَّه مُكْثِرٌ عن الثَّوريِّ، والثَّاني روى عن ابن عُيَيْنَة، وهذا هو مُحَمَّد بن يوسف الفريابيُّ الحافظ، عن الثَّوريِّ، وقد ذكرت في أوائل هذا التَّعليق الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، والله أعلم [2].

    وقوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مرارًا [3] سليمان بن مِهْرَان، وتَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مُتَرْجَمًا.

    قوله: (وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ): تَقَدَّمَ أنَّ الرَّجل الأنصاريَّ وولده لا أعرفهما أعلاه، وتَقَدَّمَ ما تفقَّهه ابن شيخنا البُلْقينيُّ أعلاه.

    قوله: (فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ): تَقَدَّمَ أعلاه [4] ما ذكره الذَّهَبيُّ فيه [5].

    قوله: (وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا): هو بضَمِّ النون الأولى، وسكون الثانية، ثُمَّ عين مهملة مكسورة؛ ومعناه: لا نُقرُّ عينك، وكذا الثانية.

    (1/5995)

    [حديث: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين والله المعطي]

    3116# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، وتَقَدَّمَ أنَّهم ثلاثة في «البُخاريِّ» و «مسلم»: هذا، وحِبَّان بن عطيَّة، وحِبَّان ابن العَرِقة، وابن العَرِقَة هَلك على كفره، والله أعلم، وتَقَدَّمَ أنَّ (عَبْد اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

    قوله: (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هذا هو حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أمُّه أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيط، روى عن أبويه، ومعاوية، وغيرهم، وقد قدَّمتُه، وليس لحُمَيد بن عبد الرَّحْمَن الحِميَرِيِّ عن معاوية في الكُتُب السِّتَّة شيء؛ فاعلمه، والله أعلم.

    [ج 1 ص 798]

    قوله: (ظَاهِرِينَ): أي: عالين غالبين، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ)، وأنَّ المراد به: الرِّيح التي من قِبَل اليمن، والله أعلم.

    (1/5996)

    [حديث: ما أعطيكم ولا أمنعكم أنا قاسم أضع حيث أمرت]

    3117# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان، وتَقَدَّمَ (هِلاَلٌ): أنَّه ابن عليٍّ، وهو ابن أبي ميمونة.

    قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عَمْرة: بشير بن عمرو بن محصن بن عمرو بن مبذول بن [1] عامر بن مالك بن النَّجار، قُتِل بصفِّين مع عليٍّ [2]) انتهى.

    ما ذكره الإمام الدِّمْيَاطيُّ هو قولٌ من أقوالٍ في اسم أبي عَمْرة، وقيل: اسم أبي عمرة: بِشْرٌ؛ بغير ياء، وقيل: ثعلبة، صحابيٌّ معروفٌ.

    ==========

    [1] (بن): سقط من (أ).

    [2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

    [ج 1 ص 799]

    (1/5997)

    [حديث: إن رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حق]

    3118# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ): هذا هو عبد الله بن يزيد، أبو عبد الرَّحْمَن المقرئُ القصير، مولى آل عمر بن الخَطَّاب، أصله من ناحية البصرة، نزل مكَّة، وروى عن أبي حنيفة، وموسى بن عُليِّ بن رَباح، وحرملة بن عمران، وكَهْمَس بن الحسن، وحَيْوة بن شُرَيح، وسعيد بن أبي مريم، وطبقتهم من المصريِّين والبصريِّين، روى عنه: البُخاريُّ، وأحمد ابن حنبل، وابن راهويه، وعليُّ ابن المَدينيِّ، وخلقٌ كثير، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، وقال أبو حاتم: صدوقٌ، وقد أثنى عليه ابن المبارك، مات سنة (213 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو الأَسْوَدِ): اسمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نوفل بن الأسود، أبو الأسود، يتيم عروة، تَقَدَّمَ.

    قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي عَيَّاشٍ وَاسْمُهُ نُعْمَانُ): (عيَّاش)؛ بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمَة، وهو النُّعمان بن أبي عيَّاش الزُّرَقيُّ؛ بضَمِّ الزاي، وفتح الراء المُخَفَّفة، واسم (أبي عيَّاش): زيد بن الصَّامت، وقيل: عبيد بن زيد بن الصَّامت، وقيل: عبيد بن معاوية بن الصَّامت الخزرجيُّ، صحابيٌّ؛ أعني: أبا عيَّاش، أخرج له أبو داود، والنَّسائيُّ، وأحمد في «المسند»، شهد أُحُدًا، روى عنه: مجاهد، وأبو صالح السَّمَّان، وجماعة، والنُّعمان أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، ووثَّقهُ ابن معين وغيره.

    قوله: (عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: هي خولة بنت قيس بن قهد، واسمه خالد، كانت عند حمزة بن عبد المُطَّلِب، فولدت له عُمَارة، ثُمَّ خلف عليها بعد حمزة حنظلةُ بن النُّعمان، فولدت له مُحَمَّدا، فَكُنِّيتْ به، وقيل: هي خولة بنت ثامر الأنصاريَّة، ولعلَّه الأشبه، وصرَّح به الطبرانيُّ وابن منده، وساقاه بهذا السند، وقال الدَّارَقُطْنيُّ: لم يروِ عن خولة بنت ثامر [سوى ابن أبي عيَّاش، انتهى.

    قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في هذا الحديث: (خولة بنت قيس بن قهد بن قيس بن ثعلبة الأنصاريَّة، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ويقال لها: خويلة أمُّ مُحَمَّد، وهي امرأة حمزة بن عبد المُطَّلِب، وقيل: إنَّ امرأة حمزة خولة بنت ثامر] [1] الخولانيَّة، وقيل: إنَّ ثامرًا لقبٌ لقيس بن قهد).

    (1/5998)

    قال عليُّ ابن المَدينيِّ: خولة بنت قيس هي خولة بنت ثامر ... ، ثُمَّ ذكر الحديث، ثُمَّ قال عقيبه: رواه سلمة بن شبيب، وعَبَّاس بن عبد الله التَّرْقُفيُّ، وغير واحدٍ عن المقرئ؛ يعني: الذي رواه عنه البُخاريُّ هنا، فقال: خولة بنت ثامر، انتهى.

    وأمَّا خولة بنت قيس بن قهد _ويقال لها: خويلة، وهي زوج حمزة، وقيل: إنَّ زوجته خولة بنت ثامر الخولانيَّة، وقيل: ثامر لقب قيس_ روت عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعنها: النُّعمان بن أبي عيَّاش، وقال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (خولة بنت ثامر روت عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعنها: النُّعمان بن أبي عيَّاش) انتهى، وقد رقم عليها: («المسند»)، قال الحُسيني في «رجال المسند»: خولة بنت ثامر الأنصاريَّة: هي بنت قيس، قاله ابن عَبْدِ البَرِّ، وهي مذكورة [2] في الأصل، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: خولة بنت قيس بن قهد بن قيس [3] الأنصاريَّة النَّجاريَّة أمُّ مُحَمَّد، زوج حمزة بن عبد المُطَّلِب، وقيل: امرأة حمزة خولة بنت ثامر، وقيل: ثامر لقبٌ لقيس، عنها: جماعةٌ، وقد رقم عليها: (خ)، (ت)، و «المسند»، انتهى.

    وقال ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»: خولة بنت قيس بن قهد بن قيس بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن مالك بن النَّجَّارالأنصاريَّة، تُكنَّى أمَّ مُحَمَّد، وهي امرأة حمزة بن عبد المُطَّلِب، وقد قيل: إنَّ امرأة حمزة خولة بنت ثامر، وقيل: إنَّ ثامرًا لقبٌ لقيس بن قهد، والأوَّل أصحُّ إن شاء الله تعالى، انتهى [4].

    ==========

    [1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [2] في النُّسخَتَينِ: (مذكور).

    [3] (بن قيس): ليس في (ب).

    [4] (انتهى): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 799]

    (1/5999)

    [باب قول النبي: أحلت لكم الغنائم]

    قوله: (وَهْيَ لِلْعَامَّةِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ الرَّسُولُ): يعني: لجميع النَّاس.

    قوله: (حَتَّى يُبَيِّنَهُ الرَّسُولُ): يعني: حتى يبيِّن الشَّارع صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مَن مستحقُّها، وكيف تقسم، وقد بيَّن الله تعالى بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41]، والله أعلم.

    ==========

    [ج 1 ص 799]

    (1/6000)

    [حديث: الخيل معقود في نواصيها الخير]

    3119# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه خالد بن عبد الله الطَّحَّان، أحد العلماء، وقد تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وأنَّه اشترى نفسه من الله تعالى ثلاث مَرَّاتٍ بزِنَتِه فضَّةً، وكذا تَقَدَّمَ (حُصَيْنٌ) أنَّه ابن عبد الرَّحْمَن، وأنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وكذا تَقَدَّمَ (عَامِر) أنَّه ابن شراحيل الشَّعبيُّ، العالم المشهور، وكذا تَقَدَّمَ (عُرْوَة الْبَارِقِيُّ) أنَّه ابن الجَعْد، ويقال: ابن أبي الجَعْد الصَّحَابيُّ، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    ==========

    [ج 1 ص 799]

    (1/6001)

    [حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده]

    3120# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا (شُعَيْبٌ) [1]: أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان،

    [ج 1 ص 799]

    و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (إِذَا هَلَكَ كِسْرَى ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ أنَّ [2] في (كسرى) لُغَتَين؛ الكسر والفتح، (وتَقَدَّمَ أنَّه لقبٌ لكلِّ من مَلَك الفرس) [3]، وتَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى اسم أبيه [4]، وكذا (قيصر): تَقَدَّمَ أنَّه لقب لكلِّ من ملك الرُّوم، وأنَّ اسمه هرقل، وتقدَّمت اللُّغتان في هرقل، وتَقَدَّمَ ما معنى الحديث، وهو الذي قاله الشَّافِعيُّ.

    (1/6002)

    [حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا]

    3121# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: سَمِعَ جَرِيرًا): (إسحاق) هذا: قال الجَيَّانيُّ في «تقييده» بعد أن ذكر هذا المكان، ومكانًا آخر من سورة (لقمان): لم أجد (إسحاق) هذا منسوبًا في هذين الموضعين لأحدٍ من شيوخنا، ولا قال أبو نَصْر في هذا شيئًا، وقد قال البُخاريُّ في (كتاب الجهاد) في (باب استئذان الرَّجل الإمام): (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم: أَخْبَرنا جَرِير، عن المغيرة، عن الشَّعبيِّ، عن جَابر: غزوت مع رسول الله [1] صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... )؛ الحديث، انتهى.

    وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»؛ فرأيت هذا الحديث قد طرَّفه، فقال: (البُخاريُّ في (الخمس)، عن إسحاق بن إبراهيم عن جَرِير ... )؛ فذكره، وكأنَّه وقع في أصله منسوبًا إلى أبيه إسحاق بن إبراهيم، أو أنَّه اقتدى بخلفٍ أو بأبي مسعودٍ في ذلك، والله أعلم.

    وقال شيخنا في «شرحه» بعد أن ذكر بعض كلام الجَيَّانيِّ: ونسبه أبو نعيم: إسحاق بن إبرهيم، انتهى.

    ومن اسمه إسحاق بن إبراهيم جماعةٌ يروي عنهم البُخاريُّ في «الصحيح»؛ أحدُهم: إسحاق بن إبراهيم البغويُّ لؤلؤٌ، وإسحاق بن إبراهيم بن مُحَمَّد الصَّواف الباهليُّ البصريُّ، وإسحاق بن إبراهيم بن مَخْلد بن راهويه، وإسحاق بن إبراهيم بن يزيد أبو النَّضْر الفراديسيُّ، والذي ظهر لي أنَّه ابن راهويه.

    و (جَرِير) هذا: هو ابن عبد الحميد، تَقَدَّمَ، و (عَبْد المَلِكِ): هو ابن عمير، تَقَدَّمَ.

    ==========

    [1] في (ب): (النَّبيِّ).

    [ج 1 ص 800]

    (1/6003)

    [حديث: أحلت لي الغنائم]

    3122# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ [1]): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن بَشِير، أبو معاوية السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، و (سَيَّارٌ): هو بتقديم السين، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُشَدَّدة، ابن سلامة أبو المنهال الرِّياحيُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ (يَزِيدُ الْفَقِيرُ): أنَّه كان يشكو فِقار ظهره، ولم يكن فقيرًا من المال، وهو يزيد بن صُهيب.

    ==========

    [1] في (ب): (هشام)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 800]

    (1/6004)

    [حديث: تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد]

    3123# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وإسماعيل ابن أخت مالك الإمام، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو الزِّنَاد): أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وكذا تَقَدَّمَ (الأَعْرَجِ): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر على الأصَحِّ [1].

    قوله: (تَكَفَّلَ اللهُ): بمعنى: الضَّمان، وقد جاء في روايةٍ أخرى: (تضمَّن الله)؛ ومعناهما: أوجب له الجنَّة بفضله وكرمه.

    قوله: (إِلاَّ الْجِهَادُ)، وكذا (تَصْدِيقُ): مرفوعان، أمَّا الأوَّل؛ فلأنَّه استثناءٌ مُفرَّغٌ؛ فهو فاعل، والثاني معطوف عليه.

    قوله: (أَوْ يَرْجِعَهُ): هو بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ معدًّى، وأرجعه؛ لُغيَّة، رُباعيٌّ، قال الله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ الله} [التوبة: 83]، وفي القرآن غير هذا المكان أيضًا.

    قوله: (أَوْ غَنِيمَةٍ): قيل: إنَّ [2] (أَوْ) هنا بمعنى: الواو، وكذا وقع في «أبي داود»، وكذا وقع في «مسلم» من رواية يحيى بن يحيى، وقيل: إنَّ معناه: مع ما حصل له من الأجر بلا غنيمة إن لم يغنموا، أو من الأجر والغنيمة معًا إن غنموا، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (من نحو ثلاثين قولًا).

    [2] في (ب): (هذا).

    [ج 1 ص 800]

    (1/6005)

    [حديث: غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل]

    3124# قوله: (غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ): قيل: إنَّ هذا النَّبيَّ هو يوشع بن نون، قاله الخطيب البغداديُّ، ونقله عنه النَّوويُّ، وكذا رأيته أنا في «المستدرك» عن كعب الأحبار.

    قوله: (مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ): البُضع؛ بضَمِّ المُوَحَّدة: الفرج.

    قوله: (أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا): البناء: الدُّخول؛ لأنَّ من ملك بُضع امرأةٍ ولم يبنِ بها، أو بنى بها وكان على طراوةٍ منها؛ فإنَّ قلبه معلَّق بالرُّجوع إليها، ويَشغله الشَّيطان عمَّا هو فيه من الطَّاعة، وذلك لما في الدنيا ومتاعها وفتنتها، فأراد أن تصفوَ القلوب للأعمال، ولا تتحدَّث بسرعة الرُّجوع، وفيه ردٌّ على من يقول: لا يقال: بنى بامرأته؛ إنَّما يقال: بنى على امرأته.

    قوله: (أَوْ خَلِفَاتٍ [1]): هو جمع خَلِفة؛ بالخاء المُعْجَمَة المفتوحة، ثُمَّ لام مكسورة، ثُمَّ فاء [2]، والخَلِفات: النُّوق الحوامل، وقد جاء مفسَّرًا: «في بطونها أولادُها»، وهي خَلِفةٌ إلى أن يمضي أمد نصف حملها فتكون عُشَراء.

    قوله: (فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ): القرية هي أريحاء، قاله الخطيب، ونقله عنه النَّوويُّ، وكذا رأيته أنا في «مستدرك الحاكم» في (قسم الفيء) عن كعب، وقال: صحيح غريبٌ؛ يعني: الحديث المذكور فيه ذلك، وقال بعضهم: قيل: بيت المقدس، وفي كلام بعض حُفَّاظ العَصْرِ: والمدينة التي فُتحَت أريحاء، وهي بيت المقدس، انتهى.

    تنبيه: المقام الذي قسمت فيه الغنيمة سُمِّي باسم الذي وُجِد عنده الغلول؛ وهو عاجزٌ، فقيل للمكان: غور عاجز، ذكره بعض الحُفَّاظ العصريِّين عن الطَّبَريِّ، وقوله: (قسمت فيه الغنيمة)؛ فيه نظر؛ لأنَّها لم تقسم، والله أعلم.

    قوله: (فَقَالَ لِلشَّمْسِ ... ) إلى أن قال: (اللَّهُمَّ احْبِسْهَا [3] فَحُبِسَتْ): قيل: إنَّ الشَّمس رُدَّت على أدراجها، وقيل: وقفت ولم تُردَّ، وهذا ظاهِر (فحُبسَت)، وقيل: بُطِّئ بحركتها، قال شيخنا: قال ابن بطَّال: وهو أولى [4] الأقوال، انتهى، وكلُّ هذا من معجزات النُّبوَّة.

    (1/6006)

    فائدة: رأيت في «تاريخ ابن خَلِّكان» في ترجمة يوسف بن هارون الرَّماديِّ الشَّاعر: (إنَّ اليوم الذي حُبست فيه الشَّمس ليوشع كان اليوم الرَّابع والعشرين من حزيران، وأيضًا اليوم الذي وُلِد فيه يحيى بن زكريَّا، وهو عيد النَّصارى بالمغرب كالميلاد، ويُسمَّى عندهم: يوم العنصرة، وإنَّ موسى كان قد بعث يوشع في هذه السَّفرة) انتهى

    وقد رُويَ: أنَّ نبيَّنا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم [5] حُبسَت له الشَّمسُ مرتين؛ إحداهما: يوم الخندق حين شُغلوا عن صلاة العصر حتَّى غربت الشَّمس؛ فردَّها الله حتَّى صلَّى العصر، روى ذلك الطَّحاويُّ، وقال: رواته ثقات، والثانية: صبيحة الإسراء حين انتظر العير التي أُخبِر بوصولها مع شروق الشَّمس، ذكره يونس بن بُكَيْر في «زياداته» على «سيرة ابن إسحاق».

    فائدة: ذكر الحافظ مغلطاي أنَّ الخطيب البغداديَّ ذكر في كتاب «النُّجوم»: أنَّ الشَّمس حُبست لداود، قال مغلطاي: وضعَّف رواته؛ يعني: الخطيب، انتهى.

    وقد حُبست لسليمان أيضًا، ذكره البغويُّ، وذكر أيضًا في «تفسيره» في تفسير سورة (النساء) [6]: (أنَّها حُبست عن الطُّلوع لموسى حين أُمر بالمسير ببني إسرائيل أمره بحمل تابوت يوسف ... ) إلى آخره، عزاه شيخنا لابن إسحاق في «المبتدأ»، ولكن قال: (تأخير [7] طلوع الفجر)، قال: (وبنحوه ذكره الضَّحَّاك في «تفسيره الكبير») انتهى.

    ثانيةٌ: حديث أسماء بنت عميس [8]: (كان رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يوحى إليه ورأسه في حجر عليٍّ، فلم يصلِّ حتى غربت الشَّمس، فقال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «صلَّيتَ يا عليُّ؟»، فقال: لا، فقال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «اللَّهمَّ؛ إنَّه كان في طاعتك وطاعة رسولك؛ فاردُد عليه الشَّمس»، قالت أسماء: فرأيتها غربت، ثُمَّ رأيتها طلعتْ بعدما غربت)؛ قال مغلطاي في «سيرته» بعد ذكر حديث أسماء وحديث الخندق: (ووَثَّقا _يعني: الطَّحاويَّ وعياضًا_ رواتهما) انتهى.

    قال الطَّحاويُّ في «مشكلِه»

    [ج 1 ص 800]

    : كان أحمد بن صالح يقول: لا ينبغي لمن سبيلُه العلم أن يتخلَّف عن حفظ حديث أسماء؛ لأنَّه من أجلِّ أعلام النبوَّة، قال: وهو حديثٌ متَّصل، وفي آخر: رواته ثقات، انتهى.

    (1/6007)

    وقال الحافظ أبو الفرج بن الجوزيِّ في «موضاعاته»: هذا موضوعٌ بلا شكٍّ، فذكر مَنْ فيه، وقد ذكر الذَّهَبيُّ في «ميزانه» عمَّار بن مطر، وهو في سند الحديث المذكور، وذكر كلام الناس فيه، ثُمَّ ذكر له أحاديث؛ منها: حديث ردِّ الشمس، ثُمَّ عقَّبه بقوله: وقد روى هشام عن أبي هريرة: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «لم تُرَدَّ الشمس إلَّا على يوشع بن نون»، انتهى.

    قال ابن الجوزيِّ: ومن تغفيل واضعه أنَّه نظر إلى صورة فضيلة، ولم يتلمَّح عدم الفائدة فيها، فإن صلاة العصر بغيبوبة [9] الشمس صارت قضاءً، فرجوع الشمس لا يعيدها أداءً، وفي «الصحيح»: أنَّ الشمس لم تحبس على أحد إلا ليوشع، انتهى.

    وقد ذكر الحافظ أبو العَبَّاس ابن تيميَّة أحمد ابن الإمام العلامة شهاب الدين عبد الحليم ابن الشيخ العلامة الحافظ أبي البركات عبد السلام في «الردِّ على ابن المطهَّر الحلِّيِّ الرافضيِّ» هذه المسألة، وذكر الحديث بطرقه، والكلام في رجاله، وذلك في نحو كرَّاسةٍ في المجلد الأخير من خمسة أجزاء، وأفاد فيه فوائدَ؛ منها: إنَّ حديث ردِّ الشمس صُنِّف فيه مصنَّف جُمعتْ فيه طرقه، صنَّفه أبو القاسم عبد الله بن عبد الله بن أحمد الحسكانيُّ، سمَّاه: «مسألة ردِّ الشمس، وترغيم النواصب الشُّمْسِ»، فإن أردت زيادةً على ما ذكرت؛ فعليك به، فإنَّه كفى وأشفى، انتهى.

    والحاصل: أنَّ الشمس خُبِّئت [10]، أو قيل: حُبست؛ حُبست له صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مرَّتين، ولموسى، وليوشع، ولداود، ولسليمان، ولعليٍّ على ما فيه، والله أعلم.

    قوله: (فَجَاءَتْ _ يَعْنِي: النَّارَ_ لِتَأْكُلَهَا، فَلَمْ تَطْعَمْهَا): الحكمة في أكل النار للغنائم لتخلص [11] نيَّة الغازي؛ كي لا يكون قتالهم لأجل الغنيمة، وإنَّما أُبيحَت لهذه الأمَّة؛ لأنَّ الإخلاص غالبٌ عليهم، فلم يحتج إلى باعثٍ آخر، نبَّه عليه ابن الجوزيِّ، قاله شيخنا.

    قوله: (فَلَمْ تَطْعَمْهَا): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: تأكلها.

    قوله: (إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا): تَقَدَّمَ الكلام على الغلول.

    قوله: (فَجَاؤوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ البَقَرَةِ [12] مِنَ الذَّهَبِ): قال بعضهم: زاد بعضُ القصَّاص: (عيناها ياقوتتان، وأضراسها جَوهرٌ) انتهى.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (الخَلِفَات: النوق التي في بطونها أولادها).

    [2] في (ب): (ثم قاف)، وهو تحريفٌ.

    (1/6008)

    [3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عَلَيْنَا).

    [4] في (ب): (أوفى).

    [5] في (ب): (عليه الصَّلاة والسَّلام).

    [6] (النساء): مثبتٌ من (ب)، وسقط من (أ)، ولعلَّ الصَّواب: (البقرة).

    [7] في (ب): (تا حين).

    [8] زيد في (ب): (رضي الله عنها).

    [9] في النُّسخَتَينِ: (يغيوبة)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [10] في (ب): (حُبست).

    [11] في (ب): (لتخليص).

    [12] كذا في النُّسخَتَينِ وهامش (ق)، وكتب أمامها: (أصل)، وهي رواية ابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بقرةٍ).

    (1/6009)

    [باب: الغنيمة لمن شهد الوقعة]

    (1/6010)

    [حديث: لولا آخر المسلمين ما فتحت قريةً إلا قسمتها بين أهلها]

    3125# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ) [1]: هذا هو ابن الفضل الحافظ الثبت، تَقَدَّمَ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) هذا: هو ابن مهديٍّ، الإمام المشهور، و (مَالِك): هو الإمام المجتهد المشهور أحد الأعلام، وشيخ الإسلام.

    قوله: (مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً): (فَتحتُ): مَبْنيٌّ للفاعل، و (قريةً): مَنْصُوبٌ مُنَوَّن مفعول.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (تَقَدَّمَ أنَّ).

    [ج 1 ص 801]

    (1/6011)

    [باب من قاتل للمغنم هل ينقص من أجره؟]

    قوله: (بَابُ مَنْ قَاتَلَ لِلْمَغْنَمِ، هَلْ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (مقتضى الحديث أنَّ من قاتل للمغنم؛ فليس في سبيل الله، وهذا لا أجر له ألبتَّة، فكيف تطابق ترجمته عليه بنقص الأجر) انتهى، وهذا قويٌّ.

    وقد يُجاب عن البُخاريِّ بأن يُقال: كلامُه محمولٌ على ما إذا قاتل لإعلاء كلمة الله بنيَّة حصول الغنيمة، فإنَّ هذا يحصل له أجرٌ، وليس كأجر من لم يشرك في عمله شيئًا، ويصدق على هذا أنَّه قاتل للمغنم، وأنَّه قاتل لإعلاء كلمة الله، وقد يرشد لهذا الحديث الذي بعده، فإنَّ السائل سأله عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّ الرجل يقاتل للمغنم، وليُذكَر وليُرى مكانه؛ يعني: تارةً يقصد [1] هذا، وتارةً هذا، وتارةً هذا، فمن في [2] سبيل الله [3]؟ فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله»، والله أعلم أنَّه متى كانت نيَّته [4] إعلاء كلمة الله؛ لا يضرُّه شيءٌ من ذلك أن يكون في سبيل الله، وإذا كان كذلك؛ فيحصل له أجرٌ، ولا يضرُّه ما يعرض له بعد ذلك.

    وقد جاء حديثٌ فيه دليل لما قاله ابن المُنَيِّر: أنَّ رجلًا سأل، فقال: يا رسول الله؛ الرجلُ يريد الجهادَ في سبيل الله، وهو يبتغي من عرض الدنيا، فقال: «لا أجر له»، فأعظم ذلك الناسُ، فقالوا للرجل: أعِدْ لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فلعلَّك لم تُفهِمه، فقال الرجل: يا رسول الله؛ رجل يريد الجهاد في سبيل الله، وهو يبتغي من عرض الدنيا، فقال: «لا أجر له»، فأعظم الناس ذلك، فقالوا: أعِدْ لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأعاد، فقال: «لا أجر له».

    والجوابُ عنه: أنَّ قوله: (وهو يبتغي): حال، والحال قيدٌ، فهذا لا أجر له.

    وجوابٌ آخر: وهو أنَّه و [إن] [5] لم يكن قيدًا؛ فيؤوَّل قوله: «لا أجر له»: على نقص الأجر، ويريد نفي الكمال، والله أعلم، والكلام [فيما] إذا أشرك في العمل مع الله غيرَه معروفٌ [6]، وتحت هذا ثلاثة أنواعٍ:

    أحدُها: أن يكون الباعث الأوَّل على العمل هو الإخلاص، ثُمَّ يعرض له الرياء وإرادة غير الله في أثنائه، فهذا المعوَّل فيه على الباعث الأوَّل ما لم ينسخه بإرادةٍ جازمةٍ لغيرِ الله، فيكون حكمه حكمَ قطع النيَّة في أثناء العبادة، ونسخها؛ أعني: قطع استصحاب حكمها.

    (1/6012)

    الثاني: عكس هذا، وهو أن يكون الباعثُ الأوَّل لغير الله، ثُمَّ يعرض له قلبُ النيَّة لله، فهذا لا يُحتسَب له ما مضى من العمل، ويحتسب له من حين قلب نيَّته، ثُمَّ إن كانت العبادة لا يصحُّ آخرها إلا بصحَّة أوَّلها؛ وجبت الإعادة كالصلاة، وإلَّا؛ لم تجب؛ كمن أحرم لغير الله، ثُمَّ قلب نيَّته لله عند الوقوف والطواف.

    الثالث: أن يبتدئها فيريد بها الله والناسَ، فهذا لا يُقبَل منه العملُ، فإن كانت النيَّة شرطًا في سقوط الفرض؛ وجبت عليه الإعادة، وقد دلَّت السُّنَّة الصريحة على ذلك، وهي قوله: «من عمل عملًا ... » إلى آخره، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (بقصد).

    [2] (في): سقط من (ب).

    [3] لفظ الجلالة: سقط من (ب).

    [4] في (ب): (بنية).

    [5] (إن): سقط من النُّسخَتَينِ.

    [6] (معروف): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 801]

    (1/6013)

    [حديث أبي موسى: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل…]

    3126# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبه بُنْدار، وتَقَدَّمَ ما (البُنْدار)، وكذا تَقَدَّمَ (غُنْدرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن جعفر، وكذا تَقَدَّمَ (عَمْرو): أنَّه عَمرو بن مُرَّةَ الجمليُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو وَائِلٍ): أنَّه شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

    قوله: (قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الأعرابيُّ قد تَقَدَّمَ أنَّه لاحق بن ضُميرة.

    [ج 1 ص 801]

    قوله: (لِيُذْكَرَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (لِيُرَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مَكَانُهُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    (1/6014)

    [باب قسمة الإمام ما يقدم عليه ويخبأ لمن لم يحضره أو غاب عنه]

    قوله: (بَابُ قِسْمَةِ الإِمَامِ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ، وَيَخْبَأُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْ [1] أَوْ غَابَ عَنْهُ): ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ على عادته، ثُمَّ قال: (في الكلام المشهور بين الناس: الهديَّة لمن حضر، وفي هذا الحديث خلافُ ذلك، وإنَّ الأمر موكولٌ إلى الاجتهاد) انتهى، هذا كلامٌ جارٍ بين الناس كما قال، ولكن له أصلٌ؛ وهو حديث: «من أهدي له شيء؛ فجلساؤه شركاؤه»، وقد تَقَدَّمَ عزوه في (الهبة)، لكنه ضعيف بطرقه، وقد أشار البُخاريُّ إلى ذلك في (الهبة)، فقال: (باب من أُهدي له هدية وعنده جلساؤه؛ فهو أحقُّ به) بقوله: (ويُروى: أنَّ جلساءه شركاؤه، ولم يصحَّ) انتهى، ولو قال: فيه ردٌّ على ما يقوله الناس: من غاب؛ غابَ نصيبه؛ كان له وجه أيضًا، والله أعلم.

    قوله [2]: (وَيَخْبَأُ): هو بفتح أوَّله، وإسكان ثانيه، وبهمزةٍ في آخره.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (يحضره).

    [2] (قوله): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 802]

    (1/6015)

    [حديث: يا أبا المسور خبأت هذا لك يا أبا المسور]

    3127# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، وتَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (عَبْد اللهِ بْن أَبِي مُلَيْكَةَ): هو عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ رضي الله عنه.

    قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا مرسلٌ؛ لأنَّ ابن أبي مُلَيْكَة تابعيٌّ، وقد حكى قصَّة لم يدركها، ولو أدركها؛ كان يكون [1] صحابيًّا، لكنَّه تابعيٌّ، وقد عقَّبه البُخاريُّ بقوله: (ورواه ابن عُلَيَّة عن أيُّوب، وقال حاتم بن وردان: حدَّثنا أيُّوب عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن المِسْوَر بن مَخْرَمة)، فوصله.

    ثُمَّ قال: (تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): الضمير في (تابعه) يعود على حاتم الذي رواهُ عن ابن أبي مُلَيْكَة متَّصلًا، و (الْمِسْوَر): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وتَقَدَّمَ أنَّه صَحَابيٌّ صغير، وتَقَدَّمَ الكلام على والده (مَخْرَمةَ)، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الهبة)، وفي (اللباس) عن قُتَيْبَة عن ليث، وفي (الشهادات) عن زياد بن يحيى، عن حاتم بن وردان، عن أيُّوب؛ كلاهما عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن المِسْوَر، وأخرجه هنا [2] عن عبد الله بن عبد الوهَّاب الحَجبيِّ عن حَمَّاد بن زيد، وفي (الأدب) عن الحجبيِّ عن إسماعيل ابن عُلَيَّة؛ كلاهما عن أيُّوب عن ابن أبي مُلَيْكَة: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره مرسلًا.

    وأخرجه مسلم في (الزكاة) عن قُتَيْبَة به، وعن زياد بن يحيى الحسَّانيِّ به، وأبو داود في (اللباس) عن قُتَيْبَة ويزيد بن خالد الرمليِّ؛ كلاهما عن ليث به، والتِّرْمِذيُّ في (الاستئذان)، والنَّسائيُّ في (الزينة)؛ جميعًا عن قُتَيْبَة به، وقال التِّرْمِذيُّ: حسن صحيح، وإنَّما طرَّفته لك؛ لتعلم كيف رواه الأئمَّة، والله أعلم.

    و (ابْنُ عُلَيَّةَ): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة الإمام، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

    ==========

    [1] (يكون): سقط من (ب).

    [2] (هنا): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 802]

    (1/6016)

    [باب بركة الغازي في ماله حيًا وميتًا مع النبي وولاة الأمر]

    قوله: (بَابُ بَرَكَةِ الْغَازِي فِي مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا ... ) إلى آخر الترجمة: كذا رُوِّيناه: (بركة)؛ بالموحَّدة، قال القاضي: كذا ترجم البُخاريُّ، وذكر تركة الزُّبَير ووصيَّته، وهي وإن كانت توضِّح صحَّة هذه الرواية؛ فهو وَهَمٌ؛ لقوله بعد ذلك: (حيًّا وميِّتًا) وما بعده، ولفظ ابن قرقول: ترجم البُخاريُّ: (باب بركة الغازي في ماله)، وسقط للأصيليِّ: (في ماله)، ورواه بعضهم: (باب تركة الغازي)، وذكر تحتها تركة الزُّبَير ووصيَّته، وإن كانت تظهر صحَّة هذه الرواية؛ فهي وَهَمٌ؛ لقوله بعد ذلك: (حيًّا وميِّتًا) وما بعده، انتهى.

    فالحاصل: أنَّ (بركة) _بالموحَّدة_ الصواب، وأنَّ (تركة) _بالمُثَنَّاة فوق_ وَهَمٌ، والله أعلم.

    ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب بلا إسناد، ثُمَّ قال: وجه مطابقة الترجمة للحديث: أنَّ الزُّبَير ما وسَّع الله عليه بولاية ولا جباية، بل ببركة غزوه مع النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فبارك الله له في سهامِه من المغانم؛ لطيب أصلها، وسداد معاملته، ووهَّم شارحُ البُخاريِّ راويَ الحديث في حساب الجملة، فقال: التحقيق أنَّها تسعة وخمسون ألفَ ألفٍ وثمان مئةِ ألفٍ، ووَهِمَ الشارح أيضًا، إنَّما هي وستُّ مئة ألفٍ، انتهى [1].

    قال الدِّمْيَاطيُّ في قوله: (فجميع ماله خمسون ألفَ ألفٍ ومئتا ألف) ما لفظه: روى ابن سعد في «الطبقات» حديثَ عبد الله بن الزُّبَير هذا في قتل الزُّبَير ووصيَّتِه بدينه وثلث ماله، عن أبي أسامة حَمَّاد بن أسامة بنحو حديث البُخاريِّ فطوَّله، غير أنَّه خالفه في موضع واحد؛ وهو قوله: (أصاب كلَّ امرأة من نسائه ألفَ ألفٍ ومئةَ ألفٍ)، وعند البُخاريِّ: (ومئتا ألف)، وعلى هاتين الروايتين لا تصحُّ قسمة خمسينَ ألفَ ألفٍ على دَينه ووصيَّته وورثته، وإنَّما قسمتها إن لو كان لكلِّ امرأة ألفُ ألفٍ، فيكون الثُّمُن أربعةَ آلافِ ألفٍ، فتصحُّ قسمة الورثة من اثنين وثلاثين ألفَ ألفٍ، ثُمَّ يضاف إليها الثلث؛ وهو ستَّةَ عَشَرَ ألفَ ألفٍ، فتصير الجملتان ثمانيةً وأربعين ألفَ ألفٍ، ثُمَّ يضاف إليها الدَّين ألفا ألفٍ ومئتا ألفٍ، فصارت الجملة خمسين ألفَ ألفٍ ومئتا ألفٍ، ومنها تصحُّ.

    (1/6017)

    ورواية ابن سعد تصحُّ من خمسة وخمسين ألفَ ألفٍ، ورواية البُخاريِّ من تسعة وخمسين ألفَ ألفٍ وثمان مئة ألفٍ، فيجوز أن يكون المراد بقوله: (فجميع ماله خمسون ألفَ ألفٍ ومئتا ألفٍ) قيمةَ تَرِكَته عند موته، لا ما زاد عليها بعد موته من غلَّة الأَرَضين والدور في مدَّة أربع سنين قبل قسمة التركة، ويدلُّ عليه ما رواه الواقديُّ عن أبي بكر بن أبي سبرة، عن هشام، عن أبيه قال: (كان قيمةَ ما ترك الزُّبَير إحدى وخمسون _أو اثنتان [2] وخمسون_ ألفَ ألفٍ)، وروى ابن سعد عن القعنبيِّ، عن ابن عُيَيْنَة قال: (قُيِّم [3] ميراث الزبيرعلى أربعين ألفَ ألفٍ).

    وذكر الزُّبَير بن بكَّار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزُّبَير في بني عديٍّ عاتكةَ بنت زيد بن عمرو بن نُفيل، زوجَ الزُّبَير رضي الله عنه، وأنَّ عبد الله بن الزُّبَير بعث إليها بثمانين ألف درهمٍ، فقبضتْها، وصالحَتْ عليها، وبين قول الزُّبَير بن بكَّار هذا وبين [4] قول غيره بَونٌ بعيد، والعجب من الزُّبَير بن بكَّار مع تتبُّعه هذا العلم وتنقيره عنه كيف خَفِيَ عليه توريث آبائه وأحوال تركاتهم؟!

    وذكر أيضًا أنَّ الزُّبَير قُتِلَ وهو ابن سبع _أو ستٍّ_ وستِّين سنةً، وأنَّه كان أبيضَ أشعرَ الكتفين، خفيفَ العارضين، طويلًا تخطُّ رِجلاه الأرض، وذكر كلامًا آخر، انتهى.

    وقد رأيت كلام ابن بطَّال في التعقُّب بحساب الجملة، وتَعقُّبَ ابنِ المُنَيِّر له، والله أعلم.

    تنبيهٌ: ورأيت بخطِّ بعض [5] الفقهاء الحنفيَّة من الفرضيِّين من أصحابنا ورفاقنا ما لفظه: إذا أصاب كلَّ امرأة ألفُ ألفٍ ومئتا ألفٍ؛ يكون جميع المال سبعةً وخمسين ألفَ ألفٍ وستَّ مئة ألفٍ، لا خمسون ألفَ ألفٍ ومئتا ألفٍ كما قال؛ إذ لو كان كذلك؛ لأصاب كلَّ امرأة ألفُ ألفٍ وخمسةٌ وأربعون ألفًا وثمان مئة وثلاثة وثلاثون وثلث، والله أعلم، انتهى.

    ولا تعجب من كثرة هذا المال، فمجموعُ ما تصدَّق به عبد الرَّحْمَن بن عوف أكثرُ من هذا المال، وقد ذكرته في (كتاب الزكاة)؛ فانظره.

    تنبيهٌ ثانٍ: حديث الزُّبَير هذا ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه» في مسند الزُّبَير بن العَوَّام، قال شيخنا: وذكره أصحاب «الأطراف» في مسند الزُّبَير، والأشبه أن يكون من مسند ابنه؛ لأنَّ أكثرَه

    [ج 1 ص 802]

    (1/6018)

    من كلامِه، ولقوله: (وما وَلِيَ إمارةً قطُّ إلَّا أن يكون في غزوة مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وهذه اللفظة فيها معنى الرفع [6]، وعند الإسماعيليِّ عن جويرية: حدَّثنا أبو أسامة: حدَّثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله ... ، ثُمَّ ذكر طريق البُخاريِّ إلى عبد الله بن الزُّبَير، والمِزِّيُّ [7] ذكره في مسند الزُّبَير، وعنه: ابنه عبد الله.

    ==========

    [1] (انتهى): ليس في (ب)، وكتب في هامش (أ) وفي (ب): (تُقْرَأ الفرجة).

    [2] في النُّسخَتَينِ: (اثنتين)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [3] في (ب): (فيتم)، وهو تحريفٌ.

    [4] (بين): ليس في (ب).

    [5] زيد في (ب): (الفضلاء).

    [6] في (ب): (الربع)، وهو تحريفٌ.

    [7] في (ب): (والذي)، وهو تحريفٌ.

    (1/6019)

    [حديث: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه]

    3129# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مَن يقال له: (إسحاق بن إبراهيم) وروى عنه البُخاريُّ في «الصحيح» في الورقة التي قبل هذه، ومنهم الذي روى عن أبي أسامة _وهو حَمَّاد بن أسامة_ اثنان: ابن راهويه، وابن إبراهيم بن نصر السعديُّ البُخاريُّ، ولا يخلو أن يكون واحدًا منهما، والله أعلم.

    قوله: (يَوْمَ الْجَمَلِ): (وقعة الجمل): نُسِبَت [1] الوقعة للجمل، وكذا (اليوم) لجمل عائشة [2]، وكان اسمه عسكر، وكان يعلى بن أُمَيَّة أعطاها إيَّاه، وكان اشتراه بمئتَي دينار، كذا في «الاستيعاب»، ورأيت بخطِّ أبي إسحاق بن الأمين تجاه قوله: (بمئتي دينار): (بثمانين)، وعليها (صح)، انتهى، وقد نقل القرطبيُّ في «تذكرته» عن أبي عمر: (بمئتي دينار)، ثُمَّ نقل عن بعضهم: (بثمانين دينارًا)، ثُمَّ قال: والأوَّل أصحُّ، انتهى.

    كانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة، كذا جزم به الواقديُّ، وابن سعد، وخليفة، وابن زبر، وغيرُهم، قال خليفة: يوم الجمعة، وقال جماعةٌ: يوم الخميس، وقيل: كانت في جمادى الأولى، والأوَّل المعروف، سنة ستٍّ وثلاثين من الهجرة، وقتل الزُّبَير رضي الله عنه بعد أن ترك القتال في الجمل وانصرف، فلحقه جماعة من الغُواة فقتلوه بوادي السباع ناحية البصرة، وقبره هناك.

    تنبيهٌ: أنكر أبو مُحَمَّد ابن حزم الحافظ وقعةَ الجمل كما نقله عنه مغلطاي في «سيرته» في أواخر «سيرته الصغرى»، وتعقَّبه مغلطاي بأنْ قال: (وفيه نظر)، انتهى، وفي «الشفا» للقاضي عياض رحمه الله حكايةُ إنكارها عن هشام وعبَّاد.

    فائدةٌ: قَتَل الزُّبَيرَ عمرُ [3] بن جُرموز، وسيأتي الخلاف في اسم ابن جُرموز _وهو عمر_ في (مناقب الزُّبَير) إن شاء الله تعالى، فقيل: قتله يوم الجمل، وقيل: قُتِل في رجب، وقيل: قُتِل من آخر يوم صبيحةَ الجمل، وهذا يقتضي أن يكون في الحادي عشر من جمادى الآخرة على الصحيح.

    (1/6020)

    قوله: (لاَ يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلَّا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ): قال شيخنا: قال ابن بطَّال: معناه _والله أعلم_: أنَّ الصَّحَابة في قتال بعضهم بعضًا كلٌّ له وجهٌ من الصواب يُعذَر به عند الله تعالى، فلا يسوغ أن يطلق على أحد منهم أنَّه قصد الخطأ، وقاتل على غير تأويل سائغ، هذا مذهب جماعة أهل السُّنَّة، وكلُّ واحدٍ منهم مجتهدٌ مُحِقٌّ عند نفسه، فالقاتل والمقتول منهم في الجنَّة إن شاء الله تعالى، والله يوسع الكلَّ في رحمته لمَّا [4] سبقت لهم الحسنى، ومعنى قوله: (إلَّا ظالم أو مظلوم): في تأويله عند خصمه أو مخالفه، ومظلوم عند نفسه إن قُتِل، وإنَّما أراد الزُّبَير أن يبيِّن بقوله [5] هذا أنَّ تقاتل الصَّحَابة ليس كتقاتل أهل البغي والعَصبيَّة الذي القاتل والمقتول منهم ظالم؛ لقوله: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار»؛ لأنَّه لا تأويل لواحد منهم يُعذَر به عند الله، ولا شبهة له من الحقِّ يتعلَّق بها، فليس أحد [6] منهم مظلومًا، بل كلُّهم ظالم، انتهى.

    وقال ابن التين: إمَّا متأوِّل بفعله وجه الله، ولم يُبْعِد في تأويله، وإمَّا رجل من غير الصَّحَابة أراد الدنيا، وقاتل عليها؛ فهو الظالم، انتهى.

    وقد قال عليٌّ رضي الله عنه: أرجو أن أكون أنا والزُّبَير وطلحة [7] من الذين قال الله تعالى فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43].

    قوله: (وَلَا [8] أُرَانِي): هو بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّني، كذا في أصلنا [9]، وضبطه بعضهم بفتح الهمزة، وهو جائز.

    قوله: (إِلَّا سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا): إنَّما قال ذلك؛ لأنَّه سمعه عليه الصَّلاة والسَّلام يقول: «بشِّر قاتل ابنِ صفيَّة بالنار»، وسيأتي الكلام على قاتله.

    قوله: (أَفَتُرَى): هو بضَمِّ التاء؛ أي: أفتظنُّ، و (دِينَنَا): مَنْصُوبٌ مفعول، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (يُبْقِي): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ أيضًا.

    قوله: (ثُلُثُ الثُّلُثِ [10]): كذا في أصلنا، قال ابن قرقول: كذا لهم بضَمِّ الثاءين معًا وإضافة [11] الثلث الآخر إليه، قال بعضُهم: صوابُه: (ثلِّثِ الثُّلثَ)، وقال القاضي: ما أدري ما اضطرَّه إليه، والكلام مستقلٌّ بنفسه على ما رُوِيَ من ضمِّ الثاءين، انتهى.

    قوله: (فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا): (فضَل): بفتح الضاد وكسرها؛ لغتان تقدَّمتا مع لغة ثالثة مركَّبة.

    (1/6021)

    قوله: (فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ): يعني: لولد عبد الله بن الزُّبَير، أوصى لبني ابنه، وليسوا بورثة، الورثة: زوجاتُ الزُّبَير، مع أعمامهم وعمَّاتهم مع أبيهم، وبنو عبد الله بن الزُّبَير هم: خبيب، وعبَّاد، وهاشم، وثابت، وباقي بنيه وُلِدُوا بعد ذلك.

    قوله: (قَدْ وَازَى [12] بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ): (وازاه)؛ أي: حاذاه؛ أي: في السنِّ، قاله [13] ابن التين، وقال ابن بطَّال: يجوز أن يكون وازاهم في السنِّ، ويجوز أن يكون وازى بنو عبد الله في أنصبائهم أولادَ الزُّبَير فيما حصل من ميراث الزُّبَير أبيهم، قال: وهذا الوجه أولى، وإلَّا لم يكن لذكر كثرة أولاد الزُّبَير معنى [في] الموازاة [14] في السنِّ، نقله شيخنا.

    قوله: (خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ): (خُبَيب): بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة [15]، وفتح المُوَحَّدة، و (خُبَيبٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، و (عبَّادٌ): معطوف عليه، كذا في أصلنا، ويظهر لي أنَّه يجوز أن يعرب (خُبَيب) بالجرِّ والتنوين بدلًا من (ولدِ) المجرور، و (عبَّاد): معطوف عليه، والله أعلم.

    قوله: (وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ): الضمير في (له) يعود على الزُّبَير، وأولاد الزُّبَير الذُّكور الذين وقفت عليهم: عبد الله، وعروة، والمنذر، وعاصم، والمهاجر، وخالد، وعمر [16]، ومصعب، وحمزة، وعُبيد، وجعفر، وأمَّا الإناث؛ فهنَّ: خديجة الكبرى، وأمُّ الحسن، وعائشة، وحبيبة، وسودة، وهند، ورملة، وزينب، وخديجة الصغرى، فالذُّكور المذكورون هنا أحدَ عشرَ، والإناث تسعٌ، ولا أدري مَن أراد مِن هؤلاء ممَّن تخلَّف بعده إلَّا بعضَهم، وهؤلاء الذين وُلِدوا له، والله أعلم.

    ثُمَّ إنِّي رأيت بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين قال: الذُّكور: عبد الله وعروة والمنذر أمُّهم أسماء بنت أبي بكر، وعمرو وخالد أمُّهما أمُّ خالد بنت [17] خالد بن سعيد بن العاصي، ومصعب وحمزة أمُّهما الربابُ بنت أُنَيف، وعُبيدة وجعفر أمُّهما زينب بنت بشر من بني قيس بن ثعلبة، وباقي أولاد الزُّبَير ماتوا قبله، والبنات هنَّ: خديجة الكبرى وأمُّ الحسن وعائشة أمُّهنَّ أسماء بنت أبي بكر، وحبيبة وسودة وهند أمُّهنَّ أمُّ خالد المذكورة، ورملة أمُّها الرباب المذكورة، وحفصة أمُّها بنت بشر المذكورة، وزينب أمُّها أمُّ كلثوم بنت عقبة، انتهى.

    [ج 1 ص 803]

    قوله: (إِنْ عَجَزْتَ): تَقَدَّمَ أنَّ في (عجز) لغتين: عجَز يعجِز، وعجِز يعجَز، والأولى لغة القرآن، والله أعلم.

    (1/6022)

    قوله: (يُوصِينِي): ويجوز: (يُوَصِّيني).

    قوله: (فَيَقْضِهِ [18]): كذا في أصلنا، وفي هذا وقفة؛ لأنَّه محذوف الياء [19]، اللهمَّ إلَّا أن يكون روايةً كذا على أنَّه جواب، والذي أحفظُه: (فيقضيَهُ)؛ بياء مفتوحة بعد الضاد، وهذا جارٍ على قواعد العربيَّة، والله أعلم.

    قوله: (فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ): (قُتِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الزُّبَيرُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّمَ أنَّه قتله عمر بن جرموز، وسيأتي في (مناقب الزُّبَير) الاختلاف في اسم قاتله إن شاء الله تعالى.

    قوله: (إِلَّا أَرَضِينَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الراء، وتُسكَّن على قلَّةٍ.

