سورة الطلاق مشاري

**

 المصحف المرتل ختمة كاليفورنيا

** ///

طلاق سورة الطلاق  إعجازٌ وضعه الله في حرفٍ.حيث وضع الله الباري إعجاز تبديل أحكام الطلاق التي كانت  في سورة البقرة 2هـ  إلي أحْكَمِ  أحكامها  في  سورةِ الطلاقِ 5هـ لينتهي كل متشابهٍ  وظنٍ وخلافٍ واختلافٍ  إلي الأبد وحتي يوم القيامة ..وسورة الطلاق5هـ نزلت بعد سورة البقرة2هـ بحوالي عامين ونصف تقريباً يعني ناسخة لأحكام طلاق سورة البقرة2هـ .

الأربعاء، 5 أبريل 2023

ج3وج4.التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

    ج3. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

    الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

    [باب إذا رأت المستحاضة الطهر]

    قوله: (الصَّلَاةُ أَعْظَمُ): مرفوعان، مبتدأ وخبر؛ أي: الصَّلاة أعظم من إتيان زوجها إيَّاها، والإتيان: الوطء.

    ==========

    [ج 1 ص 135]

    (1/863)

    [حديث: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة]

    331# قوله: (عن زُهَيْرٍ): تقدَّم أنَّه ابن معاوية أبو خيثمة، الحافظ، شيخ الجزيرة.

    تنبيه: لهم زهير آخر، يروي عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، وهو ابن محمَّد التَّيميُّ المروزيُّ، روى له الأئمَّة السِّتَّة، لكنَّ البخاريَّ لَمْ يرو له عن هشام عن عروة عن عائشة، ولا مُسْلِم، إنِّما روى له بهذه الطَّريق التِّرمذيُّ وابن ماجه حديثًا: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يسلِّم في الصَّلاة تسليمةً تلقاء وجهه)، وله حديث آخر بهذه الطَّريق في «ابن ماجه»: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام خَطَبَ النَّاس يوم الجُمُعَةِ، فَرَأَى عليهم ثِيَابَ النِّمَارِ ... )؛ الحديث، والله أعلم.

    قوله: (إِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ): تقدَّم أنَّ الفتح في الحاء أظهر، وتقدَّم ما فيها قبل هذا بقليل [1]، وهي هنا في أصلنا مكسورة الحاء بالقلم.

    (1/864)

    باب الصلاة على النفساء وسنتها]

    (باب الصَّلاَةِ عَلَى النُّفَسَاءِ) ... إلى (كتاب التَّيمُّم)

    [ج 1 ص 135]

    قال ابن المُنَيِّر: (ظنَّ الشَّارح _يعني: ابن بطَّال_ أنَّ مقصود التَّرجمة التَّنبيه على أنَّ النُّفساء طاهرة العين لا نجسة؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام صلَّى عليها، فأوجب لها بصلاته حكم الطَّهارة، فينقاس المؤمن الطَّاهر مطلقًا عليها في أنَّه لا ينجس، وذلك كلُّه أجنبيٌّ عن مقصوده، وإنَّما قصد أنَّها وإن ورد أنَّها من الشُّهداء؛ فهي ممَّن يصلَّى عليها؛ كغير الشَّهداء، وأراد التَّنبيه على أنَّها ليست بنجسة العين، لا [1] لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام صلَّى عليها، فإنَّ هذا ليس من خصائصه، بل شيء سنَّه [2] لأمَّته عمومًا بالصَّلاة على الميِّت في الجملة تزكيةً له، ولو كان جسد المؤمن نجسًا؛ لكان حكمه أنَّ يُطرَح إطراح الجيفة [3]، ويبعد ولا يُوَقَّر بالغسل والصَّلاة وغير ذلك من الحرمة، والله أعلم) انتهى [4]

    ==========

    [1] (لا): في (ج).

    [2] في (ب): (سُنَّ)، وفي (ج): (منه).

    [3] في (ب): (الحيضة).

    [4] (انتهى): ليس في (ج).

    (1/865)

    [حديث: أن امرأةً ماتت في بطن فصلى عليها النبي فقام وسطها]

    332# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي [1] سُرَيْجٍ): هو بالسِّين المهملة، وفي آخره جيم، واعلم أنَّ كلَّ ما في «الصَّحيحين» و «الموطَّأ»: شريح؛ بالشِّين المعجمة، وفي آخره حاء مهملة، إلَّا ثلاثة أشخاص، وهم: هذا أحمد بن أبي سريج، وسريج بن يونس، وسريج بن النُّعمان، وأحمد هذا كنية أبيه أبو سريج، واسمه الصَّبَّاح، وكنية أحمد أبو جعفر النَّهشليُّ الرَّازيُّ المقرئ، وقيل: أحمد بن عمر بن أبي سريج الصَّبَّاح، يروي عن وكيع، ومروان بن معاوية، ويحيى القطَّان، وابن عليَّة، وأبي معاوية، وشعيب بن حرب، وشبابة، وطائفة، وقرأ القرآن على الكسائيِّ، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعليُّ بن الحسين بن الجنيد، وأبو بكر بن أبي داود، وطائفة سواهم، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، وأخرج له من أصحاب الكتب السِّتَّة من أخذ عنه، وقال أبو حاتم: صدوق، ولم يذكر له وفاةً المِزِّيُّ، ولا الذَّهبيُّ، ولا من قبلهما؛ مثل: ابن قانع وابن زبر، لكنِّي رأيت بخطِّ الحافظ أبي الفتح اليعمريِّ المشهور بابن سيِّد النَّاس على حاشية «الكمال» لعبد الغنيِّ المقدسيِّ: (توفِّي بعد «240 هـ») انتهى.

    قوله: (أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ): هو ابن سوَّار _بتشديد الواو_ الفزاريّ مولاهم، أبو عمرو المدائنيُّ، يقال: اسمه مروان، ولقبه: شبابة، عن يونس بن أبي إسحاق، وحَرِيز بن عثمان، وعنه: أحمد، وعَبَّاس الدُّوريُّ، وكان مرجئًا صدوقًا، قال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، تُوفِّي سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد ذكره في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقال في أوَّل ترجمته: (صدوق مُكثِر، صاحب حديث، فيه بدعة)، ثُمَّ ذكر كلام النَّاس فيه، انتهى، وقد ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وقال: (مستقيم الحديث).

    تنبيه: ليس في الكتب السِّتَّة من يقال له: شبابة سواه، وكذا ليس في مصنَّفاتهم، ولا في «الميزان»، ولا في «ثقات ابن حِبَّان»، ولا في «الجرح والتَّعديل» لابن أبي حاتم، والله أعلم.

    (1/866)

    قوله: (عن ابنِ بُرَيْدَةَ): تقدَّم أنَّه عَبْد الله بن بريدة بن الحُصَيْب [2]، قاضي مرو وعالمها [3]، عن أبيه، وعمران بن حُصَين، وعائشة، وسمُرة، وعنه: مالك بن مِغْوَل، وحسين بن واقد، وأبو هلال، ثقة، وُلِد عام اليرموك سنة خمسَ عشرةَ، ومات سنة (115 هـ)، وله مئة سنة، قال ابن مَعِين وأبو حاتم: ثقة، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

    قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ في بَطْنٍ ... )؛ الحديث: هذه المرأة هي أمُّ كعب، كما في «مُسْلِم» و «النَّسائيِّ»، وهي أنصاريَّة.

    قوله: (فَقَامَ وَسَطَهَا): تقدَّم الكلام على الوسْط، وأنَّه يقال بالسُّكون والفتح [4] في (باب من بدأ بالحلاب والطِّيب عند الغسل).

    ==========

    [1] (أبي): سقطت من (ج).

    [2] في (ب): (الخصيب).

    [3] (قاضي مرو وعالمها): ليس في (ج).

    [4] في (ب): (بالفتح والسكون).

    [ج 1 ص 136]

    (1/867)

    [باب عين الحائض والنفساء طاهرة]

    (1/868)

    [حديث ميمونة: أنها كانت تكون حائضًا لا تصلي وهي مفترشة]

    333# قوله: (حَدَّثَنَا الحَسَنُ [1] بْنُ مُدْرِكٍ): تقدَّم أنَّ مُدرِكًا؛ بكسر الرَّاء: اسم فاعل من أدرك.

    قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ مِنْ كِتَابِهِ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّ اسمه الوضَّاح بن عَبْد الله اليشكريُّ، الحافظ، المُتقِن لكتابه [2]، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ): تقدَّم أنَّه بالشِّين المعجمة، وأنَّ اسم أبيه فيروز، وقيل: خاقان، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (بِحِذَاءِ): أي: بإزاء؛ ومعناه: قُبَالتُه.

    قوله: (مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أي: مكان سجوده، ليس المسجد المعروف.

    قوله: (على خُمْرَتِهِ [3]): هي [4] بضمِّ الخاء المعجمة، ثُمَّ ميم ساكنة، ثُمَّ راء، ثُمَّ تاء التَّأنيث؛ حصير صغير من سَعَف، سُمِّيت بذلك؛ لسترها الوجه والكفَّين من حرِّ الأرض وبردها، والجمع خمر، فإن كبرت عن ذَلِكَ؛ فهي حصير.

    ==========

    [1] في (ب): (الحسين)، وهو تحريفٌ.

    [2] في هامش (أ): (من كتابه) مصحَّحًا، وفي (ج): (بكتابه).

    [3] في (ج): (خمرة).

    [4] في (ج): (هو).

    [ج 1 ص 136]

    (1/869)

    ((7)) (كِتَابُ التَّيَمُّمِ) ... إلى (كتاب الصَّلَاةِ)

    اعلم أنَّ التَّيمُّم نزل فرضه سنة ستٍّ، وقيل: سنة أربع، كذا قالوا، وسيأتي ما فيه قريبًا، وهو رخصة، وقيل: عزيمة، وقيل: إنْ تيمَّم لعدم الماء؛ فعزيمة، أو لعذر؛ فرخصة، والله أعلم.

    ==========

    [ج 1 ص 136]

    (1/870)

    [حديث: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر]

    334# قَولُهُ: (فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ... ) إلى قوله: (انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي): اعلم أنَّ في «الصَّحيح»: أنَّ عقدها ضاع في الإفك، واتَّفق الإفك [1] في غزوة المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق، وكانت سنة ستٍّ في شعبان عند ابن إسحاق، وفي سنة أربع عند موسى بن عقبة، وفي [2] شعبان سنة خمس يوم الاثنين لليلتين خلتا منه عند ابن سعد، والخندق عنده في ذي القعدة من السَّنة، والذي ظهر لي من الأحاديث: أنَّها فقدت العقد مرَّتين؛ بدليل أنَّها استعارت قلادة من أسماء، فهلكت، ورواية: (انقطع عقدٌ لي)، فإنْ أوَّلت هذه؛ فماذا نصنع بما رواه الطَّبرانيُّ من حديثها؟ قالت: (لمَّا كان من أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا؛ خرجت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة أخرى، فسقط أيضًا عقدي حتَّى حُبِس النَّاسُ على التماسه ... ) إلى قولها: (فأنزل الله الرُّخصة في التَّيمُّم)، وفي «التِّرمذيِّ» و «المسند» لأحمد: (أنَّ قلادتها سقطت ليلة الأبواء، والأبواء على رأس اثني عشر شهرًا من مهاجره، وقد عيَّن ابن قيِّم الجوزيَّة: أنَّ في حديث الإفك سقط عقد لأختها) انتهى، وقد تقدَّم متى كان الإفك أعلاه، وقد تقدَّم أنَّ التَّيمُّم نزل في المريسيع سنة ستٍّ أو سنة أربع، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدي» لمَّا ذكر حديث الطَّبرانيِّ: (وهذا يدلُّ على أنَّ قصَّة العقد التي نزل التَّيمُّم لأجلها بعد هذه الغزوة _يعني: بعد المريسيع_ قال: وهو الظَّاهر، ولكن فيها كانت قصَّة الإفك بسبب فَقْد العقد والتماسه، فاشتبه على بعضهم إحدى القصَّتين بالأخرى، والله أعلم) انتهى.

    قَولُهُ: (حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ): هي بفتح الموحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، ثُمَّ همزة ممدودة: الشَّرف الذي قُدَّام ذي الحُلَيفة في طريق مكَّة، قال شيخنا: وسمَّى البكريُّ المكان: الضُّلْضُل؛ بمعجمتين، قال: وهو الصَّحيح، وسيأتي بقيَّة الكلام على (البيداء).

    (1/871)

    قَولُهُ: (أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ): هي بفتح الجيم، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ شين معجمة: من المدينة على بريد، وقال النوويُّ: (البيداء وذات الجيش: موضعان بين المدينة وخيبر [3]) انتهى، وفي ذلك نظر؛ إذ البيداء ما ذكرته لك هذا الظَّاهر، وذكره [4] غير واحد، وهو علم على ما ذكرته لك، ولكن البيداء في اللُّغة: (كلُّ مفازة لا شيء فيها، فيحتمل أنَّه أراد ذلك، والله أعلم) [5].

    [ج 1 ص 136]

    قَولُهُ: (انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي): وقد قدَّمت أنَّ في رواية: أنَّها استعارت من أسماء قلادة، فهلكت، وقد قدَّمت لك أنَّ القصَّة اتَّفقت مرَّتين فيما مضى، وذكرت لك عنِ ابن القيِّم أنَّ الذِي سقط في المريسيع عقد أختها أسماء؛ فانظر ذلك قبيل هذا، واعلم أنَّ العقد [6] الذي سقط في الإفك من جزع ظفار، كما في «الصَّحيح» كما سيأتي.

    فائدة: قال شيخنا الشَّارح: ورد في خبر: أنَّ ثمنه اثنا عشر درهمًا، كما ذكره ابن بطَّال، قال شيخنا: وقيل: كان ثمنه يسيرًا، كما حكاه [7] ابن التِّين.

    قَولُهُ: (يَطْعنُنِي): هو بضمِّ العين، ويجوز فتحها، حكاهما الجوهريُّ.

    قوله: (إِلَّا مَكَانُ): هو بالرَّفع استثناء مفرَّغ.

    قوله: (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى [8] غَيْرِ مَاءٍ): كذا في أصلنا: (فقام)؛ بالقاف، قال [9] ابن قُرقُول: (قوله في «التَّيمُّم»: «فنام [10] رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم»: كذا في «الموطَّأ»، وكذا عند ابن السَّكن، وعند المروزيِّ، وأبي [11] ذرٍّ، والنَّسفيِّ: «فقام»، وكلاهما صحيح، والأوَّل أوجه، وعند الجرجانيِّ: «فقام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى أصبح»، وهو وهم بيِّنٌ) انتهى.

    (1/872)

    قَولُهُ: (فَأَنْزَلَ الله آيَةَ التَّيَمُّمِ): اعلم أنَّه لَمْ يقل: آية الوضوء وإنْ كان في آيتي (المائدة) و (النِّساء) ذكره؛ وذلك لأنَّ الذي طرأ لهم التَّيمُّمُ؛ بدليل قوله: (وليس معهم ماء)، والله أعلم، ثُمَّ اعلم أنَّه يحتمل [12] أنَّ المرادَ الآيةُ التي تلاها البخاريُّ أوَّل الباب، وهي التي في (المائدة)، وقد ذكر البخاريُّ في (تفسير النِّساء) من حديث هشام، عن أبيه، عن عائشة قال: (هَلَكَتْ قِلَادَةٌ لِأَسْمَاءَ، فَبَعَثَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في طَلَبِهَا رِجَالًا، فَحَضَرَت الصَّلاة وَلَيْسُوا على وُضُوءٍ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَصَلَّوْا وَهُمْ [13] على غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ التَّيَمُّم)، وفي نسخة: (يَعْنِي: آيَةَ التَّيَمُّمِ)، وكذا رواه البخاريُّ في (المائدة) من حديث عَمرو _هو ابن الحارث_ عن عَبْد الرَّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة؛ فذكر الحديث، وفيه: (فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ... }؛ الآيَةَ)، وفي «الواحديِّ» ذكرها في سورة (النِّساء)، فقال: قوله تَعَالَى من سورة (النِّساء): {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6]، ثُمَّ ساق حديث البخاريِّ، وقال ابن العربيِّ فيما نقله شيخنا المؤلِّف: هذه معضلة ما وجدت لدائها من دواء؛ آيتان فيهما ذكر التَّيمم في (النِّساء) و (المائدة)، فلا نعلم أيَّتهما [14] عنت عائشة؟ وجزم بعضهم بأنَّها آية (النِّساء)، والله أعلم.

    قَولُهُ: (فَقَالَ [15] أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ): (أُسَيد)؛ بضمِّ الهمزة، وفتح السِّين، و (حُضَير)؛ بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الضَّاد المعجمة، صحابيٌّ جليل كبير القدر، معروف.

    قَولُهُ: (فَبَعَثْنَا البَعِيرَ): أي: أقمناه من بُرُوكِه.

    ==========

    [1] في (ج): (الأول).

    [2] في (ج): (في).

    [3] في (ب): (وحنين)، وهو تحريفٌ.

    [4] في (ج): (وذكر).

    [5] ما بين قوسين سقط من (ب).

    [6] (العقد): ليس في (ب).

    [7] في (ج): (ذكره).

    [8] في (ج): (إلى).

    [9] في (ب): (وقال).

    [10] في (ب): (فقام)، وهو تحريفٌ؛ لمجيء هذه الرواية لاحقًا.

    [11] في (ج): (وابن)، وهو تحريفٌ.

    [12] (يحتمل): سقطت من (ب).

    [13] (وهم): ليس في (ب).

    [14] في (ب): (أيهما).

    [15] في (ج): (فقام)، وهو تحريفٌ.

    (1/873)

    [حديث: أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي]

    335# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): هو ابن [1] بَشِير _بفتح الموحَّدة، وكسر الشِّين المعجمة_ أبو معاوية السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، عن عمرو بن دينار، وأبي الزُّبير، وعنه: أحمد، وابن مَعِين، وهَنَّاد، إمام ثقة مدلِّس، عاش ثمانين سنة، تُوفِّي سنة (183 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

    قَولُهُ: («ح» [قَالَ]: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ): أمَّا (ح)؛ فقد تقدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التَّعليق، وأمَّا (النَّضر)؛ فهو بالضَّاد المعجمة، وهذا لا يشتبه بـ (نصر)، وسببه أنَّ (نصرًا) بالصَّاد لا يأتي بالألف واللَّام، وإنَّما يأتي بهما: (النَّضر) بالمعجمة، وقد تقدَّم ذلك، إلَّا أنَّه قد يكون يشتبه على بعضهم ممَّن لا يعرف ذلك.

    قَولُهُ: (أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ): هو بفتح السِّين المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة، وهو سيَّار بن سلامة، أبو المنهال، الرِّياحيُّ _بكسر الرَّاء، وبالمثنَّاة تحت_ البصريُّ، عن أبيه، وأبي برزة، وعنه: شعبة، وحمَّاد بن سلمة، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين والنَّسائيُّ.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ الفَقِيرُ): هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ الكوفيُّ، عنِ ابن عمر، وجابر، وعنه: أبو حنيفة، ومسعر، وجماعة، ثقة، وإنَّما قيل له: الفقير؛ لأنَّه كان يشكو فقار ظهره، كنيته أبو عثمان، قال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن مَعِين وغيره: ثقة، أخرج له الجماعة خلا التِّرمذيَّ.

    (1/874)

    قَولُهُ: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي ... )؛ فذكرها: (أعطيت) و (لَمْ يُعطَهنَّ): مبنيَّان لما لَمْ يسمَّ فاعلهما، ثمَّ [2] اعلم أنَّه اجتمع لي من الأحاديث التي وقفت عليها في الكتب السِّتَّة أو بعضها أو «المسند» أو [3] غير ذلك أنَّه أُعطيَه عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يُعطَه أحدٌ قبله: النَّصر بالرُّعب (مسيرة شهر كما في «الصَّحيح»، وفي حديث السَّائب ابن أخت نمر: «فُضِّلت على الأنبياء بخمس»؛ فذكر منها: «نصرت بالرُّعب مسيرة شهر أمامي وشهرٍ [4] خلفي») [5]، ومفاتيح الأرض، وحلُّ الغنائم، والأرضُ مسجدًا وطهورًا، والشَّفاعة؛ يعني: العظمى، وجوامع الكلم، وتسميته: أحمد، وأمَّته خير الأمم، وخُتِمَ به النَّبيُّون، والآيات من خواتيم سورة البقرة، والمفصَّل من القرآن، وجعل صفوف أمَّته كصفوف الملائكة، وفي «التِّرمذيِّ» في (التَّفسير): «فُضِّلت على الأنبياء بثلاث؛ بالصَّلوات الخمس، وغُفِر لمن لَمْ يشرك من أمَّتي المقحماتُ»، وذكر خصلة هي مذكورة فيما تقدَّم، وقال: (حسن صحيح)، وفُضِّلَ أيضًا على النَّاس بأنَّ كلَّ نبيِّ سأل وهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخَّر مسألته إلى يوم القيامة، «فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلَّا الله»، فيحتمل أن يكون تأخير المسألة، ويحتمل أنْ تكون الشَّفاعة، فإن كانت الشَّفاعة؛ فقد تقدَّمت، وإِلَّا؛ فهي غير ما ذكرت، ويحتمل أنْ يُعَدُّ [6] مع هذه الخصال استفتاح باب الجنَّة، فإنَّه أيضًا فُضِّل على النَّاس به، وسأذكرها في الشَّفاعات، (وفي «الشفا» لعياض: «وعرض عليَّ أمَّتي، فلم يخف عليَّ التَّابعُ من المتبوع») [7]، واعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام فُضِّل على النَّاس بأشياء كثيرة، المذكور هنا نوع منها.

    [قَولُهُ: (نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ): كذا في «الصَّحيح»، وروينا من حديث السَّائب ابن أخت نمر: «فُضِّلت على الأنبياء بخمس ... »؛ فذكر منها: «ونُصِرْتُ بالرُّعب شهرًا أمامي وشهرًا خلفي».

    قَولُهُ: (مَسْجِدًا): هو بكسر الجيم وفتحها، تقدَّم] [8].

    قَولُهُ: (وَطَهُورًا): هو بفتح الطَّاء، والمراد الطُّهر [9]، ويجوز ضمُّها، وقد تقدَّم.

    قَولُهُ: (وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، كذا في أصلنا، وفي نسخة أخرى: مبنيٌّ للفاعل.

    (1/875)

    قَولُهُ: (وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ): هي الشَّفاعة العامَّة التي تكون في المحشر؛ لأن الشَّفاعة في الخاصَّة جُعِلت لغيره أيضًا، قال القاضي عياض: وقيل: شفاعة لا تُردُّ، قال: وقد تكون شفاعة بخروج مَنْ في قلبه مثقال ذرَّة من إيمان من النَّار؛ لأنَّ الشَّفاعة لغيره إنَّما جاءت قبل هذه، وهذه مختصَّة به كشفاعة المحشر) انتهى.

    فائدة: للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شفاعاتٌ:

    أولاهنَّ: الشَّفاعة العظمى، هذه التي تقدَّمت.

    والثَّانية: في جماعة يدخلون الجنَّة بغير حساب.

    والثَّالثة: في أناس قد استحقُّوا دخول النَّار، فلم يدخلوها [10].

    والرَّابعة:

    [ج 1 ص 137]

    في جماعة دخلوا النَّار، فيخرجون منها.

    والخامسة: في رفع درجات ناس في الجنَّة.

    والأولى من خصائصه، وكذا الثَّانية، قال النوويُّ في «الرَّوضة»: (ويجوز أنَّ تكون الثَّالثة والخامسة أيضًا)؛ يعني: تكونان من خصائصه، وما قاله في الثَّالثة قال القاضي عياض في «شرح مسلم» له كما نقله النَّوويُّ عنه: (إنَّه يشاركه فيها من شاء الله، وكذا نقله عنه القرطبيُّ في «التَّذكرة»، انتهى؛ أي [11]: والرَّابعة يشاركه فيها غيره من الأنبياء والعلماء والأولياء، وقال عياض القاضي: إنَّ شفاعته لإخراج من في قلبه مثقال حبَّة من إيمان مختصَّة به؛ إذ لَمْ تأت شفاعات لغيره إلَّا قبل هذه، وقد قدَّمت ذلك عنه.

    والسَّادسة: تخفيف العذاب عن من استحقَّ الخلود فيها، كما في حقِّ أبي طالب.

    فإن قيل: فما الجمع بين هذا وبين قوله: «لعلَّه تنفعه شفاعتي، ولولا أنا؛ لكان في الدرك الأسفل من النَّار»، وكذا [12] قوله تَعَالَى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48]؟

    فجوابه [13]: أنَّها شفاعة بالحال لا بالمقال، فبسببه صلَّى الله عليه وسلَّم يُخفَّف عنه، أو أنَّ قوله تَعَالَى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} في الإخراج بالكليَّة، ذكر هذا القرطبيُّ.

    والسَّابعة: شفاعته لمن مات بالمدينة المشرَّفة؛ لما روى التِّرمذيُّ وصحَّحه عنِ ابن عُمر رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «من استطاع أنْ يموت بالمدينة؛ فليمت بها، فإنِّي أشفع لَمن مات بها».

    (1/876)

    والثَّامنة: شفاعته لمن صبر على لأواء المدينة وجهدها، وقد روى مُسْلِم من حديث أبي سعيد الخدريِّ وغيره مرفوعًا: «لا يثبت أحد على لأوائها [14] وجهدها إلَّا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة»، قال بعض أهل العلم: إنَّ [15] (أو) بمعنى: الواو، وجاء في رواية خارج الكتب من رواية ابن عمر: «كنت له شفيعًا، وكنت له شهيدًا»، وقد ذكروا في الكلام على: «كنت له شفيعًا أو شهيدًا» غيرَ ما ذكرت، والله أعلم؛ [منه ما قاله القاضي عياض في «شرح مسلم»: (قال بعض شيوخنا: «أو» هنا: للشكِّ، والأظهر عندنا: أنَّها ليست للشَّكِّ؛ لأنَّ هذا الحديث رواه جَابِر بن عَبْد الله، وسعد بن أبي وقَّاص، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وأسماء بنت عميس، وصفيَّة بنت عبيد عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويبعد اتِّفاق جميعهم على الشَّكِّ) انتهى] [16]

    [وله صلَّى الله عليه وسلَّم شفاعة تاسعة: لفتح [17] باب الجنَّة، والشَّفاعة العظمى في الإراحة من كرب الموقف، وهما متغايرتان، وقد رواها مُسْلِم في «صحيحه» في (كتاب الإيمان): بكسر الهمزة، وهي: «فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يا أَبَانَا؛ اسْتَفْتِحْ لنا الجَنَّةَ ... »؛ الحديث.

    وله صلَّى الله عليه وسلَّم شفاعة عاشرة: وهي عنِ ابن عُمر رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «من زار قبري؛ وجبت له شفاعتي»، رواه ابن خزيمة في «صحيحه» من حديث موسى بن هلال العبديِّ، عن عبيد الله بن عُمر، عن نافع، عنِ ابن عُمر به، وقد ذكر الرَّافعيُّ في (الحجِّ): «من زار قبري؛ فله الجنَّة»، رواه الدَّارقطنيُّ من رواية ابن عمر بلفظ: «من زار قبري؛ وجبت له شفاعتي»، سكت عنه عبد الحقِّ، وتعقَّبه ابن القطَّان، لكن أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»، انتهى، قاله شيخنا [18] المؤلِّف في «تخريج أحاديث الرَّافعيِّ»، وعن ابن عمر [19] أيضًا قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم «من جاءني زائرًا لَمْ تنزعه حاجة إلَّا زيارتي؛ كان حقًّا عليَّ أنْ أكون له شفيعًا يوم القيامة»، رواه ابن السَّكن في كتابه المُسمَّى بـ «الصِّحاح»، انتهى، ذكرهما _أعني: الأوَّل والثالث_ شيخنا المؤلِّف في «تخريج أحاديث المنهاج»، المُسمَّى بـ «التُّحفة».

    (1/877)

    وله شفاعة حادية عشرة: وهي في إجابة المؤذِّن: «ثمَّ صلَّى عليه؛ حلَّت عليه شفاعتي»، (رواه عَبْد الله بن عمرو كما رواه مسلم، ورواه البخاريُّ من حديث جَابِر بن عَبْد الله) [20].

    وله صلَّى الله عليه وسلَّم شفاعاتٌ جاءت في أحاديث، وكلُّها داخل فيما تقدَّم من الشَّفاعات، أو غالبها داخل فيما تقدَّم، والله أعلم] [21].

    ==========

    [1] (ابن): سقطت من (ج).

    [2] (ثم): ليس في (ب).

    [3] في (ب): (وغير).

    [4] في النسخ: (شهرًا)، وليس بصحيح.

    [5] ما بين قوسين سقط من (ج).

    [6] في (ج): (تعد).

    [7] ما بين قوسين سقط من (ب) و (ج).

    [8] ما بين معقوفين ليس في (ج).

    [9] في (ب) و (ج): (المطهر).

    [10] (فلم يدخلوها): سقطت من (ج).

    [11] (أي): ليس في (ب).

    [12] (وكذا): ليس في (ب).

    [13] في (ب): (فجوابها).

    [14] في (ج): (لأواء المدينة)، وهو مروي من غير هذه الطريق.

    [15] (إنَّ): ليس في (ج).

    [16] ما بين معقوفين ليس في (ج).

    [17] في (ب): (يفتح).

    [18] (شيخنا): ليس في (ب).

    [19] في (أ): (وعنه).

    [20] ما بين قوسين سقط من (ب).

    [21] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    (1/878)

    [باب إذا لم يجد ماء ولا ترابًا]

    قَولُهُ: (بَاب إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا): وجه مطابقة هذا التَّبويب للحديث المذكور قوله فيه: (فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ)، وظاهره أنَّهم صلُّوا بغير ماء ولم تنزل [1] آية التَّيمُّم، فبلا تيمُّمٍ أيضًا، وقد جاء في رواية أخرى: التَّصريح بأنَّهم صلُّوا بغير وضوء، وهي في «مسلم»، فظهرت المطابقة، وهذا ظاهر، إلَّا أنِّي سئلت عنه؛ فلهذا ذكرته، وفقدان الماء في حقِّهم كفقدان الماء والتُّراب بعد مشروعيَّة التَّيمُّم، ولأنَّهم مأمورون بالصَّلاة بالطَّهارة، فإذا [2] عجزوا عنِ البعض؛ أتَوا بالباقي، والله أعلم.

    (1/879)

    [حديث عائشة: أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت]

    336# قَولُهُ: (مِنْ أَسْمَاءَ): هي أختها لأبيها بنت أبي بكرٍ الصِّدِّيق رَضِيَ اللهُ عنهما، أمُّ عَبْد الله بن الزُّبير، تقدَّم بعض ترجمتها، تُوفِّيت بعد ابنها بقليل.

    قَولُهُ: (رَجُلًا فَوَجَدَهَا): اعلم أنَّ في «مبهمات ابن بشكوال»: (فأرسل رجلين من المسلمين في طلبها ... )؛ الحديث، وسمَّى الرَّجلين: أُسيد بن الحُضير والزُّبير، قال: (والشَّاهد لذلك في «أبي داود» من رواية ابن داسة وغيرها) انتهى، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (هو أُسَيد بن الحُضير؛ أعني: في حديث «الصَّحيح»: «رجلًا فوجدها» كما جاء [1] في رواية: بعث أُسَيدَ بن حُضير وأناسًا معه) انتهى.

    قَولُهُ: (فَقَالَ [2] أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ): تقدَّم ضبطهما في الصَّفحة قبل هذه.

    قَولُهُ: (جَزَاكِ اللهُ): هو بكسر الكاف، وكذا: (بكِ)، و (ذلكِ)، و (كذلكِ) [3]، خطاب لمؤنَّث، وهذا في غاية الظُّهور.

    ==========

    [1] (جاء): ليس في (ج).

    [2] (فقال): ليس في (ج).

    [3] في (ب): (وكذلك، وذلك).

    [ج 1 ص 138]

    (1/880)

    [باب التيمم في الحضر]

    قَولُهُ: (وَبِه قَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم مرَّات أنَّ هذا هو عطاء بن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة.

    قَولُهُ: (وَقَالَ الحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

    قَولُهُ: (بِالجُرُفِ): هو بالجيم والرَّاء المضمومتين، ثمَّ الفاء، قال الدِّمياطيُّ: (الجرف على ثلاثة أميال من المدينة) انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (قال الزُّبير: الجرف على ميل من المدينة، وقال ابن إسحاق: على فرسخ، وهناك كان المسلمون يعسكرون إِذَا أرادوا الغزو) انتهى، وفي «المطالع»: على ثلاثة أميال إلى [1] جهة الشَّام، ويُعرَف اليوم ببئر جشم وبئر جمل، وكذا عزاه شيخي لـ «المطالع».

    قَولُهُ: (بِمِرْبَدِ النَّعَمِ): المِربد؛ بكسر الميم _قال شيخنا: (قال ابن التِّين: رُوِّيناه: بفتح الميم، وهو في اللُّغة بكسرها) انتهى_ وإسكان الرَّاء، ثُمَّ [2] موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، قال الدِّمياطيُّ: والمِربد بينه وبين المدينة ميلان، تُحبَس فيه الإبل.

    ==========

    [1] في (ب): (على).

    [2] (ثم): سقطت من (ب).

    [ج 1 ص 138]

    (1/881)

    [حديث: أقبل النبي من نحو بير جمل]

    337# قَولُهُ: (عن الأَعْرَجِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن هرمز الأعرج.

    قَولُهُ: (سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ): هو عمير _بالتَّصغير_ ابن عَبْد الله الهلاليُّ، عن مولاته أمِّ الفضل _وقيل: إنَّه مولى ابنها عَبْد الله، (كما وقع هنا في «الصَّحيح») [1]_، وابن عبَّاس، وعنه: سالمٌ أبو النَّضر، وجماعة، مات بالمدينة سنة (104 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

    تنبيه: قولي: (عمير بن عَبْد الله): كذا سمَّى أباه الذَّهبيُّ في «الكاشف» و «التَّذهيب» تبعًا للمزِّيِّ، وقد اعترض الحافظ علاء الدِّين مغلطاي شيخ شيوخي على المِزِّيِّ في تسمية أبيه عَبْد الله، وقال [2]: (ابن سعد، وخليفة، والبخاريُّ، ومسلم، وابن أبي حاتم، وابن حِبَّان، والنَّسائيُّ في «الكنى والتَّمييز»، و «الكنى» لأبي أحمد، ولأبي [3] بكر ابن أبي شيبة، وابن صاعد [4]، والدُّولابيُّ في «تاريخه»، ويعقوب بن سفيان في «تاريخه»، وابن خلفون في كتاب «الثِّقات»، وابن إسحاق في «السِّير» في جماعة يطول ذكرهم لَمْ نرَ أحدًا [5] سمَّى أباه، فينظر من سلف المِزِّيَّ في ذلك) انتهى.

    قَولُهُ: (وَعَبْدُ الله بْنُ يَسَارٍ): هو بالمثنَّاة تحتُ، وبالسِّين المهملة، مولى ميمونة زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، هذا لَمْ أر له رواية في الكتب السِّتَّة ولا في مصنَّفاتهم، لكن ذكره ابن حِبَّان في «ثقاته»، فقال: (عبد الله بن يسار مولى ميمونة أخو سُلَيْمَان وعبد الملك وعطاء بني [6] يسار، يروي عن رجل من أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، عداده في أهل المدينة [7]، يروي عنه أهلها، وليس هو بصاحب سُلَيْمَان بن [8] صُرَد وخالد بن عرفطة) انتهى لفظه [9]، وذكره ابن أبي حاتم في كتاب «الجرح والتَّعديل»، فقال ما لفظه: (عبد الله بن يسار مولى ميمونة، أخو سُلَيْمَان بن يسار المدينيِّ [10]، هو أخو عَبْد الملك بن يسار وأخو عطاء بن يسار، كانوا إخوة) انتهى، لَمْ يزد على هذا.

    (1/882)

    قَولُهُ: (حَتَّى دَخَلنَا على أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ [11]): (أبو جُهَيم) هذا: هو بضمِّ الجيم، وفتح الهاء، مصغَّر، صحابيٌّ معروف، واسمه عَبْد الله بن الحارث بن الصِّمَّة بن عَمرو، ويقال: ابن الصِّمَّة بن حارثة الأنصاريُّ الخزرجيُّ، له صحبة ورواية، وعنه: بُسر ومُسْلِم ابنا سعيد، وعمير مولى ابن عبَّاس، وعبد الله بن يسار، له في الكتب حديثان، أخرج له الجماعة رَضِيَ الله عنه، قال الدِّمياطيُّ: (الصِّمَّة بن عَمرو بن عتيك بن عَمرو بن مبذول عامر بن مالك بن النَّجَّار، وأخوه سعد [بن الحارث] له

    [ج 1 ص 138]

    صحبة أيضًا، قتل بصفِّين مع عليٍّ، وأبوه [12] الحارث [13] كُسِر بالرَّوحاء يوم بدر فرُدَّ، وضرب له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بسهمه وأجره، وقَتَل يوم أحُد عثمانَ بن عبيد الله بن المغيرة المخزوميَّ، وأخذ سَلَبه درعًا ومغفرًا وسيفًا جيِّدًا، فسلَّبه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يسلِّب يومئذ غيره، وقُتِل يوم بئر معونة) انتهى.

    قَولُهُ: (بِئْرِ جَمَلٍ): هو بفتح الجيم والميم: موضع بالمدينة فيه مال من أموالهم، وقد تقدَّم قبيله [14] أنَّه بئر جشم، تقدَّم [15] في (الجرف) [16]، وأين هو [17] من المدينة.

    قَولُهُ: (فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ): هذا الرَّجل قال شيخنا: (روى الدَّارقطنيُّ: أنَّه أبو جهيم) انتهى [18]، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (روى الحديث الشَّافعيُّ في «الأمِّ» من طريق إبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّدٍ عن أبي الحُوَيْرِثِ عنِ الأَعْرَجِ عنِ ابن الصِّمَّةِ قال: مَرَرْت على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يَبُولُ فَسَلَّمْت عليه، فلم يَرُدَّ عَلَيَّ حتَّى قام إلى جِدَارٍ فَمسحهُ بِعَصًا كانت معه، ثُمَّ مَسَحَ يَده على الجِدَارِ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عليه»، ففي هذا تعيين المبهم، وهو أبو جُهَيم نفسه، كنَّى عن نفسه) انتهى، وقد نقل شيخنا عزوه في «شرحه» للدَّارقطنيِّ وإلى [19] الشَّافعيِّ.

    ==========

    [1] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [2] في (ب): (فقال).

    [3] في (ج): (و «الكنى» لأبي).

    [4] في (ب): (ضباعة).

    [5] (لم نر أحدًا): ليس في (ج).

    [6] في النسخ: (بنو)، وكُتِب فوقها: (كذا)، والمثبت موافق لما في «الثقات».

    [7] في (ب): (الحديبية)، وهو تحريفٌ.

    [8] (بن): سقطت من (ب).

    [9] زيد في (ب): (قوله).

    (1/883)

    [10] في (ب): (المدني).

    [11] في هامش (ق): (الصمة بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن مبذول عامر بن مالك بن النجار، وأخوه سعد بن الحارث، له صحبة أيضًا، قتل بصفين مع علي، وأبوه الحارث كُسر بالروحاء يوم بدر فرد، وضرب له رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسهم وأجره، وقَتَل يوم أُحُد عثمان بن عبيد الله بن المغيرة المخزومي وأخذ سلبه درعًا ومغفرًا وسيفًا).

    [12] في (ب): (وأبو)، وليس بصحيح.

    [13] (الحارث): ليس في (ج).

    [14] (قبيله): ليس في (ب).

    [15] في (ب) و (ج): (وتقدم)، وضُرِب على الواو في: (أ).

    [16] أي: تقدم في كلامه على (الجرف) أعلاه.

    [17] في (ج): (وأنَّه).

    [18] زيد في (ب): (قرأته عليه).

    [19] في (ب): (كذا في).

    (1/884)

    [باب: المتيمم هل ينفخ فيهما؟]

    (1/885)

    [حديث: إنما كان يكفيك هكذا]

    338# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا [1] الحَكَمُ): هو ابن عتيبة، تصغير عتبة، تقدَّم، وتقدَّم [2] بعض ترجمته، وأنَّ لهم آخر يقال له: الحكم بن عتيبة، وَهِم [3] البخاريُّ فجعلهما واحدًا.

    قَولُهُ: (عن ذَرٍّ): هو بفتح الذَّال المعجمة، وتشديد الرَّاء، وهو ابن عَبْد الله بن زُرارة الهمْدانيُّ الكوفيُّ، عنِ المُسَيَّب بن نَجَبَة، وعبد الله بن شدَّاد، وعنه: عمر بن ذرٍّ، ومنصور، والأعمش، هجره سعيد بن جبير؛ لإرجائه، أخرج له الجماعة، وهو موثَّق [4]، وثَّقه ابن مَعِين وغيره، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، قال في ترجمته: (قال أحمد: لا بأس به، هو أوَّل من تكلَّم في الإرجاء) انتهى، وقد قدَّمت في (كتاب الإيمان) [خ¦48]: أنَّ أوَّل المرجئة: الحسن [5] بن محمَّد [6] ابن الحنفيَّة، وأنَّ له مصنَّفًا [7]، وذكرت هناك جمعًا بين هذين الكلامين، والله أعلم.

    قَولُهُ: (جَاءَ رَجُلٌ إلى عُمَرَ بن الخطَّاب): هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.

    قَولُهُ: (فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ): هو بضمِّ الهمزة، وهو رباعيٌّ، أصاب: وجد.

    (1/886)

    [باب التيمم للوجه والكفين]

    (1/887)

    [حديث عمار وفيه: ثم مسح وجهه وكفينه]

    339# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هو ابن منهال الأنماطيُّ البصريُّ، عن قُرَّة، وشعبة، وعنه: البخاريُّ، وعن [1] واحد عنه أيضًا، وروى عنه: عبد بن حميد والكجِّيُّ، وكان دلَّالًا ثقة ورِعًا، ذا سنَّة وفضل، تُوفِّي سنة (217 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به رحمه الله.

    قَولُهُ: (عَنِ الحَكَم): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن عتيبة، وتقدَّم بعض ترجمته قبل ذلك.

    قَولُهُ: (عن ذَرٍّ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه.

    قَولُهُ: (وَقَالَ النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ): أمَّا (النَّضر)؛ فقد تقدَّم أنَّه بالضَّاد، وأن (نصرًا) _ بالمهملة_ لا يأتي بالألف واللَّام، وهذا هو ابن شُميل _ بضم الشين المعجمة_ أبو الحسن المازنيُّ البصريُّ النَّحويُّ، شيخ مرو ومحدِّثها، عن حميد، وهشام بن عروة، وعنه: ابن مَعِين، وإسحاق، والدارميُّ، ثقة إمام، صاحب سنَّة، مات في سلخ سنة (203 هـ)، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به، وهذا تعليق مجزوم به [2]، فهو على شرطه، والحكمة في الإتيان به: أنَّه أتى فيه الحَكَمُ بالسَّماع من ذرٍّ، وهو مدلِّس، فانتفى [3] به ما يُحذَر منه مع أنَّ فيه فائدةً أخرى؛ وهي أنَّه سمعه من ابن عَبْد الرَّحمن بن أبزى؛ يعني: سعيدًا أيضًا؛ يعني: شيخ ذرٍّ، فعَلَا رجلًا، وزال التَّدليس، وتعليقه هذا أخرجه مُسْلِم في (الطَّهارة) عن إسحاق بن منصور، عنِ النَّضر به.

    قَولُهُ: (عن ابْنِ عَبْدِ الرَّحمن بْنِ أَبْزَى): تقدَّم أنَّه سعيد، وهذا ظاهر.

    قَولُهُ: (كُنَّا في سَرِيَّةٍ): السَّريَّة: قال يعقوب: هي ما بين خمسة أنفس إلى ثلاث مئة، وقال الخليل: هي نحو أربع مئة، وقد تقدَّم.

    قَولُهُ: (فَأَجْنَبْنَا): تقدَّم أنَّه يقال: أجنب الرَّجل وجُنِب؛ بضمِّ الجيم، وكسر النُّون، والأوَّل أفصح.

    قَولُهُ: (وَقَالَ تَفَلَ فيهمَا): التَّفل: هو بالمثنَّاة فوق، لا المثلَّثة، وهو البصق القليل، والنَّفث مثله إلَّا أنَّه ريح بغير بزاق، وقيل: هما بمعنًى، وعليه يدلُّ قوله: (وتفل فيهما)، ليس بموضع بزاق، وقيل: بعكس ما تقدَّم فيهما، والتَّفل: البزاق نفسه، يقال فيه: تفل يتفِل ويتفُل؛ لغتان في المستقبل.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وبالثَّاء المثلَّثة.

    (1/888)

    قَولُهُ: (عنِ الحَكَمِ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه ابن عتيبة، وتقدَّم بعض ترجمته ووَهَمُ البخاريِّ فيه.

    قَولُهُ: (عنْ ذَرٍّ): تقدَّم أعلاه ترجمته، وما يتعلَّق به.

    قَولُهُ: (عن ابْنِ عَبْدِ الرَّحمن بْنِ أَبْزَى): تقدَّم أعلاه أنَّه سعيد.

    قَولُهُ: (يَكْفيكَ الوَجْهَ وَالكَفَّيْنِ): كذا في أصلنا بالنصب، وفي نسخة طارئة في هامش أصلنا: (الوجهُ والكفَّان)، وهذه لا تحتاج كلامًا، وأمَّا التي في أصلنا؛ أي: للوجه والكفَّين، أو الجرُّ على تقدير: يكفيك مسحُ الوجهِ والكفَّين؛ فحُذِفَ (مسح)، وبقي الإعراب، والله أعلم.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تقدَّم أنَّه مُسْلِم بن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ؛ نسبة إلى جدِّه فُرهود، وقد قدَّمت أنَّ النِّسبة: فراهيديٌّ وفُرهوديٌّ، الحافظ أبو عمرو، عنِ ابن عون حديثًا واحدًا، وعن قُرَّة [4]، وهشام الدَّستوائيِّ، وشعبة، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والدارميُّ، وعبد، ومحمَّد بن الضُّرَيس، وأبو خليفة، ولم يسمع بغير البصرة، قال ابن معين: ثقة مأمون، تُوفِّي سنة (222 هـ) في صفر، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم لكن [5] طال العهد به.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم غير مرَّة أنَّ بَشَّارًا _بفتح الموحَّدة، وشين معجمة مشدَّدة_ بندار، وتقدَّم شيء من ترجمته، وما هو البندار.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه محمَّد بن جعفر، تقدَّم بعض ترجمته.

    ==========

    [1] في (ج): (عن).

    [2] (به): سقطت من (ب).

    [3] في (ج): (وانتفى).

    [4] في (ب): (فروة)، وهو تحريفٌ.

    [5] في (ج): (ولكن).

    [ج 1 ص 139]

    (1/889)

    [باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء]

    قَولُهُ: (وَضُوءُ المُسْلِمِ): هو بفتح الواو: الطَّهور، وتقدَّم أنَّه يجوز ضمُّ الواو.

    [ج 1 ص 139]

    قَولُهُ: (يَكْفيه): هو بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهر جدًّا.

    قَولُهُ: (وَقَالَ الحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن يسار البصريُّ، العالم المشهور.

    قَولُهُ: (يَجْزِيهُ): هذا يجوز فيه الثُّلاثيُّ والرُّباعيُّ: جزى وأجزأ، والله أعلم، وهو في أصلنا مهموز رباعيٌّ.

    قَولُهُ: (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا الظَّاهر أنَّه يحيى بن سعيد الأنصاريُّ؛ لأنِّي رأيتهم ينقلون عنه في مسائل، وقد تكرَّر ذكره في «مختصر المزنيِّ»، وذكره صاحب «المهذَّب» في أوَّل (الرَّضاع) وأوَّل (حدِّ القذف)، ولم ينبِّه عليه شيخنا ولا عزا أثره، وهو أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل بن ثعلبة بن الحارث بن يزيد بن ثعلبة بن غنم بن النَّجَّار، الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ المدنيُّ التَّابعيُّ القاضي، قاضي المدينة المشرَّفة، وأقدمه المنصورُ العراقَ، فولَّاه قضاء الهاشميَّة، وقيل: تولَّى القضاء ببغداد، ولم يثبت، وقيل في نسبه [1]: إنَّه يحيى بن سعيد بن قيس بن قهد [2]، ولا يصحُّ، وهو حافظ فقيه إمام حجَّة، أخرج له الجماعة، مات سنة (143 هـ).

    قَولُهُ: (على السَّبَخَةِ): هي واحدة السِّباخ، وهي بفتح السِّين، والباء الموحَّدة؛ وهي الأرض المالحة، وجمعها: سِباخ، فإذا وصفت بها الأرض؛ قلت: سبِخة؛ بكسر الباء.

    قَولُهُ: (وَالتَّيَمُّمِ بِهَا): هو بجرِّه معطوف على (الصَّلاة).

    ==========

    [1] في (ج): (تسميته).

    [2] في (أ) و (ج): (قهدم)، وفي (ب): (فهدم)، والمثبت موافق لما في المصادر.

    (1/890)

    [حديث: كنا في سفر مع النبي وإنا أسرينا]

    344# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ): وفي نسخة هي في أصلنا وعليها علامة راويها: (ابن مسرهد)، واعلم أنَّ هذا الرَّجل مشهور جدًّا، ولا يوجد مثل أسماء آبائه، واسمه مسدَّد بن مسرهَد بن مُسربل بن مغربل بن مُطَربل [1]، أبو الحسن البصريُّ، وذكر ابن ماكولا عن أبي عليٍّ الخالديِّ: أنَّه مسدَّد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرغبل [2] بن أزندل بن سرندل [3] بن عرندل بن ماشك بن المستورد الأسَديُّ، وقال أحمد ابن يونس الرقيُّ: (جئت إلى أبي نعيم بالكوفة، فقال: من مُحدِّث البصرة؟ قلت: مسدَّد بن مسرهد بن مسربل الأسَديُّ، فقال: لو كان في هذه التَّسمية: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم؛ كانت رقية للعقرب [4]) انتهى، وهو أبو الحسن الحافظ البصريُّ، عن جويرية بن أسماء، وحمَّاد بن زيد، وأبي عوانة، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، وأبو حاتم، وأبو خليفة، مات سنة (228 هـ)، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، قال بعضهم: اسمه عبد الملك بن عَبْد العزيز، ومسدَّد ومسرهد لقبان، قال ابن معين عن يحيى بن سعيد القطَّان: لو أتيتُ مسدَّدًا فحدَّثتُه في بيته؛ لكان يستأهل [5]، وسيأتي هذا الكلام في هذا «الصَّحيح»، وثناء النَّاس عليه كثير، وثَّقه ابن معين، وقال [6]: ثقة ثقة [7]، والعجليُّ فقال: ثقة، وقال ابن حنبل [8]: صدوق.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان، حافظ الإسلام، ومحدِّث الدُّنيا الذي قال فيه أحمد: ما رأت عيناي مثل يحيى بن سعيد، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا عَوْفٌ): هذا هو عوف الأعرابيُّ، وإنَّما قيل له: الأعرابيُّ؛ لدخوله [9] درب الأعراب، قاله ابن دقيق العيد أبو الفتح العلَّامة، روى عن أبي العالية، والنَّهديِّ، وأبي رجاء، وخلق، وعنه: القطَّان، وغُنْدر، وهوذة، وعثمان بن الهيثم، وخلق، قال النَّسائيُّ: ثقة ثبت، مات سنة (147 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

    (1/891)

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ): هذا هو العطارديُّ، واسمه عمران بن تيم، وقيل: ابن ملحان، وقُدِّمَ، وقيل: ابن عَبْد الله أبو رجاء، أسلم في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، وروى عن عمر، وعليٍّ، وعدَّة، وعنه: أيُّوب، وجرير بن حازم، ومهديُّ بن ميمون، وخلق، وكان عالمًا عاملًا مُعمَّرًا نبيلًا من القرَّاء، مات سنة (107 هـ)، وقِيلَ: سنة (108 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قَولُهُ: (عن عِمْرَانَ): هذا هو ابن حُصَين؛ مصغَّرًا، وقد تقدَّم أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وهو خزاعيٌّ أبو نُجَيْد، أسلم مع أبي هريرة، وعنه: مطرِّف ويزيد ابنا [10] الشِّخِّير، وجماعة، وبعثه عمر رضي الله عنه إلى البصرة؛ ليفقِّههم، مناقبه كثيرة؛ منها: أنَّ الملائكة كانت تسلِّم عليه، كما رواه مسلم [11]، توفِّي سنة (52 هـ)، أخرج له الجماعة، وأمَّا أبوه [12] الحُصَين بن عبيد بن خلف بن عَبْد نهم؛ فذكره غير واحد في الصَّحابة؛ منهم: ابن عبد البَرِّ وغيره، وجزم بها الذَّهبيُّ في «تجريده»،، وقال: (ذكره الثلاثة) [13]، وروى له النَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة»، قال المِزِّيُّ في «تهذيبه» وكذا الذَّهبيُّ في «تذهيبه»: مُختلَف في إسلامه، زاد المِزِّيُّ: وقد قيل: إنَّه مات مُشرِكًا، قال الشَّيخ علاء الدِّين مغلطاي شيخ شيوخي: فيه نظر، ثُمَّ ذكر ردَّ ذلك مُطوَّلًا؛ فانظره إن أردته من كتابه «التَّقريب»، فإنَّ فيه فوائدَ، ولا يستغني عنه مَن عنده «تهذيب الكمال» للمزِّيِّ، وكذا مَنْ عنده «التَّذهيب» للذهبيِّ، والله أعلم.

    (1/892)

    قَولُهُ: (كُنَّا في سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال شيخنا المؤلِّف: (اختُلِف في تعيينه؛ ففي «مُسْلِم» من طريق أبي هريرة: (حين قفل [14] من غزوة خيبر)؛ بالخاء المعجمة، ورواه بعضهم: (حنين)، قال: والأوَّل غلط، وصحَّح غيرُ واحد قول مَنْ قال: (خيبر)، وفي حديث ابن مسعود: (أنَّ نومه كان عام الحديبية)، وذلك في زمن خيبر؛ يعني: إِذَا قلنا: إنَّها في سَنَةَ ستٍّ، قال: وفي رواية: (بتبوك)، أخرجها البيهقيُّ في «دلائله» في مسيره إليها، وفي رواية: (حين قفل)؛ أي: منها، وقال شيخنا الشَّارح بعد ذلك: قال ابن العربيِّ: ثبت في «الصَّحيح» عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم النَّومُ عنِ الصَّلاة ثلاثَ مرَّات؛ إحداها: رواية أبي قتادة، ولم يحضر مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أبو بكر وعمر، ثانيها: رواية عمران بن الحُصَين حضراها، ثالثها: رواية أبي هريرة، حضرها أبو بكر وبلال، ووقع في «أبي داود» في حديث أبي قتادة: (بَعَثَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم جَيْشَ الأُمَرَاءِ ... )؛ فذكره، وفيه نظر؛ لأنَّ جيش الأمراء كان في مؤتة سنة ثمانٍ، ولم يشهدها عليه السَّلام، لا شكَّ في [15] غيبته عنها.

    (1/893)

    ومن تأمَّل الأحاديث؛ وجد نومه أكثر من مرَّة، ووجه الجمع بين الرِّوايات فيه صعوبة، وقال الشَّيخ مُحيِي الدِّين في «شرح مسلم»: (هذه الأحاديث جرت في سفرتين أو أسفار، لا في سفرة واحدة، وظاهر ألفاظها يقتضي ذلك) انتهى، وقال قبل ذلك بقليل: (واختلفوا في هذا النوم هل كان مرَّة أو مرَّتين؟ وظاهر الأحاديث مرَّتان) انتهى، والظَّاهر: أنَّ هذا من تكملة كلام القاضي، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في (غزوة خيبر) في «الهدي» لمَّا ذكر حديث النَّوم عنِ الصَّلاة مقفله عن خيبر؛ قال: (وهذه أصحُّ مِنْ قول مَنْ قال: كان ذلك في غزوة حنين، ومن قال في روايته للحديث: كان ذلك عام الحُدَيْبِيَة؛ فليس بمخالف للرواية الأولى، وقال أيضًا: اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لمَّا انصرف عن وادي القرى راجعًا إلى المدينة؛ فلمَّا كان ببعض الطَّريق؛ سار ليلة حتَّى إِذَا كان ببعض الطَّريق [16]؛ عرَّس، وقال لبلال: «اكلأ لنا [17] اللَّيل»، فغلبت بلالًا عيناه، والقصَّة معروفة، وقد رُوِي: أنَّ هذه القصَّة كانت في مرجعهم من الحديبية، ورُوِيَ: أنَّها كانت مرجعه من تبوك، وقد روى قصَّة النَّوم عن صلاة الصُّبح عمران بن حُصَين، ولم يوقِّت مدَّتها، ولا ذكر في أيِّ غزوة كانت، وكذلك رواها أبو قتادة، وكلاهما في قصَّة طويلة محفوظة، وروى مالك عن زيد بن أسلم: أنَّ ذلك كان بطريق

    [ج 1 ص 140]

    مكَّة، وهذا مُرسَل، وقد روى شعبة عن جامع بن شدَّاد قال: سمعت عَبْد الرَّحمن بن علقمة قال: سمعت عَبْد الله بن مسعود قال: (أقبلنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم زمن الحديبية، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «من يكلؤنا؟» فقال بلال: أنا ... )؛ وذكر القصَّة، ولكن قد اضطربت الرِّواية [18] في هذه القصَّة، فقال عَبْد الرَّحمن بن مهديٍّ، عن شعبة، عن جامع: إنَّ الحارس فيها كان ابن مسعود، وقال غُنْدر عنه: إنَّ الحارس كان بلالًا، واضطربت الرِّواية في تاريخها، فقال المعتمر بن سُلَيْمَان عن شعبة عنه: إنَّها كانت في غزوة تبوك، وقد قال غيره عنه: إنَّها كانت في مرجعهم من الحديبية، فدلَّ على وهمٍ وقع فيها، ورواية الزُّهْرِيِّ عن سعيد سالمةٌ من ذلك) انتهى، وكان ينبغي أنْ نؤخِّر هذا الكلام إلى ما بعد ذلك، ولكن انجرَّ بنا الكلام إلى ذلك.

    (1/894)

    قَولُهُ: (وَإِنَّا أَسْرَيْنَا): أي: سرينا ليلًا، يقال: سرى وأسرى، وقد قرئ: {فاسر} و {فَأَسْرِ} [هود: 81]، والاسم السُّرى [19]، وقال السُّهيليُّ في أوَّل حديث الإسراء في «روضه»: (اتَّفقت الرُّواة على تسميته: إسراء، ولم يسمِّه أحد منهم: سُرًى، وإن كان أهل اللُّغة قد قالوا: سرى وأسرى بمعنًى واحدٍ، فدلَّ على أنَّ أهل اللُّغة لم يحقِّقوا العبارة، وذلك أنَّ [20] القرَّاء لم يختلفوا في التِّلاوة من قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1]، ولم يقل: سرى، وقال: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِي} [الفجر: 4]، ولم يقل: يُسري، فدلَّ على أنَّ السُّرى من سريت؛ إذا سرت ليلًا، وهي مؤنَّثة، تقول: طالت سُراك اللَّيلة، والإسراء: متعدٍّ في المعنى، لكن حُذِفَ مفعوله كثيرًا حتَّى ظنَّ أهل اللُّغة أنَّهما بمعنًى واحدٍ؛ لما رأوهما غير متعدِّيين إلى مفعول في اللَّفظ، وإنَّما {أَسْرَى بِعَبْدِهِ}؛ أي: جعل البراق [21] يسري به، كما تقول: أمضيتُه؛ أي: جعلته يمضي [22]، لكن كثر حذف المفعول؛ لقوَّة الدَّلالة عليه، أو للاستغناء عن ذكره؛ إذ المقصود بالخبر ذكر محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم لا ذكر الدابَّة التي سارت به، وجاز في قصَّة لوط أنْ يقال: {فَاسْرِ بِأَهْلِكَ}؛ أي: سِرْ بهم: وأن تقرأ: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}؛ بالقَطْع؛ أي [23]: فأسر بهم ما يتحمَّلون عليه من دابَّة أو نحوها، ولم يُتصوَّر ذلك في السُّرى بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ إذ لا يجوز أ ن يقال: سرى بعبده بوجه من الوجوه، فلذلك لم تأت التِّلاوة إلَّا بوجه واحد في هذه القصَّة؛ فتدبَّرْه)، وهو كلام حسن، ولو لخَّصناه؛ كان أولى بنا.

    قَولُهُ: (فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ): (أيقظَ) [24]: هو بفتح الظاء، فعل ماض ومفعوله، و (حرُّ): بالرَّفع فاعل.

    قَولُهُ: (وَكَانَ أَوَّلَ مَن اسْتَيْقَظَ فُلَانٌ ... ) إلى أن قال: (ثُمَّ عُمَرُ الرَّابعُ): قال شيخنا الشَّارح: (جاء في رواية سَلْم بن زَرِير عن أبي رجاء قال: «أوَّل من استيقظ أبو بكر، ثُمَّ عُمر»، وفي رواية أبي هريرة: «فكان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أوَّلَهم استيقاظًا») قال: (وهذا يدلُّ على أنَّ ذلك وقع أكثر من مرَّة) انتهى، وقد قدَّمت كلام ابن قيِّم الجوزيَّة؛ فانظره، فإنَّه قريب ذكرته، وأبو رجاء: تقدَّم أنَّه عمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غير ذلك، وقد تقدَّم بظاهرها.

    (1/895)

    قَولُهُ: (مَا أَصَابَ النَّاسَ): (النَّاس): بالنصب مفعول، وهذا ظاهر.

    قَولُهُ: (جَلِيدًا): هو بفتح الجيم، وكسر اللَّام؛ أي: قويًّا.

    قَولُهُ: (لَا ضَيْرَ): أي: ما جرى لا يضُرُّ.

    قَولُهُ: (بِالوَضُوءِ): هو بفتح الواو: الماء، وقد تقدَّم مرارًا أنَّه يجوز الضَّمُّ.

    قَولُهُ: (إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ [25]): قال شيخنا الشَّارح: (وقد سلف تعيين هذا المبهم)، ولم أنظره أنا في كلامه، ولا رأيته في «مبهمات ابن شيخنا البلقينيِّ»، بل تركه مفتوحًا، (وقال حافظ عصري: هذا الرَّجل لَمْ يسمَّ، ووهم من زعم أنَّه خلَّاد بن رافع، انتهى) [26]

    قَولُهُ: (فَإِنَّهُ يَكْفيكَ): هو بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهر جدًّا.

    قَولُهُ: (فَدَعَا فُلَانًا كَانَ يُسَمِّيهِ أَبُو رَجَاءٍ [نَسِيَهُ عَوْفٌ] وَدَعَا عَلِيًّا [27]): قال شيخنا: (فلان هو عمران بن حُصَين، كما جاء في رواية سَلْم بن زَرِير) انتهى، ورواية سَلْم في «البخاريِّ» في (باب علامات النُّبوَّة في الإسلام) أوَّل حديث في الباب فيه، وهو حديث عمران بن حُصَين، وفيه: (وجعلني رسولُّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في ركوب بين يديه)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ [28]: (والظَّاهر: أنه الزُّبير بن العوَّام)، ثُمَّ ذكر شاهده من عند البيهقي في «دلائله».

    قَولُهُ: (فَابْتَغِيَا المَاءَ): أي: اطلباه.

    قَولُهُ: (فَلَقِيَا [29] امْرَأَةً): هذه المرأة لا أعرف اسمها، وقد أسلمت بعد ذلك، كما في القصَّة.

    قَولُهُ: (مَزَادَتَيْنِ): المَزادة؛ بفتح الميم: أكبر من القربة، وقال ابن قُرقُول: (قيل: المَزادة: ما زيد فيه جلد ثَالِث بين جلدين؛ ليتَّسع، وقيل: هي [30] القربة الكبيرة التي تُحمَل على الدابَّة، سُمِّيت من الزيادة فيها من غيرها، مفعلة من ذلك، وهو من معنى الأوَّل، وهي الرَّاوية [31] بعينها) [32].

    قوله: (أَوْ سَطِيحَتَيْنِ): قال ابن قُرقُول: (هو وعاء من جلدين، وقال ابن الأعرابيِّ: هي المزادة إِذَا كانت من جلدين أحدهما على الآخر) [33].

    قَولُهُ: (هَذِهِ السَّاعَةَ): هي بالنصب والجرِّ، كذا في أصلنا، وعليها: (معًا).

    (1/896)

    قَولُهُ: (وَنَفَرُنَا خُلُوفًا): النَّفَر؛ بالتَّحريك: يقع على جماعة من الرِّجال خاصَّة، ما بين الثَّلاثة إلى العشرة، لا واحد له من لفظه، قال في «المطالع»: أي: جماعة رجالنا مسافرون، والخُلُوف: الذين غاب رجالهم عن نسائهم، والنَّفر: ما بين الثَّلاثة إلى العشرة، وقد يريد ههنا بالنَّفر: من بقي من النِّساء، ويريد به: الرِّجال الغُيَّب، وقوله: (خُلُوفًا): كما في أصلنا: حال سدَّ مسدَّ الخبر، كما قرئ: {وَنَحْنُ عُصْبَةً} [يوسف: 8]، وقد تقدَّم عزوها لعليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، وأمَّا الرَّفع؛ فظاهر.

    قَولُهُ: (الصَّابِئُ): قال البخاريُّ عقب [34] هذا الحديث: (صبأ: خرج من دين إلى غيره، وقال أبو العالية: الصَّابِئِينَ: فرقة من أهل الكتاب يقرؤون الزَّبور) انتهى، وقال ابن قُرقُول: («هذا الصَّابئ» و «آوَيْتُم [35] الصُّباة»: جمع صاب؛ مثل: رامٍ ورُمَاة، سُهِّلَتْ [36] همزه، ثُمَّ حُذِفت، ومن أظهر الهمزة؛ قال: الصَّبَأَة؛ مثل: كافر وكَفَرَة، وصابئون: مثل: كافرين؛ ومعناه: الخارج من دين إلى دين غيره، والصَّابئون: أهل ملَّة تشبه النَّصرانيَّة، وتخالفها في وجوه تعلَّقوا فيها بشيء من اليهود، فكأنَّهم خرجوا من الدِّيْنَين إلى ثَالِث، ومنهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الدَّراريَّ؛ أي: الكواكب الدُّريَّة، قال [37]: وقبلة صلاتهم مَهَبُّ الجنوب،

    [ج 1 ص 141]

    ويزعمون أنَّهم على ملَّة نوح عليه السَّلام) [38] انتهى.

    قَولُهُ: (وَأَوْكَأَ [39]): هو في أصلنا: مهموز بالقلم، وفيه نظر، وإنَّمَا هو معتلٌّ، وهو بغير همز؛ أي: شدَّ.

    قَولُهُ: (العَزَالِيَ): هو بفتح العين المهملة، وبالزاي، واللَّام في آخره مكسورة، ولم يذكر ابن قُرقُول غيره، وقال في «الصِّحاح»: (والعزلاء: فم المزادة الأسفل، والجمع: العزالِي؛ بكسر اللَّام، وإن شئت فتحت؛ مثل: الصَّحارَى والصَّحارِي، والعذارَى والعذارِي).

    (1/897)

    قَولُهُ: (وَكَانَ آخِرَ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى): (آخر): منصوب في أصلنا بالقلم على أنَّه خبر مقدَّم، و (أن أعطى): الاسم في موضع رفع، ويجوز رفع (آخر)، ونصب (أن أعطى)؛ لأنَّ كليهما معرفة، وفي القرآن العظيم: {لَيْسَ البِرّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة: 177]، و {فَمَا كَان جَوَاب قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوا} [النمل: 56]؛ بالنَّصب والرَّفع على قراءة من قرأ الرَّفع في الثانية، و {لَيْسَ البِرّ}: النَّصب والرَّفع في السَّبع.

    قَولُهُ: (فَأَفْرِغْهُ): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ.

    قَولُهُ: (يُفْعَلُ بِمَائِهَا): (يُفعل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قَولُهُ: (وَايْمُ اللهِ): هو بوصل الهمزة عند أكثر النَّحويِّين، وقد ذكر فيها الجوهريُّ في «صحاحه» كلامًا كثيرًا ولغاتٍ؛ فانظر ذلك إن أردته في (يمن)، وقال ابن قُرقُول: (وأيم الله)؛ بقطع الهمزة ووصلها؛ وهي حَلِفٌ، قال الهرويُّ وغيره كقولهم: يمين الله، ويجمع [40]: أَيْمُنًا، فيقال: وايمُنُ الله، ثُمَّ كثر في الكلام فحذفوا النُّون؛ فقالوا: أَيْمُ الله، ومُ الله، ومَ الله، ومِ الله، ومُنِ [41] الله، ومُنُ الله، وأيمَنُ الله، وأيمُنُ [42] الله، وإِيمُ الله، وأَيمُ الله، وكلُّ ذلك قد قيل، وبسبب هذا الاشتقاق لَمْ يجعل بعضهم الألف أصليَّة، وجعلها زائدة، وجعل بعضهم هذه الكلمة عوضًا من واو القسم، وهو مذهب المبرِّد، كأنَّه يقول: والله لأفعلنَّ، ورُوِيَ عنِ ابن عبَّاس أنَّه قال: إنَّ (يمين): اسم [43] من أسماء الله؛ مثل: (قدير)، قال أبو الهيثم: فالياء منه من اليُمن؛ فيمينٌ ويامُنٌ؛ مثل: قدير وقادِر.

    قَولُهُ: (لَقَدْ أُقْلِعَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قَولُهُ: (مِلأَةً): هو بكسر الميم، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ همزة مفتوحة قبل تاء التَّأنيث.

    قَولُهُ: (وَدُقيقَةٍ [44] وَسُويقَةٍ): هما بالتَّصغير في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وكذا في نسخة الدِّمياطيِّ [45]، وقال شيخنا: (يجوز فيه ضمُّ الدَّال وفتحها، قال ابن التِّين: هما روايتان، قوله: «وسُوَيِّقة»: هو بتشديد الياء) انتهى لفظه.

    قَولُهُ: (تَعْلَمِينَ): بفتح أوَّله، وإسكان ثانيه، وفتح ثَالِثه مخفَّفًّا، وفي نسخة الدِّمياطيِّ: مشدَّد اللَّام بالقلم، قَالَ الجوهريُّ: (تَعَلَّمْ) في موضع: (اعْلَمْ)؛ يعني: فهما [46] لغتان.

    (1/898)

    قَولُهُ: (مَا رَزِئْنَا): قال في «المطالع»: (بكسر الزاي، ومعناه: ما نقصنا)، وقال شيخنا مجد الدِّين في «القاموس»: (رَزَأَه مالَهُ _كـ «جَعَلَهُ وعَلِمَه» _ رُزْءًا؛ أصاب منه شيئًا)، فهذا قد ذكر في الماضي لغتين، وقال شيخنا الشَّارح: (قال ابن التِّين: ورُوِّيناه: بكسر الزاي وفتحها).

    قَولُهُ: (وَلَكِنِ اللهُ): الاسم الجليل في أصلنا: مرفوع، فعلى هذا (لكن) مخفَّفة، ولا مانع من تشديد (لكنَّ)، ونصب الاسم الجليل، ويكون من أخوات (إنَّ)، اللهمَّ إلَّا أن تكون الرِّواية كذا.

    قَولُهُ: (أَسْقَانَا): يقال: سقى وأسقى؛ لغتان، وهما في القرآن: {نَسْقِيكُم} [النحل: 66]، و {نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون: 21]، وكذا ذكره الخليل وابن القوطيَّة، ويقال: بينهما فرق، يقال: سقيته: ناولته يشرب، وأسقيته: جعلت له سُقيًا يشرب مِنْهُ.

    قَولُهُ: (احْتَبَسَتْ): أي: تأخَّرت، وكذا قوله: (ما حَبَسَكِ)؛ أي: أخَّرك.

    قَولُهُ: (لَهُ الصَّابِئُ): تقدَّم الكلام عليه في الصَّفحة قبل هذه.

    قَولُهُ: (بِإِصْبَعَيْهَا): الإصبع فيها عشر لغات؛ تثليث الهمزة، ثمَّ تثليث الباء، والعاشرة: أصبوع.

    فائدة شاردة: في الأنملة تسع لغات؛ تثليث الهمزة وتثليث الميم، ثلاثة في ثلاثة بتسعة، وقد حُكي عاشرة، حكاها بعض مشايخي؛ وهي [47] أنمولة، ولغات الأنملة حكاها ابن السِّيد وغيره، قال شيخنا المشار اليه: وأفصح اللُّغات: فتح الهمزة والميم، قال: وحَكى اللَّبليُّ في «شرح الفصيح» عنِ ابن سيده في «المخصَّص» عنِ ابن جنِّي: أنَّ في الأنملة من اللُّغات مثل ما في الإصبع) انتهى، وإذا كان كذلك ولغات الإصبع مشهورات وكذا الأصبوع؛ ففيها الأنمولة، والله أعلم.

    قوله: (يُغِيرُونَ): هو بضمِّ أوَّله، رباعيٌّ.

    قَولُهُ: (الصِّرْمَ): هو بكسر الصَّاد المهملة، وإسكان الرَّاء، ثُمَّ ميم، قال الدِّمياطيُّ: (قال الخليل: الصِّرم: الطَّائفة من النَّاس) انتهى، وقال ابن قُرقُول: (الصِّرم: القطعة من النَّاس، ينزلون على الماء بأهلهم).

    (1/899)

    قَولُهُ: (مَا أُرَى): وفي نسخة: (ما أدري) (أَنَّ هَؤُلَاءِ ... ) إلى آخره: هو بضمِّ الهمزة في أصلنا؛ أي: أظنُّ، وعن ابن مالك: أنَّه بفتح الهمزة، و (ما) بمعنى: الذي، و (أنَّ)؛ بفتح الهمزة؛ ومعناه: الذي أعتقد أنَّ هؤلاء يدعونكم عمدًا، لا جهلًا ونسيانًا، وقال غير ابن مالك: يجوز أن تكون (ما): نافية، و (إِنَّ)؛ بكسر الهمزة، و (أدري)؛ بالدَّال؛ ومعناه: لا أعلم حالكم في تخلُّفكم عنِ الإسلام مع أنَّهم يَدَعونكم عمدًا.

    قَولُهُ: (يَدَعُونَكُمْ): هو بفتح الدَّال: أي: يتركونكم، والكلام في (ودع) معروف، وقد جاء في القرآن والحديث خلافًا لمن زعم من النُّحاة من إماتة العرب للمصدر والفعل الماضي، وتركهم النُّطق بهما، وقد جاءا في الكلام الفصيح.

    قَولُهُ: (قَالَ أَبُو عَبْد الله: صَبَأَ): هو مهموز وغير مهموز، وقد تقدَّم في الصِّفحة قبل هذه.

    قَولُهُ: (وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ): هذا الظَّاهر لي أنَّه رُفَيع بن مِهْران، وذلك لأنَّه من كبار التَّابعين، وهو مخضرم؛ أدرك الجاهليَّة والإسلام، ولم ير النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أسلم بعده عليه الصَّلاة والسَّلام بسنتين، وقد قدَّمت بعض ترجمته، قال أبو بكر بن أبي داود في كتاب «شريعة القارئ»: (ليس أحد بعد الصَّحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية، وبعده سعيد بن جبير، ثُمَّ السُّديُّ، ثُمَّ سفيان الثَّوريُّ) انتهى، وأبو العالية فيروز لَمْ أَرَهم ترجموه بهذه الأشياء، ولا ذكروا له قولًا بين العلماء، والله أعلم، ولم يذكره شيخنا، بل قال: إنَّ أثره أسنده ابن جرير في «تفسيره».

    ==========

    [1] في (ب): (كطربل).

    [2] في (ب): (مرغل).

    [3] في (ج): (شرندل).

    [4] في (ج): (للعرب)، وهو تحريفٌ.

    [5] في (ج): (تساهل).

    [6] في (ب): (فقال).

    [7] (ثقة): ليس في (ب).

    [8] زيد في (ب): (ثقة).

    [9] في (ج): (لدخول).

    [10] في (ب): (ابن).

    [11] زيد في (ب): (قال المزي في «تهذيبه»: وكذا الذهبي في «تذهيبه»)، ولعله تكرار لما سيأتي.

    [12] في (ب): (أبو)، هو تحريف.

    [13] «تجريد أسماء الصحابة» (1/ 132)، والمراد بالثلاثة: ابن منده، وابن عبد البر، وأبو نعيم.

    [14] في (ب): (دخل)، وهو تحريفٌ.

    [15] (في): سقطت من (ج).

    [16] (الطريق): سقط من (ب).

    [17] في (ب): (اكلأنا).

    [18] في (ج): (الرواة).

    [19] في (ج): (السَّري).

    [20] في (ب): (لأن).

    [21] في (ب): (السرى و).

    (1/900)

    [22] (يمضي): سقطت من (ب).

    [23] (أي): سقطت من (ج).

    [24] (أيقظ): ليس في (ج).

    [25] في (ب): (معترك)، وهو تحريفٌ.

    [26] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [27] (ودعا عليًّا): ليس في (ج).

    [28] (البلقيني): ليس في (ج).

    [29] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فتلقَّيا).

    [30] (هي): ليس في (ب).

    [31] في (ج): (الرِّواية)، وهو تحريفٌ.

    [32] «مطالع الأنوار».

    [33] «مطالع الأنوار».

    [34] في (ج): (عقيب).

    [35] في «اليونينيَّة» (3950) و «المطالع»: (فأويتم).

    [36] في (أ): (سُهِّل).

    [37] (قال): ليس في (ب).

    [38] «مطالع الأنوار».

    [39] في هامش (ق): (لا أعرفه إلا بغير همز معتلًا، والله أعلم).

    [40] في (ج): (ومجمع).

    [41] في «المطالع»: (ومِنِ الله).

    [42] في «المطالع»: (وإيمَن الله).

    [43] (اسم): ليس في (ج).

    [44] في هامش (ق): (بالتصغير فيها، كذا في «اليونينية»، وفي نسخة بخط الحافظ الدِّمياطيّ).

    [45] في (ج): (للدمياطي).

    [46] في (ج): (فيهما).

    [47] في النسخ: (وهو)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

    (1/901)

    [باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت ... ]

    قَولُهُ: (وَيُذْكَرُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ العَاصِي): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وقد تقدَّم أنَّ هذا تمريض لهذا، وذكرت أنَّ هذا مُشعِر بصحَّة أصله، ولولا حال الطُّول؛ لذكرتُ كلَّ ما ذُكِر فيه من الأحاديث بصيغة تمريض ما سبَّب ضعفه عنده، والله أعلم، وقد أخرج حديث عمرٍو أبو داود مُطوَّلًا.

    قَولُهُ: (أَنَّ عَمْرَو بْنَ العَاصِي): تقدَّم الكلام على ياء (العاصي) في أوائل هذا التَّعليق مُطوَّلًا، وكلام النَّوويِّ أنَّ الأصحَّ إثبات الياء فيه وفي (ابن الهادي) و (ابن أبي الموالي) و (ابن اليماني)، وتقدَّم كلام ابن الصَّلاح في ياء (العاصي)، والله أعلم.

    [ج 1 ص 142]

    قَولُهُ: (فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ذُكِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    (1/902)

    [حديث عبد الله: لو رخصت لهم في هذا]

    345# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): هو بكسر الموحَّدة، وبالشِّين المعجمة.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ): كذا في أصلنا، وتوضيحُه نسخة _لكن في الأصل_ وعليها علامة راويها: (غُنْدرٌ)، وقد تقدَّم أنَّ غُنْدرًا؛ بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وأنَّ ابن جريج لقَّبه بذلك، والغُنْدر: المُشغِّب بلغة أهل الحجاز.

    قَولُهُ: (عن سُلَيْمَانَ): هذا هو ابن مهران الأعمش أبو محمَّد الكاهليُّ، تقدَّم مرارًا.

    قَولُهُ: (عن أَبِي وَائِلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، المشهور، أحد العلماء العاملين، وتقدَّم بعض ترجمته، وسيأتي عقيبه مسمًّى منسوبًا لأبيه.

    قَولُهُ: (قَالَ أَبُو مُوسَى): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار الأشعريُّ، الصَّحابيُّ المشهور الكبير.

    ==========

    [ج 1 ص 143]

    (1/903)

    [حديث أبي موسى: إنا لو رخصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد .. ]

    346# قَولُهُ: (عَنِ الأَعْمَشُ): تقدَّم أعلاه أنَّه سُلَيْمَان بْنُ مِهْرَانَ.

    قَولُهُ: (إِذَا أَجْنَبَ): تقدَّم أنَّ هذه هي اللُّغة الفصيحة، وأن فيه لغةً أخرى، وهي جُنِب؛ بضمِّ الجيم، وكسر النُّون.

    قوله: (كَانَ يَكْفِيكَ): هو بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ، وقد تقدَّم، وهو ظاهر جدًّا.

    قَولُهُ: (فَمَا دَرَى): هو معتلُّ الآخر، درى يدرِي؛ أي: علِم.

    قَولُهُ: (لَأَوْشَكَ): أي: لأسرع، يُقَال: أَوشَك أنْ يقع في كذا؛ بفتح الهمزة والشِّين؛ ومعناه عند الخليل: أسرع أنَّ يكون كذا وقَرُبَ، وقال أبو عليٍّ: جعلوا له الفعل، كأنَّهم قالوا: يوشِك الفعل، وقال [1] أبو عليٍّ: مثل (عسى) الفعل، قال: ولا يقال: يُوشَك في المستقبل، ولا أَوشَك في الماضي، وأنكر الأصمعيُّ (أوشك) أيضًا، إِنَّمَا يأتي عنده مستقبلًا، والوشك: السُّرعة، وفي «الصِّحاح»: (والعامَّة تقول: يوشَك؛ بفتح الشِّين، وهي لغة رديئة).

    قَولُهُ: (إِذَا بَرَدَ): بفتح الرَّاء وتُضَمُّ؛ لغتان.

    (1/904)

    [باب: التيمم ضربة]

    قَولُهُ: (بَابٌ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ): إن نوَّنتَ (بابًا) مرفوعًا؛ فـ (ضربةٌ) مثله، وإن أضفتَ؛ فـ (ضربة) بالنَّصب حالًا.

    ==========

    [ج 1 ص 143]

    (1/905)

    [حديث شقيق: كنت جالسًا مع عبد الله وأبي موسى]

    347# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): كذا في أصلنا، وعلى (سلَام) نسخة وعلامة راويها، وقد تقدَّم أنَّ سلَامًا؛ بتخفيف اللَّام على الأصحِّ، وتقدَّم بعض ترجمة محمَّد ابنه، وقد ذكر هذا الحديث المِزِّيُّ في «أطرافه» في مسند عمَّار، وعنه: أبو موسى، فقال في (الطَّهارة): (عن عُمر [1] بن حفص بن غياث، وعن محمَّد عن أبي معاوية)، فلم ينسبْه.

    قَولُهُ: (أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): تقدَّم أنَّه الضَّرير، محمَّد بن خَازم؛ بالخاء المعجمة، وتقدَّم شيء من ترجمته، وأنَّه حافظ، وأنَّه كان مرجئًا.

    قَولُهُ: (عن الأَعْمَشِ): تقدَّم أعلاه أنَّه سُلَيْمَان بْنُ مِهْرَانَ، أبو محمَّد الكاهليُّ، وتقدَّم قبل ذلك بكثير ترجمتُه.

    قَولُهُ: (لَأَوْشَكُوا): تقدَّم الكلام عليه أعلاه.

    قَولُهُ: (إِذَا بَرَدَ): تقدَّم أنَّ فيه لغتين؛ فتح الرَّاء وضمَّها.

    قَولُهُ: (فَأَجْنَبْتُ): تقدَّم أنَّ هذه هي اللُّغة الفصيحة، وأن فيه لغةً أخرى: جُنِب؛ بضمِّ الجيم وكسر النُّون.

    قَولُهُ: (كَمَا تَمَرَّغُ): هو بفتح أوَّله وثانيه وثَالِثه مع التَّشديد، وهو محذوف إحدى التَّاءين، وهو فعل مضارع مرفوع، ومعناه معروف.

    قَولُهُ: (زَادَ يَعْلَى عنِ الأَعْمَشِ): أمَّا (الأعمش)؛ فقد تقدَّم أعلاه أنَّه سُلَيْمَان بن مِهْرَانَ، وأمَّا (يعلى)؛ فهو ابن عبيد الطَّنافسيُّ [2]، أخو محمَّد وعمر، عن يحيى بن سعيد والأعمش، وعنه: ابن نمير والصَّاغانيُّ، ثقة عابد، وقال ابن معين: ثقة إلَّا في سفيان الثَّوريِّ، مات في شوَّال سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وزيادة يعلى بن عبيد لم أرها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: (وصله الإِسْمَاعِيليُّ عنِ ابن زيدان، عن أحمد بن حازم، عن يعلى به) انتهى [3]

    قَولُهُ: (عن شَقِيقٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه أبو وائل شقيق بن سلمة [4].

    ==========

    [1] في (ج): (عمرو)، وهو تحريفٌ.

    [2] زيد في (ب): (وهو).

    [3] (عن يعلى به انتهى): سقطت من (ب) و (ج).

    [4] زيد في (ب): (عن يعلى انتهى).

    [ج 1 ص 143]

    (1/906)

    [باب تابع لما سبق]

    (1/907)

    [حديث: عليك بالصعيد فإنه يكفيك]

    348# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه عَبْد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، ولقبه عبدان، ولماذا لُقِّب، أوَّل هذا التَّعليق.

    قَولُهُ: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله): تقدَّم أنَّه ابن المبارك، الزَّاهد العالم المشهور، شيخ خراسان.

    قَولُهُ: (أَخْبَرَنَا عَوْفٌ): تقدَّم أنَّه عوف الأعرابيُّ، وتقدَّم أنَّه إنَّما قيل له [2]: الأعرابيُّ؛ لدخوله درب الأعراب، قاله ابن دقيق العيد أبو الفتح، وتقدَّم بعض ترجمته [3]، قال النَّسائيُّ: ثقةٌ ثَبْتٌ.

    قَولُهُ: (عن أَبِي رَجَاءٍ): تقدَّم أنَّه العطارديُّ، وأنَّ اسمه عمران بن ملحان، أو ابن تيم، أو ابن عَبْد الله، تقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (رَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا): تقدَّم أنَّ هذا الرَّجل لا أعرفه.

    ==========

    [1] في (ج): (أعلاه).

    [2] (له): سقط من (أ).

    [3] (وتقدم بعض ترجمته): جاءت في (ب) بعد قوله: (ثقة ثبت).

    [ج 1 ص 143]

    (1/908)

    ((8)) (كتاب الصَّلاة)

    (1/909)

    [باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء]

    (باب كَيْفَ فُرِضَتِ الصَّلَاة فِي الإِسْرَاءِ ... ) إلى (باب الصَّلَاةِ فِي [1] الْقَمِيصِ ... ) إلى آخره.

    سؤال: إن قيل: أيُّ اللَّيلتين أفضل؛ ليلة القدر أم ليلة الإسراء؟

    وجوابه: أنَّ ليلة الإسراء في حقِّ نبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل من ليلة القدر، وليلة القدر بالنِّسبة إلى الأمَّة أفضل من ليلة الإسراء، هذا جواب العلَّامة أبي العبَّاس ابن تيمية، والله أعلم.

    فائدة: اختلف العلماء في المعراج والإسراء، هل كانا في ليلة واحدة أم لا؟ وأيُّهما كان قبل الآخر؟ وهل كان ذلك كلُّه في اليقظة أو في المنام أو بعضه في اليقظة وبعضه في المنام، أو أنَّه أسري به، ولا يقال: يقظة ولا منامًا؟ حكى هذا ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدي»، وهل كان المعراج مرَّةً أو مرَّاتٍ، وقد أنكر هذا الأخير ابن القيِّم في «الهدي»، وقال مغلطاي في «سيرته الصُّغرى»: (إنَّ الإسراء كان في اليقظة بجسده، وإنَّه مرَّات، وإنَّه رأى ربَّه بعين رأسه) انتهى.

    وحاصل الأقوال في الإسراء خمسة: يقظة، منام، مرَّة يقظة ومرَّة منام، الرَّابع: الإسراء [2] بجسده إلى بيت المقدس في اليقظة وبروحه إلى فوق سبع سماوات، والخامس: الذي حكاه ابن القيِّم.

    تنبيه: ينبغي أنْ يُعلَم الفرقُ بين قوله: كان الإسراء منامًا، وبين القول: أُسرِيَ بروحه دون جسده، قال ابن القيِّم: (وبينهما فرقٌ عظيم ... ) إلى أنْ قال: (لكن [3] لمَّا كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في مقام خرق

    [ج 1 ص 143]

    (1/910)

    العادات حتَّى يُشقَّ بطنه، وهو حيٌّ لا يتألَّم بذلك؛ عرج بذات روحه المقدَّسة حقيقة من غير إماتة، ومن سواه لا تنال [4] ذات روحه الصعودَ إلى السَّماء إلا بعد الموت والمفارقة، فالأنبياء إنَّما استقرَّت [5] أرواحهم هناك بعد مفارقة الأبدان، وروح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صعِدت إلى هناك في حال الحياة، ثمَّ عادت، وبعد وفاته استقرَّت في الرَّفيق الأعلى مع أرواح الأنبياء، ومع هذا؛ فلها [6] إشراق [7] على البدن وإشراف وتعلُّق به؛ بحيث [8] يردُّ السَّلام على من سلَّم عليه، وبهذا التَّعلُّق رأى موسى قائمًا يصلِّي في قبره، كما أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم في أعلى مكان في الرَّفيق الأعلى مستقرًّا، وبدنه في ضريحه غير مفقود، وإذا سلَّم عليه المُسلِّم؛ ردَّ الله عليه روحه حتَّى يردَّ السَّلام، ثمَّ مثَّل ذلك بالشمس في علوِّ محلِّها وتعلُّقها، وتأثيرها في الأرض، وحياة النَّبات والحيوان بها، وشأن الرُّوح فوق هذا، ثمَّ مثَّل بالنَّار تكون في محلِّها وحرارتها تؤثِّر في الجسم البعيد عنها، مع أنَّ الارتباط بين الرُّوح والبدن أقوى وأكمل وأتمُّ) انتهى.

    واختلفوا في تاريخ الإسراء كما سيأتي قريبًا، وقد ذكر السُّهيليُّ خلاف السَّلف في الإسراء؛ هل كان يقظةً أو منامًا؟ وحكى القولين وما يُحتَجُّ به لكلِّ قول منهما، ثمَّ قال: (وذهبت طائفة ثالثة _منهم: شيخنا أبو بكر ابن العربيِّ_ إلى تصديق المقالتين، وتصحيح المذهبين، وأنَّ الإسراء كان مرَّتين؛ إحداهما: في نومه؛ توطئةً وتيسيرًا عليه كما كان بدء نبُوَّته الرُّؤيا الصَّالحة؛ ليسهل عليه أمر النُّبوَّة، فإنَّه عظيمٌ تضعُف [9] عنه القوى البشريَّة، وكذلك الإسراء سهَّله الله عليه بالرُّؤيا؛ لأنَّ هوله عظيم، فجاء في اليقظة على توطئة وتقدمة؛ رفقًا من الله بعبده وتسهيلًا عليه، ورُجِّحَ هذا القول أيضًا؛ للجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك، فإنَّ في ألفاظها اختلافًا، وتعدُّد الواقعة أقرب؛ لوقوع جميعها) انتهى.

    (1/911)

    وقد قال ابن القيِّم: إنَّه مرَّة، وإنَّه أصحُّ الأقوال، وفي مكان آخر من «الهدي» قال: (إنَّه الصَّواب الذي عليه أئمَّة النَّقل) انتهى، وحكى السُّهيليُّ قولًا رابعًا: أنَّه كان بجسده إلى بيت المقدس في اليقظة، ثمَّ أُسرِي بروحه عليه الصَّلاة والسَّلام إلى فوق سبع سماوات؛ ولذلك شنَّع الكفَّار قوله: «أتيت بيت المقدس في ليلتي هذه»، ولم يشنِّعوا قوله فيما سوى ذلك، وقد تكلَّم العلماء في رؤية النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لربِّه ليلة الإسراء؛ ففي «الصَّحيح» عن مسروق عن عائشة: أنَّها أنكرت ذلك، وجاء مثل قول عائشة عن أبي هريرة وجماعة، وهو المشهور عنِ ابن مسعود، وإليه ذهب جماعة من المحدِّثين والمتكلِّمين، وروي عنِ ابن عبَّاس: أنَّه رآه، ومثله عن أبي ذرٍّ، وكعب، والحسن وكان يحلِف على ذلك، وحُكي مثلُه عنِ ابن مسعود، وأبي هريرة، وأحمد ابن حنبل، وسيأتي الكلام في نقل ذلك عن أحمد ابن حنبل من عند ابن القيِّم، وحُكي عنِ الأشعريِّ وأصحابه.

    وأمَّا ابن قيِّم الجوزيَّة؛ فإنَّه قال: (وهي مسألةُ خلافٍ بين السَّلف والخلف، وإن كان جمهور الصَّحابة _بل كلُّهم_ مع عائشة، كما حكاه عثمان بن سعيد الدارميُّ إجماعًا للصحابة) انتهى، وفي هذا الإجماع نظرٌ، وفي «التِّرمذيِّ»: (قال كعب: إنَّ الله قسم رؤيته وكلامه بين محمَّد وموسى، فكلَّم موسى مرَّتين، ورآه محمَّد مرَّتين)، وهذا في «المستدرك» أيضًا، وفي «مسلم»: عن أبي ذرٍّ: (هل رأيت ربَّك؟ قال: «رأيت نورًا»)، وفي آخرَ عند مسلم: «نورٌ، أنَّى أراه؟»، من حديث أبي ذرٍّ، [وقد قال أحمد في حديث أبي ذرٍّ هذا: (ما زلت له منكرًا)] [10]، وقال ابن خزيمة: في القلب من صحَّة إسناده شيءٌ، مع أنَّ في رواية أحمد في حديث أبي ذرٍّ: «رأيت [11] نورًا [12]»، ورجال إسنادها رجال «الصَّحيح»، وفي «الطَّبرانيِّ الصَّغير» و «الأوسط» من حديث مجالد عنِ الشَّعبيِّ عنِ ابن عبَّاس: أنَّه كان يقول: (إنَّ محمَّدًا رأى ربَّه مرَّتين؛ مرَّة ببصره، ومرَّةً بفؤاده)، قال الطَّبرانيُّ: (لم يروه عن مجالد إلا ابنه إسماعيل)، وفيهما أيضًا عنه موقوفًا: (نظر محمَّد إلى ربِّه)، [وقال عكرمة: (فقلت لابن عبَّاس: نظر محمَّد إلى ربِّه؟] [13] قال: نعم ... )؛ الحديث، قال الطَّبرانيُّ: (لم يروه عن ميمون إلا موسى، تفرَّد به حفص).

    (1/912)

    وفي «تفسير النَّقاش»: (عن ابن عبَّاس: أنَّه سُئل: هل رأى محمَّد ربَّه؟ فقال: رآه، رآه، رآه، حتَّى انقطع صوته)، وفي «تفسير عبد الرَّزاق»: (عن معمر عنِ الزُّهريِّ وذكر إنكار عائشة: أنَّه رآه، فقال الزُّهريُّ: ليست عائشة رضي الله عنها عندنا أعلم من ابن عبَّاس)، وفي «تفسير ابن سلَّام»: (عن عروة: أنَّه كان إذا ذكر إنكار عائشة؛ يشتدُّ ذلك عليه)، وقول أبي هريرة في ذلك كقول ابن عبَّاس: أنَّه رآه، وتقدَّم النَّقل عنه إنكارها، وقد وقف بعض المشايخ في ذلك، فقال: ليس عليه دليل [14] واضح، ولكنَّه جائز، ورؤيته تعالى في الدُّنيا جائزة، وسؤال موسى عليه السلام إيَّاها دليلٌ على جوازها، وحكى الشيخ محيي الدِّين النَّوويُّ: ترجيح القول بأنَّه رآه عن أكثر العلماء، انتهى، وقال السُّهيليُّ: (والمتحصِّل من هذه الأقوال: أنَّه رآه، لا على أكمل ما تكون الرُّؤية على نحو ما يراه في حظيرة [15] القدس عند الكرامة العظمى والنَّعيم الأكبر، ولكن دون ذلك، وإلى هذا يومئ [16] قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «رأيت نورًا»، وأجاب الجماعة عنِ الآية، وهي قوله تعالى: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]: بأنَّ الإدراكَ الإحاطةُ، والله لا يحاط به).

    تنبيه سبقتِ الإشارة إليه: لما ذكر ابن القيِّم في «الهدي» رؤية النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الجزء الثَّالث تجزئة ستَّة؛ قال: (وقد صحَّ عنه أنَّه قال: «رأيت ربِّي تبارك وتعالى»، ولكن لم يكن هذا في الإسراء، ولكن كان بالمدينة لمَّا احتبس عنهم في صلاة الصُّبح، ثمَّ أخبرهم عن رؤية ربِّه تبارك وتعالى تلك اللَّيلة في منامه، وعلى هذا بنى الإمام أحمد، وقال: نعم؛ رآه، فإنَّ رؤيا الأنبياء حقٌّ ولا بُدَّ، ولكن لم يقل أحمد: إنَّه رآه بعيني رأسه، ومن حكى عنه ذلك؛ فقد وَهم عليه، ولكن مرَّة قال: رآه، ومرَّةً قال: رآه بفؤاده، فحُكِيت عنه روايتان، وحُكِيت عنه الثَّالثة من تصرُّف بعض أصحابه: أنَّه رآه بعيني رأسه، وهذه نصوصه موجودة [17] ليس [18] فيها ذلك) انتهى.

    (1/913)

    وفرض الصَّلوات [19] الخمس كان ليلة المعراج، فعنِ الواقديِّ: كان ليلة السبت لسبعَ عشرةَ خلت من رمضان قبل الهجرة بثمانيةَ عشرَ شهرًا، من مكَّة إلى السَّماء، ومن يرى المعراج من بيت المقدس، وأنَّه هو والإسراء في تاريخ واحد؛ فالإسراء كان [20] ليلة سبعَ عشرةَ من ربيع الأوَّل قبل الهجرة بسنة، وبعد المبعث بتسعٍ أو اثني عشرَ، على حسب اختلافهم في ذلك، وهذا هو المشهور، وقيل: إنَّ الإسراء وفرض الصَّلاة بعد المبعث بخمس سنين [21]، وأبعدُ منه أنَّه أُسرِي به من مكَّة، وعُرِج به إلى السَّماء بعد مبعثه بثمانيةَ عشرَ شهرًا، قال ابن عبد البَرِّ: (ولا أعلم أحدًا من أهل السِّير قال ذلك، ولا أسند قوله إلى أحد ممَّن يضاف إليه هذا العلم، وفي صبيحة ليلة المعراج كان نزول جبريل وإمامته به عليه الصَّلاة والسَّلام) انتهى.

    ونقل القاضي: أنَّ أقلَّ ما قيل [22] في الإسراء أنَّه بعد المبعث بخمسةَ عشرَ شهرًا، بيَّنتْه [23] رواية شريك: (وذلك قبل أن يُوحَى إليه)، سيأتي الكلام عليها في (كتاب التَّوحيد) حيث ذكرها البخاريُّ وتَوهِيَتها مع ألفاظٍ غيرها.

    (وحصل في ليلة الإسراء: أنَّها ليلة السبت لسبعَ عشرةَ خلت من رمضان) [24]، وحصل في شهر الإسراء خمسة أقوال: ربيع الأوَّل، ربيع الآخر، رجب، رمضان، وعن [25] الماورديِّ: أنَّه في شوَّال، وقد جزم النَّوويُّ في «الرَّوضة»: بأنَّه كان في رجب، وقال في «الفتاوى»: إنَّه كان في ربيع الأوَّل، وجزم في «شرح مسلم»: بأنَّه كان في ربيع الآخر، تبعًا للقاضي.

    وتحصَّل في السَّنة أقوال أيضًا؛ غالبها ذكرته فيما تقدَّم قبل هذا، وهي [26] أنَّه كان بعد المبعث بسنة ونصفٍ، وقيل: بخمسٍ، وهو الأشبه عند القاضي عياض في «الشفا»، وقيل: قبل الهجرة بعام، وقيل: بعد المبعث بخمسة عشر شهرًا، ونقل شيخنا المؤلِّف عنِ السُّديِّ: قبل الهجرة بستَّة أشهر، وقال ابن الجوزيِّ: كان قبل الهجرة بثمانية أشهر، وقال ابن عبد البَرِّ وغيره: إنَّ بين الهجرة والإسراء سنةً وشهرين، [وقال العراقيُّ شيخنا: (إنَّه سنة اثنتي عشرة إلا ثلاثة [27] شهور)، هذا مقتضى كلامه، وهو نحو القول الذي قبله، أو هو هو، وقدَّم مغلطاي من الأقوال أنَّه كان ليلة السبت لسبعَ عشرةَ ليلةً خلت من رمضان قبل الهجرة بثمانيةَ عشرَ شهرًا] [28]، فهذه سبعة أقوال.

    ثمَّ اعلم أنَّ أفضل

    [ج 1 ص 144]

    (1/914)

    عبادات البدن بعد الشَّهادتين: الصَّلاة؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «واعلموا أنَّ خير أعمالكم الصَّلاة»، رواه ابن ماجه من حديث ثوبان بإسناد جيِّد، لكن من رواية سالم بن أبي الجعد عنه، وقد قال أحمد: لم يَسمَع منه، وذكره في «الموطَّأ» مرسلًا مُعضَلًا، قال: (بلغني أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال ... )؛ فذكره، ورواه ابن ماجه أيضًا من رواية عبد الله بن عَمرو مرفوعًا، وحديث ثوبان أصلح منه، وقال ابن حِبَّان في «صحيحه»: (خبر سالم بن أبي الجعد عن ثوبان منقطع)، ثمَّ أخرجه من حديث حسَّان بن عطيَّة: أنَّ [29] أبا كبشة السَّلوليَّ حدَّثه: أنَّه سمع ثوبان؛ فذكر نحوه، ولأنَّ الصَّلاة تلو [30] الإيمان الذي هو أفضل القُرَب وأشبه به؛ لاشتمالها على نطق باللِّسان، وعمل بالجَنَان، واعتقاد بالقلب كما هي فيه؛ ولذلك سمَّاها الله تعالى: إيمانًا، فقال: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]؛ أي: صلاتكم إلى بيت المقدس؛ كما ثبت مُبيَّنًا في «صحيح ابن حِبَّان» من حديث ابن عبَّاس، ولأنَّها تجمع من القُرب ما تفرَّق في غيرها؛ من ذكر الله تعالى ورسوله، والإمساك عنِ الأكل، والكلام، والإتيان بالقراءة، والتَّسبيح، والاستقبال، والطَّهارة، والسِّتارة ... إلى غير ذلك ممَّا لا يخفى أنَّه من القرب، مع اختصاصها بمقاصد تشتمل عليها؛ كالرُّكوع والسُّجود.

    (1/915)

    وقولي: (البَدَن): احتراز من عبادة القلب؛ وهي الإيمان، فإنَّه أفضل العبادات، ولا يقال في العرف: إنَّه من عمل البدن، قال الفقيه العلَّامة [31] ابن الرفعة في قول صاحب «التَّنبيه»: (أفضل عبادات البدن): (وقد ادَّعى بعضهم أنَّه احتُرِز عنِ العبادات الماليَّة، فإنَّها أفضل من الصَّلاة؛ لتعدِّي نفعها)، قال: (فإنْ صحَّ هذا؛ فمنه يؤخذ أنَّ العبادة المشتملة على المال والبدن أفضل من المتمحِّضة، وهي الحجُّ؛ لجمعها بين الأمرين)، وبه صرَّح القاضي الحسين [32] في أوَّل (الحجِّ)، ولأنَّا دُعينا [33] إليه في أصلاب آبائنا، فكان كالإيمان الذي جعل فيه كذلك، قال: (وهذه العلَّة تقتضي أنَّ الجهاد لا يلحق الحجَّ في هذا المعنى، والأُولى تقتضي أنَّه كهو؛ لأنَّه يشتمل على عمل بدن ومال، وحينئذٍ يكون أفضل من الصَّلاة، بل أقول: إنَّ الخبر يدلُّ على أنَّه يُقدَّم [34] عليه؛ حيث سُئل عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام عن أفضل الأعمال، فقدَّمه على الحجِّ) انتهى، وبه قال ابن أبي عُصرون، قال النَّوويُّ في شرح «المهذَّب»: (والمذهب الصَّحيح أنَّ الصَّلاة أفضل من الصَّوم وسائر عبادات البدن، كما جزم به الشيخ؛ لأحاديث؛ فذكرها، وقال صاحب «المستظهريِّ» في (الصِّيام): (اختُلِف في الصَّوم والصَّلاة أيُّهما أفضل؛ فقال [35] قوم: الصَّوم أفضل) انتهى، وهو [36] ما جزم به الماورديُّ فيه؛ حيث قال: الصَّوم أفضل أعمال القرب، وقال آخرون: الصَّلاة أفضل، وقال آخرون: الصَّلاة بمكَّة أفضل، والصَّوم بالمدينة أفضل، والأوَّل أصحُّ، قال ابن الرفعة: وادَّعى الماورديُّ في (الحجِّ) أنَّ الطواف أفضل من الصَّلاة، ورجَّحه ابن عبد السَّلام، وللغزاليِّ في المسألة كلام، وكذا لابن عبد السَّلام، وبه يطول الكلام.

    (1/916)

    وقال [37] النَّوويُّ في «شرح المهذَّب»: (واعلم: أنَّه ليس المراد بقولهم: «الصَّلاة أفضل من الصَّوم» أنَّ صلاة ركعتين أفضل من صيام أيَّام أو يوم، فإنَّ الصَّوم أفضل من ركعتين بلا شكٍّ، وإنَّما مَن لم يمكنه الاستكثار من الصَّلاة والصَّوم، وأراد أنْ يستكثر من أحدهما ويكون غالبًا عليه منسوبًا إلى الإكثار منه، ويقتصر من الآخر على المتأكِّد منه؛ فهذا محلُّ الخلاف والتَّفضيل، والصَّحيح: تفضيل الصَّلاة) انتهى، وقال العبَّاديُّ في «الزيادات»: الاشتغال بحفظ ما زاد على الفاتحة من القرآن أفضل من صلاة التَّطوُّع؛ لأنَّ حفظه فرض كفاية، نقله [النَّوويُّ عنه في «شرح المهذَّب»، وأقرَّه عليه، وقول صاحب «التَّنبيه»: وتطوُّعُها أفضل التَّطوُّع؛ لعموم الحديث المتقدِّم، قال] [38] النَّوويُّ في «شرح المهذَّب»: فإنْ قيل: يَرِدُ عليه الاشتغال بالعلم، فإنَّه أفضل من تطوُّع الصَّلاة، كما نصَّ عليه الشَّافعيُّ وسائر الفقهاء.

    فالجواب: أنَّ هذا الإيراد غلط وغفلة من مُورِده؛ فإنَّ الاشتغال بالعلم فرض كفاية، وكلامنا هنا في صلاة التَّطوُّع، والله أعلم.

    وقد أطلت الكلام في ذلك؛ لأنَّ الكلام يجرُّ بعضه بعضًا، ولكنَّ فيه فوائدَ لا يُستغنى عنها، والله أعلم.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ): تقدَّم أنَّه صخر بن حرب بن أميَّة بن عَبْد شمس بن عَبْد مناف، القرشيُّ الأمويُّ، والد معاوية، ويزيد، وأمِّ حبيبة رَضِيَ اللهُ عنهم، وقد تقدَّم أنَّه مشهور التَّرجمة، فلا نطوِّل بها.

    قَولُهُ: (في حَدِيثِ هِرَقْلَ): تقدَّم أنَّ (هرقل) فيه لغتان: هِرَقل؛ بفتح الرَّاء، وكسر الهاء، والثَّانية: بكسر الهاء، وإسكان الرَّاء، وكسر القاف، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه هلك سنة عشرين من الهجرة، وتقدَّم ما [39] قال العلماء فيه.

    قَولُهُ: (وَالعَفَافِ): هو بفتح العين؛ وهو ترك المحارم، وترك خوارم المروءة.

    ==========

    [1] في (ج): (على)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».

    [2] في (ج): (للإسراء).

    [3] (لكن): ليس في (ج).

    [4] في (ج): (يقال)، وليس بصحيح.

    [5] في (ج): (استوت).

    [6] في (ج): (فلهذا).

    [7] في (ج): (إشراف).

    [8] في (ب): (حيث).

    [9] في (ج): (يضعف).

    [10] ما بين معقوفين ليس في (ب).

    [11] في (ج): (أنه).

    [12] في (ج): (نور).

    [13] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [14] (دليل): ليس في (ج).

    [15] في (ج): (خظرة)، وهو تحريفٌ.

    (1/917)

    [16] في (ج): (يؤمن)، وهو تحريفٌ.

    [17] في (ج): (مأخوذة).

    [18] في (ب): (وليس).

    [19] في (ج): (الصَّلاة).

    [20] زيد في (ج): (في).

    [21] في (ج): (بخمسين سنة)، وليس بصحيح.

    [22] في (ج): (فيه).

    [23] في (ب): (قوله)، وفي (ج): (تنبيه).

    [24] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [25] في (ج): (وعند).

    [26] في (ج): (ومن).

    [27] في (أ) و (ب): (ثلاث)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

    [28] ما بين معقوفين ليس في (ج).

    [29] في (ج): (ابن)، وليس بصحيح.

    [30] في (ج): (تكون).

    [31] (الرفعة): ليس في (ج).

    [32] في (ج): (حسين).

    [33] في (ب): (رغبنا).

    [34] في (ج): (مقدم).

    [35] في (ج): (فقام)، وليس بصحيح.

    [36] (هو): ليس في (ج).

    [37] في (ج): (قال).

    [38] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [39] (ما): سقطت من (أ).

    (1/918)

    [حديث: فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري]

    349# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّه ابن سعد، العَلَم المشهور الصَّالح، أحد الأجواد.

    قَولُهُ: (عن يُونُسَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، أحد الأثبات، تقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (عنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهْرِيُّ محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم المشهور.

    قَولُهُ: (كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ [1]): تقدَّم أنَّ (أبا ذرٍّ): جُندب بن جنادة، وتقدَّم [2] بقيَّة نسبه وبعض ترجمته رَضِيَ اللهُ عنه، وقد شبَّهه عليه الصَّلاة والسَّلام في زهده بعيسى ابن مريم.

    قَولُهُ: (فُرِجَ عن سَقْفِ بَيْتِي): (فُرِج): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ ومعناه: شُقَّ، وإنَّما لَمْ تدخل الملائكة من الباب، بل من السَّقف؛ ليكون أوقع في القلب صدق ما جاؤوا به، وسيأتي الجمع بين هذا وبين الرِّوايات في ذلك في (الإسراء) إن شاء الله تَعَالَى.

    قَولُهُ: (وَأَنَا بِمكَّة): هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا أنَّ الإسراء كان بمكَّة، ووقع في «تفسير ابن عَبْد السَّلام [3]» العلَّامة عزِّ الدِّين بن [4] سلطان العلماء في سورة (سبحان) ما لفظه: (وقيل: أُسرِي به مرَّتين، بمكَّة والمدينة، في اليقظة والنَّوم) انتهى، فانظر ما أغرب هذا! ويحتمل أن يكون زلةَّ قلم، ويحتمل أن يكون من النُّسَّاخ، والله أعلم.

    قَولُهُ: (فَفَرَجَ صَدْرِي): (فَرَج)؛ بالتَّخفيف: مبنيٌّ للفاعل.

    قَولُهُ: (صَدْرِي ... ) إلى آخره: في هذا دلالة [5] أنَّ شرح الصَّدر كان ليلة المعراج، وفُعِل ذلك؛ لزيادة الطُّمأنينة، وفي «السِّيرة» لابن إسحاق: أنَّ الشَّقَّ عَرَض له حين كان مُسترضَعًا عند حليمة، ومعناه في «صحيح مسلم»، وقد تكلَّم ابن حزم في رواية شقِّ الصَّدر في (الإسراء).

    (1/919)

    واعلم: أنَّ في «الدلائل» لأبي نعيم، و «الأحاديث الجياد» للشيخ ضياء الدِّين المقدسيِّ محمَّد بن عَبْد الواحد: أنَّه شُقَّ صدره وعمره عشر سنين، ذكره شيخنا المؤلِّف، وذكره [6] في مكان آخر، وقال: أشار أبو نعيم إلى غرابته، انتهى، وقد رأيت أنا في «المسند» للإمام أحمد من «زوائد [7] عَبْد الله» ابنه من حديث أبي هريرة: «وأنا ابن عَشْرِ سِنِينَ وَأَشْهُرٍ»، وقد ذكر الدُّولابيُّ كما نقله [8] ابن سيِّد النَّاس عنه في «سيرته» بسنده إلى بكر بن محمَّد بن عَمرو بن حزم: (أنَّه كان من بدء أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

    [ج 1 ص 145]

    أنَّه رأى في المنام رؤيا، فشقَّ عليه [9]، فذكر ذلك لصاحبته خديجة بنت خويلد، فقالت له [10]: أبشر، فإنَّ الله لا [11] يصنع بك إلَّا خيرًا، فذكر لها أنَّه رأى أنَّ [12] بطنه أُخرِج، فطُهِّر وأُعيد كما كان، وعن القرطبيِّ المفسِّر: أنَّه ذكر عن «مسند أبي داود الطَّيالسيِّ»: أنَّه شُقَّ صدره بحراء حين جاءه الملَك، وأنَّه قال: إنَّ ذلك اتَّفق له ثلاث مرَّاتٍ؛ مرَّة عند حليمة، ومرَّة بحراء، ومرَّة ليلة الإسراء.

    فحصل من الرِّوايات: عند ظئره حليمة، ولمَّا كان له عشر سنين أو عشر سنين وأشهر، وبحراء، وما ذكره الدُّولابيُّ، وليلة الإسراء، فهذه خمس مرَّات، والتَّعدُّد أحسن؛ لما في رواية الدُّولابيِّ: (أنَّه كان من بدء أمره)، فالظَّاهر: أنَّمَا [13] أراد من بدء أمر النُّبوَّة، أو يُجمَع بين الرِّوايات، فيقال كما قال الجمهور: إنَّ الشَّقَّ مرَّتين؛ عند حليمة، وليلة الإسراء، إن هذا كان [14] في اليقظة، وأمَّا في النَّوم كما ذكره الدُّولابيُّ؛ فلعلَّه رآه وله عشر سنين أو عَشْر سِنِينَ وَأَشْهُر، فأسقط (الأشهر) في رواية، وفي رواية أثبتها، ثُمَّ أخبر خديجة بالرُّؤيا حين تزوَّج بها، فإنَّه ليس في قصَّتها أنَّه رأى تلك اللَّيلة، ولا تلك الأيَّام، وكذا الباقي إن قلنا: إنَّ الإسراء كان يقظة كما هو الصَّحيح، وإن قلنا: إنَّه منام كما في قول في المسألة؛ فالشَّقُّ مرَّة واحدة، والباقي منام، والظَّاهر التَّعدُّد، وأنَّ المنام مرَّة والباقي يقظة، والله أعلم أيَّ ذلك كان.

    قَولُهُ: (ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ): تقدَّمت بما فيها من اللُّغات؛ وهي فتح الطَّاء، وإسكان السِّين، ويقال: بكسر الطَّاء، ويقال: طسٌّ؛ بتشديد السِّين وحذف التَّاء، وطسَّة أيضًا، وجمعها: طساس وطسوس وطسات.

    (1/920)

    قَولُهُ: (مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا): فَائِدَة: أخذ بعض الفقهاء من هذا جواز تحلية المصحف، نقله السُّهيليُّ عنه واستحسنه، وهو حسن ظاهر.

    قوله: (مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا): ذكر (ممتلئًا) على معنى الإناء؛ لأنَّ الطَّسْت مؤنَّثة، وقد قال بعض المحدِّثين كما تقدَّم: قد يؤنَّث؛ لأنَّه يقال في تصغيرها: طُسَيْسَة.

    قَولُهُ: (حِكْمَةً): بالنَّصب على التَّمييز، وَ (إِيمَانًا): معطوف عليه.

    فَائِدَة: إن قيل: كيف مُلِئ الطَّست بالحكمة والإيمان، وليسا بجسم؟

    قيل: هذا ضرب مثل؛ ليكشف بالمحسوس ما هو معقول، وقيل: إنَّ الطَّست كان فيها شيء يحصل به كمال الإيمان والحكمة وزيادة لهما، فسُمِّي: إيمانًا وحكمةً؛ لكونه سببًا لهما، قال الثَّاني النَّوويُّ مقتصرًا عليه.

    قَولُهُ: (فَعَرَجَ بِه): (عَرَج): فعل ماض؛ بفتح العين والرَّاء، لازم، لا يجوز أنَّ يُبْنَى منه [فعلٌ] على رأي الجمهور.

    قَولُهُ: (لخازِنِ السَّماءِ: افتح): إن قيل: ما اسم خازن السَّماء الدُّنيا [15]؟

    فالجواب: أنَّ في «معجم الطَّبرانيِّ الأوسط» على ما ظهر لي من اصطلاح شيخنا نور الدِّين الهيثميِّ الذي أفرد «زوائد المعجمين؛ الصَّغير والأوسط» على الكتب السِّتَّة من حديث أبي سعيد الخدريِّ، فذكر متنًا إلى أنْ قال فيه: «فإذا أنا بملَكٍ يقال له: إِسْمَاعِيل، وهو صاحب السَّماء الدُّنيا»، والظَّاهر [16] أنَّ المراد بـ (صاحب السَّماء الدُّنيا): خازنها.

    فَائِدَة: إِسْمَاعِيل معناه: مُطِيع [17] الله، قاله السُّهيليُّ في إِسْمَاعِيل بن إبراهيم صلَّى الله علَيْهِما وَسَلَّم عنِ ابن هشام في غير «السِّيرة».

    قَولُهُ: (أُرْسِلَ إِلَيْهِ): هو استفهام محذوف الآلة، وهو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ ومعناه: أُرسِل اليه للإسراء، وإِلَّا؛ فلا يخفى على أهل السَّماوات بعثته [18]، وقال السُّهيليُّ: (ولو أراد بعثه إلى الخلق؛ لقالوا: أوَبُعِث إليه؟! مع أنَّه [19] يبعد أنْ يخفى على الملائكة بعثه إلى الخلق، فلا يعلمون به إلَّا ليلة الإسراء) انتهى.

    وقال النوويُّ في هذا القول: (إنَّه الصَّحيح)، قال: (ولم يذكر الخطَّابيُّ وجماعة من العلماء غيره وإن كان القاضي قد ذكر خلافًا أو أشار إلى خلاف في أنَّه استفهم عن أصل البعثة [20] أو عمَّا ذكرته) انتهى.

    (1/921)

    قَولُهُ: (أَسْوِدَةٌ): هو جمع سواد؛ مثل: قَذَال وأَقذِلة، وهو الشَّخص، وسواد كلِّ شيء: شخصه.

    قَولُهُ: (نَسَمُ بَنِيهِ): هو بفتح النُّون والسِّين المهملة؛ أي: أرواح بنيه، وهو جمع نَسَمة؛ بفتحهما؛ وهي الإنسان، وقيل: النَّفس، وحَكى الأزهريُّ: أنَّ النَّسمة النَّفس، وأنَّ كلَّ دابَّة في جوفها روح؛ فهي نَسَمة، والله أعلم.

    [تنبيه: قوله: (نَسَمُ): تقدَّم أنَّه بالسِّين المهملة، قال ابن قُرقُول: (وضبطه بعضهم عنِ القابسيِّ: «شِيَم»: جمع شيمة؛ وهو الطِّباع، وهو تصحيف) انتهى، و (شِيَم) في كلام القابسيِّ؛ بالشِّين المعجمة المكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ ميم، وهذه النُّسخة في هامش أصلنا] [21].

    قَولُهُ: (وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ): (يُثْبِت): بضمِّ أوَّله، وبعد الثَّاء المثلَّثة موحَّدة مكسورة، كذا هو في أصلنا بالقلم، وكذا هو في أصلنا عُلِّم؛ ومعناه: يبيِّن.

    قَولُهُ: (وَإِبْرَاهِيمَ في [السَّمَاءِ] السَّادِسَةِ): اعلم: أنَّه سيأتي في آخر «البخاريِّ»: أنَّ إبراهيم في السَّادسة كما هنا، وأن موسى في السَّابعة، وذاك من حديث شَرِيك، وقد ذكر الحاكم أنَّه وهم في ذلك، وأنَّه تواتر أنَّ إبراهيم في السَّابعة، انتهى، فإنْ كان الإسراء مرَّتين؛ فلا إشكال، وإنْ كان مرَّة واحدة؛ فهذا هنا من حديث أنس، وفي (الملائكة) من حديثه: أنَّه في السَّابعة، وفي (الملائكة) الرَّاوي عنه قتادة، عن أنس، عن مالك بن صَعْصَعَةَ، وهنا ابن شهاب _وهو الزُّهْرِيُّ_ عن أنس، عن أبي ذرٍّ، واختُلِف في موسى؛ هل هو في السَّابعة أو [22] السَّادسة؛ ففي آخر «الصَّحيح» من حَدِيث شريك: أنه في السَّابعة، ووهم فيها، واحتجَّ بأنَّه في السَّابعة بأنَّه أوَّل من مرَّ به، ولذلك كلَّمه في نقص [23] الصَّلاة، قاله ابن التِّين، وهذه مسألة أشكلت عليَّ، وسوف أذكر في آخر «الصَّحيح» عنها جوابين إن شاء الله تَعَالَى وقدَّره؛ فانظرهما من هناك.

    (1/922)

    قَولُهُ: (بِإِدْرِيسَ)، وقوله للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (مرحبًا بِالنَّبي الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ): تقدَّم أنَّه [24] اختلف النَّاس على قولين في إدريس؛ هل هو في عمود النَّسب الشَّريف أم لا؟ فقال ابن إسحاق والأكثرون: إنَّ خنوخ هو إدريس، وأنكره آخرون، وقالوا: ليس في عمود النَّسب، وإنَّما إدريس إلياس، واختاره ابن العربيِّ وتلميذه السُّهيليُّ؛ لهذا الحديث حين قال: «وَالأَخِ الصَّالِحِ»، وقال في آدم: «بالابن الصَّالح»، وكذا في إبراهيم، وفي إدريس: «بالأخ»، وقال [25] النَّوويُّ: (يحتمل أنَّه قال تلطُّفًا وتأدُّبًا وهو أخ وإن كان ابنًا، والأبناء [26] إخوة، والمؤمنون إخوة) انتهى، وقال أبو العبَّاس ابن المُنَيِّر: أكثر الطُّرق على أنَّه خاطبه بـ (الأخ الصَّالح)، قال: وقال لي ابن أبي الفضل: صحَّت لي طريق أنَّه خاطبه فيها بـ (الابن الصَّالح)، وقال المازريُّ: (ذكر المؤرِّخون أنَّ إدريس جدُّ نوح، فإن قام دليل على أنَّ إدريس أُرسِل؛ لم يصحَّ قول النَّسَّابين: إنَّه قبل نوح؛ لإخبار نبيِّنا عليه الصَّلاة والسَّلام في الحديث الصَّحيح: «ائتوا نوحًا؛ فإنَّه أوَّل رسول بعثه الله إلى أهل الأرض»، وإن [27] لم يقم دليل؛ جاز ما قالوا، وصحَّ أنَّ إدريس كان نبيًّا ولم يُرسَل، قال السُّهيليُّ: (وحديث أبي ذرٍّ الطَّويل يدلُّ على أنَّ آدم وإدريس رسولان) انتهى، قال شيخنا المؤلِّف: (وقد أخرجه بطوله ابن حِبَّان).

    قَولُهُ: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ الذي [28] تقدَّم مرارًا، وأنَّه محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب [29].

    قوله: (فَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ): قال الدِّمياطيُّ: (ابن حزم: هو أبو بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عَبْد عوف بن مالك بن النَّجَّار، قاضي المدينة زمان الوليد، وأميرها زمن ابن عمِّه عُمر [30]، مات سنة (120 هـ)، وقد بلغ ستًّا وثمانين سنة، قُتِل أبوه يوم الحرَّة، ورواية أبي بكر عن أبي حبَّة منقطعة؛ لأنَّه قُتِل يوم أحُد؛ وأخوه لأبويه النُّعمان بن ثابت بن النُّعمان بن أميَّة بن البُرَك _وهو امرؤ القيس_ بن ثعلبة، شهد مع أخيه أبي حبَّة بدرًا وأحُدًا، وقُتِل بخيبر، وأخوهما لأمِّهما سعد بن خيثمة، أمُّهم هند بنت أوس بن عديِّ بن أميَّة) انتهى.

    وهذا قد ذكره قبله الرَّشيد

    [ج 1 ص 146]

    (1/923)

    العطَّار وزاد، ومن خطِّه نقلت: حديثٌ وقع في أثنائه ألفاظٌ في اتِّصالها نظر، أخرجه مُسْلِم في (كتاب الإيمان) من حديث ابن شهاب، عن أنس بن مالك، عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما في (المعراج)، وفيه: قال ابن شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي ابن حَزْمٍ: أَنَّ ابن عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِيَّ يَقُولَانِ: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: عرجَ بِي حتَّى ظَهَرْتُ بمُسْتَوًى أَسْمَعُ فيه صَرِيفَ [31] الأَقْلَامِ».

    وابن حزم: هو أبو بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم الأنصاريُّ المدنيُّ قاضيها، يقال: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمَّد، ويقال: اسمه كنيته، ولا نعلم له سماعًا من أحد من الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم، وإنَّما يروي عن أبيه، وعمر بن عَبْد العزيز، وعمرة بنت عَبْد الرَّحمن، وغيرهم من التَّابعين، وإنْ كان أبوه وُلِد في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سنة تسع من الهجرة، وقيل: سنة عشر، لكنَّه معدود في التَّابعين.

    فأمَّا [32] رواية أبي بكر ابن حزم عن أبي حبَّة الأنصاريِّ البدريِّ؛ فغير متَّصلة بلا شكٍّ؛ لأنَّ أبا حبَّة قُتِل يوم أحُد، وكانت غزوة أحُد في السَّنة الثَّالثة من الهجرة، وأبو بكر ابن حزم تُوفِّي سنة عشرين ومئة [33]، ابن أربع وثمانين سنة فيما ذكر غير واحد من العلماء، فيكون مولده على هذا سنة سبع وثلاثين من الهجرة، فلا يُتصوَّر إدراكه له [34].

    وأمَّا روايته عنِ ابن عبَّاس؛ فغير معروفة، لكنَّها [35] جائزة ممكنة؛ لإدراكه له؛ لأنَّ ابن عبَّاس رَضِيَ اللهُ عنهما تُوفِّي سنة ثمان وستِّين من الهجرة، وقيل: سنة تسع وستِّين، وقيل: سنة سبعين، فإدراكه له معلوم غير مشكوك فيه، وسماعه منه ممكن جائز، وهذا محمول على الاتِّصال عند مُسْلِم رحمه الله حتَّى يقوم دليل على أنَّه لَمْ يسمع مِنْهُ، والله أعلم.

    وأبو حبَّة البدريُّ: اسمه عامر، وقيل: مالك، وقيل: ثابت، واختُلِف في ضبطه على ثلاثة أقوال؛ فقيل: أبو حبَّة؛ بالباء بواحدة، وقيل: بالنُّون، وقيل: بالياء باثنتين من تحتها، والصَّحيح الأوَّل، ذكر ذلك اِبْن عبد البَرِّ في «استيعابه» بنحوه، وقيل في اسمه غير ذلك، ولا خلاف أنَّه بالحاء المهملة، والله أعلم، انتهى لفظه بحروفه.

    (1/924)

    والرَّشيد العطَّار حافظ كبير، تُوفِّي في جمادى الأولى سنة اثنتين وستِّين وستِّ مئة، وله ثمانٍ وسبعون سنة، وهو الحافظ رشيد الدِّين، أبو الحسين، يحيى بن عليِّ بن عَبْد الله بن عليِّ بن مُفرِّج القرشيُّ الأمويُّ النَّابلسيُّ، ثُمَّ المصريُّ المالكيُّ، ترجمته معروفة، روى عنه: الحافظ الدِّمياطيُّ شيخ شيوخنا، والحافظ جمال الدِّين ابن الظَّاهريِّ، واليونينيُّ، وخلقٌ، والله أعلمُ أنَّ الدِّمياطيَّ أخذ ما ذكره من شيخه الرَّشيد العطَّار.

    وقد ذكر الحافظ العَلائيُّ أبا بكر ابن حزم في «مراسيله»، ولم يذكر أنَّه أرسل إلَّا عن جدِّه، ونقل ذلك عن «التَّهذيب»، ولم يقع له هذا المكان، وهو مكان حسن.

    قوله: (أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه أنَّه ممكنٌ لقاؤه، ولكنَّ أبا بكر بن محمَّد بن عَمرو بن حزم لَمْ يسمع من أحد من الصَّحابة، وأن هذا جار [36] على قواعد مسلم؛ لأنَّهما متعاصران [37]، جمعهما وقتٌ واحدٌ، ولم يُذكَر أبو بكر بتدليس، فهو محمولٌ عند مُسْلِم على السَّماع، والله أعلم.

    قوله: (وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِيَّ): تقدَّم الكلام أعلاه على رواية أبي بكر بن حزم عن أبي حبَّة، وأنَّها منقطعة، وتقدَّم [38] الكلام في ضبط أبي حبَّة أعلاه، فأغنى عن إعادته هنا، وتقدَّم الكلام في اسمه، وبقي عليه أنَّه قيل: إنَّه عمرو، وقد اختلف أصحاب المغازي في أبي حبَّة الأنصاريِّ، وأبي حبَّة البدريِّ؛ هل هما واحد أو اثنان؟ وهل هما بالباء أو النون؟

    قَولُهُ: (ثُمَّ عرجَ بِي [39]): تقدَّم أنَّ (عرج) لازم، لا يُبنَى منه على الصَّحيح فعلٌ.

    قَولُهُ: (حَتَّى ظَهَرْتُ): أي: علوتُ.

    قَولُهُ: (لِمُسْتَوًى [40]): هو بفتح الواو، وكذا قيَّده النَّوويُّ، وهو في أصل سماعنا على العراقيِّ منوَّن، وكذا في أصلنا عُلِّم؛ وهو المصعد والمكان العالي، يقال: استوى إلى الشَّيء وعليه؛ إِذَا علا عليه، وهو عبارة عن فضاء فيه استواء.

    قَولُهُ: (صَرِيفَ الأَقْلَامِ): الصَّرِيف: بفتح الصَّاد المهملة، وكسر الرَّاء، وبالفاء في آخره؛ وهو صوت حركتها وجريانها على [41] المخطوط فيه ممَّا تكتبه الملائكة من أقضية الله سبحانه من اللَّوح المحفوظ، أو ما شاء الله تعالى من أمره وتدبيره، وقال بعضهم: (صرير)؛ بالرَّاء في آخره عوض الفاء، هو الأشهر في اللُّغة، حكاه بعضهم عن عَبْد الغافر الفارسيِّ، كما نقله شيخنا عنه، قال: ولا يُسلَّم له.

    (1/925)

    [قوله: (الأَقْلَامِ): هل هو قلم واحد جُمِع تعظيمًا؟ ويحتمل أنَّ تكون هناك أقلام تكتب ما شاء الله من تقديراته] [42].

    قَولُهُ: (قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ [43] بْنُ مَالِكٍ): (ابنُ) و (أنسُ): مرفوعان، وقائل: (قال ابن حزم): هو ابن شهاب الزُّهْرِيُّ، (كما صرَّح به [44] المِزِّيُّ في «أطرافه») [45]، فروى هذه الزيادة [46] عنِ ابن حزم وأنس بن مالك عنه عليه السَّلام، فتكون هذه الزيادة في الحديث مُعضَلة أو مُنقطِعة من جهة ابن حزم، وذلك لما تقدَّم من أنَّ ابن حزم لَمْ يسمع من أحد [47] من الصَّحابة، وقد قال بعض الحفَّاظ: إنَّه من أتباع التَّابعين، فإذا قلنا: إنه من التَّابعين؛ فتكون الزيادة مُرسَلةً، وإن قلنا: من أتباعهم؛ فمُعضَلة، وابن شهاب لا شكَّ أنَّه سمع من أنس وابن حزم، وفي هذا الكلام وضبطِ أنسٍ كونه بالرَّفع محافظةٌ على كلام الرَّشيد: إنَّ أبا بكر بن حزم لَمْ يسمع من أحد من الصَّحابة، ومتى قلنا: إنَّ (أنسًا) منصوب؛ يكون ابن حزم رواه عن أنس؛ لأنَّ (أن) و (عن) و (قال) في حقِّ غير المدلِّس سواءٌ محمولةٌ على السَّماع، وأبو بكر ليس مدلِّسًا، فيكون محمولًا على السَّماع، ويفوت قولُ الرَّشيد: إنَّه لَمْ يسمع من أحد من الصَّحابة، مع أنِّي لَمْ أر له رواية في «الأطراف» عن أنس في شيء من الكتب السِّتَّة، ولم أر عَبْد الغنيِّ في «الكمال» ولا الذَّهبيَّ في «التَّذهيب» ذكرا [48] أنسًا فيمن روى عنه أبو بكر هذا، وعلى هذا؛ فيتعين الرَّفع في أنس، ولا عبرة بما ضُبِط في بعض نسخ «البخاريِّ» بالقلم: (أنسَ) [49]؛ بالنَّصب، والله أعلم.

    قَولُهُ: (فَوَضَعَ شَطْرَهَا): وفي رواية مالك بن صعصعة كما سيأتي في (المعراج): (فوضع في كلِّ مرَّة عشرًا، وفي الخامسة أمر بخمس)، وفي حديث آخر: (كلَّما عاد؛ وضع خمسًا)، والخمس داخل في العشر [50]، والرَّاوي في رواية: (عشرًا عشرًا) اختصر الرِّواية المطوَّلة فبقيتا [51]؛ يريد أنْ يجمع بين رواية: (عشر عشر) وبين رواية: (فَوَضَعَ عنِّي شَطْرَهَا)، ووجه الجمع: أنَّ الشَّطر: هو الجزء، لا النَّصف، قاله القاضي عياض.

    (1/926)

    فَائِدَة: إنَّمَا اعتنى موسى عليه السَّلام بهذه الأمَّة وألحَّ على نبيِّها أنْ يشفع لها ويسأل التَّخفيف عنها؛ لأنَّه عليه السَّلام _والله أعلم_ حين قُضِي إليه بالجانب الغربيِّ، ورأى صفات أمَّة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم في الألواح؛ جعل يقول: (إنِّي أجد في الألواح أمَّة صفتهم كذا، اللَّهمَّ؛ اجعلهم أمَّتي، فيقال له: تلك أمَّة أحمد ... حتَّى قال: اللَّهمَّ؛ اجعلني من أمَّة أحمد)، وهو حديث مشهور في (التَّفسير)، فكان إشفاقه عليهم واعتناؤه بهم كما يعتني بالقوم مَن هو منهم، قاله السُّهيليُّ في «روضه» انتهى.

    وكانت أمَّة موسى صلَّى الله عليه وسلَّم كُلِّفت من الصَّلاة ما لَمْ تُكلَّف غيرُها، فثقلت عليهم،

    [ج 1 ص 147]

    فخاف على أمَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مثل ذلك.

    وسمعت شيخنا العلَّامة الذي لَمْ ترَ عيناي أحفظ منه في مجموع ما يحفظه، فقيه وقته، سراج الدِّين أبا حفص، عُمر بن رسلان بن نصير البلقينيَّ الشَّافعيَّ بمدرسته [52] بالقاهرة يقول ما معناه أو نحوه: إِنَّمَا قصد موسى صلَّى الله عليه وسلَّم مع التَّخفيف على أمَّة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم تكرارَ رؤية محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، وذلك لأنَّ موسى عليه السَّلام سأل ربَّه الرُّؤية فمُنِعَها، وعَلِم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قد رأى ربَّه، فجعل يقصد تكرار رؤية من رأى: [من الطويل]

    لعلِّي أَرَاهمْ أَوْ أَرَى مَنْ يَرَاهُمُ

    قَولُهُ: (وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ): اعلم أنَّ هذا اللَّفظ سيأتي الكلام عليه في آخر «الصَّحيح»، وأنَّه وهم، ولا يجوز أن يقول موسى هذا بعد قول الله تَعَالَى: «لَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ» والمراجعة والله أعلم، ويحتمل أنَّه قال قبل أنْ يعلم أنَّه تَعَالَى قال: «لَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ» والله أعلم، ولكن في بعض الرِّوايات [53] [في هذا «الصَّحيح» في (الأنبياء) في (باب ذكر إدريس)] [54]: [أنَّه قاله [55] بعد علمه بقوله تَعَالَى: «لَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ»] [56].

    قَولُهُ: (إِلَى سِدْرَةِ المُنْتَهَى): إن [57] قلت: لَم اختيرت السِّدرة لهذا الأمر دون غيرها من الشَّجر؟

    (1/927)

    قيل: لأنَّها تختصُّ بثلاثة أوصاف؛ ظلٍّ مديد، وطعام [58] لذيذ، ورائحة ذكيَّة، فشابهت الإيمان الذي يجمع قولًا ونيَّة وعملًا [59]، فظلُّها من الإيمان بمنزلة العمل؛ لتجاوزه، وطعمها بمنزلة النِّية؛ لكمونه، ورائحتُها بمنزلة القول؛ لظهوره، قاله شيخنا الشَّارح رحمه الله.

    قَولُهُ: (حَبَائلُ اللُّؤْلُؤِ): قال الدِّمياطيُّ: (قال القاضي عياض: «حبائل» تصحيف من الكاتب بلا شكٍّ، والصَّواب: «جنابذ»، واحدها: جُنْبذة؛ وهي القِباب، وقد ورد في «كتاب الأنبياء» من حديث يونس: «جنابذ» على الصَّواب، ورواه مُسْلِم من حديث ابن وهب عن يونس، وفيه: «جنابذ»؛ بالجيم على الصَّواب) انتهى، وفي «المطالع»: (حبائل اللُّؤلؤ): كذا لجميعهم في «البخاريِّ»، وفي «مُسْلِم»: (جنابذ اللُّؤلؤ)، وهو الصَّواب، وقد جاء في حديث آخر: «حافتاه قباب اللُّؤلؤ»، والجنابذ: جمع جُنبذة؛ وهي القبَّة، وقال من ذهب إلى صحَّة الرِّواية: إنَّ الحبائل القلائد، أو تكون [60] من حبال الرَّمل؛ (أي: فيها اللُّؤلؤ كحبال الرَّمل) [61]، أو من الحُبلة؛ وهو ضرب من الحليِّ معروف، قال: وكلُّ هذا تخيُّل ضعيف، وهو بلا شكٍّ تصحيف من الكاتب، والحبائل إنَّمَا تكون جمع حَبالة أو حَبيلة، انتهى.

    فَائِدَة: ممَّا يُسأل عنها كثيرًا؛ لقاؤه صلَّى الله عليه وسلَّم لآدم عليه السَّلام في السَّماء الدُّنيا، ولإبراهيم صلَّى الله عليه وسلَّم في السَّماء السَّابعة وغيرهما من الأنبياء الذين لقيهم في غيرها بين السَّماءين، والحكمة في اختصاص كلِّ واحدٍ منهم بالسَّماء التي رآه فيها.

    وسؤال آخر: في اختصاص هؤلاء الأنبياء باللِّقاء دون غيرهم، وإنْ كان رأى الأنبياء كلَّهم؛ فما الحكمة في اختصاص هؤلاء الأنبياء بالذكر؟

    (1/928)

    قال السُّهيليُّ: وقد تكلَّم أبو الحسن بن بطَّال في «شرح البخاريِّ» على هذا السُّؤال، فلم يصنع شيئًا، ومغزى كلامه الذي أشار إليه: أنَّ الأنبياء لمَّا علموا بقدومه عليهم؛ ابتدروا إلى لقائه ابتدار الغائب للغائب القادم [62]، فمنهم من أسرع، ومنهم من أبطأ، إلى هذا المعنى أشار، ولم يزد عليه، قال السُّهيليُّ: (والذي أقول في هذا: أنَّ مأخذ فهمه من علم التَّعبير، فإنَّه من علم النُّبوَّة، وأهل التَّعبير يقولون: من رأى نبيًّا بعينه في المنام؛ فإنَّ رؤياه تُؤذِن بما يشبه من حال ذلك النَّبيِّ من شدَّةٍ أو رخاءِ أو غير ذلك من الأمور التي أُخبِر بها عنِ الأنبياء في القرآن والحديث، وحديث الإسراء كان بمكَّة، ومكَّة حرم الله وأمنه، وقُطَّانُها جيران الله تَعَالَى؛ لأن فيها بيتَه.

    فأوَّل ما [63] رأى من الأنبياء آدم الذي كان في أمن الله وجواره، فأخرجه عدوُّه إبليس منها، وهذه القصَّة تشبهها الحالة الأولى من أحواله عليه الصَّلاة والسَّلام حين أخرجه أعداؤه من حرم الله وجوار بيته، فأشبهت قصَّتُه قصَّةَ آدم، مع أنَّ آدم تُعرّض عليه أرواح ذرِّيَّته؛ البَرُّ والفاجر، فكان في السَّماء الدُّنيا بحيث يرى الفريقين؛ لأنَّ أرواح أهل الشَّقاء لا تلج السَّماء، ولا تُفتَّح لهم أبوابُها.

    ثُمَّ رأى في الثَّانية عيسى ويحيى، وهما الممتحنان باليهود، أمَّا عيسى؛ فكذَّبوه، وآذَوه، وهمُّوا بقتله، فرفعه الله تَعَالَى، وأمَّا يحيى؛ فقتلوه، وهو عليه الصَّلاة والسَّلام بعد انتقاله إلى المدينة صار إلى حالة ثانية من الامتحان، وكانت محنته فيها باليهود، آذَوه، وظاهروا عليه، وهمُّوا بإلقاء الصَّخرة عليه، فنجَّاه [64] الله تعالى كما نجَّى عيسى منهم، ثُمَّ سَمُّوه في الشَّاة، فلم تزل تلك الأُكْلة تعاوده حتَّى قطعت أبهره، هكذا فُعِل بابني الخالة عيسى ويحيى؛ لأنَّ أمَّ يحيى أشياع بنت عمران أخت مريم.

