سورة الطلاق مشاري

**

 المصحف المرتل ختمة كاليفورنيا

** ///

طلاق سورة الطلاق  إعجازٌ وضعه الله في حرفٍ.حيث وضع الله الباري إعجاز تبديل أحكام الطلاق التي كانت  في سورة البقرة 2هـ  إلي أحْكَمِ  أحكامها  في  سورةِ الطلاقِ 5هـ لينتهي كل متشابهٍ  وظنٍ وخلافٍ واختلافٍ  إلي الأبد وحتي يوم القيامة ..وسورة الطلاق5هـ نزلت بعد سورة البقرة2هـ بحوالي عامين ونصف تقريباً يعني ناسخة لأحكام طلاق سورة البقرة2هـ .

الأربعاء، 5 أبريل 2023

ج18.وج19التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)


ج18. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح)  لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[{ولكم نصف ما ترك أزواجكم}]

(1/8167)

[حديث: كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين.]

4578# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ الحافظ، و (وَرْقَاءَ): هو ابن عُمر، تَقَدَّما، وكذا (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): أنَّ اسمه عبد الله بن أبي نَجِيح، واسمه يسار، وكنية عبد الله: أبو يسار كذلك، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَالثُّلُثَ ... ) إلى آخره: قال الدِّمْياطيُّ: ذكر البُخاريُّ في (الفرائض) هذا الحديث بهذا السند، ولم يذكر (الثلث)، وهو على ما ذكر هناك من سقوطِه، انتهى، وهو كما قال، وقد بوَّب عليه البُخاريُّ في (الفرائض): (باب ميراث الزوج مع الولد وغيره)، بالسند المذكور في هذا المكان إلى ابن عبَّاس، قال: كان المال للولد، وكانت الوصيَّة للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحبَّ، فجعل للذكر مثل حظِّ الأنثيين، وجعل للأبوين لكلِّ واحدٍ منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 276]

(1/8168)

[{لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا} الآية]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19]: [لَا] تَقْهَرُوهُنَّ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، ولم يصحَّ عنده على شرطه، فلهذا عبَّر عنه بصيغة تمريض، وقوله: (تقهروهنَّ): كذا في أصلنا، قال القاضي: ولأكثر الرواة: (تنهروهنَّ)، من الإنهار، والأوَّل للمستملي، قال شيخنا: وتعليق ابن عبَّاس أسنده أبو محمَّد الرازُّي من حديث عليِّ بن أبي طلحة عنه به، والضَّحَّاك عنه بلفظ: (تحبسوهنَّ)، انتهى، والظاهر أنَّ مراده بـ (أبي محمَّد الرازيِّ): ابن أبي حاتم الرازيِّ، شيخ الإسلام، أبو محمَّد عبد الرَّحمن بن الحافظ أبي حاتم محمَّد بن إدريس، له كتب كثيرة؛ منها: «التفسير»، وهو كتاب جليل كما وصفه العلماء، فيه آثار كثيرة لم يذكرها ابن جَرير، والله أعلم.

قوله: ({تَعُولُوا} [النساء: 3]: تَمِيلُوا): ورد مرفوعًا ما يؤيِّده: «تجوروا»، وقال زيد: أي: لا تكثر عيالكم، وبه قال الشافعيُّ، وأنكره المبرِّد وغيره؛ لأنَّه أحلُّ ممَّا مُلِك باليمين ما كان من العدد، وهنَّ مما يُعال، وأيضًا فإنَّما ذكر النساء وما يحلُّ منهنَّ والعدل بينهنَّ، فليس لـ {أَلَّا تَعُولُوا} من العيال مَدخل هنا، وأيضًا إنَّما يقال: أعال، وانتصر بعضُهم للشافعيِّ، وصنَّف فيه.

قوله: (النِّحْلَةُ: المَهْرُ): اعلم أنَّ للمهر ثمانيةَ أسماءٍ، وقد جمعت في بيت واحد وهو:

~…صَداقٌ ومَهرٌ نِحْلةٌ وفَريضَةٌ…حِبَاءٌ وأجرٌ ثُمَّ عُقرٌ علائقَ

(1/8169)

[حديث: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته]

4579# قوله: (حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ): هو بالشين المعجمة، تَقَدَّم قريبًا أنَّه سليمان بن أبي سليمان، أبو إسحاق الشيبانيُّ.

قوله: (قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ السّوَائِيُّ، وَلاَ أَظُنُّهُ ذَكَرَهُ إِلاَّ عَنِ ابْنِ عبَّاس): (أبو الحسن السُّوائيُّ): اسمه عطاء، والسّوائيُّ؛ بضمِّ السين وفتحها، يروي عن ابن عبَّاس، وروى عنه مقرونًا بعكرمة أبو إسحاق الشيبانيُّ، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»؛ لكونه لم يروِ عنه غيرُ أبي إسحاق، والله أعلم.

(1/8170)

[{ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون} الآية]

قوله: (وَهُوَ [1] مَوْلَى الْيَمِينِ، وَهْوَ الْحَلِيفُ ... ) إلى آخر كلامه: ذَكر أنَّ (المولى) يقع على كلِّ من ذكره، وقد ذكر أشياء ستَّة، واعلم أنَّ (المولى) اسم يقع على جماعة كثيرة؛ فمنها: الربُّ، والمالك، والسيِّد، والمنعم، والمعتِق، والناصر، والمحبُّ، والتابع، والجار، وابن العمِّ، والحليف، والعَقِيد، والصهر، والعبد، والمعتَق، والمنعَم عليه، وأكثرها قد جاءت به الأحاديث، فيضاف كلٌّ إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكلُّ من وَلِيَ أمرًا أو قام به؛ فهو مولاه ووليُّه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، والوَلاية؛

[ج 2 ص 276]

بالفتح: في النسب والنصرة والمعتق، والوِلاية؛ بالكسر: في الإمارة، والولاء: في المعتق، والموالاة: مِنْ وَالَى القوم، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (هو)؛ بغير واو.

(1/8171)

[حديث: كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون .. ]

4580# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (إِدْرِيسُ) بعده: هو إدريس بن يزيد الأوديُّ، عن قيس بن مسلم، وطلحة بن مُصرِّف، وعدَّةٍ، وعنه: ابنه عبد الله، ووكيع، وعدَّةٌ، ثِقةٌ، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين والنَّسائيُّ، و (طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّف): تَقَدَّم أنَّ (مُصرِّفًا) بتشديد الراء مكسورة: اسم فاعل من (صرَّفه) المشدَّد، تَقَدَّم.

قوله: (يَرِثُ المُهَاجِريُّ الأَنْصَارِيَّ): (المهاجريُّ): مرفوع فاعل، و (الأنصاريَّ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ، كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش وعليها (صح): (المهاجر)؛ بغير ياء النسبة.

قوله: (نُسِخَتْ): هو بضمِّ النون وكسر السين.

قوله: (وَالرِّفَادَةِ): هي بكسر الراء، وبعدها فاء، وبعد الألف دالٌ مهملة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ بمعنى: المَعُونة، ورِفادة قريش: تعاونها على ضيافة الحاجِّ.

قوله: (سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ إِدْرِيسَ، وَسَمِعَ إِدْرِيسُ طَلْحَةَ): إنَّما أتى بهذا؛ لأنَّ أبا أسامة _هو حمَّاد بن أسامة_ عنعن في السند، ولا أعلمه مدلِّسًا، ولكن ليخرج من خلاف من خالف في العنعنة مطلقًا من مدلِّس ومن غيره، وكذا القولُ في إدريس، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 277]

(1/8172)

[{إن الله لا يظلم مثقال ذرة}]

قوله: ({إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40]؛ يَعْنِي: زِنَةَ ذَرَّةٍ): اعلم أنَّ ابن مسعود قرأ: {مثقال نملة}، انتهى، و (الذرَّة): النملة الصغيرة الحمراء، قال شيخنا: قال ثعلبٌ: مئة نملة وزن حبَّة، والذرَّة واحدة منها، وقيل: إنَّ الذرَّة لا وزن لها، ويراد بها: ما يُرَى في شعاع الشمس، حكاه ابن الأثير، وزعم بعضُ الحُسَّاب أنَّ زنة الشعيرة حبَّة، وزنة الحبَّة أربع ذرَّات، وزنة الذرَّة أربع سمسمات، وزنة السمسمة أربع خردلات، وزنة الخردلة أربع ورقات نُخالة، وزنة النُّخالة أربع ذرَّات، فعلمنا بهذا أنَّ الذرَّة أربعة في أربعة في أربعة، فأدركنا أنَّ الذرَّة جزء من ألف وأربعة وعشرين من حبَّة، وذلك لأنَّ الحبَّة ضربناها في أربع حبَّات جاءت ستَّ عشرة [1] سمسمة، والسمسمة ضربناها في أربعةٍ جاءت أربعًا [2] وستِّين خردلة، وضربناها في أربعٍ وستِّين خردلة جاءت مئتين وأربعٍ وخمسين [ورقة نخالة]، ضربناها في أربعة جاءت ألفًا وستَّ عشرة ذرَّة، انتهى.

(1/8173)

[حديث: نعم هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة]

4581# قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (أَنَّ أُنَاسًا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هؤلاء الناس لا أعرفهم بأعيانهم.

قوله: (هَلْ تُضَارُّونَ): بضمِّ أوَّله، والراء بالتشديد والتخفيف، فالتشديد؛ بمعنى: لا تخالفون ولا تتجادلون في صحَّة النظر إليه؛ لوضوحه وظهوره، يقال: ضارَّه يُضارُّه؛ مثل: ضرَّه يضرُّه، قال الجوهريُّ: يقال: أضرَّني فلان؛ إذا دنا مني دنوًّا شديدًا، فأراد بالمضارَّة: الاجتماع والازدحام عند النظر إليه، وأمَّا التخفيف؛ فمن الضير، لغةٌ في الضُّرِّ، والمعنى فيه كالأوَّل.

قوله: (بِالظَّهِيرَةِ): (الظَّهيرة)؛ بفتح الظاء المعجمة المشالة: ساعة الزوال؛ لأنَّ الشمس تظهر ذلك الوقت؛ أي: تعلو غاية ما لها أن تعلو، وقال يعقوب: الظَّهيرة: نصف النهار حتَّى تكون الشمس حيالَ رأسك.

قوله: (إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَةِ): يجوز في (يوم) الرفع والنصب، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ): هذا المؤذِّن لم أقف على اسمه.

قوله: (وَالأَنْصَابِ): تَقَدَّم الكلام عليها.

قوله: (وَغُبَّرَات أَهْلِ الْكِتَابِ): (الغُبَّرات)؛ بضمِّ الغين المعجمة، وتشديد الموحَّدة بعدها، ثُمَّ راء، ثُمَّ ألف، ثُمَّ تاء ممدودة، وهو مرفوعٌ، ويجوز جرُّه؛ أي: بقايا، وفي الأصل الذي سمعت منه على العراقيِّ: (غبْرات)؛ بإسكان الموحَّدة، وبتشديدها مفتوحة أيضًا، وأمَّا التاء في آخره؛ فإنها مضمومةٌ ومكسورةٌ منوَّنة، والله أعلم.

قوله: (فَيُدْعَى الْيَهُودُ): (يُدعَى)؛ بضمِّ أوَّله، وفتح العين: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (اليهودُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذلك: (ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى).

قوله: (فَاسْقِنَا): تَقَدَّم، يقال: ثلاثيٌّ ورباعيٌّ، ويقال: بينهما فرق.

قوله: (يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا): (يحطِم): بكسر الطاء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فِي أَدْنَى صُورَةٍ): يأتي الكلام عليه مطوَّلًا في (الرقائق) إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.

قوله: (فَارَقْنَا النَّاسَ): (فَارَقْنا): هو بإسكان القاف، والضمير: فاعل، و (النَّاسَ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا): (أفقرِ): مجرورٌ؛ لأنَّه مضاف وإن كان (أفعل) تفضيل.

==========

(1/8174)

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).

[ج 2 ص 277]

(1/8175)

[{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا}]

قوله: (الْمُخْتَالُ وَالْخَتَّالُ وَاحِدٌ): قال ابن قُرقُول: كذا لهم، وعند الأصيليِّ: (والخال)، وكلُّه صحيح، من الخيلاء، انتهى، هذا قاله في (الخاء مع التاء المثنَّاة فوق)، وقال في (الخاء مع الياء المثنَّاة تحت): (المختال والخال واحد): كذا للأصيليِّ، ولغيره: (والخيَّال)، وليس بشيء ههنا، انتهى، و (الختَّال)؛ بالمثنَّاة فوق رواه أبو ذرٍّ، ولغيره: بالمثنَّاة تحت، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة ما لفظه: أنكر ابن مالك (الختَّال)، وقال: صوابه: (الخال)؛ بغير تاء، وهي رواية الأصيليِّ، انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّ كلَّه صحيحٌ، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ): معناه: نذهب بالأنف، والشفة، والعين، والحواجب، فتعود قفا.

فإن قيل: لم يُفعَل ذلك بهم؟

ففيه جوابان؛ أحدهما: أنَّ المخاطبَ بذلك رؤوسُهم، قاله ابن عبَّاس، والثاني: حُذِّروا أن يُفعَل بهم في الآخرة، والله أعلم.

[ج 2 ص 277]

قوله: ({سَعِيرًا} [النساء: 55]: وُقُودًا): (الوُقود) هنا: بضمِّ الواو، يقال منه: وَقَدتِ النار تقِدُ وُقودًا _بالضمِّ_ ووَقْدًا وقِدةً ووقِيدًا وَوَقدانًا؛ أي: توقَّدت، وأمَّا الوَقود؛ بفتح الواو؛ فهو الحطبُ، وليس المرادَ هنا، والله أعلم، وبالضمِّ: الإيقاد، قال يعقوب: وقُرِئ: {النَّارِ ذاتِ الوُقود} [البروج: 5]؛ يعني: بالضمِّ.

(1/8176)

[حديث: فإني أحب أن أسمعه من غيري]

4582# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): هذا هو صدقة بن الفضل المروزيُّ، حافظ إمام ثبت، تَقَدَّم، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَانُ): لم أعرف من هو منهما، وذلك لأنَّ القطَّان روى عنهما، والأعمش رويا عنه، والله أعلم، ويظهر أنَّه الثوريُّ، أو البتُّ؛ لما يأتي في (فضائل القرآن) في (باب البكاء عند القراءة)، و (سُلَيْمَانُ): هو ابن مِهران الأعمش، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبِيدةُ): هو بفتح العين، وكسر الموحَّدة، وهو تَقَدَّم أنَّه السَّلْمانيُّ، له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وليس في «البُخاريِّ» ولا «مسلمٍ» من الرُّواة من اسمه عَبِيدة سواه وسوى عامر بن عَبِيدة الباهليِّ، وقد ضُبِط عن المهلَّب بالضمِّ، وقع ذكره في «البُخاريِّ» في (كتاب الأحكام)، وعَبِيدة بن حُمَيد، روى له البُخاريُّ، والرابع: عَبِيدة بن سفيان، له في «مسلمٍ» و «الموطأ»، وقد تَقَدَّم ذلك، و (عَبْدُ اللهِ): هو ا بن مسعود.

قوله: (قَالَ يَحْيَى: بَعْضُ الْحَدِيثِ ... ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم أعلاه أنَّه القطَّان.

قوله: (بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ): هذا قال الأعمش: وبعضُ الحديث حدَّثني به عمرو بن مرَّة عن إبراهيم، وعن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، ويوضِّح ذلك أنَّ البُخاريَّ لمَّا ساقه في (فضائل القرآن) عن مسدَّد، عن يحيى، عن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم_وهو ابن يزيد النخعيُّ_، عن عَبِيدة، عن عبد الله، قال الأعمش: وبعض الحديث حدَّثني عَمرو بن مرَّة عن إبراهيم، وعن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، فوضَّحه المِزِّيُّ، فقال: عن إبراهيم، وعن سُفيان عن أبيه عن أبي الضحى، عن عبد الله، والله أعلم.

قوله: (قَالَ: «أَمْسِكْ»): هو بقطع الهمزة، وكسر السين، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (تَذْرِفَانِ): هو بالذال المعجمة، وكسر الراء، تَقَدَّم أنَّ معناه: تنصبَّان دمعًا.

(1/8177)

[{وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط}]

(1/8178)

[حديث: هلكت قلادة لأسماء فبعث النبي في طلبها]

4583# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): قال الجيَّانيُّ: محمَّدٌ [1] هذا، وذكر أماكن في «البُخاريّ» فيها: (محمَّد: أَخْبَرنا عَبْدة)، وقال بعد ذلك: هكذا أتى (محمَّد) غير منسوب عن عَبْدة، وفي بعض هذه المواضع قد نسبه ابن السكن في بعضها: (ابن سلَام)، وكذلك صرَّح البُخاريّ في بعض المواضع باسمه، فقال: (حدَّثنا محمَّد بن سلَام، حدَّثنا عَبْدة)، وذكر أبو نصر: أنَّ محمَّد بن سلَام يروي عن عَبْدة، انتهى، ولم يذكر الجيَّانيُّ في الأمكنة التي ذكرها هذا المكان، فالظاهر أنَّه لو وقف عليه؛ لقال فيه كما قال في الأمكنة المذكورة، وقال المِزِّيُّ: محمَّد بن سلَام، وقال شيخنا: يشبه أن يكون البيكنديَّ؛ يعني به: محمَّد بن سلَام المذكور في كلام الجيَّانيِّ، وأمَّا (عَبْدة)؛ فهو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن سليمان.

قوله: (هَلَكَتْ قِلاَدَةٌ لِأَسْمَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليها في (التيمم).

قوله: (فَبَعَثَ [2] فِي طَلَبِهَا رِجَالًا): تَقَدَّم الكلام على ذلك في (التيمم)، إن كان ذلك في الأبواء؛ فقد ذكر ابن بشكوال أنَّه عَلَيهِ السَّلام أرسل في طلبها الزُّبَير وأُسيد بن الحُضير، والله أعلم.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ [3] التَّيَمُّم): تَقَدَّم أيُّ آية أراد في (التيمم).

==========

[1] في (أ): (محمدًا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيُّ صلى الله عليه وسلَّم).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (يعني آية)، وصحَّ سقوطهما من رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 278]

(1/8179)

[{أولي الأمر منكم}]

(1/8180)

[حديث ابن عباس في: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول}]

4584# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ): (صدقة) هذا: مروزيٌّ، تَقَدَّم قريبًا الكلام عليه.

تنبيهٌ: هكذا روى النَّاس عن الفربريِّ عن البُخاريِّ هذا الحديث في طاعة أولي الأمر، وشذَّ أبو عليٍّ ابن السَّكَن، فقال: (عن الفربريِّ عن البُخاريِّ: حدَّثنا سُنيد)، بدل (صدقة)، وسُنيد: ليس من شرط هذا الكتاب، إنَّما روى عنه البُخاريُّ خارج «صحيحه»، وهو متكلَّم فيه، والله أعلم.

و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ؛ إِذْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم الكلام على ذلك، ومتى كانت هذه السَّريَّة، وما وقع فيها، في (سريَّة عبد الله بن حذافة السَّهميِّ وعلقمة بن مجزِّز المدلجيِّ)؛ فانظر ذلك.

(1/8181)

[{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}]

(1/8182)

[حديث: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك]

4585# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدُر، تَقَدَّم ضبطه وما معناه، و (مَعْمَرٌ) بعده: هو بإسكان العين، ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا ... ) إلى آخره: هذا مرسل؛ لأن عروة حكى قصَّةً لم يدركها، وقد رواها في (الشرب) عن أخيه عبد الله بن الزُّبَير، ولم أرَ هذه الطريق المرسلة في «أطراف المِزِّيِّ»، والله أعلم.

قوله: (رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّم الكلام على هذا الرجل مطوَّلًا.

قوله: (فِي شَرِيجٍ مِنَ الْحَرَّةِ): (الحرَّة): تَقَدَّم الكلام عليها غيرَ مرَّةٍ، و (الشَّرِيْج) هنا: بفتح الشين المعجمة، وكسر الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ جيم، قال ابن قُرقُول: وفي (التفسير) في خبر الزُّبَير: (في شَرِيْج)، والصواب: (شِرَاج)، وإنَّما الشَّرِيْج: المثل، إلَّا أن يكون جمع شرْج؛ ككَليبٍ جمع: كلب، إلَّا أنَّه شاذٌّ مسموع، انتهى، وقد تَقَدَّم ما (الشِّرَاج) في (الشرب).

قوله: (آن كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟!): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشّرب)، وفي هامش أصلنا هنا ما لفظه: عند الحافظ أبي ذرٍّ: (آن)؛ بفتح الهمزة ومدِّها، ولم يذكر القاضي مدَّها، بل قال: بفتح الهمزة؛ أي: من أجل هذا حكمتَ له عليَّ؟! انتهى، وفي نسختي بـ «المطالع» قيَّد الهمزة بالمدِّ، وقد ذكرت ذلك في (الشرب)، وأنَّ القاضي ومن بعدِه النوويُّ لم يذكرا مدًّا، وكذا غيرهما، بل ذكروا فتح الهمزة تعليلًا، وأنَّ في «المطالع» المدَّ.

(1/8183)

قوله: (إِلَى الْجَدْرِ [1]): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشرب)، ووقع هنا في أصلنا: بإعجام الذال، وقد قال شيخنا في (الشرب): (الجدر)؛ بفتح الجيم وكسرها، ورواه بعضهم: بضمِّها، حكاه أبو موسى المَدينيُّ، ثُمَّ دال مهملة، وحكى إعجامها الحافظ، وقيل: أصل الجدار، وقيل: أصل الشجر، وقيل: المسنَّاة، وقيل: جدور المشارب التي يجتمع فيها الماء في أصول النخل، قال الخطَّابيُّ: هكذا الرواية: (الجَدْر)، والمتقنون من أهل الرواية يقولون: [الجذر]؛ يعني: بالذال المعجمة؛ وهو مبلغ تمام الشرب، ومنه: جذر الحساب، وهو أصله ... إلى أن قال: وعبارة ابن التين: (الجدَر): أكثر الروايات بفتح الدال، وفي بعضها بالإسكان، وهو كذلك عند أهل اللغة، انتهى، وفي «المطالع» ذكره في (الجيم مع الدال المهملة): بفتح الجيم، وسكون الدال فقط.

قوله: (حِينَ أَحْفَظَهُ): هو بالحاء المهملة، وبالظاء المعجمة المشالة؛ أي: أغضبه، قال شيخنا في كتاب (الشرب): يشبه _كما قال الخطَّابيُّ_ أن يكون من قول ابن شهاب دون نفس الحديث، وقد كان من عادته أن يصل بعض كلامه بالحديث إذا رواه، ولذلك قال له موسى بن عقبة: من قولك أو من قول رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؟ انتهى.

قوله: (لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ): هو بفتح السين، وهذا ظاهرٌ.

(1/8184)

[{فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين}]

(1/8185)

[حديث: ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة]

4586# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ شين معجمة مفتوحة، ثُمَّ موحَّدة، مصروف.

[ج 2 ص 278]

قوله: (إِلاَّ خُيِّرَ): هو بضمِّ الخاء المعجمة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا: (خُيِّرَ) الثانية.

قوله: (بُحَّةٌ): هي بضمِّ الموحَّدة، وتشديد الحاء المهملة المفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْياطيُّ: غلظة في الصوت، يقال: بَحَّ يبُحُّ بُحوحًا، فإن كان من داء؛ فهو البُحاحُ، انتهى، وقد تَقَدَّم.

(1/8186)

[قوله: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله} ... ]

(1/8187)

[حديث: كنت أنا وأمي من المستضعفين]

4587# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو [1] المسنديٌّ، ويؤيِّده ما تَقَدَّم في (الجمعة)، لا أبو بكر ابن أبي شيبةَ، وأمَّا (سُفْيانُ)؛ فهو ابن عيينة، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن أبي يزيد الليثيُّ المَكِّيُّ، من الموالي، عن ابن عبَّاس وجمعٍ، وعنه: شعبة، وابن عيينة، وعدَّةٌ، صدوق، تُوُفِّيَ سنة (126 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: من اسمه عُبيد الله ويروي عن ابن عبَّاس في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: عُبيد الله بن أبي بُردة، ويقال: ابن المغيرة بن أبي بُردة، وعُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذليُّ، وعُبيد الله بن أبي يزيد صاحب الترجمة.

قوله: (كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي): (أمُّه): تَقَدَّم أنَّها أمُّ الفضل، لبابة بنت الحارث الكبرى الهلاليَّة، يقال: إنَّها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: بعد خديجة فاطمة بنت الخطَّاب، وتَقَدَّم ذلك.

==========

[1] زيد في (أ): (هو)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 279]

(1/8188)

[حديث: أن ابن عباس تلا: {إلا المستضعفين} قال: كنت أنا وأمي ... ]

4588# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، أحد الأعلام، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {حَصِرَتْ} [النساء: 90]: ضَاقَتْ): تَقَدَّم أنَّ (يُذكر) مبنيٌّ للمفعول، صيغة تمريض، ولم يصحَّ ذلك عنده عن ابن عبَّاس على شرط الكتابِ كما تَقَدَّم، قال شيخُنا: أسنده ابن أبي حاتم في «تفسيره» من حديث عليِّ بن أبي طلحة عنه، انتهى، وعليُّ بن أبي طلحة: عن مجاهد، وأبي الوَدَّاك، وراشد بن سعد، وأخذ تفسير ابن عبَّاس عن مجاهد، فلم يذكر مجاهدًا، بل أرسله عن ابن عبَّاس، قال دحيم: لم يسمع عليُّ بن أبي طلحة التفسير من ابن عبَّاس، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: روى معاوية بن صالح عنه عن ابن عبَّاس تفسيرًا كبيرًا ممتعًا، انتهى، وقال ابن حِبَّان في «الثقات»: وهو الذي يروي عن ابن عبَّاس التفسيرَ ولم يره، انتهى، والظاهر أنَّ هذه العلَّة التي لأجلها قال البُخاريُّ: (ويُذكَر عن ابن عبَّاس)، والله أعلم.

(1/8189)

[{فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم}]

(1/8190)

[حديث: إنها طيبة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة]

4589# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار، و (غُنْدُرٌ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هو ابن مهديٍّ الإمام، أحد الأعلام، و (عَدِيٌّ): هو ابن ثابت الأنصاريُّ، تَقَدَّم أنَّه ثِقةٌ، ولكنَّه قاصُّ الشيعة وإمام مسجدهم، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ): هو أبو موسى الأنصاريُّ الخطميُّ، له صحبة، وشهد الحُدَيْبيَة وله سبع عشرة سنة، ووُلِّيَ الكوفة، تَقَدَّم.

قوله: (رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُحُدٍ): هؤلاء الناس رجعوا عن أحُد من الطريق، تَقَدَّمتْ قصَّتُهم في (غزوة أحُد).

قوله: (فَرِيقٌ يَقُولُ: اقْتُلْهُمْ): قال بعض الحفَّاظ المِصْريِّين: المهاجرون.

قوله: (وَقَالَ: إِنَّهَا طَيْبَةُ): تَقَدَّم في (أحُد) أنَّ هذا حديث آخر.

(1/8191)

[غريب آيات النساء: 83 - 122]

قوله: ({إِلَّا إِنَاثًا} [النساء: 117]: الْمَوَاتَ حَجَرًا أَوْ مَدَرًا، وَمَا أَشْبَهَهُ): (المَوات)؛ بفتح الميم؛ كالموات المعروف، و (حَجَرًا)؛ بفتح الحاء المهملة والجيم، و (المدر): معروف، وقد قيل في قوله تعالى: {إِلَّا إِنَاثًا}؛ كاللات والعزَّى ومناة، دليله قراءة عائشة رضي الله عنها: {إلَّا أوثانًا}، وقيل: مواتًا من الحجر والخشب والذهب؛ لأنَّ الأصل في الجمادات التأنيث، وقيل: الملائكة؛ لأنَّهم يزعمون أنَّهم بنات الله، تعالى الله عن ذلك.

==========

[ج 2 ص 279]

(1/8192)

[{ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم}]

(1/8193)

[حديث ابن جبير: اختلف فيها أهل الكوفة فرحلت فيها ... ]

4590# قوله: (هِيَ آخِرُ مَا أُنْزِلَ [1]، وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ): يعني: آخر ما أُنزل في هذا المعنى، أو تقديره: من آخر، أو في آخر، والله أعلم، وقد ذكرت في أوَّل هذا التعليق الاختلاف في آخر ما أنزل من القرآن؛ فانظره، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (نَزَلَ).

[ج 2 ص 279]

(1/8194)

[{ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا}]

قوله: (السِّلْمُ وَالسَّلَمُ وَالسَّلاَمُ وَاحِدٌ): (السِّلْم) الأولى: مكسورة السين، والثانية: بفتح السين واللام، كذا في أصلنا، قال شيخنا: {السَّلَمَ} و {السَّلْمَ} و {السِّلْمَ} و {السَّلاَمَ}؛ الأولى: بفتح السين واللام، والثانية: بفتح السين وإسكان اللام، والثالثة: بكسر السين وإسكان اللام، وحُكيت عن قراءة أبان بن يزيد عن عاصم، والرابعة: بلام ألف [1]، واختارها أبو عُبيد، وخالفه أهلُ النظر، وقالوا: {السَّلَمَ} هنا أشبه؛ لأنَّه بمعنى: الانقياد والتسليم؛ لقوله تعالى: {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [2] [النحل: 28]، ولا شكَّ أنَّ {السَّلَمَ} بفتح اللام: الاستسلام والانقياد، و {السلْم}؛ بإسكان اللام، وفتح السين وكسرها: الإسلام والصلاة، وقراءة ابن عبَّاس: {السَّلاَمَ}؛ باللام [ألف]، انتهى.

ورأيت في نسخة صحيحة: (السلْم والسَّلَم والسَّلام واحد): الأولى: بكسر السين وفتحها، وكتب عليها: (معًا)، وسكَّن اللام، والثانية: بفتح السين واللام، وكتب على اللام: (صح)، والله أعلم، انتهى.

وقد قرأ نافع، وابن عامر، وحمزة: {السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94]؛ وهو الأخير بغير ألف، والباقون: بالألف، قاله أبو عَمرو الدانيُّ في «تيسيره».

==========

[1] في (أ): (التعريف)، والمثبت موافق لمصدره (22/ 250).

[2] في (أ): (وألقوا).

[ج 2 ص 279]

(1/8195)

[حديث: كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال السلام عليكم ... ]

4591# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ ... ) إلى آخره: هذه الآية نزلت في أسامة بن زيد، خرج في سريَّة فسلَّم عليهم مرداس بن نَهيك بأنِّي مسلم، وظنَّه أسامة تقيَّةً فقتله، فقال عَلَيهِ السَّلام: «أقتلته بعد أن قال: لا إله إلَّا الله ... »؛ الحديث، وقد تَقَدَّم الكلام على مرداس بن نَهيك في (باب بعث النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم

[ج 2 ص 279]

أسامةَ بن زيد إلى الحرقات من جُهينة)، وقال ابن شيخنا البُلقينيِّ هنا ما لفظه: في «أُسْد الغابة» في ترجمة محلِّم بن جَثَّامة: أنَّه قتل عامر بن الأضبط الأشجعيَّ، وأنَّه نزل فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94]، وقد تَقَدَّم في قصَّة أسامة نزول هذه الآية؛ فليتأمَّل، فبين الواقعتين سَنةً، فعن ابن إسحاق: أنَّ في هذه السريَّةِ سريَّة أبي قتادة، وعبد الله بن أبي حدرد، ومحلِّم بن جَثَّامة، وهي في رمضان سنة ثمان، وأميرُها أبو قتادة، ومنهم من يقول: ابن أبي حدرد الأسلميُّ، انتهى، وكذا قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: إنَّ القاتل: محلِّم بن جَثَّامة، والمقتول: عامر بن الأضبط، رواه البغويُّ في «معجم الصَّحابة» من طريق عبد الله بن أبي حدرد، وكان أميرَ السريَّة أبو قتادة الأنصاريُّ.

(1/8196)

[{لا يستوي القاعدون من المؤمنين} ... ]

(1/8197)

[حديث: أن رسول الله أملى عليه: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين}.]

4592# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمام، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فِي الْمَسْجِدِ ... ) إلى أن قال: (فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ): في هذا الإسناد من لطائف الإسناد: رواية الأكابر عن الأصاغر، وهو رواية صَحابيٍّ _وهو سهل بن سعد_ عن تابعيٍّ؛ وهو مروان بن الحكم، وهذا الحديث في «البُخاريِّ» و «النَّسائيِّ»، ومثلُه: حديث السائب بن يزيد، عن عبد الرَّحمن بن عبدٍ القاريِّ، عن عمر بن الخَطَّاب، وهو في «مسلم» و «الأربعة»، ومثلُه: حديث جابر بن عبد الله، عن أمِّ كلثوم بنت أبي بكر الصِّدِّيق، عن عائشة، في «مسلم»، ومثلُه: حديث عَمرو بن الحارث المصطلقيِّ، عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله بن مسعود، عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود، في «التِّرْمِذيِّ» و «النَّسائيِّ»، ومثلُه: حديث يعلى بن أُمَيَّة، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أخته أمِّ حبيبة، في «النَّسائيِّ»، وأحاديث غير ما ذكرت يطول ذكرُها، هي عشرون حديثًا من رواية الصَّحابة عن التابعين، ذكرها شيخُنا العراقيُّ في «النكت على ابن الصلاح»، وقد قرأت «النكت» عليه، والله أعلم.

قوله: (فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ [1]): تَقَدَّم أنَّ اسم ابن أمِّ مكتوم عَمرو بن قيس بن زائدة العامريُّ، شهد القادسيَّة ومعه اللواء، وقيل: اسمه عبد الله، وقيل غير ذلك، وسيجيء: (وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) [خ¦4990]، وكذا هو مسمًّى بـ (عَمرو) في «مسلم»، هاجر إلى المدينة، واستخلفه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم على المدينة ثلاث عشرة مرَّة، كما قدَّمتُه وعدَّدتُها، وكان مؤذِّنَهُ عَلَيهِ السَّلام مع بلال، رضي الله عنهما.

فائدةٌ: تَقَدَّم فيما مضى العُميان من الصَّحابة في أوَّل هذا التعليق في قوله في حديث ورقة: (وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ) [خ¦3]، والله أعلم.

قوله: (أَنْ تَرُضَّ [2] فَخِذِي): (تَرُضَّ)؛ بفتح المثنَّاة فوق، وضمِّ الراء، وبالضاد المعجمة المشدَّدة: مبنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهرٌ، ويجوز بناؤه للمفعول.

(1/8198)

قوله: (ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ): تَقَدَّم أنَّه بالتخفيف والتشديد، وأنَّ معناه: كُشِف.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95]): قال شيخنا في «فضائل القرآن» في (باب كاتب النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم) ما لفظه: (قال مالك: نزل جبريل بقوله: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} قبل أن يجفَّ القلم، فأُلحق بما في القلم، وذلك مسيرة ألف سنة في هبوطه وعروجه) [3]، انتهى، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] في هامش (ق): (وهو عمرو عند الأكثرين، وقيل: عبد الله، وقيل: كان اسمه الحُصين، فسمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، ووالده قيس، الأعمى القرشيُّ العَامريُّ، واسم أمِّ مكتوم عاتكةُ بنت عبد الله، وكان قديم الإسلام بمكَّة، وهاجر إلى المدينة قدمها بعد بدر بيسير، وقيل: قدمها بعد مصعب بن عمير، وقيل: قبل قدومه عليه السلام، واستخلفه على المدينة رسول الله قيل: ثلاث عشرة مرة، وقيل: قدم المدينة بعد بدر بسنتين، وقيل: إنَّه استعمله صلى الله عليه وسلم على المدينة، من العدة).

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (تُرَضَّ).

[3] «التوضيح»: (24/ 26).

[ج 2 ص 280]

(1/8199)

[حديث: لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} دعا ... ]

4593# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب، وعازب صَحابيٌّ أيضًا، تَقَدَّم.

قوله: (دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا): هو زيد بن ثابت، كاتب الوحي، وقد تَقَدَّم في الحديث قبله منسوبًا إلى أبيه.

==========

[ج 2 ص 280]

(1/8200)

[حديث: اكتب: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} ... ]

4594# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، لا البيكنديُّ البُخاريُّ، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرو بن عبد الله، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب.

قوله: (ادْعُوا فُلاَنًا): (فلان): هو زيد بن ثابت، كما بيَّنه قبله.

==========

[ج 2 ص 280]

(1/8201)

[حديث ابن عباس: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} عن بدر والخارجون.]

4595# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الجهاد) في موضعين، وفي (سورة النساء)، و (الأعراف)، و (القدَر)، و (ترك الحيَل): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقال في (الغسل) وفي (الصلاة) في موضعين، وفي حديث (بني النضير)، و (غزوة أحُد)، وفي (وفد بني حنيفة)، و (مناقب ابن عُمر)، وفي (الأنبياء)، و (التمنِّي)، وغير موضع: (حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وهو عندنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعديُّ، بخاريٌّ، نسبه إلى جدِّه، وقد روى عنه البُخاريُّ في (العيدين)، وفي (باب موعظة الإمامِ النساءَ يوم العيد)، فقال: (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقال في (الوضوء) أيضًا: (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقال في (الإيمان) و (تفسير {قل هو الله أحد}): (حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، فاجتمع لنا من هذا: أنَّ البُخاريَّ يروي عن إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعديِّ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظليِّ، وإسحاق بن منصور الكوسج عن عبد الرزَّاق، غير أنَّ الموضع الذي في (وفد بني حنيفة) اختلف فيه شيوخُنا، فقال أبو زيد وابن السكن: وفي نسخة النسفيِّ: (حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وفي نسخة الأصيليِّ عن أبي أحمد: (حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، وقول أبي زيد _عندي_ ومن تابعه أشبه؛ لجلالة مَن تابعه، وقد تَقَدَّم هذا في «علل البُخاريِّ»، انتهى.

وقد أهمل مكانًا في سورة (الأنعام) فيها: (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبد الرزَّاق)، والظاهر أنَّه يجيء فيه ما جاء في هذا الحديث هنا من أنَّه ابن منصورٍ، كما ذكره صاحبا «الأطراف»؛ أبو مسعود وخلف، وقال أبو نعيم: ذُكِر أنَّ البُخاريَّ روى عنه أيضًا، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه».

قوله: (أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ): هذا هو عبد الكريم بن مالك الجزريُّ، حافظ مشهور، تَقَدَّم مترجمًا.

==========

[ج 2 ص 280]

(1/8202)

[{إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ... }]

(1/8203)

[حديث: قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه]

4596# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ [1]: حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الأَسْوَدِ): (غيرُه): هو عبد الله بن لهيعة، القاضي المصريُّ المشهور، قال شيخنا: يوضِّحه أنَّ ابن أبي حاتم رواه: (عن يونس بن عبد الأعلى: أَخْبَرنا عبد الله بن وهب: أَخْبَرني ابن لهيعة عن أبي الأسود ... )؛ فذكره، انتهى، وفي «التذهيب» وهو في أصله: روى البُخاريُّ والنَّسائيُّ _يعني: لابن لهيعة_ أحاديث مقرونًا فيها بثقة، ولم يصرِّحا باسمه، ففي بعضها: (ابن وهب عن حيوة بن شريح وفلان)، وفي بعضها: (عن عمرو بن الحارث ورجلٍ آخرَ)، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا أيضًا قبل هذا، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين: إنَّه ابن لهيعة، كما رواه الطبرانيُّ في «الأوسط».

قوله: (قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ): (قُطِعَ)؛ بضمِّ القاف، وكسر الطاء: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بَعْثٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (البَعْث)؛ بفتح الموحَّدة، وإسكان العين المهملة، وبالثاء المثلَّثة: هو الجيش، والبُعوثُ: الجيوش.

[ج 2 ص 280]

قوله: (فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ): (اكتُتِبْتُ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ ... ) إلى آخره: قال بعض حُفَّاظ العصر: سمَّى ابنُ أبي حاتم في «تفسيره» من طريق ابن جُرَيج عن عكرمة، ومن طريق ابن عيينة عن ابن إسحاق الناسَ المذكورين [2]؛ وهم: عليُّ بن أُمَيَّة بن خلف، وأبو العاصي بن منبِّه بن الحجاج، وزمعة بن الأسود، والحارث بن زمعة، وأبو القيس بن الفاكه، وعند ابن جُرَيج: أبو قيس بن الوليد بن المغيرة، انتهى.

قوله: (فَيُرْمَى بِهِ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا: (يُضْرَبُ): مبنيٌّ أيضًا لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا: (فيُقْتَلُ).

قوله: (رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ): (الليث): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (أبو الأسود): تَقَدَّم في السند الذي قدَّمه أنَّه محمَّد بن عبد الرَّحمن أبو الأسود، وأراد تقوية الحديث بهذه المتابعة، وما رواه الليث لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: ورواية الليث ذكرها الإسماعيليُّ من حديث أبي صالح: (حدَّثني الليث عن أبي الأسود)، انتهى.

(1/8204)

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (قالا).

[2] في (أ): (المذكورون)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8205)

[{إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ... }]

(1/8206)

[حديث ابن عباس: كانت أمي ممن عذر الله]

4597# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل السَّدوسيُّ عارم، و (حَمَّادٌ) بعده: هو حمَّاد بن زيد وإن كان عارم روى عن الحمَّادين، وكذا الحمَّادان رويا عن أيوب، إلَّا أنَّ ابن سلمة علَّق له البُخاريُّ، وابن زيدٍ روى له البُخاريُّ في (الأُصول)، فهو هذا، وقد تَقَدَّم أنَّ حمَّادًا إذا لم ينسب، فإن كان الراويَ عنه سُليمان بن حرب، أو أبو النُّعمان هذا الراوي هنا؛ فهو ابن زيد، وإن كان الراويَ عنه التَّبُوذَكيُّ موسى بن إسماعيل، أو عفَّان، أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدَّاب بن خالد، والله أعلم، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ.

قوله: (كَانَتْ أُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ): تَقَدَّم أن أمَّه أمُّ الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث الهلاليَّة، وأنها أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: إن أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمةُ بنت الخطَّاب.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8207)

[ف {عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوًا غفورًا}]

(1/8208)

[حديث: اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج سلمة بن هشام ... ]

4598# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (شَيْبَانُ) بعده: هو ابن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، وأنَّه منسوب إلى القبيلة لا إلى صناعة النَّحو، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ): تَقَدَّم أنَّه بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة، وتَقَدَّم مترجمًا، وكذا (سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ)، وكذا (الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ)، وعيَّاش أخو أبي جهل لأمِّه، وسلَمة أخو أبي جهل لأبَويه، والوليد أخو خالد بن الوليد، وتَقَدَّم الكلام على (الوَطْأَةَ)، و (مُضَرَ)، و (كَسِنِي)، وأنَّه بالتخفيف، وأنَّ معنى (كَسِنِي يُوسُفَ): أي: قحطًا وجدبًا.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8209)

[{ولا جناح عليكم إن كان بكم أذًى من مطر أو كنتم مرضى ... }]

(1/8210)

[حديث ابن عباس في قوله تعالى: {أو كنتم مرضى}]

4599# قوله: (حَدَّثَنَا [1] حَجَّاجٌ): هو ابن محمَّد الأعور المصيصيُّ، و (ابْنُ جُرَيْج): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج الإمام، أحد الأعلام، و (يَعْلَى) بعده: هو ابن مسلم المَكِّيُّ، وهو يعلى بن مسلم بن هرمز، عن أبي الشعثاء وسعيد بن جُبَير، وعنه: ابن جُرَيج وشعبة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وثَّقه ابن معين وأبو زُرعة.

تنبيهٌ: روى عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبَّاس اثنان؛ كلٌّ منهما اسمه يعلى: صاحبُ الترجمة الذي ذكرناه، ويعلى بن حَكِيم الثقفيُّ البصريُّ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[ج 2 ص 281]

(1/8211)

[{ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن ... }]

(1/8212)

[حديث: هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها]

4600# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (حَتَّى فِي الْعَذْقِ [1]): هو بفتح العين المهملة، وإسكان الذال المعجمة، كما تَقَدَّم في أوَّل هذه السورة، كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: بكسر العين بالقلم، قال ابن قُرقُول في هذا المكان: وقد رواه الأصيليُّ بالكسر، وغيره بالفتح، قال ابن قُرقُول: وهو أصوب.

قوله: (فَيَشْرَكهُ): هو بفتح الياء والراء.

قوله: (بِمَا شَرِكَتْهُ): هو بكسر الراء.

(1/8213)

[{وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا}]

(1/8214)

[حديث عائشة في قوله تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا ... }]

4601# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك الإمام، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8215)

[{إن المنافقين في الدرك الأسفل}]

قوله: ({نَفَقًا} [الأنعام: 35]: سَرَبًا): هذا ليس في هذه السورة، إنَّما هو في (الأنعام).

(1/8216)

[حديث: لقد أنزل النفاق على قوم كانوا خيرًا منكم ... ]

4602# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن يزيد النخعيُّ، و (الأَسْوَدُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، تَقَدَّموا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني، تَقَدَّما.

قوله: (كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّها بإسكان اللام، ويجوز فتحها.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8217)

[{إنا أوحينا إليك} ... ]

(1/8218)

[حديث: ما ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى]

4603# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، الحافظ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى): تَقَدَّم الكلام على (أنا) وعلى (متَّى) في (الأنبياء).

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8219)

[حديث: من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب]

4604# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مصغَّر، بضمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان العدويُّ، و (هِلاَلٌ) بعده: هو ابن عليٍّ، و (عَطَاءٌ): هو ابن يَسار.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8220)

[{يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ... }]

قوله: (وَالْكَلاَلَةُ: مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ): اعلم أنَّ الكلالة فيها خلاف؛ فقيل: الوارث إذا لم يكن للميت ولد ولا والد، وقيل: اسم للميت الذي ليس له ولد، ذكرًا كان أو أنثى، وقيل: اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد، وقيل: اسم للمال الموروث، وقد تَقَدَّم ذلك.

(1/8221)

[حديث: آخر سورة نزلت براءة وآخر آية نزلت: {يستفتونك}]

4605# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب، تَقَدَّم أيضًا، وأنَّ عازبًا صَحابيٌّ أيضًا.

قوله: (آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ: {بَرَاءَةٌ}، وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: {يَسْتَفْتُونَكَ} [النساء: 176]): تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق الاختلاف في آخر سورة نزلت وآخر آية.

==========

[ج 2 ص 281]

(1/8222)

(((5))) (سُورَة الْمَائِدَةِ) ... إلى (الأَنْعَامِ)

قوله: ({فَبِمَا نَقْضِهِمْ} [المائدة: 13]: بِنَقْضِهِمْ): يعني: أنَّ (ما) زائدة؛ مثل قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159].

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الإِغْرَاءُ [1]: التَّسْلِيطُ): الظاهر من لفظه (غير): أنَّه غير من فسَّر ما قبله، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: هو قول صاحب «العين».

قوله: (قَالَ سُفْيانُ: مَا فِي القُرآن آيَةٌ أَشَدُّ عَليَّ مِنْ {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حتَّى تُقِيمُوا} [المائدة: 68]): (سفيان) هذا: هو [ ... ] [2].

==========

[1] في (ق): (الأغرَّ)، وفي هامشها: (صوابه: الإِغْرَاء).

[2] في (أ) بياض.

[ج 2 ص 281]

(1/8223)

[{اليوم أكملت لكم دينكم}]

(1/8224)

[حديث: إنكم تقرؤون آيةً لو نزلت فينا لاتخذناها عيدًا]

4606# قوله: (حَدَّثَنَي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار الحافظ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ الإمام، أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، و (قَيْسٌ): هو ابن مسلم.

قوله: (قَالَتِ الْيَهُودُ لِعُمَرَ): تَقَدَّم أنَّ قائل ذلك هو كعب الأحبار في أوَّل هذا التعليق، قاله ابن شيخنا البلقينيِّ، وفيه وقفة.

[ج 2 ص 281]

قوله: (وَإِنَّا وَاللهِ): (إنَّا): هي إنَّ واسمها، مكسورة الهمزة، مشدَّدة النون، وكذا هو في أصلنا مضبوط.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَأَشُكُّ): (سفيان): هذا هو المذكور في السند، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ، وقوله: (وَأَشُكُّ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةِ [1] أَمْ لَا؟)، هو كان يوم الجمعة بغير شكٍّ، كما جُزِم به في «الصحيح».

تنبيهٌ هو فائدةٌ: رأيت في «أحكام المحبِّ الطبريِّ» في كتاب (الحجِّ) لمَّا ذكر حج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من حديث جابر عقَّبَه بكلام على الحديث، وفيه ما لفظه: وذكر الواقديُّ أيضًا أنَّ يوم التروية وافق يوم الجمعة، فعلى هذا تكون الوقفة بالسبت، ثُمَّ تعقَّبه بأنَّه خلاف ما جاء في «الصحيح»، انتهى، وهذا غريب جدًّا، وقال المحبُّ أيضًا في «مناسكه» نحوه، وقال: إنَّ الأوَّل أصحُّ؛ يعني: أنَّ الوقفة الجمعة، ثُمَّ رأيته في «الأحكام» ذكر ما لفظه: وعن الحسن بن مسلم قال: وافق يوم التروية يوم جمعة في زمان رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فوقف رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بفناء الكعبة، وأمر الناس أن يروحوا إلى منًى، وراح، فصلى الظهر بها، أخرجه الشافعيُّ والبَيهَقيُّ، وقال: هذا حديث منقطع، وحديث عُمر بن الخَطَّاب: (أنَّ يوم عرفة وافق يوم جمعة) حديثٌ موصول، فهو أولى، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الجمعة).

(1/8225)

[{فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيدًا طيبًا}]

(1/8226)

[حديث: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر.]

4607# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام.

قوله: (فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (التيمم)، وكذا الكلام على (البَيْدَاءِ)، و (ذَاتِ الجَيْشِ)، وعلى (العِقْدِ)، وأنَّها استعارته من أسماء، وجمعت في (التيمم) بين استعارته وكونِه لها، وأنَّه انقطع مرَّتين، وكم كان يساوي، وعلى (يَطْعُنُ)، وأنَّه بضمِّ العين وفتحها؛ لغتان، و (مَكَانُ): مرفوعٌ على الاستثناء المفرَّغ، وعلى قوله: (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَصْبَحَ [1] عَلَى غَيْرِ مَاءٍ)، وعلى آية التيمم التي أنزلت في ذلك أيُّ الآيتين؟ آية (النساء) أو آية (المائدة)؟ وعلى (أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرٍ)، وأنَّه بضمِّ الهمزة، وضمِّ الحاء، كلُّه في (التيمم).

قوله: (فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ): (بعثُه): إثارتهُ من بروكه، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] في هامش (ق): (قوله: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حينَ أصبح): كذا عند المروزي وأبي ذر والنسفي، وفي «الموطأ» عن ابن السكن: (فنام) من النوم، وكلاهما صحيحٌ، والثاني أوجه، وعند المستملي: (فقام رسول الله حتى أصبح)، وهو بيِّن، ذكر ذلك صاحبُ «المطالع» بتقديم وتأخير).

[ج 2 ص 282]

(1/8227)

[حديث: سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة]

4608# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث المصريُّ، أحد الأعلام.

قوله: (بِالْبَيْدَاءِ): تَقَدَّم الكلام على (البيداء) في (التيمم) وغيره.

قوله: (فَالْتُمِسَ الْمَاءُ): (التُمِس)؛ بضمِّ التاء، وكسر الميم: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الماءُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 6]): في هذا تعيينُ إحدى الآيتين، وقد تَقَدَّم في (التيمم).

قوله: (فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّ (أُسَيدًا) بضمِّ الهمزة، وفتح السين، وأنَّ (حُضَيرًا) بضمِّ الحاء، وفتح الصاد، وهذا معروف عند أهله.

==========

[ج 2 ص 282]

(1/8228)

[{فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون}]

(1/8229)

[حديث: قال المقداد يوم بدر: يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت.]

4609# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (إِسْرَائِيلُ) بعده: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ، و (مُخَارِقٌ) هذا: وهو مُخارق بن خليفة، وقيل: ابن عبد الرَّحمن، وقيل: ابن عبد الله، هو الأحمسيُّ الكوفيُّ، عن طارق بن شهاب، وعنه: السفيانان وشعبة، قال أحمد: ثِقةٌ ثِقةٌ، أخرج له البُخاريُّ، والترمذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (ح): تَقَدَّم الكلام عليها، ويأتي في أواخر هذا التعليق.

قوله: (وَحَدَّثَنِي حَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ): قال الدِّمْياطيُّ: حمدان لقبٌ، واسمه: أحمد بن عُمر، أبو جعفر الحميريُّ، البغداديُّ، البزَّاز، السِّمسار، انفرد به البُخاريُّ عن الخمسة، روى عنه هذا الحديث الواحد، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين بعد البُخاريِّ، انتهى، اعلم أنَّ البُخاريَّ روى له مقرونًا كما ترى؛ لأنَّه روى عنه هذا الحديث بعد أن أخرجه من طريق غيره، وهذا نوع من القَرْن، وقد تَقَدَّم له نظائرُ، ولم يخرِّج له استقلالًا، وقد روى عنه: المحامليُّ، ومحمَّد بن مَخْلد، وآخرون، قال الخطيب: كان ثِقةً، وأرَّخه، كما ذكره الدِّمْياطيُّ.

قوله: (وَحَدَّثَنَا [1] أَبُو النَّضْرِ): هو هاشم بن القاسم، وهو بالضاد المعجمة، وتَقَدَّم أنَّه لا يحتاج إلى تقييده، وهذه الواو في قوله: (وحدَّثنا أبو النضر): هي ثابتة في أصلنا، وعليها (صح)، وليست في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، فعلى ما في أصلنا القاهريِّ: هي واو العطف، والظاهر أنَّ هذا الحديث حدَّث به أبو النضر حمدانَ بن عُمر في جملة أحاديث معطوفٍ بعضها على بعض بالواو، فرواه حمدان كما سمعه من أبي النضر بالعطف، والله أعلم، وعلى حذفها لا كلام.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ): هو عُبيد الله بن عُبيد الرَّحمن الأشجعيُّ، أبو عبد الرَّحمن، كوفيٌّ، إمام بغداد، تَقَدَّم أنَّه كتب عن الثوريِّ ثلاثين ألف حديث، قال ابن معين: ثِقةٌ مأمون، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مُخَارِقٌ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (طَارِقٌ)، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

(1/8230)

قوله: (قَالَ: قَالَ الْمِقْدَادُ يَوْمَ بَدْرٍ ... ) إلى آخره: كذا هنا، وجاء أنَّه سعد بن مُعاذ، فيجوز أن يكونا قالاه؛ قاله شيخنا، والذي رأيته أنا في «سيرة ابن سيِّد النَّاس»: أنَّ ابن مُعاذ قال كلامًا آخرَ غير كلام المقداد، وفي «مسلم» عَزو مقالة ابن مُعاذ لابن عبادة، قال أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس: وإنَّما اختلف في شهوده بدرًا؛ يعني (في شهوده) سعدَ بن عبادة، والصحيح: أنَّه لم يشهدها وإن وقع في «مسلم» شهوده، قال شيخنا: وهنا أنَّ ذلك يوم بدر، وعن قتادة فيما ذكره الطبريُّ أنَّه كان في يوم الحُدَيْبيَة حين صُدَّ، والله أعلم.

قوله: (فَكَأَنَّهُ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم): (سُرِّي): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه مخفَّف ومشدَّد، وقد رواه بها، وكلاهما جائز.

قوله: (وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ: أَنَّ الْمِقْدَادَ قَالَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (وَكيع)؛ فهو ابن الجرَّاح، الإمام المشهور، و (سُفيان): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الثوريُّ، و (مُخارق): تَقَدَّم الاختلاف في اسم أبيه، و (طَارق): هو ابن شهاب، كما تَقَدَّم، وفائدة هذا التعليق: أنَّه نبَّه به على أنَّه روي بطريقين؛ الاتِّصالِ والإرسالِ، وقدَّم المُتَّصِل؛ لأن الذي وصله ثِقةٌ، فبهِ العبرة على الصحيح من أقوال أربعةٍ تَقَدَّمتْ.

[ج 2 ص 282]

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) وعليها (صح)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا)؛ بغير واو.

(1/8231)

[{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا ... }]

(1/8232)

[حديث: هذه نعم لنا تخرج فاخرجوا فيها]

4610# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، و (سُلَيمَانُ [1] أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلاَبَةَ): كذا في أصلنا، وفي هامشه: (سلمان)، وعليه علامة راويه و (صح)، وهذا هو الصواب، وما في الأصل غلطٌ، وهو سَلمان؛ بغير ياء، قال ابن قُرقُول: (حدَّثني سلمان أبو رجاء)، وعند القابسيِّ: (سليمان)، وهو وَهَمٌ، انتهى، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف موحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، واسمه عبد الله بن زيد، وسيأتي في هذا الحديث مسمًّى بذلك منسوبًا إلى أبيه، وهو الجرميُّ، تَقَدَّم.

قوله: (فَذَكَرُوا وَذَكَرُوا، فَقَالُوا وَقَالُوا): قد أتى مبيَّنًا في موضع آخر من «البُخاريِّ»؛ وهو: (أنَّ عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يومًا للناس، ثُمَّ أذن لهم فدخلوا، فقال لهم: ما تقولون في القسامة؟ فقالوا: نقول في القسامةِ ... )؛ الحديث.

قوله: (مَا عَلِمْتُ نَفْسًا حَلَّ قَتْلُهَا ... ) إلى آخره: قد ذكر خصالًا ثلاثًا، وقد جاء في أحاديث أُخَر زيادةٌ عليها: «حدُّ الساحر ضربةٌ بالسيف»، ومنها: «إذا بُويع لخليفتين؛ فاقتلوا الآخِر منهما» على أحد القولين فيه، وهو الصحيح، ومنها: قتل اللائط، ومنها: «من أتى بهيمة؛ فاقتلوه، واقتلوا البهيمة»، رواه أحمد والأربعة من حديث ابن عبَّاس، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ومنها: قتل شارب الخمر في الرابعة، وهو منسوخ في قول الأكثرِ.

(1/8233)

قوله: (فَقَالَ عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ بِكَذَا وَكَذَا؟): قال الدِّمْياطيُّ: عنبسة هذا: هو ابن سعيد بن العاصي، كنيته: أبو خالد، متَّفق عليه، سمع أبا هريرة وأنسًا، وعنبسة بن أبي سفيان أبو الوليد _وقيل: أبو عثمان_ انفرد به مسلم، روى عن أخته أمِّ حبيبة، وعنبسة بن خالد، انفرد به البُخاريُّ، روى عن عمِّه يونس بن يزيد، انتهى، فقوله في الأوَّل: (كنيته: أبو خالد)، وقد قيل: كنيته: أبو أيوب، وقدَّمها بعضُ الحفَّاظ على أبي خالد، وقوله في ابن أبي سفيان: (انفرد به مسلم)؛ يعني: عن البُخاريِّ، وكذا أراد، وقولُه في ابن خالد: (انفرد به البُخاريُّ)؛ فاعلم أنَّه لم يخرِّج له استقلالًا، إنَّما قرنه بغيره، وأهمل اثنين علَّق لهما البُخاريُّ؛ أحدهما: عنبسة بن سعيد بن الضُّريس، والثاني: عنبسة بن عبد الواحد.

قوله: (قَدِمَ قَوْمٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم أنَّهم من عُكْل، وفي بعضها: (من عُرَينة) وفي بعضها: (من عُكْل أو عُرَينة) على الشكِّ، وفي بعضها: (من عُكْل وعُرَينة) من غير شكٍّ، وفي بعضها: (أنَّ نفرًا قدموا)، ولم يُذكَر من أيِّ قبيلة هم، والكلُّ في «الصحيح» من حديث أنس، وقد قدَّمتُ الكلام على عُكْل وعُرَينة، وعلى الجماعة الذين جهَّزهم عَلَيهِ السَّلام في طلبهم، وأنَّها سريَّة سعيد بن زيد، وكانت في شوَّال سنة ستٍّ عند ابن سعد، وأنَّ هؤلاء القوم كانوا ثمانية، كما في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقيل: سبعة، وتَقَدَّم الكلام على وَهَمٍ في أمير هذه السريَّة والاختلافُ فيه، والله أعلم.

قوله: (فَاشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا): تَقَدَّم الكلام عليه، و [من] قال بالطهارة، ومن حمله على التداوي.

قوله: (وَمَالُوا عَلَى الرَّاعِي فَقَتَلُوهُ): تَقَدَّم أنَّ اسم الراعي يسار.

قوله: (يَا أَهْلَ): كذا قال بعض الحفَّاظ من المِصْريِّين، وفي رواية أخرى: (يا أهل الشام)، وفي رواية: (يا أهل هذا الجند).

قوله: (مَا أُبْقِيَ هَذَا فِيكُمْ): (أُبقِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (سلمان).

[ج 2 ص 283]

(1/8234)

[{والجروح قصاص}]

(1/8235)

[حديث: يا أنس كتاب الله القصاص]

4611# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (سلَامًا) بتخفيف اللام على الصحيح، وأنَّ ابن قُرقُول قال: نقله الأكثر، مطوَّلًا، و (الْفَزَارِيُّ): هو مروان بن معاوية الفزاريُّ، تَقَدَّم.

قوله: (كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ، وَهْيَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ): تَقَدَّم أنَّ (الرُّبَيِّع) هذه بضمِّ الراء، ثُمَّ موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مكسورة، وتَقَدَّم الكلام عليها، قال الدِّمْياطيُّ: هي أمُّ حارثة بن سراقة المقتول ببدر، بنت النضر، وأخوها أنس بن النضر قُتل يوم أحُد، عمُّ أنس بن مالك بن النضر، والبراء بن مالك قتله الهرمزان سنة عشرين بتُسْتَر، انتهى.

البراء بن مالك في كلام الدِّمْياطيِّ هو كما قال، البراء بن مالك بن النضر الأنصاريُّ، أخو أنس بن مالك، شهد أحُدًا وما بعدها، وكان شجاعًا، قيل: كان عمر رضي الله عنه يكتب: لا تستعملوا البراء على جيش؛ فإنَّه مهلكة من المهالك، يقدم بهم، ويوم حديقة مسيلمة احتُمِل على ترس على الرماح، واقتحم إليهم، فقاتل وفتح الباب، وجُرِح يومئذٍ بضعًا وثمانين جرحًا، وأقام خالد بن الوليد شهرًا عليه ليتداوى، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «رُبَّ أشعث أغبر لو أقسم على الله؛ لأبرَّه؛ منهم البراء بن مالك»، فقال المسلمون يوم تُسْتَر: أقسِم على ربِّك، فقال: أقسم عليك لما منحتنا أكتافهم، وألحقتني بنبيِّك، فحمل وحمل الناس معه، فانهزم الفُرس وقُتِل البَراء، وقد قَتل مئةً مبارزةً، رضي الله عنه، وقد تَقَدَّم متى فُتِحت تُسْتَرُ.

(1/8236)

تنبيهٌ: سيجيء في (كتاب الديات) من هذا «الصحيح» في (باب القصاص بين الرجال والنساء) معلَّق مجزوم به: (وجَرحت أخت الرُّبَيِّع إنسانًا، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «القصاص»)، كذا في «البُخاريِّ» و «مسلم»: (أخت الرُّبَيِّع)، والصواب: (الرُّبَيِّع)؛ بحذف (أخت)، وكذا في أصلنا في (كتاب الدية) ما لفظه: كذا وقع: (أخت الرُّبَيِّع)، وصوابه: الرُّبَيِّع بنت النضر بن أنس؛ قاله أبو ذرٍّ، انتهى، وفي سورة (المائدة) هنا: أنَّها كسرت ثنيَّة جارية من الأنصار، وفي (الديات): جرحت إنسانًا، وإن كان يقال للمرأة: إنسان، ولا يقال لها: إنسانة، إلَّا أنَّه علَّقه في (الديات) مستدلًّا به، والظاهر أنَّ الإمام البُخاريَّ فهم منه أنَّ المراد بالإنسان: الذكر، وفي «مسلمٍ»: (أنَّ أختَ الرُّبَيِّعِ أمِّ حارثة جرحت إنسانًا، فاختصموا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «القصَاصَ القصَاصَ»، فقالت أمُّ الرَّبيع: يا رسول الله؛ أتقتصُّ من فلانة؟! والله لا يُقتَصُّ منها ... )؛ الحديث، ففيه مخالفة لما في «البُخاريِّ» من جهتين؛ إحداهما: أنَّ الجارحة أختُ الرُّبَيِّع، وفي هذا «الصحيح»: أنَّها الرُّبَيِّع كما هنا وغيرِه، والثاني: أنَّ الحالف في «مسلم» أمُّ الرَّبيع؛ بفتح الراء، وفي «البُخاريِّ» الحالف: أنس بن النضر، قال النوويُّ: قال العلماء: والمعروف في الروايات رواية البُخاريِّ؛ يعني: التي في بقيَّة الطرق، لا التي في (الديات)، وكذا رواه أصحاب السنن، قال النوويُّ في «شرح مسلم»: يحتمل أنَّهما قضيَّتان، والله أعلم، وستأتي هذه المسألة، وأذكر فيها كلامًا للبَيهَقيِّ مطوَّلًا، وهو مهمٌّ؛ فانظره، والله أعلم.

[ج 2 ص 283]

(1/8237)

[باب: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}]

(1/8238)

[حديث: من حدثك أن محمدًا كتم شيئًا مما أنزل عليه فقد كذب]

4612# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ الحافظ، وكذا قاله شيخنا، قال كما صرَّح به أبو نعيم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، قاله شيخنا، وهو ظاهرٌ، كذا قاله غيره، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، تَقَدَّم، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الشين المعجمة، واسمه: عامر بن شراحيلَ.

==========

[ج 2 ص 284]

(1/8239)

[{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}]

(1/8240)

[حديث: أنزلت هذه الآية: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}]

4613# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ) كذا في أصلنا منسوبًا (حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (المائدة): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا مالك بن سُعَيْر)، فذكر هذا المكان، وقال في (الدعوات): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا مالكٌ)، فذكر مكانًا آخر، قال أبو مسعود في عليٍّ هذا عن مالك بن سُعَيْر في الموضعين جميعًا: إنَّه ابن سلمة اللَّبَقيُّ، وتابعه أبو نصر على الذي في (المائدة)، وكذلك قال أبو ذرٍّ في روايته عن المستملي، ولم ينسب الأصيليُّ عليًّا هذا لا عن أبي زيد ولا عن أبي أحمد، وَكذلك ابن السكن لم ينسبه في الموضعين جميعًا، وهو عليُّ بن سلمة اللَّبَقيُّ النيسابوريُّ، يكنَّى أبا الحسن، انتهى ملخَّصًا.

وذكر المِزِّيُّ هذين المكانين، فقال: قال أبو مسعود في الحديث الأوَّل _يعني: المذكور هنا_: هو ابن سلمة، وقال في الثاني: يقال: هو ابن سلمة، انتهى، والمِزِّيُّ لم يرقم عليه في «التهذيب» إلَّا (ق)، وقد اعترضه مغلطاي فقال: وحديثه ثابت في «صحيح البُخاريِّ» في مواضع؛ منها: في (تفسير المائدة)، فذكره في رجال البُخاريِّ غيرُ واحد؛ منهم: الكلاباذيُّ، وأبو مسعود الدِّمَشْقيُّ، وأبو ذرٍّ الهرويُّ، وابن عساكر، وابن طاهر، والصريفينيُّ، وأبو الوليد الباجيُّ، والله أعلم، انتهى، وقد يدلُّ لما قاله قولُ المِزِّيِّ في «تهذيبه»: قال أبو الوليد الفقيه: سمعت أبا الحسن الزُّهريَّ يقول: حضرت محمَّد بن إسماعيل وسئل عن عليِّ بن سلمة اللَّبَقيِّ، فقال: ثِقةٌ، وقد مضينا معه وسمعنا منه، انتهى، وما ذكرته أيضًا عن المِزِّيِّ في «أطرافه» ممَّا قدَّمتُه، والله أعلم.

و (مالك بن سُعَيْر): بضمِّ السين، وفتح العين، المهملتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225]): اعلم أنَّ في «أبي داود» في (الأَيمان) من حديث عطاء _هو ابن أبي رَباح_، عن عائشة رضي الله عنها، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «اللغو في اليمين: هو كلام الرجل في بيته: لا والله، وبلى والله»، فالموقوف في «البُخاريِّ» مرفوعٌ [في] «أبي داود»، قال شيخنا: وصحَّحه ابن حِبَّان.

==========

[ج 2 ص 284]

(1/8241)

[حديث: أن أباها كان لا يحنث في يمين حتى أنزل الله كفارة اليمين]

4614# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ نصرًا _بالمهملة_ لا يجيء إلَّا مجرَّدًا عن الألف واللام، بخلاف النضر _ بالمعجمة_؛ فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، وهو ابن شميل الإمام.

قوله: (لاَ أَرَى يَمِينًا أُرَى أنَّ غَيْرَهَا): (أَرى) الأولى: بفتح الهمزة، والثانية: بضمِّها، كذا في أصلنا، وهو ظاهرٌ.

(1/8242)

[{لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}]

(1/8243)

[حديث: كنا نغزو مع النبي وليس معنا نساء]

4615# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): خالد هذا هو ابن عبد الله الطَّحَّان الواسطيُّ، أحد العلماء، تَقَدَّم مترجمًا، وأنَّه اشترى نفسه من الله تعالى ثلاث مرَّات بزنته فضَّةً، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (عَبدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، من المهاجرين، رضي الله عنه.

قوله: (أَلاَ نَخْتَصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ): سيأتي الكلام على (الخِصاء) في أوَّل (النكاح) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

==========

[ج 2 ص 284]

(1/8244)

[{إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس ... }]

قوله: ({وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ} [المائدة: 90]): قال الدِّمْياطيُّ: (الأنصاب: الأوثان، سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّهم كانوا ينصبونها، واحدها: نَصْبٌ ونُصْبٌ ونُصُبٌ)، انتهى، وقد فسَّرها البُخاريُّ هنا، وقد تَقَدَّمتْ.

قوله: ({وَالأَزْلاَمُ}): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّ واحدها فيه لغتان، وسيأتي ذلك قريبًا جدًّا، وقد فسَّرها البُخاريُّ هنا.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الزلَمُ: الْقِدْحُ): (الزّلَم)؛ بضمِّ الزاي وفتح اللام، وبفتحهما، و (القِدْح)؛ بكسر القاف، وإسكان الدال وبالحاء المهملتين: السهم قبل أن يُراش ويركَّب نصلُه، وأمَّا (غيره)؛ فقال بعض حفَّاظ العصر: هو تفسير السُّدِّيِّ، رواه الطبريُّ وغيره، وروى معناه عن مجاهد وغيرِه، انتهى.

قوله: (وَالْقُسُومُ: الْمَصْدَرُ): (القُسوم)؛ بضمِّ القاف، كذا في أصلنا، وقال ابن قُرقُول: القَسوم؛ يعني: بالفتح: مصدر، كذا لأبي زيدٍ ولغيِره، وهو الصوابُ، وإنَّما القُسوم: الجمع، انتهى، يعني: بضمِّ القاف هو الجمع، والله أعلم.

(1/8245)

[حديث: نزل تحريم الخمر وإن في المدينة يومئذ لخمسة أشربة]

4616# قوله: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة.

قوله: (نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ): تَقَدَّم أنَّ تحريمها كان في السنة الرابعة في شهر ربيع الأوَّل، وقيل: في الثالثة بعد أحُد وبعد حمراء الأسد، في شوَّال من السنة الثالثة.

==========

[ج 2 ص 284]

(1/8246)

[حديث: ما كان لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ]

4617# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ): هو الإمام، أحد الأعلام [1]، إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة، مشهور جدًّا.

قوله: (غَيْرُ فَضِيخِكُمْ): (الفَضِيْخ)؛ بفتح الفاء، وكسر الضاد المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ خاء معجمة، قال ابن قُرقُول: بُسرٌ يُشدَخ ويُفضَخ ويُنبَذ حتَّى يُسكِر في سرعة، وفي الأثر: أنَّه يُلقى عليه الماء والتمر، وقيل: يفضخ التمر وينبذ في الماء، وعليه يدلُّ الحديث، انتهى، وفي «النِّهاية»: وهو شراب يُتَّخَذ من البُسر المفضوخ؛ أي: المشدوخ، انتهى.

قوله: (أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا): في «صحيح مسلم» من حديث أنس: (كنت أسقي أبا عُبيدة، وأبا طلحة، وأُبيَّ بن كعب)، وكذا في (باب ما جاء في إجازة خبر الواحد): من هذا «الصحيح»، غير أنَّ لفظه: (كنت أسقي أبا طلحة الأنصاريَّ، وأبا عُبيدة ابن الجرَّاح، وأُبيَّ بن كعب)، وفي «البُخاريِّ» أيضًا: (أبا طلحة، وأبا دجانة، وسُهَيل بن البيضاء)، وفي «مسلم»: (أسقيها أبا طلحة، وأبا أيُّوب، ورجالًا من أصحاب رسول الله عليه وسلم)، وفيه أيضًا من حديثه هذا: (كنت أسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، ومُعاذ بن جبل في رَهْطٍ من الأنصار)، وفيه بعدَهُ من حديثه: (إنِّي لأسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، وسهيل بن بيضاء)، وفيه بعده: (أسقي أبا عُبيدة ابن الجرَّاح، وأبا طلحة، وأُبيَّ بن كعب).

فتحصَّلنا على: أبي طلحة، وأبي أيُّوب، وأبي دجانة، ومُعاذ بن جبل، وسُهيل بن بيضاء، وأبي عُبيدة ابن الجرَّاح، وأُبيِّ بن كعب، وذكر بعضُ الحفَّاظ المتأخِّرين غالبَ من ذكرته، وقال: إنَّ منهم أبا بكر ابن شَعوب، وقد ذكر شيئًا قاله في (المظالم) مطوَّلًا؛ فانظره، وعند أحمد ابن حنبل: (وكانوا أحد عشر رجلًا).

قوله: (إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ): هذا الرجل الذي جاء بتحريم الخمر لا أعرف اسمه.

قوله: (أَهْرِقْ): هو بفتح الهمزة.

==========

[1] في (أ): (الإمام)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 284]

(1/8247)

[حديث: صبح أناس غداة أحد الخمر فقتلوا من يومهم جميعًا شهداء]

4618# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عَمرو بن دينار، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (صَبَّحَ أُنَاسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الْخَمْرَ): هؤلاء الأناس لا أعرفهم بأعيانهم، وقد تَقَدَّم أنَّها إنَّما حُرِّمت بعد أحُد، ففعلوا شيئًا جائزًا، رضي الله عنهم.

==========

[ج 2 ص 284]

(1/8248)

[حديث: أما بعد أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة]

4619# قوله: (أَخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إِدْرِيسَ): أمَّا (عيسى)؛ فهو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرِو بن عبد الله، وهو أحد الأعلام في الحفظ والعبادة، تَقَدَّم، وأمَّا (ابن إدريس)؛ فهو عبد الله بن إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو محمَّد، أحد الأعلام، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو حَيَّانَ): هو بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثنَّاة تحت، واسمه يحيى بن سعيد بن حَيَّان التيميُّ _تيم الرِّباب_ الكوفيُّ، تَقَدَّم، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الشين المعجمة، وأنَّ اسمه عامر بن شراحيل.

[ج 2 ص 284]

قوله: (أمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام على إعرابها والاختلاف في أوَّل من قالها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ): (خامره)؛ أي: خالطه.

(1/8249)

[{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ... }]

(1/8250)

[حديث: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة فنزل تحريم الخمر]

4620# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو النعمان: محمَّد بن الفضل، يُلقَّب عَارمًا، مات في صفر سنة أربع وعشرين _وقيل: ثلاث وعشرين_ ومئتين، روى عنه: البُخاريُّ، وروى هو، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، عن رجلٍ عنه، انتهى.

قوله: (الَّتِي أُهرِيقَتِ [1]): هو بضمِّ الهمزة، والهاء مفتوحة وساكنة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (الْفَضِيخُ): تَقَدَّم بظاهرها ما (الفَضِيْخُ).

قوله: (وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ _وقد ذكر هذا الموضع وموضعًا آخر في (الحجِّ) _: (محمَّد) في هذين الموضعين: هو محمَّد بن يحيى الذُّهليُّ إن شاء الله، ونسب ابنُ السكن الذي في (الحجِّ): محمَّد بن سلَام، فالله أعلم، انتهى، وقد ذكر المكان الذي في (الحجِّ) في مكانه، وذكرت هناك كلام الجيَّانيِّ، وقد ذكر شيخنا في ذاك الموضع كلام الجيَّانيِّ وكلام غيره؛ فانظره، والمِزِّيُّ لم ينسب محمَّدًا هنا في «أطرافه»، وقال شيخنا في هذا المكان في (المائدة): (ومحمَّد: هو ابن سلَام، كما جاء مصرَّحًا به في بعض النُّسخ)، انتهى، وقال بعضهم: المتكلِّم: الفربريُّ، ومحمَّد: هو البُخاريُّ، انتهى، وفيه نظرٌ؛ لكلام مَن تَقَدَّمه مِن الأئمَّة الذين ذكرتهم، ولكنَّ هذا الردَّ الذي ذكرته أنا باتجاه، والله أعلم.

و (أبو النُّعمان): هو محمَّد بن الفضل عَارم، تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى): المنادي بتحريم الخمر لا أعرف اسمه.

قوله: (فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زيد بن سهل الأنصاريُّ، زوج أمِّ سُلَيم.

قوله: (فَأَهْرِقْهَا): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ): (السِّكك): الطُّرُق والأزِقَّة، وقد تَقَدَّم.

قوله: (الْفَضِيخَ): تَقَدَّم ما (الفَضِيْخ) بظاهرها.

(1/8251)

[{لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم}]

(1/8252)

[حديث: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا]

4621# قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمتْ بلُغاتها في أوَّل هذا.

قوله: (لَهُمْ خَنِينٌ): هو بالخاء المعجمة المفتوحة، كذا في أصلنا، وفي الهامش [1]: (حَنينٌ)؛ يعني: بالحاء المهملة، وعليها علامة راويها، قال الدِّمْياطيُّ: (الخَنين: ضربٌ من البكاء دون الانتحاب، وأصل الخنين: خروج الصوت من الأنف؛ كالحنين من الفم)، انتهى، قال ابن قُرقُول: («حَنين»؛ بالحاء المهملة للقابسيِّ والعُذريِّ، وللكافَّة: بالخاء، وهو الصواب، وهو تردُّد البكاء بصوتٍ أغنَّ، وقال أبو زيد: الخنين مثل الحنين، وهما الشديد من البكاء، وقد جاء في بعض الرِّوايات: «وأكثَرَ الناسُ من البكاء»، قال ابن دريد: الخنين؛ بالخاء المعجمة: تردُّد البكاء من الأنف، وبالحاء: تردُّده من الصدر)، انتهى.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟): هذا الرجل يحتمل أن يكون عبدَ الله بن حُذافة، كما صرَّح به في (الاعتصام)، وهو عبد الله بن حذافة بن قيس بن عديٍّ، أبو حذافة السَّهميُّ، له هِجْرتان، وهو أخو خنيس بن حذافة، زوج حفصة أمِّ المؤمنين، ترجمته معروفة، وقال شيخنا: وقيل: أخوه قيس، فيما ذكره العسكريُّ، وجزم بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين بأنَّه عبد الله بن حذافة، انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّ آخَرَ قام، فقال: مَن أبي؟ قال: «أبوك سالمٌ مولى شيبة»، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: فذُكِر لي أنَّ اسمه سَعْد في «التمهيد» لابن عبد البَرِّ، انتهى، ونقل شيخنا عن مقاتل في سبب نزولها، وفيه: ثُمَّ قام رجل من بني عبد الدار، فقال: يا رسول الله: من أبي؟ قال: «سعد»، نسبه إلى غير أبيه، انتهى، وسالم مولى شيبة تَقَدَّم أنِّي لا أعرفه، ولا أعرف له ترجمة، ولعلَّه هلك على كفره، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر في (كتاب الاعتصام): هو سعد بن سالم، مولى شيبة بن ربيعة بن عبد شمس، وقد أوضحته في (كتاب الإيمان).

قوله: (رَوَاهُ النَّضْرُ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا (النضر)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالضاد المعجمة، وهو ابن شميل، وتعليقه هذا رواه مسلم، وأمَّا تعليق رَوح؛ فأخرجه البُخاريُّ في (الاعتصام): عن محمَّد بن عبد الرحيم عن رَوح، ومسلمٌ في (فضائل النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم) عن محمَّد بن مَعْمَر عن رَوح، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن محمَّد بن مَعْمَر عن رَوح نحوه، وقال: حسن صحيح غريب.

(1/8253)

[حديث: كان قوم يسألون رسول الله استهزاء]

4622# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّم أنَّه بالضاد المعجمة، وتَقَدَّم أنَّ اسم هذا هاشم بن القاسم، و (أَبُو خَيْثَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية، و (أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ)؛ بالجيم: اسمه حطَّان بن خفاف الجرميُّ، عن ابن عبَّاس ومعن بن يزيد الأسلميِّ، وغيرِهما، وعنه: شعبة، والسفيانان، وإسرائيل، وزُهير، وأبو عوانة، وجماعةٌ، وثَّقه أبو حاتم وغيره، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 285]

(1/8254)

[{ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام}]

قوله: (و {إِذْ} [آل عمران: 55] ههنا: صلة): أي: زائدة؛ يعني: للتأكيد.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55]: مُمِيتُكَ): كذا هنا، وهذا اللفظ في (سورة آل عمران)، والذي في هذه السورة: {فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي} [المائدة: 117]، قال شيخنا: قال وهب فيما حكاه ابن أبي حاتم: توفَّاه الله حين رفعه ثلاث ساعات من النهار، انتهى، وهذا قول حكاه بعض المفسِّرين.

==========

[ج 2 ص 285]

(1/8255)

[حديث: رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار]

4623# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ): قال الدِّمْياطيُّ: إنَّما هو عَمرو بن لُحيٍّ، واسم لُحيٍّ ربيعة، انتهى.

تنبيهٌ شاردٌ: وقع في «مسلم» في (الكسوف): «ورأيت فيها عَمرو بن لُحيٍّ يجرُّ قُصْبه»، هذا هو المعروف، وفي بعض النُّسخ: (عَمرو بن يحيى)، وكذا ذكره الحُمَيديُّ في «اختصاره للصحيحين»، وهو خطأ محضٌ.

فائدةٌ: عَمرو بن لُحيٍّ أوَّل من سيَّب السوائب، كما في هذا الحديث مرفوعًا، وقال بعض العلماء في قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103]: أبدع الكلَّ جنادةُ بن عوف، وقيل: عَمرو بن لُحيٍّ.

قوله: (يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ): (القُصْب)؛ بضمِّ القاف، وإسكان الصاد المهملة، ثُمَّ موحَّدة، قال ابن قُرقُول: وهي الأمعاء، وفي «النِّهاية»: القُصْب؛ بالضم: المِعى، وجمعه: أقصاب، وقيل: القصب: اسم للأمعاء كلِّها، وقيل: ما كان أسفل البطن من الأمعاء، انتهى.

[ج 2 ص 285]

قوله: (تُبكِّرُ): هو بضمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، ويجوز فتح ثانيه، وتشديد الكاف.

قوله: (أنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ): قال ابن قُرقُول: بالفتح؛ بمعنى: من أجل، وبالكسر: للشرطِ، انتهى.

قوله: (وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلان المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه مثل: (حدَّثنا)، لكنَّ الغالب استعماله مذاكرة، والله أعلم، و (شُعَيْبٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (سَعِيْدٌ) بعده: هو ابن المُسَيّب.

(1/8256)

قوله: (وَرَوَاهُ ابْنُ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (ابن الهادي)؛ فقد تَقَدَّم أنَّ الصحيح إثبات الياء فيه، وهو هنا في أصلنا بغير ياء، وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، و (ابن شهاب): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (سعيد): هو ابن المُسَيّب، و (أبو هريرة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قال الحاكم: أراد: رواه ابن الهادي عن عبد الوهَّاب بن بُخْت عن الزهريِّ، نقله عنه المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة عبد الوهاب عن الزهريِّ به، فقال: البُخاريُّ في (التفسير) عقيب حديث صالح، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، وقال في «الأطراف» في يزيد بن عبد الله بن الهادي، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة في هذا التعليق: البُخاريُّ في (التفسير) عقيب حديث صالح بن كيسان، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، ورواه يزيد ابن الهادي، وقد ذكرنا قول الحاكم فيه في ترجمة عبد الوهَّاب بن بُخْت، عن الزهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، انتهى.

(1/8257)

[حديث: رأيت جهنم يحطم بعضها بعضًا]

4624# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْكرْمَانِيُّ): تَقَدَّم أنَّ (كرمان) بفتح الكاف وكسرها، و (يُونُسُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يَحْطِمُ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الطاء؛ أي: يكسِر، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَرَأَيْتُ عَمْرًا يَجُرُّ قُصْبَهُ): (عَمرو) المذكور هنا: تَقَدَّم قريبًا أنَّه عَمرو بن لُحيٍّ، و (القُصْبُ): تَقَدَّم قريبًا أيضًا.

==========

[ج 2 ص 286]

(1/8258)

[{وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب ... }]

(1/8259)

[حديث: أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاةً عراةً غرلًا]

4625# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (غُرْلًا): هو بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ لام؛ أي: غير مختونين، الواحد: أغرلُ، وقد ذكرت الحكمة في ذلك في (كتاب الأنبياء) في (إبراهيم صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم).

قوله: (وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّم ما الحكمة في ذلك، والكلام في أنَّه أوَّل من يُكسَى _والله أعلم_ في (الأنبياء) في (إبراهيم عَلَيهِ السَّلام).

قوله: (يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي ... ) إلى آخره: قال النوويُّ في «شرح مسلم» في (الوضوء) حين ذكر هذا الحديث: هذا ممَّا اختلف العلماء في المراد به على أقوال؛ أحدها: أنَّ المراد به المنافقون والمرتدُّون، والثاني: من كان في زمن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ثُمَّ ارتدَّ بعده، والثالث: أنَّ المراد أصحاب المعاصي الكبائر الذين ماتوا على التوحيد، أو أصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى هذا القول لا يقطع لهؤلاء الذين يذادون بالنار، بل يجوز أن يذادوا عقوبة لهم، ثُمَّ يرحمهم الله سبحانه، فيدخلهم الجنَّة من غير عذاب، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 286]

(1/8260)

[{إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}]

(1/8261)

[حديث: إنكم محشورون وإن ناسًا يؤخذ بهم ذات الشمال]

4626# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الظاهر أنَّه الثوريُّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 286]

(1/8262)

(((6))) (سُورَةُ الأَنْعَامِ) ... إلى (الأَعْرَافِ)

قوله: ({أُبْسِلُوا} [الأنعام: 70]: أُفْضِحُوا): كذا في أصلنا، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والذي يظهر أن يكون (فُضحوا)؛ بغير همز، والله أعلم؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ مُعَدًّى، فإذا بنيت منه؛ قلت: فُضِحَ، والله أعلم.

قوله: ({مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145]: مُهرَاقًا): هو بفتح الهاء وإسكانها.

قوله: (وَأَمَّا الْوِقْرُ: الْحِمْلُ): (الوِقر) بمعنى: الحِمل؛ بكسر الواو.

قوله: ({أَسَاطِيرُ} [الأنعام: 25]: وَاحِدُهَا: أُسْطُورَةٌ وَإِسْطَارَةٌ): (الأُسطُورة)؛ بضمِّ الهمزة، و (الإِسطارة)؛ بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَهِيَ التُّرَّهَاتُ): (التُّرَّهات)؛ بضمِّ المثنَّاة فوق، ثُمَّ راء مشدَّدة مفتوحة، قال الأصمعيُّ: التُّرَّهات: الطرق الصغار، وقال غيره: الجادَّة تشعَّبت عنها، الواحدة: تُرَّهَةٌ، فارسيٌّ معرَّب، ثُمَّ استُعير في الباطل، فقيل: التُّرَّهات البَسَائسُ، والتُّرَّهات الصحاصح، وهو من أسماء الباطل، وربما جاء مضافًا، وناس يقولون: تُرَّةٌ، والجمع: تَرَاريْهُ، والله أعلم.

قوله: (و {الصُّوَر} [الأنعام: 73]: جَمَاعَةُ صُورَةٍ؛ كَقَوْلِهِ: سُورَةٌ وَسُوَرٌ): هذه قراءةٌ شاذَّة قرأ بها الحسن، وعن «معاني النحَّاس»: أنَّه لم يقرأ بها أحد، ولعلَّه أراد في السبع، وإلا؛ فهي قراءة الحسن، كذا في «صحاح الجوهريِّ»، وهي بضمِّ الصاد، وفتح الواو، والصورة واحدته، وهو {وَنُفِخَ فِي الصُّوَرِ} [يس: 51]: جمع صورة؛ أي: صُوَر الخلائق، وهذا ظاهرٌ؛ لأنَّه نظَّره بـ (سُوْرة وسُور)، وسيأتي هذا أيضًا، كرَّره، والله أعلم [1].

قال ابن قُرقُول في (التفسير): (و {الصُّوَر}: جمع صورة، وصُوَر: كقولك: صُورَةٌ وصُوَرٌ: كذا لأبي أحمد [2]؛ أي: جُمِع على صُوْر وصُوَرٍ؛ بسكون الواو وفتحها، وروى غيره: (سُوْرة وسُوَر)؛ بالسين، إذ ليس مقصود الباب ذلك، وهذا أحد تفاسير الآية، انتهى.

تنبيهٌ: القراءة بالشواذِّ قد ذكرت حكمها في (سورة {تبارك}؛ الملك)، كذا اتفق؛ فانظر ذلك إن أردته، والله أعلم.

(1/8263)

قوله: ({وَإِنْ تَعْدِلْ} [الأنعام: 70]: تُقْسِطْ): كذا هو ثابت في بعض النُّسخ، وليس في أصلنا، قال شيخنا: ({تَعْدِلْ}: تقسط): كذا قال، والذي يظهر أنَّ المراد: وإن تَفْدِ كلَّ فداء، والعدلُ: الفدية، وقد صرَّح به في «الكشاف»، انتهى، وفي «تفسير ابن عبد السلام» الشيخ عزِّ الدين الشافعيِّ: {تَعْدِلْ}: تفتَدِ بالتوحيد والانقياد كلَّ فداء، وقيل: تقسط.

قوله: (تُرْهَبُ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا: (تُرْحَمُ) مثلُه.

قوله: (والقِنْوُ: العِذْقُ): هو بكسر العين المهملة، وإسكان الذال المعجمة، وقد تَقَدَّم في (النساء): أنَّه العرجون، وقيل: لا يقال له عِذْق إلَّا إذا كان بشماريخه.

==========

[1] قوله: (وهو {وَنُفِخَ فِي الصُّوَرِ} ... ) إلى هنا جاء في (أ) متأخِّرًا بعد استدراك قول ابن قرقول والتنبيه، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] وهو الجرجانيُّ.

[ج 2 ص 286]

(1/8264)

[{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو}]

(1/8265)

[حديث: مفاتح الغيب خمس: إن الله عنده علم الساعة]

4627# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 286]

(1/8266)

[{قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم} الآية]

(1/8267)

[حديث: لما نزلت: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم}]

4628# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل السَّدُوسيُّ، وأنَّ لقبه عَارم، وتَقَدَّم ما معنى العَارم.

تنبيهٌ: وقع في أصلنا الدِّمَشْقيِّ في أصله: (حدثنا أبو نعيم)، وفي الهامش: (أبو النُّعمان)، وكتب عليه: (خ صح)، ولم يطرِّفه المِزِّيُّ إلَّا عن أبي النُّعمان في (التفسير)، وقتيبة في (التوحيد).

قوله: (هَذَا أَهْوَنُ، أَوْ: هَذَا أَيْسَرُ): هذا شكٌّ من الراوي؛ يعني: أنَّ الفتن بين المخلوقين وعذابَهم أهونُ من عذاب الله، وبالفتن ابتُليت هذه الأمَّة، وقد سألها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مع الاثنتين المعروفتين، فمُنِع هذه، وأُعطي الاثنتين، والحديث بذلك معروف.

==========

[ج 2 ص 286]

(1/8268)

[{ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}]

(1/8269)

[حديث: لما نزلت: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}]

4629# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (بَشَّار) بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، تَقَدَّم، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش ابن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَلْقَمَةُ): هو ابن قيس النخعيُّ، أبو شبل الكوفيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّموا كلُّهم.

[ج 2 ص 286]

قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم بظاهرها ضبطه، و (ابْنُ مَهْدِيٍّ): هو عبد الرَّحمن، أحد الأعلام، و (أَبُو العَالِيَة): قال الدِّمْياطيُّ: أبو العالية: هو رُفيع بن مهران، أعتقته امرأة من بني رياح من تميم سائبة لوجه الله، أسلم بعد موته عَلَيهِ السَّلام بعامين، ودخل على أبي بكر، وقرأ القرآن بعد وفاته عَلَيهِ السَّلام بعشر سنين، تُوُفِّيَ في ولاية الحجَّاج، سنة تسعين في شوَّال، وروى عن ابن عبَّاس آخر يقال له: أبو العالية البرَّاء، واسمه: زياد بن فيروز البصريُّ، مولى قريش، كان يبري النَّبل، مات في ولاية الحجَّاج أيضًا سنة تسعين، روى له البُخاريُّ حديثًا في تقصير الصلاة عن ابن عبَّاس من رواية أيوب السَّختيانيِّ عنه، وقد اتَّفقا عليه وعلى رُفيع بن مهران، انتهى.

وهذا معروف، ولكنَّ شرطي أن أذكر حواشي الدِّمْياطيِّ التي وقعَتْ إليَّ على «صحيح البُخاريِّ»، كلاهما بخطِّه، والله أعلم، وسأذكر الكلام في السائبة في (الفرائض) من هو.

(1/8270)

[{ويونس ولوطًا وكلا فضلنا على العالمين}]

(1/8271)

[حديث: ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى]

4630# قوله: (أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى): تَقَدَّم الكلام على (أنا)، وعلى (متَّى)، في (الأنبياء)؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 287]

(1/8272)

[{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}]

(1/8273)

[حديث مجاهد: أنه سأل ابن عباس: أفي {ص} سجدة؟]

4632# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (أَفِي {ص} سَجْدَةٌ؟): في {ص} [ص: 1] قراءات؛ وها هي: ذكر مكيٌّ فيها قراءات: إسكان الصاد وكسرها وفتحها من غير تنوين، وكسرها منوَّنة، وما عدا الإسكان؛ فشاذٌّ، وقد تَقَدَّم.

قوله: (زَادَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنْ مُجَاهِدٍ) أمَّا (يزيد بن هارون)؛ فهو أبو خالد، أحد الأعلام، وأمَّا (محمَّد بن عُبيد)؛ فهو محمَّد بن عُبيد بن أبي أُمَيَّة الطنافسيُّ، أبو عبد، الكوفيُّ الأحدب، عن هشام بن عروة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، والعوَّام بن حَوْشب، وطائفةٍ، وعنه: أحمد، وابن راهويه، وابن معين، وأبو بكر ابن أبي شيبة، ومسدَّد، وخلقٌ، وثَّقه أحمد وابن معين، وقال العجليُّ: ثِقةٌ عثمانيٌّ، وكان حديثه أربعة آلاف يحفظها، ووثَّقه الدارقطنيُّ، تُوُفِّيَ سنة (25 هـ)، وقيل: سنة (24 هـ)، والأوَّل أصحُّ، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

و (سهْل بن يوسف): هو الأنماطيُّ، أبو عبد الرَّحمن، عن سليمان التيميِّ، وحُميد، وعنه: أحمد، وبندار، وابن معين ووثَّقه، أخرج له البُخاريُّ، والأربعة، قال أحمد: سمعت منه سنة تسعين ومئة، و (العوَّام): هو ابن حوشب الواسطيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّم، وحديث العوَّام أخرجه البُخاريُّ في (أحاديث الأنبياء) عن محمَّد عن سهل بن يوسف، وفي (التفسير) عن محمَّد بن عبد الله عن محمَّد بن عبيد، وعن بندار عن غندر عن شعبة؛ ثلاثتهم عن العوَّام به.

قوله: (مِمَّنْ أُمِرَ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ): فاعل (يَقتدي): (هو)، عائد على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهذا ظاهرٌ.

(1/8274)

[{وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ... }]

قوله: ({الحَوَايَا} [الأنعام: 146]: الْمِبْعَرُ [1]): {الحَوايَا}: جمع حَوِيَّة، وجمع الحوايا: حواوي على (فواعِل)؛ وهي الأمعاء، قال ابن قُرقُول: (وفي «باب {الحوايا}: المباعر» كذا له [2]، ولغيره: «الِمِبْعَرُ»، ولأبي إسحاق: «الأمعاء»، والأوَّل أوجه)، انتهى وقوله: (المِبْعَر): هو مكسور الميم في أصلنا.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ): أي: غير من فسَّر الذي قبله، وقد تَقَدَّم أنَّ هذا هو الظاهر، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (المَبعر)؛ بفتح الميم، وهي في هامش (ق) معًا مستدركة.

[2] أي: لأبي الوقت.

[ج 2 ص 287]

(1/8275)

[حديث: قاتل الله اليهود لما حرم الله عليهم شحومها جملوه]

4633# قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا معروفٌ عند أهله، و (عَطَاءٌ) بعده: هو عطاء بن أبي رباح، تَقَدَّم.

قوله: (جَمَلُوهُ): هو بالجيم، قال ابن قُرقُول: «جملوه»، وفي حديث آخر: «أجملوه»؛ يعني: الشحوم؛ يعني: أذابُوها، وكذلك يقال: جمل وأجمل.

قوله: (وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ): هذا هو الضَّحَّاك بن مخلد النَّبيل، شيخ البُخاريِّ، ومن أكبر شيوخه، وعنه: الجماعة بواسطة، وقد تَقَدَّم الكلام فيما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان)، وفلان المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه مثل: (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، و (عَبْدُ الْحَمِيدِ) بعده: قال الدِّمْياطيُّ: ابن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان، انفرد به مسلم، انتهى، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وقد قدَّمتُ أنَّ هذا وأمثاله يسمِّيه المِزِّيُّ والذهبيُّ تعليقًا، وقال ابن الصلاح: إنَّه مثل: حدَّثنا، وقد تُكلِّم في عبد الحميد من أجل القدر، وقال ابن معين وغيره: ثِقةٌ، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وقال ابن عديٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به، وقال ابن سعد: ثِقةٌ كثير الحديث، قال: ومات بالمدينة سنة (153 هـ)، وله سبعون سَنةً، انتهى، له ترجمة في «الميزان»، وكمثل ما هنا (وقال أبو عاصم) به ذكره البُخاريُّ في (البيوع) أيضًا.

و (يَزِيدُ) بعده: هو ابن أبي حبيب، كما تَقَدَّم أعلاه، (قَالَ [1] يَزِيدُ: كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ)، وأخرجه مسلم عن محمَّد بن المثنَّى، عن أبي عاصم به، وعن أبي بكر ابن أبي شيبة، ومحمَّد بن عبد الله بن نمير؛ كلاهما عن أبي أسامة عن عبد الحميد به، وأخرجه أبو داود عن محمَّد بن بشار عن أبي عاصم به، والله أعلم، وقد تَقَدَّم الكلام على رواية الحديث بالمكاتبة، وقد ذكرتها مطوَّلة؛ المقرونة بالإجازة، وغير المقرونة؛ كهذه، والكلُّ صحيح، وهو عندهم من المسند المُتَّصِل، والله أعلم.

(1/8276)

[{ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن}]

(1/8277)

[حديث: لا أحد أغير من الله ولذلك حرم الفواحش]

4634# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو ابن مرَّة، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، تَقَدَّموا.

قوله: (لاَ أَحَدٌ أَغْيَرَ [1] مِنَ اللهِ): إن نوَّنت (أحدًا) مرفوعًا؛ فقل: (أغيرَ)؛ بالنصب، وإن فتحت (أحدًا) غير منصوب؛ فقل: (أغيرُ)؛ بالرفع.

قوله: (وَلاَ شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ): (حُبُّ المدح): ليس من جنس ما نفعلُ من حبِّ المدح، وإنَّما الربُّ عزَّ وجلَّ أحبَّ الطاعات،

[ج 2 ص 287]

ومن جملتها مدحُه عزَّ وجلَّ؛ ليُثيب على ذلك، فينتفع المكلَّف، لا لينتفع هو بالمدح، وأمَّا نحن؛ فنحبُّ المدح لننتفعَ به في الدنيا، ويرتفعَ قدْرُنا في قومنا، فظهر من هذا أنَّ من غلط العامَّةِ قولَهم: إذا كان الله يحبُّه؛ فكيف لا نحبُّه نحن؟! نبَّه عليه ابن عَقِيل، قاله شيخنا.

تنبيهٌ: استنبط عبد اللطيف البغداديُّ منه جواز قولك: مدحت الله، وليس صريحًا.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (أحدَ أغيرُ)، وهي في (ق) معًا.

(1/8278)

[تتمة غريب سورة المائدة الآيات: 102 - 138]

قوله: ({قُبُلًا} [الأنعام: 111]: جَمْعُ قَبِيلٍ): بضمِّ القاف والباء بالقلم في أصلنا، قال شيخنا بعد أن ضبطه كما ضبطته ما لفظه: قال ابن التين: ضُبِط في بعض الأمَّهات بكسر القاف، وفتح الباء، وليس ببيِّن، وإنَّما يكون جمعًا إذا كان بضمِّ القاف والباء، انتهى.

قوله: ({حِجْرٌ} [الأنعام: 138]: حَرَامٌ): قال الدِّمْياطيُّ: الحجْر: الحرام، يُكسَر، ويضمُّ، ويُفتَح، والكسر أفصح، قاله الجوهريُّ، وحجْر الإنسان: يُفتَح ويُكسَر، وحَجْر اليمامة: قصبة بها، يُفتَح خاصَّة، انتهى، قال الجوهريُّ بعد أن ذكر اللغات الثلاث في (حجر): والكسر أفصح، وقد قُرِئ بهنَّ في قوله تعالى: {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138].

قوله: (وَالْحِجْرُ: كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ): هو بكسر الحاء، وإسكان الجيم، وكذا قوله: (وَيُقَالُ لِلأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ: حِجْرٌ)؛ بكسر الحاء، وإسكان الجيم، وكذا: (وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ: حِجْرٌ) مثله، قال ابن قُرقُول في (كتاب الأنبياء): (ويقال للعقل: حَجْل وحِجًا)؛ كذا لهم، وللأصيليِّ: و (حجنٌ) مكان (حِجًا)، وهو وهم، وفي آخر (سورة الأنعام) للنسفيِّ مثله، انتهى.

وقوله: (وَأَمَّا الْحِجْرُ؛ فَمَوْضِعُ ثَمُودَ): مثل ضبط ما قدَّمتُه؛ وكذا (وَمَا حَجَّرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ)، (حجرت): مخفف ومشدَّد، وقوله: (فَهُوَ حِجْرٌ): مثل ما تَقَدَّم، وقوله: (وَأَمَّا حَجْرُ الْيَمَامَةِ): هذا بفتح الحاء، وقد قدَّمتُ تقييده عن الدِّمْياطيِّ، وتَقَدَّم أيضًا في كلامي، والحاصل: أنَّ كلَّ ما ذكره البُخاريُّ؛ فهو بكسر الحاء، وإسكان الجيم، إلَّا (حَجْر: حرام) على لغة، وإلَّا ([حَجْر] اليمامة)؛ فإنَّه بفتح الحاء، وإسكان الجيم فقط، والله أعلم.

قوله: (وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ الْبَيْتِ حِجْرًا): (الحطيم): معروف، وقد تَقَدَّم ما هو، ومراده هنا بـ (الحِجْر)؛ وهو شبه نصف دائرة ملاصقًا للبيت من جانبه الشماليِّ، وقد قدَّمتُ هل هو من البيت، كلُّه أو بعضه؟ وكم البعض؟ في (الحجِّ)؛ فانظره، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 288]

(1/8279)

[{هلم شهداءكم}]

قوله: ({هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} [الأنعام: 150] لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ: {هَلُمَّ}، لِلْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ)، انتهى، تَقَدَّم الكلام على هذه المسألة قبل هذا.

==========

[ج 2 ص 288]

(1/8280)

[حديث: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا رأها]

4635# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): هو ابن زياد، تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ له مناكير يجتنبها أصحاب «الصحيح»، و (عُمَارَةُ) بعده: هو بضمِّ العين، مخفَّف الميم، ابن القعقاع، تَقَدَّم، وكذا (أَبُو زُرْعَةَ)، وأنَّ اسمه هرم، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم أنَّه ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ، وتَقَدَّم مترجمًا.

==========

[ج 2 ص 288]

(1/8281)

[حديث: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت]

4636# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة النساء) قبل هذا؛ فانظره، وقال المِزِّيُّ في هذا الحديث: (إسحاق ابن نصر)، وفي كتاب أبي مسعود: (إسحاق بن منصور)، وفي أكثر النسخ من البُخاريِّ: (إسحاق)؛ غير منسوب، انتهى، و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّامٌ): هو ابن مُنَبِّه.

==========

[ج 2 ص 288]

(1/8282)

(((7))) (سُورَةُ الأَعْرَافِ) ... إلى (الأَنْفَالِ)

قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَرِيَاشًا} [الأعراف: 26]: الْمَالُ): هي قراءة، قال شيخنا: قراءة عاصم؛ يعني: خارج «الشاطبية» و «التيسير»، قال شيخنا: ورسولِ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قال أبو حاتم: رواها عنه عثمان بن عفَّان، انتهى.

قال الشيخ الإمام النحويُّ البارع شهاب الدين السَّمين في «إعرابه»: وقرأ عثمان، وابنُ عبَّاس، والحسنُ، ومجاهد، وقتادة، والسُّلَميُّ، وعليُّ بن الحسين، وابنُه زيد، وأبو رجاء، وزِرُّ بن حُبيش، وعاصم وأبو عَمرو في رواية عنهما: {وَرِيَاشًا}، انتهى، و (الريش): القراءة المشهورة، وسيجيء قريبًا أنَّ (الرياش) و (الريش) واحدٌ، وهو ما ظهر من اللباس، انتهى، و (الريش): اللباس والنعيم، وقيل: الزينة، والجمال، و (الرياش): المال، كما نقله عن ابن عبَّاس، وقيل: إنَّه يحتمل أن يكون جمعَ (ريش)؛ كذئب وذِئاب، وقيل: الرياش: الأثاث، وما ظهر من المتاع، والله أعلم.

قوله: ({عَفَوْا} [الأعراف: 95]: كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ): اعلم أنَّ (عفا) من الأضداد، فيستعمل بمعنى: كثر، وهي هنا بمعنى: كثر، كما قال، والله أعلم.

قوله: (أَخَذَا الْخِصَافَ): (الخِصاف)؛ بكسر الخاء المعجمة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَمَشَاقُّ الإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهَا تُسَمَّى [1] سُمُومًا): (مَشاقُّ): بفتح الميم، وبالشين المعجمة المخفَّفة، وبعد الألف قاف مشدَّدة، وفي أصلنا: (كلُّهم)، وهي في الهامش، وعليها (صح)، وفي رواية: (كلُّها)، وعليها علامة راويها، وهي الجادَّة، والأفصح: كلُّهنَّ؛ لأنَّها دون العشرة، ويجوز (كلُّها).

قوله: (تُسَمَّى سُمُومًا، وَاحِدُهَا: سَمٌّ)، اعلم أنَّ (السَّم): الثَّقْبُ، ومنه: {سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، وسُموم الإنسان، وسِمامه؛ بكسرها، وهي ما ذكرها البُخاريُّ هنا، الواحد: سَمٌّ وسُمٌّ؛ بفتح السين وضمِّها.

قوله: (مَا غُشُوا [2] بِهِ): هو بضمِّ الغين والشين المخفَّفة المعجمتين.

قوله: ({الْقُمَّلَ} [الأعراف: 133]: الْحُمْنَانُ) هو بضمِّ الحاء المهملة، كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ الحافظ: بكسرها، وكذا قيَّده بعضهم، ثُمَّ ميم ساكنة، ثُمَّ نونان، بينهما ألف، قال الجوهريُّ: والحَمنانة: قُراد، قال الأصمعيُّ: أوَّله قَمْقامة صغير جدًّا، ثُمَّ حَمْنانة، ثُمَّ قُراد، ثُمَّ حَلَمة، ثُمَّ عَلٌّ وطِلْحٌ.

(1/8283)

قوله: (يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ): (الحَلَم): بفتح الحاء المهملة واللام، جمع حَلَمة؛ بفتحهما، قال الجوهريُّ: والحَلَمَة: القُراد العظيم، وهو مثل: العلِّ، وجمعها: حَلَم.

قوله: ({سُقِطَ} [الأعراف: 149]: كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ): قال الجوهريُّ: وسُقِطَ في يديه؛ أي: ندم، ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 149]، قال الأخفش: وقرأ بعضهم: {سَقَط}؛ كأنَّه أضمر الندم، وجُوِّز: أُسْقِط في يديه، وقال أبو عَمرو: لا يقال: (أُسقِط)؛ بالألف على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، وأحمد بن يحيى مثله، انتهى.

قوله: ({يَعْدُونَ} [الأعراف: 163]؛ يَتَعَدَّوْنَ [3]: يُجَاوِزُونَ، {تَعْدُ} [الكهف: 28]: تُجَاوِزْ): {تَعْدُ}: في أصلنا بإسكان العين، وضمِّ الدال، فـ (تجاوِزْ) على هذا: بكسر الواو، وهو فعلٌ مستقبلٌ مجزومٌ، وفي أصل آخَرَ صحيحٍ: (تَعَدَّ): بفتح التاء والعين والدال المشدَّدة، فعلى هذا (تُجاوِزْ): فعل أمر، فإن أراد التي في هذه السورة؛ فكان ينبغي أن يقول: (تعدو)، فعل مضارع مرفوع، ولا يجزمُه، وإن أراد التي في الكهف: {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28]؛ فهذه مجزومة بالنهي، وهذه أليق بما في أصلنا، ويكون أراد هذه، والله أعلم.

[ج 2 ص 288]

قوله: ({وَخِيفَةً} [الأعراف: 205]: خَوْفًا، {وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]: مِنَ الإِخْفَاءِ): من الخوف: {خِيفة}؛ بكسر الخاء، ومن الإخفاء: {خُفْية}، وهذا ظاهرٌ.

قوله: ({وَالْآصَالِ} [الأعراف: 205]: وَاحِدُهَا: أَصِيلٌ؛ وَهُوَ [4] مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ): اعلم أنَّ (الأصيلَ) كما قاله: من العصر إلى المغرب، وجمعه: أُصُلٌ، وآصالٌ، وأصائلُ؛ كأنَّه جمع أَصِيلة، ويجمع أيضًا على أُصْلَان؛ مثل: بعير وبُعران، ثُمَّ صغَّروا الجمع فقالوا: أُصَيْلانُ، ثُمَّ أبدلوا من النون لامًا، فقالوا: أُصيلال [5]، وحكى اللِّحيانيُّ لغتيه: أُصَيْلالًا وأُصَيْلانًا.

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) أيضًا مصحَّحة: (كلُّهم يُسمَّى).

[2] كذا في (أ) و (ق) وعليها: (خف)، ورواية «اليونينيَّة»: (غُشُّوا).

[3] زيد في «اليونينيَّة»: (له)، وهي ساقطة من رواية أبي ذرٍّ.

[4] قوله: (وهو): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت.

(1/8284)

[5] في (أ): (أصيلان)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8285)

[{إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن}]

(1/8286)

[حديث: لا أحد أغير من الله فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها]

4637# قوله: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ): تَقَدَّم الكلام على إعرابه قريبًا؛ فانظره في (النساء).

قوله: (وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا في (النساء)، و (المِدْحة)؛ بكسر الميم، وإسكان الدال: الثناء والذكر الحسن، فإذا فتحت؛ قلت: المَدح؛ ومعناه: أنَّه يريدها، ويأمر بها، ويثيب عليها.

==========

[ج 2 ص 289]

(1/8287)

[{ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ... }]

(1/8288)

[حديث: لا تخيروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة]

4638# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّم أنَّه الفريابيُّ، لا البيكنديُّ، وقدَّمتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، وأنَّ (سُفْيَانَ) هو الثوريُّ، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ): هذا الرجل من اليهود تَقَدَّم أنِّي لا أعرفه، وقال ابن بشكوال: إنَّ اليَهوديَّ اسمه فنحاص، واللاطم: أبو بكرٍ الصِّدِّيق، وهذا متعقَّبٌ، قصَّة أبي بكر وفنحاص في غير ذلك، ويردُّ عليه أيضًا: أنَّ اللاطم شخص من الأنصار، كما في بعض طرق «الصحيح»، وهو هنا وفي غيره أيضًا، وقوله: (قد لُطِم وجهُه): (لُطِم): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (وجهُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ): تَقَدَّم أنِّي لا أعرف هذا الأنصاريَّ.

قوله: (لِمَ لَطَمْتَ؟): هو بفتح الميم على الاستفهام.

قوله: (لاَ تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في (الخصومات).

قوله: (فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في (الخصومات).

(1/8289)

[المن والسلوى]

(1/8290)

[حديث: الكمأة من المن وماؤها شفاء العين]

4639# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هذا هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ الْمَلِكِ): هو ابن عُمير.

قوله: (الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ): تَقَدَّم الكلام على ذلك في (سورة البقرة) مطوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ للْعَيْنِ [1]): تَقَدَّم الكلام علىه في (سورة البقرة).

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث (4478)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (شفاءُ العينِ)، وزيد في هامش (ق): (من) مع تنوين (شفاءٌ) في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

[ج 2 ص 289]

(1/8291)

[{قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا ... }]

(1/8292)

[حديث: أما صاحبكم هذا فقد غامر]

4640# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): شيخ البخاريِّ (عبد الله) هذا: قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: قيل: إنَّه ابن حمَّاد الآمليُّ، انتهى، قال شيخنا بعد ذكر هذا القول من غير أن يعزوَه لأحد: ويحتمل أن يكون عبد الله بن أُبيٍّ، قاضي خوارزم، انتهى، وهذا أخذه من المِزِّيِّ أو من الذهبيِّ؛ فإنَّهما نقلا ذلك، قال الذهبيُّ في «التذهيب» في ترجمة عبد الله بن أُبيٍّ: روى البُخاريُّ: حدَّثنا عبد الله: حدَّثنا سليمان بن عبد الرَّحمن ... ؛ فذكر حديثًا، فقيل: هو عبد الله بن حمَّاد الآمليُّ، ويحتمل أن يكون عبد الله بن أُبيٍّ؛ فإنَّه مكثر عن سليمان، انتهى، وقد ذكرت في إسلام أبي بكر رضي الله عنه ما قيل في هذا، وكلامَ المِزِّيِّ، وكلامَ شيخنا الحافظ العراقيِّ؛ فانظره.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ زَبْرٍ): هو بفتح الزاي، وإسكان الموحَّدة، وبالراء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّ بُسْرًا هذا: بضمِّ الموحَّدة، وإسكان السين المهملة، وقدَّمتُ أنَّ من يقال له: (بُسْر) كهذا الضبط في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطأ»: ابنُ عبيد الله المشار إليه، وبُسْر بن سعيد، وبُسْر المازنيُّ والد عبد الله بن بُسْر، وبُسْر بن مِحْجن، وقد اختُلف فيه، وقد قدَّمتُه مطوَّلًا.

و (أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيُّ): تَقَدَّم أنَّ اسمه: عائذ الله بن عبد الله بن عَمرو، وقيل غير ذلك، أحد علماء التابعين، مشهور جدًّا، و (أَبُو الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّم أنَّ اسمه عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل: عبد الله بن قيس، وقيل: عويم، ابن زيد بن قيس بن أُمَيَّة، وقيل: عامر بن مالك، أنصاريٌّ خزرجيٌّ، تَقَدَّم رضي الله عنه.

قوله: (مُحَاوَرَةٌ): هي بالحاء المهملة والراء؛ وهي المجاوبة.

قوله: (مُغْضَبًا): هو بفتح الضاد، وهو اسم مفعول.

قوله: (فَقَدْ غَامَرَ): هو بالغين المعجمة، والميم، والراء، قال الدِّمْياطيُّ: أي: خاصم غيره؛ ومعناه: دخل في غمرة الخصومة؛ وهي مُعظمُها، والغامر: الذي يرمي بنفسه في الأمور المهلكة، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام عليه في (المناقب).

(1/8293)

قوله: (هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟!): كذا في أصلنا في الموضعين، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وفي نسخة في المكانين: (تاركون)، وهذه الجادَّة، وتلك على قراءة من قرأ: {زُيِّن لكثير من المشركين قتلُ أولادَهم شُرَكَائِهم} [الأنعام: 137]، وهي قراءة ابن عامر من السبعة، وكذا: {مخلفَ وعدَهُ رسلِه} [إبراهيم: 47]؛ شاذًّا، وقد ذكرتُ فيما مضى تخريجَها في (مناقب الصِّدِّيق)؛ فانظره.

(1/8294)

[{وقولوا حطة}]

(1/8295)

[حديث: قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجدًا}]

4641# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة النساء)، قال المِزِّيُّ في تطريف هذا الحديث: [البُخاريُّ] في (التفسير) عن إسحاق، وفي (أحاديث الأنبياء) عن إسحاق ابن نصر، ومسلم في آخر الكتاب عن محمَّد بن رافع، والتِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن عبد بن حميد؛ كلُّهم عن عبد الرزَّاق به، ففي قوَّة كلامه أنَّ ميله إلى أنَّه ابن نصر، والله أعلم، و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان العين مرارًا.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[ج 2 ص 289]

(1/8296)

[{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}]

(1/8297)

[حديث: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس]

4642# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): هو محمَّد بن مسلم.

قوله: (قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، وذكرت بعض ترجمته.

قوله: (فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ بْنِ حِصْنٍ [1]): (الحرُّ): مذكور في الصَّحابة، له وفادة، وهو الذي خالف ابن عبَّاس في صاحب موسى، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق الكلام عليه.

[ج 2 ص 289]

قوله: (هِيْ يَا بْنَ الْخَطَّابِ): قال ابن قُرقُول: قال ثابت: تقول للرجل؛ إذا استزدته: هيه، وإيهِ، وقد ذكرنا هذا في (الألف)، انتهى، وقد ذكرها في (الهاء مع الياءِ)، وقال شيخنا: (هيْ يا بن الخَطَّاب): على معنى التهديد، وفي كلام بعضهم: «هِيءَ»؛ بكسر الهاء، وآخره همزة مفتوحة، تقول للرجل إذا استزدته: هيه، وإيه، انتهى، وهذا الكلام فيه نظرٌ، وكأنَّه فيه غلطٌ، والذي أعرفه ما ذكرته، غير أنَّه يقال: هَأْهأَ بالإبل هِيْهَاءً وهأْهَأً: دعاها للعلف، فقال: هِيءْ هِيءْ، أو زجرها فقال: هَأْ هَأْ، والاسم: الهِيْءُ؛ بالكسر، والرجل قهْقهَ؛ فهو هَأْهَأٌ وهَأْهَاءٌ: ضحَّاك، انتهى، فعلى الزجر يكون بفتح الهاء ساكنَ الهمز، والله أعلم.

قوله: (مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ): هو بفتح الجيم، وإسكان الزاي، وهو العطاء الكثير.

==========

[1] (بن حصن): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/8298)

[حديث: ما أنزل الله إلا في أخلاق الناس]

4643# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الصلاة)، و (السَّلَم)، و (الجهاد)، و (حديث الإفك)، و (سورة الأعراف)، و (مريم)، و (الدخان) في موضعين، و (النجم)، و (اقْتَرَبَتِ)، و (المدثِّر)، و (الليل)، وفي (النكاح) في موضعين، و (الذبائح)، و (الأدب)، وفي آخر (كتاب استتابة المرتدِّين)، وفي (خبر الواحد)، وفي (التوحيد): (حدَّثنا يحيى: حدَّثنا وكيع)، فنسب ابن السكن في أكثر هذه المواضع: يحيى بن موسى الحُدَّانيُّ، وأهمل بعضَها، وقال البُخاريُّ في (الخوف): (حدَّثنا يحيى: حدَّثنا وكيع: حدَّثنا عليُّ بن المبارك ... )، فذكر حديثًا، نسبه ابن السكن أيضًا: يحيى بن موسى، ونسبه أبو ذرٍّ عن المستملي: يحيى بن جعفر، وقد قال البُخاريُّ في (عدَّة أصحاب بدر): (حدثنا يحيى بن جعفر: حدثنا وكيع عن سفيان)؛ هكذا في «الجامع» لجميع الرواة، وذكر أبو نصر أنَّ يحيى بن موسى الحُدَّانيَّ ويحيى بن جعفر البلخيَّ يرويان جميعًا عن وكيع في «الجامع»، انتهى.

4644# قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ): هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الراء، وبالدال المهملة، وهو عبد الله بن براد بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريِّ، الكوفيُّ، أبو عامر، عن عبد الله بن إدريس، وابن فُضَيل، وأبي أسامة، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ تعليقًا، ومسلم، وأبو زرعة، ومُطيَّن، وعبدان، والحسن بن سفيان، وجماعةٌ، قال أحمد: ليس به بأس، وقال مُطيَّن: تُوُفِّيَ في جمادى الآخرة سنة (234 هـ)، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، ومسلمٌ، كما تَقَدَّم، وقد قدَّمتُ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القول شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه؛ كـ (حدَّثنا)، كما قاله ابن الصلاح، ولكنِ الغالبُ أخذُه عنه ذلك في حال المذاكرة، وأنَّ المِزِّيَّ والذهبيَّ يجعلانه تعليقًا، والله أعلم، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة.

==========

[ج 2 ص 290]

(1/8299)

(((8))) (سُورَةُ الأَنْفَال) ... إلى (بَرَاءَة)

(1/8300)

[حديث ابن جبير: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: سورة الأنفال؟]

4645# قوله: (حَدَّثَنَا [1] هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشير، أبو معاوية السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تَقَدَّم، و (أَبُو بِشْرٍ) بعده: هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، وتَقَدَّم مترجمًا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أخبرنا)، وكذا في هامش (ق) مصحَّحة.

[ج 2 ص 290]

(1/8301)

[تتمة غريب آيات سورة الأنفال 9 - 30]

قوله: (رَدِفَنِي وَأَرْدَفَنِي: جَاءَ بَعْدِي): هو في أصلنا بفتح الدال، قال الجوهريُّ: (وردِفه): بالكسر؛ أي: تبعه ... إلى أن قال: وأردفه امرؤٌ: لغة في ردِفه؛ مثل: تبعه وأتبعه بمعنًى، وأنشد بيتًا، ولفظ ابن القطَّاع في «أفعاله» نحوُ لفظ البُخاريِّ في «الصحيح»، ولكنَّ الماضيَ بالكسر لا بالفتح، ولم أر فيما وقفت عليه في كتب اللغة: ردَفه؛ بفتح الدال، فيحرَّر ما في الأصل، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُكَاءً} [الأنفال: 35]: إِدْخَالُ أَصَابِعِهِمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ، {وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35]: الصَّفِيرُ): هذا تفسير غريب، والذي أعرفه: أنَّ (المكاء) الصفير، (والتصدية): التصفيق باليدين، ثُمَّ رأيت شيخنا قال بعد هذا التفسير الذي في «البُخاريِّ»: أسنده ابن أبي حاتم من حديث ابن أبي نجيح عنه بزيادة: (فكانوا يخلطون على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم صلاته)، وهو عكس قول المفسِّرين وأهل اللغة؛ لأنَّهم قالوا: (المكاء): الصفير، (والتصدية): التصفيق، وكذا قال النحَّاس: إنَّه المعروف في اللغة، والمرويُّ عن ابن عمر وغيره من العلماء، قال مقاتل: كان عَلَيهِ السَّلام إذا صلَّى في الكعبة؛ قام رجلان من المشركين من بني عبد الدار عن يمينه، فيصفِّران كما يصفِّر المُكَّاء؛ وهو طائر هذا اسمه، ورجلان عن يساره يصفِّقان بأيديهما؛ ليخلطا عليه صلاته وقراءته، فقتل الله الأربعة ببدر، ولهم يقول ولبقيَّتهم: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ}؛ يعني: القتل ببدر {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون} [الأنفال: 35]، انتهى.

و (المُكَّاء): الطائر؛ بضمِّ الميم، وتشديد الكاف، ممدود، قال في «الكفاية»: (المكَّاء): طائر يصوِّت في الرياض، سُمِّيَ مُكَّاءً؛ لكونه يمكو؛ أي: يصفِّر.

(1/8302)

[{إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون}]

(1/8303)

[حديث ابن عباس في قوله: {إن شر الدواب}]

4646# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه محمَّد بن يوسف الفريابيُّ، وتَقَدَّم الفرق بين وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (وَرْقَاءُ) بعده: هو ابن عُمر، و (ابْن أَبِي نَجِيحٍ): عبد الله بن أبي نَجِيح يسارٍ.

قوله: (هُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ): (عبد الدار) المذكور هنا: هو عبد الدار بن قصيٍّ، وتنسب إليه جماعة، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هم الذين كانوا يحملون اللواء يوم أُحُد حتَّى قُتِلوا [1]، وأسماؤهم في السيرة، انتهى.

==========

[1] في (أ): (تُقلوا)، والمثبت موافق لمصدره.

[ج 2 ص 290]

(1/8304)

[{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم .. }]

(1/8305)

[حديث: ما منعك أن تأتي؟]

4647# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ): تَقَدَّم الكلام على (إسحاق) هذا في (سورة

البقرة)، وقبل ذلك أيضًا، وقال المِزِّيُّ لمَّا طرَّفه: في (التفسير) عن إسحاق بن منصور، انتهى، وقال شيخنا هنا: هو ابن منصور، كما صرَّح به أبو مسعود وخلف، انتهى، و (روح): تَقَدَّم أنَّه ابن عُبادة، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، وهذا معروف عند أهله، و (أَبُو سَعِيدِ بْنُ المُعَلَّى): تَقَدَّم الكلام مطوَّلًا في أوَّل (البقرة) في (الفاتحة)، ومن اتَّفق له مثله؛ فانظره.

قوله: (أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ): تَقَدَّم أنِّي أذكر الكلام على هذا في (فضائل القرآن) إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ): الحكمة في الإتيان بتعليق معاذ؛ لأنَّ حفص بن عاصم عنعن عن سعيد أبي سعيد بن المعلَّى، وفي التعليق صرَّح بالسماع منه، و (معاذ) هذا: هو ابن معاذ التميميُّ العنبريُّ الحافظ، قاضي البصرة، تَقَدَّم، تُوُفِّيَ سنة (196 هـ).

==========

[ج 2 ص 290]

(1/8306)

[{وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة.}]

قوله: (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا سَمَّى اللهُ [1] مَطَرًا فِي الْقُرْآنِ إِلاَّ عَذَابًا ... ): إلى آخر كلامه، قال الدِّمْياطيُّ: بل قد سمَّى ما ليس عذابًا مطرًا، فقال: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَر} [النساء: 102]؛ فهو وإن نَسَب إليه الأذى؛ لا يُخرِجه من أن يكون غيثًا، انتهى، وما قاله الدِّمْياطيُّ معروف، قال في «المطالع»: مَطَرَتِ السماء وأمطرت؛ بمعنًى واحد، وحكى بعضُ المفسِّرين: مَطَرَت في الرحمة، وأمطرت في العذاب؛ لأنَّهم وصفوه كذلك في القرآن في مواضع، والصحيح: أنَّهما بمعنًى، ألا تراهم {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24]، وإنَّما ظنُّوه مطر رحمة؛ فقيل لهم: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} [الأحقاف: 24]، انتهى.

[ج 2 ص 290]

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (تعالى).

(1/8307)

[حديث: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر .. ]

4648# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ): قال الإمام الذهبيُّ في «التذهيب»: (أحمد عن عبيد الله بن معاذ) في (سورة الأنفال)، قال الحاكمان: إنَّه أحمد بن النضر، وقد مرَّ؛ يعني: مرت ترجمته، انتهى، وقال الدِّمْياطيُّ في قول البُخاريِّ بُعَيد هذا المكان: (حدَّثنا محمَّد بن النضر) ما لفظه: أخو أحمد المطلق في الباب قبله، قاله ابن البيِّع، انتهى، فوافقه، وما قاله الذهبيُّ هو في «تهذيب المِزِّيِّ»، وقد ذكر هذا المكان الجيَّانيُّ، ونقل فيه: أنَّه أحمد بن النضر، وذكر شيخنا هنا كلامًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، ثُمَّ تحرَّر لي أنَّه صحَّح أنَّه أحمد بن النضر، والله أعلم.

قوله: (عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ [2] الزِّيَادِيِّ): هو بكسر الزاي، وبالمثنَّاة تحت، و (عبد الحميد): وقع في بعض النسخ هنا: هو ابن كِرْدِيد، وكِرْدِيد؛ بكسر الكاف، وإسكان الراء، ثُمَّ دال مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال أخرى، مهملتين، وهو مصروفٌ، والكِرديدة: ما يبقى في أسفل الجُلَّة من التمر، والجُلَّة: وعاء التمر، قاله الجوهريُّ، وقال الغسانيُّ في «تقييده»: بكسر الكاف، والراء والدال المهملتين، انتهى، وهذا مثل ما ضبطته [3]، غير أنَّ الذي ضبطتُه أتمُّ، وهو عبد الحميد بن كِرْدِيد، وهو عبد الحميد بن دينار، وقيل: ابن واصل البصريُّ، صاحب الزياديِّ، عن أنس، وأبي رجاء العطارديِّ، وجماعةٍ، وعنه: شعبة وحمَّاد بن زيد وأثنى عليه، وجماعةٌ، وثَّقه أحمد وغيرُه، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وإنَّما ضبطتُ كِرْديدًا؛ لأنِّي رأيتُ بعض محدِّثي بلدنا وقد ذُكر هذا الاسم عنده، فاستغربه جدًّا، وقال: ما سمعته قطُّ، أو نحو هذا، والله أعلم، والذي ظهر لي منه أنَّه كان يكثر القراءة في نسخة عنده من البُخاريِّ مصريَّة، والظاهر أنَّ التوضيح لم يكن فيها، والله أعلم.

قوله: (قَالَ أَبُو جَهْلٍ): تَقَدَّم أنَّه عَمرو بن هشام، فرعون هذه الأمَّة، وبقيَّة نسبه ذُكِرَت.

(1/8308)

[{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم ... }]

(1/8309)

[حديث: قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر ... ]

4649# قوله: (عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه، وضبط (الزِّيَاديِّ).

==========

[ج 2 ص 291]

(1/8310)

[{وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}]

(1/8311)

[حديث: يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه]

4650# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وإسكان المثنَّاة تحت، ثُمَّ واو، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو ابن شُريح التُّجَيبيُّ، أبو زُرعة، فقيه مصر وزاهدها ومحدِّثها، عن أبي يونس مولى أبي هريرة، ويزيد بن أبي حبيب، وربيعة القصير، وعنه: الليث، وابن وهب، وغيرُهما، له كرامات وأحوال، مات سنة (158 هـ)، أخرج له الجماعة، و (بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو) بعده: هو المعافريُّ، و (بُكَيْرٌ): هو ابن عبد الله بن الأشجِّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ): هذا الرجل الذي جاء ابنَ عُمر تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة البقرة)، وفي مكان آخر، وأنَّ شيخنا قال عن الحُميديِّ في «جمعه»: إنَّه حكيم، انتهى، وتَقَدَّم أنَّ ابن شيخنا البلقينيِّ قال: إنَّه العلاء بن عَرار، ونقله عن «الخصائص» للنسائيِّ، وتَقَدَّم ما قاله بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين.

قوله: (أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلاَ أُقَاتِلُ): (أغترُّ) في الموضعين: بفتح الهمزة، ثُمَّ غين معجمة ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ راء مشدَّدة، كذا هو مضبوط في أصلنا في الموضعين؛ أي: أخاطر، تركي مقتضى الأمر بها أحبُّ إليَّ أن أخاطر بالدخول تحت خطر وعيدِ الآية الأخرى، و (الغَرَر): المخاطرة، ولم يذكر في «المطالع» سوى هذه الرواية، وفي نسخة هي على هامش أصلنا: (أُعَيَّر)؛ بضمِّ الهمزة، ثُمَّ عين مهملة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة مشدَّدة، ثُمَّ راء، من التعيير؛ وهوالتوبيخ، وأمَّا اللفظة الثانية؛ فلم يُكتَب تجاهها شيء، والله أعلم.

قوله: (إِمَّا يَقْتُلُوهُ، وَإِمَّا يُوثِقُوهُ): (إمَّا) في الموضعين: بكسر الهمزة، وتشديد الميم، ووجه الكلام: (يقتلونه، وإمَّا يوثقونه)؛ بإثبات النون، والأوَّل في أصلنا، والثاني نسخة في هامشه، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (يقتلوه ويوثقوه) في الموضعين بغير تردُّد، قال شيخنا: بإثبات النون هو الصواب، ثُمَّ ذكر حذف النون، ثُمَّ قال: وهو خلاف الصواب، قال: لأنَّ (إمَّا) هنا عاطفة مكرَّرة، وإنَّما تَجزم إذا كانت شرطًا، انتهى، وما قاله ظاهر، غير أنَّ حذف النون لغة معروفة حيث لا جازم ولا ناصب أيضًا.

قوله: (حَتَّى كَثُرَ): هو بضمِّ الثاء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَخَتَنُهُ): (الختن): زوج البنت.

(1/8312)

قوله: (وَهَذِهِ ابْنَتُهُ _أَوْ بِنْتُهُ_ حَيْثُ تَرَوْنَ)، تَقَدَّم الكلام عليه في (البقرة)، وفي أصلنا: (أو بيته حيث ترون)، وفي الهامش نسخة: (أَبْيُتُهُ): جمع (بيت)، جمع قلَّة.

==========

[ج 2 ص 291]

(1/8313)

[حديث: خرج علينا ابن عمر فقال رجل: كيف ترى في قتال الفتنة؟]

4651# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ) بعده: تَقَدَّم مرارًا أنَّه زهير بن معاوية بن حُديج الحافظ، أبو خيثمة، و (بَيَانٌ) بعده: هو ابن بِشر المؤدِّب، عن أنس، وقيس بن أبي حازم، وعنه: شعبة، وزائدة، وعدَّةٌ، أخرج له الجماعة، قال أحمد وابن معين: ثِقةٌ، تُوُفِّيَ في حدود الأربعين ومئة، أخرج له البُخاريُّ فقط، و (وَبرَةُ) بعده: بفتح الباء الموحَّدة وإسكانها، هو ابن عبد الرَّحمن.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الْفِتْنَةِ؟): تَقَدَّم أعلاه وقبله ما قيل فيه، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين في هذا: هذا الرجل اسمه حكيم، سمَّاه البَيهَقيُّ في روايته لهذا الحديث من الطريق التي أخرجها البُخاريُّ.

==========

[ج 2 ص 291]

(1/8314)

[{يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ... }]

(1/8315)

[حديث: لما نزلت: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}]

4652# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

قوله: (فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ): (كُتِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَكَتَبَ أَنْ لاَ يَفِرَّ): (كَتب): بفتح الكاف والباء، مبنيٌّ للفاعل، كذا في أصلنا.

قوله: (زَادَ سُفْيَانُ): هو ابن عيينة المذكور في السند، وكذا (سفيان) المذكور قبله وبعده.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ): (ابن شُبرمة): هو عبد الله بن شبرمة بن طُفيل، أبو شبرمة، الضَّبِّيُّ الكوفيُّ القاضي، الفقيه العالم، عالم أهل الكوفة

[ج 2 ص 291]

عن أنس، وأبي الطفيل، والشعبيِّ، وأبي زُرعة البجليِّ، وإبراهيم النخعيِّ، وطائفةٍ، وعنه: شعبة، والسُّفيانان، وابن المبارك، وخلقٌ، وثَّقه أحمد، وأبو حاتم، وغيرهما، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، تُوُفِّيَ سنة (144 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَأُرَى الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ): (أُرَى): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، وقد تَقَدَّم.

(1/8316)

[{الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا} ... ]

(1/8317)

[حديث: لما نزلت {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين}]

4653# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ): هو بضمِّ السين، وفتح اللام، وهو يحيى بن عبد الله بن زياد المَروزيُّ، يعرف بخاقان، انفرد به البُخاريُّ، ثِقةٌ، وترجمته معروفة، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، و (الزُّبَيْرُ بْنُ خِرِّيتٍ): بكسر الخاء المعجمة، وتشديد الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق، مصروف، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ): (فُرِض): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ): (خُفِّف) في أصلنا: مبنيٌّ للمفعول، ولو بُنِيَ للفاعل؛ جاز، ولم يمتنع.

==========

[ج 2 ص 292]

(1/8318)

(((9))) (سُورَةُ بَرَاءَةَ)

فائدةٌ هي تنبيهٌ: قيل: إنَّما لم يُبسمَل في هذه السورة؛ لأنَّها و (الأنفال) سورة واحدة، ومعنى هذا في «التِّرْمِذيِّ» في (الصلاة)، وكذا في «أبي داود»، واللفظ للترمذيِّ عن ابن عبَّاس قال: قلت لعثمان بن عفَّان: ما حملكم على أن عمدتم إلى (براءة) وهي من المِئِين، وإلى (الأنفال) وهي من المثاني، فجعلتموهما [1] في السبع الطُّوَل، ولم تكتبوا بينهما سطر (بسم الله الرَّحمن الرحيم)؟ فقال عثمان: كان النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ممَّا تَنزل عليه الآياتُ، فيدعو بعض من كان يكتب له، ويقول: «ضع هذه الآية في السورة التي يُذكَر فيها كذا»، وتنزل عليه الآية والآيتان فيقول مثل ذلك، وكانت (الأنفال) من أوَّل ما نزل عليه بالمدينة، وكانت (براءة) من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصَّتها شبيهةً بقصَّتها، فظُننت أنَّها منها، فمِن هناك وضعتها في السبع الطول، ولم أكتب بينهما سطر: (بسم الله الرَّحمن الرحيم)، والتِّرْمِذيُّ أيضًا في (التفسير)، والنَّسائيُّ في (فضائل القرآن)، انتهى.

ونقل شيخنا في (سورة اقرأ): أنَّ عبد الله بن الزُّبَير سأل عثمان عن ذلك، والله أعلم، وفي «الحاكم» عن ابن عبَّاس قال: سألت عليًّا عن ذلك، فقال: لأنَّ البسملة أمان، و (براءة) نزلت بالسيف، ليس فيها أمان، قال القشيريُّ: والصحيح أنَّ جبريل ما نزل بها فيها.

قوله: (وَقَالَ: إِذَا مَا قُمْتُ ... )؛ البيتَ: كذا في نسختنا الأصل هنا، وكتب عليه وعلى شيء آخر غيره: إنَّه زائد، ولفظ البُخاريِّ فيما يأتي، وقال الشاعر:

~…إذا ما قُمْتُ أرحلُها بليل… ........

والشاعر المشار إليه هو: المُثَقَّبُ العبديُّ، والمُثَقَّبُ؛ بضمِّ الميم، وفتح الثاء المثلَّثة، ثُمَّ قاف مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وهذا لقبٌ له، واسمه: عائذ بن محصن، من عبد القيس، وإنَّما قيل له: المثقَّب؛ لقوله:

~…أَرَيْنَ مَحَاسِنًا وَكَنَنَّ أُخْرَى…وَثَقَّبْنَ الوَصَاوِصَ لِلعُيُونِ

وقد ذكر شيخنا في اسمه قولين آخرين مع الأوَّل، ثُمَّ قال: والأوَّل أثبت، انتهى.

قوله: (إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحَلُهَا بِلَيْلٍ): هو بفتح الهمزة، وإسكان الراء.

قوله: (تَأَوَّهُ): هو بتشديد الواو المفتوحة، وضمِّ الهاء، محذوف إحدى التاءين.

(1/8319)

قوله: (آهَةَ): هو بفتح الهمزة الممدودة، والهاء مخفَّفة، ثُمَّ تاء، منصوب، ونصبه معروف، يقال: أوَّهَ الرجلُ تأويهًا، وتأوَّه تأوُّهًا؛ إذا قال: أوَّهْ، والاسم: الآهَةُ؛ بالمدِّ، وهذا البيت الذي أنشده الإمام البُخاريُّ يروى كما قيَّدته، ويُروى: (أَهَّةَ)؛ بفتح الهمزة، وتشديد الهاء مفتوحة، ونصب التاء، من قولهم: أَهَّ؛ بفتح الهمز، وتشديد الهاء مفتوحة؛ إذا توجَّع، قال العجَّاج:

…~…وإِنْ تَشَكَّيْتِ أَذَى القُرُوْحِ

…~…بأهَّةٍ كَأَهَّةِ المَجْرُوْحِ

قوله: (وَالْخُبَالُ [2]: الْمَوْتُ): كذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، قال ابن قُرقُول: كذا للجميع، والصواب: المُوْتةُ؛ يعني: الجنون، انتهى.

قوله: ({كَرْهًا} و {كُرْهًا} [التوبة: 53]: وَاحِدٌ): يعني: بفتح الكاف وضمِّها؛ لغتان، وهذا رأي الكسائيِّ، والفرَّاءُ يقول: الكُره؛ بالضمِّ: المشقَّة، يقال: قمت على كُره؛ أي: على مشقَّة، ويقال: أقامني فلان على كَره؛ بالفتح؛ إذا أكرهك عليه، وسأذكره في (الإكراه) بزيادة إن شاء الله تعالى وقدَّره، وقد قرأ: {كُرْهًا} التي في (النساء [الآية: 16]) وهنا حمزة والكسائيُّ بالضمِّ، والباقون بالفتح، وأمَّا التي في (الأحقاف)؛ فقرأ الكوفيُّون وابن ذكوان بالضمِّ فيهما، والباقون بفتح الموضعين.

قوله: ({أَهْوَى} [النجم: 53]: أَلْقَاهُ فِي هُوَّةٍ): (الهُوَّة): بضمِّ الهاء وتشديد الواو، ثُمَّ تاء، وهي الوهدة العميقة، وكذا (الأُهْويَّة) على (أُفعولة) مثلُها.

قوله: (وَمِنْهُ: مَعْدِنٌ): هو بكسر الدال؛ وكذا قوله: (فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ)، وهذا معروف.

قوله: (إِلَّا [3] فَارِسٌ وَفَوَارِسُ، وَهَالِكٌ وَهَوَالِكُ): أهمل جموعًا أخرى ذكرها شيخنا في «شرحه».

قوله: (الشَّفَا: شَفِيرٌ؛ وَهْوَ حَدُّهُ): (حَدُّه): بفتح الحاء وتشديد الدال المهملتين، ثُمَّ هاء الضمير.

قوله: (وَفَرَقًا): هو بفتح الراء، و (الفرَق): الفزع، وهذا معروف.

قوله: (وَقَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا مَا قُمْتُ ... )؛ البيت، تَقَدَّم الكلام قُبَيل هذا على الشاعر، وعلى هذا البيت؛ فانظره.

(1/8320)

[{براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين}]

قوله: ({أُذُنٌ} [التوبة: 61]: يُصَدِّقُ): هو بضمِّ الياء، وفتح الصاد، وكسر الدال المشدَّدة، المهملتين، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 292]

(1/8321)

[حديث: آخر آية نزلت: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}]

4654# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السبيعيُّ.

قوله: (آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ): تَقَدَّم الاختلاف في آخر ما أُنزِل من الآيات في أوَّل هذا التعليق.

قوله: ({يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ} [النساء: 176]): تَقَدَّم الكلام على (الكلالة) في (النساء) وقبلها.

قوله: (وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ): تَقَدَّم الخلاف في آخر سورة نزلت، وقد ذكرت هناك أنِّي أذكر تعقُّبًا في ذلك، وها هو، قال الداوديُّ: لم يختلفوا أنَّ أوَّل (براءة) نزلت سنة تسع لمَّا حجَّ الصِّدِّيق بالناس، وأُنزِلت: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] عام حجَّة الوداع، فكيف تكون (براءة) آخرَ سورة أنزلت؟! ولعلَّ البراء أراد: بعض (براءة)، انتهى، نقله شيخنا.

==========

[ج 2 ص 292]

(1/8322)

[{فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ... }]

(1/8323)

[حديث: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين]

4655# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح الفاء، وتَقَدَّم أنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد الإمام، وأنَّ (عُقَيْلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ) هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) _عن أبي هريرة_: تَقَدَّم أنَّه الزُّهريُّ، لا حميد بن عبد الرَّحمن الحميريُّ؛ لأنَّ الحميريَّ ليس له في «البُخاريِّ» شيء عن أبي هريرة، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ [1] قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا الحديث وضعه أبو مسعود وابن عساكر في (مسند أبي بكر)، وأنَّ خلفًا وضعه في (مسند أبي هريرة)، وأنَّ المِزِّيَّ ذكره فيهما.

قوله: (فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ): تَقَدَّم أنَّ هذه الحجَّة كانت سنة تسع، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فِي مُؤَذِّنِينَ): هو بكسر النون، جمع (مُؤذِّن).

قوله: (قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه الزُّهريُّ أعلاه وقبله أيضًا مطوَّلًا.

قوله: (قَالَ حُمَيْدٌ) _هو (ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ_: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ): تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق في الحكمة في إردافِ عليٍّ الصِّدِّيقَ بـ (براءة)، وذكرت فيه أقوالًا.

تنبيهٌ: قال أبو زرعة: حديث حُميد بن عبد الرَّحمن عن أبي بكر وعليٍّ مرسلٌ، قال العلائيُّ في «المراسيل»: قد سمع من أبيه وعثمان رضي الله عنهما، فكيف يكون حديثه عن عليٍّ مرسلًا وهو معه بالمدينة؟! نعم؛ روى عن عمر رضي الله عنه، وكأنَّه مرسلٌ، انتهى، ولم تقع هنا روايته عن أبي بكر، ولكنْ أبو زرعة ذكر ذلك، فلم أحذف كلامه في روايته عن أبي بكر، والله أعلم.

[ج 2 ص 292]

(1/8324)

[{وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر ... }]

(1/8325)

[حديث: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في المؤذنين]

4656# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه ابن سعد، و (عُقَيْلٌ): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم في ظاهرها أنَّه الزُّهريُّ، لا الحِمْيَريُّ.

قوله: (فِي الْمُؤَذِّنِينَ): تَقَدَّم بظاهرها أنَّه بكسر النون، وأنَّه جمع.

==========

[ج 2 ص 293]

(1/8326)

[{إلا الذين عاهدتم من المشركين}]

(1/8327)

[حديث: ألا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان]

4657# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في آخر (كتاب الأنبياء) قُبَيل (ذكر بني إسرائيل)؛ فانظره.

قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هذا هو ابن كيسان، تَقَدَّم مرارًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الزُّهريُّ.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّم أنَّ (الرهط) ما دون العشرة من الرجال؛ كالنَّفرِ.

قوله: (يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ): وكذا في «مسلم»، وقوله: (يوم النحر: يوم الحجِّ الأكبر)، وهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء: قال النوويُّ في «مناسكه»: إنَّ الصواب أنَّه يوم النحر، انتهى، والثاني: عرفة، والثالث: يأتي، والفاصل للنزاع: أنَّ عليَّ بن أبي طالب سأل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عن يوم الحجِّ الأكبر، فقال: «يومُ النحر»، ذكره التِّرْمِذيُّ، وعند أبي داود بإسناد صحيح: أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحَجَّة التي حجَّ فيها، فقال: «أيُّ يوم هذا؟» قالوا: يوم النحر، فقال: «هذا يوم الحجِّ الأكبر»، وقد قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ} [التوبة: 3]، وإنَّما أذَّن المؤذِّن بهذه البراءة يوم النحر، وثبت في «الصحيح» عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: «يوم الحجِّ الأكبر يوم النحر»، وفي هذ «الصحيح» في (الحجِّ) حديث ابن عُمر رضي الله عنهما: أنَّه عَلَيهِ السَّلام قال يوم النحر في الحَجَّة التي حجَّ: «هذا يوم الحجِّ الأكبر»، وفي الباب غير ما ذكرت.

(1/8328)

وقد رأيت المحبَّ الطبريَّ ذكر في «أحكامه» في (الحجِّ): (فضل يوم النحر) _هذه ترجمته_ فقال: واختلف في يوم الحجِّ الأكبر على أقوال؛ فذكر القولين المذكورين، والقائلَ بكلٍّ منهما، ثُمَّ قال: والقول الثالث: أنَّه أيَّام الحجِّ كلُّها، عبَّر عن الأيَّام باليوم؛ كما قيل: يوم الجمل، ويوم صفِّين، قال: وهو قول الثوريِّ، وعن مجاهد كالأقوال الثلاثة، وفي تسميته «الأكبر» أربعة أقوال؛ أحدها: الحجُّ الأكبر: هو الحجُّ، والأصغر: العمرة، وهو قول عطاء والشعبيِّ، والثاني وهو قول مجاهد: الأكبر: القِران، والأصغر: الإفراد، وفي يوم النحر يجوز فعل بقيَّة الأركان، فيتمُّ فيه الحجُّ؛ فلذلك قيل: (يوم الحجِّ الأكبر)، الثالث: سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه حصل في تلك الحَجَّة حجُّ المسلمين والمشركين، ووافق ذلك يوم عيد اليهود والنصارى، قاله الحسن، الرابع: سُمِّيَ به؛ لأنَّ أكبر أفعال الحجِّ تُفعَل فيه، وتَحلُّ فيه المحرَّمات، قاله عبد الله بن أبي أوفى، انتهى، وقال نحوه في مثله.

وقال السُّهيليُّ عقيب غزوة تبوك في إنزال سورة (براءة) ما لفظه: وقوله: (يوم الحجِّ الأكبر): قيل: أراد: حين الحجِّ؛ أي: أيَّام الموسم كلَّها؛ لأنَّ نداء عليٍّ رضي الله عنه بـ (براءة) كان في تلك الأيام، انتهى.

==========

[ج 2 ص 293]

(1/8329)

[{فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم}]

(1/8330)

[حديث: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة]

4658# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو القطَّان، و (إِسْمَاعِيلُ) هذا: هو إسماعيل بن أبي خالد.

قوله: (إِلَّا ثَلاَثَةٌ): هؤلاء الثلاثة لا أعرفهم.

قوله: (وَلاَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ): هؤلاء الأربعة لا أعرفهم، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين: الأربعة من المنافقين الذين أشار إليهم حذيفة يمكن معرفة تعيينهم من الاثني عشر أصحاب العقبة بتبوك، فينظر من تأخَّر منهم، ويطبَّق على ذلك، انتهى.

قوله: (الَّذِينَ يبقّرُونَ بُيُوتَنَا): هو بضمِّ أوَّله، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ قاف مشدَّدة مكسورة، وفي نسخة أخرى في هامش أصلنا: (يَبْقُرون)؛ بفتح أوَّله، وإسكان الموحَّدة ثانية، وضمِّ القاف، قال ابن قُرقُول: يبقرون بيوتنا؛ أي: ينقبونها فيسرقوننا، وفي «النِّهاية» نحوه، ولفظه: يبقُرون بيوتنا؛ أي: يفتحونها ويوسِّعونها، وقال شيخنا: (يبقرون)؛ بالباء، ثُمَّ قاف؛ أي: يفتحون، ورواه قوم بالنون بدل الباء، حكاه ابن الجوزيِّ، والأوَّل أصحُّ.

قوله: (أَعْلَاَقَنَا): هو بالعين المهملة، قال ابن قُرقُول: أي: ما يعلق من الدوابِّ والأحمال من أسباب المسافرين، وهو أظهر في هذا الحديث، أو يكون جمعَ (عِلْق)؛ يعني: بكسر العين؛ وهو خِيار المال، وبه فسَّره بعضهم، انتهى، وفي «النِّهاية» في (العين المهملة والقاف): (أعلاقنا)؛ أي: نفائس أموالنا، الواحد: (عِلْق)؛ بالكسر، قيل: سُمِّي به؛ لتعلُّق القلب به، انتهى، وقال شيخنا: وبخطِّ الدِّمْياطيِّ بالغين المعجمة ضبطًا؛ يعني: (أغلاقنا)، قال شيخنا: وقد حكاه ابن التين، ثُمَّ قال: ولا أعلم له وجهًا.

قوله: (أَجَلْ): هو بفتح الهمزة والجيم، وإسكان اللام، تَقَدَّم أنَّ معناه: نعم.

قوله: (إِلاَّ أَرْبَعَةٌ): هؤلاء الأربعة لا أعرفهم.

قوله: (لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ): يعني: عاقبَهُ الله ببلاءٍ لا يجد معه ذوق الماء ولا طعم برودته.

==========

[ج 2 ص 293]

(1/8331)

[{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ... }]

(1/8332)

[حديث: يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعًا أقرع]

4659# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ): هذا هو أبو اليمان، تَقَدَّم مِرارًا، و (شُعَيْبٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان.

قوله: (شُجَاعًا أَقْرَعَ): تَقَدَّم الكلام على (شجاع)، وعلى (الأقرع)، في (الزكاة).

==========

[ج 2 ص 293]

(1/8333)

[حديث: مررت على أبي ذر بالربذة فقلت: ما أنزلك بهذه الأرض؟]

4660# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، و (حُصَيْنٌ): بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، هو ابن عبد الرَّحمن السُّلَميُّ، ابن عمِّ منصور، ومنصور: هو ابن المعتمر، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه جُنْدب بن جُنادَة، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم مترجَمًا.

قوله: (بِالرَّبَذَةِ): هي بفتح الراء والموحَّدة والذال المعجمة، ثُمَّ تاء التأنيث، على ثلاث مراحل من المدينة، قريب من ذات عرق، تَقَدَّمتْ.

[ج 2 ص 293]

قوله: (مَا هَذِهِ الآيَةُ [1] [إلَّا] فِي أَهْلِ الكِتَابِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام عليها في (الزكاة) مطوَّلًا.

==========

[1] (الآية): ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/8334)

[{يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم ... }]

(1/8335)

[معلق ابن شبيب: هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما ... ]

4661# قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ): (أحمد) هذا: هو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أن يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (يُونُسُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ) الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (خَالِدُ بْنُ أَسْلَمَ): عدويٌّ مدنيٌّ، عن عبد الله بن عُمر، وعنه: أخوه زيد بن أسلم، والزُّهريُّ، وغيرُهما، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، أخرج له ابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، هذا على قول المِزِّيِّ والذهبيِّ: على أنَّ (قال فلان) وإن كان شيخَه يكون تعليقًا، وأخرج له أبو داود في كتاب «الناسخ والمنسوخ»، وهو جزآن.

(1/8336)

[{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا ...... }]

(1/8337)

[حديث: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض]

4662# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ الإمام، و (مُحَمَّدٌ): هو ابن سيرين، و (ابْنُ أَبِي بَكْرَة): عبد الرَّحمن، كما تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق، و (أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّم أنَّه نفيع بن الحارث الثقفيُّ، وعَبْدُ الرَّحْمَن: أوَّل من ولد بالبصرة، عن أبيه، وعليٍّ، والأسود بن سريع، والأشجِّ العصريِّ، وغيرِهم، وعنه: ابن سيرين، وقتادة، وعبد الملك بن عمير، وخلقٌ، ذكره ابن حِبَّان في «الثقات»، أخرج له الجماعة.

قوله: (ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ): في كلٍّ منهما لغتان: الفتح والكسر في أوَّلهما، لكنَّ الأفصح في (القَعدة) الفتح، وفي (الحِجَّة) الكسر، (وَرَجَبُ مُضَرَ): تَقَدَّم الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 294]

(1/8338)

[{ثاني اثنين إذ هما في الغار}]

قوله: (السَّكِينَةُ: فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ): تَقَدَّم الكلام على (السكينة)، وعلى لغة فيها غريبة قُرِئ بها شاذًّا.

(1/8339)

[حديث: ما ظنك باثنين الله ثالثهما]

4663# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ): هذا هو المسنديُّ، هكذا هو في «الكلاباذيِّ» و «ابن طاهر»، والله أعلم، و (حَبَّان بن هلال): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة.

قوله: (فِي الْغَارِ): هذا الغار هو بثور؛ جبل بقرب مَكَّة.

==========

[ج 2 ص 294]

(1/8340)

[حديث ابن عباس أنه قال حين وقع بينه وبين ابن الزبير ... ]

4664# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ، ومستندي ما قدَّمتُه في (الجمعة)، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهيرٍ، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: (حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ): قال بعضهم: كان ذلك بينهما في بعض قراءات القرآن، انتهى، وسيأتي قريبًا ما قاله بعض حفَّاظ هذا العصر من المتأخِّرين، وهو ظاهرٌ؛ وذلك لأنَّ في الحديث الأوَّل: ابن أبي مليكة عن ابن عبَّاس، وفي الطريق الثاني: ابن أبي مليكة عن ابن عبَّاس، وفيه: قال ابن عبَّاس: (قَالَ النَّاسُ: بَايِعْ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ ... )؛ الحديث [خ¦4665].

قوله: (وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ): يعني: بنت أبي بكر، تَقَدَّم بعض ترجمتها.

قوله: (وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ): يعني: عمَّةَ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهي أمُّ والدةِ الزُّبَير بن العوَّام، (وصفيَّة): صحابيَّة مشهورة.

قوله: (فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل لذلك: هو عبد الله بن محمَّد الراوي عنه هنا.

قوله: (إِسْنَادهُ): يجوز فيه النصب والرفع، وإعرابهما ظاهر.

قوله: (فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ): هذا الإنسان لا أعرفه.

قوله: (وَلَمْ يَقُلِ: ابْن جُرَيْجٍ): (ابن): يجوز فيه الرفع والنصب.

==========

[ج 2 ص 294]

(1/8341)

[حديث: إن الله كتب ابن الزبير وبني أمية محلين ... ]

4665# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، وقد تَقَدَّم لم قيل له: المسنديُّ، و (حَجَّاجٌ): قال الدِّمْياطيُّ: حجَّاج بن محمَّد، أبو محمَّد الأعور التِّرْمِذيُّ، مات ببغداد سنة خمس _أو ستٍّ_ ومئتين، انتهى، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ)، وقبله مرارًا.

قوله: (وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ): الضمير يرجع إلى ابن عبَّاس وعبد الله بن الزُّبَير، تَقَدَّم أعلاه أنَّ بعضهم قال: إنَّه كان بينهما في بعض قراءات القرآن، وقال بعض حفَّاظ العصر: الاختلاف بينهما في أمر البيعة بالخلافة لابن الزُّبَير، فأبى ابن عبَّاس حتَّى يجتمع الناس عليه، فأمره ابن الزُّبَير بالخروج من مَكَّة، فآل الأمر إلى أن خرج إلى الطائف، فأقام بها حتَّى مات، وساق مسلم طرفًا من ذلك، انتهى، وقوله: (في أمر البيعة): هذا هو ظاهر هذا الحديث، والله أعلم، والأوَّل مختَصَرٌ منه، وهذا مطوَّلٌ.

قوله: (فَتُحِلَّ حَرَمَ اللهِ): (تحلَّ): منصوبٌ، جواب الاستفهام، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَحَوَارِيُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم ما معنى (الحواري)، وتَقَدَّم [أنَّ] الحواريِّين من الصَّحابة [2] اثنا عشر، ذكرتهم قبلُ غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (فَذَاتُ النِّطَاقِ): تَقَدَّم الكلام على (النِّطاق) ما هو مطوَّلًا.

قوله: (وَاللهِ إِنْ وَصَلُونِي؛ وَصَلُونِي مِنْ قَرِيبٍ): كذا في جميع النسخ، وسقط من ذلك: «وتركت بني عمِّي إن وصلوني ... »؛ الحديث، يريد: بني أُمَيَّة؛ لكونهم من بني عبد مناف، وقد جاء ذلك مبيَّنًا في رواية ابن أبي خيثمة في «تاريخه»، وبهذه الزيادة يستقيم الكلام، ويبيِّنه الحديث الآخر بعده، انتهى، قاله بعضهم.

