سورة الطلاق مشاري

**

 المصحف المرتل ختمة كاليفورنيا

** ///

طلاق سورة الطلاق  إعجازٌ وضعه الله في حرفٍ.حيث وضع الله الباري إعجاز تبديل أحكام الطلاق التي كانت  في سورة البقرة 2هـ  إلي أحْكَمِ  أحكامها  في  سورةِ الطلاقِ 5هـ لينتهي كل متشابهٍ  وظنٍ وخلافٍ واختلافٍ  إلي الأبد وحتي يوم القيامة ..وسورة الطلاق5هـ نزلت بعد سورة البقرة2هـ بحوالي عامين ونصف تقريباً يعني ناسخة لأحكام طلاق سورة البقرة2هـ .

الأحد، 30 أبريل 2023

أصول الفقه المسمى إجابة السائل شرح بغية الآمل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الرَّابِع حَقِيقَة الْكَلَام مَعَ الْمجَاز

أصول الفقه المسمى إجابة السائل شرح بغية الآمل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم 

 ج1.

  َ - الْبَاب الرَّابِع حَقِيقَة الْكَلَام مَعَ الْمجَاز
... بَاب حوى حَقِيقَة الْكَلَام ... مَعَ الْمجَاز فاستمع نظامي الْحَقِيقَة فعلية من حق الشَّيْء بِمَعْنى ثَبت وَمن قَوْله تَعَالَى {وَلَكِن حقت كلمة الْعَذَاب على الْكَافرين} وَهِي إِمَّا بِمَعْنى الْفَاعِل أَي الثَّابِت فالتاء فِيهَا للتأنيث أَو بِمَعْنى الْمُثبت من حققت الشَّيْء أحقه بِمَعْنى أثْبته فالتاء فِيهَا للنَّقْل من الوصفية إِلَى الاسمية كالنطحية وَلذَا لَا يُقَال بَهِيمَة نطيحة وَقد نقلت إِلَى اللَّفْظ الْمَوْضُوع بِالْمَعْنَى الاصطلاحي الَّذِي يفِيدهُ قَوْلنَا ... وَعرفت بِالْكَلِمَةِ المستعمله ... فِي الِاصْطِلَاح فَالَّذِي تُوضَع لَهُ ...

عرفهَا أَئِمَّة الْبَيَان وَغَيرهم بِالْكَلِمَةِ المستعملة بِمَا وضعت لَهُ فِي اصْطِلَاح التخاطب فَخرج بِالْأولِ الْمُهْملَة وَمَا وضع وَلم يسْتَعْمل فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَقِيقَة وَلَا مجَاز وَخرج بِقَيْد اصْطِلَاح التخاطب الصَّلَاة إِذا استعملها الْمُتَكَلّم باصطلاح الشَّرْع فِي الدُّعَاء فَإِنَّهَا مجَاز بِالنّظرِ إِلَيْهِ وَدخلت فِي الْحَد بِالنّظرِ إِلَى اسْتِعْمَالهَا بِالْعرْفِ الشَّرْعِيّ فِي الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة فَإِنَّهَا حَقِيقَة وَلما كَانَت لَهَا أَقسَام أفادها قَوْلنَا 
.. أقسامها أَصْلِيَّة عرفية ... تعم أَو تخص والشرعية ...

قسم الْعلمَاء الْحَقِيقَة إِلَى لغوية وَهِي مَا يكون واضعها وَاضع اللُّغَة وضعا أَصْلِيًّا وعرفية وَهِي مَا تغلب فِي الْعرف فِي غير مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ وَهِي قِسْمَانِ إِن لم يتَعَيَّن ناقلها فعرفية عَامَّة ومثلوها بِلَفْظ الدَّابَّة فَإِنَّهَا فِي اللُّغَة بِكُل مَا يدب فخصصها الْعرف الْعَام بذوات الْأَرْبَع أَو تعين ناقلها فَهِيَ الْخَاصَّة وَذَلِكَ كألفاظ اصْطِلَاحَات أهل الْعُلُوم وَغَيرهم كالرفع وتخفض لألقاب الْإِعْرَاب وكل أهل فن لَهُم أَلْفَاظ مصطلحة فالعموم وَالْخُصُوص فِي الْعُرْفِيَّة من حَيْثُ تعين النَّاقِل وَعَدَمه والشرعية هِيَ مَا اسْتُفِيدَ وَضعهَا من الشَّارِع كَالصَّلَاةِ لذات الْأَركان والأذكار وَالزَّكَاة لأخراج جُزْء معِين بِتَعْيِين الشَّارِع من المَال وَمِنْهَا الدِّينِيَّة وَهَذِه مَا نقلت إِلَى أصُول الدّين كالإيمان وَالْفِسْق وَالْمُؤمن وَالْفَاسِق وَنبهَ النّظم عَلَيْهَا بقوله فِيمَا يَأْتِي دينية مِنْهَا للْإِشَارَة إِلَى أَنَّهَا لَيست بقسم مُسْتَقل بل هِيَ دَاخِلَة فِي الشَّرْعِيَّة وَإِنَّمَا جعلهَا الْمُتَأَخّرُونَ قسما مُسْتقِلّا وَإِلَّا فَهِيَ شَرْعِيَّة والمتقدمون أدمجوها فِيهَا ثمَّ للْحَقِيقَة تَقْسِيم آخر وَهُوَ بِاعْتِبَار تعدد اللَّفْظ وَالْمعْنَى أَو اتحادهما فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَقسَام
الأول أَفَادَهُ قَوْلنَا ... دينية مِنْهَا فَإِن تعدّدت ... لفظا وَمعنى فبذا تباينت ...

الضَّمِير للْحَقِيقَة أَي تعدّدت الْحَقِيقَة لفظا وَمعنى أَو الْكَلِمَة الدَّالَّة عَلَيْهَا قرينَة الْكَلَام وَهُوَ أولى لِأَن الْمَعْرُوف عِنْدهم تَقْسِيم الْكَلِمَة إِلَى ذَلِك أَعم من كَونهَا حَقِيقَة أَو مجَازًا وَهُوَ أولى لِأَن الْمَعْرُوف عِنْدهم تَقْسِيم الْكَلِمَة إِلَى ذَلِك أَعم من كَونهَا حَقِيقَة أَو مجَازًا وَذَلِكَ كالإنسان وَالْفرس والسواد وَالْبَيَاض وَتسَمى متباينة لتباينها دلَالَة ولفظا كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلنَا فبذا تباينت وَهَذَا الْقسم الأول
وَالثَّانِي وَهُوَ بِاعْتِبَار الِاتِّحَاد لفظا وَمعنى أَفَادَهُ بقوله
مَا لم فَإِن يتحدا فمنفرد
أَي مَا لم يَتَعَدَّد لفظا وَمعنى وَهُوَ يَنْقَسِم أَيْضا فَإِن اتَّحد اللَّفْظ وَالْمعْنَى بِأَن وجد المُرَاد فِي لفظ وَاحِد لَا تعدد فِيهِ الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ الْمُنْفَرد فَيدْخل فِيهِ الجزئي الْحَقِيقِيّ كزيد والإضافي كالإنسان بِالنّظرِ إِلَى الْجِنْس فَإِن مَفْهُومه وَاحِد من هَذِه الْجِهَة فالمتواطىء والمشكك لَيْسَ بداخلين تَحت هَذَا الْقسم بل هما قسم مُسْتَقل وَمن النَّاس وَهُوَ الْأَكْثَر من يجعلهما من هَذَا الْقسم المتحد لفظا وَمعنى
الْقسم الثَّالِث قَوْله
وَإِن تعدد لَفظه ويتحد ... مَعْنَاهُ مِنْهَا فَهُوَ بالترادف
مَعْنَاهُ مِنْهَا أَي مَا تعدد لَفظه واتحد مَعْنَاهُ فَهُوَ الْقسم الْمَعْرُوف بالترادف أَي يُسمى بِهِ وَهُوَ معنى قَوْلنَا فِي صدر الْبَيْت الْآتِي يدعى وَهُوَ فِي عرف الْأُصُولِيِّينَ توالي الْأَلْفَاظ المفردة الدَّالَّة على شَيْء وَاحِد بِاعْتِبَار وَاحِد وَذَلِكَ كالإنسان والبشر والأسد وَاللَّيْث وفوائده كَثِيرَة مِنْهَا أَنه قد يضْطَر إِلَى لفظ ليُوَافق القافية والروي وَيحْتَاج إِلَيْهِ فِي رِوَايَة الحَدِيث بِالْمَعْنَى وَغير ذَلِك
وَالْقسم الرَّابِع مَا أَفَادَهُ قَوْله
يدعى واما عَكسه فاستأنف
أَي عكس مَا قبله وَهُوَ مَا اتَّحد لَفظه وتعددت مَعَانِيه بِحَيْثُ لَا يمْنَع تصور مَعْنَاهُ من وجود الشّركَة فِيهِ وَقَوله فاستأنف جَوَاب إِمَّا أَي اسْتَأْنف تقسيمه فَهَذَا تَقْسِيم مُسْتَأْنف وَهُوَ قِسْمَانِ 
الأول وَهُوَ المُرَاد من قَوْله ... إِن وضع اللَّفْظ بِأَمْر كلي ... فِيهِ اشتركن فاستمع مَا أملي ...