    وأمَّا لقاؤه في الثَّالثة ليوسف؛ فإنَّه يُؤذِن بحالة ثَالِثة تشبه حاله، وذلك أنَّ يوسف ظفر بإخوته بعدما أخرجوه من بين ظهرانَيهم، فصفح عنهم، وقال: {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ [65] ... } [يوسف: 92]؛ الآية، وكذلك هو عليه الصَّلاة والسَّلام أسر يوم بدر جملةً من أقاربه الذين أخرجوه، ثُمَّ ظهر عليهم بعد ذلك عام الفتح فجمعهم، فقال: أقول ما قال أخي يوسف: {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ}.

    (1/929)

    ثُمَّ لقاؤه لإدريس في الرَّابعة، وهو المكان الذي سمَّاه الله تعالى: {مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57]، وإدريس أوَّل من آتاه الله الخطَّ بالقلم، فكان ذلك مُؤذِنًا بحالة رابعة، وهو علوُّ شأنه حتَّى أخاف الملوك، وكتب إليهم يدعوهم إلى طاعته، حتَّى قال أبو سفيان عند خروجه من عند هرقل: (لقد أَمِر أمرُ ابن أبي كبشة حتَّى أصبح يخافه ملك بني الأصفر)، وكُتِب عنه بالقلم إلى جميع ملوك الأرض، فمنهم من اتَّبعه؛ كالنَّجاشيِّ وملك عُمَان، ومنهم من هادنه وأهدى إليه وأتحفه؛ كهرقل والمقوقس، ومنهم من تعصَّى عليه، فأظفره الله تَعَالَى به، فهذا مقامٌ عليٌّ وخطٌّ بالقلم؛ كنحو [66] ما أُوتِي إدريس.

    ولقاؤه في الخامسة هارون المُحَبَّ في قومه يُؤذِن بحبِّ قريش وجمع العرب له بعد بغضهم فيه.

    ولقاؤه في السَّادسة موسى يُؤذِن بحالة تشبه حاله حين أُمِرَ بغزو الشَّام، فظهر على الجبَّارين الذين كانوا فيها، وأدخل بني إسرائيل البلدَ الذِي خرجوا منه بعد إهلاك عدوِّهم، وكذلك غزا عليه الصَّلاة والسَّلام تبوك من أرض الشَّام، وظهر على صاحب دومة حتَّى صالحه على الجزية بعد أنْ أُتِي به أسيرًا، وافتتح مكَّة ودخل أصحابُه البلدَ الذي خرجوا مِنْهُ.

    ثُمَّ لقاؤه في السَّابعة إبراهيم لحكمتين؛ إحداهما: أنَّه رآه عند البيت المعمور مسندًا ظهره إليه، والبيت المعمور حيالَ الكعبة، وإليه

    [ج 1 ص 148]

    تحجُّ الملائكة، كما أنَّ إبراهيم هو الذي بنى الكعبة، وأذَّن في النَّاس بالحجِّ إليها، والثَّانية: أنَّ آخر أحوال النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حجُّه إلى البيت، وحجَّ معه في ذلك العام نحوٌ [67] من سبعين ألفًا من المسلمين، ورؤية إبراهيم عند أهل التَّأويل تُؤذِن بالحجِّ؛ لأنَّه الدَّاعي إليه والرَّافع [68] لقواعد الكعبة المحجوجة.

    فقد انتظم في هذا الكلام الجواب عنِ السُّؤالين، وكان الحزم تركَ التَّكلف لتأويل ما لَمْ يرد فيه نصٌ عنِ السَّلف، ولكن عارض هذا الغرضَ ما يجب من التَّفكُّر في حكمته تَعَالَى والتَّدبُّر لآياته ... إلى آخر كلامه) انتهى ملخَّصًا.

    (1/930)

    وقد وقع في كلامه فوائدُ؛ منها فائدتان؛ إحداهما: أنَّ هرقل أهدى إليه، وأنا لا أستحضر هذا، ولكن فوق كلِّ ذي علم عليم، والثَّانية: أنَّه حجَّ معه [69] حجة الوداع نحوُ سبعين [70] ألفًا، وقد قال أبو زُرعة الرَّازيُّ عبيد الله بن عَبْد الكريم: إنَّه حجَّ معه أربعون ألفًا، ونقل بعض مشايخ مشايخي: أنَّهم كانوا تسعين ألفًا، وقال بعض مشايخي: ويقال: مئة ألف وأربعةَ عشرَ ألفًا، ويقال: أكثر من ذلك، فيما حكاه البيهقيُّ، وسيأتي الخلاف في عدد من حجَّ معه بأطول من هذا إن شاء الله تَعَالَى وقدَّره في (حجَّة الوداع) [71].

    مسألة: قال ابن الجوزيِّ في «مشكله»: (إن قلت: كيف رأى الأنبياء في السَّماء ومدفنهم في الأرض؟).

    ثُمَّ قال: (أجاب عنه ابن عَقيل، فقال: شكَّل الله أرواحهم على هيئة صور أجسادهم)، قال شيخنا: ومثله ذكر ابن التِّين، وقال: إِنَّمَا تعود الأرواح _ يعني: إلى الأجساد_ يومَ البعث إلَّا عيسى عليه السَّلام، فإنَّه حيٌّ لَمْ يمت، وهو ينزل إلى الأرض، قال شيخنا: والأنبياء أحياء، فلا يبعد أن يراهم حقيقة، وقد مرَّ على موسى عليه السَّلام وهو قائم يصلِّي في قبره، ورآه في السَّماء السَّادسة) انتهى، وسأذكر ما قاله العلماء في اجتماع موسى بآدم وحجاجه إيَّاه _إن شاء الله تَعَالَى_ عند مجيء ذاك [72] الحديث، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ج): (محدث)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».

    [2] زيد في (ج): (فيه).

    [3] (ابن عبد السلام): ليس في (ج).

    [4] (بن): ليس في (ب).

    [5] زيد في (ج): (على).

    [6] في (ج): (وذكر).

    [7] في (ج): (رواية).

    [8] في (ب): (ذكر).

    [9] في (ج): (عليَّ).

    [10] (له): ليس في (ب).

    [11] في (ج): (لن).

    [12] (أنَّ): ليس في (ب).

    [13] في (ج): (أنَّه).

    [14] (كان): مثبت من (ب).

    [15] (الدنيا): ليس في (ب).

    [16] في (ج): (والمراد).

    [17] في (ج): (يطيع).

    [18] في (ج): (بعينه)، ولعله تحريف.

    [19] في (ب): (إليه؛ لأنَّه).

    [20] في (ج): (البيعة).

    [21] ما بين معقوفين ليس في (ج)، و (هذه النسخة في هامش أصلنا): سقطت من (ب).

    [22] زيد في (ب): (في).

    [23] في (ب): (نقض)، وفي (ج): (بعض).

    [24] (تقدم أنه): ليس في (ج).

    [25] في (ج): (قال).

    [26] في (ب) و (ج): (والأنبياء).

    [27] (إن): سقطت من (ب).

    [28] (الذي): ليس في (ب).

    [29] زيد في (ب): (الزُّهري).

    [30] (عمر): ليس في (ج).

    (1/931)

    [31] في (ب) و (ج): (صرير).

    [32] في (ب): (قلنا)، وفي (ج): (فلهذا).

    [33] زيد في (ب): (وهو).

    [34] (له): سقطت من (ج).

    [35] في (ب): (ولكنها).

    [36] في (ج): (جائز).

    [37] في (ج): (متعارضان)، وليس بصحيح.

    [38] في (ب): (وقد تقدم).

    [39] في (ج): (بنا)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».

    [40] في هامش (ق): (يروى منونًا وغير منون، وضبطه الشيخ محيي الدين غير منون).

    [41] زيد في (ب): (على).

    [42] ما بين معقوفين ليس في (ج).

    [43] في هامش (ق): (رفع (وأنسُ بنُ مالك) متحتم كذا قال شيخنا بعد أن أطال الكلام عليه، وضبطه بعضهم بالنصب عطفًا على اسم (إنَّ) في قوله: (إنَّ ابن عباس وأبا حبَّة)، وهو خطأ من حيث الصنعة).

    [44] (به): ليس في (ج).

    [45] ما بين قوسين سقط من (ج).

    [46] (الزيادة): ليس في (ب).

    [47] (من أحد): ليس في (ب).

    [48] في النسخ: (ذكر)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

    [49] (أنس): سقطت من (ب)، وزيد فيها: (وفي حديث آخر: كلما عاد؛ وضع خمسًا).

    [50] في (ب): (العشرة).

    [51] في (ج): (فبقيا).

    [52] في (ج): (بمدرسة).

    [53] (ولكن في بعض الروايات): ليس في (ج).

    [54] ما بين معقوفين ليس في (ب) و (ج).

    [55] في (ب): (قال).

    [56] ما بين معقوفين ليس في (ج).

    [57] في (ج): (فإنْ).

    [58] في (ج): (وطعمها).

    [59] (وعملًا): ليس في (ب).

    [60] في (ب) و (ج): (يكون).

    [61] ما بين قوسين ليس في (ب).

    [62] في (ج): (القادر)، وليس بصحيح.

    [63] في (ب): (من)، والمثبت موافق لما في «الرَّوض».

    [64] في (ج): (فأنجاه).

    [65] زيد في (ب): ({اليَوْمَ}).

    [66] في (ب): (بنحو).

    [67] في (ب): (نحوًا).

    [68] في (ج): (والرابع)، وهو تحريفٌ.

    [69] في (ج): (بعد).

    [70] في النسخ: (سبعون)؛ ذلك أنَّ كلمة (نحو) مستدركة في (أ).

    [71] زيد في (ب): (وكيف رأى الأنبياء).

    [72] في (ج): (ذلك).

    (1/932)

    [حديث: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين]

    350# قَولُهُ: (فَرَضَ الله الصَّلاة حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ في الحَضَرِ وَالسَّفَرِ): اعلم: أنَّ البخاريَّ ذكر هذا الحديث عقب [1] حديث الإسراء وفرض الصَّلاة؛ إشارةً إلى أنَّها فُرِضَت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين، وهذه مسألة خلاف، وما قالته عائشة رَضِيَ اللهُ عنها هو مذهبها [2]، وذهب إليه الشعبيُّ، وميمون بن مهران، ومحمَّد بن إسحاق، وغيرهم، ومنهم من ذهب إلى أنَّها فُرِضَت أوَّل ما فُرِضت أربعًا إلَّا المغرب، ففُرِضت ثلاثًا والصُّبح ركعتين، كذلك قال الحسن البصريُّ ونافع بن جبير بن مُطْعِم، ومنهم من ذهب إلى أنَّها فُرِضت في الحضر أربعًا وفي السَّفر ركعتين، يروى عنِ ابن عبَّاس، وقال إسحاق الحربيُّ: أوَّل ما فُرِضت الصَّلاة فُرِضت ركعتين أوَّلَ النَّهار وركعتين آخره، وقول الحربيِّ ضعيف، غير أنَّ الصَّلاة قد قيل: إنَّها قبل فرضها كانت كذلك، وقد ذكر ابن سيِّد النَّاس في «سيرته» حجَّة كلِّ قول؛ فلينظر منها من (المعراج).

    فَائِدَة غريبة: نقل شيخنا الشَّارح عنِ القزَّاز أنَّه قال: فُرِضت الصَّلاة أوَّلًا ركعتين بالغداة وركعتين بالعشيِّ إلى ليلة الإسراء؛ فُرِضت عليه الخمس بغير أوقات، فكان الرَّجل يصلِّيها في وقت واحد إن شاء، وإن شاء؛ فرَّقها، ثُمَّ لمَّا هاجر؛ صلَّاها بأوقات ركعتين ركعتين، ثُمَّ زيد في صلاة الحضر، وفُرِض الوضوء والغسل، قال: ولم أرَه لغيره، انتهى وصدق.

    وإنَّما المعروف أنَّ صبيحة الإسراء نزل جبريل وقت الزوال فصلَّى به عليهما الصلاة والسَّلام في يومين، وقد جاء أنَّه ابتدأ به صبيحة الإسراء بالصُّبح، وهو غريب.

    فَائِدَة ثانية: صلاته عليه الصَّلاة والسَّلام إلى أيِّ جهة صبيحة الإسراء؛ مِنَ النَّاس مَنْ قال: كانت صلاته عليه الصَّلاة والسَّلام إلى بيت المقدس من حين فُرِضت بمكَّة إلى أنْ قدم المدينة، ثُمَّ بالمدينة إلى وقت التَّحويل، وقد ذكر دليله أبو الفتح اليعمريُّ في «سيرته الكبرى»، وقال آخرون: إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام صلَّى أوَّل ما صلَّى إلى الكعبة، ثُمَّ صُرِف إلى بيت المقدس، وقد ذكر أيضًا دليله في المكان المشار إليه.

    (1/933)

    وقال ابن شهاب: [وزعم ناس _والله أعلم_ أنَّه كان يسجد نحو بيت المقدس، ويجعل وراء ظهره الكعبة وهو بمكَّة] [3]، ويزعم ناس أنَّه لَمْ يزل يستقبل الكعبة حتَّى خرج منها، فلمَّا قدم المدينة؛ استقبل بيت المقدس، قال أبو عُمر [4] بن عبد البَرِّ: وأحسن من ذلك قولُ من قال: إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يصلِّي بمكَّة مستقبل القبلتين، يجعل مكَّة بينه وبين بيت المقدس، قال أبو الفتح اليعمريُّ: وقد رُوِّيناه من طريق: مجاهد عنِ ابن عبَّاس؛ فذكره، وأمَّا الحديث الذي فيه: «أمَّني جبريل عليه السَّلام عند باب الكعبة»؛ فهو حديث صحيح، رواه الشَّافعيُّ في «المسند»، وكذا أحمد في «مسنده»، و «أبو داود»، و «التِّرمذيُّ»، وغيرهم، وليس في رواياتهم: (عند باب الكعبة)، وإنَّما فيها: (عند باب البيت)، نعم؛ في رواية الشَّافعيِّ في «مسنده»: (عند باب الكعبة)، ويمكن تأويله إذا قلنا: إنَّه استقبل بيت المقدس حين فُرِضت إلى وقت التَّحويل؛ بأنْ يجعل البيت عن يساره، والحَطِيم عن يمينه، وينحرف يسيرًا إلى جهة يساره قريبًا من الباب في تلك الوهدة قريبًا من الحِجْر؛ فإنَّ عند أهل مكَّة أنَّ تلك الوهدة موقف جبريل عليه السَّلام، والله أعلم [5].

    ثالثة [6]: زيد في صلاة الحضر على القول به بعد مقدمه صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة بشهر، وكان ذلك لاثنتي عشرة خلت من ربيع الآخر، قال الدُّولابيُّ: يوم الثُّلاثاء، وقال السُّهيليُّ: بعد الهجرة بعام أو نحوه، وقال المحبُّ الطَّبريُّ: الزيادة في الرُّباعيَّة [7] إِنَّمَا كانت بعد الهجرة بسنة، وقال ابن سيِّد النَّاس: (ومن قال بهذا من أهل السِّير؛ فإن الصَّلاة أُتمَّت بعد الهجرة بشهر وعشرة أيَّام، وقيل: بشهر) انتهى.

    فتحصَّلنا على أقوال في تاريخ الزيادة في الرُّباعيَّة على القول به: شهر، شهر وعشرة أيَّام، أو عام، أو نحوه.

    ==========

    [1] في (ج): (عقيب).

    [2] في (ج): (مذهبنا).

    [3] ما بين معقوفين ليس في (ب).

    [4] في (ب): (عمرو).

    [5] (والله أعلم): ليس في (ب).

    [6] (ثالثة): ليس في (ب)، وزيد فيها: (البخاري).

    [7] في (ب): (الرابعة).

    [ج 1 ص 149]

    (1/934)

    [باب وجوب الصلاة في الثياب وقول الله تعالى {خذوا زينتكم عند .. }]

    قَولُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ، وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ)؛ انتهى: الظَّاهر أنَّ النَّظر الذي في إسناد هذا الحديث موسى بن إبراهيم الرَّاوي عن سلمة، وهو موسى بن محمَّد بن إبراهيم بن الحارث التَّيميُّ، مُنكَر الحديث، وقد قال البخاريُّ في «الضُّعفاء»: (في حديثه مناكير) انتهى.

    والحديث المشار إليه أخرجه أبو داود والنَّسائيُّ من هذا الوجه، وأخرجه غيرهما من غيره وصُحِّح، وقد قدَّمت أنَّه إذا علَّق شيئًا بصيغة [1] جزم؛ فهو صحيح إلى مَنْ أبرزه عنه، وإنْ كان بصيغة تمريض كهذا؛ فهو عنده ضعيف على شرطه، غير أنَّ فيه إشعارًا بصحَّة أصله، كما تقدَّم، والله أعلم.

    قَولُهُ: (يُجَامِعُ فيه): هو بكسر الميم، مبنيٌّ للفاعل.

    قَولُهُ: (عُرْيَانٌ): مصروف؛ لأنَّ الألف والنُّون إذا زيدت [2] في الوصف؛ فشرطه أنْ يكون مؤنَّثه على (فَعلى)؛ كـ (سكرى)، فإذا كان كذلك؛ امتنع، [وهنا وجدت (فُعْلَانة)، فلهذا [3] صُرِف] [4].

    ==========

    [1] في (ج): (بصورة).

    [2] في (ب): (زيدتا).

    [3] في (ب): (ولذا).

    [4] ما بين معقوفين ليس في (ج).

    [ج 1 ص 149]

    (1/935)

    [حديث: لتلبسها صاحبتها من جلبابها]

    351# قَولُهُ: (عن مُحَمَّدٍ عن أُمِّ عَطِيَّةَ): أمَّا (محمَّد)؛ فهو ابن سيرين، الإمام المشهور، تقدَّم.

    وأمَّا (أمُّ عطيَّة)؛ فاسمها نُسَيبة؛ بضمِّ النُّون على الصَّحيح، وتقدَّم [1] بعض ترجمتها.

    قَولُهُ: (أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ): (أُمِرْنَا): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وقد تقدَّم [الكلام] على (أُمِرْنَا) و (نُهِينا): أنَّه مرفوع مسند على الصَّحيح، وقد ذكرت فيما مضى في حديثها هذا مَنْ خالف فيه، وذكرت أنَّ بعضهم خصَّ الخلاف بما إذا قاله غير أبي بكرٍ الصِّدِّيق، أمَّا إذا قاله الصِّدِّيق؛ فإنَّه مرفوع بلا خلاف، والله أعلم.

    قَولُهُ: (قَالَت امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ الله): هذه المرأة: قال ابن شيخنا البلقينيِّ: هذه المرأة هي أمُّ عطيَّة كنَّت [2] عن نفسها، ففي رواية: (قلت: يا رسول الله؛ إحدانا ... )؛ الحديث، انتهى.

    قَولُهُ: (وَقَالَ عَبْدُ الله بنُ رَجَاءٍ ... ) إلى آخره: هذا عَبْدُ الله بْنُ رَجَاءٍ الغُدَانيُّ البصريُّ، والغُدانيُّ؛ بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ دال مهملة، وبعد الألف نون، ثُمَّ ياء النِّسبة إلى غُدَانة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، يروي عن هشام الدَّستوائيِّ، وشعبة، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، وأبو مُسْلِم الكجِّيُّ، وأبو خليفة، قال أبو حاتم: ثقة رضًا، مات سنة (220 هـ)، أخرج له البخاريُّ والنَّسائيُّ، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

    وقد تقدَّم أنَّ هذا وأمثاله ممَّا قال فيه: (وقال فلانٌ)، وفلانٌ المذكور شيخُه _كهذا_ أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة [غالبًا]، وتقدَّم الشَّرط في ذلك _أعني: فيما قال الرَّاوي مطلقًا: (قال فلانٌ)، وفلانٌ شيخُه_ ما حكمه وما شرطه.

    وتعليقه هذا أخرجه الطَّبرانيُّ في «الكبير» [3]: عن عليِّ بن عَبْد العزيز عنه، وإنَّما أتى به البخاريُّ؛ لتصريح محمَّد بن سيرين فيه بالتَّحديث من أمِّ عطيَّة وإنْ حُوْشِي من التَّدليس.

    (1/936)

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا عِمْرَانُ): هذا هو عمران القطَّان، واسم أبيه داور، كنيته أبو العوَّام، العمِّيُّ البصريُّ، أحد علمائها، عنِ الحسن، وابن سيرين، وبكر المزنيِّ، وقتادة، وأبي جمرة الضُّبعيِّ، وجماعة، وعنه: ابن مهديٍّ، وأبو داود، وأبو عليٍّ الحنفيُّ، وآخرون، قال يزيد بن زُرَيْع: كان حَروريًّا [4]، يرى السَّيف، وقال أحمد: أرجو أنْ يكون صالح الحديث، وقال ابن معين: ليس بالقويِّ، وقال أبو داود: ضعيف أفتى إبراهيمَ بن عَبْد الله بن حسن بفتوى شديدة، فيها سفك دماء، وقال النَّسائيُّ: ضعيف، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له الأربعة [5]، ولم يخرِّج له البخاريُّ ومُسْلِم شيئًا في الأصول، وإنَّما ذكر البخاريُّ [6] هذا الذي صورته صورة تعليق عنه.

    والحكمة في إتيان البخاريِّ بهذا: أنَّ يزيد بن إبراهيم هو التَّستريُّ عنعن في روايته الحديث عن محمَّد _هو ابن سيرين_، وكذا محمَّد بن سيرين عنعن عن أمِّ عطيَّة، فأتى بهذا؛ لكونه فيه تحديث عمران عنِ ابن سيرين، وتحديث ابن سيرين عن أمِّ عطيَّة، ولتصريح أمِّ عطيَّة بسماعها من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ ليخرج مِنْ خلاف مَنْ قال: إنَّ (أُمِرْنا) و (نُهينا) بخلاف ذلك، وقد تقدَّم أنَّ الصَّحيح أنَّه مرفوع ومُسنَد،

    [ج 1 ص 149]

    وليخرج مِن خلاف مَن قال: إنَّ العنعنة تُرَدُّ وإنْ كانت من غير مدلِّس؛ مثل هذين؛ لأنَّ يزيد بن إبراهيم التَّستريَّ لا أعلم أحدًا [7] ذكره بالتَّدليس، وكذلك محمَّد بن سيرين، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ج): (وقد تقدم).

    [2] في (ج): (كتبت)، ولعله تحريف.

    [3] (في «الكبير»): ليس في (ج).

    [4] زيد في (ج): (كان).

    [5] في (ب): (الجماعة).

    [6] (البخاري): سقطت من (ج).

    [7] زيد في (ب): (أنَّه).

    (1/937)

    [باب عقد الإزار على القفا في الصلاة]

    قَولُهُ: (بَابُ عَقْدِ الإِزَارِ على القَفَا): أمَّا (الإِزَارِ)؛ فمعروف، وهو يؤنَّث ويذكَّر، وكلُّ ما كان على أسافل البدن؛ فهو إزار، وما كان على أعاليه؛ فهو رداء، وقَولُهُ [1]: (القَفَا): هو بالقصر، وإيَّاك أنْ تمدَّه، وقد شافهني شيخنا الشَّارح بأنَّه يُمدُّ أيضًا، ونُقل لي ذلك عن «شرح التَّنبيه» لشيخنا المشار إليه أنَّه ذكر فيه المدَّ عنِ الفرَّاء، والله أعلم.

    قَولُهُ: (وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ عن سَهْلٍ): أمَّا (أبو حَازم)؛ فهو بالحاء المهملة، واسمه سلمة بن دينار الأعرج المدينيُّ، أحد الأعلام، عن سهل بن سعد وابن المُسَيّب، وعنه: مالك وأبو ضمرة، قال ابن خزيمة: ثقة، لم يكن في زمانه مثله، أخرج له الجماعة، تُوفِّي سنة (140 هـ).

    وأمَّا (سهلٌ) هذا؛ فهو ابن سعد، (وإنَّما قيَّدته؛ لِما يجيء قريبًا) [2]، أبو العبَّاس السَّاعديُّ، صحابيٌّ مشهور رَضِيَ اللهُ عنه، روى عنه: ابنه عبَّاس، والزُّهْرِيُّ، وأبو حازم، مات سنة ثمانين أو إحدى وتسعين، أخرج له الجماعة.

    قَولُهُ: (عَاقِدِي أُزْرِهِمْ): الأزر: جمع إزار، وهو مجرور للإضافة، ويجوز من حيث العربيَّةُ [3] نصبه، وهو لغة، وقد قُرِئ بها قوله تَعَالَى: {وَالمُقِيمِي الصَّلاة} [البقرة: 3]؛ بالنَّصب شاذًّا، والمتواترة: بالجرِّ.

    قَولُهُ: (عَلَى عَوَاتِقِهِمْ): هو جمع عاتق؛ وهو المنكب إلى أصل العنق، قاله أبو عُبيد، وقال الأصمعيُّ: هو موضع الرِّداء من الجانبين.

    ==========

    [1] زيد في (ج): (على).

    [2] ما بين قوسين ليس في (ب) و (ج).

    [3] في (ج): (اللُّغة).

    [ج 1 ص 150]

    (1/938)

    [حديث: عقد الإزار على القفا في الصلاة]

    352# قَولُهُ: (حَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو بالقاف، وليس في الكتب السِّتَّة من الرُّواة أحد اسمه وافد؛ بالفاء.

    قَولُهُ: (مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ): (قِبَلِ)؛ بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهر جدًّا.

    قَولُهُ: (على المِشْجَبِ): هو بكسر الميم، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ جيم مفتوحة، ثُمَّ موحَّدة: عيدان تُضمُّ رؤوسها، ويُفرَج بين قوائمها، وتُوضَع عليها الثِّياب، وقد تعلَّق عليها الأسقية؛ لتبريد الماء وهو مِنْ (تشاجبَ الأمرُ)؛ إذا اختلط.

    قَولُهُ: (قَالَ لَهُ قَائِلٌ): القائل لجَابِر لا أعرف اسمه، إلَّا أنَّ في «مُسْلِم» في حديث جَابِر الطَّويل في أواخره: (أنَّ عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصَّامت قال: ثُمَّ مضينا حتَّى دخلنا على جَابِر بن عَبْد الله في مسجده وهو يصلِّي في ثوب واحد مشتملًا به، فتخطَّيت القوم حتَّى جلست بينه وبين القبلة، فقلت: يرحمك الله، أتصلِّي في ثوب واحد ورداؤك إلى جنبك؟! قال: فقال بيده في صَدْرِي هَكَذَا، وَفَرَّقَ بين أَصَابِعِهِ وَقَوَّسَهَا: أَرَدْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ الأَحْمَقُ مِثْلُكَ، فَيَرَانِي كَيْفَ أَصْنَعُ، فَيَصْنَعُ مثله)، فلعلَّ الشَّخص المبهم ههنا هذا [1]، ويحتمل أنْ يكون غيره، وقد نقل ابن شيخنا البلقينيِّ عن بعض الشَّروح ما في آخر «مُسْلِم»، وسكت عليه، انتهى، (وكذا جزم به بعض حفَّاظ العصر) [2]، ولكن سيأتي في (باب الصَّلاة بغير رداء)، فساق سندًا إلى محمَّد بن المنكدر، قال: (دَخَلتُ على جَابِرِ بن عَبْد الله وهو يصلِّي في ثَوْبٍ مُلتَحِفًا بِهِ وَرِدَاؤُهُ مَوْضُوعٌ، فلمَّا انْصَرَف؛ قُلنَا: يا أَبَا عَبْد الله؛ تُصَلِّي وَرِدَاؤُكَ مَوْضُوعٌ؟! ... )؛ الحديث، فهذا محمَّد بن المنكدر أحد القائلين له ذلك، والله أعلم، وإنَّ محمَّدَ بن المنكدر القائلُ له ذلك، ولمَّا أقرَّه [3] الجماعة على قوله؛ فكأنَّهم قائلون لما [4] قال، (وقال بعض حفَّاظ العصر: وعند البخاريِّ أنَّ محمَّد بن المنكدر وسعيد بن الحارث سألاه ذلك أيضًا، وفي «جزء عامر بن سنان»: أنَّ سعيدًا المقبريَّ سأله عن ذلك أيضًا [5]) [6].

    قَولُهُ: (أَحْمَقُ): الأحمق؛ من الحُمْق؛ بضمِّ الحاء، وإسكان الميم، وتُضمُّ: قلَّة العقل.

    ==========

    [1] (هذا): في (ب).

    [2] ما بين قوسين ليس في (ب).

    [3] في (ب): (أقر).

    [4] في (ب): (بما).

    (1/939)

    [5] (عن ذلك أيضًا): ليس في (ب).

    [6] ما بين قوسين ليس في (ج)، وجاء في (ب) بعد قوله: (بالمتوشح من عند الزُّهري).

    [ج 1 ص 150]

    (1/940)

    [حديث: رأيت النبي يصلي في ثوب]

    353# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ [1]): هو بضمِّ الميم، وفتح الطَّاء المهملة، وكسر الرَّاء المشدَّدة، اسم فاعل.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحمن بْنُ أَبِي المَوَالِي): تقدَّم أنَّ النَّوويَّ قال: إنَّ [2] الأصحَّ في (ابن أبي الموالي) و (ابن العاصي) و (ابن الهادي) و (ابن اليماني) إثباتُ الياء.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (المديني).

    [2] (إنَّ): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 150]

    (1/941)

    [باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به]

    قَولُهُ: (مُلتَحِفًا بِهِ): فسر البخاريُّ الملتحف بـ (المُتوشِّح) من عند الزُّهْرِيِّ، ثُمَّ قال: (وهو المُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفيه على عَاتِقَيْهِ، وهو الاشْتِمَالُ على مَنْكِبَيْهِ)، فالذي يظهر من حيث الصِّيغة [1] أنَّه من قوله، وهو المخالف من توضيح البخاريِّ، ويحتمل أنْ يكون من تتمة كلام الزُّهْرِيِّ، والله أعلم، وقد تقدَّم أنَّ الزُّهْرِيِّ هو محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم المشهور، والتَّوشُّح: أنْ يأخذ طرف الثَّوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى، ويأخذ [2] طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى، ثُمَّ يعقدهما على صدره، قال شيخنا: صرَّح به ابن سيده وغيره، وقال الجوهريُّ: (التحفت بالثَّوب: تغطَّيت به).

    [قَولُهُ: (قَالَ: وقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ): كذا في أصلنا؛ أي: قال البخاريُّ: وقالت أمُّ هانئ؛ فهو تعليق، وسيأتي بعده مُسنَدًا، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (قال: قالت أمُّ هانئ)، وهو هو، ولا يُتوهَّم أنَّ (قال: قالت أمُّ هانئ) أنَّ الزُّهْرِيَّ رواه عنها، وبيانه: أنَّه ولد سنة بضع وخمسين، وأمُّ هانئ تأخَّرت بعد الخمسين، ولم أرَ أحدًا ذكر أنَّه أرسل عنها، والصَّواب: أنَّ (قال _يعني: البخاريُّ_: قالت أمُّ هانئ) تعليقٌ، وسيأتي مُسنَدًا قريبًا كلامه [3]، والله أعلم، وكذا فعل شيخنا في شرحه] [4].

    قَولُهُ: (أُمَّ هَانِئٍ): تقدَّم أنَّها بهمزة في آخرها، وقد تقدَّم الاختلاف في اسمها، هل هي فاختة، أو فاطمة، أو هند، أو عاتكة، أو جمانة، أو رملة؟ أقوال، أسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها هُبيرة بن أبي وهب، واسمه عَمرو المخزوميُّ إلى نجران، وهلك على كفره، ولها منه أولاد، قال الذَّهبيُّ: ولعلَّها تُوفِّيت بعد الخمسين رَضِيَ اللهُ عنها، وهي بنت عمِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أخت عليٍّ، وإخوته من الأبوين وأولاد أبي طالب عَبْد مناف أسلموا كلُّهم إلَّا طالبًا، فيقال: إنَّ الجنَّ اختطفته؛ وهم: طالب، وعقيل، وعليٌّ، وجعفر، وأمُّ هانئ، وجمانة قسم لها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثلاثين وسقًا من خيبر، وكانت جمانة هذه عند أبي سفيان بن الحارث، وأمُّ طالب يقال: إنَّ اسمها ريطة.

    (1/942)

    [حديث ابن أبي سلمة: أنه رأى النبي يصلي في ثوب واحد]

    355# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان، الحافظ المشهور، تقدَّم مرارًا.

    قَولُهُ: (أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّ اسمها هند بنت أبي [1] أميَّة؛ حذيفة بن المغيرة بن عَبْد الله بن عُمر بن مخزوم، أمُّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها، وتقدَّم بعض الكلام عليها.

    ==========

    [1] (أبي): سقط من (ج).

    [ج 1 ص 150]

    (1/943)

    [حديث ابن أبي سلمة: رأيت رسول الله يصلي في ثوب واحد مشتملًا]

    356# قَولُهُ: (أَخْبَرَنَا [1] أَبُو أُسَامَةَ [2]): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

    ==========

    [1] في (ب): (حدثنا)، وهي رواية ابن عساكر، وينظر هامش «اليونينية».

    [2] في (ج): (سلمة)، وليس بصحيح.

    [ج 1 ص 150]

    (1/944)

    [حديث: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ]

    357# قَولُهُ: (عن أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ [1] اللهِ): (أبو النَّضر)؛ بالضَّاد المعجمة، تقدَّم مرَّات أنَّه لا يلتبس؛ لأنَّ (نصرًا) بالصَّاد المهملة لا يأتي بالألف واللَّام، بخلاف (النَّضر) بالمعجمة، فإنَّه لا يأتي إلَّا بالألف واللَّام، وتقدَّم أنَّه سالم بن أبي أميَّة أبو النَّضر المدنيُّ، عن أنس، وكتب إليه ابن أبي أوفى، وعنه: مالك واللَّيث، ثقة نبيل، تُوفِّي سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، وإنَّما أعدت بعض ترجمته؛ لطول العهد بها.

    قَولُهُ: (أَنَّ أَبَا مُرَّة مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ): تقدَّم أنَّ (أبا مُرَّة) اسمُه يزيد مولى عَقيل، ويقال: مولى أخته أمِّ هانئ، روى عنهما [2]، وعن أبي الدَّرداء، وعنه: زيد بن أسلم وأبو حاتم، ثقة، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمت بعض ترجمته [3]، ولكن طال العهد بها.

    قَولُهُ: (أُمَّ هَانِئٍ): تقدَّم الكلام عليها أعلاه رَضِيَ اللهُ عنها، وقبله أيضًا.

    قَولُهُ: (عَامَ الفَتْحِ): تقدَّم أنَّه سنة ثمانٍ في رمضان، وسيجيء ما وقع في ذلك من الاختلاف، كم كان في شهر رمضان، والوهم الذي وقع في «صحيح البخاريِّ»، وقد تقدَّم.

    قَولُهُ: (مَرْحَبًا): الكلام فيها معروف، وقد ذكرتُ مرَّة، ولم أتكلَّم عليها كثيرًا؛ لظهورها، ثُمَّ عنَّ لي أنْ أتكلَّم عليها، فأقول: (مرحبًا): كلمة تُقال عند المسرَّة للقادم، ولمن يُسَرُّ برؤيته والاجتماع به، وهو منصوب بفعل لا يظهر؛ أي: صادفت رُحْبًا؛ أي: سَعة، وقيل: بل انتصب على المصدر؛ أي: رحَّب الله بك مرحبًا، فوضع المَرْحَب موضع التَّرحيب، وهو قول الفرَّاء، ومكان رَحْب ورَحيب: واسع، والجمع: رِحاب.

    [ج 1 ص 150]

    قَولُهُ: (بِأُمِّ هَانِئٍ [4]): كذا في أصلنا، وفي رواية أخرى ليست في أصلنا: (يا أمَّ هانئ)، قال القاضي: والرِّوايتان معروفتان صحيحتان، والباء أكثر استعمالًا.

    قَولُهُ: (ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ): كذا في نسخة، وفي نسخة: (ثمانَ)، و (ثمانيَ)؛ بنصب الياء، وكذا (ثمانَ)؛ بنصب النُّون.

    قَولُهُ: (زَعَمَ ابْنُ أُمِّي): يعني: عليَّ بن أبي طالب، وهو أخوها لأبويها، كما تقدَّم قريبًا، وإنَّما قالت ذلك؛ لتأكُّد الحرمة والقرابة والمشاركة في بطن وكثرة ملازمة الأمِّ، وهو موافق لقوله تَعَالَى _حكاية عن هارون حين قال لموسى_: {يَا بْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي} [طه: 94].

    (1/945)

    قَولُهُ: (رَجُلًا قَدْ أَجَرْتُهُ): (رَجُلًا)؛ بالنَّصب مع التَّنوين، مفعول اسم الفاعل، وهو (قاتل).

    قَولُهُ: (فُلَانَ ابْنَ هُبَيْرَةَ): هو بالنَّصب بدل من (رَجُلًا)، ويجوز الرَّفع على القطع، قال شيخنا الشَّارح في هذا المكان: (هو الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، كذا هو في «كتاب الزُّبير بن بكَّار»، وفي «الطَّبرانيِّ»: فقلت: يا رسول الله؛ إنِّي أجرت حموي، وفي رواية: (حموي ابن هبيرة)، وفي رواية: (حموي ابني هبيرة)، وفي «كتاب الأزرقيِّ»: (أنَّها أجارت عَبْد الله بن أبي ربيعة المخزوميَّ والحارث بن هشام).

    وقال اِبْن عبد البَرِّ: استتر عندها رجلان من بني مخزوم وأجارتهما، قيل: إنَّهما الحارث بن هشام وزهير بن أبي أميَّة، وقيل: أحدهما جعدة، وقال: والأوَّل أصحُّ، قال: وهبيرة بن أبي وهب زوجها، ولدت له جعدة وغيره، وقال ابن الجوزيِّ: قولها: (فلان ابن هبيرة) إن كان من أولاده منها؛ فالظَّاهر أنَّه جعدة، قلت: لكن رواية: (حموي) تبعده، ولم تكن تحتاج إلى إجارة ابنها، انتهى.

    وقال الخطيب البغداديُّ وابن بشكوال في قولها: (أجرت رجلين من بني مخزوم يوم الفتح، فأراد عليٌّ قتلهما ... )؛ الحديث: هما الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة، وقال ابن بشكوال: الحارث بن هشام وزهير بن أبي أميَّة بن المغيرة، ذكره ابن إسحاق، انتهى.

    وقال السُّهيليُّ: (قيل: إيَّاه _يعني: جعدة_ عنتْ في حديث مالك: زعم ابن أمِّي عليٌّ أنَّه قاتلٌ رجلًا أجرته فلانَ ابن هبيرة) انتهى.

    (والحاصل من الرِّوايات: أنَّها أجارت جعدة بن هبيرة ولدها، والحارث بن هشام، وزهير بن أبي أميَّة، وعبد الله بن أبي ربيعة، والله أعلم) [5].

    والذي يظهر من هذا كلِّه ما قاله ابن الجوزيِّ _في فلان ابن هبيرة وأنَّه [6] ليس [7] واحدًا ممَّن تقدَّم ذكره أنَّها أجارته_ هبيرة، وليس [8] في [9] عمود نسب [10] الحارث بن هشام، ولا عَبْد الله بن أبي ربيعة، ولا زهير بن أبي أميَّة سوى جعدة [11].

    وقول شيخنا متعقِّبًا كلام ابن الجوزيِّ مُتعقَّب أيضًا، بل الذِي يظهر أنَّه جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزوميُّ ولدها.

    وأمَّا رواية: (حموي) بالإفراد، و (حموَيَّ) بالتَّثنية؛ لا تنافي إجارتها جعدة ابنها، وتكون قد أجارت الجميع، لكنَّ قولها: (حموي ابن هبيرة) و (حمويَّ ابني هبيرة) لا يظهر لي، ولعلَّه مؤوَّلٌ [12] إن صحَّ الإسناد بذلك.

    (1/946)

    وأمَّا حديث إجارتها الحارث بن هشام وزهير بن أبي أميَّة؛ فكلٌّ منهما من أحمائها، فلعلَّها أجارتهما وأجارت ابنها، وكان الأحسن بنا ألَّا نذكر هنا إلا جعدة بن هبيرة ابنها؛ لأنَّه لَمْ تقع هنا تلك الرِّوايات التي ساقها شيخنا، ولا نطوِّل بذلك، ولا يظهر لي إلَّا أنَّه جعدة ابنها، وجعدة هذا ذكره ابن عبد البَرِّ في «الصَّحابة»، ولم يتعقَّبه، وقال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (اختُلِف في صحبته) انتهى، وقد قال ابن مَعِين: إنَّه لَمْ يسمع من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شيئًا، وقد روى عن [13] خاله عليٍّ رَضِيَ الله عنه، قال أبو عُمر: قال أبو عبيدة: ولدت أمُّ هانئ من هبيرة ثلاثة بنين؛ أحدهم: جعدة، والثَّاني: هانئ، والثَّالث: يوسف، وقال الزُّبير والعدويُّ: ولدت لهبيرة أربعة [14] بنين: جعدة، وعمْرًا، وهانئًا، ويوسف، قال أبو عُمر: وهذا أصحُّ إن شاء الله، انتهى، وهبيرة بن أبي وهب المخزوميُّ زوجها، فرَّ يوم [15] الفتح، ولم يسلم، ولحق بنجران، ومات على شركه، انتهى.

    وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (ويُتعجَّب ممَّا في بعض الشَّروح من قولها: «فلان ابن هبيرة»: هو الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، كذا هو في «كتاب الزُّبير بن بكَّار»، فإنَّ الحارث بن هشام لا يقال له: ابن هبيرة) انتهى، (وما قاله ابن شيخنا صحيحٌ حسنٌ) [16].

    ==========

    [1] في (ج): (عبد)، وهو تحريفٌ.

    [2] في (ج): (عنها)، وهو تحريفٌ.

    [3] في (ج): (ترجمتها)، وليس بصحيح.

    [4] في هامش (ق): (أم هانئ أسلمت يوم الفتح، وهي شقيقة علي بن أبي طالب، وعَقِيل، وجعفر، وطالب، واستجار بها رجلان؛ قيل: هما: الحارث بن هشام وزهير بن أبي أمية، وقيل: أحدهما جعدة بن هبيرة، فأجارتهما، فأراد علي قتلهما، فدخلت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يصلي الضحى، فذكرت ذلك له، فأمضى جوارها، وأمَّا اسمها؛ فقيل: فاختة، وقيل: هند، وزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي فرَّ يوم الفتح ولم يُسلم).

    [5] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [6] (وأنَّه): سقطت من (ج).

    [7] في (ج): (وليس).

    [8] (وليس): سقطت من (ب) و (ج).

    [9] زيد في (ب): (نفس).

    [10] في (ج): (نسبه لا)، وضرب على (لا) في (أ).

    [11] (سوى جعدة): سقطت من (ج).

    [12] في (ب): (مازل)، وليس بصحيح.

    [13] في (ج): (له على).

    [14] في النسخ: (أربع)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

    [15] في (ج): (جمع)، وليس بصحيح.

    (1/947)

    [16] ما بين قوسين ليس في (ج).

    (1/948)

    [حديث: فقال رسول الله أولكلكم ثوبان]

    358# قَولُهُ: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهْرِيُّ مرارًا [1]، واسمه محمَّد بن مُسْلِم بن [2] عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب.

    قَولُهُ: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّبِ): تقدَّم أنَّ في ياء أبيه الفتحَ والكسر، وتقدَّم أنَّ غير أبيه لا يقال إلَّا بالفتح.

    قَولُهُ: (عَن أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قَولُهُ: (أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا السَّائل لا أعرف اسمه، (وقال لي بعض فضلاء الحنفيَّة: إنَّ شمس الأئمَّة السَّرخسيَّ قال في «المبسوط»: إنَّ السَّائل ثوبان) [3].

    ==========

    [1] في (ب): (تقدم مرارًا أنه الزُّهري).

    [2] (بن): سقطت من (ب).

    [3] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [ج 1 ص 151]

    (1/949)

    [باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه]

    (1/950)

    [حديث: لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه شيء]

    359# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحاك بن مَخْلَد النَّبيل، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الله بن ذكوان، وأبو الزناد؛ بالنُّون بعد الزاي، وتقدَّم شيء من ترجمته.

    قَولُهُ: (لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ): كذا هو في أصلنا: بإثبات الياء، فعن ابن الأثير: وقع في «الصَّحيحين» بإثبات الياء، وهو لا يجوز؛ للجزم، فإن صحَّت؛ فتُحمَل على أنَّ (لا) نافية، قال الخطَّابيُّ: النَّهي للاستحباب، لا للإيجاب؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام ثبت أنَّه صلَّى في ثوب واحد كان أحد طرفيه على بعض نسائه وهي نائمة، والثَّوب الواحد لا يتَّسع طرف منه ليتَّزر به ويجعل على عاتقه منه شيئًا.

    ==========

    [ج 1 ص 151]

    (1/951)

    [حديث: من صلى في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه]

    360# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، فإنَّ [1] (دُكَينًا [2]) بالدَّال المهملة، وتقدَّم شيء من ترجمته.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو ابن عَبْد الرَّحمن النَّحويُّ، تقدَّم مرارًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى علم النَّحو، [كذا قال ابن الأثير في كتابه: إنَّ شيبان منسوب للقبيلة [3]، وقال (ابن أبي داود وغيره: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد) [4] بن أبي سعيد النَّحويُّ، لا شيبان النَّحويُّ هذا، والله أعلم] [5]، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (عن يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ كَثِيرًا؛ بالثَّاء المثلَّثة، وتقدَّم بعض ترجمة يحيى هذا.

    قَولُهُ: (سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ): تقدَّم أعلاه أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا مرارًا.

    ==========

    [1] في (ب): (وأنَّ)، وفي (ج): (وابن).

    [2] في (ج): (دُكين).

    [3] في (ب): (إلى القبيلة).

    [4] ما بين قوسين ليس في (ب).

    [5] ما بين معقوفين ليس في (ج).

    [ج 1 ص 151]

    (1/952)

    [باب إذا كان الثوب ضيقًا]

    (1/953)

    [حديث: ما السرى يا جابر؟]

    361# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وهذا ظاهر جدًّا.

    قَولُهُ: (في بَعْضِ أَسْفَارِهِ): لا أعرف هذه السَّفرة بعينها.

    قَولُهُ [1]: (فَاشْتَمَلتُ بِهِ): الاشتمال: الالتفاف بالثَّوب، ولا يُخرِج يده مِنْهُ، فلذا أنكر عليه.

    قَولُهُ: (مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟): السُّرى: الاسم؛ ومعناه: ما أوجب سُرَاك أو [2] مجيئك ليلًا؟

    [ج 1 ص 151]

    قَولُهُ: (مَا هذا الاشْتِمَالُ): تقدَّم قبيله الكلام على الاشتمال، ولماذا أنكر عليه.

    قَولُهُ: (كَانَ ثَوْبٌ): كذا في أصلنا، وفي نسخة خارج الأصل: (ثوبًا)، وفي نسخة: (كَانَ ثَوْبٌ؛ يَعْنِي: ضَاقَ)، فعلى رواية: (كَانَ ثَوْبٌ)؛ فـ (كَانَ) تَامَّة، وعلى رواية: (كَانَ ثَوْبًا)؛ تقديره: [كان الموجود ثوبًا، أو نحو هذا من التَّقدير، فيكون (ثوبًا): خبرًا، والله أعلم] [3].

    قَولُهُ: (فَاتَّزِرْ بِهِ): يجيء في النُّطق به ما تقدَّم في (باب مباشرة الحائض)؛ فراجعه.

    ==========

    [1] (قوله): سقطت من (ج).

    [2] في (ج): (و).

    [3] ما بين معقوفين بياض في (ج).

    (1/954)

    [حديث: كان رجال يصلون مع النبي عاقدي أزرهم على أعناقهم]

    362# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى عن سُفْيَانَ): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القطَّان، حافظ الإسلام، العلم المشهور.

    قَولُهُ: (عن سُفْيَانَ): هذا هو ابن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، العالم المشهور.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه سلمة بن دينار، وتقدَّم بعض ترجمته، وأن حَازمًا؛ بالحاء المهملة.

    قَولُهُ: (عن سَهْلِ): هو ابْنِ سَعْدٍ السَّاعديُّ، صحابيٌّ مشهور، وإنَّما قُيِّد به؛ لأنَّ في الصَّحابة من اسمه: سهل جماعة، هم خمسة وثلاثون به، والرُّواة منهم ستَّة أشخاص به.

    قَولُهُ: (كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ): هؤلاء الرِّجال لا أعرفهم بأعيانهم [1].

    قَولُهُ: (عَاقِدِي أُزْرِهِمْ): (أزرهِم)؛ بالجرِّ؛ للإضافة، وحذفت النُّون من (عاقدي)؛ لذلك، ويجوز من حيث العربيَّةُ [2] النَّصب في (أزرهم)، وقد تقدَّم قريبًا، كما قرئ: {وَالمُقِيمِي الصَّلاةَ} [الحج: 35]؛ بالنَّصب شاذٌ [3]، والمتواترة بالجرِّ: {الصَّلاةِ}، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ج): (بعينهم).

    [2] في (ج): (اللغة).

    [3] في (ب) بدل من (بالنصب شاذ): (في رواية).

    [ج 1 ص 152]

    (1/955)

    [باب الصلاة في الجبة الشامية]

    قَولُهُ: (وَقَالَ الحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، تقدَّم مرارًا.

    قَولُهُ: (يَنْسجُهَا): هو بضمِّ السِّين وكسرها؛ لغتان في «الصِّحاح» وغيره.

    قَولُهُ: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): تقدَّم أنَّه بفتح الميمين [1]، وإسكان العين، وهو ابن راشد، عالم اليمن، تقدَّم شيء من ترجمته.

    قَولُهُ: (الزُّهْرِي): هو العالم المشهور، ابن شهاب أبو بكر محمَّد بن مُسْلِم [2] بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم الفرد.

    قَولُهُ: (مَا صُبِغَ بِالبَوْلِ): يعني: وغُسِل بعد ذلك.

    ==========

    [1] في (ج): (الميم).

    [2] (بن مسلم): مثبت من (ب) و (ج).

    [ج 1 ص 152]

    (1/956)

    [حديث: يا مغيرة خذ الإداوة]

    363# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1] [قَالَ]: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده»: (قال البخاريُّ في «الصَّلاة في الجبَّة الشَّامية»، وفي «الجنائز» و «الدَّجَّال» [2]: «حَدَّثَنَا يحيى: حَدَّثَنَا أبو معاوية»، فنسب ابن السَّكن الذي في «الجنائز»: يحيى بن موسى، وأهمل الموضعين الآخرين، ولم أجدهما منسوبين لأحد من شيوخنا، فالله أعلم) انتهى.

    وقد ذكر شيخنا الشَّارح كلام الجيَّانيِّّ، لكن قال عوض (الدَّجال) [3] (الرَّحمن) معزوًّا إليه، ثُمَّ قال: (وذكر الكلاباذيُّ أنَّ يحيى بن موسى ختًّا روى عن أبي معاوية، وأنَّ يحيى بن جعفر بن عون روى عن أبي معاوية أيضًا، قال: ورواه الطَّبرانيُّ في «معجمه» من طريق يحيى الحمانيِّ عن أبي معاوية، ويحيى هذا ليس من شيوخ البخاريِّ) انتهى؛ يعني: يحيى [4] الحمانيَّ، وهو يحيى بن عَبْد الحميد، لم يخرِّج له أحد من أصحاب الكتب السِّتَّة في شيء من الكتب السِّتَّة [5]، وله ترجمة في «التَّهذيب»، و «التَّذهيب»، و «الميزان».

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) [6]: هو محمَّد بن خازم _بالخاء المعجمة_ أبو معاوية الضَّرير، تقدَّم شيء من ترجمته.

    قَولُهُ: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سُلَيْمَان بْنُ مِهْرَانَ، أبو محمَّد الكاهليُّ، القارئ، الإمام المشهور، وتقدَّم شيء من ترجمته.

    قَولُهُ: (عَنْ مُسْلِمٍ): هذا هو مُسْلِم بن صُبَيح، و (مسْلم): بإسكان السِّين، وصُبَيح: بضمِّ الصَّاد المهملة؛ مصغَّر، وهو أبو الضُّحى الهمْدانيُّ العطَّار، عنِ ابن عبَّاس وعلقمة، وعنه: منصور، والأعمش، وقطر، وثَّقه ابن مَعِين وأبو زُرعة، تُوفِّي في خلافة عمر بن عبد العزيز، وعمر رحمة الله عليه تولَّى الخلافة في سَنَة تسع وتسعين، وتُوفِّي سنة إحدى ومئة، فمكث فيها ثلاثين شهرًا، أخرج لمسلم هذا الأئمَّةُ السِّتَّةُ.

    قَولُهُ: (في سَفَرٍ): تقدَّم أنَّ هذا السَّفر غزوة تبوك، كما في «الصَّحيح»؛ فاعلمه، وتقدَّم أنَّها في السَّنة التَّاسعة من الهجرة.

    قَولُهُ: (الإِدَاوَةَ): تقدَّم أنَّها بكسر الهمزة؛ وهي إناء صغير من جلد؛ كالسَّطيحة، وأنَّ جمعها أَداوى.

    قَولُهُ: (وُضُوءَهُ): هو بضمِّ الواو: الفعل، ويجوز فيه الفتح، وقد تقدَّم مرارًا.

    (1/957)

    [باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها]

    قَولُهُ: (بَاب كَرَاهِيَةِ التَّعَرِّي في الصَّلاة وَغَيْرِهَا): (كَرَاهِيَةِ)؛ بتخفيف الياء، والمراد بالكَرَاهِيَةِ: التَّحريم، وهذا كثير في كلام الأقدمين، يريدون بالكراهة [1] التَّحريم، لا [2] الكراهة المعروفة اليوم التي [3] يريدون أنَّها جائزة الإقدام، وإنَّما يعدلون عن قولهم: تحريم؛ لمعنًى معروف.

    وقوله: (وَغَيْرِهَا): يعني: أنَّه يجب ستر العورة في غير الصَّلاة أيضًا؛ كالخلوة، وهو أحد الوجهين عند الشَّافعيَّة، وهو الأصحُّ عندهم.

    ==========

    [1] في (ب): (الكراهية).

    [2] في (ج): (لأن).

    [3] في (أ): (الذي)، وفي (ب) و (ج): (الذين)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

    [ج 1 ص 152]

    (1/958)

    [حديث جابر: أن رسول الله كان ينقل معهم الحجارة للكعبة]

    364# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا رَوْحٌ): تقدَّم أنَّه بفتح الرَّاء، وعن بعضهم: أنَّه يجوز ضمُّها، وهو ابن عُبَادة؛ بضمِّ العين، وتخفيف الباء، وتاء في آخره، القيسيُّ أبو محمَّد، الحافظ البصريُّ، عنِ ابن عون وابن جريج، وعنه: أحمد، وعبد، والكديميُّ [1]، صنَّف الكتب، وكان من البحور العلماء، تُوفِّي سنة (205 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد قال ابن مَعِين وغيره: صدوق.

    قَولُهُ: (كَانَ يَنْقُلُ معهُم الحِجَارَةَ لِلكَعْبَةِ): هذا لمَّا بنت قريش الكعبة، وكان عمره خمسًا وثلاثين سنة، ويقال: خمسًا وعشرين سنة، وقال شيخنا في شرحه هذا: (كان عليه الصَّلاة والسَّلام لمَّا بنت قريش الكعبة لَمْ يبلغ الحلم، كما قال الزُّهْرِيُّ) [انتهى.

    وسيأتي مثله عنِ ابن إسحاق، قال شيخنا] [2]: وقال ابن بطَّال وابن التِّين: كان عمره خمسَ عشرةَ سنةً ... إلى آخر كلامه، وسأذكر أنا فيما يأتي في (بنيان الكعبة) ما ذكروه في ذلك إن شاء الله تَعَالَى وقدَّره.

    قَولُهُ: (فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا): (رُئِيَ): هو بضمِّ الرَّاء، ثُمَّ همزة مكسورة، وفي نسخة: (رِيْءَ)؛ بكسر الرَّاء، ثُمَّ همزة مفتوحة.

    (1/959)

    [باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء]

    (باب الصَّلاة في القَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَالقَبَاءِ) ... إلى (باب مَا جَاءَ في القِبْلَةِ) ... إلى آخره.

    قَولُهُ: (وَالسَّرَاوِيلِ): تقدَّم الكلام عليه، ولنذكره هنا؛ لطول العهد به؛ فاعلم أنَّه معروف، يذكَّر ويؤنَّث، والجمع: السَّراويلات، قال سبيويه: سراويل: واحدة أعجميَّة أُعرِبت، فأشبهت من كلامهم ما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة؛ فهي مصروفة في النَّكرة، قال: وإن سَمَّيتَ بها رجلًا؛ لَمْ تصرفها، وكذلك إن حقَّرتها اسم رجل؛ لأنَّها مؤنَّث على أكثر من ثلاثة أحرف؛ مثل: عناق، وفي النَّحويِّين مَن لا يصرفه أيضًا في النَّكرة، ويزعم أنَّه جمع سروالٍ وسروالةٍ، وينشد:

    عليه من اللُّؤم سِروالة

    ويحتجُّ في ترك صرفه بقول ابن مقبل:

    ... & فتًى فارسيٌّ في سراويلَ رامحٌ

    قال الجوهريُّ: والعمل على القول الأوَّل، والثَّاني أقوى، انتهى، وقال شيخنا المؤلِّف: (والسَّراويل: فارسيٌّ معرَّبٌ، يذكَّر ويؤنَّث، وبالنُّون بدل اللَّام، وبالشِّين المعجمة بدل المهملة) انتهى، وقد تقدَّم هل لبس عليه الصَّلاة والسَّلام السَّراويل، وتقدَّم حديث السُّنَّن أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام اشترى سراويل، وتقدَّم بكم اشتراها، كلُّ ذلك فيما مضى؛ فانظره، وها أنا أذكره هنا أيضًا؛ لبعده، روى شراءه عليه الصَّلاة والسَّلام السَّراويل أصحابُ السُّنَّن الأربعة والطَّبرانيُّ أيضًا، واشتراه بأربعة دراهم، كما رواه البزَّار، وفي «الإحياء» للغزاليِّ في (كتاب فضل الفقر) حديث: أنَّه اشتراه بثلاثة دراهم، والمعروف الأوَّل، ولم يصحَّ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لبسه، وسمعت بعض مشايخي الحلبيِّين يقول: إنَّه لَمْ يصحَّ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لبس سراويل، وصحَّ أنَّه اشتراهُ، وقد وقع في كلام ابن القيِّم في «الهدي» أنَّه لبسه، جزم به، وقال قبله بقليل: واشترى عليه الصَّلاة والسَّلام سراويل، إنَّه إنَّمَا اشتراها؛ ليلبسها، وقد روي في غير حديث: أنَّه لبس السَّراويل، وكانوا يلبسون السَّراويلات بإذنه) انتهى لفظه.

    (فائدة: صاحب السَّراويل مخرمة العبديُّ وشريكه سويد بن قيس) [1].

    قَوْله: (وَالتُّبَّان): هو بضمِّ المثنَّاة فوقُ، وَتَشْدِيد الموحَّدة، قصير، شبه السَّراويل، مذكَّر.

    ==========

    [1] ما بين قوسين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 152]

    (1/960)

    [حديث: أوكلكم يجد ثوبين]

    365# قَولُهُ: (عن أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة كيسان السَّختيانيُّ [1]، الإمام المشهور، تقدَّم.

    قَولُهُ: (عن مُحَمَّدٍ): هذا هو ابن سيرين، العلم الفرد، تقدَّم مرارًا.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قَولُهُ: (قَامَ رَجُلٌ): تقدَّم قبيله اسمه [2].

    قَولُهُ: (ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه [3]): السَّائل لعمر لا أعرفه أيضًا.

    قَولُهُ: (في إِزَارٍ): تقدَّم قريبًا أنَّ الإزار ما كان على أسافل البدن بزيادةٍ؛ فانظرها.

    قَولُهُ: (وَرِدَاءٍ): تقدَّم أنَّ ما كان على أعالي [4] البدن؛ فهو رداء.

    قَولُهُ: (وَقَبَاءٍ): القباء؛ بالمدِّ: الذي يُلبَس، معروف.

    قَولُهُ: (في سَرَاوِيلَ): تقدَّم قريبًا الكلام عليه، وكذا بعيدًا.

    ==========

    [1] في (ج): (السخستاني)، وليس بصحيح.

    [2] في (ج): (أني لا أعرفه)، وضرب عليها في (أ).

    [3] الترضية: ليست في (ق) ولا «اليونينيَّة».

    [4] في (ج): (أعلى).

    (1/961)

    [حديث: لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس ولا ثوبًا .. ]

    366# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه محمَّد بن عَبْد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، العالم المشهور.

    قَولُهُ: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم الفرد.

    قَولُهُ: (عن سَالِمٍ): هو سالم بن عَبْد الله بن عُمر بن الخطَّاب، أحد الفقهاء السَّبعة؛ فقهاء المدينة على قول، مشهور التَّرجمة رحمة الله عليه، وقد تقدَّم.

    قَولُهُ: (سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم): هذا الرَّجل لا أعرف اسمه، وقد تقدَّم ذلك.

    قَولُهُ: (لَا يَلْبَس): هو بكسر السِّين على النَّهي، ويجوز ضمُّها أيضًا على النَّفي.

    قَولُهُ: (وَلَا البُرْنُسَ): هو بضمِّ الباء، وبالنُّون بعد الرَّاء: كلُّ ثوب رأسه مُلتصِق به، دُرَّاعة كان أو جُبَّة، وقال ابن دريد: البُرنس؛ بضمِّ الباء: نوع من الطَّيالسة، يلبسه العبَّاد وأهل [1] الخير) انتهى كلام «المطالع»، وقال ابن الأثير نحوه، إلَّا أنَّه لَمْ يذكر كلام ابن دريد، وذكر كلام الجوهريِّ، فقال: (وقال الجوهريُّ: قلنسوة طويلة كان النُّسَّاك يلبسونها في صدر الإسلام، وهو من «البِرس [2]»؛ بكسر الباء: القطن، والنُّون زائدة، وقيل: إنَّه غير عربيٍّ) انتهى، وهو كما قال في «الصِّحاح» إلى آخر قوله: (الإسلام)، والباقي له.

    (1/962)

    قَولُهُ: (وَعن نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ [3]): هذا ليس تعليقًا، وإنَّما رواه البخاريُّ: عن عاصم بن عليٍّ: حَدَّثَنَا ابن أبي ذئب، عن نافع، عنِ ابن عُمر، وقوله: (مِثْلَهُ): أي: مثل الحديث الذي قبله، وهو الذي ساقه من هذه الطَّريق، لكنَّ ابن أبي ذئب رواه عنِ الزُّهْرِيِّ، عن سالم، عنِ ابن عُمر، وهذا رواه ابن أبي ذئب عن نافع، عنِ ابن عُمر، وقوله: (مِثْلَهُ): بالنَّصب؛ أي: مثلَ الحديث الذي قبله، وفي الأصل: (مثلُه): مرفوع، وكأنَّه ظنَّه تعليقًا، وكذا كان في أصلنا الدِّمشقيِّ، فأصلحته فيه، وإنَّما هو معطوف على السَّند قبله؛ فاعلمه، وأحبب أنْ يكون تعليقًا! وقد غلط في مثل هذا بعضُ الشَّرَّاح، وربَّما يكون قد غلط في هذا، فإنِّي لَمْ أراجعه، ولا عندي به [4] نسخة، والله أعلم، وقد طرَّفه المِزِّيُّ من حديث ابن أبي ذئب عنِ الزُّهْرِيِّ عن سالم عنِ ابن عُمر، وطرَّفه من حديث ابن أبي ذئب عن نافع عنِ ابن عُمر، وعزاه إلى البخاريِّ، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ج): (ذو أهل).

    [2] في (ب): (البرنس).

    [3] في هامش (ق): (الصواب في (مثله) النصب لا الرفع؛ فاعلمه، واجتنب الرفع).

    [4] في (ج): (منه).

    [ج 1 ص 153]

    (1/963)

    [باب ما يستر من العورة]

    قَوْله: (بَاب مَا يسْترُ مِن العَوْرَةِ): (يستر): مبنيٌّ للفاعل وللمفعول؛ فاعلمه [1].

    ==========

    [1] في (ج): (فانتهى علمه).

    [ج 1 ص 153]

    (1/964)

    [حديث: نهى رسول الله عن اشتمال الصماء]

    367# قَولُهُ: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم قريبًا أنَّه الزُّهْرِيُّ، وكذا بعيدًا مرَّاتٍ، واسمه محمَّد بن مُسْلِم [1]، العالم المشهور.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ): تقدَّم مرارًا [2] أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وأنَّ الخدريَّ بالدَّال المهملة، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قَوْله: (عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ): هي بفتح الصَّاد المهملة، وتشديد الميم، وبالمدِّ، قال ابن قُرقُول: (الالتفاف في ثوب واحد من رأسه إلى قدميه، يجلِّل به جسده، ويُسمَّى: الشَّملة الصَّمَّاء، سُمِّيت بذلك؛ لشدِّها وضمِّها جميع الجسد، ومنه: صمام القارورة.

    قلت: هذا قول أهل اللُّغة، فأمَّا مالك وجماعة من الفقهاء؛ فهو عندهم: الالتفاف بثوب واحد، ويرفع جانبه على كتفه وهو بغير إزار، فيفضي ذلك إلى كشف عورته) [3]، وذكر في (حرف الشِّين) بنحوه، وذكرها ابن الأثير وغيره من أهل اللُّغة والغريب والفقهاء، وفسَّرها البخاريُّ في (كتاب اللِّباس): بأنْ يجعل ثوبه على أحد عاتقيه، فيبدو أحد شقَّيه ليس عليه ثوب، والله أعلم.

    قَولُهُ: (وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ): قال ابن قُرقُول: (الاحتباء: أنْ ينصب ساقيه ويدير عليهما ثوبه، ويعقد يديه على ركبتيه معتمدًا على ذلك، والاسم: الحبوة؛ بالضَّمِّ والكسر، والحِبية، والحُبية؛ بالياء) [4]، وأتمُّ منه في العبارة وأوضح في تفسير الاحتباء: أنْ يقعد على ألييه [5]، وينصب ساقيه، ويحتزم بالثَّوب على حقويه [6] وركبتيه وفرجُه بادٍ، كانت العرب تفعله؛ لأنَّه أرفق لها في جلوسها، وقال البخاريُّ في (اللِّباس): (هو أنَّ يحتبي بثوب، وهو جالس ليس على فرجه منه شيء).

    ==========

    [1] زيد في (ب): (بن عبيد الله).

    [2] في (ج): (مرات).

    [3] «مطالع الأنوار».

    [4] «مطالع الأنوار».

    [5] في (ب): (إليتيه).

    [6] في (ب): (حقوته).

    [ج 1 ص 153]

    (1/965)

    [حديث: نهى النبي عن بيعتين عن اللماس والنباذ]

    368# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ): تقدَّم أنَّ قَبِيصة؛ بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهر جدًّا، إلَّا أنَّ بعض العجم وقع فيه.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، العالم الشَّهير، تقدَّم.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عَبْد الله بن ذكوان مرارًا.

    قَولُهُ: (عَنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم أنَّه عَبْد الرَّحمن بن هرمز مرارًا.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قَولُهُ: (عن بَيْعَتَيْنِ): هو بفتح الباء، تثنية بَيعة [1]؛ بفتحها أيضًا، وهذا ظاهر جدًّا، وقد ضبطه بالكسر [2] بعضهم، وقال: المراد: الهيئة، وسيأتي.

    قَولُهُ: (اللِّمَاسِ): هو بكسر [3] اللَّام، وتخفيف الميم، وبالسِّين المهملة في آخره، وهو الملامسة [4]؛ بأنْ يلمس ثوبًا مطويًّا، ثُمَّ يشتريه على أنْ لا خيار له إذا رآه، أو [5] يجعل نفس اللَّمس بيعًا، فيقول: إذا لمسته؛ فهو مَبيعٌ لك، أو أن يبيعه شيئًا على أنَّه متى لمسه؛ انقطع الخيار ولزم البيع، وكلُّه باطل؛ لأنَّه غَرَرٌ، أو تعليق، أو عدول عنِ الصِّيغة الشَّرعيَّة.

    [ج 1 ص 153]

    قَولُهُ: (وَالنِّبَاذِ): هو بكسر النُّون، ثُمَّ موحَّدة مخفَّفة، وفي آخره ذال معجمة، بيع المنابذة: وهو أنْ يجعلا [6] النَّبذ بيعًا، والنَّبذ: الطَّرح، أو تقول: بعتك على أنِّي إِذَا نبذت إليك؛ وجب البيع، والمراد: نبذ الحصاة، وكلُّه باطل، وستأتي في بابه إعادتُه إن شاء الله تعالى.

    قَولُهُ: (وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ): تقدَّم الكلام عليه قبيله.

    قَولُهُ: (وَأَنْ يَحْتَبِيَ): تقدَّم الكلام عليه قبيله.

    (1/966)

    [حديث: ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان]

    369# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ [1] [قَالَ]: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) فقط غير منسوب، وكذا وقف شيخنا الشَّارح عليه، فإنَّه تكلَّم على إسحاق مَن هو، وقد ذكر أبو عليٍّ الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاري_ في «الصَّلاة» في موضعين، وفي «الأنبياء»، وفي «شُهُودِ المَلَائِكَةِ بَدْرًا»، وفي «عمرة الحُدَيْبِيَة»، وفي «باب قول الله تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ}»، وفي «كِتَابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى قيصر وكِسْرَى»، وتفسير سورة «براءة»، و «الممتحنة»، و «الذبائح»، و «الاستئذان»: «حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا يعقوب»، نسبه ابن السَّكن في بعض هذه المواضع: إسحاق بن إبراهيم؛ يعني: ابن راهويه، وقد أتى إسحاق هذا عن يعقوب منسوبًا من رواية الأصيليِّ وابن السَّكن في «كتاب الحجِّ» في موضعين، فقال في «باب الفتيا على الدابَّة»: «حَدَّثَنَا إسحاق بن منصور: أخبرنَا يعقوب بن إبراهيم»؛ فذكر حديثًا في «الحجِّ»، وقال في «باب حجِّ الصِّبيان»: «حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يعقوب بن إبراهيم»؛ فذكر حديثًا آخر فيه، نسبه الأصيليُّ وحده [2] في هذه [3] المواضع: إسحاق بن منصور، وذكر أبو نصر: أنَّ ابن إبراهيم وابن منصور يرويان عن يعقوب هذا، وهو ابن إبراهيم بن سعد الزُّهْرِيُّ) انتهى.

    وقال شيخنا الشَّارح: (وإسحاق في هذا الحديث: هو الكوسج إسحاق بن منصور، كما صرَّح به أبو نعيم في «مستخرجه» بعد أنْ رواه من طريق عقيل عنِ الزُّهْرِيِّ، وأبو مسعود وخلف في أطرافهما، ثُمَّ نقل عنِ الجيَّانيِّ ما ذكرته ولخَّصته، قال: وذكر المِزِّيُّ أنَّ الذي هنا: ابن إبراهيم، وأنَّ الذي في (براءة): ابن منصور، انتهى، والذي في نسختي من «أطرافه» _وهي مقابلة على نسخة ابن كثير الشَّيخ عماد الدِّين شيخ شيوخنا_ قال عنِ الذي في (التَّفسير): إسحاق بن منصور، وأمَّا [4] هذا المكان الذي في (الصَّلاة) طرَّفه إسحاق عن يعقوب بن إبراهيم؛ فلم ينسبه فيه بالكليَّة؛ فاعلمه، والله أعلم.

    (1/967)

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): هذا هو محمَّد بن عَبْد الله بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، عن عمِّه الزُّهْرِيِّ وأبيه فقط، وعنه: معن، والقعنبيُّ، وطائفة، ليَّنه ابن معين، ووثَّقه أبو داود وغيره، أخرج له الجماعة، مات سنة (157 هـ) [5]، ذكره في «الميزان»، وقال في ترجمته: انفرد عن عمِّه بأربعة [6] أحاديث: «كلُّ أمَّتي معافًى إلَّا المجاهرين»، و (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يأكل بكفِّه كلِّها)، و (أنَّ أبا هريرة كان إذا خطب؛ قال: كلُّ ما هو آت قريب، ولا بُعْدَ لما هو آتٍ)، والرَّابع: (اشترُوا على الله، واستقرضوا عليه)، لكنَّه عنِ الواقديِّ عنه، انتهى.

    قَولُهُ: (عن عَمِّهِ): تقدَّم أعلاه أنَّ عمَّه الزُّهْرِيُّ، العالم المشهور، محمَّد بن مسلم.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي [7] هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قَولُهُ: (في مُؤَذِّنِينَ): هو جمع مُؤذِّن.

    قَولُهُ: (قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحمنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: قال شيخنا الشَّارح: (يحتمل أنْ يكون تلقَّاه من أبي هريرة، ويكون الزُّهْرِيُّ رواه عنه موصولًا عند البخاريِّ، وكأنَّ هذا هو مستند أبي نعيم حين قال في آخره عند استخراجه له: رواه _ يعني: البخاري_ عن إسحاق بن منصور) انتهى، ولمَّا طرَّف المِزِّيُّ هذا الحديث؛ قال في «تطريفه»: (سبعتهم عنِ الزُّهْرِيِّ ... ) إلى أنْ قال: (وفي حديث عقيل عنِ الزُّهْرِيِّ: قال حميد: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعليٍّ [8]؛ فذكر قصَّة طويلة مُرسَلة) انتهى، وقد رأيت ذلك في سورة (براءة) في مكانين، كما ذكر المِزِّيُّ من طريق عقيل عنِ الزُّهْرِيِّ، والذي في أصلنا قول حميد المُرسَل: (ثمَّ أردف ... ) إلى (عريان)، وهو في طرف حديث ابن أخي الزُّهْرِيِّ عن عمِّه.

    فالحاصل: أنَّ قول حميد مرسل؛ لأنَّه تابعيٌّ، حكى عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم شيئًا لَمْ يدركه، وأيضًا (ثمَّ أردف) المُرسَل: ذكره [9] البخاريُّ أيضًا في طرف ابن أخي الزُّهْرِيِّ عن عمِّه، وفي طرف حديث عقيل عنِ الزُّهْرِيِّ، والله أعلم.

    (1/968)

    قَولُهُ: (ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةٌ): هذه الحجَّة كانت سنة تسع من الهجرة، وقوله: (فأمره ... ) إلى آخره: قيل: الحكمة في إعطاء براءة لعليٍّ أنَّ (براءة) تضمَّنت نقض العهد، وكانت سيرة العرب ألَّا يحل عقدًا إلاَّ الذي عقده أو رجل من أهل بيته، فأراد عليه الصَّلاة والسَّلام أنْ يقطع ألسنة العرب بالحجَّة.

    وجواب آخر: وهو أنَّ في سورة (براءة) فضلَ الصِّدِّيق، ويعني به: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40]، فأراد عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّ غيره يقرؤها، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدي» في أوائله قبل ذكر القولين المذكورين: (قيل: لأنَّ أوَّلها نزل بعد أن خرج أبو بكر للحجِّ) انتهى.

    ونقل شيخنا الشَّارح في (التَّفسير) في (براءة) عنِ البيهقيِّ في «دلائله»: (أنَّها نزلت بعد خروج الصِّدِّيق)، ونقل البيهقيُّ ذلك عنِ ابن إسحاق، وقال: (إنَّه موجود في الأحاديث الموصولة) انتهى.

    ==========

    [1] (بن إبراهيم): ليس في «اليونينيَّة»، وهو مثبت من النسخ و (ق).

    [2] في (ج): (وجده).

    [3] في (أ) و (ج): (هذا).

    [4] في (ج): (وإنَّما)، وهو تحريفٌ.

    [5] في (ج): (57 هـ).

    [6] كتب في هامش (أ): (في أصل من «الميزان»: بثلاثة).

    [7] كذا في (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أن أبا)، وكذا في هامش (ق) مصحَّحًا عليه.

    [8] زيد في (ج): (خلفه).

    [9] في (ج): (ذكر).

    [ج 1 ص 154]

    (1/969)

    [باب الصلاة بغير رداء]

    قَولُهُ: (بِغَيْرِ رِدَاءٍ): تقدم أنَّ الرداء: كلُّ ما كان على أعالي البدن.

    ==========

    [ج 1 ص 154]

    (1/970)

    [حديث: دخلت على جابر وهو يصلي في ثوب ملتحفًا به]

    370# قَولُهُ: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي المَوَالِي): (ابن أبي الموالي) [1]: هو عَبْد الرَّحمن بن أبي الموالي، وقد تقدَّم أنَّ (ابن أبي الموالي) و (ابن العاصي) و (ابن الهادي) و (ابن اليماني) بإثبات الياء على الصَّحيح في الكلِّ، قاله النَّوويُّ، وعَبْد الرَّحمن هذا يروي عن محمَّد بن كعب، والباقر، وعبد الرَّحمن بن أبي عمرة، وعنه: القعنبيُّ ويحيى بن يحيى، ثقة، تُوفِّي سنة (173 هـ)، أخرج له البخاريُّ والأربعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان»، وقال الدِّمياطيُّ: عبد الرَّحمن بن زيد بن أبي الموالي مولى عليٍّ، انفرد به البخاريُّ، [مات سنة (173 هـ) انتهى، وقد قدمت أنا ذلك] [2].

    قَولُهُ: (مُلتَحِفًا بِهِ): تقدَّم تفسير (الملتحف) قبل هذا بيسير؛ فانظره.

    ==========

    [1] (ابن أبي الموالي): ليس في (ب).

    [2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 154]

    (1/971)

    [باب ما يذكر في الفخذ]

    قَولُهُ: (بَاب مَا يُذْكَرُ في الفَخِذِ): فيه لغات: فَخِذ، وفَخْذ، وفِخذ؛ بكسر الفاء.

    قَولُهُ: (وَيُرْوَى عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ... ) إلى آخره: هذا ذكره بصيغة تمريض، وقد [1] تقدَّم أنَّ هذا وأمثاله ليس على شرطه، وسأذكر عزو الأحاديث التي ذكرها بصيغة تمريض بعيد [2] هذا.

    قَولُهُ: (وَجَرْهَدٍ [3]): هو بفتح الجيم، وإسكان الرَّاء، ثُمَّ هاء مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، قال الدِّمياطيُّ: (جرهد بن عَبْد الله بن رزاح بن عديِّ بن سهم بن الحارث بن مالك بن سلامان بن أسلم، شهد الحديبية، من أهل الصُّفَّة، وقيل: جرهد بن خويلد) انتهى، ذكره اِبْن عبد البَرِّ، وذكر الخلاف في والده وغير ذلك، وذكر هذا الحديث، ثُمَّ قال: وحديثه ذلك مضطرب، ومات جرهد سنة (61 هـ) انتهى، أخرج له أبو داود والتِّرمذيُّ.

    قَولُهُ: (وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ): قال الدِّمياطيُّ: محمَّد بن عَبْد الله بن جحش، قُتِل أبوه بأحُد، وأوصى به إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، انتهى، له عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وعن عائشة، وحمنة، وعنه: ابنه إبراهيم، ومولاه أبو كثير، وغيرهما، قال الذَّهبيُّ في «كاشفه»: قُتِل أبوه بمؤتة، وقال البخاريُّ: قتل أبوه بأحُد، انتهى، والصَّحيح: أنَّه قتل بأحُد، وقد ذكر هو في «التَّذهيب»: أنَّ أباه قتل بأحُد، ولم يذكر فيه خلافًا، أخرج له النَّسائيُّ وابن ماجه.

    فَائِدَة: حديث ابن عبَّاس المشار إليه أخرجه التِّرمذيُّ وقال: (حسن غريب)، وأمَّا حديث جرهد؛ فرواه مالك في «الموطَّأ»، وأبو داود في (كتاب الحمام) من «السُّنَّن»، والتِّرمذيُّ من طرق، وحسَّنه مرَّة، وزاد مرَّة: أنَّه غريب، وقال مرَّة: ما أُرَى إسنادَه بمتَّصل، وصحَّحه ابن حِبَّان والحاكم، وحديث محمَّد بن جحش رواه أحمد والحاكم في «مستدركه» [4]، وذكره التِّرمذيُّ، قال البيهقيُّ في «خلافياته» [5] و «سننه» في الأحاديث الثَّلاثة: هذه أسانيد صحيحة يُحتجُّ بها، وخالفه ابن حزم في ذلك فقال [6]: إنَّها ساقطة واهية، وقال الطَّبريُّ في «تهذيبه»: الأخبار التي رُوِيت عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه دخل عليه أبو بكر وعمر وهو كاشف عن فخذيه [7] واهية الأسانيد، لا تثبت بمثلها حجَّةٌ، والأحاديث الواردة بالأمر بتغطية الفخذ والنَّهي عن كشفها أخبار صحاح، والله أعلم.

    (1/972)

    قَولُهُ: (حَسَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بحاء وسين مهملتين مفتوحة [8]، وبالرَّاء؛ أي: كشف.

    قَولُهُ: (وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ ... ) إلى آخره؛ أي: أقوى إسنادًا، ولا شكَّ أنَّه كما قال، وقد قدَّمت لك الكلام على حديث جرهد، والله أعلم.

    قَولُهُ [9]: (وَقَالَ أَبُو مُوسَى): هو عَبْد الله بن قيس بن سُليم بن حَضَّار، الصَّحابيُّ المشهور الأشعريُّ رَضِيَ اللهُ عنه، تقدَّم بعض الشَّيء من ترجمته.

    قَولُهُ: (وَفَخِذُهُ على فَخِذِي): تقدَّم ما في الفخذ من اللُّغات؛ فانظره أعلاه.

    قَولُهُ: (أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي): (تَرُضَّ)؛ بفتح المثنَّاة فوق، وضمِّ الرَّاء، مبنيٌّ للفاعل، وكذا هو في أصلنا: مبنيٌّ للفاعل، ومعنى (تَرُضَّ): تدق.

    (1/973)

    [حديث أنس: أن رسول الله غزا خيبر فصلينا عندها]

    371# قَولُهُ: (غَزَا خَيْبَرَ): قال ابن إسحاق: إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام خرج في بقيَّة المحرَّم من السَّنة السَّادسة عاريًا إلى خيبر، قال: ولم يبق من السَّنة السَّادسة من الهجرة إلَّا شهر وأيَّام، وقد تقدَّم أنَّها _يقال_ في أوَّل السَّابعة، وقد قدَّمت لك مدرك الخلاف فيها، وأنَّه مبنيٌّ على أوَّل التَّاريخ، وفيه خلاف، والله أعلم.

    قَولُهُ: (صَلَاةَ الغَدَاةِ): في هذا جواز تسمية [1] الصُّبح بالغداة، وكرهه بعض أصحاب الشَّافعيِّ، قال النوويُّ في «الرَّوضة» من زياداته: (والاختيار

    [ج 1 ص 154]

    أنْ يقول [2] للصُّبح: الفجر أو الصُّبح، وهما أولى من الغداة، ولا تقول: الغداة مكروهة).

    قَولُهُ: (وَرَكِبَ أَبُو طَلحَةَ): هو زيد بن سهل، عمُّ أنس بن مالك، زوج أمِّه، صحابيٌّ جليل رَضِيَ اللهُ عنه، وقد روى أبو يعلى الموصليُّ: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال: «صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة»، وقد تقدَّم أنَّه بدريٌّ نقيب، وأنَّه تُوفِّي سنة (34 هـ)، روى له الجماعة.

    قَولُهُ: (ثُمَّ حَسَرَ الإِزَارَ): (الإزارَ): مفعول، وتقدَّم أنَّ (الإزار) ما كان على أسافل البدن.

    قَولُهُ: (حَتَّى إِنِّي): (إِنِّي)؛ بكسر الهمزة.

    قَولُهُ: (خَرِبَتْ خَيْبَرُ): هل كان ذلك على سبيل الخبريَّة، فيكون ذلك من باب الإخبار بالغيب، أو على جهة الدُّعاء عليهم، أو على جهة التَّفاؤل لمَّا رآهم خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم، وذلك من آلات الخَراب، والأوَّل أولى، قاله شيخنا عنِ القرطبيِّ؛ لقوله: «إنَّا إِذَا نزلنا بساحة قوم» [3]، ويجوز أنْ يكون أخذه من اسمها.

    قَولُهُ: (بِسَاحَةِ قَوْمٍ): هي النَّاحية والجهة.

    قَولُهُ: (قَالَ عَبْدُ العَزِيزِ): هو عَبْد العزيز المذكور في السَّند ابن صهيب.

    قَولُهُ: (وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا): بعض أصحاب عَبْد العزيز لا أعرفه، (وقال بعض حفَّاظ العصر: هو ثابت البنانيُّ، انتهى) [4]

    قَولُهُ: (وَالخَمِيسُ؛ يَعْنِي: الجَيْشَ): هو برفع (الخميس) عطفًا على (محمَّدٌ)، ونصبه على أنَّه مفعول معه، وسُمِّي الجيش خميسًا؛ لأنَّه يقسم خمسة [5] أخماس؛ القلب، والميمنة، والميسرة، والجناحان، وقيل: المقدِّمة والسَّاقة، وقيل: لأنَّه يخمس ما وجده، وضُعِّف بأنَّ هذا الاسم كان معروفًا في الجاهليَّة، ولم يكن لهم تخميس.

    (1/974)

    قَولُهُ: (عَنْوَةً): بفتح العين، وإسكان النُّون؛ أي: قهرًا.

    قَولُهُ: (فَجُمِعَ السَّبْيُ): (جُمِع): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (السَّبيُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.

    قَولُهُ: (فَجَاءَ دِحْيَةُ): هو ابن خليفة؛ بفتح الدَّال وكسرها، وجدُّه اسمه فروة بن فَضالة الكلبيُّ، صحابيٌّ مشهور، شهد أحُدًا، ويُضرَب بحسنه المثل، عنه: عَبْد الله بن شدَّاد والشَّعبيُّ، سكن المِزَّة، روى له أبو داود، بقي إلى خلافة معاوية، وقد تقدَّم، وتقدَّم ما الدِّحيةُ بلغة اليمن.

    قَولُهُ: (فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ [6]): كان اسم صفيَّة قبل الاصطفاء: زينب، فسُمِّيت: صفيَّة، والصحيح: أنَّ هذا كان اسمها قبل ذلك، و (حيَيٍّ)؛ بضمِّ الحاء المهملة وكسرها، وفتح الياء المثنَّاة تحت، ثُمَّ مثنَّاة أخرى مشدَّدة، ترجمة [7] صفيَّة معروفة، وكيف لا وهي أمُّ المؤمنين وبنت هارون أخي موسى؟ أخرج لها الجماعة، وأبوها قُتِل صبرًا على كفره مع بني قريظة، تُوفِّيت سنة (50 هـ).

    قَولُهُ: (فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... )؛ الحديث [8]: هذا الرَّجل لا أعرفه.

    قَولُهُ: (قَالَ: خُذْ جَارِيَةً مِن السَّبْيِ غَيْرَهَا): رأيت بخطِّ بعض الفضلاء ما لفظه: نقل الشَّافعيُّ في «سير الأوزاعيِّ»: أنَّ [9] المأخوذة بدلَها هي أخت زوج [10] صفيَّة، وهو كنانة بن الرَّبيع بن أبي الحُقَيق، وذكر ابن لَهيعة عنِ الأسود عن عروة: أنَّها بنت عمِّ صفيَّة، وفي «سيرة ابن سيِّد النَّاس»: أنَّه أعطاه بنتي عمِّها، انتهى، وقد رأيت ما نقله عنِ ابن سيِّد النَّاس في «سيرته»، (وفي «صحيح مُسْلِم»: أنَّه اشتراها عليه الصَّلاة والسَّلام بسبعة أرؤس) [11].

    (1/975)

    قَولُهُ: (فَأَعْتَقَهَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَزَوَّجَهَا ... ) إلى آخره: فيه استحباب عتق السَّيدُ أمته، وقد صحَّ أنَّ له آخرين من حديث أبي موسى، وقد أخذ بظاهر هذا الحديث أحمد، والحسن، وابن المُسَيّب، ولا يجب لها مهر غيره، وتبعهم أبو محمَّد ابن حزم، فقال: هو سنَّة فاضلة، ونكاح صحيح، وصَداق صحيح، فإنْ طلَّقها قبل الدُّخول؛ فهي حرَّة، ولا يرجع عليها بشيء، ولو أبت أنَّ تزوَّجه؛ بطل عتقها، وفي هذا خلاف متأخِّر، والمسألة طويلة، وقد جعل ذلك الشَّافعيَّة خصوصًا به عليه الصَّلاة والسَّلام، وذكروه في الخصائص، وقد نقل [12] التِّرمذيُّ في «جامعه» [13] عنِ الشَّافعيِّ القول به؛ كأحمد والحسن، وهذا غريب عنِ المذهب، فإن شئت أنَّ تحيط بأطراف المسألة؛ فانظرها من كتب الفروع، والله أعلم.

    قَولُهُ: (يَا أَبَا حَمْزَةَ): هي كنية أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عنه، كنَّاه بها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد رآه يجتني بقلة، فقال له: «يا أبا حمزة»، والحمزة: البقلة.

    قَولُهُ: (جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ): تقدَّم أنَّها بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، وتقدَّم الاختلاف في اسمها، هل هي سهلة، أو رميلة، أو مليكة، أو غير ذلك مُطوَّلًا؛ فانظره في (العلم)، وتقدَّم بعض ترجمتها رَضِيَ اللهُ عنها.

    قَولُهُ: (فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِن اللَّيْلِ): كذا هو في أصلنا، وقد رأيت عنِ الصَّغَّانيِّ أبي الحسن اللُّغويِّ: الصَّواب: (فهدتها له)؛ بلا ألف، من الهِدَاء، والمرأة: مَهديَّةٌ وهَدِيٌّ، وفي النُّسخ: (فأهدتها)؛ بالألف، انتهى، وقد راجعت كلام الجوهريِّ؛ فرأيته قال: (والهِداء: مصدر قولك: هَدَيتُ المرأة إلى زوجها هِداء، وقد هُدِيت إليه)، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: (وهي مَهديَّة وهَديٌّ أيضًا على «فعيل») انتهى، وقال ابن قُرقُول: (ويقال من الهدي: هديت الهدي، وهديت المرأة إلى زوجها، وقيل: أهديت ... ) إلى آخر كلامه، وفي «المجمل» نحو كلام «الصِّحاح»، ولفظه: (الهديُّ: العروس، تقول: هديتها إلى بعلها هِداء، وقد هُدِيت إليه) انتهى، فما في الأصل جاء على لغة؛ هي في كلام صاحب «المطالع»، لا أنَّها خطأٌ، والله أعلم.

    قَولُهُ: (عَرُوسًا): العروس: نعت يستوي فيه [14] المؤنَّث والمذكَّر ما داما في إعراسهما، يقال: رجل عروس في رجال عُرُس، وامرأةٌ عروس في نساء عرائسَ.

    (1/976)

    قَولُهُ: (وَبَسَطَ نِطَعًا): في النَّطع لغاتٌ أربعٌ: نَطْع، ونَطَع، ونِطع، ونِطَع، أفصحها آخرها.

    قَولُهُ: (السَّوِيقَ): تقدَّم ما هو، وتقدَّمت اللُّغتان فيه، وهو قمح أو شعير يُقلى، ثُمَّ يُطحَن فيُتزوَّد به ويُستفُّ تارة بماء يُثرَّى به، أو بسمن، أو بعسل وسمن، قال ابن دريد: (وبنو العنبر يقولونه بالصَّاد).

    قَولُهُ: (فَحَاسُوا حَيْسًا): الحَيْس؛ بفتح الحاء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين، مهملتين؛ وهو خَلط الأَقِط بالتَّمْر وَالسَّمْن، وقال بعضهم: ربَّما جعلوا فيه خميرًا، وقال ابن وضَّاح: هو التَّمر يُنزَع نواه، ويُخلَط بالسَّويق، والأوَّل أعرف.

    قَولُهُ: (فَكَانَتْ [15] وَلِيمَةَ): هي منصوبة، الخبر، والاسم ضمير فيها.

    ==========

    [1] زيد في (ج): (صلاة).

    [2] (أن يقول): سقطت من (ج).

    [3] زيد في النسخ: (الآية)، ولعل الصواب حذفها.

    [4] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [5] في النسخ: (خمس)، ولعل المثبت هو الصواب.

    [6] في هامش (ق): (فائد: ماتت صفية سنة خمسين وورثت مئة ألف درهم، بقيمة أرض وأعراض، أوصت لابن أختها بالثلث، وكان يهوديًّا، ولمَّا تزوجها رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم تكن بلغت سبع عشرة سنة وكانت جميلة).

    [7] في (ب): (وترجمة).

    [8] (الحديث): ليس في (ج).

    [9] (أنَّ): ليس في (ج).

    [10] في (ج): (هي زوج أخت).

    [11] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [12] في (ب): (ذكر).

    [13] (في «جامعه»): ليس في (ج).

    [14] (فيه): سقطت من (ج).

    [15] في (ب): (وكانت)، وهي رواية (عط)، ينظر هامش اليونينية.

    (1/977)

    [باب في كم تصلي المرأة في الثياب]

    [ج 1 ص 155]

    قَولُهُ: (وَقَالَ عِكْرِمَةُ): هذا هو عكرمة مولى ابن عبَّاس على ما ظهر لي، وقد عزا شيخنا هذا المعلَّق المقطوع إلى ابن أبي شيبة، ولم يبيِّنه، فإنْ كان مولى ابن عبَّاس؛ فقد ذكرت له بعض ترجمة، وهو عكرمة بن عَبْد الله المفسِّر، يروي عن مولاه ابن عبَّاس، وعائشة، وأبي هريرة، وطائفة، وعنه: أيُّوب، وخالد الحذَّاء، وعبد الرَّحمن ابن الغسيل، وخلق، ثبتٌ، لكنَّه إباضيٌّ، يرى السَّيف، وتحايده مالكٌ، تُوفِّي سَنَة خمس أو ستٍّ أو سبع ومئة، روى له مُسْلِم مقرونًا، أخرج له الجماعة، لكنْ مُسْلِمٌ مقرونًا، وقد وثَّقه جماعة، واعتمده البخاريُّ، وأمَّا مُسْلِم؛ فتجنَّبه، وروى له قليلًا مقرونًا، وأعرض مالكٌ وتحايده إلَّا في حديث أو حديثين، له ترجمة مطوَّلة في «الميزان».

    (1/978)

    [حديث: لقد كان رسول الله يصلي الفجر فيشهد معه نساء]

    372# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم شيء من ترجمته.

    قَولُهُ: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم غير مرَّة أنَّه ابن أبي حمزة، الحافظ، أبو بشر الحمصيُّ، مولى بني أميَّة.

    قَولُهُ: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا ابن شهاب محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله الزُّهْرِيُّ، العالم المشهور.

    قَولُهُ: (مُتَلَفِّعَاتٍ): هو بالعين المهملة؛ أي: متلفِّفات، وهو مرفوع منوَّنًا على الصِّفة، وكذلك منصوب منوَّنًا على الحال، وعلامة النَّصب فيه الكسرة، و (متلفِّعات): في حاشية أصلنا، وفي الأصل: (مُلْتَفِعات) [1].

    قَولُهُ: (مُرُوطِهِنَّ): واحدها مِرْط؛ بكسر الميم، وإسكان الرَّاء، وبالطَّاء المهملة: كساء من صوف أو خزٍّ أو كتَّان، قاله الخليل، وقال ابن الأعرابيِّ: هو الإزار، وقال النَّضر: لا يكون المرط إلَّا درعًا، وهو من خزٍّ أخضرَ، ولا يُسمَّى المرط إلَّا الأخضر، ولا يلبسه إلَّا النِّساء، وظاهر الحديث يصحِّح [2] قول الخليل، وفي «الصَّحيح»: (مرط من شعر أسود)، قاله ابن قُرقُول.

    ==========

    [1] (ملتفعات): سقطت من (ج).

    [2] في (ج): (تصحيح).

    [ج 1 ص 156]

    (1/979)

    [باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها]

    قَولُهُ في التَّبويب: (وَنَظَرَ إلى عَلَمِهَا): كذا هو بالتَّأنيث، ولعلَّه أنَّثه [1] على إرادة الخَمِيصَة [2]؛ (لأنَّ القصَّة كانت في خميصة، أو أراد العباءة، وهما مؤنَّثتين) [3]، والله أعلم.

    (1/980)

    [حديث: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وائتوني ... ]

    373# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم أعلاه.

    قَولُهُ: (في خَمِيْصَةٍ): هي بِفَتْحِ الخاء، وَكَسْر المِيم، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ صاد مُهْمَلَة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، قال ابن قُرقُول: كساء من صوف أو خزٍّ مُعلَّمة، كانت لباس النَّاس، قال غيره: هو البرنكان الأسود، وقال أبو عبيد: هو كساء مربَّع له علمان ... إلى آخر كلامه، وقد تقدَّم.

    قَولُهُ: (إلى أَبِي جَهْمٍ): هو بفتح الجيم، وإسكان الهاء، ثُمَّ ميم، قال الدِّمياطيُّ: (أبو جهم عامر، وقيل: عبيد، أخو أبي حثمة ومُورِّق ونُبَيه [1]، وكلُّهم أسلموا، وصحبوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، بنو حذيفة بن غانم بن عامر، كان أبو جهم مُقدَّمًا في قريش مُعظَّمًا فيهم، وهو أحد الأربعة الذين كانت قريش تأخذ عنهم علم النَّسب، وكان من المُعمَّرين، بنى في الكعبة مرَّتين؛ مرَّة في الجاهليَّة، ومرَّة حين بناها ابن الزُّبير، وأولاده: عَبْد الله الأكبر، والأصغر، ومحمَّد، وحميد، وصخر، وصُخَير، وسُلَيْمَان، وعبد الرَّحمن؛ كلُّهم كانت فيه [2] شراسة وعرامة) انتهى.

    وأمَّا أمُّ أبي جهم؛ فقال السُّهيليُّ: يسيرة بنت عَبْد الله بن أذاة بن رباح، وابن أذاة: هو خال بني قحافة، وسيأتي نسب أمِّه، انتهى، ويسيرة هذه لا أعلم لها إسلامًا.

    قَولُهُ: (بِأَنْبِجَانِيَّةِ): (الأنبجانيَّة): فيها كلام كثير للناس، وقد اقتصرت أنا على يسيرٍ مِنْهُ؛ ليحفظ [3]، فنقول: المحفوظ فيها: بكسر الباء، ويروى: بفتحها، يقال: كساء أنبِجانيٌّ؛ منسوب إلى منبِج المدينة المعروفة، وهي بكسر الباء، ففتحت في النَّسب، وأبدلت الميم همزة، وقيل: إنَّها منسوبة إلى موضع اسمه أنبجان، وهو أشبه؛ لأنَّ الأوَّل فيه تعسُّف؛ وهو كساء يُتَّخذ من الصُّوف وله خمل ولا علم له، وهي أدون الثِّياب الغليظة، وإنَّما بعث الخميصة إلى أبي جهم؛ لأنَّه كان أهدى للنَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم خميصةً لها أعلام، فلمَّا شغلته في الصَّلاة؛ قال: «ردُّوها عليه، وائتوني بأنبجانيَّة»، وإنَّما طلبها مِنْهُ؛ لئلَّا يُؤثِّر ردُّ الهديَّة في قلبه، وفي «المطالع»: أنبجانيَّة؛ بفتح الهمزة وكسرها، وشدِّ الياء وتخفيفها، وبتاء بعدها، وبهاء فقط، فيصير فيها وجوه، ثُمَّ شرع يذكرها، وما هي، انتهى.

    (1/981)

    قال السُّهيليُّ: (واسم أبي جهم عبيد، وهو الذي أهدى الخميصة لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فنظر إلى علمها ... ؛ الحديث، وقد رُوِي هذا الحديث على وجه آخر، وهو أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أُتِي بخميصتين، فأعطى إحداهما أبا جهم، وأمسك الأخرى، وفيها علم، فلمَّا نظر إلى علمها في الصَّلاة؛ أرسلها إلى أبي جهم، وأخذ الأخرى بدلًا منها، هكذا رواه الزُّبير) انتهى.

    سؤالان؛ أحدهما: كيف يخاف الافتتان من لَمْ يلتفت إلى الأكوان بليلة ما زاغ البصر وما طغى؟

    والجواب: بأنَّه كان في تلك اللَّيلة خارجًا عن طباعه، فأشبه ذلك نظره من ورائه، فأمَّا إِذَا رُدَّ إلى طباعه البشريِّ؛ فإنَّه يُؤثِّر فيه ما يُؤثِّر في البشر.

    الثَّاني: المراقبة في الصَّلاة شغلت خلقًا من أتباعه حتَّى إنَّه وقع السَّقف إلى جانب مُسْلِم بن يسار، ولم يعلم.

    والجواب: بأنَّ أولئك كانوا يؤخذون عن طباعهم، فيغيبون عن وجودهم، وكان الشَّارع يسلك طريق الخواصِّ وغيرهم، فإذا سلك طريق الخواصِّ؛ عَبَرَ الكُلَّ، فقال: «لست كأحدكم»، وإذا سلك طريق غيرهم؛ قال: «إِنَّمَا أنا بشر»، فرُدَّ إلى حالة الطَّبع، فنزع الخميصة؛ ليُسْتَنَّ به في ترك كلِّ شاغل.

    ذكر السُّؤالين والجوابين شيخنا الشَّارح عنِ ابن الجوزيِّ الحافظ أبي الفرج رحمه الله تَعَالَى.

    قَولُهُ: (أَلْهَتْنِي): أي: شغلتني.

    قَولُهُ: (آنِفًا): هو بمدِّ الهمزة وقصرها؛ لغتان، وقرئ بهما في السَّبع؛ ومعناها: الآن والسَّاعة، وقد تقدَّمت [4].

    قَولُهُ: (وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وقد أخرجه مُسْلِم من رواية وكيع عن هشام به [5].

    قَولُهُ: (أَنْ تَفْتِنَنِي): هو ثلاثيٌّ ورباعيٌّ، يقال: فتنه وأفتنه.

    ==========

    [1] في (ب): (وثبيد).

    [2] (كانت فيه): ليس في (ج).

    [3] (ليحفظ): سقطت من (ج).

    [4] (وقد تقدمت): ليس في (ج).

    [5] (به): سقطت من (ب).

    [ج 1 ص 156]

    (1/982)

    [باب إن صلى في ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته؟]

    قَولُهُ في التَّرجمة: (مُصَلَّبٍ): هو بالصَّاد المهملة، وفتح اللَّام المشدَّدة؛ أي: فيه أمثلة الصَّليب، ويحتمل أنْ يريد به ضُمَّت أطرافه كهيئة الصَّليب، يقال: صلَّبت المرأة خمارها.

    ==========

    [ج 1 ص 156]

    (1/983)

    [حديث: أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره .. ]

    374# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم مرَّات أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين مهملة ساكنة، واسمه عَبْدُ الله بْنُ عَمْرٍو، كما قال هنا، وتقدَّم بعض ترجمته، وهو المقعد.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ): تقدَّم [1]، ابن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنوريُّ البصريُّ أبو عبيدة، الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (قِرَامٌ): هو بكسر القاف، ثُمَّ راء مخفَّفة، وفي آخره ميم: هو السِّتر، قال الهرويُّ: هو الرَّقيق، قال ابن دريد: هو السِّتر الرَّقيق وراء السِّتر الغليظ، وهذا يعضد قوله في الحديث الآخر: (قِرَام ستر)؛ أي: أنَّه سترٌ لسترٍ، وقال الخليل: القِرَام: ثوب من صوف فيه ألوان، وهو شفيف، يُتَّخذ سترًا، فإذا خيط وصُيِّر بيتًا؛ فهو كِلَّة؛ بكسر الكاف، وتشديد اللَّام مفتوحة، وبالتَّاء.

    قَولُهُ: (أَمِيطِي): هو بفتح الهمزة، رباعيٌّ، أماط يُميط.

    قَولُهُ: (تَعْرِضُ): هو بفتح أوَّله، وضم ثَالِثه، كذا في أصلنا، وقال ابن قُرقُول: إنَّ جبريل عَرَضَ لي في صلاتي، وإنَّ تصاويره تَعرِض لي، كلُّ ذلك

    [ج 1 ص 156]

    بمعنى: الظُّهور والبدوِّ ... إلى أنْ قال: يقال من هذا كلِّه: عرَض يعرِض، وعَرِض يعرَض؛ لغتان صحيحتان ... إلى أنْ قال: وأنكر بعضهم: عرِض؛ بكسر الرَّاء إلَّا في (عَرِضت له الغول)، قال أبو زيد: ويقال فيه أيضًا بالفتح، انتهى، وكذا وجدته مكسور الرَّاء بخطِّي، وعليه تصحيح، ورأيته [2] بخطِّ شيخنا العلَّامة أبي جعفر _كما في أصلنا_ بضمِّ الرَّاء بالقلم، قال الجوهريُّ: (وعرَض العودَ على الإناء، والسَّيفَ على فخذه، يعرِضه ويعرُضه أيضًا؛ فهذه وحدها بالضَّمِّ) انتهى.

    ==========

    [1] زيد في (ج): (أنَّه).

    [2] في (ب): (ورأيت).

    (1/984)

    [باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه]

    قَولُهُ: (في فَرُّوجِ حَرِيرٍ): هو في التَّرجمة والمتن: بفتح الفاء، والتَّشديد في الرَّاء مضمومةً، وقال ابن قُرقُول: بفتح الفاء، وبعد الفاء راءٌ مشدَّدة، وتُخفَّف أيضًا، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (بفتح الفاء، وضمِّ الرَّاء المشدَّدة، وهذا هو الصَّحيح المشهور، ولم يذكرِ الجمهور غيره، وحُكِي ضمُّ الفاء، وحكى القاضي في «الشَّرح» و «المشارق»: تخفيف الرَّاء وتشديدها، والتَّخفيف ضعيف غريب) انتهى، وفي «القاموس» لشيخنا مجد الدِّين: (وكـ «تنُّور»: قميص الصَّغير، وقَبَاء شُقَّ من خلفه) انتهى.

    وقال شيخنا الشَّارح: (بفتح الفاء، ثُمَّ راء مضمومة مشدَّدة)، وقال ابن الجوزيِّ: (كذا ضبطناه عن شيوخنا في «كتاب أبي عبيد» وغيره، ويقال: بضمِّ الفاء من غير تشديد، على وزن «خُروج»، حُكي عنِ المعرِّيِّ، وقال القرطبيُّ: قُيِّد بفتح الفاء [1] وضمِّها، والضَّمُّ المعروف، وأمَّا الرَّاء؛ فمضمومة على كلِّ حال مشدَّدةً، وقد تُخفَّف، ثُمَّ ذكر كلام ابن قُرقُول، انتهى،

    وأمَّا ولد الدَّجاجة؛ فكـ (سُبُّوح وقُدُّوس)؛ بالفتح والضَّمِّ، ذكرهما الجوهريُّ في «صحاحه» [وهو القباء، ويقال: هو الذي له شَقٌّ من خلفه، كذا فسَّره البخاريُّ في (اللِّباس)، ولم يذكرِ النَّوويُّ غير القول الثَّاني] [2].

    ==========

    [1] في (ج): (الراء)، وليس بصحيح.

    [2] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (في الراء المضمومة).

    [ج 1 ص 157]

    (1/985)

    [حديث: لا ينبغي هذا للمتقين]

    375# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعد، الزَّاهد العالم المشهور.

    قَولُهُ: (عن يَزِيدَ): هو ابنِ أَبِي حَبِيبٍ؛ بفتح الحاء المهملة، والباقي معروف، الأزديُّ، أبو رجاء، عالم أهل مصر، عن عَبْد الله بن الحارث بن جزء وأبي الطُّفَيل، وعنه: اللَّيث وابن لَهيعة، وكان حبشيًّا، من العلماء الحكماء الأتقياء، مات سنة (128 هـ)، أخرج له الجماعة، تقدَّم، ولكن طال العهد به.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي الخَيْرِ): هو بفتح الخاء المعجمة، ثُمَّ المثنَّاة تحت ساكنة، واسمه مرثد [1] بن عَبْد الله، اليزنيُّ المصريُّ، عن عمرو بن العاصي وأبي بصرة الغفاريِّ، وعنه: يزيد بن أبي حبيب وجعفر بن ربيعة، وكان مفتيَ أهلِ مصرَ، مات سنة (90 هـ)، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا.

    قَولُهُ: (أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُهدِيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، [وفي حفظي: أنَّ الذي أهداه له عليه الصَّلاة والسَّلام هو أُكَيْدِر دومة، وستأتي ترجمة أُكيدر إن شاء الله تعالى [2]، لكن يعكِّر على ذلك أنَّ في بعض طرقه: أنَّ أُكَيْدِر أهدى له حلَّة حرير، والحلَّة غير الفرُّوج، بقي [3] أنَّ في بعض الأحاديث من حدِيْث أنس: (أهدى ملك الرُّوم للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم مُسْتَقة من حرير)، وقد ذكر الخطيب وتابعه النَّوويُّ: أنَّ المُهدِي أُكَيْدِر، والمُسْتَقة؛ بضمِّ الميم، وإسكان السِّين المهملة، وفتح التَّاء المثنَّاة فوق، وقيل: بضمِّ التَّاء، والفتح أشهر، وبالقاف؛ وهي فروة طويلة الكمِّ، وجمعها: مساتق، ولعلَّه أهدى الحلَّة، ومُسْتقةً، وفرُّوجًا، مع أنَّه قد تكون المُسْتَقة فرُّوجًا، والله أعلم] [4].

    قَولُهُ: (فَرُّوجُ حَرِيرٍ): تقدَّم أعلاه ما في الفرُّوج من اللُّغات، وتقدَّم ما هو.

    ==========

    [1] في (ب) و (ج): (يزيد)، وهو تحريفٌ.

    [2] (تعالى): ليس في (ب).

    [3] في (ب): (مع).

    [4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 157]

    (1/986)

    [باب الصلاة في الثوب الأحمر]

    قَولُهُ: (بَاب الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الأَحْمَرِ): وسيأتي في (اللِّباس) (باب الثَّوب الأحمر)، وسيأتي بعض ما قال العلماء فيه هناك، وقال شيخنا هنا: (فيه _يعني: في الحديث_ أنَّه لا بأس بلباس الأحمر، وأنَّه غير قادح في الزُّهد، وهو رادٌّ على من كره لباسه، وزعم بعضهم أنَّ لبسها كان لأجل الغزو، وفيه نظر؛ لأنَّه كان عقب حجَّة الوداع، ولم يبق له عدوٌّ إذ ذاك) انتهى.

    والنَّوويُّ [1] حكى في «شرح المهذَّب» على جوازه الإجماعَ، وفي «رياضه» في تبويبه جوازُه، لكن بغير ذكر إجماع، وقال [2] ابن القيِّم في كتاب «الهدي» في كلام طويل: وقد غلط من ظنَّ أنَّها كانت حمراء بحتًا، لا يخالطها غيرها، وإنَّما الحلَّة الحمراء: بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود، كسائر البرود اليمنيَّة، وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط، وإِلَّا؛ فالأحمر البحت منهيٌّ عنه أشدَّ النَّهي، ثُمَّ شرع يذكر الأحاديث التي فيها النَّهي عنِ الأحمر، ثُمَّ قال: فكيف يُظنُّ بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه لبس الأحمر القانئ؟! كلَّا [3]، أعاذه الله مِنْهُ، وإنَّما وقعت الشُّبهة من [4] «الحلَّة الحمراء»، وقال في (العيدين) في «الهدي»: (والذي يقوم عليه الدَّليل تحريم لبس الأحمر أو كراهته كراهة شديدة) انتهى.

    (1/987)

    [حديث: رأيت رسول الله في قبة حمراء من أدم]

    376# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ): هو بفتح العينين المهملتين، وراءين؛ الأولى ساكنة، تقدَّم غير هذه المرَّة.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ): اسم أبي زائدة خالدٌ.

    قَولُهُ: (عن عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ): (أبو جُحَيْفَة)؛ بضمِّ الجيم، ثُمَّ حاء مهملة مفتوحة [1]، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ تاء، وتقدَّم أنَّه [2] وهب بن عَبْد الله السُّوائيُّ، وقيل: وهب بن وهب رَضِيَ اللهُ عنه، صحابيٌّ مشهور.

    قَولُهُ: (وَضُوءَ): هو بفتح الواو: الماء، ويجوز فيه الضَّمُّ، وقد تقدَّم مرارًا، وكذا (الوضوء) بعده بالفتح، ويجوز فيه الضَّمُّ.

    قَولُهُ: (عَنَزَةً): تقدَّمت [3] أنَّها بفتح العين مهملة [4] والنُّون، وبالزَّاي، مفتوحاتٍ، ثمَّ تاء، وأنَّها عصًا في أسفلها زُجٌّ من حديد، في (باب حمل العنزة)، وتقدَّم من أين جيء بها، ومَنْ جاء بها.

    قَولُهُ: (فِي حُلَّةٍ): تقدَّم ما الحلَّة؛ وأنَّها ثوبان غير لفيقين؛ رداء وإزار، وسُمِّيا بذلك؛ لأنَّ كلَّ واحد منهما يَحُلُّ على الآخر، قال الخليل: ولا يقال: حلَّة لثوبٍ واحدٍ، وقال أبو عبيد: الحلل: برود اليمن، وقال بعضهم: ولا يقال لها: حلَّة حتَّى تكون جديدة بحلِّها على طيِّها، وفي الحديث: (أنَّه رأى رجلًا عليه حلَّة اتَّزر بأحدهما وارتدى بالآخر)، فهذا يدلُّ على أنَّهما ثوبان.

    قَولُهُ: (حَمْرَاءَ): تقدَّم الكلام عليها أعلاه، وسيأتي في (اللِّباس) أيضًا إن شاء الله تَعَالَى [5].

    قَولُهُ: (مُشَمِّرًا): هو بكسر الميم المشدَّدة، اسم فاعل.

    ==========

    [1] (مفتوحة): سقطت من (ج).

    [2] في (ج): (أنَّ).

    [3] في (ب): (تقدم).

    [4] في (ب): (المهملة).

    [5] (تعالى): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 157]

    (1/988)

    [باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب]

    قَولُهُ: (وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، واسم أبي الحسن: يسار، تقدَّم بعض ترجمة [1] الحسن فيما مضى.

    قَولُهُ: (عَلَى الْجمْدِ): هو بفتح الجيم، وإسكان الميم، وبالدَّال المهملة، وقال شيخنا: (بفتح الجيم وضمِّها، كما قاله ابن التِّين؛ مثل: عَشر وعُشر) انتهى، قال [2] الجوهريُّ: (ما جمد من الماء، وهو نقيض الذَّوب، وهو مصدر يُسمَّى به، والجَمَد؛ بالتَّحريك: جمع «جامد»؛ مثل: «خَادم وخَدَم») انتهى، وقال في «المطالع»: (الجمْد)؛ بسكون الميم، وفي كتاب الأصيليِّ وأبي ذرٍّ: بفتحها، والصَّواب: السُّكون؛ وهو ههنا الماء الجامد مِن شدَّة البرد؛ بدليل التَّرجمة [3]، وذكر الصَّلاة على الثَّلج، والجَمْد والجُمْد؛ بفتح الجيم وضمِّها مع سكون الميم: الأرض الصُّلبة، انتهى.

    قَولُهُ: (وَصَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    ==========

    [1] في (ب): (أبي).

    [2] في (ج): (وقال).

    [3] في (ج): (الرحمة)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 157]

    (1/989)

    [حديث: ما بقي بالناس أعلم مني هو من أثل الغابة]

    377# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور، أستاذ الدُّنيا في العلل، تقدَّم.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، العالم المشهور، وكذا جعله المِزِّيُّ في «مسند ابن عيينة»: عن أبي حازم عن سهل.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار المدينيُّ، أحد الأعلام.

    [ج 1 ص 157]

    قَولُهُ: (سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ): تقدَّم أنَّه أبو العبَّاس السَّاعديُّ، الصَّحابيُّ رَضِيَ اللهُ عنه، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه تُوفِّي سنة (88 هـ)، ويقال: سنة (91 هـ).

    قَولُهُ: (مِنْ أَثْلِ الغَابَةِ [1]): (الأَثْل)؛ بفتح الهمزة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة ساكنة، وباللَّام: شجر شبيه بالطَّرفاء، لكنَّه أعظم مِنْهُ، وقيل: هو الطَّرفاء نفسها، وفي «الصِّحاح»: نوع من الطَّرفاء، وسيجيء في هذا «الصَّحيح»: (من طَرفاء الغابة)، فدلَّ على أنَّه نوع مِنْهُ، أو هو هو، والله أعلم.

    قَولُهُ: (الغَابَةِ): هي بالغين المعجمة، وبعد الألف موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء، قال في «المطالع»: (مال من أموال عوالي المدينة ... إلى أن قال: وقد صحَّفه بعض [2] النَّاس، فقال: الغاية، وكذلك غلِط بعض الشَّارحين في تفسيره، فقال: الغابة: موضع الشَّجر التي ليست بمربوبة، لاحتطاب النَّاس ومنافعهم، فغلِط فيه من وجهين، وإنَّما الغابة: هي الشَّجر المُلتُّف، والأجَمُ من الغابة وشبهها) [3].

    (1/990)

    قَولُهُ: (عَمَلَهُ فُلَانٌ [4] مَوْلَى فُلَانَةَ): هو ميمون النَّجَّار، أو قبيصة المخزوميُّ، أو صباح غلام العبَّاس، أو إبراهيم، أو باقوم _بالميم وباللَّام [5]_ غلام سعيد بن العاصي [6]، أقوال عنِ ابن الأثير، وعن المنذريِّ: أنَّه ميناء، وقيل: تميم الداريُّ، وكذا في «أبي داود»، وفي «ابن بشكوال» من هذه الأقوال: ميمون، وقبيصة، وصباح، وباقوم [7]_بالميم واللَّام_ وميناء وقدَّمه، وفي «مبهمات الخطيب» قولان: ميناء وميمون، وقال بعضهم: عمله غلام لسعد بن عبادة، وقيل: للعبَّاس، وقيل: لامرأة، ورأيت في «تاريخ المدينة المشرَّفة» لزين الدين ابن [8] حسين _وهو رجل من أهل العلم، من طلبة الإمام جمال الدين الإسنويِّ، وقد تولَّى زين الدين قضاء المدينة، وعُمِّر، وأجاز له الحجَّار فيما بلغني، وقد اجتمعتُ به في منزله بالمدينة في ذي الحِجَّة سنة ثلاثَ عشرةَ_: أنَّ اسم صانعه صباح غلام العبَّاس، وقيل: كلاب، انتهى، وقد عزا ابن شيخنا البلقينيِّ أنَّه كلاب غلام العبَّاس إلى «طبقات ابن سعد».

    قَولُهُ: (مَوْلَى فُلَانَةَ): هي من بني ساعدة، ووقع في «تجريد» الذَّهبيِّ: (عُلَاثة)، وإنَّما هي (فُلَانَةَ)، كما نبَّه عليه الذَّهبيُّ في «تجريده»، وجاء أنَّ اسمها عائشةُ الأنصاريَّة، نقله ابن شيخنا البلقينيِّ، قال: وفي الأنصار جماعةٌ عوائشُ، والله أعلم.

    فائدة: عمل هذا المنبر في السَّنة الثَّامنة، وقيل: السَّابعة من الهجرة، وعلى القول بأنَّ تميمًا نجره؛ فيكون في التَّاسعة أو بعدها، وذلك لأنَّ تميمًا أسلم سنة تسع، كما قاله اِبْن عبد البَرِّ في «استيعابه»، اللهمَّ؛ إلَّا أنْ يقال: نجره وهو كافر، فيكون قبل ذلك، (لكن جاء في حديث: أنَّه نجره وهو مُسْلِم) [9]، وهو أوَّل منبر عُمِل في الإسلام، وكان ثلاث دُرَج، ومن قال درجتين أسقط موضع المقام، وقد رُوِّينا في «مُسْلِم» عن سهل بن سعد: أنَّه كان ثلاث درجات، وقد ذكر النَّوويُّ في «شرح المهذَّب» ما لفظه: (يُستحَبُّ أنْ يقف على الدَّرجة التي تلي المستراح، لما [10] ذكره المصنِّف.

    قال الشَّيخ أبو حامد: فإنْ قيل: قد رُوِي: أنَّ أبا بكر رضي الله عنه [11] نزل عن موقف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم درجة، وعمر درجة أخرى، وعثمان أخرى، ووقف عليٌّ رضي الله عنه في موقف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

    (1/991)

    قلنا: كلٌّ منهم له مقصد صحيح ... إلى آخر كلامه، فهذا يدلّث على أنَّ المنبر كان أكثر من درجتين ومكان الجلوس، ويمكن جمعه مع كلام مَنْ قال: ثلاث درجات؛ يعني: والمجلس، ويكون وقوفه عليه الصَّلاة والسَّلام في المجلس، لكن يَبعُد، وهذا ذُكِر بصيغة تمريض؛ فليُعلَم.

    فائدة: ذكر شيخنا الإمام غياث الدِّين ابن العاقوليِّ شيخ بغداد وبلاد المشرق في كتاب «الرَّصف» له _وهو كتاب مفيد نظرته أجمع قبل فتنة تَمُر_ ما لفظه: (قال محمَّد بن الحسن [12] بن زبالة: كان طول منبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الأوَّل ذراعين في السَّماء، وثلاث أصابع، وعرضه ذراع راجح، وطول صدره _وهو مستند النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم_ ذراعٌ، وطول رمَّانتي المنبر اللَّتين كان يمسكهما النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيديه الكريمتين إذا جلس شبرٌ وإصبعان، وعرضُه ذراع في ذراع، وعدد درجاته ثلاث بالمقعد، وفيه خمسة [13] أعواد من جوانبه الثلاثة)، أخرجه الشيخ محبُّ الدِّين بن النَّجَّار، هذا ما كان عليه المنبر في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفي خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، فلمَّا حجَّ معاوية في خلافته؛ كساه قبطيَّةً، ثمَّ كتب إلى مروان _وهو عامله على المدينة_: أن ارفع المنبر عنِ الأرض، فدعا له النَّجَّارين، ورفعوه عنِ الأرض، وزاد من أسفله ستَّ درجات، ورفعوه عليها، فصار المنبر تسعَ درجات بالمجلس، ثمَّ إنَّ هذا المنبر تَهَافَت على طول الزَّمان، فجدَّده بعض خلفاء بني العبَّاس، واتَّخذ من بقايا أعواد منبر النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمشاطًا للتَّبرُّك بها، ذكره بعض المؤرِّخين، انتهى ما نقله شيخنا ابن العاقوليِّ.

    وابن زبالة: روى عن مالك وذويه [14]، قال أبو داود: كذَّاب، وفيه كلام غير هذا، وله ترجمة في «الميزان»، وقد روى له أبو داود في «سننه».

    قَولُهُ: (رَجَعَ القَهْقَرَى): هو بفتح القافين، بينهما هاء ساكنة؛ مقصور: الرُّجوع إلى خلف، فإذا قلت: رجعت القهقرى؛ فكأنك قلت: رجعت الرُّجوع الذي يُعرَف بهذا الاسم؛ لأنَّ (القَهْقَرَى): ضربٌ من الرُّجوع، وسيجيء بزيادة [15].

    ==========

    [1] في (ج): (العامة)، وليس بصحيح.

    [2] (بعض): ليس في (ج).

    [3] «مطالع الأنوار».

    (1/992)

    [4] في هامش (ق): (فلان قيل: هو ميمون النجار، وقيل: قبيصة المخزومي، وقيل: صباح مولى العباس، وقيل: إبراهيم، وقيل: باقوم _ويقال باللام_ غلام سعيد بن العاص أقوال ذكرها ابن الأثير، وقيل: عمله غلام لسعد بن عبادة، وكان في السنة السابعة، وقيل: الثامنة، وقيل: صنعه مولى امرأة من الأنصار، وقيل: تميم الداري، كذا في «أبي داود»).

    [5] في (ج): (واللَّام).

    [6] (غلام سعيد بن العاصي): سقط من (ج).

    [7] في (أ)، (ج): (باقون).

    [8] (ابن): سقط من (ب).

    [9] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [10] في (ب): (كما).

    [11] زيد في (ج): (قد).

    [12] في (ج): (الحسين)، وهو تحريفٌ.

    [13] في (ج): (خمس).

    [14] في (ب): (ودونه).

    [15] (بزيادة): سقطت من (ب).

    (1/993)

    [حديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا]

    378# قَولُهُ: (عن فَرَسِهِ): هذه الفرس لا أعرفها بعينها، وللنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سبعة أفراس مُتَّفق عليها، وخمسةَ عشرَ فرسًا مُختلَف [فيها]، وسيأتي ذلك في (الجهاد) _إنْ شاء الله تَعَالَى وقدَّره_ من كلامي.

    قَولُهُ: (فَجُحِشَتْ سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ): (جُحِشَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو بجيم، ثُمَّ حاء مهملة، ثُمَّ شين معجمة؛ أي: خُدِشَت، قال الخليل: هو كالخدش أو أكثر، وسيأتي (فَجُحِشَ سَاقُهُ)؛ بغير شكٍّ، قال شيخنا الشَّارح: (وكان ذلك في ذي الحجَّة سَنَةَ خمس من الهجرة) انتهى، وسيأتي من عند ابن سيِّد النَّاس: أنَّ الإيلاء كان في السَّنة التَّاسعة؛ فعلى هذا قوله: (وَآلَى)؛ أي: بعد سقوطه، والذي أفهمه؛ أنَّ [1]: الإيلاء وقع عندما انفكَّت رجله وجلس في المشربة، فلا بدَّ لك أنْ تجمع بين قول شيخنا: إنَّ وهن السَّاق [2] كان في سَنَةِ خمسٍ، وبين قول ابن سيِّد النَّاس: إنَّ الإيلاء كان سنة تسعٍ، والله أعلم، [وفي «مسلم» في (الإيلاء): أنَّ الإيلاء كان في مبتنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب بنت جحش، وأكثر ما قيل: في مبتناه بها أنَّه سَنَةَ خمس، وهذا يُؤيِّد ما قاله شيخنا: إنَّه سنة خمسٍ، والله أعلم] [3].

    وقوله [4]: (سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ): كذا بالشَّكِّ هنا، [وقد تقدَّم أعلاه أنَّه سيأتي (سَاقُهُ)؛ بغير شكٍّ] [5]، وسيأتي في (الإيلاء)، وهو في (كتاب الطَّلاق): (وكانت انفكَّت رجله)، (ولا منافاة بين السَّاق والرِّجل) [6]، والله أعلم.

    قَولُهُ: (وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا): أي: حلف، وليس المراد الإيلاءَ المعروف عند الفقهاء، واعلم أنَّ الإيلاء ذكره ابن سيِّد النَّاس في «سيرته» في الحوادث في سَنَة تسعٍ من الهجرة، وقد تقدَّم أعلاه ما ذكره شيخنا، والله أعلم.

    قَولُهُ: (في مَشْرُبَةٍ): هي بفتح الميم، وإسكان الشِّين المعجمة، ثُمَّ راء مضمومة ومفتوحة، ثُمَّ موحَّدة، ثُمَّ تاء التَّأنيث؛ كالغُرفة، قال الخليل: (هي الغرفة)، وقال الطَّبريُّ: (كالخزانة، فيها الطِّعام والشَّراب، وبه سُمِّيت مَشرُبة)، وقيل غير ذلك، وكلُّه متقاربٌ.

    ==========

    [1] في (أ) و (ب): (أي).

    [2] زيد في (ج): (أو الكتف)، وضرب عليها في (أ).

    [3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [4] في (ب): (قوله).

    [5] ما بين معقوفين ليس في (ب)، (ج).

    (1/994)

    [6] ما بين قوسين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 158]

    (1/995)

    [باب إذا أصاب ثوب المصلى امرأته إذا سجد]

    قَولُهُ: (ثَوْبُ المُصَلِّي امْرَأَتَهُ): (ثَوْبُ): مرفوع فاعل، و (امْرَأَتَهُ): منصوب مفعول.

    ==========

    [ج 1 ص 158]

    (1/996)

    [حديث: كان رسول الله يصلي وأنا حذاءه وأنا حائض]

    379# قَولُهُ: (عن خَالِدٍ [1]): هذا هو الطَّحان، واسم والده عَبْدُ الله، أحد العلماء، تقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ): تقدَّم أنَّه بالشِّين المعجمة، وأنَّه سُلَيْمَان بن [2] فيروز الكوفيُّ، الحافظ، تقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (وَأَنَا حِذَاءَهُ): تقدَّم أنَّ معناه: قبالته وإِزَاءَهُ.

    [ج 1 ص 158]

    قَولُهُ: (على [3] الخُمْرَةِ [4]): هي بضمِّ الخاء المعجمة، وإسكان الميم، تقدَّم ما هي قبيل (التَّيمُّم)؛ فانظره إن أردته.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (خالد هذا: هو ابن عبد الله الطحان).

    [2] (بن): سقطت من (ب).

    [3] في (ج): (عن)، وليس بصحيح.

    [4] في هامش (ق): (الخمرة: السجادة).

    (1/997)

    [باب الصلاة على الحصير]

    قَولُهُ: (وَأَبُو سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الخدريُّ، وهو سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ [1]، وأنَّ [2] الخدريَّ [3] بالدَّال المهملة، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (في السَّفينَةِ قَائِمًا): كذا في أصلنا؛ أي: صلَّى كلُّ واحد منهما قائمًا، وفي نسخة أخرى ليست [4] في هامش أصلنا: (قيامًا).

    قَولُهُ: (وَقَالَ الحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، تقدَّم بعض ترجمته، واسم أبيه يسار.

    ==========

    [1] (الخدري): سقطت من (ب).

    [2] في (ج): (وأنَّه).

    [3] (الخدري): ليس في (ج).

    [4] في النسخ: (ليس)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

    [ج 1 ص 159]

    (1/998)

    [حديث: قوموا فلأصل لكم]

    380# قَولُهُ: (أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ): قال الدِّمياطيُّ: الضَّمير في (جدَّته) [1] يعود على إسحاق، وهي أمُّ سليم أمُّ أنس، انتهى.

    تنبيه: جاء ما يوهم أنَّها جدَّة أنس، روى مُقدَّم بن يحيى بن محمَّد، عن عمِّه القاسم بن يحيى، عن عبيد الله بن عُمر، عن إسحاق، عن أنس قال: أرسلت جدَّتي إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم واسمها مليكة، والصَّحيح الذي ذكره الدِّمياطيُّ، وكذا ذكره غيره أيضًا، ولفظ «المطالع»: (ومليكة جدَّة أنس ... ) إلى آخر كلامه، وفي «العمدة الصُّغرى» لعبد الغنيِّ [2] المقدسيِّ: (عن أنس: أنَّ جدَّتَه)، وهذا وَهم حصل بسبب الاختصار؛ لأنَّه حذف (إسحاق)، فحصل هذا، وقوله: (مُلَيكة): هي بضمِّ الميم، وفتح اللَّام، وزعم الأصيليُّ أنَّها بفتح الميم، وكسر اللَّام، قال في «المطالع»: (فيما ذكر عنه ابنُ عتَّاب، ولا يصحُّ) انتهى، وفي اسمها اختلاف ذكرته فيما مضى أقوالًا، والله أعلم.

    قَولُهُ: (فَلأُصَلِّ [3] لَكُمْ): قال الدِّمياطيُّ: (قال ابن السِّيْد: يرويه كثير من النَّاس بالياء، ومنهم مَنْ يفتح اللَّام، ويسكِّن الياء، ويتوهَّمُه قسمًا، وذلك غلط؛ لأنَّه لا وجه للقسم هنا، ولو كان قسمًا؛ لقال: فلأصليَنَّ، وإنَّما الرِّواية الصَّحيحة: «فلِأصلِّ» على معنى الأمر، والأمر إِذَا كان للمتكلِّم والغائب؛ كان باللَّام أبدًا، وإذا كان للمخاطب؛ كان باللَّام وغير اللَّام) انتهى، وقال ابن قُرقُول: (فلأصلِّ لكم): على الأمر لأكثر رواة يحيى، وكذا لابن بكير والأصيليِّ في «الصَّحيحين»، ولعامَّة رواتهما، كأنَّه أمر نفسه على جهة العزم على فعل ذلك، كما قال تَعَالَى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12]، وعند ابن وضَّاح: (فلأصلِّي لكم)، وكذا للقعنبيِّ في رواية الجوهريِّ: (فلِنُصَلِّ)؛ بالنُّون، وكسر اللَّام الأولى، والجزم، كأنَّه أمر الجميع، ولبعض شيوخنا: (فلأصلِّيَ) لام (كي)، قال: وهي روايةٌ ليحيى، وكذا لابن السَّكن والقابسيِّ في «البخاريِّ»، انتهى لفظه.

    قوله: (فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ): أي: رشَشْتُه.

    (1/999)

    قَولُهُ: (وَاليَتِيمَ): هذا اليتيم هو ضُميرة الحميريُّ، وقيل: رَوح، حكاهما شيخنا الشَّارح، وقال ابن بشكوال: اليتيم ضُميرة، وكذا قال النوويُّ أيضًا: هو ضُميرة بن سعد الحميريُّ، زاد ابن بشكوال: وقيل: سُليم، قال: وكذا وقع في حديث يحيى بن يحيى التَّميميِّ _وأخشى أنْ يكون تصحيفًا_ مكان (يتيم): (سليم)، والأوَّل هو المحفوظ إن شاء الله تعالى، انتهى.

    ولمَّا ذكر ابن شيخنا البلقينيِّ (اليتيم)؛ لم يذكرِ القول الثَّالث فيه؛ وهو سليم [4]، لكن قال: (وأمَّا ما قاله في بعض الشَّروح من قوله: رَوح؛ فرَوح اسم أبي ضُميرة، فقد رأيت بخطِّ مغلطاي: أبو ضُميرة مولى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قيل: اسمه رَوح بن سندر، وقيل: ابن شيرزاد، وعن البخاريِّ: اسمه سعد الحميريُّ، من آل ذي يزن، كذا ذكره في (باب الضَّاد)، وهذا في (الكنى) في «أُسْد الغابة»، فلا حاجة لاستدراكه، فيجوز أنْ يكون سقط من الشَّرح شيء، وهو: (اسم أبي ضُميرة سعد، وقيل: رَوح) انتهى.

    و (اليَتيم): يجوز فيه الرَّفع والنَّصب، أمَّا النَّصب؛ أي: مع اليتيم، [وجاء في رواية ضُعِّفَت: (واليتيمَ)، والأوَّل] [5] أحسن [6]؛ لأنَّ الضَّمير لا يُعطَف عليه إلَّا بعد أنْ يُؤكَّد؛ كقوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35]، وقال الدِّمياطيُّ: صوابه: (أنا واليتيمُ وراءه)، أو نصب (اليتيم)؛ أي: مع اليتيم، انتهى.

    قَولُهُ: (وَالعَجُوزُ [7] مِنْ وَرَائِنَا): تقدَّم أعلاه أنَّها أمُّ سليم، وقد ذكرت في اسمها أقوالًا؛ فراجعها من (كتاب العلم) وغيره.

    ==========

    [1] في (ج): (حدثه).

    [2] في (ب): (المغني).

    [3] في (ق): (قوموا فلأصلِّ لكم).

    [4] (سليم): سقط من (ج).

    [5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [6] في (ج): (وحسن)، وزيد فيها: (على الرفع)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح.

    [7] في هامش (ق): (والعجوز هي أم سُليم، قاله شيخي ومن قبله النووي).

    [ج 1 ص 159]

    (1/1000)

    [باب الصلاة على الخمرة]

    قَولُهُ: (عَلَى الْخُمْرَةِ): تقدَّم أعلاه ضبطها، وما هي قبله.

    ==========

    [ج 1 ص 159]

    (1/1001)

    [حديث: كان النبي يصلي على الخمرة]

    381# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عَبْد الملك الطَّيالسيُّ، الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ): تقدَّم في ظاهرها [1] أنَّ (الشَّيبانيَّ)؛ بالشِّين المعجمة، وأنَّ اسم والده فيروزُ.

    ==========

    [1] (في ظاهرها): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 159]

    (1/1002)

    [باب الصلاة على الفراش]

    (1/1003)

    [حديث: كنت أنام بين يدي رسول الله ورجلاي في قبلته]

    382# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم أنَّه إِسْمَاعِيل بن أبي [1] أويس، ابن أخت الإمام مالك بن أنس صاحب المذهب، وهو ابن عمِّه مِن علوٍّ، وأنَّ اسم أبي أويس عَبْدُ الله.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ): تقدَّم أنَّه بالضَّاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييده بالإعجام؛ لأنَّ (نصرًا) بالمهملة لا يأتي بالألف واللَّام، بخلاف (النَّضر) بالإعجام؛ فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، وقد تقدَّم أنَّه سالم بن أبي [2] أميَّة المدنيُّ، الثِّقة النَّبيل، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تقدَّم أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عَبْد الله، وقيل: إِسْمَاعِيل.

    قَولُهُ: (غَمَزَنِي): أي: طعن بإصبعه فيَّ؛ لأقبض رجليَّ من قبلته، وقيل: معناه: أشار، والأوَّل أولى [3]؛ لأنَّ معناه جاء في رواية.

    قَولُهُ: (رِجْلَيَّ): هو بالتَّثنية.

    ==========

    [1] (أبي): سقطت من (ج).

    [2] (أبي): سقطت من (ج).

    [3] (والأول أولى): سقطت من (ج).

    [ج 1 ص 159]

    (1/1004)

    [حديث: أن رسول الله كان يصلي وهي بينه وبين القبلة .. ]

    383# قَولُهُ: (عَنْ عُقَيْلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، ابن خالد، وأنَّه ليس في «البخاريِّ» أحد يقال له: عُقِيل؛ بالضَّمِّ سواه، وقد تقدَّم ما في «مُسْلِم» من ذلك، والله أعلم.

    قَولُهُ: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم كثيرًا أنَّه الزُّهْرِيُّ، العالم المشهور، محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب.

    قَولُهُ: (الْجَنَازَةِ): يجوز فيها فتح الجيم وكسرها.

    ==========

    [ج 1 ص 159]

    (1/1005)

    [حديث: أن النبي كان يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة]

    384# قَولُهُ: (عَن يَزِيدَ): هو ابن أبي حَبِيب؛ بفتح الحاء المهملة، تقدَّم، وأنَّه أبو رجاء، عالم أهل مصر، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (عن عِرَاكٍ): هو بكسر العين، وبعدها راء مخفَّفة، وفي آخره كاف، وهو ابن مالك الغفاريُّ المدنيُّ، عن أبي هريرة، وابن عمر، وغيرهما، وعنه: ابناه خُثيم وعبد الله، ويحيى بن سعيد، وعدَّة، قال عمر بن عَبْد العزيز: ما أعلم امرأً أكثرَ صلاة مِنْهُ، وقال أبو الغصن ثابت: كان يصوم الدَّهر، مات في خلافة يزيد بن عَبْد الملك، أخرج له الجماعة، وخلافة يزيد: وُلِّي في رجب سنة إحدى ومئة، وتُوفِّي في شعبان سنة خمس ومئة، ذكره في «الميزان»، ولم يذكر فيه شيئًا غير أنَّ أحمد قال: إنَّه لَمْ يسمع من عائشة، انتهى.

    [ج 1 ص 159]

    قَولُهُ: (عن عُرْوَةَ: أَنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَعَائِشَةُ مُعْتَرِضَةٌ): هذا _كما ترى_ مُرسَل، قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في عراك عن، عروة، عن عائشة بعد أنْ ذكر هذا الحديث: عروة: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فذكره البخاريُّ في (الصَّلاة): عن عَبْد الله بن يوسف، عنِ اللَّيث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عِرَاكٍ بن مالك به، هكذا مُرسَلًا، انتهى.

    وكَتَب بخطِّه على الحاشية _أعني: الحافظ جمال الدِّين المِزِّيَّ_ ما لفظه: (روي عن عراك عن عائشة، وروي عن عراك عن أبي سلمة عن عائشة) انتهى، وقال شيخنا الشَّارح فيه: (إنَّه مرسل كما [1] شهد له، وأخرجه صاحبا «المستخرجين» الإِسْمَاعِيليُّ وأبو نعيم، وكذا قال الحميديُّ: كذا وقع مرسلًا، وقد سلف أنَّ عروة روى نحوه عن عائشة) انتهى، ويعني بذلك: حديث عروة عنها، الحديث الثَّاني في التَّرجمة، والله أعلم.

    ==========

    [1] (كم): سقطت من (ج).

    (1/1006)

    [باب السجود على الثوب في شدة الحر]

    قَولُهُ: (وَقَالَ الحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي الحسن يسارٍ البصريُّ، العالم المشهور.

    قَولُهُ: (وَالقَلَنْسُوَةِ): (القلنسوة): هي التي تُلبَس، والنُّون فيها زائدة، وهي معروفة، وهي [1] غشاء يُبطَّن، يُلبَس على الرَّأس، وفيها لغتان، ذكرهما الجوهريُّ وغيره، قَالَ الجوهريُّ: (والقَلَنْسُوَةُ والقُلَنْسِيَةُ إِذا فَتَحْتَ القَافَ؛ ضَمَمْتَ السِّين، وإِذا ضَمَمْتَ القَافَ؛ كَسَرْتَ السِّين، وقَلَبْتَ الوَاوَ ياءً ... ) إلى آخر كلامه؛ فانظره، فإنَّه مفيد، وقصدي الاختصار، وذكر اللُّغتين في «المطالع» ... إلى أن قال: (وقال ابن الأنباريِّ: فيها سبع لغات: قُلنسية، وقُلَيْنسة، وقُلَيسة، وقَلْسَاة [2]؛ ثلاثة مصغَّرة، وهي التي بالياء، وما عداها مُكبَّر) انتهى كلامه، ولم يزد.

    قَولُهُ: (وَيَدَاهُ في كُمِّهِ): أي: كلُّ يد في كُمٍّ.

    ==========

    [1] في غير (ج): (وهو).

    [2] في (ج): (وقلنساة)، وهو تحريفٌ.

    [ج 1 ص 160]

    (1/1007)

    [حديث: كنا نصلي مع النبي فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر]

    385# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّل): هو بكسر الموحَّدة، وبالشِّين المعجمة، و (المفضَّل): مشدَّد الضَّاد المعجمة مفتوحة.

    ==========

    [ج 1 ص 160]

    (1/1008)

    [باب الصلاة في الخفاف]

    (1/1009)

    [حديث: رأيت النبي صنع مثل هذا.]

    387# قَولُهُ: (عن الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سُلَيْمَان بْنُ مِهْرَانَ، أَبُو محمَّد الكاهليُّ، القارئ، الإمام المشهور.

    قَولُهُ: (سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ): هو إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ، أبو عمران الكوفيُّ، الفقيه، تقدَّم شيء من ترجمته.