قوله: (وَإِنْ رَبُّونِي رَبَّنِي): وفي رواية الثانية: (ربُّوني) أيضًا، وعليها (صح)، (رَبُّوني): بفتح الراء، وتشديد الموحَّدة المضمومة؛ أي: ملكوني، ودبَّروا أمري، وصاروا لي أربابًا؛ أي: سادة وملوكًا، قال الدِّمْياطيُّ: يريد بذلك: بني أُمَيَّة؛ ومعنى (ربُّوني): تعاهدوا إحسانَهم عندي ووصلوه، انتهى، وقال ابن الأثير: أي: يكونون عليَّ أمراء وسادة متَقَدِّمين؛ يعني: بني أُمَيَّة، فإنَّهم في النسب إلى ابن عبَّاس أقرب من ابن الزُّبَير، يقال: ربَّه يَربُّه؛ أي: كان له رَبًّا، انتهى.

(1/8342)

قوله: (فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ وَالأُسَامَاتِ وَالْحُمَيْدَاتِ): يريد أبطنًا من بني أسد: بني تُوَيت، وبني أسامة، وبني حميد [3]، (آثر)؛ بمدِّ الهمزة، و (التُّوَيْتات): بضمِّ المثنَّاة فوق، وفتح الواو، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ تاء مثنَّاة فوق، (بنو تويت): هو ابن حبيب بن أسد، و (الأسامات): هو ابن عبد الله بن حميد بن زهير، و (الحُمَيدات)؛ بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الميم: بنو حُمَيد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، و (بنو أسَد): بفتح السين، وقد تَقَدَّم من هم، وهم قرابته.

قوله: (إِنَّ ابْنَ أَبِي الْعَاصِي): يريد: عبد الملك بن مروان، كما سيأتي في هذا الحديث نفسِه، وهو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ، ترجمته معروفة مشهورة، قال الذهبيُّ: أنَّى له العدالة وقد سفك الدماء وفعل الأفاعيل؟! انتهى، وقد ذكره ابن حبَّان في «الثِّقات» فقال: وهو بغير الثقات أشبه، انتهى، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّمتْ ترجمة أبيه مروان، وأنَّه ليس بصحابيٍّ.

قوله: (يَمْشِي الْقُدَمِيَّةَ): هي بضمِّ القاف، وفتح الدال المهملة، ثُمَّ ميم مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْياطيُّ: قال أبو عُبيد: هذا مثلٌ ضربه؛ يريد به: أنَّه ركب معاليَ الأمور وعمل بها، انتهى، وقال ابن قُرقُول: كذا الرواية في «الصحيح»، ورواه بعض الناس: (اليَقَدميَّة): بفتح الدال وضمِّها، والضمَّ صحَّح لنا شيخُنا أبو الحسن؛ يعني: أنَّه تَقَدَّم في الشرف والفضل على أصحابه؛ وأصله: التبختُر، قال أبو عُبيد: إنَّما هو مثلٌ ضربه؛ يريد: أنَّه ركب معالي الأمور وعمل بها، انتهى، وفي «النِّهاية»: (مشى القُدَميَّة)، وفي رواية: (اليَقَدمية)، الذي جاء في رواية البُخاريِّ:

[ج 2 ص 294]

(القُدَميَّة)؛ ومعناها: أنَّه تَقَدَّم في الشرف والفضل على أصحابه، وقيل: معناه: التبختر، ولم يُرِد المشي بعينه، والذي جاء في كتب الغريب: (اليَقَدميَّة)؛ بالياء والتاء، وهما زائدتان؛ ومعناهما: التَقَدُّم، ورواه الأزهريُّ بالياء المعجمة من تحت، والجوهريُّ بالمعجمة من فوق، وقيل: إنَّ (اليقدُّمية) _بالياء من تحت_ هو التَقَدُّم بهمَّته وأفعاله، انتهى.

(1/8343)

قوله: (لَوَّى ذَنَبَهُ): يعني: ابن الزُّبَير، قال الدِّمْياطيُّ: قال أبو عبيد: يريد: لم يبرز لاكتساب المجد وطلب الحمد، ولكنَّه تنحَّى، انتهى، وقال ابن قُرقُول: (لوَّى ذنبه)؛ بشدِّ الواو: كناية عن الجُبن والميل إلى الدَّعَة؛ كالكلب، وقال أبو عُبيد ... ؛ فذكر عنه ما ذكره عنه الدِّمْياطيُّ أعلاه، غير أنَّه زاد قبل (تنحَّى): راغ وتنحَّى، قال ابن قُرقُول: وكذلك (لوَّى ثوبه في عنقه)، ويقال بالتخفيف، وقد قُرِئ: {لَوَوْا رُؤُوسَهُمْ} [المنافقون: 5]، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[2] استدك هنا في (أ): (أنَّهم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] في (أ): (أسد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8344)

[حديث: ألا تعجبون لابن الزبير قام في أمره هذا]

4666# قوله: (أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا غيرَ مرَّةٍ أنَّه عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مليكة زهيرٍ، وأنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: (وَلَهُمَا): هو بفتح اللام؛ لام التأكيد، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يعني: صفيَّة رضي الله عنها، وهي [1] والدة الزُّبَير.

قوله: (وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ): يعني: أمَّه أسماء بنت أبي بكر.

تنبيهٌ: أولاد بنات النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يُنسَبون إليه، وأولاد بنات غيره لا يُنسَبون إليه في الكفاءة وغيرها؛ لحديث: «كلُّ سببٍ ونسبٍ ينقطع يوم القيامة، إلَّا سببي ونسبي»، رواه الحاكم من حديث جعفر بن محمَّد عن عمر، وقال: صحيح الإسناد، ومن حديث المِسْوَر بن مخرمة بزيادة: «وصهرتي»، ثُمَّ قال: صحيح، وأخرجه الطبرانيُّ في أكثر معاجمه من حديث ابن عبَّاس بإسناد لا أعلم به بأسًا، وقد وقع لنا من حديث عمر بطريق آخر غيرُ ما سلف، وهذه الخَصِيصة قالها صاحبُ «التلخيص»، وتبعه الرافعيُّ، وأنكرها القفَّال وقال: لا اختصاص في انتساب أولاد البنات إليه، واختلف في معنى الحديث السالف، فقيل: معناه: أنَّ أمته ينسبون إليه يوم القيامة، وأمم سائر الأنبياء لا ينسبون إليهم، وقيل: لا يُنتَفع يومئذ بسائر الأنساب، ويُنتَفع بالنسبة إليه، وذكر القضاعيُّ هذه الخَصِيصة فيما خُصَّ به دون غيره من الأنبياء، وقد رأيت ما في هذا «الصحيح» من قول ابن عبَّاس، وأنَّه أطلق على ابن الزُّبَير أنَّه ابن أبي بكر، وهو ابن ابنته أسماء، فالظاهر: أنَّ عنده لا اختصاص، والله أعلم، وسيجيء مكان آخر في (سورة الحجرات)، وقد أطلقه عليه ابن أبي مليكة عبد الله الذي تَقَدَّم قريبًا، والله أعلم.

قوله: (وَابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ): (أخو خديجة) المشار إليه: هو العوَّام؛ لأنَّه ابن خويلد، وخديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، فالعوَّام وخديجة أمُّ المؤمنين أخوان، والله أعلم.

قوله: (وَابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ): يعني: أنَّه ابن أسماء بنت أبي بكر أختِ عائشة بنت أبي بكر، رضي الله عنهم.

(1/8345)

قوله: (فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي): أي: يتكبرَ ويرتفع، و (عنِّي) هنا بمعنى: (عليَّ)، وقد جاءت (عن) بمعنى (على) كثيرًا؛ كما جاء في حديث السقيفة: (وَخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ) [خ¦6830]، ومثله: قول أبي سفيان بن حرب: (لَكَذَبْتُ عَنْهُ) [خ¦7]؛ أي: عليه، وجاء العكس أيضًا، والله أعلم.

قوله: (أَعْرِضُ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَمَا أُرَاهُ): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

قوله: (لَأَنْ يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.

(1/8346)

[{والمؤلفة قلوبهم}]

(1/8347)

[حديث: يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين]

4667# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ): هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (ابْنُ أَبِي نُعْمٍ): هو عبد الرَّحمن بن أبي نُعْم، أبو الحكم، البجليُّ الكوفيُّ، الزاهد، عن المغيرة، وأبي هريرة، وسفينة، وعنه: الحكم، ومغيرة، وفُضَيل بن غزوان، وكان يحرم من السنة إلى السنة، ويقول: لبيك، لو كان رياءً؛ لاضمحلَّ، مشهور من الأولياء الثقات، وقال أحمد بن أبي خيثمة عن ابن معين: ضعيف، كذا نقل ابن القطَّان، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: وهذا لم يتابع عليه أحمد؛ يعني: ابن أبي خيثمة، تُوُفِّيَ إلى حدود سنة مئة، أخرج له الجماعة، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك الخدريُّ، تَقَدَّم.

قوله: (بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بُعِث): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ وَقَالَ: أَتَأَلَّفُهُمْ): تَقَدَّم الأربعة المشار إليهم، تَقَدَّم أنَّهم عُيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع وقع فيه شكٌّ للراوي؛ هل هو علقمة أو عامر بن الطفيل؟ وتَقَدَّم أنَّ الصوابَ: أنَّه علقمة، وأنَّ عامرًا هلك على كفره بالطاعون، وقد تَقَدَّم الكلام عليهم في (بعث عليٍّ وخالد إلى اليمن)، وذكرت بعض تراجم هؤلاء الأربعة.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَا عَدَلْتَ): تَقَدَّم الكلام على هذا الرجل في الباب المشار إليه أعلاه، وقد قال ابن شيخنا البلقينيِّ في هذا: والقائل يظهر أن يكون ذا الخويصرة التميميَّ، انتهى، وكذا قال بعض حفَّاظ العصر، لكن جزم به، وهو كذلك، والله أعلم.

قوله: (مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا): تَقَدَّم الكلام عليه.

(1/8348)

[{الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين}]

(1/8349)

[حديث: لما أمرنا بالصدقة كنا نتحامل]

4668# قوله: (حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ): (بِشْر): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر، و (سُلَيْمَانُ) الذي بعده (شعبة): الأعمش، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّموا كلُّهم، وكذا (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ، وتَقَدَّم أنَّه ليس من أهل بدر على الصحيح.

قوله: (لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ): (أُمِرنا): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (نَتَحَامَلُ): كذا في أصلنا وأصلنا الدِّمَشْقيِّ، كذا وقع، والوجه: يُحامِلُ، وقد تَقَدَّم معناه.

قوله: (فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ): هو بفتح العين، وكسر القاف، تَقَدَّم الكلام عليه في (الزكاة).

قوله: (وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ): هذا الإنسان تَقَدَّم في (الزكاة) في قوله: (وَجَاءَ [1] رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ) [خ¦1415]، ويحتمل أن يكون واحدًا ممَّن ذكر أنَّه تصدَّق بالصاع،

[ج 2 ص 295]

وقد ذكرتهم في (الزكاة)، وفيه نظرٌ، وذكرت ما وقفت عليه من صدقات عبد الرَّحمن بن عوف هناك، والظاهر: أنَّه المراد، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (فجاء).

(1/8350)

[حديث: كان رسول الله يأمر بالصدقة فيحتال أحدنا ... ]

4669# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، و (أَبُو أُسَامَةَ): حمَّاد بن أسامة، و (زَائِدَةُ): هو ابن قدامة، تَقَدَّم، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل، شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَسْعُودٍ): عقبة بن عمرو، تَقَدَّموا.

قوله: (حَتَّى يَجِيءَ بالمُدِّ): تَقَدَّم أنَّ (المُدَّ) رطل وثلث برطل بغداد، وتَقَدَّم الخلاف في رطل بغداد.

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8351)

[{استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ... }]

(1/8352)

[حديث: إنما خيرني الله فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم}]

4670# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عُبيد الله بن عُمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبيٍّ ابن سلول، وتَقَدَّم متى هلك، وتَقَدَّم الكلام على عبد الله ابنه، وأنَّه رجل صالحٌ، صَحابيٌّ، وأنَّه استشهد باليمامة سنة (12 هـ)، وتَقَدَّم الكلام على: (فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ) في (الجنائز)، وهل هما قميصان، أو واحد؟ مطوَّلًا؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8353)

[حديث: إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على ... ]

4671# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، وأنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد، وأنَّ (عُقَيلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ): (غيرُه): قال المِزِّيّ في «أطرافه» ممَّا زاده: قيل: إنَّ قول البُخاريِّ: (وقال غيره): كناية عن عبد الله بن صالح كاتبِ الليث، انتهى، قال الذهبيُّ: وعنه أخرج البخاريُّ تعليقًا، واستشهد به في «الصحيح»، وقيل: إنَّه روى عنه في «الصحيح» أيضًا، كما يذكره في اسم الذي بعده، وقد ذكر في الذي بعده _وهو عبد الله بن صالح العجليُّ_ أقوالًا في رواية البُخاريِّ في (تفسير الفتح) عن عبد الله، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، فذكر فيه أقوالًا، ثُمَّ قال عن المِزِّيِّ: وأولى الأقوال بالصواب: قول من قال: إنَّه كاتب الليث، ثُمَّ شرع يعلِّل ذلك، انتهى، فصحَّح أنَّ البُخاريَّ روى عن كاتب الليث، قال الذهبيُّ: وروى عنه في (كتاب القراءة خلف الإمام) وغيرِه، انتهى.

وسأذكر في (سورة الفتح) ما يتعلَّق به إن شاء الله تعالى، وقد قدَّمتُه أيضًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، تَقَدَّم مِرارًا، ومرَّةً مترجمًا.

قوله: (دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (دُعِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وابن عبد الله بن أُبيٍّ هو الداعي، وهو عبد الله، كما تَقَدَّم قريبًا.

(1/8354)

[{ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره}]

(1/8355)

[حديث: إنما خيرني الله أو أخبرني فقال: {استغفر لهم أو لا}]

4672# قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ): (عبيد الله) هذا: تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.

قوله: (جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مترجمًا رضي الله عنه، وأنَّه صَحابيٌّ جليل استشهد باليمامة سنة اثنتي عشرة.

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8356)

[{سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم ... }]

(1/8357)

[حديث: والله ما أنعم الله علي من نعمة بعد إذ هداني أعظم من صدقي]

4673# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بكير، وأنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد، وأنَّ (عُقَيلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، ابن خالد، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن كعب بن مالك، وأبوه: عبد الله بن كعب بن مالك.

قوله: (عَنْ تَبُوكَ): تَقَدَّم متى كانت تبوك، ولا خلاف أنَّها في التاسعة.

قوله: (مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللهِ): (رسولَ): منصوبٌ، مفعول المصدر؛ وهو (صِدقي).

قوله: (أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ): قال الدِّمْياطيُّ: قال عياض: كذا في نسخ «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»: (أَن لا أكون كذبته)، والمعنى: أن أكون كذبته، و (لا): زائدة، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا في (غزوة تبوك).

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8358)

[{وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا ... }]

(1/8359)

[حديث: أتاني الليلة آتيان فابتعثاني فانتهينا إلى مدينة]

4674# قوله: (حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ): وفي نسخة منسوبًا: (هُوَ ابْنُ هِشَامٍ)، وهو هو، لا شكَّ فيه، و (مُؤَمَّل): اسم مفعول من (أمَّله)؛ بتشديد الميم، وهذا ظاهرٌ جدًّا عند أهله، إلَّا أنَّه سألني عنه بعض فضلاء الشافعيَّة من بلدنا: هل هو اسم فاعل، أو اسم مفعول؟ فلهذا ضبطته، و (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن عُلَيَّة، و (عَوْفٌ): هو الأعرابيُّ، و (أَبُو رَجَاءٍ): هو العطارديُّ، عمران بن تيم، ويقال: ابن ملحان، تَقَدَّم، قال الدِّمْياطيُّ: أبو رجاء: عمران بن ملحان العطارديُّ البصريُّ، أسلم بعد فتح مَكَّة، ولم يرَ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولم يهاجر إليه، عمره مئة وثلاثون سَنةً، انتهى.

قوله: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ): هما جبريل وميكائيل، كما في بعض طرقه في (الجنائز): «وأنا جبريلُ وهذا ميكائيلُ».

قوله: (فَابْتَعَثَانِي): أي: أيقظاني من نومي، يقال: بعثته من نومه، فانبعث، كذا نحفظه، وفي أصلنا القاهريِّ: (فانبعثاني)، وهذا غير معروف في اللغة، وذلك لأنَّه لازمٌ، والمعروف ما ذكرته في الأوَّل، وكما هو المعروف هو في النسخ، والله أعلم.

قوله: (كَأَحْسَنِ) و (كَأَقْبَحِ): هما مجروران؛ للإضافة، وكذا قوله: (فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ).

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8360)

[{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}]

(1/8361)

[حديث: أي عم قل: لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله]

4675# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن راهويه، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ المسَيّبِ): تَقَدَّم أنَّ أباه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وتَقَدَّمتُ ترجمة (المُسَيّب)، وأنَّه لم يروِ عنه غير ابنه سعيد، وأنَّ فيه ردًّا على الحاكم وغيره، وحزن: والد المُسَيّب صَحابيٌّ، وأنَّه مخزوميٌّ، له هجرة، وكان أحد الأشراف، وقال سعيد: كان جدِّي من الطُّلَقاء، وقد قتل يوم اليمامة، وكانت في ربيع الأوَّل سنة اثنتي عشرة.

قوله: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ): تَقَدَّم الكلام على اسم أبي طالب، وعلى تاريخ وفاته، والاختلاف فيها، وعلى (أَبِي جَهْلٍ): عمرو بن هشام، وعلى (عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ)، وأنَّه ابن عاتكة عمَّةِ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأنَّه أسلم وصحب، واستشهد بالطائف.

==========

[ج 2 ص 296]

(1/8362)

[{لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ... }]

(1/8363)

[حديث: أمسك بعض مالك فهو خير لك]

4676# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو المصريُّ، أبو جعفر، الحافظ المعروف بابن الطبريِّ، من كبار الحُفَّاظ، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله، أحد الأعلام، تَقَدَّم، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّم.

وقوله: (قَالَ أَحْمَدُ: وحَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ): قال الدِّمْياطيُّ: ابن خالد بن يزيد، ابن أخي يونس بن يزيد، قال أبو حاتم: كان على خَراج مِصر، وكان يعلِّق النساء بالثدي، مات سنة ثمان وتسعين ومئة، ومات عمُّه يونس بن يزيد بصعيد مصر سنة اثنتين وخمسين ومئة، وأخوه أبو عليِّ بن يزيد، روى عنه الزُّهريُّ، وهم موالي معاوية بن أبي سفيان، انتهى، لعنبسةَ ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ قرنه؛ كهذا المكان، والله أعلم، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (مِنْ بَنِيهِ): تَقَدَّم أنَّه جمع (ابن)، وتَقَدَّم ما رواه به بعضهم، وذكرت العميان من الصَّحابة في أوَّل هذا التعليق.

[ج 2 ص 296]

قوله: (أَمْسِكْ): تَقَدَّم أنّه بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/8364)

[{وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ... }]

(1/8365)

[حديث: إذًا يحطمكم الناس فيمنعونكم النوم سائر الليلة]

4677# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ وقد ذكر هذا المكان: لم يقع في نسخة ابن السكن ذكر (محمَّد) قبل (أحمد بن أبي شعيب)، وثبت لغيره من الرواة، واضطرب قول أبي عبد الله الحاكم في نسبة (محمَّد) هذا، فمرَّةً قال: هو محمَّد بن النضر بن عبد الله، ومرَّةً قال: هو محمَّد بن إبراهيم البوشنجيُّ، والذي عندي: أنَّه محمَّد بن يحيى الذهليُّ، فقد رُوِّينا هذا الحديث عن الذهليِّ عن أحمد بن أبي شعيب الحرانيِّ في كتاب «علل حديث الزُّهريِّ»، وساق سنده بذلك، والله أعلم، والمِزِّيُّ ذكره من طريق محمَّد، ولم ينسبه، وشيخنا لم يتعرَّض له.

قوله: (غَزْوَةِ الْعُسْرَةِ): تَقَدَّم أنَّها بالسين المهملة، وتَقَدَّم في أوَّل (غزوة تبوك) لِمَ قيل لها: العسرة.

قوله: (عَنْ كَلاَمِي وَكَلاَمِ صَاحِبَيَّ): تَقَدَّم أنَّ (صاحبيه) مراراة بن الربيع العَمريُّ، وهلال بن أُمَيَّة الواقفيُّ.

قوله: (عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ أمَّ [2] سلمة اسمُها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وأنَّها آخرهنَّ وفاةً، وبعض ترجمتها، وتاريخ وفاتها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين، رضي الله عنهما.

قوله: (مَعْنِيَّةً فِي أَمْرِي): هو بفتح الميم، وإسكان العين، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: أي: ذات اعتناء، كذا للأصيليِّ، ولغيره: (مُعِينة)؛ بضمِّ الميم، من العون، والأوَّل أليق بالحديث، انتهى.

قوله: (فَأُبَشِّرَهُ): هو بالنصب، جواب الاستفهام، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (يَحْطِمَنَّكُمُ [3] النَّاسُ): قال ابن قُرقُول: كذا للقابسيِّ وعبدوس، وللباقين: (يخطفكم الناس)، والأوَّل أشبه، ومعناه: يزدحمون عليكم، ويكثرون في منازلكم، ويدوسونكم، وأخَّر ذلك إلى النهار؛ ليكون ذلك في سعة فضاء المسجد.

قوله: (الَّذِي قُبِلَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8366)

[{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}]

(1/8367)

[حديث كعب بن مالك: فو الله ما أعلم أحدًا أبلاه الله في صدق الحديث]

4678# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ): بضمِّ العين، وفتح القاف، هو ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (ابْنُ السَّبَّاقِ): هو بفتح السين المهملة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره قاف، واسمه: عبيد بن السَّبَّاق المدنيُّ، عن زيد بن ثابت، وسهل بن حنيف، وجويرية، وابن عبَّاس، وجماعةٍ، وعنه: ابنه سعيد، وابن شهاب، وآخرون، وثَّقه غير واحد، أخرج له الجماعة، و (زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ): تَقَدَّم أنَّه كاتب الوحي، وقدَّمتُ مَن كتب له صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الوحيَ أو الرسائلَ في (كتاب الصلح).

==========

[ج 2 ص 297]

(1/8368)

[{لقد جاءكم رسول من أنفسكم ... }]

(1/8369)

[حديث زيد: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة ... ]

4679# قوله: (مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّها كانت في ربيع الأوَّل، سنة اثنتي عشرة، في خلافة الصِّدِّيق.

قوله: (اسْتَحَرَّ): أي: كثر واشتدَّ.

قوله: (لَأَرَى): (أَرى): بفتح الهمزة.

قوله: (وَالأَكْتَافِ): هو جمع (كتف)؛ وهو العظم العريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدوابِّ، كانوا يكتبون فيه، لعلَّه الكاغد عندهم.

قوله: (وَالْعُسُبِ): هو بضمِّ العين والسين المهملتين، وبالموحَّدة، جمع (عسيب)؛ وهو من السَّعف فوق الكَرَب ما لم ينبت عليه الخوص، وما ينبت عليه الخوص؛ فهو السَّعَفُ، وكانوا يكتبون فيه، لعلَّه الكاغد عندهم.

قوله: (مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ): سيأتي الخلاف في الموجود معه آخر (سورة التوبة)، والصحيح: أنَّه أبو خزيمة، وأنَّ آية (الأحزاب) مع خزيمة، وسيأتي الاختلاف فيه في كلام البُخاريِّ عقيب هذا، ويأتي أيضًا كلام الدِّمْياطيِّ، وأنَّ آية (التوبة) مع أبي خزيمة، وآية (الأحزاب) مع خزيمة قريبًا.

قوله: (مَعَ أَحَدٍ غَيْره): يجوز جرُّ (غير)، ويجوز النصب.

قوله: (تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَاللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): الضمير في (تابعه) يعود على شعيب، و (عثمان بن عمر): هو عثمان بن عمر بن فارس العبديُّ البصريُّ، عن يونس بن يزيد، وابن جُرَيج، وطائفةٍ، وعنه: أحمد، والرماديُّ، والحارث بن أبي أسامة، وخلقٌ، وكان من الصالحين الثقات، تُوُفِّيَ في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، و (الليث): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، تَقَدَّم مترجمًا، ومن جملة ترجمته أنَّ الشافعيَّ قال: الليث أفقه من مالك، غير أنَّ أصحابه أضاعوه.

ويعني: تابعاه على رواية ذلك عن ابن شهاب في قوله: (خزيمة الأنصاريِّ)، ومتابعة الليث عن يونس عن ابن شهاب أخرجها البُخاريُّ في (فضائل القرآن) عن يحيى ابن بكير عن الليث به، ومتابعة عثمان بن عمر لم تكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أخرجها أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حدَّثنا محمَّد بن يحيى قال: حدَّثنا عثمان به، انتهى، وأبو بكر هذا: هو ابن أبي داود صاحبِ «السنن»، حافظ مشهور.

(1/8370)

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): أمَّا (الليث)؛ فقد تَقَدَّم أنَّه ابن سعد الإمام، وأمَّا (عبد الرَّحمن بن خالد)؛ فهو عبد الرَّحمن بن خالد بن مسافر أمير مصر، عن الزُّهريِّ، وعنه: مولاه الليث، ويحيى بن أيوب، تُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له البُخاريُّ في الأصول، ومسلمٌ في الشواهد، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وقال ابن يونس: كان ثبتًا في الحديث، وتعليق الليث هذا لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، ولم يخرِّجه شيخنا.

قوله: (وَقَالَ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غَنْم بن مالك بن النَّجَّار، شهد بدرًا وما بعدها، تُوُفِّيَ في خلافة عثمان، وليس له عقب، وأخوه أبو محمَّد مسعود بن أوس الذي كان يزعم أنَّ الوتر واجب، شهد بدرًا وما بعدها، تُوُفِّيَ في خلافة عمر بن الخَطَّاب، وليس له عقب، وأبو خزيمة: هو صاحب هذه الآية، وأمَّا خزيمة بن ثابت بن الفاكه؛ فصاحب قوله: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا} [الأحزاب: 21]

[ج 2 ص 297]

انتهى.

تنبيهٌ: آية (التوبة) وجدها زيد بن ثابت أيام الصِّدِّيق، وآية (الأحزاب) وجدها أيام عثمان، كما صرَّح به بعض الحُفَّاظ في «مسنده» وغيره، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، شيخ البُخاريِّ، (عَنْ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): هذا التعليق لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، و (إبراهيم): هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، لكن روى هذا التعليق _كما قال شيخنا_ البُخاريُّ في (الأحكام) عن محمَّد بن عبيد الله أبي ثابت: حدَّثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب به، انتهى، ولكن قال: مع خزيمة أو أبي خزيمة، والله أعلم، وليس هذا مراد البُخاريِّ.

قوله: (وَتَابَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ): يعني: عن ابن شهاب به، فلم أجد هذه المتابعة في شيء من الكُتُب السِّتَّة، وقال شيخنا: يريد المتابعة في أبي خزيمة، لكنَّ ابن أبي داود لمَّا ذكر حديث يعقوب هذا عن أبيه عن ابن شهاب، عن ابن السَّبَّاق، عن زيد؛ قال في الحديث: (حتَّى [وجدت] آخر سورة التوبة مع خزيمة بن ثابت)، انتهى.

(1/8371)

قوله: (وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (الأحكام) عنه، وهو محمَّد بن عبيد الله، أبو ثابت المدينيُّ، يروي عن مالك وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو حاتم، وإسماعيل القاضي، انفرد البُخاريُّ بالإخراج له، وأخرج له النَّسائيُّ في «عمل اليوم والليلة»، قال أبو حاتم: صدوق، والله أعلم.

(1/8372)

(((10))) (سورة يُونُسَ) ... إلى (يُوسُفَ)

قوله: ({تِلْكَ آيَاتُ} [يونس: 1]؛ يَعْنِي: هَذِهِ أَعْلاَمُ الْقُرْآنِ): يعني: {تلك} للغائب؛ والمراد بها: الحاضر؛ مثل قوله: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]؛ أي: بكم، فقوله: (وَمِثْلُهُ): هو بكسر الميم، وإسكان المثلَّثة، وسأذكر في هذا التعليق إن شاء الله تعالى أنَّه ردَّ عليَّ بعضُهم في قولي: (ومِثْله)، فقال: (ومُثُله)؛ يعني: بضمِّ الميم والثاء، جمع (مَثَل)، ولفظ شيخنا: (يقال: {تلك}؛ يعني: هي أعلام القرآن ومُثُله، أسنده ابن أبي حاتم عن السُّدِّيِّ عن أبي مالك: تِلْكَ آيَاتُ اللهِ؛ يعني: أعلام الدين ... ) إلى آخر كلامه، فإن كان هذا صحيحًا من النسخة التي نقلت منها؛ فإنَّ فيها سقمًا، فإنَّ الذي أسنده ابن أبي حاتم ليس فيه دليل على أنَّها مُثُلٌ، وسببه أنَّه لم يسند: (ومثله)، وإنَّما أسند {تلك آيات}، وسأذكره في أواخر التعليق مبسوطًا، فإنَّ البُخاريَّ ذكره هناك أيضًا، وقال شيخنا عقيب قوله: (المعنى: بكم): (قلت: ويجوز أن يكون عودًا بعد الخطاب إلى الإخبار)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 298]

(1/8373)

[شرح غريب الآيات [24 - 90]]

قوله: (أَعْلاَمُ الْقُرْآنِ): جمع (عَلَم)، و (العَلَم): العلامة، قاله الجوهريُّ.

قوله: ({فَاتَّبَعَهُمْ} [يونس: 90] وَأَتْبَعَهُمْ وَاحِدٌ)؛ انتهى: قال الجوهريُّ: تبِعت _بالكسر_ القوم تبعًا وتبَاعة؛ بالفتح؛ إذا مشيت خلفهم، أو مرُّوا بك فمضيت معهم، وكذلك (اتَّبعهم)، وهو افْتَعَلْت، وأَتبعت القوم؛ على أفعلت؛ إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم، وأتبعت أيضًا غيري، يقال: أتبعه الشيءَ فتبعَهُ، قال الأخفش: تبعته وأتبعته بمعنًى؛ مثل: ردفته وأردفته، ومنه قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 10].

قوله: (لَأُهْلِكَ مَنْ دَعَا [1] عَلَيْهِ): (أُهلِك): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ مثل: {لَقُضِيَ} [يونس: 11].

قوله: ({وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]: مَغْفِرَةٌ): جاء في حديث مرفوع في «التِّرْمِذيِّ»: «الزيادة: النظر إلى وجه الله»؛ يعني: في الجنَّة، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ في قوله: (وقال غيره: النظر إلى وجه الله): (هذا رواه مسلم من حديث ثابت، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، عن صهيب مرفوعًا، وقيل: الصواب: أنَّه موقوف على عبد الرَّحمن، ورواه الطبريُّ من قول أبي موسى الأشعريِّ وحذيفة بن اليماني وغيرهما، وأخرجه ابن خزيمة من قول جرير بن عبد الله البجليِّ وغيره)، انتهى.

وكذا قال شيخنا الشارح: (إنَّه في «مسلم»، ثُمَّ قال: قال أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ: رُوِيَ عن ابن أبي ليلى قولَه، وقال التِّرْمِذيُّ: إنَّما أسندها حمَّاد، ورواه سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى قولَه، قلت: أسنده سفيان بن سعيد عن عطاء بن السائب عن ابن أبي ليلى عن صهيب، وشعبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن صهيب مرفوعًا بزيادة: «{الحُسْنَى}: شهادة أن لا إله إلَّا الله»، رواهما ابن مردويه، وذكر له شاهدًا ... ) إلى آخر كلامه، وكونه النظر إلى وجه الله أخرجه مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وذكر التِّرْمِذيُّ عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى أنَّه من قوله.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (دُعِيَ).

[ج 2 ص 298]

(1/8374)

[{وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا}]

قوله: (عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الأَرْضِ): (النَّجْوة): بفتح النون، وإسكان الجيم، وهو النَّشز؛ المكان المرتفع، والنَّشز: بفتح النون والشين المعجمة وتُسَكَّن، وبالزاي، والنشْز والنشَز: المكان المرتفع، وجمع النشْز؛ بالإسكان: نشوز، وجمع النشَز؛ بالتحريك: أنشاز ونِشاز؛ مثل: جبل، وأجبال، وجبال، وأمَّا النَّشَاز؛ بفتح النون، وتخفيف الشين؛ فهو المكان المرتفع، وهو واحد، يقال: اقعد على ذلك النَّشَاز، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 298]

(1/8375)

[حديث: أنتم أحق بموسى منهم فصوموا]

4680# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وتَقَدَّم (غُنْدُرٌ): أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثُمَّ راء، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وقدَّمتُ ما (الغندر)، و (أَبُو بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، قال الدِّمْياطيُّ: (أبو بشر: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ اليشكريُّ الواسطيُّ، مات سنة أربع _أو ثلاث_ وعشرين ومئة، انتهى، وهذا معروف، ولكنَّ شرطي أن أذكر ما رأيته للدِّمْياطيِّ من الحواشي على «الصحيح».

قوله: (عَاشُورَاءَ): تَقَدَّم أنَّه بالمدِّ والقصر، وقدَّمتُ أيضًا الاختلاف في أيِّ يوم هو، وأنَّ الصحيح: أنَّه عاشر المحرَّم.

==========

[ج 2 ص 298]

(1/8376)

(((11))) [سورة هود]

قوله: (وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ): (أبو ميسرة) هذا: هو عمرو بن شرحبيل، أبو ميسرة الهمْدانيُّ الكوفيُّ، يروي عن عمر، وعليٍّ، وابن مسعود، وقيس بن سعد، وعائشة، وجماعة، وعنه: أبو وائل، والشعبيُّ، والقاسم بن مخيمرة، وأبو إسحاق، وطلحة بن مصرِّف، وآخرون، وكان من فضلاء التابعين، حُجَّة، قيل: مات قبل أبي جحيفة السُّوائيِّ، وأوصى أن يصليَ عليه شريحٌ القاضي، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وقد قدَّمتُ ترجمته في (كتاب الأنبياء).

قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ [1]): يعني: أنَّ الحبشيَّة وافقت العربية في ذلك؛ لأنَّ القرآن ليس فيه غير عربيٍّ.

قوله: ({بَادِيَ [2] الرَّأْيِ} [هود: 27]): هو بغير همز، وذلك لأنَّ البُخاريَّ فسَّره فقال: (مَا ظَهَرَ لَنَا)، وهذا تفسير للقراءة التي بغير همز، ولم يقرأ بالهمز إلَّا أبو عمرو من السبعة، والله أعلم، وقرأ السِّتَّة بترك الهمز.

قوله: ({الجُودِيِّ} [هود: 44]: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ): (الجزيرة) المشار إليها: هي الجزيرة المعروفة بابن عمر، ناحية الموصل، وقد تَقَدَّم الكلام على نسبتها لابن عمر، ومن هو ابن عمر، وعلى جبل آخر يقال له: الجوديُّ، في (كتاب الأنبياء عليهم السلام).

قوله: ({أَقْلِعِي} [هود: 44]: أَمْسِكِي): هو بفتح الهمزة، وكسر السين، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بالحبشة).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): ({بَادِئَ}).

[ج 2 ص 298]

(1/8377)

[{ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه}]

قوله: (وَقَال غَيْرُه: {وَحَاقَ} [هود: 8]: نَزَلَ ... ) إلى آخر قوله: (مِنْ يَئِسْتُ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: هذا كلام أبي عبيدة في «المجاز».

(1/8378)

[حديث ابن عباس: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء ... ]

4681# قوله: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هو حجَّاج بن محمَّد الأعور الحافظ، تَقَدَّم، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {أَلَا إنَّهم تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ} [هود: 5]): في هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة ما لفظه: عن ابن عبَّاس ثلاثة أوجه: {يَثْنُونَ}، و {يَثْنُونِي}، و {يَثْنَونَى}، انتهى، قال البُخاريُّ: (شَكٌّ وَامْتِرَاءٌ)، وهذا التفسير وقع للقراءة المتواترة، وقال شيخنا: قراءة الجمهور بفتح الياء، وعن سعيد بن جُبَير ضمُّها، ثُمَّ ذكر بعده بقليل [1] كلامًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، وبخطِّ شيخنا الإمام أبي جعفر الأندلسيِّ ما لفظه: لابن عبَّاس في هذه الآية قراءتان: بالتاء على تأنيث الصدور، والياء على إرادة الجمع، وهو مضارعٌ ماضيه: (اِثْنَوْنَى) على وزان (اِفْعَوْعَل)، و {صُدُورُهُم}: فاعل؛ والمعنى: تنطوي صدورهم، انتهى.

وقال بعضهم: قرأ ابن عبَّاس: (تَثنَونِي)؛ بمثنَّاة مفتوحة، ثُمَّ مثلَّثة ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ واو ساكنة، ونون مكسورة، على وزن (تَفْعَوعِل)؛ وهو بناء مبالغة؛ أي: تلتوي [2]، وقد نسب أهل القراءات لابن عبَّاس فيها قراءاتٍ، الثانية: بفتح الياء، وسكون الثاء المثلَّثة، وفتح النون، وكسر الواو، وتشديد النون الأخيرة، وفي (يثنوني) قراءاتٌ ذكرها الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»؛ أحدها: المتواترة، ثُمَّ ذكر فيها عشر قراءات شواذٍّ، وعزا كلَّ قراءة لقارئها، وذكر تخريجها وأطال، وقد ذكرت ذلك في المسوَّدة في ورقة أجنبيَّة، فإن أردت ذلك؛ فانظره من المسوَّدة.

قوله: (أَنْ يَتَخَلَّوْا): هو بالخاء المعجمة في أصلنا، قال شيخنا: وروي بالخاء المعجمة، من (الخلوة)، وبالمهملة، حكاهما ابن التين، ثُمَّ قال عن الشيخ أبي الحسن: إنَّ الثاني أحسنُ، ولعلَّه يريد: [أنَّه يرقد] على حُلاوة قفاه [3]، فيقال: يحلى، انتهى.

قوله: (فَيُفْضُوا): هو بضمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيُّ (أفضى)، وكذا (فَيُفْضُوا) الثانية.

(1/8379)

[حديث: أن ابن عباس قرأ: {ألا إنهم تثنوني صدورهم}]

4682# قوله: (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم أنَّه الفرَّاء الحافظ، و (هِشَامٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه هشام بن يوسف، قاضي صنعاء، و (ابْنُ جُرَيْج): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (أَوْ يَتَخَلَّى): هو بالخاء المعجمة، ومعناه: يقضي حاجته، وهذا ظاهرٌ، وبالمهملة من حُلاوة القفا، وقد تَقَدَّم أعلاه.

==========

[ج 2 ص 298]

(1/8380)

[حديث: قرأ ابن عباس {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه}]

4683# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه لماذا في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

[ج 2 ص 298]

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): أي: غير عمرو؛ يعني: ابن دينار، وهذا ظاهرٌ، وأمَّا (غيره عن ابن عبَّاس)؛ فقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هذه رواية عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس، أخرجها الطبريُّ وغيرُه من طريقه، وعن ابن عبَّاس فيها قولٌ ثالث، انتهى.

(1/8381)

[{وكان عرشه على الماء}]

(1/8382)

[حديث: قال الله عز وجل: أنفق أنفق عليك]

4684# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَجُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّم مِرارًا أيضًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَنْفِقْ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، والثانية بضمِّ الهمزة.

قوله: (لاَ تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ): (تَغِيضها): هو بفتح التاء المثنَّاة فوق، ثُمَّ غين معجمة مكسورة، ثُمَّ ضاد معجمة، ومعناه: لا تنقصها، و (نفقةٌ): مرفوع منوَّن، فاعل؛ ومعناه: لا تنقصها ولا تُقِلُّ عطاءها، يقال: غاض الشيء يغيض، وغضته أنا، ومنه قوله تعالى: {وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ} [الرعد: 8]؛ أي: تنقص من مدَّة الحمل، وقيل: ما تُسقِط قبل تمام مدَّته، والله أعلم.

قوله: (سَحًّا [1] اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ): (السَّحُّ): بفتح السين وتشديد الحاء المهملتين، وهو منصوب على المصدر، و (الليلَ والنهارَ): منصوبان، ظرفان، قال ابن قُرقُول: («سحًّا» كذا عند جميع شيوخنا منوَّنٌ على المصدر؛ أي: تسحُّ سحًّا، إلَّا عند القاضي الصدفيِّ في «مسلم» وابن عيسى فعنده: «سحَّاءُ»، على النعت؛ أي: دائمة العطاء، والسَّحُّ: الصبُّ، ولا يقال إلَّا في المؤنَّث لم يأت له مذكَّر؛ مثل: هطلاء، ولم يأت له «أهطلُ»، وبعده: «لا يغيضها شيء الليلَ والنهارَ»؛ منصوبان على الظرف: لا ينقصها، وقد فسَّرناه في الحديث الآخر عند مسلم: «لا يغيضها، سحَّاءُ، الليلَ والنهارَ»، والخلاف فيه كما تَقَدَّم، لكن عند الطبريِّ ههنا: «سحَّاءُ الليلِ والنهارِ»؛ برفعه على الفاعل على «يغيض»، وكسر «الليل والنَّهار»؛ للإضافة، يقال: سحَّت السماء والشاة تسِحُّ سحًّا، وتسُحُّ؛ بالضمِّ والكسر)، انتهى.

قوله: (لَمْ يَغِضْ): هو بفتح المثنَّاة تحت، وكسر الغين، وبالضاد، المعجمتين؛ أي: لم ينقص.

(1/8383)

[شرح غريب الآيات [54 - 82]]

قوله: (فِي ملْكِهِ وَسُلْطَانِهِ): (ملكه): بضمِّ الميم وكسرها، كذا في أصلنا.

قوله: ({سِجِّيلٍ} [هود: 82]: الشَّدِيدُ الْكَبِيرُ): (الكبير): في أصلنا بالموحَّدة، قال شيخنا: (وأُنكِر على البُخاريِّ تفسير «السِّجِّيل» بالشديد، ولو كان كذلك؛ لكان حجارة سجِّيلًا؛ لأنَّه لا يقال: حجارة من شديد؛ لأنَّ «شديدًا» نعت)، انتهى.

قوله: (وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ): هو من بني ... [1].

قوله: (وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ): (رَجْلة): بفتح الراء، وإسكان الجيم، وفي آخره تاء، وهو مجرور؛ لأنَّ الواو بمعنى: رُبَّ، قال ابن قُرقُول: («ورَجْلة»: بفتح الراء للمستملي، وهو الصواب، وبكسر الراء لأكثر الرواة، وهما جمع «راجل»، وعند القابسيِّ: «ورحلة»؛ بالحاء المهملة، وليس بشيء، فأمَّا «رَجلة»؛ فجمع «راجل»، وبكسر الراء أكثر في العدد، ويقال أيضًا: رِجِلة؛ بكسر الجيم، ورِجْل، ورَجْل، ورُجْل، ورَجَّالة، ورجال؛ كلُّه جمع الماشي، وأراجل، ومرجل)، انتهى.

وأمَّا (يضربون)؛ فكذا أحفظه، وفي أصلنا: (يضْربُنَّ)، وهذا ينبغي أن يكون بضمِّ الموحَّدة، وبنون التوكيد الثقيلة، وذلك لأجل الوزن، والله أعلم، وهذا الذي ذكرته عن أصلنا إنَّما هو قبل هذا، وكتب عليه: زائد، وأمَّا هنا؛ فـ (يضربون) ليس غير.

قوله: (يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ): هو بفتح الموحَّدة، جمع (بيضة)؛ وهي الخوذة، قال ابن قُرقُول: (كذا للكافَّة)، قال: (وفي رواية أبي الوليد عن أبي ذرٍّ: «البِيض»؛ يعني: بكسر الموحَّدة؛ يعني: السيوف، والأوَّل الصواب، إلَّا على من يرى حذف باء الإلصاق؛ كقوله:

~…تمرُّون الديارَ ولم تَعُوجوا… ...............

ومررتُ زيدًا)، انتهى.

وقد أنشد الجوهريُّ هذا البيت الذي أنشده البُخاريُّ في (سجن):

~…ورَجْلة يضربون الهام عن عُرُضٍ…ضربًا تواصت بها الأبطال سِجِّينا

فقال: وقال ابن مقبل: ولم يسمِّه إنَّما نسبه إلى أبيه، وهو هو، قال شيخنا: (ورواه ابن الأعرابيِّ: «سخينا»؛ بالخاء المعجمة؛ أي: سخنًا حارًّا؛ يعني: الضرب)، انتهى.

قوله: (ضَاحِيَةً): هو بالضاد المعجمة، وبعد الألف حاء مهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء؛ ومعناها: علانيةً، والله أعلم.

==========

[1] في (أ) بياض.

[ج 2 ص 299]

(1/8384)

[باب تتمة شرح غريب الآيات [27 - 92]]

قوله: (وَالظِّهْرِيُّ [1]: أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ)، اعلم أنَّ (الظهير): المعين، ومنه قوله تعالى: {بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، وإنَّما لم يجمعه؛ لأنَّ (فَعِيلًا) و (فُعُولًا) قد يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث والجمع؛ كما قال تعالى: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ} [الشعراء: 16]، قال الأصمعيُّ: بعير ظهير، بيِّن الظهار؛ إذا كانا قويًّا، وناقة ظهيرة، قال: والبعير الظِّهريُّ: العُدَّة للحاجة إن احتيج، وجمعه (ظهارِيُّ) غير مصروف؛ لأنَّ ياء النسبة ثابتةٌ في الواحد، و (الظِّهريُّ): الذي يجعله بظهر؛ أي: ينساه، ومنه قوله تعالى: {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [هود: 92].

قوله: ({إِجْرَامِي} [2] [هود: 35]: مِنْ أَجْرَمْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جَرَمْتُ) انتهى: قال الجوهريُّ: الجُرم: الذنب، والجريمة مثله، تقول منه: جرم، وأجرم، واجترم؛ بمعنًى، وأمَّا (بعضهم)؛ فقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين من المتأخِّرين: هكذا ذكره أبو عبيدة في «المجاز»، انتهى.

قوله: ({الفُلْكَ} [هود: 37] وَالْفُلُكُ [3] وَاحِدٌ): الأوَّل في أصلنا بإسكان اللام، والثاني بضمِّها، وبخطِّ الشيخ أبي جعفر: كلاهما بضمِّ الفاء، وإسكان اللام، قال ابن قُرقُول: («{الفُلْكَ} والفَلَك واحد»؛ يعني: الأوَّل بضمِّ الفاء، وإسكان اللام، والثاني: بفتح الفاء واللام، كذا لبعض الرواة عنه، وعند آخرين: «الفُلْك والفُلْك واحد»، وهو الصواب؛ يعني: أنَّهما بضمِّ الفاء، وإسكان اللام)، قال: (أي: الواحدُ والجمعُ واحدٌ، وهو مراد البُخاريِّ بقوله: «وَهْيَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ»؛ أي: الفُلْك: السفينة، والفُلْك أيضًا: هي السفن؛ أي: الواحد والجمع بلفظ واحد، وقد قيل: واحده «فَلْك»، وقد تَقَدَّم آنفًا، وقد يخرَّج على هذه الرواية الأخرى)، انتهى، وقال شيخنا: (قال ابن التين: ضبط في بعض الأمَّهات بالإسكان، وفي بعضها بالفتح، وهو أبيَن)، انتهى.

[ج 2 ص 299]

(1/8385)

قوله: ({مُجْرَاهَا} [4] [هود: 41]: مَدْفَعُهَا): (مُجرى): بضمِّ الميم، قال ابن قُرقُول: («{ومُرسيها}: موقفها» كذا عندهم للمروزيِّ، وعلى الميم الرفع والنصب، وعند الجرجانيِّ: «{مُرسيها}: موقفها»، ثُمَّ قال: ويُقرَأ: {مَرساها}: من رست، و {مَجريها}: من جرت، وكلامه يدلُّ على أنَّ الميمات أوَّلًا مضموماتٌ، وأنَّه اسمُ فاعلِ ذلك بها، [و] لغير الأصيليِّ تلك الكلمات ساقطة، وإنَّما عندهم: «{مجراها}: موقفها»)، انتهى، وقد قرأ حفص، وحمزة، والكسائيُّ: {مَجريها} [5]؛ بفتح الميم، والباقون بضمِّها.

قوله: (وَيُقْرَأُ: {مَرْسَاهَا} [هود: 41] مِنْ رَسَتْ هِيَ، و {مَجْريهَا} [هود: 41] مِنْ جَرَتْ هِيَ): هو بفتح الميم، وقد تَقَدَّم من قرأ بذلك أعلاه.

قوله: (و {مُجْريهَا وَمُرْسيهَا} [هود: 41] مِنْ فُعِلَ بِهَا): هما بضمِّ الميم، قال الجوهريُّ في (جرى): وقوله عزَّ وجلَّ: {مُجريها ومُرسيها}: هما مصدران من أُجرِيَت السفينة، وأُرسِيَت، و {مَجريها} و {مَرساها}؛ بالفتح، من جرت السفينة ورست، انتهى.

وقوله: (فُعِلَ بِهَا): هو بضمِّ الفاء، وكسر العين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (ههنا)، وإسقاطها موافق لرواية أبي ذرٍّ.

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (مصدر).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) مصلَّحًا بالقلم: (الفَلَك).

[4] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: ({مَجراها})، وهي غير واضحة في (ق).

[5] في (أ): (مجراها)، والمثبت موافق لما في المصادر.

(1/8386)

[{ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ... }]

قوله: (وَاحِدُ الأَشْهَادِ: شَاهِدٌ؛ مِثْلُ: صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ) قال الجوهريُّ: وشهد له بكذا شهادة؛ إذا أدَّى ما عنده من الشهادة، فهو شاهد، والجمع: شَهْد؛ مثل: صاحب وصَحْب، وسافر وسَفْر، وبعضهم يُنْكِره، وجمع (الشَّهْد): شهود وأشهاد، وكذا في كلام غيره من أهل اللغة: أنَّ «شهود» و «أشهاد» جمعُ الجمع، وفي كلام بعضهم: الأشهاد: جمع «شاهد»؛ كصاحب وأصحاب، أو «شهيد»؛ كشريف وأشراف، وهم الأنبياء، أو الملائكة، أو هما والمؤمنون وأعضاؤهم، أو الخلائق، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 300]

(1/8387)

[حديث: يدنى المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه]

4685# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ): الظاهر أنَّهما سعيد بن أبي عَروبة، وهشام الدَّستوائيُّ، و (صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ): (مُحرِز): بضمِّ الميم، اسم فاعل من أحرز الشيءَ.

قوله: (إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرفه، وكذا قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: إنَّه لم يسمَّ.

قوله: (سَمِعْتَ رَسُولَ الله [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سمعتَ): بفتح التاء للخطاب، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فِي النَّجْوَى): (النجوى) هنا: تقرير الله العبدَ على ذنوبه في سترٍ عن الناس، و (النجوى): اسمٌ أُقِيم مقام المصدر؛ وهو المناجاة، وأوضح من هذا في (النجوى)؛ أي: في مساررة الله عبده، والله أعلم.

قوله: (يُدْنَى الْمُؤْمِنُ): (يُدنَى): بضمِّ أوله، وفتح النون، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والمؤمنُ): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ): تَقَدَّم أنَّ الظاهر أنَّه الدَّستوائيُّ.

قوله: (كَنَفَهُ): هو بفتح الكاف والنون والفاء، قال ابن قُرقُول: أي: ستره ولا يفضحه، وقد يكون (كنفه) ههنا: عفوه ومغفرته، وقد صحَّفه بعض المحدِّثين فقال: (كتفه)، وهو قبيح، انتهى، وفي «النِّهاية»: («كنفه»؛ أي: يستره، وقيل: يرحمه ويلطف به، والكَنَف؛ بالتحريك: الجانب والناحية، وهذا تمثيل بجعله تحت ظلِّ رحمته يوم القيامة).

قوله: (فَيُنَادَى): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو بفتح الدال.

قوله: (وَقَالَ شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ): (شيبان) هذا: هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، أبو معاوية، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، كذا قاله ابن الأثير، وقال ابن أبي داود وغيره: المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النحويُّ، لا شيبان النحويُّ هذا، انتهى، وتعليقه هذا أخرجه في (التوحيد) فقال: (وقال آدم عن شيبان ... )؛ فذكره، وأتى به هنا؛ لأنَّ قتادة مدلِّس، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه تصريح قتادة بالتحديث من صفوان، والله أعلم، ولزيادة: {أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]، والله أعلم، وهذه الزيادة ليست في أصلنا الدِّمَشْقيِّ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيَّ).

[ج 2 ص 300]

(1/8388)

[{وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ... }]

(1/8389)

[حديث: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته]

4686# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو محمَّد بن خازم الضرير، و (خازم): بالخاء المعجمة، و (بُرَيْدٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عامر، أو الحارث، القاضي، وتَقَدَّم مترجمًا، وكذا (أَبِي مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيْم بن حَضَّار الأشعري.

==========

[ج 2 ص 300]

(1/8390)

[{وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل ... }]

قوله: (وَزُلْفَى [1]: سَاعَاتٍ بَعْدَ سَاعَاتٍ): كذا في الأصل، وفيه تفسير المفرد بالجمع، والصواب: {وَزُلَفًا} [هود: 114]، والله أعلم.

قوله: (وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمُزْدَلِفَةُ): قال شيخنا: ظاهر هذا أنَّ المزدلفة سُمِّيَت بذلك؛ للاجتماع بها، ولعلَّه لاجتماع قريش بها دون عرفة، وقيل: سُمِّيَت بذلك؛ لقربها من عرفات.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({وزُلَفًا}).

[ج 2 ص 300]

(1/8391)

[حديث: أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة]

4687# قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): (أبو عثمان) هذا: هو النهديُّ، عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّ (ملًّا) مثلث الميم، ثُمَّ لام مشدَّدة، ويقال فيه: بفتح الميم، وإسكان اللام، ثُمَّ همزة.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً): قال الدِّمْياطيُّ: اسمه أبو اليَسَر، واسمه: كعب بن عمرو، شهد العقبة مع السبعين، وشهد بدرًا وهو ابن عشرين سَنةً، وأَسَرَ العبَّاسَ يومئذ، وكان رجلًا قصيرًا، تُوُفِّيَ بالمدينة سنة (55 هـ) وله عَقِب، انتهى.

فقول الدِّمْياطيِّ: (مع السبعين): تَقَدَّم أنَّ هذا قولٌ من أقوالٍ في عددهم، وأمَّا أبو اليَسَر؛ فكذا ذكره الخطيب البغداديُّ، وتابعه النوويُّ: أنَّه أبو اليَسَر، وكذا قدَّمه ابن بشكوال، وساق له شاهدًا، ثُمَّ قال: وقيل: نبهان التمَّار، وساق شاهده، وقيل: معتِّب الأنصاريُّ، وساق شاهدًا، كذا في النسخة التي نقلت منها، ولكن بعده عن إبراهيم قال: (جاء رجل إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يقال له: فلان بن معتِّب)، فالظاهر أنَّه سقط (ابن) من الأوَّل، وقد ذكرت هذه الأقوال الثلاثة، وثلاثةَ أقوال أخرى في (باب: الصلاة كفَّارة) في أوائل هذا التعليق؛ فانظرها، وذكرت هناك أيضًا أقوالًا في قوله: (فقال رجل: أله خاصَّة؟).

قوله: (أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً): هذه المرأة لا أعرفها.

(1/8392)

(((12))) (سُورَةُ يُوسُفَ) ... إلى (سُورَة {سُبْحَان})

قوله: (وَقَالَ فُضَيْلٌ: عَنْ حُصَيْنٍ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الضاد المعجمة؛ وهو ابن عياض، التميميُّ الخراسانيُّ الزاهد، عن منصور، وحصين، وصفوان بن سُلَيم، وخلقٍ، وعنه: القطَّان، وابن مهديٍّ، ولوين، وخلقٌ، ثِقةٌ رفيع الذكر، مات في المحرَّم سنة (187 هـ)، جاوز ثمانين سَنةً، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال الذهبيُّ: مُجمَعٌ على ثقته وجلالته، ولا عبرة بما رواه ابن أبي خيثمة قال: سمعت قطبة بن العلاء يقول: تركت حديث فضيل بن عياض؛ لأنه روى أحاديث أزرى فيها على عثمان رضي الله عنه، قال الذهبيُّ: فمَن قطبة؟! وما قطبة حتَّى يُجرِّح وهو هالك؟!

تنبيهٌ: قال في «الميزان»: قطبة بن العلاء، قال البُخاريُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن حبَّان: كان يخطئ كثيرًا، فعُدِل به عن مسلك الاحتجاج به، وقال ابن عديٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به، انتهى كلامه في «الميزان»، ولم يذكر فيه أنَّه هالك.

تنبيهٌ آخر: لهم شخص آخر يقال له: الفضيل بن عياض الخولانيُّ، لاندري من ذا؟ ولهم آخر يقال له: الفضيل بن عياض الصدفيُّ بمصر، قال الذهبيُّ: فهذا ما علمت به بأسًا.

و (حُصَين): هو بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم.

قوله: ({مُتْكَأً} [يوسف: 31]: الأُتْرُجُّ): (مُتْكأً): هو بضمِّ الميم، وإسكان المثنَّاة فوق، منوَّن الآخر، وكذا قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ مُتْكًا)، وكذا قوله: (عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {مُتْكًا}: كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ بِالسِّكِّينِ)، ضبْطُه واحدٌ،

[ج 2 ص 300]

وهي قراءة شاذَّة، قال الفرَّاء: حدَّثني شيخ من ثقات أهل البصرة: أنَّه الزُّمَّاوَرْدُ، قال بعضهم: هو الأترجُّ، حكاه الأخفش، والزُّمَّاوَرْد معرَّب، والعامَّة تقول: بزْمَاوَرْد، قال ابن قُرقُول: ذكر البُخاريُّ: (المتَّكأ)، وأنكر قول من قال: إنَّه الأترجُّ، وقد قُرِئ: {متْكًا}، وقد قيل: إذا ثُقِّل؛ فهو الطعام، وإذا خُفِّف؛ فهو الأترجُّ، وقيل: الزُّمَّاوَرْد، وقيل: بالتشديد هو المرافق (متَّكأ)، وهو الذي رجَّح البُخاريُّ، وقال: إنَّما (المُتَّك): طرف البظر قُيِّد بالضمِّ والفتح والكسر، وامرأةٌ مَتْكَاء: غير مخفوضة، ويقال: لا تمسك بولها، انتهى لفظه.

(1/8393)

قوله: (وَلَيْسَ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ الأُتْرُجُّ): قال ابن قُرقُول: يعني: أنَّه لا يعرف ذلك في تفسير (المتك)، لا أنَّه أنكر اللفظة، انتهى، وهذا أحسن ممَّا قال شيخنا: قلت: ودعوى أنَّ ذلك ليس في كلام العرب من الأعاجيب، فقد قال في «المحكم»: المتك: الأترجُّ، وقيل: الزُّمَّاوَرْد، وهو ما في «الصحاح» عن حكاية الفرَّاء، وعن الأخفش: هو الأترجُّ، قال في «الجامع»: (المتك): الأترجُّ، وأنشد عليه شعرًا، واحده: متكة، وأهل عُمَان يسمُّون السوسنَ المتكَ، وأما أبو حنيفة الدِّينوَريُّ؛ فزعم أنَّ المُتك _ بالضمِّ_ الأترجُّ، قال: وقرأ قوم هذا الحرف بالإسكان، وقالوا: هو الأترجُّ، وكذلك قال ابن عبَّاس، وذكر أنَّ الذي بالفتح هو السوسن، وبنحوه ذكره أبو عليٍّ القاليُّ، وابن فارس [في] «المجمل»، وغيرُهما، انتهى.

و (الأُتْرُجُّ): بضمِّ الهمزة، ثُمَّ مثنَّاة فوق ساكنة، ثُمَّ راء مضمومة، ثُمَّ جيم مشدَّدة، وفي نسخة: ({متْكًا}: الأترنج)، انتهى، يقال في الواحدة: أترجَّة وأترنجة، وحُكِيَ أيضًا: ترنجة لغة ثالثة، والأترجَّة أفصح، وأترنجة: ليست في «الصحاح» للجوهريِّ، ولا في «القاموس» لشيخنا مجد الدين على ما جمعه، وهي في «المطالع» لابن قُرقُول، وأمَّا قوله: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يوسف: 31]؛ قيل: مجلسًا للطعام، وقيل: طعامًا، وقيل: هو كلُّ ما يُحَزُّ؛ لأنَّه في الغالب يؤكل على متَّكأٍ، وقيل: بطيخًا وموزًا، وقيل: أترجًّا وعسلًا يؤكل به، وقيل: زُمَّاوَرْد، والله أعلم ما كان.

قوله: (قَالَ فُضَيْلٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن عياض رحمة الله عليه.

قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ): يعني: أنَّه وافقت الحبشيَّةُ لغةَ القرآن العربيَّة.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: هو منصور بن المعتمر.

قوله: (و {الجُبِّ} [يوسف: 10]: الرَّكِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ): كذا أيضًا في «صحاح الجوهريِّ»، وفي «القاموس»: (والجبُّ: البئر، أوالكثيرة الماء البعيدة القعر، أو الجيِّدة الموضع من الكلأ، أو التي لم تطوَ، أو ممَّا وُجد [لا] ممَّا حفر الناس)، انتهى.

(1/8394)

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُهَا شَدٌّ): بيَّض بعض حفَّاظ المِصْريِّين له، قال ابن قُرقُول: («واحدها: شُدٌّ»؛ بالضم، كذا لهم، وعند المهلَّب بالفتح، وكذلك حكى أبو عبيدة بالضمِّ، ولم ينكر الفتحَ، وحكى غيره اللغتين، قال الهرويُّ: هو جمع «شِدَّة»؛ أي: قوَّة وغاية، قال ابن عبَّاس: هو ثلاث وثلاثون سَنةً، والاستواء: أربعون، وقيل: الأشُدُّ: الحلم، وقيل: أوَّله من خمسة عشر عامًا، وقيل: ثمانية عشر)، انتهى، قال الجوهريُّ: {أَشُدَّهُ} [يوسف: 22]: قوَّته، وهو ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين، وهو واحدٌ جاء على بناء الجمع؛ مثل: آنُك؛ وهو الأُسْرُبُّ، ولا نظير لهما، ويقال: هو جمع لا واحد له من لفظه؛ مثل: أشاكٍ، وأبابيل، وعباديد، ومذاكير، وكان سيبويه يقول: واحده (شِدَّة)، وهو حسن في المعنى؛ لأنَّه يقال: بلغ العالَم شدَّته، ولكن لا يجمع فعله على (أفعُلٍ)، وأمَّا (أنعُم)؛ فإنَّما هو جمع (نُعْمٍ)، من قولهم: (يوم بُؤْسٍ، ويوم نُعْمٍ)، وأمَّا قول من قال: واحده: شَدٌّ؛ مثل: كلب وأكلب، أو (شِدٌّ)؛ مثل: ذئب وأذؤب؛ فإنَّما هو قياس، كما يقولون في واحد الأبابيل: أَبَّوْلٌ قياسًا على عَجَّوْل، وليس هو شيء سمع عن العرب، انتهى، وقال غيره: {أَشُدَّهُ}: منتهاه في قوَّته وشبابه، وآخره أربعون سَنةً، وقيل: خمسون، وقيل: ستُّون.

قوله: (وَأَبْطَلَ الَّذِي قَالَ: الأُتْرُجُّ): قال بعض حفاظ المِصْريِّين: قال أبو عبيدة في «المجاز»: زعم قوم أنَّه التُّرنج، وهذا أبطل باطلٍ في الأرض، ولكن عسى أن يكون مع المتَّكأ تُرُنْجٌ، انتهى.

قوله: (فَقَالُوا: إِنَّمَا هُوَ الْمُتْكُ، سَاكِنَةَ التَّاءِ، وَإِنَّمَا الْمُتْكُ طَرَفُ الْبَظْرِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ (المَتْك) هنا مثلَّث الميم، ساكن التاء.

قوله: (وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا: مَتْكَاءُ وَابْنُ الْمَتْكَاءِ): (المَتْكاء): بفتح الميم، وإسكان التاء فوق، وفي آخره همزة ممدودة، والمتكاء من النساء: التي لم تُخفَض.

قوله: (إِلَى شِغَافِهَا؛ وَهْوَ غِلاَفُ قَلْبِهَا): (الشِّغاف): بكسر الشين المعجمة، كذا في أصلنا بالقلم، وفي «الصحاح»: بفتح الشين بالقلم، قال شيخنا: بفتح الشين، كما في كتب اللغة، وضبطه المحدِّثون بكسرها، انتهى.

(1/8395)

قوله: (وَأَمَّا {شَعَفَهَا} [يوسف: 30]؛ فَمِنَ الْمَشْعُوفِ): هذا اللفظ ثابت في بعض أصولي، وهو في أصلنا القاهريِّ، وهو بالشين المعجمة، والعين المهملة، قال ابن قُرقُول في (الشين المعجمة والعين المهملة): (وأمَّا شعفها من المشعوف): القرب، يقال [1]: فلان مشعوف بفلانة؛ أي: ترَّح [2] به حبُّها، ومنه: {قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا} [يوسف: 30]، وقال في (الشين والغين المعجمتين): {شَغَفَهَا حُبًّا} [يوسف: 30]، وشغفة القلب: أعلاه، وهو معلَّق النياط، قال أبو عبيد: المشغوف: الذي بلغ حبُّه شغاف قلبه، وبالمهملة: الذي خلص الحبُّ إلى قلبه وأحرقه، ويكون بمعنى: أفزعني وراعني، قال الهرويُّ: الشعف: الفزع حتَّى يذهب بالقلب، انتهى، و {شعفها}؛ بالعين المهملة: قراءة الحسن، كما عزاها الجوهريُّ إليه.

قوله: (الضِّغْثُ: مِلْءُ الْيَدِ مِنْ حَشِيشٍ): (الضِّغْث): بكسر الضاد، وإسكان الغين، المعجمتين؛ مثل: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} [ص: 44].

قوله: ({كَيْلَ بَعِيرٍ} [يوسف: 66]: مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ): قال مجاهد: أراد: كيل حمار، وقال بعض العرب: يقال للبعير: حمار، وهذا شاذٌّ، قال ابن خالويه: وذلك أنَّ يعقوب وإخوة يوسف كانوا بأرض كنعان، ولم يكن هناك إبل، وكذا قال مقاتل بن سليمان، وفي «زبور داود»: البعير: كلُّ ما يُحمَّل، ويقال لكلِّ ما يُحمَّل بالعبرانيَّة: بعير، قال ابن خالويه: وهذا حرف نادر ألقيته على المتنبِّي بين يدي سيف الدولة، ولم يأت بحُجَّة؛ لأنَّ المقالة لم تكن بأرض كنعان، بل بأرض مصر، وما حكاه عن «الزَّبور» لا سبيل إلى إثباته؛ لثبوت التغيير، والله أعلم، قال ابن عبد السلام في «تفسيره»: {حِمْلُ بَعِيْرٍ} [يوسف: 72]؛ لأنَّه كان يُكَال، وقيل: حمل حمار، وهي لغة، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وعبارة «المطالع»: (العرب تقول).

[2] كذا في (أ)، وعبارة «المطالع»: (برَّح).

(1/8396)

[{ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب ... }]

(1/8397)

[حديث: الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ... ]

4688# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (وقال عبد الله بن محمَّد)، وكذا ذكره المِزِّيُّ وخلف، قال شيخنا: والبُخاريُّ رواه عن عبد الله بن محمَّد؛ يعني: المسنديَّ، كذا هو في الأصول، وأمَّا خلف؛ فذكره بلفظ: وقال، انتهى، وقد قدَّمتُ أنَّ المِزِّيَّ ذكره كذلك، وأنَّه كذلك في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، فالحاصل: أنَّه اختلف فيه؛ هل أخذه عنه مذاكرة، أو في وقت التحديث؟ وعلى قول المِزِّيِّ: هل هو تعليقٌ، أم لا؟ و (عَبْدُ الصَّمَدِ) بعده: هو ابن عبد الوارث.

==========

[ج 2 ص 301]

(1/8398)

[{لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين}]

(1/8399)

[حديث: أكرمهم عند الله أتقاهم]

4689# قوله: (حَدَّثَنِي مَحَمَّدٌ: أَخْبَرَنِي [1] عَبْدَةُ): (محمَّد) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (باب الغسل بعد الحرب والغبار) من (كتاب الجهاد)؛ فانظره، وكذا (عبدة) بعده: أنَّه ابن سليمان، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر العُمريُّ.

[ج 2 ص 301]

قوله: (مَعَادِنِ الْعَرَبِ): هي أصولها وبيوتها، ومعدِن كلِّ شيء: أصلُه، وقد تَقَدَّم.

قوله: (إِذَا فَقهُوا): تَقَدَّم ضبطه في (المناقب)، وأنَّه بضمِّ القاف وكسرها؛ ومعناه: إذا صاروا فقهاء علماء.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): الضمير في (تابعه) يعود على (عبدة)، وهو ابن سليمان، و (أبو أسامة): هو حمَّاد بن أسامة، ومتابعة أبي أسامة أخرجها البُخاريُّ عن عبيد بن إسماعيل عنه به في (أحاديث [2] الأنبياء).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أخبرنا).

[2] في (أ): (الأحاديث)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8400)

[{قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا}]

(1/8401)

[حديث: إن كنت بريئةً فسيبرئك الله]

4690# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (وَحَدَّثَنَا الحَجَّاجُ): هو الحجَّاج بن منهال الأنماطيُّ البصريُّ، عن قرَّة وشعبة، وعنه: البُخاريُّ، وعن واحد عنه، وعبدٌ، والكجِّيُّ، وكان دلَّالًا ثِقةً ورعًا، ذا سُنَّة وفضل، تَقَدَّم، و (يُونُسُ بْنُ يَزيِدَ الأَيْليُّ): بفتح الهمزة، منسوب إلى أيلة؛ قرية معروفة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أعلاه، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّم أنَّ ياءه بالفتح والكسر، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ): تَقَدَّم في (الشهادات) مَن أهل الإفك.

==========

[ج 2 ص 302]

(1/8402)

[حديث أم رومان: بينا أنا وعائشة أخذتها الحمى ... ]

4691# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، والكلام [على] نسبته هذه لماذا، و (أَبُو عَوَانَةَ): هو الوضَّاح بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا، و (حُصَيْنٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الصاد، المهملتين، وأنَّه ابن عبد الرَّحمن، وأنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ): تَقَدَّم الكلام على روايته عن أمِّ رومان في (الشهادات) مطوَّلًا، و (أُمُّ رومَانَ): تَقَدَّم أنَّها بضمِّ الراء وفتحها، وأنَّ اسمها دعد [1]، ويقال: زينب، وتَقَدَّم الكلام على بعض ترجمتها، ووفاتها، وما يتعلَّق بها.

قوله: (تُحُدِّثَ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الدال المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] في (أ): (دعدد)، والمثبت موافق لما في المصادر.

[ج 2 ص 302]

(1/8403)

[{وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ... }]

قوله: ({وَرَاوَدَتْهُ الَتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ} [يوسف: 23]): هي زَلِيْخَا؛ بفتح الزاي، وكسر اللام، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ خاء معجمة، مقصورٌ.

قوله: ({هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23]): هو بفتح التاء في أصلنا، والثانية بضمِّها في أصلنا: {هَيْتُ لَكَ}؛ بضمِّ التاء، وقد قرأ نافع وابن ذكوان: {هِيْتَ}؛ بكسر الهاء من غير همز وفتح التاء، وهشام كذلك إلَّا أنَّه يهمز، وقد روي عنه ضمُّ التاء، وابن كثير: بفتح الهاء وضمِّ التاء، والباقون: بفتحهما.

قوله: (بِالْحَوْرَانِيَّةِ): اعلم أنَّ {هَيْتَ لَكَ} قيل: هي لغة نبطيَّة، وقيل: سريانيَّة؛ أي: عليك، وقيل: حورانيَّة؛ أي: تعال، وقيل: عربيَّة؛ أي: أقبل، والجمهور على أنَّها عربيَّة، وقيل: معرَّبة.

==========

[ج 2 ص 302]

(1/8404)

[حديث ابن مسعود: وإنما نقرؤها كما علمناها]

4692# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (سُلَيْمَانُ) بعد (شعبة): هو الأعمش، سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة.

قوله: (وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ): الظاهر أنَّه بالسند المتَقَدَّم الذي قدَّمه، وهو عن أحمد بن سعيد، عن بشر بن عمر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن عبد الله، والله أعلم، وأنَّه ليس تعليقًا.

قوله: ({هَيْتُ لَكَ} [1] [يوسف: 23]): كذا في أصلنا بضمِّ التاء، وقد تَقَدَّم من قرأ بها أعلاه.

(1/8405)

[تتمة حديث قراءات ابن مسعود]

قوله: ({بَلْ عَجِبْتُ} [الصافات: 12]): هو بضمِّ التاء في أصلنا، وقد قرأها بضمِّ التاء حمزة والكسائيُّ، والباقون: بفتحها، وهذه اللفظة ليست في هذه السورة؛ بل في (الصافَّات)، وإنَّما ذكرها هنا؛ لأنَّها قُرِئت بضمِّ التاء؛ كما قُرِئ: {هَيْتُ}؛ بضمِّها، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 302]

(1/8406)

[حديث: اللهم اكفنيهم بسبع كسبع يوسف]

4693# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم مترجمًا، والكلام على نسبته هذه، في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو أبو الضحى، مسلم بن صبيح، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (حَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ): (حصَّت): بفتح الحاء، وتشديد الصاد المفتوحة، المهملتين، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: استأصلته واجتاحته، يقال: حصَّ رحمه؛ إذا قطعها، وحصَّت البيضة رأسه: حلقته، وقد تَقَدَّم.

قوله: (أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العذابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (أفيَكشف عنهم العذابَ): (يَكشف): بالفتح مبنيٌّ للفاعل، و (العذابَ): منصوبٌ، مفعولٌ.

(1/8407)

[{فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك ... }]

قوله: ({فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ} [يوسف: 50]): هذا الرسول الذي جاء يوسف من الملِك لا أعرف اسمه.

قوله: (وَحَاشَ وَحَاشَى: تَنْزِيهٌ): هو بمثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ نون ساكنة، وبعد النون زاي مكسورة، ورواه ابن السكن: (تَبْرِئَة)؛ بموحدة ساكنة بعد التاء المثنَّاة فوق المفتوحة، ثُمَّ راء.

==========

[ج 2 ص 302]

(1/8408)

[حديث: يرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ... ]

4694# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ): قال الدِّمْياطيُّ: سعيد بن عيسى بن تليد، أبو عثمان، مات سنة تسع عشرة ومئتين، انفرد به البُخاريُّ، انتهى، يعني: عن مسلم، وقد أخرج له مع البُخاريِّ النَّسائيُّ، قال أبو حاتم: ثِقةٌ لا بأس به، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ) بعده: هو عبد الرَّحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العُتَقيُّ، أبو عبد الله المصريُّ، الفقيه، صاحب مالك، روى عن مالك، وبكر بن مضر، وابن عيينة، وجماعةٍ، وعنه: سعيد بن عيسى بن تليد، وأصبغ بن الفرج، وآخرون، قال أبو زرعة: ثِقةٌ صالح، وقال النَّسائيُّ: ثِقةٌ مأمون، أحد الفقهاء، تُوُفِّيَ في صفر سنة (191 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، والظاهر أنَّه ليس له في «البُخاريِّ» غيرُ هذا الحديث، والله أعلم.

قوله: (عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ): (مضر): لا ينصرف؛ لأنَّه معدول عن (ماضر)، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزهريُّ، محمَّد بن مسلم، و (سَعِيْدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

[ج 2 ص 302]

قوله: (يَرْحَمُ اللهُ لُوطًا): تَقَدَّم الكلام عليه في (الأنبياء)، وعلى قوله: ({رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80])، وعلى (الدَّاعِيَ)، وأنَّه رسول الملِك، وعلى قوله: (وَنَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ)؛ يعني: بالشكِّ، والجواب عنه مطوَّلًا، كلُّه في (الأنبياء).

(1/8409)

[{حتى إذا استايس الرسل}]

(1/8410)

[حديث عائشة: معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها ... ]

4695# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم الزُّهريَّ.

قوله: (أ {كُذِبُوا} أَوْ [1] {كُذِّبُوا} [يوسف: 110]): اعلم أنَّهما قراءتان في السبع، قرأ عاصم وحمزة بالتخفيف، والباقون بالتشديد، وهو الذي ذهبت إليه عائشة، قال ابن الجوزيِّ: وهو الفصيح، نقله شيخنا عنه، قال: ويُحمَل التخفيف على أنَّ قوم الرسل ظنُّوا أنَّهم قد كُذِبوا فيما وُعِدوا به من النصر، انتهى، وهذا لفظه في (البقرة)، وأمَّا في هذا المكان؛ فقريب منه، ولفظه: ومعنى التخفيف: ظنَّ الأمم أنَّ الرسل كَذَبوهم فيما أخبروهم [2] به من نصر الله إياهم بإهلاك أعدائهم، انتهى، وما قاله هو تأويل عائشة في الآية.

4696# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (مَثَلُ الْمُشْرِكِ): (مَثَل): بفتح الميم والثاء، وكذا الذي بعده (كَمَثَلِ الْعَطْشَانِ).

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُّتَجَاوِرَاتٌ} [الرعد: 4]: مُتَدَانِيَاتٌ): هذا كلام أبي عبيدة في «المجاز»، وكذا قوله: (وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ، وَهِيَ الأَمْثَالُ)، ولفظ أبي عبيدة: مجازها مجاز الأمثال، انتهى [3]

قوله: (واحدها: مَثُلة) هي بفتح الميم، وضمِّ الثاء؛ كسَمُرةٍ وسَمُراتٍ.

قوله: (تُعَقِّبُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر القاف المشدَّدة، وكذا (عَقَّبْتُ): هو بفتح العين والقاف المشدَّدة، قال شيخنا: وبخطِّ الدِّمْياطيِّ: بتشديد القاف، وقال ابن التين: بفتح القاف وتخفيفها، قال: وضبطه بعضهم بتشديدها، وفي بعض النسخ بكسرها، ولا وجه له، إلَّا أن يكون لغةً، انتهى.

قوله: (فِي أثرِهِ): تَقَدَّمت [4] اللغات فيها.

قوله: (أَجْفَأَتِ الْقِدْرُ؛ إِذَا غَلَتْ): قال الدِّمْياطيُّ: جفأَتِ القدر؛ إذا غلت: أفصح من أجفأَت، وجفأْتُ القدر؛ إذا كفأتَها وأملتَها، فصببتَ ما فيها، ولا تقل: أجفأتُها، انتهى، وهذا في «الصحاح».

(1/8411)

قوله: ({أَفَلَمْ يَيْئَسِ} [الرعد: 31]: لَمْ يَتَبَيَّنْ): كذا قال أبو عبيد: ألم يعلم ويتبيَّن؟ وردَّ الفرَّاء هذا، وقال: لم يسمع (يئست) بمعنى: علمت، ورُدَّ عليه بأنَّ مَن حفظ حُجَّةٌ على من لم يحفظ، ويدلُّ عليه قراءة ابن عبَّاس وجماعةٍ من السلف: {أفلم يتبيَّن} من (تبيَّنتُ)، كذا إذا عرفته، وقد افترى من قال: إنَّما كتبه الكاتب وهو ناعس، وكان أصله: (أفلم يتبيَّن) سوَّى هذه الحروف فتوهَّم أنها سين، وهذا لا يُصدَّق في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وييئس؛ بمعنى: يعلم: لغة النَّخَع، وقيل: يتبيَّن: بلغة جرهم.

قوله: (مِنَ الْمَلِيِّ): هو بفتح الميم، مشدَّد الياء.

قوله: (وَالْمُلاَوَةِ): هي بضمِّ الميم، وكسرها، وفتحها، قال الجوهريُّ: ويقال لمن لبس الجديد: أبليت جديدًا وتملَّيت حبيبًا؛ أي: عشت معه مَلاوة من دهرك وتمتَّعت به، وأقمت عنده مَلاوة من الدهر، ومُلاوة، ومِلاوة؛ أي: حينًا وبرهة، انتهى، وقال شيخنا: (والملاوة): بضمِّ الميم وفتحها؛ أي: قد أُطيل في عمره، انتهى.

قوله: (وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الأَرْضِ: مَلَا [5]): هو بفتح الميم، مقصور، قال الدِّمْياطيُّ: («الملا»؛ مقصور غير مهموز: الصحراء الواسعة التي لا بيت فيها ولا جبل)، انتهى، وما قاله معروف، وأمَّا (الملوان)؛ فالليل والنهار، الواحد: مَلًا؛ بفتح الميم، مقصورٌ، منوَّن.

قوله: (وَالْحِلْيَةِ): هي بكسر الحاء المهملة، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو مجرور معطوف على المضاف إليه؛ أي: وخبث الحلية.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أم).

[2] في (أ): (أخبروه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متقدمة على قوله: (مثل المشرك ... ).

[4] في (أ): (تقدَّم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[5] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ملًى).

[ج 2 ص 303]

(1/8412)

(((13))) [سورة الرعد]

(1/8413)

[{الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام}]

قوله: ({غِيضَ} [هود: 44]: نُقِصَ): هو بضمِّ النون، وكسر القاف، كذا في أصلنا، يقال: نقص الشيء نقصًا ونقصانًا، ونقصته أنا، يتعدَّى لواحد واثنين أيضًا، ولا يتعدَّى بالكلِّيَّة، وانتقص الشيء؛ أي: نقص، وانتقصته أنا، فإذا بنيت من (نقص) المتعدِّي؛ قلت: نُقِص، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 303]

(1/8414)

[حديث: مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله]

4697# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ): هو معن بن عيسى المدنيُّ القزَّاز، أبو يحيى، أحد الأئِمَّة، عن ابن أبي ذئب، ومالك، ومعاوية بن صالح، وعنه: ابن المدينيِّ، وابن معين، ومحمَّد بن رافع، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، تُوُفِّيَ في شوَّال سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة.

==========

[ج 2 ص 303]

(1/8415)

(((14))) [سورة إبراهيم]

قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَادٍ} [الرعد: 33]: دَاعٍ) هذا في (سورة الرعد)، وليس هو في هذه السورة.

قوله: (هَذَا مَثَلٌ): هو بفتح الميم والثاء، تَقَدَّم قريبًا.

قوله: ({لَكُمْ تَبَعًا} [إبراهيم: 21]: وَاحِدُهَا تَابِعٌ، مِثْلُ: غَيَبٍ وَغَائِبٍ)، انتهى، ومثل: خَدَم وخادم، وقال الجوهريُّ: والتبع: يكون واحدًا وجماعة، قال الله تعالى: {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} [إبراهيم: 21]، ويُجمَع على أتباع، انتهى؛ فانظر ما بينهما.

قوله: ({وَلاَخِلالٌ} [إبراهيم: 31]: مَصْدَرُ خَالَلْتُهُ خِلاَلًا، وَيَجُوزُ _ أَيْضًا_ جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلاَلٍ): وهذا الذي قال فيه: (ويجوز) جزم به بعض المفسِّرين ولم يحكِ غيرَه، فقال: (خلال): جمع خُلَّة؛ كقُلَّة وقِلَال، انتهى، وكظُلَّة وظِلَال، قال شيخنا: قال ابن التين: كذا قال، والذي قاله الجماعة: أنَّه مصدر خاللته؛ كما ذكره أوَّلًا، انتهى.

(1/8416)

[{كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ... }]

(1/8417)

[حديث: أخبروني بشجرة تشبه أو كالرجل المسلم لا يتحات ورقها]

4698# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة مرارًا، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العُمريُّ.

قوله: (لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا، وَلَا، وَلَا، وَلَا): أي: ولا يصيبها كذا، ولا كذا، ولا كذا، ولم يذكر الراوي تلك الأشياء المعطوفة، ثُمَّ ابتدأ فقال: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25]، قد تكلَّم القاضي عياض في «شرح مسلم» في (كتاب التوبة) على ذلك، وعلى كلام لإبراهيم بن محمَّد بن سفيان راوي «مسلم» عنه فيه، واستشكاله، والصوابُ في معناه ما ذكرته؛ فانظره.

قوله: (أَنْ تَكَلَّمَ): هو محذوف إحدى التاءين، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (لأَنْ تَكُونَ): هو بفتح لام (لأن)، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 303]

(1/8418)

[{يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}]

(1/8419)

[حديث: المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله]

4699# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ): بفتح الميم، وإسكان الراء، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ): بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة.

(1/8420)

[{ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا}]

قوله: ({بُورًا} [الفرقان: 18]: هَالِكِينَ): هو بضمِّ الباء الموحَّدة، فسمَّى {بُورًا}؛ أي: هالكين.

[ج 2 ص 303]

(1/8421)

[حديث ابن عباس في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا}]

4700# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المدينيِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح.

==========

[ج 2 ص 304]

(1/8422)

(((15))) [سورة الحجر]

قوله: ({يُهْرَعُونَ} [الصافات: 70]: مُسْرِعِينَ): هذا في (سورة هود)، لا في هذه السورة، وفيه تجوُّز؛ لأنَّ {يهرعون}؛ أي: يسرعون، فعَبَّر عنه باسم الفاعل مجموعًا، والإهراع: الإسراع، وقد جاء في القرآن مبنيًّا لما لم يُسَمَّ فاعلُه، قال أبو عبيدة: يُسْتَحَثُّونَ إليه، كأنَّه يحثُّ بعضُهم بعضًا، وأُهْرِع الرجلُ؛ على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، فهو مهرع؛ إذا كان يُرْعَد من غضب، أو حمَّى، أو فزع، وقد قدَّمتُ فيه كلامًا؛ فانظره.

قوله: ({لَوَاقِحَ} [الحجر: 22]: مَلاَقِحَ): قال الجوهريُّ: لقِحَ الفحلُ الناقةَ، والريحُ السحابَ، ورياحٌ لواقح، ولا يقال: ملاقح، وهو من النوادر، وقد قيل: الأصل فيه: مُلقَحَة، ولكنها لا تُلقِح إلَّا وهي في نفسها لاقح؛ كأنَّ الرياح لقحت بخير، فإذا أنشأت السحاب وفيها خير؛ وصل ذلك إليه، انتهى، وفي «القاموس»: وألقحت الرياحُ الشجرَ، فهو لواقح وملاقح، انتهى، فهذا يؤيِّد ما قاله البُخاريُّ، قال ابن قُرقُول: قول البُخاريِّ في تفسير {لواقح}: (ملاقح): هو أحد الأقوال؛ بمعنى: مُلقَحة، أو ذوات لقح؛ أي: تَلقِح الشجر والنبات، وتأتي بالسحاب، وقيل: {لواقح}: حاملاتٌ للسحاب؛ كما تحمل الناقة، انتهى.

قوله: ({حَمَأٍ} [الحجر: 26]: جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ، وَهْوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ) انتهى: وكذا قال غيره: إنَّ (حمأً): جماعة حَمْأة، لكن في «صحاح الجوهريِّ» ما لفظه: (الحمأ): الطين الأسود، قال تعالى: {مِنْ حَمَأٍ مَّسْنُونٍ} [الحجر: 26]، وكذلك الحمْأة؛ بالتسكين: واحد، وفي «القاموس»: الحمأة: الطين الأسود المنتن؛ كالحمَأ؛ محرَّكة، فمقتضى كلامهما أن يكون الحَمَأُ والحَمْأَة واحدًا [1]، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (واحد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 304]

(1/8423)

[{إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين}]

(1/8424)

[حديث: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها]

4701# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (سُفْيَانُ)، و (عَمْرٌو)، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ): هو في أصلنا بضمِّ الخاء، قال ابن قُرقُول: بكسر الخاء، وضبطه الأصيليُّ بضمِّها، فيحتمل أن يكونا [1] مصدرَين؛ كالوجدان والكفران، وهو التذلُّل، وقد يكون بالضمِّ صفةً للملائكة، وحالًا منهم، وجوَّز بعضهم فيه الفتح، والخضوع: الرضا بالذلِّ، يقال: خضع هو، وخضعته، متعدٍّ ولازم، انتهى لفظه، وقال بعضهم: ورُوِيَ بكسر الخاء.

قوله: (عَلَى صَفْوَانٍ، قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفَوَانٍ [2]): الأولى: بإسكان الفاء، والثانية: بالفتح، كذا في أصلنا، وقوله: (قال عليٌّ): هو عليُّ بن عبد الله المدينيُّ: (وقال غيرُه)؛ أي: غير سفيان؛ يعني: شَيخَه، والله أعلم، وقد ذكرت لك أنَّ الثانية بالفتح، وعليها: (صح)، وتجاهها (صفْوان)؛ مسكَّنة الفاء، وعليها علامة نسخة الدِّمْياطيِّ، فإذن: اللفظتان بإسكان الفاء عند الدِّمْياطيِّ، وهذا الذي أعرفه، ولا أعرف الفتح لغة، و (الصفوان): الحجر الأملس، وقيل: هو جمع، واحده: صفوانة، قال ابن قُرقُول: ساكنة الفاء، وفي (التوحيد): (وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفَوَانٍ يَنْفُذُهُمْ) [خ¦7481]؛ بفتح الفاء، وقد أتى أنَّ ذلك هو موضع الاختلاف، ولا يُعلَم فيه الفتح، والخلاف إنَّما هو في زيادة قوله: (ينفُذُهم)، بدليل أنَّ النسفيَّ لم يذكره في قول غيره: (صفوان) جملةً، وإنَّما قال: (وقال غيره: ينفذهم ذلك)، انتهى، وهذا يؤيِّد ما في نسخة الدِّمْياطيِّ، وهو الذي أعرفه، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ [3]: يَنْفُذُهُمْ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ كما سيأتي قريبًا: وأمَّا الغير الأوَّل المبهم؛ فما عرفت من هو، انتهى، والظاهر أنَّه أراد هذا، لا الأوَّل في قوله: {كِتَابٌ مَّعْلُومٌ} [الحجر: 4]، والله أعلم.

قوله: (يَنْفُذُهُمْ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الفاء، وبالذال المعجمة، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ): (بعضَها): بالنصب، ويجوز فيه الرفع، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَيُحْرِقَهُ): هو مضموم الأوَّل، وبالحاء المهملة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/8425)

قوله: (فَتُلْقَى): هو بضمِّ أوَّله، وفتح القاف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فيُصَدَّقُ [4]): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الدال المشدَّد، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الله، ابن المدينيِّ، وفي أصلنا هنا هو منسوب إلى أبيه فقط، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

قوله: (وَزَادَ: الْكَاهِنِ): تَقَدَّم الكلام على (الكاهن)، وهو هنا مجرور؛ أي: زاد بعد قوله: (على فم الساحرِ): (والكاهنِ)؛ أي: وعلى فم الكاهن.

قوله: (وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ): قائل هذا هو عليٌّ ابن المدينيِّ.

قوله: (قُلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل له هو ابن المدينيِّ عليُّ بن عبد الله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْكَ): هذا الإنسان لا أعرفه بعينه، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: والإنسان المذكور هو الحميدي، وأشار عليٌّ بذلك إلى الرواية الشاذَّة التي قرأها الحسن في هذا الحرف: {إذا فُرِّغَ} [سبأ: 23]؛ بالراء، والغين المعجمة، وأمَّا (الغير) المبهم في الأوَّل؛ فما عرفت مَن هو؟

قوله: (أَنَّهُ قَرَأَ: {فُزِعَ} ... ) إلى أن قال: (قَالَ سُفْيَانُ: وَهْيَ قِرَاءَتُنَا): اعلم أنَّ ابن عامر قرأ: {فَزَّعَ} [سبأ: 23]؛ مبنيًّا للفاعل مشدَّدًا، وقرأ الباقون: مبنيًّا للمفعول، مشدَّدًا بهما، وقرأ الحسن: {فُرِغَ}؛ مبنيًّا للمفعول مخفَّفًا؛ كقولك: ذُهِب بزيدٍ، وهذه التي قرأ بها سفيان كما في أصلنا، وقرأ أيضًا الحسن وقتادة ومجاهد: {فَرَّغ}؛ مشدَّدًا مبنيًّا للفاعل، من (الفراغ)، وعن الحسن أيضًا تخفيف الراء، وعنه أيضًا وعن ابن عمر وقتادة: مشدَّد الراء مبنيًّا للمفعول، والفراغ: الفناء؛ والمعنى: حتَّى إذا أفنى اللهُ الوَجَلَ، أو انتفى بنفسه، أو نُفِيَ الوجل والخوف عن قلوبهم ... ، فلمَّا بُنِيَ للمفعول؛ قام الجارُّ مقامه، وقرأ ابن مسعود وابن عمر: {افرنقع}، من الافرنقاع؛ وهو التفرُّق، وهذه القراءة مخالفة للشواذِّ [5]، ومع ذلك هي لفظة عربيَّة ثقيلة اللفظ، نصَّ أهل البيان عليها، ومثَّلوا بها، لخَّصته من كلام الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (يكون)، والمثبت موافق لمصدره.

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (صفْوان).

[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (صفْوانٍ).

(1/8426)

[4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (فيَصْدُقُ).

[5] كذا في (أ)، وفي «الدر» (&): (للسَّواد).

[ج 2 ص 304]

(1/8427)

[{ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين}]

(1/8428)

[حديث: لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين]

4702# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ): تَقَدَّم قريبًا الكلام عليه، وأنَّه ابن عيسى، إمام مشهور.

[ج 2 ص 304]

قوله: (لِأَصْحَابِ الْحِجْرِ): أي: لأجل أصحاب الحجر.

(1/8429)

[{ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم}]

(1/8430)

[حديث: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد]

4703# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم ما (البندار)، و (غُنْدَرٌ) تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، و (أَبُو سَعِيدِ بْنُ المُعَلَّى): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (البقرة)، وغلطُ من غَلِطَ فيه، ومن جرى له مثلُ ما جرى له.

==========

[ج 2 ص 305]

(1/8431)

[حديث: أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم]

4704# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ) هو ابن أبي إياس، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الموحَّدة وفتحها.

قوله: (أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ [1]): هذا التفسير مُقَدَّم على كلِّ تفسير، وقيل لها: السبع المثاني؛ لأنَّها سبع آيات، وتُثنَّى في الصلاة، أو ثُنِّيَ نزولها، أو قسمان: ثناء ودعاء، وقيل: السبع الطُّوَل من (البقرة) إلى (الأنفال) مع (التوبة)؛ لتثنِّي الأحكام والعِبَر، أو لأنَّها جاوزت المئة الأولى إلى الثانية، أو (السبع): أسباع القرآن؛ تقديره: وهي القرآن العظيم، أو الواو مقحمة، وقيل: سبعًا من المعاني المثناة [2]: وهي مُرْ وانْهَ، وبشِّرْ وأنذرْ، واضربِ الأمثالَ، واعددِ النِّعَم، واذكرِ القَصَص، وقيل: سبعًا من الكرامة: الهدى، والنبوَّة، والرحمة، والشفقة، والمودَّة، والأُلفة، والسكينة، وفي هذه السورة سبعة أبواب، والسبع المثاني، فمن أُعطِيَ السبعُ؛ أَمِنَ من السبعة، {واللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101].

==========

[1] (الذي أوتيته): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي رواية الحديث السابق (4703).

[2] في (أ): (المياه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 305]

(1/8432)

[{الذين جعلوا القرآن عضين}]

قوله: (وَتُقْرَأُ: {لَأُقْسِمُ} [القيامة: 1]): هذا في (سورة القيامة)، وقد قرأ قنبل: {لأقسم}؛ بغير ألف بعد اللام، وكذا روى النقَّاش عن أبي ربيعة عن البَزِّيِّ، والباقون بألف، ولا خلاف في الثاني، والله أعلم، ونسبها بعضهم إلى الحسن أيضًا، وقال: والجمهور ضعَّفوها؛ لأنَّ اللام تصحبها النون في القسم.

==========

[ج 2 ص 305]

(1/8433)

[حديث: {الذين جعلوا القرآن عضين} قال: هم أهل الكتاب]

4705# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشير؛ بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، حافظ بغداد، تَقَدَّمتْ ترجمته، و (أَبُو بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، واسمه: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، تَقَدَّم مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 305]

(1/8434)

[حديث: {كما أنزلنا على المقتسمين} قال: آمنوا ببعض وكفروا ببعض]

4706# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): هو سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو ظبْيَانَ): هو بكسر الظاء المعجمة المشالة والفتح، فأهل الحديث يكسرونها، وأهل اللغة يفتحونها، قال الدِّمْياطيُّ: واسمه حُصين بن جندب، مات سنة تسعين، وهو والد قابوسَ، اتَّفقا عليه، وقال فيه أحمد: منكر الحديث، انتهى، تَقَدَّم، وقول الدِّمْياطيِّ: (اتَّفقا عليه)؛ أي: على أبي ظبيان، وقد أخرج له الجماعة كلُّهم، وأمَّا ابنه قابوس؛ فأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وقوله: (قال فيه أحمد: منكر الحديث) إن أراد صاحبَ الترجمة أبا ظبيان؛ فهو فائدة، ولا أعلم فيه كلامًا لأحمد ولا لغيره، وإن أراد قابوس؛ فهو متكلَّم فيه، وفيه كلام لأحمد، وظاهر عبارة الدِّمْياطيِّ أن يكون الكلام في أبي ظبيان، وفيه نظرٌ، والله أعلم.

قوله: (الْيَهُودِ [1] وَالنَّصَارَى): (اليهودِ): بالجرِّ، بدل من {المُقْتَسِمِينَ} [الحجر: 90]، (والنصارى): معطوف عليه، ويجوز رفعه، ويكون بدلًا من الضمير في (آمنوا)، ويحتمل أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف؛ أي: هم اليهود، و (النصارى) معطوف عليه، والله أعلم.

(1/8435)

[{واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}]

قوله: (قَالَ سَالِمٌ: الْمَوْتُ): الظاهر أنَّه سالم بن عبد الله بن عمر، الفقيه المشهور، والله أعلم، وقد ذكره ابن أبي الدنيا في «اليقين» بإسناده إليه.

==========

[ج 2 ص 305]

(1/8436)

(((16))) [سورة النحل]

قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تَمِيدُ: تُكْفَأُ [1]): قال ابن التين _كما نقله شيخنا عنه_: ضبطه بعضهم بضمِّ التاء وتخفيف الفاء، وبفتح التاء وتشديد الفاء، وهو أشبه، انتهى، وهو مهموز الآخر، وهذا الضبط الثاني هو في أصلنا.

قوله: ({مُفْرَطُون} [النحل: 62]: مَنْسِيُّونَ): {مُفْرَطُونَ}: بفتح الراء، وهذا التفسير لهذه القراءة، وقد قرأ بفتح الراء مَن عدا نافعًا، وهم السِّتَّة، وقرأ نافع بكسر الراء؛ ومعنى: (منسيُّون)؛ أي: متروكون في النار، وأمَّا من قرأ بكسرها؛ فمعناه: مبالغون في الإساءة، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: 98] ... ) إلى آخره: قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: أشار إلى هذا المعنى أبو عبيدة في «المجاز»، ونقله ابن جرير عن بعض أهل العربيَّة مبهمًا، وردَّه على قائله.

قوله: (هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ): وذلك أنَّ الاستعاذة قبل القراءة ما قاله هنا هو ما عليه الأكثرون، وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه ودَاود ومالك: أنَّهم قالوا: إنَّها بعدها؛ أخذًا بظاهر الآية، والله أعلم، وقال بعضهم: وعليه من القرِّاء حمزةُ، انتهى.

قوله: ({شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84]: نَاحِيَتِهِ): كذا في أصلنا، وكتب عليه زائد، وهو ثابت في بعض النسخ هنا، وهذه اللفظة في (سُبْحَانَ)، لا في هذه السورة.

(1/8437)

قوله: ({الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً} [النحل: 66]، وَهْيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَكَذَلِكَ [2] النَّعَمُ، الْأَنْعَامُ [3]: جَمَاعَةُ النَّعَمِ)، انتهى، فصريح كلامه أنَّ (النَّعَم) أيضًا تُؤنَّث وتُذكَّر، وهو فائدة، وسيجيء مَن ذكره، والذي في «الصحاح»: (والنَّعَم: واحد الأنعام؛ وهي المال الراعية، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل، قال الفرَّاء: هو ذكر لا يُؤنَّث، يقولون: هذا نَعَمٌ واردٌ، ويُجمَع على نُعمان؛ مثل: حَمَل وحُملان، والأنعام: تذكَّر وتؤنَّث، قال الله عز وجل في موضع: {مِمَّا فِي بُطُونِهِ} [النحل: 66]، وفي موضع: {مِمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون: 21]، وجمع الجمع: أناعيم ... ) إلى آخر كلامه، ثُمَّ إنِّي رأيت أنَّ (النَّعَم) تُؤنَّث وتُذكَّر، حكاها ابن دريد في «الجمهرة»، والمطرزيُّ في «المُغْرِب»، وهذا الإمام البُخاريُّ قد حكاها هنا، وقد تَقَدَّم أنَّ الفرَّاء قال: لا تُؤنَّث، وهؤلاء مثبتون، وهو نافٍ، فكلامهم مقدَّم على كلامه؛ لأنَّ معهم زيادةَ علمٍ، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَدَقَةَ): قال شيخنا: ابن عيينة حكاه عن صدقة عن السُّدِّيِّ، كذا أخرجه الطبريُّ وابن أبي حاتم، انتهى، و (صدقة) هذا: يحتمل أن يكون صدقة بن يسار الجزريَّ نزيل مَكَّة، يروي عن ابن عمر، وطاووس، وسعيد بن جُبَير، وجماعةٍ، والزُّهريِّ وهو من أقرانه، وعنه: ابن إسحاق، وشعبة، ومالك، والسُّفيانان، وجماعةٌ، وثَّقه أحمد وابن معين، قال أبو داود: كان متوحِّشًا، يصلي جمعةً بمَكَّة وجمعةً بالمدينة، وقال ابن عيينة: قلت له: يزعُمون أنَّكم خوارج، قال: كنت منهم، غير أنَّ الله تعالى عافاني، قال ابن سعد: تُوُفِّيَ في أوَّل خلافة بني العبَّاس، انتهى، له ترجمة في «الميزان»، وقد صحَّح عليه، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والله أعلم.

وأوَّل خلفاء بني العبَّاس السَّفَّاحُ عبدُ الله بن محمَّد بن عليِّ بن عبد الله بن العبَّاس، وقد بُويع ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومئة.

(1/8438)

قوله: (هِيَ خَرْقَاءُ ... ) إلى آخره: هذه المرأة هي رَيطة بنت كعب، وذكر السُّهيليُّ: أنَّها بنت سعد بن زيد مناة، وجزم به ابن التين، وزعم غيره: أنَّها رَيطة بنت عمرو بن سعد، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: وروى ابن مردويه في «تفسيره» عن ابن عبَّاس: أنَّها نزلت في التي كانت تُصرَع، وخيَّرها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بين الصبر والدعاء لها، فاختارت الصبرَ والجنَّةَ، قال: وهذه المجنونة سعيدة الأسديَّة، انتهى، وقد رأيت في كلام المحبِّ الطبريِّ: أنَّ الجعرانة لقب رَيطة بنت سعيد بن زيدٍ، وكانت من قريش، وهي المشار إليها في قوله تعالى: {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النحل: 92]،

[ج 2 ص 305]

حُكِيَ ذلك عن السهيليِّ في «الأعلام»، انتهى، وهي خرقاء كانت تغزل الصوف وتأمر جواريَها بذلك إلى نصف النهار، ثُمَّ تنقض ما غُزِل في النصفِ الآخرِ، وقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: قال مقاتل: هي ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ذكره السُّهيليُّ، قلت: وذكره البلاذريُّ وغيرُه أيضًا، وزاد: أنَّ لقبها الخطيا، قالوا: وهي والدة أسد بن عبد العُزَّى بن قصيٍّ، وفي «تفسير ابن مردويه»: أنَّها المجنونة التي كانت تُصرَع، فدعا لها عَلَيهِ السَّلام بالصبر، واسمها: سُعَيرة الأسديَّة، أخرجه من طريق ابن عبَّاس بسندٍ ضعيفٍ، وسيأتي في (الطب) أنَّها أمُّ زُفَر.

(1/8439)

[{ومنكم من يرد إلى أرذل العمر}]

(1/8440)

[حديث: أعوذ بك من البخل والكسل]

4707# قوله: (عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ): هذا هو شعيب بن الحبحاب الأزديُّ، أبو صالح البصريُّ، عن أنس، وأبي العالية، وعنه: يونس بن عُبيد، والحمَّادان، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة ثلاثين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ): في (البخل) لغتان: بُخْل وبَخَل، وقد قُرِئ بهما.

قوله: (وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ): آخره، في حال الكبر، والعجز، والخرف، والأرذل من كلِّ شيء: الرديء، قال بعض المفسِّرين: {أَرْذَلِ العُمُرِ} [النحل: 70]: أوضعُه؛ يعني: الهرم، أو الخرف، وقيل: سبعين سَنةً، وقيل: تسعين، وفي الحديث: «خمسة وسبعين»، انتهى.

قوله: (وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ): تَقَدَّم الكلام على استعاذته صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم منها، وما الحكمة فيه، في (الصلاة)، وكذا تَقَدَّم الكلام على (فتنة المحيا والممات).

(1/8441)

(((17))) (سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) .... إلى (سُورَة مَرْيَم)

(إِسْرَائِيل): هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلَّى الله عليهم وسلَّم، قيل: معنى (إسرائيل): عبد الله، (إِسْر): هو العبد، أو الصفوة، (وإيل): هو الله عزَّ وجلَّ، عبريٌّ غير مشتقٍّ، وقيل: سُمِّيَ به؛ لأنَّه أسرى بالليل هاربًا من أخيه عيص إلى خاله، وقيل: لأنَّ إسرائيل حنَّا كان يُطفِئ سراج بيت المقدس، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام في (سورة البقرة) على قول من قال: إنَّ (إيل): الله، وردَّه؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 306]

(1/8442)

[حديث ابن مسعود: إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي]

4708# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السبيعيُّ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ): هو النخعيُّ، أبو بكر الكوفيُّ، روى عن عمِّه علقمة وابن مسعود، وعنه: منصور، والأعمش، وأبو إسحاق، وعدَّةٌ، مات قبل الجماجم، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيرُه، وقد تَقَدَّم، ولكن تقادم العهد به.

قوله: (قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ وَمَرْيَمَ: إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): كذا قال ابن مسعود، ورواه البُخاريُّ في (فضائل القرآن)، فقال في (بني إسرائيل)، و (الكهف)، و (مريم)، و (طه)، و (الأنبياء): (إنَّهن من العتاق الأُوَل).

قوله: (مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): قال ابن قُرقُولَ: أي: من أوَّل ما أُنزِل، والعتيق: القديم، وقيل: من قديم ما تعلَّمت من القرآن، والأوَّل أشبه؛ لقوله: (وهُنَّ من تلادي)؛ أي: ممَّا تعلَّمتُ أوَّلًا، ولا وجه لتكراره هنا، وقد يَكُنَّ بمعنى: الشريفات الفاضلات، والعرب تقول لكلِّ متناهٍ في الجود: عتيق.

قوله: (وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي): (التِّلاد): بكسر المثنَّاة فوق، وتخفيف اللام، وبعد الألف دال مهملة، ثُمَّ ياء الإضافة، وقد تَقَدَّم تفسيره أعلاه.

==========

[ج 2 ص 306]

(1/8443)

[غريب الآيات 4 - 111]

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: نَغَضَتْ سِنُّكَ): قال بعض الحُفَّاظ من المِصْريِّين المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة في «المجاز».

قوله: (نَغَضَتْ سِنُّكَ؛ أَيْ: تَحَرَّكَتْ): (نَغَضت): بفتح النون والغين والضاد المعجمتين، ثُمَّ تاء التأنيث، (وسنُّك): مرفوع فاعل، يقال: نغض رأسه، ينغُض، وينغِض؛ بالضمِّ والكسر في المستقبل، نغْضًا ونُغُوضًا؛ أي: تحرَّك، وأنغض رأسه؛ أي: حرَّكه كالمتعجِّب من الشيء، ومنه الآية: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} [الإسراء: 51]، ويقال أيضًا: نغض فلان رأسه؛ أي: حرَّكه، يتعدَّى ولا يتعدَّى، حكاه الأخفش.

قوله: (وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ ... )؛ فذكر منها ثلاثة: قال الأزهريُّ: وقضى في اللغة على وجوهٍ مرجعُها إلى انقطاع الشيء وتمامهِ، وكلُّ ما أُحكِم عملُه، أو أُتِمَّ، أو خُتِم، أو أُدِّيَ، أو وجب، أو أُعلِم، أو أُنفِذ ومضى؛ فقد قضى، وقد جاءت هذه الوجوه كلُّها في الحديث، انتهى، وقد رأيت أن أذكر ما حضرني من معاني (قضى)؛ فمنها: قضى؛ بمعنى: ختم، ومنه: {قَضَى أَجَلًا} [الأنعام: 2]؛ أي: أتمَّه وختمه، وتأتي بمعنى: الأمر؛ كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 23]؛ أي: أمر، وتأتي بمعنى: الإعلام؛ {قَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ} [الحجر: 66]، وبمعنى: فصل في الحكم، ومنه: {لَقُضِيَ إِلَيْهِم} [يونس: 11]، و {لَقُضِيَ بَيْنَهُم} [يونس: 19]، ويأتي بمعنى: الفراغ؛ {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} [يونس: 71]؛ وبمعنى: أَنفِذْ وأمضِ؛ كقوله: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72]؛ وبمعنى: الانفصال والخروج عن الشيء، ومنه: قضى دَينَه، والله أعلم.

قوله: ({حَصِيراً} [الإسراء: 8]: مَحْبِسًا مَحْصِرًا [1]): (مَحبِسًا): بفتح الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ سين مهملة أيضًا، ولم يتعرَّض شيخنا إلَّا للموحَّدة، فقال: إنَّها مكسورة، انتهى، وضبطها غير شيخنا: بفتح الميم وكسر الموحَّدة، وكذا في نسختي من «صحاح الجوهريِّ» بالقلم، وهي صحيحة جدًّا، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر في نسخته مفتوح الباء بالقلم، وهو القياس؛ لأنَّه مكان الحبس، والمكان بالفتح، ويأتي بالكسر في بعض الألفاظ أيضًا؛ كـ (مطلِع) وغيرِه، قال شيخنا بعد تقييدها كما ذكرته عنه: والأحسن سكونها؛ مثل: كذا وكذا، فذكرته شيئًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، انتهى.

(1/8444)

و (مَحْصِرًا): بفتح الميم، وإسكان الحاء وكسر الصاد المهملتين، ثُمَّ راء، كذا في أصلنا بالقلم، وهو الظاهر، وقال شيخنا: و (محصِرًا) بفتح الصاد؛ لأنَّه من حصر يحصر، انتهى.

قوله: (يُرْمَى بِهِ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مبنيٌّ لما لمْ [يُسَمَّ] فاعلُه.

قوله: (وَجَمْعُهُ [2]: تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ): قال ابن قُرقُول: (قول البُخاريِّ: «تارة: جمع تِيَرَة وتارات»، وكذا للمهلَّب وغيره، وفي أصل الأصيليِّ: تِيَرٌ وتاراتٌ، وهو الصواب)، انتهى، وقوله: (تِيَر): هو بكسر المثنَّاة فوق، وفتح المثنَّاة تحت، وهو مقصور، من (تِيَار)، كما قالوا: قاماتٌ وقِيَمٌ، وإنَّما غُيِّرَ؛ لأجل حرف العلَّة، ولولا ذلك؛ لما غُيِّر، ألا ترى أنَّهم قالوا في جمع رَحْبَة: رِحاب، ولم يقولوا: رِحَبٌ، قال الشاعر:

تَقُومُ تاراتٍ وتَمشِي تِيَرا

وربَّما قالوا بحذف الهاء، قال الشاعر:

فالويلُ تارًا والثُّبُورُ تَارَا

والله أعلم.

قوله: (لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا): (يُحالِف): بالحاء المهملة، والحِلف والمحالفة: المؤازرة [3] والمناصرة، وهذا معروفٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (محصَرًا).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وجماعته).

[3] في (أ): (والمؤازرة)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 306]

(1/8445)

[باب قوله: {أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام}]

(1/8446)

[حديث: أتي رسول الله ليلة أسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن]

4709# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقب له، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ.

قوله: (قَالَ مُحَمَّدٌ [1]: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): (محمَّد): هو البُخاريُّ صاحب «الصحيح»، وهذا ظاهرٌ، ولايحتاج إلى كتابته.

قوله: (وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم أنَّه المصريُّ، أبو جعفر، المعروف بابن الطبريِّ، من كبار الحُفَّاظ، تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ، ومرَّة مترجمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ): قال الدِّمْياطيُّ: عنبسة بن خالد بن يزيد، ابن أخي يونس بن يزيد، مات سنة ثمان وتسعين ومئة، انتهى، وقد تَقَدَّم مترجمًا، وأنَّ البُخاريَّ قرنه كهذا، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان».

[ج 2 ص 306]

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ الإمام، أحد الأعلام، و (ابْنُ الْمُسَيّبِ): هو سعيد، وتَقَدَّم أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز في يائه إلَّا الفتح.

قوله: (بِإِيلِيَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق، وأنَّها يقال: إنَّها بالسُّريانيَّة بيت الله، وتَقَدَّم أنَّ (الفِطْرَةَ): الاستقامة، و (غَوَتْ أُمَّتُكَ): تَقَدَّم أنَّ معناه: انهمكت [2] في الشرِّ.

==========

[1] (قال محمد): ليس في «اليونينيَّة»، وفيها بدلًا منها: (ح).

[2] في (أ): (انهمتْك)، والمثبت ممَّا تقدَّم.

(1/8447)

[حديث: لما كذبني قريش قمت في الحجر فجلى الله]

4710# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم في ظاهرها أنَّه أحد الحُفَّاظ، ابن الطبريِّ، وتَقَدَّم قبله مترجمًا، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّم قريبًا، وكذا (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، اسمه: عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (قُمْتُ فِي الْحِجْرِ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء، وإسكان الجيم، وأنَّه كنصف دائرة من جانب الكعبة الشماليِّ، وتَقَدَّم الكلام عليه؛ هل كلُّه من البيت أو بعضه؟ وقد ذكرت ذلك البعض في (الحجِّ)؛ فانظره إن أردته.

قوله: (فَجَلَّى اللهُ لِي): تَقَدَّم ضبطه في (الإسراء)، وأنَّه مخفَّف، وهنا هو في أصلنا مشدَّدٌ، وبهما ضبطه النوويُّ في «شرح مسلم»، والتشديد لغة القرآن: {لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَ هُوَ} [الأعراف: 187]، و (طَفقَتُ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الفاء وفتحها؛ ومعناه: جعلتُ، و (آيَاتِهِ): علاماته.

قوله: (زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): (يعقوب) هذا: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، أبو يوسف الزُّهريُّ، حدَّث ببغداد، تَقَدَّم مترجمًا، وهذا تعليق، وتَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل (قال)، وتُوُفِّيَ هذا سنة (182 هـ) على المعروف فيها، أخرج له الجماعة، وليس يعقوب بن إبراهيم الدورقيَّ، هذا الثاني هو شيخه وشيخ بقيَّة السِّتَّة، ولو كان الدورقيَّ؛ لكان كـ (حدَّثنا)، كما تَقَدَّم في نظرائه، و (ابن أخي ابن شهاب): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الله بن مسلم، ابن أخي الزُّهريِّ، و (عَمُّهُ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهابٍ.

قوله: (حِينَ أُسْرِيَ بِي): (أُسرِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8448)

[{ولقد كرمنا بني آدم}]

قوله: (وَهْيَ مِنْ شَكْلِهِ): هو بفتح الشين المعجمة، وإسكان الكاف، و (الشكل): المثل، يقال: هذا أشكل بكذا؛ أي: أشبه، وأمَّا بالكسر؛ فهو الدَّلُّ، تقول: امرأة ذات شِكْلٍ؛ بالكسر، وشَاكِلَتُه: عادته أو جديلته التي طُبع عليها من شقاءٍ أو سعادة، أو ناحيته، أو بيته، وحقيقته: ما يقرب منه ويألفه، تقول: لست على شكلي وشاكلتي، والله أعلم.

قوله: (وَتَقْبَلُ وَلَدَهَا): هو بفتح أوَّله، وهذا ظاهرٌ، وقال شيخنا: ضبطه بعضهم بضمِّ التاء، كما نقله ابن التين، وليس ببيِّن، انتهى.

قوله: (أَنْفَقَ الرَّجُلُ: أَمْلَقَ): معناه: افتقر، (وأنفق)؛ بمعنى: افتقر وذهب ماله، معروفٌ، ومنه الآية هذه.

قوله: (وَنَفَقَ [1] الشَّيْءُ: ذَهَبَ): هو بفتح الفاء، كذا في أصلنا، وقال شيخنا: إنَّه بكسر الفاء، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (نفَق الشيء: ذهب)؛ بفتح الفاء، وهي اللغة الفصيحة، ويقال: بالكسر، وليست بالعالية، انتهى، وفي «الصحاح»: نفَقَتِ الدابَّة تنفُق نُفوقًا؛ أي: ماتت، ونفق البيع نَفاقًا؛ بالفتح؛ أي: راجَ ... إلى أن قال: ونفِق الزاد _يعني: بالكسر_ ينفَقُ نَفَقًا؛ أي: نَفِدَ، ولم يذكر غيره، وقال ابن القطَّاع: ونفِق المال: فَنِيَ، ونفَق أيضًا؛ بالفتح: لغة، انتهى، فهذا مخالف لما في الحاشية، والله أعلم.

قوله: ({قَتُورًا} [الإسراء: 100]: مُقْتِرًا [2]): هو بضمِّ الميم، وإسكان القاف، وكسر المثنَّاة فوق، اسم فاعل، يقال: قَتَر على عياله _بالتخفيف_ يقتُر ويقتِر قتْرًا وقتورًا؛ إذا ضيَّق عليهم في النفقة، وكذلك التقتير والإقتار؛ ثلاث لغاتٍ.

قوله: (مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ): (اللحي): بفتح اللام وكسرها، و (اللحي): منبت اللحية من الإنسان وغيره، والنسبة إليه: لحويٌّ.

قوله: ({خَبَتْ} [الإسراء: 97]: طَفِئَتْ): هو بفتح الطاء، وكسر الفاء، ثُمَّ همزة مفتوحة، وهذا معروفٌ.

(1/8449)

[حديث ابن مسعود: كنا نقول للحي إذا كثروا في الجاهلية]

4711# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أبو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، الإمام المشهور.

قوله: (أَمِرَ بَنُو فُلاَنٍ): (أَمِر)؛ بفتح الهمزة، وكسر الميم، وكذا قوله بعده: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَقَالَ: أَمِرَ)، كذا في أصلنا في الموضعين، وفيه نظرٌ، فإنَّه لا بدَّ وأن يخالف الأوَّلُ الآخرَ حتَّى يحسن ذكره، وكان كذلك، ثُمَّ غُيِّر في أصلنا، فأُصلِح الثاني بالفتح في الميم، وقال شيخنا: (قال ابن التين: كسر الميم أنكره أهل اللغة؛ لأنَّ «أَمِر» لا يتعدَّى)، انتهى، وحكى بعضهم عن أبي حاتم: أنَّه حكى عن أبي زيد أنَّه يقال: (أَمِر اللهُ مالَه)، و (أَمَره): بفتح الميم وكسرها؛ إذا كثَّره، انتهى.

وقال شيخنا أيضًا: (ما ذكره عن الحميديِّ عن سفيان: «أَمَر»؛ بفتح الميم لا وجه له؛ لأنَّه لا يقال: أمَر بنو فلان؛ إذا كثروا ... ) إلى آخره، وهذا _فيما يظهر_ الصواب في الرواية، وإن كان من حيث المعنى سفيان مؤاخذٌ فيه، والله أعلم، وقد ذكرت لك عن بعضهم أعلاه أنَّه حكى ذلك عن أبي زيدٍ، ورأيت في نسخة مقروءة ومقابلة: بضمِّ الهمزة، وكسر الميم، فتحرَّر، والله أعلم، والذي رأيته أنا: أمِر الشيء؛ بالكسر في الميم، أمَرًا؛ بفتحها في المصدر: كثُر، وكذا أَمُر؛ بفتح الهمزة وضمِّ الميم، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم لماذا نُسِب، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عيينة، و (قَالَ: أَمِرَ): تَقَدَّم أعلاه.

(1/8450)

[{ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدًا شكورًا}]

(1/8451)

[حديث: أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك؟]

4712# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المبارك، و (أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء، وتشديد المثنَّاة تحت، وأنَّ اسمه يحيى بن سعيد بن حيَّان، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّم أنَّه اختُلِف في اسمه، فقيل: هرم، وقيل: غيره، ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ.

قوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ورسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً): هما بالإهمال والإعجام، قال ابن قُرقُول: وبالمهملة للأصيليِّ، ومعناهما واحد، وقيل بالمهملة: الأخذ بأطراف

[ج 2 ص 307]

الأسنان، وبالمعجمة: بالأضراس، وقال الخَطَّابيُّ بالعكس، وقال ثعلب: النَّهس: سرعة الأكل، انتهى.

قوله: (يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الميم، رُباعيٌّ، والضمير مفعول، (والداعي): مرفوعٌ فاعل.

قوله: (وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ): قال ابن قُرقُول: («يُنفذهم»: بضمِّ الياء، ورواه بعضهم بالفتح؛ أي: يخرقهم ويتجاوزهم، ورواه الكافَّة بفتحها؛ أي: يحيط بهم الرائي لا يخفى منهم شيء؛ لاستواء الأرض؛ أي: ليس فيها شيء يستتر أحدٌ عن الرائي، وهذا الأوَّل من قول أبي عبيد، يأتي عليهم بصرُ الرَّحمن؛ إذ رؤية الله لجميعهم محيطةٌ في كلِّ حال، في المستوي وفي غيره، يقال: نفَذَه؛ إذا بلغه وجاوزه)، انتهى، وهو بالذال المعجمة، وقال ابن الأثير في «نهايته»: قال أبو حاتم: أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة، وإنَّما هو بالمهملة؛ ومعناه: أنَّه يبلغ أوَّلَهم وآخرَهم حتَّى يراهم كلَّهم ويستوعبهم، من نفِذَ الشيء، وأنفذته، انتهى.

قوله: (فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ): (الناسَ): منصوبٌ مفعول.

(1/8452)

قوله: (فَيَأْتُونَ آدَمَ): وكذا قوله: (فَيَأْتُونَ نُوحًا)، وكذا المواضع الباقية، إن قيل: من هؤلاء الذين يأتون هؤلاء الأنبياء، ويسألونهم الشفاعة؟ فالجواب: أنَّ الغزاليَّ الإمام أبا حامد ذكر في كتاب «كشف علم الآخرة»: أنَّهم العلماء العاملون، كذا نقله القُرْطبيُّ عنه، ولفظه: (والعلماء العالمون على كراسيَّ من نور ... ) إلى أن قال: (وهذه الطائفة العالية أصحاب الكراسيِّ هم الذين يطلبون الشفاعة من آدم ونوح حتى ينتهوا إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، قال القُرْطبيُّ بعد هذا: وذكر أبو بكر بن برَّجان في «الإرشاد» له: ويُلْهَم رؤوس المحشر بطلب من يشفع لهم ويريحهم ممَّا هم فيه، وهم رؤساء أتباع الرسل، فيكون ذاك، انتهى.

تنبيهٌ وهو تتمَّةٌ لما قبله: قال أبو حامد الغزاليُّ في «الكشف»: إنَّ بين إتيانهم من آدم إلى نوح ألفَ عام، وكذلك بين كلِّ نبيٍّ ونبيٍّ إلى محمَّد صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

قوله: (إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا): هو بفتح الغين المعجمة، هذا هو الصحيح المعروف، قال النَّوويُّ: وضبطه بعض الأئِمَّة المتأخِّرين بالفتح والإسكان، وهذا له وجهٌ، ولكنَّ المختارَ ما قدَّمناه؛ يعني: الفتح، ويدلُّ له: «ألا ترون إلى ما قد بلغكم»، ولو كان بإسكان الغين؛ لقال: بلغتم، انتهى.

قوله: (أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ): تَقَدَّم الكلام عليه مع إثبات إدريس في النسب الشريف؛ فانظره في أوائل هذا.

قوله: (وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ): تَقَدَّم الكلام على هذه، وأنَّها ليست بكذب، وكيف أطلق عليها إبراهيم _وكذا النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم_ كذبات، في (كتاب الأنبياء صلى الله عليهم وسلم) في (إبراهيم عَلَيهِ السَّلام).

قوله: (فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الْحَدِيثِ): تَقَدَّم قريبًا أنَّ (حَيَّان) بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثنَّاة تحت، وتَقَدَّم اسمه، ومن قبل ذلك تَقَدَّمتْ ترجمتُه، وتَقَدَّم في (كتاب الأنبياء) الثلاث.

(1/8453)

قوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا): كذا في الصحيح: (ولم يذكر ذنبًا)، والذاكر هو أبو حيَّان، وحاشاهم من الذنوب، والذي نعتقده: أنَّهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل النبوَّة وبعدها، والكلام في المسألة مشهورٌ معروفٌ، وقد ذكرته في (الأنبياء) في قول آدم: (فعصيته)؛ فانظره وفي «النَّسائيِّ» وهو في «مسند أحمد» من حديث ابن عبَّاس ولفظه: «إنِّي اتُّخِذتُ إلهًا من دون الله»، وفي «التِّرْمِذيِّ» في سورة (سبحان) من حديث أبي سعيد مرفوعًا ولفظه: «إنِّي عُبِدتُ من دون الله ... »؛ الحديث.

قوله: (فَأَنْطَلِقُ): هو بفتح الهمزة، وكسر اللام، مرفوعٌ، فعلٌ مضارعٌ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ): (آتي): بمدِّ الهمزة، وكسر التاء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي): تَقَدَّم أنَّ هذه السجدة والتي بعدَها كلُّ واحدة منهما مقدار جمعة، كذا في «المسند» لأحمد، وكذا في «مسند أبي يعلى»، وتَقَدَّم أنَّ في بعض الأجزاء أنَّ هذه الجمعة مقدار سبعين سَنةً، كلُّ يوم بعشر سنين.

قوله: (أَدْخِلْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الخاء، مجزومٌ، فعلُ أمرٍ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ): (حِمْيَر): بكسر الحاء المهملة، وإسكان الميم، وفتح المثنَّاة تحت، ثُمَّ راء، قال الدِّمْياطيُّ: يريد: صنعاء؛ لأنَّها بلدة حِمْيَر، انتهى، وأمَّا ابن قُرقُول؛ فقال: (كذا عند البُخاريِّ في «سورة سبحان»، وصوابه: «وهَجَر»، وكذا في «مسلم»، وللنسائيِّ، وابن أبي شيبة)، انتهى، وما قاله الدِّمْياطيُّ أحسن من التغليط، والله أعلم.

(1/8454)

[{وآتينا داود زبورًا}]

(1/8455)

[حديث: خفف على داود القراءة فكان يأمر بدابته لتسرج]

4713# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّامٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن مُنَبِّه بن كامل، اليمانيُّ الأبناويُّ.

==========

[ج 2 ص 308]

(1/8456)

[{قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ... }]

(1/8457)

[حديث: كان ناس من الإنس يعبدون ناسًا من الجن فأسلم الجن]

4714# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو أبو حفص الفلَّاس، أحد الأعلام، و (يَحيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو الأعمش، سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، و (إِبْراهِيمُ) بعده: هو إبراهيم بن يزيد النَّخَعيُّ، و (أَبُو مَعْمَرٍ): بفتح الميمين، وإسكان العين، وتَقَدَّم أنَّ اسمه عبد الله بن سخبرة الأزديُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنَ الْجِنِّ): وكذا بعده (كَانَ نَاسٌ مِنَ الجِنِّ)، ذكر ابن التين المكان الأوَّل، وقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّ الجنَّ لا يُسمَّون ناسًا، انتهى، نقله شيخنا عنه، ولم يتعقَّبْه في ذلك، وفيه نظرٌ، قال الجوهريُّ: والناس: قد يكون من الإنس ومن الجن، انتهى.

قوله: (زَادَ الأَشْجَعِيُّ): هو عبيد الله بن عبيد الرَّحمن؛ مصغَّرٌ فيهما، وقيل: ابن عبد الرَّحمن؛ مُكبَّرًا، الأشجعيُّ، أبو عبد الرَّحمن الكوفيُّ، نزيل بغداد، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، ثِقةٌ مأمون، تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثمانين ومئة، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل: (قال)، فهو تعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ المذكور في السند، و (الأَعْمَشُ): سليمان، تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 308]

(1/8458)

[{أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} الآية]

(1/8459)

[حديث في تفسير {الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة}]

4715# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر الحافظ، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش ابن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّم أعلاه، و (أَبُو مَعْمَرٍ): عبد الله بن سخبرة، وقد تَقَدَّم ضبطه أعلاه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

[ج 2 ص 308]

قوله: (كَانُوا يُعْبَدُونَ): هو بضمِّ [الياء]، وفتح الباء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8460)

[{وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنةً للناس}]

(1/8461)

[حديث في قوله: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك}]

4716# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

قوله: (هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ ... ) إلى آخره: في هذا أنَّ مصدر (رأى) البصريَّة يأتي على (رؤيا)، وقد أنكره الحريريُّ وغيره، وقالوا: إنَّما يقال: رؤيةٌ، وفي الحُلُميَّة: رؤيا، وخطَّؤوا المتنبِّيَ في قوله:

ورؤياكِ أحلى في العُيونِ مِنَ الغمْضِ

وهذا التفسير يردُّ عليهم، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 309]

(1/8462)

[{إن قرآن الفجر كان مشهودًا}]

(1/8463)

[حديث: فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون ... ]

4717# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): بإسكان العين، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف، عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، و (ابْنُ المُسَيّبِ): سعيدٌ، بفتح الياء وكسرها.

==========

[ج 2 ص 309]

(1/8464)

[{عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا}]

(1/8465)

[حديث: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاء كل أمة تتبع نبيها]

4718# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ) تَقَدَّم أنَّ (أبانًا): الصحيح صرفه مطوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، الورَّاق، عن مسعر، وعدَّةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو حاتم، وخلقٌ، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (216 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، وثَّقه أحمد وجماعةٌ، وقال البُخاريُّ: صدوق، له ترجمة في «الميزان»، قال بعضهم: كان يتشيَّع، وروى الحاكم عن الدارقطنيِّ أنَّه قال: ليس عندي بالقويِّ.

تنبيهٌ: وهذا غير إسماعيل بن أبان الغنويِّ الكوفيِّ الخيِّاط، هذا الثاني كذَّبه يحيى بن معين، قال أحمد: روى أحاديث موضوعةً، وقال البُخاريُّ: ترك أحمد والناس حديثَه، لهذا أيضًا ترجمة في «الميزان»، روى عنه أحمد عن هشام بن عروة.

و (أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة، وسكون الحاء، ثُمَّ واو مفتوحة ثُمَّ صاد مهملتين، قال الدِّمْياطيُّ: واسمه سلَّام بن سُليم، الحنفيُّ مولاهم، الكوفيُّ، مات هو ومالك بن أنس وحمَّاد بن زيد وخالد بن عبد الله الطَّحَّان في سنة سبع وسبعين ومئة، انتهى، و (سلَّام): بتشديد اللام، و (سُلَيم): بضمِّ السين وفتح اللام، تَقَدَّم.

قوله: (جُثَاء [1]): هو في أصلنا بضمِّ الجيم، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، وفي آخره همزة ممدودة، وفي الهامش نسخة، وعليها علامة نسخة الدِّمْياطيِّ: (جُثًا)؛ بضمِّ الجيم منوَّنٌ مقصورٌ، قال ابن الأثير: (الجُثا: جمع جُثوة؛ بالضمِّ: وهي الشيء المجموع، ومنه: حديث ابن عمر ... فذكره؛ أي: جماعة، وتروى هذه اللفظة: «جُثِيٌّ»؛ بتشديد الياء: جمع جاثٍ؛ وهو الذي يجلس على ركبتيه)، انتهى.

وفي «المطالع»: («جُثًا، كلُّ أمَّة تتبع نبيَّها»، قوله: «جثوة من تراب»: هو التراب المجموع المرتفع، ويقال: جُثوة وجِثوة، أصله: كلُّ شيء مرتفعٌ، وصريح كلامه: أنَّ «جثًا»: جمع جثوة)، انتهى، وفي (الجثوة) ثلاث لغاتٍ: فتح الجيم، وضمُّها، وكسرها، وقد تَقَدَّم، وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ عن ابن الخشَّاب: («جُثًّا»؛ بالتشديد والضمِّ: جمع جاثٍ؛ كغازٍ وغُزًّا، وجُثَا؛ مخفَّفة: جمع جثوة، ولا معنى له ههنا، وقال ابن التين: جُثًا؛ بضمِّ الجيم: جمع جُثوةٍ؛ كخُطًا وخُطوة)، انتهى.

(1/8466)

قوله: (الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ): بَوَّبَ عليه: ({عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً} [الإسراء: 79]): وقد فسَّره بأنَّها الشفاعة العظمى، وفي (المقام المحمود) مقالات ذكرها القُرْطبيُّ في «تذكرته»، وذكرها غيره، وهي خمسة أقوال؛ الأول: الشفاعة العامَّة للناس، الثاني: إعطاؤه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لواء الحمد، انتهى، ولواء الحمد تَقَدَّم كيفيَّته، ثُمَّ قال القُرْطبيُّ: ولا تنافي بين هذا القول وبين الأوَّل، فإنَّه يكون بيده لواء الحمد ويشفع، الثالث: قول مجاهدٍ، وسيأتي، ثُمَّ قال عقيبه: وهذا قولٌ مرغوبٌ عنه، فإن صحَّ؛ فيُتأوَّل على أن يجلسه مع أنبيائه وملائكته، ثُمَّ ذكر كلام ابن عبد البَرِّ، وسأذكره، والرابع: إخراجه طائفةً من النار، وذكره مستنده من حديث مسلم، والخامس: شفاعته رابع أربعة، وسيأتي، انتهى.

ثُمَّ ذكر بُعَيد هذا مستندَ هذا القول، ومستندُ هذا القول ما رواه أبو داود الطيالسيُّ، فذكر حديثًا عن أبي الزعراء عن عبد الله قال: «ثُمَّ يأذن الله عزَّ وجلَّ في الشفاعة، فيقوم روح القدس جبريل عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ يقوم إبراهيم عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ يقوم عيسى عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ يقوم موسى عَلَيهِ [السَّلام]_قال أبو الزعراء: لا أدري أيُّهما قال؟ قال_: ثُمَّ يقوم نبيُّكم صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم رابعًا، فيشفع ... »؛ الحديث، قال: وهو المقام المحمود الذي قال الله: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً} [الإسراء: 79]، انتهى.

ذكر هذا الحديثَ الذهبيُّ في ترجمة عبد الله بن هانئ أبي الزعراء، وتعقَّبه: بأنَّ المعروف أنَّه عليه [السلام] أوَّلُ شافعٍ، نقله غير البُخاريِّ، وقال قبل هذا: قال البُخاريُّ: لا يتابع على حديثه، والحديث في «مستدرك الحاكم»، وقال: على شرط البُخاريِّ ومسلم، وتعقَّبه الذهبيُّ: بأنَّ أبا الزعراء لم يخرِّجا له، والله أعلم، وفيه غير ما ذكر من الأقوال، وقد ذكر شيخنا في حديث الشفاعة في أواخر «البُخاريِّ»: أنَّ (المقام المحمود): هو أن يكون أقربَ من جبريل، فهذا سادسٌ فيه.

(1/8467)

وقد ذكر القاضي عياض في «الشفا» أقوالًا؛ منها: مقالة وقال: إنَّها شاذَّةٌ، عن بعض السلف، يجب ألَّا تثبت ... إلى آخر كلامه، والظاهر أنَّ المراد بهذه المقالة: ما فسَّر به مجاهد (المقام المحمود)، قال: (المقام المحمود): بأنَّ الله تعالى يُجلِسُه معه على العرش، وقد عُدَّ هذا منكرًا، وقد ذكر مجاهدًا الذهبيُّ في «ميزانه»، وذكر له هذا التفسير، فقال ما لفظه: ومِن أنكر ما جاء عن مجاهدٍ في التفسير في قوله: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً} [الإسراء: 79]؛ فذكره، ومجاهد هذا أجمعت الأمَّةُ على إمامته والاحتجاج به، وقد قال ابن عبد البَرِّ في «تمهيده»: ومجاهد وإن كان أحدَ الأئِمَّة بتأويل القرآن؛ فإنَّ له قولين مهجورين عند أهل العلم؛ أحدهما ... فذكر ما ذكرته عنه في تأويل (المقام المحمود)، قال: والثاني: في تأويل قوله تعالى: {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23]، قال: تنتظر الثواب، ليس من النظر، انتهى.

ومجاهد بن جبر: إمامٌ، ثبتٌ، مفسِّرٌ، أحد الأعلام، له ترجمة في «الميزان»؛ فانظرها إن أردتها، ومقالته ذكرتُ مثلَها في حديث مقاتل بن سليمان، ذكر ذلك الذهبيُّ في ترجمة مقاتل بسنده إليه عن الضَّحَّاك عن ابن عبَّاس قال: (إذا كان يوم القيامة؛ نادى منادٍ: أين حبيب الله؟ فيتخطَّى صفوفَ الملائكة حتَّى يصير إلى العرش، حتَّى يمسَّ ركبته)، فهذا الحديث كذبٌ، قال الذهبيُّ في «الميزان» عَقيب روايته: فهذا لعلَّه وضعه أحد هؤلاء: صاحب مقاتل، أو مقاتل، أو القادسيُّ، انتهى.

ومقاتلٌ معروف الترجمة، وذكر في ترجمته عن أبي حنيفة الإمام: أنَّه أفرط في الإثبات، حتَّى جعله مثلَ خلقه، وقد ذكر القُرْطبيُّ في «التذكرة» أقوالًا في (المقام المحمود) _كما تَقَدَّم_ عن فرقة منهم مجاهد: أنَّه يُجلِسُه معه على الكرسيِّ، ثُمَّ قال: وهذا قول مرغوبٌ عنه، وإن صحَّ الحديث؛ فيُتأوَّل على أن يجلسه مع أنبيائه، ثُمَّ ذكر كلام ابن عبد البَرِّ.

(1/8468)

[حديث: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة ... ]

4719# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ): تَقَدَّم أنَّه بالمثنَّاة تحت، وبالشين المعجمة.

قوله: (رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ): تَقَدَّم الكلام عليها.

قوله: (رَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حمزة) هذا: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، روى عن أبيه، وعمَّته حفصة، وعائشة أمِّ المؤمنين، وعنه: الزُّهريُّ، وموسى بن عقبة، ثِقةٌ إمام، وثَّقه العجليُّ وغيره، وكان أحد فقهاء المدينة، أخرج له الجماعة، وهذا تعليق، وهو في أصلنا القاهريِّ وأصلنا الدِّمَشْقيِّ عقيب حديث عليِّ بن عيَّاش أبي جابر: «اللهم؛ ربَّ هذه الدعوة التامَّة ... »؛ الحديث، وأمَّا المِزِّيُّ؛ فذكره عقيب حديث آدم بن عليٍّ عن ابن عمر: «أنَّ الناس يصيرون يوم القيامة جُثًا ... »؛ الحديث، فقال: ما لفظه لمَّا ذكر (مسند حمزة عن عبد الله بن عمر): (البُخاريُّ في «التفسير» عقيب حديث آدم بن عليٍّ عن ابن عمر، ورواه حمزة بن عبد الله عن أبيه عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وهذا الحديث في أصلَينا بعد حديث ابن عمر من حديث جابر، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 309]

(1/8469)

[{وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا}]

(1/8470)

[حديث: دخل النبي مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب]

4720# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه لماذا في أوَّل هذا التعليق،

[ج 2 ص 309]

و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، تَقَدَّم مِرارًا، و (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن أبي نجيح يسارٍ، مولى الأخنس بن شَرِيق الثقفيِّ، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه عبد الله بن سخبرة، قريبًا.

قوله: (نُصُبٍ): تَقَدَّم ضبطه، وما هو، وكذا (يَطْعنُ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ العين وفتحها.

قوله: (بِعُودٍ فِي يَدِهِ): كان في يده قوس، فأخذ بِسِيَةِ القوس، وفعل ذلك بها.

(1/8471)

[{ويسألونك عن الروح}]

(1/8472)

[حديث: بينا أنا مع النبي في حرث وهو متكئ على عسيب]

4721# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (غِياثًا) بالغين المعجمة المكسورة، وبالمثنَّاة تحت، وبعد الألف ثاء مثلَّثة، وهذا مشهورٌ عند أهله، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، تَقَدَّم مِرارًا، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فِي حَرْثٍ): هو في أصلنا بالحاء المهملة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، قال ابن قُرقُول: («في خِرَب المدينة»، كذا في «باب: {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا} [الإسراء: 85]» لجميعهم، وفي غير هذا الموضع: «في حرث المدينة»، وكذا رواه مسلم قبل، وهو الصواب، ومثله رواية مسلم في الحديث الآخر: «في نخل»)، انتهى.

قوله: (عَلَى عَسِيبٍ): تَقَدَّم.

قوله: (سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ): قال المازريُّ: الكلام في الروح والنفس ممَّا يغمض ويدقُّ، ومع هذا فأكثرَ الناسُ فيه الكلام، وألَّفوا فيه التآليف، قال أبو الحسن الأشعريُّ: هو النَّفَس الداخل والخارج، وقال ابن الباقلَّانيِّ: هو متردِّدٌ بين هذا الذي قاله الأشعريُّ وبين الحياة، وقيل: جسم لطيف مشارك للأجسام الظاهرة والأعضاء الظاهرة، وقال بعضهم: لا يعلم الروحَ إلَّا اللهُ تعالى؛ لقوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]، وقال الجمهور: هي معلومة، واختلفوا فيها على هذه الأقوال، وقيل: هي الدم، وقيل غير ذلك، وليس في الآية دليلٌ على أنَّها لا تُعلَم، ولا أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لم يكن يعلمها، وإنَّما أجاب بما في الآية الكريمة؛ لأنَّه كان عندهم أنَّه إن أجاب بتفسير الروح؛ فليس بنبيٍّ، وفي (الروح) التذكير والتأنيث، والله أعلم.

(1/8473)

قوله: (مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ؟): بالموحَّدة، قال الدِّمْياطيُّ: وكلام العرب: ما أَرَبكم إليه؟ انتهى، قال ابن قُرقُول: («ما رابكم إليه؟» قيَّده الأصيليُّ بباء، وعن القابسيِّ: بياء، من الرَّأي، قال الوقشيُّ: صوابه: ما أَرَبكم؟ أي: حاجتكم، قال القاضي: ويحتمل أن يكون معنى «رابكم»: ما شكَّكَكُم [1] في أمره؟ يعني: الروح الذي سألوا عنه، أو ما الرَّيبُ الذي رابكم منه حتَّى احتجتم إلى معرفته والسؤال عنه؟ وما دعاكم إلى تعرُّف شيء قد تسوءُكم عقباه؟ ألا ترى إلى قولهم: لا يستقبلَنَّكُم بشيء تكرهونه؟!)، انتهى، وفي «النِّهاية»: («ما رابكم إليه؟» أي: ما أَرَبكم وحاجتكم إلى سؤاله؟)، انتهى، وقال الخَطَّابيُّ _كما نقله شيخنا عنه_: («رابكم إليه»: كذا تقول العامَّة، وإنَّما هو «ما أربكم إليه؟» أي: ما حاجتكم؟)، انتهى.

قوله: (فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِمْ): تَقَدَّم أنَّ مثلَه يجوز فيه الضمُّ والفتح.

قوله: (فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ ... ) إلى آخره: ظاهر هذا السياق أنِّه لم يتأخَّر، لكن في «سيرة ابن إسحاق»: أنَّه تأخَّر خمس عشرة ليلة، قال القاضي عياض: «فلمَّا نزل الوحي»، هكذا ثبت في «مسلم» أيضًا، وهو وهم بيِّنٌ؛ لأنَّه إنَّما جاء هذا الفعل عند انكشاف الوحي، وفي «البُخاريِّ» في (الاعتصام): (فلمَّا صعد الوحي)، وهو صحيحٌ، والله أعلم.

وقال النوويُّ: وكلُّ الروايات صحيحةٌ، ومعنى رواية مسلم: أنَّه لمَّا نزل الوحي، وتمَّ نزوله، انتهى، والظاهر أنَّهما قصَّتان؛ الأولى: كانت بمَكَّة حين بعثت قريش النضرَ بن الحارث بن كلدة ومعه عقبة بن أبي مُعَيط إلى أحبار يهود ... إلى أن قال: سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهنَّ؛ فهو نبيٌّ مرسل، وإن لم يفعل؛ فالرجل متقوِّلٌ، سلوه عن فتيةٍ ذهبوا في الدهر الأوَّل ... إلى أن قال: وسلوه عن الروح ... إلى أن قال: فقال: «أُخبركم غدًا»، ولم يستثنِ، فمكث رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم _فيما يذكرون_ خمس عشرة ليلة لا يُحدِث اللهُ إليه في ذلك وحيًا، ولا يأتيه جبريل، كذا في «ابن إسحاق»، وقال السُّهيليُّ في «روضه» بعد أن ذكر ما في السيرة، وفي «سيرة التيميِّ»، و «موسى بن عقبة»: أنَّه أبطأ عنه ثلاثة أيام، انتهى.

(1/8474)

وقصَّة ابن مسعود في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، وفي بعض الطرق في «الصحيح»: أنَّها كانت بالمدينة، فهذه غيرُ تلك، والظاهر: أنَّهم اقترحوا عليه السؤال مع سؤالين بمَكَّة مع النضر وعقبة، وهذا الذي أبطأ عليه الوحي فيه، وسأله أيضًا عن الروح بالمدينة اليهودُ بأنفسهم، فأنزل الله فيه ما أنزل، والله أعلم، وهما قصَّتان؛ الواحدة بمَكَّة، والثانية بالمدينة.

==========

[1] في (أ): (شككم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 310]

(1/8475)

[{ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}]

(1/8476)

[حديث: نزلت ورسول الله مختف بمكة]

4722# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشِير؛ بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، الحافظ، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

قوله: ({وَلاَتَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَتُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] ... )؛ الحديث: هذا تصريح من ابن عبَّاس أنَّها نزلت في القراءة في الصلاة، وقد عقَّبه البُخاريُّ هنا بحديث عائشة، وسيجيء أيضًا في (كتاب الدعاء) من حديثها: أنَّها نزلت في الدعاء، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم» حين ذكر مسلمٌ الحديثين ما لفظه: (كون الآية نزلت في الدعاء قال به الطبريُّ وغيره، ولكنَّ المختار ما قدَّمه مسلمٌ عن ابن عبَّاس)، انتهى، وكذا قدَّمه البُخاريُّ هنا، وقد رُوِيَ عن ابن عبَّاس كمقالة عائشة، لكنَّ في سنده أشعثَ، أخرجه ابن مردويه، كما أفاده شيخنا.

==========

[ج 2 ص 310]

(1/8477)

[حديث: أنزل ذلك في الدعاء]

4723# قوله: (حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ): هو بفتح الغين المعجمة، وتشديد النون، و (زَائِدَةُ): هو زائدة بن قدامة، أبو الصلت، الثقفيُّ الكوفيُّ الحافظ، عن زياد بن علاقة، وسماك، وعنه: ابن مهديٍّ، وأحمد ابن يونس، ثِقةٌ حُجَّة، صاحب سنَّة، تُوُفِّيَ غازيًا بالروم في سنة (161 هـ)، تَقَدَّم، لكن طال العهد به.

==========

[ج 2 ص 310]

(1/8478)

(((18))) [سورة الكهف]

قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَقْرِضُهُمْ} [الكهف: 17]: تَتْرُكُهُمْ، {وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ} [1] [الكهف: 34]: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ): هذا كلُّه قول مجاهد، وقد أخرجه ابن عيينة في «تفسيره» عن ابن جُرَيج عنه، قاله شيخنا.

قوله: ({وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [الكهف: 34]: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ): هو بفتح الثاء والميم، قال شيخنا المؤلِّف: هو من تتمَّة قول مجاهد؛ يعني قوله: ({تَقْرِضُهُمْ}: تتركهم)، قال: وقد أخرجه ابن عيينة في «تفسيره» عن ابن جُرَيج؛ يريد: بضمِّ الثاء والميم، قال: وكلُّ ما في القرآن من {ثُمُر}؛ فهو المال، وقوله: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ}: قال أبو عمرو الداني في «التيسير»: عاصم: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ}، {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: 42]؛ بفتح الثاء والميم فيهما، وأبو عمرو: بضمِّ الثاء وإسكان الميم، والباقون: بضمِّهما، فعلى هذا يقرأ قول الله في «البُخاريِّ»: {وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ}؛ بالضمِّ فيهما، ومن قرأه بغير ذلك؛ فهو يخطئ التفسير؛ أعني: مجاهدًا، إنَّما فسَّر قراءة الباقين، والله أعلم.

قوله: ({تَزَّاوَرُ} [الكهف: 17]: تَمِيلُ، مِنَ الزَّوَرِ): هو بفتح الواو، و (الزَّوَر)؛ بالتحريك: المَيْلُ، و (الميَل)؛ أيضًا بالتحريك: ما كان خِلقةً.

قوله: (آصَدَ الْبَابَ وَأَوْصَدَ): (آصد): بمدِّ الهمزة، وفتح الصاد.

قوله: ({أَزْكَى} [الكهف: 19]: أَكْثَرُ، وَيُقَالُ: أَحَلُّ): (أكثر): بالمثلَّثة، وكذا (أَكْثَر) الثانية، و (أحلُّ): بالمهملة [2].

قوله: (رَيْعًا): هو بفتح الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ عين مهملة، الزيادة والنماء.

قوله: ({وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ} [الكهف: 33]: لَمْ تَنْقُصْ): هو بفتح التاء، وضمِّ القاف، وقد تَقَدَّم الكلام في (سورة الرعد) في (نقص)، وأنَّه لازم، ومتعدٍّ إلى واحد وإلى اثنين، وهو هنا متعدٍّ إلى واحد.

قوله: (كَتَبَ عَامِلُهُمْ أَسْمَاءَهُمْ): أي: أسماء أصحاب الكهف، وقد ذكرتهم في قول الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ} [الكهف: 9] مطوَّلًا؛ فانظرهم، وأمَّا عاملهم؛ فلا أعرف اسمه، والله أعلم.

قوله: (فِي خِزَانَتِهِ): تَقَدَّم أنَّها بكسر الخاء، ولا تفتح.

(1/8479)

قوله: (وَأَلَتْ تَئِلُ: تَنْجُو): (وَأَلَت): بعد الواو همزة مفتوحة، ثُمَّ لام مثلها، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، و (تَئِل): بفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ همزة مكسورة، ثُمَّ لام، (والموئلُ): الملجأ، وكذا (المَوئِلة)؛ مثال: المهلِكة، وقد وأَلَ إليه، يَئِل وَأْلًا وَوُؤُلًا؛ على (فُعولٍ)؛ أي: لجأ، ووَاءَلَ منه؛ على (فاعَل)؛ أي: طلب النجاة، قال ابن قُرقُول: (قول البُخاريِّ: «وأَلَ يَئِلُ؛ أي: نجا ينجو»، صوابه: لجأَ يلجأُ، قال القاضي: كلاهما صواب، وما قاله البُخاريُّ صحيح، قال في «الجمهرة»: وأل يئِل؛ إذا لجأ، فهو وائل؛ ومثله في «الغريبَين»، وبه سُمِّيَ الرجل وائلًا، وكذلك صحَّحنا هذا التفسير على أبي الحسين بن سراج، ويقول: لا وَأَلْتُ؛ أي: لا نجوتُ إن نجوتَ، وقال في «الغريبين»: فوألنا؛ أي: لجأنا، وبهذا التفسير فسَّر الكلمة صاحبُ «العين»، وبه فسَّر الآيةَ مكيٌّ لا غير، قال صاحب «الأفعال»: وألت إلى الشيء: لجأت إليه، والموئل: الملجأ، ولا وَأل من كذا؛ أي: لا نجاء)، انتهى.

[ج 2 ص 310]

قوله: ({مَوْئِلاً} [الكهف: 58]: مَحْرِزًا): (المَحْرِز): بفتح الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: ({ثَمَرٌ})، ورواية (ق): ({ثُمْر}).

[2] زيد في (أ): (المهملة)، وهو تكرار.

(1/8480)

[{وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا}]

(1/8481)

[حديث: أن رسول الله طرقه وفاطمة قال ألا تصليان]

4724# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَاب): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنٍ): هو زين العابدين، تَقَدَّم.

قوله: (طَرَقَهُ): أي: أتاه ليلًا، و (فَاطِمَةَ): بالنصب؛ لأنَّها معطوف على الضمير المنصوب في (طرق).

==========

[ج 2 ص 311]

(1/8482)

[تتمة غريب آيات سورة الكهف]

قوله: (وَالْحُجْرَةِ): هي بضمِّ الحاء المهملة، وإسكان الجيم، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (الفَسَاطِيط): واحدها (فسطاط)، وقد تَقَدَّم ما هو، وما فيه من اللغات.

قوله: ({لَكِنَّاْ هُوَ اللهُ رَبِّي} [الكهف: 38])؛ أي: لكنْ أنا هو الله ربي، (لكنْ): بإسكان النون، إلَّا أنِّي رأيت في نسخة الشيخ أبي جعفر مشدَّد النون بالقلم، وفيه نظرٌ.

قوله: (مَصْدَرُ الْوَلْيِ [1]): هو بفتح الواو، وإسكان اللام، كذا في أصلنا بالقلم، وفي أصل آخر: (من الوَلِيِّ)؛ بفتح الواو، وكسر اللام، مشدَّد الياء، اسم فاعل، وقال ابن قُرقُول: («{الوَلَايَةُ} [الكهف: 44]: مصدر وَلِيَ»، كذا للأصيليِّ، وعند النسفيِّ: «مصدر الولاءِ»، وعند غيرهما: «مصدر الوَلَى»؛ مقصور، وهو وهم)، انتهى، و (الوَلْي)؛ بفتح الواو، وإسكان اللام: القرب والدنوُّ، والله أعلم.

قوله: ({قِبَلًا} وَ {قُبُلًا}: وَ {قَبَلًا} [الكهف: 55]: اسْتِئْنَافًا): الأولى في أصلنا: بكسر القاف وفتح الموحَّدة، والثانية: بضمِّهما، والثالثة: بفتحهما.

قوله: (الدَّحضُ: الزَّلَقُ): (الدحض): بإسكان الحاء وفتحها.

(1/8483)

[{وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين}]

قوله: ({وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} [الكهف: 60]): تَقَدَّم أنَّ فتاه هو يوشع بن نون، وقدَّمتُ نسبه، والمراد هنا بـ (فتاه): خادمه.

قوله: ({حُقُبًا} [الكهف: 60]: [زَمَانًا]، وَجَمْعُهُ: أَحْقَابٌ): قال شيخنا مجد الدين في «قاموسه»: (والحُقب؛ بالضمِّ، وبضمتين: ثمانون سَنةً أو أكثر، والدهر، والسنة، أو السنون، ج _يعني: الجمع_: أحقاب وأحقب)، انتهى، وفي «الصحاح»: (الحُقب؛ بالضمِّ: ثمانون سَنةً، ويقال: أكثر من ذلك، والجمع: حِقاب) ... إلى أن قال: والحُقُب: الدهر، والأحقاب: الدهور، ومنه قوله تعالى: {أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً} [الكهف: 60]، وكلام «القاموس» فيه زيادة على الجوهريِّ من وجهين، وكذا على البُخاريِّ، وأمَّا قوله تعالى: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} [النبأ: 23]؛ فجمع حُقْب، والحُقْب: سبعون خريفًا، كلُّ خريف سبع مئة سنة، السنة ثلاث مئة وستُّون يومًا، واليوم كألف سنة، قاله بعض المفسِّرين، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101].

==========

[ج 2 ص 311]

(1/8484)

[حديث: إن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل فسئل أي الناس]

4725# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وتَقَدَّم لماذا نسب في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، قدَّمتُ ذلك مرارًا.

قوله: (إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ): تَقَدَّم الكلام عليه وعلى نسبته هذه في (كتاب العلم)، وعلى (الْخَضِرِ)، وما يتعلَّق به، مطوَّلًا، ومن أين له هذه المقالة: إنَّه ليس بصاحب موسى، وقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين من المتأخِّرين في قوله: (لَيْسَ هُوَ مُوسَى [1] بَنِي إِسْرَائِيلَ) ما لفظه: قلت: هو قول غير واحد ممَّن أسلم من أهل الكتاب، كما نقله وثيمة عنهم، يزعمون أنَّه موسى بن منشا بن إفرايم بن يوسف بن يعقوب، وهو ابن عمِّ يوشع؛ لأنَّه يوشع بن نون بن إفرايم، والحقُّ أنَّه موسى بن عمران، انتهى.

وقد قدَّمتُ بعض هذا، وذكرت نصَّ التوراة كما هو عندهم الآن، وهو مُبدَّلٌ، وعلى قوله: (كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ)، وأنَّه من باب الإغلاظ عليه، وعلى قوله: (فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ؛ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ)، وعلى (مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: بحر الأردن وبحر القُلزُم، انتهى، وعلى (المِكْتَل)، وعلى (ثَمَّ)، وعلى أنَّ (نُونًا) مصروف، والد يوشع، وعلى (الصَّخْرَةَ)، وعلى (سَرَبًا) وانتصابه، وعلى (بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتَهُمَا)، وانتصاب (ليلتهما)، وما قاله فيه الشيخ محيي الدين، وأنَّه بالنصب والجرِّ، وعلى (نَصَبًا)، وعلى (مُسَجًّى)؛ ومعناه: مغطًى، وقوله: (وَأَنَّى): هو بفتح الهمزة، وفتح النون مشدَّدة، قال العلماء: (أنَّى) تأتي بمعنى: أين، ومتى، وحيث، وكيف، وعلى (النَوْل)، وسيأتي قريبًا مفسَّرًا في الحديث، وعلى (القَدُومِ)، وهي آلة النجَّار وأنَّها بالتخفيف، وحكى فيها البُخاريُّ التشديدَ، و (عَمَدْتَ): تَقَدَّم [2] مرارًا أنَّه بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل؛ عكس (صعِد)، وما رأيته في حاشية عن «شرح الفصيح»، وهو عكس ذلك أيضًا، وعلى قوله: (وَجَاءَ عُصْفُورٌ): تَقَدَّم أنَّ هذا العصفور قال ذلك: (مَا نَقَصَ ... ) إلى آخره، وعلى (الغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الخَضِرُ)، والاختلاف في اسمه، وسيأتي مسمًّى في هذا «الصحيح»، وعلى (القَرْيَةِ الَّتِي أَتَيَاهَا)، والاختلاف فيها.

(1/8485)

قوله: (وَدِدْنَا): هو بكسر الدال الأولى.

قوله: ({وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ}): تَقَدَّم أنَّه هُدَد بن بُدَد، وسأذكر قريبًا فيه أقوالًا.

قوله: ({كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا}): هذه قراءة ابن عبَّاس، وهي شاذَّة.

قوله: ({وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ}): وهذه أيضًا شاذَّة.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (صاحبَ).

[2] في (أ): (تفتح)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 311]

(1/8486)

[{فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما ... }]

قوله: (يَسْرُبُ: يَسْلُكُ): هو بضمِّ الراء، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 311]

(1/8487)

[حديث: موسى رسول الله ذكر الناس يومًا حتى إذا فاضت العيون]

4726# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (وَغَيْرهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ): في (غير): الرفع والنصب، وقائل ذلك: هو ابن جُرَيج، وهذا ظاهرٌ، و (غيرهما): لا أعرفه، وقد رواه مسلم من طريق أبي إسحاق _هو السبيعيُّ_ عن سعيد بن جُبَير، والله أعلم، وفي نسخة شيخنا أبي جعفر: (وقد سمعته)؛ بإثبات واو في (قد)، ثُمَّ كُتِب في الهامش ما لفظه: (وغيرهما): معطوف على (يعلى) و (عمرٍو)، انتهى، يعني: قوله: (أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ)، وما قاله صواب على ما في نسخته.

قوله: (فِدَاءَكَ): تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (رَجُلٌ قَاصٌّ): هو بتشديد الصاد المهملة، وهو الذي يقصُّ الأخبار، تَقَدَّم.

[ج 2 ص 311]

قوله: (يُقَالُ لَهُ: نَوْفٌ): تَقَدَّم الكلام عليه في (كتاب العلم).

قوله: (أَمَّا): هو بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وكذا الثانية.