    قوله: (مِنْهَا الْغَابَةُ): تَقَدَّمَ أنَّها بالغين المُعْجَمَة، وبعد الألف مُوَحَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وقد تَقَدَّمَت بما [20] يتعلَّق بها.

    قوله: (أَنَّ الرَّجُلَ): هو بفتح همزة (أَنَّ)، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فِي غَزْوَةٍ): هي مُنَوَّنة.

    قوله: (فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ): (حَكِيمُ): مَرْفُوعٌ فاعل، وقد تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء، وكسر الكاف، وتَقَدَّمَ ضبطه، وما يتعلَّق به مِن أنَّه وُلِد في جوف الكعبة، ومِن أنَّه عاش مئة وعشرين سنةً؛ ستِّين في الإسلام، وستِّين في الجاهليَّة، وله نُظَراءُ ذكرتهم فيما مضى، وحَكِيمٌ ابن عمِّ الزُّبَير بن العَوَّام [21] بن خويلد، وحَكِيمٌ ابن حِزَام بن خويلد، و (حِزَام)؛ بالزاي، تَقَدَّمَ.

    قوله: (مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ): (أُرى)؛ بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، وكذا التي بعدها (مَا أُرَاكُمْ)؛ أي: أظنُّكم.

    قوله: (أَفَرَأَيْتَكَ): هو بفتح التاء، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَأَتَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُ مِئَةِ أَلْفٍ): هذا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عبدِ مناف بن عبد المُطَّلِب، ترجمته معروفة، وقد قَدَّمْتُ أنَّ في «النَّسائيِّ»: أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال له كما قال لأَبيه جعفر: «أشبهت خَلقي وخُلقي».

    (1/6023)

    وقوله: (وكان له على الزُّبَير أربع مئة ألف): روى الأصمعيُّ عمَّن حدَّثه: أنَّ عبد الله بن جعفر أسلف الزُّبَير ألفَ ألفِ درهمٍ، فلمَّا تُوُفِّيَ الزُّبَير؛ قال ابن الزُّبَير لعبد الله بن جعفر: إنِّي وجدتُ في كتب أبي أنَّ [22] له عليك ألفَ ألفِ درهمٍ، قال: هو صادقٌ، فاقبضها إذا شئت، قال: ثُمَّ لقيه بعدُ، فقال: وهمت عليك، المالُ لك عليه، قال: فهو له، قال: لا أريد ذلك، قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه» في ترجمة عبد الله بن جعفر: قلتُ: هذه الحكاية مِن أبلغ ما نُقِل في السؤدد والجود، انتهى [23]، وكيف لا يكون ذلك وقد قَدَّمْتُ أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال له كما قال لأبيه: «أشبهت خَلقي وخُلقي»، وقد ذكر هذه الحكايةَ النَّوويُّ أيضًا في «تهذيبه»، فقال: (وممَّا رُوِّيناه ... )؛ فذكرها، والله أعلم.

    قوله: (وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ): هو عمرو بن عثمان بن عفَّان، روى عن أبيه وأسامة، وعنه: عليُّ بن الحُسين، وأبو الزناد، وجماعةٌ، ثِقَةٌ، أخرج له الجماعة.

    قوله: (وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ): هو ابن العَوَّام، روى المنذر عن أبيه، وروى عنه: مُحَمَّد بن المنذر، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات».

    قوله: (وَابْنُ زَمْعَةَ): هو عبد الله [24]، قاله بعض حفَّاظ مصر من المُتَأخِّرين.

    قوله: (كُلّ سَهْمٍ مِئَة [25] أَلْفٍ): (كلَّ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروف، وكذا (مئةَ ألفٍ): مَنْصُوبٌ أيضًا، ويجوز فيهما الرفع.

    قوله: (وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ): هو المذكور أعلاه.

    قوله: (وَرَفَعَ الثُّلُثَ): (رَفع): مَبْنيٌّ للفاعل، بفتح الراء، و (الثلثَ): مَنْصُوبٌ مفعول (رفع)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ): هنَّ: عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نُفيل، والباقيات لا أعرفهنَّ، والله أعلم، وسيأتي ما أخذت عاتكةُ قريبًا.

    قوله: (فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِئَتَا أَلْفٍ): (كلَّ): مَنْصُوبٌ مفعول، و (ألفُ): مَرْفُوعٌ فاعل (أصاب)، و (مئتا): معطوف عليه.

    قوله: (فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ): (الألْفَ) الأولى: مَنْصُوبٌ على التمييز، والثاني: مجرور بالإضافة، وقد تَقَدَّمَ ما في هذا الحساب، والتوهيمُ الذي ذكره ابن بطَّال لراوي الحديث في حساب الجملة، وتوهيم ابن المُنَيِّر لابن بطَّال وما قاله الدِّمْيَاطيُّ، والله أعلم.

    (1/6024)

    تنبيهٌ: عاتكة بنت زيد بن عمرو بن [26] نُفيل صحابيَّة جليلة، لمَّا قُتِل عنها الزُّبَير؛ أرسل إليها ابنُه عبدُ الله بنُ الزُّبَير: يرحمك الله أنت من بني عديٍّ، ونحن من بني أسد، وإن دخلت في أموالنا؛ أفسدتها علينا، وأضررت بنا، فقالت: رأيك يا أبا بكر، ما كنت تبعث إليَّ شيئًا إلَّا قبلتُه، فبعث إليها بثمانين ألفَ درهمٍ، فقبلتها، وصالحت عليها، قاله ابن عَبْدِ البَرِّ، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (نسب).

    [2] زيد في (ب): (رضي الله عنها).

    [3] كذا في (أ) مضبوطًا بالقلم، وفي (ب): (عَمرو)، وكذا في المصادر.

    [4] في (ب): (بما).

    [5] في (ب): (عند قوله).

    [6] في (ب): (لأحد)، وهو تحريفٌ.

    [7] في (ب): (أكون وطلحة والزبير).

    [8] رواية «اليونينيَّة» و (ق): (وإنِّي لا).

    [9] (كذا في أصلنا): سقط من (ب).

    [10] في (ق): (يقول: ثلث الثلث)، وفي هامشها: (عبد الله بن الزُّبير).

    [11] في النُّسخَتَينِ: (أو إضافة)، والمثبت موافق لمصدره، ولعلَّه الصواب.

    [12] في هامش (ق): (أي: ساواه في الشيء).

    [13] في (ب): (قال)، وهو تحريفٌ.

    [14] في «التوضيح» (18/ 470): (للموازاة).

    [15] (المعجمة): سقط من (ب).

    [16] (وعمر): سقط من (ب).

    [17] في (أ): (بن بنت)، وفي (ب): (بن ريب)، والمثبت هو الصَّواب.

    [18] في (ب): (فبعضه)، وهو تحريفٌ، وفي هامش (ق): (صوابه: فيقضِيَه).

    [19] في (ب): (التاء)، وهو تصحيفٌ.

    [20] في (ب): (ما).

    [21] في (ب): (عوام).

    [22] في (ب): (أنَّه).

    [23] (انتهى): ليس في (ب).

    [24] زيد في (ب): (بن زمعة)، وضرب عليها في (أ).

    [25] رواية «اليونينيَّة» مصحَّحة: (كلُّ سهم مئةَ)، وهي في (أ) و (ق) معًا.

    [26] (بن): سقط من (أ).

    (1/6025)

    [باب: إذا بعث الإمام رسولًا في حاجة أو أمره بالمقام هل يسهم له]

    (1/6026)

    [حديث: إن لك أجر رجل ممن شهد بدرًا وسهمه]

    3130# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ الحافظ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أَبِي عَوَانَةَ): أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وكذا (عُثْمَانُ بْنُ مَوْهَبٍ): أنَّه بفتح الهاء، والباقي معروف.

    قوله: (إِنَّمَا تَغَيَّبَ [1] عُثْمَانُ): هذا الكلام فيه نظرٌ، ولم يتغيَّب [2]، وإنَّما تخلَّف لأجل بنت النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رُقيَّة كانت مريضةً، ويقال أيضًا: إنَّه كان به جُدريٌّ، ولهذا ضُرِب له بسهمه وأجره رضي الله عنه.

    قوله: (فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ مَرِيضَةً): هذه البنت هي رُقيَّة رضي الله عنها، تزوَّجها عثمان بمكَّة وهي بكرٌ، وولدت له بالحبشة، وتُوُفِّيَ ولدُها عبدُ الله بن عثمان سنة أربعٍ من الهجرة وله ستُّ سنين، وهي تُوُفِّيَت لياليَ بدر بالحصبة، وكان عليه الصَّلاة والسَّلام قد بعث عبدَ الله بن رَواحة بَشِيرًا إلى أهل العالية بما فتح الله على رسوله وعلى المسلمين من مصاب أهل مكَّة من المشركين ببدر، وبعث زيدَ بن حارثة إلى السافلة، قال أسامة بن زيد: فأتانا الخبر حين سوَّينا على رُقيَّة بنت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الترابَ، وكانت وقعة بدر يوم الجمعة في رمضان، صبيحة سبع عشرة منه، من السنة الثانية من الهجرة.

    قوله: (إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ): سأذكر مَن ضرب له صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بسهمه وأجره في بدر _في (غزوة بدر) _ وإن لم يحضرها إن شاء الله تعالى وقدَّره.

    (1/6027)

    [باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ... ]

    [ج 1 ص 804]

    قوله: (بَابٌ: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ ... ) إلى آخر الترجمة: ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ في الباب بلا إسناد، ثُمَّ قال: الأحاديث مطابِقَة إلَّا حديث أبي موسى؛ يعني: الحديث الذي فيه هجرتُه مع جعفر بن أبي طالب وأصحاب السفينَتَين، وقوله: (وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ [1] شَيْئًا [2] إِلَّا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: (فإنَّ ظاهره أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قسم لهم [3] من أصل الغنيمة مع الغانمين وإن كانوا غائبين؛ تخصيصًا لهم، لا من الخمس، إذ لو كان منه؛ لم تظهر الخصوصيَّة؛ لأنَّ الخمس لعامَّة المسلمين، والحديث ناطقٌ بها، والله أعلم)، انتهى.

    وهذا القسم محمول على أنَّه برضا الغانمين، وفي «الصحيح» ما يؤيِّده، وفي رواية للبيهقيِّ التصريحُ بأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كلَّم المسلمين، فأشركوهم في سِهامهم، قاله النَّوويُّ في «شرح مسلم» في (مناقب جعفر).

    (1/6028)

    وقوله في الحديث: (وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئًا ... )؛ الحديث؛ فاعلم أنَّ جابر بن عبد الله لم يشهد فتح خيبر، وجميعُ من شهد الحديبية شهد خيبر [4] معه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا جابرًا، فقسم له رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كَسَهْمِ مَن حضرها، وذلك أنَّها كانت طُعمةً من الله تعالى لأهل الحديبية؛ مَن شهد منهم ومَن غاب، وشخص آخر لا أعرف اسمه، فيحتمل أنَّه تُوُفِّيَ قبل شهود خيبر فيما يحتمل، فأعطى رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زوجتَه سهمَه، كذا في «سنن أبي داود» من حديث عقبة بن عامر، ولفظه: (أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال لرجل: «أترضى أن أزوِّجك فلانة؟» قال: نعم، [وقال للمرأة: «أترضين أن أزوِّجك فلانًا؟» قالت: نعم] [5]، فزوَّج أحدَهما صاحبَه، فدخل بها، ولم يفرض لها صَداقًا، ولم يعطها شيئًا، وكان ممَّن شهد الحديبية، وكان مَن يشهد الحديبية لهم سهم بخيبر، فلمَّا حضرته الوفاة؛ قال: إنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زوَّجني فلانة، ولم أفرض لها صَداقًا، ولم أعطها شيئًا، فإنِّي أشهدكم أنِّي قد أعطيتها صَداقها سهمي بخيبر، فأخذَتْ سهمًا، فباعته بمئة ألفٍ)، ذكره أبو داود في (النكاح).

    والذي يظهر أنَّ هذا كان بعد فتح مكَّة، والله أعلم، وإذا كان كذلك؛ فلَمْ يقسم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لأحد غاب عن خيبر إلَّا لجابر [6]، والله أعلم، والمتحصِّل: أنَّ اثنين شهدا الحديبية ولم يشهدا خيبر؛ وهما: جابر، وهذا الرجل الآخر المذكور في «سنن أبي داود»، ولا أعرف اسمه [7]، والظاهر وفاته بعد القسمة.

    (1/6029)

    [حديث: أحب الحديث إلي أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين ... ]

    3131# 3132# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (عُفَيرًا) بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وفتح الفاء، وتَقَدَّمَ أنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، الإمام الجواد، وتَقَدَّمَ أنَّ (عُقَيلًا) بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّمَ مَن يقال [له]: (عُقَيل) كهذا [1] في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، العالم المشهور، شيخ الحجاز.

    قوله: (وَزَعَمَ عُرْوَةُ): تَقَدَّمَ أنَّ معنى (زعم): قال، مُطَوَّلًا.

    قوله: (أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه تابعيٌّ، فروايته هنا مرسلة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه روى أيضًا حديث الحديبية هو والمِسْور عن صحابة غير مسمَّين، وأنَّ المِزِّيَّ لم يطرِّف طريق مروان والمِسْور عن صحابة غير مسمَّين في الحديبية، وإنَّما ذكره من طرق لهما.

    (1/6030)

    وتَقَدَّمَ أنَّ (المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ) بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغير، أدرك نحو ثماني سنين من حياته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتَقَدَّمَ الجواب [2] عن قوله: (وَأَنَا يَومَئِذٍ مُحْتَلِمٌ) [خ¦3110]، وأنَّه وَهَمٌ، وتَقَدَّمَ الكلام على (وَفْدُ هَوَازِنَ)، وأنَّهم أربعة عشر رجلًا، ورأسهم زُهير بن صُرَد، وفيهم أبو بُرقان عمُّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الرَّضاعة، وتَقَدَّمَ الكلام على الأموال والسَّبْي، وأنَّ السَّبْيَ كان ستَّة آلاف رأس من النساء والذُّرِّيَّة، وأنَّ الإبل كانت أربعةً وعشرين ألفًا، وأنَّ الشاء [3] كانت نَحْوَ أربعين ألفًا، وأنَّ الفضَّة كانت أربعةَ آلافِ أُوقيَّة، وأنَّ الأوقيَّة أربعون درهمًا، وكذا على (اسْتَأْنَيْتُ)، وعلى (قَفَلَ)، وعلى (أمَّا بَعْدُ)، في أوَّل هذا التعليق، وعلى قوله: (قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ الله [4])، ومقتضاه العموم، وما ذكره ابن إسحاق _وهو في «النَّسائيِّ» _: إلَّا ثلاثة فأبَوا؛ وهم: عُيَيْنَة بنُ حِصْن، والأقرعُ بن حابس، والعَبَّاس بن مرداس، فقال عُيَيْنَة: أمَّا أنا وبنو فَزارة؛ فلا، وقال الأقرع: أمَّا أنا وبنو تميم؛ فلا، وقال العَبَّاس بن مرداس: أمَّا أنا وبنو سُلَيم؛ فلا، فقالت بنو سُلَيم: ما كان لنا؛ فهو لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال العَبَّاس: وهَّنتموني، وتَقَدَّمَ على (العُرَفَاءِ)، وأنَّهم [5] قُوَّام القوم، وتَقَدَّمَ أنَّ قوله: (فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ): هو من كلام الزُّهْرِيِّ، وأنَّه كذلك في بعض الطرق في هذا «الصحيح»: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: «فَهَذَا الذي بَلَغَنَا ... » مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ) [خ¦2607]، والله أعلم [6].

    ==========

    [1] في النُّسخَتَينِ: (هذا)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [2] في (ب): (والجواب تَقَدَّمَ).

    [3] في (ب): (الشاة).

    [4] اسم الجلالة سقط من (أ).

    [5] في (ب): (وهم).

    [6] (والله أعلم): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 805]

    (1/6031)

    [حديث: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

    3133# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو حَمَّاد بن زيد، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

    قوله: (وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْكُلَيْبِيُّ): قائل هذا هو أيُّوب، وقد روى هذا الحديث عن أبي [1] قِلَابَة والقاسم بن عاصم الكُليبيِّ، يروي القاسم هذا عن رافع بن خَديج وابن المُسَيّب، وعنه: أيُّوب وحُمَيد، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، أخرج له البُخاريُّ ومسلم.

    قوله: (عَنْ زَهْدَمٍ): هو بفتح الزاي، وإسكان الهاء، وبالدال المُهْمَلَة _قاله النَّوويُّ في «شرح مسلم» _ ثُمَّ ميم، وهو زَهْدم بن مضرِّب الجَرْميُّ، عن أبي موسى وعمران بن حُصَين، وعنه: قتادة ومطر الورَّاق، ثقةٌ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

    قوله: (عِنْدَ أَبِي مُوسَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.

    قوله: (فَأُتِيَ؛ ذَكَرَ دَجَاجَةً): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ أي: أُتي بطعامه وفيه دجاج [2]، فذكر دجاجة [3]، وقوله: (ذكرَ دجاجةً): (ذَكَرَ): فعلٌ ماضٍ، و (دجاجةً): مَنْصُوبٌ مفعول، و (الدّجاجة) والجمع: بالحركات الثلاث، وقد صُحِّح في أصلنا على (ذكرَ)، وفي نسخة على هامش أصلنا: (فأتى ذكرُ): (أتى): فعلٌ ماضٍ، (ذِكْرُ)؛ بالرفع: فاعلُه، و (دجاجةٍ): مضاف [إليه] مجرورٌ، ورأيت في نسخة صحيحةٍ: (فأُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (ذَكَرَ): فعلٌ ماضٍ، والله أعلم.

    [ج 1 ص 805]

    قوله: (وَعِنْدَهُ رَجُلٌ [4] مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ أَحْمَرُ [5]): هذا الرجل لا أعرفه.

    قوله: (كَأَنَّهُ مِنَ الْمَوَالِي): أي: كأنَّه من سبي الروم.

    قوله: (فَقَذِرْتُهُ): هو بكسر الذال المُعْجَمَة في الماضي، وبالفتح في المستقبل.

    قوله: (فَقَالَ: هَلُمَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

    قوله: (فَلِأُحَدِّثَكُمْ [6]): هو بكسر اللام _وهي لام (كي) _ وفتح الثاء المُثَلَّثَة، والظاهر أنَّه يأتي فيها ما ذكرته في قوله: (قوموا؛ فلْأُصلِّ لكم)، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَت.

    (1/6032)

    قوله: (فِي نَفَرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (الرهط [7]).

    قوله: (مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ): هم القبيلة المعروفة، قبيلة أبي موسى الأشعريِّ، وقد تَقَدَّمَت.

    قوله: (فَأُتِيَ [8] رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    قوله: (بِنَهْبِ إِبِلٍ): هو بفتح النون، وإسكان الهاء، ثُمَّ مُوَحَّدة، ولا يجوز كسر النون، وقد رأيت غير واحد من الطَّلَبة يكسرها، ولا أعلم ذلك، وقد ضبطها الشيخ محيي الدين بالفتح، وسأذكر ذلك مُطَوَّلًا.

    قوله: (فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذود) في (الزكاة) وغيرها.

    قوله: (غُرِّ الذُّرَا): أي: بيض الأعالي، وأراد أنَّها بيض، فعبَّر ببياض أعاليها عن جملتها، و (الذُّرا): جمع (ذروة)؛ وهي بكسر الذال المُعْجَمَة في المفرد وضمِّها.

    قوله: (لَسْتُ أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ حَمَلَكُمْ): قال شيخنا: يحتمل وجوهًا: أبيَنُها: إزالة المِنَّة عنهم، وإضافة النعمة إلى مالكها الحقيقيِّ، ولو لم يكن له في ذلك صنيع؛ ما كان لقوله: «لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها ... » [وجهٌ].

    ثانيها: أن يكون أُنسيها، والناسي كالمضطرِّ، وفعله غير مضاف إليه، إنَّما يضاف إلى الله.

    ثالثها: أنَّ الله حملكم حين ساق هذا النَّهْب، ورَزَق هذا المغنم، وقد كنت عجزت عن حملكم.

    رابعها: أن يكون نوى في ضميره: إلَّا أن يَرِدَ عليه مالٌ في الحال، فيحملهم عليه، والله أعلم.

    قوله: (وَلَكِنَّ اللهَ حَمَلَكُمْ): (لكنَّ): من أخوات (إنَّ)، والاسم الجليل: مَنْصُوبٌ اسمها.

    قوله: (وَتَحَلَّلْتُهَا): (التحلُّل): التفصي من عُهدة اليمين، والخروج من حرمتها إلى ما [9] يحلُّ له منها، وقد يكون مَرَّةً بالاستثناء، ومرَّة بالكفَّارة.

    (1/6033)

    [حديث: أن رسول الله بعث سريةً فيها عبد الله قبل نجد]

    3134# قوله: (سَرِيَّةً): تَقَدَّمَ ما (السريَّة) والاختلاف فيها؛ فانظره.

    قوله: (اثْنَيْ [1] عَشَرَ بَعِيرًا، أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا): هذا شكٌّ من الراوي، وسيأتي أنَّ (سهمانهم بلغت اثني عشر بعيرًا)؛ بغير شكٍّ، (ونُفِّلوا بعيرًا بعيرًا)، ذكرها في (المغازي) من رواية مالك، ومالكٌ كان كثير التوقِّي في الحديث.

    ==========

    [1] في (ب): (اثنا)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

    [ج 1 ص 806]

    (1/6034)

    [حديث: أن رسول الله كان ينفل بعض من يبعث من السرايا]

    3135# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (بُكَيْرًا) بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، وتَقَدَّمَ مرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، فبُكَيْر جدُّه، وتَقَدَّمَ أنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، الإمام المجتهد، وكذا (عُقَيل): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وتَقَدَّمَ [1] مَن يقال له [2]: (عُقَيل) كهذا في «البُخاريِّ» و «مسلم»؛ وهم: هذا، وعُقَيل والد يحيى، والقبيلة، والباقي: عَقِيل؛ بالفتح، وكسر القاف، وكذا تَقَدَّمَ (ابْن شِهَابْ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

    قوله: (سِوَى قَسْمِ [3] عَامَّةِ الْجَيْشِ): (قَسم) في أصلنا: بفتح القاف، وكذا بخطِّ الدِّمْيَاطيِّ، وعن ابن مالك: أنَّه بكسر القاف.

    ==========

    [1] في (ب): (وكذا تَقَدَّمَ).

    [2] (له): سقط من (أ).

    [3] رواية «اليونينيَّة»: (قِسم)؛ بكسر القاف.

    [ج 1 ص 806]

    (1/6035)

    [حديث: بلغنا مخرج النبي ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه]

    3136# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، وكذا تَقَدَّمَ (بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو بُرْدَةَ): أنَّه الحارث، أو عامر، القاضي، ولد أَبِي [1] مُوسَى الأَشْعَرِيِّ عبدِ الله بن قيس.

    قوله: (بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بلغَنا): بفتح الغين، والضمير مفعولٌ، و (مخرجُ): مَرْفُوعٌ فاعل، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (أَنَا وَأَخَوَانِ لِي [2]؛ أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ): أمَّا (أبو بردة)؛ فاسمه عامر بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، له صحبةٌ وروايةٌ، قدم على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عام خيبر، روى عنه: ابنه بُريد، وكُرَيب بن الحارث بن أبي موسى، أخرج له أحمد في «المسند»، وأخرج له بقيُّ بن مَخْلد في «مسنده» حديثًا واحدًا، وأمَّا (أَبُو رُهْمٍ)؛ فهو بضَمِّ الراء، وسكون الهاء، ثُمَّ ميم، أخو أبي موسى، فهاجر إلى المدينة في البحر مع إخوته، وكانوا ستَّةً: أبو موسى، وأبو بُردة عامر، وأبو رُهْم، ومجديٌّ _وقيل: أبو رُهْم اسمه مجديٌّ_ بنو قيس بن سُلَيم، قدموا صحبةَ جعفر حين افتتح خيبر، كذا ذكرهم أبو عمر أربعةً، ولهم آخر اسمه مُحَمَّد بن قيس، ورد اسمه في حديث لا يصحُّ، والله أعلم، ولهم أخٌ آخَرُ يقال له: أبو عامر الأشعريُّ، واسمه هانئ، وقيل: عبد الرَّحْمَن، وقيل: عُبيد، وقيل: عبَّاد، ذكره في «التجريد».

    قوله: (إِمَّا قَالَ): (إمَّا): بكسر الهمزة، وتشديد الميم، وهذا ظاهِرٌ، وكذا الثانية.

    قوله: (فِي بِضْعٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر المُوَحَّدة وتفتح، وتَقَدَّمَ كم هو من العدد، في أوائل هذا التعليق في (كتاب الإيمان)، وقد وقع هنا (بضع)، قيل: وصوابه: (بضعة)، والله أعلم، وسيأتي الكلام في عدد أهل السفينتين، وما معنى قوله: (ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ)، والله أعلم.

    قوله: (فَوَافَقْنَا [3] جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ): (وافقْنا): هو بإسكان القاف، والضمير: فاعل، و (جعفرَ): مَنْصُوبٌ مفعول، والله أعلم.

    قوله: (وَأَصْحَابَهُ): سيأتي عدد [4] المجموع إن شاء الله تعالى.

    (1/6036)

    قوله: (وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الإعطاء قريبًا، ويأتي [5] أيضًا أنَّه استطاب قلوب الغانمين وأعطاهم، وممَّن غاب عن خيبر جابرٌ وذاك الرجل الآخر فيما يحتمل، وقد تقدَّما قريبًا.

    ==========

    [1] في (ب): (وكذا أبو).

    [2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (أنا أصغرُهم).

    [3] كذا في النُّسخَتَينِ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وَوَافَقْنَا).

    [4] في (ب): (عددهم).

    [5] في (ب): (الإعطاء ويأتي قريبًا).

    [ج 1 ص 806]

    (1/6037)

    [حديث: لو قد جاءني مال البحرين لقد أعطيتك هكذا]

    3137# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): أمَّا (عليٌّ)؛ فهو ابن المَدينيِّ عليُّ بن عبد الله، وأمَّا (سفيان)؛ فهو ابن عُيَيْنَة.

    قوله: (مَالُ الْبَحْرَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّ (البحرين) على لفظ التثنية: عملٌ من أعمال اليمن.

    قوله: (مُنَادِيًا فَنَادَى): هذا المنادي لا أعرفه.

    قوله: (فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا): تَقَدَّمَ أنَّ الصَّحَابيَّ يُسمَع قولُه في ثلاثة أشياء: في منقبته، وفي كونه صحابيًّا إذا ادَّعاها وهو عدلٌ، وأن يكون ادِّعاءه لذلك يقتضيه الظاهر، أمَّا لو ادَّعاها بعد مضيِّ مئة سنة من حين الوفاة؛ فإنَّه لا يُقْبَل وإن كانت قد ثبتت عدالته قبل ذلك؛ لقوله [1] في «الصحيح»: «أرأيتكم ليلتكم هذه ... »؛ الحديث، وفي وعدِه بشيءٍ إذا وعده رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

    قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا [2] عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرٍ): أمَّا (سفيان)؛ فقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عُيَيْنَة، وأمَّا (عَمرو)؛ فهو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، هذا ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، إنَّما له في بعض السنن؛ في «التِّرْمِذيِّ» و «ابن ماجه»، و (مُحَمَّد بن عليٍّ): هو ابن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب الباقرُ، وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (الكفالة) وفي (الخمس) عن عليِّ بن عبد الله، وفي (المغازي) عن قُتَيْبَة؛ كلاهما عن ابن عُيَيْنَة، وأخرجه مسلم.

    قوله: (حَثْيَةً): يقال: حثوة وحثية؛ لأنَّه واويٌّ ويائيٌّ، يقال: حثا يحثو، وحثا يحثي، والله أعلم.

    قوله: (وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى [3] مِنَ الْبُخْلِ): كذا في أصلنا، قال ابن قرقول: كذا يقوله المحدِّثون غير مهموز، والصواب: (أدوأُ)؛ بالهمز [4]؛ لأنَّه من الدواء، والفعل منه: داءَ يَدَاءُ، وغير المهموز من دَوِيَ؛ إذا كان به مرض باطن في جوفه؛ فهو دَوٍ، وقال الأصمعيُّ: أدَى الرجل يَدِي؛ إذا صار في جوفه داء، وبالوجهين قيَّدناه عن أبي الحسين، انتهى، وقد سبقه القاضي عياض إلى ذلك، وكذا صوَّب ابن الأثير الهمزَ، ومعنى (أدوى): أقبح، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (بقوله).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ، ورواية «اليونينيَّة»: (وحدَّثنا)؛ بزيادة واو، وهي مستدركة في (ق).

    (1/6038)

    [3] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أدوأ).

    [4] في (ب): (بالهمزة).

    (1/6039)

    [حديث: شقيت إن لم أعدل]

    3138# قوله: (بِالْجِعْرَانَةِ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّها بالتخفيف والتشديد.

    قوله: (إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: اعْدِلْ): هذا الرجل هو ذو الخويصرة؛ كذا جاء في «البُخاريِّ» في (علامات النبوَّة)، وفي «مسلم»؛ كلاهما من حديث أبي سعيد، وهو تميميٌّ صَحَابيٌّ، قُتِل في الخوارج يوم النهروان، يقال له: حُرْقُوْص بن زُهير، رأس الخوارج.

    ولهم ذو الخويصرة رجلٌ آخَرُ يمانيٌّ، يُروى في حديث مرسل: أنَّه هو الذي بال في المسجد، ولا ثالث لهما في الصَّحَابة فيما [1] أعلم.

    فائدةٌ: حُرْقُوْص هذا: بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الراء، ثُمَّ قاف مضمومة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة، والحُرْقُوْص في اللغة: دويبَّة؛ كالبُرغوث، ربَّما نبت لها جناحان فطار.

    تنبيهٌ: وقع في «البُخاريِّ» في (باب مَن ترك قتال الخوارج) المتألَّف في (كتاب استتابة المرتدِّين) ما لفظه: (جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميميُّ فقال: اعدل)، وقد ذكر الذَّهَبيُّ في «تجريده» عبدَ الله بن ذي الخويصرة، وذكر القصَّة التي في «البُخاريِّ» و «مسلم»، ثُمَّ قال: (وهو ذو الخويصرة)، انتهى؛ يعني: الصواب: أنَّه والده ذو الخويصرة، صاحب القصَّة، انتهى، ويحتمل أنَّهما قالاه، والله أعلم.

    قوله: (لَقَد شَقِيتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ): (شقيتُ) في أصلنا: بالضَّمِّ، اعلم أنَّ تاء (شقيت) فيها الفتح والضمُّ، ولعلَّ الفتح الراجح، ثُمَّ رأيت النَّوويَّ قال: الفتح أشهر؛ ومعناه: شقيتَ أنت أيُّها التابع إن لم أعدل؛ لكونه مقتديًا بمَن لا يعدل، انتهى، وفيه تأويل آخر: شقيتَ إن اعتقدتَ ما قلتَ؛ لأنَّ هذا القول لا يصدر عن إيمانٍ بالله، وسوف أذكر إذا جاء في الحديث: (خِبتَ وخسرتَ إن لم أعدل) ما فيه، والله أعلم.

    (1/6040)

    [باب ما مَنَّ النبي على الأسارى من غير أن يخمس]

    قوله: (مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمَّسَ): هو بتشديد الميم وفتحها، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، أنكر هذا الداوديُّ _كما قاله شيخنا_ فقال: لم يكن القوم ممَّن يخمَّس، ولا يسترقُّ، ولا يكون لهم ذمة إذا مَنَّ عليهم، إنَّما كان الحكم فيهم في تلك الغزاة القتلُ أو المفاداة بأموالٍ تأتيهم من مكَّة، ومَن لم يكن له مالٌ؛ علَّم أولادَ الأنصار الكتابَ، قال: وقيل: يُخمَّسون عنده.

    ==========

    [ج 1 ص 807]

    (1/6041)

    [حديث: لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء]

    3139# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ الرَّزَّاقِ): كذا في أصلنا، وقال شيخنا: ذكره هنا عن إسحاق عن عبد الرزَّاق؛ يعني: من غير أن ينسبه، قال: وذكره في (المغازي) فقال: (حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وبه صَرَّحَ أصحاب «الأطراف»: أنَّه ابن منصور، ورواه أبو نعيم عن الطَّبرانيِّ: (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم: أخْبَرَنا عبد الرزَّاق)، ولمَّا رواه في (المغازي)؛ قال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مكيٍّ: حدَّثنا الفِرَبْريُّ: حدَّثنا البُخاريُّ: حدَّثنا إسحاق بن منصور عن عبد الرزَّاق)، وأمَّا هو في بعض نسخ المغاربة: (ابن منصور)، انتهى؛ يعني بهذا الأخير: أنَّه منسوب في بعض نسخ المغاربة هنا: ابن منصور، والله أعلم.

    وقد ذكر الجَيَّانيُّ أنَّ في (الجهاد) في موضعين، وأبوابٍ أخرى قد ذكرتها أنا فيما مضى: (حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وهو عندنا [2]: إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعديُّ، بخاريٌّ، نسبه إلى جدِّه، قال: وقد روى عنه البُخاريُّ في (العيدين)، وفي (باب موعظة الإمام النساءَ يوم العيد) فقال: (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق) [3]، وقال في (الوضوء) أيضًا: (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقال في (الإيمان)، و (تفسير {قل هو الله أحد}): (حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرزَّاق).

    فاجتمع لنا من هذا أنَّ البُخاريَّ يروي عن إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعديِّ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظليِّ، وإسحاق بن منصور الكوسج، عن عبد الرزاق، غير أنَّ الموضع الذي في (وفد بني حنيفة) اختلف فيه شيوخنا؛ فقال أبو زيد وابن السكن وفي نسخة النَّسَفيِّ: (حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وفي نسخة الأصيليِّ عن أبي أحمد: (حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرزَّاق) ... إلى أن قال: وذكر أبو نصر أنَّ البُخاريَّ يروي عن الثلاثة الذين سمَّيناهم عن عبد الرزاق، وقد حدَّث مسلم عن إسحاق الكوسج عن عبد الرزَّاق، انتهى، والله أعلم.

    (1/6042)

    وذكر المِزِّيُّ هذا المكان فقال: (عن إسحاق _ولم ينسبه هذا لفظه_ عن عبد الرزَّاق)، وفي (المغازي): (عن إسحاق بن منصور، عن عبد الرزَّاق)، والذي ظهر لي أنَّه ترجَّح عنده أنَّه ابن منصور، وكذا هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ هنا: إسحاق بن منصور، والله أعلم.

    قوله: (عَنْ [4] مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا ضبطه، وأنَّه ابن راشد، وكذا تَقَدَّمَ (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

    قوله: (فِي أُسَارَى بَدْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّهم كانوا سبعين.

    قوله: (لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ... ) إلى آخره: (المطعم بن عديٍّ) هذا: رجل كافر، كان مِن أوَّل مَن قام في نقض الصحيفة، وقد دخل رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مكَّة حين جاء من الطائف في جُواره أيضًا، هلك على كفره، فكانت له عند النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يدٌ بذلك، فأحبَّ أن لو كان حيًّا، فكافأه بها، قال بعضهم: تُوُفِّيَ المطعم سنة اثنتين من الهجرة قبل بدر.

    [ج 1 ص 807]

    تنبيهٌ شاردٌ: ذكر الشيخ أبو إسحاق صاحبُ «المهذَّب» من الشَّافِعيَّة: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قتل المطعم بن عديٍّ يوم بدر كافرًا في الأسر، وهذا فيه ما فيه، فإنَّ المطعم بن عديٍّ مات قبل ذلك بلا خلاف بين أهل التواريخ والسير وغيرهم، وقد قَدَّمْتُ أنَّه تُوُفِّيَ سنة اثنتين قبل بدر، وهذا الحديث الذي نحن فيه ممَّا يدل على غلط ما تَقَدَّمَ، ولعلَّه اشتُبه بطُعيمة بن عديٍّ، لكنَّه قُتِلَ في حال القتال لا في الأسر، فلا يصحُّ ذكر واحد منهما في هذا الموضع، والله أعلم، ولأجل ما ذكرناه من السابقة قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «لو كان المطعم ... » إلى آخره، والله أعلم.

    قوله: (فِي هَؤُلاَءِ النَّتْنَى؛ لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ): (النتنى): جمع (نَتِن)؛ كزَمْنَى وزَمِن، يقال: أنتن الشيء، فهو منتن ونَتِنٌ، وعُزِيَ للخطابيِّ: أنَّه كزَمِنْ وزَمْنَى، وإلى غيره: كجريح وجَرْحَى.

    تنبيهٌ: المراد بـ (النتنى): الأسرى في بدر، وكانوا سبعين، سمَّاهم (نتنى)؛ لكفرهم؛ كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]، والله أعلم.

    (1/6043)

    [باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام وأنه يعطي بعض قرابته ... ]

    قوله: (لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ [1]): (هاشم): هو جدُّ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهو ابن عبد مناف، وكذا (المُطَّلِب): ابن عبد مناف، ونوفل، وعبد شمس؛ هؤلاء الأربعة أولاد عبد مناف، وسيأتي ذلك، وهذا مَعْرُوفٌ.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لِبَنِي الْمُطَّلِبِ وَبَنِي هَاشِمٍ).

    [ج 1 ص 808]

    (1/6044)

    [حديث: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

    3140# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيّب): سعيد، وياء أبيه بالفتح والكسر، وغير أبيه لا يجوز في يائه إلَّا الفتح.

    قوله: (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ): هذا هو جُبير بن مطعم بن عديِّ بن نوفل بن عبد مناف بن قصيٍّ، و (عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ): ابن أبي العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف؛ صحابيَّان مشهوران، كنية جُبير أبو مُحَمَّد، وقيل: أبو عديٍّ، أحد أشراف قريش وحكمائها، وكان يؤخذ عنه النسب لقريش وللعرب قاطبةً، كان يقول: أخذت النسب عن أبي بكر، أسلم جُبير بعد الحديبية، وله عدَّة أحاديث، وقال النَّوويُّ: أسلم عام خيبر، وقيل: يوم الفتح، انتهى، وقدَّم ابن عَبْدِ البَرِّ يوم الفتح على عام خيبر، ترجمته معروفة، تُوُفِّيَ سنة (59 هـ)، وقال المدائنيُّ: سنة (58 هـ)، أخرج له الجماعة، وعثمان لا يحتاج إلى ترجمة؛ لأنَّه أحد الخلفاء الأربعة، وأحد العشرة، وصهر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على ابنتَيه رُقيَّة وأمِّ كلثوم، وستأتي مناقبه رضي الله عنه.

    قوله: (شَيْءٌ وَاحِدٌ): كذا في أصلنا: بالشين المُعْجَمَة، مهموز، قال ابن قرقول: كذا رُوِّيناه بغير خلاف، ورواه بعضهم في غير «الصحيح»: (سيٌّ)؛ أي: مثلٌ سواءٌ، وصوَّبه الخَطَّابيُّ، وقال: كذا رواه لنا ابن صالح عن ابن المنذر، قال القاضي: الصوابُ عندي رواية الكافَّة، انتهى، و (سيٌّ) في الرواية الثانية: بالسين المُهْمَلَة، والياء المُشَدَّدة، قال في «النهاية»: (سيٌّ واحدٌ): هكذا رواه يحيى بن معين؛ أي: مثلٌ وسواءٌ، يقال: هما سيَّان؛ أي: مِثْلَان، والرواية المشهورة: (شيءٌ واحدٌ)؛ بالشين المُعْجَمَة، انتهى، وسيأتي بأطولَ من هذا في (خيبر).

    قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ): (الليث): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن سعد [1]، و (يونس) كذلك: أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (المغازي) عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن يونس، عن الزُّهْرِيِّ به.

    (1/6045)

    قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على ما رواه الليث عن يونس، تقديره: وقال الليث: حدَّثني يونس عن ابن إسحاق ... ، فذكره، وكذا طرَّفه المِزِّيُّ فقال: وفي (المغازي) عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن يونس؛ كلاهما _يعني: عُقَيلًا ويونس_ عن الزُّهْرِيِّ عنه؛ يعني: عن سعيد بن المُسَيّب به، قال المِزِّيُّ: وقال عقيب حديث ابن يوسف _يعني: هذا الحديث_: وقال الليث: حدَّثني يونس قال: وقال ابن إسحاق عن الزُّهْرِيِّ: عبد شمس وهاشم والمطَّلب إخوةٌ لأمٍّ، ثُمَّ طرَّفه من «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، انتهى.

    و (ابن إسحاق): هو مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار، الإمام في المغازي، ترجمته معروفة، وحديثه حسن وفوق الحسن، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وقرنه مسلم، وأخرج له الأربعة، وقد أطال ابن سيِّدِ النَّاسِ في ترجمته، وثناء الناس عليه، والجواب عمَّا رُمِيَ به في أوَّل «سيرته»، والله أعلم.

    قوله: (وَلَمْ يَقْسِمِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ أنَّهم أولاد عبد مناف، وكذلك نوفل كان أخاهم لأبيهم.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (الإمام).

    [ج 1 ص 808]

    (1/6046)

    [باب من لم يخمس الأسلاب]

    قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يُخَمِّسِ الأَسْلاَبَ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّه اختلف في تخميسها على أربعة أقوال؛ فقال الشَّافِعيُّ في المشهور مِن قولَيه: كلُّ شيء من الغنيمة يُخَمَّس إلَّا السَّلَبَ؛ فإنَّه لا يُخَمَّس، وهو قول أحمد، وابن جَرِير، وجماعة من أهل الحديث، وعن مالك: أنَّ الإمام مخيَّر فيه، واختاره القاضي إسماعيل بن إسحاق، وفيه قول ثالث: أنَّه يُخَمَّس إذا كثرتِ الأسلاب، قاله عمر بن الخَطَّاب وابن راهويه، والرابع: أنَّه يُخَمَّس، قاله مكحول والثَّوْريُّ، وحُكِيَ عن مالك أيضًا والأوزاعيِّ، وهو قول ابن عَبَّاس، والله أعلم.

    ==========

    [ج 1 ص 808]

    (1/6047)

    [حديث: والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده]

    3141# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ): هذا [1] يوسف بن يعقوب بن أبي سلَمة الماجِشُون، أبو سلمة المدنيُّ التيميُّ، مولى آل المنكدر، عن أبيه، والزُّهْرِيِّ، وابن المنكدر، وسعيد المقبريِّ، وجماعةٍ، وعنه: عفَّان، وأبو الوليد، ومسدَّد، وابن المَدينيِّ، وأحمد ابن حنبل، وشريح بن يونس، وخلقٌ، وثَّقهُ ابن معين [2]، وأبو داود، وغيرُهما، وقال أبو حاتم: شيخٌ، قال ابن حِبَّانَ: مات سنة ثلاث _أو أربع_ وثمانين ومئة، وقال غيره: سنة خمس وثمانين [ومئة]، قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»: (قلت: هذا القول هو الصحيح، وهو من كبار شيوخ أحمد ابن حنبل) انتهى، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

    و (الماجِشُون): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الجيم، وضمِّ الشين المُعْجَمَة، وهو بالفارسية: الفاكهون؛ فعُرِّب؛ ومعناه: المورَّد، ويقال: الأبيض الأحمر، ذكر ذلك أبو عليٍّ في «تقييده»، وقال: (الماجِشُون: اسمه يعقوب بن أبي سلَمة، واسم أبي سلَمة ميمون، ويقال: دينار المدنيٌّ، مولى آل المنكدر ... ) إلى أن قال عن البُخاريِّ في «تاريخه الأوسط»: (فجرى _يعني: الماجِشُون_ على بنيه وعلى بني أخيه)، ثُمَّ ذكر لقبه بذلك مُطَوَّلًا ... إلى أن قال: (وهذا اللقب إنَّما حمله يعقوب بن أبي سلَمة أخو عبد الله بن أبي سلَمة، فجرى على بنيه وعلى بني أخيه)، انتهى.

    [ج 1 ص 808]

    قوله: (فَإِذَا أَنَا بِغُلاَمَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ): هما مُعاذ بن عفراء، ومُعاذ بن عَمرو بن الجموح، كذا في آخر هذا الحديث في هذا [3] المكان، وسيأتي [4] الكلام [5] في قاتل أبي جهل إن شاء الله تعالى في (بدر)، والاختلافُ فيه مشبَعًا.

    قوله: (بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا): أي: أقوى وأشدَّ، وهو بالضاد المُعْجَمَة، قال ابن قرقول: كذا لأبي الهيثم والمستملي، وعند الباقين: (أصلح)، والأوَّل أوجه، انتهى، وقال شيخنا عن ابن بَطَّالٍ: إنَّه رجَّحها، وصوَّبها القرطبيُّ، انتهى.

    قوله: (أُخْبِرْتُ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر المُوَحَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (سَوَادِي سَوَادَهُ): هما [6] بفتح السين، وتخفيف [7] الواو؛ أي: شخصي شخصه.

    (1/6048)

    قوله: (حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا): كذا في أصلنا، وكُتب تجاهه: (صوابه: الأعجز) انتهى، قال ابن قرقول: (الأعجل): كذا الرواية باللام، وقال بعضُ الناس: صوابه: (الأعجز)، وهذا جهل منه بالكلمة، وهي كلمة معروفة يُتمثَّل بها [8] في التجلُّد على الشيء والصبر عليه، يقال: ليتني وفلانًا يُفعَل بنا كذا حتى يموت الأعجلُ منَّا؛ يعني: الأقرب أجلًا، وهي من العَجَلة والسُّرعة، ومنه قول الشاعر:

    ضربًا وطعنًا كي يموتَ الأعجلُ

    انتهى.

    قوله: (فَلَمْ أَنْشَبْ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ شين معجمة مفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدة؛ أي: لم أمكث ولم أُحدِث شيئًا حتى فُعِل هذا، وأصله من الحبس؛ أي: لم يمنعه مانع، ولا شغله أمرٌ آخرُ غيره، والله أعلم.

    قوله: (كِلاَكُمَا قَتَلَهُ، وَسَلَبُهُ [9] لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ): سيأتي الكلام على قاتل أبي جهل مُطَوَّلًا، وكلام الناس في ذلك [10] في (بدر)، والله أعلم.

    قوله: (قَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعَ يُوسُفُ صَالِحًا وإبْراهِيمُ أَبَاهُ) [11]: أمَّا (مُحَمَّد)؛ فهو البُخاريُّ صاحبُ «الصحيح»، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وأمَّا قوله: (سمع يوسفُ صالحًا)؛ يعني: أنَّ يوسف بن الماجِشُون سمع صالحَ بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، الراوي عن أبيه عن جدِّه، و (إبراهيم) _يعني: ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف_ سمع (أباه)؛ يعني: سمع إبراهيمُ [12] عبدَ الرَّحْمَن بن عوف؛ يعني: وإن روى يوسف بن الماجِشُون ذلك عن صالح بالعنعنة، (وكذلك وإن روى إبراهيم ذلك) [13] بالعنعنة عن عبد الرَّحْمَن بن عوف؛ فإنَّه سمع منه.

    وفي قوله ذلك احترازٌ عن سؤال سائل يقول: إنَّ هذا يوسف [14] روى ذلك بالعنعنة، وإنَّ إبراهيم رواه كذلك، فأجاب: بأنَّ كلًّا من يوسف وإبراهيم قد سمع من الآخر، وإن كان الماجِشْون ليس مدلِّسًا ولا صالح ولا إبراهيم، والله أعلم.

    وقال شيخنا: يشبه أن يكون منقطعًا فيما بينهما؛ يعني: بين يوسف وصالح، يوضحه رواية البزَّار له عن مُحَمَّد بن عبد الملك القرشيِّ وعليِّ بن مسلم قالا: حدَّثنا يوسف ابن أبي سلَمة الماجِشُون: حدَّثنا عبد الواحد بن أبي عون: حدَّثني صالح بن إبراهيم به، ثُمَّ قال: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الرَّحْمَن بن عوف عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وعبد الواحد بن أبي عون رجل مشهور ثقة.

    (1/6049)

    قال شيخنا: قلتُ: ويجوز أن يكون سمعه أوَّلًا من عبد الواحد عن صالح، ومرَّة من صالح، ويؤيِّده أنَّ عفَّان بن مسلم لمَّا رواه عن يوسف؛ قال: أخبرنا صالح، انتهى، ويؤيِّده أيضًا: أنَّه ليس مدلِّسًا، وإذا كان كذلك؛ فتُقبَل عنعنته، وقد قال البُخاريُّ: إنَّه سمعه، والله أعلم.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (هو).

    [2] زيد في (ب): (وغيره).

    [3] (في هذا): سقط من (ب).

    [4] زيد في (ب): (المكان و)، وهو تكرارٌ.

    [5] زيد في (ب): (عليه).

    [6] في (ب): (هنا).

    [7] في (ب): (وفتح).

    [8] زيد في النُّسخَتَينِ: (على)، ولعلَّه سبق نظرٍ، ثمَّ زيد في (ب): (ما).

    [9] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (سلبه)؛ بغير واو.

    [10] (في ذلك): ليس في (ب).

    [11] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

    [12] زيد في (ب): (بن)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    [13] في (ب) بدل مما بين قوسين: (وأنَّ إبراهيم رواه كذلك).

    [14] في (ب): (يوسف هذا).

    (1/6050)

    [حديث: من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه]

    3142# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ مرارًا.

    قوله: (عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ [1]): اسم (ابن أفلح) عمر بن كَثِير بن أفلح، أخي مُحَمَّد وعبد الرَّحْمَن، أبناء أفلح، مولى أبي أيُّوب الأنصاريِّ، وكَثِير: بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وعمر يروي عن ابن عمر وسَفِيْنَة، وعنه: ابن عون [2]، ويحيى بن سعيد، وغيرُهما، وثَّقهُ النَّسائيُّ، وخرَّج له في حديث مالك، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ في «مسند مالك»، وابن ماجه.

    قوله: (عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ): اسم (أبي مُحَمَّد) هذا: نافع بن عَبَّاس؛ بالموحدة والسين المُهْمَلَة، ويقال: نافع بن عيَّاش؛ بالمُثَنَّاة تحت والشين المُعْجَمَة، وقد نُسب إلى أبي قتادة، وإنَّما ولاؤه لعقيلة الغفاريَّة، يروي عن أبي قتادة وأبي هريرة، وعنه: الزُّهْرِيُّ، وعمر بن كَثِير بن أفلح، وسالمٌ أبو النَّضْر، وجماعةٌ، وثَّقهُ النَّسائيُّ، أخرج له الجماعة، تَقَدَّمَ.

    قوله: (عَامَ حُنَيْنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حُنينًا) في السنة الثامنة من الهجرة، خرج عليه الصَّلاة والسَّلام إليها بعد الفتح.