    قَولُهُ: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ ... ) إلى آخره: تقدَّم أعلاه أنَّه إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ، [ووقع في «البيهقيِّ» [1] أنَّه ابن أدهم، وابن أدهم أخرج له التِّرمذيُّ تعليقًا، وهو أبو إسحاق البلخيُّ الزَّاهد، روى عن منصور، وأبي إسحاق، وطائفة، وعنه: بقيَّةُ، وأبو إسحاق الفزاريُّ، وضمرة، وعدَّة، قال ابن مَعِين: هو عجليٌّ، وقال ابن قتيبة: تميميٌّ، تُوفِّي سنة (162 هـ).

    وقال بعض مُحدِّثي العصر: يعني: تعجَّب أصحاب [2] عَبْد الله بن مسعود، كما صرَّح به ابن خزيمة وغيره، انتهى] [3]، ومعنى هذا الكلام: أنَّ الله تَعَالَى قال في سورة (المائدة): {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]، فلو كان إسلام جرير متقدِّمًا على نزول هذه الآية في (المائدة)؛ لاحتمل كون حديثه منسوخًا بالآية، فلمَّا كان إسلامه متأخِّرًا عن نزول (المائدة)؛ عُلِم أنَّ حديثه يُعمَل به، وهو مبيِّن أنَّ المراد بالآية غير صاحب الخفِّ، فتكون السُّنَّة مُخصِّصة للآية، والله أعلم، وقد تقدَّم في ترجمة جَرِير متى أسلم، ورُدَّ قول مَنْ قال: إنَّه أسلم قبل وفاته عليه الصَّلاة والسَّلام بأربعين يومًا؛ لما صحَّ في «الصَّحيح» أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال له في حجَّة الوداع: «استنصتِ النَّاس».

    ==========

    [1] في (أ): (وفي «البيهقي» وقع).

    [2] (أصحاب): ليس في (ب).

    [3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 160]

    (1/1010)

    [حديث: وضأت النبي فمسح على خفيه وصلى]

    388# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ابنُ نَصْرٍ): هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر البخاريُّ، أخرج له البخاريُّ فقط، وينسبه إلى جدِّه، تُوفِّي سنة (232 هـ).

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم مرَّات أنَّه حمَّاد بن أسامة الكوفيُّ، الحافظ، مولى بني هاشم رحمه الله [1].

    قَولُهُ: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم أنَّه سُلَيْمَان بْنُ [2] مِهْرَانَ أعلاه، وقبله مرارًا.

    قَولُهُ: (عن مُسْلِمٍ): هذا هو مُسْلِم بن صُبيح، أبو الضُّحى، تقدَّم.

    (1/1011)

    [باب إذا لم يتم السجود]

    (1/1012)

    [حديث حذيفة: رأى رجلًا لا يتم ركوعه ولا سجوده]

    389# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ): هذا هو ابن ميمون المَعْوليُّ، عن أبي رجاء وابن سيرين، وعنه: يحيى، وابن مهديٍّ، ومسدَّد، ثقة، تُوفِّي سنة (172 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قَولُهُ: (عن وَاصِلٍ): هو ابن حَيَّان _بالمثنَّاة تحت المشدَّدة_ الأحدب الأسَديُّ الكوفيُّ، مولى أبي بكر بن عيَّاش _من فوق_ عن شريح القاضي، والمعرور بن سويد، وأبي وائل، وإبراهيم النَّخعيِّ، وجماعةٍ، وعنه: مغيرة بن مِقْسَم، ومِسْعَر، وشعبة، وطائفة، وثَّقه اِبْن مَعِين وأبو داود، قال أبو داود: مات سنة (120 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي وَائِلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، مخضرم، تقدَّم.

    قَولُهُ: (رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ): هذا الرَّجل الذي رآه حذيفة لا أعرف اسمه.

    ==========

    [ج 1 ص 160]

    (1/1013)

    [باب: يبدي ضبعيه ويجافي في السجود]

    قَولُهُ: (بَاب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ): (يُبْدِي)؛ بضمِّ أوَّله؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهو غير مهموز، معتلٌّ؛ أي: يُظهِر، والضَّبعان: العضدان، و (ضَبْعَيه) [1]؛ بفتح الضَّاد، وإسكان الموحَّدة، وقيل: الضَّبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد، وقيل: هو وسط العضد.

    قَولُهُ: (وَيُجَافي فِي السُّجُودِ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الفاء، غير مهموز، معتلٌّ.

    ==========

    [1] في (ب): (وضبعته).

    [ج 1 ص 160]

    (1/1014)

    [حديث: أن النبي كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض أبطيه]

    390# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ): (مُضَرَ): غير مصروف؛ للعلميَّة والعدل؛ لأنَّه معدول عن (ماضِر).

    قَولُهُ: (عَنْ جَعْفَرٍ): هذا هو ابْن [1] رَبِيعَةَ الكنديُّ، عن أبي سلمة والأعرج، وعنه: اللَّيث وبكر بن مضر، تُوفِّي سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أحمد: ثقة، وقال أبو زُرعة: صدوق.

    قَولُهُ: (عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ): هو عَبْد الرَّحمن بن هرمز الأعرج، تقدَّمت بعض ترجمته.

    قَولُهُ: (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ): (مالكٌ): منوَّن، و (ابن): يكتب بالألف، و (بُحَيْنَة): أمُّه على الصَّحيح، وهي بموحَّدة مضمومة، ثُمَّ حاء مهملة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، قال الدِّمياطيُّ: (بُحَيْنَة: لقب، واسمها عبْدة، أخت عبيدة المقتول

    [ج 1 ص 160]

    ببدر، ابن الحارث الأرتِّ بن المطَّلب بن عَبْد مناف بن قُصيٍّ، أسلمت وبايعت، وهي أمُّ عَبْد الله بن مالك بن القِشب، جندب بن نضلة، أسلم عَبْد الله قديمًا، وصحب النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان ناسكًا فاضلًا، يصوم الدَّهر، تُوفِّي في خلافة معاوية، وأخوه لأبويه جبير بن مالك، له صحبة، قتل يوم اليمامة شهيدًا في خلافة أبي بكرٍ الصِّدِّيق) انتهى، وما قاله الحافظ الدِّمياطيُّ كلُّه معروف.

    وقد أسلم عَبْد الله صاحب التَّرجمة وأبوه مالك، وصحبا، وأنكر الدِّمياطيُّ في مكان من حواشيه على «البخاريِّ» أنْ يكون لمالك صحبةٌ، أو رؤيةٌ، أو إسلامٌ، وإنَّما ذلك لعبد الله، والصَّواب فيه أنْ يقال: (عَبْد الله بن مالكٍ ابن بُحَيْنَة)؛ بتنوين (مالكٍ)، وكتابة (ابن بُحَيْنَة)؛ بألف، ويُعرَب إعراب (عَبْد الله)؛ لأنَّه صفة له لا لـ (مالك)، وقال اِبْن عبد البَرِّ: (عبد الله ابن بُحَيْنَة؛ وهي أمُّه بُحَيْنَة، ثُمَّ أبوه مالك بن القِشب، وقد قيل في أبيه: مالك ابن بُحَيْنَة، وهو وهم، وإنَّما بُحَيْنَة امرأته، وأمُّ ابنه عَبْد الله) انتهى ملخَّصًا، والله أعلم.

    قَولُهُ: (فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ): هو بتشديد الرَّاء في أصلنا، و (فرج [2] بين يديه)؛ بالتَّخفيف: فتح، وعن السَّفاقسيِّ _وهو ابن التِّين_: (رُوِّيناه بالتَّشديد، والمعروف في اللُّغة: التَّخفيف) انتهى.

    قَولُهُ: (حَتَّى يَبْدُوَ): (يبدو): معتلٌّ؛ ومعناه: يظهر.

    (1/1015)

    قَولُهُ: (بَيَاضُ إِبْطَيْهِ): اعلم أنَّ بياض الإبط من خصائصه صلَّى الله عليه وسلَّم، بخلاف غيره، فإنَّها أسود؛ لمكان الشَّعر، نصَّ على ذلك أبو نعيم الأصبهانيُّ في «دلائله»، فقال: (بياض إبطه صلَّى الله عليه وسلَّم من علامات نبوَّته)، وقد ذكره أيضًا غيره، ورأيته في «مُهمَّات الفقيه العلَّامة جمال الدِّين الإسنويِّ» شيخ شيوخنا في (الحجِّ)، وهو في «خصائص شيخنا العلامة الشَّارح»، وقد قرأتها عليه، والله أعلم.

    قَولُهُ: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ): هذا تعليق مجزوم به [3]، وإنَّما أتى به؛ لأنَّ بكر بن مضر عنعن في السَّند الأوَّل وإنْ كان غير مدلِّس، إلَّا ليخرج من خلاف من خالف في العنعنة وإنْ كانت [4] من غير مدلِّس، فجاء بتعليق اللَّيث الذي فيه التَّحديث من [5] جعفر الذي عنعن عنه بكر، ونسبه في رواية اللَّيث، فزاده توضيحًا، وهذا التَّعليق أخرجه مُسْلِم مسندًا، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (أبي)، وهو تحريفٌ.

    [2] في (ج): (وقدح)، وهو تحريفٌ.

    [3] (به): سقطت من (ج).

    [4] في (ب): (كان).

    [5] في (ب) و (ج): (عن).

    (1/1016)

    [باب فضل استقبال القبلة]

    قَولُهُ: (قَالَه [1] أَبُو حُمَيْدٍ): هو بضمِّ الحاء المهملة؛ مصغَّر، واسمه عَبْد الرَّحمن بن عَمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد الخزرجيُّ مدنيٌّ، توفِّي في آخر خلافة معاوية، روى عنه: جماعة، ووصف صلاته صلَّى الله عليه وسلَّم، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند».

    ==========

    [1] كذا في النسخ و (ق)، وفي «اليونينية»: (قال).

    [ج 1 ص 161]

    (1/1017)

    [حديث: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا .. ]

    391# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): هو بالموحَّدة، والسِّين المهملة في آخره، الباهليُّ البصريُّ الرَّازيُّ، أبو عثمان، والد محمَّد، عنِ ابن عيينة، وغُنْدر، وابن مهديٍّ، وجماعة، وعنه: البخاريُّ، وعيسى بن شاذان، وعبدان الأهوازيُّ، وآخرون، قيل: مات في ذي الحجَّة سنة (235 هـ)، انفرد به البخاريُّ عنِ الجماعة.

    وإيَّاك أن تصحِّف (عبَّاسًا) بـ (عيَّاشٍ)؛ بالمعجمة، فإنَّه ليس في الكتب السِّتَّة أحد من الرُّواة يقال له: عَمرو بن عيذَاش، فضلًا عنِ «البخاريِّ»، وليس فيها أيضًا: عُمر _بضمِّ العين_ ابن عبَّاس ولا ابن عيَّاش، والله أعلم.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنا ابنُ المَهْدِيِّ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (ابن مهديٍّ)، وهو عَبْد الرَّحمن بن حسَّان، الحافظ، أبو سعيد البصريُّ، مولى الأزد، اللُّؤلؤيُّ، أحد الأعلام في الحديث، ثناء النَّاس عليه كثير، منه ما قاله ابن المدينيِّ: أعلم النَّاس بالحديث عَبْد الرَّحمن [1] بن مهديٍّ، تُوفِّي سنة (197 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قَولُهُ: (عَنْ مَيْمُونِ بنُ سِياهٍ): قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده»: (بكسر السِّين _يعني: المهملة_ بعدها ياء معجمة باثنتين من أسفلَ، وهاء في آخر الكلمة) انتهى، وهو مصروف في أصلنا بالقلم، وكأنَّه ليس بعَلَمٍ في العجمة، وكذا نحفظه، وهو بلغة العجم: الأسود، أبو بحر البصريُّ، عن أنس، وجندب بن عَبْد الله، وشهر بن حَوْشَب، وعنه: حميد الطَّويل، وسلَّام بن مسكين، وجماعة، ضعَّفه ابن معين، وقال أبو داود: ليس بذاك، وقال أبو حاتم وابن حِبَّان: ثقة، أخرج له مع البخاريِّ النَّسائيُّ، وحديثه يقع عاليًا [2] في «جزء هلال الحفَّار»، وقد روينا «جزء هلال»، وله ترجمة في «الميزان».

    قَولُهُ: (ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ): أي: ضمان الله وضمان رسوله، يقال: الذِّمَّة: الأمان، وقيل: العهد.

    قَولُهُ: (فَلَا تُخْفِرُوا): هو رباعيٌّ؛ بضمِّ أوَّله، اعلم أنَّ (الخَفَير) المُجير، والخُفَارة: بالضَّمِّ: الذِّمَّة والعهد، ومثله: الخَفَرة والخَفْرة، وخفرتُه: عقدتُ له ذمَّةً وجوارًا، وأخفرتَه: لَمْ تَفِ بذمَّته وغدرته.

    392# قَولُهُ: (وحَدَّثَنَا نُعَيْمٌ [3]: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ): كذا في أصلنا، وعليه علامة راويه، وكُتِب في الهامش: (سقط نُعَيمٌ عند «ص») انتهى.

    (1/1018)

    قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (وقال: ابن المبارك: عن حميد به، وفي «كتاب ابن شاكر») _[يعني: حمَّاد بن شاكر راوي «البخاريِّ» عنه: وهم ثلاثة؛ أعني: رواة «البخاريِّ» عنه: الفربريُّ، وحمَّاد بن شاكر، وإبراهيم بن مَعقِل_ قال المِزِّيُّ] [4]: («قال نعيم: قال ابن المبارك»: هكذا ذكره خلف، وفي رواية أبي الوقت: «حَدَّثَنَا نعيم: حَدَّثَنَا ابن المبارك») انتهى.

    و (نُعَيم) هذا: هو ابن حمَّاد الخزاعيُّ أبو عبيد الله المروزيُّ، الحافظ الأعور، ذو التَّصانيف، امتُحِن وقُيِّد، فمات بسامرَّاء محبوسًا في سنة (229 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له البخاريُّ مقرونًا، وأخرج له أبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه في الأصول.

    قَولُهُ: (أُمِرْتُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قَولُهُ: (حَرُمَتْ): هو بفتح الحاء، وضم الرَّاء مخفَّفةً، كذا في أصلنا، و (حُرِّمت)؛ بضمِّ الحاء، وكسر الرَّاء المشدَّدة، وقدَّم هذا بعضُهم على الأوَّل.

    393# قَولُهُ: (وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هذا هو ابن [5] المَدينيِّ، عليُّ بن عَبْد الله بن جعفر بن نجيح ابن المَدينيِّ، أبو الحسن، الحافظ المشهور، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وهذا تعليق بصيغة الجزم، وقد أخذه عنه في حال المذاكرة، وذلك لأنَّ عليًّا شيخ البخاريِّ، وقد تقدَّم في مثل هذا الكلام مُطوَّلًا، وأنَّه محمول على السَّماع إِذَا كان المسند إليه القولُ شيخَه، وأنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، وكذا القول في غير البخاريِّ أيضًا، إذا كان الذي حكى ذلك عنه شيخَه؛ بشرط سلامة الرَّاوي من التَّدليس، وأنَّه كقوله: (حدَّثني)، ولكنَّ المِزِّيَّ والذَّهبيَّ يعلِّمان على هذا وعلى أمثاله: (خت)؛ يعنيان: رواه البخاريُّ تعليقًا، وإنَّما هو محمول على السَّماع بالشَّرط الذي ذكرته، وهو سلامة الرَّاوي من التَّدليس، وأنْ يكون الذي [6] أسند إليه القولَ شيخَه، والله أعلم.

    قَولُهُ: (سَأَلَ مَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ): تقدَّم بعض ترجمته أعلاه، وتقدَّم ضبط (سِيَاه) أعلاه أيضًا.

    قَولُهُ: (يَا أَبَا حَمْزَةَ): تقدَّم أنَّ كنية أنس بن مالك أبو حمزة؛ بالزَّاي، وبالحاء قبلها، وأنَّ الحمزة: البقلة، وقد رآه عليه الصَّلاة والسَّلام وهو يجتني بقلة، فقال له [7]: «يا أبا حمزة»، فكانت كنيتَه رَضِيَ اللهُ عنه.

    (1/1019)

    قَولُهُ: (يُحَرِّمُ دمَ العَبْدِ [8]): (يُحَرِّمُ)؛ بتشديد الرَّاء المكسورة، و (دَمَ): منصوب مفعول، وهذا ظاهر جدًّا.

    [ج 1 ص 161]

    قَولُهُ: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): هو سعيد بن الحكم، وهو شيخ البخاريِّ، والعمل فيه كالعمل في الذي قبله، وقد تقدَّم مثله غير مرَّة، فأغنى عن إعادته، وهو سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، مولى بني جُمَح، أبو محمَّد المصريُّ، الحافظ، عن مالك ونافع بن عُمر، وعنه: البخاريُّ وأحمد بن حمَّاد، قال أبو حاتم: ثقة، تُوفِّي سنة (224 هـ)، وقد وثَّقه العجليُّ، وقال أبو داود: هو عندي حجَّة، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

    والحكمة في الإتيان بتعليق [9] ابن أبي [10] مريم؛ لأنَّ فيه حُميدًا، وقد [11] صرَّح بالتَّحديث من أنس، وحُميد مدلِّس، وقد قال شعبة: إنَّه لَمْ يسمع من أنس إلَّا أربعةً وعشرين حديثًا، والباقي سمعها من ثابت، أو ثبَّته فيها ثابت.

    وحكمة ثانية: وهي أنَّ أنسًا رفع ذلك إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والتَّعليق الذي قبله تعليق ابن المَدينيِّ فيه ذلك موقوف على أنس، وليس فيه تصريح حميد بالسَّماع من أنس، إنَّمَا فيه سأل ميمون بن سِيَاه أنسَ بن مالك، وتعليق ابن أبي مريم صريح بالسَّماع من [12] أنس، ويرفع ذلك أيضًا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فزاد فيه فائدتين، وقد يكون لحكمة أخرى غير ما ذكرته أيضًا، والله أعلم، وهذا الإمام دقيق الغور لا يُدرَك شأوه، والله يرحمه ويرضى عنه ما أغزر فوائده!

    و (يَحْيَى) الذي أخبر [13] عنه ابن أبي مريم: هو يحيى بن أيُّوب الغافقيُّ، أبو العبَّاس المصريُّ، كما في «أطراف المِزِّيِّ»، و (يحيى بن أيُّوب): هم أربعة أشخاص في الكتب السِّتَّة أو في بعضها [14]، سيأتي الكلام عليهم قريبًا.

    وهذا التَّعليق أخرجه البخاريُّ هنا فقط عقيب حَدِيث منصور بن سِيَاهٍ عنْ أنَس، وأخرجه أبو داود في (الجهاد): عن سُلَيْمَان بن داود المهري [15]، عنِ ابن وهب، عن يحيى بن أيُّوب _هو الغافقيُّ_ به، والله أعلم.

    (1/1020)

    [باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق]

    قَولُهُ: (لَيْسَ في المَشْرِقِ وَلَا في المَغْرِبِ قِبْلَةٌ): يريد: أنَّ قبلة هؤلاء المسمَّين ليست في الشَّرق منهم ولا في الغرب؛ بدليل أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أباح لهم قضاء الحاجة في جهة المشرق منهم [والمغرب؛ بقوله: «ولكن شَرِّقوا أو غَرِّبوا»، قال شيخنا المؤلِّف: وقد أُنكِر على البخاريِّ تنوينه وتأوُّلَه بأنْ قال تقدير التَّرجمة: بابٌ: قبلة أهل المدينة وأهل الشَّام] [1] والمغرب [2] ليس في التَّشريق ولا في التَّغريب؛ يعني: أنَّهم عند الانحراف للتَّشريق والتَّغريب ليسوا مواجهين إلى القبلة ولا مستدبرين لها، وذكر ابن بطَّال تقدير التَّرجمة: بَاب قِبْلَةِ أَهْلِ المَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّام وَالمَشْرِقِ، ليس في التَّشريق ولا في التَّغريب، قال شيخنا: (وهذا صحيح ... ) إلى آخر كلامه.

    ==========

    [1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [2] زيد في (ب): (قوله).

    [ج 1 ص 162]

    (1/1021)

    [حديث: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها]

    394# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام المشهور، تقدَّم بعض ترجمته، وقد [1] قال الشَّافعيُّ في حقِّه: لولا سفيان ومالك؛ لذهب علم الحجاز.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا [2] الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم المشهور.

    قَولُهُ: (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ): هو خالد بن زيد، بدريٌّ جليل، عنه: جبير بن نفير [3]، وعروة، وأبو سلمة، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه تُوفِّي سنة (52 هـ)، وفي «الكاشف»: سنة (51 هـ)، وفي «التَّذهيب» [4]: سنة (50 هـ)، وقيل بعد ذلك، أخرج له الجماعة.

    قَولُهُ: (فَقَدِمْنَا الشَّأْمَ): هو الإقليم المعروف، وهو بهمزة ساكنة، وقد تقدَّم ما فيه من اللُّغات في أوَّل هذا التَّعليق في حديث هرقل وحده؛ فانظره إن أردته، وذكرت أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام دخله أربع مرَّاتٍ.

    قَولُهُ: (مَرَاحِيضَ): هي المذاهب والخلوات، وأصله من الرحْض؛ وهو الغسل.

    قَولُهُ: (قِبَلَ القِبْلَةِ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، ظرف؛ أي: مقابلتها بحيث يقابلها.

    قَولُهُ: (وَنَسْتَغْفِرُ [5] اللهَ): لعلَّه لَمْ يبلغه حديث ابن عُمر رَضِيَ اللهُ عنهما في ذلك، أو لَمْ يره مخصِّصًا، وحمل ما رواه على العموم، وهذا الاستغفار لنفسه لا للباني على هذه الهيئة، وقال أبو الفتح في «شرح العمدة»: (قيل: يُرَاد به: ويستغفر الله لباني الكنف على هذه الصِّفة [6] الممنوعة عنده، وإنَّما حملهم على هذا التَّأويل أنَّه إِذَا انحرف عنها؛ لَمْ يفعل ممنوعًا، فلا يحتاج إلى الاستغفار، والأقرب أنَّه استغفار لنفسه، ولعلَّ ذلك لأنَّه تُسبِّب موافقتُه لمقتضى البناء غلطًا أو سهوًا، فيتذكَّر فينحرف ويستغفر الله.

    فإنْ قلت: فالغالط والسَّاهي لَمْ يفعل إثمًا، فلا حاجة إلى الاستغفار؟

    قلت: أهل الورع والمناصب العليَّةِ في التَّقوى قد يفعلون مثل هذا؛ بناء على نسبتهم التَّقصير إلى أنفسهم في التَّحفُّظ ابتداء، والله أعلم) انتهى.

    قَولُهُ: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ... ) إلى آخره: هو عنده معطوف على السَّند الذي قبله، عن عليِّ بن عَبْد الله، عن سفيان، عنِ الزُّهْرِيِّ، وإنَّما أتى بهذه الطَّريق؛ لأنَّ فيها تصريحَ عطاء بالسَّماع من أبي أيُّوب وإنْ كان عطاء هذا غير مدلِّس؛ ليخرج من الخلاف.

    (1/1022)

    قَولُهُ: (مِثْلَهُ): هو بالنَّصب؛ أي: مثل حديث قبله، والله أعلم.

    ==========

    [1] (قد): ليس في (ب).

    [2] (حدثنا): سقط من (ب).

    [3] في (ج): (نفيل)، وهو تحريفٌ.

    [4] في (ج): («التهذيب»).

    [5] في (ب) و (ج): (ويستغفر).

    [6] في (ج): (الصِّيغة).

    [ج 1 ص 162]

    (1/1023)

    [باب قول الله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}]

    قَولُهُ: (بَاب قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]): اعلم أنَّه اختلف أصحاب الشَّافعيِّ؛ هل كان استقبال النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيت المقدس برأيه أو بوحي؟ على قولين، وهل ذلك الوحي قرآنًا أو غيره؟ أَفهَم كلامُهم أنَّ فيه خلافًا، وقد تقدَّم الخلاف في مدَّة صلاته إلى بيت المقدس منذ قدم المدينة، وتقدَّم أيضًا كيف كانت صلاته بمكَّة قبل المَقْدَم، قال بعض مشايخي: ولا خلاف أنَّ ذلك كان سنة اثنتين؛ يعني: التَّحويل [1]، قال ابن عبَّاس: أوَّل ما نسخ من القرآن بيان القبلة والصِّيام الأوَّل، انتهى.

    قَولُهُ: ({مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}): قال الدِّمياطيُّ: (قيل: المقام: عرفة، والمزدلفة، ومِنًى، وقيل: الحرم، وقيل: الحجُّ، وقيل: الحَجَر الذي قام عليه، وقوله: {مُصَلًّى}: هو من صلوتُ؛ إذا دعوتَ، وقيل: الصَّلاة) انتهى.

    (1/1024)

    [حديث: قدم النبي فطاف بالبيت سبعًا وصلى خلف المقام]

    395# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ): تقدَّم مرَّات، وفي أوَّل «الصَّحيح»: أنَّه عَبْد الله بن الزُّبير، وأنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الميم، وتقدَّم في أوَّل هذا لماذا نسب، وبعض ترجمته؛ فأغنى عن إعادته هنا.

    قَولُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، الإمام المشهور، إمام أهل الحجاز، وقد جالسه الحُمَيديُّ، وهو تَلِيدُه [1] من مكَّة تسعَ عشرةَ [2] سنة، وحمل عنه [3] سائر ما عنده.

    قَولُهُ: (سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ): (سألْنا): فعل وفاعل، و (ابنَ عمر): منصوب مفعول، وكذا الذي بعده: (سألْنا جَابِرَ بنَ عَبْد الله)، وهذا ظاهر لا خفاء به.

    قَولُهُ: (أُسْوَةٌ): هي بضمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان، وهما قراءتان في السَّبع.

    قَولُهُ: (وَسَأَلْنَا جَابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ فقال: لا يَقْرَبَنَّها [4] ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند الذي قبله، وقائل ذلك هو عَمرو بن دينار، سأل ابن عُمر قبله، فأجابه بمرفوع، وسأل جَابِرًا، فأتاه بموقوف، وهذا ظاهر جدًّا، لا يتوقَّف أحد في معرفته، وإنَّما ذكرته؛ لاحتمال أنْ يجيء فيمن بعدنا من لا يفهمه، والله أعلم.

    (1/1025)

    [حديث: أصلى النبي في الكعبة]

    397# قَولُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القطَّان، الحافظ العلم، الفرد المشهور، الذي قال أحمد فيه: ما رأت عيناي مثل يحيى بن سعيد القطَّان، تقدَّم.

    قَولُهُ: (عن سَيْفٍ): هذا هو ابْنَ سُلَيْمَانَ، ويقال: ابْنَ أبي سُلَيْمَان المخزوميُّ مولاهم، المكِّيُّ، عن مجاهد وعَديِّ بن عديٍّ، وعنه: القطَّان وأبو نعيم، قال النَّسائيُّ: ثقةٌ ثَبْتٌ، تُوفِّي سنة (151 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، ذكره في «الميزان»، وصحَّح عليه.

    قَولُهُ: (أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ): (أُتِيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (ابنُ): مرفوع قائم مقام الفاعل، وهذا ظاهر جدًّا.

    [ج 1 ص 162]

    قوله: (فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ): يعني: في جهة الباب؛ لأنَّ وجهَها: بابُها.

    فائدة: أفضل جهات الكعبة جهة بابها، قاله ابن عَبْد السَّلام عزُّ الدِّين.

    (1/1026)

    [حديث: لما دخل النبي البيت دعا في نواحيه كلها]

    398# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم أنَّه عَبْد الملك بن عَبْد العزيز بن جريج، أبو الوليد وأبو خالد القرشيُّ مولاهم، المكِّيُّ، الفقيه، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه كان يُبِيح المتعة ويفعلها بزيادة؛ فانظره رحمه الله وعفا عنه [1].

    قوله: (عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ): (عطاء) هذا: هو ابن أبي رَباح، أبو محمَّد المكِّيُّ، الفقيه، مشهور التَّرجمة، وقد تقدَّمت، وإنَّما ميَّزتُه؛ لأنَّ جماعة كلٌّ منهم اسمه عطاء يروي عنِ ابن عبَّاس؛ وهم: عطاء بن أبي رَباح هذا، وعطاء بن أبي مُسْلِم الخراسانيُّ، مولى المهلَّب بن أبي صفرة الأزديِّ، وعطاء بن يسار المدنيُّ، مولى ميمونة بنت الحارث زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعطاء أبو الحسن السُّوائيُّ.

    قوله: (وَلَمْ يُصَلِّ فِيْه [2]): وقد تقدَّم من حديث بلال أنَّه صلَّى فيه، وجمعوا بين روايتي النَّفي والإثبات بأنَّ المثبت مقدَّم [3]، أو باعتبار حالين، أو أنَّ من أثبت؛ أراد النَّافلة، ومن نفى؛ أراد الفريضة، والله أعلم.

    قوله: (فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ): (قُبُل)؛ بضمِّ القاف والموحَّدة، وكذا في أصلنا، ويجوز إسكانها، والمراد: وجهها المذكور قبله، وهذا الضَّبط من أنَّه بضمِّ القاف ذكره النَّوويُّ في «شرح مسلم»، وقال: مقابلها، ويؤيِّده رواية ابن عُمر: (في وجه الكعبة)، وهذا ظاهر، ورأيت بخطِّ شيخنا الإمام أبي جعفر الأندلسيِّ _وقد كتب نسخة من «البخاريِّ» في ثلاثين [4] جزءًا، وكتب عليها حواشيَ [5]، وكذا كتب «مسلمًا» في أجزاء_: ضَبَط في «البخاريِّ»: بكسر القاف، وفتح الباء بالقلم، وقد قال النوويُّ في «تهذيبه»: (قُبُل الكعبة): [ضبطناه بضمِّ القاف والباء، قال صاحب «المطالع»: (وقِبَله وقُبْله: ما استقبلك مِنْهُ)، قال القلعيُّ في تفسير هذا الحديث: (قِبَل الكعبة)؛ أي] [6]: مقابلتها بحيث يقابلها [7] ويعاينها [8]، يقال: قبل وقبل، قلت: وجاء في رواية ابن عمر في «الصَّحيح»: (فصلَّى ركعتين في وجه الكعبة)، وهذا هو المراد بقُبلها، وهو أحسن ما قيل فيه إن شاء الله تعالى، انتهى، وما ذكره عن «المطالع» رأيته فيه، والله أعلم.

    (1/1027)

    قوله: (وَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ): أي: قد [9] استقرَّ أمرها، فلا يُنسَخ كما نُسِخَت قبلةُ بيت المقدس، ويحتمل أنْ يكون أعلمهم السُّنَّة في مقام الإمام واستقبال البيت من وجه الكعبة وإنْ كانت الصَّلاة من كلِّ جهاتها جائزة، ويحتمل أنْ يكون دلَّهم على أنَّ حكم مَنْ عاين البيت وشاهده في استقباله خلافُ حكم مَنْ غاب عنه، فيصلِّي تحرِّيًا واجتهادًا، قاله الخطَّابيُّ، (وقد نقل النَّوويُّ الاحتمالين الأوَّلين عنِ الخطَّابيِّ في «تهذيبه»، وغيرُه نقل عنه الثَّلاثة) [10].

    ==========

    [1] (وعفا عنه): ليس في (ب).

    [2] كذا في النُّسخ، وليس (فيه) في «اليونينيَّة» ولا في (ق).

    [3] في (ب) و (ج): (تقدَّم).

    [4] (في ثلاثين): سقطت من (ج).

    [5] في (ب): (الحواشي).

    [6] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [7] (بحيث يقابلها): ليس في (ج).

    [8] في (ج): (ومعاينتها).

    [9] (قد): ليس في (ج).

    [10] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [ج 1 ص 163]

    (1/1028)

    [باب التوجه نحو القبلة حيث كان]

    قوله: (اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ): (استقبل) وكذا (كبِّر): أمر بهما، فهما مجزومان، ولكن (استقبل) حُرِّك بالكسرة؛ طلبًا للخفَّة، وأصله السُّكون.

    ==========

    [ج 1 ص 163]

    (1/1029)

    [حديث: كان رسول الله صلى نحو بيت المقدس ستة عشر]

    399# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تقدَّم أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عَمرو بن عَبْد الله [1] السَّبيعيُّ، تقدَّم الكلام على إسرائيل وعلى جدِّه الرَّاوي عنه هنا عَمرو بن عَبْد الله غير مرَّة فأغنى عن إعادتهما، والله أعلم.

    قوله: (عَنِ البَرَاءِ): هو ابن عازب، الصَّحابيُّ الشَّهير، وأبوه عازب أسلم وصحب رضي الله عنهما، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ في الصَّحابة سبعةً يقال لكلٍّ منهم: البَراء؛ هذا أحدهم، أوَّل مشاهد البراء بن عازب بن الحارث بن عديٍّ الأنصاريِّ الأوسيِّ هذا أحُد، وقيل: الخندق، وافتتح الرَّيَّ سنة (24 هـ) في قول أبي [2] عَمرو الشَّيبانيِّ، وشهد مع عليٍّ الجمل، وصفِّين، والنَّهروان، ونزل الكوفة، ورَوى الكثير، أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند»، تُوفِّي بعد السَّبعين، وأمَّا عازب؛ فقال [3] الواقديُّ: لَمْ نسمع له بذكر في المغازي رَضِيَ اللهُ عنهما.

    قوله: (سِتَّةَ عَشَرَ شهرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا): تقدَّم الاختلاف في المدَّة التي صلَّاها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى بيت المقدس بعد المَقْدَم، وكيف كانت صلاته بمكَّة، في (كتاب الإيمان) في (باب الصَّلاة من الإيمان).

    قوله: (فَصَلَّى مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رَجُلٌ): قال الدِّمياطيُّ: (واسمه عبَّاد بن نهيك) انتهى، وقد تقدَّم هذا بزيادة في الباب المشار إليه أعلاه.

    قوله: (فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ): قال الدِّمياطيُّ: (زار النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَّ [4] بشر بن البَراء بن معرور بن صخر بن خنساء، واسمها خُلَيدة بنت قيس بن ثابت بن خالد من [5] بني دُهمان، فقعد هو وأصحابه، وحانت الظُّهر، فصلَّى بأصحابه في مسجد القبلتين ركعتين من الظُّهر إلى الشَّام، ثُمَّ أمر أنْ يستقبل الكعبة، وهو راكع في الرَّكعة الثَّالثة، فاستدار إلى الكعبة، ودارت الصُّفوف خلفه، ثُمَّ أتمَّ الصَّلاة، فسُمِّي: مسجد القبلتين؛ لهذا، وكان البراء يصلِّي إلى الكعبة، وأوصى عند موته أنْ يوجَّه في قبره إلى الكعبة، ومات في صفر قبل قدوم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة بشهر، وكان البراء أحد النُّقباء وأوَّل من بايع ليلتئذٍ، وأوَّل من أوصى بثلث ماله، وأوَّل من توجَّه إلى الكعبة حيًّا وميتًا) انتهى.

    (1/1030)

    فقوله: [(إنَّ التَّحويل وقع في مسجد القبلتين)؛ فقد تقدَّم قوله: إنَّه وقع التَّحويل في مسجده.

    قوله] [6]: (أوَّل من بايع ليلتئذٍ): هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال، ستأتي إن شاء الله تعالى وقدَّره في (وفود الأنصار وبيعة العقبة).

    واعْلَم: أَنَّ بني النَّجَّار يزعمون أنَّ أبا أمامة أسعدَ بنَ زرارة كان أوَّل من ضَرَب على يد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وبنو عَبْد الأشهل يقولون: (بل أبو الهيثم [7] بن التَّيِّهان) انتهى، ويقال: بل البراء بن معرور، وفي «المستدرك في معرفة الصَّحابة» في (البراء بن معرور) عنِ ابن عبَّاس قال: (كان البراء بن معرور أوَّلَ من ضرب على يد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في البيعة ليلة العقبة)؛ وذكر الحديث، قال الذَّهبيُّ في «تلخيصه»: (صحيح) انتهى، وفيه عنعنة ابن إسحاق، والله أعلم.

    قوله: (فِي صَلَاةِ العَصْرِ): قال الدِّمياطيُّ: (وكذلك رواه «التِّرمذيُّ» من حديث: وكيع عن إسرائيل، وفيه: «فصلَّى رجل معه العصر، ثُمَّ مرَّ على قوم من الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس، فقال: وهو يشهد أنَّه صلَّى مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ... »؛ الحديث) انتهى، وقد تقدَّم الخلاف في أيِّ صلاة وقع التَّحويل في الباب المشار إليه أعلاه؛ فانظره.

    ==========

    [1] زيد في النسخ: (أبي إسحاق)، ولعل الصواب حذفها.

    [2] (أبي): مثبت من (ج).

    [3] في النسخ: (قال)، ولعل المثبت هو الصواب.

    [4] (أم): سقطت من (ب).

    [5] في (ب): (بن)، وهو تحريفٌ.

    [6] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [7] في (ج): (يقولون: مثل الهيثم).

    [ج 1 ص 163]

    (1/1031)

    [حديث: كان رسول الله يصلي على راحلته حيث توجهت]

    400# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ): هذا هو ابن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ، تقدَّم، وتقدَّم الكلام أنَّه نُسِب إلى جدِّه: فُرهود، وأنَّ النِّسبة إليه: الفُرهوديُّ والفَراهيديُّ فيما مضى، فلا نعيده، والله أعلم.

    [ج 1 ص 163]

    قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامُ): هذا هو الدَّستوائيُّ، وهو ابن أبي عَبْد الله، أبو بكر، الحافظ، تقدَّم الكلام عليه، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالثَّاء المثلَّثة، وهذا ظاهر عند أهله، كاد أنْ يكون بديهيًّا.

    (1/1032)

    [حديث: إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به]

    401# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): هذا هو ابن شيبة، وهو عثمان بن محمَّد بن إبراهيم أبي [1] شيبة بن عثمان بن خُواسْتَى، الحافظ، المشهور، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان».

    [تنبيه: تقدم أنَّ للبخاريِّ من المشايخ في «الصحيح» ثلاثةً كلٌّ منهم اسمه: عثمان؛ أحدهم: عثمان ابن أبي شيبة المتقدِّم، والثاني: عثمان بن صالح السَّهميُّ المصريُّ، والثالث: عثمان بن الهيثم مؤذِّن البصرة، والله أعلم] [2].

    قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وهو ابن عَبْد الحميد الضَّبِّيُّ، القاضي، تقدَّم، وأنَّ له مصنَّفاتٍ.

    قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): تقدَّم أنَّه ابن المعتمر، أبو عتَّاب السُّلميُّ، من أئمَّة الكوفة، وتقدَّم [3] بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، الفقيه الكوفيُّ [4]، ابن أخت الأسود، تقدَّم.

    قوله: (عَنْ عَلقَمَةَ): هو ابن قيس أبو شبل، الفقيه، عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعبد الله، وعنه: ابن أخيه [5] عَبْد الرَّحمن بن يزيد، وابن أخته [6] إبراهيم النَّخعيُّ، وسلمة بن كُهيل، وآخرون، [قال أبو معمر]: (قوموا بنا إلى أشبه النَّاس بعبد الله هديًا، ودلًّا، وسمتًا، فقمنا إلى علقمة)، تُوفِّي سنة (62 هـ) [7]، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

    قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن مسعود، أبو عَبْد الرَّحمن الهذليُّ، حليف بني زُهرة، أحد السَّابقين الأوَّلين والبدريِّين، عنه: علقمة، والأسود، ومسروق، روى الحارث الأعور عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: (لو كنت مُؤمِّرًا أحدًا عن غير مشورة؛ لأمَّرتُ عليهم ابن أمِّ عبد)، أخرجه التِّرمذيُّ، رُوي: أنَّه خلَّف تسعين ألف دينار سوى الرَّقيق والماشية، مات بالمدينة لمَّا وفد سنة اثنتين وثلاثين، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وهو مشهور التَّرجمة رضي الله عنه، وقد تقدَّم منسوبًا، فلهذا لم أترجمه، ولكن هنا لمَّا [8] ورد غير منسوب؛ احتجتُ أن أميِّزه وأذكر بعض ترجمته [9]، وفي الصَّحابة من اسمه عَبْد الله نحو خمس مئة.

    قوله: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَا أَدْرِي أزَادَ أَوْ نَقَصَ؟): تقدَّم أعلاه أنَّه إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ.

    (1/1033)

    فائدة: قال شيخنا الشَّارح: هذه الصَّلاة روى الطَّبرانيُّ من حديث طلحة بن مصرِّف عن إبراهيم: (أنَّها العصر، فنهض في الرَّابعة ولم يجلس حتَّى صلَّى الخامسة)، ومن حديث شعبة عن حمَّاد عن إبراهيم: (أنَّها الظُّهر، وأنَّه صلاها خمسًا)، (فعلى كلِّ تقدير تعيَّن أنَّه زاد) [10].

    قوله: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَا أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ؟): قال شيخنا الشَّارح: (الصَّحيح _كما قال الحميديُّ في «جمعه» _: أنَّه زاد) انتهى، وقد تقدَّم أعلاه أنَّه صلَّاها خمسًا.

    قوله: (قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله): القائل له لا أعرفه بعينه، [ولعلَّه ذو اليدين الخرباق بن عمرو، والله أعلم] [11].

    قوله: (فَثَنَى رِجْلَيْهِ): هو بتخفيف النُّون.

    قوله: (أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ): (أَنْسَى)؛ بفتح الهمزة، وسين مخفَّفة، ومن قيَّده بضمِّ أوَّله وتشديد سينه؛ لم يُناسبِ التَّشبيه [12].

    ==========

    [1] في (ج): (بن)، وهو تحريفٌ.

    [2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [3] في (ب): (وقد تقدم).

    [4] في (ب): (الكوفي الفقيه).

    [5] في (ب): (أخته)، وهو تصحيفٌ.

    [6] في (ج): (أخيه)، وهو تصحيفٌ.

    [7] في (ب): (92 هـ)، وليس بصحيحٍ.

    [8] (لما): سقطت من (ج).

    [9] في (ب): (الترجمة).

    [10] ما بين قوسين سقط من (ج).

    [11] ما بين معقوفين سقط من (ج)، وهذه الفقرة جاءت في (أ) و (ب) متأخِّرة بعد قوله: (لم يناسب التشبيه)، على أن الفقرتين اللاحقتين مستدركتان في (أ).

    [12] في (ب): (النسبة).

    [ج 1 ص 164]

    (1/1034)

    [باب ما جاء في القبلة ... ]

    (باب مَا جَاءَ في القِبْلَةِ ... ) إلى آخر التبويب ... إلى (باب كَرَاهِيَةِ الصَّلاة في المَقَابِرِ)

    ==========

    [ج 1 ص 164]

    (1/1035)

    [حديث عمر: وافقت ربي في ثلاث]

    402# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ [1]): هذا هو ابن بشير، أبو معاوية، السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، عن عمرو بن دينار وأبي الزُّبير، وعنه: أحمد، وابن مَعِين، وهنَّاد، [تقدَّم] أنَّه ثقة مدلِّس، عاش ثمانين سنة، تُوفِّي في سنة (183 هـ)، أخرج له الجماعة، وليس في الكتب السِّتَّة راوٍ اسمه هُشَيم سواه، له ترجمة في «الميزان».

    قوله [2]: (عن حُمَيْدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه حميد الطَّويل، وهو ابن تير، ويقال: تيرويه، تقدَّم بعض ترجمته قريبًا وبعيدًا مرارًا.

    (1/1036)

    قوله: (وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ)، فذكر المقام، وآية الحجاب، و {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ} [التحريم: 5]، وفي «مسلم» وافقه في أسارى بدر [3] بدل التَّخيير، وهي رابعة، وفيهما منع الصَّلاة على المنافقين، وهي خامسة، وفي «مسند أبي داود الطَّيالسيِّ»: عن أنس [4] قال عمر: وافقت ربِّي في أربع ... ؛ فذكر ما في «البخاريِّ»، قال: ونزلت: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ... } إلى قوله: {ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 12 - 14]، فقلت أنا: تبارك [5] الله أحسن الخالقين، فنزلت كذلك، وهي سادسة، وجاءت [6] موافقته أيضًا في تحريم الخمر، وهي سابعة، وفي شأن عائشة رضي الله عنها لمَّا قال لها أهل الإفك ما قالوا، فقال: يا رسول الله من زوَّجكها؟ قال: «الله»، قال: أفتظنُّ أنَّ ربَّك دلَّس عليك فيها، سبحانك هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ! فأنزل الله ذلك، ذكره المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»، ورُوِي: أنَّ قائل ذلك رجل من الأنصار، وهو أبو أيُّوب الأنصاريُّ، وسيأتي في (التَّوحيد) طرف من حديث الإفك، وفيه: (وقَالَ رَجُل مِن الأَنْصَار: سُبْحَانَك مَا يَكُون لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا! سُبْحَانَك هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ!)، وذكر القاضي أبو بكر بن العربيِّ إحدى ما تقدَّم، وقال: هي إحدى التَّسع التي وافق ربَّه فيها، وذكر أنَّه فسَّرها في «شرح النَّيِّرين»، وقال مرَّة: قد بيَّنا أنَّه وافق ربَّه تلاوةً ومعنًى في أحد عشر موضعًا، ويشهد لما قاله ابن العربيِّ ما رواه التِّرمذيُّ مصحَّحًا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (مَا نَزَلَ بِالنَّاسِ أَمْرٌ قَطُّ فَقَالُوا فيه وَقَالَ فيه عُمَرُ؛ إِلَّا نَزَلَ [7] فيه القُرْآنُ على نَحْوِ مَا قَالَ عُمَرُ)، واعْلَم: أَنَّ هذا ملخَّصٌ من كلام شيخنا، [وفيه بعض شيء ليس منه] [8]، وموقوف ابن عمر قال فيه [9] التِّرمذيُّ: (حسن صحيح غريب من هذا الوجه) انتهى.

    [وفي «الرِّياض النَّضرة في مناقب العشرة» _وقد أُخبِرت أنَّه للشيخ الحافظ محبِّ الدين الطَّبريِّ_ عدد موافقات عمر سبعةَ عشرَ، فذكرها مَعزوَّة [10] كلُّ واحدة لمن [11] ذكرها في «مصنَّفه»، ثمَّ قال ما لفظه: فتحصَّلنا في الموافقات لما أنزل الله على خمسة عشر؛ تسع لفظيَّات، وأربع معنويَّات، واثنتين في التَّوراة، انتهى، فإن أردت لفظه بتعدُّدها؛ فانظر كتاب «الرياض النضرة» المشار إليه، والله أعلم.

    (1/1037)

    وفي «أحكام المحبِّ الطَّبريِّ»: (وقد ورد لعمر موافقاتٌ؛ منها: قوله للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنْ كنت طلَّقت نساءك؛ فإنَّ الله هو معك، وجبريل، وأنا، وأبو بكر، وصالح المؤمنين، فأنزل الله عليه [12]: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، ومنها: موافقته في قوله: والله لا يغفر الله لهم سواء أستغفرت لهم أم [13] لَمْ تستغفر [14]، وعنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا أُنزِل عليه: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مرَّة فَلَنْ يَغْفِرَ الله لَهُمْ}؛ فقال: لأزيدنَّ على السَّبعين، وأخذ في الاستغفار، فقال عُمر: يا رسول الله؛ والله لا يغفر الله لهم سواء أستغفرت لهم أو لَمْ تستغفر لهم، فلن يغفر الله لهم، أخرجه الفضائليُّ) انتهى] [15]

    وقد رأيت أنا بالقاهرة كرَّاسة جَمَع فيها جامعُها _وهو شخص من الجند من خدَّام بعض العلماء_ ما ذكره القرطبيُّ في «تفسيره» مفرَّقًا [16] أنَّ عمر وافق ربَّه فيه، وأظنُّه زاد على الثَّلاثين.

    فإن قلت: قد أسلفت أنَّه وافق ربَّه في أكثر من ثلاث، فما الجمع بينه وبين حديث: «وافقت ربِّي في ثلاث»؟

    والجواب: أنَّه يجوز أنْ يكون قد [17] أَخْبَر بذلك قبل وقوع غيرها؛ لأنَّ الرَّاوي عنه صحابيٌّ، ويجوز أنْ يكون قالها والرَّاوي اختصر فروى ثلاثة، واختصار الحديث جائز إذا كان الذي اختصر عالمًا، وأنْ يكون منفصلًا عمَّا ذكره _أعني: ألَّا يكون المحذوف استثناءً ولا قيدًا_ وليس في كلام عمر ذكر الثَّلاث، ويحتمل أنَّ قوله: (وَافَقْتُ رَبِّي في ثَلَاثٍ)، ليس فيه نفي ألَّا يكون وافقه في غيرها أو [18] أنَّ الثَّلاث أعظمها، والله أعلم.

    قوله: (في الغَيْرَةِ): هي بفتح الغين، المصدر من قولك: غار الرَّجل على أهله يغار غيرًا وغيرةً وغارًا.

    (1/1038)

    قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): كذا في نسخة هي في هامش أصلنا، وعليها علامة رواتها، وفي الأصل: (وحَدَّثَنَا ابن أبي مريم)، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (حَدَّثَنَا ابن أبي مريم)، وقد تقدَّم أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ، في الورقة التي قبل هذه، وأنَّه شيخه، فإن كان الصَّحيح: (حَدَّثَنَا ابن أبي مريم) كما في الأصل وعليه (صح)؛ فهذا لا كلام فيه، وإنْ كان كما في الهامش: (وقال ابن أبي مريم)؛ فقد تقدَّم أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد تقدَّم الكلام فيما قال الرَّاوي: (قال فلان)، وفلان المعزوُّ إليه القولُ شيخُه: أنَّه محمول على السَّماع بشرط ألَّا يكون قائلُ: (قال فلان) مدلِّسًا، والبخاريُّ سالم من التَّدليس، خلافًا لابن منده، كما تقدَّم، فيكون محمولًا على السَّماع، ويكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، والمِزِّيُّ لمَّا طرَّفه؛ قال: (وقال ابن أبي مريم ... )؛ فذكره، وهذا يدلُّ لما في الهامش وفي أصلنا الدِّمشقيِّ.

    وهذا التَّعليق ذكره البخاريُّ عقيب حديث أنسٍ عن عُمر: (وافقت ربِّي في ثلاث)، أخرجه البخاريُّ في (الصَّلاة) هنا، وفي (التَّفسير) في (البقرة)، قال شيخنا _ ولفظه_: وكذا ذكره _يعني: تعليقًا [19]_ خلفٌ في «أطرافه»، والإِسْمَاعِيليُّ وأبو نعيم في «مستخرجيهما»، قال شيخنا: وهو الظَّاهر؛ لأنَّ يحيى لَمْ يحتجَّ به البخاريُّ، ونسبه أحمد إلى سوء الحفظ، وإنَّما ذكره استشهادًا ومتابعةً، وسيجيء بقيَّة كلام شيخنا قريبًا [20].

    وفائدة هذا التَّعليق صورةً المحمولُ على السَّماع: أنَّ هشيمًا

    [ج 1 ص 164]

    مدلِّسٌ، وقد عنعن في السَّند الأوَّل عن حميد، ويحيى بن أيُّوب في السَّند الثَّاني صرَّح بالتَّحديث.

    وفائدة ثانية: وهي أنَّ حميدًا مدلِّس أيضًا، وقد قال شعبة: إنَّه لم يسمع من أنس إلَّا أربعة وعشرين حديثًا، والباقي سمعه من ثابت، أو ثبَّته فيها ثابت، فجاء بما علَّقه صورة عنِ ابن أبي مريم؛ لأنَّ فيه تصريحَ حميد بالسَّماع من أنس، والله أعلم.

    (1/1039)

    وأمَّا (يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ) هذا؛ فهو الغافقيُّ، ومَنْ اسمه (يحيى بن أيُّوب) في السِّتَّة أو بعضها؛ هذا الغافقيُّ وهو المراد هنا، ويحيى بن أيُّوب أبو زكريا المصريُّ، أخرج له النَّسائيُّ فقط، ويحيى [21] بن أيُّوب بن أبي زرعة [22] بن عمرو بن جرير البجليُّ [23] علَّق له البخاريُّ في أول كتاب «الأدب»، وأخرج له أبو داود والتِّرمذيُّ، ويحيى بن أيُّوب المقابريُّ، أخرج له مُسْلِم وأبو داود، (وقد تقدَّم ذلك قريبًا مختصرًا) [24]، فأمَّا المراد هنا؛ فيحيى بن أيُّوب الغافقيُّ، أبو العبَّاس المصريُّ، مولى بني أميَّة، وأحد علماء مصر، فقال أحمد: سيِّئ الحفظ، وهو دون حيوة [25]، وقال ابن مَعِين مرَّة: ثقة، ومرَّة: صالح، وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدق، ولا يُحتجُّ به، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وله ترجمة في «الميزان»، وقد عُلِّم عليه في «التَّذهيب»، و «الكاشف»، و «الميزان»: (ع)؛ يعني: أنَّ أصحاب السِّتَّة _وهم الجماعة_ أخرجوا له.

    وقد تقدَّم هل قال فيه: (حَدَّثَنَا) أو قال: (قال ابن أبي مريم)، وقد تقدَّم أنَّه كذلك تعليقًا في (التَّفسير)، قال شيخنا الشَّارح _كما تقدَّم_: وهو الظَّاهر؛ لأنَّ يحيى لَمْ يحتجَّ به البخاريُّ، ونسبه أحمد إلى سوء الحفظ، وإنَّما ذكره؛ استشهادًا ومتابعةً، وإنْ وقع في كلام ابن طاهر أنَّه أخرج له مع مسلم؛ فقد ذكره في «أفراد مسلم»، وأغرب صاحب «الكمال» فقال: (روى له الجماعة إلَّا مسلمًا)، وقال في «التَّهذيب»: (روى له الجماعة)، وأطلق، (وكذلك «التَّذهيب» و «الكاشف» و «الميزان»، والله أعلم) [26]، قال الغسَّانيُّ: يحيى بن أيُّوب، ويحيى بن أيُّوب، ويحيى بن أيُّوب ثلاثة رجال _[ولم يذكر الرَّابع؛ لأنَّه لا يلزمه؛ لأنَّه إنَّما يتكلَّم على «البخاريِّ» و «مسلم» فقط] [27]_؛ فالأوَّل منهم: الجريريُّ، فهذا ذكره البخاريُّ مستشهدًا به في أوَّل «الأدب»، والثَّاني: أبو العبَّاس المصريُّ، أسند عنه مُسْلِم، وعلَّق له البخاريُّ، والثَّالث: المقابريُّ، شيخ مُسْلِم، تفرَّد به [28]، انتهى ملخَّصًا.

    ==========

    [1] في (ب): (هشام)، وهو تحريفٌ.

    [2] (قوله): سقطت من (ب).

    [3] (بدر): سقطت من (ج).

    [4] (عن أنس): ليس في (ب).

    [5] كتب في هامش (أ) و (ج): (التلاوة: {فتبارك}).

    [6] في (ب): (وكان).

    [7] في (ج): (ونزل).

    [8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [9] في (ب): (عنه).

    (1/1040)

    [10] في (ب): (مفردة).

    [11] في (ب): (عمن).

    [12] (عليه): ليس في (ب).

    [13] في (ب): (أو).

    [14] زيد في (ب): (لهم).

    [15] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [16] في (ج): (موقوفًا)، وهو تحريفٌ.

    [17] في (ج): (يجوز أنَّه قد).

    [18] في (ج): (و).

    [19] (يعني: تعليقًا): ليس في (ب).

    [20] في هامش (أ): (حاشية: يُقرأ بعد «لِما» التخريجة التي أوَّلها: «قال شيخنا»، ويُقرأُ بعدُ قوله: «في الهامش وفي أصلنا الدمشقيِّ»، ويُقرأ بعده: «وهذا التعليق ذكره البخاريُّ ... » إلى آخر التخريجة، وبعدها: «وفائدة هذا التعليق»، والله أعلم)، ولعلَّ المثبت الموافق لما في (ب) و (ج) هو الصَّواب.

    [21] في (ب): (وهو يحيى).

    [22] (بن أيوب بن أبي زرعة): سقط من (ب).

    [23] في (ب): (العجلي)، وهو تحريفٌ.

    [24] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [25] في (ب): (حي)، وفي (ج): (حيية)، وكلاهما تحريفٌ.

    [26] ما بين قوسين سقط من (ب).

    [27] ما بين قوسين جاء في (ب) و (ج) بعد قوله: (انتهى ملخصًا).

    [28] في (ب): (رواية) بدل (تفرد به).

    (1/1041)

    [حديث: بينا الناس بقباء في صلاة ... ]

    403# قوله: (بِقُبَاءٍ): تقدَّم أنَّ (قُبَاء) مذكَّر منوَّن مصروف، هذه اللُّغة الفصيحة المشهورة، وحكى صاحب «المطالع» فيه لغة أخرى؛ وهي القصر، عنِ الخليل، وأخرى: وهي التَّأنيث وترك الصَّرف، والمختار ما تقدَّم، وهو على ثلاثة أميال من المدينة المشرَّفة.

    قوله: (فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ): قال الدِّمياطيُّ: (كذلك رواه مُسْلِم والنَّسائيُّ من حديث مالك عنِ ابن دينار، وكذلك رواه مُسْلِم من حديث حمَّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس: أنَّها صلاة الصُّبح، فيُقدَّم على حديث البراء الذي فيه أنَّها العصر) انتهى، وقد تقدَّم في أيِّ صلاة كان التَّحويل في (بابٌ: الصَّلاة من الإيمان).

    قوله: (إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ): تقدَّم الخلاف فيه في الباب المشار إليه أعلاه، وقد تعقَّب ذلك ابن شيخنا البلقينيِّ فقال: (وهذا فيه نظر؛ لأنَّ ذلك هو الآتي في العصر بمسجد بني سلمة، فيحتاج إلى دليل) انتهى.

    قوله: (قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ): (أُنزِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (قرآنٌ): قائم مقام الفاعل.

    قوله: (وَقَدْ أُمِرَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قوله: (فَاسْتَقْبَلُوهَا [1]): قال ابن قُرقُول: (بفتح الموحَّدة لغير يحيى، كذا أصلحه ابن وضَّاح، وكذلك رواه غير الأصيليِّ في «البخاريِّ» من سائر رواته، وكذلك قيَّدناه عن أبي بحر عنِ العذريِّ في «مسلم»، وبالكسر على الأمر رُوِّيناه عن يحيى، وعن الأصيليِّ في «البخاريِّ»، وعن غير أبي بحر) انتهى.

    وقال النوويُّ: (إنَّ الكسر أصحُّ وأشهر، وهذا الذي يقتضيه تمام الكلام بعده).

    ==========

    [1] في هامش (ق): (حاشية: (فاستقبلولها)؛ بفتح الباء في «البخاريِّ» من سائر رواياته غير الأصيليِّ، فإنَّه رواه بكسرها).

    [ج 1 ص 165]

    (1/1042)

    [حديث: صلى النبي الظهر خمسًا فقالوا: أزيد في الصلاة؟]

    404# قوله: (عَنْ يَحْيَى): الظَّاهر أنَّ هذا هو [1] يحيى بن سعيد القطَّان، الإمام في الحديث، فإنْ كان هو؛ فقد تقدَّم بعض الشَّيء من ترجمته.

    قوله: (عَن الحَكَمِ): هو ابن عتيبة الإمام، تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم وَهم البخاريِّ فيه.

    قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم قريبًا أنَّه النَّخعيُّ.

    قوله: (عَنْ عَلقَمَةَ): تقدَّم قريبًا أنَّه ابن قيس، أبو شبل، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عن عَبْدِ الله): تقدَّم قريبًا أنَّه ابن مسعود رضي الله عنه، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (فَثَنَى رِجْلَيْهِ): (ثَنَى) [2]؛ بتخفيف النُّون، وهذا ظاهر [3]، وقد تقدَّم بمقلوبها.

    ==========

    [1] (هو): ليس في (ب).

    [2] (ثنى): ليس في (ب).

    [3] زيد في (ج): (جدًّا).

    [ج 1 ص 165]

    (1/1043)

    [باب حك البزاق باليد من المسجد]

    قوله: (بَابُ حَكِّ البُزَاقِ): تقدَّم أنَّ (البزاق) فيه لغات ثلاث: بالزاي، والصَّاد، والسِّين.

    ==========

    [ج 1 ص 165]

    (1/1044)

    [حديث: إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه]

    405# قوله: (عن حُمَيْدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الطَّويل حميد بن تير، وقيل: تيرويه، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (رَأَى نُخَامَةً): هي بضمِّ النُّون: من الصَّدر؛ وهو البلغم اللَّزج، وقد تقدَّم أنَّ النُّخاعة والنُّخامة شيء واحد عند ابن الأنباريِّ، وأنَّ منهم من قال: النُّخاعة من الصَّدر، والنُّخامة من الرَّأس.

    [قوله: (فِيْ القِبْلَةِ [1]): اعْلَم أنِّي رأيت في «تاريخ المدينة المشرَّفة» للمطريِّ: أنَّ المسجد الذي رأى فيه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم النُّخامة في قبلته؛ قال: وهذا المسجد بعيد عن مسجد الفتح من جهة الغرب على رابية في شفير وادي العقيق وحوله خراب عتيق على الحرَّة، يُعرَف موضعه بالقاع، وحوله آبار ومزارع تُعرَف بالعرض في قبلة مزارع الجرف المعروفة [2]، والمسجد المذكور في قرية بني [3] سلِمة، ويقال: خَرِبا، ثُمَّ قال: قلت: وفي هذا المسجد وهو مسجد بني حرام من بني سلِمة رأى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم النُّخامة، فحكَّها بعُرجون كان في يده، ثُمَّ دعا بخلوق، فجعله على رأس العرجون، ثُمَّ جعله على موضع النُّخامة، فكان أوَّل مسجد خُلِّق، انتهى] [4]

    قوله: (رئِيَ): هو بضمِّ الرَّاء، ويجوز كسرها، وهما نسختان في أصلنا وفي الهامش، الأولى في الأصل، والثَّانية في الهامش.

    قوله: (عن يَسَارِهِ): تقدَّم أنَّها بفتح الياء وتكسر، وهذا في غير المسجد، أمَّا فيه؛ فلا يبزقنَّ إلَّا في ثوبه، كذا قاله النَّوويُّ، وساق الأحاديث الدَّالة على أنَّه فيه.

    (1/1045)

    [حديث: إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه]

    406# قوله: (فَإِنَّ الله قِبَلَ وَجْهِهِ): (قِبَل)؛ بكسر القاف، وفتح الموحَّدة؛ أي: قبالة؛ ومعناه: أنَّ الجهة التي عظَّمها الله قبل وجهه، وقيل: قِبَلَه اللهُ، وقيل: ثوابه، ونحو هذا، فلا تُقابَل الجهةُ بالبصاق الذي هو الاستخفاف [1] بمَنْ يبزق إليه، وإهانتُه، وتحقيرُه.

    ==========

    [1] في (ج): (الاستحياء و).

    [ج 1 ص 165]

    (1/1046)

    [باب حك المخاط بالحصى من المسجد]

    قوله: (إِنْ وَطِئْتَ): هو بكسر الطَّاء، ثُمَّ همزة ساكنة، والتَّاء مفتوحة للخطاب.

    ==========

    [ج 1 ص 165]

    (1/1047)

    [حديث: إذا تنخم أحدكم فلا يتنخمن قبل وجهه ولا عن يمينه]

    408# 409# قوله: (أخبرنا ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهْرِيُّ محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب.

    قوله: (عن حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَاهُ): (حميد بن عَبْد الرَّحمن): هو ابن عَبْد الرَّحمن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أمُّه أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، روى عن أبويه، وعمر، وأبي هريرة، وعنه: ابنه عَبْد الرَّحمن، والزُّهْرِيُّ، وقتادة، تُوفِّي سنة خمس وتسعين، روى له الجماعة.

    واعلم أنَّ كلَّ مكان من هذا «الصَّحيح» فيه: حميد بن عَبْد الرَّحمن؛ فهو هذا، وقد روى أحاديث في «البخاريِّ»، و «مسلم»، وغيرهما، وأنَّ حميد بن عَبْد الرَّحمن الحِمْيَرِيَّ البصريَّ الذي يروي عن أبي هريرة وأبي بكرة، وعنه: أبو بشر وأبو التَّيَّاح، قال ابن سيرين: هو أفقه أهل البصرة؛ ليس له شيء في «البخاريِّ» عن أبي هريرة، بل ولا في الكتب السِّتَّة عن أبي سعيد، وإنَّمَا روى له مُسْلِم عن أبي هريرة حديثًا واحدًا: «أفضل الصِّيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم، وأفضل الصَّلاة بعد الفريضة صلاة اللَّيل»، وهو في «مسلم»، و «أبو داود» و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، و «التِّرمذيِّ»، وهذا ليس في «البخاريِّ»، فحميد بن عَبْد الرَّحمن الحميري ليس له في «البخاريِّ» شيء عن أبي هريرة، إنَّمَا [1] الذي له عن أبي هريرة في «البخاريِّ» حميد بن عَبْد الرَّحمن بن عوف الزُّهْرِيُّ؛ فاعلمه.

    قوله: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ): (أَبَو هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، وتقدَّم أنَّ (أَبَا سَعِيدٍ) هو سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ؛ بالدَّال المهملة، صحابيَّان مشهوران رضي الله عنهما.

    قوله: (رَأَى نُخَامَةً): تقدَّم أعلاه ما النُّخامة، وما النُّخاعة.

    قوله: (قِبَلَ وَجْهِهِ): بكسر القاف، وفتح الموحَّدة؛ أي: قبالة، وقد تقدَّم.

    [ج 1 ص 165]

    قوله: (أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى): تقدَّم قريبًا ما قاله النَّوويُّ رحمه الله.

    ==========

    [1] في (ج): (وإنَّما).

    (1/1048)

    [باب: لا يبصق عن يمينه في الصلاة]

    (1/1049)

    [حديث: لا يتفلن أحدكم بين يديه ولا عن يمينه]

    412# قوله: (لَا يَتْفِلَنَّ [1]): هو بكسر الفاء وضمِّها.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (حاشية: قال الجوهري في «صحاحه»: قال: يتفِل ويتفل ضبطه بالضم).

    [ج 1 ص 166]

    (1/1050)

    [باب ليبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى]

    (1/1051)

    [حديث: أن النبي أبصر نخامة في قبلة المسجد فحكها بحصاة]

    414# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تقدَّم مرارًا أنَّه عليُّ بن عَبْد الله بن جعفر بن نجيح ابن المَدينيِّ، الحافظ الإمام.

    قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، الإمام المشهور، تقدَّم شي من ترجمته.

    قوله: (حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن شهاب محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم المشهور.

    قوله: (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم قريبًا جدًّا أنَّ هذا الزُّهْرِيُّ، وأنَّه ليس في الكتب السِّتَّة حميد بن عَبْد الرَّحمن الحِمْيريُّ عن أبي سعيد.

    قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم قبيله أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، الصَّحابيُّ الشَّهير، رضي الله عنه.

    قوله: (وَعن الزُّهْرِيِّ: سَمِعَ حُمَيْدًا عن أَبِي سَعِيدٍ نَحْوَهُ): الذي ظهر أنَّ هذا رواه البخاريُّ أيضًا بالسَّند الذي قبله [1]: (عليٌّ عن سفيان به)، وليس تعليقًا؛ لأنَّه لو كان تعليقًا؛ لقال: (وقال الزُّهريُّ)، ثمَّ إنِّي راجعت «أطراف المزِّيِّ»؛ فرأيته قال: البخاريُّ في (الصلاة): عن موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد، وعن عليِّ بن عبد الله ... ؛ يعني: هذه الطريق التي نحن فيها عن سفيان ابن عيينة، وعن يحيى ابن بكير، عنِ الليث، عن عقيل؛ ثلاثتهم عنِ الزُّهريِّ عنه؛ يعني: عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي سعيد وأبي هريرة، ولم يذكر سفيانُ أبا هريرة، انتهى، ومراده هذه الطريق التي نحن فيها، فإنَّ فيها: عليًّا عن سفيان، وأخرجه مسلم في (الصلاة): عن يحيى بن يحيى، وأبي بكر ابن أبي شيبة، وعمرو النَّاقد؛ ثلاثتهم عن سفيان به، وأخرجه النَّسائيُّ فيها: عن قتيبة عن سفيان به.

    وفائدة هذا: أنَّ الزُّهْرِيَّ مدلِّسٌ، وقد عنعن في الأوَّل عن حميد، وإنْ قبل الأئمَّة قوله: (عن) [2] مطلقًا، فأتى بهذا؛ لأنَّه صرَّح فيه بالتَّحديث من حميد، والله أعلم.

    ==========

    [1] (بالسند الذي قبله): سقط من (ب).

    [2] (عن): ليست سقطت من (ب).

    [ج 1 ص 166]

    (1/1052)

    [باب دفن النخامة في المسجد]

    (1/1053)

    [حديث: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه]

    416# قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الميم، وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ هَمَّامٍ): هو همام بن مُنبِّه _بكسر الباء الموحَّدة المشدَّدة [1]، اسم فاعل_ ابن كامل اليماني الأبناويُّ الصَّنعانيُّ، عن أبي هريرة ومعاوية، وعنه: ابن أخيه عَقِيل بن معقل ومَعْمَر، تُوفِّي سنة (132 هـ)، صدوق، أخرج له الجماعة.

    قوله: (سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَة): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا): رأيت في كلام المنذريِّ على «أبي داود»: (الحكمة أنَّه ذكر الملَك عنِ اليمين، ولم يذكر أنَّ ملَكًا على الشَّمال؛ لأنَّه في حالة الصَّلاة ليس ثَمَّ ما [2] يكتب ملك الشَّمال [3]) انتهى، وقال شيخنا المؤلف: بيَّن فيه علَّة ذلك؛ وهو إكرام [4] الملك وتنزيهُه؛ لا يقال: إنَّ مفهومه أنَّه ليس على يساره مَلَك، انتهى.

    قوله: (فَيَدْفِنَهَا): هو بنصب (يدفنَ)؛ لأنَّه جواب الأمر، وكان قبل هذه السَّاعة مرفوعًا في أصلنا بالقلم، وهو جائز، ثُمَّ أُصلِح على النَّصب.

    ==========

    [1] في (ج): (والمشددة).

    [2] في (ج): (ملك).

    [3] في (ج): (اليمين).

    [4] في (ج): (إلزام).

    [ج 1 ص 166]

    (1/1054)

    [باب: إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه]

    قوله: (إِذَا بَدَرَهُ البُزَاقُ): اعلم أنَّ بعض العلماء قد واخذه بأنْ قال: («بَدَرَ» إنَّمَا يتعدَّى بـ «إلى»، يقال: بدر إلى كذا، وبادر به، ولا يقال: بدر به، وأجيب عنه: بأنَّ هذا يُستعمَل في باب المغالبة؛ لأنَّه يقال: بادرت البصاق؛ فبدرني؛ أي: سبقني وغلبني) انتهى [1]

    ==========

    [1] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة بعد فقرة قوله: (حدثنا زهير ... ).

    [ج 1 ص 166]

    (1/1055)

    [حديث: إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنما يناجي ربه]

    417# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو ابن معاوية الجعفيُّ أبو خيثمة، الكوفيُّ، تقدَّم شيء من ترجمته.

    قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه الطَّويل، ابن تير، ويقال: تيرويه، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (وَرُئِيَ): هو بضمِّ الرَّاء، ثُمَّ همزة مكسورة، وفي نسخة: «رِيْءَ»؛ بكسر الرَّاء، ثُمَّ همزة مفتوحة، وقد تقدَّم.

    قوله: (كَرَاهِيَةٌ): الكراهِيَة: بتخفيف الياء معروفة، وحكى أبو زيد: (كراهي).

    قوله: (عَنْ يَسَارِهِ): تقدَّم كلام النَّوويِّ فيه قبله بقليل.

    ==========

    [ج 1 ص 166]

    (1/1056)

    [باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة]

    قوله: (وَذِكْرِ القِبْلَةِ): هو بالجرِّ معطوف على (عظة).

    (1/1057)

    [حديث: هل ترون قبلتي هاهنا؟! فوالله ما يخفى علي .. ]

    418# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنّه بالنُّون وأنَّ اسمه عَبْد الله بن ذكوان، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن هرمز، المشهور.

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (خُشُوعُكُمْ): سيأتي الكلام على الخشوع في بابه إن شاء الله تعالى.

    قوله: (مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي): اعلم أنَّه من خصائصه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه ينظر من وراء ظهره كما ينظر أمامه، وقال النوويُّ في «شرح مسلم» في (باب الأمر بتحسين الصَّلاة): (قَالَ العُلَمَاء: إنَّ الله تَعَالَى خَلَقَ لَهُ إِدْرَاكًا في قَفَاهُ يُبْصِر بِهِ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَد انْخَرَقَتِ العَادَةُ لَهُ صلَّى الله عليه وسلَّم بِأَكْثَر مِنْ هذا، وَلَيْسَ يَمْنَع مِنْ هذا عَقْل وَلَا شَرْع، بَل وَرَدَ الشَّرْع بِظَاهِرِهِ، فَوَجَبَ القَوْل بِهِ، قَالَ القَاضِي عياض: قَالَ أحمد ابن حنبل وَجُمْهُور العُلَمَاء: هَذِهِ الرُّؤْيَة رُؤْيَة بِالعَيْنِ حَقِيقَة) انتهى، وفي «مُسْلِم»: «إنِّي لأبصر من ورائي كما أبصر [1] من بين يديَّ»، وعن «الشَّامل»: أنَّ معناه: الحسُّ والتَّحفُّظ، قال شيخنا الشَّارح في «الخصائص»: ومن الغريب المستفاد ما ذكره الزَّاهديُّ [2]_مختار بن محمود الحنفيُّ، شارح «القدوري» ومصنِّف «القنية» _ في «رسالته النَّاصريَّة»: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان بين كتفيه عينان مثل سَمِّ الخياط، فكان يُبصِر بهما، ولا تحجبهما الثِّياب) انتهى.

    فائدة شاردة: ذكر في هذه الرِّسالة [3] أيضًا أنَّ من معجزاته صلَّى الله عليه وسلَّم إنباتَ النَّخلة في سنام البعير وإدراكَ ثمرها في الحال، ثُمَّ يناولها [4] الحاضرين، فمن عَلِم الله أنَّه [5] يؤمن؛ كانت التَّمرة في فمه حلوة، ومن عَلِم الله [6] أنَّه لا يؤمن؛ عاد حجرًا في فمه، انتهى.

    (1/1058)

    تنبيه: ذكر القاضي في «الشِّفا» أنَّ سائر الأنبياء كذلك؛ يعني: رؤيتهم من ورائهم كما ينظرون أمامهم، وذكر قصَّة كلام الله لموسى أنَّه بعد الكلام كان [7] يرى النَّملة السَّوداء في اللَّيل على الصَّفا من مسيرة عشرة فراسخ، قال: وهذا ينبغي أن يكون بعد الإسراء، انتهى، (يعني: في رؤيته عليه الصَّلاة والسَّلام من ورائه كما ينظر [8] أمامه) [9].

    (1/1059)

    [حديث: إني لأراكم من ورائي كما أراكم]

    419# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وهذا ظاهر.

    قوله: (ثُمَّ رَقِيَ المِنْبَرَ): هو بكسر القاف وفتحها، قال في «المطالع»: (رقي: بكسر القاف وفتحها في المستقبل، وضبطناه عنِ ابن عتَّاب وابن حمدين: (فرقَى)، وكلاهما مقولان، والأوَّل أفصح، والهمز مع فتح القاف لغة طيِّئ) انتهى، وقد تقدَّم.

    ==========

    [ج 1 ص 166]

    (1/1060)

    [باب هل يقال: مسجد بنى فلان؟]

    (1/1061)

    [حديث: أن رسول الله سابق بين الخيل التي أضمرت من الحفياء]

    420# قوله: (سَابَقَ بَيْنَ الخَيْلِ الَّتِي أُضْمِرَتْ): هو بضمِّ الهمزة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، يقال: ضمَّرتُ الفرسَ وأضمرتُّه [1]؛ وهو الذي يُسمَّن أوَّلًا [2]، ثُمَّ يُقصَر بعد ذلك على قُوْتِه، ويُحبَس في بيت، ويُعرَّق؛ ليصلبَ لحمُه، ويذهب رهلُه ورخاوتُه، وفي «الصِّحاح»: (وتضمير الفرس [3]: أنْ تعلفه [4] حتَّى يسمن، ثُمَّ تردَّه [5] إلى القُوْت وذلك في أربعين يومًا، وهذه المدَّة تسمَّى: المضمار، والموضع الذي يُضمَر فيه الخيلُ أيضًا: مضمار).

    [تنبيه: سابق النَّبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام بين الخيل في السَّنة الخامسة من الهجرة، قاله [6] أبو الفتح اليعمريُّ في «سيرته»، وسيأتي أيضًا] [7].

    قوله: (مِن الحَفْيَاءِ): هي بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ممدود ومقصور، قال الدِّمياطيُّ: (الحفياء: يُمَدُّ ويُقصَر،

    [ج 1 ص 166]

    قال البخاريُّ: قَالَ سُفْيَانُ [8]: بَيْنَ الحَفْيَاءِ إلى الثَّنِيَّةِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ، وقال ابن عقبة: ستَّةٌ أو سبعةٌ) انتهى، وما قاله الدِّمياطيُّ هو في «المطالع» بزيادةٍ؛ وهي: (ضبطه بعضهم: بضمِّ الحاء والقصر، وهو خطأ) انتهى.

    قوله: (مِن الثَّنِيَّةِ إلى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ): المراد بـ (الثَّنيَّة): ثنيَّة الوداع المذكورة قبله، وبين الثَّنية ومسجد بني زريق ميلٌ، و (زُرَيق)؛ بتقديم الزَّاي المضمومة على الرَّاء المفتوحة، وزُرَيق هذا في نسب الأنصار، وهو زريق بن عبيد بن حارثة بن مالك بن غضب بن جُشَم بن الخزرج، وكلُّ شيء في نسب الأنصار؛ فهو بتقديم الزاي على الرَّاء.

    قوله: (الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ): هو بإسكان الضَّاد المعجمة وإنْ كان يجوز فيه: ضمَّرته [9]، إلَّا أنَّ الرَّاوي استعمل هنا: أضمر، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ج): (وأطمرته).

    [2] كتب فوقها في (أ): (لعله).

    [3] زيد في (ب): (وأضمرته وهو الذي).

    [4] (أن): ليس في (ب)، وفي (ب): (يعلفه).

    [5] في (ب): (رده).

    [6] في (ب): (قال).

    [7] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [8] في (ج): (شعبان)، وهو تحريف.

    [9] في (ج): (ضمَّره).

    (1/1062)

    [باب القسمة وتعليق القنو في المسجد]

    قوله: (وَتَعْلِيقِ القِنْوِ)، وكذا قوله: (القِنْوُ العِذْقُ): (القِنْو)؛ بكسر القاف، وحُكِي: ضمُّها، وإسكان النُّون، وبالواو، و (العِذق)؛ بكسر العين: الكِباسة _بكسر الكاف، وبالموحَّدة_؛ وهو العُرجون، وهو من التَّمر بمنزلة العنقود من العنب.

    فائدة: لم يذكر البخاريُّ في الحديث الذي ذكره (القِنْو) الذي بوَّب عليه، قال بعضهم: أُنسيه، وقال بعضهم: أغفله، ثُمَّ قال: وتعليق (القِنْو) في المسجد أمر مشهور، وقد يقال: أخذه من وضع المال في المسجد بجامع أنَّ كلًّا منهما وُضِع؛ للأخذ، وقد ذكر ابن قتيبة: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام خرج فرأى أقناءً مُعلَّقةً في المسجد، ومن عادة البخاريِّ الإحالةُ على أصل الحديث، وذكر ثابت في «غريبه» أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أمر من كلِّ حائط بقِنْو يُعلَّق في المسجد؛ ليأكل منه مَنْ لا شيء له، قال: وكان عليها على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم معاذ بن جبل، انتهى.

    والظَّاهر: أنَّه إنَّما أشار البخاريُّ إلى ما رواه أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه من حديث عوف بن مالك الأشجعيِّ قال: (خَرَجَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وَبِيَدِهِ عَصًا، وَقَدْ عَلَّقَ رَجُلٌ قِنْوَ حَشَفٍ' فَجَعَلَ يَطْعن في ذَلِكَ القِنْوِ، وقَالَ: «لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ؛ تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْ هذا، إِنَّ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ يَأْكُلُ حَشَفًا يَوْمَ القِيَامَةِ»).

    قوله: (وَالِاثْنَانِ قِنْوَانِ): هو بكسر القاف [1]: تثنية (قِنْو) كما قال.

    قوله: (وَالجَمَاعَةُ [2]: قِنْوَانٌ؛ مِثْلَ: صِنْوٍ وَصِنْوَانٍ): (قِنْوَانٌ): مرفوع منوَّن، و (صِنْوٍ)؛ بكسر الصَّاد؛ كقِنْو، و (صِنْوان)؛ بكسر الصَّاد أيضًا: مرفوع منوَّن، والصِّنو: إذا خرج نخلتان وثلاث من أصل واحد، وكلُّ واحدة منهن: صِنو، والاثنان: صنوان، والجماعة: صنوانٌ، منوَّن النُّون.

    ==========

    [1] في النسخ: (النون)، ولعل المثبت هو الصواب.

    [2] زيد في هامش «اليونينية» وهامش (ق): (أيضًا).

    [ج 1 ص 167]

    (1/1063)

    [حديث: أتي النبي بمال من البحرين فقال: انثروه في المسجد]

    421# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ _ يَعْنِي: ابْنَ طَهْمَانَ_ عن عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ): كذا في أصلنا غير أنَّ على (يعني: ابْنَ طَهْمَانَ) وهو توضيحه: (نسخة)، وعليها علامة راويها، قال الحافظ جمال الدِّين المِزِّيُّ: البخاريُّ في (الصَّلاة)، وفي (الجهاد)، وفي (الجزية)، وَقَالَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عن عَبْدِ العَزِيزِ عن أَنَسٍ بهذا؛ يعني: أُتِيَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بِمَالٍ مِن البَحْرَيْنِ [1]، فَقَالَ: «انْثُرُوهُ في المَسْجِدِ ... »؛ الحديث بطوله، قال المِزِّيُّ: هكذا هو في «البخاريِّ» غير منسوب، وذكره أبو [2] مسعود الدِّمشقيُّ وخلف الواسطيُّ في ترجمة عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عن أَنَسٍ، وكذلك رواه عمر بن محمَّد بن بجير البجيريُّ في «صحيحه» من رواية إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ عن عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عن أَنَسٍ، وقيل: إنَّه عَبْد العزيز بن رُفيع، وقد روى أبو عوانة في «صحيحه» حديثًا من رواية إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ عن عَبْدِ العَزِيزِ بن رفيع عن أَنَسٍ: «تَسَحَّرُوا؛ فَإِنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً»، وروى أبو داود والنَّسائيُّ حديثًا من رواية إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ، عن عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عن عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عن عَائِشَةَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا في إِحْدَى ثَلَاثٍ»، فيحتمل أن يكون هذا، ويحتمل أن يكون هذا [3]، والله أعلم أيُّهما هو) انتهى.

    وقد ذكرت لك أنَّه [4] في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ مصرَّحٌ فيه بـ (ابن صهيب) بلا خلاف فيه، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، والله أعلم.

    [قوله: (بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ): قال بعض حفَّاظ العصر: في «ابن أبي شيبة» بسند جيِّد مع إرساله: أنَّ المال كان مئة ألف، والمُرسَل به العلاء بن الحضرميِّ من الخراج، وفي «الرِّدَّة» للواقديِّ: أنَّ الرَّسول به العلاءُ بن جارية الثَّقفيُّ، وسيأتي هذا بزيادة كثيرة ضمن (باب الجزية والمُوَادَعَةِ) إن شاء الله تعالى] [5].

    قوله: (مِنَ البَحْرَيْنِ): هو بلفظ التَّثنية، بلاد معروفة باليمن، وهو عَمَل فيه مدن، قاعدتها هَجَر، وقد تقدَّمت بما فيها.

    (1/1064)

    قوله: (فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا): عَقِيل؛ بفتح العين: ابن أبي طالب أخو عليٍّ وإخوته، تقدَّم، وقد أسلم وصحب قبل الحديبية، وفادى أيضًا نوفل بن الحارث بن [6] عَبْد المطَّلب، وهو ابن أخيه أيضًا، [وهو صحابيٌّ، ذكره فيهم أبو عمر، وكان أسنَّ بني هاشم الصَّحابة، أسلم وهاجر أيَّام الخندق، وقيل: بل هو الذي فدى نفسه برماحه، وشهد الفتح وحُنين، وثبت في حُنين، وشهد الطَّائف، تُوفِّي بالمدينة سنة (15 هـ) في خلافة عُمر [7]، وصلَّى عليه عُمر، ومشى معه إلى البقيع، ووقف على قبره حتَّى دُفِنَ] [8]، والفداء كان في أسرى بدر [9] من أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين [10] إلى ألف درهم، وكان يُفادَى بهم على قدر أموالهم، وكان أهل مكَّة يكتبون، وأهل المدينة لا يكتبون، فمن لم يكن عنده فداءٌ؛ دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلِّمهم، فإذا حَذِقُوا؛ فهو فداؤه، وفي آخر (الجهاد) من «المستدرك» للحاكم: أنَّ فِدَاءَ الجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعُ مِئَةٍ، [وكذا في «أبي داود» و «النَّسائيِّ»، وهذا] [11] في «تلخيص المستدرك» للذهبيِّ، ثُمَّ قال: على شرط البخاريِّ ومسلم، [وقد أخرجه مرَّتين في «النَّسائيِّ»؛ الأوَّل: بسند فيه أبو العنبَسِ عن أَبِي الشَّعْثَاءِ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، والثَّاني: كذلك من الطَّريق غير أنَّ الرَّاوي عن شعبة في الأوَّل سُفْيَانُ، والحاكم عن ابْنُ حَبِيبٍ، وفي الثَّاني أبو بحر البكراويُّ، وقال في الثَّاني: صحيحٌ] [12].

    قوله: (يَرْفَعُهُ): هو بالجزم، جزاء، ويجوز رفعه.

    قوله: (قَالَ: لَا): قيل: لَمْ يأمر بذلك؛ زجرًا له عنِ الحرص على الكثرة حتَّى لا يأخذ فوق حاجته، وكذا امتنع هو أيضًا من رفعه عليه [13]؛ لئلَّا يعينه على ما لا يختاره له، والله أعلم.

    قوله: (كَاهِلِهِ): الكاهل من الإنسان: ما بين كتفيه، وقيل: موضع العنق في الصُّلب، وهو الكتد، قال الخليل: هو مُقَدَّمُ أعلى الظَّهْرِ ممَّا يَلي العُنُقَ، وهو الثُّلث الأعلى، وفيه ستُّ فِقارات.

    قوله: (وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ): (ثَمَّ)؛ بفتح الثَّاء، وقد تقدَّم أن معناها: هناك.

    ==========

    [1] في (ج): (البحر).

    [2] في (ج): (ابن)، وليس بصحيح.

    [3] (ويحتمل أن يكون هذا): سقطت من (ب).

    [4] في (ج): (أنَّ).

    [5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [6] في (ج): (من)، وزيد فيها: (أهل).

    [7] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

    (1/1065)

    [8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [9] (في أسرى بدر): سقطت من (ب).

    [10] في (ب): (الألفين).

    [11] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [12] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [13] في (ب): (عنه).

    [ج 1 ص 167]

    (1/1066)

    [باب من دعا لطعام في المسجد ومن أجاب فيه]

    (1/1067)

    [حديث: وجدت النبي في المسجد معه ناس]

    422# قوله: (آرْسَلَكَ أَبُو طَلحَةَ؟): هو بهمزة ممدودة، هي همزة الاستفهام.

    قوله: (أَبُو طَلحَةَ): تقدَّم أنَّه زيد بن سهل، صحابيٌّ شهير رضي الله عنه، تقدَّم بعض ترجمته.

    ==========

    [ج 1 ص 167]

    (1/1068)

    [باب القضاء واللعان في المسجد بين الرجال والنساء]

    (1/1069)

    [حديث: أن رجلًا قال: يا رسول الله أرأيت رجلًا وجد .. ]

    423# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1]: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (يحيى) هذا: قال الجيَّانيُّ: قال البخاريُّ في (كتاب الصَّلاة) في (باب اللِّعان في المسجد)، وفي (المناقب)، وفي (علامات النُّبوَّة)، وفي (اقرأ)، وفي (اللِّعان)، و (النَّفَقَاتِ)، و (اللِّباس)، و (الأَحْكَامِ): (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ)، نسبه ابن السَّكن: يحيى بن موسى؛ وهو يحيى بن موسى بن عَبْد الله بن سالم أبو زكريَّا الحُدَّانيُّ، يقال له: ختٌّ؛ لقب، ويقال له أيضًا: ابن ختٍّ، ويعرف بالختِّيِّ، وذكره غيره: (أنَّ يحيى عن عَبْد الرَّزاق)؛ في بعض هذه المواضع _يعني: التي ذكرها الجيَّانيُّ_ هو يحيى بن جعفر بن أعين أبو زكريَّا البلخيُّ، ويحيى بن جعفر البخاريُّ، روى البخاريُّ عنهما [عن] عَبْد الرَّزاق في «الجامع»، ووجدنا رواية يحيى بن جعفر عن عَبْد الرَّزاق في (كتاب الاستئذان)، وقال ابن عديٍّ: يحيى بن جعفر هذا: هو قال للبخاريِّ: مات عَبْد الرَّزاق، ولم يكن مات في ذلك الوقت بل كان حيًّا، وكان البخاريُّ متوجِّهًا إليه فانصرف، فلمَّا مات عَبْد الرَّزاق؛ سمع البخاريُّ كتب عَبْد الرَّزاق من يحيى هذا، انتهى، ونقل [2] شيخنا عنِ الجيَّانيِّ القولين: أنَّه ختٌّ أو ابن جعفر، ولم يزد.

    قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الملك بن عَبْد العزيز بن جريج، الإمام المشهور، أحد الأعلام، وتقدَّم بعض ترجمته.

    [ج 1 ص 167]

    قوله: (أَخْبَرَنا ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم [3] أنَّه الزُّهْرِيُّ محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، العالم المشهور.

    (1/1070)

    قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ الله): هذا الرَّجل هو عويمر العجلانيُّ، كما جاء مصرَّحًا به في «الصَّحيح»، قاله الخطيب، وتابعه النَّوويُّ في «مبهماته»، وحكى فيه في «تهذيبه» قولين؛ أحدهما: أنَّه سعد بن عبادة، والثَّاني: عاصم بن عديٍّ، وعن البلقينيِّ إنكار الأوَّل من القولين، وقال: لم يصحَّ هذا عن سعد بن عبادة، ورأيت في «مبهمات» ولده الإمام جلال الدِّين، قال: وهذا مُتعقَّب، وإنَّ سعد بن عبادة لم يقل هذه المقالة، وإنَّما قال: (يا رسول الله؛ أريت الرَّجل يجد مع امرأته رجلًا أيقتله؟ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا»)، رواه مسلم، وفي رواية في «مُسْلِم»: (إنْ وجدت مع امرأتي رجلًا أمهله حتَّى آتيَ بأربعةِ شهداء؟)، قال: وكنية هذه المرأة أمُّ ثابت، كما جاء في «ابن ماجه» في جملة حديث: قيل لأبي ثابت سعد بن عبادة حين نزلت آية الحدود: «أرأيت لو أنَّك رأيت مع أمِّ ثابت رجلًا؟»؛ فذكر الحديث.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينية»: (قال)، وليست في النسخ و (ق).

    [2] في (ب): (وذكر).

    [3] زيد في (ب): (مرارًا).

    (1/1071)

    [باب إذا دخل بيتًا يصلى حيث شاء أو حيث أمر ولا يتجسس]

    قوله: (أَوْ حَيْثُ أُمِرَ): (أُمِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قوله: (وَلَا يَتَجَسَّسُ): كذا في أصلنا بالجيم، وقال بعضهم: بالجيم والحاء، ولم أرَ ذلك في «مطالع ابن قُرقُول».

    ==========

    [ج 1 ص 168]

    (1/1072)

    [حديث: أين تحب أن أصلي لك من بيتك]

    424# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أعلاه.

    قوله: (عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ): (عِتبان)؛ بكسر العين وتضمُّ أيضًا، وهو عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج السَّالميُّ، وقيل في نسبه غير ذلك، تُوفِّي بالمدينة في خلافة معاوية، وخلافته من سنة إحدى وأربعين، وتُوفِّي سنة ستِّين في رجب، ترجمة عِتبان معروفة، وسيأتي قريبًا في كلامي بعضٌ منها.

    ==========

    [ج 1 ص 168]

    (1/1073)

    [باب المساجد في البيوت]

    (1/1074)

    [حديث: أين تحب أن أصلي من بيتك؟]

    425# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابنُ عُفَيْرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ عُفَيرًا [1] بضمِّ العين المهملة؛ مصغَّر.

    قوله: (حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ العين، وأنَّه ليس في «البخاريِّ» عُقَيل _ بالضَّمِّ _ سواه، وتقدَّم ما في «مُسْلِم» من ذلك.

    قوله: (عن ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أعلاه.

    قوله: (قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي): وجاء في رواية: أنَّه عمي، وفي أخرى: ضرير البصر، وفي أخرى: (أصابني في بصري بعضُ الشَّيء)، فيجوز أنَّ يكون أراد بالإنكار والإصابة العمى، ويجوز أنَّ يكون ذهب معظمه، وأطلق عليه عمًى؛ لقربه منه.

    قوله: (وَوَدِدْتُ): هو بكسر الدَّال الأولى، وحُكِي فتحُها؛ ومعناه: تمنَّيت.

    قوله: (فَأَتَّخِذَهُ): هو منصوب في أصلنا بالقلم، ثُمَّ أُصلِح على الضَّمِّ، والضَّمُّ ظاهر، والله أعلم، والنَّصب معطوف على (فأصلِّيَ) قبلها.

    قوله: (على خَزِيْرَةٍ): هي بفتح الخاء المعجمة، وكسر الزاي، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وجاء في رواية أخرى: بحذف تاء التَّأنيث، وفي تفسيرها أقوال؛ منها: أنَّها لحم يُقطَع صغارًا، ويُصبُّ عليه ماء كثير، وإذا نضج؛ ذُرَّ عليه الدَّقيقُ، وسيأتي في هذا الكتاب: أنَّ النَّضر قال: (الخَزِيرَة: من النَّخالة، والحريرة _يعني: بالحاء_ من اللَّبن) انتهى، وكذا قال أبو الهيثم أيضًا، وقال النَّوويُّ: (نخالة فيها غليظ الدَّقيق) انتهى.

    قوله: (فَثَابَ): هو بالثَّاء المثلَّثة في أوَّله، وبالباء الموحَّدة في آخره؛ أي: اجتمع.

    قوله: (مِنْ أَهْلِ [2] الدَّارِ): أي: المحلَّة والقبيلة.

    قوله: (فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ): هذا القائل لا أعرفه.

    قوله: (أَيْنَ مَالِك بْنُ الدُّخَيْشِنِ أَوِ [ابْنُ] الدُّخْشُنِ؟): هو بضمِّ الدَّال المهملة، ثُمَّ خاء مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ شين مكسورة، معجمتين، ثُمَّ نون، كذا في الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ، قال ابن قُرقُول: والدُّخشن، والدُّخشم، والدُّخيشن، والدُّخيشم؛ كلُّ ذلك قيل في والد مالك المتَّهم بالنِّفاق، وليس به نفاق، وقال القاضي: رُوِّيناه: دخشم؛ مكبَّرًا، ودخيشم؛ مصغَّرًا، ورُوِّيناه في غير «مسلم»؛ بالنُّون بدل الميم؛ مكبَّرًا ومصغَّرًا) انتهى.

    (1/1075)

    وقال الغسَّانيُّ: (دُخْشُم؛ بضمِّ الدَّال، وسكون الخاء، وشين معجمة مضمومة: هو مالك من الدُّخشم، ويقال: بالنُّون، ويقال: دِخشِن؛ بكسر الدَّال والشِّين، ويقال مصغَّرًا: الدُّخَيشن، من الأنصار، ثُمَّ من بني عمرو بن عوف، ممَّن شهد بدرًا، وكان يُتَّهم بالنِّفاق، ولا يصحُّ عنه إن شاء الله، هو مذكور في حديث عِتبان بن مالك) انتهى، وهو مالك بن دخشم بن مالك بن غنم الأنصاريُّ، عَقَبيٌّ بَدريٌّ، كذا قال [3] الذَّهبيُّ.

    وقيل في اسم جدِّه: مرضخة، ولعلَّه لقبه، وقال ابن عبد البَرِّ: لَمْ يُختلَف في شهوده بدرًا، واختُلِف في شهوده العقبة، انتهى، وقد نصَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على إيمانه باطنًا، وبراءته من النِّفاق؛ بهذا الحديث.

    قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ [4]: ذَلِكَ مُنَافِقٌ): قال شيخنا الشَّارح: ذكر أبو عمر: أنَّ قائله عِتبان بن مالك، انتهى، والذي قال [5] أبو عمر فيه ذلك: إنَّه عِتبان بن مالك؛ يحتمل أن يكون هو، والظَّاهر أنَّها قصَّة أخرى، ولفظ أبي عمر [6] في ترجمة مالك بن الدُّخشم: وهو الذي أَسرَّ فيه الرَّجل إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أليس يشهد أنْ لا اله إلَّا هو؟»، فقال الرَّجل: بلى؛ ولا شهادة له، فقال له [7] رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أليس يصلِّي؟»، فقال: بلى؛ ولا صلاة له، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أولئك الذين نهاني الله عنهم»، فالرَّجل [8] الذي سارَّ [9] رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عِتبان بن مالك) انتهى.

    والظَّاهر أنَّ هذه قصَّةٌ غير التي في «الصَّحيح»، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت ابن شيخنا البلقينيِّ ذكر أنَّ فيه نظرًا، ومفهوم كلامه أنَّهما قصَّتان.

    قوله: (فَإِنَّ الله قَدْ حَرَّمَ على [10] النَّارِ ... ) إلى آخره: فإن قلت: كيف يُجمَع بين هذا وبين النُّصوص التي فيها تعذيب العاصي من الموحِّدين؟

    والجواب: أنَّه قد ذُكِر في هذا الحديث عنِ الزُّهْرِيِّ أنَّه قال: نزلت بعد ذلك فرائض وأمور نُرَى أنَّ الأمر قد انتهى إليها، أخرجه مسلم، وعند الطَّبرانيِّ أنَّه من كلام عثمان، واعترض ابن الجوزيِّ وقال: إنَّه لا يشفي؛ لأنَّ الصَّلواتِ فُرِضت بمكَّة قبل هذه القصَّة بمدَّة، وظاهر الحديث: يقتضي أنَّ مجرَّد القول يدفع العذاب ولو ترك الصَّلاة.

    (1/1076)

    والجواب: أنَّ من قالها مخلَّصًا؛ فإنَّه لا يترك العمل بالفرائض؛ إذ إخلاص القول حامل على ردِّ اللَّازم، أو أنَّه يحرم عليه خلوده فيها، وقال بعضهم: إذا غُفِر له وتُقبِّل مِنْهُ، أو يكون أراد نار الكافرين، وأنَّها محرَّمة على المؤمنين، والله أعلم، وهذا ملَّخص من كلام شيخنا الشَّارح.

    قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه الزُّهْرِيُّ [11].

    قوله: (ثُمَّ سَأَلتُ الحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ): هو بضمِّ الحاء، وفتح الصَّاد، المهملتين، كذا ذكره غير واحد، قال ابن قُرقُول: ووقع للأصيليِّ والقابسيِّ في «البخاريِّ»: (سألت الحضين بن محمَّد)؛ بضاد معجمة، قال القابسيُّ: ليس في «الكتاب» بالضَّاد غيره [12]، وكذا وجدت عنِ الأصيليِّ قيده، وصوابه _كما للجماعة_ بصاد مهملة، انتهى.

    وهو الحصين بن محمَّد الأنصاريُّ السَّالميُّ، سأله الزُّهْرِيُّ عن حديث محمود بن الرَّبيع عن عِتبان بن مالك، فصدَّقه، أخرج له البخاريُّ ومُسْلِم والنَّسائيُّ في «عمل اليوم واللَّيلة»، قال في «الميزان» ما لفظه: (وأمَّا حصين بن محمَّد السَّالميُّ؛ فمُحتجٌّ به في «الصَّحيحين»، ومع هذا فلا يكاد يُعرَف) انتهى، قال شيخنا الشَّارح في ترجمته: (وذكره ابن حِبَّان في «ثقاته») انتهى، ثُمَّ إنِّي رأيته فيها في التَّابعين، ولم يذكر عنه راويًا سوى الزُّهْرِيِّ، ولا ذكر غيره عنه راويًا سواه، ثم إنِّي رأيته [13] في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ولفظه: (حصين بن محمَّد السَّالميُّ الأنصاريُّ المدنيُّ روى عن عِتبان بن مالك، روى عنه: الزُّهريُّ مُرسَلٌ: سمعت أبي يقول ذلك، انتهى.

    (1/1077)

    قوله: (وهو مِنْ سَرَاتِهِمْ) [14]: هو بفتح السِّين المهملة؛ أي: من رفعائهم وأشرافهم، قال السُّهيليُّ: (وكذلك لا ينبغي أنْ يقال في «سراة القوم»: إنَّه جمع «سُرًى»، لا [15] على القياس، ولا على غير القياس، كما لا يقال ذلك في «كاهل القوم»، والعجب كيف خفي هذا على النَّحويِّين، قلَّد الخالف [16] منهم للسَّالف، فقال: سراة: جمع «سُرًى»، ويا سبحان الله! كيف يكون جمعًا وهم يقولون في جمع سراة: سروات؛ مثل: قطاة وقطوات؟ يقال: هؤلاء من سراة النَّاس، كما يقال: من رؤوس النَّاس، ثُمَّ أنشد بيتًا لقيس بن الخطيم، ثُمَّ قال: ولو كان السَّراة جمعًا؛ ما جُمِع؛ لأنَّ على وزن «فَعَلَة» هذا البناء في الجموع [17] لا يجمع، وإنَّما سرى من السُّرو؛ وهو الشَّرف [18]، فإنْ جُمع على لفظه؛ قيل: سريٌّ وأسرياء؛ مثل: غنيٍّ وأغنياء، ولكنَّه قليلٌ وجوده، لا يُدفَع القياس فيه، وقد حكاه سيبويه) انتهى [19]

    وقال الجوهريُّ: (وجمع السَّريِّ: سراة، وهو جمع [20] عزيز، أنْ يجمع «فعيل» على «فعلة»، ولا يعرف غيره، وجمع السَّراة: سروات) انتهى.

    ==========

    [1] في (ب): (مرارًا أنَّه).

    [2] في (ج): (أبي)، وليس بصحيح.

    [3] في (ب): (قاله).

    [4] في هامش (ق): (قال شيخنا: قال ابن عبد البَرِّ: إنَّ القائل هو عتبان بن مالك).

    [5] في (ج): (قاله).

    [6] في (ج): (عمرو)، وهو تحريف.

    [7] (له): سقطت من (ب).

    [8] في (ج): (قال الرَّجل).

    [9] في (ب) و (ج): (سأل)، وليس بصحيح.

    [10] في (ج): (علي)، وهو تحريف.

    [11] هذه الفقرة جاءت في (أ) متقدِّمة عى قوله: (فإنَّ الله قد حرَّم على النَّار ... ).

    [12] زيد في (ب): (وكذا ذكره غير واحد، قال ابن قُرقُول).

    [13] في (ب): (رأيت).

    [14] زيد في (ب): (قال السُّهيلي)، وضرب عليها في (أ).

    [15] (لا): سقطت من (ب).

    [16] (ج): (المخالف)، وليس بصحيح.

    [17] في (ج): (المجموع).

    [18] في (ب): (شرف).

    [19] (انتهى): ليس في (ج).

    [20] (جمع): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 168]

    (1/1078)

    [باب التيمن في دخول المسجد وغيره]

    (1/1079)

    [حديث: كان النبي يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله]

    426# قوله: (عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ): (الأشعث)؛ بمثلَّثة في آخره، و (سُلَيم)؛ بضمِّ السِّين وفتح اللَّام، وهذا شيء ظاهرٌ جدًّا.

    قوله: (عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أعلاه أنَّ أباه اسمه سُلَيم، وتقدَّم أعلاه ضبطه؛ وهو سليم بن أسود المحاربيُّ، أبو الشَّعثاء الكوفيُّ، عن عمر، وابن مسعود، وأبي ذرٍّ، وعنه: ابنه أشعث وأبو إسحاق، ولازم عليًّا، تُوفِّي سنة (82 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه جماعة.

    قوله: (فِي طُهُورِهِ): هو بضمِّ الطَّاء: الفعل، ويجوز الفتح، وبه ضُبِط في أصلنا.

    قوله: (وَتَرَجُّلِهِ): تقدَّم أنَّ (التَّرجُّل) تسريحُ الرَّأس بماء، أو دهن، أو شيء ممَّا يليِّنه، ويرسل ثائره، ويمدُّ مُنقبِضَه.

    (1/1080)

    [باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد]

    قوله: (بابٌ: هَل تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي [1] الجَاهِلِيَّةِ وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدَ): إنْ قيل: مَا وجه المطابقة بين أحاديث الباب والتَّرجمة؟

    والجواب: أنَّ حديث أنس مطابق للتَّرجمة مطابقةً ظاهرةً، وأمَّا ما ذكره ثانيًا؛ وهو قوله: (وَمَا يُكْرَهُ مِن الصَّلاة في القُبُور)؛ فحديث عائشة مطابقٌ لذلك، والبخاريُّ قدَّم وأخَّر، فذكر أوَّلًا حديث عائشة الدَّالَّ على كراهة الصَّلاة في القُبُورِ، وأخَّر حديث أنس الدَّالَّ على نبش قُبُورُ المُشْرِكِين واتِّخاذ مَكَانهَا مَسَاجِدَ، وهو لفٌّ ونشرٌّ مشوَّشٌ، وهو نظير قوله تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وَجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وَجُوهٌ} [آل عمران: 106]، وقال شيخنا عن [2] الشَّيخ قطب الدِّين الحلبيِّ الحافظ في «شرحه»: إنَّ بعض الفضلاء في الدَّرس قال: إنَّ وجه المناسبة بين قوله: (هَل تُنْبَشُ قُبُورُ المُشْرِكِين، وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدَ [3]؟) وبين قوله: «لَعن الله اليَهُودَ [4]»: أنَّ البخاريَّ أراد بقوله: (هَل تُنْبَشُ) الاستفهام، ثُمَّ ذكر حديث أنس بعده، فكأنَّه قال: وَهل يُتَّخَذُ مَكَانُهَا مسجدًا؟ لقوله [5]: «لَعن الله اليَهُودَ»؛ فيكون التَّعليل لقوله: (وَيُتَّخَذُ مَكَانُهَا مسجدًا) انتهى.

    قوله: (هَل تُنْبَشُ قُبُورُ): (تُنْبَشُ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (قُبُورُ): مرفوع [6] قائم مقام الفاعل.

    قوله [7]: (وَيُتَّخَذُ مَكَانهَا مَسَاجِدَ [8]): (يُتَّخَذُ): مبنيٌّ أيضًا لما لَمْ يسمَّ فاعله، و (مَكَانُهَا مَسَاجِدَ)؛ إن رفعت (مَكَانُهَا)؛ كان مقام الفاعل، وإنْ نصبته؛ كان مفعولًا ثانيًا، و (مَسَاجِدُ): قائم مقام الفاعل؛ إنْ رفعت، وإنْ نَصبْتَ؛ كان مفعولًا ثانيًا، والله أعلم.

    قوله: (وَمَا يُكْرَهُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قوله: (القَبْرَ القَبْرَ): هما منصوبان على التَّحذير.

    ==========

    [1] (مشركي): سقطت من (ج).

    [2] زيد في (ب): (شيخه).

    [3] كتب فوقها في (أ)، (ج): (مسجدًا) وبدون علامة تصحيح.

    [4] زيد في (ب): (والنصارى)، وضرب عليها في (أ).

    [5] في (ب): (كقوله).

    [6] (وقبور: مرفوع): سقط من (ج)، وزيد فيها: (ومكانها مساجدًا).

    [7] (قوله): سقطت من (ج).

    [8] في (ب): (مسجدًا).

    [ج 1 ص 169]

    (1/1081)

    [حديث: إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا ... ]

    427# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يَحْيَى) هذا: تقدَّم أنَّه ابن سعيد القطَّان، الأستاذُ الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ): هي بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أميَّة بن عَبْد شمس، زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، واسمها رملة [1]، أمها صفيَّة بنت أبي العاصي، عمَّة عثمان، وقيل: اسم أمِّ حبيبة هند، هاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش؛ فتنصَّر هناك ومات بالحبشة، وزوَّجها النَّجاشيُّ من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأرسلها، ومهرها أربع مئة دينار، ورَوى مسلم: أنَّ أباها طلب من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يتزوَّجها، فأجابه، وهذا ممَّا في «مُسْلِم» من الوهم؛ لأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تزوَّجها وهي بالحبشة قبل إسلام أبي سفيان، لَمْ يختلف أهل السِّير في ذلك، وقد ذكرت على هامش نسختي بـ «صحيح مُسْلِم» عنه أجوبة لا تظهر، والله أعلم، روى عنها: أخواها معاوية وعنبسة، وعروة، تُوفِّيت سنة (44 هـ)، أخرج لها الجماعة رَضِيَ اللهُ عنها.

    قوله: (وَأُمَّ سَلَمَةَ): هي بفتح اللَّام، واسمها هند بنت أبي أميَّة بن المغيرة، المخزوميَّة، وأبوها يُعرَف بزاد الرَّاكب، هاجرت إلى الحبشة مع أبي سلمة عبد الله بن عَبْد [2] الأسد، ثُمَّ تزوَّجها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعد وفاة أبي سلمة، روى عنها: ولداها عمر وزينب، ونافع العمريُّ، وهي آخر أمَّهات المؤمنين موتًا، تُوفِّيت في إمرة يزيد، ووُلِّي يزيد في رجب سنة (60 هـ)، ومات في ربيع الأوَّل سنة (64 هـ)، وقد قدَّمت بعض ترجمتها ووفاتها، وقال الواقديُّ: في سنة (59 هـ)، وفيه نظر، أخرج لها الجماعة.

    قوله: (إِنَّ أُولَئِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وكذا قوله: (تلكِ)، وكذا قوله: (فأُولَئِكِ).

    ==========

    [1] (واسمها رملة): ليس في (ج).

    [2] في (ب) و (ج): (أبي سلمة بن عبد الله عبد)، وليس بصحيح.

    [ج 1 ص 169]

    (1/1082)

    [حديث: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا]

    428# قوله: (عَبْدُ الوَارِثِ): هذا هو ابن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنوريُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ): هو بفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة، وفي آخره حاء مُهْمَلة، يزيد بن حميد الضُّبعيُّ، أَحَد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (قَدِمَ [النَّبِيُّ] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ): اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قدم المدينة لاثنتي عشرةَ ليلة مضت من ربيع الأوَّل يوم الاثنين، كما في «الصَّحيح»، وقِيلَ: يوم الجمعة، وقال بعضهم: قدمها يوم الاثنين لثمانٍ خلون منه، وادُّعِي فيه التَّواتر، وقِيلَ: الاثنين سابع ربيع المذكور، وقِيلَ: قدمها لليلتين خلتا منه، وقِيلَ: يوم الاثنين هلال ربيع الأوَّل، فالحاصل: خمسة أقوال، غرَّة [1] ربيع الأوَّل لليلتين خلتا منه، وقِيلَ: سابعه، وقِيلَ: ثامنه، وقِيلَ: ثاني عشره، وتقدَّم أنَّ يوم القدوم اختُلِف فيه، فالصَّحيح الاثنين، وقِيلَ: الجمعة حين اشتدَّ الضُّحاء، وهو قريب من الزَّوال، وقِيلَ: قدمها ليلًا، قاله ابن الرَّقِّيِّ، وهو غريب، كذا عزوه لابن البرقيِّ أنَّه قدمها ليلًا، ولا حاجة إلى عزوه لابن البرقيِّ، هذا في «صحيح مسلم» في أواخره قبيل [2] (كتاب التَّفسير)، وهو غير محفوظ عند أهل السِّير.

    قوله: (فَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ أَرْبَعًا وَعِشْرِين لَيْلَةً [3]): كذا في الأصل، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: (أربع عشرة)، وعليها (صح)، وكما وقع في الأصل؛ وقع في أصل مصريٍّ، وفي صحَّة الأولى نظر، وكما وقع في الهامش وعليه (صح)؛ وقع في «مُسْلِم» وغيره، قال ابن إسحاق: (وأقام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في بني عَمرو بن عوف يوم الاثنين، ويوم الثُّلاثاء، ويوم الأربعاء، ويوم الخميس، وأسَّس مسجدهم، ثُمَّ أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة، وبنو عَمرو بن عوف يزعمون أنَّه مكث فيهم أكثر من ذلك) انتهى، والمشهور عند أرباب المغازي ما ذكره ابن إسحاق، قاله ابن سيِّد النَّاس في «سيرته»، [انتهى، وصحَّح غيره ذلك [4] أيضًا، وقال في ما في «البخاريِّ» و «مسلم»: وقيل: أقام فيهم أربع عشرة، انتهى] [5]

    (1/1083)

    ولا يستقيم قولهم: إنَّه أقام فيهم أربع عشرة مع القول بأنَّه جاء يوم الجمعة وادي رانونة [6]، وجمع فيه يوم خروجه من عندهم، والله أعلم، إلَّا على قول مَن يقول: قدم قباء يوم الجمعة، وقال مغلطاي في «سيرته الصُّغرى»: (فأقام بضع عشرة ليلة، ويقال خمسًا، ويقال: أربعًا، ويقال: ثلاثًا، فيما ذكره الدُّولابيُّ، ويقال: اثنتين وعشرين ليلة).

    [قوله: (ثُمَّ أَرْسَلَ [7] إلى بَنِي النَّجَّارِ): هذا بعد انفصاله من قباء، وسيأتي: (فأرسل إلى الأنصار) في «مسند عَبْد بن حميد» من حديث أنس: (حتى جاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وصاحبه أبو بكرٍ الصِّدِّيق، فَكَمَنا في بعض خراب المدينة، ثُمَّ بعثا رجلًا من أهل البادية؛ ليؤذن به الأنصار، فاستقبلهما زهاء خمس مئة من الأنصار حتَّى انتهوا إليهما، فقالت الأنصار: انطلقا آمنين مطاعين ... )؛ الحديث، وسأذكره أيضًا في أحاديث (الهجرة) إن شاء الله تَعَالَى] [8].

    قوله: (مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ): هو بجرِّ (السُّيوف) [9] بالإضافة، وحذفت النُّون من (متقلِّدين) لها، ويجوز من حيث العربيَّة على قلَّة (السُّيوفَ)؛ بالنَّصب، كما قُرِئ شاذًّا: {وَالمُقِيمِي الصَّلاةَ} [النساء: 162]؛ بالنَّصب، والمتواترة بالجرِّ.

    قوله: (على رَاحِلَتِهِ): هي القصواء، وهي بفتح القاف والمدِّ، كذا قاله غير واحد، وفي هذا «الصَّحيح» في (غزوة الرَّجيع): أنَّها الجدعاء، وسيأتي الكلام في النُّوق الثَّلاث: الجدعاء، والعضباء، والقصواء، هل هنَّ ثلاث أو اثنتان أو واحدة إنْ شاء الله تعالى.

    قوله: (وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ): تقدَّم أرداف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في (كتاب العلم)؛ فانظره إنْ أردته.

    قوله: (بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ): الفِناء؛ بكسر الفاء، وبالمدِّ: المتِّسع أمام الدُّور.

    قوله: (وَيُصَلِّي في مَرَابِضِ الغَنَمِ): تقدَّم ما المرابض والأعطان؛ فانظره.

    قوله: (وَإِنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ): (إِنَّهُ): بكسر الهمزة، ويجوز فتحُها.

    [ج 1 ص 169]

    قوله: (أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ [10]): (أَمَرَ): مبنيٌّ للفاعل وللمفعول [11]، كذا قيَّده النَّوويُّ.

    قوله: (ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ): أي: قدِّروا ثمنه؛ لأشتريه منكم، وبايعوني فيه، والحائط: البستان المحوط، وقد تقدَّم.

    (1/1084)

    قوله: (لَا، وَالله لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللهِ): هذا نصٌّ في أنَّهم لم يأخذوا ثمنه، ورُوِي: أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم اشتراه من اليتيمين بعشرة دنانير، وأمر أبا بكر أنْ يعطيهما ذلك، وفي «طبقات ابن سعد»: أنَّه اشتراه من بني عفراء بذلك، ونقل ابن سيِّد النَّاس في «سيرته الكبرى» عنِ البلاذريِّ: (وكان أسعد بن زراة يُجمِّع ثمن ثلثه في مسجد له، وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يصلِّي فيه، ثُمَّ إنَّه سأل أسعد بن زرارة أنْ يبيعه أرضًا متَّصلة بذلك المسجد، كانت في يده ليتيمين في حجره، يقال لهما: سَهل وسُهيل؛ ابنا رافع ... ) إلى أن قال: (فعرض عليه _ يعني: أسعد بن زرارة_ أنْ يأخذها ويغرم عنه لليتيمين ثمنها، فأبى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك، وابتاعها منه بعشرة دنانير، أدَّاها من مال أبي بكر) انتهى، وهذا الكلام والجمع بينه وبين غيره ليس هذا موضعه، [وفي «صحيح البخاريِّ» من رواية أبي ذرٍّ، عنِ الكشميهنيِّ، عنِ الفربريِّ، عنِ البخاريِّ: (فَأَبَى رَسُولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا_ يعني: من الغلامين، وفي «صحيحه» أيضًا: أنَّهما سَهل وسُهيل_ هِبَةً حتَّى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا)] [12].

    قوله: (وَفِيهِ خَرِبٌ): قال ابن قُرقُول: (خَرِبٌ)؛ بكسر الرَّاء، وفتح الخاء؛ يعني: المعجمة، و (خِرَب)؛ بكسر الخاء، وفتح الرَّاء [13]، كذا [14] ضبطناه، وكلاهما صحيح، وتميم تقول: خِربة؛ بكسر الخاء [15]، قال الخطَّابيُّ: لعلَّه (خُرَب): جمع خُرْبَة؛ وهي الخروق في الأرض، إلَّا أنَّهم يقولونها في كلِّ ثقبة مستديرة، قال: أو لعلَّها (خُرَف): جمع خِرَفة، وخِرَفة: جمع خُرُف، قال: وأبين من ذلك أنْ تكون حَدَبًا: جمع حدبة؛ وهي ما نتأ من الأرض، وإنَّما يُسَوَّى [16] المكان المحدوب [17]، قال القاضي: لا أدري ما قال، وكما قطع النَّخل الذي فيه كذلك؛ سوَّى بقايا الخرب وهدم أطلال الجدرات كما فعل في القبور، والرِّواية الصَّحيحة اللَّفظ والمعنى غنيَّة عن تكليف التَّغيير، وقال ابن الأثير بعد أن ذكره: وقد روي بالحاء المهملة، والثَّاء المثلَّثة؛ يريد به: الموضع المحروث للزراعة، انتهى.

    قوله: (عِضَادَتَيْهِ): (العِضادة)؛ بكسر العين المهملة: جانب الباب.

    ==========

    [1] في (ب) و (ج): (عشرة).

    [2] في (ج): (قبل).

    (1/1085)

    [3] في (ق) عند الحديث «3932 «: (فأقام فيهم أربع عشرة ليلة)، وفي هامشها: (والمشهور عند أرباب المغازي ما ذكره ابن إسحاق: أنَّه أقام في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، ويوم الخميس، أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة، فأدركت رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الجمعة في بني سالم بن عوف، فصلَّى في المسجد الذي في بطن الوادي، فكانت أوَّل جمعة صلَّاها بالمدينة).

    [4] في (ج): (وصحح ذلك غيره).

    [5] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [6] في (ب): (دانونة)، وفي (ج): (زانونة).

    [7] في النسخ: (فأرسل)، والمثبت موافق لما في «اليونينية» و (ق).

    [8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [9] (هو بجر السيوف): ليس في (ج).

    [10] (المسجد): ليس في (ب).

    [11] في (ب): (مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله وللفاعل).

    [12] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [13] في (ج): (بفتح الراء، وكسر الخاء).

    [14] في (ب): (فما)، وفي (ج): (يعني: المعجمة).

    [15] (بكسر الخاء): سقطت من (ب).

    [16] في (ج): (يستوي).

    [17] كذا في النسخ، وفي «المطالع»: (المحدودب).

    (1/1086)

    [باب الصلاة في مرابض الغنم]

    قوله: (في مَرَابِضِ): تقدَّم ما المَرَابِض فيما مضى.

    ==========

    [ج 1 ص 170]

    (1/1087)

    [حديث: كان النبي يصلي في مرابض الغنم]

    429# قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ): تقدَّم قريبًا ضبطه، واسمه يزيد بن حميد.

    قوله: (أَنْ يُبْنَى المَسْجِدُ): (يُبْنَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (المَسْجِدُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.

    ==========

    [ج 1 ص 170]

    (1/1088)

    [باب الصلاة في مواضع الإبل]

    قوله: (بَاب الصَّلاَةِ فِي مَوَاضِعِ الإِبِلِ): قد اعتُرِض على البخاريِّ في هذه التَّرجمة مع إخراجه حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّه صلَّى إلى بعيره، وأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يفعله؛ بأنْ قيل: ليس في الحديث بيان أنَّه صلَّى في موضع الإبل، وإنَّما صلَّى إليه، لا في موضعه، وليس إذا أنيخ بعير في موضع؛ صار ذلك عطنًا ومأوًى للإبل وموضعًا لها تُعرَف به، انتهى.

    ==========

    [ج 1 ص 170]

    (1/1089)

    [حديث: رأيت ابن عمر يصلي إلى بعيره]

    430# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ): هو بفتح الحاء المهملة، وتشديد المثنَّاة [1] تحت، هذا أبو خالد الأحمر الكوفيُّ، عن عاصم الأحول ويحيى بن سعيد الأنصاريِّ، وعنه: أحمد، وإسحاق، وهنَّاد، صدوق إمام، قال ابن معين: ليس بحجَّة، تُوفِّي سنة (189 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

    قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله عن نَافِعٍ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، وإنَّما قيَّدته [2]؛ لأنَّه غير واحد ممَّن اسمه: عبيد [3] الله روَوا عن نافع عنِ ابن عمر عنه عليه الصَّلاة والسَّلام؛ وهم: عبيد الله بن الأخنس أبو مالك الخزَّاز، وعبيد الله بن أبي جعفر القرشيُّ المصريُّ، والراوي هنا عبيد الله بن عمر بن حفص، هذا الذي روَوا في الكتب السِّتَّة أو بعضها.

    (1/1090)

    [باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به الله]

    قوله: (بَاب مَنْ صلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَوْ نَارٌ ... ) إلى آخر التَّرجمة: قيل: في مطابقة الحديث الذي أخرجه للتَّرجمة نظر؛ وذلك لأنَّه لم يفعله عليه الصَّلاة والسَّلام مختارًا، إنَّمَا عُرِض عليه ذلك بغير اختياره؛ لمعنًى أراده الله تنبيهًا للنساء [1] وغيرهنَّ.

    قوله في التَّرجمة: (مِمَّا يُعْبَدُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو بكر محمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب، الإمام الفرد، وهذا التَّعليق أسنده البخاريُّ في (باب وقت الظُّهر عند الزَّوال).

    قوله: (عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ): (عُرِضت)؛ بضمِّ العين، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّارُ): مرفوع قائم مقام الفاعل، و (عَلَيَّ): جار ومجرور.

    ==========

    [1] في (ج): (النِّساء)، وهو تحريف.

    [ج 1 ص 170]

    (1/1091)

    [حديث: أريت النار فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع]

    431# قوله: (عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ): هو بالمثنَّاة تحت، تقدَّم مرارًا، وهذا ظاهر جدًّا.

    قوله: (انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ): تقدَّم أنَّه يقال: خسف القمر، وخسفت الشَّمس، وكسف، وانكسف [1]، وانخسف، وانخسفت، وانكسف، وانكسفت، وخسفًا، وكُسفًا؛ كلُّها لغاتٌ صحيحة، وثبتت كلُّها في «البخاريِّ» و «مسلم» من لفظ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال الأزهريُّ: قال أبو زيد: يقال: خسفت الشَّمس، وكسفت، وخسفت؛ بمعنًى واحد، وقد عقد البخاريُّ لذلك بابًا يأتي، والله أعلم.

    [تنبيه: انكسفت الشَّمس في رمضان سنة ستٍّ كما سيأتي في بابه، وسيأتي ما فيه] [2].

    قوله: (أَفْظَعَ): هو بالفاء، والظَّاء المعجمة، ثُمَّ عين مهملة؛ أي: أشدَّ وأهيب، و (أفظع) هنا: أشدَّ فظاعة؛ أي: أفظع ممَّا سواه من المناظر الفظيعة، فحُذِف اختصارًا؛ لدلالة الكلام عليه.

    ==========

    [1] في (ج): (وكسفت، وانكسفت).

    [2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 170]

    (1/1092)

    [باب كراهية الصلاة في المقابر]

    (بَاب كَرَاهِيَةِ الصَّلاَةِ فِي المَقَابِرِ) ... إلى (بَاب الشِّعْرِ في المَسْجِدِ)

    قوله: (بَاب كَرَاهِيَةِ الصَّلاَةِ في المَقَابِرِ): تقدَّم أنَّ (كراهية)؛ بتخفيف الياء، وأنَّه يقال فيها: كراهي، وقد تقدَّم ذلك قريبًا وبعيدًا.

    قال ابن المُنَيِّر: إنْ قلت: ما وجه مطابقة التَّرجمة للحديث؟ يعني: حديث: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتَّخذوها قبورًا».

    ثمَّ قال: قلت: دلَّ الحديث على الفرق بين البيت والقبر، فأمر [1] بالصَّلاة في البيت، وألَّا يجعل كالمقبرة، فأفهم أنَّ المقبرة ليست محلَّ صلاة، فلهذا أدخل الحديث تحتها، والله أعلم.

    وفيه نظر من حيث إنَّ المراد بقوله: «ولا تتَّخذوها قبورًا»؛ أي: لا تكونوا فيها كالأموات في القبور، وانقطعت عنهم الأعمال وارتفعت التَّكاليف، فهو غير متعرِّض لصلاة الأحياء في ظواهر المقابر، والله أعلم، [ولهذا قال: «ولا تتَّخذوها قبورًا»؛ لأنَّ القبر هو الحفرة التي يستقرُّ فيها الميت، والمقبرة: اسم للمكان المشتمل على الحفرة وما ضمَّت، والله أعلم] [2]، انتهى لفظه.

    وقال ابن قُرقُول: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، تأوَّله البخاريُّ: لا تجعلوها كالمقابر التي لا تجوز الصَّلاة فيها، ولذلك ترجم عليه: (باب كراهية الصَّلاة في المقابر)، وقال غيره: بل معناه: [اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها قبورًا؛ لأنَّ العبد إذا مات وصار في قبره؛ لم يصلِّ ولم يعمل، وهذا أولى؛ لقوله في الحديث الآخر] [3]: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتَّخذوها قبورًا»، انتهى، وذكر ابن الأثير في «نهايته» القولين في كلام ابن قُرقُول، ورجَّح ما رجَّحه، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ج): (فأمرنا).

    [2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [3] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [ج 1 ص 170]

    (1/1093)

    [حديث: اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورًا]

    432# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو [1] ابن سعيد القطَّان، الإمام الحافظ، تقدَّم مرارًا.

    قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): تقدَّم أعلاه أنَّه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، وتقدَّم لماذا قيَّدته أعلاه.

    ==========

    [1] زيد في (ج): (يحيى).

    [ج 1 ص 170]

    (1/1094)

    [باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب]

    قوله: (وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَرِهَ الصَّلاَةَ): (يُذْكَرُ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وقد تقدَّم أنَّ هذه صيغةُ تمريض للحديث المشار إليه.

    [ج 1 ص 170]

    قوله: (بَابِلَ): هي بموحَّدتين [1] الثَّانية [2] مكسورة، قال الجوهريُّ: (اسم موضع بالعراق يُنسب إليه السِّحرُ والخمر)، قال الأخفش: (لا ينصرف؛ لتأنيثه، وذلك أنَّ اسم كلِّ شيء مؤنَّث [3] إذا كان أكثر [4] من ثلاثة أحرف؛ فإنَّه لا ينصرف في المعرفة) انتهى.

    ==========

    [1] في (ب): (هو بالموحدتين).

    [2] في (ج): (الأولى)، وليس بصحيح.

    [3] في (ب): (يؤنث).

    [4] (أكثر): سقطت من (ج).

    (1/1095)

    [حديث: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين]

    433# قوله: (لَا يُصِيبُكُمْ): هو مرفوع، والوجه الجزم، لكنَّه يُخرَّج على لغة، وكان أوَّلًا في أصلنا كذلك، ثُمَّ أُصلِح بالجزم بالقلم.

    قوله: (لَا تَدْخُلُوا على هَؤُلَاءِ المُعَذَّبِينَ): هو بفتح الذَّال، اسم مفعول، وهذا قاله عليه الصَّلاة والسَّلام لمَّا مرَّ بالحِجْر، كما جاء في «الصَّحيح» في بعض طرقه، وكان ذلك في طريقه إلى تبوك، وقد تقدَّم أنَّ تبوك كانت في السَّنة التَّاسعة من الهجرة في رجب، كذا قال ابن إسحاق، وستأتي منازعته في الشَّهر.

    ==========

    [ج 1 ص 171]

    (1/1096)

    [باب الصلاة في البيعة]

    قوله: (فِي الْبِيعَةِ): هي بكسر الموحَّدة، للنَّصارى، قاله الجوهريُّ، وقال ابن قُرقُول: (البيعة: كنيسة أهل الكتاب، وقِيلَ: البيعة: لليهود، والكنيسة: للنَّصارى، والصَّلوات: للصابئين، كما أنَّ المساجد للمسلمين) انتهى، وقال ابن عَبْد السَّلام: {صوامع}: بيوت النَّصارى، وقِيلَ: بيوت الصَابئين، سُمِّيت؛ لانضمام أطرافها، و {بيع}: للنَّصارى، و {صلوات} [الحج: 40]: كنائس اليهود، وهو معرَّب من قولهم: صلوتا.

    قوله: (التَّمَاثِيلِ)، وكذا قوله: (إِلَّا بِيعَةً فيهَا تَمَاثِيلُ): هي تصاوير ذوات الأشخاص والأجرام.

    قوله: (الَّتِي فِيهَا الصُّوَر): وفي نسخة: (الصُّورة)، اعلم أنَّ ابن مالك جوَّز في (الصُّور) الجرَّ على البدل، أو العطف وحذف العاطف، والرَّفع والنَّصب على القطع.

    ==========

    [ج 1 ص 171]

    (1/1097)

    [حديث: أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح بنوا على قبره مسجدًا]

    434# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ [1]: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): قال الجيَّانيُّ ما لفظه: وقال _ يعني: البخاريُّ_ في (الاعتكاف)، و (الجهاد)، و (صفة إبليس)، و (الأنبياء)، و (مناقب الأنصار)، و (البقرة)، و (يوسف)، و (النِّكاح)، و (اللِّباس)، و (الأدب)، و (الأيمان والنُّذور)، و (الأحكام)، و (التَّمنِّي): (حَدَّثَنَا محمَّد: حَدَّثَنَا عبدة)، هكذا عند أبي محمَّد غير منسوب عن عبدة، وفي بعض هذه المواضع قد نسبه ابن السَّكن في بعضها: ابن سلَام [2]، وكذلك صرَّح البخاريُّ في بعض المواضع باسمه فقال: (حَدَّثَنَا محمَّد بن سلَام: حَدَّثَنَا عبدة)، وذكر أبو نصر: أنَّ محمَّد بن سلَام يروي عن عبدة، انتهى، فلم يذكر هذا المكان، ولو ظفر به؛ لقال فيه كما قال عن [3] غيره، والله أعلم، (وكذا هو في نسخة منسوبًا) [4]، وقال شيخنا الشَّارح هنا: إنَّه ابن سلَام [5]، قال: كما صرَّح به أبو نعيم وغيره، انتهى.

    قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): هو ابن سُلَيْمَان، وهو [6] بإسكان الموحَّدة، أبو محمَّد الكلابيُّ، المقرئ، اسمه عَبْد الرَّحمن، عن عاصم الأحول، والأعمش، والطَّبقة، وعنه: أحمد، وهنَّاد، والطَّبقة، قال أحمد: ثقة وزيادة مع صلاحه وشدَّة فقره، تُوفِّي سنة (188 هـ)، أخرج له الجماعة.

    ثُمَّ اعلم أنَّه وقع في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «الموطَّأ»: عبْدة وعبَدة؛ بالسُّكون والفتح، فأمَّا مفتوح الموحَّدة؛ فليس فيها إلَّا اسمان؛ الأوَّل: عامر بن عبَدة البجليُّ الكوفيُّ، روى له مُسْلِم في المقدِّمة عنِ ابن مسعود قولَه: (إنَّ الشَّيطان ليتمثَّل في صورة الرَّجل) الموقوف إلى آخره، والثَّاني من الاسمين: بجالة بن عبَدة التَّميميُّ، ثُمَّ العنبريُّ، وسيأتي الكلام [7] فيهما، [وقد أخرج لبجالة البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ] [8].

    والحاصل: أنَّ عبْدة بن سُلَيْمَان هذا؛ بإسكان الباء بلا خلاف، وكذا كلُّ ما كان في الكتب الثَّلاثة من ذلك؛ فهم كلُّهم عبْدة، سوى عامر بن عبَدة وبجالة بن عبَدة؛ فإنَّهما بفتح الباء، ويجوز سكونها، والله أعلم.

    قوله: (أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ): تقدَّم الكلام عليها، وأنَّها زوجه عليه الصَّلاة والسَّلام، واسمها هند، وتقدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها، وأنَّها آخرهنَّ موتًا.

    (1/1098)

    قوله: (مَارِيَةُ): هي بتخفيف الياء: كنيسة بالحبشة، قاله ابن قُرقُول كما هنا.

    قوله: (أُولَئِكِ قَوْمٌ): هو بكسر الكاف خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهر جدًّا، وكذا قوله: (تلكِ)، و (فأُولَئِكِ [9])، وقد تقدَّم أيضًا، وعن بعضهم: أنَّه جوَّز الفتح فيها كلِّها.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينية»: (قال)، وليست في النسخ ولا في (ق).

    [2] كتب فوقها في (ج): (خف).

    [3] في (ب): (في).

    [4] ما بين قوسين في (ج).

    [5] كتب فوقها في (أ)، (ج): (خف).

    [6] في (ج): (هو).

    [7] زيد في (ب): (عليه).

    [8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [9] في النسخ: (أولئك).

    [ج 1 ص 171]

    (1/1099)

    [باب ذم اتخاذ القبور مساجد على العموم]

    (1/1100)

    [حديث: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد]

    435# 436# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عن الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه محمَّد بن مُسْلِم [1] بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

    قوله: (لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ [2] اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (نُزِل)؛ بضمِّ النُّون، وكسر الزاي، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، كذا في أصلنا هنا، وفي الهامش: (نَزَل)؛ بفتحهما، مبنيٌّ للفاعل، وعليه (صح)، وفي أصلنا في (بني إسرائيل) حاشية قال فيها: ضُبِط في أصل الحافظ أبي ذرٍّ: (نَزَل)؛ بفتح النُّون والزاي، وهو الصَّواب، انتهت، وفي خطِّ شيخنا أبي جعفر في (بني إسرائيل): (نُزِل): مبنيٌّ للمفعول، وكذا ضبطه النَّوويُّ «في شرح مسلم» في (الصَّلاة)، ولفظه: (هكذا ضبطناه: بضمِّ النُّون وكسر الزَّاي) انتهى.

    قوله: (طَفِقَ): تقدَّم أنَّه بكسر الفاء، وأنَّه يجوز فتحها، وأنَّ معناه: جعل.

    قوله: (خَمِيصَةً): تقدَّم ضبطها، وما هي غير مرَّة.

    ==========

    [1] (بن مسلم): سقطت من (ب).

    [2] في (ج): (رسول).

    [ج 1 ص 171]

    (1/1101)

    [حديث: قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد]

    437# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه الزُّهْرِيُّ، وهذا ظاهر جدًّا.

    قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّبِ): تقدَّم أنَّ ياءه؛ بالفتح والكسر، بخلاف غيره ممَّن اسمه المسيَّب، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح؛ فاعلمه، وقد تقدَّم مرَّاتٍ.

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    ==========

    [ج 1 ص 171]

    (1/1102)

    [باب قول النبي: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا]

    قوله: (مَسْجِدًا): تقدَّم أنَّه بكسر الجيم، وتُفتَح.

    قوله: (وَطَهُورًا): هو بفتح الطَّاء، ويجوز ضمُّها [1]، تقدَّم مرارًا.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (وقد).

    [ج 1 ص 171]

    (1/1103)

    [حديث: أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي]

    438# قوله: (حَدَّثَنَا سَيَّارٌ): هو بتقديم السِّين على المثنَّاة تحتُ المشدَّدةِ، وفي آخره راء، وهو أبو الحكم، العنزيُّ [1] الواسطيُّ، ويقال: البصريُّ، عن أبي وائل، وطارق بن شهاب، وزِرِّ بن حُبَيش، وسلمان [2] أبي [3] حازم، والشَّعبيِّ، وجماعة، وعنه: زيد بن أبي أنيسة، وشعبة، وقرَّة بن خالد، وغيرهم، وثَّقه ابن مَعِين، تُوفِّي سنة (122 هـ) بواسط [4]، أخرج له الجماعة.

    قوله: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ الفَقِيرُ): تقدَّم أنَّه كان يشكو فقار ظهره، فقِيلَ له: الفَقِير، وتقدَّم بعض ترجمته في (التَّيمُّم).

    [ج 1 ص 171]

    قوله: (أُعْطِيتُ خَمْسًا): تقدَّم في (التَّيمُّم) الخصال التي أُعطِيها صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يُعطَها نبيٌّ قبله، وقد وصَّلتها إلى خصال خمسَ عشرةَ [5]، والباب محتمل [6] الزيادة، لكنَّ هذا الذي وقفت عليه إلى الآن؛ فاعلمه.

    قوله: (مَسْجِدًا): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الجيم، وتُفتَح.

    قوله: (وَطَهُورًا): تقدَّم أنَّه بفتح الطَّاء، وتُضمُّ، مرارًا.

    قوله: (وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ): تقدَّم الكلام عليها، وأنَّها العظمى، في (التَّيمُّم)، وتقدَّم فيه [7] ما له صلَّى الله عليه وسلَّم من الشَّفاعات شفَّعه الله فيها.

    ==========

    [1] في النسخ: (العنبري)، وهو تحريف.

    [2] زيد في (ب): (بن)، وليس بصحيح.

    [3] في (ج): (ابن)، وهو تحريف.

    [4] (بواسط): ليس في (ب).

    [5] في النسخ: (خمسة عشر)، ولعل المثبت هو الصواب.

    [6] في (ب): (يحتمل).

    [7] (فيه): ليس في (ج).

    (1/1104)

    [باب نوم المرأة في المسجد]

    (1/1105)

    [حديث: أن وليدة كانت سوداء]

    439# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو [1] حمَّاد بن أسامة، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (أَنَّ وَلِيدَةً): هذه الوَليدة لا أعرف اسمها، والوَليدة: الصَّبيَّة والأَمة.

    قوله: (لِحَيٍّ مِن العَرَبِ): (الحيُّ): اسم لمنزل القبيلة، ثُمَّ سُمِّيت القبيلة به؛ لأنَّ [2] بعضهم يحيا ببعض.

    قوله: (فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ): (الصَّبيُّ): الغلام، وهو معروف [3]، و (الصَّبيَّة): تأنيثه.

    قوله: (وِشَاحٌ أَحْمَرُ): هو بكسر الواو، ثُمَّ شين معجمة مخفَّفة، وفي آخره حاء مهملة، هو كالنظام [4] وغيره من خرز، وقال الخليل: هما خَيطان من لؤلؤ مُخالَف بينهما [5]، تتوشَّح به المرأة، وقال ابن دريد: الوِشاح: خرزٌ تتوشَّح به المرأة، والجمع: وُشُح، وهذيل تقول: إشاح، وقوله: (من سُيُور)؛ أي: من شراك أحمر، وقال الجوهريُّ: الوِشاح: ينسج من أديم عريضًا، ويُرصَّع بالجواهر، وتشدُّ به المرأة بين عاتقيها وكشحها [6]، يقال: وِشاح، وإشاح، ووُشاح، وأُشاح، والجمع: الوُشُح والأوشحة.

    قوله: (حُدَيَّاةٌ): هو تصغير (حِدَأة)؛ كعِنَبة، والجمع: حِدَأ؛ كعِنَبٍ؛ وهو هذا الطَّائر المعروف، والكلام فيه انظره [7] من «المطالع»؛ فإنَّه ذكر فيه اختلاف الرُّواة.

    قوله [8]: (فَخَطِفَتْهُ): هو بكسر الطَّاء، وهذه لغة القرآن، ويجوز فتحها في لُغيَّة.

    قوله: (فَطَفِقُوا): تقدَّم أن (طَفِقَ)؛ بكسر الفاء وتُفتَح [9]؛ أي: جعلوا.

    قوله: (خِبَاءٌ): هو بكسر الخاء المعجمة، ثُمَّ موحَّدة مخفَّفة، ثُمَّ همزة ممدودة: من بيوت العرب، قال أبو عبيد: يكون من وبر وصوف، ولا يكون من شعر.

    قوله: (حِفْشٌ): هو بكسر الحاء المهملة _قال شيخنا الشَّارح: وفتحها_ ثُمَّ فاء ساكنة _قال شيخنا: وفتحها_ ثُمَّ شين معجمة: هو البيت الصَّغير الرَّديء، وقال الشَّافعيُّ: الحفش: هو البيت القريب السَّمْك، وقال مالك: هو الصَّغير الخَرِب.

    قوله: (فَتَحَدَّثُ): هو بفتح التاء، والدَّال المشدَّدة، محذوف إحدى التاءين، فعل مضارع مرفوع.

    قوله: (وَيَوْم الوِشَاحِ [10]): (يوم): يجوز رفعه ونصبه، و (الوِشاح): تقدَّم ما هو أعلاه، على أنَّه مبتدأ وخبره: (من تعاجيب)، وضُبِط في أصلنا: بالنَّصب على الظَّرف، والمشهور الأوَّل، وعُمِل الآن في أصلنا بهما.

    قوله: (مِنْ تَعَاجِيبِ): هي بفتح التَّاء؛ العجائب، لا واحد لها من لفظها، قاله الجوهريُّ.