قوله: (ذَكَّرَ النَّاسَ): هو بتشديد الكاف، وهذا ظاهرٌ جدًّا، من التذكير: الذي هو الموعظة.

قوله: (فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ): الرجل الذي أدرك موسى صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لا أعرف اسمه.

قوله: (قَالَ: بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (اجْعَلْ لِي عَلَمًا أَعْلَمْ [1] ذَلِكَ بِهِ): (علَمًا): هو بفتح اللام؛ أي: علامة، (أعلم): مجزومٌ، جواب الأمر، وفي أصلنا مرفوعٌ، وهو جائزٌ.

قوله: (قَالَ لِي عَمْرٌو): قائل ذلك هو ابن جُرَيج، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، و (يَعْلَى): هو ابن مسلم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (خُذْ نُونًا): (النون): الحوت، وفي «مسلم»: «حوتًا مالحًا».

قوله: (حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ): (يُنفَخ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والروحُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فِي مِكْتَلٍ): تَقَدَّم ما (المكتل).

قوله: (مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا): (كلَّفتَ): مبنيٌّ للفاعل، والتاء مفتوحة للخطاب، و (كثيرًا): هو بالمثلَّثة في أصلنا.

قوله: (فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ): هو بفتح الثاء المثلَّثة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، والألف والنون زائدتان؛ فلا ينصرف، يقال: مكانٌ ثَرْيانُ، وأرضٌ ثَرْياءُ؛ إذا كان في ترابهما بللٌ وندًى.

(1/8488)

قوله: (إِذْ تَضَرَّبَ الحُوتُ): هو بالمثنَّاة فوق، والضاد المعجمة، والراء المشدَّدة، المفتوحات، ثُمَّ مُوَحَّدَة؛ أي: تلَوَّى.

قوله: (فِي حَجَرٍ): وكذا بعده: (كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ): هو بفتح الحاء والجيم، واحد الحجارة، كذا في أصلنا مضبوطٌ، و (الأثر): تَقَدَّم الكلام عليه مرارًا، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر: (حِجَر)؛ بكسر الحاء وفتح الجيم بالقلم في المكانين؛ فيُحرَّر هذا الضبط، وقد رأيت في نسخته بخطِّه في (التفسير) أشياءً استنكرتُ ضبطَها، والله أعلم.

قوله: (وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ تَلِيانِهِمَا): هو بتشديد اللام؛ أي: جعل حلْقةً.

قوله: (قَالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ): هو عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مُطعِم النوفليُّ المَكِّيُّ، قاضي مَكَّة، عن عمِّه نافع، وابن عمِّه سعيد بن محمَّد، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وسعيد بن جُبَير، وعروة، وأرسل عن صفوانَ بن أُمَيَّة، وعنه: ابن جُرَيج، وابن إسحاق، وابن عيينة، وآخرون، وثَّقه أحمدُ، وأبو حاتم، وغيرُهما، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والقائل: (قال لي) هو ابن جُرَيج، والله أعلم.

قوله: (على طنْفُسة): (الطنفسة): بضمِّ الطاء والفاء، وبكسرهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء؛ وهو الأفصح، وحكى أبو حاتم فتح الطاء مع كسر الفاء، وقال أبو عليٍّ القاليُّ: بفتح الفاء لا غير، وهي بساط صغير، وقيل: حصير من سعف أو دَوْم، عرضه ذراع، وقيل: قَدرُ عظم الذراع، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: بكسر الطاء والفاء، وبضمِّهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء، وهو البساط الذي له خمل رقيق، وجمعه: طنافس.

قوله: (عَلَى كَبِدِ الْبَحْرِ): أي: على وسط موضعٍ من شاطئه، قاله ابن الأثير.

قوله: (مُسَجًّى): أي: مغطًّى.

قوله: (إِنَّ لِي عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ، وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ).

قوله: (فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ، وَقَالَ: وَاللهِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أنَّ الطائر قال ذلك، كما رواه الحاكم في «المستدرك»؛ فانظره في (كتاب العلم).

قوله: (إِلاَّ كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ): تَقَدَّم الكلام على (إلَّا) في (العلم)؛ فانظره.

(1/8489)

قوله: (وَجَدَ [2] مَعَابِرَ صِغَارًا): أي: سفنًا يُعبَر فيها من ضِفَّةٍ إلى ضِفَّة، والضِّفَّةُ: جانب النهر، وضِفَّتاه: جانباه.

قوله: (وَوَتَّدَ فِيهَا وَتِدًا): (وتَّد): بتشديد المثنَّاة فوق، كذا في أصلنا الذي سمعت فيه على العراقيِّ، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (وتَدَ)؛ بفتح التاء غير مشدَّدة، قال الجوهريُّ: (الوَتِد؛ بالكسر: واحد الأوتاد، وبالفتح لغة، وكذلك «الوَدُّ» في لغة من يُدغِم، تقول: وتَدْتُ الوتِد أَتِدُه وَتْدًا، وإذا أمرت؛ قلت: تِدْ)، فكلامه كالصريح في أنَّه بتخفيف التاء لا بتشديدها، بل كلام «القاموس» صريح في أنَّ المشدَّد لازمٌ، ولفظه: (الوَتْد؛ بالفتح، وبالتحريك، وكـ «كَتِف»: ما زُرَّ في الأرض والحائط من خشب ... )، إلى أن قال: (ووَتِد الوتِدَ يَتِده وَتْدًا وتِدةً: ثبَّته؛ كأوتده، ووتَد هو، ووتَّد، والأمر منه: تِدْ)، انتهى، فالذي يظهر أنَّ ما في «البُخاريِّ» يُقرَأ بالتخفيف، وهو الموافق لنسخة الدِّمْياطيّ.

قوله: (وَتِدًا): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

قوله: (لَقِيَا غُلاَمًا): تَقَدَّم الكلام على اسمه، والاختلاف فيه، ويأتي مسمًّى.

قوله: (فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ): كذا هنا، وفي رواية ستجيء: (فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَفَهُ [3]) [خ¦4727]، وفي لفظٍ [ ... ] [4].

قوله: (لَمْ تَعْمَلْ بِالْحِنْثِ): هو بالحاء المهملة المكسورة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، كذا في أصلنا.

[ج 2 ص 312]

قوله: (وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا [5]: {زَاكِيَةً مُسْلِمَةً}): هذه شاذَّة؛ أعني: زيادة {مُسْلِمَةً}، وقد قرأ الكوفيُّون وابن عامر: {زَكِيَّةً} [الكهف: 74]؛ بتشديد الياء من غير ألف، والباقون: بالألف وتخفيف الياء، وأمَّا {مُسْلِمَةً}؛ فقال شيخنا: الأشبه قراءتها بفتح السين واللام؛ يعني: مع تشديدها، انتهى، قال بعضهم: قال القاضي: وهو أشبه؛ لأنَّه كان كافرًا، انتهى، وما قاله شيخنا والقاضي ظاهرٌ، ويحتمل أنَّ موسى صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قال ذلك بناءً على أنَّه وُلِدَ بين مؤمنين، وعلى أنَّه وُلِدَ على الفطرة، والله أعلم، وقال شيخنا: وضبط أيضًا بإسكانها، انتهى، أمَّا في أصلنا؛ فهي بالثاني، وعُمِل على هامش أصلنا الأولى، والله أعلم.

قوله: ({جِداَراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ} [الكهف: 77]): تَقَدَّم الكلام على هذا الجدار طولًا وعرضًا وسمكًا في (العلم).

(1/8490)

قوله: (وَقَرَأَ [6] ابْنُ عبَّاس: {أَمَامَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79]): هذه شاذَّة.

قوله: (يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ): (غير سعيد): لا أعرفه، وفي «تفسير الثعلبيِّ»: وقال شعيب الجَبَأبيُّ: اسمه هَدَد بن بَدَد، انتهى، (والجَبَأبي)؛ بفتح الجيم، ثُمَّ مُوَحَّدَة كذلك، ثُمَّ همزة مقصورة، له ترجمة في «الميزان»، وذكره ابن حبَّان في «الثقات»، فلعلَّه المراد بقول البُخاريِّ: (غير سعيد)، والله أعلم.

قوله: (أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَد): (هُدَد): بضمِّ الهاء، وفتح الدال المهملة الأولى، وكذا (بُدَد): بضمِّ الموحَّدة، والباقي مثل ما قبله، وقد ذكر شيخنا في اسم الملك أقوالًا، منها: جُلَندَى، وكذا ذكره غيره، انتهى، قال: أو هُدَد بن بُدَد، أو مَنُولة بن الجُلندى بن سعيد الأزديُّ، وسمَّاه الرضيُّ الشاطبيُّ: فلع بن سارق بن ظالم بن عمرو بن شهابٍ، وقال ابن دريد: هُدَد بن العمال، انتهى، وفي «تاريخ ابن خَلِّكان» في ترجمة يوسف بن الحسن السيرافيِّ: يقال: إنَّ صاحبه _يعني: صاحب حصن ابن عمارة، وهو على بحر النجْر، وليس بجميع فارس حصنٌ أمنعَ منه_ الذي قال الله في حقِّه: {وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف: 79] وقيل: إنَّ اسم ذلك الملك: الجُلندَى، وقيل غير ذلك، انتهى، في «ذيل الصغانيِّ» على «صحاح الجوهريِّ» في (قنَنَ) _بقاف، ثُمَّ نونين_ ما لفظه: وقيل: قنان اسم الملك الذي كان يأخذ كلَّ سفينة غصبًا.

قوله: (يَزْعُمُونَ جَيْسُورٌ): تَقَدَّم الكلام في ضبطه في (كتاب العلم).

قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بِالْقَارِ): (القار)؛ بتخفيف الراء: القير، و (القارورة): فَعْلُولَة من ذلك، وإلَّا؛ فـ (القارورة): واحدة القوارير من الزُّجَاجِ، ولا معنى له هنا، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَ [7] أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ): اسم أبيه: ملَّاس، ويقال: كازيرى، وأمُّه: رُحمى، وقيل: سهوى، وقد تَقَدَّم ذلك كلُّه في (العلم).

قوله: (وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ: أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً): قال شيخنا: (لعلَّ المراد بـ «الغير»: الكلبيُّ، فإنَّه قال ذلك بزيادة: فتزوَّجها نبيٌّ، فولدت أنبياء، فهدى الله بهم أمَّةً من الأمم)، انتهى، والكلبيُّ ترجمته معروفةٌ، فلا نطوِّل بها، وهو هالكٌ.

(1/8491)

قوله: (أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً): قال بعض أهل التفسير: فأُبدِلا غلامًا زكيًّا، وقيل: جارية ولدت نبيًّا، وقيل: كان من نسلها سبعون نبيًّا، وقد تَقَدَّم أعلاه كلامُ الكلبيِّ.

قوله: (وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ): هو داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفيُّ المَكِّيُّ، ويقال: داود بن عاصم، عن عثمان بن أبي العاصي، وابن عمر، وسعيد بن المُسَيّب، وأبي سلمة، وعنه: قتادة، وحجَّاج بن أرطاة، وابن جُرَيج، وجماعةٌ، وثَّقه أبو داود وغيرُه، وقد علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له أبو داود والنَّسائيُّ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أعلمُ).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وجدا).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقطعه).

[4] في (أ) بياض.

[5] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): ({زكيَّة})، وضرب عليها في (أ).

[6] كذا في (أ)، ورواية و (ق): (قرأ)؛ بغير واو، ورواية «اليونينيَّة»: (قرأها).

[7] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (كان)؛ بغير واو.

(1/8492)

[{فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا ... }]

قوله: ({يَنقَضَّ} [الكهف: 77]: يَنْقَاضُ كَمَا تَنْقَاضُ السِّنُّ): في هامش أصلنا: (ينقاض): بتخفيف الضاد، قاله الإمام في «مشارقه»، انتهى، وهذا معروفٌ، وسيأتي، وقال شيخنا وضبط (ينقاض) مشدَّدةَ الضاد: (ومخفَّفٌ، ومعناه مخالفٌ لمعنى الأوَّل، فإنَّ معنى {ينقضَّ}: ينكسر وينهدم ويسقط بسرعة، و «ينقاض»: ينقطع من أصله)، وذكر فيه قراءةً أنَّه بالصاد المهملة، قال: (قيل: معناه: انشقَّ طولًا)، انتهى، قال الجوهريُّ في (قضض): انقضَّ الحائط؛ أي: سقط، وقال في (قيض): (قال أبو زيد: انقاض الجدار انقياضًا؛ أي: تصدَّع من غير أن يسقط، فإن سقط؛ قيل: تقيَّض تقيُّضًا، وتقوَّض البيت تقوُّضًا، وقوَّضته أنا) ... إلى أن قال: (وانقاضت السن؛ أي: تشقَّقت طولًا).

قوله: ({رُحْمًا} [الكهف: 81]: مِنَ الرُّحْمِ، وَهْيَ أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنَ الرَّحْمَةِ): (الرُّحْم): بضمِّ الراء، وإسكان الحاء، قال الجوهريُّ: (والرُّحم؛ بالضم: الرحمة، قال عزَّ وجلَّ: {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 81]، وقد حرَّكه زهير، فقال ... وأنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وهو مثل: عُشْر وعُشُر)، انتهى.

قوله: (وَتُدْعَى مَكَّةُ أُمَّ رُحْمٍ؛ أَيِ: الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ بِهَا): اعلم أنِّي قد ذكرت لِمكَّة عدَّةَ أسماء في (كتاب الحجِّ)، تسعةً وأربعين اسمًا، بل خمسين؛ فانظرها، منها: هذا الذي ذكره الإمام البُخاريُّ هنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 313]

(1/8493)

[حديث: قام موسى خطيبًا في بني إسرائيل فقيل له: أي الناس أعلم؟]

4727# قوله: (إِنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ): تَقَدَّم الكلام على نوف، وعلى نسبته هذه في (كتاب العلم)، وعلى قوله: (كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ)، وأنَّه من باب التغليظ عليه، وعلى قوله: (أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ قَالَ: أَنَا)، وعلى (عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي)، وأنَّه الخَضِر، وما يتعلَّق به، وعلى (المِكْتَل)، وعلى (فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ)، وأنَّ (نونًا) مصروف، ونسبه، وأنَّه خادمه لا مملوكه، وهذا الحديث يردُّ قول من قال من المفسِّرين: إنَّ فتاه عبدٌ له، وغير ذلك من الأقوال؛ لأنَّه يوشع بن نون بن إفرايم بن يوسف بن يعقوب، قال بعضهم: قيل: كان معه يخدمه، وقيل: إنَّه ابن أخته، والكلام على (الصَّخْرَةِ)، وأين هي.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ عَمْرٍو): أمَّا (سفيان)؛ فهو ابن عيينة المذكور في السند، وأمَّا (عمرو)؛ فهو ابن دينار المذكور أيضًا في السند، وأمَّا (غير عمرو)؛ فلا أعرفه، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: («وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: الْحَيَاةُ»: هذا كلام سفيان، يشير إلى أنَّ ذلك لم يقع في حديثِ عمرٍو، وقد رواه ابن مردويه من وجه آخر عن سفيانَ، فأدرجه في حديث عمرٍو)، انتهى.

قوله: (فَأَصَابَ الْحُوتَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ): (الحوت) في أصلنا: منصوبٌ على أنَّه مفعول، و (أصاب): عليه (صح)، وكذا هو منصوب في نسخة أخرى صحيحةٍ، و (من ماء): محلُّه الرفع، فاعل، وهذا كلامٌ صحيحٌ، ولكنَّ مقتضى أوَّل الحديث أن يُجعَل (الحوت) مرفوعًا فاعلًا، وذلك؛ لأنَّه قال فيه: (وفي أصل الصخرة عين ... لا يصيب من مائها شيء)، فـ (شيء): مرفوع فاعل، ولم يقل: (لا يصيب ماؤها شيئًا إلَّا حيي)، لكنَّ في بعض النسخ: (شيئًا)؛ بالنصب، وعلى هذه يتَّجه النصبُ، والله أعلم، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (فأصاب الحوتُ)؛ بالرفع، (ماءَ)؛ بالنصب، وعلى (الحوت) صح؛ فاعلمه.

قوله: (مَا أُمِرَ بِهِ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8494)

قوله: (كَالطَّاقِ): قال ابن قُرقُول: («مثل الطاق»؛ يعني: الحوت في البحر مثل الطاق؛ البناء الفارغ ما تحتَه، وهي الحنيَّة، وتُسمَّى الأزجَ أيضًا، وفسَّره بقوله: «أَمْسَكَ [1] اللهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْبَحْرِ، [حَتَّى] كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ ... » وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامِهِ وَالَّتي تَلِيهَا [2] [خ¦4726])، انتهى.

قوله: (مُسَجًّى): تَقَدَّم أنَّه مغطًّى، وعلى (وَأَنَّى)، وعلى (القَدُومِ)، وأنَّه مخفَّف ومشدَّد، [وعلى] (النَّوْل)؛ وهو الأجر، وكذا فسَّره هنا، وعلى (عُصْفُورٌ)، وأنَّه القائل، كما في «المستدرك»،

[ج 2 ص 313]

وعلى قوله: (إِلاَّ مِقْدَارُ مَا غَمَسَ)، وعلى (الغُلام)، والاختلاف في اسمه، وعلى قوله: (فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَعَهُ)، وبيَّن ذبحه، وعلى (الجِدَار) طولًا وعرضًا وسمكًا، وعلى (الْقَرْيَة)، والاختلاف فيها، وعلى (وَدِدْنَا)، وأنَّه بكسر الدَّال الأولى، و (يُقَصَّ): بضمِّ أوَّله، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وعلى قراءة ابن عبَّاس: ({وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ})، وعلى ({يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا}) [الكهف: 79]، وأنَّهما شاذَّتان، وعلى قوله: ({وَأَمَّا الْغُلاَمُ؛ فَكَانَ كَافِرًا}) [الكهف: 80]، وأنَّها شاذَّةٌ أيضًا.

(1/8495)

[{قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالًا}]

(1/8496)

[حديث سعد في قوله: {قل هل ننبئكم بالأخسرين}]

4728# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه غندر، و (عَمْرٌو): هو ابن مرَّة، وكذا هو منسوب في نسخة، و (مُصْعَبٌ): هو ابن سعد بن أبي وقاص مالكِ بن أُهَيب، وهو منسوب في نسخة إلى والده، وهو زهريٌّ، كنيته أبو زرارة المدنيُّ، روى عن أبيه، وعليٍّ، وطلحةَ، وغيرِهم، وعنه: طلحة بن مُصرِّف، وعمرو بن مرَّة، وإسماعيل السُّدِّيُّ، وخلقٌ، قال ابن سعد: ثِقةٌ كثير الحديث، وقال جماعة: تُوُفِّيَ سنة ثلاث ومئة، أخرج له الجماعة، والله أعلم.

قوله: (الْحَرُورِيَّةُ): تَقَدَّم الكلام عليهم، وأنَّهم الخوارج، ونُسِبُوا إلى حروراء، وأين هي.

==========

[ج 2 ص 314]

(1/8497)

[{أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم} الآية]

(1/8498)

[حديث: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة ... ]

4729# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): قال الدِّمْياطيُّ: قيل: إنَّه محمَّد بن عبد الله الذهليُّ، انتهى، وقال الجيَّانيُّ في «تقييده» وقد ذكر هذا الموضع: نسبه أبو عبد الله الحاكمُ وأبو نصرٍ الكلاباذيُّ: محمَّد بن يحيى الذهلي، ثُمَّ عقَّب البُخاريُّ في إثر حديث ابن أبي مريم الذي ذكره عن المغيرة بعد قوله: (جناح بعوضة): (واقرؤوا: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِوَزْناً} [الكهف: 105]، وَعَنْ يَحْيَى ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ مِثْلَهُ) [خ¦4729]، وقول البُخاريِّ: (وعن يحيى) إنَّما يرويه البُخاريُّ عن الذهليِّ، انتهى ملخَّصًا، يعني: ويرويه الذهليُّ عن يحيى ابن بُكَيْر، وقد ذكروا فيمن روى عنه الذهليُّ يحيى ابنَ بُكَيْرٍ، وقد ذكر شيخنا هذا المكان، ونقل فيه كلامَ الجيَّانيِّ ملخَّصًا، ثُمَّ قال: وكذا ذكر أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ حيث قال: رواه محمَّد عن محمَّد بن يحيى عن سعيد ويحيى ابن بُكَيْر، ورواه مسلمٌ عن محمَّد بن إسحاق الصغانيِّ، عن يحيى ابن بُكَيْر، عن مغيرة بن عبد الرَّحمن، انتهى.

وقال المِزِّيُّ ما لفظه: البُخاريُّ في (التفسير): عن محمَّد بن عبد الله، عن سعيد بن أبي مريم، عن المغيرة بن عبد الرَّحمن الحزاميِّ به، وقال في عَقِبه: وعن يحيى ابن بُكَيْر عنه به، ولم يقل: حدَّثنا يحيى ابن بُكَيْر، ومسلم في (التوبة) و (ذكر المنافقين): عن أبي بكرٍ محمَّدِ بن إسحاق عن يحيى ابن بُكَيْرٍ به، انتهى، والله أعلم، والذي ظهر لي من كلام المِزِّيِّ أنَّه يترجَّح عنده أنَّ البُخاريَّ روى الثاني عن يحيى، لا عن محمَّد بن عبد الله عنه، والله أعلم.

قوله: (مِثْلَهُ): هو منصوب على ما ظهر لي من كلام المِزِّيِّ، والله أعلم، وعلى القول الآخر كذلك، وفي أصلنا (مثلُه)؛ بالضمِّ بالقلم، وفيه نظرٌ.

(1/8499)

قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الذهليُّ، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن محمَّد، و (الْمُغِيرَةُ): هو ابن عبد الرَّحمن الحزاميُّ؛ بالحاء المهملة والزاي، و (أَبُو الزِّنَادِ): عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَجُ): عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (وَعَنْ يَحْيَى ابْنِ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وتَقَدَّم مترجمًا، وتَقَدَّم قوله: (وعن يحيى ابن بُكَيْر) أعلاه؛ فانظره.

(1/8500)

(((19))) (سُورَةُ مَرْيَم) ... إلى (الفُرْقَان)

قوله: ({أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: 38] ... ) إلى آخره: يريد أنَّه أمر بمعنى: الخبر، والله أعلم.

قوله: ({لأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: 46]: لَأَشْتمَنَّكَ): (يشتم)؛ بكسر التاء وضمِّها، كذا في «الجمهرة» لابن دريد.

قوله: ({بُكِيًّا} [مريم: 58]: جَمَاعَةُ بَاكٍ): هذا قول؛ مثل: جاث وجُثِيٍّ، ومثل: جالس وجلوس، إلَّا أنَّهم قلبوا الواو ياء، وقيل: إنَّه مصدر؛ نحو: صلى يصلى؛ أي: وبكوا بكيًّا.

==========

[ج 2 ص 314]

(1/8501)

[{وأنذرهم يوم الحسرة}]

(1/8502)

[حديث: يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد: يا أهل الجنة]

4730# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (غياثًا) بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ): اعلم أنَّ (الموت) عند أهل السنة عَرَض من الأعراض، يضادُّ الحياة، وقد قال بعض المعتزلة: ليس بعَرَض؛ بل معناه: ضدُّ الحياة، وهذا خطأ؛ لقوله تعالى: {خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2]، فأثبت الموت مخلوقًا، وعلى القولين: ليس الموت جسمًا، فإن قيل: ما ليس بجسم كيف يُجسَّد؟ قيل: يؤوَّل الحديث على أنَّه تعالى يخلق هذا الجسم، ثُمَّ يذبح مثالًا؛ لأنَّ الموت لا يطرأ على أهل الآخرة، وقال القُرْطبيُّ: إنَّ الله يخلق شخصًا يسمِّيه الموت؛ فيُذبَح بين الجنَّة والنار، وهكذا كلُّ ما ورد عليك في هذا الباب التأويلُ فيه ما ذكرتُ لك، انتهى، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في «حادي الأرواح»: إنَّ الله يُنشِئ من الموت صورةَ كبش يُذبَح؛ كما يُنشِئ من الأعراض أجسامًا تكون الأعراضُ مادَّةً لها، ويُنشِئ من الأجسام أعراضًا؛ كما يُنشِئ سبحانه من الأعراض أعراضًا، ومن الأجسام أجسامًا، فالأقسام الأربعة ممكنةٌ مقدورةٌ، ولا حاجة إلى تكليف مَن قال: إنَّ الذبح لمَلَك الموت، فهذا كلُّه من الاستدراك الفاسد على الله ورسوله، والتأويلِ الباطل الذي لا يوجبه عقلٌ ولا نقلٌ، وسببه قلَّة الفهم لمراد الرسول صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من كلامه، فظنَّ هذا القائل أنَّ لفظ الحديث يدلُّ على أنَّ نفس العَرَض يُذبَح، وظنَّ غالطٌ آخر أنَّ العَرَض يُعدَم ويزول، ويصير مكانه جسمٌ يُذبَح، ولم يهتدِ الفريقان إلى هذا القول الذي ذكرناه، وأنَّ الله تعالى يُنشِئ من الأعراض أجسامًا يجعلها مادَّةً لها، ثُمَّ شرع يستدلُّ لذلك بأحاديث، والله أعلم، انتهى، والحكمة في كونه في صورة كبش: لعلَّه لأنَّه جاء أنَّه جاء آدمَ في صورة كبشٍ أملح قد نشر من أجنحته أربعة آلاف جناح.

(1/8503)

قوله: (أَمْلَحَ): هو الذي يشوب بياضَه شيءٌ من سواد عند الأصمعيِّ، وقال أبو حاتم: هو الذي يخالط بياضَه حمرةٌ، وقيل: هو الذي يعلو سوادَه حمرةٌ، قال ابن الأعرابيِّ: هو النقيُّ البياض، وقال الكسائيُّ: هو الذي فيه بياض وسواد، والبياض أكثر، وقال الخَطَّابيُّ: هو الذي في بياضه طاقاتٌ سود، وقال الداوديُّ: هو مثل الأشهب، انتهى كلام ابن قُرقُول.

تنبيهٌ: والحكمة في كونه أبيض وأسود فيما نقله شيخنا عن عليِّ بن حمزة: أنَّ البياض من جهة الجنَّة، والسواد من جهة النار، انتهى، وهذا إنَّما يتمشَّى على قول الكسائيِّ.

قوله: (فَيُنَادِي مُنَادٍ): هذا المنادي لا أعرفه.

قوله: (فَيَشْرَئِبُّونَ): هو بفتح الياء أوَّله تحت، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ همزة مكسورة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مشدَّدة مضمومة، ثُمَّ واو، ثُمَّ نون، ومعناه: يمدُّون أعناقهم رافعي رؤوسهم متشوِّفين متطاولين لذلك، والاسم: الشُّرَأْبِيبة؛ كالطمأنينة.

قوله: (فَيُذْبَحُ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، إن قيل: فمن يذبحه؟ فالجواب: أنَّ القُرْطبيَّ ذكر في «تذكرته» عن صاحب كتاب «خلع النعلين»: أنَّه يتولى ذبحه يحيى بن زكريا بين يدي النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وبأمره الأكرم، قال: وذكر صاحب كتاب «العروس»: أنَّ الذي يذبحه جبريل صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، انتهى، ولكلٍّ من القولين معنًى لطيفٌ في ذبحه، والله أعلم.

تنبيهٌ: صاحب كتاب «خلع النعلين» هو أحمد بن قسيٍّ الأندلسيُّ، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: فلسفيُّ التصوف، مبتدع، أراد الثورةَ، فظفر به عبد المؤمن وسجنه، انتهى.

==========

[ج 2 ص 314]

(1/8504)

[{وما نتنزل إلا بأمر ربك}]

(1/8505)

[حديث: ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟]

4731# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين.

==========

[ج 2 ص 314]

(1/8506)

[{أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالًا وولدًا}]

(1/8507)

[حديث: جئت العاصي بن وائل السهمي أتقاضاه حقًا لي عنده]

4732# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وهو أوَّل شيخ روى عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبيح؛ بضمِّ الصاد المهملة، و (خَبَّابٌ): بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، وأنَّه ابن الأرتِّ؛ بالمثنَّاة فوق المشدَّدة، رضي الله عنه، تَقَدَّموا كلُّهم مترجمين.

[ج 2 ص 314]

قوله: (جِئْتُ الْعَاصِيَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ): (العاصي)؛ كالقاضي، منقوصٌ، وقد تَقَدَّم الكلام على إثبات الياء فيه وحذفها، وهو العاصي بن وائل بن هاشم بن سُعَيْد _بضمِّ السين وفتح العين المهملتين_ ابن سهم بن عمرو بن هُصَيص بن كعب بن لؤيِّ بن غالب السهميُّ، كافرٌ مشهور، وهو والد عمرو بن العاصي، وقد قدَّمتُ أنَّه هلك على كفره، وأنَّه كان من المستهزئين، وأنَّه عرض لرِجلِه الشوكة، فهلك منها.

قوله: (فَأَقْضِيَكَهُ): هو بفتح الهمزة والنصب، ونصبه ظاهرٌ.

(1/8508)

قوله: (رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَحَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ): أمَّا (الثوري)؛ فهو أحد الأعلام، سفيان بن سعيد بن مسروق، وما رواه الثوريُّ أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن محمَّد بن كثير عن الثوريِّ، قال: (ولم يقل الأشجعيُّ عن الثوريِّ ... )، و (شعبة): هو أحد الأعلام أيضًا، ابن الحجَّاج، أشهر من أن يُذكَر، ومتابعة شعبة أخرجها البُخاريُّ في (البيوع) عن بندار عن ابن أبي عديٍّ، وفي (المظالم) عن إسحاق، عن وهب بن جرير، وفي (التفسير) عن بشر بن خالد؛ ثلاثتهم عن شعبة، و (حفص): هو ابن غياث، وما رواه حفص بن غياث أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن عمر بن حفص عن أبيه، وما رواه أبو معاوية؛ فأخرجه مسلم في (ذكر المنافقين) عن أبي كريب محمَّد بن العلاء عن أبي معاوية، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن هنَّاد بن السريِّ عن أبي معاوية، وقال: حسن صحيح، و (أبو معاوية): هو محمَّد بن خازم الضرير؛ بالخاء المعجمة، تَقَدَّم، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح الإمام، وما رواه وكيع في (التفسير) عن يحيى عن وكيع عن الأعمش به، وأخرجه مسلم في (ذكر المنافقين) عن أبي بكر وأبي سعيد الأشجِّ؛ كلاهما عن وكيع، و (الأعمش): سليمان بن مهران.

(1/8509)

[{أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدًا}]

قوله: ({عَهْدًا} [مريم: 87]: قَال: مَوْثِقًا): (المَوْثِق)؛ بفتح الميم، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مكسورة، وهذا ظاهرٌ معروفٌ.

==========

[ج 2 ص 315]

(1/8510)

[حديث خباب: كنت قينًا بمكة فعملت للعاص بن وائل السهمي]

4733# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا مرارًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (أَبُو الضُّحَى)، وكذا (خَبَّابٌ)، وكذا (العَاصِي بْنُ وَائِلٍ).

قوله: (كُنْتُ قَيْنًا): تَقَدَّم أنَّه بفتح القاف، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون، وتَقَدَّم أنَّه الحدَّاد، ويُطلَق أيضًا (القينُ) على الصائغ.

قوله: (لَمْ يَقُلِ الأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ: سَيْفًا، وَلَا: مَوْثِقًا)؛ تَقَدَّم أنَّ (الأشجعيَّ): هو عبيد الله بن عبيد الرَّحمن الأشجعيُّ، كوفيٌّ إمام، تَقَدَّم مترجمًا، وما رواه الأشجعيُّ عن سفيان _هو الثوريُّ_ لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، إلَّا أنَّ رواية الثوريِّ لهذا الحديث في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم أنَّ (سفيان): هو الثوريُّ.

==========

[ج 2 ص 315]

(1/8511)

[{كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدًا}]

(1/8512)

[حديث: والله لا أكفر حتى يميتك الله ثم تبعث]

4734# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر، و (سُلَيْمَانُ): الأعمش، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صبيح، و (خَبَّابٌ): هو ابن الأرتِّ، تَقَدَّم.

قوله: (كُنْتُ قَيْنًا): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الحدَّاد، وأنَّه يُطلَق أيضًا على الصائغ، وتَقَدَّم الكلام على (الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ)؛ وهو السهميُّ.

==========

[ج 2 ص 315]

(1/8513)

[{ونرثه ما يقول ويأتينا فردًا}]

(1/8514)

[حديث: كنت رجلًا قينًا وكان لي على العاصي بن وائل دين فأتيته ... ]

4735# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هذا تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الأعراف)؛ فانظره، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صبيح، تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا مرارًا، و (خَبَّابٌ): تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 315]

(1/8515)

(((20))) [طه]

قوله: (قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: بِالنَّبَطِيَّةِ {طه} [طه: 1]: يَا رَجُلُ): (ابن جُبَير): هو سعيد، و (النبطيَّة): منسوبة إلى النَّبَط، وقد تَقَدَّم الكلام على (النبط) مَن هم، وقوله: ({طه}: يا رجل): قال ابن قُرقُول ما لفظه: («{طه}: يا رجل بالنبطيَّة»: ذكره البُخاريُّ في «التفسير»، وصحَّحه بعضهم، وقال: هي لغة عَكٍّ، وقال الخليل: من قرأ: {طَهْ}؛ فهو «يا رجل»، ومَن قرأ: {طَهَ}؛ فحرفان من الهجاء؛ فمعناه: اطمئنَّ، وقيل: طأِ الأرضَ، والهاء كناية عنها)، انتهى.

فحاصل كلامه: أنَّ (يا رجل): هو تفسيرٌ للقراءة الشاذَّة {طَهْ}، وقد قرأ بها قتادة، كما سيأتي، وقال ابن عبد السلام: {طَهَ}: قيل: معناها بالسُّريانيَّة: يا رجل، فَعُرِّب، وقيل: بالنبطيَّة، وقيل: معناه: يا حبيبي بلغة عَكٍّ، وقيل: طوبى لمن هُدِيَ، وقيل: يا طاهر، وقيل: يا هادي، أو طأِ الأرض بقدميك، والهاء بدل الهمزة، دليله: قراءة قتادة: {طَهْ}؛ بالسكون، انتهى.

وقال العلَّامة أبو حيَّان شيخ شيوخنا في «البحر»: قال ابن عبَّاس، والحسن، وابن جُبَير، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة: معنى {طَهَ}: يا رجل، فقيل: بالنبطيَّة، وقيل: بالحبشيَّة، وقيل: بالعبرانيَّة، وقيل: لغة يمنيَّة في عَكٍّ، وقيل: في عُكْل، وقال الكلبيُّ: لو قلتَ في عَكٍّ: يا رجل؛ لم تُجَبْ حتَّى تقولَ: طه، وقرأ الحسن، وعكرمة، وأبو حنيفة، وورش في اختياره: {طَهْ}، قيل: أصله: (طأ)، فحذف الهمزة؛ بناء على أصل قلبها في (يطأُ)، ثُمَّ بُنِي الأمر عليه، وأُدخلَت هاء السكت، وأُجرِيَ الوصل مُجرى الوقف، وأصله: طأ، وأُبدِلت همزته هاءً، فقيل: طَهْ، فعلى ما قاله أبو حيَّان يُقرَأ ما في «الصحيح»: ({طَهَ}: يا رجل)، فإن قرأت: («طَهْ» _بفتح الطاء وسكون الهاء_: يا رجل)؛ كان على ما قاله الخليل، كما تَقَدَّم، وهي قراءة قتادة كما قدَّمتُه، وإن قرأت: ({طَهَ}: يا رجل)؛ كان على ما نقلته بعده، وقال الشهاب السمين الإمام: وقرأ الحسن، وعكرمة، وأبو حنيفة، وورش في اختياره: {طَهْ}؛ بإسقاط الألف بعد الطاء، وهاء ساكنة، ثُمَّ شرع يذكر توجيهَه، والله أعلم.

(1/8516)

قوله: (أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ، أَوْ فَأْفَأَةٌ): (التمتمة): تحبُّس اللسان وتردُّده إلى لفظ كأنَّه التاء والميم، واسم الرجل منه تمتام، وقال ابن دريد: هو ثقل النطق بالتاء، و (الفأفأة)؛ بهمزتين؛ الأولى منهما ساكنة، والثانية مفتوحة، و (الفأفاء): يُمَدُّ ويُقصَر، وهو الذي يغلب على لسانه الفاء يردِّدها، وقال ابن دريد: الفأفأة: حُبسة اللسان.

قوله: (لَنَذْرِيَنَّهُ): هو بفتح النون وتضمُّ، ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ.

قوله: ({فَنَسِيَ} [طه: 88]): موسى قولَ السامريِّ؛ أي: ترك إلهه عندكم، أو ضلَّ عنه، وقيل: نسي السامريُّ إيمانه، أو نسي ألَّا يُصدِّق في عبادة ما لا ينفع، أو نسي موسى أنَّ قومه يضلُّون بعده.

قوله: (أَخْطَأَ الرَّبَّ): (الربَّ): منصوبٌ؛ لأنَّه مفعول (أخطأ).

قوله: (لاَ يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ): (يُهضَم): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو منصوب، ويجوز رفعه، و (يُظلَم): مبنيٌّ أيضًا، ومعنى (يُهضَم): يُظلَم حقُّه، يقال: هضمه وأهضمه؛ إذا ظلمه وكسر عليه حقَّه.

قوله: ({هَوَى} [طه: 81]: شَقِيَ): قال ابن قُرقُول: («شَقَى»؛ يعني: بفتح القاف، كذا لكافَّتهم، ورواه بعضهم: «شَقِيَ»؛ يعني: بفتح الشين، وكسر القاف، وفتح الياء، قال: وهو المعروف، وتلك لغة طيِّئ)، انتهى، ولغة بعضٍ غير طيِّئ من القبائل.

قوله: ({سُوًى} [طه: 58]: مَنْصَفٌ): إن كسرت السين؛ فالمعنى: سِوى هذا المكان، وإن ضممت؛ فالمراد: نصفًا بيننا وبينك، أو وسطًا مستويًا يبيَّن للناس ما يُعمَل فيه، وقيل: {سِوى} و {سُوى}؛ بالضمِّ والكسر: واحد؛ مثل: عِدَى وعُدى، وقد قرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة: {مَكَاناً سُوًى} [طه: 58]؛ بضمِّ السين، والباقون: بكسرها، ووقف أبو بكر، وحمزة، والكسائيُّ: {سوى}، وفي (القيامة): {أَن يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]؛ بالإمالة، وورش وأبو عمرو على أصلهما؛ بين بين، والباقون: بالفتح على أصولهم، والله أعلم، فيقرأ: {سُوى}؛ بالضمِّ على الراجح؛ لأجل التفسير الذي فسَّر به البُخاريُّ، والله أعلم.

قوله: (مَنْصَفٌ): هو بفتح الميم، وإسكان النون، ثُمَّ صاد مهملة مفتوحة _كذا هو مضبوط في أصلنا هنا بالقلم، وقد ذكرته فيما مضى_ ثُمَّ فاء.

[ج 2 ص 315]

(1/8517)

[{واصطنعتك لنفسي}]

(1/8518)

[حديث: التقى آدم وموسى فقال موسى لآدم أنت الذي أشقيت الناس]

4736# قوله: (الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى): سيأتي الكلام عليه في (كتاب القَدَر) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى): (آدم): مرفوعٌ فاعل، و (موسى): منصوبٌ مفعول؛ أي: ظهرت حُجَّتُه عليه، وغلبه بها، والله أعلم، قيل: إنَّما احتجَّ في خروجه من الجنَّة بأنَّ الله خلقه ليجعله خليفة في الأرض، لا أنَّه نفى عن نفسه الذنب، وقيل: إنَّما أنكر على موسى أن يلومه؛ لتوبته منه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 316]

(1/8519)

[و {أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي ... }]

قوله: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى): التلاوة: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا} [طه: 77].

(1/8520)

[حديث: نحن أولى بموسى منهم فصوموه]

4737# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وتَقَدَّم أنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

قوله: (لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يعني: من بعض القَدَمَاتِ، لا من الهجرة، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (تَصُومُ عَاشُورَاءَ): تَقَدَّم أنَّه بالمدِّ والقصر، وأنَّه عاشر المحرَّم على الصحيح، وقيل: تاسوعاء، وقيل: الحادي عشر.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).

[ج 2 ص 316]

(1/8521)

[{فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}]

(1/8522)

[حديث: حاج موسى آدم فقال له: أنت الذي أخرجت الناس من الجنة]

4738# قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ): هو أيُّوب بن النجَّار بن زياد، أبو إسماعيل الحنفيُّ، قاضي اليمامة، عن يحيى بن أبي كثير، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وجماعةٍ، وعنه: أحمد ابن حنبل، وقتيبة، وعمرو الناقد، وطائفةٌ، قال أحمد: ثِقةٌ، رجل صالح عفيفٌ، وقال ابن معين: صدوق، قال: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلَّا حديثًا واحدًا، ووصفه غير واحد بالصلاح والفضل، قال محمَّد بن مهران: كان يقال: إنَّه من الأبدال، خرَّج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، حديثه عن يحيى فقط؛ وهو «احتجَّ آدمُ وموسى» هذا، والله أعلم، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالثاء المثلَّثة، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

(1/8523)

(((21))) [سورة الأنبياء]

(1/8524)

[حديث ابن مسعود: بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء]

4739# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم ما (البندار)، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وما معناه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، ومَن لقَّبه بذلك، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السبيعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ): صوابه: بنو إسرائيل، ولكنَّه وقع (بني)؛ فاعلمه، والظاهر أنَّه على الحكاية في التلاوة.

قوله: (هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): تَقَدَّم ذلك في (سورة سبحان)، وكذا (وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي).

(1/8525)

[غريب آيات سورة الأنبياء]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، وهذا معروفٌ مشهورٌ.

قوله: (فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ): (فَلْكة): بفتح الفاء، وإسكان اللام، وسُمِّيَت (فلكة المغزل) فلكةً؛ لاستدارتها، و (المِغْزَل): بضمِّ الميم، وإسكان الغين المعجمة، ويقال: (المِغْزَل)؛ بكسر الميم وإسكان الغين أيضًا، وكلاهما بفتح الزاي، قال الفرَّاء: الأصل الضمُّ؛ يعني: في الميم، وهو ما يُغزَل به.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَحَسُّوا} [الأنبياء: 12]: تَوَقَّعُوهُ ... ) إلى آخره: قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: (ذكره أبو عبيد في «المجاز» بمعناه، وقال فيه: مجاز «خامد»: مجاز «هامد»)، انتهى.

قوله: ({عَمِيقٍ} [الحج: 27]: بَعِيدٌ): هذا في (سورة الحجِّ) لا هنا؛ فاعلمه.

قوله: ({آذَنَّاكَ} [فصلت: 47]: أَعْلَمْنَاكَ): هذا في (فُصِّلت)، وإنَّما أتى به؛ لأجل قوله: {آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنبياء: 109]، والله أعلم.

قوله: (آذَنْتَهُ [1]): هو بمدِّ الهمزة، أعلمته، وهذا ظاهرٌ.

قوله: ({لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 13]: تُفْهَمُونَ): هو في أصلنا بضمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، وفتح ثالثه.

قوله: ({السِّجِلِّ} [الأنبياء: 104]: الصَّحِيفَةُ): في هذا إبطالٌ لمن ذكر أنَّه كاتبٌ للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقد ذكرته مطوَّلًا في (الشروط) مع الكُتَّاب؛ فانظره.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: ({آذنتكم}).

[ج 2 ص 316]

(1/8526)

[{كما بدأنا أول خلق}]

(1/8527)

[حديث: إنكم محشورون إلى الله حفاةً عراةً غرلًا]

4740# قوله: (عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، شَيْخ مِنَ النَّخَعِ): هو المغيرة بن النعمان النخعيُّ الكوفيُّ، يروي عن سعيد بن جُبَير، ومالك بن أنس الكوفيِّ، وغيرِهما، وعنه: سفيان، وشعبة، ومسعر، وشريك، وغيرُهم، وثَّقه ابن معين وغيرُه، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وله فيها حديثان، و (النَّخَع)؛ بفتح النون والخاء المعجمة، وبالعين المهملة: قبيلة من اليمن.

قوله: (غُرْلًا): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه بالغين المعجمة المضمومة، وإسكان الراء، جمع (أغرل)؛ ومعناه: غير مختونين، وتَقَدَّمتْ الحكمة في ذلك في (كتاب الأنبياء عليهم السلام)، وعلى قوله: (إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ)، وعلى هؤلاء الرجال الذين يُؤخَذ بهم ذات الشمال.

==========

[ج 2 ص 316]

(1/8528)

(((22))) [سورة الحج]

قوله: (إِذَا حَدَّثَ؛ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ ... ) إلى آخره: أي: أنَّ الشيطان قد يوقِع في مسامع أهل الشرك ما يوافق رأيَهم، فيتوهَّمون [1] أنَّه حدَّث عن الرسول، وليس كذلك، وأمَّا الذي رواه البزَّار في «مسنده»، وذكره ابن أبي حاتم وابن جرير في «تفسيرَيهما» في قصَّة (الغرانيق العلا)؛ فباطلٌ وإن أكثر الطبريُّ طرقَه، وقد تكلَّم القاضي عياض عليه في «الشفا»، والإمام في «تفسيره»، وقد ذكرته في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس» حيث ذكره، ورددته بالكلبيِّ؛ لأنَّ مداره عليه وهو كذَّاب، وبباذان، وهو مثل الكلبيِّ، ولم يسمع من ابن عبَّاس إلَّا الحرف بعد الحرف؛ فانظره، فإنَّه هناك مطوَّل، والله أعلم.

قوله: (بالقَضَّةِ [2]): هو بفتح القاف، وتشديد الضاد المعجمة المفتوحة، ثُمَّ تاء، وهي الجِيْر.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَسْطُونَ} [الحج: 72]: يَفْرُطُونَ، مِنَ السَّطْوَةِ): (يَفْرُطُون): بفتح الياء، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ راء مضمومة، ثُمَّ طاء مهملة، (غيره): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: هذا قول أبي عبيدة [3] في «المجاز».

قوله: (وَيُقَالُ: {يَسْطُونَ} [الحج: 72]: يَبْطشُونَ): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: هذا قول ابن عبَّاس في رواية أبي طلحة عنه، أخرجه الطبريُّ وغيرُه، انتهى.

قوله: (يَبْطشُونَ): هو بضمِّ الطاء وكسرها، لغتان مشهورتان.

قوله: ({تَذْهَلُ} [الحج: 2]: تُشْغَل): (تُشْغَل): بضمِّ أوَّله، وإسكان الشين وفتح الغين المعجمتين، كذا في أصلنا، ولو فسَّره بـ (تشتغل)؛ كان أوضح، وسيأتي تعليله، وقد فسَّره به بعضهم، وذلك لأنَّ (تُشْغَل) من المتعدِّي، وما ذكرته لازمٌ، و {تذهل}: لازم، والله أعلم.

قوله: ({بِسَبَبٍ} [الحج: 15]: بِحَبْلٍ): هو بالحاء المهملة المفتوحة، وإسكان الموحَّدة، واحد الحبال، وهو معروفٌ.

==========

[1] في (أ): (فيتوهموا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بالقَصَّة).

[3] في (أ): (عبيد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 316]

(1/8529)

[حديث: يقول الله يوم القيامة: يا آدم. يقول: لبيك ربنا وسعديك.]

4741# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مهران، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِي): سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (فَيُنَادِي [1] بِصَوْتٍ): قال ابن قُرقُول: كذا لأكثرهم، وعند أبي ذرٍّ: (فينادَى)؛ بفتح الدَّال، وهو أبين، وكيفما كان؛ فالمنادي غير الله أضيف النداء إليه؛ لأنَّه عن أمره، والأوَّل أعرف وأشهر، انتهى، وهو في أصلنا بفتح الدَّال بالقلم.

قوله: (مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ): وهذا يدلُّ على أنَّ يأجوج ومأجوج من نسل آدم، فقيل: إنَّهم من ولد يافث، وقيل: من الترك، وقيل: احتلم آدم، فاختلط ماؤه بالتراب، فأسِفَ، فخُلِقُوا من ذلك، قال ابن عبد السلام: وفيه نظر لحديث: «ما احتلم نبيٌّ قط»، انتهى، وهذا الحديث رواه الطَّبرانيُّ من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما: «ما احتلم نبي قط إنَّما الاحتلام من الشيطان»، وقد ضعَّف هذا الحديث ابنُ دحية، قال شيخنا الشَّارح: وما يحكى من أنَّ آدم احتلم، فاختلط ماؤه بالتراب، فخُلِقوا من ذلك؛ فلا أصل له، فالأشهر: امتناع الاحتلام عليهم، وذكر عن مقاتل بن حيَّان عن عكرمة مرفوعًا: «بعثني الله عزَّ وجلَّ ليلة أُسْرِيَ بي إلى يأجوج ومأجوج، فدعوتهم إلى دين الله، فأبوا أن يجيبوني، فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وإبليس» انتهى، وهذا مرسل، عكرمة تابعيٌّ، والأشهر في مذهب الشافعيِّ: امتناع الاحتلام على الأنبياء،

[ج 2 ص 316]

وقال ابن قُرقُول في «مطالعه» في (الحاء واللام): (كان يصبح جنبًا من غير حُلْم؛ يعني: النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، بجزم اللام؛ أي: لا من حلْم المنام، وهو الاحتلام ليس فيه إثبات أنَّه كان يحتلم، وقد نفاه عنه بعض الناس؛ لأنَّه من الشيطان، ولأنَّه لم يروَ في ذلك أثرٌ، وقد يحتمل جوازه عليه، ولا يكون من الشيطان؛ لكن من الطبع البشري عند اجتماع الماء والبعد من النساء)، انتهى لفظه، وقد ذكرتُ هذه المسألة مطوَّلة في (كتاب الأنبياء) في (باب: قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي القَرْنَيْنِ} [الكهف: 83]).

(1/8530)

قوله: (ثُمَّ قَالَ: «شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ»): تَقَدَّم الكلام على هذا، والجمع بينه، وبين الحديث الآخر: «أهل الجنَّة مئة وعشرون صفًّا، أنتم منهم ثمانون، وصفوف الجنَّة من المسلمين والكفَّار»، في (باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125]).

قوله: (قَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ): (أبو أسامة): حمَّاد بن أسامة، و (الأعمش): سليمان بن مهران، ويأتي عزو تعليقه.

تنبيهٌ: هذا مكرَّر مع ما سبق، وكأنه لمَّا قدَّمه؛ نسي أن يضرب عليه في هذا الموضع، وفي «الجامع»: هكذا مواضعُ، وقد وقع له كذلك أيضًا في (التفسير)، فإنَّه تكرَّر فيه في نفس السورة التي يفسرها، وقد قدَّمتُ في أوَّل هذا التعليق سبب اختلاف النُّسخ، وغير ذلك.

قوله: (وَقَالَ جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ): يعني: عن الأعمش، أمَّا (جرير)؛ فهو ابن عبد الحميد الضبِّيُّ، القاضي، تَقَدَّم، و (عيسى بن يونس): هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعيِّ، أحد الأعلام في الحفظ، تَقَدَّم، و (أبو معاوية): محمَّد بن خازم _بالخاء المعجمة_ الضرير، تَقَدَّم، وحديث جرير عن الأعمش أخرجه البُخاريُّ في (الرقاق): عن يوسف بن موسى عن جرير، وأخرجه مسلم في (الإيمان): عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عنه، وأمَّا ما رواه عيسى بن يونس؛ لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وحديث أبي أسامة أخرجه في (الأنبياء): عن إسحاق ابن نصر عن أبي أسامة، وأبو معاوية حديثه في «مسلم».

(1/8531)

[{ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن ... }]

قوله: ({أَتْرَفْنَاهُمْ} [المؤمنون: 33]: وَسَّعْنَاهُمْ): كذا في أصلنا، وعليه مع شيء آخر معه (لا ... إلى ه)، فعلى الرواية بإثباته هنا، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ كذلك؛ فهو في السورة الآتية بعدها، وقد وقع له كذلك في غير مكان، وقد قدَّمتُ ما تنبَّهت له من ذلك في أماكنه.

==========

[ج 2 ص 317]

(1/8532)

[حديث ابن عباس: كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت ... ]

4742# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْر): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا، ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعيِّ عمرو بن عبد الله، و (أَبُوحَصِين): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ الكنى بالفتح؛ كهذا، وأنَّ هذا عثمان بن عاصم.

قوله: (وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ): (نُتج): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (وخيلُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقوله: (وَلَمْ تُنْتَجْ): هو أيضًا مبنيٌّ، ولم يُسْمَع الماضي والمستقبل من هذا إلَّا مبنيَّان، و (خَيْلُهُ) في الثانية: مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 317]

(1/8533)

[{هذان خصمان اختصموا في ربهم}]

(1/8534)

[حديث: إن هذه الآية {هذان خصمان} نزلت في حمزة وصاحبيه]

4743# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن بَشير حافظ بغداد، و (أَبُو هَاشِمٍ) بعده: قال الدِّمْياطيُّ: يحيى بن أبي الأسود دينارٍ، وقيل: يحيى بن نافع الواسطيُّ، حدَّث عن أبي مِجْلَز لاحق بن حُمَيد، السدوسيُّ البصريُّ، الأعور الأسود، مات سنة ثنتين وعشرين ومئة، ومات أبو مِجْلَز في خلافة عمر، وكان ورَد خراسان مع قتيبة بن مسلم الباهليِّ، انتهى، فقوله: (ومات أبو مِجْلَز في خلافة عمر): يعني: عمر بن عبد العزيز، وهذا يعرف من طبقة الشخص، ولكن ذكرته لمن لا يعرف الطبقة إلَّا التي تُبنى فوق القاعة، وكونه في خلافة عمر بن عبد العزيز قاله المدائنيُّ وجماعة، وقال خليفة: تُوُفِّيَ سنة ستٍّ ومئة، وقال الفلَّاس: مات سنة تسع ومئة، وأبو مِجْلَز؛ بكسر الميم، ثُمَّ جيم ساكنة، ثُمَّ لام مفتوحة، ثُمَّ زاي، وأبو هاشم المذكور: هو الرُّمانيُّ؛ بضمِّ الراء، كان ينزل قصر الرمَّان بواسط، فنُسِبَ إليه.

قوله: (عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين، وتخفيف الموحَّدة، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّم أنَّه جندب بن جنادة، وتَقَدَّم الخلاف فيه، وفي أبيه، وترجمة أبي ذرٍّ.

قوله: (كَانَ يُقْسِمُ): هو بضمِّ أوله، وكسر السين، رُباعيٌّ؛ لأنَّه من الحلف.

قوله: (إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ): (إنَّ): بكسر الهمزة؛ لأنَّها بعد القسم.

قوله: (فِي حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ): (صاحباه): هما عليُّ بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطَّلب بن عبد مناف، وسيجيء ذلك قريبًا.

قوله: (وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ): (صاحباه): شيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، وسيجيء ذلك قريبًا، وقد قَتَلَ الثلاثةُ الصَّحابة _حمزةُ، وعليٌّ، وعبيدةُ_ الثلاثةَ المشركين من قريش؛ فقتل حمزةُ شيبة بن ربيعة، وعليٌّ الوليدَ بن عتبة، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وكرَّ علي وحمزة بأسيافهما على عتبة، فذفَّفا عليه واحتملا صاحبهما، فحازاه إلى أصحابه، وكان ذلك يوم بدر، كما صرَّح به هنا في الرواية، وقد قدَّمتُ الاختلاف في القاتلين الثلاثة مَن قتل كلٌّ منهم فيما مضى؛ فانظره.

تنبيهٌ: إن قيل: كيف نزلت: {هَذَانِ خَصْمَانِ} [الحج: 18] في يوم بدر والسورة مكِّيَّة؟ فالجواب: أنَّ السورة مكِّيَّة إلَّا ثلاث آيات، وهي: {هذان خصمان} إلى آخرها، والله أعلم.

(1/8535)

قوله: (رَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ): الظاهر أنَّ سفيان هذا هو الثوريُّ، ومستندي في «الكمال لعبد الغنيِّ» أنَّه ذكر في الرواة عن أبي هاشم الثوريَّ، والذَّهبيُّ قال: روى عنه سفيان، فأطلق، فحملت المطلق على المقيَّد، وما رواه سفيان عن أبي هاشم أخرجه البُخاريُّ في «المغازي» عن قَبيصة، وعن يحيى بن جعفر عن وكيع؛ كلاهما عن سفيان عن أبي هاشم به، وأخرجه مسلم في آخر كتابه عن ابن مثنَّى، عن ابن مهديٍّ، عن سفيان به، وأخرجه النَّسائيُّ في (السير)، و (المناقب)، و (التفسير) عن بندار، عن ابن مهديٍّ، وابنُ ماجه في (الجهاد): عن يحيى بن حكيم وحفصِ بن عمرو الرَّباليِّ؛ كلاهما عن ابن مهديٍّ به، و (أبو هاشم) تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

قوله: (وَقَالَ عُثْمَانُ: عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: قَوْلَهُ): أمَّا (عثمان)؛ فهو [1] ابن أبي شيبة عثمان بن محمَّد بن أبي شيبة، أبو الحسن العبسيُّ مولاهم، الكوفيُّ الحافظ، أخو الحافظ الكبير أبي بكر بن أبي شيبة، عن شَريك، وأبي الأحوص، وجرير، وطبقتهم، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابنه محمَّد، وأبو يعلى، والبغويُّ، وأمم، مات في المحرَّم سنة (239 هـ)، أخرج له من روى عنه من الأئِمَّة، ثِقةٌ مأمون، تَقَدَّم، ولكن طال العهد به، وله ترجمة في «الميزان»، وما رواه عثمان أخرجه فقال: (وقال عثمان بن أبي شيبة: حدَّثنا جرير)، فقد تَقَدَّم أنَّه شيخ البُخاريُّ، فكأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، ولم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، و (جرير): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الحميد، و (منصور): هو ابن المعتمر، و (أبو هاشم): تَقَدَّم أنَّه يحيى بن أبي الأسود أعلاه، و (أبو مِجْلَز): تَقَدَّم ضبطه قريبًا وبعيدًا، وتَقَدَّم أعلاه أنَّه لاحق بن حُمَيد.

وقوله: (قولَه): هو منصوب بنزع الخافض؛ أي: من قوله؛ يعني: موقوفًا عليه لا مرفوعًا.

==========

[1] زيد في (أ): (فهو)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 317]

(1/8536)

(((23))) [سورة المؤمنين]

قوله: ({مِنْ سُلالَةٍ} [المؤمنون: 12]: الْوَلَدُ): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.

قوله: (وَالْجِنَّةُ وَالْجُنُونُ وَاحِدٌ): اعلم أنَّ (الجِنَّة)؛ بكسر الجيم: الجنُّ، ومنه قوله تعالى: {مِنَ الجِنَّةِوَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13]، والجِنَّة أيضًا: الجنون، ومنه هذا المكان الذي ذكره البُخاريُّ {أَم بِهِ جِنَّةٌ} [سبأ: 8]، والاسم والمصدر على صورة واحدة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 317]

(1/8537)

(((24))) [سورة النور]

[ج 2 ص 317]

قوله: ({مِنْ خِلالِهِ} [النور: 43]: مِنْ بَيْنِ أَضْعَافِ السَّحَابِ): قال بعضهم: (أضعاف): مقحمة، ولهذا قال غيره: (من بين السحاب)، والله أعلم

قوله: (يُقَالُ لِلْمُسْتَخْذِئ [1]: مُذْعِنٌ): (المُستخذئ): بضمِّ الميم، ثُمَّ سين مهملة ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ ذال معجمة أيضًا مكسورة، ثُمَّ همزة، قال الجوهريُّ: الكسائيُّ: خَذِئْتُ له، وخذأتُ له _بالكسر والفتح_ خَذَاءً، وخَذْءًا، وخُذوءًافيهما: خضعتُ، وكذلك استخذأتُ له وأَخْذَأَهُ فلان؛ أي: ذلَّ _ له، انتهى، وفي «القاموس»: خَذَأَ له؛ كـ (مَنَعَ) (وفَرِحَ)، خَذْءًا، وخُذُوءًا، وخَذَأً؛ انخضع وانقاد؛ كاستخذأ، وأخذأه: ذلَّ _ له، والخَذَأُ: ضعف النفس.

قوله: ({أَشْتَاتاً} [النور: 61]، وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ): أي: كلُّه يرجع إلى معنى: التفرُّق، وليست كلُّها واحدًا إلَّا بهذا المعنى، وذلك لأنَّ (شتاتًا) و (شتًّا) مصدران، وأشتاتًا: واحدهم شتٌّ وشتَّى، تقول: قومٌ شتَّى؛ أي: متفرِّقون، والله أعلم.

قوله: (قَالَ ابْنُ عبَّاس: {سُوْرَةٌ أَنزَلْنَاهَا} [النور: 1]: بَيَّنَّاهَا): كذا في الأصول، والظاهر أنَّ (بيَّنَّاها) تفسير لـ {فَرَّضْنَاهَا} [النور: 1] المشدَّدة، وقد يدلُّ لذلك قوله بعده: (ومّنْ قَالَ [2]: {فَرَّضْنَاهَا}: أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً)، انتهى، وكذا فسَّر بعضهم المشدَّد بـ (بيَّنَّاها)، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ الْقُرْآنُ ... ) إلى آخره: قال بعض المتأخِّرين من الحُفَّاظ: هو كلام أبي عبيدة أيضًا.

قوله: (فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ): (قُرِن): بضمِّ القاف [3]، وكسر الراء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بعضها): مرفوع قائم مقام الفاعل.

قوله: (أَيْ: مَا جُمِعَ فِيهِ): (جُمِع): بضمِّ الجيم، وكسر الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (لِأَنَّهُ يَفْرُقُ [4] بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ): (يَفْرُقُ): بفتح أوله، وإسكان الفاء، وضمِّ الراء.

(1/8538)

قوله: (مَا قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ؛ أَيْ: لَمْ تَجْمَعْ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا): (قَرَأَت): بهمزة مفتوحة بعد الراء، و (سَلًى): بفتح السين المهملة، منوَّن، والسَّلى؛ مقصور: الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي إن نُزِعَت عن وجه الفصيل ساعة يولد، وإلَّا؛ قتلته، وقد تَقَدَّمت في (الطهارة).

قوله: (وَقَالَ: {فَرَّضْنَاهَا} [النور: 1]: أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ): {فرَّضناها}: بتشديد الراء، وقد قرأها بالتشديد ابن كثير وأبو عمرو، وقرأ الباقون من السبعة بتخفيفها.

قوله: (قَرَأَ: {فَرَضْنَاهَا} [النور: 1]): يعني: بالتخفيف، وقد تَقَدَّم أعلاه من قرأ به.

قوله: (وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمَالِيُّ) [5]: هو سعد بن عياض الثُّماليُّ _بضمِّ الثاء المثلَّثة، وتخفيف الميم_ الكوفيُّ، يروي عن ابن مسعود، وعنه: أبو إسحاق، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، وكذا هو في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ولفظه: سعد بن عياض الثُّماليُّ، روى عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: (أنَّه كان أشدَّ الناس بأسًا)، وهو مرسل، وهو تابعيٌّ، روى عن ابن مسعود، روى عنه أبو إسحاق الهمْدانيُّ، سمعت أبي يقول ذلك، انتهى، أُخْرِج له في «أبي داود» و «النَّسائيِّ» و «التِّرْمِذيِّ» في «الشمائل»: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سُمَّ في الذِّراع)، انفرد عنه أبو إسحاق، ذكره الذَّهبيُّ في «ميزانه»؛ لرواية واحد عنه فقط، ولم يذكر فيه كلامًا لأحد، وقد علمتَ أنَّه في «ثقات ابن حبَّان»، وقد قال فيه: إنَّه روى عنه أهل الكوفة، وقال في (سعْد)؛ بحذف الياء: إنَّه روى عنه أبو إسحاق.

(1/8539)

تنبيهٌ: قوله في «البُخاريِّ»: (سعد): هو بغير ياء، كذا هو في أصلنا الذي سمعنا منه على العراقيِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (سعيد)؛ بزيادة ياء، وقد ذكره بغير ياء الذَّهبيُّ في «تذهيبه»، و «كاشفه»، و «ميزانه»، وقد رأيته بإثبات الياء في «ثقات ابن حبان»، ذكره في (سعد) وفي (سعيد)، وهذا شاهد لما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم أر أنا فيه خلافًا في «المطالع»، ولا في «تقييد المهمل» لأبي عليٍّ الغسَّانيِّ، وكذا ذكره (سعد) _بغير ياء_ المِزِّيُّ، وقبله عبد الغنيِّ في «الكمال»، وكذا وقع في «أبي داود» في (الأطعمة) في حديثين، وفي «النَّسائيِّ» في (الوليمة)، وفي «الشمائل» للتِّرمذيِّ: (سعد)؛ بغير ياء، وكذا ذكر سعدًا _في (باب سعد)؛ بغير ياء_ ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب»، وقال: حديثه مرسل، ولا تَصِحُّ له صحبة، وإنَّما هو تابعيٌّ، يروي عن ابن مسعود، انتهى، وكذا ذكره شيخنا في «شرحه» فقال: (سعْد) مكبَّرًا، والله أعلم.

قوله: (الْمِشْكَاةُ: الْكوَّة بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ): (الكَوَّة): تَقَدَّم أنَّها بفتح الكاف على المشهور، وقد حُكِيَت بالضمِّ، وقال الصدفيُّ عن بعض شيوخه عن المعرِّيِّ: إنَّها بالفتح: غير نافذة، وبالضمِّ: نافذة، وضُعِّف.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (للمستخذي).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قرأ).

[3] في (أ): (الفاء)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[4] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (يُفَرِّق).

[5] كذا في (أ) و (ق) جاء هذا القول في آخر الآيات المشروحة، وهو في «اليونينيَّة» بعد قوله: (سُمِّيَ قرآنًا).

(1/8540)

[{والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء ... }]

(1/8541)

[حديث: قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك]

4745# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ): (إسحاق) هذا: لم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولا رأيته في كلام الغسَّانيِّ، وقد ذكر عبد الغنيِّ في ترجمة محمَّد بن يوسف الفريابيِّ: أنَّه روى عنه أبو إسحاق بن منصور، وكذا قال الذَّهبيُّ: إنَّه روى عنه إسحاق الكوسج، وهو ابن منصور، والله أعلم، و (محمَّد بن يوسف): هو الفريابيُّ، تَقَدَّم، و (الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو، أبو عمرو شيخ الإسلام، تَقَدَّم مترجمًا، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّ عُوَيْمِرًا أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ): قال الدِّمْياطيُّ: هو عويمر بن الحارث بن زيد بن حارثة بن الجدِّ بن العجلان، وأمَّا (عاصم): فهو ابن عديِّ بن الجدِّ بن العجلان، شهد بدرًا وما بعدها، وقيل: لم يشهدها، بل استخلفه على قباء، وضرب له بسهمه وأجره، تُوُفِّيَ سنة (45 هـ)، وقد قارب مئة وعشرين سَنةً، وأخوه معن بن عديٍّ شهد العقبة وبدرًا وما بعدهما، انتهى، فقوله في عويمر: (ابن الحارث)؛ هذا قولٌ، وقيل: عويمر بن أبيض، وقدَّمه غير واحد من الحُفَّاظ، وقيل: عويمر بن أشقر، وقُدِّم أيضًا على (ابن الحارث)، قال الشيخ محيي الدين النوويُّ: كان لعانهما _أي: لعانه ولعان زوجته_ في شعبان سنة تسع من الهجرة حين قدم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من تبوك، وقال في ترجمة عويمر، وهو صاحب اللعان الذي رمى زوجته بشَريك ابن السحماء، وهذا فيه نظر، والذي قذف امرأته بشريك ابن سحماء هلال بن أُمَيَّة، وكذا ذكره هو في ترجمته في «التهذيب».

قوله: (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ الْقُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ): يعني: امرَأتك، وامرأة عويمر العجلانيِّ لا أعرف اسمها، ورأيت في كلام ابن شيخنا البلقينيِّ ما لفظه: ورأيت بخطِّ شيخنا مغلطاي على حواشي «أسْد الغابة»: خولة بنت قيس الأنصاريَّة زوج عويمر العجلانيِّ التي لاعنها، وذكرها مقاتل في «تفسيره» قال: وهذا غريب، انتهى، وسيأتي بعيد هذا شيء يتعلَّق بهذا، وسيأتي الكلام قريبًا على قوله: (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ الْقُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ)، وكذا قال بعض الحُفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: التي لاعنها خولة بنت قيس.

(1/8542)

قوله: (فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا مِنَ [1] الْمُتَلاَعِنَيْنِ): قال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدْي» في (اللعان) في قوله: (فصارت سُنَّةً في المتلاعنين): يمكن أن يكون مدرجًا من كلام ابن شهاب، وهو الظاهر، انتهى، وفي «مسلم» قال ابن شهاب: (فكانت سُنَّةَ المتلاعنَين)، انتهى، وكذا في «البُخاريِّ» في (اللعان)، وفي (الطلاق) أيضًا، والله أعلم.

[ج 2 ص 318]

قوله: (أَسْحَمَ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ سين ساكنة، ثُمَّ حاء مفتوحة مهملتين، ثُمَّ ميم؛ أي: أسود شديد السواد، قال الحربيُّ: هو الذي لونه كلون [2] الغراب.

قوله: (أَدْعَجَ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ دال ساكنة، ثُمَّ عين مهملتين [3]، ثُمَّ جيم، هو شديد سواد سوادهما.

قوله: (خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ): (خَدَلَّج): بفتح الخاء المعجمة، والدال المهملة، وتشديد اللام المفتوحة، ثُمَّ جيم؛ أي: عظيمهما.

قوله: (أُحَيْمِرَ، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ): (أُحَيْمِر): قال الدِّمْياطيُّ: تصغير أحمر، وهو الأبيض، و (وَحَرَة): دويبَّة تلزق بالأرض؛ كالعظأة، شبَّهه بها لقِصَره، (والأسحم): الأسود، ضدُّ الأحمر؛ بمعنى: الأبيض، انتهى، و (وَحَرَة): بفتح الواو، والحاء المهملة، والراء، ثُمَّ تاء التأنيث، وما قاله الدِّمْياطيُّ في تفسيرها هو قول «النِّهاية» لابن الأثير، وقال ابن قُرقُول: (وَحَرَة)؛ أي: وَزَغَة، وقيل: نوع من الوزغ، يكون في الصَّحارى.

تنبيهٌ: (أحيمرَ): بفتح الراء كذا في أصلنا وغيره، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا ذكره في «شرحه» هنا، فقال: وهو غير مصروف، قال ابن التين: وصوابه: أُحيمرًا، وهو تصغير أحمر، انتهى، والله أعلم، وهذا الكلام فيه شيء؛ وذلك لأنَّ مقتضى العربيَّة ألَّا ينصرف، وإنَّما ينصرف معتلُّ اللام على قول، وفي كلام غير ابن التين أنَّه ينصرف أيضًا.

قوله: (فَكَانَ بَعْدُ نُسِبُ [4] إِلَى أُمِّهِ): انتهى، يعني: أنَّ الغلام ابن امرأة عويمر يُدعى إلى أمِّه، وذكر بعضهم: أنَّ المولود المذكور عاش سنتين، ثُمَّ مات، وعاشت أمُّه بعده يسيرًا، وفي «سنن أبي داود»: كان _يعني الغلام_ أميرًا على مصر، وما يدعى لأب، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (في).

[2] في (أ): (كون)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] في (أ): (مفتوحتين).

[4] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (يُنْسَبُ).

(1/8543)

[{والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين}]

(1/8544)

[حديث: قد قضي فيك وفي امرأتك]

4746# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مِرارًا انَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، ابن سليمان العدويُّ مولاهم، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الرجل الآتي): الظاهر من القصَّة أنَّه عويمر العجلانيُّ، والله أعلم.

فائدةٌ: آية اللعان اختُلِف فيها فيمن أُنزِلَت، فقيل: في عويمر المذكور، وقيل: في هلال بن أُمَيَّة، وأرجحهما: أنَّها في هلال، واستُدِلَّ لذلك بحديث في «مسلم»: (وكان اوَّل رجل لاعن في الإسلام)؛ يعني: هلالًا، قال الماورديُّ في «حاويه»: قال الأكثرون: قصَّة هلال أسبق، قال: والنقل فيها مُشتبِه، وقال ابن الصبَّاغ مثلَه: قصَّة هلال تُبَيِّن أنَّ الآية نزلت فيه أوَّلًا، وأمَّا قوله: (قد أنزل الله فيكم [1]) [خ¦7304]، وفي رواية أخرى: (قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك) [خ¦5259]؛ فمعناه: ما نزل في قصَّة هلال، لأنَّه حكم عامٌّ لجميع المسلمين، قال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: ويحتمل أنَّها نزلت في ذا، وفي ذاك، وأنَّ هلالًا أوَّل ملاعن، والله اعلم، انتهى.

قوله: (قَدْ قُضِيَ فِيكَ): (قُضي): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا أنَّه من كلام الزُّهريِّ، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَتْ حَامِلًا ... ) إلى آخره: هو هنا من كلام سهل بن سعد، وفي (اللعان) ظاهر العبارة أنَّه من كلام الزُّهريِّ.

قوله: (ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي الْمِيرَاثِ: أَنْ يَرِثَهَا ... ) إلى آخره: قال ابن قيِّم الجوزيَّة ضمن كلامه على ميراث الملاعنة من ابنها: وهل نجوِّزه _وهو مذهب ابن مسعود، وأحمد، وإسحاق_ أم لا؟ وقد ذكر: ثُمَّ جرت السنة أن يرث منها وترث منه ما فرض الله لها يتلقَّاه بالقبول والتسليم، والقول بموجبه، وإن أمكن أن يكون مدرجًا من كلام ابن شهاب، وهو الظاهر.

==========

[1] في (أ): (فيهما)، وعليها ضبَّة، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 319]

(1/8545)

[{ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين}]

(1/8546)

[حديث: البينة أو حد في ظهرك.]

4747# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُندار، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن إبراهيم بن أبي عدي، وتَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ): أمَّا (هلال)؛ فقد تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا، ثُمَّ تِيبَ عليهم، قال بعضهم: لم يذكر هلالًا في هذا الحديث إلَّا هشامُ بن حسان، قال: وهو غلط، والدليل عليه: أنَّ القاسم بن محمَّد روى هذا الحديث عن ابن عبَّاس، فذكر فيه العجلانيَّ في حديث اللعان كما ذكر، فاتَّفقت الطرق على العجلانيِّ، وهو عويمر، فصحَّ بذلك غلط هشام، واستدلَّ لذلك بشيء آخر لا يتحرَّر لسقم في النسخة، انتهى، والله أعلم.

وأمَّا (امرأته)؛ فبخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: سهلة بنت عاصم، انتهى، قال الذَّهبيُّ: سهلة بنت عاصم بن عديٍّ، وُلِدَت يوم خيبر عن قولها، والحديث واهي السند، انتهى، وهذه إن صحَّ ذلك عنها؛ لا يمكن أن تكون زوجةَ هلال، ولا أن تكون ملاعِنة، وجاءت بولد، ولا أعلم في الصحابيَّات من اسمها سهلة بنت عاصم إلَّا هذه، ولا أدري من أين أخذه، وقد قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: خولة بنت عاصم زوجة هلال بن أُمَيَّة التي لاعنها، ففرَّق رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بينهما، انتهى، وكذا ذكر ابن شيخنا العراقيِّ الإمامُ أبو زرعة أحمد اسمَ امرأة هلال خولة بنت عاصم، لها ذكر وليس لها رواية، انتهى، وقد رَقَمَ عليها (ط)؛ يعني: أنَّ ابن طاهر ذكر ذلك.

ثُمَّ إنِّي رأيت ابن شيخنا البلقينيِّ ذكر قصَّة في اللعان عن «تفسير مقاتل»: أنَّها خولة بنت قيس، ذكرها منسوبة، فسمَّاها [1] في القصة غيرَ مرَّةٍ ولا مرتين، انتهى، ولا أعرف أنا هذه خولة بنت قيس، وفي الصحابيَّات اثنتان يُقال لكلٍّ منهما: خولة بنت قيس، وهذه ليست واحدةً منهما، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا ذكر ذلك عن مقاتل، وأنَّ أبا نُعيم وابنَ مَنده سمَّياها خولة بنت عاصم، قال شيخنا: ولم أر أحدًا ذكر خولة بنت قيس، ولا أحدًا من أصحاب المبهمات، انتهى، وكونها خولة بنت قيس ذكر ابن شيخنا البلقينيِّ عن خطِّ مغلطاي: أنَّها زوج عويمر العجلانيِّ؛ فانظر هذا، والله أعلم.

(1/8547)

قوله: (بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ): هذا يقال له: شريك ابن السَّحماء، وهي أمُّه، وهي بفتح السين، ثُمَّ حاء ساكنة مهملتين، وبالمدِّ في آخرها، وهو شَريك بن عَبَدة _بفتح العين والموحَّدة_ بن مُعتِّب _وقيل: مغيث_ بن الجدِّ بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة البلويُّ، وهو عمُّ معن وعاصم ابنَي عديِّ بن الجدِّ، وهو حليف الأنصار، قيل: إنَّه شهد مع أبيه أحدًا، قال عياض: قول من قال: إنَّه يهوديٌّ؛ باطل، قال الخطيب: شهد أبوه عبَدة بدرًا، وقيل: في قوله: (بشريك ابن سحماء)؛ أي: بشخص هو شريك ابن سحماء، لا بشريكٍ نفسِه، نقله شيخنا عن أبي نعيم، والله أعلم.

[ج 2 ص 319]

قوله: (الْبَيِّنَةَ): هو بالنصب، ونصبه ظاهر؛ أي: أحْضِرِ، ويُروى برفعها.

قوله: (وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ): (أنزل): بفتح الهمزة، مبنيٌّ للفاعل.

قوله: (وَقَّفُوهَا): هو مشدَّد في أصلنا بالقلم، وفي نسخة خارج أصلنا مخفَّفة، وهما لغتان، يقال في المخفَّف: وقفته ووقف هو، يتعدَّى ولا يتعدَّى.

قوله: (وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ): أي: توجب عذاب النار.

قوله: (أَبْصِرُوهَا): هو بفتح الهمزة، وكسر الصاد، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ): (الأكحل): الذي في عينيه كَحَل _ بفتحتين_ وهو سواد أجفان العين خِلقة، يقال للرجل: أكحلُ وكحيلٌ.

قوله: (سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ): هو بالسين المهملة، وبعد الألف مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ غين معجمة، قال صاحب «المطالع» عن صاحب «العين»: أي: قبيحهما، يقال: عجيزة سابغة وألية سابغة؛ أي: قبيحة، قال القاضي: وقد يكون سبوغ الأليتين: عظيمها، ومنه: ثوب سابغ، وأسبغ الله علينا نِعَمَه؛ أي: كثَّرها ووسَّعها، ويدلُّ عليه قوله في بعض الروايات: (عظيم الأليتين)، وفي أخرى: (إن كان مُسْتَهًا)، والمُسْتَه والأَسْتَه: العظيم الأليتين، وقد يكون سابغ [الأليتين]؛ أي: شديد سوادهما؛ لأنَّه جاء في صفته في بعض الروايات: (أسود)، يقال في الصباغ؛ بالسين والصاد، وقد يكون (سابغ الأليتين): كثير شعرهما، كما يوجد في بعض الأطفال، يقال: سبغت الناقة؛ إذا ولدت ولدها حين يُشعِر، انتهى، وفي «النِّهاية»: (سابغ الأليتين): أي: تامَّهما وعظيمهما، من سبوغ الثوب والنِّعمة، انتهى.

قوله: (خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.

(1/8548)

[{والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين}]

(1/8549)

[حديث: أن رجلًا رمى امرأته فانتفى من ولدها في زمان رسول الله]

4748# قوله: (حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ محمَّد بْنِ يَحْيَى): (مُقدَّم): بضمِّ الميم، وفتح الدال المهملة المشدَّدة، اسم مفعول من (قدَّم) المضعَّف، وهو مقدَّم بن محمَّد بن يحيى بن عطاء بن مقدَّم بن مطيع الهلاليُّ المقدَّميُّ الواسطيُّ، عن عمِّه القاسم بن يحيى، وعنه: البُخاريُّ، وأسلم بن سهل، وعليُّ بن العبَّاس المقانعيُّ، وطائفة، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، وانفرد به البُخاريُّ عن أصحاب الكُتُب السِّتَّة، و (عُبَيْدُ اللهِ) هذا: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ.

قوله في حديث ابن عمر: (أَنَّ رَجُلًا رَمَى امْرَأَتَهُ، وانْتَفَى [1] مِنْ وَلَدِهَا): الظاهر أنَّه عويمر العجلانيُّ، وسيأتي في (اللعان) من حديثه: (فَّرق النَّبيّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بين أخوي بني العجلان)، وقال شيخنا: هذا الرجل هو العجلانيُّ وامرأته، انتهى، وقد تَقَدَّم أنِّي لا أعرف اسمها، وتَقَدَّم ما رأيته في كلام ابن شيخنا البُلقينيِّ، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ هنا في قوله: (أنَّ رجلًا رمى امرأته): هذا المبهم يصحُّ تفسيره بحديث عويمر الثابت من طريق سهل بن سعد، وبحديث هلال الثابتِ من حديث ابن عبَّاس، وفي بعض الشروح: تعيين عويمر العجلانيِّ، وهو مُتَعَقَّبٌ إلَّا أن يأتي تصريح في رواية ابن عمر، انتهى، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فانتفى).

[ج 2 ص 320]

(1/8550)

[{إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم ... }]

(1/8551)

[حديث عائشة: {والذي تولى كبره}. قالت: عبد الله بن أبي ابن سلول]

4749# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (مَعْمَرٌ) بعده: بفتح الميمين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم.

قوله: (عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ): تَقَدَّم الكلام عليه مترجمًا، وأنَّه رأس المنافقين، وكيف النطق به وكتابته، وأنَّ (سلول): لا يصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، وهي أمُّه.

==========

[ج 2 ص 320]

(1/8552)

[{لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ... }]

(1/8553)

[حديث: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني .. ]

4750# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، وأنَّ (يُونُس): هو ابن يزيدَ الأيليُّ، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم أحد الأعلام، و (سَعيْد بن المُسَيّب): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممن اسمه (المُسَيَّب) لا يقال إلَّا بفتح يائه.

قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا): تَقَدَّم في (الشهادات) من هم أهل الإفك، وتَقَدَّم أنَّ (طَائِفَةً) معناه: قطعة، و (أَوْعَى): أحفظ.

قوله: (وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ): الحديث: (حَدَّثَنِي عُرْوَةُ)، وهذا يدلُّ على أنَّ الحديث عند الزُّهريِّ كلُّه عن عروة، والله أعلم.

وتَقَدَّم أنَّ الغزوة التي وقع فيها الإفك غزوة بني المصطلق، وهي غزوة المريسيع، وتَقَدَّم تاريخها والاختلاف في ذلك، وقولها: (فَخَرَجَ سَهْمِي): تَقَدَّم في (الشهادات): أنَّه خرج معها أمُّ سلمة من عند ابن سعد، وتَقَدَّم الاختلاف في الحجاب متى أُنزِل، وسيأتي في (الأحزاب)، وتَقَدَّم (الهَوْدَج) ما هو، وعلى (قَفَلَ)، وأنَّ معناه: رجع، و (آذن)؛ بمدِّ الهمزة: أعلمَ، وأنَّ (الرَّحْلَ): المنزل والمأوى، وتَقَدَّم الكلام على (جَزْعِ ظَفَارِ)، وتَقَدَّم في التيمُّم ما ثمنه، و (حَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ)؛ أي: أخَّرني طلبُه، وتَقَدَّم أنَّ (الرَّهْط): ما دون العشرة من الرجال؛ كالنفر، و (يَرْحَلُونَ): تَقَدَّم أنَّه بالتخفيف، وما قال فيه القاضي عياض: ولا أعرف منهم أحدًا، وقال بعض الحُفَّاظ المِصْريِّين: وقع عند الواقديِّ من طريق عباد بن عبد الله بن الزُّبَير عن عائشة في حديث الإفك: أنَّ الذي كان يرحل هودجها ويقود بعيرها أبو مويهبة مولى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وكان رجلًا صالحًا، وذكره البلاذريُّ فقال: أبو مويهبة، انتهى.

(1/8554)

وعلى (الْعُلْقَةَ) ما هي، وهي البُلغة، وعلى (بَعَثُوا الجَمَلَ)؛ أي: أثاروه من بروكه، وعلى (اسْتَمَرَّ)؛ أي: ذهب، وعلى (أَمَمْتُ)؛ ومعناه: قصدت، وعلى (صَفْوَانِ بْنِ الْمُعَطَّلِ) وما يتعلَّق به، وسبب تأخُّره عن الجيش، وعلى (ادَّلَجَ [1])، وعلى (سَوَادَ)؛ أي: شخص، وعلى (جِلْبَابِي)، وما هو الجلباب، وعلى قوله: (وَاللهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً)، وعلى (مُوغِرِينَ)، وعلى (نَحْرِ الظَّهِيرَةِ)، وعلى (عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ)، والنطق به، وكتابته، ونسبه، وعلى قوله: (فَاشْتَكَيْتُ [2] شَهْرًا)، وعلى (يَرِيبُنِي)، وأنَّه ثُلاثيٌّ على الأفصح، ويجوز رُباعيٌّ أيضًا، وعلى (اللَّطَفَ)، وعلى (تِيَكُمْ)، وأنَّه إشارة للمؤنَّث؛ كـ (ذاكم) للمذكَّر، وعلى (نَقهْتُ) بلغتيها؛ ومعناه: أفقت من المرض.

وعلى (أُمِّ مِسْطَحٍ) واسمها، وهنا: (وَهْيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: صوابه: أبو رُهم بن المطلب بن عبد مناف، انتهى، ولو قال: نُسِبَ أبو رهم إلى جدِّه؛ كان أحسنَ من التوهيم، والله أعلم، وعلى (ابْنِهَا مِسْطَحُ)، وأنَّ اسمه: عوف، ويقال: عامر، ومسطح لقب، وما هو (المسطح) [3]، وعلى (الْمَنَاصِعِ)، وأنَّه جمع (مَنْصع)، وعلى (الْكُنُفِ)، وهي المراحيض، وعلى قوله: (أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ)، وعلى قوله: (وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ)، قال الدِّمْياطيُّ: أمُّ الخير أمُّ الصدِّيق بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك.

(1/8555)

قوله: (قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا): كانتا خرجتا لقضاء الحاجة، فقضتا حاجتهما، وسيجيء بعد هذا في هذه السورة: (فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، كَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لاَ أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلًا وَلاَ كَثِيرًا) [خ¦4757] ففيه أنَّها لم تقض حاجتها، وهما متضادَّان، والثاني هنا معلَّق عن أبي أسامة _وهو حمَّاد بن أسامة_ بصيغة جزم، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (الشهادات)؛ فانظره، وعلى (المِرْط) ما هو وضبطه، وعلى (تَعسَ) بلغتيها، وعلى (هَنْتَاهْ) ضبطًا ومعناها، وعلى (أَبَويْها)، وهما أشهر من أن يذكرا، أبوها أبو بكر عبد الله بن عثمان الصدِّيق، وأمُّها أمُّ رومان دعد، ويقال: زينب، وعلى (وَضِيئَةً)، وعلى (يَرْقَأُ)، وأنَّه مهموز الآخر؛ أي: يرتفع، وعلى قوله: (فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ): ظاهره أنَّ أم مسطح لمَّا أعلمتها بالخبر، ثُمَّ استشار عَلَيهِ السَّلام عليًّا وأسامة، وسيأتي بُعَيده ما يخالفه، وقد تَقَدَّم في (الشهادات)، وعلى (اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ)، وعلى (أَهْلَكَ) بالنصب، وأنَّه يجوز رفعه، وعلى (بَرِيرَةَ)، وتعقُّب من تعقَّبها، وهو تعقُّب حسن، وعلى (يَرِيبُكِ)، وأنَّه بفتحٍ، ويجوز الرباعيُّ أيضًا، وعلى (إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا)، وأنَّها نافية؛ بمعنى: (ما)، وعلى (أَغْمِصُهُ)؛ أي: أعيبه، وعلى (الدَّاجِنُ)، وعلى (سَعْدِ بْن مُعَاذٍ)، وذكره في هذه القصَّة، وعلى قوله: (وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا)، وعلى قوله: (لَعَمْرُ اللهِ): هو قسم ببقاء الله ودوامه، وهو رفع بالابتداء، والخبر محذوف؛ تقديره: لعمرو الله قسمي، أو ما أقسم به، واللام للتَّوكيد، فإن لم يأت باللام؛ نُصِبَ نصبَ المصادر، وقد تَقَدَّم، وعلى (أُسَيْد بْن حُضَيْرٍ)، وأنَّه بضمِّ الهمزة، وفتح السين، وضمِّ الحاء المهملة، وفتح الضاد المعجمة، وعلى قوله: (وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ)؛ يعني: سعد بن معاذ، وكذا جاء في بعض النُّسخ،

[ج 2 ص 320]

(1/8556)

وعلى قوله: (فَاسْتَأْذَنَتْ [4] امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ)، وأنِّي لا أعرفها، وعلى قوله: (وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ)، تَقَدَّم ما قاله السُّهيليُّ، وما قاله أبو محمَّد ابن حزم في (الشهادات)؛ فانظره، وعلى (أَمَّا بَعْدُ) في أوَّل التعليق إعرابًا، وأوَّل من قالها، وعلى (قَلَصَ)؛ ومعناه: ارتفع، وعلى (مَا رَامَ)؛ أي: لم يبرح من مكانه، وعلى (الْبُرَحَاءِ)، وعلى (الْجُمَانِ)، وعلى (سُرِّيَ)، وأنَّه مخفَّفٌ ومشدَّدٌ، وأنَّ معناه: كشف، وعلى قوله: (فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ)، وما رواه الطبرانيُّ في «معجمه الكبير»، وعلى (زَيْنَبَ بِنْتِ [5] جَحْشٍ) أمِّ المؤمنين، وعلى (أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي)، وعلى (تُسَامِينِي)، وعلى (أُخْتِهَا حَمْنَةَ)، وعلى (تُحَارِبُ)، وهل جُلِدوا أم لا، وعلى (عبد الله بن أُبَيٍّ) هل جلد أم لا مطوَّلًا؛ فانظر ذلك كلَّه في (الشهادات).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) بالتشديد، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (فَأَدْلَجَ).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (حين قَدِمْتُ).

[3] ثمَّة إشارة لحقٍ في (أ)، وليس لها مشارٌ إليه.

[4] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عَلَيَّ).

[5] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ابنة).

(1/8557)

[{ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة ... }]

(1/8558)

[حديث: لما رميت عائشة خرت مغشيًا عليها]

4751# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن كثير، أخو محمَّد، وكونه (سليمان) كذا في أصلنا وأصلنا الدِّمَشْقيِّ، قال ابن قُرقُول: (كذا لهم، وعند الجرجانيِّ: «سفيان»، وصوابه: سليمان، وهو ابن كثير، أخو محمَّد بن كثير)، انتهى، وكذا صوَّبه الجيَّانيُّ، و (حُصَيْنٌ) بعده: بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، وهو ابن عبد الرَّحمن، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة.

قوله: (عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُمِّ رُومَانَ): تَقَدَّم الكلام على رواية مسروق عن أمِّ رومان، وكلام الناس في ذلك مطوَّلًا؛ فانظره في (الشهادات).

==========

[ج 2 ص 321]

(1/8559)

[{إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ... }]

(1/8560)

[حديث ابن أبي مليكة: سمعت عائشة تقرأ: {إذ تلقونه بألسنتكم}]

4752# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الرازيُّ الفرَّاء، وتَقَدَّم مترجمًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، وفي نسخة على هامش أصلنا هو منسوب إلى أبيه، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهيرٍ، وأنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: ({إذ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُم} [النور: 15]): {تَلِقُونه}: بفتح أوَّله، وكسر ثانيه، وضمِّ ثالثه مخفَّفًا، هذه شاذَّة، وهي قراءة عائشة ويحيى بن يَعمَر.

==========

[ج 2 ص 321]

(1/8561)

[{ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا}]

(1/8562)

[حديث ابن أبي مليكة: استأذن ابن عباس قبل موتها على عائشة وهي.]

4753# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم أعلاه، وقول ابن أبي مليكة: (اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ [1]، عَلَى عَائِشَةَ ... )؛ الحديث، قال شيخنا: رواه أحمد عن عبد الرزَّاق: أخبرنا معمر، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن ابن أبي مليكة، عن ذكوان مولى عائشة: (أنَّه استأذن لابن عبَّاس عائشةَ وهي تموت، وعندها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرَّحمن ... )، فذكر نحوه، وفيه: (إنَّكِ أحبُّ أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولم يحبَّ إلَّا طيِّبًا، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات، فليس في الأرض مسجد إلا وهو يتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء، فنزل التيمُّم، فوالله إنَّكِ لمباركة)، قال شيخنا: وهذه الرواية تدلُّ على إرسال رواية البُخاريِّ، وأنَّ ابن أبي مليكة لم يشهد ذلك، ولا سمعه منها حالة قولها؛ لعدم حضوره، انتهى.

4754# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون، ابن أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّم، و (الْقَاسِمُ): هو ابن محمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قبل موتها)، ورواية (ق): (على عائشة قبل موتها)، وعليها علامة التقديم والتأخير.

[ج 2 ص 321]

(1/8563)

[{يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا}]

(1/8564)

[حديث: جاء حسان بن ثابت يستأذن عليها قلت: أتأذنين لهذا؟]

4755# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفريابيُّ، وقد قدَّمتُ الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البُخاريِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البُخاريِّ البيكنديِّ، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، أفادهما شيخنا، قال: كما صرَّح به الإسماعيليُّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صبيح.

قوله: (حَصَانٌ رَزَانٌ ... )؛ البيتَ: تَقَدَّم الكلام على (حصان)، وعلى (رزان)، وعلى (تُزَنُّ)، وعلى (غَرْثَى)، وعلى أبيات مع هذا [1] البيت ذكرتُها؛ فانظر ذلك.

==========

[1] في (أ): (هذه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 321]

(1/8565)

[{ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم}]

(1/8566)

[حديث: دخل حسان على عائشة فشبب وقال ... ]

4756# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، قريبًا وبعيدًا مرارًا، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أبو الضُّحَى): مسلم بن صبيح.

قوله: ({وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} [النور: 11]): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ حسَّان لم يتولَّ كبره، وإنَّما الذي تولَّى كبره عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول.

(1/8567)

[{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ... }]

(1/8568)

[معلق: أما بعد أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي]

4757# قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّم أنَّ هذا تعليق مجزوم به، فعلَّقه هنا وفي (الاعتصام)، وقد أخرجه مسلم في (التوبة) عن أبي بكر وأبي كريب، والتِّرْمِذيُّ في «التفسير» عن محمود بن غيلان؛ ثلاثتهم عن أبي أسامة، قال التِّرْمِذيُّ: حسن صحيح غريب من حديث هشام.

قوله: (لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ): (ذُكِر) فيهما: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (وَمَا عَلِمْتُ): تَقَدَّم الكلام عليه مع الحديث أنَّها علمت به قبل ذلك من أمِّ مسطح.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام عليها إعرابًا، والاختلاف في أوَّل من قالها، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (أَبَنُوا أَهْلِي): قال ابن قُرقُول: (أي: اتَّهموهم وذكروهم بالسوء، وفي رواية الأصيليِّ: «أبَّنوا»؛ بتشديد الباء، وكلاهما صوابٌ، قال ثابت: التأبين: ذكر الشيء وتتبُّعه، قال الشاعر:

فرفَّعَ أصحابي المَطِيَّ وأبَّنُوا

قال ابن السِّكِّيت: أي: ذكروها، والتخفيف بمعناه، وروي: «أنَّبُوا»؛ بتقديم النون، كذا قيَّده عبدوس بن محمَّد، وكذلك ذكره بعضهم عن الأصيليِّ، قال لي القاضي: وهو في كتابي منقوط من فوق ومن تحت، وعليه بخطِّي علامة الأصيليِّ، ومعناه إن صحَّ: لاموا ووبَّخوا، وعندي أنَّه تصحيف لا وجه له ههنا)، انتهى.

قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليها، وعلى همزتها أنَّها بالوصل، وقيل: بالقطع.

قوله: (فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ [1]): كذا في نسخة، وفي أخرى: (معاذ)، وعلى (معاذ) صح، قال أبو ذرٍّ: وهو الصواب، انتهى، كذا في هامش أصلنا، وقال الدِّمْياطيُّ: («سعد بن عبادة» وَهَمٌ من أسامة، أو من هشام، وصوابه: سعد بن معاذ)، انتهى، وهذا التصويب ظاهرٌ جدًّا، وبعد أن نقل شيخنا هذا التصويب عن خطِّ الدِّمْياطيِّ قال: (وكذا قال ابن التين: هذا ليس بصحيح، والأحاديث كلُّها «سعد بن معاذ»، والذي عارضه سعد بن عبادة، كما ذكره قريبًا، وكذا أسلفه في «الشهادات»، وقد أسلفنا هناك أنَّ ابن حزم وغيره وهَّى رواية: «سعد بن معاذ»؛ فراجِعْه)، انتهى.

(1/8569)

قوله: (وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ): هذا الرجل الذي قام هو سعد بن عبادة، وكذا ذكرته في (المغازي)، وقدَّمتُ هناك أنَّ أمَّ حسَّان اسمها الفُرَيعة، وذكرت هناك نسبها، وهي صحابيَّة رضي الله عنها.

[ج 2 ص 321]

قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.

قوله: (أَنْ لَوْ كَانُوا): (أنْ): بفتح الهمزة، وإسكان النون.

قوله: (أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ): (تُضرَب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (وأعناقُهم): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ): تَقَدَّم أنَّها سلمى، وقيل: ريطة، وفي غير مصنَّف: رائطة، كذا نُقِل عن خطِّ أبي نُعَيم.

قوله: (تَعسَ): تَقَدَّم الكلام عليه بلغتيه.

قوله: (فَبَقَرَتْ لِي الْحَدِيثَ): (بقرت): بالموحَّدة في أصلنا، قال ابن قُرقُول: أي: استخرجته وبيَّنَتْه، كذا هو بالنون، وكذا رُوِّيناه، وبعضهم رواه بالفاء، وهو خطأ، والتنقير: الاستخراج للشيء والبحث عنه، وأُراه بالوجهين في كتاب الأصيليِّ، ولا معنى للفاء ههنا، انتهى، وقد ذكره ابن الأثير في (الموحَّدة والقاف)، وقال: أي: فتحته وكشفته، وقال في (النون والقاف): (فنقرت لي الحديث)، هكذا رواه بعضهم، والمرويُّ: بالباء الموحَّدة، انتهى.

قوله: (وَوُعِكْتُ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتاؤه مضمومة على التكلُّم، و (الوعك)؛ بإسكان العين وضمِّها: الحُمَّى، وقيل: ألمها.

قوله: (أَرْسِلْنِي): هو بفتح الهمزة، أمرٌ من الرباعيِّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَرْسَلَ مَعِي الْغُلاَمَ): كذا هنا، ولا أعرف اسمه، وساق شيخنا في (سورة النور) هذه الرواية، ثُمَّ قال بُعَيد هذا: والخادم هي بريرة، انتهى، وقد علمتَ أنَّ الرواية هنا: (الغلام)، لا (الخادم)، ولكن سيأتي: (فسأل عنِّي خادمتي)، فلعلَّ الناسخ انتقل بصره من مكان إلى مكان مع ما في ذكر بريرة في هذا الحديث من الإشكال، وقد قدَّمتُه في (الشهادات)، ولعلَّه أرسل معها الخادم والخادمة؛ تعظيمًا لها، والله أعلم.

قوله: (فَوَجَدْتُ أُمَّ رومَانَ): تَقَدَّم أنَّها دعد، وقيل: زينب، ونسبها، وأنَّ راءها بالضمِّ والفتح.

قوله: (فِي السّفْلِ): هو بضمِّ السين وكسرها؛ لغتان.

قوله: (لَهَا ضَرَائِرُ): هو مرفوع غير منوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف، وهذا ظاهرٌ.

(1/8570)

قوله: (فَاسْتَعْبَرْتُ): (استعبر): (استفعل)، من العَبْرة، وهو تحلُّب الدمع.

قوله: (إِلاَّ رَجَعْتِ): هو بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمِي [2]): وفي رواية: (خادمتي)، هذه لا أعرفها، إلَّا أن تكون بريرة، وقد تَقَدَّم في (الشهادات) ما في ذلك، وقدَّمتُ أنَّ شيخنا قال هنا: إنَّها بريرة.

قوله: (وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ): (بعضُ أصحابه): لعلَّه عليُّ بن أبي طالب، ولم أر فيه نقلًا، لكنَّ الأحاديث تدلُّ عليه، والظاهر أنَّ ذلك لمَّا جرى لم يكن حاضرًا إلَّا أسامةُ بن زيد وعليُّ بن أبي طالب، ولم يُنقَل في القصَّة شيءٌ يقتضي أن يكون المنتهِرَ أسامةُ، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ): قال ابن قُرقُول: كذا ضبطناه عن شيوخنا، ومعناه: أتَوا بسؤالها وتهديدها بسَقَطٍ من الكلام، والهاء في (به) عائدة على الانتهار وتهديدها، وإلى هذا التأويل كان يذهب ابن سراج أبو مروان، وقيل: معناه: بيَّنوا لها وصرَّحوا، وإلى هذا كان يذهب ابن بطال والوقَشيُّ، من قولهم: سقطت على الأمر؛ إذا علمته، وساقطتُ الحديث؛ إذا ذكرته، ويقال منه: سقط فلان في كلامه يسقط، وأَسقط يُسقِط؛ إذا أتى بسَقَط منه أو خطأ، وصحَّف بعضهم هذا الحديث، فقال: (حتَّى أسقطوا لهاتها)، وهي رواية ابن ماهان؛ يريد: من شدَّة الضرب، ولا وجه لهذا، وقال ابن سراج: أسكتوها، انتهى، وقال في «النِّهاية»: («فأسقطوا لها»؛ يعني: الجارية؛ أي: سبُّوها وقالوا لها من سَقَط الكلام؛ وهو رديئُه؛ بسبب حديث الإفك)، انتهى.

قوله: (عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ): تَقَدَّم الكلام على (التِّبْر).

قوله: (وَبَلَغَ الأَمْرُ): (الأمرُ): مرفوع، فاعل (بلغ).

قوله: (مَا كَشَفْتُ مِنْ [3] كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ): تَقَدَّم ما (الكَنَف)، وما في ذلك، وأنَّ بعضهم قال: كان حصورًا، ويردُّه الحديث الذي في «أبي داود» في شكوى زوجته منه أشياءً، أو المراد: عليَّ حرامٌ، أو أنَّه تزوَّج بعد هذه القصَّة، والله أعلم.

قوله: (فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه أين قُتِل في (الشهادات).

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمتْ.

قوله: (وَ [4] جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذه المرأة لا أعرفها.

قوله: (وَاللهُ [5] يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ): (إنِّي): بكسر الهمزة؛ لأنَّ اللام في خبرها، وهذا ظاهرٌ.

(1/8571)

قوله: (وَأُشْرِبَتْهُ): هو بضمِّ الهمزة، وكسر الراء؛ أي: حلَّ فيها محلَّ الشراب، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: («وأُشرِبَتْه قلوبكم»؛ أي: سُقِيَتْه قلوبُكم؛ كما يُسقى العطشان الماء، يقال: شربت الماء، وأُشربتُه؛ إذا سُقيتَه، وأُشرِب قلبه كذا؛ أي: حلَّ محلَّ الشراب، أو اختلط به؛ كما يختلط الصِّبغ بالثوب).

قوله: (قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا): (باءت): بهمزة ممدودة قبل تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول وذكر هذا وحديث: «أبوءُ بإثمي»: (معنى ذلك كلِّه: أعترف طوعًا، وكأنَّه من الأصل المتَقَدِّم في الرجوع؛ أي: رجعت إلى الإقرار بعد الإنكار أو السكوت، أو يكون من اللزوم، ألزمَتْ ذلك نفسها، وتحمَّلاه، قال الخَطَّابيُّ: باء فلان بذنبه؛ إذا احتمله كرهًا، ولم يستطع دفعه، انتهى، ومعنى (باءت): أقرَّت واعترفت.

[ج 2 ص 322]

قوله: (وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُنزِل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (فَرُفِعَ عَنْهُ): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (أَبْشِرِي): هو بقطع الهمزة، وكسر الشين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَالْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ): تَقَدَّم الكلام على أصحاب الإفك في (الشهادات).

قوله: (يَسْتَوْشِيهِ): أي: يستخرجه ويبحث عنه.

قوله: (وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ): تَقَدَّم أنَّ في «معجم الطبرانيِّ الكبير»: أنَّه أضعف له النفقة.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (معاذ).

[2] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (خادمتي).

[3] (من): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[4] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قد).

[5] زيد في «اليونينيَّة»: (عَزَّ وَجَلَّ).

(1/8572)

[{وليضربن بخمرهن على جيوبهن}]

(1/8573)

[معلق عائشة: يرحم الله نساء المهاجرات الأول]

4758# قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ): (شَبِيب): بفتح الشين المعجمة، وكسر الموحَّدة، تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القول شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ والذهبيُّ تعليقًا، و (يُونُسُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيد الأيليُّ مرارًا، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 323]

(1/8574)

[حديث: لما نزلت {وليضربن بخمرهن} أخذن أزرهن فشققنها]

4759# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، وتَقَدَّمتْ (صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ)، والكلام عليها مطوَّلًا، وهل هي صحابيَّة أم لا؛ فانظره في (الجنائز) وغيرها.

قوله: (أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ): قال بعض المِصْريِّين من المتأخِّرين الحُفَّاظ: في «تفسير ابن مردويه» وغيره: أنَّهنَّ من الأنصار، انتهى، وهذا في الطريق الثانية، وأمَّا الطريق الأولى؛ ففيها: «يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل».

==========

[ج 2 ص 323]

(1/8575)

(((25))) (سورة الْفُرْقَانِ) ... إلى (يَس)

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّعِيرُ مُذَكَّرٌ ... ) إلى آخره: قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز».

(1/8576)

[{الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانًا وأضل سبيلًا}]

(1/8577)

[حديث: أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرًا .. ]

4760# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ [1]): الظاهر أنَّه المسنديُّ، وقد تَقَدَّم في (الجمعة) ما قاله بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين من اطِّراد صنيع البُخاريِّ إذا قال: (حدَّثنا عبد الله بن محمَّد)؛ أنَّه الظاهر أنَّه المسنديُّ، انتهى، و (شَيْبَانُ): هذا هو بن عبد الرَّحمن النحويُّ، تَقَدَّم مرارًا.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (البغداديُّ).

[ج 2 ص 323]

(1/8578)

[{والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ... }]

(1/8579)

[حديث: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك]

4761# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، كما نسبه الدِّمْياطيُّ، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش سليمان بن مِهران، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَيْسَرَة): قال الدِّمْياطيُّ: هو عمرو بن شُرحبيل، روى [له] الجماعة إلَّا ابن ماجه، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام على (أبي ميسرة) غيرَ مرَّةٍ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام على كتابتها، وكيف النطق بها، في أوائل هذا التعليق، وسأعيده في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنِي وَاصِلٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ): قال الدِّمْياطيُّ: القائل: («وحدَّثني واصل»: هو سفيان الثوريُّ)، انتهى، وهذا معنى كلام المِزِّيِّ أيضًا، لكنَّ المِزِّيَّ لم ينسب سفيان، و (واصل): هو ابن حَيَّان؛ بفتح الحاء، وتشديد المثنَّاة تحت، الأحدب الأسديُّ الكوفيُّ، مولى أبي بكر بن عيَّاش من فوق، عن شريح القاضي، والمعرور بن سويد، وأبي وائل، وإبراهيم النخعيِّ، وجماعةٍ، وعنه: أبو إسحاق الشيبانيُّ، ومغيرة بن مقسم، ومسعر، وشعبة، وسفيان، وطائفةٌ، وثَّقه ابن معين وأبو داود، قال أبو داود: مات سنة عشرين ومئة، أخرج له الجماعة، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (عَبْدُ اللهِ).

قوله: (ثُمَّ أَيٌّ؟): تَقَدَّم كيف النطق بها في (باب فضل الصلاة لوقتها).

قوله: (أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل.

قوله: (أَنْ تُزَانِيَ): تَقَدَّم أنَّ معناها: المطاوعة؛ لأنَّه من المفاعلة.

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 323]

(1/8580)

[حديث القاسم أنه سأل سعيد: هل لمن قتل مؤمنًا متعمدًا من توبة؟]

4762# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مرَّات أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ): بفتح الموحَّدة، وتشديد الزاي مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو جدُّ صاحب القراءة البزيِّ الأعلى، وصاحب القراءة: أبو الحسن أحمد بن محمَّد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بَزَّة المَكِّيُّ، ثِقةٌ في القراءة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: ({وَلاَيَقْتُلُونَ النَّفْسَ} [الفرقان: 68]): كذا التلاوة، وفي بعض النسخ: (لا تقتلون)، والتلاوة ما ذكرته.

قوله: (فَقَالَ: هَذِهِ آيَةٌ [1] مَكِّيَّةٌ، نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ؛ الَّتِي فِي [2] النِّسَاءِ): تَقَدَّم الكلام على ذلك.

==========

[1] (آية): ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (سورة).

[ج 2 ص 323]

(1/8581)

[حديث: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فرحلت فيه ... ]

4763# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم (غُنْدَرٌ) ضبطًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر، ومن لقَّبه بذلك.

==========

[ج 2 ص 323]

(1/8582)

[حديث سعيد: سألت ابن عباس عن قوله تعالى {فجزاؤه جهنم} ... ]

4764# قوله: (حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، تَقَدَّم مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 323]

(1/8583)

[{يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانًا}]

(1/8584)

[حديث: سئل ابن عباس عن قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا} ... ]

4765# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (ابْنُ أَبْزَى): هو عبد الرَّحمن بن أبزى، تَقَدَّم ضبطه أعلاه، وسيجيء مبيَّنًا في الطريق التي بعد هذه.

قوله: (سُئلِ ابْنُ عَبَّاسٍ): سيجيء قريبًا عن سعيد بن جُبَير: (أمرني عبد الرَّحمن بن أبزى أن أسأل ابن عبَّاس)، وفي هذا الحديث الذي نحن فيه: (فسألته)، وقائله: سعيد بن جُبَير.

==========

[ج 2 ص 323]

(1/8585)

[{إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا ... }]

(1/8586)

[حديث: أمرني عبد الرحمن بن أبزى أن أسأل ابن عباس]

4766# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (عبدان) لقبٌ، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وتَقَدَّم أنَّ (مَنْصُورًا) هو ابن المعتمر.

قوله: (أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عبَّاس): كذا في جميع النسخ في «الصحيحين»، ورواه أبو عبيد: (أمرني سعيد بن عبد الرَّحمن بن أبزى)، ورواه جماعة: (أمرني ابن أبزى)، قال ابن قُرقُول: (قال بعضهم: فلعلَّ ما في «الصحيحين» من ضمير المتكلِّم في «أمرني» مصحَّف من «ابن»، فيكون موافقًا لما في غيرهما، قال: وهو الصحيح؛ لأنَّ لعبد الرَّحمن صحبةً، قال ابن قُرقُول: وهذا القول استبعادٌ من هذا القائل أنْ يكون عبد الرَّحمن بن أبزى يسأل ابنَ عبَّاس ويتعلَّم منه، ولا يُنكَر سؤال عبد الرَّحمن ومن هو أكبر منه من الصَّحابة لابن عبَّاس من العلم، فقد سأله الأكابر من الصَّحابة)، انتهى، وقول هذا القائل: (إنَّ لعبد الرَّحمن صحبة)؛ كذا هو، وقد حُكِيَ الاختلاف فيها، والله أعلم [1].

==========

[1] هذه الفقرة كاملةً جاءت في (أ) مستدركةً متقدِّمة على قوله: (حدَّثنا عبدان ... ).

[ج 2 ص 323]

(1/8587)

[{فسوف يكون لزامًا}]

(1/8588)

[حديث: خمس قد مضين الدخان والقمر والروم والبطشة]

4767# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم أنَّ (غِياثًا) بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وتَقَدَّم أنَّ (الأَعْمَشَ) سليمانُ بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو ابن صبيح، أبو الضحى.

[ج 2 ص 323]

قوله: (خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: الدُّخَانُ، وَالْقَمَرُ، وَالرُّومُ، وَالْبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ): أمَّا (الدخان)؛ فهو معروف: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان: 10]، وهو أنَّه عَلَيهِ السَّلام دعا على قريش بسبعٍ كسبع يوسف، فأخذتهم سَنَةٌ حتَّى حصَّتْ كلَّ شيء، فجعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء مثل الدُّخَان من الجوع، وقيل غير ذلك، وسيجيء في (سورة الروم)، وأمَّا (القمر)؛ فانشقاقه، وقد ذكرته حيث ذكره البُخاريُّ في (باب انشقاق القمر)، وأمَّا (الروم)؛ فهو ما ذكره في (سورة الروم)، وهو ظهورهم على كسرى، و (البطشة): يوم بدر، و (اللِّزام): فُسِّر بأنَّه يوم بدر، وسيجيء في (سورة الروم) تفسيرهما بذلك، وقيل في كلٍّ منهما غيرُ ذلك، و (اللزام) في اللغة: الفصل في القضيَّة، و (اللزام) أيضًا: الملازمة للشيء؛ أي: الثبوت عليه والدوام، قال أبو عبيد: وكأنَّه من الأضداد.

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق) من نسخة، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (واحد الرِّيعة).

(1/8589)

(((26))) [الشعراء]

قوله: ({تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]: تَبْنُونَ): هو من البناء.

قوله: ({مَوْزُونٍ} [الحجر: 19]: مَعْلُومٍ): هذا ليس في هذه السورة، ولكنَّه في (الحجر).

قوله: (وَقَالَ غَيْرُه: {لَشِرْذِمَةٌ} [الشعراء: 54]: طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.

قوله: (الرِّيعُ: الأَيْفَاعُ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (اليَفاع)، أمَّا (الرِّيع)؛ فبكسر الراء، وسكون الياء، وأمَّا (الأيفاع)؛ فهو جمع (يَفَاع)، والمفرد بفتح المثنَّاة تحت، وتخفيف الفاء، وآخره عين مهملة، وهو ما ارتفع من الأرض.

قوله: (وَجَمْعُهُ: رِيَعَةٌ وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُ الرِّيَعَةِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة صحيحة أخرى: (واحدُه: الرِّيْعة)، قال شيخنا: («وجمعه: رِيَعة»: هو بكسر الراء، وفتح الياء؛ كقِرد وقِرَدة)، انتهى، وفي «المطالع»: («والرِّيْع: الأيفاع»، كذا للأصيليِّ وابن السكن عن المروزيِّ، ولغيرهما: «الرِّيع: ما ارتفع من الأرض»، ثُمَّ قال البُخاريُّ: «وجمعه: رِيَعة»، وغيره يقول: إنَّ الرِّيع جمع «رِيْعة»، ثُمَّ قال البُخاريُّ: «وجمع ريْعة ورِيَعة: أرياع، وواحده: رِيْعة»، فجاء من كلامه أنَّ الرِّيع جمع «رِيْعة»، وأنَّ رِيَعة وأرياع جمع جمع)، انتهى، كذا نقل عن البُخاريِّ، وكأنَّه وقع كذلك في نسخ بلادهم، والذي في أصل سماعنا ما ذكرته لك، والله أعلم.

قال الجوهريُّ: والرِّيع؛ بالكسر: المُرتفِع من الأرض، وقال عمارة: هو الجبل، الواحد: رِيَعة، والجمع: رِياع، ومنه قوله تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128].

قوله: (وَأَرْيَاعٌ: وَاحِدُهُ رِيْعَةِ): قال شيخنا: (الذي ذكر بعض المفسِّرين: أنَّ جمع «رِيْعة» أريَاعٌ ورِيَعةٌ؛ بفتح الياء، وأنَّ «رِيعًا» جمع «رِيْعة»؛ بسكون الياء؛ كعِهْنة وعِهْن)، انتهى.

قوله: (كُلُّ بِنَاءٍ فَهْوَ مَصْنَعَةٌ): هو بفتح الميم، وإسكان الصاد المهملة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ عين كذلك، ثُمَّ تاء التأنيث، وهذا ظاهرٌ.

قوله: ({فَرِهِينَ} [الشعراء: 149]: مَرِحِينَ)، كذا في أصلنا، وفي أصل آخر صحيح، وقال شيخنا: ({فَرِهِينَ}: فرحين؛ أي: والهاء مبدلة من الحاء؛ لأنَّها من حروف الحلق)، انتهى، وهذا جاء في بعض النسخ، والله أعلم، والذي في أصلنا (مرحين)، لا فرحين.

(1/8590)

قوله: ({الْجُبُلَة} [1] [الشعراء: 184]: الْخَلْقُ، جُبِلَ: خُلِقَ، وَمِنْهُ: {جُبُلًّا} وَ {جِبِلًّا} [2] وَجُبْلًا [يس: 62]): (الجُبُلة): بضمِّ الجيم والموحَّدة، وتخفيف اللام، كذا كان في أصلنا، ثُمَّ صنع تحت الجيم كسرة، وشُدِّدَتِ اللام، و (الخَلْق): بفتح الخاء، وإسكان اللام، وقوله: (ومنه جُبُلًّا): هو بضمِّ الجيم والموحَّدة، وتشديد اللام، والثانية: بكسرهما مع تشديد اللام، والثالثة: بضمِّ الجيم، وإسكان الموحَّدة، وقد ذكر شيخنا فيها سبعَ لغات، قُرِئ بخمسة منها، وفي «الصحاح»: الجِبْلة؛ بالكسر: الخِلْقة ... إلى أن قال: والجُبل: الجماعة من الناس، وفيه لغات قُرِئ بها قولُه تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا} [يس: 62] عن أبي عمرو، و {جُبُلًّا}، و {جِبْلًا} عن الأعرج وعيسى بن عمر، و {جِبِلًّا}؛ بكسر الباء والتشديد عن أهل المدينة، و {جُبُلًّا}؛ بالضمِّ والتشديد عن الحسن وابن أبي إسحاق، والجِبلَّة: الخلقة، ومنه قوله عَّز وجلَّ: {وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ} [الشعراء: 184]، وقرأها الحسن بالضمِّ، انتهى.

(1/8591)

[{ولا تخزني يوم يبعثون}]

(1/8592)

[معلق ابن طهمان: إن إبراهيم رأى أباه يوم القيامة عليه الغبرة]

4768# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ): تَقَدَّم أنَّه أبو سعيد الخراسانيُّ، عن سماك بن حرب، ومحمَّد بن زياد، وثابت البنانيِّ، وخلقٍ، وعنه: معن، ويحيى بن أبي بكير، ومحمَّد بن سنان العَوَقيُّ، وخلقٌ، وثَّقه أحمد وأبو حاتم، وكان من أئمِّة الإسلام، فيه إرجاء، تُوُفِّيَ سنة بضع وستِّين ومئة، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان»، ولكن طال العهد به، وقد صحَّح عليه في «الميزان»، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): محمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام، تَقَدَّم، وهذا التعليق أسنده النَّسائيُّ في (التفسير) عن أحمد بن حفص بن عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان به، حديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، قاله المِزِّيُّ في «أطرافه».

قوله: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ [1] يَرَى أَبَاهُ): (أبو إبراهيم): هو آزر، ولقبه: تارح، وقد تَقَدَّم ضبطه في النسب الشريف، وقيل: إنَّ لقبه آزر، واسمه تارح، والقولان مشهوران، قال السهيليُّ: (وآزر: قيل: معناه: يا أعوج، وقيل: هو اسم صنم، وانتصب على إضمار الفعل في التلاوة، وقيل: هو اسم لأبيه، كان يُسمَّى تارح وآزر، وهذا هو الصحيح؛ لمجيئه في الحديث منسوبًا إلى آزر)، انتهى.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ).

[ج 2 ص 324]

(1/8593)

[حديث: يلقى إبراهيم أباه فيقول: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني]

4769# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك بن أنس، وتَقَدَّم أنَّ أخاه عبد الحميد بن أبي أويس، ولا عبرة بما قيل فيه، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّم أعلاه، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): بضمِّ الموحَّدة وفتحها.

==========

[ج 2 ص 324]

(1/8594)

[{وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك}]

(1/8595)

[حديث: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم]

4770# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الغين المعجمة، وتخفيف المثنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وتَقَدَّم (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهران.

قوله: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [1]: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ... )؛ الحديث، هذا مرسلُ صَحابيٍّ؛ لأنَّها نزلت بمَكَّة، وابنُ عبَّاس وُلِد في الشِّعب وكان صغيرًا، قال شيخنا: كان صغيرًا، وقال في (سورة تبَّت) عن الداوديِّ: إنَّه لم يُخلَق، قال شيخنا: وهو لائح، انتهى، ومرسل الصحابيِّ معمول به، خلافًا لأبي إسحاق الإسفراينيِّ وطائفةٍ يسيرة، وقد تَقَدَّم.

قوله: (حَتَّى اجْتَمَعُوا): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: إنَّهم [كانوا] يوم جمعهم لذلك خمسةً وأربعين رجلًا من بني هاشم وبني المطَّلب فقط، انتهى.

قوله: (فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ): اسمه عبد العزَّى بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مناف، هلك بعد وقعة بدر بسبعة أيَّام، كذا قال بعض الحُفَّاظ، قال ابن إسحاق بسنده ما معناه: عاش حتَّى وصل أبو سفيان بن الحارث إلى مَكَّة من وقعة بدر، ضربته أمُّ الفضل بعمودٍ ضربةً فَلَعَتْ في رأسه شجَّةً منكرةً ... إلى أن قال: فو الله ما عاش إلَّا سبع ليال حتَّى رماه الله بالعَدَسَةِ فقتلته، فهذا يقتضي أنَّه عاش بعد الوقعة أكثر من سبع ليال؛ لأنَّ بدرًا بينها وبين مَكَّة نحوُ أربع مراحلَ، ويمكن تأويل قول من قال: إنَّه عاش سبع ليال بعد بدر، والله أعلم، وسأذكر الحكمة في عدول البارئ عزَّ وجلَّ عن اسمه إلى كنيته في (تفسير تبَّت) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُما)، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (قال).

[ج 2 ص 324]

(1/8596)

[حديث: يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئًا]

4771# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير والده لا يجوز فيه إلَّا فتح الياء، (وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ اسمه عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، والله أعلم، وهذا الحديث مرسل صَحابيٍّ؛ لأنَّ أبا هريرة لم يصحب إلَّا في المدينة عام خيبر، فإمَّا أن يكون النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حدَّثه به مرَّة أخرى، أو أنَّ صحابيًّا أَخبره به، والله أعلم.

[ج 2 ص 324]

قوله: (يَا عَبَّاس بْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يجوز فتح سين (العبَّاس) وضمِّها، وضمُّ (ابن) وفتحه؛ ومثله: (يَا فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّدٍ)، والضمُّ في الاسم وفي (ابن) غريبٌ، ذكره ابن مالك في «التسهيل».

قوله: (يَا [1] صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ): لا يجيء فيها ما جاء في الذي قبلها، وإنَّما يجيء فيها الضمُّ، وفي (عمَّةَ) ليس فيه إلَّا النصب على الصحيح، والله أعلم، وقد ذكرته مطوَّلًا في أوائل هذا التعليق؛ فانظره إن أردته.

قوله: (يَا [2] فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّدٍ): يأتي في إعرابها ما جاء في (يا عبَّاس بن عبد المطَّلب).

قوله: (تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): الضمير في (تابعه): يحتمل أن يعود على أبي اليمان، ويحتمل عوده على شعيب، و (أصبغ): هو ابن الفرج، تَقَدَّم، و (ابن وهب): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهريُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام، وعالم الحجاز، ومتابعة أصبغ لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وحديث ابن وهب في «مسلم» في (الإيمان) عن حرملة بن يحيى، و «النَّسائيِّ» في (الوصايا) عن سليمان بن داود المهريِّ؛ كلاهما عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهريِّ، عن سعيد وأبي سلمة؛ كلاهما عن أبي هريرة.

(1/8597)

(((27))) [النمل]

قوله: ({الصَّرْحَ} [النمل: 44]: كُلُّ مِلاَطٍ اتُّخِذَ مِنَ الْقَوَارِيرِ): (المِلاط)؛ بكسر الميم، وتخفيف اللام، وفي آخره طاء مهملة: الطين الذي بين أثناء البناء، ومنه: «مِلاطها المسك»، وقال شيخنا ما لفظه: (وقوله: «بلاط»: هو بخطِّ الدِّمْياطيِّ بالباء، وذكره ابن التين بالميم، قال: «المَلاط»؛ بفتح الميم: الطين، وقيل: إنَّه الصخر، وقيل: كلُّ بناء عالٍ مرتفع، قال ابن فارس: هو البيت الواحد المنفرد الطويل في السماء)، انتهى، وفي «المطالع» في (حرف الباء مع اللام) ما لفظه: وفي (التفسير): ({الصَّرْحَ}: كلُّ بَلاط اتُّخِذ من قوارير)، كذا لابن السكن والأصيليِّ، ولغيرهما: (مِلاط)؛ بميم مكسورة، والملاط: الطين، والبلاط: كلُّ ما فرشت به الأرض من آجرٍّ، أو حجارة، أو غير ذلك، انتهى.

قوله: (حُسْنُ الصَّنْعَةِ): (حُسْن): بضمِّ الحاء، وإسكان السين، المهملتين.

==========

[ج 2 ص 325]

(1/8598)

(((28))) [القصص]

(1/8599)

[{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء}]

(1/8600)

[حديث: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله]

4772# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): بكسر ياء أبيه وفتحها، وغير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، ورواية سعيد عن أبيه من الوحدان تَقَدَّم مع الكلام مع الحاكم.

قوله: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ): تَقَدَّم الكلام على اسم أبي طالب، والاختلاف فيه، ومتى جاءته المنيَّة، وعلى (أَبِي جَهْلٍ)، وهو عمرو بن هشام، فرعون هذه الأمَّة، قُتِل ببدر كافرًا، وعلى (عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ)، وأنَّه ابن عمَّة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عاتكةَ، وأنَّه أسلم وصحب، وقُتِل بالطائف، و (يَعْرِضُهَا): بفتح الياء، وكسر الراء.

قوله: (وَيُعِيدَانِهِ تِلْكَ [1] الْمَقَالَةِ): صوابه: ويعيدان له تلك المقالة.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بتلك).

[ج 2 ص 325]

(1/8601)

[تتمة غريب آيات سورة القصص]

قوله: ({لَتَنُوءُ} [القصص: 76]: لَتُثْقِلُ): (تُثْقِل): بضمِّ التاء، ثُمَّ مثلَّثة ساكنة، ثُمَّ قاف مكسورة، ثُمَّ لام، كذا في أصلنا، والذي يظهر (لَتَثْقُلُ)؛ بفتح المثنَّاة فوق، وضمِّ القاف، ثُلاثيٌّ لازم؛ لأنَّه متعدٍّ بحرف الجرِّ.

قوله: (وَالْعُدْوَانُ [1] وَالْعَدَاءُ وَالتَّعَدِّي وَاحِدٌ): (العَدَاء): بفتح العين، وتخفيف الدال، وبالمدِّ، وهو تجاوز الحدِّ، والظلمُ، يقال: عدا عليه عَدْوًا، وعُدُوًّا، وعَداء.

قوله: (وَالْجِذْوَةُ [2]: قِطْعَةٌ ... ) إلى آخره: (الجذوة): مثلَّثة الجيم، قرأ عاصم بالفتح، وحمزة بالضمِّ، والباقون بالكسر.

قوله: (وَالأَفَاعِي): جمع (أفعى)، وهو حيَّةٌ، وهو (أفعل)، تقول: هذه أفعًى؛ بالتنوين، والأُفعُوان؛ بضمِّ الهمزة والعين: ذكر الأفاعي، و (الجَانُّ): حيَّة بيضاء، والجمع: جِنَّان؛ مثل: حائط وحيطان.

قوله: (وَالأَسَاوِدُ): إنَّما جُمِع على هذا؛ لأنَّه اسمٌ، ولو كان صفةً؛ لجُمِع على (فُعْل)، وهو بفتح الهمزة، وبالسين المهملة، وبعد الألف واو مكسورة، ثُمَّ دال مهملة.

قوله: ({رِدْءًا} [القصص: 34]: مُعِينًا): هو بالعين المهملة، وقبل الألف نون.

قوله: (كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيْئًا): (عزَّزْتَ): بزايَين؛ الأولى مشدَّدة، وتُخفَّف أيضًا.

قوله: ({بَطِرَتْ} [القصص: 58]): (البطر): الطغيان عند النعمة والعافية.

قوله: (أَشِرَتْ): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين المعجمة، وبالراء، الماضي بالكسر، والمستقبل بالفتح (يأْشَر).

قوله: (أُمُّ الْقُرَى: مَكَّةُ وَمَا حَوْلَهَا): تَقَدَّم أسماء مَكَّة في (كتاب الحج)، وذكرت لها خمسين اسمًا؛ فانظر ذلك؛ ويريد بقوله: (مَكَّة وما حولها): أنَّ الضمير يعود على (القرى)، وقوله: (مَكَّة وما حولها): تفسير لـ (الأمِّ)، والإشارة بـ (الرسول) على هذا: إلى نبيِّنا صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

(1/8602)

قوله: (أَكْنَنْتُ الشَّيْءَ: أَخْفَيْتُهُ، وَكَنَنْتُهُ: [أَخْفَيْتُهُ، وَ] أَظْهَرْتُهُ): قال ابن قُرقُول: وفي (التفسير): (أكننت الشي: أخفيته، وكننته: أخفيته، أظهرته)، كذا لهم، والأَوْجَه بمساق الكلام: وكننته وخفيته: أظهرته، وهو المعروف، ويُخرَّج الأوَّل على أن يكون «أخفى» من الأضداد، انتهى، والكلام على ما في أصلنا، ومعنى كلامه: أنَّ (كننت): من الأضداد؛ بمعنى: (أخفيت)، وبمعنى: (أظهرت)، ويوضِّحه أنَّ في بعض النسخ؛ كنسخة الدِّمْياطيِّ وغيرها: (وكننته: خفيته، وأظهرته)، وفي نسخةٍ أخرى صحيحةٍ: (أكننتُ الشيءَ: أخفيته، وكننته: أخفيته، أظهرته)، انتهى، وفي حفظي أنِّي رأيت لبعض أهل اللغة: أنَّ (كننته) بمعنى: خفيته، وأظهرته؛ ضدٌّ، والذي في «الصحاح»: كننت الشيء: سترته وصُنته من الشمس، وأكننته في نفسي: أبرزته، وقال أبو زيد: كننته وأكننته بمعنًى في الكنِّ وفي النفس جميعًا، تقول: كننت العلم وأكننته، فهو مكنون ومُكَنٌّ، وكننت الجارية وأكننتها، فهي مكنونة ومُكَنَّة.

وقوله: (خفيته): قال الجوهريُّ: الأصمعيُّ: خَفَيت الشيء أُخفِيه: كتمتُه، وخفيته أيضًا: أظهرته، وهو من الأضداد، وأبو عبيد مثلُه ... إلى أن قال: وأخفيت الشيء: سترته وكتمته، ويحتمل أن يريد البُخاريُّ: (وكننته: خفيته، أظهرته) _على رواية حذف الواو_: أنَّ (كننته) بمعنى: (خفيته)؛ التي هي بمعنى: الظهور، لا بالمعنى الآخر، ويحتمل أن يريد: بـ (خفيته): الكتمان، وبـ (أظهرته): الظهور، وحَذفَ الواو العاطفة، وأمَّا رواية: (أخفيته وأظهرته)؛ بالهمز في الأولى، والواو في الثانية؛ فيحتمل أن تكون للإزالة؛ أي: أزلت خفاءه وأظهرته، وعلى رواية: (أخفيته: أظهرته)؛ فهي أصرح في أنَّها للإزالة، والله أعلم.

[ج 2 ص 325]

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (العدوان)؛ بغير واو.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الجذوة)؛ بغير واو.

(1/8603)

[حديث ابن عباس: {لرادك إلى معاد} إلى مكة]

4773# قوله: (أَخْبَرَنَا يَعْلَى): هو ابن عبيد الطنافسيُّ، ثِقةٌ إلَّا في الثوريِّ، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا [1] سُفْيَانُ الْعُصْفُرِيُّ): قال الدِّمْياطيُّ: هو سفيان بن دينار، أبو ورقاء، وقيل: أبو سعيد، العصفريُّ الأحمريُّ، ويقال: الكوفيُّ، التمَّار، انفرد به البُخاريُّ، انتهى.

اعلم أنَّ سفيان العصفريَّ هو سفيان بن زياد، أبو الورقاء الكوفيُّ، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المتأخِّرين في قوله: (سفيان العصفريُّ): هو ابن زياد، انتهى، عن أبيه، وشريح القاضي، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، وغيرِهم، وعنه: الثوريُّ، وعمر بن الخَطَّاب البجليُّ الكوفيُّ، ومروان بن معاوية، ومحمَّد ويعلى ابنا عُبيد، وثَّقه أبو حاتم وغيرُه، والصحيح: أنَّه غير سفيان التمَّار، وممَّن خلطهما البُخاريُّ وغيره، انتهى كلام الذهبيِّ في «تذهيبه»، وهو للمزِّيِّ قبلَه، وهذا الدِّمْياطيُّ ممَّن خلطهما، وانظر لفظه، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وأمَّا سفيان التمَّار؛ فهو سفيان بن دينار التمَّار، أبو سعيد الكوفيُّ، يروي عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن جُبَير، وعكرمة، والشعبيِّ، وجماعةٍ، وقيل: إنَّه روى عن ابن الحنفيَّة، وعنه: مندل بن عليٍّ، وابن المبارك، وأبو بكر بن عيَّاش، ويعلى بن عُبيد، وجماعةٌ، وثَّقه ابن معين وغيرُه، وقد أدرك كبار الصَّحابة، لكن لم يحمل عنهم، قال سفيان هذا: (رأيت قبر النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مُسنَّمًا)، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، وقول الدِّمْياطيِّ: (انفرد به البُخاريُّ) على تقدير صحَّة ما قاله؛ فمعناه: عن مسلم، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).

[ج 2 ص 326]

(1/8604)

(((29))) [العنكبوت]

قوله: (ضَلَلَةً): هو بفتح الضاد واللامين، وهذا معروف.

==========

[ج 2 ص 326]

(1/8605)

(((30))) [{الم غلبت الروم}]

قوله: ({يُحْبَرُونَ} [الروم: 15]: يُنَعَّمُونَ): هو بفتح النون، وتشديد العين المهملة.

قوله: ({يَمْهَدُونَ} [الروم: 44]: يُسَوُّونَ الْمَضَاجِعَ): (يُسَوُّون): بضمِّ الياء، وفتح السين، ثُمَّ واو مضمومة.

قوله: ({ضَعْفٍ} وَ {ضُعْفٍ} [الروم: 54]: لُغَتَانِ) انتهى: قال الدِّمْياطيُّ: كذا قال الخليل، ويقال: الضُّعف: في الجسد، والضَّعف: في العقل، انتهى، وهما قراءتان، قرأ أبو بكر وحمزة بالفتح في الأماكن الثلاثة، وكذلك رُوِيَ عن حفص عن عاصم فيهنَّ، غير أنَّه ترك ذلك، واختار الضمَّ؛ اتِّباعًا منه لروايةٍ حدَّثَه بها الفضلُ بن مرزوق عن عطيَّة العوفيِّ عن عبد الله بن عمر: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أقرأه ذلك بالضمِّ، فردَّ عليه الفتحَ، وأباه)، وعطيَّة: يُضعَّف، وما رواه حفص عن عاصم عن أئمَّته أصحُّ، قال أبو عمرو الدانيُّ: وبالوجهين آخذُ في روايته؛ لأُتابعَ عاصمًا على روايته، وأُوافقَ حفصًا على اختياره، وقرأ الباقون بضمِّ الضاد فيهنَّ.

تنبيهٌ: قصة عطيَّةَ أخرجها الحاكم في «المستدرك» في (القراءات)، ولم يحتجَّ البُخاريُّ ومسلم بعطيَّة، وهو ضعيف، كما قال أبو عمرو.

(1/8606)

[حديث: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف]

4774# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه الثوريُّ، وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» قال: روى عن سفيان الثوريِّ، والذهبيُّ قال: عن سفيان، فأطلق، فحملتُ المُطلَقَ على المقيَّد، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، تَقَدَّم مِرارًا، (وَالأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): قال الدِّمْياطيُّ: مسلم بن صبيح العطَّار الكوفيُّ، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، انتهى، وقد قدَّمتُه مرارًا.

قوله: (بَيْنَا [1] رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وفي «مسلم» في أواخره في (كتاب صفة القيامة): (أنَّ قاصًّا عند أبواب كندة يقصُّ)، و (أبواب كندة): باب من أبواب الكوفة.

قوله: (ويَأْخُذُ [2] الْمُؤْمِنَ مِنْهُ [3] كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ): (المؤمنَ): منصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ): تَقَدَّم أنَّها القحط والجَدْب.

قوله: (فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ): هذا هو صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، وقد تَقَدَّم في (الاستسقاء).

قوله: (فَقَرَأَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان: 10]): اعلم أنَّ في الحديث الصحيح: أنَّها لن تقوم حتَّى يرَوا قبلها عشر آيات، فذكر الدَّجَّال والدُّخَان ... ، وهذا الحديث يؤيِّد قول من قال: إنَّ الدُّخَان دُخَانٌ يأخذ بأنفاس الكفَّار، ويأخذ المؤمنَ منه كهيئة الزكام، وأنَّه لم يأتِ بعد، وإنَّما يكون قريبًا من قيام الساعة، وهذا القول هو الذي أنكره عبد الله بن مسعود على قائله، وأنَّه إنَّما هو عبارة عمَّا نال قريشًا من القحط حتَّى كانوا يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان، وقد وافق ابنَ مسعود جماعة، ٌ وقال بالقول الآخر حذيفةُ، وابن عمر، والحسن، ورواه حذيفة عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأنَّه يمكث في الأرض أربعين يومًا، ويحتمل أنَّهما دخانان؛ جمعًا بين الروايتين والقولين، والله أعلم.

قوله: ({يَوْمَ نَبْطشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى} [الدخان: 16]: يَوْمَ بَدْرٍ، و {لِزَامًا} [الفرقان: 77]: يَوْمَ بَدْرٍ)، وهذا صريح في أنَّ (البطشة) و (اللزام): يوم بدر، وقد تَقَدَّمتْ الإشارة إلى ذلك في (الفرقان) في كلام؛ فانظره، و {نبطش}: بكسر الطاء وضمِّها؛ لغتان، وهذا معروف.

(1/8607)

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (بينما).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (يأخذ)؛ بغير واو، وكانت في (ق) ثمَّ مُسِحت وصُحِّح عليها.

[3] (منه): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 326]

(1/8608)

[{لا تبديل لخلق الله}]

(1/8609)

[حديث أبي هريرة: ما من مولود إلا يولد على الفطرة]

4775# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقب له، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف الزُّهريُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ): تَقَدَّم الكلام على (الفطرة) في (الجنائز) في (باب: إذا أسلم الصبيُّ فمات؛ هل يُصلَّى عليه؟)، وكذا (تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ)، وأنَّه مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وأنَّه لم يُسمَع إلَّا كذلك، و (البهيمةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وعلى (جَمْعَاءَ)، وعلى (تُحِسُّونَ)، وأنَّ الأفصح فيه الرباعيُّ، وعلى (جَدْعَاءَ).

==========

[ج 2 ص 326]

(1/8610)

(((31))) [لقمان]

(1/8611)

[{لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}]

(1/8612)

[حديث: إنه ليس بذاك ألا تسمع إلى قول لقمان لابنه ... ]

4776# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ الفقيه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، تَقَدَّموا كلُّهم.

قوله: (إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ): قال السهيليُّ: (لقمان بن عنقاء بن سرون فيما ذكروا ... ) إلى أن قال: وليس هو بلقمان بن عاد الحميريِّ، انتهى، وقال الثعلبيُّ في «العرائس»: كان لقمان مملوكًا، وكان أهونَ مملوكي سيِّده عليه، قال: وأوَّل ما ظهر من حكمته أنَّه كان مع مولاه، فدخل مولاه الخلاء،

[ج 2 ص 326]

فأطال الجلوس، فناداه لقمان: إنَّ طول الجلوس على الحاجة تتَّجِعُ منه الكبد، ويورث الباسور، ويُصعِد الحرارة إلى الرأس، فاجلس هُوَينى وقُم، فخرج مولاه، وكتب حكمته على باب الخلاء، ورُوِيَ أنَّه كان عبدًا حبشيًّا نجَّارًا، انتهى، وقيل: نوبيًّا من سودان مصر، ذو مشافر، وكان خيَّاطًا، وقيل: راعيًا، وقيل: كان ابن أخت أيُّوب، وقيل: ابن خالته، وزمانُه ما بين عيسى ومحمَّد صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقيل: وُلِد لعشر سنين من ملك داود، وبقي إلى عهد يونس، وقد اتَّفق العلماء على أنَّه ليس بنبيٍّ، إلَّا ما يُحكى عن عكرمة وبعض الناس معه فقالوا: هو نبيٌّ، وإخراج البُخاريِّ له في (كتاب الأنبياء) يدل على أنَّه عنده نبيٌّ، وقد تَقَدَّم، وأمَّا ابنه؛ فاسمه أنعم، وقيل: ماثان، وقيل: مَشْكُور، وقال السهيليُّ: اسمه: ثاران، فيما ذكر الزَّجَّاج وغيره، وقيل في اسمه غير ذلك، انتهى، وقد تَقَدَّم.

(1/8613)

[{إن الله عنده علم الساعة}]

(1/8614)

[حديث: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ورسله]

4777# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، عَنْ جَرِيرٍ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (باب الخمس) في (بابٌ: في قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41])، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في هذا الحديث: إنَّه إسحاق بن إبراهيم، و (جَرِير): هو ابن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، و (أَبُو حَيَّانَ): بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثنَّاة تحت، قال الدِّمْياطيُّ: أبو حيَّان: يحيى بن سعيد التيميُّ، و (أَبُو زُرْعَةَ): هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ، انتهى، وقد تَقَدَّم هذا مرارًا، وفي اسم أبي زُرعة أقوالٌ أخرى ذكرتها.

قوله: (إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا الإِيمَانُ؟): هذا الرجل هو جبريل صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، كما سيجيء في الحديث نفسِه، وقد مضى أيضًا.

قوله: (بِالْبَعْثِ الآخِرِ): هو بكسر الخاء، تَقَدَّم الكلام عليه في (كتاب الإيمان)، وعلى قوله: (إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ [1] رَبَّتَهَا).

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (المرأة)، وهي في (ق) مخرومة.

[ج 2 ص 327]

(1/8615)

[حديث: مفاتيح الغيب خمس ثم قرأ: {إن الله عنده علم الساعة}]

4778# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ): هذا هو يحيى بن سليمان الجعفيُّ، أبو سعيد الكوفيُّ، نزل مصر، عن الدراورديِّ والمحاربيِّ، وعنه: البُخاريُّ والحسن، صُويلِحٌ، تُوُفِّيَ سنة (237 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، له ترجمة في «الميزان»، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 327]

(1/8616)

(((32))) [{تنزيل} السجدة]

قوله: (الَّذِي [1] لاَ تُمْطَرُ إِلاَّ مَطَرًا لاَ يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا): (تُمطَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقوله: (الذي): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (التي)، وهذه على الجادَّة.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (التي).

[ج 2 ص 327]

(1/8617)

[{فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}]

(1/8618)

[حديث: قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت .. ]

4779# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ الناقد، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن ذكوان، وأنَّ (الأَعْرَجَ) عبدُ الرَّحمن بن هرمز.

قوله: (وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ): قائل ذلك: هو عليُّ بن عبد الله، هو ابن المدينيِّ، و (سفيان): هو ابن عيينة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (قِيلَ لِسُفْيَانَ: رِوَايَةً؟): تَقَدَّم أنَّ معنى قول الراوي: (روايةً)، و (يبلُغُ به)، و (يَنْمِيه)، و (يرفعه)؛ أي: مرفوعًا، وإذا قال ذلك التابعيُّ؛ فهو مرسلٌ.

==========

[ج 2 ص 327]

(1/8619)

[حديث: يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت]

4780# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، أبو محمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان.

قوله: (مِنْ [1] بَلْهِ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ): وفي نسخة في هامش أصلنا: (بَلْهَ)؛ من غير (مِن)، ورأيت في حاشيةِ نسخةٍ من هذا «الصحيح» ما لفظه: اتَّفقت نُسَخُ «الصحيح» على قوله: (مِن بَلْهِ)، والصواب: إسقاط حرف (مِن) لا غير، هكذا نقلتُ هذه الحاشية من خطِّ الصغانيِّ، وعلى مذهب الكوفيِّين: يجوز أن تكون (مِن) زائدةً؛ كما يقولون: قد كان من مطر، انتهت، وقال ابن هشام الإمام جمال الدين القاهريُّ النحويُّ في كتاب «المغني» له، ومنه نقلت: (بله) على ثلاثة أوجه: اسم؛ كـ (دَعْ)، ومصدرٌ بمعنى الترك، واسمٌ مرادفٌ لـ (كيف)، وما بعدها منصوب على الأوَّل، ومخفوضٌ على الثاني، ومرفوعٌ على الثالث، وفتحها بناءٌ على الأوَّل والثالث، وإعرابٌ على الثاني، ومن الغريب أنَّ في «البُخاريِّ» في (تفسير سورة السجدة): يقول الله: «أعددت لعبادي ... »، وساق حتَّى قال: «من بَلْهِ ما أُطلِعْتُم عليه»، فاستُعمِلت معربةً مجرورة بـ (من)، وخارجةً عن المعاني الثلاثة، وفسَّرها بعضهم بـ (غير)، وهو ظاهرٌ، وبهذا يتقوَّى من يعدُّها في ألفاظ الاستثناء، انتهى.

وفي «الصحاح»: و (بَلْهَ): كلمةٌ مبنيَّة على الفتح؛ مثل: كيف؛ ومعناها: دَعْ، وأنشد بيتًا شاهدًا لذلك، ثُمَّ قال: قال الأخفش: (بَلْه) ههنا _ يعني: في البيت_ بمعنى المصدر؛ كما تقول: ضَرْبَ صيدٍ، ويقال: معناها: سوى، وفي الحديث ... ، فذكر هذا الحديث، وقال في «المطالع»: (بَلْهَ)؛ أي: دَعْ عنك؛ كأنَّه إضراب عمَّا ذكره؛ لاستحقاره في جنب ما لم يُذكَر، وقيل: معنى ذلك: كيف ما أُطلِعتم عليه؟ وقال شيخنا: قال ابن التين: ضبطه بفتح الهاء؛ كأنَّه رآه فيها مثل: كيف، وأين، وفي بعضها الكسرُ، وهو الظاهر؛ لأنَّه مضاف إلى ما بعده؛ مثل: «قبلُ» و «بعدُ» إذا أضيفا، انتهى.

(1/8620)

قوله: (قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي [2] هُرَيْرَةَ: {قُرَّاتِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]) [3]: (أبو معاوية): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن خازم الضرير؛ بالخاء المعجمة، و (الأعمش): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ذكوان، وقوله: {قرات أعين}؛ يعني: بالجمع، وهي قراءة عبد الله، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، وفي «المستدرك» في (القراءات) عن أبي هريرة: أنَّه عَلَيهِ السَّلام قرأ كذلك، وقال: صحيح، وأقرَّه الذهبيُّ في «تلخيصه»، والله أعلم، وعلى كلِّ تقديرٍ؛ فهي شاذَّةٌ.

==========

[1] (من): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية الأصيليِّ.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قرأ أبو).

[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وجاء هذا القول في رواية «اليونينيَّة» متقدِّمًا على هذا الحديث، وكلمة (أعين): ثابتة في رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر، وليست في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 327]

(1/8621)

(((33))) [الأحزاب]

(1/8622)

[{النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}]

(1/8623)

[حديث: ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة]

4781# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّم أنَّ (فُلَيحًا) بضمِّ الفاء، وفتح اللام.

قوله: (أَوْ ضَيَاعًا): (الضَّياع): بفتح الضاد _وسيأتي في كلام «النِّهاية» ما يقتضي أنَّه يقال بكسرها_ وبتخفيف المثنَّاة تحت بعدها، وفي آخره عين مهملة، قال ابن قُرقُول: هم العيال، سُمُّوا باسم الفعل، ضاع الشيء ضياعًا؛ أي: من ترك عيالًا عالةً وأطفالًا يضيعون بعده، أمَّا بكسر الضاد؛ فجمع ضائع، والرواية عندنا بالفتح، وقد رُوِيَ: (مَن ترك ضَيعةً)؛ أي: ذي ضَيعة؛ أي: قد تُرِكوا وضُيِّعوا، وهو أيضًا مصدر ضاع العيال ضيعة وضياعًا، وأضعتهم: تركتهم، انتهى.

وفي «النِّهاية»: الضياع: العيال؛ وأصله: مصدر ضاع يضيع ضياعًا، فسُمِّيَ العيال بالمصدر؛ كما تقول:

[ج 2 ص 327]

مَن مات وترك فقرًا؛ أي: فقراء، وإن كسرتَ الضاد؛ كان جمعَ ضائع؛ كجائع وجياع، انتهى.

(1/8624)

[{ادعوهم لآبائهم}]

(1/8625)

[حديث: أن زيد بن حارثة مولى رسول الله ما كنا ندعوه إلا زيد]

4782# قوله: (حَدَّثَنِي سَالِمٌ): هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، هو أحد الفقهاء السبعة على قول.

قوله: (أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه رضي الله عنه، وأنَّه مولى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وحِبُّه، وتَقَدَّم أنَّ (حارثة) والدَه عُدَّ في الصَّحابة.

==========

[ج 2 ص 328]

(1/8626)

[{فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلًا}]

قوله: ({لآتَوْهَا} [الأحزاب: 14]: لَأَعْطَوْهَا): (آتَوها): بالمدِّ؛ وِفاقًا لما فُسِّر به، وما قاله هو أحد القراءتين فيها، وقد قرأ بالمدِّ غير الحِرْمِيَّين؛ وهما نافع وابن كثير، وقرأ الحِرْميَّان بالقصر.

==========

[ج 2 ص 328]

(1/8627)

[حديث: نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر]

4783# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار.

قوله: (نُرَى هَذِهِ الآيَةَ): (نُرَى): بضمِّ النون؛ أي: نظنُّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (نَزَلَتْ فِي أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ): تَقَدَّم الكلام على أنس هذا، (والنضر): بالضاد المعجمة، وتَقَدَّم أنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ (نصرًا) بالصاد المهملة لا يأتي بالألف واللام، بخلاف النضر بالمعجمة، فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، و (أنس) هذا: هو عمُّ أنس بن مالك بن النضر، استشهد بأُحُد، وكان من السادات رضي الله عنه.

فائدةٌ: في «الحلية» لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ الأصبهانيُّ: أنَّه عَلَيهِ السَّلام تلا هذه الآية على المنبر، فسأله رجل: مَن هؤلاء؟ فأقبل طلحة بن عُبيد الله، فقال عَلَيهِ السَّلام: «هذا منهم»، وكذا في «ابن ماجه»، وكذا في «التِّرْمِذيِّ» في (التفسير): أنَّ طلحة ممَّن قضى نحبه، وعن «تفسير ابن أبي حاتم»: أنَّ عمَّارًا منهم، وعن «تفسير ابن سلَّام يحيى»: هم حمزة وأصحابه، قال شيخنا: وقال ابن التين: كان ممَّن برز ذلك اليوم عبدُ الله بن جحش، وقُتِل في أُحُد، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23]: طلحة بن عبيد الله منهم، انتهى ما ذكره شيخنا، فاجتمع منهم: أنس بن النضر، وطلحة بن عبيد الله، وعمَّار، وحمزة وأصحابه، انتهى، والظاهر أنَّه عنى بـ (أصحابه): شهداء أُحُد.

(1/8628)

ثُمَّ إنِّي رأيت في «المستدرك» في (القراءات) من حديث أبي هريرة: أنَّه عَلَيهِ السَّلام حين انصرف من أُحُد مرَّ على مصعب بن عمير فوقف عليه، ودعا له، ثُمَّ قرأ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} ... ؛ الآية [الأحزاب: 23]، ثُمَّ قال: «أشهد أنَّ هؤلاء شهداءُ عند الله»، الحديث على شرط البُخاريِّ ومسلمٍ، تعقَّبه الذهبيُّ فقال: كذا قال، وأنا أظنُّه موضوعًا، وقطن لم يرو له مسلم، وعبد الأعلى لم يخرِّجا له، وحديث عائشة: «أنَّ طلحة ممَّن قضى نحبه» هو في «المستدرك» في (سورة الأحزاب)، قال الذهبيُّ عقيبه: بل إسحاق متروك، انتهى، و (إسحاق) هذا: هو إسحاق بن يحيى بن طلحة، وقد ذكر الحديث في أنَّ مصعبًا ممَّن قضى نحبه في ترجمة مصعب في «المستدرك» من حديث أبي ذرِّ قال: لمَّا فرغ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يوم أُحُد؛ مرَّ على مصعب مقتولًا، فقرأ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} ... ؛ الآية، صحيح ولم يتعقَّبه الذهبيُّ، والله أعلم.

(1/8629)

[حديث: لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت آيةً من سورة الأحزاب]

4784# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ [1]): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (الجهاد).

قوله: (إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ [2]، الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ): (خزيمة) هذا: هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الأوسيُّ الخطميُّ، أبو عُمارة، ذو الشهادتين، بدريٌّ عند بعضهم، والمحفوظ: أنَّه شهد أحدًا وما بعدها، وقُتِل مع عليٍّ، وقد قدَّمتُ في (الجهاد) قصَّة جعل عَلَيهِ السَّلام شهادَتَه شهادةَ رجلين، وهو في قصَّة الفَرَس الذي اشتراه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من سواء بن قيس، أو [3] هو سواء بن الحارث، المحاربيُّ، فجحده سواء، فشهد خزيمة بتصديقه عَلَيهِ السَّلام ولم يشهد العقد، وإنَّما شهد بتصديقه عَلَيهِ السَّلام، وهذا فهمٌ عظيمٌ من خزيمة، والفَرَس المشار إليه: المرتجز، وكان أبيض، وقيل: هو الطِّرف؛ بكسر الطاء، وقيل: النجيب.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (خزيمة الأنصاريِّ).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (الأنصاريِّ).

[3] في (أ): (وهو)، والمثبت موافق لما في المصادر، انظر: «أسد الغابة»، و «الإصابة».

[ج 2 ص 328]

(1/8630)

[{يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة}]

(1/8631)

[حديث: إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك]

4785# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، تَقَدَّموا كلُّهم مترجمين.

قوله: (فَبَدَأَ بِي): (بدأ): مهموز الآخر، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ): هما أبو بكر وأمُّ رومان.

==========

[ج 2 ص 328]

(1/8632)

[{وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة ... }]

(1/8633)

[معلق الليث: إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن لا تعجلي ... ]

4786# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ ... ) إلى آخره: هذا تعليق، و (الليث): هو ابن سعد، أحد الأعلام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، قال شيخنا: يجوز أن يكون أخذه _يعني: البُخاري_ عن كاتب الليث أبي صالح عبد الله بن صالح، فإنَّ الحديث عنده، وليس هو عند البُخاريِّ ممَّن يُخرَّج له في الأصول، إلَّا في موضع واحد في (البيوع) صرَّح بسماعه منه وروايتِه عنه، انتهى، وفي «التذهيب» رقم له (خت)، وقال: وعنه البخاريُّ تعليقًا، واستشهد به في «الصحيح»، وقيل: إنَّه روى عنه في «الصحيح» أيضًا، كما نذكره في اسم الذي بعده، وقال في ترجمة الذي بعده وهو عبد الله بن صالح العجليُّ، وقد ذكر مكانًا في (سورة الفتح) في (التفسير)، ثُمَّ قال: قال شيخنا أبو الحجَّاج: وأَوْلى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: إنَّه كاتب الليث ... إلى آخر كلامه، وسأذكره في (سورة الفتح) إن شاء الله تعالى.

وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن أبي اليمان عن شعيب، وقال: تابعه موسى بن أعين عن معمر، وقال: الليث عن يونس؛ ثلاثتهم عن الزُّهريِّ به، وأخرجه مسلم من طريق يونس، لكن عن أبي الطاهر وحرملة؛ كلاهما عن ابن وهب عنه، وكذا التِّرْمِذيُّ من طريق يونس، عن عبد بن حميد، عن عثمان بن عمر، عنه، وقال: حسن صحيح، وقد رُوِيَ عن عروة عن عائشة، وأخرجه النَّسائيُّ في (النكاح) عن محمَّد بن يحيى بن عبد الله، عن موسى بن أعين، عن أبيه، عن معمر به، وفي (الطلاق) عن يونس بن عبد الأعلى الصدفيِّ، عن ابن وهب، عن يونس وموسى بن عليٍّ؛ كلاهما عن ابن شهاب به.

قوله: (لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ورسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (بَدَأَ بِي): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بهمز آخره.

قوله: (أَنَّ أَبَوَيَّ): أبواها معروفان: أبو بكر الصِّدِّيق عبدُ الله بن عثمان، وأمُّ رومان: دعد [1]، ويقال: زينب، تَقَدَّما مرارًا.

(1/8634)

قوله: (ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ)، وكذا يأتي في (باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجِها) في (النكاح)، ففيه إبطالٌ لقول من قال: إنَّ فاطمة بنت قيس أختَ الضَّحَّاك بن قيس الكلابيَّة لم تخترْهُ، وكان قد دخل بها، فاختارت الدنيا وزينتها، فسرَّحها عَلَيهِ السَّلام، فلمَّا كان في زمن عمر رضي الله عنه؛ وُجِدت تلقط البعر، وتقول: اخترت الدنيا على الآخرة، فلا دنيا ولا آخرة، قال ابن الطلاع: إنَّها كانت تلقط البعر وتقول: أنا الشقيَّة، قال الذهبيُّ في «تجريده»: فاطمة بنت الضَّحَّاك الكلابيَّة، يقال: إنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم تزوَّج بها، وليس بشيء، انتهى، وقد ذكرها ابن عبد البَرِّ، وذكر القصَّة وردَّها، وقيل: إنَّ التي كانت تقول: أنا الشقيَّة المستعيذة منه، وقيل غير ذلك، وما أظنُّ أنا أنَّ أحدًا من الصحابيَّات تختار الدنيا على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، كيف نظنُّ بأحدٍ منهنَّ ذلك؟! وهذا لا يصحُّ عن أحد فيما أعلم، والله أعلم.

قوله: (تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): يجوز أنْ يعود الضمير في قوله: (تابعه) على الليث، ويجوز أن يعود على يونس، و (موسى بن أعين): حرَّانيٌّ، يروي عن خُصيف، وعبد الله بن محمَّد بن عَقيل، وعنه: ابنه محمَّد، والنفيليُّ، ويحيى بن يحيى، ثِقةٌ، مات سنة (177 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (معمر): هو ابن يزيد، بإسكان العين، ومتابعة موسى تَقَدَّمتْ أعلاه.

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو سُفْيَانَ الْمَعْمَرِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): أمَّا (عبد الرزَّاق)؛ فهو ابن همَّام، الحافظ الكبير، وتعليقه أخرجه ابن ماجه عن محمَّد بن يحيى، عن عبد الرزَّاق، عن معمر به، و (أبو سفيان المَعمَريُّ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو سفيان: محمَّد بن حميد البصريُّ المَعمَريُّ، سُمِّيَ بذلك؛ لرحلته إلى معمر، تُوُفِّيَ سنة اثنتين ومئتين، روى له مسلم والنَّسائيُّ، انتهى.