    قوله: (كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ): هي بفتح الجيم، وإسكان الواو؛ أي: خفَّة ذهبوا فيها؛ يعني بذلك: انهزام من انهزم منهم يوم حنين، وقد تَقَدَّمَ كم ثبت، وعددهم، وما قيل في عددهم.

    قوله: (فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ): الرجلان لا أعرفهما، ومعنى (علا): ظهر عليه، وأشرف على قتله، وقيل: صرعه وجلس عليه ليقتله.

    قوله: (عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ): (حبل العاتق): هو ما بين المنكب والعنق، وقال ابن دريد: حبل العاتق: عصبتاه، وقيل: موضع الرداء من العنق.

    قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال شيخنا في (بيع السلاح) من هذا الشرح الذي له: والذي شهد لأبي قتادة بالقتيل الأسودُ بن خزاعيٍّ [3] وعبدُ الله بن أُنيس، قاله المنذريُّ، انتهى، وإذا كان كذلك؛ فالذي اعترف بالسلب أنَّه عنده أحدُ الشَّاهدَين، والله أعلم، وقد نظرت في نسخة من حواشي المنذريِّ؛ فلم أرَ أنا [4] ذلك فيها، فلعلَّها سقط منها، فإنَّها سقيمة، وسأذكر ذلك مُطَوَّلًا في (حُنين) إن شاء الله تعالى.

    (1/6051)

    وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: إنَّ الذي شهد لأبي قتادة هو الأسودُ بن خزاعيٍّ، ذكره ابن فتحون عن الواقديِّ، قال: ثُمَّ رأيت في «مغازي الواقديِّ» عن أبي قتادة: فقلت: مَن يشهد لي؟ فقام عبد الله بن أُنيس، فشهد لي، ثُمَّ لقيت الأسود بن خزاعيٍّ فشهد لي)، قال: (واسم [5] المَخْرَف الودنين [6]، عزاه للواقديِّ، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: الذي شهد له بالسلب أسود بن خزاعيٍّ، والذي أخذ السلب وقع في رواية أخرى عند المصنف: أنَّه من قريش، انتهى.

    قوله: (فَأَرْضِهِ عَنِّي): (أَرْضِهِ): بقطع الهمزة، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (لَا، هَا اللهِ إِذًا): قال ابن قرقول: كذا رُوِّيناه؛ يعني: بقصر الهمزة، و (إذًا)، قال إسماعيل بن إسحاق عن المازنيِّ: إنَّ الرواية خطأ، وصوابه: (لا، هالله ذا)، و (لا، ها الله ذا)؛ يعني: بالمدِّ والقصر، قال: و (ذا): صلة في الكلام، قال: وليس في كلامهم: لا، ها الله إذن، وقاله أبو زيد، وقال أبو حاتم: يقال في القسم: (لا، هالله ذا)، والعرب تقول: (لا، هأ الله ذا)؛ بالهمز، والقياس ترك الهمز؛ والمعنى: لا والله هذا ما أقسم به، فأدخل اسم (الله) بين (ها) و (ذا)، وقال الخليل: (ها)؛ بتفخيم الألف: تنبيه، وبالإمالة: حرف هجاء، انتهى.

    وقال في «النهاية»: (لا، ها الله

    [ج 1 ص 809]

    إذًا): هكذا جاء في الحديث، والصواب: (لا، ها الله ذا)؛ بحذف الهمزة؛ ومعناه: لا والله لا يكون ذا، ولا والله الأمر ذا، فحذف تخفيفًا.

    ولك [7] في ألف (ها) مذهبان؛ أحدهما: تُثْبِتُ ألفها؛ لأنَّ الذي بعدها مدغم؛ مثل: دابَّة، والثاني: أن تحذفها؛ لالتقاء الساكنين، انتهى.

    وقد ذكر الكلام الذي في «الصحيح» شيخُنا الأستاذ أبو جعفر الأندلسيُّ في «شرح ألفيَّة ابن عبد المعطي»، وصوَّب الرواية، والله أعلم، فقال: وأمَّا (ها)؛ فالنَّحْويُّون يقولون: بأنَّ (ها) للتنبيه، ونقل أبو البقاء أنَّها بدل من الهمزة، واعلم أنَّ (ها) [8] عوض من واو القسم، لا من الباء، والدليل على ذلك أنَّها مختصَّة بالدخول على الجلالة، ولو كانت عوضًا من الباء؛ لوقعت مواقعَها، وتأتي في الجواب نفيًا [9] وإثباتًا، تقول في النفي: (لا، ها الله ذا)، وفي الإيجاب [10]: (إي، ها الله ذا).

    (1/6052)

    قال ابن مالك: وفي (ها الله) أربع لغات: الأوَّلى: أن يقال: (هالله)؛ بهاءٍ تليها اللام من غير مدِّ، الثانية: (ها الله)؛ بألف ثابتة قبل اللام، الثالثة: أن يُجمَع بين ثبوت الألف، وقطع همزة (ألله)، الرابع: أن تحذف الألف، وتقطع همزة (ألله).

    واختلف النَّحْويُّون في قولهم: (ها الله ذا)؛ فذهب الخليلُ: أنَّ (ذا) بعضُ المقسم عليه، واختلف قوله في أصل الكلام؛ فمرَّة قال: الأصل فيه: (ها الله الأمرُ ذا)، فلفظ الجلالة مخصوص بهاء التنبيه، و (الأمرُ): مبتدأ، و (ذا): خبره، ثُمَّ حذف المبتدأ، وبقي الخبر؛ وهو (ذا)، ومرَّة قال: الأصلُ: (اللهِ الأمر هذا)، فلفظ الجلالة مجرور بحرف القسم المحذوف، ثُمَّ حُذِف المبتدأُ الذي هو (الأمرُ)، فبقي: (اللهِ هذا)، فقدِّمت (ها) التنبيه [على] لفظ الجلالة، فصار (ها الله ذا)، فلفظ الجلالة على هذا ليس مجرورًا بهاء التنبيه، بل بحرف الجرِّ المقدَّر.

    وذهب الأخفش إلى أنَّ (ذا) إشارة، واختلف قوله في المشار إليه، فقال: هو القسم، والأصل: (ها اللهِ أقسم قسمًا)، المراد المبالغة في توكيد القسم، ثُمَّ حُذِفَ الفعل، وبقي المصدر دليلًا عليه، ثُمَّ حُذِفَ المصدر، وأُتِيَ بـ (ذا) إشارةً إليه، ومرَّة قال: (ذا) بدل [11] من لفظ الجلالة، فعلى القول الأوَّل (ذا) في موضع نصب؛ لأنَّه في محلِّ المصدر، وعلى القول الثاني في موضع جرٍّ؛ لأنَّه بدلٌ من لفظ الجلالة، وهو مجرورٌ، واحتجَّ لكلٍّ من المذهبَين.

    قال شيخنا أبو جعفر: قال ابن الحاجب: لا يصحُّ قول الخليل، ولا قول الأخفش، أمَّا قول الخليل؛ فلأنَّ المقسم عليه على ما قرَّره مثبتٌ، لكنَّ المعنى المستعملَ فيه هذا اللفظُ هو أن يكون المقسم عليه منفيًّا، دليله استقرار كلامهم، وإذا كان كذلك؛ وجب تقديره منفيًّا، وإذا قُدِّر منفيًّا؛ بطل تقدير الخليل، وأمَّا قول الأخفش؛ فلأنَّه أجاز حذف المقسم عليه بأصله، وهو خلاف الأصل، وجعل (ذا) إشارة إلى القسم، ولم يوجد له نظير في كلامهم.

    قال ابن الحاجب: ولو [12] قيل: إنَّ (ذا) هو المقسم عليه لا على الوجه الذي ذكره الخليل، بل على معنى أن يُقدَّر الجواب منفيًّا؛ وهو: لا يفعل ذا، أو لا يكون ذا؛ لكان مستقيمًا، انتهى.

    (1/6053)

    تنبيهٌ: جاء في حديث أبي قتادة رضي الله عنه يوم حُنين أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «مَن قتل قتيلًا؛ فله سَلَبُه»، فطلب أبو قتادة مَن يشهد له على قتيل كان قتله، فقال رجل: صدق يا رسول الله، فأَرْضِه عنِّي، فقال أبو بكر رضي الله عنه: لا، ها الله إذن، لا يعمد إلى أَسد من أُسد الله يقاتل عن الله ورسوله، فيعطيك سلبه.

    واستشكل بعض النَّحْويِّين وقوع (إذن) في كلام أبي بكر رضي الله عنه من وجهين: الأول [13]: أنَّ هاء التنبيهِ في القَسَم تستلزم أن تجيء بعدها، ولم يؤتَ بها ههنا، فكان الأصلَ عندهم أن يقال: (لا، ها الله ذا)، الثاني: أنَّ الموضع ليس موضع (إذن)؛ لأنَّهم قالوا: إنَّما يقع ما بعد (إذن) جزاءً لشرطٍ مقدَّر، وقاعدة الشرط: أن يكون سببًا في الجزاء، وهذا هنا غير ملتئم؛ لأنَّ ما بعد (إذن) جاء جوابًا لقوله [14]: (فأَرْضِه عنِّي)، وإرضاءُ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أبا قتادة ليس سببًا في ألَّا يعمد إلى سَلَبه، فيعطيه غيره، بل هو سبب في أن يعمد.

    واسترسلوا في هذا الإشكال حتى أدَّى ذلك إلى أن جعلوا المخلص منه أن اتَّهموا [15] الرواة الأثبات بالتصحيف، فقالوا: كان [16] الأصل: (لا، ها الله ذا)؛ باسم الإشارة، فصحَّفوه فقالوا: (لا، ها الله إذن)، وتتابع الرواة على تصحيفه، فنقلوه مصحَّفًا، واحدًا عن واحد.

    قال شيخنا أبو جعفر: فيا عجبًا من قوم يَرِدُ عليهم الحديثُ الصحيح الموثوق برواته، فيبدو لهم فيه إشكال، فيمرُّونه على ظاهره، ولا يطلبون له تأويلًا! ولو ظهر لهم إشكال في بيت شعر لم يُعرَف قائلُه؛ طلبوا له تأويلًا، وخرَّجوه على أحسن المخارج، فكان الواجب عليهم أن يكون الأمر بالعكس!!

    (1/6054)

    قال شيخنا: وأمَّا الإشكال الذي ذكروه من الوجهين المتقدِّميين؛ فلا إشكال فيهما؛ لأنَّ (ها الله) لا يلزم أن يجيء معه (ذا) كما زعموا، وأمَّا جعل (لا يعمد) في جواب (فأَرْضِه عنِّي) كما زعموا؛ فليس بصحيح، وإنَّما هو جواب شرط مقدَّر يدلُّ عليه قول الشاهد لأبي قتادة: (صدق)، فكأنَّ أبا بكر رضي الله عنه قال: إذا صدق في أنَّه صاحب السَّلَب؛ إذن لا يعمد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيعطيك سَلَبَه، فالجزاء على هذا صحيحٌ؛ لأنَّ صِدْقَه سببٌ في ألَّا يعمد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى سَلَبِه، فيعطيه مَن طلبه، وهذا واضح لا تكلُّف فيه، وإنَّما حملهم على ذلك _عدمِ التأمُّل، والمبادرةِ إلى الاعتراض_ تقليدُ بعضهم بعضًا، وقد قال ابن مالك في هذا الحديث: إنَّ اسم الإشارة لا يلزم (ها) في القسم، وإنَّ وقوع (إذن) هنا ليس ببعيد، انتهى، ولا تستطلَّ هذا الكلام، فإنَّه تكلَّم فيه أئمَّة، وعدُّوه خطأ، والله أعلم.

    قوله: (لَا [17] يَعْمِدُ [18]): قال النَّوويُّ: ضبطوه بالنون والياء، وكذا (فَيُعْطِيكَ [19] سَلَبَهُ)، انتهى، قال شيخنا أيضًا في كلام أبي بكر [20] في قصَّة أبي قتادة ما لفظه: (لم يكن لأحد فِعْلُه بحضرة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم غيره على كثرة المفتين من الصَّحَابة في زمنه، انتهى، وقد ذكر أبو العَبَّاس القرطبيُّ في «مفهمه» في هذا الحديث: أنَّ هذا خصوصيَّةٌ لأبي بكرٍ؛ يعني: أنَّه يفتي بحضرته، وليس لأحدٍ من العلماء مثلُ هذا، انتهى، وقد ذكرتُ الذين كانوا يُفتون في عهده عليه الصَّلاة والسَّلام، وذكرت أنَّ الذين حفظت عنهم الفتوى من الصَّحَابة مئة [و] نيِّفًا وثلاثين بين رجلٍ وامرأةٍ؛ فانظره إن أردته.

    قوله: (فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرِفًا): تَقَدَّمَ الكلام على (المَخْرف) ضبطًا ومعنًى فيما مضى.

    قوله: (فِي بَنِي سَلِمَةَ): هو بكسر اللام، قبيلٌ من الأنصار من الخزرج، وهذا مَعْرُوفٌ.

    قوله: (تَأَثَّلْتُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه فيما مضى.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (اسمه عمرو بن كثير أخي مُحَمَّد وعبد الرَّحْمَن ابنا [صوابه: ابني] أفلح).

    [2] في (ب): (معين)، وليس بصحيحٍ.

    [3] زيد في (ب): (المنذري)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

    [4] في (ب): (أنَّ).

    [5] في (ب): (وأتم)، وهو تحريفٌ.

    [6] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «عمدة القاري» (&): (الودنيين)؛ فليحرَّر.

    (1/6055)

    [7] في (ب): (وذلك)، وهو تحريفٌ.

    [8] في (ب): (هو)، وهو تحريفٌ.

    [9] في النُّسخَتَينِ: (نصًّا)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [10] في (ب): (الإثبات).

    [11] في (ب): (قال: فأبدل).

    [12] (لو): سقط من (ب).

    [13] في (ب): (الأولى)، وزيد فيها: (قوله: «لا تعمد»: قال شيخنا في سورة «براءة»)، وسيأتي، وفيه خطأ واضطراب.

    [14] في (ب): (جاء جوابها بقوله).

    [15] في (ب): (يتهموا).

    [16] زيد في (ب): (كان)، وهو تكرارٌ.

    [17] (لا): ليس في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر.

    [18] في (أ) و (ق) بالنون والياء معًا، ورواية «اليونينيَّة» بالياء فقط.

    [19] كذا في النُّسخَتَينِ بالفاء، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يعطيك).

    [20] زيد في (ب): (رضي الله عنه)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

    (1/6056)

    [باب ما كان النبي يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه]

    قوله: (يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ): اعلم أنَّ (المؤلَّفة): مَن أسلم ونيَّته ضعيفةٌ، أو له شرفٌ يُتوقَّع بإعطائه إسلامُ غيره، وقيَّدته بالمسلمين احترازًا من مؤلَّفة الكفار، فإنَّهم لا يُعطَون عند الشَّافِعيَّة من الزكاة قطعًا، ولا من غيرها على الأظهر، وقال ابن داود: إن نزلت بالمسلمين نازلةً _لا قدَّر الله ذلك_؛ أُعطوا قطعًا، على ما قاله صاحبُ «التقريب».

    واعلم أنَّه بقي من مؤلَّفة المسلمين صنفٌ يرادُ بتأليفهم جهاد من يليهم من الكفَّار أو مانعي الزكاة، ويقبضوا زكاتهم، فهؤلاء يُعطَون قطعًا، وممَّاذا يُعطَون هؤلاء؟ ففي «التصحيح»: الأصحُّ والأشبه في «الشرح الصغير» للرافعيِّ: أنَّهم يُعطَون من سهم المؤلَّفة، وتسمية هؤلاء مؤلَّفةً فيه تجوُّزٌ واستعارة، قاله الإمام.

    [قال شيخنا في (سورة براءة) من «شرحه»] [1]: وقد اختُلِف في الوقت الذي يتألَّفهم فيه؛ فقيل: قبل إسلامهم؛ ليسلموا، وقيل: بعده؛ ليثبتوا، واختُلِف في قطع ذلك عنهم؛ فقيل: في خلافة الصِّدِّيق، وقيل: في خلافة عمر [2]، واختلف في نسخه واستمراره، انتهى.

    قوله: (رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ [3] عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: حديث عبد الله بن زيدٍ رواه البُخاريُّ في (المغازي) و (التمنِّي) عن موسى بن إسماعيل، عن وُهَيب، عن عَمرو بن يحيى بن عمارة، عن عبَّاد بن تميم، عنه، انتهى.

    قال المِزِّيُّ في «الأطراف»: البُخاريُّ في (المغازي) بتمامه، وفي (التمنِّي) ببعضه عن موسى عن وُهَيب، ومسلم في (الزكاة) عن سُريج بن يونس عن إسماعيل بن جعفر؛ كلاهما عن عمرو بن يحيى، عنه؛ يعني: عن عبَّاد بن تميم به، انتهى.

    (1/6057)

    [حديث: يا حكيم إن هذا المال خضر حلو]

    3143# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، مُحدِّث قَيْساريَّة الحافظ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ، والأماكن التي أخرجها البُخاريُّ عن البُخاريِّ، وكذا تَقَدَّمَ (الأَوْزَاعِيُّ): أبو عمرو عبد الرَّحْمَن بن عمرو، وتَقَدَّمَ لماذا نسب، وكذا تَقَدَّمَ (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا تَقَدَّمَ (سَعِيد بْن المُسَيّب): أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غير أبيه ممن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز في يائه إلا الفتح، وتَقَدَّمَ الكلام على (حَكِيم بْن حِزَامٍ) وأنَّ (حَكِيمًا) بفتح الحاء، وكسر الكاف، وأنَّ (حِزَامًا) بالزاي، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه عاش مئة وعشرين سنةً؛ ستِّين سنةً في الإسلام، وستين سنةً في الجاهليَّة، وذكرت نُظَراءه في ذلك، فإنَّه وُلد في جوف الكعبة، ولا نظير له في ذلك.

    قوله: (خَضِرةٌ حُلْوَةٌ [1]): كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: (خضرٌ حلوٌ)، وعليه (صح)، وهما من غير تاءٍ، قال ابن قرقول: وقع للأصيليِّ في (كتاب الوصايا) و (الخمس): (خضرةٌ حلوةٌ)، وفي غير هذين الموضعين: (خضرٌ حلوٌ) ... إلى أن قال: ومن روى: (خضرةٌ)؛ أنَّثَ على معنى تأنيث المشبَّه به؛ أي: أنَّ هذا المال شيءٌ كالخضرة، وقال ثابت: معناه: كالبقلة الخضرة، أو يكون على معنى فائدة المال؛ وهي الحياة، أو العيشة، أو الدنيا، انتهى، وقال شيخنا: الصواب: (خضرٌ حلوٌ)؛ يعني: بغير تاء، انتهى.

    قوله: (بِإِشْرَافِ نَفْسٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالشين المُعْجَمَة في (الزكاة)، وتَقَدَّمَ معناه.

    قوله: (وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى): تَقَدَّمَ الكلام على (العليا) و (السفلى) مَن [2] هما في (الزكاة)، وذكرت هنا أقوالًا فيهما؛ فانظره.

    قوله: (لاَ أَرْزَأُ): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّه بفتح الهمزة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ زاي، ثُمَّ همزة.

    قوله: (أَعْرِضُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وكسر الراء، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَلَمْ يَرْزَأْ): هو بفتح أوَّله، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ زاي، مهموز، ساكن للجزم، وقد تَقَدَّمَ ما فيه من [3] اللغات في (الوضوء)؛ وهنَّ ثلاث: يرزأْ، ويرزَ، ويرزَا.

    قوله: (حَتَّى تُوُفِّي): تَقَدَّمَ أنَّه تُوُفِّيَ سنة (54 هـ).

    (1/6058)

    [حديث: يا رسول الله إنه كان علي اعتكاف يوم في الجاهلية]

    3144# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا كثيرةً أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عَارم، وتَقَدَّمَ معنى العَارم، وتَقَدَّمَ (أَيُّوب): أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

    قوله: (عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ [1] قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ): كذا في أصلنا هنا، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ونافع عن عمر لم يدركه، فهو مرسلٌ، وكذا قوله فيه: (قال: وأصاب عمر جاريتين)، وهنا _وإن قلنا [2]: أدركه، ولم يقل به أحدٌ فيما أعلم_ يكون أيضًا مرسلًا؛ لأنَّه قال فيه: (أنَّ عمر قال: يا رسول الله)، فذكر قصَّةً لم يدركها، ولو أدركها؛ كان يكون صحابيًّا، وهو ليس بصحابيٍّ اتفاقًا، ولهذا أردفه البُخاريُّ بقوله: (وزاد جَرير بن حازم، عن أيُّوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: _فذكره_ من الخمس)، فهذا متَّصل، والله أعلم، والطريق الأولى: (نافع: أنَّ عمر قال: يا رسول الله ... ) لم أر المِزِّيَّ طرَّفها، والله أعلم.

    قوله: (أَنْ يَفِي): هو بفتح الياء الأولى والثانية، وليست الثانية همزةً؛ فاعلمه.

    قوله: (قَالَ: وَأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ): قائله تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه نافع، وأنَّه مرسلٌ.

    قوله: (فِي السِّكَكِ): أي: الطرق، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    [ج 1 ص 810]

    قوله: (يَا عَبْدَ اللهِ): هو ولده عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، ترجمته معروفةٌ، وهو أحد العبادلة الأربعة.

    قوله: (فَأَرْسِل): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (قَالَ نَافِعٌ: وَلَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ ... ) إلى أن قال: (وَلَوِ اعْتَمَرَ؛ لَمْ يَخْفَ عَلَى عَبْدِ اللهِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: قولُ نافع: (ولم يعتمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الجعرانة): وَهمٌ ظاهر؛ لأنَّ مسلمًا وأبا داود والتِّرْمِذيَّ وابن سعدٍ رَوَوا أنَّه اعتمر من الجعرانة من حديث قتادة عن أنس، ورَوَوه أيضًا عن عبد الله بن عَبَّاس إلا مسلمًا، انتهى، وقد رواه أيضًا البُخاريُّ في (باب من قسم الغنيمة في غزوةٍ وسفرةٍ) من حديث قتادة عن أنس، وقد تَقَدَّمَ الحديث، ولو قال: إنَّ نافعًا لم يبلغه الاعتمار كما لم يبلغ عبد الله بن عمر؛ كان أحسنَ من التَّوهيم، والله أعلم.

    (1/6059)

    قوله: (مِنَ الْجِعْرَانَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ فيها لغتين؛ التخفيف، والتشديد.

    قوله: (وَزَادَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): هو بفتح الجيم، وكسر الراء [3]، و (حَازم)؛ بالحاء المُهْمَلَة، وهذان معروفان عند أهل الفنِّ، وقد قَدَّمْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (زاد) مثل: قال، فهو تعليقٌ مجزومٌ به، وقد رواه مسلم في (النذور): عن أبي الطاهر بن السرح، عن ابن وهبٍ، عن جَرِير بن حَازم به: أنَّ عمر ... ؛ فذكره، وقد تَقَدَّمَ الكلام على زيادة الثقة أنَّها مقبولةٌ على الصحيح من ثلاثة أقوال، وقد تَقَدَّمَ أيضًا أنَّ الحديث إذا رواه بعض الثقات مرسلًا وبعضهم متَّصلًا، أو بعضهم مرفوعًا وبعضهم موقوفًا؛ أنَّ الصحيح: أنَّ الحكم للذي وصل، وللذي [4] رفع، من أقوالٍ أربعة.

    قوله: (وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ): (مَعْمَر): تَقَدَّمَ مرارًا [أنَّه] بميمين مفتوحتين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّه ابن راشد، و (أيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، وهذا تعليقٌ مجزوم به، وقد أخرجه البُخاريُّ في (المغازي): عن مُحَمَّد بن مقاتل، عن عبد الله، عن مَعْمَر، عن أيُّوب، عن نافع، عن ابن عمر، وأخرجه مسلم: عن عَبْد بن حُمَيدٍ، عن عبد الرزاق، عن مَعْمَر به.

    قوله: (وَلَمْ يَقُلْ: يَوْمَ): يجوز في (يوم) نصبه من غير تنوين، وجرُّه مع التنوين، وهما ظاهران.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

    [2] زيد في (ب): (إنَّه).

    [3] زيد في (ب): (وقد تَقَدَّمَ).

    [4] في (ب): (والذي).

    (1/6060)

    [حديث: إني أعطي قومًا أخاف ظلعهم وجزعهم]

    3145# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على النسبة، وكذا تَقَدَّمَ (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ) ضبطه وضبط أبيه أعلاه، وقبله مرارًا.

    قوله: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ [1] حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ): (الحسن) هذا: هو الحسن البصريُّ العالم المشهور، وقد صَرَّحَ بالتحديث في هذا الحديث من عمرو بن تغلب، ففيه ردٌّ على عليِّ ابن المَدينيِّ الحافظ في قوله: إنَّه لم يسمع منه، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الصلاة)، والله أعلم، و (تغلِب)؛ بالمُثَنَّاة فوق، ثُمَّ غين معجمة، ولام مكسورة، ثُمَّ مُوَحَّدة؛ لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، وهذا ظاهِرٌ، و (عمرو) له صحبةٌ، وقد روى عنه الحسن والحكم بن الأعرج، ولم ينفرد عنه الحسن، كما قاله مسلم في «الوحدان»، والحاكم في «علومه» و «مستدركه»، والله أعلم.

    قوله: (أَخَافُ ظَلَعَهُمْ): هو بالظاء المُعْجَمَة المشالة، وفتح اللام؛ أي: ميلَهم عن الحقِّ، وضعفَ إيمانهم.

    قوله: (مِنَ الْغِنَى [2]): هو مقصورٌ، وهو الغنى المعروف، ضدُّ الفقر، وفي روايةٍ على هامش أصلنا: (الغَناء)؛ بفتح الغين، وبالمدِّ؛ وهو الكفاية.

    قوله: (حُمْرَ النَّعَمِ): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان الميم، جمع: أحمَر.

    قوله: (زَاَدَ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ): (أبو عاصم) هذا: هو الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، شيخ البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ (زاد) مثل: (قال)، وإذا كان كذلك؛ فقد قَدَّمْتُ أيضًا أنَّ البُخاريَّ إذا أسند القول إلى بعض مشايخه كهذا؛ فإنَّه يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة.

    و (جَرِير): هو ابن حَازم، تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه وضبط أبيه، وأتى بهذا الثاني؛ ليقوِّيَ ما رواه موسى بن إسماعيل من قوله: (عن الحسن حدَّثني عمرو بن تغلِب)، فإنَّه قد تابعه عليه أبو عاصم: (حدَّثنا عمرو بن تغلِب) ردًّا على ابن المَدينيِّ، والله أعلم، وقد أخرج البُخاريُّ حديث أبي عاصم هذا عن مُحَمَّد بن [3] مَعْمَر، عنه به، في (الصلاة)، والله أعلم.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قَالَ).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ، وهي رواية الحديث (923)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (من الْخَيْرِ وَالْغِنَى).

    (1/6061)

    [3] زيد في (ب): (أبي)، وليس بصحيحٍ.

    [ج 1 ص 811]

    (1/6062)

    [حديث: إني أعطي قريشًا أتألفهم لأنهم حديث عهد بجاهلية]

    3146# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ.

    قوله: (لأَنَّهُمْ حَديثُ عَهْدٍ): قيل: صوابه: (حديثو).

    ==========

    [ج 1 ص 811]

    (1/6063)

    [حديث: إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله]

    3147# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّمَ (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

    قوله: (طَفِقَ): تَقَدَّمَ أنَّ فيها لغتين: كسر الفاء، وفتحها؛ أي: جعل.

    قوله: (يُعْطِي رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِئَةَ مِنَ الإِبِلِ): اعلم أنَّ المؤلَّفة الذين أعطاهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من هذه الغنيمة أذكرهم هنا، فأقول [1]: أعطى أبا سفيانَ بن حرب مئةً من الإبل، وأربعين أوقيَّةً، وابنه يزيد مثله، وابنه [2] معاوية مثله، وحَكِيم بن حِزَام مئة ومئة أخرى، والنُّضير [3] بن الحارث مئة، وأَسيد بن جارية مئة، والعلاء بن جارية خمسين، ومخرمة بن نوفل خمسين، والحارث بن هشام مئة، وسعيد بن يربوع خمسين، وصفوان بن أُمَيَّة مئة، وفي «صحيح مسلم»: (مئة، ثُمَّ مئة، ثُمَّ مئة)، وهو في أوَّل (المناقب)، وقيس بن عديٍّ مئة _فقوله [4]: قيس بن عديٍّ: كذا في نسخة [5] ابن سيِّدِ النَّاسِ الكبرى، ولعله عديُّ بن قيس، أو هو الصواب، وإذا كان كذلك؛ فقد أعطاه خمسين لا مئة، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: عديُّ بن قيس السهميُّ من المؤلفة قلوبهم فيما قيل، وليس بمعروف، انتهى، وكذا قال أبو عمر بن عَبْدِ البَرِّ، وقد ذكره ابن إسحاق فيهم، على ما قال ابن هشام، انتهى_ وعثمان بن وهب خمسين، وسُهَيل بن عمرو مئة، وحويطب بن عبد العُزَّى مئة، وهشام بن عمرو العامريَّ خمسين، والأقرع بن حابس مئة، وعيينة [6] بن حِصْن مئة، ومالك بن عوف مئة، والعَبَّاس بن مِرداس أربعين من الإبل، فقال في ذلك شعرًا، فأعطاه مئة، ويقال: خمسين.

    فائدة: أعطى [7] هؤلاء من الخمس، وهو أثبت الأقاويل عندنا، قاله ابنُ سيِّدِ النَّاسِ فتح الدين.

    غربية وهي تنبيه: قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة عُمير بن وذفة ما لفظه: عمير بن وذفة أحد المؤلَّفة، لم يبلِّغه رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مئةً من الإبل من غنائم حُنين لا هو، ولا قيس بن مخرمة، ولا عَبَّاس بن مِرداس، ولا هشام بن عمرو، ولا سعيد بن يربوع، وسائر المؤلَّفة أعطاهم مئةً مئة، فيُستفاد هذا، وذكر في غير ترجمةٍ؛ منها ترجمة صخر بن حرب أبي سفيان: أنَّ سائر المؤلَّفة أعطاهم مئةً مئة.

    فائدة: المؤلفة قلوبهم أو

    [ج 1 ص 811]

    (1/6064)

    مَن قيل: إنَّه منهم، فيما وقفت عليه من كلام جماعةٍ مفرَّقًا، فرتَّبتهم [8] على حروف المعجم أنا، وذكرتُ مَن لم أعرفه:

    أُبيُّ بن شَريق وهو الأخنس، أُحَيحَة بن أُمَيَّة بن خلف، أَسيد بن جارية، الأقرع بن حابس.

    جُبير بن مُطعِم، الجدُّ بن قيس، الحارث بن الحارث بن كَلَدة _ذكره أبو عمر ابن عَبْدِ البَرِّ في «الصَّحَابة»، وقال: (إنَّه من المؤلَّفة قلوبُهم، معدودٌ فيهم) انتهى_، الحارث بن هشام، حاطب بن عبد العُزَّى، حرملة بن خالد، حرملة بن هوذة، حَكِيم بن حِزام، حكيم بن طَلِيق، حويطب بن عبد العُزَّى، خالد بن أسيد، خالد بن قيس _ذكره شيخنا في «تخريج أحاديث الوسيط»، ولا أعرفه أنا_، خالد بن هشام، خالد بن هودة، خلف بن هشام ذكره شيخنا ابن الملقِّن في بعض مؤلَّفاته عن الصغانيِّ، ولا أعرفه أنا.

    زهير بن أبي أُمَيَّة، زيد الخيل، السائب بن أبي السائب، سعيد بن يربوع، سفيان بن عبد الأسد، سَهْل بن عمرو، وأخوه سُهَيل بن عمرو، شيبة بن عثمان _ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ عن بعضهم [9]، قال أبو عمر: وهو من فضلائهم_، صخر بن حرب أبو سفيان، صفوان بن أُمَيَّة، طليق بن سفيان [10] والد حكيم المتقدم.

    العَبَّاس بن مِرداس، عبد الرَّحْمَن بن يربوع، عثمان بن وهب، عديُّ بن قيس، عكرمة بن عامر العبدريُّ، عكرمة بن أبي جهل _ذكره شيخنا عن ابن التين_، علقمة بن عُلاثة [11]، عمرو بن بعكك أبو السنابل، عمرو بن مرداس، عمرو بن الهيثم _ذكره شيخنا عن ابن طاهر، ولا أعرفه أنا_، عمير بن وذفة [12]، عمير بن وهب، العلاء بن جارية، عُيَيْنَة بن حصن.

    قيس بن عديٍّ [13] السهميُّ، ولا أعلمه صحابيًّا، وقد نظَّر عليه شيخنا بالقلم، ثُمَّ قال: وذكره عبدُ الرزاق في «تفسيره» عن يحيى بن أبي كَثِير: عديُّ بن قيس السهميُّ، انتهى؛ يعني: أنَّه على العكس، وهذا عُدَّ فيهم، قال أبو عمر في «استيعابه»: (وقد ذكره ابن إسحاق فيهم على ما قال [14] ابن هشام) انتهى، وقال الذَّهَبيُّ: (من المؤلَّفة قلوبهم فيما قيل، وليس بمعروف) انتهى.

    (1/6065)

    قيس بن مخرمة، كعب أبو الأخنس _ذكره شيخنا، ولا أعرفه أنا_، لبيد بن ربيعة العامريُّ _ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب» _، مالك بن عوف النَّصْريُّ، مخرمة بن نوفل، معاوية بن أبي سفيان، مُطيع بن الأسود، مغيرة بن الحارث بن عبد المُطَّلِب _ذكره شيخنا عن الصغَانيِّ، وهذا قد اختُلِف فيه؛ فقال ابن عَبْدِ البَرِّ: إنَّه أخو أبي سفيان بن الحارث، قال الذَّهَبيُّ: فوهِمَ، بل هو أبو سفيان، انتهى._

    النُّضير بن الحارث، نوفل بن معاوية، هشام بن عمرو، هشام بن الوليد، وهب بن أبي أُمَيَّة، يزيد بن أبي سفيان، أبو جهم بن حذيفة أبو السنابل، ذُكر، واسمه عمرو، وقد قدمته.

    وهؤلاء بضعٌ وخمسون رجلًا، فلعلَّك لا تجدهم مجموعين في مؤلَّفٍ كهذا، وقد ذكر جماعةً _منهم: شيخُنا_ في «تخريج أحاديث الوسيط» عن الحسن بن مُحَمَّد الصغانيِّ، وزاد عن أبي عمر في «البدر المنير، تخريج أحاديث الشرح الكبير» للرافعيِّ جماعةً يسيرة، والكلُّ مذكورون هنا بزياداتٍ، والله أعلم.

    قال أبو عمر ابن عَبْدِ البَرِّ، وبعده السُّهَيليُّ: كانوا أربعين رجلًا فيما ذكروا، وقال شيخنا: كانوا نحو الخمسين، انتهى، وقال ابن الجوزيِّ: وإنَّا رأينا جماعةً من أهل العلم يذكرون المؤلَّفة في كتبهم من غير أن يبيِّنوا [15] أحوالَهم، وذلك يجدِّد في قلوب السامعين نُفورًا عنهم، وفيهم [16] قومٌ [17] من سادات الصَّحَابة، فكيف يحسن الجُمود على عددهم من غير بيان أمرهم؟! وبالله التوفيق.

    (1/6066)

    اعلم أنَّ المؤلَّفة قلوبهم أقوامٌ تألَّفوا في بدء [18] الإسلام بمن تمكَّن الإسلام في قلوبهم، فخرجوا بذلك عن حدِّ المؤلَّفة، وإنَّما ذكرهم العلماء في المؤلَّفة باعتبار بداية أحوالهم، وفيهم من لم يُعلم منه حسن إسلامٍ، والظاهر بقاءه على حال التأليف، ولا يمكننا أن نفرِّق بين من حَسُن إسلامه، ومن لم يحسن إسلامه؛ لجواز أن يكون من ظننَّا به الشرَّ على خلاف ذلك، إذ الإنسان قد يتغيَّر عن حاله، ولا يُنقَل إلينا أمره، فالواجب أن نظنَّ بكلِّ من سمعنا عنه الإسلام خيرًا، وممَّا يشدُّ ما قلناه ... ؛ فذكر حديثًا من «المسند» لأحمد بسنده إلى أنس رضي الله عنه قال: (كان الرجلُ يأتي إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فيُسلِم [19] بشيءٍ يُعطاه، فلا يمسي حتى يكون الإسلام أحبَّ إليه من الدنيا وما فيها)، ثُمَّ ذكر حديثًا من «البُخاريِّ» بسنده، وهو حديث حَكِيم بن حِزَام: «إنَّ هذا المال خَضِرَةٌ حلوةٌ»، انتهى.

    فائدة: من عُدَّ من المؤلَّفة ولم يذكره ابن سيِّدِ النَّاسِ ولا ابن الجوزيِّ، وقد ذكرهم ابن عَبْدِ البَرِّ: أُحَيحَة بن أُمَيَّة بن خلف الجمحيُّ، الحارث بن الحارث بن كَلَدَة، حاطب بن عبد العُزَّى بن أبي قيس العامريُّ _قاله الذَّهَبيُّ عن أبي موسى وعبدان_، حرملة وخالد ابنا هوذة العامريَّان القشيريَّان، خالد بن أَسيد بن أبي العيص بن أُمَيَّة، خالد بن هشام _قال أبو عمر: فيه نظر_، زهير بن أبي أُمَيَّة أخو أبي سلمة _قال أبو عمر: لا أعرفه_، سفيان بن عبد الأسد _قال أبو عمر: فيه نظر_، السائب بن أبي السائب صيفيِّ بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم على قول، طليق بن سفيان بن أُمَيَّة بن عبد شمس، عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصيٍّ، عمير بن وذفة، هشام بن الوليد أخو خالد بن الوليد، وممَّن لم يذكره ابن الجوزيِّ، ولا ابن سيِّد [20] الناس [21]، ولا ابن عَبْدِ البَرِّ: زيد الخيل، ثُمَّ حَسُن إسلامه، انتهى، وقد ذكرت الكلَّ أعلاه؛ فاعلمه.

    قوله: (فَحُدِّثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالَتِهِمْ): (حُدِّث)؛ بضَمِّ الحاء وكسر الدال المُشَدَّدة المُهْمَلَتين: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، والذي حدَّثه لا أعرفه، قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: ويحتمل أن يكون ابنَ مسعود، انتهى.

    (1/6067)

    قوله: (مَا تَنْقَلِبُونَ)، وكذا: (مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ): (ما) في الموضعين: موصولةٌ؛ بمعنى: الذي.

    قوله: (أُثْرَةً): تَقَدَّمَت غَيْرَ مَرَّةٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ هذه الأثرة كانت زمن معاوية، قاله ابن سيِّدِ النَّاسِ في «سيرته».

    ==========

    [1] (أذكرهم هنا فأقول): سقط من (ب).

    [2] في (ب): (وابن)، وهو تحريفٌ.

    ~… [3] زيد في هامش (أ) بخطٍّ مغاير، وبلا علامة تصحيح: (قوله: النُّضير: هو بالتصغير، وليس هو النَّضر، فإنَّ ذلك قُتِل كافرًا صبرًا في الأثيل، مُنصَرَفَ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من بدرٍ، قتله عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وأخته التي قالت:×…يا راكبًا إنَّ الأثيل مظنة .... ×وكثيرًا ما يلتبس النُّضير _بالتصغير_ بالنَّضر _بالتكبير_ كتبه عمر الفرضيُّ الشافعيُّ القادريُّ).

    [4] في (ب): (وله)، وهو تحريفٌ.

    [5] في (ب): (سيرة).

    [6] في (ب): (وعتبة)، وهو تحريفٌ.

    [7] (أعطى): سقط من (ب).

    [8] في (ب): (فرأيتهم).

    [9] في (ب): (ذكره عن بعضهم ابن عبد البر).

    [10] في (ب): (شقيق)، وهو تحريف.

    [11] زيد في (ب): (عمير بن وذفة).

    [12] (عمير بن وذفة): سقط من (ب).

    [13] في هامش (أ): (في نسخة: قُثَم).

    [14] في (ب): (قاله).

    [15] في (ب): (يبنوا)، وهو تحريفٌ.

    [16] في (ب): (وفيه).

    [17] (قوم): ليس في (ب).

    [18] في (ب): (مبدأ).

    [19] (فيسلم): سقط من (ب).

    [20] في (أ): (عبد)، وهو تحريفٌ.

    [21] في (ب): (يذكره ابن سيد الناس، ولا ابن الجوزي).

    (1/6068)

    [حديث: أعطوني ردائي فلو كان عدد هذه العضاه نعمًا لقسمته بينكم]

    3148# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هذا هو إبراهيم بن سعد بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ [1]، أبو إسحاق المدنيُّ، نزيل بغداد، وأحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، تَقَدَّمَ أيضًا، وكذا (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

    قوله: (عَلِقَتْ): هو بكسر اللام، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (إِلَى سَمُرَةٍ): هي بضَمِّ الميم، وقد تَقَدَّمَت، وكذا (فَخَطِفَتْ): أنَّه بكسر الطاء أفصحُ من فتحها، ومستقبل الأوَّل: يخطَفُ؛ بفتح الطاء، ومستقبَل الثاني بكسر الطاء.

    قوله: (هَذِهِ الْعِضَاهِ): هو بكسر العين المُهْمَلَة، وبالضاد المُعْجَمَة المُخَفَّفة، وفي آخره هاء لا تاء، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليها.

    (1/6069)

    [حديث: كنت أمشي مع النبي وعليه برد نجراني غليظ الحاشية]

    3149# قوله: (نَجْرَانِيٌّ): هو بفتح النون، وإسكان الجيم، منسوبٌ إلى نَجْران؛ مدينة معروفة، كانت [1] منزلًا للنصارى، وهي بين مكَّةَ واليمن، على نحو سبع مراحلَ من مكَّة، قال الشيخ أبو إسحاق: ونَجْران ليست من الحجاز، ولكن صالحَهم رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على ألَّا يأكلوا الربا، فأكلوه، ونقضوا العهدَ، فأمر بإخراجهم، فأجلاهم عمر رضي الله عنه، وهذا هو الصواب: أنَّ نَجْران ليست من الحجاز الذي هو مكَّة، والمدينة، واليمامة، ومخاليفها، وأمَّا قول الحازميِّ في «المختلف والمؤتلف [2]» في (الأماكن) [3]: (نَجْران من مخاليف مكَّة من صوب اليمن)؛ ففيه تساهلٌ، وقال الجوهريُّ في «صحاحه»: نَجْران: بلدةٌ من اليمن، والله أعلم.

    تنبيه [4]: ونَجْران أيضًا موضعٌ بالشام، والحجاز، واليمن.

    [ج 1 ص 812]

    قوله: (فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ): هذا الأعرابيُّ لا أعرفُه.

    (1/6070)

    [حديث: لما كان يوم حنين آثر النبي أناسًا في القسمة]

    3150# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ، تَقَدَّمَ، وكذا (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، تَقَدَّمَ، وكذا (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تقدموا مترجمين، و (عبد الله) هذا: هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ رضي الله عنه.

    قوله: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ حُنينًا في شوَّال سنة ثمانٍ من الهجرة، وسيأتي في (الغزوات)، ويجوز في (يوم) الرفع والنصب.

    قوله: (آثَرَ): هو بمدِّ الهمزة، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ): تَقَدَّمَ قريبًا مَن أعطاهم [1] عليه الصَّلاة والسَّلام مئةً مئة، ومن أعطاه [2] مئتين، ومن أعطاه ثلاث مئة، وكلام ابن عَبْدِ البَرِّ؛ فانظره.

    وأمَّا (الأقرع)؛ فهو ابن حابس بن عقال بن مُحَمَّد بن سفيان بن مجاشع التميميُّ، وَفَد بعد الفتح في وفد بني تميم، وشهد حُنينًا والطائف، وشهد مع خالد بن الوليد حربَ أهل العراق، وكان على مقدِّمته، قال ابن دريد: اسمه: فراس، ولُقِّب الأقرع؛ لقرعٍ برأسه، وكان أحد الأشراف، واستعمله ابن عامر على جيش سيَّره إلى خراسان، وأصيب هو والجيش بالجُوزجان، وكان من المؤلَّفة، وقد ذكرته فيهم قُبيل هذا، أخرج له أحمد في «مسند النساء»، روى عنه: أبو سلمة بن عبد الرَّحْمَن، وفي الصَّحَابة من يقال له [3]: الأقرع ثلاثةٌ غيره.

    وأمَّا (عُيَيْنَة)؛ فهو ابن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاريُّ، من المؤلَّفة، وقد ذكرته فيهم قريبًا، شهد حُنينًا والطائف، قال الذَّهَبيُّ: كان أحمقَ مطاعًا، دخل على النَّبيِّ [4] صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بغير إذنٍ، وأساء الأدب، فصبر صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم [5] على جفوته وأعرابيَّته، وقد ارتدَّ، وآمن بطُلَيحة، ثُمَّ أُسِر، فمنَّ عليه الصديق، ثُمَّ لم يزل مُظهِرًا للإسلام، وكان تتبعه عشرة آلاف قناةٍ [6]، كان من الجرَّارة، واسمه حذيفة، ولُقِّب: عُيَيْنَة؛ لشَتَرِ عينه.

    (1/6071)

    قوله: (فَقَالَ [7] رَجُلٌ: إِنَّ [8] هَذِهِ القِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيْهَا [9]، وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ): قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: هذا الرجل مُعتِّبُ بن قُشير [10]، قاله الواقديُّ، انتهى، ومعتِّب معروف [11] الترجمة، معدودٌ في الصَّحَابة، عقبيٌّ بدريٌّ، وقد نُبز بالنفاق، والله أعلم.

    تنبيه: وقع في أصلنا: (إنَّ هذه القسمةُ)؛ برفع (القسمةُ)، وهذا خطأ [12]، وإنَّما (القسمةَ) مَنْصُوبٌ، والخبر (ما عُدِل فيها)، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (مَا عُدِلَ): هو بضَمِّ العين، وكسر الدال، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (وَمَا أُرِيدَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ): سأذكر ما أوذي به موسى [13] فيما وقفت عليه في (الأنبياء) إن شاء الله تعالى.

    ==========

    [1] في (ب): (أعطاه).

    [2] في (ب): (أعطاهم).

    [3] (له): سقط من (أ).

    [4] في (ب): (رسول الله).

    [5] في (أ): (عليه السلام).

    [6] القناة: الرُّمحُ، ويعني: أصحابَها، مجازًا.

    [7] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قَالَ).

    [8] (إنَّ): سقط من (ب).

    [9] في هامش (ق): («القسمة»: منصوبة، و «ما عُدِلَ فيها»: هو الخبر، وما في الأصل في ضبطه نظر).

    [10] زيد في (ب): (عقبي بدري)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

    [11] زيد في (ب): (انتهى، معروف)، وهو تكرارٌ.

    [12] في (ب): (وهذا ظاهر الخطأ).

    [13] زيد في (ب): (كلام).

    [ج 1 ص 813]

    (1/6072)

    [حديث: كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله]

    3151# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، و (أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْرٍ): والدة عروة، تَقَدَّمَت ترجمتها، وتاريخ وفاتها، وأنَّها توفِّيت بعد ابنها عبد الله بن الزُّبَير بأيَّامٍ، سنة ثلاث وسبعين.

    قوله: (مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ): الظاهر _والله أعلم_ أنَّها البُويلة، وتَقَدَّمَ أين هي، فإنَّها تقرب [1] قباء من جهة الغرب، وفيها أُطُمٌ خَراب.

    قوله: (عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ)؛ يعني: على ميلين؛ لأنَّ ثلاثة أميال: فرسخ، وأربعة فراسخ: بريد، وقد تَقَدَّمَ كم الميل، وذكرت فيه في (الصلاة) سبعة أقوال، وذكرت غير ذلك معه، والله أعلم.

    قوله: (وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ): هذا مرسلٌ؛ لأنَّ عروة تابعيٌّ، وقد ذكر قصَّةً لم يدركها، و (أبو ضمرة): أنس بن عياض، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    ==========

    [1] في (ب): (وإنَّها بقرب).

    [ج 1 ص 813]

    (1/6073)

    [حديث: نقركم على ذلك ما شئنا]

    3152# قوله: (وَكَانَتِ الأَرْضُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلْيَهُودِ): كذا في الأصل، وعليه [1] (صح)، وفي نسخة: (لله)، أنكر بعضهم قوله: (لليهود)، وقال: صوابه: (لله)، إلا أن يريد الثمرة، بل هو صواب؛ لأنَّه لما ظهر عليها؛ فتح أكثرها قبل صلحه اليهود على الجلاء وتسليم أرضهم وأموالهم.

    قوله: (فَسَأَلَ الْيَهُودُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (اليهودُ): مَرْفُوعٌ فاعل، و (رسولَ): مَنْصُوبٌ مفعول، وهذا ظاهِرٌ معروف.

    قوله: (فَأُقِرُّوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ فِي إِمَارَتِهِ إِلَى تَيْمَاءَ أَوْ أَرِيحَاءَ [2]): إنَّما فعل ذلك عمر رضي الله عنه؛ لقوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لا يبقينَّ دينان بجزيرة العرب»، والصدِّيق رضي الله عنه اشتغل بقتال أهل الردَّة، أو لم يبلغه الحديث، والله أعلم، وفي أصلنا على ألف (أو) علامة نسخة، فبقيت (إلى تيماء أو)، وإذا حذفت الألف؛ بقيت (إلى تيماء وأريحاء).

    قوله: (إِلَى تَيْمَاءَ أَوْ أَرِيحَاءَ [3]): تَقَدَّمَ الكلام عليهما.

    ==========

    [1] في (ب): (وعليها).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (وأريحاء).

    [3] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (وأريحاء).

    [ج 1 ص 813]

    (1/6074)

    [باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب]

    (1/6075)

    [حديث: كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم فنزوت ... ]

    3153# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، وكذا تَقَدَّمَ (عَبْد اللهِ بْن مُغَفَّل)، وأنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الغين المُعْجَمَة، وفتح الفاء، وأنَّ المُغَفَّل صَحَابيٌّ أيضًا رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ أنَّ جميع هذا الوضع: معقل؛ بالعين المُهْمَلَة، والقاف، إلا المُغَفَّل والد عبد الله هذا، تُوُفِّيَ قبل الفتح، وإلَّا هُبيب بن مُغْفِل؛ بضَمِّ الميم، وإسكان الغين المُعْجَمَة، وفاء مكسورة، والله أعلم.

    تنبيه: هذا الحديث يأتي سندًا ومتنًا في (كتاب الذبائح والصيد) في (باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها)، وقد ذكرت عدَّة أحاديث اتَّفق له فيها ذلك؛ منها هذا.