أَي إِن وضع اللَّفْظ بِتِلْكَ الْمعَانِي بِاعْتِبَار أَمر كلي اشتركن أَي الْمعَانِي فِيهِ ... فَإِنَّهُ مشكك للنَّظَر ... إِن كَانَ بعض مِنْهُ أولى فَانْظُر ...

أَي فَإِنَّهُ يُسمى مشككا إِن تفاوتت أَفْرَاده بأولية أَو أَوْلَوِيَّة كَمَا أَفَادَهُ قَوْلنَا إِن كَانَ بعض مِنْهُ أولى ومثاله قَوْله ... مِثَاله الْمَوْجُود للرحمن ... سُبْحَانَهُ وَلِلْحَدِيثِ الفاني ...

فَإِن لَفْظَة مَوْجُود تطلق عَلَيْهِ تَعَالَى وَتطلق على الْمَخْلُوق الْمُحدث فالباري بهَا أَحَق وَأولى لِأَن مَعْنَاهُ فِي حَقه أقدم وَأتم وَقَوْلنَا إِن كَانَ بعض مِنْهُ أولى يَشْمَل مَا ذكر ويشمل مَا كَانَت الْأَوْلَوِيَّة بِاعْتِبَار الشدَّة والضعف كالبياض يُطلق على الثَّلج والعاج مثلا فَإِنَّهُ أَشد مِنْهُ فِي الثَّلج وَأقوى من العاج وَهَذَا أول الْقسمَيْنِ وَهُوَ المشكك سمي بذلك لِأَنَّهُ أوقع النَّاظر فِي الشَّك هَل هُوَ متواطىء نظرا إِلَى اشْتِرَاك الْأَفْرَاد فِي أصل الْمَعْنى أَو مُشْتَرك نظرا إِلَى التَّفَاوُت الْمَذْكُور
وَالثَّانِي أَفَادَهُ قَوْلنَا ... وَإِن يكن يُطلق بالسويه ... فهوالتواطؤ بِغَيْر مريه ...

أَي وَإِن لم تَتَفَاوَت افراده بالأولوية بل أطلق عَلَيْهَا بِالسَّوِيَّةِ فَإِنَّهُ يُسمى بالمتواطىء وَذَلِكَ كالإنسان فَإِن دلَالَته على أَفْرَاده مُتَسَاوِيَة فَإِن الإنسانية فِي زيد لَيست بِأولى مِنْهَا فِي عَمْرو وَلَا أقدم وَلَا أتم وَيُسمى متواطئا أخذا من التواطؤ وَهُوَ التوافق وَإِذا عرفت هَذَا فَإِنَّهُ دخل تَحت الْقسم الرَّابِع وَهُوَ مَا اتَّحد لَفظه وتعددت مَعَانِيه ثمَّ فِيهِ أَقسَام يفيدها قَوْلنَا 
.. أَو تخْتَلف حقائق الْمعَانِي ... فالجنس أولى فتراه الثَّانِي 
أَي مَا اتَّحد لَفظه وتعددت مَعَانِيه لَا يَخْلُو مَا إِن تخْتَلف حقائق الْمعَانِي الدَّاخِلَة تَحْتَهُ فَهُوَ الْجِنْس فَإِن حَقِيقَته الْمَقُول على الْكَثْرَة الْمُخْتَلفَة الْحَقَائِق فِي جَوَاب مَا هُوَ مِثَاله الْحَيَوَان فَإنَّك إِذا قلت مَا الْفرس وَالْإِنْسَان مثلا كَانَ السُّؤَال عَن تَمام الْمَاهِيّة الْمُشْتَركَة بَينهمَا فَيُقَال فِي جَوَابه حَيَوَان وَهَذَا هُوَ أحد الكليات الْخمس الْمَعْرُوفَة فِي فن الْمنطق
وَالثَّانِي من أَقسَام مَا نَحن بصدده أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْله أولى فتراه الثَّانِي أَي وَلَا تخْتَلف حقائق مَا تَحْتَهُ فَهُوَ الْقسم الثَّانِي وَيُسمى نوعا كَمَا يفِيدهُ قَوْلنَا الْآتِي أَعنِي بِهِ النَّوْع وعرفوه بِمَا يُقَال على الْكَثْرَة المتفقة الْحَقِيقَة فِي جَوَاب مَا هُوَ وَذَلِكَ كالإنسان فَإنَّك إِذا قلت مَا زيد وَمَا عَمْرو مثلا كَانَ سؤالا عَن تَمام الْمَاهِيّة الْمُشْتَركَة بَينهمَا فَيُقَال إِنْسَان لِأَنَّهُ النَّوْع الَّذِي طُولِبَ بالسؤال لِأَنَّهُ سُؤال عَن طلب الْحَقِيقَة فَأُجِيب بِمَا يطابقه فتحقيق هَذِه مَوْضِعه علم الْمنطق وَقد عرفت معنى صدر قَوْلنَا ... اعني بِهِ النَّوْع وَبَعض يعكسه ... أَمْثَالهَا وَاضِحَة لَا تلبس ...

وَهَذِه إِشَارَة إِلَى أَن الَّذِي سلف عرف أهل علم الْمنطق وَأما الأصوليون وَهُوَ المُرَاد بِالْبَعْضِ فَإِنَّهُم يعكسون فَيَقُولُونَ للْجِنْس النَّوْع وللنوع الْجِنْس فيجعلوه المندرج جِنْسا والمندرج تَحْتَهُ نوعا وَهَذَا اصْطِلَاح لَا مشاحة فِيهِ وَإِلَى هُنَا تقاسيم الْمُشْتَرك الْمَعْنَوِيّ الدَّاخِل تَحت قَوْله إِن وضع اللَّفْظ بِأَمْر كلي وَهُوَ من الْقسم الرَّابِع كم عرفت وَهُوَ المتحد لفظا المتعدد معنى وَمَا اتَّحد لَفظه وتعددت مَعَانِيه فَهُوَ الْقسم الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلنَا ... وَإِن وضعت اللَّفْظ للمعاني ... لَكِن لفظ مِنْهُ وضع ثَانِي ...