(1/8635)

و (المَعْمَري): بفتح الميمين، وإسكان العين، ويعرف هذا من كلام الدِّمْياطيِّ، لكن إنَّما يعرفه المحدِّثون، وهو محمَّد بن حميد اليشكريُّ، بصريٌّ، ثِقةٌ، نزل بغداد، وكان مذكورًا بالصلاح والعبادة، روى عن هشام بن حسَّان، ومعمرٍ، وسفيان، وعنه: أبو خيثمة، وسريج بن يونس، وعمرو الناقد، وسفيان بن وكيع، وخلقٌ، وثَّقه ابن معين، وعنه: هو أحبُّ إليَّ من عبد الرزَّاق، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، قال ابن قانع: مات سنة اثنتين وثمانين ومئة، انتهى، أخرج له مسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، له ترجمة في «الميزان»، ما ذكر فيها سوى كلام العقيليِّ: في حديثه نظرٌ، ثُمَّ ساق له العقيليُّ حديثًا لا بأس به، انتهى كلام الذهبيِّ، ثُمَّ أرَّخه كما ذكرتُه، فقول الدِّمْياطيِّ: (تُوُفِّيَ سنة اثنتين ومئتين) فيه نظر، ولعلَّه: اثنتين وثمانين، ولم يذكر المئة اعتمادًا على الطبقة، فتصحَّفت على الناقل عنه، ثُمَّ إنِّي نظرت «الكمال» لعبد الغنيِّ، فرأيته أرَّخه كما قاله الدِّمْياطيُّ، فبَرِئا من العهدة؛ الدِّمْياطيُّ والناقلُ عنه، والله أعلم، وقوله: (روى [له] مسلم والنَّسائيُّ): قد ذكرت لك أنَّه أخرج له ابن ماجه أيضًا.

[ج 2 ص 328]

==========

[1] في (أ): (دعدد).

(1/8636)

[{ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ... }]

(1/8637)

[حديث: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله]

4788# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّ عبارة عائشة رضي الله عنها صريحةٌ: أنَّ اللَّاتي وهبْنَ أنفسَهنَّ لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم جماعةٌ، وقد حضرني منهن من قيل عنها ذلك، أو ثبت ذلك عنها: خَوْلة _أو خُويلة_ بنت حكيم السُّلَميَّة، كانت امرأة صالحة تُكنَّى أمَّ شريك، قيل: هي التي وهبت نفسها، وأمُّ شريك العامريَّة، قال أبو عمر: اسمها غُزيَّة بنت دودان بن عوف بن عمرو بن عامر بن رفاعة بن حجر _ويقال: حجير_ بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤيٍّ، يقال: هي التي وهبت نفسها، وقيل غير ذلك في جماعة سواها، وقد اختلفوا في تعيين المذكورة في قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50]، فقيل: أمُّ شريك، قاله عروة، وأخرجه النَّسائيُّ عنها، وقيل: ميمونة بنت الحارث، قاله ابن عبَّاس، وقال الشعبيُّ: هي زينب بنت خزيمة الأنصاريَّة أمُّ المساكين، وقيل: اسم أمِّ شريك غُزيَّةُ بنت جابر بن حكيم، وقيل: بنت دودان، وقيل: غُزَيلة، وقيل: ليلى بنت الخطيم، وقيل: فاطمة بنت شريح، وقيل: خولة بنت حكيم، قالته عائشة، ففي «البُخاريِّ» و «مسلم»: (كانت خولة بنت حكيم من اللَّاتي وهبن أنفسهنَّ لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ... )؛ الحديث.

قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «تهذيبه»: قوله في أوَّل (الصداق) من «المهذَّب»: (أنَّ امرأةً قالت: قد وهبت نفسي لك يا رسول الله): اسمها خولة بنت حكيم بن أُمَيَّة، وقيل: أمُّ شريك، وهو الأشهر وقول الأكثرين، وقال ابن سعد: اسمها: غُزيَّة بنت جابر، انتهى.

وأمَّا التي وهبت نفسها فزوَّجها عَلَيهِ السَّلام على سور من القرآن؛ قال ابن بشكوال في «مبهماته»: اختُلِف فيها، فقيل: خولة بنت حكيم، وقيل: أمُّ شريك، ويقال: ميمونة، وساق لكلِّ قول شاهدًا، وقد ذكر بعضُهم في الواهبة اختلافًا؛ هل هي أمُّ شريك، أو خولة بنت حكيم، أو غُزيَّة بنت جابر، أو ميمونة، أو زينب بنت خزيمة الأنصاريِّ؟ انتهى.

==========

[ج 2 ص 329]

(1/8638)

[حديث: أن رسول الله كان يستأذن في يوم المرأة منا]

4789# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء، وتَقَدَّم من يقال له كذلك: حِبَّان؛ بالكسر، وأنهم: هذا، وحِبَّان بن عطيَّة، وحِبَّان ابن العرقة، وأنَّ هذا كافرٌ هلك على كفره، وأنَّه هو الذي رمى سعدَ بن معاذ في الخندق، و (عَبْدُ اللهِ) بعد (حِبَّان) هذا: تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (تَابَعَهُ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ: سَمِعَ عَاصِمًا): الضمير في (تابعه): يعود على عبد الله؛ هو ابن المبارك، و (عبَّاد) هذا: هو ابن عبَّاد بن حبيب بن المهلَّب بن أبي صُفْرَةَ، الأزديُّ العَتَكيُّ المُهلَّبيُّ البصريُّ، أبو معاوية، عن أبي جمرة الضُّبَعيِّ، ويونس بن خبَّاب، وعاصمٍ الأحول، وهشام بن عروة، وجماعةٍ، وعنه: أحمد ابن حنبل، وقتيبة، ومسدَّد، وابن معين، وأبو عُبيد، وجماعةٌ آخرهم الحسن بن عرفة، قال أحمد: ليس به بأس، كان رجلًا عاقلًا أديبًا، وقال ابن معين وأبو داود: ثِقةٌ، وقال أبو حاتم: صدوق لا يحتجُّ به، وقال التِّرْمِذيُّ عن قتيبة: ما رأيت مثل هؤلاء الفقهاء الأشراف الأربعة: مالك، والليث، وعبَّاد بن عبَّاد، وعبد الوهَّاب الثقفيُّ، تُوُفِّيَ ببغداد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة إحدى وثمانين ومئة، أخرج له الجماعة، وهذا غير عبَّاد بن عبَّاد الأُرسوفيِّ، وغير عبَّاد بن عبَّاد المازنيِّ، لصاحب الترجمة ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (عاصم) بعده: هو الأحول المذكور في السند قبله، ومتابعة عبَّاد أخرجها مسلم في (الطلاق) عن سريج بن يونس، عن عبَّاد، عن عاصم به، وأخرجها أبو داود في (النكاح) عن ابن معين، ومحمَّد بن عيسى بن الطَّبَّاع؛ كلاهما عن عبَّاد به، وأخرجها النَّسائيُّ في (عشرة النساء) عن محمَّد بن عامر المصيصيِّ، عن محمَّد بن عيسى به.

==========

[ج 2 ص 329]

(1/8639)

[{لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ... }]

قوله: (أَنَى يَأْنِي أَنَاةً): وفي نسخة: (أنى يأني أنًى)، قال الدِّمْياطيُّ: (الوجه: أنْيًا)، انتهى، وفي «الصحاح»: أنى يأني إنًى؛ أي: حان، وأَنَى أيضًا: أدرك، قال عزَّ وجلَّ: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53]، يقال: أنى الحميم؛ أي: انتهى حرُّه، ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرَّحمن: 44]، وآناه يؤْنيه إيْناءً؛ أي: أخَّرَه، وحبسه، وأبطأه، والاسم منه: الأناء ... إلى أن قال: وتأنَّى في الأمر؛ أي: ترفَّق وتنظَّر، واستأنى [به]؛ أي: انتظر به [1]، يقال: استُؤنِيَ به حولًا، والاسم الأَنَاةُ؛ مثل: قَنَاةٍ، انتهى.

فقول البُخاريِّ: (أَنَى يَأْنِي أَنَاةً) لم يذكر فيها الجوهريُّ إلَّا (إنًى)، وأمَّا (أناة) وإن كانت من المادَّة إلَّا أنَّها مصدر من (استأنى)؛ بمعنى: ترفَّق وانتظر، فما عمله الجوهريُّ لم يكن ما في الأصل ولا ما في الهامش موافقًا له، والله أعلم.

(1/8640)

قوله: ({لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: 63]: إِذَا وَصَفْتَ صِفَةَ الْمُؤَنَّثِ؛ قُلْتَ: قَرِيبَةً، وَإِذَا جَعَلْتَهُ ظَرْفًا وَبَدَلًا وَلَمْ تُرِدِ الصِّفَةَ؛ نَزَعْتَ الْهَاءَ مِنَ الْمُؤَنَّثِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُهَا فِي الْوَاحِدِ والاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ، لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى)، انتهى: هذا لفظه، وهو كلام حسنٌ، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (يقال: {إِنَاهُ} [الأحزاب: 53]: إدراكه ... ) إلى آخره، وفيه الكلام على قوله: {لعلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}: هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى، وكنت قد رأيت في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمةَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] هذا الجوابَ، أو يقال: إنَّ (فعيلًا) يوصف به المؤنَّث بلا علامة تأنيث كما يوصف به المذكَّر؛ نحو: امرأة قتيل، وكفٌّ خضيب، وقد قال الجوهريُّ: (وقوله: {إنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ}، ولم يقل: قريبة؛ لأنَّه سبحانه أراد بـ «الرحمة»: الإحسان، ولأنَّ ما لا يكون تأنيثه حقيقيًا؛ جاز تذكيره، وقال الفرَّاء: إذا كان «القريب» في معنى المسافة؛ يُذكَّر ويُؤنَّث، وإذا كان في معنى النسب؛ يؤنَّث بلا خلاف بينهم)، انتهى، وقال الزمخشريُّ: ({قَرِيبٌ} على تأويل «الرحمة» بالرحم أو الترحُّم، أو لأنَّه صفة موصوف محذوف؛ أي: شيءٌ قريبٌ، أو على تشبيهه [2] بـ «فعيل» الذي هو بمعنى «مفعول»، كما كان ذلك به، فقيل: قُتَلاء وأُسَراء، أو على أنَّه بزنة المصدر الذي هو النقيض والضغيب، أو لأنَّ تأنيث «الرحمة» غيرُ حقيقيٍّ)، انتهى.

==========

[1] في (أ): (انتظرته)؛ بنقط التاء، والمثبت موافق لما في مصدره.

[2] في (أ): (تشبيه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 329]

(1/8641)

[حديث: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر]

4790# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (حُمَيْدٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الطويل، ابن تير ويقال: تيرويه، وأنَّ كلَّ ما في «البُخاريِّ» والكُتُب السِّتَّة: (حميد عن أنس) هو الطويل، إلَّا في حديثين ذكرتُهما غيرَ مرَّةٍ، والحديثان: «أَخَذ الرايةَ زيدٌ فأُصيب»، فهو في «البُخاريِّ» و «النَّسائيِّ»، والثاني: «كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غَنْم موكب جبريل» في «البُخاريِّ» فقط، فهو حُميد بن هلال.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الْحِجَابِ): تَقَدَّم أنَّها أُنزِلت في مبتنى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بزينب بنت جحش، وقد تَقَدَّم متى تزوَّج بها، وحكيتُ في ذلك ثلاثةَ أقوال: سنة أربع، وقيل: ثلاث، وقيل: خمس، وهي أوَّل نسائه لحوقًا به، تُوُفِّيَت سنة عشرين، أو سنة إحدى وعشرين، وقد تَقَدَّم ذلك، وقد رأيت في «معجم الطبرانيِّ الصغير» في (الأباره [1]) ما لفظه: حدَّثنا إبراهيم بن بندار الأصبهانيُّ: حدَّثنا محمَّد بن أبي عمر العَدَنيُّ: حدَّثنا سفيان بن عيينة عن مسعر، عن موسى بن أبي كثير، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت آكل مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حَيسًا في قعب، فمرَّ عمر رضي الله عنه، فدعاه فأكل، فأصابت إصبعُه إصبعي، فقال: حسَّ أوه، لو أُطاع فيكُنَّ؛ ما رأتْكُنَّ عينٌ)، فنزلت آية الحجاب، لم يروه عن مسعر إلَّا سفيان بن عيينة، انتهى.

فظاهره أنَّها نزلت في عائشة، وهذا الحديث في «النَّسائيِّ» في (التفسير) عن زكريَّا بن يحيى عن ابن أبي عمر به، وقد ذكر شيخنا أسبابًا في نزول الحجاب، ثُمَّ قال: والجمع بين هذه الأقوال _والله أعلم_ أنَّ بعض الرواة ضمَّ قصَّةً إلى أخرى، ونزلت

[ج 2 ص 329]

الآية عند المجموع، انتهى.

(1/8642)

[حديث: لما تزوج رسول الله زينب دعا القوم فطعموا]

4791# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ): هو بفتح الراء، وتخفيف القاف [1]، وشين معجمة بعد الألف، مشهورٌ ظاهرٌ، و (أَبُو مِجْلَزٍ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه لاحق بن حُمَيد، قال الدِّمْياطيُّ: لاحق بن حميد بن سعيد بن خالد البصريُّ، مات سنة تسع ومئة، انتهى.

وقوله في وفاته: (سنة تسع ومئة): هو قولٌ قاله الفلَّاس وغيره، وقيل: إنَّه تُوُفِّيَ في خلافة عمر بن عبد العزيز، قاله المدائنيُّ وجماعةٌ، وقال خليفة: مات سنة ستٍّ ومئة، وقدَّم الذهبيُّ في «تذهيبه» هذين القولين على ما حكاه الدِّمْياطيُّ، والظاهر أنَّه كذلك في «التهذيب» للمزِّيِّ، وفي «الكاشف» اقتصر على ستٍّ ومئة، والله أعلم.

قوله: (لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ [3] بِنْتِ جَحْشٍ): قد قدَّمتُ لك الخلاف متى تزوَّج بها قريبًا وبعيدًا.

قوله: (وَقَعَدَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ): هؤلاء الثلاثة لا أعرف أسماءهم، وسيجيء (فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ رَأَى رَجُلَيْنِ)، وسيجيء: (وَبَقِيَ نَفَرٌ) [خ¦5163]، ويجيء أيضًا: (وَبَقِيَ رَهْطٌ) [خ¦5166]، ويجيء الكلام على (النفر) و (الرهط)، وقد تَقَدَّم، والحاصل: أنَّه لا منافاة بين الروايات، والله أعلم، وقد ذكر شيخنا رواية: (بقي ثلاثة)، ورواية: (رجلين)، ثُمَّ قال: لعلَّه باعتبارَين كانوا ثلاثة، ذهب واحد وبقي اثنان، وهو أولى [4] من قول ابن التين: إحداهما وَهَمٌ، انتهى.

==========

[1] في (أ): (الفاء)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (زينب)؛ بغير باء.

[4] في (أ): (أوَّل)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 330]

(1/8643)

[حديث: أنا أعلم الناس بهذه الآية آية الحجاب]

4792# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، الإمام، أحد الأعلام، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن زيد الجرميُّ.

قوله: (فَضُرِبَ الْحِجَابُ): (ضُرِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والحجابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

(1/8644)

[حديث: بني على النبي بزينب بخبز ولحم]

4793# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ.

قوله: (بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ): (أُرسِلْتُ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء مضمومة على التكلُّم.

قوله: (وَبَقِيَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ): تَقَدَّم أنِّي لا أعرفهم، وتَقَدَّم أنَّ (الرهط): ما دون العشرة من الرجال؛ كالنفر.

قوله: (أَهْلَ الْبَيْتِ): هو منادى مضافٌ منصوبٌ.

قوله: (فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ): (تقرَّى): بغير همزٍ، معتلٌّ؛ أي: تتبَّعهنَّ واحدة بعد واحدةٍ، يقال: قروت الأرض: تتبَّعتها أرضًا بعد أرض، وناسًا بعد ناس.

قوله: (كُلِّهِنَّ): بالجرِّ؛ لأنَّه تأكيد لـ (نسائه)، وهو مجرورٌ، لا لـ (الحُجَرِ)، وهذا معروف ظاهرٌ.

قوله: (فَإِذَا ثَلاَث رَهْط): تَقَدَّم أنَّ هؤلاء الثلاثة لا أعرفهم.

قوله: (آخْبَرْتُهُ؟): هو بمدِّ همزة الاستفهام، ويجوز تحقيقها.

قوله: (أَوْ أُخْبِرَ؟): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا معروفٌ.

قوله: (فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ): قال الدِّمْياطيُّ: قال الخليل: أُسْكُفَّة الباب: عتبته التي يوطأ عليها، انتهى، وفي «الصحاح»: أُسكفَّة الباب: عتبته.

قوله: (دَاخِلَةً وَأُخْرَى خَارِجَةً): (داخلة) و (خارجة): منصوبان منوَّنان، وذلك معروفٌ.

==========

[ج 2 ص 330]

(1/8645)

[حديث: أولم رسول الله حين بنى بزينب ابنة جحش فأشبع الناس]

4794# قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حميد الطويل، لا حميد بن هلال.

قوله: (رَأَى رَجُلَيْنِ): تَقَدَّم الكلام على الجمع بين هذا وبين (ثلاثة رهط) قريبًا، وتَقَدَّم أنَّ هذين لا أعرفهما أيضًا.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى): أمَّا (ابن أبي مريم)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن محمَّد، انتهى، وقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه كـ (حدثنا)، غير أنَّه يكون غالبًا أخذه عنه في حال المذاكرة، وأنَّ مثل هذا يرقم عليه المِزِّيُّ والذهبيُّ تعليقًا، والله أعلم، وأمَّا (يحيى)؛ فقال الدِّمْياطيُّ: يحيى بن أيُّوب، أبو العبَّاس، الغافقيُّ المصريُّ، استشهد به البُخاريُّ، وأخرج له مسلم، انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ في (مسند أنس): إنَّه هو، له ترجمة في «الميزان»، وفيها أحاديث أُنكِرت عليه، أخرج له الجماعة، كذا رقموا عليه، وكذا رأيته في «الكاشف»، و «التذهيب»، و «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (168 هـ).

تنبيهٌ: (يحيى بن أيُّوب) جماعةٌ: يحيى بن أيُّوب العلَّاف، أخرج له النَّسائيُّ، ويحيى بن أيُّوب بن أبي زرعة البجليُّ، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له أبو داود والتِّرْمِذيُّ، وصاحب الترجمة الغافقيُّ أحد العلماء، ويحيى بن أيُّوب المقابريُّ، أخرج له مسلم وأبو داود والنَّسائيُّ، ويحيى بن أيُّوب بن أبي عقال هلالٍ، للبجليِّ ترجمة في «الميزان»، وللغافقيِّ، ولابن أبي عقال، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 330]

(1/8646)

[حديث: إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن]

4795# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (خَرَجَتْ سَوْدَةُ): هذه هي أمُّ المؤمنين سودة بنت زَمعة بن قيس العامريَّة، انفردت بالنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعد خديجة إلى أن دخل بعائشة، رضي الله عنهما، ولمَّا أسنَّت؛ وهبت نوبتها لعائشة، تُوُفِّيَت في آخر خلافة عمر، وهذا قول الأكثرين، روى عنها ابن عبَّاس، ويحيى بن عبدٍ الأنصاريُّ، أخرج لها البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

قوله: (فَانْكَفَأَتْ): هو بهمزة مفتوحة بعد الفاء، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: انقلبت.

قوله: (عَرْقٌ): هو بفتح العين المهملة، وإسكان الراء، وبالقاف، وهو العظم بما عليه من بقيَّة اللحم، يقال: عرقته، وتعرَّقته، واعترقته؛ إذا أكلتَ ما عليه بأسنانك، وقال أبو عُبيد: العَرق: الفِدْرَة من اللحم، قال الخليل: العُراق: العظم بلا لحم، وإن كان عليه؛ فهو عَرْق، قال الهرويُّ: العُراق: جمع (عَرْق) نادرٌ، قال بعضهم: التعرُّق: مأخوذ من العَرْق؛ كأنَّ المتعرِّق أكل ما عليه من لحم وعَرْقٍ وغيرِه.

قوله: (قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ): (أُذِن): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 330]

(1/8647)

[{إن تبدوا شيئًا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليمًا ... }]

[ج 2 ص 330]

قوله: ({إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ} [الأحزاب: 54]): إلى آخر الآية التي تليها، ثُمَّ ساق حديث عائشة: (استأذن عليَّ أفلح ... )؛ الحديث، قال شيخنا: وهو ليس فيه شيء من تفسيرالآية، وإن كان يجوز أن يكون أراد به بيانَ جواز دخول الأعمام والآباء من الرضاعة على أمَّهات المؤمنين؛ لقوله: «ائذني له، إنَّه عمُّك، تربت يمينك»، انتهى.

(1/8648)

[حديث: ائذني له فإنه عمك تربت يمينك]

4796# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ، أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ): كذا هنا، وفي مكان آخر: (أفلح بن أبي القُعَيس)، وفي رواية في «الصحيح» و «السنن»: (استأذن عليَّ عمِّي من الرضاعة)، زاد مسلم: (أبو الجعد)، وفي رواية عن هشام في «مسلم»: (إنَّما هو أبو القُعَيس)، وفي رواية: (أفلح بن قُعَيس)، قال الحُفَّاظ: الصواب: (أفلح أخو أبي القُعَيس)، وهي المعروفة في كتب الحديث وغيرها: أنَّ عمها من الرضاعة هو أفلح أخو أبي القُعَيس، وكنية أفلح: أبو الجعْد، وأفلح صَحابيٌّ، وأبو قُعَيس صَحابيٌّ، عمُّ عائشة من الرضاعة، وقيل: أبوها، وقيل: هو أفلح، (والقُعَيْس): بضمِّ القاف، وفتح العين المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة أيضًا.

قوله: (بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ): (أُنزِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والحجابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا متى أُنزِل الحجاب.

قوله: (أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ): امرأة أبي القعيس لا أعرف اسمها ولا ترجمتها.

قوله: (أَنْ تَأْذَنِي [1] عَمّكِ): (عمُّك): في أصلنا مرفوع، وهو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو عمُّك، والظاهر أنَّه يجوز النصب بنزع الخافض؛ أي: لعمِّك، والله أعلم.

قوله: (تَرِبَتْ يَمِينُكِ): تَقَدَّم الكلام عليها في (تربت يداك).

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (تأذنين).

[ج 2 ص 331]

(1/8649)

[{إن الله وملائكته يصلون على النبي ... }]

قوله: ({إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56]): الآية بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة في حاشية أصلنا.

فائدةٌ: قال أبو ذرٍّ: ابتداء الصلاة على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في السنة الخامسة من الهجرة، قال اليُونينيُّ: وفيه نظرٌ؛ لأنَّه قد ورد في حديث الإسراء الصلاةُ عليه، وكان الإسراء بمَكَّة شرَّفها الله تعالى، انتهى.

قوله: (قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: صَلاَةُ اللهِ: ثَنَاؤُهُ): (أبو العالية) هذا: الظاهر أنَّه هو رفيع بن مهران، أبو العالية الرياحيُّ، تَقَدَّم مترجمًا، وهو أحد علماء التابعين.

(1/8650)

[حديث: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد]

4797# قوله: (حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ [1]: حَدَّثَنَا أَبِي): قال الدِّمْياطيُّ: هو سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة، مات سنة تسع وأربعين ومئتين، ومات أبوه سنة (194 هـ)، انتهى، و (الْحَكَمُ): هو ابن عتيبة، الإمام القاضي، تَقَدَّم.

قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى): هو عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، تَقَدَّم، و (كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ): تَقَدَّم، صَحابيٌّ مشهور، و (عُجْرَة): بضمِّ العين المهملة، ثُمَّ جيم ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

==========

[1] (بن سعيد): ليس في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 331]

(1/8651)

[حديث: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك]

4798# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (ابْنُ الهَادِي): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ الصحيح إثبات الياء في (الهادي)، و (ابن أبي الموالي)، و (ابن العاصي)، و (اليماني)، وهو في أصلنا هنا بحذف الياء، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ خَبَّابٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدَة أخرى، و (أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

قوله: (قَالَ أَبُو صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن صالح، كاتب الليث، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ علَّق له، وتَقَدَّم كلام المِزِّيِّ فيه، وسأذكره أيضًا في (سورة الفتح) أنَّه روى عنه نفسه، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): هو بالحاء المهملة، وهو عبد العزيز بن أبي حازم المدينيُّ، مولى بني مخزوم، تَقَدَّم مِرارًا، (وَالدَّرَاوَرْدِيُّ): هو عبد العزيز بن محمَّد الدراورديُّ، أبو محمَّد، ودراورد [1]: قرية بخراسان، وقيل: بفارس، جدُّه منها، تَقَدَّم، و (يَزِيدُ): هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي المذكور في السند قبله.

(1/8652)

[{لا تكونوا كالذين آذوا موسى}]

(1/8653)

[حديث: إن موسى كان رجلًا حييًا]

4799# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الراء، وقال بعضهم: بضمِّها، و (عُبادة): بضمِّ العين، وتخفيف الموحَّدة، تَقَدَّم، و (عَوْفٌ): هو الأعرابيُّ، تَقَدَّم، وهو عوف بن أبي جميلة، و (الحَسَنُ، ومُحَمَّدٌ، وخِلَاسٌ): أمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، ولم يسمع من أبي هريرة، قاله التِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ، وأمَّا (محمَّد)؛ فهو ابن سيرين، وأمَّا (خِلَاس)؛ فهو بكسر الخاء المعجمة، وتخفيف اللام، وفي آخره سين مهملة، قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لم يسمع من أبي هريرة حديث: «إنَّ موسى عَلَيهِ السَّلام كان حييًّا ... »؛ الحديث؛ يعني: هذا الحديث، فسألت عوفًا فترك محمَّدًا، وقال: خِلاسٌ مُرسِل، وسأذكر ترجمة خِلَاس في (الأيمان والنذور) إن شاء الله تعالى، وقد تَقَدَّم الكلام على سماعه، وكذا سماع الحسن بن أبي الحسن من أبي هريرة في (أحاديث الأنبياء)، وقد تَقَدَّم بعض هذا الكلام قبل ذلك أيضًا، فالعُمدة إذن على محمَّد بن سيرين، والله أعلم.

قوله: ({كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: 69]): تَقَدَّم ما آذوه به في (الأنبياء).

==========

[ج 2 ص 331]

(1/8654)

(((34))) [سبأ]

قوله: (سُورَةُ [1] سَبَأ): اعلم أنَّ (سَبَأ) هنا [سبأ: 15] وفي (النمل) [22] قد قرأ البزِّيُّ وأبو عمرٍو فيهما بفتح الهمزة من غير تنوين، وقرأ قُنبل بإسكانها فيهما على نيَّة الوقف، والباقون: بخفضها فيهما مع التنوين، وهو كـ (جَبَل) ويُمْنَعُ، بلدة بِلْقيس، ولقب ابن يشجب بن يَعرب، واسمه: عبد شمس، يجمع عامَّة قبائل اليمن، والله أعلم.

قوله: (يقال: {مُعَاجِزِينَ} [سبأ: 5]: مُسَابِقِينَ، {بُمُعْجِزِينَ} [الزمر: 51]: بِفَائِتِينَ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّه كان ينبغي أن يذكر هذا في (سورة الحجِّ)، فإنَّه أوَّل مكان وقع فيه ذلك، وقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {مُعَجِّزِينَ} في (الحجِّ) [51] وفي المكانين من (سبأ): بتشديد الجيم من غير ألف، والباقون: بالألف وتخفيف الجيم، والله أعلم.

قوله: (فَارْتَفَعَتَا عَنِ الجَنْبَتَيْن): كذا في أصلنا، قال الدِّمْياطيُّ: (صوابه: «يعني: الجنتين»، وكذلك هو في بعض النسخ من رواية أبي ذرٍّ)، انتهى، وما قاله الدِّمْياطيُّ كلام مقبول صحيحٌ، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيل): هو أبو ميسرة، عمرو بن شرحبيل، و (شُرحبيل): بضمِّ الشين المعجمة، لا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، وهذا ظاهرٌ جدًّا إلَّا أنِّي رأيت مَن يفتح شينه، وأمَّا كونه لا ينصرف؛ فلا يعرفه إلَّا من يعرف النحو، وهو همْدانيٌّ كوفيٌّ، من فضلاء التابعين، وليس هو بعمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة الخزرجيِّ المدنيِّ؛ لأنَّ هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيء، بل ولا تعليقًا، والخزرجيُّ أخرج له النَّسائيُّ وانفرد به، وصاحب الترجمة كان من فضلاء التابعين، عابدًا حُجَّة، والخزرجي ذكره ابن حِبَّان في «الثقات»، تُوُفِّيَ الهمْدانيُّ وأوصى أن يصلِّيَ عليه شريحٌ القاضي، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: ({العَرِمِ} [سبأ: 16]: الْمُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ الْيَمَنِ): (المُسَنَّاة): بضمِّ الميم، وفتح السين المهملة، ثُمَّ نون مشدَّدة، وبعد الألف تاء، قال شيخنا عن ابن التين: بضمِّ الميم، وتشديد النون، كذا هو مضبوط في أكثر الروايات، وكذا هو في أكثر كتب اللغة، وضُبِط في رواية الأصيليِّ بفتح الميم، وسكون السين، وتخفيف النون، انتهى، قال النَّوويُّ: ضفيرة تُجعَل في جانب النهر لتمنعَه من الأرض، وقال البندنيجيُّ: هي الأحواض التي يُجعَل

[ج 2 ص 331]

(1/8655)

فيها الماء تحت النخل، انتهى.

و (العَرِم): لا واحد لها من لفظها، ويقال: واحدتها عَرِمة، (بلحن اليمن)؛ أي: أهل اليمن، وفي بعض النسخ: (بلحن حمير)، و (اللَّحن)؛ بإسكان الحاء وتفتح، ذكرهما ابن الأثير عن ابن الأعرابيِّ، وفتح اللام؛ أي: بلغتهم، و (حِمْيَر)؛ بكسر الحاء المهملة، وإسكان الميم، وفتح المثنَّاة تحت، ثُمَّ راء، غير مصروفٍ، أبو قبيلة من اليمن، وهو حِمْيَر بن سبأ بن يشجُبَ بن يعربَ بن قحطان، ومنهم كانت الملوك في الدهر الأوَّل، قال ابن قُرقُول: («{العَرِم}: المسناة»، كذا في «البُخاريِّ»: «بلحن حمير»؛ يعني: لغتهم، وهو السدُّ، وقيل: الوادي، وقيل: اسم الفأر الذي حفره، وقيل: المطر الشديد)، انتهى، وقال السهيليُّ: وفي {العرم} أقوال: قيل: هي المسناة؛ أي: السُّدُّ، وهو قول قتادة، وقيل: هو اسمٌ للوادي، وهو قول عطاء، وقيل: هو الجُرَذُ الذي خرَّب السُّدَّ، وقيل: هو صفة للسيل، من العرامة، وهو معنى رواية عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس، وقال البُخاريّ: ({العرم}: ماء أحمر ... )، فذكره، انتهى، وأوضح من الذي ذكروه في {العَرِم}: أنَّه السُّدُّ؛ يعنون به: السِّكر؛ وهو ضفيرة تُبنى للسيل تردُّه، أو للنهر، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {العَرِمِ} [سبأ: 16]: الْوَادِي): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: هو قول قتادة، رواه ابن جرير بإسناد صحيح، انتهى.

قوله: ({مَثْنَى وَفُرَادَى} [سبأ: 46]: وَاحِدٌ وَاثْنَيْنِ) قال الدِّمْياطيُّ: صوابه: واحدًا واحدًا، واثنين اثنين، انتهى، وقال الجوهريُّ: ويقال: جاؤوا مثنى مثنى؛ أي: اثنين اثنين، فظاهره يردُّ على الدِّمْياطيِّ، ويوافق البُخاريَّ، و {فُرَادَى}: جمع (فرد) على غير قياس؛ كأنَّه جمع (فردان)، قاله في «الصحاح»، وفي «القاموس»: الفرد: نصف الزوج، والمتَّحد، ج _يعني: الجمع_: فِراد، ومَن لا نظير له ج _يعني: الجمع_: أفراد وفرادى، انتهى.

وليس هذا مرادَ البُخاريِّ، والذي أراد البُخاريُّ معناه: واحدًا واحدًا، جاء القوم فرادًا وأفرادًا وفرادى وفُرادَ وفَرادَ وفَرْدَى؛ كـ (سَكْرَى): واحدًا بعد واحد، والواحد: فَرَد وفَرِد وفَرِيد وفَرْدَان، ولا يجوز (فَرْد) في هذا المعنى، قاله شيخنا في «القاموس».

قوله: (وَالأَثْلُ: الطَّرْفَاءُ): هو بفتح الطاء المهملة، وإسكان الراء، ممدود الآخر، وتَقَدَّم ما هي.

==========

(1/8656)

[1] في (أ): (في)، وكان قد أتى بقوله: (يقال: {معاجزين} ... ) اللاحق، لكنَّه استدرك هذا الكلام التالي هنا، ولا يستقيم مع كلمة (في)، والمثبت موافق لما في (ق)، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

(1/8657)

[{حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ... }]

قوله: ({حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23]): {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} تَقَدَّم الكلام عليه وعلى القراءات فيها في (الحجر).

==========

[ج 2 ص 332]

(1/8658)

[حديث: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة ... ]

4800# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء المهملة، ولماذا نُسِب، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار، لا قهرمان آل الزُّبَير، قهرمان آل الزُّبَير ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلم» شيءٌ، إنَّما روى له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، و (عِكْرِمَةُ) بعده: هو مولى ابن عبَّاس.

تنبيهٌ: من اسمه عمرو، ويروي عن عكرمة مولى ابن عبَّاس في الكُتُب السِّتَّة، أو بعضها: عمرو بن دينار هذا المَكِّيُّ الإمام، وعمرو بن عبد الله بن الأسوار اليمانيُّ، روى له عنه أبو داود، وعمرو بن مسلم الجنديُّ، روى له عنه أبو داود أيضًا.

قوله: (خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ): هو في أصلنا بضمِّ الخاء، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الحجر)؛ فانظره.

قوله: (عَلَى صَفْوَانٍ): هو بإسكان الفاء، وأمَّا الذي في (سورة الحجر): (قال عليٌّ: وقال غيرُه: صفَوان): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّ الصواب فيهما إسكان الفاء.

قوله: (فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ) قال الدِّمْياطيُّ: (الصواب: «مسترقو» في الموضعين)، انتهى، وكذا هو على الصواب في (سورة الحجر): (مسترقو السمع)، ولو قيل: إنَّ المراد بـ (مسترق السمع) في الموضعين هنا الجنسُ؛ كان أَوْلَى من التخطئة، والله أعلم، مع أنَّ الذي قاله هو في نسخة، وما اعترض عليه نسخةٌ أخرى؛ فهما روايتان، والله أعلم.

قوله: (وَوَصَفَ سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، وهو المذكور في السند.

قوله: (وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ): (بَدَّد): بفتح الموحَّدة، وتشديد الدال المهملة؛ أي: فرَّق، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ وَالْكَاهِنِ [1]): تَقَدَّم الكلام على (الكاهن) وتعريفِه، وفي بعض النسخ: (على لسان الآخِر أو الكاهن)، و (الآخِر): بكسر الخاء المعجمة لأبي أحمد الجرجانيِّ، وللكافَّة: (على لسان الساحر أو الكاهن)، وهو أصوب، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (فَيُصَدَّقُ): هو بفتح الدال المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أوِ الكاهن).

[ج 2 ص 332]

(1/8659)

[{إن هو إلا نذير لكم بين يدى عذاب شديد}]

(1/8660)

[حديث: أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو يمسيكم ... ]

4801# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالخاء المعجمة، أبو معاوية الضرير، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران.

قوله: (صَعِدَ النَّبِيُّ): (صعِد): بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل، وهذا ظاهرٌ، إلَّا أني رأيت من يفتح عينه، أو يتوقَّف فيه جهلًا.

قوله: (يَا صَبَاحَاهْ): تَقَدَّم أنَّ هذه كلمة يقولها المستغيث مطوَّلة، وأنَّ هاء السكت في آخرها ساكنة.

قوله: (فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشعراء)، وسأذكر سبب عدول البارئ عزَّ وجلَّ عن اسمه لكنيته في (تبَّت) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

==========

[ج 2 ص 332]

(1/8661)

(((35))) [الملائكة]

قوله: ({مُثْقَلَةٌ} [فاطر: 18]: مُثَقَّلَةٌ): الثانية: بفتح الثاء، وتشديد القاف مفتوحة أيضًا، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ): يعني: غير مَن قال ما قبله.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَرُورُ: بِاللَّيْلِ، وَالسَّمُومُ: بِالنَّهَارِ)، انتهى: قال الجوهري: قال أبو عبيد: (الحرور بالليل، وقد يكون بالنهار، والسَّموم بالنهار، وقد يكو ن بالليل)، وأنشد بيتًا شاهدًا لذلك للعجَّاج.

قوله: ({غَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: 27]: أَشَدُّ سَوَادً [1]، الْغِرْبِيبُ): وعلى هذا قال أبو عبيد: إنَّه على التقديم والتأخير؛ أي: سود غرابيبُ.

قوله: (وَالْغِرْبِيبُ [2]: الشَّدِيدُ السَّوَادِ): (الغِربيب): بكسر الغين المعجمة، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (سوادٍ).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الغربيب)؛ بغير واو.

[ج 2 ص 332]

(1/8662)

(((36))) (سُورَةُ يس) ... إلى (الزُّخْرُف)

قوله: ({فَعَزَّزْنَا} [يس: 14]: شَدَّدْنَا): تَقَدَّم أنَّ (عزَّزنا): بالتشديد والتخفيف، والقراءتان بمعنى: شددنا وقوَّينا، قرأ أبو بكر _وهو أحد الروايتين عن عاصم، وهو أبو بكر بن عيَّاش، واسمه: شعبة، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم_ بالتخفيف، والباقون بالتشديد.

قوله: ({فَكِهُونَ} [يس: 55]: مُعْجَبُونَ): {فَكِهُونَ}: قراءة شاذَّة، وليست في السبع، وهي قراءة يعقوب في رواية عنه [1]؛ للمبالغة، وقد عزاها إليه البيضاويُّ في «تفسيره»، ولكن قُرِئ في قوله تعالى: {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَكِهِينَ} [الدخان: 27]؛ أي: أَشِرين، و {فَاكِهِينَ}؛ أي: ناعمين، و (مُعجَب) في كلام البُخاريِّ: بفتح الجيم، وقد قرأ حفص في (المطفِّفين) قوله تعالى: {انقَلَبُوا فَكِهِينَ} [المطففين: 31]، والباقون قرؤوا: {فَاكِهِين}، والله أعلم.

==========

[1] وقراءة أبي جعفر من العشرة.

[ج 2 ص 332]

(1/8663)

[{والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}]

(1/8664)

[حديث: يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس؟]

4802# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جنادة، تَقَدَّم مع الاختلاف في اسمه، واسم أبيه، وتَقَدَّمتْ ترجمته.

==========

[ج 2 ص 332]

(1/8665)

[حديث: مستقرها تحت العرش]

4803# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وتَقَدَّم لماذا نسب في أوَّل هذا [التعليق]، وهو أوَّل شيخ روى عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، و (وَكِيعٌ): تَقَدَّم أنَّه أحد الأعلام، ابن الجرَّاح، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن مِهران.

==========

[ج 2 ص 332]

(1/8666)

(((37))) [{والصافات}]

[ج 2 ص 332]

قوله: ({وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ} [الصافات: 8]: يُرْمَوْنَ): (يُرمَون): بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ مثل: {يُقْذَفُونَ}: مبنيٌّ أيضًا.

قوله: ({يُنزَفُونَ} [الصافات: 47]: لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الزاي، ومَن قال: الزاي بالكسر؛ فمعناه، _والله أعلم_: ولا هم عن شُربها ينفَدُ شرابُهم، وقد قرأ حمزة والكسائيُّ بكسر الزاي هنا، والباقون بفتحها، ولا خلاف في ضمِّ الياء، وقال شيخنا رحمه الله تعالى ما لفظه: {يُنزِفون}: لا تذهب عقولهم، قلت: هذا على قراءة كسر الزاي، ومن قرأ بفتحها؛ فمعناه: لا ينفد شرابُهم، انتهى، وهذا على العكس، والله أعلم.

قوله: ({يُهْرَعُونَ} [الصافات: 70]: كَهَيْئَةِ الْهَرْوَلَةِ): تَقَدَّم الكلام على {يُهرَعُونَ} في (الأنبياء)؛ فانظره.

قوله: ({يَزِفُّونَ} [الصافات: 94]: النَّسَلَانُ فِي الْمَشْيِ): {يَزِفُّونَ}؛ بفتح أوَّله: قراءة الجماعة إلا حمزة، فإنَّه قرأ بالضمِّ، لغتان، و (النَّسَلان): هو بفتح النون والسين المهملة، يقال: نسل في عَدْوِه ينسِل نسْلًا ونسَلانًا: أسراع.

قوله: (سَرَوَاتِ الْجِنِّ): هو جمع (سراة)، و (سراة): جمع (سرِيٍّ)؛ وهو الشريف، وقد تَقَدَّم الكلام عليه، وقدَّمتُ انتقاد السهيليِّ على النحاة في ذلك.

قوله: ({مَّدْحُورًا} [الأعراف: 18]: مَطْرُودًا): هذا في (الأعراف)، وأمَّا هنا؛ فالتلاوة {دُحُورًا} [الصافات: 9]؛ وهو مصدر (دحرته)؛ أي: دفعته، وأبعدته، وطردته، والله أعلم، وقد تَقَدَّم له في أوَّل (ابتداء الخلق) في (باب صفة إبليس وجنوده) ما لفظه: ({دُحُورًا}: مطرودين)، وقد تَقَدَّم ما فيه.

قوله: (يُذْكَرُ بِخَيْرٍ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8667)

[{وإن يونس لمن المرسلين}]

(1/8668)

[حديث: ما ينبغي لأحد أن يكون خيرًا من ابن متى]

4804# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضبيُّ الكوفيُّ، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

قوله: (مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ خَيْرً [1]): (خيرً) في أصلنا: بغير ألف، وكأنَّه كُتِب على نيَّة الوقف، وهو لغة، وفي نسخة أخرى: (خيرًا)، وهذه ظاهرةٌ، و (مِنِ ابْنِ مَتَّى): تَقَدَّم الكلام عليه في (يونس).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وكتب في هامشها: (كذا هي موضوعة في نسخ شرف الدين الأنصاري، مكتوب عليها: صح)، ورواية «اليونينيَّة»: (خيرًا).

[ج 2 ص 333]

(1/8669)

[حديث: من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب]

4805# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، و (هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ): تَقَدَّم أنَّ (لؤيًّا) يهمز ولا يهمز.

قوله: (مَنْ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى ... )؛ الحديث، تَقَدَّم أنَّ (أنا): تعود على المتكلِّم مَن كان، ليس على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم خاصَّة، في (كتاب الأنبياء) بزيادة على هذا؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 333]

(1/8670)

(((38))) [{ص}]

قوله: ({ص} [ص: 1]): تَقَدَّم أنَّ فيها قراءاتٍ، قال مكيٌّ: فيها أربع قراءات: {صْ}؛ بالإسكان، و (صادِ)؛ بكسر الدال، و (صادَ)؛ بفتحها، و (صادٍ)؛ بالكسر والتنوين، انتهى، وما عدا الإسكان شواذُّ، والله أعلم.

(1/8671)

[حديث: سألت مجاهدًا عن السجدة في {ص} قال ... ]

4806# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّم مِرارًا، بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثُمَّ راء، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم مَن لقَّبه بذلك، و (العَوَّامُ): هو ابن حوشب الواسطيُّ، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 333]

(1/8672)

[حديث مجاهد: سألت ابن عباس من أين سجدت؟]

4807# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ): شيخ البُخاريِّ (محمَّد بن عبد الله) هذا: قال شيخنا: قال الكلاباذيُّ وابن طاهر: نُراه الذهليَّ، انتهى، ثُمَّ رأيته فيهما، وفي لفظ الكلاباذيِّ: روى عنه _يعني: عن محمَّد بن عبيد الطنافسيِّ_ في (مناقب بلال)، و (بدء الخلق)، و (تفسير ص)، و (غزوة خيبر)، انتهى، والمِزِّيُّ لم يعيِّنه، و (العَوَّامُ): هو ابن حوشب، أحد الأعلام، تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (أُمِرَ نَبِيُّكُمْ): (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ونبيُّكُم): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 333]

(1/8673)

[غريب آيات سورة ص]

قوله: (الْقِطُّ: الصَّحِيفَةُ): هو ههنا صحيفة الحسنات، وقال بُعَيد هذا: ({قِطَّنَا} [ص: 16]: عَذَابَنَا)، قال الجوهريُّ: القطُّ: الكتاب، والصَّكُّ بالجائزة، وأنشد بيتًا للأعشى، ثُمَّ قال: ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الحِسَابِ} [ص: 16]، قال ابن عبد السلام في قوله تعالى: {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا}: حظَّنا من الجنَّة أو من العذاب، قاله النضر، أو كتابنا الموعودَ في الآخرة، على الاستهزاء، والقِطُّ: كتابٌ بالجوائز.

قوله: ({فُوَاقٍ} [ص: 15]: رُجُوعٍ): {فُوَاق}؛ بضمِّ الفاء: قراءة حمزة والكسائيِّ، والباقون قرؤوا بفتحها، والفتح والضمُّ لغتان، ويقال: الفتح: رجوع أو إقامة [1]؛ كـ (جواب) من إجابة، وبضمِّها: تأخير أو انتظارٌ قَدْرَ فُوَاق؛ وهو ما بين الحلبتين؛ لرجوع اللبن من جانبَي الضرع.

قوله: ({أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: 63]: أَحَطْنَا بِهِمْ) قال الدِّمْياطيُّ: لعلَّه: أخطأناهم، وحُذِف مع ذلك القولُ الذي هذا تفسيره؛ وهو: {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ} [ص: 63]، انتهى، وقد أخذ هذا من ابن قُرقُول، أو من أصله، ولفظ «المطالع»: («أحطنا بهم»: كذا هو في جميع النسخ، وفيه _لا شكَّ [2]_ تغيير، وصوابه _والله أعلم_: أخطأناهم، يدلُّ عليه قوله: {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ})، انتهى، لكنَّ عبارة الدِّمْياطيِّ أصرحُ في المقصود.

قوله: ({أَتْرَابٌ} [ص: 52]: أَمْثَالٌ): (الأتراب): جمع (تِرْب)؛ بكسر المثنَّاة فوق، وإسكان الراء، وبالموحَّدة، وهو اللِّدَة؛ أي: على سنٍّ واحد.

==========

[1] كذا في (أ)، ولعله: (إفاقة).

[2] زيد في (أ) مستدركةً: (أنَّه)، ولعلَّ حذفها هو الصواب موافقة لمصدره.

[ج 2 ص 333]

(1/8674)

[{هب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب}]

(1/8675)

[حديث: إن عفريتًا من الجن تفلت علي البارحة ... ]

4808# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه، أحد الأعلام، و (رَوْحٌ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الراء، وأنَّ بعضهم ذكر فيه الضمَّ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غندر.

قوله: (إِنَّ عِفْرِيتًا): (العفريت): القوي النافذ مع خُبث ودَهاء، وهذا هو عدوُّ الله إبليس كما صُرِّح به في رواية، ويحتمل أن يكون غيره، وتكون الواقعة تعدَّدت، وقد قدَّمتُ ذلك في (الصلاة)، وقال هنا بعض حُفَّاظ مِصْرَ: يمكن أن يُفسَّرَ بإبليس، كما رواه مسلم من حديث أبي الدرداء، انتهى.

[ج 2 ص 333]

قوله: ({هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [ص: 35]): تَقَدَّم الكلام عليه في (الصلاة) مطوَّلًا، وكلام الداوديِّ والقاضي عياضٍ.

(1/8676)

[{وما أنا من المتكلفين}]

(1/8677)

[حديث ابن مسعود: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ... ]

4809# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه [1] جرير بن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مسلم بن صبيح، وأنَّ (صُبَيحًا) بضمِّ الصاد، وفتح الباء.

قوله: (عَنِ الدُّخَانِ): تَقَدَّم الكلام على (الدخان)؛ هل هو ما قاله هنا الذي رأته قريش، أو أنَّه الذي قبل يوم القيامة فيأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنَ منه كهيئة الزكام؟ في (سورة [2] الروم)، وتَقَدَّمت الإشارة إليه في (الفرقان).

قوله: (كَسَبْعِ يُوسُفَ): يعني: قحطًا وجَدْبًا، وكذا (فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ): هي القحط والجَدْب.

قوله: (حَصَّتْ [3]): تَقَدَّم أنَّ معناه: استأصلت.

قوله: (أَفَيُكْشَفُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والعذابُ): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَكُشِفَ): هو بضمِّ الكاف، وكسر الشين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] زيد في (أ): (أنه)، وهو تكرار.

[2] في (أ): (سور)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فحصَّت).

[ج 2 ص 334]

(1/8678)

(((39))) [الزمر]

قوله: (يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ): (يُجَرُّ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: ({ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28]: لَبْسٍ): هو بفتح اللام، ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ سين مهملة.

قوله: ({وَرَجُلاً سَلْمًا [1] لِّرَجُلٍ} [الزمر: 29])، وكذا قوله ثانيًا: ({وَرَجُلًا سَلْمًا} [2]: وَيُقَالُ: {سَالِمًا}): هو في المكانين في أصلنا بفتح السين وإسكان اللام بالقلم، والذي فيه في السبع: {سَالمًا}؛ بألف بعد السين، وكسر اللام، قرأ به ابن كثير وأبو عمرو، وقرأ الباقون بفتح اللام من غير ألف، وليس في العشر شيءٌ غيرَ هذا [3]، وفي «الصحاح»: وقُرِئ: {سَلَمًا}؛ يعني: بفتحتين _كما ذكرته لك عن غير ابن كثير وأبي عمرو_، انتهى، وقد قُرِئ: {سالمًا}؛ بالألف، و {سَلَمًا}؛ بفتح الفاء والعين، وفتح الفاء وكسرها مع سكون العين، وهي مصادر «سَلِم»؛ والمعنى: ذا سلامة، قاله الزمخشريُّ في «تفسيره»، فما في الأصل على قراءة شاذَّة، والله أعلم.

قوله: (الشَّكِسُ): هو بفتح الشين المعجمة، وكسر الكاف، وتُسكَّن، وبالسين المهملة، قال الجوهريُّ: رجل شَكْسٌ _ بالتسكين_ أي: صعب الخُلُق، وقومٌ شُكْسٌ؛ مثل: رجلٍ صِدْقٍ، وقومٍ صِدْقٍ، وقد شَكِس شكاسة، وحكى الفرَّاء: رجلٌ شَكِسٌ، وهو القياس، انتهى، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (وَقَالَ غَيْرُه: {مُتَشَاكِسُونَ} [الزمر: 29]، الرَّجُل الشَّكِسُ): هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.

قوله: (بِحِفَافَيْهِ: بِجَوَانِبِهِ): هو بكسر الحاء المهملة، وبفاءين، بينهما ألف، الفاء الثانية مفتوحة، وبعدها ياء مثنَّاة من تحت ساكنة، ثُمَّ هاء الضمير، وحِفافا الشيءِ: جانباه، وقوله في أصلنا: (بجوانبه) وكذا في أصل لنا آخر دمشقيٍّ، وفي نسخة أخرى: (بجانبيه)، وهذه ظاهرةٌ، وهي الوجه، والله أعلم.

(1/8679)

[{يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ... }]

(1/8680)

[حديث: أن ناسًا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا]

4810# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ) تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (يَعْلَى) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن مسلم.

تنبيهٌ: كون يعلى هو ابن مسلم، كذا قاله المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمته عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبَّاس، وقال شيخنا: ويعلى هو ابن حكيم، كما ذكره أبو داود مصرَّحًا به في إسناده، وأمَّا أبو مسعودٍ وخلفٌ؛ فقالا: هو ابن مسلم، وكلاهما يروي عن سعيد بن جُبَير، انتهى، وقد راجعت نسخة عندي مسموعة من «سنن أبي داود» رواية اللؤلؤيِّ، فرأيت الحديث المشار إليه في (كتاب الفتن)، ولم يبيِّنه فيها، والله أعلم.

تنبيهٌ ثانٍ: من اسمه يعلى، وهو يروي عن سعيد بن جُبَير عن ابن عبَّاس: هذا ابن مسلم، ويعلى بن حكيم الثقفيُّ البصريُّ، أخرج له بهذه الطريق البُخاريُّ ومسلم وابن ماجه، وصاحب الترجمة _ابن مسلم_ أخرج له بهذا الطريق البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ ... )؛ الحديث: قال ابن شيخنا البلقينيِّ: قال الواحديُّ في «أسبابه» عن ابن عبَّاس: إنَّ من هؤلاء وحشيًّا قاتلَ حمزة، ذكره في «تفسير القرآن»، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: سمَّى الواحديُّ منهم وحشيَّ بن حرب، انتهى.

قوله: (أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً): منصوب منوَّن، اسم (أنَّ).

(1/8681)

[{وما قدروا الله حق قدره}]

(1/8682)

[حديث: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله فقال ... ]

4811# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): هو آدم بن أبي إياس، و (شَيْبَانُ): هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبِيدَةُ): هو بفتح العين، وكسر الموحَّدة، السَّلْمانيُّ، تَقَدَّموا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّم.

قوله: (جَاءَ حبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ): (الحبر): بكسر الحاء وفتحها، وأنكر أبو الهيثم الكسرَ، و (الأحبارُ): جمعٌ، قال الجوهريُّ: والحَبر والحِبر: واحد أحبار اليهود، وبالكسر أفصح؛ لأنَّه يُجمَع على (أفعال) دون (الفُعول)، قال الفرَّاء: هو حِبر؛ بالكسر، يقال ذلك للعالم، وإنَّما قيل: كعب الحِبر؛ لمكان هذا الحِبر الذي يُكتَب به، قال: وذلك أنَّه كان صاحب كتب، قال الأصمعيُّ: لا أدري هو الحِبر أو الحَبر للرَّجُل العالم، وقال أبو عبيد: الذي عندي أنَّه الحَبر؛ بالفتح؛ ومعناه: العالم، انتهى، وقد حكى غيرُ واحد اللغتين، فلا معنى للإنكار، وهذا الحبر لا أعرف اسمه.

قوله: (عَلَى إِصْبَعٍ): تَقَدَّم أنَّ في (الإصبع) عشرَ لغات: تثليث الهمزة، وتثليث الباء، والعاشرة: أصبوع، وقد نظم بعض فقهاء الحلبيِّين ذلك فقال مع الأنملة:

~…با إصبعِ ثلِّثًا مع ميمِ أنملة…وثلِّثِ الهمزَ أيضًا واروِ أُصبوعا

وقد حُكِيَ: أُنمولة أيضًا، وقد نظم اللغات في الإصبع والأنملة بعض أدباء القاهرة، وأنشدني ذلك فقال:

~…أنمولةٌ وكذا الأصبوع همزَهما…والميمَ والباءَ ثلِّثْ حيث لا واوُ

واعلم أنَّ اللبليَّ حكى في «شرح الفصيح» عن ابن سيده في «المخصص» عن ابن جنِّي: أنَّ في الأنملة من اللغات مثل ما في الإصبع، فعلى هذا فيها أُنمولة؛ لأنَّ الأُصبوع مشهورة، والله أعلم.

قوله: (وَالأَرَضِينَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الراء وتُسكَّن، وهذا معروف.

قوله: (وَالثَّرَى): هو التراب النَّدِيُّ، وقد فُرِّق في هذا الحديث بين الأرض والثرى.

(1/8683)

قوله: (نَوَاجِذُهُ): (النواجذ): قال ابن قُرقُول: بذال معجمة، وهي هنا الأضراس والأنياب، وقيل: المضاحك، والنواجذ أيضًا: أواخر الأسنان، وهي أضراس العقل، وفي الحديث: «عضُّوا عليها بالنواجذ»؛ أي: بالأنياب، انتهى، وفي «النِّهاية»: «حتى بدت نواجذه»، النواجذ من الأسنان: الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك، والأكثر والأشهر أنَّها أقصى الأسنان، والمراد الأوَّل؛ لأنَّه ما كان يبلغ به الضحك حتَّى يبدوَ آخرُ أضراسه، كيف وقد جاء في صفة ضحكه: (جُلُّ ضحكه التبسُّم)؟! وإن أُريد بها الأواخر؛ فالوجه أن يريد مبالغة مثله في ضحكه من غير أن يراد ظهور نواجذه في الضحك، وهو أقيس القولين؛ لاشتهار النواجذ بأواخر الأسنان، وقال الشيخ محيي الدين النوويُّ: النواجذ: الأنياب، وقيل: الأضراس، انتهى.

[ج 2 ص 334]

(1/8684)

[حديث: يقبض الله الأرض ويطوي السموات بيمينه]

4812# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وتَقَدَّم كذلك أنَّ (اللَّيْث) هو ابن سعد، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، عبد الله، وقيل: إسماعيل، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 2 ص 335]

(1/8685)

[{ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض ... }]

(1/8686)

[حديث: إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة]

4813# قوله: (حَدَّثَنِي الْحَسَنُ): هذا هو فيما قيل: الحسن بن شجاع البلخيُّ الحافظ، قاله المِزِّيُّ، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام على الحسن هذا في (غزوة خيبر) من هذا التعليق؛ فانظره، وذكرت فيه كلام المِزِّيِّ، و (عَامِرٌ): هو ابن شراحيل الشعبيُّ.

==========

[ج 2 ص 335]

(1/8687)

[حديث: بين النفختين أربعون]

4814# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هذا هو ابن غياث، وقد تَقَدَّم ضبط (غياث)، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): هو ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ ... ) إلى آخره: تنبيهٌ: عند ابن وهب في هذا الحديث: (فأربعون جمعة؟ قال: أَبَيت)، وإسناده منقطع، قاله القُرْطبيُّ في «تذكرته»، قال ابن الأثير في «نهايته» ما لفظه: وفي حديث أبي هريرة: (ينزل المهديُّ فيبقى في الأرض أربعين، فقيل: أربعين سَنةً؟ فقال: أبيتَ، فقيل: شهرًا؟ قال: أبيتَ، فقيل: أربعين يومًا؟ قال: أبيتَ)؛ أي: أبيت أن أعرفه [1]، فإنَّه غيبٌ لم يرد الخبر ببيانه، وإن رُوِيَ: (أبيتُ)؛ بالرفع؛ فمعناه: أبيتُ أن أقول في الخبر ما لم أسمعه، وقد جاء مثله عنه في حديث العدوى والطيرة، انتهى.

وكذا قال النوويُّ في حديث: «بين النفختين أربعون ... » إلى آخره، ولفظه: (أبيتُ أن أجزم بأنَّ المراد أربعون يومًا، أو سنةً، أو شهرًا؛ بل الذي أجزم به أربعون مُجْمَلَةً، وقد جاءت مفسَّرة من رواية غيره في غير «مسلم»: أربعون سَنةً)، انتهى.

وفي «التذكرة للقُرْطبيِّ»: فيه تأويلان: الأوَّل: أبيتُ؛ أي: امتنعت من بيان ذلك وتفسيره، وعلى هذا كان عنده علمٌ من ذلك، سمعه من النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، الثاني: أبيتُ؛ أي: أبيت أن أسأل عن ذلك النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعلى هذا لم يكن عنده علم من ذلك، والأوَّل أظهر، وإنَّما لم يبيِّنه؛ لأنَّه لم يرهق إلى ذلك حاجة، ولأنَّه ليس من البيِّنات والهدى الذي أُمِر بتبليغه، وقد بَعُدَ ذلك، وقد جاء أنَّ بين النفختين أربعين عامًا، فالله أعلم، وقد تَقَدَّم قبلُ هذا الكلام، وعند ابن وهب في هذا الكلام: (فأربعون جمعة؟ قال: أبيتُ)، وإسناده منقطع، انتهى، وقد تَقَدَّم أعلاه.

و (أبيتُ): في الأماكن الثلاثة في أصلنا حديث النفختين مضمومةٌ بالقلم، وما أتى في الحديث الذي ذكره ابن الأثير يأتي في الحديث الذي ذكره البُخاريُّ هنا، والله أعلم.

(1/8688)

قوله: (إِلاَّ عَجْبَ ذَنَبِهِ)، وفي رواية: (منه خُلِقَ وفيه يُرَكَّب)، قال الدِّمْياطيُّ: العَجْب؛ بالسكون: العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز، وهو العسيب من الدوابِّ، انتهى، وما قاله هو لفظ «النِّهاية»، والعَجْب؛ بفتح العين، وإسكان الجيم، وبالموحَّدة، وفي «المطالع»: «إلا عجبَ الذنب»، ويقال بالميم، وهو العظم الحديد آخر الصلب مكان الذنب من الحيوان، انتهى، و (عجب الذنب) في الحديث: منصوب على الاستثناء.

فائدة: في كتاب «البعث والنشور» لابن أبي داود _عبد الله بن سليمان بن الأشعث السِّجستانيِّ الحافظ ابن الحافظ، وقد رُوِّيته بالسماع عاليًا بحلب ودمشق_ من حديث أبي سعيد الخدريِّ قيل: يا رسول الله؛ وما عجب الذنب؟ قال: «مثل حبَّة خردلٍ»، وقد رأيته في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من حديثه أيضًا، ورأيته في «المستدرك» في آخره من حديثه أيضًا، وقال: صحيح، والله أعلم.

ومعنى: (منه خلق وفيه يركب)؛ أي: أوَّل ما خلق من الإنسان هو، ثُمَّ إنَّ الله عزَّ وجلَّ يبقيه إلى أن يركَّب الخلقُ منه تارةً أخرى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «النهاية» (&): (تعرفه).

[ج 2 ص 335]

(1/8689)

(((40))) [المؤمن]

قوله: (مَجَازُهَا: مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ): (المجاز): الطريق والمسلك؛ أي: طريق أوائل السور ومسلكها، والظاهر أنَّ معناه: ما قيل في أوائل السور من الحروف المقطَّعة؛ مثل: {الم} [البقرة: 1]، و {الر} [يونس: 1]، و {طس} [النمل: 1]، وغيرها؛ يقال في هذه، والله أعلم، أو تأويل مجازها وصرف لفظها عن ظاهره، والله أعلم، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: إنَّه كلام أبي عبيدة في «المجاز» إلى آخر كلام شريح.

قوله: (لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْعَبْسِيِّ): (شريح): بالشين المعجمة، والحاء المهملة، و (العبسيُّ)؛ بالموحدة والسين المهملة، وكذا هو في أصلنا وفي أصلٍ لنا دمشقيٍّ، وفي آخر مصريٍّ صحيح: (شريح بن أوفى)؛ بحذف (أبي)، وقد رأيت في «المطالع» في الأسماء في حرف (الهمزة): وشريح بن أبي أوفى العبسيُّ، كذا للأصيليِّ، وعند القابسيِّ: ابن أوفى، ويقالان معًا، انتهى.

…قوله: (يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ…فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ): في {حم} خمسة أقوال معروفة: اسم من أسماء الله تعالى أقسم به، قاله ابن عبَّاس، أو اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة، أو حروف مقطَّعة من أسماء الله الذي هو (الرحمن)، أو هو محمَّد، قاله جعفر بن محمَّد، أو فواتح السور، قاله مجاهد، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101]، وأمَّا قوله: (يُذَكِّرني حم): قيل: معناه: القرآن؛ أي: يستجير منِّي بالقرآن.

تنبيهٌ: أنشد ابن عبد البَرِّ هذا البيت في ترجمة محمَّد بن طلحة بن عبيد الله في «الاستيعاب»، ولم يعزُه لمعيَّنٍ، إلَّا أنَّه قال: حتَّى شدَّ عليه _أي: على محمَّد بن عليِّ بن طلحة_ رجلٌ فقتله، وأنشأ يقول ... ، فذكر هذا البيت من أبياتٍ هو رابعها، ثُمَّ ذكر اختلافًا في قاتل محمَّد بن طلحة، وقاتله الذي أنشد الشعرَ، فيجيء فيه الخلاف في [أنَّه] أنشد أبياتًا ستَّة آخرها: يذكِّرني حم ... ؛ البيت بنحو ما في «البُخاريِّ»، وعزاه لعصام بن مُقْشَعِرٍّ النصريِّ، وقد ذكر شيخنا خلافًا فيمن قتل محمَّد بن طلحة في هذا المكان؛ فانظره إن أردته، وقد ذكر النوويُّ في «مبهمات تهذيبه» فيه أقوالًا: أحدها: عصام النصريُّ، وقيل: كعب بن مدلج من بني منقذ بن طريف، وقيل: شريح بن أبي أوفى العبسيُّ، حكاها ابن باطيش، انتهى.

(1/8690)

فائدةٌ: قال الجوهريُّ: وآل {حم}: سور في القرآن، قال ابن مسعود: آل {حم}: ديباج القرآن، قال الفرَّاء: إنَّما هو كقولك: آل فلان وآل فلان؛ كأنَّه ينسب السور كلَّها إلى {حم}، قال الكُمَيت:

~…وجدنا لكمْ في آلِ {حم} آيةً…تأوَّلها منَّا تقيٌّ ومُعْرِبُ

قال: وأمَّا قول العامة: الحواميم؛ فليس من كلام العرب، قال أبو عبيدة: الحواميم: سُوَرٌ في القرآن على غير القياس، وأنشد:

وبالحواميم التي قد سُبِّعَتْ

قال: والأولى أن يُجمَع بـ «ذوات حاميم»، انتهى، وسيأتي في هذا «الصحيح» في (باب تأليف القرآن): (آخرهنَّ الحواميم) من قول علقمة، وعلقمة: هو ابن قيس، نخعيٌّ عربيٌّ، أحد الأعلام، ولد في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وترجمته معروفة، وفي «ابن ماجه» من حديث أبي الدرداء قال: (سجدت مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إحدى عشرة سجدة ... ) إلى أن قال: (وسجدة الحواميم)،

[ج 2 ص 335]

وهذا الآخر من الأنصار من العرب العاربة أيضًا، والله أعلم.

قوله: (وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ): هو بالشين المعجمة، وبالجيم المكسورة، يقال: شجره بالرمح؛ أي: طعنه، وتشاجروا بالرماح؛ أي: تطاعنوا.

قوله: ({تَمْرَحُونَ} [غافر: 75]: تَبْطَرُونَ): هو بفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ثُمَّ طاء مهملة مفتوحة، و (البَطَر): الأَشَر، وهو شدَّة المرح، وقد بطِر؛ بالكسر، يبطَر؛ بفتحها.

(1/8691)

قوله: (وَكَانَ الْعَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ يَذْكُرُ [1] النَّارَ): هو العلاء بن زياد بن مطر، أبو نصر العدويُّ البصريُّ، أرسل عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعن معاذ وأبي ذرٍّ كذلك، وعن أبي هريرة، ومطرِّف بن الشِّخِّير، والحسن البصريِّ، وعنه: قتادة، ومطرٌ الورَّاق، وأرسل عنه: هشام بن حسَّان، وحمَّاد بن زيد، وجماعةٌ، وكان أحدَ العبَّاد، فعن قتادة قال: بكى زياد بن مطر حتَّى عَمِيَ، وبكى ابنه العلاء حتَّى غَشِيَ بصره، وكان إذا أراد أن يتكلَّم أو يقرأ؛ جهشه البكاء، مناقبه كثيرة، قال ابن حبَّان في «ثقاته»: كان من عبَّاد أهل البصرة وقرَّائهم، مات بالشام سنة (94 هـ)، أخرج له النَّسائيُّ وابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له أبو داود في «المراسيل»، قال الذهبيُّ: قلت: والعلاء بن زياد آخَر، خلَطَهما شيخنا المِزِّيُّ، وهذا عن الحسن، وعنه: حمَّاد بن زيد، انتهى، وقد ذكر الذهبيُّ في «تذهيبه» في ترجمة العلاء بن زياد العابد: حمَّاد بن زيد، عن أيوب وهشام والعلاء بن زياد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن أبي بكرة، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «إذا التقى المسلمان بسيفَيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار» قال الذهبيُّ: قلت: العلاء بن زياد في هذا الحديث رجلٌ آخرُ متأخِّرٌ، لقِيَه حمَّاد بن زيد، والله أعلم، انتهى.

قوله: (فَقَالَ لَهُ [2] رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ؟): هذا الرجل لا أعرفه.

قوله: (لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ؟): (لِمَ): بفتح الميم، استفهامٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، (وتقنِّط): مرفوع؛ لأنَّه لم يتَقَدَّمه ناصب ولا جازم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَنْ تُبَشَّرُوا): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الشين المعجمة المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8692)

[حديث: أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله]

4815# قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أبو عمرو، عبد الرَّحمن بن عمرو، وتَقَدَّم بعض ترجمته، والكلام على نسبته هذه، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالثاء المثلَّثة المكسورة.

قوله: (لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي): تَقَدَّم الكلام على ياء (العاصي)، وأنَّ الصحيح كتابته بالياء مع (ابن أبي الموالي)، و (ابن الهادي)، و (ابن اليماني)، و (عبدُ الله): سيِّدٌ جليلٌ، ابن صَحابيٍّ جليلٍ، رضي الله عنهما.

قوله: (بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ): (أشدِّ): بالجر؛ لأنَّه مضاف، وما لا ينصرف إذا أضيف أو دخله الألف واللام؛ ينجرُّ بالكسرة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ): (عقبة) هذا: كافرٌ معروفٌ مشهورٌ، تَقَدَّم الكلام عليه في أوائل هذا التعليق، وأنَّه قُتِل صبرًا، وذكرتُ المكان الذي قتل به بُعَيد وقعة بدر، أُخِذ منها أسيرًا، وقُتِل هناك.

قوله: (وَلَوَى ثَوْبَهُ): يقال بالتخفيف.

قوله: (خَنْقًا شَدِيدًا): هو بكسر النون والإسكان، تَقَدَّم الكلام عليه قُبَيل (مناقب عمر) رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 336]

(1/8693)

(((41))) [{حم} السجدة]

قوله: (وَقَالَ طَاوُوسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {آتِيَا [1] طَوْعًا أَو كَرْهًا}: أَعْطِيَا [2]، {قَالَتَا آتَينَا [3] طَائِعِينَ} [فصلت: 11]: أَعْطَيْنَا) قال الدِّمْياطيُّ: ليس {آتيا} بمعنى: «أعطِيَا» معروفًا في كلامهم، ثُمَّ قال: قرأ ابن جُبَير: {آتيا طوعًا}؛ على معنى: أعطيا الطاعة، وقرأ ابن عبَّاس: {آتينا طائعين}؛ على المعنى المتَقَدَّم، انتهى.

وقال ابن قُرقُول: (تنبيهٌ على وَهَمٍ في (كتاب التفسير) في «البُخاريِّ»: «{آتيا طوعًا أو كرهًا}؛ أي: أعطيا، {قالتا آتينا}؛ أي: أعطينا»، وليس هذا من باب الإعطاء، لكن من باب المجيء والانفعال للوجود بدليل الآية نفسها، وكذلك فسَّر المفسِّرون: جيئا بما خلقتُ فيكما وأظهِرَاه، ومثله عن ابن عبَّاس، وقد روى سعيد بن جُبَير مثل ما ذكره البُخاريُّ، وهو يُخرَّج على تأويل أنَّهما لمَّا أُمِرا بإخراج ما بُثَّ فيهما من شمس، وقمر، ونجوم، وأنهار، ونبات، ومعدن، وثمار؛ كان كالإعطاء، فعبَّر [4] عن المجيء بما أُودِعَتَا بالإعطاء، انتهى.

واعلم أنَّ {آتيا} و {آتينا} تقرأان بالمدِّ، وكذا هو في أصلنا القاهريِّ، وهذه قراءة شاذَّةٌ، وقد فسَّر البُخاريُّ في «الصحيح» عدَّةَ أماكنَ على قراءةٍ شاذَّةٍ، وليس هذا أوَّلَ مكانٍ فسَّره على الشذوذ، وقال ابن عبد السلام: {ائْتِيَا} [فصلت: 11]: أمر تكوين؛ أي: كونا، لخطاب: (كن) قبل كونهما، وقيل: خاطب بعد التكوين؛ أي: كونا كما أردتُ من حَزْن وسهل، وشدَّة ولين، وغيرها، وقيل: أعطيا الطاعة في السير المقدور، والفعل المأمور لكما؛ دليله: قراءة ابن عبَّاس: {آتيا} و {آتينا}؛ بمدِّ الألف، وقيل: ائتيا معرفتي وعبادتي باختيار وعن اختيار، وقال شيخنا: ليس {آتيا}: بمعنى: أعطيا في كلامهم، لا جرم، قال ابن التين: فيه نظرٌ، إلَّا أن يكون ابن عبَّاس قرأ بالمدِّ، ثُمَّ قال: ونقل غيره عن ابن جُبَير أنَّه قرأها بالمدِّ على معنى: أعطيا الطاعة، وأنَّ ابن عبَّاس قرأ: {آتينا}؛ بالمدِّ أيضًا على المعنى المذكور، انتهى.

(1/8694)

واعلم أنَّ ابن عبَّاس، وابن جُبَير، ومجاهدًا قرؤوا بالمدِّ في {آتيا} و {آتينا}، وفيه وجهان، أحدهما: من المؤاتاة؛ وهي الموافقة؛ أي: لتوافق كلٌّ منهما الأخرى بما يليق بها، وإليه ذهب الرازيُّ والزمخشريُّ، ووزن {آتيا}: (فاعِلا)؛ كقاتلا، و {آتينا}: (فاعَلنا)؛ كقاتلنا، والثاني: أنَّه من الإيتاء؛ بمعنى: الإعطاء، فوزن {آتيا}: (أفعِلا)؛ كأكرِما، ووزن {آتينا}: (أفعَلنا)؛ كأكرمنا، فعلى الأوَّل يكون قد حذف مفعولًا، وعلى الثاني يكون قد حذف مفعولين؛ إذ [5] التقدير: أعطِيَا الطاعة من أنفسكما مَنْ أمركما، قالتا: أعطيناه الطاعة، وقد منع أبو الفضل الرازيُّ الوجه الثاني، فقال: {آتينا}؛ بالمدِّ على وزن (فاعَلنا)؛ من المؤاتاة؛ يعني: سارعنا، على حذف المفعول به، ولا يكون من الإيتاء الذي هو الإعطاء؛ لبعد حذف مفعولَيه، قال الإمام شهاب الدين السمين: وهذا الذي منع الزمخشريَّ أن يجعله من الإيتاء، انتهى كلام السمين في «إعرابه».

تنبيهٌ: عن الإمام السهيليِّ في «أماليه»: أنَّ البُخاريَّ رحمه الله تعالى كان يهم في القرآن، وأنَّه أورد في كتابه آياتٍ كثيرةً على خلاف ما هي عليه في التلاوة، انتهى، واعلم أنَّ الجواب عن البُخاريِّ أنَّها قراءاتٌ بلغته، وقد قدَّمتُ أنَّه قُرِئ بالمدِّ فيها، والله أعلم.

قال السهيليُّ في (التفسير): إنَّ الله سبحانه وتعالى حين قال للسماوات والأرض: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَينَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] لم يجبه بهذه المقالة إلَّا أرضُ الحرم؛ يعني: مَكَّة، ولذلك حرَّمها، انتهى.

(1/8695)

قوله: (وَقَالَ الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدٍ [6]: قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): اعلم أنَّ هذا الموقوف هنا على ابن عبَّاس كذا هو في أصلنا غير موصولٍ، وفي أصل الدِّمْياطيِّ و «أطراف خلف» و «أطراف المِزِّيِّ» موصولٌ، قال فيه البُخاريُّ بعد الفراغ منه: (حَدَّثَنَا [7] يُوسُفُ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَن زَيدِ بِن أَبِي أُنَيْسةَ، عَن المِنْهَالِ بِهَذَا)، وقد رأيته كذلك موصولًا في بعض النسخ العراقيَّة، ونَسَب المنهال فيها، فقال: ابن عمرٍو، انتهى، و (يوسف بن عديٍّ): تيميٌّ مولاهم، كوفيٌّ، حدَّث بمصر عن شريك ومالك، وعنه: البُخاريُّ، وأبو الزنباع روحٌ، والفسويُّ، ثِقةٌ، مات سنة (232 هـ) في ربيع الآخر، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، ولكن يبقى فيه تقديم بعض السند والمتن على بعض السند، والصحيح جوازه، وقد تَقَدَّم، وأمَّا (المنهال): فهو ابن عمرو الأسديُّ مولاهم، الكوفيُّ، عن ابن الحنفيَّة، وزرِّ بن حبيش، وسعيد بن جُبَير، وجماعةٍ، وعنه: زيد بن أبي أُنَيْسَة، ومنصور، والأعمش، وشعبة، وخلقٌ، ورواية شعبة عنه في «النَّسائيِّ»، قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: ترك شعبةُ المنهالَ عمدًا، قال ابن أبي حاتم: لأنَّه سمع من داره صوت قراءة بالتطريب، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: ثِقةٌ، وقال وهب بن جرير عن شعبة قال: أتيت منزل منهال بن عمرو، فسمعت منه صوت الطُّنبور، ولم أسأله، قلت: فهل سألته عسى كان لا يعلم؟ وكلام الناس فيه معروفٌ، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وله ترجمة في «الميزان».

تنبيهٌ: المنهال بن عمرو آخَرُ شيخٌ حدَّث عن شعبة، قال الذهبيُّ: لا أعلم أحدًا تكلَّم فيه، ولا هو بمشهورٍ، انتهى.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): هذا الرجل: قال ابن شيخنا البلقينيِّ: روى الحاكم في «المستدرك» في (كتاب الأهوال) عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال: سأله نافع بن الأزرق عن قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} [المرسلات: 35] ... ؛ الحديث، قال ابن شيخنا: فعلى هذا يُفسَّر المبهم هنا بنافع بن الأزرق؛ فليتأمَّل، انتهى، وقد رأيته في «تلخيص المستدرك» للذهبيِّ [8]، وقال عَقيبه: يحيى ضعَّفه النَّسائيُّ؛ يعني: يحيى بن راشد المازنيَّ المذكور في سنده، انتهى.

(1/8696)

ونافع بن الأزرق هذا: من الحروريَّة، ومن رؤوس الخوارج، ذكره الجُوزجانيُّ في كتاب «الضعفاء»، قاله في «الميزان»، وقد ذكر بعض حُفَّاظ مِصْرَ ذلك فقال: قيل: هو نافع بن الأزرق، وقيل: عطيَّة بن الأسود، انتهى، وعطيَّة بن الأسود في «ثقات ابن حبَّان»: شخص يقال له: عطيَّة بن الأسود، أبو الأسود، عن ابن عمر، وعنه: المغيرة بن مالك، وكذا هو في «كتاب ابن أبي حاتم»، ولم يذكر فيه شيئًا، والظاهر: أنَّه المذكور هنا، وإلَّا لم أعرفه، والله أعلم، ونافع بن الأزرق السائل هنا لا أعرف له ترجمة، ولكنَّ هذا لا يضرُّ السند.

قوله: ({فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: 101]: فِي النَّفْخَةِ الأُولَى، ثُمَّ نُفِخَ [9] فِي الصُّورِ {فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاءَ اللهُ} [الزمر: 68] ... إِلَى أن قال: (ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ): اعلم أنَّ في هذا الكلام أنَّ النفخاتِ ثلاثٌ، وقد اختُلِف فيها؛ هل هي ثلاثٌ كما هنا، أو اثنتان؟ قولان، وقد صحَّح القُرْطبيُّ أنَّهما اثنتان، وسيأتي الكلام على ذلك في (باب النفخ في الصور) إن شاء الله تعالى.

قوله: (تَعَالَوْا نَقُولُ): هو بفتح اللام، وقد قُرِئ شاذًّا: {تَعَالُوا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُم} [الأنعام: 151]، ذكرها الصغانيُّ، فهي لغة.

قوله: (فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ): (خُتِم): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (عُرِفَ أَنَّ اللهَ): (عُرِف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (يُكْتَمُ): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (وَدَحْوُهَا): وفي نسخة: (ودحيها)، (الدَّحْو): بفتح الدال، وإسكان الحاء المهملتين، وهما لغتان، يقال: دحا يدحو ويدحي؛ أي: بسط.

قوله: (وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ): قال ابن قُرقُول: («وخلق الجِبال والأكوام»؛ بجيم مكسورة، وعند الأصيليِّ: بفتح الجيم، وكلاهما تغيير، والله أعلم، ووجدته محوَّقًا عليه في كتاب النسفيِّ، ولعلَّه «الجبال» تكرر مرَّتين في الحديث، قال ابن قُرقُول: أو تكون «الحبال»؛ بالحاء المهملة؛ أي: الرمال، قال القاضي: أو تكون «البحار» أو «الأشجار»، فغُيِّر، وقد جاء ذلك في أحاديث، كلُّها: أنَّه خلق الدوابَّ يوم الخميس).

[ج 2 ص 336]

(1/8697)

قوله: (وَالآكَامَ): هو في أصلنا بمدِّ الهمزة بالقلم، انتهى، و (الإكام): بكسر الهمزة، وجمع (أكمة)، ويجمع على أُكُم، والأُكُم: على الآكام؛ بالمدِّ، وقد تَقَدَّم في (الاستسقاء).

قوله: (مِمَّا أَمَرَ بِهِ): (أَمَر): بفتح الهمزة والميم؛ أي: أمر الله به.

قوله: (وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ: أَسْعَدْنَاه): كذا هو بالسين في أصلنا وأصلنا الآخر، وعن السهيليِّ: هو بالصاد أقرب إلى تفسير (أرشدناه) من (أسعدناه)؛ بالسين، ثُمَّ شرع يبرهن على ذلك.

قوله: ({يُوزَعُونَ} [فصلت: 19]: يُكَفَّوْنَ): هو بضمِّ المثنَّاة تحت في أوَّله، وفتح الكاف، ثُمَّ فاء مشدَّدة مضمومة، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ كـ {يُوزَعُون}: مبنيٌّ أيضًا.

قوله: (قِشْرُ الْكُفرَّى): قال الدِّمْياطيُّ: وعاء الطلع، وقشره الأعلى، وقيل: هو الطلع حين ينشقُّ، والأوَّل أظهر، انتهى.

وقال ابن قُرقُول: (الكُفرَّى): بضمِّ الكاف، وفتح الفاء وضمِّها، وتشديد الراء، مقصور، وهو وعاء الطلع وقشره الأعلى، هذا قول الأصمعيِّ، وهو الكافور، والكُفُر أيضًا، وقال بعض أهل اللغة: وعاءُ كلِّ شيء كافورُه، وقال الخَطَّابيُّ: الكفرَّى: الطلع بما فيه، وقال الفرَّاء: هو الطلع حين ينشقُّ، قال أبو عليٍّ: وقول الأصمعيِّ هو الصحيح، وقوله فيه: (قشر الكفرَّى): يُصحِّح قول من قال: إنَّه وعاء الطلع، وهو قول الأصمعيِّ، انتهى، وذكر ابن الأثير في (الكفرَّى) اللغتين المذكورتين.

قوله: (هِيَ الْكِمُّ [10] وَاحِدُهَا [11]): أي: واحد الأكمام (كِمٌّ)؛ بكسر الكاف، وتشديد الميم، قال الجوهريُّ: والكِمُّ _ بالكسر_ والكِمامة: وعاء الطلع، وغطاء التنور، والجمع: كمام، وأكمَّة، وأكمام، وأنشد بيتًا للشمَّاخ ثُمَّ قال: والأكاميم أيضًا، وأنشد بيتًا لذي الرُّمَّة، انتهى.

وكذا ذكره غيره، وهو معروفٌ، وأمَّا الكُمُّ؛ بضمِّ الكاف؛ فهو للقميص، والجمع: أكمام وكِمَمَة؛ مثل: حُبٍّ وحِبَبَة؛ فاعلم ذلك، ولا تقرأ ما في «البُخاريِّ» بالضمِّ فتُحرِّفَ، والله أعلم.

قوله: ({مِرْيَةٍ} [فصلت: 54]، وَ {مُرْيَةٍ} وَاحِدٌ؛ أَيِ: امْتِرَاءٌ): {مِرية} الأولى: بكسر الميم، والثانية: بضمِّها، قال شيخنا: قراءة الجماعة بالكسر، وقرأ الحسن بالضمِّ، انتهى.

(1/8698)

قال في «الصحاح»: والمِرية: الشكُّ، وقد تُضَمُّ، وقد قُرِئ بهما قوله تعالى: {فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ} [هود: 17]، قال ثعلب: هما لغتان.

تنبيهٌ: كان ينبغي أن يذكر ذلك في (سورة هود)؛ لأنَّه أوَّل مكان وقع فيه {مرية} [17]، والله أعلم، ويأتي في ذلك المكان ما أتى في هذا، وتأتي قراءة الحسن فيما يظهر؛ إذ لا فرق، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): ({ائتيا}).

[2] في (أ): (أعطنا)، والمثبت موافق لما في المصادر.

[3] في (أ): (فآتينا) مع سقوط {قالتا}، وليس بصحيح، والمثبت موافق لما في (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({أتينا}).

[4] زيد في (أ): (به)، ولعلَّ حذفها هو الصواب وفاقًا لمصدره.

[5] في (أ): (إذا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[6] زيد في «اليونينيَّة»: (قال)، وهي مستدركة في (ق).

[7] كذا في (أ) وهامش (ق)، وفي هامش «اليونينيَّة»: (حدَّثني).

[8] في (أ): (الذهبي)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[9] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) مصلَّحة: (يُنْفَخ).

[10] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (الكُمُّ).

[11] كذا في (أ)، وهي مستدركة في (ق) ومصحَّح عليها، وهي ثابتة في رواية الأصيليِّ، وليست في رواية «اليونينيَّة».

(1/8699)

[{وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ... }]

(1/8700)

[حديث: كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف ... ]

4816# قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هو ابن المعتمر، تَقَدَّم، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، قال الدِّمْياطيُّ: عبد الله بن سخبرة، انتهى، وهذا تَقَدَّم أيضًا.

قوله: (كَانَ رَجُلاَنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ ثَقِيفَ، أَوْ رَجُلاَنِ مِنْ ثَقِيفَ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ): كذا بالشكِّ، وقد رُوِيَ بغير شكٍّ: (أنَّ رجلين من قريش)، وقد ذكر ابن بشكوال في «مبهماته»: القرشيُّ: هو الأسود بن عبد يغوث، والثقفيُّ الواحد: الأخنس بن شَرِيق، وساق شاهده، انتهى.

وقد عزا ابن شيخنا الإمام أبو زرعة ابن العراقيِّ شاهدَ ذلك إلى تفسير ابن عبَّاس من رواية خلف بن قاسم، وقال شيخنا عن الثعلبيِّ: إنَّ الثقفيَّ اسمُه عبد ياليل بن عمرو بن عمير، وخَتَناه: ربيعة، وصفوان بن أُمَيَّة، ثُمَّ ذكر كلام ابن بشكوال، وعزاه إليه، ثُمَّ قال: وفي «تفسير الجُوزيِّ»: نزلت في صفوان بن أُمَيَّة، وربيعة وحبيب ابني [1] عمرو الثقفيَّين، انتهى.

وقد أخذ ذلك ابن شيخنا البلقينيِّ من شيخنا الشارح، لكن عزاه إلى الثعلبيِّ والبغويِّ، والله أعلم.

قوله: (وَخَتَنٌ لَهُمَا): (الخَتَن): بفتح الخاء المعجمة والمثنَّاة فوق، ثُمَّ النون، وهو ما كان من قبل المرأة؛ مثل: الأب، والأخ، والأختان، هكذا عند العرب، وأمَّا العامَّة؛ فخَتَن الرجل: زوج ابنته، قاله الجوهريُّ.

قوله: (أَتُرَوْنَ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ المثنَّاة فوق؛ أي: أتظنُّون.

(1/8701)

[{وذلكم ظنكم} الآية]

(1/8702)

[حديث: اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي كثيرة شحم بطونهم]

4817# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، وأنَّه بضمِّ الحاء المهملة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبطه، وأنَّه عبد الله بن سخبرة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ): تُقرَأ: بإضافة (كثيرة) إلى (شحم)، وكذا (قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ)، وعلى هذا الضبط اقتصر شيخنا في شرحه هنا، وذكر في (كتاب التوحيد): أنَّه ضبطه بضمِّ (كثيرةُ)، وتنوين (شحمٍ)، ورفع (بطونُهم)، وكذا (قليلة ... )، عن ابن التين أنَّه قال: ورُوِّيناه: (كثيرة شحم)، وهو تجوُّزٌ على المعنى؛ أي: كثرت شحم بطونهم، قال ابن التين: وأصوب من ذلك: أن ترفع (كثيرة) بأنَّه خبر مبتدأ مقدَّم، والمبتدأ (بطونهم [1])، وتخفض (شحمًا) بالإضافة، و (قليلة فقه قلوبهم) على هذا، انتهى.

وهو في أصلنا: (كثيرةٌ): مرفوعٌ منوَّنٌ، و (شحمُ): مرفوعٌ غير منوَّنٍ، و (بطونِهم): بالجرِّ مضاف، وكذا (قليلةٌ فقهُ قلوبِهم)، انتهى، ولو قال: (كثيرةٌ) و (قليلةٌ) مرفوعان على الصفة لـ (قرشيَّان وثقفيٌّ أو ثقفيَّان وقرشيٌّ)؛ لجاز، وفي الحديث: تأنيث (الشحم) و (الفقه)؛ لإضافتهما إلى مؤنَّث، أو يؤَّول (الشحم) بالشحوم، و (الفقه) بالفهوم.

قوله: (أَتُرَوْنَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بضمِّ التاء، وفتح الهمزة؛ أي: أتظنُّون.

قوله: (وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُنَا): قائل هذا هو الحميديُّ المذكور في السند عبدُ الله بن الزُّبَير، و (سفيان) المشار إليه: هو ابن عيينة.

قوله: (أَوِ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): و (ابن أبي نجيح): تَقَدَّم أنَّ اسمَه عبدُ الله بن أبي نجيح يسارٍ، وكنية عبد الله: أبو يسار أيضًا، تَقَدَّم مترجمًا، وأمَّا (حُمَيْدٌ)؛ فهو الأعرج، وهو حميد بن قيسٍ المَكِّيُّ القارئ، عن مجاهد، وعكرمة، وعنه: مالك، والسفيانان، تُوُفِّيَ زمن السَّفَّاح، قال الإمام أحمد: ليس بالقويِّ، ورجَّح في «الميزان» توثيقه، ونقله عن أحمد أيضًا، وقال: مات سنة ثلاثين ومئة، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة.

(1/8703)

[{فإن يصبروا فالنار مثوى لهم} الآية]

4817# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس، أحد الأعلام، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن سخبرة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 337]

(1/8704)

(((42))) [{حم عسق}]

فائدةٌ: قرأَ ابنُ عبَّاسٍ: {حم سق}؛ بإسقاط العين، وكذلك هو في مصحف ابن مسعود، حكاه الطبريُّ، ذكر ذلك القُرْطبيُّ في «تذكرته» في (الفتن)، وهذه شاذَّةٌ، والله أعلم.

قوله: (ويُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ليس بصحيح على شرطه، فلهذا مرَّضه، والله أعلم.

[ج 2 ص 337]

(1/8705)

[{إلَّا المودة في القربى}]

(1/8706)

[حديث ابن عباس أنه سئل عن قوله: {إلا المودة في القربى}]

4818# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بندار، وتَقَدَّم ما معنى (البندار)، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غندر، وقد قدَّمتُ ضبطه مرارًا.

قوله: (عَجِلْتَ): هو بكسر الجيم، والتاء مفتوحة للخطاب، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 338]

(1/8707)

(((43))) ({حم} الزُّخْرُفِ) ... إلى (الرَّحْمَن)

قوله: ({وَقِيلَهُ} [الزخرف: 88] ... إلى أن قال: (وَلاَ نَسْمَعُ قِيلَهُمْ): أي: أنَّه منصوب على العطف على المفعول، انتهى، وقد قرأ بالنصب مَن عدا عاصم وحمزة [1]، وقيل: إنَّه منصوب على المصدر؛ أي: مَن شهِدَ وقال قيلَه، وقد قرأ عاصمٌ وحمزةُ: بخفض اللام، وكسر الهاء بالعطف على {السَّاعَةَ} [الزخرف: 66]؛ أي: علم قيلِهِ، وقيل: على القسم، والله أعلم، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين في قوله: {وَقِيلَهُ يَا رَبِّ} [الزخرف: 88] ... إلى آخره: لم يُعيَّن قائله، ثُمَّ قال: فكنت أظنُّه من جملة قول مجاهد، فلم أجده منقولًا عن مجاهد، ثُمَّ وجدت في كلام أبي عبيدة في «المجاز» نحوه، وهو كثير النقل عنه.

قوله: (أَيْ: تُكَذِّبُونَ): هو بكسر الذال المشدَّدة.

قوله: (ثُمَّ لاَ تُعَاقَبُونَ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح القاف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: ({يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]: يَضِجُّونَ): {يصِدُّون} هنا بكسر الصاد، كذا هو مضبوط في أصلنا، وكذا رأيته في نسخة أخرى، وأخرى عراقيَّة، ويجوز ضمُّ الصاد أيضًا، قال الجوهريُّ: وصَدَّ يصُدُّ ويصِدُّ صديدًا؛ أي: ضجَّ، فـ {يصدون} هنا: إن شئت أن تكسر صاده، وإن شئت ضممتها؛ لأنَّهما بمعنًى، وهما قراءتان في السبع، قرأ نافع وابن عامر والكسائيُّ بالضمِّ، والباقون بالكسر، وأمَّا صدَّ؛ بمعنى: أعرض؛ فلا أستحضر فيه إلَّا الضمَّ في المستقبل، غير أنَّ فيه لغةً أخرى، يقال: أصَدَّه عن الأمر، ومعنى قوله تعالى: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]؛ أي: يضحكون فرحًا بأنَّ النصارى عبدوا المسيح كما عبدوا الأوثان، وقيل: يعرضون؛ بمعنى: {يصُدُّون}؛ بالضمِّ، وقيل: هما لغتان؛ نحو: شدَّه يشُدُّه ويشِدُّه، أو يقولون: ما يريد محمَّد منا إلَّا أن نتَّخذه إلهًا نعبده؛ كما عبدت النصارى المسيح، وقال شيخنا: {يصِدُّون}: يضِجُّون، بكسر الصاد، ومن قرأ بالضمِّ؛ فالمعنى: يُعرضون، وقال الكسائيُّ: هما لغتان بمعنًى، وأنكر بعضهم الضمَّ، وقال: لو كان مضمومًا؛ لكان (عنه)، ولم يكن {منه}، وقيل: معنى {منه}: من أجله، فلا إنكار في الضمِّ، انتهى.

قوله: ({مُبْرِمُونَ} [الزخرف: 79]: مُجْمِعُونَ): هو بضمِّ الميم الأولى، وكسر الميم الثانية، وهذا ظاهرٌ.

(1/8708)

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ} [الزخرف: 26] ... ) إلى آخره: قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة في «المجاز» بمعناه.

قوله: (الْبَرَاءُ وَالْخَلاَءُ): هما ممدودان، وفتح أوَّلهما، و (الخلاء): بالخاء المعجمة.

قوله: (وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {إِنَّنِي بَرِيءٌ}؛ بِالْيَاءِ): (عبد الله) هذا: هو ابن مسعود، وهذه شاذَّةٌ؛ فاعلمه.

==========

[1] زيد في (أ): (الكسائي)، وكذا في الموضع اللاحق، وليس بصحيح، انظر «النشر» (2/ 277).

[ج 2 ص 338]

(1/8709)

[{ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك} الآية]

(1/8710)

[حديث: سمعت النبي يقرأ على المنبر: {ونادوا يا مالك}]

4819# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (عَطَاءٌ) هذا: هو ابن أبي رباح فيما يظهر، والله أعلم.

قوله: (وَالأَكْوَابُ: الأَبَارِيقُ الَّتِي لاَ خَرَاطِيمَ لَهَا): كذا هنا، وهو قولٌ فيها، وقال في (الواقعة): (والكوب: لا أذن له ولا عروة)، انتهى، وينبغي أن يحرَّر ما في (الواقعة)، فإنَّ الأذن والعروة واحدٌ، وقال الجوهريُّ: الكوب: كوزٌ لا عروة له، والجمع: أكواب، وفي «القاموس»: الكوب: كوز لا عروة له ولا خرطوم له، ج _ يعني: الجمع_: أكواب، وقال بعضهم في الآية: أوانٍ مدوَّرةُ الأفواه، وقيل: التي ليست لها آذان ولا خراطيم، فيها شرابهم، انتهى، وقال قتادة: الكوب: المدوَّر القصير العنق، القصير العروة، والإبريق: المستطيل الطويل العنق، الطويل العروة، وقال ابن عزيز: أكواب: أباريق لا عُرَا لها ولا خراطيم، واحدها كوب، وقاله الأخفش وقُطْرُب، والذي تَقَدَّم عن الجوهريِّ نحو قول مجاهد والسُّدِّيِّ، وهو مذهب أهل اللغة: التي لا آذان لها ولا عُرَا، وقد تَقَدَّم في (صفة الجنة).

قوله: (فَأَنَا أَوَّلُ الآنِفِينَ): هو بمدِّ الهمزة، وكسر النون.

قوله: (وَهُمَا لُغَتَانِ: رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبِدٌ): اعلم أنَّ (عَبِدَ)؛ بكسر الموحَّدة: غَضِب أَنَفةً، يعبَد؛ بالفتح، عَبَدًا؛ بالتحريك، فهو عابد وعبِد، و (عبِدٌ)؛ بكسر الموحَّدة: كذا هو بخطِّ الدِّمْياطيِّ، وكذا هو في أصلنا، قال شيخنا: وقال ابن التين: ضُبِط بفتحها، قال _يعني: ابن التين_: وكذا هو في ضبط كتاب ابن فارس: العَبِد: الأنِف، وكذا في «الصحاح»: العبَد؛ بالتحريك: الغَضَب، وعبِد؛ بالكسر؛ أي: أَنِف، وأمَّا (عبِد)؛ بمعنى: جحد؛ فهو بكسر الباء في أكثر النسخ، وفتحها في المضارع، وفي بعض الروايات فتحها ماضيًا، وضمُّها مضارعًا، وفي أخرى: وكسرها أيضًا، قال: ولم يذكر أهل اللغة (عبِد) بمعنى: جحد، وذكر ابن عزيز: أنَّ معنى {العَابِدِينَ} [الزخرف: 81]: الآنفين والجاحدين، انتهى، وسيأتي ما في ذلك قريبًا.

(1/8711)

قوله: (وَيُقَالُ: {أَوَّلُ العَابِدِينَ} [الزخرف: 81]: الْجَاحِدِينَ، مِنْ عَبِدَ)؛ بكسر الموحَّدة، و (يَعْبَد)؛ بفتحها: كذا في أصلنا وغيره، قال في «القاموس»: وبالتحريك العَبَد: الغضب، والحرب الشديد، والندامة، وملامة النفس، والحرص، والإنكار، عبِد؛ كـ (فرِح) في الكلِّ، انتهى؛ يعني: أنَّ تصريفه كتصريف (فرح) وضبطه، تقول: عبِد يعبَد عبَدًا، فهو عابد وعبِد؛ كفارِح وفرِح، والله أعلم.

قوله: (وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {وَقَالَ الرَّسُولُ: يَا رَبِّ} [الزخرف: 88]): (عبد الله) هذا: هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، الصحابيُّ المشهور، أحد المهاجرين؛ أي: قرأ قوله تعالى: {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ} [الزخرف: 88]: {وقال الرسول}، وهي شاذَّة.

==========

[ج 2 ص 338]

(1/8712)

(((44))) [الدخان]

قوله: (يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ): (يَحار): بفتح أوَّله، وبالحاء المهملة المخفَّفة، وفي آخره [1] راء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {تُبَّعٍ} [الدخان: 37]: مُلُوكُ الْيَمَنِ) قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة.

==========

[1] في (أ): (آخر)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 338]

(1/8713)

[{يوم تأتي السماء بدخان مبين}]

(1/8714)

[حديث: مضى خمس: الدخان والروم والقمر والبطشة واللزام]

4820# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، و (عبدان): لقب له، و (أَبُو حَمْزَةَ)؛ بالحاء المهملة: محمَّد بن ميمون السكريُّ، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه إنَّما قيل له: السكريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (الدُّخَانُ، وَالرُّومُ، [وَالْقَمَرُ]، وَالْبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ): تَقَدَّم الكلام عليها في (الفرقان).

==========

[ج 2 ص 338]

(1/8715)

[{يغشى الناس هذا عذاب أليم}]

(1/8716)

[حديث ابن مسعود: إنما كان هذا لأن قريشًا]

4821# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (باب الصلاة في الجبَّة الشامِيَّة)، و (الجنائز)، و (الدخان): (حدَّثنا يحيى: حدَّثنا أبو معاوية)، نسب ابن السكن الذي في (الجنائز): يحيى بن موسى، وأهمل الموضعين الآخرين، ولم أجدهما منسوبين لأحد من شيوخنا، انتهى، ولم أر هذا المكان في كلام شيخنا، ولا في «أطراف المِزِّيِّ»، و (أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو محمَّد بن خازم الضرير، بالخاء المعجمة، تَقَدَّم مِرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو ابن صُبيح، أبو الضحى، تَقَدَّم، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (كَسِنِي يُوسُفَ): تَقَدَّم أنَّ (سني) بالتخفيف، وأنَّ المراد بـ (سَبْعِ يُوسُفَ): سبع سنين قحطٍ وجَدْب.

قوله: (مِنَ الْجَهْدِ): هو بفتح الجيم، المشقَّة، وقال شيخنا: («الجَهد»: بفتح الجيم وضمِّها؛ لغتان، وقيل بالفرق، فبالضمِّ: الجوع، والفتح: المشقَّة)، انتهى.

قوله: (فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ورسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، والآتي: يحتمل أنَّه أبو سفيان صخرُ بن حرب، كما جاء في روايةٍ في «الصحيح» وسيأتي قريبًا: (فقال: إنَّ قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم ... )؛ الحديث، لكنْ فيه نظرٌ؛ لقوله فيه: (يا رسول الله)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: هذا القائل: هو كعب بن مرَّة، وقيل بالعكس، السُّلَميُّ البهزيُّ، والأوَّل أكثر، قال أبو عمر: كعب بن مرَّة أصحُّ، وقال ابن أبي خيثمة: هما اثنان، ذكر ذلك ابن الأثير، انتهى.

قوله: (فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ اسْتَسْقِ اللهَ لِمُضَرَ): سيأتي (فأتاه أبو سفيان)؛ يعني: ابن حرب، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (وفي ترجمة كعب بن مرَّة في «المعرفة» لابن منده بإسناده إليه قال: «دعا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم على مضر، فأتيته فقلت: يا رسول الله؛ قد نصرك الله وأعطاك، واستجاب لك، وإنَّ قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم ... »، فذكر الحديث، فهذا أولى أن يُفسَّر به القائل؛ لقوله: «يا رسول الله»، بخلاف أبي سفيان، فإنَّه وإنْ كان جاء أيضًا مستشفعًا، لكنَّه لم يكن أسلم)، انتهى، وهو كلام مليح [1].

قوله: (فَسُقُوا): هو بضمِّ السين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ [2].

(1/8717)

قوله: (الرَّفَاهِيَةُ)، وكذا الثانية: هي بفتح الراء، وتخفيف الياء، و (الرَّفَاهيَة)؛ على (فَعاليَة): السَّعَة في العيش، وكذا الرفاغية؛ بالغين المعجمة: لغة لا رواية.

(1/8718)

[{ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون}]

(1/8719)

[حديث ابن مسعود: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف.]

4822# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح؛ بضمِّ الصاد المهملة، وفتح الموحَّدة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ): هي القحط والجَدْب، تَقَدَّمتْ.

قوله: (مِنَ الْجَهْدِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

(1/8720)

[{أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين}]

(1/8721)

[حديث: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف.]

4823# قوله: (حَصَّتْ): أي: استأصلت، وقد تَقَدَّم.

قوله: (أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (والعذابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 338]

(1/8722)

[{ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون}]

(1/8723)

[حديث: إن الله بعث محمدًا وقال: {قل ما أسألكم عليه من أجر}]

4824# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو غندر، محمَّد بن جعفر، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش، (وَمَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو الضُّحى): مسلم بن صُبَيح، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّموا كلُّهم.

قوله: (وَقَالَ [1] أَحَدُهُمْ): أي: أحد الرجلين، وهما الأعمش ومنصور، وجمعَهُما تعظيمًا، أو على قول: إنَّ الاثنين جمعٌ، وكذا (أَحَدُهُمْ) الثانية، والله أعلم.

[ج 2 ص 338]

قوله: (الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ): كذا في أصلنا، وكذا أحفظها، و (الميتة) معروفة، ورأيت في نسخة صحيحة في هامشها: (والمَنِيئَة)؛ بفتح الميم، وكسر النون، ثُمَّ همزة مفتوحة ممدودة، ثُمَّ تاء التأنيث، انتهى، و (المنيئة): الجلد في الدباغ، وهذا كلام صحيحٌ، ولكنْ أنا لا أحفظها إلَّا (الميتة)، ولا رأيتها في «المطالع» ولا في «النِّهاية»، والله أعلم، ولا أعلم فيها غير ما ذكرت لك من أنَّها (الميتة).

قوله: (فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ): هو صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تَقَدَّم بعض ترجمته.

قوله: (ثُمَّ قَالَ: يَعُودُوا [2] بَعْدَ): الجادَّة: (يعودون)، وما وقع هنا هو على لغة.

قوله: (أَيُكْشَفُ عَذَابُ الآخِرَةِ؟): (يُكشَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عذابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت والأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقال).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (تعودوا).

(1/8724)

[{يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون}]

(1/8725)

[حديث: خمس قد مضين: اللزام والروم والبطشة ... ]

4825# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): تَقَدَّم الكلام على يحيى هذا في (الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (مُسْلِمٌ): هو مسلم بن صُبَيح، أبو الضحى، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّم الكلُّ.

فائدةٌ: قولة ابن مسعود: (إِنَّمَا كَانَ هَذَا) [خ¦4821]؛ أي: قوله: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، أشار بذلك إلى ما أخرجه مسلمٌ في أوَّل هذا الحديث، قال: (جاء عبدَ الله رجلٌ فقال: تركت في المسجد رجلًا يفسِّر هذه الآية: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ... ) إلى آخره، قال بعض حفَّاظ العصر من المِصْريِّين: (يحتمل أن يُفسَّر بأبي مالك الأشعريِّ، فإنَّ الطبرانيَّ أخرج في ترجمته من طريق شريح بن عبيد عنه في أثناء حديثٍ قال: «الدخان يأخذ المؤمنَ كالزَّكمة»)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 339]

(1/8726)

(((45))) [الجاثية]

قوله: (مُسْتَفِزِّينَ [1] عَلَى الرُّكَبِ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (مستوفزين على الرُّكَب)، وهذه ظاهرة، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (مستوفزين).

[ج 2 ص 339]

(1/8727)

[{وما يهلكنا إلا الدهر} الآية]

(1/8728)

[حديث: قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر]

4826# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء المهملة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه لا يجوز في يائه إلَّا الفتح.

قوله: (يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ): أي: يخاطبني من القول بما يتأذَّى به مَن يصحُّ في حقِّه التأذِّي، لا أنَّ الله سبحانه وتعالى يتأذَّى به.

قوله: (يَسُبُّ الدَّهْرَ): كان من عادة العرب أن تذمَّ الدهرَ وتسبَّه عند النوازل والحوادث، ويقولون: أبادهم الدهر، وأصابهم قوارع الدهر وحوادثُه، ويُكثِرون ذلك في أشعارهم، وقد ذكره الله عنهم فقال: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24]، وسيأتي الكلام عليه في (الأدب) إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَأَنَا الدَّهْر): رُوِيَ (الدهر) بالرفع والنصب، والرفع أكثر، والنصب على الظرف، وقيل: على الاختصاص، قال ابن الجوزيِّ: هو باطلٌ من وجوه؛ أحدها: أنَّه خلاف أهل النقل، فإنَّ المحدِّثين المحقِّقين لم يضبطوه إلَّا بالضمِّ، ثُمَّ ذكر وجهين آخرين، انتهى، وقد جوَّز النصبَ جماعةٌ منهم النَّحَّاس، وقال القاضي عياض: نصبه بعضهم على الاختصاص، والظرف أصحُّ، انتهى، وذهب بعضهم إلى أنَّ (الدهر) اسمٌ من أسماء الله تعالى، ولا يصحُّ، وسيأتي هذا في (باب: لا تسبوا الدهر) من (كتاب الأدب) بزيادة.

(1/8729)

(((46))) [الأحقاف]

قوله: (الأَحْقَافُ): تَقَدَّم الكلام عليها في (كتاب الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: 65]).

قوله: (قَالَ بَعْضُهُمْ: أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَ {أَثَارَةٍ} [الأحقاف: 3]): الأُولى في أصلنا: بفتح الهمزة والثاء، والثانية: بضمِّ الهمزة وسكون الثاء، قال بعض حفَّاظ العصر المتأخِّرين: هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، ورأيت في حاشية نسخةٍ بهذا «الصحيح» ما لفظه: قُرِئَ بستَّة أوجهٍ: {أثارة}، و {إثارة}، و {أَثْرة}، و {أَثَرة}، و {أُثْرة}، و {إِثْرة}؛ كـ (سَلامة، وسِفارة، وضَرْبة، وأَكَمة، ومُضْغة، وصِبْغة)، انتهت، وكتب عليها: (صغ)؛ يعني: من نسخة الصغانيِّ؛ يعني به: الإمام العلَّامة الحسن بن محمَّد اللغويَّ، وقد لقيه الدِّمْياطيُّ، وأنشده بيتين رُوِّيتُهما عن بعض أصحاب الدِّمْياطيِّ عنه.

فائدةٌ: في «مسند أحمد بن محمَّد بن حنبل» الإمام أبي عبد الله، من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما _قال سفيان: لا أعلمه إلَّا عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم_ قال: «{أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4]، قال: الخطُّ»، ورأيته موقوفًا على ابن عبَّاس في «المستدرك» في (الأحقاف)، وقال: [على شرط] البُخاريِّ ومسلم، وفيه أيضًا عنه موقوفًا: هو جَودة خطٍّ.

قوله: (تَوَعُّدٌ): هو بفتح المثنَّاة فوق، وفتح الواو، وضمِّ العين المشدَّدة.

قوله: (أَنْ يُعْبَدَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (أُبَلِّغُكُمْ [1]): هو بضمِّ الهمزة، وفتح الموحَّدة، وتشديد اللام المكسورة، كذا في أصلنا.

(1/8730)

[{والذي قال لوالديه أف لكما ... }]

قوله: ({وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17]): {أُفٍّ} هنا و (الأنبياء) و (سبحان): بالتنوين مع الكسر قرأ نافع وحفص، وقرأ ابن كَثِير وابن عامر: بفتح الفاء من غير تنوينٍ، والباقون: بكسرها من غير تنوين، وفي (أف) عشر لغات حكاهنَّ القاضي عياض وآخرون: ضمُّ الهمزة مع ضمِّ الفاء، وكسرها وفتحها بلا تنوين وبالتنوين، فهذه ستُّ لغاتٍ، و (أُفْ)؛ بضمِّ الهمزة وإسكان الفاء، و (إِفَّ)؛ بكسر الهمزة وفتح الفاء، و (أُفي) و (أُفَّةٌ)؛ بضمِّ الهمزة فيهما، فالواو أصل الألف، و (التفُّ): وسخ الأظفار، وتُستَعمل هذه الكلمة في كلِّ ما يُستَقذَر، وهي اسم فعل يُستَعمل في الواحد والاثنين والجمع بلفظٍ واحدٍ، قال الله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23]، قال الهرويُّ: يقال لكلِّ ما يُضجَر منه ويستثقل، وقيل: معناه: الاحتقار، مأخوذ من (الأَفَفِ)؛ وهو القليل.

==========

[ج 2 ص 339]

(1/8731)

[حديث: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب ... ]

4827# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام عليه، وعلى نسبته هذه، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ)؛ بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، و (مَاهَكَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهاء، غير مصروف؛ للعلميَّة والعجمة، وأنَّه هنا مصروفٌ في أصلنا وغير مصروف بالقلم، و (مَرْوَانُ): هو ابن الحكم، تَقَدَّم أنَّه تابعيٌّ، وتَقَدَّم بعض ترجمته، و (مُعَاوِيَةُ): هو ابن أبي سفيان صخرِ بن حرب، تَقَدَّم، و (يَزِيدُ): هو ابن معاوية، هو الخليفة، تَقَدَّم أنَّه مقدوح في عدالته، قال أحمد ابن حنبل: لا ينبغي أن يُروَى عنه.

قوله: (يُبَايَعَ لَهُ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح المثنَّاة تحت بعد الألف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا): (عبد الرَّحمن) هذا: أسلم قبل الفتح، قَتَل يوم اليمامة سبعةً؛ منهم مُحَكِّم اليمامة، روى عنه ابن أخيه القاسمُ وأبو عثمان النهديُّ، رضي الله عنه، تُوُفِّيَ سنة (53 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (شَيْئًا): إن قيل: ما هذا الشيء؟ فالجواب: أنَّه قد أوضحه الإسماعيليُّ: قال له عبد الرَّحمن: ما هي إلَّا هرقليَّة، إنَّ أبا بكر لم يجعلها في أحدٍ من ولده، ولا من أهل بلده، ولا من أهل بيته، فقال مروان: ألست الذي قال الله فيه ... ؟ فذكره، قال شيخنا: وذكر ابن التين أنَّه قال له: أهرقليَّة؟! بيننا وبينكم ثلاثٌ سبقن؛ تُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وفي أهله مَن لو جعل الأمر إليه؛ لكان أهلًا لذلك، فلم يفعل، وتُوُفِّيَ أبو بكر وفي أهله مَن لو جعل الأمر إليه؛ لكان أهلًا، وكذلك عمر، رضي الله عنهما، وقال ابن عبد البَرِّ في «استيعابه»: أهرقلية؟! إذا مات كسرى؛ كان كسرى مكانَه، لا نفعل والله أبدًا، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من العصريِّين: قال مروان: سُنَّة أبي بكر وعمر، فقال له عبد الرَّحمن بن أبي بكرٍ: بل وسُنَّة هِرَقل، بيَّنه الإسماعيليُّ في «مستخرجه»، انتهى.

(1/8732)

قوله: (إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ [اللهُ] فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17]): قال الزَّجَّاج: والصَّحيح أنَّها نزلت في الكافر العاقِّ، ولا يجوز أن يقال: إنَّها في عبد الرَّحمن بن أبي بكر؛ لأنَّ الله تعالى قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} [الأحقاف: 18]، وعبد الرَّحمن من خِيار المسلمين، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: مَا أَنْزَلَ اللهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، إِلاَّ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ عُذْرِي): يعني: في بني أبي بكر، وأمَّا أبو بكر؛ فأنزل الله تعالى فيه: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: 40]، و {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: 29]، {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} [التوبة: 100]، {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33]، في آيٍ كثيرةٍ، والله أعلم.

(1/8733)

[{فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض}]

==========

[ج 2 ص 339]

(1/8734)

[حديث: ما رأيت رسول الله ضاحكًا حتى أرى منه لهواته]

4828# 4829# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): (أحمد عن ابن وهب): تَقَدَّم الكلام عليه مَن هو، وقد قال الذهبيُّ في «تذهيبه»: أحمد عن ابن وهب، وعنه البُخاريُّ في مواضع: هو أحمد بن صالح، أو أحمد بن عيسى، قال أبو أحمد الحاكم: هو أحمد بن عبد الرَّحمن بن وهب عن عمِّه، وليس بشيء، انتهى، وقال شيخنا: وأحمد شيخ البُخاريِّ هو أحمد بن عيسى المصريُّ، كما قاله أبو مسعود وخلف، وعرَّفه ابن السكن بأنَّه أحمد بن صالح المصريُّ، وغلَّط الحاكمُ قولَ من قال: إنَّه ابن وهب، وقال ابن منده: كلُّ ما قال البُخاريُّ في «جامعه»: «حدَّثنا أحمد عن ابن وهب»؛ فهو ابن صالح، وإذا حدَّث عن ابن عيسى؛ نَسَبَه، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: أحمد بن عيسى، ومقتضى كلامه أن يكون كذلك في الرواية منسوبًا.

و (عَمْرٌو) بعد (عبد الله بن وهب): هو عمرو بن الحارث المصريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم، و (أَبُو النَّضْرِ): تقدَّم أنَّه بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد، واسمه سالم، قال الدمياطيُّ: أبو النَّضر سالم بن أبي أُمَيَّة، مولى عمر بن عبيد الله وكاتبُه، انتهى، و (سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ): بتقديم المثنَّاة تحت.

[ج 2 ص 339]

قوله: (حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ): (اللهوات): بفتح اللام والهاء، جمع (لهاة)؛ وهي اللحمة بأعلى الحنجرة من أقصى الفم، ولفظ «النِّهاية»: اللهوات: جمع لهاة؛ وهي اللحمات في سقف أقصى الفم، انتهى، و (اللهاة): تُجمَع على (لَهًا)؛ بفتح اللام _وتُكسَر أيضًا_ والقصرِ، وقد مُدَّ في الشعر ضرورةً، و (اللَّهَوات واللَّهِيَّات)؛ مثل: العَطِيَّات.

قوله: (عُرِفَ فِي وَجْهِهِ): (عُرِف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، وفاعلها مرفوع (الكراهيةُ).

قوله: (الْكَرَاهِيَةُ): تَقَدَّم أنَّها بتخفيف الياء، ويقال من حيث اللغة: كراهي.

(1/8735)

(((47))) [{الذين كفروا}]

قوله: (آثَامَهَا): هو بمدِّ الهمزة، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 340]

(1/8736)

[{وتقطعوا أرحامكم}]

(1/8737)

[حديث: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم ... ]

4830# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (مخْلدًا) بإسكان الخاء، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ): بضمِّ الميم، وفتح الزاي، وكسر الراء المشدَّدة، ثُمَّ دال مهملة، اسم فاعل من (زرَّد) المضعف، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ): بتقديم المثنَّاة تحت.

قوله: (فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ): (الحَقْو): بفتح الحاء المهملة، وإسكان القاف، وهو الإزار، والأصل فيه: معقد الإزار، وجمعه: أحقٍ وأحقاء، ثُمَّ سُمِّيَ به الإزار؛ للمجاورة، وقد تَقَدَّم الكلام على (الحقو) في (الجنائز)، ثُمَّ اعلم أنَّه لمَّا جَعَلَ الرَّحِمَ شجنةً من الرَّحمن عزَّ وجلَّ في حديث آخر؛ استعار لها الاستمساك به؛ كما يستمسك القريب بقريبه، والنسيب بنسيبه، و (الحقو) فيه مجازٌ وتمثيل، ومنه قولهم: عُذْت بحَقو فلان؛ إذا استجرتَ به واعتصمت، ولفظ ابن قُرقُول بعد أن فسَّر (الحقو) بالإزار، قال: وأصله: مشدُّ الإزار من الإنسان، وهو الخاصرتان، وقيل: طرفا الوركين، ثُمَّ سُمِّيَ به الإزار، وذكر جمعه ثُمَّ قال: وقوله في الرحم: «أخذت بحقوي الرَّحمن»: قلنا: إنَّ الحقوَ مشدُّ الإزار، ومن شأن المحتزم بحزمة العزيز والمستجير أن يدفع إليه ثوبًا من ثيابه يحتزم به، ويحتمي ممَّن [1] يريده، ثُمَّ الإزار من أوكد ما يُحتَزَم به ويُستجار؛ لأنَّه ممَّا يحامي عليه الإنسان ويدفع به، حتَّى يقال: نمنعه ممَّا نمنع منه أُزرنا، وهي الأحقاء، وكأنَّ المستجير ربَّما أخذ بطرف ثياب المستجار به أو بطرف إزاره، فلا يُسلمه بحال، فاستعير ذلك مجازًا للرحم، واستعاذتها بالله عزَّ وجلَّ من القطيعة؛ لما في ذلك من المبالغة، والتأكيد، والتقريب للمعقول بالمثال المحسوس المعتاد بينهم، انتهى.

(1/8738)

قوله: ([فَقَالَ] لَهُ: مَهْ): كذا في أصلنا، و (الرحم) مؤنَّثة، والمراد هنا _والله أعلم_: فقال له؛ أي: للآخذ والمستعيذ، و (مَه): بفتح الميم، وإسكان الهاء، وهي كلمة زجر، قيل: أصله: ما هذا، ثُمَّ حُذِف استخفافًا، تقال مكرَّرةً ومفردةً؛ ومثله: (بَهْ بَهْ)، وقال يعقوب: هي لتعظيم الأمر كـ (بخٍ بخِ)، وقد تنوَّن مع الكسر، وينون الأوَّل ويكسر الثاني دون تنوين، قاله ابن قُرقُول، ثُمَّ قال بُعَيده: (وقوله: «فقالت الرحم: هذا مقام العائذ بك» هو زجر، ولكنَّه مصروف إلى المستعاذ منه؛ وهو القاطع، لا المستعاذ به سبحانه وتقدَّس، وقيل: هي في الحقيقة ضرب مثل، واستعاره للرحم معنًى؛ وهو اتَّصال القربى بين أهل النسب في أمٍّ وأبٍ، وإذا كان هكذا؛ لم يحتج إلى تأويل «مه»)، انتهى.

وما ذكره هو على رواية أن تكون الرحم قالت: (مه)، وكذا في «النِّهاية» ولفظه: وفي حديث طلاق ابن عمر: قلت: (فمه إن رأيت إن عجز واستحمق)، (فماذا): للاستفهام، فأبدل الألف هاء؛ للوقف والسكت، وفي حديث آخر: «ثُمَّ مه»، ومنه الحديث هذا، وأمَّا هنا؛ فالظاهر أنَّ البارئَ سبحانه وتعالى هو القائل، وإذا كان كذلك؛ فمعناها مذكور فيما تَقَدَّم، والله أعلم.

قوله: (فَذَاكِ): هو بكسر الكاف إشارة إلى المؤنَّث المخاطب.

4831# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو ابن إسماعيل، ثِقةٌ، تَقَدَّم مترجمًا، أخرج له الجماعة، و (مُعَاوِيَةُ) بعده: هو ابن أبي مزرِّد، تَقَدَّم أعلاه ضبطه، وتَقَدَّم فيما مضى ترجمته، و (أَبُو الْحُبَابِ): بضمِّ الحاء المهملة، وتخفيف الموحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدَة أخرى.

4832# قوله: (حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي الْمُزَرِّدِ): تَقَدَّم ضبطه أعلاه.

قوله: (بِهَذَا): أي: بالسند المتَقَدَّم، وهو معاوية بن أبي المزرِّد [2] عن عمِّه أبي الحُبَاب سعيد بن يسار عن أبي هريرة، والله أعلم.

(1/8739)

(((48))) [سورة الفتح]

قوله: (السَّحنَة): هي بالسين والحاء المهملتين المفتوحتين، وقد تُسكَّن الحاء، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: في (السين والحاء المهملتين): (السِّحْنة)؛ بسكون الحاء، وكسر السين، كذا قيَّده أبو ذرٍّ، وقيَّده الأصيليُّ وابن السكن بفتح السين والحاء معًا، وهذا هو الصواب عند أهل اللغة، وكذا حكاه صاحب «العين» وغيره، وقال ابن دريد وغيره: (السَّحَنة): مفتوحة، ولا تُسكَّن، قال ابن قتيبة: العامَّة تُسكِّنه، وهي لين البشرة، والنعمة في المنظر، وقيل: الهيئة، وقيل: الحال، ويقال لها: السحناء، وعن الجيَّانيِّ: السَّحْنة، والسُّنحة، والسَّحناء، وحكى الكسائيُّ: السَّحْنة، وحكاه أبو عبيد عن الفرَّاء، وعند القابسيِّ وعبدوس في تفسير {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29]: السجدة؛ يريد: أثرها في الوجه هو السِّيما، وعند النسفيِّ: (السُّحنة)، انتهى لفظه.

وفي «الصحاح»: السَّحَنة؛ بالتحريك: الهَيئَة، وقد تُسكَّن، يقال: هؤلاء قوم حسنٌ سَحْنتهم، وكذلك السحناءُ، يقال: إنَّه لحسن السحناء، وكان الفرَّاء يقول: السَّحَناء والتَّأَداء بالتحريك، قال أبو عبيد: ولم أسمع أحدًا يقولهما بالتحريك غيره، وقال ابن كيسان: إنَّما حرَّكنا لمكان حرف الحلق، وفي «النِّهاية»: السَّحنة: وهي بشرة الوجه وهيأته وحاله، وهي مفتوحة السين، وقد تُكسَر، ويقال فيها: السحناء أيضًا بالمدِّ، انتهى.

قوله: (وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ): (منصور) هذا: هو ابن المعتمر، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: ({شَطْأَهُ} [الفتح: 29]: فِرَاخَهُ): هو بكسر الفاء، وبالراء، وبعد الألف خاء معجمة، ثُمَّ هاء الضمير، جمع (فرخ)، وجمع شَطْءٍ: أشطاءٌ، قاله الجوهريُّ مقتصرًا عليه، وفي «القاموس»: الشطء: فراخ النخل والزرع، أو ورقه، (ج) _يعني: الجمع_: شُطُوْء، وشَطَأَ؛ كـ «منع» شطْأً وشطُوءًا: أخرجها، ومن الشجر: ما خرج حول أصله، (ج) _يعني: الجمع_: أشطؤ وأشطاء: أخرجها، انتهى.

[ج 2 ص 340]

(1/8740)

قوله: ({دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: 98]؛ كَقَوْلِكَ: رَجُلُ السَّوْءِ): الثانية بالفتح، قال الجوهريُّ: ساءه يسوءُه سَوْءًا؛ بالفتح، ومَساءةً ومسايأة: نقيض سرَّه، والاسم: السُّوء، وقرئ: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السُّوْءِ} [الفتح: 6]؛ يعني: الهزيمةَ والشرَّ، ومَن فتح؛ فهو من (المَساءة)، وتقول: هذا رجل سَوءٍ؛ بالإضافة، ثُمَّ تدخل عليه الألف واللام، فتقول: هذا رجل السَّوء، وأنشد بيتًا للفرزدق، ثُمَّ قال: قال الأخفش: ولا يقال: الرجل السُّوء، ويقال: الحقُّ اليقين وحقُّ اليقين جميعًا؛ لأنَّ السَّوءَ ليس بالرجل، واليقين: هو الحقُّ، قال: ولا يقال: هذا رجل السُّوء؛ بالضمِّ، انتهى.

(1/8741)

[{إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا}]

(1/8742)

[حديث: لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس]

4833# قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ ... )؛ الحديث: اعلم أنَّ (أَسْلَم) تابعيٌّ حكى قصَّة لم يدركها، ولو أدركها؛ كان يكون صحابيًّا، فهي مرسلة، كذا رواه عبد الله بن مسلمة _هو القعنبيُّ_ عن مالك، قال شيخنا الشارح: (قال الدارقطنيُّ: رواه عن مالك عن زيد عن أبيه متَّصلًا محمَّدُ بن خالد بن عثمة، وأبو نوح عبد الرَّحمن بن غزوان، وإسحاق الحُنَينيُّ، ويزيد بن أبي حكيم، ومحمَّد بن حرب المَكِّيُّ، وأمَّا أصحاب «الموطأ»؛ فروَوه عن مالك مرسلًا، وقال القابسيُّ: قوله: «قال عمر: فحرَّكت بعيري ... » إلى آخره: يبيِّن أنَّ أسلمَ عن عمرَ رواه، وكما رواه البزَّار عن محمَّد بن المثنى عن ابن عثمة بلفظ: «قال: سمعت عمر يقولُ»، ثُمَّ قال: «وحدَّثنا الفضل بن سهل: حدَّثنا ابن غزوان: حدَّثنا مالك عن زيد، عن أبيه، عن عمر ... »؛ فذكره، قال: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن عمر إلَّا من هذا الوجه، ولا نعلم حدَّث به عن زيد بن أسلم إلَّا مالكًا، ولا عن مالك إلَّا ابن عثمة وابن غزوان، قلت: قد سلف عنه غيرهما، ورواه أحمد في «مسنده» عن أبي نوحٍ قراد بن نوح [1]، عن مالك، عن زيد، عن أبيه، عن عمر به)، انتهى.

قوله: (لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ): تَقَدَّم في (الحُدَيْبيَة) فيه سؤالٌ وجواباه، والله أعلم.

قوله: (كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا ... ) إلى أن قال: (قَدْ أُنْزِلَ [2] عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]): كان هذا السفر في غزوة الحُدَيْبيَة، وقد تَقَدَّم متى كانت الحُدَيْبيَة، قال ابن سعد: (أقام بالحُدَيْبيَة بضعة عشر يومًا، ويقال: عشرين ليلة، ثُمَّ انصرف رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فلمَّا كانوا بضَجْنان؛ نزلت عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ... ؛ الحديث، وضَجْنان: جُبَيلٌ على بريد من مَكَّة، وهو بفتح الضاد المعجمة، ثُمَّ جيم ساكنة، وقال شيخنا: نزلت بين الحُدَيْبيَة والمدينة، أو بكُراع الغميم، انتهى، وقد تَقَدَّم ما قاله في (الحُدَيْبيَة).

(1/8743)

قوله: (ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ): (أمُّ): مرفوعة؛ لأنَّها فاعلةٌ، وتَقَدَّم معنى (الثُّكل) في (الحُدَيْبيَة).

قوله: (نَزَرْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم الكلام عليها مطوَّلًا في (الحُدَيْبيَة)، وقد تَقَدَّم لِمَ قال عمر: (نزرت رسول الله في الحُدَيْبيَة)، والله أعلم.

قوله: (كُلَّ ذَلِكَ): تَقَدَّم أنَّها بالنصب على الظرف.

قوله: (فَمَا نَشِبْتُ): هو بكسر الشين المعجمة؛ أي: لبثتُ.

قوله: (أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا): تَقَدَّم أنَّ هذا الصارخ لا أعرف اسمه.

قوله: (فِيَّ قُرْآنٌ): (فيَّ): جارٌّ ومجرور.

قوله: (لَقَدْ أُنْزِلَ [3] عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ): تَقَدَّم في أيِّ مكان نزلت أعلاه وفي (الحُدَيْبيَة).

==========

[1] كذا في (أ) تبعًا لما في «التوضيح» (23/ 249)، وتقدَّم أنَّه أبو نوحٍ عبد الرحمن بن غزوان، ويُعرَف بقراد، انظر تهذيب الكمال (17/ 335).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (لقد أُنزِلت).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أُنزِلت).

[ج 2 ص 341]

(1/8744)

[حديث: {إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا} الحديبية]

4834# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، وتَقَدَّم (غُنْدُرٌ) ضبطًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر.

==========

[ج 2 ص 341]

(1/8745)

[حديث: قرأ النبي يوم فتح مكة سورة الفتح فرجع فيها]

4835# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النِّسبة، وأنَّها إلى جدِّه، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم، وأنَّ (مُغَفَّلًا) صَحابيٌّ أيضًا، وأنَّه بضمِّ الميم، وفتح الغين المعجمة، وتشديد الفاء المفتوحة.

قوله: (فَرَجَّعَ): هو بتشديد الجيم، و (الترجيع): ترديد القراءة، وقد بيَّن صورة الترجيع في آخر «الصحيح»، وسأذكره هناك إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (قَالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَحْكِيَ لَكُمْ): (معاوية) هذا: هو ابن قرَّة المذكور في سند هذا الحديث، الراوي عن عبد الله بن مُغَفَّل.

قوله: (لَوْ شِئْتُ): هو بضمِّ تاء المتكلِّم، وكذا (لَفَعَلْتُ)، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 341]

(1/8746)

[{ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ... }]

(1/8747)

[حديث: قام النبي حتى تورمت قدماه ... ]

4836# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] زِيَادٌ): هو زياد بن علاقة الغطفانيُّ، وعلاقة: بالكسر والفتح، كنيته أبو مالك الثعلبيُّ، روى عن عمِّه قطبة وجرير البجليِّ، وعنه: شعبة والسفيانان، تُوُفِّيَ سنة (125 هـ) تقريبًا وقد قارب المئة، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، وقال أبو حاتم: صدوق، و (المُغِيرَةُ): هو ابن شعبة.

(1/8748)

[حديث: أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا]

4837# قوله: (أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء، وهو ابن شريح، تَقَدَّم، و (أَبُو الأَسْوَدِ) بعده: هو محمَّد بن عبد الرَّحمن بن نوفل، يتيم عروة.

قوله: (لِمَ تَصْنَعُ هَذَا؟): (لِمَ): بفتح الميم، استفهاميَّة، (تَصْنعُ): مرفوعٌ، وهذا ظاهرٌ، وهو بفتح أوَّله، وإسكان الصاد المهملة.

قوله: (فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ؛ صَلَّى جَالِسًا): قال شيخنا: أنكر الداوديُّ قولَه: (فلمَّا كثر لحمه؛ صلَّى جالسًا)، وقال: إنَّما في الحديث: (فلمَّا بدَّن)؛ يعني: كبر، وهذا في رسم الخطِّ يقع على أخذ اللحم وعلى الكبر، فرواه بعضهم على ما يحتمل من التأويل، ونقل غيره: (لمَّا كبر وسمن)، مثل ما هنا، ومن صفاته: أنَّه لمَّا كبر؛ سمن، قال ابن الجوزيِّ: لم يصفه أحد بالسِّمَن أصلًا، ولقد مات وما شبع من خبز الخمير في يوم مرَّتين، وأحسب أنَّ بعض الرواة روى قولها: (لمَّا بدَّن)؛ ظنَّه: كثر لحمه، فإنَّ قومًا ظنُّوا ذلك، وليس كذلك؛ فإنَّ أبا عبيد قال: (بدَّن الرجل تبدينًا؛ إذا أسنَّ)، فيحتمل أن يكون المعنى: لمَّا ثقل عليه حمل لحمه وإن كان قليلًا؛ لأنَّه طعن في السنِّ، انتهى.

وقال في «المطالع»: (فلمَّا بَدُن)، ورُوِيَ: (بَدَّن)، وأنكر ابن دريد وغيرُ واحدٍ ضمَّ الدال؛ لأنَّ معناه: عظم بطنه، وكثر لحمه، قالوا: ولم تكن هذه صفته صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قالوا: والصواب: بدَّن؛ أي: أسنَّ وثقل من السِّنِّ، وفي حديث عائشة رضي الله عنها ما يُصحِّح الروايتين، وذلك قولها: «فلمَّا أسنَّ وأخذ اللحم»، فجمَعَتْ بين السنِّ وأخذ اللحم، ورُوِيَ عنها: (فلمَّا كبر)، و (حتى إذا كَبِر)، وفي حديث آخر: (وكان معتدل الخَلْق، وبدَّن آخر زمانه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم).

(1/8749)

[{إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا}]

(1/8750)

[حديث: أن هذه الآية التي في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك}]

4838# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ): (عبد الله) هذا: قال الذهبيُّ في «تذهيبه» لمَّا ذكر هذا المكان قال: فزعم الكلاباذيُّ واللالكائيُّ أنَّه عبد الله بن صالح العجليُّ، وقال أبو عليٍّ ابن السَّكَن في روايته عن الفربريِّ عن البُخاريِّ: حدَّثنا عبد الله بن مسلمة؛ يعني: القعنبي، وقال أبو مسعود في «الأطراف»: هو عبد الله بن رجاء، قال: والحديث عند عبد الله بن صالح وعبد الله بن رجاء، وقال أبو عليٍّ الغسانيُّ: هو عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقال أبو الوليد هشام بن أحمد بن هشام القاضي: إنَّما روى البُخاريُّ في (تفسير الفتح) عن عبد الله بن مسلمة _هو القعنبيُّ_ عن عبد العزيز بن أبي سلمة، ولا ذكر لعبد الله بن صالح بن مسلم هناك، ولا في شيء من «الجامع»، وإنَّما قال هذا: أبو الوليد على رواية أبي عليٍّ ابن السَّكَن، قال المِزِّيُّ: وأَولى هذه الأقوال بالصواب قولُ من قال: إنَّه كاتب الليث، ثُمَّ شرع يتبرهن على ذلك، والله أعلم، وقال الذهبيُّ عَقيب ما برهن به المِزِّيُّ: قلت: سمع البُخاريُّ من أربعة اسمهم عبد الله، كلٌّ منهم يروي عن عبد العزيز بن الماجِشُون، وعبد الله الخامس يمكن أن يكون سمع منه، وهو العجليُّ، وأمَّا الأربعة؛ فهم: عبد الله بن صالح كاتب الليث، فهو مُكثرٌ عن الماجِشُون، كما أنَّ البُخاريَّ أكثرَ عنه خارج «الصحيح»، وعبد الله بن يوسف التنيسيُّ، وعبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، وعبد الله بن رجاء الغُدانيُّ، وقد صرَّح ابن حمُّويه عن الفربريِّ عن البُخاريِّ بروايته عن عبد الله بن صالح عن الليث في حديث رواه البُخاريُّ أوَّلًا تعليقًا، فلمَّا فرغ من المتن؛ قال: حدَّثني عبد الله بن صالح عن الليث به، والله أعلم.

قوله: (قَالَ فِي التَّوْرَاةِ): تَقَدَّم لِمَ نقل عبد الله بن عمرو بن العاصي عن التوراة في (البيوع)، وذلك أنَّه كان يحفظها؛ لرؤيا رآها، وقد ذكرت الرؤيا في (البيوع)؛ فانظر ذلك.

[ج 2 ص 341]

(1/8751)

قوله: (وَحِرْزًا): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء، وإسكان الراء، وبالزاي؛ أنَّه الحافظ، وكذا (الأُمِّيِّينَ) تَقَدَّم، وكذا (لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ) تَقَدَّما، و (الفَظُّ): سيِّءُ الخُلُق، و (الغليظ): شديد القول، وكذا (السَخَّاب)، وأنَّه بالسين المهملة، وتشديد الخاء المعجمة، وفي آخره مُوَحَّدَة، قال القاضي: يقال بالصاد وبالسين، والصاد أشهر، والسين لغة، انتهى، وكذا (الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ): التي غيَّرتها العرب عن استقامتها، وكذا (وَقُلُوبًا غُلْفًا)، وهو مثل قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: 88]؛ معناه: كأنَّه من قلَّة فطنته وانشراحه لا يصل إليه شيءٌ ممَّا يسمع؛ فكأنَّه في غلاف؛ وهو صِوان الشيء، وهو غطاؤه، وهو الأكنَّة، تَقَدَّم.

(1/8752)

[{هو الذي أنزل السكينة}]

(1/8753)

[حديث: تلك السكينة تنزلت بالقرآن]

4839# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (الْبَرَاءُ): هو ابن عَازب، وقد قدَّمتُ مرارًا أنَّ عازبًا أيضًا صَحابيٌّ رضي الله عنه.

قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ): هذا الرجل هو أُسَيد بن الحُضَير، وقد تَقَدَّم أنَّ (أُسَيدًا) بضمِّ الهمزة، وأنَّ (حُضَيرًا) بضمِّ الحاء المهملة، وسيأتي كذلك مسمًّى منسوبًا في (باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن).

فائدةٌ: هذه السورة التي قرأها هي (سورة الكهف)، وفي هذا «الصحيح» في (باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن) معلَّقًا من حديث أُسَيد هذا: أنَّها البقرة، قال شيخنا: زعم بعضهم تعدُّد الواقعة، ويحتمل أنَّه قرأهما كلتيهما ... إلى آخر كلامه، انتهى.

قوله: (تِلْكَ السَّكِينَةُ): تَقَدَّم الكلام على (السكينة)، وما هي، ولُغَتَيها.

(1/8754)

[{إذ يبايعونك تحت الشجرة}]

(1/8755)

[حديث: كنا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة]

4840# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): [1] (سفيان) هذا: هو ابن عيينة، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ، تَقَدَّموا.

قوله: (أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ): تَقَدَّم الكلام على الروايات في عدد أهل الحُدَيْبيَة، وأنَّ هذا القول هو الأكثر، وتَقَدَّم الكلام على (الحُدَيْبيَة) بلُغَتَيها.

==========

[1] زيد في (أ): (هذا هو)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[ج 2 ص 342]

(1/8756)

[حديث: إني ممن شهد الشجرة نهى النبي عن الخذف]

4841# 4842# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، وفي نسخة في أصلنا القاهريِّ وليس في الدِّمَشْقيِّ: (عليُّ بن سلمة)، قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني البُخاري_ في (كتاب الشفعة): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا شَبَابة)، فذكر حديث: (إنَّ [لي] جارين، فإلى أيِّهما أهدي؟)، ثُمَّ قال: وفي (تفسير الفتح): (حدَّثنا عليٌّ: حدَّثنا شَبَابة)، فذكر هذا الحديث ثُمَّ قال: وهكذا أتى عليٌّ غير منسوب في هذين الحديثين في نسخة الأصيليِّ، ولم ينسبه أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ فيهما، فقال أبو نصرٍ في إسناده حديث عائشة _يعني الأوَّل_: هو عليُّ بن سلمة اللبقيُّ، وكذلك نسبه أبو ذرٍّ في روايته عن المستملي، ونسبه ابن السكن في روايتنا عنه: عليُّ بن عبد الله، وهذا ضعيف عندي، وأمَّا في إسناد حديث ابن مُغَفَّل _يعني: هذا الذي في هذه السورة_؛ فنسبه أبو ذرٍّ في روايته عن المستملي: عليُّ بن سلمة، ونسبه أيضًا عن الحمُّوي وأبي الهيثم: عليُّ بن عبد الله، ولم ينسب أبو نصر عليًّا في حديث ابن المُغَفَّل، انتهى ملخَّصًا، وفي «أطراف المِزِّيِّ» لمَّا ذكر هذا الحديث المذكور هنا؛ قال: البُخاريُّ في (الأدب) عن آدم، وفي تفسير (سورة الفتح) عن عليِّ بن عبد الله عن شَبَابة، ثُمَّ طرَّفه من عند مسلم، وأبي داود، وابن ماجه؛ فاعلمه، وقد تَقَدَّم في (سورة المائدة) الكلام على ابن سلمة اللبقيِّ، وتعقُّب مغلطاي للمزِّيِّ _والله أعلم_ في رقمه عليه ابن ماجه فقط.

و (شَبَابَةُ): بفتح الشين المعجمة، وتخفيف الموحَّدة، وهو شَبَابة بن سوَّار، تَقَدَّم مترجمًا، و (عُقْبَةُ بْنُ صُهْبَانَ): بضمِّ الصاد المهملة، ثُمَّ هاء ساكنة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم ضبط والده قريبًا وبعيدًا، وأنَّه صَحابيٌّ أيضًا.

قوله: (مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ): يعني: شهد بيعة الحُدَيْبيَة تحت الشجرة، وقد قدَّمتُ أنَّها كانت سَمُرة، وقدَّمتُ متى كانت الحُدَيْبيَة.

قوله: (عَنِ الْخَذْفِ): (الخَذْف): الرمي بحصًى أو نوًى بين سبَّابتيه، أو بين الإبهام والسبَّابة، والله أعلم، وهو بالخاء المفتوحة، ثُمَّ ذال ساكنة، معجمتين، ثُمَّ فاء.

(1/8757)

قوله: (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ عَنْ [1] عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ ... ) إلى آخره: هذا يرويه البُخاريُّ بسند الذي قبله عن عليِّ بن عبد الله، عن شَبَابة، عن شعبة، عن قتادة، عن عقبة بن صُهْبان به، وإنَّما أتى به؛ لأنَّ الأوَّل قال فيه: عقبة بن صهبان عن عبد الله بن مَغَفَّل، وفي الثاني صرَّح بالسماع من عبد الله بن المغفَّل، هذا على ما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وأمَّا أصلنا القاهريُّ؛ فكان فيه كذلك، ثُمَّ ضُرِب على (قال: سمعت)، وخُرِّج: (عن) عوضَها، وصُحِّح عليها، والذي يظهر صحَّةُ ما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وإلَّا فلولا ذلك؛ ما كان به حاجة إلى ذكر البول في المغتسل أنَّه يأخذ الوسواس منه، مع أنَّ عقبةَ بن صُهْبان ليس مدلِّسًا، وإنَّما صنع ذلك؛ ليخرج من خلاف من قال في العنعنة بالردِّ مطلقًا وإن لم تكن من مدلِّس، وقد قدَّمتُ ذلك، والله أعلم، وحديث النهي عن البول في المغتسل رواه الأربعة لكنْ من حديث الحسن البصريِّ عن ابن مُغَفَّلٍ، قال التِّرْمِذيُّ: غريبٌ، انتهى، قال شيخنا العراقيُّ: وإسناده صحيحٌ، انتهى، واستدركه الحاكم على البُخاريِّ ومسلم، وذكر له شاهدًا، وأعلَّه عبد الحقِّ بما بيَّن أبو الحسن بن القطَّان وهمه فيه، وفي سنده في «الأربعة»: أشعث بن عبد الله الحدانيُّ، وثَّقه النَّسائيُّ وغيرُه، وأورده العقيليُّ في «الضعفاء»، وقال: في حديثه وهم، ثُمَّ ذكر له هذا الحديث، وقد ذكر أشعثَ الذهبيُّ في «ميزانه»، وقال في آخر ترجمته: قولُ العقيليِّ: (في حديثه وَهَمٌ) ليس بمُسَلَّمٍ إليه، وأنا أتعجَّب كيف لم يخرِّج له البُخاريُّ ومسلم؟! انتهى، وقد رُوِيَ هذا الحديث موقوفًا، وزعم بعض الحُفَّاظ أنَّه أصحُّ، وكَرِهَ جماعاتٌ من الصَّحابة فمَن بعدَهم البولَ في المغتسل؛ منهم ابن مسعود، حتَّى قال عمر: (إنَّ مَن بال في مغتسله؛ لم يطهر)، وعن عائشة قالت: (ما طهَّر الله رجلًا يبول في مغتسله)، ورخَّص فيه ابن سيرين وغيره، وروى ابن ماجه عن عليِّ بن محمَّد الطنافسيِّ قال: إنَّما هذا في الحظيرة، فأمَّا اليوم؛ فمغتسلاتهم بجصٍّ وصاروج؛ يعني: النَّورة وأخلاطَها والمُقيَّر، فإذا بال وأرسل عليهما الماء؛ فلا بأس، وكذا قال الخَطَّابيُّ عن مغتسلٍ يكون جددًا صلبًا، ولم يكن له مسلك ينفذ فيه البول، ويروى عن عطاء: إذا كان يسيل؛ فلا بأس، وفيه كلامٌ لغير مَن ذكرت، قال شيخنا: وأغرب ابن التين فقال: قوله:

(1/8758)

(في البول)؛ يريد: نهيه عَلَيهِ السَّلام عن البول في الماء الدائم الذي يُغتَسل فيه، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) مصحَّحًا عليها، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (قال: سمعتُ).

[ج 2 ص 342]

(1/8759)

[حديث: عن ثابت بن الضحاك وكان من أصحاب الشجرة]

4843# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ): هذا هو محمَّد بن الوليد البسريُّ؛ من ولد بُسْر بن أبي أرطاة، وإن شئت قلت: بُسْر بن أرطاة؛ بحذف (أبي)، القرشيُّ، يروي عن غُنْدُر _محمَّد بن جعفر المذكور هنا_ والقطَّان، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والمحامليُّ، ثِقةٌ، مات بعد الخمسين ومئتين، أخرج له من روى عنه من الأئِمَّة، قال أبو حاتم: صدوق، وقال النَّسائيُّ وغيره: ثِقةٌ، و (خَالِدٌ) بعد (شعبة): هو خالد بن مِهران الحذَّاء، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ.

==========

[ج 2 ص 342]

(1/8760)

[حديث: يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدًا]

4844# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلَمِيُّ): هذا هو أحمد بن إسحاق بن الحصين المطوعيُّ، أبو إسحاق البُخاريُّ السُّرماريُّ، تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق، وسُرمارة: من قرى بخارى، أحد فرسان الإسلام، ممَّن يُضرَب بشجاعته المثلُ، مع العلم والزهد، تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق مع ضبط بلده، و (يَعْلَى) بعده: هو ابن عبيد، تَقَدَّم، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر السين المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، وبعد الألف هاء لا تاء، ويقرؤه المحدِّثون مصروفًا، وقد رأيته مصروفًا وغير مصروف بالقلم في بعض النسخ الصحيحة، و (السياه): الأسْوَد، فهو صفةٌ، والظاهر أنَّه ليس علمًا في العجمة، والله أعلم، و (حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سَلَمة.

قوله: (كُنَّا بِصِفِّينَ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأين هي، وما فيها.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، قال بعض الحُفَّاظ من المعاصرين: الرجل: الأشعث بن قيس، انتهى.

قوله: (يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ): (يُدعَون): بضمِّ أوَّله، كذا في أصلنا بالقلم، وكذا رأيته في أصلٍ آخرَ، وكذا كنت أقرؤه، وكذا التلاوة [آل عمران: 23]، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا قال ما لفظه: و (يَدْعُون): بفتح أوَّله، كذا الرواية، وكأنَّ هذا الرجلَ لم يُرِدِ التلاوة، انتهى.

قوله: (فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ): (عليٌّ) هذا: هو ابن أبي طالب الهاشميُّ، الخليفة، رضي الله عنه.

قوله: (قَالَ [1] سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ): تَقَدَّم أنَّ (حُنَيْفًا) بضمِّ الحاء المهملة، وفتح النون، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، وهذا ظاهرٌ، و (سهل): بدريٌّ جليلٌ، أوسيٌّ، رضي الله عنه، تُوُفِّيَ سنة (38 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ التاء، وهذا ظاهرٌ، و (الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ فيها التخفيفَ والتشديدَ، وعلى (الدَّنِيَّةَ): أنَّها بالهمز وعدمه؛ أي: الخصلة المذمومة.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقال).

[ج 2 ص 342]

(1/8761)

(((49))) [الحجرات]

قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَا تُقَدِّمُوا} [الحجرات: 1]: لَا تَفْتَاتُوا): من الافتيات، الظاهر أنَّ هذا التفسيرَ على قراءة ابن عبَّاس، وقرأ بها يعقوب: بفتح التاء والدال، من التَقَدُّم، وعن بعضهم أنَّه ضبطه بخطِّه كذلك، انتهى، وقد يُشعِر بذلك عزوُ البُخاريِّ هذا التفسير لمجاهد؛ لأنَّ مجاهدًا من طلبة ابن عبَّاس، وقراءة الجماعة من التقديم، والله أعلم.

قوله: ({يَلِتْكُمْ} [الحجرات: 14]: يَنْقُصْكُمْ) بفتح أوَّله، وضمِّ القاف، وقد تَقَدَّم الكلام على (نقص) في (الرعد).

قوله: (يُدْعَى بِالْكُفْرِ [1]): (يُدعَى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] كذا جاء هذا القول في (أ) و (ق) بعد قوله: ({يلتكم} ... )، وهو في رواية «اليونينيَّة» متقدِّمٌ عليه.

[ج 2 ص 342]

(1/8762)

[{لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} الآية] =

ج19. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: كاد الخيران أن يهلكا]

4845# قوله: (حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ): (يَسَرة): بفتح المثنَّاة تحت، وفتح السين المهملة والراء، ثُمَّ تاء التأنيث، و (جَمِيل): بفتح الجيم، وكسر الميم، تَقَدَّم، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة، وأنَّ اسم أبي مُلَيْكَة زهيرٌ، وأنَّ زهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: (كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا ... ) إلى أن قال: (قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ): يُعلِمك أنَّ هذا الحديث يرويه ابن أبي مُلَيْكَة عن عبد الله بن الزُّبَير، وبه ظهر اتِّصاله، فإنَّه حكى هذه القصَّة ولم يحضرها، وقد ذكر هذا الحديث البُخاريُّ في (المغازي) و (التفسير) عن عبد الله بن أبي مُلَيْكَة عن ابن الزُّبَير، وهنا و (الاعتصام) (عن ابن أبي مُلَيْكَة: كاد [1] الخيِّران)، وقد أخرجه التِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن ابن أبي مُلَيْكَة عن ابن الزُّبَير نحوه، وقال: حسنٌ غريبٌ، وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مُلَيْكَة مرسلًا، ولم يذكر ابن الزُّبَير، وأخرجه النَّسائيُّ عن ابن أبي مُلَيْكَة عن ابن الزُّبَير، والله أعلم، فإن قال قائل: لعلَّ أبا بكر وعمر حدَّثاه بالقصَّة أو أحدَهما؟ فالجواب: أنَّه لم يسمع منهما، هو يصغر عن ذلك، وقد أرسل عن عمر وعثمان، قاله أبو زرعة.

تنبيهٌ: إذا تعارض الوصل والإرسال، أو الرفع والوقف تَقَدَّم فيه أربعة أقوال؛ أحدها: الحكم لمن وصل، وهو الأظهر الصحيح، والثاني: أنَّ الحكم لمن أرسل، والثالث: الحكم للأكثر، الرابع: الحكم للأحفظ، فإذا وقع الاختلاف من راوٍ واحدٍ ثِقةٍ في المسألتين معًا، فوصَله في وقت وأرسَله في وقت، أو رفعه في وقت ووقفه في وقت؛ فالحكم على الأصحِّ لوصله ورفعه، لا لإرساله ووقفه، هكذا صحَّحه ابن الصلاح، وأمَّا الأصوليُّون؛ فصحَّحوا أنَّ الاعتبار بما وقع منه أكثر، من إرساله أو وقفه، والله أعلم.

قوله: (كَادَ [2] الْخَيِّرَانِ): هو بالخاء المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا، وكذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، وقال شيخنا: بالخاء المعجمة، ويجوز بالمهملة أيضًا، انتهى؛ يعني: ومع الإهمال بالموحَّدة، وهذا لا بدَّ منه مع الإهمال، والله أعلم.

(1/8764)

قوله: (أَنْ يَهْلِكَا): هو بكسر اللام، وقد تَقَدَّم، وفي أصلنا: (أن يهلكان)؛ بإثبات النون، وعلَّم عليها علامة راويها، وهذه على لغة، وهو إثباته النون مع الناصب، وشاهدها:

~…أَنْ تَقْرأانِ على أسماءَ وَيْحَكما…منِّي السَّلامَ وألَّا تُشْعِرا أحدًا

وفي رواية في أصلنا بحذف النون، وهذه على نكارة.

قوله: (أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا أيضًا: (أبا بكر)، وهذه على لغة القصر، وأمَّا (عمرُ)؛ فإنَّه مرفوع في أصلنا غير منوَّن، وهذا يؤيد أنَّ قوله: (أبا بكر) على لغة القصر، والله أعلم.

قوله: (حِينَ قَدِمَ [3] رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ): تَقَدَّم متى قَدِم، وقد ذكرت رؤوسهم المعروفين؛ فانظره.

قوله: (فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ): تَقَدَّم الكلام على (الأقرع بن حابس)، والمشير به: هو عمر بن الخَطَّاب، وقد تَقَدَّم ذلك مصرَّحًا به في الباب الذي بعد (باب وفد بني تميم)، وسيأتي بُعَيد هذا المكان أيضًا، وفي (التفسير) من «التِّرْمِذيِّ» في (الحجرات): (أنَّ أبا بكر أشار بالأقرع)، وقال: حسن غريب، وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مُلَيْكَة مرسلًا، قال شيخنا: قال ابن التين: كان القعقاع أرقَّ من الأقرع؛ فلهذا أشار به أبو بكر.

قوله: (وَأَشَارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ، قَالَ نَافِعٌ: لاَ أَحْفَظُ اسْمَهُ): (نافع): هو ابن عمر المذكور في السند، والرجل الآخر: القعقاع بن معبد بن زرارة، والمشير به: هو أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه، وقد تَقَدَّم مصرَّحًا به في الباب المشار إليه أعلاه، وسيأتي بُعَيد هذا أيضًا، وقد تَقَدَّم من عند السهيليِّ أنَّ القصَّة جرت وأشارا بغير هذين الأميرَين.

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى [4]: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ... }؛ الآية [الحجرات: 2]): وهذا الحديث مصرِّح بأنَّ الآية نزلت في ذلك، وعن ابن عيينة: الصحيح: أنَّ سببها كلام جفاة الأعراب، انتهى.

ولقد تكلَّم بعضهم في هذا الحديث فقال: إنَّه ليس بمتَّصل، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الطريق الثانية صرَّحت بأنَّ ابن الزُّبَير هو الذي أخبر ابنَ أبي مُلَيْكَة ذلك، والله أعلم، وقد تَقَدَّم أعلاه.

(1/8765)

قوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ؛ يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ [5]): وهذا هو الصواب، ويدلُّ له: وصفه بـ (الصِّدِّيق)، كما في أصلنا، وكما في بعض النسخ، وفي بعضها حذفه، ولا التفات إلى ما وقع لبعض الشرَّاح فقال: يحتمل أنَّه أراد: أبا بكر عبد الله بن الزُّبَير بن العوام، أو أبا بكر عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة، فإنَّ أبا مليكة ذُكِر في الصَّحابة عند أبي عمر وأبي نعيم، وقال أبو عمر: فيه نظرٌ، انتهى ما قاله شيخنا، وفي قوله: (ولم يذكر ذلك عن أبيه؛ يعني: أبا بكر الصِّدِّيق): أنَّ أولاد البنات يُنسَبون إلى جدِّهم، وأنَّه ليس خاصًّا به عَلَيهِ السَّلام، وقد قدَّمتُ ذلك في (براءة).

تنبيهٌ: قال شيخنا في (كتاب الاعتصام) في هذا الحديث: إنَّه روي عن أبي بكر رضي الله عنه مثلُ فعلِ عمرَ، لم يكن بعد ذلك من كلامه لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حتَّى يستفهمه، والله أعلم، انتهى، وقد حكى القاضي عياض في (الباء): ورُوِيَ أنَّ أبا بكر لمَّا نزلت الآية؛ قال: والله يا رسول الله؛ لا أكلِّمك بعدها إلَّا كأخي السِّرَار، انتهى، وقال بعض حفَّاظ العصر: وقد روى ابن مردويه من طريق مخارق، عن طارق، عن أبي بكر أنَّه قال ذلك أيضًا، انتهى.

==========

[1] في (أ): (كان)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] في (أ): (كان)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عليه).

[4] (تعالى): ليس في «اليونينيَّة»، وفي (ق): (عزَّ وجلَّ).

[5] قوله: (الصدِّيق): ليس في «اليونينيَّة».

(1/8766)

[حديث: اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة]

4846# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، فإنَّ الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيء، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ): هذا الرجل هو سعد بن معاذ، وقيل: عاصم بن عَديٍّ، وقيل: أبو مسعود عقبةُ بن عمرو، ذكر هذه الأقوال الثلاثة ابنُ بشكوال في «مبهماته»، وأتى لكلِّ قول بشاهد، انتهى، والشاهد للأوَّل في «مسلم».

تنبيهٌ: ينبغي أن تعلم أنَّ هذه الآية نزلت في بني تميم في المحرَّم سنة تسع، وقد جاؤوا مرَّتين، وكلاهما في سنة تسع، ومات سعد بُعَيد الخندق عَقِب وقعة بني قريظة، وكلاهما في سنة خمس، والله أعلم، فما في «مسلم» فيه نظرٌ.

==========

[ج 2 ص 343]

(1/8767)

(((50))) [سورة {ق}]

قوله: ({فُرُوجٍ} [ق: 6]: فُتُوقٍ، وَاحِدُهَا: فَرْجٌ): هو بفتح الفاء، وإسكان الراء.

قوله: (قُيِّضَ لَهُ): (قُيِّض): بضمِّ القاف، مشدَّدة المثنَّاة تحت المكسورة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: ({مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38]: النَّصَبُ): (النَّصَب): بفتح النون والصاد المهملة، وبالموحَّدة، و (اللُّغوب): مصدرٌ لا جمع، ولهذا فسَّره بمصدر آخرَ، وفي مصدر (لَغِبَ لغوبًا) بضمِّ اللام وفتحها، وفعله كـ (مَنَعَ)، و (سَمِعَ)، و (كَرُم)، وهذه عن اللبليِّ، والله أعلم، وكان ينبغي للبخاريِّ أن يذكر ذلك في (سورة فاطر)، فإنَّه أوَّل مكان وقع فيه ذلك، وقد ذكره كذلك في أوَّل (بدء الخلق).

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {نَضِيدٌ} [ق: 10]: الْكُفُرَّى): هو قول أبي عبيدة في «المجاز» بمعناه.

قوله: (الْكُفُرَّى مَا دَامَ فِي أَكْمَامِهِ): تَقَدَّم ضبط (الكُفُرَّى) وما هو في (سورة {حم} السجدة).