    (1/1106)

    [باب نوم الرجال في المسجد]

    قوله: (وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ): هو بكسر القاف، ثُمَّ لام ألف مخفَّفة، ثُمَّ موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء [1]، وقد صحَّفه بعض الأعاجم ببلدنا على ما بلغني بـ (فلانة)، واسمه عَبْد الله بن زيد الجرميُّ، من أئمَّة التَّابعين، عن عمر، وأبي هريرة، وعائشة، ومعاوية، وسَمُرة، قال الذَّهبيُّ في «الكاشف»: (عن [2] عمر، وأبي هريرة، وعائشة، ومعاوية، وسَمُرة، وذلك مُرسَل، وروايته عن عائشة في «مُسْلِم» و «النَّسائيِّ»، وعن عُمر في «النَّسائيِّ»، ولم يدركه، وعن سَمُرة في «النَّسائيِّ»، وحذيفة في «أبي داود»، وابن عبَّاس في «التِّرمذيِّ»، وأبي هريرة، والنُّعمان بن بشير، وأبي ثعلبة الخشنيِّ، وقِيلَ: روايته عن هؤلاء وعن غيرهم مرسلة، وروايته [3] عن أنس، وثابت بن الضَّحَّاك، ومالك بن الحويرث في الكتب السِّتَّة، وهذا الكلام مُلفَّق من «التَّذهيب» و «الكاشف».

    وأمَّا العلائيُّ؛ فقال: (قال ابن المدينيِّ: لم يسمع من سَمُرة، ولم يسمع من معاوية، وبخطِّ الضياء: أنَّه لم يسمع من أبي ثعلبة، ولا يُعرَف له سماعٌ من عائشة، قلت: وروايته عن عائشة في «مُسْلِم»، وكأنَّه على قاعدته، وعن حذيفة في «أبي داود»، وعن أبي ثعلبة وابن عبَّاس في «الترمذيِّ»، وعن عمر بن الخطَّاب، وأبي هريرة، وابن عبَّاس، ومعاوية، وسمُرة، والنُّعمان في .... [4] «النَّسائيِّ»، قال: والظَّاهر في كلٍّ كلُّه الإرسال، نعم؛ روايته عن مالك بن الحويرث، وأنس بن مالك، وثابت بن الضَّحَّاك متَّصلة، وهي في الكتب السِّتَّة، انتهى.

    كذا في نسختي من المراسيل بياض بعد (النُّعمان) وبعد (في)، غير أنَّه مكتوب بعد ذلك ما صورته: (س)، وتحرير ما له عن هؤلاء المذكورين الذين أوَّلهم عُمر، أمَّا روايته عن عُمر؛ فليست في الكتب السِّتة، وأمَّا أبو هريرة؛ ففي «النَّسائيِّ»، وأمَّا ابن عبَّاس؛ ففي «التِّرمذيِّ»، وأمَّا روايته عن معاوية؛ ففي «أبو داود» و «النَّسائيِّ»، وأمَّا روايته عن سمُرة؛ ففي «النَّسائيِّ»، وأمَّا روايته عنِ النُّعمان؛ ففي «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه» [5]، والله أعلم.

    (1/1107)

    وكان الأولى بنا [6] ألَّا نذكر هذا، وقد تقدَّم بعضه [7] أيضًا؛ لأنَّ هذا لا يتعلَّق بالبخاريِّ [8]، نعم؛ إذا حدَّث أحد من الرُّواة عن أحد من النَّاس ولم يلقَه، وجاء معنا ذلك في «البخاريِّ»؛ نذكره إن شاء الله تَعَالَى، وأهل هذا العصر لا يستعملون هذا القدر، وحسب الواحد منهم أنْ يقرأ «صحيح البخاريِّ» سوادًا، ولا يعرف شيئًا من الصِّناعة، ويرى هذا تطويلًا من زَبَد [9] المعدة لا من زُبَدِها [10]، ومن جهل شيئًا؛ عاداه.

    قوله: (مِنْ عُكْلٍ): تقدَّم ما في ذلك من الرِّوايات في «الصَّحيح»، وتقدَّم أنَّهم كانوا ثمانية وهو في «الصَّحيحين» [11]، وقِيلَ: سبعة، والله أعلم.

    قوله: (فكَانَوا في الصُّفَّةِ): هي بضمِّ الصَّاد المهملة، وتشديد الفاء مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وهي كالظلة والسَّقيفة، يُؤوَى إليها، قال الحربيُّ: هي موضع مُظلَّل من المسجد يأوي إليه المساكين، وقِيلَ: سُمُّوا: أصحاب الصُّفَّة؛ لأنَّهم كانوا يصفُّون على باب المسجد؛ لأنَّهم غرباء لا مأوى لهم، وسيأتي من [12] حديث أبي هريرة قريبًا: (لقد رأيت سبعين من أهل الصُّفة)، وذكر شيخنا الشَّارح عن أبي نعيم في «الحلية» عدَّ منهم مئة ونيِّفًا، انتهى، وذكر السَّهرَوَردِيُّ في «عوارفه» أنَّهم كانوا نحو أربع مئة، والله أعلم.

    قوله: (كانَ أصحَابُ الصُّفَّةِ فُقَرَاءَ): إنْ شئت؛ جعلت الاسم (أصحاب)، و (فُقَرَاءُ) الخبر، وإنْ شئت العكس.

    (1/1108)

    [حديث ابن عمر: أنه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في مسجد]

    440# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان، الحافظ الإمام، تقدَّم مرارًا [1]، وتقدَّم بعض ترجمته.

    وتقدَّم أيضًا أنَّ ثلاثة كلٌّ منهم اسمه يحيى يروي عن عبيد الله بن عُمر بن حفص بن عاصم بن عُمر بن الخطَّاب، عن نافع، عنِ ابن عُمر؛ أحدهم: القطَّان هذا، والثَّاني: يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، والثَّالث: يحيى بن سُلَيم الطَّائفيُّ، ونزيد هنا: أنَّ رواية القطَّان عن عبيد الله به في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «أبي داود»، و «التِّرمذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، ورواية ابن [2] زكريَّاء بن أبي زائدة في «مسلم»، و «أبي داود»، و «التِّرمذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، ورواية ابن سُلَيم في «التِّرمذيِّ» و «ابن ماجه»، والله أعلم، وهذا الكلام من جنس الكلام في أبي قِلابة الذي قدَّمته أعلاه.

    قوله: (عن عُبَيْدِ الله): تقدَّم أعلاه مَن هو.

    قوله: (أَعْزَبُ): كذا في أصلنا، وعليه (صح)، وفي الهامش نسخة الدِّمياطيِّ: (عزب)، قال الدِّمياطيُّ: رجل عزب، وامرأة عَزَبة، والاسم: العُزبة والعُزوبة، يقال: تعزَّب فلان زمانًا، ثُمَّ تأهَّل، وعزب عن فلان، يَعزُب، ويَعزِب؛ أي: بَعُد وغاب، وفي الحديث: «من قرأ القرآن في أربعين ليلة؛

    [ج 1 ص 172]

    فقد عزَّب»؛ أي: بَعُدَ عهدُه فيما ابتدأ مِنْهُ، وفي «الغريبين»: «من قرأ القرآن في [3] أربعين ليلة؛ فقد عزب عهدُه»؛ أي: بَعُدَ عهدُه بما ابتدأ منه، وأبطأ في تلاوته، انتهى.

    قوله: (لَا أَهْلَ لَهُ): هو تأكيد أو توضيح؛ لأنَّ (العزب) الذي لا أهل له.

    (1/1109)

    [حديث: قم أبا تراب قم أبا تراب]

    441# قوله: (ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة.

    قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ [1]): تقدَّم أعلاه ضبطه، واسمه سلمة بن دينار، الإمام الأعرج المدينيُّ، أحد الأعلام، عن سهل بن سعد وابن المُسَيّب، وعنه: مالك، وضمرة، وابنه عَبْد العزيز، قال ابن خزيمة: لَمْ يكن في زمانه مثله، تُوفِّي سنة (140 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

    قوله: (فَلَمْ يَقِل): هو من القَيْلُولَة؛ وهي النَّوم في الظَّهيرة، وهو بكسر القاف، وهذا ظاهر جدًّا.

    قوله: (لِإِنْسَانٍ: انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟): هذا الإنسان لا أعرف اسمه.

    قوله: (رِدَاؤُهُ): تقدَّم أنَّ كلَّ ما كان على أعالي البدن يقال له: رِدَاء، وكلَّ ما كان على أسافله؛ فإزار.

    قوله: (أَبَا [2] تُرَابٍ): هذا الحديث ظاهر في أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كنَّاه به في هذا الوقت، وقد وقع في «سيرة ابن إسحاق»: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كنَّاه بذلك في غزوة العُشَيرة، وهو في «مسند أحمد» من طريقه، وسيأتي مُطوَّلًا في العشيرة في (المغازي)، وذكر ابن قيِّم الجوزيَّة المكان في السِّيرة من عند الدِّمياطيِّ الحافظ شَرَفِ الدِّين، وتعقَّبه بالتَّغليط، وجعل [3] قصَّة «الصَّحيح» هذه التي نحن فيها الصَّحيحةَ، ولم يجمع كما سيأتي أنَّ غيره جمع، والله أعلم.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (سلمة بن دينار القاص).

    [2] في النسخ: (يا أبا): والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

    [3] زيد في (ج): (فيه)، وليس بصحيح.

    [ج 1 ص 173]

    (1/1110)

    [حديث: رأيت سبعين من أصحاب الصفة]

    442# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ [1]): هو بضمِّ الفاء، وفتح [2] الضَّاد المعجمة، هو محمَّد بن فضيل بن غزوان الضَّبِّيُّ مولاهم،، الحافظ، أبو عَبْد الرَّحمن، عن: أبيه، ومغيرة، وحُصين، وعنه: أحمد، وإسحاق، والعطارديُّ، ثقة، شيعيٌّ، مات سنة (194 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد منه.

    قوله: (عن أَبِيهِ): هو فُضَيل _وتقدَّم أعلاه ضبطه_ ابنُ غزوان الضَّبِّيُّ مولاهم،، عن عكرمة، وسالم، وأبي حازم الأشجعيِّ [3]، وعنه: ابنه محمَّد _المتقدَّم_ ووكيع، ويحيى القطَّان، وغيرهم، وثَّقه أحمد وابن مَعِين، قال الذَّهبيُّ: موته قريب من موت الأعمش، انتهى، وقد أرَّخوا موت الأعمش بربيع الأوَّل سنة (148 هـ)، أخرج لفُضَيل الأئمَّة السِّتَّة.

    قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ [4]): تقدَّم من بعيد أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّه سلمان أبو حازم، مولى عزَّة الأشجعيَّة، جالس أبا هريرة خمس سنين، وعنه: محمَّد بن جحادة والأعمش، تُوفِّي سنة (100 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه أحمد وابن مَعِين، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به [5].

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أهْلِ الصُّفَّةِ): تقدَّم الكلام على (الصُّفَّةِ)، وعلى عددهم بظاهرها، فأغنى عن إعادته.

    قوله: (كَرَاهِيَةَ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يجوز فيها: كراهي؛ لغة.

    قوله: (أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ): (تُرَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (عَوْرَتُهُ): مرفوعة قائمة [6] مقام الفاعل.

    (1/1111)

    [باب الصلاة إذا قدم من سفر]

    قوله: (وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ): هذا صحابيٌّ مشهور، الأنصاريُّ السَّلميُّ، أحد الثَّلاثة الذين خلِّفوا، شهد العقبة، وله أحاديث، وكان من شعراء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، روى عنه بنوه؛ عَبْد الله وعبد الرَّحمن ومحمَّد، وغيرهم، تُوفِّي سنة (50 هـ)، أخرج له الجماعة رَضِيَ اللهُ عنه.

    قوله: (بَدَأَ) [1]: هو بهمزةٍ في آخره، وهذا ظاهر.

    (1/1112)

    [حديث: صل ركعتين]

    443# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ): أمَّا (مُحَاربٌ)؛ فهو [1] بضمِّ الميم، وبالحاء المهملة، وراء مكسورة، ثُمَّ موحَّدة، اسم فاعل من حارب، و (دِثَار)؛ بكسر الدَّال المهملة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مخفَّفة، وفي آخره راء، السَّدوسيُّ الكوفيُّ القاضي، عنِ ابن عمر، وجَابِر، والأسود بن يزيد، وعنه: شعبة والسُّفيانان، وكان من كبار العلماء والزُّهَّاد، تُوفِّي على ما قاله خليفة في آخر ولاية خالد بن عَبْد الله، وعُزِل خالد سنة عشرين ومئة، قال ابن قانع: مات سنة ستَّ عشرةَ، قاله الذَّهبيُّ في «تذهيبه»، وكذا هو في «تهذيب [2] المِزِّيِّ»، انتهى، وقال ابن حِبَّان في «الثِّقات»: تُوفِّي في ولاية خالد سنة ثمان ومئة، وتوقَّف في النَّقل عنِ ابن قانع، الحافظ مغلطاي فيما نظره [3] من نسخ التَّاريخ، وثَّقه أحمد وجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

    قوله [4]: (أُرَاهُ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه.

    (1/1113)

    [باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين]

    (1/1114)

    [حديث: إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس]

    444# قوله: (عن عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ): هو بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، الزُّرَقيُّ؛ بضمِّ الزاي، وفتح الرَّاء المخفَّفة، ثُمَّ قاف، ثُمَّ ياء النِّسبة، عن أبي قتادة وأبي هريرة، وعنه: الزُّهْرِيُّ وبكير بن الأشجِّ وطائفة، ثقة، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان» من أجل قول ابن خِراش فيه بعد أنْ وثَّقه: (في حديثه اختلاط).

    قوله: (عن أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ): (السَّلَميُّ)؛ بفتح السِّين واللَّام، وحُكِي كسرها ولُحِّن، من بني سَلِمة _بكسر اللَّام_ من الأنصار، واسمه الحارث بن ربعيٍّ، وهو فارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقيل اسمه: النُّعمان أو عَمرو، روى عنه: ابن المُسَيّب، وابنه عَبْد الله، في موته اختلاف؛ قال يحيى بن عَبْد الله بن أبي قتادة: إنَّ جدَّه مات بالمدينة سنة (54 هـ)، وله سبعون سنة، وكذا قال يحيى ابن بكير وجماعة، وقال الهيثم بن عديٍّ وغيره: مات بالكوفة، وصلَّى عليه عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال بعضهم: سنة (38 هـ)، وقال الواقديُّ: لَمْ أر بين ولد أبي قتادة وأهل البلد عندنا اختلافًا أنَّ أبا قتادة تُوفِّي بالمدينة، ورَوى أهل الكوفة: أنَّه تُوفِّي بالكوفة، أخرج له الجماعة رَضِيَ اللهُ عنه.

    ==========

    [ج 1 ص 173]

    (1/1115)

    [باب الحدث في المسجد]

    (1/1116)

    [حديث: الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه]

    445# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عَبْد الله بن ذكوان، مولى بني أميَّة، وكنيته أبو عَبْد الرَّحمن، وتقدَّم أنَّ ذكوان أخو أبي لؤلؤة قاتلِ عُمر، روى أبو الزِّناد عن أنس، وعمر بن أبي سَلَمة، ولم يره فيما قيل، وابن المُسَيّب، والأعرج، وعدَّة، وعنه: مالك، واللَّيث، والسُّفيانان، ثقةٌ ثَبْتٌ، تُوفِّي في رمضان فجأة سنة (131 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد صحَّح عليه، وقد تقدَّمت غيرَ هذه المرَّة ترجمتُه.

    قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن هرمز.

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عَبْد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    [ج 1 ص 173]

    قوله: (والْمَلاَئِكَةُ [1] تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ): قال العلماء: الصَّلاة من الله رحمةٌ، ومن الملائكة استغفارٌ، ومن الآدميِّ تضرُّعٌ ودعاء، وممَّن ذكر هذا التفسير الأزهريُّ وآخرون.

    قوله: (مَا لَمْ يُحْدِثْ): تقدَّم الكلام عليه، ونذكره أيضًا هنا؛ لطول العهد، فنزيد ونقول [2]: (يُحْدِث): هو بتخفيف الدَّال، فسَّره أبو هريرة: بحدث الوضوء، وابن أبي أوفى: بحدث الإثم، وفي رواية النَّسفيِّ في (باب الصَّلاة في السُّوق): (ما لم يؤذ فيه بحَدَث فيه)، وفي بعض الروايات: (ما لم يُحدِث فيه)، قال الدَّاوديُّ: (ما لم يحدِّث)؛ بالحديث من غير ذكر الله، وقال شيخنا الشَّارح: (ما لم يحْدِث؛ بتخفيف الدَّال، وفي رواية: (ما لم يؤذِ)، وتأوَّل العلماء الأذى بالغيبة وشبهها، وسببه أنَّ أذى ذلك أكبرُ مِن أذى الحدث، ومَن رواه بالتشديد؛ أراد بغير ذكر الله، قال ابن التِّين: (ولم يذكرِ التشديدَ أحدٌ)، وذكر ابن حبيب عن إبراهيمَ النَّخعيِّ: أنَّه سمع عبد الله بن أبي أوفى يقول: (هو حدث الإثم)، انتهى مُلخَّصًا.

    (1/1117)

    [باب بنيان المسجد]

    قوله: (بَابُ بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ): فائدة: اعلم أنَّ مسجد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بناه عليه الصَّلاة والسَّلام، كما في الحديث، وهو معروف، وذكر ابن العاقوليِّ شيخنا الإمام غياث الدين شيخ بغداد، وكذا قال زين الدين ابن حسين قاضي المدينة المشرَّفة في «تاريخه»، واللَّفظ للثَّاني عن ابن النَّجَّار: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بنى مسجده مرَّتين؛ بناه حين قدم أقلَّ من مئة في مئة، فلمَّا فُتِحت خيبر؛ بناه، وزاد عليه في الدُّور مثله) انتهى، وقال ابن العاقوليِّ أيضًا: عن ابن النَّجَّار: (إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام بنى مسجده مُربَّعًا، وجعل قبلته إلى بيت المقدس، وطوله سبعون ذراعًا في ستِّين ذراعًا [1]، أو تزيد، وجعل له ثلاثة أبواب؛ باب في مُؤخَّره، وباب عاتكة، وهو باب الرَّحمة، والباب الذي يدخل منه، وهو باب عثمان، ولمَّا صُرِفتِ القبلة إلى الكعبة؛ سَدَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الباب الذي كان خلفه، وفتح بابًا حذاءه، وكان المسجد له ثلاثةُ أبواب؛ باب خلفه، وباب عن يمين [2] المصلِّي، وباب عن يساره، ولم يبق من الأبواب التي كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يدخل منها إلا باب عثمان المعروف بباب جبريل عليه السَّلام) انتهى.

    (1/1118)

    فلمَّا استُخلِف أبو بكر رضي الله عنه؛ لم يُحدِث فيه شيئًا، واستُخلِف عمر رضي الله عنه فوسَّعه، وكلَّم العبَّاس بن عبد المطَّلب في بيع داره؛ ليزيدها فيه، فوهبها العبَّاس لله وللمسلمين، فزادها عمر في المسجد، ثمَّ إنَّ عثمان بناه في خلافته بالحجارة والقصَّة، وجعل عُمُدَه حجارة، وسقفه بالسَّاج، وزاد فيه، ونقل إليه الحصباء من العقيق، وكان أوَّلَ منِ اتَّخذ فيه المقصورة مروانُ بن الحكم، بناها بحجارة منقوشة، وقال النَّوويُّ: (عن خارجة بن زيد أحد الفقهاء السبعة أنَّه قال: «بنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مسجده سبعين ذراعًا في ستِّين [3] ذراعًا، أو [4] يزيد»، قال أهل السِّير: جعل عثمان طول المسجد مئة وستِّين ذراعًا، وعرضه مئة وخمسين، وجعل أبوابه ستَّة ... ) إلى آخره، انتهى، ثمَّ لم يحدث فيه شيء إلى أن وُلِّي الوليد بن عبد الملك بن مروان بعد أبيه، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز، وهو عامله على المدينة يأمره [5] بهدم المسجد وبنائه، وبعث إليه بمال، وفسيفساء، ورخامٍ، وبثمانين صانعًا من الرُّوم والقبط من أهل الشَّام ومصر، فبناه وزاد فيه، وولَّى القيام بأمره والنَّفقة عليه صالحَ بن كيسان، وذلك في سنة سبع وثمانين، ويقال: (في سنة ثمان وثمانين) [6]، ثمَّ لم يحدث فيه أحد من الخلفاء شيئًا حتَّى استُخلِف المهديُّ، قال الواقديُّ: (بعث المهديُّ عبدَ الملك بن شبيب الغسَّانيَّ، ورجلًا من ولد عمر بن عبد العزيز إلى المدينة [7]؛ لبناء مسجدها، والزيادة فيه، وعليها يومئذٍ جعفرُ بن سليمان بن عليٍّ، فمكثا في عمله سنة، وزادا في مُؤخَّره مئة ذراع، فصار طوله ثلاث مئة ذراع، وعرضه مئتي ذراع)، قال السُّهيليُّ: (وذلك سنة ستِّين ومئة)، وقال مُحَمَّد بن عليٍّ المدائنيُّ: (ولَّى المهديُّ جعفرَ بن سليمان مكَّة، والمدينة، واليمامة، فزاد في مسجد مكَّة، ومسجد المدينة، فتمَّ بناء مسجد المدينة في سنة اثنتين وستِّين ومئة، وكان المهديُّ أتى المدينة قبل الحجِّ، فأمر بقلع المقصورة، وتسويتها مع المسجد، ثمَّ إنَّ المأمون بن الرَّشيد زاد فيه زيادة، وذلك [8] في سنة ثنتين ومئتين، وأتقن بنيانه، ونقش فيه: (هذا ما أمر به عبد الله بن المأمون) في كلام كثير، ثمَّ لم يبلغنا أنَّ [9] أحدًا غيَّر منه [10] شيئًا، ولا أحدث فيه عملًا، ورأيت في كلام شيخنا المؤلِّف بعد عثمان: (ثمَّ بناه عبد الله بن الزُّبير، ثمَّ الوليد بن عبد الملك)

    (1/1119)

    انتهى،

    و (الفُسيفساء): شيء يُطبَخ من الزُّجاج والأحجار، ذو بهجة وألوان يدخل فيها فرش من الأرض، والبنيان كالفصوص، ومنه على هيئة الجامات شَافٌّ [11].

    قوله: (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه.

    قوله: (أَكِنُّ النَّاسَ): رُوِي بفتح الهمزة، وكسر الكاف، والنُّون مُشدَّدة مضمومة، فعل مضارع، ورُوِي كذلك إلَّا أنَّ النُّون مفتوحة مع التشديد أيضًا، فعل أمر، وهو ما في أصلنا، والثاني نسخة، ويجوز من حيث اللُّغةُ الثُّلاثيُّ والرُّباعيُّ، وبعض أهل اللُّغة فرَّق بين (كننته، وأكننته [12])، فقال: كننتُ الشيء: سترتُه، وصنتُه من الشمس، وأكننته في نفسي: أسررته.

    قوله: (فَتَفْتِنَ النَّاسَ): رُوِي بفتح الفاء، ثلاثيٌّ، ورباعيٌّ من (أفتن)، وأنكر الأصمعيُّ الرُّباعيَّ، وأجازه أبو عبيد، واللُّغتان معروفتان نقلهما غيرُ واحد؛ منهم الجوهريُّ [13].

    قوله: (كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى): (أي: كما زيَّنتِ اليهود والنَّصارى) [14]، وأصل الزخرف: الذَّهب.

    تنبيهٌ هو فائدةٌ: قال النَّوويُّ في «مناسكه الكبرى؛ الإيضاح» قبيل [15] الباب السَّادس منه: (إنَّ الوليد بن عبد الملك أوَّل مَن زخرف المساجد).

    (1/1120)

    [حديث: أن المسجد كان على عهد رسول الله مبنيًا باللبن]

    446# قوله: (وعُمُدَهُ): هو بضمِّ العين والميم، وبفتحهما، وقُرِئ بهما في السَّبع في قوله: {فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ} [الهمزة: 9]؛ جمع (عمود)؛ وهو [1] عمود [2] البيت، وجمع القلَّة: أعمدة، والكثرة: عَمَد وعُمُد.

    قوله: (وَالْقَصَّةِ): هي بفتح القاف، وتشديد الصَّاد المهملة، ثمَّ تاء التأنيث: الجِصُّ، وقال الخطَّابيُّ: (يشبهه [3]، وليس به).

    قوله: (بِالسَّاجِ): هو بالسِّين المهملة، وفي آخره جيم، نوع من الخشب، الواحدة ساجة، ويجمع: السيجان، وبعضهم يجعله يائيًّا، وبعضهم واويًّا.

    ==========

    [1] في (ب): (وهي).

    [2] (وهو عمود): سقط من (ج).

    [3] في (ج): (يشبه).

    [ج 1 ص 174]

    (1/1121)

    [باب التعاون في بناء المسجد]

    (1/1122)

    [حديث: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة]

    447# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ): هو بالحاء المهملة، وتشديد الذَّال المعجمة، ممدود الآخر، وهو خالد بن مهران، الحذَّاء، الحافظ أبو المُنازِل، تقدَّم، وتقدَّم لماذا نُسِب.

    قوله: (وَلاِبْنِهِ عَلِيٍّ): هو عليُّ بن عبد الله بن العبَّاس بن عبد المطَّلب، ترجمته معروفة، أخرج له مسلم، والأربعة، ووثَّقه أبو زُرعة والعجليُّ، تُوُفِّيَ سنة سبع عشرة ومئة، وقيل: سنة ثماني عشرة.

    قوله: (انْطَلِقَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وأنَّه بالدال المهملة، مرارًا، رضي الله عنه.

    [ج 1 ص 174]

    قوله: (فِي حَائِطٍ): الحائط تقدَّم أنَّه البُستان المَحوط.

    قوله: (فَاحْتَبَى بِهِ [1]): (احتبى): معتلٌّ غير مهموز، والاحتباء: أن ينصب ساقيه، ويدير عليهما ثوبه، أو يعقد يديه على ركبتيه مُعتمِدًا على ذلك، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا.

    قوله: (ثُمَّ أَنْشَأَ): هو مهموز، ومعناه: ابتدأ.

    قوله: (وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ) أمَّا (عمَّار)؛ فتقدَّم الكلام عليه في (كتاب الإيمان)، واسم قاتله، وتاريخ وفاته رضي الله عنه، وقوله: (لبنتين لبنتين): يعني: واحدة عنه، وواحدة عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

    قوله: (وَيْحَ عَمَّارٍ): (ويح): كلمة تُقال لمَن وقع في مهلكة لا يستحقُّها، فيُرحَم عليه، ويُرثَى له، وقد تُقال بمعنى المدح والتعجُّب، وهي منصوبة على المصدر، وقد تُرفَع، وتُضاف ولا تضاف، يُقال: ويح زيد، وويحًا له، والله أعلم.

    قوله: (يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ): سيأتي الكلام عليه في أوَّل (الجهاد) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

    (1/1123)

    [باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد]

    (1/1124)

    [حديث: بعث رسول الله إلى امرأة أن مري غلامك النجار يعمل لي]

    448# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حازم، وتقدَّم الكلام عليه.

    قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه سلمة بن دينار، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (إِلَى امْرَأَةٍ): تقدَّم الكلام على هذه المرأة، وما وقع في اسمها، وأنَّ اسمها عائشة الأنصاريَّة، وأمَّا علاثة؛ فتصحيف من فلانة، وأنَّها مِن بني ساعدة.

    قوله: (مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ): تقدَّم الكلامُ على اسم الذي نجر المنبر والاختلافُ فيه، ومتى صُنِع المنبرُ فيما مضى؛ فانظره.

    قوله: (أَجْلِسُ): مرفوع، وليس جوابًا للأمر، وجوابُه (يعملْ).

    سؤال: إن قلت: إنَّ [1] حديث سهل بن سعد يُخالف حديث جابر هذا، وذلك لأنَّ في حديث سهل: (أنَّه عليه الصَّلاة والسلام سأل المرأة بأن تأمر غلامها بعمل المنبر)، وحديث جابر هذا: (أنَّ المرأة سألت .. )؟

    والجواب: بأنَّه يحتمل أن تكون المرأةُ بدأت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالمسألة، وتبرَّعت له بعمل المنبر، فلمَّا أباح لها ذلك، وقبِلَ رغبتها؛ أمكن أن يبطئ الغلام بعمله، فتعلَّقت نفسه عليه الصَّلاة والسَّلام به، فاستنجزها إتمامَه، وإكمال عِدَّتها؛ إذ [2] علم عليه السَّلام طيبَ نفسها بما بذلته، ويحتمل أن يكون إرساله لها؛ ليُعرِّفها بصفة ما يصنع الغلام في الأعواد، وأن يكون ذلك منبرًا، وقد تقدَّم أنَّه ثلاث درجات، ومَن قال: كان درجتين؛ أسقط المقام، (وفي «زوائد معجمي [3] الطَّبرانيِّ؛ الأوسط والصَّغير» من حديث عائشة حديثٌ [4]، وفيه: فجعل المنبر أربعَ مراقٍ) [5].

    (1/1125)

    [باب من بنى مسجدًا]

    (1/1126)

    [حديث: من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة]

    450# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب الفهريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.

    قوله: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو): هذا هو عمرو بن الحارث بن يعقوب، أبو أمية، الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، عن أبي يونس مولى أبي هريرة، وابن أبي مليكة، والزهريِّ، وخلق، وعنه: اللَّيث، ومالك، وابن وهب، وخلق، حجَّة، مات سنة (148 هـ)، وله غرائبُ، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

    قوله: (أَنَّ بُكَيْرًا [1]): هو ابن [2] عبد الله بن الأشجِّ، عن أبي أمامة بن سهل، وابن المسيِّب، وغيرهما، وعنه: ابنه مخرمة، واللَّيث، وأممٌ، إمام ثَبْت، تُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قوله: (حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ): تقدَّم كم بُنِي من [3] (مرَّةٍ مسجدُ المدينة المشرَّفة؛ فانظره في ظاهر هذه الورقة [4]) [5].

    قوله: (بَنَى اللهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ)؛ أي: في مسمَّى البيت، لا في السَّعة، وقيل: فضله على بيوت الجنَّة كفضل المسجد على بيوت الدُّنيا؛ بسبب إضافته إلى الربِّ تبارك وتعالى، قال شيخنا الشَّارح: (وقد أخرج هذا الحديث أبو حاتم بن حَبَّان، وترجم عليه ذكر البنيان بأنَّ الله عزَّ وجلَّ يبني البيت في الجنَّة لباني المسجد في الدُّنيا على قدر صغره وكبره، فهذا يخالف ما تقدَّم) انتهى.

    (1/1127)

    [باب يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد]

    (1/1128)

    [حديث: أمسك بنصالها]

    451# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا [1] هو ابن عيينة، الإمام المشهور، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (قُلْتُ لِعَمْرٍو): هذا هو عمرو بن دينار، أبو مُحَمَّد، مولى قريش، مكِّيٌّ إمامٌ، عن ابن عبَّاس، وابن عمر، وجابر، وعنه: شعبة، والسُّفيانان، والحمَّادان، ومالك، وخلق، مات سنة (126 هـ)، في أوَّلها، وله ثمانون سنة، أخرج له الجماعة، وهو عالم حجَّة، وما [2] قيل عنه من التشيُّع باطل، له ترجمة في «الميزان» مُختصَرة، وذكره تمييزًا، وإنَّما قيَّدت عَمْرًا هذا [3] وترجمتُه؛ لأنَّ مَن يقال له: (عمروٌ) ويروي عن جابر جماعة؛ وهم: هذا المُترجَم هنا عمرو بن دينار، مولى قريش، وعمرو بن أبان بن عثمان بن عفَّان الأمويُّ، وعمرو بن جابر الحضرميُّ أبو زرعة، وهؤلاء لا يروون عنه في الكتب [4]، أمَّا عمرو بن عثمان؛ فروى له عنه أبو داود، وأمَّا عمرو بن جابر أبو زرعة؛ فروى له عنه التِّرمذيُّ، وأمَّا عمرو بن دينار، المُشار إليه هنا عنه؛ فروى له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

    [قوله: (أَسَمِعْتَ [5] جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ... ) إلى آخر الحديث، ولم يقل في آخره، ولا بعد السؤال: نعم، فاعلم أنَّ العلماء اختلفوا في ذلك إذا لم يقل: (نعم) أو ما أشبهها [6]، ولكنَّه غيرُ مُنكِر لذلك مع إصغائه، وفهمه [7]؛ فذهب [8] جمهور الفقهاء والمحدِّثين والنُّظَّار _كما قال القاضي عياض_ إلى صحَّة السَّماع، وأنَّ ذلك غير [9] شرط، وقال: (إنَّه الصحيح)، قال: (وشرَطه بعض الظاهريَّة، وبه عمل جماعةٌ من مشايخ الشرق)، قال ابن الصلاح: (وقطع به أبو الفتح سليم الرازيُّ، وأبو إسحاق الشيرازيُّ)] [10].

    قوله: (مَرَّ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ): هذا الرَّجل لا أعرف اسمه.

    قوله: (أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا): هو بهمزة مفتوحة، رباعيٌّ، ويجوز (مسك) ثلاثيٌّ، على لغة.

    (1/1129)

    [باب المرور في المسجد]

    (1/1130)

    [حديث: من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل .. ]

    452# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هو ابن زياد، العبديُّ مولاهم، البصريُّ، عن عاصم الأحول، والأعمش، وعنه: ابن مهديٍّ، ومُسدَّد، وقتيبة، قال النَّسائيُّ: (ليس به بأس)، مات سنة (176 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أحمد وغيره: (وله مناكير نُقِمت عليه [1]، اجتنبها صاحبا «الصَّحيح»)، له ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم.

    قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ): هو بُرَيد _بضمِّ المُوَحَّدة، وفتح الرَّاء [2]_ ابن عبد الله [3] بن أبي بردة أبو بردة [4]، تقدَّم الكلام عليه وبعضُ ترجمته.

    قوله: (أَبَا بُرْدَةَ): هو بضمِّ المُوَحَّدة، وإسكان الرَّاء، واسمه عامر أو الحارث، تقدَّم بعض ترجمته، وكان من نبلاء العلماء رحمه الله.

    قوله: (عَنْ أَبِيهِ): هو أبو موسى الأشعريُّ، عبد الله بن قيس، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (لاَ يَعْقِرْ): هو بالنصب، ويجوز جزمه ورفعه.

    ==========

    [1] (عليه): سقط من (ج).

    [2] في النُّسخ: (الموحدة)، والمثبت مستفاد من موضع لاحقٍ.

    [3] (بن عبد الله): سقط من (ب).

    [4] (أبو بردة): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 175]

    (1/1131)

    [باب الشعر في المسجد]

    (بَابُ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ) [1] ... إلى (بَاب الاِسْتِلْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ)

    [ج 1 ص 175]

    قوله: (بَابُ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ): إن قيل: ليس في الحديث الذي ذكره إنشادُ شعرٍ في المسجد، وكأنَّه رحمه الله أشار إلى أصله، وقد ذكره في (باب بدء الخلق) من حديث سعيد قال: (مرَّ عمر بن الخطَّاب في المسجد وحسَّان ينشد، فلحظ إليه، فقال: كنتُ أنشد فيه، وفيه خيرٌ منك، ثمَّ التفتَ إلى أبي هريرة ... )؛ الحديث، وهذا الحديث موافقٌ لها، وقد أشار إلى هذا ابنُ المُنَيِّر.

    ==========

    [1] ما بين قوسين: سقط من (ب).

    (1/1132)

    [حديث: يا حسان أجب عن رسول الله اللهم أيده بروح القدس]

    453# [قوله: (عَن الزُّهرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله ابن شهاب.

    قوله: (أَخْبَرنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1]): تقدَّم مرارًا أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وتقدَّم شيء من ترجمته] [2].

    قوله: (أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ): هو حسَّان بن ثابت بن المنذر بن حرام _بالرَّاء_ الخزرجيُّ النَّجَّاريُّ الشَّاعر، أبو الحسام، أو أبو المُضرِّب، أو أبو عبد الرَّحمن، شاعره عليه الصَّلاة والسَّلام، لم يشهد مشهدًا فيما أعلم، ولا رأيت له ذكرًا في المشاهد [3]، ولم يكن جبانًا؛ لأنَّ العرب المعارضين له لم يعيِّروه بذلك، وقد يقال: إنَّه كان ينافح عنه عليه الصَّلاة والسَّلام، فعصمه الله من ألسنتهم أن يرموه بذلك [4]، عاش مئة وعشرين سنة، وكذا آباؤه الثَّلاثة، وقد تُوُفِّيَ سنة (54 هـ)، وقيل: غير ذلك، بعد أن عَمِي، وقد ذكرت العميان من الصَّحابة وغيرِهم أوَّلَ هذا التَّعليق، وقد عاش ستِّين سنة في الجاهليَّة، وستِّين في الإسلام، وكذا حكيم بن حزام؛ بالزَّاي، كذا اقتصر ابن الصَّلاح على هذين الاثنين، وزيد عليه حُويطِب ابن عبد العزَّى من مسلمة [5] الفتح، وسعيد بن يربوع القرشيُّ من مسلمة الفتح أيضًا، وحمنن بن عوف القرشيُّ أخو عبد الرحمن بن عوف، أسلم ولم يهاجر، ومَخرمة بن نوفل القرشيُّ الزُّهريُّ، والد المِسوَر من [6] مسلمة الفتح، وقد ذكر أبو زكريَّا بن منده في «جزء» له مَن عاش [7] من الصحابة [8] مئة وعشرين سنة، لكن لم يعلم كون نصفها في الإسلام ونصفها في الجاهليَّة؛ فمنهم: عاصم بن عديِّ بن الجدِّ [9]، والمنتجع جدُّ ناجية، ونافع بن سليمان العبديُّ، واللَّجلاج العامريُّ، وسعد بن جنادة العوفيُّ الأنصاريُّ، وعديُّ بن حاتم، ولم يذكره ابن منده في الجزء المذكور، وقد رُوِّيت الجزء المذكور لابن منده عاليًا، وقد نظمت هؤلاء السِّتَّة [10] المتأخِّرة في بيت وهو:

    ~…منتجعٌ ونافعٌ مع عاصمِ [11] …وسعدُ لجلاجٌ مع ابن حاتمِ [12]

    وإن شئت قلت:

    ~…منتجعٌ ونافعٌ معَ عاصمِ…وسعدٍ اللَّجلاجِ وابنِ حاتم

    قوله: (أَبَا هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    (1/1133)

    قوله: (أَنْشُدُكَ اللهَ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألك [13] الله.

    قوله: (بِرُوحِ الْقُدُسِ): المراد به: جبريل عليه السَّلام، وفي (القدس) أقوال؛ قيل: الله، وقيل: البركة، وقيل: الطهارة، فكأنَّه روح الطَّهارة، وخالصُها، وسُمِّي رُوحًا؛ لأنَّه يأتي بالبيان عن الله [14]، فيُحيي به الأرواح.

    ==========

    [1] (بن عبد الرحمن): سقط من (ب) و (ج).

    [2] ما بين معقوفين جاء في (ج) مقدَّمًا على قوله: (قوله باب الشعر في المسجد).

    [3] في (ج): (المشاهدة).

    [4] (بذلك): سقط من (ج).

    [5] في (ب) و (ج): (بن)، وهو تحريف.

    [6] في (ج): (بن)، وهوتحريف.

    [7] (من عاش): سقط من (ب).

    [8] زيد في (ب): (من عاش).

    [9] في (ج): (الحمد)،وليس بصحيح.

    [10] زيد في (ب): (المذكورة).

    [11] زيد في (ب): (قوله).

    [12] زيد في (ب): (قوله).

    [13] في (ج): (أنشدك).

    [14] زيد في (ب): (تعالى).

    [ج 1 ص 176]

    (1/1134)

    [باب أصحاب الحراب في المسجد]

    (1/1135)

    [حديث: لقد رأيت رسول الله يومًا على باب حجرتي]

    454# قوله: (عنْ صَالِحٍ): هذا هو صالح بن كيسان المدنيُّ، رأى ابن عمر، وسمع عروة، والزهريَّ، وعنه: ابن عيينة، والدَّراورديُّ، وإبراهيم بن سعد، وكان جامعًا للفقه، والحديث، والمروءة، قال أحمد: (هو أكثر من الزُّهريِّ بخ بخ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم فيما مضى، ولكن طال العهدُ به، وقد وثَّقه ابن مَعِين وغيرُه، قال الحاكم: (مات صالح وهو ابن مئة ونيِّف وستِّين سنة، وابتدأ بالعلم وهو ابن سبعين سنة)، قال الذَّهبيُّ: (هذا غلط فاحش من الحاكم، ولعلَّ صالح بن كيسان لم يجاوزِ التسعين، ولو كان ابتدأ بالعلم على ما وَرَّخ؛ أخذ عن سعد، وعائشة، وأبي هريرة)، وقال الواقديُّ: (مات بعد الأربعين ومئة)، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (رُمِي بالقدر)، ولم يصحَّ ذلك عنه، وقد صحَّح عليه.

    فائدةٌ هي تنبيهٌ: اثنان يرويان عن الزُّهريِّ [1]، عن عروة، عن عائشة؛ أحدهما: صالح بن أبي الأخضر، أخرج له النَّسائيُّ بالطَّريق التي ذكرتها حديثين، وصالح بن كيسان صاحب الترجمة بالطريق التي ذكرتها البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، والله أعلم.

    قوله: (عَنْ ابنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

    قوله: (زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ .. ) إلى آخره، اعلم أنَّ (إبراهيم) هذا هو شيخ البخاريِّ، وهو إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر [2] بن المغيرة بن خالد بن حزام بن خويلد بن أسد، الأسديُّ الحزاميُّ المدنيُّ، أبو إسحاق، من كبار العلماء والمُحدِّثين بالمدينة، وجدُّهم خالد بن حزام أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشة، فلُدِغ، فنزلت فيه: {وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا .. } [النساء: 100]؛ الآية، ويقال: نزلت في غيرهِ، عن مالك _قال الذَّهبيُّ كذا في «التَّهذيب» _ وعن ابن عيينة، وأنس بن عياض، وخلق، وعنه: البخاريُّ، وابن ماجه [3]، وأحمد بن أبي خيثمة، وخلقٌ، قال النَّسائيُّ: (ليس به بأس)، وقال صالح جزرة: (صدوق)، وذمَّه [4] أحمد ابن حنبل؛ لكونه خلط في القرآن، مات في المحرَّم سنة (236 هـ)، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

    (1/1136)

    وقد قدَّمت أنَّ مثل هذا يرقم عليه المِزِّيُّ والذَّهبيُّ تعليقًا، وقد قدَّمت أنَّه متِّصل بشرط أن يكون الذي يقول مثل هذا غير مُدلِّس، وقد تقدَّم أنَّ البخاريَّ غير مُدلِّس، وهو شيخه، وكأنَّه أخذه عنه _هذا الحديث_ في حال المذاكرة، والله أعلم، وهو مثل: (قال).

    قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب المصريُّ، العالم المشهور، تقدَّم، وهو أحد الأعلام.

    قوله: (عَنْ [5] يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تقدَّم، وتقدَّمت لغاته السِّتُّ.

    قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ، العالم المشهور، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

    (1/1137)

    [باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد]

    قوله: (بَابُ ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ .. ) إلى آخره: ليس في الحديث الذي ذكره تصريحٌ بالبيع والشِّراء في المسجد.

    قوله: (وَالشِّرَاءِ): هو بالمدِّ والقصر؛ لغتان معروفتان.

    ==========

    [ج 1 ص 176]

    (1/1138)

    [حديث: ابتاعيها فأعتقيها فإن الولاء لمن أعتق]

    456# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تقدَّم أنَّ هذا هو ابن عيينة، العَلَم المشهور.

    قوله: (عَنْ يَحْيَى): (يحيى) هذا هو: ابن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاريُّ، أبو سعيد، قاضي السَّفَّاح، عن أنس وابن المسيّب، وعنه: مالك والقطَّان، حافظ، إمام، فقيه، حجَّة، مات سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد ذكرت له ترجمة، ولكن طال العهد بها؛ ولهذا أعدتُها هنا.

    قوله: (عَنْ عَمْرَةَ): هي بنت عبد الرَّحمن بن سعد بن زُرارة من فقهاء التَّابعين، وقد تقدَّم أنَّ الفقهاء من التابعيَّات: حفصة بنت سيرين، وعمرة هذه، وأمُّ الدَّرداء الصُّغرى هُجَيمة أو جُهَيمة بنت حُييٍّ الأوصابيَّة، روت عمرة عن عائشة، وكانت في حَجرها، وعن جماعة، وعنها: ابنها أبو الرَّجال، وولداه، والزُّهريُّ، وغيرُهم، ماتت سنة (116 هـ)، أخرج لها الجماعة، وقد تقدَّمت ترجمتها، ولكن طال العهد بها.

    قوله: (أَتَتْهَا بَرِيرَةُ): هي بفتح المُوَحَّدة (فَعِيلَة)، من الموالي، قيل: إنَّها قبطيَّة، وإنَّها ابنة صفوان، وقال الذَّهبيُّ: (إنَّها حبشيَّة، سمع عبد الملك بن مروان منها كما في ترجمته، وهذا يدلُّ على تأخُّرها)، قال شيخنا المؤلِّف: (لأمِّها صحبة).

    [قوله: (وَقَالَ أَهْلُهَا): سيأتي الخلاف في أهلها [1]، والله أعلم] [2].

    قوله: (أَعْطَيْتِهَا): هو بكسر المُثنَّاة فوق.

    قوله: (قَالَ [3] سُفْيَانُ مرَّةً): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن عيينة، وهو سفيان المذكور في السند.

    قوله: (ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ): هو بتشديد الكاف، والتَّاء ساكنة؛ تاء التأنيث.

    قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ): هو ابن عيينة المذكور في السَّند، كما تقدَّم أعلاه.

    قوله: (فَصَعِدَ [4]): هو بكسر العين [5] الماضي، وفتحِها في المضارع، عكس (عمَد يعمِد) مع أنِّي رأيت في (عَمِد) في [6] حاشية أنَّ فيها الكسرَ في الماضي، والفتحَ في المضارع، وعزاه إلى بعض كتب اللُّغة لا تحضرني، (وقد استحضرته الآن، فإنَّه عزاه للَّبْلِيِّ في «شرح الفصيح») [7].

    قوله: (وَرَوَاهُ مَالِكٌ [8] ... ) إلى آخره؛ يعني: أنَّه رواه مالك مُرسَلًا، فلم يذكر عائشة، وتكون عمرةُ ذكرتْ قصَّةً لم تُدركها [9]، فهي مُرسَلةٌ.

    قوله: (قَالَ عَلِيٌّ): يعني: ابن عبد الله بن جعفر بن نَجِيْح، وهو ابن المدينيِّ شيخه المذكور أوَّلًا.

    (1/1139)

    وقوله: (قَالَ [10] يَحْيَى): يعني: ابن سعيد القطَّان الحافظ، (عَنْ يَحْيَى)؛ يعني: ابن سعيد الأنصاريَّ.

    وقوله: (وَعَبْدُ الْوَهَّابِ): هو مرفوع معطوف على (يحيى)، وهو ابن عبد المجيد بن الصَّلت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي، الثَّقفيُّ، أبو مُحَمَّد، الحافظُ، أحد الأشراف بالبصرة، عن أيُّوب، ويونس، وحميد، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن عرفة، وثَّقه ابن معين، وقال: (اختلط بأخرة)، مات سنة (194 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقال فيها: (أفرده ابن أبي حاتم عن عبد الوهَّاب الثَّقفيِّ، وهو هو).

    [قوله]: (عَنْ عَمْرَةَ نَحْوَهُ [11]): يعني: أنَّ يحيى بن سعيد الأنصاريَّ اختُلِف عليه فيه، فرواه عنه أوَّلًا سفيان بن عيينة؛ مُسنَدًا مُتَّصِلًا، ورواه عنه يحيى القطَّان ومالك وعبد الوهَّاب مُرْسَلًا.

    وقوله: (وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ .. ) إلى آخره؛ معناه [12]: أنَّ سفيان _ يعني: ابن عيينة _ وجعفر بن عون روياه عن الأنصاريِّ مُسنَدًا مُتَّصِلًا [13]، [وتعليق جعفر بن عون أخرجه النَّسائيُّ في (الفرائض) عن أحمد بن سليمان، وموسى بن عبد الرحمن، ومُحَمَّد بن إسماعيل _وهو ابن عُليَّة_؛ ثلاثتهم عن جعفر بن سليمان به.

    قوله: (رَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى): أخرجه النَّسائيُّ في (الفرائض) عن الحارث بن سليمان، عن ابن القاسم، عن مالك به] [14].

    والحاصل من هذا كلِّه: أن مالكًا والقطَّان [15] وعبد الوهَّاب روَوه عن يحيى الأنصاريِّ مُرسَلًا، فاثنان _وهما سفيان وجعفر بن عون [16]_ روياه عن يحيى الأنصاريِّ مُسنَدًا مُتَّصلًا، وثلاثة: وهم مالك، ويحيى القطَّان، وعبد الوهَّاب روَوه عن يحيى بن سعيد الأنصاريِّ مُرسَلًا، والله أعلم.

    ويجيء فيه الخلافُ فيما إذا رُوِي الحديث مَوصولًا، ومُرسَلًا، أو مَرفوعًا، ومَوقوفًا، وفي المسألة أربعةُ أقوال؛ أصحُّها: أنَّ الحكم لمَن وصل، والثَّاني: أنَّ الحكم لمَن أَرسَل، الثَّالث: الحكم للأكثر، الرَّابع: الحكم للأحفظ، فإن [17] أردت زيادةً؛ فانظرِ الكتب المُطوَّلة في علوم الحديث.

    [ج 1 ص 176]

    (1/1140)

    [باب التقاضي والملازمة في المسجد]

    (1/1141)

    [حديث: ضع من دينك هذا]

    457# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو (فيما يظهر عبد الله بن مُحَمَّد المسنديُّ، ومستندي في ذلك أنِّي رأيت تراجم المشايخ الأربعة الذين يقال لكلٍّ منهم: عبد الله بن مُحَمَّد [1]؛ مشايخُ البخاريِّ، فرأيت عبد الغنيِّ الحافظَ ذكر في مشايخ المسنديِّ عثمانَ بن عمر بن فارس، والله أعلم) [2].

    قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ): هو عثمان بن عمر بن فارس، العبديُّ البصريُّ، عن يونس بن يزيد، وابن جريج، وطائفة، وعنه: أحمد، والرَّماديُّ، والحارث بن أبي أسامة، وخلقٌ، وكان من الصالحين الثِّقات، مات في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، له ترجمة في «الميزان».

    قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ): تقدَّم أنَّه يونس بن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم بعض ترجمته فيما تقدَّم.

    قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه ابن شهاب مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، الإمام الفَردُ.

    قوله: (ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ) [3]: (ابن أبي حدرد) [4]: اسمه [5] عبد الله، كذا في «مسلم»، واسم (أبي حدرد) سلامة، وقيل: عبْد، وقيل: أسيد بن عمير بن أبي سلامة الأسلميُّ، كنيةُ عبدِ الله أبو مُحَمَّد، شهد الحديبية، وعُمِّر دهرًا طويلًا، تُوُفِّيَ سنة (71 هـ)، أخرج له أحمد في «المسند» رضي الله عنه.

    قوله: (سِجْفَ حُجْرَتِهِ): قال الدِّمياطيُّ: (السِّجف؛ بفتح السِّين وكسرها: هو السِّتر، وقال الطَّبريُّ: الرَّقيق منه، فيكون في مُقدَّم البيت، ولا يُسمَّى سِجفًا إلَّا أن يكون مشقوق [6] الوسط؛ كالمصراعين، وقال الدَّاوديُّ: هو الباب، ولعلَّه أراد به أنَّه كان من مسح [7]، وإلَّا؛ فلا يُسمَّى الباب سِجفًا)، انتهى وما قاله هو لفظ ابن قرقول بحروفه.

    قوله: (وَأَوْمَأَ): هو مهموز الآخر، وقد تقدَّم؛ ومعناه: أشار.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (من).

    [2] ما بين قوسين بياض في (ج).

    [3] زيد في (ب): (اسم).

    [4] (ابن أبي حدرد): سقط من (ج).

    [5] (اسمه): سقط من (ب).

    [6] في: (ج) (مسقوف)، وهو تصحيف.

    [7] في (ب): (نسح).

    [ج 1 ص 177]

    (1/1142)

    [باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان]

    قوله: (بَابُ كَنْسِ الْمَسْجِدِ .. ) إلى آخره: ليس في الحديث الذي ذكره التقاطُ الخرق، والقذى، والعيدان، إنَّما فيه أنَّها كانت تقمُّ المسجد، وسيأتي ما يوضِّح لك تبويب البخاريِّ في تسمية المرأة قريبًا، أو أنَّه أخذه من لازم الكنس، والله أعلم.

    قوله: (وَالْقَذَى): هو بفتح القاف، وبالذال المعجمة؛ مقصور، والقذى في الشَّراب والعين: ما يسقط فيها، والقذاة واحدٌ، والجمع: القذى.

    ==========

    [ج 1 ص 177]

    (1/1143)

    [حديث: أفلا كنتم آذنتموني به دلوني على قبره]

    458# قوله: (عَنْ ثَابِتٍ): هذا [1] بثاء مُثلَّثة في أوَّله، وهو ابن أسلم البُنانيُّ، عن ابن عمر، وابن الزُّبير، وخلق، وعنه: الحمَّادان، وأمم، وكان رأسًا في العمل والعلم، يلبس الثِّياب الفاخرة، ويقال: لم يكن في وقته أعبدُ منه، تُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له الجماعة، ثقة بلا مُدافَعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

    قوله: (عَنْ أَبِي رَافِعٍ): هو نُفيع الصائغ البصريُّ، عن عمر، وعثمان، وأُبيٍّ، وعنه: قتادة وبكر المزنيُّ، ثقة نبيل، أخرج له الجماعة.

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ، أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ): جاء في بعض الرِّوايات في «الصَّحيح» أنَّها: (امرأة سوداء)؛ بغير شكٍّ، قال شيخنا الشَّارح في غير هذا «الشَّرح»: (قال عبد الحقِّ: الصَّحيح أنَّها امرأة) انتهى، وهذه المرأة هي أمُّ محجن، كذا قاله ابن بريدة، كما ساقه عبد الغنيِّ إليه: (قالوا: يا رسول الله؛ هذه أمُّ محجن مُولَعة بأن تلقط القذى من المسجد)، وكذا قاله ابن بشكوال، وكذا الذَّهبيُّ في «تجريده»، وذكر ابن طاهر الحديث، وسمَّاها محجنة، لكنِ الكلُّ ساقوه من حديث أبي أمامة بن سهل، وقال شيخنا في غير هذا «الشرح» بعد أن ذكر الاختلاف فيها هل هي أمُّ محجن أو محجنة: (وأغرب ابن حِبَّان في كتابه «الصَّحابة» فقال: اسمها: الخرقاء) انتهى، وذكر الذَّهبيُّ في «تجريده» في (حرف الخاء المعجمة): (الخرقاء: امرأة سوداء [2] كانت تقمُّ المسجد) انتهى، وذكرها ابن حِبَّان في «ثقاته» كما رأيته فيها، فسمَّاها الخرقاء، ثمَّ إنِّي رأيت في (معجم النساء) للطبرانيِّ «المعجم الكبير»: في (حرف الخاء) _ يعني: المعجمة _ ما لفظه: (الخرقاء السَّوداء: التي كانت تميط الأذى عن مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، ثمَّ ساق سندًا إلى أنس، ولم يذكر فيه مَتنًا، ثمَّ قال ... ؛ فذكر [3] الحديث، انتهى.

    قوله: (كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ): أي: يكنسه، والقُمامة _بضمِّ القاف_: الكناسة.

    قوله: (آذَنْتُمُونِي): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: أعلمتموني.

    ==========

    [1] زيد في (ج): (هو).

    [2] (سوداء): سقط من (ب).

    [3] في (ب): (وذكر).

    [ج 1 ص 177]

    (1/1144)

    [باب تحريم تجارة الخمر في المسجد]

    (1/1145)

    [حديث: لما أنزل الآيات في الربا من سورة البقرة في الربا]

    459# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، تقدَّم الكلام في بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي حَمْزَةَ): هو بالحاء المهملة وبالزاي، هو مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وإنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، وهو مُحدِّث مرو، عن زياد بن علاقة، وعاصم بن بهدلة، وهو ابن أبي النَّجود، وعنه [1]: عبدان بن عثمان ونُعَيم بن حمَّاد، تُوُفِّيَ سنة (167 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، صدوق إمام مشهور، له ترجمة في «الميزان».

    قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ المشهور.

    قوله: (عَنْ مُسْلِمٍ): هو ابن صُبَيح؛ بضمِّ الصَّاد المهملة، وفتح المُوَحَّدة، أبو الضُّحى، الهمْدانيُّ العطَّار، عن ابن عبَّاس وعلقمة، وعنه: منصور، والأعمش، وفطر، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقد تقدَّم أنَّه وُلِّي لعشر خلون من صفر سنة تسع وتسعين، وكانت خلافته سنتين وخمسةَ أشهر، وثَّقه ابن معين، وأبو زُرْعة، وقد قدَّمت بعض ترجمته، ولكن طال العهد بها.

    قوله: (لَمَّا أُنْزِلَتِ [2] الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ تحريم الخمر في (سورة المائدة)، ونزولها كان قبل نزول آية الرِّبا [3] بمدَّة طويلة، فإنَّ آية الرِّبا [4] آخر آية أُنزِلت [5]، كما سيجيء في (البيع) عن ابن عبَّاس، وتقدَّم في أوَّل هذا التعليق أيضًا، أو من آخر ما نزل، فيحتمل أن يكون هذا النَّهي مُتأخِّرًا عن تحريمها، ويحتمل أنَّه أَخبَر بتحريمها حين حُرِّمت، ثمَّ أَخبَر به مرَّةً أخرى بعد نزول آية الرِّبا تأكيدًا ومبالغة في إشاعته، ولعلَّه حضر المسجد مَن لم يكن بلغه تحريم التِّجارة فيها قبلُ، والله أعلم.

    فائدة: غرض البخاريِّ بهذا الباب _ والله أعلم _ أنَّ المسجد لمَّا كان للصلاة مُنزَّهًا [6] عن ذكر الفواحش، والخمر من أكبر الفواحش، فلمَّا ذكر الشارع تحريمها في المسجد؛ دلَّ [7] على [8] أنَّه لا بأس بذكر المُحرَّمات في المسجد والأقذار على وجه النَّهي

    [ج 1 ص 177]

    عنها والمنع منها.

    (1/1146)

    [باب الخدم للمسجد]

    (1/1147)

    [حديث: أن امرأةً كانت تقم المسجد]

    460# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ): هو بالقاف، قال الدِّمياطيُّ: (هو أحمد بن عبد الملك بن واقد، أبو يحيى، الحرَّانيُّ الحافظ، مات ببغداد سنة «222 هـ[1]»)، انتهى، والذي قاله صحيح غير أنَّ [2] الذي [3] وقفت عليه من تاريخ وفاته سنة (221 هـ)، ولم أرَ في ذلك خلافًا، والدِّمياطيُّ شيخ المُتأخِّرين، قال الحافظ جمال الدين المِزِّيُّ: (لم أر أحفظ مِن الدِّمياطيِّ في الحديث)، انتهى، وهو كثير الاطِّلاع، وهو شيخ جماعة من شيوخنا رحمه الله ورحمهم [4].

    قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو ابن زيد بن درهم، أبو إسماعيل، الأزديُّ الأزرق، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته رحمه الله [5].

    قوله: (عَنْ ثَابِتٍ): تقدَّم قريبًا أنَّه ثابت بن أسلم البُنانيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي رَافِعٍ): تقدَّم قريبًا أنَّه نُفَيع، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من ثلاثين قولًا.

    قوله: (أَنَّ امْرَأَةً، أَوْ رَجُلًا): تقدَّم قريبًا أنَّ الصَّحيح أنَّها امرأةٌ، وتقدَّم الاختلاف في اسمها أيضًا قريبًا.

    قوله: (تَقُمُّ): تقدَّم قريبًا أنَّ معناه: تكنس.

    قوله: (وَلاَ أُرَاهُ)؛ أي: ولا أظنُّه، وهو بضمِّ الهمزة.

    (1/1148)

    [باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد]

    (1/1149)

    [حديث: إن عفريتًا من الجن تفلت علي البارحة]

    461# قوله: (حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): أمَّا (رَوحٌ)؛ فقد تقدَّم أنَّه بفتح الرَّاء، وتُضمُّ، وهو ابن عُبادة القيسيُّ، أبو مُحَمَّد، الحافظ البصريُّ، عن ابن عون وابن جريج، وعنه: أحمد، وعبْد، والكديميُّ، وصنَّف الكتب، وكان من العلماء البحور، تقدَّم، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (205 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد [به].

    وأمَّا (مُحَمَّد بن جعفر)؛ فهو غُنْدر، تقدَّم مرارًا، وهو مشهور الترجمة، وقد قدَّمت بعضها.

    قوله: (إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ): اعلم أنَّه جاء في الحديث في «مسلم» أنَّ عدوَّ الله إبليس جاء بشهاب من نار، فالظاهر: أنَّه هذا، والله أعلم، أو يكون جاءه هذا، وجاءه إبليس لعنهما الله.

    تنبيه: عزا القاضي عياض في «الشِّفا»: (قال عبد الرزَّاق: في صورة هرٍّ)، انتهى.

    (1/1150)

    قوله: (فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ): قال شيخنا الشَّارح: (قال الدَّاوديُّ: لمَّا احتمل قول سليمان: {لَا يَنْبَغِي} [ص: 35]، لشيء منه أو لجميعه؛ كفَّ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الفعل، والله أعلم) انتهى، وقال القاضي عياض: (معناه: أنَّه مُختصٌّ بهذا، فامتنع نبيُّنا صلَّى الله عليه وسلَّم من ربطه، إمَّا لأنَّه [1] لم يقدر عليه لذلك، وإمَّا لكونه لمَّا تذكر ذلك؛ لم يتعاطَ ذلك؛ لظنِّه [2] أنَّه لا يقدر عليه، أو تواضُعًا وتأدُّبًا) انتهى، وقد أوتي المُلْكَ غيرُه، وهو بعضُ ما سأل، قال شيخنا في (سورة ص): (وقد قَدِرَ الشَّارعُ على العفريت، وهو من بعض ذلك المُلْك، وأخذ أبو هريرة شيطانًا، وَجَدَه يسرق التَّمر مرَّاتٍ، وأراد أن يوثقه)، انتهى، وقد أخذه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وخنقه حتَّى وجد برد لسانه على يده، وهذا يؤيِّد أنَّه أُقدِر على أخذه، وفي «المستدرَك» في ترجمة أبي أيُّوب الأنصاريِّ: عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما، قال: (كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نازلًا على أبي أيُّوب في غرفة وكان طعامه في سلَّة في المخدع، فكانت تجيء من الكوَّة السِّنَّور [تأخذ الطَّعام من السَّلَّة، فشكا ذلك إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «تلك الغول، فإذا جاءت؛ فقل: عزم عليك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ألَّا تبرحي»، فجاءت، فقال لها أبو أيُّوب: عزم عليك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ألَّا تبرحي، فقالت: يا أبا أيُّوب؛ دعني هذه المرَّة، فوالله لا أعود، فتركها، فأتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبره، قالت [3] ذلك مرَّتين، [ثم قالت] [4]: هل لك أن أعلِّمك كلماتٍ إذا قلتهنَّ؛ لا يقرب بيتَك شيطانٌ تلك اللَّيلة، وذلك اليوم، ومن الغد؟ قال: نعم، قالت: اقرأ آية الكرسيِّ، فأتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبره، فقال: «صدقت، وهي كذوب»)] [5].

    (1/1151)

    [باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير أيضًا في المسجد]

    قوله: (وكانَ شُرَيْحٌ): هو بالشين المعجمة، وفي آخره حاءٌ مهملةٌ، وهو أبو أميَّة شريح بن الحارث بن قيس بن الجهْم بن معاوية بن عامر بن الرَّائش بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مُرتَع بن معاوية بن كِنْدة، الكِنْديُّ الكوفيُّ التَّابعيُّ، ويقال: شريح بن شرحبيل، ويقال: ابن شَراحيل، ويقال: إنَّه من أولاد الفرس الذين كانوا باليمن، والصَّحيح الأوَّل، أدرك النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يلقَه، تقدَّم بعضُ ترجمته، ولَّاه عمر رضي الله عنه قضاء الكوفة، سمع جمعًا من الصحابة، تُوُفِّيَ سنة (78 هـ)، وقيل: سنة (80 هـ).

    ==========

    [ج 1 ص 178]

    (1/1152)

    [حديث: بعث النبي خيلًا قبل نجد فجاءت برجل]

    462# قوله: (يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ): (ثمامة): بضمِّ الثَّاء المُثلَّثة، وتخفيف الميم، و (أُثال): بضمِّ الهمزة، وتخفيف الثَّاء المُثلَّثة، وفي آخره لامٌ، و (أُثال): هو ابن النُّعمان بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدُّؤَل بن حنيفة، الحنفيُّ اليماميُّ، سيِّد أهل اليمامة، أسره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثمَّ أطلقه، وحسُن إسلامُه، ولم يرتدَّ مع مَنِ ارتدَّ، ولا خرج عن الطَّاعة قطُّ، قال ابن إسحاق: (لمَّا ارتدَّ أهل اليمامة؛ ثبت ثمامة في قومه على الإسلام، وكان مُقِيمًا باليمامة، فنهاهم عن اتِّباع مُسيلَمة، فلمَّا عصَوه؛ عزم على مفارقتهم، ومرَّ العلاء بن الحضرميِّ على صاحب اليمامة يريد البحرين وبها الحُطَم ومَن تبعه من المرتدِّين، فقال لأصحابه _أعني: ثمامة_: ما أرى أن نتخلَّف عن العلاء، وخرج في طائفة ففتَّ ذلك أعضادَ عدوِّهم، وشهد مع العلاء قتال الحُطَم، فانهزم المشركون، وقُتِل الحُطَم، فأُعطِي العلاءُ خميصةً للحُطَم يفتخر بها، فاشتراها ثمامة، فلمَّا رجع ثمامة؛ رآه قوم الحُطَم، وعليه الخميصة، فقالوا: أنت قتلت الحُطَم، قال: لم أقتله، ولكنِّي اشتريت خميصته من المغنم، فقتلوه، ولم يسمعوا منه رضي الله عنه).

    قوله: (أَطْلِقُوا): هو بفتح الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهر.

    قوله: (إِلَى نَخْلٍ): هو بالخاء المعجمة، قال ابن قرقول: (بالخاء [1] هي الرِّواية [2]، وذكره [3] ابن دريد: بالجيم؛ وهو بالجيم: الماء الجاري) انتهى.

    ==========

    [1] في (ج): (فالخاء).

    [2] زيد في (ب): (وقال غيره).

    [3] في (ب) و (ج): (وذكر).

    [ج 1 ص 178]

    (1/1153)

    [باب الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم]

    (1/1154)

    [حديث: أصيب سعد يوم الخندق في الأكحل]

    463# قوله: (أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ): هو سعد بن معاذ بن النُّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل، الأوسيُّ الأشهليُّ، أبو عمرو، سيِّد الأوس، بل أفضل الأنصار كلِّهم، وهو في الأنصار بمنزلة الصِّدِّيق في المهاجرين، ولهذا بدأ الإمام البخاريُّ به [1] في مناقب الأنصار، كما ابتدأ [2] مناقب المهاجرين بالصِّدِّيق، بدريٌّ، اهتزَّ لموته عرشُ الرَّحمن ([3] تُوُفِّيَ بعد الخندق بشهر، وكانت الخندق في شوَّال سنة (5 هـ)، قاله ابن إسحاق، وقال ابن سعد: (في ذي القعدة، ثمَّ انتقض جرحه ومات، رماه حِبَّان ابن العَرَقَة)، وحِبَّان _بكسر الحاء المهملة، وتشديد المُوَحَّدة_ العامريُّ، وسيأتي الكلام على حبَّان هذا، وأنِّي لا أعلم له إسلامًا في (بني قريظة)، فأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُضرَب لسعدٍ خيمةٌ في المسجد، وكان يعوده كلَّ يوم رضي الله عنه.

    قوله: (فِي الأَكْحَلِ): قال الدِّمياطيُّ: (قال الخليل: هو عرق الحياة، ويقال: نهر الحياة في كلِّ عضو منه شعبةٌ، له اسم على حدة، إذا قُطِع من اليد؛ لم يرقأِ الدَّم،

    [ج 1 ص 178]

    وقال أبو حاتم: هو عرق في اليد، وهو في الفخذ: النَّسَا، وفي الظهر: الأبهر) انتهى.

    قوله: (فَلَمْ يَرُعْهُمْ)؛ أي: يفزعهم، وقيل: هو من الرَّوع، وهو إعظامُك الشيءَ وإكبارُه، فترتاع.

    قوله: (يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا): (يغذو)؛ بالغين والذال المعجمتين، قال ابن قرقول: (يَغِذُّ؛ أي: يسيل لا يرقأ، كذا للقابسيِّ، ولأبي بحر من شيوخنا عن مسلم: «يغِذُّ» [4]، وعند أكثرهم، عن البخاريِّ: «يغذو»، وهما بمعنًى، قال ابن دريد: «غذَّى الجرح والعِرق يُغْذِّي؛ إذا لم يرقأ [5]»، وعند ابن ماهان: «يَصبُّ»، وقال صاحب «العين»: «غَذِيَ الجرح: وَزِم، وأيضًا بَرِئَ») انتهى.

    ==========

    [1] (به): سقط من (ب) و (ج).

    [2] زيد في (ب): (في).

    [3] (اهتز لموته عرش الرحمن): سقط من (ب).

    [4] كذا في النُّسخ، وفي مصدره: (مثل: يَغِرُّ).

    [5] في النسخ: (يرق)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    (1/1155)

    [باب إدخال البعير في المسجد للعلة]

    قوله: (بَابُ إِدْخَالِ الْبَعِيرِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْعِلَّةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعِيرِه [1]): إن قيل: إنَّ هذا التعليق ليس فيه أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أصابه علَّة، فطاف من أجلها على بعيره، وكذا بوَّب عليه في (الحجِّ): (باب [2] المريض يطوف راكبًا)؟ والجواب: أنَّه عليه السَّلام كان شاكيًا كما رواه أبو داود، وكذا أحمد في «المسند»، ولكنَّه لم يكن على شرطه.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخ، وهي رواية (عط)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بعيرٍ).

    [2] (باب): سقط من (ج).

    [ج 1 ص 179]

    (1/1156)

    [حديث: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة]

    464# قوله: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم بعض ترجمتها، وهي أمُّ المؤمنين، وتقدَّم أنَّها آخرهنَّ موتًا، تُوُفِّيَت في إمرة يزيد بعد مقتل الحسين [1]، ووُلِّي يزيد في رجب سنة (60 هـ)، ومات في ربيع الآخر سنة (64 هـ)، وتقدَّم أنَّ الواقديَّ غلط في تاريخ وفاتها، وتقدَّم شيء من ترجمتها رضي الله عنها.

    ==========

    [1] (بعد مقتل الحسين): سقط من (ج).

    [ج 1 ص 179]

    (1/1157)

    [باب فضل المشي إلى المسجد في الليلة المظلمة]

    قوله: (بَابٌ)؛ بغير ترجمة: ذكر فيه حديث أنس رضي الله عنه: (أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ ... )؛ الحديث، قال ابن بطَّال كما نقله شيخنا عنه: (إنَّما ذكر البخاريُّ هذا في أحكام المساجد؛ لأنَّ الرجلين كانا مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في موضع جلوسه مع الصَّحابة، فلمَّا كان معه هذان في علم ينشره، أو في صلاة؛ فأكرمهما الله [1] بالنُّور في الدُّنيا ببركة الشَّارع، وفضل مسجده، وملازمته ذلك آية للشَّارع، وكرامة له، وأنَّه خُصَّ في الآيات بما لم يُخصَّ به مَن كان قبله [2] أن أُعطِي أن يُكْرَم أصحابه بمثل هذا النُّور عند حاجتهم إليه، وذلك من خرق العادات، قال: وذكر بعضهم فيما نقله قطب الدين الحلبيُّ في «شرحه»: (وتبجَّح به غيره أنَّه يحتمل أن يكون البخاريُّ أراد بذكر هذا الحديث هنا: قولَ الله تعالى: {اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [النور: 35]، ثمَّ قال في آخرها: {يهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ} [النور: 35]، وعقَّبها بقوله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ ... } [النور: 36] إلى أن قال: {لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}، فكان هذا من أولئك، فهداهما الله بالنُّور في قلوبهم باطنًا، ورزقهم إيَّاه ظاهرًا في الظلمة [3]، لمَّا [4] أن كانا مِن جملة مَن كان في البيوت التي أذن الله في رفعها؛ جعل لهما من النور بين أيديهما يَستضيئان به في ممشاهما مع قوله: «بشِّر [5] المشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التامِّ يوم القيامة»، فجعل لهم معهم في الدُّنيا؛ ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم) انتهى مُلخَّصًا.

    تنبيهٌ: ذكروا في ترجمة حمزة بن عمرو الأسلميِّ رضي الله عنه _ذكره البخاريُّ في «تاريخه» بإسناده_: (عن مُحَمَّد بن حمزة، عن أبيه قال: كنا مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في سفر، فتفرَّقنا في ليلة ظلماء، فأضاءت أصابعي حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم، وإنَّ أصابعي لتُنيرُ).

    تنبيهٌ آخَرُ: الطفيل بن عمرو الدوسيُّ الذي يقال له [6]: ذو النور؛ قصَّته معروفة.

    (1/1158)

    فهؤلاء أربعة، [وذكر ابن عبد البرِّ في «استيعابه» قتادة بن النعمان: (أنَّه عليه السَّلام أعطاه عرجونًا، فقال: «إنَّه سيضيء أمامك [7] عشرًا، وخلفك عشرًا»)، انتهى، وعن ابن البارزيِّ في «توثيق عُرى الإيمان»: (أنَّه ذكر قتادة، وذكر النور بقصَّةٍ)] [8].

    ==========

    [1] زيد في (ج): (تعالى).

    [2] في (أ) و (ج) و «التوضيح» (5/&): (معه)، وكتب في هامشهما: (لعلَّه: قبله)، والمثبت موافق لما في «شرح ابن بطال».

    [3] (في الظلمة): سقط من (ب).

    [4] في (ب): (كما)، وكذا في مصدره.

    [5] في (ب): (فبشر).

    [6] (له): مثبت من (ب).

    [7] (أمامك): سقط من (ب).

    [8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 179]

    (1/1159)

    [حديث: أنَّ رجلين من أصحاب النبي خرجا من عند النبي ... ]

    465# قوله: (أَنَّ رَجُلَيْنِ ... ) إلى آخره: هما عبَّاد بن بشر، وأُسيد بن حضير، وسيأتي في هذا «الصحيح» تسميتهما.

    فائدةٌ هي تنبيهٌ: اعلم أنَّ هذه كانت عادة عبَّاد إذا كان عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّه جرى له ذلك مرَّة مع أُسيد بن حضير، ذكره ابن عبد البرِّ، وسيجيء بأطولَ من هذا إن شاء الله تعالى.

    ==========

    [ج 1 ص 179]

    (1/1160)

    [باب الخوخة والممر في المسجد]

    (1/1161)

    [حديث: إن الله خير عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار .. ]

    466# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تقدَّم مرَّات أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان، وتقدَّم بعض ترجمته، وليس في الكتب السِّتَّة راوٍ اسمُه فُليحٌ سواه، فهو فردٌ في السِّتَّة.

    قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ): تقدَّم أنَّه بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج [إلى] تقييدٍ؛ لما قدَّمتُه، واسمه سالم بن أميَّة، والله أعلم.

    قوله: (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ [1]،عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ): كذا في الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وقال الدِّمياطيُّ: (صوابه: عن عبيد بن حنين، وبسر بن سعيد؛ بواو العطف، كذا ذكره خلف الواسطيُّ)، قال شيخنا العراقيُّ: (سقط عند أبي ذرٍّ: بسر [2] بن سعيد)، وضرب أيضًا عليه الحافظ أبو سعد السمعانيُّ في أصله، وهو ثابت في أكثر النسخ، قال الحافظ أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: (روى فُليح عن أبي النضر عن عبيد بن حنين عن بسر، وعن عبيدٍ وبُسْر؛ بواو العطف، وعن أبي النضر [3] عن بُسْر؛ عن أبي سعيدٍ؛ بإسقاط «عبيد بن حنين»)، قال: (وكلٌّ صواب، لعلَّ [4] [_كذا في كلام العراقيِّ، وأمَّا الغسَّانيُّ؛ فلفظه: ولعلَّ؛ بالواو_] [5] فُليحًا [6] كان يُحَدِّث به [7] مرَّة عن عبيد، ومرَّة عن بُسْر، ومرَّة يجمعهما)، انتهى، وقد راجعت «تقييد المهمل» فوجدته كذلك، غير أنَّه لخَّصه [8] منه، ثمَّ قال بعد قوله: (وكلٌّ صواب): والحديث محفوظ لسالم [9] أبي النضر عن عبيد بن حنين وبسر بن سعيد؛ جميعًا عن أبي سعيد الخدريِّ، ثمَّ ساق سندَه بذلك، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في (مسند أبي سعيدٍ الخدريِّ) في رواية عبيد بن حنين عنه وقد ساق طرقه: وفي رواية الفربريِّ [10] عن البخاريِّ، عن مُحَمَّد بن سنان، عن فليح، عن أبي النضر، عن عبيد بن حنين، عن بسر بن سعيد، عن أبي سعيد، [وقال: (الرواية هكذا في «كتاب البخاريِّ»: عن بسر [11] بن سعيد] [12]، وقد ضُرِب عليه)، انتهى.

    قوله: (عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ): هو بضمِّ المُوَحَّدة، ثمَّ سين مهملة.

    (1/1162)

    فائدةٌ هي قاعدةٌ: اعلم أنَّ كلَّ ما في «الصحيحين» و «المُوطَّأ» (بشر) [13]؛ بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة، إلَّا أربعة أسماء، فهي (بُسْر)؛ بالمُوَحَّدة المضمومة، وبالسين المهملة؛ أوَّلهم: بُسْر بن سعيد، الذي نحن فيه [14]، والثاني: بُسْر المازنيُّ والد عبد الله بن بُسْر، وبُسْر بن عبيد الله الحضرميُّ، وبُسْر بن محجن الديليُّ، وقد اختُلِف في هذا الرابع، فذهب مالك والجمهور: إلى أنَّه بالمهملة، وقال الثَّوريُّ: بالمعجمة، وقال الدَّارقطنيُّ: (إنَّ الثَّوريَّ رجع عنه فيما يقال)، وابن محجن: حديثه في «المُوطَّأ» فقط، وليس له في «البخاريِّ» و «مسلم» شيء، وأيضًا بُسْر المازنيُّ ليس له في «البخاريِّ» و «مسلم» شيءٌ؛ ولذا لم يذكره ابن الصلاح، وقد غلط المِزِّيُّ في «تهذيبه» فيه، إنَّما ذكر [15] مسلم عبدَ الله ابنَه، والله أعلم.

    قوله: (يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ): (يُبكِي): بضمِّ أوَّله، رباعيٌّ، و (الشيخ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ.

    قوله: (إِنْ يَكُنِ اللهُ): قال شيخنا الشَّارح: (قال ابن التِّين: رُوِّيناه بكسر الهمزة على الشرط، ويصحُّ فتحها، ويكون منصوبًا بـ «أنْ»، فيكون المعنى: ما يبكيه لأجل أن يكون الله خيَّر عبدًا؟!)، انتهى.

    قوله: (هُوَ الْعَبْدَ): بالنصب، وهو مثل قوله تعالى: {إِن كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ} [الأنفال: 32]، ويجوز رفعه.

    قوله: (أَعْلَمَنَا): بالنصب ليس غيرُ، خبرٌ.

    قوله: (إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ): أي: أجود وأكثر وأكرم [16] تفضُّلًا، وليس من المَنِّ المذموم؛ الذي هو اعتداد الصنيعة على المعطَى، ذاك حرامٌ ومُبطِل [17].

    قوله: (وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ): قال ابن قرقول: («ولكن أُخُوَّة الإسلام»، وعند العذريِّ [18] خاصَّة: «خُوَّة الإسلام»، وفي حديث الخوخة في المسجد للجُلوديِّ [19] والمروزيِّ: «أخوَّة»، وعند النَّسفيِّ: «خُلَّة»)، وقال في (باب الهمزة): (وقال [20] نفطويه: إذا كانت الأخوَّة من غير ولادة؛ فهي بمعنى المشابهة)، انتهى، [وسأذكر في (مناقب الصِّدِّيق) ما ذكره شيخنا فيه غيره] [21].

    قوله: (إِلاَّ بَابَ أَبِي بَكْرٍ): (بابَ): منصوبٌ على الاستثناء.

    تنبيهٌ: سيأتي الكلام على الأحاديث التي فيها: «إلَّا بابَ عليٍّ» في (المناقب) في (فضل أبي بكر).

    ==========

    (1/1163)

    [1] في هامش (ق): (حاشية: على الأصل المسموع على الحافظ أبي ذرٍّ: صوابه: عن عبيد بن حنين، عن أبي سعيد، وقال الفربريُّ: الرواية هكذا، وفي كتاب البخاريّ: عن بسر بن سعيد، وهو مضروب عليه).

    [2] في (ج): (عند أبي إدريس)، وهو تحريف من المثبت.

    [3] زيد في (ج): (عن أبي النضر)، وهو تكرار، وضرب عليها في (أ).

    [4] في (ب) و (ج): (ولعلَّ).

    [5] ما بين معقوفين سقط من (ب) و (ج).

    [6] زيد في (ب): (ما)، ولا يصحُّ.

    [7] زيد في (ب): (شخصه منه)، وهو سبق نظر.

    [8] في (ب): (يخصه).

    [9] في (ب) و (ج): (بسالم)، وهو تحريف.

    [10] في (ج): (للفربري).

    [11] في (ب): (يونس)، وهو خطأ.

    [12] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [13] (بشر): سقط من (ب).

    [14] (الذي نحن فيه): سقط من (ج).

    [15] في (ج): (ذكره).

    [16] في (ج): (وألزم).

    [17] (مبطل): سقط من (ب).

    [18] في (ج): (القدري)، وهو تحريف.

    [19] في (ج): (للجلمودي)، وهو تحريف.

    [20] في (ب): (قال).

    [21] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 179]

    (1/1164)

    [حديث: إنه ليس من الناس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر]

    467# قوله: (خُلَّةُ الإِسْلاَمِ): (الخُلَّة)؛ بضمِّ الخاء المعجمة، وتشديد اللام: الصحبة والصداقة.

    قوله: (وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ): سيأتي الكلام عليه [1] إن شاء الله تعالى في (مناقب الصِّدِّيق) [2].

    قوله: (كُلَّ خَوْخَةٍ)؛ (الخوخة): فَتْحٌ بين دارين أو بيتين يُولَجُ منها، وقد يكون كوَّةً للضوء، والمراد بخوخات المسجد: المعنى الأوَّل، وقد يكون عليها مصاريع، وقد لا يكون، وإنَّما أصلها: فَتْحٌ في حائط.

    (1/1165)

    [باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد]

    [ج 1 ص 179]

    قوله: (وَالْغَلَقِ): هو بفتح الغين المعجمة واللام، وبالقاف، المِغْلاق، وما يُغلَق به الباب، وكذا المُغْلُوق، وأمَّا بالسكون؛ فالاسم، تقولُ: أغلقت الباب، فهو مُغْلَق، والاسم: الغَلْقُ.

    قوله: (قَالَ [1] لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): أمَّا قوله: (قال لي)؛ فقد تقدَّم الكلام على نظيره، وأنَّ هذا يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة، وأنَّه محمولٌ على السماع بشرطٍ [2] قد تقدَّم ذكره.

    وأمَّا (عبد الله) هذا؛ فهو عبد الله بن مُحَمَّد [المسنديُّ فيما يظهر، ويؤيِّده ما أذكره في (الجمعة) عن بعض الحفَّاظ من عصري، لا] [3] ابن أبي شيبة [4]، ولم [5] يكن عندي فيه نقل [6].

    و (سفيان): هو ابن عيينة أيضًا فيما ظهر لي، والله أعلم، وأتت من وراء البحث والتنقيب، وشيخنا لم يتعرَّض لتخريج هذا الأثر حتى يُعرَف منه مَن هما بِعِلمٍ، والله أعلم.

    قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك _كما يأتي في الأثر نفسه [7]: (يا عبد الملك؛ لو رأيت ... )؛ الأثر_ ابن عبد العزيز بن جريج الإمام، وتقدَّم بعض ترجمته، عفا الله عنَّا وعنه.

    قوله: (قَالَ لِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ [8]): هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة التيميُّ، أبو بكر، مؤذِّن ابن الزبير وقاضيه، عن عائشة وابن عبَّاس، وعنه: أيُّوب والليث، قال: بعثني ابن الزبير على قضاء الطائف، فكنتُ أسأل ابنَ عبَّاس، تُوُفِّيَ سنة (117 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (لَوْ رَأَيْتَ مَسَاجِدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبْوَابَهَا): الظاهر أنَّ هذه المساجد بالطائف، وذلك لأنَّ [9] ابن جريج من أهل مكَّة، وما كان ليخبره عن بلده، والظاهر أنَّما أخبره عن مساجده بالطائف؛ لأنَّه أُخرِج إلى الطائف، وبقي بها إلى أن تُوُفِّيَ، ودُفِن هناك رضي الله عنه [في سنة (68 هـ)، عاش إحدى وسبعين سنة] [10].

    ==========

    [1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وقال)؛ بزيادة واو.

    [2] في (ج): (بشرطه)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح.

    [3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [4] (ابن أبي شيبة): جاء في (ب) سابقًا بعد قوله: (عبد الله بن محمَّد)، وزيد في (ج): (فيما ظهر لي)، وضُرِب عليها في (أ).

    [5] في (ب): (لم).

    [6] في (ب): (يكن فيه عند نقل).

    [7] (نفسه): سقط من (ج).

    (1/1166)

    [8] في هامش (ق): (ابن أبي مليكة: اسمه عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة).

    [9] (لأن): سقط من (ب).

    [10] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    (1/1167)

    [حديث: أن النبي قدم مكة فدعا عثمان بن طلحة ففتح]

    468# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم ما العارم، ومَن لقَّبه بذلك، غيرَ مَرَّةٍ.

    قوله: (عَنْ أيُّوب): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، العالم المشهور، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ): هذا هو عثمان بن طلحة بن أبي طلحة عبدِ الله بن عبد العُزَّى العبدريُّ الحجَبِيُّ، قُتِل أبوه وعمُّه عثمان يوم أُحُد كافِرَين في جماعةٍ من بني عمِّهما، وهاجر عثمان مع خالد بن الوليد وعمرو بن العاصي إلى المدينة، ودفع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى هذا وإلى ابن عمِّه شيبةَ بنِ عثمان مفتاحَ الكعبة، ترجمته معروفةٌ، فلا نطوِّل بها، أخرج له مسلم، وأبو داود، وأحمد في «المسند»، تُوُفِّيَ سنة (42 هـ).

    قوله: (ثُمَّ أُغْلِقَ الْبَابُ): (أُغلِق): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (البابُ): مرفوعٌ قائم مقام الفاعل.

    قوله: (الأُسْطُوَانَتَيْنِ): (الأُسطوانة): بضمِّ الهمزة، والباقي معروفٌ، [قال الجوهريُّ: (الأُسطوانة: معروفةٌ] [1]، والنون أصليَّة، وهو «أُفْعُوَالَة»؛ مثل: أُقْحُوَانَة؛ لأنَّه يقال: أساطينُ مُسَطَّنَة، وكان الأخفش يقول: هي «فُعْلُوَانَة»، وهذا يُوجِب أن تكون الواو زائدة، وإلى جنبها زائدتان؛ الألف والنون، وهذا لا يكاد يكون، وقال قومٌ: هو «أُفْعُلَانَة»، ولو كان كذلك؛ لما جُمِع على أساطين؛ لأنَّه لا يكون في الكلام «أفاعين»)، انتهى.

    ==========

    [1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [ج 1 ص 180]

    (1/1168)

    [باب دخول المشرك المسجد]

    (1/1169)

    [حديث: بعث رسول الله خيلًا قبل نجد فجاءت]

    469# قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ): هذا هو المقبريُّ، وتقدَّم أنَّ أبا سعيد والدَه اسمُه كيسان، تقدَّم بعض ترجمة سعيد، ولماذا نُسِب، فيما تقدَّم.

    قوله: (أَبَا هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ): تقدَّم ضبطه والكلام عليه في الورقة التي قبل هذه؛ فانظره.

    ==========

    [ج 1 ص 180]

    (1/1170)

    [باب رفع الصوت في المساجد]

    (1/1171)

    [قول عمر: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما]

    470# قوله: (حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ): هو بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الصاد المهملة، تصغير خصفة، وهذا ظاهرٌ.

    قوله: (عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ): قال الدِّمياطيُّ: (حجَّ به أبوه مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو ابن سبع سنين، وقيل: ابن عشر، ومات سنة إحدى وتسعين، [وقيل: سنة سبع وتسعين)، انتهى، وقيل في وفاته أيضًا غير ما ذكره الدِّمياطيُّ، أخرج له الجماعة] [1].

    قوله: (فَحَصَبَنِي): أي: رماني بالحصباء؛ وهي الحصى الصغار.

    قوله: (فَائْتِنِي بِهَذَيْنِ): هذان الرجلان لا أعلم أحدًا سمَّاهما، لكنَّهما من أهل الطائف، كما في هذا الحديث.

    ==========

    [1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 180]

    (1/1172)

    [حديث: أن كعب بن مالك أخبره أنه تقاضى ابن أبي حدرد .. ]

    471# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ [1]: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): قال الغسَّانيُّ: (قال البخاريُّ في «كتاب الصَّلاة» في موضعين، وفي «العيدين» وفي «الحجِّ» في ثلاثة مواضع، وفي «الجهاد»، و «المغازي»، و «بدء الخلق»، و «الأحقاف»: «حدَّثنا أحمد: حدَّثنا ابن وهب»، نسبه ابن السكن: أحمد بن صالح، وأمَّا المواضع التي في «الحجِّ»؛ فنسبه أبو ذَرٍّ وغيره: [أحمد بن عيسى؛ أحدها: في «باب {يَأْتُوكَ رِجَالًا} [الحج: 27]»، والثاني: في «باب مُهَلِّ أهل نجد»، والثالث: في «باب الطواف على وضوء»، وهو أبو عبد الله] [2] أحمد بن عيسى التستريُّ، مصريُّ الأصل، يروي عن ابن وهب، قال أبو نصر: روى عنه البخاريُّ في «غزوة خيبر»، و «مؤتة»، وغير موضع، وقال الحاكم في «المدخل»: روى البخاريُّ في «كتاب الصَّلاة» في ثلاثة مواضع عن أحمد بن عبد الله عن ابن وهب، فقيل: إنَّه أحمد بن صالح المصريُّ، يُكنَى أبا جعفر، ويعرف بالطبريِّ [3]، وقيل: إنَّه أحمد بن عيسى التستريُّ، ولا يخلو من أن يكون واحدًا منهما، فقد روى عنهما في «الجامع»، ونسبهما في مواضع، وذكر الكلاباذيُّ قال: قال لي أبو أحمد الحافظ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسحاق النيسابوريُّ: أحمد عن ابن وهب في «البخاريِّ» هو ابن أخي ابن [4] وهب، قال أبو عبد الله الحاكم: مَن قال: إنَّه ابن أخي ابن وهب؛ فقد وَهِمَ وغَلِطَ، ثمَّ بيَّن ذلك، قال الكلاباذيُّ: قال لي أبو عبد الله بن منده: كلُّ ما قال البخاريُّ في «الجامع»: حدَّثنا أحمد عن ابن وهب؛ فهو ابن صالح المصريُّ، ولم يخرِّج البخاريُّ عن ابن أخي ابن وهب في «الصحيح» شيئًا، وإذا حدَّث عن أحمد بن عيسى؛ نسبه)، انتهى باختصار.

    واعلم أنَّ هذا الحديث أخرجه أبو داود في «سننه» في (القضايا) عن أحمد بن صالح عن ابن وهب به، ولم يتعرَّض المِزِّيُّ في «أطرافه» لنسبة أحمد _في «البخاريِّ» _ عن ابن وهب لمَّا طرَّف الحديث.

    قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم الفرد.

    [قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): قال الحافظ الدِّمياطيُّ: (له _يعني: لعبد الله_ إخوة وأخوات؛ وهم: عبيد الله، وعبد الرحمن، وسعيد، ووهب، وفضالة، وكبشة، وليلى، وخولة، وسعاد، ورملة، ومليكة، وأمُّ قيس، وأمُّ عمرو)، انتهى] [5]

    (1/1173)

    قوله: (ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ): تقدَّم في الورقة التي قبل هذه بورقة أنَّ اسمه عبد الله، كذا وقع في «مسلم»، وتقدَّم بعض الكلام عليه؛ فانظره.

    قوله: (حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ): تقدَّم الكلام على ضبطه وما هو في الورقة المشار إليها أعلاه.

    [ج 1 ص 180]

    قوله: (يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ): يجوز في (كعب بن مالك) ثلاثة أوجه: ضمُّ (كعبٍ) و (ابنٍ)، وهو غريبٌ، ذكره ابن مالك في «التسهيل»، وفتح (ابنٍ) وضمُّ (كعبٍ)، وفتحهما، وقد ذكرت ذلك مُطَوَّلًا في (يا [6] معاذ بن جبل) في أوائل هذا التعليق، وشروط ذلك ملخَّصًا؛ فانظره إن أردته.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (ابن صالح).

    [2] ما بين قوسين: سقط من (ج).

    [3] كذا في النُّسخ، وفي المصادر: (يُعرَف بابن الطبريِّ).

    [4] (ابن): سقط من (ج).

    [5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [6] (يا): سقط من (ب).

    (1/1174)

    [باب الحلق والجلوس في المسجد]

    قوله: (بَاب الحِلَقِ): هو بكسر الحاء، وفتح اللام، جمع (حَلْقة)؛ بإسكان اللام، قال الجوهريُّ: (الحلْقة؛ بالسكون: الدروع، وكذلك حلْقة الباب، وحلْقة القوم، والجمع: الحَلَق، على غير قياس، وقال الأصمعيُّ: الجمع: حِلَق؛ مثل: بَدْرة وبِدَر، وقَصعة وقِصَع، وحكى يونس عن أبي عمرو بن العلاء [1]: «حَلَقة» في الواحد [2]؛ بالتحريك، والجمع: حَلَق، وحَلَقات، وقال ثعلب: كلُّهم يجيزه على ضعفه، وأنشد بيتًا، ثمَّ قال: وقال أبو يوسف: سمعت أبا عمرو الشيبانيَّ يقول: ليس في الكلام «حَلَقة» إلا في قولهم: «هؤلاء قوم حَلَقة» للذين يحلقون الشَّعر، جمع «حالق»)، انتهى.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (أبا عمرو الشيباني ليس في الكلام).

    [2] وفي (ب): (الواحدة).

    [ج 1 ص 181]

    (1/1175)

    [حديث: مثنى مثنى فإذا خشي الصبح صلى واحدة]

    472# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشر): بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة، و (المُفضَّل): بضمِّ الميم، وتشديد الضاد المعجمة، اسم مفعول.

    قوله: (حَدَّثَنِي [1] عُبَيْدِ اللهِ): قال الدِّمياطيُّ: (عبيد الله أكبر من أخيه عبد الله، وإخوته: سالم، وحمزة، وواقد، وبلال، وزيد، قال ابن سعد: كان زيد أكبرَ ولد عبد الله بن عمر، وفارقه في حياته، وقدم الكوفة فنزلها إلى أن مات بها، وله عَقِب بالكوفة واليمن)، انتهى.

    قوله: (سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ عَلَى الْمِنْبَرِ): هذا الرجل لا أعرفه.

    قوله: (مَثْنَى مَثْنَى): أي: اثنتين اثنتين.

    قوله: (وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ): (إنَّه): بكسر الهمزة، ابتدائية، ويجوز أن تُفتَح على معنًى آخَرَ.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخ،، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عن)، وفي هامشهما من رواية الأصيليِّ: (حدَّثنا).

    [2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيَّ).

    [ج 1 ص 181]

    (1/1176)

    [حديث: مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة توتر]

    473# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ [1]): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم بعض ترجمته، ومَن لقَّبه عارمًا [2]، ولِمَ لُقِّب به.

    قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه [3] ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، العالم المشهور.

    قوله: (أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم): تقدَّم أنَّ هذا الرجل لا أعرف اسمه أعلاه.

    قوله: (مَثْنَى مَثْنَى): تقدَّم أعلاه معناه.

    قوله: (قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، القرشيُّ مولاهم، أبو مُحَمَّد المدنيُّ، نزيل الكوفة، عن بُشَير بن يسار، ومعبد بن كعب بن مالك، وسعيد بن أبي هند، والأعرج، وخلقٍ، وعنه: إبراهيم بن سعد، وابن عيينة، وأبو أسامة، والواقديُّ، قال ابن سعد: (كان ثقة متتبِّعًا [4] للمغازي، حريصًا على علمها)، وقال ابن عيينة: (كان صدوقًا)، وقال أبو داود: (ثقةٌ، إلا أنَّه إباضيٌّ)، وقال عبَّاس عن ابن [5] معين: (ثقة)، قال ابن سعد: مات بالكوفة سنة (151 هـ)، أخرج له الجماعة، وهذا الذي قاله البخاريُّ تعليق، وقد أسنده مسلم في «صحيحه»، والله أعلم، وللوليد هذا ترجمة في «الميزان».

    قوله: (أَنَّ رَجُلًا نَادَى): تقدَّم أعلاه أنِّي لا أعرف اسمه.

    ==========

    [1] في النسخ: (أبو الفضل)، ولعلَّه سبق قلم.

    [2] في النسخ: (عارم)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    [3] (أنَّه): مثبتٌ من (ج).

    [4] في النُّسخ: (متبعًا)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

    [5] (ابن): سقط من (ج).

    [ج 1 ص 181]

    (1/1177)

    [حديث: ألا أخبركم عن الثلاثة أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله]

    474# قوله: (أَنَّ أَبَا مُرَّةَ): اسم (أبي مرَّة) يزيدُ، مولى عَقِيل، أو مولى أمِّ هانئ، تقدَّم الكلام عليه وبعضُ ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ [1]): تقدَّم أنَّه بالقاف، واسمه الحارث بن مالك، وقيل: الحارث بن عوف، وقيل: عوف بن الحارث بن أَسِيد بن جابر بن عَوِيس الليثيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (فَأَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ): هؤلاء الثلاثة تقدَّم أنِّي [2] لا أعلم أحدًا سمَّاهم.

    قوله: (فَرَأَى فُرْجَةً): هي بضمِّ الفاء وفتحها؛ لغتان، في «الصحاح» الضمُّ فقط، وقد تقدَّم ذلك.

    قوله: (فِي الحَلْقَةِ): تقدَّم الكلام عليها أعلاه.

    قوله: (فَأَوَى إِلَى اللهِ، فَآوَاهُ اللهُ): الأولى بالقصْر، والثانية بالمدِّ، وهذا الأفصح، وهو أن يكون الفعل اللازم بالقصر، والفعل المتعدِّي بالمدِّ، وهذه لغة القرآن، قال الله تعالى: {إِذْ أَوَى الفِتْيَةُ إِلَى الكَهْفِ} [الكهف: 10]، فهذا لازم، وقال الله تعالى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} [المؤمنون: 50]، فهذا متعدٍّ، ويجوز عكس ما قعَّدته؛ وهو أن يكون المتعدِّي بالقصر، واللازم بالمدِّ، والله أعلم، وقد تقدَّم.

    قوله: (فَأَعْرَضَ): يقال: أعرض بوجهِه؛ إذا ولَّاه جانب وجهه، فلم يلتفت إليه.

    قوله: (فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ): أي: ترك رحمته له وإنعامه عليه، وقيل: جازاه على إعراضه.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (أبو واقد: اسمه الحارث بن عوف بن أَسيد بن جابر بن عزيز بن عبد مناف بن شجع بن عامر بن ليث).

    [2] (تقدَّم أني): سقط من (ج).

    [ج 1 ص 181]

    (1/1178)

    [باب الاستلقاء في المسجد ومد الرجل]

    (بَاب الاِسْتِلْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ) ... إلى (كِتَاب مَوَاقِيتُ الصَّلَاةِ)

    ==========

    [ج 1 ص 181]

    (1/1179)

    [حديث: رأى رسول الله مستلقيًا في المسجد]

    475# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.

    قوله: (عَنْ عَمِّهِ): تقدَّم مرَّات أنَّ عمَّه هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ، وهو عمُّه لأمِّه.

    قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السند المذكور قبله، وليس تعليقًا، والبخاريُّ روى هذا أيضًا عن القعنبيِّ، عن [1] مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيّب، والأوَّل رواه بالسند الذي ذكرته إلى ابن شهاب، عن عبَّاد بن تميم؛ فاعلم ذلك، وإيَّاك أن تظنَّه تعليقًا، والله أعلم.

    قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّبِ): تقدَّم أنَّ ياء (المسيّب) بالكسر والفتح، وأنَّ غيره لا يجوز في يائه غير الفتح، والله أعلم.

    قوله: (كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلاَنِ ذَلِكَ): اعلم أنَّه اختلف في سماع سعيد بن المسيّب من عمر رضي الله عنه، وقد وُلِد سعيدٌ لسنتين مضتا من خلافة عمر، قال أبو حاتم: لا يصحُّ له سماع منه إلَّا رؤية؛ رآه على المنبر ينعي النعمان بن مقرِّن، وحديثه عن عمر في «السنن الأربعة»، وعن أبي بكر في «سنن ابن ماجه»، كذا قاله العلائيُّ شيخ شيوخنا صلاح الدين في «المراسيل»، وإنَّما هي في «أبي داود»، وقد وَهِمَ المِزِّيُّ أيضًا في ذلك، كما يأتي قريبًا، والذي قاله العلائيُّ وَهِمَ فيه [2]، والذي فيه روايته مرسلةٌ، ليس فيها

    [ج 1 ص 181]

    أبو بكر رضي الله عنه، وقال يحيى القطَّان: (سعيد بن المسيّب عن عمر رضي الله عنه مرسلٌ، يدخل في المسند على المجاز)، وقال المِزِّيُّ في «تهذيبه»: (قال أحمد: رأى سعيدٌ عمرَ وسمع منه، وإذا لم يُقبَل سعيد عن عمر؛ فمَن يُقبَل؟!)، انتهى.

    ==========

    [1] (عن): سقط من (ب).

    [2] في (ب): (فيه وهم).

    (1/1180)

    [باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس]

    قوله: (وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن، واسم أبي الحسن يسارٌ البصريٌّ، تقدَّم مرارًا كثيرة [1].

    قوله: (وَأَيُّوبُ): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، واسم أبي تميمة كيسان، وتقدَّم أنَّ (أيُّوبَ) أحدُ العلماء، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (وَمَالِكٌ): هو الإمام أبو عبد الله، صاحب المذهب، أشهر من أن يُذكَر، رحمة الله عليه.

    (1/1181)

    [حديث: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين]

    476# قوله: (عَنْ عُقَيْلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ العين، وهو ابن خالد، وتقدَّم أنَّه ليس في «البخاريِّ» (عُقيل)؛ بالضمِّ غيره، وتقدَّم ما في «مسلم» من ذلك، وهو يحيى بن عُقَيل، انفرد به مسلم عن البخاريِّ، وعُقَيل: القبيلة المعروفة.

    قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.

    قوله: (أَبَوَيَّ): أبواها أشهر من أن يُذكَرا [1]؛ أبو بكر الصِّدِّيق، وأمُّها أمُّ رومان؛ بضمِّ الرَّاء وفتحها، واسمها دعد _ويقال: زينب_ بنت عبد بن دُهمان، ويقال: بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتَّاب بن أُذينة بن سُبيع [2] بن دُهمان بن الحارث بن غَنْم_ كذا قال مصعب، وغيره يخالفه_ الكِنَانيَّة، تُوُفِّيَت في ذي الحجَّة سنة ستٍّ، وقيل: أربع، وقيل: خمس، ونزل عليه الصَّلاة والسَّلام في قبرها واستغفر لها، وكانت حيَّة في الإفك، أخرج لها البخاريُّ، وأحمد في «المسند»، وأخرج لها بقيٌّ حديثًا، وسيجيء ذكرها في الإفك، وأذكر هناك [3] تنبيهًا وقع في رواية مسروق عنها في «الصحيح»، وأذكر كلام الناس فيه إن شاء الله تعالى وقدَّره، وأنَّ بعضهم صحَّح [4] تخلُّفها عن هذا الوقت المذكور في تاريخ وفاتها إلى أن روى عنها مسروق؛ وهو من التابعين.

    قوله: (يَدِينَانِ الدِّينَ): يعني: دين الإسلام.

    قوله: (ثُمَّ بَدَا): هو بغير همزٍ؛ أي: ظهر.

    قوله: (فَابْتَنَى مَسْجِدًا): هذا المسجد هو أوَّل مسجد بُنِيَ في نبوَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وثانيها: مسجد قباء، وثالثها: مسجد المدينة.

    قوله: (بِفِنَاءِ دَارِهِ): (الفِناء): تقدَّم أنَّه بكسر الفاء، ممدود الآخر، وهو ما بين يدي المنازل والدُّور من البَرَاح [5].

    ==========

    [1] في (ب) و (ج): (يذكر).

    [2] في (ب): (شنيع).

    [3] في (ب): (هنا).

    [4] (صحح): ليست في (ج).

    [5] في (ب): (البراج)، وهو تصحيف.

    [ج 1 ص 182]

    (1/1182)

    [باب الصلاة في مسجد السوق]

    قوله: (وَصَلَّى ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون أبو عون، مولى عبد الله بن المغفَّل المزنيِّ، أحد الأعلام، روى عن إبراهيم، وأبي وائل، ومجاهد، وعنه: شعبة، والقطَّان، ومسلم بن إبراهيم، قال هشام بن حسَّان: (لم ترَ عيناي مثل ابن عون)، وثناء الناس عليه كثير، وهو أحد الأعلام، تُوُفِّيَ سنة (151 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة.

    فائدةٌ هي تنبيهٌ: لهم آخر يقال له: عبد الله بن عون بن أمير مِصر أبي عون عبد الملك بن يزيد، الهلاليُّ، أبو مُحَمَّد البغداديُّ الخرَّاز الزاهد، يروي عن مالك، وشريك، وروى عنه مسلمٌ، وأبو يعلى، والبغويُّ، ثقةٌ، من الأبدال، مات سنة (232 هـ)، أخرج له مسلم، والنَّسائيُّ.

    قوله: (يُغْلَقُ [1] عَلِيهِم البَابُ): (يُغلَق): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (البابُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.

    سؤال: قال ابن المُنَيِّر: (إن قلت: ما مطابقة الترجمة بحديث ابن عون: (ولم يصلِّ في سوق)، والحديث [الآخر] [2] وليس فيه المسجد في السُّوق؟ قلتُ: أراد البخاريُّ [3] إثباتَ جواز بناء المسجد داخل السوق؛ لئلَّا يُتخيَّل أنَّ المسجد في المكان المحجور لا يسوغ [4]، كما أنَّ مسجد الجمعة لا يجوز أن يكون محجورًا، فنبَّه بصلاة ابن عون على أنَّ المسجد الذي صلَّى فيه كان محجورًا، ومع ذلك فله حكم المساجد، ثمَّ خصَّ السُّوق في الترجمة؛ لئلَّا يُتخيَّل أنَّها لمَّا كانت شرَّ البقاع وبها يركُز الشَّيطانُ رايته _كما ورد في الحديث_؛ يمنع ذلك من اتِّخاذ المساجد فيها، وينافي العبادة كما نافتها الطرقات، ومواضع العذاب، والحمَّام، وشبهه، فبيَّن بهذا الحديث أنَّها محلٌّ للصَّلاة؛ كالبيوت، فإذا كانت محلًّا للصَّلاة؛ جاز أن يُبنَى فيها المسجد، والله أعلم) انتهى.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيَّ).

    [2] (الآخر): مثبت من مصدره.

    [3] (البخاري): ليس في (ج).

    [4] في (ب): (يجوز).

    [ج 1 ص 182]

    (1/1183)

    [حديث: صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته]

    477# قوله: (حَدَّثَنا أَبُو مُعَاويَةُ): هو مُحَمَّد بن خازم_ بالخاء المعجمة_ الضَّرير، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، القارئ الإمام، مشهور الترجمة جدًّا.

    قوله: (عَن أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، تقدَّم أنَّه شهد الدَّار، وروى عن عائشة [1]، وأبي هريرة، وعنه: بنوه عبد الله، وسُهيل، وصالح، والأعمش، وكان من الأئمَّة الثِّقات، سمع منه الأعمش ألف حديث، تُوُفِّيَ بالمدينة سنة (101 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم بعض ترجمته، ولكن طال العهد به [2].

    قوله: (عَن أَبِي هُرِيرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (خطْوَةً): هي بفتح الخاء وضمِّها [3]، وقال شيخنا عن [4] القرطبيِّ: (الرواية بالضَّمِّ، وهي واحدة «الخطا»، وهي ما بين القدمين)، قال شيخنا: قال ابن التِّين: (رُوِّيناه بفتحها: المرَّة الواحدة).

    قوله: (وَتُصَلِّي عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ): تقدَّم أنَّ العلماء قالوا: إنَّ الصَّلاة من الله رحمةٌ، ومن الملائكة استغفارٌ، ومن الآدميِّ تضرُّعٌ ودعاء.

    قوله: (مَا لَمْ يُحْدِثْ): تقدَّم الكلام [عليه] غيرَ مَرَّةٍ، وأنَّ ابن أبي أوفى فسَّره: بحدث الإثم، وأنَّ أبا هريرة فسَّره: بحدث [5] الوضوء، وتقدَّم ما قاله فيه الدَّاوديُّ.

    (1/1184)

    [باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره]

    قوله: (بَابُ تَشْبِيكِ الأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ): وجه إدخال هذه الترجمة في الفقه: معارضةُ المراسيل التي وردت في النهي عن التشبيك في المسجد، قال ابن المُنَيِّر: (ولكنَّ التحقيق أنَّها لا تعارضها؛ إذ المنهيُّ عنه فعلُه على وجه الولع والعبث، والحديث في التَّشبيك إنَّما هو لمقصود التَّمثيل، وتصوُّر المعنى في النَّفس بصورة الخبر، ونحو ذلك من المقاصد الصحيحة، والله أعلم) انتهى، وأمَّا تشبيكها في الصَّلاة؛ فقد روى النهيَ عنه أحمدُ، وابنُ حِبَّان، والحاكم (وصحَّحه من حديث أبي هريرة، ولأبي داود والتِّرمذيِّ وابن ماجه وابن حِبَّان نحوه من حديث كعب بن عجرة، وأمَّا حديث النَّهي عن تفقيع الأصابع في الصَّلاة؛ فرواه ابن ماجه من [1] حديث عليٍّ بإسناد ضعيف: «لا تفقِّع أصابعك في الصَّلاة»، والله أعلم) [2].

    [ج 1 ص 182]

    ==========

    [1] (من): سقط من (ب).

    [2] مابين قوسين: سقط من (ج).

    (1/1185)

    [حديث: شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه]

    478# 479# 480# قوله: (عَنْ [1] بِشْرٍ): هو بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة، وهو ابن المُفضَّل بن لاحق، أبو إسماعيل الإمامُ، عن سهيل بن أبي صالح، ويحيى بن سعيد، وحميد، وعنه: أحمد، وابن راهويه، وأممٌ، وكان حجَّة، قال ابن المدينيِّ: (كان يصلِّي كلَّ يوم أربع مئة ركعة، ويصوم يومًا ويومًا)، تُوُفِّيَ سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

    قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ): هذا هو ابن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، عن أبيه، وعنه: ابن عيينة، وقَبِيصة، وأبو الوليد، صدوق، أخرج له الجماعة.

    قوله: (حَدَّثَنَا وَاقِدٌ): هو بالقاف، وقد تقدَّم أنَّه ليس في الكتب السِّتَّة راوٍ اسمه وافد؛ بالفاء، وهو أخو عاصمٍ المذكورِ قبله، وقد تقدَّم نسبه أعلاه، روى عن أبيه، وابن أبي مُليكة، وعنه: شعبة وغيره، ثقة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.

    قوله: (عَنْ أَبِيهِ): والد واقد: هو مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر، يروي مُحَمَّد هذا عن جدِّه وابن عبَّاس، وعنه: بنوه والأعمش، وثَّقه أبو زُرْعة وغيرُه، أخرج له الجماعة.

    قوله: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَوِ ابْنِ عَمْرٍو): كذا في الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ، (وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ) [2]، ولم أرَ هذا الحديث في «أطراف المِزِّيِّ» إلَّا في مسند عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، ولم أرَ روايةً لمُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن [3] عمر، عن عبد الله بن عَمرو بن العاصي في الكتب السِّتَّة، نعم؛ روى عنه، والظاهر أنَّه خارج الكتب، ولم يذكر في هذا الحديث المِزِّيُّ اختلافًا، وذكره في مسند ابن عُمر، وقد أخرجه البخاريُّ ثانيًا [4] من رواية ابن عُمر، ولم يُشَكَّ فيه كما شُكَّ في الذي قبله.

    قوله: (وقَالَ عَاصِمٌ بنُ عَلِيٍّ): هذا عاصم بن عليِّ بن عاصم، الواسطيُّ، عن ابن أبي ذئب، وعكرمة بن عمَّار، وعِدَّةٌ، وعنه: البخاريُّ، والدَّارميُّ، وعمر بن حفص [5] السدوسيُّ، وأمم، وكان ثقةً مُكثِرًا، لكن ضعَّفه ابن معين، وذكر له ابن عديٍّ أحاديثَ مناكيرَ، تُوُفِّيَ سنة (221 هـ)، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

    (1/1186)

    واعلم أنَّ عاصمًا هذا شيخُ البخاريِّ، وكأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد تقدَّم الكلام على ما إذا قال البخاريُّ: قال فلان، وفلان المُسنَد إليه القولُ شيخُه؛ فإنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، وكذا إذا قال غيرُ البخاريِّ عن شيخ من مشايخه: قال فلان، لكن بشرط براءة النَّاقل من التَّدليس، والله أعلم.

    قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّد): تقدَّم أعلاه الكلام عليه.

    تنبيه: الحديث الأوَّل والثاني المعلَّق صورةً عن شيخه الذي قلنا: إنَّه أَخَذه عنه في حال المذاكرة؛ قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (هذا الحديث من رواية حمَّاد بن شاكر عن البخاريِّ) انتهى، وكلا الطَّريقين مُخرَّج في أصلنا، وعليهما علامةُ راويهما، والله أعلم، فالظاهر أنَّ المِزِّيَّ أراد الحديث بطريقيه، لا الطريق المعلَّق فقط، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ج): (حدثنا).

    [2] ما بين قوسين: سقط من (ج).

    [3] (عمر عن عبد الله بن): سقط من (ج).

    [4] في (ب): (ثابتًا).

    [5] في (ب): (حصين).

    [ج 1 ص 183]

    (1/1187)

    [حديث: إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا]

    481# [قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن سعيد الثَّوريُّ، تقدَّم، الإمامُ المشهورُ.

    قوله: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): هو بُريد _بضمِّ المُوَحَّدة_ ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى، الأشعريُّ الكوفيُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ جَدِّهِ): هو أبو بُردة بن أبي موسى الأشعريُّ، قيل: اسمه عامر، وقيل: الحارث، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى): تقدَّم أنَّه الأشعريُّ، وأنَّ اسمه عبد الله بن قيس بن سُليم بن حضَّار، وتقدَّم بعض ترجمته رضي الله عنه] [1].

    ==========

    [1] ما بين معقوفين جاء في (ج) سابقًا بعد قوله: (لا تفقِّع أصابعك في الصَّلاة، والله أعلم)، وعليها في (أ) علامة تقديم وتأخير.

    [ج 1 ص 183]

    (1/1188)

    [حديث: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟]

    482# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ [1]: حَدَّثَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _ يعني: البخاري _: في «الصَّلاة»، و «البقرة» في موضعين، و «الفضائل»، و «اللِّباس»، و «الأدب»، و «خبر الواحد»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا النضر»، نسبه ابن السَّكن في بعض هذه المواضع: إسحاق بن إبراهيم، وفي نسخة الأصيليِّ في «الوضوء» في «باب مَن لم ير الوضوء إلَّا من المَخْرَجين»، قال البخاريُّ: «حدَّثنا إسحاق بن منصور: أخبرنا النَّضر»؛ فذكر حديث: «أرسل إلى رجل من الأنصار»، وقال أبو نصر: النضر [2] بن شميل: يروي عنه [3]: إسحاق بن إبراهيم، وإسحاق بن منصور) انتهى مُلخَّصًا، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ فاعلمه.

    قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ): هو النَّضر؛ بالضَّاد المعجمة، وقد تقدَّم، و (شُمَيل): بضمِّ الشين المعجمة، وهو أبو الحسن، المازنيُّ البصريُّ النَّحْويُ، شيخ مروَ ومُحدِّثها، تقدَّم.

    قوله: (عَن ابْنِ عَوْنٍ): تقدَّم في ظاهرها [4] الكلامُ على ابن عون، وأنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، أحد الأعلام، لا ابن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني ليس له [5] في «البخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ.

    قوله: (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن سيرين، الإمام أحد الأعلام، وتقدَّم الكلام في عَدِّ إخوته.

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (صَلاَتَيِ الْعَشِيِّ [6]): قال ابن قرقول: («العشيُّ»: ما بعد زوال الشمس إلى الغروب، وصلاة العشيِّ: هي العتمة [7]، ويقال لهما جميعًا: العشاءان، كما قيل: الأبوان، هذا قول الأصمعيِّ، وقال الخليل: عند العامَّة: من غروب الشَّمس إلى أن يولِّي صدرُ النَّهار، وبعضهم يجعله إلى الفجر، وقال يعقوب: «العشاء»: من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، والعشاء [8]: آخر النَّهار، والعشاء: آخر الظَّلام، وقيل: إنَّما قيل: صلاة العشاء، والعشيِّ؛ لأجل إقبال الظلام، وأنَّه يُعشِي [9] البصرَ عن الرُّؤية) انتهى، وفي «النِّهاية» [10]: («إحدى صلاتي العشيِّ [11]»: يريد: صلاة الظُّهر أو العصر؛ لأنَّ ما بعد الزَّوال إلى المغرب عشيٌّ، وقيل: العشيُّ: من زوال الشَّمس إلى الصباح ... ) إلى آخر كلامه.

    (1/1189)

    قوله: (فَاتَّكَأَ): هو بهمزة في آخره، وهذا معروف ظاهر.

    قوله: (وخَرَجَتِ السَّرَعَانُ [12]): وهم المستعجلون من القوم، وهو بفتح السِّين والراء، قال ابن قُرقُول: كذا لمتقني شيوخنا، وهو قول الكسائيِّ، وهو الوجه، وضبطه بعضُهم بسكون الرَّاء، وله وجه، والأوَّل أوجه، لكن يكون جمع «سريع»؛ مثل: «قفيز وقُفزان»، وحكى الخطَّابيُّ أنَّ بعضهم يقول: سُرْعان، قال: وهو خطأ، قال الخطَّابيُّ: وأمَّا قولهم: سرْعانَ ما فعلتُ؛ فبالضَّمِّ والكسر والفتح، والإسكان، وفتح النُّون أبدًا، انتهى، (وكذا قال الجوهريُّ، ومعناه: سَرُع ذا خروجًا، انتهى) [13]، ولم يذكر في (سرعان الناس) [14] ابنُ الأثير سوى فتح السِّين والرَّاء: (أوائل الناس الذين [15] يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة، قال: ويجوز تسكين الرَّاء) انتهى، [وحكى بعضهم عن أبي الفرج فيه ثلاثةَ أوجه؛ فتح السِّين وكسرها وضمَّها، والرَّاء ساكنة، والنُّون نَصْبٌ [16] أبدًا، انتهى، وهذا في (سُرعان ما فعلت)؛ أي: سرُع ذا خروجًا _كما ذكرته عن الجوهريِّ وعن الخطَّابيِّ_ لا [17] في هذا، والله أعلم] [18].

    قوله: (قَصُرتِ الصَّلَاةُ [19]): قال ابن قرقول: (بضمِّ القاف؛ ومعناه: نقصت، ومنه القصر في الصَّلاة ضدُّ الإتمام، قال القاضي: ويُروَى: «أَقَصُرت الصَّلاة؟») انتهى، وهذا ما ضُبِط في أصلنا.

    [ج 1 ص 183]

    (1/1190)

    قوله: (لَهُ [20] ذُو الْيَدَيْنِ): (ذو اليدين): اسمه الخِرْباق؛ بكسر الخاء المعجمة، وإسكان الرَّاء، ثمَّ مُوَحَّدة، وفي آخره قافٌ، ابن عَمرو، وهو من بني سُلَيم، وليس هو ذا [21] الشِّمالين الذي قُتِل يوم بدر؛ لأنَّ ذا الشمالين خزاعيٌّ قُتِل يوم بدر، وذو اليدين سُلميٌّ، عاش بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم زمانًا حتَّى رأى المتأخِّرين من التَّابعين، واستدلَّ العلماء لما [22] ذكرناه؛ بأنَّ أبا هريرة شهد قصَّة السَّهو في الصَّلاة _كما في «البخاريِّ» و «مسلم» _ وهو مسلم، وقد أجمعوا أنَّ أبا هريرة إنَّما أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة، أو في آخر سنة ستٍّ، وقد قدَّمنا الخلاف في ذلك، ومدركه فيها [23] بعد بدر بخمس سنين، وكان الزُّهريُّ يقول: إنَّ ذا اليدين هو ذو الشِّمالين، وإنَّه قُتِل ببدر، وإنَّ قصَّته في الصَّلاة كانت قبل بدر، وتابعه أصحاب أبي حنيفة على هذا، وقالوا: كلام النَّاسي في الصَّلاة يبطلها، وادَّعَوا أنَّ هذا الحديث منسوخ، والصواب ما سبق، واتَّفقوا على أنَّ الزُّهريَّ غلط في هذه القصَّة، وإنَّما قيل له: ذو اليدين؛ لطول في يديه، والله أعلم.

    قوله: (فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ): الضمير في (سألوه) يرجع على [24] ابن سيرين.

    [قوله: (نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ): قال بعض حُفَّاظ العصر: القائل ذلك هو مُحَمَّد بن سيرين، والذي نبَّأه بذلك هو خالدٌ الحذَّاء.

    تنبيه: رواية خالد عن عمران مُعضَلة أو مُرسَلة، وأمَّا ابن سيرين؛ فلم يسمع من عمران، قاله الدَّارقطنيُّ، وقد تعقَّبه النَّوويُّ في «شرح مسلم» فقال [25]: (بل هو معدود فيمن سمع منه) انتهى] [26].

    (1/1191)

    [باب المساجد التي على طرق المدينة ... ]

    قوله: (بَابُ الْمَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى طُرُقِ الْمَدِينَةِ [1] ... ) إلى آخر التبويب: تنبيهٌ هو فائدةٌ: ذكر الإمام زين الدين بن [2] حسين قاضي المدينة المشرَّفة في «تاريخه» المساجدَ التي على طرق المدينة إلى مكَّة، فذكر مسجد ذي الحليفة، ومسجدًا بشرفِ الرَّوحاء، وأنَّ شرف الرَّوحاء اليوم يُعرَف بوادي بني سالم [3]، ومسجدًا في آخر وادي الرَّوحاء مع طرف الجبل عن يسارك، وأنت ذاهب إلى مكَّة، ويُعرَف الآن بمسجد الغزالة ... إلى أن قال: (وليس اليوم [4] بطريق مكَّة مسجدٌ [5] يُعرَف غير هذه الثلاثة مساجدَ) انتهى.

    وقد رأيت الثلاثة، غير أنِّي لم أعلم أنَّ المسجد الذي بشرف الرَّوحاء أنَّه مسجد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا مِن هذا «التَّاريخ»، ولكن [6] مررت به ورأيته، وكذا مسجدُ الغزالة رأيته.

    (1/1192)

    فائدة: المساجد التي في طريقه صلَّى الله عليه وسلَّم من المدينة إلى تبوك قد [7] ذكرها الحافظ قطب الدين الحلبيُّ في «شرح سيرة عبد الغنيِّ»، وأنَّها أربعةَ عشرَ مسجدًا؛ وهي مسجد بتبوك، ومسجد بثنيَّة مَدِران _بفتح الميم، وكسر الدَّال المهملة_ تلقاءَ تبوك، ومسجد بذات الزِّراب_ بكسر الزَّاي، بعدها راءٌ_ موضع على مرحلة من تبوك، ة ومسجد بالأخضر [8]_على لفظ الجنس من الألوان_ موضع على أربع مراحلَ من تبوك، ومسجد بذات الحَطْميِّ _بفتح الحاء المهملة، ثمَّ طاء مهملة_ على خمس مراحل من تبوك، ومسجد بأَلَاء _بفتح أوَّله وثانيه_ على خمس مراحل من تبوك، ومسجد بطرف [9] البتراء؛ تأنيث (أبتر)، قال ابن إسحاق: ومسجدٌ بطرف [10] البتراء من ذي كواكب [11]، قال أبو عبيد البكريُّ: وإنَّما هو كوكب [12]، والله أعلم، وهو جبل في ذلك الشَّقِّ من بلاد بني الحارث بن كعب، ومسجد بشقِّ تاري؛ بالمثنَّاة من فوق، ثمَّ راء، ومسجد بالسوشق، ذكره الحاكم، ومسجد بصدر حوضى؛ بالحاء المهملة المفتوحة [13]، والضَّاد المعجمة، مقصور، ومسجد بالحجر، ومسجد بالصَّعيد، قال ياقوت: والصَّعيد: موضع قرب [14] وادي القرى به مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم [عمَّره] [15] في اجتيازه تبوك، ومسجد بوادي [16] القرى، ومسجد في شقَّة بني عذرة على لفظ رقعة الثَّوب، وقال أبو عبيد البكريُّ: وأخشى أن يكون الرقمة؛ بالميم، ومسجد بذي [17] المروة من أعمال المدينة، بينها وبين المدينة ثمانية برد، ومسجد بالفيفاء؛ ممدود بفاءين، ومسجد بذي خُشُب _بضمِّ الخاء، والشين المعجمتين، وباء مُوَحَّدة_ على مرحلة من المدينة، وأقبل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم راجعًا من تبوك [18] حتَّى نزل بذي أوان: موضع بينه وبين المدينة ساعة من نهار، قال أبو عبيد البكريُّ: هكذا روى أهل المغازي، وكذلك ذكره الطَّبريُّ، وأحسب أنَّ الرَّاء [19] سقطت بين الواو والألف، وأنَّه بذي أروان؛ موضع منسوب إلى بئر أروان، ويقال: ذروان؛ بفتح الذال المعجمة، وهي البئر التي طبَّه فيها لبيد بن الأعصم، وكان رجوعه من تبوك إلى المدينة في رمضان، وقال السَّفاقسيُّ: (إنَّه رجع [20] منها في سلخ شوَّال) انتهى؛ كذا رأيته بخطِّ بعض [21] فضلاء الحلبيِّين، نقله عن «شرح السِّيرة»؛ «سيرة عبد الغنيِّ» للحافظ قطب الدين الحلبيِّ [22]، فلخَّصته بعضَ تلخيص، والله أعلم.

    ==========

    (1/1193)

    [1] في (ج): (التي في طريقه صلَّى الله عليه وسلَّم).

    [2] (بن): سقط من (ب).

    [3] في (ب): (سليم).

    [4] في (ج): (الآن).

    [5] (مسجد): سقط من (ج).

    [6] في (ج): (لكن).

    [7] (قد): سقط من (ج).

    [8] في (ب): (الأخضر).

    [9] في (ج): (بطوف)، وفي (ب): (بطرق).

    [10] في (ب): (بطرق)، في (ج): (بطوف).

    [11] في (ب): (لوالب)، وهو تحريف.

    [12] في (ب): (لولب)، وهو تحريف.

    [13] (المفتوحة): سقط من (ب).

    [14] في (ب) و (ج): (قريب).

    [15] (عمره): مستفاد من مصدره.

    [16] في (ج): (وادي).

    [17] في (ج): (بني).

    [18] في (ب): (المدينة).

    [19] في (ج): (وأجيب بأن الواو)، وهو تحريف.

    [20] في (ج): (راجع).

    [21] (بعض): سقط من (ج).

    [22] (الحلبي): سقط من (ج).

    [ج 1 ص 184]

    (1/1194)

    [حديث: رأيت سالم بن عبد الله يتحرى أماكن من الطريق .. ]

    483# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): هو بضمِّ الميم، وفتح القاف والدال المُشدَّدة، منسوب إلى جدِّه مقدَّم، وهو مُحَمَّد بن أبي بكر بن عليِّ بن عطاء بن مقدَّم، مولى ثقيف، ترجمته معروفة رحمه الله.

    قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد، وهذا ظاهر جدًّا.

    قوله: (يَتَحَرَّى): (التَّحرِّي): الطَّلب للصَّواب، والمُتحرِّي: قاصد طريق الصَّواب.

    قوله: (وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ): قائل ذلك هو موسى بن عقبة، الإمام المشهور.

    قوله: (بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ): (شَرَف): بفتح الشين المعجمة والرَّاء، وبالفاء، و (الرَّوْحَاء): بفتح الرَّاء، ثمَّ واوٍ ساكنة، ثمَّ حاءٍ مهملة، ممدود الآخر، قال ابن قرقول: («الرَّوحاء» من عمل الفُرع، على نحو أربعين ميلًا من المدينة، وفي «مسلم»: «على ستَّة وثلاثين»، وفي كتاب «ابن أبي شيبة»: «على ثلاثين») انتهى، وقد قدَّمت أعلاه أنَّ شرف الرَّوحاء يُعرَف اليوم بوادي بني سالم.

    ==========

    [ج 1 ص 184]

    (1/1195)

    [حديث: أن رسول الله كان ينزل بذي الحليفة حين يعتمر]

    484# 485# 486# 487# 488# 489# 490# 491# 492# قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): هي بالحاء المهملة المضمومة، وفتح اللَّام، وبعد المُثنَّاة تحت الساكنة فاءٌ، ثمَّ تاء، هي على ستَّة أميال من المدينة، وقيل: سبعة، وهو ماء من مياه بني جشم.

    تنبيه: وقع في «شرح الرَّافعيِّ» للشَّافعيَّة: أنَّ بينها وبين المدينة ميلًا [1]، وهو غريب، لكنَّه لم ينفرد به، بل هو في «الشَّامل» و «البحر»، والله أعلم، وقد تقدَّم [2].

    قوله: (تَحْتَ سَمُرَةٍ): هي بضمِّ الميم، وفتح السِّين؛ من شجر الطلح [3]، والجمع: سَمُرٌ، وسَمُراتٌ.

    قوله: (مِنْ غَزْوَةٍ): هي منوَّنة، وهذا ظاهرٌ، وكذا هو مجوَّد في أصلنا.

    قوله: (فَعَرَّسَ): (التعريس): النزول من [4] آخر اللَّيل، وقيل: النزول أيَّ وقت كان.

    قوله: (ثَمَّ): هو بفتح الثَّاء، وتشديد الميم؛ أي: هناك، وكذا قوله: (ثَمَّ خَلِيجٌ)، وكذا: (ثَمَّ يُصَلِّي)، وكذا (ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ) [خ¦485]، وكذا (ثَمَّ مَسْجِدٌ) [خ¦486]، وكذا (بُنِيَ ثَمَّ) [خ¦491]، وكذا (بُنِيَ ثَمَّ) الثانية [خ¦492].

    قوله: (عَلَى الأَكَمَةِ): هي بفتح الهمزة والكاف والميم، وهي الرابية.

    قوله: (خَلِيجٌ): هو بفتح الخاء المعجمة، وكسر اللام، وفي آخره جيم، وهو النهر.

    قوله: (كُثُبٌ): هو بضمِّ الكاف والثاء، ثمَّ مُوَحَّدة، جمع (كثيبٍ).

    قوله: (حَيْثُ المَسْجِدُ الصَّغيرُ): (المسجدُ): مرفوع، وهذا ظاهرٌ، و (الصغيرُ): صفة له، مرفوعٌ أيضًا.

    قوله: (بِشَرَفِ الرَّوحاءِ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه.

    قوله: (يَعْلَمُ): هو بفتح الياء، وإسكان العين، وفي نسخة: (يُعلِم)؛ بضمِّ أوَّله، وكسر اللام.

    قوله: (عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ): هو بتخفيف الفاء، وإيَّاك أن تشدِّدها، وكذا (حَافَةِ) الثانية.

    قوله: (العِرْقِ): هو بكسر العين المهملة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ قاف، وكذا قوله: (وَذَلِكَ الْعِرْقُ)، وكذا قوله: (إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ)، قال الخليل: العِرْق: الحبل الدقيق من الرمل المستطيل مع الأرض.

    قوله: (عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ): أمَّا (منصرَف)؛ فهو [5] بفتح الرَّاء، و (الرَّوحاء): تقدَّم ضبطها أعلاه، وكذا قوله: (وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ) بالفتح أيضًا.

    (1/1196)

    قوله: (انْتِهَاءُ طَرَفِهِ): (انتهاء): بالمدِّ في آخره، و (طرفه): مضاف ومضاف إليه، وفي نسخة: (انتهى)؛ فعلٌ ماضٍ، و (طرفُه)؛ بالرَّفع: فاعل، انتهى.

    [ج 1 ص 184]

    قوله: (يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ): تقدَّم قريبًا ضبطها، وأين هي.

    قوله: (مِنْ آخِرِ السَّحَرِ): هو قُبَيل الفجر.

    قوله: (عَرَّسَ): تقدَّم قريبًا أنَّ (التعريس) النزولُ من آخر اللَّيل، وقيل: أيَّ وقت كان.

    قوله: (سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ): (السَّرْحة): بفتح السِّين، ثمَّ راء ساكنة ثمَّ حاء مهملتين، وهي الشجرة الطويلة لها منظر، و (الضخمة): العظيمة.

    قوله: (دُونَ الرُّوَيْثَةِ): هي بضمِّ الرَّاء، وفتح الواو، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ ثاء [6] مُثلَّثة، ثمَّ تاء، مكان بين الحَرَمَين، وبين الرُّوَيثة والمدينة [7] سبعةَ عشرَ فرسخًا، قاله البكريُّ.

    قوله: (وَوجَاهَ الطَّرِيقِ): (وجاه): بكسر الواو وضمِّها.

    قوله: (بَطحٍ): هو بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الطاء وبالحاء المهملتين، مكتِفٍ [8]؛ أي: متَّسِع منبسط، وفي الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ بإسكان الطاء بالقلم، وعليها (صح)، وقال شيخنا الشَّارح: («بطح»؛ بإسكان الطاء، ويجوز كسرها؛ أي: واسع)، انتهى.

    قوله: (مِنْ أَكَمَةٍ): (الأَكَمَة): بفتح الهمزة والكاف والميم، وهي الرابية، ويقال: دون الجبل وأعلى من الرابية، وقيل: دون الرابية [9]، وفيها غير ما ذكرت، وسيأتي في (الاستسقاء) إن شاء الله تعالى.

    قوله: (كُثُبٌ): هو جمع (كثيب [10])، وقد تقدَّم قريبًا ما (الكثيب).

    قوله: (تَلْعَةٍ): هي بفتح المُثَنَّاة فوق، ثمَّ لام ساكنة، ثمَّ عين مهملة مفتوحة، ثمَّ تاء، هي الأرض المرتفعة التي يتردَّد فيها السيل، وهي أيضًا مجاري الماء من الوادي، وهي أيضًا ما انهبط من الأرض؛ كالرحبة، والجمع: تلاع.

    قوله: (مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ)، وكذا قوله: (يَرُوحُ مِنَ الْعَرْجِ): هو بفتح العين المهملة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ جيم، قرية جامعة من عمل الفُرع، على نحو ثمانية وسبعين ميلًا من المدينة، وهو أوَّل تهامة.

    قوله: (إِلَى هَضْبَةٍ): هي بفتح الهاء، وإسكان الضاد المعجمة، ثمَّ مُوَحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء، هي الصخرة الراسية العظيمة، وجمعها: هضاب، وقيل: هو جبلٌ خُلِق من صخرةٍ واحدةٍ، وقال الأصمعيُّ: (الهضبة: الجبل ينبسط على الأرض).

    (1/1197)

    قوله: (رَضمٌ مِنْ حِجَارَةٍ): (الرَّضم): بفتح الرَّاء، وإسكان الضاد المعجمة وفتحها أيضًا، واقتصر على كلٍّ بعضٌ، حجارةٌ مجتمعةٌ، قال ابن قُرقُول: (والرَّضَم؛ بفتح الضاد: حجارة مجتمعة، جمع «رضَمة»؛ بفتحها أيضًا، كذا قيَّده الأصيليُّ، ويُروَى: «رَضْمٌ»؛ بالسكون على اسم الفعل، وقال أبو عبيد: الرضام: صخور عظام، واحدها: رضْمة)، انتهى.

    قوله: (عِنْدَ سَلِمَاتِ الطَّرِيقِ)، وكذا قوله: (أُولَئِكَ السَّلِمَاتِ): قال الدِّمياطيُّ: («سلِمات»: بكسر اللام ضبطه الأصيليُّ، جمع «سَلِمَة»؛ وهي الحجارة، وضبطه غيره بالفتح، جمع «سَلَمة»؛ وهي شجرة القرظ من العضاه)، انتهى.

    وما ذكره الدِّمياطيُّ ذكره ابن قُرقُول، وزاد: (وقال الدَّاوديُّ: «سلِمات الطريق»: التي [11] تتفرَّع من جانبه، وهذا غير معروفٍ)، انتهى.

    قوله: (مِنَ الْعَرْجِ): تقدَّم الكلام على (العرج) أعلاه؛ فانظره.

    قوله: (سَرَحَاتٍ [12]): هو بفتح الرَّاء، تقدَّم [13] أعلاه ما (السَّرحة).

    قوله: (هَرْشَى): هي بفتح الهاء، وإسكان الرَّاء، وبالشين المعجمة، مقصورة، جبل من بلاد تهامة، على طريق الشام والمدينة، قرب الجحفة.

    قوله: (بِكُرَاعِ [14] هَرْشَى): (الكُراع): بضمِّ الكاف، وبالراء المخفَّفة، وفي آخره عين مهملة، وهو كلُّ أنف سائل من جبل أو حرَّة.

    قوله: (مِنْ غَلْوَةٍ): هي بفتح الغين المعجمة، ثمَّ لام ساكنة، ثمَّ واو، ثمَّ تاء، قال الدِّمياطيُّ: (جمعها: غِلاء؛ وهي الغاية والشوط، وغلوتُ السهم غلوًا؛ إذا رميتَ به ما تقدر عليه)، انتهى، وكذا قال غيره من أهل اللُّغة، وقال بعضهم: رمية سهم ثلثا ميل، وقيل: مئة باع، انتهى، [وقد تقدَّم الاختلاف في (الميل) كم هو، ومافيه من الأقوال] [15].

    قوله: (إِلَى سَرْحَةٍ، هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ): تقدَّم الكلام على المفرد وعلى الجمع أعلاه.

    قوله: (مَرِّ الظَّهْرَانِ): هو بفتح الميم، وتشديد الرَّاء، و (الظَّهْران): بفتح الظاء المعجمة المشالة، وإسكان الهاء، قال ابن قُرقُول: (مرُّ ظهران والظهران، ويقال: ظهران؛ من غير إضافة إلى «مَرٍّ»: على بريد من مكَّة، وقال ابن وضَّاح: على [16] أحدٍ وعشرين ميلًا، وقيل: على ستَّةَ عشرَ ميلًا)، انتهى، وهو الذي تسمِّيه العامَّة بطنَ مروٍ.

    قوله: (قِبَلَ الْمَدِينَةِ): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة؛ أي: قُبَالةَ.

    (1/1198)

    قوله: (مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ [17]): هو بفتح الصاد المهملة، والفاء ساكنة، بين مكَّة والمدينة، قريب من ظهران.

    قوله: (بِذِي طُوًى): قال ابن قُرقُول: (بفتح الطاء، ومنهم مَن يكسرها؛ وهو الأصيليُّ، قيَّدها بخطِّه كذلك، ومنهم مَن يضمُّها، والفتح أشهر، وهو وادٍ بمكَّة، وقال الدَّاوديُّ: هو الأبطح، وليس كما قال، وقال أبو عليٍّ: هو منوَّنٌ على «فَعَلٍ»، وكان في كتابه ممدودًا فأنكره، وعند المستملي: «ذو الطواء» معرَّفٌ ممدودٌ، وقال الأصمعيُّ: مقصورٌ، والذي في طريق الطائف ممدودٌ، وأمَّا [18] الذي في القرآن؛ فيُضَمُّ ويكسر؛ لغتان، وهو مقصورٌ لا غير

    [ج 1 ص 185]

    )، انتهى؛ وهو الذي يُعرَف اليوم بـ (آبار الزاهر)، وسيأتي في (الحجِّ).

    قوله: (عَلَى أَكَمَةٍ): تقدَّم قريبًا الكلام على (الأَكَمَة)، وسيأتي مُطَوَّلًا في (الاستسقاء) إن شاء الله تعالى.

    قوله: (فُرْضَتَيِ الْجَبَلِ): (الفُرْضة): بضمِّ الفاء، وإسكان الرَّاء، وبالضاد المعجمة، قال الدِّمياطيُّ: (فرضة الجبل: مدخل الطريق إليه، وجمعها: فُرَض)، انتهى.

    قوله: (بِطَرَفِ الأَكَمَةِ): (الطَّرَف): بفتح الطاء والراء، و (الأَكَمَة): تقدَّم قريبًا الكلام عليها، وستأتي مطوَّلة [19] في (الاستسقاء).

    ==========

    [1] في النُّسخ: (ميل)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

    [2] (وقد تقدَّم): سقط من (ج).

    [3] في (ب): (الطلع)، وهو تحريف.

    [4] في (ب): (في).

    [5] في النُّسخ: (هو)، ولعلَّ المُثبَتَ هو الصَّوابُ.

    [6] (ثاء): سقط من (ب).

    [7] في (ج): (والحديبية)، وهو تحريف.

    [8] في (ج): (لكتف).

    [9] (وقيل دون الرابية): سقط من (ب).

    [10] في (ب): (كثيبة)، وليس بصحيح.

    [11] (التي): سقط من (ب).

    [12] في هامش (ق): (شجرات).

    [13] في (ج): (وتقدَّم).

    [14] في هامش (ق): (ما يمتدُّ منها).