    قوله: (كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ): (قصرَ): مَنْصُوبٌ مفعول اسم الفاعل؛ وهو (مُحاصِرين).

    قوله: (فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ): هذا الإنسان لا أعرفه.

    قوله: (فَنَزَوْتُ): هو بفتح النون والزاي، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ تاء المتكلم؛ أي: وَثَبْتُ.

    قوله: (فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ): لم يذكر أنَّه أخذه أم لا، وقد روى أبو داود الطيالسيُّ في «مسنده»: (فاستحييت، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «هو لك»)، عزاها شيخنا إلى الطيالسيِّ، وقال ابن القَطَّان: إسنادها صحيح، انتهى.

    ==========

    [ج 1 ص 813]

    (1/6076)

    [حديث: أصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا ... ]

    3155# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه التَّبُوذكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، وكذا تَقَدَّمَ (عَبْدُ الْوَاحِدِ): أنَّه ابن زياد، وقد تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وله مناكير، نُقمت عليه اجتنبها صاحبا «الصحيح»، وتَقَدَّمَ (الشَّيْبَانِيُّ [1]): أنَّه بالشين المُعْجَمَة، وأنَّ اسمه سليمان بن فيروز، وفيروز: غير مصروف؛ للعجمة والعلميَّة، وقيل: سليمان بن خاقان، وهو سليمان بن أبي سليمان، وتَقَدَّمَ (ابْن أَبِي أَوْفَى): أنَّه عبد الله، وأنَّ أبا أوفى صَحَابيٌّ [2]، وقدَّمْتُ [3] الكلام على اسم أبي أوفى ونسبه.

    قوله: (نَادَى مُنَادِي النَّبيِّ [4] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): مناديه في هذه الواقعة في «مسلم»: أبو طلحة، وفي «النَّسائيِّ الصغير»: عبد الرَّحْمَن بن عوف، والظاهر أنَّه أمرهما فناديا، والله أعلم.

    قوله: (أن اكْفَئُوا [5] الْقُدُورَ): يقال: كفأت القدر، وأكفأته، ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، فمن قال: كفأت؛ قال: اكفَؤوا؛ بهمزة وصل، وفتح الفاء، ومن قال: أكفأت؛ فتح الهمزة، وكسر الفاء، وكلاهما مهموز؛ أي: اقلبوا.

    قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ): هو راوي الحديث ابن أبي أوفى، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، فائدةٌ عند غيرهم، والله أعلم.

    [ج 1 ص 813]

    قوله: (فَقُلْنَا: إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا [6]؛ لأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ، [7] وَقَالَ آخَرُونَ: حَرَّمَهَا ألْبَتَّةَ ... ) إلى آخره: سيأتي الكلام على هذا مُطَوَّلًا في (غزوة خيبر)، وأذكر العلَّة التي علَّل بها صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في تحريمها، وأنَّها أَولى من كلِّ تعليلٍ، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ق): (حدَّثنا الشيبانيُّ).

    [2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

    [3] في (ب): (وقد قدمت).

    [4] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولِ اللهِ).

    [5] في هامش (ق): (كفأتُ الإناء، وأكفأته: إذا كببته وأملته. «نهاية»).

    [6] (عنها): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وزيد فيهما: (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

    [7] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قَالَ).

    (1/6077)

    ((58)) (بَابُ الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ) ... إلى (كِتَابِ بِدْءِ الخَلْقِ) [1]

    فائدة: الجزية نزلت عام تبوك سنة تسعٍ، عام الوفود، وقد قدِم وفد نَجْران وصالحهم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على أداء الجزية، قال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة في مكان من «الهَدْي»: إنَّها نزلت بعد تبوك، انتهى، وتبوك في رجب _على ما فيه، وسيأتي_ سنة تسعٍ، وقال شيخنا الحافظ العِرَاقيُّ في «سيرته»: إنَّ الجزية سنة ثمانٍ، والله أعلم.

    ثمَّ اعلم أنَّ ابن المُنَيِّر ساق ما في الباب بغير إسنادٍ على عادته، ثمَّ قال: إن أراد البُخاريُّ بالموادعة عقدَ الذمَّة لهم؛ بأخذ الجزية، وإعفائهم بعد ذلك من القتل؛ فهذا هو حكم الجزية والموادعة، وغير ذلك، وإن أراد متاركة قتالهم مع إمكانها قبل الظفر بهم، وهو معنى الموادعة؛ فما في هذه الأحاديث ما يطابقها إلَّا تأخُّر النعمان عن مقتله العدوَّ، وانتظاره زوال الشمس، فهي موادعةٌ في هذا الزمان مع الإمكان لمصلحة، والله أعلم، انتهى.

    قوله: (وَالْمَجُوسِ وَالْعَجَمِ): هو من باب الخاصِّ بعد العامِّ.

    تنبيه: سيأتي الكلام في (الجزية) على يهود خيبر في (غزوة خيبر)، وإظهارهم كتابًا زورًا عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وردِّه.

    تنبيه: لمَّا نزلت آية الجزية _وقد قَدَّمْتُ متى نزلت_؛ أخذها صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من ثلاث طوائف؛ من [2] المجوس، واليهود، والنصارى، ولم يأخذها من عُبَّاد الأصنام، فقيل: لا يجوز أخذها من كافرٍ غير هؤلاء ومن كان على دينهم؛ اقتداءً بأخذه وتركه، وقيل: يؤخذ من أهل الكتاب وغيرهم من الكفَّار؛ كعَبَدَة الأصنام من العَجَم دون العرب، والأوَّل قول الشَّافِعيِّ [3] وأحمد في إحدى روايتيه، والثاني قول أبي حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى، وذكرُ الأدلَّة للقولين يطول به الكتاب، والله أعلم.

    تنبيهٌ ثانٍ: المجوس: ذكر أبو عمر ابن عَبْدِ البَرِّ: أنَّهم من ولد لاوذ بن سام بن نوح، وقال علي بن كيسان: هم من ولد فارس بن عامور بن يافث، قال أبو عمر: وقال ذلك غيره، وهو أصحُّ ما قيل فيهم، وهم ينكرون ذلك، ويدفعونه ... إلى آخر كلامه، نقله شيخنا عنه.

    قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ): هو عبد الله بن أبي نَجِيح يَسار، مولى الأخنس بن شَريق الثقفيِّ المَكِّيِّ، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    (1/6078)

    قوله: (جُعِلَ ذَلِكَ): (جُعل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (مِنْ قِبَلِ): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (الْيَسَارِ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، وتخفيف السين؛ وهو الغنى، فرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عَلِمَ ضعفَ أهل اليمن، فأرسل مُعاذًا وأمره أن يأخذ من كلِّ حالمٍ دينارًا، أو قيمته معافر؛ وهي ثياب معروفة، وعمر رضي الله عنه زاد فيها، فجعلها أربعة دنانير على أهل الذهب، وأربعين درهمًا على أهل الورِق؛ لعلمه بغنى أهل الشام وقوَّتهم، وكلٌّ سُنَّة، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب) بدل مما بين قوسين: (كتاب قوله).

    [2] (من): سقط من (ب).

    [3] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

    [ج 1 ص 814]

    (1/6079)

    [حديث عمر: فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

    3156# 3157# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ الجهبذ، وكذا تَقَدَّمَ (سُفْيَانُ) بعده: أنَّه ابن عُيَيْنَة الإمام [1] المشهور، وكذا تَقَدَّمَ (عَمْرٌو): أنَّه ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا قهرمان آل الزُّبَير، هذا ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلم» شيءٌ، وإنَّما روى له [2] التِّرْمِذيُّ وابن ماجه.

    قوله: (جَالِسًا مَعَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَمْرِو بْنِ أَوْسٍ): أمَّا (جابر بن زيد)؛ فهو الإمام أبو الشعثاء الأزديُّ، صاحب ابن عَبَّاس، وعنه: قتادة، وأيُّوب، وخلقٌ، قال ابن عَبَّاس: لو نزل أهل البصرة عند قوله؛ لأوسعهم علمًا من كتاب الله، وقد تَقَدَّمَت ترجمته، وأمَّا (عمرو بن أوس)؛ فهو ثقفيٌّ، يروي عن أبيه، والمُغيرة، وعدَّةٍ، وعنه: ابن سيرين، وعَمرو بن دينار، وعدَّةٌ، قال فيه أبو هريرة: وعندكم عمرو بن أوس؟!

    قوله: (بَجَالَةُ): هو بفتح المُوَحَّدة، وتخفيف الجيم، وبعد الألف لام مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، ابن عَبَدة، كاتب جَزْء بن معاوية، روى عن عبد الرَّحْمَن بن عوف وغيره، وعنه: قتادة وعَمرو بن دينار، ثقةٌ، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، والتِّرْمِذيُّ، وثَّقهُ أبو زرعة، وعَبَدة؛ بفتح المُوَحَّدة، وقيل: بسكونها، وقيل فيه: عَبْد، تَقَدَّمَ.

    قوله: (كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ): هو بفتح الجيم، ثمَّ زاي ساكنة، ثمَّ همزة، قال ابن قرقول: كذا ضبطه الأصيليُّ هكذا: بفتح الجيم، وسكون الزاي، وهمزة بعدها، وقيَّدَه عَبْد الغَنيِّ: بكسر الزاي، قال الدَّارَقُطْنيُّ: المحدِّثون يقولون: (جِزْي)؛ بكسر الجيم، وأهل اللغة والعربيَّة [3] يقولون: (جَزْء)، وكذا قيَّدناه عن الصدفيِّ، وكذا ذكره الخطيب إلاَّ أنَّه لم يقيِّد الجيم، وقيَّدَه بعضهم: جُزَي؛ أعني: بعض الرواة، والصحيح المشهور فيه وفي الذي قبله _يعني: محمئة بن جَزءٍ_ جَزْءٌ، انتهى.

    وهو جَزْء بن معاوية بن حُصين بن عبادة بن النزَّال بن مُرَّةَ بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، قال أبو عمر بن عَبْدِ البَرِّ: لا تصحُّ له صحبةٌ، وكان عاملًا لعمر بن الخَطَّاب على الأهواز، انتهى.

    (1/6080)

    قوله: (عَمِّ الأَحْنَفِ): يعني: الأحنف بن قيس أبا بحر التميميَّ، يروي عن عمر، وعثمان، وعليٍّ، وعدَّةٍ، وعنه: الحسن، وحُميد بن هلال، وجماعة، وكان سيِّدًا نبيلًا، تُوُفِّيَ سنة (67 هـ) وقيل: سنة (72 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أحمد العِجْليُّ: بصريٌّ ثقةٌ، وكان سيِّد قومه، وكان أعور، أحنف، دميمًا، قصيرًا، كوسجًا، له بيضة واحدة، وقيل: إنَّ عينه أُصيبَت بسمرقند، وقيل: ذهبت بالجُدريِّ.

    قوله: (فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ [4] قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ): تَقَدَّمَ في (الجنائز) أنَّ عمر تُوُفِّيَ سنة ثلاث وعشرين، وذكرتُ شهر وفاته، وسيأتي ذلك في مناقبه، والله أعلم.

    [ج 1 ص 814]

    [قوله: (فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ): يحتمل وجهين، أحدهما: أنَّ الله تعالى لم يأمر بأخذ الجزية إلاَّ من أهل الكتاب، وأهل الكتاب لا ينكحون ذوات المحارم، فإذا استُعمِل فيهم قوله: «سنُّوا بهم سنَّة أهل الكتاب»؛ احتمل ألَّا تُقبَلَ منهم الجزية إلاَّ أن يُسَنَّ بهم سنَّة أهل الكتاب في مناكحم أيضًا، ثانيهما: أن يكون عمر غلب على المجوس عَنوةً، ثمَّ أبقاهم في أموالهم عبيدًا يعملون بها، والأرض للمسلمين، ثمَّ رأى أن يفرِّق بين ذوات المحارم من عبيده الذين استبقاهم على حكمه، واستحياهم باجتهاده، وأنَّ ذلك كان متعبَّدًا في أصل استحيائهم، واستبقائهم، ويكون اجتهاده في تفريقه بين ذوات محارمهم مستنبَطًا من قوله: «سُنُّوا بهم سنَّة أهل الكتاب»؛ أي: ما كان أهل الكتاب يُحمَلون عليه في حريمهم ومُناكحتهم؛ فاحملوا عليه المجوس.

    وقال الخَطَّابيُّ: أراد عمر أنَّهم يُمنعون من إظهار هذا للمسلمين، وإفشائه في مشاهدهم، وأن يُفشوها كما يُفشي المسلمون أنكحتهم، قاله شيخنا رحمه الله] [5].

    قوله: (هَجَرٍ): مدينةٌ باليمن، وهي قاعدة البَحْرين، وهي بفتح الهاء والجيم، ويقال فيها: الهجر بالألف واللام، كذا في البُخاريِّ وإن كان الحديث معلَّقًا، بينها وبين البَحْرين عشر مراحل، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: اسم بلد، مذكَّر مصروف، والنسبة إليه: هاجريٌّ، على غير قياس، انتهى، وقال الزجَّاج: (هجر): يذكَّر ويؤنَّث، ولهم (هجر) أخرى بقرب المدينة المشرَّفة، يُصنع بها القلال [6]، والله أعلم.

    (1/6081)

    قوله: (وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ ... ) إلى آخره: هذا قول بجالة، وقد رأيت بخطِّ شيخنا العلَّامة البُلْقينيِّ ما لفظه: فائدة: في اتِّصال إسناد هذا الحديث نظر، فإنَّ بجالة لم يلق عمر [7]، إلى أن قال: لم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتَّى شهد عبدُ الرَّحْمَن بن عوف، ولم يقل بَجالة: كنت شاهدًا للشهادة المذكورة، ولا كنت حاضرًا، ولا سمعت عبد الرَّحْمَن بن عوف، وقال [8] الشَّافِعيُّ رضي الله عنه في «الأمِّ»: أخبرنا سفيان بن عُيَيْنَة عن عمرٍو: أنَّه سمع بَجالة يقول: ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرَّحْمَن بن عوف أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أخذ من مجوس أهل هجر، قال الشَّافِعيُّ: وحديث بَجالة متَّصل ثابت؛ لأنَّه أدرك عمر رضي الله عنه، وكان رجلًا في زمانه كاتبًا لعُمَّاله، انتهى.

    ولا يلزم من [9] أن يكون أدرك عمر رضي الله عنه وأنَّه كان رجلًا في زمانه كاتبًا لعُمَّاله أن يكون متَّصلًا لما قدَّمناه، وإخراج البُخاريِّ هذا الحديثَ بهذا السند وهذا اللفظ يقتضي أنَّه متَّصل [10] عنده كما قال الشَّافِعيُّ، وفيه من النظر ما أبديته، ولم يأت فيه أنَّ بَجالة قال: (عن)، ولا قال: (قال)، فأين الاتِّصال؟! ورواه التِّرْمِذيُّ عن عمرو بن دينار عن بَجالة: (أنَّ عمر كان [11])، وهذا أظهر في الاتِّصال من غيره، انتهت، انتهى، ولعلَّ الجواب: أنَّه لولا ثَبَت عند البُخاريِّ لقيُّ بَجالة عمر؛ ما أخرجه، ولأنَّ بَجالة ليس مدلِّسًا، أو أنَّه كتابة، والكتابة متَّصلة وإن لم يجزئ معها، على القول الصحيح، والله أعلم.

    (1/6082)

    [حديث: أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء]

    3158# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّمَ (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّمَ (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ) ضبطًا، وأنَّه صَحَابيٌّ صغير ابن صَحَابيٍّ، مَرَّاتٍ.

    قوله: (أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الأَنْصَارِيَّ): وهو حليفٌ لبني عامر بن لؤيٍّ، وكان شهد بدرًا، كذا هو في «البُخاريِّ»، وكذا سمَّاه ابن إسحاق: عمرو بن عوف، قال الدِّمْيَاطيُّ: ذكره ابن إسحاق وابن سعد فيمن شهد بدرًا من المهاجرين، وقالا: عُمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو، مات في خلافة عمر، انتهى، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: عَمرو بن عوف بدريٌّ، كذا سمَّاه ابن إسحاق، وكذا هو في «البُخاريِّ» في حديث المِسْوَر في تسمية مَن شهد بدرًا، وسمَّاه موسى بن عقبة وأبو معشر والواقديُّ: عُمير بن عوف، تُوُفِّيَ زمن عمر.

    فقد اختلف الدِّمْيَاطيُّ والذَّهَبيُّ في النقل عن ابن إسحاق كما ذكرته لك، وأمَّا [1] ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»؛ فذكره في عُمير فقال: عمير بن عوف مولى سهيل بن عَمرو العامريِّ، يكنى أبا عَمرو، هذا قول موسى بن عقبة وأبي معشر والواقديِّ، وكان ابن إسحاق يقول: عَمرو بن عوف ... إلى آخر كلامه، وذكره في عَمرو فقال: الأنصاريُّ، حليفٌ لبني عامر بن لؤيٍّ، شهد بدرًا، يقال فيه: عمير، انتهى.

    وقد رأيته في غير مؤلَّف: عَمرًا، وابن سيِّدِ النَّاسِ ذكر فيه القولَين، وقدَّم عَمرًا، وأمَّا المِزِّيُّ [2] فذكره في «الأطراف» فقال: عمرو بن عوف الأنصاريُّ البدريُّ، حليف بني عامر بن لؤيٍّ، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، انتهى، وكذا في «تذهيب الذَّهَبيِّ» لم يذكر فيه خلافًا، بل قال: عَمرو بن عوف، انتهى.

    وحديثه هذا أخرجه البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، ولم يخرِّجه أبو داود.

    (1/6083)

    قوله: (أَبَا عُبَيْدَةَ ابْنَ الْجَرَّاحِ): هو أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة، أشهر من أن يذكر، وهو أمين هذه الأمَّة، واسمه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند»، قَتَل أباه يوم بدر، روى عنه أبو أمامة، وقيس بن أبي حازم، وعبد الرَّحْمَن بن غَنْم، وعدَّةٌ، وانقطع عقبه، وهو فِهْريٌّ، مات سنة ثماني عشرة، وله ثمانٍ وخمسون سنة، رضي الله عنه.

    قوله: (إِلَى الْبَحْرَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا.

    قوله: (وَأَمَّرَ): هو بتشديد الميم، من الإمارة.

    قوله: (الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ): اسم الحضرميِّ عبدُ الله بن عبَّاد، أو ابن عمَّار، أو ضماد، صَحَابيٌّ مشهور، أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند»، وهو حليف بني أُمَيَّة، بعثه عليه الصَّلاة والسَّلام إلى البحرين إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين، ثمَّ فتح الله البحرين على رسوله، فولَّى عليه الصَّلاة والسَّلام العلاءَ عليها، ثمَّ أقرَّه عليها الصِّدِّيق، ثمَّ الفاروق، ثمَّ ولَّاه عُمر البصرة، فمات قبل أن يصل إليها سنة أربع عشرة، وقال أبو حسَّان الزياديُّ: تُوُفِّيَ سنة إحدى وعشرين واليًا على البحرين، ترجمته معروفة فلا نطوِّل بها، رضي الله عنه.

    قوله: (بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ): قال بعض حفَّاظ المصريِّين: في «مصنف ابن أبي شيبة» عن حميد بن هلال: أنَّه مئة ألف، قال: وهو أوَّل خراج قَدِمَ به عليه، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك، وسيجيء قريبًا أيضًا.

    قوله: (قَالُوا: أَجَلْ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: نعم، وأنَّه بفتح الهمزة والجيم، ساكن اللام.

    قوله: (فَأَبْشِرُوا): هو بقطع الهمزة، وكذا (وَأَمِّلُوا)، وكسر الشين، وكسر الميم المُشَدَّدة.

    قوله: (لاَ الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ): (الفقرَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروف.

    قوله: (أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا): (تُبسَط): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (بُسِطَت): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (وَتُهْلِكَكُمْ): هو مَنْصُوبٌ معطوفٌ على (تُبْسَط) المنصوب.

    ==========

    [1] (أما): ليس في (ب).

    [2] في (أ): (المزني)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 815]

    (1/6084)

    [حديث: بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

    3159# 3160# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ): هو بفتح الراء، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، منسوب إلى الرَّقَّة؛ بفتحها أيضًا.

    قوله: (حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ): كذا في أصلنا منسوبًا، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وكذا في «أطراف المِزِّيِّ»، قال شيخنا: والمعتمر هذا هو ابن [1] سليمان بن طرخان، كما قاله أصحاب الأطراف والمستخرجات، والمترجمون، وأمَّا الحافظ الدِّمْيَاطيُّ؛ فقال: إنَّه وَهَمٌ، والصواب: المعمَّر بن سليمان الرَّقِّيُّ؛ لأنَّ عبد الله بن جعفر الرَّقِّيَّ لا يروي عن التيميِّ، ولم نرَه لغيره، ولا ذُكِر المُعَمَّر في رجال البُخاريِّ، ولمَّا [2] ذكروا ابن جعفر؛ قالوا: يروي عن المعتمر التيميِّ، انتهى.

    واعلم أنَّ ابن قرقول ذكر هذا المكان فقال: «أنَّ المعتمر بن سليمان»، كذا للقابسيِّ، وابن السكن، وأبي ذرٍّ، والأصيليِّ، في الموضعين، قالوا: وهو وَهَمٌ، وإنَّما هو

    [ج 1 ص 815]

    المعمَّر بن سليمان الرَّقِّيُّ، وكان في أصل الأصيليِّ، فأقحم عليه التاء، وأصلحه في الموضعين، وقال: المعتمر صحيح، وقال غيره: بل المعمَّر هو الصحيح، وهو الذي يروي عنه الرَّقِّيُّ، والرَّقِّيُّ لا يروي عن المعتمر بن سليمان البصريِّ التيميِّ، ولم يذكر الحاكم ولا الباجيُّ في رجال البُخاريِّ المعمَّرَ بنَ سليمان، وذكر الباجيُّ عبد الله بن جعفر فقال: يروي عن المعتمر، ولم يذكر البُخاريُّ في «تاريخه» لعبد الله بن جعفر رواية عن المعتمر، انتهى.

    قوله: (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ): هو بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، وهذا ظاهِرٌ عند أهله معروفٌ.

    (1/6085)

    قوله: (فِي أَفْنَاءِ الأَمْصَارِ): قال شيخنا: قال ابن بَطَّالٍ: هم طوائف منهم، لم يكونوا من فخذ واحد، انتهى، وقال ابن قرقول: في أفناء الناس؛ أي: جماعتهم، الواحد: فِنْوٌ، وقيل: في أفناء الناس: أخلاطُهم، يقال للرجل إذا لم يُعرَف من أيِّ قبيلة هو: من أفناء الناس والقبائل، وقيل: الأفناء: النُّزَّاع من القبائل من ههنا ومن ههنا، وحكى أبو حاتم: أنَّه لا يقال في الواحد: هذا من أفناء الناس، إنَّما يقال في الجماعة: هؤلاء من أفناء الناس، انتهى، وفي «النهاية»: رجل من أفناء الناس؛ أي: لم يُعلَم ممَّن هو، الواحد: فِنْوٌ، وقيل: هو من الفِناء؛ وهو المتَّسع أمام الدار، ويجمع أيضًا على أفنية.

    قوله: (فَأَسْلَمَ الْهُرْمُزَانُ): هو بضَمِّ الهاء، وإسكان الراء، وضمِّ الميم، وفي آخره نون مضمومة في حالة الرفع، غير مصروفٍ، وليس هو بتثنيةٍ.

    قال بعض حفَّاظ المصريِّين الآن: وهو [3] رستم، سمَّاه ابن أبي شيبة من رواية أبي وائل شقيق بن سلمة عن المغيرة، انتهى، وهو اسمٌ لبعض أكابر الفرس، وهو دِهْقانُهم الأصغر، أسره أبو موسى الأشعريُّ عبدُ الله بن قيسٍ رضي الله عنه، وبعثه مع أنس إلى عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه [4]، فقال له عمر رضي الله عنه: تكلَّم، فلم يتكلَّم، فقال له: تكلَّم لا بأس عليك، فتكلَّم، ثُمَّ طلب ماءً، فأُحضِر له، فقال له عمر: اشرب لا بأس عليك، ثمَّ أراد عمر رضي الله عنه قتله؛ لكونه أسيرًا، فقال له أنس: قد آمنته بقولك: لا بأس عليك، فتركه عمر، ثمَّ أسلم الهرمزانُ، ورأيت في «الاستيعاب» في ترجمة عُبيد الله بن عمر بن الخَطَّاب: أنَّ عبيد الله قتل الهرمزانَ بعد أن أسلم، وعفا عنه عثمان، فلمَّا وَلِيَ عليٌّ؛ خَشِيَ على نفسه، فهرب إلى معاوية، فقُتِل بصفِّين، انتهى.

    ودفن عبيد الله بحمص بقرب خالد بن الوليد، قال الذَّهَبيُّ في سنة ثلاث وعشرين في آخرها: عمر بن الخَطَّاب، وقُتِل الهرمزانُ صاحبُ تُسْتَر عند قتل عمر بالمدينة، قتله عُبيد الله بن عمر على الوَهَم، رحمه الله، انتهى.

    قوله: (فَقَالَ: إِنِّي مُسْتَشِيرُكَ فِي مَغَازِيَّ هَذِهِ): أي: فقال له عمر بن الخَطَّاب _أعني: للهرمزان_: إنّي مستشيرك ... ؛ الحديث، فاستشاره عمر في ذلك، وقد نصح رحمه الله تعالى، و (مغازيَّ)؛ بتشديد الياء، هي ياء الإضافة.

    قوله: (مَثَلُهَا وَمَثَلُ مَنْ فِيهَا): (مثَل) في الموضعين: بفتح الثاء.

    (1/6086)

    قوله: (فَإِنْ كُسِرَ أَحَدُ الْجَنَاحَيْنِ): (كُسِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مضموم الكاف مكسور السين، و (أحدُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    قوله: (نَهَضَتِ الرِّجْلاَنِ [5] وَالرَّأْسُ): (الرأسُ): مَرْفُوعٌ معطوف على (الرِّجْلَين)، وهما مَرْفُوعٌ فاعل (نهضت).

    قوله: (فَالرَّأْسُ كسْرَى): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الكاف وفتحها، وهو لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الفرس، كما تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق.

    قوله: (وَالْجَنَاحُ قَيْصَرُ): تَقَدَّمَ أنَّه لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الروم، واسم هذا هِرَقْل، وقد قَدَّمْتُ ماذا جرى له، وأنَّه هلك [6] في بلاده سنة عشرين.

    تنبيهٌ: لم يذكر الرِّجْلَين، وأراد بهما مَن سوى هؤلاء الثلاثة من الأمم، والله أعلم.

    قوله: (فَنَدَبَنَا عُمَرُ): أي: دعانا، وضَبْطُ (نَدَبَ) معروفٌ، و (عمرُ): مَرْفُوعٌ فاعل، والضمير في (ندبَ): مفعولٌ مَنْصُوبٌ [7].

    قوله: (وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ): (مُقَرِّن): بضَمِّ الميم، وفتح القاف، وكسر الراء المُشَدَّدة، ثمَّ نون، صَحَابيٌّ معروف مشهور، كان معه رضي الله عنه لواء مُزينة يوم الفتح، هاجر هو وإخوته السبعة؛ وهم النعمان، ومعقل، وعَقِيل، وسُويد، وسنان، وعبد الرَّحْمَن، قال أبو عمرو بن الصلاح: وسابعٌ لم يسمَّ لنا، انتهى، وقد سمَّاه ابن فتحون في «ذيل الاستيعاب»: عبد الله بن مقرِّن، وحكى ابن فتحون قولًا: أنَّ بني مقرِّن عشرة، والله أعلم، وحكى الطَّبَريُّ أيضًا في الصَّحَابة: ضرار بن مقرِّن، وذكر ابن عَبْدِ البَرِّ: نعيم بن مقرِّن، خَلَفَ أخاه لمَّا قُتِل بنُهاوندَ، والله أعلم، أخرج للنعمان الجماعة وأحمد في «المسند»، استشهد في وقعة نُهاوندَ _كما تَقَدَّمَ هنا_ سنة إحدى وعشرين يوم جمعة، قال عبد الله بن مسعود _كما رواه ابن عَبْدِ البَرِّ بسنده إليه_: (إنَّ للإيمان بيوتًا، وللنفاق بيوتًا، وإنَّ بيت بني مقرِّن من بيوت الإيمان).

    قوله: (خَرَجَ عَلَيْنَا عَامِلُ كِسْرَى فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا): (عامله): أي: نائبه، ولا أعرف اسمه، وقال بعض حفَّاظ مِصر الآن: إنَّ اسمه بندار، سمَّاه الطَّبَريُّ في روايته من طريق مبارك بن فَضالة، ووقع في رواية ابن أبي شيبة في حديث معقل بن يسار: أنَّه ذو الحاجبين، ويجمع بأنَّ ذاك اسمه، والثاني لقبه، انتهى.

    (1/6087)

    قوله: (فَقَامَ ترْجُمَانٌ): هو بفتح التاء وتُضمُّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الترجمان) في أوَّل هذا التعليق، وهذا الترجمان لا أعرف اسمه.

    قوله: (لِيُكَلِّمْنِي): هو بجزم الميم على الأمر، واللام لام الأمر.

    قوله: (مَا أَنْتُمْ؟): أي [8]: ما صفتكم؟

    قوله: (نَمَصُّ): هو بفتح الميم، وقد تَقَدَّمَ في (امصص بظر اللات) في (الصلح).

    قوله: (الأَرَضِينَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الراء، وأنَّه يجوز تسكينها على قلَّة.

    قوله: (أَنْفُسِنَا): هو بضَمِّ الفاء؛ أي: من العرب.

    قوله: (نَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ): أراد به شرفه ونسبه؛ لأنَّ الأنبياء لا تبعث إلاَّ من أشراف قومهم، فوصف شرف الأبوين من الأب والأمِّ.

    [ج 1 ص 816]

    قوله: (فِي نَعِيمٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا [9] قَطُّ): (يُرَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مثلُها): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ، وأراد بـ (النعيم): النعمة، ولهذا أنَّثها، والنعمة في اللغة: اليد، والصنيعة، والمنَّة، وما أنعم به عليك، وكذلك النُّعمى، فإن فتحت النون؛ مددت، فقلت: النَّعماء، والنعيم مثله، والله أعلم.

    قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَت اللغات التي فيها في أوَّل هذا التعليق.

    قوله: (رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللهُ مِثْلَهَا): يريد: ربَّما قد شهدت مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما سلف مثل هذه الأحوال الشديدة، وشهدت معه القتال، فلم يندِّمْك ما لقيت معه من الشدَّة، ولم يُخْزِك [10] لو قُتِلْتَ معه؛ لِعلمك بما تصير إليه من النعيم وثواب الشهادة، يغبطه بما تَقَدَّمَ من كلامه، ويعذر إليه فيما يريد أن يقول، والله أعلم.

    قوله: (وَلَكِنْ [11] شَهِدْتُ الْقِتَالَ): (شهدتُ): بضَمِّ التاء على التكلُّم، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (حَتَّى تَهُبَّ الأَرْوَاحُ): يعني: الرياح، قال ابن قرقول: ولا يقال: الأرياح، انتهى، وقال الجوهريُّ: (والريح واحدة «الرياح» و «الأرياح»، وقد تُجمَع على «أرواح»؛ لأنَّ أصلها الواو، وإنَّما جاءت بالياء؛ لانكسار ما قبلها، فإذا رجعوا إلى الفتح؛ عادت الواو؛ كقولك: أَرْوَحَ الماءُ)، انتهى، وفي «النهاية» لابن الأثير: («الأرواح»: جمع «ريح»؛ لأنَّ أصلها الواو، وتُجمَع على «أرياح» قليلًا، وعلى «رياح» كثيرًا)، انتهى.

    ==========

    [1] (ابن): سقط من (ب).

    [2] في (أ): (وكما)، ولعلَّه تحريفٌ.

    [3] في (ب): (واسمه).

    [4] (الترضية): ليس في (ب).

    (1/6088)

    [5] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (بِجَنَاحٍ).

    [6] زيد في (ب): (على كفره).

    [7] في (ب): (مَنْصُوبٌ مفعول).

    [8] (أي): ليس في (ب).

    [9] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يَرَ مثلَها).

    [10] في (ب): (يحزنك)، وهي رواية في الحديث.

    [11] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ولكنِّي).

    (1/6089)

    [باب: إذا وادع الإمام ملك القرية هل يكون ذلك لبقيتهم؟]

    قوله: (بَابُ إِذَا وَادَعَ الإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ؟): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب [1] بلا إسناد، ثمَّ قال: المسألة المختلف فيها بين العلماء: إذا وادع الملك عن رعيَّته _عمومًا أو خصوصًا_ ولم ينصَّ على نفسه؛ هل يدخل ضمنًا وعادةً، أو لا يدخل إلَّا لفظًا؟ والأصل بقاؤه على إباحة [2] الدم، وما في حديث صاحب أيلة كيفيَّة طلبه للموادعة، هل كان لنفسه، أو لهم، أو للمجموع؟ لكنَّه نسب الهديَّة إليه خاصَّة، ونسب الموادعة للجميع، فأخذ من ذلك أنَّ مهادنة الملك أو غيره لا تدخل فيه الرعيَّة إلاَّ بنصٍّ على التخصيص، انتهى.

    وقد نقل شيخنا الإجماع على أنَّ الإمام إذا صالح ملك قرية أن يدخل في ذلك الصلح بقيَّتهم؛ لأنَّه إنَّما صالح عن نفسه، ورعيَّته، ومَن يلي أمره، ويشتمل عليه بلدُه وعملُه، ألا ترى أنَّ في كتاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تأمينَ ملك أيلة وأهل بلده؟ واختلفوا إذا أمَّن طائفةً منهم؛ هل يدخل في ذلك العاقدُ للأمان؟ انتهى.

    قوله: (وَادَعَ الإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ): (وادع): صالح، و (الإمام): مَرْفُوعٌ فاعل، و (ملكَ): مَنْصُوبٌ مفعول، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (على عادته).

    [2] في (ب): (إعادة).

    [ج 1 ص 817]

    (1/6090)

    [حديث: غزونا مع النبي تبوك]

    3161# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه (وُهَيب) مُصَغَّر [1]، وأنَّه ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    قوله: (عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ): هو بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وهو العَبَّاس بن سهل الساعديُّ، مشهور الترجمة.

    قوله: (عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (أبي حميد) عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد، الخزرجيُّ، مدنيٌّ، تُوُفِّيَ في آخر خلافة معاوية رضي الله عنه، و (أبو حُميد): بالتصغير.

    قوله: (غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبُوكَ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ تبوك في السنة التاسعة، قال ابن إسحاق: في رجب، وسيأتي ما في الشهر في (غزوة تبوك) إن شاء الله تعالى.

    قوله: (وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ): (أيلة): مدينةٌ معروفة، ومَلِكُها تَقَدَّمَ أنَّه يوحنَّا بن روبة، وعن خطِّ الدِّمْيَاطيِّ: يوحنة بن روبة، قال شيخنا: وهو ما ذكره ابن إسحاق، انتهى، وتَقَدَّمَ أنَّ الظاهر هلاكه على كفره، وفي «صحيح مسلم»: أنَّه ابن العَلْمَاء.

    قوله: (بَغْلَةً بَيْضَاءَ): تَقَدَّمَ ذكر بغلاته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأنَّها سبع، أو ستٌّ، أو خمس، وتَقَدَّمَ ذكر هذه معها.

    قوله: (وَكَسَاهُ بُرْدًا): تَقَدَّمَ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هو الذي كسا ملك أيلة، وتنبيهٌ: أنَّ في بعض روايات أبي ذرٍّ: (فكساه)؛ بالفاء، وكذا هي في أصلنا في حديث أبي حُمَيد هذا بالفاء، وفوقها واو عليها صورة (صح)، وعلى الفاء علامة راويها.

    قوله: (وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ): أي: ببلدهم، وقد تَقَدَّمَ.

    (1/6091)

    [باب الوصايا بأهل ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم]

    قوله: (بَابُ الْوَصَايا) _وفي نسخة: الوَصَاةِ_ (بِأَهْلِ ذِمَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قال الدِّمْيَاطيُّ: أوصيت له بشيء، وأوصيت [إليه]؛ إذا جعلتَه وصيَّك، والاسم: الوَصاية، وأوصيته ووصيَّته أيضًا توصيةً، والاسم: الوَصاة، انتهى، وما ذكره لخَّصه من كلام الجوهريِّ.

    قوله: (بِأَهْلِ ذِمَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هم أهل الذمَّة، وقد تَقَدَّمَ ذلك في قول عُمر رضي الله عنه: (وأوصيه بذمَّة الله وذمَّة رسوله)؛ أنَّهم أهل الذمَّة.

    (1/6092)

    [حديث: أوصيكم بذمة الله فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم]

    3162# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بالجيم والراء، وأنَّه نصر بن عمران الضُّبَعِيُّ، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمته، وكونه روى عن جويرية بن قدامة، ويقال فيه: جارية بن قدامة، فاعلم أنَّه انفرد عنه فيما أعلم، ولا أعلم روى عن جويرية بن قدامة إلاَّ أبو جمرة نصرٌ هذا، وانفرد بالإخراج لجويرية هذا البُخاريُّ، لم يخرِّج له أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا هو، والله أعلم.

    ==========

    [ج 1 ص 817]

    (1/6093)

    [باب ما أقطع النبي من البحرين]

    قوله: (بَابُ مَا أَقْطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على (البحرين) غَيْرَ مَرَّةٍ.

    [ج 1 ص 817]

    قوله: (وَلِمَنْ يُقْسَمُ الْفَيْءُ وَالْجِزْيَةُ): (يُقسَم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الفيءُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (الجزيةُ): معطوف عليه، اعلم أنَّ أهل اللغة قالوا: المغنم والغنيمة بمعنًى، يقال: غنم القوم يَغنَمون غُنمًا؛ بالضَّمِّ، قالت الشَّافِعيَّة: الغنيمة في اللغة: الفائدة، وقالوا: المال المأخوذ من الكفَّار ينقسم إلى ما يحصُل بغير قتال وإيجاف خيل وركاب، وإلى حاصل بذلك، ويُسَمَّى الأوَّل فيئًا، والثاني غنيمةً، ثمَّ ذكر المسعوديُّ وطائفة من الشَّافِعيَّة: أنَّ اسم كلِّ واحد من المالَين يقع على الآخر إذا أُفرِد بالذكر، فإذا جُمِعَ بينهما؛ افترقا؛ كاسم الفقراء والمساكين، وقال الشيخ أبو حاتم القزوينيُّ وغيره: اسم الفيء يشتمل على المالَين، واسم الغنيمة لا يتناول الأوَّل، وفي لفظ الشَّافِعيِّ رحمه الله تعالى في «المختصر» ما يشعر بهذا، وقال القاضي أبو الطيِّب: الفرق بين الفيء والغنيمة وإن كان الجميع راجعًا من الكفَّار: أنَّ الفيء رجع من غير صُنع منَّا، فسُمِّي فيئًا؛ لأنَّه فاء بنفسه، وفي الغنيمة لنا صُنع، فلم يرجع بنفسه، بل ردَّه الغانمون على أنفسهم بتوفيق الله تعالى، والله أعلم.

    (1/6094)

    [حديث: فإنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني]

    3163# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وكذا تَقَدَّمَ (زُهَيْرٌ): أنَّه ابن معاوية بن حُديج الحافظ، أبو خيثمة، شيخ الجزيرة، وتَقَدَّمَ أنَّ (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    قوله: (أُثْرَةً): تَقَدَّمَ الكلام على لُغَاتِها، وأنَّها الاختصاص بالشيء المشترك، وقد تَقَدَّمَ مِن عند ابن سيِّدِ النَّاسِ في «سيرته»: أنَّ ذلك كان زمن معاوية.

    ==========

    [ج 1 ص 818]

    (1/6095)

    [حديث: لو قد جاءنا مال البحرين قد أعطيتك هكذا]

    3164# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهْبِذ، وتَقَدَّمَ أنَّ (إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمَ) هو ابن عُلَيَّة الإمام، أحد الأعلام.

    قوله: (فَقَالَ [1]: احْثُهْ): هو بهمزة وصل؛ لأنه ثُلاثيٌّ، وأمَّا الثاء فيه؛ مضمومة، ويجوز كسرها، فإنَّه يقال: حثا يحثو، وحثى يحثي، والهاء في آخره للسكت.

    (1/6096)

    [معلق ابن طهمان: أتي النبي بمال من البحرين فقال: انثروه في المسجد]

    3165# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ): أمَّا (إبراهيم بن طهمان)؛ فقد تَقَدَّمَ، وأنَّه أحد الأئمَّة، إلاَّ أنَّ فيه إرجاء، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وأمَّا (عبد العزيز)؛ فهو كما ذكر البُخاريُّ: ابن صهيب، وهذا تعليقٌ مجزوم به، وقد قَدَّمْتُ أنَّ البُخاريَّ علَّقه كذلك في (الصلاة)، و (الجهاد)، و (الجزية) هنا، فقال: وقال إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز عن أنس بهذا، قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: هكذا هو في «البُخاريِّ» غير منسوب، قال: وذكره أبو مسعودٍ الدِّمَشْقيُّ وخلفٌ الواسطيُّ في ترجمة عبد العزيز بن صُهيب عن أنس، وكذلك رواه عمر بن مُحَمَّد بن بُجير البُجيريُّ في «صحيحه» من رواية إبراهيم بن طهمان، عن عبد العزيز بن صُهيب [1]، عن أنس، وقيل: إنَّه [2] عبد العزيز بن رفيع، وقد روى أبو عوانة في «صحيحه» حديثًا من رواية إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز بن رفيع عن أنس: «تسحَّروا، فإنَّ في السَّحور بركةً»، وروى أبو داود والنَّسائيُّ حديثًا من رواية إبراهيم بن طهمان، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عُبيد بن عمير، عن عائشة حديث: «لا يحلُّ دم امرئ مسلم إلَّا في إحدى ثلاث ... »؛ الحديث، قال المِزِّيُّ: فيحتمل أن يكون هذا، ويحتمل أن يكون هذا، والله أعلم أيُّهما هو [3]، انتهى، وقد تَقَدَّمَ، وقد علمت أنَّ في أصلنا (عن عبد العزيز بن صُهيب)، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والمِزِّيُّ لم يترجَّح عنده أحدهما، وإنَّما أخرجه في ترجمة إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز بن صهيب تبعًا لخلف وأبي مسعود، والله أعلم.

    (1/6097)

    قوله: (فَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ): قال شيخنا: قال الشيخ أبو مُحَمَّد: كان مئة وثمانين ألفًا، وقال الداوديُّ: كان ثمانين ألفًا، ولعلَّه سقط من الكاتب «مئة ألف»، كما نبَّه عليه ابن التين، انتهى، وقد ذكر شيخنا في «الرقائق» ما لفظه: قدم أبو عُبيدة بمئة ألفِ ألفٍ وثمانين ألفَ ألفٍ، كذا في «جامع المختصر»، وفي غيره: أنَّهم كانوا مجوسًا، وقال قتادة: كان المال ثمانين ألفًا، قال ابن حبيب: وهو أكثر مالٍ قُدِمَ به على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال الزُّهْرِيُّ: قُدِم به ليلًا، قال قتادة: وصُبَّ على حَصيرٍ ... إلى آخر كلامه، وقد رأيت أنا في «تلخيص المستدرك» للذهبيِّ في ترجمة العَبَّاس: أنَّه كان ثمانين ألفًا، وقال: على شرط مسلم، ولم يتعقَّبْه الذَّهَبيُّ، والله أعلم، قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (وفي «مصنَّف ابن أبي شيبة» مسندًا: «بعث العلاءُ بن الحضرميِّ إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بمالٍ من البحرين ... »؛ الحديث)، انتهى.

    وفي كلام بعض حُفَّاظ العَصْرِ _وقد قَدَّمْتُ كلامه ضمن (باب ما جاء في القبلة) _: أنَّ في «ابن أبي شيبة» بإسناد جيِّد مع إرساله: أنَّ المال كان مئة ألفٍ، والمرسِل به العلاءُ بن الحضرميِّ من الخراج، وفي «الردَّة» للواقديِّ: أنَّ الرسول به العلاء بن جارية الثقفيُّ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ قريبًا [4] بعض [5] ذلك عن هذا الحافظ.

    قوله: (أَعْطِنِي): هو بقطع الهمز [6]؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (إِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا) تَقَدَّمَ الكلام على (الفداء): أنَّه كان من أربعة آلافٍ إلى ثلاثةٍ إلى ألفَين إلى ألْفٍ، وتَقَدَّمَ ماذا [7] كان يُصنَع بمَن كان فقيرًا، وتَقَدَّمَ ترجمة عَقِيل بن أبي طالب، وأنَّه تأخَّر إسلامه، وأنَّه أسلم قُبَيل الحديبية، وتَقَدَّمَ أنَّ العَبَّاس أيضًا فادى نوفل بن الحارث ابنَ أخيه أيضًا، والله أعلم.

    (1/6098)

    قوله: (عَلَى كَاهِلِهِ): (الكاهِل): بكسر الهاء، وهو مِن الإنسان ما بين كتفيه، وقيل: موصل العنق في الصلب، وهو الكَتِد، وقال الخليل: هو مقدَّم أعلى الظهر ممَّا يلي العنق، وهو الثلث الأعلى، وفيه ستُّ فَقارات، وعلى القول بأنَّه الكَتد _بفتح الكاف، ثمَّ مُثَنَّاة فوق مكسورة ومفتوحة، ثمَّ دال مهملة_: مغرز العنق في الصلب، وقيل: ما بين الثبج إلى منتصف الكاهل من الظهر، وقيل: من أصل العنق إلى أسفل الكتفين [8]، وقيل: مجتمع الكتفين من الفرس، وقد تَقَدَّمَ هذا، ولكن طال العهد به.

    قوله: (وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ): (ثَمَّ): بفتح الثاء؛ ومعناه: هناك، وقد تَقَدَّمَ.

    ==========

    [1] (بن صهيب): سقط من (ب).

    [2] في (ب): (هو).

    [3] (هو): سقط من (ب).

    [4] في (ب): (بعض ترجمته).

    [5] في (ب): (وبعض).

    [6] في (ب): (الهمزة).

    [7] في (ب): (ما).

    [8] في (ب): (الكعبين)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 818]

    (1/6099)

    [باب إثم من قتل معاهدًا بغير جرم]

    قوله: (بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا [1]): (المعاهَد) في الترجمة والحديث: بفتح الهاء وكسرها، والفتح أشهر وأكثر، وسيأتي في «الدِّيات»: (باب إثم من قتل ذميًّا بغير جرم)، وذكر هذا الحديث متنًا وإسنادًا، وقلَّ أن يعرض له مثلُ هذا، وقد ذكرتُ فيما مضى أحاديثَ قليلةً وقعت له كذلك، والله أعلم.

    فائدةٌ: الحديث الدائر على ألسنة الناس: «مَن آذى ذِميًّا؛ فأنا خصمه يوم القيامة» ذكره ابن الصلاح في «علومه» فقال: وكما بلغنا عن أحمد ابن حنبل أنَّه قال: أربعة أحاديثَ تدور عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في الأسواق ليس لها أصل: «مَن بشَّرني بخروج آذار؛ بشَّرته بالجنَّة»، و «من آذى ذميًّا ... »؛ الحديث، و «نحركم يوم صومكم»، و «للسائل حقٌّ وإن جاء على فرس»، قال شيخنا العِرَاقيُّ: لا يصحُّ هذا الكلام عن أحمد، فإنَّه أخرج حديثًا منها في «المسند»؛ وهو حديث: «للسائل حقٌّ ... »؛ الحديث، وقد ورد من حديث الحسين بن عليٍّ وأبيه عليٍّ وابن عَبَّاس والهرماس بن زياد، ثُمَّ شرع يخرِّجها [2] قال: وكذلك حديث: «مَن آذى ذميًّا ... »؛ الحديث، فهو مَعْرُوفٌ أيضًا بنحوه، رواه أبو داود من رواية صفوان بن سليم عن عدَّة من أبناء أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عن آبائهم دِنْيةً [3] عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أَلَا مَن ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس؛ فأنا حجيجه يوم القيامة»، سكت عليه أبو داود أيضًا، فهو عنده صالح، وهو كذلك إسناده جيِّد إلى أن قال: وقد رُوِّيناه في «سنن البيهقيِّ الكبرى» فقال في روايته: عن ثلاثين من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأمَّا الحديثان الآخران؛ فلا أصل لهما، ثُمَّ برهن على ذلك، انتهى.

    تنبيهٌ أيضًا [4]: ذكر ابن الجوزيِّ في «الموضوعات» بعد مضيِّ أربع ورقات من (كتاب الجهاد) في (باب مَنع مَن آذى أهل الذمَّة) ما لفظه: ونقلت من خطِّ القاضي أبي يعلى بن الفرَّاء قال: نقلت من خطِّ أبي حفص البرمكيِّ: سمعت أبا بكر أحمد الصَّيدلانيَّ: سمعت أبا بكر المروذيَّ يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد ابن حنبل ... ؛ فذكره، انتهى، لكن هذا وِجادةٌ على وِجادةٍ، والوِجادة منقطعةٌ، فهي ضعيفة، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ق): (من قتل معاهدًا)، وفي هامشها: (والفتح أشهر. «نهاية»).

    (1/6100)

    [2] في (ب): (فخرَّجها).

    [3] في «لسان العرب» مادة (دنا): (قالوا: هو ابن عَمِّي دِنْيَةً، ودِنْياً منوَّنٌ، ودِنْيَا غير مُنَوَّنٍ، ودُنْيَا مقصور؛ إِذا كان ابنَ عَمِّه لَحًّا).

    [4] (أيضًا): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 818]

    (1/6101)

    [حديث: من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة]

    3166# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنه ابن زياد، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وأنَّ له مناكيرَ اجتنبها البُخاريُّ ومسلمٌ.

    [ج 1 ص 818]

    قوله: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو): هذا هو الفُقَيميُّ الكوفيُّ، يروي عن إبراهيم ومجاهد، وعنه: ابن المبارك وابن فُضَيل، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (142 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وثَّقهُ أحمد وابن معين.

    قوله: (حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو): هذا هو ابن العاصي، وهذا منقطع فيما بين مجاهد وعبد الله بن عمرو، قال شيخنا كما بيَّنه البرديجيُّ في كتابه «المتصل والمرسل» بقوله: (مجاهد عن ابن عمرو) لم يسمع منه، وقد رواه مروان بن معاوية الفزاريُّ: حدَّثنا الحسن بن عمرو عن مجاهد، عن جنادة [1] بن أبي أُمَيَّة، عن عبد الله بن عمرو، قال الدَّارَقُطْنيُّ: وهو الصوابُ، وزعم الجَيَّانيُّ أنَّ في نسخة الأَصيليِّ: (عن عبد الله بن عُمر)؛ يعني: ابن الخَطَّاب، ولم يذكر خلافًا عن أبي أحمد وأبي زيد، انتهى.