قوله: ({وَإِدْبَارَ [1] النُّجُومِ} [الطور: 49]، {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40]): الأولى بالكسر، والثانية بالفتح، وقد ذكر البُخاريُّ هنا عن عاصم: أنَّه يفتح التي في (ق)؛ يعني: الثانية في (التفسير)، ويكسر التي في (الطور)؛ يعني: الأولى، ثُمَّ قال: (إنَّهما يُكسَرَان، ويُنصَبَان)، واعلم أنَّ الحِرْمييَن _وهما: نافع وابن كَثِير_ وحمزة كسروا التي في (ق)، والباقون فتحوها، وأمَّا التي في (الطور)؛ فلا أستحضر فيها خلافًا في السبع على ما في «التيسير» و «الشاطبيَّة»: أنَّها بالكسر، والله أعلم، وقد قرأ سالم الجعديُّ، ويعقوب، والمنهال بن عَمرو: بفتح التي في (الطور).

تنبيهٌ: {إِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 49]: العامَّة: على كسر الهمزة مصدرًا، بخلاف التي في آخر (ق)، فإنَّ الفتح هناك لائقٌ؛ لأنَّه يُراد به السجودَ؛ أي: أعقابه، على أنَّه قد قرأ من ذكرته أعلاه بفتحها هنا؛ أي: أعقاب النجوم وأدبارها إذا غربت، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (في أدبار).

[ج 2 ص 343]

(1/8768)

[{وتقول هل من مزيد}]

(1/8769)

[حديث: يلقى في النار وتقول هل من مزيد]

4848# قوله: (حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ): هو بفتح الحاء المهملة والراء، والميم مكسورة، ومشدَّد الياء؛ كالنسبة، لكنَّ النسبة إلى الحرم حِرْميٌّ؛ بكسر الحاء، وإسكان الراء، وكذا (امرأة حِرْميَّة)؛ بكسر الحاء، وإسكان الراء، وهذا خلاف القياس، وهو حَرَمْيُّ بن عُمَارة؛ بضمِّ العين، مخفَّف الميم.

قوله: (يُلْقَى فِي النَّارِ): (يُلقَى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ): قال ابن قُرقُول في (الجيم مع الموحَّدة): («الجبَّار فيها قدمه»؛ أي: الذي خلقه [1] لها، فكانت تنتظره، وقيل: «الجبَّار» هنا: الله تعالى، و «قدمه»: قومٌ قدَّمهم لها، أو تَقَدَّم في سابق علمه أنَّه سيخلقهم لها كما جاء في «كتاب التوحيد» من «البُخاريِّ»، وأنَّ الله يُنشِئُ للنار من يشاء، فيُلقَون فيها، وأمَّا الجنة؛ فيُنشِئ لها خلقًا، وقيل: معناه: يقهرها بقدرته حتَّى تسكن، يقال: وطئنا بني فلان؛ أي: قهرناهم ذُلًّا)، ثُمَّ تكلَّم على (الجبار)، ثُمَّ على رواية: (رِجله) عوض (قدمه) ... إلى أن قال: وعند أبي ذرٍّ: (حتَّى يضع رِجلَه)، وكذا في كتاب «مسلم» في حديث عبد الرزَّاق ... إلى أن قال: وهذه الرواية تبطل تأويلات المبتدعة،

[ج 2 ص 343]

والجزم في مثل هذه الأحاديث الواردة في صفات الربِّ أن تُمَرَّ كما جاءت، ولا يُتعرَّض لها بتأويلٍ ولا تمثيلٍ، كما بلغنا عن السلف الصالح والصدر الأوَّل، والله أعلم، انتهى.

تنبيهٌ: قوله في النار فيما يأتي: (إِنَّ اللهَ يُنشِئُ لَهَا خَلْقًا [2]): فسأذكر [3] أنَّه وَهَمٌ انقلب على بعض الرواة من (الجنَّة) إلى (النَّار)، والمسألة في صفات الربِّ عزَّ وجلَّ الكلامُ فيها معروفٌ، ومذهبُ السلف، ومذهبُ الخلف، فلا نطوِّل به، وقد ضُعِّفت رواية: (رِجله)، وادَّعى بعضهم أنَّها من تحريف بعض الرواة، وفي ذلك نظرٌ، والله أعلم، وسيأتي لفظ (الرِّجل) قريبًا في هذا «الصحيح».

(1/8770)

قوله: (فَتَقُولُ: قَط قَط): قال ابن قُرقُول: بالتخفيف والسكون، وبالكسر أيضًا؛ أعني: كسر الطاء [4]، وهي رواية عن أبي ذرٍّ، و (قطُّ قطُّ) أيضًا، ويُروى: (قطني قطني)، و (قطي قطي)؛ ومعنى الكلِّ: حسبي وكفاني، وإذا خفَّفت الطاء؛ فتحت القاف، وبمعنى التقليل أيضًا، انتهى، وفي «النِّهاية»: (قَطْ قَطْ)؛ بمعنى: حَسْبُ حَسْبُ، وتكرارها للتَّأكيد، وهي ساكنة الطاء مخفَّفة، ورواه بعضهم: (قطني قطني)؛ أي: حسبي، انتهى، وفيها روايات: فتح القاف وسكون الطاء، وفتح القاف مع كسر الطاء من غير تنوين ومع التنوين، فهذه ثلاث لغات مع فتح القاف، ورابعةٌ بكسرها وسكون الطاء، والله أعلم.

(1/8771)

[حديث: يقال لجهنم: هل امتلأت؟ وتقول هل من مزيد فيضع الرب]

4849# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو سفيان هذا: سعيد بن يحيى بن مهديِّ بن عبد كُلال الواسطيُّ الحذَّاء، انفرد به البُخاريُّ، مات يوم الأربعاء لأربع _وقيل: لسبع_ بقين من شعبان سنة ثنتين ومئتين، وقيل: سنة ثنتين وثمانين ومئة، قدم أبوه مع مسلمة إلى واسط، وكان يُعرَف بالقَصَبيِّ، انتهى، فقوله: (انفرد به البُخاريُّ)؛ يعني: عن مسلم، وإلَّا فقد أخرج له أبو داود ووثَّقه، وله ترجمة في «الميزان» و «الكنى»، وأشار إليه في «الأسماء»، وأنَّه متوسِّط الحال، و (عَوْفٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي جميلة الأعرابيُّ، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو ابن سيرين، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (رَفَعَهُ): تَقَدَّم أنَّ القول عن الصحابيِّ: (يرفعه)، أو (يبلُغ به)، أو (روايةً)، أو (يَنميه)؛ أنَّ هذا كلُّه مرفوعٌ؛ مثل: قال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

قوله: (وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يُوقِفُهُ أَبُو سُفْيَانَ): (وأكثر): بالثاء المثلَّثة، و (يوقفه): كذا في أصلنا وغيرِه، (يوقفه): رُباعيٌّ، والمشهور في اللغة الثلاثيُّ: (يَقِفُه)، قال ابن التين: وقال ابن فارس: يقال للذي يأتي بالشيء ثُمَّ ينزع عنه: قد أوقف، فيحتمل أن يكون أوقفه، ثُمَّ لم يرفعه، فيصحُّ على هذا: (وأكثر ما كان يوقفه)، والله أعلم.

مسألةٌ: إذا وقع الاختلاف من راوٍ واحدٍ ثِقةٍ مثل هذا، فرفعه في وقت، ووقفه في وقت؛ فالحكم على الأصحِّ لرفعه، لا لوقفه، هكذا صحَّحه ابن الصَّلاح، وأمَّا الأصوليُّون؛ فصحَّحوا أنَّ الاعتبار بما وقع منه أكثر، وأمَّا تعارض الوصل والإرسال، أو الرفع والوقف؛ ففيها أربعة أقوال تَقَدَّمت قريبًا وبعيدًا، وأنَّ الأصحَّ أنَّ الحكم لمن وصل أو رفع، والله أعلم.

قوله: (قَدَمَهُ): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا، وكذا (قَط قَط).

==========

[ج 2 ص 344]

(1/8772)

[حديث: تحاجت الجنة والنار فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين ... ]

4850# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، وقد قدَّمتُ لِمَ قيل له: المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): بإسكان العين، هو ابن راشد، و (هَمَّامٌ): هو ابن مُنَبِّه بن كامل اليمانيُّ الأبناويُّ.

قوله: (وَسَقَطُهُمْ): (السَّقَط): بفتح السين المهملة والقاف، وبالطاء المهملة أيضًا، وهو الرديء من كلِّ شيء، وما لا يُعتَدُّ به، وكذلك السُّقَّاط والساقط من الناس، والساقطة: الرجل السَّفِلَة، واللئيم.

قوله: (تَمْتَلِئُ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهرٌ، وكذا الثانية.

قوله: (يَضَعَ رِجْلَهُ): تَقَدَّم الكلام على (قدمه)، و (الرِّجْل): بكسر الراء، وإسكان الجيم، وقد تَقَدَّم كلام ابن قُرقُول في ذلك قريبًا، والمسألة معروفةٌ فلا نطوِّل بها.

قوله: (قَط قَط قَط [1]): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا بلُغَاتِها.

قوله: (وَيُزْوَى): هو بضمِّ أوَّله، وإسكان الزاي، وفتح الواو، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، معتلٌّ؛ أي: يُضَمُّ ويُجمَع.

قوله: (يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا): (يُنشئ): هو مضموم الأوَّل، مهموز الآخر، وهو رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/8773)

[{وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب}]

(1/8774)

[حديث: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته]

4851# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه الإمام، أحد الأعلام، و (جَرِيرٌ) بعده: هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حازم، تَقَدَّم أنَّه بالحاء المهملة، و (جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو البجليُّ، تَقَدَّم الكلُّ.

قوله: (لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ): تَقَدَّم الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 344]

(1/8775)

[حديث: أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها]

4852# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو آدم بن أبي إياس العسقلانيُّ، و (وَرْقَاءُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الواو، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ فاء، وممدود الآخر، وهو ابن عمر اليشكريُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيح يسارٍ، مولى الأخنس بن شَرِيق [1].

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) متقدِّمة على الحديث (4851)، بعد قوله: (وهو رباعيٌّ، وهذا ظاهر).

[ج 2 ص 344]

(1/8776)

(((51))) [{والذاريات}]

قوله: (قَالَ عَلِيٌّ): هذا هو عليُّ بن أبي طالب، أسند عبد الرزَّاق عن مَعْمَر، عن وهب بن عبد الله، عن أبي الطفيل: أنَّ ابن الكوَّاء سأل عليًّا رضي الله [عنه] عن ذلك، فقال: ({الذَّارِيَاتِ} [الذاريات: 1]: الرياح، و {الْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [الذاريات: 2]: السحاب، و {الْجَارِيَاتِ يُسْرًا} [الذاريات: 3]: السفن، و {الْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات: 4]: الملائكة)، قال الحاكم: صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يتعقَّبه الذهبيُّ في «تلخيصه»، والله أعلم.

قوله: (إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ): هو بكسر الدال المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة أيضًا، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (لَذُو سَعَةٍ): هو بفتح السين، وهذا معروفٌ.

قوله: (حُلْوٌ): هو بضمِّ الحاء المهملة، وهذا معروفٌ.

قوله: (فَفَعَلَ بَعْضُهُم [1]، وَتَرَكَ بَعْضٌ): أي: بقَدَر، قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: رواه ابن جرير من طريق عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس بمعناه.

قوله: (وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لأَهْلِ الْقَدَرِ): وهذا دليل على إمامة البُخاريِّ في علم الكلام، وذُكِر للآية تأويلاتٌ؛ أحدها: أنَّ اللفظ عامٌّ، والمراد خاصٌّ؛ وهم أهل السعادة، وكلٌّ مُيَسَّر لِمَا خُلِق له، ثانيها: خلقهم مُعَدِّين للعبادة؛ كما تقول: البقرة مخلوقة للحرث، وقد يكون فيها ما لا يحرث، والله أعلم.

قوله: (مِنَ السِّيمَا): تَقَدَّم أنَّها بالقصر، وكذا هي في القرآن، قال الله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29]، وقد تجيء (السيماء) و (السيمياء) أيضًا ممدودَين.

قوله: ({قُتِلَ الإِنْسَانُ} [عبس: 17]: لُعِنَ) [2]: كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وليس ذلك في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وعلى تقدير ثبوت ذلك؛ فذلك في (سورة عبس)، ليس في هذه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (بعضٌ).

[2] هذا القول ثابت في رواية أبي ذرٍّ، وليس في رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 344]

(1/8777)

(((52))) [{والطور}]

قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الطُّورِ} [الطور: 1]: الْجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ): أُنكِر ذلك عليه، إلَّا أنْ يريدَ: وافق لغةَ العرب لغةُ السُّريانيَّة، وكذا الكلام في كلِّ ما وقع في «البُخاريِّ» من هذا النوع، والله أعلم.

قوله: ({الْمَسْجُورِ} [الطور: 6]: الْمُوقَدِ): هو بضمِّ الميم، وفتح القاف، قال ابن قُرقُول: («الموقَد»؛ يعني: بالدال: كذا لجميعهم، ولأبي زيد عند الأصيليِّ: «الموقَر»؛ بالراء، وفسَّره بعضهم: المملوء، والقولان معروفان، مجاهدٌ يقول: (الموقَر) بالراء، وقيل: المملوء)، انتهى.

تنبيهٌ: ذكر الصغانيُّ أنَّ {الْمَسْجُورِ}: المملوء والفارغ، من الأضداد، والمراد هنا: المملوء، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَمُورُ} [الطور: 9]: تَدُورُ): قال بعض حفَّاظ العصر: هو قول مجاهد، انتهى، وفي السورة: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلَتْنَاهُمْ} [الطور: 21]: نَقَصْنَا، وَقَالَ غَيرُهُ: {تَمُورُ}: تَدُورُ)، انتهى، وهذا _كما ترى_ القائل غير مجاهد، وفي «تفسير الثعلبيِّ»: {تَمُورُ}: تدور، هذا قاله ابن عبَّاس، انتهى.

قوله: ({كِسَفًا} [الطور: 44]: قِطَعًا [1]): كذا في أصلنا بفتح السين كانت ثُمَّ كُشِطَت، وكأنَّ الكشط مُحدَثٌ، و (قِطَعًا): بكسر القاف، وفتح الطاء، كذا في أصلنا، وهذا يدلُّ على أنَّه {كِسَفًا}؛ بفتح السين: جمعٌ، حتَّى فسَّره بالجمع في قوله: (قِطَعًا)، ولو أراد {كِسْفًا}: بإسكان السين مفردًا؛ لقال: قطعة، وفيه بُعدٌ؛

[ج 2 ص 344]

(1/8778)

لأنَّه تعالى وصفه بمفرد، فقال: {سَاقِطًا} [الطور: 44]، فلمَّا وصفه البُخاريُّ بالجمع؛ عُلِم أنَّه أراد الجمع في {كِسَفًا}، وهذا تفسير لقراءة شاذَّة، وإلا؛ ففي السبعة ليس فيها شيءٌ، إنَّما الذي في السبعة الإفراد فقط، والظاهر أنَّ بعض الناس لمَّا لم ير فيها شيئًا في السبعة؛ كَشَطَ فتحة السين في {كِسَفًا} في أصلنا، والله أعلم، وقد نظرت فلم أرَ فيها شيئًا في الشواذِّ فيما وقفت عليه، ثُمَّ إنِّي وقفت على نسخة صحيحة مصريَّة فرأيت فيها: ({كِسْفًا}: قِطْعًا)، وهذه موافقة، وقال شيخنا في «شرحه»: ({كِسَفًا}: قِطَعًا، ويقال [2]: قطعة، جمعٌ [3]، وهو جمع «كِسْفَة»؛ كقِرْبَة وقِرَبٍ، ومن قرأ بالسكون على التوحيد؛ فجمعه: أكساف وكسوف، وهو واحد، ويجوز أن يكون جمع «كِسْف»؛ كسِدرة وسِدْر)، وهذا يؤيِّد ما كان في أصلنا، والله أعلم، وكذا رأيت بعضهم قال هذا على فتح السين، ومن قرأ بالسكون؛ فعلى التوحيد، جمعه: كسوف وأكساف، انتهى.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَتَنَازَعُونَ} [الطور: 23]: يَتَعَاطَوْنَ): هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، قاله بعض حفَّاظ العصر، انتهى.

(1/8779)

[حديث أم سلمة: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة.]

4853# قوله: (عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ): (زينب) هذه: ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهي بنت أمِّ سلمة هندِ بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّة، وأبوها: عبد الله بن عبد الأسد، تَقَدَّمت ببعض ترجمة، رضي الله عنها، وأمُّها أمُّ سلمة تَقَدَّمتُ، وأنَّها آخر الأزواج موتًا.

==========

[ج 2 ص 345]

(1/8780)

[حديث جبير: سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور]

4854# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه لماذا، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة.

قوله: (حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ): لا أدري مَن حدَّثه به عن الزُّهريِّ، ثُمَّ ذكر بعده الحديث الذي سمعه من الزُّهريِّ، وهو الحُجَّة، وليس في الذي حدَّثوه عن الزُّهريِّ حجَّةٌ؛ للجهل بمَن حدَّثه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 345]

(1/8781)

(((53))) [{والنجم}]

قوله: ({ضِيزَى} [النجم: 22]: عَوْجَاءُ): هو بالمدِّ، قال الجوهريُّ: جائرة، وهي (فُعلى)؛ مثل: طُوبى وحُبلى، وإنَّما كسروا الضاد؛ لتسلَمَ الياءُ؛ لأنَّه ليس في كلام العرب (فِعلى) صفة، وإنَّما هو من بناء الأسماء، كـ «الشِّعرى» و «الدِّفلى»، قال الفرَّاء: وبعض العرب يقول: ضَأَزَني، وضؤزى؛ بالهمز، وحكى أبو حاتم عن أبي زيد: أنَّه سمع العرب تهمز ضِئْزَى، انتهى.

قوله: (مِرْزَمُ الْجَوْزَاءِ): (مِرْزَم): بكسر الميم، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ زاي مفتوحة، ثُمَّ ميم، و (الجوزاء): بالمدِّ، وهي نجمٌ، يقال: إنَّها تعترض في جوْز السماء، وجوز السماء: وسطها، والمرزمان: مرزما الشِّعرَيين، وهما نجمان، أحدهما في الشِّعْرى، والآخر في الذِّراع، وأمَّا الشِّعْرَى؛ ففي «الصحاح»: أنَّها الكوكب الذي يطلع بعد الجوزاء، وطلوعه في شدَّة الحرِّ، وهما الشِّعرَيان؛ الشعرى: العَبور التي في الجوزاء، والشعرى: الغُميصاء الذي في الذراع، يزعم العرب أنَّهما أختا سهيل، انتهى، والمراد بالتي في القرآن: كوكبٌ خلف الجوزاء، قيل: إنَّه العَبور، والأخرى الغُميصاء، يقال: كانتا مع سهيل، فانجرَّ سهيلٌ نحو اليمن، فتبعته العَبور حتَّى عبرتِ المجرَّة، وتمكَّثت الغُميصاء حتَّى غُمِصت عيناها، وكانت خزاعة تعبد العَبور، أبدعها أبو كبشة، ويقال: إنَّها تقطع السماء طولًا، وغيرَها عرضًا.

قوله: ({سَامِدُونَ} [النجم: 61]: الْبَرْطَمَةُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ اللَّهْوِ [1]): كذا في بعض النسخ، وهذه الزيادة: (وهو ضربٌ من اللهو) سيأتي الكلام عليها، و (البَرْطَمَة): بباء مفردة مفتوحة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ طاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ ميم مفتوحة أيضًا، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: (البَرْطَمَة): كذا لجمهورهم بباء مفتوحة؛ يعني: وبالميم، قال: وعند الأصيليِّ والقابسيِّ وعبدوس: (البرطنة)؛ بالنون، وفسَّره الحمُّوي في الأصل: بأنَّه ضرب من اللهو، وهو معنى قول عكرمة في الأمِّ: (يتغنَّون)، وفي «النِّهاية» في حديث مجاهدٍ في قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 61]، قال: هي البرطمة، وهو الانتفاخ من الغضب، ورجل مبرطِم: متكبِّر، وقيل: مقطِّبٌ متغضِّبٌ، والسامد: الرافع رأسه تكبُّرًا، انتهى، وكذا في «الصحاح»، ولفظه: والبرطمة: الانتفاخ من الغضب، وتبرطم الرجل؛ إذا تغضَّب من كلام، انتهى.

(1/8782)

قوله: (يَتَغَنَّوْنَ، بِالْحِمْيَرِيَّةِ): (يتغنَّون): هو من الغناء؛ بالمدِّ، و (الحميريَّة): لغة حِمْيَر، وقد تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هذا هو فيما يظهر أنَّه النخعيُّ، وذلك أنَّ شيخنا لمَّا خرَّج هذا الأثر؛ قال: أخرجه عبد بن حميد، عن عمرو بن عون، عن هُشَيم، عن مغيرة عنه، فنظرت ترجمة هُشَيم بن مِقسَم فرأيته يروي عن النخعيِّ، والله أعلم.

قوله: ({أَفَتُمَارُونَهُ} [النجم: 12]: أَفَتُجَادِلُونَهُ، وَمَنْ قَرَأَ: {أفتَمْرُونَه}؛ يَعْنِي: أَفَتَجْحَدُونَهُ): هما قراءتان، قرأ حمزة والكسائيُّ: {أفتَمْرونه}؛ بفتح التاء، وإسكان الميم، والباقون: بضمِّ التاء، وفتح الميم، وألف بعدها.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام.

==========

[1] قوله: (وهو ضرب من اللهو): ليس «اليونينيَّة»، وعليه في (ق) إشارة الزيادة.

[ج 2 ص 345]

(1/8783)

[حديث: من حدثك أن محمدًا رأى ربه فقد كذب]

4855# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (الأعراف)؛ فانظره إن أردته، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، ووقع في أصلنا: (عن إسماعيل، عن أبي خالد)، وهو خطأ، والصواب: إبدال (ابن) بـ (عن)، و (عَامِرٌ): هو الشَّعْبيُّ عامر بن شراحيل.

قوله: (لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ): (قَفَّ): بفتح القاف، وتشديد الفاء؛ أي: قام من شدَّة إنكاري واستعظامي لما قلتَ، و (القفوف): القُشْعَريرة من البرد وشبهه، وليس هذا منها إنكارًا لجواز الرؤية مطلقًا كما تقوله المعتزلة، وإنَّما أنكرت وقوعَها في الدنيا، وقد تَقَدَّمتْ مسألة رؤية النَّبيِّ عَلَيهِ السَّلام ربَّه في أوَّل (كتاب الصلاة)، وستأتي مسألة رؤية الله في الدار الآخرة للخلق، وفيها ثلاثة أقوال.

قوله: (مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا [1] رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ): هذه المسألة تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل (كتاب الصلاة) من هذا التعليق؛ فانظرها.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (صلى الله عليه وسلَّم).

[ج 2 ص 345]

(1/8784)

[حديث في قوله تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى}]

4856# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل، وأنَّ لقبه عارم، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد، و (الشَّيْبَانِيُّ): هو بشين معجمة مفتوحة، وهو أبو إسحاق، سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان، تَقَدَّم مِرارًا، و (زِرٌّ): هو ابن حُبَيْش، مشهورٌ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

==========

[ج 2 ص 345]

(1/8785)

[حديث آخر في قوله: {فكان قاب قوسين أو أدنى}]

4857# قوله: (حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ): هو بفتح الغين المعجمة، وتشديد النون، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (زَائِدَةُ) بعده: هو ابن قدامة، و (الشَّيْبَانِيُّ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (زِرٌّ)، وكذا (عَبْدُ اللهِ).

==========

[ج 2 ص 345]

(1/8786)

[حديث في قوله: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى}]

4858# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنِّي وجدت في «الكمال»: أنَّ قَبِيصة بن عقبة يروي عن الثوريِّ، ورأيت في «التذهيب» قال: روى عن سفيان، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن يزيد النخَعيُّ، و (عَلْقَمَةُ): هو ابن قيس النخَعيُّ، أبو شبل الكوفيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ): (الرَّفْرَف): براءين مفتوحتين، وفاءين؛ الأولى ساكنة، قال ابن قُرقُول: هو بساط، وقيل: هو واحد، ويقال: جمعٌ، الواحد: رفرفة، قال ثابت: الرَّفْرَف: فضل الحجلة عن السرير، وهذا أبين، انتهى، وفي «النِّهاية»: أي: بساطًا، وقيل: فراشًا، ومنهم من يجعل الرفرف جمعًا، واحده: رفرفة، وجمع الرَّفْرَف: رفارف، وقد قُرِئ به: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفَارِفَ خُضْرٍ} [الرَّحمن: 76]، وفي حديث المعراج ذكر الرفرف وأراد

[ج 2 ص 345]

به: البساط، وقال بعضهم: الرَّفْرَف في الأصل: ما كان من الديباج وغيره رقيقًا حسن الصنعة، ثُمَّ اتُّسع فيه.

قوله: (أَخْضَرَ): قال في «المطالع»: كذا للأصيليِّ، وعند غيره: (رفرفًا خَضِرًا)؛ أي: أخضر، والعرب تقول: أَخضَر خَضِر؛ كما تقول: أعور عَوِر، ولغيرهم: (خضراء)، والأوَّل أشهر.

(1/8787)

[{أفرأيتم اللات والعزى}]

(1/8788)

[حديث ابن عباس: في قوله تعالى: {اللات}]

4859# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، تَقَدَّم الكلام عليه، وعلى نسبته هذه، و (أَبُو الأَشْهَبِ) بعده: بفتح الهمزة، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ هاء مفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، واسمه جعفر بن حَيِّان؛ بفتح الحاء، وبالمثنَّاة تحت المشدَّدة، العطارديُّ السعديُّ البصريُّ الأعمى، أخرج له الجماعة، ووثَّقه أحمد وأبو حاتم، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وُلِد سنة سبعين أو إحدى وسبعين، ومات في شعبان سنة (175 هـ)، وهو من كبار قرَّاء البصرة، قال أبو عمرو الدانيُّ: إنَّه قرأ القرآن على أبي رجاء العطارديِّ، له ترجمة في «الميزان» وفيها توثيقه، ثُمَّ قال: قال ابن الجوزيِّ: قال ابن معين: ليس بشيء، قال الذهبيُّ: قلت: ما أعتقد أنَّ ابن معين قال هذا، وإنَّما وهَّى ابن معين أبا الأشهب الواسطيَّ، ولهذا وَهِمَ ابن الجوزيِّ وقال في هذا: جعفر بن حيَّان أبو الأشهب الواسطيُّ، والرجل بصريٌّ، ليس بواسطيٍّ، وقد اشتركا في الكنية والاسم، وافترقا في البلد والأب، انتهى.

والمتكلَّم فيه: جعفر بن الحارث، قال الذهبيُّ: وقد فتَّشت على العطارديِّ _يعني: جعفر بن حيَّان صاحب الترجمة_ فما رأيت أحدًا سبق ابنَ الجوزيِّ إلى تكنيته بوجه، وإنَّما أوردته؛ ليُعرَف أنَّه ثِقةٌ، ويسلمَ من قال وقيل، انتهى، وقد صحَّح عليه في «الميزان»، والله أعلم.

و (أَبُو الْجَوْزَاءِ): بفتح الجيم، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ زاي، ممدودٌ، واسمه أوس بن عبد الله الرَّبَعِيُّ، أبو الجوزاء البصريُّ، عن عائشة، وأبي هريرة، وصفوان بن عَسَّال، وابن عبَّاس، وعنه: بديل بن ميسرة، وقتادة، وعمرو بن مالك النُّكريُّ، ومحمَّد بن جُحادة، وأبو الأشهب العطارديُّ، وآخرون، وثَّقه أبو حاتم، قُتِل في وقعة دَير الجماجم، وكانت سنة ثلاث وثمانين، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (اللَّاتُ [1]: كَانَ [2] رَجُلًا يَلُتُّ سَوِيقَ الْحَاجِّ): و (اللات) في أصلنا مدلَّس التاء ليس مشدَّدًا، بل ظاهر ضبطه يدلُّ على أنَّه مخفَّفٌ، قال ابن الأثير: إنَّ أصله بالتشديد؛ لأنَّ الصنم سُمِّيَ باسم الذي كان يلتُّ السويق عند الأصنام؛ أي: يخلطه، فخُفِّف، وجُعِل اسمًا للصنم، وقيل: إنَّ التاء في الأصل مخفَّفةٌ للتأنيث، انتهى، وقد رأيته في نسخة صحيحة مشدَّد التاء بالقلم في الموضعين، وعليه (صح).

(1/8789)

وقال شيخنا ما لفظه: هذا على قراءة من قرأ بتشديد التاء، وهو خلاف ما عليه الأكثر، والوقف عليها بالتاء، خلافًا للكسائيِّ حيث وقف بالهاء، انتهى، وما قاله عن الكسائيِّ معروفٌ عند القرَّاء معرفةً شهيرة، وقال شيخنا مجد الدين في «القاموس»: و (اللاتُّ؛ مشدَّد التاء: صنم، قرأ بها ابن عبَّاس، وعكرمة، وجماعة)، وقال الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»: والعامَّة تخفِّف تاءها، وقرأ ابن عبَّاس، ومجاهد، ومنصور بن المعتمر، وأبو الجوزاء، وأبو صالح، وابن كَثِير في رواية: بتشديد التاء، قيل: هو رجل كان يلتُّ السَّويق ويطعمه الحاجَّ، فهو اسم فاعل في الأصل غلب على هذا الرجل، وكان يجلس عند حَجَر، فلمَّا مات؛ سُمِّيَ الحَجَر باسمه وعُبِد من دون الله تعالى، انتهى، والرجل: عمرو بن لحيٍّ، أو ربيعة بن حارثة، ذكرهما السهيليُّ، فتُقرَأ التلاوة بتشديد التاء على الشاذَّة، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({اللاتَ}).

[2] قوله: (كان): ليس في «اليونينيَّة»، وهي في (أ) و (ق) مستدركة مصحَّحٌ عليها.

[ج 2 ص 346]

(1/8790)

[حديث: من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل لا إله إلا الله]

4860# قوله: (حَدَّثَنِي [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو المسنديُّ، وتَقَدَّم لم قيل له: المسنديُّ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): قاضي صنعاء، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، ابن راشد، تَقَدَّم، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، تَقَدَّم، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو الزُّهريُّ، تَقَدَّم مرارًا، وأنَّه ليس بالحِمْيَريِّ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (حَلفِهِ): هو بكسر اللام، وتسكَّن؛ لغتان في «الصحاح»، تَقَدَّمتْ.

قوله: (وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى): تَقَدَّم الكلام على (اللات)، وأمَّا (العُزَّى)؛ [فهي] شجرة تعبدها غطفان، وهي تأنيث (الأعزِّ)، فقطعها خالدٌ.

قوله: (فَلْيَقُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ): قيل: إنَّما أوجب ذلك إشفاقًا من الكفر؛ لأنَّ اليمين إنَّما يكون بالمعبود الذي يُعظَّم، فإذا حلف بهما؛ فقد ضاهى الكفَّارَ في ذلك، فأُمِر أن يتدارَكَه، والله أعلم.

قوله: (تَعَالَ؛ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ): أي: فليتصدَّق بما ينطلق عليه الاسم؛ لقوله في «مسلم»: «فليتصدَّق بشيء»، وهذا يدلُّ لما قاله المحقِّقون، وقال الخَطَّابيُّ: يتصدَّق بما أراد أن يُقامِر به، وقد نقل شيخنا هذا عن الأوزاعيِّ، وكذا رأيت بعضهم نقله عنه أيضًا، وعن بعض الحنفيَّة: أنَّ المراد بها كفارةُ اليمين، وظاهر الحديث _كما قال القُرْطبيُّ_ وجوب الصدقة وقول: (لا إله إلَّا الله) في حقِّ الأوَّل، وسأذكر في (النذور والكفَّارات) حديثًا من عند ابن عديٍّ في «كامله» يدلُّ لما قاله بعض الحنفيَّة، وفيه مقالٌ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).

[ج 2 ص 346]

(1/8791)

[{ومناة الثالثة الأخرى}]

(1/8792)

[حديث: إنما كان من أهل بمناة الطاغية التي بالمشلل…]

4861# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وهو أوَّل شيخٍ روى عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام.

قوله: (إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ): تَقَدَّم الكلام على (مناةَ) في (الحجِّ)، وسيأتي بُعَيد هذا أنَّ (مناة) صنمٌ بين مَكَّة والمدينة.

قوله: (الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ): تَقَدَّم ضبطه، وأين هو، في (الحجِّ).

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، وهو المذكور في سند هذا الحديث.

قوله: (مِنْ قُدَيْدٍ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ القاف، ودالين مهملتين؛ الأولى مفتوحة، بينهما مثنَّاة تحت.

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): أمَّا (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ)؛ هو ابن مسافر أمير مصر، عن الزُّهريِّ، وعنه: مولاه الليث بن سعد ويحيى بن أيوب، تَقَدَّم الكلام عليه فيما مضى، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، وهذا تعليقٌ مجزوم به، ولم أرَ هذا التعليق عن عبد الرَّحمن بن خالد عن ابن شهاب في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): تَقَدَّم أنَّ (مَعْمَرًا) هو ابن راشد، و (الزُّهريُّ): تَقَدَّم أعلاه، وهذا تعليق مجزوم به، ولا أعلم أحدًا أخرجه من الأئِمَّة السِّتَّة سوى ما هنا.

==========

[ج 2 ص 346]

(1/8793)

[{فاسجدوا لله واعبدوا}]

(1/8794)

[حديث: سجد النبي بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون ... ]

4862# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان العين، وفتح الميمين، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): ابن سعيد بن ذكوان، أحد الأعلام، تَقَدَّم، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.

قوله: (سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّجْمِ): تَقَدَّم أنَّها أوَّل سجدةٍ أُنزِلت، وسيأتي ذلك قريبًا، وتَقَدَّم متى كان هذا السجود.

[ج 2 ص 346]

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ): (ابن طهمان): هو إبراهيم، والضمير في (تابعه) يعود على عبد الوارث؛ هو ابن سعيد بن ذكوان، كما قدَّمتُه في رواية هذا عن أيوب، وهو ابن أبي تميمة كما قدَّمتُه، و (إبراهيم بن طهمان) قدَّمتُ ترجمته، وأنَّه من أئمَّة الإسلام، لكنَّ فيه إرجاءً.

قوله: (وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُلَيَّةَ ابْنَ عَبَّاسٍ): (ابن عُلَيَّة): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة الإمام؛ يعني: أنَّه روى هذا الحديث عن أيوب، عن عكرمة مرسلًا، ولم يذكر فيه ابن عبَّاس، والحاصل: أنَّ عبد الوارث وإبراهيم بن طهمان روياه بذكر ابن عبَّاس، وابن عُلَيَّة رواه عن عكرمة مرسلًا، وقد تَقَدَّم أنَّ العبرة بمَن وصل على الأصحِّ من أربعة أقوال، والله أعلم.

(1/8795)

[حديث: أول سورة أنزلت فيها سجدة {والنجم}]

4863# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو أَحْمَدَ): (أبو أحمد) هذا: هو محمَّد بن عبد الله بن الزُّبَير الأَسديُّ مولاهم، الزُّبَيريُّ الكوفيُّ الحبَّال، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، قال بُنْدَار: ما رأيت أحفظ منه، وقال آخر: كان يصوم الدهر، قال أحمد بن أبي خيثمة عن ابن معين: ثِقةٌ، وقال العجليُّ: كوفيٌّ ثِقةٌ يتشيَّع، مات بالأهواز سنة ثلاث ومئتين، و (إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو جدُّ إسرائيل، واسمه عَمرو بن عبد الله، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

قوله: (أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ: {والنجم}): سجوده عَلَيهِ السَّلام في هذه السورة وهذه القصَّة كانت بمَكَّة لا خلاف في ذلك، وكان ذلك في رمضان سنة خمس من النبوَّة؛ قاله محمَّد بن عمر الواقديُّ، وعنه أيضًا: أنَّ المهاجرين خرجوا في رجب سنة خمس، فأقاموا شعبان وشهر رمضان، وكانت السجدة في رمضان، فقَدِموا في شوَّال سنة خمسٍ، انتهى، وصريح القصَّة المذكورة في ذلك: أنَّ السجدة جرت حتَّى بلغتِ الحبشة، ثُمَّ إنَّهم خرجوا بعد السجدة محقَّقًا، فينبغي أن يكون خروجهم بعد رمضان سنة خمس، اللهمَّ إلَّا أن يقال: إنَّ السجدة تُحُدِّثَ بها ولم تقع، فخرجوا، وفيه بُعدٌ، وصريح القصَّة يردُّه.

قوله: (إِلاَّ رَجُلًا رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا): سيأتي في هذا الحديث أنَّه أُمَيَّة بن خلف، واعلم أنِّي قد ذكرت في هذا الرجل مَن كان، فقيل: إنَّه الوليد بن المغيرة، وقيل: كان أبا أحيحة سعيد بن العاصي، وقيل: كلاهما فعله، وقد حكى المنذريُّ في الذي أخذ كفًّا من حصًى فسجد عليه أقوالًا: الوليد بن المغيرة، وجزم به بعض حفَّاظ العصر، انتهى، وقيل: عتبة بن ربيعة، أو أبو أحيحة، قال: وما ذكره البُخاريُّ أصحُّ، وقُتِل أُمَيَّة يوم بدر كافرًا، ولم يَحكِ فيه بعضُهم غير الوليد بن المغيرة، وعن ابن بَزِيزة _الإمام عبد العزيز الذي شرح «أحكام عبد الحق»، وهو رجل عالم من الغرب_ أنَّ ذلك كان من المنافقين، وهو وَهَمٌ، وقد ذكرت أنَّه لا خلاف أنَّها كانت بمَكَّة، والنفاق إنَّما كان بالمدينة، وقد قدَّمتُ عن شيخ شيوخنا الأستاذ العلَّامة أثير الدين أبي حيَّان في تفسيره «البحر»: أنَّه أبو لهبٍ، والله أعلم.

(1/8796)

(((54))) [{اقتربت الساعة}]

قوله: ({مُزْدَجَرٌ} [القمر: 4]: مُتَنَاهًى [1]): هو بضمِّ الميم، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ نون، والهاء مفتوحة، منوَّن الآخر.

قوله: (اسْتُطِيرَ [2]): هو بضمِّ المثنَّاة فوق، وكسر الطاء المهملة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ كـ {ازْدُجِر} [القمر: 4].

قوله: ({دُسُرٍ} [القمر: 13]: أَضْلاَعُ السَّفِينَةِ): قال الجوهريُّ: (الدِّسار: واحد «الدُّسر»، وهي خيوط تُشَدُّ بها ألواح السفينة، ويقال: هي المسامير)، ثُمَّ ذكر الآية، ثُمَّ قال: (ودُسْر ودُسُر؛ مثل: عُسْر وعُسُر).

قوله: (فَعَاطَهَا بِيَدِهِ فَعَقَرَهَا): قال بعض حفَّاظ العصر: هو كلام أبي عبيدة، وقال ابن قُرقُول: ({فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} [القمر: 29]: فعاطى بيده)، كذا في نسخ البُخاريِّ، وللأصيليِّ: (فتعاطاه بيده)، وهو الصواب؛ يعني: تناولها بيده، والتعاطي: تناول ما لا يجب، انتهى، وقال شيخنا: قال ابن التين: لا أعلم له وجهًا؛ يعني: (فعاطها)، إلَّا أن يكون من المقلوب الذي قُلِبَت عينُه ... إلى آخر كلامه.

قوله: (الأَشَرُ: الْمَرَحُ وَالتَّجَبُّرُ): (الأشَر)؛ بفتح الشين: مصدر، ولهذا فسَّره بـ (المرح والتجبُّر)، وإنَّما فسَّره بالمصدر؛ ليُعرَف أنَّ اسم الفاعل مأخوذ من المفسَّر به، وأمَّا التلاوة؛ فإنَّها بكسر الشين، وهو اسم فاعل، وهو عظيم الكذب، وقيل: بطِر، وقد رأيت في نسخة: (يقال: {الأشِر} [القمر: 26]: المرِح والمتجبِّر)؛ بكسر الشين والراء، وهذا ظاهرٌ لا خفاء فيه، والله أعلم [3].

قوله: (النَّسَلاَنُ: الْخَبَبُ السِّرَاعُ): (النسلان): تَقَدَّم في (والصافَّات)، و (الخَبَب)؛ بفتح الخاء المعجمة، وباءين موحَّدتين؛ الأولى مفتوحة: ضرب من العَدْوِ، و (السِّراع)؛ بكسر السين: جمع (سريع)، وهو تفسير لـ {مُهْطِعِينَ} [القمر: 8]؛ لأنَّ (الإهطاع) الإسراعُ، وأهطع في عَدْوِه: أسرع، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (الإسراع)، وهذا تفسير للإهطاع، والله أعلم.

(1/8797)

قوله: ({الْمُحْتَظِرِ} [القمر: 31]: كَحِظَارٍ مِنَ الشَّجَرِ مُحْتَرِقٍ): (الحظار): بكسر الحاء المهملة، وبالظاء المعجمة المشالة المخفَّفة _وقال شيخنا: إنَّ الحاء مفتوحة أيضًا، انتهى_ وفي آخره راءٌ، وهي الحظيرة تُعمَل للإبل من شجر؛ لتقيَها البرد والريح، و {المحتظر}: الذي يعمل الحظيرة، وقُرِئ: {كهشيم المحتظر}، فمَن كسره؛ جعله للفاعل، ومن فتح؛ جعله للمفعول به، وليس في السبع سوى الكسر، لكنَّ الذي في «البُخاريِّ» هل هو على المتواترة أو الشاذَّة؟ والذي ينبغي أن يُقرَأ: {المحتظَر}؛ بفتح الظاء، وهي شاذَّة، وقد قرأ الحسن وقتادة _كما نقله الثعلبيُّ_ بفتح الظاء، أراد الحظيرة، انتهى، وقال غيره: قرأ أبو السَّمَّال وأبو حيوة وأبو رجاء وعمرو بن عبيد: بفتحها، فقيل: هو مصدر؛ أي: كهشيم الاحتظار، وقيل: هو اسم مكان، وقيل: هو اسم مفعول، وهو الهشيم نفسه، ويكون من باب إضافة الموصوف لصفته، كمسجد الجامع، والحظْر: المنع، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (متناهٍ).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فاستطير).

[3] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متأخِّرة على قوله: (النَّسلان: الخبب ... ).

[ج 2 ص 347]

(1/8798)

[حديث: انشق القمر على عهد رسول الله فرقتين]

4864# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ يحيى بعد (مسدد) هو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، (وَسُفْيَانُ) هذا: لا أدري مَن هو منهما، وذلك لأنَّ يحيى القطَّان روى عنهما، وهما روَيا عن الأعمش، والله أعلم، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو فيما يظهر أنَّه ابن يزيد النخَعيُّ؛ لأنَّه ذكره عبد الغنيِّ فيمن روى عن أبي مَعْمَرٍ عبدِ الله بن سخبرة، وكذا ذكره الذهبيُّ، ولم يذكر إبراهيم بن يزيد التيميَّ، لكنَّ الأعمش قد روى عنهما، و (أبو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أعلاه؛ فاعلمه.

قوله: (انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ [1]): تَقَدَّم الكلام على انشقاق القمر متى كان في مكانه قبل (هجرة الحبشة) في هذا «الصحيح»، وعلى قوله: (مرَّتين) التي وقعت في «مسلم» وغيره، وعلى كلام الحليميِّ، وعلى قول من قال: نزل بين يديه، وعلى قول من قال: دخلت فرقة في كُمِّه، وخرجت من الكُمِّ، وردِّ ذلك من كلام الشيخ محيي الدين النَّوويِّ، وأنَّه انشق في مكانه من السماء، مطوَّلًا؛ فانظره، والله أعلم.

قوله: (فِرْقَة فَوْقَ الْجَبَلِ، وَفِرْقَة دُونَهُ): (فرقة) في المكانين: منصوبة منوَّنة، بدل، ومرفوعة منوَّنة، وهما ظاهران.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث اللاحق (4865)، ورواية هذا الحديث: (انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ).

[ج 2 ص 347]

(1/8799)

[حديث: انشق القمر ونحن مع النبي فصار فرقتين]

4865# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيح يسارٍ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الله بن سخبرة، وقبله مرارًا، وضبطه، قال الدِّمْياطيُّ هنا: أبو مَعْمَر عبد الله بن سخبرة، لأبيه سخبرة صحبةٌ وروايةٌ، روى له التِّرْمِذيُّ، قال ابن سعد: تُوُفِّيَ ابن سخبرة بالكوفة في ولاية عبيد الله بن زياد، انتهى، فقوله: (لأبيه سخبرة صحبةٌ): قال الذهبيُّ في «تذهيبه»: سخبرة له حديثٌ، ويقال: له صحبةٌ، رواه أبو داود الأعمى عن عبد الله بن سخبرة عن أبيه، وليس بالأزديِّ، في (طلب العلم)، وهو ضعيف الإسناد، انتهى.

وحاصل ما صنع الذهبيُّ تَبَعًا للمِزِّيِّ: أنَّ عبد الله بن سخبرة اثنان؛ أبو مَعْمَر: أخرج له الجماعة، وليس لأبيه سخبرة رواية في الكُتُب السِّتَّة، والثاني: عبد الله بن سخبرة عن أبيه، وعنه: أبو داود الأعمى، انفرد بالإخراج له التِّرْمِذيُّ عن أبيه سخبرة المذكور بالصحبة، فجعل الدِّمْياطيُّ أبا مَعْمَر ابنَ سخبرة الذي ذُكِر بالصحبة، وليس كذلك.

تنبيهٌ: قول الذهبي في ترجمة (سخبرة): (وليس بالأزديِّ)، قال في «التجريد»: الأزديُّ روى عنه عبد الله، وله حديث في «التِّرْمِذيِّ»، انتهى.

و (سخبرة) في الصَّحابة اثنان؛ أحدهما: هذا الذي ذكرته، والثاني: سخبرة بن عبيدة الأَسَديُّ، من أقارب عبد الله بن جحش، له هجرة، ولا رواية له في الكُتُب السِّتَّة، وابن الجوزيِّ ذكر في «تلقيحه» منهما الأزديَّ.

فائدةٌ: عبد الله بن سخبرة الذي انفرد بالإخراج له ولأبيه التِّرْمِذيُّ له ترجمة في «الميزان»، قال فيها: تفرَّد عنه أبو داود الأعمى نفيعٌ، وأبو داود تالفٌ، انتهى.

و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

(1/8800)

[حديث: انشق القمر في زمان النبي]

4866# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (جَعْفَرٌ): هو ابن ربيعة الكنديُّ، عن أبي سلمة والأعرج، وعنه: الليث وبكر بن مضر، تُوُفِّيَ سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أحمد بن حنبل: كان شيخًا من أصحاب الحديث، ثِقة، وقال أبو زرعة: صدوق.

(1/8801)

[حديث: سأل أهل مكة أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر]

4867# قوله: (حَدَّثَنِي [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنديُّ، كما نصَّ عليه ابن طاهر، وابنُ أبي شيبة روى عن يونس عند مسلم، و (يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ) هذا: هو المؤدِّب الحافظ، و (شَيْبَانُ): هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، تَقَدَّم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) مصحَّحة: (حدَّثنا).

(1/8802)

[حديث: انشق القمر فرقتين]

4868# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّ يحيى بعد (مسدَّد) هو ابن سعيد القطَّان.

==========

[ج 2 ص 348]

(1/8803)

[{تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ولقد تركناها آية}]

(1/8804)

[حديث: كان النبي يقرأ: {فهل من مدكر}]

4869# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): هو عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (الأَسْوَدُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، تَقَدَّم، وكذا (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

==========

[ج 2 ص 348]

(1/8805)

[حديث: عن النبي أنه كان يقرأ {فهل من مدكر}]

4870# قوله: (عَنْ يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، أوحد الحُفَّاظ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، وكذا (الأَسْوَدُ)، و (عَبْدُ اللهِ).

==========

[ج 2 ص 348]

(1/8806)

[{أعجاز نخل منقعر فكيف كان عذابي ونذر}]

(1/8807)

[حديث: وسمعت النبي يقرؤها {فهل من مدكر} دالًا]

4871# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتَقَدَّم مترجمًا، و (زُهَيْرٌ) بعده: هو ابن معاوية، أبو خيثمة الحافظ، و (أَبُو إِسْحَاق): تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (سَمِعَ رَجُلًا سَأَلَ الأَسْوَدَ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال بعض حفَّاظ العصر: وللمصنِّف في روايةٍ: أنَّ [1] الأسود هو الذي سأل عبدَ الله بن مسعود عن ذلك، و (الأسود): تَقَدَّم أعلاه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن مسعود بن غافل.

==========

[1] في (أ): (ابن)، والمثبت موافق لمصدره.

[ج 2 ص 348]

(1/8808)

[{فكانوا كهشيم المحتظر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}]

قوله: ({كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} [القمر: 31]): تَقَدَّم في {الْمُحْتَظِرِ} قراءتان، والمتواترة بكسر الظاء، وقدَّمتُ مَن قرأ بالفتح؛ فانظره، وما هو.

==========

[ج 2 ص 348]

(1/8809)

[حديث: عن النبي أنه قرأ: {فهل من مدكر} الآية]

4872# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رَوَّاد، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم قريبًا أعلاه أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، وتَقَدَّم (الأَسْوَدُ): أنَّه ابن يزيد النخَعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن مسعود.

(1/8810)

[{ولقد صبحهم بكرةً عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر}]

(1/8811)

[حديث: عن النبي قرأ: {فهل من مدكر}]

4873# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا غُنْدُرٌ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ: قال _يعني: البُخاري_ في (الصيام)، و (اقتربت)، و (كتاب الطلاق): (حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا غُنْدُر)، ولم ينسب أحدٌ من شيوخنا محمَّدًا في شيء من هذه المواضع، ولعلَّه محمَّد بن بَشَّار وإن كان محمَّد بن المثنى يروي عن غُنْدُر، وذكر أبو نصر أنَّ بُنْدَارًا ومحمَّد بن المثنى الزَّمِن ومحمَّد بن الوليد التستريَّ قد روَوا عن غُنْدُر في «الجامع الصحيح»، انتهى.

و (غُنْدُرٌ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (الأَسْوَدُ)، وكذا (عَبْدُ اللهِ).

==========

[ج 2 ص 348]

(1/8812)

[{ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر}]

(1/8813)

[حديث: قرأت على النبي: {فهل من مدكر}]

4874# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هذا تَقَدَّم الكلام [عليه] في (الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

قوله: (فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ) _يعني: بالذال المعجمة_، فَقَالَ لَهُ [1] النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15]): يعني: بالدال المهملة، اعلم أن أصل (مُذَّكِرٍ): مذتكر؛ (مفتعل) من الذكر، لكنْ حرفُ الذال مجهور قويٌّ، والتاء مهموسة ضعيفة، فأبدلوا من التاء حرفًا من مخرجها ممَّا يوافق الذال في الجهر، وهو الدال المهملة، ثُمَّ أدغمت الذال في الدال، فصار كذلك، ويجوز بالذال على إدغام الثاني في الأوَّل، وبذلك قرأ قتادة فيما رأيته منقولًا عنه، والله أعلم.

==========

[1] قوله: (له): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 348]

(1/8814)

[{سيهزم الجمع ويولون الدبر}]

(1/8815)

[حديث: اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك]

4875# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَوْشَبٍ): تَقَدَّم ضبط (حَوْشَب)، وهو محمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب، وكذا وقع في نسخة، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: هو ابن عبد المجيد الثقفيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (خَالِدٌ) بعده: هو الحذَّاء، خالد بن مِهران، أبو المُنازل.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (سورة اقتربت): (حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا عفَّان بن مسلم)؛ فذكر هذا المكان، ثُمَّ قال: هكذا في روايتنا عن الأصيليِّ: (محمَّد) غير منسوب، وكذلك عند أبي ذرٍّ، وذكره أبو نصر ولم ينسبه، وسقط من نسخة ابن السكن ذكر (محمَّد) الذي قبل (عفَّان)، قلت: ولعلَّه محمَّد بن يحيى الذهليُّ، انتهى، وقال شيخنا: قال ابن طاهر في ترجمة عفَّان: روى عنه البُخاريُّ عن عبد الله بن سعيد، ومحمَّد بن عبد الرحيم، وإسحاق غير منسوب، ومحمَّد غير منسوب عنه، وروى مسلم عن الصغانيِّ محمَّدِ بن إسحاق، ومحمَّد بن حاتم، ومحمَّد بن المثنى عنه، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسب محمَّدًا هذا في «الأطراف».

و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، قال الدِّمْياطيُّ: وهيب بن خالد بن عجلان، أبو بكر، الباهليُّ مولاهم، البصريُّ، مات سنة ستٍّ وخمسين ومئة، وهو ابن ثمان وخمسين سَنةً، انتهى، فقوله في وفاته: (سنة ستٍّ وخمسين ومئة) فيه نظرٌ، والذي ذكره الذهبيُّ في غير مؤلَّف _كـ «الكاشف»، و «التذهيب»، و (الوفيات) من «تاريخ الإسلام» له_ في وفاته مقتصرًا عليه: سنة خمس وستِّين ومئة، فإن لم يكن ما قاله الدِّمْياطيُّ قولًا [2]؛ فهو غلطٌ من أحد الرجلين؛ إمَّا الناقل أو الدِّمْياطيُّ، والله أعلم، و (خَالِدٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الحذَّاء، ابن مهران، أبو المُنازِل.

قوله: (اللَّهُمَّ [3]؛ أَنْشُدُكَ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألك، وقد تَقَدَّم، وقد تَقَدَّم الكلام على فعل النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعلى فعل أبي بكر، في (غزوة بدر).

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وهي ثابتة في (ق) وعليها علامة الزيادة.

[2] زيد في (أ): (وإلا)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) مستدركة مصحَّحة: (إنِّي).

[ج 2 ص 348]

(1/8816)

[{بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}]

(1/8817)

[حديث: لقد أنزل على محمد بمكة وإني لجارية ألعب]

4876# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، وتَقَدَّم مترجمًا، و (يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهاء، غير مصروف؛ للعلميَّة والعجمة.

==========

[ج 2 ص 348]

(1/8818)

[حديث: أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد]

4877# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن) قبل (حجة الوداع)، وقال الدِّمْياطيُّ هنا ما لفظه: ابن شاهين، أبو بشر الواسطيُّ، مات سنة إحدى _أو اثنتين_ وأربعين ومئة، انتهى، فقوله: (ومئة): غلط لا شكَّ فيه، وهو سبق قلمٍ من أحد الرجلين، والظاهر أنَّه من الناقل، وذلك لأنَّ الدِّمْياطيَّ لا يقول في شخص روى عنه البُخاريُّ ذلك، وقد أرَّخه الذهبيُّ في «التذهيب» من زياداته على المِزِّيِّ، وفي «النبل» لابن عساكر: بأنَّه تُوُفِّيَ بعد الخمسين ومئتين، والله أعلم، وقال شيخنا هنا: هو ابن شاهين، كما ذكر جماعة، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه» لمَّا طرَّف هذا الحديث، والله أعلم، و (خَالِدٌ) الأوَّل: خالد بن عبد الله الطَّحَّان، تَقَدَّم مترجمًا، والثاني: الحذَّاء، خالد بن مِهران، تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 348]

(1/8819)

(((55))) (سُورَةُ الرَّحْمَنِ) ... إلى (سُورَة المُلْكِ)

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ} [الرَّحمن: 9]: لِسَانَ الْمِيزَانِ): هذا قول ابن عبَّاس، رواه ابن جرير في «التفسير» من طريق المغيرة بن مسلم قال: رأى ابنُ عبَّاس رجلًا يزن قد أرجح فقال: أقم اللسان، أقم اللسان، أليس قد قال الله: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} [الرَّحمن: 9]، قاله بعض حفَّاظ العصر.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: {الْعَصْفِ} [الرَّحمن: 12]؛ يُرِيدُ: الْمَأْكُولَ ... ) إلى آخره: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، ويحيى بن زياد الفرَّاء في كتاب «معاني القرآن»، قاله بعض حفَّاظ العصر.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ [1]: الْعَصْفُ: وَرَقُ الْحِنْطَةِ): هذا قول ابن عبَّاس وقتادة، رواه ابن جرير وغيره، قاله بعض حفَّاظ العصر.

قوله: (وَ [2] العَصْفُ: التِّبْنُ): هو الذي تأكله الأنعام، وهذا غايةٌ في الظهور.

قوله: (وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ): هذا هو [ ... ] [3].

قوله: (تُسَمِّيهِ النَّبَطُ): تَقَدَّم الكلام على (النَّبَط)، ومَن هم، وضبط ذلك.

قوله: (هَبُوْرًا): هو بفتح الهاء، وضمِّ الموحَّدة المخفَّفة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء، قال ابن الأثير في (هبر): وفي حديث ابن عبَّاس في قوله: {كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5]، قال: هو الهَبُور، قيل: هو دقاق الزرع بالنبطيَّة، ويحتمل أن يكون من الهبر: القطع، انتهى.

[ج 2 ص 348]

قوله: (كَمَا يُصْنَعُ الفَخَّارُ [4]): (يُصنَع): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الفخَّارُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (إِذَا أُوقِدَتْ): هو بضمِّ الهمزة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ مُجَاهِدٍ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ} [الرَّحمن: 17] ... ) إلى آخره: قال بعض المتأخِّرين من الحُفَّاظ: رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نَجِيح عنه.

قوله: (مَا رُفِعَ قِلْعُهُ مِنَ السُّفُنِ): (رُفِع): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قِلْعُه)؛ بالرفع: نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذلك (فَأَمَّا مَا لَمْ يُرْفَعْ قِلْعُهُ [5]): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (القِلْع): بكسر القاف، وإسكان اللام، ونقل شيخنا عن ابن التين فتحَها أيضًا أنَّه حكاه.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.

(1/8820)

قوله: (وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، تأخَّر إسلامه، أسلم عقب بدر، عنه: ابنه بلال، وزوجته أمُّ الدرداء، وجُبَير بن نفير، وأبو إدريس، وخلقٌ، فرض له عمر فألحقه بالبدريِّين؛ لجلالته، مات سنة (32 هـ)، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه، وقد تَقَدَّم.

قوله: ({ذُو الْجَلَالِ} [الرَّحمن: 27]: الْعَظَمَةِ): (العظمةِ): مجرورة؛ أي: ذو العظمة، ويؤيِّد ذلك أنَّ في بعض النسخ من أصولي الدِّمَشْقيَّة: (ذو العظمة)؛ بإثبات (ذو) ثانيًا، وكذا هو في نسخة في هامش أصلنا، وعليها علامة راويها، و (الجلال) في اللغة: العظمة، و (ذو): بمعنى: صاحب، ويجوز رفع (العظمة) على أنَّه تفسير، وقد قدَّمتُ في (بدء الخلق) كيف يُقرَأ التفسير، وهذا من ذاك الباب، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {مَارِجٍ} [الرَّحمن: 15]: خَالِصٌ): هو قول ابن عبَّاس من رواية عليِّ بن أبي طلحة عنه، قاله [6] بعض حفَّاظ العصر.

قوله: (يُقَالُ: مَرَجَ الأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ): (مرَج): بفتح الراء، والمستقبل: يمرُج؛ بضمِّ الراء، قال بعض حفَّاظ العصر: (يقال: مرج الأمير رعيَّته ... ) إلى آخره: كلام أبي عبيدة في «المجاز».

قوله: (مَرِجَ أَمْرُ النَّاسِ: اختَلَطَ [7]): (مرِج)؛ بكسر الراء في الماضي، ومفتوح في المستقبل؛ كـ (فرِح).

قوله: (لاَ يَشْغَلُهُ): هو بفتح أوَّله، يقال: شغله كذا، ولا يقال: أشغله _ رُباعيٌّ_ إلَّا على لغة رديئة ذكرها الجوهريُّ، ووصفها بالرداءة.

قوله: (وَمَا بِهِ شُغْلٌ): في (شغل) لغات، يقال: شُغْل، وشُغُل، وشَغْل، وشَغَل؛ أربع لغات.

قوله: (عَلَى غِرَّتِكَ): (الغِرَّة)؛ بكسر الغين، وتشديد الراء المفتوحة: الغفلة.

(1/8821)

[{ومن دونهما جنتان}]

(1/8822)

[حديث: جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما .... ]

4878# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ): هو عبد الله بن محمَّد بن أبي الأسود حميدِ بن الأسود، أبو بكر البصريُّ الحافظ، تَقَدَّم، و (أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الملك بن حبيب الأزديُّ، ويقال: كنديٌّ، أحد علماء البصرة، أخرج له الجماعة، ووثَّقه ابن معين وغيره، تُوُفِّيَ سنة ثمان وعشرين ومئة، وقيل: سنة تسع.

قوله: (فِي جَنَّةِ عَدْنٍ): أي: والناظر في جنة عدن، وقد تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 349]

(1/8823)

[{حور مقصورات في الخيام}]

(1/8824)

[حديث: إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة]

4879# 4880# قوله: (عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا): تَقَدَّم الكلام على (الميل) كم مقداره [1]، وحكيتُ فيه سبعة أقوال في (القصر).

قوله: (يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ): كذا في أصلنا، وكذا في أصل آخرَ صحيحٍ، وعلى (المؤمنين) (صح)، قال شيخنا: وهو صواب، وبخطِّ الدِّمْياطيِّ: (الوجه: المؤمن)، وما قاله ظاهرٌ.

==========

[1] في (أ): (مقدارهو)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 349]

(1/8825)

(((56))) [الواقعة]

قوله: ({بُسَّتِ} [الواقعة: 5]: فُتَّتْ وَلُتَّتْ [1]): (فُتَّت): بضمِّ الفاء، ومثنَّاتين فوق؛ الأولى مشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ لأنَّه تفسيرٌ لـ {بُسَّتِ}، وهو مبنيٌّ أيضًا، وكذا (لُتَّت): مبنيٌّ أيضًا، وهو بضمِّ اللام، ثُمَّ مثنَّاتين من فوق؛ الأولى مشدَّدة مفتوحة، والثانية ساكنة للتأنيث.

قوله: (الْمُوقَرُ حَمْلًا): (المُوْقَر): بضمِّ الميم، وإسكان الواو، وفتح القاف _كذا في أصلنا_ ثُمَّ راء، قال الجوهريُّ: أوقَرَت النخلة؛ أي: كثر حملها، يقال: نخلة موقَرة، وموقِر، وحُكِيَ: موقَر _يعني: بفتح القاف_، وهو على غير القياس؛ لأنَّ [الفِعلَ ليسَ للنخلةِ، وإنَّما قيل: مُوقِر _بكسر القاف_ على] [2] قياس قولك: امرأة حامل؛ لأنَّ حمل الشجرة مشبَّه بحمل النساء، فأمَّا موقَر؛ بالفتح؛ فشاذٌّ، وقد رُوِيَ في قول لَبيد ... ؛ فأنشد بيتًا، والجمع: مواقر، انتهى، و (حَمْلًا): بفتح الحاء، يقال: حملت المرأة والشجرة حَمْلًا؛ بفتح الحاء، ومنه قوله تعالى: {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} [الأعراف: 189]، قال ابن السِّكِّيت: الحَمل: ما كان في بطنٍ وعلى رأس شجرةٍ، والحِمل؛ بالكسر: ما كان على ظهرٍ أو رأسٍ.

تنبيهٌ: قال ابن قيِّم الجوزيَّة: قال جماعة: (المخضود): هو المُوْقَر حَمْلًا، وأنكر عليهم القول، وقالوا: لا يُعرَف في اللغة (الخضد) بمعنى: الحمل، ولم يصب هؤلاء الذين أنكروا هذا القول، بل هو قول صحيح، وأربابه ذهبوا إلى أنَّ الله سبحانه وتعالى لمَّا خضد شوكه، وأذهبه، وجعل مكان كلِّ شوكة تمرة؛ أوقره بالحمل، قال: والحديثان _يعني: المذكورين قبل ذلك_ يجمعان القولَين، وكذلك قول من قال: المخضود: الذي لا يعقر اليد، ولا يَرِدُ اليدَ منه شوكٌ ولا أذًى؛ فسَّره بلازم المعنى، وهكذا غالب المفسِّرين يذكرون لازم المعنى المقصود تارةً، وفردًا من أفراده تارةً، ومثالًا من أمثلته، فيحكيها الجمَّاعون للغثِّ والسمين أقوالًا مختلفة، ولا اختلاف بينها، قال ذلك في «حادي الأرواح»، انتهى.

قوله: (وَالْعُرُبُ: الْمُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ): (المُحَبَّبات): بضمِّ الميم، وفتح الحاء المهملة، ثُمَّ موحَّدتين؛ الأولى مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء.

قوله: ({لَمُغْرَمُونَ} [الواقعة: 66]: لَمُلْزَمُونَ): هو بفتح الزاي، اسم مفعول؛ كـ (مُغْرَمون).

(1/8826)

قوله: ({تَفَكَّهُونَ} [الواقعة: 65]: تَعَجَّبُون): هو بفتح التاء أوَّله والعين، وتشديد الجيم المفتوحة، قال بعض الحُفَّاظ: هو قول عبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم، رواه ابن جرير في «التفسير» عنه.

قوله: ({عُرُبًا} [الواقعة: 37]: مُثَقَّلَةً): هو بتشديد القاف؛ يعني: محرَّكة الراء، وهذا معروفٌ، ولو قال: مخفَّفة؛ لكان يريد: ساكنة الراء.

قوله: (يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ: الْعَرِبَةَ): هو بفتح العين المهملة، وكسر الراء، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء.

قوله: (وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ: الْغَنِجَةَ): هو بفتح الغين المعجمة، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ جيم مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

قوله: (وَأَهْلُ الْعِرَاقِ: الشَّكِلَةَ): هو بفتح الشين المعجمة، ثُمَّ كاف مكسورة، ثُمَّ لام مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: (الشَّكِلَة)؛ بفتح الشين، وكسر الكاف: هي الغَزِلَة، والشِّكل؛ بالكسر: الدلُّ، يقال: إنَّها لحسنة الشِّكل؛ أي: الدلِّ، وذاتُ دلٍّ، والشَّكْل: المثل، وأيضًا: المَذْهَب، وأيضًا: النَّحْوُ، وكذلك الشاكلةُ.

قوله: (وَمِنْهُ: وَضِينُ النَّاقَةِ): (الوَضِيْن): بفتح الواو، وكسر الضاد المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون، والوَضِيْن للهودج بمنزلة البطان للقَتَب، والتصدير للرحل، والحزام للسَّرج، وهما كالنِّسْعِ، إلاَّ أنَّهما من السيور إذا نُسِجَ نَسَاجةً بعضُه على بعض مضاعفًا، والجمع: وُضُن، و {مَوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15]: معناه: منسوجة بالجواهر.

قوله: (وَالْكُوبُ: مَا لَا أُذُنَ [3] لَهُ وَلاَ عُرْوَةَ، وَالأَبَارِيقُ: ذَوَاتُ الآذَانِ وَالْعُرَا): تَقَدَّم الكلام عليه في (الزخرف)، وينبغي أن يُتْبَع قوله في تعريف الكوب هنا، فإنَّ العروة هي الأذن، وأمَّا (الأباريق)؛ فواحدها: إبريق، وهو فارسيٌّ معرَّبٌ، قاله الجوهريُّ.

قوله: ({لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة: 73]: لِلْمُسَافِرِينَ، وَالْقِيُّ: الْقَفْرُ): (القِيُّ): بكسر القاف، وتشديد الياء، وكذلك (القَواء)؛ بالمدِّ والقصر مع فتح القاف: كلُّه القَفْر؛ بفتح القاف، وإسكان الفاء، وبالراء.

قوله: ({مُدْهِنُونَ} [الواقعة: 81]: مُكَذِّبُونَ): هو بكسر الذال المعجمة، اسم فاعل، كما أنَّ (مُدهِن) اسم فاعل.

[ج 2 ص 349]

(1/8827)

قوله: (وَأُلْغِيَتْ إِنَّ): (أُلغِيَت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، وفي رواية: (أُلقِيَت)؛ بالقاف، وقدَّمها شيخنا على الغين المعجمة، و (إِنَّ): بكسر الهمزة، مشدَّد النون.

قوله: (مُصَدّقٌ): اسم مفعول واسم فاعل، وبهما ضبط في أصلنا.

قوله: (فَسقْيًا له): هو بفتح السين وضمِّها، كذا في أصلنا بالقلم، وعليها (معًا)، وهو منوَّن منصوب، وهذا معروف، قال شيخنا: (فسَقيًا لك)؛ أي: بفتح السين، كما ضبطه ابن التين، وبخطِّ الدِّمْياطيِّ بضمِّها.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (لُتَّت)؛ بغير واو، وكانت ثابتة في (ق) ثمَّ كُشِطت.

[2] ما بين معقوفين ساقط من (أ)، مثبتٌ من «الصحاح» وغيره، مادَّة (وقر)، ولا يستقيم النصُّ إلَّا به.

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (والكوب: لا آذان).

(1/8828)

[{وظل ممدود}]

(1/8829)

[حديث: إن في الجنة شجرةً يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها]

4881# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (أَبُوالزِّنَادِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّم (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ، لاَ يَقْطَعُهَا): تَقَدَّم الكلام على (ظلِّها)، وتَقَدَّم أيضًا في (صفة الجنَّة) أنَّ هذه الشجرة في «مسند أحمد» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: «إنَّ في الجنَّة شجرةً يسير الراكب في ظلِّها مئة سنة، وإنَّ ورقها لَتُخَمِّر الجنَّة»، وكذا في «مسند أبي يعلى الموصليِّ»، وقد تَقَدَّم في (صفة الجنة) أنَّها طوبى، وأنَّ في «مسند عبد بن حميد»: شجرة الخلد، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 350]

(1/8830)

(((57))) [الحديد]

قوله: (مُعَمَّرِينَ): هو بضمِّ الميم الأولى، وفتح العين، وفتح الثانية وتشديدها، اسم مفعول؛ كـ ({مُسْتَخْلَفِين} [الحديد: 7])، وهذا ثابت في بعض النسخ، وهو نسخة في أصلنا.

قوله: (جُنَّةٌ وَسِلاَحٌ): (جُنَّة)؛ بضمِّ الجيم، وتشديد النون المفتوحة: ما استترت به من سلاح، كذا في «الصحاح»، وكون البُخاريِّ عطف (السلاح) على (الجُنَّة) دلَّ على أنَّه عنده غيره، وقال بعضهم: الجُنَّة: الدرع، فعلى هذا يكون كلام البُخاريِّ من باب عطف الخاصِّ على العامِّ، والله أعلم.

قوله: ({مَوْلَاكُمْ} [الحديد: 15]: أَوْلَى بِكُمْ): كذا في أصلنا، وفي أصل آخر: (هو أولى بكم)، والتلاوة: {هي}؛ أي: هي صاحبتكم، وأَولى بكم، وأحقُّ أن تكون مَسكَنًا لكم.

==========

[ج 2 ص 350]

(1/8831)

(((58))) [المجادلة]

قوله: ({كُبِتُوا} [المجادلة: 5]: أُخْزِيُوا): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (أُخْزوا)، وفي أخرى: (أُحزِنوا)؛ من الحزن.

قوله: ({انْظُرُونَا} [الحديد: 13]: انْتَظِرُونَا): كذا في أصلنا هنا، وهذا ينبغي أن يكون قبل {كُبِتُوا}؛ لأنَّ {كُبِتُوا} في (المجادلة)، و (انْظُرُوا) في (الحديد)، و (انْظُرُوا): بضمِّ الهمزة والظاء، وهذا موافق لما فسَّره به، وفي {انْظُرُونَا} قراءتان في السبع، قرأ حمزة: (أَنظِروا)؛ بقطع الهمزة، وكسر الظاء، والباقون: بهمزة وصل _فإن ابتدأت بها؛ ضممتها_ وبضمِّ الظاء، والتفسير لقراءة السِّتَّة، لا لقراءة حمزة، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: النظر: تأمُّل الشيء بالعين، وكذلك النظَرَانُ؛ بالتحريك، وقد نظرت إلى الشيء، والنظر: الانتظار، انتهى.

ومعنى قراءة حمزة _والله أعلم_ {أَنْظِرونا}: من الإنظار إلى الدنيا، أو أمهلونا نعملْ عملَكم فنقتبس مثلَ نوركم، و (انْظُرُوا): قراءة السِّتَّة؛ بمعنى: انتظرونا، كما قاله البُخاريُّ.

==========

[ج 2 ص 350]

(1/8832)

(((59))) [الحشر]

(1/8833)

[حديث: ما زالت تنزل: ومنهم ومنهم حتى ظنوا أنها لم تبق أحدًا ... ]

4882# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشيم بن بشير، أبو معاوية، حافظ بغداد، و (أَبُو بِشْرٍ) بعده: بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وقد تَقَدَّم أنَّه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

قوله: (الْفَاضِحَةُ): هو بالفاء، وبالضاد المعجمة المكسورة، وبعدها حاء مهملة.

قوله: (إِلَّا ذُكِرَ فِيهَا): (ذُكِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8834)

[حديث: قلت لابن عباس: سورة الحشر]

4883# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله ضبطه، وأنَّه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أخبرنا).

[ج 2 ص 350]

(1/8835)

[{ما قطعتم من لينة}]

(1/8836)

[حديث: أن رسول الله حرق نخل بني النضير وقطع]

4884# قوله: (وَهْيَ الْبُوَيْرَةُ): هي بضمِّ الموحَّدة، وفتح الواو، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، موضعٌ من بلد النَّضِير، وقد تَقَدَّم، وأنَّه يقال فيه: البُويلَة؛ باللام، وقد تَقَدَّم أنَّها بقرب مسجد قباء في قِبلِيِّه من جهة الغرب، وفيها أُطُمٌ خرابٌ.

==========

[ج 2 ص 350]

(1/8837)

[{ما أفاء الله على رسوله}]

(1/8838)

[حديث: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ... ]

4885# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المدينيِّ، وأنَّ (سُفْيَانَ) بعده: ابن عيينة، وأنَّ (عَمْرًا): هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، وتَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه محمَّد بن مسلم، و (مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا، وأنَّ الصحيح أنَّه تابعيٌّ، وقد روى عن العشرة المشهود لهم بالجنَّة، و (الحَدَثان): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء والدال المهملة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، والباقي معروفٌ.

قوله: (وَالْكُرَاعِ): هو بضمِّ الكاف _وضبطه بعضهم عن الأصيليِّ بكسرها، وهو خطأ_ وتخفيف الراء، وفي آخره عين مهملة، تَقَدَّم أنَّه اسمٌ جامعٌ للخيل.

==========

[ج 2 ص 350]

(1/8839)

[{وما آتاكم الرسول فخذوه}]

(1/8840)

[حديث: لعن الله الواشمات والموتشمات والمتنمصات]

4886# [قوله]: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفريابيُّ، وقد قدَّمتُ الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأمكنة التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه ابن عيينة، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيدَ النخَعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (وَالْمُتَنَمِّصَاتِ): هو بضمِّ الميم، وفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ ميم مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ صاد مهملة، قال الدِّمْياطيُّ: النامصة: التي تنتف الشعر من الوجه، والمتنمِّصة: التي يُفعَل ذلك بها، انتهى، وكذا قاله ابن قُرقُول بنحوه، وقال ابن الأثير: النامصة: التي تنتف الشعر من وجهها، والمتنمِّصة: التي تأمر من يفعل ذلك بها، وبعضهم يرويه: (المُنْتَمِصة)؛ بتقديم النون على التاء، ومنه قيل للمِنْقَاش: مِنمَاص، انتهى، فعبارة الدِّمْياطيِّ وابن قُرقُول أوفى من عبارته، لكنْ هو زاد رواية تقديم النون على التاء، والله أعلم.

قوله: (وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ): (المُتَفَلِّجَات): بضمِّ الميم، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ فاء مفتوحة أيضًا، ثُمَّ لام مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ جيم، قال ابن قُرقُول: هنَّ اللاتي يأشرن أسنانهنَّ بحديدة حتَّى يُفَلِّجْنَها، و (الفَلَج): فَرْجة بين الثنايا، قاله الخليل، وقال غيره: بين الأسنان، وقال بعضهم: بين الثنايا والرَّباعيَات ... إلى أن قال: و «المتفلِّجات»: هنَّ المُؤتَشِرات، وذكر ابن الأثير قولًا واحدًا [1] من الأقوال التي ذكرها ابن قُرقُول؛ وهو: (والفَلَج؛ بالتحريك: فرجة بين الثنايا والرَّباعيَات)، والفَرَق: فَرْجة بين الثنيَّتين، قال: ومنه الحديث ... ؛ فذكره.

قوله: (فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ): (أسَد): بفتح السين، والمرأة يأتي الكلام عليها بُعَيده.

قوله: (يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ): هذه المرأة لا أعرفها بأكثر ممَّا ذكرها به، وهي أسَديَّة، كما قال، غير أنَّها روت في هذا «الصحيح» في (باب الواشمة) عن عبد الله _هو ابن مسعود_ وهنا أيضًا، وعنها: عبد الرَّحمن بن عابس؛ بالموحَّدة، والسين المهملة، والله أعلم.

[ج 2 ص 350]

(1/8841)

قوله: (كَيْتَ وكَيْتَ): (كَيْتَ): بفتح الكاف، وإسكان المثنَّاة تحت، وفتح المثنَّاة فوق، قال ابن الأثير: كناية عن الأمر؛ نحو: كذا وكذا، قال أهل العربيَّة: إنَّ أصلها: كيَّة؛ بالتَّشديد، والتَّاء فيها بدلٌ من إحدى الياءين، والهاء التي في الأصل محذوفة، وقد تُضمُّ وتكسر، انتهى، وذكر في «الصحاح»: الفتح والكسر، وكذا في «القاموس».

قوله: (مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ): تعني: القرآن.

قوله: (قرأتِه؛ لَقَدْ وَجَدْتِهِ [2]): هما بكسر التاء فيهما من غير ياء.

قوله: (قَدْ نَهَى عَنْهُ): (نَهَى): بفتح النون والهاء.

قوله: (أُرَى أَهْلَكَ): (أُرَى): بضمِّ الهمزة، وفتح الراء؛ أي: أظنُّ، وأهل عبد الله بن مسعود: زوجه.

قوله: (لَوْ كَانَتْ كَذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مَا جَامَعَتْنَا)؛ أي: ما صاحبتنا ولم نجتمع نحن وهي، بل كنَّا نطلِّقها ونفارقها، وفي نسخة: (لم نجامعْها)، وهو كذلك، قال القاضي عياض: ويحتمل أنَّ معناه: لم أطأها، وهذا ضعيف، والصحيح ما سبق، فيُحتجُّ به في أنَّ من عنده امرأةً مرتكبةً معصية؛ كالوصل في الشعر، أو الوشر، أو التنمُّص، أو تاركةً للصلاة أو غيرها؛ ينبغي أن يطلِّقها.

==========

[1] في (أ): (واحد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (قَرَأْتِيهِ لقد وَجَدْتِيهِ).

(1/8842)

[حديث: لعن رسول الله الواصلة]

4887# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ [1]): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه ابن المدينيِّ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، و (سُفْيَان) بعده: الظاهر أنَّه الثوريُّ؛ لأنِّي راجعت ترجمة عبد الرَّحمن بن عابس في «الكمال»؛ فرأيته ذكر في الرواة عنه الثوريَّ، ورأيت الذهبيَّ قال في ترجمته: روى عنه سفيان، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بن عَابِسٍ): تَقَدَّم بظاهرها ضبط والده، وهو عبد الرَّحمن بن عابس بن ربيعة النَّخعيُّ، عن ابن عبَّاس وكُميل بن زياد، وعنه: شعبة وسفيان، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (119 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

تنبيه: هذا غير عبد الرَّحمن بن عائش؛ بالمثنَّاة تحت والشين المعجمة، هذا حضرميٌّ شاميٌّ، قال أبو حاتم: أخطأ من قال: له صحبة، وقال أبو زرعة: ليس بمعروف، وقال البُخاريُّ: له حديث واحد يضطربون فيه، وروى عن مالك بن يُخَامِر عن معاذ: «رأيت ربِّي»، وعنه: أبو سلام ممطور، وخالد بن اللجلاج، وحديثه في «المسند» و «جامع التِّرْمِذيِّ»، وحديثه عجيب غريب، ذكره في «الميزان»، وقد أخرج له التِّرْمِذيُّ، وقد جزم بصحبته الذهبيُّ في «المشتبه»، وقال في غيره: مختلف في صحبته، وكذا جزم بها ابن حبَّان في «ثقاته»، وقال ابن عبد البَرِّ: لا تصحُّ له صحبة، وحديثه مضطرب، والله أعلم.

و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر تَقَدَّم أعلاه، وكذا (إِبْرَاهِيمُ)، وكذا (عَبْدُ اللهِ).

قوله: (سَمِعْتُهُ مِنِ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ): تَقَدَّم الكلام عليها بظاهرها؛ فانظره.

==========

[1] قوله: (بن عبد الله) ثابت في (أ) و (ق) وهي في رواية غير أبي ذرِّ، وليست في رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 351]

(1/8843)

[{والذين تبوؤوا الدار والإيمان}]

(1/8844)

[حديث: أوصي الخليفة بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم]

4888# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو بَكْرٍ) بعده: هو ابن عيَّاش، تَقَدَّم بعض ترجمته، و (حُصَيْن): هو ابن عبد الرَّحمن، وتَقَدَّم أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح.

قوله: (بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ): تَقَدَّم أنَّ (المهاجرين الأوَّلين): هو من صلَّى منهم القبيلتين مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأمَّا من أسلم بعد تحويل القبلة وهاجر؛ لا يُعدُّ فيهم، قاله القاضي عياض، وذكرت في ذلك قولًا آخرَ في (مناقب عثمان رضي الله عنه).

قوله: (وَيَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ): يعني: في غير الحدود.

==========

[ج 2 ص 351]

(1/8845)

[{ويؤثرون على أنفسهم} الآية]

قوله: (حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ: عَجِّلْ): قال ابن التِّين: لم يذكره أهل اللُّغة، إنَّما قالوا: معناه: هَلُمَّ وأقبِلْ، قاله شيخنا.

(1/8846)

[حديث: ألا رجل يضيف هذه الليلة يرحمه الله]

4889# قوله: (حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (أَبُو أُسَامَةَ) بعده: حمَّاد بن أسامة، و (فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ): بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد، و (أَبُو حَازِمٍ الأَشْجَعِيُّ): بالحاء المهملة، سلمان، تَقَدَّم مِرارًا، وهو مشهور الترجمة.

قوله: (أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل: قال شيخنا عن الواحديِّ: (إنَّه من أهل الصُّفَّة، ثُمَّ قال: وفي «الأوسط» للطبرانيِّ: أنَّه أبو هريرة، وفي «أحكام القاضي إسماعيل»: «أنَّ رجلًا من المسلمين مكث ثلاثة أيام لا يجد ما يفطر عليه حتَّى فطن له رجل من الأنصار يقال له: ثابت بن قيس ... »؛ الحديث، وبه جزم ابن التِّين)، انتهى، وقال شيخنا أيضًا في (كتاب الأطعمة): (ويقدِّم ضيفه على عياله كما فعل أبو طلحة وأم سُلَيم بأبي هريرة، كما ذكره الطبرانيُّ في «أوسطه»)، انتهى، وقد قدَّمتُ ذلك كلَّه.

قوله: (أَصَابَنِي الْجَهْدُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الجيم: المشقَّة.

قوله: (أَلاَ رَجُلٌ): (ألَا): بفتح الهمزة، وتخفيف اللَّام.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الرجل: قال الخطيب البغداديُّ: الأنصاريُّ: ثابت بن قيس بن شَمَّاس، وقيل: أبو طلحة، قال: ولا أُراه أبا طلحة زيد بن سهل، بل آخرَ يُكنى أبا طلحة، انتهى، وفي «مبهمات ابن بشكوال»: هو أبو طلحة زيد بن سهل، وساق له شاهدًا من «مسلم»، انتهى، والذي في «مسلم»: (أبو طلحة) فقط من غير تسميةٍ ولا نسبٍ لأبيه، وقد تَقَدَّم كلام الخطيب، قال ابن بشكوال: وقيل: ثابت بن قيس بن شَمَّاس، وساق له شاهدًا، وقيل: عبد الله بن رواحة، حكاه يحيى بن مُزين في «تأليفه»، انتهى، وقال شيخنا: وعند المهدويِّ: نَزَلَتْ في أبي المتوكِّل، وأنَّ الضيف: ثابت بن قيس بن شَمَّاس، عكس ما سلف، قال شيخنا: وَهِمَ ابن عسكر فقال: أبو المتوكِّل هذا هو الناجيُّ؛ لأنَّه تابعيٌّ إجماعًا، وقد تَقَدَّم ما قاله شيخنا قريبًا في الضيف مع من ضيَّفه، وقد تَقَدَّم.

(1/8847)

قوله: (فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ): إن كان هذا الرجل أبا طلحة زيد بن سهل _كما قاله ابن بشكوال ونفاه الخطيب_؛ فامرأته أمُّ سليم، كما تَقَدَّم كلام شيخنا، وإن كان غيره؛ فلا أعرف امرأته ولا هو، وإن كان ثابتَ بن قيس بن شَمَّاس؛ فقد تزوَّج في حياته عَلَيهِ السَّلام بنسوةٍ، وإن كان عبد الله بن رواحة؛ فلا أعرف اسم امرأته، والله أعلم.

قوله: (ضَيْفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ضيفُ) في أصلنا: مرفوع؛ أي: هذا ضيفُ، والله أعلم، ويجوز نصبه على تقدير: أكرمي أو نحوه.

[ج 2 ص 351]

قوله: (فَأَطْفِئِي): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ مهموز الآخِرِ.

قوله: (عَجِبَ اللهُ [1] أَوْ ضَحِكَ اللهُ [2]): تَقَدَّم الكلام على (عَجِبَ الله)؛ ومعنى (عَجِب): أي: عظم عنده ذلك، وقيل: عظم جزاء ذلك، فسمَّى الجزاء عجبًا، وقد قدَّمتُ ذلك بأطول من هذا، وأمَّا (ضَحِكَ الله)؛ فطريقه وطريق الأحاديث مثله الإيمان بها من غير تكييف، ولا تمثيل، ولا تأويل، وتسليمها إلى عالمها، أو تأويلها بما يليق بجلاله، وهما قولان؛ للسلف الأوَّل، وللخلف الثاني، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عزَّوجلَّ).

[2] اسم الجلالة ليس في رواية «اليونينيَّة» و (ق).

(1/8848)

(((60))) [الممتحنة]

قوله: (سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةُ [1]): هي بفتح الحاء، اسم مفعول؛ لقوله: {فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10]، وقال شيخنا: بكسر الحاء، كما قاله السهيليُّ؛ أي: المختَبِرة، أُضِيف إليها الفعل مجازًا، ومن قاله بالفتح؛ أضافها للمرأة التي نزلت فيها؛ وهي أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيط، وقال مقاتل: اسمها سُبَيْعَة، ويقال: سعيدة بنت الحارث الأسلمية، وقيل: نزلت في أميمة بنت بشر، انتهى، ذكر الذهبيُّ في «تجريده»: سعيدة، ولم ينسبها، قال: صحابيَّة، ذكرها مقاتل في تفسير آية الامتحان.

قوله: (أُمِرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُمر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أصحابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/8849)

[حديث: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها ... ]

4890# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا ابن عيينة.

قوله: (بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ): تَقَدَّم في (الجهاد) أنَّه عَلَيهِ السَّلام أرسل معهم أبا مَرْثَد، ولم يذكر المقدادَ، والظاهر [أنَّه] عَلَيهِ السَّلام أرسلهم كلَّهم؛ عليًّا، والزُّبَيرَ، والمقدادَ، وأبا مَرثَد، وقد تَقَدَّم في أوَّل (غزوة الفتح) مع روايتين أُخْرَيَين، وفي (الجهاد) أيضًا.

قوله: (رَوْضَةَ خَاخٍ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأين هي، ووَهَمُ من وَهِمَ فيها فقال: (حاج)، وكذا تَقَدَّم الكلام [على] (الظَّعِينَة) التي حملت الكتاب مع الاختلاف في اسمها، وعلى (عِقَاصِهَا)، وما هي، والجمع بينها وبين (مِنْ حُجْزَتِهَا)، وتَقَدَّم ما كان في الكتاب مع الاختلاف فيه، وأنَّه كتبه إلى سهيل بن عمرو، وصفوان بن أُمَيَّة، وعكرمة بن أبي جهل، وكذا على قوله: (مِنْ أَنْفُسِهِمْ)، وأنَّه بضمِّ الفاء.

قوله: (فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ): هو بنصب (أَضْرِبَ) جواب الأمر.

قوله: (قَالَ عَمْرٌو: وَنَزَلَتْ فِيهِ)، وكذا قوله: (أَوْ قَوْلُ عَمْرٍو)، وهو ابن دينار المَكِّيُّ المذكور في السند.

قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّم أنَّه ابن المدينيِّ قريبًا وبعيدًا، وكذا (قِيلَ لِسُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير.

قوله: (وَما أُرَى أَحَدًا): (أُرى): بضمِّ الهمزة، وفتح الراء؛ أي: أظنُّ.

==========

[ج 2 ص 352]

(1/8850)

[{إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات}]

(1/8851)

[حديث: قد بايعتك على ذلك]

4891# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا [1] يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (غزوة الحُدَيْبيَة)، و (يعقوب بن إبراهيم): هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، أبو يوسف الزُّهريُّ تَقَدَّم، و (ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الله بن مسلم، وتَقَدَّم مترجمًا، و (عَمُّه): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أبو بكر محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: («قَدْ بَايَعْتُكِ» كَلَامًا، لَا [2] وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، وَمَا [3] يُبَايِعُهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ): فائدة هي تنبيه: بيعة النساء: أن يأخذ عليهنَّ العهد والميثاق، فإذا أقررن بألسنتهنَّ؛ قال: قد بايعتكنَّ، و (ما مسَّت يدُه يدَ امرأة في المبايعة): كذلك في هذا الحديث من حديث عائشة رضي الله عنها، قال الإمام السهيليُّ في «روضه»: وقد رُوي أنَّهنَّ كنَّ يأخذن بيده في البيعة من فوق ثوبٍ، وهو قول عامر الشَّعْبيِّ، ذكره ابن سلَّام في «تفسيره»، والأوَّل أصحُّ، وقد ذكر أبو بكر محمَّد بن الحسن النقَّاش في صفة بيعة النساء وجهًا ثالثًا أوردَ فيه آثارًا؛ وهو (أنَّه عَلَيهِ السَّلام كان يغمس يده في إناء، وتغمس المرأة يدها فيه عند المبايعة)، فيكون ذلك عقدًا للبيعة، وليس هذا بالمشهور، ولا هو عند أهل الحديث بالثَّبت غير أنَّ ابن إسحاق قد ذكره في رواية يونس عن أبان بن صالح، انتهى، والله أعلم.

(1/8852)

قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على ابن أخي الزُّهري، وقد قدَّمتُ أعلاه اسمه ونسبه، و (يونس): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيدَ الأيليُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (عبد الرَّحمن بن إسحاق): هو عبد الرَّحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة القرشيُّ العامريُّ مولاهم، المدنيُّ، ويقال له: عباد بن إسحاق، عن أبيه، وسعيد المَقبُريِّ، والزُّهريِّ، وخلق، وعنه: إبراهيم بن طهمان، ويزيد بن زُرَيع، وحمَّاد بن سلمة، وخالد الطَّحَّان، وابن عليَّة، وآخرون، قال يحيى القطَّان: لم أرهم يحمدونه بالمدينة، وقال يزيد بن زريع: ما جاءنا من المدينة أحفظ منه، وكان كوسجًا، وقال ابن عيينة: كان قَدَريًّا فنفاه أهل المدينة، وقال أحمد: صالح الحديث، وقال عبَّاس عن ابن معين: ثِقةٌ، وقال في موضع آخر: صالح الحديث، وقال يعقوب: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: لا يُحتجُّ به، وهو قريب من محمَّد بن إسحاق، وقال البُخاريُّ: ليس ممَّن يُعتَمد على حفظه، وقال أبو داود: قَدَريٌّ ثِقةٌ، له ترجمة في «الميزان»، وقد ذكرته، ولكن طال العهد به، علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلم، والأربعة.

ومتابعة يونس أخرجها البُخاريُّ في (الطلاق): (وقال إبراهيم بن المنذر) [خ¦5288]، وقال أبو مسعود: (عن إبراهيم بن المنذر)، ومسلم في (المغازي) عن أبي الطاهر بن السَّرح، والنَّسائيُّ في (التفسير) وفي (البيعة) عن يونس بن عبد الأعلى، وابن ماجه في (الجهاد) عن أبي الطاهر بن السَّرح؛ ثلاثتهم عن ابن وهب عن يونس به.

ومتابعة مَعْمَر أخرجها البُخاريُّ في (الأحكام) عن محمود عن عبد الرزاق عن مَعْمَر به، والتِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن عبد بن حُمَيد عن عبد الرزاق نحوه [4]، وقال: حسنٌ صحيحٌ.

ومتابعة عبد الرَّحمن بن إسحاق لا أعلم من خرَّجها من أصحاب الكُتُب السِّتَّة سوى ما هنا.

(1/8853)

قوله: (وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ): (إسحاق بن راشد): الجزريُّ، عن ميمون بن مهران والزُّهريِّ، وعنه: عتَّاب بن بشير، وعبيد الله بن عمرو، وعِدَّة، صدوق، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وثَّقه ابن معين، وفيه تعديل غير ذلك، وقال الدارقطنيُّ: تكلَّموا في سماعه من الزُّهريِّ، وقد قدَّمتُ أنَّ أبا المليح الرَّقيَّ وغيره قالوا: (قال إسحاق بن راشد: بعث محمَّد بن عليِّ بن زيد بن عليٍّ إلى الزُّهريِّ قال: يقول لك أبو جعفر: استوص بإسحاق خيرًا، فإنَّه منَّا أهل البيت)، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن مسلم، غير أنَّ إسحاق رواه عن الزُّهريِّ عن عروة وعمرة؛ وهي بنت عبد الرَّحمن بن سعد بن زرارة من فقهاء التابعين تَقَدَّمتُ، فزاد: (عمرة) على الذين تَقَدَّموه عن الزُّهري، والله أعلم، ولا أعلم من خرَّجه كذلك من أصحاب الكتب سوى ما هنا، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي موافقة لرواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وَلَا).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» (ما)؛ بغير واو، وكُشِط عليها في (ق).

[4] زيد في (أ): (نحوه)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 352]

(1/8854)

[{إذا جاءك المؤمنات يبايعنك}]

(1/8855)

[حديث: بايعنا رسول الله فقرأ علينا: {أن لا يشركن بالله شيئًا}]

4892# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، وبينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج المنقريُّ الحافظ، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّم أنَّه ابن سعيد، أبو عبيدة الحافظ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ أحد الأعلام، و (أُم عَطِيَّة): تَقَدَّم أنَّها نُسيبة _بضمِّ النون على الصَّحيح، وقيل: بفتحها_ بنت كعب الأنصاريَّة من كبار نسَّابة الصَّحابة، تَقَدَّمتُ مترجمة في (الجنائز) وغيرها.

[ج 2 ص 352]

قوله: (بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ): (بايعْنا): بإسكان العين، والضمير فاعل، و (رسولَ): منصوبٌ مفعولٌ، ولو قيل بفتح العين، ورفع (رسولُ)؛ جاز؛ لأنَّ مَنْ بايَعَك؛ فقد بايَعْتَه، وهو من باب المُفاعَلة، والله أعلم.

قوله: (فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ يَدَهَا): هذه المرأة هي أمُّ عطيَّة، كذا في «مسلم»، ولفظه: (عن أمِّ عطيَّة قالت: لمَّا نزلت هذه الآية: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا} ... {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]، قالت: كان منه النياحة، قالت: فقلت: يا رسول الله؛ إلَّا آل فلان، فإنَّهم كانوا أسعدوني في الجاهليَّة، فلا بدَّ لي من أن أُسْعِدهم، فقال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «إلَّا آل فلان»)، انتهى.

فائدة: قوله: «إلا آل فلان»: قال النوويُّ: محمول على الترخيص لأمِّ عطيَّة في آل فلان خاصَّةً، كما هو ظاهرٌ، ولا تحلُّ النياحة لغيرها، ولا لها في غير آل فلان، كما هو صريح الحديث، وللنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن يخصَّ من العموم من شاء، هذا هو الصَّواب، وما قيل فيه غير هذا فيه نظر، والله أعلم، انتهى، ولو حُمِل على أنَّها ساعدتهم بالبكاء الذي لا نياحة فيه؛ لكان أقرب، والله أعلم؛ لأنَّ الإسعاد لا يُسْتَعمل إلَّا في البكاء كما يأتي.

قوله: (أَسْعَدَتْنِي فُلَانَةُ): قال الدِّمْياطيُّ: الإسعاد لا يستعمل إلَّا في البكاء، انتهى، وقال ابن قُرقُول: أسعدتني فلانة؛ أي: أعانتني في النياحة، والمرأة التي أسعدت أمَّ عطيَّة لا أعرف اسمها، والله أعلم.

(1/8856)

[حديث ابن عباس في قوله: {ولا يعصينك في معروف}]

4893# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد): هذا هو المسنديُّ، و (وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ): هو ابن حازم تَقَدَّم، و (الزُّبَيْر بن الخَرِّيْت [1]): هو بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الراء المكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق.

==========

[1] قوله: (بن الخَرِّيْت): ليس في رواية «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[ج 2 ص 353]

(1/8857)

[حديث: أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تزنوا ... ]

4894# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المدينيِّ الحافظ تَقَدَّم مِرارًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيسَ): هذا هو الخولانيُّ، واسمه عائذ الله بن عبد الله، أحد علماء التابعين تَقَدَّم، وهو مشهور، و (عُبَادَة بْن الصَّامِتِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ العين، وتخفيف الموحَّدة.

قوله: (وَأَكْثَرُ لَفْظِ سُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة المذكور في السند، و (أكثر): بالثاء المثلَّثة.

قوله: (فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ): تَقَدَّم الكلام على الحدود؛ هل هي كفَّارات لأهلها أم لا، وعلى الحديث، وحديث [1] أبي هريرة مرفوعًا: «لا أدري الحدود كفَّارات لأهلها أم لا؟» في أوائل هذا التعليق؛ فانظره.

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ): الضمير في (تابعه): يعود على سفيان؛ هو ابن عيينة؛ أي: تابعه عبد الرزاق _يعني: ابن همَّام_ فرواه عن مَعْمَر عن الزُّهريِّ في قراءة الآية، وحديث مَعْمَر أخرجه البُخاريُّ في (التوحيد) عن عبد الله بن محمَّد، عن هشام، عن مَعْمَر، وأخرجه [2] النَّسائيُّ عن يعقوب بن إبراهيم الدورقيِّ، عن غُنْدُر، عن مَعْمَر به، ومتابعة عبد الرزاق عنه أخرجها مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق به.

==========

[1] زيد في (أ): (أم)، ولعلَّه سبق نظر.

[2] في (أ): (وأخرجها)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 353]

(1/8858)

[حديث: شهدت الصلاة يوم الفطر مع رسول الله وأبي بكر وعمر ... ]

4895# قوله: (وَأَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ): هذا الواو سببها: أنَّ هذا الحديث من جملة أحاديثَ رواها ابن وهب عن ابن جُرَيج، فرواها معطوفةً بعضُها على بعض، فلمَّا حدَّث بهذا الحديث ابنَ وهب؛ حدَّثه بالواو، فرواه ابنَ وهب كما سمعه، والله أعلم، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ): تَقَدَّم الكلام على أوَّل من بدأ بالخطبة قبل الصلاة، وردِّ قول من قال: إنَّ أوَّل من بدأ فلان أو فلان.

قوله: (حِينَ يُجَلِّسُ): هو مشدَّد اللَّام في أصلنا، وليس في «الصحاح» إلَّا التعدية بالهمز (يُجْلِس)، ولم أره عُدِّي بالتضعيف، وكأنَّه هنا أراد المبالغة.

قوله: (أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَقَالَت امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ): هذه [1] المرأة لا أعرف اسمها، وقال بعض حفَّاظ العصر: يقال: إنَّها أسماء بنت يزيد بن السَّكن.

قوله: (لاَ يَدْرِي الْحَسَنُ مَنْ هِيَ): (الحسن) هذا: هو المذكور في السند الحسن بن مسلم، شيخ ابن جُرَيج، وهو الحسن بن مسلم بن يَنَّاق، ويَنَّاق: بفتح المثنَّاة تحت، وتشديد النون، وفي آخره قاف لا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، وهو ثِقةٌ، تُوُفِّيَ مع طاووس، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

تنبيه: وقع في «مسلم»: (لا يدري حينئذ من هي)، وهو تصحيف من (حسن)، والله أعلم.

قوله: (الْفَتَخَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الفاء والمثنَّاة فوق المخفَّفة، وبالخاء المعجمة، قال ابن قُرقُول: هي خواتيمُ عظامٌ تُمسكها النساء، كذا فسَّره في كتاب «البُخاريِّ» عبدُ الرزاق، وقال غيره: هي خواتيمُ تُلْبَس في الرِّجل، الواحدة: فتخة، وقال الأصمعيُّ: هي خواتيم لا فصوصَ لها، ويجمع أيضًا: فِتَاخ، وفَتَخات، وفي «الجمهرة»: الفَتْخَة: حَلْقَة من ذهب أو فضَّة لا فصَّ لها؛ وربَّما اتُّخِذ لها فصٌّ؛ كالخاتم، انتهى، وقد قدَّمتُه، وقوله: (عظام)؛ أي: كبار.

==========

[1] زيد في (أ): (لا)، ولعلَّه سبق نظر.

[ج 2 ص 353]

(1/8859)

(((61))) [سورة الصف]

قوله: (وَقَالَ يَحْيَى: بِالرَّصَاصِ): وفي أصلٍ آخرَ: (وقال غيره: بالرَّصاص)، (يحيى) هذا: هو يحيى بن زياد الفرَّاء، ابن عبد الله بن منصور [1] الأسلميُّ، أبو زكريَّا الفرَّاء الديلميُّ الكوفيُّ، مولى بني أسَد، وقيل: مولى بني منقر، له «معاني القرآن»، وقد قال هذا في «معانيه»، كان أبرعَ الكوفيِّين وأعلمَهم باللُّغة، والنحو، وفنون الأدب، ترجمته معروفةٌ، تُوُفِّيَ سنة سبع ومئتين في طريق مَكَّة، وعمره ثلاث وستون سَنةً، ولم يكن يعمل الفِرَاء ولا يبيعها، وإنَّما قيل له: الفرَّاء؛ لأنَّه يفري الكلام رحمه الله تعالى، و (الرَّصاص): بفتح الراء معروف، قال الجوهريُّ: العامَّة تقوله بكسر الراء، انتهى، ونقل بعضهم عن القاضي عياض في «التنبيهات»: الكسر أيضًا، انتهى، وكان هذا في بلاد الجوهريِّ، وأمَّا في بلادنا؛ فلا أسمعهم ينطقون به إلَّا بالضمِّ.

==========

[1] كذا في (أ) مضبوطًا، وفي المصادر: (منظور).

[ج 2 ص 353]

(1/8860)

[{من بعدي اسمه أحمد}]

(1/8861)

[حديث: إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد ... ]

4896# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي) محمَّد بن مسلم.

قوله: (إِنَّ لِي أَسْمَاءً): هو مصروف في أصلنا بالقلم، وكذا جاء به القرآن: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} [النجم: 23]، وقال النَّحْويُّون: لا ينصرف.

قوله: (وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللهُ بِيَ الْكُفْرَ): قيل: المراد: المحوُ العامُّ؛ بمعنى: الظهور بالحجَّة والغلبة، قال الله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33]، وقيل: المراد: محو الكفر من مَكَّة، والمدينة، وسائر بلاد العرب، وما زُوي له صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من الأرض، وجاء في حديث آخر في تفسير (الماحي): «فإنَّه الذي مُحيتْ به سيِّئات من اتَّبعه»، فقد يكون المراد بمحوِ الكفر هذا؛ كقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، وفي الحديث

[ج 2 ص 353]

الصحيح: «الإسلام يَهْدِمُ ما قبله»، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي): هو بالتخفيف على الإفراد، وتشديدها على التَّثنية، قال العلماء: معناه: يُحشَرون على إثري، وزمان نبوَّتي ورسالتي، وليس بعدي نبيٌّ، وقيل: معناه: يتَّبعوني، وجاء في رواية في «الصحيح»: «على عقبي»، وقيل فيها كما قيل في هذه من حيث المعنى.

قوله: (وَأَنَا الْعَاقِبُ): ومعناه: الذي ليس بعده نبيٌّ، كما فسَّره صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

(1/8862)

فائدة: اعلم أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم له أسماءٌ، وقد ذكر الحافظ القاضي أبو بكر بن العربيِّ في كتابه «الأحوذي في شرح التِّرْمِذي» عن بعضهم: أنَّ لله تعالى ألفَ اسم، وللنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ألف اسم، ثُمَّ ذكر منها على التفصيل بضعًا وستين، وقد رأيت مؤلَّفًا في القاهرة في جلدين للحافظ ابن دحية ذكر فيهما أسماءً للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وذكر أماكنها، والكتب التي ذكرت فيها، وتكلَّم عليها من حيث اللغة، وتخريجها من الأحاديث، وهو مؤلَّف حسن، غالب ظنِّي أنَّ فيه ثلاثَ مئة اسمٍ ونيِّفًا، وتَقَدَّم ما ذكره مغلطاي في عددها، وذكر فيه: أنَّ من جملة الأسماء: اللَّبِنَة؛ لقوله عَلَيهِ السَّلام: «وأنا اللَّبِنَة»، وغالبها من هذا النَّحْو، وقد ذكرت فيما مضى ما حضرني من أسمائه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في (باب ما جاء في أسماء رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)؛ فانظره، والله أعلم.

(1/8863)

(((62))) [الجمعة]

(1/8864)

[{وآخرين منهم لما يلحقوا بهم}]

قوله: ({فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9]): هذه شاذَّةٌ.

(1/8865)

[حديث: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء]

4897# قوله: (عَنْ ثَوْرٍ): هو ابن زيد الديليُّ، مشهور جدًّا، و (أَبُو الغَيْثِ): تَقَدَّم ضبطه غيرَ مرَّةٍ، وأنَّ اسمه سالم، تَقَدَّمتُ ترجمته، وهو مولى ابن مُطيع.

قوله: (وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ): تَقَدَّم الكلام عليه قبيل (المغازي)، وعلى كم عاش، وكلام الذهبيِّ في ذلك، وأنَّه من أبناء الثمانين لم يبلغ المئة، ومن أين هو، ولا أستحضر اسم والده، وكنت قد ظفرت به في مكان ثُمَّ أُنسِيتُه.

قوله: (لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا): هي النجم المعروف، وقد قدَّمتُ الكلام عليها، وكم هي من نجم، وكم كان النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يَرى فيه من نجم في (البيوع).

تنبيه هو فائدة: في «مسند أحمد» هذا الحديث، ولكنَّ لفظه: «لو كان العلم» بدل «الإيمان»، ذكره من ثلاث طرق بذلك.

4898# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ: أَخْبَرَنَا [1] ثَوْرٌ): (عبد العزيز) هذا: هو الدراورديُّ، كذا في «أطراف المِزِّيِّ»، وقد رواه التِّرْمِذيُّ من طريقه، وقال شيخنا: ذهب الكلاباذيُّ إلى أنَّه ابن أبي حازم، وكذا رأيته أنا في «الكلاباذيِّ»، قال الجيَّانيُّ: والذي عندي أنَّه الدراورديُّ، انتهى، و (ثور): تَقَدَّم أنَّه ابن زيد الديليُّ أعلاه، و (أَبُو الغَيْثِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سالم مولى ابن مُطيع.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (أَخْبَرَنِي).

[ج 2 ص 354]

(1/8866)

[{وإذا رأوا تجارةً}]

(1/8867)

[حديث: أقبلت عير يوم الجمعة ونحن مع النبي فثار الناس ... ]

4899# قوله: (حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ) تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء، وأنَّ الأسماء كذلك، والكنى بالفتح، وأنَّه ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم مترجمًا، وقوله: (وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ): هذا: قال الدِّمْياطيُّ: اسمه طلحة بن نافع.

إن قيل: ما الحكمة في قوله: (عن سالم بن أبي الجعد، وعن أبي سفيان عن جابر)؟ فالجواب: أنَّ حُصَين بن عبد الرَّحمن روى هذا الحديث في مجلسَين؛ عن سالم وعن أبي سفيان، فلو قال: عن سالم وأبي سفيان؛ لأدَّى ذلك إلى أن يكون سمعهما في مجلسٍ واحدٍ، وليس كذلك؛ إنَّما سمعه منهما متفرِّقَين، لا مجموعَين، هذا ما ظهر لي فيه، والله أعلم.

وطلحة بن نافع هذا: هو مولى قريش، يروي عن أبي أيَّوب، وجابر، وابن عبَّاس، وعدَّة، وعنه: الأعمش، وأبو بشرٍ، وابن إسحاق، قال جماعة: ليس به بأس، وقال شعبة وابن عيينة: حديثه عن جابر صحيفةٌ، روى عنه البُخاريُّ مقرونًا، وهو هنا مقرونٌ بسالم بن أبي الجعد، وأخرج له الأربعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (أَقْبَلَتْ عِيرٌ): تَقَدَّم ما (العير)، ولمن كانت هذه العير، في (الجمعة)، وكذا تَقَدَّم الكلام على الاثني عشر رجلًا الذين لم ينفضُّوا، بل ثبتوا، ومن قيل: إنَّه ثبت معهم، كلُّه في (الجمعة).

==========

[ج 2 ص 354]

(1/8868)

(((63))) [سورة المنافقين]

قوله: (سُوْرَةُ المُنَافِقِين): اعلم أنِّي ذكرت فيما مضى أنِّي أذكر في هذه السورة من وقفت عليه أنَّه ذُكر بنفاقٍ، وقد رتَّبتهم على حروف المعجم، وهم: أوس بن قبطيٍّ، بجاد بن عثمان، بحزَجُ، بشر بن أُبيرق، بشر بن زيد، بشير بن أُبيرق، ثعلبة بن حاطب، جارية بن عامر، جدُّ بن عبد الله بن نبتل، جدُّ بن قيس، جُلَاس بن سويد، الحارث بن سويد، حاطب بن أُمَيَّة، أبو حبيبة بن الأزعر، حُدير بن أبي حُدير، خذام، داعس، رافع بن وَدِيعة، رافع بن خزعلة، رافع بن زيد، رفاعة بن زيد، زُوَيٌّ، زيد بن جارية، زيد بن اللُّصيت، سعد بن زرارة، سلسلة بن برهام، سعد بن حنيف، سميحة _كذا في «مبهمات ابن بشكوال»، وفي «تجريد الذهبيِّ»: سميحة أو سحمية جار أبي لبابة، له ذكر في حديثٍ ذكره الأشيريُّ_، سويد غير منسوب _وفي كلام بعضهم في المنافقين: سويد بن عديِّ بن ربيعة، يحتمل أن يكون هو، وأن يكون غيرَه، والله أعلم_، ضحَّاك أبو ثابت، عبَّاد بن حنيف، عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول، عبد الله بن نبتل، عبد الرَّحمن بن نبتل، _كذا رأيته عن «المتَّفِق والمفترِق» في ترجمة زيد بن أسلم: أنَّه جاء زيد بن أسلم بصدقة ماله، فقال معتِّب بن قُشَير وعبد الرَّحمن بن نبتل: إنَّما أراد الرياء، فأنزل الله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ ... }؛ الآية [التوبة: 79]_، عثمان بن أوفى، عَديُّ بن ربيعة، عقبة بن كُديم، عمرو بن قيس، عيينة بن حصن، _ذكره شيخنا في (بعث عليٍّ وخالد رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجَّة الوداع): أنَّه كان منافقًا، انتهى، والمعروف أنَّه ارتدَّ بعد النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وآمن بطُلَيحة، ثُمَّ أُسر فمنَّ عليه الصديق، ولم يزل مظهرًا للإسلام، ولم أرَ مَن ذكره أنَّه منافق إلَّا شيخنا_، قزمان، قيس بن عمرو بن سهل، قيس بن رفاعة، قيس بن زيد، كنانة بن صوريا، مالك بن أبي نوفل، مبشر بن أُبيرق، مجمع بن جارية، مخشيُّ بن حمير، مربع بن قيظيٍّ، معتِّب بن قُشَير، نافع بن الضَّحَّاك بن خليفة، نبتل بن الحارث، نعمان بن أوفى، نعمان بن عمرو، وديعة بن ثابت، وديعة بن خذام فيما قيل، ووديعة آخر غير منسوب، _والظاهر أنَّه وديعة بن مالك، ذُكِر في غزوة بني النضير شخص يقال له: وديعة بن مالك، دسَّ إلى بني النضير أن اثبوا، وكان معه جماعة من المنافقين؛ كعبد الله بن أُبيٍّ، وسويد، وداعس، والله أعلم_، يزيد بن مجمع.

(1/8869)

تنبيه: اعلم أنَّ ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: كان المنافقون من الرجال ثلاثَ مئة، ومن النساء مئة وسبعين، قال أبو الفرج ابن الجوزيِّ الحافظ المشهور: ثُمَّ منهم من اشتُهِر بالنفاق، فلم يُذْكَر في الصَّحابة؛ كعبد الله بن أُبيٍّ، ومنهم جماعة ذكرهم العلماء في الصَّحابة قد كان سُمع منهم ما يدلُّ على النفاق، ولعلَّ فيهم من تغيَّر عن حاله، وفيمن ذكرنا ثعلبة بن حاطب، ومعتِّب بن قُشَير، وكلاهما قد شهد بدرًا، وإنَّما ذكرت هذا الكلام؛ لئلَّا يُطلَق لسانٌ في ذمِّ جماعتهم إلَّا من تحقَّق نفاقه؛ كابن أُبيٍّ، والله أعلم، انتهى.

تنبيه ثانٍ: هؤلاء الجماعة أخذتهم من «سيرة ابن سيِّد النَّاس»، ومن «تلقيح ابن الجوزيِّ»، ومن غيرهما أيضًا، وليُعلَم أنَّ جميع هؤلاء مشايخُ، ولم يكن فيهم شابٌّ إلَّا واحدًا؛ وهو قيس بن عمرو بن سهل، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 354]

(1/8870)

[{إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله}]

(1/8871)

[حديث: إن الله قد صدقك يا زيد]

4900# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): (إسرائيل) هذا: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله.

قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ فِي غَزَاةٍ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: ذكر أبو نُعيم أنَّ سنان بن وبر سمع عبد الله بن أُبيٍّ يقول: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ... }؛ الآية [المنافقون: 8]، فيحمل على أنَّه سمعه أيضًا مع زيد بن أرقم؛ توفِيقًا بينهما، انتهى.

قوله: (كُنْتُ فِي غَزَاةٍ ... ) إلى آخره: هذه الغزاة هي غزوة بني المُصطلق، وهي غزوة المريسيع، وكانت في شعبان سنة ستٍّ عند ابن إسحاق، وفي سنة أربع عند موسى بن عقبة، وفي شعبان سنة خمس يوم الاثنين لليلتين خلتا منه عند ابن سعد، والخندق بعدها عنده في ذي القعدة من السنة، وقد تَقَدَّم ذلك في مكانه، وفي «التِّرْمِذيِّ»: أنَّ القصَّة كانت في تبوك، وقال: حسن صحيح، وذكر أيضًا القول بأنَّها في غزوة بني المصطلق حكاية عن سفيان، ولفظ سفيان: (يُرَون أنَّها غزوة بني المصطلق)، وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ: إنَّها في المريسيع، وذكر ابن العربيِّ: أنَّها في تبوك، وهو غير جيِّد، كما نبَّه عليه ابن عسكر؛ لأنَّ المسلمين كانوا في تبوك أعزَّةً، والمنافقين أذلَّةً، وأيضًا أنَّ منهم من قال: إنَّ ابن أُبيٍّ لم يشهدها إنَّما كان مع الخوالف، انتهى.

قوله: ({حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ} [المنافقون: 7]): هذا موجود في قراءة عبد الله، ولم يثبت في شيء من المصاحف المتَّفق عليها.

(1/8872)

قوله: (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي أَوْ لِعُمَرَ): كذا بالشَّكِّ، وسيجيء (لعمِّي) بغير شكٍّ، ولابن إسحاق: أنَّ زيد بن أرقم مشى به إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وسيجيء في هذا «الصحيح»: (فأتيت النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فأخبرته)، وسيجيء أيضًا: (فبلغ ذلك النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، قال شيخنا: وفي رواية في «الطبرانيِّ»: (فذكرت ذلك لسعد بن عبادة)، ولا تنافي؛ فقد يخبر به عمَّه أو غيرَه، ثُمَّ يسأله النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فيخبره، ويجوز أن يقال: أخبرتُه؛ إذا أومأتَ إليه، انتهى، وعمُّ زيد بن أرقم هو _كما قاله شيخنا عن الدِّمْياطيِّ_: ثابت بن زيد بن قيس بن زيد، أخو أرقم بن زيد، انتهى، وذكر هذا بعض حفَّاظ المِصْريِّين فقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّه يكون ابنَ عمِّه، لكن لعلَّه سماه عمًّا تعظيمًا، انتهى، ولم أر أنا هذا في الصَّحابة في كتاب «تجريد الذهبيِّ»، وهو أجمع كتاب وقفت عليه في الصَّحابة، ولا في «مبهمات التجريد»، قال شيخنا: ويحتمل أنَّه أراد به سعد بن عبادة، كما سلف؛ لأنَّه شيخ من شيوخ قبيلته الخزرج، ويحتمل أنَّه أراد عمَّه زوج أمِّه، ابن رواحة، انتهى، وهذا القول الأخير إنَّما يأتي على أنَّ القصَّة جرت في غزوة بني المصطلق، أمَّا على القول بأنَّها جرت في تبوك؛ فلا، وذلك لأنَّ تبوك في التاسعة، وابن رواحة رضي الله عنه قُتل في مؤتة في الثامنة.

(1/8873)

[{اتخذوا أيمانهم جنةً}]

(1/8874)

[حديث: إن الله قد صدقك]

4901# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبيعيِّ.

قوله: (كُنْتُ مَعَ عَمِّي): تَقَدَّم الكلام في اسم عمِّ زيد بن أرقم أعلاه.

==========

[ج 2 ص 355]

(1/8875)

[{ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون}]

(1/8876)

[حديث: لما قال عبد الله بن أبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله]

4902# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عتيبة، وقدَّمتُ وهمًا وَهِمَه البُخاريُّ فيه.

قوله: (فَأَتَانِي رَسُولُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرسول لا أعرف اسمه.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ... ) إلى آخره: هذا هو يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، وقد تَقَدَّم مُترجَمًا، و (الأَعْمَش): سليمان بن مهران تَقَدَّم، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): عبد الرَّحمن بن أبي ليلى أبو عيسى الأنصاريُّ الكوفيُّ، وهذا التعليق أخرجه النَّسائيُّ في (التفسير): عن إسحاق بن إبراهيم، عن يحيى بن آدم، عن يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، عن الأعمش، عن عمرو بن مرَّة، عن ابن أبي ليلى به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 355]

(1/8877)

[{وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ... }]

(1/8878)

[حديث: خرجنا مع النبي في سفر أصاب الناس فيه شدة]

4903# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا مرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ): تَقَدَّمتْ أعلاه أنَّها غزوة بني المصطلق، وما قيل في ذلك.

قوله: (كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (كَذَبَ): بفتح الكاف، والذال المخفَّفة، والباء الموحَّدة، و (رسولَ): منصوبٌ مفعولٌ؛ ومعناه: حدَّثه حديثَ كذبٍ.

==========

[ج 2 ص 355]

(1/8879)

[{وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ... }]

قوله: (وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ «لَوَيْتُ»): اعلم أنَّه قرأ بالتخفيف نافعٌ، والباقون بتشديد الواو، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 355]

(1/8880)

[حديث: كنت مع عمي فسمعت ابن أبي يقول: لا تنفقوا على .. ]

4904# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا مرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرِو بن عبد الله.

قوله: (كُنْتُ مَعَ عَمِّي ... ) إلى أن قال: (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي): تَقَدَّم الكلام على عمِّه أعلاه؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 355]

(1/8881)

[{سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم ... }]

(1/8882)

[حديث: دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه]

4905# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هذا هو ابن عبد الله ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا قهرمان آل الزُّبَير، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيء، وقد تَقَدَّم ذلك مرارًا.

قوله: (كُنَّا فِي غَزَاةٍ): تَقَدَّم ما هي الغزاة أعلاه.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فِي جَيْشٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ سفيان هذا هو ابن عيينة، وهو المذكور في السند.

قوله: (فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ): (الكَسْعُ)؛ بفتح الكاف، وإسكان السين وبالعين المهملتين: هو أن تضرب بيدك ورجلك دبر إنسان، قاله الخليل، وقال الطَّبريُّ: هو أن تضرب عَجُزَ إنسان بقدمك، وقيل: هو ضربك بالسيف على مؤخره، وقال الجوهريُّ: الكَسْع: أن تضرب دبر الإنسان بيدك أو بصدر قدمك، انتهى.

والرجل من المهاجرين: هو جهجاه بن مسعود، قال ابن عبد البَرِّ: جهجاه بن سعد بن حرام، وهو صاحب حديث: «المؤمن يأكل في معًى واحد»، وقيل: إنَّ ذلك كان في غيره، وقال الطبريُّ: المحدِّثون يزيدون فيه الهاء، والصواب: جهجا؛ دون هاء، وجهجاه هذا: هو الذي جاء وعثمان رضي الله عنه يخطب وبيده عصا النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأخذها وكسرها على ركبته، فدخلت فيها شظيَّة منها، فبغى الجرح، وأصابته الأكَلَة، وشُدَّت العصا، وكانت مضبَّبة، ذكره ابن مسلمة التجيبيُّ في «تاريخه»، وقد رأيت عن ابن دحية الحافظ نقلًا عن ابن العربيِّ في كتاب «العواصم»:

[ج 2 ص 355]

(لا يصحُّ كسر العصا عمَّن أطاع ولا من عصى).

وأمَّا الأنصاريُّ؛ فإنَّه سنان بن وبْر؛ بإسكان الموحَّدة عند بعضهم، وقال أبو عمر: سنان بن تيم، ويقال: ابن وبر، وفي كتاب ابن شبَّة: سنان بن أبير، وحكى الأمويُّ عن ابن إسحاق: سنان بن عمرو، ويقال: ابن وبرة، ونقل شيخنا عن السُّدِّيِّ: أنَّه حصل بين جعال _ويقال: جهجاه_ الغفاريِّ أجير عمر رضي الله عنه وبين وبر بن سنان الحمصيِّ الجهنيِّ حليف ابن أُبيٍّ شرٌّ، فبلغ ذلك ابنَ أُبيٍّ، فتكلَّم، فسمعه زيد بن أرقم ... )؛ الحديث، انتهى، ولعلَّ قوله: (وبر بن سنان): مقدَّم ومؤخَّر، والله أعلم.

تنبيه: قال بعض الحُفَّاظ من أهل العصر: في «تفسير ابن مردويه»: أنَّ ملاحتهما كانت بسبب حوض شربت منه ناقة الأنصاريِّ.

(1/8883)

قوله: (يا لَ الأَنْصَار): لام المستغاث به مفتوحٌ؛ لأنَّه كالضمير، وكذا قوله: (يا لَ المُهَاجِرِينَ)، وهذا إذا ولي (يا)، أمَّا لو جاء بعد الذي يلي (يا)؛ فإنَّها تكون مكسورةً، تقول: يا لَزيد ولِعمرٍو، فلام (زيد) مفتوحة، ولام (عمرو) مكسورة، وقد تَقَدَّم كيف كتابتها.

قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: فَحَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو): أمَّا (سفيان): فقد تَقَدَّم قبيله أنَّه ابن عيينة، وأنَّ (عمرًا) هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام.

(1/8884)

[{هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله ... }]

(1/8885)

[حديث: اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار]

4906# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويس، ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ أحدِ الأعلام.

قوله: (حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحَرَّةِ): تَقَدَّم أنَّ الحرَّة كانت سنة ثلاثٍ وستِّين، وتَقَدَّم عدد من قُتِل فيها، وماذا جرى.

قوله: (وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِي): (شدَّةُ): مرفوع فاعل (بلغه)، والضمير: مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَسَأَلَ أَنَسًا بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ): السائل لأنسٍ لا أعرفه.

قوله: (أَوْفَى اللهُ بِأُذُنِهِ): ومعنى: (أوفى الله بأُذُنِه): أي: أظهر صدقه في إخباره عمَّا سمعت أُذُنُه، قاله ابن الأثير، وقوله: (بأُذُنه): كذا في أصلنا (بأُذُنه)؛ بضمِّ الهمزة والذال، وكذا في أصل آخر، ويجوز تسكين الذال، لغتان معروفتان، وهما قراءتان أيضًا في السبع، قرأ نافع بالإسكان حيث وقع، والباقون بالضَّمِّ، وقال شيخنا: وهو بسكون الذال، ولم يذكر غيره، انتهى، وقال بعضهم: بضمِّ الهمزة، وسكون الذال، ويُروَى بفتحهما، انتهى، و (الأَذَن)؛ بفتح الهمزة والذال: الاستماع؛ أي: بما استمعه من عبد الله بن أُبيٍّ.

==========

[ج 2 ص 356]

(1/8886)

[{يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل}]

(1/8887)

[حديث: دعوها فإنها منتنة]

4907# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه أوَّل شيخ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة.

قوله: (كُنَّا فِي غَزَاةٍ): تَقَدَّم الكلام قريبًا على هذه الغزاة ما هي، والاختلاف فيها، وعلى (فَكَسَعَ)، وعلى الرجل [من] المهاجرين، والرجل الأنصاريِّ، وعلى (يَا لَ الأَنْصَارِ [1]).

قوله: (أَوَقَدْ فَعَلُوا؟): (أوَ): بفتح الواو على الاستفهام، وهو استفهام إنكار.

==========

[1] في (أ): (للأنصار)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 356]

(1/8888)

(((64))) [سورة التغابن]

قوله: (سُورَةُ التَّغَابُنِ): فائدة: نقل شيخنا ما لفظه: قيل: التغابن: اسم من أسمائه تعالى، وسُمِّي بذلك؛ لأنَّه يغبن فيه المظلوم والظالم، انتهى، وهذا غريبٌ؛ لأنَّه لا يعرف في أسمائه تعالى ذلك، والله أعلم.

قوله: (غَبَنَ أَهْلُ الجنَّة أَهلَ النَّار): (أهلُ الجنَّة): بالرفع، و (أهلَ النَّار): بالنصب، الأوَّلُ فاعلٌ [1]، والثاني مفعولٌ، كذا هو مضبوط هنا في أصلنا، وفي (باب القصاص يوم القيامة) مضبوط: (غبنُ أهلِ الجنة أهلَ النار)، (غبنُ): مرفوع، وهو مصدر، و (أهلِ الجنَّة): مجرور مضاف، و (أهلَ النَّار): منصوب مفعول المصدر، وفي أصل آخر: (غبنِ)؛ بالجر؛ لأنَّه بدل من (التغابنِ)، وهو مجرور، و (أهلِ الجنة): مجرور بالإضافة، و (أهلَ النار): بالنصب مفعول المصدر.

قوله: (وَقَالَ عَلْقَمَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ): (عبد الله) هذا: هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

==========

[1] في (أ): (فاعل الأوَّل)، من غير علامة التقديم والتأخير، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 356]

(1/8889)

(((65))) [سورة الطلاق]

(1/8890)

[حديث: ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر]

4908# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ): بضمِّ العين، وفتح القاف، ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهري محمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): امرأة ابن عمر المطلَّقة اسمها آمنة بنت غفار، قاله الشيخ محيي الدين النوويُّ في «مبهمات تهذيبه» وفي «مختصر المبهمات» له التي اختصرها من «مبهمات الخطيب» في (حرف الياء المثنَّاة تحت)، وكذا عزا تسميتَها ونسبها إلى أبيها الذهبيُّ في «تجريده» إلى النوويِّ، وكذا سمَّاها بعض حفَّاظ العصر، قال: رُوِّيناه في الجزء التاسع من «حديث قتيبة» جمعَ سعيد العيَّار، قال: وكذا ضبطه ابن نقطة _ أباها_ بغين معجمة وفاء، وعزاه لابن سعد، وذكر أنَّه وجده كذلك بخطِّ أبي الفضل بن ناصر الحافظ، انتهى.

قوله: (ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ): قال بعضهم: قيل: مدرج من الراوي، انتهى.

قوله: (فَإِنْ بَدَا لَهُ): (بدا) غير مهموز؛ بمعنى: ظهر له.

(1/8891)

[{وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}]

قوله: ({وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ} [الطلاق: 4]: وَاحِدَتُها: ذَاتُ حَمْلٍ)؛ يعني: أنَّ المفرد من غير اللفظ، وله نظائرُ.

==========

[ج 2 ص 356]

(1/8892)

[حديث: أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة]

4909# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو ابن عبد الرَّحمن النَّحْويُّ، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى الصَّنعة المعروفة، كذا قال ابن الأثير، وقال ابن أبي داود وغيره: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النحْويُّ، لا شيبان النحْويُّ هذا، وقد تَقَدَّم ذلك مرَّات، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد الأنصاريُّ قاضي السَّفَّاح، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ): هذا الرجل لا أعر ف اسمه.

قوله: (أَفْتِنِي): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (آخِرَ الأَجَلَيْنِ): (آخرَ): بالنصب؛ أي: تعتدُّ بآخر الأجلين، ويجوز الرفع؛ أي: عدَّتُها آخرُ الأجلين، و (آخر الأجلين)؛ يعني: إن كانت حاملًا فوضعت قبل أربعة أشهر وعشرة أيام؛ فتَرَبَّصُ إلى أربعة أشهر وعشرة أيام، وإلَّا؛ فبوضعِ الحمل، والله أعلم.

قوله: (إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة، المخزوميَّة أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها آخر الأزواج موتًا، تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، وقُتِل الحسين يوم عاشوراء سنة إحدى وستِّين.

قوله: (قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ): تَقَدَّم أنَّ زوجها سعد بن خولة، وتَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه تُوُفِّيَ بمَكَّة، ولم يُقتَل، قال شيخنا: وقع هنا أنَّ زوج سُبَيعة قُتِل، وهو المراد بباقي الروايات: (مات)، انتهى، وفي هذا نظر، والله أعلم، و (سُبَيْعَة): تَقَدَّمتُ أنَّها بنت الحارث الأسلميَّة، ووَضَعت بعد وفاته بليالٍ، قيل: أربعين؛ وهذا هنا، وقيل: بخمسٍ وثلاثين يومًا، وقيل: بشهرٍ، وقيل: بخمس وعشرين، وقيل: عشرين ليلة، وقيل: بنصف شهر، وبخمس عشرة ليلة، وهما واحد، وقال شيخنا بعد أن حكى (عشرين ليلةً) مع غيره قال: وأخرجها أجمعَ عبدُ بن حميد وابن مردويه وابن جرير في «تفاسيرهم»، انتهى.

تنبيه: في «الاستيعاب» عن ابن جُرَيج: أنَّ زوجها المتوفَّى عنها: أبو البدَّاح بن عاصم، وهذا وَهَمٌ، ذكر ذلك في (أبي البدَّاح).

[ج 2 ص 356]

(1/8893)

قوله: (فَخُطِبَتْ): هو بضمِّ الخاء المعجمة، وكسر الطاء، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا): (أبو السَّنَابِل): بفتح السين المهملة، وبعدها نون مخفَّفة، وبعد الألف مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ لام، وهو ابن بَعْكَك؛ بفتح الموحَّدة، ثُمَّ عين مهملة ساكنة، ثُمَّ كافين الأولى مفتوحة، مصروف، وبَعْكَك: هو ابن الحجَّاج بن الحارث ابن السباق بن عبد الدار، كذا نسبه ابن الكلبيِّ وابن عبد البَرِّ، وقيل في نسبه غيرُ هذا، واسمه عمرو، وقيل: حبَّة؛ بالموحَّدة المشدَّدة، ويقال: بالنون المشدَّدة، ولا يَصِحُّ، وقيل: بعكك، وقيل: اسمه كنيته، وقيل: عامر، وقيل: أصرم، وقيل: بَغِيض، وقيل: لبيد بن عبد ربِّه، وقيل: اسمه عبد الله، وقال التِّرْمِذيُّ في «جامعه»: قال محمَّد _يعني: البُخاريُّ_: لا أعرف أبا السنابل عاش بعد النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وفي (حرف اللام) من «تجريد الذهبيِّ»: أنَّ الدارقطنيَّ سمَّاه لندرته، وقال شيخنا: وادَّعى ابن عسكر أنَّ أبا السنابل عبدُ الله بن عامر بن كريز القرشيُّ، انتهى، أسلم أبو السنابل يوم الفتح، وكان من المؤلَّفة، وكان شاعرًا، سكن الكوفة، وقد تَقَدَّم غير هذه المرَّة.

قوله: (فِيمَنْ خَطَبَهَا): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: في «الأُسْد» لابن الأثير: عن أمِّ سلمة: (فخطبها كهلٌ وشابٌّ)، انتهى، أمَّا الكهلُ؛ فهو أبو السنابل، كذا ذكره الطبرانيُّ في «الأوسط» في (أحمد بن محمَّد بن نافع)، وأمَّا الشابُّ؛ فهو أبو البشر بن الحارث، كذا نقله ابن بشكوال عن ابن وضَّاح، قال: ولم أرَ لهذا ذكرًا في الصَّحابة، وذكره في «الأُسْد» فقال: أبو البشر بن الحارث، من بني عبد الدار، هو الشابُّ الذي خطب سُبَيعة، قاله ابن وضَّاح، ورواه ابن الدبَّاغ عن أبي محمَّد بن عتَّاب، وضبطه بالشين المعجمة بعد الباء الموحَّدة، انتهى ملخَّصًا، وكذا قال الذهبيُّ في «تجريده»: أبو بشر بن الحارث العبدريُّ، خطب سُبَيعة، قاله ابن الدبَّاغ، انتهى.

(1/8894)

[معلق ابن مسعود: كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى]

4910# قوله: (وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ محمَّدٍ قَالَ: كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ): أمَّا (سليمان بن حرب)؛ فهو أبو أيُّوب الواشحيُّ البصريُّ، قاضي مَكَّة، عن شعبة وجرير بن حازم، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والكجِّيُّ، وأبو خليفة، قال أبو حاتم: إمام من الأئمَّة، لا يُدَلِّس، ويتكلَّم في الرجال والفقه، لعلَّه أكبر من عفَّان، ما رأيت في يده كتابًا قطُّ، حُزِرَ مجلسه ببغداد بأربعين ألفًا، تُوُفِّيَ سنة (224 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم ولكن بعد العهد به، وأمَّا (أبو النُّعمان)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل عارمٌ، السدوسيُّ الحافظ، شيخ البُخاريِّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّختياني، و (محمَّد) بعده: هو ابن سيرين أحد الأعلام.

ثم اعلم أنَّ هذا التعليق مجزوم به عن شيخيه؛ وهما سليمان بن حرب وعارم، وقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسند إليه القول شيخَه _ كهذا_؛ يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأنَّه كـ (حدثنا)، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ وكذا الذهبيُّ تعليقًا.

تنبيه: هذا التعليق لم يذكره المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة مالك بن عامر أبي عطيَّة الهمْدانيِّ عن ابن مسعود، إنَّما عزاه للنَّسائيِّ، ورأيت في حاشية نسختي من «الأطراف» بخطِّ بعض الأئِمَّة من المحدِّثين الدَّماشقة من أصحابنا ممَّن سمع بقراءتي، وسمعت بقراءته، وصحبْتُه بحلبَ ودمشقَ والقاهرةِ ما لفظه: حاشية بخطِّ ابن كَثِير _يعني: العلَّامة الحافظ عماد الدين إسماعيل بن كَثِير الشافعيَّ_: ورواه البُخاريُّ في (التفسير) _يعني: هذا المكان_ مُعلَّقًا، فقال: (وقال سليمان بن حرب، وأبو النعمان حدَّثنا حمَّاد بن زيد عن أيُّوب عن محمَّد هو ابن سيرين)؛ فذكره، انتهت الحاشية.

قوله: (فِي حَلْقَةٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان اللَّام وتُفتَح.

قوله: (فَذَكَرَ آخِرَ الأَجَلَيْنِ): تَقَدَّم قريبًا ما هو.

قوله: (فَحَدَّثْتُ): هو بفتح الحاء، والدَّال المُشدَّدة، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة.

(1/8895)

قوله: (فَضَمَّن [1] لِي): كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (فضمِن لي بعضُ أصحابه): كذا للقابسيِّ، وعند أبي الهيثم: (فضمز لي)؛ بزاي، وعند الأصيليِّ: (فضمَّن)؛ بتشديد الميم ونون، وللباقين: (فضمِن)؛ بالتخفيف والكسر، هذا كلُّه غيرُ مفهومِ المعنى، وأشبهها رواية أبي الهيثم بالزَّاي، لكنْ مع تشديد الميم وزيادة نون وياء (فضمَّزَني)؛ أي: أسكتني، يُقَال: ضمز: سكت، وضمَّز غيرَه، وفي رواية ابن السَّكن: (فضمَّن)، وفي رواية أخرى: (فغمَّض)، فإن صحَّت؛ فمعناه: من يُغمِض عينيه، كذا على السُّكون، انتهى، ورأيت في نسخة من أصولي على الهامش ما لفظه: قال شيخنا أبو الفضل بن ناصر رحمه الله: (فضمَّتني)، انتهت، وقال ابن الأثير في (ضمز) فذكر هذا المكان: (اختُلِف في ضبط هذه اللَّفظة، فقيل: هي بالضَّاد والزَّاي من ضمز؛ إذا سكت، وضمَّز غيرَه؛ إذا أسكته، ورُوِي بدل اللَّامِ نونًا؛ أي: أسكتني، وهو أشبه، ورُوِيت بالرَّاء والنُّون، والأوَّل أشبهها، انتهى.

قوله: (بَعْضُ أَصْحَابِهِ): الذي ضمَّز محمَّدًا لا أعرفه.

قوله: (فَفَطنْتُ لَهُ): هو بفتح الطَّاء وكسرها في أصلنا، وعليها (معًا)، وكذا في أصل آخر، واقتصر الجوهريُّ على الفتح.

قوله: (لَجَرِيءٌ): هو مهموز الآخر، مِنَ الجُرْأَةِ.

قوله: (لَكِنَّ عَمَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلكَ [2]): (عمُّه): عبد الله بن مسعود بن غافل الهذليُّ الصَّحابيُّ المشهور، و (عَبْدُ اللهِ بنُ عُتْبَةَ): هو عبد الله بن عتبة بن مسعود بن غافل، فعبد الله بن مسعود عمُّ عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهذا ظاهرٌ عند أهله، والله أعلم، قال شيخنا: وهذا اختلاف من قوله، لكنَّه رجع إلى قول مالك بن عامر، انتهى.

هذا هو (مالك بن عامر) أبو عطيَّة الوادعيُّ الهمْدانيُّ الكوفيُّ، ويقال: ابن أبي عامر، ويقال: ابن حمزة، وقيل: ابن أبي حمزة، وقيل: اسمه عمرو بن جندب، وقيل: هما اثنان، عن ابن مسعود، وعائشة، وأبي موسى، وغيرِهم، وعنه: محمَّد بن سيرين، وعُمارة بن عُمَير، وأبو إسحاق السَّبِيعيُّ، وحُصين بن عبد الرَّحمن، والأعمش، وجماعة، وثَّقه ابن معين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

تنبيه: لهم أبو عطيَّة عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه لا يُدرَى مَن هو، روى عنه بديل بن ميسرة، أخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

(1/8896)

قوله: (فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ): تَقَدَّمتُ ترجمته أعلاه؛ فانظرها.

قوله: (لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى): (سورة النِّساء القصرى): تَقَدَّم في (البقرة) أنَّها (الطَّلاق)، و (الطُّولى): هي (البقرة)؛ لذكر العدَّة فيها، وقال شيخنا عن مقاتل: (إنَّها سورة النِّساء الصُّغرى)، و (الصُّغرى)؛ يعني: الطَّلاق، ونقل عن الدَّاوديِّ ما لفظه: وقوله: (القصرى): لا أُرَاه محفوظًا عنه، ولا يقال في سورة من القرآن:

[ج 2 ص 357]

قُصْرى ولا صُغْرى، وإنَّما يقال: صغيرة، انتهى.

تنبيه: كذا جعله ابن مسعود على النَّسْخ، والجمهور على التخصيص، وخصَّصوا الآية بحديث سُبَيعةَ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (فضمَّز).

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ذاك).

(1/8897)

(((66))) [سورة المتحرم]

(1/8898)

[{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك}]

(1/8899)

[حديث: أن ابن عبَّاس قال في الحرام: يكفر]

4911# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا إلَّا أنِّي رأيت مِن المبتدئين مَن يضمُّ الفاء، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله أبو بكر الدَّستوائيُّ الحافظ تَقَدَّم، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، تقدَّم، و (ابْن حَكِيم)؛ بفتح الحاء وكسر الكاف: هو يعلى، ثِقةٌ مشهور، أخرج له الجماعة إلَّا التِّرْمِذيَّ.

قوله: (يُكفِّرُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الفاء، كذا في أصلنا؛ أي: يكفِّر فيه الحالف، وفي أصل آخر: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، بالقلم كلاهما، وقال بعضهم: (في الحرام: يُكفِّر)، كذا لجمعهم؛ بكسر الفاء، وعند ابن السَّكن: (يمينٌ تكفَّر)؛ بفتح الفاء، وزيادة: (يمين).

قوله: ({أسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]): تَقَدَّم أنَّ (الأُسوة) بضمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان، وهما قراءتان في السَّبع.

==========

[ج 2 ص 358]

(1/8900)

[حديث: لا ولكني كنت أشرب عسلًا عند زينب]

4912# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أحد الأعلام، و (عَطَاء) بعده: هو ابن أبي رَباح.

قوله: (كَانَ [1] يَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحِشٍ وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَتَوَاصَيْتُ [2] أَنَا وَحَفْصَةُ): كذا هنا، وهذا هو الأصحُّ، وسيأتي أيضًا في (الطَّلاق)، ويأتي فيما يليه: أنَّ شربَ العسل كان عند حفصةَ، وسأذكر إن شاء الله تعالى الكلام [على] ذلك، وأذكر أنَّ الآية نزلت في شرب العسل على الصحيح، لا في قصَّة ماريَّة، كما هو خارجَ «الصَّحيحين»؛ فانظره، والله أعلم.

قوله: (فَتَوَاطيتُ [3] أَنَا وَحَفْصَة): كذا في أصلنا، وأصله الهمز؛ أي: توافقت، وفي أصلنا أيضًا: (فتواطَيت)، وكُتِبَ عليه همزةٌ، وفوقها سكون، وكُتِب عليها (معًا)، وفي ذلك نظر، وكان ينبغي أن يُكتَب في الهامش: (فتواطَأْت)، ويُكتَب عليها (خ)، وابن قُرقُول لم يذكر إلَّا (تواطيت)، ثُمَّ قال: توافقتا، وأصله الهمز، انتهى.

قوله: (أَكَلْتَ مَغَافِيْرَ): (المَغَافِيْر): بفتح الميم، وبالغين المعجمة، وبعد الألف فاءٌ مكسورةٌ، وبعدها مثنَّاة تحتُ ساكنة، ثُمَّ راءٌ، قال ابن قُرقُول: وهو شبْه الصَّمغ يكون في أصل الرِّمْث، فيه حلاوة، والتفسير صحيح في الأمِّ وفي رواية الجرجانيِّ، والميم فيه زائدة، وأصليَّة عند آخرين، قال ابن دريد: واحدها: مُغْفور، وهو ما جاء على (فُعْلُول) موضع الفاء ميم [4]، وقال غيره: ليس في الكلام (فُعْلُول) _ بالضمِّ_ سوى مُغْفُور، ومُغْرُود؛ لضربٍ من الكَمْأة، ومُنْخُور، ويقال للواحد أيضًا: مُغْفِر، ومِغْفَار، وهي المغاثير أيضًا، حكاه الفرَّاء، ووقع في الأصول: (مغافر)؛ بغير ياء، والأوَّل أصوب، وكأنَّ الواحدَ مُغْفِر؛ بغير ياء، وفي «النِّهاية»: (مغافير): واحدها: مُغْفُور؛ بالضَّمِّ وله ريح كريهة مُنكَرة، ويقال أيضًا: المغاثير؛ بالثاء المثلَّثة، وهذا البناء قليل في العربيَّة لم يَرِدْ منه إلَّا مُغْفُور، ومُنْخُور: للمِنْخَر، ومُغْرُود؛ لضربِ من الكَمْأة، ومُغْلُوق؛ واحد المغاليق، انتهى، وقال شيخنا: ووقع للمُهلَّب: أنَّ رائحة العُرْفُط والمغافير حسنة، وذكره ابن بطَّال في (النِّكاح) أيضًا، وهو خلاف ما يتضمَّنه الحديث واللُّغة.

(1/8901)

قوله: (لاَ تُخْبِرِي بِذَلِكِ أَحَدًا): (ذلكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/8902)

[{تبتغي مرضات أزواجك قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}]

(1/8903)

[حديث: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة]

4913# قوله: (عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد الأنصاريُّ القاضي تَقَدَّم، و (عُبيد بن حُنَين): بضمِّ الحاء المهملة، وفتح النُّون، كـ (حنين): اسم المكان الذي كانت به غزوة حنين، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

قوله: (أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ): الآية التي كان ابن عبَّاس يريد أن يسأل عمر بن الخَطَّاب عنها هي قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ... }؛ الآية [التحريم: 4].

قوله: (عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ): قال ابن قُرقُول: («الأراك»: شجر مجتمع يُستظَلُّ به، وقيل: هو من نَمِرة؛ موضع من عرفة، يقال لذلك الموضع: نَمِرة، وقيل: هو من مواقف عرفة، بعضه من جهة الشَّام، وبعضه من جهة اليمن)، انتهى، وقال شيخنا في «شرح المنهاج» له عن ابن الحاجِّ المالكيِّ: إنَّ الأراك من نَمِرة بقرب عرفات، وهو أفضل منازل عرفة، انتهى، وهذا ذكره عند قوله في «المنهاج»: (بل يقيمون بنَمِرة بقرب عرفات حتَّى نزول الشمس)، وكلام ابنِ الحاجِّ موافقٌ لكلام ابن قُرقُول في قوله: (وقيل: هو من نمرة)، وأمَّا قول ابن قُرقُول: (في موضع من عرفة)؛ الصَّحيح الذي قاله الأكثرون أنَّه بقرب عرفة، وقال صاحب «الشامل» من الشافعيَّة _وهو ابن الصَّبَّاغ_: إنَّه من عرفات، وهذا يوافق قول ابن قُرقُول، والله أعلم، وسيأتي أنَّه سأل بمرِّ الظَّهران، وسأذكر قريبًا الجوابَ عنه.

قوله: (تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أي: تعاوَنتا، وسيجيء من كلام البُخاريِّ في هذه السُّورة: ({يُظَاهِرُونَ} [المجادلة: 2]: يعاونون).

قوله: (إِنْ كُنَّا): (إن): بكسر الهمزة وإسكان النُّون، نافية بمعنى: (ما)، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَتَأَمَّرُهُ): هو بتشديد الميم المفتوحة، ومعنى (تأمَّر): تسلَّط، ولعلَّ _والله أعلم_ معنى كلامه: أتسلَّط عليه بالفكر أو بغير ذلك.

(1/8904)

قوله: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتِي): امرأة عمر بن الخَطَّاب هذه تَقَدَّم أنِّي لا أعرفها، والظاهر أنَّها ليست أنصاريَّة، وامرأته: زينب بنت مظعون أمُّ عبد الله وحفصةَ تُوُفِّيَت بمَكَّة، وجميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح أوسيَّة، وأمُّ كلثوم بنت جرول بن مالك بن المُسَيَّب بن ربيعة بن أصرم، الخزاعيَّة أمُّ عبيد الله بن عمر، والله أعلم، وعُبيد الله ولدها وُلِد على عهده عَلَيهِ السَّلام، ولا تُحفَظ روايةٌ عنه ولا سماعٌ منه، وكان من أنجاد قريش وفرسانهم، وجزم بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين بأنَّها زينب بنت مظعون، وفيه النَّظر الذي قدَّمتُه.

قوله: (مَا لَكِ): هو بكسر الكاف، وهذا ظاهرٌ، وكذا (تَكَلُّفُكِ).

قوله: (وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ابنته هي حفصة أمُّ المؤمنين، وهذا ظاهرٌ، وستأتي مُسمَّاةً.

قوله: (فَأَخَذَ رِدَاءَهُ): (الرِّداء): تَقَدَّم ما هو، وهو معروف، وما كان على أعالي البدن؛ فهو رداء، وما كان على أسافله؛ فهو إزار.

قوله: (تَعْلَمِينَ): هو بإسكان العين في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (تعَلَّمين)، و (تعَلَّمي)، و (تعَلَّم سورة كذا): بفتح العين؛ يعني: وتشديد اللَّام ... إلى أن قال: كلُّ هذا بمعنى: اعلموا، فإن كان ابن قُرقُول أشار بقوله: (تعَلَّمين) إلى هذا الحديث؛ فذاك، وإن كان أشار إلى حديث صاحبة المزادتين؛ فهذا مثله لا فرقَ، والله أعلم.

قوله: (أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا): (حسنُها): بالرَّفع فاعل، والضَّمير في (أعجب): مفعول منصوب.

قوله: (حُبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو مرفوع، وهو بضمِّ الحاء مُشدَّد الموحَّدة، وهو بدل من (حسنُها)، كذا هو مرفوع في أصلنا وفي أصل آخرَ صحيحٍ، وقال شيخنا الإمام أبو جعفر الأندلسيُّ: إنَّه محذوف حرف العطف؛ أي: وحُبُّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فيكون معطوفًا على الفاعل، وقال شيخنا الشَّارح: (حسنُها)؛ بالرَّفع، وكذا (حُبُّ)، وقال الدِّمْياطيُّ

[ج 2 ص 358]

(1/8905)

بخطِّه في (حبُّ): (كذا، وقال ابن التِّين: «حسنُها»: بالضمِّ؛ لأنَّه فاعل، و «حُبَّ»: بالنَّصب؛ لأنَّه مفعول من أجله، وسيأتي عن ابن التِّين أيضًا العكس؛ أي: أعجبها حسنها؛ لأجل حبِّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إيَّاها)، انتهى، وهنا في النُّسخة من «شرح شيخنا» سَقَم، وقال شيخنا أيضًا في (باب حبِّ الرجل بعضَ نسائه أفضلَ من بعض): هو بفتح النُّون من (حسن)؛ لأنَّه مفعول من أجله، و (حبُّ): فاعل؛ تقديره: أعجبها حبُّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إيَّاها؛ لأجل حسنها، وقيل: إنَّه مرفوع؛ كالحبِّ ... إلى آخر كلامه، وذكره عن ابن التِّين، انتهى، وقد تَقَدَّم ما يخالفه عنه، ولعلَّه من سقم النُّسخة بـ «الشَّرح»، وسأذكره في الباب المشار إليه إن شاء الله تعالى، وقال بعضهم: قال أبو القاسم بن الأبرش: حذف العاطف _أي: وحُبُّ_ تُؤيِّده روايةُ مسلم بالواو، وقال السُّهيليُّ في «نتائج الفكر»: بلغني عن بعض مشايخنا الجلَّة أنَّه جعله من حذف العاطف، وبلغ الاستحسان بالسامعين لذلك إلى أن علَّقوه في الحواشي من كتاب «الصحيح»، وليس كذلك، وإنَّما يرتفع على البدل من الفاعل في (يغرنَّك)؛ أي: هذه بدل اشتمال، انتهى، فعلى هذا هو مرفوع، وهو ما حكاه القاضي عن قوم من النُّحاة، قال: وضبطه بعضُهم بالنصب على إعدام الخافض، وقال في موضعٍ آخرَ: عطف بيان، أو بدل اشتمال، أو على حذف العاطف.

قوله: (حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا): (أمُّ سلمة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ بنِ المغيرة، المخزوميَّة أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، وتَقَدَّمت وفاتها، والقرابة التي بين عمر بن الخَطَّاب وبين أمِّ سلمةَ هي بنت عمِّ أمِّه، وبيانه: أنَّ أمَّ عمر حنتمة بنت هاشم بن المغيرة على الصحيح، ويقال: بنت هشام بن المغيرة، فعلى كلِّ تقدير؛ هي بنت عمِّ أمِّه، وقد قدَّمتُ نسب أمِّ عمر في (مناقبه)، والله أعلم.

(1/8906)

قوله: (وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الأنصاريُّ: تَقَدَّم أنَّ ابن بشكوال ذكر هذا الحديث، وفيه: (كان لي أخ من الأنصار ... )؛ الحديث، قال: قال أبو عمر: الذي آخى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بينه وبين عمِّي عِتبانُ بن مالك الأنصاريُّ، وقيل: أوس بن خَوليٍّ الأنصاريُّ، أتى ذلك في حديث مِن رواية خلف بن قاسم، فيه طول، وذكر الملِك، وقال: هو الحارث بن أبي شمر، وقد جاء في موضع آخرَ أنَّه جَبَلة بن الأيهم، ورُوِي مُسنَدًا، وهو في «الصَّحابة» للعثمانيِّ: (كان مؤاخيًا لأوس بن خوليٍّ)، وفيه: (فقال عمر: لعلَّ الحارث بن أبي شمر صار إلينا)، انتهى، وقال بعض حفَّاظ العصر: هو جبلة بن الأيهم، رواه الطَّبرانيُّ في «الأوسط»، وفي «سيرة ابن سيِّد النَّاس» في (المؤاخاة) عن ابن إسحاق قال: وعمر بن الخَطَّاب وعِتبان بن مالك أَخَوَينِ، انتهى، وقد قدَّمتُ ما قِيل في ذلك في أوائل هذا التعليق.

قوله: (وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه ضمن كلام ابن بشكوال قولٌ في أخي عمر: الأنصاريُّ، و (غسَّان): تَقَدَّم أنَّه حيٌّ من قحطان، وهذا معروف.

قوله: (ذُكِرَ لَنَا): (ذُكر): بضمِّ الذَّال، وكسر الكاف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَإِذَا صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

قوله: (اعْتَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْوَاجَهُ)، وفي بعض طرقه: (طلَّق)، وقد تَقَدَّم، وسيجيء بعيد حديث أمِّ زرعٍ في (النِّكاح)، والمذكور هنا هو الصواب، والله أعلم.

قوله: (رَغمَ أَنْفُ حَفْصَةَ): (رغم): بفتح الغين وكسرها.

قوله: (فِي مَشْرُبَةٍ): تَقَدَّم ضبطها، وما هي، وما فيها من اللُّغات.

قوله: (يَرْقَى عَلَيْهَا): (يَرقى): بفتح أوَّله معتلٌّ.

قوله: (بِعَجَلَةٍ): هي بفتح العين والجيم واللَّام، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي جذع يُعرَض فيه فروض؛ كالدَّرَج يُرتقَى عليه.

قوله: (وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ): هذا الغلام يقال له: رَباح؛ بفتح الراء، وبالموحَّدة، وكذا جاء مُسمًّى في بعض طرق «الصحيح»، وقد تَقَدَّم.

(1/8907)

قوله: (فَأَذِنَ لِي): هو بفتح الهمزة، وكسر الذَّال، مبنيٌّ للفاعل، وهذا مختصر من حديث مُطوَّل، وإنَّما أذن له بعد أن استأذن مرَّة، ومرَّتين، وثلاثًا، وكذا تَقَدَّم في (باب الغرفة والعليَّة)، وكذا هو في (باب موعظة الرجل ابنته بحال زوجها).

قوله: (قَرَظًا مَصْبُورًا): قال الدِّمْياطيُّ: (القرظ: ورق السَّلم الذي يُدبَغ به، والمصبور: المجموع) انتهى، وفي «المطالع»: («مصبوب»: كذا للقابسيِّ، ولغيره: (مصبور)، وهو الأشهر في هذا الحديث)، انتهى، و (المصبور)؛ بالصَّاد المهملة: المجموع، كما تَقَدَّم، ووقع في بعض الأصول: بالمعجمة أيضًا، قال النَّوويُّ: (وكلاهما صحيح)، انتهى، وأمَّا (مَصبوب)؛ فقال الجوهريُّ: قال أبو عبيد: الصَّبيب: ماء ورق السِّمسم أو غيره من نبات الأرض، وقال الدِّينوريُّ: الصَّبيبُ: شجرة تُشبِه السذابَ تُطبَخ، فيُؤخَذ عصيرها، فيُعالَج به الخِضَاب، وهو ممَّا يختَضِب به الشُّيوخُ، انتهى ما في حاشية أصلنا، وما نقله عن الجوهريِّ رأيته، وما نقله عن الدِّينوريِّ لم أره، والذي يظهر لي أنَّ (مصبوبًا) معناه: مسكوب، والله أعلم، أمَّا قول الشيخ محيي الدين: (إنَّه بالمعجمة) صحيحٌ؛ فمعنى (مضبوب) _ بالمعجمة_؛ أي: مُلصَق بالأرض، والله أعلم.

قوله: (أُهب مُعَلَّقَةٌ): (الأُهُب): بفتح الهمزة والهاء وضمِّهِما، معروف، وهو الجلد، وقيل: إنَّما يقال للجلد: إهاب قبل الدَّبغ، فأمَّا بعده؛ فلا، وقد تَقَدَّم أنَّه يقال: أُهُب وأَهَب: بضمِّهما وفتحهما.

قوله: (إِنَّ كِسْرَى): تَقَدَّم أنَّه بكسر الكاف وفتحها، وتَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (وَقَيْصَرَ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في أوَّل هذا التعليق.

(1/8908)

[{وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثًا ... }]

(1/8909)

[حديث: أردت أن أسأل عمر فقلت: يا أمير المؤمنين من المرأتان]

4914# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الإمام الحافظ، تَقَدَّم مِرارًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، تَقَدَّم مِرارًا، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا.

==========

[ج 2 ص 359]

(1/8910)

[{إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما}]

قوله: (صَغَوْتُ وَأَصْغَيْتُ: مِلْتُ): قال الجوهريُّ: (صَغَا يَصْغُو ويَصْغِي؛ أي: مال، وكذلك صَغِيَ؛ بالكسر، يَصْغَى صَغًا، وصُيّغًا ... ) إلى أن قال: (وأصغيتَ إلى فلان؛ إذا ملت بسمعك نحوه).

==========

[ج 2 ص 359]

(1/8911)

[حديث: أردت أن أسأل عمر عن المرأتين اللتان تظاهرتا]

4915# قوله: (فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرَانَ): وفي نسخة: (بمرِّ الظهران)، تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه الذي تسمِّيه العامَّة: بطن مرو، وأنَّه على بريد من مَكَّة من جهة الشام، وقال ابن وضَّاح: على أحدٍ وعشرين ميلًا، وقيل: على ستَّةَ عشرَ، وقد تَقَدَّم قريبًا: (عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ)، (وَعَدَلْتُ مَعَهُ)، (فَسَأَلَهُ في الأَرَاكِ)، وتَقَدَّم أين الأراك قريبًا، فعلى ما تَقَدَّم؛ يكون سأله مرَّتين، مرَّة بالأراك، ومرَّة بمرِّ الظهران، وفيه بُعْد زائد مع ما تَقَدَّم من هيبة عمر، أو يكون سأله في الأراك؛ أي: ابتدأ سؤاله، ولم يكلِّمْه، وأكمله بمرِّ الظهران، فأجابه به، أو أنَّ الأراك في اللُّغة كما تَقَدَّم، فسأله بمرِّ الظهران بمكان فيه أراك، أو نحو ذلك من الأجوبة، والله أعلم، والذي يظهر في الجواب: أنَّ (الأراك) الشجرُ المجتمعُ، فسأله بمكانٍ فيه شجرٌ مجتمعٌ، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ: أَدْرِكْنِي): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (بِالْوَضُوءِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الواو الماء، وأنَّه يجوز ضمُّه، مُطوَّلًا.