وَهَذَا الْقسم الْمُشْتَرك اللَّفْظِيّ وَهُوَ قسيم الْمُشْتَرك الْمَعْنَوِيّ الَّذِي عَرفته إِذْ هما مَعًا داخلان تَحت مقسم وَاحِد وَهُوَ المتحد لفظا المتعدد معنى كَمَا عرفناك وَلذَا قُلْنَا 
فَإِنَّهُ الْمُشْتَرك اللَّفْظِيّ
ودونك الْمجَاز يَا مرضِي ... إِلَى اشْتِرَاك بَينهَا مرعيا
فسمه مُشْتَركا لفظيا
فَقَوله إِن وضعت أَي اللَّفْظ الْوَاحِد كَمَا دلّ قَوْله بِكُل لفظ وَدخل الْمُنْفَرد فِي هَذَا وَخرج بقولنَا للمعاني لِأَن الْمَعْنى فِيهِ مُتحد كَمَا عرفت وَقَوله لكل لفظ مِنْهُ وضع ثَان فصل يخرج بِهِ المشكك والمتواطىء وَقَوله مرعيا إِيضَاح يُرَاد بِهِ أَن الِاشْتِرَاك الْمَقْصُود هُوَ مَا روعي فِي أصل الْوَضع ولوحظ بِخِلَاف الِاشْتِرَاك فِي مُجَرّد اللَّفْظ وَلَيْسَ مِمَّا يُرَاعِي فِي أصل الْوَضع ويستقل بالإفادة
وَمِثَال مَا جمع الْقُيُود لفظ الْعين يُطلق على الباصرة وعَلى الفوارة وعَلى عين الشَّمْس وَعين الذَّهَب وكالقرء للطهر وَالْحيض وعسعس لأقبل وَأدبر فَكل وَاحِد من هَذِه وضع لكل معنى على انْفِرَاده وضعا مُسْتقِلّا من غير اشْتِرَاك بَينهَا فِي أَمر روعي
وللعلماء خلاف فِي وُقُوعه فالجمهور عَلَيْهِ وَخَالف أَئِمَّة وَقَالُوا لَا يَقع قَالُوا لِأَن الْغَرَض من وضع الْأَلْفَاظ فهم الْمَعْنى الْمَقْصُود للمتكلم والاشتراك يخل بذلك فَيكون وَضعه سَببا للمفسدة والواضع حَكِيم لَا يجوز عَلَيْهِ ذَلِك وَأجِيب بِأَن قَرَائِن السِّيَاق وَالْمقَام تحصل غَرَض الْمُتَكَلّم وَمَعَ الْقَرَائِن تذْهب الْمفْسدَة وَلَا نسلم خلو الْمقَام والسياق من قرينَة وَهُوَ وَاقع فِيمَا مثلناه
قَالَ الْمَانِع من وُقُوعه هَذِه الْأَمْثِلَة مَحْمُولَة على أَنَّهَا من بَاب الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَأجِيب بِأَنَّهُ يسْتَعْمل الْقُرْء فِي الْحيض وَالطُّهْر على سَبِيل الْبَدَل من غير تَرْجِيح وَمَا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ مُشْتَرك وَالْقَوْل بِخِلَاف هَذَا وإطالة الردود قَول بِخِلَاف الظَّاهِر وَأما إِطْلَاق الْمُشْتَرك على جَمِيع مَعَانِيه فَفِيهِ أبحاث فِي مطولات الْفَنّ لَا يَتَّسِع هَذَا الْمُخْتَصر بتطويله بهَا وَالْمَقْصُود من الْحَقِيقَة وأقسامها قد وفى بِهِ مَا أسلفناه نظما ونثرا
وَعند الْفَرَاغ مِنْهُ أَخذنَا فِي الْمجَاز فَقُلْنَا 
فصل حوى الْكَلَام فِي الْمجَاز
مُخْتَصرا لمقْتَضى الإيجاز
الْمجَاز لُغَة العبور والانتقال نقل إِلَى مَا ذكر من اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي غير مَا وضع لَهُ لعلاقة بِشَرْط الْقَرِينَة لِأَن الْمجَاز بِاعْتِبَار مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ طَرِيق إِلَى مَعْنَاهُ الْمُسْتَعْمل فِيهِ ورسمه اصْطِلَاحا أَفَادَهُ قَوْله
ورسمه اللَّفْظ الَّذِي يسْتَعْمل
فِي غير مَوْضُوع لَهُ قد نقلوا ... فِي عرف من يُطلق للعلاقة
قد صَحِبت قرينَة إِطْلَاقه
أَي حَقِيقَة الْمجَاز هُوَ اللَّفْظ الَّذِي يسْتَعْمل فِي غير مَوْضُوع فِي عرف من يُطلقهُ للعلاقة مَعَ قرينه فقولنا اللَّفْظ الَّذِي يسْتَعْمل فِي غير مَوْضُوع خرج بِهِ اللَّفْظ قبل الِاسْتِعْمَال بعد الْوَضع فَإِنَّهُ لَيْسَ بمجاز وَلَا حَقِيقَة والظرف مُتَعَلق بيستعمل فَخرجت الْحَقِيقَة وَقَوله فِي عرف من يُطلق أَي يُطلق اللَّفْظ يدْخل بِهِ الصَّلَاة فِي عرف الشَّرْع إِذا اسْتعْملت فِي الدُّعَاء مجَازًا فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ اسْتِعْمَالا فِيمَا وضع لَهُ أَصَالَة فَلَيْسَ بمستعمل فِي عرف من يُطلقهُ اعني الشَّارِع وَخرج بِهِ أَيْضا لفظ الصَّلَاة إِذا اسْتعْملت فِي عرف الشَّرْع وَقَوْلنَا للعلاقة يخرج الْغَلَط نَحْو خُذ هَذَا الْكتاب مُشِيرا بِهِ إِلَى فرس فَإِنَّهُ وَإِن صدق عَلَيْهِ أَنه اسْتعْمل فِي غير مَا وضع لَهُ لَكِن لَيْسَ لعلاقة والعلافة بِالْفَتْح تطلق على الْمعَانِي كعلاقة الْحبّ وبالكسر على الْأَعْيَان كعلاقة السَّيْف وَالْمرَاد بهَا هُنَا تعلق مَا للمعنى الْمجَازِي بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيّ
وَاعْلَم أَنه لَا بُد لكل مجَاز من علاقَة وقرينة فالعلاقة هِيَ المجوزة للاستعمال والقرينة هِيَ الْمُوجبَة للْحَمْل عَلَيْهِ وَقَوله مَعَ قرينَة أَي مفيدة للمعنى الْمجَازِي صارفة للفظ عَن مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ إِلَى مَعْنَاهُ الْمجَازِي وَبِه تخرج الْكِنَايَة لِأَنَّهَا مستعملة فِي غير مَا وضع اللَّفْظ لَهُ مَعَ جَوَاز إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ قإن قلت مَا الْفرق بَين قرينَة الْمجَاز وقرينة الْمُشْتَرك قلت الْفرق 
وَاضح لِأَن قرينَة الْمُشْتَرك مُعينَة للمعنى المُرَاد من اللَّفْظ الْحَقِيقِيّ وقرينة الْمجَاز صارفة عَن إِرَادَته أَي الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ ومقيدة لَهُ إِن قلت تعْيين الْقَرِينَة أحد مَعَاني الْمُشْتَرك صارفة أَيْضا للمعنى الآخر قلت لَيْسَ الْمَقْصُود مِنْهَا إِلَّا التَّعْيِين وَإِن استلزمت الصّرْف فَلَيْسَتْ فِيهِ مَقْصُودَة لأجل الصّرْف بل لأجل التَّعْيِين وَالْحَاصِل أَن الْمُشْتَرك مَوْضُوع للدلالة بِنَفسِهِ وَإِنَّمَا حصل الْإِيهَام من الِاسْتِعْمَال فَكَانَت قرينته لتعيينه بِخِلَاف قرينَة الْمجَاز فَإِنَّهَا محصلة لأصل الْمَعْنى الْمجَازِي صارفة عَن الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ ثمَّ اعْلَم أَن العلاقة الْمشَار إِلَيْهَا قد تكون المشابهة وَقد تكون غَيرهَا فانقسم بِسَبَبِهَا الْمجَاز قسمَيْنِ مجَاز مُرْسل واستعارة أَشَارَ إِلَى الأول بقوله ... وَإنَّهُ نَوْعَانِ مِنْهَا الْمُرْسل ... كَالْيَدِ للنعمة فِيمَا مثلُوا ...

هَذَا هُوَ النَّوْع الأول وَهُوَ الْمجَاز الْمُرْسل وَهُوَ مَا كَانَت علاقته المصححة لإطلاقه غير المشابهة بَين الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والمجازي وَلذَا سمي مُرْسلا لإرساله عَن التَّقْيِيد بالمشابهة كَمَا قيد بهَا قسيمه ومثلوه بِإِطْلَاق الْيَد على النِّعْمَة فِي قَوْلهم لفُلَان عِنْدِي يَد بعلاقة هِيَ كَون الْيَد الْجَارِحَة بِمَنْزِلَة الْعلَّة الفاعلية للنعمة من حَيْثُ أَنَّهَا مِنْهَا تصدر وَتصل إِلَى الْمَقْصُود بِالنعْمَةِ كَمَا تصل بِالْيَدِ إِلَى مَا يُرَاد والعلاقة تسمى السَّبَبِيَّة أَو الْمُلَازمَة والعلاقات قد عدت فِي فن الْبَيَان بِلَا زِيَادَة على عشْرين علاقَة وَلَا حَاجَة إِلَى استيفائها هُنَا لِأَن لَهَا فَنًّا آخر هُوَ علم الْبَيَان وَقد اسْتكْمل عَددهَا فِي شرح الْغَايَة الثَّانِي من نَوعه قَوْله ... ثَانِيهمَا يَدعُونَهُ استعاره ... كأنشب الْمَوْت بِهِ أَظْفَاره 
سموهُ اسْتِعَارَة لانك مَعَ قصدك التَّشْبِيه كَأَنَّك استعرت لَهُ الصّفة الَّتِي أردْت اتصاف الْمُشبه بهَا وَهِي مجَاز لغَوِيّ وَهُوَ قَول الْجُمْهُور وَبَعْضهمْ يَجْعَلهَا مجَازًا عقليا وَهِي أَنْوَاع مِنْهَا الِاسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ وَبهَا مثل النَّاظِم وَهُوَ أَن الْمُتَكَلّم شبه الْمَوْت بالسبع بِجَامِع اغتيال النُّفُوس ورمز إِلَيْهِ بِمَا هُوَ من لَازمه والمثال إِشَارَة إِلَى قَول الشَّاعِر ... وَإِذا الْمنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تَمِيمَة لَا تَنْفَع ...