    [15] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [16] (على): سقط من (ج).

    [17] في هامش (ق): (ضرب من الشجر).

    [18] في (ج): (ولهما).

    [19] في (ج): (مطولًا)

    (1/1199)

    [باب سترة الإمام سترة من خلفه]

    (1/1200)

    [حديث: أقبلت راكبًا على حمار أتان]

    493# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا كثيرة [1] أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم الفرد.

    قوله: (عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ [2]): قال الدِّمياطيٌّ: (قال القاضي: كذا وجدته مضبوطًا في بعض الأصول المسموعة على أبي ذرٍّ)، انتهى؛ يعني: بالإضافة، و (الأَتان)؛ بفتح الهمزة: الأنثى من الحمر، قال ابن قُرقُول: (وفي بعض روايات «البخاريِّ»: «على حمارٍ أتانٍ»، ضبطه الأصيليُّ على النعت والبدل منوَّنَين، وقد جاء: «على حمارٍ»، وجاء: «على أتان»، فالأَولى الجمع بينهما، قال سراج بن عبد الملك: يكون أتان وصفًا للحمار؛ ومعناه: صُلبٌ قويٌّ، مأخوذ من الأتان؛ وهي الحجارة الصلبة، قال: وقد يكون بدلُ غلطٍ، قال ابن قُرقُول: وقد يكون بدلُ بعضٍ من كلٍّ؛ لأنَّ الحمار يشمل الذكر والأنثى؛ كالبعير، وقال ابن سراج: وقد يكون «على حمارِ أتانٍ»؛ على الإضافة؛ أي: على حمارٍ أنثى ... ) إلى أن قال ابن قُرقُول: (وكذا وجدته مضبوطًا في بعض الأصول عن أبي ذرٍّ)، انتهى، وقد تقدَّم الكلام عليه في (باب متى يصحُّ سماع الصغير)، ولكن طال العهد به.

    قوله: (نَاهَزْتُ): قاربت، وقد تقدَّم.

    ==========

    [1] (كثيرة): سقط من: (ب).

    [2] في هامش (ق): ((حمارٍ أتانٍ)؛ بالإضافة، قال القاضي: كذا وجدته مضبوطًا في بعض الأصول المسموعة على أبي ذرٍّ، وبالتنوين بدل بعض من كل، إذ قد يطلق الحمار على الجنس؛ كما قالوا: بعير للذكر والأنثى).

    [ج 1 ص 186]

    (1/1201)

    [حديث: أن رسول الله كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة]

    494# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ [1]: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاري_ في «الصَّلاة»، و «البيوع»، و «تفسير النساء»: «حدَّثني إسحاق: حدَّثنا عبد الله بن نمير»، لم أجد إسحاق هذا منسوبًا في هذه المواضع لأحد من الرواة، ولا نسب أبو نصر إسحاق عن ابن نمير في «كتابه»)، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: إسحاق هو ابن منصور، كما صرَّح به خَلَف في «أطرافه»، وقال أبو نعيم في «مستخرجه»: هو الكوسج، انتهى، والكوسج: هو إسحاق بن منصور؛ يعني: أنَّهما قالا: إنَّه واحد، لكنِ اختلفت عبارتهما، انتهى، ولم يميِّزه المِزِّيُّ في «أطرافه».

    قوله: (فَمِنْ ثَمَّ): هو بفتح الثَّاء؛ أي: هناك، وقد تقدَّم مرَّات.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

    [ج 1 ص 186]

    (1/1202)

    [حديث: أن النبي صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة]

    495# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيَالِسيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَوْنِ [1] بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ): (أبو [2] جُحَيْفة): بضمِّ الجيم، ثمَّ حاء مهملة مفتوحة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ فاء، ثمَّ تاء [3] تأنيث، واسم أبي جحيفة وهبُ بن عبدٍ السُّوائيُّ، تقدَّم.

    قوله: (بِالْبَطْحَاءِ): هي بفتح المُوَحَّدة، ثمَّ طاء مهملة ساكنة، وهمزة ممدودة، وهي الأبطح؛ وهو [4] بين مكَّة ومِنًى، يضاف إلى كلِّ واحدة منهما، والله أعلم.

    قوله: (عَنَزَةٌ): تقدَّم أنَّها بفتح النُّون والعين قبلها والزاي، عصًا في أسفلها زُجٌّ، وقد تقدَّمت مطوَّلة، ومن أين جاءت؛ فانظره.

    (1/1203)

    [باب قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلى والسترة]

    (1/1204)

    [حديث: كان بين مصلى رسول الله وبين الجدار ممر الشاة]

    496# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): هو بالحاء المهملة، وتقدَّم أنَّه سلمة بن دينار، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ سَهْلٍ): تقدَّم أنَّه ابن سعد الساعديُّ، وتقدَّم بعض ترجمته رضي الله عنه [1].

    ==========

    [1] (الترضية): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 186]

    (1/1205)

    [حديث: كان جدار المسجد عند المنبر ما كادت الشاة تجوزها]

    497# قوله: (عَنْ سَلَمَةَ): هو بفتح اللام، وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع، ويقال: ابن وهب بن الأكوع الأسلميُّ، أحد من بايع تحت الشجرة، ولم يبايع أحد ثلاث مرَّات تحت الشجرة إلَّا هو، أمَّا مرتين؛ ففي [1] «الصحيحين»، وانفرد مسلم بثلاث مرَّات، روى عنه ابنه إياس، ومولاه يزيد بن أبي عبيد، وكان راميًا محسنًا شجاعًا يسبق الفرس، ولا أعلم في الصَّحابة أجرى منه، وقد تقدَّم بعض ترجمته، تُوُفِّيَ سنة (74 هـ)، أخرج له الجماعة.

    ==========

    [1] في النُّسخ: (في)، ولعلَّ المثبتَ هو الصَّوابُ.

    [ج 1 ص 186]

    (1/1206)

    [باب الصلاة إلى الحربة]

    (1/1207)

    [حديث: أن النبي كان يركز له الحربة فيصلي إليها]

    498# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): يحيى هذا هو ابن سعيد القطَّان، الإمام المُحَدِّث الحافظ، الذي قال فيه أحمد: (لم ترَ عيناي مثله)، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (تُرْكَزُ [1] لَهُ الْحَرْبَةُ): (تُركَز): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الحربة): مرفوعةٌ قائمة [2] مقام الفاعل.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخ، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (يُركَز).

    [2] في (أ): (مقائمة)، وهو تحريف.

    [ج 1 ص 186]

    (1/1208)

    [باب الصلاة إلى العنزة]

    قوله: (إِلَى الْعَنَزَةِ): تقدَّم أعلاه ضبطها، وتقدَّم الكلام [عليها] مُطَوَّلًا؛ فانظره إن أردته.

    ==========

    [ج 1 ص 186]

    (1/1209)

    [حديث: خرج علينا رسول الله بالهاجرة فأتي بوضوء]

    499# قوله: (عَنْ [1] عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ): تقدَّم ضبط (أبي جحيفة) أعلاه؛ فانظره، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ.

    قوله: (بِالْهَاجِرَةِ): هي نصف النهار عند اشتداد الحرِّ.

    قوله: (فَأُتِيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قوله [2]: (بِوَضُوءٍ): هو بفتح الواو الماءُ، ويجوز فيه الضمُّ لغة فيه، وقد تقدَّم مرارًا كثيرةً.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

    [2] (قوله): سقط من (ج).

    [ج 1 ص 186]

    (1/1210)

    [حديث: كان النبي إذا خرج لحاجته تبعته أنا وغلام ومعنا عك]

    500# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ): هو بمُوَحَّدة مفتوحة، ثمَّ زاي مكسورة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ عين مهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

    قوله: (حَدَّثَنَا شَاذَانُ): هو بشين معجمة، وبعد الألف ذال معجمة، ثمَّ نون، وهو لقب الأسود بن عامر الشاميِّ، نزيل بغداد، أبو عبد الرَّحمن، عن هشام بن حسَّان، وكامل أبي العلاء، وشعبة، والحمَّادَين، وطائفةٍ، وعنه: أحمد، وأبو كريب، وإبراهيم بن سعيد، والحارث بن مُحَمَّد بن أبي أسامة، والدارميُّ، وخلقٌ، وثَّقه ابن المدينيِّ وغيرُه، قال البخاريُّ: مات في أوَّل سنة (208 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (أَنَا وَغُلاَمٌ): تقدَّم أنَّ هذا الغلام لا أعلم أحدًا سمَّاه، (وقد تقدَّم ما قاله بعض الحُفَّاظ من العصريِّين، وردُّه، والله أعلم) [1].

    قوله: (وَمَعَنَا عُكَّازَةٌ، أَوْ عَصًا، أَوْ عَنَزَةٌ): قال ابن قُرقُول: (كذا لكافَّتهم؛ يعني: بالعين، والنون، والزاي، قال: ولأبي الهيثم: «أو غيره» بدلًا من «عَنَزَة»، والصواب: «عَنَزَة» كما في سائر الأحاديث)، ثمَّ شرع يفسِّر (العَنَزَة)، وقد تقدَّمت ما هي، ومَن أتى بها.

    قوله: (إِدَاوَةٌ): تقدَّم أنَّها بكسر الهمزة، وهي إناء من جلد؛ كالسطِيحة، وجمعها: أدَاوَى.

    [ج 1 ص 186]

    ==========

    [1] ما بين قوسين: سقط من (ج).

    (1/1211)

    [باب السترة بمكة وغيرها]

    (1/1212)

    [حديث: خرج رسول الله بالهاجرة فصلى بالبطحاء]

    501# قوله: (عَنِ [1] الحَكَمِ): هو ابن عتيبة، العالم الإمام، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم ضبط (عُتَيبة)؛ تصغير (عُتْبَة)، وتقدَّم أنَّ البخاريَّ غَلِطَ فيه، فجعله هو والحكم بن عُتَيبة المتكلَّم فيه واحدًا، فعُدَّ من أوهامه.

    قوله: (عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ): تقدَّم قريبًا ضبطه، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ رضي الله عنه.

    قوله: (بِالْهَاجِرَةِ): تقدَّم قريبًا أنَّها نصف النَّهار عند اشتداد الحرِّ.

    قوله: (فَصَلَّى بِالْبَطْحَاءِ): تقدَّم أين هي، وأنَّها من مكَّة إلى مِنًى، قريبًا.

    قوله: (بِوَضُوئِهِ [2]): تقدَّم أنَّه بفتح الواو الماءُ، ويجوز الضمَّ، تقدَّم مرارًا كثيرةً.

    (1/1213)

    [باب الصلاة إلى الأسطوانة]

    قوله: (إِلَى الأُسْطُوَانَةِ): تقدَّم الكلام عليها في (باب الأبواب والغلق للكعبة)؛ فانظرها.

    قوله: (وَرَأَى عُمَرُ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ [1] رَجُلًا [2] يُصَلِّي بَيْنَ أُسْطُوَانَتَيْنِ، فَأَدْنَاهُ إِلَى سَارِيَةٍ): قال شيخنا الشَّارح: (هذا الرجل هو قرَّة أبو معاوية بن قرَّة، رُوِيَ ذلك عنه أنَّه قال: رآني عمر وأنا أُصلِّي بين أُسطوانتين، فأخذ بقفاي فأدناني من السترة، وقال: صلِّ إليها)، انتهى، ووقع في بعض أصولي: (ابن عمر)، و (ابن) ملحقة، وكنت أُراه غلطًا حتَّى نظرتها في نسخة أخرى وعليها علامة راويها، ولعلَّ القصَّة وقعت لابن عمر ولعمر، ولكنَّ شيخنا قد عزا قصَّة عمر هكذا إلى غير مصنَّف، ولكنَّ ابن شيخِنا البلقينيِّ عزاها إلى «مصنَّف ابن أبي شيبة»، وبقي عليها [3] عزو قصَّة ابن عمر [4]_والله أعلم_ إن كانت القصَّة جرت له أيضًا، والله أعلم.

    ==========

    [1] الترضية ليست في «اليونينيَّة».

    [2] (رجلًا): سقط من (ج).

    [3] في (ب): (عليهما).

    [4] في (ج): (عمرو)، وهو تحريف.

    [ج 1 ص 187]

    (1/1214)

    [حديث: رأيت النبي يتحرى الصلاة عندها]

    502# قوله: (يَتَحَرَّى): أي: يتعمَّد ويتقصَّد.

    ==========

    [ج 1 ص 187]

    (1/1215)

    [حديث: رأيت كبار أصحاب النبي يبتدرون السواري عند المغرب]

    503# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): هو بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وقد تقدَّم أنِّي [1] إنَّما ضبطه؛ لأنِّي رأيت من يقرأ «البخاريَّ» يقرؤه [2] مُصغَّرًا، وهو ابن عقبة، تقدَّم.

    قوله: (حَدَّثَنَا [3] سُفْيَانُ): هذا هو ابن سعيد الثَّوريُّ [4] فيما ظهر لي، ولم أرَ أحدًا عيَّنه، لكنْ غلب على ظنِّي أنَّه الثَّوريُّ، والله أعلم.

    قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَنَسٍ): هذا هو الأنصاريُّ الكوفيُّ، يروي عن أنس، وعنه: مسعر، وشعبة، وسفيان، وجماعةٌ، وثَّقه أبو حاتم، وروى له الجماعة.

    تنبيهٌ: أمَّا عمرو بن عامر الكوفيُّ، والد القاضي أسدِ بن عمرو البجليِّ صاحبِ الرأي، عن الحسن، وعمر بن عبد العزيز، ووهب بن مُنَبِّه، وعنه: ابن عيينة، والمحاربيُّ، وأبو نعيم، وجماعةٌ؛ فهو غير الأوَّل، قال المِزِّيُّ: وأمَّا أبو داود وحدُه؛ فقال: هو الراوي عن أنس [5]، وإنَّما الراوي عن أنسٍ أنصاريٌّ لا بجليٌّ، والثاني ليس له [6] في شيء من الكتب السِّتَّة، والله أعلم.

    قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: في هذا [7] الحديث عمرو بن عامر الأنصاريُّ الكوفيُّ، وليس بوالد أسد بن عمرو، عن أنس ... ، فذكر هذا الحديث.

    [تنبيهٌ: من اسمه (عمرو)، وهو يروي عن أنس في الكتب السِّتَّة، أو بعضها: عمرو بن سعيد أبو سعيد القرشيُّ _ويقال: الثقفيُّ_ مولاهم، أخرج له عنه مسلم، وعمرو بن عامر الأنصاريّ المذكور، أخرج له عنه البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وعمرو بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاريُّ، أخرج له مسلم، وعمرو بن عبد الله الهمدانيُّ أبو إسحاق السبيعيُّ، أخرج له عنه النسائيُّ في «عمل اليوم والليلة»، وعمرو بن أبي عمرو مولى المطَّلب، أخرج له عنه البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وعمرو بن الوليد بن عبَدة، أخرج له عنه ابن ماجه، والله أعلم.

    قوله: (وَزَادَ شُعْبَةُ): ما زاده شعبة؛ أسنده البخاريُّ في (باب كم بين الأذان والإقامة)، والله أعلم] [8].

    (1/1216)

    [باب الصلاة بين السواري في غير جماعة]

    (1/1217)

    [حديث: دخل النبي البيت وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال]

    504# قوله: (أَخْبَرنَا [1] جُوَيْرِيَةُ [2]): هذا هو جويرية بن أسماء بن عبيد بن مخارق الضُّبَعيُّ البصريُّ، عن نافع، والزهريِّ، وعنه: ابن أخيه عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، وابن أخته سعيد بن عامر الضُّبَعيُّ، ومُسَدَّد، ثقةٌ، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، تُوُفِّيَ سنة ثلاث وسبعين ومئة، وكان مُحَدِّثًا أخباريًّا عالمًا.

    قوله: (وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة العبدريُّ [3]، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَلَى إثرِهِ): (الإِثْر): بكسر الهمزة، ساكن الثَّاء، وكذلك بفتح الهمزة، وتحريك الثَّاء مفتوحة؛ لغتان، وحكى شيخنا فيما مضى تثليث الهمزة، وقد تقدَّم.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

    [2] في (ج): (جويرة).

    [3] في (ج): (العبدي)، وهو تحريف.

    [ج 1 ص 187]

    (1/1218)

    [حديث: أن رسول الله دخل الكعبة وأسامة بن زيد]

    505# قوله: (وَعُثْمَانُ بْنُ [1] طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ): (عثمان): تقدَّم الكلام عليه قريبًا ونسبه، وأمَّا (الحَجَبيُّ)؛ فهو بحاء مهملة ثمَّ جيم مفتوحتين، ثمَّ مُوَحَّدة، ثمَّ ياء النسبة، إلى حَجَبة الكعبة شرَّفها الله تعالى.

    قوله: (فَجَعَل عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ، وَعَمُودًا عَنْ شِمَالِهِ [2]، وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ): كذا ساقه هنا من رواية عبد الله بن يوسف عن مالك، وفي رواية: (عمودين عن يمينه)، والبخاريُّ ذكرها من طريق إسماعيل عن مالك، فقال: (وقال إسماعيل: حدَّثني مالك وقال: عمودين عن يمينه)، قال شيخنا: قال خلف: ولم أجده من حديث إسماعيل، وقد اختُلِف على مالك في لفظه؛ فرواه «مسلم»: (عمودين عن يساره، وعمودًا عن يمينه)، وفي «البخاريِّ»: (عمودًا عن يساره، وعمودين عن يمينه)، قال البيهقيُّ: (وهو الصحيح)، وفي رواية: (جعل عمودًا عن يمينه، وعمودًا عن يساره) عكس ما سلف، ويحتاج إلى جمع إن لم تتعدَّدِ الواقعة، فإنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام مكث في الكعبة طويلًا، بخلاف ما سلف من كونه على يمينه أو يساره، فإنَّه قصد أنَّه صلَّى بين عمودين، وسواء كانا عن يمينه أو عن يساره؛ لأنَّه لم يقصد ذكرهما، انتهى.

    ==========

    [1] (بن): سقط من (أ) و (ج).

    [2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (جَعَل عَمُودًا عَنْ يَسَارِه، وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ).

    [ج 1 ص 187]

    (1/1219)

    [باب 7]

    (1/1220)

    [حديث: أن عبد الله كان إذا دخل الكعبة مشى قبل وجهه]

    506# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): قال الدِّمياطيُّ: أنس بن عياض، وُلِد سنة (104 هـ)، ومات سنة (180 هـ[1])، وقيل: سنة (200 هـ) انتهى، أنس بن عياض، أبو ضمرة، اللَّيثيُّ المدنيُّ، وثَّقه ابن معين، وابن عديٍّ، وقال أنس: (لا بأس به)، وقال يونس: (ما رأيت أحسن خلقًا، ولا أسمح بعلمه منه)، قال دُحَيم: (سمعته يقول: ولدتُ سنة أربع ومئة)، وقال غير واحد: مات سنة مئتين، أخرج له الجماعة.

    قوله: (قِبَلَ وَجْهِهِ)، وكذا (قِبَلَ ظَهْرِهِ): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وقد تقدَّم أنَّ معناها: قُبالة، وكذا (قِبَلَ وَجْهِهِ).

    قوله: (قَرِيبًا): كذا في أصلنا (القاهريِّ، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ) [2]، والصَّواب: قريب، والله أعلم، (ويجوز أن يكون الاسم محذوفًا؛ تقديره: حتَّى يكون بينه وبين الجدار المسافةُ قريبًا) [3].

    قوله: (يَتَوَخَّى): غير مهموز معتلٌّ؛ أي: يتعمَّد، ويتقصَّد، يقال: يتوخَّى، ويتأخَّى.

    قوله: (إِنْ صَلَّى): (إِن)؛ بكسر الهمزة وبفتحها، وإسكان النُّون فيهما، وكذا هو مضبوط في أصلنا، وقد أُصلِحت الآن على كسر الهمزة فقط، وعُمِل في الهامش نسخة: (أنْ يصلِّي)؛ بفتح همزة (أَنْ)، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ج): (170)، والمثبت موافق لما في حواشي الدمياطي في هامش (ق).

    [2] ما بين قوسين سقط من (ج).

    [3] ما بين قوسين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 187]

    (1/1221)

    [باب الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل]

    [ج 1 ص 187]

    قوله [1]: (وَالرَّحْلِ): هو بالحاء المهملة، معروفٌ.

    ==========

    [1] (قوله): سقط من (ب).

    (1/1222)

    [حديث: أن النبي كان يعرض راحلته فيصلي إليها]

    507# قوله: (الْمُقَدَّمِيُّ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الميم، وتشديد الدَّال مفتوحة، وأنَّه منسوب إلى مُقدَّم، اسم مفعول، وهو جدُّه، وتقدَّم بعض ترجمة (مُحَمَّد بن أَبَي بَكْرٍ).

    قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان، وهذا معروف، وليس في الكتب راوٍ اسمُه معتمرٌ سواه، فهو فرد فيها.

    قوله: (يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ): (يعرِّض)؛ بالتشديد في أصلنا، وبالتخفيف في الهامش نسخة.

    قوله: (إِذَا هَبَّتِ الرِّكَابُ): هو بفتح الهاء، وتشديد [1] المُوَحَّدة، ثمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: (معناه ههنا: ثارت من مُناخِها مرَّةً، ويأتي مرَّةً بمعنى: أسرعت، وقيَّده الأصيليُّ: «هُبَّت» على لفظ ما لم يُسَمَّ فاعله، والأوَّل أصوب، وهبَّ من نومه: استيقظ) انتهى.

    قوله: (الرَّحْلَ): هو بالحاء المهملة، معروف.

    قوله: (فَيُعَدِّلُهُ): هو بتشديد الدَّال، وهذا ظاهرٌ.

    قوله: (إِلَى آخِرَتِهِ أَوْ قَالَ: مُؤَخَّرِهِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمياطيِّ: (مُؤْخِرته)، قال الدِّمياطيُّ: («مُؤْخِرة الرَّحل»: لغة قليلة في «آخرته»، ومُؤخَّر [2] الشَّيء: نقيض مُقدَّمه، ومُؤْخِر العين: الذي يلي الصُّدغ، ومُقْدِمُها [3]: الذي يلي الأنف) انتهى، وفي «المطالع»: (مُؤْخِرة الرَّحل؛ بكسر الخاء، وسكون الهمزة، وبالوجهين أبو عبيد، وضبطه الأصيليُّ بخطِّه في «البخاريِّ»: مَوْخِرة الرَّحل؛ بفتح الميم، وسكون الواو، وكسر [4] الخاء، ورواه بعضهم: «مُؤخَّرة»، وأنكره ابن قتيبة، وقال ثابت: مُؤَخِّرة الرَّحل: مُقدِّمته، وقال ابن مكِّيٍّ: لا يقال: مُقْدِم ولا مُؤْخِر؛ بالكسر إلَّا في العين، وأمَّا في غيرها؛ فبالفتح لا غير) انتهى، ومُؤخِّرة الرَّحل: الخشبة التي تكون خلف راكب الكُور.

    ==========

    [1] في (ب): (والباء المُشدَّدة).

    [2] في (ج): (ومؤخرة).

    [3] في (ب): (ويقدمها).

    [4] (الواو وكسر): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 188]

    (1/1223)

    [باب الصلاة إلى السرير]

    (1/1224)

    [حديث عائشة: أعدلتمونا بالكلب والحمار لقد رأيتني .. ]

    508# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، ابن عبد الحميد، الضَّبِّيُّ القاضي، مشهور، له مُصنَّفات، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هو ابن المُعتمِر، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، الفقيه، تقدَّم بعضُ الكلام عليه.

    قوله: (عَنِ الأَسْوَدِ): تقدَّم أنَّه الأسود بن يزيد، النَّخعيُّ الكوفيُّ، تقدَّم.

    قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بضمِّ التاء، وهذا معروف؛ أي: رأيتُ نفسي.

    قوله: (مُضْطَجِعَةً): هو مَنْصوبٌ مُنوَّن.

    قوله: (أَنْ أُسَنِّحَهُ): هو بالسِّين والحاء المهملتين، قال ابن قُرقُول: أي: أنسلُّ من بين يديه، فأجاوزه من يمينٍ إلى يسارٍ، وقد جاء: «فأستقبله»، وفي رواية: «أن أجلس فأُؤذنه»، وقد يكون معنى «أسنح له»: أتعرَّض له في صلاته، من قولهم: سنح لي أمرٌ؛ أي: عرض، وقال النَّوويُّ: (أي: أظهر له وأعترض)، وقد اقتصر عليه.

    قوله: (فَأَنْسَلُّ [1]): هو برفع اللَّام.

    قوله: (مِنْ قِبَلِ): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (أي: أنسل من بين يديه).

    [ج 1 ص 188]

    (1/1225)

    [باب يرد المصلي من مر بين يديه]

    (1/1226)

    [حديث: إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس]

    509# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الميم، وإسكان العين، وتقدَّم أنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج، المنقريُّ الحافظ المُقعَد، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): هو أبو صالح السَّمَّان _ويأتي منسوبًا في الطَّريق الثانية_ الزَّيَّات، واسمه ذكوان، من الأئمَّة الثِّقات، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ): سيأتي في الطَّريق الثانية أنَّه الخدريُّ، وقد تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان، وأنَّ الخدريَّ بالدَّال المهملة.

    قوله: (فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ): هذا الشَّابُّ جاء في «النَّسائيِّ»: (فأراد ابن لمروان)، وهذا الابن هو داود كما نبَّه عليه ابن الجوزيِّ في «تلقيحه»، وقال النَّوويُّ في «مبهماته» عن الخطيب: (هذا المُجتَاز عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام المخزوميُّ) انتهى، ذكره في (حرف الصَّاد)؛ لأنَّ أبا صالح رواه عن أبي سعيد الخدريِّ، وكونه عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام فيه نظر، وبيانه: أنَّ عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام مخزوميٌّ، وبنو أبي مُعَيط من بني أميَّة؛ لأنَّ أبا مُعَيط اسمه أبان بن أبي عمرو ذكوان بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، والله أعلم، والظاهر أنَّهما قضيِّتان؛ قضيَّةٌ لابن مروان، وقضيَّةٌ لعبد الرَّحمن، وقد رأيت ابن شيخِنا البلقينيِّ تعقَّبه بما تعقَّبته به.

    [وقال بعض حُفَّاظ العصر: ومروان ليس هو من ولد أبي معيط، بل أبو معيط ابن عمِّ أبيه ... إلى آخر كلامه، وهو كلام صحيح، ثمَّ قال: فيجوز (أن تكون والدة داود _ أمَّه_ أمَّ أبان بنت عثمان بن عفَّان ... إلى أن قال: فيجوز أن يكون) [1] داودُ نُسِب إلى أبي مُعَيط من جهة الرَّضاعة، أو لأنَّ جدَّه لأمِّه عثمانَ كان أخا الوليدِ بنِ عقبةَ بن أبي مُعَيط مِن أمِّه، فنُسِب إليه مجازًا، والله أعلم، ثمَّ نبَّه أنَّ مَن قال: عبد الرَّحمن بن الحارث؛ غلط، فكأنَّهما واقعتان، قال: ووقع في (كتاب الصَّلاة) لأبي نُعَيم] [2]: (جاء الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط، وفيه نظر؛ لأنَّ الوليد حينئذ لم يكن شابًّا، بل كان شيخًا؛ فلعلَّه ابنه، انتهى) [3]

    قوله: (فَلْيَدْفَعْهُ): ظاهر الحديث يقتضي وجوبَ الدَّفع، لكن قال النَّوويُّ في «شرح المهذَّب» وغيرِه: (لا أعلم أحدًا من العلماء أوجبه) انتهى.

    ==========

    (1/1227)

    [1] ما بين قوسين سقط من (ب).

    [2] ما بين معقوفين سقط من (ج)، زيد في (ب): (وقد صرَّح مسلم في روايته بأنه أبو النَّضر).

    [3] ما بين قوسين سقط من (ب) و (ج).

    [ج 1 ص 188]

    (1/1228)

    [باب إثم المار بين يدي المصلي]

    (1/1229)

    [حديث: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان .. ]

    510# قوله: (عَنْ أَبِي النَّضَرِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالضَّاد المعجمة، وأنَّه لا يُلبِس [1]؛ لأنَّ [2] نصرًا _ بالمهملة_ لا يأتي بالألف واللَّام بخلاف النضر؛ بالمعجمة، فإنَّه لا يأتي إلَّا بالألف واللَّام، واسمه سالم بن أبي [3] أميَّة، تابعيٌّ، ثقة، روى عن أنس، وابن أبي أوفى كتابةً، تقدَّم بعض ترجمته، وهو مولى عمر بن عبيد الله، كما هنا.

    تنبيه: وقع في نسختي من «أطراف المِزِّيِّ» في عزو هذا الحديث: (البخاريُّ في «الصَّلاة» عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن سالم بن أبي الجعد، عن بسر ... ) إلى آخره، وفي ذلك نظر، كيف وقد صرَّح بأنَّه مولى عمر بن عبيد الله؟! فهذا ولاؤه لبني تيم مِن [4] قريش، وذاك ولاؤه لأشجع، وذاك أيضًا لا أعرف كنيته، ومولى عمر بن عبيد الله كنيته أبو النضر، وقد رواه مسلم، كما طرَّفه المِزِّيُّ عن يحيى بن يحيى عن مالك بسند البخاريِّ، وقد صرَّح مسلم في روايته بأنَّه أبو النَّضر، وعن عبد الله بن هاشم، عن وكيع، عن سفيان الثَّوريِّ، عن سالم أبي النَّضر به، وكذا قال شيخنا الشَّارح، وأبو النَّضر _يعني: المذكور في سنده _: سالم بن أبي أميَّة، تابعيٌّ ثقة، ثمَّ أرَّخ وفاته، فما في «الأطراف» غلطٌ مِن النَّاسخ، ويحتمل أن يكون مِن غيرِه، والله أعلم.

    قوله: (عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ المُوَحَّدة، ثمَّ السِّين المهملة، وتقدَّم ضبط من يقال له: بُسر؛ بالمهملة [5]، وأنَّهم ثلاثة، الثالث باختلاف فيه، والباقون: بشر؛ بالمعجمة.

    [ج 1 ص 188]

    (1/1230)

    قوله: (أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ): قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (أبو جهيم بن الحارث بن الصِّمَّة الأنصاريُّ)، وقد ذكر هذا الحديث في مسنده عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال شيخنا العلَّامة سراج الدين البلقينيُّ في «حاشيته على أطراف المِزِّيِّ» ما لفظه _ذكر [6] ذلك على [7] هذا الحديث_: ليس من رواية أبي جهيم بن الحارث بن الصِّمَّة، وإنَّما هو من رواية أبي جهيم عبد الله بن جهيم [8]، كذلك رواه السُّفيانان، وعلى هذا؛ فأبو جُهَيم في الأنصار اثنان؛ أحدهما: عبد الله بن جُهيم، وحديثه في (المرور بين يدي المصلِّي)، والثَّاني: أبو الجهيم بن الحارث بن الصِّمَّة، وحديثه في (التَّيمُّم)، وهو الثَّاني الذي أورده المُصنِّف _يعني: المِزِّي_ ولم يقل من رواة الأوَّل: (عن أبي الجهيم بن الحارث بن الصِّمَّة)، وقالوه في الثاني بلا خلاف، ولم يذكروا في نسبه أنَّه عبد الله [9] بن جهيم بن الحارث بن الصِّمَّة، وممَّن ذكرهما اثنين [10] ابنُ عبد البرِّ، وممَّن ذكرهما واحدًا [11] أبو نعيم، وابنُ منده، وعبد الغنيِّ في «العمدة»، والأظهر أنَّهما اثنان، انتهى لفظه.

    وقد رأيت كلام شيخنا الشَّارح، فقال ما لفظه: (أبو جهيم اسمه عبد الله بن جهيم، وفرَّق أبو عمر بينه وبين أبي جهيم بن الحارث بن الصِّمَّة، وقال غيره: إنَّهما واحد) انتهى، وقال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (الجهيم، ويقال: أبو الجهم، فذكر ابن الحارث بن الصِّمَّة، ثمَّ ذكر أبو جهيم عبد الله بن جهيم، جعله وابنَ الصِّمَّة واحدًا أبو نعيم، وكذا قاله مسلم في بعض كتبه، وجعلهما ابنُ عبد البرِّ اثنين، وهو أشبه، لكنَّ متنَ الحديث واحدٌ) انتهى، وقد رأيت كلام أبي عمر، فجعلهما اثنين، وجعل حديث المارِّ في ترجمة عبد الله بن جهيم بالسَّند الذي ساقه البخاريُّ، فقال: رواه مالك عن أبي النَّضر به، والظَّاهر ما عمله أبو عمر، والله أعلم.

    قوله: (مَاذَا عَلَيْهِ): كذا في أصلنا، وكان فيه (من الإثم)، فضُرِب عليها، وعُمِل عليها علامة راويها، وهذه العلامة حادثة، والقديم الضَّرب فقط، قال شيخنا الشَّارح: (وهو ثابت؛ يعني: من الإثم في بعض روايات أبي ذرٍّ عن أبي [12] الهيثم، وعلى إثباتها مشى مغلطاي، وأمَّا قطب الدِّين الحلبيُّ؛ فقال: قوله: «ماذا عليه»؛ يعني: من الإثم) انتهى.

    (1/1231)

    قوله: (لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا): مَنْصوبٌ على الخبر لـ (كان)، وفي بعض النُّسخ: (خيرٌ) على أنَّه الاسم، والله أعلم.

    قوله: (قَالَ أَبُو النَّضْرِ): تقدَّم أنَّه سالم بن أبي أميَّة بمقلوبها، وتقدَّم ما وقع في «أطراف المِزِّيِّ».

    قوله: (أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً): قال شيخنا: (روى البزَّار: «أربعين خريفًا») انتهى، وكذا أفادنيه قبل ذلك بعضُ أصحابنا، وهذا يعيِّن [13] ما شكَّ فيه أبو النضر ما هو، قال شيخنا الشَّارح: (وفي «ابن أبي شيبة»، و «صحيح ابن حِبَّان»: مئة عام [14] من حديث أبي هريرة) انتهى، وفي «ابن ماجه» أيضًا من حديثه: (كان [15] لأن يقيم [16] مئة عام؛ خيرٌ له من الخطوة التي خطاها).

    ==========

    [1] قوله: (وأنه لا يلبس): سقط من (ج).

    [2] في (أ): (لا)، وهو تحريف.

    [3] (أبي): سقط من (ب).

    [4] (لبني تيم من): سقط من (ب).

    [5] في (ب): (بضمِّ المهملة).

    [6] في (ب): (دل)، وهو تحريف.

    [7] زيد في (ب): (أن).

    [8] في (ج): (جهم)، وكلاهما صحيح.

    [9] في (ج): (الرَّحمن).

    [10] في النسخ: (اثنان)، وكتب فوقها في (أ): كذا، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    [11] في النسخ: (واحد)، وكتب فوقها في (أ): كذا، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    [12] (أبي): سقط من (ب).

    [13] في (ب): (يقين)، وفي (ج): (بعض).

    [14] (عام): سقط من (ج).

    [15] في النُّسخ: (لكان)، والمثبت موافق لما في «سنن ابن ماجه».

    [16] في (ج): (يقم)، وهو تحريف.

    (1/1232)

    [باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي]

    قوله: (بَابُ اسْتِقْبَالِ الرَّجُلِ وَهُو يُصَلِّي): اعلم أنَّ مذهب الشَّافعيِّ والجمهور: كراهةُ استقبال المصلِّي وجه غيرِه، ونقله [1] القاضي عياض عن جمهور العلماء، وهنا ما [2] قد رأيتَه، قال ابن المُنَيِّر: (التَّرجمة لا تطابق حديث عائشة رضي الله عنها، لكنَّ حديثها يدلُّ على المقصود بطريق الأَوْلى، وإن لم يكن فيه تصريحٌ بأنَّها كانت مُستقبِلة، فلعلَّها كانت مُنحرِفة أو مُستدبِرة، لكنَّ الجلوسَ في مثله كالاستقبال) انتهى، وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث: (كاعتراض الجنازة)، وقد سبقت في (باب الصَّلاة على الفراش)، (واعتراضُ الجنازة لا يكون مُنحرِفًا، والجنازة إذا [3] كانت معترضة؛ تكون على قفاها، ووجهها إلى العلوِّ، وقد ورد [4] النظر إلى موضع السجود في الصَّلاة، فالنَّاظر إذن ناظرٌ إلى وجهها حقيقةً، فهو مُستقبِلٌ حقيقةً في بعض الصَّلاة، فيكفي في ذلك بعضَ الصُّور [5]، ولاسيَّما وكلاهما على السَّرير)، قاله شيخنا الشَّارح، انتهى.

    قوله: (إِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَقْطَعُ صَلاَةَ الرَّجُلِ): هو بكسر همزة [6] (إنَّ) المُشدَّدة؛ لأنَّها ابتدائيَّة، قال ابن قُرقُول: («إنَّ الرجل لا يقطع صلاة الرجل»؛ [بالكسر على ابتداء كلام، و «ما باليت» جوابٌ لما قبله، ولا يجوز الفتح؛ لأنَّه يُفسِد المعنى، فيكون التقدير: ما باليت بقطع الرجلِ صلاةَ الرجل] [7]، ففيه إثبات القطع، وعدم المبالاة به، وهو خلاف الشرع) انتهى.

    (1/1233)

    [حديث: قد جعلتمونا كلابًا؟! لقد رأيت النبي يصلي .. ]

    511# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ الإمام.

    قوله: (عَنْ مُسْلِمٍ): كذا في الأصل، وفي الطُّرَّة نسخة: (يعني: ابن صُبيح) انتهى، وهو _كما في الطُّرَّة_ مسلم بن صبيح؛ بضمِّ الصاد المهملة، تصغير (صُبح)، وهو أبو الضُّحى.

    قوله: (ذُكِرَ عِنْدَهَا): (ذُكِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قوله: (فَأَنْسَلُّ): هو برفع اللَّام من (أنسلُّ)، وكذا في أصلنا، وهو بفتح الهمزة؛ همزةِ المتكلِّم.

    قوله: (وَعَنِ الأَعْمَشِ ... ) إلى آخره: هو معطوف على السَّند قبله، وليس تعليقًا، وقد رواه البخاريُّ [1] عن إسماعيل بن خليل _شيخه المذكور في الحديث قبله_ عن عليِّ بن مُسهِر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها نحوَه، و (نَحْوَهُ): مَنْصوبٌ مفعول [2].

    (1/1234)

    [باب الصلاة خلف النائم]

    (1/1235)

    [حديث: كان النبي يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه]

    512# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان، الإمام، مُحَدِّث العصر، تقدَّم بعض ترجمته، وإنَّما ميَّزته [1]؛ لأنَّ جماعة كلٌّ منهم يُسمَّى يحيى، يروي عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ وهم: المُشارُ إليه القطَّانُ، ويحيى بن زكريَّا بن أبي زائدة، ويحيى بن أبي [2] زكريَّا أبو مروان الغسَّانيُّ الواسطيُّ، ويحيى بن سعيد الأمويُّ، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن مُحَمَّد بن قيس أبو زُكَير، ويحيى بن يمان، فهؤلاء كلُّ واحدٍ منهم روى عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة في الكتب السِّتَّة أو بعضِها، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (ميز به).

    [2] (أبي): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 189]

    (1/1236)

    [باب التطوع خلف المرأة]

    (1/1237)

    [حديث: قالت كنت أنام بين يدي رسول الله ورجلاي في قبلته]

    513# قوله: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ): تقدَّم الكلام عليه في آخرِ ظاهرِ هذه، وأنَّه سالم بن أبي أميَّة.

    قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تقدَّم مرارًا أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله، أو إسماعيل؛ قولان، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (غَمَزَنِي)؛ أي: طعن بإصبعه فيَّ؛ لأ قبض رجليَّ مِن قبلته، تقدَّم بما فيه، وكلام ابن وضَّاح قبل هذا.

    ==========

    [ج 1 ص 189]

    (1/1238)

    [باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء]

    (1/1239)

    [حديث: شبهتمونا بالحمر والكلاب والله لقد رأيت النبي]

    514# قوله: (حَدَّثَنا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بْنِ غَيَّاثٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ غياثًا؛ بالغين المعجمة المكسورة، وبعد الألف ثاءٌ مُثلَّثةٌ.

    قوله: (حَدَّثنا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا كثيرة [1] أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ.

    قوله: (حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنِ الأَسْوَدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ الكوفيُّ.

    قوله: (قَالَ الأَعْمَشُ: وحَدَّثَنِي مُسلمٌ عَن مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، وليس هو تعليقًا، وإنَّما رواه عن عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة.

    و (مسلم): هو ابن صُبيح، أبو الضُّحى، تقدَّم بعض ترجمته، والله أعلم، وقال الدِّمياطيُّ هنا تجاه (مسلم): (ابن صبيح [2]، وليس بمسلم البطين، [وقد روى عنهما الأعمشُ؛ لأنَّ البطين] [3] لم يرو عن مسروق شيئًا، وإنَّما روى عن سعيد بن جبير) انتهى.

    [ج 1 ص 189]

    قوله: (فَتَبْدُو): (بَدَا)؛ غير مهموز: ظهر، (تبدو): تظهر.

    ==========

    [1] (كثيرة): سقط من (ب).

    [2] في (ج): (صفيح)، وهو تحريف.

    [3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    (1/1240)

    [حديث: لقد كان رسول الله يقوم فيصلي من الليل]

    515# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ [1]: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): كذا في الأصل، وفي نسخة: (إسحاق بن إبراهيم)، وعلى (ابن إبراهيم) علامة راويها، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (حدَّثنا إسحاق) غير منسوب، (إسحاق) هذا: هو ابن إبراهيم، كما في النُّسخة، وهو الكوسج، وقد صرَّح بذلك أبو نعيم، قاله شيخنا الشَّارح، وقال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاري_ في «الصَّلاة» في موضعين ... ) إلى آخر كلامه، وقد ذكرته فيما مضى؛ فانظره، وحاصله: أنَّ ابن السَّكن نسبه في بعض المواضع التي عدَّدها الجيَّانيُّ: إسحاق بن إبراهيم؛ يعني: ابن راهويه، وقد أتى إسحاق هذا منسوبًا من رواية الأصيليِّ، وابن السَّكن في (الحجِّ) في موضعين في (باب الفتيا على الدَّابَّة): (إسحاق بن منصور)، وفي (باب حجِّ الصُّبيان) نسبه الأصيليُّ في هذا الموضع: (إسحاق بن منصور)، وذكر أبو نصر: أن ابن منصور وابن إبراهيم يرويان عن يعقوب هذا؛ وهو ابن إبراهيم بن سعد الزُّهريُّ، انتهى.

    قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): قال الدِّمياطيُّ: (أبو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، قتله غلمانه بأمر ابنه؛ قتله للميراث في آخر خلافة أبي جعفر، ثمَّ وثب غلمانه عليه بعد سنين [2] فقتلوه، وعمُّه أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم) انتهى، فقوله: (في آخر خلافة أبي جعفر)؛ يعني: المنصور في سنة (152 هـ)، والله أعلم.

    قوله: (أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّهُ): (عمُّه): تقدَّم أعلاه أنَّه أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم [3]، وهو الزُّهريُّ، الإمام المشهور.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة»: (قَالَ).

    [2] في (ج): (سنتين).

    [3] زيد في (ب): (بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب).

    [ج 1 ص 190]

    (1/1241)

    [باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة]

    (1/1242)

    [حديث: كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله]

    516# قوله: (عَنْ عَمْرِو [1] بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ): (سُلَيم)؛ بضمِّ السِّين، وفتح اللام، و (الزُرَقيُّ)؛ بضمِّ الزاي، وفتح الرَّاء المخفَّفة، ثمَّ قاف، ثمَّ ياء النسبة، وكلُّه معروف عند أهله.

    قوله: (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ): تقدَّم أنَّه فارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: النُّعمان أو عمرو، تقدَّم [2] بعض ترجمته.

    قوله [3]: (وَهْوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ؛ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم): (أمامة): هذه هي بنت أبي العاصي بن الربيع، واسم والدها لقيط، وقيل: مِهْشَم [4]، وقيل: ياسر، وقيل: هاشم، وقيل: هُشَيم، وقيل: القاسم، وقيل: مِقْسَم [5] بن الربيع _على الصَّواب_ ابن عبد العزَّى بن عبد مناف، القرشيَّة العبشميَّة، أمُّها زينب بنتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كان عليه الصَّلاة والسَّلام يحبُّها، وحملها في الصَّلاة، تزوَّجها عليٌّ رضي الله عنه بعد وفاة فاطمة، وكانت فاطمة رضي الله عنها أوصته بذلك، ثمَّ تزوَّجها بعد عليٍّ رضي الله عنه المغيرةُ بن نوفل بن الحارث بن عبد المطَّلب بن هاشم، فولدت له يحيى، وبه كان يُكنَى، وماتت عند المغيرة، وقيل: إنَّه لم تلد لعليٍّ، ولا للمغيرة، والمغيرة هذا له رؤية، وكان من أنصار عليٍّ رضي الله عنهما، وله جماعةُ إخوةٍ، وقد ترجمه أبو عمر في «استيعابه»، وكان قد بذل معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب لأُمامة هذه بعد أن حلَّت من عليٍّ مئةَ ألف دينار على أن تتزوَّج به، فلم تفعل، وليس لزينب بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا لرقيَّة، ولا لأمِّ كلثوم رضي الله عنهنَّ [6] عقبٌ، وإنَّما العَقِب لفاطمة رضي الله عنها.

    (1/1243)

    قوله: (وَلأَبِي الْعَاصِي بْنِ رَبيِعَةَ): قال الدِّمياطيُّ: (صوابه: أبو العاصي بن الربيع بن عبد العزَّى بن عبد شمس بن عبد مناف، وربيعة بن عبد العزَّى عمُّ أبي العاصي، وأمُّ أبي العاصي هالةُ بنت خويلد أختُ خديجة لأبويها) انتهى، وقال ابن قُرقُول: (وفي «المُوطَّأ»: «ولأبي العاصي بن ربيعة بن عبد شمس»، كذا ليحيى، وابن أبي بكير، وابن قعنب، وابن يوسف، وكذا للتِّنِّيسيِّ في «البخاريِّ»، ولغير يحيى ومَن ذكرناه: «ابن ربيع»؛ بغير هاء، وكذا لابن وضَّاح، ولابن عبد البرِّ، وهو الصَّواب، واسم أبيه الربيع؛ بلا شك، غير أنَّ الأصيليَّ قال: إنَّ النَّسَّابين يقولون: هو أبو العاصي بن ربيع بن [7] ربيعة، فمن نسبه إلى جدِّه؛ قال: ابن ربيعة، قال أبو الفضل: وهذا غير معروف، بل لا أعلم مَن نسبه كذلك، واسم أبي العاصي لقيط، وقيل: القاسم، وقيل: مِقْسَم، وقيل: مِهْشم) انتهى.

    فائدة: إن قيل: في أيِّ صلاة حملها؟ فالجواب: أنَّه كان في صلاة الظُّهر أو العصر، كذا بالشَّكِّ في بعض طرق هذا الحديث، وقد روى الزُّبير بن بكَّار في كتاب «النَّسب» _كما قاله محبُّ الدين الطَّبريُّ_: (أنَّ ذلك كان في صلاة الصُّبح) انتهى، وقال السُّهيليُّ في غزوة بدر من «الرَّوض»: في خبر أبي رافع قال عمرو بن سُلَيم: (كانت صلاة الصُّبح)، كذا رواه ابن جريج، عن أبي [8] عتَّاب، عن عمرو بن سُلَيم، ورواه ابن إسحاق في غير «السِّيرة» عن المقبريِّ، عن عمرو بن سُلَيم، فقال فيه: (إحدى صلاتي العشيِّ؛ الظهر أو العصر) انتهى، وقد رأيت بخطِّ شيخنا الإمام أبي جعفر الغرناطيِّ [9] على حاشية نسخته بـ «البخاريِّ»: (أنَّ حمْلَها كان في صلاة الصُّبح، وأنَّ ذلك في «الصَّحيحين»، قال: وفيه ردٌّ على مالك؛ حيث قال: كان ذلك في النافلة) انتهى، ويُحرَّر ما قاله عن «الصَّحيحين»، فإنِّي لم أرَه فيهما، والله أعلم.

    (1/1244)

    [باب إذا صلى إلى فراش فيه حائض]

    (1/1245)

    [حديث: كان فراشي حيال مصلى النبي فربما وقع ثوبه عليَّ]

    517# قوله: (أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ): هو ابن بشير، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنِ الشَّيْبَانِيِّ): هو بالشين المعجمة، وتأتي في الطريق التي تلي هذه: (الشَّيبانيُّ سليمانُ)، وهو سليمان [1] بن فيروز، أبو إسحاق، الشيبانيُّ الكوفيُّ الحافظ، تقدَّم [2] بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِي [3]): هو في أصلنا بغير ياء، وقد تقدَّم أنَّ النَّوويَّ قال: (إنَّ الصَّحيحَ في «العاصي» و «ابن الهادي» و «ابن أبي الموالي» و «ابن اليماني» إثباتُ الياء)، قال الدِّمياطيُّ: (أمُّه سلمى بنت عُمَيس خلف عليها شدَّادُ بعد حمزةَ، وهي أخت ميمونة ولبابة لأمِّهما) انتهى، وسلمى هذه صحابيَّة، ولدت لشدَّاد بن الهادي عبدَ الله وعبدَ الرَّحمن، وأختُها أسماءُ بنت عميس زوجة جعفر بيقينٍ، وباقي نسب سلمى انظره في كتب الأسماء، فإنَّ في نسب أسماء اختلافًا فيه ليس هذا موضعه.

    قوله: (حِيَالَ): هو بكسر الحاء المهملة، ثمَّ مُثَنَّاةٍ تحتُ مخفَّفةٍ؛ أي: قُبالة، وحياله: تِلقاء وجهه، وهو من ذوات الواو انقلبت ياءً؛ من أجل الكسرة.

    ==========

    [1] (وهو سليمان): سقط من (ب).

    [2] زيد في (ب): (ذكره و).

    [3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الهاد)؛ بغير ياء.

    [ج 1 ص 190]

    (1/1246)

    [حديث: كان النبي يصلي وأنا إلى جنبه نائمة]

    518# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وتقدَّم بعض ترجمته، ومَن لقَّبه بذلك، وما معنى هذا اللَّقب.

    قوله: (حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن فيروز، الحافظ، وتقدَّم قبل ذلك بعض ترجمته.

    ==========

    [ج 1 ص 190]

    (1/1247)

    [باب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد؟]

    (1/1248)

    [حديث: بئسما عدلتمونا بالكلب والحمار!]

    519# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان، حافظ العصر، تقدَّم بعض ترجمته، ومنها: أنَّ أحمد قال: (لم ترَ عيناي مثلَ يحيى بن سعيد القطَّان).

    قوله: (حَدَّثَنَا [1] عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ، الفقيه المدنيُّ الثَّبْتُ، تقدَّم بعض ترجمته، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ جماعة يروون عن القاسم عن عائشة، وكلُّهم اسمه عبيد الله؛ وهم: صاحب التَّرجمة المُشار إليه، وعبيدُ الله بن أبي زياد القدَّاح المكِّيُّ، وعبيد الله بن عبد الرَّحمن بن مَوهب القرشيُّ التَّيميُّ، وعبيد الله بن مِقْسَم، والله أعلم.

    قوله: (حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ): هو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه، أحد الفقهاء السبعة، رحمة الله عليه وعليهم.

    قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُنِي): هو بضمِّ التَّاء، وهذا ظاهرٌ، لكن [2] لا يضرُّ التَّنبيهُ عليه، وقد تقدَّم؛ ومعناه: رأيتُ نفسي [3].

    [ج 1 ص 190]

    قوله: (غَمَزَ رِجْلَيَّ): أي: طعن بإصبعه فيَّ؛ لأ قبض رجليَّ، وتقدَّم مرَّات بهذه.

    (1/1249)

    [باب المرأة تطرح عن المصلى شيئًا من الأذى]

    قوله: (بَابُ الْمَرْأَةِ تَطْرَحُ ... ) إلى آخر التَّرجمة: (باب): مَرْفوعٌ غير منوَّن، و (المرأة): مضاف، ويجوز تنوين (باب) مرفوعًا، و (المرأة) بعده مرفوعة.

    ==========

    [ج 1 ص 191]

    (1/1250)

    [حديث: اللهم عليك بقريش اللهم عليك بقريش]

    520# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخةٌ، وعليها علامة راويها، وهي: (السُّوْرَماريُّ)، وهذه النِّسبة في أصلنا بضمِّ السِّين المهملة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ راء مفتوحة بالقلم، وبعد الألف راء، وقد ذكره أبو عليٍّ الغسَّانيُّ، فقال [1]: (بفتح السِّين)؛ يعني: المهملة؛ لأنَّه ذكره فيها، قال: (وسكون الرَّاء، أحمد بن إسحاق السُّرْمَاريُّ، ثمَّ البخاريُّ، هكذا ضبطه [2] الأصيليُّ، وقال: يُنسَب إلى قرية تُدعى سَرْمارَي؛ بفتح السِّين، وسكون الرَّاء، وفتح الرَّاء الثانية، ويقال: بكسر السِّين، وهو شيخ البخاريِّ، يروي عن عبيد الله بن موسى، وعثمان بن عمر، ويعلى بن عبيد، وعمرو بن عاصم) انتهى، وقد رأيته في نسخة أخرى صحيحة: مُثلَّث السِّين بالقلم، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: بفتح السِّين المهملة بالقلم، وكما ضبطه الأصيليُّ قرأتُه على شيخنا العراقيِّ في الكتاب الذي ابتدأ فيه «مختصر تهذيب الكمال» عمل فيه يسيرًا، وقد قرأتُ ما عليه فيه إلَّا يسيرًا جدًّا، قال فيه: (وسُرمارة: من قرى بخارى)، انتهى، ثمَّ اعلم أنَّ هذا الرَّجل ممَّن [3] يُضرَب بشجاعته المثلُ، قَتَل ألفًا من التُّرك، سمع يعلى بن عبيد وطبقته، وعنه: البخاريُّ وأهل بلده، وثَّقه ابن حِبَّان، تُوُفِّيَ سنة (242 هـ).

    قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): هو إسرائيل بن يونس بن [4] أبي إسحاق السَّبيعيِّ، تقدَّم بعض ترجمته.

    [قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): هو أبو إسحاق السَّبيعيُّ، عمرو بن عبد الله، تقدَّم بعض ترجمته] [5].

    قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم أنَّه ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، أحد السَّابقين الأوَّلين رضي الله عنه.

    قوله: (إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ) [6]: تقدَّم في (باب إذا أُلقِيَ على ظهر المصلِّي قذرٌ أو جيفةٌ؛ لم تفسُد عليه الصَّلاة) في (الطَّهارة) أنَّه أبو جهل، كما صرَّح به مسلمٌ.

    قوله: (فَيَعْمِدُ): تقدَّم أنَّه بكسر الميم في المضارع، وفتحها في الماضي، عكس (صعِد)، وإنِّي رأيت في حاشية: أنَّه بفتح الميم في الماضي، وفتحها في المضارع، ونُقِل ذلك عن (اللَّبْليِّ في «شرح الفصيح») [7].

    قوله: (إِلَى فَرْثِهَا): (الفرث): ما في الكرِش.

    قوله: (وَسَلاَهَا): تقدَّم الكلام عليه في (الطَّهارة).

    (1/1251)

    قوله: (فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ): تقدَّم أنَّه عقبة بن أبي مُعَيط، وأنَّه كذلك في «البخاريِّ» و «مسلم»، وتقدَّم ما قاله الدَّاوديُّ في (الطَّهارة).

    قوله: (فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ): هذا المُنطَلِق لا أعرف اسمَه.

    قوله: (بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ): هذا هو أبو جهل كافرٌ، فرعون هذه الأمَّة، قُتِل ببدر، تقدَّم.

    قوله: (وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ): كافرٌ معروفٌ، قُتِل ببدر، تقدَّم.

    قوله: (وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ): كافرٌ معروفٌ، قُتِل ببدر، تقدَّم.

    قوله: (وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ): كافر معروف، قُتِل ببدر، تقدَّم.

    قوله: (وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ): كافر مشهور، قُتِل ببدر، تقدَّم.

    قوله: (وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ): كافر معروف، أُسِر ببدر، وحُمِل إلى مضيق الصفراء، فقُتِل صبرًا به.

    قوله: (وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ): هذا ذهب إلى الحبشة، ونُفِخ في إحليله سحر، فهام مع الوحش، وهلك في زمن عمر على كفره، وهو بضمِّ العين، وتخفيف الميم.

    قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى): تقدَّم أنَّ هذا فيه مجازٌ، وإنَّما رأى معظمهم، في (الطَّهارة).

    قوله: (ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ): تقدَّم أنَّ فيه مجازًا؛ لأنَّ أميَّة لم يُلقَ، وتقدَّم ماذا صنعوا به، في (الطهارة)، وعقبةُ حُمِل أسيرًا إلى مضيق الصفراء، فقُتِل به صبرًا، وعمارة هلك على كفره بالحبشة؛ فانظر ذلك من (الطَّهارة)، وتقدَّم فيه ما (القليب).

    قوله: (وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ): (أُتبِع): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (أصحاب): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل، [وفي نسخة: (وأَتْبِعْ): فعلُ أمر، و (أصحابَ): مَنْصوبٌ مفعول] [8].

    قوله: (لَعْنَةً): هو مَنْصوبٌ مُنوَّن، وهذا ظاهرٌ.

    ==========

    [1] زيد في (ج): (ما لفظه).

    [2] زيد في (ج): (أبو مُحَمَّد).

    [3] في (ج): (مما)، وليس بصحيح.

    [4] (بن): سقط من (ب).

    [5] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [6] زيد في (ج): (ثقة)، وليس بصحيح.

    [7] ما بين قوسين: بياض في (ج).

    [8] ما بين معقوفين جاء في النُّسخ لاحقًا بعد قوله: (منوَّن، وهذا ظاهر)، وجاء في (أ) مستدركًا، ولعلَّ الصواب موضعه هنا.

    [ج 1 ص 191]

    (1/1252)

    ((9)) (كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلاة) [1] ... إلى (باب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ)

    قوله: (وَقَّتَهُ عَلَيْهِمْ): عن السَّفاقسيِّ _وهو ابن التِّين_ رُوِّيناه بالتَّشديد، وهو في اللُّغة: بالتخفيف؛ بدليل قوله: {مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، ولو كان مُشدَّدًا؛ لكان مُوَقَّتًا، انتهى.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (البسملة و «كتاب مواقيت الصَّلاة»: ليس في الأصل، وهي في الأصل بعد «كتاب»، وعليها ميم ميم).

    [ج 1 ص 191]

    (1/1253)

    [حديث: مواقيت الصلاة وفضلها]

    521# 522# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور الفَرد.

    قوله: (فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ): اسمه عقبة بن عمرو، وهو أحدث مَن شهد العقبة، ولم يشهد بدرًا على الصَّحيح، وسيأتي الكلام في «البخاريِّ»؛ حيث عدَّه فيهم، وأتعقَّب ذلك مع غيره _إن شاء الله تعالى وقدَّره_ في (غزوة بدر)، وهو صحابيٌّ جليلٌ، أخرج له أحمد، والجماعة السِّتَّة، وترجمته مشهورة، تُوُفِّيَ بُعَيد عليٍّ رضي الله عنهما.

    قوله: (قَدْ عَلِمْتَ): هو بفتح التَّاء على الخطاب.

    [قوله: (بِهَذَا أُمِرْت): هو بفتح التَّاء على الخطاب] [1]، وضمِّها على التَّكلُّم، وهو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قوله: (أَوَإِنَّ جِبْرِيلَ): (أوَ)؛ بفتح الواو؛ لأنَّه استفهام، وقد تقدَّم متى تُفتَح الواو، ومتى تُسكَّن فيما تقدَّم، وأمَّا (إنَّ)؛ فبالكسر، ويجوز فتحُها، قال في «المطالع»: (أوَأنَّ جبريل) ضبطناه بالفتح والكسر؛ الوجهين معًا، والكسر أوجه؛ لأنَّه استفهام مُستأنَف عن الحديث إلَّا أنَّه جاء بالواو؛ ليردَّ الكلام على كلام عروة؛ لأنَّها من حروف الرَّدِّ، ويجوز الفتح على تقدير: أوَعلمتُ أنَّ جبريل، أو حُدِّثتُ؛ ونحوُ هذا من التَّقدير، انتهى وكذا قاله غيرُه.

    قوله: (بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ): (بشير): هو بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المعجمة، وهو بشير بن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاريُّ، يروي عن أبيه،

    [ج 1 ص 191]

    وعنه: ابنه عبد الرَّحمن، وعروة، ويونس بن ميسرة، وغيرُهم، قُتِل قبل وقعة الحرَّة، والحرَّةُ سنة ثلاث وستِّين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه [2]، قال الذَّهبيُّ في ترجمة بَشِير في «تجريده»: (أدرك النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صغيرًا، ولأبيه صحبةٌ، وشهد صفِّين ... ) إلى آخر كلامه، وقال العلائيُّ في «المراسيل»: (قال ابن عبد البرِّ: رأى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قلت: معدود عندهم من التَّابعين) انتهى، وقد رأيتُ ما قاله عن ابن عبد البرِّ في «استيعابه».

    (1/1254)

    قوله: (قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السند قبله؛ وتقديره: وحدَّثنا [3] عبد الله بن مسلمة قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عروة، قال: ولقد حدَّثتني عائشة ... إلى آخره، وليس تعليقًا؛ فاعلمْه، واحذر مِن أَن تعتقدَه تعليقًا، والله أعلم.

    قوله: (وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ): الظاهر أنَّ جدار الحجرة المشرَّفة كان جانبُه الشَّرقيُّ أطولَ من الجانب الغربيِّ، حتَّى يكون العصر فيه [4] الشَّمسُ [5] كذلك، والله أعلم.

    (1/1255)

    [باب: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين}]

    (1/1256)

    [حديث: آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع الإيمان بالله]

    523# قوله: (عَنْ أَبِي جَمْرَةَ): تقدَّم أنَّه بالجيم، وأنَّه فرد في الكتب السِّتَّة في الرُّواة، واسمه نصر بن عمران الضُّبعيُّ، وقد قدَّمتُ بعض ترجمته.

    قوله: (قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ): تقدَّم الكلام على أسماء مَن وقفتُ عليه أنَّه منهم فيما مضى، ومتى قَدِموا، وأنَّهم كانوا أربعةَ عشرَ، ويقال: إنَّهم كانوا أربعين، في (الإيمان).

    قوله: (إِنَّا [1] هَذَا الْحَيَّ): هو مَرْفوعٌ في أصلنا، وقد طرأ عليه الآن النَّصبُ ليس غير، وقد نصَّ النَّوويُّ على أنَّه مَنْصوبٌ على الاختصاص، و (من ربيعةَ) الخبرُ، والله أعلم.

    قوله: (مِنْ رَبِيعَةَ): تقدَّم في (كتاب الإيمان) الكلامُ عليه.

    قوله: (آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ): تقدَّم ما فيه في الكتاب المُشَار إليه أعلاه.

    قوله: (شَهَادَةُ): وكذا المعدود بعده يجوز فيه الرَّفعُ، والجرُّ على البدل أحسنُ.

    قوله: (عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُقَيَّرِ): تقدَّم الكلام على الأربعة في الكتاب المُشار إليه أعلاه، وأنَّه منسوخ، على قول الجمهور، ومَن قال بعدم النَّسخ.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخ، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر وأبي الوقت، وزيد في رواية «اليونينيَّة» وهامش (ق): (من).

    [ج 1 ص 192]

    (1/1257)

    [باب البيعة على إقامة الصلاة]

    (1/1258)

    [حديث: بايعت رسول الله على إقام الصلاة.]

    524# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، الإمامُ، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو إسماعيل بن أبي خالد، الكوفيُّ، عن ابن [1] أبي أوفى، وأبي جحيفة، وقيس، وعنه: شعبة وعبيد الله، حافظٌ إمامٌ، وكان طحَّانًا، تُوُفِّيَ في سنة) 146 هـ)، أخرج له الجماعة، قال العجليُّ: (تابعيٌّ ثقةٌ رجلٌ صالحٌ).

    ==========

    [1] (ابن): سقط من (ج).

    [ج 1 ص 192]

    (1/1259)

    [باب الصلاة كفارة]

    (1/1260)

    [حديث: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة]

    525# قوله: (حَدَّثَنا يَحيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان، تقدَّم مرارًا، مُحَدِّثُ العصر.

    قوله: (عَنْ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ المشهور.

    قوله: (حَدَّثَنِي شَقِيقٌ): هو أبو وائل، شقيق بن سلمة السُلميُّ، الكوفيُّ، سمع عمر ومعاذًا، وعنه: منصور والأعمش، وقال: أدركت سبع سنين من سنيِّ الجاهليَّة، وكان من العلماء العاملين، تُوُفِّيَ سنة (82 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد منه [1].

    قوله: (لَجَرِيءٌ): هو مهموز الآخر، وهذا ظاهرٌ.

    قوله: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ): يصدقه قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]؛ والمعنى في ذلك: أن يأتي مِن أجلهم ما لا يحلُّ له مِن القول والعمل ما لم يبلغ كبيرةً.

    قوله: (وَجَارِهِ): المراد بفتنته بجاره وأهله: ما يعرضُ له معهم [2] من شرٍّ، أو حزن [3]، أو ترك حقٍّ، وشبه ذلك.

    قوله: (إِذَنْ [4] لاَ يُغْلَقَ): (يُغلقَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله مَنْصوبٌ بـ (إذن)، وقد طرأ عليه الرَّفعُ أيضًا في أصلنا، وهو جائز؛ بل أَجوَز من النَّصب، قال الله تعالى: {وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 76]، وقد [5] قُرِئ شاذًا بالنَّصب، والله أعلم.

    قوله: (قُلْنَا: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ): إنَّما علم عمر الباب؛ لأنَّه كان مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على حراء، ومعه أبو بكر وعثمان، فرجف بهم، فقال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «اثبُتْ حراءُ، فإنَّما عليك نبيٌّ أو صديقٌّ، أو شهيد [6]»، وفُهِم ذلك من قول حذيفة حين قال: بل يُكسَر الباب، ويدلُّ عليه أيضًا قوله: (إذًا لا يُغلق)؛ لأنَّ الغلق إنَّما يكون في الصَّحيح.

    قوله: (لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ): هو جمع (أغلوطة): وهو ما يخلط فيه؛ أي: ليس فيه كذب، ولا وهم، وقال شيخنا: (قال الدَّاوديُّ: «ليس بالأغاليط»؛ أي: ليس بالصَّغير الأمر، واليسير الرزيَّة).

    (1/1261)

    قوله: (فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ): قائل هذا هو أبو وائل شقيق المذكور في السند، وجاء في رواية: (قال أبو وائل: فقلت لمسروق: سلْ حذيفة عن الباب، فقال: عمر رضي الله عنه)، (الذي يظهر أنَّ الباب عثمانُ رضي الله عنه؛ لأنَّ بعهده انفتحتِ الفتن، والله أعلم) [7].

    ==========

    [1] في (ب): (به).

    [2] (له): سقط من (ب).

    [3] في (ب): (جزل).

    [4] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (إذًا).

    [5] (وقد): سقط من (ب).

    [6] في النُّسخ: (وشهيدان).

    [7] ما بين قوسين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 192]

    (1/1262)

    [حديث: أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي فأخبره]

    526# قوله: (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ): قال الدِّمياطيُّ: (عبد الرَّحمن بن مَلِّ [1] بن عمرو بن عديٍّ، أسلم في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأدَّى إليه الصدقة، وما رآه، ولا أبا بكر) انتهى، و (ملٌّ) والد أبي عثمان: بضمِّ الميم وكسرها، وتشديد اللَّام معهما، قاله الجيَّانيُّ، وأمَّا النَّوويُّ؛ فقيَّد الميم بالحركات الثَّلاث، ثمَّ قال: (ويقال: بكسر الميم، وسكون اللَّام، وبعدها همزة) انتهى، أسلم أبو عثمان في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، وصدَّق إليه، ترجمته معروفة، فلا نُطوِّل بها، وهو ثقة، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، تُوُفِّيَ سنة (95 هـ)، وقيل: سنة (100 هـ)، وقيل: بعد المئة، أخرج له الجماعة، ونَهْد قبيلتُه: بفتح النُّون، وإسكان الهاء، وبالدَّال المهملة؛ بطن من قضاعة.

    فائدة: أبو عثمان هذا مُخضرَم، وقد ذكرتهم في مُؤلَّف مُفرَد، فإن أردته؛ فسارع إليه.

    قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً): هذا الرَّجل اسمه كعب بن عمرو أبو اليَسَر؛ بفتح الياء المُثَنَّاة تحت، والسِّين المهملة، وقيل: إنَّه عمرو بن غزيَّة بن عمرو الأنصاريُّ، أبو حبَّة _ بالمُوَحَّدة _ التَّمَّار، رواه أبو صالح عن ابن عبَّاس، الثَّالث: أنَّه معتب رجل من الأنصار، ذكره ابن أبي خيثمة في «تاريخه» من حديث إبراهيم النَّخعيِّ، الرَّابع: أبو [2] مقبل، عامر بن قيس الأنصاريُّ، حكاه مُقاتِل، الخامس: تيهان التَّمَّار حكاه أيضًا، سادسها: عبَّاد، حكاه القرطبيُّ، وحكى القول الأوَّل الخطيبُ والنَّوويُّ، وحكاه مع ابن معتب وتيهان ابنُ بشكوال، وحكى السِّتَّة برمَّتها شيخُنا الشَّارح، انتهى، وفي «مسلم»: (فقال رجل من القوم: يا نبيَّ الله؛ هذا له خاصَّة؟ قال: «بل للنَّاس كافَّة»)، واختُلِف في هذا الرجل، ففي «مسلم»: أنَّه معاذ، انتهى، وقيل: إنَّه أبو اليسر، وقيل: عمر، نقل الثَّلاثةَ الخطيبُ.

    قوله: (مِنَ امْرَأَةٍ): هذه المرأة لا أعرفها.

    قوله: ({طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114]): الفجر والعصر، وقيل: والظهر أيضًا.

    (1/1263)

    قوله: ({وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ}) [هود: 114]: ساعات متقاربة؛ والمراد: المغرب والعشاء، وقيل: ليس في النهار إلَّا صلاتان؛ الظهرُ والعصرُ، وباقيها في اللَّيل، و (زُلَف اللَّيل): في ابتدائه؛ وهو المغرب، وفي اعتدال فحمته؛ وهي العشاء، وعند انتهائه [3]؛ وهي الصبح، وأمَّا طرفا النَّهار؛ فأحدهما: الدلوك الأوَّل؛ وهو الزَّوال، والثَّاني: الغروب.

    [ج 1 ص 192]

    (1/1264)

    [باب فضل الصلاة لوقتها]

    (1/1265)

    [حديث: الصلاة على وقتها]

    527# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): وفي نسخة: (هشام بن عبد الملك)، وهو هو أبو الوليد الطَّيالسيُّ هشام بن عبد الملك، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (قَالَ [1] الْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ): هو بفتح العين المهملة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ زاي، وفي آخره راءٌ، و (العيزار): هو ابن حُرَيثٍ العبديُّ، يروي الوليد عن أنس وأبي عمرو الشيبانيِّ، وعنه: شعبة وإسرائيل، ثقة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وثَّقه أبو حاتم، وابن مَعِين.

    قوله: (سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ): هو بالشين المعجمة، قال الدِّمياطيُّ: (واسمه سعد بن إياس بن عمرو بن الحارث بن سدوس بن شيبان، عاش مئة وعشرين سنةً، رُوِي عنه أنَّه قال: أذكر أنِّي سمعت برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنا أرعى غنمًا لأهلي بكاظمة) انتهى، تُوُفِّيَ سنة (98 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو مخضرم، ثقة، وقد [2] ذكرتهم في مُؤلَّف مُفرَد.

    قوله: (وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللهِ): هو ابن مسعود أحد السابقين، مشهور الترجمة رضي الله عنه.

    قوله: (قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟): قال شيخنا الشَّارح ما لفظه: (هو غير منوَّن؛ لأنَّه غير موقوف عليه في الكلام، والسائل ينتظر الجواب، والتنوين لا يُوقَف عليه، فتنوينه ووصله بما بعده خطأ، فيُوقَف عليه وقفةٌ لطيفةٌ، ثمَّ يأتي بما بعده، كذا نبَّه عليه القالي في «شرح العمدة»، وأمَّا ابن الجوزيِّ في «مشكله» في حديث ابن مسعود: «أيُّ الذنبِ أعظم؟»: (أيٌّ): مُشدَّد مُنوَّن، كذا سمعته من أبي مُحَمَّد بن الخشَّاب، وقال: لا يجوز إلَّا تنوينُه؛ لأنَّه مُعرَب غير مضاف، قال: ومعنى «غير مضاف»: أن يقال: أيُّ الرَّجلين) انتهى، فقول شيخنا في (أيُّ الذنب أعظم؟)؛ يعني: (أي) التي بعد هذه، لا هذه، فإنَّ هذه مضافة، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ج): (وقال)، والمثبت موافق لما في «اليونينية».

    [2] (وقد): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 193]

    (1/1266)

    [باب الصلوات الخمس كفارة]

    (1/1267)

    [حديث: أريتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم]

    528# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): هو بالحاء المهملة، واسمه عبد العزيز بن أبي حازم المدينيُّ، عن أبيه، وسُهيل، والعلاء، وغيرِهم، وعنه: أبو مصعب، وقتيبة، وابن حِجْر، قال أحمد: (لم يكن يُعرَف بطلب الحديث، ولم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه، ويقال: إنَّ كتب سليمان بن بلال وقعت إليه، ولم يسمعها [1])، وقال ابن معين: ثقة، وقد ليَّنه [2] ابنُ سيِّد الناس خطيبُ يونس؛ جدُّ الحافظ فتح الدين، وذكره قبله العقيليُّ، فذكر كتب سليمان، وله ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (174 هـ).

    قوله: (وَالدَّرَاوَرْدِيُّ): اسمه عبد العزيز بن مُحَمَّد الدَّراورديُّ، أبو مُحَمَّد، عن صفوان بن سليم وزيد بن أسلم، وعنه: عليُّ بن حُجْر، ويعقوب الدَّورقيُّ، قال ابن معين: هو أحبُّ إليَّ من فليح، وقال ابن المدينيِّ: ثقةٌ ثبتٌ، وقال أبو زُرْعة: سيِّئ الحفظ، تُوُفِّيَ سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة خلا البخاريِّ، فإنَّه قرنه كما ترى بابن أبي حازم، وله ترجمة في «الميزان».

    قوله: (عَنْ يَزِيدَ بنِ عَبْدِ اللهِ): (يزيد)؛ بمُثَنَّاة تحتُ، وبالزَّاي، وهذا ممَّا لا خلاف فيه؛ وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، ترجمته معروفة، وفي نسخة في هامش أصلنا فوق (يزيد): (بُرَيد)؛ بضمِّ المُوَحَّدة، ولكنْ عليه شبهُ ضربٍ، فإن كان ضربًا؛ فذاك، وإلَّا؛ فهو تصحيفٌ، والله أعلم.

    قوله: (عَنْ مُحَمَّد بْنِ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث [3] التَّيميُّ، أحد العلماء، وقد ذكرت بعض ترجمته فيما مضى، وله ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة.

    قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تقدَّم مرارًا أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ.

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا [4] أنَّه عبد الرَّحمن بن [5] صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (نَهَرًا): هو بتحريك الهاء مفتوحةً وإسكانها.

    قوله: (يُبْقِي): (يُبقي): رُباعيٌّ، مضموم الأوَّل، والمفعول محذوف؛ أي: شيئًا.

    قوله: (مِنْ دَرَنِهِ): (الدَّرن): الوسخ، وهو هنا كنايةٌ عن الآثام.

    (1/1268)

    [باب تضييع الصلاة عن وقتها]

    (1/1269)

    [حديث: ما أعرف شيئًا مما كان على عهد النبي]

    529# قوله: (حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ): هو ابن ميمون المَعْوَليُّ، عن أبي رجاء وابن سيرين، وعنه: يحيى، وابن مهديٍّ، ومُسَدَّدٌ، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (172 هـ)، أخرج له الجماعة، و (المَعْوَلي)؛ بفتح الميم، وإسكان العين المهملة، وفتح الواو، والمَعَاوِلُ: قبيلة من الأزد.

    قوله: (عَنْ غَيْلاَنَ): هو بالغين المعجمة، ولا أعرف عيلان _بالمهملة [1]_ إلا قيس عَيْلان بن مُضَر، وقيس بن عيلان هو المشهور عند أهل النَّسب، وبعضهم يقول: قيس [2] عَيْلان، وقيس هو عيلان، لا ابنه، واختُلِف في عيلان ما هو، فقيل: فرس له، وقيل: غلام له، وقيل: رجل حضنه، وقيل: كلب كان له، وقيل: جبل وُلِد عنده، وزُفَر بن عيلان، عن إبراهيم بن دُحَيم، والمتكلَّم عليه في الأصل هو ابن جَرير الأزديُّ، المَعْوَلي، عن أنس، ومُطرِّف بن الشِّخِّير، وعدَّة، وعنه: شعبة، وجرير بن حازم، وحمَّاد بن زيد، تُوُفِّيَ سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قوله: (أَلَيْسَ صَنَعْتُم مَا صَنَعْتُم فِيْهَا): قال ابن قُرقُول: («صنعتم ما صنعتم» كذا للعذريِّ [3]، وعند النَّسفيِّ: «ضيَّعتم» من التَّضييع، والأوَّل أشبه؛ يريد: ما أحدثوا من تأخيرها، إلَّا أنَّه قد جاء في الحديث نفسه عن أنس بعد هذا: «وهذه الصَّلاة قد ضُيِّعت [4]») انتهى، وكانت في أصلنا: (ضيَّعتم)؛ بالضَّاد المعجمة، والمُثَنَّاة تحتُ، من الضياع، ثمَّ أُصلِحت في المكانين بالصَّاد والنُّون، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (ب): (بالعين المهملة).

    [2] زيد في (ب): (بن).

    [3] في (ب): (للعبدري)، وهو تحريف.

    [4] زيد في (ب): (وهذا).

    [ج 1 ص 193]

    (1/1270)

    [حديث: لا أعرف شيئًا مما أدركت إلا هذه الصلاة]

    530# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ، أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ): هو مُحَدِّثٌ مشهور، وثَّقه ابن معين وغيره، وقال أحمد: أخشى أن يكون ضعيفًا، وقد خرَّج له البخاريُّ هنا، فقرنه بآخرَ، والآخرُ الذي قرنه به هو المُعلَّق بعده: عن بكر بن خلف، عن مُحَمَّد بن بكر البرسانيِّ [1]، فالمقرون به مُحَمَّدُ بن بكر، وهذا قرنٌ أيضًا، وما شرط المقرون أن يقول: عن فلان وفلان، ذاك قرنٌ ظاهر، وهذا قرنٌ أيضًا، لأبي عبيدة ترجمة [2] في «الميزان».

    قوله: (عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ): هو بفتح الرَّاء، وتشديد الواو، وبالدَّال المهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

    قوله: (سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.

    قوله: (بِدِمَشْقَ): هي البلدة المعروفة بالشَّام، وهي بكسر الدَّال، وفتح الميم، ويجوز كسرها.

    قوله: (قَدْ ضُيِّعَتْ): هي مبنيَّة لما لم يُسَمَّ فاعلها، من الضَّياع.

    قوله: (وَقَالَ بَكْرُ بْنُ خَلَف: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ نَحْوَهُ): (بكر): هذا هو شيخ البخاريِّ، أخرج له تعليقًا، كذا رقم عليه [3] المِزِّيُّ والذَّهبيُّ، وقد تقدَّم أنَّ هذا أخذه عنه في حال المذاكرة؛ لأنَّه شيخه، وإنَّما أتى بهذا لفائدتين؛ إحداهما: أنَّ أبا عبيدة الحدَّاد عنعن عن عثمان بن أبي رَوَّاد، وإن كان غير مُدَلِّس إلَّا أنَّه قيل فيه ما قد تقدَّم، وقيل فيه غيرُ ما ذكرتُ أيضًا ممَّا ذكر في «الميزان» فقرنه هنا، وأيضًا مُحَمَّد بن بكر أتى بالتحديث، فخرج البخاريُّ مِن خلاف مَن ردَّ المعنعن وإن كان غير مُدَلِّس.

    و (بكر بن خلف): هو ختنُ أبي عبد الرَّحمن المقرئ، روى عن ابن عيينة، ويزيدَ بن زُرَيع، ومُعتمِر بن سليمان، ويحيى القطَّان، وعبد الرَّزَّاق، وخلق، وعنه: البخاريُّ تعليقًا، وأبو داود، وابن ماجه، وعبد الله بن أحمد، وعليُّ بن الحسين بن الجُنَيد، وخلقٌ، قال ابن معين: صدوق، وقال أبو حاتم: ثقة، تُوُفِّيَ سنة (240 هـ).

    و (البُرسانيُّ)؛ بضمِّ الباء المُوَحَّدة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ سين مهملة، وبعد الألف نونٌ، ثمَّ ياء النِّسبة إلى بني برسان؛ بطن من الأزد.

    ==========

    (1/1271)

    [1] في (ب) و (ج): (البرساي)، وهو تحريف.

    [2] في (ج): (ترجمته).

    [3] (عليه): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 193]

    (1/1272)

    [باب المصلى يناجى ربه عز وجل]

    (1/1273)

    [حديث: إن أحدكم إذا صلى يناجي ربه فلا يتفلن عن يمينه]

    531# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، أبو بكر، البصريُّ، تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم الكلام على نسبته، والله أعلم.

    قوله: (فَلاَ يَتْفلَنَّ): هو بضمِّ الفاء وكسرها، ومعناه معروف، وكذا بعده (يَتْفلُ).

    قوله: (وَلَكِنْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى): تقدَّم أنَّ النَّوويَّ قال: (هذا في غير المسجد، أمَّا [1] في المسجد؛ فلا يتفل إلَّا بثوبه [2])، والله أعلم.

    [ج 1 ص 193]

    قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: لاَ يَتْفلُ قُدَّامَهُ): (سعيد [3]) هذا: هو ابن أبي عَروبة، تقدَّم [4]، وتقدَّم (ما قاله شيخنا في «القاموس» في «عَروبة») [5]، وتعليقه هذا ليس في شيء من [6] الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال المِزِّيُّ: (وقال سعيد ... به، وهو في بعض النُّسخ) انتهى [7]

    قوله: (وَقَالَ شُعْبَةُ: لاَ يَبْزُقَنَّ [8] بَيْنَ يَدَيْهِ ... ) إلى آخره: هذا وصله البخاريُّ مرَّةً أخرى.

    قوله: (وَقَالَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ): هذا سَلَفَ مُتَّصِلًا.

    (1/1274)

    [حديث: اعتدلوا في السجود ولا يبسط ذراعيه كالكلب]

    532# [قوله: (وَلاَ يَبْسُطْ أَحَدَكُم ذِرَاعَيْهِ؛ كَالْكَلْبِ): اعلم أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن التشبيه بحيوانات في الصَّلاة، فنهى [1] عن التفات كالتفات الثعلب، وبروك كبروك البعير، وافتراش كافتراش السَّبُع، وإقعاء كإقعاء الكلب، ونقر كنقر الغراب، ورفع الأيدي كأنَّها أذناب خيل شُمْس، فهذه ستُّ حيوانات نُهِي المصلِّي أن يتشبَّه [2] بشيء منهنَّ، والله أعلم] [3].

    ==========

    [1] (فنهى): سقط من (ج).

    [2] في (ج): (يشبه).

    [3] ما بين معقوفين جاء في (ب) و (ج) سابقًا بعد قوله: (إلا بثوبه، والله أعلم)، وعليها في (أ) علامة تقديم وتأخير.

    [ج 1 ص 194]

    (1/1275)

    [باب الإبراد بالظهر في شدة الحر]

    (1/1276)

    [حديث: إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة]

    533# 534# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ): هذا [1] هو أبو بكر عبد الحميد بن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك [2] صاحبِ المذهبِ الأصبحيِّ، يروي عن أبيه، وابن عجلان، وابن أبي ذئب، وعنه: أخوه إسماعيل بن أبي أويس، وأيُّوب بن سليمان الرَّاوي عنه هنا، ومُحَمَّد بن رافع، تُوُفِّيَ سنة (202 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وثَّقه ابن معين، وغيره، وقال فيه الأزديُّ قولًا لا أذكره هنا، وقد ذكره الذَّهبيُّ في «ميزانه» مع كلام غيره، ولا يصحُّ عنه.

    قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هو سليمان بن بلال الذي تقدَّم [3]، ولده أيُّوب شيخ البخاريِّ في هذا [4] الحديث، وهو سليمان بن بلال، أبو مُحَمَّد، مولى أبي بكر، عن زيد بن أسلم وعبد الله بن دينار، وعنه: ابنه أيُّوب ولم يلقَه [5]، والقعنبيُّ، ولُوَين، ثقة إمام، تقدَّم، ولكن طال العهد به، أخرج له الجماعة.

    قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ): (غيره): لا أعرفه، ولم ينبِّه عليه شيخنا المؤلِّف ولا غيره ممَّن تقدَّمه فيما أعلم.

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ): (نافعٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّن، هو معطوف على (عبدُ الرَّحمن الأعرجُ وغيرُه)، وهذا الحديث الذي لنافع عن ابن عمر: رواه البخاريُّ بالطَّريق التي قبله عن أيُّوب بن سليمان، عن أبي بكر _وهو عبد الحميد بن أبي أويس كما ذكرت لك _عن صالح بن كيسان، عن نافع، عن ابن عمر، وهذا ظاهرٌ عند أهله غير خفيٍّ.

    قوله: (أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ): قال الدِّمياطيُّ: (الضَّمير في «حدَّثاه» عائدٌ على الحديث، والألف في «حدَّثاه» ضميرُ أبي هريرة وابن عمر) انتهى.

    قوله: (فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ؛ أي: بأداء الصَّلاة؛ أي: أَخِّروها عن وقت الهاجرة إلى حين برد النَّهار وانكسار وهج الحرِّ، يقال: أبرد بالشيء؛ إذا دخل به في برد النَّهار، وأبردتُ كذا؛ إذا فعلتَه حينئذٍ.

    (1/1277)

    تنبيه: حقيقة الإبراد: أن تُؤخَّر الظهر حتَّى يصير للحيطان فيءٌ يُظِلُّ الماشي، ولا تُؤخَّر عن النِّصف الأوَّل من الوقت، وقيل: المُعتبَر بأن ينصرف منها [6] قبل آخر الوقت، قال ابن الرِّفعة في «الكفاية»: وهو ظاهر النَّصِّ، ويؤيِّده حديث أبي ذرٍّ في «البخاريِّ»: (حتَّى ساوى الظِّلُّ التَّلولَ).

    (تنبيه آخر: يُستحبُّ تأخير الصَّلاة عن أوَّل وقتها [7]؛ من حيث هي الظُّهر، أو غيرها فوق أربعين مسألة، ذكرها بعض أصحابنا فيما قرأتُه عليه، وقد نظم ذلك في أبيات قرأتُها عليه) [8].

    قوله: (مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ): هو بفتح الفاء، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ حاء مهملة؛ أي: من انتشار حرِّها وقوَّته، وعند أبي [9] ذرٍّ: (فوح)، وهما بمعنًى، ومنه: فوح الطِّيب [10]؛ وهو سطوع ريحه وانتشارُه [11]، وما ذكرته من فتح فاء (فيح) هو المعروف الذي لا يجوز غيره، ورأيتُ بعض النَّاس ممَّن يزعم في نفسه أنَّه أوحد المدرِّسين يُدرِّس ويقولها: (فِيح)؛ بكسر الفاء، ويصرِّفها، ويبحث عليها.

    ==========

    [1] زيد في (ج): (هو).

    [2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

    [3] زيدج في (ب): (ذكره).

    [4] (هذا): سقط من (ج).

    [5] قوله: (ولم يلقه): جاء في (ب) في غير موضعه، وسقط من (ج).

    [6] في (ب): (معها).

    [7] (عن أوَّل وقتها): جاء في (ب) في غير موضعه.

    [8] ما بين قوسين سقط من (ج).

    [9] (أبي): سقط من (ب).

    [10] (الطيب): سقط من (ج).

    [11] في (ج): (وانكساره)، وليس بصحيح.

    [ج 1 ص 194]

    (1/1278)

    [حديث: شدة الحر من فيح جهنم]

    535# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة، وأنَّه بُندارٌ، وليس في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ» ابن بشَّار سواه.

    قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم ضبطه، وأنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ): تقدَّم أنَّه جُندب بن جنادة، و (جُندب): بضمِّ الدَّال وفتحها، وقيل: اسمه بُرَير، وتقدَّم ضبط بُريَر بن جندب، وقيل: اسمه جندب بن عبد الله، وقيل: جندب بن السَّكن، والمشهور الأوَّل، وقد قدَّمتُ نسبه إلى عدنان، وسيأتي أيضًا في قصَّة أبي ذرٍّ في (المناقب)، وتقدَّم الكلام أنَّ أمَّه رملةُ بنت [1] الوقيعة، أسلمت، وهي صحابيَّة، وأبو ذرٍّ صحابيٌّ جليل من السَّابقين الأوَّلين إلى الإسلام، وزاهد كبير رضي الله عنه.

    قوله: (أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): قال شيخنا الشَّارح في بعض طرقه: إنَّه بلال، أخرجه أبو عوانة، وفي أخرى: (فأراد أن يؤذِّن، فقال: «مَه؛ يا بلال»).

    قوله: (أَبْرِدْ أَبْرِدْ): هو بقطع الهمزة فيهما، وكسر الرَّاء، وبالدَّال المهملة الساكنة، على الأمر، تقدَّم أنَّه رُباعيٌّ، وكذا (فَأَبْرِدُوا)، وكذا (فَأَبْرِدُوا) [خ¦536] بعده.

    قوله: (مِنْ فَيْحِ): تقدَّم الكلام عليها أعلاه.

    (1/1279)

    قوله: (فَيْءَ التُّلُولِ): (الفيء)؛ بالهمز في آخره: وهو ما بعد الزَّوال من الظِّلِّ، وإنَّما سُمِّي الظِّلُّ فيئًا؛ لرجوعه من جانبٍ إلى جانبٍ، قال ابن السِّكِّيت: (الظِّلُّ: ما نسخته الشَّمس، والفيء: ما نَسخَ الشَّمسَ، وحكى أبو عبيدة عن رؤبة: كلُّ ما كانت عليه الشَّمس، فزالت عنه؛ فهو فيء وظِلٌّ [2]، وما [3] لم تكن عليه الشَّمسُ؛ فهو ظلٌّ، والجمع: أفياء وفُيُوء، [وقال ابن قتيبة في «أدب الكاتب» [4]: (يذهبون_يعني: العوام _ إلى أنَّ الظِّلَّ والفيء بمعنًى، وليس كذلك، بل الظلُّ يكون غدوة وعشيَّة، ومن أوَّل النَّهار إلى آخره، ومعنى الظِّلِّ: السَّتر ... ) إلى أن قال: (وأمَّا [5] الفيء؛ فلا يكون إلَّا بعد الزَّوال، ولا يقال لما قبل الزَّوال: فيءٌ، وإنَّما يُسمَّى بعد الزَّوال فيئًا؛ لأنَّه ظلٌّ فَاءَ مِن جانبٍ إلى جانبٍ؛ أي: رجع، والفيء: الرُّجوع)، هذا كلامه، وهو نفيس، وقد ذكر غيرُه ما ليس بصحيح، والله أعلم] [6].

    ==========

    [1] في (ج): (الكلام في أمِّه، وأنَّها).

    [2] في (ب): (وكل)، وهو تحريف.

    [3] في (ب) و (ج): (ما)، وليس بصحيح.

    [4] زيد في (أ) و (ب): (قال)، ولعلَّه تكرار.

    [5] (أما): سقط من (ب).

    [6] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 194]

    (1/1280)

    [حديث: إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة]

    536# 537# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ المَدِيْنِيُّ [1]): تقدَّم الكلام على هذا النَّسب إلى أين، وأنَّ هذا حافظ مشهور لا يُحتاج إلى ترجمته [2]، مع أنَّه تقدَّم بعضُها.

    قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، أبو مُحَمَّد، الإمامُ المشهور.

    قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم الفَرْد.

    قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيّب): تقدَّم الكلام على ياء أبيه، وأنَّها بالفتح والكسر، وأنَّ غيرَ [3] والده لايُقال فيه إلَّا بالفتح [4].

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا): يحتمل أن يكون بلسان الحال، وأن يكون بلسان المقال عندما يخلق الرَّبُّ فيها ذلك، وقال القاضي عياض عن القول: بأنَّ ذلك حقيقة _أعني: أنَّه بلسان المقال_ أنَّه الأظهر، وقال النَّوويُّ: إنَّه الصَّواب.

    قوله: (بِنَفَسَيْنِ؛ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ): كلُّه بفتح الفاء، وهو واحد (الأنفاس)، و (نفس) الأولى والثانية بالجرِّ، بدل بعضٍ من كلٍّ.

    قوله: (الزَّمْهَرِيرِ): قيل: هو شدَّة البرد.

    فائدة: قال بعض المُفسِّرين في قوله تعالى: {لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلاَ زَمْهَرِيرًا} [الإِنسان: 13]: إنَّه القمر، والحكمة في كونهما لم يكونا في الجنَّة؛ لأنَّهما عُبِدا من دون الله، وقد ورد: أنَّهما يكونان في النَّار يوم القيامة، وهو ضعيف، وسيجيء ذلك في (بدء الخلق).

    ==========

    [1] كذا في النُّسخ، وهي رواية أبي ذرٍّ، و (المديني): ليس في رواية «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة زيادة وعلامة راويها.

    [2] في (ج): (ترجمة).

    [3] في (ج): (غيره).

    [4] في (ب): (الفتح).

    [ج 1 ص 194]

    (1/1281)

    [حديث: أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم]

    538# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِياثٍ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّ غياثًا بالغين المعجمة المكسورة، ثمَّ مُثَنَّاة تحتُ، وفي آخره ثاءٌ مُثلَّثةٌ.

    [قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم أنَّه سليمان بن مهران مرارًا] [2].

    قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه السَّمَّان الزَّيَّات ذكوان، وتقدَّم بعض ترجمته.

    [ج 1 ص 194]

    قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ؛ بالدَّال المهملة، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (أَبْرِدُوا): تقدَّم بظاهرها أنَّه بقطع الهمزة، وأنَّه رُباعيٌّ.

    قوله: (مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ): تقدَّم بظاهرها الكلامُ عليها قريبًا، وضبطُها.

    قوله: (تَابَعَهُ سُفْيَانُ وَيَحْيَى وَأَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ): الضَّمير في (تابعه) يعود على حفص بن غياث، و (سفيان): هو ابن سعيد الثَّوريُّ، كما أفاده شيخنا، ومتابعته هي في «صحيح البخاريِّ» في (باب صفة النَّار): (عن مُحَمَّد بن يوسف الفريابيِّ، عن سفيان)، وأمَّا (يحيى)؛ فهو ابن سعيد القطَّان، الحافظ المشهور، وأمَّا (أبو عوانة)؛ فهو الوضَّاح بن عبد الله، أبو عوانة، الحافظ اليشكريُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

    ومتابعة يحيى وكذا أبو عوانة ليستا [3] في شيء من الكتب السِّتَّة، قال شيخنا: (متابعة يحيى بن سعيد خرَّجها الإسماعيليُّ عن ابن خلَّاد: حدَّثنا بندار عنه، ورواه الجلال عن الميمونيِّ، عن أحمد، عن يحيى، ولفظه: (فوح جهنَّم)، قال أحمد: (ما أعرف أحدًا قاله بالواو غير الأعمش)، قال شيخنا: ومتابعة أبي عوانة ... وأخلى بياضًا، ثمَّ قال: وتابعه أيضًا أبو خالد، أخرجه الإسماعيليُّ، وأبو نُعَيم، وأبو معاوية مُحَمَّدُ بن خازم، أخرجه ابن ماجه عن كُرَيب عنه.

    ==========

    [1] في (ج): (مرَّات).

    [2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [3] في النُّسخ: (ليسا)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    (1/1282)

    [باب الإبراد بالظهر في السفر]

    (1/1283)

    [حديث: إن شدة الحر من فيح جهنم فإذا اشتد الحر فأبردوا]

    539# قوله: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ): تقدَّم قريبًا اسمُه، وبعضُ نسبه، والاختلافُ في اسمه، وأنَّه أحد السَّابقين [1]، وزاهد هذه الأمَّة، وسيأتي مُطَوَّلًا في (المناقب).

    قوله: (فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ): تقدَّم قريبًا مَن المُؤذِّن.

    قوله: (أَبْرِدْ): تقدَّم قريبًا أنَّه بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وكذا قوله بعده: (أَبْرِدْ)، وكذا (فَأَبْرِدُوا).

    قوله: (فَيْءَ التُّلُولِ): تقدَّم الكلام على (الفيء) في ظاهرها؛ فانظره.

    قوله: (مِنْ فَيْحِ): تقدَّم الكلام عليه ومعناه، بظاهرها.

    ==========

    [1] زيد في (ب): (الأولين).

    [ج 1 ص 195]

    (1/1284)

    [باب وقت الظهر عند الزوال]

    قوله: (بَابٌ وَقْتُ الظُّهْرَ): إنَّ نَوَّنت (باب)؛ فارفعْ (وقت)، وإن ضمَمْتَه بغير تنوين؛ فجُرَّ (وقت)، وهذا ظاهرٌ.

    قوله: (بِالهَاجِرةَ): تقدَّم أنَّها شدَّة الحرِّ.

    ==========

    [ج 1 ص 195]

    (1/1285)

    [حديث: من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل]

    540# قوله: (حَدَّثَنا أَبُو اليَمانِ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه الحكم بن نافع.

    قوله: (أَخْبَرنَا شُعَيبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، الحافظ، أبو بشر، الحمصيُّ.

    قوله: (عَن الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

    [قوله: (سَلُونِي): قال المُهلَّب: لأنَّه بلغه أنَّ قومًا من المنافقين ينالون منه، ويُعجِزونه عن بعض ما يسألونه عنه، فتغيَّظ عليهم وقال: لا تسألوني عن شيء إلَّا أخبرتكم به، وبكاء النَّاس خوف نزول العذاب المعهود في الأمم الخالية عند تكذيب الرُّسل، ألا ترى فهم عمر حين برك على ركبتيه وقال: (رضينا بالله ربًّا ... )؛ الحديث، وهذا مُلخَّص من كلام شيخنا مع حذف] [1].

    قوله: (عُرِضَتْ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

    قوله: (فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ): هو بضمِّ العين المهملة، وإسكان الرَّاء، وبالضَّاد المعجمة، قال ابن قُرقُول: عُرْض هذا الحائط: جانبه وناحيته، كما قال: «في قبلة هذا الجدار».

    (1/1286)

    [حديث: كان النبي يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه]

    541# قوله: (عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ): قال الدِّمياطيُّ: (أبو المنهال اثنان في طبقة واحدة، اتَّفقا عليهما؛ أحدهما: هذا، واسمه سيَّار بن سلامة البصريُّ، والآخر: عبد الرَّحمن بن مُطعِم المكِّيُّ، عن ابن عبَّاس، والبراء) انتهى.

    فائدة: أبو المنهال اثنان كما قال، وسمَّاهما، وكلاهما تابعيٌّ، أبو المنهال الرِّياحيُّ سيَّار بن سلامة البصريُّ، سمع أبا برزة صاحِبَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، روى عنه [1]: خالد الحذَّاء وعوف الأعرابيُّ، والآخر: أبو المنهال الكوفيُّ، واسمه عبد الرَّحمن بن مُطعِم، سمع البراء، وزيدَ بن أرقم، وابنَ عبَّاس، روى عنه: عمرو بن دينار، وحبيب بن أبي ثابت، وعبد الله بن كثير، وسليمان الأحول، وكلاهما حديثه مُخرَّج في «الكتابين»، انتهى كلام الجيَّانيِّ.

    والحاصل: أنَّ أبا المنهال سيَّار بن سلامة هو الذي روى عن أبي برزة هذا، وأمَّا ذاك الآخر عبدُ الرَّحمن؛ فليس له عنه شيء في الكتب السِّتَّة؛ فاعلمْه.

    قوله: (عَنْ أَبِي بَرْزَةَ): هو بفتح المُوَحَّدة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ زاي مفتوحة، ثمَّ تاء، واسمه نضلة بن عبيد الأسلميُّ، الصَّحابيُّ، قال الدِّمياطيُّ: (أبو برزة نضلة بن عبيدٍ الأسلميُّ، قاتلُ ابن خطل المُتعلِّقِ بأستار الكعبة) انتهى، وفي قاتلِ ابن خطل أقوال تأتي في (كتاب الحجِّ) إن شاء الله تعالى وقدَّره، روى عنه: أبو عثمان النَّهديُّ، وأبو الوضيء، وبَقِيَ إلى سنة (64 هـ)، وقد جزم الذَّهبيُّ في «تجريده»: بأنَّه تُوُفِّيَ سنة (60 هـ)، والأوَّل في «كاشفه»، وقد عزاه على ما يظهر _تبعًا للمِزِّيِّ في «تذهيبه» _ إلى خليفةَ: أنَّه مات بخراسان بعد سنة (64 هـ)، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

    قوله: (وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ): أي: لم تصفرَّ، ولم تتغيَّر، [وقال في «المطالع»: («حيَّة»؛ أي: مُستحِرَّة، لم تذهب حياتها التي هي حرُّها، وقيل: بيِّنة النُّور لم يستحلَّ نورُها، قالوا: والشَّمس تُوصَف بالحياة ما دامت قائمةَ الأعراض من الحرارة والضَّوء [2]، فإذا كانت مع الغروب؛ لم تُوصَف بذلك)] [3].

    قوله: (قَالَ [4] مُعَاذٌ: قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُهُ مرَّةً): الضَّمير في (لقيته) عائد إلى أبي المنهال؛ وهو سيَّار بن سلامة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

    (1/1287)

    و (معاذ): هو ابن معاذ العنبريُّ، الحافظ قاضي البصرة، تقدَّم، وما قاله معاذٌ عن شعبة أخرجه مسلم عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة به [5].

    ==========

    [1] في (ج): (عن).

    [2] زيد في (ب): (قال).

    [3] ما بين قوسين سقط من (ج).

    [4] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وقال)؛ بزيادة واو.

    [5] (به): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 195]

    (1/1288)

    [حديث: كنا إذا صلينا خلف رسول الله بالظهائر فسجدنا]

    542# قوله: (حَدَّثنَا مُحَمَّد بْنُ مُقَاتِلَ [1]): كذا في أصلنا، وقد خُرِّج بعد (مُحَمَّد) ما صورته: (يعني)؛ بقي الكلام: (حدَّثنا مُحَمَّد؛ يعني: ابن مقاتل)؛ فيكون على هذا البخاريُّ قال: (مُحَمَّد) فقط، و (ابن مقاتل) مِن [2] توضيح مَنْ دُون البخاريِّ، وكذا رأيت في أصلنا الدِّمشقيِّ: (حدَّثنا مُحَمَّد؛ يعني: ابن مقاتل) [3]، وأمَّا في «أطراف المِزِّيِّ»؛ فقال في «تطريفه»: (وعن مُحَمَّد هو ابن مقاتل، عن عبد الله بن المبارك)، فظاهر [4] هذه العبارة: أنَّها مِن توضيح المِزِّيِّ، ولو كان من توضيح غيرِه؛ لقال: (يعني: ابن مقاتل) كما في أصلنا الدِّمشقيِّ، وهو نسخة في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وقد ذكر الجيَّانيُّ في «تقييده» ما لفظه: (وقال في «المظالم»، و «الأنبياء»، و «غزوة الرَّجيع»، و «اللِّباس»، وغير ذلك: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الله»؛ يعني: ابن المبارك، نسبه ابن السَّكن في بعض هذه المواضع: مُحَمَّد بن مقاتل، وقد نسبه البخاريُّ في مواضعَ كثيرةٍ كذلك، ووقع في نسخة أبي الحسن القابسيِّ والأصيليِّ في «كتاب المحاربين» في «باب فضل مَن ترك الفواحش»: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الله بن عبيد الله بن عمر»؛ فذكر حديث أبي هريرة: «سبعة يظلُّهم الله ... »؛ الحديث، نُسِب في النسختين: مُحَمَّد بن سلام، ونسبه ابن السَّكن: مُحَمَّد بن مقاتل، ونسبته أولى، ثمَّ ساق سندًا إلى ابن السَّكن قال: كلُّ ما في «البخاريِّ» ممَّا يقول فيه: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الله»؛ فهو ابن مقاتل المروزيُّ عن عبد الله بن المبارك) انتهى.

    قوله: (أَخْبَرنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن المبارك، الإمام الحافظ المشهور، شيخ خراسان.

    [قوله: (عَنْ [5] خَالِدِ بن عَبْدِ الرَّحمنِ): هو السَّلميُّ البصريُّ، أبو أميَّة، عن الحسن، ومُحَمَّد، وغالب القطَّان، وعنه: ابن المبارك وجماعة، قال أبو حاتم: صدوق، له حديث واحد عندهم في «السُّجود على الثِّياب»، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وذكره في «الميزان» وفي «الكاشف»، صدوق مُقِلٌ، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ] [6].

    قوله: (بِالظَّهَائِرِ): هي جمع (ظهيرة)؛ وهي شدَّة الحرِّ.

    ==========

    (1/1289)

    [1] في هامش (ق): (قال الحافظ: كذا وقع _يعني: مُحَمَّد بن معاذ_ فيه، وهو في هذا مُختلِفٌ: حدَّثنا مُحَمَّد غير منسوب؛ وهو ابن مقاتل المروزيُّ، ولا يُعرَف للبخاريِّ شيخٌ اسمُه مُحَمَّد بن معاذ).

    [2] في (ب): (عن)، وهو تحريف.

    [3] زيد في (ب): (كما في أصلنا الدِّمشقيِّ: حدثنا ابن مُحَمَّد؛ يعني: ابن مقاتل)، وهو تكرار.

    [4] في (ج): (وظاهر).

    [5] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرنَا).

    [6] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 195]

    (1/1290)

    [باب تأخير الظهر إلى العصر]

    (1/1291)

    [حديث: أن النبي صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا الظهر والعصر]

    543# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وقد تقدَّم أنَّه بعيدٌ من العرامة؛ وهي شدَّة الخلق، أو [1] العارم: الشَّرِّير.

    قوله: (فَقَالَ أيُّوبُ: لَعَلَّهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ [2]): قال عيسى: أيُّوب هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، الإمام المشهور، تقدَّم بعض ترجمته، وقد تأوَّله مالك كما تأوَّله أيُّوب، وبه أخذ الشَّافعيُّ تقديمًا، لا تأخيرًا بشروط مُقرَّرة في كتب الفقه، وبه قال أبو ثور، ووافق مالك الشَّافعيَّ في المغرب والعشاء، وخالفه في الظُّهر والعصر، وقد رُوِي حديث ابن عبَّاس هذا على خلاف

    [ج 1 ص 195]

    ما تأوَّله أيُّوبُ ومالكٌ، ففي «مسلم»: (من غير خوف ولا مطر)، وظاهرها جوازُ الجمع في الحضر بمجرَّد الحاجة، هذا إذا لم يتَّخذْه [3] عادة، وبه قالت طائفة يسيرة، وجوَّزه جماعة بالمرض؛ منهم: الشَّافعيُّ، كما نقله المزنيُّ في مُختصَر لطيف سمَّاه «نهاية الاختصار من قول الشَّافعيِّ»، فقال: والجمع بين الصَّلاتين في السفر والمطر والمرض جائزٌ، هذه عبارته على ما نقله الإمام جمال الدين الإسنويُّ شيخ شيوخنا في «مُهمَّاته»، وقد اختاره النَّوويُّ من غير أن يطَّلع على النَّصِّ، والمعروف في مذهب الشَّافعيِّ: أنَّه لا يجوز الجمع بالمرض، ومحلُّ الخوض في الأعذار كتبُ الفقه، والله أعلم.

    (1/1292)

    [باب وقت العصر]

    قوله: (بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ): وبعد هذا في نسخة هي خارجة عن الأصل في الطُّرَّة ما لفظه: (وقال أبو أسامة عن هشام: من قعر حجرتها) انتهى، وعليها علاماتُ مَن رواها، وقد خرَّجها شيخنا الشَّارح فقال: أسنده الإسماعيليُّ عن ابن ناجية [1] وغيره عن أبي عبد الرَّحمن: حدَّثنا أبو أسامة عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يصلِّي العصر والشَّمس في قعر حجرتي)، و (أبو أسامة) في هذه النُّسخة: هو حمَّاد بن أسامة، تقدَّم بعض ترجمته، وأمَّا (هشام)؛ فهو ابن عروة، مشهور الترجمة، والله أعلم، وهذا التعليق في أصلنا الدِّمشقيِّ بعد الحديث الأوَّل من الباب، والله أعلم.

    (1/1293)

    [حديث: كان رسول الله يصلي العصر والشمس لم تخرج من حجرتها]

    544# قوله: (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ): هذا هو هشام بن عروة بن الزُّبير، عن عروة، وهذا كاد أن يكون بديهيًّا عند أهله، والله أعلم.

    ==========

    [ج 1 ص 196]

    (1/1294)

    [حديث: أن رسول الله صلى العصر والشمس في حجرتها]

    545# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، وهذا من جنس ما قبله.

    قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرَّارًا [1] كثيرة أنَّه الزُّهريُّ، وتقدَّم اسمه ونسبه.

    قوله: (الْفَيْءُ): تقدَّم أنَّه مهموز قريبًا، وتقدَّم ما هو.

    ==========

    [1] في (ج): (مرَّات).

    [ج 1 ص 196]

    (1/1295)

    [حديث: كان النبي يصلي صلاة العصر والشمس طالعة]

    546# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا، الفضل بن دكين، الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ دُكَينًا بالدَّال المهملة.

    قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن شهاب.

    قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَشُعَيْبٌ، وَابْنُ أَبِي حَفْصَةَ): هذا التَّعليق المجزوم به ذكره البخاريُّ [1] في أصلنا عقيب حديث ابن عيينة، عن الزُّهريِّ، قال شيخنا الشَّارح: (وذكره خلف في «أطرافه» عقب [2] حديث اللَّيث، وهو الحديث الثَّالث)، انتهى.

    أمَّا قوله: (وقال مالك)؛ فهو الإمام صاحب المذهب، أشهر من (قِفَا نَبْكِ)، وأمَّا (يحيى بن سعيد)؛ فهو الأنصاريُّ، وأمَّا (شعيب)؛ فهو ابن أبي حمزة، تقدَّم، وأمَّا (ابن أبي حفصة)؛ فهو مُحَمَّد بن أبي حفصة ميسرة، أبو سلمة، البصريُّ، عن الزُّهريِّ، وأبي جمرة الضُّبعيِّ، وقتادة، وجماعة، وعنه: الثَّوريُّ، وإبراهيم بن طهمان، وابن المبارك، وروح بن عبادة، وجماعة، وثَّقه أبو داود، وقال عبَّاس [3] عن ابن معين: ثقة، وقال أحمد بن أبي خيثمة عن ابن معين: صالحٌ، وليَّنه يحيى القطَّان، وقال النَّسائيُّ: ضعيف، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وله ترجمة في «الميزان».

    وتعليق مالك أخرجه البخاريُّ في «الصَّلاة» عن القعنبيِّ، ومسلم فيه عن يحيى بن يحيى، وأبو داود فيه عن القعنبيِّ؛ كلاهما عن مالك به.

    [وأمَّا تعليق (يحيى بن سعيد) الأنصاريِّ؛ لا أعلم أحدًا من أصحاب الكتب السِّتَّة أخرجه إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله.

    وأمَّا تعليق (شعيب)؛ فلا أعلم أحدًا من أصحاب الكتب السِّتَّة أخرجه إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله] [4]، [وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ في تعليق شعيب: وصله الطَّبرانيُّ في «مسند الشَّاميِّين»] [5].

    وأمَّا تعليق (مُحَمَّد بن أبي حفصة)؛ فلم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله تعالى.

    ==========

    [1] (البخاريُّ): سقط من (ب).

    [2] في (ب)، (ج): (عقيب).

    [3] في (ب): (عيَّاش)، وهو تصحيف.

    [4] ما بين معقوفين سقط من (ب).

    [5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

    [ج 1 ص 196]

    (1/1296)

    [حديث: كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى .. ]

    547# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ مُقَاتِلٍ [1] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هكذا هو في أصلنا: (مُحَمَّد بن مقاتل) منسوبًا، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (حدَّثنا ابن مقاتل)، وهو هو، وفي هذا التصريحُ به.

    و (عبد الله): تقدَّم أنَّه ابن المبارك، والله أعلم، وقد تقدَّم في الصفحة قبل هذه الكلام على قوله: (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الله)؛ فانظره.

    قوله: (أَخْبَرَنَا عَوْفٌ): تقدَّم أنَّ هذا هو عوف الأعرابيُّ، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه إنَّما قيل له الأعرابيُّ؛ لدخوله درب الأعراب، قاله ابن دقيق العيد.

    قوله: (عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلاَمَةَ): تقدَّم أنَّه بتشديد المُثَنَّاة تحت، وهو أبو المنهال، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَلَى أَبِي بَرْزَةَ): هو بفتح المُوَحَّدة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ زاي، ثمَّ تاء، تقدَّم قريبًا أنَّه نضلة بن عبيدٍ في الصَّفحة قبل هذه.

    قوله: (الْهَجِيرَ): أي: التي تُفعَل في وقت الهاجرة؛ وهو شدَّة الحرِّ.

    قوله: (وَهِيَ [2] الَّتِي تَدْعُونَهَا الأُولَى): إنَّما [3] سُمِّيت الظهر أولى؛ لأنَّها أوَّل صلاة صلَّاها جبريل بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين بيَّن له المواقيت، وهذا هو المعروف المشهور أنَّها أوَّل صلاة صلَّاها جبريل به [4] عليه السَّلام، وأفاد شيخنا الشَّارح في «شرح التنبيه» له: (قلت: ولأنَّها _ يعني: الصُّبح _ قيل: إنَّها أوَّل صلاة صلَّاها جبريل بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: وقد ذكرت ذلك بدليله في الكلام على أحاديث الرافعيِّ، لكنَّ المعروف أنَّ أوَّل صلاة صلَّاها جبريل بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الظُّهر)، انتهى.

    قوله: (تَدْحَضُ): هو بفتح التَّاء، ثمَّ دال ساكنة، ثمَّ حاء مفتوحة، مهملتين، ثمَّ ضاد معجمة؛ أي: تميل.

    قوله: (إِلَى رَحْلِهِ): (الرَّحل): المَنزِل والمأوى.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

    [2] كذا في النُّسخ، وليس في «اليونينيَّة» و (ق): (وهي).

    [3] في (ب): (وإنما).

    [4] (به): سقط من (ب).

    [ج 1 ص 196]

    (1/1297)

    [حديث: كنا نصلي العصر ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو ... ]

    548# قوله: (إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ): هؤلاء مسكنهم قباء، وهي على ثلاثة أميال من المدينة، كما قدَّمته قبلُ.

    ==========

    [ج 1 ص 196]

    (1/1298)

    [حديث: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر]

    549# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): هو مُحَمَّد بن مقاتل، أبو الحسن، مشهور الترجمة.

    قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، العالم المشهور.

    قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ): هو بضمِّ الحاء المهملة، وفتح النُّون، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

    قوله: (أَبَا أُمَامَةَ): هذا هو أسعد بن سهل بن حنيف، وُلِد زمان النَّبيِّ [1] صلَّى الله عليه وسلَّم، وسُمِّي باسم جدِّه أسعدَ بن زرارة، روى عن عمر بن الخطَّاب، وتكلَّم أبو زُرْعة في سماعه منه، وروى عن عروة، وعنه: الزُّهريٌّ، ويحيى بن سعيد، وخلق، تُوُفِّيَ سنة (100 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قوله: (صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ): هذا كان في ولاية عمر حين كان أميرًا من جهة أقاربه، وأمَّا حين كان خليفةً وبلغه التقديم؛ كان يُقدِّم [2]، وهذا إنَّما كان خليفة بعد موت أنس، وقد تقدَّم متى وُلِّي الخلافة، ومتى تُوُفِّيَ رحمه الله.

    ==========

    [1] في (ب): (رسول الله).

    [2] في (ج): (تقدَّم).

    [ج 1 ص 196]

    (1/1299)

    [بابُ وقت العصر]

    قوله: (بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ): كذا هو في أصلنا: (باب) ثابتٌ هنا، وعليه علامة راويه، وذكر فيه حديث أنس من طريق أبي اليمان، وهذا الباب هو في بعض أصولنا الدِّمشقيَّة ثابتٌ بعد هذا الحديث قبل حديث أنس من طريق عبد الله بن يوسف، وعليه (صح)، وهو مُخرَّج في الهامش، وقد قابل بعض المُحَدِّثين هذا الأصل الدِّمشقيَّ على نسخة [1] الضِّيائيَّة، والشُّمَيْساطِيَّة، وذكرُه [2] كما ذكره في بعض أصولي أوجهُ، فعليه [3] يُسأَل ما الحكمةُ في ذِكْره بعد ذكرِه (باب وقت العصر)؛ الباب الذي قبل هذا؟ وجوابه: أنَّ الباب الأوَّل تقديره: باب أوَّل وقت العصر، والباب الثاني يُؤخَذ منه وقت جوازها مِن غير كراهة مِن فعل أهل قباء، والظاهر: اطَّلاعه عليه الصَّلاة والسَّلام على ذلك وأقرَّهم، وتقريره أحد وجوه السُّنَن، فيكون الباب الثاني ساقه لأجل ذلك؛ وتقديره: باب جواز وقت العصر مِن غير كراهة، والله أعلم.

    ==========

    [1] (على نسخة): سقط من (ج).

    [2] في (ب): (فذكره).

    [3] في (ب): (وعليه).

    [ج 1 ص 196]

    (1/1300)

    [حديث: كان رسول الله يصلي العصر والشمس مرتفعة حية]

    550# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): هو الحكم بن نافع، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): هو شعيب بن أبي حمزة، تقدَّم.

    قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ [1].

    قوله: (إِلَى الْعَوَالِي): تقدَّم أنَّ (العوالي) القُرى التي حول المدينة، وأبعدها على [2] ثمانية أميال، وأقربها على أربعة، وقيل: ثلاثة.

    [ج 1 ص 196]

    ==========

    [1] (الزهري): سقط من (ب).

    [2] زيد في (أ): (على)، وهو تكرار.

    (1/1301)

    [حديث: كنا نصلي العصر ثم يذهب الذاهب منا إلى قباء]

    551# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.

    قوله: (إِلَى قُبَاءٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ القاف، وتخفيف الباء، وبالمدِّ، وهو مُذكَّر منوَّن مصروف، هذه اللُّغة الفصحى، وحكى صاحب «المطالع»: القصر، وأخرى؛ وهي التَّأنيث، وترك الصرف، والمختار الأوَّل.

    ==========

    [ج 1 ص 197]

    (1/1302)

    [باب إثم من فاتته العصر]

    باب إثم من فاتته صلاة العصر ... إلى باب من أدرك ركعة من العصر

    ==========

    [ج 1 ص 197]

    (1/1303)

    [حديث: الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله]

    552# قوله: (كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ): قال ابن قُرقُول: (وتر أهله وماله: نَقَص، يقال: وترتُه؛ إذا نقصتَه، وقيل: أصابه ما يُصيب الموتور، وقال مالك: معناه: ذُهِب بهم، وقيل: أُصيب بهم إصابةً يَطلبُ بها وترًا، فيجتمع عليه غمَّان؛ غمُّ المصيبة، وغمُّ الطَّلب ومُقاساتِه، ونصب (مالَه) و (أهلَه) على المفعول الثَّاني، وعلى قول مَن فسَّره: ذُهِب بهم؛ يصحُّ رفعه على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، وفسَّره مالكٌ مِن رواية ابن حبيب: بأن نُزِع منه أهلُه ومالُه وذُهِب بهم، وهو أَبينُ في الرَّفع، وإلَّا؛ فـ (ذُهِب) يتعدَّى بحرف، فإذا سقط؛ انتصب المفعول)، انتهى، وقال المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: (في إعراب «الأهل» و «المال» قولان؛ أحدُهما: النَّصب، وفي معناه وجهان؛ تقديره: وُتِر في أهله وماله، فلمَّا حُذِف الخافضُ؛ انتصبَ، والثاني: أنَّه مفعول ثانٍ لـ (وُتِر)، وأُضمِر فيه مفعولُ ما لم يُسَمَّ فاعلُه، والثاني: الرفع، فيكون الموتور الأهلَ والمالَ أنفسَهما؛ والمعنى: فليكنْ حذرُه مِن فوتها؛ كحذره من فوت أهله وماله، وقيل: يجب عليه الاسترجاعُ لفواتها، كما يجب على مَن فقد أهله وماله، وكأنَّه أتى كبيرةً، قال: وهذا فيمَن تركها عمدًا تهاوُنًا وتكاسُلًا، وقيل: فاته من الثَّواب ما يلحقه عليه من الأسف ما يلحقه بوترهما، وهذا يقرب مِن القول قبله، وقيل: في وقت الجواز حتَّى يدخلَ وقتُ الكراهة، وقيل: حتَّى فات الوقت كلُّه بغروب الشمس)، انتهى، وسيأتي الكلام في ذلك قريبًا.

    قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: {يَتِرَكُمْ} [مُحَمَّد: 35]): هذا قرآن، وهو مَنْصوبٌ على الحكاية مِن قوله: {وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [مُحَمَّد: 35]، ثمَّ قال: (وَتَرْتُ الرَّجَلَ؛ إِذَا قَتَلْتَ)، هو بضمِّ التَّاء (وترتُ)، وفتحها في (قتلتَ)، وهذا ظاهرٌ.

    ==========

    [ج 1 ص 197]

    (1/1304)

    [باب من ترك العصر]

    (1/1305)

    [حديث: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله]

    553# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالثَّاء المُثلَّثة المكسورة وفتحِ الكاف.

    قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): هو بكسر القاف وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوَحَّدة، ثمَّ تاء، وقد تقدَّم، قال الدِّمياطيُّ: (أبو قلابة اسمه عبدُ الله بن زيد بن عمرو القضاعيُّ، مات بعريش مصر سنة (104 هـ)، انتهى، وقيل في وفاته غيرُ ما ذَكَر.

    قوله: (عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ): هو بفتح الميم وكسر اللَّام، قال الدِّمياطيُّ: (وأبو المليح اسمه أسامة بن عمير بن عامر بن أقيش، واسمه عُمَير، مات سنة (112 هـ)، لأبيه صحبةٌ، انتهى، قولُ الدِّمياطيِّ: (إنَّ اسم أبي المليح أسامةُ بن عمير) فيه نظرٌ، وإنَّما اسمه عامرٌ، وقيل: زيد، واسم أبيه أسامةُ بن عمير بن عامر؛ فاعلمه، ويحتمل أن يكون اسم أبي المليح سقط من المُعلِّق من «حواشي الدِّمياطيِّ»، أو من «الدِّمياطيِّ» نفسِه، وما ذكره الدِّمياطيُّ في وفاته هو قول ابن سعد، وقال الفلَّاس [1]: (سنة ثمانٍ وتسعين)، وقيل: سنة ثمان ومئة؛ فاعلمه.

    قوله: (كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ): هو بُريدة بن الحُصَيب؛ بضمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، الأسلميُّ، شهد خيبر، وعنه: ابناه، والشعبيُّ، وعدَّةٌ، تُوُفِّيَ سنة (63 هـ)، أخرج له الجماعة.

    (1/1306)

    قوله: (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ): قال شيخنا الشَّارح: (قال المُهلَّب [2]: من فاتَه فوات مضيِّعٍ متهاونٍ [3] بفضل وقتِها مع قدرته على أدائها؛ فقد حبط عملُه في الصَّلاة خاصَّةً؛ أي: لا يحصل له أجر المصلِّي في وقتها، ولا يكون له عمل ترفعه الملائكة، وقال غيره: تركها جاحدًا، فإذا فعل ذلك؛ فقد كفر، وحبِط عملُه)، ورُدَّ بأن ذلك مَقولٌ في كلِّ الصَّلوات، فلا مزيَّة إذًا، وقد ورد من حديث عمر رضي الله عنه مرفوعًا: «مَن ترك صلاة العصر مُتعمِّدًا؛ أَحبطَ اللُه [4] عمله، وبرئت منه ذمَّةُ الله تعالى حتَّى يراجعَ [اللهَ] [5] توبةً»، وإسناده لا يقوى)، قال شيخنا فيما نقلته من خطِّه حاشيةً ولم أقرأه [6] عليه: (أخرجه الجُوزيُّ في «ترغيبه»، وقال ابن بَزِيَزة [7]: (هذا على وجه التغليظ؛ إذ لا يُحبِط الأعمالَ إلِّا الشِّركُ، أو حُبِط جزاءُ عمله؛ أي: نقص بالنسبة إلى جزاء المحافظة عليها، وقال ابن التِّين: كاد أن يُحبَط، وقال ابن العربيِّ في «قبسه»: يُوقَف عنه [8] عمله مدَّةً يكون فيها بمنزلة المُحبَط حتَّى يأتيه من فضله ما يُدرِك به [9] فواتَ عمله، أو يُحبَط عملُه عند موازنة الأعمال، فإذا جاء الفضلُ؛ أدرك)، انتهى ما قاله شيخنا، وقد رأيت بعضهم قال: (قد قارب أن يُحبَط عمله) انتهى.

    (1/1307)

    [باب فضل صلاة العصر]

    (1/1308)

    [حديث: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر]

    554# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وأنَّ اسمه عبد الله بن الزُّبير، وهو أوَّل شيخ روى عنه البخاريُّ في هذا «الصحيح»، وتقدَّم بعض ترجمته، ولماذا نُسِب.

    قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، تقدَّم عليه بعضُ الكلام.

    قوله: (عَنْ قَيْسٍ): تقدَّم أنَّه قيس بن أبي حازم، البجليُّ الأحمسيُّ، أبو عبد الله، الكوفيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (لاَ تضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ): قال ابن قُرقُول: (بشدِّ الميم، من التَّضامِّ؛ أي: لا تتزاحمون عند النظر إليه، ومَن خفَّف الميم؛ فمِن [1] الضَّيم؛ وهي الغلبة على الحقِّ والاستبداد به [2] دون أربابه، وهو الظُّلم أيضًا؛ أي لا يظلم بعضُكم بعضًا)، انتهى، واعلم أنَّ مَن شدَّد الميم؛ فتح التَّاء، ومن خفَّفها؛ ضمَّ التَّاء، ومفهوم كلام القاضي أنَّه يجوز الضَّمُّ سواء شدَّد أم خفَّف، وكلُّه صحيح، وعبارة «النِّهاية»: يُروَى بالتَّشديد والتَّخفيف، فالتشديد معناه: لا ينضمُّ بعضُكم إلى بعض، وتزدحمون وقت النَّظر إليه، ويجوز ضمُّ التَّاء وفتحُها على (تفاعلون) و (يتفاعلون)، ومعنى التَّخفيف: لا ينالكم ضيمٌ في رؤيته، فيراه بعضكم دون بعض، والضَّيم: الظُّلم.

    قوله: (ثُمَّ قَرَأ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الحجر: 98] ... ): إلى آخر ذلك، لم يبيِّن هنا مَنِ القارئ، وفي «مسلم»: (ثُمَّ قرأ جريرٌ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الحجر: 98]).

    قوله: (قَالَ إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد المذكور في السند، وهذا ظاهرٌ.

    (1/1309)

    [حديث: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار]

    555# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ): كذا هنا، قالوا: وفيه دلالةٌ لمَن قال مِن النُّحاة: بجواز إظهار ضمير الجمع والتثنية في الفعل إذا تقدَّم، وهي لغة فاشيةٌ معروفةٌ بلغة: (أكلوني البراغيثُ)، وفي هذا الاستدلال نظرٌ مِن حيث إنَّ في (ذكر الملائكة) من هذا «الصحيح» _وهو آخر حديث في الباب_: «الملائكة يتعاقبون»، ومعنى (يتعاقبون)؛ أي: يعقب بعضهم بعضًا، يجيء هؤلاء ويروح هؤلاء، ويروح هؤلاء [1] ويجيء هؤلاء.

    تنبيه: الأظهر كما قاله القاضي عياض وقول الأكثرين: أنَّ هؤلاء الملائكة هم: الحفظة الكُتَّاب، قال: (وقيل: يحتمل أن يكونوا من جملة الملائكة لجملة النَّاس غير الحفظة)، انتهى.

    ==========

    [1] (ويروح هؤلاء): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 197]

    (1/1310)

    [باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب]

    (بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ) ... إلى (بَاب بَدْءِ الأَذَانِ)

    ذَكَر في هذا الباب حديثَ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «إنَّما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم ... »؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: إن قلت: ما وجه مطابقة حديث ابن عمر للتَّرجمة، وإنَّما حديثه مثالٌ لمنازل الأمم عند الله، وأنَّ هذه الأمَّة أقصرها عمرًا وأعظمها ثوابًا؟ قلت: يستنبط بتلطُّفٍ مِن قوله: (فعملنا إلى غروب الشَّمس)، دلَّ على أنَّ وقت العمل مُمتدٌّ إلى غروب الشمس، وأنَّه لا يفوت، وأقرب الأعمال المشهودة بهذا الوقت صلاةُ العصر، وهو من قبيل [1] الأخذ من الإشارة، لا من صريح العبارة، فإنَّ الحديث مثالٌ، وليس المراد: عملًا [2] خاصًّا بهذا الوقت؛ وهو صلاة، بل المراد: سائر أعمال

    [ج 1 ص 197]

    الأمَّة مِن سائر الصَّلوات وغيرها مِن العبادات في سائر مدَّة بقاء الملَّة إلى قيام الساعة، ويحتمل المطابقة ما قاله المُهلَّب؛ وهو أنَّه نبَّه على أنَّ إعطاء البعض حكمَ الكلِّ في الإدراك غيرُ بعيدٍ؛ كما أُعطِيَت هذه الأمَّةُ ببعض العمل في بعض النَّهار حكمَ جملة العمل في جملة النَّهار، فاستحقَّت جميع الأجر، وفيه بُعْد، فإنه لو قال: إنَّ هذه الأمَّة أُعطِيت [ثلاثةَ قراريطَ أشبهُ، ولكنَّها ما أُعطِيَت] [3] إلا بعض أجرة جميع النَّهار؛ لأنَّ الأمَّتين قبلها ما استوعبت النهار، فأخذتا [4] قيراطين، وهذه إنَّما [5] أخذت أيضًا قيراطين، نعم؛ عملت هذه الأمَّة قليلًا فأخذت كثيرًا، ثمَّ هو أيضًا منعك عن محلِّ الاستدلال [6]؛ لأنَّ عمل هذه الأمَّة آخر النَّهار كان أفضلَ من عمل المتقدَّمين قبلها، ولا خلاف أنَّ صلاةَ العصر مُتقدِّمةً أفضلُ مِن صلاتها مُتأخِّرة، ثمَّ هذا من الخصائص المستثناة عن القياس، فكيف يُقاس عليه؟! ألا ترى أنَّ صيام آخر النَّهار لا يقوم مقام جملته، وكذلك سائر العبادات، فالأوَّل أولى، انتهى لفظه.

    ==========

    [1] في (ب): (قبل).

    [2] زيد في (ب): (صالحًا).

    [3] ما بين قوسين سقط من (ب).

    [4] في (ب) و (ج): (فأخذنا).

    [5] في (ب): (وإنما).

    [6] في (ج): (الاستدراك).

    (1/1311)

    [حديث: إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل ... ]

    556# قوله [1]: (حَدَّثنَا أَبُو نَعِيمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (حَدَّثنَا شَيْبَانُ): هذا هو ابن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحو، مرَّاتٍ، [وتقدَّم كلام ابن أبي داود وغيرِه، وفيه كهذا] [2].

    قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقَّم مرارًا أنَّه يحيى بن أبي كثير، الإمام أبو نصر، أحد الأعلام، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه أحد الفقهاء [3]، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله أو إسماعيل، وهو: أبو سلمة بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ.

    قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا كثيرة [4] أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً): المراد بها: الرَّكعة، والله أعلم.

    ==========

    [1] (قوله): ليس في (أ).

    [2] ما بين قوسين ليس في (ج).

    [3] زيد في (ج): (السبعة).

    [4] (كثيرة): ليس في (ب).

    [ج 1 ص 198]

    (1/1312)

    [حديث: إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين ... ]

    557# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ، الإمام العَلَم الفرد، مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

    قوله: (أُوْتِيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (أَهْلُ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل، و (التَّوْرَاةِ) الثانية: منصوبة مفعول ثانٍ، والله أعلم، وكذا قوله: (أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ): العمل فيه كالعمل في هذا.

    قوله: (عَجَزُوا [1]): هو بفتح الجيم في الماضي، مكسورها في المستقبل، هذه لغة القرآن، ويجوز في لغة العكسُ.

    قوله: (فَأُعْطُوا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (قِيرَاطًا): مفعول، والضمير: مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل الأوَّل.

    قوله: (أَكْثَرَ): مَنْصوبٌ على أنَّه خبر (كان).

    ==========

    [1] في (ج): (عجز)، وليس بصحيح.

    [ج 1 ص 198]

    (1/1313)

    [حديث: مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر ... ]

    558# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن العلاء الهمْدانيُّ؛ بإسكان الميم وبالدَّال المهملة، الحافظُ، عن هُشَيم وابن المبارك، وعنه: الجماعة، وهو من المشايخ الذين اشترك في الأخذ عنهم أنفسِهم الأئمَّةُ السِّتَّةُ، وقد ذكرتُهم في أوائل هذا التعليق؛ وهم: هذا الحافظ، ومُحَمَّد بن بشار بُنْدارٌ، ومُحَمَّد بن المثنَّى، ونصر بن عليٍّ الجهضميُّ، وزياد بن يحيى [1] الحسَّانيُّ، وعبد الله بن سعيد الكنديُّ الأشجُّ، وعمرو بن عليٍّ الفلَّاس، ومُحَمَّد بن معمر القيسيُّ [2]، ويعقوب بن إبراهيم الدَّورقيُّ، وعبَّاس بن عبد العظيم العنبريُّ، وإبراهيم بن سعيد الجوهريُّ [3]، وقد تقدَّم أنِّي ذكرتهم، ولكن طال العهد بهم، وباب الزِّيادة مفتوح، فمَن رأى أحدًا من هذا القبيل؛ فليُلحقه.

    وصاحب الترجمة مُحَمَّد بن العلاء روى أيضًا عنه: السرَّاج وابن خزيمة، قال ابن عقده: (ظهر له بالكوفة ثلاث مئة ألف حديث)، تُوُفِّيَ سنة (248 هـ)، وكان أكبر من أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل بثلاث سنين، أخرج له الجماعة.

    قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

    قوله: (عَنْ بُرَيْدٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ المُوَحَّدة، وتقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم نسبه.

    قوله: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): تقدَّم أنَّه ابن أبي موسى الأشعريِّ، الفقيه قاضي الكوفة، واسمه الحارث أو عامر، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى): تقدَّم أنَّه الأشعريُّ، وأنَّ اسمه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، الصَّحابيُّ المشهور، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (أَكْمِلُوا): هو بقطع الهمزة وكسر الميم، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

    قوله: (حَتَّى إِذَا كَانَ حِينَ صَلاَةِ الْعَصْرِ): (حين): يجوز نصبها ورفعها، وهذان [4] إعرابهما ظاهر.

    ==========

    [1] في (ج): (علي)، وليس بصحيح.

    [2] في (ج): (العبسي)، وهو تصحيف.

    [3] زيد في (ج): (ومُحَمَّد بن يوسف بن واقد الفريابي)، وضرب عليها في (أ).

    [4] في (ب)، (ج): (وهذا)، وليس بصحيح.

    [ج 1 ص 198]

    (1/1314)

    [باب وقت المغرب]

    قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تقدَّم مرارًا أنَّ هذا هو عطاء بن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، وهو من العلماء المشهورين، تقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ): تقدَّم الكلام على جمع المريض، وجمع الحاجة في الورقة التي قبل هذه.

    ==========

    [ج 1 ص 198]

    (1/1315)

    [حديث: كنا نصلي المغرب مع النبي فينصرف أحدنا وإنه ليبصر]

    559# قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هو الوليد بن مسلم الحافظ، أبو العبَّاس، عالم أهل الشام، قال ابن المدينيِّ: (ما رأيت مِن الشَّاميِّين مثلَه)، وقال ابن جَوْصَا [1]: (كنَّا نسمع أنَّه مَن كَتَب مُصنَّفات الوليد؛ صلح للقضاء)، وهي سبعون كتابًا، تُوُفِّيَ سنة (195 هـ) أخرج له الجماعة، وهو مُدَلِّس، وقد ذكرتُهم في مُؤلَّف مُفرَد، والتَّدليس ليس [2] بقادح، إنَّما القادح منه تدليس التَّسوية، وهم طبقات، فمَن أراد ذلك؛ فليقف على المُؤلَّف الذي أشرت له، وللوليد ترجمةٌ في «الميزان».

    قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم أنَّه أبو عمرو عبد الرَّحمن بن عمرو، العالم المشهور، شيخ الإسلام، الذي أفتى في سبعين ألف مسألة، كان رأسًا في العلم والعمل، تُوُفِّيَ في الحمَّام في صفر سنة (157 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم [3] الكلام على ماذا نُسِب، فأغنى عن إعادته هنا.

    قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو النَّجَاشِيِّ): قال الدِّمياطيُّ: (عطاء بن صهيب)، انتهى، يروي عن مولاه رافعِ بن خَدِيج، وعنه: عكرمة بن عمَّار، والأوزاعيُّ، وجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، رحمه الله.

    قوله: (سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ): هو بفتح الخاء المعجمة، وكسر الدَّال المهملة، الحارثيُّ، شَهِد أُحُدًا، عنه: ابنه رفاعة، وعطاء، وطاووس، عاش ستًّا وثمانين سنة، وتُوُفِّيَ سنة (74 هـ) أخرج له الأئمَّة السِّتَّة رضي الله عنه.

    ==========

    [1] في (ب)، (ج): (حوصا)، وهو تصحيف.

    [2] (ليس): ليس في (ب).

    [3] (تقدَّم): ليس في (ج).

    [ج 1 ص 198]

    (1/1316)

    [حديث: كان النبي يصلي الظهر بالهاجرة والعصر والشمس نقية]

    560# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالمُوَحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، بُندَارٌ، وتقدَّم بعض ترجمته، ولِمَ لُقِّب بندارًا.

    قوله: (قَدِمَ الْحَجَّاجُ): هو ابن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن مُعتِّب بن مالك بن كعب الثَّقفيُّ، ترجمته معروفة، أوَّل ولايته تبالةَ، فلمَّا رآها؛ احتقرها فتركها، ثمَّ تولَّى قتال ابن الزُّبير رضي الله عنه وعن والده [1]، فقهره على مكَّة والحجاز، وقتل ابنَ الزُّبير وصلبه بمكَّة سنة ثلاث وسبعين، فولَّاه عبدُ الملك الحجازَ ثلاثَ سنين، وكان يصلِّي بالناس ويُقيم لهم الموسم، ثمَّ ولَّاه العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فوليها عشرين سنة، وحطَّم أهلها، وفعل ما فعل، وقد روى التِّرمذيُّ في «جامعه» بإسناده [2]: أنَّه قَتَل صبرًا مئة وعشرين ألفًا، تُوُفِّيَ بواسط ودُفِن بها، وأُعفِي قبرُه وأُجرِي عليه الماءُ، وكان موته سنة خمس وتسعين، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه» في ترجمته عن أنس: قال أبو أحمد الحاكم: أهل ألَّا يُروَى عنه، وقال النَّسائيُّ: ليس بثقةٍ ولا مأمون، قلت: يحكي عنه ثابتٌ وحميدٌ وغيرهما، فلولا ما ارتكبه من العظائم والفتك [3] والشَّرِّ؛ لمشى حاله، انتهى.

    غريبٌة هي فائدةٌ: قال شيخ شيوخي الحافظ علاء الدين مغلطاي بن قليج البكجريُّ في كتابه «التقريب»: أهمل المِزِّيُّ الحجَّاج بن يوسف الثَّقفيَّ أمير العراق، قال البخاريُّ في «صحيحه» في (كتاب الحجِّ): (حدَّثنا مُسَدَّد: حدَّثنا عبد الواحد بن زياد: حدَّثنا الأعمش قال: سمعت الحجَّاج بن يوسف على المنبر يقول: السُّورة التي يُذكَر فيها البقرةُ ... )؛ وساق الحديث (ح 1750)، انتهى، وما قاله ليس بظاهر إنَّما ذُكِر هنا لشيء قاله فاستُفتِي عليه، فرُدَّ قولُه، ولا يلزم المِزِّيَّ أنَّ كلَّ مَن له ذكرٌ في الكتب أو في بعضها أن يُترجمه، والله أعلم.

    قوله: (قَدِمَ الْحَجَّاجُ، فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ): تقدير الكلام: فكان يُؤخِّر الصَّلاة، فسألنا جابر بن عبد الله، وهذا طُوِي؛ للعلم به.

    قوله: (وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ): أي: غابَتِ الشَّمس، والوجوب: السُّقوط.

    قوله: (أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا): تقدَّم أنَّ (الأحيانَ) الأوقاتُ.

    (1/1317)

    [حديث: صلى النبي سبعًا جميعًا وثمانيًا جميعًا]

    562# قوله: (سَبْعًا جَمِيعًا، وَثَمَانِيًا جَمِيعًا): تقدَّم [1] أنَّه جمع بين المغرب والعشاء، والظُّهر والعصر، وتقدَّم الكلام عليه، وعلى الجمع للحاجة وللمرض في الورقة التي قبل هذه؛ فانظره.

    ==========

    [1] في (ب): (وتقدَّم).

    [ج 1 ص 199]

    (1/1318)

    [باب من كره أن يقال للمغرب العشاء]

    (1/1319)

    [حديث: لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب]

    563# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ [1] البصريُّ، الحافظ، تقدَّم [2] الكلام عليه، وعلى بعض ترجمته.

    قوله: (عَنِ الْحُسَيْنِ): هو الحسين بن ذكوان، المُعلِّم البصريُّ الثِّقة، عن ابن بريدة، وعطاء، وعمرو بن شعيب، وعنه: القطَّان، وغندرٌ، ويزيدُ، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (145 هـ)، وقد تقدَّم، لكن طال العهد به.

    قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ الْمُزَنِيُّ): هذا هو عبد الله بن مغَفَّل؛ بالضَّمِّ في الميم، ثمَّ غين معجمة مفتوحة، ثمَّ فاء مُشدَّدة مفتوحة، ثمَّ لام، ومُغفَّل صحابيٌّ أيضًا [3].