[ج 2 ص 359]

قوله: (فَأَدْرَكْتُهُ بِالإِدَاوَةِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها بكسر الهمزة، وبالدال المهملة، وبعد الألف واو مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، إناء صغير من جلد يُتَّخذ للماء؛ كالسطيحة ونحوها، وجمعها: أداوَى.

(1/8912)

[{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن ... }]

(1/8913)

[حديث: اجتمع نساء النبي في الغيرة عليه]

4916# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ [1] بْنُ عَوْنٍ): كذا في أصلنا، وصوابه: عَمرو بن عون؛ بفتح العين، وزيادة واو، و (هُشَيْمٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بشير، و (حُمَيْد) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حميد بن تير _ويقال: تيرويه، وقيل غير ذلك_ الطويل، لا حميد بن هلال، وتَقَدَّم أنَّ الثاني ليس له في «البُخاريِّ» سوى حديثين ذكرتهما مرارًا ليس هذا منهما، والله أعلم.

قوله: (اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): نساؤه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم هنَّ تسعٌ، وقد [2] قدَّمتُهنَّ مع مَن قيل: إنَّه عَلَيهِ السَّلام عقد عليها أو خطبها ولم يتَّفق له نكاحُها، في أوائل هذا التعليق، وزوجاته اللَّاتي تُوُفِّيَ عنهنَّ معروفاتٌ رضي الله عنهنَّ.

(1/8914)

(((67))) (سُورَة المُلْكِ) ... إلى ({والضُّحَى})

قوله: (وَالتَّفَاوُتُ وَالتَّفَوُّتُ وَاحِدٌ): هما قراءتان في السبع، قرأ حمزة والكسائيُّ: التَّفوُّت، وقرأ الباقون: بالألف، وقوله: (التَّفَاوُتُ: الاخْتِلَافُ)، وقيل: الاعوجاج والتناقُض، والتفاوت والتفوُّت بمعنًى؛ كالتعهُّد والتعاهد، قال في «القاموس»: وتفاوت الشيئان: تباعد ما بينهما تفاوتًا؛ مثلَّثة الواو ... إلى أن قال: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحمن مِنْ تَفوُّتٍ} [الملك: 3]؛ أي: عيب، يقول الناظر: لو كان كذا؛ لكان أحسن، وكأنَّ التفاوت والتفوُّت واحد من حيث المعنى؛ لأنَّ التفاوت: التَّباعد، والتفوُّت: العيب، وهو تباعد ما بينه وبين السَّليم، فبهذا يظهر أنَّهما واحدٌ على ما قالا، والله أعلم.

قوله: ({تَدَّعُونَ} [الملك: 27]، {تَدْعُونَ}): الأولى: متواترة؛ بتشديد الدال المهملة المفتوحة، والثانية: بإسكان الدال، وهي قراءة يعقوب، وهي في العشرة، ويعقوب: هو ابن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرميُّ مولاهم، البصريُّ، أبو محمَّد المقرئ النَّحويُّ، أحد الأئِمَّة الأعلام، عن جدِّه زيد، وشعبة، وحمَّاد بن سلمة، وجماعة، وعنه: آخرون، قال أحمد وأبو حاتم: صدوق، وقيل: مات في ذي الحجَّة سنة خمس ومئتين، أخرج له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ في «الشَّمائل»، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

قوله: (مِثْلُ: {تَذَّكَّرُونَ} [الأنعام: 152] وَتَذْكُرُونَ)؛ يعني: بالتشديد والتخفيف؛ كلاهما بالمثنَّاة فوق، وقد قرأ حفصٌ، وحمزة، والكسائيُّ: {تذَكَّرون}؛ بتخفيف الذال حيث وقع إذا كان بالمثنَّاة فوق، والباقون: بتشديدها، والله أعلم.

تنبيه: نقل البغويُّ في أوَّل تفسيره الاتِّفاقَ على جواز القراءة بقراءة يعقوب وأبي جعفر؛ لشهرتهما، انتهى.

(1/8915)

تنبيه آخر: في القراءة الشاذَّة: قال النَّوويُّ: وقُرِئ بالقراءات السبع، ويصحُّ بالقراءة الشاذَّة إن لم يكن فيها تغيير معنًى، ولا زيادة حرف ولا نقصانه، وقال في «شرح المُهذَّب»: (إنَّه لا يجوز في صلاة ولا في غيرها)، وفي «فتاوى موهوب الجزريِّ»: (إنَّ القراءة بالشاذِّ جائز مطلقًا إلَّا في الفاتحة للمصلِّي، وذكر ابن الحميريِّ المصريُّ في «فتاويه» نحوه أيضًا، إلَّا أنَّه أطلق المنع في الصلاة)، انتهى، والذي أعرفه تحريم القراءة بالشواذِّ مطلقًا في الصلاة، وغيرها، غير إن كان في الصلاة، فإن زاد حرفًا، أو نقص حرفًا، أو غيَّر معنًى؛ بطلت، وقد أطبق علماء بغداد على المنع من القراءة بالشواذِّ في قصَّة ابن شُنبوذ، وقد ذكر هذا غيرُ واحد من العلماء، والله أعلم.

قوله: ({صَافَّاتٍ} [الملك: 19]: بَسْطُ أَجْنِحَتِهِنَّ): (بَسْط): بفتح الموحَّدة، وإسكان السين، وبالطاء المهملتين، و (أجنحتهنَّ): مجرور بالإضافة، وفي نسخة أخرى: (بُسُطٌ أجنحتُهنُّ)؛ بضمِّ باء (بُسُط) وسينها، وتنوين الطاء؛ مرفوعة، و (أجنحتهنَّ): مرفوع أيضًا، وهذا كلُّه ظاهر.

قوله: ({وَنُفُورٍ} [الملك: 21]: الْكُفُورُ): هو بضمِّ الكاف في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: بفتحها، و (الكَفور): بالفتح معروف، وبالضمِّ، قال الجوهريُّ: والكفر أيضًا: جحود النعمة، وهو ضدُّ الشُّكر، وقد كَفره كُفورًا وكُفرانًا، قال تعالى: {إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ} [القصص: 48]؛ أي: جاحدون، وقوله تعالى: {فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} [الإسراء: 99]، قال الأخفش: (الكُفر) مثل: بُرد وبرود.

==========

[ج 2 ص 360]

(1/8916)

(((68))) [{ن والقلم}]

قوله: ({عَلَى حَرْدٍ} [القلم: 25]: عَلَى [1] جِدٍّ فِي أَنْفُسِهِمْ): (جِدٍّ): بكسر الجيم، وتشديد الدال المهملة، كذا في أصلنا، وكذا رأيته في نسخة الدِّمْياطيِّ، وكذا أخرى صحيحة، وقال شيخنا الشارح: و (الجِدُّ)؛ بالكسر: الاجتهاد، وفي الأمِّ: ولِنقيض الهزل، وربَّما ضُبِط بالفتح، انتهى، وقال ابن قُرقُول في (الجيم والدَّال المهملة): («عَلَى حَرْدٍ»؛ أي: قَصْدٍ، وهو قول الفرَّاء، كذا رواه الأصيليُّ، وعند غيره: أي: جِدٍّ؛ يعني: في المنع)، انتهى، وقال الهرويُّ في «غَريبَيه»: (أي: جِدٍّ في المنع، من قولك: حاردتِ السَّنةُ؛ أي: منعتْ قَطْرها، وحاردتِ الإبل؛ أي: منعت ألبانها، قال: وقيل: حَرْد؛ أي: غَضَب)، انتهى، وقال ابن عبد السَّلام: ({حَرْدٍ} قدرة في أنفسهم وجِدٍّ، أو غيظ، أو غضب، وقيل: القرية تُسمَّى حَرْدًا، وقيل: اسم الجنَّة)، انتهى.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عبَّاس: {إِنَّا لَضَالُّونَ} [القلم: 26]: أَضْلَلْنَا مَكَانَ جَنَّتِنَا): قال الدِّمْياطيُّ: صوابه في هذا (ضللنا)، يقال: ضللتُ الشيء؛ إذا جعلتَه في مكانٍ ولم تدرٍ أين هو، وأضللتُه؛ إذا ضيَّعتَه، وإذا وجدتَه ضالًّا، وإذا حملتَه على الضلال وأدخلتَه فيه أيضًا)، انتهى، وما قاله صحيح، ويشهد له قولُ غيرِ واحد؛ منهم الجوهريُّ وابن قُرقُول، فإنَّه قال في «المطالع»: أضللتُ بعيرًا لي، وأضلَّ راحلته؛ أي: ذهب عنه ولم يجده، قال أبو زيد: أضللتُ الدابَّةَ والصبيَّ، وكلَّ ما ذهب عنَّا بوجه من الوجوه، وإذا كان معكَ مقيمًا فأخطأتَه؛ فهو بمنزلة ما لم يَبرَح؛ كالدَّار والطَّريق، تقول: ضللتُ ضلالةً، قال الأصمعيُّ: ضلَلت الدَّار والطريق، وكلَّ ثابت لا يبرح _بفتح اللَّام_، وضلَّني فلان، فلم أقدر عليه، وأضللت الدراهم، وكلَّ شيء ليس بثابتٍ، وفي حديث أبي هريرة: «فضلَّ أحدُهما صاحبَه»، الوجه: فأضلَّ أو ضلَّ أحدهما من صاحبه ... إلى آخر كلامه، وقد تَقَدَّم تعقُّبٌ في حديث أبي هريرة: «فضلَّ أحدُهما صاحبَه»، والله أعلم.

(1/8917)

[{عتل بعد ذلك زنيم}]

(1/8918)

[حديث: {عتل بعد ذلك زنيم} قال: رجل من قريش]

4917# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن غيلان، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عبيد الله بن موسى العبسيُّ، أبو محمَّد، أحد الأعلام، و (إِسْرَائِيل): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ، و (أَبُو حَصِين): بفتح الحاء، وكسر الصاد المهملتين، وقدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى _ كهذا_ بالفتح، واسم هذا عثمان بن عاصم أبو حَصِين الأَسَديُّ.

قوله: ({عُتُلٍّ} [القلم: 13]): سيأتي الكلام عليه قريبًا.

قوله: ({زَنِيمٍ} [القلم: 13]): قال الدِّمْياطيُّ: الزَّنيم: الدَّعيُّ في النسب وليس منهم؛ تشبيهًا له بالزنمة، وهو شيء يُقطَع من أذن الشاة ويُترَك مُعلَّقًا بها، انتهى، اعلم أن الدِّمْياطيَّ قال: (الزَّنيم: الدَّعيُّ)، وهو كذلك، والزَّنيم عند العرب: المُلصَق في القوم ليس منهم، وقيل: الذي ليس يُعرًف مَن أبوه، وكان الأخنس حليفًا مُلصَقًا، وقيل: مَن له زنمةٌ كزنمة التَّيس، وكذا كان الوليد من أسفل أذنه، وقيل: معروف بالشرِّ، من الزنمة، وقيل: مَن عليه علامة الكفر، وقال السُّهيليُّ في «روضه»: أُنزِلتْ في الأخنس بن شَرِيق، واسمه أُبيٌّ، وقيل: في الوليد بن المغيرة، وقيل: في الأسود بن عبد يغوث الزُّهريِّ، انتهى، وقال شيخنا: إنَّه الأسود بن عبد يغوث، أو عبد الرَّحمن بن الأسود، قاله مجاهد، وقوله: (أُنزِلت في الأخنس بن شَرِيق) لا يتأتَّى إلَّا مجازًا؛ لأنَّه ثقفيٌّ، لا من نفس قريش، ولكنَّه حليف لهم لبني زُهْرَة، فبهذا الاعتبار هو قرشيٌّ، والله أعلم، والأخنس أسلم بعد ذلك وصحِب، رضي الله عنه، وأمَّا قول مجاهد: (عبد الرَّحمن بن الأسود)؛ إن كان مراده: عبد الرَّحمن بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زُهْرة؛ فهذا وُلِد على عهد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولا تصحُّ له رؤية، وروى عن أبي بكر، وعمر، وغيرهما، وعنه: مروان بن الحكم، وأبو سلمة بن عبد الرَّحمن، وغيرهما، وثَّقه أحمد العجليُّ، وقال: تابعيٌّ ثِقةٌ رجل صالح من كبار التابعين، وهذا قد أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، فهذا لا يصحُّ أن يكون المراد، وإن كان غيره؛ فلا أعلم له إسلامًا، والله أعلم، وأمَّا الوليد بن المغيرة؛ فكافر معروف هلك على كفره، وكذا الأسود بن عبد يغوث، والله أعلم.

[ج 2 ص 360]

(1/8919)

قوله: (رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في ظاهرها.

(1/8920)

[حديث: ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف]

4918# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وتَقَدَّم بعض ترجمته، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، كذا ذكروا الثوريَّ فيمن روى عن معبد بن خالد في «الكمال» وفي «التذهيب»، ولم يذكرا ابنَ عيينة، و (حَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ الْخُزَاعِيُّ): بالحاء المهملة، وبعد الراء ثاء مثلَّثة، له صحبة، قال الدِّمْياطيُّ: حارثة بن وهب أخو عبيد الله بن عمر بن الخَطَّاب لأمِّه، أمُّهما أمُّ كلثوم بنت جرول بن مالك بن المُسَيَّب الخزاعيَّة، وأمُّ عبد الله وحفصة: زينب بنت مظعون أخت عثمان، انتهى، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعن حفصة، وعنه: معبد بن خالد، وأبو إسحاق، وغيرُهما.

قوله: (كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ [1]): قيل: الضعيف عن أذى الناس بمال أو قوَّة بدن، وعن معاصي الله عزَّ وجلَّ، والتزام الخشوع لله وللمسلمين، وقيل: الخاضع لله المذلُّ نفسه له، ضدُّ المتكبِّر الأشِر، وقد يكون (الضعفاء، والضعيف، والمتضعِّف) كنايةً عن رقَّة القلوب، كما قال في أهل اليمن: «أرقُّ قلوبًا، وأضعف أفئدة»، كنايةً عن سرعة قبولهم ولين جوانبهم، عكس القوَّة والجفاء والغلظة، انتهى قول «المطالع»، قال الشيخ محيي الدين: وضبطوا (متضعَّف) بفتح العين وكسرها، المشهور الفتح، ولم يذكر الأكثرون غيره، انتهى، وكذا هو مضبوط في أصلنا بالقلم، وكذا بخطِّ الدِّمْياطيِّ، وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ: غَلِطَ مَن كسرها، وسيأتي في (الأدب): أنَّ في أصلنا (متضاعِف)؛ بكسر العين بالقلم.

تنبيهٌ: ذكر الحاكم في «علوم الحديث»: أنَّ ابن خزيمة سئل عن الضعيف، فقال: الذي يبرِّئ نفسه من الحول والقوَّة في اليوم عشرين مرَّة إلى خمسين مرَّة، انتهى.

قوله: (كُلُّ عُتَلٍّ [2]): هو بضمِّ العين، وفتح المثنَّاة فوق، وباللام المشدَّدة، الفاحش في الحديث، وقيل: القويُّ في كفره، وقيل: مُصحَّح الجسم، وقيل: جافٍ شديد الخصومة في الباطل، وقيل: لئيم ظلوم، أكول شَروب، من العتل؛ وهو العنف، قاله ابن عبد السلام في «تفسيره».

(1/8921)

قوله: (جَوَّاظٍ): هو بفتح الجيم، وتشديد الواو، وبالظاء المعجمة المشالة، قال ابن قُرقُول: هو القصير البَطين، وقيل: الجَموع المَنوع، وقيل: الكثير اللحم المختال في مشيته، وقيل: الغليظ الرقبة والجسم، وقيل: الذي لا يستقيم على أمر، يصانع ههنا وههنا، وقيل: الفاجر، وفي «الغريبين»: قيل: يا رسول الله؛ ما الجظُّ؟ قال: «الضخم»، وفي موضع آخر: «كلُّ جظٍّ جَعْظ»، يقال: جظٌّ، وجوَّاظ، وجعظ، وجعظريٌّ؛ بمعنًى، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «فرع اليونينيَّة»: (متضعِّف)؛ بكسر العين.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (عتُلٍّ)؛ بضمِّ التاء.

[ج 2 ص 361]

(1/8922)

[{يوم يكشف عن ساق}]

(1/8923)

[حديث: يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة]

4919# قوله: (طَبَقًا وَاحِدًا): هو بفتح الطاء المهملة والباء الموحَّدة، ثُمَّ قاف؛ أي: فقارة واحدة، و (الطَّبق): فقار الظهر، فلا يقدر على الانحناء ولا السجود، وفي هامش أصلنا: الطبق: فقار الظهر، واحدتها: طبقة، يريد: أنَّه صار فقارهم كأنَّه كالفقارة الواحدة، فلا يقدرون على السجود، وكتب بعده: (دمياطي)؛ أي: هذا من كلام الدِّمْياطيِّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 361]

(1/8924)

(((69))) [الحاقة]

قوله: (ثُمَّ أَحْيَا [1] بَعْدَهَا): هو بفتح الهمزة، مبنيٌّ للفاعل، وليس هو مبنيًّا للمفعول، وكذلك هو في أصلنا.

قوله: (أَحَدٌ: يَكُونُ لِلْجَمْعِ وَلِلْوَاحِدِ)، انتهى، وكذا قال الجوهريُّ، وأمَّا قولهم: ما في الدار أحد؛ فهو اسم لمن يصلح أن يخاطَب، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنَّث، قال تعالى: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: 32]، وقال سبحانه: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 47]، انتهى.

قوله: ({الْوَتِينَ} [الحاقة: 46]: نِيَاطُ الْقَلْبِ): (نياط): بكسر النون، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره طاء مهملة، وفي «الصحاح»: والنياط: عرق عُلِّق به القلب من الوتين، فإذا انقطع؛ مات صاحبه، وهو النَّيط أيضًا، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (أُحْيَا).

[ج 2 ص 361]

(1/8925)

(((70))) [{سأل سائل}]

قوله: ({لِلشَّوَى} [المعارج: 16]: الْيَدَانِ وَالرِّجْلاَنِ وَالأَطْرَافُ، وَجِلْدَةُ الرَّأْسِ يُقَالُ لَهَا: شَوَاةٌ، وَمَا كَانَ غَيْرَ مَقْتَلٍ؛ فَهُوَ شَوًى): (شَوَاة): بفتح الشين المعجمة، وتخفيف الواو، وبعد الألف تاء التأنيث، قال الجوهريُّ: والشَّوى: جمع شواة؛ وهي جلدة الرأس، والشَّوى: اليدان والرِّجلان والرأسُ من الآدميِّين، وكلُّ ما ليس مَقتَلًا، يقال: رماه فأشواه؛ إذا لم يُصِب المقتل ... إلى آخر كلامه، وقال ابن عبد السلام {للشَّوى}: جلد الرأس، وقيل: العقب والعصب، وقيل: مكارم الوجه، وقيل: جلود على العظم؛ لأنَّ النار تشويها، وقيل: الأعضاء أو المفاصل، وقيل: أطراف اليد والرجل، وقيل: القوائم، وقيل: الشوى: جمع شواة، وهي جوارح الإنسان ما لم تكن مقتلًا، يقال: رمى فأشوى؛ إذا لم يُصِب مَقتَلًا.

قوله: (الْعِزُونَ: الْجَمَاعَاتُ، وَاحِدُهَا: عِزَةٌ): (عِزَة): بكسر العين المهملة، وفتح الزاي المخفَّفة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الجوهريُّ: (والعِزَة: الفرقة من الناس، والهاء عوض من الياء، والجمع: عِزًى؛ على (فِعَل)، وعِزون، وعُزون أيضًا بالضمِّ، ولم يقولوا: عِزات؛ كما قالوا: ثُبَاتٍ، ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37]، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: قال الأصمعيُّ: يُقال: في الدار عزون؛ أي: أصناف من الناس)، انتهى.

(1/8926)

(((71))) [{إنا أرسلنا}]

قوله: (وَالْكُبَّارُ: أَشَدُّ مِنَ الْكُبَارِ؛ وَكَذَلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً ... ) إلى آخر كلامه: (الكُبَّار) الأولى: بضمِّ الكاف، وتشديد الموحَّدة، وقوله: (أشدُّ من الكُبَار)؛ أي: أبلغ، و (الكُبَار) الثانية: بضمِّ الكاف، وتخفيف الموحَّدة، وفي أصلٍ آخرَ صحيحٍ بكسر الكاف من غير تشديد، وفي هامشها مضموم الكاف من غير تشديد، ونسب هذه النسخة إلى الرشيديَّة، وفي هامشٍ آخرَ بالكسر والتخفيف، وبالضمِّ معه، ونسب هذه إلى دار الذهب، يقال: كبُر؛ بالضمِّ، يكبُر؛ أي: عظم، فهو كبير وكُبَار؛ بالضمِّ والتخفيف، فإذا أفرط، قيل: كُبَّار؛ بالتشديد، وكذلك جُمَّال وجميل، والجُمَّال: بضمِّ الجيم، وتشديد الميم، والجَمَال؛ بالفتح والتخفيف: الحُسْنُ، وقد جَمُل الرجل _بالضمِّ_ جمالًا، فهو جميل، والمرأة جميلة، وجملاء أيضًا عن الكسائيِّ، والجُمَّال؛ بالضمِّ والتشديد: أجمل من الجميل.

قوله: (وَكُبَّارٌ: الْكَبِيرُ): هو بالضمِّ والتشديد، كما تَقَدَّم، و (كُبَار) أيضًا: بضمِّ الكاف مع التخفيف، كما تَقَدَّم.

قوله: ({دَيَّارًا} [نوح: 26]: مِنْ دَوَرَ [1]، وَلَكِنَّهُ فَيْعَالٌ مِنَ الدَّوَرَانِ ... ) إلى آخر كلامه: قال ابن قُرقُول: (وفي «كتاب التفسير»: «{دَيَّارًا}: من الدَّوْرِ، ويقال: من الدوران»، كذا لهم، وعند الأصيليِّ: «{دَيَّارًا}: من دَوَرَ»؛ بفتح الدال والواو والراء، وأصل ديَّار: دَيْوَار؛ (فَيْعَال) من دار يدور)، انتهى، وقال الجوهريُّ: ويقال: ما بها دوريٌّ، وما بها ديَّار؛ أي: أحد، وهو (فَيْعَال) من (درت)، وأصله: ديوار، قالوا: وإذا وقعت بعد ياء ساكنة قبلها فتحة؛ قُلِبت ياء

[ج 2 ص 361]

وأُدغِمت؛ مثل: أيَّام، وقيَّام، وفي أصلنا: (دَوَرَ)؛ بفتح الدال والواو والراء، وفي أصل آخر: ساكن الواو، مجرورٌ، منوَّن؛ كلُّه بالقلم.

قوله: (وَقَرَأَ [2] عُمَرُ: {الحَيُّ القَيَّامُ} [البقرة: 255]): هو عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه، وهذه شاذَّة، و (القَيُّوم) و (القَيَّام): الذي لا يزول.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {دَيَّارًا} [نوح: 26]: أَحَدًا): قال بعض حفَّاظ العصر: هو قول أبي عبيدة في «المجاز»، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» ونسخة في هامش (ق): (دوْرٍ).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (كما قرأ).

(1/8927)

[حديث: صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد]

4920# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الرازيُّ الفرَّاء الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (عَطَاءٌ) بعده: هو ابن أبي رَباح، كذا أخرج هذا الحديث المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمته، ثُمَّ قال عقب حديث آخر بعده: وقال عطاءٌ عن ابن عبَّاس: «كان المشركون على منزلتين ... »؛ الحديث ... إلى أن قال مثل حديث مجاهد، قال: وقال عطاء عن ابن عبَّاس أيضًا: كانت قَرِيبة عند عمر فطلَّقها ... ، فذكره، قال أبو مسعود: هذا الحديث والذي قبله _يعني: حديث: (صارت الأوثان) الذي نحن فيه_ في «تفسير ابن جُرَيج» عن عطاء الخراسانيِّ عن ابن عبَّاس، والبُخاريُّ ظنَّه ابنَ أبي رباح، وابن جُرَيج لم يسمع التفسير من عطاء الخراسانيِّ، إنَّما أخذ الكتاب من أبيه، ونظر فيه، وروى (ز) _يعني: زاد المِزِّيُّ_: وقال ابن المدينيِّ: سمعت هشام بن يوسف قال: قال لي ابن جُرَيج: سألت عطاء عن التفسير من (البقرة) و (آل عمران)، فقال: اعفني من هذا، قال هشام: فكان إذا قال: عطاء عن ابن عبَّاس؛ قال: الخراسانيُّ، فكتبنا ما كتبنا ثُمَّ مللنا، قال عليٌّ: يعني: كتبنا ما كتبنا أنَّه عطاء الخراسانيُّ، قال عليُّ ابن المدينيِّ: وإنَّما كتبتُ هذه القصَّة؛ لأنَّ محمَّد بن ثور كان يجعلها: عطاء عن ابن عبَّاس، فظنَّ الذين [1] حملوها عنه أنَّه عطاء بن أبي رباح، انتهى.

وقال المِزِّيُّ في «التهذيب» في ترجمة عطاء الخراسانيِّ: روى له البُخاريُّ فيما أظنُّ، انتهى، وقد اعترضه مغلطاي فقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّ البُخاريَّ من عادته إذا ضعَّف رجلًا أو نقل تضعيفه عن غيره؛ لا يروي عنه، وقد نقل البُخاريُّ تضعيفه عن سعيد بن المُسَيّب، وأنَّه كذَّاب، وممَّن قال إنَّ البُخاريَّ لم يخرِّج حديثَه اللالكائيُّ، والكلاباذيُّ، والباجيُّ، وأبو إسحاق الحبَّال، والحاكم، والدارقطنيُّ، وأبو إسحاق الصريفينيُّ، وغيرُهم، والله أعلم، انتهى.

قوله: (أَمَّا ودٌّ): هي بضمِّ الواو قرأ نافع، والباقون: بفتحها.

(1/8928)

قوله: (بِدوْمَةِ الْجَنْدَلِ): (دومة): بضمِّ الدال المهملة وفتحها، وأنكر ابن دريد الفتح، وهو موضع من بلاد الشام قرب تبوك، وقد تَقَدَّمتْ، وقد جاء في حديث الواقديِّ: «دُوماء الجندل»، و (الجَنْدَل): بفتح الجيم، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة، ثُمَّ لام.

قوله: (ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ): هو بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ طاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء.

قوله: (بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَأ): كذا هو بفتح الجيم بالقلم في أصلنا، وبالواو الساكنة، ثُمَّ فاء، وفي نسخة في هامش أصلنا: (بالجُرف)؛ بضمِّ الجيم، وبالراء، وفي هامش نسخة صحيحة: (بالجوف)، قال أبو ذرٍّ: وهو صوابه، وفي الهامش: (بالجرف)، وعليها مكتوب: (دار الذهب)، وقال شيخنا: («بالجوف»، كذا هو ثابت بالألف واللام، وذكر أبو عبيد البكريُّ: أنَّه معرفة، ولا تدخله الألف واللام، ورواه الحُمَيديُّ _كما حكاه ياقوت_ بالراء، قال: ورواه النسفيُّ باللام في آخره: «الجول»)، انتهى.

قوله: (لِهَمْدَانَ): هو بإسكان الميم، وبالدال المهملة، قبيلة معروفة، وقد تَقَدَّمتْ.

قوله: (لِحِمْيَرَ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بكسر الحاء المهملة، وإسكان الميم، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ راء، غير مصروف، وهو أبو قبيلة من اليمن، وهو حِمْيَر بن سبأ بن يشجُب بن يعرُبَ بن قحطان، ومنهم كانت الملوك في الدهر الأوَّل، واسم حِمْيَر العرنجج.

قوله: (لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ): هو بفتح الكاف، وتخفيف اللام، وفي آخره عين مهملة، و (ذو الكَلَاع): اسم ملك من ملوك اليمن، من الأذواء، وقد قدَّمتُ عن الإمام أحمد: أنَّ مَن كان شريفًا من اليمن؛ يقال له: ذَو، ومَن كان ليس بشريف؛ لا يقال له: ذو.

قوله: (وَنَسْرٌ: أَسْمَاءُ رِجَالٍ): كذا كان في أصلنا، ولكن ضُرِب على (نسر) بالحمرة، ورأيتها ثابتة في نسخة صحيحة: {ونَسْرًا} [نوح: 23]؛ بالتنوين مع النصب، قال شيخنا: (وَنَسْرٌ: أسماء رجال صالحين): كذا هو في «البُخاريِّ»، وكأنَّ قوله: (ونسر) تحريف، وصوابه: وهي أسماء رجال صالحين، وعلى تقديره؛ فهو نوع تكرير بنقصٍ [2]، فإنَّه كان يلزم إعادة باقي الأسماء قبلها، وهي وَدٌّ، وسُوَاعٌ، ويغوثُ، ويعوقُ، انتهى، وهو كلام حسن على تقدير ثبوت: (ونسر)، والله أعلم.

قوله: (أَنِ انْصِبُوا): هو بهمزة وصل _لأنَّه ثُلاثيٌّ_ وكسرِ الصاد المهملة.

(1/8929)

قوله: (أنْصَابًا): تَقَدَّم الكلام على (الأنصاب)، وعلى المفرد منه، وهو معروفٌ.

قوله: (فَلَمْ تُعْبَدْ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ، وكذا (نُسِخَ العِلْمُ): مبنيٌّ أيضًا، و (العلمُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (عُبِدَتْ): مبنيٌّ أيضًا لما لمْ يُسمَّ فاعِلُه.

==========

[1] في (أ): (الذي)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] في مصدره: (يُنقَض)؛ ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 362]

(1/8930)

(((72))) [{قل أوحي إلي}]

(1/8931)

[حديث: انطلق رسول الله في طائفة من أصحابه عامدين ... ]

4921# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، و (أَبُو عَوَانَةَ) بعده: هو الوضَّاح بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا، وكذا (أَبُو بِشْرٍ): بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

قوله: (فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ في السيرة: أنَّه في مرجعه من الطائف، وكان وحده في الطائف، كما قاله ابن إسحاق، وقال ابن سعد: معه زيد بن حارثة، وفي انصرافه عَلَيهِ السَّلام من الطائف راجعًا إلى مَكَّة حين يئس من خير ثقيف؛ مرَّ به النفر من الجنِّ وهو بنخلة، وهم _فيما ذكر ابن إسحاق_ سبعة من جنِّ نصيبين، وهنا كما رأيتَ: (في طائفة من أصحابه)، وابن سيِّد النَّاس عمل الإسراء بعد هذه القصَّة، وهنا: (وهو يصلِّي بأصحابه صلاة الفجر)، و (عُكَاظ): تَقَدَّم ضبطه، وقال الدِّمْياطيُّ هنا: موضع بقرب مَكَّة، كانوا في الجاهليَّة يقيمون به أيَّامًا، انتهى، وهو يُصرَف ولا يُصرَف.

قوله: ({أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1]): تَقَدَّم الكلام على (الجنِّ): أنَّهم ولد إبليس، وأنَّ لهم ثوابًا وعقابًا، واختلف في دخولهم الجنَّة، والعمومات تقتضيه، وقد ذكرت ما ذكره شيخنا العلَّامة البلقينيُّ عن الحارث بن أسد المحاسبيِّ، وقد قدَّمتُ عزوَه لابن تيمية أبي العبَّاس، وهو عزاه لبعض الكتب، وقيل: إنَّ الجنَّ ليسوا بشياطين، ومنهم كافر ومؤمن، ويموتون، والشياطين ليسوا منهم بمؤمنين، ولا يموتون إلَّا مع إبليس، وأنَّ هؤلاء كانوا من جنِّ الجزيرة، كما في «مسلم»، وكانوا سبعةً، وفي «تفسير البغويِّ»: تسعة، وقيل: سبعة، وكذا في (الأحقاف)، ثُمَّ ذكر فيها عن ابن عبَّاس أنَّهم استجاب [1] لهم نحوٌ من سبعين رجلًا من الجنِّ، فرجعوا إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فوافقوه بالبطحاء، فقرأ عليهم القرآن، وأمرهم ونهاهم، انتهى، والظاهر من قوله: (فرجعوا)؛ أي: التسعة أو السبعة، والله أعلم، وقد ذكرت أسماءهم، وأنَّهم لم يُذكَر منهم في الصَّحابة غيرُ عمرو بن جابر، وقد ذكرتُ مَن ذُكِر من الجنِّ في الصَّحابة في (كتاب الصلاة)؛ فانظره.

قوله: (وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ): (أُوحِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/8932)

==========

[1] في (أ): (استحباب)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 362]

(1/8933)

(((73))) [المزمل]

[ج 2 ص 362]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.

(1/8934)

(((74))) [المدثر]

قوله: ({قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 51]: رِكْزُ النَّاسِ وَأَصْوَاتُهُمْ): (رِكْز): بكسر الراء، وإسكان الكاف، وبالزاي، و (الرِّكز): الصوت، وسيجيء بُعَيد هذا في هذه: (الرِّكْز: الصوت)، انتهى، ومنه قوله تعالى: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98].

==========

[ج 2 ص 363]

(1/8935)

[حديث: جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت]

4922# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الأعراف)، وقال شيخنا هنا: ووقع في بعض النسخ: أنَّه ابن موسى الحُدانيُّ، انتهى.

قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، قَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1]): تَقَدَّم الكلام على أوَّل ما نَزَل من القرآن في أوَّل هذا التعليق، وجوابٌ عن هذا.

قوله: (جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، و (جوَارِي): بكسر الجيم وضمِّها، تَقَدَّم؛ أي: اعتكافي.

==========

[ج 2 ص 363]

(1/8936)

[{قم فأنذر}]

(1/8937)

[حديث: جاورت بحراء]

4923# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَرْبٌ): قال شيخنا: لعلَّ المراد بقوله: (وغيرُه): ما صرَّح به أبو [1] نعيم الأصبهانيُّ حيث قال: (حدَّثنا أبو إسحاق بن حمزة: حدَّثنا أبو عوانة: حدَّثنا محمَّد بن بَشَّار: حدَّثنا عبد الرَّحمن بن مهديٍّ وأبو داود: حدَّثنا حرب ... )؛ فذكره، وكذا قال بعض حفَّاظ العصر: إنَّه أبو داود الطيالسيُّ، بيَّنه أبو نعيم في «مستخرجه».

قوله: (مِثْلَ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ): الظاهر أنَّه أراد الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي موسى محمَّد بن المثنى، عن عثمان بن عمر، عن عليِّ بن المبارك، عن أبي سلمة، وحديث عليِّ بن المبارك هو في «البُخاريِّ» في (التفسير) قُبَيل هذا، لكن عنه وكيعٌ، وعن وكيعٍ يحيى، والله أعلم.

(1/8938)

[{وربك فكبر}]

(1/8939)

[حديث: جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت فاستبطنت]

4924# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): هو ابن عبد الوارث التَّنُّوريُّ، أبو سهل، حافظٌ حُجَّة، تَقَدَّم، و (حَرْبٌ): هو ابن شدَّاد، كذا هو منسوب في الحديث الذي قبل هذا، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كَثِير المذكور في سند الحديث الذي قبل هذا، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (فِي حِرَاءٍ): تَقَدَّم مِرارًا، وكذا (جوَارِي): أنَّه بالضمِّ والكسر.

قوله: (فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ [1]): هذا جبريل، وهذا ظاهرٌ لا خفاء فيه.

قوله: (وَأُنْزِلَ عَلَيَّ): (أُنزِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8940)

[{وثيابك فطهر}]

(1/8941)

[حديث: فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء فرفعت]

4925# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام الجواد، و (عُقَيْل): بضمِّ العين، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام على كتابتها والنطق بها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَحَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (فَجُئِثْتُ [3]): كذا في أصلنا بالهمز، وفي نسخة أخرى في هامش أصلنا: (فجثثت)، قال الدِّمْياطيُّ: جُثِثَ الرجل وجُئِثَ؛ أي: فَزِعَ.

فائدةٌ هي تنبيهٌ: هذا الحديث هنا وقع من رواية مَعْمَر، وقد وقعت هذه اللفظة في «مسلم» من رواية مَعْمَر ويونس وعُقَيل عن الزُّهريِّ، وقد ضبط الشيخ محيي الدين النَّوويُّ ذلك، فقال في رواية يونس عن الزُّهري: بجيم مضمومة، ثُمَّ همزة مكسورة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة ساكنة، ثُمَّ تاء الضمير، وقال في رواية عُقَيل ومَعْمَر: بعد الجيم ثاءان مثلَّثتان، هكذا هو الصواب في رواية الثلاثة، انتهى، والظاهر أنَّه كذلك في «البُخاريِّ»، ثُمَّ ذكر كلامًا للقاضي عياض وتعقَّبه، ثُمَّ ذكر كلام «المطالع»، فقال: وقد ذكر صاحب «المطالع» أيضًا رواياتٍ أخرى باطلةً مصحَّفةً، تركت حكايتها؛ لظهور بُطلانها، والله أعلم، انتهى.

فإذن الصواب هنا: بثاءين مثلَّثتين؛ لأنَّه من رواية مَعْمَر، ولا يُهمَز؛ لأنَّ الهمز رواية يونس، والله أعلم، وهذا الذي فعل الشيخ محيي الدين تحقيقٌ حسن وملخَّص، وليس أحسنَ منه، والله أعلم.

(1/8942)

[{والرجز فاهجر}]

(1/8943)

[حديث: فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء]

4926# قوله: (يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ): تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق كم مدَّة الفترة من عند السهيليِّ، وأنَّها سنتان ونصف، كما جاء في حديث.

قوله: (فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ): تَقَدَّم أنَّه جبريل عَلَيهِ السَّلام.

قوله: (فَجَئِثْتُ مِنْهُ): كذا في أصلنا بالهمز، وقد قدَّمتُ أنَّ الصواب بثاءين مثلَّثتين؛ لأنَّه هنا من رواية عُقَيل، وأنَّ الهمز رواية يونس؛ فانظره أعلاه.

قوله: (حَتَّى هَوَيْتُ): هو بفتح الواو، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَالَ أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، وهو المذكور في السَّند.

قوله: (ثُمَّ حَمِيَ الْوَحْيُ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الميم؛ أي: قَوِيَ واشتدَّ، كما قال: (وَتَتَابَعَ).

==========

[ج 2 ص 363]

(1/8944)

(((75))) [سورة القيامة]

قوله: ({سُدًى} [القيامة: 36]: هَمَلًا): هو بفتح الهاء والميم، و (الهَمَل): الإبل بلا راعٍ.

قوله: ({لَا وَزَرَ} [القيامة: 11]: لاَ حِصْنَ): هو بكسر الحاء وإسكان الصاد المهملتين، واحد الحصون.

==========

[ج 2 ص 363]

(1/8945)

[حديث: كان النبي إذا نزل عليه الوحي حرك به لسانه]

4927# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عيينة.

==========

[ج 2 ص 363]

(1/8946)

[حديث ابن عباس: كان يحرك شفتيه إذا أنزل عليه]

4928# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ.

قوله: (إِذَا أُنْزِلَ [1] عَلَيْهِ): (أُنزِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (نَزَلَ).

[ج 2 ص 363]

(1/8947)

[{فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}]

(1/8948)

[حديث ابن عباس: كان رسول الله إذا نزل جبريل بالوحي ... ]

4929# قوله: (وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ): (يُعرَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: ({أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 34]: توعُّدٌ): قال الدِّمْياطيُّ: قال الجوهريُّ: قولهم: {أَوْلَى لَكَ}: تهدُّد ووعيد، قال القشيريُّ أبو نصرٍ: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}

[ج 2 ص 363]

؛ أي: ويلٌ لك يوم تموت، ثُمَّ ويلٌ لك في القبر، ثُمَّ ويلٌ لك حين تُبعَث، ثُمَّ ويلٌ لك في النار، انتهى، وهذا في أبي جهل.

(1/8949)

(((76))) [{هل أتى على الإنسان}]

قوله: (يُقَالُ: مَعْنَاهُ: أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ): وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (قال يحيى: معناه: أتى على الإنسان)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: «يحيى» هذا: أبو زكريَّا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منصور الديلميُّ الفرَّاء، انتهى، وقد ذكرت في (سورة الصفِّ) بعض كلام في ترجمته؛ فانظره، ووفاته.

قوله: (وَ «هَلْ»: تَكُونُ جَحْدًا): قال شيخنا: هذا فيه تجوُّز، وإنَّما الاستفهام في الحقيقة استعلامٌ للفائدة، واستطلابها ممَّن يعلمها، انتهى، وقد ذكر الإمام الأستاذ جمال الدين ابن هشام القاهريُّ في كتابه «المغني» في (هَلْ) كلامًا طويلًا، ومنه: أنَّها تأتي المرادُ بالاستفهام بها النفيُ، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر في {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] ... إلى آخر كلامه: هو كلام يحيى بن زياد الفرَّاء في «معاني القرآن».

قوله: (وَيُقَالُ: {سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا} [الإنسان: 4]): اعلم أنَّه قرأ نافع والكسائيُّ وأبو بكر وهشام: {سَلَاسِلًا}؛ بالتنوين، ووقفوا بالألف عوضًا منه، والباقون: بغير تنوين، ووقف حمزة وقنبل وحفص _قال أبو عمر: ومن قراءتي على أبي الفتح_ بغير ألف، وكذا قال النقَّاش عن أبي ربيعة عن البزيِّ، وعن الأخفش عن ابن ذكوان قال أبو عمرٍو: وكذلك قرأت في مذهبهما على الفارسيِّ، ووقف الباقون بالألف صلةً للفتحة، انتهى كلام الدانيِّ في «تيسيره».

قوله: (وَلَمْ يُجْرِ بَعْضُهُمْ): هو في أصلنا بضمِّ المثنَّاة تحت، وإسكان الجيم، وكسر الراء، قال ابن قُرقُول: (ولم يُجْرِ بعضهم)؛ أي: يصرفه، ولا نوَّنه؛ كأنَّه لمَّا فعل ذلك؛ لم يُجْرِه في الإعراب مُجرى ما ينصرف، كذا رواه الأصيليُّ، ورواه الباقون: (يُجِزْه غيرُه)؛ من الجواز، وهما بمعنًى، انتهى، وفي هامش أصلنا: (يُجِز)؛ من الإجازة، لكن بلا ضمير، وأخبرني بعض الفضلاء الغرباء: أنَّ بعض العصريِّين من المحدِّثين قال: إنَّ (بعضهم) هو حمزة؛ يعني: الزَّيَّات، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت كلام بعض المحدِّثين ولفظه: عنى بـ (بعضهم) حمزةَ الزَّيَّات، فإنَّه قرأ الجميعَ بالألف، انتهى، وقد تَقَدَّم مَن قرأ بغير تنوين، وهو المراد، وهذا هو الظاهر.

قوله: (إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ): (يُنفَخ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرُّوحُ): مرفوع قائم مقام الفاعل [1].

(1/8950)

قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): كذا في أصلنا، وعليها علامة نسخة بإشارة إلى راويها، وهو بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، والذي يظهر لي أنَّه مَعْمَر بن المثنَّى، أبو عبيدة، صاحب اللغة، وسيأتي ما يعارضه، وابن المثنَّى تُوُفِّيَ سنة عشر ومئتين، قال الجاحظ: لم يكن في الأرض خارجيٌّ ولا جماعيٌّ أعلمَ لجميع العلوم من أبي عبيدة، وقال يعقوب بن شيبة: سمعت ابن المدينيِّ يصحِّح رواية أبي عبيدة، وقال المبرِّد: كان أكملَ القوم، وقال الدارقطنيُّ: لا بأس به، إلَّا أنَّه يُتَّهم بشيء من رأي الخوارج، ويُتَّهم بالأحداث، وقد ذكره ابن حبَّان في «ثقاته»، وفيه لأبي عبيد القاسم بن سلَّام توثيقٌ، وللأزهريِّ فيه كلام ذكره النوويُّ في «تهذيبه»، ولكنَّ شيخنا لمَّا عزا هذا الأثر؛ قال: أخرجه عبد بن حميد، عن عبد الرزَّاق، عن مَعْمَر، عن قتادة، وذكره عن مجاهد وغيره بنحوه، انتهى، فمقتضى هذا: أن يكون مَعْمَرَ بن راشدٍ، والله أعلم.

قوله: (شِدَّةُ الْخَلْقِ): هو بفتح الخاء المعجمة، وإسكان اللام.

قوله: (مِنْ غَبِيْطٍ [2] قَتَبٍ): (الغَبِيْط): شيء تركبه النساء شبه المِحَفَّة، (الغَبِيْط): بفتح الغين المعجمة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ طاء مهملة، قال ابن قُرقُول في (الغين المعجمة): الغبيط: من مراكب النساء؛ كالهودج، انتهى، وكذا ذكرته لك عن أصلنا، ولكنَّه مكتوب عليه: (زائد)، وقال الجوهريُّ في (غبط): والغَبِيْط: الرَّحْلُ، وهو للنساء، يُشَدُّ عليه الهودج، والجمع: غُبُط، وفي «النِّهاية»: («كأنَّها غُبُط»: الغُبُط: جمع غَبِيْط؛ وهو الموضع الذي يُوطَّأ للمرأة من البعير؛ كالهودج، يُعمَل من خشب وغيرِه)، انتهى.

قوله: (وَيَوْمٌ قُمَاطِرٌ) [3]: هو بضمِّ القاف، وتخفيف الميم، وبعد الألف طاء مهملة مكسورة، ثُمَّ راء، مصروفٌ؛ لأنَّه مفرد، يقال: يوم قمطرير، ويوم قُمَاطِر؛ ومعناه: شديد، وأمَّا (القِمَطْر)؛ [فهو] بكسر القاف، وفتح الميم، ثُمَّ طاء مهملة ساكنة، ثُمَّ راء، وجمعه: قَمَاطر؛ بفتح القاف، و (القِمَطْر) و (القِمَطرةُ): ما يُصان فيه الكتب، قال ابن السِّكِّيت: لا يقال بالتشديد، ويُنشَد:

~…ليسَ بعِلْمٍ مَا يَعِي القِمَطْرُ…ما العِلْمُ إلَّا مَا وَعَاهُ الصَّدْرُ

(1/8951)

(((77))) [{والمرسلات}]

قوله: ({جُمَالَاتٌ} [المرسلات: 33]: حِبَالٌ): وفي نسخة: (حبال السُّفُنِ)، وكذا في آخِرِ هذه السورة: ({جِمَالَاتٌ صُفْرٌ} [المرسلات: 33]: حبال السفن، تُجمَع حتَّى تكون كأوساط الرجال)، انتهى، وهذا التفسير على قراءة شاذَّة؛ لأنَّ {جُمَالَاتٌ} في أصلنا مضموم الجيم، مخفَّف الميم، وكذا رأيتها في نسخة أخرى صحيحة، وعليها: (خف)، و (الجُمَّل)؛ بضمِّ الجيم، وتشديد الميم: واحد حبال السفينة، وقد قرأ ابن عبَّاس ومجاهد: {حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، قال الزمخشريُّ في هذه السورة: وقُرِئ: {جُمَالَاتٌ}؛ بالضمِّ: وهي قلوس الجسور، وقيل: قلوس سفن البحر، الواحدة: جُمالة، وقُرِئ: {جُمالة}؛ بمعنى: جِمال، و {جُمالة}؛ بالضمِّ: وهي القلس، انتهى.

وذكر الإمام شهاب الدين السَّمين في «إعرابه» قراءاتٍ في هذه اللفظة، قال: وقد قرأ ابن عبَّاس، والحسن، وابن جُبَير، وقتادة، وأبو رجاء؛ بخلافٍ عنهم كذلك؛ يعني: {جِمَالَاتٌ} جمعًا لـ (جمالة)، و [يجوز] أن يكون جمعًا لـ (جمال)، فيكون جمع الجمع، ويجوز أن يكون جمعًا لـ (جَمَل) المفرد؛ كقولهم: رِجالات قريش، قال: إلَّا أنَّهم ضمُّوا الجيم؛ يعني قرؤوا: {جُمَالَاتٌ}؛ بضمِّ الجيم، وتخفيف الميم، قال: وهي حبال السُّفُن، وقيل: قلوس الجسور، الواحدة: جُملة؛ لاشتمالها على طاقات الحبال، وفيها وجهان: أحدهما: أن يكون {جُمَالَاتٌ} جمعَ «جُمال»، وجُمال: جمع «جُملة»، كذا قال الشيخ _يعني: أبا حيَّان شيخَه_ قال: ويحتاج _في إثبات أنَّ (جُمالًا)؛ بالضم: جمع (جُملة)؛ بالضمِّ_ إلى نقل، والثاني: أنَّ {جُمَالَاتٌ}: جمع (جُمالة)، قاله الزمخشريُّ، وهو ظاهرٌ، وقرأ ابن عبَّاس والسُّلميُّ وأبو خَيْرة: {جُمالة}؛ بضمِّ الجيم، وهي دالَّة لما قاله الزمخشريُّ آنفًا، انتهى.

وقال شيخنا: و {جِمَالاتٌ}؛ بكسر الجيم، وقيل: بالضمِّ: إبل سود، واحدها: جُمالة، وجُمالة: جمع (جمل)، وقُرئ: {جِمَالَة}؛ على التوحيد، وقُرِئ بضمِّهما، ثُمَّ ذكر بعض كلام الهرويِّ الآتي، ثُمَّ قال: وذكر الفرَّاء فيما حكاه ابن فارس: أنَّ «الجُمالات» ما جُمِع من الحبال؛ فعلى هذا تُقرَأ بالضمِّ، فيما ذكره مجاهد.

(1/8952)

وقال الهرويُّ في «غريبَيه» في قوله: {جُمَالَاتٌ صُفْرٌ}: ومَن قرأ: {جُمَّالات}؛ ذهب إلى أنَّه الحبال الغلاظ، وقال مجاهد في قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الجُمَّل فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]: هو حبل السفينة، وهو قلوس، الواحد: قَلْس، قال ابن عرفة: وهذا كلام العرب إذا أرادوا اليأس من الشيء؛ مَثَّلُوه، انتهى، والله أعلم.

قوله: (وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَا يَنْطِقُونَ} [المرسلات: 35] ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام على سائله في (فصلت).

(1/8953)

[حديث: كنا مع رسول الله وأنزلت عليه ... ]

4930# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا محمود بن غيلان، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو ابن موسى العبسيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّم، ثِقةٌ على تشيُّعه [1] وبدعته، و (إِسْرَائِيل) بعده: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النخعيُّ.

قوله: (كُنَّا مَعَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: كانوا في غارٍ بمنًى كما سيجيء في الرواية بُعَيده، وهذا الغار معروف بمنًى، كما في بعض طرق «الصحيح»، وهو فوق مسجد الخيف في الجبل، والله أعلم، وهو عن يسارك إذا استقبلتَ في مسجد الخيف القبلة، وكون [2] الغار بمنًى يردُّ ما ذكرتُه عن «معجم الطبرانيِّ الصغير» وغيرِه: أنَّه بحراء، وقد ذكرت ذلك قبل (كتاب الأنبياء)؛ فانظره، وتعدُّد الواقعة فيه بُعدٌ بعيدٌ، وحديث «الصحيح» صحيحٌ، وذاك قد استنكرت منه شخصًا؛ وهو عاصم ابن بهدلة، أحد القرَّاء، ثَبْتٌ في القراءة، يَهِمُ في الحديث، والله أعلم.

قوله: (وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ): (وُقِيَتُ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (وشرَّكم): منصوبٌ، مفعول ثان، وكذا (وُقِيتُمْ شَرَّهَا) مثله، وقد ذكرته في (الحجِّ).

4931# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): (عَبْدة): بإسكان الموحَّدة، وقد تَقَدَّم، وأنَّه ليس في «الصحيح» (عَبَدة) بتحريكها إلَّا عامر بن عَبَدة، وبجالة بن عَبَدة، ويقال فيهما بالإسكان، فعامرٌ روى له مسلم في مقدِّمة «الصحيح»، وبجالة روى له البُخاريُّ في (كتاب الجزية)، والله أعلم، و (إِسْرَائِيل): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ، و (مَنْصُور): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن المعتمر.

قوله: (بِهَذَا): أي: بهذا السند وهذا الحديث؛ يعني: الذي تَقَدَّم.

[ج 2 ص 364]

قوله: (وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: مِثْلَهُ): مقتضى ما هنا أن يكون معطوفًا على السند الذي قبله، الذي حدَّث فيه عن عَبْدة، عن يحيى، عن إسرائيل، إلى هنا سند الذي قبله موافقٌ لهذا، والذي قبله رواه إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله؛ هو ابن مسعود، وهذا الذي نحن فيه: إسرائيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله.

(1/8954)

والحاصل: أنَّ إسرائيل رواه بطريقين؛ أحدهما: عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة به، والثاني المعطوف: إسرائيل عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة به، والله أعلم، لكنَّ المِزِّيَّ لم يطرِّفه كذلك، إنَّما قال: البُخاريُّ في (بدء الخلق) عن عَبْدة، عن يحيى، عن إسرائيل عنه به؛ أي: عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، وقال: تابعه أبو عوانة عن مُغيرة عن إبراهيم، وقال حفصٌ وأبو معاوية وسليمانُ بن قرم عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله، وفي (التفسير) _يعني: هذا المكان_ عن محمود، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل به، وقال: تابعه أسود بن عامر عن إسرائيل، والنَّسائيُّ في (التفسير) عن أحمد بن سليمان عن يحيى بن آدم به، حديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم.

والحاصل: أنَّ هذا الذي نحن فيه ليس في نسختي بـ «الأطراف» للمزِّيِّ، وهي مقابلة، سواء كان تعليقًا أو متِّصلًا، والله أعلم، والذي ظهر لي _كما قدَّمتُه_ أنَّه معطوف على الذي قبله، فعلى هذا (مثلَهُ)؛ بالنصب، وعلى أن يكون تعليقًا يكون (مثلُهُ) بالرفع، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ): أمَّا (يحيى بن حمَّاد)؛ فشَيبَانيٌّ مولاهم، وهو خَتَن أبي عوانة، وراويتُه له، عن عكرمة بن عمَّار وشعبة، وعنه: البُخاريُّ، والدارميُّ، والكديميُّ، ثِقةٌ متألِّه، تُوُفِّيَ سنة (215 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه.

وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه يكون كـ (حدثنا)، غير أنَّ الغالب أخذُه عنه في حال المذاكرة، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ وكذا الذهبيُّ تعليقًا.

و (أبو عوانة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (مُغيرة): هو ابن مِقسَم الضبيُّ، و (إبراهيم): هو ابن يزيد النخعيُّ، تَقَدَّم، و (عبد الله): هو ابن مسعود، تَقَدَّم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ): قال الدِّمْياطيُّ: قال ابن معين: سمع ابنُ إسحاق من القاسم بن محمَّد، ومكحول، وعبد الرَّحمن بن الأسود، انتهى.

(1/8955)

(محمَّد بن إسحاق) هذا: هو إمام أهل المغازي، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ علَّق له، وقرنه مسلمٌ بغيره، وأخرج له الأربعة، والكلام فيه معروف، قال شيخنا: هذا وصله أبو نعيم في «مستخرجه»، وبيَّن أنَّه محمَّد بن إسحاق، وما وقع في بعض نسخ «البُخاريِّ»: (وقال أبو إسحاق) وَهَمٌ، وابن إسحاق سمع من عبد الرَّحمن المذكور، كما صرَّح به ابن معين، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضبيُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا): تَقَدَّم الكلام عليه.

(1/8956)

[{إنها ترمي بشرر كالقصر}]

قوله: ({إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المرسلات: 32]): قال ابن الأثير: ومنه حديث ابن عبَّاس: {إنَّها ترمي بشرر كالقَصَر}؛ بالتحريك، قال: (كُنَّا نرفع الخشب للشتاء ثلاث أذرع أو أقلَّ، ونُسمِّيه: القَصَر)؛ يريد قَصَر النخل؛ وهو ما غَلُظَ من أسفلها، وأعناق الإبل واحدتها: قَصَرة، انتهى، وقال الجوهريُّ: والقَصَرة؛ بالتحريك: أصل العنق، والجمع: قَصَر، وبه قرأ ابن عبَّاس: {إنَّها ترمي بشرر كالقَصَر}، وفسَّره: قصَر النخل؛ يعني: الأعناق، انتهى.

فينبغي أن تُقرَأ هذه اللفظة بالتحريك، وهو في أصلنا: ساكن بالقلم، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ التفسير إنَّما ذكره لأجل قراءة ابن عبَّاس، وقال ابن التين _كما نقله شيخنا عنه_: إنَّه بفتح الصاد وإسكانها، وقال الخَطَّابيُّ: قوله: (فنسمِّيه القَصَر): هو جمع «قَصَرة»؛ أي: كأعناق الإبل، وكذلك قرأ ابن عبَّاس: {كالقَصَر}؛ بفتح القاف والصاد، الواحدة: قَصَرة، قال شيخنا: قلت: وقرأه الجمهور بإسكان الصاد، وقُرِئ بفتح القاف وكسر الصاد، وقُرِئ بضمِّهما، وبكسر القاف مع فتح الصاد؛ وكلُّها لغاتٌ بمعنًى، انتهى.

قال الزمخشريُّ: {كالقَصْر}: من القصور، في عِظَمِها، وقيل: هو الغليظ من الشجر، الواحدة: قَصْرة؛ نحو: حَمْرة وحمْر، وقُرِئ: {كالقَصَر}؛ بفتحتين، وهي أعناق الإبل، أو أعناق النخل؛ نحو: شَجَرة وشَجَر، وقرأ ابن مسعود: {كالقُصُر}؛ بمعنى القُصور؛ كرَهْن ورُهُن، وقرأ سعيد بن جُبَير: {كالقِصَر} في جمع قَصَرة؛ كحَاجَة وحِوَجٍ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 365]

(1/8957)

[حديث ابن عباس: كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع]

4932# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ): تَقَدَّم [أنَّه] بالموحَّدة، والسين المهملة، وتَقَدَّم مترجمًا مع مَن يشتبه به؛ وهو عبد الرَّحمن بن عائش؛ بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة، في (سورة الحشر) [1].

قوله: ({إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [2] [المرسلات: 32]): هو بإسكان الصاد في أصلنا، وينبغي أن تُقرَأ بفتح الصاد، تَقَدَّم نقل ذلك عن ابن عبَّاس.

==========

[1] هذه الفرة جاءت في (أ) متقدِّمة على آية الباب، بعد قوله: (وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا).

[2] كذا في (ق)، ورواية «اليونينيَّة» مصحَّحةً: ({كالقَصَر}).

[ج 2 ص 365]

(1/8958)

[{كأنه جمالات صفر}]

(1/8959)

[حديث: كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوق ذلك]

4933# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أبو حفص الفلَّاس الحافظ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان الحافظ، تَقَدَّم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبطه وفي (سورة الحشر)، والفرق بينه وبين من يشتبه به: عبد الرَّحمن بن عائش؛ بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة.

قوله: ({كَالْقَصْرِ} [1] [المرسلات: 32]): تَقَدَّم أنَّه ساكن الصاد في أصلنا، وينبغي أن تُقرَأ بالفتح؛ لأجل التفسير الذي فسَّره به، وكذا هو بالفتح في أصلٍ صحيح، وقد تَقَدَّم أعلاه الكلام عليه.

قوله: (كُنَّا نَعْمِدُ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الميم، وفي الماضي بفتحها، عكس (صَعِد)، وتَقَدَّم [أنِّي] رأيته في حاشيةٍ على «البُخاريِّ»: أنَّ (نعمد) فيه لغةٌ بعكس ما ذكرته.

قوله: ({كَأَنَّهُ جُمَالَاتٌ صُفْرٌ} [2] [المرسلات: 33]: حِبَالُ السُّفْنِ): تَقَدَّم ضبطه في أوَّل السورة؛ فانظره.

قوله: (حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ): هو في أصلنا بالجيم، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: بالحاء المهملة، وقال شيخنا: هو بالحاء المهملة، انتهى.

[ج 2 ص 365]

==========

[1] كذا في (ق)، وفي هامش «اليونينيَّة» من رواية أبي ذرٍّ: ({كالقَصَر}).

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({جِمالاتٌ})؛ بكسر الجيم.

(1/8960)

[{هذا يوم لا ينطقون}]

(1/8961)

[حديث: وقيت شركم كما وقيتم شرها ... ]

4934# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ [1]): تَقَدَّم أنَّ (غِيَاثًا) بالغين المعجمة المكسورة، وتخفيف المثنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مثلَّثة، و (غِيَاث) في أصلنا نسخةٌ، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النخَعيُّ، تَقَدَّم قريبًا، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

قوله: (فِي غَارٍ): تَقَدَّم أنَّ الغار بمنًى، كما في بعض طرقه في هذا الحديث، وأنَّه مُطِلٌّ على مسجد الخيف، إذا وقفت في المسجد؛ كان على شمالك بقربه جدًّا.

قوله: (لَرَطْبٌ بِهَا): تَقَدَّم معناه في (الحجِّ).

قوله: (وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا): (وُقِيَت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شرَّكم): بالنصب مفعولٌ ثانٍ، وكذا (وُقِيتُم): مبنيٌّ، وكذا (شرَّها): منصوب.

قوله: (قَالَ عُمَرُ: حَفِظْتُهُ مِنْ أَبِي: فِي غَارٍ بِمِنًى): (عمر) هذا: هو شيخ البُخاريِّ، عمر بن حفص بن غِيَاث.

==========

[1] قوله: (بن غياث): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 366]

(1/8962)

(((78))) [{عم يتساءلون}]

قوله: (وَيَغسِقُ الجُرْحُ: يَسِيلُ) [1]: (يَغسِق): بكسر السين.

قوله: (كَأَنَّ الغَسَّاقَ والغَسِيقَ وَاحِدٌ) [2]: قال ابن قُرقُولَ: وقول البُخاريِّ في تفسير (الغَسَّاق): (غَسَقَتْ عينُه، وغسق الجرحُ، كأنَّ الغسَّاق والغسيق واحد) لم يزد؛ ومعناه: انغسقت عينه؛ إذا سالت ودمعت، وغسق الجرح؛ إذا سال منه ماء أصفر؛ يريد: أنَّهم يُسقَون ذلك، وقال السُّدِّيُّ: هو ما يَغسِق من دموعهم، يُسقَونه مع الحميم، وقال أبو عبيدة: هو ما سال من جلود أهل النار، وقال غيرُه: من الصديد، وقيل: الغسَّاق: البارد يُحرِق ببرده، وقُرِئ بالتخفيف والتشديد، قال الهرويُّ: فمَن خفَّف؛ فأراد البارد المُحرِق ببرده، وقيل: {غَسَّاقًا} [النبأ: 25]: مُنتِنًا، انتهى، ولم أرَ لـ (الغسيق) ذكرًا فيما وقفت عليه من كتب اللغة.

تنبيهٌ: (الغسَّاق) في هذه السورة، وفي (ص): قرأهما حفص وحمزة والكسائيُّ: بتشديد السين، والباقون: بتخفيفها.

==========

[1] قوله: (وَيَغسِقُ الجُرْحُ: يَسِيلُ): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

[2] قوله: (كأنَّ الغساق والغسيق واحد): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 366]

(1/8963)

[{يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجًا}]

(1/8964)

[حديث: ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون ... ]

4935# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (محمَّد) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (المغازي) في (أحُدٍ)، و (أبو معاوية): محمَّد بن خازم؛ بالخاء المعجمة، تَقَدَّم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، تَقَدَّموا.

قوله: (قال: أَبَيْتُ): في الأماكن الثلاثة بضمِّ تاء المتكلِّم، وتَقَدَّم الكلام عليه في (سورة الزُّمَر)، وأنَّه جاء: (أربعون خريفًا)، وأنَّه جاء كما رواه ابن وهب: (أربعون جمعة)، ولكنَّه منقطع.

قوله: (وَهْوَ عَجْبُ الذَّنَبِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الزمر).

==========

[ج 2 ص 366]

(1/8965)

(((79))) [{والنازعات}]

قوله: (وَالْبَاخِلِ وَالْبَخِيلِ): كذا هما بالموحَّدة والخاء المعجمة في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (والناحل والنحيل)؛ بالنون والحاء المهملة.

قوله: (فَيَنْخَرُ): هو بفتح الخاء المعجمة.

==========

[ج 2 ص 366]

(1/8966)

[حديث: بعثت والساعة كهاتين]

4936# قوله: (حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الضاد المعجمة، مُصغَّر، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المهملة: سلمة بن دينار، تقدَّم.

قوله: (بِإِصْبَعَيْهِ): تَقَدَّم في أنَّ في (الإصبع) عشر لغات: تثليث الهمزة، وتثليث الباء، والعاشرة: أُصبوع، وتَقَدَّم أنَّ بعض العلماء ممَّن عاصرناه نظم ذلك، فقال:

~…بَا إِصْبَعٍ ثَلِّثًا مَع مِيمِ أَنْمُلَةٍ…وثَلِّثِ الهَمْزَ أيضًا وارْوِ أُصْبُوعًا

قوله: (هَكَذَا، بِالْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا [1]): للسهيليِّ _في معاني اقتران هاتين الإصبعين، وسبق هذه بهذه؛ أعني: الوسطى والسبابة، وفي الحروف المقطَّعة_ كلامٌ لطيف، استخرج منه مدَّة بقاء هذه الأمَّة في الدنيا، وهو ألف سنة، وقد وَهِم في حساب الجُمَّل في موضع، وأبدل بالشين المعجمة المهملة، وليس في الحروف المقطَّعة في أوائل السور المعجمةُ، وأيضًا فسبَّابة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أطولُ من الوسطى له، كما هو معروفٌ، وجاء فيه حديثٌ، اللهمَّ إلَّا أن يقولَ السهيليُّ: إنَّها وإن كانت السبَّابة أطولَ من الوسطى؛ فطولها على الوسطى سُبعٌ، والله أعلم، ذكر ذلك في أوائل النصف الثاني من «روضه» في حديث بشير بن أُبَيرِق، وقبلَهُ إسلام عبد الله بن سلَام، والله أعلم، وهذا أمرٌ غَيْب لا يعلمه إلَّا الله عزَّ وجلَّ.

قوله: (بُعِثْتُ وَالسَّاعَة): يجوز نصب (الساعة) ورفعها، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (تلي الإبهام).

[ج 2 ص 366]

(1/8967)

(((80))) [{عبس}]

قوله: (فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ): (جُعِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (التطهيرُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَجُعِلَتِ الْمَلاَئِكَةُ): (جُعِلت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الملائكةُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.

قوله: (وَتَأْدِيَتِهِ): هو بالمثنَّاة فوق قبل الضمير، من الأداء، وفي نسخة هي في هامش أصلنا وعليها علامة راويها: (وتأديبه)؛ بالموحَّدة، من الأدب، قال ابن قُرقُول: («وتأديبه»: كذا للهرويِّ وعبدوس، من الأدب، وضبطه القابسيُّ: «وتأديته»؛ من الأداء، وهو أشبه بتفسير «السَّفَرة»)، انتهى.

قوله: ({تَصَدَّى} [عبس: 6]: تَغَافَلُ عَنْهُ): كذا في هذا «الصحيح»: ({تصدَّى}: تغافل)، قال ابن قُرقُول: كذا للكافَّة، وهو وَهَمٌ وقلبٌ للمعنى، إنَّما {تصدَّى}: ضدُّ تغافل، بل معناه: تعرَّض له، وهو مفهوم الآية، بخلاف التي بعدها، وفي نسخة ولم أروه: ({تَلَهَّى} [عبس: 10]: تغافل عنه)، وهذا أشبه بالصواب، فـ {تصدَّى} تصحيفٌ مِن {تلهَّى}، أو سقط من الأصل تفسير {تصدَّى} إلى {تلهَّى}، ووُصِل بين الكلامين، فاختلَّ، انتهى، وهو كلام حسنٌ، ورأيت عن أبي ذرٍّ قوله: {تصدَّى}: تغافل عنه، ليس بصحيح، وإنَّما تصدَّى للأمر؛ إذا رفع رأسه إليه، فأمَّا {تلهَّى}؛ تغافل وتشاغل عنه، انتهى، وفي أصلنا الذي سمعت منه على العراقيِّ: ({تصدَّى}: تغافل عنه)، ثُمَّ ذكر أشياء، ثُمَّ قال: {تلهَّى}: تشاغل، وكذا رأيته في أصل آخَرَ، وآخَرَ من بعض أصولي الدِّمَشْقيَّة، والله أعلم.

قوله: ({مُسْفِرَةٌ} [عبس: 38]: مُشْرِقَةٌ): هو من الإشراق؛ بالشين المعجمة والقاف.

قوله: (مَا أُمِرَ بِهِ) [1]: (أُمِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: ({تَلَهَّى} [عبس: 10]: تَشَاغَلُ): هو مضارع مرفوع محذوف إحدى التاءين.

==========

[1] هذا القول جاء في «اليونينيَّة» متقدِّمًا على قوله: ({مُسْفِرَةٌ}: مُشْرِقَةٌ).

[ج 2 ص 366]

(1/8968)

[حديث: مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام]

4937# قوله: (مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ البَرَرة ... ) إلى أن قال: (فَلَهُ أَجْرَانِ): يعني: أجرًا بقراءته، وأجرًا بِتَعَبِه في تلاوته ومشقَّته، قال القاضي عياض وغيرُه من العلماء: وليس معناه أنَّ الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضلُ وأكثرُ أجرًا، فإنَّه مع السَّفَرة، وله أجور كثيرة، ولم تُذكَر هذه

[ج 2 ص 366]

المنزلة لغيره، وكيف يلتحق به من لم يعتنِ بكتاب الله، وحفظه، وإتقانه، وكثرة تلاوته ودراسته؛ كاعتنائه حتَّى مهر فيه، والله أعلم، انتهى، وقال بعضهم في قوله: (له أجران): هل هو ضِعْفُ أجر الذي يقرأ حافظًا، أو يضاعف له أجره؟ والأوَّل أعظم وأكثر؛ لأنَّه مع السَّفَرة، وهذا أشبه، ومن رجَّح الأوَّل؛ قال: الأجر على قدر المشقَّة، انتهى.

(1/8969)

(((81))) [{إذا الشمس كورت}]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، مشهورٌ.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]: أَفْضَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ... ) إلى آخره: هو كلام يحيى بن زياد الفرَّاء، قاله بعض حفَّاظ العصر.

قوله: (وَالْخُنَّسُ: تَخْنِسُ فِي مُجْرَاهَا: تَرْجِعُ): وقيل: الخنَّس: الكواكب كلُّها، وقيل: الكواكب السيَّارةُ منها دون الثابتة، قال الفرَّاء في قوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الجَوَارِ الكُنَّسِ} [التكوير: 15 - 16]: إنَّها النجوم الخمسة: زُحَل، والمشتري، والمِرِّيخ، والزُّهَرة، وعطارد، وقال ابن عبد السلام بعد أن ذكر ما ذُكِر فيها: والمُجمَع عليه أنَّ الله عزَّ وجلَّ أقسم بأشياء تخنس أحيانًا، وتكنس أحيانًا، لا يخصُّ بذلك شيئًا، انتهى.

قوله: (تَكْنِسُ [1]: تَسْتَتِرُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّبَاءُ): (تكنِس): بكسر النون في المستقبل، ومفتوحٌ في الماضي.

قوله: (تَخْنِسُ): هو بكسر النون أيضًا في المستقبل، وضمِّها أيضًا.

قوله: (وَالظَّنِينُ: الْمُتَّهَمُ، وَالضَّنِينُ: يَضَنُّ بِهِ)، انتهى، هذا إشارة إلى أنَّها تُقرَأ بالظاء والضاد، وهما بمعنَيَين؛ ومعنى (الضنين)؛ بالضاد: البخيل، يقال: ضَنِنتُ به أضَنُّ _بالكسر في الماضي، والفتح بالمستقبل_ ضِنًّا وضَنًّا به؛ إذا بخلتَ، وهو ضنينٌ به، قال الفرَّاء: وضَنَنت أضِنُّ؛ بالكسر: لغة، وقد قرأ ابن كَثِير وأبو عمرو والكسائي: بالظاء المشالة، والباقون: بالضاد المعجمة، والله أعلم.

قوله: (يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ): (يُزَوَّج): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ونظيرَه): منصوبٌ، مفعول ثانٍ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: ({عَسْعَسَ} [التكوير: 17]: أَدْبَرَ): قال الجوهريُّ: عسعس الليل؛ إذا أقبل ظلامه، وقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 17]: قال الفرَّاء: أجمع المفسِّرون على أنَّ معنى {عسعس}: أدبر، قال: وقال بعض أصحابنا: إنَّه دنا من أوَّله وأظلم، انتهى، وقال أبو محمَّد بن عبد السلام: عسعس الليل: أظلم، وقيل: أقبل، انتهى.

وحاصل كلام أهل اللغة: أنَّ (عسعس) يُستَعمل بمعنى: أقبل، وبمعنى: أدبر، وقد قيل ذلك في الآية، نقله غير واحد، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (وتكنس)؛ بزيادة واو، وهي مستدركة في (ق).

[ج 2 ص 367]

(1/8970)

(((82))) [{إذا السماء انفطرت}]

قوله: (وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ): هو بضمِّ الخاء المعجمة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ميم، و (الرَّبيع): حُجَّة قانتٌ ثِقةٌ، ترجمته معروفة.

قوله: ({فُجِّرَتْ} [الانفطار: 3]): قراءة الجماعة: بالتشديد في الجيم المكسورة وضمِّ الفاء، ولكن ينبغي أن تُقرَأ هذه اللفظة بالتخفيف مع ضمِّ الفاء؛ لأنَّه منسوب إلى الربيع بن خُثَيْم، واعلم أنَّ {فُجِّرَتْ} العامَّة على بنائه للمفعول مثقَّلًا، وقرأ مجاهد: مبنيًّا للفاعل مخفَّفًا، من الفجور؛ نظرًا إلى قوله: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 20]، فلمَّا زال البرزخ؛ بَغَيَا، وقرأ مجاهد أيضًا، والربيع بن خُثَيْم، والزعفرانيُّ، والثوريُّ: مبنيًّا للمفعول مخفَّفًا، قاله الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»، وما قاله البُخاريُّ في تفسير قراءة الربيع بن خُثَيْم فيه نظرٌ؛ إذ فسَّره بـ (فاضت) اللازم، والله أعلم، وهذا التفسير لائقٌ بقراءة مجاهد الأُولى، حيث قرأ مبنيًّا للفاعل مخفَّفًا، والله أعلم.

قوله: (وَقَرَأَ الأَعْمَشُ وَعَاصِمٌ: {فَعَدَلَكَ} [الانفطار: 7]؛ بِالتَّخْفِيفِ): اعلم أنَّه قرأ الكوفيُّون: {فَعَدَلَكَ}؛ بتخفيف الدال، والباقون: بتشديدها، و (الأعمش): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (عاصم): هو أحد القرَّاء السبعة، وهو عاصم بن أبي النَّجود بهدلةَ، قال الفلَّاس: بهدلةُ أمُّه وغُلِّط، أبو بكر الأسديُّ مولاهم، الكوفيُّ، ترجمته مشهورة جدًّا، أخرج له البُخاريُّ ومسلمٌ مقرونًا بغيره، وأخرج له الأربعة، تُوُفِّيَ سنة سبع وعشرين ومئة، وقال ابن سعد وجماعة: تُوُفِّيَ سنة ثمان وعشرين ومئة، له ترجمة في «الميزان».

==========

[ج 2 ص 367]

(1/8971)

(((83))) [{ويل للمطففين}]

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُطَفِّفُ: لاَ يُوَفِّي غَيْرَهُ): قال بعض حفَّاظ العصر: هذا قول أبي عبيدة، انتهى.

==========

[ج 2 ص 367]

(1/8972)

[حديث: يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه ... ]

4938# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ): تَقَدَّم أنَّه مَعْن بن عيسى المدنيُّ القزَّاز، أبو يحيى، أحد الأئِمَّة، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، تُوُفِّيَ سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة، تَقَدَّم ببعض ترجمةٍ.

قوله: (فِي رَشْحِهِ): (الرَّشْح): العَرَق، وهذا معروفٌ.

==========

[ج 2 ص 367]

(1/8973)

(((84))) [{إذا السماء انشقت}]

(1/8974)

[حديث: ليس أحد يحاسب إلا هلك]

4939# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو أبو حفصٍ الفلَّاس الحافظ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان الحافظ، و (عُثْمَان بْن الأَسْوَدِ): الجمحيُّ المَكِّيُّ، أخرج له الجماعة، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّم أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ، قال الدِّمْياطيُّ: حديث عثمان بن الأسود وأيوبَ عن ابن أبي مُلَيْكَة، وحديث ابن أبي صغيرة عن ابن أبي مُلَيْكَة عن القاسم عن عائشة؛ يحتمل أن يكون ابن أبي مُلَيْكَة سمعه أوَّلًا من القاسم عن عائشة، ثُمَّ لَقِيَ عائشة فسمع منها، ووقع في «الصحيحين» مثل هذا أحاديثَ، انتهى.

في الطريق الأوَّل: قال ابن أبي مُلَيْكَة: سمعت عائشة، وفي الثانية: عن عائشة، وفي الطريق الثالثة: حاتم بن أبي صغيرة عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن القاسم، عن عائشة.

قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى): تَقَدَّم أنَّ (يحيى) هو ابن سعيد القطَّان الحافظ.

قوله: (فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي [1]): تَقَدَّم الكلام على (فداك)، وعلى التفدِّي بالآباء والأمَّهات، أو بأحدهما، وأنَّه جائز، في (غزوة أحُد) وقبلها أيضًا.

قوله: (ذَاكِ الْعَرْضُ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا معروفٌ ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (جعَلَني اللهُ فِدَاءَكَ).

[ج 2 ص 367]

(1/8975)

[حديث ابن عباس: {لتركبن طبقًا عن طبق} حالًا بعد حال]

4940# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ): تَقَدَّم أنَّه بالضاد المعجمة.

قوله: (أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هُشَيم بن بَشِير، حافظ بغداد، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة.

قوله: ({لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ} [الانشقاق: 19]): هو في أصلنا بضمِّ الموحَّدة، وفي أصل آخرَ صحيح بفتحها، وهما قراءتان، قرأ ابن كَثِير وحمزة: بفتح الباء، والباقون: بضمِّها وفتح التاء

[ج 2 ص 367]

، خطابٌ له عَلَيهِ السَّلام؛ أي: لتَركبَنَّ طبقًا من أطباق السماء بعد طبق من المعراج، أو لترفَعَنَّ أمرك حالًا بعد حال، والله أعلم، وقال شيخنا: (قرأ ابن مسعود بالمثنَّاة تحت، ونصب الباء الموحَّدة، وقرأ أبو المتوكِّل كذلك، لكنْ رَفَع الباءَ)، انتهى.

(1/8976)

(((87))) [{سبح اسم ربك}]

(1/8977)

[حديث: أول من قدم علينا من أصحاب النبي مصعب بن عمير]

4941# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عثمان بن عبد الرَّحمن بن جَبَلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقبه، وتَقَدَّم لِمَ قيل: إنَّه لُقِّب به، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه السَّبِيعيُّ عَمرو بن عبد الله، و (البَرَاء): هو ابن عَازب، وتَقَدَّم أنَّ عازبًا صَحابيٌّ أيضًا.

قوله: (أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ): تَقَدَّم الكلام على أوَّل من قَدِم المدينة من المهاجرين مطوَّلًا في أوَّل (باب مقدم النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وأصحابه المدينة)؛ فانظره.

قوله: (وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ): تَقَدَّم أنَّ اسمه عَمرو بن قيس بن زائدة، وقيل: اسمه عبد الله، وأمُّ مكتوم: أمُّه، وقدَّمتُ أنَّ اسمها عاتكة بنت عبد الله، وقدَّمتُ بعض ترجمته، رضي الله عنه.

قوله: (ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ [2] فِي عِشْرِينَ): تَقَدَّم مَن عُرِف من العشرين فيما مضى في (المَقْدَم).

قوله: (حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلَائِدَ): هو جمع (وليدة)؛ وهي الصغيرة، وقد تُطلَق الوليدة على الجارية والأَمَة وإن كانت كبيرة، والظاهر أنَّ المراد هنا: البنات الصغار؛ لقرينة (والصِّبْيانَ)، والله أعلم.

قوله: (هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ [3] قَدْ جَاءَ): تَقَدَّم عن الحافظ أبي ذرٍّ في (الأحزاب) أنَّ ابتداء الصلاة على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في السنة الخامسة من الهجرة، انتهى، ومن أجل ذلك؛ سقطت في بعض النُّسَخ، وقد تعقَّبتُ ذلك عليه من كلام اليونينيِّ: أنَّه ورد الصلاة عليه في حديث الإسراء، وهو كان بمَكَّة، فلا وجه لإنكارها في هذا الموضع، والله أعلم.

(1/8978)

(((88))) [{هل أتاك حديث الغاشية}]

قوله: (بَلَغَ إِنَاهَا): هو بكسر الهمزة، مقصور، وكذا بعده: (بَلَغَ إِنَاهُ).

قوله: (يُقَالُ لَهُ: الشِّبْرِقُ): (الشِّبْرِق): بكسر الشين المعجمة، ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ قاف، قال الجوهريُّ: والشِّبْرِق؛ بالكسر: نبتٌ، وهو رطب، الضريع، قال بعضُ حفَّاظ العصر: هو كلام الفرَّاء، ونقله منه أبو عبيدة ما هنا فقط.

قوله: (وَهْوَ سَمٌّ): تَقَدَّم أنَّه مثلَّث السين، وأنَّ الأفصح الفتحُ، ويليه الضمُّ، ثُمَّ الكسر، وقد أُنكِر.

قوله: (وَيُقْرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ): اعلم أنَّ هشامًا قرأ: {بِمُسَيطِرٍ}؛ بالسين، وحمزة بخلافٍ عن خلَّاد بين الصاد والزاي، والباقون بالصاد خالصةً، والله أعلم.

(1/8979)

(((89))) [{والفجر}]

قوله: (كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهْوَ شَفْعٌ): قد يُستَشكَل؛ لأنَّه تعالى قال: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12]، والظاهر _والله أعلم_ أنَّ مجاهدًا أراد أنَّ كلَّ شيء له نظيرٌ أو شبيهٌ؛ فهو شَفْع، ولهذا قال: (كلُّ شيء خَلَقَه فهو شَفْع)؛ يعني: المخلوقاتِ يُشبِه بعضها بعضًا؛ فهي شَفْع بهذا الاعتبار، والله تعالى لا نظير له ولا شبيه، فهو وترٌ، وقد قدَّمتُ ذلك في (بدءِ الخلق)، ونحوه للحكيم محمَّد بن عليٍّ التِّرْمِذيِّ فيما أظنُّ أنَّه كلامُه في قولهِ: «إنَّ الله وتر يحبُّ الوتر ... »؛ الحديث، «الوتر»: الفَرد، فالله تعالى هو الفَرد الذي لا يزدَوِج بشيء، وكلُّ ما سواه من الأفراد؛ فإنَّه يزدَوِج بشكلٍ أو بضدٍّ، وكلُّ وتر غيره يُشفَع بخلافٍ أو وفاقٍ، والله تعالى وتر لا شكل له ولا مثل، وكلُّ وتر سواه؛ فهو في نفسه ليس بفرد، بل شَفْع؛ لأنَّه مركَّب ويَقْبلُ، والله يتعالى عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا، فهو فردٌ وترٌ أحدٌ، لا يُوصَف بما يُوصَف به خلقُه بوجه من الوجوه من جهة الفرديَّة والوتريَّة والأَحَديَّة، ثُمَّ تكلَّم على «يحبُّ الوتر ... » إلى آخر الحديث.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: {جَابُوا} [الفجر: 9]: نَقَبُوا): هو بتخفيف القاف، قال بعض الحُفَّاظ: هو كلام أبي عُبيدة، وباقيه من نقل المصنِّف.

قوله: (جِيْبَ الْقَمِيصُ): (جِيْبَ)؛ بكسر الجيم، وإسكان المثنَّاة تحت، وفتح الموحَّدة: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (القميصُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (قُطِعَ لَهُ جَيْبٌ).

==========

[ج 2 ص 368]

(1/8980)

(((91))) [{والشمس وضحاها}]

قوله: (سُورَةُ [1] {والشَّمْسِ وَضُحَاهَا}): اعلم أنَّ (الشَّمس) لها أسماء؛ منها: المهاةُ، سُمِّيَت بذلك لصفائها، و (المهاة): البلُّورة، ومن أسمائها: الغزالة إذا ارتفعت، فهذا في معنى المهاةِ، ومن أسمائها: البُتَيراءُ _ذكره الخَطَّابيُّ والهرويُّ_ وحَناذِ، وبَراحِ، والضِّحُّ، وذُكاء، والجارية، والشفاء، وبُوْحٌ، ويقال: يوحٌ؛ بالياء، وهو قول الفارسيِّ، وبالباء ذكره الأنباريُّ، والشَّرْق، والسراج، انتهى، قاله السهيليُّ، والله أعلم.

==========

[1] قوله: (سورة): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 368]

(1/8981)

[حديث: يعمد أحدكم يجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها ... ]

4942# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (وُهَيْبٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الباهليُّ الحافظ، و (هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ): هو هشام بن عروة، عن أبيه عروة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ زَمْعَةَ): هو عبد الله بن زَمْعَة بن الأسود بن المطَّلب، القرشيُّ الأسَديُّ، ابن أخت أمِّ سلمة، أحد الأشراف، روى له الجماعة، وأحمد في «المسند»، رضي الله عنه.

قوله: (وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا [1]): اعلم أنَّ الذي عقرها يُقال له: قُدَار بن سالِف، و (قُدَار)؛ بضمِّ القاف، وتخفيف الدال المهملة، وفي آخره راء، كذا قاله غير واحد، وكذا أخرجه الجوهريُّ وغيره في (قدر)، و (سالِف)؛ بالسين المهملة، وبعد الألف لام مكسورة، ثُمَّ فاء، وقُدَار: أُحيمِر ثمود، وكان أشقر أزرق قصيرًا، واسم أمِّه قُدَيرَةُ، قال الإمام قاضي المسلمين بدر الدين بن جماعة في «غرر الفوائد»: إنَّ اسمه مصدعٌ، وإنَّه عقرها يوم الأربعاء، ونزل العقابُ يومَ السبت، وقال شيخنا في مكانٍ: ولمَّا عقر قُدَار بن سالِف ومصدع بن مهرج _ويقال: ابن دهر، ويقال: ابن جَهْم_ الناقةَ يوم الأربعاء؛ صَعِد فصيلُها جَبَلًا ودعا، فأتاهم العذابُ يوم السبت، وذكر السُّهيليُّ أنَّ قُدَارًا كان ولدَ زنى، وأمَّا الذين تمالؤوا معه؛ فذكرهم عن «الوشاح» لابن دريد، وفي آخره: (وكان الذي تولَّى عَقْرَها قُدَار، والذي رماها مصدع)، ورأيت في كلام بعض شيوخنا قال: (وقيل: شَرِكه فيها مصدع).

قوله: ({إِذِ انْبَعَثَ} [الشمس: 12]): أي: قام بسُرعة.

قوله: (عَارِمٌ): تَقَدَّم أنَّ (العَارِم)؛ بالعين المهملة، وبعد الألف راء مكسورة، ثُمَّ ميم: الشَّرِسُ، كذا في «الصحاح»، وقال غيره: العَارِم: الشِّرِّير المفسد الخبيث، وقيل: القويُّ الشَّرِس، يقال: عَرِمَ _بضم الراء وكسرها وفتحها_ عَرامةً وعُرامًا؛ فهو عَارِمٌ وعَرِمٌ.

قوله: (مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ): قال الدِّمْياطيُّ: هو الأسود بن المطَّلب بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصيٍّ، جدُّ الراوي عبدِ الله بن زَمْعَة بن الأسود، وقُتِل زَمْعَةُ يوم بدر كافرًا، وكان يقال للأسود وهو أحد المستهزئين: مسلم بن مسلم بن مسلم؛ لإصلاحهم بين المتفاسدين، انتهى، و (زَمْعَة)؛ بالفتح، والإسكان.

(1/8982)

قوله: (يَعْمِدُ): تَقَدَّم أنَّ المستقبل بالكسر، والماضي بالفتح، وأنِّي رأيت في حاشية نسخة بـ «البُخاريِّ» عتيقةٍ نقل العكس أيضًا عن «شرح الفصيح».

[ج 2 ص 368]

قوله: (لِمَ يَضْحَكُ؟): (لمَ): بفتح الميم على الاستفهام، و (يضحك): مرفوعٌ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ): هو محمَّد بن خازم _بالخاء المعجمة_ الضرير، و (هِشَامٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن عروة بن الزُّبَير بن العوَّام، وتَقَدَّم قريبًا (عَبْد اللهِ بْن زَمْعَةَ)، وتعليق أبي معاوية لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: أخرجه أبو القاسم في «معجم الصَّحابة» عن سريج بن يونس: حدَّثنا أبو معاوية به، انتهى.

قوله: (مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ): قال الدِّمْياطيُّ: صوابه: أنَّ أبا زمعة ابن عمِّ أبيه، وذلك لأنَّ أبا زَمْعة اسمه الأسود بن المطَّلب، والمطَّلب أخو خويلد بن أسد، والزُّبَير هو ابن العوَّام بن خويلد بن أسد، انتهى، ولو قال: إنَّ هذا مجاز؛ لأنَّ أبا زَمْعة في منزلة العوَّام، وهو أيضًا قريب أبي الزُّبَير، فهو عمُّ الزُّبَير بهذا الاعتبار، ونظيره قول خديجة لورقة: (أيْ عمُّ؛ اسمع من ابن أختك)، وإنَّما ورقة ابن عمِّها، لكن قد يقال في هذا: إنَّ خديجة خاطبت ورقة بذلك تُعَظِّمه لكِبَر سِنِّه، والله أعلم، وقال شيخنا في (كتاب الأنبياء): وادَّعى القُرْطبيُّ أنَّ أبا زَمْعة هذا يحتمل أن يكون البلويَّ، وهو ممَّن بايع تحت الشجرة، وتُوُفِّيَ بإفريقيَّة مع معاوية بن حُدَيج، فإن كان إيَّاه؛ فإنَّه شبَّهه بالعاقر في عزَّة قومه، وسبقه إليه ابن العربيِّ وغيرُه، وقد أسلفناه، انتهى، وهذا يردُّه ما تَقَدَّم، وقد قدَّمتُ ذلك في (كتاب الأنبياء)، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (عَقَرَ)، وعلى (ها) في (ق) ضربٌ وعلامة تصحيح.

(1/8983)

(((92))) [{والليل إذا يغشى}]

قوله: (وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: {تَتَلَظَّى} [الليل: 14]): في هامش أصلنا فائدة: قال الدِّمْياطيُّ ما ملخَّصه: أنَّ ما عزاه البُخاريُّ إلى عبيد بن عمير من القراءة كذا وقع في تفسير سعيد بن منصور، والمعروف عند أصحاب القراءة عن عبيد بن عمير غيرُ هذا، وأنَّه قرأها: {نارًا تَّلظَّى}؛ بتثقيل التاء؛ أي: بالإدغام في الوصل، لا في الابتداء؛ إذ لا يُتَصَوَّر الابتداء بالساكن، فعلى هذا لا خلاف في ذهاب الإدغام في الابتداء، وفي القراءة بتاء واحدة مفتوحة، انتهى.

وما نسبه الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ إلى عبيد بن عُمير؛ نسبه الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه» إلى ابن الزُّبَير، وسفيان، وزيد بن عليٍّ، وطلحة: {تتلظَّى}؛ بتاءين، قال: وهو الأصل، وقال قبله: قد تَقَدَّم في (البقرة) أنَّ البزيَّ يشدِّد مثل هذه التاء، والتشديد فيها عَسِرٌ؛ لالتقاء الساكنين فيها على غير حدِّهما، وهو نظير قوله: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} [النور: 15]، وقد تَقَدَّم، وقال أبو البقاء: يُقرَأ بكسر التنوين، وتشديد التاء، وقد ذُكِر وجهُه عند: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ} [البقرة: 267]، انتهى، قال الإمام السمين: وهذه قراءة غريبة، ولكنَّها موافقة للقياس من حيث إنَّه لم يلتقِ فيها ساكنان ... إلى آخر كلامه، فإنَّه اعترضه.

(1/8984)

[حديث: دخلت في نفر من أصحاب عبد الله الشام ... ]

4943# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (قَبِيصة) بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنِّي رأيت في «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ فيمن روى عنه قبيصةُ الثوريَّ، ولم يذكر فيهم ابن عيينة، ونظرت «تذهيب الذهبيِّ»؛ فرأيته ذكر فيمن روى عنه قبيصةُ سفيانَ وأطلق، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَش): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيم): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يزيد النخَعيُّ، و (أَبُو الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّم أنَّه عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، تأخَّر إسلامه، فأسلم عَقِب بدر، وقد فرض له عمر فألحقه بالبدريِّين؛ لجلالته، تُوُفِّيَ سنة (32 هـ)، وأخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، ومناقبه مشهورة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

==========

[ج 2 ص 369]

(1/8985)

[{وما خلق الذكر والأنثى}]

قوله: ({وَالذَّكَرِ وَالأُنثَى} [الليل: 3]): هو مجرور، وهي قراءة عليٍّ وابن عبَّاس أيضًا، قال القاضي عياض: قال المازريُّ: يجب أن يُعتَقد في هذا الخبر وما في معناه أنَّ ذلك كان قرآنًا، ثُمَّ نُسِخ، ولم يَعلَم مَن خَالَفَ النسخَ، فبقي على النَّسْخِ، قال: ولعلَّ هذا وقع عن بعضهم قبل أن يبلغَهم مصحفُ عثمان المُجمَعُ عليه المحذوفُ منه كلُّ منسوخٍ، وأمَّا بعد ظهور مصحف عثمان؛ فلا يُظَنُّ بأحد منهم أنَّه خالف فيه، وأمَّا ابن مسعود؛ فقد رُوِيَت عنه رواياتٌ كثيرةٌ، منها ما ليس بثابت عند أهل النقل، وما يثبت منها مخالفًا لما قلناه؛ فهو محمولٌ على أنَّه كان يكتب في مصحفه بعضَ الأحكام والتفاسير ممَّا يعتقد أنَّه ليس بقرآن، وكان لا يعتقد تحريم ذلك، وكان يراه كصحيفة يُثْبِتُ فيها ما شاء، وكان يرى عثمانُ والجماعةُ منعَ ذلك؛ لئلَّا يتطاول الزَّمانُ، ويُظَنَّ ذلك قرآنًا، فعاد الخلاف إلى مسألة فقهيَّة؛ وهو أنَّه هل يجوز إلحاق بعض التفاسير في أثناء المصحف؟ قال: ويحتمل ما رُوِيَ من إسقاط المعوِّذتَين من مصحف ابن مسعود أنَّه اعتقد أنَّه لا يلزمه كَتْبُ كلِّ القرآن، فكتب ما سواهما وتركهما؛ لشهرتهما عنده وعند الناس، والله أعلم، انتهى، وسأذكر في المعوِّذتين كلام ابن مسعود فيهما، وما قيل عنه فيهما، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 369]

(1/8986)

[حديث: أيكم يقرأ على قراءة عبد الله ... ]

4944# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ): كذا في أصلنا، وعلى (حفص) صورة نسخة، وأنَّها رواية، وهو عمر بن حفص بن غياث، تَقَدَّم ذكره مرارًا، ونسبته إلى أبيه، وأبيه إلى جدِّه، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أنَّه سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيم): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن يزيد النخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (قَدِمَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ): هم: علقمة بن قيس، وعبد الرَّحمن والأسود ابنا يزيد النخعيِّ، قاله بعض حفَّاظ العصر.

قوله: (عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّم أعلاه الكلام عليه، وقبل ذلك مرَّات.

==========

[ج 2 ص 369]

(1/8987)

[{فأما من أعطى واتقى}]

(1/8988)

[حديث: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ... ]

4945# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: لا أعرفه بعينه، ولم أرَ مَن عيَّنه، وقد روى أبو نعيم عن السفيانين، وهما رويا عن الأعمش، والله أعلم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة، مشهورٌ، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن السُّلَمِيُّ): قال الدِّمْياطيُّ: واسمه عبد الله بن حبيب بن رُبَيِّعة، انتهى، وهذا تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ، و (حَبِيب) والده: بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، و (رُبَيِّعة) جدُّه: بضمِّ الراء، وفتح الموحَّدة، وتشديد المثنَّاة تحت المكسورة، و (السُّلَميُّ): بضمِّ السين، وفتح اللام، وهذا كلُّه معروفٌ عند أهله، وقد ذكرت بعض ترجمة أبي عبد الرَّحمن فيما مضى.

قوله: (فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ): (البَقِيع)؛ بفتح الموحَّدة، وكسر القاف: مدفن أهل المدينة، (والغَرْقَد): بفتح الغين المعجمة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، في «الصحاح»: شجرٌ، وقال ابن قُرقُول: هو من العِضاهِ، قاله الهرويُّ، وقال غيره: هو العوسج، وله ثمرٌ أحمرُ حلوٌ يُؤكَل؛

[ج 2 ص 369]

كأنَّه حَبُّ العقيق، ورأيت في بعض حواشي البُخاريِّ عن بعض رواته: أنَّه الدِّفْل [1]، وليس بشيء، وسُمِّيَ بقيعَ الغرقد بشجرات غرقد كانت فيه قديمًا، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (فِي جنَازَةٍ): صاحب هذه الجنازة تَقَدَّم أنِّي لا أعرفه.

قوله: (إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ): (كُتِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ومقعدُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا معروفٌ.

قوله: (فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَفَلَا نَتَّكِلُ؟): قال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: أخرجه ابن مردويه في «تفسيره» من طريق جابر: أنَّ السائل عن ذلك سراقةُ بن جعشم.

4945 م# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو عبد الواحد بن زياد، وتَقَدَّمتُ ترجمته، وأنَّ له مناكيرَ اجتنبها أهل الصحيح، و (الأَعْمَشُ): سليمان، تَقَدَّم قريبًا، و (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): تَقَدَّم قريبًا أنَّ أباه بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة، وتَقَدَّم الكلام قريبًا على (أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) السُّلَمِيِّ.

(1/8989)

[{فسنيسره لليسرى}]

(1/8990)

[حديث: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ... ]

4946# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدُر، وتَقَدَّم ضبط (غُنْدُر)، وما هو، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش.

قوله: (يَنْكُتُ): هو بضمِّ الكاف، وبالمثنَّاة فوق في آخره، وهذا معروفٌ جدًّا.

قوله: (وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ): (كُتِبَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، (ومقعدُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنِي بِهِ مَنْصُورٌ، فَلَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ): حديث شعبة هذا أخرجه البُخاريُّ في (التوحيد) عن بُنْدَار، عن غُنْدُر، عن شعبة، عن منصور والأعمش، عن سعد بن عُبَيدة، عن أبي عبد الرَّحمن السُّلَميِّ، عن عليٍّ به.

==========

[ج 2 ص 370]

(1/8991)

[{وأما من بخل واستغنى}]

(1/8992)

[حديث: ما منكم من أحد إلَّا وقد كتب مقعده من الجنة ... ]

4947# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّم مَن هو في (سورة الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران.

قوله: (كُتِبَ مَقْعَدُهُ): (كُتِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مقعدُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، (وَمَقْعَدُهُ) الثاني: معطوف عليه، وهو مرفوعٌ.

(1/8993)

[{وكذب بالحسنى}]

(1/8994)

[حديث: أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ... ]

4948# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الراء، ابن عبد الحميد، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، والباقي تَقَدَّم.

قوله: (فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ): تَقَدَّم ضبطه في الصفحة قبل هذه، وكذا (الغرقد).

قوله: (وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ): هي بكسر الميم، وإسكان الخاء المعجمة، ثُمَّ صاد مهملة ثُمَّ راء مفتوحَتَين، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه، من عصًا، أو عُكَّازة، أو مِقْرَعة، أو قضيب، وقد يتَّكئ عليه.

قوله: (فَنَكَّسَ): هو بتشديد الكاف في أصلنا، ويقال: بالتخفيف، لغتان حكاهما الجوهريُّ.

قوله: (يَنْكُتُ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (المِخْصَرَة).

قوله: (مَنْفُوسَةٍ [1]): أي: مولودة.

قوله: (كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً): (كُتِبَت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شقيَّةً أو سعيدةً): منصوبان منوَّنان، ونصبهما معروفٌ.

قوله: (فَقَال [2] رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ في (كتاب القَدَر) في هذا الحديث _حديث عليٍّ_: وقع في «أُسْد الغابة» في ترجمة ذي اللِّحية _واسمه شريح بن عامر_ أنَّه قال: (يا رسول الله؛ أنعمل في أمر مستأنَف، أو في أمر قد فُرِغ منه؟) ثُمَّ قال: وهذا يحتمل أن يُفَسَّر به المبهم في حديث عِمران السابق وحديث عليٍّ الذي نحن فيه، قال: وقد وقعت مثل هذه القضيَّة لعمر بن الخَطَّاب، رواها التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (أبواب القَدَر) ... ، فذكرها، انتهى.

(1/8995)

تنبيهٌ: اعلم أنَّه اختلف أهل الإقراء في لفظ التكبير إذا بلغ (والضحى)، فكان بعضهم يقول: الله أكبر، لا غير، ودليلهم على ذلك _كما قاله أبو عمرو الدانيُّ_ جميع الأحاديث الواردة بذلك من غير زيادة، قال: كما حدَّثنا أبو الفتح شيخنا: حدَّثنا أبو الحسن المقرئ: حدَّثنا أحمد بن سَلْم: حدَّثنا الحسن بن مَخْلَد: حدَّثنا البَزِّيُّ قال: قرأت على عكرمة بن سليمان، وقال: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قُسْطَنْطِين، فلمَّا بلغت (والضحى)؛ قال: كبِّر حتى تختم مع خاتمة كلِّ سورة، فإنِّي قرأت على عبد الله بن كثير وأمرني بذلك، وأخبرني ابن كثير أنَّه قرأ على مجاهد فأمره بذلك، وأخبره مجاهد أنَّه قرأ على عبد الله بن عبَّاس فأمره بذلك، وأخبره ابن عبَّاس أنَّه قرأ على أُبيِّ بن كعب فأمره بذلك، وأخبره أنَّه قرأ على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فأمره بذلك.

وكان آخرون يقولون: لا إله إلا الله والله أكبر، فيهلِّلون قبل التكبير، واستدلُّوا على صحَّة ذلك، واستدلوا على ذلك بما حدَّثَناه فارسٌ بن أحمد المقرئ: حدَّثنا عبد الباقي بن الحسن: حدَّثنا أحمد بن سَلْم الخُتَّليُّ وأحمد بن صالح قالا: حدَّثنا الحسن بن الحُبَاب قال: سألت البَزِّيَّ عن التكبير: كيف هو؟ فقال: لا إله إلا الله والله أكبر.

قال أبو عمرو: وابن الحُبَاب هذا مِن الإتقان والضبط وصدق اللهجة بمكانٍ لا يجهله أحدٌ من علماء هذه الصنعة، وبهذا قرأت على أبي الفتح، وقرأت على غيره كما تَقَدَّم، انتهى، فاعلم أن الذهبيَّ في «ميزانه» ذكر ترجمة البَزِّيِّ، وذكر فيها هذا الحديث في التكبير، ثُمَّ قال: هذا حديث غريب، وهو مما أُنكِر على البَزِّيِّ، قال أبو حاتم: هذا حديث منكرٌ، انتهى.

==========

[1] في (أ): (منقوسة)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 2 ص 370]

(1/8996)

(((93))) (سُورَةُ {وَالضُّحَى}) ... إِلَى آَخِر القُرْآنِ

قوله: (سَجَى [1]: أَظْلَمَ وَسَكَنَ): قال بعض حفَّاظ العصر: هذا كلام الفرَّاء.

==========

[1] قوله: (سجى) ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 370]

(1/8997)

[حديث: اشتكى رسول الله فلم يقم ليلتين أو ثلاثًا ... ]

4950# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبه إلى جدِّه، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زهير بن معاوية، أبو خيثمة الحافظ، و (جُنْدب بْن سُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الدال وفتحها، تَقَدَّم أنَّه جندب بن عبد الله بن سفيان، أبو عبد الله البجليُّ ثُمَّ العَلَقيُّ، وقد يُنسَب إلى جدِّه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وعن حذيفة، وعنه: الحسن، وابن سيرين، وأبو مِجْلَز، وجماعةٌ، وعَلَقَة: حيٌّ من بجيلة، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه، تُوُفِّيَ سنة (64 هـ).

قوله: (فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا): قال شيخنا: واختلف في المدَّة التي احتبس لها جبريل، فذكر ابن جُرَيج أنَّها كانت اثني عشر يومًا، وقال ابن عبَّاس: خمسة عشر يومًا، وفي رواية: كانت خمسًا وعشرين يومًا، وقال مقاتل: أربعين يومًا، ويقال: ثلاثة أيَّام، انتهى، وهنا ترك القيام ليلتين أو ثلاثًا بالشكِّ، وسيأتي في (فضائل القرآن): (ليلة أو ليلتين)، وهذا في «البُخاريِّ» أيضًا في (التهجُّد)، وفيه تعيين المدَّة التي لم يقم فيها، والظاهر أنَّها التي لم يأتِ فيها جبريل، والله أعلم.

قوله: (فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ): هذه المرأة تَقَدَّم الكلام عليها في (باب ترك القيام للمريض)، والله أعلم.

قوله: (لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ): هو بكسر الراء، يقال: قَرِبَه؛ كـ (سَمِعَ)، وكذا المُعدَّى، وقَرُب منه _بضمِّ الراء_ اللازم، يقال: قَرِبته _ بالكسر_ أقرَبه _ بالفتح_ قُرْبًا؛ إذا دنوتَ منه، قاله في «التحرير».

(1/8998)

[{ما ودعك ربك وما قلى}]

قوله: (تُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ): أمَّا التشديد؛ فمتواترٌ، وأمَّا التخفيف؛ فشاذٌّ، وقوله: (بمعنًى واحدٍ): خالف في ذلك أبو عبيدة، فقال: التشديد من التوديع، والتخفيف: من وَدَعَ يَدَعُ؛ أي: سكن، والتخفيف قراءة ابن أبي عَبْلة، وقد تَقَدَّم أنَّها شاذَّة.

==========

[ج 2 ص 370]

(1/8999)

[حديث: قالت امرأة: يا رسول الله ما أرى صاحبك إلا أبطأ عنك]

4951# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ (محمَّدًا) بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): غُنْدُر، تقدَّم ضبط (غندر)، وأنَّه لقبٌ لمحمَّد، و (جُنْدبُ البَجَلِيُّ): تَقَدَّم أعلاه رضي الله عنه، وتَقَدَّم الكلام على المرأة قائلة هذا الكلام في الباب المذكور أعلاه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ في هذه المرأة التي قالت: (ما أُرى صاحبَك إلَّا قد أبطأ عنك): هي خديجة رضي الله عنها، وقيل: عائشة، ذكرهما عن ابن بشكوال، ونسب الأوَّل إلى ما ذكره إسماعيل بن إسحاق في «تفسيره»، انتهى، وقد ذكرت ذلك في الباب المشار إليه أعلاه.

قوله: (قَالَتِ امْرَأَةٌ [1]: مَا أُرَى صَاحِبَكَ): (أُرى): بضمِّ الهمزة، وفتح الراء؛ أي: أظنُّ، و (صاحبَك): منصوبٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، قال بعض حفَّاظ العصر: هي زوجته خديجة رضي الله عنها، كما في «المستدرك»، و «أعلام النبوة» لأبي داود، و «أحكام القرآن» للقاضي إسماعيل، و «تفسير ابن مردويه» من حديث خديجة نفسها، وكون عائشة المخاطِبَة باطلٌ؛ لأنَّها لم تكن إذ ذاك زوجتَه.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يَا رَسُولَ اللهِ).

[ج 2 ص 370]

(1/9000)

(((94))) [{ألم نشرح}]

قوله: (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ... وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ): هذا إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5 - 6]، فإن قيل: هنا عسران ويسران؟ فالجواب: أنَّ {العسر} في الموضعين معرَّف، فهما واحد، فإنَّهم قالوا: إنَّ المعرفة إذا أُعِيدَت؛ كان الثاني عين الأوَّل، و (اليسر) مُنَكَّر، وقالوا: إنَّ النكرة إذا أُعِيدَت؛ كان الثاني غير الأوَّل، فهما يسران على هذا، وهذا قد ذكروه، وهذا قد ذكره الإمام جمال الدين ابن هشام في «المغني» وتعقَّبه؛ فانظر ذلك إن أردته.

وقوله: (ولن يغلب عسرٌ يسرين): هذا قد ذكره أبو محمَّد بن عبد السلام العلَّامة عزُّ الدين في «تفسيره» حديثًا ولفظه: وفي الحديث

[ج 2 ص 370]

: «والذي نفسي بيده؛ لو كان العسر في جُحْر؛ لجاءه اليسر حتَّى يدخل عليه، ولن يغلب عسرٌ يسرين»، قاله عليه الصلاة والسلام عند نزولها، وذلك لأنَّ {العسر} مُعرَّف بالألف واللام، فكان واحدًا، بخلاف (اليسر)؛ لأنَّ النكرة إذا كُرِّرت؛ كان الثاني بخلاف الأوَّل؛ كقولك: لفلان عليَّ ألفٌ، لفلان عليَّ ألف، يلزمه ألفان، بخلاف ما لو قال: لفلان عليَّ الألف، انتهى.

وقال شيخنا: وقد ورد مرفوعًا: «لن يغلب عسر يسرين»، ثُمَّ قال: وقد رُوِيَ في «الموطأ»: أنَّ عمر كتب إلى أبي عبيدة: (أمَّا بعد؛ فإنَّه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل يسوءُه؛ يجعل الله له بعده فرجًا، ولن يغلب عسرٌ يسرين)، انتهى.

(1/9001)

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وإنَّما مرَّضه؛ لأنَّه لم يكن على شرطه، لم تصحَّ الطريق إليه عنده، قال شيخنا: وهذا رواه جويبرٌ عن الضَّحَّاك عنه، انتهى، و (جويبر): هو ابن سعيد، أبو القاسم الأزديُّ البلخيُّ المفسِّر، صاحب الضَّحَّاك، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الجوزجانيُّ: لا يُشتَغل به، وقال النَّسائيُّ والدارقطنيُّ: متروك الحديث، روى له ابن ماجه، وأمَّا (الضَّحَّاك)؛ فهو ابن مزاحم هذا المفسِّر، قال يحيى القطَّان: كان شعبة يُنكِر أن يكون الضَّحَّاك لقيَ ابنَ عبَّاس قطُّ، وقال أبو داود الطيالسيُّ: حدَّثنا شعبة: سمعت عبد الملك بن ميسرة يقول: الضَّحَّاك لم يلقَ ابنَ عبَّاس، إنَّما لقيَ سعيد بن جُبَير بالرِّيِّ، فأخذ عنه التفسير، وقد تُكُلِّم فيه، ووثَّقه أحمد وابن معين وأبو زرعة، وذكره ابن حبَّان في «الثقات»، أخرج له الأربعة، والله أعلم.

(1/9002)

(((95))) [{والتين}]

قوله: ({فَمَا يُكَذِّبُكَ} [التين: 7] ... ) إلى آخره: هذا كلام الفرَّاء في «معاني القرآن»، قاله بعض الحُفَّاظ من العصريِّين.

==========

[ج 2 ص 371]

(1/9003)

[حديث: أن النبي كان في سفر فقرأ في العشاء ... ]

4952# قوله: (أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ): هذا هو عديُّ بن ثابت الأنصاريُّ، روى عن أبيه، والبراء، وابن أبي أوفى، وعدَّةٍ، وعنه: شعبة، ومسعر، وخلقٌ، ثِقةٌ، لكنَّه قاصُّ الشيعة وإمام مسجدهم، تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ، و (الْبَرَاء): هو ابن عَازب، تَقَدَّم، وأنَّ عازبًا صَحابيٌّ، رضي الله عنهما.

==========

[ج 2 ص 371]

(1/9004)

(((96))) [{اقرأ باسم ربك الذي خلق}]

(1/9005)

[حديث: اكتب في المصحف في أول الإمام بسم الله الرحمن الرحيم ... ]

4952 م# قوله: (قَالَ [1] قُتَيْبَةُ): كذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، وفي نسخة في أصلنا القاهريِّ: (حدَّثنا قتيبة)، وقد تَقَدَّم الكلام على ما إذا [قال]: (قال فلانٌ) إذا كان شيخَه؛ كهذا؛ وأنَّه كـ (حدَّثنا)، لكن الغالب استعمالها في المذاكرة، و (حَمَّادٌ) بعده: هو حمَّاد بن زيد المشهور، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.

قوله: (اكْتُبْ فِي الْمُصْحَفِ فِي أَوَّلِ الإِمَامِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا): سمَّى الحسنُ مُصْحَفَهُ إمامًا؛ لأنَّه يُقتَدى به، وكذا رأيت عن عثمان: أنَّه سمَّى المُصْحَف إمامًا لهذا المعنى، قال شيخنا: هذا المذكور عن مصحف الحسن شذوذ، كما نبَّه عليه السُّهيليُّ، ويريد بـ (الأوَّل): قبل أمِّ الكتاب، وقال الداوديُّ: إن أراد خطًّا موضع «بسم الله»؛ فحسنٌ، وإن أراد خطًّا وحدَه؛ فلم يكن الأمر على ذلك، قال ابن الزُّبَير: قلت لعثمان: لِمَ لَمْ تكتبوا (بسم الله الرَّحمن الرحيم) بين (الأنفال) و (براءة)؟ فقال: تُوُفِّيَ [2] رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ولم يبيِّنْه، فأشكل علينا أن تكون منها، وهي على هذا من القرآن؛ إذ لا يُكتَب في المصحف ما ليس بقرآن، قال السهيليُّ: ولا يلزم أنَّها آيةٌ من كلِّ سورة، بل ولا من الفاتحة، بل نقول: إنَّها آية من كتاب الله مقترنة مع السورة، وهو قول أبي حنيفة وداود، ثُمَّ ادَّعى أنَّه بيِّنُ القوَّةِ لمن أنصف، قال شيخنا: ولا يُسَلَّم له ذلك؛ بل مَن تأمَّل الأدلة؛ ظهر له أنَّها آية من الفاتحة ومن كلِّ سورة، وقد سلفت الإشارة إلى بعض ذلك، وأبعد ابن القصَّار حيث استدلَّ على أنَّها ليست [3] بقرآن من أوائل السور؛ من قوله: {اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]، ولم يذكرها، انتهى، وقد قدَّمتُ في أوَّل (براءة) أنَّ التِّرْمِذيَّ والحاكم رَوَيَا نقل ذلك عن ابن عبَّاس: أنَّه سأل عثمان عن تركهم التسمية بين (الأنفال) و (براءة)؛ فانظره.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وَقَالَ).

[2] في هامش (أ): (لعلَّه سقط «تُوُفِّيَ»).

[3] في (أ): (ليس)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 371]

(1/9006)

[حديث: أول ما بدي به رسول الله الرؤيا ... ]

4953# 4954# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): (يحيى) هذا: هو ابن بُكَيْر، كما في «أطراف المِزِّيِّ»، انتهى، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام، و (عُقَيْل): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها في أوائل هذا التعليق كتابةً وتلفُّظًا، وسيأتي الكلام عليها أيضًا في أواخره.

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ): (أبو رِزْمَة): بكسر الراء، ثُمَّ زاي ساكنة، ثُمَّ ميم مفتوحة، ثُمَّ تاء، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (أَبُو صَالِحٍ سَلْمُوْيَه [2]): هو بفتح السين المهملة، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ ميم مضمومة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ هاء، كذا يقوله المحدِّثون، والنحاة يفتحون الميم والواو، ويسكِّنون الياء، ويكسرون الهاء، وفي أصلنا في آخره تاء مضمومة مجوَّدًا بالقلم، وقد اختلفتُ أنا وشيخُنا العراقيُّ في حال قراءة هذا المكان، فكان شيخنا يقول: هو بالتاء، وأقول أنا: هو بالهاء، وقد ذكرت له كلام ابن الصلاح في الكلام على المسلسل بالأوَّليَّة له في (زيلويه)، و (عَمرويه)، و (نفطويه)، وكلامَه على قول أهل العربيَّة وأهل الحديث، وأنَّه ليس بتاء في آخره على كلِّ قولةٍ، والتاء خطأ، فقال شيخنا: هذا ليس من هذا الباب، ويعني أنَّه بالتاء في آخره، ولهذا ضُبِط في أصلنا بالتاء، وقد قال الجوهريُّ في (ويه): (أمَّا سيبويه ونحوه من الأسماء؛ فهو اسم يُبْنَى مع صوت، فجُعِلَا اسمًا واحدًا مكسورًا آخره؛ كما كسروا «غاقِ»؛ لأنَّه ضارع الأصوات، وفارق «خمسة عشر»؛ لأنَّ آخره لم يضارع الأصوات، فيُنوَّن في التنكير، ومَن قال: هذا سيبويهُ، ورأيت سيبويهَ؛ فأعربه بإعراب ما لا ينصرف، وجمعه فقال: السِّيْبَوَيْهَان، والسِّيْبَوَيْهُون، وأمَّا مَن لم يُعرِبه؛ فإنَّه يقول في التثنية: ذوا سيبويهِ، وكلاهما سيبويهُ، ويقول في الجمع: ذوو سيبويهِ، وكلُّهم سيبويه)، انتهى.

(1/9007)

وقال ابن قُرقُول: (وسلْمويه): كذا ضبطه أبو نصر الحافظ بسكون اللام، وقيَّدناه عن كافَّة شيوخنا بفتح اللام، ومنهم من يقول: (سلمويه)، واسمه سلمة، ويقال: سليمان، انتهى، وقدَّم غيره (سليمان)، وهو سليمان بن صالح الليثيُّ مولاهم، أبو صالح سَلْمُوْيَه المروزيُّ، صاحب ابن المبارك، كان ابن المبارك يخصُّه بالحديث، فروى عنه ثمان مئة حديث ممَّا لم يقع في الكتب، مات قبل سنة عشر ومئتين وكان جاوز المئة، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وأخرج له النَّسائيُّ، قال أبو عليٍّ الغسانيُّ في (الألقاب) من «تقييده»: قال أبو جعفر العقيليُّ: كان عندهم ثِقةً، انتهى، وفي «الكاشف»: صدوقٌ، ولم أرَ فيه في «التذهيب» توثيقًا ولا تجريحًا، ولا في «الميزان»، والله أعلم.

[ج 2 ص 371]

قوله: (فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا): تَقَدَّم أنَّها (فُعلى)، وأنَّها غير منوَّنة، وكذا تَقَدَّم الكلام على (فَلَقِ الصُّبْحِ)، وعلى (الْخَلاَءُ)؛ وهي الخلوةُ، وعلى (حِرَاءٍ)، وعلى (التَّحَنُّث)، وتَقَدَّم على (فَجِئَهُ)؛ أي: جاءه بغتة، وعلى (الْمَلَكُ)، وأنَّه جبريل عَلَيهِ السَّلام، وعلى (مَا أَنَا بِقَارِئٍ)، وعلى (فَغَطَّنِي)، وعلى (الْجهْد)، وإعرابه، وعلى كون الغطَّات ثلاثًا، وعلى (بَوَادِرُهُ)، وعلى (زَمِّلُونِي)، وعلى (الرَّوْعُ)، وعلى قوله: (لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي)، وعلى (لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا)، وعلى (الكَلِّ)، وعلى (تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ)، وعلى (تَقْرِي)، وأنَّه ثُلاثيٌّ معتلٌّ، وعلى (وَرَقَةَ بْن نَوْفَلٍ)، وعلى (تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ)، وعلى (يَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ)، وعلى [3] (شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ)، والعميان من الصَّحابة والأشراف ومن الأنبياء، وعلى (النَّامُوسُ)، وعلى عدوله عن عيسى وذكر (مُوسَى)، وعلى (جَذَعًا) معنًى وإعرابًا، وعلى (مُؤَزَّرًا)، وعلى (يَنْشَبْ)، وعلى فترة الوحي ومدِّتها حكمةً وزمانًا.

قوله: (قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ ... )؛ فذكر بقيَّة الحديث، وهذا بالسند المذكور قبله، غير أنَّ الأوَّل رواه ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وهذا رواه عن أبي سلمة عن جابر، والله أعلم.

قوله: (فَفَرِقْتُ مِنْهُ): (فَرِق)؛ بكسر الراء: فزع.

(1/9008)

قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} [المدثر: 1]): تَقَدَّم الكلام في أوَّل هذا التعليق على أوَّل ما نزل من القرآن، وأنَّه {اقرأ} على الصحيح.

قوله: (قَالَ أَبُو سَلَمَةَ): هو شيخ الزُّهريِّ عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، تَقَدَّم مِرارًا.

(1/9009)

[{خلق الإنسان من علق}]

(1/9010)

[حديث: أول ما بدئ به رسول الله الرؤيا الصالحة ... ]

4955# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1] ابْنُ بُكَيْر): تَقَدَّم قريبًا الكلام عليه ومرارًا، وعلى (اللَّيْث)، وعلى (عُقَيْلٍ)، وعلى (ابْنِ شِهَابٍ).

قوله: (بُدِئَ): هو بضمِّ الموحَّدة، وكسر الدال، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو مهموزُ الآخِر.

==========

[1] قوله: (يحيى) ليس «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 372]

(1/9011)

[{اقرأ وربك الأكرم}]

(1/9012)

[حديث: أول ما بدئ به رسول الله الرؤيا الصادقة جاءه الملك ... ]

4956# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): أنَّه ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): هو ابن شهاب، محمَّد بن مسلم، العالم المشهور.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ): هذا تعليق، وقد أسنده قُبَيلَه عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن عُقَيل به، وكذا أسنده في (ابتداء الوحي) عن يحيى ابن بُكَيْر به، وفي موضعين آخَرَين عن عبد الله بن يوسف عن الليث به، في (أحاديث الأنبياء) بتمامه، وفي (التفسير) مختصرًا، ومسلم في (الإيمان) عن عبد الملك بن شعيب بن الليث، عن أبيه، عن جدِّه به.

4957# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، و (عُقَيْل): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (إِلَى خَدِيجَةَ): هي أمُّ المؤمنين بنت خويلد بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصيٍّ القرشيَّة الأسديَّة، زوج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، مناقبها وجلالتها معروفان، وقد تَقَدَّم بعض مناقبها في (المناقب)، رضي الله عنها، وهي أوَّل من أسلم، وتَقَدَّم الاختلاف في أوَّل من أسلم، والله أعلم.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 372]

(1/9013)

[{كلا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة}]

(1/9014)

[حديث: لو فعله لأخذته الملائكة]

4958# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): قال الجيَّانيُّ: نسبه ابن السكن: يحيى بن موسى، وهو يحيى بن موسى بن عبد الله بن سالم، أبو زكريَّا الحُدَّانيُّ، يقال له: ختٌّ؛ لقبٌ، ويقال له: ابن ختٍّ أيضًا، ويعرف بالختِّيِّ، وذكره غيره أنَّ (يحيى عن عبد الرزَّاق) في بعض المواضع: يحيى بن جعفر بن أعين، أبو زكريَّا البُخاريُّ البيكنديُّ، وذكر أبو نصر: أنَّ يحيى بن موسى البلخيَّ ويحيى بن جعفر البُخاريَّ روى محمَّد بن إسماعيل عنهما عن عبد الرزَّاق في «الجامع»، ووجدنا رواية يحيى بن جعفر عن عبد الرزَّاق في أوَّل (كتاب الاستئذان)، وقال أبو أحمد بن عديٍّ: يحيى بن جعفر هذا هو الذي قال لمحمَّد بن إسماعيل: مات عبد الرزَّاق، ولم يكن مات ذلك الوقت، بل كان حيًّا، وكان البُخاريُّ متوجِّهًا إلى عبد الرزَّاق فانصرف، فلمَّا مات عبد الرزَّاق؛ سمع البُخاريُّ كُتُبَ عبد الرزَّاق من يحيى هذا، انتهى، وقد تَقَدَّم أيضًا.

و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَر): تَقَدَّم ضبطه قريبًا، وأنَّه ابن راشد، و (عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ): هو عبد الكريم بن مالك الجزريُّ، كنيته أبو سعيد، وهو حافظ مكثر، تَقَدَّم.

قوله: (قَالَ أَبُو جَهْلٍ): هو عمرو بن هشام، فرعون هذه الأمَّة، قُتِل ببدر على كفره، تَقَدَّم.

قوله: (تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ): الضمير في (تابعه) يعود على يحيى الراوي عن عبد الرزَّاق، ويحتمل عوده على معمر الراوي عن عبد الكريم الجزريِّ، و (عمرو بن خالد) هذا: جدُّه اسمه فرُّوخ بن سعيد، أبو الحسن الحرَّانيُّ التميميُّ، ويقال: الخزاعيُّ، نزل مصر، وحدَّث عن حمَّاد بن سلمة، وزهير بن معاوية، وأبي المليح الرَّقِّيِّ، وابن لَهِيْعَة، وعبد الحميد بن بهرام، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وابناه أبو علاثة محمَّد وأبو خيثمة عليٌّ، ومحمَّد بن يحيى الذهليُّ، وخلقٌ، قال العجليُّ: مصريٌّ ثبت ثِقةٌ، قال البُخاريُّ: تُوُفِّيَ بمصر سنة (229 هـ)، أخرج له البُخاريُّ وابن ماجه، ذُكِر في «الميزان» تمييزًا.

(1/9015)

و (عُبَيْد اللهِ) بعده: هو ابن عمرو بن أبي الوليد، أبو وهب الأسديُّ مولاهم، الرَّقِّيُّ، أحد الأئِمَّة، عن عبد الملك بن عمير، وعبد الله بن محمَّد بن عقيل، وعبد الكريم بن مالك، وأيوبَ السَّختيانيِّ، وطائفةٍ، وعنه: زكريَّا ويوسف ابنا عديٍّ، ويحيى الوحاظيُّ [1]، وأبو نعيم الحلبيُّ، وخلقٌ كثير، وثَّقه ابن معين والنَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: ثِقةٌ صدوق، لا أعرف له حديثًا منكرًا، وقال ابن سعد: كان ثِقةً كثير الحديث، وربَّما أخطأ، وكان أحفظَ مَن روى عن عبد الكريم الجزريِّ، ولم يكن أحد ينازعه في الفتوى في دهره، ومات بالرَّقَّة سنة ثمانين ومئة، وقال غيره: وُلِد سنة إحدى ومئة، أخرج له الجماعة، و (عبد الكريم): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الجزريُّ، وهذا يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (الوخاطي)، والمثبت موافق لما في المصادر.

[ج 2 ص 372]

(1/9016)

(((97))) [{إنا أنزلناه}]

قوله: (الْمَطْلَعُ): هو الطلوع، (وَالْمَطْلِعُ): الموضع الذي يطلع منه، الأوَّل: بفتح اللام، والثاني: بكسرها، كذا في أصلنا وأصلٍ آخَرَ صحيحٍ، وقد قرأ الكسائيُّ بكسر اللام، والباقون بفتحها، قال ابن قُرقُول: و (المطلَع) موضع الطلوع: بفتح اللام، وبالكسر: وقتُه، وقد قيل بالوجهين فيهما، انتهى.

وقال الجوهريُّ: طلعت الشمس والكوكب طلوعًا، ومطلِعًا، ومطلَعًا، والمطلَع والمطلِع أيضًا: موضع طلوعها، والحاصل من كلام الجوهريِّ: أنَّ المصدر بالفتح والكسر، والمكان بهما، والله أعلم.

(1/9017)

(((98))) [{لم يكن}]

(1/9018)

[حديث: إن الله أمرني أن أقرأ عليك ... ]

4959# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه بُنْدَار، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر.

قوله: (لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ [1]: إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ): تَقَدَّم الكلام على هذا في (مناقب أُبيِّ بن كعب)، ونسبه ووفاته، والحكمة في أمره عَلَيهِ السَّلام أن يقرأ على أُبيِّ بن كعب، وما الحكمة في اختصاص هذه السورة، وما ذكره ابن عبد البَرِّ من القراءة عليه مرَّة أخرى آية من (سورة يونس)، وعزوت هذا الحديث في قراءته عليه الآية التي في (يونس)، وكونه قرأ عليه الآية التي في (يونس) هو في «المسند» لأحمد في (مسند الأنصار) في ترجمة أُبيٍّ، والله أعلم، كلُّ ذلك في (مناقبه).

قوله: (قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ: «نَعَمْ»، فَبَكَى): تَقَدَّم [ما] الحكمة في بكاء أُبيٍّ في (مناقبه).

==========

[1] قوله: (ابن كعب) ليس في «اليونينيَّة»، وعليه في (ق) علامة الزيادة.

(1/9019)

[حديث: إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن]

4960# قوله: (آللهُ سَمَّانِي لَكَ؟): هو بهمزة ممدودة، همزة الاستفهام، كذا في أصلنا.

قوله: (قَالَ قَتَادَةُ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ} [البينة: 1]): الذي أنبأ قتادةَ الظاهر أنَّه أنسٌ، وقال بعض حفَّاظ العصر: رواه ابن مردويه من حديث أُبيِّ بن كعب.

(1/9020)

[حديث: إن الله أمرني أن أقرئك القرآن]

4961# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنَادِي: حَدَّثَنَا رَوْحٌ): قال الجيَّانيُّ: قال أبو عبد الله الحاكم وابن منده الأصبهانيُّ: المشهور عند أهل بغداد أنَّه محمَّد بن عبيد الله بن أبي داود المنادي، فاشتبه اسمه على أبي عبد الله، وقد تكلَّمنا عليه بأكثرَ من هذا فيما تَقَدَّم من كتابنا، انتهى.

وقال في «أوهام البُخاريِّ» لمَّا ذكر هذا المكان؛ قال: وإنَّما اسمه محمَّد، قال أبو عبد الله الحاكم: يقال: إنَّه محمَّد بن عبيد الله بن أبي داود المنادي، وكذلك سمَّاه ابن أبي حاتم محمَّدًا، قال: هو ثِقةٌ صدوق، وأرَّخ وفاته ... إلى آخر كلامه، وقد ترجمه المِزِّيُّ، وتابعه الذهبيُّ في محمَّد بن عبيد الله، وساقا كلام البُخاريِّ وما يتعلَّق به؛ فانظره إن شئت.

قوله: (أَنْ أُقْرِئَكَ الْقُرْآنَ): هذه الرواية تؤيِّد القول بأنَّه عَلَيهِ السَّلام إنَّما قرأ على أُبيٍّ؛ ليتعلَّم منه أُبيٌّ، وقد تَقَدَّم ذلك في (مناقب أُبيٍّ)، وقال شيخنا: معناه: أن أقرأ عليك؛ كما في الثانية؛ أي: كما في الرواية الثانية؛ وهي: «أن أقرأ عليك القرآن»، والله أعلم، وكأنَّ الأَولى العكس؛ أن تُرَدَّ هذه الرواية إلى رواية: «أن أُقرِئَك القرآن»، والله أعلم.

قوله: (وَقَدْ ذُكِرْتُ ... ؟): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة.

قوله: (فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ): (ذَرَفتْ): بفتح الذال المعجمة والراء، وتاء التأنيث الساكنة في آخره، وقد تَقَدَّم معناه.

==========

[ج 2 ص 373]

(1/9021)

(((99))) [{إذا زلزلت الأرض زلزالها}]

(1/9022)

[{فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره}]

(1/9023)

[حديث: الخيل لثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر .. ]

4962# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمام، أحد الأعلام، و (أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ ذكوان، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (فِي طِيَلِهَا): (الطِّيَل): بكسر الطاء المهملة، وفتح المثنَّاة تحت، وباللام، وكذا (الطِّوَل) بكسر الطاء، وفتح الواو: هو الحبل، وقيل: الرسن، وهو الطِّوَال أيضًا، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَاسْتَنَّتْ): هو بالسين المهملة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ نون مشدَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، قال ابن قُرقُول: أي: جرت، وقيل: لجَّت في عَدْوِها إقبالًا وإدبارًا، وقيل: الاستنان يختصُّ بالجري إلى فوق، وقيل: هو المَرَح والنشاط، وفي «البارع»: الاستنان كالرقص، وقال ابن وهب: أفلتت، وقيل: استنَّت: رعت، وقيل: الاستنان: الجري بغير فارس، وقد تَقَدَّم، ولكن طال العهد به، وكذا تَقَدَّم (شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ)؛ أي: طلَقًا أو طلَقَين، وقيل: الشرف هنا: ما علا من الأرض، وكذا تَقَدَّم (تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا)؛ أي: ليكتسب بها، ويستغني عن الحاجة إلى الناس وسؤالهم، وكذا (نِوَاءً)، وأنَّه بكسر النون ممدود، مخفَّف الواو؛ أي: معاداة [1]، ناوَأتُه مناوءَة ونِوَاء، وأصله من نَوَأت إليه؛ فناء إليك؛ أي: نهض، وأنَّ الداوديَّ رواه: (نَوًى لأهل الإسلام)؛ بفتح النون، وتنوين الواو، وهو وَهَمٌ، وكذا (الْفَاذَّةَ)، وأنَّها بالفاء والذال المعجمة المشدَّدة؛ أي: الفردة.

(1/9024)

[{ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره}]

(1/9025)

[حديث: لم ينزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة]

4963# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ذكوان وقبلَه مرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ) أيضًا: تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (سُئِلَ [1] عَنِ الْحُمُرِ): قال بعض حفَّاظ العصر: السائل صعصعة بن ناجية جدُّ الفرزدق الشاعر، وفي رواية لابن مردويه: صعصعة بن معاوية عمُّ الأحنف، انتهى.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[ج 2 ص 373]

(1/9026)

(((100))) [{والعاديات}]

قوله: ({فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً} [العاديات: 4]: [1] غُبَارًا): هذا قول الفرَّاء ... إلى آخر الكلام، قاله بعض الحُفَّاظ من العصريِّين.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رَفَعْنَ بِهِ).

[ج 2 ص 373]

(1/9027)

(((101))) [{القارعة}]

قوله: (كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ): هو بغينَين معجَمَتَين مفتوحتين، وبعد الأولى واو ساكنة، ممدود الآخر، صغاره إذا ظهرت أجنحته، وماج بعضه في بعض، يُشَبَّه به سَفِلَة الناس، وقيل: هو الجراد نفسه، قال ابن قُرقُول: والأوَّل أحسن؛ لأنَّه أضافه إلى الجراد، وقال أبو عبيد: هو شيء يشبه البعوض إلَّا أنَّه لا يعَضُّ.

قوله: ({كَالْعِهْنِ} [القارعة: 5]: كَأَلْوَانِ الْعِهْنِ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {كَالصُّوفِ}): أمَّا (العهن)؛ فهو الصوف مطلقًا، وقيل: الملوَّن منه خاصَّة، وقيل: الأحمر خاصَّة، شبَّه خفَّتها بعد رزانتها بالصوف، وتلوُّنَها بالمصبوغ، ومَرَّها بالمندوف، والله أعلم، وقراءة عبد الله _هو ابن مسعود_ شاذَّة، وقد قرأ بها سعيد بن جُبَير وبعض السلف، كما نقله ابن عبد البَرِّ في «التمهيد».

==========

[ج 2 ص 373]

(1/9028)

(((103))) [{والعصر}]

قوله: ({الْعَصْرِ} [العصر: 1]: الدَّهْرُ) [1]: كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (قَالَ يَحْيَى: الدَّهْرُ)، وهذه نسخة في أصلنا، و (يحيى): هو الفرَّاء، تَقَدَّم في (الصفِّ)، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وقال يحيى: الدَّهر)؛ كما ذكر أنَّه رواية الأصل الدمشقيِّ.

[ج 2 ص 373]

(1/9029)

(((105))) [{ألم تر}]

قوله: ({مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: 4]: هِيَ سِنْكِ [1] وَكِلْ): (سِنْكِ)؛ بكسر السين المهملة، وإسكان النون، وبالكاف المكسورة: كذا في أصلنا، وفي نسخة أخرى: بفتح السين بالقلم، و (كِلْ)؛ بكسر الكاف، وإسكان اللام: كذا في أصلنا، وكذا في أصل آخَرَ صحيحٍ، قال ابن عبد السلام العلَّامة عزُّ الدين: ({مِنْ سِجِّيلٍ}: آجُرٍّ، معرَّبة سِنْج وجِل؛ لقوله تعالى: {حِجَارَةً مِّن طِينٍ} [الذاريات: 33]، وقيل: هو الشديد، وقيل: اسم السماء الثانية، وقال غيره: ومعنى (سِنْك): حَجَر، و (كِلْ): طين، انتهى، وذكر شيخنا القولَ الأخير: أنَّه حَجَر وطين، وفيه أقوال أُخَرُ؛ أغربها [2]: من السِّجِلِّ؛ وهو الكتاب، ممَّا كتب عليهم أن يعذَّبوا به، أو أنَّه اسم لسماء الدنيا.

==========

[1] كذا في (أ) ونسخة في هامش (ق)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (سَنْك)؛ بفتح السين، بعكس المثبت الآتي.

[2] كذا في (أ)، وفي مصدره: (أقربها).

[ج 2 ص 373]

(1/9030)

(((107))) [{أرأيت}]

قوله في (سورة {أرأيت}): (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {لإِيلَافِ} [قريش: 1]: لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ): هذا ينبغي أن يُذكَر في السورة التي قبل هذه؛ وهي: {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ}، هذا الذي يظهر، لا في هذه، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: الْمَاعُونُ: الْمَاءُ): نقله الفرَّاء عن بعض العرب فقال: سمعت بعض العرب يقول: الماعون: هو الماء، قاله بعض حفَّاظ العصر.

(1/9031)

(((108))) [{إنا أعطيناك الكوثر}]

تنبيهٌ هو فائدةٌ: ممَّا جاء في (الكوثر) ما رواه ابن أبي نَجِيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: (الكوثر: نهرٌ في الجنَّة لا يُدخِل أحدٌ إصبعيه في أذنيه إلَّا سمع خرير ذلك النهر)، وقع هذا الحديث في السيرة من رواة يونس بن بُكَيْر، ورواه الدارقطنيُّ من طريق مالك بن مِغْول عن الشَّعْبيِّ، عن مسروق، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «إنَّ الله أعطاني نهرًا يقال له: الكوثر، لا يشاء أحدٌ من أمَّتي أن يسمع خرير ذلك النهر إلَّا سمعه»، فقلت: يا رسول الله؛ وكيف ذلك؟ قال: «أدخلي إصبَعَيك في أذنَيك وشدِّي، فإنَّك تسمعين فيها خرير الكوثر»،

[ج 2 ص 373]

انتهى، قاله السهيليُّ في «روضه»، وقد نقله شيخنا عن البَيهَقيِّ في «بعثه» عن عائشة، قال: وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا في «ثواب القرآن»؛ يعني: كتابه في ذلك، قال: والطبريُّ، قال: وأخرجه الدارقطنيُّ عنها مرفوعًا، انتهى.

(1/9032)

[حديث: أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ مجوفًا]

4964# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو شيبان بن عبد الرَّحمن النحويُّ، وتَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عُرِجَ)؛ بضمِّ العين وكسر الراء في أصلنا: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفيه نظرٌ؛ لأنَّه لازم، واللازم لا يُبنَى منه إلَّا في قولةٍ رأيتها عن سيبويه، والفصيح في هذه: (عَرَجَ)؛ بفتح العين والراء والجيم، والفاعل: جبريل صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ ومعناه: ارتقى.

قوله: (حَافَتَاهُ): هو بتخفيف الفاء، وإيَّاك أن تشدِّدها فتحرِّف، وهو من (حَوَف)، لا من (حَفَف).

(1/9033)

[حديث عائشة في {إنا أعطيناك الكوثر}]

4965# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): قد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرِو بن عبد الله، و (أَبُو عُبَيدَةَ) هذا: بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة، هذا هو ابن عبد الله بن مسعود، واسمه عامر، ويقال: اسمه كنيته، عن أبيه ولم يسمع منه، وحديثه عنه في «السنن الأربعة»، وعن أبي موسى، وكعب بن عجرة، وعائشة، والبَراء بن عازب، ومسروق، وغيرِهم، وعنه: إبراهيم النخَعيُّ، ومجاهد، ونافع بن جُبَير بن مُطعِم، وعمرو بن مرَّة، وأبو إسحاقَ، وجماعةٌ، قال عمرو بن مرَّة: سألته: هل تذكر من عبد الله شيئًا؟ قال: لا، وقال أحمد ابن حنبل: كانوا يفضِّلونه على أخيه عبد الرَّحمن، وقال أبو داود: مات أبوه وله سبع سنين، وقال عمرو بن مرَّة: فُقِدَ ليلة دُجيل سنة إحدى _أو اثنتين_ وثمانين، أخرج له الجماعة.

قوله: (شَاطِئَاهُ): هو بهمزة مفتوحة بعد الطاء المكسورة، وشطْء النهر: شطُّه.

قوله: (رَوَاهُ زَكَرِيَّاءُ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَمُطَرِّفٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): أمَّا (زكريَّاء)؛ فهو ابن أبي زائدة الهَمْدانيُّ الوادعيُّ الحافظ، تَقَدَّم، وأمَّا (أبو الأَحْوص)؛ فهو بفتح الهمزة، ثُمَّ حاء ساكنة، ثُمَّ واو، ثُمَّ صاد مهملتين: سلَّام بن سُلَيم، و (سلَّام): تَقَدَّم أنَّه بتشديد اللام، و (سُلَيم): أنَّه بضمِّ السين، وفتح اللام، الحافظ، تَقَدَّم، وأمَّا (مُطَرِّف)؛ فهو بضمِّ الميم، وفتح الطاء المهملة، ثُمَّ راء مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ فاء، والظاهر أنَّه مُطَرِّف بن طريف الكوفيُّ، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى والشَّعْبيِّ، وعنه: عبثر وابن فُضَيل، ثِقةٌ إمام عابد، تُوُفِّيَ سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، و (أبو إسحاق): هو عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ؛ يعني: عن أبي عبيدة عن عائشة، كما تَقَدَّم، وما رواه زكريَّاء _وكذا أبو الأَحْوص_ لم يكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وأمَّا ما رواه مُطَرِّف؛ فأخرجه النَّسائيُّ في (التفسير) عن أحمد بن حرب عن أسباط بن محمَّد عن مُطَرِّف به، حديث النَّسائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم، ولم يخرِّجها شيخنا.

(1/9034)

[حديث: هو الخير الذي أعطاه الله إياه]

4966# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، و (أَبُو بِشْرٍ) بعده: بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، قال الدِّمْياطيُّ: جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، اليشكريُّ، انتهى، وقد قدَّمتُ أنا ذلك مرارًا.

(1/9035)

(((109))) [{قل يا أيها الكافرون}]

قوله: (يُقَالُ: {لَكُمْ دِينُكُمْ} [الكافرون: 6]: الْكُفْرُ ... ) إلى آخره: هو كلام الفرَّاء في «معاني القرآن»، قاله بعض حفَّاظ العصر.

قوله: ({لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: 2]: الآنَ): هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، قاله بعض حفَّاظ العصر [1].

==========

[1] هذه الفقرة والتي قبلها جاءتا في (أ) مستدركتين متقدِّمتين على قوله: (حدَّثنا هشيم ... ).

[ج 2 ص 374]

(1/9036)

(((110))) [{إذا جاء نصر الله}]

(1/9037)

[حديث: ما صلى النبي صلاة بعد أن نزلت ... ]

4967# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّم ضبطه أعلاه واسمه، واسم أبيه، وضبطهما، وقال الدِّمْياطيُّ هنا: سلَّام بن سُلَيم الحنفيُّ الكوفيُّ، أبو الأَحْوص، مات مع مالك، انتهى، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مسلم بن صُبَيح.

==========

[ج 2 ص 374]

(1/9038)

[حديث: كان رسول الله يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده ... ]

4968# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحميد، وتَقَدَّم مترجمًا، وكذا (مَنْصُور): أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ): (يُكثِر): بضمِّ أوله، وكسر الثاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ): أي: يعمل ما أُمِر به في القرآن من قول الله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3].

(1/9039)

[{ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا}]

(1/9040)

[حديث ابن عباس: أن عمر سألهم عن قوله تعالى ... ]

4969# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ): هذا هو الحافظ الكبير المصنِّف أبو بكر ابن أبي شيبة، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، أحد الأعلام، و (سُفْيَانَ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر؛ وذلك لأنِّي راجعت ترجمة حَبِيب بن أبي ثابت في «الكمال»، فرأيته ذكر في الرواة عنه الثوريَّ، ورأيت في «التذهيب»: أنَّ سفيان روى عنه، فحملت المطلق على المقيَّد، وأمَّا ابن مهديٍّ؛ فقد روى عنهما، و (حَبِيب بْن أَبِي ثَابِتٍ): بفتح الحاء، وكسر الموحَّدة، وهذا مشهورٌ.

(1/9041)

قوله: (أَجَلٌ): هو بفتح الهمزة والجيم، واللام منوَّنة، و (أَوْ): هي (أو) التي للشكِّ، و (مَثَلٌ): بفتح الميم والثاء المثلَّثة، واللام منوَّنة، وقد قدَّمتُ من أين أخذ عمر وابن عبَّاس أنَّه أجل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقال الإمام السهيليُّ في «روضه» عقيب (غزوة تبوك) ما لفظه: وذكر سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}، وتفسيره لها في الظاهر خلاف ما ذكره ابن عبَّاس حين سأله عمر عن تأويلها ... إلى أن قال: وظاهر الكلام يدلُّ على ما قاله ابن عبَّاس وعمر رضي الله عنهما؛ لأنَّ الله سبحانه لم يقل: فاشكر ربَّك واحمَدْه، كما قال ابن إسحاق، إنَّما قال: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3]، فهذا أمرٌ لنبيِّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بالاستعداد للقاء ربِّه والتوبة إليه؛ ومعناها: الرجوع عمَّا كان بسبيله ممَّا أُرسِل به من إرسال الدين، إذ قد فرغ من ذلك وتمَّ مراده فيه، فصار جواب {إذا} من قوله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 1 - 2] محذوفًا، وكثيرًا ما يجيء في القرآن الجوابُ محذوفًا؛ والتقدير: إذا جاء نصر الله والفتح، وقد انقضى الأمر، ودنا الأجل، وحان اللقاء؛ فسبح بحمد ربِّك واستغفره، إنَّه كان توَّابًا، ووقع في «مسند البزَّار» مبيَّنًا من قول ابن عبَّاس فقال فيه: فقد دنا أجلك، فسبِّح، هذا المعنى هو الذي فهمه ابن عبَّاس، وهو حذف جواب {إذا}، ومن لم يتنبَّه لهذه النكتة؛ حسب أنَّ جواب {إذا} في قوله {فَسَبِّحْ}؛ كما تقول: إذا جاء رمضان؛ فَصُمْ، وليس في هذا التأويل من المشاكلة لما قبله في تأويل ابن عبَّاس؛ فتدبَّره، فقد وافقه عليه عمر، وحسبك بهما فهمًا في كتاب الله تعالى، و (الفاء) على قول ابن عبَّاس: رابطة للأمر بالفعل المحذوف، وعلى ما ظهر لغيره: رابطة لجواب الشرط الذي في {إذا})، انتهى.

(1/9042)

[{فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا}]

(1/9043)

[حديث ابن عباس: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر ... ]

4970# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبطه، وأنَّه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

قوله: (فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ): (كأنَّ): هي مشدَّدة [1] مفتوحة الهمزة، التي هي من أخوات (إنَّ)، و (بعضهم): يأتي الكلام عليه بُعَيده، وقد تَقَدَّم أيضًا.

قوله: (فَقَالَ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا؟): وهذا القائل هو عبد الرَّحمن بن عوف، تَقَدَّم التصريح به في هذا «الصحيح».

قوله: (أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ [2] اللهَ): (أُمِرنا)؛ بضمِّ الهمزة، وكسر الميم: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

[ج 2 ص 374]

قوله: (إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا): (نُصِرنا): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فُتِح): مَبنيٌّ أيضًا لما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/9044)

(((111))) [{تبت يدا أبي لهب وتب}]

(1/9045)

[حديث: أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلًا تخرج من سفح هذا الجبل ... ]

4971# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران.

قوله: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [1]: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]): هذا مرسل صَحابيٍّ، قال شيخنا هنا عن الداوديِّ: إنَّ ابن عبَّاس لم يُخلَق يومئذٍ، قال شيخنا: وهو لائح، وقال في (سورة الشُّعَراء): إنَّه كان صغيرًا.

قوله: ({وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} {وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}): كذا فيه، وظاهرُ هذا أنَّ {وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} قرآنٌ، ولكنَّه الآن ليس في المصحف، فهو شاذٌّ، وقد قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم»: وظاهر هذه العبارة: أنَّ قوله: {وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} كان قرآنًا، ثُمَّ نسخت تلاوته، ولم تقع هذه الزيادة في روايات «البُخاريِّ»، انتهى، وهذه قد وقعت هنا؛ فاعلمه، ثُمَّ إنِّي رأيت في هامش نسخة صحيحة ما لفظه: وأمَّا زيادة قوله: {وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}؛ فإنَّها هكذا في قراءة عبد الله بن عبَّاس، ذكره الإسماعيليُّ، انتهى.

قوله: (حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا): تَقَدَّم أنَّ (صعِد) في الماضي بكسر العين، وفي المستقبل بفتحها، وهذا معروفٌ.

قوله: (فَهَتَفَ): تَقَدَّم أنَّ معناه: صاح، وتَقَدَّم الكلام على (يَا صَبَاحَاهْ).

قوله: (فَقَالَ [2] أَبُو لَهَبٍ): تَقَدَّم أنَّ اسم أبي لهب عبدُ العُزَّى، وتَقَدَّم متى هلك، في (سورة الشعراء)، قيل: الحكمة في عدول البارئ تعالى عن اسمه إلى كنيته حين ذكره في القرآن بالكنية: لكون اسمِه عبد العزَّى، وقيل: لمناسبة حاله بالنار، وقيل غير ذلك، وفي «مستدرك الحاكم»: أنَّه كان له ولد اسمه لهب.

(1/9046)

قوله: ({وَقَدْ تَبَّ} ... ) إلى آخرها: هذه قراءةٌ شاذَّة، قرأ بها الأعمش كما هنا، قال الإمام السُّهيليُّ في حديث الصحيفة التي كتبتها قريش: هكذا قرأ مجاهد والأعمش، وهي _والله أعلم_ قراءة مأخوذة عن ابن مسعود؛ لأنَّ في قراءة ابن مسعود ألفاظًا كثيرةً تُعِين على التفسير، قال مجاهد: لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود قبل أن أسأل ابنَ عبَّاس؛ ما احتجت أن أسأله عن كثير ممَّا سألته، وكذلك زيادة {قد} في هذه الآية فسَّرت أنَّه خبر من الله وأنَّ [3] الكلام ليس على الدعاء ... إلى آخر كلامه، وقد جزم الزمخشريُّ في «تفسيره» وكذا الإمام شهاب الدين السمين في «إعرابه»: بأنَّها قراءة عبد الله بن مسعود، والله أعلم.

(1/9047)

[{وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب}]

(1/9048)

[حديث: أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ... ]

4972# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام على الأصحِّ، وقد قدَّمتُ ذلك مطوَّلًا في أوائل هذا التعليق، قال الدِّمْياطيُّ: (أَبُو مُعَاوِيةَ: محمَّد بن خازم)، انتهى، وهو بالخاء المعجمة، الضرير، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ.

قوله: (إِلَى الْبَطْحَاءِ): تَقَدَّم أنَّها والأبطح واحد، وأنَّها بين مَكَّة ومنًى، تضاف إلى كلٍّ منهما، وتَقَدَّم (صَعِد): أنَّه بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل، وكذا تَقَدَّم (يَا صَبَاحَاهْ).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).

[ج 2 ص 375]

(1/9049)

[{سيصلى نارًا ذات لهب}]

(1/9050)

[حديث ابن عباس: قال أبو لهب تبًا لك ألهذا جمعتنا؟]

4973# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم أنَّ جدَّه غِيَاث، وتَقَدَّم ضبطه، وتَقَدَّم (الأَعْمَشُ) أعلاه.

==========

[ج 2 ص 375]

(1/9051)

[{وامرأته حمالة الحطب}]

قوله: ({وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ} [المسد: 4]): قال الدِّمْياطيُّ: أمُّ جَمِيل بنت حرب بن أُمَيَّة، أخت صخر بن حرب، وقيل: كانت تحتطب للؤمها وبخلها، وقيل: كانت تحمل الشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقيل: كانت نمَّامة، انتهى.

أمُّ جَمِيل هذه: بفتح الجيم، وكسر الميم، اسمها العَوراء، قاله غير واحد، وفي «مستدرك الحاكم» كذلك، وكنيتها في (تفسير {سبحان})، وفي «مبهمات ابن بشكوال» تسميتها بالعَوراء، ثُمَّ قال: وقيل: اسمها أَروى، وساق لكلٍّ شاهدًا، ورأيت بخطِّ الحافظ مغلطاي شيخ شيوخنا قال: سمَّاها البَيهَقيُّ في «الدلائل»: أمَّ كلثوم بنت حرب، ولا أدري أهي كنية أم اسم؟ ولا أعرف من قاله غيره، انتهى.

قال ابن عبد السلام: قيل: كانت تحمل الشوك فتلقيه في طريق رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقيل: كانت تمشي بالنميمة، وقيل: كان مصيرها النار كالحطب، يقال: فلان يحطب على ظهره؛ أي: يجني على نفسه، وحاطب قومه: جانيهم، نسقًا على الضمير في {سيصلى}، و {حمَّالةُ}: خبرُ محذوفٍ؛ أي: هي، وقيل: {لهب}: وقفٌ؛ أي: وستصلى امرأته، على التكرار، و {حمالةُ}: بدل، و {الحطب}: وقفٌ، انتهى.

(1/9052)

(((112))) [{قل هو الله أحد}]

قوله: (لاَ يُنَوَّنُ {أَحَدٌ} [الإِخلاص: 1]): قال بعض الحُفَّاظ من العصريِّين: هو كلام أبي عبيدة في «المجاز»، واعلم أنَّه قُرِئ خارج السبع: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدُ}؛ بغير تنوين، وهي قراءة زيد بن عليٍّ، وأبان بن عثمان، وابن أبي إسحاق، وأبي السَّمَّال، وأبي عَمرو في رواية في عدد كثير؛ لالتقاء الساكنين؛ كقوله:

~…عَمْرُو الذي هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَومِهِ…ورِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ

وقال الآخر:

~…فَأَلْفَيتُهُ غيرَ مُسْتَعتِبٍ…وَلَا ذَاكِرَ اللهَ إلَّا قَلِيلا

انتهى.

وأبو السَّمَّال: بفتح السين المهملة، وتشديد الميم، وباللام في آخره، وهو متكلَّم فيه، واسمه قعنب بن هلال، عدويٌّ مقرئ، روى عنه: أبو زيدٍ النحويُّ حروفًا، قال الذهبيُّ في «ميزانه»: بصريٌّ، له حروف شاذَّة، لا يُعتَمد على نقله، ولا يُوثَق به، انتهى.

==========

[ج 2 ص 375]

(1/9053)

[حديث: قال الله كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك.]

4974# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، تَقَدَّم مِرارًا، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحمن بن هرمز، تَقَدَّم مِرارًا أيضًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (كَمَا بَدَأَنِي): هو بهمزة مفتوحة بعد الدال، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

[ج 2 ص 375]

قوله: (بِأَهْوَنَ): هو مجرور، وعلامة الجرِّ فيه الفتحة؛ لأنَّه لا ينصرف.

(1/9054)

[{الله الصمد}]

قوله: (وَقَالَ [1] أَبُو وَائِلٍ) [2]: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (قال)؛ بغير واو.

[2] هذا القول جاء في «اليونينيَّة» بعد حديث أبي اليمان الآتي، والمثبت موافق لما في (ق).

[ج 2 ص 376]

(1/9055)

[حديث: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك]

4975# قوله: ({كُفْؤًا} [1] وَكَفِيئًا وَكِفَاءً وَاحِدٌ) [2]: فالأُولى: بضمِّ الكاف، وإسكان الفاء، والثانية: بفتح الكاف، وكسر الفاء، وبعدها ياء، والثالثة: بكسر الكاف، وبالمدِّ، مهموزٌ، ورُوِيَ: بكسر الكاف وسكون الفاء، ولم يُقرَأ بالفتح وسكون الفاء، وقد قرأ حفص: {كُفُوًا}؛ بضمِّ الفاء وفتح الواو من غير همز، وقرأ حمزة: بإسكان الفاء مع الهمز في الوصل، فإذا وقف؛ أبدل الهمزة واوًا مفتوحة اتَّباعًا للخطِّ، قال العلَّامة أبو عمرو الدانيُّ: القياس أن تُلقَى حركتها على الفاء، وقرأ الباقون: بضمِّ الفاء مع الهمز، هذا الذي في السبع، وقال الجوهريُّ: والكفِيء: النظير، وكذلك «الكُفْء» و «الكُفُوء» على (فُعْل وفُعُول)، والمصدر: الكفاءة؛ بالفتح والمدِّ، تقول: لا كِفَاء له؛ بالكسر، وهو في الأصل مصدر؛ أي: لا نظير له، انتهى.

وفي «القاموس»: والاسم: الكَفَاءة والكَفَاء؛ بفتحهما ومدِّهما، وهذا كِفاؤه، وكَفِيْئَتُه، وكَفِيئُه، وكُفْؤُه، وكَفْؤُه، وكِفْؤُه، وكُفُؤُه؛ مثله، انتهى.

وفي (كفؤ) لغات؛ فمنها: الثلاثة المقروء بها، وواحدة لم يُقرأ بها؛ وهي: (كُفُوءًا)؛ بالضمِّ والمدِّ على (فُعول)، وذكر البَطَلْيَوْسِيُّ في «شرح أدب الكاتب»: (كَفْء)؛ بفتح الكاف وتسكين الفاء، و (كِفْء)؛ بكسر الكاف وتسكين الفاء، و (كَفِيء)؛ على مثال: نبيء، و (كِفاء)؛ على مثال: رداء، مع ضمِّ الكاف وتسكين الفاء، وضمِّهما، وهما مع همز آخره، وكلُّه بمعنًى، والجمع: الأَكْفَاء؛ وهم النُّظَرَاء، وقال بعضهم: هو المكافئ المماثل النظير، والله أعلم.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن همَّام، الحافظ الكبير، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية (ق): ({كُفُؤًا})؛ بضمِّ الفاء، وفي «اليونينيَّة» معًا.

[2] هذا القول جاء في «اليونينيَّة» متأخِّرًا عن الحديث الآتي، والمثبت موافق لما في (ق).

[ج 2 ص 376]

(1/9056)

(((113))) [{قل أعوذ برب الفلق}]

قوله: (هُوَ [1] أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ): (فَرَق): بفتح الفاء والراء، وبالقاف، و (فلق الصبح)؛ يعني: انشقاقه وبيانه وخروجه من الظلام، وفَرَقه وفَلَقه سواء، وقال الخليل: الفلق: هو الصبح، قال بعض حفَّاظ العصر في قوله: (يقال: هو أبين من فلق وفرق الصبح): هو كلام الفرَّاء.

==========

[1] قوله: (هو) ليس في «اليونينيَّة»، وضُرِب عليها في (ق).

[ج 2 ص 376]

(1/9057)

[حديث: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين]

4976# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ سفيان بعد (قُتَيْبَة): ابن عيينة، و (عَاصِم): هو ابن أبي النَّجود القارئ، أحد القرَّاء السبعة، تَقَدَّم، و (عَبْدة)؛ بإسكان الموحَّدة: هو ابن أبي لبابة، وكذا هو منسوب في (سورة الناس) بعد هذه السورة، و (زِرُّ): هو ابن حُبَيْش؛ بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الموحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ شين معجمة، مشهور جدًّا.

قوله: (عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ): هو بكسر الواو، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 376]

(1/9058)

(((114))) [{قل أعوذ برب الناس}]

قوله: (إِذَا وُلِدَ): هو بضمِّ الواو، وكسر اللام، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (خَنَسَهُ الشَّيْطَانُ): كذا في أصلَينا، قال ابن قُرقُول: ظاهر هذا الكلام اختلالٌ بيِّن، فإمَّا أن يكون (نخسه الشيطان) بدلًا من (خنسه)، وإمَّا أن يقع في النقل تغيير، وقد ذكر البُخاريُّ في غير هذا المكان عن ابن عبَّاس: «يولد الإنسانُ والشيطان جاثم على قلبه، فإذا ذُكِر الله؛ خَنَس _أي: انقبض_ وإذا غَفَل؛ وسوس»، فكأنَّ البُخاريَّ إنَّما أراد هذا الحديث، انتهى.