وَهُوَ الْأَظْفَار وَقَوله أنشبت ترشيح للاستعارة وَإِثْبَات الاظفار اسْتِعَارَة تخييلية وَالْقسم الثَّانِي من الِاسْتِعَارَة الِاسْتِعَارَة المصرحة مثل رَأَيْت أسدا فِي الْحمام فَإِنَّهُ استعير لفظ أَسد الشجاع وَأطلق عَلَيْهِ اسْتِعَارَة وأتى بِالْقَرِينَةِ وَهِي قَوْله فِي الْحمام
وَاعْلَم أَن أهل الْأُصُول يطلقون الْمجَاز على مَا يَشْمَل الْكِنَايَة وَهِي نَحْو فلَان طَوِيل النجاد كِنَايَة عَن طول الْقَامَة وَلَكنهُمْ يحذفون لفظ الْقَرِينَة من تَعْرِيف الْمجَاز فتعريفنا فِي النّظم على رَأْي أهل الْبَيَان فَإِنَّهُم يجْعَلُونَ الْكِنَايَة قسما مُسْتقِلّا لَيْسَ بِحَقِيقَة وَلَا مجَاز وَقد وَقع التَّقْيِيد بِمَا قيدنَا بِهِ فِي بعض كتب الْأُصُول ثمَّ اعْلَم أَنه قد يُطلق الْمجَاز على مَا يَشْمَل الْمُفْرد والمركب والإسناد وَإِلَيْهِ يُشِير قَوْله ... وَيدخل التَّرْكِيب والإفرادا ... كَمَا ترَاهُ يدْخل الإسنادا ...

أَي وَيَقَع الْمجَاز فِي الْمركب وَحَقِيقَته اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِيمَا يشبه بِمَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ نَحْو أَرَاك تقدم رجلا وَتَأَخر أُخْرَى حَيْثُ يُرَاد بِهِ تَشْبِيه المتردد فِي أَمر بِصُورَة من قَامَ يذهب إِلَى حَاجَة فَتَارَة يُرِيد الذّهاب فَيقدم رجلا وَتارَة 
لَا يُرِيد فيؤخر أُخْرَى فَاسْتعْمل الْكَلَام من غير تَغْيِير شَيْء مِنْهُ سَوَاء نَقله إِلَى هَذِه الصُّورَة تَشْبِيها بِتِلْكَ الصُّورَة وَتسَمى الِاسْتِعَارَة التمثيلية
وَقَوله والإفراد أَي أَنه يَقع الْمجَاز فِي الْمُفْرد وَتَقَدَّمت أمثلته فَالْمُرَاد من التَّرْكِيب فِي عبارَة النّظم والإفراد الْمركب والمفرد فهما مصدران بِمَعْنى اسْم الْمَفْعُول بِقَرِينَة قَوْله يدْخل الْإِسْنَاد فَإِن الْمجَاز الإسنادي هُوَ مجَاز التَّرْكِيب ومجاز الْإِسْنَاد هُوَ الْمُسَمّى بالمجاز الْعقلِيّ وَحَقِيقَته إِسْنَاد الْفِعْل أَو مَعْنَاهُ إِلَى ملابس لَهُ غير من قَامَ بِهِ عِنْد الْمُتَكَلّم نَحْو أنبت الرّبيع البقل وَجرى النَّهر وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يعرف من علم الْبَيَان تفاصيله وَلما عقد الأصوليون مَسْأَلَة معنوية بِأَنَّهُ إِذا دَار اللَّفْظ بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز حمل على الْمجَاز أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم بقوله ... فَمَا احْتمل الشّركَة والمجازا ... فبالمجاز عِنْدهم قد فازا ...

كلمة مَا شَرْطِيَّة جوابها فبالمجاز وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا إِذا احْتمل اللَّفْظ الشّركَة وَالْمجَاز حمل على الْمجَاز ومثلوه بِلَفْظ النِّكَاح إِذا علم كَونه حَقِيقَة فِي أحد معنييه كالعقد مثلا وَاحْتمل أَنه حَقِيقَة فِي الآخر وَهُوَ الْوَطْء فَيكون مُشْتَركا أَو لَا فَيكون مجَازًا فالحمل على الْمجَاز أولى فَإِن قلت إِن وجدت قرينَة الْمجَاز فَلَا يتَصَوَّر حمله على الْحَقِيقَة وَألا تُوجد فَلَا يتَصَوَّر حمله على الْمجَاز قلت أُجِيب بِأَن المُرَاد مَعَ الْقَرِينَة إِلَّا أَن الْغَرَض أَنه قد علم أَن أَحدهمَا حَقِيقَة وَإِنَّمَا التَّرَدُّد فِي الْمَعْنى الآخر هَل هُوَ حَقِيقَة فَيكون مُشْتَركا أَو لَا فَيكون مجَازًا وَإِنَّمَا تردد اللَّفْظ لجَوَاز أَن الْقَرِينَة قرينَة تعْيين الْمُشْتَرك لأحد أَفْرَاده هَكَذَا قيل وَلَا يَخْلُو عَن تَأمل 
إِذا عرفت هَذَا وَقد عرفت أَن كلا من الِاشْتِرَاك وَالْمجَاز يُوقع الْخلَل فِي فهم السَّامع للمراد بسببهما قَالُوا فَيحمل على مَا هُوَ أقرب وَأولى إِلَى تقريب المُرَاد إِلَى الْفَهم وَفِي الْمَسْأَلَة مَعَ تشابهما أَقْوَال وَاسِعَة لَا يَتَّسِع لَهَا هَذَا التَّعْلِيق وَهِي من أبحاث المطولات وَقد طولهَا فِي الفواصل وَقيل بل يحمل على الِاشْتِرَاك قلت بل تَرْجِيح الْمجَاز على الِاشْتِرَاك أولى لِأَنَّهُ من إِلْحَاق الْفَرد الْمُتَنَازع فِيهِ بالأعم الْأَغْلَب فِي الِاسْتِعْمَال فَإِن الْمجَاز أغلب من الِاشْتِرَاك بل قيل إِنَّه غَالب اللُّغَة وَلما كَانَ للمجاز عَلَامَات وخواص يعرفانه ويتميز بهَا عَن الْحَقِيقَة وَقد أعدهَا أَئِمَّة الْأُصُول ببحث الْمجَاز قَالَ النَّاظِم ... خاصته بِأَنَّهُ لَا يطرد ... فِي كل مَا يصلح مِنْهُ أَن يرد ...

هَذِه الْعَلامَة الأولى الْخَاصَّة قَالُوا إِن من خَواص الْمجَاز عدم اطراده فِي مَدْلُوله قَالُوا النَّخْلَة فَإِنَّهَا تطلق مجَازًا على إِنْسَان طَوِيل وَلَا تطلق على غَيره مِمَّا فِيهِ طول بِخِلَاف الْحَقِيقَة فَإِنَّهَا تطرد فِي مدلولها وَأورد عَلَيْهِ ان هَذَا يُوجب أَنه لَا بُد من سَماع آحَاد الْمجَاز كالحقيقة وَقد قرروا أَنه مَوْضُوع وضعا نوعيا وَبِأَن من الْحَقَائِق مَا لَا يطرد فَلَا يكون خَاصّا بالمجاز كالقارورة لَا تطلق إِلَّا على الزجاجة لَا كل مَا يقر وَأَجَابُوا فِي المطولات بأجوبة غير ناهضة والعلامة الثَّانِيَة الْخَاصَّة قَوْله ... وَأَنه يصدق حِين ينفى ... وَغَيره وَالله حسبي وَكفى ...