    فائدة: جميع ما يشبه هذا (مَعْقِل)؛ بفتح الميم، ثمَّ عين مهملة ساكنة، ثمَّ قاف مكسورة، إلَّا عبد الله بن مُغفِّل المزنيَّ هذا، وإلَّا هُبَيب بن مُغْفِل؛ بضمِّ الميم، ثمَّ غين ساكنة، ثمَّ فاء مكسورة، صاحب الوادي بطريق الإسكندريَّة، وقد انضبط هذا الباب.

    وعبد الله الصَّحابيُّ صاحب الترجمة رضي الله عنه من أصحاب الشَّجرة، عنه [4]: الحسن، وسعيد بن جبير، وابن بريدة، وهو أوَّل مَن دخل تَستُر وقت الفتح، تُوُفِّيَ سنة (60 هـ)، أخرج له الجماعة.

    ==========

    [1] في (ج): (الثَّوري)، وهو تحريف.

    [2] (تقدَّم): سقط من (أ).

    [3] في (ب): (أيضًا صحابي)، وسقط (ومغفل صحابي أيضًا) من (ج).

    [4] في (ج): (عن)، وهو تحريف.

    [ج 1 ص 199]

    (1/1320)

    [باب ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعًا]

    قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي مُوسَى [1]: كُنَّا نَتَنَاوَبُ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عِنْدَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ، فَأَعْتَمَ بِهَا): وهذا الحديث علَّقه بصيغة تمريضٍ، وقد أسنده في (باب فضل العشاء)، وأخرجه مسلم، قال شيخنا الشَّارح: وهو رادٌّ على مَن قال: إنَّ [2] التعليق المُمرَّض [3] نازلٌ عند البخاريِّ عن رُتبة المجزوم به، انتهى، وأصل هذا الكلام لشيخه مغلطاي، والحكمةُ في أنَّه ذكره هنا بصيغة تمريض _وهو صحيح عنده_: ما قاله شيخنا الحافظ العراقيُّ فيما قرأتُه عليه: إنَّما ذكره بصيغة تمريض؛ لأنَّه ذكره بالمعنى، وقد اختُلِف في جواز رواية الحديث بالمعنى على أقوال، فلهذا [4] ذكره بصيغة تمريضٍ؛ لوجود الخلاف في ذلك، وهو جواب حسن، ولفظ الحديث في (فضل صلاة العشاء) عن أبي موسى قال: (كنت أنا وأصحابي الذين قدموا معي في السفينة نزولًا في بقيع بطحان، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالمدينة، فكان يتناوب النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند صلاة العشاء كلَّ ليلة نفرٌ منهم، فوافقْنَا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنا وأصحابي وله بعضُ الشُّغل في بعض أمره، فأعتم بالصَّلاة ... )؛ الحديث، وأجاب عنه بجوابٍ آخرَ وفي «النُّكت» كلا الجوابين، فإنْ أردتهما؛ فانظرهما.

    قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى): تقدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم [5] بن حضَّار الأشعريُّ رضي الله عنه.

    قوله: (وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ): تقدَّم قريبًا ضبطُه، وأنَّ اسمه نَضْلةُ بن عبيد الأسلميُّ رضي الله عنه، وتقدَّم [6] بعض ترجمته.

    قوله: (وَأَبُو أيُّوب): تقدَّم أنَّ أبا أيُّوب هو خالد بن زيد الأنصاريُّ، بدريٌّ جليلٌ، تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم [7] أنَّه قدم على ابن عبَّاس البصرةَ فقال: إنِّي أخرج عن مسكني كما خرجتَ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن مَسْكَنك، فأعطاه ما أُغلِق عليه، ولمَّا قفل؛ أعطاه عشرين ألفًا وأربعين عبدًا، تقدَّم أنَّه مرض في غزوة القسطنطينة [8] فقال: إذا أنا مِتُّ؛ فاحملوني، فإذا صففتم للعدوِّ؛ فارموني تحت أرجلكم، فقبره مع سور القسطنطينة [9]، تقدَّم أنَّه تُوُفِّيَ سنة (51 هـ)، كما في «الكاشف»، وفي «التذهيب»: سنة (52 هـ)، وكذا في «وفيات التَّاريخ».

    (1/1321)

    [حديث: أرأيتم ليلتكم هذه فإن رأس مائة سنة منها .. ]

    564# قوله: (حَدَّثَنا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان، وتقدَّم بعض ترجمته، ولِمَ لُقِّب عبدان.

    قوله: (أَخبَرنَا عَبْدُ [1] اللهِ): هذا هو عبد الله بن المبارك، الزَّاهد العالم، مشهور الترجمة.

    قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسَ): تقدَّم مرارًا [2] أنَّه ابن يزيد الأيليُّ المشهور، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّمت لغاتُ (يونسَ).

    قوله: (عَنْ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.

    [ج 1 ص 199]

    قوله: (أَرَأَيْتَكُم): هو بفتح التَّاء، وهذا ظاهرٌ؛ ومعناه: الاستخبار.

    (1/1322)

    [باب وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا]

    (1/1323)

    [حديث: كان النبي يصلي الظهر بالهاجرة والعصر والشمس حية]

    565# قوله: (عَنْ مُحَمَّد بنُ عُمَرٍو): هو ابن الحسن بن عليٍّ، كذا في أصلنا: (مُحَمَّد بن عمرو)، وعلى فتح العين: (صح)، وفي [1] الهامش: (عُمر)، وعليها (صح) أيضًا، ومكتوب تحت (عُمر): (بفتح العين عند أبي ذرٍّ، وعند الباقين بضمِّ العين) انتهى، والمعروف الصَّواب فيه: مُحَمَّد بن عمرو؛ بفتح العين، وإثبات واو في آخرِه، كذا ذكره الذَّهبيُّ في «الكاشف» و «التذهيب» تبعًا للمزِّيِّ، ولم يذكر فيه خلافًا، وهو مُحَمَّد بن عمرو بن السَّيِّد الحسن بن عليِّ بن أبي طالب، أبو عبد الله، الهاشميُّ المدنيُّ، وأمُّه رملة بنت عَقِيل بن أبي طالب، روى عن عمِّة أبيه زينب بنت عليِّ بن أبي طالب، وابن عبَّاس، وجابرٍ، وعنه: سعد بن إبراهيم وجماعة، وثَّقه أبو زرعة وغيره، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

    قوله: (سَأَلْنَا جَابِرَ بنَ عَبدِ اللهِ): (سألْنَا): فعل وفاعله، و (جابر): مَنْصوبٌ مفعول، وهو بإسكان اللَّام من (سألْنَا).

    قوله: (بِالْهَاجِرَةِ): تقدَّم أنَّها وسط النَّهار عند [2] اشتداد الحرِّ.

    قوله: (إِذَا وَجَبَتْ): أي: غربت الشَّمس، ووجب؛ معناه: سقط، كما تقدَّم.

    ==========

    [1] (في): سقط من (ب).

    [2] في (ب): (وعند).

    [ج 1 ص 200]

    (1/1324)

    [باب فضل العشاء]

    (1/1325)

    [حديث: ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم]

    566# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعد، العالم الصَّالح الجَواد.

    قوله: (عَنْ عُقَيْلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مرارًا.

    قوله: (قَبْلَ أَنْ يَفْشُوَ الإِسْلاَمُ): (يفشو): يظهر، ثلاثيٌّ؛ فاعلمه.

    قوله: (أَحَدٌ [1] غَيْرُكُمْ): هو برفع (غير)، وهذا معروف ظاهر.

    ==========

    [1] كذا في النُّسخ، وهو موافق للحديث اللَّاحق، وزيد في «اليونينيَّة» و (ق): (مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ).

    [ج 1 ص 200]

    (1/1326)

    [حديث: على رسلكم أبشروا إن من نعمة الله عليكم]

    567# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

    قوله: (عَنْ بُرَيْدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ المُوَحَّدة، وفتح الرَّاء، وتقدَّم بعضُ ترجمته ونسبه.

    قوله: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): تقدَّم أنَّه ابن أبي موسى الأشعريِّ، وأنَّ اسمه الحارث أو عامر، القاضي المشهورُ الترجمة.

    قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى): تقدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ رضي الله عنه.

    قوله: (كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِي فِي السَّفِينَةِ): (أصحاب أبي موسى): الذين قدموا معه في السفينة، أمَّا الذين خرجوا [1] معه من الأشعريِّين فألقتهم السَّفينة إلى [2] أرض الحبشة؛ (فكانوا نحوَ خمسين رجلًا، فألقتهم الرِّيح إلى النَّجاشي إلى الحبشة) [3]، فوافقوا خروج جعفر وأصحابه منها، فأتَوا معهم، وقَدِمَتِ السَّفينتان معًا؛ سفينة الأشعريِّين، وسفينة جعفرٍ وأصحابه على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حين فتح خيبر، وقد قيل: إنَّ الأشعريِّين إذ رمتهم الرِّيح إلى النَّجاشي، أقاموا بها مدَّة، ثمَّ خرجوا في حين خروج جعفر، فلهذا ذكره ابن إسحاق فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، والله أعلم، قاله أبو عمر في «استيعابه»، وصريحه: أنَّ الخمسين قدموا في سفينة الأشعريِّين غير مَنْ قدم في سفينة جعفر، وفي هذا «الصحيح»: (فأقمنا معه حتَّى قَدِمنا جميعًا)، وهذا أيضًا صريحٌ في أنَّهم قدموا مع جعفر بأجمعهم، والله أعلم.

    وقول أبي عمر: (نحو خمسين رجلًا) ففي هذا «الصَّحيح» إمَّا قال: (بضع)، وإمَّا قال: (ثلاثة وخمسين)، أو (اثنين وخمسين رجلًا) انتهى، وأصحاب السَّفينتين قد ذكر البلاذريُّ _كما نقله ابن سيِّد الناس عنه_ في عدد أصحاب السَّفينتين بسنده إلى ابن عبَّاس في جملة حديث: (والذين كانوا مع جعفر بن أبي طالب بأرض الحبشة أربعون رجلًا)، وهو حديث ضعيف، والمشهور الذي ذكره ابن إسحاق: أنَّ أصحاب السفينتين كانوا ستَّةَ عشرَ رجلًا، انتهى، وقد قدَّمتُ لك ما يُخالفه، وذكر شيخنا الشَّارح في (الجهاد): (أنَّهم كانوا اثني عشر رجلًا) انتهى، ولعلَّ الجمع بينها أنَّ مَن قال: زيادة على خمسين؛ عدَّ الجميع، ومَن قال: أربعين؛ عدَّ الكبار، ومن قال: ستَّةَ عشرَ أو اثني عشر؛ عدَّ الرُّؤساء، والله أعلم كم كانوا.

    (1/1327)

    قوله: (فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ): قال الدِّمياطيُّ: (كذا يقوله أهل الحديث: بضمِّ الباء، وسكون الطَّاء، وأهل اللُّغة يقولونه: بفتح الباء، وكسر الطَّاء) انتهى، وهذا قاله ابن قُرقُول وغيرُه، ولفظ ابن قُرقُول: (بُطْحان)؛ بضمِّ الباء، يرويه المُحَدِّثون أجمعون، وحكى فيه أهل اللُّغة: (بَطِحان)؛ بفتح الباء، وكسر الطَّاء، وكذلك قيَّده أبو عليٍّ في «بارعه»، ثمَّ البكريُّ، قال البكريُّ: (لا يجوز غيرُه، وهو موضع وادٍ بالمدينة) انتهى، وأمَّا صاحب «النِّهاية»؛ فإنَّه قال: (بَطحان _بفتح الباء_: اسم وادِي [4] المدينة [5]، والبطحانيُّون منسوبون إليه، وأكثرهم يضمُّون الباء، ولعلَّه الأصحُّ) انتهى، ولم يذكر فيه شيخنا مجد الدين في «القاموس» سوى الضَّمِّ، والله أعلم.

    قوله: (فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (وافقْنا): هو بإسكان القاف، فعلٌ وفاعلٌ، و (النَّبيَّ): مَنْصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ [6].

    قوله: (حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ): هو بتَّشديد الرَّاء في آخره؛ أي: انتصف، وبُهرة كلِّ شيء: وسطه، ويقال: طلعت نجومه فأضاء، قاله ابن قُرقُول، وفي «الصِّحاح»: (ابهارَّ اللَّيل ابْهرارًا؛ أي: انتصف)، ويقال: ذهب معظمُه وأكثرُه.

    قوله: (عَلَى رِسْلِكُمْ): هو بكسر الرَّاء وفتحها، والسِّين ساكنة فيهما، قال ابن قُرقُول: (فمعنى الكسر: التُّؤدة، وبالفتح: اللِّين والرِّفق، وأصله: السَّير [7] اللَّيِّنُ).

    قوله: (إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ): ضبطهما شيخنا الشَّارح: بفتح همزة (أنَّ) و (أنَّه)، انتهى، وكذا أحفظه أنا عن بعض العلماء؛ رأيتُه في كلامه، ولا يحضرني الآن، وقال بعضهم: (أنَّ) و (أنَّه)؛ بالفتح، قال: (ومنهم مَن كَسر الأولى) انتهى، وفي أصلنا: الأولى مكسورة ومفتوحة، كذا كانت، والآن قد عُمِلت بالكسر فقط، والثَّانية مفتوحة.

    قوله: (غَيْرُكُمْ): هو بالرَّفع، وكذا الثَّانية بعدها.

    قوله: (أَيَّ الْكَلِمَتَيْنِ): هو بنصب (أيَّ) على المفعوليَّة.

    ==========

    [1] في النُّسخ: (خرج)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

    [2] في (ب): (في).

    [3] ما بين قوسين سقط من (ب).

    [4] في النُّسخ: (واد)، والمثبت موافق لما في مصدره.

    [5] في (ب): (بالمدينة).

    [6] في (ب): (الظاهر).

    [7] (السير): سقط من (ج).

    [ج 1 ص 200]

    (1/1328)

    [باب ما يكره من النوم قبل العشاء]

    (1/1329)

    [حديث: أن رسول الله كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها]

    568# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ سَلاَمٍ [1]: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تقدَّم مرَّات أنَّ سلامًا الأصحُّ فيه التَّخفيفُ، وتقدَّم بعض ترجمة ابنه مُحَمَّدٍ، ووقع في [2] أصلنا: (مُحَمَّد) وعلى (ابن سلام) علامة راويها، قال الجيَّانيُّ: (قال البخاريُّ في «الصَّلاة»، و «الجنائز»، و «المناقب»، و «الطَّلاق»، و «التَّوحيد»، وغير ذلك: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الوهَّاب» نسبه ابن السَّكن في بعضها: «ابن سلام»، وقد صرَّح البخاريُّ باسمه في «الأضاحي»، وفي غير موضع، فقال: «حدَّثنا مُحَمَّد بن سلام: حدَّثنا عبد الوهَّاب»، وذكر أبو نصر أنَّ البخاريَّ يروي في «الجامع»: عن مُحَمَّد بن سلام، وبندار مُحَمَّد بن بشار، وأبي موسى مُحَمَّد بن المثنَّى، ومُحَمَّد بن عبد الله بن حوشب الطائفيِّ، عن عبد الوهَّاب الثَّقفيِّ)، انتهى مُلَخَّصًا، وقال شيخنا: (مُحَمَّد: هو ابن سلام، كما ذكره أبو نعيم الأصبهانيُّ)، ثمَّ ذكر كلام الجيَّانيِّ، ثمَّ قال: (ورواه الإسماعيليُّ: عن ابن ناجية، عن بندار، عن عبد الوهَّاب، فيحتمل أن يكون هو) انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ بل قال: (مُحَمَّد عن [3] عبد الوهَّاب).

    قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ): تقدَّم أنَّه خالد بن مهران الحذَّاء، الحافظ، وتقدَّم لماذا نُسِب، وتقدَّم بعض ترجمته.

    قوله: (عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ): تقدَّم أنَّه سيَّار بن سلامة، وتقدَّم عليه بعض الكلام.

    [ج 1 ص 200]

    قوله: (عَنْ أَبِي بَرْزَةَ): تقدَّم قريبًا ضبطُه، وأنَّه نضلة بن عبيد، وقيل: نضلة بن عائذ، وقيل: ابن عبد الله السُّلميُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

    [2] (في): مثبت من (ب).

    [3] في (ب): (ابن)، وهو تحريف.

    (1/1330)

    [باب النوم قبل العشاء لمن غلب]

    قوله: (لِمَنْ غُلِبَ): هو بضمِّ الغين، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    ==========

    [ج 1 ص 201]

    (1/1331)

    [حديث: أعتم رسول الله بالعشاء حتى ناداه عمر: الصلاة]

    569# قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ [1]): هذا هو [2] عبد الحميد بن أبي أُوَيس، أخو إسماعيل، ابنا [3] أخت مالك بن أنس الإمامِ، تقدَّما.

    قوله: (أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ، مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

    قوله: (نَادَاهُ عُمَرُ: الصَّلاةَ): هي بالنَّصب، ونصبها معروف.

    قوله: (غَيْرُكُمْ): هو بالرَّفع، وقد تقدَّم قريبًا.

    قوله: (وَلاَ يُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ بِالْمَدِينَةِ): (يُصلَّى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

    قوله: (وَكَانُوا يُصَلُّونَ): قائل ذلك هو عائشة، أو عروة، أو الزُّهريُّ، والله أعلم، قلتُه ولم أره لأحد، [لكن يترجَّح أنَّه عروة أو مَن بعده؛ لقوله: (قال) ولم يقل: (قالت)] [4].

    (1/1332)

    [حديث: ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم]

    570# 571# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ [1]: أَخْبَرَنَا [2] عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هذا محمود بن غيلان المروزيُّ، الحافظ، أبو أحمد، عن الفضل بن موسى السِّينانيِّ [3]، وابن عيينة، وعنه: سوى أبي داود، وابنُ خزيمة، والبغويُّ، مات في رمضان سنة (239 هـ)، أخرج له مَن أخذ عنه مِن الأئمَّة السِّتَّة، ووثَّقه النَّسائيُّ.

    قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هذا هو الحافظ عبد الرَّزَّاق بن همَّام بن نافع، أبو بكر، أحد الأعلام الثِّقات، عن ابن جريج، ومعمر، وثور، وعنه: أحمد، وإسحاق، والرَّماديُّ، وإسحاق الدَّبريُّ، وصنَّف الكتب، تُوُفِّيَ عن خمس وثمانين سنةً، سنةَ (211 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

    قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم غيرَ مَرَّةٍ أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وتقدَّم بعض ترجمته، وتزوُّجُه بسبعين [4] امرأةً بالمتعة رحمه الله.

    قوله: (غَيْرُكُمْ): تقدَّم أنَّه بالرَّفع، وقد تقدَّم أعلاه وقبله [5].

    قوله: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ، فَقَالَ [6]: سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ): في الكلام حذفٌ؛ تقديره: قلت لعطاء أيُّ حينٍ أحبُّ إليك أن أصلِّيَ العشاء أو تُصلَّى العشاء؟ والله أعلم.

    قوله: (الصَّلَاةَ): تقدَّم أنَّه مَنْصوبٌ، وهذا معروف.

    قوله: (فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ): أي: فرَّق.

    قوله: (عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ): (قرنه): جانبه.

    قوله: (عَلَى الصُّدْغِ): (الصُّدغ): هو ما بين العين إلى الأذن.

    [قوله: (وَلَا يُقْصِّر): كذا في أصلنا بالقاف، وبالصَّاد المهملة المُشدَّدة، وفي الحاشية: (ولا يعصر)؛ بالعين، والصَّاد المهملتين، والعين ساكنة، قال ابن قُرقُول: («لا يعصر» كذا لهم، وعند الحمُّوي والمستملي: «لا يُقصِّر»، وكذا لرواة «مسلم»؛ أي: لم يضمَّ أصابعه ويجمع شعره في كفِّه، بل كان عصره للماء بِشدِّ أصابعه على رأسه، كما ذُكِر [7] في الحديث لا غير، ومعنى: «لا يُقصِّر»: لا يترك، وقيل: يبطِّئ)، انتهى] [8]

    قوله: (وَلاَ يَبْطشُ): هو بكسر الطَّاء، وتُضمُّ؛ لغتان.

    (1/1333)

    [باب وقت العشاء إلى نصف الليل]

    قوله: (بَابٌ وَقْتُ الْعِشَاءِ): (بابٌ): مَرْفوعٌ منوَّن، و (وقت): مَرْفوعٌ أيضًا، وهذا ظاهرٌ [1] معروف، ويجوز (باب) مَرْفوعٌ من غير تنوين، و (وقت) مجرور.

    قوله: (وَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ): تقدَّم أنَّه نضلة بن عبيدٍ، وتقدَّم الاختلاف في اسم أبيه قريبًا، وتقدَّم قبله بعض ترجمته.

    (1/1334)

    [حديث: قد صلى الناس وناموا أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها]

    572# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ الْمُحَارِبِيُّ): قال الدِّمياطيُّ: (عبد الرحيم هذا وطلق بن غنَّام النَّخعيُّ وعبد الله بن صالح العجليُّ ماتوا في سنة إحدى عشرةَ ومئتين، وكلُّهم انفرد البخاريُّ بهم) انتهى، وما قاله الحافظ الدِّمياطيُّ صحيحٌ في عبد الرَّحيم وطَلْق، وأمَّا عبد الله بن صالح العجليُّ؛ فقد قال [1] الذَّهبيُّ في ترجمته: (لم يصحَّ أنَّ البخاريَّ روى عنه) انتهى والذَّهبيُّ حافظ مُتأخِّر، وإنْ كان الدِّمياطيُّ من مشايخه إلَّا أنَّه مُطَّلعٌ على الخلاف في ذلك، واعتراضٌ آخرُ وهو أنَّه قال في وفاته _ أعني: العجلي _: سنة إحدى عشرةَ، وكذا ذكر [2] غيره، ولكن قال ابن عبد الهادي في «طبقات المُحَدِّثين» التي اختصرها من «طبقات الذَّهبيِّ» _وقد حكى القول بأنَّه تُوُفِّيَ سنة إحدى عشرة_: والأشبه سنة إحدى وعشرين، والله أعلم، وقول الدِّمياطيِّ: (وكلُّهم انفرد البخاريُّ بهم)؛ يعني: عن مسلم، ولا بدَّ مِن هذا، وهذا مرادُه، والله أعلم.

    قوله: (حَدَّثَنَا زَائِدَةُ): هذا هو ابن قدامة الثَّقفيُّ، أبو الصَّلت، الكوفيُّ الحافظ، عن زياد بن علاقة وسماك، وعنه: ابن مهديٍّ وأحمد ابن يونس، ثقة حجَّة صاحب سُنَّة، تُوُفِّيَ غازيًا بالرُّوم سنة (161 هـ)، أخرج له الجماعة.

    قوله: (وَزَادَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): ابن أبي مريم هو شيخ البخاريِّ، وهو سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد، مولى بني جُمَح، أبو مُحَمَّد، المصريُّ الحافظ [3]، تقدَّم بعض ترجمته، وقد تقدَّم أنَّ هذا تعليق مجزوم به، وأنَّ حكم (زاد) كـ (قال) [4] كذا صورته، وأنَّه محمول على السَّماع، غير أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك مُطَوَّلًا، والشَّرط في قائل ذلك ألَّا يكون مُدلِّسًا.

    وفائدة زيادة ابنِ أبي مريم: أنَّ يحيى بن أيُّوب فيها صرَّح بالتحديث من حُمَيد الطَّويل، وإنْ كان زائدةُ غير مُدَلِّس؛ ليخرج مِن خلاف مَن خالف في ذلك، وقد تقدَّم، الثَّانية [5]: أنَّ حميدًا صرَّح فيها بالسَّماع مِن أنس، فزال ما يُخشَى مِن تدليس حُمَيد؛ لأنَّه مُدَلِّس، والله أعلم.

    قوله: (إِلَى وَبِيصِ): هو بفتح الواو، ثمَّ مُوَحَّدة مكسورة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ صاد مهملة، البريق واللَّمعان.

    ==========

    [1] في (ب): (العجلي فقال).

    [2] في (ب) و (ج): (ذكره).

    (1/1335)==

ج4. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[3] في (ب): (الحافظ المصري).

[4] (و أن حكم زاد كقال): سقط من (ب).

[5] في النُّسخ: (الثاني)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 201]

(1/1336)

[باب فضل صلاة الفجر]

(1/1337)

[حديث: أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا]

573# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، الحافظ، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ إِسْمَاعِيلَ): تقدَّم أنَّه ابن أبي [1] خالد، الحافظ الإمام، كان طحَّانًا، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا قَيْسٌ): هو ابن أبي حازم، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (لاَ تُضَامُّونَ): تقدَّم الكلام عليه في الورقة التي قبل هذه بورقة.

قوله: (أَوْ لاَ تُضَاهُونَ): أي: لا يعارض بعضُكم بعضًا في الشَّكِّ في رؤيته ونفيها، وقيل: لا تُشبِّهون ربَّكم بغيره في رؤيته سبحانه.

[ج 1 ص 201]

قوله: (ثُمَّ قَالَ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ... } [الحجر: 98]) إلى آخره: قائل هذا هو قيس بن أبي حازم، حكاه عن جرير، وقد تقدَّم.

==========

[1] (أبي): سقط من (ج).

(1/1338)

[حديث: من صلى البردين دخل الجنة]

574# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): هو القيسيُّ، أبو خالد، البصريُّ، الحافظ المُسنِد، ويقال له: هَدَّابٌ _وهو لقبه_ بفتح الهاء، وتشديد الدَّال المهملة، وفي آخره مُوَحَّدة، عن حمَّاد بن سلمة وجَرِيرِ بن حازم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والبغويُّ، وأبو يعلى، قال ابن عديٍّ: لا أعرف له حديثًا مُنكَرًا، تُوُفِّيَ سنة (235 هـ)، وله ترجمة في «الميزان»، وثَّقه ابن معين والنَّاس، أخرج له مَن روى عنه مِن السِّتَّة.

قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، مِن عَوْذ بن سُوْد؛ بطنٍ من الأزد، وهو بفتح العين المهملة، وإسكان الواو، وبالذَّال المعجمة، الحافظ، عن الحسن، وعطاء، وقتادة، وعنه: ابن مهديٍّ، وهدبة، وشيبان [1]، قال أحمد: (ثبْتٌ في كلِّ المشايخ)، مات سنة (163 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم بعضُ ترجمته، ولكن طال العهد به.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ): هو بالجيم والرَّاء، واسمه نصر بن عمران الضُّبعيُّ، وقد تقدَّم الكلامُ عليه مرارًا.

قوله: (عَنْ أَبِي بَكْرِ، عَنْ أَبِيهِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة خارج أصلنا وعليها علامة راويها: (ابن أبي موسى)، أمَّا (أبو بكر) هذا؛ فقد اختُلِف في اسمه، فقيل: عَمرو، وقيل: عامر، وقيل: اسمه كنيته، عن أبيه، وجابر بن سَمُرة، وابن عبَّاس، والبراء، (وغيرهم، وعنه: أبو جمرة الضُّبعيُّ، وأبو إسحاق السَّبيعيُّ، وعبد الله بن أبي السفر، وغيرُهم، قال ابن نمير: كان أكبر من أخيه أبي بردة، ومات في ولاية خالد بن عبد الله) [2]، وهو صدوق مُوثَّق، وله ترجمة في «الميزان» يسيرةٌ، وسيأتي قريبًا فائدةُ نسبة أبي بكر إلى أبيه.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ): أبوه هو أبو موسى الأشعريُّ، عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار، تقدَّم بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ): هو تثنية (بَرْد)، وهو بفتح الباء المُوَحَّدة، وإسكان الرَّاء، وهما الصُّبح والعصرُ، قال شيخنا الشَّارح: (وأبعدَ مَن ضمَّ إليهما المغربَ، فيما حكاه ابن بطَّال عن أبي عبيدة) انتهى.

(1/1339)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ رَجَاءٍ): هذا هو عبد الله بن رجاء الغُدَانيُّ، شيخ البخاريِّ، وقد تقدَّم الكلامُ على ما إذا قال البخاريُّ: (وقال فلان)، وفلان المُسنَد إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك مُطَوَّلًا، فأغنى عن إعادته هنا، وعبد الله بن رجاء هذا غُدَانيٌّ بصريٌّ، يروي عن هشام الدَّستوائيِّ، وشعبةَ، وطائفةٍ، وعنه: البخاريُّ، وأبو مسلم [3] الكجِّيُّ، وأبو خليفة، قال أبو حاتم: ثقة رَضِيٌّ، مات سنة (220 هـ)، أخرج له البخاريُّ والنَّسائيُّ، وغُدَانة؛ بضمِّ الغين المعجمة، وتخفيف الدَّال المهملة، وبعد الألف نونٌ، ثمَّ ياء النِّسبة إلى غدانة بن [4] يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، يُنسَب إليها خلقٌ، له ترجمة في «الميزان» وصحَّح عليه، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

قوله: (عَنْ أَبِي جَمْرَةَ): تقدَّم أعلاه أنَّه نصر بن عمران الضُّبعيُّ، وتقدَّم قبلَ ذلك بعضُ ترجمته، قال شيخنا الشَّارح بعد أن عزى تعليق ابن رجاء ما لفظه: (وفائدتُه عند البخاريِّ نسبةُ أبي بكر إلى أبيه أبي موسى الأشعريِّ؛ لأنَّ النَّاس اختلفوا في أبي بكر هذا: مَن هو؟ فقال الدَّارقطنيُّ نقلًا عن بعض أهل العلم: «هو أبو بكر بن عمارة بن رُؤَيبة الثَّقفيُّ، وهذا الحديث محفوظ عنه»، وقال البزَّار: «لا نعلمه يُروَى عن أبي موسى إلَّا مِن هذا الوجه، وإنَّما يُعرَف عن أبي بكر بن عمارة عن أبيه، ولكنْ هكذا قال همَّام؛ يَعنيان بذلك: حديث أبي بكر بن عمارة المخرَّج عند «مسلم»: «لن يلجَ النَّار أحدٌ صلَّى قبل طلوع الشَّمس وقبل غروبها»؛ يعني: الفجرَ والعصرَ»)، انتهى، وهذا تنبيه حسن، ولم يذكر شيخنا فائدة الحديث الثاني عن إسحاق، وفائدته: أنَّه صرَّح أيضًا أبو جمرة بأنَّه أبو بكر بن عبد الله، وذاك أبو بكر والده عمارةُ، لا عبد الله، ففيه أيضًا التصريحُ بأنَّه غيُر ذاك، بنسبه إلى والده عبدِ الله، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ أَخْبَرَهُ بِهَذَا): أمَّا (أبو بكر)؛ فقد تقدَّم أعلاه، وكذا أبوه (عبد الله بن قيس) الأشعريُّ، أبو موسى.

(1/1340)

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ حَبَّانَ): أمَّا (إسحاق)؛ فلم أجده منسوبًا، بل ولا هذا في كلام شيخنا الشَّارح، أعني: الطريقَ الثانية طريقَ إسحاق، ولا رأيت المِزِّيَّ نسبه، لكنَّه ذكرها، ولا رأيته في كلام الجيَّانيِّ، بل قد ذكر الجيَّانيُّ أماكنَ من «البخاريِّ» فيها إسحاقُ عن حَبَّان؛ يعني: ابن هلال، ولم يذكر هذا المكان من الأماكن التي ذكرها، والظاهر أنَّه لو وقف عليه؛ لقال فيه كما قال في تلك الأماكن، فإنَّه قال: لم أجد إسحاق هذا منسوبًا عند أحد مِن رُواة الكتاب، ولعلَّه إسحاق بن منصور، فقد روى مسلمٌ في «صحيحه» عن إسحاق بن منصور عن حَبَّان، انتهى.

قوله: (عَنْ حَبَّانَ): هو بفتح الحاء المهملة، وتشديد الباء المُوَحَّدة، وهو حَبَّان بن هلال، كما تقدَّم أعلاه عن الجيَّانيِّ، وحَبَّان بن هلال حافظٌ، يروي عن معمرٍ وشعبةَ، وعنه: الدَّارميُّ وعبد بن [5] حُمَيد، ثبت، تُوُفِّيَ سنة (216 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد وثَّقه يحيى القطَّان.

فائدةٌ هي تنبيهٌ: كلُّ ما في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ» مِن هذا الوضع؛ فإنَّه يشتبه بحِبَّان؛ بكسر الحاء، وحَبَّان؛ بفتحها، وحَيَّان؛ بفتح الحاء، وبالمُثَنَّاة تحتُ، فبفتح [6] الحاء وبالمُوَحَّدة حَبُّان بن مُنقِذ؛ له ذكرٌ في «المُوطَّأ»، وابنه واسع بن حَبَّان حديثه في «المُوطَّأ»، و «البخاريِّ»، و «مسلم»، وابنه حَبَّان بن واسع بن حَبَّان روى له مسلمٌ، وابن عمِّه مُحَمَّدُ بن يحيى بن حَبَّان، [حديثه في «الصَّحيح» مُطلَقًا غيرُ منسوب، وحَبَّان بن هلال هذا [7] حديثُه في «البخاريِّ» و «مسلم»، وقد يرد هذا في «الصَّحيح» [8] غيرَ منسوب] [9] إلى أبيه، فيتميَّز بشيوخه؛ وذلك حَبَّان عن شعبة، وحَبَّان عن وهيب، وحَبَّان عن همَّام، وحَبَّان عن أبان، وحَبَّان عن سليمان بن المغيرة، وحبَّان عن أبي عوانة، فالمُراد به: ابنُ هلال، والثَّاني: حِبَّان؛ بكسر الحاء [10]، وهو ابن عطيَّة، وحِبَّان بن [11] موسى، روى له البخاريُّ ومسلم في «الصَّحيحين»، وهو حِبَّان _غير منسوب أيضًا_ عن عبد الله بن المبارك، وحِبَّان بن العرقة: كافرٌ هلك على كفره، رمى سعدَ بن معاذ، وأمَّا حَيان؛ بفتح الحاء، وبالمُثَنَّاة تحت المُشدَّدة؛ فبقيَّة مَن في الكتب الثَّلاثة؛ «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ»، والله أعلم.

(1/1341)

قوله: (أَخْبَرَنَا [12] هَمَّامٌ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن يحيى العَوْذيُّ؛ فانظره.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ): تقدَّم أعلاه أنَّه بالجيم، وهو نصر بن عمران الضُّبعيُّ.

قوله: (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ): وقد قدَّمتُ أعلاه فائدةَ هذا الحديث الثَّاني؛ فانظره [13]، والله أعلم.

(1/1342)

[باب وقت الفجر]

 [حديث زيد: أنهم تسحروا مع النبي ثم قاموا إلى الصلاة]

575# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو ابن يحيى العَوْذيُّ، تقدَّم أعلاه؛ فانظره.

[قوله: (قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟): القائل (قلت): هو قتادة، ويؤيِّد ذلك الحديثُ الذي بعده] [1].

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 202]

 [حديث: أن نبي الله وزيد بن ثابت تسحرا]

576# قوله: (سَمِعَ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ): تقدَّم أنَّ روحًا بفتح الرَّاء، وتُضمُّ، وتقدَّم أنَّ (عبادة) بضمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة.

قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا [1] هو ابن أبي عَرُوبة مهرانَ، أبو النَّضر، اليشكريُّ مولاهم، أحد الأعلام، عن الحسن، وأبي رجاء العطارديِّ، وقتادةَ، وعنه: شعبة، والقطَّان، وغُندرٌ، قال أحمد: (كان يحفظ، لم يكن له كتابٌ)، وقال ابن معين: (هو أثبتهم في قتادة، هو قبل أن يختلط ثقةٌ)، تُوُفِّيَ سنة (156 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد ذكرت في مُؤلَّف مُفرَد مَن اختلط مِن الثِّقات وغيرِهم، فإنْ أردتَهم؛ فانظره.

تنبيه: قال شيخنا مجد الدين في «القاموس» ما لفظه: (و «ابن أبي العروبة» باللَّام، وتركُها لحنٌ أو قليلٌ) انتهى، وقد تقدَّم ذلك عنه [2].

فائدة: الطريقُ الثانية التي رواها البخاريُّ عن حسن بن الصَّبَّاح فائدتُها: أنَّ الأُولى جُعِل الحديث فيها مِن مُسنَد زيد بن ثابت، والثَّانية جعلها مِن مسند أنس، فأخرج البخاريُّ الطريقين؛ لزيادة الفائدة.

قوله: (مِنْ سَحُورِهِمَا): هو _بفتح السِّين_ اسمُ ما يُؤكَل في السَّحَر، وكذلك الفَطُور؛ اسم ما يُفطَر عليه، وبالضَّمِّ: اسم الفعل، وأجاز بعضهم أن يكون اسمُ الفعل بالوجهين، والأوَّل أكثرُ وأشهرُ، قاله في «المطالع».

==========

[1] (هذا): مثبت من (ج).

[2] (وقد تقدَّم ذلك عنه): سقط من (ج).

[ج 1 ص 202]

 [حديث سهل: كنت أتسحر في أهلي ثم يكون سرعة بي .. ]

577# قوله: (عَنْ أَخِيهِ): أخو إسماعيل بن أبي أويس هو عبد الحميد بن أبي أويس، وهما ابنا أخت مالك بن أنس الإمامِ، تقدَّم عبد الحميد مُتَرْجَمًا، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان» شديدةً، ولا يصحُّ ما قيل فيه فيها، والله أعلم.

قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هو ابن بلال المدنيُّ، تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار الأعرج، المدنيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (ثُمَّ يَكُونُ سُرْعَةً بِي [1]): هو مَنْصوبٌ منوَّن، وكذا هو مضبوط في أصلنا [2]، خبر (كان)، و (أَنْ أُدْرِكَ) محلُّه الرَّفع على أنَّه الاسم، قال بعضهم: وبالرَّفع _يعني: (سرعةٌ) _ عند مَن يُجيز الإخبارَ عن النَّكرة

[ج 1 ص 202]

بالمعرفة في خبر (كان)، وقال القاضي: (هي بضمِّ السِّين ورفع آخره على اسم «كان»)، انتهى.

==========

[1] في (ج): (لي).

[2] (وكذا هو مضبوط في أصلنا): سقط من (ب).

 [حديث عائشة: كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله .. ]

578# قوله: (كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ): (نساء): مَرْفوعٌ، ورفعه ظاهر، وجُوِّز فيه النَّصبُ على أنَّه خبرٌ، والله أعلم.

قوله: (مُتَلَفِّعَاتٍ): قال ابن قُرقُول: («مُتلفِّفات»: كذا رواه طائفة مِن رُواة «المُوطَّأ»؛ منهم: يحيى بن يحيى، ورواه جماعة _منهم ابن بُكير، وابن القاسم، ومُطرِّف_: بالعين، وكذلك أصلحه ابن وضَّاح، والتَّلفُّع: يُستعمَل في الالتحاف مع تغطية الرأس، والتَّلفُّف: يكون مع تغطية الرأس وكشفه) قاله في «المطالع»، وقد تقدَّم [1].

قوله: (بِمُرُوطِهِنَّ): هو جمع (مِرْطٍ)؛ بكسر الميم، وإسكان الرَّاء، وبالطاء المهملة: كساء من صوف أو خزٍّ أو كتَّان، قاله الخليل، وقال ابن الأعرابيِّ: هو الإزار، وقال النَّضر: لا يكون المِرْط إلَّا درعًا، وهو مِن خزٍّ أخضرَ، ولا يُسمَّى المِرْطُ إلَّا الأخضر، ولا يلبسه إلَّا النِّساء، وظاهر الحديث يُصحِّح قول الخليل، وفي «الصَّحيح»: (مِرْط مِن شعرٍ أسودَ)، وقد تقدَّم.

==========

[1] (وقد تقدَّم): سقط من (ب) و (ج).

[ج 1 ص 203]

(1/1347)

[باب من أدرك من الفجر ركعة]

 [حديث: من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس]

579# قوله: (وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ المُوَحَّدة، وبالسِّين المهملة.

فائدةٌ _وقد تقدَّمت قريبًا [1]_ هي تنبيهٌ: كلُّ ما في «البخاريِّ» و «مسلم» و «المُوطَّأ» من هذه الصُّورة؛ فإنَّه بِشْرٌ؛ بالمُوَحَّدة المكسورة، وبالشِّين المعجمة إلَّا ثلاثةَ أسماء؛ بُسرَ بن سعيد هذا؛ فإنَّه بضمِّ المُوَحَّدة، وبالسِّين المهملة، كما تقدَّم، وبُسرَ المازنيَّ: والد عبد الله بن بُسْر، وعبدُ الله ووالدُه بسر صحابيَّان، وبسرَ بن عبيد [2] الله الحضرميَّ، وبسرّ بن محجن الدِّيليَّ، وقد اختُلِف في هذا الرابع، فالجمهورُ على الإهمال، وهذا ليس له [3] في «البخاريِّ» و «مسلم» شيءٌ، ولم يذكر ابن الصَّلاح بسرًا المازنيَّ والدَ عبد الله، وذلك لأنَّ مسلمًا روى له، على ما قاله المِزِّيُّ في «تهذيبه»، لكن في «الأطراف» إنَّما خرَّج حديثه مِن عند النَّسائيِّ فقط، ولم يرقم عليه (م)، فالصَّواب ما عمله ابنُ الصَّلاح.

قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَنِ الأَعْرَجِ؛ يُحَدِّثُونَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): روى هذا الحديث زيدُ بن أسلمَ عن عطاء بن يسار، وبسر بن سعيد، وعبد الرَّحمن بن هرمز الأعرج؛ الثلاثة عن أبي هريرة، ويُعرَف ذلك من قوله: (يُحدِّثونه)، فإنْ قال قائل: لِمَ لمْ يقل: عن عطاءٍ وبسرٍ والأعرج، بل عطف ذلك بقوله: (وعن) الجارَّة، فأعاد حرف الجرِّ؟ والذي ظهر لي في الجواب: أنَّ زيدًا لم يسمع منهم ذلك في مجلس، ولو سمع منهم ذلك في مجلس؛ لم يُعِد حرف الجرِّ، وإنَّما ذلك في ثلاثةِ مجالسَ، فأعاد حرف الجرِّ؛ ليُعرَف ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَعَنِ الأَعْرَجِ؛ يُحَدِّثُونَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): هذا قد تقدَّم أعلاه الكلامُ عليه، و (الأعرج): تقدَّم أعلاه أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز.

(1/1349)

[باب من أدرك من الصلاة ركعة]

(1/1350)

[حديث: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة]

580# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ، مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 1 ص 203]

(1/1351)

[باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس]

(1/1352)

[حديث: أن النبي نهى عن الصلاة بعد الصبح .. ]

581# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي [1] عبد الله، واسمه سَنْبَر، الدَّستوائيُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ): هذا هو رُفَيع بن مهران، أبو العالية، الرِّياحيُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

فائدة: أبو العالية اثنان تابعيَّان من أهل البصرة؛ أحدهما: الرِّياحيُّ _بالمُثَنَّاة تحت_ مولاهم، واسمه رُفَيع بن مهران المذكورُ هنا، أسلم بعد عامين مِن موته صلَّى الله عليه وسلَّم، روى عن ابن عبَّاس، روى عنه: قتادةُ، والثَّاني: البرَّاء، واسمه زياد بن فيروز، كان يبري النَّبل، مذكورٌ في الطبقة الثانية، من أهل البصرة، يروي عن ابن عبَّاس، وعبد الله بن الصَّامت ابنِ أخي أبي ذرٍّ الغفاريِّ، روى عنه: أيُّوبُ السَّختيانيُّ، ومطرٌ الورَّاق، وبدل بن ميسرة، روى للأوَّل الجماعةُ، وللثَّاني البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، ترجمتهما معروفة، وقد راجعت «مسند ابن عبَّاس» فرأيتُه روى عنه الاثنان، لكن روى رُفَيع عنه عدَّة أحاديثَ، وهي تسعة في الكتب؛ منها في «البخاريِّ» و «مسلم» [2] ثلاثةٌ: دعاء الكرب، و «لا ينبغي لعبدٍ أن يقول أنا خير من يونس بن متَّى»، و (ذكر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليلة أُسرِي به)، وانفرد مسلمٌ عن البخاريِّ بحديثين: {مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11]، و (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام مرَّ بوادي الأزرق)، والباقي [في] السُّنن أو بعضها، وأمَّا زياد بن فيروز؛ فلم أرَ له عنه إلَّا حديثًا واحدًا في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «النَّسائيِّ»، وهو: (قدم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابُه لصبح رابعة يلبُّون بالحجِّ)، وليس له عنه غيرُه في الكتب الثلاثة، وليس له عنه في بقيَّة الكتب السِّتَّة شيءٌ، ولا له في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «النَّسائيِّ» إلَّا هذا؛ فاعلمْه.

(1/1353)

قوله: (حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ): هي بفتح التَّاء، وضمِّ الرَّاء؛ أي: تطلع، يقال: شرِقت الشمس: طلعت، وأشرقت: أضاءت؛ وهو امتداد ضوئها، وهي في هامش أصلنا: (تُشرِق)؛ بضمِّ أوَّله، وكسر الرَّاء، وفي «النِّهاية» جواز الرُّباعيِّ والثُّلاثيِّ باختلاف المعنى، وصرَّح به بعضُهم فقال: (تشرق)؛ بضمِّ أوَّله وكسر ثالثه، وبفتح أوَّله وضمِّ ثالثه، وهو الأكثر [3] عند رواة المشارقة، وأشار القاضي إلى ترجيح الأوَّل، انتهى، فهما [4] روايتان، ورأيت في نسخة صحيحة [5] حاشيةً، حاصلها: أنَّ الصَّواب (تَشرُق)؛ يعني: بفتح التَّاء، وضم الرَّاء، ولم يعزُها لأحد.

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): يحيى هذا هو ابن سعيد القطَّان، الحافظ العلَّامة، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ): تقدَّم أعلاه أنَّه رُفَيع بن مهران، وتقدَّم الفرق بينه وبين أبي العالية زياد بن فيروز.

فائدةٌ: بدأ بالطَّريق الأولى؛ لعلوِّها، وثنَّى بالثانية؛ لتصريحِ قتادة بالسَّماع من أبي العالية، وقتادةُ مُدَلِّس، فزال به ما يُخشَى مِن تدليسه، وفي الطَّريق الأولى هشامٌ عنعن عن قتادة، وفي الثانية شعبةُ عن قتادة، وإنْ لم يكن هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ مُدلِّسًا؛ لكنْ ليخرج من خلاف مَنْ خالف في ذلك، وشعبة وإنْ عنعن إلَّا أنَّه شديدُ الإنكار للتدليس، وقد قال: (لَأن أزني أحبُّ إليَّ مِن أن أُدلِّس)، وهو محمول على التَّنفير عنه، وقال مرَّةً: (التدليس أخو الكذب)؛ فقد [6] تابعه في الرِّواية عن قتادة، فقوَّى الحديث وزال ما يُحذَر فيه، والله أعلم.

قول [7] ابن عبَّاس: (حَدَّثَنِي نَاسٌ بِهَذَا): هؤلاء النَّاسُ لا أعرفهم، وقد صرَّح أنَّ منهم عمرَ رضي الله عنه في الحديث قبله [8].

==========

[1] (أبي): سقط من (ج).

[2] (ومسلم): سقط من (ب).

[3] في (ج): (للأكثر).

[4] في (ج): (فيهما).

[5] (صحيحة): سقط من (ب).

[6] في (ج): (وقد).

[7] في (ج): (قوله: قال).

[8] هذه الفقرة جاءت في النُّسخ قبل قوله: (حدَّثنا يحيى)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة»، وهي مستدركة في (أ).

[ج 1 ص 203]

(1/1354)

[حديث: لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها]

582# 583# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ.

قوله: (عَنْ هِشَامٍ): هو ابن عروة بن الزُّبير بن العوَّام بن خويلد بن أسد.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ [1]): تقدَّم أعلاه أبوه أنَّه عروة.

قوله: (لاَ تَحَرَّوْا): أي: لا [2] تتعمَّدوا وتتقصَّدوا، وقد تقدَّم معنى (التَّحرِّي).

قوله: (وحَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ): قائل ذلك هو [3] عروة بن الزُّبير، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (حَاجِبُ الشَّمْسِ): هو حرفها الأعلى مِن قرصها، وحواجبها: نواحيها، وقيل: سُمِّي بذلك؛ لأنَّه أوَّلُ ما يبدو؛ كحاجب الإنسان، وعلى هذا يختصُّ الحاجب بالحرف الأعلى البادي، ولا تُسمَّى جميع نواحيها حواجبَ، قاله في «المطالع».

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدَةُ): هو ابن سليمان، أبو مُحَمَّد، الكلابيُّ المقرئ، واسمه عبد الرَّحمن، تقدَّم بعض ترجمته، والضَّمير في (تابعه) يرجع على (يحيى)؛ وهو ابن سعيد القطَّان، وقد أخرج هذه المتابعةَ البخاريُّ في (باب صفة إبليس) عن مُحَمَّد، عن عبْدة، عن هشام بن عروة به، و (عبدة)؛ بإسكان الباء، وقد تقدَّم، وتقدَّم مَن تُفتَح باؤُه فيما مضى، والله أعلم.

(1/1355)

[حديث: أن رسول الله نهى عن بيعتين وعن لبستين]

584# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تقدَّم.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ [1] اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر [2] بن الخطَّاب العمريُّ، الفقيه، تقدَّم بعض ترجمته.

[ج 1 ص 203]

قوله: (عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو بالخاء المعجمة مضمومةً، وهو خبيب بن عبد الرَّحمن بن خبيب بن يساف الخزرجيُّ، يروي عن عمَّته أُنَيسة _ولها صحبةٌ_ وحفصِ بن عاصم، وعنه: شعبةُ ومالكٌ، وثَّقه ابن معين والنَّسائيُّ، تُوُفِّيَ في إمرة مروان، كذا في «التذهيب»، وفي «ثقات ابن حِبَّان»: (تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين ومئة)، أخرج له الجماعة.

فائدة: مَن يُقال له: خُبَيب؛ بمعجمةٍ مضمومةٍ في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ»: هذا الرجل، حديثُه في «الصَّحيحين» و «المُوطَّأ»، وهو الواردُ ذكرُه في «البخاريِّ» و «مسلم» غيرَ منسوب عن حفص بن عاصم، وفي «صحيح مسلم» أيضًا عن عبد الله بن مُحَمَّد بن معن، وجدُّه خبيبٌ؛ بمعجمة أيضًا إلَّا أنَّه ليس له في الكتب الثَّلاثة؛ «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ» شيءٌ، وخُبيب بن عديٍّ له ذكرٌ في «البخاريِّ» في حديث أبي هريرة في سريَّة [3] عاصم بن ثابت الأنصاريِّ، وقُتِل، وهو القائل: [من الطَّويل]

~…وَلَسْتُ أُبَالي حِينَ أُقْتَلُ مُسلِمًا

البيت

وكذلك أبو خُبَيب كنيةُ عبدُ الله بن الزُّبير بن العوَّام، كني بابنه خبيبٍ، وليس لابنه خُبيبٍ ذكرٌ في شيءٍ من الكتب الثَّلاثة، إنَّما روى له «النَّسائيُّ» حديثًا واحدًا ولم يُسمِّه، وإنَّما قال: عن ابن عبد الله، وسمَّاه غيرُه خُبيبًا، والباقي ممَّا يشبه هذه [4]، فإنَّه حَبيب؛ بالحاء المهملة المفتوحة.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/1356)

قوله: (عَنْ بَيْعَتَيْنِ): (البَيعة): بفتح المُوَحَّدة، وهذا في غاية الظهور، وقد رأيت بعضهم قيَّدها بالكسر، كما قيَّدت أنا (لِبستين)، فقال [5]: (بِيعتَين ولِبستَين _بكسر أوَّلهما_: الهيئة) انتهى، وفي «المطالع»: (ولا على صاحب بَيعة)؛ بفتح الباء للكافَّة، و [6] قيَّده الجيَّانيُّ وابن عَتَّاب: بكسرها، قال الجيَّانيُّ: هي حالةٌ من «البيع»؛ كالرِّكْبة والقِعْدة) انتهى، فيكون هذا مثلَه، ولكنِّي لم أسمع أحدًا يقرأ: بِيعتين؛ بالكسر، وقد قال الجوهريُّ في «صحاحه»: (ويقال: إنَّه يحسُن «البِيعة» من «البيع»؛ مثل: الرِّكبة والقِعدة) انتهى، ولا يمتنع [7] في (بيعتَين) الكسرُ، والله أعلم.

قوله: (وَعَنْ لِبْسَتَيْنِ): (اللِّبسة)؛ بكسر المُوَحَّدة: هيئة وحالة في اللِّباس، قال ابن قُرقُول: (وقد رُوِي بضمِّ [8] اللَّام على اسم الفعل، والأوَّل هنا أوجه).

قوله: (وَعَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ): تقدَّم في (باب ما يُستَر من العورة).

قوله: (وَعَنْ الاِحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ): تقدَّم أيضًا في الباب المذكور أعلاه.

قوله: (وَعَنِ الْمُنَابَذَةِ، وَالْمُلاَمَسَةِ): تقدَّما في الباب المشار إليه أعلاه.

==========

[1] في (ب): (عبد)، وهو تحريف.

[2] (بن عمر): سقط من (ج).

[3] في (ج): (سيرة)، وهو تحريف.

[4] في (ج): (هذا).

[5] في (ب): (يقال).

[6] زيد في (ب): (إنما).

[7] في (ب): (يمنع).

[8] في (ب): (بكسر)، وهو سبق نظر.

(1/1357)

[باب: لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس]

(1/1358)

[حديث: لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها]

585# قوله: (لاَ يَتَحَرَّى أَحَدُكُمْ، فَيُصَلِّي): بالرَّفع والنَّصب، وعن ابن خروف: (يجوز في (فيصلِّي) ثلاثةُ أوجه؛ الجزمُ على العطف، والرَّفعُ على القطع؛ أي: لا يتحرَّى فهو يصلِّي، والنَّصبُ على جواب النَّهي).

==========

[ج 1 ص 204]

(1/1359)

[حديث: لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس]

586# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كَيْسان، تقدَّم الكلام عليه، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم الفرد.

قوله: (عَنْ [1] عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ [2] الْجُنْدعِيِّ): هو بضمِّ الجيم، ثمَّ نونٍ ساكنةٍ، ثمَّ دالٍ مفتوحة ومضمومة، ثمَّ عين مهملتين، حكى اللُّغتين ابنُ قُرقُول، ثمَّ قال: (وجندع في كنانة) انتهى، وهوجندع بن ليث بن بكر بن عبد مناف بن كنانة، قاله أبو عليٍّ الغسَّانيُّ.

قوله: (أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان، صحابيٌّ شهيرٌ، وتقدَّم أنَّ (الخدريَّ) بالدَّال المهملة، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي (ق): (حدَّثنا) وعليها علامة الأصيليِّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (أَخْبَرَنِي).

[2] في (ب): (بريد)، وهو تصحيف.

[ج 1 ص 204]

(1/1360)

[حديث: إنكم لتصلون صلاة لقد صحبنا رسول الله فما رأيناه يصليها]

587# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ أَبَانَ): تقدَّم أنَّ (أبانًا) الصَّحيحُ فيه الصَّرفُ، في أوائل هذا التعليق، و (أبان) هذا هو ابن وزيرٍ البلخيُّ، وقيل: إنَّه مُحَمَّد بن أبان بن عثمان السُّلميُّ الواسطيُّ، [قال الذَّهبيُّ: روى البخاريُّ عن مُحَمَّد بن أبان عن غندر في (الصَّلاة)، قال ابن عديٍّ: هو الواسطيُّ، وقال غيرُ واحد: هو البلخيُّ، وهو أشبه، ولكن ذكر البخاريُّ الواسطيَّ في «تاريخه»] [1]، ولم يذكر فيه البلخيَّ، انتهى، وكذا قال غيره؛ فاعلمه، ولفظ شيخنا الشَّارح: (وشيخ البخاريِّ فيه: مُحَمَّد بن [2] أبان بن وزيرٍ البلخيُّ، كما ذكره الدَّارقطنيُّ وغيره، وقال ابن عديٍّ: [هو الواسطيُّ، وغلَّط الأوَّل؛ لأنَّ البلخيَّ يروي عن الكوفيِّين، والواسطيَّ يروي عن البصريِّين، وقال المِزِّيُّ: الأشبه الأوَّل، وما ذكره ابن عديٍّ] [3] محتملٌ، فإنَّ [4] البخاريَّ ذكر الواسطيَّ في «تاريخه الكبير»، ولم يذكر فيه البلخيَّ، وجزم بأنَّه البلخيُّ ابنُ أحدَ عشرَ في «جمعه»، وفي طبقتهما آخرُ يقال له: مُحَمَّد بن أبان بن عليٍّ البلخيُّ، يروي عن عبد الرَّحمن بن جابر)، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم مَن لقَّبه بذلك.

قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ): تقدَّم أنَّه بفتح المُثَنَّاة فوقُ، ثمَّ تشديد المُثَنَّاة تحتُ، وفي آخره حاء مهملة، وأن اسمه يزيد بن حُمَيد، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ مُعَاوِيَةَ): هذا هو ابن أبي سفيان صخر بن حرب [5] بن أميَّة بن عبد شمس، الخليفة المعروف، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ في الصَّحابة مَنِ اسمه معاوية مشهورًا بالاسم اثنين وعشرين صحابيًّا؛ منهم واحدٌ الصحيحُ أنَّه تابعيٌّ، وفيهم آخرُ عدُّه فيهم غلطٌ، قال الذَّهبيُّ: معاوية بن عبد الله بن أحمر شهد أُحُدًا، ما أدري مؤمنًا أم كافرًا، والباقون صحابة؛ منهم رواة ستَّة: معاوية بن جاهمة، ومعاوية بن حُدَيج، ومعاوية بن الحكم السُّلميُّ، ومعاوية بن حَيْدَةَ، والمشار إليه ابنُ أبي سفيان، ومعاويةُ اللَّيثيُّ روى له أحمد.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[2] (مُحَمَّد بن): ليس في (ج).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ب).

(1/1361)

[4] في (ج): (قال)، وهو تحريف.

[5] (بن حرب): ليس في (ج).

[ج 1 ص 204]

(1/1362)

[حديث: نهى رسول الله عن صلاتين بعد الفجر حتى تطلع الشمس]

588# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ سَلاَمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ سلامًا والدَه الأصحُّ فيه التَّخفيفُ، كذا هو منسوب في أصلَينا؛ القاهريِّ والدِّمشقيِّ، وقال المِزِّيُّ في «تطريفه»: (عن مُحَمَّد عن عبْدة بن سليمان)، فلم ينسبْه.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): تقدَّم أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وتقدَّم أعلاه أنَّه ابن سليمان، وأنَّ اسمه عبد الرَّحمن بن سليمان، وهو مشهور، وقد تقدَّم عليه بعضُ الكلام في ترجمته.

[قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ، الفقيهُ المدنيُّ الثَّبْتُ، يقال: إنَّه أدرك أمَّ خالد أَمةَ [1] بنت خالد بن سعيد بن العاصي الصَّحابيَّة، مات سنة (147 هـ)، وخبيب بن عبد الرَّحمن خالُ عبيد الله] [2].

قوله: (عَنْ خُبَيْبٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه خبيب بن عبد الرَّحمن، وأنَّه بالخاء المعجمة المضمومة، وتقدَّم الكلام فيمن اسمه خبيب في الكتب الثَّلاثة أعلاه.

==========

[1] (ب): (ابنة)، وهو تحريف.

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 204]

(1/1363)

[باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر]

قوله: (وَأَبُو سَعِيدٍ): تقدَّم [1] أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، الصَّحابيُّ، مشهور.

قوله: (وَأَبُو هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من [2] ثلاثين قولًا.

==========

[1] زيد في (ج): (أعلاه)، وضُرِب عليها في (أ).

[2] زيد في (ب): (نحو).

[ج 1 ص 204]

(1/1364)

[حديث: أصلي كما رأيت أصحابي يصلون لا أنهى أحدًا]

589# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وأنَّ (العارم) الشِّرِّير أو الشَّرس، وأنَّه كان بعيدًا من العرامة.

قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): في نسخة خارج أصلنا في هامشه: (ابن زيد)، وثابت في أصلنا الدِّمشقيِّ، وقد قدَّمتُ أنَّ حمَّادًا إذا أطلقه سليمان بن حرب أو عارمٌ الراوي هنا؛ فهو ابن زيد، وإن أطلقه التَّبُوذكيُّ موسى بن إسماعيل أو عفَّان أو ابنُ منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (عَنْ أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، أبو بكر الإمامُ، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ مَن يقال له أيُّوب يروي عن نافع عن ابن عمر؛ هذا وآخرُ يقال له: أيُّوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاصي الأمويُّ، لكن هذا الرجل ليس له في «البخاريِّ» عن نافع عن ابن عمر شيءٌ، ولكن روى له [1] مِن غير هذه الطَّريق، وإنَّما روى له مسلم ثلاثةَ أحاديثَ بهذا الطريق، وله في السُّنن، لكن التِّرمذيُّ في «الشَّمائل»، والله أعلم.

==========

[1] (له): ليس في (ج).

[ج 1 ص 204]

(1/1365)

[باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها]

قوله: (وَقَالَ كُرَيْبٌ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ): أمَّا (كريب) هذا؛ فهو مولى ابن عبَّاس، كنيته أبو رِشْدِين، عن مولاه ابنِ عبَّاس، وعائشةَ، وجماعةٍ، وعنه: ابناه؛ مُحَمَّد ورِشْدين، وابنُ عقبةَ، وخلقٌ، وثَّقوه، تُوُفِّيَ بالمدينة سنة (98 هـ)، أخرج له الجماعة، و (أمُّ سلمة): أمُّ المؤمنين هندٌ، تقدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها، وهذا تعليق مجزوم به، وسيجيء مُسْنَدًا في (السَّهو) و (المغازي).

==========

[ج 1 ص 204]

(1/1366)

[حديث: والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله]

590# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ دُكَينًا بالدَّال المضمومة المهملة.

قوله: (مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللهَ ... ) إلى قوله: (تَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ): اعلم أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم فاتتْه ركعتان بعد الظُّهر فقضاهما بعد العصر، ثمَّ داوم عليهما بعد العصر، والأصحُّ أنَّ هذه المداومة خاصَّةٌ به، كما ذكره النَّوويُّ في «الرَّوضة»، وقد صرَّح النَّوويُّ في «شرح مسلم»: بأنَّ هذه الخصوصيَّة عامَّةٌ في أوقات النَّهي، وقد ذكر الشيخ تقيُّ الدين ابن دقيق العيد حديثًا عن تميمٍ الدَّاريِّ أنَّه كان يصلِّيهما مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من حديث يحيى ابن بكير، عن اللَّيث، عن أبي الأسود، عن عروة عنه، فإن صحَّ؛ خدش في الخصوصيَّة، والله أعلم.

[تنبيه: لما ذكر ابن حِبَّان في «صحيحه» حديثَ أمِّ سلمة: أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال لها قد سألتْه عن فعله لهاتين الرَّكعتين: «كنت أصليهما قبل العصر فصليتُهما الآن»، قالت: يا رسول الله أنصليهما إذا فاتتنا؟ قال: «لا»، قال ابن حِبَّان: (فيه البيان بأنَّ مَن فاتته ركعتا الظُّهر إلى أن يصلِّي العصر ليس عليه إعادتُهما، وإنَّما كان ذلك له خاصَّةً دون أمِّته) انتهى، وينبغي أن تُحمَل الإعادةُ في كلامه على الدَّوام، وإلَّا؛ فظاهر كلامه ليس بجيِّد، والله أعلم] [1].

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/1367)

[حديث: ابن أختي ما ترك النبي السجدتين بعد العصر عندي قط]

591# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، المُحَدِّث الفَرْد، وقد تقدَّم أنَّ مَن اسمه يحيى وقد روى عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في الكتب السِّتَّة أو بعضها جماعةٌ؛ وهم: يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، ويحيى بن سعيد الأمويُّ، والقطَّان المشار إليه، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن مُحَمَّد بن قيس أبو زُكَير، ويحيى بن يمان [1]، لكن بعُد العهدُ به؛ فاعلمْه.

[قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو ابن عروة، تقدَّم.

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبِي): تقدَّم أنَّ أباه عروةُ بن الزُّبير بن العوَّام، أحد الفقهاء السَّبعة] [2].

قوله: (ابْنَ أُخْتِي): هو مَنْصوبٌ منادًى مُضافٌ، تنادي عروة بن الزُّبير بن العوَّام؛ لأنَّه ابن أختها أسماء بنت أبي بكر، وهي أختها مِن أبيها، وهذا ظاهرٌ عند أهله، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (ثمال)، وهوم تحريف.

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 205]

(1/1368)

[حديث: ركعتان لم يكن رسول الله يدعهما سرًا ولا علانية]

592# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): هذا هو ابن زياد، العبديُّ مولاهم، البصريُّ، عن عاصم الأحول والأعمش، وعنه: ابن مهديٍّ، ومُسَدَّد، وقتيبة، قال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ، وقال أحمد وغيره: ثقة، انتهى، وله مناكيرُ نُقِمت عليه اجتنبها صاحبا «الصَّحيح»، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد قدَّمتُ ذلك، ولكن طال العهدُ به، أخرج له الجماعة، مات سنة (176 هـ).

قوله: (حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ): هو بالشين المعجمة، واسمه سليمان بن فيروز، أبو إسحاق، الشيبانيُّ الكوفيُّ الحافظ، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (وَلاَ عَلاَنِيَةً): هي بالتخفيف؛ ضدُّ (السِّرِّ)، وِزَان (ثَمَانِيَة)، وهذا ظاهرٌ.

(1/1369)

[حديث: ما كان النبي يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين]

593# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): هو عمرو بن عبد الله الهمْدانيُّ، السَّبيعيُّ الكوفيُّ، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (يَأْتِينِي فِي يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، إِلاَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ): تقدَّم أعلاه أنَّه خاصٌّ به، على الأصحِّ، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 205]

(1/1370)

[باب التبكير بالصلاة في يوم غيم]

(1/1371)

[حديث: من ترك صلاة العصر حبط عمله]

594# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم أنَّ (فَضالة) بفتح الفاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته، والكلام على نسبته.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، تقدَّم أنَّه بالثَّاء المُثلَّثة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): هو عبد الله بن زيدٍ الجرميُّ، من أئمَّة التَّابعين، تقدَّم [1]، وتقدَّم أنَّ (أبا قِلابة) بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوَحَّدةٌ.

قوله: (أَنَّ أَبَا الْمَلِيحِ): (أبو المَلِيح)؛ بفتح الميم، وكسر اللَّام، اسمه عامر، وقيل: زيد بن أسامة بن عمير الهذليُّ، عن أبيه وبريدةَ، وعنه: أيُّوب، وحجُّاج بن أرطاةَ، ثقة، مات سنة (112 هـ)، وقيل: سنة (108 هـ)، وُلِّي الأُبُلَّة، أخرج له الجماعة، وتقدَّم ما سمَّاه به [2] الدِّمياطيُّ في (باب مَن ترك صلاة العصر).

قوله: (كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ): هذا هو بريدة بن الحُصَيب بن عبد الله بن الحارث بن الأعرج الأسلميُّ، في كنيته اختلافٌ؛ فقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو سهل، وقيل: أبو الحُصَيب، وقيل: أبو ساسان، أسلم حين مرَّ به النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مهاجرًا، ثمَّ قدم المدينة قبل الخندق، ثمَّ نزل البصرة، ثمَّ مرو، لكنَّه شهد الخندق والفتح، تُوُفِّيَ سنة (63 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمتُ بعض ترجمته، ولكن طال العهدُ بها.

فائدة: مَنِ اسمه بريدة مِنَ الصَّحابة اثنان؛ هذا، وبريدة بن سفيان الأسلميُّ، كذا عدَّه عبدان، وتعقَّبه الحافظ أبو موسى، وقال: إنَّه ليس بذاك في الرواية، وله ترجمة في «الميزان»، وقد حمَّر عليه الذَّهبيُّ في «تجريده»، فالصحيح عنده: أنَّه تابعيٌّ، ولذا [3] قال: أرسل حديثًا، ولا صحبة له.

قوله: (مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الْعَصْرِ؛ حَبِطَ عَمَلُهُ): تقدَّم عليه الكلام مُطَوَّلًا؛ فانظره في (باب مَن ترك صلاة العصر).

==========

[1] (تقدَّم): ليس في (ب).

[2] (به): ليس في (ج).

[3] في (ج): (وكذا).

[ج 1 ص 205]

(1/1372)

[باب الأذان بعد ذهاب الوقت]

(1/1373)

[حديث: إن الله قبض أرواحكم حين شاء]

595# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلٍ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المعجمة، وهذا ظاهرٌ معروف.

قوله: (حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الصَّاد المهملتين، هو حُصَين بن عبد الرَّحمن السُّلميُّ، أبو الهذيل، الكوفيُّ، ابنُ عمِّ منصور، عن جابر بن سَمُرة وأبي وائل، وعنه: شعبة، وهُشَيم، وعليُّ بن عاصم، ثقة حجَّة، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة.

فائدة: كلُّ ما في الكتب الثَّلاثة؛ «البخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «المُوطَّأ» (حُصَين)؛ فهو بضمِّ الحاء، وفتح الصاد المهملتين، هذا من الأسماء، وأمَّا بفتح الحاء، وكسر الصاد المهملتين؛ فهو أبو حَصِين عثمان بن عاصم الأسديُّ، حديثه في «البخاريِّ» و «مسلم»، وليس في الكتابين بفتح الحاء، وكسر الصاد سواه، ولهم: حُضَين بن [1] المنذر أبو ساسان؛ بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الضاد المعجمة، وهذا فَرْدٌ، وقد روى له مسلم، قال المِزِّيُّ: (ولا يُعرَف في رواة العِلم مَنِ اسمه حُضين سواه) انتهى.

فالحاصلُ: أنَّ الأسماء: حُصَين إلَّا حُضَين بن المنذر؛ فإنَّه بالإعجام كما تقدَّم، والكنى: أبو حَصِين؛ بالفتح [2]، والله أعلم، [اللَّهمَّ؛ إلَّا أن يكون بالألف واللَّام؛ (أبو الحُصين)؛ فإنَّه يكون بالضَّمِّ] [3].

قوله: (سِرْنَا [4] مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً)؛ فذكر قصَّةً [5]، قد تقدَّم الكلام على ذلك في (التَّيمُّم).

قوله: (فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ): تقدَّم أنِّي لا أعرف اسمه.

قوله: (لَوْ عَرَّسْتَ): تقدَّم أنَّ التَّعريس: النُّزول من آخر اللَّيل، وقيل: أيَّ وقت كان.

قوله: (حَاجِبُ الشَّمْسِ): تقدَّم أنَّه حرفها الأعلى.

قوله: (مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ): (أُلقِيَت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (نومةٌ): مَرْفوعٌ منوَّن قائم مقام الفاعل.

[قوله: (وَابْيَاضَّتْ): أي صَفَتْ، يقال: ابيضَّ وابياضَّ وابْيأض؛ بالهمز، وكذا في الحُمرة والصُّفرة وغيرهما، وقد جاء في (البيوع): (ما يزهو؟ قال: يحمارَّ أو يصفارَّ)، وقد قيل: لا يقال ذلك إلَّا في لونٍ بين [6] لونين؛ كالصُّهبة والرُّبذة والشُّهبة، يقال: اشهابَّ وارباذَّ، فأمَّا [7] الخالص؛ فإنَّما يقال فيه: (افعلَّ)؛ اسودَّ وابيضَّ واحمرَّ؛ إذا أردت استقراره وتمكُّنَه، فإنْ أردتَ تغيُّرَه واستحالتَه؛ قلت: (افْعَالَّ)] [8].

(1/1374)

==========

[1] (بن): سقط من (ب).

[2] (بالفتح): سقط من (ج).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[4] في (ج): (سرينا).

[5] في (ب): (القصة).

[6] (لون بين): سقط من (ب).

[7] في (ب): (وأما).

[8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 205]

(1/1375)

[باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت]

596# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): هو بفتح الفاء، وهذا في غاية الظهور، وقد تقدَّم.

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته، والكلام على نسبه.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كثير؛ بفتح الكاف وبالثاء المُثلَّثة، تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه عبد الله، أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ): قال ابن إسحاق: (غزوة الخندق في شوَّال سنة خمس)، وقال ابن سعد: (في ذي القعدة)؛ يعني: في تلك السنة، وقال ابن عقبة [1]: (سنة أربع)، وقد حكاه البخاريُّ في «الصحيح» عن موسى بن عقبة.

قوله: (إِلَى بُطْحَانَ): تقدَّم الكلام عليه في (باب فضل العشاء) قريبًا.

==========

[1] في (ب): (علية)، وهو تحريف.

(1/1376)

[باب من نسى صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة]

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، العالم المشهور، مفتي الكوفة مع الشعبيِّ، تقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 206]

(1/1377)

[حديث: من نسي صلاةً فليصل إذا ذكرها]

597# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو ابن يحيى العَوْذيُّ _ويحيى هو ابن دينار_ المحلميُّ، أبو عبد الله، البصريُّ، تقدَّم الكلام عليه، وعلى نسبته.

[قوله: (وَقَالَ حَبَّانُ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): (حَبَّان) هذا: تقدَّم في الورقة التي قبل هذه بورقة أنَّه ابن هلال، وأنَّه بفتح الحاء وبالمُوَحَّدة، وتقدَّم ما يشتبه به] [1]؛ فانظره، وهذا تعليق بصيغة جزم، فهو صحيح عنده إلى حَبَّان هذا، وكذا هنا فيمَن بعده، وفائدة هذا التَّعليق: أنَّ همَّامًا في السند الأوَّل عنعن عن قتادةَ، وقتادةُ عنعن عن أنس، وفي التعليق صرَّح هَمَّام بالتحديث من قتادةَ، وقتادةُ بالتحديث من أنسٍ، (أمَّا هَمَّام؛ فلا أعرفه بالتَّدليس، ولكن أتى به؛ ليخرج من الخلاف كما تقدَّم، وأمَّا قتادة؛ فمُدلِّس، فأتى به؛ لتصريح قتادةَ فيه بالتحديث من أنس) [2]، والله أعلم، وتعليق حَبَّان لا أعلم أحدًا أخرجه مِن الأئمَّة السِّتَّة إلَّا ما هنا.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[2] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 206]

(1/1378)

[باب قضاء الصلوات الأولى فالأولى]

(1/1379)

[حديث: ما كدت أصلي العصر حتى غربت]

598# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، واسم والده سَنْبَر، تقدَّم الكلام عليه، وبعض ترجمته ونسبته.

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، تقدَّم أنَّه بالثَّاء المُثلَّثة وفتح الكاف.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله _أو إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ.

قوله: (عَنْ جَابِرٍ): تقدَّم، ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ، ومَن يقال [له]: جابر بن عبد الله أربعةٌ من الصَّحابة؛ هذا، وجابر بن عبد الله بن رئاب [1] بن النُّعمان بن شيبان الأنصاريُّ السُّلميُّ، أسلم مع النَّفر السِّتَّة قبل العقبة الأولى، وإنْ شئت؛ سمِّها العقبةَ الأولي، وشهد بدرًا، ولا أعلم له روايةً، وجابر بن عبد الله الرَّاسبيُّ، نزل البصرة، جاء في حديث مُظلِمٍ [2] عن أبي [3] شدَّاد عنه، وجابر بن عبد الله العبديُّ، وأمَّا مَن اسمه جابر من الصَّحابة بهؤلاء؛ فثمانيةٌ [4] وعشرون، والله أعلم.

قوله: (يَوْمَ الْخَنْدَقِ): تقدَّم متى كانت غزوة الخندق أعلاه.

قوله: (إلى [5] بُطْحَانَ): تقدَّم الكلام [عليه]، وهو وادٍ من أودية المدينة [6] المشرَّفة.

==========

[1] في (ب): (ذئاب)، وهو تحريف.

[2] في (ب): (مسلم).

[3] في (ج): (ابن)، وهو تحريف.

[4] في (ب): (ثمانية).

[5] (إلى): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[6] في (ب): (الحديبية)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 206]

(1/1380)

[باب ما يكره من السمر بعد العشاء]

(1/1381)

[حديث: كان يصلي الهجير وهي التي تدعونها الأولى حين ... ]

599# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان، سيِّد الحُفَّاظ، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ الإمام أحمد قال: (لم ترَ عيناي مثل يحيى بن سعيد القطَّان).

قوله: (حَدَّثَنَا عَوْفٌ): هذا هو عوف الأعرابيُّ، وقد تقدَّم بعض ترجمته، ولِمَ قيل له: الأعرابيُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو الْمِنْهَالِ): تقدَّم أنَّه سيَّار بن سلامة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي): تقدَّم أعلاه وقبل ذلك مرارًا أنَّه سلامة.

قوله: (إِلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ): تقدَّم قريبًا أنَّه نضلة بن عبيدٍ رضي الله عنه، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (الْهَجِيرَ): تقدَّم أنَّ (الهاجرة) وقتُ اشتداد الحرِّ، و (الهجير): يعني صلاة الظهر، وعرَّفها بأنَّه (الأُولَى)، وقد تقدَّم أنَّها إنَّما سُمِّيت أُولى؛ لأنَّ جبريل أوَّلُ ما صلَّاها بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد تقدَّم أنَّ شيخنا المؤلِّف في «شرح التَّنبيه» نقل مع هذا القول: (أنَّ أوَّل ما صلَّى الفجرُ)، وهو غريبٌ خلاف المعروف.

قوله: (تَدْحَضُ): هو بفتح المُثَنَّاة فوقُ، ثمَّ دال، ثمَّ حاء مفتوحة مهملتين، ثمَّ ضاد معجمة؛ أي: تميل.

قوله: (حَيَّةٌ): أي: مُستَحِرَّة، لم تذهب حياتها التي هي حرُّها، وقيل: بَيِّنة النور لم يَسْتَحِلَّ نورُها، قالوا: والشَّمسُ تُوصَف بالحياة ما دامت قائمةً الأعراضُ من الحرارة والضَّوء، فإذا [2] كانت مع الغروب؛ لم تُوصَف بذلك، قاله ابن قُرقُول، (وقد تقدَّم ذلك قريبًا) [3].

(1/1382)

[باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء]

(1/1383)

[حديث: ألا إن الناس قد صلوا ثم رقدوا وإنكم لم تزالوا في صلاة]

600# قوله: (حَدَّثَنا أَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ): اسم هذا عبيد الله بن عبد المجيد، أبو عليٍّ الحَنفِيُّ؛ (نسبة إلى القبيلة، وسيأتي ذلك قريبًا) [1]، البصريُّ، عن هشام الدَّستوائيِّ، وعكرمةَ بن عمَّار، وخلقٍ، وعنه: الدَّارميُّ، وعبدٌ، وعددٌ، ثقةٌ، وقال ابن معين وأبو حاتم: ليس به بأسٌ، تُوُفِّيَ سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان».

تنبيهٌ: وقع في هامش أصلنا حاشيةٌ بِخَطِّ بعض الفضلاء من الحَنفِيَّة تجاه (أبي عليٍّ) هذا: (اسمه عبد الكبير بن عبد المجيد منسوب إلى بني حنيفة)، انتهت، وهذا الاسم لأخيه أبي بكر الحَنفِيِّ، لا لأبي عليٍّ هذا [2]، والله أعلم.

قوله: (انْتَظَرْنَا الْحَسَنَ): (الحسن): مَنْصوبٌ مفعولٌ، و (انتظرنا): فعلٌ وفاعله، و (الحسن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

[ج 1 ص 206]

قوله: (وَرَاث عَلَيْنَا): (راث)؛ بالثاء المُثلَّثة؛ أي: أبطأ، والريث: الإبطاء.

قوله: (حَتَّى قَرُبْنَا): هو بضمِّ الرَّاء.

قوله: (نَظَرْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ): قال ابن قُرقُول: (كذا، ولابن السَّكن والجُرجانيِّ: «انتظرنا»).

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ج).

[2] (هذا): سقط من (ب).

(1/1384)

[حديث: أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة لا يبقى .. ]

601# قوله: (حَدَّثَنا أَبُو اليَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه ابن شهاب، مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي حَثمَةَ): هو بحاءٍ مهملةٍ مفتوحةٍ، ثمَّ ثاءٍ مُثلَّثةٍ ساكنة، ثمَّ ميم، ثمَّ تاء، وهو أبو بكر بن سليمان بن أبي حَثْمة، عن حفصةَ وسعيدِ بن زيد، وعنه: الزُّهريُّ وصالح بن كيسان، قال الزُّهريُّ: من علماء قريش، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (فِي آخِرِ حَيَاتِهِ): في «الصحيح» من حديث جابر: سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قبل أن يموت بشهر: «يسألوني عن السَّاعة، وإنَّما علُمها عند الله، وأقسم بالله؛ ما على الأرض من نفس منفوسة _ أي: مُولَدة _ يأتي عليها مئةُ سنةٍ» وفي رواية: «وهي حيَّة يومئذ»، وهذا عَلَمٌ من أعلام نبوَّته صلَّى الله عليه وسلَّم، (وقد تقدَّم ذلك) [1].

قوله: (أَرَأَيْتَكُمْ): تقدَّم أنَّه بفتح التَّاء؛ ومعناه: أخبركم.

(1/1385)

قوله: (فَوَهَلَ النَّاسُ): قال الدِّمياطيُّ: («وهَل»؛ بفتح الهاء: ذهبت أوهامهم إلى ما يحدِّثون [2] به عن مئة سنة، وبكسر الهاء: جبُن وقلِق ونَسِي) انتهى، ظاهر هذا أنَّ فيه الفتحَ فقط، وقد ضبطه غيره بالفتح والكسر، قال ابن قُرقُول: (بفتح الهاء وكسرها، قيل: فزعوا، ويقال: «وهِلْتُ _بالكسر_ أوهَل»: إذا فزعت، قيل: ويكون بالفتح هنا إنَّما بمعنى: غلطوا، ومنه الحديث الآخر: «لم يكذب، ولكنَّه وهَل»؛ بالفتح؛ إذا ذهب وهمُه إلى ذلك، كذا ضبطناه، وكذا قيَّدناه على ابن سراج في «الغريبين»، وحكاه صاحب «المصنَّف»: بكسر الهاء، وكذا قيَّدناه على أبي الحسين هناك، وذكر صاحب «الأفعال»: وهَل إلى الشَّيء وهْلًا: ذهب وهمُه إليه، ووهِل وهَلًا، وأيضًا قلق، وأيضًا [3]: نسي الحديث، فذهب وَهَلِي إلى أنَّها اليمامة، وهذا يصحِّح كسرَ الماضي ... ) إلى آخر كلامه، وفي «النِّهاية»: (وهَل إلى الشيء _[بالفتح_ يهِل وهْلًا _ بالسُّكون _؛ إذا ذهب وهمُه إليه، ويجوز أن يكون بمعنى: سها وغلط، يقال منه: وهِل إلى الشيء] [4]، وعن [5] الشَّيء _ بالكسر_ يَوْهَل وهَلًا؛ بالتَّحريك).

قوله: (تَخْرِمُ ذَلِكَ الْقَرْنَ): (تَخْرِم): بفتح التاء المُثَنَّاة فوق، وسكون الخاء المعجمة، وكسر الرَّاء، و (القرن): مَنْصوبٌ مفعول (تخرم)، وفي نسخة الحافظ الدِّمياطيِّ: (تَخَرُّمُ)؛ بفتح أوَّله وثانيه، وضمِّ ثالثه مُشدَّدًا، مضموم الميم، مصدر، فـ (القرن) عليها مجرورٌ، ولفظ «المطالع»: («تخرم» [6]؛ يعني: فعلًا ماضيًا، قال: أي: ذهب وانقضى)، فحصلنا على ثلاثةِ ضبوطٍ؛ (تَخْرِمُ) و (تَخَرُّمٍ) و (تَخرَّمَ).

و (القرن) فيه أقوالٌ تأتي في (فضائل الصَّحابة) في قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «خيركم قرني» إنْ شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.

(1/1386)

[باب السمر مع الضيف والأهل]

(1/1387)

[حديث: من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث]

602# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم بعض ترجمته، ولم لُقِّب عارمًا، ومَن لقَّبه.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ): هذا هو النَّهديُّ، عبد الرَّحمن بن ملٍّ، تقدَّم بعض ترجمته، وضبط (ملٍّ)؛ فانظره إنْ أردته.

قوله: (أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ): تقدَّم أنَّ (الصُّفَّة) موضعٌ مُظلَّلٌ من المسجد كان للمساكين والمهاجرين والغرباء يأوون إليه، قال شيخنا _كما تقدَّم_: (إنَّ صاحب «الحلية» عدَّ منهم مئة ونيِّفًا) انتهى، وقد ذكرت أنا أنَّ السَّهرورديُّ ذكرهم في «عوارفه»، فقال: (نحوُ أربع مئة) انتهى، وقد تقدَّم أنَّ في «الصَّحيحين [1]»: قال أبو هريرة: (لقد رأيت سبعين من أهل الصُّفَّة)، والله أعلم [2].

قوله: (بِثَالِثٍ): هذا هو الصَّواب، وهو أصحُّ من رواية «مسلم»: (فليذهب بثلاثة)؛ لأنَّ ظاهرها صيرورتُهم خمسةً، وحينئذٍ لا يمسك رمق أحدٍ، بخلاف الاثنين، فيتأوَّل على أنَّ المراد: فليذهب بتمام ثلاثة، والله أعلم.

قوله: (وَإِنْ أَرْبَع؛ فَخَامِس أَوْ سَادِس): (أربع) و (خامس) و (سادس): مجرور منوَّن، ويجوز رفعه معه [3].

قوله: (وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ): (أنَّ)؛ بالفتح معطوف على (أنَّ أصحاب الصُّفَّة)، وكذا بعده: (وَأنَّ النَّبيَّ)، ويجوز أن تُكسَر، وتكون ابتدائيَّة، والله أعلم.

قوله: (وَأُمِّي): أمُّه أمُّ رومان، تقدَّم أنَّها بضمِّ الرَّاء وفتحها، وتقدَّم اسمُها والخلافُ فيه، وأنَّها دعد، ويقال: زينب، وهي مِن بني فراس بن غنم بن مالك بن كنانة.

قوله: (حَتَّى تَعَشَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كذا في «البخاريِّ»، وفي «مسلم»: (حتَّى نعس)، قال القاضي: وهو الصَّواب، وكذا قال ابن قُرقُول في (العين مع الشين)، وقال في (النُّون مع العين): (إنَّه تعشَّى عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثمَّ لبث حتَّى صلَّيت العشاء، ثمَّ رجع فلبث [4] حتَّى تعشَّى النَّبيُّ [5] صلَّى الله عليه وسلَّم، فجاء، هكذا ذكره البخاريُّ في «باب السَّمر في العلم»، وذكره «مسلم»: «حتَّى نعس النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم»، وهو الصَّواب؛ إذ قد ذكر تعشيِّه قبل هذا وقبل صلاة العشاء)، انتهى.

قوله: (فَقَالَتْ [6] لَهُ امْرَأَتُهُ): تقدَّم أنَّها أمُّ رومان أعلاه.

(1/1388)

قوله: (أَوَمَا عَشَّيْتِهِمْ [7]؟): (أوَما): بفتح الواو على الاستفهام، وقد تقدَّم متى تُفتَح ومتى تُسكَّن، و (عشَّيْتِهم)؛ بكسر التَّاء بعد الياء الساكنة من غير ياء بعد التَّاء؛ فاعلمْه.

قوله: (قَدْ عُرِضُوا): هو بضمِّ العين المهملة، وكسر الرَّاء، قال ابن قُرقُول: بتخفيف الرَّاء المكسورة على ما لم يُسَمَّ فاعلُه؛ أي: أُطعِمُوا وأُهْدُوا، والعُراضة: الهديَّة، يقال: ما أعرضهم؛ أي: ما أَطعمَهم وأَهْدى إليهم، وفي نسخة الدِّمياطيِّ: [(عَرَضوا)؛ بفتح العين والرَّاء، ثمَّ كُتِب تجاهها ما لفظه: أي: خادم أبي بكر وابنه عبد الرَّحمن ومَن رُتِّب لخدمة الأضياف، عَرَضُوا الطَّعام على الأضياف] [8] انتهى، وقال بعضهم: بضمِّ العين، وتشديد الرَّاء المكسورة؛ أي: أُطعِمُوا من العراضة؛ وهي الميرة، قاله الجوهريُّ، ثمَّ ذكر كلام «المطالع»، ثمَّ قال: (والقياس تثقيلها) انتهى.

قوله: (فَقَالَ يَا غُنْثَرُ): هو بالغين المعجمة المضمومة، ثمَّ نونٍ ساكنةٍ، ثمَّ ثاءٍ مُثلَّثةٍ مفتوحةٍ، ثمَّ راءٍ، قال ابن قُرقُول: («غنثر»؛ بفتح الثَّاء

[ج 1 ص 207]

وضمِّها عن أبي الحسين وغيره، وذكر [9] الخطَّابيُّ فيه عن النَّسفيِّ: فتح العين المهملة، وتاء منقوطة باثنتين من فوقها، وفسَّره بالذُّباب الأخضر الأزرق، والصَّحيح الأوَّل؛ ومعناه: يا لئيم يا دنيء؛ تحقيرًا له وتشبيهًا بالذباب، والغُنْتَر: ذباب، وقيل: مأخوذ من الغَثْر؛ وهو السقوط، وقيل: هو بمعنى: يا جاهل، [ومنه] قولُ عثمان رضي الله عنه: «هؤلاء رعاعٌ غَثَرةٌ»، والأغثر: الجاهل، ومنه: الغاثر، و «غَثْر» معدول عنه، ثمَّ زيدت فيه النُّون، قال الخطَّابيُّ: وأحسبه الثقيل الوَخِم) انتهى، وفي «النِّهاية» اختصر، فقال: («يا غنثر»: هو الثَّقيل الوَخِم، وقيل: الجاهل، من الغثارة: الجهل، والنُّون زائدة، ورُوِي بالعين المهملة، والتَّاء بنقطتين)، وقد ذكره في المهملة فقال: («عنتر»، هكذا جاء في رواية، وهو الذُّباب، شبَّهه به؛ لشدَّة أذاه، ويُروَى [10] بالغين المعجمة، والثاء المُثلَّثة) انتهى.

(1/1389)

قوله: (فَجَدَّعَ): هو بالجيم، والدَّال المهملة المُشدَّدة؛ أي: دعا عليه بقطع الأنف، أو الأذن، أو الشفة، وهو بالأنف أخصُّ، وإذا أُطلِق؛ غلب عليه، وقيل: معناه: السَّبُّ، وفيه بُعْدٌ؛ لعطف السَّبِّ عليه، وقوله: (فجدع): قال ابن قُرقُول: (كذا للجُرجانيِّ وأبي ذرٍّ ورواة البخاريِّ ورواة مسلم؛ كلُّهم يشدُّ الدَّال، وعند المروزيِّ في بابٍ: «وجَزِع»؛ بالزَّاي، وهو وَهَمٌ، إنَّما [11] دعا عليه بقطع الأطراف، ويكون «جدع» بمعنى: سبَّ أيضًا، قاله النَّابغة:

~… ......... … ..... تبتغي مَن تجادع

أي: تُسابِب) انتهى.

قوله: (لاَ أَطْعَمُهُ): هو بفتح الهمزة والعين؛ أي: آكلُه.

قوله: (وَايْمُ اللهِ): تقدَّم الكلام عليها، وأنَّها بوصل الهمزة، ويقال: بقطعها؛ وهي حلف؛ كقولهم: يمين الله.

قوله: (إِلاَّ رَبَا): أي: زاد.

قوله: (أَكْثَرُ): هو بالمثلَّثة، مَرْفوعٌ، فاعل (رَبَا).

قوله: (وَصَارَتْ أَكْثَرَ): هي في أصلنا بالمُثلَّثة، ويقال: بالمُوَحَّدة.

قوله: (يَا أُخْتَ بَنِيْ فِرَاسٍ): أي: يا مَن هي مِن بني فراس، وقد تقدَّم نسبُها قريبًا.

قوله: (لا وقرَّةِ عَيْنِي): تعني: النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قاله الدَّاوديُّ، يعني: أقسمت به، انتهى، وفي «الصِّحاح»: (وقد قرَّت عينُه تقِرُّ وتقُرُّ: سخنت، وأقرَّ اللهُ عينَه؛ أي: أعطاه، فلا تطمح إلى مَن هو فوقه، ويقال: حتَّى تبردَ ولا تسخن، فللسُّرور دمعةٌ باردةٌ، وللحزن دمعةٌ حارَّة)، [و (لا) زائدة؛ فاعلمه] [12]، ويحتمل أنَّها نافية؛ أي: لا شيء غيرُ ما أقول؛ وهو _وقرَّة عيني_: هي أكثر منها».

قوله: (إِنَّمَا كَانَ ذَلِكِ): هو بكسر الكاف، خطاب [13] لامرأته أمِّ رومان.

قوله: (مِنَ الشَّيْطَانِ؛ يَعْنِي: يَمِينَهُ): وفي رواية: (بسم الله، الأولى من الشيطان؛ يعني: يمينه)، فأخزاه الصِّدِّيق بالحِنث الذي هو خيرٌ.

قوله: (عَقْدٌ): هو العهد والميثاق واليمين.

(1/1390)

قوله: (فَتَعَرَّفْنَا [14] اثنَيْ عَشَرَ رَجُلًا): أي: صرنا عرفاء متقدِّمين [15] على غيرنا، وكذا قاله الدِّمياطيُّ بحروفه، قال في «المطالع» بعد أن ذكر هذا: (ورواه بعضهم: «فتفرَّقنا»، وكذا لأكثرهم في «البخاريِّ» في «كتاب الصَّلاة»: «ففرقنا [16] اثني [17] عشر رجلًا»، للنَّسفيِّ: «فعُرِّفْنَا اثني عشر رجلًا» وهذا أوجه، وفي «مسلم»: «فَعرَّفَنا»؛ بفتح الفاء، وعند ابن ماهان فيه تخليط ... ) إلى آخره، وعلى الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ عدَّةُ نسخٍ وهي: (فَفُرِقنا) و (فَرَّقَنا)، (اثني) و (اثنا)، و (فتَعَرَّفْنَا) [18] و (فَعُرِّفْنَا)، وأمَّا (اثنا)؛ فقد ذكرتُ لك أنَّ في بعض النُّسخ: (اثني)، وكذا في «مسلم» بهما، وكلاهما صحيح، والأوَّل جارٍ [19] على لغة مَن جعل المثنَّى بالألف في الأحوال الثَّلاثة، وهي لغةُ قبائلَ مِن العرب، هذا إذا كانت الرواية تقتضي أن يكون (اثني) منصوبًا، فإنْ كانت تقتضي الرَّفع؛ فلا كلامَ، والله أعلم [20].

==========

[1] في (ب): (الصحيح).

[2] (والله أعلم): سقط من (ب).

[3] (معه): سقط من (ب).

[4] (فلبث): سقط من (ج).

[5] (النبي): سقط من (ب).

[6] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قالت)؛ بغير فاء.

[7] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (عَشَّيْتِيهِمْ).

[8] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[9] في النُّسخ: (وذكره)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[10] في (ج): (وروي).

[11] في (ب): (وإنما).

[12] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[13] في (ب): (وخطاب).

[14] كذا في (أ) و (ج)، وفي (ق): (فَفرّقنَا) معًا، وفي «اليونينيَّة»: (فَفَرَّقَنَا)، وفي (ب): (فعرفنا).

[15] في (ج): (مقدمين)، وكذا في «المطالع».

[16] في (ب): (فتفرقنا).

[17] في مصدره: (اثنا).

[18] في (ب): (تفرقنا).

[19] في (ج): (جاز).

[20] زيد في (ب): (بالصواب).

(1/1391)

((10)) (بَابُ بَدْءِ الأَذَانِ) ... إلى (بَاب مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ)

(بَدْءِ): هو بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الدَّال المهملة، مهموز [1]؛ أي: ابتداء، وكذا هو في أصلنا بالقلم، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ.

فائدة: كان بدءُ الأذان في السَّنة الأولى من الهجرة، وقيل: في الثانية، ذكره مغلطاي في «سيرته الصُّغرى»، (وكذا شيخنا العراقيُّ في «سيرته المنظومة») [2]، وقال ابن عبَّاس: الأذان نزل مع الصَّلاة؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ} [الجمعة: 9]، مع أنَّه رُوِي: أنَّ الأذان كان ليلة الإسراء، كما ذكره أحمد بن فارس وغيرُه مُطَوَّلًا، وقد ذكره السُّهيليُّ في «روضه» بسنده إلى البزَّار أبي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، فقال: (حدَّثنا مُحَمَّد _ وهو ابن عثمان بن مخلد _: حدَّثنا أبي عن زياد بن المنذر، عن مُحَمَّد بن عليِّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدِّه، عن عليٍّ ... )؛ فذكره، ومال السُّهيليُّ إلى صحَّته؛ لمِا يعضده ويشاكله من أحاديث الإسراء، وينبغي لك أن تراجع «الرَّوض»، ثمَّ اعلم أنَّ الحديث الذي [3] ساقه السُّهيليُّ من عند البزَّار في سنده زيادُ بن المنذر [4]، وهو كذَّاب، له ترجمة في «الميزان»؛ فانظرها إنْ أردت، وقد خرَّج له التِّرمذيُّ، نعم؛ قد جاء في بعض طرق حديث إمامة جبريل بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (أنَّه أتى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بمكَّة حين زالت الشمس، وأمره أن يُؤذن النَّاس بالصَّلاة حين فُرِضَت عليهم ... )؛ الحديث، أخرجه [5] الدَّارقطنيُّ من حديث أنس رضي الله عنه، قال المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: ومعنى الأمر بالأذان ههنا: الإعلامُ، لا الأذان المعروف؛ لأنَّه إنَّما شُرِع بالمدينة، وكانت هذه الصَّلاة بمكَّة، انتهى، وقد ذكره كذلك مرَّةً أخرى في (باب الأذان)، انتهى، و (الأذان): الإعلامُ لغةً، وشرعًا: الإعلام بدخول وقت الصَّلاة المكتوبة.

(1/1392)

فائدة ثانية: ممَّا يُسأَل عنها كثيرًا، فيقال: هل أذَّن صلَّى الله عليه وسلَّم؟ وجوابه: روى التِّرمذيُّ في «جامعه» من طريق تدورُ على عمرَ بن الرَّمَّاح، قاضي بلخ، يرفعه إلى أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أذَّن في سفره، وصلَّى بأصحابه وهم على رواحلهم، السَّماءُ مِن فوقهم والبِلَّةُ مِن أسفلهم، نزع بعض الناس بهذا الحديث إلى أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أذَّن بنفسه، ورواه الدَّارقطنيُّ بإسناد التِّرمذيِّ ووافقه في إسنادٍ ومتنٍ، لكنَّه قال: فقام المُؤذِّن فأَذَّن، ولم يقل: أذَّن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، والمُفصَّل يقضي على المُجمَل، فالله [6] المستعان، قاله السُّهيليُّ، وهو متعقَّبٌ، وذلك أنَّ التِّرمذيَّ والدَّارقطنيَّ لم يروياه من حديث أبي هريرة، بل من حديث يعلى بن مرَّةً، والله أعلم.

وأمَّا عمر بن الرَّمَّاح؛ فهو عمر بن ميمون بن الرَّمَّاح، وقد وثَّقه ابن مَعِين وأبو داود، ولا أعلم أحدًا جرحه، وعقَّب التِّرمذيُّ الحديثَ بقوله: غريب، تفرَّد به عمر بن الرَّمَّاح البلخيُّ، لا يُعرَف إلَّا مِن حديثه، انتهى، ولمَّا ذكره النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب» قال: وقد ثبت، فذكر الحديث، وقال في «الخلاصة»: (إنَّه حديث صحيح) انتهى.

فائدة ثالثة: أصل مشروعيَّة الأذان والإقامة [7]: رؤيا عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربِّه، أبي مُحَمَّد، الخزرجيِّ الحارثيِّ، بدريٌّ رضي الله عنه،

[ج 1 ص 208]

وحديث رؤياه في «أبي داود»، و «التِّرمذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، و «المُستدرَك» وغيرِه، فوافق ما رآه عليه الصَّلاة والسَّلام تلك اللَّيلة، كما تقدَّم، واقتضت الحكمة الإلهيَّة أن يكون الأذان على لسان غيرِه مِن المؤمنين؛ لما فيه من التنويه من الله بعبده، والرَّفعِ لذكره، والتَّفخيم لشأنه، قال تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4]، [قال القرطبيُّ في «تفسيره»: إنَّ عبد الله بن زيد لمَّا تُوُفِّيَ عليه الصَّلاة والسَّلام قال: (اللَّهمَّ؛ أعمني حتَّى لا أرى ما بعد نبيِّك)، فعمي مِن ساعته، وقد قدَّمته في العميان أوَّل التعليق في حديث ورقة] [8].

تنبيهٌ: وقد رآه أيضًا عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، قال مغلطاي: وفي كتب الفقهاء أنَّه رآه سبعةٌ من الصَّحابة.

غريبةٌ: قال الصَّائن [9] الجيليُّ في «شرح التَّنبيه» له: إنَّه رآه أربعةَ [10] عشرَ من الصَّحابة، انتهى.

(1/1393)

تنبيهٌ: هذا الشَّرح الذي للصَّائن شرحٌ مفيدٌ معروفٌ إلَّا أنَّه لا يجوز الاعتماد على ما فيه مِن النُّقول، كما قاله أبو عمرو بن الصَّلاح والنَّوويُّ وابن دقيق العيد الشَّيخُ تقيُّ الدين، وسببه _على ما حكاه بعضُ شيوخِ شيوخِ شيوخنا_: أنَّ بعضَ مَن عاصره حسده عليه، فدسَّ فيه نقولًا غيرَ صحيحة، فأفسد الكتاب [11]، وهذا هو الظَّاهر، وإلَّا؛ فكيف يُظَنُّ الإقدام على مثل ذلك مِن أحدٍ مِن أهل العلم، خصوصًا في تصنيفٍ له، عالمًا بأنَّ ذلك لا بدَّ أن يظهر على طول الزَّمان، والله أعلم.

وفي «وسيط الغزاليِّ»: أنَّه رآه بضعةَ عشرَ مِن الصَّحابة؛ كلُّهم [12] رأى مثل ذلك، قال شيخنا الشَّارح في تخريج أحاديث «الوسيط»: قوله: ثمَّ رآه بضعةَ عشرَ مِن الصَّحابة ... إلى آخره؛ أنكره عليه ابن الصَّلاح، فقال: لم أجد هذا بعد إمعان البحث، وتبعه النَّوويُّ في «تنقيحه» فقال: هذا ليس بثابتٍ ولا معروفٍ، وإنَّما الثَّابتُ خروجُ عمر يجرُّ رداءَه، قال شيخنا في المكان المشار إليه: وفي «الطَّبرانيِّ الأوسط»: (أنَّ أبا بكر الصِّدِّيق رآه أيضًا) انتهى.

(1/1394)

[حديث: ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى]

603# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ الْوَارِثِ): هذا هو ابن سعيد بن ذكوان، التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ البصريُّ، أبو عبيدة الحافظُ، تقدَّمت ترجمته مُختَصرة.

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هذا هو الحذَّاء، وكذا وقع في نسخة هي في هامش أصلنا، وهو خالد بن مهران، الحافظ الكبير، الحذَّاء، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوَحَّدةٌ، ثمَّ تاءُ التأنيث، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجرميُّ، وتقدَّم بعض الكلام عليه.

قوله: (وَالنَّاقُوسَ): هو خشبةٌ طويلةٌ تُضرَب بخشبة هي أصغرُ منها، والنصارى يُعلِمون بها أوقاتَ صلواتهم.

قوله: (فَأُمِرَ بِلَالٌ): (أُمِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وفي «النَّسائيِّ»: (قال: إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَمَرَ بلالًا).

==========

[1] (حدثنا): سقط من (ج).

[ج 1 ص 209]

(1/1395)

[حديث: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون]

604# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هذا هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المشهور، أحد الأعلام، وليس في «البخاريِّ» و «مسلم» راوٍ اسمه عبد الرَّزَّاق سواه، ولا في الكتب البقيَّة إلَّا في «أبي داود»، ففيه شخصٌ اسمُه عبد الرَّزَّاق بن عمر الدِّمشقيُّ، وليس في الكتب سواهما، والله أعلم.

قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، العالم المشهور، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاة): هو مِن طلب الحين وتحرِّيه، وهو الوقت؛ السَّاعة فما فوقها، قاله ابن عرفة [1]، والصحيح: أنَّه اسم لما يقع فيه من الحركات؛ كالوقت، لا يُعرَف قدرُه في نفسه، لكنْ بما يقع فيه.

قوله: (لَيْسَ [2] يُنَادَى لَهَا): (يُنادَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (بَعْضُهُمْ): وكذا قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ): هذان البعضان لا أعرفهما.

قوله: (مِثْلَ نَاقُوسِ): تقدَّم أعلاه ما النَّاقوسُ.

قوله [3]: (أَوَلاَ تَبْعَثُونَ): هو بتحريك الواو؛ على الاستفهام، وقد قدَّمتُ متى تُفتَح (أو)، ومتى تُسكَّن فيما مضى.

==========

[1] في (ب): (قُرقُول)، «مطالع الأنوار».

[2] في (ج): (فليس)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة».

[3] (قوله): سقط من (ج).

[ج 1 ص 209]

(1/1396)

[باب الأذان مثنى مثنى]

(1/1397)

[حديث: أمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة]

605# قوله: (عَنْ أيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة، تقدَّم، وهو العالم المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم أعلاه ضبطُه، ومَن هو، وقبل ذلك أيضًا مرارًا.

قوله: (أُمِرَ بِلاَلٌ): تقدَّم أنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وتقدَّم أعلاه أنَّ في «النَّسائيِّ»: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أَمَرَ بلالًا).

==========

[ج 1 ص 209]

(1/1398)

[حديث: لما كثر الناس قال أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه]

606# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد _هُو ابْنُ سَلَام_: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ): كذا في أصلنا، وعلى التَّوضيح علامةُ نسخةٍ براويها، وقد قدَّمتُ مِن عند الجيَّانيِّ أماكنَ فيها مُحَمَّدٌ عن عبد الوهَّاب، وأنَّ ابن السَّكن نسبه في بعضها (ابن سلام)، وأنَّ البخاريَّ صرَّح باسمه في (الأضاحي) وفي غير موضع، فقال: (حدَّثنا مُحَمَّد ابن سلام: حدَّثنا عبد الوهَّاب)، وتقدَّم أنَّ أبا نصر قال: إنَّ البخاريَّ يروي في «الجامع» عن مُحَمَّد بن سلام، وبندارٍ مُحَمَّدِ بن بشَّار، وأبي موسى مُحَمَّدِ بن المثنَّى، ومُحَمَّد بن عبد الله بن حَوشب الطَّائفيِّ، عن عبد الوهَّاب الثقفيِّ، انتهى، وفي «أطراف المِزِّيِّ» قال: مُحَمَّد: هو ابن سلام، فما أدري هل هو كذلك وقع له أو هو وضَّحه من عند نفسه؟ وقال شيخنا الشَّارح: ومُحَمَّد هذا: هو ابن سلام، كما ذكره أبو نعيم، ثمَّ ذكر كلام الجيَّانيِّ الذي ذكرتُه.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ): هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي الثَّقفيُّ، أبو مُحَمَّد، الحافظ، أحد أشراف البصرة، عن أيُّوب، ويونسَ، وحميدٍ، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابنُ عرفة، وثَّقه ابن مَعِين، وقال: اختلط بأَخَرة، ولد سنة (108 هـ)، ومات سنة (194 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وله ترجمة في «الميزان»، وقد ذكرتُه فيمَن اختلط في مُؤلَّف مُفرَد، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ): تقدَّم أعلاه أنَّه خالد بن مهران، وتقدَّم بعيدًا لِمَ قيل له: الحذَّاء؛ فانظره.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ): تقدَّم أعلاه أنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ، وتقدَّم بعض الكلام عليه قبل ذلك.

قوله: (أَنْ يَعْلَمُوا): هو بفتح الياء في أصلنا، ثلاثيٌّ، وفي نسخة هي خارج أصلنا وعليها علامة رواتها: (يُعلِموا)؛ بضمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وهذا يسيرٌ.

قوله [1]: (أَنْ يُورُوا نَارًا): أي: يُوقِدوا نارًا، أَوريتُ: أَوقدتُ.

(1/1399)

[باب الإقامة واحدة إلا قوله: قد قامت الصلاة]

قوله: (بَابٌ: الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ إِلاَّ قَوْلَهُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاة): جعل البخاريُّ فيه هذا اللَّفظَ من قول أيُّوب، قال إسماعيل: فذكرت لأيُّوب، فقال: إلَّا الإقامة، وترك الاستدلال بالحديث الذي قبلَ قبلِ هذا إلَّا الإقامة، قال شيخنا الشَّارح: وفي «صحيح ابن منده»: هذه اللَّفظةُ من قول أيُّوب، هكذا رواه ابن المدينيِّ عن ابن عُليَّة، فأدرجها سليمانُ عن حمَّاد، ورواه غيرُ واحد عن حمَّاد، فلم يذكروا هذه اللَّفظة، انتهى.

==========

[ج 1 ص 209]

(1/1400)

[حديث: أمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة]

607# [قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): تقدَّم أعلاه أنَّه الحذَّاء] [1].

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم أعلاه ضبطُه، ومَن هو، وتقدَّم قبل ذلك بعضُ ترجمته.

قوله: (قَالَ [2] إِسْمَاعِيلُ): هو إسماعيل [3] بن إبراهيم المذكور في السَّند، وهو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليَّة، الإمامُ، أبو بشر، مشهور التَّرجمة.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] في (ج): (وقال)، والمثبت موافق لما في «اليونينية».

[3] (هو اسماعيل): سقط من (ب).

[ج 1 ص 209]

(1/1401)

[باب فضل التأذين]

(1/1402)

[حديث: إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط .. ]

608# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، مشهور.

[ج 1 ص 209]

قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وتقدَّم بعضُ ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ): (ثُوِّب): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، والتَّثويب [1]: يقع على النِّداء للصَّلاة أوَّلًا وعلى الإقامة، والمراد هنا: الإقامةُ؛ لأنَّ أصله الدُّعاءُ إلى الشيء، ثَوَّب به؛ أي: دعاه، والأذان والإقامة دعاءان، وقيل: سُمِّيت الإقامة تثويبًا؛ لأنَّه عود للدُّعاء والنِّداء، مِن (ثاب إلى كذا)؛ إذا عاد إليه، ومنه: الثَّواب: ما يعود على العامل مِن جزاء عمله، ومنه: التثويب لصلاة الصُّبح، يقول المُؤذِّن: (الصَّلاة خيرٌ من النَّوم)؛ لتكريره فيها، ولأنَّه دعاء ثانٍ إليها بعد (حيَّ على الصَّلاة)، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى يَخْطِرَ): قال ابن قُرقُول: (بكسر الطَّاء ضبطناه عن المُتقِنين، وقد سمعناه من أكثر الرُّواة بضمِّ الطَّاء، والكسرُ هو الوجه؛ يعني: أنَّه يوسوس، ومنه: رُمحٌ خَطَّارٌ؛ أي: ذو اضطراب، والفحل يخطر بذنبه؛ إذا حرَّكه فضرب به فخذيه، وأمَّا بضمِّ الطَّاء؛ فمِن السُّلوك والمرور؛ أي: يدنو منه فيمرُّ بين نفسه وبينه، فيذهله عمَّا هو فيه، وبهذا فسَّره الشَّارحون لـ «الموطَّأ» وغيرِه، وفسَّر الخليل بالأوَّل) انتهى.

فإنْ قلت: كيف يهرب مِن الأذان ويدنو في [2] الصَّلاة وفيها القرآن والمناجاة؟ قيل: بأنَّ إبعاده عن الأذان؛ لغيظه من ظهور الدين وغلبة الحقِّ، وعلى الأذان هيبة يشتدُّ انزعاجه لها، ولا يكاد يقع في الأذان رياءٌ ولا غفلةٌ عند النُّطق به؛ لأنَّه [3] لا تحضر النَّفس، فأمَّا الصَّلاة؛ فإنَّ النَّفسَ تحضُر فيها، فيفتح لها الشَّيطان أبوابَ الوسوسة، قاله شيخنا الشَّارح رحمه الله.

(1/1403)

قوله: (حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ): هو بفتح الظَّاء المعجمة، قال ابن قُرقُول: (يقال: ظلِلت _بكسر اللَّام_ أفعلُ كذا أظلُّ؛ إذا فعلته نهارًا، وظَلْت، ولا يقال إلَّا في النَّهار، كما لا يقال: «بات» إلَّا في اللَّيل، وأمَّا طفق؛ فيقال فيهما جميعًا، وقد يكون «ظلَّ» بمعنى: دام) انتهى، وحكى ابن قُرقُول في (الهمزة مع النُّون): أنَّه رُوِي «يَضِل [4]»؛ بكسر الضَّاد، من الضَّلال؛ أي: ينسى ويسهو ويتحيَّر، وقال الشيخ تقيُّ الدين القشيريُّ ابنُ دقيق العيد: (ولو رُوِي بضمِّ الياء؛ لكان صحيحًا؛ يريد: حتَّى يُضِلَّ [5] الشَّيطانُ الرجلَ عن دراية كم صلَّى) انتهى.

(1/1404)

[باب رفع الصوت بالنداء]

قوله: (أَذَانًا سَمْحًا): هو بفتح السِّين، وإسكان الميم، وبالحاء المهملة، وسبب كلام عمر رحمة الله عليه أنَّ مُؤذِّنًا طرَّب في أذانه، فقال له عمر ذلك، وفي «الدَّارقطنيِّ» [1] بإسنادٍ فيه لينٌ من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان له مؤذِّنٌ مُطرِّبٌ، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «الأذان سهلٌ سمْحٌ، فإنْ كان أذانك سهلًا سمْحًا وإلَّا؛ فلا تُؤذِّن»، وإنَّما ذكرت أنَا ذلك؛ لتعرفَ ما معنى (سمحًا)، والله أعلم، والتَّطريب: مدُّ الصَّوت [2].

==========

[1] زيد في (ب): (سهلًا سمحًا).

[2] (والتطريب مد الصوت): سقط من (ج).

[ج 1 ص 210]

(1/1405)

[حديث: إني أراك تحب الغنم والبادية]

609# قوله: (أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، وأنَّه بالدال المهملة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ): هو غايتُه ومنتهاه، ووقع للقابسيِّ وأبي ذرٍّ في (كتاب التَّوحيد): (نداءَ صوت المُؤذِّن)، والأوَّل أَعرفُ.

==========

[ج 1 ص 210]

(1/1406)

[باب ما يحقن بالأذان من الدماء]

(1/1407)

[حديث: أن النبي كان إذا غزا بنا قومًا لم يكن يغزو بنا حتى يصبح]

610# قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ): هو حميد الطَّويل، ابن تير أو تيرويه، تقدَّم بعض ترجمته.

تنبيه: لهم (حميدٌ) آخرُ، يروي عن أنس، وهو حميد بن هلال بن هبيرة العدويُّ، أبو نصر، البصريُّ، روى له عنه عن أنس البخاريُّ حديثين: خطب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: «أخذ الرَّاية زيدٌ، فأُصيِب»، أخرجه [1] له البخاريُّ _هذا الحديث [2]_ في (الجنائز)، وفي (الجهاد)، وفي (علامات النُّبوَّة)، وفي (فضل خالد)، وفي (المغازي)، وأخرجه النَّسائيُّ في (الجنائز)، وأخرج له البخاريُّ أيضًا عن أنس حديثًا أخرَ: «كأنِّي انظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غنم» في (بدء الخلق) في موضعين، وفي (المغازي)، والله أعلم.

قوله: (يَغْزُو بِنَا): وفي نسخة: (يُغير بنا)، قال ابن قُرقُول: (وفي حديث التِّنِّيسيِّ: (وكان إذا أتى قومًا بليل؛ لم يغزُ بهم حتَّى يصبح)، كذا بالزاي من «الغزو»، ولغيره مِن رواة «المُوطَّأ»: (لم يُغِرْ بهم) من الإغارة، وهو الوجْه)، انتهى، وهذا غير لفظ البخاريِّ، ولكنِّي ذكرته شاهدًا للروايتين.

قوله: (أَغَارَ عَلَيْهِمْ): هو رُباعيٌّ، ويقال من حيث اللُّغةُ: غار، ثلاثيٌّ.

قوله: (بِمَكَاتِلِهِمْ [3]): (المكاتل)؛ بفتح الميم، وكسر التَّاء المُثَنَّاة فوق: جمع (مكتل)؛ بكسر الميم وفتحها أيضًا، وهو الزِّنبيل، وقيل: القُفَّة، وقال ابن وهب: هو وعاء يسع خمسةَ عشرَ صاعًا إلى عشرين، وقد قاله سعيد في العرق.

قوله: (وَمَسَاحِيهِمْ): (المساحي): جمع (مسحاة)، قال ابن الأثير: وهي المجرفة من الجريد، والميم زائدة، من السَّحو: الكشفُ والإزالة.

قوله: (وَالْخَمِيسُ): هو الجيش؛ لأنَّه ينقسم على خمسة أقسام؛ مقدِّمة، وساقة، ومَيمَنة، ومَيْسَرة، وقلب، وقيل: لأنَّ غنيمته تُخمَّس، والأوَّل أَوْلى؛ لأنَّ اسمه أقدمُ من شرع التخميس، وقد سيق في باب (ما يُذكَر في الفخذ).

(1/1408)

[قوله: (اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ): اعلم أنَّ (أكبر) في الأذان والصَّلاة ساكنة الرَّاء، لا يُضَمُّ؛ للوقف، فإذا وُصِل بكلام؛ ضُمَّ، قاله ابن الأثير في «نهايته»، وقال النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب»: قال البندنيجيُّ وصاحب «البيان»: يُستحبُّ أن يقف المُؤذِّن على أواخر الكلمات في الأذان؛ لأنَّه [4] رُوِي موقوفًا، قال الهرويُّ: عوامُّ النَّاس تقول: الله أكبرُ، فتضمُّ الرَّاء، وكان أبو العبَّاس المبرِّدُ يقول: الله أكبرَ الله أكبرْ؛ الأولى مفتوحة، والثانية ساكنة، قال: لأنَّ الأذان سُمِع موقوفًا؛ كقوله: «حيَّ على الصَّلاةْ، حيَّ على الفلاحْ»، وكان الأصل أن يقول: «الله أكبرْ»؛ بإسكان الرَّاء، فحُرِّكت فتحةُ الألف من اسم (الله) في اللَّفظة الثانية؛ لسكون الرَّاء قبلها، ففُتِحَت؛ كقوله تعالى: {المَ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [آل عمران: 1] [آل عمران: 2]، انتهى، وقال ابن قُرقُول في «مطالعه»: (واختُلِف في تكرير هذه الكلمة في الأذان، هل تُفتَح الرَّاءُ، أو تُضَمُّ، أو تُسكَّن؛ يعني في الكلمة الأولى، وأمَّا الثانية؛ فتُضمُّ أو تُسكَّن) انتهى، والله أعلم] [5].

قوله: (خَرِبَتْ خَيْبَرُ): تقدَّم الكلام عليه [6] في الباب المذكور أعلاه.

قوله: (إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ): (السَّاحة): النَّاحية والجهة، وقد تقدَّم في الباب المذكور أعلاه.

==========

[1] في (ب) و (ج): (أخرج).

[2] (هذا الحديث): سقط من (ج).

[3] في هامش (ق): (المكتل: الزبيل، أو الزبيل، أو الزنبيل، ولا تقل: زنبيل؛ لأنَّ فعليلًا ليس في كلامهم، قاله الجوهريُّ، وهو القفة).

[4] (لأنه): سقط من (ب).

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[6] (عليه): سقط من (ب).

[ج 1 ص 210]

(1/1409)

[باب ما يقول إذا سمع المنادي]

(1/1410)

[حديث: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن]

611# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مرارًا، وأنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تقدَّم [1] في هذه الصفحة [2].

==========

[1] زيد في (ب): (قريبًا).

[2] (في هذه الصفحة): سقط من (ب).

[ج 1 ص 210]

(1/1411)

[حديث: لما قال حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله]

612# 613# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّ فضَالة بفتح الفاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

[ج 1 ص 210]

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو الدَّستوائيُّ، وهو هشام بن أبي عبد الله، الحافظ، تقدَّم بعض ترجمته، ولماذا نُسِب.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وبالثَّاء المُثلَّثة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (سَمِعَ مُعَاوِيَةَ): هو معاوية بن أبي سفيان، صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس، مشهور الترجمة، وقد تقدَّم كم في الصَّحابة مَن اسمه معاوية، وكم فيهم راوٍ.

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ [1]: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وفي الهامش: (ابن راهويه)، وعليها علامة رواتها، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ هو منسوب في الأصل: (ابن راهويه)، قال الجيَّانيُّ: (قال البخاريُّ في «الأذان»، و «الاستسقاء»، و «ذكر الملائكة»: «حدَّثنا إسحاق: حدثنا وهب بن جرير»، نسب أبو عليِّ ابن السَّكن موضعين من هذه إسحاقَ بن إبراهيم، وأهمل الذي في «الأذان»)، وذكر أبو نصر: أنَّ وهب بن جرير يروي عنه إسحاقُ بن إبراهيم الحنظليُّ)، انتهى؛ يعني: ابن راهويه، والمِزِّيُّ لم ينسب إسحاقَ هذا ولا شيخُنا المؤلِّفُ، ولا تكلَّم عليه بالكُلِّيَّة.

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ فيما يظهر، والله أعلم.

قوله: (عَنْ يَحْيَى نَحْوَهُ): كذا في أصلنا، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، (يحيى) هذا: الظَّاهر أنَّه ابن أبي كثير، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وكذا قاله شيخنا فيما يليه قريبًا.

(1/1412)

قوله: (قَالَ يَحْيَى: وَحَدَّثَني [2] بَعْضُ إِخْوَانِنَا): قال شيخنا الشَّارح في هذه ما لفظه: (وهذه الرواية الثَّانية قال البخاريُّ في إيرادها: «قال يحيى»؛ يعني: ابن أبي كثير، «وحدَّثني بعض إخواننا أنَّه لمَّا قال: حيَّ على الصَّلاة؛ قال: لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله، وقال: هكذا سمعنا نبيَّكم صلَّى الله عليه وسلَّم يقول»، وفيه جهالةٌ كما ترى، والظاهر أنَّ هذه الرواية مُتَّصلة من البخاريِّ إلى يحيى؛ فتأمَّله)، انتهى [3]؛ يعني: أنَّ البخاريَّ قال: (قال يحيى)؛ يعني: بالسند الذي قدَّمه؛ وهو معاذ بن فضالة، عن هشام، عن يحيى قال: (وحدَّثني بعض إخواننا ... )؛ فذكره، وهذا الذي ظهر لي أيضًا.

وقوله: (وَحَدَّثَنِي بَعْضُ إِخْوَانِنَا): هذا رسموه منقطعًا، وفي الأصول نَعتُهُ بالمُرسَل [4]، والصَّحيح: أنَّه مُتَّصل فيما بين يحيى وبعض إخوانه [5]، في سنده مجهول [وهو بعض إخوانه، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ العصر: (وقال بعض إخواننا: هو علقمة بن وقَّاص، فيما أحسب، كما أخرجه النَّسائيُّ من وجهٍ آخرَ: عن علقمة عن معاوية) انتهى، فهو مُتَّصل وهو [6] كما قاله هذا الحافظ، فيما أحسب أنا أيضًا، والله أعلم] [7].

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] في النُّسخ: (حدَّثنا)، والمثبت موافق للموضع اللاحق ولما في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] (انتهى): سقط من (ب).

[4] زيد في (ب): (وهو بعض إخوانه).

[5] (فيما بين يحيى وبعض إخوانه): سقط من (ج).

[6] (وهو): سقط من (ب).

[7] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/1413)

[باب الدعاء عند النداء]

(1/1414)

[حديث: من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة]

614# قوله: (حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ): هو بالمُثَنَّاة تحت، وفي آخره شينٌ معجمةٌ، ابن مسلم الألهانيُّ، أبو الحسن الحمصيُّ، أحد الأعلام، عن حَرِيز بن عثمان، والمثنَّى بن الصَّبَّاح، وشعيب بن أبي حمزة، واللَّيث، وخلقٍ، وعنه: البخاريُّ، وأحمدُ ابن حنبل، وابن معين، والذُّهليُّ، وأبو زُرْعة الدِّمشقيُّ، وخلقٌ كثيرٌ، وثَّقه النَّسائيُّ والدَّارقطنيُّ، وقال أبو حاتم: كنتُ أُفيد النَّاس عن عليِّ بن عيَّاش وأنا مقيم بدمشق حتَّى ورد نعيُه، تُوُفِّيَ سنة تسعَ عشرةَ ومئتين، وقيل: سنة ثمانيَ [1] عشرةَ، أخرج له البخاريُّ والأربعةُ، وليس في الكتب السِّتَّة أحدٌ يقال له عليُّ بن عبَّاس؛ بالمُوَحَّدة والسِّين المهملة؛ فاقرأه وأنت مُطمئِنٌّ.

قوله: (الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ): دعوة الأذان سُمِّيت بذلك؛ لكمالها وعظم موقعها، فلا نقص فيها ولا عيب؛ لانتفاء الشركة فيه.

قوله: (مَقَامًا مَحْمُودًا): المراد به: مقام [2] الشَّفاعة العظمى الذي يحمده فيه الأوَّلون والآخرون، و (مقامًا محمودًا)، كذا هو بالتَّنكير، وهو موافق للآية، قال شيخنا: ووقع في «صحيح» أبي حاتم بن حِبَّان: بكسر الحاء عن شيخه ابن خزيمة بسنده بالتعريف فيهما، وكذا أخرجها البيهقيُّ في «سننه» أيضًا، وعزاها للبخاريِّ، ومراده أصله، وقول النَّوويُّ: (وأمَّا ما وقع في «التَّنبيه» وكثيرٍ من كتب الفقه: المقام المحمود؛ فليس بصحيح)؛ يعني: التعريف، وقد رأيت ما ذكرته [3] لك، وقد عزاها المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه» إلى النَّسائيِّ.

فائدة: في المقام المحمود مقالات:

الأولى: الشَّفاعة العامَّة للنَّاس يوم القيامة.

الثَّانية: إعطاؤه عليه الصَّلاة والسَّلام لواء الحمد، ولا تنافي بين هذه القولين، فإنَّه يكون بيده لواء الحمد ويشفع.

[فائدة: إنْ قيل: ما صفة لواء الحمد؟

(1/1415)

فالجواب: أنَّ في «طبقات الفقهاء الحَنفِيَّة» للإمام محيي الدين عبد القادر القاهريِّ الحَنفِيِّ، قال ما لفظه: (قال في كتاب «الخصائص»: قال ابن مسعود: سأل عبد الله بن سلام رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن لواء الحمد ما صفته؟ فقال: «طولُه مسيرةُ ألف سنة وستِّ مئة سنة، من ياقوتة حمراء، وقصبته [4]، أو قال: قبضته من فضَّةٍ [5] بيضاءَ، وزجُّهُ من زمردةٍ خضراءَ، له ثلاث ذوائبَ؛ ذؤابةٌ بالمشرق، وذؤابةٌ بالمغرب، وذؤابةٌ وسط الدُّنيا، عليه مكتوب ثلاثةُ أسطر: الأوَّل: «بسم الله الرَّحمن الرحيم»، والثَّاني: «الحمد لله ربِّ العالمين»، والثَّالث: «لا إله إلَّا الله مُحَمَّد رسول الله»، طولُ كلِّ سطر مسيرةُ ألف عام»، قال: صدقت.

ثانيةٌ: ونقل المُحبُّ الطَّبريُّ في «الرِّياض النَّضرة في مناقب العشرة» (نحوَ هذا، وعزاه فقال: ذكره أحمد في «المناقب» له، قال: وفيها) [6] ما لفظُه: عن ابن عبَّاس [7]: سُئِل رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن لواء الحمد، فقال: «له ثلاث شقق؛ كلُّ شقَّة منها ما بين السَّماء والأرض، على الشَّقة الأولى مكتوبٌ: بسم الله الرَّحمن الرحيم، وفاتحة الكتاب، وعلى الثانية: لا إله إلَّا الله مُحَمَّد رسول الله، وعلى الثالثة: أبو بكر الصِّدِّيق، عمر [8] الفاروق، عثمان [9] ذو النُّورين، عليٌّ [10] الرِّضا»، خرَّجه الملَّاء، انتهى] [11]

الثَّالث: قول مجاهد وسأذكره هنا، وهو قول مرغوب عنه، وإنْ صحَّ؛ فيُتَأَوَّل [12].

الرابعة: إخراجه طائفةً من النَّار، وله مُستنَد [13] من عند مسلم.

الخامسة: شفاعته رابع أربعة، ومستنده ما رواه أبو داود الطَّيالسيُّ في «مسنده» بسنده: عن أبي الزعراء، عن عبد الله قال: (ثمَّ يأذن الله عزَّ وجلَّ في الشَّفاعة، فيقوم روح القدس جبريلُ عليه السَّلام، ثمَّ يقوم إبراهيم عليه السَّلام، ثمَّ يقوم عيسى أو موسى عليه السَّلام، قال أبو الزعراء: لا أدري أيُّهما قال؟ ثمَّ يقوم نبيُّكم صلَّى الله عليه وسلَّم رابعًا فيشفع ... )؛ الحديث، قال: وهو المقام المحمود الذي قال الله تعالى: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مُّحْمُودًا} [الإسراء: 79].

(1/1416)

السَّادسة: ذكرها شيخنا المؤلِّف في حديث «الشَّفاعة» في أواخر «البخاريِّ»، وهو أنَّه يكون أقربَ من جبريل، وذكر القاضي عياض في «الشِّفا» [14] مقالاتٍ؛ منها مقالة شاذَّة عن بعض السُّلف يجب [15] ألَّا تُثبَت ... ؛ إلى آخر كلامه، والظَّاهر أنَّ المراد بهذه المقالة ما فسَّر مجاهد به المقامَ المحمودَ، انتهى.

قال مجاهد: (المقام المحمود): بأن يُجلسَه اللهُ معه على العرش، وقد عُدَّ هذا مُنكَرًا، وقد ذكر الذَّهبيُّ في «ميزانه» مجاهدًا، وذكر له هذا التَّفسير، فقال ما لفظه: ومِن أَنكرِ ما جاء عن مجاهد في التَّفسير [16] قولُه: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مُّحْمُودًا} [الإسراء: 79] ... ؛ فذكره [17]، انتهى، ومجاهدٌ هذا أجمعتِ الأمَّة على إمامته والاحتجاج به، وقد قال أبو عمر بن عبد البرِّ في «تمهيده»: (ومجاهد وإنْ كان أحدَ الأئمَّة بتأويل القرآن؛ فإنَّ له قولين مهجورين عند أهل العلم؛ أحدهما ... ؛ فذكر ما ذكرته عنه في تأويل {مَقَامًا مُّحْمُودًا} [الإسراء: 79]، قال: والثَّاني: في تأويل قوله تعالى: {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23]، قال: ينتظر الثَّواب، ليس من «النَّظر»)، انتهى، وقد علمتَ أنَّ مجاهد بنَ جبر إمامُ ثبْتٌ مفسِّرٌ، أحد الأعلام، له ترجمة في «الميزان»؛ فانظرها.

(وقد جاء حديث بمثل مقالة مجاهد، وهو باطلٌ؛ فانظر ذلك في (تفسير سبحان) في ذكر المقام المحمود في كلامي) [18].

فائدة: سؤال المقام المحمود للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مع أنَّه موعود به؛ إنَّما هو إظهار لشرفه، وكمال منزلته، وعظيم حقِّه، ورفع ذكره.

قوله: (حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي): أي: غشيتْه ونالتْه، وقيل: وجبتْ له، وقوله: (له شفاعتي) بمعنى (عليه)، وهي كقوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [الإسراء: 109]، ويُؤيِّده ما في «مسلم»: (حلَّت عليه).

==========

[1] في (ج): (ثمان)، وكلاهما صحيح.

[2] في (ب): (مقامة).

[3] في (ج): (ذكرت).

[4] في (ب): (وقضيته)، وهو تحريف.

[5] (من فضة): سقط من (ب).

[6] ما بين قوسين سقط من (ب).

[7] (عن ابن عبَّاس): سقط من (ب).

[8] في (ب): (وعمر).

[9] في (ب): (وعثمان).

[10] في (ب): (وعلي).

[11] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[12] في (ب): (فيتناول).

[13] في (ب): (مستشهد).

[14] زيد في (ج): (ذكر)، وهو تكرار، وضُرِب عليها في (أ).

(1/1417)

[15] في (ب): (يجيب).

[16] في (ب): (تفسير).

[17] في (ج): (وقد ذكره).

[18] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 211]

(1/1418)

[باب الاستهام في الأذان]

قوله: (بَابُ الاِسْتِهَامِ فِي الأَذَانِ): (الاستهام): الاقتراع، وكذا قوله في الحديث: (إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَليهِ؛ لاسْتَهَمُوا).

قوله: (فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ): الظاهر أنَّ سعدًا هذا هو ابن أبي وقَّاص مالك بن أُهَيب، أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة، وإنَّما قلت: الظاهر أنَّه سعدٌ؛ لأنَّ شيخنا لمَّا عزا هذا الأثر؛ قال: أخرجه البيهقيُّ من حديث أبي عبيد: حدَّثنا هشيم: أخبرنا ابن شبرمة قال: (تشاجَّ الناس في الأذان بالقادسيَّة، فاختصموا

[ج 1 ص 211]

إلى سعدٍ، فأقرع بينهم)، وذكر الطَّبريُّ: أنَّ ذلك كان [1] في صلاة الظُّهر، انتهى، فأمير القادسيَّة هو سعد بن أبي وقاص، فلهذا قلت: الظَّاهر؛ لأنَّ الظاهرَ أنَّه [2] الآمرُ، والله أعلم.

==========

[1] (كان): سقط من (ب).

[2] في (ب): (هو).

(1/1419)

[حديث: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول]

615# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ): هو بضمِّ السِّين المهملة، وفتح الميم، وتشديد الياء؛ مثل: (عُلَيٍّ)؛ مُصغَّرًا، وهو مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام، روى عن مولاه أبي بكر وابن المسيّب، وعنه: مالك وورقاءُ، قُتِل يوم قُدَيد، قتلته الحروريَّة سنة ثلاثين ومئة، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه السَّمَّان الزَّيَّات ذكوانُ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مَا فِي النِّدَاءِ): هو الأذان.

قوله: (مَا فِي التَّهْجِيرِ): هو التبكير إلى أيِّ صلاة كانت، قاله الهرويُّ وغيره، وخصَّه الخليل بالجمعة، وقال ابن قُرقُول: (وقد يحتمل عندي هذا الحديث الجمعة والظهر؛ لأنَّها التي تقع وقت الهاجرة؛ وهي شدَّة الحرِّ نصف النهار)، وقال النَّوويُّ: والصَّواب المشهور: الأوَّل، ولفظ «المطالع» أطولُ مِن هذا، فإنْ أردته؛ فانظره.

قوله: (ولَو حَبْوًا): هو بفتح الحاء المهملة، وإسكان المُوَحَّدة؛ أي: زَحْفًا على أستاههم، وفي «المطالع»: (حَبْوًا: زَحْفًا)، قال ابن دريد: الزَّحف: المشي مع إشرافه بصدره، قال الحربيُّ: حبا الصَّبيُّ: مشى على يديه.

(1/1420)

[باب الكلام في الأذان]

قوله: (وتَكَلَّمَ سُلَيْمانُ بنُ صُرَدٍ في أذَانِهِ): (صُرَد)؛ بضمِّ الصاد، وفتح الرَّاء، وبالدال المهملتين، مصروف، وهو سليمان بن صرد بن الجون بن منقذ بن ربيعة بن أصرم بن حزام _بالزاي_ ابن [1] حُبَيشة _بضمِّ الحاء_ ابن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة بن لُحَيٍّ، الخزاعيُّ الكوفيُّ الصَّحابيُّ، مشهور، كان اسمه يسارًا، فسمَّاه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم سليمان، قاله ابن عبد البرِّ، له عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أحاديثُ، قُتِل بعين الورد من الجزيرة _وهي رأس عين_ سنة خمس وستِّين، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، وكان أميرًا على جيش التَّوَّابين، وكانوا أربعة آلاف كما قاله أبو عمر، فإنَّ شئت أن تعرف لمَ سُمُّوا جيشَ التَّوَّابين؛ فانظر «تهذيب المِزِّيِّ»، أو «تذهيب الذَّهبيِّ»؛ تعرفْ ذلك، والله أعلم.

قوله: (وقال الحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحسن بن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[1] في (أ) و (ج): (أبي)، والمثبت موافق لما في المصادر، و (ابن): سقط من (ب).

[ج 1 ص 212]

(1/1421)

[حديث: خطبنا ابن عباس في يوم ردغ فلما بلغ المؤذن]

616# قوله: (حَدَّثَنا حَمَّادٌ): هو ابن زيد بن درهم، الإمام، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته، وهو منسوب في أصلنا الدِّمشقيِّ [1].

قوله: (عَنْ أيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، الإمام، تقدَّم.

قوله: (وعَبْدِ الحَمِيدِ صَاحِبِ الزِيادِيِّ، وعَاصِم الأَحْوَلِ): هما مجروران؛ لأنَّ حمَّادًا _هو ابن زيد، كما تقدَّم [2]_ روى هذا الحديثَ عن هؤلاء الثَّلاثةِ: أيُّوبَ، وعبدَ الحميد، وعاصمٍ، ولمَّا طرَّفه المِزِّيُّ قال: عن حمَّاد بن زيد عن أيُّوب، وعبد الحميد صاحبِ الزِّياديِّ، وعاصمٍ الأحولِ؛ ثلاثتهم عنه؛ أي: عن عبد الله بن الحارث أبي الوليد البصريِّ، نسيب ابن سيرين، وهذا ظاهرٌ لا خفاء به.

و (عبد الحميد): هذا هو ابن دينار صاحب الزِّياديِّ، بصريٌّ، عن أنس وأبي رجاء العطارديِّ، وعنه: شعبة وابن عُليَّة، صدوق، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

وأمَّا (عاصم الأحول)؛ فهو ابن سليمان أبو عبد الرَّحمن، البصريُّ، عن عبد الله بن سرجس، وأنسٍ، وعمرِو بن سلمة، وخلقٍ، وعنه: شعبة، وابن عُليَّة، ويزيدُ، وخلقٌ، قال أحمد: (ثقة من الحُفَّاظ)، مات سنة (142 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (فِي يَوْمٍ رَدْغٍ [3]): هو بفتح الرَّاء، وإسكان الدَّال المهملة، وبالغين المعجمة، قال الدِّمياطيُّ: (الرَّدَغة: الماء والطِّين والوحل الشَّديد، وكذلك الرَدْغة، وقال صاحب «العين» [4]: (الرَّزغة أشدُّ من الرَّدْغة، والرَّازغ: المُرتَطِم فيها) انتهى، وفي «المطالع»: (ردغ؛ بدال مهملة، وغين معجمة، رواه [5] العذريُّ وبعضُ رواة «مسلم»، وكذا لابن السَّكن والقابسيِّ، إلَّا أنَّه بفتح الدَّال، وهو الطِّين الكثير، يقال فيه: رِدْغٌ وردَغٌ، ورواه الأصيليُّ والسَّمرقنديُّ: «رزَغ»؛ بزاي مفتوحة، بعدها غينٌ معجمةٌ، وهو المطر الذي يبلُّ وجهَ الأرض، وفي كتاب «العين»: الرَّزَغة_ بالزَّاي_ أشدُّ من الرَّدَغة، وقد قيل بعكس هذا، وقال أبو عبيد: «الرَّزغ»: الطِّين والرُّطوبة، وفي «الجمهرة»: الرَّزغة مثل: الرَّدغة؛ وهو الطِّين القليل من مطر أو غيره، وقاله ابن الأعرابيِّ، وقال الدَّاوديُّ: «الرَزَغ»: الغيم البارد) انتهى.

(1/1422)

قوله: (فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلاة، فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ: الصَّلاة فِي الرِّحَالِ): اعلم أنَّ في هذه المسألة اختلافًا، قال صاحب «العُدَّة»: وإذا كانت ليلةٌ مطيرةٌ أو ذاتُ ريحٍ وظلمةٍ؛ يُستحبُّ أن يقول إذا فرغ من أذانه: ألا صلُّوا في رحالكم، فإنْ قاله في أثناء الأذان بعد الحيعلة؛ فلا بأس، وكذا قاله الصيدلانيُّ، والبندنيجيُّ، والشَّاشيُّ، وغيرُهم، واستبعد الإمام قوله في أثناء الأذان، وليس هو ببعيدٍ [6]، بل هو الحقُّ والسُّنَّة، كما قاله النَّوويُّ، فقد نصَّ عليه الشَّافعيُّ في آخر أبواب الأذان من «الأمِّ»، وقد ثبث في «البخاريِّ» و «مسلم» عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (أنَّه قال لمُؤذِّنه في يومٍ مطيرٍ: إذا قلت: أشهد أن لا إله إلَّا الله؛ فلا تقل: حيَّ على الصَّلاة، قل: صلُّوا في بيوتكم، فكأنَّ [7] النَّاس استنكروا ذلك ... ) الحديث، انتهى، وقال في «شرح مسلم»: إنَّه يقوله [8] في نفس الأذان وبعدِه، ثمَّ قال: (وكلاهما جائز نصَّ عليهما الشَّافعيُّ في «الأمِّ» وتابعه جمهور أصحابنا، لكنْ قولَه: «بعده» أحسنُ؛ ليبقى وضع الأذان على وضعه، ومِن أصحابنا مَن قال: لا يقوله إلَّا بعد الفراغ، وهذا ضعيفٌ مخالفٌ لصريح [9] حديث ابن عبَّاس [10] ... )؛ إلى آخر كلامه.

واعلم أنَّ الحديث المشار إليه الذي استدلَّ به الشيخ يدلُّ على أنَّه يقوله عوضًا عن الحيعلة، وهو خلاف ما نقله مِن كونه يقوله بعدها، بل ظاهر الحديث أنَّه [11] يقولهما بدلَ الحيعلتَين، وبه قال بعض المُتأخِّرين، وقد رأيت

[ج 1 ص 212]

في «أحكام المُحبِّ الطَّبريِّ» ما لفظه: (باب إسقاط الحيعلة من الأذان؛ لعذر المطر)، ثمَّ [12] ذكر [13] حديث ابن عبَّاس، انتهى.

وأمَّا الاستدلال على أنَّه يقوله بعد الأذان؛ فبحديث [14] ابن عمر رضي الله عنهما في «البخاريِّ»: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يأمر مُؤذِّنًا يُؤذِّن، ثمَّ يقول على إثره: «ألا صلُّوا ... »؛ الحديث، في (باب الأذان للمسافرين).