    وقد راجعتُ «تقييد المُهْمَلَ» للجيَّانيِّ، فرأيته ذكره كذلك، وفيه: وقد تكرَّر هذا الحديث بهذا الإسناد في (كتاب القسامة) متَّصلًا لعبد الله بن عمرو بن العاصي، وقد أخرج البُخاريُّ في «كتاب الأدب» حديثًا من رواية الحسن بن عمرو الفُقيميِّ عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «ليس الواصل بالمكافئ»، وفي هذا الحديث علَّةٌ قد ذكرها النَّسويُّ والدَّارَقُطْنيُّ في «استدراكاته»، انتهى.

    وقال شيخ شيوخنا الحافظ صلاح الدين العلائيُّ في كتابه «المراسيل»: واختُلِف في روايته _يعني: رواية مجاهد، عن عبد الله بن عمرو_ فقيل: لم يسمع منه، قلت: أخرج له عنه البُخاريُّ حديثين، انتهى، وإنَّما أخرج له عنه ثلاثة أحاديث، والله أعلم؛ يعني: والبُخاريُّ لا يكتفي بمجرَّد إمكان اللقاء، وإن لم يصحَّ عنده أنَّه لقيه؛ لما أخرج له عنه، والله أعلم، ومجاهدٌ لا أعلمه مدلِّسًا.

    (1/6102)

    قوله: (لَمْ يَرَحْ): قال الهرويُّ في «الغريبَين» _وقد ذكره غيره، واللفظ للهرويِّ_: هذا يُروى على ثلاثة أوجه: «لم يَرَحْ»، و «لم يَرِح»، و «لم يُرِحْ»؛ بضَمِّ الياء [2]، يقال: رِحتُ الشيء أراحُهُ، ورِحْتُ الشيءَ أَرِيحُه، وأَرَحْتُه أُريحه؛ إذا وجدتَ ريحه؛ أراد [3]: لم يجد رائحة، انتهى.

    قوله: (وَإِنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ [4] مِنْ مَسْيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا): وفي «التِّرْمِذيِّ»: (من مسيرة سبعين عامًا)، قال شيخنا: وقد اختُلِف في مسافة ريح الجنَّة؛ فهنا: «أربعون»، وفي «التِّرْمِذيِّ»: «سبعون»، وفي «المُوَطَّأ»: «خمس مئة عامٍ»، فيحتمل _والله أعلم_ كما قال ابن بَطَّالٍ: أنَّ الأربعين هي أقصى أشدِّ العمر في قول الأكثرين، فإذا بلغها ابنُ آدم؛ زاد عملُه ويقينه، واستحكمتْ بصيرته في الخشوع لله، والندم على ما سلف، فكأنَّه وجد ريح الجنَّة الذي يبعثه على الطاعة، وتمكَّن من قلبه الأفعالُ الموصلة إلى الجنَّة، فهذا وجد ريح الجنة من مسيرة أربعين عامًا، وأمَّا السبعون؛ فإنَّها آخر المعترك، ويعرض للمرء عندها من الخشية والندم لاقتراب أجله ما لم يعرض له قبل ذلك، وتزداد طاعته بتوفيق الله تعالى، فيجد ريح الجنَّة من مسيرة سبعين عامًا، وأمَّا وجه الخمس مئة؛ فهي فترة ما بين نبيٍّ ونبيٍّ، فيكون مَن جاء في آخر الفترة واهتدى باتِّباع النَّبيِّ الذي كان قبل الفترة، ولم يضرَّه طولُها، فوجد ريح الجنَّة على خمس مئة عام، انتهى.

    (1/6103)

    فقوله: (بين نبيٍّ ونبيٍّ): هذا لا اعتراض فيه؛ لأنَّه لم يعيِّن أيَّ النَّبيَّين، ولكن في قوَّة كلامه التعميم، وأمَّا الفترة التي بين عيسى ومُحَمَّد صلى الله عليهما [5] وسلَّم؛ ففي «الصحيح» عن سلمان موقوفًا عليه: أنَّها ستُّ مئة سنة، وهو في «المستدرك» أيضًا عن ابن عَبَّاس موقوفًا عليه أيضًا في (مناقب عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام [6])، وهذا موقوفٌ لفظًا لا معنًى؛ لأنَّه لا مجال للاجتهاد فيه، وعن البغويِّ المفسِّر: أنَّ زمن الفترة بين عيسى ومُحَمَّد عليهما الصَّلاة والسَّلام ستُّ مئة سنة، قاله أبو عُثمان النهديُّ، وهذا مقطوعٌ، قال: وقال قتادة: (خمس مئة وستُّون سنة)، قال: وقال مَعْمَر والكلبيُّ: (خمس مئة وأربعون سنة)، وقال شيخنا في أوَّل شرح هذا الكتاب ما لفظه: وما ادَّعاه ابن الجوزيِّ في نفي الخلاف في زمن الفترة عن [7] (ستِّ مئة) عجيبٌ، فقد ذكر الحاكم في «إكليله»: أنَّها مئة وخمس [8] وعشرون سنة، وذكر غيره: (أنَّها أربع مئة)، انتهى.

    فتحصَّلنا في الفترة التي بين عيسى ومُحَمَّد صلَّى الله عليهما وسلَّم على أقوال: (ستُّ مئة)؛ وهي أثبت الروايات، (خمس مئة وستُّون سنة)، (خمس مئة وأربعون)، (خمس مئة)، (أربع مئة)، (مئة وخمس وعشرون)، فهذه ستَّة أقوال، والله أعلم.

    (1/6104)

    [باب إخراج اليهود من جزيرة العرب]

    قوله: (بَابُ إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ): (جزيرة): فيها اختلاف، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

    قوله: (أُقِرُّكُمْ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر القاف، وهذا مَعْرُوفٌ ظاهرٌ.

    ==========

    [ج 1 ص 819]

    (1/6105)

    [حديث: أسلموا تسلموا واعلموا أن الأرض لله ورسوله]

    3167# قوله: (إِلَى يَهُودَ): هو مجرورٌ، وعلامة الجرِّ فيه الفتحة؛ لأنَّه لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث.

    قوله: (بَيْتَ الْمِدْرَاسِ): هو بكسر الميم، وإسكان الدال المُهْمَلَة، وفي آخره سين مهملة أيضًا، على (مِفْعال)، وهو غريب في المكان، وهو البيتُ الذي يَقرَأ فيه أهلُ الكتاب كتابَهم، [مِن] دَرَسْتُ الكتاب: قرأتُه.

    قوله: (فَقَالَ: أَسْلِمُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر اللام، وهذا ظاهِرٌ، وهو رُباعيٌّ.

    قوله: (أَنْ أُجْلِيَكُمْ): هو بضَمِّ الهمزة؛ أي: أخرجكم عن دياركم.

    ==========

    [ج 1 ص 819]

    (1/6106)

    [حديث: ائتوني بكتف أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده أبدًا]

    3168# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ): قال الجَيَّانيُّ: وقال _أي: البُخاريُّ_ في (كتاب الجزية)، و (عُمرة القضاء)، و (تفسير البقرة): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنَة)، لم ينسب أحد من رواة الكتاب مُحَمَّدًا هذا فيما قيَّدناه عنهم، وقال في (كتاب الوضوء): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنَة، عن أبي حَازم، عن سهل بن سعد وسئل: بأيِّ شيء دُوويَ جرحُ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ ... )؛ الحديث، وذكر أبو نصرٍ مُحَمَّدَ بن سلَام فيمن روى عن ابن عُيَيْنَة، انتهى

    وقد ذكر شيخنا بعض كلام الجَيَّانيِّ من غير عزوٍ إليه، ثُمَّ قال: وقال في عدَّة مواضعَ: (عن مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، عن

    [ج 1 ص 819]

    ابن عُيَيْنَة)، وروى الإسماعيليُّ حديثَ الباب عن الحسن بن سفيان، عن مُحَمَّد بن خلَّاد الباهليِّ، عن ابن عُيَيْنَة، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «أطرافه».

    قوله: (يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟! ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام على مدَّة [1] شكواه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، والخلاف فيها.

    قوله: (بِكَتِفٍ): هو العظم العرِيض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدوابِّ، كانوا يكتبون فيه؛ لقلَّة الكاغَد عندهم، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الكتاب، وما أراد أن يكتب فيه، ثُمَّ رجع عنه إمَّا بوحي وإمَّا باجتهاد، وقد أراد كتابته إمَّا بوحي وإمَّا باجتهاد.

    قوله: (أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ): يأتي الكلام على هذه اللفظة، وفيه تعيين قائلها، وأنَّه عمر رضي الله عنه في (باب مرض النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ووفاته).

    قوله: (مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ): تَقَدَّمَ الكلام على (جزيرة العرب) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

    (1/6107)

    قوله: (وَالثَّالِثَةُ إِمَّا [2] سَكَتَ عَنْهَا، وَإِمَّا قَالَها فَنَسِيتُهَا): (إمَّا) في الموضعين: بكسر [3] الهمزة، وتشديد الميم، قال النَّوويُّ رحمه الله في «شرح مسلم»: (الساكت [4]: هو ابن عَبَّاس، والناسي: سعيد بن جُبَيرٍ)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ هذا الحديث وبِعَقِبِه [5] ما لفظه: (قال سفيان _يعني: ابن عُيَيْنَة المذكور في السند_: هذا من قول سليمان؛ يعني: الأحول)، انتهى، وكذا هنا أيضًا، وفي هذا مخالفةٌ لما قاله النَّوويُّ، فإنَّ سفيان جعله من كلام سليمان الأحول المذكور في السند، الراوي عنه سفيان، وهو راوٍ عن سعيد بن جُبَيرٍ، فعلى هذا: الساكت: سعيد بن جُبَيرٍ، وقد تَقَدَّمَ هذا المكان، والله أعلم.

    وقد تَقَدَّمَ أنَّ (الثالثة) إنفاذ جيش [6] أسامة، وقيل: العملُ بالقرآن، أو قوله: «لا تتَّخذوا قبري وَثَنًا يُعبَدُ»، أو الوصيَّة بالأرحام.

    (1/6108)

    [باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم؟]

    قوله: (بَابُ إِذَا غَدَرَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ؛ هَلْ يُعْفَى عَنْهُمْ؟): ثُمَّ ذكر الحديث الذي فيه سمُّ الشاةِ، وليس فيه العفو ولا عدمه، وقد تَقَدَّمَ فيما مضى، وسيأتي خلافٌ في أنَّه قتلها أم لا، وتَقَدَّمَ الجمع بين القولين.

    وقال شيخنا: قال الداوديُّ: والذي يدلُّ عليه ظاهر الأثر أنَّه أبقاهم؛ لحاجته إليهم في عمل الأرض، انتهى.

    (1/6109)

    [حديث: اجمعوا إلي من كان هاهنا من يهود]

    3169# قوله: (لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر، والخلاف فيه، ومدرك الخلاف، والله أعلم.

    قوله: (أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ): التي أهدت الشاة هي زينب بنت الحارث [1]، أخت مرحب اليهوديِّ، كذا في «مغازي موسى بن عقبة» و «دلائل النبوة» للبيهقيِّ، وقد قَدَّمْتُ تسميتها، ونزيد هنا: أنَّ شيخنا نقل عن الواقديِّ عن الزُّهْرِيِّ: أنَّ زينب التي سمَّتْه: هي ابنة أخي مرحب، وأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال لها: «ما حملك على هذا؟»، قالت: قتلت أبي [2]، وعمِّي، وزوجي، وأخي [3]، قال مُحَمَّد: فسألت إبراهيم بن جعفر عن هذا، فقال: أبوها الحارث، وعمُّها يسار وكان أجبن الناس، وهو الذي أُنزِل من الرَّفِّ، وأخوها زَبير، وزوجها سلَّام بن مشكم، ثُمَّ نَقَل ما قدَّمتُه أنا من أنَّها زينب أخت مرحب، عن السُّهَيليِّ.

    قوله: (فِيهَا سُمٌّ): هو مثلَّث السين، الأفصح الفتح، وأرْدؤها الكسر.

    قوله: (مَنْ أَبُوكُمْ؟ قَالُوا: فُلاَنٌ، فَقَالَ: كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلاَنٌ): (فلان) في الموضعين: لم أعرفه.

    قوله: (قَالَ [4]: اخْسَئُوا): هو بهمزة وصل، فإن ابتدأت بها؛ كسرتها، وفي آخره: همزة، وهذا مَعْرُوفٌ.

    قوله: (لَا نَخْلُفُكُمْ): هو بضَمِّ اللام.

    قوله: (لَمْ يَضُرَّكَ): يجوز في رائه الضمُّ والفتح، وقد تَقَدَّمَ الكلام فيه في: (لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ، إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ) [خ¦1825].

    ==========

    [1] في (ب): (الحرب)، وهو تحريفٌ.

    [2] في (ب): (قتلت أخي وأبي).

    [3] (وأخي): ليس في (ب).

    [4] كذا في النُّسخَتَين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَقَالَ)، ثمَّ زيد فيهما: (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

    [ج 1 ص 820]

    (1/6110)

    [باب دعاء الإمام على من نكث عهدًا]

    (1/6111)

    [حديث: إن فلانًا يزعم أنك قلت: بعد الركوع]

    3170# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ [1]): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ اسم (أبي اليمان) الحكم بن نافع، وفي أصلٍ لنا دمشقيٍّ: (أبو النعمان)؛ يعني: مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، عارمٌ، وقد طرَّفه المِزِّيُّ فقال: وفي (الجزية) _يعني: هذا المكان_ عن أبي النُّعمان مُحَمَّد بن الفضل [2]، وراجعتُ «تقييد المُهْمَلَ»، فلم أرَ هذا المكان فيه، وكذا لم أرَه في «المطالع» لابن قرقول، والذي ظهر لي أنَّ الصواب: (أبو النعمان) كما طرَّفه المِزِّيُّ، والله أعلم.

    قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ): هذا هو ابن سليمان الأحول، تَقَدَّمَ، وله ترجمة في «الميزان» وصحَّح عليه، وقد تَقَدَّمَ الكلام [3] أنَّ كلَّ مَن اسمه عاصم في حفظه شيءٌ.

    تنبيهٌ: عاصم بن عمر بن قتادة الإمام الثِّقة ليس له عن أنس شيءٌ في الكُتُب السِّتَّة سوى «أبي داود» حديثًا واحدًا.

    تنبيهٌ آخرُ: ليس في الكُتُب السِّتَّة أحدٌ يقال له: عاصم، يروي عن أنس سوى هذَين؛ الأحول وابن عمر بن قتادة، والله أعلم.

    قوله: (إِنَّ فُلَانًا يَزْعُمُ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ): (فلان): لا أعرفه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: هو مُحَمَّد بن سيرين.

    قوله: (كَذَبَ): اعلم أنَّ أهل الحجاز يطلقون لفظ (كذب) في موضع (أخطأ).

    قوله: (بَعَثَ أَرْبَعِينَ أَوْ سَبْعِينَ): تَقَدَّمَ الكلام على (بئر معونة)، والاختلاف في [4] عددهم، وأنَّها كانت عند أرباب المغازي في صفر على رأس أربعة أشهر من أُحُد عند ابن إسحاق، وأنَّ في الصحيح الجزم بـ (سبعين)، فيما تَقَدَّمَ.

    (1/6112)

    [باب أمان النساء وجوارهن]

    قوله: (بَابُ أَمَانِ النِّسَاءِ وَجوَارِهِنَّ): (الجوار)؛ بضَمِّ الجيم وكسرها: الذِّمام والعهدُ، وقد تَقَدَّمَ.

    (1/6113)

    [حديث: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ قالت: وذلك ضحى]

    3171# قوله: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ): هو بالضاد المُعْجَمَة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ (نصرًا) _بالصاد المُهْمَلَة_ لا يأتي بالألف واللام، و (النَّضْر) _الذي هو بالمُعْجَمَة_ لا يأتي إلا بالألف واللام، واسم هذا: سالم بن أبي أُمَيَّة، وقد تَقَدَّمَ، وثَّقهُ ابن معين والنَّسائيُّ، أخرج له الجماعة.

    قوله: (أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ): اسم (أبي مُرَّةَ) يزيد بن أبي مُرَّة، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسم أمِّ هانئ بنت أبي طالب.

    قوله: (عَامَ الْفَتْحِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ الفتح كان في رمضان سنة ثمانٍ يوم الجمعة، وتَقَدَّمَ الاختلاف كم كان في الشهر، وسيأتي أيضًا.

    تنبيهٌ شاردٌ: نقل شيخنا عن الداوديِّ أنَّه قال: قوله: (عام الحديبية وفاطمة ابنته تستره) وَهَمٌ من عبد الله بن يوسف شيخِ البُخاريِّ، قال: وهو عجيبٌ منه، فالذي في الروايات كلِّها: (يوم الفتح)، انتهى، وهو ظاهِرُ التوهيم؛ وذلك لأنَّ أمَّ هانئ لم تكن أسلمت يوم الحديبية، [ولا دخل عليه السلام مكَّة عام الحديبية؛ إنَّما دخلها في القضيَّة من العام القابِل، والظاهر: أنَّه وقع له في نسخة: (الحديبية)] [1]، وهي غلطٌ.

    قوله: (زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه أخوها لأبوَيها، وتَقَدَّمَ أنَّها إنما أرادت الحنوَّ، وأنَّهما جميعًا من بطنٍ واحد، وهو نظير قول هارون: {يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي} [طه: 94].

    قوله: (قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ، فُلاَنُ ابْنُ هُبَيْرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوائل هذا التعليق مُطَوَّلًا؛ فانظره.

    قوله: (فُلاَنُ ابْنُ هُبَيْرَةَ): يجوز في (فلان) و (ابن) الرفع والنصب، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    (1/6114)

    [باب: ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها أدناهم]

    قوله: (بَابُ ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَجوَارُهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ (الجوار) بالضَّمِّ والكسر، و (الذِّمَّة): العهد والأمان.

    ==========

    [ج 1 ص 821]

    (1/6115)

    [حديث: خطبنا علي فقال: ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله]

    3172# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [2] وَكِيعٌ): قال الجَيَّانيُّ: وقال البُخاريُّ في (الشركة)، و (الجزية)، و (اللباس): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا وكيع)، نسبه ابن السكن: (ابن سلَام)، وقد صَرَّحَ البُخاريُّ باسمه في (كتاب العلم) و (الفرائض) فقال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: أخبرنا وكيع، عن سفيان ... )؛ فذكر حديثًا، ثُمَّ قال: (وحدَّثنا ابن سلَام: أخبرنا [3] وكيع، عن سفيان)؛ يعني: الثَّوْريَّ ... ؛ فذكر حديثًا، وقال في (الوضوء): (وقال ابن المثنَّى: حدَّثنا وكيع عن الأعمش: سمعت مجاهدًا ... مثله)، وذكر أبو نصر أنَّ مُحَمَّد بن سلَام ومُحَمَّد بن مقاتل ومُحَمَّد بن عبد الله بن نمير روَوا في «الجامع» عن وكيع، انتهى، وشيخنا لخَّص كلام أبي عليٍّ، وأمَّا المِزِّيُّ؛ فلم ينسبه في «أطرافه».

    قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على (إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ)، واسم (أَبِيهِ): يزيد بن شريك، روى يزيد هذا عن عمر وأبي ذرٍّ، وعنه: ابنه إبراهيم، والحكم [4]، وغيرُهما، ثقةٌ، أخرج له الجماعة، وثَّقهُ ابن معين وغيره.

    قوله: (إِلَّا كِتَاب اللهِ): يجوز في (كتاب) النصب والرفع [5]، وبهما ضُبِط في أصلنا.

    قوله: (مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى كَذَا): تَقَدَّمَ الكلام على (عَيْر)، وعلى (كذا)، وأنَّ المراد: ثور، وتَقَدَّمَ كلام من أنكر ثورًا، وليس بمنكَر.

    قوله: (فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الحجِّ)، ومعناه: الإثم، وكذا (آوَى)، وأنَّ الأفصح مدُّ الهمزة؛ لأنَّه متعدٍّ، وإذا كان (آوى) متعديًّا؛ يكون الأفصح فيه المدَّ؛ كهذا الذي نحن فيه، وإن كان لازمًا؛ كان الأفصحُ القصرَ، هذه لغة القرآن، والله أعلم، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الصَّرْف) و (العَدْل)، وذكرت أقوالًا في كلِّ واحدٍ منهما، وكذا (فَمَنْ أخْفَرَ)، وأنَّ معناه: نقض العهد.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (حدَّثني).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أخبرنا).

    [3] في (ب): (حدَّثنا)، وكذا كانت في (أ)، ثمَّ أُصلِحت.

    [4] في (ب): (والحكيم)، وهو تحريفٌ.

    (1/6116)

    [5] في (ب): (الرفع والنصب).

    [ج 1 ص 821]

    (1/6117)

    [باب: إذا قالوا صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا]

    قوله: (إِذَا قَالُوا: صَبَأْنَا، وَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا [1]: أَسْلَمْنَا): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: (مقصود الترجمة: أنَّ المقاصد تعتبر بأدلَّتها كيفما كانت الأدلَّة، لفظيَّة أو غيرها، على وفق لغة العرب أو غيرها)، انتهى.

    قوله: (صَبَأْنَا): هو بهمزة ساكنة بعد المُوَحَّدة، ومعنى (صَبَأَ): خرج مِن دِينه إلى دِينٍ آخرَ، من قولهم: صَبَأَ نابُ البعير؛ إذا طلع، وصَبَأَت النجوم؛ إذا خرجت من مطالعها، وكانت العرب تُسمِّي النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: الصابئَ؛ لأنَّه خرج من دين قريش إلى دِين الإسلام.

    وفي «النهاية» بعد أن ذكر الهمز: (ويسمُّون مَن دخل في دين الإسلام: مَصْبوٌّ؛ لأنَّهم كانوا لا يهمزون، فأبدلوا من الهمز واوًا، ويسمُّون المسلمين: الصُّبَاة؛ بغير همز؛ كأنَّه جمع «الصَّابي»؛ غير مهموز؛ كقاضٍ وقُضاة، وغازٍ وغُزاة)، انتهى.

    قوله: (إِذَا قَالَ: مَتْرَسْ): قال ابن قرقول: («مَتَرْس» بفتح التاء وسكون الراء ضبطه الأصيليُّ، ولغيره: «مَتْرَس»، وضبطه أبو ذرٍّ: «مِتْرَس»، قاله عبد الله بن أبي الوليد، قال: وأهل خراسان يقولون: ليحيى بن يحيى في «المُوَطَّأ»: «مطْرَس»، كذا لعامَّة شيوخنا، ولبعضهم: «مطرس»، وعند أبي عيسى: «مطرس»، ولبعضهم: «مترس»، وللقعنبيِّ وابن بُكَيْر وابن وهب: «مترس»، وهي كلمة أعجميَّة فُسِّرت: بـ «لا تخفْ»، أو بـ «لا بأس»)، انتهى.

    وفي بعض نسخ «البُخاريِّ»: (أو قال: تكلَّم، لا بأس)، وهذه نسخة في أصلنا، وعليها علامة راويها [2]؛ يعني: أنَّ معنى (مترس): تكلَّم، لا بأس، قال شيخنا: (أو قال: تكلَّم، لا بأس): هو من قول عمر رضي الله عنه؛ قاله للهرمزان في قصَّته معه، أخرجه ابن أبي شيبة عن مروان بن معاوية، عن حُميد، عن أنس ... ؛ فذكرها، انتهى.

    و (مَتَرْسْ): بمُثَنَّاة فوق، ثُمَّ راء، ثُمَّ سين مهملة، قال النَّوويُّ في «تهذيبه»: (هو بميم ثُمَّ تاء [3] مُثَنَّاة من فوق مفتوحتين، ثُمَّ راء ثُمَّ سين مهملتين ساكنتين، ومعناه: لا تخف، وهي لفظة فارسيَّة، وقد حقَّقت ما ذكرته فيها، وذكر صاحبُ «مطالع الأنوار» أنَّ فيها خلافًا؛ منهم مَن ضبطها كما ذكرنا، ومنهم: مَن ضبطها

    [ج 1 ص 821]

    (1/6118)

    بإسكان التاء وفتح الراء، ومنهم: من يقول: مطرس؛ يبدل التاء طاءً)، انتهى، وقال شيخنا: («مَتَرْس»: بفتح الميم والتاء، وسكون الراء، كذا ضبطه الأصيليُّ، وضبطه غيره بفتح الراء، وضبطه أبو ذرٍّ بكسر الميم وسكون التاء، وأهل خراسان يقولون: ليحيى بن يحيى في «المُوَطَّأ»: «مِطْرس»، وبخطِّ الدِّمْيَاطيِّ: بفتح الميم والتاء، وسكون الراء، وكتب: مَتَّرَسْ مَتْرْس)، انتهى.

    قوله: (فَقَدْ آمَنَهُ): هو بمدِّ الهمزة، وبالميم المُخَفَّفة المفتوحة.

    قوله: (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ الأَلْسِنَةَ كُلَّهَا): المراد بـ (الألسنة): اللغات، كما في قوله تعالى: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ} [الروم: 22]؛ أي: لُغاتِكم، وقد تَقَدَّمَ أنَّه قيل: إنَّ الألسنة اثنان وسبعون لسانًا؛ سبعة عشر في ولد سام، ومثلُها في ولد حام، وستَّةٌ وثلاثون [4] في ولد يافث.

    ==========

    [1] (أن يقولوا): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

    [2] في (ب): (رواتها).

    [3] (تاء): ليس في (ب).

    [4] في النُّسخَتَينِ: (وثلاثين)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    (1/6119)

    [باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره وإثم من لم يف]

    (1/6120)

    [حديث: أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم]

    3173# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ هُوَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ): أمَّا (بِشْر)؛ فبكسر المُوَحَّدة، وسكون الشين المُعْجَمَة، وأمَّا (المفضَّل)؛ فكاسم المفعول، من (فضَّله) المضعَّف، وهذان معروفان عند أهل الفنِّ، وكذا (بُشَير بن يَسَار): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمَة، مصغَّر، و (يسار): بالمُثَنَّاة تحت أوَّله، ثُمَّ سين مهملة.

    قوله: (عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثَة ساكنة، والباقي معروفٌ.

    قوله: (وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (محيصة) بالتشديد والتخفيف، وكذا أخوه (حُوَيِّصَةُ)، وأنَّهما صحابيَّان مشهوران، وأنَّ (زيدًا) في نسبهما غيرُ معروف، وقدَّمت ذلك مُطَوَّلًا في (الصلح)، وقد وقع كذلك في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»؛ فانظره.

    قوله: (وَهْوَ يَتَشَحَّطُ): أي: يضطرب في دمه؛ قاله ابن قرقول، وفي «النهاية»: (يتشحَّط): يتخبَّط ويضطرب ويتمرَّغ، انتهى، وقال شيخنا: قال الداوديُّ: المتشحِّط: المختضِبُ.

    قوله: (كَبِّرْ كَبِّرْ): هو بفتح الكاف، وتشديد المُوَحَّدة المكسورة، فعلُ أمرٍ، ومعناه: لِيَلِ الكلامَ الأكبرُ.

    قوله: (فتُبْرِئُكُمْ): هو بضَمِّ التاء المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، وبعد الراء المكسورة المُخَفَّفة همزةٌ مضمومة، من البراءةِ.

    قوله: (يَهُودُ): مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن؛ لأنَّه لا ينصرفُ.

    قوله: (فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ): أي: أعطى عَقْله _والعَقْلُ: الدِّيَة_ من عنده، وسيأتي من أين أعطاهم هذا العَقْل في أوَّل (القسامة) _فإنَّ فيه: (أعطاهم من إبل الصدقة) _ إن شاء الله تعالى مُطَوَّلًا، والصحيح: أنَّه أعطاهم من عنده، واقترضها من إبل الصدقة.

    ==========

    [ج 1 ص 822]

    (1/6121)

    [باب فضل الوفاء بالعهد]

    (1/6122)

    [حديث: أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه]

    3174# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (بُكَيْرًا) بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وتَقَدَّمَ أنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، أحد الأعلام، وأنَّ (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ [1] مُحَمَّد بن مسلم، الإمام العالم، أحد الأعلام.

    قوله: (أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمته في أوَّل هذا التعليق، وهو والد معاوية، واسمه صخر، أسلم ليلة الفتح، وتقدَّمت وفاته رضي الله عنه، وكذا تَقَدَّمَ (هِرَقْلَ) بِلُغَتَيه، وأنَّه قيصر، وأنَّ (قيصر) لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الروم، وتَقَدَّمَ ماذا جرى له، وأنَّه هلك على نصرانيَّته في بلده سنة عشرين، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على هؤلاء (الرَّكْب)، وتَقَدَّمَ الكلام على (تِجَارًا) بِلُغَتَيها، وعلى (الشَّأمِ)، وعلى (المُدَّةِ)، وأنَّها مدَّة الصُّلح، وذِكْر الأقوال فيها، وأنَّ الصَّحيح: كانت عشر سنين.

    ==========

    [1] (هو الزهري): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 822]

    (1/6123)

    [باب: هل يعفى عن الذمي إذا سحر؟]

    قوله: (وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ ... ) إلى آخره: (ابن وهب): هو أحد الأعلام، عبدُ الله بن وهب، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وهذا [1] تعليقٌ مجزومٌ به، فهو على شرطه إلى المسنَد عنه القولُ، ثُمَّ تارة يكون على شرطه وتارةً لا، والزُّهْرِيُّ ذكره بلاغًا، فلم يذكر سنده بذلك، والله أعلم، و (ابن وهب): عبد الله، قال شيخنا: وهذا ذكره ابن وهب في «جامعه»، انتهى.

    قوله: (قَدْ صُنِعَ لَهُ ذَلِكَ): (صُنِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَلَمْ يَقْتُلْ مَنْ صَنَعَهُ): الذي صنعه هو لَبيد بن الأعصم، كما سيأتي مصرَّحًا به، وهو من بني زُرَيق؛ بتقديم الزاي على الراء، حليفٌ ليهودَ.

    فائدةٌ: روى إسماعيل بن إسحاق القاضي حديث: (أنَّه سُحِر عليه الصَّلاة والسَّلام حتى كان يخيَّل إليه ... )؛ الحديث، وزاد في روايته: (أنَّ زينب اليهوديَّة أعانت لَبيد بن الأعصم في ذلك السِّحر)، وسأذكر ذلك في مكانٍ آخَرَ بزيادة.

    وقوله: (فَلَمْ يَقْتُلْ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ [2]): اعلم أنَّ القاضيَ عياضًا حكى في «الشِّفا» خلافًا في أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قتله أم لا؟ وخلافًا آخَرَ في أواخر «الشِّفا»: هل أسلم أم لا؟ ولم أرَهُما لغيره، وسأذكر ذلك في (الطبِّ) إن شاء الله تعالى، ولفظ القاضي عياض: (أو يكون هذا ممَّا آذاه به كافر، وجاء بعد ذلك إسلامه؛ لعفوه عن اليهوديِّ الذي سحر ... ) إلى آخر كلامه، كذا رأيته في نسخة صحيحة بـ «الشفا» مسموعة، ورأيت في نسخة دونها في الصِّحة وليست مسموعةً: (رجا)؛ بالراء، من الرجاء، وعلى هذه: فليسَ بقولٍ في إسلامه، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (وكهذا).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مَن صنعه)؛ كما تقدَّم.

    [ج 1 ص 822]

    (1/6124)

    [حديث: أن النبي سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

    3175# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) [1] هذا: هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وتَقَدَّمَ أنَّ يحيى، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها جماعة: هذا القَطَّان، ويحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، ويحيى بن أبي زكريا أبو مروان الغسانيُّ، ويحيى بن سعيد الأَمويُّ، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن مُحَمَّد بن قيس أبو زُكَير، ويحيى بن يمان، فرحم الله تعالى الحُفَّاظ الجهابذةَ الذين ميَّزوا حديث كلِّ واحد مِن [2] الآخرِ، وأكثرهم رواية عن هشام به: القَطَّانُ، والله أعلم.

    قوله: (سُحِرَ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ الذي سحره لَبيد بن الأعصم، وأنَّ القاضيَ إسماعيل بن إسحاق روى: أنَّ زينب اليهوديَّة أعانته، وسأذكر الكلام على (لَبيد) مُطَوَّلًا.

    قوله: (حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ صَنَعَ شَيْئًا وَلَمْ يَصْنَعْهُ): قيل: إنَّه كان يخيَّل إليه وطء زوجاته وليس بواطئٍ، وقد يتخيَّل الإنسان مثل هذا في المنام، ويُروَى: أنَّه يُخيَّل إليه أنَّه يظهر له من نشاطه ومتقدِّم عادته القدرة عليهنَّ، فإذا دنا؛ أخذته أُخذة السِّحر، فلم يأتِهنَّ ولم يتمكَّن من ذلك؛ كما يعتري المسحور، وسأذكر في (الطبِّ) كم أقام بذلك مع الاختلاف فيه، والله أعلم.

    ==========

    [1] (يحيى): سقط من (ب).

    [2] في (ب): (عن).

    [ج 1 ص 822]

    (1/6125)

    [باب ما يحذر من الغدر]

    قوله: (بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنَ الْغَدْرِ): (يُحذَر): مَبْنيٌّ [1] لما لم يسمَّ فاعله، و (الغدر): ترك الوفاءِ، وهذان معروُفان.

    ==========

    [1] في (ب): (من المبني).

    [ج 1 ص 822]

    (1/6126)

    [حديث: اعدد ستًا بين يدي الساعة موتي ثم فتح بيت المقدس]

    3176# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير في أوَّل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ لماذا هو منسوب.

    قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ زَبْرٍ): هو بفتح الزاي، وإسكان المُوَحَّدة، وبالراء.

    قوله: (سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ (بُسرًا) هذا بالموحَّدة المضمومة، وبالسين المُهْمَلَة، وقد قَدَّمْتُ أنَّ مَن يقال له: (بُسر) في «الصحيحين» و «المُوَطَّأ» أربعة أسماء: بُسر بن سعيد، وبُسر المازنيُّ والد عبد الله بن بُسر، وبُسر بن عُبيد الله صاحب الترجمة، وبُسر بن محجن، وقد اختُلف في هذا الرابع، والجمهور على أنَّه بالمُهْمَلَة، وقال الثَّوْريُّ: بشر؛ بمعجمة، قال الدَّارَقُطْنيُّ: إنَّ الثَّوْريَّ رجع عنه فيما يقال.

    تنبيهٌ: روى هذا الحديث الطبرانيُّ بإدخال زيد بن واقد بين ابن زَبْر وبُسر، وقد [1] رواه أبو نُعيم في «مستخرجه» عن الطبرانيِّ بإسقاطه، وكذا الإسماعيليُّ، وهنا قال ابن زَبْر: سمعت بُسر بن عُبيد الله، ولو قال: (عن)؛ قُبِل على الصحيح؛ لأنَّه ليس مدلِّسًا، والله أعلم.

    قوله: (أَبَا إِدْرِيسَ): هو عائذ الله بن عبد الله بن عمرو، ويقال: عبد الله بن إدريس بن عائذ بن عبد الله بن عتبة، أبو إدريس الخولانيُّ، أحد علماء التابعين بالشام وأعلامهم، عن عمر [2]، ومعاذ، وأُبَيٍّ، وبلال، وروايته عن أبي ذرٍّ في «مسلم»، وعن أبي الدرداء، وحذيفة، وعُبادة بن الصامت، وأبي هريرة في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وروى أيضًا عن جماعة، وعنه: مكحول، والزُّهْرِيُّ، وبُسر بن عُبيد الله، وآخرون، ترجمته ومناقبه معروفات [3] فلا نطوِّل بها، تُوُفِّيَ سنة (80 هـ) رحمه الله، أخرج له الجماعة.

    قوله: (سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ): هذا هو الأشجعيُّ رضي الله عنه، حمل راية قومه يوم الفتح، وعنه: جُبَير بن نُفَير، والشعبيُّ، وعدَّةٌ، تُوُفِّيَ سنة (73 هـ)، أخرج له الجماعة.

    (1/6127)

    تنبيهٌ [4]: لهم آخر من الصَّحَابة اسمه عوف بن مالك [5] بن عبد كُلال، أبو الأحوص الجُشميُّ، كذا أورده [6] العسكريُّ، ذكره الذَّهَبيُّ في الصَّحَابة، وقال في «مختصر الكنى»: إنَّه مخضرم، وفي «ثقات ابن حِبَّانَ» ذكره في التابعين، وعوف بن مالك [7] هذا الذي من التابعين الجشميُّ روى له مسلمٌ والأربعة، ولهم: عوف بن مالك الجابريُّ، يروي عن عليِّ بن أبي طالب، روى عنه: [ابن] مسلم أبو [الضَّحَّاك] يحيى، ذكره ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، والله أعلم.

    قوله: (فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ): تَقَدَّمَ أنَّها في السنة التاسعة، وقال ابن إسحاق: كانت في رجب منها، وسيأتي ما في ذلك.

    قوله: (ثُمَّ مُوتَانٌ): هو بضَمِّ الميم في لغة بني تميم _وغيرهم يفتحونها_ وإسكان الواو، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق، في آخره نون؛ وهو اسمٌ للطاعون والموت، وكذلك الموات، وعند ابن السكن: (ثُمَّ موتتان)، ولا وجه له ههنا.

    قوله: (كَقُعَاصِ [8] الْغَنَمِ): (القُعَاص): بضَمِّ القاف، و [فتح] العين [9] المُخَفَّفة، وفي آخره صاد، مهملتين، وهو داء يأخذُها لا يلبثها، قاله أبو عبيد، ويقال فيه بالسين أيضًا، حكاه ابن قرقول والقرطبيُّ في «تذكرته»، وقيل: هو داء يأخذها في الصدر كأنَّه يكسر العنق، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (القُعاص): داء يأخذ الغنم لا يلبثها، وهذا بعض الكلام الذي ذكرته، ولكنَّ شرطي أن آتيَ على كلام الدِّمْيَاطيِّ في الحواشي التي رأيتها عنه، وفي أصلنا: (قُعَاص): مضمومة القاف بالقلم، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (كعِقَاص)؛ بكسر العين و [فتح القاف] بالقلم، ولم أرَ أنا هذه النسخة في الكتب التي وقفت عليها، وأمَّا في اللغة؛ فإن صحَّت هذه اللفظة مجيئًا وروايةً؛ فيمكن لها معنًى من حيث هي.

    قوله: (حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ): (يُعطَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرَّجُلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعلِ، و (مئةَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ ثانٍ.

    قوله: (ثُمَّ هُدْنَةٌ): (الهُدنة): الصُّلح.

    قوله: (وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الأصفر)، ولِمَ قيل للإفرنج: بنو الأصفر.

    (1/6128)

    قوله: (ثَمَانِينَ غَايَةً [10]، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ): (الغاية)؛ بالغين المُعْجَمَة، وبعد الألف مُثَنَّاة تحت: هي الراية، سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّها تشبه السحاب مسيرها في الجوِّ، وقيل لغير ذلك، وذكر بعضُهم أنَّها رُوِيَت: (غابة)؛ بموحَّدة بعد الألف، والباقي مثله؛ يعني: الأَجَمة، شبَّه اجتماع رماحهم وكثرتها بها، والله أعلم.

    قوله: (تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا): اعلم أنَّ جملة ذلك تسعُ مئةِ ألفٍ وستُّون ألفًا، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (وهذا قد).

    [2] في (ب): (عمرو)، وهو تحريفٌ.

    [3] في (ب): (ترجمته معروفة ومناقبه)، وزيد فيها: (مشهورة).

    [4] (تنبيه): ليس في (ب).

    [5] في (ب): (آخر يقال: عوف بن مالك من الصَّحَابة).

    [6] في (ب): (ورده)، وهو تحريفٌ.

    [7] (وعوف بن مالك): سقط من (ب).

    [8] في هامش (ق): (القعاص: داءٌ يأخذ الغنم لا يُلبِثها أن تموت).

    [9] في النُّسخَتَينِ: (بضمِّ العين والقاف)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [10] في هامش (ق): («غاية»؛ بياء مثناة من تحت؛ وهي الراية، وذكر بعضهم: أنَّها رُويت بباءٍ موحدةٍ؛ يعني: الأجمة، شُبِّه اجتماع رماحهم وكثرتها بها).

    (1/6129)

    [باب: كيف ينبذ إلى أهل العهد]

    قوله: (بَابُ كَيْفَ يُنْبَذُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبْذ): الطَّرْح.

    ==========

    [ج 1 ص 823]

    (1/6130)

    [حديث: لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان]

    3177# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا كثيرةً أنَّه الحكم بن نافع، وأنَّ (شُعَيْبًا): هو ابن أبي حمزة، وأنَّ (الزُّهْرِيَّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وأنَّ (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هذا: هو بالتصغير، وأنَّه الزُّهْرِيُّ، وأنَّ حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن الحميريَّ ليس له عن أبي هريرة في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له عنه مسلمٌ حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضلُ الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم ... »؛ الحديث، وهذا الحديث ليس في «البُخاريِّ»، فلا رواية للحميريِّ عن أبي هريرة في «البُخاريِّ»، والله أعلم.

    قوله: (بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ ... )؛ الحديث: هذا ذكره أبو مسعود وابن عساكر في (مسند أبي بكر)، وخلف في (مسند أبي هريرة)، والمِزِّيُّ في (المسنَدَين).

    قوله: (وَيَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ): سيأتي الخلاف في هذا مُطَوَّلًا في (براءة) في (التفسير) إن شاء الله تعالى.

    ==========

    [ج 1 ص 823]

    (1/6131)

    [باب إثم من عاهد ثم غدر]

    قوله: (ثُمَّ غَدَرَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ (الغدر): ترك الوفاء.

    ==========

    [ج 1 ص 823]

    (1/6132)

    [حديث: أربع خلال من كن فيه كان منافقًا خالصًا]

    3178# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وكذا تَقَدَّمَ (الأَعْمَش):

    [ج 1 ص 823]

    أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.

    قوله: (أَرْبَعُ خِلاَلٍ): (الخِلَال)؛ بكسر الخاء المُعْجَمَة، وتخفيف اللام: جمع (خَلَّة)؛ بفتح الخاء، وتشديد اللام مفتوحة؛ وهي الخَصلة.

    قوله: (كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا): أي: شديد الشبه بالمنافقين، وقد تَقَدَّمَ.

    (1/6133)

    [حديث: المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا فمن أحدث حدثًا]

    3179# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، تَقَدَّمَ مرارًا، وكذا تَقَدَّمَ (سُفْيَان): أنَّه الثَّوْريُّ، وذكرت مستندي في ذلك في (الحجِّ)؛ فانظره في (حرم المدينة)، وكذا (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان.

    قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ): ذكرت هناك إبراهيمَ بن يزيد بن شريك التيميَّ، وبعض مناقب والده يزيد؛ فانظر ذلك في (حرم المدينة).

    قوله: (إِلَّا الْقُرْآنَ): هو مَنْصُوبٌ، وهو استثناء مفرَّغٌ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (عَائِرٍ إِلَى كَذَا)، وأنَّه ثور، و (المُحْدِث)، و (آوَى)، و (الصَّرْف)، و (العَدْل)، و (الذِّمَّة)، و (أَخْفَرَ)؛ أي: نقض العهد.

    قوله: (وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ): وفي موضع: (ومَن تولَّى)، قال شيخنا: قال الداوديُّ: هو المحفوظ؛ لأنَّه نُهِيَ عن بيع الولاء وعن هِبَته، انتهى.

    ==========

    [ج 1 ص 824]

    (1/6134)

    [معلق أبي موسى: كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارًا ولا درهمًا؟]

    3180# قوله: (وَقَالَ أَبُو مُوْسَى): كذا في أصلنا في «البُخاريِّ»، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، قال شيخنا: وفي بعض النسخ: (حدَّثنا أبو موسى)، انتهى، فعلى هذه ظهر لي _ولم أرَ أحدًا نصَّ عليه_ أنَّه مُحَمَّد بن المثنَّى أبو موسى الزَّمِن شيخُ البُخاريِّ، وشيخ بقيَّة الجماعة، والله أعلم، ويقوِّي ذلك ما جاء [1] في بعض النسخ، وإذا كان (قال)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان) وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وهذا التعليق لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: وهذا التعليق كذلك في أكثر نسخ [2] «الصحيح»، وقاله أيضًا أصحاب «الأطراف»، والإسماعيليُّ، والحُمَيديُّ في «جمعه»، وأبو نعيم، وفي بعض النسخ: (حدَّثنا أبو موسى)، وهو من أفراده، انتهى.

    و (سَعِيد) هذا والد إسحاق: هو سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي بن أبي أحيحة الأمويُّ، كان مع أبيه الأشدق حين توثَّب على دمشق، ثمَّ انتقل بعد قتل أبيه إلى الحجاز، ثمَّ الكوفة، روى عن ابن عَبَّاس، وابن عمر، وأبي هريرة، وعائشة، ومعاوية، وأمِّ خالد بنت سعيد بن العاصي، ووالده، وعنه: ابناه إسحاق وخالد، وحفيده عمرو بن يحيى بن سعيد، والأسود بن قيس، وشعبة، وغيرُهم، قال النَّسائيُّ: ثقةٌ، وقال أبو حاتم: صدوقٌ، قال الزُّبَير: كان من علماء قريش بالكوفة، ووُلْدُه [3] بها، قال الذَّهَبيُّ: عاش إلى أن وفد على الوليد بن يزيد، انتهى، والوليد بن يزيد قُتِل يوم الخميس لِلَيلَتَينِ بَقِيَتا من جمادى الآخرة بعد مقامه في الخلافة سنةً وشهرين وعشرين ليلةً، والخليفة قبلَه هشامُ بن عبد الملك تُوُفِّيَ في شوَّال سنة خمس وعشرين ومئة، والله أعلم.

    وإسحاقُ ولدُه روى عن أبيه، وعكرمة بن خالد، وعنه: ابن عُيَيْنَة، ووكيع، وأبو [4] الوليد الطيالسيُّ، وأبو نعيم، وجماعةٌ، وثَّقهُ النَّسائيُّ وغيره، قال أبو داود: مات سنة سبعين ومئة، وقال البُخاريُّ: يقال: مات سنة ستٍّ وسبعين، أخرج لهذا البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وابن ماجه.

    قوله: (تُنْتَهَكُ ذِمَّةُ اللهِ): (تُنتَهك): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (ذمَّةُ): مَرْفُوعٌ قائم مقام الفاعل.

    (1/6135)

    [ما كان يوم الحديبية من ذلك]

    قوله: (بَابٌ): هكذا ذكره بغير ترجمة، قال شيخنا: غرض البُخاريِّ بهذا الباب أن يعرِّفك أنَّ الصبر على المفاتن والصِّلَة للمُقاطِعِ أقطعُ للفتنة، وأحمدُ عاقبةً؛ فكأنَّه قال: باب الصبر على أذى المُفَاتنين وعاقبةُ الصابرين ... إلى آخر كلامه.

    ==========

    [ج 1 ص 824]

    (1/6136)

    [حديث: اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد ... ]

    3181# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو حَمْزَةَ) بعده بالحاء المُهْمَلَة والزاي: مُحَمَّد بن ميمون السُّكريُّ، تَقَدَّمَت بعض ترجمته، وأنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان الكاهليُّ القارئ، وتَقَدَّمَ (أَبُو وَائِلٍ): أنَّه شقيق بن سَلَمة مُتَرْجَمًا.

    قوله: (شَهِدْتَ صِفِّينَ): هي بكسر الصاد المُهْمَلَة، وتشديد الفاء، موضع بقرب الفرات بين الرَّقَّة وبالس، ومنهم من يقول: صفُّون، في حالة الرفع، وكذا وقع في «البُخاريِّ»: (وبَئِسَت صِفُّون)، شبَّهها بالجموع المُعرَبة بها، وقعةٌ مشهورةٌ سنة سبع وثلاثين، بين عليٍّ ومعاوية في صفر منها.

    قوله: (رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ): [(رأيتُني): بضَمِّ التاء، وهذا ظاهِرٌ؛ أي: رأيت نفسي.

    قوله: (يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ)] [1]: تَقَدَّمَ اسم أبي جندل وما يتعلَّق به في (الشروط) مُطَوَّلًا؛ فانظره، واسمه العاصي بن سُهَيل بن عمرو.

    قوله: (يُفْظِعُنَا): هو مضموم الأوَّل _ رُباعيٌّ_ وبكسر [2] الظاء المُعْجَمَة المشالة، ومعناه: يوقعنا في أمرٍ فظيعٍ شديدٍ.

    قوله: (غَيْرِ أَمْرِنَا هَذَا): (غيرِ)؛ بالجرِّ: صفة لـ (أمرِ) المجرور، ويجوز نصبه، والله أعلم.

    ==========

    [1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [2] في النُّسخَتَينِ: (وكسر)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [ج 1 ص 824]

    (1/6137)

    [حديث: ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبد]

    3182# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، قاله ابن طاهر، وتَقَدَّمَ (حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله جدًّا، وتَقَدَّمَ (أَبُو وَائِلٍ) أعلاه وقبله مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة.

    قوله: (كُنَّا بِصِفِّينَ): تَقَدَّمَ أعلاه [1] الكلام عليها [2].

    قوله: (يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّها بالتخفيف والتشديد، وأنَّها في ذي القعدة سنة ستٍّ.

    قوله: (وَلَوْ نَرَى): هو بفتح النون.

    قوله: (فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيئَةَ [3]؟): تَقَدَّمَ الكلام على (الدنيئَةَ) في (الشروط).

    قوله: (فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ): اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لمَّا انصرف من الحديبية وكان بضَجْنَان _وهو جُبَيلٌ [4] على بريد من مكَّة_ نزلت (سورة الفتح).

    قوله: (أَوَفَتْحٌ هُوَ؟): هو بفتح الواو على الاستفهام، وهذا ظاهِرٌ، وقد قَدَّمْتُ متى تُفتَح الواو من (أو)، أو تُسَكَّن.

    ==========

    [1] (أعلاه): ليس في (ب).

    [2] زيد في (ب): (بظاهرها).

    [3] رواية «اليونينيَّة»: (الدنيَّة)، والمثبت موافق لرواية الأصيليِّ كما تقدَّم [خ¦2731].

    [4] في (ب): (جبل).