هَذِه الْخَاصَّة مثلوها بقَوْلهمْ للبليد لَيْسَ بِحِمَار فَإِنَّهُ حَقِيقَة مَعَ أَنه يُطلق عَلَيْهِ ذَلِك مجَازًا وَقَوْلنَا وَغَيره أَي غير مَا ذكر مثل نَص أَئِمَّة اللُّغَة أَن هَذَا اللَّفْظ مجَاز أَو سبق غَيره إِلَى الْفَهم لَوْلَا الْقَرِينَة وَقد بسط فِي مطولات الْفَنّ فَإِنَّمَا ذكر أَئِمَّة الْأُصُول مهمات من قَوَاعِد الْفُنُون كالمنطق وَعلم الْبَيَان وَعند الْفَرَاغ من هَذَا الْفَصْل أَخذ فِي شرح الْخَامِس من الْأَبْوَاب فَقَالَ ==

ج1.مكرر
 أصول الفقه المسمى إجابة السائل شرح بغية الآمل
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الرَّابِع حَقِيقَة الْكَلَام مَعَ الْمجَاز
... بَاب حوى حَقِيقَة الْكَلَام ... مَعَ الْمجَاز فاستمع نظامي ...

الْحَقِيقَة فعلية من حق الشَّيْء بِمَعْنى ثَبت وَمن قَوْله تَعَالَى {وَلَكِن حقت كلمة الْعَذَاب على الْكَافرين} وَهِي إِمَّا بِمَعْنى الْفَاعِل أَي الثَّابِت فالتاء فِيهَا للتأنيث أَو بِمَعْنى الْمُثبت من حققت الشَّيْء أحقه بِمَعْنى أثْبته فالتاء فِيهَا للنَّقْل من الوصفية إِلَى الاسمية كالنطحية وَلذَا لَا يُقَال بَهِيمَة نطيحة وَقد نقلت إِلَى اللَّفْظ الْمَوْضُوع بِالْمَعْنَى الاصطلاحي الَّذِي يفِيدهُ قَوْلنَا ... وَعرفت بِالْكَلِمَةِ المستعمله ... فِي الِاصْطِلَاح فَالَّذِي تُوضَع لَهُ ...

عرفهَا أَئِمَّة الْبَيَان وَغَيرهم بِالْكَلِمَةِ المستعملة بِمَا وضعت لَهُ فِي اصْطِلَاح التخاطب فَخرج بِالْأولِ الْمُهْملَة وَمَا وضع وَلم يسْتَعْمل فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحَقِيقَة وَلَا مجَاز وَخرج بِقَيْد اصْطِلَاح التخاطب الصَّلَاة إِذا استعملها الْمُتَكَلّم باصطلاح الشَّرْع فِي الدُّعَاء فَإِنَّهَا مجَاز بِالنّظرِ إِلَيْهِ وَدخلت فِي الْحَد بِالنّظرِ إِلَى اسْتِعْمَالهَا بِالْعرْفِ الشَّرْعِيّ فِي الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة فَإِنَّهَا حَقِيقَة وَلما كَانَت لَهَا أَقسَام أفادها قَوْلنَا 
.. أقسامها أَصْلِيَّة عرفية ... تعم أَو تخص والشرعية ...

قسم الْعلمَاء الْحَقِيقَة إِلَى لغوية وَهِي مَا يكون واضعها وَاضع اللُّغَة وضعا أَصْلِيًّا وعرفية وَهِي مَا تغلب فِي الْعرف فِي غير مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ وَهِي قِسْمَانِ إِن لم يتَعَيَّن ناقلها فعرفية عَامَّة ومثلوها بِلَفْظ الدَّابَّة فَإِنَّهَا فِي اللُّغَة بِكُل مَا يدب فخصصها الْعرف الْعَام بذوات الْأَرْبَع أَو تعين ناقلها فَهِيَ الْخَاصَّة وَذَلِكَ كألفاظ اصْطِلَاحَات أهل الْعُلُوم وَغَيرهم كالرفع وتخفض لألقاب الْإِعْرَاب وكل أهل فن لَهُم أَلْفَاظ مصطلحة فالعموم وَالْخُصُوص فِي الْعُرْفِيَّة من حَيْثُ تعين النَّاقِل وَعَدَمه والشرعية هِيَ مَا اسْتُفِيدَ وَضعهَا من الشَّارِع كَالصَّلَاةِ لذات الْأَركان والأذكار وَالزَّكَاة لأخراج جُزْء معِين بِتَعْيِين الشَّارِع من المَال وَمِنْهَا الدِّينِيَّة وَهَذِه مَا نقلت إِلَى أصُول الدّين كالإيمان وَالْفِسْق وَالْمُؤمن وَالْفَاسِق وَنبهَ النّظم عَلَيْهَا بقوله فِيمَا يَأْتِي دينية مِنْهَا للْإِشَارَة إِلَى أَنَّهَا لَيست بقسم مُسْتَقل بل هِيَ دَاخِلَة فِي الشَّرْعِيَّة وَإِنَّمَا جعلهَا الْمُتَأَخّرُونَ قسما مُسْتقِلّا وَإِلَّا فَهِيَ شَرْعِيَّة والمتقدمون أدمجوها فِيهَا ثمَّ للْحَقِيقَة تَقْسِيم آخر وَهُوَ بِاعْتِبَار تعدد اللَّفْظ وَالْمعْنَى أَو اتحادهما فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَقسَام
الأول أَفَادَهُ قَوْلنَا ... دينية مِنْهَا فَإِن تعدّدت ... لفظا وَمعنى فبذا تباينت ...

الضَّمِير للْحَقِيقَة أَي تعدّدت الْحَقِيقَة لفظا وَمعنى أَو الْكَلِمَة الدَّالَّة عَلَيْهَا قرينَة الْكَلَام وَهُوَ أولى لِأَن الْمَعْرُوف عِنْدهم تَقْسِيم الْكَلِمَة إِلَى ذَلِك أَعم من كَونهَا حَقِيقَة أَو مجَازًا وَهُوَ أولى لِأَن الْمَعْرُوف عِنْدهم تَقْسِيم الْكَلِمَة إِلَى ذَلِك أَعم من كَونهَا حَقِيقَة أَو مجَازًا وَذَلِكَ كالإنسان وَالْفرس والسواد وَالْبَيَاض وَتسَمى متباينة لتباينها دلَالَة ولفظا كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلنَا فبذا تباينت وَهَذَا الْقسم الأول 
وَالثَّانِي وَهُوَ بِاعْتِبَار الِاتِّحَاد لفظا وَمعنى أَفَادَهُ بقوله
مَا لم فَإِن يتحدا فمنفرد
أَي مَا لم يَتَعَدَّد لفظا وَمعنى وَهُوَ يَنْقَسِم أَيْضا فَإِن اتَّحد اللَّفْظ وَالْمعْنَى بِأَن وجد المُرَاد فِي لفظ وَاحِد لَا تعدد فِيهِ الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ الْمُنْفَرد فَيدْخل فِيهِ الجزئي الْحَقِيقِيّ كزيد والإضافي كالإنسان بِالنّظرِ إِلَى الْجِنْس فَإِن مَفْهُومه وَاحِد من هَذِه الْجِهَة فالمتواطىء والمشكك لَيْسَ بداخلين تَحت هَذَا الْقسم بل هما قسم مُسْتَقل وَمن النَّاس وَهُوَ الْأَكْثَر من يجعلهما من هَذَا الْقسم المتحد لفظا وَمعنى
الْقسم الثَّالِث قَوْله
وَإِن تعدد لَفظه ويتحد ... مَعْنَاهُ مِنْهَا فَهُوَ بالترادف
مَعْنَاهُ مِنْهَا أَي مَا تعدد لَفظه واتحد مَعْنَاهُ فَهُوَ الْقسم الْمَعْرُوف بالترادف أَي يُسمى بِهِ وَهُوَ معنى قَوْلنَا فِي صدر الْبَيْت الْآتِي يدعى وَهُوَ فِي عرف الْأُصُولِيِّينَ توالي الْأَلْفَاظ المفردة الدَّالَّة على شَيْء وَاحِد بِاعْتِبَار وَاحِد وَذَلِكَ كالإنسان والبشر والأسد وَاللَّيْث وفوائده كَثِيرَة مِنْهَا أَنه قد يضْطَر إِلَى لفظ ليُوَافق القافية والروي وَيحْتَاج إِلَيْهِ فِي رِوَايَة الحَدِيث بِالْمَعْنَى وَغير ذَلِك
وَالْقسم الرَّابِع مَا أَفَادَهُ قَوْله
يدعى واما عَكسه فاستأنف
أَي عكس مَا قبله وَهُوَ مَا اتَّحد لَفظه وتعددت مَعَانِيه بِحَيْثُ لَا يمْنَع تصور مَعْنَاهُ من وجود الشّركَة فِيهِ وَقَوله فاستأنف جَوَاب إِمَّا أَي اسْتَأْنف تقسيمه فَهَذَا تَقْسِيم مُسْتَأْنف وَهُوَ قِسْمَانِ 
الأول وَهُوَ المُرَاد من قَوْله ... إِن وضع اللَّفْظ بِأَمْر كلي ... فِيهِ اشتركن فاستمع مَا أملي ...