قوله: (فَإِذَا ذُكِرَ اللهُ): (ذُكِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، والاسم الجليل: نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (وَإِنْ [1] لَمْ يُذْكَرِ اللهُ): (يُذكَر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، والاسم الجليل: نائب عن الفاعل.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وإذا).

[ج 2 ص 376]

(1/9059)

[حديث: سألت أبي بن كعب: قلت: أبا المنذر إن أخاك ... ]

4977# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: ابن عيينة، وأنَّ (عَبْدَة بْن أَبِي لُبَابَةَ) بإسكان الموحَّدة، و (زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ): تَقَدَّم قريبًا ضبط والده، وقوله: (وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ): قائل ذلك هو سفيان بن عيينة، و (عاصم): تَقَدَّم قريبًا أنَّه ابن أبي النَّجود بهدلة، أحد القرَّاء السبعة، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ؛ إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟): رأيت في «زوائد معجَمَي الطبرانيِّ الصغير والأوسط» لشيخنا الحافظ الصالح نور الدين عليٍّ الهيتميِّ _تلميذ شيخنا العراقيِّ، وقد سمعت عليه بعض «مسلم»، وقرأت بحضرته مسلمًا أو غالبه على شيخنا العراقيِّ، وسمعنا على العراقيِّ بعض «صحيح البُخاريِّ» بحضوره، وقرأنا عليه «شرح الألفيَّة» و «النكت» بحضوره، أو غالب ما ذكرته، وكذا غير ذلك_ قال الطبرانيُّ: حدَّثنا الحسين بن عبد الله الخرقيُّ: حدَّثنا محمَّد بن مِرْدَاس: حدَّثنا محبوب بن الحسن، عن إسماعيل بن مسلم، عن سيَّار أبي الحكم، عن زِرِّ بن حُبَيْش، عن ابن مسعود: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سُئل عن هاتين السورتين فقال: «قيل لي ... ، فقلت، وقولوا كما قلت» لا يُروَى عن ابن مسعود إلَّا بهذا الإسناد، وإنَّما رواه الناس عن زِرٍّ عن أُبيِّ بن كعب قوله، انتهى؛ يعني: موقوفًا من قوله.

قوله: (يَقُولُ كَذَا وَكَذَا): قال شيخنا: يريد: أنَّه لم يدخل المعوِّذتين في مصحفه، وهو من أفراده؛ لكثرة ما كان يرى الشارعَ يتعوَّذ بهما، فظنَّ أنَّهما من الوحي، وليسا من القرآن، والصَّحابة أجمعت عليهما، وأثبتتهما في المصحف، انتهى.

وإنَّما كنَّى عن ذلك بـ (كذا وكذا)؛ استعظامًا منه لهذا القول أن يتلفَّظ به، وعن ابن الباقلَّانيِّ: لم ينكر ابنُ مسعود كونَهما من القرآن، إنَّما أنكر إثباتَهما في المصحف؛ لأنَّه كانت السُّنَّة عنده: ألَّا يُثبِت إلَّا ما أمر النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بإثباته، ولم يبلغه أمرُه به، وهذا تأويل منه، وليس جحدًا لكونهما قرآنًا، انتهى.

(1/9060)

وقد روى ابن حبَّان في «صحيحه» عن زِرٍّ قال: «قلت لأُبيٍّ: إنَّ ابن مسعود لا يكتب في مصحفه المعوِّذتين، فقال: قال لي رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «قال لي جبريل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} [الفلق: 1]، فقلتها، وقال لي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1]، فقلتها»، فنحن نقول كما قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قال شيخنا: وكان أُبيٌّ أدخل سورتَي القنوت في مصحفه؛ وهما: (اللهم إنَّا نستعينك ... )، وأول السورة الثانية: (اللهم إيَّاك نعبد ... )، انتهى.

وأجمعت الصَّحابة على إثباتهما؛ أعني: المعوِّذتين، وأصل هذا الحديث عند أحمد في «المسند» قال: حدَّثنا سفيان بن عيينة عن عَبْدة وعاصم عن زِرٍّ قال: قلت لأُبيٍّ: إنَّ أخاك يحكُّهما من المصحف، قيل لسفيان: ابن مسعود؟ فلم يُنكِر، قال: سألت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فقال: «قيل لي ... ، فقلت»، فنحن نقول كما قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقد روى عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» فقال: حدَّثني محمَّد بن الحسين بن إشكابَ: حدَّثنا محمَّد بن أبي عبيدة بن معن: حدَّثنا أبي: حدَّثنا الأعمش عن أبي إسحاق، عن عبد الرَّحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يحكُّ المعوِّذتين من مصاحفه، ويقول: إنَّهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى، وهذا يحتاج إلى جواب، وقد قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح المهذَّب» له: وأمَّا ما يُروَى عن ابن مسعود؛ فقال ابن حزم: إنَّه لا يصحُّ عنه، وقد ذكرت أنا في تفسير (سورة {والليل}) كلامًا للمازريِّ هو جواب عن بعض ما نُقِل عن ابن مسعود وغيره، والله أعلم، والإجماع قائم على إثباتهما، وأنَّهما قرآن، ولعلَّه كان يقول ذلك، فلمَّا رأى المصاحف التي كُتِبَت في زمن عثمان، وفيها إثباتهما؛ رجع عن ذلك، فإنَّ في حفظي أنَّه صحَّ عنه إثباتهما، وبهما قُرِئ عليه، والله أعلم.

تنبيهٌ: إذا كبَّر في آخر (سورة الناس)؛ قرأ فاتحة الكتاب وخمس آيات من أوَّل (البقرة)، على عدد الكوفيِّين، إلى قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [البقرة: 5]، ثُمَّ دعا بدعاء الختمة، قال أبو عمرو الدانيُّ في «التفسير»: وهذا يُسَمَّى الحالَّ المرتحل، وفي جميع ما قدَّمناه أحاديثُ مشهورةٌ يروها العلماء، يؤيِّد بعضها بعضًا، تدلُّ على صحَّة ما فعله ابن كَثِير، ولها موضعٌ غير هذا قد ذكرناها فيه، انتهى.

(1/9061)

اعلم أنَّ الحالَّ المرتحل كذلك فسَّره الهرويُّ في «غريبَيه» كما نقله عنه ابن الأثير في «نهايته»، وقيل: أراد الحالَّ المرتحل: الغازي الذي لا يقفل عن غزوة إلَّا عقَّبها [1] بأخرى، انتهى.

قال ابن قيِّم الجوزيَّة في آخر «معاليم الموقِّعين» في تفسير الحالِّ المرتحل: وفهم من هذا بعضهم: إذا فرغ من ختم القرآن؛ قرأ فاتحة الكتاب وثلاث آيات من سورة البقرة؛ لأنَّه حلَّ بالفراغ، وارتحل بالشروع، وهذا لم يفعله أحد من الصَّحابة ولا التابعين، ولا استحبَّه أحدٌ من الأئِمَّة؛ والمراد بالحديث: الذي كلَّما حلَّ من غزاة؛ ارتحل في أخرى، أو كلَّما حلَّ من عمل؛ ارتحل في غيره تكميلًا له، كما يكمل الأوَّل، وأمَّا هذا الذي [يفعله] بعض القرَّاء؛ فليس مرادَ الحديث قطعًا، والله أعلم، وبالله التَّوفيق، وقد جاء تفسير الحديث متَّصلًا به: «أن يضرب من أوَّل القرآن إلى آخره، كلَّما حلَّ؛ ارتحل»، وهذا له معنيان؛ أحدهما: أنَّه كلَّما حلَّ من سورة أو جزء؛ ارتحل في غيره، والثاني: أنَّه كلَّما حلَّ من ختمة؛ ارتحل في أخرى، انتهى، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (عقَّبه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 376]

(1/9062)

((66)) (كِتَابُ فَضَائِل القُرْآن) ... إلى (كِتَاب النِّكَاح)

تنبيهٌ: روى الحاكم بسنده إلى أبي عمَّار المروزيِّ: أنَّه قيل لأبي عِصْمَة: من أين لك عن عكرمة عن ابن عبَّاس في فضل القرآن سورةً سورةً، وليس عند أصحاب عكرمة؟ فقال: إنِّي رأيت النَّاس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمَّد بن إسحاق، فوضعت لهم هذا الحديث حِسبةً، وقال الحاكم: وَضَعَ حديثَ فضائلِ القرآنِ أبو عِصْمَة نوحٌ الجامعُ.

تنبيهٌ ثانٍ: روى ابن حبَّان في مقدمة «تاريخ الضُّعفاء» عن ابن مهديٍّ قال: قلت لميسرة بن عبد ربِّه: من أين جئت بهذه الأحاديث: من قرأ كذا؛ فله كذا؟ قال: وضعتها لأُرغِّب الناس فيها، وهكذا حديث أُبيٍّ الطويل في فضائل القرآن سورةً سورةً، فرُوِّينا عن المؤمَّل بن إسماعيل: حدَّثني شيخٌ به، فقلت للشيخ: مَن حدَّثك؟ قال: حدَّثني رجل بالمدائن، وهو حيٌّ، فصرت إليه، فقلت: من حدَّثك؟ قال: حدَّثني شيخٌ بواسط، وهو حيٌّ، فصرت إليه، فقال: حدَّثني شيخ بالبصرة، فصرت إليه، فقال: حدَّثني شيخ بعبَّادان، فصرت إليه، فأخذ بيدي فأدخلني بيتًا، فإذا فيه قوم من المتصوِّفة، ومعهم شيخ، فقال: هذا الشيخ حدَّثني، فقلت: يا شيخ؛ من حدَّثك، فقال: لم يحدِّثني أحدٌ، ولكنَّا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن، فوضعنا لهم هذا الحديث؛ ليصرفوا قلوبهم

[ج 2 ص 376]

إلى القرآن، انتهى.

وكلُّ من أودع حديث أُبيٍّ تفسيرَه _كالواحديِّ، والثعلبيِّ، والزمخشريِّ_ مخطئٌ في ذلك، لكنَّ من أبرز إسناده منهم؛ كالثعلبيِّ والواحديِّ؛ فهو أبسط لعذره؛ إذ أحال ناظرَه على الكشف عن سنده، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه من غير بيانه إذا علم ذلك، كما هو معروف في علوم الحديث، وأمَّا من لم يبرز إسناده وأورده بصيغة جزمٍ؛ فخطؤه أفحش؛ كالزمخشريِّ، هذا إذا علم حاله، والله أعلم.

(1/9063)

[كيف نزول الوحي وأول ما نزل]

قوله: (بابٌ كَيْفَ نُزُولُ الْوَحْيِ، وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ): (بابٌ): منوَّن مرفوع، و (نزولُ): مرفوع من غير تنوينٍ؛ لأنَّه مضافٌ، و (أوَّل): مرفوع أيضًا.

قوله: (بَابُ نُزُولُ الوَحْيِ: قَالَ ابْنُ عبَّاس: الْمُهَيْمِنُ: الأَمِينُ، الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ): رأيت بخطِّ شيخ الإسلام البلقينيِّ ما نصُّه: (فائدة: أثر ابن عبَّاس رضي الله عنهما مطابقٌ لفضائل القرآن لا لترجمة الباب، والمراد بترجمة الباب: كيف كان زمان نزوله، وكيف كان المَلَك الذي يأتيه بالوحي، وهذا غير ما بدأ به البُخاريُّ كتابه)، انتهت.

==========

[ج 2 ص 377]

(1/9064)

[حديث: لبث النبي بمكة عشر سنين]

4978# 4979# قوله: (حَدَّثَنَا [1] شَيْبَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شيبان بن عبد الرَّحمن النَّحْويُّ، تَقَدَّم، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، كذا قال ابن الأثير في كتابه، وفي «التذهيب» في ترجمة شيبان هذا: قال ابن أبي داود وغيره: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيدُ بنُ أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْويُّ هذا، انتهى، وقد تَقَدَّم، والله أعلم، و (يَحْيَى) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يحيى بن أبي كَثِير، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر.

قوله: (لَبِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ): هذه المسألة تَقَدَّمتُ، وهي لُبْثُه بمَكَّة بعد النُّبوَّة، وذكرت فيها ثلاثة أقوال؛ أحدها: هذا، والثاني: ثلاث عشرة، وهو الصحيح، والثالث: خمس عشرة، وهذا الخلاف مبنيٌّ على الخلاف في مدَّة حياته؛ فمن قال: عاش ستِّين؛ قال: أقام بعد النُّبوَّة عشر سنين، وبالمدينة عشرًا، وإقامته بالمدينة عشرًا لا خلافَ فيها، ومن قال: ثلاثًا وستِّين؛ وهو الصحيح المشهور؛ قال: أقام بمَكَّة بعد النُّبوَّة ثلاث عشرة، ومن قال: خمسًا وستِّين؛ قال: أقام بعد النبوَّة خمس عشرة، وقد ذكرت هذا كلَّه فيما مضى بزيادةٍ في سنِّه عَلَيهِ السَّلام مع جمع الإمام السهيليِّ بين الأقوال وجمع غيره.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).

[ج 2 ص 377]

(1/9065)

[حديث: أنبئت أن جبريل أتى النبي وعنده أم سلمة .. ]

4980# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ: حَدَّثَنَا [1] أَبِي): هذا هو المعتمر بن سليمان بن طَرْخَان، وتَقَدَّم ضبط طرخان، وما معناه، و (أَبُو عُثْمَانَ) هذا: هو النَّهديُّ عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّم اللُّغات في (مَلٍّ)، وترجمة عبد الرَّحمن.

قوله: (أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ ... ) إلى آخره: هذا أسنده أبو عثمان في آخره إلى أسامة بن زيد، وقد ذكر هذا الحديث الإمام الحافظ جمال الدين المِزِّيُّ في «أطرافه» في (مسند أسامة)، وذكره أيضًا في (مسند أمِّ سلمة)، وذكر أنَّه تَقَدَّم في (مسند أسامة)، إذا علمت ذلك؛ فاعلم أنَّ الحميديَّ قال: يصلح أن يكون في (مسند أمِّ سلمة)، وقد ذكره خلف وأبو مسعود في (مسند أسامة)، والله أعلم.

قوله: (وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة، المخزوميَّة، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها آخرُ أمَّهات المؤمنين وفاةً، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين رضي الله عنهما.

قوله: (هَذَا دِحْيَةُ): تَقَدَّم الكلام على دِحية ونسبه، وأنَّه بكسر الدال وتُفتَح، وما معنى (دِحية)، في أوَّل هذا التعليق، رضي الله عنه.

قوله: (قَالَ أَبِي): القائل ذلك هو المعتمر، و (أبوه): هو سليمان بن طَرْخَان.

(1/9066)

[حديث: ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر]

4981# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعد، الإمام أحد الأعلام والأجواد، و (سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة وضمِّها وكسرها، و (المقبرة): مثلَّثة الموحَّدة، و (أَبُوه): هو أبو سعيد كيسان المقبريُّ، عن عمر، وأبي هريرة، وطائفة، وعنه: ابنه سعيد وجماعة، تُوُفِّيَ سنة مئة، أخرج له الجماعة، قال النَّسائيُّ: لا بأس به، وقد تَقَدَّم لم قيل له: المقبريُّ، وقال الواقديُّ: كان ثِقةً، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (إِلاَّ أُعْطِيَ مَا مِثْلُهُ): (أُعطِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مثلُه): مرفوع، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ): كذا هنا، قال ابن قُرقُول: (وفي بعض روايات «الصحيح»: «أومن عليه البشر»، وكتبه بعضهم: «ائتمن»، وكُلُّه [1] راجع إلى معنى الإيمان، وروى القابسيُّ: «أَمِن»؛ من الأمان، وليس موضعَه، وإنَّما معنى [الحديث] [2]: الإخبار أنَّ الله تعالى أيَّد كلَّ نبيٍّ بعثه من الآيات _يعني: المعجزات_ بما يُصَدِّق دعواه وتقوم به الحجَّة على من دعاه، إلَّا أنَّ الذي أوتيه رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وحيٌ يتلى، ومعجزةٌ تدوم وتبقى)، انتهى، وفي معنى هذا الحديث أقوال أخر ذكرها القاضي عياض في «الشفا»، وقد ذكر في أوائل «الشفا» نحو هذا الكلام عن ابن فورك؛ فراجع «الشفا» إن أردت زيادةً.

(1/9067)

[حديث: أن الله تعالى تابع على رسوله قبل وفاته حتى توفاه]

4982# قوله: (حَدَّثَنِي [1] عَمْرُو بْنُ محمَّد): هذا تَقَدَّم أنَّه عمرو بن محمَّد بن بُكَيْر، أبو عثمان البغداديُّ الناقد الحافظ، نزل الرَّقَّة، عن هشيم، ومعتمر، وطبقتهما، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والفريابيُّ، والبغويُّ، تُوُفِّيَ في ذي الحجَّة سنة (232 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، قال أحمدُ: يتحرَّى الصدق، وقال أبو داود وغيره: ثِقةٌ، وقال ابن معين وقيل له: إنَّ خَلْقًا يقع في عمرٍو؛ فقال: ما هو من أهل الكذب، له ترجمة في «الميزان»، و (يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي): هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، أبو يوسف، تَقَدَّم، و (أبوه): إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، تَقَدَّما، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْيُ): (أكثرَ): بالنصب، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا).

[ج 2 ص 377]

(1/9068)

[حديث: اشتكى النبي فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة ... ]

4983# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وتَقَدَّم (سُفْيَانُ) بعده: أنَّه الثوريُّ، و (جُنْدُبٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الدال وفتحها، وأنَّه ابن عبد الله بن سفيان البَجَليُّ ثُمَّ العلقيُّ، تَقَدَّم في (التفسير) في (الضحى)، والله أعلم.

قوله: (فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ): تَقَدَّم في {والضحى} الاختلاف في المدَّة المتروك فيها القيام.

قوله: (فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ؛ مَا أُرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ): هذه المرأة تَقَدَّم الكلام عليها في (باب ترك القيام للمريض) في (الصلاة)، وذكرت فيها أقوالًا، وهذا الكلام لا أعلم أنَّه يصحُّ عن مؤمنةٍ، ولو تكلَّم بهذا مؤمنة _والعياذ بالله_؛ كان ردَّةً، وقد ذُكِر عن أمِّ جَمِيل زوجِ أبي لهب، كما ذكره الحاكم في «مستدركه» في (الضحى)، وهذا مناسب لحالها وهي حمَّالة الحطب، وقد ذكرت كلامًا على أمِّ جَمِيل، واسمها، ونسبها.

(1/9069)

[باب: نزل القرآن بلسان قريش والعرب]

قوله: (بابٌ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ): ساق ابن المُنيِّر ما في الباب على عادته ثُمَّ قال: (حديث يعلى أقعد بالترجمة المتَقَدَّمة التي ضمَّنها نزولَ الوحي مطلقًا، وهذه خصَّها بالقرآن، فكأنَّه قصد التنبيه على أنَّ القرآن والسنة كليهما وحيٌ واحدٌ، ولسانٌ واحدٌ)، انتهى، وقد ذكر هذا ابن بطَّال قبله، وحديث يعلى هو الذي فيه: (ثُمَّ سرِّي عنه، فقال: «أين السائل عن العمرة آنفًا ... »)؛ الحديث.

تنبيه: قد رأيت بخطِّ شيخنا شيخ الإسلام البلقينيِّ ما لفظه: (فائدة: قوله: «والعرب»: مُتَعقَّبٌ بأنَّ القرآن إنَّما نزل بلسان قريش كما ... ) وقطع الكلام بعدَه، ويدلُّ لما قاله شيخنا قول عثمان في الباب: (إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي عَرَبِيَّةٍ مِنْ عَرَبِيَّةِ الْقُرْآنِ؛ فَاكْتُبُوهَا بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ بِلِسَانِهِمْ)، والله أعلم.

(1/9070)

[حديث: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية ... ]

4984# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم.

قوله: (وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ): تَقَدَّم الكلام على هذه الواو قريبًا وبعيدًا لأيِّ شيء أتى بها ابنُ شهابٍ الزُّهريُّ.

==========

[ج 2 ص 378]

(1/9071)

[حديث: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات ... ]

4985# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العوْذيُّ الحافظ، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ [1]: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ): تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، و (فلان) المُسنَد إليه القول شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه مثلُ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه في المذاكرة غالبًا، و (يَحْيَى) بعد مُسَدَّد: هو ابن سعيد القطَّان، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي رَباح، وقَدَّم السند الأوَّل؛ لأنَّه أعلى برَجُلٍ، فإنَّه بين البُخاريِّ وبين عطاء اثنان في الأوَّل وثلاثةٌ في الثاني، و (صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى): تَقَدَّم، وكذا والده (يَعْلَى بنُ أُمَيَّة)، صَحابيٌّ مشهور رضي الله عنه، وهو أبو خلف، ويقال: أبو صفوان يعلى بن أُمَيَّة بن أبي عبيدة _واسمه عبيد، ويقال: زيد_ ابن همَّام بن الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ويُعرَف بابن مُنْيَة، وهي أمُّ يعلى، ويقال: جدَّته، تَقَدَّم.

قوله: (حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ): (يُنزَل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، ويجوز بناؤه للفاعل، وبهما ضُبِط في أصلنا.

قوله: (بِالْجِعْرَانَةِ): تَقَدَّمتْ بلغتيها؛ التشديد والتخفيف، وأين هي، و (أُظِلَّ) [2]: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وتَقَدَّم الكلام على (الرَّجل)، وقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين المتأخِّرين: (اسمه عطاء، كما تَقَدَّم في «الحج») انتهى، وما وقع فيه للقاضي عياض، وما هو الصحيح في ذلك، وعلى (مُتَضَمِّخ)، وعلى (يَغِطُّ)، وما الغطيط، وأنَّه صوت يُخرِجه النائم مع نَفَسه، وعلى (سُرِّيَ)، وأنَّه بالتخفيف والتشديد، وعلى (آنِفًا)، وأنَّه بالمدِّ والقصر؛ ومعناه: الآن والسَّاعة.

قوله: (فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ): (التُمِس)؛ بضمِّ التاء، وكسر الميم: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرجلُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَاغْسِلْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ): تَقَدَّم الكلام عليه؛ كلُّ ذلك في (الحج).

(1/9072)

[باب: جمع القرآن]

(1/9073)

[حديث: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن]

4986# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، والكلام على هذه النسبة لماذا، و (ابْنُ شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ بْن السَّبَّاقِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح السين المهملة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره قافٌ.

قوله: (مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ وقعة اليمامة كانت في ربيع الأوَّل سنة اثنتي عشرة في خلافة الصِّدِّيق، وتَقَدَّم الكلام على (اسْتَحَرَّ).

قوله: (وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم الكلام على الذين كتبوا لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الوحيَ والرسائلَ في (باب الشروط) في (الجهاد)، وذكرت هناك أنَّ المداوم عليها زيدٌ، وبعد الفتح زيدٌ ومعاويةُ، قاله غير واحد من الحُفَّاظ.

قوله: (مِنَ الْعُسُبِ): تَقَدَّم أنَّه جمع (عسيب) في (سورة براءة)، قال الدِّمْياطيُّ: (والعُسُب: جريد النخل، كانوا يكشطون خوصها، ويتَّخذونها عِصِيَّ، وكانوا يكتبون في طرفها العريضِ)، انتهى.

قوله: (وَاللِّخَافِ): هو بكسر اللَّام، وبالخاء المعجمة المُخَفَّفة، وفي آخره فاءٌ، قال الدِّمْياطيُّ: (حجارةٌ بيضٌ رِقاقٌ، واحدها: لخْفة).

قوله: (وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ): تَقَدَّم في (سورة التوبة) الكلام عليه مترجمًا، ومتى تُوُفِّيَ، وسيأتي في باطنها الكلام عليه من عند الدِّمْياطيِّ، وتَقَدَّم أنَّ صاحب آية (الأحزاب): هو خزيمة بن ثابت، وأنَّ صاحب آخر (التوبة) أبو خزيمة، واختلافهم في ذلك، والله أعلم.

قوله: (مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ): (غيرِه): بالجرِّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/9074)

[حديث: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب]

4987# 4988# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ إِسْمَاعِيلَ [1]): تَقَدَّم أعلاه، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ.

قوله: (وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ): (أهلَ): منصوب مفعول، وكذا هو منصوب في أصلٍ صحيحٍ، ولفظ التِّرْمِذيِّ يوضِّح هذا الإعراب.

قوله: (فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ): هي بكسر الهمزة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ ميم مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء، قال ابن قُرقُول: («إِرْمِيْنِيَة»: بكسر الهمزة وتخفيف الياء، لا غير، سُمِّيَت بإرمين بن لمطي بن لَوْمَن بن يافث بن نوح، وهو أوَّل من نزلها، وقال الجوهريُّ: «إِرْمِيْنِيَة»؛ بكسر الهمزة: كورة بناحية الروم، والنسبة إليها: إِرْمَنِيِّ؛ بفتح الميم، وقال النوويُّ في «الإشارات على الروضة»: الإِرمِني؛ بكسر الهمزة والميم: منسوب إلى إِرمينيَة؛ بكسر الهمزة وتخفيف الياء: ناحية معروفة)، انتهى، وقال ابن الصلاح في «مشكله» مثله، وزاد بأنَّ مدينة خِلاط

[ج 2 ص 378]

منها، وما قاله ابن الصلاح والنوويُّ مخالف لكلام الجوهريِّ في كسر الميم، وكأنَّهما راعيا القياس، ولم يستحضرا المنقول، وقال شيخنا: («إرمينية»؛ بكسر أوله _وفَتَحَه ابن السمعانيِّ_ وتخفيف الياء، قال أبو الفرج: ومن ضمَّ الهمزة؛ فقد غلط، وبكسرها قرأته على أبي منصور اللُّغويِّ، وافتُتِحَت سنة تسع وعشرين _كما قاله الرشاطيُّ_ في خلافة عثمان على يد سلمان بن ربيعة الباهليِّ)، انتهى.

(1/9075)

قوله: (وَأَذْرَبِيجَانَ): قال ابن قُرقُول: (بفتح الهمزة، وسكون الذال؛ يعني: المعجمة، قال: وفتح الراء، وكسر الباء، مع قصر الهمزة، هذا هو المشهور، ومدَّ الأصيليُّ والمهلَّب الهمزةَ؛ يعني: مع فتح الذال، قال: وفتح عبد الله بن سليمان وغيره الباء، وحكى فيه مكيٌّ: «إِذربيجان»، قال: والنسب إليه: «أَذَرِيٌّ» على غير قياسٍ، وعن المهلَّب: «آذرِيْبَجان»؛ بالمدِّ، وكسر الراء، بعدها ياءٌ ساكنةٌ مثنَّاة، بعدها باءٌ مفتوحةٌ، قال ابن الأعرابيِّ: كلام العرب: «أَذْربيجان»، هو اسم اجتمعت فيه أربعُ موانعَ من الصرف: العجمة، والتعريف، والتَّأنيث، والتركيب)، انتهى، وقال شيخنا: («وأذربيجان»: بفتح أوله، بالقصر والمدِّ، وكسر الهمزة أيضًا، حكاه ابن مكيٍّ في «تنقيبه»، بلدٌ بالجبال من بلد العراق، يلي كور إرمينية من جهة المغرب)، انتهى.

قوله: (فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ): (حذيفة): منصوب مفعول، و (اختلافُهم): مرفوع فاعل (أفزع)، وهذا ظاهرٌ، والذي أفزع حذيفة من اختلاف ألفاظ القرآن، قال بعضهم: (فإنَّه كان أُبِيح للعرب أن يقرأ كلُّ حيٍّ بلغتهم)، انتهى، كذا قاله بعضهم، والله أعلم، وسيجيء قريبًا في قوله: (أنزل القرآن على سبعة أحرف) ما قاله المازري في ذلك.

قوله: (أَدْرِكْ): بفتح الهمزة وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (اخْتِلاَفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى): (اختلافَ): منصوب؛ أي: كاختلاف.

قوله: (أَنْ أَرْسِلِي): (أنْ): بفتح الهمزة، وسكون النون، و (أرسلي) [2]؛ بفتح الهمزة، رُباعيٌّ.

قوله: (نَنْسَخهَا): يجوز فيه الجزم جواب الأمر، ويجوز رفعه، وبالرفع هو مضبوط في أصلنا.

قوله: (فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ... ) إلى آخره: ذَكَر فيه أربعةَ رجال، وفي «المقنع» لأبي عمرو الدانيِّ بسنده إلى أنس بن مالك ... ؛ فذكر قصَّة الجمع الثاني، وفيه: فأرسل عثمان إلى زيد بن ثابت، وإلى عبد الله بن عمرو بن العاصي، وإلى عبد الله بن الزُّبَير، وإلى [3] ابن العبَّاس، وإلى عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام، ثُمَّ ذكر بإسناده الأربعة الذين في «البُخاريِّ»، فاجتمع من الروايتين خمسة رجال، والله أعلم، والروايتان في «المقنع»؛ رواية البُخاريِّ والرواية التي فيها عبد الله بن عمرو بن العاصي.

(1/9076)

قوله: (وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ): تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق في (كتاب العلم) كم كُتِبَت نسخة مع الاختلاف في ذلك، وإلى أين أُرسِلَت كلُّ نسخةٍ؛ فانظره، و (الأُفُق)؛ بضمِّ الهمزة والفاء وتُسكَّن: الناحية، والجمع: الآفاق.

قوله: (أَنْ يُخْرَق): هو في أصلنا بالخاء المعجمة، وفي نسخة في هامشه: بالحاء المهملة، قال ابن قُرقُول: (كذا للمروزيِّ، وللجماعة بالخاء المعجمة، والأوَّل أعرف، قال القابسيُّ: وهو الذي أَعرِف، وقد روي عن الأصيليِّ الوجهان، وقد يُحرَق بعد التمزيق)، انتهى.

تنبيه: لو وَجَد إنسانٌ اسمًا شريفًا معظَّمًا في ورقة ملقًى على الطريق؛ فعليه رفعها، وهل الأَولى تفرقة حروفه وإلقاؤه، أو غسله، أو جعله في حائط؟ قال العلامة عزُّ الدين ابن عبد السلام من الشافعيَّة: الأَولى غسله؛ لأنَّ المجعول في الجدار معرَّض لِأَنْ يسقط، فيستهان، انتهى، وقد رأيت فتوى صورتها: في مصحف بَلِيَ ولم يَصلُح للقراءة فيه؛ ماذا يُصنَع فيه؟ فكتب بعض فضلاء الحنفيَّة _ممَّن قرأت عليه درسًا واحدًا في «تصريف العزِّي» _: فيها أربعة آراء للحنفيَّة، والله أعلم.

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ... ) إلى آخره: يعني: بالسند المتَقَدِّم؛ وهو موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه، و (ابن شهاب): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وقد أخرجه البُخاريُّ أيضًا في (الجهاد)، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ): قال الدِّمْياطيُّ: (أبو عمارة خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الأنصاريُّ الأوسيُّ الخطميُّ، وخزيمة هذا معروف بذي الشهادتين، أجاز رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم شهادته بشهادتين؛ لأنَّه شهد بتصديق النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في ابتياع الفرس حين باعه صاحبُه، شهد صفِّين مع الفئة الباغية، ثُمَّ سلَّ سيفه فقاتل حتَّى قُتِل، وكانت صفِّين سَنةً سبع وثلاثين، وشهد أحُدًا وما بعدها)، انتهى، وقد قدَّمتُ الاختلاف في الفرس التي ابتاعها صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ومَنِ البائع فيما تَقَدَّم في (سورة الأحزاب).

(1/9077)

[باب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله: (بابُ كَاتِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم في (الشروط في الجهاد) من كتب له صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وذكرت هناك وبعده أنَّ غير واحد من الحُفَّاظ قال: المواظب على الكتابة زيدُ بن ثابت ومعاويةُ، كذا قالوا، وينبغي أن [1] يُقيَّد في معاوية بـ (بعد الفتح)؛ لأنَّه من مسلمة الفتح.

==========

[1] زيد في (أ): (في)، ولعلَّ الصواب حذفها.

[ج 2 ص 379]

(1/9078)

[حديث: إنك كنت تكتب الوحي لرسول الله فاتبع القرآن]

4989# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (اللَّيْثَ): هو ابن سعد، وأنَّ (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (ابْنُ السَّبَّاق): عبيد، تَقَدَّم قريبًا ضبط أبيه، وقدَّمتُ بعض ترجمته قبل ذلك.

قوله: (مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه في (سورة التوبة)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: أبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجَّار بن تيم اللَّات، شهد بدرًا وما بعدها، تُوُفِّيَ في خلافة عثمان، وليس له عقب، وأخوه أبو محمَّد مسعود بن أوس، زعم أنَّ الوترَ واجبٌ، شهد بدرًا وما بعدها، ومات في خلافة عمر رضي الله عنه، وليس له عقبٌ، وقيل: إنَّه شهد صفِّين مع عليٍّ، انتهى.

قوله: (مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ): (غيرِ)؛ بالجرِّ، وقد تَقَدَّم قريبًا.

==========

[ج 2 ص 379]

(1/9079)

[حديث: ادع لي زيدًا وليجئ باللوح والدواة والكتف]

4990# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (الْبَرَاءُ): هو ابن عَازب، وتَقَدَّم أنَّ عَازبًا صَحابيٌّ أيضًا.

قوله: (ادْعُ لِي زَيْدًا): تَقَدَّم أنَّه زيد بن ثابت، وكذا تَقَدَّم الكلام على (الْكَتِفِ) في (سورة النساء)، وكذا على (ابْن أُمِّ مَكْتُومٍ) فيها.

قوله: (فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا): تَقَدَّم أنَّ جبريل صعد وهبط قبل جفاف القلم، قاله مالك، ذَكَرتُه في (سورة النساء).

==========

[ج 2 ص 379]

(1/9080)

[باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف]

(1/9081)

[حديث: أقرأني جبريل على حرف فراجعته]

4991# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وأنَّ (اللَّيْثَ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بعده: هو ابن عتبة بن مسعود.

[ج 2 ص 379]

قوله: (حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ): سيأتي الكلام على هذه الأحرف قريبًا.

(1/9082)

[حديث: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه]

4992# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، مع (اللَّيْثُ)، مع (عُقَيْلٌ)، مع (ابْن شِهَاب)، قُبيل هذا؛ فانظره.

قوله: (أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (المِسْوَر)؛ بكسر الميم، وإسكان السين المهملة، وأنَّه صَحابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ (مَخْرَمة) والدَه صَحابيٌّ أيضًا، وَ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِيُّ): تَقَدَّم أنَّه بتشديد الياء، منسوب إلى القارة، وقد تَقَدَّم أنَّ عَضلًا والقارة ابنا يَيْثع بن الهَوْن بن خزيمة بن مدركة، وقيل في نسبه غيرُ ذلك، قال أبو داود: أُتي به النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وهو طِفْل، روى عن عمر، وأبي طلحة، وأبي أيُّوب، وغيرهم، وعنه: السائب بن يزيد وهو من أقرانه، وعروة بن الزُّبَير، والأعرج، وابن شهاب الزُّهريُّ، وجماعة، وثَّقه ابن معين، قال ابن سعد: تُوُفِّيَ بالمدينة سنة ثمانين، وله ثمان وسبعون سَنةً، أخرج له الجماعة.

قوله: (أُسَاوِرُهُ): هو بضمِّ الهمزة، وسين مهملة، وبعد الألف واو مكسورة، ثُمَّ راء، ثُمَّ هاء الضمير، قال ابن قُرقُول: (قال الحربيُّ: آخُذُ برأسِه، وقال غيره: أُواثِبُه؛ وهو أشبه بمساق الحديث، ورواه بعضُهم عن القابسيِّ: «أثاوره»، والمعروف بالسين)، انتهى.

قوله: (فَلَبَّبْتُهُ): تَقَدَّم أنَّه يقال بالتشديد والتخفيف، والتخفيف أعرفُ، قاله ابن قُرقُول، واقتصر الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم» في هذا الحديث على التشديد فقط، وقد قدَّمتُ ضبطَه ومعناه.

قوله: (بِرِدَائِهِ): وجاء في بعض طرقه: (بردائي)، ويُجمَع بينهما بأنَّ التلبيب وقع بالرداءين جميعًا، والله أعلم.

قوله: (أَرْسِلْهُ): هو بفتح الهمزة، وكسر السين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ): قال العلماء: سبب إنزاله على سبعة أحرف التخفيفُ والتيسيرُ، ولهذا قال في رواية: «هوِّنْ على أمَّتي»، انتهى، ذكر شيخنا هنا عن أبي حاتم بن حِبَّان: أنَّه ذَكَر في قوله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «أُنزل القرآن على سبعة أحرف» خمسةً وثلاثين قولًا، انتهى، قال الزَّكيُ عبد العظيم: (لكنَّ جمهورَها لا يُختار)، انتهى.

(1/9083)

واختلف العلماء في المراد بـ (سبعة أحرف)؛ قال القاضي عياض: قيل: هو توسعةٌ وتسهيلٌ لم يقصد به الحصْرَ، قال: وقال الأكثرون: هو حصرٌ للعدد في سبعةٍ، ثُمَّ قيل: في سبعة من المعاني؛ كالوعد والوعيد، والمحكم والمتشابه، والحلال والحرام، والقصص والأمثال، والأمر والنهي، ثُمَّ اختَلَف هؤلاء في تعيين السبعة.

وقال آخرون: هي في صورة التلاوة، وكيفية النطق بكلماتها؛ من إدغام وإظهار، وتفخيم وترقيق، وإمالة، ومدٍّ؛ لأنَّ العرب كانت مختلفةَ اللُّغات في هذه الوجوه، فيسَّر الله عليهم؛ ليقرأَ كلُّ إنسان بما يُوافق لغته، ويسهل على لسانه، وقال آخرون: هي الألفاظ والحروفُ، وإليه أشار ابن شهاب بما رواه عنه مسلم في «الكتاب»؛ يعني: «صحيحه»، ثُمَّ اختَلَف هؤلاء؛ فقيل: سبع قراءات وأوجه، وقال أبو عُبيد: سبع لغات للعرب يَمَنِها ومَعَدِّها، وهي أفصح اللُّغات وأعلاها، وقيل: السبعة كلُّها لمضر وحدها، وهي متفرِّقة في القرآن، غير مجتمعة في كلمة واحدة، وقيل: بل هي مجتمعة في بعض الكلمات؛ كقوله تعالى: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة: 60]، و {نَرْتَعِ وَنَلْعَبْ} [يوسف: 12]، و {بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [سبأ: 19]، و {بِعَذَابٍ بَيْئَسٍ} [الأعراف: 165]، وغير ذلك.

قال ابن البلاقلانيِّ: الصحيح أنَّ هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وضبطتها عنه الأُمَّة، وأثبَتَها عثمان والجماعة رضي الله عنهم، وأخبروا بصحَّتها، وإنَّما حذفوا عنها ما لم يثبت متواترًا، وأنَّ هذه الأحرف تختلف معانيها تارةً، وألفاظُها أخرى، وليست متضادَّة ولا متنافية، وذكر الطحاويُّ: أنَّ القراءة بالأحرف السبعة كانت في أوَّل الأمر خاصَّة للضرورة؛ لاختلاف لغة العرب، ومشقَّة أخذ جميع الطوائف بلغةٍ، فلمَّا كثر الناس والكُتَّاب، وارتفعت الضرورة؛ عادت إلى قراءةٍ واحدةٍ.

قال الداوديُّ: وهذه القراءات السبع التي يقرأ بها الناسُ اليوم ليس كلُّ حرف منها هو أحدَ تلك السبعة، بل قد تكون مفرَّقةً فيها، وقال ابن أبي صُفرة: هذه القراءات السبع إنَّما شُرِعت من حرف واحد من السبعة المذكورة في الحديث، وهذا الذي جَمَع عثمانُ رضي الله عنه المصحفَ، وقد ذكره النَّحاس وغيره.

(1/9084)

وقال غيره: لا يمكن القراءة بالسبعة المذكورة في الحديث في ختمة واحدة، ولا يُدرَى أيُّ هذه القراءات آخرُ العَرْض على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وكلُّها مستفيضةٌ عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ضبطتها [1] عنه الأمَّة، وأضافت كلَّ حرف منها إلى من أُضِيفَت إليه من الصَّحابة رضي الله عنهم؛ أي: أنَّه كان أكثر قراءته به، كما أُضِيفَت كلُّ قراءة منها إلى من أختار القراءة بها من القرَّاء السبعة وغيرهم.

قال المازريُّ: وأمَّا قول من قال: إنَّ المراد سبعة معانٍ مختلفةَ الأحكام، والأمثال، والقصص؛ فخطأٌ؛ لأنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أشار إلى جواز القراءة بكلٍّ واحد من الحروف، وإبدال حرف بحرف، وقد تقرَّر إجماع المسلمين أنَّه يُحرُم [إبدال] آية أمثال بآية أحكام، قال: وقول من قال: المراد: خواتيم الآي، فيجعل مكان {غَفُورٌ رَّحِيمٌ}: {سَمِيعٌ بَصِيرٌ}؛ فأشدُّ أيضًا؛ للإجماع على منع تغيير القرآن للناس، هذا مختصر ما نقله القاضي عياض في المسألة، انتهى كلام النووي رحمهما الله.

وقد استفدنا من كلام الطَّحاويِّ، وابن أبي صفرة، وكذا قالة النحاس وغيره _كما هو مذكور فيما تَقَدَّم_: أنَّ الذي يقرؤه الناس اليوم إنَّما هو حرف واحد من السبعة، وكذا في آخر «المقنع» لأبي عمرو الدَّانيِّ: (أنَّ أبا بكر كان قد جمعه أوَّلًا على السبعة الأحرف التي أَذِن الله عزَّ وجلَّ للأمَّة في التلاوة بها، ولم يخصَّ حرفًا بعينه، فلمَّا كان زمن عثمان؛ وقع الاختلاف بين أهل العراق وأهل الشَّام في القراءة، فأعلمه حذيفةُ بذلك، رأى هو ومن حضره من الصَّحابة أن يجمع الناس على حرف واحد من تلك الأحرف، وأن يسقط ما سواه، فيكون ذلك ممَّا يرتفع به الاختلاف، ويُوجِب الاتفاق ... ) إلى آخر كلامه، وذكر فيه أيضًا قولًا آخر، وقد ذكر في أوَّل «المقنع» أنَّه حرف زيد بن ثابت، وذكر في آخر «المقنع» سؤالًا وجوابه، وهو مفيدٌ؛ فانظره.

(1/9085)

ورأيت أيضًا في «الاستيعاب» لابن عبد البَرِّ في ترجمة زيد بن ثابت ما لفظه: فلمَّا اختلف الناس في القراءة زمن عثمان، واتَّفق رأيه ورأيُ الصَّحابة أن يُرَدَّ القرآنُ إلى حرف واحد؛ وقع اختياره على حرف زيد، فأمره أن يُملَّ المصحفَ على قوم من قريش جَمَعَهم إليه، فكتبوه على ما هو اليوم بأيدي الناس، والأخبارُ بذلك متواترة المعنى وإن اختلفتْ ألفاظُها، انتهى، والله أعلم، ومثله في «التمهيد» لابن عبد البَرِّ، وفي كلامه ما يشبه أن يكون ذلك متَّفق عليه، والله أعلم.

وقد رأيت في كلام ابن قيِّم الجوزيَّة في «إغاثة اللَّهفان» ذلك، ولفظه: (ومن ذلك _أي: ومن سدِّ الذريعة_ جمعُ عثمانَ الأمَّةَ على حرفٍ واحدٍ من الأحرف السبعة؛ لئلَّا يكون اختلافهم في القرآن، ووافقه على ذلك الصَّحابة رضي الله عنهم أجمعين).

[ج 2 ص 380]

==========

[1] في (أ): (وضبطها)، والتصحيح من الموضع الشابق.

(1/9086)

[باب تأليف القرآن]

قوله: (بابُ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ): اعلم أنَّ ترتيبَ السُّور: هل هو من فعله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أو من اجتهاد المسلمين؟ قولان؛ الثاني أصحُّ، مع احتمالهما، وتأوَّلوا النهي عن تلاوة القرآن منكوسًا على من يقرؤه من آخر السورة إلى أوَّلها، وقيل: هو أن يبدأَ من آخر القرآن، فيقرأ السورة، ثُمَّ يرتفع إلى (البقرة).

وأمَّا ترتيب الآي؛ فلا خلاف أنَّه توقيفٌ من الله تعالى على ما هي عليه الآن في المصحف، والله أعلم، ذكر هذه المسألة القاضي عياض كما نقله عنه النوويُّ في «شرح مسلم» في (باب استحباب تطويل القراءة في صلاة اللَّيل) مطوَّلة، فإن أردت زيادة؛ فسارع إلى «شرح مسلم» إمَّا للقاضي وإمَّا للنوويِّ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمتْ أيضًا في أوَّل (التفسير) مختصرةً.

(1/9087)

[حديث: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل]

4993# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام.

قوله: (وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مَاهَكٍ): قائل هذا هو ابن جُرَيج، وقد قدَّمتُ هذه الواو؛ ما الحكمة في الإتيان بها، غيرَ مرَّةٍ، وتَقَدَّم الكلامُ على (ماهَك)، وأنَّ الهاء مفتوحة، ولا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، ووقع في أصلنا مصروفًا بالقلم، وقد عُمِل أيضًا غير مصروف، فصار هنا بهما.

قوله: (إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ): هذا العراقيُّ لا أعرف اسمه.

قوله: (لَعَلِّي أُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ): قال شيخنا: (أراد العراقيُّ تأليف القرآن على ما نزل أوَّلًا فأوَّلًا، يُقرأ المَكِّيُّ قبل المدنيِّ، والقرآن ألَّفه عَلَيهِ السَّلام عن جبريل، كما تَقَدَّم).

قوله: (أَيُّهُ [1] قَرَأْتَ): (أيُّ): مرفوعة فاعل (يضيرُ) [2]، والكاف مفعول، وفي رواية في هامش أصلنا: (أيَّةً): بتشديد المثنَّاة تحت، منصوبة منوَّنة، وفي النصب نظرٌ.

قوله: (سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ): هذه السورة المشار إليها هي (المدَّثِّر)، والمشهور أنَّ أوَّل ما نزل من القرآن: {اقْرأْ ... } إلى {مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5]، وقد تَقَدَّم الاختلاف في ذلك في أوَّل هذا التعليق، وقدَّمتُ بعده الاختلاف في (المفصَّل)، وذكرت فيه عَشَرة أقوال، والأصحُّ أنَّه من (الحجرات) إلى آخر القرآن، وأنَّه إنَّما سُمِّي مُفَصَّلًا؛ لكثرة فصوله، أو لقلَّة المنسوخ فيه، والله أعلم.

قوله: (ثَابَ النَّاسُ): هو بالثاء المثلَّثة في أوَّله، وفي آخره مُوَحَّدَة؛ أي: اجتمعوا.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أَيَّهُ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرِّ، والأصيليِّ، وأبي الوقت، وروايةُ «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (يضرُّ).

[ج 2 ص 381]

(1/9088)

[حديث: قال ابن مسعود في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه ... ]

4994# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي إياس العسقلانيُّ، و (أَبُو إِسْحَاق): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبعيُّ، و (عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ) بعده: هو النَّخَعيُّ، أبو بكرٍ الكوفيُّ، يروي عن عمِّه علقمة، وعن عثمان وابن مسعود، وعنه: منصور، والأعمش، وأبو إسحاق، وعدَّة، مات قبل الجماجم، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، وقد تَقَدَّم مترجمًا، ولكن طال العهد به.

قوله: (إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الأُوَلِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (سبحان)، وكذا تَقَدَّم الكلام على (وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي).

==========

[ج 2 ص 381]

(1/9089)

[حديث: تعلمت {سبح اسم ربك} قبل أن يقدم النبي]

4995# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (الْبَرَاء): تَقَدَّم أنَّه ابن عازب، وأنَّ عازبًا صَحابيٌّ.

==========

[ج 2 ص 381]

(1/9090)

[حديث: كان النبي يقرؤهن اثنين اثنين في كل ركعة]

4996# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبٌ له، و (أبو حَمْزَة): تَقَدَّم أنَّه بالحاء المهملة والزاي، وأنَّ اسمه محمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وأنَّه إنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامِه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، و (شَقِيق): هو ابن سلمة، أبو وائلٍ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، وكلُّ هذا واضح، وقد تَقَدَّموا مترجَمِين.

قوله: (قَدْ عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهُنَّ آيَتَيْنِ آيَتَيْنِ [1]): كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (اثنتين اثنتين)، وهذه هي الجادَّة؛ لقوله فيما مضى: (لقد عرفتُ النظائر التي كان النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يقرُنُ بينهنَّ)، فذكر عشرين سورة من المفصَّل؛ سورتين في ركعة، وقد ذكرت السور العشرين من عند «أبي داود» في (باب الجمع بين السورتين في ركعة)، وذكرت معنى (النظائر)، ثُمَّ إنَّي نظرت في نسخة صحيحة ذَكَر فيها ثلاث روايات؛ هاتين الروايتين و (اثنين اثنين)؛ فصار فيها ثلاث روايات، والله أعلم.

قوله: (آخِرُهُنَّ الْحَوَامِيمُ): كذا قال، وقد تَقَدَّم الكلام على قول الناس: (الحواميم) في (سورة المؤمن)، وذكرت كلام الجوهريِّ في نسبة (الحواميم) إلى العامَّة، وأنَّه ليس من كلام العرب ... إلى أن قال: (والأَولى أن تُجمَع بـ «ذوات حاميم»)، وذكرتُ في الردِّ عليه هذا المكان وغيره.

(1/9091)

[باب: كان جبريل يعرض القرآن على النبي ... ]

قوله: (بابٌ: كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): فيه تصريح بأنَّ الذي كان يقرأُ جبريلُ، ورسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يسمعُ، وهذا يأتي بعد هذا الباب من حديث أبي هريرة: (كان يعرض على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم القرآن كلَّ عامٍ مرَّةً، فعرض عليه مرَّتين في العام الذي قُبِضَ فيه)، والذي كنت أفهمه: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم كان يقرأُ على جبريلَ في رمضان ما نزل من القرآن في كلِّ سنةٍ مرَّةً، وفي سنة وفاته قرأه عليه مرَّتين، ويشهد لهذا الفهم ما يأتي بُعيد التبويب: (يعرض عليه رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم القرآنَ)، وقد تَقَدَّم في (الصوم)، أمَّا في حالة الإنزال؛ فجبريل كان القارئَ، ورسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم المستمع، فإذا انصرف جبريلُ؛ قرأه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

وقال ابن قُرقُول كلامًا فيه حجَّة لما بوَّبه البُخاريُّ، فإنَّه قال: (قولُه: «كان يعرض عليه القرآن»، و «يعارضه القرآن»: يقرأ عليه، والعرض على العالم: قراءتك عليه في كتابك)، وفي «النِّهاية»: (ومنه الحديث: أنَّ جبريل عَلَيهِ السَّلام كان يعارضه القرآن في كلِّ سنة مرَّةً، وأنَّه عارضه العامَ مرَّتين؛ أي: كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن، مِنَ المعارَضة: المقابَلة، ومنه عارضتُ الكتاب بالكتاب؛ إذا قابلتَه به) انتهى، والجمع بين الروايتين: أنَّ جبريل تارةً كان يقرأ على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وتارة يقرأ النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم على جبريل هذا الذي نزل من القرآن، لا جميعه؛ لأنَّه نزل مُنَجَّمًا، وعبارة ابن الأثير مصرِّحة بذلك، وقد سألني بعضُ أئمَّة الحنفيَّة بحلبَ عن ذلك سؤالَ استفادةٍ، فقلت: الذي نزل منه فقط، لا كلُّه، وأخرجتُ له كلام ابن الأثير.

قوله: (كَانَ يُعَارِضُنِي): تَقَدَّم معناه في ظاهرها.

قوله: (وَلاَ أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي): (أُراه): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.

==========

[ج 2 ص 381]

(1/9092)

[حديث: كان النبي أجود الناس بالخير.]

4997# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الزَّاء، وبسكونها، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.

[ج 2 ص 381]

قوله: (وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي [1] رَمَضَانَ): (أجود): هنا بالرفع بلا خلاف، والخلاف إنَّما هو في قوله: (وكان أجود)، وقد قدَّمتُ أنَّ الراجحَ هناك الضَّمُّ، في أوَّل هذا التعليق، وفي (الصوم).

قوله: (يَعْرِضُ عَلَيْهِ): هو بفتح أوَّله، وكسر الراء، وتَقَدَّم قريبًا معنى (العرض)، وكذا يأتي قريبًا: (كان يعرِض).

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (شَهْرِ)، وحذفها موافق لرواية (ح 3554).

(1/9093)

[حديث: كان يعرض على النبي القرآن كل عام مرة]

4998# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ): هذا هو ابن عيَّاش، تَقَدَّم الكلام عليه، وكذا (أَبُو حَصِينٍ) أنَّه بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين، واسمه عثمان بن عاصم، وقدَّمتُ مرارًا أنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضم، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، و (أَبُوهُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

==========

[ج 2 ص 382]

(1/9094)

[باب القراء من أصحاب النبي]

قوله: (بابُ الْقُرَّاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كتبَ تجاهَهُ الحافظ الدِّمْياطيُّ _وهو إمام في القراءة، قرأ على الكمالِ الضريرِ السَّبعَ، وقرأ الضَّرير على الشاطبيِّ_ ما لفظه: (قراءةُ ابن كثير ونافع وأبي عمرو راجعة إلى أُبيٍّ، وقراءة ابن عامر راجعة إلى عثمان بن عفَّان، وقراءة عاصم وحمزة والكسائيِّ إلى عثمان، وعليٍّ، وابن مسعود)، انتهى.

وقالَ الدانيُّ في أوائلِ «التيسيرِ» ما ملخَّصهُ: إنَّ قراءةَ نافعٍ تنتهي إلى أبي هريرةَ، وابنِ عبَّاسٍ، وعبدِ الله بن عيَّاش بن أبي ربيعة عن أُبيِّ بن كعب، عنه عَلَيهِ السَّلام، وإنَّ قراءة ابن كثير: رجاله عبد الله بن السائب المخزوميِّ الصحابي، ومجاهد، ودِرْبَاس مولى ابن عبَّاس، وأخذ عبد الله عن أُبيٍّ، ومجاهدٌ، ودِرْبَاسٌ عن ابن عبَّاس، عن أُبيِّ وزيد بن ثابت، عنه عَلَيهِ السَّلام.

وقراءة أبي عمرو: رجاله مجاهد، وابن جُبَير، وعكرمة بن خالد، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن كثير، ومحمَّد بن عبد الرَّحمن بن مُحَيصن، وحميد بن قيس الأعرج، ويزيد بن القعقاع، ويزيد بن رومان، وشيبة بن نِصاح، والحسن البصريُّ، ويحيى بن يعمر، وغيرهما، وأخذ هؤلاء عمن تَقَدَّم من الصَّحابة.

وقراءة ابن عامر: رجاله أبو الدرداء، والمغيرة بن أبي شهاب، فأبو الدرداء عنه عَلَيهِ السَّلام، والمغيرة عن عثمان عنه عَلَيهِ السَّلام.

وقراءة عاصم: رجاله أبو عبد الرَّحمن السُّلميُّ وزرُّ بن حبيش، وقرأ السُّلميُّ على عثمان، وعليٍّ، وأُبيٍّ، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، عنه عَلَيهِ السَّلام، وزرٌّ عن عثمان وابن مسعود عنه عَلَيهِ السَّلام.

وحمزة عن الأعمش، ومحمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، وحُمران بن أعين، وأبي إسحاق السَّبِيعيِّ، ومنصور بن المعتمر، ومغيرة بن مقسم، وجعفر الصادق، وغيرهم.

وأخذ الأعمش عن يحيى بن وثَّابٍ، ويحيى عن جماعة من أصحاب ابن مسعود: علقمة، والأسود، وعُبِيد بن نضيلة، وزرُّ بن حبيش، وأبي عبد الرَّحمن السُّلميِّ، وغيرهم عن ابن مسعود، عنه عَلَيهِ السَّلام.

وقرأ الكسائيُّ على حمزة الزَّيَّات، وعيسى بن عمر، ومحمَّد بن أبي ليلى، وغيرهم من مشيخة الكوفيِّين غير أنَّ شاذَّة قراءته، واعتماده في اختياره على حمزة، وقد ذكرتُ اتصال قراءته، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 382]

(1/9095)

[حديث: خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود ... ]

4999# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عَمرو بن مرَّة، تَقَدَّم، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النخعيُّ.

قوله: (ذَكَرَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ): أمَّا (عبد الله بن عمرو)؛ فهو ابن العاصي، وإنَّما نسبتُه؛ لأنَّ في الصَّحابة جماعةً يقال لكلٍّ منهم: عبد الله بن عمرو، وقد ذكرتُ عددهم فيما مضى، وهو مرفوع؛ لأنَّه الذاكر، و (عبدَ الله بن مسعود): منصوب مفعول؛ لأنَّه المذكور.

قوله: (خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ): فذكر منهم: سالمًا؛ وهو سالم مولى أبي حذيفة، وهو سالم أبو عبد الله، وسالم بن معقل، وقد قدَّمتُ الكلام عليه في (مناقبه) في (المناقب)، و (مُعَاذ): هو ابن جبل، وقد تَقَدَّم الكلام عليه غيرَ مرَّةٍ.

==========

[ج 2 ص 382]

(1/9096)

[حديث: والله لقد علم أصحاب النبي أني من أعلمهم بكتاب الله]

5000# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم أنَّ جدَّه غياث، وتَقَدَّم ضبط غياثٍ غيرَ مرَّةٍ، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أنَّه سليمان بن مهران، و (شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ): بفتح اللام، وهو أبو وائل، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً): تَقَدَّم الكلام على (البِضع) ما هو، وأنَّه بكسر الموحَّدة وفتحها.

تنبيهٌ: جاء في حديث رواه أبو عليِّ بن الصوَّاف عن عبد الله بن أحمد ابن حنبل، وروي أيضًا من طريق الطبرانيِّ في «معجمه الصغير»: (حدَّثنا عمر بن عبد الرَّحمن السُّلميُّ قالا: حدَّثنا إبراهيم بن الحجَّاج السَّاميُّ، واللفظ للأول: حدَّثنا سلَّام أبو المنذر، حدَّثنا عاصم بن بَهدَلة، عن زرِّ بن حُبَيش، عن عبد الله بن مسعود)، فذكر قصَّة إسلامه، وفي آخرها: (وأخذت من فِي رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سبعين سورةً، وأخذتُ بقيَّة القرآن من أصحابه)، ففي هذا الحديث أنَّ الباقيَ أخذه من الصَّحابة، و [من] فيه سبعين، وكأنَّه لم يذكر الكسر في هذا الحديث، وذكره في «الصحيح»، وهذا وجه الجمع، والله أعلم.

قوله: (فَجَلَسْتُ فِي الْحِلَقِ): هي بكسر الحاء، وفتح اللام، جمع (حَلْقة)؛ بإسكان اللام؛ كقَصْعة وقِصَع، وهي الجماعة المستديرون [1]؛ كحلقة الباب وغيره، وقال الجوهريُّ: جمع الحلقة: حَلَق؛ بفتح الحاء على غير قياس، وحُكِيَ عن أبي عمرو: أنَّ الواحدة حلَقة؛ بالتحريك، والجمع: حَلَق، قال ثعلب: كلُّهم يجيزُه على ضعفه، وقال الشيبانيُّ: ليس في الكلام «حلَقة» بالتحريك إلَّا جمع «حالق»، وقد تَقَدَّم ذلك.

==========

[1] في (أ): (مستديرون)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 382]

(1/9097)

[حديث: أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر]

5001# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالثاء المثلَّثة، و (سُفْيَانُ): بعده هو الثوريُّ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النخَعيُّ.

قوله: (كُنَّا بِحِمْصَ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّه جاء في حديث ضعيف أنَّها من مدن الجنة، وتَقَدَّم فيها حديث في «مسند أحمد».

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال بعض حفَّاظ العصر: إنَّ اسمه نهيك بن سنان.

قوله: (فَقَالَ: «أَحْسَنْتَ»): هو بتاء الخطاب المفتوحة.

قوله: (وَوُجِدَ مِنْهُ رِيحُ [1] الْخَمْرِ): (وُجِدَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (ريحُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ اللهِ وَتَشْرَبَ الْخَمْرَ؟ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ): الظاهر أنَّ المراد بالتكذيب هنا ليس تكذيبًا يُخرِجه من الملَّة؛ لأنَّه قال: (ما هكذا أُنزلت)؛ ولهذا لم يحكم عليه بالرِّدَّة، قاله النوويُّ بنحوه.

قوله: (فَضَرَبَهُ الْحَدَّ): قال النوويُّ: (هذا محمولٌ على أنَّ ابن مسعود كان له ولاية إقامة الحدِّ؛ لكونه نائبًا للإمام عمومًا، أو في إقامة الحدود، أو في تلك الناحية، أو استأذن من له إقامة الحدِّ هناك في ذلك، ففوَّضه إليه، ويُحمَل أيضًا على أنَّ الرجل اعترف بشرب الخمر بلا عُذر، وإلا فلا يُحدُّ بمجرَّد ريحها؛ لاحتمال النسيان، أو الاشتباه، أو الإكراه، أو غير ذلك، هذا مذهب الشافعيِّ ومذهب آخَرين) انتهى، وفي المسألة خلافٌ؛ فقال مالكٌ وجمهورُ أهل الحجاز: بالحدِّ بالرائحة، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ووَجَدَ منه ريحَ).

[ج 2 ص 382]

(1/9098)

[حديث: والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله]

5002# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله أنَّه ابن غياث، وتَقَدَّم ضبط (غياث)، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن مهران، و (مُسْلِمٌ): هو ابن صُبيح أبو الضحى، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

(1/9099)

[حديث: أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل]

5003# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو ابن يحيى بن دينار المحلَّميُّ، أبو عبد الله البصريُّ.

قوله: (مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟) ... إلى أن قال: (أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ): فذكر (أُبيَّ بن كعب، ومعاذَ بن جبل، وزيدَ بن ثابت، وأبا زيد)، وهذا من طريق قتادة، عن أنس، وسيأتي فيما يليه من طريق ثابت، وتمامه عن أنس، ذكرُ (أبي الدرداء) في الأربعة، وحذفُ (أُبيِّ بن كعب)؛ قال شيخنا: قال الداوديُّ: (زيادة أبي الدرداء لا أُراه محفوظًا)، وقال الإسماعيليُّ بعد أن ذكره: هذان الحديثان مختلفان، ولا يجوز أن يُجمَعا في «الصحيح» على تباينهما؛ أعني: ذكرَ أُبيٍّ، وذكرَ أبي الدرداء، وإنَّما الصحيح أحدهما، وابن مسعود لم يحفظ جميعَهُ في حياته عَلَيهِ السَّلام، انتهى، وقال بعضهم في أبي الدرداء: (كذا ذكره بدل أُبيٍّ، وهذا هنا انفرد به البُخاريُّ، والصواب أُبيٌّ، وقد اتفقا عليه، انتهى.

[ج 2 ص 382]

وقد ذكر ابن عبد البَرِّ في ترجمة زيد بن ثابت حديث أنسٍ: أنَّ زيد بن ثابت أحد الذين جمعوا القرآن على عهده عَلَيهِ السَّلام من الأنصار، وصحَّحه، ثُمَّ قال: وقد عارضه قوم بحديث ابن شهاب، عن عُبيد بن السبَّاق، عن زيد بن ثابت: أنَّ أبا بكر أمره في حين مقتل القرَّاء باليمامة بجمع القرآن، قال: فجعلت أجمع من الرِّقاع، والعُسُب، وصدور الرجال، حتَّى وجدت آخر آية من (التوبة) مع رجل يقال له: خزيمة أو أبو خزيمة، قالوا: فلو كان قد جُمِعَ على عهد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لأملاه من صدره، وما احتاج إلى ما ذكر، وأمَّا خبر جمع عثمان للمصحف؛ فإنَّما جمعه من الصحف التي كانت عند حفصة من جمع أبي بكر رضي الله عنه، انتهى.

(1/9100)

وقولة: (مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟) مؤوَّلة؛ وذلك لأنَّي أذكر قريبًا أنَّه جمعه على عهده عليه أربعة وعشرون، فلعلَّه يريد: من الأنصار خاصَّة دون قريش وغيرهم، أو يريد: جمعَه بجميع وجوهه، ولُغاته، وحروفه، وقراءاته التي أنزلها الرَّبُّ عزَّ وجلَّ، وأَذِن للأمَّة فيها، وخيَّرها في القراءة بما شاءت منها، أو يريد: الأخذ من فِي رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم تلقينًا، أو أخذًا دون واسطة، أو أنَّ هؤلاء ظهروا به، وانتصبوا لتعليمه وتلقينه، أو يريد: جمعَهُ في صحف أو مصحف، ذكرها مع غيرها أبو عمرٍو الدانيُّ، كذا قاله شيخنا، ويحتمل غير ذلك.

والمجموع من الحديثين خمسة أشخاص، قال الدِّمْياطيُّ: (ورجلان آخران ذكرهما محمَّد بن كعب القُرَظيُّ، وهما: عبادة بن الصامت وأبو أيُّوب خالد بن زيد)، وقال ابن سيرين: (جمع القرآن أربعة: أُبيٌّ، ومعاذ، وزيد، وأبو زيد، واختلفوا في رجلين؛ فقيل: عثمان وتميم الداريُّ، وقيل: عثمان وأبو الدرداء) انتهى، فيجتمع من الحديثين وكلام الدِّمْياطيِّ تسعةُ أشخاص؛ وهم: أُبيُّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد _وسيأتي اسمه بُعَيدَ هذا، وقد قدَّمتُه أيضًا_ وأبو الدرداء، وعبادة بن الصامت، وأبو أيوب، وعثمان، وتميم، انتهى.

وذكر ابن الجوزيِّ في «تلقيحه»: (أُبيَّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبا زيدٍ الأنصاريَّ _واسمه: سعد بن عُمير، وفي اسمه خلاف، وقد ذكرته في (باب السين من أسماء الصَّحابة)، وسيأتي قريبًا جدًا الاختلاف في اسمه، وقد تَقَدَّم_ وأبو الدرداء عويمر، وزيد بن ثابت، وذكر فيهم ابن سيرين: عثمان بن عفان، وذكر فيهم محمَّد بن كعب: عُبادة بن الصامت، وأبا أيُّوبَ الأنصاريَّ) انتهى.

وفيما قرأته على شيخنا: أنَّ أبا بكر جمعَهُ في حياته عَلَيهِ السَّلام، ذكر ذلك أبو بكر بن الطيب الباقِلَّانيُّ وأبو عمرو الدانيُّ، ثُمَّ ذكر شيخُنا: أنَّه حفظه من الصَّحابة على عهده عَلَيهِ السَّلام زيادةٌ على عشرين نفرًا وامرأة، وقد عدَّد جماعةً كثيرةً ممَّن حفظه؛ منهم أمُّ ورقة بنت نوفل، وقيل: بنت عبد الله بن الحارث.

(1/9101)

وفي «الاستيعاب» في ترجمة عليٍّ: (عثمان، وعليٌّ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة)، وفيه في ترجمة حنظلة الغسيل: (زيد بن ثابت، وأبو زيد، ومعاذ، وأُبيُّ بن كعب)، قال أبو عمر: (يعني: لم يقرأه كلَّه أحدٌ منكم يا معشر الأوس، ولكن قد قرأه جماعةٌ من غير الأنصار؛ منهم: ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وعبد الله بن عمرو بن العاصي، وغيرهم) انتهى.

فالمجموعُ إذن: الخلفاء الأربعة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعُبادة بن الصامت، وأبو أيُّوبَ الأنصاريُّ، وعبد الله بن عبَّاس، وأبو موسى الأشعريُّ، ومجمع بن جارية، وقيل: بقي عليه سورة أو سورتان، وقيس بن أبي صعصعة، وسعد بن المنذر، وسعد بن عُبيد، وهو غير أبي زيد؛ هذا أوسيٌّ، وأبو زيد خزرجيٌّ، وسعد بن عباد أو عبادة، وقيس بن السكن أبو زيد المذكور، وتميم، وعمرو بن العاصي، وأمُّ ورقة بنت نوفل، وقيل: بنت عبد الله بن الحارث، وأُبيُّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيدُ بن ثابت، وأبو الدرداءِ، وعبد الله بن مسعود، ذكره أبو عمر في «استيعابه» في ترجمة عليٍّ، وكذا سالم مولى أبي حذيفة، عددهم أربعة وعشرون رجلًا وامرأة، والله أعلم.

قوله: (وَأَبُو زَيْدٍ): هذا اسمه: قيس بن السكَن بن قيس الخزرجيُّ البُخاريُّ، قاله الذهبيُّ، وقال: (إنَّه شهد بدرًا)، وقد تَقَدَّم الاختلاف في اسمه في كلام ابن الجوزيِّ، وقد قُتِلَ أبو زيد هذا يوم جسر أبي عبيد الثقفيِّ في خلافة عمر رضي الله عنه سنة أربع عشرة.

قوله: (تَابَعَهُ الْفَضْلُ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ): (الفضل) هذا: هو ابن موسى السِّينانيُّ _بكسر السين المهملة_ عن هشام بن عروة، وطبقته، وعنه: إسحاق بن راهويه، ومحمود بن غيلان، وخلقٌ، مات سنة (192 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو أحد العلماء الثقات، له ترجمة يسيرة في «الميزان»، و (حسين بن واقد)؛ بالقاف: قاضي مروَ، عن ابن بُريدة وعكرمة، وعنه: ابن المبارك، وابناه عليٌّ والعلاء، وعليُّ بن الحسن بن شقيق، قال ابن المبارك: (ومن مثله؟!)، ووثَّقه ابن معين وغيره، تُوُفِّيَ سنة (159 هـ)، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، ومسلم، والأربعة، له ترجمةٌ في «الميزان».

(1/9102)

والضمير في (تابعه) يجوز أن يعود على حفص بن عمر، ويجوز أن يعود على قتادة، والله أعلم، ومتابعة (الفضل) لم تكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، لكن أخرجها البُخاريُّ في (فضائل القرآن) عن معلَّى بن أسدٍ، عن عبد الله بن المثنَّى، عن ثابت وثمامة، عن أنس به.

(1/9103)

[حديث عمر: أبي أقرؤنا وإنا لندع من لحن أبي]

5005# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): (يحيى): هذا تَقَدَّم أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَان): بعده هو الثوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ الحافظ في «الكمال» ذكر الثوريَّ فيمن روى عن حبيب بن أبي ثابت، وذكر الذهبيُّ في «تذهيبه» ممَّن روى عن حبيب سفيانَ، فحملتُ المطلق على المقيَّد، و (حَبِيب بْن أَبِي ثَابِتٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة.

قوله: (وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ لَحَنِ أُبَيٍّ،): تَقَدَّم أنَّ (اللَّحْن) بإسكان الحاء المهملة؛ اللغة، وقيَّده بعضُهم هنا وفي غيرِه بالفتح، قال الهرويُّ: (وكان أُبيٌّ يقرأ: {التابوه} [البقرة: 248]، وإنَّما ذلك؛ لما علموا من نسخ ما تركوه)، والله أعلم.

تنبيه: تَقَدَّم في التفسير أنَّ هذا الحديث ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه» في مسند أُبيِّ بن كعب، وعنه عمر، رضي الله عنهما.

(1/9104)

[بابُ فاتحة الكتاب]

قوله: (بَابُ فَضْلِ الفَاتِحَةِ [1]): اعلم أنَّ الحديث المرويَّ عن عكرمة عن ابن عبَّاس في فضل القرآن سورةً سورةً تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل كتاب «فضائل القرآن» أنَّه موضوعٌ، وكذا حديث أُبيٍّ اعترف واضعه بوضعه؛ فانظرهما إن أردتهما.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فَاتِحَةِ الْكِتَابِ).

[ج 2 ص 383]

(1/9105)

[حديث: ألم يقل الله {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم}]

5006# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المدينيِّ الحافظ، وأنَّ (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ) بعده: هو القطَّان، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، و (أَبُو سَعِيد بْن المُعَلَّى): تَقَدَّم الكلام في أوَّل (التفسير)، وما غلط فيه بعضُهم، ومن جرى له مثلُه، وهو أُبيُّ بن كعب، وقال القاضي الحسين: لمعاذ، فالمجموع ثلاثة أشخاصٍ.

قوله: (أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ): فيه حجَّةٌ للقول بجواز تفضيل القرآن بعضِه على بعض، وتفضيله على سائر كتب الله

[ج 2 ص 383]

تعالى، قاله القاضي عياضٌ، قال: وفيه خلافٌ للعلماء؛ فمنع منه أبو الحسن الأشعريُّ، وأبو بكر الباقلانيُّ، وجماعةٌ من الفقهاء والعلماء؛ لأنَّ تفضيل بعضه يقتضي بعض المفضول، وليس في كلام الله تعالى بعضٌ، وتأوَّل هؤلاء ما ورد من إطلاق (أعظم) و (أفضل) في بعض الآياتِ والسور بمعنى: عظيمٍ وفاضلٍ، وأجاز ذلك إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين، قالوا: وهو راجع إلى عِظَمِ أجر قارئ ذلك وجزيل ثوابه.

قال الشيخ محيي الدين النوويُّ رحمه الله في «شرح مسلم» بعد سياقه كلام القاضي: والمختار جواز قول: هذه الآية والسورة أعظم وأفضل؛ بمعنى: أنَّ الثوابَ المتعلِّق بها أكثر، وهو معنى الحديث؛ يعني: حديث أُبيٍّ: «أيُّ آيةٍ معك من كتاب الله أعظم؟»، والله أعلم، انتهى، وما جاء فيه يأتي في هذا الحديث، والله أعلم.

فائدة: في «مسند عبد بن حميد» بسند فيه شهر بن حوشب، عن ابن عبَّاس مرفوعًا: «فاتحة الكتاب تعدلُ بثلثي القرآن».

تنبيه: أعظم آية في القرآن آية الكرسيِّ؛ لنصِّه عَلَيهِ السَّلام على ذلك، وقال الرويانيُّ في ديباجة «بحره»: (أفضل آيات القرآن: {بِسْمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]) انتهى، وفيه نظر؛ لأنَّه مناقضٌ للنصِّ، والله أعلم.

(1/9106)

[حديث: وما كان يدريه أنها رقية اقسموا واضربوا لي بسهم]

5007# قوله: (حَدَّثَنَا وَهْبٌ): هذا هو وهب بن جَرِير بن حازم الأزديُّ الحافظ، تَقَدَّم، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن حسَّان، و (محمَّد) بعده: هو ابن سيرين، و (مَعْبَد) بعده: هو أخوه معبد بن سيرين، عن أبي سعيد الخدريِّ، وعنه: أخواه محمَّدٌ وأنسٌ، وهو ثِقةٌ، وقال ابن معين: (تعرِفُ وتنكر)، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (أَبُو سَعِيد): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ): هذه لا أعرف اسمها، وكذا (سَيِّدَ الْحَيِّ) لا أعرف اسمه.

قوله: (سَلِيمٌ): هو بفتح السين، وكسر اللام؛ أي: لديغ، سُمِّي سَليمًا؛ تفاؤلًا بسلامته واستسلامه لما نزل به.

قوله: (غَيَبٌ): هو بفتح الغين المعجمة، والمثنَّاة تحت، وبالموحَّدة، جمع (غائب)؛ كخدمٍ وخادمٍ، وفي نسخة في هامش أصلنا (غُيَّب)؛ بضمِّ الغين، وتشديد المثنَّاة تحت المفتوحة: جمع (غائب)، قال ابن قُرقُول: (غُيَّب؛ جمع: غائبٍ، كذا ضبطه الأصيليُّ، وضبطه غيره: «غَيَبٌ»)؛ يعني: جماعة رجالنا مسافرون.

قوله: (فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنَّا [1]): هذا الرجل الذي قام معها هو أبو سعيدٍ راوي الحديث، قاله الخطيبُ البغداديُّ، وكذا قال أبو عمرو بن الصلاح في «علومه» تبعًا له، وكذا النوويُّ، قال شيخنا العراقيُّ فيما قرأته عليه: وفيه نظرٌ؛ من حيث إنَّ في بعض طرقه عند مسلمٍ من حديث أبي سعيدٍ: (فقام معها رجلٌ منَّا، ما كنَّا نظنُّ يحسن رقيهُ ... )؛ الحديث، وفيه: (فقلنا: أكنتَ تحسن رقيه؟ فقال: ما رقيته إلَّا بفاتحة الكتاب)، وفي روايةٍ: (ما كنَّا نأبنه برقية)، وهذا ظاهرٌ في أنَّه غيره إلَّا أن يقال: لعلَّ ذلك وقع مرتين؛ مرَّةً لغيره ومرَّةً له، والله أعلم) انتهى.

وفي «سنن ابن ماجه» من حديثه أنَّه هو الراقي، ولفظه: عن أبي سعيد الخدريِّ قال: (بعثنا رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ثلاثين راكبًا في سريَّةٍ، فنزلنا بقومٍ، فسألناهم أن يقرونا، فلُدغ سيِّدهم، فأتونا، فقالوا: أفيكم أحدٌ يرقي من العقرب؟ فقلت: نعم؛ أنا، ولكن لا أرقيه حتَّى تعطونا غنمًا، قال: فإنَّا نعطيكم ثلاثين شاةً، فقبلنا، فقرأت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] سبع مرَّات ... )؛ الحديث، وساقه من طريقين آخرين، وهذا في أوَّل أبواب (التِّجارات)، والله أعلم.

(1/9107)

قوله: (مَا كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ): (نأبُنه): بنونٍ في أوَّله، وبعد الهمزة الساكنة مُوَحَّدَةٌ مضمومة ومكسورة _كذا في «الصحاح» بهما_ ثُمَّ نون، ثُمَّ هاء الضمير، قال ابن قُرقُول: (نأبنه برقية) قيَّده بضمِّ الباء والتخفيف لا غير؛ أي: نتَّهمه ونذكره ونصِفُه بذلك؛ لما في الرواية الأخرى: (نظنُّه)، وأكثر ما تستعمل في الشرِّ، وقال بعضُهم: لا يقال إلَّا في الشرِّ، وقيل: بل يقال فيهما، وهذا الحديث يدلُّ عليه، انتهى.

قوله: (لاَ تُحْدِثُوا شَيْئًا): هو بضمِّ أوَّله، وكسر ثالثه، مخفَّفًا، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًا.

قوله: (أَنَّهَا رُقْيَةٌ): تَقَدَّم الكلام على موضع الرُّقية منها، وظاهر اللفظ أنَّ جميعَها الرقية، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا بفتح الميمين، بينهما عينٌ ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج المنقريُّ الحافظ المقعدُ، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا [قال]: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أن يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، وأنَّ هذا يجعله المِزِّيُّ وكذا الذهبيُّ تعليقًا، و (عَبْدُ الوَارِثِ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيدِ بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن حسَّان تَقَدَّم أعلاه، وأتى بهذا؛ لأنَّ هشامًا عنعن في الأوَّل، وكذا محمَّد بن سيرين في الطريق الأولى عنعن، وفي هذه صرَّحا بالتحديث؛ هشام من محمَّد، ومحمَّد من أخيه معبد، وإن لم يكن هشامٌ ولا محمَّد مدلِّسَيْن، لكن ليخرج من الخلاف، والله أعلم.

(1/9108)

[فضل البقرة]

(1/9109)

[حديث: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه]

5008# 5009# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش سليمان بن مهران، و (إِبْرَاهِيم) بعده: هو ابن يزيد النخعيُّ، و (عَبْد الرَّحْمَنِ) هذا: هو ابن يزيدَ النخعيُّ الكوفيُّ، و (أَبُو مَسْعُود): هو عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ تَقَدَّم مطوَّلًا، ووقع في بعض النسخ: (عن ابن مسعود)، وهو خطأ، والصواب: عن أبي مسعود، وكذا هو بعده: (عن أبي مسعود)؛ فاعلمه.

قوله: (ح) [1]: تَقَدَّم الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسيأتي في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الثوريُّ كما قيَّده هنا المِزِّيُّ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النخعيُّ المشهور، تَقَدَّم.

قوله: (كَفَتَاهُ): قال ابن قُرقُول: (كفتاه)؛ أي: من كلِّ ما يحذره من هامَّةٍ وشيطانٍ، فلا يقربه ليلته، انتهى، وقال ابن الأثير: (كفتاه)؛ أي: أغنتاه عن قيام الليل، وقيل: أراد بهما: أقلَّ ما يجري من القراءة في قيام الليل، وقيل: تكفيان الشرَّ، وتقيان من المكروه، انتهى، وقيل: كفتاه من حزبه إن كان له حزبٌ من القرآن، وقيل: حسبُه بهما أجرًا وفضلًا.

(1/9110)

[معلق ابن الهيثم: صدقك وهو كذوب ذاك شيطان .. ]

5010# قوله: (وَقَالَ ابْنُ الهَيْثَمِ عُثْمَانُ [1]): هذا هو أبو عمرو عثمان بن الهيثم بن جهم بن عيسى بن حسان بن المنذر البصريُّ، مؤذِّن البصرةِ، تَقَدَّم بعضُ ترجمته في (الوكالة)، وقد ذكره كما هنا فيها، وفي (صفة إبليس)، وقد تَقَدَّم أنَّه شيخ البُخاريِّ، فكأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد أخرجه النَّسائيُّ في (اليوم والليلة)، كما تَقَدَّم في (الوكالة)، وفي (صفة إبليس)، والله أعلم، و (عَوْفٌ) بعده: هو عوف بن أبي جميلة الأعرابيُّ، تَقَدَّم.

قوله: (إِذَا أَوَيْتَ): هو بقصر الهمزة على الأفصح؛ لأنَّه لازمٌ، ولو كان متعدِّيًا؛ لكان الأفصح فيه المدَّ، وقد تَقَدَّم.

تنبيه: في «التِّرْمِذيِّ» من حديث أبي أيُّوبَ: (أنَّه كانت له سهوةٌ فيها تمرٌ، وكانت تجيءُ الغول، فتأخذ منه، قال: فشكا ذلك إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: «اذهب فإذا رأيتها؛ فقل: بسم الله، أجيبي رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم»، قال: فأخذها، فحلفت ألَّا تعودَ، فجرى على ذلك ثلاث مرَّاتٍ، فأخذها، فقال: ما أنا بتارككي حتَّى أذهب بك إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقالت: إنَّي ذاكرةٌ لك شيئًا؛ آية الكرسيِّ اقرأها في بيتك، فلا يقربك شيطانٌ، ولا غيره ... ) إلى أن قال: «صدقتْ وهي كَذوبٌ»، قال التِّرْمِذيُّ: (حسنٌ غريبٌ).

(1/9111)

وفي «مستدرك الحاكم» في (فضائل الصَّحابة) في ترجمة أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ خالد بن زيدٍ، عن ابن عبَّاس قال: (كان رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم نازلًا على أبي أيُّوبَ في غرفةٍ، وكان طعامُه في سلَّة من المخدع، وكانت تجيءُ من الكوَّة السِّنَّور تأخذ الطعام من السلَّة، فشكا ذلك إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «تلك الغُول، فإذا جاءت؛ فقل: عزم عليك رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن لا تبرحي»، فجاءت فقال لها أبو أيُّوبَ: عزم عليك رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن لا تبرحي، فقالت: يا أبا أيُّوبَ دعني هذه المرَّة، فوالله لا أعود، فتركها، فأتى رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأخبره، قالت ذلك مرَّتين: هل لك أن أعلِّمك كلماتٍ إذا قلتهنَّ لا يقربُ بيتك شيطانٌ تلك الليلة، وذلك اليوم، ومن الغد؟ قال: نعم، قالت: اقرأ آية الكرسيِّ، فأتى رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأخبره قال: «صدقتْ وهي كَذوبٌ»)، ثُمَّ ذكر له طريقًا آخر فيه ابن لَهيعة ... إلى أن قال: (عن عبد الرَّحمن بن أبي عَمرة عن أبيه أنَّ أبا أيُّوبَ كان له مربدٌ للتمر في حديقة بيته ... )؛ الحديث، ثُمَّ ذكر من طريق أخرى عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن أبي أيَّوبَ: (أنَّه كان له سهوةٌ، فكانت الغولُ تجيء فتأخذ ... )؛ الحديث، قال الذهبيُّ في «تلخيص المستدرك»: قلت: هذا أجود طرق الحديث، انتهى.

وفي «المستدرك» أيضًا من حديث أُبيِّ بن كعب: أنَّه كان له جرينُ تمرٍ، وكان يجده ينقص، فحرسه ليلةً؛ فإذا هو بمثل الغلام المحتلم، فأراه؛ فإذا يد كلبٍ وشعر كلبٍ، فقال: أجنِّيٌّ أم

إنسيٌّ؟ فقال: بل جنِّيُّ، فقال: لقد علمتِ الجنُّ أنَّه لم يكن فيهم رجلٌ أشدُّ مني، قال: ما جاء بك؟ قال: أُنبِئنا أنَّك تحبُّ الصدقة، فجئنا نصيب من طعامك، قال: ما يجيرنا منكم؟ قال: تقرأ آية الكرسي؟ قال: نعم، قال: إنَّك إنْ قرأتها غدوةً؛ أُجِرت منِّي حتَّى تمسي، وإذا قرأتها حين تمسي؛ أُجِرت منَّا حتَّى تصبح، فغدوت إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأخبرته، فقال: «صدق الخبيث» قال الحاكم: (صحيح).

(1/9112)

[فضل الكهف]

(1/9113)

[حديث: تلك السكينة تنزلت بالقرآن ... ]

5011# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو زهير بن معاوية بن حُديجٍ، أبو خيثمة الحافظ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، تَقَدَّموا، وتَقَدَّم أنَّ عازبًا صَحابيٌّ.

قوله: (كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ): تَقَدَّم أنَّ هذا الرجل هو أُسيد بن الحُضير في (سورة الفتح)، وذكرت أنَّه قرأ (البقرة)، وذكرت جمعًا بينهما، فإن أردته؛ فانظره في (الفتح).

قوله: (وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ): (الحصان): بكسر الحاء؛ أي: فرسٌ مُنجِبٌ، قال الجوهريُّ: (وفرسٌ حصان؛ بالكسر: بيِّنُ التحصُّن والتحصين، ويقال: إنَّه سُمِّي حصانًا؛ لأنَّه ضُنَّ بمائه، فلم يُنْزَ إلَّا على كريمةٍ، ثُمَّ كثر ذلك حتَّى سمَّوا كلَّ ذكرٍ من الخيل حصانًا) انتهى.

قوله: (بِشَطَنَيْنِ): (الشَّطَنُ)؛ بفتح الشين المعجمة، والطاء المهملة، وبالنون: الحبلُ الطويل مضطربٌ، والشَّطن: البُعد، وفي «الصحاح»: الشَّطن: الحبل، قال الخليل: هو الحبل الطويل، والجمع: الأشطان.

قوله: (تِلْكَ السَّكِينَةُ): تَقَدَّم الكلام على (السكينة) وما هي ولُغتَيها.

==========

[ج 2 ص 385]

(1/9114)

[فضل سورة الفتح]

(1/9115)

[حديث: أن رسول الله كان يسير في بعض أسفاره]

5012# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، ابن أخت الإمام مالكٍ أحدِ الأعلام.

قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا مرسلٌ، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في تفسير (الفتح)، وذكرت في الحديث سؤالًا وجوابيه في (الحُدَيْبيَة)، والله أعلم.

قوله: (كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا): تَقَدَّم أنَّ هذا السفر: هو غزوة الحُدَيْبيَة.

قوله: (فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ): تَقَدَّم ما ذلك الشيء.

قوله: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ معناه: فقدتك أمُّك، وكذا تَقَدَّم (نَزَرْتَ) وأنَّه بالتخفيف والتشديد، و (كُلَّ): وأنَّه بالنصب على الظرف، وعلى (نَشِبْتُ): ومعناها: لبِثْتُ، وعلى الصارخ الذي صرخ به أنِّي لا أعرفه.

(1/9116)

[فضل: {قل هو الله أحد}]

(1/9117)

[حديث: والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن]

5013# قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تَقَدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ مرارًا.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخلاص: 1] يُرَدِّدُهَا ... ) إلى قوله: (وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا): قال الدِّمْياطيُّ: الرجل _يعني: المتقالَّ، وهو السامع أيضًا_ قتادة بن النعمان، أخو أبي سعيد الخدريِّ لأمِّه، انتهى، كذا أخرج هذا الكلامَ الناقلُ عن الدِّمْياطيِّ من قوله: (وكأنَّ الرجل يتقالُّها)، والاعتماد عليه، وعليه العُهدة، وفي «الاستيعاب» في ترجمة قتادة بن النعمان ما لفظه: (وقتادة بن النعمان هو الذي كان يقرؤها؛ يعني: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، وكان يتقالُّها، وعليه مخرج ذلك الحديث)، انتهى، فصريح كلام أبي عمر: أنَّه هو القارئ، وأنَّه المتقالُّ أيضًا، وقال شيخنا هنا: الذي كان يتقالُّها هو قتادة بن النعمان الظفريُّ، كما أسلفناه من «مسند ابن وهبٍ»، والذي ساقه من عند ابن وهب، عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد أنَّه قال: بات قتادة بن النعمان يقرأ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} حتَّى أصبح، فذكرها لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: «والذي نفسي بيده؛ إنَّها لتعدل ثلث القرآن أو نصفه»، قال أبو عمر: (هذا شكٌّ من الراوي، لا من الشارع، على أنَّها لفظةٌ غير محفوظةٍ في هذا الحديث ولا في غيره، والصحيح الثابت في هذا وغيره دون شكٍّ)، انتهى، وقد ذكر ابن بُشكوال في «مبهماته» حديث أبي سعيدٍ، وهو الحديث الحادي عشر منها عن أبي سعيدٍ: (أنَّه سمع رجلًا يقرأ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} يردِّدها، فلمَّا أصبح؛ جاء إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وكأنَّ الرجل يتقالُّها ... )؛ الحديث، قال: (الرجل القارئ قتادة بن النعمان)، وساق له شاهدًا من كتاب «الصَّحابة» للعثمانيِّ؛ فليُعلَم ذلك.

قوله: (وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا): هذا الرجل تَقَدَّم أعلاه كلام أبي عمرَ فيه، وما قاله الدِّمْياطيُّ وغيره: إنَّه قتادة بن النعمان، و (كأنَّ)

[ج 2 ص 385]

من أخوات إنَّ، ومعنى (يتقالُّها): يراها قليلةً.

(1/9118)

قوله: (إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ): قال القاضي عياض: قال المازريُّ: (قيل: معناه: أنَّ القرآن على ثلاثة أنحاءٍ: قصص، وأحكام، وصفات لله تعالى، و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} متضمِّنة الصفات، فهي ثلثٌ، وجزء من ثلاثة أجزاءٍ، وقيل: معناه: أنَّ ثواب قراءتها يُضاعَف بقدر ثواب ثلث القرآن بغير تضعيفٍ) انتهى، وحكى المحبُّ الطبريُّ في «أحكامه» ستَّة أقوال: (أحدها: أنَّ القرآن العزيز ثلاثة أقسام لا رابع لها؛ وهي الإرشاد إلى تقريب ذات الله وتقديسه، أو معرفة صفاته وأسمائه، أو معرفة أفعاله وسنَّته في خلقه، فلمَّا اشتملت هذه السورة على أحد هذه الأقسام الثلاثة؛ وهي التقديس؛ وازنها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بثلث القرآن.

الثاني: أنَّ القرآن العزيز أُنزل أثلاثًا؛ فثلثٌ أحكام، وثلثٌ وعدٌ ووعيدٌ، وثلثٌ أسماءٌ وصفاتٌ، وقد جمعت {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} قسم الأسماء والصفات.

الثالث: أنَّ لقارئها عدلَ ثلث القرآن؛ لِما تضمَّنته من الإقرار بالتوحيد والإذعان للخالق.

الرابع: إنَّما قال ذلك في حقِّ شخصٍ بعينه قصدَهُ بالقول.

الخامس: أنَّ الله عزَّ وجلَّ يتفضَّل بتضعيف ثواب قارئها، ويكون منتهى التضعيف ثلث ما يستحق من الأجر على قراءة ثلث القرآن من غير تضعيفٍ.

السادس: أنَّه قال ذلك في حقِّ من يردِّدها؛ ليحصل له من تَردادها وتَكرارها ثوابُ ثلث القرآن) انتهى.

(1/9119)

فائدةٌ: في «مسند أحمد» _ورواه ابن أبي شيبة كما سيأتي قريبًا_ من حديث أنس: أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سأل رجلًا من صحابته فقال: «فلان؛ هل تزوَّجت؟»، قال: لا، وليس عندي ما أتزوَّج به، قال: «أوليس معك {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «أليس معك {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ}؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ}؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «أليس معك {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ}؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «أليس معك آية الكرسيِّ؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، قال: «تزوَّج، تزوَّج»؛ ثلاث مرَّات، رواه التِّرْمِذيُّ باختصار آية الكرسيِّ، وأنَّ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} بربع القرآن، وقال: (حسن، في سنده سلمة بن وردان)، قال أحمد: (منكر الحديث)، وقال ابن معين: (ليس بشيء)، وقال أبو داود: (ضعيف)، ذكر له ابن عديٍّ هذا الحديث، قال الحاكم: (رواياته عن أنس أكثرها منكر)، وصدق الحاكم.

تنبيهٌ: روى التِّرْمِذيُّ بإسناده إلى أنس قال: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «مَن قرأ {إِذَا زُلْزِلَتِ}؛ عدلت له بنصف القرآن، ومَن قرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ}؛ عدلت له بربع القرآن، ومَن قرأ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؛ عدلت له بثلث القرآن» قال التِّرْمِذيُّ: (غريب)، انتهى، في سنده الحسن بن سَلْم، قال الذهبيُّ: منكر، والحسن لا يُعرَف، ولا روى عنه سوى محمَّد بن موسى الحرشيُّ، وتَقَدَّم مِن سند عبدٍ: (أنَّ الفاتحة تعدل ثلثي القرآن)، وفي سنده شهر، وهو من حديث ابن عبَّاس، وقد تَقَدَّم قريبًا أنَّ في «مسند عبد»: (أنَّ الفاتحة تعدل بثلثي القرآن)، وفي «المستدرك» عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا: «ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كلِّ يوم؟»، قالوا: ومَن يستطيع ذلك؟! قال: «أما يستطيع أحدكم أن يقرأ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}؟» رواته ثقاتٌ، وعقبة ليس بمشهور، انتهى، وهو عقبة بن محمَّد بن عقبة عن نافع.

(1/9120)

5014# قوله: (وَزَادَ أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ... ) إلى آخره: هذا (أبو مَعْمَر): هو بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في تطريف هذا الحديث: (وقال أبو معمر _يعني: إسماعيل بن إبراهيم_ عن إسماعيل بن جعفر، عن مالك)، انتهى، أمَّا (أبو معمر) إسماعيل بن إبراهيم؛ فهو الهذليُّ القَطِيعيُّ، عن إبراهيم بن سعد وطبقتِه، وعنه البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وأبو يعلى، وأممٌ، ثبت سُنِّيٌّ، لم ينصفه ابن معين، تُوُفِّيَ سنة (236 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل: (قال)، وتَقَدَّم أنَّ (قال فلان) إذا كان شيخَه؛ يكون أخذه عنه في حال المذاكرة.

تنبيهٌ: قال شيخنا في أبي معمر هذا: وهو شيخ البُخاريِّ عبد الله بن عمرو المقعد، كذا قاله شيخنا عن الدِّمْياطيِّ، ونقل عن شيخه مغلطاي: أنَّه إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن الهروي البغداديُّ، قال شيخنا: فليُحرَّر، انتهى، وقد ذكرتُ لك أنَّ المِزِّيَّ جزم بما قاله مغلطاي، والله أعلم.

و (إسماعيل بن جعفر): هو المدنيُّ، عن العلاء، وعبد الله بن دينار، وعدَّةٍ، وعنه عليُّ بن حُجْر، ومحمَّد بن زُنبور، وخلقٌ، تُوُفِّيَ سنة (180 هـ)، من ثقات العلماء، أخرج له الجماعة.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ ... ) إلى آخره: هذا الرجل تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا، والله أعلم.

(1/9121)

[حديث: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة]

5015# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا عمر بن حفص بن غياث، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، تَقَدَّم مِرارًا، و (إِبْرَاهِيمُ وَالضَّحَّاك الْمِشْرَقِيُّ [1]): أمَّا (إبراهيم)؛ فهو ابن يزيد النخَعيُّ، ولم يسمع من أبي سعيد، قاله المِزِّيُّ في «أطرافه»، انتهى، ونقل العلائيُّ في «مراسيله»: عن عليٍّ ابن المدينيِّ: أنَّ إبراهيم النخَعيَّ لم يلقَ أحدًا من أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، انتهى، وقد عقَّبه البُخاريُّ هنا بقوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلٌ، وَعَنِ الضَّحَّاكِ الْمِشْرَقِيِّ مُسْنَدٌ)، انتهى، وهذه نسخة وقعت في أصلنا، وعليها علامة راويها، ونقل شيخنا هنا عن الحُميديِّ قال: كذا وقع في «البُخاريِّ»، وإبراهيم عن أبي سعيد مرسلٌ، لم يلقَه، انتهى.

وأمَّا (الضَّحَّاك المشرقيُّ)؛ فقال الدِّمْياطيُّ: (أبو سعيد الضَّحَّاك بن شراحيل المِشرقيُّ مِشرق بن زيد بن جشم بن حاشد)، انتهى، قال ابن قُرقُول: (والمِشرَقيُّ الضَّحَّاك بكسر الميم وفتح الراء، وقيَّدناه عن الصدفيِّ والجيَّانيِّ، قال: وقال أبو أحمد العسكريُّ: مَن فتح الميم؛ فقد صحَّف، ومِشرق: قبيلة من همْدان، وقيَّدناه عن أبي بحر بضمِّ الميم وكسر الراء، وكذا قيَّده الدارقطنيُّ وابن ماكولا)، انتهى، وهو الضَّحَّاك بن شراحيل، وقيل: ابن شرحبيل، المِشرَقيُّ، أبو سعيد الكوفيُّ، عن أبي سعيد الخدريِّ وغيرِه، وعنه: الزُّهريُّ، وحبيب بن أبي ثابت، والأعمش، وجماعةٌ، أخرج له البُخاريُّ ومسلم، حُجَّة مُقِلٌّ، ذكره في «الميزان» تمييزًا، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (المَشرِقي)، وفي (ق) معًا، وكذا في الموضع اللاحق.

[ج 2 ص 386]

(1/9122)

[المعوذات]

قوله: (الْمُعَوِّذَاتُ): تَقَدَّم أنَّها بكسر الواو.

==========

[ج 2 ص 386]

(1/9123)

[حديث: أن رسول الله كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه ... ]

5016# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (وَيَنْفثُ): هو ثُلاثيٌّ، وهو بضمِّ الفاء وكسرها، و (النفث): نفخ لطيف لا ريق معه، قاله النَّوويُّ، وقال ابن قُرقُول: مثل البُزاق، وقيل: مثل التفل، إلَّا أنَّ التفل في قول أبي عُبيد لا يكون إلَّا ومعه شيء من الريق، وقيل: هما سواء، يكون معهما ريق، وقيل: بعكس الأوَّل، وقد تَقَدَّم كلُّ ذلك.

==========

[ج 2 ص 386]

(1/9124)

[حديث: أن النبي كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ... ]

5017# قوله: (حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ): هو بفتح الضاد المعجمة المشدَّدة، اسم مفعول من (فضَّله) المشدَّد، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (عُقَيْل): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (كَانَ إِذَا أَوَى): تَقَدَّم أنَّه بقصر الهمزة؛ لأنَّه لازم، وهذا هو الأفصح، ولو كان متعدِّيًا؛ لكان همزه بالمدِّ على الأفصح.

==========

[ج 2 ص 386]

(1/9125)

[باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن]

قوله: (بابُ نُزُولِ السَّكِينَةِ): تَقَدَّم الكلام على (السكينة) ما هي، وضبطها بِلُغَتَيها، ساق ابن المنيِّر حديث أُسيد بن حضير في قراءته (سورة الكهف)، ثُمَّ قال: ترجم على نزول السكينة والملائكة، ولم يذكر في هذا الحديث إلَّا الملائكة، لكن في حديث البراء في (سورة الكهف): «تلك السكينة نزلت»، فلمَّا أُخبِر عن نزولها عند سماع القرآن؛ فهم البُخاريُّ تلازمهما، وفهم من الظُّلَّة أنَّها السكينة، فلهذا ساقها في الترجمة، والله أعلم، وقد سبقه إلى ذلك ابن بطَّال، كما قاله شيخنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 386]

(1/9126)

[معلق الليث: اقرأ يا ابن حضير اقرأ يا ابن حضير]

5018# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ): تَقَدَّم أنَّ مثل هذا تعليق مجزوم به، فهو صحيح على شرطه إلى المعلَّق عنه، و (الليث): هو ابن سعد، الإمام المجتهد، قال شيخنا: وصله أبو نعيم بإسناده إلى يحيى ابن بُكَيْر عن الليث به، انتهى، و (يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ): هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، تَقَدَّم، و (محمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ): هو التيميُّ، و (أُسَيْد): بضمِّ الهمزة، و (حُضَيْر): بضمِّ الحاء، قال البُخاريُّ في آخره: (قال ابن الهادي: وحدَّثني عبد الله بن خبَّاب عن أبي سعيد، عن أُسيد)، وقد أسند هذا الحديث النَّسائيُّ في (فضائل القرآن) عن محمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب، عن الليث، لكن عن خالد، عن ابن أبي هلال، عن يزيد بن عبد الله، عن عبد الله بن خبَّاب به، وعن عليِّ بن محمَّد بن عليٍّ، عن داود بن منصور، عن الليث، عن خالد به، وفي (المناقب) عن أحمد بن سعيد الرباطيِّ، عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن يزيد بن الهادي، عن عبد الله بن خبَّاب، عن أبي سعيد: أنَّ أُسيد بن حُضير بينما هو ليلةً يقرأُ في مربده ... )؛ الحديث، ولم يقل: عن أُسيد، إلَّا أنَّ لفظه يدلُّ على أنَّ أبا سعيد يرويه عن [1] أُسيد، قال أبو القاسم: (وعند يزيد بن عبد الله لهذا إسناد آخر، فإنَّه يرويه عن محمَّد بن إبراهيم بن الحارث عن أُسيد، ولم يدركه، وقد جمعهما يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث)، انتهى كلام المِزِّيِّ.

قوله: (سُورَةَ الْبَقَرَةِ): كذا هنا: (سورة البقرة)، والمشهور أنَّ قصَّة أُسيد في (سورة الكهف)، وهذا الحديث فيه ذكر (البقرة)، لكنَّه معلَّق، ولعلَّهما قضيَّتان، أو أنَّه قرأ بهما، وقد تَقَدَّم في (سورة الفتح).

قوله: (وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا): (يحيى): ابن أُسيد بن حُضير الأنصاريُّ، وُلِدَ على عهد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقد حمَّره الذهبيُّ، فالصحيح عنده: أنَّه تابعيٌّ، وكذا قال أبو عمر في «الاستيعاب»: إنَّه وُلِد على عهده صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قال: وكان في سنِّ مَن يحفظ، ولا أعلم له رواية، وبه كان يكنى أبوه أسيد بن حضير، انتهى.

(1/9127)

قوله: (فَلَمَّا اجْتَرَّهُ؛ رَفَعَ رَأْسَهُ): (اجترَّه): بالجيم، والمثنَّاة فوق، وتشديد الراء، كذا في أصلنا مجوَّدًا، ومعناه: جَرَّه، قال ابن قُرقُول: («فلمَّا أخَّره» كذا للقابسيِّ، ولسائرهم: «فلمَّا اجترَّه»، والأوَّل هو الوجه)، انتهى، ورأيت أنا في نسخة صحيحة: (فلمَّا أخبره)؛ من الإخبار، وعليها علامة الفربريِّ، وعليها إشارة أنَّها كذلك في إحدى عشرة [2] نسخة، وفي نسخة في هامش هذه النسخة: (أخَّره)؛ من التأخير، وعليها إشارة إلى أنَّها كذلك في ثلاث نسخ، والله أعلم.

[ج 2 ص 386]

قوله: (فَأَشْفَقْتُ): أي: خِفْتُ.

قوله: (مِثْلُ الظُّلَّةِ): هي بضمِّ الظاء المشالة، وتشديد اللام المفتوحة؛ أي: السحابة.

قوله: (فَخَرَجَتْ): هو بالتاء المضمومة تاء المتكلِّم؛ كذا لجميعهم، وصوابه: (فعَرَجَتْ)، كما في الأحاديث الأُخَر، كذا نقله بعضهم عن السفاقسيِّ، وأمَّا شيخنا؛ فذكر (فعرجت) عن مسلمٍ، ولم يصوِّب.

قوله: (قَالَ ابْنُ الهَادِي): تَقَدَّم قريبًا أنَّه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ الصحيح إثبات الياء فيه، وفي (العاصي)، و (ابن أبي الموالي)، و (ابن اليماني)، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ خَبَّابٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدَة أخرى، وهذا معروفٌ عند أهله، و (أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، و (أُسَيْد بْن حُضَيْرٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ الهمزة من (أُسيد)، وضمِّ الحاء من (حُضير).

(1/9128)

[باب من قال: لم يترك النبي إلَّا ما بين الدفتين]

قوله: (إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ): هما بدال مهملة مفتوحة، ثُمَّ فاء مشدَّدة، قال ابن قُرقُول: يعني: المصحف، والدَّفَّتان: ما تضمَّنه من جانبيه، وأصله: أنَّ الدفَّ: الجنب، وقد تكون دفَّتا المصحف من خشب وغيره.

==========

[ج 2 ص 387]

(1/9129)

[حديث: ما ترك إلَّا ما بين الدفتين]

5019# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (سفيان) هذا هو ابن عيينة فيما يظهر، وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ الحافظ في «الكمال» ذكر ابن عيينة في مشايخ قتيبة، ولم يذكر الثوريَّ، والله أعلم، وأمَّا (عَبْد الْعَزِيزِ بْن رُفَيْعٍ)؛ فقد روى عنه السفيانان، وهو بضمِّ الراء، وفتح العين، وهذا ظاهرٌ، و (شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ): بالعين المهملة، والقاف المكسورة، وليس لشدَّاد رواية في الكُتُب السِّتَّة، إنَّما جاء ذكره هنا من غير رواية، وقد روى له البُخاريُّ في كتاب «أفعال العباد»، وهو مجلَّد صغير، وهو كوفيٌّ، روى عن ابن مسعود، وعنه: عبد العزيز بن رُفَيع، والمُسَيَّب بن رافع، ذكره ابن حبَّان في «ثقاته».

قوله: (إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

قوله: (وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ): هذا هو محمَّد بن عليِّ بن أبي طالب، تَقَدَّم الكلام عليه، واسم (الحنفيَّة) خولة، تَقَدَّمت.

==========

[ج 2 ص 387]

(1/9130)

[باب فضل القرآن على سائر الكلام]

قوله: (بابُ فَضْلِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلاَمِ): قال ابن المنيِّر: ذكر البُخاريُّ في الباب حديثَ أبي موسى: «مَثَلُ الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجَّة ... »؛ الحديث، وحديثَ ابن عمر: «إنَّما أجلكم في أجل مَن خَلا مِن الأمم كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس ... »؛ الحديث، وجه مطابقة الحديثين للترجمة: أنَّه وصف حامل القرآن والعامل به بالكمال، وهو اجتماع المنظر والمخبر، ولم يُثبِت هذا الكمال لحامل غيره من الكلام، ووصف في الحديث الثاني فضل الأمَّة وخصوصيَّتها على سائر الأمم، وما اختصَّت إلَّا بالقرآن، دلَّ على أنَّه السبب في فضلها، ويُؤخَذ من ذلك فضلُ القرآن على غيره من الكتب، فكيف بالكلام؟ انتهى، وهو حسن مليح.

==========

[ج 2 ص 387]

(1/9131)

[حديث: مثل الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب ... ]

5020# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الهاء، وإسكان الدال المهملة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، الحافظ، هَدَّابٌ، تَقَدَّم مترجمًا، و (هَمَّامٌ): بعده هو همام بن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّم، وتَقَدَّم الكلام على نسبته (العَوْذيِّ): أنَّه من عَوْذ بن سُود؛ بطن من الأزد، وأنَّه بفتح العين المهملة، وإسكان الواو، وبالذال المعجمة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ.

قوله: (مَثَلُ): هو بفتح الميم والثاء المثلَّثة، وهذا ظاهرٌ، وكذا (وَمَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ) [خ¦5021].

قوله: (كَالأُتْرُجَّةِ): تَقَدَّم الكلام عليها في (سورة يوسف) بِلُغَاتِهَا، وسأذكر في آخر «الصحيح» وجهَ التشبيه بين المؤمن والأُترجِّ، وفضيلة الأترجِّ، مطوَّلًا إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.

==========

[ج 2 ص 387]

(1/9132)

[حديث: إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين ... ]

5021# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَان): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (سفيان) هذا هو ابن سعيد بن مسروق الثوريُّ.

==========

[ج 2 ص 387]

(1/9133)

[باب الوصاة بكتاب الله عز وجل]

قوله: (بابُ: الْوَصَاةِ بِكِتَابِ اللهِ): يقال: أوصيت له بشيء، وأوصيت إليه؛ إذا جعلتَه وصيَّك، والاسم: الوَصاية والوِصاية؛ بفتح الواو وكسرها، وأوصيته ووصَّيته أيضًا، إيصاءً وتوصيةً؛ بمعنًى، والاسم: الوصاةُ.

==========

[ج 2 ص 387]

(1/9134)

[حديث: سألت ابن أبي أوفى: أوصى النبي؟]

5022# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، تَقَدَّم، وتَقَدَّم الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ): بكسر الميم، وإسكان الغين المعجمة، وفتح الواو، ثُمَّ لام، و (طَلْحَةُ) بعده: هو طلحة بن مصرِّف بن كعب بن عمرو الياميُّ، أبو محمَّد الكوفيُّ، و (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ اسمَ أبي أوفى علقمةُ بن خالد بن الحارث، وتَقَدَّم بقيَّة نسبه، وأنَّ أبا أوفى صَحابيٌّ أيضًا.

قوله: (كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ): (كُتِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الوصيةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (أُمِروا): مَبنيٌّ أيضًا.

==========

[ج 2 ص 387]

(1/9135)

[باب: من لم يتغن بالقرآن]

قوله: (بَابٌ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ): ذكر ابن المنيِّر الحديث بطريقيه، ثُمَّ قال: وذكر _يعني: البُخاري_ في (كتاب الاعتصام) حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «ليس منَّا مَن لم يتغنَّ بالقرآن»، وزاد غيره «يجهر به»، ذكره في «باب قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: 13]»، قال الشيخ: يُفهَم من ترجمة البُخاريِّ أنَّه يحمل التغنِّي على الاستغناء، لا على الغنى؛ لكونه أتبع الحديث بالترجمة بالآية، ومضمونها الإنكار على من لم يستغنِ بالقرآن عن غيره من الكتب السالفة، ومن المعجزات التي كانوا يقترحونها، وهو موافقٌ لتأويل ابن عيينة، لكنَّ ابن عيينة حمله على الاستغناء الذي هو ضدُّ الفقر، والبُخاريُّ حمله على الاستغناء الذي هو أعمُّ من هذا، وهو الاكتفاء به مطلقًا، ويندرج في ذلك عدم الافتقار إلى الاستظهار عليه بغيره، وعدم الافتقار أيضًا إلى الخلق، والاستغناء بالحقِّ؛ لأنَّ فيه من المواعظ والآيات والزواجر ما يزعج صاحبَهُ من حوائج الدنيا وأهلها، وأطال ابن بطَّال في نقل الردِّ على من فسَّره بالاستغناءِ، وأنَّ ذلك مخالفٌ اللغة، وقدح في الآيات التي استشهد بها المفسِّر لابن عيينة، وعندي أنَّ التفسير صحيحٌ لغةً، يدلُّ عليه قوله عَلَيهِ السَّلام في الخيل: «ورَجلٌ ربطها تغنِّيًا وتعفُّفًا»، ولا خلاف لغةً أنَّه مصدر «تغنَّى»، ثُمَّ الإشكال بعدُ أنَّ «تغنَّى» ههنا بمعنى: استغنى بها وتعفَّف، ولم أقف على هذا الاستشهاد لغيري، والله أعلم، انتهى.

(1/9136)

قوله: (بابٌ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ): (تغنى بالقرآن): أي: جهر به، وكذا هو مفسَّر فيما يأتي، وقيل: حسَّن صوته به، ويشهد لهذا الحديثُ الآخر: «زيِّنوا [القرآن] بأصواتكم»، وعند سفيان: يستغني به، قيل: عن الناس، وقيل: عن غيره من الأحاديث والكتب، قال القاضي: والقولان منقولان عن ابن عيينة، وقال الشافعيُّ: نحن أعلم بهذا، ولو أراد عَلَيهِ السَّلام الاستغناء؛ لقال: مَن لم يستغنِ، وكذا قال أبو جعفر الطبريُّ: المعروف في كلام العرب أنَّ التغنيَ: الغناءُ، ودعوى أنَّ «تغنَّيتُ» بمعنى: «استغنيت» مردودةٌ، ولا نعلم أحدًا قاله، وذكر غيرُه: أنَّ سفيان رواه عن سعد بن أبي وقاص، وهو ظاهر اختيار البُخاريِّ، وقيل: معناه: تحزين القراءة وترجيع الصوت بها، وقيل: معنى (تغنَّى به): جعله هِجِّيراه [1]، وتسلية نفسه، وذكر لسانه في كلِّ حالاته؛ كما كانت العرب تفعل ذاك بالشِّعر والحُداء والرَّجَز في قطع مسافاتها وأسفارها وحروبها، وهذا معنى قوله فيما يأتي: قال سفيان: يستغني به، والله أعلم، و (سفيان): هو ابن عيينة المذكور في السند، قال ابن الأثير: (أوَّل من قرأ بالألحان عبيدُ الله بن أبي بكرة، فورثه عنه عُبيد الله بن عمر، ولذلك يقال: قراءة العُمَريِّ، وأخذ ذلك عنه سعيد العلَّاف الإباضيُّ).

(1/9137)

[حديث: لم يأذن الله لشيء ما أذن للنبي]

5023# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): هو بضمِّ العين، وفتح القاف، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بِنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هَرَيْرةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مَا أَذِنَ [1] اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ [2] يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ): أي: ما استمع لشيء كاستماعه لنبيٍّ يتغنَّى بالقرآن، والمراد: الرضا والقبولُ، والله أعلم.

[ج 2 ص 387]

قوله: (وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ: يُرِيدُ: يَجْهَرُ بِهِ): وصاحبه لا أعرفه.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث اللاحق، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (لمْ يأذن).

[2] زيد «اليونينيَّة» و (ق): (صلى الله عليه وسلم)، وهي ثابتة في رواية أبي الوقت وابن عساكر.

(1/9138)

[حديث: ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي أن يتغنى بالقرآن]

5024# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الخافظ، و (سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (أَبُوسَلَمَةَ)، تَقَدَّما قريبًا.

قوله: (مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ): تَقَدَّم معناه قريبًا جدًّا.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: تَفْسِيرُهُ: يَسْتَغْنِي بِهِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا، وأنَّ (سفيان) هو ابن عيينة المذكور في السند.

==========

[ج 2 ص 388]

(1/9139)

[باب اغتباط صاحب القرآن]

قوله: (بابُ اغْتِبَاطِ صَاحِبِ الْقُرْآنِ): ذكر ابن المنيِّر حديثَي الباب، وهو حديث ابن عمر: «لا حسد إلَّا على اثنتين»، وحديث أبي هريرة: «لا حسد إلَّا في اثنتين»، ثُمَّ قال: بيَّن بالترجمة أنَّ الحسد المذكور في الحديث هو الاغتباط، وقد فسَّره في الحديث بتمنِّي المماثلة في الخير، لا بتمنِّي سلب الخير عن الغير وجرِّه إليه، انتهى.

==========

[ج 2 ص 388]

(1/9140)

[حديث: لا حسد إلَّا على اثنتين]

5025# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، وتَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وتَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه محمَّد بن مسلم.

قوله: (لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي [1] اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليه في أوائل هذا التعليق.

قوله: (رَجُل): تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق أنَّه يجوز (رجلٍ) بالجرِّ والتنوين، والرفع معه.

قوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ): (الآناء): الساعات، قال الأخفش: واحدها: إنًى؛ مثال: مِعًى، قال: وقال بعضهم: واحدها: إنْيٌ وإنْوٌ، يقال: مضى إنْيان من الليل وإنْوان، وقال أبو عبيدة: واحدها: إنْيٌ؛ مثال: نِحْيٍ، والجمع: آناء.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (على)، ولعلَّها مصلَّحة في (ق) إلى (على).

[ج 2 ص 388]

(1/9141)

[حديث: لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن ... ]

5026# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): قال الجيَّانيُّ: روايتنا عن ابن السكن وأبي زيد وأبي أحمد: «حدَّثنا عليُّ بن إبراهيم»، فقيل: إنَّه عليُّ بن إبراهيم بن عبد الحميد الواسطيُّ، وقال ابن عديٍّ: يشبه أن يكون عليَّ بن الحسين بن إبراهيم بن إشكاب، وقد حدَّث البُخاريُّ عن محمَّد أخيه _وكان أصغر من عليٍّ_ في (عمرة القضاء)، و (استتابة المرتدِّين)، و (مناقب الحسن والحسين)، ولم يزد الكلاباذيُّ ولا أبو مسعود على عليِّ بن إبراهيم، وكذا المِزِّيُّ، كما سأذكره قريبًا، وقال الذهبيُّ: عليُّ بن إبراهيم: هو عليُّ بن إبراهيم بن عبد المجيد، أبو الحسن اليشكريُّ الواسطيُّ، نزيل بغداد، روى عن يزيد بن هارون، ووهب بن جَرِير، وداود بن المحبَّر، وطبقتِهم، وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، والبغويُّ، وابن صاعد، والمحامليُّ، وغيرُهم، وثَّقه الدارقطنيُّ، قال أبو الحسين بن المنادي: مات لستٍّ بقين من رمضان سنة (274 هـ)، وقيل: هو عليُّ بن عبد الله بن إبراهيم البغداديُّ، عن حجَّاج بن محمَّد، وعنه: البُخاريُّ في (النكاح)، وسئل عنه، فقال: مُتْقِنٌ، وقيل: هو عليُّ بن الحسين بن إبراهيم بن إشكاب، أبو الحسن العامريُّ البغداديُّ، ابن إشكاب، وهو لقب أبيه، عن أبي معاوية، وابن عُلَيَّة، وعمر بن يونس، وعليِّ بن عاصم، وطبقتِهم، وعنه: أبو داود، وابن ماجه، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو العبَّاس بن سريج القاضي، وعبد الرَّحمن بن أبي حاتم، وآخرون، وثَّقه النَّسائيُّ وغيرُه، قال ابن مَخْلد: تُوُفِّيَ لأربع بقين من شوَّال سنة (261 هـ)، والأقوال الثلاثة التي ذكرتها هي من «الذهبيِّ»، وأصلها للمِزِّيِّ في «التهذيب»، وأمَّا في «الأطراف»؛ فلم يزد على عليِّ بن إبراهيم، انتهى.

و (رَوْحٌ) بعده: هو ابن عبادة، و (سُلَيْمَان): هو الأعمش، ابن مِهران، و (ذَكْوَان): أبو صالح السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّم مِرارًا عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّم الكلام [عليه] في أوائل هذا التعليق.

قوله: (رَجُل): تَقَدَّم الكلام على إعرابه أعلاه وقبله، وأنَّه يجوز فيه (رجل)؛ بالجرِّ والتنوين، وبالرفع مع التنوين.

قوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

(1/9142)

[باب: خيركم من تعلم القرآن وعلمه]

قوله: (بابٌ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ): ساق ابن المنيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مطابقة الأحاديث بالترجمة بيِّنةٌ، إلَّا حديث سهل بن سعد؛ يعني: (أتت امرأة النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فقالت: إنَّها قد وهبت نفسها)، قال: فظنَّ ابن بطال أنَّ وجه مطابقته: أنَّه زوَّجه المرأةَ بحرمة القرآن، وليس كذلك، بل يعني بقوله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «زوَّجتُكَها بما معك من القرآن»؛ أي: بأن تُعلِّمها ما معك من القرآن، فهو من قبيل التزويج على المنافع التي يجوز عقد الإجارة عليها، وعلى هذا حمله الأئِمَّة، وهو الذي فهمه البُخاريُّ، فأدخله في (باب تعليم القرآن)، والله أعلم، وقد ظهر بهذا الحديث فضلُ القرآن على صاحبه في الدين والدنيا؛ ينفعه في دينه بما فيه من المواعظ والآيات، وينفعه في دنياه؛ لأنَّه قام له مقام المال الذي يتوصَّل به إلى النكاح وغيره من المقاصد، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 388]

(1/9143)

[حديث: خيركم من تعلم القرآن وعلمه]

5027# قوله: (عَنْ [1] عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ): هو بفتح الميم، وإسكان الراء، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، وهذا معروفٌ عند أهله، وكذا (سَعْد بْن عُبَيْدَةَ): بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن السُّلَمِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن حَبِيب بن رُبيِّعة، و (السُّلَميُّ): بضمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّم مترجمًا، وقوله: (عَنْ عُثْمَانَ): هو ابن عفَّان، وفي الصَّحابة من اسمه (عثمان) ثلاثة وعشرون نفرًا، لكن منهم من الصحيح أنَّه تابعيٌّ أربعة، ومنهم مَن هو غلطٌ واحد، فلهذا ميَّزته، وأصحاب الرواية منهم أربعة.

تنبيهٌ: رواية أبي عبد الرَّحمن السُّلَميِّ عن عثمان: قال شعبة: إنَّه لم يسمع منه، وقد أخرج له البُخاريُّ عن عثمان حديثين؛ هذا: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه»، والآخر: (أنَّ عثمان أشرف عليهم وهو محصور)، وقد عُلِم أنَّ البُخاريَّ لا يكتفي بمجرَّد إمكان اللقيِّ، وقد عقَّب البُخاريُّ حديث: «خيركم ... » هذا، أنَّ عبد الرَّحمن جلس للإقراء في إمرة عثمان، وقد روى حسين الجعفيُّ عن محمَّد بن أبان عن علقمة بن مرثد قال: تعلَّم أبو عبد الرَّحمن القرآن من عثمان، وعرض على عليٍّ، وقال أبو عمرو الدانيُّ: أخذ أبو عبد الرَّحمن القراءة عرضًا عن عثمان، وعليٍّ، وابن مسعود، وأُبيِّ بن كعب، وزيد بن ثابت، رضي الله عنهم، انتهى، وأبو عبد الرَّحمن السُّلَميُّ ليس مدلِّسًا؛ فاعلمه، والله أعلم.

(1/9144)

[حديث: إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه]

5028# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، نصَّ عليه المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (عَلْقَمَة بْن مَرْثَدٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبط أبيه، ولم يذكر في هذه الطريق سعد بن عبيدة، فإن أردت أن تنظر أيُّ الطريق أصحُّ؛ فانظر «الأطراف» للمِزِّيِّ، فإنَّه أطال فيه، ومن جملة ذلك قال: والمحفوظ رواية الجماعة عن سفيان؛ يعني: بحذف سعد بن عبيدة، قال: وهو ممَّا حُكِمَ فيه لسفيان على شعبة، والله أعلم، وتَقَدَّم أعلاه (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ)؛ فانظره.

(1/9145)

[حديث: أعطها ولو خاتمًا من حديد]

5029# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد بن درهم المشهور الإمام، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ): هذه المرأة تَقَدَّم الكلام عليها في (سورة الأحزاب)، وقد ذكرت هناك مَن قيل: إنَّها وهبت نفسها له عَلَيهِ السَّلام.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: («مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟»، قَالَ: كَذَا وَكَذَا)، وسيأتي: (مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، عَدَّدَهَا) [خ¦5087]: هذه السور التي عدَّدها هي سورة البقرة والتي تليها، كذا في «أبي داود»، وفي «الدارقطنيِّ» بسند ضعيف من حديث عبد الله بن سخبرة عن ابن مسعود في قصَّة الواهبة: أنَّه عَلَيهِ السَّلام في الثالثة لمَّا قال الخاطب: أحفظ سورة البقرة، وسورًا من المفصَّل؛ [قال]: «أنكحتُكها [1] على أن تُقرِئَها وتُعلِّمَها، وإذا رزقك الله؛ عَوِّضْها»، فتزوَّجها الرجل على ذلك، وفي «النَّسائيِّ» من حديث عسل بن سفيان _وفيه ضعفٌ_ عن عطاء عن أبي هريرة: قال له: أحفظُ البقرة أو التي تليها، قال: «فقم فعلِّمها عشرين آيةً، وهي امرأتك»، وعند أبي داود: (والتي تليها)، وروى ابن أبي شيبة وغيرُه _وقد تَقَدَّم قريبًا عزوه إلى أحمد_ من حديث أنس رضي الله عنه: أنَّه عَلَيهِ السَّلام سأل رجلًا من أصحابه فقال: «يا فلان؛ تزوَّجت؟» قال: لا، وليس عندي ما أتزوَّج به، قال: «أليس معك: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن»، وفي غيره: «ثلث القرآن»، وفي رواية أبي الشيخ: «أليس معك آية الكرسيِّ؟»، قال: بلى، قال: «ربع القرآن».

قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ): تَقَدَّم أنَّ (الخاتم) فيه لغات؛ فتح التاء وكسرها، والختام، والخاتام.

تنبيهٌ: في قوله عَلَيهِ السَّلام: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه» دليلٌ على أنَّ قراءة القرآن أفضل أعمال البِرِّ كلِّها؛ لأنَّه لمَّا كان مَن تعلَّمه وعلَّمه أفضلَ الناس وخيرَهم؛ دلَّ على ذلك؛ لأنَّه إنَّما أوجب له الخيريَّة والفضل من أجل القرآن، وكان له فضل التعليم جاريًا ما دام كلُّ من علَّمه باقيًا.

فإن قلت: أيُّما أفضل؟ تعلُّم القرآن أو تعلُّم الفقه؟

(1/9146)

فالجواب: أنَّ الثاني أفضل، وعن ابن الجوزيِّ: تعلُّم اللازم منهما [2] فرضٌ على الأعيان، وتعلُّم جميعهما فرضٌ على الكفاية، إذا قام به قومٌ؛ سقط الحرج عن الباقين، وقد استويا في الحالتين، فإن فرضنا الكلام [في التزيُّد] منهما [3] على قدر الواجب في حقِّ الأعيان؛ فالتشاغل بالفقه أفضل، وذلك راجع إلى حاجة الإنسان؛ لأنَّ الفقه أفضل من القراءة؛ يعني: من الإتيان بها، وإنَّما كان الأقرأُ في زمنه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم هو الأفقهَ، فلذلك قدَّم القارئَ في الصلاة، وقال عليه: «خيركم ... »؛ الحديث، والله أعلم.

[ج 2 ص 388]

(1/9147)

[باب القراءة عن ظهر القلب]

(1/9148)

[حديث: إن امرأة جاءت رسول الله فقالت: يا رسول الله جئت ... ]

5030# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً): تَقَدَّمت هذه المرأة في (سورة الأحزاب) بما فيها من الاختلاف.

قوله: (لِأَهَبَ): هو بفتح الهاء، واللام لام (كي)، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ): (صعَّد) و (صوَّب): مشدَّدان، وكذا هو في أصلنا، قال شيخنا: كما نبَّه عليه ابن العربيِّ.

قوله: (ثُمَّ طَأْطَأَ): هو بهمزتين؛ الأولى ساكنة، ويجوز تسهيلها، والثانية مفتوحة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ): تَقَدَّم أنَّ هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا وبعيدًا أيضًا بِلُغَاتِه.

قوله: (حَتَّى طَالَ مَجْلَسُهُ): هو بفتح اللام في أصلنا وفي أصل آخرَ صحيحٍ، وهو صحيحٌ، قال الجوهريُّ: (والمجلِس؛ يعني: بالكسر: موضع الجلوس، والمَجلَس؛ بفتح اللام: المصدر، انتهى، ولا شكَّ أنَّ الرجل لم يَطُلْ موضعُ جلوسه، إنَّما طال جلوسُه، يقال: جلس جلوسًا، وأجلسه غيره، وقوم جلوس.

قوله: (فَدُعِيَ): هو بضمِّ الدال، وكسر العين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا بما أستحضره من الروايات في ذلك.

قوله: (فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ): وفي «سنن أبي داود»: «علِّمها عشرين آيةً، وهي امرأتك»، والجمع ممكن؛ وتقديره: ببعض ما معك من القرآن.

تنبيهٌ: قوله هنا: (ملَّكْتُكَها)، وقد رُوِيَ في «الصحيح»: (ملَّكْنَاكَها)، ورُوِيَ فيه: (زوَّجناكها)، وغير ذلك، قال شيخنا في (الوكالة): قال الطرقيُّ: (أملكناكها) رواية محمَّد بن مطرِّف، ولم يقل أحد منهم: (ملَّكتكها) إلَّا ابن أبي حازم ويعقوب بن عبد الرَّحمن، وقال ابن عيينة: (أنكحتكها)، والباقون قالوا: (زوَّجتكها)، وقال الدارقطنيُّ: مَن روى: (ملَّكتكها)؛ وَهِم، ومَن روى: (زوَّجتكها)؛ الصواب، انتهى.

==========

[ج 2 ص 389]

(1/9149)

[باب استذكار القرآن وتعاهده]

(1/9150)

[حديث: إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل ... ]

5031# قوله: (إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ): (مَثَل): تَقَدَّم أنَّه بفتح الميم والثاء.

قوله: (الْمُعَقَّلَةِ): هو بضمِّ الميم، وفتح العين، وتشديد القاف المفتوحة، اسم مفعول، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 389]

(1/9151)

[حديث: بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت ... ]

5032# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ): تَقَدَّم أنَّه بعينَين مهملتين، وراءين؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، وبعدها تاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا، و (مَنْصُور): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

قوله: (نَسِيتُ): هو بفتح النون، وكسر السين، وتاء مضمومة تاء المتكلِّم.

قوله: (كَيْتَ وَكَيْتَ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّها بفتح التاء وكسرها، والتاء فيهما هاء في الأصل، فصارت تاءً في الوصل، وحكى في تائها ابنُ الأثير الضمَّ؛ ومعناه: كذا وكذا.

قوله: (بَلْ هُوَ [1] نُسِّيَ): هو بضمِّ النون، وكسر السين المشدَّدة، قال ابن قُرقُول: («ولكنَّه نُسِّيَ»؛ يعني: مبنيًّا للمفعول، كذا قيَّدناه عن الصدفيِّ وغيره؛ أي: ولكنَّ الله نسَّاه، كما تَقَدَّم في قوله: (أو أُنسيَ)، وضبطناه عن الأسَديِّ عن الوقَّشيِّ: (نُسِي)؛ بضمِّ النون أيضًا، ولكن مع تخفيف السين؛ أي: نُسِيَ من الخير؛ أي: تُرِك منه؛ كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى} [طه: 126]، انتهى.

تنبيهٌ: كره نسبة النسيان إلى النفس؛ لمعنيين: أحدهما: أنَّ الله تعالى هو الذي أنساه إيَّاها؛ لأنَّه المقدِّر للأشياء كلِّها، والثاني: أنَّ أصل النسيان التركُ، فكره أن يقول: تركت القرآن، أو قصدت إلى نسيانه، ولأنَّ ذلك لم يكن باختياره، يقال: نسَّاه الله وأنساه، قال ابن الأثير بعد أن ذكر حكمة النهي بما ذكرته: ولو رُوِيَ بالتخفيف؛ لكان معناه: تُرِكَ من الخير وحُرِم، ورواه أبو عبيد: بئس ما لأحدهم أن يقول: نَسيت أنَّه كيت وكيت، ليس هو نَسِيَ، ولكنَّه نُسِّيَ، وهذا اللفظ أبين من الأوَّل، واختار فيه أنَّه بمعنى الترك، انتهى، وقد قدَّمتُ لك عن ابن قُرقُول: أنَّه رُوِيَ: (نُسِيَ)؛ بالتخفيف، والله أعلم.

قوله: (تَفَصِّيًا): (التَّفَصِّي)؛ بفتح المثنَّاة فوق والفاء، وتشديد الصاد المهملة المكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت: التفلُّت والبينونة.

قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ: عَنْ [2] جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ مِثْلَهُ) أمَّا (عثمان): فهو ابن أبي شيبة الحافظ، أخو الحافظ الكبير، وهو الكبير في السنِّ؛ أعني: عثمان، تَقَدَّم، وهو عثمان بن محمَّد، و (جرير): هو ابن عبد الحميد، و (منصور): هو ابن المعتمر.

(1/9152)

قوله: (تَابَعَهُ بِشْرٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا الضمير في (تابعه)؛ فإنَّه يعود على محمَّد بن عرعرة راويه عن شعبة، و (بِشْر): هو ابن محمَّد، بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وبشر هذا مروزيٌّ، روى عن ابن المبارك والسِّينانيِّ، وعنه: البُخاريُّ والفريابيُّ، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، وأرَّخ وفاته بسنة (224 هـ)، وكذا ابن عساكر في «النبل» أرَّخها، انفرد به البُخاريُّ، و (ابن المبارك): عبد الله، ومتابعة بشر لم أرَها عنه به إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أخرجها الإسماعيليُّ بنحوها عن الفربريِّ: حدَّثنا مزاحم بن سعيد: حدَّثنا عبد الله بن المبارك: حدَّثنا شعبة، انتهى.

قوله: (وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدَةَ، عَنْ شَقِيقٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ): (ابن جُرَيج): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (عَبْدة): هو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن أبي لبابة، والضمير في (تابعه) يعود على منصور، راويه عن أبي وائل؛ وهو شقيق، وفي هذه المتابعة التصريح برواية أبي وائل شقيقٍ من عبد الله _هو ابن مسعود_ بالسماع؛ لأنَّه في الطريق الأولى رواه عن عبد الله بالعنعنة، وأبو وائل ليس مدلِّسًا، لكن ليخرج مِن خلاف مَن خالف فيه، وتصريح عبد الله بالسماع من النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لأنَّه في الأوَّل قال: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهذه المتابعة أخرجها مسلم في (الصلاة) عن محمَّد بن حاتم، عن محمَّد بن بكر، عن ابن جُرَيج به، وأخرجها النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبي معمر، عن عبد الوارث، عن محمَّد بن جُحادة، عن عَبْدة به.

==========

[1] (هو): ليست في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي ثابتة في رواية الحديث (5039).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

[ج 2 ص 389]

(1/9153)

[حديث: تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيًا ... ]

5033# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد) بعده: بضمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، وهو بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى عبد الله بن قيسٍ الأشعريِّ، و (أَبُو بُرْدَة): تَقَدَّم أنَّ اسمه الحارث، وقيل: عامر، و (أَبُو مُوسَى) هنا: في نسب (بريد).

قوله: (تَفَصِّيًا): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

==========

[ج 2 ص 389]

(1/9154)

[باب القراءة على الدابة]

(1/9155)

[حديث: رأيت رسول الله يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح]

5034# قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو إِيَاسٍ): هو بالمثنَّاة تحت، واسمه: معاوية بن قرَّة، و (عَبْد اللهِ بْن مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم ضبط والده مرارًا، وأنَّه صَحابيٌّ.

[ج 2 ص 389]

(1/9156)

[باب تعليم الصبيان القرآن]

قوله: (بابُ تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ): قال ابن المنيِّر بعدما ذكر ما في الباب على عادته: إنَّما ذكر قول ابن جُبَير؛ توطئةً لتفسير ابن عبَّاس المحكَم بالمفصَّل، وأنَّه تعلَّمه وهو صبيٌّ، ولو استشهد بمثل: «غطُّوا است قارئكم»، وكان طفلًا لم يلزم ستر عورته بعدًا؛ لكان أقعد بتعليم [1] الصبيان، انتهى، (والقرآن): منصوب في الترجمة؛ لأنَّه مفعول المصدر، وهو (تعليم)، (والصبيان): مجرورٌ مضاف، وهذا كلُّه ظاهرٌ.

==========

[1] في (أ): (بتلعيم)، وهو تحريف.

[ج 2 ص 390]

(1/9157)

[حديث: توفي رسول الله وأنا ابن عشر سنين]

5035# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ): تَقَدَّم في (المفصَّل) عَشَرةُ أقوالٍ، وأنَّ الصحيح: أنَّه من (الحجرات) إلى [1] آخر القرآن، وأنَّه إنَّما سُمِّيَ مفصَّلًا؛ لكثرة فصوله، أو لقلَّة المنسوخ فيه.

قوله: (هُوَ الْمُحْكَمُ): هو بإسكان الحاء، وفتح الكاف، وإنَّما قيل للمفصَّل: المحكم؛ لأنَّه لم يُنسَخ منه شيء، كذا قيل، وقد قدَّمتُ أنَّ فيه منسوخًا، وقيل: (المحكم): ما لم يكن متشابهًا؛ لأنَّه أُحكِم بيانُه بنفسه، ولم يفتقر إلى غيره، والله أعلم.

قوله: (تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ): اعلم أنَّه اختُلِف في سنِّ ابن عبَّاس عبدِ الله عند وفاة رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ فهنا: عشر سنينَ، كما ترى من رواية سعيد بن جُبَير، قال شيخنا عن هذه الرواية نقلًا عن الداوديِّ: إنَّها وَهَمٌ، وقد قال: تُوُفِّيَ وأنا ابن أربع عشرة، انتهى.

وفي «الصحيح» أيضًا: أنَّه كان في حجَّة الوداع قد ناهز الاحتلام، وفي رواية ابن إسحاق عن سعيد بن جُبَير عنه: (قُبِض النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وأنا ختينٌ)، وفي لفظ: (وأنا ابن خمس عشرة)، وذكر الزُّبَير والواقديُّ: أنَّه وُلِدَ في الشِّعب، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن ثلاث عشرة سنةً حين تُوُفِّيَ عَلَيهِ السَّلام، وقال ابن حبَّان: أربع عشرة، وقال عمرو بن عليٍّ: الصحيح عندنا: أنَّه تُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وكان قد استوفى ثلاث عشرة، ودخل في أربع عشرة، والله أعلم.

فالحاصل في سنِّه أقوال: عشر سنين وقد وُهِّمَت، وناهز الحلم، وأيضًا وهو ختين؛ أي: مختون، وابن خمس عشرة، وثلاث عشرة سنة، وأربع عشرة، وثلاث عشرة ودخل في أربع عشرة، ورواية: (ناهز الحلم) وكذا (وأنا ختن) لا تنافي رواية من أرَّخ بالسنين، والله أعلم، فصارت الروايات: خمس عشرة، وأربع عشرة، وثلاث عشرة، وعشرة وقد وُهِّمَت.

(1/9158)

[حديث: جمعت المحكم في عهد رسول الله ... ]

5036# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو يعقوب بن إبراهيم بن كثير الدورقيُّ البغداديُّ الحافظ، عن هُشَيم، والدراورديِّ، وعنه: الجماعة والمحامليُّ، وله مسند، تُوُفِّيَ سنة (252 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو [1] أحد الجماعة الذين اشترك الأئِمَّة السِّتَّة في الأخذ عنهم، وقد ذكرتهم في أوائل هذا التعليق، و (هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بشير، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّم أعلاه ضبطه، وأنَّه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

==========

[1] في (أ): (وقد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 390]

(1/9159)

[باب نسيان القرآن وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا؟]

قوله: (بابُ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ): ذكر ابن المنيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ترجم على نسيان القرآن، فأضاف النسيان إليه، وذكر الأحاديث التي ظاهرها التعارض، فقوله عَلَيهِ السَّلام: «أسقطتهنَّ من سورة كذا» يدلُّ على الجواز؛ لأنَّ الإسقاط نسيانٌ، وقد أضافه إلى نفسه على أنَّه الفاعل، وإلى القرآن على أنَّه المتعلَّق، وقوله: «بئس ما لأحدهم يقول: نسيت آية كذا» إنكارٌ لهذا الإطلاق، فأفهم أنَّ محمل [1] المنع غير محمل الإذن، فالذي مَنَع؛ يوهم بإطلاقه أنَّه ترك شيئًا من كتاب الله؛ لأنَّ (نسي) مشتركٌ بين «سها» وبين «ترك» قصدًا، فلمَّا كان موهمًا [2]؛ مُنِع إطلاقه، وأمَّا قوله: (أذكرني آية أسقطتها)؛ فهو صريح في السهو بقرينة قوله: (أذكرني)، فزال [3] الوَهَم، فجاز الإطلاق، وظنَّ الشارح أنَّ النهي عن قوله: (نسيت) من قبيل إلزام إضافة الأفعال إلى الله؛ لأنَّه خالقها حقيقةً، وأضافها إلى الغير مجازًا، وهذا وَهَمٌ منه؛ لأنَّه لو كان كذلك؛ لاطَّرد كلُّ فعل، ولعارض قوله: (أسقطتهنَّ)، ثُمَّ هو خلاف الإجماع في جواز إضافة أفعال العباد إليهم مع العلم بأنَّها مخلوقة لله تعالى، فليس إلَّا ما قدَّمتُه، والله أعلم، ولهذا خلص الوَهَم بقوله: (بل هو نُسِّيَ)؛ لأنَّ هذا لا يوهم الترك عمدًا من نفسه؛ فتأمَّله، انتهى، وقد تأمَّلتُه فرأيتُه حسنًا.

(1/9160)

[حديث: يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آيةً من سورة كذا]

5037# قوله: (حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى): هذا هو الأُشْنانيُّ، عن مالك بن مِغْوَل وشعبة، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والكجيُّ، قال أبو حاتم: ثِقةٌ ثبتٌ، تُوُفِّيَ سنة (224 هـ)، و (زَائِدَةُ) بعده: هو زائدة بن قدامة.

قوله: (سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ): هذ الرجل اسمه عبد الله بن يزيد الخطميُّ الأنصاريُّ، قاله الخطيب البغداديُّ، وكذا نقله عنه النَّوويُّ في «مبهماته»، انتهى، وقد وقع هذا الحديث في هذا «الصحيح» في (الشهادات)، وفيه: وزاد عبَّاد بن عبد الله عن عائشة قالت: (تهجَّد النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في بيتي، فسمع صوت عبَّاد ... )؛ الحديث، وقد تَقَدَّم في (باب شهادة الأعمى) أنَّ شيخنا أفاد عن ابن التين: أنَّه عبَّاد بن بشر، وأنِّي وقفت على نسخة بـ «صحيح البُخاريِّ» صحيحةٍ وفيها: عبَّاد بن تميم، وقد عُلِّم على النسب علامة الفربريِّ، والله أعلم، وقد ذكر ابنُ بشكوال الحديثَ، وهو الحديث السابع بعد المئة، وذكر زيادة عبَّاد، وأنَّه عبَّاد، ولم ينسبه، ثُمَّ قال: وقد جاء أيضًا أنَّه عبد الله بن يزيد الأنصاريُّ، وشاهده في «غوامض عبد الغنيِّ الأزديِّ»، وفي «المنتخب» لعليِّ بن عبد العزيز، وقد ذكرت هناك ما قاله ابن شيخنا البلقينيِّ رحمه الله.

قوله: (حَدَّثَنَا عِيسَى): هذا هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، تَقَدَّم، وأنَّه أحد الأعلام في الحفظ والعبادة.

قوله: (تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَعَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ): أمَّا (عليُّ بن مُسْهر)؛ فهو كوفيٌّ حافظ، كنيته أبو الحسن، يروي عن هشام والأعمش، وعنه: هنَّاد وعليُّ بن حجر، وكان فقيهًا محدِّثًا ثِقةً، أخرج له الجماعة، تَقَدَّم، وأنَّه تُوُفِّيَ سنة (189 هـ)، وأمَّا (عبْدة)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان الموحَّدة، هو ابن سليمان، ومتابعة عليِّ بن مُسْهر أخرجها البُخاريُّ في (فضائل القرآن) عن بشر بن آدم عن عليٍّ به، وأمَّا متابعة عَبْدة؛ فأخرجها البُخاريُّ في (الدعوات) عن عثمان ابن أبي شيبة، ومسلم في (الصلاة) عن محمَّد بن عبد الله بن نمير، والنَّسائيُّ في (فضائل القرآن) عن إسحاق بن إبراهيم؛ ثلاثتهم عن عَبْدة بن سليمان به، والله أعلم، والضمير في (تابعه) يعود على عيسى؛ هو ابن يونس، والله أعلم.

[ج 2 ص 390]

(1/9161)

[حديث: يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آيةً كنت أنسيتها]

5038# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (سَمِعَ النَّبيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ [2] بِاللَّيْلِ): تَقَدَّم الكلام عليه في ظاهرها وفي (الشهادات) مطوَّلًا.

قوله: (كُنْتُ أُنْسِيتُهَا): هو بضمِّ الهمزة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/9162)

[حديث: ما لأحدهم يقول نسيت آية كيت وكيت بل هو نسي]

5039# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مَنْصُور): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ.

قوله: (كَيْتَ وَكَيْتَ): تَقَدَّم [الكلام] عليها قريبًا، وأنَّها مثنَّاة التاء، وأنَّ معناها: كذا وكذا.

قوله: (بَلْ هُوَ نُسِّيَ): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا.

==========

[ج 2 ص 391]

(1/9163)

[باب من لم ير بأسًا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا]

(1/9164)

[حديث: الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه]

5040# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن غياث، وضبط (غياث)، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخَعيُّ، و (أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ، تَقَدَّم نسبه وبعض ترجمته، وأنَّه ليس بدريًّا على الصحيح، وإنَّما كان ينزل ماء ببدر فنُسِب إليها، وتَقَدَّم انتقادُه على البُخاريِّ، في (بدر).

قوله: (كَفَتَاهُ): تَقَدَّم الكلام عليه في (فضل سورة البقرة).

==========

[ج 2 ص 391]

(1/9165)

[حديث: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه]

5041# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (عُرْوَةُ): هو ابن الزُّبَير بن العوَّام بن خُوَيلد، أحد الفقهاء السبعة، مشهور، و (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، و (المسور): صَحابيٌّ صغير، وأنَّ مخرمة والدَه صَحابيٌّ أيضًا، (وَعَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدٍ): من غير إضافة، و (الْقَارِيُّ): بتشديد الياء، منسوب إلى القارَة؛ القبيلة المعروفة، و (هِشَام بْن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ)؛ بفتح حاء أبيه، وكسر الكاف، و (حزام): بالزاي.

قوله: (عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ): قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: بيَّنها ابن عبد البَرِّ في «التمهيد» في كلامه على هذا الحديث.

قوله: (أُسَاوِرُهُ): تَقَدَّم الكلام عليه في (باب: نَزَلَ القرآن على سبعة أحرف)، وكذا (فَلَبَبْتُهُ)، وأنَّه بالتشديد والتخفيف، وكذا (عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ)، في الباب المذكور أعلاه.

==========

[ج 2 ص 391]

(1/9166)

[حديث: يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آيةً أسقطتها ... ]

5042# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة.

قوله: (سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِئًا يَقْرَأُ ... )؛ الحديث: تَقَدَّم الكلام على هذا القارئ مَن هو قريبًا وبعيدًا في (الشهادات).

==========

[ج 2 ص 391]

(1/9167)

[باب الترتيل في القراءة وقوله تعالى {ورتل القرآن ترتيلًا}]

قوله: (بابُ التَّرْتِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ): ساق ابن المنيِّر ما في الباب باختصار محذوف الأسانيد، ثُمَّ قال: الصحيح في تأويل قوله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} [الإسراء: 106]: أنَّ المراد: نزَّلناه نجومًا، لا جملة واحدة، بخلاف الكتب المتَقَدِّمة، فإنَّها نزلت جملةً واحدةً، وهكذا معنى {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106]: تقرؤه على الناس بحسب نزوله في ثلاث وعشرين سَنةً، وعلى هذا التأويل يخرج عن مقصود الترجمة، إلَّا أن يقال: لمَّا أنزله منجَّمًا مفرَّقًا، ناسب [1] هذه الأناةَ في تلاوته والمهل، [و] هو معنى الترتيل، انتهى.

قوله: (وَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُهَذَّ كَهَذِّ الشِّعْرِ): (يُكرَه): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (يُهَذَّ): مبنيٌّ أيضًا، وهو بالذال المعجمة، و (كهذِّ): بالمعجمة أيضًا، تَقَدَّم في (باب الجمع بين السورتين) في (كتاب الصلاة): أنَّ فيه الحثَّ على الترتيل والتدبُّر، وبه قال جمهور العلماء، قال القاضي عياض: وأباحت طائفةٌ قليلةٌ الهذَّ، انتهى، وهنا قد قال البُخاريُّ: إنَّ الهذَّ مكروهٌ.

تنبيهٌ: اختلف الناس في الأفضل من الترتيل وقراءة القليل، أو السرعة مع كثرة القراءة؛ أيُّهما أفضل؟ على قولين: فمذهب ابن عبَّاس وابن مسعود وغيرهما: أنَّ الترتيل والتدبُّر مع قلَّة القراءة أفضلُ من السرعة مع كثرتها، واحتجَّ أرباب هذا القول بأشياء ذكرها الحافظ شمس الدين ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدْي» ... إلى أن قال: وقال أصحاب الشافعيِّ: كثرة القراءة أفضل، واحتجُّوا بحديث ابن مسعود: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «مَن قرأ حرفًا من كتاب الله؛ فَلَهُ حسنة ... »؛ الحديث، رواه التِّرْمِذيُّ وصحَّحه، قالوا: ولأنَّ عثمان قرأه في ركعة، وذكروا آثارًا كثيرة عن السلف في كثرة القراءة، قال ابن القيِّم: والصواب في المسألة أن يقال: إنَّ ثواب قراءة الترتيل والتدبُّر أجلُّ وأرفع قدرًا، وثواب كثرة القراءة أكثرُ عددًا، فالأوَّل: كمن تصدَّق بجوهرة عظيمة، أو أعتق عبدًا قيمته نفيسة، والثاني: كمن تصدَّق بعدد من الدراهم، أو أعتق عددًا من العبيد قيمتهم رخيصة ... إلى آخر كلامه، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (فالسبب)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 391]

(1/9168)

[حديث: إنا قد سمعنا القراءة وإني لأحفظ القرناء ... ]

5043# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه محمَّد بن الفضل، وأنَّ لقب محمَّد عارم، وتَقَدَّم ما معنى (عارم)، و (وَاصِلٌ) هذا: هو ابن حيَّان الأحدب، كما ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه»، وقال شيخنا: هو مولى أبي عيينة، كما ذكره خلف في «أطرافه»، وعند الإسماعيليِّ: واصل الأحدب ابن حيَّان، انتهى، ومولى أبي عيينة لم يروِ له البُخاريُّ شيئًا، بل ولا له رواية عن أبي وائل عن ابن مسعود في الكُتُب السِّتَّة، والله أعلم، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: إِنِّي [1] قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ الْبَارِحَةَ): هذا الرجل هو نهيك بن سنان، كذا في «مسلم»، وقد تَقَدَّم في (الصلاة).

قوله: (قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ): تَقَدَّم في المفصَّل عشَرة أقوالٍ قريبًا وبعيدًا، وأنَّ الأصحَّ: أنَّه مِن (الحجرات) إلى آخر القرآن، وتَقَدَّم لمَ قيل له: المفصَّل، وقد قال المحبُّ الطبريُّ في هذا الحديث: قيل: أراد القرآن كلَّه، ثمَّ ذكر خلافًا، ثُمَّ بعض الأقوال في المفصَّل من أين، فذكر بعض ما ذكرته فيه.

قوله: (هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ): تَقَدَّم ضبطه ومعناه أعلاه وقبله أيضًا.

[ج 2 ص 391]

قوله: (ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ، وَسُورَتَيْنِ مِنْ آلِ {حم}): تَقَدَّم الكلام على هذه السور وتعيينُها في (باب الجمع بين السورتين) في (كتاب الصلاة).

(1/9169)

[حديث: كان رسول الله إذا نزل جبريل بالوحي ... ]

5044# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحميد القاضي.

قوله: (وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ): (يُعرَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 392]

(1/9170)

[باب مد القراءة]

(1/9171)

[حديث: كان يمد مدًا]

5045# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (حازمًا) بالحاء المهملة.

==========

[ج 2 ص 392]

(1/9172)

[حديث: قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد ببسم الله ويمد بالرحمن]

5046# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ [1]: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ: كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ... )؛ الحديث: كذا في أصلنا: عُمر بن حفص، وفي بعض أصولنا الدِّمَشْقيَّة: حدَّثنا عمرو بن عاصم، وكذا في نسخة أخرى، ونسخة أخرى، وقد راجعت «أطراف» الحافظ جمال الدين المِزِّيِّ شيخ شيوخنا فرأيته ذكر الحديث عن عمرو بن عاصم، ولم يذكر فيه خلافًا، وكذا لم يتعرَّض له أبو عليٍّ الغسَّانيُّ ولا ابن قُرقُول في «مطالعه»، فالظاهر صحَّة ما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وخطأ أصلنا القاهريِّ، وقد راجعت كلام الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» فرأيته ذكر في ترجمة همَّام بن يحيى العَوْذيِّ: أنَّه روى عنه عمرو بن عاصم، ولم يذكر فيهم عمر بن حفص بن غياث، وكذا ذكر في ترجمة عمرو بن عاصم: أنَّه روى عن همَّام بن يحيى، وراجعت ترجمة عمر بن حفص بن غياث، فلم أره ذكر فيها روايته عن همَّام بن يحيى العَوْذيِّ، والله أعلم.

قوله: (يَمُدُّ بِبِسْمِ اللهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ): يعني: أنَّه يمكَّن القراءة، وليس في الثلاثة مدٌّ، والله أعلم.

(1/9173)

[باب الترجيع]

قوله: (بابُ التَّرْجِيعِ): (الترجيع) هنا: ترديد الصوت في القراءة، وقد تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 392]

(1/9174)

[حديث: رأيت النبي يقرأ وهو على ناقته]

5047# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِيَاسٍ) تَقَدَّم قريبًا أنَّه بالياء، وأنَّه معاوية بن قرَّة، و (عَبْد اللهِ بْن مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم، وتَقَدَّم ضبط أبيه، وأنَّه صَحابيٌّ أيضًا.

قوله: (قِرَاءَةً لَيِّنَةً): (اللَّيِّنة) _والله أعلم_: السهلة على اللسان، ويقال: (لِيْنَة)؛ بالتخفيف لغةٌ في (لَيِّنة)، وقد تَقَدَّمت اللُّغتان في كلام البُخاريِّ.

==========

[ج 2 ص 392]

(1/9175)

[باب حسن الصوت بالقراءة]

قوله: (بابُ: حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ لِلقُرآن): ساق ابن المنيِّر حديث الباب، ثُمَّ قال: الصوت: يُطلَق على وجهين: يُطلَق على الغُنَّة الخِلقيَّة، فهذا لا يُتَرجَم عليه؛ لأنَّه غير مكتسب ولا تكليف به، ويُطلَق على تعاطي حسن الصوت ممَّن هو خِلقة فيه، فيزيده حسنًا، ومَن ليس خلقةً فيه؛ فيتسلَّق على أن يكتسبه، وهذا يدخل تحت التكليف والترجمة، وليحذر أن يتكلَّف من ذلك ما يفسد عليه أصل صلاته إن كان مصليًّا، أو أصل الفضل إن كان تاليًا، وقد رأينا بعضهم يكثر من التنحنح، فزعم أنَّه يصقل حلقة، وذلك في أثناء الصلاة، فيبطل على نفسه وعلى مأموميه، انتهى، واعلم أنَّ التنحنح إن كان لتعذُّر قراءة الفاتحة؛ فإنَّه يجوز، وإن كان للجهر بها أو بغيرها، فإنَّه لا يجوز، وفيه وفي الضحك والبكاء والأنين والنفخ وجهان للشافعيَّة: الصحيح عندهم: إن ظهر بأحدها حرفان؛ بطلت الصلاة، وإلَّا؛ فلا، فإذا كان إمامًا وفعل ذلك الذي لا يجوز ففارقه المأموم؛ صحَّت صلاته، وإذا تمادى في القدوة؛ بطلت، والله أعلم.

(1/9176)

[حديث: يا أبا موسى لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود]

5048# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ): هو بكسر الحاء المهملة، وتشديد الميم، وبعد الألف نون، ثُمَّ ياء النسبة، قال الدِّمْياطيُّ: أبو يحيى [1] عبد الحميد بن عبد الرَّحمن، لقب عبد الرَّحمن بَشْمِين [2] الحِمَّانيُّ مولاهم، الكوفيُّ، وحِمَّانُ من تميم، وهو والد يحيى الحِمَّانيِّ، وأصله خوارزميٌّ، مات عبد الحميد سنة اثنتين ومئتين، والراوي عنه: أبو بكر محمَّد بن خلف البغداديُّ المقرئ، المعروف بالحدَّاديِّ، مات في ربيع الأوَّل سنة (262 هـ)، قاله ابن عساكر، انفرد بهما البُخاريُّ، وليس لهما في كتابه سوى هذا الحديث، انتهى.

واعلم أنَّ عبد الحميد وثَّقه ابن معين، وقال أبو داود: كان داعية في الإرجاء، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن عديٍّ: هو وابنه ممَّن يكتب حديثهما، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم في المقدِّمة، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان».

وأمَّا (مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ): المعروف بالحدَّاديِّ؛ بالحاء، والدال المشدَّدة، المهملتين، وهي نسبة العجم إلى صنعة الحديد، قال الدار قطنيُّ: ثِقةٌ فاضل، وقول الدِّمْياطيِّ فيه: «مات في ربيع الأوَّل سنة اثنتين وستِّين ومئتين»، وعزاه لابن عساكر؛ فيه نظرٌ، لأنَّ الذي في «النبل» لابن عساكر: سنة إحدى وستِّين ومئتين، كذا في نسختي بـ «النبل»، وهي بخطِّ والد الشيخ فتح الدين ابن سيِّد النَّاس اليعمريِّ، وكذا هو في «تذهيب الذهبيِّ»، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى): أمَّا (بُريد)؛ فهو بضمِّ الموحَّدة، مُصغَّر، وقد تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا، و (أبو بردة) جدُّه: تَقَدَّم أنَّ اسمه الحارث، وقيل: عامر، وأنَّ (أبا موسى) عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ.

(1/9177)

قوله: (مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ): (المِزمار): بكسر الميم، معروف، شبَّه حسن صوته وحلاوةَ نغمته بصوت المزمار، و (داود): هو النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وإليه المنتهى في حسن الصوت بالقراءة، و (الآلُ) في قوله: (آل داود) مقحمة، قيل: معناه ههنا: الشخص، وفي «مطالع ابن قُرقُول» ما لفظه: ومزمور الشيطان: مزماره، وهي من الزَّمَّار؛ وهو الصوت العالي، وقيل: الصوت الحسن، ومنه قوله: «لقد أوتيت مزمارًا»؛ أي: صوتًا حسنًا، والزَّمير: الغناء.

(1/9178)

[باب من أحب أن يسمع القرآن من غيره]

(1/9179)

[حديث: إني أحب أن أسمعه من غيري]

5049# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ غِياثًا بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، و (عَبِيدَة): بفتح العين المهملة، وكسر الموحَّدة، تَقَدَّم مِرارًا، وهو ابن عمرو السَّلْمانيُّ؛ بفتح السين وإسكان اللَّام، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

تنبيهٌ: ذكر هذه القصَّة لعبد الله؛ هو ابن مسعود، وكذا في «مسلم»، و «أبي داود»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، وهذا المعروف، وذكرها في «عوارف المعارف» فيما يَتعلَّق بالسماع لأُبيِّ بن كعب، وكأنَّه غلطٌ، ويبعد تعدُّد الواقعة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 392]

(1/9180)

[باب قول المقري للقاري: حسبك]

(1/9181)

[حديث ابن مسعود: قال لي النبي: اقرأ علي ... ]

5050# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريانيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البُخاريِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البُخاريِّ محمَّد بن يوسف، في أوائل هذا التعليق، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر، و (الأَعْمَش): سليمان بن مهران، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (بابُ قَوْلِ الْمُقْرِئِ لِلْقَارِئِ: حَسْبُكَ): (المُقرئُ): هو الأستاذُ الشَّيخُ؛ لأنَّه مِن (أقرأ)؛ فهو مُقرِئ، اسمُ فاعل، و (القارئ): الطَّالب التلميذ؛ لأنَّه مِن (قرأ)، اسم فاعل أيضًا، و (حَسْبُك): أي: كافيك، ساق ابن المنَيِّر حديث ابن مسعود محذوف الإسناد على عادته، ثُمَّ قال: (مَدخَل هذه الترجمة في [1] الفقه: إزاحة الشُّبهة عمَّن يستمع قارئَ قرآنٍ أو حديثٍ يعرض له مانعٌ من مللٍ أو غيره؛ فله أن يكفَّ القارئ، ولا يُجرَحُ بكونه قطع عليه التلاوة، ولا يعدُّ ممَّن استخفَّ بكتاب الله؛ لأنَّ الدِّينَ يسرٌ، والله أعلم)، انتهى.