    [ج 1 ص 824]

    (1/6138)

    [حديث: يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها؟]

    3183# قوله: (عَنْ أَسْمَاءَ بنْتِ [1] أَبِي بَكْرٍ): تَقَدَّمَت ترجمتها رضي الله عنها، وأنَّها تُوفِّيَت بعد ابنها عبد الله بن الزُّبَير بقليل سنة ثلاث وسبعين.

    قوله: (قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي): تَقَدَّمَ الكلام في اسم أمِّها أنَّها قتلة؛ بالمُثَنَّاة فوق، وقيل: قُتَيلَة؛ بالتصغير من (قتلة)؛ بالمُثَنَّاة فوق، بنت عبد العُزَّى بن عبد بن أسعد بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤيِّ بن غالبٍ، وهل أسلمت أم لا؟ والصحيح: أنْ لا، وهل هي أمُّها من الرضاعة أو النسب؟ وأنَّ الصحيح: أنَّها أمُّها من النسب.

    قوله: (فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ): يعني: في صلح الحديبية، وقد تَقَدَّمَ الخلاف في أنَّه كان عشر سنين على الصحيح، وقيل: سنتين، أو أربعًا، في أوَّل هذا التعليق.

    قوله: (مَعَ ابْنِهَا [2]): هو بهمزة وصل، ثمَّ مُوَحَّدة، ثمَّ نون، قال الزُّبَير: ابنها الحارث بن مدرك بن عبيد بن عمر بن مخزوم، انتهى، وكذا قال شيخنا الشارح، والظاهر أنَّ الذي نقلتُ ذلك من خطِّه وشيخَنا [3] أخذاه من الحافظ الدِّمْيَاطيِّ، وكذا قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: إنَّه الحارث بن مدرك، ونقله عن [4] إفادة الزُّبَير بن بكَّار، انتهى.

    ورأيت بخطِّ الشيخ أبي جعفرٍ: (مع أبيها)؛ بقطع الهمزة وبالمُثَنَّاة تحت، والذي ظهر لي أنَّه تصحيف، وكذا سبق له أيضًا هذا المكان كذلك، ثُمَّ إني رأيت في أصلنا في (باب صلة المرأة أمَّها ولها زوج): (مع أبيها) في الأصل بقطع الهمزة وبالمُثَنَّاة تحت، وفي الهامش: (ابنها [5]) من البنوَّة، والذي ظهر لي أنَّه تصحيف، وما ذاك إلا لتعيين ابنها وتسميته ونسبه، وقد ذكرت لك أَنَا أباها ونسبَه، والله أعلم.

    [ج 1 ص 824]

    قوله: (وَهْيَ رَاغِبَةٌ): أي: طالبة طامعة منِّي شيئًا، وقد رُوِيَ في كتاب أبي داود: (قَدِمَتْ عليَّ راغمةً مشركةً)؛ أي: كارهةً للإسلام، وقيل: هاربة منه، وفي رواية: (راغبة أو راهبة)، فقيل: راغبة عن الإسلام، كارهة له، وقيل: طامعة طالبة له، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (ابنة).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة» مصحَّحًا عليها: (أبيها).

    [3] في (ب): (لشيخنا).

    [4] في (أ): (غير)، وهو تحريفٌ.

    (1/6139)

    [5] في (ب): (أنها).

    (1/6140)

    [باب المصالحة على ثلاثة أيام أو وقت معلوم]

    (1/6141)

    [حديث: أنا والله محمد بن عبد الله وأنا والله رسول الله]

    3184# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ): هو بفتح الحاء وكسر الكاف، وهذا مَعْرُوفٌ، وتَقَدَّمَ [1] (شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ): أنَّه بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة في آخره، وكذا (أَبُو إِسْحَاقَ) مرارًا: أنَّه عمرو بن عبد الله.

    قوله: (إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    قوله: (امْحُ): هو ثُلاثيٌّ، وقد [2] تَقَدَّمَ أنَّه يقال: محاه يمحوه، ومحاه يمحيه، والأمر مع اللغتين مختلف، فمَن قال: يمحو؛ يقول: اُمْحُ؛ بضَمِّ الهمزة والحاء، ومَن: يمحي؛ يكسر الهمزة ويفتح الحاء، وهذا ظاهِرٌ لا خفاء به.

    قوله: (أَتَوْا عَلِيًّا): القائل له ذلك هو حويطب بن عبد العزَّى، ومعه سهيل بن عمرو، وقد تَقَدَّمَ ذلك، وأمَّا حويطب؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه أسلم في الفتح، وهو قرشيٌّ عامريٌّ، لا رواية له عنه عليه الصَّلاة والسَّلام، وسيأتي ما فيه [3]، روى [4] عن عبد الله بن السعديِّ، وعنه: السائب بن يزيد حديثَ العُمالة، وعبد الله بن بريدة، وغيرهم، قال ابن معين: لا أحفظ له عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم شيئًا ثابتًا، وقال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: وله رواية، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، تُوُفِّيَ سنة (54 هـ)، وكذا أسلم سهيل في الفتح، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (الصلح).

    (1/6142)

    [باب الموادعة من غير وقت]

    قوله: (بَابُ الْمُوَادَعَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها المصالحة.

    ==========

    [ج 1 ص 825]

    (1/6143)

    [باب طرح جيف المشركين في البئر ولا يؤخذ لهم ثمن]

    قوله: (بَابُ طَرْحِ جِيَفِ الْمُشْرِكِينَ [1]، وَلاَ يُؤْخَذُ لَهُمْ ثَمَنٌ): قال ابن المُنَيِّر بعدما ذكر ما في الباب على عادته باختصار: الظاهر أنَّ البُخاريَّ بلغه حديثُ ابن أبي ليلى: أنَّ المشركين سألوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يشتروا منه جثث القتلى، فأبى، لكن لم يوافق شرط البُخاريِّ، فتلقَّى معناه من هذا الحديث؛ إذ العادة [2] تشهد أنَّ أهل هؤلاء القتلى لو فهموا أنَّه يقبل منهم فداء أجسادهم؛ لبذلوا الرغائب فيها، ولكنَّهم يئسوا أن يقبل منهم، ففهم مقصود الترجمة من الحديث بهذه الطريقة، انتهى.

    وهذا الحديث الذي ذكره ابن المُنَيِّر قد رواه التِّرْمِذيُّ في (الجهاد) عن محمود بن غيلان، عن أبي أحمد الزبيريِّ، عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مِقْسَم، عن ابن عَبَّاس، وقال: غريب لا نعرفه إلَّا من حديث الحكم، رواه الحجَّاج أيضًا عن الحكم، انتهى.

    ولمَّا ذكر عبد الحقِّ في «أحكامه» حديثَ التِّرْمِذيِّ؛ قال: إسناده ضعيف ومنقطع، وكذا قال ابن القَطَّان؛ لأنَّ سماع الحكم من مِقْسَم خمسةَ أحاديثَ ما هذا منها، وضعَّفاه من جهة ابن أبي ليلى، قال الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى: وقول التِّرْمِذيِّ أَولى؛ يعني: أنَّه حسنٌ، انتهى.

    وقد ذكر ابنُ عائذ [3]_فيما ذكره عنه ابن سيِّدِ النَّاسِ في «سيرته» _ قال: فأقبل نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزوميُّ على فرس له؛ ليوثبه الخندق، فوقع في الخندق، فقتله الله، وكبُر على المشركين، وأرسلوا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إنَّا نعطيكم الدية على أن تدفعوه إلينا فنَدفِنَهُ؛ فردَّ إليهم رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إنَّه خبيثٌ، خبيثُ اليمن، فلعنه الله، ولعن دِيته، ولا نمنعكم أن تدفنوه، ولا أَرَب لنا في دِيَته، وقيل: أعطَوا في ديته عشرة آلاف، انتهى، ونقل شيخنا نحوَه عن ابن [4] إسحاق، وقال في آخره: قال ابن هشام: أعطَوا في جسده عشرة آلافِ درهمٍ، فيما بلَغنا عن الزُّهْرِيِّ، انتهى.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (فِي الْبِئْرِ).

    [2] في (أ): (العبارة)، وفي (ب): (العبادة)، وفي هامش (أ): (لعلَّه: العادة).

    [3] في (ب): (العائذ).

    [4] (ابن): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 825]

    (1/6144)

    [حديث: اللهم عليك الملأ من قريش اللهم عليك أبا جهل بن هشام]

    3185# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وتَقَدَّمَ (أَبُو إِسْحَاق): أنَّه عمرو بن عبد الله، أبو إسحاق الهمْدانيُّ السَّبِيعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، من السابقين، تَقَدَّمَ.

    قوله: (إِذْ جَاءَ [1] عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في «الطهارة»، وكذا (السَّلى)، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو جَهْلٍ): وهو [2] عَمرو بن هشام، وكذا (عُتْبَة بْن رَبِيعَةَ)، و (شَيْبَة بْن رَبِيعَةَ).

    قوله: (وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، أَوْ: أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ): تَقَدَّمَ أنَّ الصواب من أحد الشكَّين أُمَيَّة، وتَقَدَّمَ أن أُبَيًّا ضربه عليه الصَّلاة والسَّلام في أُحُد بالحربة [3]، فهلك بسَرِف مَرْجَعَهُم من أُحُد.

    قوله: (فَأُلْقُوا فِي البِئْرِ [4]): تَقَدَّمَ أنَّ فيه مجازًا، وأنَّ أُمَيَّة بن خلف لم يُلقَ في البئر.

    تنبيهٌ: لم يذكر هنا عمارةَ بنَ الوليد، وقد عُدَّ في غير هذا المكان، ولم يُقتَل ببدر، وقد تَقَدَّمَ ماذا جرى له في «الطهارة»، وأسقط أيضًا الوليد بن عتبة، وقد تَقَدَّمَ عَدُّه فيهم، فأسقط هنا اثنين، وشكَّ في أُمَيَّة أو أُبَيٍّ، والله أعلم.

    (1/6145)

    [باب إثم الغادر للبر والفاجر]

    قوله: (بَابُ إِثْمِ الْغَادِرِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ على عادته ثمَّ قال: وجه مطابقة الترجمة بحديث مكَّة _يعني: حديث: «هذا بلدٌ حرَّمه الله يوم خلق السموات والأرض ... »؛ الحديث_ قال: إنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نصَّ على أنَّها اختصَّت بالحرمة إلَّا في الساعة المستثناة، وليس المرادُ: حرمةُ قتل المؤمن أكبرُ [1] فيها؛ إذ كلُّ [2] بقعةٍ كذلك، فإذًا اختصَّت به حرمة قتل الفاجر المستأهل للقتل، وإذا استقرَّ أن الفاجر قد حرم قتله لعهد الله الذي خصَّها [3] به، وإذا خصَّ أحدٌ فاجرًا بعهد الله في غيرها؛ لزم نفوذ العهد له، وثبوت الحرمة في حقِّه، فتقوَّى عموم الحديث الأوَّل في الغادر بالبَرِّ والفاجر، انتهى.

    وقال شيخنا: وجهه _والله أعلم_ أنَّ محارمَ الله عهودُه إلى عباده، فمَن انتهك منها شيئًا؛ لم يفِ بما عاهد الله عليه، ومَن لم يفِ؛ فهو من الغادرين، وأيضًا فالشارع لمَّا فتح مكَّة؛ منَّ على أهلها كلِّهم؛ مؤمنهم ومنافقهم، ومعلومٌ أنَّه كان فيهم منافقون، ثمَّ أخبر أنَّ مكَّة حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وأنَّه لا يحلُّ قتال أحدٍ فيها، وإذا

    [ج 1 ص 825]

    كان كذلك؛ فلا يجوز الغدر ببَرٍّ منهم ولا فاجر؛ إذ شمل جميعَهم أمانُه وعفوُه، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي مصدره: (البَرِّ).

    [2] في (ب): (أدخل)، وهو تحريفٌ.

    [3] في (ب): (خصَّينا)، والمثبت من مصدره، وما في (أ) محتملٌ له.

    (1/6146)

    [حديث: لكل غادر لواء يوم القيامة]

    3186# 3187# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو وَائِلٍ): أنَّه شقيق بن سَلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

    قوله: (وَعَنْ ثَابِتٍ): القائل: (وعن ثابت) هو شعبة، وقد اتفقا عليه من حديث شعبة عن ثابت عن أنس، ومن حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود، ذكر ذلك المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولفظه في (مسند أنس): شعبة بن الحجَّاج أبو بسطام الأزديُّ عن ثابت عن أنس ... إلى أن قال: (لكلِّ غادرٍ لواءٌ يوم القيامة)، البُخاريُّ في (الجزية) عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك عنه به؛ أي: عن شعبة به؛ أي: بالسند، ثمَّ قال معقِّبًا لحديثه: عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله، انتهى، وقد ذكر الحديث في (مسند ابن مسعود) في رواية أبي وائل عنه.

    تنبيهٌ: بخطِّ شيخنا أبي جعفر في طرَّة نسخته: قوله: (وعن ثابت) قيل: ترجع إلى شعبة، وقيل: إلى الأعمش، انتهى، فقوله: (إلى الأعمش) خطأٌ، وليس للأعمش شيءٌ في الكُتُب السِّتَّة عن ثابت عن أنس، والله أعلم.

    ==========

    [ج 1 ص 826]

    (1/6147)

    [حديث: لا هجرة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا]

    3189# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو ابن [1] المدينيِّ الحافظ الناقد، وتَقَدَّمَ (جَرِيرٌ): أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ مُتَرْجَمًا، وتَقَدَّمَ (مَنْصُور): أنَّه ابن المعتمر.

    قوله: (يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّ الفتح كان يوم الجمعة في رمضان سنة ثمانٍ، وتَقَدَّمَ الخلاف متى كان من الشهر، ويأتي في (الفتح) إن شاء الله تعالى.

    قوله: (لاَ هِجْرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    قوله: (حَرَّمَهُ اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ): تَقَدَّمَ الجمع [2] بينه وبين تحريم إبراهيمَ إيَّاه.

    قوله: (وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّ ابنَ شيخنا البُلْقينيِّ نقل عن كتاب «الأموال» لأبي عبيد القاسم بن سلَّام: أنَّ هذه الساعةَ من طلوع الشمس إلى العصر، وقد قرأت أنا كتاب «الأموال» بدمشقَ على العلَّامة شمس الدين ابن قاضي شُهبة عن ابن الموازينيِّ عاليًا بسنده، ثمَّ إنِّي رأيته فيه، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: إنَّه في «مسند أحمد» كذلك.

    قوله: (لاَ يُعْضَدُ): تَقَدَّمَ معناه، وكذا (لا يُخْتَلَى خَلاَهُ)، وكذا (الإِذْخِرَ)، وكذا (القِيْن)؛ وهو الحدَّاد [3]، ويُطلَق أيضًا على الصائغ.

    ==========

    [1] في (ب): (أنه ابن).

    [2] في (ب): (الكلام).

    [3] في (ب): (العداد)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 826]

    (1/6148)

    ((59)) [(كِتَابُ بَدْءِ الخَلْقِ) ... إلى (بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الجَنَّةِ)] [1]

    اعلم أنَّ هذه التفاسيرَ التي ذكرها البُخاريُّ _عن الصَّحَابة، أو التابعين، أو غيرهم، أو لم يعزُها لأحد، بل ذكرها من غير عزوٍ_ غالبُها أخرجها شيخنا معزوَّة إلى قائلها، وإلى الكتب التي هي فيها، والله أعلم.

    فائدةٌ: حديث: «كنت كنزًا مخفيًّا، فأحببت أن أُعرَف» لا يُعرَف له إسنادٌ صحيح ولا ضعيف.

    قوله: (بَدْءِ): هو مهموز الآخر، مفتوح المُوَحَّدة، ساكنة الدال؛ أي: ابتداء، وهذا ظاهِرٌ، ويُعرَف من الآية التي ساقها البُخاريُّ، ولا يجيء فيه ما جاء في (بدوِّ [2] الوحي) من الهمز وعدمه، والله أعلم.

    تنبيهٌ: حديث: «أوَّلُ ما خلق الله القلمُ» رواه عبادة بن الصامت، أخرجه أبو داود والتِّرْمِذيُّ، وقال: حسن صحيح غريب، انتهى، وفي سنده: عبد الواحد بن سليم؛ هالكٌ، وللناس فيه كلام كثير، قال الذَّهَبيُّ: حديثه منكر في القَدَر وخلق القلم، والعجب أنَّ ابن حِبَّانَ ذكره في «الثقات»، انتهى.

    وقد رأيت حديث عبادة في «مسند أبي يعلى» من حديث ابن عَبَّاس وفي آخره: «وأمره أن يكتب كلَّ شيءٍ»، ورأيته في «المستدرك» في (سورة الجاثية) موقوفًا على ابن عَبَّاس، وأمَّا حديث: «أوَّلُ ما خلق الله العقلُ»؛ فرواه الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» من حديث أبي أمامة وأبو نعيم من حديث عائشة رضي الله عنهما بإسنادَين ضعيفَين، قال شيخنا الشارح: قال سعيد بن جُبَيرٍ: أوَّلُ ما خلق الله اللوحُ والقلمُ والدَّواةُ، وقيل: أوَّلُ ما خلق الله القلمُ، وقيل: الدَّواة، وعن ابن إسحاق: أوَّلُ ما خلق الله النورُ والظلمةُ، قال الطَّبَريّ: وأَولى ذلك بالصواب عندي مَن قال: القلم، ثمَّ خلق سحابًا رقيقًا؛ وهو الغمام، ثمَّ العرش، وقيل: خلق الماءَ قبل العرش، انتهى.

    وفي «صحيح مسلم» من حديث أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «خلق الله التوبة يوم السبت ... »؛ الحديث، وقد أُعِلَّ بأنَّ أبا هريرة رواه عن كعبٍ، انتهى.

    (1/6149)

    وقال شيخنا الشارح أيضًا في (كتاب القدر): («أوَّل ما خلق الله اللوح والقلم والدَّواةَ، وقال للقلم: اكتب؛ فكتب»، ورُوِيَ عن ابن عَبَّاس: أوَّل ما خلق الله القلم، فقال: اكتب؛ قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فكتب، ثمَّ خلق نون، فوقع ذلك، فذلك قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1]، وذكر أيضًا عنه: أوَّل ما خلق الله الدواةَ _وهي نون_ وَالقَلَم، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، انتهى.

    وذكر أيضًا في سورة {ن} ما لفظه: وفي «أدب الإملاء» لأبي سعد السمعانيِّ من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «أوَّل ما خلق الله القلم، ثمَّ خلق النون؛ وهي الدواة»، وذلك قوله: {ن} ... ؛ الآية، انتهى.

    ==========

    [1] بدل مما بين معقوفين في (ب): (كتاب قوله).

    [2] في (ب): (بدء).

    [ج 1 ص 826]

    (1/6150)

    [ما جاء في قول الله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده}]

    قوله: (قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ): هو بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، ثمَّ ثاء مُثَلَّثَة مفتوحة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ ميم، كنيته الربيع أبو يزيد، وهو ثوريٌّ، نسبه إلى ثور بن عبد مناة بن أُدِّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، وإليه أيضًا سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوْريُّ، روى الرَّبيع عن ابن مسعود، وأبي أيُّوب، وغيرِهما، وأرسل عنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعنه: الشعبيُّ، وإبراهيم، وجماعةٌ، وكان ورعًا قانتًا مخبتًا [1] ربانيًّا حُجَّة، تُوُفِّيَ في حدود سنة أربع وستِّين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

    قوله: (وَالْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، تَقَدَّمَ مرارًا.

    قوله: (كُلٌّ عَلَيْهِ هَيِّنٌ. وَهَيِّنٌ وَهَيْنٌ [2] ... ) إلى آخره: يعني: أنَّهما لغتان: التشديد والتخفيف، وقال ابن الأعرابيِّ _كما نقله شيخنا عنه_: العرب تمدح بالهَيْن اللَّيْن مخفَّفًا، وتذمُّ بهما مثقَّلًا.

    قوله: (وَضِيْقٍ [3] وَضَيِّقٍ): كذا هو في أصلنا بكسر الضاد بالقلم، وسكون الياء، و (ضَيِّق): بالتشديد مع فتح الضاد، ولغة التشديد إنَّما هي من مفتوح الضاد لا من مكسورها، فما في أصلنا فيه نظرٌ، وراجع «صحاح الجوهريِّ»؛ تعرف ذلك، وأمَّا (الضَّيْق) الذي في القرآن؛ ففيه كسر الضاد وفتحها مع التخفيف، قراءتان في السبع، قرأ ابن كثير {فِي ضَيْقٍ} في (النَّمل) [الآية: 70] و (النَّحل) [الآية: 127] بكسر الضاد، والباقون بفتحها، والله أعلم.

    ==========

    [1] (قانتًا مخبتًا): ليس في (ب).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ ونسخة في (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (هيْن وهيِّن)؛ بالتخفيف ثمَّ التشديد، وبلا واو في الأولى.

    [3] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (ضَيْق).

    [ج 1 ص 826]

    (1/6151)

    [حديث: يا أهل اليمن اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم]

    3190# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثاء المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) هذا: هو الثَّوْريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، العالم المشهور.

    قوله: (عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ): هو بضَمِّ الميم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة، ثمَّ راء مكسورة، ثمَّ زاي، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وقد تَقَدَّمَ (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وقد قَدَّمْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وحُصَين: أسلم وصحب أيضًا رضي الله عنه.

    قوله: (جَاءَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ): كان قدومهم في السنة التاسعة عام الوفود، وسيأتي ذكر الوفود بعد (حجِّ أبي بكر رضي الله عنه).

    قوله: (أَبْشِرُوا): هو بفتح الهمزة، وكذا قوله: (فَأَعْطِنَا)، وقوله: (أَبْشِرُوا)؛ يريد: بما يجازى به المسلمون، وما تصير إليه عاقبتهم [1]، والله أعلم.

    قوله: (اقْبَلُوا الْبُشْرَى): هي بالموحَّدة، وهي معروفة، قال ابن قرقول: كذا للكافَّة في «بدء الخلق»، وعند الأصيليِّ: «اليسرى»؛ يعني: بالمُثَنَّاة تحت، قال: والأوَّل أصوب؛ كما في سائر الأحاديث، وجواب بني تميم له: بشَّرتنا فأعطِنا، قال شيخنا: والقائل: «فأعطِنا» قيل: إنَّه الأقرع بن حابس، كان فيه بعض أخلاق البادية، نبَّه عليه ابن الجوزيِّ.

    قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ): هذا الرجل لا أعرفه.

    (1/6152)

    [حديث: اقبلوا البشرى يا بني تميم]

    3191# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (غياثًا) بالغين المُعْجَمَة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مُخَفَّفة، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ أنَّه سليمان بن مِهْرَان مرارًا، و (صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ): تَقَدَّمَ ضبط (مُحْرِز) أعلاه [1].

    قوله: (وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ): (غيرُه): مَرْفُوعٌ صفة (شيءٌ)، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَنَادَى مُنَادِي [2]): كذا في أصلنا القاهريِّ بإثبات الياء، وكذا [3] كان [4] في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ثمَّ ضُرِبَ على الياء، والأكثر والأفصح: منادٍ، وتلك لُغَيَّة، و (المنادي): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه.

    قوله: (يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ): (يَقْطع): بفتح المُثَنَّاة تحت، وإسكان القاف، و (السرابُ): مَرْفُوعٌ فاعل (يقطع)؛ ومعناه: أنَّها تُسرِع إسراعًا كثيرًا، تَقَدَّمَت به وفاتت حتى إنَّ السراب يظهر دونها؛ أي: من ورائها؛ لدخولها في البرِّيَّة، وفي نسخة أخرى: (تقطَّع): فعلٌ ماضٍ مشدَّد الطاء، و (السرابُ): مَرْفُوعٌ فاعل، وفي نسخة: (يقطِّع): فعل مستقبل مشدَّد الطاء، و (السرابُ): مَرْفُوعٌ فاعل، والله أعلم، و (السراب): معروف.

    قوله: (لَوَدِدْتُ): هو بكسر الدال الأولى، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [1] (أعلاه): ليس في (ب)، وزيد فيها: (في الورقة التي قبل هذه).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (منادٍ).

    [3] في (ب): (والأكثر كذا).

    [4] (كان): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 827]

    (1/6153)

    [معلق عيسى بن موسى: قام فينا النبي مقامًا فأخبرنا عن بدء الخلق ... ]

    3192# قوله: (وَرَوَى عِيسَى [1] عَنْ رَقَبَة): قال الدِّمْيَاطيُّ: عيسى بن موسى البُخاريُّ غُنْجَار، انتهى، (وغُنْجار): بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ جيم مُخَفَّفة، وفي آخره راءٌ، لقبٌ له، لُقِّب به؛ لحمرة خدَّيه، انتهى، قال الدِّمْيَاطيُّ: مات سنة ستٍّ _أو سبع_ وثمانين ومئة، سقط بينه وبين رقبة أبو حمزة مُحَمَّد بن ميمون السكريُّ، انتهى.

    وقد تقدَّمه لذلك أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ في «تقييده» عن أبي مسعود الدِّمَشْقيِّ، وكذا قال المِزِّيُّ في «أطرافه» نقلًا عن أبي مسعود الدِّمَشْقيِّ، وكذا ذكر الذَّهَبيُّ وقال: الصواب: عيسى عن أبي حمزة السكريِّ عن رقبة، انتهى، وأفاد شيخنا أنَّ [2] في كتاب حَمَّاد بن شاكر؛ يعني: عن البُخاريِّ، وفي كتاب ابن رُمَيح عن الفِرَبْريِّ؛ جميعًا عن عيسى عن أبي حمزة عن رقبة، انتهى.

    و (رَقَبَة): بفتح الراء والقاف والموحدة، ثمَّ تاء التأنيث، وهو رقبة بن مصقلة العبْديُّ، أبو عبد الله الكوفيُّ، عن بريد بن أبي مريم، وأبي إسحاق، وغيرهما، وعنه: جرير وابن عُيَيْنَة، ثقةٌ مأمون، قاله أحمد ابن حنبل، ووثَّقهُ أحمد العِجْليُّ، أخرج له الجماعة سوى ابن ماجه.

    قوله: (عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ): تَقَدَّمَ أوَّل هذا الكتاب [3] أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الدال، ثمَّ همزة، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [1] في هامش (ق): ( ... وكذا ذكره الذهبيُّ في «تذهيبه» و «ميزانه») [للتخريج، ثم يحذف].

    [2] (أن): سقط من (ب).

    [3] في (ب): (التعليق).

    [ج 1 ص 827]

    (1/6154)

    [حديث: يقول الله: شتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني]

    3193# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ [1]): كذا في أصلنا، وفي نسخة خارج أصلنا عوض (أبي شيبة): (عن أبي أحمد)، وعليها (صح)، أمَّا (عبد الله ابن أبي شيبة)؛ فهو الحافظ الكبير الإمام أبو بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبة المشهور، تَقَدَّمَ، وأمَّا قوله: (عن أبي شيبة)؛ فهو خطأٌ محضٌ؛ لأنَّ أبا شيبة هو جدُّ الحافظ أبي بكر عبدِ الله [2]، ليس له في «البُخاريِّ» ولا «مسلمٍ» شيءٌ، بل ولا هو على شرطهما، وهو مُتكلَّم فيه، وهو إبراهيم بن عثمان بن خُواستَّى، أبو شيبة العبسيُّ، أخرج له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، والصواب: أبو أحمد، كما صُحِّحَ عليه في الهامش، و (أبو أحمد) هذا: اسمه مُحَمَّد بن عبد الله بن الزُّبَير، أبو أحمد الزبيريُّ الكوفيُّ، روى عنه الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة، وهو عن سفيان الثَّوْريِّ، أخرج له الجماعة، ولم يذكر هذا الحديثَ المِزِّيُّ في «أطرافه» إلا من رواية أبي أحمد الزبيريِّ عن سفيان؛ هو الثَّوْريُّ، كذا أخرجه المِزِّيُّ في ترجمة سفيان الثَّوْريِّ، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ فاعلمه، وعلى الصواب رأيته في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وكذا في نسخة أخرى صحيحة، والله أعلم.

    قوله: (أَنْ يَشْتِمَنِي): هو بكسر المُثَنَّاة فوق، وتضمُّ، كذا رأيته في «جمهرة ابن دريد» فيما فيه اللغتان.

    قوله: (كَمَا بَدَأَنِي [3]): هو بهمزة مفتوحة بعد الدال، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وسقط قوله: (عن أبي شيبة) من (ب)، ورواية «اليونينيَّة»: (عَنْ أَبِي أَحْمَدَ)،، وفي هامش (ق): (قوله: «عن أبي شيبة»: خطأٌ، وصوابه إثبات: «عن أبي أحمد» عوضه، والله أعلم).

    [2] زيد في (ب): (بن مُحَمَّد بن أبي شيبة).

    [3] في (ب): (بدأ في)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 827]

    (1/6155)

    [حديث: لما قضى الله الخلق كتب في كتابه]

    3194# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وكذا تَقَدَّمَ (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ): أي: دونه؛ كقوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]، وقيل: الكلام على حقيقته؛ والمراد: علم ذلك عند الله، لا يُبدَّل.

    قوله: (إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي): إشارة لسَعة الرحمة وشمولها الخلقَ، فكأنَّها الغالب، من (غلب على فلان الكرم)، وإلَّا؛ فغضبه ورحمته من صفات ذاته راجعة إلى إرادة الثواب والعقاب، والصفات لا توصف بغلبة إحداهنَّ على الأخرى، وقيل: الرحمة من صفات الفعل، وسيأتي الكلام في صفات الفعل.

    ==========

    [ج 1 ص 827]

    (1/6156)

    [باب ما جاء في سبع أرضين]

    قوله: (أَرَضِينَ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح الراء، وأنَّه يجوز في لغة سكونها.

    [ج 1 ص 827]

    قوله: ({وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطلاق: 12]): تنبيهٌ: قال شيخنا: روى البيهقيُّ عن أبي الضحى مسلمِ بنِ صُبيح عن ابن عَبَّاس: أنَّه قال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}، قال: (سبع أرَضين، في كلِّ أرضٍ نبيٌّ كنبيِّكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى)، ثمَّ [1] قال: إسناد هذا الحديث عن ابن عَبَّاس صحيحٌ، وهو شاذٌّ بمرَّةٍ، ولا أعلم لأبي الضحى عليه متابعًا، انتهى.

    وقد ذكر هذا الحديثَ الحاكمُ في «المستدرك» في (سورة الطلاق) عن شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عَبَّاس: أنَّه قال: (إنَّ الله خلق سبع سماوات، ومن الأرض مثلهنَّ، قال: سبع أرَضين، في كلِّ أرض نبيٌّ كنبيِّكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى)، صحيحٌ، وقد سكت عليه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، والذي ظهر لي أنَّ هذا منكر من القول، ولم أرَ فيه كلامًا لأحد إلَّا ما ذكرته لك، والله أعلم.

    قوله: ({[2] السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: 5]: السَّمَاءُ): {السقفِ المرفوعِ}: مجروران في التلاوة، وأنت بالخِيار فيه وفي أمثاله بين أن تقرأه بالحكاية _وهو أحسن_ وتقرأ التفسير مثله، وهكذا فعل البُخاريُّ في بعض المواضع، فقال في (سورة البقرة): ({بَسْطَةً} [247]: زيادةً وفضلًا)، وفي (الغاشية): ({لَاغِيَةً} [11]: شتمًا)، وبين أن تقرأ التلاوة كما هي في القرآن على الحكاية وتقرأ التفسير بالرفع على أنَّه خبر، وكذا فعل البُخاريُّ في (البقرة) فقال: ({رَغَدًا} [35]: واسعٌ كثيرٌ)، وقال: ({الرَّحْمَن الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]: اسمان)، فإن قرأت التلاوة بالرفع على أنَّه مبتدأ؛ لم يجز لك في التفسير غير الرفع على أنَّه خبر، وهذا ينفعك في التفسير، وهنا قال لي شيخنا الحافظ زين الدين العِرَاقيُّ: إنَّ ابن هشام _يعني: العلَّامة جمال الدين القاهريَّ النَّحْويَّ_ كان يقول: يجوز لك في التلاوة الحكاية والرفع على أنَّه مبتدأ، انتهى، والباقي أنا [3] ذكرته، وليس فيه وقفة، والله أعلم.

    قوله: ({سَمْكَهَا} [النازعات: 28]: بِنَاءَهَا [4]): وهو بالمدِّ، فإن شئت أن تنصبه، وإن شئت أن ترفعه، كما تَقَدَّمَ.

    (1/6157)

    [حديث: من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين]

    3195# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ المشهور، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (ابْن عُلَيَّةَ): إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة الإمام، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: (قِيدَ شِبْرٍ): (القِيْد): بكسر القاف، وإسكان المُثَنَّاة تحت، وبالدال المُهْمَلَة [1]؛ أي: قدرَ.

    قوله (أَرَضِينَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنه بفتح الراء وتُسَكَّن.

    ==========

    [1] (المهملة): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 828]

    (1/6158)

    [حديث: من أخذ شيئًا من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة]

    3196# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وقد قَدَّمْتُ مَن يقال له: بُسر _بضَمِّ المُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة_ في «البُخاريِّ» و «مسلم».

    قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، الإمام المشهور.

    ==========

    [ج 1 ص 828]

    (1/6159)

    [حديث: الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض]

    3197# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثقفيُّ الحافظ، أبو مُحَمَّد، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (ابْن أَبِي بَكْرَةَ): هو عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرة نفيعِ بن الحارث، تقدَّما مترجمَين.

    قوله: (ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّهما فيهما لُغَتان: الفتح والكسر، وتَقَدَّمَ الكلام على (رَجَبُ مُضَرَ)، وكونه أُضِيفَ إلى (مُضَر) لمَ كان ذلك.

    (1/6160)

    [حديث: من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا]

    3198# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

    قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ): هذا أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة، وترجمته معروفة، ووالده زيدٌ ستأتي ترجمته حيث ذكره البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وهو «يأتي أمَّةً وحده»، كما قال عليه الصَّلاة والسَّلام فيه، أسلم سعيد وزوجته فاطمة بنت الخطَّاب قبل أخيها عمر، روى عنه: قيس بن أبي حَازم وأبو عثمان النهديُّ، تُوُفِّيَ بالمدينة المشرَّفة سنة (51 هـ)، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

    قوله: (خَاصَمَتْهُ أَرْوَى): هذه هي بنت أوس، وقيل: بنت [أُوَيس] [1]، وكانت حاضنةً لمروان بن الحكم.

    قوله: (إِلَى مَرْوَانَ): هو ابن الحكم، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه تابعيٌّ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.

    قوله: (قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ... ) إلى آخره: (ابن أبي الزناد)؛ بالنون: عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن ذكوان، تقدَّما، علَّق البُخاريُّ [2] لعبد الرَّحْمَن بن أبي الزناد، وقد قدَّمته.

    فإن قيل: فما فائدة هذا التعليق؟ فالجواب: أنَّ عروة عنعن عن سعيد بن زيد في السند الأوَّل، وفي هذا صَرَّحَ بأنَّ سعيدًا قاله له.

    فإن قيل: إنَّ عروة [3] ليس مدلِّسًا، فما فائدة ذلك؟ فالجواب: أنَّ في العنعنة مطلقًا خلافًا، فأراد أن يخرج من الخلاف، وقد تَقَدَّمَ له نظراءُ، وهذا التعليق ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، لكنَّ الحديثَ نفسَه من غير هذه الطريق في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» من حديث هشام عن أبيه به، وشيخنا لم يخرِّج التعليق.

    ==========

    [1] في (أ) بياض، وزيد في (ب): (قوله)، وكتب فوقها: (كذا).

    [2] (البخاري): سقط من (ب).

    [3] في (ب): (عمدة)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 828]

    (1/6161)

    [باب: في النجوم]

    قوله: (وَقَالَ قَتَادَةُ ... ) إلى قوله: (فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ؛ أَخْطَأَ وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: أخرج تعليقَ قتادة عَبْدُ بن حُمَيدٍ في «تفسيره» عن يونس عن سفيان عنه بلفظ: (فمَن تأوَّل فيها غير ذلك؛ فقد قال برأيه [1])، قال الداوديُّ في قول قتادة في «الصحيح»: وهو قولٌ حسن إلَّا قولَه: «أخطأ وأضاع نصيبه»؛ مقصِّر فيه؛ بل مَن قال فيها بالعصبيَّة كافرٌ، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في (ب)، وفي (أ): (رأيه)، وفي هامشها: (لعلَّه: برأيه).

    [ج 1 ص 828]

    (1/6162)

    [باب صفة الشمس والقمر]

    قوله: (كَحُسْبَانِ الرَّحَى): (حُسبان الرحى): لعلَّه أراد به قُطبها الذي تدور عليه، وهو قريب من سهم قصير، فـ (الحُسبان) في اللغة: سهام قِصار، واحدها: حُسبانة، وقد قال الماورديُّ في «تفسيره»: إنَّه القُطب، فقال: وقيل: إنَّهما يدوران في مثل قُطب الرحى، انتهى.

    وهذا قول مجاهد، كذا أخرجه عبدٌ، وقد أخرج الأوَّلَ _أعني: ما عزاه البُخاريُّ إليه_ عبدٌ أيضًا، وقال ابن عطيَّة في «تفسيره»: قال مجاهد: الحُسبان: الفَلَك المستدير، شبَّهه بحُسبان الرحى الذي باستدارته تستدير المِطْحَنة، وذكر شيخنا في (سورة الرَّحْمَن): أنَّه أسنده عَبْد بن حُمَيدٍ عن شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال: ولفظ ابن أبي نجيح عنه: يدوران في مثل قُطْب الرحى.

    قوله [1]: (وَقَالَ غَيْرُهُ: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ): (غيره): هو الفرَّاء يحيى بن زياد [2]، ذكره في «معاني القرآن»، قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: ومثله عن ابن عَبَّاس، أخرجه الطَّبَرانيُّ بإسناد صحيح إلَّا قوله: (لا يعدوانها).

    قوله: (لاَ يَعْدُوَانِهَا): هو بفتح أوَّله، وإسكان العين ثمَّ دال مهملتَين، وبعد الألف نون مكسورة؛ هي نون التثنية.

    قوله: (ويَجْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا): (يَجرِي)؛ بفتح أوَّله، وكسر الراء: مَبْنيٌّ للفاعل، و (كلُّ): مَرْفُوعٌ فاعل (يجري)، وفي نسخة: (ويُجرَى كلُّ): (يُجرَى)؛ بضَمِّ أوَّله، وفتح الراء: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (كلُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وفي نسخة: (ويُجرِي): رُباعيٌّ مضموم الأوَّل، من (أجرى)، و (كلَّ): مَنْصُوبٌ مفعول.

    [ج 1 ص 828]

    قوله: (عَلَى حَافَتَيْهِ): هو بفتح الفاء المُخَفَّفة، وإيَّاك أن تشدِّدها، فإنِّي سمعت غير واحد يشدِّدها؛ فاحذره.

    قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

    (1/6163)

    [حديث: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها]

    3199# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، لا مُحَمَّد بن يوسف البيكنديُّ، وقد تَقَدَّمَ الفرق بينهما، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوْريُّ، والله أعلم.

    قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه إبراهيم بن يزيد بن شريك التيميُّ، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه جندب بن جنادة، وتَقَدَّمَ ببعض ترجمة، وستأتي أيضًا.

    قوله: (فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنَ لَهَا): هما منصوبان، ويجوز رفعهما.

    قوله: (وَيُوشِكُ): هو بكسر الشين، وتفتح على لغة رديئة، ومعنى (يوشك): يقرب ويُسرع.

    قوله: (فَلاَ يُقْبَلَ مِنْهَا): يعني: لا يؤذَن حين تسجد.

    قوله: (وَتَسْتَأْذِنَ فَلاَ يُؤْذَنَ لَهَا): يريد: بالسير إلى مطلعها.

    قوله (فَلاَ يُؤْذَنَ لَهَا): (يؤذَن): بالنصب والرفع [1] أيضًا.

    (1/6164)

    [حديث: الشمس والقمر مكوران يوم القيامة]

    3200# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ الدَّانَاجُ [1]): هو عبد الله بن فيروزَ البصريُّ، و (الدَّانَاج): بالدال المُهْمَلَة، وبعد الألف نون، وبعد الألف الثانية [2] جيم، ويقال فيه: الداناءُ، ويقال أيضًا: الداناةْ، وهو بالفارسيَّة: العالمُ، عن أنس، وأبي رافع الصائغ، وحضين ابن المنذر _بالضاد المُعْجَمَة_ أبي ساسان، وأبي سلمة بن عبد الرَّحْمَن، وغيرِهم، وعنه: قتادة، وابن أبي عَروبة، وهمَّام، وعبد العزيز بن المختار، وابن عُلَيَّة، وجماعةٌ، قال النَّسائيُّ: ليس به بأس، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

    قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ): أي: ملفوفان كما يُلَفُّ الثوب، وقيل: مَرْمِيٌّ بهما، وقيل: قد ذهب نورهما، قاله ابن قرقول، وفي حديثٍ ذكره ابن الأثير في «نهايته»، ومن قبله أبو موسى في «غريبه» من حديث أبي هريرة: «يجاء بالشمس والقمر ثورَين [3] يُكوَّران في النار يوم القيامة»، ثمَّ قال: يُلَفَّان [4] ويُجمعان ويُلقيان فيها، والرواية: «ثورَين» _بالثاء_ كأنَّهما يُمْسَخان، وقد رُوِيَ بالنون، وهو تصحيفٌ، انتهى، وأراد هذا المعنى، ثمَّ رأيت في كلام شيخنا الشارح عن الخَطَّابيِّ روى في هذا الحديث زيادةً لم يذكرها أبو عبد الله؛ وهي ... فذكر [5] سنده إلى أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال [6]: «إنَّ الشمس والقمر يكوَّران في النار يوم القيامة»، قال الحسن: وما ذنبهما؟ قال أبو سلمة: أنا أحدِّثك عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأنت تقول: ما ذنبهما؟! فسكت الحسن، وروى أبو داود الطيالسيُّ في «مسنده» بسنده إلى أنس مرفوعًا: «إنَّ الشمس والقمر ثوران عقيران في النار»، وذكره أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ في بعض نسخ «أطرافه» موهمًا أنَّ ذلك في «الصحيح»، انتهى.

    (1/6165)

    وقد رأيت في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» عن أنس بن مالك: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «الشمس والقمر ثوران عقيران في النار»، وقد ذكر ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» حديثَ أنس هذا، ثمَّ قال: وهذا لا يصحُّ، قال ابن حِبَّانَ: لا يحلُّ الاحتجاج برواية دُرُسْت بن زياد، قال يحيى: لا شيء، انتهى.

    (1/6166)

    [حديث: إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما]

    3201# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، وأمَّا (عَمْرٌو) بعده؛ فهو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة المصريُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا.

    قوله: (لاَ يَخْسِفَانِ): هو مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول، وقد تَقَدَّمَ [الكلام] على ذلك في مكانه، وكذا في الحديث الذي بعد هذا، وكذا الذي بعده.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

    [ج 1 ص 829]

    (1/6167)

    [حديث: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان ... ]

    3202# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وهو ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وكذا تَقَدَّمَ (عَطَاء بْن يَسَارٍ): أنه بتقديم المُثَنَّاة تحت على [1] السين [2]، وهذا مَعْرُوفٌ ظاهرٌ.

    ==========

    [1] (على): ليس في (ب).

    [2] في (ب): (والسين).

    [ج 1 ص 829]

    (1/6168)

    [حديث: إنهما آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ... ]

    3203# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وكذا تَقَدَّمَ (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد الإمام الجواد، وكذا تَقَدَّمَ (عُقَيْل): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وقد قَدَّمْتُ مَن يقال له: (عُقيل) كهذا في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وهذا هو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

    ==========

    [ج 1 ص 829]

    (1/6169)

    [حديث: الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته .. ]

    3204# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان الإمام [1]، شيخ الحُفَّاظ، و (إِسْمَاعِيل) هذا: هو ابن أبي خالد تَقَدَّمَ، وكذا (قَيْسٌ): هو ابن أبي حازم، وكذا (أَبُو مَسْعُود): تَقَدَّمَ أنَّه عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أُسَيرة الأنصاريُّ، المشهور بالبدريِّ، وسيأتي ما فيه، وقد تَقَدَّمَ.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (أحد الأعلام).

    [ج 1 ص 829]

    (1/6170)

    [باب ما جاء في قوله: {وهو الذي أرسل الرياح نشرًا بين يدى رحمته}]

    قوله: ({قَاصِفًا} [الإسراء: 69]: تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ): (تقصِف): بكسر الصاد، و (كلَّ): مَنْصُوبٌ مفعول، و (القصف): الكسر، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: ({لَوَاقِحَ} [الحجر: 22]: مَلاَقِحَ): قال الجوهريُّ: ألقح الفحلُ الناقةَ، والريحُ السحابَ، ورياحٌ لواقحُ، ولا يقال: ملاقح، وهو من النوادر، وقد قيل: الأصل فيه: ملقِحة، ولكنَّها لا تُلْقِحُ إلَّا وهي في نفسها لاقحٌ؛ كأنَّ الرياح لقحت بخير، فإذا أنشأتِ السحاب وفيها خير؛ وصل ذلك

    [ج 1 ص 829]

    إليه، انتهى، وفي «القاموس» لشيخنا الأستاذ مجد الدين الفيروزأبادي: وألقحتِ الرياحُ الشجرَ، فهي لواقح وملاقح، انتهى.

    وقوله: (مُلْقِحَةً): هو بسكون اللام، وكسر القاف، قال ابن قرقول: قول البُخاريِّ في تفسير {لَوَاقِحَ}: «ملاقح» هو أحد الأقوال؛ بمعنى: مُلْقِحة، أو ذوات لقح؛ أي: تُلْقِح [1] الشجر والنبات، وتأتي بالسحاب، وقيل: {لَوَاقِحَ}: حاملاتٍ للسحاب؛ كما تحمل الناقة، انتهى.

    ==========

    [1] في (ب): (ملقح).

    (1/6171)

    [حديث ابن عباس: نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور]

    3205# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة [1] الإمام، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ فيه غلطٌ للبخاريِّ نبَّهت عليه فيما مضى.

    قوله: (نُصِرْتُ بِالصَّبَا): هي بفتح الصاد مقصورة، وهي الريح الشرقيَّة، ويشير بذلك إلى يوم الأحزاب، وهي غزوة الخندق، قال الله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9]، وقد تَقَدَّمَ في (الاستسقاء).

    قوله: (بِالدَّبُورِ): هو بفتح الدال المُهْمَلَة، وبالموحَّدة المُخَفَّفة، الريح الغربيَّة، وتَقَدَّمَ في (الاستسقاء).

    (1/6172)

    [حديث: ما أدري لعله كما قال قوم: {فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم}]

    3206# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ الإمام، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، و (عَطَاء) بعده: تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن أبي رَباح الإمام، مفتي أهل مكَّة.

    قوله: (إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ): (المخيلة): بفتح الميم، وتضمُّ أيضًا، قال ابن قرقول: وقع في «غريب المصنَّف»: وبكسر الخاء المعجمة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، السحابة يخيَّل إليه فيها المطر، وفي «النهاية»: (المخيلة): موضع الخَيل؛ وهو الظنُّ؛ كالمَظَنَّة، وهي السحابة الخليقةُ بالمطر، ويجوز أن تكون مسمَّاةً بالمخيلة التي هي مصدرٌ؛ كالمحبسة من الحبس.

    قوله: (فَإِذَا أَمْطَرَتِ): كذا في أصلنا، يقال: مَطَرَت وأمطرت بمعنًى واحدٍ، وحكى بعض المفسِّرين: مطرت في الرحمة، وأمطرت في العذاب؛ لأنَّهم وجدوه كذا في القرآن في مواضعَ، والصحيح أنَّهما بمعنًى، ألَا تراهم قالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [1] [الأحقاف: 24]، وإنَّما ظنُّوه مطر رحمة، فقيل لهم [2]: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24]، وفي هذا الحديث ما يردُّ على مَن قال: أمطرت في العذاب، وقد تَقَدَّمَ شيء من ذلك.

    قوله: (سُرِّيَ عَنْهُ [3]): هو بتشديد الراء المكسورة وتخفيفها؛ أي: كُشِفَ عنه، وقد تَقَدَّمَ.

    (1/6173)

    [باب ذكر الملائكة]

    قوله: (بَابُ ذِكْرِ الْمَلاَئِكَةِ): فائدةٌ: في «ربيع الأبرار» للزمخشريِّ محمودِ بن عمر الإمامِ النَّحْويِّ عن سعيد بن المُسَيّب: أنَّ الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث، ولا يتوالدون، ولا يأكلون، ولا يشربون، انتهى، وهذا الأخير يعارضه ما نقله شيخُنا قريبًا في قوله: (ونهاني عن الشجرة)، نقل فيها شيخُنا أقوالًا؛ أحدها: أنَّها شجرة الخلد التي كانت تأكل الملائكةُ منها، والله أعلم، مع أنَّه ينبغي أن يُبْحَث عن ثبوته، فلا أعلم مستنده، وسيجيء في تبويب البُخاريِّ في (تسليم الرجال على النساء)، وأخرج تسليمَ جبريل على عائشة، وقد ذكرت الكلام عليه هناك، وما قاله الزمخشريُّ عن ابن المُسَيّب هو المعروف المشهور عند الناس.

    تنبيهٌ شاردٌ: نقل شيخنا في حديث سلامِ آدمَ على الملائكة وردِّ الملائكة عليه في «الاستئذان» ما لفظُهُ: قال المهلَّبُ: الحديث يدلُّ على أنَّ الملائكة في الملأ الأعلى يتكلَّمون بلسان العرب، ويحيُّون بتحيَّة الله، وأنَّ التحيَّة للسلام هي التي أراد الله أن يُحيَّى بها [1]، انتهى.

    وفي هذا الاستدلال بعض وقفة؛ لجواز أن يكون هذا معنى قول الملائكة، لكنَّ الظاهر ما قاله المهلَّب، مع أنِّي رأيت في «الميزان» للذهبيِّ حديثًا منكرًا أو موضوعًا _الشكُّ منِّي_: أنَّ كلام الملائكة بالعربيِّ.

    قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الرجل الصالح الصَّحَابيِّ، وأنَّ والده بتخفيف اللام، وأنَّ عبد الله كان اسمه الحُصين، فسمَّاه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عبدَ الله.

    قوله: (إِنَّ جِبْرِيلَ [2] عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ): سيأتي في (تفسير البقرة) سبب ذلك عندهم.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (والله أعلم).

    [2] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق): (عَلَيْهِ السَّلاَمُ).

    [ج 1 ص 830]

    (1/6174)

    [حديث: بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان فأتيت بطست من ذهب]

    3207# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، ثمَّ مُوَحَّدة، ثمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّه يقال له: هدَّاب، وكذا تَقَدَّمَ (هَمَّام): أنَّه ابن يحيى العَوْذيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته وترجمته.

    قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً ونطقًا في أوَّل هذا التعليق.

    قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه خليفة بن خيَّاط، أبو عَمرو شباب العُصفريُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان) أنَّه يكون قد أخذه عنه [2] حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم.

    قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ): أمَّا (سعيد)؛ فهو ابن أبي عَرُوبة، وقد تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ ما قاله شيخنا فيه في «القاموس»، وأمَّا (هشام)؛ فهو الدَّسْتَوائيُّ، تقدَّما مترجمَين، وكذا تَقَدَّمَ (مَالِك بْن صَعْصَعَةَ) رضي الله عنه.

    قوله: (بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ): سيأتي الكلام لمَّا أُسرِيَ به عليه الصَّلاة والسَّلام أين كان، والجمع بين الرواياتِ.

    قوله: (فَأُتِيتُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (بِطَسْتٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، ولُغاته، وما استُنبِط منه، في أوَّل (الصلاة).

    قوله: (إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ): هو بفتح الميم، وتخفيف الراء، وفي آخره قاف مُشَدَّدة، وفي «الصحاح»: ومَرَاقُّ البطن: ما رقَّ ولان منه، لا واحد لها، انتهى.

    ورأيت في نسخة صحيحه في هامشها: (مُرَاقِّ)؛ بضَمِّ الميم، وفي الأصل بفتح الميم.

    قوله: (مُلِئَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (ملآن)، والأُولى في أصل الدِّمْيَاطيِّ، كذا نقل شيخنا، وقال عن ابن التين: (إنَّه ضبطها «مَلْأَى» على وزن «سَكْرى»)، انتهى، وهذه رأيتها في بعض النسخ، وقد قَدَّمْتُ في أوَّل (الصلاة) سؤالًا _وهو أنَّ الحكمة والإيمان معنيان_ وجوابه.

    قوله: (وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ): (أُتِيت): أيضًا مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (الْبُرَاقُ): مَرْفُوعٌ، وهو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو البراق، ويجوز الجرُّ على البدل، سيأتي الكلام عليه فيما يأتي، وأذكر ما جاء في صفته إن شاء الله تعالى.

    (1/6175)

    قوله: (قِيلَ: مَنْ هَذَا؟): تَقَدَّمَ أنَّ خازن السماء الدنيا اسمه إسماعيل، وعَزَوتُه، وقدَّمتُ أنَّ (إسماعيل) معناه: مطيع الله.

    [ج 1 ص 830]

    قوله: (وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟): تَقَدَّمَ الكلام عليه في «الصلاة»، وأنَّ معناه: أرسل إليه للإسراءِ.

    قوله: (فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ): تَقَدَّمَ الكلام على الأنبياء المذكورين، وما قاله ابن بَطَّالٍ، وما قاله السُّهَيليُّ، في أوَّل (كتاب الصلاة).

    قوله: (فَأَتَيْتُ عَلَى [3] إِدْرِيسَ ... ) إلى قوله: (مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه هل هو في عمود نسبه عليه الصَّلاة والسَّلام، أم لا؟ في أوَّل هذا التعليق

    قوله: (فَأَتَيْنَا [4] عَلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ... ) إلى أن قال: (فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى): تَقَدَّمَ في «الصلاة» بعضُ كلام في ذلك، وأنِّي أذكر في آخر «الصحيح» عنه جوابَين، فإنَّ هنا: أنَّ موسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة، وفي (الصلاة): أنَّ إبراهيم في السادسة، وموسى في السابعة، على عكس هذا، والله أعلم.

    قوله: (هَذَا الْغُلاَمُ): تَقَدَّمَ الكلام على [الغلام]، وأنَّه هنا: الرجل المستحكم القوَّة، وتَقَدَّمَ كلام الداوديِّ.

    قوله: (أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي): (أفضلُ): مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف، والظاهر أنَّ معناه: أكثر؛ بدليل أنَّ في بعض طرقه في هذا «الصحيح»: (أكثر) [ح&].

    قوله: (فَرُفِعَ لِيَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ): قد اختُلِف في البيت المعمور وفي مكانه، فقيل: إنَّه البيت الذي بناه آدمُ أوَّلَ ما نزل إلى الأرض، فرُفِع إلى السماء في أيَّام الطوفان، وأنَّه الضُّرَاح _ بالضاد المُعْجَمَة المضمومة، وتخفيف الراء، وفي آخره حاء مهملة_؛ لأنَّه ضُرح عن الأرض إلى السماء؛ أي: أُبعِد، وقال محمود بن عمر: ويقال له: الضريح أيضًا، وعن ابن عَبَّاس والحسن: أنَّه البيت الذي بمكَّة، معمورٌ بمَن يطوف به، وعن مُحَمَّد بن عبَّاد بن جعفر: أنَّه كان يستقبل القبلة ويقول: وا حبَّذا بيت ربِّي ما أحسنه وأجمله! هذا والله البيت المعمور، وقيل: البيت المعمور في السماء الدنيا، أو الرابعة، أو السادسة [5]، أو السابعة؛ أقوال، وعن جعفر بن مُحَمَّد عن آبائه: أنَّه تحت العرش، قاله شيخنا، انتهى، وفي «القاموس» لمجد الدين: أنَّه في السماء الرابعة.

    (1/6176)

    قوله (آخِرَ مَا عَلَيْهم): يجوز في (آخر) الفتح والضمُّ، قال ابن قرقول: الضمُّ أوجه، والفتح فيه على الظرف، انتهى، وهو في الأصل الذي سمعت فيه على العِرَاقيِّ مفتوحُ الراء، مُصحَّح عليه، والله أعلم.

    قوله: (ثُمَّ رُفِعَتْ [6] لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل «الصلاة»؛ ما المعنى في كونها سِدْرَةً دون غيرها من الشجر.

    قوله: (نَبِقُهَا): هو بكسر المُوَحَّدة، ويجوز سكونها؛ لغتان [7]، وهو ثمرُ السِّدْرِ.

    قوله: (كَأَنَّهُ قِلَالُ هَجَرٍ): (هَجَر) هذه: قرية بقرب المدينة المشرَّفة، كانت القِلَال تُعمَل بها أوَّلًا، ثمَّ عُمِلَت بالمدينة، وليست التي بالبحرين، والتي بالبحرين تَقَدَّمَ الكلام عليها، والتي بقرب المدينة لا تنصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، والتي بالبحرين حكى الجوهريُّ صرفَها مقتصرًا عليه، وينبغي أن يجيءَ فيها ما يجيءُ في نظائرها؛ إن أراد الشخص الموضِع؛ صرف، وإن أراد البقعة؛ لم يصرف، والله أعلم.

    قوله: (أَمَّا الْبَاطِنَانِ؛ فَفِي الْجَنَّةِ): قال النَّوويُّ عن مقاتل: هما السلسبيل والكوثرُ.

    قوله: (الفُرَاتُ): هو بتاء ممدودة، ولا تجوز بالهاء، وفي (التاء) أخرجه الجوهريُّ.

    تنبيهٌ: رأيت في «تاريخ» الحافظ الرئيس الصاحب كمالِ الدين عمرَ بنِ أحمدَ بنِ هبة الله ابن العديم في الجزء الأوَّل من المُبَيَّضة بخطِّه: أنَّه قرأ بخطِّ الحافظ السِّلَفيِّ في رسالة كتبها أبو المظفَّر إبراهيمُ بنُ أحمد بن الليث الأذريُّ [8] إلى إلكيا أبي الفتح الحسنِ بن عبد الله بن صالح الأصبهانيِّ [9] يذكر فيها سَفْرته، قال في أثنائها: إلى أن حصلنا بشطِّ الفرات، ولم أكُ أحفُّها حتى قرأت في بعض الكتب أنَّه يقال: فرات وفراه؛ كما يقال: عنكبوت وعنكبوه، وتابوت وتابوه، وهذا على أن يكون لغةً لهم، ولا يكون [10] على سبيل الاعتقاب، انتهى، وهذا غريبٌ.

    قوله: (فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ [11]، ثُمَّ ثَلاَثِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، فَجَعَلَ عِشْرِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، فَجَعَلَ عَشْرًا): تَقَدَّمَ الكلام في الجمع بين هذه وبين الرِّوايات الأُخَر في (الصلاة).

    (1/6177)

    قوله: (قُلْتُ: قَدْ [12] جَعَلَهَا خَمْسًا، فَقَالَ مِثْلَهُ): سيأتي ما في ذلك، وأنَّ فيه نظرًا بعد أن يقول ربُّه تعالى: (هي خمس، وهي خمسون، لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ)، كما في رواية أخرى، كيف يقول موسى له مثله؛ أي: راجع ربَّك، ومرَّ بي [13] في بعض الأحاديث: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال لموسى ما قاله الربُّ تعالى: لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، فقال له موسى: راجع ربَّك.

    قوله: (وَأَجْزِي): هو بفتح الهمزة في أوَّله، وكسر الزاي، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وكذا في أصلنا، ويجوز فيه للرُّباعيِّ، والله أعلم.

    قوله: (وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [14] [عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ): هذا تعليقٌ مجزوم به، فهو صحيحٌ منه إلى همَّام، وأمَّا منه إلى آخره؛ قد يكون صحيحًا، وقد يكون لا؛ كهذا؛ وذلك لأنَّه تُكُلِّم في سماع الحسن _وهو ابن أبي الحسن_ من أبي هريرة، فقال أيُّوب، وعليُّ بن زيد، وبَهْزُ بن أسد: لم يسمع الحسن من أبي هريرة، وقال يونس بن عُبيد: ما رآه قطُّ، وذكر أبو زُرعة وأبو حاتم: أنَّ من قال: عن الحسن حدَّثنا أبو هريرة؛ فقد أخطأ، وقال النَّسائيُّ في «الصغرى» عَقِبَ حديث: «المختلعات هنَّ المنافقات»: لم يسمع الحسن من أبي هريرة، وفي «المسند» قال عبد الله بن أحمد عقيب حديث أبي هريرة: «تجيء الأعمال يوم القيامة، فتجيء الصلاة ... »؛ الحديث: عبَّاد بن راشد ثقة، ولكنَّ الحسن لم يسمع من أبي هريرة، هذا لفظه، وهو في السند: (حدَّثنا أبو هريرة إذ ذاك ونحن بالمدينة)، والحسن مشهور بالتدليس، والله أعلم.

    و (همَّام) المعلَّق عنه: هو ابن يحيى العَوْذِيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مرارًا ومرةً مُتَرْجَمًا، وتعليق همَّام ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

    ==========

    [1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

    [2] زيد في (ب): (في).

    [3] في (ب): (إلى)، والمثبت موافقٌ لما في «الصَّحيح».

    [4] في (ب): (فاعتراه)، وهو تحريفٌ.

    [5] (أو السادسة): ليس في (ب).

    [6] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَرُفِعَتْ).

    [7] (لغتان): ليس في (ب).

    [8] كذا في (أ) ومصدره، في (ب): (الأزدري)، وفي المصادر: (الأزدي)؛ فليحرَّر.

    [9] في (ب): (الأصفهاني).

    (1/6178)

    [10] في (أ): (ركون)، وفي (ب): (ولأن يكون)، ولَعَلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [11] زيد في (ب): (ثم)، وكذا في الصَّحيح».

    [12] قوله: (قد): ليس في «اليونينيَّة»، وضُرِبَ عليها في (ق).

    [13] في (ب): (لي).

    [14] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

    (1/6179)

    [حديث: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا]

    3208# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): هو بالحاء والصاد المُهْمَلَتين، واسمه سلَّام _بتشديد اللام_ ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (الأَعْمَش): أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئُ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ): أي: الصادق في قوله وفيما يأتيه من الوحي، و (المصدوق): أنَّ الله صَدَقَه في وعده.

    قوله: (إِنَّ أَحَدَكُمْ [1] يُجْمَعُ خَلْقُهُ): (أنَّ) في الأصل الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ مفتوحُ الهمزة، والذي أعرفه الكسر، وهو حكاية لفظه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وممَّن نصَّ على الكسر النَّوويُّ في «شرح مسلم» في أوَّل (كتاب القَدَرِ)، وسيأتي في خلق آدم، وفي آخر هذا التعليق ما قاله فيه أبو البقاء، وأنَّه بالفتح، مُطَوَّلًا.

    [ج 1 ص 831]

    قوله: (ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ): يأتي الكلام عليه، وأذكر الجمع بينه وبين ما خالفه، إن شاء الله تعالى.

    قوله: (مِثْلَ): هو بنصب لام (مثلَ).

    قوله: (مُضْغَةً): المضغة: قطعة لحمٍ بقدر [2] ما يُمضغ.

    قوله: (ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ): (يُنفَخ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الروحُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    اعلم أنَّ شيخنا الشارح [3] رحمه الله نقل عن الخطيب في كتابه «الفصل للوصل» أنَّ قوله: «وشقيٌّ أو سعيدٌ؟»: من كلامه عليه الصَّلاة والسَّلام، ومنه إلى آخره من كلام ابن مسعود، قال: وقد رواه عبد الرَّحْمَن بن حُمَيدٍ الرؤاسيُّ عن الأعمش، فاقتصر من المتن على المرفوع فحسب، ورواه بطوله سلمة بن كُهَيل عن زيد بن وهب، ففصل كلام ابن مسعود من كلامه عليه الصَّلاة والسَّلام، فقال: (قال عبد الله: والذي نفسي بيده؛ إنَّ الرجل ... )؛ الحديث.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (قوله: «أنَّ أحدكم»: ضبطه الضابطُ بفتح الهمزة من «أنَّ»، والذي أحفظه فيها الكسر حكاية لفظه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولكن نص على ذلك الشيخ محيي الدين في «شرحه لمسلم» في كتاب «القدر»، وضبطه بعض النحاة ممن تَقَدَّمَ الشيخ محيي الدين بالفتح، والله أعلم).

    [2] في (ب): (قدر).

    [3] (الشارح): ليس في (ب).

    (1/6180)

    [حديث: إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانًا فأحببه]

    3209# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ): هو مُحَمَّد بن سلَام؛ مخفف اللام على الأصَحِّ، تَقَدَّمَ [1] في أوَّل هذا التعليق، وقد جاء في بعض النُّسخ هنا مسمًّى منسوبًا.

    قوله: (حَدَّثَنا [2] مَخْلَدٌ): هو بفتح الميم، وإسكان الخاء المُعْجَمَة، وهو ابن يزيد الحرَّانيُّ، عن يحيى بن سعيد وابن جُرَيجٍ، وعنه: أحمد وإسحاق، ثقةٌ، مات سنة (193 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

    قوله: (عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ): اعلم أنَّ هذا هو نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، وترجمته معروفة.

    تنبيه: مَن اسمه نافع، ويروي عن أبي هريرة في بعض الكُتُب السِّتَّة: صاحب الترجمة مولى ابن عمر، ونافع بن أبي نافع المدنيِّ مولى أبي أحمد، ونافع بن عَبَّاس أبو مُحَمَّد المدنيُّ، ونافع بن جُبَير بن مطعم، والله أعلم.

    قوله: (وَتَابَعَهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): أمَّا (أبو عاصم)؛ فهو الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، تَقَدَّمَ مرارًا، والضمير في (تابعه) يعود لمَخْلد؛ هو ابن يزيد، والظاهر أنَّ (تابعه) مثل: (قال)، فيكون قد أخذه عن أبي عاصم في حال المذاكرة غالبًا؛ لأنَّه شيخه، وإنَّما أتى بالمتابعة؛ لأنَّها تعلو على الذي قبله برجل، وقد أخرج هذه المتابعة البُخاريُّ [3] في (الأدب): عن عمرو بن عليٍّ، عن أبي عاصم به.

    قوله: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاَنًا): يجوز في (إنَّ) الكسر والفتح [4]، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَأَحِبَّه [5]): هو بفتح المُوَحَّدة المُشَدَّدة، ومذهب سيبويه: ضمُّها، وقد تَقَدَّمَ في (لم نردّه)، ويُروى: (فَأحبِبْه)؛ بالفكِّ.

    ==========

    [1] (تَقَدَّمَ): ليس في (ب).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

    [3] (البخاري): ليس في (ب).

    [4] في (ب): (الفتح والكسر).

    [5] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَأَحْبِبْهُ).

    [ج 1 ص 832]

    (1/6181)

    [حديث: إن الملائكة تنزل في العنان فتذكر الأمر قضي في السماء]

    3210# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ، قال الجَيَّانيُّ: (حدَّثنا مُحَمَّد، عن ابن أبي مريم: أخبرنا الليث)، فذكر هذا المكان، هكذا رُوِّيناه عن أبي ذرٍّ عن أبي الهيثم، ولم أجد هذا لغير أبي ذرٍّ، لا عند ابن السكن، ولا الأصيليِّ، ولا عند أبي مسعود الدِّمَشْقيِّ، فإن كان محفوظًا؛ فهو مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، فقد روى البُخاريُّ في سورة (الكهف)، فقال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن عبد الله: حدَّثنا سعيد بن أبي مريم)، ومُحَمَّد بن عبد الله هو الذُّهليُّ فيما يذكر، وسيأتي هذا في موضعه، انتهى.

    وفي طُرَّة أصلنا بخطِّ بعض الفضلاء _والظاهر أنَّه نقله من مكان آخر_ ما لفظه: (مُحَمَّد: هو البُخاريُّ، قاله أبو ذرٍّ الهرويُّ)، وفي هامشه حاشية أخرى بخطِّه، ولفظها: (قوله: حدَّثنا مُحَمَّد، هكذا في أوَّل جزء، فنقل الناسخ كذلك، ولكن إذا قرئ؛ يُقرَأ: حدَّثنا ابن أبي مريم)، انتهت.

    وقد علمتَ ما قاله الجَيَّانيُّ، وقد ذكر هذا المِزِّيُّ في «أطرافه»، فقال: البُخاريُّ في «بدء الخلق» عن سعيد بن أبي مريم عن الليث ... ؛ فذكره، فتطريف [1] المِزِّيِّ يؤيِّد ما في الحاشية، والله أعلم، وهو الظاهر، ولهذا سقط (مُحَمَّد) من أكثر النُّسخ، والله أعلم.

    قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ): هو عُبيد الله _بالتصغير_ ابن أبي جعفر، أبو بكر المصريُّ الفقيه، أحد الأعلام، مولى بني كنانة، وقيل: مولى بني أُمَيَّة، مشهور الترجمة، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

    قوله: (فِي الْعَنَانِ): هو بفتح العين المُهْمَلَة، وتخفيف النون؛ وهو السحاب، كما في الحديث.

    قوله: (قُضِيَ فِي السَّمَاءِ): (قُضي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    (1/6182)

    قوله: (إِلَى الْكُهَّانِ): تَقَدَّمَ الكلام على الكاهن، وأنَّه الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الأزمان، ويدَّعي معرفة الأسرار، وقد كان في العرب كَهَنَةٌ؛ كشقٍّ، وسطيح، وغيرهما، فمنهم من كان يزعم أنَّ له تابعًا من الجنِّ ورَئِيًّا يلقي الأخبار، ومنهم من كان يزعم أنَّه يعرف الأمور؛ بمقدِّمات أسبابٍ يستدلُّ بها على مواقعها من كلام يسأله، أو فعله، أو حاله، وهذا يخصُّونه باسم العرَّاف؛ الذي كان يدَّعي معرفة الشيء المسروق، ومكان الضالَّة، ونحوهما، والحديث الذي فيه: «من أتى كاهنًا» قد يشتمل على إتيان الكُهَّان، والعرَّاف، والمنجِّم، وجمع الكاهن: كَهَنة، والله أعلم.

    (1/6183)

    [حديث: إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ... ]

    3211# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبه إلى جدِّه، وكذا تَقَدَّمَ (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَالأَغَرِّ): وفي نسخة: (والأعرج)، عوض (والأغرِّ)، أمَّا (الأعرج)؛ فقد تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، وأمَّا (الأغرُّ)؛ فقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: اسمه سلمان، أبو عبد الله المدنيُّ، وأصله من أصبهان، اتفقا عليه، انتهى.

    وسواء كان الأعرجَ أو الأغرَّ؛ فهو مجرور؛ لأنَّه معطوف على (أبي سلمة)، وقد ذكر أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ الروايتين، ثمَّ قال: فصحَّ بهذا كلِّه أنَّ الحديث حديث الأغرِّ، لا الأعرج، انتهى، ولم يذكر المِزِّيُّ الحديث إلَّا في رواية الزُّهْرِيِّ عن أبي سلمة والأغرِّ عن أبي هريرة، والله أعلم، وشيخنا ذكر الحديث، وقال: إنَّ الأغرَّ هو الصواب.

    قوله: (إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ): (يوم): يجوز فيه الرفع والنصب، وهما ظاهران.

    قوله: (الْمَلاَئِكَةُ): تَقَدَّمَ في (الجمعة) أنَّ هؤلاء غير الحفظة، وظيفتهم كتابة من جاء الجمعة أوَّلًا فأوَّلًا.

    ==========

    [ج 1 ص 832]

    (1/6184)

    [حديث: أجب عني اللهم أيده بروح القدس قال: نعم]

    3212# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الجِهبِذ [1] الناقد، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُفْيَان): هو ابن عُيَيْنَة، وأنَّ (الزُّهْرِيَّ): هو مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العلَم المشهور، وأنَّ (سَعِيد بْن المُسَيّب) بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

    [ج 1 ص 832]

    قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّب قَالَ: مَرَّ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ، وَحَسَّانُ يُنْشِدُ ... )؛ الحديث: هذا من مسند سعيد عن أبي هريرة، وسعيد لم يسمع من عُمر، ويقال: إنَّه سمع منه، لقي النُّعمان بن مقرِّن فقط، وهذا الأصحُّ، وقيل: سمع منه مطلقًا، وقد قال أحمد ابن حنبل: إذا لم يُقبَل سعيد عن عُمر؛ فمن يُقبَل؟! رآه وسمع منه، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (كُنْتُ أُنْشِدُ): هو رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (أَنْشُدُكَ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الشين، هذا [2] من الثلاثيِّ؛ أي: أسألك.

    قوله: (أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه جبريلُ [3].

    (1/6185)

    [حديث: اهجهم أو هاجهم وجبريل معك]

    3213# قوله: (اهْجُهُمْ): همزة (اهجُهم): همزة وصل، فإن ابتدأت بها؛ ضممتها، والجيم مضمومة دَرْجًا ووقفًا.

    ==========

    [ج 1 ص 833]

    (1/6186)

    [حديث: كأني أنظر إلى غبار ساطع في سكة بني غنم]

    3214# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنا [1] وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ [2]): (إسحاق) هذا: قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الأذان)، وفي (الاستسقاء)، و (ذكر الملائكة): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا وهب)؛ يعني: ابن جَرِير، نسب ابن السكن موضعين من هذه: إسحاق بن إبراهيم، وأهمل الذي في (الأذان)، وذكر أبو نصر: أنَّ وهب بن [3] جرير يروي عنه إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ، انتهى، وقال شيخنا: وشيخ البُخاريِّ نسبه ابن السكن هنا: ابن راهويه، وبه صَرَّحَ الإسماعيليُّ وأبو نعيم، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينصَّ عليه، بل قال: (إسحاق)، وأطلق.

    قوله: (فِي سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ): السكَّة: الزُّقاق، و (غَنْم)؛ بالغين المُعْجَمَة، وإسكان النون.

    قوله: (زَادَ مُوسَى: مَوْكِبَ جِبْرِيلَ): تَقَدَّمَ أنَّ (زاد) مثل: (قال)، و (موسى) هنا: هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه، وهو شيخ البُخاريِّ، وهو ثقة، وكأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، كما تَقَدَّمَ في (قال لي) و (قال): إذا كان القائل في الثاني شيخَه؛ كهذا، وحديث موسى بن إسماعيل أخرجه في (بدء الخلق) أيضًا، وفي (المغازي)، عنه عن جَرِير _وهو ابن حَازم_، عن حُمَيد بن هلال، عن أنس، والله أعلم.

    قوله: (مَوْكِبَ جِبْرِيلَ): المَوْكب؛ بفتح الميم، وإسكان الواو، وهو مَرْفُوعٌ على أنَّه خبر مبتدأ محذوف؛ تقديره: هو مَوْكب جبريل، ويجوز فيه الجرُّ، قال شيخنا: (مَوْكب)؛ بالخفض، وقيل: بالرفع؛ أي: هو مَوْكب، وقيل [4]: بالنصب؛ لقوله: انظروا مَوْكب جبريل، قال: وقال ابن التين: وأحسنُ منهما الخفضُ على البدل من (غبار) انتهى، والموكب: جماعة ركَّاب يسيرون برفق، وهم أيضًا القوم الركوب للزينة والتنزُّه، والموكب أيضًا: نوعٌ من السَّير.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

    [2] في (ق): (حدَّثنا إسحاق: أخبرنا وهب بن جرير)، وفي هامشها: (في نسخة: «حدَّثنا موسى بن إسماعيل: حدَّثنا حريز، وحدَّثنا إسحاق»).

    [3] (بن): سقط من (ب).

    [4] زيد في (ب): (هو).

    [ج 1 ص 833]

    (1/6187)

    [حديث: كل ذاك يأتي الملك أحيانًا في مثل صلصلة الجرس]

    3215# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ): هو فَروة ابن أبي المَغْراء؛ بفتح الميم، ثمَّ غين معجمة ساكنة، ثمَّ راء، وفي آخره همزة ممدودة، الكوفيُّ، عن شَريك وأبي الأحوص، وعنه: البُخاريُّ، والدارميُّ، وجمعٌ، تُوُفِّيَ سنة (225 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، صدَّقه أبو حاتم.

    قوله: (أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق، وأنَّه أخو أبي جهل لأبويه، وأنَّه أسلم يوم الفتح.

    قوله: (كُلَّ [1] ذَلِكَ [2]): هو بنصب (كلَّ) على الظرف.

    قوله: (أَحْيَانًا): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق، وكذا (صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ)، وكذا (فَيَفْصِمُ)، وتَقَدَّمَ الكلام على كيفيَّات الوحي التي [3] جاءت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (كُلُّ).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ذَاكَ).

    [3] في النُّسخَتَينِ: (الذي)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    [ج 1 ص 833]

    (1/6188)

    [حديث: من أنفق زوجين في سبيل الله دعته خزنة الجنة: أي فل هلم]

    3216# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثاء المُثَلَّثَة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ): ذكرتُ فيه ثلاثة أقوال، وكذا (أَيْ فُلُ): تَقَدَّمَ في (الجهاد).

    قوله: (لاَ تَوَى): هو بالمُثَنَّاة المفتوحة، وفتح الواو؛ أي: لا هلاك.

    ==========

    [ج 1 ص 833]

    (1/6189)

    [حديث: يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام]

    3217# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ أنَّ (هِشَامًا) بعده: هشام بن يوسف الصنعانيُّ، القاضي، وكذا تَقَدَّمَ (مَعْمَر): أنَّه بإسكان العين، وفتح الميمين، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَة): عبد الله، وقيل: إسماعيل، تَقَدَّمَ قريبًا أعلاه [1] وقبله مرارًا.

    ==========

    [1] في (ب): (بظاهرها).

    [ج 1 ص 833]

    (1/6190)

    [حديث: ألا تزورنا أكثر مما تزورنا؟]

    3218# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَمْرِو [1] بْنُ ذَرٍّ): كذا في أصلنا، وكذا بعده: (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَمْرِو [2] بْنِ ذَرٍّ): في الموضعين: (عَمرو)؛ بفتح العين، وزيادة واو، وكان أوَّلًا في الموضعين محذوفَ الواو في الموضعين، فزيدت الواو، وزيادتها خطأ، وهو عُمر _بضَمِّ العين، محذوف الواو_ ابن ذرٍّ الهَمْدانيُّ، يروي عن أبيه، وسعيد بن جُبَيرٍ، ومُعاذ، وعنه: ابن مهديٍّ، وأبو نعيم، والفِرْيَابيُّ، ثقة قاصٌّ بليغ صالح، لكنَّه رأسٌ في الإرجاء، تُوُفِّيَ سنة (156 هـ)، ولا أعلم في الكُتُب السِّتَّة ولا في مصنَّفاتهم مَن اسمه عَمرو بن ذرٍّ، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (عُمَر).

    [2] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (عُمَر).

    [ج 1 ص 833]

    (1/6191)

    [حديث: أقرأني جبريل على حرف فلم أزل أستزيده حتى .. ]

    3219# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو ابن عبد الله أبي أويس، ابن أخت مالك [1]، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم [2]، وهذا الطريق لم أره في «الأطراف»، إنَّما فيه حديث: «أقرأني جبريل ... »؛ الحديث، البُخاريُّ في (بدء الخلق) عن يحيى بن سليمان، عن ابن وهب، عن يونس، وفي (فضائل القرآن) عن سعيد بن عُفَير، عن الليث، عن عُقَيل، ومسلم في (الصلاة) عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس، وعن عَبْد بن حُمَيدٍ، عن عبد الرزاق، عن مَعْمَر؛ ثلاثتهم عنه؛ أي: عن الزُّهْرِيِّ به؛ أي: عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عَبَّاس، ولم أر ما في أصلنا، وكما في أصلنا رأيته في أصلنا الدِّمَشْقيِّ.

    قوله: (حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ): سيأتي الكلام على قوله: «إنَّ هذا القرآن أُنزِل على سبعة أحرف».

    ==========

    [1] زيد في (ب): (الإمام).

    [2] زيد في (ب): (ابن شهاب).

    [ج 1 ص 833]

    (1/6192)

    [حديث: كان رسول الله أجود الناس.]

    3220# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في طُرَّة أصلنا: (مُحَمَّد)، وهو هو، وهو مُحَمَّد بن مقاتل رُخٌّ، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك العالم المشهور، و (يُونُسُ) تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (الزُّهْرِيُّ).

    قوله: (وَكَانَ أَجْوَدُ [1]): تَقَدَّمَ الكلام على (أجود) هذه مُطَوَّلًا؛ فانظره في أوَّل هذا التعليق.

    [ج 1 ص 833]

    قوله: (وَعَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ [2]: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ): الذي ظهر لي أنَّ هذا ليس تعليقًا، وإنَّما هو معطوف على السند الذي قبله، فيكون رواه البُخاريُّ: عن ابن مقاتل، عن عبد الله _هو ابن المبارك_ عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيِّ به، وعلى كلِّ تقدير فهذه الطريق أهملها المِزِّيُّ في «أطرافه»، وها أنا أسوق لك تطريفه حتى تعرف منه أنَّه لم يذكرها، قال البُخاريُّ ومسلم، ثمَّ النَّسائيُّ: حديث: (كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أجود بالناس بالخير ... )؛ الحديث، البُخاريُّ في (بدء الوحي) عن بشر بن مُحَمَّد، عن ابن المبارك، عن يونس ومَعْمَر، وفيه وفي (صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) عن عَبْدان، وفي (بدء الخلق) عن مُحَمَّد بن مقاتل؛ كلاهما عن ابن المبارك عن يونس وحده، وفي (الصوم) [3] عن موسى بن إسماعيل، وفي (فضائل القرآن) عن يحيى بن قَزَعَة؛ كلاهما عن إبراهيم بن سعد؛ ثلاثتهم عنه؛ يعني: عن الزُّهْرِيِّ به؛ أي: عن عبيد الله عن ابن عَبَّاس، ثمَّ ذكر تطريف حديث مسلم والباقي، فأين قوله: (وعن عبد الله قال: أخبرنا مَعْمَر بهذا الإسناد نحوه)؟ والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة»: (أجودَ)، وفي (ق) معًا.

    [2] (قَالَ): ليس في «اليونينيَّة».

    [3] في (ب): (صوم)، وهو تحريفٌ.

    (1/6193)

    [حديث: نزل جبريل فأمني فصليت معه ثم صليت معه]

    3221# قوله: (أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ): (أَمَا)؛ بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّ)؛ بكسر الهمزة؛ لأنَّ (أَمَا) كـ (أَلَا) التي للاستفتاح، فالهمزة من (إنَّ) بعدها مكسورة، وقد تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ ذلك.

    قوله: (إمَامَ [1] رَسُولِ اللهِ): هو بكسر الهمزة، كذا ضبطها النَّوويُّ في «شرح مسلم»، قال: ويوضِّحه قوله في الحديث: «نزل جبريل فأمَّني»، و (إمام) في أصلنا بفتح الهمزة، والفتح طارئ عليها، وكأنَّها طرأت بعد تعليقي الذي نقلت هذا منه وزدته، والله أعلم، وقال بعضهم: بفتح الهمزة: ظرفًا، وبكسرها: حالًا معرَّفة متأوَّلة.

    قوله: (اعْلَمْ): هو فعل أمر.

    قوله: (بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمَة، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عامر الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وليس ببدريٍّ على الصحيح وإن عدَّه البُخاريُّ بدريًّا فيهم [2]، وسيأتي ذلك في (بدر) إن شاء الله تعالى، وقد تَقَدَّمَ بعض هذا.

    قوله: (يَحْسُبُ): هو بضَمِّ السين، وهذا ظاهِرٌ.

    (1/6194)

    [حديث: قال لي جبريل: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئًا .. ]

    3222# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مرارًا [1] أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبه بُنْدار، وتَقَدَّمَ ما (البُنْدار)، وكذا تَقَدَّمَ (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، أبو عَمرو البصريُّ، مُتَرْجَمًا، وكذا تَقَدَّمَ (حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ): أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو ذَرٍّ): جندب بن جنادة، وقيل غيره، أحد السابقين، مُتَرْجَمًا، رضي الله عنه.

    (1/6195)

    [حديث: الملائكة يتعاقبون ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ... ]

    3223# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (أَبُو الزِّنَادِ): أنَّه بالنون، واسمه [1] عبد الله بن ذكوان، وكذا (الأَعْرَجِ): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ.

    قوله: (الْمَلاَئِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ): تَقَدَّمَ الكلام على (يتعاقبون)، وأنَّ معناه: يعقب بعضهم بعضًا، وفي هذا الحديث ردٌّ على من استدلَّ به على مسألة: (أكلوني البراغيث)، والذين ظفروا بهذا الردِّ لم يظفروا به من «البُخاريِّ»، إنَّما ظفروا به من غيره، والله أعلم.

    قوله: (ثُمَّ يَعْرُجُ): هو بضَمِّ الراء، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [1] في (ب): (وأنَّه).

    [ج 1 ص 834]

    (1/6196)

    [باب: إذا قال أحدكم: آمين، والملائكة في السماء فوافقت إحداهما ... ]

    قوله: (فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الصلاة).

    ==========

    [ج 1 ص 834]

    (1/6197)

    [حديث: أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة]

    3224# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا مَخْلَدٌ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الجمعة)، و (البيوع)، و (بدء الخلق)، و (ذكر الملائكة)، و (المرضى)، و (اللباس)، و (الوصايا)، وفي (باب ما ينهى من دعوى الجاهلية): (حدَّثنا مُحَمَّد، حدَّثنا مَخلد بن يزيد الحرَّانيُّ)، نسبه شيوخنا: مُحَمَّد بن سلَام، وقد نسبه البُخاريُّ أيضًا كذلك في مواضعَ من آخر الكتاب، انتهى، وقال شيخنا: هو ابن سلَام، كما نبَّه عليه أبو نعيم وأبو عليٍّ الغسَّانيُّ، انتهى.

    وكذا قال المِزِّيُّ لمَّا طرَّفه، قال: وفي (بدء الخلق): عن مُحَمَّد _هو ابن سلَام_ عن مَخْلد؛ وهو ابن يزيد ... إلى آخر كلامه، وفي أصلنا تحت (مُحَمَّد) بخطِّ بعض الفضلاء: (ابن سلَام)، والظاهر أنَّه أخذه من الدِّمْيَاطيِّ.

    قوله: (أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ): هو بفتح الميم، وإسكان الخاء، وقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن يزيد، وكذا تَقَدَّمَ (ابْنُ جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، و (نَافِع): هو مولى عبد الله بن عُمر.

    قوله: (فِيهَا تَمَاثِيلُ): أي: تصاوير ذوات أشخاص وأجرام، وهو مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف.

    قوله: (كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (النمرقة)، وما فيها من اللغات، وأنَّها الوسادة، وقيل: النمارق: المرافق، وقيل: المجالس؛ يعني: الطنافس.

    قوله: (أَمَا عَلِمْتِ): هو بفتح الهمزة، وتخفيف الميم؛ مثل: (ألا) التي للاستفتاح، وقد تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، و (علمتِ)؛ بكسر التاء التي للخطاب للمؤنَّث [1].

    قوله: (أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ): سيأتي الكلام هل تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة جائزة الاتِّخاذ [2]؛ مثل: أن تكون توطأ، وكذا هل تدخل بيتًا فيه كلب جائز الاتِّخاذ، وهؤلاء الملائكة غير الحفظة، كذا قاله النَّوويُّ وغيره ممَّن قبله.

    تنبيه: الحفظة لا يفارقون الإنسان إلَّا في مكانين: عند الجماع، وعند قضاء الحاجة، كما رواه التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (كتاب الاستئذان)، وبوَّب عليه: (باب ما جاء في الاستتار)، واستغرب الحديث، وقد قدَّمته في (كتاب الجمعة)، والله أعلم.

    قوله: (وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ): (أنَّ): مفتوحة الهمزة، مُشَدَّدة النون، وهذا ظاهِرٌ معروف.

    ==========

    (1/6198)

    [1] في (ب): (للمؤنثة).

    [2] في (ب): (للاتِّخاذ).

    [ج 1 ص 834]

    (1/6199)

    [حديث: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة تماثيل]

    3225# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مُحَمَّد بن مقاتل رُخٌّ الحافظ، وتَقَدَّمَ أيضًا (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن المبارك، أحد الأعلام، و (مَعْمَرٌ) تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا في ظاهرها [1]، وكذا (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو طَلْحَةَ): أنَّه زيد بن سهل الأنصاريُّ، مُتَرْجَمًا، وأنَّه بدريٌّ نقيب، رضي الله عنه.

    قوله: (بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ): تَقَدَّمَ في ظاهرها [2] أنَّه يأتي أنَّ الملائكة هل تدخل بيتًا فيه كلب جائز الاتخاذ؛ كالكلاب الثلاثة، أو صورة جائزة الاتخاذ، أم لا، والله أعلم.

    قوله: (وَلاَ صُورَةُ تَمَاثِيلَ): مضاف ومضاف إليه، و (تماثيلَ): مفتوح اللام؛ لأنَّه [3] لا ينصرف، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [1] في (ب): (قريبًا أعلاه).

    [2] في (ب): (تَقَدَّمَ أعلاه).

    [3] (لأنَّه): سقط من (ب).

    (1/6200)

    [حديث: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة]

    3226# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): (أحمد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: قال البُخاريُّ في (الصلاة) في موضعين، وفي (الجنائز) في موضعين، وفي (العيدين)، وفي (الحج) في ثلاثة مواضع، وفي (الجهاد)، و (المغازي)، و (بدء الخلق)، و (الأحقاف): (حدَّثنا أحمد: حدَّثنا ابن وهب)، نسبه ابن السكن في نسخته التي رويناها من طريق أبي مُحَمَّد بن أسد عنه، فقال: أحمد بن صالح المصريُّ، وأمَّا الثلاثة مواضعَ [1] التي في (الحجِّ)؛ فنسبه أبو ذرٍّ وغيره: أحمد بن عيسى؛ أحدها: قوله: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} [الحج: 27]، والثاني: (مهلُّ أهل نجد)، والثالث: (باب الطواف على وضوء)؛ وهو أبو عبد الله أحمد بن عيسى التُّسْتَريُّ، مِصريُّ الأصل، يروي عن عبد الله بن وهب، قال أبو نصر: روى عنه البُخاريُّ في (غزوة خيبر) و (مؤتة)، وغير موضع، وقال الحاكم في «المدخل»: روى البُخاريُّ في (الصلاة) في ثلاثة مواضع: عن أحمد بن عبد الله، عن ابن وهب، فقيل: إنَّه أحمد بن صالح المصريُّ، يكنى: أبا جعفر، ويعرف بالطَّبرانيِّ، قلت: كان صديقًا لأحمد ابن حنبل، وجرت بينهما مذاكرات، وقيل: إنَّه أحمد بن عيسى التُّسْتَريُّ، ولا يخلو أن يكون واحدًا منهما، فقد روى عنهما في «الجامع»، ونسبهما في مواضع، وذكر الكلاباذيُّ قال: قال لي أبو أحمد الحافظ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسحاق النيسابوريُّ أحمد عن ابن وهب في «البُخاريِّ»: هو ابن أخي ابن وهب، قال أبو عبد الله الحاكم: من قال: إنَّه ابن أخي ابن وهب؛ فقد وَهم وغلط، والدليل على ذلك: أنَّ المشايخ الذين ترك أبو عبد الله الرواية عنهم في «الجامع» قد روى عنهم في سائر مصنِّفاته؛ كابن صالح وغيره، وليس له عن ابن أخي ابن وهب رواية في موضع، فهذا يدلُّك على أنَّه لم يكتب عنه، أو كتب عنه ثمَّ ترك الرواية عنه أصلًا، والله أعلم، قال الكلاباذيُّ: قال لي أبو عبد الله بن منده: كل ما في «البُخاريِّ»: (حدَّثنا أحمد عن ابن وهب)؛ فهو ابن صالح المصريُّ، ولم يخرِّج البُخاريُّ عن أحمد بن عبد الرَّحْمَن ابن أخي ابن وهب في «الصحيح» شيئًا، وإذا حدَّث عن أحمد بن عيسى؛ نسبه، انتهى، وقد تَقَدَّمَ هذا، ولكن طال العهد به، وقال شيخنا عن أبي نعيم: إنَّه أحمد بن صالح، قال: وقال غيره: هو أحمد بن عيسى، انتهى، والمِزِّيُّ لم يعيِّنه، إنَّما قال: (أحمد)، وأطلق.

    (1/6201)

    قوله: (أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وقد قَدَّمْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ من يقال له: (بُسْر) في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وكذا تَقَدَّمَ (زَيْد بْن خَالِدٍ) رضي الله عنه، وكذا (أَبُو طَلْحَةَ): زيد بن سهل النقيب البدريُّ.

    قوله: (لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّه يأتي هل تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب جائز الاتخاذ، أو صورة جائزة الاتخاذ، وأنَّه سيأتي الكلام عليه.

    قوله: (إِلاَّ رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ): سيأتي الكلام عليه، وأنَّه قول في المسألة، وأنَّ الصحيح المنع.

    ==========

    [1] في (ب): (المواضع).

    [ج 1 ص 835]

    (1/6202)

    [حديث: إنا لا ندخل بيتًا فيه صورة ولا كلب]

    3227# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): هذا هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام.

    قوله: (عُمَرُو، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ): وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وفي نسخة [1] في أصلنا القاهريِّ: (عُمر) [2]؛ بضَمِّ العين بالقلم، محذوف الواو، قال الحافظ أبو ذرٍّ: هو عُمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عُمر بن الخَطَّاب، انتهى.

    وعلى القول بأنَّه (عَمرو)؛ بفتح العين، وزيادة واو، وهو ما في أصلنا، و (عُمر) في الطُّرَّة؛ فهو عَمرو بن الحارث المصريُّ، فإن كان هو؛ فلم يسمع من سالم، كذا في حاشية الأصل الذي سمعت منه على العِرَاقيِّ، انتهى، وقد ذكر ابن قرقول هذا المكان، فقال ما لفظه: وفي (باب الملائكة): (حدَّثنا ابن وهب: حدَّثني عُمر، عن سالم، عن أبيه): كذا للأصيليِّ، والمستملي، وأبي الهيثم [3]، وعند الحمُّوي: (عَمرو)، والصواب الأوَّل، وهو عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، انتهى.

    وقد أخرج هذا الحديثَ المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة عُمر؛ بضَمِّ العين وبحذف الواو: عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، ولم يذكر لعَمرو بن الحارث المصريِّ ترجمةً في مسند سالم عن ابن عمر بالكلِّيَّة، والله أعلم، فالصواب عُمر، لا عَمرو، والله أعلم.

    قوله: (وَعَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ): (النَّبيَّ): مَنْصُوبٌ مفعول، و (جبريلُ): مَرْفُوعٌ فاعل.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (عمر).

    [2] (عمر): ليس في (ب).

    [3] (وأبي الهيثم): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 835]

    (1/6203)

    [حديث: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: اللهم ربنا لك.]

    3228# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مرارًا كثيرة أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وكذا تَقَدَّمَ (سُمَيٌّ)، وأنَّه وزان (عُلَيٍّ) مصغَّرًا، وكذا تَقَدَّمَ أبو صالح أنَّه ذكوان الزيَّات السمَّان.

    قوله: (مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الموافقة ما هي؛ فانظرها في (الصلاة).

    ==========

    [ج 1 ص 835]

    (1/6204)

    [حديث: إن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه]

    3229# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُلَيْحٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (مُحَمَّد)، وهو كما في النسخة، مُحَمَّد بن فليح بن سليمان، عن هشام بن عروة وموسى بن عقبة، وعنه: إبراهيم بن المنذر وهارون بن موسى الفرويُّ، ليَّنه ابن معين، تُوُفِّيَ سنة [1] (197 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وقد وُثِّق.

    قوله: (أَوْ يُحْدِثْ): تَقَدَّمَ الكلام ما المراد بالحَدَث في (الصلاة)؛ فانظره إن أردته.

    (1/6205)

    [حديث يعلى: سمعت النبي يقرأ على المنبر: {ونادوا يا مالك}]

    3230# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ الجِهْبِذ، وكذا تَقَدَّمَ (سُفْيَانُ) بعده: أنَّه ابن عُيَيْنَة، وكذا تَقَدَّمَ (عَمْرو) بعده: أنَّه ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (عَطَاء): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي رَباح، و (يَعْلَى): تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

    [ج 1 ص 835]

    قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة.

    قوله: (فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِ} [الزخرف: 77]): (عبد الله) هذا: هو ابن مسعود رضي الله عنه تَقَدَّمَ، وقوله: {يَا مَالِ}: هو بكسر اللام، وكذا هو في أصلنا، وكذا عُزِيَ كسرُ اللام إلى قراءة عبد الله، وهي شاذَّة، وهو منادًى مرخَّم، فيجوز فيه من حيث العربيَّةُ كسرُ اللام وضمُّها، فمن ضمَّ؛ أجراه مُجرى اسمٍ تكمَّل وتمَّ، ولم يعزُ سفيانُ الكسرَ إلاَّ إلى قراءة عبد الله، وفي إعراب الإمام شهاب الدين السمين القاهريِّ _تلميذِ الأستاذ العلامة أبي حيَّان النَّحْويِّ_ عَزْوُها لعليِّ بن أبي طالب، وعبدِ الله _يعني: ابن مسعود_ والأعمشِ مرخَّمًا على لغة من ينتظر، قال: ولأبي السَّوَّار الغَنَويِّ: {يَا مَالُ}؛ مبنيًّا على الضمِّ، على لغة من لا ينوي، انتهى.

    (1/6206)

    [حديث: لقد لقيت من قومك ما لقيت]

    3231# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، وكذا تَقَدَّمَ (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا تَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ): إن رفعت (أشدُّ)؛ انصب يوم العقبة، وإن شئت؛ اعكس.

    قوله: (إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ ... )؛ الحديث: و (كُلَال): بضَمِّ الكاف، وتخفيف اللام، وقوله: (إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كُلَال): قال السُّهَيليُّ: هكذا قال في الحديث: (ابن عبد كُلَال)، وهو خلاف ما نسبه ابن إسحاق، انتهى.

    واعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام خرج إلى الطائف، وذلك في ليالٍ بقينَ من شوَّال سنة عشر من النبوَّة، لمَّا هلك أبو طالب، ونالت قريش منه عليه الصَّلاة والسَّلام ما لم تكن تنال منه في حياة أبي طالب؛ خرج إلى الطائف وحده، قاله ابن إسحاق، وقال ابن سعد: ومعه زيد بن [1] حارثة، فلما انتهى إلى الطائف؛ عَمَدَ إلى نفرٍ من ثقيف؛ وهم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم، وهم إخوة ثلاثة: عبد ياليل ومسعود وحبيب؛ بنو عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيَرة بن عوف بن ثقيف، وعند أحدهم امرأةٌ من قريش، وسيأتي، فجلس إليهم عليه الصَّلاة والسَّلام، وكلَّمهم بما جاءهم به من نصرته على الإسلام، والقيام معه على من خالفه من قومه [2] ... إلى آخر قصَّته، كذا في «السيرة»: عبد ياليل، وفي «الصحيح» ما قد رأيتَ، ولم يذكر في «السيرة» في أجداده: عبد كُلَال، ثمَّ إنِّي رأيت شيخنا تعقَّب ما في «البُخاريِّ» فقال: الذي رأيناه: (عبد ياليل) كما أسلفناه، وكذا ذكره أبو عبيد وغيره، وفي «الجمهرة» للكلبيِّ: (عبد كُلَال)؛ فنسبه كما نسبته، انتهى.

    واعلم أنَّ عبد ياليل لم أر له ذكرًا في الصَّحَابة، والظاهر: هلاكه على دينه، وأمَّا حَبِيب _وهو بحاء مهملة، وكسر المُوَحَّدة_؛ فذكره الذَّهَبيُّ في «تجريده»، فقال ما لفظه: (حَبِيب بن عمرو بن عمير بن عوف الثقفيُّ، أخو مسعود، في صحبته نظرٌ، ذكره ابن منده) انتهى، وفي «التجريد» أيضًا: (مسعود بن عمرو الثقفيُّ، يروي عنه في السُّؤال، لكنَّ سندَه واهٍ) انتهى.

    (1/6207)

    وفي «الاستيعاب»: مسعود بن عمرو الثقفيُّ روى عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في كراهية السُّؤال، روى عنه سعيد بن يزيد، والذي انفرد بحديثه مُحَمَّد بن جامع العطَّار، متروك الحديث، انتهى.

    والظاهر: أنَّ هذا غير ذاك، ومما يدُّل لذلك ما رأيته بخطِّ أبي إسحاق ابن الأمين تجاه قول ابن عَبْدِ البَرِّ: (الثقفيُّ: صوابه: الغفاريُّ)، انتهى، والله أعلم.

    تنبيه: المرأة من قريش: هذه المرأة هي صفيَّة بنت مَعْمَر بن حبيب بن وهب بن حذافة [3] بن جُمَح، وهي أمُّ كَلَدَة بن الحنبل، وأمُّ صفوان بن أُمَيَّة، هذا قول ابن إسحاق، والواقديِّ، ومصعب، وقال ابن الكلبيِّ والهيثم بن عديٍّ: كَلَدَة بن الحنبل ابن أخي صفوان بن أُمَيَّة، قاله أبو عمر في «الاستيعاب»، والله أعلم.