أَي إِن وضع اللَّفْظ بِتِلْكَ الْمعَانِي بِاعْتِبَار أَمر كلي اشتركن أَي الْمعَانِي فِيهِ ... فَإِنَّهُ مشكك للنَّظَر ... إِن كَانَ بعض مِنْهُ أولى فَانْظُر ...

أَي فَإِنَّهُ يُسمى مشككا إِن تفاوتت أَفْرَاده بأولية أَو أَوْلَوِيَّة كَمَا أَفَادَهُ قَوْلنَا إِن كَانَ بعض مِنْهُ أولى ومثاله قَوْله ... مِثَاله الْمَوْجُود للرحمن ... سُبْحَانَهُ وَلِلْحَدِيثِ الفاني ...

فَإِن لَفْظَة مَوْجُود تطلق عَلَيْهِ تَعَالَى وَتطلق على الْمَخْلُوق الْمُحدث فالباري بهَا أَحَق وَأولى لِأَن مَعْنَاهُ فِي حَقه أقدم وَأتم وَقَوْلنَا إِن كَانَ بعض مِنْهُ أولى يَشْمَل مَا ذكر ويشمل مَا كَانَت الْأَوْلَوِيَّة بِاعْتِبَار الشدَّة والضعف كالبياض يُطلق على الثَّلج والعاج مثلا فَإِنَّهُ أَشد مِنْهُ فِي الثَّلج وَأقوى من العاج وَهَذَا أول الْقسمَيْنِ وَهُوَ المشكك سمي بذلك لِأَنَّهُ أوقع النَّاظر فِي الشَّك هَل هُوَ متواطىء نظرا إِلَى اشْتِرَاك الْأَفْرَاد فِي أصل الْمَعْنى أَو مُشْتَرك نظرا إِلَى التَّفَاوُت الْمَذْكُور
وَالثَّانِي أَفَادَهُ قَوْلنَا ... وَإِن يكن يُطلق بالسويه ... فهوالتواطؤ بِغَيْر مريه ...

أَي وَإِن لم تَتَفَاوَت افراده بالأولوية بل أطلق عَلَيْهَا بِالسَّوِيَّةِ فَإِنَّهُ يُسمى بالمتواطىء وَذَلِكَ كالإنسان فَإِن دلَالَته على أَفْرَاده مُتَسَاوِيَة فَإِن الإنسانية فِي زيد لَيست بِأولى مِنْهَا فِي عَمْرو وَلَا أقدم وَلَا أتم وَيُسمى متواطئا أخذا من التواطؤ وَهُوَ التوافق وَإِذا عرفت هَذَا فَإِنَّهُ دخل تَحت الْقسم الرَّابِع وَهُوَ مَا اتَّحد لَفظه وتعددت مَعَانِيه ثمَّ فِيهِ أَقسَام يفيدها قَوْلنَا 
.. أَو تخْتَلف حقائق الْمعَانِي ... فالجنس أولى فتراه الثَّانِي ...

أَي مَا اتَّحد لَفظه وتعددت مَعَانِيه لَا يَخْلُو مَا إِن تخْتَلف حقائق الْمعَانِي الدَّاخِلَة تَحْتَهُ فَهُوَ الْجِنْس فَإِن حَقِيقَته الْمَقُول على الْكَثْرَة الْمُخْتَلفَة الْحَقَائِق فِي جَوَاب مَا هُوَ مِثَاله الْحَيَوَان فَإنَّك إِذا قلت مَا الْفرس وَالْإِنْسَان مثلا كَانَ السُّؤَال عَن تَمام الْمَاهِيّة الْمُشْتَركَة بَينهمَا فَيُقَال فِي جَوَابه حَيَوَان وَهَذَا هُوَ أحد الكليات الْخمس الْمَعْرُوفَة فِي فن الْمنطق
وَالثَّانِي من أَقسَام مَا نَحن بصدده أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْله أولى فتراه الثَّانِي أَي وَلَا تخْتَلف حقائق مَا تَحْتَهُ فَهُوَ الْقسم الثَّانِي وَيُسمى نوعا كَمَا يفِيدهُ قَوْلنَا الْآتِي أَعنِي بِهِ النَّوْع وعرفوه بِمَا يُقَال على الْكَثْرَة المتفقة الْحَقِيقَة فِي جَوَاب مَا هُوَ وَذَلِكَ كالإنسان فَإنَّك إِذا قلت مَا زيد وَمَا عَمْرو مثلا كَانَ سؤالا عَن تَمام الْمَاهِيّة الْمُشْتَركَة بَينهمَا فَيُقَال إِنْسَان لِأَنَّهُ النَّوْع الَّذِي طُولِبَ بالسؤال لِأَنَّهُ سُؤال عَن طلب الْحَقِيقَة فَأُجِيب بِمَا يطابقه فتحقيق هَذِه مَوْضِعه علم الْمنطق وَقد عرفت معنى صدر قَوْلنَا ... اعني بِهِ النَّوْع وَبَعض يعكسه ... أَمْثَالهَا وَاضِحَة لَا تلبس ...

وَهَذِه إِشَارَة إِلَى أَن الَّذِي سلف عرف أهل علم الْمنطق وَأما الأصوليون وَهُوَ المُرَاد بِالْبَعْضِ فَإِنَّهُم يعكسون فَيَقُولُونَ للْجِنْس النَّوْع وللنوع الْجِنْس فيجعلوه المندرج جِنْسا والمندرج تَحْتَهُ نوعا وَهَذَا اصْطِلَاح لَا مشاحة فِيهِ وَإِلَى هُنَا تقاسيم الْمُشْتَرك الْمَعْنَوِيّ الدَّاخِل تَحت قَوْله إِن وضع اللَّفْظ بِأَمْر كلي وَهُوَ من الْقسم الرَّابِع كم عرفت وَهُوَ المتحد لفظا المتعدد معنى وَمَا اتَّحد لَفظه وتعددت مَعَانِيه فَهُوَ الْقسم الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلنَا ... وَإِن وضعت اللَّفْظ للمعاني ... لَكِن لفظ مِنْهُ وضع ثَانِي ...