تنبيه: تَقَدَّم أعلاه تنبيهٌ على غلطٍ وقع في «عوارف المعارف» للسَّهرورديِّ، فإنَّه ذكر هذه القصَّة لأُبيِّ بن كعب، والمعروف ما قدَّمتُه أعلاه.

قوله: (تَذْرِفَانِ): تَقَدَّم الكلام عليه؛ ومعناه: تنصبَّان دمعًا [2].

==========

[1] في (أ): (من)، وكتب في الهامش: (لعلَّه: في)، وهو الموافق لمصدره.

[2] هذه الفقرة جاءت في (أ) قبل قوله: (بابُ قَوْلِ الْمُقْرِئِ لِلْقَارِئِ: حَسْبُكَ).

[ج 2 ص 392]

(1/9182)

[باب: في كم يقرأ القرآن وقول الله تعالى {فاقرءوا ما تيسر منه}]

[ج 2 ص 392]

قوله: (بابٌ فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ): (يُقرَأ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (القرآن): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، كذا في أصلنا.

قوله: (وَقَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ): (قولُ): مرفوع؛ لأنَّه معطوف على (بابٌ) المنوَّن المرفوع، كذا في أصلنا، وهذا ظاهرٌ، ويجوز رفع (باب) من غير تنوين، فإن فعلتَ ذلك؛ فاقرأ: (وقولِ الله)؛ بالجرِّ.

(1/9183)

[حديث: لا ينبغي لأحد أن يقرأ أقل من ثلاث آيات]

5051# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عليُّ بن عبد الله، ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (ابْنُ شُبْرُمَةَ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن شبرمة بن طفيل بن حسَّان، أبو شبرمة، الضَّبُّيُّ الكوفيُّ القاضي، الفقيه، عالم أهل الكوفة، عن أنس، وأبي الطُّفيل، والشعبيِّ، وإبراهيم النخَعيِّ، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وطائفةٍ، وعنه: شعبة، والسُّفيانان، وابن المبارك، وهُشَيم، وخلق، وثَّقه أحمد، وأبو حاتم، وغيرهما، تُوُفِّيَ سنة (144 هـ)، علَّق له البُخاريُّ، والذي ذكره هنا موقوفٌ عليه، وأخرج له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة يسيرة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

وقول ابن شبرمة هنا: (كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الْقُرْآنِ): قال شيخنا: لعلَّه يريد: في قيام الليل أو في الصلاة، انتهى.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ ... ) إلى آخره: هذا بالسند الذي قبله؛ وهو عليٌّ عن سفيان، وليس تعليقًا، وهذا ظاهرٌ جدًّا، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (أَبُو مَسْعُود): عقبة بن عمرو الأنصاريُّ، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا، وأنَّه لم يشهد بدرًا، وأنَّ البُخاريَّ تُعُقِّب في عدِّه ممَّن شهدها.

قوله: (فَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ذكر): أبو مسعود، (والنَّبيَّ): منصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (كَفَتَاهُ): تَقَدَّم الكلام عليه في (فضل سورة البقرة) قريبًا.

==========

[ج 2 ص 393]

(1/9184)

[حديث: صم ثلاثة أيام في الجمعة]

5052# [قوله]: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (أَبُو عَوَانَةَ): الوضَّاح بن عبد الله، و (مُغِيرَة): هو ابن مِقسم الضَّبِّيُّ تَقَدَّم، و (مُجَاهِد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو): قيل: إنَّه لم يسمع منه، وقد ذكرتُ ذلك في (الصوم)، وسأذكره مطوَّلًا في (الأدب)، و (الديات)، وقد أخرج له عنه البُخاريُّ ثلاثة أحاديثَ؛ حديث: «ليس الواصل بالمكافئ»، وهذا الحديث: (أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً)، و «من قتل مُعاهدًا»، والله أعلم، و (عَبْد اللهِ بْن عَمْرٍو): هو ابن العاصي، وفي الصَّحابة جماعةٌ اسمُ كلِّ واحدٍ منهم عبدُ الله بنُ عمرو؛ فلهذا ميَّزتُه.

قوله: (أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ): هذه المرأة لا أعرف اسمها، وقال بعض الحُفَّاظ المِصْريِّين: هي أمُّ محمَّد بنت محميَّة بن جزء الزبيديِّ، ذكرها ابن سعد، ولم أرها في «تجريد الذَّهبيِّ»، والله أعلم.

قوله: (ذَاتَ حَسَبٍ): هو بفتح السين، والحسب: ما يعدُّه الشخص من مفاخر آبائه، ويقال: حسبه: دِينه، ويقال: ماله، والرجل حسيب، وقد حَسُبَ _بالضمِّ_ حَسَابَة؛ مثل: (خَطُبَ خَطَابة)، قال ابن السِّكِّيت: الحسب والكرم يكونان في الرجل، وإن لم يكن آباءٌ لهم شرفٌ، قال: والشرف والمجد لا يكونان إلَّا بالآباء.

قوله: (كَنَفًا): (الكَنَف) هنا _بفتح الكاف والنون_: الثوب، والكنف: الستر، وكَنَّتْ به عن الجماع، وقال ابن الأثير: (فأدخل يده في الإناء، وضرب بالماء وجهه)؛ أي: جمعها وجعلها؛ كالكِنْف؛ وهو الوعاء، ثُمَّ قال: ومنه ... ؛ فذكر هذا الحديث؛ أي: لم يدخل يده معها؛ كما يدخل الرجل يده مع زوجته في دواخل أمرها، وأكثر ما يُروَى بفتح الكاف والنون، من الكَنَف؛ وهو الجانب؛ يعني: أنَّه لم يقربها، فحاصل كلامه: أنَّه يُقرَأ بكسر الكاف وإسكان النون، وبفتحهما، وهو الأكثر، وابنُ قُرقُول لم يذكر فيه إلَّا فتح الكاف وإسكان النون، كما هو مقتضى عبارته، ونقل شيخنا عن الدِّمْياطيِّ كما قال في «النِّهاية»، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ: «الْقَنِي بِهِ»): (القني): بهمزة وصل _فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها_ وفتح القاف، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/9185)

قوله: (أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا): (أَفطِرْ): بفتح الهمزة، وكسر الطاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ، وقوله: (أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا): كذا في الأصول، وقد كنتُ استنكرت هذا اللَّفظ حين رأيته، وذلك لأنَّ قوله قبله: «صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الْجُمُعَةِ» أكثر من هذا، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا قال ما لفظه: (قال أبو عبد الملك والداوديُّ: هذا وهم في الرواية؛ يريد: أنَّ ثلاثة أيام في الجمعة أكثر من صيام يوم بعد يومين، وهو إنَّما طلب من الشارع أن يزيده في العمل، وهذا تدريج إلى النَّقص من العمل، قال الداوديُّ: إلَّا أن يريد ثلاثة أيام من قوله: «أفطر يومًا، وصُمْ يومًا»، وهذا خروج عن الظاهر)، انتهى.

قوله: (صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ، صَوْمَ دَاوُدَ؛ صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ): (صومَ داودَ): منصوب؛ لأنَّه بدل من (أفضلَ)، (وصيامَ يومٍ، وإفطارَ يومٍ): مثله منصوبان، والله أعلم، ويجوز رفع الأخيرين، والله أعلم.

قوله: (كَبِرْتُ): هو بكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (يَعْرِضُهُ): هو بكسر الراء، وفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَأَحْصَى): أي: حَفِظ.

قوله: (كَرَاهِيةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال من حيث اللُّغةُ: كراهي.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي ثَلاَثٍ وَفِي خَمْسٍ)، وفي نسخة زيادة: (وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ) انتهى: قال شيخنا: (يشبه أن يكون أراد بـ «الثلاث» و «السبع» ما رواه الإسماعيليُّ عن البغويِّ: حدَّثنا جدِّي: حدَّثنا هُشَيم، عن حُصين ومغيرة، عن مجاهد، عن ابن عمرٍو، و «الخمس» ذكرها البزَّار، وفي «مسند أحمد»: أنَّه عَلَيهِ السَّلام نقله من أربعين ليلةً إلى سبع، زاد ابن أبي [1] داود: «ولم ينزل عن سبع»، وعنده أيضًا: «لا يفقه القرآن من قرأه في أقلَّ من ثلاث»)، انتهى.

(1/9186)

[حديث: في كم تقرأ القرآن]

5053# قوله: (حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): قال الدِّمْياطيُّ: أبو حفص الطلحيُّ الكوفيُّ، يقال له: الضَّخم، مولى آل طلحة، مات سنة خمسَ عشرةَ ومئتين، انفرد به البُخاريُّ عن الخمسة، وليس في شيوخ البُخاريِّ من اسمه سعدٌ سواه، انتهى، و (شيبان) بعده: هو ابن عبد الرَّحمن النَّحْويُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كثير، و (محمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو مولى بني زُهرة، روى عن أبي سلمة وعبَّاد بن أوس، روى عنه يحيى بن أبي كثير، قال الحافظ عبد الغنيِّ: (روى له البُخاريُّ ومسلم)، انتهى، وفي «التذهيب» نحو هذا بإسقاط: (روى له البُخاريُّ ومسلم)، وزاد: (يقال: إنَّه ثوبان)، وقد رقم عليه: (م) فقط، وكذا في «الكاشف»: رقم عليه (م) فقط، وكذا في «الميزان»، قال في «الميزان»: (فيه جهالة، خرَّج له مسلم، عن أبي سلمة، وعنه: يحيى بن أبي كثير)، انتهى، وينبغي أن يرقم عليه (خ م)؛ لهذا الحديث الذي أخرجه البخاريُّ في (فضائل القرآن)

[ج 2 ص 393]

في مكانين، وصرَّح في الآخِرِ منهما أنَّه مولى بني زُهرة، كما سيأتي بُعَيد هذا فيما يليه، والله أعلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل.

(1/9187)

[حديث: اقرإ القرآن في شهر]

5054# قوله: (ح) [1]: تَقَدَّم الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا، وسأعيده في أواخر هذا التعليق.

قوله: (وَحَدَّثَنِي [2] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البُخاري_ في «الصلاة» و «فضائل القرآن»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبيد الله بن موسى»، لم أجده منسوبًا لأحد من رواة الكتاب، وذكر أبو نصر أنَّ إسحاق الحنظليَّ يروي عن عبيد الله بن موسى في «الجامع»)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (شَيْبَان): تَقَدَّم قريبًا، و (محمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ): تَقَدَّم قريبًا أيضًا، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ).

قوله: (قَالَ: وَأَحْسِبُنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ): كذا في أصلنا وأصلٍ آخرَ، وما أحسنَ ما قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (قال يحيى: وأحسبُني قد سمعت أبا سلمة) انتهى، وهذا أصرح في المقصود والمراد، ومعنى (أحسبُني): أظنُّني، والله أعلم.

(1/9188)

[باب البكاء عند قراءة القرآن]

(1/9189)

[حديث: إني أشتهي أن أسمعه من غيري]

5055# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): هو صدقة بن الفضل المروزيُّ، أبو الفضل، و (يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان، الحافظ، و (سُفْيَان): هو الثوريُّ، و (سُلَيْمَان): هو ابن مِهران الأعمش، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): بفتح العين، وكسر الموحَّدة، ابن عمرو السَّلْمانيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّموا كلُّهم.

قوله: (قَالَ يَحْيَى: بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (قال الأعمش: وبعضُ الحديث حدَّثني عمرو بن مرَّة، عن إبراهيم، عن [1] أبيه، عن أبي الضُّحى، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وهذه أصرح في المقصود وأوضح، وسيأتي قريبًا أوضح منها، وما أحسنَ ما قاله المِزِّيُّ وأوضحَ في «أطرافه»، وزاد: (قال الأعمش: وبعض الحديث حدَّثني عمرو بن مرَّة، عن إبراهيم، وعن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله) انتهى، وقد وضَّحه الدِّمْياطيُّ فقال: (قوله: «وعن أبيه»: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ، رواه عن أبيه سعيد، عن [أبي] الضُّحى مسلم بن صُبيح، ولم يدرك أبو الضُّحى ابنَ مسعود، وقد روى عن مسروق، عن ابن مسعود)، انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ في ترجمة مسلم بن صُبيح عن ابن مسعود في «أطرافه»: (ولم يدركه)، والله أعلم، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين، فقال: (قوله: «وعن أبيه عن أبي الضُّحى»: الضمير يعود على سفيان؛ وهو الثوريُّ؛ لأنَّه روى هذا الحديث عن الأعمش بإسنادَي الأعمش، ورواه أيضًا عن أبيه؛ وهو سعيد بن مسروق بإسناد آخرَ)، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى): (يحيى): هذا هو القطَّان، كما تَقَدَّم أعلاه، و (سُفْيَان): هو الثوريُّ، تَقَدَّم أعلاه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهران، تَقَدَّم أعلاه، و (إِبْرَاهِيم)، و (عَبِيدَة)؛ بفتح العين، و (عَبْد اللهِ): تَقَدَّموا أعلاه.

قوله: (قَالَ الأَعْمَشُ: وَبَعْضُ الْحَدِيثِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أعلاه الكلام عليه؛ فانظره، والله أعلم.

قوله: (تَذْرِفَانِ): تَقَدَّم معناه.

==========

[1] في هامش (أ): (في نسخة: وعن).

[ج 2 ص 394]

(1/9190)

[حديث: إني أحب أن أسمعه من غيري.]

5056# قوله: (حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ): هو قيس بن حفص بن القعقاع، أبو محمَّد، الدارميُّ مولاهم، البصريُّ، انفرد به البُخاريُّ عن الخمسة، وقال: مات سنة (229 هـ)، وليس في شيوخ البُخاريِّ ثُمَّةَ السِّتَّةِ من اسمه قيسٌ غيره، وقد وثَّقه ابن معين، وقال أبو حاتم: شيخ، وقد أخرج عنه أبو داود في (فضائل الأنصار)، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد، تَقَدَّم، وأنَّ الشيخين اجتنبا ما يُنكَر عليه، و (الأَعْمَشُ): سليمان، و (إِبْرَاهِيم): هو النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة السَّلْمَانِي): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّ السَّلْمانيَّ بفتح السين، وإسكان اللَّام [1]، تَقَدَّم الكلُّ أعلاه.

(1/9191)

[باب من رايا بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به]

قوله: (بابُ مَنْ رَايَا بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ تَأَكَّلَ بِهِ): (المراءاة): معروفة، وروي: (راءى)؛ ومعنى (تأكَّل): أي: أكل به عامدًا ذلك ومتحرِّيَه، ومادَّة (تفعَّل) تقتضي التَّكسُّب إلَّا أفعالًا ندرت فمعناها الطَّرحُ، وقد قدَّمتُها في أوَّل هذا التعليق في قوله: (والتحنُّث: التعبُّد)، وقد روى أبو عبيد من حديث أبي سعيد الخدريِّ مرفوعًا: «تعلَّموا القرآن واسألوا الله به قبل أن يتعلَّمه قومٌ يسألون به الدنيا، فإنَّ القرآن يتعلَّمه ثلاثةُ نفرٍ: رجلٌ يباهي به، ورجلٌ يستأكل به، ورجلٌ يقرأ لله»، وذكر أيضًا عن زاذان قال: «من قرأ القرآن ليستأكل به الناس؛ جاء يوم القيامة ووجهه عظمٌ ليس عليه لحم»، وقال ابن مسعود: (سيجيء على الناس زمان يُسأل فيه بالقرآن، فإذا سألوكم؛ فلا تعطوهم)، قاله شيخنا، انتهى.

وقد روى أحمد في «المسند» بإسناده: أنَّ معاوية كتب إلى عبد الرَّحمن بن شِبْل: أنْ علِّمِ الناس ما سمعتَ من رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فجمعهم فقال: إنِّي سمعت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يقول: «تعلَّموا القرآن، فإذا علِمْتموه؛ فلا تغلوا فيه، ولا تحفوا عنه، ولا تأكَّلوا به، ولا تستكثرونه»، وقد روى أبو يعلى الموصليُّ في «مسنده» من حديث عبد الرَّحمن بن شِبْل: أنَّه سمع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يقول: «اقرؤوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تحفوا عنه، ولا تأكَّلوا به، ولا تستكثروا به»، وقد تَقَدَّم هذا من «المسند» إلَّا أنَّ هذا أسقط: (ابن مسعود) وقال: (سمعت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وهو صَحابيٌّ رضي الله عنه، وقد روى الحاكم في «المستدرك» في تفسير (سورة مريم) من جملة حديثٍ عن أبي سعيد: «ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن، ومنافق، وفاجر»، فقلت للوليد _يعني: ابن بشير بن أبي عمرو الخولانيَّ سأل الوليدَ_: ما هؤلاء؟ فقال: المنافق كافر، والفاجر يتأكَّل به، والمؤمن يؤمن به، صحيحٌ.

قوله: (أَوْ فَخَرَ بِهِ): كذا في أصلنا بالخاء المعجمة بالقلم، وفي طرَّة أصلنا: (فجر)؛ بالجيم، وعليها علامة نسخة الدِّمْياطيِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (فجر)؛ بالجيم مجوَّد بالقلم، ليس غير، وكذا رأيتهما في غير أصلنا القاهريِّ، ونقَلَهما شيخنا في «شرحه» روايتين، انتهى، ولم يذكره ابن قُرقُول بالكُليَّة.

(1/9192)

[حديث: يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام .. ]

5057# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثاء المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، فيما يظهر، وذلك أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر الثوريَّ فيمن أخذ عنه محمَّد بن كثير، ولم يذكر ابنَ عيينة، والذهبيُّ في «التذهيب» أطلق قال: (روى عن سفيان)، فحملت المطلق على المقيَّد، وقد قدَّمتُ مثله، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، و (خَيْثَمَةُ): هو ابن عبد الرَّحمن، و (سُوَيْدُ بْن غَفَلَةَ): بفتح الغين المعجمة والفاء واللام، وتاء التأنيث، وقد صحَّفه عبد القدَّوس الشاميُّ _كما ذكره مسلم عنه في «مقدمة مسلم» _ بـ (عقلة)، ثُمَّ اختلف الرواةُ في تصحيف عبد القدُّوس؛ فقال الأكثر: (عَقَلة)؛ بعين مهملة وقاف مفتوحتين، وعند ابن أبي جعفر: (عَفَلة)؛ بالعين المهملة والفاء، أبو أُمَيَّة الجعفيُّ، وُلِد عام الفيل، وقدم المدينة حين دَفَنوا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وسمع أبا بكر، وعليًّا، وعدَّة، وعنه: سَلمة بن كُهيل وعبْدة بن أبي لبابة، ثِقةٌ إمام، زاهد قوَّام، تُوُفِّيَ سنة (81 هـ)، روى له الجماعة.

قوله: (سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ): يعني: صغيري العقول، وقد تَقَدَّم.

[ج 2 ص 394]

قوله: (مِنَ الرَّمِيَّةِ): هي بفتح الراء، وكسر الميم، وتشديد الياء المثنَّاة تحت، وهي الصيد الذي ترميه، فتقصده، وتنفذ فيها سهمك، وقيل: كلُّ دابَّة مرميَّة، و (الحَنَاجِر): جمع (حنجرة)، وهي رأس الغلصمة حيث تراه ناتئًا من خارج الحلق؛ ومعناه: لا ينتفعون به، وقيل: لا يعملون به.

(1/9193)

[حديث: يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم]

5058# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، و (أَبُو سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عوف، وهو أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (فِي الْقِدْحِ): هو بكسر القاف، وسكون الدال وبالحاء المهملتين: عود السهم إذا قوي واستوى قبل أن يُنْصل ويُرَاش، فإذا رُكِّب فيه النصل والريش؛ فهو سهم، وقيل: القدح: عود السهم نفسه.

قوله: (وَيُتَمَارَى [1]): هو بضمِّ أوَّله، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ، و (الِمراء): الجِدال.

قوله: (فِي الْفُوقِ): هو بضمِّ الفاء، وإسكان الواو، وبالقاف، وهو موضع الوَتَر من السَّهم، وهو الكاز، وقد يعبَّر به عن السهم نفسِه.

(1/9194)

[حديث: المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة، طعمها طيب .. ]

5059# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

قوله: (كَالأُتْرُجَّةِ): تَقَدَّم الكلام عليها بما فيها من اللُّغات في (سورة يوسف)، وسأذكر في آخر الكتاب _إن شاء الله تعالى_ وجهَ تشبيهِ المؤمنِ بها.

قوله: (وَرِيحُهَا مُرٌّ): يعني: الحنظلة، هذا مشكل، وما تَقَدَّم من أنَّ طعمها مرٌّ ولا ريح لها ظاهرٌ، وقد يقال: إنَّ ريحها لمَّا كان كريهًا؛ استعار للكراهة لفظ المرارة؛ لما بينهما من الكراهة المشتركة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 395]

(1/9195)

[باب اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم]

(1/9196)

[حديث: اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم فإذا ... ]

5060# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل، وأنَّ لقب محمَّد عارم، وتَقَدَّم ما العارم، و (حَمَّادٌ) بعده: هو ابن زيد، و (أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ): اسمه عبد الملك بن حبيب، و (الجَوْنِيُّ): بفتح الجيم، وإسكان الواو، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ ياء النسب؛ لأنَّه من ولد الجون بن عوف بن جَذِيمة بن مالك بن الأزد، ترجمته معروفة، و (جُنْدبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الدال المهملة وفتحها.

قوله: (اقْرَؤُا الْقُرْآنَ ... ) إلى آخره: فيه الحثُّ على الألفة، والتَّحذير من الفرقة في الدِّين، فكأنَّه قال عَلَيهِ السَّلام: اقرأوا القرآن والزموا الائتلاف على ما دلَّ عليه وقاد إليه، فإذا اختلفتم؛ فقوموا عنه؛ أي: فإذا عَرَض عارض موجب للاختلاف؛ فقوموا عن الاختلاف وعمَّا أدى إليه، لا أنَّه أمرهم بترك قراءة القرآن باختلاف القراءات التي أباحها لهم؛ لأنَّه قال لابن مسعود وللرجل الذي أنكر عليه مخالفته له في القراءة: «كلاكما مُحسِن»، فدلَّ أنَّه لم ينهه عَلَيهِ السَّلام عمَّا جعله فيه مُحسِنًا، وإنَّما نهاه عن الاختلاف المؤدِّي إلى الهلاك بالفرقة في الدِّين، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 395]

(1/9197)

[حديث: اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا .. ]

5061# قوله: (حَدَّثَنِي [1] عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس الحافظ، أحد الأعلام، و (سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ): بتشديد اللَّام، معروف، و (أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنيُّ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (جُنْدب).

قوله: (تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ): الضمير في (تابعه): يعود على سلَّام بن أبي مطيع، و (الحارث بن عبيد): هو أبو قدامة الإياديُّ البصريُّ، عن أبي عمران الجونيِّ وعدَّة، وعنه: يحيى بن يحيى ومُسدَّد، ليس بالقويِّ، وضعَّفه ابن معين، علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، له ترجمة في «الميزان».

تنبيهٌ: هذا هو غير الحارث بن عبيد التميميِّ، عن يزيد الرُّقاشيِّ، وعنه: الوليد بن صالح النَّحَّاس.

ومتابعة الحارث بن عبيد أخرجها مسلم في (القدر)، عن يحيى بن يحيى، عن أبي قدامة الحارث بن عبيد، عن أبي عمران به، ومتابعة سعيد بن زيد لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، و (سعيد بن زيد) هذا: هو أبو الحسن، أخو حمَّاد بن زيد، ليس بالقويِّ، قاله جماعة، ووثَّقه ابن معين، تُوُفِّيَ سنة (167 هـ) قبل أخيه حمَّاد، له ترجمة في «الميزان»، روى له مسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ، والله أعلم، و (أبو عمران): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الجونيُّ، وقدَّمتُ اسمه واسم أبيه.

قوله: (وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبَانُ): أمَّا (حمَّاد بن سلمة)؛ فهو مشهور، وهو أحد الأعلام، له في «مسلم» والأربعة، وقد علَّق له البُخاريُّ، وأمَّا (أبان): فقد تَقَدَّم أنَّ الصحيح صرفه، وهو ابن يزيد العطَّار، البصريُّ، أحد الأثبات المشاهير، عن الحسن، وأبي عمران الجونيِّ، ويحيى بن أبي كثير، وطائفةٍ من التابعين، وعنه: ابن المبارك، ومسلم بن إبراهيم، وهدبة بن خالد، وآخرون، قال أحمد ابن حنبل: ثبتٌ في كلِّ المشايخ، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: ثِقةٌ، انتهى، تُوُفِّيَ سنة بضع وستِّين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/9198)

قوله: (وَقَالَ غُنْدرٌ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم ضبطه غيرَ مرَّةٍ، وما قاله غندر لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، وقال شيخنا: وقول غندر أخرجه الإسماعيليُّ عن ابن عبد الكريم: حدَّثنا بندار: حدَّثنا شعبة به، و (شُعْبَة): كبيرٌ مشهورٌ، و (أَبُو عِمْرَانَ): تَقَدَّم، و (جُنْدب): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الله، ولُغَتَاه.

قوله: (قَوْلَهُ): هو بالنصب؛ أي: من قوله، ويعني بهذا: أنَّه موقوفٌ عليه.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أمير مصر، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيء، قال المِزِّيُّ: قال أبو بكر بن أبي داود: لم يخطئ ابنُ عون في حديث قطُّ إلَّا في هذا، والصواب: عن جندب، وقال هو: عن عبد الله بن الصامت، انتهى، و (أَبُو عِمْرَانَ): تَقَدَّم أعلاه، و (عَبْدُ اللهِ بْن الصَّامِتِ): يروي عن عمِّه أبي ذرٍّ الغفاريِّ وعمر، وعنه: أبو عمران الجونيُّ، وحميد بن هلال، ثِقةٌ، قال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلم والأربعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وما قاله ابن عون أخرجه النَّسائيُّ، عن محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الله بن عون به.

قوله: (عَنْ عُمَرَ قَوْلَه): (عُمَر) هذا: هو ابن الخَطَّاب، أحد العشرة، الخليفة الفاروق، مشهور جدًّا، وقوله: (قَوْلَهُ): تَقَدَّم أنَّه بالنصب، وأنَّ معناه: من قوله؛ يعني: أنَّه موقوفٌ عليه.

قوله: (وَجُنْدبٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ): (أكثر): بالثاء المثلَّثة.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).

[ج 2 ص 395]

(1/9199)

[حديث: كلاكما محسن، فاقرآ]

5062# قوله: (عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ): (النَّزَّال): بفتح النون، وتشديد الزاي، وفي آخره لامٌ، و (سَبْرَة): بإسكان الموحَّدة، و (عَبْدُ اللهِ) هذا: هو ابن مسعود.

قوله: (أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (أَكْبَرُ عِلْمِي): هو بالموحَّدة من (أكبر).

(1/9200)

((67)) (كِتَابُ النِّكَاحِ) ... إلى (بَاب لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ)

فائدةٌ: (النِّكاح): جُمِعت أسماؤه فبلغت ألفًا وأربعين اسمًا، جمعها أبو القاسم اللُّغويُّ، قاله شيخنا في بعض شروح الفقه.

(1/9201)

[الترغيب في النكاح]

(1/9202)

[حديث: أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله ... ]

5063# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بنِ محمَّد، المصريُّ، الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (محمَّد بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو محمَّد بن جعفر بن أبي كثير المدنيُّ، و (حُمَيْد): قال في الأصل: حميد بن أبي حميد الطَّويل، وهو ابن تير، وقيل: تيرويه، أبو عبيدة البصريُّ، تَقَدَّم مِرارًا.

[ج 2 ص 395]

قوله: (جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ): هؤلاء الثَّلاثة الذين جاؤوا لا أعرفهم، وقد قرأ عليَّ بعضُ طلبة الكرد في «المصابيح» فقال لي: إنَّه عيَّنهم فلانٌ، فذكر شخصًا مِن الأعاجم له تعليق على «المصابيح» لا أستحضره الآن، فما ألقيت لكلامه بالًا، وكأنِّي ذلك الوقت ظننت أنَّه قال ذلك تكهُّنًا؛ لأنَّه ليس ذلك من شأنه، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت تعيينهم على حاشية نسخةٍ من «المصابيح»، فقال: (الأوَّل: عليُّ بن أبي طالب، والثاني: عثمان بن مظعون، والثالث: عبد الله بن رواحة)، انتهى، وهذا يحتاج إلى نقل، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: هم ابن مسعود، وأبو هريرة، وعثمان بن مظعون، وقيل: هم سعد بن أبي وقَّاص، وعثمان بن مظعون، وعليُّ بن أبي طالب، وفي «مُصنَّف عبد الرَّزَّاق» من طريق سعيد بن المُسَيّب: (أنَّ منهم عليًّا وعبد الله بن عمرو بن العاصي)، انتهى، و (الرَّهْط): تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا): هو بتشديد اللَّام المضمومة؛ أي: استقلُّوها، وهو (تَفاعُلٌ)، من القِلَّة.

قوله: (أَمَّا أَنَا): (أمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَمَا وَاللهِ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.

قوله: (فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي؛ فَلَيْسَ مِنِّي): معناه: مَن تركها إعراضًا عنها غير مُعتَقِد لها على ما هي عليه، أمَّا مَن ترك النِّكاح على الصِّفة التي تُستحَبُّ، أو ترك النَّوم على الفراش؛ لعجزه عنه، أو لاشتغاله بعبادةٍ مأذونٍ فيها، أو نحو ذلك؛ فلا يتناولُه هذا الذَّمُّ، والله أعلم.

(1/9203)

[حديث عروة: أنه سأل عائشة عن قوله تعالى: {وإن خفتم أن تقسطوا .. }]

5064# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هذا هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، و (الزُّهْرِي): هو ابن شهاب، محمَّد بن مسلم، العالم المشهور.

قوله: (يَا بْنَ أُخْتِي): هو ابن أختها أسماءَ بنت أبي بكر الصِّدِّيق، وهي أختها لأبيها، وقد تَقَدَّم الكلام على أمِّ أسماء غيرَ مرَّةٍ، وتَقَدَّمتْ أسماء أيضًا، و (عُرْوَة): هو ابن الزُّبَير بن العَوَّام، وهذا لا يَحتاج إليه مُحدِّثٌ؛ لأنَّه كالبديهيِّ عندهم، إلَّا أنَّ هذا الكتابَ وضعتُه للمبتدئين، والله أعلم.

قوله: (فِي حَجْرِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء وتُكسَر، وهذا معروف.

قوله: (فَنُهُوا): هو بضمِّ النُّون، مَبْنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/9204)

[باب قول النبي: من استطاع منكم الباءة فليتزوج]

قوله: (مَنِ اسْتَطَاعَ منكم الْبَاءَةَ؛ فَلْيَتَزَوَّجْ): (الباءة): فيها أربع لغات؛ الفصيحة المشهورة: (الباءة)؛ بالمدِّ، والثَّانية: بلا مدٍّ، والثَّالثة: (الباء)؛ بالمدِّ بلا هاءٍ، والرَّابعة: (الباهةُ)؛ بهاءَين بلا مدٍّ، وأصلها في اللُّغة: الجماع، واختُلِف في المراد بـ (الباءة) هنا على قولين يرجعان إلى معنًى واحدٍ؛ أصحُّهُما: أنَّ المرادَ: معناها اللُّغويُّ، وهو الجماع؛ فتقديره: مَن استطاع منكم الجماع بقدرته على مُؤَنِه _وهي مُؤَنُ النِّكاح_؛ فليتزوَّج، ومَن لم يستطعِ الجماع؛ لعجزه عن مؤنه؛ فعليه بالصَّوم، والقول الثاني: المراد هنا بـ (الباءة): مُؤن النِّكاح، وسُمِّيت باسم ما يلازمها، وتقديره: مَن استطاع منكم مُؤنَ النِّكاح؛ فليتزوَّج، ومن لم يستطع؛ فعليه بالصَّوم، والله أعلم، وهذا القول هو ظاهرُ تبويبِ البُخاريِّ؛ لأنَّه قال فيما يأتي قريبًا: (باب مَن لم يستطعِ الباءةَ؛ فليصُم)، والله أعلم.

قوله: (مَنْ لَا أَرَبَ لَهُ): (الأرب): بفتح الهمزة والرَّاء؛ الحاجة.

==========

[ج 2 ص 396]

(1/9205)

[حديث: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج]

5065# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غياث، وتَقَدَّم ضبط غياث غيرَ مرَّةٍ، وتَقَدَّم (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، و (عَبْد اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن مسعود بن غافل.

قوله: (فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ): هذا هو ابن عفَّان الخليفة، أحد العشرة، الشَّهيد رضي الله عنه، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ في الصَّحابة مَن اسمه عثمان ثلاثةٌ وعشرون نفرًا، لكن منهم مَن الصَّحيح أنَّه تابعيٌّ أربعة، وفيهم واحدٌ غلطٌ، والله أعلم، وقد تَقَدَّم ذلك قريبًا.

قوله: (أَمَا لَئِنْ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ): (المعشر): هم الطَّائفة الذين يشملهم وصفٌ، و (الشباب): معشر، و (الشيوخ): معشر، و (النِّساء): معشر، وكذا ما أشبهه، و (الشَّباب): جمع (شابٍّ)، وهو من بلغ الحلم، ولم يجاوز ثلاثين سَنةً، وفي «المُهذَّب» و «التهذيب»: أنَّ الشيوخ من جاوز أربعين سَنةً، والفتيان والشباب مَن جاوز البلوغ إلى الثَّلاثين، والمفهوم: أنَّ الكهول من الثلاثين إلى الأربعين، ونقل الأستاذ أبو إسحاق الإسفراينيُّ عن الأصحاب أنَّهم قالوا: إنَّ الرجوع في ذلك إلى اللُّغة، واعتبار لون الشعر في السَّواد والبياض والاختلاط، ويختلف في ذلك باختلاف أمزجة النَّاس، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «زوائد الرَّوضة»: وهذا المنقول عن «المُهذَّب» و «التَّهذيب»، قاله أيضًا آخرون، وهو الأصحُّ المختار، وصرَّح الرُّويانيُّ وغيره: مَن جاوز الثَّلاثين إلى الأربعين، وكذا قال أهل اللُّغة أنَّه من جاوز الثَّلاثين، لكن قال ابن قتيبة: أنَّه يبقى حتَّى يبلغ خمسين سَنةً، انتهى، والله أعلم.

قوله: (الْبَاءَةَ): تَقَدَّم الكلام عليها أعلاه.

قوله: (فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ): هذا إغراءٌ لغائب، وهو غير جائز عند جمهور النُّحاة، وقيل: ليس إغراءٌ لغائبٍ؛ لأنَّ الهاء في (عليه) لمَن خصَّه مِن الحاضرين بعدم الاستطاعة؛ لتعذُّر خطابه بكاف الخطاب، والله أعلم.

(1/9206)

قوله: (فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ): هو بكسر الواو وبالجيم، ممدودُ الآخر؛ وهو رضُّ الخصيتين، وقيل: غمز عروقهما، والخصاء: شقُّ الخصية واستخراجها، والجبُّ: قطع ذلك من أصله؛ والمراد هنا: أنَّ الصوم يقطع الشهوة ويقطع شرَّ المني كما يفعله الوجاء، والله أعلم، انتهى، وقال بعضهم: ورواه بعضهم بفتح الواو والقصر، كذا قال، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 396]

(1/9207)

[باب: من لم يستطع الباءة فليصم]

(1/9208)

[حديث: يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج]

5066# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (غياثًا) بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مُخفَّفة، وفي آخره ثاءٌ مثلَّثةٌ، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (عُمَارَةُ) بعده: بضمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو عمارة بن عمير الكوفيُّ، ثِقةٌ مشهور، تَقَدَّم.

قوله: (شَبَابًا): تَقَدَّم مَن (الشابُّ) أعلاه، وكذا (البَاءَة).

قوله: (فَعَلَيْهِ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه، وكذا (الوِجَاء).

==========

[ج 2 ص 396]

(1/9209)

[باب كثرة النساء]

(1/9210)

[حديث: حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة بسرف ... ]

5067# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ ابن جُرَيج عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج أحد الأعلام، وتَقَدَّم مُترجَمًا، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح.

قوله: (جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ): هذه هي أمُّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بُحَير بن الهُزَم، وهي خالة ابن عبَّاس، وهي أخت لبابةَ الكبرى أمِّ بني العبَّاس، ولبابة الصُّغرى: أمُّ خالد بن الوليد، تزوَّج عَلَيهِ السَّلام ميمونة في شوَّال سنة سبع، وفيها اعتمر عمرة القضيَّة في ذي القعدة، وقيل: تزوَّجها سنة ستٍّ، وقد اختلفتِ الرِّواية: هل تزوَّجها وهو حلال أو مُحرِم؟ وقد سبق ذلك في (الحجِّ)، وأنَّ الصَّحيح: أنَّه كان حلالًا، وتُوُفِّيَت بسرف سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة اثنتين وخمسين، وقيل: سنة ثلاث وستِّين، وقيل: سنة ستٍّ وستِّين، وهذه الأقوال الثَّلاثة ضعيفةٌ، وقال بعضهم: شاذَّة باطلة، ترجمة ميمونة معروفةٌ، فلا نُطوِّل بها رضي الله عنها.

[ج 2 ص 396]

قوله: (بِسَرِفَ): تَقَدَّم ضبطُها، وكم هي على ميلٍ مِن مَكَّة.

قوله: (وَلَا يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ): قد يتوَّهم الشَّخص مِن هذا أنَّ التي لا يقسم لها ميمونة وليس كذلك، وإنَّما التي كان لا يقسم لها سودة بنت زمعة، كانت وهبت يومها لعائشة، وهذا معروفٌ عند أهله.

تنبيهٌ: قال ابن القيِّم: قال عطاء: التي لا يقسم لها صفيَّةُ، وهو مِن وَهَم ابن جُرَيج عليه، كما قاله الحُفَّاظ، انتهى، و (يَقسِم): بفتح أوَّله، وكسر ثالثه، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ، وكذا المكان الثَّاني.

(1/9211)

[حديث: أن النبي كان يطوف على نسائه في ليلة واحدة]

5068# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي عروبة، وقد تَقَدَّم أنَّ شيخنا في «القاموس» قال: وابن أبي العروبة؛ باللَّام، وتركها لحنٌ أو قليلٌ، وتَقَدَّم أيضًا أنَّ مَن يقال له: سعيد، ويروي عن قتادة عن أنس في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها؛ هذا ابن أبي عَروبة، وسعيد بن بَشِير، وسعيد بن أبي هلال، والله أعلم.

قوله: (كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ... ) إلى قوله: (وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ): (التِّسع) اللَّاتي تُوُفِّيَ عنهنَّ معروفاتٌ، وقد قدَّمتُهنَّ، فلا نُطوِّل بهنَّ، وحمل هذا الشَّافعيَّة على رضاهنَّ، وعندهم القَسْمُ عليه عَلَيهِ السَّلام كان واجبًا على الأصحِّ، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو خليفة بن خيَّاط شَبابٌ العُصفريُّ الحافظ، وهو شيخه، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ أنَّه كـ (حدَّثني)، والله أعلم، و (سَعِيدٌ): هو ابن أبي عروبة، تَقَدَّم أعلاه، وإنَّما أتى بهذه الطَّريق؛ لأنَّ قتادة مُدَلِّس، وقد عنعن في السَّند الأوَّل، وفي هذا تصريح بالتحديث من أنسٍ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 397]

(1/9212)

[حديث: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟]

5069# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الأَنْصَارِيُّ): قال الدِّمْياطيُّ: (عليُّ بن الحكم الأنصاريُّ المروزيُّ المُلْجُكانيُّ، من بعض قرى مرو، روى عنه: البُخاريُّ، وقال: مات سنة ستٍّ وعشرين ومئتين، وروى النَّسائيُّ عن رجل عنه)، انتهى، هو عليُّ بن الحكم بن ظبيان الأنصاريُّ المروزيُّ المُؤذِّن عن مبارك بن فضالة، وأبي عوانة، وجرير بن حازم، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ، وأحمد بن سيَّار، وطائفة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وقال هو والبُخاريُّ: تُوُفِّيَ كما سبق، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (رَقَبَة): قال الدِّمْياطيُّ: (رقبة بن مصقلة العبديُّ الكوفيُّ، أبو عبد الله، اتَّفقا عليه عن طلحة بن مُصرِّف)، انتهى، و (طَلْحَة الْيَامِي): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (الإيامي)، قال ابن قُرقُول: (وزُبَيد _بياء واحدة_ الأيامي، وطلحة الإيامي؛ بالكسر لكافَّة الرُّواة، وقد فتحها قوم، وهو كلُّه وَهَم، وضبطه الأصيليُّ مَرَّة، والطَّبريُّ، وأبو ذرٍّ، والنَّسفيُّ، والعذريُّ: اليامي؛ من غير همز، وهو أصوب، وكذا ضبطه خليفة بن خيَّاط وغيره من أهل الضبط، ويام: بطن من هَمْدان)، انتهى.

قوله: (فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً): أراد النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لأنَّه الذي يجب علينا الاقتداءُ به واتِّباع سنَّته، وقد كان أكثرَ أمَّته نساءً؛ لأنَّه أُحِلَّ له منهنَّ تسعٌ، فأكثر بالنِّكاح، ولم يُحلَّ لأمَّته أكثرُ مِن أربع، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 397]

(1/9213)

[باب: من هاجر أو عمل خيرًا لتزويج امرأة فله ما نوى]

(1/9214)

[حديث: العمل بالنية وإنما لامرئ ما نوى]

5070# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّم أنَّ (قزعة) بفتح الزَّاي، وإسكانها، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ) بعده: هو يحيى بن سعيد الأنصاريُّ.

قوله: (أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا): تَقَدَّم الكلام على هذه (المرأة) في أوَّل هذا التعليق، وما سمَّاها به ابن دحية مِن أنَّها قِيْلة.

==========

[ج 2 ص 397]

(1/9215)

[باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام]

قوله: (بَابُ تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ الَّذِي مَعَهُ الْقُرْآنُ وَالإِسْلَامُ): ساق ابن الُمنَيِّر حديث سهل: «جاءت امرأة ... »؛ الحديث _وكأنَّه وقع كذلك في روايته، والذي وقع في أصلنا القاهريِّ أشار إليه بقوله: (فيه سهل عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم) _ ثُمَّ ذكر حديث ابن مسعود: (كنَّا نغزو ... ) إلى آخره، ثُمَّ قال: (مطابقة التَّرجمة لحديث ابن مسعود: نهاهم عن الاستخصاء، ووَكَلَهُم إلى النِّكاح، ولو كان المُعْسِر لا يَنكح، وهو ممنوعٌ من الاستخصاء؛ لَكُلِّف شططًا لا يُطاق، والله أعلم)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 397]

(1/9216)

[حديث: يا رسول الله ألا نستخصي فنهانا عن ذلك]

5071# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو القطَّان، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حازم.

قوله: (أَلَا نَسْتَخْصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ): ومعنى: (نستخصي): نخصي أنفسنا؛ لنستغني عن النِّساء، والاسم: الخِصاء، وهو سلُّ الأنثيَين وإخراجُهما، وقال الكسائيُّ: (الخصيتان) _بالتَّاء_: البيضتان، و (الخصييان): الجلدتان عليهما، قاله ابن قُرقُول، انتهى، واعلم أنَّ الاختصاء في الآدميِّ حرامٌ صغيرًا كان أو كبيرًا، قال البغويُّ من الشَّافعيَّة: (وكذا يَحرُم خِصاء كلِّ حيوان لا يُؤكَل، وأمَّا المأكول؛ فإنَّه يجوز خصاؤه في صغره، ويَحرُم في كبره)، انتهى، قال أبو بكر بن المنذر: يَحرُم في الحالين، وإنَّما حُرِّم الخصاء؛ لما فيه من تغيير خلق الله، ولما فيه من قطع النَّسل، وتعذيب الحيوان، وفي «مسند الإمام أحمد ابن حنبل» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عن إِخصاء الخيل والبهائم)، والله أعلم.

(1/9217)

[باب قول الرجل لأخيه: انظر أي زوجتي شئت حتى أنزل لك عنها]

قوله: (أَيَّ زَوْجَتَيَّ): هو بتشديد الياء على التَّثنية، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وستأتي تسمية إحداهما قريبًا.

==========

[ج 2 ص 397]

(1/9218)

[حديث أنس: مهيم يا عبد الرحمن؟]

5072# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (سُفْيَانَ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (حُمَيْد الطَّوِيل): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه ابن تير، ويقال: تيرويه.

قوله: (وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ): تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (وَعِنْدَ الأَنْصَارِيِّ امْرَأَتَانِ): امرأتا الأنصاريِّ لا أعرفهما، كما تَقَدَّم، وقد تَقَدَّم أنَّ بعض حُفَّاظ مِصْرَ الآن قال: هما عمرة بنت حزم بن زيد أخت عمارة وعمرٍو، والأخرى لا أعرف اسمها.

قوله: (مِنْ أَقِطٍ): (الأقط): معروف، لبنٌ مُجفَّفٌ، يابس، مُستَحجِر، يُطبَخ به، وهو بفتح الهمزة، وكسر القاف، وربما سُكِّن في الشعر، وتنقل حركة القاف إلى ما قبلها، وقد تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ): (الوَضَرُ)؛ بفتح الواو، والضاد المعجمة، وبالرَّاء: اللَّطخ من الطِّيب، و (وضرُ الصَّحْفة): لطخُ الدَّسم فيها والسَّمن، وأصله: الوسخ المُتلطِّخ بالإناء، ثُمَّ استُعمِل فيما يشبهه مِن دسم وطيب وغيره.

قوله: (مَهْيَمْ): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل (البيوع).

قوله: (تَزَوَّجْتُ أَنْصَارِيَّةً): تَقَدَّم أنَّ هذه المرأة الأنصاريَّة: قال شيخنا في (البيوع): (هي بنت أبي الحيسر أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل)،

[ج 2 ص 397]

انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام عليها في أوَّل (البيوع)، وقيل في أبيها: بشر بن رافع، قال الزُّبَير: (ولدت له القاسم وأبا عثمان عبدَ الله بن عبد الرَّحمن بن عوف)، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ الآن بعد أن ذكر بنت أبي الحيسر ما لفظه: (وقال ابن سعد في تسمية أولاد عبد الرَّحمن بن عوف: وعبد الله بن عبد الرَّحمن قُتِل بإفريقيَّة، وأمُّه بنت أبي الحسحاس بن رافع بن امرئ القيس من الأوس، ولم يسمِّها أيضًا، وفي زوجات عبد الرَّحمن بن عوف من الأنصار أيضًا: سهلة بنت عاصم بن عديِّ بن عجلان)، انتهى.

قوله: (مَا [1] سُقْتَ): تَقَدَّم، وكذا (وَزْن نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل (البيوع).

(1/9219)

[باب ما يكره من التبتل والخصاء]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّبَتُّلِ): (التَّبتُّل): هو الانقطاع عن النِّساء وترك النكاح، و (امرأة بتول): منقطعة عن الرجال، لا شهوة لها فيهم، وبها سُمِّيت مريمُ البتول أمُّ عيسى صلَّى الله عليهما وسلَّم، وأمَّا فاطمة بنت النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فإنَّما قيل لها: البتول؛ لانقطاعها عن نساء زمانها فَضْلًا، ودِينًا، وحَسَبًا، وقيل: لانقطاعها عن الدُّنيا إلى الله تعالى، وقال النَّوَويُّ عن الطَّبريِّ: (إنَّ التَّبتُّل: هو ترك لذَّات الدُّنيا وشهواتها، والانقطاع إلى الله تعالى، والتَّفرُّغ لعبادته)، انتهى.

قوله: (وَالْخِصَاءِ): هو بكسر الخاء، وتخفيف الصاد، ممدود، وقد تَقَدَّم معناه قريبًا.

==========

[ج 2 ص 398]

(1/9220)

[حديث: رد رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل]

5073# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن الْمُسَيَّبِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ أباه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ): هو أحد العشرة، وهو سعد بن مالك بن أُهَيب، ويقال: وهيب.

قوله: (عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ): تَقَدَّم أنَّه بالظَّاء المعجمة المشالة، وتَقَدَّم بعض ترجمته.

قوله: (التَّبَتُّلَ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.

قوله: (وَلَوْ أَذِنَ لَهُ؛ لَاخْتَصَيْنَا): معناه: لو أذن له في الانقطاع عن النِّساء وغيرهنَّ من ملاذِّ الدُّنيا؛ لاختصينا؛ لدفع شهوة النِّساء؛ ليمكننا التَّبتُّل، وهذا محمول على أنَّهم كانوا يظنَّون جواز الاختصاء باجتهادهم، ولم يكن ظنُّهم هذا موافقًا، أو كان الخصاء جائزًا موافقًا لأصل الإباحة، ثُمَّ حُرِّم، فإنَّ الإخصاء في الآدميِّ حرامٌ صغيرًا كان أو كبيرًا، كما تَقَدَّم قريبًا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 398]

(1/9221)

[حديث: لقد رد ذلك يعني النبي على عثمان]

5074# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ أباه بفتح الياء وكسرها، و (سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه أحد العشرة رضي الله عنهم.

(1/9222)

[حديث: كنا نغزو مع رسول الله وليس لنا شيء]

5075# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأنَّه ابن عبد الحميد، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود، تَقَدَّموا قريبًا.

(1/9223)

[معلق أصبغ: يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق]

5076# قوله: (وَقَالَ أَصْبَغُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ): هذا هو إصبغ بن الفرج مشهور الترجمة، وهو شيخ البُخاريِّ، قال شيخنا: (وأمَّا ما وقع في كتاب «الطُّرقيِّ»: أصبغ بن محمَّد؛ فغير جيِّد؛ لأنَّا لا نعلم في «البُخاريِّ» شيخًا اسمه أصبغ بن محمَّد ولا في باقي السِّتَّة)، انتهى، والذي قاله صحيحٌ، وقد قدَّمتُ مرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، والله أعلم، و (ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحد الأعلام عبد الله بن وهب، و (ابْن شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا، الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (الْعَنَتَ): هو الزِّنى؛ وأصله: المَشقَّة، وقيل: الهلاك، وقيل: الفجور، في تفسير الآية، وهذا راجع على الهلاك في الدِّين، قال ابن قتيبة: أصله: التَّشديد وتكليف المشقَّة، والله أعلم.

قوله: (فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ): (اختصِ): أمرٌ بالخِصاء، وهو بكسر الصَّاد، وهذا غاية في الظهور، إلَّا أنَّ بعض طلبة العجم سألني عن النُّطق به ومعناه، وهذا مثل قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]؛ لأنَّه أمرٌ بعد حظر، فهو في معنى الزَّجر والمنع، وقال ابن الجوزيِّ: ليس بأمر، وإنَّما المعنى: إن فعلت أو لم تفعل؛ فلا بدَّ مِن نفوذ القَدَر.

قوله: (أَوْ ذَرْ): هو بفتح الذَّال المعجمة، وإسكان الرَّاء؛ أي: اترك.

(1/9224)

[باب نكاح الأبكار]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مليكة زهيرٍ، وتَقَدَّم أنَّ زهيرًا صَحَابيٌّ، تَقَدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 2 ص 398]

(1/9225)

[حديث: في الذي لم يرتع منها]

5077# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وتَقَدَّم أنَّ اسم أخيه عبد الحميد بن أبي أويس، وأنَّه ابن أخت مالك أيضًا، وهو أخو إسماعيل لأبيه وأمِّه، وتَقَدَّم بعض ترجمة عبد الحميد، وأنَّه لا عبرة بما قال فيه الأزديُّ، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال.

قوله: (أُكِلَ مِنْهَا): (أُكِل): مَبْنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 398]

(1/9226)

[حديث: أريتك في المنام مرتين إذا رجل يحملك في سرقة حرير]

5078# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ): إن قيل: متى رآها في المنام؟ فالجواب: إنَّ في ترجمتها في «الاستيعاب»: أنَّه رآها مُتوفَّى خديجةَ رضي الله عنهما.

قوله: (مَرَّتَيْنِ): ولفظه في «مسلم»: «ثلاث مرَّات»، وقد ذكرتُ بُعَيد هذا جمعًا؛ فانظره، وقد وقع في (كتاب التَّعبير)، في باب: (ثياب الحرير في المنام) روايةٌ قد يُؤخَذ منها أنَّه رآها ثلاث مرَّات، ولفظها: «رأيتُكِ قبل أن أتزوَّجك مرَّتين؛ رأيت الملك يحملك في سرقة من حرير» ... إلى أن قال: «ثُمَّ رأيتُكِ يحملك في سرقة من حرير»، والله أعلم.

قوله: (إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ): هذا الرَّجل هو الملك، كما في بعض طرقه، وهو جبريل صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، كما في «التِّرْمِذيِّ»، كما سيأتي بُعَيد هذا مَعزوًّا إليه.

قوله: (فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ): (السَّرَقَة): بفتح السِّين المهملة، والرَّاء، والقاف، وبالتَّاء التي للتَّأنيث، قال ابن قُرقُول: (هو الأبيض،

[ج 2 ص 398]

والجمع: سَرَقٌ)، انتهى، وفي «النِّهاية»: (أي: قطعة من جيِّد الحرير، وجمعها: سرق)، انتهى، كذا أطلق الحرير، ولم يخصَّه بالأبيض، كما قال ابن قُرقُول، وفي «الصِّحاح» ما يشهد للقولين، ولفظه: (والسَّرَق: شُقَقُ الحرير)، قال أبو عبيد: (إلَّا أنَّها البيضُ منها، وأنشد العجَّاج ... )؛ فذكر شعرًا، ثُمَّ قال: (الواحد منها: سرقة)، قال: _يعني: أبا عبيد_: (وأصلها بالفارسيَّة: سَرَه؛ أي: جيِّد، فعرَّبوه)، ويشهد للإطلاق ما في «التِّرْمِذيِّ» بسنده عن عائشة رضي الله عنها: (أنَّ حبريل جاء بصورتها في خِرقة حريرٍ خضراءَ إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: هذه زوجتك في الدُّنيا والآخرة)، أخرجه التِّرْمِذيُّ وحسَّنه، أو يقال: إنَّه جاء بها في سرقة حرير مرَّتين، وجاء بصورتها مرَّة أخرى في خرقة حرير خضراء، أو أنَّ (مرَّتين) من باب مفهوم العدد، ولا حجَّة فيه عند الأكثرين، فـ (مرَّتان) داخلةٌ في ثلاث، والله أعلم.

(1/9227)

قوله: (فَأَكْشِفُهَا): هو بقطع الهمزة، مرفوعٌ، فعلٌ مضارع، والهمزة للمتكلِّم، قال ابن المُنَيِّر: (يحتمل أن يكون إنَّما رأى منها ما يجوز للخاطب أن يراه، أو يكون الضَّمير في «فأكشِفُها»، لـ «السَّرَقَة»)، انتهى، والذي يظهر لي أنَّ هذا لا يحتاج إلى جواب بالكليَّة؛ لأنَّ هذا قبل الحجاب بلا خلاف، وأيضًا كانت صغيرةً لا تُشتهى، والله أعلم.

قوله: (إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ يُمْضِهِ): قال القاضي عياض: (إن كانت هذه الرؤيا قبل النُّبوَّة، وقبل تخليصِ أحلامِه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من الأضغاث؛ فمعناها: إن كانت رؤيا حقٍّ)، انتهى، وقد قدَّمتُ قبيله أنَّه رآها مُتوفَّى خديجة، فالرُّؤيا بعد النُّبوَّة بلا خلاف، قال القاضي: (وإن كانت بعد النُّبوَّة؛ فلها ثلاثةُ معانٍ؛ أحدها: أن تكون الرؤيا على وجهها، وظاهرها لا يحتاج إلى تعبير وتفسير، فسيمضيه الله تعالى وينجزه، فالشَّكُّ عائد على أنَّها رؤيا على ظاهرها لم تحتج إلى تعبيرٍ وصرفٍ عن ظاهرها، الثَّاني: أنَّ المراد: إن كانت هذه الزَّوجيَّة في الدُّنيا؛ يُمضِيها الله تعالى، فالشَّكُّ في أنَّها زوجةٌ في الدُّنيا أم في الجنَّة)، انتهى، لكن يردُّ هذا ما رواه ابن حِبَّان في «صحيحه»: (جاء بي جبريلُ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في خرقة حرير، فقال: هذه زوجتك في الدُّنيا والآخرة)، وفي لفظ: (قلت: يا رسول الله؛ مَن أزواجك في الجنَّة؟ قال: أما إنَّك منهنَّ)، انتهى، قال القاضي: (الثَّالث لم يشكَّ، ولكن أخبر على التَّحقيق، وأتى بصورة الشَّكِّ، كما قال: «أأنت أم أمُّ سالم؟» وهو نوعٌ مِن البديع عند أهل البلاغة يسمُّونه تجاهُل العارف، وسمَّاه بعضهم: مزج الشَّكِّ باليقين)، انتهى، وقال الإمام السُّهيليُّ في «روضه» في (غزوة بني المصطلق): (وفي قوله: «إن يكن هذا مِن عند الله؛ يُمضِه» سؤالٌ؛ لأنَّ رؤياه وحيٌ، فكيف يشكُّ أنَّها مِن عند الله؟ والجواب: أنَّه لم يشكَّ في صحَّة الرُّؤيا، ولكنَّ الرُّؤيا قد تكون على ظاهرها، وقد تكون لمَن هو نظيرُ [1] المرء أو سميُّه، فمن ههنا تطرَّق الشَّكُّ ما بين أن تكون على ظاهرها أو لها تأويل، كذلك سمعتُ شيخنا يقول في معنى هذا الحديث، ولغيره فيه قولٌ لا أرضاه)، انتهى، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (هي ونظير)، والمثبت من مصدره.

(1/9228)

[باب الثيبات]

قوله: (بَابُ الثَّيِّبَاتِ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وقال ابن المُنَيِّر: (باب نكاح الثَّيِّب)، ثُمَّ ساق ابن المُنَيذِر ما في الباب مُختَصرًا، ثُمَّ قال: (وجه مطابقة قوله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «لا تعرضن عليَّ بناتِكنَّ» لما ترجمه: أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم خاطب بذلك أزواجه، ونهاهنَّ أن يعرضن عليه ربائبه لحرمتهنَّ [1]، وهذا تحقيقُ أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم تزوَّج الثَّيِّب ذات البنت مِن غيرِه)، انتهى.

قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ): هي رملة بنت أبي سفيان بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، أمُّ المؤمنين، هاجرت إلى الحبشة، فهلك زوجها عبيد الله بن جحش، فزوَّجها النَّجاشيُّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأمُّها صفيَّة بنت أبي العاصي بن أُمَيَّة عمَّةُ عثمان، روى عنها أخواها؛ معاوية وعنبسة، وعروة، تُوُفِّيَت سنة (44 هـ)، أخرج لها الجماعة رضي الله عنها.

قوله: (لَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ): هذا إشارة إلى أمِّ حبيبة، واسم أختها: عزَّة، وقيل غير ذلك، وستأتي، وكونها عزَّة هو في «مسلم»، وإلى بنت أمِّ سلمة درَّة، وهذا محمول على أنَّ أمَّ حبيبة لم تعلم حينئذٍ تحريمَ الجمع بين الأختَين، ولم يعلم مَن تحدَّث أنَّه يريد أن ينكح درَّة بنت أبي سلمة تحريمَ الرَّبيبة، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (ربيبته لحرمهن)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 399]

(1/9229)

[حديث جابر: قفلنا مع النبي من غزوة فتعجلت ... ]

5079# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل عارم، و (هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن بشير، و (الشَّعْبِي): عامر بن شَراحيل؛ بفتح الشين المعجمة من (الشَّعبيِّ) و (شَراحيل).

قوله: (قَفَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةٍ): هذه (الغزوة) تَقَدَّم أنَّها تبوك، وتقدَّم اختلاف الرُّواة في مقدار الثَّمن في (باب: إذا اشترط البائع ظهر الدَّابَّة إلى مكان مُسمًّى؛ جاز)، وتَقَدَّم أنَّ أبا الفتح ابنَ سَيِّد النَّاسِ ذكر قصَّة بيع الجمل في ذات الرقاع، وتَقَدَّم غير ذلك أيضًا مُطوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (قَطُوفٍ): هو بفتح القاف، وضمِّ الطَّاء المهملة المُخفَّفة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ فاء، قال ابن قُرقُول: (وهو متقارب الخطو بسرعة، وهو من عيوب الدَّوابِّ، وقيل: هو البطيء الخطوِ، وهو يرجع إلى معنًى واحدٍ؛ لأنَّ سرعة تقارب خطوه ليست بمُوجِبةٍ لسرعةِ مشيه)، انتهى.

قوله: (بِعَنَزَةٍ): تَقَدَّم الكلام عليها ضبطًا، ومقدارها، ومن أين وصلت للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (مَا يُعْجِلُكَ): هو بضمِّ أوَّله، وإسكان العين، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَبِكْرًا [2] أَمْ ثَيِّبًا؟): هذه المرأة التي تزوَّج بها جابر الثَّيِّب لا أعرف اسمها، إلَّا أنَّها معدودةٌ في الصَّحابيَّات، كما تَقَدَّم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ مِن المُتأخِّرين: هي سُهَيمة بنت مسعود بن أوس بن مالك الأوسيَّة، وهي والدة ابنه عبد الرَّحمن، ذكره ابن سعد، وقد تَقَدَّم عنه بنحوه.

قوله: (أَمْهِلُوا): هو بقطع الهمزة، وكسر الهاء، رُباعيٌّ.

قوله: (الشَّعِثَةُ): هو بكسر العين، يقال: رجلٌ شَعِثٌ، وشعرٌ شَعِثٌ، وأشعث فيهما، وامرأة شَعِثةٌ وشَعْثاءُ، وكلُّه تلبيد الشَّعر المُغبَّر.

قوله: (وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ): (الاستحداد): حلق العانة بالحديد، و (المغيبة): بضمِّ الميم، وكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التَّأنيث،

[ج 2 ص 399]

وهي التي غاب عنها زوجُها، فتركتِ الاستحداد.

(1/9230)

[حديث: ما لك وللعذارى ولعابها؟]

5080# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَارِبٌ): هو بالحاء المُهْمَلة، وبعد الألف راءٌ مكسورةٌ، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وهو اسمُ فاعلٍ، من (حارَبَ)، وهو ابن دِثارٍ، تَقَدَّمَ.

قوله: (ثَيِّبًا): تَقَدَّمَ أنَّ امرأةَ جابرٍ هذه الثَّيِّب لا أعرفُها.

قوله: (وَلِلْعَذَارَى): (العَذارَى): الأبكار مِن النِّساء، وعُذْرَتُهُنَّ: بَكارَتُهُنَّ، وبذلك سُمِّينَ عَذارَى.

قوله: (وَلعَابِهَا): قال ابن قُرقُول: (بالكسر، ورواه أبو الهيثم بالضَّمِّ؛ كأنَّه ذهب إلى اللُّعاب الذي هو الرِّيق؛ يريد: رشْفه وامتصاصه، وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها: «يقبِّلني، ويمصُّ لساني، ثُمَّ يخرج إلى الصَّلاة، وجاء: «هنَّ أعذب أفواهًا»، وأمَّا «تُلاعِبُها»؛ فمِن المُلاعَبة، هذا هو الأظهر فيه)، انتهى، قال القاضي عياض _كما نقله الشيخ مُحيِي الدين النَّوَويُّ_: (إنَّ الرِّواية في «مسلم» بالكسر لا غير؛ يعني: في «لِعابها»، وكذا اقتصر عليه ابن الأثير، ولفظه: «وللعَذارى»، و «لِعابها»؛ بالكسر؛ مثل: اللَّعب، يقال: لعِب يلعَب لَعِبًا، ولِعابًا، فهو لاعبٌ)، انتهى.

قوله: (فذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ): قائل ذلك هو شعبة.

==========

[ج 2 ص 400]

(1/9231)

[باب تزويج الصغار من الكبار]

(1/9232)

[حديث: أنت أخي في دين الله وكتابه وهي لي حلال]

5081# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (يَزِيد) بعده: هو ابن أبي حبيب، تَقَدَّمَ، و (عِرَاك): هو ابن مالك، و (عُرْوَة): هو ابن الزُّبَير بن العَوَّام، وهذا الحديث مُرْسَلٌ هنا، ولعلَّ عروة سمع ذلك من عائشة رضي الله عنها؛ لأنَّها خالته، ولم يقع هذا المُرْسَل مُسنَدًا في الكُتُب السِّتَّة، لكن قال شيخنا: (وأمَّا أبو العَبَّاس الطُّرقيُّ؛ فأخرجه في كتابه مُسنَدًا عنه عن عائشة)، انتهى، ورأيتُ في حاشية نسخةٍ ذَكرَ كاتبُها أنَّها مِن نسخة الصَّغانيِّ، ولفظها: (قال الإسماعيليُّ: ليس في نفس الرواية ما ترجم له الباب، وأمَّا صغرُ عائشة رضي الله عنها عن كِبَر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فمعلومٌ في غير هذا الخبر، وجاء بخبر مُرْسَل، فأدخله في «الصَّحيح»، وذلك يلزمُه أن يُجرى في المراسيل على ذلك)، انتهت.

فائدةٌ: تزوَّج عليه السَّلام عائشةَ رضي الله عنها سنة عشر من النُّبوَّة، وقد ذكرت ذلك مُطَوَّلًا في مكانه، فانظره إن أردتَه.

==========

[ج 2 ص 400]

(1/9233)

[باب: إلى من ينكح؟ وأي النساء خير]

قوله: (إِلَى مَنْ يَنْكِحُ): هو بفتح أوَّله، وكسر [ثالثه]؛ لأنَّه من الثُّلاثيِّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله في التَّبويب أيضًا: (أَنْ يَتَخَيَّرَ لِنُطَفِهِ): هو لفظ حديث أخرجه ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «تخيَّروا لِنُطَفِكُم، وأَنكحوا الأكفاء»؛ الحديث، وفي سنده الحارث بن عمران مُتَّهمٌ، والحديث في ترجمته في «الميزان»، قال ابن حِبَّان: يضع الحديث على الثِّقات.

==========

[ج 2 ص 400]

(1/9234)

[حديث: خير نساء ركبن الإبل صالحو نساء قريش]

5082# [قوله]: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظُ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): بالنُّون، تَقَدَّمَ مِرارًا، عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، تقدَّموا كلُّهم.

==========

[ج 2 ص 400]

(1/9235)

[باب اتخاذ السراري، ومن أعتق جاريته ثم تزوجها]

قوله: (اتِّخَاذ السَّرَارِيِّ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته محذوف الأسانيد، ثُمَّ قال: (وجه مطابقة حديث هاجر للترجمة: أنَّها كانت أمةً مملوكةً، ثُمَّ قد صحَّ أنَّ إبراهيم عليه السَّلام أولدها بعد أن مَلَكَها، فهي سريَّة)، انتهى.

قوله: (السَّرَارِيِّ): يجوز فيها التَّشديدُ والتَّخفيف في الياء، وقد قَدَّمْتُ أنَّ القاعدة: أنَّ المُفرَد؛ إذا كان بالتشديد؛ فلك في جمعه التشديدُ والتَّخفيف؛ كـ (ذُريَّة وذراري، وأثفيَّة وأثافي)، و (السَّريَّة): الجارية تُتَّخَذُ للوطء، وهي من السِّرِّ، وهو النِّكاح.

==========

[ج 2 ص 400]

(1/9236)

[حديث: أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها]

5083# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وأنَّ أصحاب «الصَّحيحَين» تجنَّبا ما يُنكَر عليه.

قوله: (حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيُّ): هو بإسكان الميم، وبالدَّال المُهْمَلة، نسبة إلى القبيلة، وجدُّه اسمه حيٌّ، يروي عن الشعبيِّ وابن الأقمر، وعنه: ابناه الحسن وعليٌّ، وابن المبارك، ثَبْتٌ، وهو الذي يقال له: صالح ابن حيٍّ وصالح ابن حَيَّانَ، قال العِجْليُّ: صالح بن صالح بن حيٍّ ليس بقويٍّ، ووَثَّقَهُ أحمد، وابن معين، والنَّسَائيُّ، وآخرون، وصحَّح عليه الذَّهبيُّ في «ميزانه»، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به.

تنبيهٌ: هذا غير صالح بن حيٍّ القرشيُّ، صاحب بريدة، الكوفيُّ، هذا كوفيٌّ ضعيفٌ، ولا شيء له في الكُتُب السِّتَّة، فاعلمه، والله أعلم، وقد تقدَّم هذا أيضًا، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، و (الشعبيُّ): بفتح الشين المُعْجَمة، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث، أو عامر [1] القاضي، وأبوه: هو أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعريُّ.

قوله: (وَلِيدَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

قوله: (وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ؛ يَعْنِي: بِي)؛ الحديث، قال شيخنا: (قال الداوديُّ: قوله: «من أهل الكتاب»؛ يعني: كان على دين عيسى، قال: فأمَّا اليهود، ومَن كفر مِن النصارى قبله؛ فليسوا مِن ذلك؛ لأنَّه لا يُجازى على الكفر بالخير، واستدلَّ بقوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِين أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ}؛ الآية [القصص: 53 - 54])، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (قَالَ الشَّعْبِيُّ: خُذْهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ): يقول ذلك الشعبيُّ للراوي صالح بن صالح المذكور في السند.

(1/9237)

قوله: (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (أبو بكر) هذا؛ فهو ابن عيَّاش، تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ، و (أبو حَصِين): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء وكسر الصَّاد المُهْمَلتين: عثمان بن عاصم، و (أبو بردة): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا، و (أبوه): أبو موسى تَقَدَّمَ قريبًا معه، قال شيخنا: (وهذا التعليق أسنده الإسماعيليُّ بنحوه)، انتهى، وليس هو في الكُتُب السِّتَّة؛ فاعلمه إلَّا ما هنا.

[ج 2 ص 400]

(1/9238)

[حديث: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات بينما ... ]

5084# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (تَلِيْدًا): بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر اللَّام، ثُمَّ مثناة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، وهذا معروف عند أهله، و (ابْنُ وَهْبٍ) بعده: هو عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التَّعليق، وسأذكره في أواخر هذ التَّعليق أيضًا.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ): هذا هنا موقوفٌ على أبي هريرة، في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم أراجع أصلنا القاهريَّ، وفي بعض النُّسخ مَرْفوعٌ، وقد تَقَدَّمَ مرفوعًا، تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الأنبياء)، في (إبراهيم)، صلَّى الله عليهم وسلَّم.

قوله: (مَرَّ بِجَبَّارٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسم هذا (الجبَّار) وبلده في (باب شراء المملوك من الحربيِّ).

قوله: (فَأَعْطَاهَا هَاجَرَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها مُطَوَّلًا رضي الله عنها، وسيأتي فيه: (آجر)، وهما لغتان.

قوله: (يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في «الأنبياء»، في (مناقب إبراهيم صلَّى الله عليه وسلَّم).

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 401]

(1/9239)

[حديث: أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاثًا]

5085# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ، عنْ أَنَسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حميد الطويل ابن تير، ويقال: تيرويه.

قوله: (يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ): (يُبنى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ، وقال الجوهريُّ: (وبنى على أهله، والعامَّة تقول: بنى بأهله، وهو خطأ)، انتهى، وابن دريد قد حكاه، والله أعلم.

قوله: (بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، أمُّ المؤمنين، ووالدها (حييٌّ) بِضَمِّ الحاء وكسرها، يهوديٌّ، قُتِل في بني قريظة، تَقَدَّمَ، وأنَّها هارونيَّة.

قوله: (بِالأَنْطَاعِ): هو جمع (نِطَع)، وتَقَدَّمَتْ اللُّغات في (النِّطَع)، وأفصحها كسر النُّون وفتح الطاء، وكذا (الأَقِط): ما هو، بلغتيه.

قوله: (وَطَّأَ [1]): هو مهموز الآخر، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (وطَّى)، ويُنظَر هامشها.

[ج 2 ص 401]

(1/9240)

[باب من جعل عتق الأمة صداقها]

قوله: (بَابُ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الأَمَةِ صَدَاقَهَا): تَقَدَّمَ أنَّه اختلف الفقهاء في هذه المسألة؛ فمنهم من جعل ذلك خصوصًا به عليه السَّلام، كما خُصَّ بالموهوبة وبالتِّسع، ومنهم مَن جعل ذلك سنَّةً لمن شاء مِن أُمَّته، وقد قَدَّمْتُ ذلك مُطَوَّلًا، وأنَّ التِّرْمِذيَّ نقله عن الشَّافِعيِّ في «جامعه»، وهذا نصٌ غريبٌ، والمعروف عند أصحابه في كتبهم أنَّه مِن الخصائص، والله أعلم.

تنبيهٌ: روى أبو الشيخ بن حَيَّانَ من حديث شاذ بن فيَّاض: حدَّثنا هاشم بن سعيد: حدَّثنا كنانة عن صفيَّة قالت: «أعتقني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وجعل عتقي صداقي»، وذكر الحربيُّ، وابنُ مندة، وأبو نُعيم، وابن عَبْدِ البَرِّ، وغيرهم: أنَّه عليه السَّلام أصدق صفيَّة جاريةً تُدعى رُزَينة، قاله شيخنا، والحديث الذي ساقه من عند أبي الشيخ مُنكَرٌ ذكره الذَّهَبيُّ في ترجمة هاشم بن سعيد في «ميزانه» عن ابن عديٍّ، انتهى، ولم يكن عندي من مُصنَّفات هؤلاء الذين نقل عنهم ذلك إلَّا «الاستيعابَ»، وقد راجعت ترجمة صفيَّة، وترجمة رُزَينة، فلم أرَ ذلك فيهما، فالله أعلم، ولعلَّ أبا عُمر ذكر ذلك في «التمهيد» أو غيرِه، وقد رأيت في «المعجم الكبير» للطَّبَرانيِّ في (معجم النِّساء) قال الطَّبَرانيُّ: حدَّثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل: حدَّثني عُبيد الله بن عمر القواريريُّ: حدَّثتنا عُليلة بنت الكُميت عن أمِّها أُمينة عن أَمةِ الله بنت رُزَينة عن أمِّها رُزَينة قالت: «لمَّا كان يوم قريظة والنَّضير؛ جاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بصفيَّة بنت حُييٍّ وذراعها في يده، فلمَّا رأتِ السَّبي؛ قالت: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأنَّك رسول الله، فأرسل ذراعها مِن يده، وأعتقها، وخطبها، وتزوَّجها، وأمهرها رُزَينة»، كذا في هذه الرِّواية: (يوم قريظة والنَّضير)، والمعروف غير ذلك، وفي السَّند عُلَيلة وأمُّها لا أعرفهما، وأمَّا أمة الله؛ فذكرها الذَّهَبيُّ في الصَّحابة، فقال: (أمة الله بنت رزينة خادمة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، وقد ذكرها ابن الأثير في «أُسده» أيضًا، وقد راجعتُ «زوائد المعجمَين؛ الصَّغير والأوسط»، فلم أرَ ذلك فيهما، وقد قَدَّمْتُ لك أنِّي رأيتُه في «الكبير»، والله أعلم.

(1/9241)

[حديث: أن رسول الله أعتق صفية وجعل عتقها صداقها]

5086# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد، و (ثَابِت): هو ابن أسلم البُنانيُّ، و (شُعَيْب بْن الْحَبْحَابِ): تَقَدَّمَ أنَّه بحاءَين مهملتين؛ الأولى مفتوحة، وبعدها مُوَحَّدَة ساكنة، وبعد الألف مُوَحَّدَة أخرى.

==========

[ج 2 ص 401]

(1/9242)

[باب تزويج المعسر ... ]

(1/9243)

[حديث: انظر ولو خاتمًا من حديد]

5087# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي): تَقَدَّمَ الخلاف فيها في (سورة الأحزاب).

قوله: (فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ): تَقَدَّمَ أنَّهما بالتَّشديد.

قوله: (فَقَالَ [1] رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه.

قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا): تَقَدَّمَ بلغاته.

قوله: (حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلَسُهُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح اللَّام، المصدر؛ أي: جلوسه.

قوله: (مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا): تَقَدَّمَ الكلام عليهما ما هما مُطَوَّلًا.

قوله: (فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ ما قيل في (ملكتها)، وما في «أبي داود»، وما هنا، والجمع بينهما.

(1/9244)

[باب الأكفاء في الدين ... ]

قوله: (بَابُ الأَكْفَاءِ فِي الدِّينِ): تنبيهٌ: احتجَّ مَن منع ذلك، وخالف البُخاريَّ بأن قال: إنَّما نكحتْ هذه سالمًا، ونكحت زينبُ زيدًا قبل أن يُدْعَيَا إلى أبويهما، وهم يرون أن مَن تبنَّى أحدًا؛ فهو ابنه، والله أعلم، وكذا المقدادُ، فإنَّ الأسود تبنَّاه.

تنبيهٌ ثانٍ: في «البُويطيِّ» قولٌ: إنَّ الكفاءة في الدِّين فقط، ودليله مِن حيث [السُّنَّةُ] قَوِيٌّ بحديثين؛ أحدهما حسنٌ، والآخر صحيحٌ، وشروط الكفاءة عند الشَّافِعيَّة ستَّةٌ، وقد نظمها بعض القضاة الفقهاء فقال:

~…شَرْطُ الكَفَاءَةِ سِتَّةٌ قَدْ حُرِّرَتْ…يُنبِيكَ عَنْهَا بَيتُ شِعْرٍ مُفْرَدُ

~…نَسَبٌ وَدِينٌ صَنْعَةٌ حُرِّيَّةٌ…فَقْدُ العُيُوبِ وفي اليَسارِ تَردُّدُ

فائدةٌ: في «البويطيِّ» قولٌ: (إنَّ الكفاءة في الدين وحده)، ودليله من السُّنَّة قويٌّ وهو قوله عليه السَّلام: «إذا جاءكم مَن ترضَون دينَه وخلقَه؛ فأَنكِحوه، إلَّا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ»، رواه الترمذيُّ مِن حديث أبي حاتم المزنيِّ، وقال: حسنٌ غريبٌ، وأخرجه أيضًا من حديث أبي هريرة، وفي «صحيح ابن حِبَّان» من حديث أبي هريرة: «يا بني بياضة [1]؛ أَنكِحوا أبا هندٍ وانكحوا إليه»، وكان حجَّامًا، فالحديثُ الأوَّل يقتضي اعتبارَ الدِّين فقط، وإن خُصَّ منه شيءٌ بدليلٍ؛ ففيما عداه، والله أعلم [2].

ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (موضع الاستشهاد من حديث ضُبَاعة قوله: وكانت تحت المقداد، وضُبَاعةُ: بنت الزُّبَير بن عبد المطَّلب، بنت عمِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والمقدادُ: مولى حليفِ الأسود بن عبد يغوث تبنَّاه، ونُسِب إليه)، انتهى، قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»: (نُسِب إلى الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزُّهريِّ؛ لأنَّه كان تبنَّاه، وحالفه في الجاهليَّة، فقيل: ابن الأسود، وهو المقداد بن عَمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عَمرو بن سعْدٍ البهرانيُّ، من بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، وقيل: بل هو كنديٌّ، من كندة، وقال أحمد بن صالح المصريُّ: حضرميٌّ، وحالف أبوه كندةَ، فنُسِب إليها، وحالف هو بني زُهْرة، فقيل: الزُّهريُّ ... إلى أن قال أبو عمر: قد قيل: إنَّه كان عبدًا حبشيًّا للأسود بن عبد يغوث، فتبنَّاه بعد أن استلاطه، والأوَّل

[ج 2 ص 401]

(1/9245)

أصحُّ وأكثر، ولا يصحُّ قول مَن قال فيه: إنَّه عبد، والصَّحيح: أنَّه بهرانيٌّ، من بهراء)، انتهى، والظاهر أنَّ البُخاريَّ قائلٌ بأنَّه عبدٌ للأسود، فعلى ما قاله أبو عمر: لا يصحُّ الاستدلال به، ولا البُخاريُّ يقول: إنَّ غير قريش ليسوا أكفاءً لهم، ولا غير بني هاشم والمطَّلب أكفاء لهما، والله أعلم، فإن قيل: ما وجه دخول حديث: «فاظفر بذات الدِّين ... »؛ الحديث تحت تبويب البُخاريِّ؟ فالجواب: أنَّه جعل العُمدة في الزَّوجات الدِّينُ، وما هو عمدة في الزَّوجة ينبغي أن يكون عمدةً في الزَّوج، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (هند)، والمثبت من مصدره.

[2] هذه الفائدة جاءت في (أ) بورقةٍ مفردةٍ، ولعلَّ موضعها هنا.

[ج 2 ص 402]

(1/9246)

[حديث: أن أبا حذيفة تبنى سالمًا وأنكحه بنت أخيه هندًا ... ]

5088# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، تقدَّموا مرارًا.

قوله: (أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا): (أبو حذيفة): اسمه مهشم، وقيل: هُشَيم، وقيل: هاشمٌ، مِن السَّابقين، وقيل: اسمه قيسٌ، ترجمته معروفة رضي الله عنه.

قوله: (تَبَنَّى سَالِمًا): تَقَدَّمَ الكلام على (سالم) هذا في (مناقبه)، وفي (باب تأليف القرآن)؛ فانظره.

قوله: (وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ في موضعٍ: (كذا رواه أبو داود من حديث يونس، والنَّسَائيُّ من حديث يحيى وشعيبٍ عن الزُّهريِّ، وقالا: هند بنت الوليد، وكذلك سمَّاها الزُّبَير، وخالفهم مالك، فرواه في «المُوطَّأ» عن الزُّهريِّ، وسمّضاها فاطمة بنت الوليد، وكذلك قال ابن عَبْدِ البَرِّ تقليدًا لمالك)، انتهى، وقد ذكر الذَّهَبيُّ في «تجريده»: فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، زوجةُ سالم مولى أبي حذيفة، من المهاجرات، تزوَّجها بعد سالمٍ الحارثُ بن هشام، فيما زعم إسحاق الفَرْويُّ، وليس بشيء، وقال في (هِنْد): هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، تزوَّجها سالم مولى عمِّها أبي حذيفة، انتهى.

قوله: (وَهْوَ مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه والاختلاف فيها في (مناقب سالم) مولى أبي حذيفة.

قوله: (كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا): هو زيد بن حارثة بن شَراحيل، وهذا غايةٌ في الظُّهور.

قوله: (فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ، ثُمَّ الْعَامِرِيِّ): (سهلة) هذه: روت عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الرخصة في رَضاع الكبير، روى عنها القاسم بن مُحَمَّد، قال ابن حِبَّان: (هي مِن مهاجرات الحبشة مع زوجها أبي حذيفة، وولدت له بالحبشة مُحَمَّد بن أبي حذيفة)، انتهى، وقد استحيضت هذه كما في «أبي داود»، وتزوَّجها عبد الرحمن بن عوف وغيره، أخرج لها أحمد في «المسند»، وأخرج لها بقيُّ بن مَخْلَد في «مسنده [1]» حديثين، والله أعلم.

(1/9247)

قوله: (فَذَكَرَ الْحَدِيثَ): ولم يذكرْه البخاريُّ، بل حذفه، قال شيخنا: قال الحميديُّ: في «جمعه»: وأخرجه البرقانيُّ في كتابه بطوله مِن حديث أبي اليمان بسنده بزيادة: فكيف ترى يا رسول الله؟ قال: «أَرضعيه»، فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرَّضاعة، فبذلك كانت عائشة تأمر بناتِ أختها وأخيها أن يرضعن مَن أحبَّت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيرًا خمسَ رضعات، فيدخل عليها، وأَبَتْ أمُّ سلمة وسائر أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُدخِلْنَ عليهنَّ بتلك الرَّضاعة أحدًا مِن النَّاس حتَّى يكون في المهد، وقلن لعائشة رضي الله عنها: والله ما ندري لعلَّه رخصة لسالم دون النَّاس، انتهى الحديث، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر: لم يَسُقْ بقيَّتَه في موضعٍ آخرَ، وقد ساقه بتمامه أبو نُعَيم في «المستخرج» من طريق الطَّبَرانيِّ في «مسند الشَّاميِّين»، انتهى، ورضاع الكبير في «مسلم»، والذي يظهر لي إنَّما حَذَفَ تكملةَ الحديثِ البُخاريُّ؛ لأنَّه غير قائل برَضاع الكبير، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (مسند)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 403]

(1/9248)

[حديث: حجي واشترطي قولي: اللهم محلي حيث حبستني]

5089# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (دَخَلَ [1] عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ): هي ضباعة بنت الزُّبَير بن عبد المطَّلب بن هاشم، زوج المقداد، قُتِل ابنُها عبد الله يوم الجمل مع عائشة، روى عنها ابن عَبَّاس، وجابر، وأنس، وعروة، والأعرج، وغيرهم، وأخرج لها أبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وأحمد في «المسند»، و (الزُّبَير): هو عمُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، [أشهر] أولاده عبدُ الله، شهد يوم حُنَين مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وثبتَ معه، وكان فارسًا مشهورًا، كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «إنَّه ابن عمِّي وحِبِّي»، ومنهم مَن يروي أنَّه كان يقول: «ابن أمِّي وحبِّي»، قال أبو عمر: لا أحفظ له روايةً عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد روت أختاه ضُبَاعةُ وأمُّ الحكم، وكانت سنُّه يوم تُوُفِّيَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نحوًا مِن ثلاثين سنة، وقيل: شهد أجنادِين في خلافة أبي بكر سنة ثلاثَ عشرةَ بعد أن أبلى بلاءً حسنًا، وضُباعة وصفيَّة وأمُّ الحكم وأمُّ الزُّبَير لهنَّ صحبة، ولا عقبَ لعبد الله بن الزُّبَير هذا.

قوله: (مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي): تَقَدَّمَ أنَّ (محِلِّي): بكسر الحاء وفتحها.

قوله: (وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا؛ فانظره.

(1/9249)

[حديث: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها]

5090# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان، الحافظ الجِهبذ، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد الله): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تَقَدَّمَ، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ): كَيْسَانَ، هو المقبريُّ، تَقَدَّمَ هو وأبوه.

قوله: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المرأةُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلحَسَبِهَا): تَقَدَّمَ، بفتح السِّين، وقد تَقَدَّمَ ما (الحَسَبُ).

قوله: (فَاظْفَرْ): هو بهمزة وصلٍ وفتح الفاء، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (تَرِبَتْ يَدَاكَ): قال ابن قُرقُول: (قال مالك: خسرتْ يداك، وقال ابن بُكَيْر وغيره: استغنت، وأنكره أهل اللُّغة؛ إذ لا يُقال في الغِنَى إلَّا «أترب»، وقال الدَّاوديُّ: ثَرِبَت؛ أي: استغنت، وهي لغةٌ للقبط جرت على ألسنة العرب، وهي تردُّها [1] الرِّواية الصَّحيحة ومعروفُ كلام العرب، وقيل: معناه: ضعف عقلك ... ) إلى آخر كلامه، وقد ذكرتُه قبل ذلك.

==========

[1] في (أ): (ترد)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب، وفي مصدره: (وهذا تردُّه الرِّوايات).

[ج 2 ص 403]

(1/9250)

[حديث: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا]

5091# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة واسمُ أبيه، هذا: عبد العزيز بن سلمة بن دينار، تقدَّما.

قوله: (مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الرَّجل) لا أعرفه، قال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين من المصريِّين في (الرَّقائق) ما لفظه: (والمارَّان لم يُسمَّيا، لكن في «مسند أبي يعلى» ما يُشعِرُ بأنَّ الفقير المارَّ هو جُعَيلٌ الضَّمْريُّ)، انتهى.

قوله: (فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟): وسيجيء: (فقال لرجل جالس عنده)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (المسؤول هو أبو ذرٍّ رضي الله عنه، كذلك ذكره ابن حِبَّان في «صحيحه»، وأبو يعلى في «مسنده»)، انتهى.

قوله: (حَرِيٌّ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الرَّاء، وتشديد الياء؛ أي: حقيقٌ وجديرٌ، قال ابن قُرقُول: («وفلان حَرِيٌّ بكذا»؛ أي: حقيق به وخليق، ويقال أيضًا: حَرٍ بكذا، وحَرًى بكذا؛ الواحد والاثنان والجماعة بلفظٍ واحدٍ، وكذلك المُؤنَّث؛ يعني: إذا قلت: حرًى، وأمَّا إذا قلت: حرٍ، أو حَرِيٍّ؛ فإنَّك تثنِّي، وتجمع، وتُؤنِّث، و «ما أحراه بكذا»؛ أي: ما أحقَّه، و «حَرَى أن يكون كذا»: على مثال: «عَسَى» وبمعناها، فعلٌ غير مُتصرِّف، وفلانٌ «أحرى للصَّواب»؛ أي: أقربه إليه وأدناه منه)، انتهى، وكذا قال غيره من أهل اللُّغةِ.

قوله: (إِنْ خَطَبَ؛ أَنْ يُنْكَحَ): (إِنْ): الأولى: بكسر الهمزة التي للشرط، والثانية بفتحها، والنُّون ساكنةٌ فيهما، وهذا ظاهِرٌ، و (يُنكَح): بِضَمِّ أوَّله وفتح ثالثه، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَإِنْ شَفَعَ؛ أَنْ يُشَفَّعَ): القول فيه كالقول في الذي قبله، و (شفَع): بفتح الفاء في الماضي والمستقبل.

[ج 2 ص 403]

قوله: (وَإِنْ قَالَ؛ أَنْ يُسْتَمَعَ): الكلام فيه كالكلام في الذي قبله.

قوله: (فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ): هذا (الرَّجل): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (حَرِيٌّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في ظاهرها، وكذا (إِنْ خَطَبَ أَلَّا يُنْكَحَ)، وكذا (وَإِنْ شَفَعَ أَلَّا يُشَفَّعَ).

(1/9251)

[باب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية]

قوله في التَّبويب: (الْمُثْرِيَةَ): هي بِضَمِّ الميم، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة ساكنة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وهي منصوبةٌ مفعولةٌ للمصدر الذي هو (التَّزويج)، و (المُثرِية): الغنيَّةُ الكثيرةُ المالِ.

==========

[ج 2 ص 404]

(1/9252)

[حديث عائشة: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى} قالت: يا ابن ... ]

5092# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمامُ، و (عُقَيل): بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (ابْنِ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (يَا بْنَ أُخْتِي): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ (عُرْوَة): هو ابن الزُّبَير بن العَوَّام، وأنَّ أمَّه أسماء بنت أبي بكر الصِّدِّيق، وهي أخت عائشةَ لأبيها، أمُّ عائشة: أمُّ رومان دعد، ويقال: زينب، وأمُّ أسماء: قتيلة _أو قتلة_ بنت عبد العزَّى، لم تُسلِم على الصَّحيح أمُّها، وأمَّا أمُّ رُومان؛ فصحابيَّةٌ جليلةٌ، تَقَدَّمَتْ.

قوله: (فِي حجْرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء وكسرها، وإسكان الجيم.

قوله: (فَنُهُوا): هو بِضَمِّ النُّون، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه؛ وكذا (أُمِروا): مَبْنيٌّ أيضًا.

(1/9253)

[باب ما يتقى من شؤم المرأة]

قوله: (بَابُ مَا يُتَّقَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (مِنْ شُؤْمِ الْمَرْأَةِ): (الشَّؤْم): مهموز، وقد يُسهَّل، كذا عن السُّهيليِّ، وهي بهمزة ساكنة في عين الكلمة، فيجوز تسهيلُها، والله أعلم.

(1/9254)

[حديث: الشؤم في المرأة والدار والفرس]

5093# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أُوَيس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أعلاه، وقبله مرارًا.

قوله: (الشُّؤْمُ فِي الْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالْفَرَسِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا، وفيه فوائدُ، في أوائل (كتاب الجهاد).

==========

[ج 2 ص 404]

(1/9255)

[حديث: إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس]

5094# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيُّ): هو عُمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، تَقَدَّمَ.

(1/9256)

[حديث: إن كان في شيء ففي الفرس والمرأة والمسكن]

5095# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه سلمة بن دينار، الأعرج، الإمامُ.

(1/9257)

[حديث: ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء]

5096# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن ملِّ، وتَقَدَّمَتْ اللُّغات في (ملٍّ).

==========

[ج 2 ص 404]

(1/9258)

[باب الحرة تحت العبد]

قوله: (بَابُ الْحُرَّةِ تَحْتَ الْعَبْدِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ليس في حديث بريرة هذا ما يدلُّ على أنَّ زوجها كان عبدًا، وإثبات الخيار لها لا يدلُّ على المخالف؛ لأنَّ المُعتَقة تُخيَّر عنده مطلقًا تحت العبد والحُرِّ، وقد خرَّج حديثها أتمَّ مِن هذا، وفيه التَّصريح بأنَّه عبدٌ)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 404]

(1/9259)

[حديث: هو عليها صدقة ولنا هدية]

5097# قوله: (كَانَ فِي بَرِيرَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها رضي الله عنها وبعض ترجمتها.

قوله: (عَتَقَتْ): هو بفتح العين، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَخُيِّرَتْ): هو بِضَمِّ الخاء، وكسر الياء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي آخره تاءُ التَّأنيث السَّاكنة.

قوله: (وَبُرْمَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (البُرْمة) ما هي.

قوله: (فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ): (قُرِّب): بِضَمِّ القاف، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (خبزٌ): نائبٌ مناب الفاعل، و (أُدْمٌ): مَرْفوعٌ، معطوف عليه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَقِيلَ: لَحْمٌ): تَقَدَّمَ لحم أيِّ شيءٍ فيما مضى.

قوله: (تُصُدِّقَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وضمِّ الصَّاد، وكسر الدَّال المُشَدَّدة المُهْمَلتين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9260)

[باب: لا يتزوج أكثر من أربع ... ]

(بَابٌ: لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ) ... إلى (بَاب: لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ)

قوله: (بابٌ: لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ): فائدةٌ: قال ابن عبد السَّلام الشيخ عزُّ الدين الشَّافِعيُّ في «قواعده»: (إنَّ الله عزَّ وجلَّ حرَّم في النِّكاح الزِّيادةُ على امرأةٍ واحدةٍ في شريعة عيسى صلَّى الله عليه وسلَّم؛ نظرًا للنِّساء؛ لئلَّا يتضرَّرن بكثرة الضَّرائر والإماء، وأجازه مِن غير حصر في شريعة موسى صلَّى الله عليه وسلَّم لمن قدر على القيام بالوطء ومُؤَنِ النِّكاح)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (كتاب الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} [الإسراء: 55]).

قوله: (وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ): هذا هو الإمام زين العابدين عليُّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب بن عبد المطَّلب الهاشميُّ، أبو الحسين، ويقال: أبو الحسن، ويقال: أبو مُحَمَّد، ويقال: أبو عبد الله، أمُّه أمُّ ولد، تَقَدَّمَ، وترجمته أيضًا معروفةٌ.

فائدةٌ: نقلُ هذا الكلام عن زين العابدين فيه لطيفةٌ؛ وهو أنَّه سيِّدٌ مِن سادات أهل البيت ومن أجلِّهم، وكبيرٌ من كبرائهم، ففيه ردٌّ على الرَّافضة الذين جوَّزوا نكاحَ أكثرِ مِن أربعٍ، فقيل: يُباح نِكاحُ تسعٍ لكلِّ أحد، وقيل: ثمانيةَ عشرَ؛ أخذًا مِن الآية، وهو مردودٌ عليهم.

==========

[ج 2 ص 404]

(1/9261)

[حديث: اليتيمة تكون عند الرجل وهو وليها فيتزوجها على مالها]

5098# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب الغسل بعد الحرب والغبار) في (كتاب الجهاد)؛ فانظره، و (عبْدة): بإسكان الموحَّدة، وهو عبْدة بن سليمان.

قوله: (وَيُسِيءُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وهمز آخره، وهو رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 404]

(1/9262)

[باب: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم}]

(1/9263)

[حديث: نعم الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة]

5099# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ ... ) إلى قوله: («أُرَاهُ فُلَانًا»، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ): هذا الرجل عمُّ حفصة لا أعرفه، و (أُراه)؛ بِضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.

قوله: (لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا، لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ ... ) إلى آخره: هذا (العمُّ): هو غير أفلح أخي أبي القعيس الذي تَقَدَّمَ قبل هذا؛ وذلك لأنَّ أخا أبي القعيس كان حيًّا، واستَفْتَتْ عنه رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا العمُّ كان قد مات، وهذا لا أعرفه، قال الشيخ مُحيِي الدين النَّوَويُّ: اختلف العلماء في عمِّ عائشة المذكور، فقال أبو الحسن القابسيُّ: هما عمَّان لعائشة من الرَّضاعة؛ أحدهما: أخو أبيها أبي بكر رضي الله عنه من الرَّضاعة، ارتُضِع هو وأبو بكرٍ

[ج 2 ص 404]

من امرأةٍ واحدةٍ، والثاني: أخو أبيها مِن الرَّضاعة الذي هو أبو القعيس، أبوها مِن الرَّضاعة، وأخوه أفلح عمُّها، وقيل: هو عمٌّ واحدٌ، وهذا غلط؛ لأنَّ عمَّها في الحديث الأوَّل ميِّتٌ، وفي الثاني حيٌّ جاء يستأذن، فالصَّواب: ما قاله القابسيُّ، وذكر القاضي القولَين، قال: وقولُ القابسيِّ أشبهُ؛ لأنَّه لو كان واحدًا؛ لَفهمتْ حكمَه مِن المرَّة الأولى، ولم تحتجب منه بعد ذلك، فإن قيل: فإذا كانا عمَّين؛ كيف سألت عن الميِّت، وأعلمها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه عمُّ لها يدخل عليها، واحتجبت عن عمِّها الآخر أخي أبي القعيس حتَّى أعلمها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأنَّه عمُّها يدخل عليها، فهلَّا اكتفت بأحد السُّؤالين؟ فالجواب: أنَّه يحتمل أنَّ أحدهما كان عمًّا مِن أحد الأبَوَين، والآخر منهما، أو عمًّا أعلى والآخر أدنى، أو نحو ذلك مِن الاختلاف، فخافت أن تكون الإباحة مُختصَّةُ بصاحب الوصف المسؤول عنه أوَّلًا، والله أعلم، انتهى.

(1/9264)

[حديث: إنها ابنة أخي من الرضاعة]

5100# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ يحيى بعد (مُسدَّد) هو ابن سعيد القَطَّان، الحافظُ.

قوله: (قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا تَتَزَوَّجُ بِنْتَ [1] حَمْزَةَ؟): الظاهر أنَّ قائل ذلك: هو عليُّ بن أبي طالب، كما جاء في بعض طرقه، وجزم به بعض حُفَّاظ مِصْرَ مِن المُتأخِّرين، قال: (كما ثبت مِن حديثه في «مسلم»).

قوله: (بِنْتَ حَمْزَةَ): ابنة حمزة المشار إليها هنا: قال ابن الجوزيِّ في «تلقيحه» في أوائله: (هي أمامة، ويقال: عُمارة)، انتهى، وعُمارة: ولدٌ ذكرٌ لحمزة، قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (أمامة، وقيل: عُمارة، وقيل: فاطمة).

قوله: (إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ): اعلم أنَّ أباها حمزةُ بن عبد المُطَّلب رضع مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن ثويبةَ جاريةِ أبي لهب، وقال ابن قَيِّم الجَوزيَّة الحافظ شمس الدِّين في أوائل «الهدْي»: (وكان حمزة مُسترضَعًا في بني سعد بن بكر، فأرضعت أمُّه لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومًا، وهو عند أمِّه حليمة، وكان حمزة رضيعَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن وجهين؛ من جهة ثُوَيبة، ومن جهة السَّعديَّة)، انتهى، وقد ذكرت مراضعه عليه السَّلام فيما تَقَدَّمَ، وهنَّ: ثويبة، وحليمة، وخولة بنت المنذر، وأمُّ أيمن _ذكره ابن سَيِّد النَّاسِ عن بعضهم، قال: والمعروف أنَّها مِن الحواضن_ وهذه السَّعديَّة التي ذكرها ابن القَيِّم إن لم تكن خولة بنت المنذر مرضعة إبراهيم، وقد ذكرتُ فيما مضى زيادة على هؤلاء، والله أعلم، وهنَّ العواتك.

قوله: (وقَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ ... ) إلى آخره: (بِشْر) هذا: هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وهذا تعليق مجزوم به، وتعليقه هذا أخرجه مسلم في «صحيحه» عن مُحَمَّد بن يحيى القُطَعيِّ عن بشر بن عُمر به، والحكمة في الإتيان بهذا التعليق؛ لأنَّ قتادة مُدَلِّس، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه التَّصريحَ بسماع قتادةَ من جابر بن زيد، والله أعلم، وفيه تصريحُ شعبةَ بالسَّماع مِن قتادة؛ لأنَّه في الأوَّل عنعن، ولكن قد تَقَدَّمَ أنَّ شعبة كان مِن أَكْرَهِ النَّاسِ للتَّدليس، وقال فيه ما قال ممَّا قدَّمته، والله أعلم.

(1/9265)

[حديث: لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي]

5101# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أبو اليمان، و (شُعَيْبٌ) بعده: هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وتَقَدَّمَ الكلام على (زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَةَ)، وعلى أمِّها وأبيها رضي الله عنهم، وعلى (أُم حَبِيبَةَ): رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة، أمِّ المؤمنين رضي الله عنها.

قوله: (انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ): أخت أمِّ حبيبة المشار إليها: تَقَدَّمَ أنَّها عزَّة، كما في «مسلم»، قال القاضي: ولا نعلم هذه في بنات أبي سفيان إلَّا في هذا الحديث، وقد تَقَدَّمَ، وقيل: حمنة، وقيل: درَّة، والأوَّل أصحُّ.

قوله: (أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ): (أوَتحبِّين): بفتح الواوِ على الاستفهام، و (ذلكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ): هو بِضَمِّ الميم، وإسكان الخاء المُعْجَمة، ثُمَّ لام مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ تاء التَّأنيث؛ أي: منفردة.

قوله: (إِنَّ ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث.

قوله: (فَإِنَّا نُحَدَّثُ): هو بِضَمِّ النُّون، وفتح الدَّال المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9266)

قوله: (بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ): (بنت أبي سلمة) المشار إليها: هي دُرَّة بنت أبي سلمة عبدِ الله بن عبد الأسد، صحابيَّة مذكورة فيهنَّ، و (دُرَّة)؛ كالتَّلفُّظ بالطَّائر المعروف، وقال القاضي عياض عن بعض رواة مسلم: بفتح الذَّال المُعْجَمة، قال النَّوَويُّ: وهو تصحيف، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: بنت أمِّ سلمة درَّةُ، بلا خلاف، هذا هو المعروف، ووقع في «البَيْهَقيِّ»: قد بلغني أنَّك تخطب زينب بنت أبي سلمة، وعزاه للبخاريِّ ولم يجد ذلك فيه، انتهى، واعلم أنَّ البَيْهَقيَّ وغيرَه _كالبغويِّ في «شرح السُّنَّة» _: إذا عزَوا إلى البُخاريِّ أو مسلم؛ فإنَّما يريدون: أصلَ الحديثُ، لا لفظَه بعينه، والله أعلم، وقال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: دُرَّة بنت أبي سلمة بن عبد الأسد، ورد أيضًا أنَّ أمَّ حبيبة قالت لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّا قد تحدَّثنا أنَّك ناكح درَّة بنت أبي سلمة، فقال: «لو لم أنكِح أمَّ سلمة؛ لما حلَّت لي؛ لأنَّ أباها أخي مِن الرَّضاعة، فلا تعرضن عليَّ بناتكنَّ ولا أخواتكنَّ»، انتهى، وسيجيء قريبًا أنَّها دُرَّة، وكذا بعده أيضًا، وكذا جاءت مسمَّاةً في «مسلم» من غير طريق، والله أعلم.

تنبيهٌ: وقع في «الصَّحابة» لأبي موسى: أنَّها حمنة، ثُمَّ قال: والأشهرُ غَيْرُه.

قوله: (بِنْت أَبِي سَلَمَةَ): هي منصوبة، ونصبها ظاهر.

قوله: (لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي؛ مَا حَلَّتْ لِي ... ) إلى آخره: معنى هذا الكلام: أنَّها حرام عليَّ لسببين؛ كونها ربيبة، وكونها بنت أخ، فلو فُقِد أحد السَّببَين؛ حَرُمت بالآخر، و (الحجر): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الحاء وكسرها.

تنبيهٌ: تمسَّك داود بن عليِّ بن خلف الأصبهانيُّ إمامُ أهلِ الظَّاهر بظاهرِ هذا الحديث وظاهرِ الآية؛ وهي قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم} [النِّساء: 23]، فعنده أنَّ الرَّبيبة لا تَحرُم إلَّا إذا كانت في حَجر زوج أمِّها، فإن لم تكن في حَجره؛ فهي حلالٌ له، ومذهبُ العلماء كافَّةً سواهُ: أنَّها حرامٌ سواء أكانت في حجره أم لا، قالوا: والتقييد إذا خرج على سببٍ؛ لكونه الغالب؛ لم يكن له مفهومٌ يُعمَل به، فلا يُقصَر الحكمُ عليه، ونظيرُه قولُه تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ} [الأنعام: 151]، ومعلومٌ

[ج 2 ص 405]

(1/9267)

أنَّه يَحرُم قتلُهم بغير ذلك أيضًا، لكن خرج التَّقييد بالإملاق؛ لأنَّه الغالبُ، وقولِه تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النُّور: 33]، وله نظائر في القرآن والسُّنَّة، والله أعلم.

قوله: (ثُوَيْبَةُ): هي بِضَمِّ الثَّاء المُثلَّثة، وفتح الواو، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وهي ثويبة مولاة أبي لهب، كما سيجيء في هذا الحديث مِن كلام عروةَ، يقال: إنَّها أسلمت، فالله أعلم، قال أبو نعيم: (لا أعلم أحدًا أثبتَ إسلامها غير ابن منده)، انتهى، تُوُفِّيَت سنة سبع، قاله ابن سعد، كما أفاده الحافظ مغلطاي، وذكره في «سيرته»، ولم يعزُه لأحد، وفي «ابن بشكوال»: (تُوُفِّيَت بخيبر).

قوله: (مَوْلَاةٌ لأَبِي لَهَبٍ): تَقَدَّمَ الكلام على أبي لهب واسمه وما يتعلَّق به، ومتى هلك؛ فانظره في (التَّفسير).

قوله: (أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ): قال الإمام السُّهيليُّ: (وفي غير كتاب «البُخاريِّ»: أنَّ الذي رآه من أهله أخوه العَبَّاس بن عبد المطَّلب، قال: مكثت حولًا لا أَرَاهُ، ثُمَّ إنِّي رأيتُه في شرِّ حالٍ، قال: ما لقيتُ بعدكم راحة إلَّا أنَّ العذاب يُخفَّف عنِّي كلَّ يوم اثنين).

قوله: (بِشَرِّ حِيْبَةٍ): (الحِيْبَة): بكسر الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن الأثير: (أي: بشرِّ حال، و «الحِيبة، والحُوبة»: الهمُّ والحزن، و «الحِيبة» أيضًا: الحاجة والمسكنة)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: («حِيبة»، كذا للمستملي والحمُّوي؛ ومعناه: سوء الحال، ويقال فيه أيضًا: الحَوبة، ولغيرهما: «بشر خيبة»)، انتهى.

(1/9268)

قوله: (لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ): قال شيخنا: (قال ابن بَطَّال: أسقط من رواية: «راحة» بعد قوله: «لم ألق بعدكم»؛ لأنَّه لا يتمُّ الكلام على ما رواه البُخاريُّ)، قال: (وكذلك سقط منه: «وأشار إلى النقرة ... » إلى آخره، ولا يقوم معنى الحديث إلَّا بذلك، ولا أعلم ممَّن جاء الوَهَمُ فيه)، انتهى، وقال أبو القاسم السُّهيليُّ: (هكذا في رواية الأصيليِّ عن أبي زيد، وفي رواية غيره قال: (ما لقيت بعدكم مِن راحةٍ غيرَ أنِّي سُقِيت في مثل هذه _وأشار إلى النَّقرة ما بين السَّبابة والإبهام_ بعتقي ثُوَيبة)، انتهى، كأنَّه يُعلِّل ما ناله مِن الماء، وكونه سُقِي في النقرة المذكورة رواه البَيْهَقيُّ في «دلائله»، وعزاه هو والبغويُّ في «شرح السُّنَّة» إلى البُخاريِّ، ومرادهما: أصلُه.

قوله: (إِلَّا [1] أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ): (سُقِيت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة، وهذه إشارة إلى النقرة التي ذكرتُها أعلاه.

قوله: (بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ): (عَتَاقة): بفتح العين، وهذا ظاهِرٌ، و (ثويبةَ): مَنْصوبٌ، مفعول المصدر، وهذا ظاهِرٌ أيضًا، وهي غير مصروفة؛ للعلميَّة والتَّأنيث، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (غير).

(1/9269)

[باب من قال لا رضاع بعد حولين ... ]

(1/9270)

[حديث: انظرن ما إخوانكن؛ فإنما الرضاعة من المجاعة]

5102# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظُ، وتَقَدَّمَ مُتَرجَمًا، و (الأَشْعَث): بالثَّاء المُثلَّثة في آخره، وهو أشعث بن أبي الشَّعثاء جابرِ بن زيد، وسأذكر قريبًا بعضَ ترجمة أبيه أبي الشَّعثاء.

قوله: (دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ): هذا (الرَّجل) أخو عائشة من الرَّضاعة لا أعرف اسمه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (يحتمل أن يكون هذا عبد الله بن يزيد أخا عائشة مِن الرَّضاعة، كما بيَّناه في «باب الغسل بالصَّاع»)، انتهى، وهذا الكلام فيه نظر، ولو كان كذلك؛ لكان يكون عبد الله بن يزيد صحابيًّا، وقد ذكره ابن حِبَّان في «ثقات التَّابعين»، فقال: (عبد الله بن يزيد، رضيع عائشة، يروي عن عائشة، روى عنه أبو قِلَابَة وأهل البصرة)، ثُمَّ أعاد له ترجمة كذلك، وذكره ابن أبي حاتم في «الجَرح والتَّعديل»، فقال: (عبد الله بن يزيد، رضيع عائشة، روى عن عائشة، روى عنه [أبو قلابة] [1]، سمعت أبي يقول ذلك)، انتهى، فهذا مقتضاه أيضًا أنَّه تابعيٌّ، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين: لا أعرف اسم هذا الأخ، ويُحتَمل أن يكون ابنًا لأبي القعيس، وكان مات وجاء أخوه يستأذن على عائشة، كما في «الصَّحيح»، وأبطل مَن زعم أنَّه عبد الله بن يزيد رضيع عائشة؛ لأنَّه تابعيٌّ باتِّفاق الأئِمَّة، ولم يذكره أحد في الصَّحابة، ويحتمل أنَّه إنَّما كان أخا عائشة من الرَّضاعة؛ لأنَّ أباه وأمَّه كانا عاشا بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فولداه بعد، فهو رضيع عائشة باعتبار شُربها مِن لبن أبويه، والله أعلم.

==========

[1] في (أ) بدل ممَّا بين معقوفين بياض، وكذا في مصدره، والمثبت من «تهذيب الكمال».

[ج 2 ص 406]

(1/9271)

[باب لبن الفحل]

(1/9272)

[حديث: أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها ... ]

5103# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، الإمام، أحد الأعلام.

قوله: (أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قبل هذا؛ فانظره.

قوله: (بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ): تَقَدَّمَ متى نزل الحجاب، والاختلاف فيه غيرَ مَرَّةٍ، فانظره من (سورة الأحزاب) وغيرِها.

==========

[ج 2 ص 406]

(1/9273)

[بابُ شهادة المرضعة]

(1/9274)

[حديث: كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما دعها عنك]

5104# (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ، و (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بعده: هو ابن عُلَيَّةَ، الإمامُ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، و (عَبْد [1] اللهِ ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن [عبيد الله بن] عبد الله بن أبي مُلَيْكة زهيرٍ، وأنَّ زهيرًا صَحَابيٌّ.

قوله: (تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً): هذه المرأة التي تزوَّج بها عقبة بن الحارث تَقَدَّمَ أنَّها يُقال لها: أمُّ يحيى، وأنَّ اسمها غَنِيَّة بنت أبي إِهاب بن عزير بن قيس بن سويد بن ربيعة بن زيد بن عبد الله بن دارم، حكاه الدارقطنيُّ عن الزُّبَير بن بكَّار، وقد جاء في بعض الطرق أنَّ اسمها زينب، وذكرت ترجمة أبي إهاب بن عزير في (كتاب العلم)، وهو صَحَابيٌّ لا يُعرَف اسمه.

قوله: (فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ): هذه المرأة السوداء في بعض الطرق أنَّها أَمَةٌ، ولا أعرف اسمها، ولا أعرف إسلامها، إلَّا أنَّ الشارع أجاز شهادتها، ففيه إشعارٌ بإسلامها، والله أعلم.

قوله: (مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة [2].

قوله: (وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُلَيَّةَ إسماعيل بن إبراهيم المذكورُ في السند.

قوله: (بِإِصْبَعَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الإصبع) عشر لغات؛ تثليث الهمزة والباء، والعاشرة: (أُصبوع).

(1/9275)

[باب ما يحل من النساء وما يحرم ... ]

قوله: (وَقَالَ أَنَسٌ ... ) إلى قوله: (لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ): هذا أخرجه ابن أبي شيبة _كما قاله شيخنا_ عن يحيى بن سعيد، عن التيميِّ، عن أبي مِجْلَز، عنه، قال شيخنا: قال ابن التين: وذلك ينزع الرجل أَمَتَه من عبده، وقيل: هم السبايا سُبِيَا معًا أو متفرِّقَين ينفسخ نكاحهما، وقال: هذا المعروف من مذهب مالك، وقيل: إذا سُبِيَا معًا؛ فلا فسخ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 406]

(1/9276)

[حديث: حرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع]

5105# قوله: (وَقَالَ لَنَا أَحْمَدُ ابْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال لنا _أو لي_ فلان: كذا)؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، وفي روايته هنا عن الإمام أبي عبد الله أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل ردٌّ على من قال: إنَّه لم يروِ عنه نفسِهِ، وقد تَقَدَّمَ روايته عن واحد عنه في آخر «المغازي» قُبَيل (التفسير)، وهذا الحديث

[ج 2 ص 406]

انفرد به البُخاريُّ، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو القَطَّان، و (حَبِيب): بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، هو حبيب بن أبي ثابت الكوفيُّ.

تنبيهٌ: لهم حبيب آخرُ يروي أيضًا عن سعيد بن جبير عن ابن عَبَّاس، وهو حبيب بن أبي عَمْرَة، والله أعلم.

قوله: (حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]): فأمَّا السبع التي حَرُمْنَ من الصهر؛ قال الله: {وَلاَ تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22].

قوله: (وَجَمَعَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ): يعني: ابن أبي طالب، ترجمة (الحسن) هذا معروفةٌ مشهورةٌ.

قال شيخنا: وهذا التعليق أخرجه أبو عُبيد بن سلَّام في كتاب «النِّكاح»، وسيأتي منه مَن هما (ابنتا العَمِّ).

قوله: (بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمٍّ فِي لَيْلَةٍ [1]): بنتا العمِّ اللَّتان جمع بينهما الحسن بن الحسن هما بنت مُحَمَّد بن عليٍّ وبنتُ عُمرَ بن عليٍّ، كذا عزاه شيخنا لأبي عُبيد القاسم بن سلَّام في كتاب «النِّكاح» له، وذكر الحديثَ الحجَّةَ في ذلك، والله أعلم، ومثله لبعض حفَّاظ هذا العصر ولفظه: هما أمُّ الفضل بنت مُحَمَّد بن عليٍّ، وأمُّ موسى بنت عمر بن عليٍّ.

قوله: (وَجَمَعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ): هو ابن أبي طالب، ترجمته معروفة، صَحَابيٌّ مشهورٌ، وقد قَدَّمْتُ أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال له كما قال لأبيه جعفر: «أشبهت خَلقي وخُلُقي».

(1/9277)

قوله: (بَيْنَ بِنْتِ [2] عَلِيٍّ وَامْرَأَةِ عَلِيٍّ): (عليٌّ): هو ابن أبي طالب، و (بنتُ عليٍّ): هي زينب بنتُ عليٍّ من فاطمة رضي الله عنها، الهاشميَّة، وُلِدت في حياة جدِّها رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكانت عاقلةً لبيبةً، وَلَدت من عبد الله بن جعفر عليًّا، وعونًا، وعَبَّاسًا، وأمَّ كلثوم، حمَّر عليها الذَّهَبيُّ _أعني: زينب_، فالصَّحيح عنده أنَّها تابعيَّة، قال شيخنا الشارح: وقال ابن سعد: فلما تُوُفِّيَت زينب؛ تزوَّج بعدها أمَّ كلثوم بنت عليٍّ من فاطمة، كذا قال: بنت عليٍّ، وكذا نقله عن ابن سعدٍ ابنُ شيخنا البُلقينيِّ، والذي أعرفه أنَّ الذي تزوَّج بأمِّ كلثوم بعد عُمر عونُ بن جعفر، والله أعلم، فيحتمل أنَّه تزوَّج بأمِّ كلثوم بعد موت عُمر، وموت زينب، والله أعلم، وأمَّا (امرأة عليٍّ) رضي الله عنه؛ فهي ليلى بنت مسعود بن خالد النهشليِّ، فأولدها صالحًا، وموسى، وهارون، ويحيى، وأمَّ أبيها.

واعلم أنَّ أولاد عبد الله بن جعفر سبعةَ عشرَ ولدًا، وبنتين، والعقب منهم لإسماعيل، وإسحاق، وعليٍّ، ومعاوية، ولولا خوف الإطالة؛ لذكرتهم مسمَّين، وذكر ابن شيخنا البلقينيِّ تسمية بنت عليٍّ وامرأة عليٍّ عن ابن سعد كما ذكرتُهما.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ): هو مُحَمَّد بن سيرين، العالم المشهور، وقد ذكرت أولاد سيرين الذكور والإناث في أوائل هذا التعليق.

قوله: (وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ): هو الحسن بن أبي الحسن البصريُّ.

قوله: (جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لِلْقَطِيعَةِ): هو جابر بن زيد، أبو الشعثاء الأزديُّ اليحمديُّ الخَوْفيُّ البصريُّ، والخوف ناحية بعُمَان، وقيل: درب الخوف بالبصرة، من أئمَّة التابعين، صحب ابن عَبَّاس وأكثر عنه، وعن معاوية، وابن عمر، وابن الزُّبَير، وعنه: قتادة، وعَمرو بن دينار، ويعلى بن مسلم، وأيُّوب، وآخرون، ترجمته والثناء عليه مشهورٌ جدًّا، وقد أثنى عليه ابن عَبَّاس غيرَ مَرَّةٍ، متَّفق على توثيقه، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة ثلاث وتسعين، وقال ابن سعد: ثلاث ومئة، وقيل: سنة أربع ومئة، والأوَّل أصحُّ.

(1/9278)

قوله: (وَيُرْوَى عَنْ يَحْيَى الْكِنْدِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ... ) إلى أن قال: (وَيَحْيَى هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَلَمْ [3] يُتَابَعْ عَلَيْهِ): (يُروى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا صيغةُ تمريضٍ، قال الذَّهَبيُّ: (يحيى الكنديُّ، عن الشَّعبيِّ وغيره، وعنه الصَّلْت بن الحَجَّاج، قال البُخاريُّ في (النِّكاح): لم يُتابَع على هذا، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، فقال: يحيى بن قيس الكنديُّ، عن شريح، وعنه أبو عوانة وشريك، فكأنَّه هو، انتهى، هذا لفظ «التذهيب»، وقال في «الميزان»: يحيى عن الشَّعبيِّ فيمَن أدخله في صبيٍّ لا يتزوَّج بأمِّه، قال: يحيى هذا غيرُ معروفٍ، ولم يُتابَع عليه، قلت: روى عنه: الصَّلْتُ بن الحَجَّاج فقط، فقال: يحيى بن قيس الذي حدَّث عنه أبو عوانة، انتهى، وقال شيخنا: في كتاب «الثِّقات» لابن حِبَّان، «والجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، «وتاريخ البُخاريِّ»: يحيى بن قيسٍ الكنديُّ، روى عن شريح، روى عنه أبو عوانة، وشريك، والثَّوريُّ، فيجوز أن يكون هذا، انتهى، وقد رأيتُه في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم.

تنبيهٌ: لو نزَّه هذا الكتاب عن هذا الكلام _أعني: من يلعب بالصَّبِيِّ_؛ كان أولى به، والله أعلم.

ورأيته في «ثقات ابن حِبَّان»، ورقم عليه الذَّهَبيُّ: (خت) فقط؛ يعني: أنَّه علَّق له البُخاريُّ؛ يريد: هذا المكان، و (الشَّعْبيُّ): هو عامر بن شراحيل، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَبِي جَعْفَرٍ): هذا لا أعرفه بعينه، وأبو جعفرٍ جماعةٌ، ولعلَّه الباقر مُحَمَّد بن عليِّ بن الحسين، فإن كان هو؛ فترجمته معروفةٌ.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي نَصْرٍ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذه صيغة تمريضٍ.

(1/9279)

قوله: (عَنِ [4] ابْنِ عَبَّاسٍ): قال البُخاريُّ: (وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا لَمْ يُعْرَفْ سَمَاعُهِ [5] مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ)، قال الذَّهَبيُّ: أبو نصرٍ الأسديُّ، بصريٌّ، عن ابن عَبَّاس، وعنه خليفة بن حُصَين المنقريُّ، وَثَّقَهُ أبو زرعة، وقال البُخاريُّ: لا يُعرَف سماعه من ابن عَبَّاس، انتهى، رقم عليه (خت)؛ يعني: البُخاري تعليقًا، ولم يخرِّج له غيره، وذكره في «الميزان»، وقال فيه: عن ابن عَبَّاس، كذلك لا يدري مَن هو؛ لأنَّه عطفه على شخصٍ ترجمه بأنَّه لا يدري مَن هو، انتهى، وقال شيخنا: هذا عرَّفه أبو زرعة بأنَّه أسديٌّ، وأنَّه ثقة، وروى عن ابن عَبَّاس أنَّه سأله عن قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1 - 2]، وهذا ظاهِرٌ في سماعه منه، لا كما قال البُخاريُّ: إنَّه لا يُعرَف سماعه منه، انتهى.

وقد رأيت في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ولفظه: أبو نصر الأسديُّ الذي روى عن ابن عَبَّاس: أنَّه سأله عن: {والفجر وليال عشر}، و [روى] الثَّوريُّ عن الأغرِّ بن الصَّبَّاح، عن خليفة بن حُصَين، عن أبي نصر، عن ابن عَبَّاس، سمعت أبي يقول ذلك، قال عبد الرحمن: سُئِل أبو زرعة عن أبي نصر الأسديِّ الذي روى عن ابن عَبَّاس [6]، روى عنه خليفة بن حُصَين، فقال: كوفيٌّ، انتهى، ولا أعرف اسم أبي نصر، وهو بالصاد المُهْمَلة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ مثله لا يحتاج إلى تقييد، لكن لا يضرُّ.

قوله: (لَا [7] يُعْرَف سَمَاعُهُ): (يُعرَف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (سماعُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَيُرْوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ): (يُروى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذه صيغة تمريضٍ، و (حُصَين) والد عِمران: بِضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلتين، تَقَدَّمَ أنَّه صَحَابيٌّ، والاختلاف فيه؛ فاعلمه.

قوله: (وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه أبو الشعثاء، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (وَالْحَسَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

قوله: (حَتَّى يُلْزِقَ بِالأَرْضِ): (يُلزِق): بِضَمِّ أوَّله، وكسر ثالثه، رُبَاعيٌّ، مَبْنيٌّ للفاعل، كذا في أصلنا، وفي أصل آخرَ مَبْنيٌّ للمفعول.

(1/9280)

قوله: (يَعْنِي: يُجَامِعَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الميم، كذا في أصلنا مَبْنيٌّ للفاعل [8]، وفي أصلٍ آخرَ مَبْنيٌّ للمفعول، وقد قال شيخنا: (تُلزَق): هو بفتح الزاي، انتهى.

قوله: (وَجَوَّزَهُ ابْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ أنَّه سعيد بن المُسَيّب، وأنَّه يجوز في أبيه الفتح والكسر، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (وَعُرْوَةُ): هو ابن الزُّبَير، أحد الفقهاء السبعة.

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): هو مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (قَالَ عَلِيٌّ ... ، وَهَذَا مُرْسَلٌ): يعني: أنَّ الزُّهريَّ لم يسمع من عليٍّ شيئًا، وقد قَدَّمْتُ مَن سمع منه الزُّهريُّ من الصَّحابة في (الجنائز)، وقَدَّمْتُ مولد الزُّهريِّ أنَّه سنة إحدى وخمسين، ويُقال: سنة ستٍّ وخمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين، وعليٌّ تَقَدَّمَ أنَّه تُوُفِّيَ سنة أربعين، والله أعلم.

==========

[1] قوله: (وجمع الحسن ... في ليلة) جاء في «اليونينيَّة» لاحقًا بعد قوله: (وكرهه الحسن ... ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (ابنة).

[3] كذا في (أ) و (ق)، وعلى الواو في (ق) علامة راويها، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (لم)؛ بلا واو.

[4] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أنَّ).

[5] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (بسماعه)، ويُنظَر هامشها.

[6] زيد في (أ): (انتهى)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

[7] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لم).

[8] زيد في (أ): (كذا في أصلنا)، وهو تكرار.

(1/9281)

[باب: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن}]

[ج 2 ص 407]

قوله: (لأُمِّ حَبِيبَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ المؤمنين، وأنَّ اسمها رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة، رضي الله عنها، تَقَدَّمَتْ.

قوله: (وَهَل تُسَمَّى الرَّبِيبَةَ؟): (تُسمَّى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الربيبةَ): مَنْصوبٌ مفعول ثانٍ، وهذا معروفٌ.

قوله: (رَبِيبَةً لَهُ): هذه الربيبة المدفوعة لا أعرف اسمها، وقد كان له غيرُ ربيبةٍ، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: لعلَّها زينب بنت أبي سلمة، فإنَّه قد أخذها عمَّار من أمِّها أمِّ سلمة؛ إرادة لبناء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّها كانت تشتغل بها عن ذلك، أخرجه الحاكم في ترجمة أمِّ سلمة، انتهى، وقد رأيته في (النِّكاح) في «تلخيص المستدرك» سندًا ومتنًا مثلَ الذي في ترجمتها؛ فاعلمه، وقد رأيت في (فضائل القرآن) من «المستدرك» عن فروة بن نوفل الأشجعيِّ عن أبيه: «وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم دفع إليه بنت أمِّ سلمة، وقال: «إنَّما أنت ظئري»، قال: فقدمت عليه، فقال: «ما فعلتِ الجويرية [1]؟»، قلت: عند أمِّها ... »؛ الحديث، والله أعلم، وكذا قال حافظٌ مصريٌّ متأخِّرٌ: هي زينب بنت أمِّ سلمة، كما في «مسند أحمد»، «والمستدرك»، والمدفوعة إليه عمَّار بن ياسر، وكان أخا أمِّ سلمة من الرضاعة، ثُمَّ ظهر لي أنَّ الصوابَ نوفلُ بن معاوية الديليُّ، كما أخرجه الحاكم في «المستدرك»، وبيَّنتُه في «تغليق التعليق»، انتهى.

قوله: (وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ ابْنَتِهِ ابْنًا): يعني به: الحسن بن عليِّ بن أبي طالب، قال عليه السلام: «إنَّ ابني هذا سيِّدٌ».

==========

[1] في (أ): (الجورية)، والمثبت من مصدره.

(1/9282)

[حديث: لو لم تكن ربيبتي ما حلت لي]

5106# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ أنَّ (الحُمَيديَّ) بِضَمِّ الحاء، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة مرارًا، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة، و (أَبُوه): عروة بن الزُّبَير، و (زَيْنَب) هذه: هي بنت أبي سلمة عبدِ الله بن عبد الأسد، تَقَدَّمَتْ، و (أُمُّ حَبِيبَةَ): رملة بنت أبي سفيان، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وتَقَدَّمَتْ قريبًا، وهي أمُّ المؤمنين رضي الله عنها.

قوله: (هَلْ لَكَ فِي بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ؟): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ في «مسلم»: أنَّ اسمها عزَّة، انتهى، وقيل: دُرَّة، وقيل: حمنة.

قوله: (بِمُخْلِيَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه وضبطُه قريبًا.

قوله: (مَنْ شَرِكَنِي): هو بكسر الراء.

قوله: (قَالَ: أَبِنْتَ [1] أُمِّ سَلَمَةَ؟!): (بنتَ): مَنْصوبٌ، ونصبه معروفٌ، وقبلها همزة الاستفهام، وهو استفهامُ إنكارٍ، وبنت أمِّ سلمة المشار إليها: تَقَدَّمَ أنَّ اسمها دُرَّة، وأنَّه سيجيء قريبًا أنَّها دُرَّة، وكذا مرَّة أخرى قريبًا أنَّها دُرَّة، وكذا جاءت مسمَّاةً في «مسلم».

قوله: (لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي؛ مَا حَلَّتْ لِي ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وأنَّها حَرُمت عليه لشيئين، فإذا تخلَّف أحدهما؛ حرمت بالآخَر، و (ثُوَيْبَة): تَقَدَّمَ الكلام على ضبطها، وأنَّ الصَّحيح أنَّها لم تُسلِم، ومولاة مَنْ.

قوله: (تَعْرِضْنَ): هو بفتح أوَّله، وكسر ثالثه؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ ... ) إلى آخره: هذا هو الليث بن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (هشام): هو ابن عروة المذكورُ في سند الحديث، وهذا تعليقٌ مجزومٌ به، فهو على شرطه إلى المعلَّق عنه، والباقي قد يكون، وقد لا يكون، وهذا على شرطه، والله علم، وتعليق الليث عن هشام لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم أرَ تخريجَه في كلام شيخِنا.

قوله: (دُرَّةَ بِنْتَ [2] أُمِّ [3] سَلَمَةَ): (دُرَّةَ): مَنْصوبٌ مفعول (يخطبُ) الذي قبله، و (بنتَ): مَنْصوبٌ أيضًا، ونصبه معروفٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ابنَةَ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (درَّةُ بنتُ).

(1/9283)

[3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (أبي).

[ج 2 ص 408]

(1/9284)

[باب: {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف}]

(1/9285)

[حديث: فوالله لو لم تكن في حجري ما حلت لي ... ]

5107# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن سعد، و (عُقَيْل): هو ابن خالد، وهو بِضَمِّ العين، وفتح القاف، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (زَيْنَب بِنْت [1] أُمِّ [2] سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ قريبًا وبعيدًا، وكذا أمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ بنِ المغيرة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وأبوها: أَبُو سَلَمَة عبدُ الله بن عبد الأسد رضي الله عنه، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة، و (أُمُّ حَبِيْبَةَ): أمُّ المؤمنين رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حربٍ، و (أُخْتُهَا): بنت أبي سفيان، تَقَدَّمَ قريبًا أنَّها عَزَّة، وماذا قيل فيها.

قوله: (بِمُخْلِيَةٍ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه ومعناه.

قوله: (إِنَّ ذَلِكِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا.

قوله: (بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟): (بنتَ): بالنصب، ونصبها معروفٌ، و (أمُّ سلمة): تَقَدَّمَ قريبًا أعلاه وبعيدًا أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ أنَّها آخر أمَّهات المؤمنين موتًا، تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين، رضي الله عنهما.

قوله: (فِي حَجْرِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء وكسرها.

قوله: (مَا حَلَّتْ لِي ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ قريبًا معناه: أنَّها حرمت عليَّ لشيئين، فلو تخلَّف أحدهما؛ حرمت بالآخر.

قوله: (أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ): تَقَدَّمَ الكلام على (أبي سلمة)، وأنَّه عبد الله بن عبد الأسد رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ الكلام على (ثُوَيبة) ضبطًا وترجمةً، وأنَّ الصَّحيح: أنَّها لم تسلم.

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (ابْنَةَ).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أبي).

[ج 2 ص 408]

(1/9286)

[باب: لا تنكح المرأة على عمتها]

قوله: (بَابٌ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المرأةُ): مرفوعة نائبة مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 408]

(1/9287)

[حديث: نهى رسول الله أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها]

5108# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقبه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، أحد الأعلام، و (عَاصِمٌ) بعده: هو عاصم بن سليمان الأحول، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، و (الشَّعْبيُّ): بفتح الشين، وكذا (شَراحيل) بفتحها، تَقَدَّمَ، و (جَابِر): هو جابر بن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ رضي الله عنه.

[ج 2 ص 408]

قوله: (أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المرأةُ): بالرفع، نائبة مناب الفاعل.

قوله: (وَقَالَ دَاوُدُ وَابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (داود)؛ فهو ابن أبي هند، وأمَّا تعليقه؛ فأخرجه أبو داود في (النِّكاح) عن النُّفيليِّ، عن زهير، عن داود نحوه به، والتِّرْمِذيُّ فيه عن الحسن بن عليِّ، عن يزيد بن هارون، عن داود نحوه، وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنَّسَائيُّ فيه عن إسحاق بن إبراهيم، عن مُعتمر بن سليمان، عن داود نحوه.

وأمَّا (ابن عون)؛ فهو عبد الله بن عون بن أرطبان، تَقَدَّمَ، وتعليقه أخرجه النَّسَائيُّ موقوفًا عن مُحَمَّد بن عبد الأعلى الصنعانيِّ، عن خالد _يعني: ابن الحارث_، عن ابن عون، عن الشَّعْبيِّ، عن أبي هريرة، والله أعلم.

(1/9288)

[حديث: لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها]

5109# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ.

قوله: (لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا): (يُجمَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 409]

(1/9289)

[حديث: نهى النبي أن تنكح المرأة على عمتها والمرأة وخالتها.]

5110# 5111# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، و (عبدان) لقبٌ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (قَبِيصَةُ): بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ.

قوله: (أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ): (تُنكَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (المرأةُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَنُرَى خَالَةَ أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ؛ لأَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ): (نُرَى): نظنُّ، وهو بِضَمِّ النون، وقائل ذلك هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم المذكورُ في السند، وهذا قد يعرفه بعضُهم من قوله: (لأنَّ عروة حدَّثني)، وقد ميَّز ذلك مسلمٌ في روايته وزاد فقال: (قال ابن شهاب: فنُرَى خالة أبيها وعمَّة أبيها بتلك المنزلة)، انتهى، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال شيخنا: هذا الاستدلال من الزُّهريِّ غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّه استدلَّ على تحريم مَن حَرُمت بالنسب، فلا حاجة إلى تشبيهها بما حَرُم من الرضاع، انتهى، وقال غيره: إنَّما صار إلى ذلك؛ لأنَّه حمل الخالة والعمَّة على العموم، وهو صحيحٌ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 409]

(1/9290)

[باب الشغار]

قوله: (بَابُ الشِّغَارِ): هو بكسر الشين وتخفيف الغين المعجمتين، نكاحٌ معروفٌ في الجاهليَّة، كان يقول الرجل للرجل: شاغرني؛ أزوِجْنِي أختَك، أو بنتَك، أو مَن تلي أمرها؛ حتَّى أزوَّجك أختي، أو بنتي، أو مَن ألي أمرها، ولا يكون بينهما مهرٌ، ويكون بُضع كلِّ واحدة منهما في مقابله بُضع الأخرى، وقيل له: شِغار؛ لارتفاع المهر بينهما، من شغرَ الكلبُ؛ إذا رفع إحدى رجليه ليبول، وقيل: الشغر: البُعد.

==========

[ج 2 ص 409]

(1/9291)

[حديث: أن رسول الله نهى عن الشغار]

5112# قوله: (وَالشِّغَارُ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ ... ) إلى آخره: تفسير الشِّغار في هذا الحديث من قول مالكٍ، نصَّ على ذلك الخطيبُ البغداديُّ، وقال: ميَّز ذلك القعنبيُّ وابن مهديٍّ ومحرز بن عون في روايتهم عن مالكٍ، انتهى، وبيَّنه أيضًا معْنٌ في روايته عن مالكٍ، وجاء أيضًا مفسَّرًا من قول بُنْدَار، وفي «البُخاريِّ» «ومسلمٍ» مفسَّرًا من قول نافع، ونقل شيخنا رحمه الله عن الشَّافِعيِّ أنَّه قال: لا أدري تفسير الشِّغار في الحديث مِن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أو مِن ابن عُمر، أو مِن نافعٍ، أو مِن مالكٍ؟ انتهى.

==========

[ج 2 ص 409]

(1/9292)

[باب: هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد؟]

(1/9293)

[حديث: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل]

5113# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) الأصحُّ فيه التخفيفُ، وتَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق ما يقطع النزاعَ فيه مُطَوَّلًا، وأنَّه بالتخفيف، و (ابْنُ فُضَيْلٍ): بِضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمة، واسمه مُحَمَّد، و (هِشَامٌ) هذا: هو ابن عروة بن الزُّبَير، وهذا معروفٌ عند أربابه.

قوله: (كَانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) الكلامُ على مَن وهبت نفسها، أو قيل: إنَّها وهبت، ومنهنَّ خولة بنت حكيم، و (حَكِيم)؛ بفتح الحاء، وكسر الكاف: ابن أُمَيَّة، السُّلَمِيَّة، أمُّ شريك، زوجُ عثمان بن مظعون، قال عروة بن الزُّبَير: كانت ممَّن وهبت نفسها للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، روى عنها عروة، وسعد بن أبي وقَّاص، وسعيد بن المُسَيّب، وأرسل عنها عُمر بن عبد العزيز ومُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان، وكانت صالحةً فاضلةً، ويُقال لها: خُوَيْلَة، أخرج لها مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، رضي الله عنها.

قوله: (أَنْ تَهَبَ): هو بفتح الهاء، تَقَدَّمَ، وهذا معروفٌ.

قوله: (رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ ... ) إلى آخره: أمَّا (أبو سعيد المؤدَّب): فهو مُحَمَّد بن مسلم بن أبي الوضَّاح المثنَّى القضاعيُّ، أبو سعيد المؤدَّب؛ من الأَدَب، نزيل بغداد، عن عبد الكريم بن مالك، وحمَّاد بن أبي سُليمان، وهشام بن عروة، وجماعةٍ، وعنه: عبد الرحمن بن مهديٍّ، وأبو داود الطيالسيُّ، وآخرون، وَثَّقَهُ أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، وأبو داود، قال يعقوب الفسويُّ: هو مؤدِّب موسى الهادي، وأمَّا البُخاريُّ؛ فقال: فيه نظرٌ، تُوُفِّيَ أبو سعيد في خلافة موسى ببغداد، وكانت خلافة موسى من المحرَّم سنة تسع وستِّين ومئة إلى ربيع الأوَّل من سنة سبعين ومئة، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ والأربعة، له ترجمة في «الميزان»، وما رواه عن هشام لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة، بل ولا له رواية عن هشام به في الكُتُب السِّتَّة، ولم يخرِّجه شيخنا أيضًا.

(1/9294)

وأمَّا (مُحَمَّد بن بِشْر)؛ فهو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وليس في الكُتُب السِّتَّة راوٍ يقال له: مُحَمَّد بن بُسر؛ بِضَمِّ الموحَّدة، وبالسين المُهْمَلة، و (مُحَمَّد بن بشر) هذا: عبديٌّ، كنيته أبو عبد الله، ثبت، عن هشام بن عروة وخلقٍ، وعنه: عبدٌ وأحمد بن الفرات، قال أبو داود: هو أحفظ مَن كان بالكوفة، مات سنة (203 هـ)، أخرج له الجماعة، ووَثَّقَهُ ابن معين، وما رواه مُحَمَّد بن بشر عن هشام به؛ فلم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا أيضًا.

وأمَّا (عبْدة)؛ فهو بإسكان الموحَّدة، هو ابن سليمان، تَقَدَّمَ، وتعليق عبْدة رواه مسلمٌ وابن ماجه؛ جميعًا عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن عبْدة به.

(1/9295)

[باب نكاح المحرم]

(1/9296)

[حديث ابن عباس: تزوج النبي وهو محرم]

5114# قوله: (أَخْبَرَنَا عَمْرٌو): هذا هو عَمرو بن دينار المَكِّيُّ، تَقَدَّمَ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ): هو أبو الشَّعثاء، تَقَدَّمَ.

قوله: (تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ مُحْرِمٌ): هذه الزوجة هي ميمونة بنت الحارث الهلاليَّة، خالة ابن عَبَّاس وخالد بن الوليد، تَقَدَّمَتْ، وتَقَدَّمَ الكلام هل كان عليه السلام مُحرِمًا أم لا _وهو الأصحُّ_ مُطَوَّلًا، ومتى تزوَّجها، ومتى تُوُفِّيَت، وأين تُوُفِّيَت؛ فانظر ذلك في (الحجِّ).

==========

[ج 2 ص 409]

(1/9297)

[باب نهي رسول الله عن نكاح المتعة آخرًا]

قوله: (بَابُ نَهْيِ النَّبِيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ آخِرًا): قد اختُلِف متى حُرِّم نكاح المتعة على سبع روايات: (خيبر، حُنين، الفتح، أَوطاس، تبوك، عُمرة القضاء، حجَّة الوداع)، قال شيخنا: والجمع متعيَّن؛ فيكون مَرَّاتٍ، ثُمَّ استقرَّ النَّهْيُ، كذا قال، وفيه ما فيه، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه في (غزوة خيبر) بكلامٍ حَسَنٍ؛ فانظره، والله أعلم، وأنَّ الصواب أنَّها حُرِّمَت زمن الفتح، قال ابن قَيِّم الجَوزيَّة الحافظُ شمسُ الدين قال: سمعت شيخ الإسلام ابنَ تيمية يقول: نكاح المتعة خيرٌ من نكاح التحليل من عشرة وجوهٍ: أحدها: أنَّ نكاح المتعة كان مشروعًا في أوَّل الإسلام، ونكاح التحليل لم يُشرع في زمنٍ من الأزمان،

[ج 2 ص 409]

(1/9298)

الثاني: أنَّ الصَّحابة تمتَّعوا على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يكن في الصَّحابة مُحَلِّلٌ قطُّ، الثالث: أنَّ نكاح المتعة مختلف فيه بين الصَّحابة؛ فأباحه ابنُ عَبَّاس وإن [2] قيل: إنَّه رجع عنه، وأباحه ابن مسعود، ثُمَّ ساق حديثه في «الصَّحيحين»: كنَّا نغزو مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليس لنا نساءٌ ... ، ثُمَّ قال: رخَّص لنا أن ننكحَ المرأةَ بالثوب إلى أجلٍ، ثُمَّ قرأ عبد الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ} [المائدة: 87]»، وفتوى ابنِ عَبَّاس بها مشهورةٌ، ثُمَّ قال: الرابع: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يجِئْ عنه في لعن المستمتِع والمستمتَع بها حرفٌ واحدٌ، وجاء عنه في لعن المحلِّل والمحلَّل له وعن الصَّحابة ما تَقَدَّمَ _يعني: الأحاديثَ التي ذكرها، وآثارًا عن الصَّحابة [قد] ذكرها [3]_ الخامس: أنَّ المستمتِع له غرضٌ صحيحٌ في المرأة ولها غرضٌ معه مدَّةَ النِّكاح، فغرضه المقصود بالنِّكاح مدَّة، والمحلِّل لا غرضَ له سوى أنَّه مستعارٌ للضِّراب؛ كالتَّيس، فنكاحه غير مقصودٍ له، ولا للمرأة، ولا للوليِّ، وإنَّما هو كما قال الحسن: مسمارُ نارٍ في حدود الله، وهذه التسمية مطابقةٌ للمعنى، قال شيخ الإسلام: يريد الحسن: [أنَّ المسمار] هو [4] الذي يثبِّت الشيءَ المسمورَ، وكذلك هذا يثبِّت المرأةَ لزوجها وقد حرَّمها الله عليه، السادس: أنَّ المستمتِع لم يَحْتَلْ على تحليل ما حرَّم الله، فليس من المخادعين الذين يخادِعون الله؛ كما يخادِعون الصبيان؛ بل هو ناكحٌ ظاهرًا وباطنًا، والمحلِّل ماكرٌ مخادعٌ متَّخذٌ آيات الله هزوًا، ولذلك جاء في وعيده ولعنِه ما لم يجِئ في وعيد المستمتِع مثلُه، ولا قريبٌ منه، السابع: أنَّ المستمتع يريد المرأة لنفسه، وهذا هو سرُّ النِّكاح ومقصودُه، فيريد بنكاحه حلَّها له، ولا يطؤها حرامًا، والمحلِّل لا يريد حلَّها لنفسه، وإنَّما يريد حلَّها لغيره، ولهذا سُمِّيَ مُحَلِّلًا، وأين مَن يريد أن يحلَّ له وطء امرأةٍ يخاف أن يطأها حرامًا إلى مَن لا يريد ذلك، وإنَّما يريد بنكاحها أن يُحِلَّ وطأها لغيره؟! فهذا ضدُّ شرع الله ودِينِه، وضدُّ ما وُضِع له النِّكاح، الثامن: أنَّ الفِطَر السليمة ... ) إلى آخر كلامه، فذكر اثنَي عشرَ وجهًا، فإن أردتها؛ فانظرها، فإنَّ الكلام طال بنا فيها، والله أعلم.

(1/9299)

[حديث: إن النبي نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية]

5115# قوله: (أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه المسألةِ في (غزوة خيبر) مُطَوَّلًا؛ فانظره، فإنَّه حَسَنٌ.

==========

[ج 2 ص 410]

(1/9300)

[حديث: سئل ابن عباس عن متعة النساء فرخص]

5116# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَبُو جَمْرَةَ): بالجيم والراء، تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه نصر بن عِمران الضُّبَعِيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (فَرَخَّصَ): أي: رخَّص فيها، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ): هذا المولى لا أعرفه، والله أعلم، قال بعض المتأخِّرين من الحُفَّاظ: هو عكرمة، ولم يذكر [مستنده] في هذا.

==========

[ج 2 ص 410]

(1/9301)

[حديث: إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا]

5117# 5118# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ الحافظُ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيينة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المَكِّيُّ، و (الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ) بعده: هو الحسن بن مُحَمَّد بن عليِّ بن أبي طالب، المعروف أبوه بابن الحنفيَّة، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّه أوَّل المرجئة، وله في ذلك تأليفٌ.

قوله: (كُنَّا فِي جَيْشٍ، فَأَتَانَا رَسُولُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرسول لا أعرف اسمه، وقد قَدَّمْتُ الروايات في تحريمها متى كانت قريبًا، وما الصَّحيح في ذلك في (خيبر) وقريبًا.

قوله: (قَدْ أُذِنَ لَكُمْ): (أُذِن): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/9302)

[معلق ابن أبي ذئب: أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما]

5119# قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن أبي ذئبٍ، أحد الأعلام، وتعليقه هذا ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: (أسنده الإسماعيليُّ عن ابن ناجية: حدَّثنا أبو موسى مُحَمَّد بن المثنَّى _لفظه_ وبُنْدَار وحميد بن زنجويه: حدَّثنا أبو عاصم الضَّحَّاك بن مخْلد عن ابن أبي ذئب عن إياس بلفظ: (أيَّما رجل وامرأة أيَّام الحجِّ تراضيا؛ فعشرةُ ما بينهما ثلاثةُ أيَّام).

(1/9303)

[باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح]

(1/9304)

[حديث: هي خير منك رغبت في النبي فعرضت عليه نفسها]

5120# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ، و (مَرْحُومٌ) بعده: هو ابن عبد العزيز البصريُّ العطَّار، عن أبي عمران الجونيِّ، وثابت، وعنه: ابن المدينيِّ، وبُنْدَار، وأحمد بن إبراهيم الدَّورقيُّ، ثقة، عابد، متألِّه، تُوُفِّيَ سنة (188 هـ)، أخرج له الجماعة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (مرحوم بن عبد العزيز بن مِهْرَان العطَّار البصريُّ مات سنة سبع وثمانين ومئة، اتَّفقا عليه)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ وفاتَه كما ذكرته، وقد ذكرها كما ذكرتُها الذَّهَبيُّ في «التَّذهيب»، والظَّاهر أنَّها في «التَّهذيب»، وأرَّخه عن حفيده بثمانٍ وثمانين، وكذا أرَّخه في «كاشفه»، ولم يذكر وفاته عبد الغنيِّ في «الكمال»، والله أعلم، و (ثَابِت) بعده: هو ابن أسلم البنانيُّ، أبو مُحَمَّد، البصريُّ.

قوله: (تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا): (تَعرِض): بفتح أوَّله، وكسر الرَّاء، ثُلاثيٌّ، وهذا يُعرَف مِن قول البُخاريِّ: (باب عَرض).

قوله: (وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ): ابنةُ أنس هذه لا أعرف اسمها، وقال بعض الحُفَّاظ من المصريِّين: (إنَّها أمينة).

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا): تَقَدَّمَ الاختلاف فيها في (سورة الأحزاب)، وقال بعض مَن تأخَّر مِن الحُفَّاظ هنا: هي أمُّ شريك، أو خولة بنت حكيم، أو ليلى بنت قيس بن الحطيم، ثُمَّ قال: وهذا الثالث أشبه)، انتهى.

قوله: (وَاسَوْأَتَاهْ): (السَّوْءَة)؛ بفتح السِّين، وإسكان الواو، ثُمَّ همزة مفتوحة: الفعلة القبيحة.

قوله: (مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا!): (أقلَّ) و (حياءَها): منصوبان؛ تعجَّبت مِن ذلك، و (الحياء): ممدودٌ، معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التَّعليق تعريفُه في (كتاب الإيمان).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).

[ج 2 ص 410]

(1/9305)

[حديث: اذهب فالتمس ولو خاتمًا من حديد]

5121# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، واسم أبي غسَّان: مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه: سلمة بن دينار.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ [1] نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه، وأنَّه تَقَدَّمَ الاختلاف فيها في (سورة الأحزاب).

قوله: (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.

قوله: (وَلَوْ خَاتَمًا): تَقَدَّمَتْ لغاته.

قوله: (مَجْلَسُهُ): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّه بفتح اللَّام؛ أي: جلوسُه.

قوله: (أَوْ دُعِي لَهُ): (دُعِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مَعِي سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا، والجمع بين الرِّوايتين فيه.

==========

[1] زيد في (أ): (عليه)، وهو تكرارٌ.

[ج 2 ص 410]

(1/9306)

[باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير]

قوله: (بَابُ عَرْضِ الإِنْسَانِ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ): (ابنتَه): منصوبة على أنَّه مفعول المصدر، وهو (عَرْض)، و (أو أختَه): معطوف عليه.

(1/9307)

[حديث: أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة ... ]

5122# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ): تَقَدَّمَ الكلام على (تأيَّمت)؛ أي: صارت أيِّمًا، و (الأيِّم): التي لا زوج لها.

[ج 2 ص 410]

قوله: (مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ): هو بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة، هو خنيس بن حذافة بن قيس السَّهميُّ، أخو عبد الله، بدريٌّ، له هجرتان، وتأيَّمت منه حفصة، وأصابه بأُحُد جراحةٌ، فمات منها رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

قوله: (قَدْ بَدَا): هو بغير همز؛ أي: ظهر.

قوله: (فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا): (يَرْجِع): بفتح أوَّله، وكسر الجيم [1]، متعدٍّ، وكذا قوله: (فَلَمْ أَرْجِعْ)؛ بفتح الهمزة، وكسر الجيم، وكذا (أَنْ أَرْجِع)، قال الله تعالى: {فَإِن رَّجَعَكَ اللهُ} [التوبة: 83]، وغير ذلك.

قوله: (كُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيْهِ): أي: أغضب.

قوله: (لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أي: لأُظهرَ وأُذيعَ.

(1/9308)

[حديث: أعلى أم سلمة لو لم أنكح أم سلمة ما حلت لي]

5123# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام، و (يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، و (زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَت [1]، وأنَّ أباها عبد الله بن عبد الأسد، صَحَابيٌّ مشهورٌ، و (أُم حَبِيْبَةَ): أمُّ المؤمنين رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب.

قوله: (دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ قريبًا رضي الله عنها.

قوله: (أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟): تَقَدَّمَ أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها.

قوله: (لَوْ لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ؛ مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: أنَّها حرُمت عليَّ لشيئين، فإن تخلَّف أحدهما؛ حَرَّم الآخر، وتَقَدَّمَ أنَّ أباها أبا سلمة رضع معه عليه السَّلام من ثويبة مولاة أبي لهب.

==========

[1] في (أ): (تقدَّم)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 411]

(1/9309)

[باب قول الله جل وعز: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة ... }]

(1/9310)

[حديث ابن عباس: إني أريد التزويج ولوددت أنه تيسر ... ]

5124# قوله: (وَقَالَ لِي طَلْقُ بنُ غَنَّامٍ [1]): تَقَدَّمَ أنَّ قول البُخاريِّ: قال لي فلان؛ مثل: حدَّثني (فلان)، و (غَنَّام): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الغين المُعْجَمة، وتشديد النُّون، و (طلقٌ): نخعيٌّ، وهو ابن عمِّ حفص بن غياث، وكاتب شريك القاضي، روى عن شيبان، ومالك بن مغول، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ، وعَبَّاس الدُّوريُّ، وعِدَّة، مات سنة (211 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، قال أبو داود: صالح، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (زَائِدَةُ) بعده: هو ابن قُدامة، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر.

قوله: (وَقَالَ الْقَاسِمُ): هو أحد الفقهاء السبعة، وهو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، أبو مُحَمَّد رحمه الله، مشهور الترجمة.

قوله: (إِنَّكِ عَلَيَّ كَرِيمَةٌ): (إنَّكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمُؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وكذا (فِيكِ)، وكذا (إِلَيكِ).

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (يُعَرِّضُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وتشديد الرَّاء المكسورة، وهذا يُعرَف من الآية: {فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ} [البقرة: 235].

قوله: (وَلَا يَبُوحُ)؛ أي: لا يُصرِّح ولا يُظهِر غرضَه، وعن الجرجانيِّ: (ولا يتزوَّج) عوض (ولا يبوح)، وهو تصحيف منه، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (وَأَبْشِرِي): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وكسر الشين، رُبَاعيٌّ.

قوله: (وَلَا تَعِدُ): هو بكسر العين؛ من الوعْدِ.

قوله: (وَلَا يُوَاعِدُ وَلِيُّهَا): (وليُّها): مَرْفوعٌ فاعل (يواعد).

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذه صيغة تمريض، فلم يصحَّ عنده على شرطه عن ابن عَبَّاس، قال شيخنا: (أخرجه إسماعيل بن أبي زياد في «تفسيره» عن جُويبر، عن الضَّحَّاك، عنه)، انتهى، ولهذا مرَّضه البُخاريُّ، وقد قَدَّمْتُ ترجمة جُويبر وأنَّه متروك، وقَدَّمْتُ ترجمة الضَّحَّاك، وفيه مقالٌ، لهما ترجمتان في «الميزان».

==========

[1] (بن غنام): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزِّيادة.

[ج 2 ص 411]

(1/9311)

[باب النظر إلى المرأة قبل التزويج]

(1/9312)

[حديث: رأيتك في المنام يجيء بك الملك في سرقة من حرير]

5125# قوله: (رَأَيْتُكِ فِي الْمَنَامِ): تَقَدَّمَ في هذا «الصَّحيح» أنَّه رآها في المنام مرَّتين، وذكرت أنا أنَّ في «مسلم»: رآها ثلاث مَرَّاتٍ، وذكرت أنَّه قد يؤخذ ذلك من البُخاريِّ مِن بعض رواياته، وذكرت جمعًا في ذلك فيما مضى؛ فانظره في أوائل (النِّكاح).

قوله: (يَجِيءُ بِكِ الْمَلَكُ): تَقَدَّمَ أنَّه جبريل صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (فِي سَرَقَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (السَّرقة)، وعلى قوله: (إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ يُمْضِهِ).

==========

[ج 2 ص 411]

(1/9313)

[حديث: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا]

5126# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): هذا هو يعقوب بن عبد الرحمن القاريُّ، و (أَبُو حَازِم)؛ بالحاء المُهْمَلة: سلمة بن دينار.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ): هذه تَقَدَّمَ الكلام عليها في (سورة الأحزاب).

قوله: (فَصَعَّدَ النَّظَرَ [1] ... وَصَوَّبَهُ): تَقَدَّمَ أنَّهما مُشدَّدان.

قوله: (ثُمَّ طَأْطَأَ): تَقَدَّمَ أنَّه مهموز، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمه، وكذا تَقَدَّمَتْ لغات (الخَاتَم)، وكذا (مَجْلَسُهُ): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّه بفتح اللَّام، مصدرٌ، و (فَدُعِيَ): أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (سُورَةَ كَذَا وَسُورَةَ كَذَا)، تَقَدَّمَ الكلام عليهما ما هما.

(1/9314)

[باب من قال: لا نكاح إلَّا بولي ... ]

(1/9315)

[حديث عائشة: أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة ... ]

5127# قوله: (قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو يحيى بن سليمان بن سعيد بن مسلم الجعفيُّ المقرئُ، أبو سعيد، الكوفيُّ، نزيل مصر، عن الدَّراورديِّ، والمحاربيِّ، وأبي بكر بن عيَّاش، وابن وهب، وابن عُلَيَّةَ، وطبقتِهم، وعنه: البُخاريُّ، وأبو زرعة، والحسن بن سفيان، وخلق، قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وأمَّا النَّسَائيُّ؛ فقال: ليس بثقة، قال ابن يونس: تُوُفِّيَ سنة سبع وثلاثين ومئتين، أخرج له البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريُّ إذا قال: (قال فلان) وفلان شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، وقد ذكره بعد التَّحويل عن أحمد بن صالح بـ (حدَّثنا)، و (ابنُ وَهْبٍ): عبد الله بن وهب، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على (أَحْمَد بْن صَالِحٍ): أنَّه أبو جعفر ابن الطَّبريِّ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (عَنْبَسَةُ) بعده: هو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، والله أعلم.

[ج 2 ص 411]

قوله: (أَنَّ [1] النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ): قال شيخنا: (قال الدَّاوديُّ: بقي على عائشة رضي الله عنها نحوٌ لم تذكره، وذكره الله تعالى في كتابه في قوله: {وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النِّساء: 25]، كانوا يقولون: ما استَتَر؛ فلا بأس به، وما ظهر؛ فيه لوم، ونكاح المتعة أيضًا أهمله، وفي «الدَّارقطنيِّ»: (عن أبي هريرة رضي الله عنه: كان البدلُ في الجاهليَّة أن يقول الرجل للرجل: تنزِلُ لي عن امرأتك، وأنزل لك عن امرأتي وأزيدك)، انتهى.

قوله: (فَيُصْدِقُهَا): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الدال، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (مِنْ طَمْثِهَا): (الطَّمْث)؛ بفتح الطاء المُهْمَلة، وإسكان الميم، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة: الحيضُ، وقد قَدَّمْتُ أسماء الحيض في (الحيض).

قوله: (أَرْسِلِي): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وهذا معروف.

قوله: (فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ): هو بالضاد المُعْجَمة، والعين المُهْمَلة، والبُضع؛ بِضَمِّ الموحَّدة: الفرج، والبُضع أيضًا والمباضعةُ: اسم الجماع، ومنه: نكاح الاستبضاع، وكان الرجلُ يقول لامرأته: استبضعي مِن فلان؛ أي: اطلبي ذلكِ منه؛ للولد.

(1/9316)




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لقد أبطل الله كل طلاق سبق علي تنزيل طلاق سورة الطلاق 5هـ

  المقدمة الأولي /التفصيل القريب و الصواب في التفصيل الاتي 1= نزلت أحكام الطلاق في ثلاث سور قرانية أساسية تُشرِّع قواعده علي المُدرَّج ال...