    قوله: (إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ [4]): هو قرن المنازل أيضًا، وهو قرن أيضًا؛ غير مضاف، وهو الميقات المعروف، وقد ذكرت ما فيه من وهم الجوهريِّ في «صحاحه» في موضعين، والله أعلم.

    قوله: (الأَخْشَبَيْنِ): (الأخشبان): بفتح الهمزة، ثمَّ خاء ساكنة ثمَّ شين معجمتين، ثمَّ مُوَحَّدة، وهما جبلان بمكَّة، فتارةً يُضافان إلى مكَّة، ومرَّةً إلى مِنًى، وهما واحد، أحدهما: أبو قُبَيس، والآخر: قُعَيقِعَان، ويقال: بل الجبل المشرف الأحمر هنالك، ويسمَّيان الجَبْجَبَان، وقال ابن وهب: الأخشبان: الجبلان اللذان تحت العقبة بمِنًى فوق المسجد.

    (1/6208)

    [حديث: أنه رأى جبريل، له ستمائة جناح]

    3232# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ): أنَّه بالشين المُعْجَمَة، وأنَّ اسمه سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان الكوفيُّ، أخرج له الجماعة.

    قوله: (سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ): (زِرٌّ): بكسر الزاي، وتشديد الراء، و (حُبَيْش): بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، ثمَّ مُوَحَّدة مفتوحة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ شين معجمة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، أبو مريم الأسديُّ، أدرك الجاهليَّة، سمع عمر وعليًّا، وعنه: عاصم بن أبي النَّجود وأبو إسحاق الشيبانيُّ، قال زِرٌّ: قال أُبيُّ بن كعب: ما تريد أن تدع آيةً إلَّا سألتني عنها؟ [1] عاش زِرٌّ مئة وعشرين سنة، وتُوُفِّيَ سنة (82 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قوله: ({قَابَ قَوْسَيْنِ} [النجم: 9]): قيل: {قَابَ} ههنا: الذراع بلغة أزد شنوءة، وقيل: قدر قوسين، وقيل: القاب: ظفر القوس، وهو ما وراء معقد الوتر، وقال الجوهريُّ: تقول: بينهما قاب قوس وقيب قوس، وقاد قوس وقيد قوس؛ أي: قدر قوس، والقاب: ما بين المقبض والسِّيَة، ولكلِّ قوس قابان، وقال بعضهم في قوله تعالى: {قَابَ قَوْسَيْنِ}: أراد: قابَي [قوسٍ]؛ فقلبه، انتهى.

    قوله: (رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِئَةِ جَنَاحٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام رأى جبريل مرَّتين في صورته التي خلقه الله عليها له ستُّ مئة جناح، ينتثر [2] منها الدُّرُّ والياقوت، واعلم أنَّ السُّهَيليَّ قال في (غزوة مؤتة) في «روضه» ما لفظه: وقد قال أهل العلم في أجنحة الملائكة: ليست كما يُتَوهَّم من أجنحة الطير، ولكنَّها صفات ملَكيَّة لا تُفهم إلاَّ بالمعاينة، واحتجُّوا بقوله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1]، فتكون كأجنحة الطير على هذا، ولم يُرَ طائرٌ له ثلاثة أجنحة ولا أربعة، فكيف بستِّ مئة جناح؛ كما جاء في صفة جبريل؟! فدلَّ على أنَّها صفات لا تنضبط كيفيتها للفكر، ولا ورد أيضًا في بيانها خبر، فيجب علينا الإيمان به، ولا يفيدنا علمًا إعمالُ الفكر في كيفيَّتها، انتهى، وسأذكر هذا بزيادةٍ في (مناقب جعفر بن أبي طالب)، فإنَّه نحا في جناحيه هذا النحو، وأذكر ما وقفت عليه من ذلك.

    (1/6209)

    [حديث: رأى رفرفًاَ أخضر سد أفق السماء]

    3233# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

    قوله: (رَأَى رَفْرَفًا خُضْرًا [1]): كذا في هامش أصلنا، و (أخضر): عليها: (صح)، قال ابن قرقول: كذا للأصيليِّ، وعند غيره: (رفرفًا خَضِرًا)؛ أي: أخضر، والعرب تقول: أخضرُ خضِر، كما تقول: أعور عور، ولغيرهم: (خُضْرًا)، والأوَّل أشهر، وفي أصلنا: (خُضْرًا)؛ مضموم الخاء، ساكن الضاد، و (الرفرف): قيل: هو بساط، ويقال: هو واحد، ويقال: جمع، الواحد: رفرفة، قال ثابت: (الرفرف): فضل الحجلة عن السرير، وهذا بيِّنٌ، انتهى.

    وقال ابن الأثير في قوله: «رفرفًا أخضر»: أي: بساطًا، وقيل: فراشًا، ومنهم من يجعل الرفرف جمعًا، واحده: رفرفة، وجمع الرفرف: رفارف، في الأصل: ما كان من ديباجٍ وغيره رقيقًا حسن الصنعة، ثمَّ اتُّسِع فيه، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَخْضَر).

    [ج 1 ص 836]

    (1/6210)

    [حديث: من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم]

    3234# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ): هذا يقال له: ابن أبي الثلج، بغداديُّ، وهو صاحب أحمد ابن حنبل، روى عن يزيدَ بن هارون وعدَّةٍ، وعنه: البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، وابن خزيمة، وابن أبي حاتم، وآخرون، قال ابن أبي حاتم: صدوق، مات سنة: (257 هـ).

    [ج 1 ص 836]

    قوله: (عَنِ ابْنِ عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، مولى عبد الله بن مُغَفَّل، أحد الأعلام، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، الثاني: ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ.

    قوله: (مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَت هذه المسألة والكلام عليها مُطَوَّلًا في أوَّل (الصلاة)؛ فانظرها.

    قوله: (مَا بَيْنَ الأُفُقِ): (الأفق)؛ بضَمِّ الفاء وإسكانها: الناحية والجانب.

    (1/6211)

    [حديث: ذاك جبريل كان يأتيه في صورة الرجل]

    3235# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو البيكنديُّ، نصَّ عليه الجَيَّانيُّ، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهو مُحَمَّد بن يوسف أبو أحمد البُخاريُّ البيكنديُّ، تَقَدَّمَ في (كتاب العلم)، ولا أعلم فيه جرحًا ولا تعديلًا إلَّا أنَّه محدِّثٌ متَّسِع الرحلة، وقد احتجَّ به البُخاريُّ في «الصحيح» في غير موضع، والله أعلم.

    قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

    قوله: (عَنْ أَبِي [1] الأَشْوَعِ): كذا في أصلنا، وعند الدِّمْيَاطيِّ في نسخته: (ابن أَشْوَع)، وهو سعيد بن عمرو بن أَشْوَع، و (أَشْوَع): بفتح الهمزة، ثمَّ شين معجمة ساكنة، ثمَّ واو مفتوحة، ثمَّ عين مهملة، كوفيٌّ، اتَّفقا عليه، وصوابه ما عند الدِّمْيَاطيِّ، ويُحتمَل أن تكون كنيته أبا الأشوع، فإنِّي لا أعرف كنيته، ثمَّ إنِّي راجعت أصلنا الدِّمَشْقيَّ، فوجدته: (ابن الأَشْوَع)، ثمَّ راجعت نسخة صحيحة، فوجدته (عن ابن الأَشْوَع)؛ معرَّفًا، فزادا على الدِّمْيَاطيِّ التعريفَ.

    قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عامر بن شراحيل، و (الشَّعبي): بفتح الشين.

    قوله: ({فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ} [النجم: 9]): تَقَدَّمَ الكلام على (القاب) قريبًا.

    قوله: (وَإِنَّهُ أَتَى [2] فِي صُورَتِهِ): (إنَّه): بكسر الهمزة، ويجوز فتحها.

    (1/6212)

    [حديث: رأيت الليلة رجلين أتياني قالا: الذي يوقد النار مالك]

    3236# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته، وتَقَدَّمَ (جَرِيرٌ) أنَّه ابن حازم، وتَقَدَّمَ (أَبُو رَجَاءٍ) مرارًا أنَّه عمران بن مِلْحان العُطَارديُّ، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (عمران بن مِلْحان، ويقال: ابن عبد الله، ويقال: ابن تيم، العُطَارديُّ، أدرك زمان النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعد فتح مكَّة، ولم ير النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعمره مئة وثلاثون سنة) انتهى، تُوُفِّيَ سنة سبع ومئة، وقيل: سنة ثمان ومئة، وقال المِزِّيُّ: قال أشعث بن سوار: بلغ أبو رجاء سبعًا وعشرين ومئة سنة، انتهى، أخرج له الجماعة، و (سَمُرَة): هو ابن جندب، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

    ==========

    [ج 1 ص 837]

    (1/6213)

    [حديث: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت]

    3237# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (الأَعْمَش) سليمان بن مِهْرَان الكاهليُّ [1]، و (أَبُو حَازِمٍ): سلمان مولى عزَّة الأشجعيَّة، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مرارًا [2].

    قوله: (تَابَعَهُ شُعْبةُ وأبو حَمْزَةَ، وَابْنُ دَاوُدَ، وَأَبُو [3] مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ): الضمير في (تابعه) يعود على أبي عَوانة، و (أبو حمزة): مُحَمَّد بن ميمون السكَّريُّ، تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه إنَّما قيل له: السكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، وهو بحاء مهملة، وزاي، و (ابن داود): هو عبد الله بن داود الخُرَيبيُّ، والخُرَيبة: محلَّة بالبصرة، الإمام أبو عبد الرَّحْمَن الهمْدانيُّ الكوفيُّ، عن هشام بن عروة، والأعمش، وثور، وطبقتهم، وعنه: بُندار مُحَمَّد بن بشَّار، وبشر بن موسى، وخلقٌ، ثقةٌ حجَّةٌ صالحٌ، تُوُفِّيَ سنة: (213 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، ولم يسمع منه البُخاريُّ وطبقته؛ لأنَّه قطع التحديث قبل موته بمدَّةٍ، والله أعلم، و (أبو معاوية): هو مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة والزاي، الضرير الحافظ، تَقَدَّمَ.

    والحكمة في المجيء بهذه المتابعة: لأنَّ أبا عوانة وإن كان ثقةً مُجمَعًا على ثقته، وكتابه متقن بالمرَّة؛ إلَّا أنَّ أبا حاتم قال: ثقةٌ يغلط كثيرًا إذا حدَّث من حفظه، وكأنَّه هنا إنَّما حدَّث من حفظه فيما يظهر؛ لأنَّه لو كان من كتابه؛ لذُكِر في الرواية، فأتى بمتابعة هؤلاء؛ ليُعرف أنَّهم وافقوه على ذلك، فأُمِن الغلطُ، والله أعلم.

    ومتابعة شعبة أخرجها البُخاريُّ في (النكاح) عن مُحَمَّد بن بشَّار [4]، عن ابن أبي عديٍّ، عن شعبة به [5]، ومتابعة أبي حمزة ليست في شيء من الكُتُب السِّتَّة، وكذا متابعة ابن داود، ومتابعة أبي معاوية أخرجها مسلم في (النكاح) عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كُرَيب مُحَمَّد بن العلاء؛ كلاهما عن أبي معاوية به، والله أعلم، ولم أر شيخنا تعرَّض لهؤلاء المتابعات.

    ==========

    [1] (الكاهلي): ليس في (ب).

    [2] (تَقَدَّمَ مرارًا): ليس في (ب)، وزيد فيها: (على الأصح)، وهو تكرارٌ.

    [3] في (ب): (وابن)، وهو تحريفٌ.

    [4] في (ب): (يسار)، وهو تصحيفٌ.

    [5] (به): ليس في (ب)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

    [ج 1 ص 837]

    (1/6214)

    [حديث: ثم فتر عني الوحي فترةً فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من ... ]

    3238# قوله: (حَدَّثَنَا [1] اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعد الإمام، وتَقَدَّمَ (عُقَيْلٌ): أنَّه ابن خالد، وأنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم [2]، وتَقَدَّمَ (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: (ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي [3] الْوَحْيُ): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق كم كانت فترة الوحي، والحكمة في الفتور.

    قوله: (بِحِرَاء): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق أنَّه يمدُّ ويقصر، ويؤنَّث ويذكَّر، ويُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّه جبل على ثلاثة أميال من مكَّة، وكلام الخَطَّابيِّ فيه.

    قوله: (فَجُئِثْتُ [4] مِنْهُ): كذا في أصلنا بالهمز، وصوابه _على ما قاله النَّوويُّ_ أنَّه بثاءين مثلَّثتين؛ لأنَّه من رواية عُقيل عن الزُّهْرِيِّ، وسيأتي في سورة (المدَّثِّر) ضبط رواية يونس وعُقيل ومَعْمَر عن الزُّهْرِيِّ، وللقاضي في ذلك كلامٌ، وكذا لابن قرقول، وقد لخَّصه النَّوويُّ في «شرحه لمسلم»، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق.

    قوله: (حَتَّى هَوَيْتُ [5]): هو بفتح الواو في الماضي، وكسرها في المستقبل؛ أي: سقطت، ووقع في أصلنا: بكسر الواو وفتحها، وفي صحَّة الكسر نظرٌ، والله أعلم.

    قوله: (قَالَ أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه [6] أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: ({وَالرُّجْزَ} [المدثر: 5]: الأَوْثَانُ): {الرُّجْزَ}: بضَمِّ الراء قرأها حفص، والباقون؛ بكسرها.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخَتَينِ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

    [2] في (ب): (أنه مُحَمَّد بن مسلم الزهري).

    [3] في (ب): (علي)، وهو تحريفٌ.

    [4] في هامش (ق): (أي: فرَعبت. إن كان الراوي عن ابن شهاب عقيلًا أو معمرًا؛ فهي: فجثثتُ؛ بالمثلَّثتين، وإن كان يونس؛ فجُئِثْتُ؛ بجيم مضمومة، ثم همزة مكسورة، ثم ثاء مثلَّثة).

    [5] في هامش (ق): («هويت»؛ بفتح الواو في الماضي، وكسرها في المضارع؛ معناه: سقطت، وهوِي يهوى؛ بالكسر في الماضي، والفتح في المضارع؛ إذا أحبَّ، والواو في الأصل مكسورة، وفيه نظر).

    [6] (أعلاه): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 837]

    (1/6215)

    [حديث: رأيت ليلة أسري بي موسى رجلًا آدم طوالًا جعدًا]

    3239# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبه بُنْدار، وتَقَدَّمَ ما (البُندار)، وكذا تَقَدَّمَ (غُنْدرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، وإسكان النون، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ ما معنى (الغندر)

    [ج 1 ص 837]

    ، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو العَالِيَة): أنَّه رُفيع بن مِهْرَان، وقد تَقَدَّمَ أنَّ أبا العالية اثنان؛ هذا وزياد بن فيروز، والاثنان يرويان عن ابن عَبَّاس، فزياد ليس له عند البُخاريِّ عن ابن عَبَّاس غيرُ [1] حديث واحد؛ وهو: «قدم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأصحابه لصبح [2] رابعة يلبُّون بالحجِّ ... »؛ الحديث، فقط، والأحاديث الباقية التي فيها أبو العالية عن ابن عَبَّاس هو رفيع بن مِهْرَان، والله أعلم.

    قوله: (آدَمَ)؛ أي: أسمر، وضُبِط كالنطق بأبينا آدم.

    قوله: (طُوَالًا): هو بضَمِّ الطاء وتخفيف الواو؛ أي: طويلًا، فإذا أفرط الشخص في الطول؛ فهو طُوَّال؛ بتشديد الواو مع ضمِّ الطاء، وهذا يجيء في كلام البُخاريِّ في (التفسير).

    قوله: (جَعْدًا): هو بفتح الجيم، وإسكان العين، وبالدال المُهْمَلَتين، والجُعودة: ضدُّ السُّبوطة، والجَعْدُ: الذي في شعره عِزَّةٍ ورجوعٌ في نفسه، ليس باللَّيِّن في استرساله، فإذا وُصِف بالقطط؛ كان الشَّديدَ الجعودة؛ كشعور السُّودان، قال شيخنا: قال القزَّاز: هل هو جعد، أو سبط؟ وهل هو ضرب أو نحيف أو جسيم؟ انتهى، يعني: موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم [3].

    قوله: (شَنُوءَةَ): هي قبيلة، وهي بفتح الشين المُعْجَمَة، ثمَّ نون مضمومة، ثمَّ همزة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، وهي (فَعِيلة)، ويجوز تشديد الواو، قيل: إنَّها من قحطان.

    قوله: (وَرَأَيْتُ عِيسَى ... ) إلى قوله: (إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ): سيأتي الكلام في لون عيسى [4] في مناقبه، وأذكر ما قيل فيه، وهذا حديث ابن عَبَّاس، يؤيِّد حديث أبي هريرة أنَّه أحمر، وحديث ابن عمر أنَّه أسمر، وكلام الداوديِّ أنَّ حديث ابن عُمرَ أثبت، والله أعلم، وقال شيخنا هنا: قوله: «إلى الحمرة والبياض»: قال الداوديُّ: ما أُراه محفوظًا؛ لأنَّه قال: في رواية مالك: «رجل آدم كأحسن ما أنت راءٍ [5]»، انتهى.

    (1/6216)

    قوله: (سَبِطَ الرَّأْسِ): هو بكسر المُوَحَّدة وتسكَّن، وهي ضدُّ الجُعودة.

    (1/6217)

    [باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة]

    (بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ) ... إلى (كِتَاب الأَنْبِيَاءِ) [1]

    تنبيه: حكى القرطبيُّ في «التذكرة» في آخر (باب يفنى العباد ويبقى الملك لله وحده) ما لفظه: وفي فناء الجنَّة والنار عند فناء جميع الخلق قولان؛ أحدهما: يُفنيهما ولا يبقى شيء سواه، وهو معنى قولة الحق: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: 3]، وقيل: إنَّهما مما لا يجوز عليهما الفناء، وإنَّهما باقيتان بإبقاء الله سبحانه وتعالى، والله أعلم.

    فائدة: للجنة أسماء، الذي يحضرني منها: الجنَّة، ودار السلام، ودار الخلد، ودار المُقامة، وجنَّة المأوى _والصحيح أنَّه اسم من أسماء الجنة، كما قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40 - 41]، وقال في النَّار: {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 39]، وقال: {وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ} [العنكبوت: 25]_، وجنَّات عدن _والصحيح أنَّه اسم لجملة الجنَّات_، ودار الحَيَوان، والفردوس، وجنَّات النعيم، والمقام الأمين، ومقعد صدق، وقدم الصدق، فهذه اثنا عشر اسمًا، وهذه الأسماء باعتبار صفاتها، ومسمَّاها واحد باعتبار الذات، فهي مترادفة من [2] هذا الوجه، وتختلف باعتبار الصفات، فهي متباينة من هذا الوجه، وكذا أسماء الله تعالى، وأسماء كتابه، وأسماء رسوله، وأسماء اليوم الآخر، وأسماء النار، والله أعلم.

    (1/6218)

    فائدة هي تنبيه: في تربة الجنة جاء في حديث «المسند» أنَّها زعفران، وفي «البُخاريِّ» و «مسلم» [3]: «وإذا ترابها المسك»، وفي «مسلم» وغيره: «درمكة بيضاء مسك خالص»، فهذه ثلاث صفات في تربتها لا تعارض بينها [4]، وقد ذهبت طائفة من السلف إلى أنَّ تربتها متضمِّنة للنَّوعين؛ المسك والزعفران، ويحتمل معنيين؛ أحدهما: أن يكون التراب من زعفران، فإذا عُجِن بالماء؛ صار مسكًا، والطين يسمى ترابًا، ويدلُّ له قوله: «وملاطها المسك»، والملاط: الطين، الثاني: أن يكون زعفرانًا باعتبار اللون، ومسكًا باعتبار الرائحة، ولذلك تسميتها بالدرمكة [5]، وهو الحبر الصافي [6] الذي يضرب لونه إلى صفرة، والله أعلم، وفي حديث آخر: «يا جبريل؛ إنَّهم سائلوني عن الجنَّة، قال: أخبرهم أنَّ أرضها عقيان»، والعقيان: الذهب _إن كان ابن علاثة حفظه_؛ أي: أرض الجنَّتين الذَّهَبيَّتين [7]، ويكون جبريل أخبره بأعلى الجنَّتين وأفضلِهما، والله أعلم.

    قوله: (وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ): (أنَّها)؛ بفتح الهمزة، واعلم أنَّ مذهب أهل السنة أنَّها موجودة الآن، ووافق على ذلك بعضُ المعتزلة، واختلفوا؛ فمنهم من قال: إنَّها تفنى والنَّار أيضًا، وقد تَقَدَّمَ أعلاه من حكى [8] ذاك القول، ومنهم من قال: لا، وذهب جماعة منهم إلى أنَّهما غير مخلوقتَين الآن [9]، ثمَّ منهم من قال: باستحالة خلقهما الآن عقلًا، ومنهم من قال: لا، ذكر ذلك السيف الآمدي في «أبكار الأفكار»، نقله شيخنا في «شرح التنبيه» له،

    واعلم أنَّ الجنان ثمان، كما سيأتي قريبًا، ويقال: سبع، كما قال ابن عَبَّاس: دار الجلال، ودار السلام، وجنَّة عدن، وجنَّة المأوى، وجنَّة الخلد، وجنَّة الفردوس، وجنَّة النعيم، وقيل: إنَّ الجنان أربع؛ لأنَّه تعالى قال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرَّحْمَن: 46]، ثمَّ قال: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرَّحْمَن: 62]، ولم يذكر سوى هذه الأربع، فإن قيل: فقد قال: {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: 15]؛ فالمأوى: اسم لجميع الجنان، والجنَّة اسم جنس، وكذلك دار الخلد ودار السلام؛ لأنَّ جميعها دار الخلود ودار السلامة.

    فائدة: روى مُحَمَّد بن الحسن بن زياد النقَّاش في (فضل يوم عاشوراء) من حديث ابن عَبَّاس مرفوعًا: «لله عزَّ وجلَّ ثمان جنَّات»، نقله شيخنا في (صفة الجنَّة)، وقد تَقَدَّمَ قبيل [10] هذا.

    (1/6219)

    قوله: (قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ): الذي يظهر أنَّه أبو العالية [11] الرِّياحيُّ، رُفيع بن مِهْرَان، وقد تَقَدَّمَ مرارًا قريبًا وبعيدًا.

    قوله: (والبُصَاقِ): هو بالصاد، والسين، والزاي، وهذا مَعْرُوفٌ.

    قوله: (أُتِينَا): كذا في أصلنا، وفي هامش الأصل عوض (أُتينا): نسخة (أوتينا)، قال شيخنا: قال ابن التين: صوابه من آتيته أعطيته، وليس هو من أتيته جئته، انتهى.

    قوله: (يَقْطِفُونَ): هو بكسر الطاء في أصلنا بالقلم، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ: بضَمِّ الطاء، فيُحرَّر؛ هل هما لغتان أو الواحدة خطأ؟

    قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

    قوله: (حَدِيدَةُ الْجِرْيَةِ): قال ابن قرقول: كذا لهم بدالين مهملتين، قال القابسيُّ: صوابه «حريدة» _براء بعد الحاء_؛ أي: ليِّنة، ولا أعرف «حديدة»، قال القاضي: لا يُعرف أيضًا «حريدة» [12]؛ بمعنى: ليِّنة، إنَّما معنى «حريدة [13] الجرية»: مستقيمة الجرية، ومعنى «حديدة الجرية»: قويَّة الجري، وإنَّه فُسِّر [14] «السلسبيل» بالسهل اللَّيِّن الجرية، وقيل: السلسبيل: اسم للعين، وقيل: عذب، وقيل: كلام مفصول؛ أي: سل سبيلًا [15] إليها يا مُحَمَّد، انتهى.

    وسلسبيلًا: اسم عين في الجنَّة، قال الأخفش: هي معرفة، ولكن لمَّا كان رأس الآية مفتوحًا؛ زيدت فيه الألف، كما قال عزَّ وجلَّ: {كَانَتْ قَوَارِيرَا قَوَارِيرًا} [الإنسان: 15 - 16].

    قوله: ({خِتَامُهُ}: طِينُهُ): بالنون في أصلنا، قال بعض العلماء في {خِتَامُهُ} [المطفِّفين: 26]؛ أي: مزاجه، أو عاقبته، ({مِسْكٌ} [المطففين: 26]): من طيِّب الريح؛ أي: ريحها في آخر شربهم يُختَم بمسك، وهذا يقتضي أن يكون «طيبه»؛ بالموحَّدة، وفي «حادي الأرواح» لابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: قال مجاهد: {ختامه مسك}: يقول: طينه مسك، قال: وهذا التفسير يحتاج إلى تفسير، ولفظ الآية أوضح منه، وكأنَّه _والله أعلم_ يريد: ما يبقى في أسفل الإناء من الدُّرديِّ، انتهى، قاله في الباب الثامن، والأربعين منه.

    [ج 1 ص 838]

    (1/6220)

    قوله: (وَمِنْهُ [16] وَضِينُ النَّاقَةِ): (الوَضِين)؛ بفتح الواو، وكسر الضاد المُعْجَمَة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ نون، قال الجوهريُّ: الوضين: الهودج بمنزلة البطان للقتب، والتصدير للرَّحْل، والحزام للسرج، وهما كالنِّسْع، إلَّا أنَّهما من السُّيور إذا نُسِج نساجةً ... إلى أن قال: ويقال أيضًا: منسوجة بالجواهر، ومنه قوله تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15].

    قوله: (وَالْكُوبُ: مَا لاَ أُذُنَ لَهُ وَلاَ عُرْوَةَ، وَالأَبَارِيقُ: ذَوَاتُ الآذَانِ وَالْعُرَا): وكذا قال في (الواقعة)، وقال في (الزخرف): والأكواب: الأباريق التي لا خراطيم لها، وينبغي أن يُحرَّر ما ذكره هنا، وفي (الواقعة): فإنَّ الأذن والعروة واحد، قال الجوهريُّ: كوز لا عروة له، والجمع: أكواب، وفي القاموس: الكوب: كوز لا عُروة له، أو لا [17] خرطوم له، جمعه: أكواب، وقال بعضهم في الآية: أوانٍ مدوَّرة الأفواه، وقيل: التي ليست لها آذان ولا خراطيم، فيها شرابهم، انتهى، وقال قتادة: الكوب: المدوَّر القصير العنق، القصير العُروة، والإبريق: المستطيل الطويل العُروة، وقال ابن عزيز: أكواب: أباريق لا عُرَا لها ولا خراطيم، واحدها: كوب، وقاله الأخفش وقطرب، والذي تَقَدَّمَ عن الجوهريِّ نحوه قولُ مجاهد والسُّدِّيِّ، وهو مذهب أهل اللُّغة أنَّها التي لا آذان لها ولا عُرا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الآذان والعروة واحد، والله أعلم.

    قوله: ({عُرُبًا}: مُثَقَّلَةً [18]): أي: محرَّكة الراء، وفي الراء قراءتان؛ الفتح والسكون.

    قوله: (مِثْلُ صَبُورٍ): هو بفتح الصاد؛ كـ (عَرُوب).

    قوله: (الْغَنِجَةَ): هو بفتح الغين المُعْجَمَة، وكسر النون، ثمَّ جيم مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، والغُنْج والغُنُج: الشِّكل، وقال ابن قرقول: الغَنِجَة: هو [19] شكل في الجارية، وتكسُّرٌ وتدلُّل.

    قوله: (الشَّكِلَةَ): هي بفتح الشين المُعْجَمَة، وكسر الكاف، وهي الغَزِلة، والشِّكل؛ بكسر الشين: الدَّلُّ، يقال: إنَّها لَحسنة الشِّكل؛ الدَّلِّ، وذات دَلٍّ وذات شِكْل، والشكل: المثل، وأيضًا المذهب، وأيضًا النحو، وكذلك الشاكلة [20].

    قوله: (وَالْمَخْضُودُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: خُضِدت الشجر: قُطِعَت شوكُه، والذي قاله أهل التفسير في المخضود: أنَّه منزوع الشوك؛ أي: خُلِق كذلك، انتهى.

    (1/6221)

    وقال غير [21] الدِّمْيَاطيِّ: (المخضود): اللَّيِّن بلا شوك، لا كسِدر الدنيا، وقيل: الموقَر حملًا، وقيل: المدلَّى الأغصان، وقيل: ما لاعجم لنبقه، وخصَّ السدر؛ لأنَّ له طعمًا ورائحة، والله أعلم.

    قوله: (الْمُوقَرُ حَمْلًا): في أصلنا مفتوح الحاء، ومكسورها بالقلم، وعلى الحاء: معًا، قال الجوهريُّ: حملت الشيء على ظهري أحمله حِمْلًا ... إلى أن قال: وحمَلَت المرأة والشجرة حَمْلًا، قال ابن السِّكِّيت: الحَمل: ما كان في بطن، والحِمل: ما كان على ظهر أو رأس.

    قوله: (مَا يُجْتَنَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (مِنَ الرِّيِّ): هو بكسر الراء، وتُفتَح، وقد تَقَدَّمَ.

    ==========

    [1] بدل مما بين قوسين في (ب): (باب قوله).

    [2] زيد في (ب): (غير)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    [3] قوله: (و «مسلم»): سقط من (ب).

    [4] في (ب): (لا يعارض نفيها)، وهو تحريفٌ.

    [5] في (ب): (بالدُّرِّ).

    [6] في (ب): (وهو أخبر أيضًا في)، وهو تحريفٌ.

    [7] في النُّسخَتَينِ: (الذَّهبيَّين).

    [8] في (ب): (إن كان).

    [9] في (ب): (لأنَّ)، وهو تحريفٌ.

    [10] في (ب): (قبل).

    [11] في (ب): (العيالة)، وهو تحريفٌ.

    [12] في (ب): (حريرة)، وهو تحريفٌ.

    [13] في النسختين: (حديدة)، وهو تحريفٌ.

    [14] في النسختين: (فيه)، والمثبت من مصدره.

    [15] في (أ): (سل سلسبيلًا)، وفي (ب): (سل سبيلَ)، والمثبت من مصدره.

    [16] في «اليونينيَّة» و (ق): (منه)؛ بلا واو.

    [17] في (ب): (ولا).

    [18] في هامش (ق): (أي: محركة الوسط).

    [19] في (ب): (هي).

    [20] في (ب): (المشكلة).

    [21] في (ب): (عن)، وهو تحريفٌ.

    (1/6222)

    [حديث: إذا مات أحدكم فإنه يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي]

    3240# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وتَقَدَّمَ مُتَرْجَمًا، وقد نسبه مرارًا إلى جدِّه.

    ==========

    [ج 1 ص 839]

    (1/6223)

    [حديث: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء]

    3241# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، وكذا تَقَدَّمَ (سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ): أنَّه بفتح السين المُهْمَلَة، وإسكان اللام، وأنَّ (زَريرًا) بفتح الزاي، وكسر الراء، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء أخرى، وهو أبو يونس العُطارديُّ، يروي عن أبي رجاء وبُريد بن أبي مريم، وعنه: حَبَّان وأبو الوليد، له عشرة أحاديث، وثَّقهُ أبو حاتم، وضعَّفه ابن معين، كذا قال الذَّهَبيُّ في «كاشفه»: له عشرة أحاديث، وفي «الميزان» قال: له ثمانية عشر حديثًا [1]، وقال في «الميزان»: إنَّ أبا داود والنَّسائيَّ قالا: ليس بالقويِّ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به.

    قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ): هو عمران بن ملحان، ويقال: عبد الله، ويقال: ابن تيم، العُطارديُّ، تَقَدَّمَ قريبًا، وكذا تَقَدَّمَ عمران بن حُصَين أنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الصاد، وأنَّه صَحَابيٌّ، وتَقَدَّمَ أنّ الأسماء من هذا بالضَّمِّ، والكُنى بالفتح.

    قوله: (فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام على نصب (أكثر)، وأنَّه قيل: على أنَّه المفعول الثاني، على أنَّ رؤية العين تتعدَّى إلى مفعولين، وهذا ضعيف، وقيل: على الحال، وهذا على مذهب بعضهم، وفيه قولًا آخر، وقد تَقَدَّمَ على قوله: (فرأيت أكثر أهلها النساءَ) سؤالٌ وجوابُه في (الكسوف)، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (أحاديث).

    [ج 1 ص 839]

    (1/6224)

    [حديث: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى .. ]

    3242# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد بن سالم، وكذا تَقَدَّمَ (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد، وكذا تَقَدَّمَ [1] (عُقَيْلٌ): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، وأنَّ (سَعِيد بْن المُسَيّب) والده بفتح الياء وكسرها، وغير والده ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا فتح يائه.

    قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بضَمِّ التاء، وقد تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ؛ أي: رأيت نفسي.

    [ج 1 ص 839]

    قوله: (فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ): ذكر شيخنا فيه كلامًا حسنًا في شرحه، ولا يتحرَّر جيِّدًا؛ لأنَّ النسخة سقيمة، وفي آخر كلامه: قال ابن بَطَّالٍ: ويشبه أن تكون هذه الرواية الصوابَ، و (تتوضَّأ) تصحيف، والله أعلم؛ لأنَّ الحور طاهراتٌ لا وضوءَ عليهنَّ، فكذلك كلُّ من دخل الجنَّة لا تلزمه طهارة، ولا عبادة، وحروفُ (شوهاء) يمكن تصحيفُها بحروف (تتوضَّأ)؛ لقرب صور بعضها من بعض، وقال ابن التين: قوله: (تتوضَّأ)، قيل: إنَّه تصحيف؛ لأنَّ الجنَّة لا تكليفَ فيها، وقيل: إنَّما نبَّه به على فضل الوضوء، وأنَّه سببٌ إلى ملك ذلك، ومثله قال الداوديُّ، وفيه: وضوء الحور، وأنَّ الجنَّة مخلوقة، وكذلك الحور، انتهى.

    ورأيت في «نهاية ابن الأثير»: في (شوه) _والظاهر أنَّه من «الغريبَين» _: «بينا أنا نائمٌ؛ رأيتُني في الجنَّة، فإذا امرأة شوهاءُ إلى جَنْبِ قصرٍ»: الشوهاء: المرأة الحسنة الرَّائعة، وهو من الأضداد ... إلى آخره.

    وذكر أيضًا شيخنا في (باب الغيرة) من «شرح البُخاريِّ» ما لفظه: وذكر ابن قُتَيْبَة في قوله: (فإذا امرأة شوهاءُ إلى جانب قصرٍ) من حديث ابن شهاب عن سعيد بن المُسَيّب، وفسَّره قال: الشوهاء: الحسنة الرائعة، وذكر في (صفة الجنَّة) عن الخَطَّابيِّ: أنَّها شوهاء، وإنَّما أسقط الكاتب بعض حروفه، فصار (تتوضَّأ)؛ لأنَّه لا عمل في الجنة؛ وضوء ولا غيره، والشوهاء: المرأة الحسناء، وقال القرطبيُّ: الرواية الصحيحة: (تتوضَّأ)، وأمَّا ابن قُتَيْبَة؛ فقال بدله: (شوهاء) ... إلى أن قال شيخنا: ويحتمل أنَّه أراد الوضوء اللُّغويَّ؛ وهو غسل الوجه واليدين، وقد ترجم عليه البُخاريُّ في (التعبير)، وهو خلاف ما ذكره الخطَّابيُّ، انتهى.

    (1/6225)

    وفي (الغيرة): ذكر ما ذكرتُه أعلاه عن ابن بَطَّالٍ: أنَّ الصواب (شوهاء)، وأنَّ (تتوضَّأ) تصحيفٌ، وينبغي أن يُراجع كلام المؤلِّف من نسخة صحيحة، والله أعلم.

    واعلم أنَّ قولهم: إنَّ الجنَّة ليست بدار تكليف؛ فقال ابن القَيِّمِ في «حادي الأرواح» في (الباب السادس) في جواب من زعم أنَّها جنَّة الخلد حكايةَ خصمِه ما لفظُه: (وأمَّا قولكم: إنَّها دار جزاء [2] وثواب، لا دار تكليف، وقد كلَّف الله آدم بالنهي عن الأكل من تلك الشجرة؛ فدلَّ على أنَّ تلك الجنَّة دار تكليفٍ، لا دار خلود؛ فجوابه من وجهين؛ أحدهما: أنَّه إنَّما يمتنع أن تكون دارَ تكليف؛ إذا دخلها المؤمنون يوم القيامة، فحينئذٍ ينقطع التكليف، وأمَّا وقوع التكليف فيها في دار الدنيا؛ فلا دليلَ على امتناعِه ألبتة، فكيف وقد ثبت عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّه قال: «دخلت البارحة الجنَّة، فرأيت امرأةً تتوضَّأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن أنت؟ ... »؛ الحديث، وغيرُ ممتنعٍ أن يكون فيها من يعمل بأمر الله ويعبد الله قبل يوم القيامة؛ بل هذا هو الواضح، فإنَّ فيها الآن مؤتمرون بأوامرَ من قِبَل ربِّهم لا يتعدُّونها، سواءٌ سُمِّي ذلك تكليفًا أم لا) انتهى.

    والبُخاريُّ قد ترجم عليه (باب الوضوء في المنام)، فاللَّفظة عنده غير مصحَّفة، والله أعلم، ولو قال شخصٌ: إنَّ (شوهاء) تصحيفٌ من (تتوضأ)، ويُستدلُّ عليه بحديث البُخاريِّ ثَمَّ [3] ذا؛ كان يردُّ عليه، والله أعلم.

    قوله: (فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ): هي بفتح [4] الغين [5]، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللهِ؟!): بكاءُ عمرَ رضي الله عنه يحتمل أن يكون سرورًا، وأن يكون تشوُّقًا إلى ذلك، والله أعلم.

    (1/6226)

    [حديث: الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلًا]

    3243# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ مرارًا، وضبطُ (العَوْذيِّ)، وإلى أين هذه النسبة، وهو حافظ مشهور، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ) أنَّه عبد الملك بن حبيب، وأنَّ (الجَوْنيَّ) بفتح الجيم، وإسكان الواو، ثمَّ نون، ثمَّ ياء النِّسبة، وهو من ولد الجَوْن بن عوف بن جَذيمة بن مالك بن الأزد، وأبو عمران من علماء البصرة، يروي عن جندب وأنس، وعنه: شعبة والحَمَّادان، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (128 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قوله: (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ) يقال: اسمه عَمرو، ويقال: عامر، عن أبيه، وجابر بن سَمُرة، وابن عَبَّاس، وغيرهم، وعنه: أبو جمرة الضُّبَعيُّ، وأبو إسحاق السَّبِيعيُّ، وأبو عمران الجَوْنيُّ، وآخرون، قال ابن نمير: كان أكبرَ من أخيه أبي بُردة، قال: ومات في ولاية خالد بن عبد الله، أخرج له الجماعةُ، صَدوق موثَّق، وله ترجمة في «الميزان».

    قوله: (الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ): (الدُّرَّة): اللؤلؤة، والجمع: دُرٌّ ودُرَّاتٌ ودُرَرٌ.

    قوله: (ثَلاَثُونَ مِيلًا): تَقَدَّمَ الكلام على (الميل) كم مقداره في (الصلاة)، وذكرتُ فيه سبعةَ [1] أقوال.

    قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ: سِتُّونَ مِيلًا): أمَّا (أبو عبد الصمد)؛ فهو عبد العزيز بن عبد الصمد العمِّيُّ؛ نسبةً إلى العمِّ؛ وهو مُرَّةُ بن مالك بن حنظلة، وقال ابن الكلبيِّ: مُرَّةُ هذا من ولد عمرو بن مالك بن فهم الأَزْديُّ، وهو مُرَّةُ بن وائل بن عمرو، وهم بنو العمِّ الذي في تميم، هذا نسبُهم، قالوا [2]: هو مُرَّةُ بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، والعمِّيُّ هذا بصريٌّ، يروي عن أبي عمران الجَوْنيِّ وحصين، وعنه: أحمد، وبُندار، وابن عرفة، مات سنة (181 هـ)، أخرج له الجماعة، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن مُحَمَّد بن المثنَّى عن أبي عبد الصمد، وفيه: (جنَّتان من [3] فضَّة)، وأخرجه مسلم، والتِّرْمِذيُّ وقال: صحيح، وأخرجه النَّسائيُّ.

    (1/6227)

    وأمَّا (الحارث بن عبيد)؛ فهو أبو قدامة الإياديُّ البصريُّ، عن أبي عمران الجَوْنيِّ وعدَّة، وعنه: يحيى بن يحيى ومسدَّد، ليس بالقويِّ، وضعَّفه ابن معين، أخرج له مسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، له ترجمة في «الميزان»، وتعليقه هذا أخرجه مسلم في (صفة الجنة) عن سعيد بن منصور عن أبي قُدامة الحارث بن عبيد.

    تنبيه: لهم الحارث بن عبيد التميميُّ البصريُّ، يروي عن يزيدَ الرَّقاشيِّ، وعنه: الوليد بن صالح، ليس له شيءٌ في الكتب، ذكرته للتَّمييز.

    وقوله: (عَنْ أَبِي عِمْرَانَ)؛ يعني: بالسند المذكور بعد أبي عمران؛ وهو (أبو عمران عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه).

    ==========

    [1] (سبعة): ليس في (ب).

    [2] في (ب): (قال).

    [3] في (ب): (وفيه: حسان بن)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 840]

    (1/6228)

    [حديث: قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت]

    3244# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ) تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته لماذا، في أوَّل هذا التعليق، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُفْيَان) بعده [1]: ابن عُيَيْنَة، وتَقَدَّمَ (أَبُو [2] الزِّنَادِ) أنَّه [3] بالنون، واسمه [4] عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّمَ أنَّ (الأَعْرَج) عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ) عبد الرَّحْمَن بن صخر [5].

    قوله: (وَاقْرَؤُوا [6] إِنْ شِئْتُمْ): قال شيخنا: قال الداوديُّ: (اقرؤوا إن شئتم): هو من قول أبي هريرة، ونازعه ابن التين، فقال: الظاهر خلافه، وأنَّه من قوله عليه الصَّلاة والسَّلام.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (هو).

    [2] في (ب): (أنَّ أبا).

    [3] (أنَّه): ليس في (ب).

    [4] في (ب): (وأنَّه).

    [5] زيد في (ب): (على الأصح).

    [6] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فاقرؤوا).

    [ج 1 ص 840]

    (1/6229)

    [حديث: أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر]

    3245# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، أحد الأعلام، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد.

    قوله: (تَلِجُ الْجَنَّةَ): (تلجُ): تدخل، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (وَأَمْشَاطُهُمْ [1] مِنَ الذَّهَبِ): إن قيل: أيُّ حاجة في الجنَّة إلى الأمشاط ولا تتلبَّد شعورهم ولا تتَّسخ،؟ وأيُّ حاجةٍ إلى البَخُور وريحهم أطيبُ من المسك؟ ويجاب عن ذلك: بأنَّ نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألمٍ اعتراهم؛ فليس أكلُهم عن جوعٍ، ولا شربهم عن ظمأ، ولا تطيُّبهم [2] عن نَتَنٍ، وإنَّما هي لَذَّات متوالية، ونِعَمٌ متتابعة، والله أعلم.

    [ج 1 ص 840]

    قوله: (وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ [3]): أي: بَخُورهم العود، وهو اسم له مُرتَجل، وقيل: هو ضربٌ من خِيار العود وأجودِه، وتُفتَح همزُه وتُضَمُّ، وقد اختُلِف في أصلها وزيادتها، انتهى كلام ابن الأثير، وقال شيخنا: ومجامرهم: مباخِرُهم، انتهى.

    تنبيه: (الألنجوج): يأتي ذكره.

    قال شيخنا في (الأَلُوَّة): بفتح الهمزة وضمِّها، حكاهما ابن التين، وقيل: بكسرها، ويخفَّف ويشدَّد، انتهى، وقال السُّهَيليُّ: في (الألوَّة) أربع لغات: أَلُوَّة، وأُلُوَّة، ولُوَّة؛ بغير ألف، ولِيَّة، قاله أبو حنيفة، انتهى.

    ويقال فيه: يلنجوج، ويلنجج، وأَلَنجج، والألنجوج، واليلنجج، واليلنجوجيُّ؛ كلُّ هذا في عود الطِّيب، وقال شيخنا في (الألنجوج) عن الداوديِّ: إنَّه الند [4]، ثُمَّ ذكر في (خلق آدم) عن الداوديِّ: أنَّ الألُوَّة: اليد، والألنجوج: عود الطيب، ونصُّ الحديث مع قول أهل اللُّغة: أنَّ الألُوَّة: العود؛ وهو الألنجوج، انتهى.

    (1/6230)

    سؤال: إن قلت: كيف قال: (مجامرهم الألُوَّة)، وكذا في الحديث الآتي بُعيد هذا، ومعلومٌ أنَّ الجنَّة لا نارَ فيها، فما معناه؟ والجواب: ما قاله ابن إمام الجوزيَّة في «حادي الأرواح» في (الباب الثامن والأربعين) منه ولفظُه: فإن قيل: فأين يُشوى اللَّحم، وليس في الجنَّة نارٌ؟ فقد أجاب عن هذا بعضُهم: بأنَّه يُشوى بكُنٍّ، وأجاب آخرون: بأنَّه يُشوى خارجَ الجنَّة، ثمَّ يُؤتَى به إليهم، والصَّواب: أنَّه يُشوى في الجنَّة بأسبابٍ قدَّرها العزيز العليم لإنضاجه وإصلاحه، كما قدَّر هناك أسبابًا لإنضاج الثمر والطعام، على أنَّه لا يمتنع أن يكون فيها نارٌ تُصلِح لا تُفسِد، وقد صحَّ عنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّه قال: «مجامرهم الألُوَّة»، والمجامر: جمع مجمرٍ؛ وهو البخور الذي يُتبخَّر بإحراقه، والألوَّة: العود، فأخبر أنَّهم يتجمَّرون؛ أي: يتبخَّرون بإحراقه؛ لتسطعَ لهم رائحتُه، وقد أخبر سبحانه أنَّ في الجنَّة ظلالًا، والظلال لا بدَّ أن تفيء ممَّا يقابلها، فقال: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يس: 56]، وقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ} [المرسلات: 41]، وقال: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء: 57]، والأطعمة والحلواء والتجمُّر يستدعي أسبابًا يتمُّ بها، والله خالق الأسباب والمسبِّب، وهو ربُّ كلِّ شيء ومليكه، لا إله إلا هو، انتهى، وعن الإسماعيليِّ في «المستخرج»: (ويُنظَر هل في الجنَّة نارٌ؟) انتهى.

    قوله: (وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ): (الرشح): العرق.

    قوله: (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ): كذا هو بالتاء، وهو لغةٌ، وسيأتي قريبًا: (زوجتان من الحور العين)، وأذكر ما رأيتُ فيه.

    قوله: (يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا): (يُرى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مخُّ): مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن؛ لأنَّه مضاف، وهو نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    ==========

    [1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أمشاطهم)؛ بلا واو.

    [2] في (ب): (تطييبهم).

    [3] في (ق): (الأولوَّة)، وفي هامشها: (روي بفتح الهمزة وضمها، وضم اللام وسكونها.×الأولوة: العود الهندي).

    [4] كذا في النُّسختين مضبوطًا، وفي «التوضيح» (19/ 143): (اليد)، ولعلَّه (المندل).

    (1/6231)

    [حديث: أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر]

    3246# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّمَ (شُعَيْبٌ) أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو الزِّنَادِ) أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله [1] بن ذكوان، وكذا تَقَدَّمَ (الأَعْرَج) أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو هُرَيْرَةَ) أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخر على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (إِثْرِهِمْ): تَقَدَّمَ ما فيه من اللُّغات في (إثر).

    قوله: (كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً): (أشدِّ): مجرور؛ لأنَّه مضاف، و (إضاءةً): بكسر الهمزة، وهمزة ممدودة في آخره، ثمَّ تاء التأنيث، مَنْصُوبٌ، ونصبه على التمييز، قال الداوديُّ: يعني: على الزُّهَرة، انتهى.

    قوله: (لِكُلِّ امْرِئٍ [2] مِنْهُم زَوْجَتَانِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ الفصيح (زوجان)، قال الله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35]، وسيأتي الكلام في زوجات أهل الجنَّة قريبًا، إن شاء الله تعالى.

    قوله: (وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ): تَقَدَّمَ قريبًا في كلامي أنَّ رؤوسهم لا تشعث فماذا يصنعون بالأمشاط؟! فانظره.

    قوله: (ووَقُودُ مَجَامِرِهِمُ): (الوَقود): بفتح الواو هنا: ما يُوقَد به، وأمَّا بالضَّمِّ؛ فمصدر.

    قوله: (الأُلُوَّةُ): تَقَدَّمَ أنَّ فيه لغاتٍ قُبَيل هذا مع (الألنجوج).

    قوله: (وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرشح): العَرَق قريبًا.

    قوله: (الإِبْكَارُ): هو بكسر الهمزة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (أُرَاهُ): هو بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.

    ==========

    [1] (عبد الله): سقط من (ب).

    [2] (امرئ): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 841]

    (1/6232)

    [حديث: ليدخلن من أمتي سبعون ألفًا]

    3247# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): هو مُحَمَّد بن أبي بكر بن عليِّ بن عطاء بن مقدَّم، أبو عبد الله، مشهور الترجمة، وبخطِّ بعض الفضلاء في هامش أصلنا مكتوبٌ تحت (أبي بكر): (عليُّ بن عطاء بن مقدَّم)؛ كالصريح في أنَّ أبا بكر اسمه عليٌّ، والظاهر: أنَّه أخذه من اليونينيِّ أو الدِّمْيَاطيِّ، فإنَّ الحواشيَ التي بخطِّه غالبُها من [1] الدِّمْيَاطيِّ، وبعضها من اليونينيِّ، والذي في «النَّبَل» لابن عساكر، و «التذهيب» للذهبيِّ: مُحَمَّد بن أبي بكر بن عليِّ بن عطاء، و (المُقَدَّميُّ): بفتح الدال المُهْمَلَة، اسم مفعول؛ نسبة إلى جدِّه.

    قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): (فُضَيل): بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، وهذا مَعْرُوفٌ، و (أَبُو حَازِمٍ): هذا تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سلَمة بن دينار.

    ==========

    [1] في (ب): (بخطِّ).

    [ج 1 ص 841]

    (1/6233)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لقد أبطل الله كل طلاق سبق علي تنزيل طلاق سورة الطلاق 5هـ

  المقدمة الأولي /التفصيل القريب و الصواب في التفصيل الاتي 1= نزلت أحكام الطلاق في ثلاث سور قرانية أساسية تُشرِّع قواعده علي المُدرَّج ال...