وَهَذَا الْقسم الْمُشْتَرك اللَّفْظِيّ وَهُوَ قسيم الْمُشْتَرك الْمَعْنَوِيّ الَّذِي عَرفته إِذْ هما مَعًا داخلان تَحت مقسم وَاحِد وَهُوَ المتحد لفظا المتعدد معنى كَمَا عرفناك وَلذَا قُلْنَا 
فَإِنَّهُ الْمُشْتَرك اللَّفْظِيّ
ودونك الْمجَاز يَا مرضِي ... إِلَى اشْتِرَاك بَينهَا مرعيا
فسمه مُشْتَركا لفظيا
فَقَوله إِن وضعت أَي اللَّفْظ الْوَاحِد كَمَا دلّ قَوْله بِكُل لفظ وَدخل الْمُنْفَرد فِي هَذَا وَخرج بقولنَا للمعاني لِأَن الْمَعْنى فِيهِ مُتحد كَمَا عرفت وَقَوله لكل لفظ مِنْهُ وضع ثَان فصل يخرج بِهِ المشكك والمتواطىء وَقَوله مرعيا إِيضَاح يُرَاد بِهِ أَن الِاشْتِرَاك الْمَقْصُود هُوَ مَا روعي فِي أصل الْوَضع ولوحظ بِخِلَاف الِاشْتِرَاك فِي مُجَرّد اللَّفْظ وَلَيْسَ مِمَّا يُرَاعِي فِي أصل الْوَضع ويستقل بالإفادة
وَمِثَال مَا جمع الْقُيُود لفظ الْعين يُطلق على الباصرة وعَلى الفوارة وعَلى عين الشَّمْس وَعين الذَّهَب وكالقرء للطهر وَالْحيض وعسعس لأقبل وَأدبر فَكل وَاحِد من هَذِه وضع لكل معنى على انْفِرَاده وضعا مُسْتقِلّا من غير اشْتِرَاك بَينهَا فِي أَمر روعي
وللعلماء خلاف فِي وُقُوعه فالجمهور عَلَيْهِ وَخَالف أَئِمَّة وَقَالُوا لَا يَقع قَالُوا لِأَن الْغَرَض من وضع الْأَلْفَاظ فهم الْمَعْنى الْمَقْصُود للمتكلم والاشتراك يخل بذلك فَيكون وَضعه سَببا للمفسدة والواضع حَكِيم لَا يجوز عَلَيْهِ ذَلِك وَأجِيب بِأَن قَرَائِن السِّيَاق وَالْمقَام تحصل غَرَض الْمُتَكَلّم وَمَعَ الْقَرَائِن تذْهب الْمفْسدَة وَلَا نسلم خلو الْمقَام والسياق من قرينَة وَهُوَ وَاقع فِيمَا مثلناه
قَالَ الْمَانِع من وُقُوعه هَذِه الْأَمْثِلَة مَحْمُولَة على أَنَّهَا من بَاب الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَأجِيب بِأَنَّهُ يسْتَعْمل الْقُرْء فِي الْحيض وَالطُّهْر على سَبِيل الْبَدَل من غير تَرْجِيح وَمَا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ مُشْتَرك وَالْقَوْل بِخِلَاف هَذَا وإطالة الردود قَول بِخِلَاف الظَّاهِر وَأما إِطْلَاق الْمُشْتَرك على جَمِيع مَعَانِيه فَفِيهِ أبحاث فِي مطولات الْفَنّ لَا يَتَّسِع هَذَا الْمُخْتَصر بتطويله بهَا وَالْمَقْصُود من الْحَقِيقَة وأقسامها قد وفى بِهِ مَا أسلفناه نظما ونثرا
وَعند الْفَرَاغ مِنْهُ أَخذنَا فِي الْمجَاز فَقُلْنَا 
فصل حوى الْكَلَام فِي الْمجَاز
مُخْتَصرا لمقْتَضى الإيجاز
الْمجَاز لُغَة العبور والانتقال نقل إِلَى مَا ذكر من اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي غير مَا وضع لَهُ لعلاقة بِشَرْط الْقَرِينَة لِأَن الْمجَاز بِاعْتِبَار مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ طَرِيق إِلَى مَعْنَاهُ الْمُسْتَعْمل فِيهِ ورسمه اصْطِلَاحا أَفَادَهُ قَوْله
ورسمه اللَّفْظ الَّذِي يسْتَعْمل
فِي غير مَوْضُوع لَهُ قد نقلوا ... فِي عرف من يُطلق للعلاقة
قد صَحِبت قرينَة إِطْلَاقه
أَي حَقِيقَة الْمجَاز هُوَ اللَّفْظ الَّذِي يسْتَعْمل فِي غير مَوْضُوع فِي عرف من يُطلقهُ للعلاقة مَعَ قرينه فقولنا اللَّفْظ الَّذِي يسْتَعْمل فِي غير مَوْضُوع خرج بِهِ اللَّفْظ قبل الِاسْتِعْمَال بعد الْوَضع فَإِنَّهُ لَيْسَ بمجاز وَلَا حَقِيقَة والظرف مُتَعَلق بيستعمل فَخرجت الْحَقِيقَة وَقَوله فِي عرف من يُطلق أَي يُطلق اللَّفْظ يدْخل بِهِ الصَّلَاة فِي عرف الشَّرْع إِذا اسْتعْملت فِي الدُّعَاء مجَازًا فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ اسْتِعْمَالا فِيمَا وضع لَهُ أَصَالَة فَلَيْسَ بمستعمل فِي عرف من يُطلقهُ اعني الشَّارِع وَخرج بِهِ أَيْضا لفظ الصَّلَاة إِذا اسْتعْملت فِي عرف الشَّرْع وَقَوْلنَا للعلاقة يخرج الْغَلَط نَحْو خُذ هَذَا الْكتاب مُشِيرا بِهِ إِلَى فرس فَإِنَّهُ وَإِن صدق عَلَيْهِ أَنه اسْتعْمل فِي غير مَا وضع لَهُ لَكِن لَيْسَ لعلاقة والعلافة بِالْفَتْح تطلق على الْمعَانِي كعلاقة الْحبّ وبالكسر على الْأَعْيَان كعلاقة السَّيْف وَالْمرَاد بهَا هُنَا تعلق مَا للمعنى الْمجَازِي بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيّ
وَاعْلَم أَنه لَا بُد لكل مجَاز من علاقَة وقرينة فالعلاقة هِيَ المجوزة للاستعمال والقرينة هِيَ الْمُوجبَة للْحَمْل عَلَيْهِ وَقَوله مَعَ قرينَة أَي مفيدة للمعنى الْمجَازِي صارفة للفظ عَن مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ إِلَى مَعْنَاهُ الْمجَازِي وَبِه تخرج الْكِنَايَة لِأَنَّهَا مستعملة فِي غير مَا وضع اللَّفْظ لَهُ مَعَ جَوَاز إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ قإن قلت مَا الْفرق بَين قرينَة الْمجَاز وقرينة الْمُشْتَرك قلت الْفرق 
وَاضح لِأَن قرينَة الْمُشْتَرك مُعينَة للمعنى المُرَاد من اللَّفْظ الْحَقِيقِيّ وقرينة الْمجَاز صارفة عَن إِرَادَته أَي الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ ومقيدة لَهُ إِن قلت تعْيين الْقَرِينَة أحد مَعَاني الْمُشْتَرك صارفة أَيْضا للمعنى الآخر قلت لَيْسَ الْمَقْصُود مِنْهَا إِلَّا التَّعْيِين وَإِن استلزمت الصّرْف فَلَيْسَتْ فِيهِ مَقْصُودَة لأجل الصّرْف بل لأجل التَّعْيِين وَالْحَاصِل أَن الْمُشْتَرك مَوْضُوع للدلالة بِنَفسِهِ وَإِنَّمَا حصل الْإِيهَام من الِاسْتِعْمَال فَكَانَت قرينته لتعيينه بِخِلَاف قرينَة الْمجَاز فَإِنَّهَا محصلة لأصل الْمَعْنى الْمجَازِي صارفة عَن الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ ثمَّ اعْلَم أَن العلاقة الْمشَار إِلَيْهَا قد تكون المشابهة وَقد تكون غَيرهَا فانقسم بِسَبَبِهَا الْمجَاز قسمَيْنِ مجَاز مُرْسل واستعارة أَشَارَ إِلَى الأول بقوله ... وَإنَّهُ نَوْعَانِ مِنْهَا الْمُرْسل ... كَالْيَدِ للنعمة فِيمَا مثلُوا ...

هَذَا هُوَ النَّوْع الأول وَهُوَ الْمجَاز الْمُرْسل وَهُوَ مَا كَانَت علاقته المصححة لإطلاقه غير المشابهة بَين الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والمجازي وَلذَا سمي مُرْسلا لإرساله عَن التَّقْيِيد بالمشابهة كَمَا قيد بهَا قسيمه ومثلوه بِإِطْلَاق الْيَد على النِّعْمَة فِي قَوْلهم لفُلَان عِنْدِي يَد بعلاقة هِيَ كَون الْيَد الْجَارِحَة بِمَنْزِلَة الْعلَّة الفاعلية للنعمة من حَيْثُ أَنَّهَا مِنْهَا تصدر وَتصل إِلَى الْمَقْصُود بِالنعْمَةِ كَمَا تصل بِالْيَدِ إِلَى مَا يُرَاد والعلاقة تسمى السَّبَبِيَّة أَو الْمُلَازمَة والعلاقات قد عدت فِي فن الْبَيَان بِلَا زِيَادَة على عشْرين علاقَة وَلَا حَاجَة إِلَى استيفائها هُنَا لِأَن لَهَا فَنًّا آخر هُوَ علم الْبَيَان وَقد اسْتكْمل عَددهَا فِي شرح الْغَايَة الثَّانِي من نَوعه قَوْله ... ثَانِيهمَا يَدعُونَهُ استعاره ... كأنشب الْمَوْت بِهِ أَظْفَاره ... 
سموهُ اسْتِعَارَة لانك مَعَ قصدك التَّشْبِيه كَأَنَّك استعرت لَهُ الصّفة الَّتِي أردْت اتصاف الْمُشبه بهَا وَهِي مجَاز لغَوِيّ وَهُوَ قَول الْجُمْهُور وَبَعْضهمْ يَجْعَلهَا مجَازًا عقليا وَهِي أَنْوَاع مِنْهَا الِاسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ وَبهَا مثل النَّاظِم وَهُوَ أَن الْمُتَكَلّم شبه الْمَوْت بالسبع بِجَامِع اغتيال النُّفُوس ورمز إِلَيْهِ بِمَا هُوَ من لَازمه والمثال إِشَارَة إِلَى قَول الشَّاعِر ... وَإِذا الْمنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تَمِيمَة لَا تَنْفَع ...