قوله: (وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ): هو بإسكان الزَّاي؛ أي: حقٌّ واجبٌ، وقيل: لأنَّها مِن شدَّةٍ لا تراخي فيها، ومثله: (الجمعةُ عَزْمَةٌ).

==========

[1] (وهو منسوبٌ في أصلنا الدِّمشقيِّ): سقط من (ج).

[2] (كما تقدَّم): سقط من (ج).

(1/1423)

[3] في هامش (ق): (الردغة: الماء والطِّين والوحل الشَّديد، وكذلك الرَّدغة، وقال صاحبُ _لعلَّه «العين» _: الرَّزغة أشدُّ من الرَّدغة، والرَّازغ: المُرتَطِم فيها.×كذا هنا: صاحبُ، وما بعده حُذِف، والظَّاهر _والله أعلم_: أنَّه «العين»، فيصير الكلام: وقال صاحب «العين»، فإنَّه كذلك في «المطالع»).

[4] كُتِب فوقها في (أ) و (ج): (لعلَّه).

[5] في النُّسخ: (ورواه)، والمثبت من مصدره.

[6] في (أ): (ببعد)، ولعله تحريف.

[7] في (ج): (وكأن).

[8] في (ج): (يقول).

[9] في (ج): (تصريح)، وهو تحريفٌ.

[10] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[11] في (ج): (أن).

[12] (ثمَّ): سقط من (ج).

[13] في (ج): (وله).

[14] في (ج): (فحديث)، وهو تحريفٌ.

(1/1424)

[باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره]

(1/1425)

[حديث: إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي]

617# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ، الإمام العالم المشهور، مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

قوله: (إِنَّ بِلاَلًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ... ) إلى قوله: (ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ): سيأتي الكلام على ابن أمِّ مكتوم قريبًا، [وفي «طبقات ابن سعد» في ترجمة ابن أمِّ مكتوم ما لفظه: أخبرنا عفَّان بن مسلم: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة: حدَّثنا أبو ظلال قال: كنت [عند] أنس بن مالك، فقال: متى ذهبت عينك؟ قال: ذهبت وأنا صغير، فقال أنس: إنَّ جبريل أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعنده ابن أمِّ مكتوم فقال: متى ذهب بصرك؟ قال: وأنا غلام، فقال: قال الله تبارك وتعالى: «إذا أخذت كريمة عبدي؛ لم أجد له منها جزاء إلَّا الجنَّة»، فهذا يردُّ على ما رأيته مِن أن عَمِي بعد بدرٍ بسنين، والله أعلم] [1].

تنبيهٌ: قال أبو عمر بن عبد البرٍّ في «استيعابه» في ترجمة أُنَيسة بنت خُبَيب [2] بن إساف الأنصاريَّة: حديثها عند شعبة عن خبيب عن عمِّته أُنَيسة، واختُلِف فيه على شعبة؛ فمنهم مَن يقول: (إنَّ ابن أمِّ مكتوم ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتَّى ينادي بلالٌ)، ومنهم مَن يقول فيه كما روى ابنُ عمر: (إنَّ بلالًا ينادي بليل)، وهو المحفوظ والصَّواب إنْ شاء الله تعالى، انتهى، (وقال ابنُ الجوزيِّ: إنَّه انقلب أيضًا [3] على الرَّاوي [4]) [5]، ورأيت بعضهم قال: إنَّ بينهما نَوْبًا، فتارةً كذا وتارةً كذا، وما قاله أبو عمر وابن الجوزيِّ [6] رأيت بعضَ الحُفَّاظ المُتأخِّرين قاله، والله أعلم.

(1/1426)

ثمَّ إنِّي رأيت هذا الحديث في «المسند» لأحمد، وساق سندًا إلى شعبة عن خُبَيب قال: سمعت عمَّتي تقول وكانت حجَّت مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالت [7]: كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «إنَّ ابن أمِّ مكتوم ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتَّى ينادي بلال»، أو «إنَّ بلالًا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتَّى ينادي ابنُ أمِّ مكتوم»، وكان يصعَد هذا وينزل [8] هذا، فيتعلَّق به، فيقول [9]: كما أنت حتَّى أَتسحَّرَ، وعند النَّسائيِّ بعضُه، والله أعلم، (وعزا حديث أنيسة شيخُنا المُؤلِّف لأحمد وابن حِبَّان وابنِ خزيمة) [10]، وفيه أيضًا إلى شعبة عن خُبَيب؛ فذكر نحوه، وفيه من طريقٍ آخرَ: عن خبيب عن عمَّته أُنَيسة ابنة خُبَيب مرفوعًا: «إذا أذَّن ابنُ أمِّ مكتوم؛ فكلوا واشربوا، وإذا أذَّن بلال؛ فلا تأكلوا ولا تشربوا ... »؛ الحديث، وقد رواه النَّسائيُّ مُختصَرًا.

قوله: (وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى ... ) إلى آخره: قائل هذا الكلام ذكر البيهقيُّ: أنَّه ابن شهاب، وقال الخطيب: جعلها بعضهم مِن قول ابن شهاب، وآخرُ مِن قول سالم، وفي «الجمع» للحُمَيديِّ: رواه عبد العزيز بن أبي سلمة، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه: وكان ابن أمِّ مكتوم ... إلى آخره، وقال صاحب «المغني [11]»: إنَّه مِن قول ابن عمر؛ يعني: كما قال في «الجمع»، قاله شيخنا الشَّارح ولخَّصته، فالجملة إذن ثلاثةُ أقوال في القائل، والله أعلم.

تنبيهٌ: ذكرت لك العميان من الأنبياء والأشراف والصحابة وبعضِ التَّابعين في أوَّل هذا التعليق عند [12] قوله: (وكان شيخًا كبيرًا قد عمِي)؛ يعني: ورقة.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ب) و (ج)، وجاء في (أ) في ورقة مفردة صفحة 1/ 121 بخطٍّ مغاير بدون علامة تصحيح.

[2] (ابن): سقط من (ب).

[3] (أيضًا): سقط من (ب).

[4] زيد في (ب): (أيضًا).

[5] ما بين قوسين سقط من (ج).

[6] (وابن الجوزي): سقط من (ج).

[7] في (ج): (قال).

[8] في (ب): (فينزل).

[9] (فيقول): سقط من (ج).

[10] ما بين قوسين سقط من (ج).

[11] في (ج): (الغني)، وهو تحريفٌ.

[12] (عند): سقط من (ب).

[ج 1 ص 213]

(1/1427)

[باب الأذان بعد الفجر]

(1/1428)

[حديث: كان إذا اعتكف المؤذن للصبح وبدا الصبح صلى ركعتين]

618# قوله: (وَبَدَا الصُّبْحُ): (بدا): غير مهموز؛ أي: ظهر.

==========

[ج 1 ص 213]

(1/1429)

[حديث: كان النبي يصلي ركعتين خفيفتين بين]

619# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم ضبط (دُكين) أنَّه مُصغَّر، وبالدَّال المهملة.

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): الظاهر، بل ألبتُّ [1] أنَّه شيبان بن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، تقدَّم مرارًا، وكثيرٌ [2] بالثاء المُثلَّثة، وفتح الكاف.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه أبو سلمة بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل.

==========

[1] (بل ألبتُّ): سقط من (ب).

[2] (تقدَّم مرارًا وكثيرًا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 213]

(1/1430)

[حديث: إن بلالًا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي .. ]

620# قوله: (ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ): قال الدِّمياطيُّ: (اسمه عبد الله عند أهل المدينة، وقال أهل العراق والكلبيُّ: اسمه عمرو، وأمُّه أمُّ مكتوم [1] عاتكة [2] بنت عبد الله بن عَنْكَثَة بن عامر بن مخزوم، انتهى، ولا أعرف لأمِّه إسلامًا؛ فاعلمْه، وترجمة ابن أمِّ مكتوم مشهورةٌ رضي الله عنه.

==========

[1] كُتِب تحتها في (أ): (كنيتها)، ولعلَّه بخطٍّ مغايرٍ.

[2] كُتِب تحتها في (أ): (اسمها)، ولعلَّه بخطٍّ مغايرٍ.

[ج 1 ص 213]

(1/1431)

[باب الأذان قبل الفجر]

(1/1432)

[حديث: لا يمنعن أحدكم أو أحدًا منكم أذان بلال من سحوره]

621# قوله: (حَدَّثَنا زُهَيٌر): بن معاوية بن حُدَيج [1]، الحافظ، أبو خيثمة، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِيْ عُثْمُانَ النَّهدِيِّ): تقدَّم أنَّ اسمه عبد الرَّحمن بن ملٍّ، وتقدَّم اللُّغات في (ملٍّ) فيما مضى، والله أعلم، وقد قيَّده النَّوويُّ بالحركات الثَّلاث، ثمَّ قال: (ويقال: بكسر الميم، وسكون اللَّام، وبعدها همزة)، انتهى، والله أعلم.

قوله: (أَذَانُ بِلاَلٍ): هو بالرَّفع فاعلٌ، و (أَحَدًا) أو (أَحَدكُم): مفعولٌ مُقدَّم، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وقد سُئِلتُ عمَّا هو أوضحُ منه.

[تنبيهٌ: هذا الشَّكُّ في قوله: (أَحَدَكُمْ، أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ) هو من زهيرٍ أحدِ رواته، فإنَّ جماعة روَوه عن سليمان التَّيميِّ، فقال: (لا يمنعنَّ أحدَكم أذانُ بلال)، قال شيخنا: وصرَّح به الإسماعيليُّ] [2].

قوله: (مِن سَحُورِهِ): هو بفتح السِّين؛ اسم ما يُؤكَل عند السَّحر، وكذلك الفَطُور، وبالضَّمِّ؛ اسم الفعل، وأجاز بعضهم أن يكون اسمُ الفعل بالوجهين، والأوَّل أشهرُ وأكثر، وقد تقدَّم، وهو مضبوط في أصلنا بالوجهين.

قوله: (لِيَرْجِعَ قَائِمَكُم): (يَرْجِع): مفتوح الأوَّل، ثلاثيٌّ مُعدًّى، قال الله تعالى: {فَإِن رَّجَعَكَ اللهُ} [التوبة: 83]، وقال تعالى: {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ القَوْلَ} [سبأ: 31]، وهذيل تقول: أرجعه غيرُه، و (قائمَكُم): مفعولٌ مَنْصوبٌ، وفاعل (يرجع) ضميرٌ يعود على بلال، والله أعلم.

قوله: (إِلَى فَوْقُ) و (إِلَى أَسْفَلُ): هما مضمومان، وكذا في أصلنا.

==========

[1] في (ب): (خديج)، وهو تصحيف.

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 213]

(1/1433)

[حديث: إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم]

622# 623# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ عَنْ [1] أَبِي أُسَامَةَ): قال الجيَّانيُّ: (وقال في باب «الأذان»، وفي «إسلام سعد بن أبي وقَّاص»: «حدَّثنا إسحاق _غير منسوب_: حدَّثنا أبو أسامة، وقال في «سورة التَّوبة» و «الأدب»: «حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم: حدَّثنا أبو أسامة»، وقال في «الأطعمة»: «حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ: حدَّثنا أبو أسامة»، وقال في «تفسير السَّجدة» وفي «العقيقة»: «حدَّثنا إسحاق ابن نصر: حدَّثنا أبو أسامة»، وقال في «الأنبياء» في «باب {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]»: «حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم [2] بن نصر: حدَّثنا أبو أسامة»؛ فذكر حديث: «أُتِي النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بلحم ... »؛ الحديث، هكذا لأبي عليِّ ابن السَّكن، وأبي زيد المروزيِّ، والنَّسفيِّ، وقال في «العقيقة» أيضًا وفي «الأيمان والنذور»، و «الاعتصام»: «حدَّثنا إسحاق بن منصور: حدَّثنا أبو أسامة»، فتبيَّن لنا مِن هذا أنَّ البخاريَّ يروي عن إسحاق بن إبراهيم الحنظليِّ، وإسحاقَ بن نصر السعديِّ، وإسحاق بن منصور الكوسج عن أبي أسامة، ولا يخلو أن يكون البخاريُّ إذا قال: حدَّثنا إسحاق _غير منسوب_: حدَّثنا أبو أسامة»؛ يعني أحدَ هؤلاء الثَّلاثة الذين نسبناهم، وقد حدَّث مسلم عن إسحاق بن منصور الكوسج عن أبي أسامة) انتهى ما قاله الجيَّانيُّ.

وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (البخاريُّ في «الصَّلاة» عن إسحاق بن إبراهيم)، وهذا يقتضي أن يكون في روايته هكذا، وراجعت أصلنا الدِّمشقيَّ فوجدته قال: حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا أبو أسامة، فلم يميِّزه، وأمَّا شيخنا الشَّارح؛ فإنَّه ذكر كلام الجيَّانيِّ الذي ذكرته، ثمَّ قال: وجزم المِزِّيُّ بالأوَّل،

[ج 1 ص 213]

قال شيخنا: وبخطِّ الدِّمياطيِّ في «صحيح البخاريِّ»: حدَّثنا إسحاق الواسطيُّ، وفي حاشية: إذا كان الواسطيُّ؛ فهو ابن شاهين، انتهى وستأتي بعض ترجمته قريبًا [3].

قوله: (أَخْبَرَنَا [4] أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تقدَّم مرارًا.

قوله: (قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا [5] الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّد): (عبيد الله) هذا: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ، الفقيه، تقدَّم.

(1/1434)

فائدةٌ: مَن يروي عن القاسم عن عائشة، واسمه عبيد الله مُصغَّرًا في الكتب السِّتَّة [6] أو بعضها عبيدُ الله بن أبي زياد القدَّاح المكِّيُّ، وعبيد الله بن عبد الرَّحمن بن مَوْهَب القرشيُّ التَّيميُّ، وصاحب التَّرجمة عبيد الله العمريُّ الفقيه، وعبيد الله بن مِقْسَم، فهؤلاء أربعة أشخاصٍ، والله أعلم.

قوله: (وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، لا تعليقًا، فإيَّاك أن تجعله تعليقًا، وقد رواه البخاريُّ بالسَّند قبله؛ وهو إسحاق عن أبي أسامة: قال عبيد الله: حدَّثنا القاسم؛ يعني: وقال عبيد الله عن نافع عن ابن عمر؛ فاعلمه، فقائل: (وعن نافع) هو عبيد الله العمريُّ الذي قدَّمتُ الكلام عليه، الفقيهُ.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال أَخْبَرَنَا أبو).

[2] في (ج): (منصور).

[3] (وستأتي بعض ترجمته قريبًا): سقط من (ج).

[4] في (ج): (حدثنا)، وليس بصحيح.

[5] في (ب): (أخبرنا)، وهي رواية الأصيليِّ، وزيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عن).

[6] (السِّتَّة): سقط من (ج).

(1/1435)

[باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر الإقامة]

(1/1436)

[حديث: بين كل أذانين صلاة لمن شاء]

624# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ): هو إسحاق بن شاهين، أبو بشر، عن خالد بن عبد الله وهشيم، وعنه: البخاريُّ، والنَّسائيُّ، وأحمد بن يحيى التُّستُريُّ، وخلقٌ، صدوق، جاوز المئة، تُوُفِّيَ بعد الخمسين ومئتين، وقد قدَّمته وقدَّمت ما قال الدِّمياطيُّ في وفاته؛ فانظر ذلك، أخرج له مَن روى عنه مِن الأئمَّة.

قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): تقدَّم أعلاه أنَّه خالد بن عبد الله، وهو الواسطيُّ الطَّحَّان، تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه اشترى نفسه من الله تعالى ثلاث مرَّات، يتصدَّق بزنة نفسه فضَّة رحمه الله.

قوله: (عَنِ الْجُرَيْرِيِّ): هو بضمِّ الجيم، وفتح الرَّاء، وهو سعيد بن إياس، أبو مسعود، الجُرَيريُّ، عن أبي الطُّفَيل ويزيدَ بن الشِّخِّير، وعنه: شعبة ويزيدُ بن هارون، قال أحمد: كان مُحَدِّث أهل البصرة، وقال أبو حاتم: تغيَّر حفظه قبل موته، وهو حسن الحديث، تُوُفِّيَ سنة (144 هـ)، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» وصحَّح عليه، وقد ذكرته أنا فيمَن اختلط في مُؤلَّف مُفرَد، رحمه الله.

قوله: (عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ): هو عبد الله، قاضي مروَ وعالمُها، عن أبيه، وعمران بن حصين، وعائشة، وعنه: مالك بن مِغْول، وحسين بن واقد، وأبو هلال، ثقة، وُلِد عام اليرموك، ومات سنة (115 هـ) وله مئة سنة، واليرموك سنة خمسَ عشرةَ، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الميم، ثمَّ غين معجمة، ثمَّ فاء مُشدَّدة مفتوحتين، المزنيُّ، وتقدَّم أنَّ مُغفَّلًا صحابيٌّ أيضًا، وتقدَّم الكلام على ما يشتبه بأبيه، وأنَّ جميع الأسماء معقل إلَّا مُغفَّلًا هذا وإلَّا هبيب بن مُغْفِل؛ بضمِّ الميم، ثمَّ غين معجمة ساكنة، ثمَّ فاء مكسورة، وقد انضبط الباب، (وهبيب هذا صحابيٌّ، أخرج له أحمد في «المسند»، وهو غفاريٌّ، له حديث في جرِّ الإزار، وقد قيل لأبيه مُغْفِل؛ لأنَّه أَغفل سِمَة إِبلِه) [1]، والله أعلم.

قوله: (بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ): المراد بالأذانين: الأذان والإقامة، والله أعلم.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 214]

(1/1437)

[حديث: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي ... ]

625# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ بشَّارًا بالمُوَحَّدة المفتوحة، ثمَّ شين معجمة مُشدَّدة، وأنَّه بندار، وتقدَّم ما معنى بندار، فيما مضى.

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ): تقدَّم ضبطُه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم مَن لقَّبه بغندر، وما معنى (غندر).

قوله: (سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ عامِرٍ الأَنْصارِيَّ، عَنْ أَنَسٍ): تقدَّم أنَّ هذا عمرو بن عامر الأنصاريُّ الكوفيُّ، وليس بوالد أسد بن عمرٍو؛ فانظره.

قوله: (قال عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ، وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلاَّ قَلِيلٌ): أمَّا (عثمان بن جَبَلَة)؛ فهو عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد العتكيُّ المروزيُّ، عن قُرَّةَ وشعبةَ، وعنه: ابناه؛ عبدان وعبد العزيز شاذان، ثقة، وقد أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ.

وأمَّا (أبو داود عن شعبة)؛ فرأيت بِخَطِّ بعض فضلاء الحَنفِيَّة من أصحابنا تجاهه ولم يعزه لأحد: هذا أبو داود الطَّيالسيُّ، واسمه سليمان بن داود، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (وأبو داود: هو الحَفَرِيُّ عمرُ بن سعد)، انتهى، والذي ظهر لي ترجيحُ ما قاله بعض فضلاء الحَنفِيَّة بخطِّه، وذلك لأنَّ كلًّا من الطَّيالسيِّ والحَفَرِيِّ لم يخرِّج له البخاريُّ شيئًا في الأصول، وقد علَّق لأبي داود الطَّيالسيِّ، ولم أره علَّق عن الحَفَرِيِّ شيئًا، وأيضًا لأنِّي رأيت: ذكروا في مشايخ الطَّيالسيِّ شعبةَ، ولم يذكروه في مشايخ الحَفَرِيِّ فيما وقفت عليه، والله أعلم، وأمَّا المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ فلم يبيِّنه، بل قال كما قال البخاريُّ، لم يَزِد.

==========

[ج 1 ص 214]

(1/1438)

[باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد]

(بَابُ مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ) ... إلى (بَاب وُجُوبِ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ)

ذكر فيه حديث مالك بن الحويرث قال: «ارجعوا فكونوا فيهم، وعلِّموهم وصلُّوا، فإذا حضرتِ الصَّلاةُ؛ فليُؤذِّن لكم أحدُكم ... »؛ الحديث، ترجم على ذلك: (أذان المسافر)، وأتى بهذا، وإنَّما بيَّن لهم حالَهم إذا وصلوا أهلهم، وحينئذٍ «فإذا حضرت الصَّلاة؛ فليؤذِّن لكم أحدُكم»، غير أنَّ له ألَّا يجعل [1] الكلام قاصرًا على وصولهم إلى أهليهم، بل عامًّا في أحوالهم مِن خروجهم مِن عنده، وفائدة التَّرجمة: التنبيهُ على أنَّ واحدًا من المسافرين يكفي أذانُه دون بقيَّة الرفقة؛ لئلَّا يُتخيَّل أنَّه لا يكفي الأذانُ إلَّا مِن جميعهم، وقد قال في هذا الحديث في التَّرجمة التي بعد هذه (أذِّنا وأَقِيما)، فبيَّن بهذه الترجمة أنَّ التَّعدُّد ليس شرطًا، قاله بنحوه ابن المُنَيِّر في «تراجمه».

==========

[1] في (ج): (تجعل).

[ج 1 ص 214]

(1/1439)

[حديث: ارجعوا فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا]

628# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هو وهيب بن خالد، الباهليُّ مولاهم، الكرابيسيُّ، الحافظ، عن أيُّوبَ ومنصورٍ، وعنه: عفَّانُ، وهدبةُ، وعبدُ الأعلى بن حمَّاد، قال ابن مهديٍّ: كان من أبصرهم بالحديث والرجال، وقال أبو حاتم: ثقة، يقال: لم يكن بعد شعبةَ أعلمُ بالرِّجال منه، مات سنة (165 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمته، ولكن طال العهد به.

قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوَحَّدةٌ، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجرميُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ): هو اللَّيثيُّ، صحابيٌّ، وعنه: أبو قلابة ونصر بن عاصم، تُوُفِّيَ سنة (74 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم أنَّ الذَّهبيَّ قال: سنة (74 هـ) في وفاته، وأنَّ في «الاستيعاب»: سنة (94 هـ)، وكذا في «تهذيب النَّوويِّ»، وكذا قاله ابن طاهر، ورأيت بِخَطِّ الدِّمياطيِّ في حاشية على «الكمال»: سنة (94 هـ)، قال: (وفيه نظر) انتهى.

[ج 1 ص 214]

قوله: (وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا): هو بالفاء في أصلنا، وفي نسخة خارجها في الهامش: (رقيقًا)؛ بقافين، قال في «المطالع»: (كذا للقابسيِّ بالفاء، وللأصيليِّ وأبي الهيثم بالقاف، وهو من رقَّة القلب ومن رفقه بأمَّته وشفقته؛ كما قال: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128]، انتهى.

(1/1440)

[باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة]

قوله: (وَالإِقَامَةِ): في التَّبويب هو بالجرِّ عطفًا على (الأذان).

قوله: (وَجَمْعٍ): هي [1] بفتح الجيم، وإسكان الميم، وبالعين المهملة، وهي المزدلفة، سُمِّيت بذلك؛ لاجتماع الناس بها، وقال الواحديُّ: لجمعهم [2] بين المغرب والعشاء، والله أعلم.

قوله: (وَقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ): هو مجرور عطفًا على [3] (الإقامة).

قوله: (الصَّلاة فِي الرِّحَالِ): يجوز في (الصَّلاة) الرَّفع والنَّصب.

==========

[1] في (ج): (هو).

[2] في (ب) و (ج): (بجمعهم).

[3] في (ج): (عن)، ولعله تحريف.

[ج 1 ص 215]

(1/1441)

[حديث: كنا مع النبي في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن]

629# قوله: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ): تقدَّم أنَّ اسمه جندب بن جنادة، وقيل غير ذلك، وأنَّه مِن السابقين الأوَّلين، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه زاهد هذه الأمَّة.

قوله: (فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ): تقدَّم قريبًا أنَّه بلالٌ رضي الله عنه، [وفي رواية «التِّرمذيِّ»: (فأراد بلال)] [1].

قوله: (أَبْرِدْ): هو بقطع الهمزة، ساكنة الآخر [2]، على الأمر، وقد تقدَّم، وكذا في المكانين الآخرين.

قوله: (مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ): تقدَّم الكلام على (الفيح)، وأنَّه بفتح الفاء، وسكون المُثَنَّاة تحت، وبالحاء المهملة في (باب الإبراد بالظهر في شدَّة الحرِّ).

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] (الآخر) سقط من (ج).

[ج 1 ص 215]

(1/1442)

[حديث: إذا أنتما خرجتما فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما]

630# [قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، وقد تقدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ البخاريِّ] [1].

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن سعيد الثَّوريُّ، العالم الزَّاهد المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم بظاهرها [2] الكلامُ عليه.

قوله: (عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ): تقدَّم الكلام عليه في ظاهرها [3].

قوله: (أَتَى رَجُلاَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذان الرجلان هو مالك بن الحويرث، والآخر صاحب له، أو ابن عمِّه.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] (بظاهرها): سقط من (ب).

[3] في (ب): (عليه قريبًا).

[ج 1 ص 215]

(1/1443)

[حديث: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم]

631# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تقدَّم قريبًا أنَّه الثَّقفيُّ، وهو ابن عبد المجيد بن الصَّلت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي، أبو مُحَمَّد، الحافظ.

قوله: (حَدَّثَنَا أيُّوب): تقدَّم بظاهرها [1] أنَّه أيُّوب بن أبي تميمة السَّختيانيُّ المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم بظاهرها [2] الكلامُ عليه.

قوله: (حَدَّثَنَا مَالِكٌ): هو مالك بن الحويرث [3]، تقدَّم بظاهرها [4].

قوله: (شَبَبَةٌ): جمع (شابٍّ)؛ كـ (كاتب وكَتَبَة).

قوله: (مُتَقَارِبُونَ): أي: في السِّنِّ، وفي «أبي داود»: متقاربين [5] في العلم.

قوله: (رَفِيقًا): تقدَّم أعلاه ضبطُه.

==========

[1] في (ب): (تقدَّم الكلام عليه قريبًا).

[2] في (ب): (قريبًا).

[3] زيد في (ب): (وقد).

[4] في (ب): (قريبًا).

[5] في (ج) ونسخةٍ من هامش (أ): (متقارنين).

[ج 1 ص 215]

(1/1444)

[حديث: أن رسول الله كان يأمر مؤذنًا يؤذن ثم يقول]

632# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [1]): هو ابن سعيد القطَّان، الحافظ المشهور، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، [عن نَافِعٍ، عن ابْنِ عُمَر] [2]): تقدَّم أنَّه عبيد الله بن [3] عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب [4] العمريُّ، وتقدَّم أنَّ جماعة كلُّ واحد منهم اسمه عبيد الله روَوا عن نافع عن ابن عمر في الكتب أو بعضها، هذا أحدهم، والثَّاني: عبيد الله بن الأخنس أبو مالك الخزَّاز، والثَّالث: عبيد الله بن أبي جعفر المصريُّ.

قوله: (بِضَجْنَان): هو بضادٍ معجمة مفتوحة، ثمَّ جيم ساكنة، ثمَّ نونين، بينهما ألفٌ، جبيل [5] على بريد من مكَّة، قاله الدِّمياطيُّ وغيرُه.

قوله: (عَلَى إِثْرِهِ): تقدَّم أنَّ شيخنا قال: إنَّه مُثلَّث الهمزة، وقال غيره: بفتح الهمزة والثَّاء، وكسرها مع سكون الثَّاء.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر وأبي الوقت، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخَبرنا).

[2] بدل ممَّا بين معقوفين في «اليونينيَّة» و (ق): (قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ قال: أَذَّنَ ابْن عُمَر)، والمثبت جاء في هامش (أ) مُستدرَكًا.

[3] (بن): سقط من (ب).

[4] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[5] في (ج): (جبل).

[ج 1 ص 215]

(1/1445)

[حديث: رأيت رسول الله بالأبطح فجاءه بلال فآذنه بالصلاة]

633# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ [1]: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ): قال الجيَّانيُّ _وقد ذكر هذا المكان فقط_: (ذكر أبو نصر أنَّ البخاريَّ قد حدَّث عن إسحاق ابن راهويه وإسحاق بن منصور، عن جعفر بن عون، فلا يخلو من أحدهما، والأشبه عندي أنَّه ابن منصور، فإنَّ البخاريَّ إذا حدَّث عنه كثيرًا؛ يُبهمُه ولا ينسبه، وقد خرَّج مسلم في «مسنده»: عن إسحاق بن منصور عن جعفر بن عون)، انتهى، والمِزِّيُّ لمَّا طرَّفه قال: (البخاريُّ في «الصَّلاة»: عن إسحاق، ومسلمٌ: عن إسحاق بن منصور، وعبدُ بن حميد؛ جميعًا عن جعفر بن عون)، وأمَّا شيخنا الشَّارح؛ فإنَّه قال: وشيخه إسحاق: هو ابن منصور، كما نصَّ عليه خلفٌ في «أطرافه»، ثمَّ ذكر كلام الكلاباذيِّ، وهو أبو نصر المذكور في كلام الجيَّانيِّ الذي قدَّمته.

قوله: (أَخْبَرَنَا [2] أَبُو الْعُمَيْسِ): هو بضمِّ العين، وفتح الميم، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ سين مهملتين، واسمه عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله [3] بن مسعود المسعوديُّ، أخو عبد الرَّحمن المسعوديِّ الكوفيِّ، عن الشَّعبيِّ، وابن أبي مُلَيكة، والطبقةِ، وعنه: شعبة، وأبو نعيم، وطائفةٌ، وثَّقه أحمد، وأخرج له الجماعة، وموته قريب من موت الأعمش، والأعمش [4] تُوُفِّيَ في ربيع الأوَّل سنة (148 هـ)، وقد قال شيخنا في هذا «الشَّرح» في وفاة أبي العميس: إنَّه تُوُفِّيَ سنة عشرين ومئة، وقد تقدَّم ذلك أيضًا.

قوله: (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ): تقدَّم أنَّ أبا جحيفة بضمِّ الجيم، ثمَّ حاء مهملة مفتوحة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ فاء، ثمَّ تاء، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (بِالأَبْطَحِ): تقدَّم أنَّه بين مكَّة ومنًى، يُضاف إلى كلِّ واحدة منهما، وهو البطحاء.

قوله: (فَآذَنَهُ بِالصَّلاَةِ [5]): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: أَعلَمه.

قوله: (بِالْعَنَزَةِ): تقدَّم ضبطها، ومقدارها، ومَن جاء بها، فيما مضى.

(1/1446)

[باب هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا؟ وهل يلتفت في الأذان؟]

قوله: (هَلْ يَتَتَبَّعُ الْمُؤَذِّنُ فَاهُ): (المؤذِّنُ): مَرْفوعٌ، كذا هو مضبوط في أصلنا، وكذا قرأناه على أنَّه فاعل (يتتبَّع)، ولمَّا قَدِمَ العلَّامةُ قاضي القضاة جلال الدين ابن شيخنا العلَّامةِ المجتهدِ سراج الدين البلقينيِّ؛ ذُكِرَ لي عنه أنَّه قال: (المؤذِّن) مَنْصوبٌ؛ لأنَّه مفعول، والفاعل في (يتتبَّع): (هو)؛ يعني: الشخص، و (فاه): مَنْصوبٌ، بدل بعض من كلٍّ، ويدلُّ له الحديث المذكور في الباب، وهو قوله: (فجعلت أتتبَّع فاه ههنا وههنا) انتهى، وهذا كلامٌ مليحٌ،

[ج 1 ص 215]

ولكن نحن إنَّما كنَّا نقرؤه بالرفع؛ أعني: (المؤذِّن)، والله أعلم.

اعلم أنَّه ذكر في الباب آثارًا، وحديث عائشة رضي الله عنها: (كان يذكر اللهَ على كلِّ أحيانه)، قال ابن المُنَيِّر: (إنْ قلت: ما وجهُ إدخال هذه الترجمة في [1] الأذان على وضوء؟ وما المناسبة؟ قلت: أراد أن يحتجَّ على جواز الاستدارة، وعدم اشتراط القبلة في الأذان، فإنَّ المُشترِط لذلك ألحقه بالصلاة، فأبطل عليه هذا الإلحاق؛ بمخالفته لحكم الصَّلاة في الطهارة، فإذا خالفها في الطَّهارة، وهي إحدى شروطها؛ آذن ذلك بمخالفته لها في الاستقبال بطريق الأَوْلَى، فإنَّ الطَّهارة أدخل في الاشتراط مِن الاستقبال، ويؤيِّد هذا النظر أنَّ بعضهم كان يستدير عند (حيَّ على الصَّلاة)؛ لأنَّ هذه الكلمة ليست ذِكْرًا، وإنَّما هي خطابٌ للناس، فبعُدَت عن شَبَهِ الصَّلاة، فسقط اعتبار الاستقبال فيها.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ بِلاَلٍ أَنَّهُ جَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ): لم يبيِّن في الحديث أيُّ الأصابعِ هي؟ وقد نصَّ النَّوويُّ في «النُّكَت»: أنَّها المُسبِّحة، وكذا قاله المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»، ونقله عن الشَّافعيِّ [2]، وهي عادة النَّاس الجارية بينهم.

تنبيه: جَعلُ الإصبعين في الأذنيين خاصٌّ بالأذان، فأمَّا في الإقامة؛ فلا يُستحبُّ لها ذلك، نقله النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب» عن الرُّويانيِّ وغيرِه، ونقل محبُّ الدِّين الطَّبريُّ عن بعض أهل العلم استحبابَه في الإقامة أيضًا.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، العالم المشهور.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو عطاء [3] بن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، ومن أئمَّتهم المشهورين.

(1/1447)

قوله: (الْوُضُوءُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ): اعلم أنَّ قول التابعيِّ: السُّنَّة كذا، أو [4] مِن السُّنَّة كذا، هل هو موقوف مُتَّصل، أو مَرْفوعٌ مُرسَلٌ؟ وحكى الدَّاوديُّ عن الشَّافعيِّ في «مختصر المزنيِّ»: أنَّه كان يرى في القديم أنَّ ذلك مَرْفوعٌ إذا صدر من الصَّحابيِّ أو التَّابعيِّ، ثمَّ رجع عنه، ورأيت أنا في كلام ابن قيِّم الجوزيَّة أنَّه مُرسَل، انتهى، وهذا هو القياس؛ لأنَّ الصَّحيح أنَّه إذا صدر ذلك من الصَّحابيِّ؛ يكون مرفوعًا، فإذا [5] صدر من التَّابعيِّ؛ ينبغي أن يكون مُرسَلًا، والصَّحيح: أنَّه موقوف كما قاله النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب»، وقد روى البيهقيُّ عن وائل بن حجر مرفوعًا: «حقٌّ وسُنَّةٌ ألَّا يؤذِّن أحدٌ إلَّا وهو طاهر»، وقد روى التِّرمذيُّ عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «لا يؤذِّن إلَّا مُتوضِّئٌ»، وهما ضعيفان.

قوله: (أَحْيَانِهِ): تقدَّم أنَّ (الأحيان) الأوقاتُ.

==========

[1] (في): سقط من (ج).

[2] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[3] (عطاء): سقط من (ج).

[4] في (ج): (و).

[5] في (ب): (وإذا).

(1/1448)

[حديث: رأى بلالًا يؤذن فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان]

634# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، وجدُّه اسمه واقد، ومُحَمَّد كنيته أبو عبد الله، وهو مولى بني ضبَّة، مُحَدِّث [1] قيساريَّة، عن فطر بن خليفة، وعمر بن ذرٍّ، والثَّوريِّ فأكثر [2]، وعنه: البخاريُّ، والجماعة بواسطة، والذُّهليُّ، وابن وَارَه، وعاش اثنتين وتسعين سنة، تُوُفِّيَ سنة (212 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، وقد قدَّمتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيانُ): هو ابن سعيد الثَّوريُّ [3]، العالم المشهور.

قوله: (عنْ عَوْنِ بنِ أبِي جُحَيْفَةَ): تقدَّم ضبط (أبي جحيفة) واسمه قريبًا وبعيدًا؛ فليُنظَر منه.

==========

[1] في (ج): (يحدث)، ولعله تحريف.

[2] في (ب): (وأكثر).

[3] (الثَّوريُّ): سقط من (ب).

[ج 1 ص 216]

(1/1449)

[باب قول الرجل فاتتنا الصلاة]

قوله: (وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ): هو مُحَمَّد بن سيرين، العَلَم الفرد رحمه الله، وتقدَّم الكلام عليه وعلى إخوته من الرِّجال والنساء؛ أولادِ سيرين.

==========

[ج 1 ص 216]

(1/1450)

[حديث: فلا تفعلوا إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة]

635# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ المشهور، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هو ابن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، المُؤدِّب، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحو، كما قاله ابن الأثير في «كتابه»، وذكرت أنَّ في «التذهيب» للذَّهبيِّ في ترجمة شيبانَ هذا ما لفظه: (قال ابن أبي داود وغيره: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحويُّ، لا شيبان النَّحويُّ هذا) انتهى.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كثير؛ بالثاء المُثلَّثة، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ): (أبوه): هو أبو قتادة، واسمه الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: اسمه النُّعمان، وقيل: عمرٌو، فارسُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رضي الله عنه، تقدَّم مرارًا.

قوله: (إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ): (الجَلَبَة): بفتح الجيم واللَّام، والباء المُوَحَّدة، وبالتاء في آخرها؛ أي: أصواتهم.

قوله: (فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ): وفي رواية هي خارج أصلنا في الهامش: (السَّكينة)، يجوز رفع هذه، ويجوز [1] نصبها على الإغراء.

==========

[1] (ويجوز): سقط من (ج).

[ج 1 ص 216]

(1/1451)

[باب: لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار]

قوله: (وَلْيَأتِهَا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ): قال النَّوويُّ: (السَّكينة والوقار قيل: هما بمعنًى، وجُمِعَا؛ تأكيدًا، قال: والظَّاهر أنَّ بينهما فرقًا؛ وهو أنَّ السَّكينة: التَّأنِّي في الحركات، واجتنابُ العبث، والوقارَ: في الهيئة، وغضُّ البصر، وخفضُ الصوت، والإقبالُ على طريقه بغير التفات، ونحو ذلك، انتهى وقد تقدَّم [1].

قوله: (قَالَهُ أَبُو قَتَادَةَ): تقدَّم أعلاه أنَّه الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: النُّعْمان، وقيل: عمرو.

==========

[1] (وقد تقدَّم): سقط من (ج).

[ج 1 ص 216]

(1/1452)

[حديث: إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة]

636# قوله: (حَدَّثَنا ابْنُ أبي ذِئْبِ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئبٍ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنا الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ سَعيْدِ بنِ المُسَيّبِ): تقدَّم مرارًا أنَّ [1] ياء (المسيّب)؛ بالكسر والفتح، وأنَّ ياء غيره بالفتح ليس إلَّا، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (وعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِيْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): هذا معطوفٌ على السَّند الذي قبله؛ الذي فيه: آدم عن ابن أبي ذئب، عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فالحاصل: أنَّ الزُّهريَّ رواه عن سعيد وأبي سلمة؛ كلاهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، وليس تعليقًا.

(1/1453)

[باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة]

(1/1454)

[حديث: إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني]

637# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): تقدَّم أنَّه هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتَوائِيُّ، وتقدَّم الكلام عليه، وعلى نسبته؛ لماذا نُسب، والله أعلم.

قوله: (قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِير): تقدَّم أنَّه بفتح الكاف وبالمثلَّثة [1] مرارًا، ثمَّ اعلم أنَّ الكتابة بالحديث أو الأحاديث؛ وهو أن يكتب الشَّيخُ بخطِّه أو يأمر غيره فيكتب عنه بإذنه سواء كتبه أو كُتِب عنه إلى غائبٍ عنه أو حاضرٍ عنده، وهي تنقسم إلى نوعين؛ أحدهما: الكتابة المقترنة

[ج 1 ص 216]

بالإجازة؛ بأن يكتب إليه ويقول: أجزت لك ما كتبته لك ونحو ذلك، وهي شبيهة بالمناولة المقترنة بالإجازة في الصِّحَّة والقوَّة، والنوع الثاني: الكتابة المجرَّدة عن الإجازة _ كهذه_، فإنَّه لم يذكر معها إجازة، فإنَّها صحيحة، يجوز الرواية بها على الصحيح المشهور بين أهل الحديث، وهو عندهم معدودٌ من المُسنَد [2] الموصول، وهو قول كثير من المتقدَّمين والمُتأخِّرين؛ منهم: أيُّوب السَّختيانيُّ، ومنصور، واللَّيث بن سعد، وغير واحد من الشافعيِّين؛ منهم: أبو المظفَّر بن السَّمعانيِّ [3]، وجعلها أقوى من الإجازة، وإليه صار جماعة من الأصوليِّين؛ منهم: صاحب «المحصول»، وفي «الصحيحين» أحاديث من هذا النوع، وفي «صحيح مسلم» بالمكاتبة فوق عشرة أحاديث، وأمَّا البخاريُّ؛ فلا أعلمه روى بها نفسُه إلَّا في حديثٍ واحدٍ سيأتي في (الأيمان والنذور)، قال فيه: (كتب إليَّ مُحَمَّد بن بشَّار ... )؛ فذكره، والله أعلم، ومنع صحَّة ذلك قوم آخرون، وبه قطع الماورديُّ في «الحاوي»، وقال السَّيف الآمديُّ: لا يرويه إلَّا بتسليط من الشَّيخ؛ كقوله: (فاروه عنِّي)، أو (أجزت لك روايته)، وذهب [4] أبو الحسن ابن القطَّان إلى انقطاع الرواية بالكتابة، قاله عقب حديث جابر بن سمرة؛ (قال [5] عامر بن سعد بن أبي وقَّاص: كتبت [6] إلى جابر بن سمرة مع غلامي [7] نافع: أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: فكتب إليَّ: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم جمعةٍ عشيةَ رجم الأسلَميِّ ... )؛ فذكر الحديث، رواه مسلمٌ، والله أعلم، (وينبغي على هذا القولِ الصِّحَّةُ إذا التمس من الشيخ الكتابة بالحديث أو بالأحاديث، ولا يشترط التسليط، والله أعلم) [8].

==========

[1] في (ج): (وبالثاء المثلثة).

[2] في (ج): (السند).

(1/1455)

[3] (بن): سقط من (ب).

[4] في (ب): (ذهب).

[5] في (ج): (وأمر).

[6] في (ج): (كتب)، وهو تحريف.

[7] في (ج): (غامي)، وهو تحريف.

[8] ما بين قوسين سقط من (ج).

(1/1456)

[باب: لا يسعى إلى الصلاة مستعجلًا وليقم بالسكينة والوقار]

(1/1457)

[حديث: إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني وعليكم بالسكينة]

638# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكين، وتقدَّم بعض الكلام عليه.

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تقدَّم قريبًا أنَّه ابن عبد الرَّحمن النَّحْويُّ.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم قريبًا أنَّه ابن أبي كثير.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم الكلام على (أبي قتادة)، والاختلاف في اسمه قريبًا وبعيدًا، وبعضُ ترجمته، وقوله [1]: (عن أبيه): قال أبو مسعود: كذا في كتاب الفربريِّ، وفي كتاب حمَّاد بن شاكر عن البخاريِّ: (عن عبد الله بن أبي قتادة _أُرَاه_ عن أبيه)، انتهى.

قوله: (تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ): الضمير في (تابعه) يعود على شيبان؛ يعني: أنَّ عليَّ بن المبارك تابع شيبان النَّحْويَّ على رواية هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير، و (عليُّ بن المبارك): هُنائيٌّ بصريٌّ، روى عن يحيى بن أبي كثير، وأيوُّب، وعبد العزيز، وصهيب، وجماعةٍ، وعنه: يحيى القطَّان، ووكيع، ومسلم بن إبراهيم، وآخرون، قال أحمد: ثقة، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، ومتابعة عليٍّ هذه أخرجها البخاريُّ عن عمرو بن عليٍّ، عن أبي قتيبة، عن عليِّ بن المبارك، عن يحيى به.

==========

[1] في (ج): (قوله).

[ج 1 ص 217]

(1/1458)

[باب: هل يخرج من المسجد لعلة؟]

(1/1459)

[حديث: أن رسول الله خرج وقد أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف]

639# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ [1]): تقدَّم مرارًا [أنَّه] أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (هَيْئَتِنَا): كذا في أصلنا، وفي الطُّرَّة نسخة: (هِينَتِنَا)، وعليها علامة راويها، قال ابن قُرقُول: (هيئَتنِا)، كذا لهم، وعند أبي ذرٍّ: (هِيْنَتِنَا)، وكلاهما صحيحٌ، انتهى.

قوله: (يَنْطفُ): هو بكسر الطاء وضمِّها، لغتان في «الصِّحاح».

==========

[1] في هامش (ق): (عبد الله الأصغر).

[ج 1 ص 217]

(1/1460)

[باب: إذا قال الإمام: مكانكم حتى إذا رجع انتظروه]

(1/1461)

[حديث: على مكانكم]

640# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ [1]: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال البخاريُّ في «الصَّلاة»، وفي «تفسير سورة النور»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا مُحَمَّد بن يوسف»، وهذا في الموضعين أتى فيهما «إسحاق» غير منسوب لجميع [2] الرواة، ولعلَّه: إسحاق بن منصور، فقد حدَّث مسلم عن إسحاق بن منصور عن مُحَمَّد بن يوسف)، انتهى، ولمَّا طرَّفه المِزِّيُّ قال: البخاريُّ في (الصَّلاة) عن إسحاق الكوسج، والظَّاهر وقوع ذلك في الرواية، وإلَّا قال: هو الكوسج أو يعني الكوسج، لو كان من توضيحه أو توضيح أحد ممَّن بعد البخاريُّ، وابن منصور: هو الكوسج، وقال [3] شيخنا في «شرحه»: ومُحَمَّد بن يوسف هو الفريابيُّ، وإسحاق هذا: لعلَّه ابن منصور، كما قال الجيَّانيُّ وابن طاهر، وكذلك هو في «مسلم»، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تقدَّم أعلاه أنَّه الفريابيُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو عمرو عبد الرَّحمن بن عمرو، وتقدَّم الاختلاف إلى ماذا نسب، وهو أحد الأعلام.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن شهاب، مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تقدَّم أعلاه؛ فانظره.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم أعلاه وقبله مرارًا.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قَالَ).

[2] في (ب): (بجميع).

[3] في (ج): (قال).

[ج 1 ص 217]

(1/1462)

[باب قول الرجل: ما صلينا]

قوله: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: مَا صَلَّيْنَا): إنْ قيل [1]: أي كبيرِ أمرٍ تحت هذه الترجمة؟ فالجواب: نعم؛ تحتها عظيمٌ؛ وهو أنَّه ردَّ بها على من يقول إذا سئل: هل صلَّيت؟ وهو منتظرٌ الصَّلاة؛ فيكره أن يقول: لم أصلِّ، وهو قول إبراهيم النَّخعيِّ، رواه عنه ابن أبي شيبة بإسناده إليه، والسُّنَّة تردُّ عليه، والله أعلم، وقد تقدَّم في الديباجة ذلك [2].

==========

[1] في (ب): (قلت).

[2] (وقد تقدَّم في الديباجة ذلك): سقط من (ج).

[ج 1 ص 217]

(1/1463)

[حديث: والله ما صليتها]

641# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين.

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): تقدَّم أعلاه [1] أنَّه ابن عبد الرَّحمن النَّحْويُّ، وتقدَّم قبل ذلك بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم أعلاه وقبل ذلك مرارًا أنَّه ابن أبي كثير.

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ): تقدَّم أعلاه الكلام عليه.

قوله: (إِلَى بُطْحَانَ): تقدَّم أنَّ المُحَدِّثين يقولونه: بضمِّ الموحَّدة، وإسكان الطاء، وأنَّ أهل اللُّغة يقولونه: بفتح الباء، وكسر الطَّاء؛ وهو وادٍ من أودية المدينة.

(1/1464)

[باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة]

قوله: (بابُ الإِمَامِ تَعْرِضُ لَهُ الْحَاجَةُ [1]): هو بكسر الرَّاء، قال الدِّمياطيُّ: (عرض له كذا يعرِض؛ أي: ظهر، وعرض العودَ على الإناء والسيفَ على فخذه يعرِضه ويعرُضه، فهذه وحدَها بالضَّمِّ) انتهى، وهو كما قال، ويُؤخَذ [2] ما قاله من «الصِّحَاح»؛ شيءٌ صريحًا وشيءٌ مفهومًا، والله أعلم.

(1/1465)

[حديث: أقيمت الصلاة والنبي يناجي رجلًا في جانب المسجد]

642# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو): هو بفتح الميم، وإسكان العين، تقدَّم، وتقدَّم بعض الكلام عليه [1].

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم أنَّه ابن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ البصريُّ، أبو عبيدة الحافظ.

قوله: (يُنَاجِي رَجُلًا): هذا الرجل لا أعرف اسمه؛ فَلْيُتْبَعْ.

[ج 1 ص 217]

==========

[1] في (ب): (وتقدَّم بعض ترجمته).

(1/1466)

[باب الكلام إذا أقيمت الصلاة]

(1/1467)

[حديث: أقيمت الصلاة فعرض للنبي رجل فحبسه]

643# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ [1]: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): (عيَّاش) هذا: تقدَّم أنَّه [2] بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المعجمة في آخره.

تنبيهٌ ينبغي لك أن تستحضره عند قراءتك هذا الكتاب: اعلم أنَّ لهم عيَّاشَ بنَ الوليد؛ بالمعجمة [3]، وعبَّاسَ بن الوليد؛ بالمهملة، وكلاهما من شيوخ البخاريِّ، فالأوَّل الذي هو بمعجمة: عيَّاش بن الوليد الرَّقَّام، أبو الوليد، البصريُّ، تفرَّد عنه البخاريُّ دون مسلم، روى عنه فأكثر [4]، عن عبد الأعلى، ووكيع، ومُحَمَّد بن فضيل، والوليد بن مسلم، والثاني بالمهملة: روى عنه البخاريُّ في موضعين من هذا الكتاب؛ أحدهما: في (باب علامات النُّبوَّة)، والثاني في (المغازي) في (بعث النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم معاذًا [5] وأبا [6] موسى إلى اليمن)، عن معتمر بن سليمان، وعبد الواحد بن غياث، وقال في (كتاب الفتن) بعد حديثٍ خرَّجه من طريق هشام الدَّسْتَوائِيِّ عن قتادة عن أنس: (سألوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى أحفوه بالمسألة ... )، وذكر الحديث، ثمَّ قال: (وقال عبَّاسٌ النَّرسيُّ: حدَّثنا سعيد: أخبرنا قتادة: أنَّ أنسًا حدَّثهم عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حديث: من أبي يا رسول الله؟ قال: «أبوك حذافة»)، ولا أعلم في «الصحيح» أكثرَ من هذه الأماكن غير أنَّ الثالث ميَّزه بقوله: (النَّرسيُّ) [7]، فنسبه، وقد تقدَّم ذلك أيضًا، ولكن طال العهد به.

[قوله: (ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ): هو بضمِّ المُوَحَّدة، ثمَّ نون مخفَّفة، وبعد الألف نون أخرى، ثمَّ ياء النِّسبة، وهذا ظاهرٌ] [8].

قوله: (فَعَرَضَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ [9] فَحَبَسَهُ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قَالَ).

[2] (تقدَّم أنَّه): سقط من (ب).

[3] في (ب): (بالشين المعجمة).

[4] (فأكثر): سقط من (ج).

[5] (معاذًا): سقط من (ج).

[6] في (ج): (أبا).

[7] في (ج): (التستري)، وليس بصحيح.

[8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[9] (رجل): سقط من (ب).

[ج 1 ص 218]

(1/1468)

[باب وجوب صلاة الجماعة]

(باب وُجُوبِ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ) ... إلى (باب أَهْلِ العِلْم وَالفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَة)

قوله في الترجمة: (باب وُجُوبِ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ): هذه المسألة فيها أقوال للعلماء: فقيل: إنَّها سُنَّة، وهو ما صحَّحه الرافعيُّ [1]، وقيل: فرض كفاية، وهو الأصحُّ عند الشافعيَّة، وقيل: فرض عين، والظَّاهر أنَّ هذا أراد البخاريَّ، ونقل الإمام عن ابن خزيمة أبي بكر إمامِ الأئمَّة: أنَّ الجماعة شرط في صحَّة الصَّلاة، نقله الإسنويُّ الفقيه العلَّامة جمال الدين شيخ شيوخي عن الإمام عنه، ونقل النَّوويُّ في «شرح مسلم» عن ابن خزيمة: أنَّها فرض، لكن ليست شرطًا، حتَّى لو صلَّى [2] منفردًا؛ أثم، وصحَّت صلاته، وقال فيها أيضًا: عن أهل الظَّاهر: إنَّها شرطٌ في صحَّة الصَّلاة، ثمَّ قال: وقال بكلِّ قولٍ من الأقوال الثلاثةِ المتقدَّمَة طوائفُ من العلماء.

تنبيهٌ: آكدُ الجماعات بعد الجمعةِ الصبحُ، ثمَّ العشاء، ثمَّ العصر، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، (وقول الحسن يدلُّ على أنَّها فرض عين، وقد تقدَّم الاختلاف في هذه المسألة أعلاه) [3].

==========

[1] (وهو ما صححه الرافعي): سقط من (ج).

[2] في (ج): (صلَّاها).

[3] ما بين قوسين سقط من (ج)، وجاء في (أ) مُستدرَكًا وفي (ب) بعد قوله: (عن أبي الزناد ... )، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 218]

(1/1469)

[حديث: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب]

644# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن ذكوان، وأنَّ (الزِّناد)؛ بالنُّون، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وتقدَّم بعض الكلام عليه.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا مرارًا.

قوله: (فَيُحْطَب): هو مَنْصوبٌ ومرفوعٌ، وهذا ظاهرٌ، وكذا بعده: (فَيُؤَذَّن)، (ثُمَّ آمُر)، و (فَيَؤُمّ)، و (ثُمَّ أُخَالِف)، و (فَأُحَرِّق) كلُّه يجوز فيه الشَّيئان.

قوله: (عَرْقًا): هو بفتح العين المهملة، وسكون الرَّاء، وبالقاف، قال الدِّمياطيُّ: (العَرْق: الذي عليه بقية اللَّحم، يقال: عرقتُه وأعرقتُه وتعرَّقتُه؛ إذا أكلتَ ما عليه بأسنانك) انتهى، زاد ابن قُرقُول: (وقال أبو عبيد: العَرْق: الفِدْرة من اللَّحم، قال الخليل: العُراق: العظم بلا لحم، وإنْ كان عليه لحم؛ فهو عَرْق، قال [1] الهرويُّ: العُراق: جمع «عَرْق» نادرٌ، قال بعضهم: التَّعرُّق: مأخوذ من العَرق كأنَّ المتعرِّق أكل ما عليه من لحم وعَرْق)، انتهى.

قوله: (أَوْ مرْمَاتَيْنِ): (المرماة): بكسر الميم وفتحها، وإسكان الرَّاء، قال الدِّمياطيُّ: («مِرْمَاتين»: يُروى بفتح الميم وكسرها، فبالفتح: ما بين ظِلْفَي الشاة من اللحم، فعلى هذا؛ الميم أصلية، وبالكسر: السهم الذي يُرمَى به، فالميم زائدة) انتهى، وفي «المطالع» نحوُ عبارة الدِّمياطيِّ، لكن زاد؛ فانظره تَجِدْه.

==========

[1] في (ج): (وقال).

[ج 1 ص 218]

(1/1470)

[باب فضل صلاة الجماعة]

قوله: (وَكَانَ الأَسْوَدُ): هو الأسود بن يزيد بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة بن سلامان بن كُهَيل، النَّخعيُّ الكوفيُّ، التَّابعيُّ الفقيه، وهو ابن أخي علقمة بن قيس، وكان أسنَّ من علقمة، وهو خال إبراهيم بن يزيد النَّخعيِّ الفقيه، كان يصلِّي كلَّ يوم سبع مئة ركعة.

قوله: (قَدْ صُلِّيَ فِيهِ): (صُلِّيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 218]

(1/1471)

[حديث: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة]

645# قوله: (الْفَذِّ): هو بفتح الفاء، وبالذال المعجمة المُشدَّدة، وهو المنفرد.

(1/1472)

[حديث: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة]

646# قوله: (حَدَّثَنِي ابنُ الهادِ): قال الدِّمياطيُّ: (يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، واسمه عمرو) انتهى، وهو كما قال، اللَّيثيُّ، عن أبي مرَّةً مولى أمِّ هانئ وغيره، وعنه: مالك وأبو ضمرة، ثقة مُكثِر، مات سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وقد قدَّمتُ أنَّ النَّوويَّ قال: والصَّحيح إثبات الياء في (اليماني)، و (العاصي)، و (ابن أبي الموالي)، و (ابن الهادي)، انتهى.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ خَبَّابٍ): هو بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الباء المُوَحَّدة، الأنصاريُّ مولاهم، عن أبي سعيد، وعنه: بكير [1] بن الأشجِّ، وابن إسحاق، وعدَّة، وثَّقه أبو حاتم، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ رضي الله عنه.

قوله: (تَفْضُلُ): هو بضمِّ الضاد، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] في (ج): (بكر)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 218]

(1/1473)

[حديث: صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته]

647# قوله: (حَدَّثَنا عَبْدُ الوَاحِدِ): هذا هو عبد الواحد بن زياد، العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ له مناكيرَ اجتنبها صاحبا «الصحيح» [1].

قوله: (حَدَّثَنا الأَعْمشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ.

قوله: (سَمِعتُ أَبَا صَالِحٍ): هذا أبو صالح ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، تقدَّم بعض ترجمته.

[ج 1 ص 218]

قوله: (سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَفِي سُوقِهِ): تقدَّم أنَّه [2] يعني: إذا صلَّى فيهما منفردًا.

قوله: (الْوُضُوءَ): هو بضمِّ الواوِ الفعلُ، وأمَّا بالفتح؛ فهو الماء، ويجوز فيه الفتح، وفي الماء الضَّمُّ [3]، كما تقدَّم مرارًا.

قوله: (خَطْوَةً): قال الدِّمياطيُّ: («الخَطْوة» بالفتح: المرَّة، وجمعها: خَطَوات وخِطاء؛ كـ (رَكْوة ورِكَاء)، وبالضِّمِّ الاسمُ، وجمعها: خُطُوَات) انتهى [4]، هذا بعض كلام الجوهريِّ؛ فراجعه إن شئت.

قوله: (لَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ): تقدَّم أنَّ العلماء قالوا: الصَّلاة من الله الرَّحمةُ، ومن الملائكة الاستغفارُ، ومن الآدميِّين تضرُّعٌ ودعاءٌ.

==========

[1] في (ج): (الصحيحين).

[2] (تقدَّم أنَّه): سقط من (ج).

[3] (الضم): سقط من (ب).

[4] (انتهى): سقط من (ج).

(1/1474)

[باب فضل صلاة الفجر في جماعة]

(بَابُ فَضْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ) ذكر فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو ظاهر في التَّرجمة، وكلام أبي الدَّرداء وحديث أبي موسى رضي الله عنهما: «أعظمُ النَّاس أجرًا في الصَّلاة أبعدُهم، فأبعدُهم [1] مَمْشًى»، قال ابن المُنَيِّر: (إن قلت: ما وجهُ مطابقة الحديث الآخر للتَّرجمة، ولا خصوص فيه [لصلاة الفجر؟ ثمَّ قال: (قلت: اختصاصُه بصلاة الفجر أنَّه جعل بعد المشي سببًا في زيادة الأجر؛ لأجل المشقَّة، والأجر على قدر النَّصَب] [2]، ولا شكَّ أنَّ الممشى إلى الفجر أشقُّ منه إلى بقيَّة الصَّلوات؛ لمصادفة ذلك الظُّلمةَ، ووقت النَّومة [3] المُشتهاة طبعًا)، انتهى.

==========

[1] في (ج) و (ب): (وأبعدهم)، ولعل المثبت هو الصَّواب.

[2] ما بين قوسين سقط من (ب).

[3] في النُّسخ: (النَّوم)، والمثبت من مصدره.

[ج 1 ص 219]

(1/1475)

[حديث: تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده .. ]

648# 649# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور [1].

قوله: (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بكسر الياء، ويجوز فتحُها، وأنَّ غيره لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ.

قوله: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ): تقدَّم أعلاه.

قوله: (تَفْضُلُ): هو بضمِّ الضَّاد، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَالَ شُعَيْبٌ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ ... ) إلى آخره: هذا ليس تعليقًا، وإنَّما هو معطوفٌ على السَّند قبله، وكأنَّه يقول: حدَّثنا أبو اليمان، عن شعيب، عن نافع، عن ابن عمر به، والله أعلم، وإيَّاك أن تجعله تعليقًا، والله أعلم.

==========

[1] (العالم المشهور): سقط من (ب).

[ج 1 ص 219]

(1/1476)

[حديث: ما أغضبك والله ما أعرف من أمة محمد شيئًا إلا أنهم يصلون]

650# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران القارئ، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ المشهور.

قوله: (سَمِعْتُ سَالِمًا): قال الدِّمياطيُّ: (سالم هو ابن أبي الجعد رافع، مات سالم في خلافة سليمان، وقيل: في خلافة عمر بن عبد العزيز، وله إخوة؛ وهم: زياد، وعبيد، وعمران، ومسلم، كوفيُّون) انتهى، وسالم هذا أشجعيٌّ مولاهم [1]، عن عمر وعائشة مُرسَلًا، وعن ابن عبَّاس، وابن عمر، وعنه: منصور والأعمش، تُوُفِّيَ سنة (100 هـ)، وهو ثقة، وقد تقدَّم.

قوله: (أُمَّ الدَّرْدَاءِ): قال الدِّمياطيُّ: (اسمها جُهَيمة، وقيل: هُجَيمة، وقيل: جُمَانة، من حِمْيَر) انتهى، وهي بنت حُيَيٍّ الأوصابيَّة، روت عن زوجها أبي الدَّرداء، وسلمان، وعبادة، وعنها: مكحول، ويونس بن ميسرة، وزيد بن أسلم، وهي فقيهة كبيرةُ القدر، (بقيت إلى بعد الثمانين، أخرج لها الجماعة) [2]، وقد تقدَّم أنَّها أجلُّ التابعيَّات هي، وحفصة، وعمرة، والله أعلم، وسيأتي الكلام على أمِّ الدَّرداء الكبرى؛ لأنَّ هذه هي الصغرى، وهي تابعيَّة، والكبرى صحابيَّة إن شاء الله تعالى.

قوله: (دَخَلَ [3] أَبُو الدَّرْدَاءِ): قال الدِّمياطيُّ: (أبو الدَّرداء اسمه عويمر بن زيد) انتهى، وهذا كله معروف، وإنَّما قصدي أن أذكر جميع حواشيه التي وَجَدْتُ عنه، وأبو الدَّرداء عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، تأخَّر إسلامه، أسلم [4] عقب بدر، روى عنه: ابنه بلال، وزوجته أمُّ الدرداء، وجبير بن نُفَير [5]، وأبو إدريس، وخلقٌ، فرض له عمر، فألحقه [6] بالبدريِّين؛ لجلالته رضي الله عنه، تُوُفِّيَ سنة (32 هـ)، أخرج له الجماعة.

(1/1477)

[حديث: أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشًى]

651# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تقدَّم مرارًا.

قوله: (عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): هو بضمِّ المُوَحَّدة، وفتح الرَّاء، تقدَّم مرارًا.

قوله: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه قاضي الكوفة الحارثُ، أو عامر، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى): تقدَّم مرارًا أنَّه الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 219]

(1/1478)

[باب فضل التهجير إلى الظهر]

قوله: (فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ [1]): تقدَّم أنَّ (التهجير): التَّبكير إلى كلِّ صلاة، وتقدَّم الخلاف في ذلك مُطَوَّلًا؛ فانظره في (الأذان).

==========

[1] (إلى الظهر): سقط من (ب).

[ج 1 ص 219]

(1/1479)

[حديث: بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره]

652# 653# 654# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِيْ بَكْرٍ): تقدَّم أنَّه وزان (عُلَيٍّ)؛ مُصغَّرًا، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام.

قوله: (عَنْ أَبِيْ صَالِحٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسم أبي صالح ذكوان بن ذرٍّ السَّمَّان الزَّيَّات، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (فَشَكَرَ اللهُ لَهُ): الاسم الجليل: فاعل مَرْفوعٌ؛ ومعنى (شكر الله له): أثابه، وزكَّى ثوابه وضاعفه، وقيل: قَبِلَ عملَه، وقيل: أثنى عليه بذلك، وذكره لملائكته.

قوله: (ثُمَّ قَالَ: الشُّهَدَاءُ خَمْسٌ [1]): كذا وقع، وأصله: خمسةٌ، ويجوز الوجهان؛ لأنَّه جمع، وهذا حديث ثانٍ، وبعده حديثٌ ثالثٌ، وهو: «لو يعلمُ النَّاس ... » الحديث، جمعها أبو هريرة في مساق واحد، ويُحتمَل أنَّه سمعها كذلك، وقوله: (الشُّهداء خمس) كذا جاء في «الصحيح»، وفي «المُوطَّأ» من حديث جابر بن عتيك: «الشُّهداء سبعةٌ سوى القتل في سبيل الله»، فذكر الخمسة المذكورة، وزاد [2]: (صاحب ذات الجنب)، والمرأة تموت بجمع، وتركه الشيخان؛ لاختلافٍ وَقَعَ في إسناده، والشُّهداء: جماعة كثيرة في ثواب الآخرة، وسأذكر منهم مَن وقفتُ عليه في (الجهاد) إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَصَاحِبُ الْهَدْمِ): هو ساكن الدَّال في أصلنا، قال ابن قُرقُول: («وصاحب الهَدْم شهيدٌ»، و «الهَدِم شهيدٌ»؛ بكسر الدَّال قيَّدناه؛ أي: الذي مات تحت الهدَم؛ بفتح الدَّال؛

[ج 1 ص 219]

وهو ما انهدم، ومثله: الحَرِق، ومَن رواه: «وصاحب الهَدْم»؛ بالإسكان؛ فهو اسم الفعل) انتهى، وقال شيخنا الشَّارح [3]: («صاحب الهَدَم»؛ بفتح الدَّال؛ وهو اسم ما يقع، قاله ابن الخشَّاب)، انتهى، وقال في «النِّهاية»: («وصاحب الهدَم»؛ بالتحريك: البناء المهدوم، «فَعَل» بمعنى: «مفعول»، وبالسُّكون الفعلُ نفسُه) انتهى، وفي «الصِّحاح»: (الهدَم) _يعني: بالتَّحريك_: ما تهدَّم من جوانب البئر فسقط فيها، والمُجمَل موافق لابن قُرقُول، وابن الأثير، ويتحرَّر من اللُّغة: أنَّ صاحب الهدَم يجوز فيه فتح الدَّال على أنَّه مات تحت الهدَم: وهو ما انهار مِن الأبنية، ويجوز أن يكون بالسكون اسم الفعل، وأمَّا إذا جاء بغير (صاحب)؛ مثل: «والهدِم شهيدٌ»؛ فإنَّه يكون بكسر الدَّال، والله أعلم.

(1/1480)

قوله: (وَالْمَبْطُونُ): مَن مات بعلَّة البطن؛ كالاستسقاء، وانطلاق البطن، وانتفاخه، وقيل: الذي يشتكي بطنه، وقيل: هو مَن مات بداء بطنه مطلقًا، قاله شيخنا، وفيه تداخل، وفي «المطالع»: (المبطون: صاحب الإسهال، وقيل: صاحب الاستسقاء، وبِفُلان [4] بَطِنٌ؛ إذا أصابه داءٌ في بطنه، إسهال أو غيره) انتهى، وقد صُحِّح أنَّ المراد به: الاستسقاء [5].

قوله: (مَا فِي النِّدَاءِ): هو الأذان.

قوله: (لاَسْتَهَمُوا): تقدَّم أنَّ (الاستهامَ) الاقتراعُ في الأذان.

قوله: (مَا فِي التَّهْجِيرِ): تقدَّم أنَّه التبكير إلى كلِّ صلاة، وتقدَّم ما فيه من الخلاف مُطَوَّلًا [6]؛ فانظره في (الأذان).

قوله: (وَلَوْ حَبْوًا): تقدَّم الكلام عليه في (الأذان).

(1/1481)

[باب احتساب الآثار]

(1/1482)

[حديث: يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم]

655# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ): هو بفتح الحاء المهملة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ شين معجمة مفتوحة، ثمَّ مُوَحَّدة.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هو ابن عبد المجيد الثَّقفيُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ): تقدَّم أنَّ هذا هو حُميد الطَّويل ابن تير، وقيل: تيرويه، وأنَّ اثنين اسم كلِّ واحدٍ منهما حُمَيدٌ يرويان عن أنس؛ هذا الطَّويلُ، وآخرُ يقال له: حُمَيد بن هلال بن هُبيرة العدويُّ، أبو نصر، البصريُّ، عن أنس، تقدَّم أنَّه روى له البخاريُّ عنه حديثين؛ أحدهما: «أخذ الرَّاية زيدٌ، فأُصيب»، أخرجه في (الجنائز)، و (الجهاد)، و (علامات النُّبوَّة)، وفي (فضل [1] خالد)، و (المغازي)، وأخرجه النَّسائيُّ، والحديث الثاني: «كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع ... »؛ الحديث، ذكره في (بدء الخلق) في مكانين، وفي (المغازي)، ولم يخرِّجه غيرُه، والله أعلم.

قوله: (يَا بَنِي سَلِمَةَ): هو بكسر اللَّام، مشهورٌ، قَبِيل مِن الأنصار مِن الخزرج [2].

قوله: (أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ): (آثَارهم): خُطاهم إلى الجمعة والجماعات، وكذا فسَّره مجاهد، وهو ثابت في بعض النُّسخ، وكذا هو في طُرَّة أصلنا، وعليه علامة راويه هنا، ولفظها [3]: (قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَولِه [4]: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا [وَآثَارَهُمْ} [يس: 12]: قَالَ: خُطَاهُمْ)، وفي نسخة] [5]: (قال مجاهد: خطاهم: آثار المشي بأرجلهم في الأرض)، وفي نسخةٍ، هذا في آخرِ الحديث.

==========

[1] في (ج): (فضائل).

[2] (من الخزرج): سقط من (ج).

[3] (ولفظها): سقط من (ج).

[4] زيد في (ب): (تعالى).

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 220]

(1/1483)

[حديث: ألا تحتسبون آثاركم]

656# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): قال الدِّمياطيُّ: (سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد بن أبي مريم)، انتهى، وهذا ظاهرٌ، وقد تقدَّم غيرَ مَرَّةٍ ببعض ترجمته.

قوله: (أَنْ يُعْرُوا المَدِيْنَة): هو بضمِّ أوَّله، ثمَّ عين مهملة ساكنة، ثمَّ راء؛ أي: يُخْلُو، فيتركوها عَراء، والعراء: الفضاء من الأرض الخالي الذي لا يستره شيء.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وحَدَّثَنَا)؛ بزيادة واو.

[ج 1 ص 220]

(1/1484)

[باب فضل صلاة العشاء في الجماعة]

(1/1485)

[حديث: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء]

657# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ، القارئ الإمام.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ): تقدَّم أنَّه ذكوان بن ذرٍّ، الزَّيَّات السَّمَّان غيرَ مَرَّةٍ، وقريبًا أيضًا.

قوله: (حَبْوًا): تقدَّم معناه في (الأذان).

(1/1486)

[باب اثنان فما فوقهما جماعة]

قوله: (بَابٌ: «اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ»): هذا التبويب هو لفظ حديث في «سنن ابن ماجه»، قال شيخنا الشَّارح: (ولفظ التبويب رواه أنسٌ وأبو موسى الأشعريُّ مرفوعًا، وإسنادهما ضعيف، وهو في «ابن ماجه» من حديث أبي موسى، وفي «الدَّارقطنيِّ» من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، وفي «الكامل» من حديث الحكم بن عمير، ولا يصحَّان، قال ابن حزم: حديث لا يصحُّ، وقال في «الأحكام»: خبر ساقط)، انتهى.

==========

[ج 1 ص 220]

(1/1487)

[حديث: إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما ثم ليؤمكما أكبركما]

658# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هذا هو خالد بن مهران، أبو المُنازِل، الحذَّاء، وتقدَّم بعض ترجمته، ولماذا نُسِب.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ): تقدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوَحَّدة، ثمَّ تاء، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 220]

(1/1488)

[باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد]

قوله: (وَفَضْلِ الْمَسَاجِدِ): (فضلِ): مجرور معطوفٌ على (مَنْ).

==========

[ج 1 ص 220]

(1/1489)

[حديث: الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه]

659# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز الأعرج، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ): تقدَّم غيرَ مَرَّةٍ أنَّ العلماء قالوا: إنَّ صلاة الملائكة الاستغفارُ؛ أي: يستغفرون له، وصلاة الله الرَّحمةُ، وصلاة الآدميِّين تضرُّعٌ ودعاءٌ.

قوله: (مَا لَمْ يُحْدِثْ): تقدَّم الكلام عليه مُطَوَّلًا، وكلام أبي هريرة، وابن أبي أوفى، وكلام الدَّاوديِّ.

==========

[ج 1 ص 220]

(1/1490)

[حديث: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله]

660# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بندار، وأنَّ بشَّارًا بالمُوَحَّدة والشِّين المعجمة.

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): قال الدِّمياطيُّ: (ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب) انتهى، وهذا معروف.

قوله: (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1]): هو بضمِّ الخاء المعجمة، ثمَّ مُوَحَّدة مفتوحة، والباقي معروف، قال الدِّمياطيُّ تجاهه: (ابن [2] خُبَيب بن يساف بن عنبة [3]، شهد جدُّه بدرًا، وقتل [4] الحارثَ بن عامر بن نوفل بن عبد مناف المقتولَ به خُبَيبُ بن عَديٍّ الأوسيُّ [5]) انتهى، في هذا تنبيه حسن يأتي في مكانه في عِدَّة أصحاب بدرٍ إن شاء الله تعالى.

[ج 1 ص 220]

قوله: (عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ): قال الدِّمياطيُّ تجاهه: (ابن عمر بن الخطَّاب، جدُّ عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمريُّ) انتهى، وهذا معروف.

قوله: (سَبْعَةٌ): رأيت في بعض مُؤلَّفات القاضي العلَّامة تاج الدِّين ابن الشَّيخ العلَّامة تقيِّ الدِّين السِّبكيِّ فيما أُنشِدَ لأبي شامة:

~…وَقَالَ النَّبيُّ المُصطَفَى إِنَّ سَبْعَةً…يُظِلُّهُم اللهُ العَظِيمُ بِظِلِّهِ

~…عَفِيفٌ مُحِبٌّ نَاشِئٌ مُتَصَدِّقٌ…وَبَاكٍ مُصَلٍّ وَالإِمَامُ بِعَدْلِهِ

وفيما قرأتُ على بعض أَصحابي بالقاهرة، وقد نظمهم، فقال:

~…إمامٌ مُحِبٌّ نَاشِئٌ مُتَصَدِّقٌ…مُصَلٍّ وَبَاكٍ خَائِفٌ سَطْوةَ البَاسِ

~…يُظِلُّهُمُ اللهُ العَظِيمُ بِظِلِّهِ…إِذَا كَانَ يَومُ الحَشْرِ لَاْ ظِلَّ لِلنَّاسِ

(1/1491)

قوله: (يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ): قال ابن قُرقُول: (يعني: ظلَّ عرشه، كما جاء في الحديث الآخر، وإضافته إضافة مِلْك، أو على حذف مضاف، أو يريد بذلك: ظِلًّا من الظلال، وكلُّها لله، وكلُّ ما أكنَّ [6]؛ فهو ظِلٌّ [7]، وظلُّ [8] كلِّ شيء: كنُّه، وقد يكون الظِّلٌّ بمعنى [9]: الكنف والسِّتر، ويكون بمعنى: في خاصَّته، ومن يدني منزلته، ويخصُّه بكرامته في الموقف، وقد قيل [10] مثل هذا في قوله: «السلطان ظلُّ الله في الأرض»؛ أي: خاصَّته، وقيل: ستره، وقيل: عزُّه، وقد يكون الراحة والنعيم، كما يقال: عيش ظليل؛ أي: طيِّب، ومنه: «في ظلِّ شجرة الجنَّة يسير في ظلِّها خمسَ مئة عامٍ»؛ أي: في ذراها، وكنفها، وراحتها، ونعيمها) انتهى.

[تنبيه [11]: أقوى السَّبعة مقامًا الذي طلبته امرأة ذاتُ منصب وجمال، فقال: «إنِّي أخاف الله»، والله أعلم.

(1/1492)

تنبيه: الذين جاؤوا أنَّ الله يظلُّهم في ظلِّه اجتمع لي منهم جماعة، وسبب أنِّي جمعت منهم جماعة: أنَّه وقع في القاهرة سؤال بين يدي السُّلطان الملك المُؤيَّد سُئِل عنه بعض العجم الفضلاء، سأله على ما بلغني الإمام الحافظ شهاب الدين بن حجر، فقال: كم الجماعة الذين يظلُّهم الله في ظلِّه؟ فاتَّفق أنِّي جمعتهم سريعًا، فحصل منهم السَّبعة المشار إليهم، وحديث آخرُ في آخرِ «صحيح مسلم» فيمن أَنْظرَ مُعْسِرًا، أو وَضَعَ عنه، وفي «الجهاد» لابن أبي عاصم مرفوعًا: «مَن أظلَّ رأس غازٍ؛ أظلَّه الله يوم القيامة»] [12]، وفي «المستدرك» من حديث عمر رضي الله عنه: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَن أظلَّ رأس غاز؛ أظلَّه الله يوم القيامة» [13]، (وفيه _أعني: «الجهاد» _ من حديث سهل بن حنيف مرفوعًا: «مَن أعان مجاهدًا في غزوه؛ أظلَّه الله في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّه») [14]، وفيه من حديث سهل بن حنيف: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «مَن أعان مجاهدًا في سبيل الله، أو غارمًا في عسرته، أو مُكاتَبًا في رقبته؛ أظلَّه الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه»، وفي حديثٍ: «السَّابقون إلى ظلِّ الله يوم القيامة الذين إذا أُعطُوا الحقَّ؛ قبلوه، وإذا سُئِلوه؛ بذلوه، وإذا دخلوا بين النَّاس؛ حكموا بحكمهم لأنفسهم»، رواه أبو نعيم في «الحلية» من رواية عائشة، وفيه ابن لهيعة، وفي «النَّسائيِّ الصَّغير»: «إنَّ الشَّهداء في ظلِّ عرش الرَّحمن في الجنَّة»، وفي «الحلية» في ترجمة أبي عبد الله الصُّنابِحيِّ _هو عبد الرَّحمن بن عسيلة_ قال: سمعت أبا بكر على المنبر يقول: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَن أراد أن يسمع الله دعوته) [15]، ويفرج كَربتَه في الدُّنيا والآخرة؛ فليضع عن مُعْسِر، أو ليدعْ له، ومن سرَّه أن يقيه الله من فور جهنَّم يوم القيامة، ويجعلَه في ظلِّه؛ فلا يكن غليظًا على المؤمنين، وليكن بهم رحيمًا»، وفي «مستدرك الحاكم»: «إنَّ شهداء أُحُد يجعل الله أرواحهم في جوف طير خضر، تأوي إلى قناديلَ مُعلَّقة في ظلِّ العرش»، وفي «المستدرك» أيضًا [16] في (الجنائز) من جملة حديث لأبي ذرٍّ: «فإنَّ الحزين في ظلِّ الله»، قال الحاكم: رواته ثقات، وتعقَّبه الذَّهبيُّ، وفي «موضوعات ابن الجوزيِّ» في (باب ثواب عيادة المريض) حديثٌ، وفيه: «وكان المريض في ظلِّ عرش الرَّحمن، وكان العائد في ظلِّ عرشه»، قال ابن

(1/1493)

الجوزيِّ: موضوعٌ، وفي «ميزان الذَّهبيِّ» في ترجمة كثير بن عبد الله اليشكريِّ مرفوعًا: «ثلاثة في ظلِّ العرش: القرآن، والرَّحم، والأمانة»، وفيه في ترجمة يزيد بن سنان أبي فروة في جملة حديث: «وخلق الله بني آدم على ثلاثة أصناف: صنفٌ كالبهائم، قال الله تعالى: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44]، وصنف أجسادهم أجساد بني آدم، وأرواحهم أرواح الشَّياطين، وصنف في ظلِّ الله عزَّ وجلَّ يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه».

هذا ما وقفت عليه، والبابُ محتملٌ للزِّيادة، فإذا رأيت شيئًا من ذلك؛ فألحقه تُؤجَر، وبخطِّ بعض الفضلاء عن الطَّبرانيِّ، عن أبي هريرة: (ومحسنُ الخُلُق، وعائل اليتيم والأرملة، عزاه لـ «أمالي الوزير ابن الجرَّاح» من رواية ابن مسعود، ورجل كان في سريَّة مع قوم، فانكشفوا، فحَمَى أَدبارَهم، حتَّى نجا ونجَوا أو استُشهِد، (عزاه مَن رأيت خطَّه بذلك لابن شيخنا جلال الدين بن البلقينيِّ) [17]

قوله: (ذَاتُ مَنْصِبٍ): هو بكسر الصَّاد المهملة؛ أي [18]: قدر، وشرف، ونصاب الرجل ومنصبه: أهله.

قوله: (حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ): هذا هو الصَّواب، وفي رواية لمسلم على العكس، ويشبه أن يكون الوهم فيها ممَّن دون مسلم، لا مِن مسلم، أو مَن فوقه، كما قاله القاضي عياض، وبعده النَّوويُّ، ويظهر تبيُّن الوَهَم في ذلك مِن مسلم أنَّه ممَّن تأخَّر عن مسلم؛ ومعنى ذلك: أنَّ يده الشِّمال لو قُدِّرَتْ رَجَلًا؛ لم يدرِ ما صنعت يمينه، وقال القرطبيُّ في «مفهمه»: وقد سمعنا مِن بعض المشايخ أنَّ ذلك أن يتصدَّق على الضَّعيف في صورة المشتري منه، فيدع له درهمًا مثلًا في شيء يساوي نصف درهم، فالصُّورة مبايعة، والحقيقة صدقة، وهو اعتبار حسن، انتهى.

==========

[1] في هامش (ق): (ابن خُبَيب بن يساف بن عنبة، شهد جده بدرًا، وقتل الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف المقتول به خُبَيب بن عدي الأوسي).

[2] (ابن): سقط من (ب) و (ج)، وضُرِب عليها في (أ)، والصَّواب إثباتُها كما في المصادر.

[3] في (ب): (عتبة)، وهو تصحيف.

[4] في (ج): (وقيل)، وهو تصحيف.

[5] في (ج): (والأوسي).

[6] في (ج): (أمكن)، وهو تحريف.

[7] كذا في النسخ، وفي مصدره: (ظله).

[8] في (ج): (وظله).

[9] في (ج): (معنى).

[10] زيد في النُّسخ: (في)، والمثبت موافق لما في مصدره.

(1/1494)

[11] زيد في هامش (أ) بخطٍّ مُغاير: (مطلب أفضل السَّبعة المستظلِّين في عرش الله).

[12] ما بين معقوفين جاء في (ب) سابقًا بعد أبيات الشِّعر.

[13] زيد في (ج): (وهو في المستدرك من حديث عمر رضي الله عنه)، وضرب عليهم في (أ).

[14] ما بين قوسين سقط من (ب).

[15] ما بين قوسين سقط من (ج).

[16] (أيضًا): سقط من (ج).

[17] ما بين قوسين سقط من (ج).

[18] زيد في (ب): (أي).

(1/1495)

[حديث: صلى الناس ورقدوا ولم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها]

661# قوله: (هَلِ اتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا؟): تقدَّم متى اتَّخذ عليه الصَّلاة والسَّلام الخاتم، وتقدَّم اللُّغات في (الخاتم).

قوله: (إِلَى وَبِيصِ): هو بفتح الواو، ثمَّ مُوَحَّدة مكسورة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ صاد مهملة، البريق واللَّمعان، تقدَّم.

(1/1496)

[باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح]

قوله: (مَنْ غَدَا ... وَمَنْ رَاحَ): كذا في هامش أصلنا، وفي داخله: (خرج)، والغدوُّ والرَّواح معناهما معروف.

[ج 1 ص 221]

(1/1497)

[حديث: من غدا إلى المسجد وراح أعد الله له نزله من الجنة كلما غدا]

662# قوله: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ): هو بضمِّ الميم، وفتح الطَّاء المهملة، وكسر الرَّاء المُشدَّدة، ثمَّ فاء، اسم فاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من ثلاثين قولًا.

قوله: (نُزُلَهُ [1]): هو بضمِّ النُّون والزاي، ما يُهيَّأ للضَّيف من الكرامة.

==========

[1] في هامش (ق): (أي: طعامهم الذي ينزلون عليه لأوَّل ورودهم).

[ج 1 ص 222]

(1/1498)

[باب: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة]

(1/1499)

[حديث: أن رسول الله رأى رجلًا وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين]

663# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ): (مالك): مُنوَّن مجرور، و (ابن): تابع لعبد الله، ويُكتَب بالألف، و (بُحينة): بضمِّ الباء المُوَحَّدة، ثمَّ حاء مهملة مفتوحة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ نون، ثمَّ تاء، وهي أمُّ عبد الله، وزوجة مالك، وقد تقدَّم هذا، وسيجيء الكلام على مالك، وقد قدَّمته أيضًا.

قوله: (مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ): سيأتي الكلام عليه قريبًا.

قوله: (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هو عبد الرَّحمن بن بشر بن الحكم، العَبْديُّ النَّيسابوريُّ، عن ابن عيينة والقطَّان، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، ومكِّيُّ بن عبدان، وابن الشرقيِّ، ثقة صاحب حديث، تُوُفِّيَ سنة (260 هـ)، أخرج له مِن الأئمَّة مَن روى عنه.

(1/1500)

قوله: (سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الأَزْدِ، يُقَالُ لَهُ مَالِكُ ابْنُ بُحَيْنَةَ): تقدَّم الكلام على مالكٍ هذا، وما ذُكِر فيه، قال المِزِّيُّ ومن بعدِه الذَّهبيُّ: مالك ابن بحينة حديثه في حديث السَّهو، وعنه: مُحَمَّد بن يحيى بن حَبَّان، قال النَّسائيُّ: هذا خطأ، والصواب: عبد الله بن مالك، وكذا في «الكاشف»، وفي «تجريد الصَّحابة»: مالك ابن بُحَينة والد عبد الله، وردَ عنه حديثٌ، وصوابه لعبد الله، وهو أزديٌّ، وأمُّه بحينة مُطَّلبيَّة قرشيَّة، وجزم في «الاستيعاب»: بصحبة مالك، وعن ابن الأثير: أنَّ مالكًا له صحبةٌ، وبحينة لها صحبة أيضًا، واسمها عبْدة بنت الحارث بن المطَّلب بن عبد مناف، وقال أبو نعيم: (هي أمُّ مالك)، وقال الدِّمياطيُّ شيخ شيوخنا ما لفظه: (ليس لمالك هذا صحبةٌ، ولا روايةٌ، ولا إسلامٌ، وإنَّما الصحبة والرواية لابنه عبد الله، وقد وهم فيه شعبة، وحمَّاد بن سلمة على سعد بن إبراهيم، والصواب فيه رواية ابن إسحاق، وأبي عوانة، وإبراهيم بن سعد، عن حفص، عن عبد الله، كذا قال مسلم، والنَّسائيُّ، والحافظ ابن عساكر، هذا مُختصَر مِن كلامه، اختَصره النَّاقل من الحواشي، وقد قال شيخنا العراقيُّ الحافظُ فيما وجدته عنه بِخَطِّ مَن أثق به: قال النَّسائيُّ بعد رواية شعبة: هذا خطأ، والصَّواب: عبد الله بن مالك ابن بُحَينة، وقال أبو مسعود الدِّمشقيُّ، وأهل العراق؛ منهم: شعبة، وحمَّاد بن سلمة، وأبو عوانة يقولون: عن سعد، عن حفص، عن مالك ابن بحينة، وأهل الحجاز يقولون في نسبه: عبدُ الله بنُ مالكٍ ابنِ بُحينة، وهو الأصحُّ، انتهى، وسيأتي قريبًا أيضًا، وأنَّ أبا عوانة مُتعقَّب على قائله.

(1/1501)

قوله: (أنَّ النَّبيَّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ): هذا الرَّجل لا أعرفه، وهو غير الرجل المذكور في حديث جابر، ذاك الرجل معروف، والحديثان كلُّ واحدٍ منهما قصُّته غير قصَّة الآخر، وليسا قضيَّة واحدة، قال شيخنا الشَّارح في هذا الحديث، وهو حديث مالك ابن بُحَينة: والرَّجل المذكور في الحديث هو عبد الله بن مالك بن القشب، وذكر نسبه، ثمَّ قال: راوي الحديث، ثمَّ إنِّي رأيت الإمام جلال [2] الدين بن شيخِنا البلقينيِّ قال في الحديث المذكور هنا: الرَّجل هو عبد الله بن مالك بن القِشب راوي الحديث، ثمَّ قال: وثبت ذلك في حديث جعفر بن مُحَمَّد، عن أبيه، عن عبد الله بن مالك، قال: خرج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى صلاة الصُّبح ومعه بلال، فأقام الصَّلاة، فمرَّ بي وأنا أصلِّي فضرب منكبي، وقال: «تصلِّي الصبح أربعًا؟!»، أخرجه البيهقيُّ، وقد اتَّفق لقيس بن عَمرو نحوُ ذلك، رواه الشَّافعيُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، انتهى، وكذا قال شيخنا: إنَّه راوي الحديث، وقد قدَّمته، ولكن لم يعزُه للبيهقيِّ.

قوله: (لاَثَ بِهِ النَّاسُ): هو بالثَّاء المُثلَّثة؛ أي: استداروا حوله.

قوله: (آلصُّبْحَ أَرْبَعًا؟ آلصُّبْحَ أَرْبَعًا؟): هو بمدِّ الهمزة في (آلصُّبح)، وكذا الثَّانية، استفهام إنكار، و (الصُّبح): مَنْصوبٌ مفعول بفعل مُقدَّر، ويجوز رفعه.

قوله: (تَابَعَهُ غُنْدرٌ): تقدَّم ضبطُ (غندر)، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.

قوله: (وَمُعَاذٌ): هو معاذ بن معاذ _فيما ظهر لي_ التَّميميُّ العنبريُّ، الحافظُ، قاضي البصرة، عن حُمَيد، والتَّيميِّ، وشعبةَ، وعنه: ابناه؛ عبيد الله، ومثنًّى، وأحمد، وبندار، قال أحمد: إليه المنتهى في الثَّبت بالبصرة، مات سنة (196 هـ) أخرج له الجماعة، والضَّمير في (تابعه) يعود على بهز بن أسد.

(1/1502)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ): هو مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار إمام أهل المغازي، علَّق له البخاريُّ، ولم يكن مِن شرط [3] هذا الكتاب [4]، وقد قرنه مسلم، وترجمته معروفة، (عَنْ سَعْدٍ، عَنْ حَفْصٍ)؛ يعني: فخالف أيضًا شعبةَ؛ لأنَّ شعبةَ رواه عن سعد بن إبراهيم، فجاء ابن إسحاق فرواه عن سعد به على الصَّواب، فجعل الحديث من مسند عبد الله، كما ساقه في الطَّريق الأولى من رواية إبراهيم بن سعد، وسيأتي تعليق حمَّادٍ في آخره: (عن سعد، عن حفص، عن مالك)، وحمَّاد: هو ابن سلمة، واعلم أنَّ الحمَّادَين قد [5] رويا عنه، ولكن هذا هو ابن سلمة، كما تقدَّم، فلم ينحصرِ الوهمُ في شعبة، ولمَّا طرَّفه المِزِّيُّ من «مسلم» عن القعنبيِّ، عن ابن بحينة؛ قال مسلم: قال القعنبيُّ: عن عبد الله بن مالك ابن بحينة عن أبيه، قال: وقوله: (عن أبيه) خطأ، بُحينة: هي أمُّ عبد الله، قال أبو مسعود: هذا يخطئ فيه القعنبيُّ بقوله: عن أبيه، وأسقط مسلم مِن أوَّله عن أبيه، ثمَّ قال عقيبه: وقال: القعنبيُّ عن أبيه، وأهلُ العراق؛ منهم: شعبة وحمَّاد بن سلمة وأبو عوانة يقولون: عن سعد، عن حفص، عن مالك ابن بُحينة، وأهلُ الحجاز قالوا في نسبه: عبد الله بن مالك ابن بحينة، وهو الأصحُّ، ثمَّ طرَّفه من عند النَّسائيِّ إلى شعبة بإسناده نحوَه، وقال: هذا خطأ، والصواب: عبد الله بن مالك ابن بحينة، انتهى.

ورأيت عن شيخنا البلقينيِّ العلَّامة سراج الدين أنَّه تعقَّب المِزِّيَّ في أبي عوانة، قال: (فإنَّ روايته في «مسلم» وغيرِه ليس فيها ذكرُ ذلك، إنَّما فيها ذكر ابن بُحَينة، أو عبد الله ابن بحينة، أمَّا مالك؛ فلا)، انتهى.

فتحرَّر بعد كلِّ حال أنَّ الحديث لعبد الله بن مالك، لا لمالك، وقد تقدَّم إنكار [6] إسلام مالك، وصحبته من عند الدِّمياطيِّ، وقد تقدَّم أعلاه أيضًا الكلام فيه؛ فانظره.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولَ اللهِ).

[2] في (ب): (جمال)، وفي (ج): جال، وليس بصحيح.

[3] في (ج): (شروط).

[4] في (ب): (الكتابة).

[5] (قد): سقط من (ج).

[6] (إنكار): سقط من (ج).

[ج 1 ص 222]

(1/1503)

[باب حد المريض أن يشهد الجماعة]

قوله: (بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ): كذا في أصلنا، وفي الحاشية: (جِدِّ): بكسر الجيم، وعليها علامة نسخة، قال ابن قُرقُول: (في باب الجيم مع الدَّال) في (الاختلاف): (وفي «بابِ جِدِّ المريض أن يشهد الجماعة»: للقابسيِّ وغيره، ولبعضهم [1]: «باب حدِّ المريض»، وكذا لعبدوس)، انتهى.

فحاصله: روايتان كما ضبطتُه لك، فأمَّا [2] بكسر الجيم؛ فهو الحرص والاجتهاد؛ أي: باب حرص المريض واجتهاده أن يشهد الجماعة، وأمَّا (حدُّ)؛ فمعناه: الحدَّة والحرص؛ أي: باب حِدَّته وحرصه على شهودها، ويحتمل: باب منع المريض شهود الجماعة؛ أي: هل جاء فيه شيء؟ ويكون جاء فيه حضورُها وتحمُّل المشقَّة في ذلك، ولم أرَ هذا الاحتمال لأحدٍ، وأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام فعلها مع ما هو فيه من المرض، فيدلُّ على تأكُّد استحبابها أو وجوبها، وأمَّا رواية الجيم؛ فمعناها ظاهر، والله أعلم.

[ج 1 ص 222]

==========

[1] في (ج): (ولغيره).

[2] في (ب): (وأما).

(1/1504)

[حديث: لما مرض رسول الله مرضه الذي مات فيه]

664# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تقدَّم أنَّه بالغين المعجمة، ثمَّ مُثَنَّاةٍ تحتُ مُخفَّفةٍ، وفي آخرِه ثاءٌ مُثلَّثةٌ.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ.

قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم مرارًا أنَّه إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (قَالَ الأَسْوَدُ): تقدَّم مرارًا أنَّه الأسود بن يزيد النَّخعيُّ الكوفيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيْفٌ): قائل هذا الكلام قالته [1] عائشة، كذا جاء في بعض الرِّوايات في «الصَّحيح»، وسيأتي قريبًا في (باب: أهلُ العلم والفضل أحقُّ بالإمامة).

قوله: (أَسِيفٌ): هو بفتح الهمزة، وكسر السِّين المهملة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ فاء؛ وهو السريع الحزن الرَّقيق، ويقال أيضًا من حيث اللُّغةُ: أسوف [2].

قوله: (إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ): قال الدِّمياطيُّ: (قال عياض: في التَّظاهُر على ما تُرِدْن، من كثرة تردادهنَّ وإلحاحهنَّ على حاجاتهنَّ، وما يَملن إليه؛ كتظاهُر امرأة العزيز ونسائها على يوسف؛ ليصرفنه عن رأيه في الاستعصام [3]، وقيل: أي النسوة اللَّاتي أردن مِن يوسف فعلَ ما لا يحلُّ له [4] فعله، وكذلك مراجعتكنَّ لي في حقِّ أبي بكر، وإخراجكنَّ له عن الإمامة التي لا يحلُّ أن يتقدَّم فيها سواه، ويشهد لذلك حديثُ عبد الله بن زمعة حين أمر عمر بالصَّلاة، فلمَّا سمع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم صوتَ عمر قال: «لا، لا، لا، يأبى الله ذلك والمسلمون»، قالها ثلاثًا مُغضَبًا، ثمَّ أرسل إلى أبي بكر وكان غائبًا، وأمرهم أن يعيدوا الصَّلاة التي صلَّى لهم عمر، ورأى أنَّ صلاة عمر غيرُ مُسقِطةٍ للفرض، انتهى، وقال ابن عبد السَّلام في «أماليه»: وجهُ التَّشبيه بهنَّ: وجودُ مكرٍ في القضيَّة، وهو مخالفة الظَّاهر لما في الباطن، وصواحب يوسف أتين زليخا؛ لتعنيفها، ومقصودهنَّ أن يدعون يوسف لأنفسهنَّ، وعائشة كان مرادها ألَّا يُنظِّر النَّاس بأبيها؛ لوقوفه مكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، انتهى، وحديث عبد الله بن زمعة هو في «أبي داود» فقط.

(1/1505)

قوله: (فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ): أي: يمشي بينهما مُتَّكِئًا عليهما، والتَّهادي: المشي المُثقَل مع التَّمايُل يمينًا وشمالًا، ورواه بعضهم: (يَتَهَادى).

قوله: (بَيْنَ رَجُلَيْنِ): تقدَّم الكلام عليهما في (باب الغسل والوضوء في المِخْضَبِ) مُطَوَّلًا، وسيأتي في الطَّريق التي بعد هذه: (بينَ العبَّاسِ ورجلٍ آخرَ)، سمَّاه ابنُ عبَّاس عليًّا.

قوله: (فَأَوْمَأَ): هو بهمز في آخره، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَنْ مَكَانَكَ): (أنْ): بفتح الهمزة، وسكون النُّون، و (مكانك): مَنْصوبٌ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ثُمَّ أُتِيَ بِهِ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/1506)

قوله: (حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ): قال شيخنا الشَّارح: (واختلفتِ الرِّوايات؛ هل كان الإمامُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أو الصِّدِّيقَ؟ فرواية عائشةَ هنا أنَّه هو الإمام، وفي أخرى: «وأبو بكر يُسمِعُهم التَّكبيرَ»، وفي «التِّرمذيِّ» مُصحَّحًا مِن حديث جابر: (إنَّ آخر صلاة صلَّاها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في ثوب واحد مُتوشِّحًا به خلف أبي بكر) انتهى، وفي «النَّسائيِّ» من حديث أنسٍ رواه عنه حُمَيد، وعن حُمَيدٍ إسماعيلُ _ يعني: ابن جعفر بن أبي كثير _: «أنَّ آخر [5] صلاة صلَّاها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مع القوم: صلَّى في ثوب واحد مُتَوَشِّحًا خلف أبي بكر»، وفي «التِّرمذيِّ»، و «النَّسائيِّ» أيضًا مِن حديث عائشة، وعنها مسروقٌ، وعنه: أبو وائل: «صلَّى رسول الله لى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدًا»، قال التِّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وفي «تلخيص المستدرك للحاكم» عقب حديث: «لم يمت نبيٌّ حتَّى يَؤُمَّه رجلٌ مِن قومه» على شرطهما، واتَّفقا على صلاته خلف أبي بكر الصِّدِّيق»)، انتهى، والذي ظهر لي أنَّه مِن كلام الحاكم، والله أعلم، ولم يتعقَّبْه الذَّهبيُّ في «تلخيصه»، قال شيخنا الشَّارح: (ونَصَرَ هذا _يعني: صلاته خلف الصِّدِّيق [6]_غيرُ واحد مِن الحُفَّاظ، وألَّفوا فيه؛ منهم: الضَّياء المقدسيُّ، وابن ناصر، وقال: إنَّه صَحَّ وثبت أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام صلَّى خلفه مقتديًا به في مرضه الذي مات فيه ثلاثَ مرَّاتٍ، ولا ينكر هذا إلَّا جاهلٌ لاعلم له بالرواية، قال شيخنا: وقد أوضحت الكلام على ذلك في «شرح العمدة»، وقيل: إنَّ ذلك كان مرَّتين؛ جمعًا بين الأحاديث، وبه جزم ابن حِبَّان، وقال ابن عبد البرِّ: الآثارُ الصِّحاح على أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم هو الإمام؛ يعني: في هذه الصَّلاة التي ذكرها [7] هنا [8])، انتهى.

قوله: (فَقِيْلَ لِلأَعْمَشِ): القائل له لا أعرفه، وقد تقدَّم أنَّ الأعمش [9]: سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ.

(1/1507)

قوله: (وَرَوُاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ): (أبو داود): هذا هو سليمان بن داود بن الجارود الطَّيالسيُّ، الحافظ، عن ابنِ عون وشعبةَ، وعنه: بندار، وأحمد بن الفرات، والكُديميُّ [10]، قال: أسردُ ثلاثين ألف حديث ولا فخرَ، ومع ثقته، فقال إبراهيم بن سعيد [11] الجوهريُّ: أخطأ في ألف حديث، كذا قال، تُوُفِّيَ سنة (204 هـ)، علَّق له البخاريُّ كما ترى هنا، وروى له مسلم، والأربعة، وهو حافظ ثقة أحد الأعلام، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (بَعْضَهُ): هو مَنْصوبٌ على البدل من الضمير في (رواه).

قوله: (وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المعجمة، الضَّرير، الحافظ، عن هشامٍ والأعمشِ، وعنه: أحمد، وإسحاق، وعليُّ ابن المدينيِّ، وابن مَعِين، ثَبْت في الأعمش، وكان مُرِجئًا، تُوُفِّيَ سنة (195 هـ) في صفر، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم، ولكن طال العهد به.

وقوله: (وزاد): هو كقوله: (وقال)، فهو تعليق مجزوم به، وهو صحيح إلى مَن علَّقه عنه على ما ذُكِر في القاعدة التي قدَّمتها.

وحديث أبي معاوية أخرجه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن أبي معاوية، ووكيع، وعن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية، عن الأعمش، والنَّسائيُّ عن أبي كُرَيب، عن أبي معاوية به، وابن ماجه عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن أبي معاوية به.

==========

[1] في (ب): (أو قالته).

[2] في (ج): (سواف)، وليس بصحيح.

[3] في (ج): (الاعتصام).

[4] (له): سقط من (ج).

[5] في (ج): (آخرة)، وليس بصحيح.

[6] في (ب): (أبي بكر).

[7] في (ب): (ذكر).

[8] في (ب): (ههنا).

[9] زيد في (ج): (هو).

[10] في (ج): (اللديمي)، وهو تحريف.

[11] في (ج): (سعد)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 223]

(1/1508)

[حديث: لما ثقل النبي واشتد وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي]

665# قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الميم، وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، وقد [1] قدَّمتُ ترجمته.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (لَمَّا ثَقُلَ): هو بفتح [2] المُثلَّثة، وضمِّ القاف، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ): تقدَّم أنَّ أزواجه اللَّاتي تُوُفِّيَ عنهنَّ كنَّ تسعًا، وهنَّ: سودة، وعائشة، وحفصة، وأمُّ سلمة، وزينب بنت جحش، وجويرية، وأمُّ حبيبة، وصفيَّة بنت حُيَيٍّ، وميمونة، وأمَّا ريحانة؛ فاختُلِف فيها هل [3] نكحها بملك اليمين، أو بالعقد؛ قولان، وقد قدَّمتُ ذلك، (والمراد: في الإذن مَن عدا عائشة، والله أعلم) [4].

[ج 1 ص 223]

قوله: (فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ... بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٍ آخَرَ): وقد فسَّره ابن عبَّاس بعليٍّ رضي الله عنه، تقدَّم الكلام على ذلك في (باب الغسل والوضوء في المِخْضَب) مُطَوَّلًا؛ فانظره إن أردته.

قوله: (قَالَ عُبَيْدُ اللهِ): هو [5] المذكور في السند عن عائشة، وهو [6] عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، الفقيه الأعمى، ومن بحور العلم، تقدَّم.

==========

[1] في (ج): (قد).

[2] زيد في (ج): (الثاء).

[3] في (أ) و (ب): (وهي)، وهو تحريفٌ.

[4] ما بين قوسين سقط من (ب).

[5] في (ج): (هذا).

[6] في (ج): (هو).

(1/1509)

[باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلى في رحله]

قوله: (فِي رَحْلِهِ): هو بفتح الرَّاء، وإسكان الحاء المهملة، المنزل والمأوى، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 1 ص 224]

(1/1510)

[حديث: أين تحب أن أصلي؟]

667# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم غيرَ مَرَّةٍ أنَّه إسماعيل بن أبي أويس ابن أخت مالك الإمامِ صاحبِ المذهب، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه الزُّهريُّ [1]، وتقدَّم قريبًا منسوبًا في كلامي، وهو مشهور، عالمٌ [2] فَرْدٌ.

قوله: (وَأَنَّهُ): هو [3] بفتح الهمزة معطوفٌ على (أَنَّ عِتْبَانَ) المفتوحة، وقد كُسِرت في أصلنا الهمزةُ، ولم تكن قبل ذلك، بل كانت مُدلَّسة.

قوله: (أَتَّخِذهُ): هو مجزوم جواب (صَلِّ)؛ الأمر، ويجوز رفعه، وبهما ضُبِط في أصلنا.

==========

[1] زيد في (ب): (وأنه).

[2] في (ب): (عالم مشهور).

[3] (هو): سقط من (ب).

[ج 1 ص 224]

(1/1511)

[بابٌ: هل يصلي الإمام بمن حضر؟]

(1/1512)

[حديث: خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ فأمر المؤذن]

668# قوله: (عَنْ [1] عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ): هو بالمُثَنَّاة تحت، وتقدَّم أنَّه عبد الحميد بن دينار، وهو ابن كِرْدِيد [2]، وقيل: ابن واصل، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (فِي يَوْمٍ ذِي رَدْغٍ): تقدَّم الكلام عليه في (باب الكلام في الأذان).

قوله: (قَالَ: [قُلِ]: الصَّلاةُ فِي الرِّحَالِ): تقدَّم الكلام عليه مُطَوَّلًا في (باب الكلام في الأذان).

قوله: (إِنَّهَا عَزْمَةٌ): تقدَّم أنَّه بإسكان الزاي، وتقدَّم معناه في الباب المذكور أعلاه.

قوله: (أُحْرِجَكُمْ): هو بالحاء المهملة بعد الهمزة؛ أي: أُضيِّق عليكم، وأشقُّ بإلزامكم السَّعيَ إلى الجماعة في الطِّين والمطر، وجاء في الرواية الأخرى: (أَنْ [3] أُؤثِّمَكم)؛ أي: أن أكون سبب اكتسابكم للإثم عند ضيق صدوركم بتحمُّل مشقَّة المطر والطِّين، فربَّما [4] سخط [5]، وتكلَّم بما يُؤثَّم فيه، وجاء في بعض الروايات: (أُخرجكم) من الخروج، يمشون في الطين، قاله في «المطالع».

قوله: (وَعَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنُ الحَارثِ، عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ): ليس هذا تعليقًا، وإنَّما هو معطوفٌ على السند قبله، فرواه البخاريُّ عن عبد الله بن عبد الوهَّاب، عن حمَّاد _هو ابن زيد_ عن عاصم به، وهذا ظاهرٌ.

و (نحوَه): إعرابه بالنصب؛ أي: نحو الحديث الذي قبله، ثمَّ استثنى منه ما استثنى، ولا يجوز (نحوُه) بالرفع إلَّا بتقدير مبتدأ محذوف؛ أي: هذا نحوه، ولو كان تعليقًا؛ لكان (نحوُه) مرفوعًا، فاجعل بالك من (نحوَه) و (مثلَه)، فإن كان تعليقًا؛ فإنَّه يكون مرفوعًا على الابتداء، و (عن فلان): الخبرُ مُقدَّم، وإن كان _ كهذا_ معطوفًا على السند قبله؛ فإنَّه يكون نحوَه أو مثلَه منصوبًا، والله أعلم.

قوله: (أَنْ [6] أُؤَثِّمَكُم [7]): تقدَّم الكلام عليه أعلاه.

(1/1513)

[حديث: جاءت سحابة فمطرت حتى سال السقف]

669# قوله: (حَدَّثَنا هِشَامُ): هذا هو ابن أبي عبد الله [1] الدَّسْتَوائِيُّ، تقدَّم غيرَ مَرَّةٍ، ولماذا نُسِب، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، تقدَّم مرارًا، وأنَّه بالمُثلَّثة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن عبد الرَّحمن بن عوف، واسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وهو أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (أَبَا سَعيِدٍ الخُدريِّ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ؛ بالدَّال المهملة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَثَرَ): هو بفتح الهمزة، والثَّاء، ويجوز كسر الهمزة، وسكون الثَّاء، وتقدَّم ما قاله شيخنا فيها، وهو بتثليث الهمزة.

==========

[1] لفظ الجلالة سقط من (أ) و (ج).

[ج 1 ص 224]

(1/1514)

[حديث: أكان النبي يصلي الضحى؟]

670# قوله: (قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ... ) إلى قوله: (ضَخْمًا): قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: إنَّه عِتْبَانُ بن مالك، ولم يذكر له شاهدًا.

تنبيهٌ: مِن الأعذار عن الجمعة والجماعة السُّمْن المُفرِط المانع مِن حضورهما، كذا ذكره ابن حِبَّان في «صحيحه»، وذكر هذا الحديث، (وابن حِبَّان معدود في أصحاب الشَّافعيِّ) [1]، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الْجَارُودِ): هذا الرَّجل هو عبد الحميد بن المنذر بن الجارود.

(1/1515)

[باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة]

قوله: (بِالْعَشَاءِ): هذا هو بفتح العين؛ ممدودٌ، وهذا ظاهرٌ إلَّا أنَّه ربَّما اشتبه على بعض المُغفَّلين بالعِشاء التي هي الصَّلاة.

قوله: (وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ): تقدَّم أنَّه عُوَيمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، تقدَّم قريبًا وبعيدًا بعضُ ترجمته.

==========

[ج 1 ص 224]

(1/1516)

[حديث: إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء]

671# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، مُحَدِّثٌ حافظٌ مشهور، تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم أنَّ مَن اسمه يحيى ويروي عن هشام عن أبيه عن عائشة جماعةٌ؛ هذا القطَّان، ويحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، ويحيى بن أبي زكريَّا أبو مروان الغسَّانيُّ الواسطيُّ، ويحيى بن سعيد الأمويُّ، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن مُحَمَّد بن قيس أبو زُكَير، ويحيى بن يمان، كلُّ واحدٍ مِن هؤلاء يروي عن هشام، عن عروة، عن عائشة في الكتب [1] أو بعضها، فلا تخلط حديثَ أحدٍ بأحدٍ.

قوله: (إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ): (وُضِع): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (العَشاءُ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَابْدَؤُوا بِالْعَشَاءِ): هو بفتح العين، وهذا ظاهرٌ لا يخفى، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ب): (السِّتَّة).

[ج 1 ص 224]

(1/1517)

[حديث: إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب]

672# قوله: (عَنْ عُقَيْلٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف غيرَ مَرَّةٍ، وتقدَّم أنَّ هذا فقط في «البخاريِّ»، و «مسلم»، وأنَّ في «مسلم»: عُقيلَ بنَ خالد، والقبيلةَ المعروفة عُقيلًا، والباقي كلُّه عَقيل؛ بفتح العين، وكسر القاف، والله أعلم.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه الزُّهريُّ.

قوله: (إِذَا قُدِّمَ الْعَشَاءُ): (قُدِّم): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (العَشاءُ) _بفتح العين_ مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل.

قوله: (وَلاَ تَعْجَلُوا): هو بفتح أوَّله، وكذا قوله: (ولا يَعْجَلْ).

[ج 1 ص 224]

(1/1518)

[حديث: إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء]

673# 674# قوله: (وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ): (إنَّه): بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَقَالَ زُهَيْرٌ وَوَهْبُ بْنُ عُثْمَانَ [1] عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ): أمَّا (زُهيرٌ)؛ فهو ابن معاوية بن حُدَيج، أبو معاوية، الحافظ، تقدَّمت ترجمته، وأمَّا (وهب بن عثمان)؛ فهو مخزوميٌّ مدنيٌّ، يروي عن أبي حازم، وموسى بن عُقبة، وعنه: إبراهيم بن حمزة، وإبراهيم بن المنذر الحزاميُّ، ويعقوب بن حُمَيد، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وعلَّق له البخاريُّ في هذا الموضع، ولم يخرِّج له أحد مِن أصحاب الكتب، وهذا الموضع تعليق مجزوم به، وليس معطوفًا على السَّند قبله؛ فاعلمْه.

قوله: (عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): حديث [2] موسى عن نافع أخرجه مسلم في «الصَّلاة» عن المُسيَّبيِّ، عن أنس بن عياض، عن موسى نحوَهُ.

قوله: (رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عُثْمَانَ، وَوَهْبٌ مَدِينِيٌّ): أمَّا (إبراهيم بن المنذر)؛ فهو الحزاميُّ [3]، منسوبٌ إلى خالد بن حزام بن أسد، وخالد أخو حَكِيم بن حزام، أسلم خالد قديمًا، وهاجر إلى الحبشة، وقد تقدَّم، و (وهب بن عثمان): هو المخزوميُّ المدنيُّ، يروي عن أبي حازم، وموسى بن عقبة، وعنه: إبراهيم بن حمزة، وإبراهيم بن المنذر الحزاميُّ، ويعقوب بن حُمَيد، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات» وعلَّق له البخاريُّ كما ترى، رواه إبراهيم عن وهب بن عثمان، وقد روى عن إبراهيم: البخاريُّ، وابن ماجه، وغيرهما، وقد قدَّمتُ ترجمته، وأنَّ له ترجمةً في «الميزان»، وصحَّح عليه، وهو صدوق، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

==========

[1] زيد في (ب): (عن عثمان)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».

[2] (حديث): سقط من (ج).

[3] في (ج): (الخزامي)، وهو تصحيف.

[ج 1 ص 225]

(1/1519)

[باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل]

(1/1520)

[حديث: رأيت رسول الله يأكل ذراعًا يحتز منها]

675# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هذا هو إبراهيم بن سعْد الزُّهريُّ، أبو إسحاق، المدنيُّ، عن أبيه، والزُّهريِّ، وصالح بن كيسان، وغيرِهم، وعنه: ابن مهديٍّ، وأحمد، ولُوَين، وخلقٌ، تُوُفِّيَ سنة (183 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه صالح بن كيسان، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ.

قوله: (فَدُعِيَ إِلَى الصَّلاة): (دُعِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه يجوز من حيث العربيَّةُ: (ولم يتوضَّ) [2]، (ولم يتوضَّأْ)، (ولم يتوضَّا) مُطَوَّلًا.

(1/1521)

[باب من كان في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج]

(1/1522)

[حديث: كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج]

676# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ): تقدَّم أنَّ هذا هو الحكم بن عتيبة، وتقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم أنَّ لهم آخرَ يقال له: الحكم بن عتيبة، مُتكلَّم فيه، وأنَّ البخاريَّ جعلهما واحدًا، فعُدَّ مِن أوهامه.

قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، وتقدَّم الكلام على ترجمته.

قوله: (عَنِ الأَسْوَدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الأسود بن يزيد النَّخعيُّ الكوفيُّ، وتقدَّم عليه بعض الكلام في ترجمته.

قوله: (فِي مَهْنَةِ أَهْلِهِ): (المَهْنة): بفتح الميم وكسرها، وقد أُنكِرَ الكسرُ، وقد فُسِّر في الحديث: بخدمة أهله.

==========

[ج 1 ص 225]

(1/1523)

[باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي]

(1/1524)

[حديث مالك: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة]

677# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن خالد.

قوله: (حَدَّثَنَا أيُّوبُ): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة كيسان السَّختيانيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ): تقدَّم ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (مِثْلَ شَيْخِنَا): هذا هو عمرو بن سلِمة؛ بكسر اللَّام، وسيأتي التَّصريح به في (باب كيف يعتمد من [1] الأرض إذا قام)، وسأذكر هناك ما يتعلَّق به إن شاء الله تعالى.

(1/1525)

[باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة]

(بَابٌ: أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ) .... إلى (بَاب مَنْ أَخَفَّ الصَّلاة عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ)

(بَابٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّن، و (أهلُ): بعده مَرْفوعٌ غير مُنوَّنٍ [1]، و (أحقُّ): بالرَّفع، وهذا كلُّه ظاهر.

==========

[1] (غير منوَّن): سقط من (ج).

[ج 1 ص 225]

(1/1526)

[حديث: مرض النبي فاشتد مرضه فقال: مروا أبا بكر]

678# قوله [1]: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ): كذا في أصلنا، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السَعْديُّ، البخاريُّ، عن حسين الجعفيِّ وعبد الرَّزَّاق، وعنه: البخاريُّ، وينسبه إلى جدِّه، تُوُفِّيَ سنة (232 هـ)، انفرد البخاريُّ بالإخراج له.

قوله: (حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ): هو ابن عليِّ بن الوليد الجُعْفِيُّ، عن خاله الحسن بن الحرِّ، وجعفر بن بُرْقان [2]، والأعمش، وعنه: أحمد، وعبد، وابن الفرات، قال أحمد: (ما رأيت أفضل منه ومن سعيد بن عامر)، وقال يحيى بن يحيى: (إن بقي أحدٌ من الأبدال؛ فهو)، تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة (203 هـ)، وله أربع وثمانون سنة، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ زَائِدَةَ): هو ابن قُدامة، أبو الصَّلت، الثَّقفيُّ الكوفيُّ الحافظ، عن زياد بن عِلاقة وسماك، وعنه: ابن مهديٍّ، وأحمد ابن يونس، ثقة حجَّة، صاحب سُنَّة، تُوُفِّيَ غازيًا بالرُّوم سنة (161 هـ)، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وقد قدَّمتُ ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفقيه، قاضي الكوفة، اسمه الحارث أو عامر، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى): تقدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ، وتقدَّم [3] بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ): هو بقافين؛ إشارةً إلى كثرة البكاء؛ لسرعة نفوذ الموعظة فيه.

قوله: (فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا في (باب حدِّ المريض أن يشهد الجماعة).

قوله: (فَأَتَاهُ الرَّسُولُ): هذا الرسول لا أعرف اسمه، (قال بعض الحُفَّاظ من العصريِّين: لم أقف على ذلك صريحًا، لكن في حديث عبد الله بن زَمْعَة ما يمكن أن يُفسِّر أنَّه الرسول، فإنَّ له في ذلك قصَّةً دارت بينه وبين عمر، أخرج أصلَ حديثِه أبو داود في كتاب «السُّنَّة»، وأخرجه أحمد مُطَوَّلًا، وصحَّحه الحاكم، ووقع في حديث واهٍ مُطَوَّلٍ عند الطَّبرانيِّ: أنَّ الرسول إلى أبي بكر بذلك كان بلالًا، ولا يبعد التَّعدُّد، انتهى) [4].

(1/1527)

[حديث: أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع النبي الذي توفي فيه]

680# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم عليه بعض [1] الكلام [2].

قوله: (حَدَّثَنَا [3] شُعَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي حمزة الحافظ، أبو بشر، الحمصيُّ.

قوله: (أَخْبَرَنِي [4] أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ): هذا هو الخادم أنس بن مالك بن النَّضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عديِّ بن النَّجَّار المشهور [5]؛ كالعَلَم، وفي الصَّحابة مَن اسمُه أنسٌ به أربعةٌ وعشرون؛ منهم اثنان الصَّحيح أنَّهما تابعيَّان، وأمَّا مَن اسمه أنسُ بن مالك؛ فاثنان: هذا الخادم، وشخصٌ آخرُ اسمُه أنسُ بن مالك القشيريُّ، ويقال: الكعبيُّ، وكعب أخو قُشَير [6]، روى عنه: أبو قِلابة وعبد الله بن سوادة، نزل البصرة، له حديث في السُّنَن الأربعة، و «المُسنَد»، ولهذا احترز الراوي، فقيَّده بـ (الأنصاريِّ)؛ احترازًا مِن هذا، والله أعلم.

قوله: (فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ): أي: رجع إلى ورائه.

[ج 1 ص 225]

قوله: (فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام تُوُفِّيَ يوم الاثنين، وسيأتي الكلام متى كان مِن الشَّهر، والاختلاف فيه [7]، قال ابن الصَّلاح: ضُحًى، وهو مُتعقَّب بما روى البخاريُّ ومسلم من حديث أنسٍ: (وتُوُفِّيَ من آخر ذلك اليوم)، وهذا دالٌّ على أنَّه تأخَّر بعد الضُّحى، ويجمع بينهما أنَّ المراد: أوَّلَ النِّصف الثاني مِن النَّهار، فهو آخر وقت الضُّحى، وهو مِن آخر النَّهار، باعتبار أنَّه مِن النصف الثاني، ويدلُّ عليه ما رواه ابن عبد البرِّ بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: (مات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم _وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون_ ارتفاعَ الضُّحى، وانتصاف النَّهار يوم الاثنين)، وذكر موسى بن عقبة في «مغازيه» عن ابن شهاب: (تُوُفِّيَ يوم الاثنين حين زاغت الشَّمس)، فهذا جمعٌ حسنٌ فيما اختُلِف مِن ذلك في الظاهر، والله أعلم.

(1/1528)

[حديث: لم يخرج النبي ثلاثًا فأقيمت الصلاة]

681# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الميمين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، قال الدِّمياطيُّ: (أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج ميسرة، البصريُّ المُقْعَد، مات سنة (224 هـ)، وفي شيوخه أيضًا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر الهرويُّ، مات سنة (236 هـ)، انتهى، والضَّمير في كلام الدِّمياطيِّ يرجع على البخاريِّ.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): ابن [1] سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ، أبو عبيدة، الحافظُ، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن صهيب، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (فَلَمَّا وَضَحَ): أي: ظهر وبان.

قوله: (فَأَوْمَأَ): تقدَّم قريبًا أنَّه بهمزٍ في آخره.

قوله: (فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: لم يُرَ، وفي رواية: (فلم نقدر عليه)؛ مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: لم نَرَه.

==========

[1] (بن): سقط من (ج).

[ج 1 ص 226]

(1/1529)

[حديث: لما اشتد برسول الله وجعه قيل له في الصلاة]

682# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه عبد الله بن وهب، أبو مُحَمَّد، الفهريُّ مولاهم، المصريُّ [2]، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنِي يُونُسُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتقدَّمت اللُّغاتُ السِّتُّ في (يونس).

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالمُ شيخُ الإسلام.

قوله: (إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ): تقدَّم الكلام عليه في (باب حدِّ المريض أن يشهد الجماعة).

قوله: (تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الْكَلْبِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على يونسَ، وهذا ظاهرٌ، و (الزُّبيديُّ): بضمِّ الزاي، وهو مُحَمَّد بن الوليد الزُّبيديُّ، أبو الهذيل، الحمصيُّ القاضي، عن مكحول، والزُّهريِّ، وراشد بن سعد، وعنه: حرب ويحيى بن حمزة، ثقة حجَّة ثَبْت، تُوُفِّيَ سنة (149 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (ابن أخي الزُّهريِّ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم، تقدَّم مرارًا [3]، و (إسحاق [4] بن يحيى الكلبيُّ): اسم جدِّه علقمةُ العَوْصيُّ، سمع الزُّهريَّ، وعنه: يحيى الوُحاظيُّ، لا يُعرف، قاله الذَّهبيُّ في «الكاشف» و «التَّذهيب» [5]، وزاد فيه: قيل: إنَّه قَتَل أباه، استشهد به البخاريُّ، وقال في «الميزان»: (وعنه: يحيى الوُحاظيُّ فقط، قال مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ: مجهول، وقال مُحَمَّد بن عوف: يقال: إنَّه قتل أباه، قال: قلت: خرَّج له البخاريُّ في كتاب «الأدب»)، انتهى؛ يعني: «المفرد»، والله أعلم.

(1/1530)

قوله: (وَقَالَ عُقَيْلٌ، وَمَعْمَرٌ [6] عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (عُقَيل)؛ فقد تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ العين، وأنَّه ابن خالد، وأمَّا (معمرٌ)؛ فتقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عينٌ ساكنةٌ؛ ومعنى المتابعة الأولى الذي قال فيه: (تابعه الزبيدي ... ) إلى آخره: أنَّهم تابعوا يونس على وصله؛ ومعنى التَّعليق الذي لعقيلٍ ومعمرٍ عن الزُّهريِّ إرسالُه، وفَعَل هذا؛ لبيان الفائدة، وأنَّه رُوِيَ مُرْسَلًا، ورُوِيَ موصولًا، وقد اختُلِف فيما إذا روى الحديثَ الثِّقاتُ هكذا مُرسَلًا ومُتَّصلًا، أو مرفوعًا وموقوفًا؛ على أربعة أقوال: هل الحكم لمَن وصل؟ أو لمَن أرسلَ؟ أوللأكثر؟ أو للأحفظ؟ وتقدَّم أنَّ الصَّحيح لمَن وَصَل، وهو الأظهر الصَّحيح، كما صحَّحه الخطيب البغداديُّ، وقال ابن الصَّلاح: إنَّه الصَّحيح في الفقه وأصوله، والمسألةُ معروفةٌ؛ فلا نُطَوِّل بها.

==========

[1] في (ب) و (ج): (مرَّات).

[2] في (ج): (البصري)، وليس بصحيح.

[3] في (ج): (مرَّات).

[4] كُتِب فوقها في (أ): (خت)؛ أي: أخرج له البخاريُّ تعليقًا.

[5] (التذهيب): سقط من (ب).

[6] في هامش (ق): (ابن راشد).

[ج 1 ص 226]

(1/1531)

[باب من قام إلى جنب الإمام لعلة]

(1/1532)

[حديث: أمر رسول الله أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه]

683# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ): هذا هو عبد الله بن نُمَير الهمْدانيُّ، أبو هشام، عن هشام بن عروة والأعمش، وعنه: ابنه مُحَمَّد، وأحمد، وابن مَعِين، حُجَّة، تُوُفِّيَ سنة (199 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (قَالَ عُرْوَةُ: فَوَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً ... ) إلى آخره: هذا مُرْسَلٌ؛ لأنَّ عروة حكى قصَّةً لم يدركْها، فهي مُرسَلةٌ، وكذا أخرجه مسلم.

==========

[ج 1 ص 226]

(1/1533)

[باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول ... ]

(1/1534)

[حديث: يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟]

684# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ): (حازم): بالحاء المهملة، تقدَّم مرارًا أنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ): هم مِن وَلَدِ مالك بن الأوس، من الأنصار، وكانوا نُقباءَ.

قوله: (فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ): (المُؤذِّن) [1]: هو بلال رضي الله عنه، كذا [2] ذكره البخاريُّ في (باب الإمام يأتي قومًا؛ ليُصلحَ بينهم) من (كتاب الأحكام)، وهو في «أبي داود» وغيره.

قوله: (أَتُصَلِّي لِلنَّاسِ، فَأُقِيم): يجوز في قوله: (فأقيم): النَّصب، وهو الراجح، ويجوز الرَّفع.

[فائدة: روى أبو داود في (باب التصفيق في الصَّلاة) من حديث سهل بن سعد: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لبلال: إن حضرت صلاة العصر، ولم آتِك؛ فمُرْ أبا بكر؛ فلْيُصلِّ للنَّاس»، سكت عليه أبو داود] [3].

قوله: (فَتَخَلَّصَ): هو بتشديد اللَّام؛ أي: دخل.

قوله: (فَصَفَّقَ النَّاسُ)، وكذا قوله: (أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ): رُوِي في بعض الأمَّهات بالحاء، ومعناهما مُتقارِب، وقيل: هما سواء، وهو بالحاء: الضَّرب بظاهر اليد؛ إحداهما على الأخرى، وقيل: بل بإصبعين من [4] إحداهما على صفحة الأخرى، وهو الإنذار والتنبيه، وبالقاف: ضَربُ إحدى الصفحتين على الأخرى، وهما اللَّهو واللَّعب، وقال الدَّاوديُّ: إنَّهم ضربوا بأكفِّهم على أفخاذهم، واختُلِف في معنى الحديث بعد هذا، فقيل: هو

[ج 1 ص 226]

على جهة الإنكار، وذمِّ التَّصفيق، وأنَّه مِن شأن النِّساء، وأنَّ حكم التَّنبيه في الصَّلاة التَّسبيحُ، وقيل: بل هو لإنكار فعلِ الرِّجالِ، وإنَّما هو من شأن النساء؛ لكون أصواتهنَّ عورةً، ثمَّ نُسِخ ذلك بقوله: «من نابه شيء في صلاته؛ فليُسبِّح»، قاله بمعناه ابن قُرقُول.

قوله: (مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ): كذا في نسخة، وفي الأصل: (مَنْ رابه)، و (نابه): معناه: نزل به واعتراه [5]، و (رابه الأمرُ وأرابه)؛ إذا اتَّهمته وأنكرته، وفرَّق أبو عبيد بينهما، فقال: رابني؛ إذا تحقَّقتَ ريبته، وأرابني؛ إذا ظننتَ ذلك، وشككتَ فيه، وقد حُكِي عن أبي زيد أنَّهما سواء، وهو قول الفرَّاء.

قوله: (الْتُفِتَ إِلَيْهِ): (التُفِتَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[1] (المؤذن): سقط من (ب).

[2] (كذا): سقط من (ب).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/1535)

[4] (من): سقط من (ب).

[5] في (ب): (وأغراه).

(1/1536)

[باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم]

(1/1537)

[حديث: لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتموهم]

685# قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف باءٌ مُوَحَّدةٌ، وتاءٌ، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (وَنَحْنُ شَبَبَةٌ): تقدَّم أنَّه جمع (شابٍّ)؛ كـ (كَاتِب وكَتَبَة).

==========

[ج 1 ص 227]

(1/1538)

[باب إذا زار الإمام قومًا فأمهم]

(1/1539)

[حديث عتبان: أين تحب أن أصلي من بيتك؟]

686# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، العالم المشهور.

قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عينٌ مهملةٌ ساكنةٌ، وهو ابن راشد.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه أبو بكر مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

==========

[ج 1 ص 227]

(1/1540)

[باب إنما جعل الإمام ليؤتم به]

قوله: (ثُمَّ يتْبَعُ الإِمَامَ): (يَتْبَعُ): بفتح المُوَحَّدة، ويجوز كسرها، وتشديدُ المُثَنَّاة فوقُ قبلَها.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العَلَمُ [1] الفَرْد.

==========

[1] في (ب): (العالم).

[ج 1 ص 227]

(1/1541)

[حديث: ضعوا لي ماءً في المخضب]

687# قوله: (حَدَّثَنَا زَائِدَةُ): تقدَّم أنَّ هذا هو زائدة بن قدامة، أبو الصَّلت، الثَّقفيُّ الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (فِي الْمِخْضَبِ): هو بكسر الميم، ثمَّ خاء معجمة ساكنة، ثمَّ ضاد معجمة مفتوحة، ثمَّ مُوَحَّدة، شبه الإجانة، وهي القصريَّة تُغسَل فيها الثِّياب، قال أبو حاتم: هو المركن، وقد تقدَّم.

قوله: (لِيَنُوءَ): هو بهمزةٍ في آخره؛ أي: ينهض.

قوله: (فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ): (أُغمِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، فيه [1] جوازُ الإغماء على الأنبياء، وهو جائز عليهم؛ لأنَّه مرض من الأمراض، والأمراض جائزة عليهم؛ لرفع درجاتهم ولِيُتَأسَّى بهم، وعن القاضي الحُسين من الشَّافعيَّة: أنَّه حكى في (كتاب الصَّوم) عن الدَّارَكيِّ _ وهو أبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله بن مُحَمَّد، ودارَك: بفتح الرَّاء، وفي أوَّله دالٌ مهملةٌ من قرى أصبهان _: أنَّ الإغماء إنَّما يجوز عليهم ساعة وساعتين [2]، وأمَّا الشهر والشهران؛ فلا يجوز؛ كالجنون، وفيه استحباب الغسل للإغماء، وقد تقدَّم الكلام عليه.

قوله: (وَالنَّاسُ عُكُوفٌ): أي: لم يبرحوا في المسجد، و (العكوف): المُلازَمة.

قوله: (فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ [3] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ): هذا الرَّسولُ تقدَّم الكلام عليه.

قوله: (وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا): تقدَّم قريبًا أنَّه بقافين، وأنَّه إشارة إلى كثرة البكاء؛ لسرعة نفوذ الموعظة قلبَه.

قوله: (فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ): تقدَّم الكلام عليهما، وأنَّهما العبَّاس وعليٌّ، وتقدَّم الكلام على ذلك في (باب الغسل والوضوء في المِخْضَب).

قوله: (فَأَوْمَأَ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بهمزةٍ في آخره.

قوله: (أَجْلِسَانِي): هو بهمزة قطعٍ، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (أَلَا أَعْرِضُ): (أَلَا): للاستفتاح، و (أَعرِض): بفتح الهمزة، وكسر الرَّاء، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

قوله: (هَاتِ): هو بكسر التاء، وهو فعلُ أمرٍ، والماضي: هاتَى، والمضارع: يُهاتِي.

(1/1542)

[حديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا]

688# قوله: (وَهْوَ شَاكٍ): هو بتخفيف الكاف، وفي رواية هي في هامش أصلنا: (شاكي)؛ بإثبات الياء، وهذه لغة معروفة.

[قوله: (وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا): قال بعض حُفَّاظ العصر: منهم: أبو بكر، وعمر، وأنس، وجابر، كما أوضحته في الشَّرح] [1].

قوله: (أَنِ اجْلِسُوا): هو بهمزة وصل، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 227]

(1/1543)

[حديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائِمًا فصلوا قيامًا]

689# قوله: (عَنْ ابنِ شِهابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ، العالم المشهور.

قوله: (رَكِبَ فَرَسًا، فَصُرِعَ عَنْهُ): هذا الفَرسُ لا أعرفه بعينه، وقد كان للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سبعةُ أفراس مُتَّفقٌ عليها، وخمسةَ عشرَ مُختلَفٌ فيها، وسأذكرها في (الجهاد) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (فَصُرِعَ عَنْهُ): (صُرِعَ): بضمِّ الصاد، وكسر الرَّاء [1]، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (فَجُحِشَ شَقُّهُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو بجيم مضمومة، وكسر الحاء المهملة، وبالشين المعجمة؛ أي: خُدِشَ، قال الخليل: كالخدش أو أكثر، وقد تقدَّم، و (شَقُّه): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل.

قوله: (قَالَ الْحُمَيْدِيُّ): تقدَّم أنَّ هذا بضمِّ الحاء المهملة، وأنَّ اسمه عبد الله بن الزُّبير، وهو أوَّل شيخ روى البخاريُّ عنه في هذا «الصحيح»، وتقدَّم بعض ترجمته أوَّل التعليق؛ فانظره إن أردته.

قوله: (بِالآخِرِ فَالآخِرِ): هما بكسر الخاء المعجمة، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] (بضمِّ الصاد وكسر الراء): سقط من (ج).

[ج 1 ص 227]

(1/1544)

[باب متى يسجد من خلف الإمام]

(1/1545)

[حديث: كان رسول الله إذا قال: سمع الله لمن حمده]

690# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان، إمام المُحَدِّثين، تقدَّم بعض ترجمته، ومن يقال له: يحيى بن سعيد في الرواة في الكتب السِّتَّة أو بعضها جماعةٌ، فلهذا ميَّزتُه.

[ج 1 ص 227]

قوله: (عَنْ سُفْيَانَ): هذا هو ابن سعيد الثَّوريُّ فيما ظهر لي، والله أعلم، والثَّوريُّ إمامٌ، أحد الأعلام رحمه الله، ثمَّ إنِّي راجعت كلام شيخنا الشَّارح؛ فرأيتُه ذكر أنَّه الثَّوريُّ.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ): هذا هو السَّبيعيُّ؛ بفتح السِّين، وكسر المُوَحَّدة، قال الدِّمياطيُّ: (أبو إسحاق السَّبيعيُّ يروي عن البراء نفسِه، وعن عبد الله بن يزيدَ الخطميِّ _وله صحبة_ عنه، وفي «سنن أبي داود»: أبو إسحاق عن محارب بن دِثار، عن عبد الله بن يزيد، عن البراء) انتهى، وهو عمرو بن عبد الله، أبو إسحاق، الهمْدانيُّ الكوفيُّ، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ): وهو الخطميُّ الأنصاريُّ من الأوس، الكوفيُّ، يروي عنه: عَدِيُّ بن ثابت، عن البراء، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو جدُّ عديِّ بن ثابت، وهو عبد الله بن يزيد بن زيد بن حُصَين بن عمرو بن الحارث بن خطمة، وخطمة: هو ابن جُمَيع [1] بن مالك بن الأوس، الأوسيُّ الخطميُّ الأنصاريُّ، شهد الحديبية وهو ابنُ سبعَ عشرةَ سنة، وكان أميرًا على الكوفة، وشهد مع عليٍّ رضي الله عنهما صَفِّين [2]، والجمل، والنَّهروان، روى عنه: ابنه موسى، ومحارب بن دِثار، وأبو إسحاق، مات بُعَيد السَّبعين، أخرج له الجماعة، وقد ذكره ابن طاهر، وقال: كان صغيرًا على عهده عليه الصَّلاة والسَّلام، وممَّن نصَّ على أنَّه كان صغيرًا على عهده أبو حاتم، وقال أبو عبيد الآجريُّ: قلت لأبي داود: (عبد الله بن يزيد له صحبة؟)، قال: (يقولون: رؤية، سمعت يحيى بن معين يقول هذا)، قال أبو داود: (سمعت مصعبًا الزُّبيريَّ يقول: ليس له صحبةٌ)، وهذان الكلامان متباينان؛ [أعني: أنَّه شهد الحديبية وهو ابن سبعَ عشرةَ، وكلام ابن طاهر وأبي حاتم، وكلام أبي داود ومن بعدَه] [3]، والله أعلم.

(1/1546)

قوله: (حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ، وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ [4]): قائل [5] هذا الكلام هو أبو إسحاق السَّبيعيُّ في عبد الله بن يزيد، لا في البراء، قاله بعضهم، وليس هذا بجيِّد؛ لأنَّ الذي فرُّوا منه موجودٌ في عبد الله بن يزيد؛ لأنَّه صحابيٌّ أيضًا، وقد تقدَّم أنَّه شهد الحديبية، وتقدَّم غير هذا الكلام فيه؛ فانظره أعلاه، روى عبد الله عنه عليه الصَّلاة والسَّلام، وعن عمر، وحذيفة، وأبي أيُّوب، وأبي مسعود البدريِّ، وقد تقدَّم أنَّ بعضهم أنكر صحبته، أخرج له الجماعة، والظاهر _ والله أعلم _ أنَّ هذا من قول عبد الله بن يزيد في البراء، ولم يُرِدِ التعديل، وإنَّما أراد قوَّة الحديث، والله أعلم.

قوله: (لَمْ يَحْن): هو بكسر النُّون، ويضمُّ أيضًا؛ لأنَّه يائيٌّ وواويٌّ، يقال: حنا يحنو، وحنى يحني، والله أعلم، والواو لغةٌ فيه، والأفصح: حنى يحني.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم ضبطُ دُكَين، وأنَّه بضمِّ [6] الدَّال [7] المهملة، وفتح الكاف، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ سُفْيَانَ): تقدَّم أعلاه أنَّ الذي ظهر لي أنَّه الثَّوريُّ، والله أعلم، وأنَّ شيخنا رأيته قال: إنَّه الثَّوريُّ، قال شيخنا: والسند الثاني مذكور في بعض النسخ، ومضروب عليه في بعضها، ولم يذكره أصحاب الأطراف، ولا أبو نعيم في «مستخرجه»، انتهى، وقد راجعت أنا «أطراف المِزِّيِّ»، فوجدته قال في «تطريفه»: (البخاريُّ في «الصَّلاة»: عن أبي نعيم، وعن مُسَدِّد عن يحيى؛ كلاهما [8] عن سفيان، وعن حجَّاج، عن شعبة، عن آدم، عن إسرائيل، فلم يذكرِ السَّند الثاني كما قال شيخنا، ثمَّ على تقدير ثبوت هذا السند الثاني: فائدته التَّرقِّي؛ لأنَّ الأوَّل [9] بينه وبين أبي [10] إسحاق ثلاثةٌ، وفي الثاني بينه وبينه اثنان، والله أعلم.

(1/1547)

[باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام]

(1/1548)

[حديث: أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه]

691# قوله: (رَأْسَ حِمَارٍ): إن قيل: لم خصَّ الحمار؟ قيل: لبَلادَتِه، وعدمِ فهمه؛ لأنَّ المتعاطي لمخالفة إمامه ومسابقته [1] في أفعاله كأنَّه بلغ هذا المبلغ مِن البلادة، فناسب أن يُحوَّل به، والعقوبة من جنس الذَّنب.

فإن قيل: لم خصَّ الرأس [2] دون غيره؟ قيل: لوقوع الجناية به، والوجه في الرأس، ومعظم الصورة فيه، ويجوز أن يكون حقيقة، قال شيخنا الشَّارح: (وقد وقع)، انتهى، وفي «أبي حاتم»: (أن يحوِّل الله رأسه رأس كلب)، ذكره المُحبُّ الطَّبريُّ، وقال أيضًا المحبُّ: (وعامَّة أهل العلم غير ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ من فعل ذلك؛ كان مسيئًا، وتجزئه صلاته، وأمَّا ابن عمر؛ فقال: لا صلاة لمَن فعل ذلك)، انتهى، وقد صرَّح أصحاب الشَّافعيِّ: بأنَّ من تقدَّم الإمام بركن؛ فقد ارتكب مُحرَّمًا، ولا تبطل صلاته.

(1/1549)

[باب إمامة العبد والمولى]

قوله: (يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِنَ الْمُصْحَفِ): (ذكوان): هذا هو أبو عَمرو مَولى عائشةَ، روى عنها، وعنه ابن أبي مُلَيكة، وعليُّ بن الحسين، وعبد الواحد بن أبي عون، وجماعة، وثَّقه أبو زُرْعة، قال عروة بن الزُّبير: كان يؤمُّ قريشًا، وكان أقرأَهم، وقال الواقديُّ: دبَّرته عائشة، وقالت: إذا واريتني؛ فأنت حرٌّ، مات ليالي الحرَّة سنة ثلاث وستِّين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

قوله: (وَوَلَدِ الْبَغِيِّ): هو مجرور معطوفٌ على (إمامة) المجرور، وولد البغيِّ؛ يعني: وولد الزِّنى، والبغيُّ: الزَّانية الفاجرة.