وَهُوَ الْأَظْفَار وَقَوله أنشبت ترشيح للاستعارة وَإِثْبَات الاظفار اسْتِعَارَة تخييلية وَالْقسم الثَّانِي من الِاسْتِعَارَة الِاسْتِعَارَة المصرحة مثل رَأَيْت أسدا فِي الْحمام فَإِنَّهُ استعير لفظ أَسد الشجاع وَأطلق عَلَيْهِ اسْتِعَارَة وأتى بِالْقَرِينَةِ وَهِي قَوْله فِي الْحمام
وَاعْلَم أَن أهل الْأُصُول يطلقون الْمجَاز على مَا يَشْمَل الْكِنَايَة وَهِي نَحْو فلَان طَوِيل النجاد كِنَايَة عَن طول الْقَامَة وَلَكنهُمْ يحذفون لفظ الْقَرِينَة من تَعْرِيف الْمجَاز فتعريفنا فِي النّظم على رَأْي أهل الْبَيَان فَإِنَّهُم يجْعَلُونَ الْكِنَايَة قسما مُسْتقِلّا لَيْسَ بِحَقِيقَة وَلَا مجَاز وَقد وَقع التَّقْيِيد بِمَا قيدنَا بِهِ فِي بعض كتب الْأُصُول ثمَّ اعْلَم أَنه قد يُطلق الْمجَاز على مَا يَشْمَل الْمُفْرد والمركب والإسناد وَإِلَيْهِ يُشِير قَوْله ... وَيدخل التَّرْكِيب والإفرادا ... كَمَا ترَاهُ يدْخل الإسنادا ...

أَي وَيَقَع الْمجَاز فِي الْمركب وَحَقِيقَته اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِيمَا يشبه بِمَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ نَحْو أَرَاك تقدم رجلا وَتَأَخر أُخْرَى حَيْثُ يُرَاد بِهِ تَشْبِيه المتردد فِي أَمر بِصُورَة من قَامَ يذهب إِلَى حَاجَة فَتَارَة يُرِيد الذّهاب فَيقدم رجلا وَتارَة 
لَا يُرِيد فيؤخر أُخْرَى فَاسْتعْمل الْكَلَام من غير تَغْيِير شَيْء مِنْهُ سَوَاء نَقله إِلَى هَذِه الصُّورَة تَشْبِيها بِتِلْكَ الصُّورَة وَتسَمى الِاسْتِعَارَة التمثيلية
وَقَوله والإفراد أَي أَنه يَقع الْمجَاز فِي الْمُفْرد وَتَقَدَّمت أمثلته فَالْمُرَاد من التَّرْكِيب فِي عبارَة النّظم والإفراد الْمركب والمفرد فهما مصدران بِمَعْنى اسْم الْمَفْعُول بِقَرِينَة قَوْله يدْخل الْإِسْنَاد فَإِن الْمجَاز الإسنادي هُوَ مجَاز التَّرْكِيب ومجاز الْإِسْنَاد هُوَ الْمُسَمّى بالمجاز الْعقلِيّ وَحَقِيقَته إِسْنَاد الْفِعْل أَو مَعْنَاهُ إِلَى ملابس لَهُ غير من قَامَ بِهِ عِنْد الْمُتَكَلّم نَحْو أنبت الرّبيع البقل وَجرى النَّهر وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يعرف من علم الْبَيَان تفاصيله وَلما عقد الأصوليون مَسْأَلَة معنوية بِأَنَّهُ إِذا دَار اللَّفْظ بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز حمل على الْمجَاز أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم بقوله ... فَمَا احْتمل الشّركَة والمجازا ... فبالمجاز عِنْدهم قد فازا ...

كلمة مَا شَرْطِيَّة جوابها فبالمجاز وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا إِذا احْتمل اللَّفْظ الشّركَة وَالْمجَاز حمل على الْمجَاز ومثلوه بِلَفْظ النِّكَاح إِذا علم كَونه حَقِيقَة فِي أحد معنييه كالعقد مثلا وَاحْتمل أَنه حَقِيقَة فِي الآخر وَهُوَ الْوَطْء فَيكون مُشْتَركا أَو لَا فَيكون مجَازًا فالحمل على الْمجَاز أولى فَإِن قلت إِن وجدت قرينَة الْمجَاز فَلَا يتَصَوَّر حمله على الْحَقِيقَة وَألا تُوجد فَلَا يتَصَوَّر حمله على الْمجَاز قلت أُجِيب بِأَن المُرَاد مَعَ الْقَرِينَة إِلَّا أَن الْغَرَض أَنه قد علم أَن أَحدهمَا حَقِيقَة وَإِنَّمَا التَّرَدُّد فِي الْمَعْنى الآخر هَل هُوَ حَقِيقَة فَيكون مُشْتَركا أَو لَا فَيكون مجَازًا وَإِنَّمَا تردد اللَّفْظ لجَوَاز أَن الْقَرِينَة قرينَة تعْيين الْمُشْتَرك لأحد أَفْرَاده هَكَذَا قيل وَلَا يَخْلُو عَن تَأمل 
إِذا عرفت هَذَا وَقد عرفت أَن كلا من الِاشْتِرَاك وَالْمجَاز يُوقع الْخلَل فِي فهم السَّامع للمراد بسببهما قَالُوا فَيحمل على مَا هُوَ أقرب وَأولى إِلَى تقريب المُرَاد إِلَى الْفَهم وَفِي الْمَسْأَلَة مَعَ تشابهما أَقْوَال وَاسِعَة لَا يَتَّسِع لَهَا هَذَا التَّعْلِيق وَهِي من أبحاث المطولات وَقد طولهَا فِي الفواصل وَقيل بل يحمل على الِاشْتِرَاك قلت بل تَرْجِيح الْمجَاز على الِاشْتِرَاك أولى لِأَنَّهُ من إِلْحَاق الْفَرد الْمُتَنَازع فِيهِ بالأعم الْأَغْلَب فِي الِاسْتِعْمَال فَإِن الْمجَاز أغلب من الِاشْتِرَاك بل قيل إِنَّه غَالب اللُّغَة وَلما كَانَ للمجاز عَلَامَات وخواص يعرفانه ويتميز بهَا عَن الْحَقِيقَة وَقد أعدهَا أَئِمَّة الْأُصُول ببحث الْمجَاز قَالَ النَّاظِم ... خاصته بِأَنَّهُ لَا يطرد ... فِي كل مَا يصلح مِنْهُ أَن يرد ...

هَذِه الْعَلامَة الأولى الْخَاصَّة قَالُوا إِن من خَواص الْمجَاز عدم اطراده فِي مَدْلُوله قَالُوا النَّخْلَة فَإِنَّهَا تطلق مجَازًا على إِنْسَان طَوِيل وَلَا تطلق على غَيره مِمَّا فِيهِ طول بِخِلَاف الْحَقِيقَة فَإِنَّهَا تطرد فِي مدلولها وَأورد عَلَيْهِ ان هَذَا يُوجب أَنه لَا بُد من سَماع آحَاد الْمجَاز كالحقيقة وَقد قرروا أَنه مَوْضُوع وضعا نوعيا وَبِأَن من الْحَقَائِق مَا لَا يطرد فَلَا يكون خَاصّا بالمجاز كالقارورة لَا تطلق إِلَّا على الزجاجة لَا كل مَا يقر وَأَجَابُوا فِي المطولات بأجوبة غير ناهضة والعلامة الثَّانِيَة الْخَاصَّة قَوْله ... وَأَنه يصدق حِين ينفى ... وَغَيره وَالله حسبي وَكفى ...

هَذِه الْخَاصَّة مثلوها بقَوْلهمْ للبليد لَيْسَ بِحِمَار فَإِنَّهُ حَقِيقَة مَعَ أَنه يُطلق عَلَيْهِ ذَلِك مجَازًا وَقَوْلنَا وَغَيره أَي غير مَا ذكر مثل نَص أَئِمَّة اللُّغَة أَن هَذَا اللَّفْظ مجَاز أَو سبق غَيره إِلَى الْفَهم لَوْلَا الْقَرِينَة وَقد بسط فِي مطولات الْفَنّ فَإِنَّمَا ذكر أَئِمَّة الْأُصُول مهمات من قَوَاعِد الْفُنُون كالمنطق وَعلم الْبَيَان وَعند الْفَرَاغ من هَذَا الْفَصْل أَخذ فِي شرح الْخَامِس من الْأَبْوَاب فَقَالَ ==

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لقد أبطل الله كل طلاق سبق علي تنزيل طلاق سورة الطلاق 5هـ

  المقدمة الأولي /التفصيل القريب و الصواب في التفصيل الاتي 1= نزلت أحكام الطلاق في ثلاث سور قرانية أساسية تُشرِّع قواعده علي المُدرَّج ال...