قوله: (وَلَا يُمْنَعُ العَبْدُ مِنَ الجَمَاعَةِ): (يُمنَع): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (العبدُ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل.

==========

[ج 1 ص 228]

(1/1550)

[حديث: لما قدم المهاجرون الأولون العصبة قبل مقدم رسول الله]

692# قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ، تقدَّم [1]، وتقدَّم كم شخصٍ اسمُه عبيد الله، يروي عن نافع، عن ابن عمر في الكتب السِّتَّة أو بعضها؛ هذا أحدهم، وعبيد الله بن الأخنس أبو مالك، وعبيد الله بن جعفر القرشيُّ.

قوله: (الْعُصْبَةَ: مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ): (العصبة): بضمِّ العين، وإسكان الصَّاد المهملتين، ثمَّ مُوَحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء، كذا أحفظه، وكذا سمعت الناس يقرؤونه، وقال شيخنا الشَّارح عن شيخه مغلطاي: (إنَّه ضبطه بفتح العين، ولعلَّه مع فتح الصَّاد، كما سيأتي، ونُقِل عن خطِّ الدِّمياطيِّ، وقطب الدين الحلبيِّ: بضمِّ العين)، انتهى، ويروى: (المُعَصَّب)، وقال ابن الأثير: («العُصبة»: وهو موضع بالمدينة عند قباء، ضبطه بعضهم بفتح [2] العين والصَّاد)، انتهى.

قوله: (بِقُبَاءٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ القاف، وتخفيف الباء، وبالمدِّ، وهو مُذكَّرٌ منوَّنٌ مصروفٌ، هذه اللُّغة الفصيحة، وحكى صاحب «المطالع» لغةً أخرى؛ وهي القصر، وأخرى؛ وهي التأنيث، وترك الصَّرف، والمختار ما قدَّمته.

قوله: (سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ): هو سالم بن معقل مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، يكنى سالمٌ أبا عبد الله، مِن أهل بدر، كان أصله من فارس من اصطخر، وقيل: إنَّه من عجم الفرس من كَرْمَدَ، وكان من فضلاء الموالي، ومن خيار الصَّحابة وكبارهم، وهو معدود في المهاجرين؛ لأنَّه لمَّا أعتقته مولاتُه زوجُ أبي حذيفة؛ تولَّى أبا حذيفة وتبنَّاه أبو حذيفة، فلذلك عُدَّ في المهاجرين، (وهو معدود أيضًا في الأنصار في بني عبيد بعتق مولاته الأنصاريَّة زوجِ أبي حذيفة له، فهو يُعَدُّ في قريش المهاجرين) [3]؛ لما ذكرناه، وفي الأنصار؛ لما وصفنا، وفي العجم؛ لما تقدَّم، ويُعدَّ في القُرَّاء، ولم يُختلَف في أنَّه مولى بنت يَعَار زوج أبي حذيفة، واختُلِف في اسمها، فقيل: ثُبَيْتة، وقيل: بُثَينة، وقيل: عَمْرَةُ، وقيل: سلمى مِن خطمة، وسيأتي هذا في مناقبه بزيادة إن شاء الله تعالى، شهد بدرًا كما تقدَّم، وقُتِل يوم اليمامة شهيدًا هو ومولاه أبو حذيفة، فوُجِدَ رأسُ أحدهما عند رجليِّ الآخر سنة اثنتي عشرةَ.

[ج 1 ص 228]

(1/1551)

[حديث: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل حبشي كأن رأسه زبيبة]

693# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّ بَشَّارًا بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وهو فرد في «البخاريِّ» و «مسلم»، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ): تقدَّم أنَّه بفتح المُثَنَّاة فوق، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مُشدَّدة، وفي آخره حاءٌ مهملةٌ، وأنَّ اسمه يزيدُ بن حُمَيد، تقدَّم بعض ترجمته.

==========

[1] (مرارًا): سقط من (ج).

[ج 1 ص 229]

(1/1552)

[باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه]

(1/1553)

[حديث: يصلون لكم فإن أصابوا فلكم]

694# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ): هو بفتح الهمزة، ثمَّ شين معجمة ساكنة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مفتوحة، ثمَّ مُوَحَّدة، أبو عليٍّ البغداديُّ، قاضي حمص، وطبرستان، والموصل، عن ابن أبي ذئب وشعبة، وعنه: الصَّاغانيُّ وبشر بن موسى، ثقةٌ، مات سنة (209 هـ) بالرِّيِّ، روى له الجماعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه.

==========

[ج 1 ص 229]

(1/1554)

[باب إمامة المفتون والمبتدع]

قوله: (بَابُ إِمَامَةِ الْمَفْتُونِ وَالْمُبْتَدِعِ): ذكر فيه أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال لأبي ذرٍّ: «اسمع وأَطِعْ، ولو [1] لحبشيٍّ [2] ... »؛ الحديث، إن قلت: ما وجه مطابقة هذا الحديث للترجمة؟ وهل وصفَ الإمامَ فيه إلَّا بكونه حبشيًّا، فأين هذا من كونه مفتونًا مبتدعًا؟ والجواب: ما قاله ابن المُنَيِّر، قال: (قلت: السياق يُرشِد إلى إيجاب طاعته، وإن كان أبعد الناس عن أن يُطَاع؛ لأنَّ هذه الصِّفات إنَّما تُوجَد في أعجميٍّ حديثِ العهدِ دخل [3] في الإسلام، ومثل [4] هذا في الغالب لا يخلو مِن نقص في دينه لو لم يكن إلَّا الجهل اللَّازم لأمثاله، وما يخلو الجاهل إلى هذا الحدِّ مِن ارتكاب البدعة، واقتحام الفتنة، والله أعلم، ولو لم يكن إلَّا افْتِئَاتُه [5] بنفسه حتَّى تقدَّمَ على الإمامة وليس مِن أهلها؛ من الحسب، والنَّسب، والعلم؛ فتأمَّل ذلك)، انتهى، ويحتمل أن يكون أخذه البخاريُّ من عدم التفصيل، فإنَّه يُنَزَّل منزلة [6] العموم في المقال [7]، والله أعلم.

فائدة: تُكرَه الصَّلاة خلف المبتدِع الذي لا يُكفَّر ببدعته، وأمَّا الذي يُكفَّر ببدعته؛ فلا يجوز الاقتداء به، وعدَّ صاحب «الإفصاح» مَن يقول: بخلق القرآن أو ينفي شيئًا مِن صفات الله كافرًا، وكذا جعل الشيخ أبو حامد ومتابِعُوه المعتزلةَ ممَّن يكفر، والخوارج لا يكفرون، ويُحكَى القولُ بتكفير مَن يقول بخلق القرآن عن الشَّافعيِّ، وأَطلقَ القفَّالُ وكثيرون من أصحاب الشَّافعيِّ القولَ: بجواز الاقتداء بأهل البدع، وأنَّهم لا يكفرون، قال صاحب «العدة»: وهو ظاهر مذهب الشَّافعيِّ، قال النَّوويُّ: هذا الذي قاله القفَّال، وصاحب «العدَّة» هو الصحيح ... إلى آخر كلامه، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

(1/1555)

[حديث: الصلاة أحسن ما يعمل الناس]

695# قوله: (وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا مُحَمَّد بن يوسف الضَّبِّيُّ مولاهم، الفريابيُّ الحافظ، أبو عبد الله، نزيل قيساريَّة مِن الساحل، ثقة، أخرج له الجماعة، ترجمته معروفة، وله ترجمة في «الميزان»، وقد تقدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذكرت الأبواب التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ.

وقد تقدَّم الكلام على ما إذا قال البخاريُّ: (قال لنا)، أو (قال فلان) بغير (لي) ولا (لنا)، والمعزوُّ إليه القولُ شيخُه أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، وكذا إذا قال غير البخاريِّ هذا الكلام، لكن بشرط أن يكون القائل: (قال لنا)، أو (قال فلان) غيرَ مُدَلِّس، وقد تقدَّم أنَّ البخاريَّ سالمٌ مِن التدليس، وتقدَّم كلام الحيريِّ، وكلام غيرِه، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم مرارًا أبو عمرو عبد الرَّحمن بن عمرو، وتقدَّم لماذا نُسِبَ، وبعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ): هو بخاء معجمة مكسورة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره راءٌ؛ كالخيار الذي يُؤكَل، وهو نوفليٌّ، فقيهٌ، عن عمرَ، وعثمانَ، والكبارِ، وعنه: عروة، وجعفر بن عمرو بن أميَّة، وجماعةٌ مدنيُّون، ثقةٌ [1]، قال في «التَّذهيب»: (يقال: مات في خلافة الوليد بن عبد الملك) انتهى، وقد بُويع الوليدُ بن عبد الملك في شوَّال سنة ستٍّ وثمانين، وتُوُفِّيَ في مُنتصَف جمادى الآخرة سنة ستٍّ وتسعين، فكانت ولايته تسع سنين وتسعة أشهر، والله أعلم.

قوله: (إِمَامُ عَامَّةٍ): أي: عموم، قاله المُحبُّ الطَّبريُّ.

(1/1556)

قوله: (إِمَامُ فِتْنَةٍ): فيه قولان؛ أحدهما: في وقت فتنة، وثانيهما: إمام [2] الفتنة هو عبد الرَّحمن عُدَيْس البَلَويُّ، وهو الذي جلب على عثمان أهلَ مصر، وذُكِر أنَّ القول الأوَّل أصحُّ، بل الأوَّلُ راجعٌ إليه؛ لأنَّه كان إمام هذه الفتنة، وكان هؤلاء لمَّا هجموا المدينة كان عثمان يخرج فيصلِّي بالنَّاس، وهم يصلُّون خلفه شهرًا، ثمَّ خرج في آخر جمعة خرج فيها، فحصبوه حتَّى وقع من [3] المنبر، ولم يقدر أن يصلِّي بهم، فصلَّى بهم يومئذ [4] أبو أمامة بن سهل بن حُنَيف فمنعوه، وكان يصلِّي بهم ابن عُدَيْسٍ تارةً، وكنانةُ بن بشر أحدُ رؤساء الخوارج يومئذٍ تارةً، فبقُوا على ذلك عشرة أيَّام، ورُوِي: أنَّه حُصِرَ أربعين يومًا، وكان طلحة يصلِّي بهم، وصلَّى بهم أكثر الأيَّام عليٌّ رضي الله عنهما، وليسا المرادَ؛ لأنَّهما إماما هدًى، والسُّؤال إنَّما وقع عن إمام فتنة، وقد قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: هو عبد الرَّحمن بن عُدُيس، نقله ابن عبد البرِّ في «التمهيد» عن ابن وضَّاح وغيره، وذكره ابن القسطلانيِّ، وفي «مرآة الزَّمان» لابن الجوزيِّ: (اختلفوا فيه، فقيل: الغافقيُّ بن حرب العكِّيُّ، وقيل: عبد الرَّحمن بن عُدَيْس، وقيل: كنانة بن بشر) انتهى، وصاحب «المرآة»: هو يوسف بن قزعلي سبط أبي الفرج ابن الجوزيِّ الحافظ، وهو مُتكلَّم فيه، وله ترجمة في «الميزان»، وذكره أبو العبَّاس ابن تيمية في «الرَّدِّ على الرافضيِّ»، وتكلَّم فيه [5]، وقال شيخنا الشَّارح: قال الدَّاوديُّ [6]: لم يكن من القائمين على عثمان أحدٌ من الصَّحابة، إنَّما كانت فرقتان؛ فرقةٌ مصريَّةٌ، وفرقةٌ كوفيَّةٌ، فلم يعيبوا عليه شيئًا إلَّا خرج منه بريئًا، انتهى، وقصُّته رضي الله عنه مشهورة معروفة، فلا نُطوِّل بها.

(1/1557)

وعبد الرَّحمن بن عُدَيْس بن عمرو بن عبيد البلويُّ، بايع تحت الشجرة، ترجمته معروفة، وقد ذكره أبو عمر في الصَّحابة وغيرُه، وذكر من طريق ابن لهيعة: أنَّه ممَّن بايع تحت الشجرة رضي الله تعالى عن [7] الصَّحابة [8] أجمعين، وقول الدَّاوديُّ مُتعقَّب مِن أجل عبد الرَّحمن هذا، وقد قال ابن بشكوال في «مبهماته»: آخرَ حديثٍ منها إلَّا حديثًا: البياضيُّ [9]: اسمُه فروةُ بن عمرو البياضيُّ من بني بياضةَ بنِ عامر بن زريق، قال ابن بشكوال: وإنَّما كنَّى عنه الناس؛ لأنَّه ممَّن أعان على عثمان، وهو بدريٌّ)، انتهى، وقد ذكره أبو عمر بن عبد البرِّ في «استيعابه»، فقال: (ولم يسمِّه في «المُوطَّأ»، كان ابن وضَّاح، وابن مزين يقولان: إنَّما سكت مالكٌ عن اسمه؛ لأنَّه كان ممَّن أعان على قتل عثمان، قال أبو عمر: هذا لا يُعرَف، ولا وجه لما قالوه من ذلك، ولم يكن لقائل هذا علمٌ بما كان مِن الأنصار يوم الدَّار ... ) إلى آخر كلامه، انتهى.

قوله: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الزاي، وأنَّه مُحَمَّد بن الوليد قريبًا.

قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه أبو بكر [10] مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.

قوله: (خَلْفَ الْمُخَنّثِ): هو بكسر النُّون وفتحها، والكسر أفصح، والفتح أشهر، ذكرهما غيرُ واحد؛ منهم: النَّوويُّ في «تهذيبه»، والله أعلم، وسيأتي الكلام على الخُنَاث، وأنَّه نوعان إن شاء الله تعالى وقدَّره.

(1/1558)

[حديث: اسمع وأطع ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة]

696# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ): تقدَّم في أوَّل هذا التَّعليق أنَّ الصحيح صرفُ (أبان)، و (مُحَمَّد) هذا: هو ابن أبان بن وزير البلخيُّ، كنيته أبو بكر، مستملي وكيع، وهو مُكثِر، روى عنه البخاريُّ والأربعة، وابن خزيمة، وخلقٌ، وثَّقه النَّسائيُّ، حجَّة، أخرج له مِن الأئمَّة مَن روى عنه، تُوُفِّيَ سنة (244 هـ)، زاد بعضهم: في ثاني عشر المحرَّم.

تنبيه: روى البخاريُّ هنا عن مُحَمَّد بن أبان عن غندر، قال غيرُ واحد: إنَّه البلخيُّ الذي قدَّمته، وهو أشبه، لكنَّ البخاريَّ ذكر في «التاريخ» هذا الذي أذكره

[ج 1 ص 229]

الآن، ولم يذكرِ البلخيَّ الذي ذكرتُه، وقد قال ابن عديٍّ: هو الواسطيُّ، والواسطيُّ هو مُحَمَّد بن أبان بن عمران السلميُّ، ويقال: القرشيُّ أبو الحسن، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو عمران الواسطيُّ الطَّحَّان، عن أبيه، وأبان بن يزيد العطَّار، وجرير بن حازم، والحمَّادَين، وخلقٍ، وعنه: أبو زرعة، وبقيُّ بن مخلد، وعبد الله بن أحمد، وخلقٌ، وُلِد سنة (147 هـ)، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، قال بحشل: تُوُفِّيَ سنة (239 هـ)، قال: وكان يُخضِّب بالحناء، وكان فقيهًا، وقال ابن حِبَّان: سنة (238 هـ)، وقد قدَّمتُ أنَّ الأشبه أنَّه الأوَّل، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وأنَّ [1] غُنْدر بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومةٍ ومفتوحةٍ، وقد قدَّمتُ بعضَ ترجمته، ومَن لقَّبه بذلك [2].

قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ): تقدَّم مرَّاتٍ ضبطُه، وأنَّه يزيد بن حُمَيد، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (لأَبِي ذَرٍّ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه جندب بن جنادة رضي الله عنه، وتقدَّم بعض ترجمته، ونسبه، وسأذكره في (المناقب) إن شاء الله تعالى.

(1/1559)

[باب: يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواءً إذا كانا اثنين]

(1/1560)

[حديث: بت في بيت خالتي ميمونة فصلى رسول الله العشاء]

697# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن عتيبة، وتقدَّم الكلام عليه.

قوله: (فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ): تقدَّم الكلام على المُحوَّلين مِن الشِّمال إلى اليمين، وأنَّهم ثلاثة أشخاص: ابن عبَّاس في «البخاريِّ» و «مسلم»، وجابر بن عبد الله في «مسلم»، وجبَّار بن صخر في «مسند أحمد»، (وفي «زوائد معجمي الطَّبرانيِّ الصَّغير والأوسط»: ابن حذيفة بن اليماني حوَّله عليه الصَّلاة والسَّلام مِن الشمال إلى اليمين، فالجمعُ أربعةُ أشخاص) [1].

قوله: (حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ [2] خَطِيطَهُ): الصَّواب من أحد الشَّكَّين [3]: الغطيط؛ وهو صوت يُخرِجه النَّائم مع نَفَسِه، وقال ابن الأثير: (الخطيط قريب من الغطيط؛ وهو صوت النائم، والخاء والغين متقاربتان)، انتهى، وقد تقدَّم [4].

(1/1561)

[باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله الإمام إلى يمينه]

(1/1562)

[حديث: نمت عند ميمونة والنبي عندها تلك الليلة]

698# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ [1]: حَدَّثَنَا [2] ابْنُ وَهْبٍ): قال الجيَّانيُّ: (قال البخاريُّ في كتاب «الصَّلاة» في موضعين، وفي «الجنائز» في موضعين، وفي «العيدين»، وفي «الحجِّ» في ثلاثة مواضعَ، وفي «الجهاد»، و «المغازي»، و «بدء الخلق»، و «تفسير سورة الأحقاف»: «حدَّثنا أحمد: حدَّثنا ابن وهب»، نسبه ابن السَّكن في نسخته التي رُوِّيناها مِن طريق أبي مُحَمَّد بن أسد عنه، فقال فيه: أحمد بن صالح المصريُّ، وقال الحاكم في «المدخل»: روى البخاريُّ في كتاب «الصَّلاة» في ثلاثة مواضعَ: «عن أحمد، عن عبد الله بن وهب»، فقيل: إنَّه أحمد بن صالح المصريُّ، يُكنَى أبا جعفر، ويُعرَف بالطَّبريِّ، قلت: وكان صديقًا لأحمد ابن حنبل، وجرت بينهما مذاكراتٌ، وقيل: إنَّه أحمد بن عيسى التُّستُريُّ، ولا يخلو أن يكون واحدًا منهما، فقد روى عنهما في «الجامع» ونسبهما في مواضع، وذكر الكلاباذيُّ قال: قال أبو أحمد الحافظ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسحاق النَّيسابوريُّ: أحمد عن ابن وهب في «البخاريِّ»: هو ابن أخي ابن وهب، قال أبو عبد الله الحاكم: مَن قال: إنَّه ابن أخي ابن وهب؛ فقد وهم، ثمَّ استدلَّ لذلك، وقال الكلاباذيُّ: قال لي أبو عبد الله بن منده: كلُّ ما قال البخاريِّ [3] في «الجامع»: حدَّثنا أحمد عن ابن وهب؛ فهو ابن [4] صالح المصريُّ، ولم يخرِّج البخاريُّ عن أحمد بن عبد الرَّحمن ابن أخي ابن وهب في «الصحيح» شيئًا، وإذا حدَّث عن أحمد بن عيسى؛ نسبه) انتهى مُلَخَّصًا، ولخَّص شيخنا المؤلِّف كلام الجيَّانيِّ، وزاد أنَّه في «مستخرج أبي نعيم»: أحمد بن صالح، انتهى، وقال الذَّهبيُّ في «تذهيبه»: (أحمد عن ابن وهب، وعنه: البخاريُّ في مواضعَ هو أحمد بن صالح أو [5] أحمد بن عيسى، وقال أبو أحمد الحاكم: هو أحمد بن عبد الرَّحمن بن وهب عن عمِّه، وليس بشيء)، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرٌو): (عَمرو) هذا: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أميَّة، الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته، وهو حجَّة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ): تقدَّم أعلاه وقبله أنَّ المُحوَّلين مِن الشِّمال إلى اليمين أربعةٌ [6]، وقد ذكرتهم أعلاه وقبله.

(1/1563)

قوله: (فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام مِن خصائصه أنَّه لا ينتقض وضوْءُه بالنَّوم بخلاف غيرِه؛ لأنَّ عينيه تنامان، ولا ينام قلبه، كما جاء في «الصحيح»، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ نوم العين بمجرَّده [7] لا يُنقِض الوضوء، وفيه وجه غريب للشَّافعيَّة: أنَّه كأمَّته.

تنبيه: عدَّ القضاعيُّ هذه الخصوصيَّة ممَّا خُصَّ به دون الأنبياء قبلَه، ووهِم فيه، ففي هذا «الصَّحيح» من حديث أنس في قصَّة الإسراء: «وكذلك الأنبياء تنام أعينهم، ولا تنام قلوبهم».

فائدة: ذكر القاضي عياض في «الشِّفا» في أوائل الباب الثالث في الكلام على شقِّ البطن أنَّ في روايةٍ: (أنَّ جبريل قال: قلبٌ وكيعٌ؛ أي: شديدٌ فيه عينان تبصران، وأذنان سمِّيعتان).

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم أنَّ فيه ثلاثَ لغاتٍ: يتوضَّأْ، ويتوضَّ، ويتوضَّا مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (قَالَ عَمْرٌو [8]): تقدَّم أعلاه أنَّه عمرو بن الحارث؛ فانظره.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] (حدثنا): سقط من (ب).

[3] (البخاريُّ): سقط من (ج).

[4] في (ج): (أبو)، وليس بصحيح.

[5] في (ج): (و).

[6] في (ج): (ثلاثة)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح.

[7] في (ج): (بمجرد)، ولعلَّه تحريف.

[8] في (ب): (ابن دينار).

[ج 1 ص 230]

(1/1564)

[باب: إذا لم ينو الإمام أن يؤم ثم جاء قوم فأمهم]

(1/1565)

[حديث: يصلي من الليل فقمت أصلي معه فقمت عن يساره]

699# قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، العالم المشهور، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 230]

(1/1566)

[باب: إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة فخرج فصلى]

(1/1567)

[حديث: أن معاذ بن جبل يصلي مع النبي ثم يرجع فيؤم قومه]

700# 701# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ، وقد تقدَّم الكلام على نسبه أنَّه منسوب إلى فُرهود اسم جدِّه، والنِّسبةُ إليه: فُرهوديٌّ وفراهيديٌّ، الأزديُّ، الحافظ، أبو عمرو، روى عنه البخاريُّ، وأبو داود، والدَّارميُّ، وعبدٌ، ومُحَمَّد بن الضِّرِّيس، وأبو خليفة، ولم يسمع بغير البصرة، قال ابن مَعِين: ثقة مأمون، تُوُفِّيَ في صفر سنة (222 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم، ولكن طال العهدُ به.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن دينار، أبو مُحَمَّد، مولى قريش، مكِّيٌّ إمامٌ، مشهور التَّرجمة، فلا نُطوِّل به.

تنبيهٌ: جماعة يقال لكلٍّ منهم: عمرو، روَوا عن جابر بن عبد الله في الكتب السِّتَّة أو بعضها [1]؛ أحدهم: المشار إليه هنا عمرُو بن دينار، والثاني: عمرو بن أبان بن عثمان بن عفَّان، والثالث: عمرو بن جابر الحضرميُّ، أبو زرعة، المصريُّ.

قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بندار، وأنَّ بَشارًا بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وما معنى بندار.

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم أعلاه اسمه وضبطُ لقبه، وتقدَّم بعيدًا مَن لقَّبه به [2]، وقد [3] لقَّبه به ابن جريج، وقد تقدَّم ما سبب ذلك، وما معناه.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن دينار.

قوله: (فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ): هذا الرَّجل هو الآتي ذكرُه: (أقبل رجل بناضحين)، وسأذكره فيه، والخلاف فيه، والله أعلم.

قوله: (مِنْ أَوْسَطِ الْمُفَصَّلِ): اعلم أنَّه اختُلِف في المفصَّل على عشرة أقوال؛ أحدها: من (الجاثية) إلى آخر القرآن، والثَّاني: من (القتال)، والثالث: من (الحجرات)، وهو الأصحُّ، والرَّابع: من (ق)، وحكاهنَّ في «شرح المُهذَّب»، والخامس: من (الصَّافَّات)، والسَّادس: من (الصَّفِّ)، والسَّابع: من (تبارك)، حكاهنَّ ابن أبي الصَّيف

[ج 1 ص 230]

(1/1568)

في «نكته على التَّنبيه»، والثَّامن: من {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]، حكاه الدِّزْمَاريُّ في «شرحه على التَّنبيه» المُسمَّى بـ «رفع التَّنويه»، والتَّاسع: من {سبِّح} [الأعلى: 1]، حكاه الشيخ برهان الدين بن العلَّامة تاج الدين الفزاريُّ شيخ شيوخي في تعليقته عن «شرح التَّنبيه» للمرزوقيِّ، والعاشر: من (الضُّحى)، حكاه الدِّزْمَارِيُّ [4]، والخطَّابيُّ في «غريب الحديث»، وحكاه أيضًا الماورديُّ في أوَّل تفسيره مع قولين آخرين، وقد قدَّمتُ أنَّ الأصحَّ أنَّه من (الحجرات) إلى آخر القرآن، صحَّحه النَّوويُّ في «لغات التَّنبيه»، و «دقائق المنهاج»، وسيأتي قولٌ آخرُ حكاه المُحبُّ الطَّبريُّ في حديث: «قرأت المفصَّل في ليلة»، سأذكره هناك إن شاء الله تعالى، وسُمِّي مُفصَّلًا؛ لكثرة الفصول فيه بين سُوَره، وقيل: لقلَّة المنسوخ فيه، وطوال المفصَّل كـ (الحُجُرَات)، و (اقتربت)، و (الرحمن)، وأوساطه كـ (الشَّمْسِ وَضُحَاهَا)، و (اللَّيلِ إذا يغشى)، وقصاره معروفةٌ؛ منها: (قل هو الله أحد)، وجعلها البندنيجيُّ مِن أوساطه، وقال ابن مَعْن في «التَّنقيب»: طواله إلى {عمَّ يتساءلون}، ومنها إلى (الضُّحى) أوساطُه، ومن (الضُّحى) إلى آخره قصارُه، وفي «المسافر» لأبي منصور التَّميميِّ أحدِ أصحاب الربيع عن نصِّ الشَّافعيِّ: تمثيل القصار بـ (العاديات).

قوله: (قَالَ عَمْرٌو: لاَ أَحْفَظُهُمَا): أمَّا (عمرٌو)؛ فهو ابن دينار، تقدَّم، وأمَّا السُّورتان؛ فجاء في «الصَّحيح»: (قال سفيان: فقلت لعمرو: إنَّ أبا الزُّبير حدَّثنا عن [5] جابر أنَّه قال: «اقرأ»، و «الشمس وضحاها»، و «الضُّحى»، و «اللَّيل إذا يغشى»، و «سبحِ اسم ربِّك الأعلى»، فقال عمرُو: نحوَ هذا)، وفي رواية: ({إذا السَّماء انفطرت} [الانفطار: 1])، وفي رواية: (و «اقرأ باسم ربِّك»)، والله أعلم.

[قوله: (قَالَ عَمْروٌ: لَا أَحْفَظُهُمَا): سيأتي قريبًا الكلامُ على هاتين السُّورتين، وقد تقدَّم أعلاه أنَّ عَمرًا: هو ابن دينار، والله أعلم] [6].

==========

[1] (في الكتب السِّتَّة أو بعضها): سقط من (ج).

[2] (وتقدَّم بعيدًا من لقبه به): سقط من (ج).

[3] في (ج): (ومن).

[4] في (ج): (الرزماري)، وهو تحريف.

[5] (عن): سقط من (ج).

[6] ما بين معقوفين سقط من (ج)، وهذه الفقرة والتي تليها جاءت في النُّسخ في الورقة السَّابقة (137]

(1/1569)

) مستدركة في (أ) بعد قوله: (حتَّى سمعت غطيطه ... )، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/1570)

[باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود]

قوله: (بَابُ تَخْفِيفِ الإِمَامِ فِي الْقِيَامِ، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ): ذكر فيه حديث أبي مسعود، ومقتضاه: التخفيفُ في الجميع، وهو فصل في التَّرجمة، والجواب: أنَّ البخاريَّ بيَّن بالترجمة مقصودَ الحديث، فإنَّ الوارد التَّخفيفُ في القيام، لا في الرُّكوع والسُّجود؛ لأنَّ الذي يطول [1] في الغالب: إنَّما هو بالقيام، فأمَّا ما عداه؛ فأمره سهل لا يَشقُّ إتمامُه على أحد، وبيَّنَتْه الأحاديثُ غيرَه، والله أعلم، قاله ابن المُنَيِّر.

==========

[1] في (ج): (يقول)، ولعله تحريف.

[ج 1 ص 231]

(1/1571)

[حديث: إن منكم منفرين فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز]

702# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): هو أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبه إلى جدِّه، أبو عبد الله، اليربوعيُّ [1] الحافظ، عن ابن أبي ليلى، وابن أبي ذئب، وعاصم بن مُحَمَّد، والثَّوريِّ، وأممٍ، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وعبد بن حُمَيد، وخلقُ، قال أحمد ابن حنبل لرجل: [2] اخرج إلى أحمد ابن يونس، فإنَّه شيخ الإسلام، مات سنة (227 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هو ابن معاوية بن حديج، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته غيرَ مَرَّةٍ.

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، تقدَّم.

قوله: (سَمِعْتُ قَيْسًا): هو ابن أبي حازم، تقدَّم.

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو مَسْعُودٍ): هو عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ؛ لأنَّه كان يسكن بدرًا، فنُسِب إليها، وسيأتي الكلام عليه في (غزوة بدر)؛ حيث عدَّه البخاريُّ من أصحاب بدرٍ، صحابيٌّ جليلٌ، شهد العقبة الثانية، تُوُفِّيَ بُعَيد عليٍّ رضي الله عنهما، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

(1/1572)

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلاَن [3]): أمَّا فلان المُطوِّل؛ فقد قال ابن شيخِنا البلقينيِّ ما لفظه: تقدَّم في (باب الغضب في الموعظة)، ولم يُسَمَّ، ومَن جعَل الإمامَ معاذًا، والقائلَ هو المُنصرِف؛ فهو تركيب، فإنَّ قصَّة معاذ في صلاة العشاء، وهذا في صلاة الغداة، وقد وجدنا في «مسند أبي يعلى» حديثًا يدلُّ على أنَّ الإمام هو [4] أُبيُّ بن كعبٍ رضي الله عنه، فروى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان أبي يصلِّي بأهل [قباء] [5]، فاستفتح سورةً طويلةً، ودخل معه غلام مِن الأنصار في الصَّلاة، فلمَّا سمعه قد استفتح بسورة طويلة؛ انفتَل الغلامُ من صلاته، فلمَّا انفتل أُبيُّ بن كعب؛ قال له القوم: إنَّ فلانًا انفتل من الصَّلاة، فغضب أُبيٌّ، فأتى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يشكو الغلام، فأتى الغلامُ يشكو إليه، فغضب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى رُئِيَ الغضبُ في وجهه، ثمَّ قال: «إنَّ منكم مُنفِّرين» انتهى، [وقال بعض حُفَّاظ العصر: إنَّ الرجل يُحتمَل أن يكون الإمامُ معاذًا، والرَّجل سُليمًا أوحزمًا [6] ولأبي يعلى في «مسنده»: (كان أُبيُّ بن كعب يصلِّي بأهل قباء، فاستفتح سورة طويلة، فذكر نحو هذا الحديث، فيحتمل أن يكون هو الإمام في حديث ابن مسعود، انتهى قول [7] ابن شيخِنا البلقينيِّ، ثمَّ أعاد هذا الحافظ المسألة في (الأحكام) نحو هذا، والله أعلم] [8].

==========

[1] زيد في (ج): (عن)، وليس بصحيح.

[2] في (ج): (رجل)، وليس بصحيح.

[3] كذا في النُّسخ، وهي رواية الحديث (704)، وفي «اليونينيَّة»: (من أجلِ فلانٍ ممَّا يُطيل بنا).

[4] (هو): سقط من (ج).

[5] في النُّسخ بياض، و (قباء) مستفادة من «فتح الباري».

[6] كذا في النُّسخ، وفي «فتح الباري»: (حرامًا)، وكلاهما صحيح كما سيأتي.

[7] في (ب): (وقول).

[8] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 231]

(1/1573)

[باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء]

قوله: (بَابٌ: إِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ): فائدةٌ هي تنبيهٌ: حكى الدَّارميُّ من الشافعيَّة وجهين فيمَن صلَّى منفردًا لنفسه، هل التَّطويل له أفضل أم لا؟ وهذا خلاف غريب من حيث النظر، وحكى أيضًا وجهين في استحباب التطويل فيما إذا رضي بتطويله محصورون، والمذهب: أنَّه لا يُكرَه التطويل حينئذٍ، وعبارة «الروضة»: لا بأس، والله أعلم.

(1/1574)

[حديث: إذا صلى أحدكم للناس فليخفف]

703# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَن الأَعْرَجِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا كثيرة [1] أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[1] (كثيرة): سقط من (ب).

[ج 1 ص 231]

(1/1575)

[باب من شكا إمامه إذا طول]

(1/1576)

[حديث: يا معاذ أفتان أنت فلولا صليت ب {سبح اسم ربك}]

705# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ): (محارب)؛ كاسم الفاعل من (حارب)، وأمَّا (دِثَار)؛ فبكسر الدَّال المهملة، ثمَّ ثاء مُثلَّثة مخفَّفة، وفي آخره راءٌ، وهذا ظاهرٌ عند أهله، ودثار: هو ابن كُرْدُوش بن قِرْقاش [1] بن جعونة، وهو سدوسيٌّ كوفيٌّ، قاضٍ [2]، يروي عن ابن عمر، وجابر، والأسود بن يزيد، وعنه: شعبة والسُّفيانان، وكان مِن كبار العلماء والزُّهَّاد، قال خليفة: مات في آخر ولاية خالد بن عبد الله، وعُزِل خالدٌ سنة عشرين ومئة، وقال ابن قانع: مات سنة ستَّ عشرةَ، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم ذلك.

[قوله: (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ): أمَّا مَن يقال له: جابر بن عبد الله؛ فأربعة أشخاص؛ منهم اثنان أنصاريَّان وهما: جابر بن عبد الله بن رئاب الأنصاريُّ السلميُّ، هذا رجل قديم الإسلام، أسلم مع النفر السِّتَّة قبل العقبة الثانية، وإن شئت؛ قلت قبل العقبة الأولى، وهذا لا أعرف له رواية، لكنَّه شاعر، وأمَّا جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ؛ فهذا صاحب الرواية، ولهم جابر بن عبد الله العبديُّ، وجابر بن عبد الله الرَّاسبيُّ، فهذان ليس لهما رواية.

والحاصل: أنَّ الراوي هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، لا غيره [3]، وأمَّا مَنِ اسمه جابر؛ فجماعةٌ يبلغون ثمانية وعشرين، والله أعلم، وقد تقدَّم ذلك] [4].

قوله: (أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ ... )؛ الحديث: قال الدِّمياطيُّ: (اسم هذا الرَّجل حَزْم بن أبي كعب الأنصاريُّ السَّلَميُّ، عمُّ كعب بن مالك بن أبي كعب عمرو بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سَلِمَة، هكذا ذكره ابن إسحاق في حديث جابر بن عبد الله، وقيل: سُلَيم بن عمرو بن حديدة بن عمرو بن سواد، وقيل: سُلَيم بن كعب) انتهى، وقد ذكر ابن بشكوال الرجل الشاكي لمعاذ: اختُلِف فيه، فقيل: حزم بن أبي كعب بن أبي القين، والحجَّة له في «أبي داود» و «مسند البزَّار»، وقيل: حرام، والحجَّة له في «النَّسائيِّ»، وقيل: سُلَيم، وساق له شاهدًا، وكلام النَّاس في هذا معروف، وهذا خلاصته [5] هذه الأقوال الثَّلاثة، والله أعلم.

قوله: (بِنَاضِحَيْنِ): (النَّاضح): هو البعير الذي يُستقى عليه الماء.

قوله: (وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ): أي: أقبل حين [6] تغيب الشمس.

(1/1577)

قوله: (وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، وَمِسْعَرٌ، وَالشَّيْبَانِيُّ): أمَّا الضَّمير في (وتابعه [7])؛ فيعود على شعبة؛ أي: تابع هؤلاء الثلاثةُ شعبةَ على روايته عن محارب بن دثار، وكان ينبغي للمؤلِّف _في ما ظهر لي_ أن يجعل متابعة الأعمش مع الثَّلاثة، فيقول: وتابعه سعيد بن مسروق، ومسعر، والشيبانيُّ، والأعمش، والله أعلم، فإنَّه أيضًا تابع شعبة في روايته عن محارب، وما أدري لمَ فصل بينه وبين الثلاثة؟ ولو فعل هذا؛ ما كان يحتاج إلى قوله في متابعة الأعمش: (عن محارب)، وكان أخصر.

فأمَّا (سعيد بن مسروق)؛ فهو والد

[ج 1 ص 231]

سفيان الثَّوريِّ، يروي عن أبي وائل والشعبيِّ، وعنه: ابناه وأبو عوانة، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (126 هـ)، أخرج له الجماعة، (ومتابعته لم أرَها في شيء من الكتب السِّتَّة، ولا أخرجها شيخنا) [8].

وأمَّا (مِسْعَر)؛ فهو بكسر الميم، ثمَّ سين ساكنة، ثمَّ عين مفتوحةٍ مهملتين، ثمَّ راء، وهذا ظاهرٌ، وهو ابن كِدام؛ بكسر الكاف، أبو سلَمة، الهلاليُّ الكوفيُّ العَلَمُ، عن عطاء، وسعيد بن أبي بُردة، وقيس بن مسلم، وعنه: القطَّان ويحيى بن آدم، وله ألف حديث، وقال القطَّان: ما رأيت مثله، وقال شعبة [9]: كنَّا نسمِّيه المصحف؛ مِن إتقانه، انتهى، وكان من العُبَّاد والقانتين، تُوُفِّيَ سنة (155 هـ)، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا وإن كان مرجئًا، ومتابعته أخرجها النَّسائيُّ في «التفسير» عن عمرو بن منصور، عن أبي نعيم، عن [10] مِسعرٍ به، قال المِزِّيُّ: (النَّسائيُّ في «التَّفسير»، ليس في الرِّواية، ولم يذكره أبو القاسم)، (وقال شيخنا: إنَّها في «مسند السِّراج»، ولم يعزها للنَّسائيِّ) [11].

وأمَّا (الشَّيبانيُّ)؛ فهو بالشِّين المعجمة، وهو أبو إسحاق، واسمه سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان، وقد تقدَّم أيضًا بعض ترجمته، (فمتابعته لم أرَها في شيء من الكتب السِّتَّة، ولا عزاها شيخنا) [12].

قوله: (قَالَ عَمْرٌو، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ مِقْسَمٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ): هذا تعليق بصيغة جزم، فهو صحيح عنده عنهم، و (عمرو): هو ابن دينار، وتعليق عمرو أخرجه البخاريُّ ومسلم.

(1/1578)

و (عبيد الله بن مقسم) يروي عن أبي هريرة، وابن عمر، وجابر، وطائفةٍ، وعنه: أبو حازم، وسهيل، وابن عجلان، وطائفةٌ، وثَّقه أبو حاتم [13]، وجماعة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، [وتعليق عبيد الله بن مقسم أخرجه أبو داود في (الصَّلاة)، قال شيخنا: وصححه ابن خزيمة] [14].

و (أبو الزُّبير): اسمه مُحَمَّد بن مسلم بن يدرسَ، مولى حكيم بن حزام، المكِّيُّ، عن عائشة، وابن عبَّاس، وابن عمر حديثه عنهم في «مسلم»، وعنه: مالك والسُّفيانان، حافظ ثقة، وقال أبو حاتم: لا يُحتجُّ به، تُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، وكان مُدلِّسًا واسع العلم، أخرج له البخاريُّ مقرونًا، ومتابعةً أيضًا، وأخرج له بقيَّة الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وتعليقه أخرجه مسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، ولم يعزه شيخنا لابن ماجه [15].

قوله: (وَتَابَعَهُ الأَعْمَشُ [16] عَنْ مُحَارِبٍ): تقدَّم الكلام عليه قبل هذا بقليل، و (الأعمش): اسمه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، ومتابعة الأعمش [17] أخرجها النَّسائيُّ في (الصَّلاة): عن مُحَمَّد بن قدامة، عن جرير، عن الأعمش به، (وعن واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فضيل، عن الأعمش) [18].

==========

[1] في المصادر: (كُرْدُوس بن قِروَاش).

[2] في (أ) و (ج): (قاص)؛ بإهمال الصاد، والمثبت موافق لما في المصادر.

[3] زيد في (ب): (الأنصاريّ).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[5] في (ب): (خلاصة).

[6] في (ب) و (ج): (حتَّى).

[7] في (ب) و (ج): (تابعه).

[8] ما بين قوسين سقط من (ج).

[9] في (ج): (سعيد).

[10] (أبي نعيم عن): سقط من (ب).

[11] ما بين قوسين سقط من (ج).

[12] ما بين قوسين سقط من (ج).

[13] في (ب): (حازم).

[14] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[15] (ولم يعزه شيخنا لابن ماجه): سقط من (ج).

[16] في هامش (ق): (مُدَلِّس).

[17] في (ب): (أعمش).

[18] ما بين قوسين سقط من (ج).

(1/1579)

[حديث: كان النبي يوجز الصلاة ويكملها]

706# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عينٌ مهملةٌ ساكنةٌ، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو المُقعَد، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): تقدَّم أنَّه ابن صهيب، مشهور الترجمة.

قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: طَوَّلْتَ بِنَا يَا بُنَيَّ) [1]: (أبو أُسَيد): بضمِّ الهمزة، وفتح السِّين، قال ابن قُرقُول: فأمَّا («أبو أُسَيد» _يعني: كما قيَّدته_؛ فأبو أُسَيد السَّاعديُّ، واسمه مالك بن ربيعة بن البدن [2]، وله [3] ابنان [4]؛ حمزةُ والمنذرُ؛ وهو المُطوِّل كما سيأتي، وابنه الزُّبير بن المنذر، كلُّهم في «الصَّحيحين»، ومثله: أُسَيد بن الحُضَير، هؤلاء بالضَّمِّ عند جمهور العلماء، إلَّا ابن مهديٍّ يقول في أبي أُسَيد: أَسِيد؛ بفتح الهمزة، وكسر السِّين، خلافًا للنَّاس، وبالضَّمِّ قاله عبد الرَّزَّاق، ومعمر، وأحمد ابن حنبل، ووقع للحمُّوي حمزة بن أبي أَسِيد؛ بفتح الهمزة، وعند المستملي في «الصَّلاة»: قال أبو أَسِيد: طوَّلت بنا يا بني، وغيرهما يقول بالضَّمِّ على الصَّواب)، انتهى، وكذا ذكر الخلاف في أبي أُسَيد هذا جماعةٌ من الحُفَّاظ، وصوَّبوا ضمَّ الهمزة، وفتح السِّين، والله أعلم، وأبو أُسَيد هذا صحابيٌّ مشهور، بدريٌّ جليلٌ رضي الله عنه، تُوُفِّيَ سنة ستِّين، وفي قول الواقديِّ وخليفة: سنة ثلاثين، أخرج له الجماعة.

قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: طَوَّلْتَ بِنَا يَا بُنَيَّ): قال شيخنا الشَّارح: هذا التَّعليق أسنده ابن أبي شيبة، عن وكيع: حدَّثنا عبد الرَّحمن بن سليمان ابن الغسيل: حدَّثني المنذر بن أبي أسيد الأنصاريُّ، قال: كان أبي يصلِّي خلفي فربَّما قال: يا بني؛ طوَّلت بنا اليوم، وإنَّما ذكرت أنا هذا التعليق؛ لأنَّ منه يُستفاد اسم الابنِ المُطوِّلِ، والله أعلم.

==========

[1] كذا جاء في النسخ: (باب من شكا إمامه ... ) وحديث أبي مسعود (ح 704) متأخِّرًا بعد حديث أنس (ح 706)، وجاء في «اليونينيَّة» بعد حديث أبي هريرة (ح 703) وعليه في (ق) علامة تقديم وتأخير.

[2] في (ب): (بدن).

[3] في (ج): (وبنوه).

[4] (وله): سقط من (ج).

[ج 1 ص 232]

(1/1580)

[حديث: يا أيها الناس إن منكم منفرين فمن أم الناس فليتجوز]

704# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفريابيُّ، واسم جدِّه واقدٌ مولى بني ضبَّة، مُحَدِّث قيساريَّة، تقدَّم بعض ترجمته، وقدَّمت الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريِّ البيكنديِّ.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ، وهو سفيان بن سعيد الإمام المشهور رحمه الله، قال شيخنا الشَّارح: نصَّ على أنَّه الثَّوريُّ أبو نعيم.

قوله: (عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة وبالزَّاي، مشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ): تقدَّم أنَّه عقبة بن عمرو الأنصاريُّ، وسيأتي تعقُّبٌ للبخاريِّ في كونه عدَّه بدريًّا، وقد تقدَّم الكلام عليه قريبًا.

قوله: (عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ [1] مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلاَنٌ): تقدَّم أنَّ [2] الشَّاكي لا أعرفه، والمَشكوُّ منه تقدَّم مِن كلام ابن شيخنا قريبًا أنَّه أُبيُّ بن كعب رضي الله عنه.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عن الصَّلاة في الفجر).

[2] (أن): سقط من (ب).

[ج 1 ص 232]

(1/1581)

[باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي]

(بُابُ مَنْ أَخَفَّ الصَّلاة عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ) ... إلى (بَابِ إِيجَابِ التَّكْبِيرِ، وَافْتِتَاحِ الصَّلاة)

تنبيهٌ: الحديث المرويُّ: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام [1] كان لا يجلس إليه أحدٌ وهو يصلي إلَّا خفَّف صلاته، وسأله عن حاجته، فإذا [2] فرغ؛ عاد إلى صلاته)، كذا ذكره الحافظ أبو الفتح ابن سيِّد الناس في «سيرته» في أخلاقه عليه الصَّلاة والسَّلام [3] بصيغة تمريضٍ، وقد ذكره الإمام الغزاليُّ في «الإحياء» في (كتاب آداب المعيشة وأخلاق النُّبوَّة)، قال شيخنا الحافظ العراقيُّ في تخريج أحاديث «الإحياء»: (لم أجد له أصلًا) انتهى.

قوله: (بُكَاءِ الصَّبِيِّ): (البكاء): يُمدُّ ويُقصَر، فإذا مددتَ؛ أردتَ الصَّوت الذي يكون مع البكاء، وإذا قصرتَ؛ أردتَ الدُّموعَ وخروجَها، قاله الجوهريُّ.

==========

[1] في (أ) و (ج): (عليه السَّلام).

[2] في (ج): (وإذا).

[3] في (أ) و (ج): (عليه السَّلام).

[ج 1 ص 232]

(1/1582)

[حديث: إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع]

707# قوله: (أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ): هذا هو الوليد بن مسلم الحافظ، أبو العبَّاس، عالم أهل الشام، تقدَّم.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم مرارًا [1] أبو عمرو عبد الرَّحمن بن عمرو الأوزاعيُّ، تقدَّم الكلام عليه، ولماذا نُسِب، وهو عالم مشهور.

قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا [2] أنَّ كثيرًا بالثَّاء المُثلَّثة، وفتح الكاف [3]، وتقدَّم الكلام في (يحيى).

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ): (أبوه): أبو قتادة، تقدَّم مرارًا أنَّه الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: النُّعْمان، وقيل غير ذلك، فارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رضي الله عنه.

قوله: (تَابَعَهُ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، وَبَقِيَّةُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ [4] عَنِ الأَوْزَاعِيِّ): أمَّا (بشر)؛ فهو بكسر المُوَحَّدة، وبشين معجمة التِّنِّيسيُّ، يروي عن الأوزاعيِّ، وحَريز، وعنه: الشَّافعيُّ، والربيع، وابن عبد الحكم، وخلقٌ، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (205 هـ)، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، ذكره الذَّهبيُّ في «الميزان» تمييزًا؛ لأنَّ لهم بشرَ بن بكر بن الحكم عن حمَّاد بن سلمة، قال الأزديُّ: مُنكَر الحديث، فذكره لأجل هذا حتَّى لا يشتبه به، ومتابعته أخرجها البخاريُّ: عن مُحَمَّد بن مسكين، عن بشر بن بكر به، وأبو داود: عن دحيم، عن عمر بن عبد الواحد، وبشر بن بكر به، والنَّسائيُّ: عن دحيم به.

وأمَّا (بقيَّة)؛ فهو ابن الوليد، أبو يُحمِد [5]، الكَلَاعيُّ المَيْتَمِيُّ _ذكره غيرُ واحدٍ بفتح الميم، وكسرها ابن الجوزيِّ في «المحتسب» _ الحافظُ، عن مُحَمَّد بن زياد الألهانيِّ، وبَحِير، وأممٍ، وعنه: ابن جريج، وشعبة _وهما من شيوخه_ وكثير بن عبيد، وأحمد بن الفرج الحجازيُّ، وأمم، وثَّقه الجمهور ممَّا روى عن الثِّقات، وقال النَّسائيُّ: (إذا قال: حدَّثنا، وأخبرنا؛ فهو ثقة)، مات سنة (197 هـ)، أخرج له مسلم متابعةً، وروى له الأربعة، وله ترجمة مُطوَّلة في «الميزان».

[ومتابعة بقيَّة لم أرها في شيء من الكتب السِّتَّة، وقال شيخنا في «شرحه»: (وطريق بقيَّة لا يحضرني مَن خرَّجها)، انتهى] [6]

و (ابن المبارك): الإمام الصَّالح العابد المجاهدُ عبد الله بن المبارك، العالم المشهور، شيخ خراسان.

(1/1583)

والضَّمير في (تابعه) يعود على الوليد، وأراد تقوية الحديث، والله أعلم، ومتابعته أخرجها النَّسائيُّ: عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن الأوزاعيِّ به.

[ج 1 ص 232]

==========

[1] زيد في (ب): (أنَّه).

[2] زيد في (ب): (ابن أبي).

[3] (وفتح الكاف): سقط من (ب).

[4] كذا في النسخ، وفي «اليونينيَّة»: (وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَبَقِيَّةُ)، وعليها في (ق) علامة تقديم وتأخير.

[5] في (ب): (مُحَمَّد).

[6] ما بين معقوفين سقط من (ج).

(1/1584)

[حديث: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاةً ولا أتم من النبي]

708# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): هو بفتح الميم، وإسكان الخاء، وهذا معروف عند أهله.

==========

[ج 1 ص 233]

(1/1585)

[حديث: إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها]

709# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ): (سعيدٌ): هذا هو ابن أبي عروبة مهران، أبو النضر، اليشكريُّ مولاهم، أحد الأعلام، تقدَّم [1]، وتقدَّم أنَّ شيخنا مجدَ الدِّين في «القاموس» قال: (و «ابن أبي العروبة»؛ باللَّام، وتركها لحنٌ، أو قليل)، انتهى.

تنبيهٌ: اعلم أنَّه غيرُ واحد كلٌّ منهم اسمه سعيدٌ يروي عن قتادة عن أنس في الكتب السِّتَّة أو بعضها، وهم ابن أبي عَروبة صاحب التَّرجمة، وسعيد بن بشير أبو عبد الرَّحمن الدِّمشقيُّ، وسعيد بن أبي هلال المصريُّ [2]، والله أعلم.

==========

[1] (تقدَّم): سقط من (ج).

[2] في (ب) و (ج): (المقرئ)، وهو تصحيف.

[ج 1 ص 233]

(1/1586)

[حديث: إني لأدخل في الصلاة فأريد إطالتها]

710# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة المُشدَّدة قريبًا وبعيدًا، وأنَّ لقبه بندار، وقد قدَّمتُ معنى هذا اللَّقب.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن إبر اهيم بن أبي عديٍّ، أبو عمرو البصريُّ، عن حُمَيد وطبقته، وعنه: أحمد بن سنان وجماعة، ثقة، مات سنة (194 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ سَعِيدٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي عَروبة، وتقدَّم قبله [1] بعضُ ترجمته.

قوله: (وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبَانُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ): اعلم أنَّ قوله: (وقال موسى): هو موسى بن إسماعيل أبو سلمة، التَّبُوذكيُّ الحافظ، شيخ البخاريِّ وأبي داود، وقد تقدَّم أنَّه إذا قال البخاريُّ: (قال فلان)، و (فلان) شيخُه _ كهذا [2]_؛ فإنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة مُطَوَّلًا، وتقدَّم الشَّرط في ذلك؛ أعني: في القائل مَن كان؛ البخاريُّ أو غيرُه، وتقدَّم الكلام في نسبة التَّبُوذكيِّ ما هي، وإنَّما أتى البخاريُّ بهذا الذي يسمِّيه المِزِّيُّ، وكذا الذَّهبيُّ تعليقًا، وإنَّما هو مُسنَد مُتَّصل؛ لأنَّ السَّند الذي قبله عنعن فيه ابن أبي عديٍّ، وإن لم يكن مُدلِّسًا، وعنعن فيه سعيد بن أبي عَروبة، وهو مشهور به، وقتادة عنعن أيضًا، وهو مشهور به، فأتى بهذا؛ ليزيل ما يُخشَى مِن تدليس المُدلِّس، وابن أبي عديٍّ أتي [3] به؛ ليخرج مِن الخلاف في المُعنعَن، وإن لم يكن مُدلِّسًا.

و (أبان) فيه: هو ابن يزيد العطَّار، أبو يزيد، البصريُّ، يروي عن الحسن، وأبي عمران الجونيِّ، وعدَّة، وعنه: القطَّان، وعفَّان، وهدبة، قال أحمد: ثبْتٌ في كلِّ المشايخ، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، تُوُفِّيَ سنة بضعٍ وستِّين ومئة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

==========

[1] في (ج): (قبل).

[2] (كهذا): سقط من (ب).

[3] في (ج): (إنَّه)، هو تحريف.

[ج 1 ص 233]

(1/1587)

[باب: إذا صلى ثم أم قومًا]

(1/1588)

[حديث: كان معاذ يصلي مع النبي ثم يأتي قومه فيصلي بهم]

711# قوله: (وَأَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وتقدَّم أنَّه كان بعيدًا من العرامة؛ لأنَّ العارم الشِّرِّيرُ أو الشَّرس.

قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، العالم المشهور، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 233]

(1/1589)

[باب من أسمع الناس تكبير الإمام]

(1/1590)

[حديث: لما مرض النبي مرضه الذي مات فيه]

712# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه سليمان بن مهران، والراوي عنه عبدُ الله بن داود، يأتي الكلام عليه قريبًا في المتابعة.

قوله: (عَنْ إِبْرَاهِيمَ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.

[قوله: (عَنِ الأَسْوَدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد النَّخعيّ] [2].

قوله: (أَسِيفٌ): تقدَّم مرَّات أنَّ معناه: سريعُ الحزن رقيقٌ، ويقال من حيث اللُّغةُ: أسوف.

قوله: (إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ): تقدَّم معناه في (باب حدِّ المريض أن يشهد الجماعة).

قوله: (يُهَادَى): تقدَّم أنَّ معناه: ماشيًا بينهما مُتَّكئًا عليهما.

قوله: (بَيْنَ رَجُلَيْنِ): تقدَّم الكلام عليهما في (باب حدِّ المريض أن يشهد الجماعة).

قوله: (تَابَعَهُ مُحَاضِرٌ عَنِ الأَعْمَشِ): الضَّمير في (تابعه) يعود على عبد الله بن داود؛ هو الخُريبيُّ الإمامُ، أبو عبد الرَّحمن، الهمْدانيُّ الكوفيُّ، عن هشام بن عروة، والأعمش، وثور، وطبقتهم، وعنه: بندار، وبشر بن موسى، وخلقٌ، ثقة حجَّة صالح، تُوُفِّيَ سنة ثلاثَ عشرةَ ومئتين، أخرج له البخاريُّ والأربعة.

و (محاضر): هو [3] اسم فاعل من (حاضر)، وهو ابن المُورِّع؛ بكسر الرَّاء المُشدَّدة، وبالعين المهملة، الكوفيُّ، عن الأعمش وعاصمٍ الأحول، وعنه: أحمد والذُّهليُّ، صدوق مُغَفَّل ليس من شرط هذا الكتاب، وإنَّما ذكره متابعةً، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، تُوُفِّيَ سنة (206 هـ)، أخرج له مسلم حديثًا واحدًا، وله ترجمة في «الميزان»، (ومتابعة محاضر لم أرها في شيء من الكتب السِّتَّة) [4].

(1/1591)

[باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم]

قوله: (بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ، وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ): في هذا التبويبِ والحديثِ جوازُ ذلك، قال شيخنا الشَّارح: (قال ابن بطَّال، وابن التِّين: هذا الباب موافق لقول الشَّعبيِّ ومسروق؛ لأنَّهما قالا: إنَّ الإمام يَؤمُّ الصُّفوف، والصُّفوف يؤمُّ بعضُها بعضًا، قال الشَّعبيُّ: فإذا أحرم رجلٌ بالصلاة قبل أن يرفع الصَّفُّ الذي يليه رؤوسَهم مِن الرَّكعة؛ فقد أدركها، فإنَّ بعضَهم أئمَّةٌ لبعضٍ، فيجوز له الاستدلالُ بهذا الخبر، وسائر الفقهاء يراعون رفع الإمام وحده، وهو أحوط)، انتهى، وقد رأيت شيخنا المؤلِّفَ حكى الإجماع في بعض شروح الفقه على عدم الجواز، وما أظنُّ يُسلَّم له ذلك، (كيف وقد تقدَّم قول الشعبيِّ، ومسروق، وما قاله الشعبيُّ ثانيًا، والله أعلم) [1]، وقد رأيت أيضًا حكاية الإجماع في كلام غير شيخنا، وظاهرُ تبويبِ هذا الإمام يَردُّه، والله أعلم.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذه قاعدة أنَّه يَذكُر في الضَّعيف هذه الصيغة، أو (رُوِي)، أو (يُروَى)، أو (جاء)، وقد تقدَّم أنَّ ابن الصَّلاح قال: لكنْ فيه إشعارٌ بصحَّة [2] أصلِه؛ لكونه ذكره في هذا «الصَّحيح»، وهذا التَّعليق في «مسلم»، لكن من رواية أبي نضرة منذرِ بن مالك العبديِّ عن أبي سعيد، ولم يخرِّج البخاريُّ لأبي نضرة شيئًا، فلهذا مرَّضه، ولأبي نضرة ترجمةٌ في «الميزان»، والله أعلم، لكن استشهد به البخاريُّ في (كتاب الشُّروط) عن جابر، كما سيمرُّ بك إن شاء الله تعالى.

(1/1592)

[حديث: مروا أبا بكر أن يصلي بالناس]

713# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن خازم الضَّرير، وأنَّ خازمًا بالخاء المعجمة، والزَّاي، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ): تقدَّم (الأعمش): أنَّه سليمان بن مهران، وأنَّ (إبراهيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، وأنَّ (الأسود): هو ابن يزيد النَّخعيُّ قريبًا.

قوله: (رَجُلٌ أَسِيفٌ): تقدَّم أعلاه [1] وقبله [2].

قوله: (صَوَاحِبُ يُوسُفَ): تقدَّم في (باب حدِّ المريض أن يشهد الجماعة)، وفي غيره.

قوله: (يُهَادَى): تقدَّم الكلام على (يُهادى).

قوله: (بَيْنَ رَجُلَيْنِ): تقدَّم الكلام عليهما في الباب المشار إليه.

قوله: (فَأَوْمَأَ): هو بهمزة في آخره، تقدَّم مرارًا.

==========

[1] (أعلاه): سقط من (ب).

[2] في (ب): (قريبًا).

[ج 1 ص 233]

(1/1593)

[باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟]

(1/1594)

[حديث: أصدق ذو اليدين]

714# قوله: (عَنْ أيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ): تقدَّم الكلام على أيُّوب، وأنَّ اسم والده كيسان، والسَّختِيانيُّ: هو بفتح السِّين، وكسر التَّاء، قال ابن قُرقُول: ومنهم مَن يضمُّ السِّين، وفي «القاموس» لشيخنا مجد الدين فتح السِّين وكسرها، فحَصَلْنَا من كلام شيخنا وكلام [1] غيره على تثليث السِّين، وهو جلد الماعز إذا دُبِغَ، فارسيٌّ مُعرَّب، وإنَّما قيل له: السَّختيانيُّ؛ لأنَّه كان يبيع الجلود، نقله ابن قُرقُول عن الجوهريِّ، وهو غير صاحب «الصِّحاح».

قوله: (فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ): تقدَّم أنَّ اسمه الخِرباق في (باب تشبيك الأصابع في الصَّلاة) مُطَوَّلًا [2].

قوله: (أَقُصِرَتِ [3] الصَّلاةُ؟): تقدَّم أنَّه بضمِّ القاف، قال القاضي: ويُروَى: (أقَصُرت الصَّلاةُ؟).

[ج 1 ص 233]

(1/1595)

[حديث: صلى النبي الظهر ركعتين]

715# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك [1] الطَّيالسيُّ، الحافظ [2]، وتقدَّم بعض ترجمته، وسيأتي قريبًا مُسمًّى منسوبًا إلى أبيه.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه عبد الله، أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

==========

[1] في (ج): (الله)، والمثبت هو الصَّواب.

[2] زيد في (ج): (تقدَّم).

[ج 1 ص 234]

(1/1596)

[باب: إذا بكى الإمام في الصلاة]

قوله: (نَشِيْجَ عُمَرَ): هو بفتح النُّون، وكسر الشين المعجمة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ جيم، وهو صوت معه ترديد؛ كما يردِّد الصَّبيُّ بكاءَه في صدره، وهو بكاء فيه تحزُّن.

==========

[ج 1 ص 234]

(1/1597)

[حديث: مروا أبا بكر يصلي بالناس. قالت عائشة ... ]

716# قوله: (إِنَّكُنَّ لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ): تقدَّم الكلام عليه في (باب حدِّ المريض أن يشهد الجماعة).

==========

[ج 1 ص 234]

(1/1598)

[باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها]

(1/1599)

[حديث: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم]

717# قوله: (سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ): قال الدِّمياطيُّ: (رافع، وقيل: نسطاس، وسالم هذا روى له الجماعة، وله إخوة: عبيد، وزياد، وعمران، ومسلم، بنو أبي الجعْد ستَّةٌ؛ اثنان خارجيَّان، واثنان شيعيَّان، واثنان يقولان بالإرجاء، فكان أبوهم يقول: لقد خالف الله بينكم) انتهى، ولم أرَ أنا السَّادس في كلامه، وبين (مسلم) و (بنو) بياض، والظاهر أنَّه كان ثَمَّ مكتوب اسمٌ [1]، وكان بالحمرة فأُزِيل من عرق يدٍ، أو مِن ماء، وقد رأيت في نسخة عندي من «تذهيب الذَّهبيِّ»: أنَّهم ستَّة، لكن لم يُسمِّهم، وذكرهم كما ذكرهم الدِّمياطيُّ: أنَّ اثنين خارجيَّان، واثنين شيعيَّان، واثنين يقولان بالرَّجعة.

قوله: (سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ): هو بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المعجمة، وهذا مشهور جدًّا، [وقد تقدَّم الكلام عليه، وسيأتي في أوائل (البيوع)] [2].

قوله: (لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) قيل: يُحوِّلها إلى الأدبار، وقيل: يُغيِّر صورها، ويُحوِّلها إلى صورٍ أخرى، كما قال: أن يُحوِّل اللهُ وجهَه وجهَ حمار، ويحتمل أن يخالف بتغيير صورها أنواعًا أُخَرَ، قاله ابن قُرقُول، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (والأظهر _ والله أعلم _ أنَّ معناه: يوقع بينكم العداوة، والبغضاء، واختلاف القلوب).

==========

[1] في النُّسخ: (اسمًا)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[2] مابين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 234]

(1/1600)

[حديث: أقيموا الصفوف فإني أراكم خلف ظهري]

718# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم مرارًا قريبًا وبعيدًا [1] أنَّه بفتح الميمين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم أنَّه ابن سعيد.

قوله: (عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ): تقدَّم أنَّه ابن صهيب.

قوله: (فَإِنِّي أَرَاكُمْ خَلْفَ ظَهْرِي): تقدَّم الكلام عليه في (باب عظة الإمامِ النَّاسَ)، ونزيد هنا سؤالًا سأله ابن الجوزيِّ أبو الفرج الحافظ، قال: إذا كان يرى وراء ظهره؛ فما الفائدة أنَّه أجلس الشَّابَّ من وفد عبد القيس وراء ظهره؟ ثمَّ أجاب بوجهين؛ أحدهما: أنَّه سَنَّ للنَّاس، والسُّنَّة إنَّما هي فعل ظاهر، والثَّاني: أنَّ رؤيته مِن بين يديه أمرٌ طبيعيٌّ يُزاحَم فيه، قاله شيخنا الشَّارح.

فائدةٌ: الحديث المشار إليه إن كان حديث الوفد الذين قدموا على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفيهم غلام حسن الوجه، فأجلسه من ورائه، وقال: «أما أخشى ما أصاب أخي داود»، والظاهر أنَّه هو؛ فهذا قد رواه أبو حفص بن شاهين كذلك بإسناد مجهول، وضعيف، ومُرسَل [2].

==========

[1] (قريبًا وبعيدًا): سقط من (ب).

[2] في (ج): (مرسل).

[ج 1 ص 234]

(1/1601)

[باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف]

(1/1602)

[حديث: أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري]

719# قوله: (وَتَرَاصُّوا): هو بتشديد الصَّاد [1]، وهذا ظاهرٌ [2].

قوله: (فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي): تقدَّم الكلام عليه في (باب عظة الإمامِ النَّاسَ).

(1/1603)

[باب الصف الأول]

قوله: (بَابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ): في الصِّفِّ الأوَّل ثلاثةُ أقوال؛ أحدها: أنَّهم الذين يلُون الإمامَ، وهذا هو الصحيح، والمُتبادَر لأفهام النَّاس، وسيأتي ما في الصفِّ المقدَّم في الحديث من الفضيلة، والثاني: أنَّه الصَّفُّ المُكمَّل من غير أن يحول بينه شيء؛ كسارية، أو منبر، ونحوه، والثالث: أنَّه الذي جاء إلى الصَّلاة أوَّلًا وإن صلَّى في آخر الصُّفوف.

==========

[ج 1 ص 234]

(1/1604)

[حديث: الشهداء الغرق والمطعون والمبطون والهدم]

720# 721# قوله: (حَدَّثَنا أَبُو عَاصِمَ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد؛ بإسكان الخاء.

قوله: (عَنْ سُمِيٍّ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه وزان (عُليٍّ)؛ مُصغَّرًا، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه السَّمَّان الزَّيَّات ذكوانُ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (الشُّهَداءُ: الغَرِقُ، والمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْهَدِمُ): وقد تقدَّم الكلام عليهم في (باب التهجير إلى الظهر)، وقد ذكر هنا أربعةً، وأسقط [1] هنا واحدًا، فإنَّه تقدَّم (الشُّهداء خمسٌ)، فأسقط المقتول في سبيل الله، وسأذكرهم في (الجهاد) إن شاء الله تعالى، وأَبلُغ بهم نحو أربعين، و (الغرِق) في الحديث؛ بكسر الرَّاء، و (الهَدِم) قُيِّد [2]؛ بكسر الدَّال؛ وهو الذي مات تحت الهَدَم؛ وهو ما انهدم من الأبنية، وقد تقدَّم بزيادة على هذا في الباب المشار إليه أعلاه.

قوله: (مَا فِي التَّهْجِيرِ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه التبكير إلى كلِّ صلاة، ومن خصَّه بالجمعة، أو بالظهر والجمعة [3]؛ فانظر ذلك.

قوله: (وَلَوْ حَبْوًا): أي: يزحفون [4] على أستاههم [5]، وقد تقدَّم.

قوله: (لَاسْتَهَمُوا): تقدَّم أنَّه الاقتراعُ.

==========

[1] في (ج): (فأسقط).

[2] في (ب): (فيه).

[3] (أو بالظهر والجمعة): سقط من (ج).

[4] في (ب): (يرجعون).

[5] في (أ) و (ج): (أستهاهم)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 234]

(1/1605)

[باب إقامة الصف من تمام الصلاة]

(1/1606)

[حديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه]

722# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد [1]: حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ الرَّزَّاقِ [3]): هذا هو [4] المُسنديُّ [5]، وهو عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جعفر بن يمان بن أخنس بن خنيس الجعفيُّ البخاريُّ، أبو جعفر، الحافظ، المعروف بالمُسنديِّ؛ لتطلُّبه المسندات، وزهده في المُرسَلات، وقيل بغير ذلك ممَّا تقدَّم، عن ابن عيينة، وفضيل بن عياض، وعبد الرَّزَّاق، وطبقتهم، وعنه: البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، وأبو زُرْعة، والدَّارميُّ، ومُحَمَّد بن نصر المروزيُّ، وجماعةٌ، صدوق معروف بالإتقان والضبط، مات في ذي القعدة سنة (229 هـ)، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، وقد تقدَّم.

قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وهو ابن راشد، عالم أهل اليمن، تقدَّم.

قوله: (عَنْ هَمَّامٍ): هو ابن مٌنبِّه؛ كاسم الفاعل من (نبَّه)، الأبناويُّ الصَّنعانيُّ، تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم أعلاه اسمه، واسم أبيه، وتقدَّم ذلك مرارًا كثيرة.

[ج 1 ص 234]

(1/1607)

[حديث: سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة]

723# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك [1] الطَّيالسيُّ.

==========

[1] في (ج): (الله)، والمثبت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 235]

(1/1608)

[باب إثم من لم يتم الصفوف]

(1/1609)

[حديث: ما أنكرت شيئًا إلا أنكم لا تقيمون الصفوف]

724# قوله: (عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ): (بُشَيْر): بضمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المعجمة، و (يسار): بتقديم المُثَنَّاة تحت، ثمَّ السِّين المهملة، وهذان ظاهران.

قوله: (مُنْذُ يَوْم عَهِدْتَ): (يوم): يجوز فيه النَّصب، والجرُّ، والرَّفع، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عُبَيْدٍ): قال الدِّمياطيُّ: (أبو الرَّحَّال؛ يعني: بفتح الرَّاء، وبالحاء المهملة المُشدَّدة، الطَّائيُّ الكوفيُّ، أخو سعيد بن عُبيدٍ، اتَّفقا على سعيد، واستشهد البخاريُّ بأخيه عقبة، وفيه مقال، وفي طبقتهما: أبو الرِّجال _يعني: بكسر الرَّاء، وبالجيم_ مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن عبد الله، وإنَّما كُنِّي بأبي الرِّجال بأولاده، وكانوا عشرة، انتهى.

عقبة بن عُبيدٍ هذا: علَّق له البخاريُّ كما ترى، يروي عن أنس، يُعدُّ في الكوفيِّين، ضعَّفه غيرُ واحد، وهو بكنيته أشهر، وله نظير، يقال له: أبو الرَّحَّال؛ كضبطه، بصريٌّ ضعيفٌ، واسمه خالد بن مُحَمَّد، أخرج له التِّرمذيُّ، يروي عن أنس وغيره.

وإنَّما [1] أتى بتعليق عقبة هذا؛ لأنَّ بُشَيرًا في السَّند الأوَّل عنعن، وأتى [2] بهذا؛ ليزيل ما أورثته العنعنة في الحديث، فصرَّح هذا عن بُشَير بأنَّه قَدِم عليهم أنسٌ؛ فذكره، (وتعليق عقبة بن عبيد ليس في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقد أخرجه شيخنا) [3].

(1/1610)

[باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف]

قوله: (وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّ بَشيرًا أباه بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المعجمة رضي الله عنهما [1].

(1/1611)

[حديث: أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري]

725# قوله: (حدَّثنا زهير): هو ابن معاوية بن حُدَيج أبو خيثمة، تقدَّم.

قوله: (عَنْ حُمَيْدٍ): تقدَّم أنَّه مُصغَّر، وأنَّه ابن تير أو تيرويه، الطَّويل، وتقدَّم بعض ترجمته، وقدَّمت أيضًا أنَّ كلَّ حديث في الكتب السِّتَّة أو بعضها حُمَيدٌ عن أنس؛ فهو الطَّويل إلَّا حديثين؛ أحدهما: (خطب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: «أخذ الرَّاية زيدٌ، فأُصِيب»)، أخرجه البخاريُّ في (الجنائز)، و (الجهاد)، وفي (علامات النُّبوَّة)، وفي (فضل خالد)، وفي (المغازي)، وأخرجه النَّسائيُّ في (الجنائز)، والثَّاني حديث: «كأنِّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غنم»، ذكره البخاريُّ في (بدء الخلق) في موضعين، و (المغازي) منفردًا به، فإنَّه حميد بن هلال بن هُبيرة العدويُّ، أبو نصر، البصريُّ؛ فاعلمه.

قوله: (مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي): تقدَّم الكلام عليه في (باب عظة الإمامِ النَّاسَ)، وقريبًا بظاهرها مُختَصَرًا مُحَالًا على المكان الأوَّل، ولكن زدت قريبًا سؤالًا وجوابه.

==========

[ج 1 ص 235]

(1/1612)

[باب: إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه إلى يمينه ... ]

(1/1613)

[حديث: صليت مع النبي ذات ليلة فقمت عن يساره]

726# قوله: (فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّ المُحوَّلين أربعةٌ [1] من الشِّمال إلى اليمين؛ ابن عبَّاس في «البخاريِّ» و «مسلم»، وجابر بن عبد الله في «مسلم»، وجبَّار [2] بن صخر في «مسند أحمد»، وحذيفة بن اليمان [3].

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لا ينتقض وضوءُه بالنَّوم قريبًا، وأنَّ قوله: (ولم يتوضَّأ): يجوز فيه ثلاثةُ وجوه [4]: يتوضَّأ، ويتوضَّ، ويتوضَّا.

==========

[1] في (ج): (ثلاثة)، وكذا كانت في (أ) قبل الإصلاح.

[2] في (ج): (وجابر)، والمثبت هو الصَّواب.

[3] (وحذيفة بن اليمان): سقط من (ج).

[4] في (ج): (أوجه).

[ج 1 ص 235]

(1/1614)

[باب المرأة وحدها تكون صفًا]

(1/1615)

[حديث: صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي وأمي .. ]

727# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المُسنديُّ الذي ذكرته (في باطن هذه قريبًا) [1].

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام، أبو مُحَمَّد، المشهور.

قوله: (عَنْ إِسْحَاقَ): هو ابن عبد الله بن أبي طلحة ابن أخي أنس بن مالك لأمِّه، مشهور الترجمة.

قوله: (أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا): تقدَّم الكلام على هذا اليتيم في (باب الصَّلاة على الحصير) مُطَوَّلًا [2]، وأنَّه [3] ضُميرة بن سعد الحميريُّ، ويقال: رَوْح، وقيل: سُلَيم، ويحتمل أن يكون تصحيفًا من (يتيم)، قاله ابن بشكوال.

قوله: (وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ): تقدَّم الكلام عليها، وأنَّها بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، واسمها [4] سهلة، أو رُمُيلة، أو مُلُيكة، وقيل غير ذلك، بنت ملحان رضي الله عنها.

==========

[1] بدلًا مما بين قوسين في (ج): (أعلاه)، وسقط ما بينهما من (ب).

[2] (مطولًا): سقط من (ج).

[3] في (ج): (أنَّه).

[4] في (ب): (اسمها).

[ج 1 ص 235]

(1/1616)

[باب ميمنة المسجد والإمام]

(1/1617)

[حديث: قمت ليلةً أصلي عن يسار النبي فأخذ بيدي ... ]

728# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تقدَّم مرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل أبو سلمة، التَّبُوذكيُّ الحافظ، وتقدَّم الكلام على التَّبُوذكيِّ؛ فانظره.

قوله: (حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ): هو أبو زيد الأحول، عن هلال بن خبَّاب وعاصم الأحول، وعنه: عفَّان وعارم، تُوُفِّيَ سنة (169 هـ)، ثقة، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا.

قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ): هذا هو ابن سليمان الأحول، أبو عبد الرَّحمن، البصريُّ، عن عبد الله بن سرجس، وأنس، وخلقٍ، وعنه: شعبة، وابن عُليَّة، ويزيد، وخلقٌ، قال أحمد: (ثقة من الحُفَّاظ)، مات سنة (142 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنِ الشَّعْبِيِّ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه عامر بن شَراحيل الشَّعبيُّ، أحد الأعلام.

==========

[ج 1 ص 235]

(1/1618)

[باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي الحسن البصريُّ، واسم أبي الحسن يسار، عالم مشهور.

قوله: (وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ): هو بكسر الميم، ثمَّ جيم ساكنة، ثمَّ لام مفتوحة، ثمَّ [1] زاي، واسمه لاحق بن حُمَيد، سدوسيٌّ بصريٌّ، نزل مروَ، عن جندب وابن عبَّاس، وعنه: سليمان التَّيميُّ وعاصمٌ الأحولُ، ثقة إمام يُدلِّس، تُوُفِّيَ سنة (106 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة.

==========

[1] في (ج): (بعد).

[ج 1 ص 235]

(1/1619)

[حديث: إني خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل]

729# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد [1]: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاري_ في «الاعتكاف»، و «الجهاد»، و «صفة إبليس»، و «الأنبياء»، و «مناقب الأنصار»، و «تفسير البقرة» و «يوسف»، و «النِّكاح [2]»، و «اللَّباس»، و «الأدب»، و «الأيمان والنُّذور»، و «الأحكام»، و «التَّمنِّي [3]»، وأهمل «الصَّلاة»: «حدَّثنا مُحَمَّد: أخبرنا [4] عبدة»، هكذا أتى مُحَمَّد غير منسوب عن عبدة، وفي بعض هذه المواضع _وقد نسبه ابن السَّكن في بعضها_: ابن سلَام، وكذلك صرَّح البخاريُّ في بعض المواضع باسمه فقال: «حدَّثنا مُحَمَّد بن سلام: حدَّثنا عبدة»، وذكر أبو نصر: أنَّ مُحَمَّد بن سلام يروي عن عبدة)، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا غير هذه المرَّة، وقال شيخنا: إنَّه ابن سلام، كما نصَّ عليه أبو نعيم.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): هو بإسكان المُوَحَّدة كما قدَّمته، وهو ابن سليمان.

قوله: (أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلاَةُ اللَّيْلِ): (تُكتَب): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (صلاةُ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] (والنكاح): سقط من (ج).

[3] في (ج): (واليمين)، وهو تحريف.

[4] في (ب): (حدثنا).

[ج 1 ص 235]

(1/1620)

[باب صلاة الليل]

(1/1621)

[حديث: أن النبي كان له حصير يبسطه بالنهار]

730# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الدَّال المهملة، اسمه مُحَمَّد بن إسماعيل بن أبي فُدَيك دينارٍ، الدِّيليُّ مولاهم، عن سلمة بن وردان وخلقٍ، وعنه:

[ج 1 ص 235]

عبد، وسلمة بن شبيب، والنَّاسُ، صدوق، مات سنة (200 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): هو مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، أبو الحارث، المدنيُّ، أحد الأعلام، تقدَّم.

قوله: (عَنِ الْمَقْبرِيِّ): تقدَّم أنَّه سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبريُّ، وتقدَّم بعض ترجمته [1]، والمقبريُّ: بضمِّ المُوَحَّدة، وفتحها، وكسرها [2].

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تقدَّم أنَّه عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (وَيَحْتَجِرُهُ بِاللَّيْلِ): أي: يجعله لنفسه دون غيره، يقال: حجرت الأرض، واحتجرتها؛ إذا ضربتَ عليها منارًا تمنعها به مِن غيرك، وفي نسخة في هامش أصلنا: بالزاي، وكُتِب عليها علامة راويها، ولم أرَ هذه النُّسخةَ في «المطالع».

قوله: (فَثَابَ إِلَيْهِ): (ثاب): بالمثلَّثة، وفي آخره مُوَحَّدة؛ أي: اجتمع.

==========

[1] (وتقدَّم بعض ترجمته): سقط من (ج).

[2] (وكسرها): سقط من (ج).

(1/1622)

[حديث: قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم]

731# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ مُوسَى بْنِ عُقْبَة [1]): كذا في أصلنا، وقد أصلحته (عن موسى) بدل (ابن)، ولا شكَّ في هذا، وذاك خطأ محضٌ، وهو وهيب بن خالد، تقدَّم.

و (موسى بن عقبة): حافظ مشهور، تقدَّم، وليس لهم في الكتب [2] وهيب بن موسى؛ فاعلمه.

قوله: (عَنْ سَالِم بن [3] أَبِي النَّضْر): كذا في أصلنا، وهذا خطأ محض أيضًا، وقد أصلحته، وصوابه: (عن سالم أبي النضر)، وهو سالم بن أبي أميَّة، أبو النَّضر، المدنيُّ عن أنس، وكتب إليه ابن أبي أوفى، تقدَّم [4] بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ): هو بضمِّ المُوَحَّدة، وبالسِّين المهملة، وقد قدَّمتُ أنَّ جميع [5] ما في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ» من هذا الضبط أربعةُ أسماء: بُسر بن سعيد هذا، وبُسر بن عبيد الله الحضرميُّ، وبُسر بن محجن، وبُسر والد عبد الله بن بُسر، وقد اختُلِف في ابن محجن؛ فالجمهور: على ما ذكرته من ضبطه، وقال الثَّوريُّ: بشر؛ بالمعجمة، وقال الدَّارقطنيُّ: إنَّ الثَّوريَّ رجع عنه، ولم يذكر ابن الصَّلاح بُسرًا المازنيَّ، وهو الصَّواب، وذلك لأنَّ المِزِّيَّ غلط فيه في «التهذيب»، وقال: إنَّ له روايةً في «مسلم»، وإنَّما روى له النَّسائيُّ كما علَّم عليه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولكنَّ عبد الله ابنه له روايةٌ في «البخاريِّ» و «مسلم».

قوله: (قَالَ عَفَّانُ: وَحَدَّثَنَا [6] وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا مُوسَى: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ ... ) إلى آخره: هذا (عفَّان [7]): هو ابن مسلم الصفَّار، أبو عثمان الحافظ، هو شيخ البخاريِّ، والباقون رووا عنه بواسطة، وقد أخذه عنه في حال المذاكرة كما تقدَّم الكلام عليه غيرَ مَرَّةٍ، وقد أخرجه في (الاعتصام) عن إسحاق، عن عفَّان به.

وفائدة تعليق عفَّان: أنَّه صرَّح فيه وُهَيب بالتحديث من موسى، وإن كان وهيب غير مُدَلِّس؛ ليخرج من الخلاف، وفيه تصريح موسى بن عقبة بالسماع من أبي النضر، وإن كان موسى بن عقبة لم أرَ أحدًا ذكره بالتدليس إلَّا ما قاله أبو بكر الإسماعيليُّ في رواية (موسى عن الزُّهريِّ) في «البخاريِّ» وفي بعضها: (قال الزُّهريُّ): إنَّه لم يسمع من الزُّهريِّ شيئًا، وسيأتي ذلك، وإن قلنا: إنَّ البخاريَّ لا يكتفي بإمكان اللقاء، فأراد أن يخرج من خلاف من خالف في العنعنة مطلقًا وإن كانت من غير مُدَلِّس، وقد قدَّمتُ ذلك مرَّات [8].

(1/1623)

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق) وفي هامش (ق): (صوابه: عن)، وفي «اليونينيَّة»: (قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ).

[2] زيد في (ب): (السِّتَّة).

[3] (ابن): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة تضبيب.

[4] في (ب): (وتقدَّم).

[5] (جميع): سقط من (ج).

[6] في (ج) و «اليونينية»: (حدثنا)؛ بلا واو.

[7] في (ب): (عفان هذا).

[8] زيد في (ج): (وفيه أيضًا)، وضرب عليها في (أ).

[ج 1 ص 236]

(1/1624)

[باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة]

(بَابُ إِيجَابِ التَّكْبِيرِ، وَافْتِتَاحِ الصَّلاة) ... إلى (بَابُ وُجُوبِ القِرَاءَةِ [لِلْإِمَامِ وَالمَأْمُومِ] [1] فِي الصَّلاة [2] كُلِّهَا [3] ... ) إلى آخر التَّرجمة.

قال الإسماعيليُّ: ليس في حديثه تعرُّض للتكبير ولا الافتتاح، وليس في حديثه الثاني إيجابه، وإنَّما فيه إيجاب متابعتِه في تكبيره، وأنَّهم لا يسبقونه.

==========

[1] (للإمام والمأموم): ليس في النُّسخ، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق)، والموضع اللَّاحق عند الشارح.

[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الصلوات).

[3] (كلها): سقط من (ج).

[ج 1 ص 236]

(1/1625)

[حديث أنس: أن رسول الله ركب فرسًا فجحش شقه]

732# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): هو الحكم بن نافع، تقدَّم مرارًا.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ): تقدَّم أنَّه إنَّما احترز به عن أنس بن مالك القشيريِّ _وقيل: الكعبي_ المرويِّ له في السنن، وقد تقدَّم أنَّ في الصَّحابة اثنين يقال لكل منهما: أنس بن مالك؛ هذا الخادم المشهور الأنصاريُّ، والثاني: أنس بن مالك القشيريُّ، وقيل: الكعبيُّ، وهذا ليس له شيء في «البخاريِّ» و «مسلم».

قوله: (رَكِبَ فَرَسًا): تقدَّم أنَّ هذه الفرس لا أعرفها بعينها، وأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام [1] كان له سبعة أفراس متَّفقٌ عليها، وخمسةَ عشرَ فرسًا مختلفٌ فيها، وسأذكر الكلَّ في (الجهاد) إن شاء الله تعالى.

قوله: (فَجُحِشَ): تقدَّم ضبطه، وأنَّ معناه: خُدِش.

==========

[1] في (أ) و (ج): (عليه السَّلام).

[ج 1 ص 236]

(1/1626)

[حديث أنس: خرَّ رسول الله عن فرس فجحش]

733# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): هو اللَّيث بن سعد، العالم المشهور الجواد، الذي كان يدخله من غلَّته في كلِّ سنة ثمانون ألفَ دينارٍ ولم تجب عليه الزكاة، الذي قال فيه الشَّافعيُّ: إنَّه أفقه مِن مالك، ولكن أضاعه [1] أصحابه، مشهور الترجمة رحمه الله تعالى.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه الزُّهريُّ، وتقدَّم نسبه أعلاه أيضًا.

قوله: (خَرَّ): أي: سقط.

قوله: (عَنْ فَرَسٍ): تقدَّم أعلاه الكلام عليه، وعلى أفراسه عليه الصَّلاة والسَّلام.

قوله: (فَجُحِشَ): تقدَّم أعلاه، وقبله معناه.

(1/1627)

[حديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر]

734# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم أعلاه اسمه، واسم أبيه.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي حمزة، مشهورٌ.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّ اسمه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

[ج 1 ص 236]

(1/1628)

[باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء]

(1/1629)

[حديث: أن رسول الله كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة ... ]

735# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه الزُّهريُّ، العالم المشهور.

قوله: (حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ): أي: مقابله.

==========

[ج 1 ص 237]

(1/1630)

[باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع]

(1/1631)

[حديث ابن عمر: رأيت رسول الله إذا قام في الصلاة]

736# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، العالم الزاهد المشهور، شيخ خراسان.

قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ): تقدَّم مرارًا أنَّه يونس بن يزيد الأيليُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 237]

(1/1632)

[حديث أبي قلابة: أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر .. ]

737# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ خَالِدٍ): أمَّا الأوَّل؛ فهو خالد بن عبد الله الواسطيُّ الطَّحَّان، أحد العلماء، تقدَّم، والثاني: خالد بن مِهران الحافظ الحذَّاء، تقدَّم، وتقدَّم لماذا نُسِبَ مُطَوَّلًا.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْمِيُّ.

(1/1633)

[باب: إلى أين يرفع يديه؟]

قوله: (وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ): (أبو حميد): بالتصغير، وهو أبو حُميد الساعديُّ، عبد الرَّحمن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد، الخزرجيُّ، مدنيٌّ، تُوُفِّيَ في آخر خلافة معاوية، روى عنه جماعة، ووَصَفَ صلاةَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، ترجمته مشهورة.

وأمَّا (أصحابه)؛ فهم عشرة كما قال الحافظ أبو عبد الله المؤلِّف في كتاب «رفع اليدين في الصَّلاة»، وقد رُوِّيته عاليًا بدمشقَ، وهو جزءٌ حديثيٌّ.

فائدةٌ: من العشرة المشار إليهم: أبو قتادة، وسهل بن سعد، وأبو هريرة، وأبو أسيد، ومُحَمَّد بن مسلمة، وقد رأيت الكلَّ في أماكنهم [1]، وقد ذكرهم كذلك أبو زرعة الحافظ ابن شيخنا العراقيِّ، وذكرهم كذلك ابن شيخنا العلَّامةُ جلالُ الدين بنُ البلقينيِّ، وعزا ذكرهم إلى أماكنهم.

==========

[1] في (ب): (أماليهم).

[ج 1 ص 237]

(1/1634)

[حديث: رأيت النبي افتتح التكبير في الصلاة]

738# قوله: (حَدَّثَنا أَبُو اليَمانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع.

قوله: (أَخْبَرنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْريِّ): تقدَّم أنَّه شعيب بن أبي حمزة، وأنَّ (الزُّهريَّ): هو ابن شهاب مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، العالم المشهور.

==========

[ج 1 ص 237]

(1/1635)

[باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين]

(1/1636)

[حديث: أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه]

739# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ [1]: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): قال الدِّمياطيُّ: (عيَّاش في «الصحيح» ثلاثة؛ أحدهم: هذا عيَّاش بن الوليد البصريُّ [2]، انفرد به البخاريُّ، وفي طبقة [3] عبَّاس بن الوليد بن نصر النرسيِّ البصريِّ، اتَّفقا عليه، الثاني: عيَّاش بن عبَّاس المصريُّ، اتَّفقا عليه، الثالث: عيَّاش بن عَمرو العامريُّ الكوفيُّ، روى عن سعيد بن جبير، وإبراهيم التيميِّ، وغيرِهما، انفرد به مسلم)، انتهى.

وقد ذكرت أنا في (باب الكلام إذا أقيمت الصَّلاة) شيئًا ينفعك هنا، وهو ضابط حسن، [وقال المِزِّيُّ في هذا [4]: هو [5] عيَّاش الرَّقَّام، في «الأطراف».

قوله: (رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أيُّوب ... ) إلى آخره: هذا لم يكن في الكتب السِّتَّة، ولكن عزاه شيخنا.

قوله: (وَرَوَاهُ ابْنُ طَهْمَانَ عَنْ أيُّوبَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مُخْتَصَرًا): وهذا أيضًا لم يكن في الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقد عزاهما شيخنا إلى البيهقيِّ] [6].

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] في (ج): (المصري)، ولعله تحريف.

[3] في (ج): (طبقته).

[4] (هذا): مثبت من (ب).

[5] (هو): سقط من (ب).

[6] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 237]

(1/1637)

[باب وضع اليمنى على اليسرى]

(1/1638)

[حديث: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى ... ]

740# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ): تقدَّم أنَّه بالحاء المهملة، وبالزاي، وأنَّه سلمة بن دينار، أبو حازم الأعرج المدنيُّ، وتقدَّم الفرق بينه وبين أبي حازم سلمانَ.

قوله: (كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ): اعلم أنَّ قول الصَّحابيِّ: (أُمِرنا)، أو (أُمِروا بكذا)، أو (نُهوا عن كذا)، أو (نُهينا عن كذا) من نوع [1] المرفوع والمسند [2] عند أصحاب الحديث، وهو الصحيح وقولُ أكثر أهل العلم، قاله ابن الصلاح، قال: لأنَّ مطلق ذلك ينصرف بظاهره [3] إلى مَن إليه الأمر والنهي؛ وهو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: وخالف في ذلك فريق؛ منهم أبو بكر الإسماعيليُّ، وقد قدَّمتُ أنا ذلك، وذكرت عن بعضهم أنَّ هذا الخلاف في غير أبي بكر رضي الله عنه، أمَّا إذا قاله أبو بكر الصِّدِّيق؛ فإنه يكون مرفوعًا بلا خلاف، وهذا قيدٌ حسنٌ، والله أعلم.

قوله: (قَالَ أَبُو حَازِمٍ: وَلَا [4] أَعْلَمُهُ إِلَّا يَنْمِي ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): يعني: ينقله ويسنده ويعزيه سهل بن سعد إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقوله: (قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يُنْمَى ذَلِكَ)؛ يعني: مبنيًّا للمفعول، قال: (وَلَمْ يَقُلْ: يَنْمِي)؛ يعني: مبنيًّا للفاعل، قال ابن قُرقُول: («يَنمي ذلك»، و «يُنمَى ذلك»؛ وهو روايتنا عن يحيى، وبالوجهين [5] عن ابن القاسم، ورواه الجوهريُّ عن [6] القعنبيِّ: «يُنْمِي ذلك»؛ بضمِّ الياء، وكسر الميم، وليس بشيء، وفي رواية ابن الدَّبَّاغ: «يُنْهِي ذلك»؛ بالهاء، وهو تصحيف، قلت: بل يخرَّج على معنى: يبلغ به النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، من أنهيت الأمر إلى كذا: أوصلته إليه، كما قال في غيره: «يبلغ به النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم»، لكنَّ المعروف بالميم، ورُوِّيناه في «البخاريِّ»: «يَنمي ذلك»، قال البخاريُّ: «قال إسماعيل: يُنمَى ذلك، ولم يقل: يَنمِي)، كذا لهم، وعند الأصيليِّ: «وقال إسماعيل: يَنمي، ولم يقل: يُنمى»)، انتهى.

أمَّا في أصلنا؛ فإنَّه ضبط قول أبي حازم الذي رواه عبد الله بن مسلمة عن مالك عنه: (يَنمي)؛ بفتح الياء، وضُبِط قول إسماعيل: (يُنمَى)؛ بضمِّها، وقوله: (ولم يقل: يَنمي)؛ بالفتح بالقلم، وهذا الضبط موافقٌ لما قاله الأصيليُّ، والله أعلم.

(1/1639)

وقوله: (قال إسماعيل): قال شيخنا: يشبه أن يكون إسماعيلَ بن إسحاق [7] الراوي عن القعنبيِّ، كما أخرجه البيهقي من طريقه، وقال: (ينمي ذلك)، أو كلمة تشبهها، انتهى.

وما قاله شيخنا رأيته منقولًا عن الشيخ علاء الدين بن مغلطاي، وفيه نظرٌ، وليس هذا مقتضى الصيغة، ولا ذكر أحدٌ إسماعيل بن إسحاق القاضي المالكيَّ فيمن أخرج عنه البخاريُّ، ولا فيمن علَّق عنه، وإسماعيل تُوُفِّيَ سنة (281 هـ)، ولو قالا: إنَّه إسماعيل بن أويس ابن أخت مالك؛ كان أحسنَ وأسلم من الاعتراض، (وقد جزم حافظُ عصري بما قلته من أنَّه ابن أبي أويس) [8]، وهو الظاهر أنَّه المراد، ويكون اختلف عن مالك في [9] ذلك [10]، فرواه عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ كذا، ورواه إسماعيل_ وهو أحد شيوخ البخاريِّ_ كذا، وإسماعيل مكثر عن خاله، ويكون البخاريُّ أخذه عن إسماعيل مذاكرةً كما تقدَّم في نُظَرائِه [11]، والله أعلم.

==========

[1] (من نوع): سقط من (ب).

[2] في (ب): (المسند).

[3] في (ج): (لظاهره).

[4] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية ابن عساكر، وفي «اليونينيَّة»: (لا)؛ بلا واو.

[5] في النُّسخ: (لوجهين)، والمثبت موافق لمصدره.

[6] في (ج): (يعني)، والمثبت موافق لما في «المطالع».

[7] (بن إسحاق): سقط من (ج).

[8] ما بين قوسين سقط من (ج).

[9] (في): سقط من (ب).

[10] في (ج): (بذلك).

[11] في (ج): (نظائره).

[ج 1 ص 237]

(1/1640)

[باب الخشوع في الصلاة]

قوله: (باب الْخُشُوعِ فِي الصَّلاة): قال الإمام فخر الدين الرازيُّ مُحَمَّد بن عمر المشهور: اختلفوا في الخشوع؛ فمنهم مَن جعله مِن أفعال القلوب؛ كالخوف، ومنهم مَن جعله مِن أفعال الجوارح؛ كالسكون، ومنهم من قال: هو مجموع الأمرين؛ وهو الأولى، انتهى، وهو مستحبٌّ عند الشافعيَّة، وفي وجه: أنَّه شرط، قاله القاضي حسين وأبو زيد المروزيُّ، وقد نقله أبو عبد الله بن خفيف قولًا، قال المُحبُّ الطَّبريُّ: فإذا قلنا به؛ فيكون في جزء من صلاته، انتهى، وفي «مستدرك الحاكم» في (تفسير سورة المؤمنين) عن عليٍّ رضي الله عنه قال: (الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك [1] للمرء المسلم، وألَّا تلتفت في صلاتك)، وقال: صحيح، وأقرَّه الذَّهبيُّ على ذلك، والخشوع في الصَّلاة فيه قولان للعلماء، وهما في مذهب أحمد وغيره، وعلى القولين اختلافهم في وجوب الإعادة على من غلب عليه الوسوسة في صلاته، فأوجبها ابن حامد من أصحاب أحمد والغزاليُّ في «الإحياء»، ولم يوجبها أكثر الفقهاء، واحتجُّوا بأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمر مَن سها في صلاته بسجدتَي السهو، ولم يأمره بالإعادة، والله أعلم.

[ج 1 ص 237]

==========

[1] في (ب): (كنفك)، وهو تصحيف، وفي باقي النسخ: بلا نقط.

(1/1641)

[حديث: هل ترون قبلتي هاهنا والله ما يخفى علي ركوعكم .. ]

741# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم قريبًا أنَّه ابن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك، وأنَّ اسم أبي أويس عبد الله.

قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا مرَّات أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان.

قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي): تقدَّم الكلام عليه مُطَوَّلًا؛ فانظره.

==========

[ج 1 ص 238]

(1/1642)

[حديث: أقيموا الركوع والسجود]

742# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ (بشارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بندار، وتقدَّم ما معنى (بندار).

قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تقدَّم أنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم ضبط (غُنْدر): أنَّه بالغين المعجمة المضمومة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة.

==========

[ج 1 ص 238]

(1/1643)

[باب ما يقول بعد التكبير]

(1/1644)

[حديث: أن النبي وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة ... ]

743# قوله: (بِ {الْحَمْدُ لِله}): {الحمدُ}: بالرفع على الحكاية؛ يعني بالسورة التي فيها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، لا أنَّهم يتركون بسم الله الرَّحمن الرحيم.

==========

[ج 1 ص 238]

(1/1645)

[حديث: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق ... ]

744# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): (عُمارة): هو بضمِّ العين المهملة، وتخفيف الميم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ): هذا هو أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجليُّ، هَرِم، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: جرير، وقيل: عمرو، عن جدِّه، وأبي هريرة، وعنه: حفيداه جَرير ويحيى ابنا أبي أيُّوب، وعُمَارة بن القعقاع، وثَّقه ابن معين وغيرُه، أخرج له الجماعة.

قوله: (يُسْكِتُ [1] بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ): هو بضمِّ أوَّل (يُسكِت)؛ بدليل قوله: (إِسْكَاتَةً)، و (أسكت) معناه: انقطع كلامه فلم يتكلَّم، قاله الجوهريُّ وغيرُه، وقال ابن القطَّاع في «أفعاله»: (وأسكت: صمتَ، ويقال في أسكت: أطرق وانقطع)، وقال ابن قُرقُول: (وقد جاء «أسكت» بمعنى: سكن، وبمعنى: سكت، وبمعنى: أعرض، وبمعنى: أطرق، [ويجوز أن يكون هذا [2] الفعل ثلاثيًّا، وأن يكون المصدر من الرُّباعيِّ)، والله أعلم] [3].

قوله: (إِسْكَاتَةً): هي بكسر الهمزة، (إِفعالة) من السكوت؛ معناها: سكوت يقتضي بعده كلامًا، أو قراءة مع قصر المدَّة، وقيل: أراد بهذا السكوت: تركَ رفع الصوت بالكلام.

قوله: (هُنَيَّةً): هي بضمِّ الهاء، وفتح النُّون، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مُشدَّدة، ثمَّ تاء، وهي غير مهموزة، وقد عدَّ النَّوويُّ الهمزَ لحنًا، وهو تصغير (هَنَةٍ)؛ أي: مُدَّة يسيرة، وقال القاضي: (بهمزة في رواية الجمهور).

(1/1646)

قوله: (اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ): سأل ابن قيِّم [4] الجوزيَّة الحافظُ شمسُ الدين الحنبليُّ ابنَ تيمية أبا العبَّاس عن معنى ذلك، فقال: كيف تطهر الخطايا بذلك؟ وما فائدة التخصيص بذلك؟ وقوله في لفظ آخر: (والماء البارد) والحارُّ أبلغ في الإنقاء؟ فقال: الخطايا توجب للقلب حرارة ونجاسة وضعفًا، فترخي القلب، وتضرم فيه نار الشهوة وتنجِّسه، فإنَّ الخطايا والذنوب له بمنزلة الحطب الذي يمدُّ النار ويوقدها، ولهذا كلَّما كثرت الخطايا؛ اشتدَّت نار القلب وضعفه، والماء يغسل الخبث ويطفئ النار، فإن كان باردًا؛ أورث الجسم صلابة وقوَّة، فإن كان معه ثلج وبَرَد؛ كان أقوى في التبريد، وصلابة الجسم، وشدَّته، فكان أذهبَ لأثر الخطايا) هذا معنى كلامه، انتهى لفظ ابن القيِّم، ثمَّ قال: (وهو محتاج إلى مزيد بيان وشرح)؛ فذكر كلامًا حسنًا، فإن أردته؛ فانظره في أوائل «إغاثة اللهفان» له، والله أعلم.

(1/1647)

[باب جواز دعاء الله ومناجاته بكل ما فيه خضوع]

(1/1648)

[حديث: قد دنت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقطاف]

745# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): هو سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، مولى بني جُمَح، أبو مُحَمَّد المصريُّ الحافظ، عن مالك، ونافع بن عمر، وعنه: البخاريُّ، وأحمد بن حمَّاد، ثقةٌ، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (224 هـ)، تقدَّم غيرَ مَرَّةٍ.

قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله [1] بن أبي مليكة زهيرٍ [2]، مشهور، وقد تقدَّم، وزُهيرٌ صحابيٌّ.

قوله: (بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا): وفي الحديث الآخر: (قطفًا)، قال ابن قُرقُول: (كلُّه بكسر القاف؛ وهو العُنقود من العِنَب، ويفسِّره الحديث: «فتناولت منها عُنقودًا»)، انتهى، ولم أرَ أنا أنَّ العنقود يقال له: قِطاف، وإنَّما (القطاف) _بكسر القاف وفتحها_: وقت القطاف، [والظاهر أنَّ ابن قُرقُول أراد تفسير (القطف) لا (القطاف)، والله أعلم] [3]، وفي «النهاية»: (القِطف؛ بالكسر: العنقود، وهو اسم لكلِّ ما يُقطَف؛ كالذبح، والطحن، وقد تكرَّر ذكره في الحديث، ويُجمَع على قطاف وقطوف، وأكثر المُحَدِّثين يروونه بفتح القاف، وإنَّما هو بالكسر).

فائدةٌ: روى ابن عبد البرِّ _كما قاله شيخنا في (الكسوف) _ بإسناده إلى عتبة بن عبدٍ السُّلَمِيِّ حديثًا فيه: (أنَّ أعرابيًّا سأل رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن عِظَم عنقود الجنَّة؟ فقال: «مسيرة الغراب شهرًا لا يقعُ ولا يعثر [4]»)، انتهى، وقد رأيت أنا هذا الحديث في «مسند أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل» من حديث: عتبة المشار إليه، غير أنَّه قال: (ما عظم العنقود؟ قال: «مسيرة شهر للغراب لا يقع ولا يفتر»، قال: ما عظم الحبَّة؟ قال: «هل ذبح أبوك تيسًا من غنمه قطُّ عظيمًا؟» قال: نعم، قال: «فسلخ إهابها، فأعطاه أمَّك قال: اتَّخذي منه دلوًا؟» قال الأعرابيُّ: فإنَّ تلك الحبَّةَ تشبعني وأهلَ بيتي؟ قال: «نعم، وعامَّة عشيرتك»).

قوله: (فَإِذَا امْرَأَةٌ): هذه المرأة هي من حِمْيَر كما في «مسلم»، وفيه أيضًا أنَّها من بني إسرائيل، ولهذا أخرج البخاريُّ حديثها في (بني إسرائيل)،

[ج 1 ص 238]

(1/1649)

والجمع بين الروايتين: يحتمل أنَّ أباها كان إسرائيليًّا [5]، وأمَّها حِمْيَريَّة، أو بالعكس، أو أحدهما بالولاء أو بالحلف، والآخر بالنسب، ويحتمل أنَّها إسرائيليَّة النسب، سكنت حِمْيَر من اليمن، وقد كانت هذه المرأة كافرةً، صرَّح بذلك أبو نعيم في «تاريخ أصبهان» في روايته، وكذا البيهقيُّ في «البعث والنشور» عن عائشة، وقد قال القاضي: يحتمل أنَّها كانت كافرةً، لا كما قاله النَّوويُّ من نفي ذلك، والله أعلم.

قوله: (تَأْكُلُ [6] مِنْ خَشِيشِ أَوْ خشَاشِ): (خَشيش): بخاء مفتوحة، وشينين، بينهما مُثَنَّاة تحت، معجمات، وأمَّا (خشاش)؛ فمثلَّثة الخاء، وشينين معجمتين، بينهما ألف، وهي: الهوامُّ، وكِلَا شِيْنَا (خشيشِ) و (خشاشِ) [7] الأخيرة مكسورة فيهما من غير تنوين، أي: من خشيش الأرض [8]، أو خشاش الأرض، والله أعلم، قال القاضي: (ورُوِيَ بالحاء فيهما، وهو وَهَمٌ)، انتهى.

==========

[1] (بن عبد الله): سقط من (ب)، وكلاهما صحيح.

[2] زيد في (ب): (معروف الترجمة).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[4] كذا في (أ) و (ج) و «التوضيح»، وكتب فوقها فيهما: (كذا)، وفي (ب): (يفتر).

[5] في (أ) و (ج): (إسرائيلًا)، وهو تحريف.

[6] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قَالَ نَافِعٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ).

[7] في (أ): (حشاش)، ولعلَّه تصحيف.

[8] (الأرض): سقط من (ج).

(1/1650)

[باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة]

(1/1651)

[حديث: أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر؟]

746# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، تقدَّم الكلام عليه، ولماذا نُسِب.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ): هو ابن زياد العبديُّ، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم أنَّه سليمان بن مِهران، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ المشهور.

قوله: (عَنْ عُمارَةَ بنِ عُمَيْرٍ): (عُمَارة): بضمِّ العين المهملة، وتخفيف الميم، وهذا ظاهرٌ جدًّا، و (عُمير): مُصَغَّر، وهذا معروفٌ أيضًا.

قوله: (عَنْ أبِي مَعْمَرٍ): هو بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وهو عبد الله بن سخبرة الأزديُّ الكوفيُّ، مخضرمٌ، عن ابن مسعود وعليٍّ، وعنه: إبراهيم النَّخَعيُّ ومجاهد، صدوق، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيرُه، تُوُفِّيَ في [1] ولاية عبيد الله بن زياد، قاله ابن سعد، ذكره في «الميزان» تمييزًا.

تنبيهٌ: لهم آخر يقال له: عبد الله بن سخبرة، يروي عن أبيه، تفرَّد عنه أبو داود نفيعٌ [2] الأعمى، وأبو داود تالف، أخرج له التِّرمذيُّ، والله أعلم.

قوله: (قُلْنا لِخَبَّابٍ): هو بفتح الخاء المعجمة، وتشديد المُوَحَّدة بعدها، وهو ابن الأرتِّ؛ بالمُثَنَّاة من فوق في آخره، صحابيٌّ مشهورٌ، وهو تميميٌّ حليفٌ لبني زهرة، بدريٌّ، عنه: علقمة وقيس بن أبي حازم، تُوُفِّيَ سنة (37 هـ)، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه، مناقبه مشهورة.

تنبيهٌ: في الصَّحابة مَن اسمه (خبَّاب) ثمانية أشخاص بالمشار إليه، فيهم واحد الصحيح أنَّه تابعيٌّ، الذي روى مِن هؤلاء في الكتب أو «المسند» المشارُ إليه فقط، والله أعلم [3].

==========

[1] في سقط من (ب).

[2] في (ج): (ونفيع)، وليس بصحيح.

[3] (والله أعلم): سقط من (ج).

[ج 1 ص 239]

(1/1652)

[حديث: أنهم كانوا إذا صلوا مع النبي فرفع رأسه من الركوع قاموا .. ]

747# قوله: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ): هذا هو ابن منهال الأنماطيُّ البصريُّ، عن قرَّة، وشعبة، وعنه: البخاريُّ، وعبدٌ، والكجِّيُّ، وكان دلَّالًا ثقةً وَرِعًا ذا سُنَّةٍ وفضلٍ، تُوُفِّيَ سنة (217 هـ)، تقدَّمت ترجمته، أخرج له الجماعة.

قوله: (أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ): هذا هو السبيعيُّ عمرو بن عبد الله، أحد الأعلام، تقدَّم.

قوله: (سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ يَخْطُبُ): تقدَّم الكلام على (عبد الله) هذا، وما يتعلَّق به، وأنَّه صحابيٌّ.

قوله: (وَكَانَ غَيْرَ كَذُوبٍ): تقدَّم الكلام عليه مُطَوَّلًا، وأنَّ الصحيح أنَّ قائله عبد الله بن يزيد؛ فانظره في (الصَّلاة).

قوله: (حَتَّى يَرَوْنَهُ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (يروه)، وهذه على الجادَّة، وتلك لغةٌ؛ وهي إثبات النُّون مع الناصب، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 239]

(1/1653)

[حديث: إني أريت الجنة فتناولت منها عنقودًا]

748# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أُويس، ابن أخت مالك، وأخو عبد الحميد، مشهور الترجمة رحمه الله.

قوله: (تَكَعْكَعْتَ): أي: نكصت إلى خلف، هذا قول الأصمعيِّ وأبي زيد، يقال منه: كعَعْتُ، وكعِعْتُ [1]، يكِع، ويكَعُ، وكاع يَكيع، وقيل: تكعكعت: رجعت.

قوله: (مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا): يريد أنَّهم يأكلون منه، ويأكل منه مَن بعدهم حتَّى تنقضي الدُّنيا؛ لأنَّه كان لا يفنى، ولا ينقطع بموته، وقد تقدَّم عِظَم [2] عنقود الجنَّة قبل هذا.

==========

[1] (وكععت): سقط من (ج).

[2] (عظم): سقط من (ج).

[ج 1 ص 239]

(1/1654)

[حديث: لقد رأيت الآن منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار]

749# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان، وترجمته تقدَّمت، وليس في الكتب السِّتَّة مَن اسمه (فُلَيح) سواه.

قوله: (ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ): تقدَّم أنَّه بكسر القاف، وفتحها في المستقبل، وفيه لغةٌ أخرى؛ وهي الهمز.

قوله: (مُمَثَّلَتَيْنِ): هو بضمِّ الميم الأولى، وفتح الثانية، ثمَّ ثاء مُثلَّثة مُشدَّدة، ويحتمل أن يكون رأى مثالهما، وضرب له ذلك، ومُثِّل في عُرض الجدار كما قال، قاله ابن قُرقُول، وفي «النهاية»: (ممثَّلتين): مصوَّرتين، أو مثالهما، وفي كلام غيره: معترضتين، وأنَّه رآهما حقيقة في جهة مِن قِبَل الجدار وناحيته.

==========

[ج 1 ص 239]

(1/1655)

[باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة]

(1/1656)

[حديث: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم]

750# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ): تقدَّم أنَّه سعيد بن أبي عَروبة مِهران، أبو النضر اليشكريُّ مولاهم، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم قريبًا وبعيدًا كلام شيخنا في «القاموس»: (أنَّه باللام، وأنَّ تركها لحنٌ أو قليل)، انتهى.

==========

[ج 1 ص 239]

(1/1657)

[باب الالتفات في الصلاة]

(1/1658)

[حديث: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد]

751# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): هو بفتح الهمزة، ثمَّ حاء مهملة ساكنة، ثمَّ واو مفتوحة، ثمَّ صاد مهملة، واسمه سلَّام _بتشديد اللام_ ابن سُليم؛ بضمِّ السِّين، وفتح اللام، الحافظ، عن آدم بن عليٍّ وزياد بن علاقة، وعنه: مُسَدَّد وهنَّاد، له نحو [1] أربعة آلاف حديثٍ، قال ابن معين: (ثقة مُتْقِن)، تُوُفِّيَ سنة (179 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

وقد تقدَّم الكلام على (سلَام)؛ بالتخفيف، و (سلَّام)؛ بالتشديد، وكلُّ ما في «البخاريِّ» و «مسلم» و «المُوطَّأ»؛ فهو بالتشديد، إلَّا عبد الله بن سلَام الحبر، ومُحَمَّد بن سلَام شيخ البخاريِّ، فالأصحُّ فيه التخفيف، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ): تقدَّم أنَّه بالثاء المُثلَّثة في آخره، و (سُلَيم): بضمِّ السِّين، وفتح اللام، وهذا ظاهرٌ، وأشعب _ بالمُوَحَّدة_ الطامع ذاك فردٌ.

قوله: (هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ [2] الشَّيْطَانُ): (الاختلاس): اختطاف الشيء بسرعة، وأخذه على سبيل المخاتلة.

==========

[1] (نحو): سقط من (ج).

[2] في (ج): (يجتلبه)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 239]

(1/1659)

[حديث: شغلتني أعلام هذه اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني]

752# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، الإمام المشهور المكيُّ، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته، وقد قال الشَّافعيُّ: (لولا سفيان ومالك؛ لذهب علم الحجاز).

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العَلَمُ [1] الفرد.

[ج 1 ص 239]

قوله: (فِي خَمِيصَةٍ): تقدَّم أنَّها بفتح الخاء المعجمة، ثمَّ ميم مكسورة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ صاد مهملة، وأنَّها كساءٌ مُربَّعٌ له عَلَمان، قال بعضُهم: هو كساءٌ رقيقٌ أصفرُ، أو أحمرُ، أو أسودُ، وقد تقدَّم بزيادةٍ في (الحيض).

قوله: (شَغَلَتْنِي أَعْلاَمُ هَذِهِ): تقدَّم الكلامُ على ذلك، وسؤالٌ وجوابٌ.

قوله: (إِلَى أَبِي جَهْمٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الجيم، وإسكان الهاء، وأنَّ اسمَه عامرٌ، وقيل: عبيد بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عَبِيد؛ _بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة_ ابن عَوِيج_ بفتح العين، وكسر الواو_ ابن عديِّ بن كعب، القرشيُّ العدويُّ، أسلم يوم الفتح، وسيأتي في (اللِّباس): (وائتُوني بأنبجانيَّةِ أبي جَهْم بن حذيفة بن غانم من بني عديِّ بن كعب)، والله أعلم.

قوله: (بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ [2]): تقدَّم ما فيها من اللُّغات، وأنَّها تُقال: بفتح الهمزة وكسرها، وبكسر الباء، وشدِّ الياء وتخفيفها، وبتاءٍ بعدَها، وبهاء فقط، واعلم أنَّ كلَّ كساء له عَلَمٌ؛ فهو خميصة، فإن [3] لم يكن له عَلَمٌ؛ فهو أنبجانيَّة.

تنبيهٌ: وجه مناسبة إيراده حديثَ عائشة رضي الله عنها هنا [4] أنَّ العَلَم إنَّما يكون على الكتف.

(1/1660)

[باب: هل يلتفت لأمر ينزل به أو يرى شيئًا أو بصاقًا في القبلة]

قوله: (أَوْ يَرَى [1] بُصَاقًا): تقدَّم أنَّ في البُصاق ثلاثَ لغاتٍ: الصَّادَ، والسِّينَ، والزَّايَ.

قوله: (وَقَالَ سَهْلٌ: الْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ): (سهل) هذا: هو ابن سعد، أبو العبَّاس، الساعديُّ، صحابيٌّ مشهور رضي الله عنه، تقدَّم، وحديثه هذا تقدَّم مُسْنَدًا.

(1/1661)

[حديث: إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإن الله قبل وجهه]

753# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): تقدَّم أنَّه ابن سعد، العالم الصالح الجواد المشهور رحمة الله عليه [1].

تنبيهٌ: من يقال له (ليث) وقد روى (عن نافع، عن ابن عمر) في الكتب السِّتَّة أو بعضها: هذا المشار إليه، وليثُ بن أبي سُلَيم روى له البخاريُّ متابعةً (عن نافع)، قال البخاريُّ في (الحجِّ): وقال: (مالك، عن نافع، عن ابن عمر: «لا تنتقب المُحرِمةُ»، وتابعه ليث بن أبي سُلَيم) انتهى [2]، وأخرج له عنه به التِّرمذيُّ حديثًا، وكذا ابنُ ماجه به حديثًا، والله أعلم.

قوله: (فَحَتَّهَا): أي: حكَّها، وتبويبُه يقتضي أنَّه [3] فَعلَ [4] ذلك في الصَّلاة، وفي بعض طرقه خارج الصَّلاة.

قوله: (نُخَامَةً): تقدَّم الكلام على النُّخامة والنُّخاعة؛ فانظر ذلك، وقد قال ابن قُرقُول: (النُّخامة: من الصدر، وهو البلغم الَلَّزِجُ)، وقال الجوهريُّ: (النُّخامة النُّخاعة، يقال: تنخَّم الرجل؛ إذا تنخَّع)، وكذا قال في «العين»، وقد قدَّمته بأطولَ من هذا.

قوله: (فَإِنَّ اللهَ قِبَلَ وَجْهِهِ): (قِبِلَ): بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة؛ أي: قُبَالته؛ ومعناه: أنَّ الجهة التي عظَّم الله قُبالته.

قوله: (رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي رَوَّادٍ [5]، عَنْ نَافِعٍ): أي: تابعا ليثًا في روايته (عن نافع)، فازداد قوَّة، أمَّا (موسى بن عقبة)؛ فهو مشهور جدًّا، وقد تقدَّم.

وأمَّا (ابن أبي راوَّد)؛ فهو بتشديد الواو، وفي آخره دالٌ مهملةٌ، واسم (ابن أبي رَوَّاد) عبد العزيز بن أبي رَوَّاد ميمون، ويقال: أيمن بن بدر، مولى المهلَّب بن [6] أبي صُفرة، وقال بعضهم: مولى المغيرة بن المُهلَّب، وهو قريب، عن عكرمة وسالم [7]، وعنه: ابنه عبد المجيد، والقطَّان، وخلَّاد بن يحيى، ثقة مرجئ عابد، تُوُفِّيَ سنة (159 هـ)، علَّق له البخاريُّ، وأخرج له الأربعة، وله ترجمة في «الميزان».

(1/1662)

[حديث: بينما المسلمون في صلاة الفجر لم يفجأهم إلا رسول الله]

754# قوله: (عَنْ عُقَيْلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، وتقدَّم مَن يقال له (عُقيل) في الكتب الثلاثة، وليس في «البخاريِّ» (عُقَيل) _ بالضَّمِّ_ سوى هذا، وفي «مسلم» (عُقَيل): القبيلة، ويحيى بن عُقَيل، والباقي عَقِيل؛ بفتح العين، وكسر القاف.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ، العالم المشهور.

قوله: (وَتُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ): قال ابن الصَّلاح أبو عمرو في «علومه»: (تُوُفِّيَ ضحًى)، وفي «البخاريِّ» ونحوه في «مسلم» ما قد رأيت، ويُجمَع بينهما: أنَّ المراد: أوَّلُ النِّصف الثَّاني، فهو آخر وقت الضُّحى، وهو من [1] آخر النَّهار باعتبار أنَّه مِن النصف الثاني، ويدلُّ عليه ما رواه ابن عبد البرِّ بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: (مات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم _وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون_ ارتفاعَ الضُّحى وانتصافَ النَّهار يوم الاثنين)، وذكر موسى بن عقبة في «مغازيه»: (عن ابن شهاب: تُوُفِّيَ يوم الاثنين حين زاغت الشَّمس)، فبهذا يُجمع بين الرِّوايات المُختلِفة في الظَّاهر، والله أعلم [2]، وقد تقدَّم قريبًا.

==========

[1] (من): سقط من (ب).

[2] (أعلم): سقط من (ج).

[ج 1 ص 240]

(1/1663)

[باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها ... ]

(بَابُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ لِلإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الصَّلاة [1] كُلِّهَا ... ) إلى آخر التَّرجمة ... إلى (بَاب جَهْرِ الإِمَام بِالتَّأَمِيْنِ)

قال ابن المُنَيِّر: (وجه مطابقة الترجمة لما أخرجه من حديث سعد، وأبي هريرة، وذلك أنَّ حديث سعد يتضمَّن: أنَّ الإمام يقرأ في الأوليين والأخريين جميعًا، لكن يقرأ في الأوليين الفاتحةَ والسُّورةَ، وفي الأخريين الفاتحة خاصَّة، والركود: عبارة عن طول القيام حتَّى تنقضي القراءة، والحذف: الاختصارُ [2] على القراءة الخفيفة بالنِّسبة إلى الأوليين، وحديث أبي هريرة يتضمَّن قراءة الفذِّ؛ لأنَّ الرجل إنَّما صلَّى فذًّا، فإمَّا أن يتلقَّى حكم المأموم، كما ذكره في التَّرجمة من القياس على الفذِّ، وإمَّا أن يتلقَّاه من عموم قوله لهذا المُقصِّرِ في صلاته: «إذا قمت إلى الصَّلاة؛ فكبِّر»، فعلَّمه كيف يصلِّي، ولم يخصَّ حالة الائتمام من حالة الانفراد في سياق البيان، ولا سيَّما لمن ظهر قصورُه في العلم دلَّ على التَّسوية، وإلَّا كان بيان الحكم على الفضل مُتعيَّنًا [3]، والله [أعلم]، أمَّا حديث عبادة؛ فهو مُطابِق للتَّرجمة بعمومه وظاهره [4]) انتهى.

قوله: (وَمَا يُجْهَرُ فِيهَا وَمَا يُخَافَتُ): (يُجهر) و (يُخافت [5]) مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما، كذا في أصلنا، وفيه نظر؛ لأنَّ (يجهر) لازم، فلا يُبنَى منه، وكذا (يُخافت)، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، فينبغي أن يُقرَأا مبنيِّين للفاعل (يَجهر) و (يُخافِت [6])، لكنَّ البخاريَّ فيما يأتي استعمل (خافتَ) مُتعدِّيًا، فقال: (باب مَن خافت القراءةَ)، وفيه أيضًا النَّظر، أو هو [7] مَنْصوبٌ بنزع الخافض؛ أي: بالقراءةِ، والله أعلم، والمخافتة: الإسرار.

(1/1664)

[حديث: شكا أهل الكوفة سعدًا إلى عمر]

755# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تقدَّم أنَّه ابن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، ولماذا نُسِب.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّه الوضَّاح بن عبد الله اليشكريُّ، الحافظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (شَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ سَعْدًا): هذا هو سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب، أحد العشرة، أشهر مِن أن يُذكَر رضي الله عنه، تقدَّم، وستأتي مناقبه في (المناقب).

[ج 1 ص 240]

قوله: (أَمَّا أَنَا): هو بتشديد (أمَّا)، مفتوح الهمزة.

قوله: (قَالَ [1] أَبُو إِسْحَاقَ): كذا هو في أصلنا، وهي نسخة، وعليها علامةُ راويها، وهذا [2] هو سعد بن أبي وقَّاص المشار إليه، وهذه كنيته، وكذا يأتي في آخر الحديث: (يَاْ أَبَا إِسْحَاقَ).

قوله: (مَا أَخْرِمُ): هو بفتح الهمزة، وكسر الرَّاء، يقال: ما خَرَمْتُ منه شيئًا؛ أي: ما نَقَصْتُ.

قوله: (فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ): أي: أُطِيل، وهو بفتح الهمزة، وضمِّ الكاف، ثمَّ دال مهملة.

قوله: (وأُخِفُّ): هو بضمِّ الهمزة، وكسر الخاء المعجمة [3]، وتشديد الفاء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلًا، أَوْ رِجَالًا): هؤلاء الرِّجال وكذا الرَّجل لا أعرفهم، (وقال بعض الحُفَّاظ: سُمِّيَ منهم مُحَمَّدُ بن مسلمة، وهو كان رئيسهم [4]) [5].

قوله: (وَيُثْنُونَ): هو بضمِّ أوَّله رُباعيٌّ، وهذا غاية في الظُّهور.

قوله: (لِبَنِي عَبْسٍ): هو بالمُوَحَّدة، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

قوله: (فَقَامَ [6] رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: أُسَامَةُ بْنُ قُرَادَة [7]، يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ): كذا صوابه، ووقع في أصلنا يقال: له أبو أسامة بن قتادة، وهو خطأٌ محضٌ، وهذا الرَّجل لا أعرف له ترجمةً، إلَّا أنَّه رجل فاجرٌ فجرَ على سعْد، وكذب عليه، فانتقم الله منه بدعوته.

قوله: (أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا): (أمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم، و (نشدتنا): سألتنا.

(1/1665)

قوله: (كَانَ لاَ يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ): أي: لا يخرج في السَّرايا، بل يبعثها [8] ويقعد، [وقد تقدَّم الكلام على (السريَّة) كم هي] [9]، ويحتمل أن يريد: لا يسير بالسيرة العادلة المعروفة، فقال: (السَّريَّة [10])؛ ليزدوج الكلام مع القضيَّة؛ كمثل: (الغدايا والعشايا)، والسِّيرة: الطريقة والهيئة، قال ابن قُرقُول: (وهذا عندي بعيد، والأول أظهر)، وقيل: السِّيرة: مذهب الإمام في رعيَّته، والرَّجل في أهله ممَّا يأخذهم به، ويحملهم عليه، والله أعلم.

قوله: (أَمَا وَاللهِ): هو بتخفيف الميم.

قوله: (قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً): هما معروفان، وقد قال ابن عبد السَّلام في تعريفهما: (الرِّياء: أن يعمل لغير الله عزَّ وجلَّ، وأمَّا السمعة؛ فهي أن يعمل عملًا فيما بينه وبين الله تعالى، ثمَّ يُحدِّث به النَّاسَ، فإن كان ذلك لأجل أن يُقتَدى به، أو ينتفع به [11]؛ ككتابة [12] علمٍ؛ فهذا لا يكون تسميعًا مُحرَّمًا، ولذلك [13] استُحِبَّ للعالم أن يعبد الله جهرًا؛ ليُقتدَى به، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّما فعلت هذا؛ لتأتمُّوا بي ولتعلموا صلاتي»، وإن كان قصده بإفشاء العمل التَّحدُّثَ [14] بنعمة الله [15] عليه؛ لم يكن هذا مُحرَّمًا عليه، وإن كان مراده بإفشاء عمله التَّودُّدَ إلى النَّاس والتَّقرُّبَ إليهم؛ حَبِطَ عملُه، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «من سمَّع؛ سمَّع الله به، ومن رايا؛ رايا الله به»، فهذا الفرق بين الرِّياء والسُّمعة)، والله أعلم.

قوله: (قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ): هو عبد الملك بن عُمير المذكور في السَّند، وهو مشهور.

قوله: (مِنَ الْكِبَرِ): هو بكسر الكاف، وفتح الباء؛ أي: من كبر السِّنِّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله [16]: (يَغْمِزُهُنَّ): أي: يُقرِصُهُنَّ.

==========

[1] في (ج): (وقال)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».

[2] في (ب): (أبو إسحاق).

[3] (المعجمة): سقط من (ب).

[4] في (ب): (رأسهم).

[5] ما بين قوسين سقط من (ج).

[6] في (ج): (فقال)، وليس بصحيح.

[7] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قتادة).

[8] في (ب): (يبتعثها).

[9] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[10] في (ب): (بالسرية).

[11] (به): سقط من (ب).

[12] في (ب): (بكتابه).

[13] في (ب) و (ج): (وكذلك).

[14] في (ب): (التحديث).

[15] زيد في (ب): (تعالى).

[16] زيد في (ج): (أي).

(1/1666)

[حديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب]

756# قوله: (حَدَّثَنا سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، كما صرَّح به مسلم في روايته.

قوله: (حَدَّثَنا الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن شهاب مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[ج 1 ص 241]

(1/1667)

[حديث: ارجع فصل فإنك لم تصل]

757# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ (بشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وتقدَّم معناه.

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد القطَّان، الحافظُ المشهورُ، وقد تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تقدَّم.

قوله: (عن [1] سَعِيْدِ بْنِ أَبِي سَعِيْدٍ): هذا هو المقبريُّ، العالم المشهور، وقد تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم [2] أنَّ أباه أبا [3] سعيد [4] اسمُه كيسانُ صاحب العَبَاء، مولى أمِّ شريك اللَّيثيَّة الجندعيَّة، كان منزله عند المقابر، فقيل له: المقبريُّ، وقيل: إنَّ عمر [5] جعله على حفر القبور؛ فسُمِّي المقبريَّ، روى عن عمر، وأبي هريرة، وطائفةٍ، وعنه: ابنه سعيد وجماعة، تُوُفِّيَ سنة مئة، أخرج له الجماعة، ثقة، قاله الواقديُّ.

تنبيهٌ: هذا الحديث رواه البخاريُّ بطريقين؛ إحداهما [6] هذه: (عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة)، أخرجها في (الصَّلاة) عن مُسَدَّد، وفيها وفي (الاستئذان) عن مُحَمَّد بن بشَّار، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن عمر به، وأخرجها: عن عبيد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة من طريق [7] إسحاقَ بنِ منصور، عن عبد الله بن نمير في (الاستئذان) وأبي أسامة في (الأيمان والنذور)؛ كلاهما عن عبيد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة؛ بحذف: (عن أبيه)، قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (رواه يحيى بن سعيد، عن عبيد الله، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة)، قال التِّرمذيُّ: (وهو أصحُّ)، انتهى.

قوله: (فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى): هذا الرَّجل اسمه خلَّاد بن رافع الزرقيُّ، وهو المُسِيءُ صلاته، قال ابن بشكوال في «مبهماته»: (الرَّجل: خلَّاد)، وساق له شاهدًا من «مسند ابن أبي شيبة»، قال ابن عبد البرِّ في «استيعابه»: (خلَّاد بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاريُّ الزرقيُّ، شهد بدرًا مع أخيه رفاعة بن رافع الزرقيِّ، يقولون: إنَّ له روايةً) انتهى، وأبوهما: رافع صحابيٌّ أيضًا، شهد بدرًا.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[2] (تقدَّم): سقط من (أ).

[3] (أبا): سقط من (ب).

[4] في (ب): (سعيدًا)، والمثبت هو الصَّواب.

[5] في (ج): (عمه)، وليس بصحيح.

[6] في (ب): (أحدهما).

(1/1668)

[7] زيد في (ج): (ابن)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 241]

(1/1669)

[باب القراءة في الظهر]

(1/1670)

[حديث أبي قتادة: كان النبي يقرأ في الركعتين ... ]

758# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم بعض ترجمته.

تنبيهٌ: هذا الحديث بسنده هو في هامش أصلنا، وعليه علامة راويه، وهو نسخة.

قوله: (قَالَ سَعْدٌ): تقدَّم أنَّه سعد بن أبي وقَّاص مالك بن أهيب، أحد العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (الْعَشِيِّ): تقدَّم الكلام عليها، وفي نسخة: (العشاء)، أمَّا (العشيُّ)؛ فهو ما بعد الزوال إلى الغروب، وصلاة العشيِّ: العتمة، وقال الخليل: عند العامَّة: من غروب الشمس إلى أن يُولِّي صدر اللَّيل، وبعضهم يجعله إلى الفجر، وقال يعقوب: العِشاء: من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، والعِشاء: آخر النَّهار، والعِشاء: آخر الظلام، وقيل: إنَّما قيل صلاة العِشاء؛ لأجل إقبال الظَّلام، وأنَّه يُعْشِي البصر عن الرُّؤية، قاله ابن قُرقُول.

[ج 1 ص 241]

قوله: (لاَ أَخْرِمُ): تقدَّم قريبًا جدًّا.

قوله: (أَرْكُدُ): تقدَّم قريبًا؛ أي: أُطِيلُ.

759# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم ضبط دكين، وتقدَّم بعض ترجمة أبي نعيم.

قوله: (عن [1] شَيْبَانَ): هو ابن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، وتقدَّم أنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحو، وتقدَّم [ما قاله ابن أبي داود وغيره فيه] [2]، وبعض [3] ترجمته [4].

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، تقدَّم مرارًا، وأنَّ كثيرًا بالمثلَّثة، وفتح الكاف، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أنَّ أباه الحارثُ بن ربعيٍّ، وقيل: اسمه النُّعْمان، وقيل: عمروٌ [5] فارس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، تقدَّم مرارًا.

قوله: (أَحْيَانًا): أي: أوقاتًا، وقد تقدَّم.

(1/1671)

[حديث أبي معمر: سألنا خبابًا: أكان النبي يقرأ في الظهر والعصر؟]

760# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، الكاهليُّ القارئ.

قوله: (حَدَّثَنِي عُمَارَةُ): تقدَّم أنَّه بضمِّ العين، وأنَّه ابن عمير الكوفيُّ، وعُمَيرٌ؛ بضمِّ العين، مُصغَّر، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ): تقدَّم قريبًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّه عبد الله بن سخبرة الكوفيُّ.

قوله: (سَأَلْنَا خَبَّابًا): تقدَّم قريبًا أنَّه بفتح الخاء المعجمة، وتشديد المُوَحَّدة، وأنَّه ابن الأرتِّ، وتقدَّم كم في الصَّحابة مَن اسمُه خبَّاب؛ كهذا.

==========

[ج 1 ص 242]

(1/1672)

[باب القراءة في العصر]

(1/1673)

[حديث أبي معمر: قلت لخباب بن الأرت: أكان النبي يقرأ .. ]

761# [قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ): تقدَّم أنَّ هذا هو الفريابيُّ، وتقدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ البخاريِّ] [1].

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ، وقد تقدَّم مرارًا، وهو ابن سعيد بن مسروق، عالمٌ زاهدٌ مشهورٌ.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم أعلاه.

قوله: (عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ): تقدَّم أعلاه ضبطه.

قوله: (عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ): تقدَّم أعلاه ضبطه، واسمه، واسم أبيه.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 242]

(1/1674)

[حديث: كان النبي يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب]

762# قوله: (عَنْ هِشَامٍ): هذا هو ابن أبي عبدٍ الدَّسْتَوائِيُّ، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 242]

(1/1675)

[باب القراءة في المغرب]

(1/1676)

[حديث: إن أم الفضل سمعته وهو يقرأ: {والمرسلات عرفًا}]

763# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (إِنَّ أُمَّ الْفَضْلِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ): (أمُّ الفضل) هذه هي أمُّ بني العبَّاس، اسمها لبابة بنت الحارث بن حزن الهلاليَّة، أمُّ الفضل الكبرى، وأخت ميمونة أمِّ المؤمنين، وخالة خالد بن الوليد، وأمُّ ستَّة رجالٍ نجباءَ، وأخت أسماء بنت عميس لأمِّها، وأوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، وقيل: إنَّ أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمةُ بنتُ الخطاب، روى عن أمِّ الفضل ابناها عبد الله وتمَّام، وعبد الله بن الحارث، وأنس، أخرج لها [1] الجماعة، وأحمد في «المسند».

==========

[1] في النُّسخ: (له)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[ج 1 ص 242]

(1/1677)

[حديث زيد: ما لك تقرأ في المغرب بقصار؟]

764# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مخلد.

قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، العالم المشهور المكيُّ، القائل بالمتعة، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مليكة زهير وهو صحابيٌّ؛ أعني: زهيرًا، التيميُّ، أبو بكر، مؤذن ابن الزبير، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ): تقدَّم أنَّه ابن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أسلم الحكم يوم الفتح، وهو عمُّ عثمان بن عفَّان، وأمَّا (مروان)؛ فولد سنة [1] اثنتين، ولم يصحَّ له سماع من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا رؤية [2]، وله عن عثمان، وعنه: عروة، ومجاهد، وغيرهما، دولته تسعة أشهر وأيَّام، تُوُفِّيَ في رمضان سنة (65 هـ)، وتملَّك ابنه عبد الملك، أخرج لمروان البخاريُّ والأربعة، قال الذَّهبيُّ في «ميزانه»: (له أعمال موبقة نسأل الله السلامة، رمى طلحة بسهم، وفعل، وفعل).

قوله: (المُفَصَّلِ): تقدَّم فيه عشرة أقوال، وتقدَّم لم سُمِّي مفصَّلًا.

(1/1678)

قوله: (بِطُولِ الطُّولَيَيْنِ): كذا في أصلنا: [(بطول)، وفي الهامش نسخة: (بطولى)] [3]، وعليها علامة راويها، فسَّرها ابن أبي مليكة بـ (الأعراف) و (المائدة)، ووقع عند الأصيليِّ: (بطول الطُّوليين)، وهو وَهَمٌ في الخطِّ، واللام مفتوحة، قاله ابن قُرقُول، قال شيخنا الشَّارح: وطولى الطُّوليين [4]: يريد: بأطول السورتين، وقال الخطَّابيُّ: وبعض المُحَدِّثين يقول [5]: بطِوَل؛ بكسر الطاء، وفتح الواو، وهو خطأ فاحش، وكذا قال ابن الجوزيِّ، وقال: إنَّما هي (طُولى)؛ بوزن (فُعلى)، فإن قلت: هل يجوز أن تكون (البقرةَ)؛ لأنَّها أطول السبع الطوال؟ فالجواب: أنَّه لو أرادها؛ لقال: بطول الطول، انتهى مُلَخَّصًا، وقال قبل ذلك وقد ذكر طريق البخاريِّ ومعه شيء آخر، ثمَّ قال: (ورواه أبو داود كذلك)؛ أي: كرواية البخاريِّ، قال: (قلت: ما طُولى الطوليين؟ قال: «الأعراف»)، ونقله ابن بطَّال عن العلماء، وقال ابن أبي مليكة من قِبَل نفسِه: (الأعراف والمائدة)، وفي «البيهقيِّ» عنه أنَّه قال: (ما طُولى الطوليين [6]؟ قال: «الأنعام» و «الأعراف»)، وفي «أطراف ابن عساكر»: (قيل لعروة: ما طُولى [7] الطوليين؟ قال: «الأعراف» و «يونس» .. ) إلى آخر كلامه، والله أعلم.

(1/1679)

[باب الجهر في العشاء]

(1/1680)

[حديث: سجدت خلف أبي القاسم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه]

766# قوله: (حَدَّثَنا أَبُو النُّعمانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيْهِ): أمَّا (المعتمر)؛ فهو ابن سليمان، تقدَّم، وأمَّا (أبوه)؛ فهو سليمان بن طرخان، وطرخان مثلَّث الطاء، التَّيميُّ، نزل فيهم بالبصرة،

[ج 1 ص 242]

من السادة، سمع أنسًا وأبا عثمان النهديَّ، وعنه: أبو عاصم، ويزيد بن هارون، والأنصاريُّ، ومناقبه جمَّةٌ، تُوُفِّيَ سنة (143 هـ)، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» للتَّدليس، والتدليس ليس بقادح، وإنَّما القادح منه تدليس التَّسوية، والله أعلم، وتقدَّمت ترجمة سليمان هذا.

قوله: (عَنْ بَكْرٍ): هو بكر بن عبد الله المزنيُّ، عن ابن عبَّاس وابن عمر، وعنه: سليمان التيميُّ وعدَّة، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (128 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ أَبِيْ رَاِفٍع): هذا هو نُفَيع _ مصغَّر_ الصائغ، مدنيُّ، نزل البصرة، عن عمر، وعثمان، وأُبيٍّ، وعنه: قتادة وبكر المزنيُّ، ثقةٌ نبيلٌ، وثَّقه أحمد العجْليُّ، وقال أبو حاتم: (ليس به بأس).

(1/1681)

[حديث البراء: أن النبي كان في سفر فقرأ في العشاء ... ]

767# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عَدِيٍّ): هذا هو ابن ثابت الأنصاريُّ الكوفيُّ، عن أبيه، والبراء، وابن أبي أوفى، وغيرهم، وعنه: شعبة، ومسعر، وخلق، ثقة لكنَّه قاصُّ الشيعة، وإمام مسجدهم بالكوفة، أخرج له الجماعة، وتُوُفِّيَ سنة (116 هـ)، له ترجمة في «الميزان».

==========

[ج 1 ص 243]

(1/1682)

[باب القراءة في العشاء بالسجدة]

(1/1683)

[حديث: سجدت بها خلف أبي القاسم فلا أزال أسجد بها ... ]

768# قوله: (حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ): تقدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن طرخان، وتقدَّم بعض ترجمته هنا وقبله أيضًا.

قوله: (عَنْ بَكْرٍ): تقدَّم أعلاه الكلام عليه.

قوله: (عَنْ أَبِي رَافِعٍ [1]): تقدَّم أعلاه [2] الكلام عليه.

==========

[1] في هامش (ق): (نفيع).

[2] (أعلاه): سقط من (ب).

[ج 1 ص 243]

(1/1684)

[باب القراءة في العشاء]

(1/1685)

[حديث: سمعت النبي يقرأ: {والتين والزيتون} في العشاء]

769# قوله: (حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ): تقدَّم أنَّه ابن كدام، أبو سلمة، الهلاليُّ الكوفيُّ العَلَم، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ أَوْ قِرَاءَةً): قال شيخنا: (الظاهر: أَنَّ «أو» بمعنى الواو) انتهى، كذا هو [1] في نفس الأمر: ليس أحد أحسنَ صوتًا ولا قراءة منه، ولكنَّ الظاهر أنَّه شكٌّ من الراوي؛ بدليل ما رواه مسلم: (فما سمعت أحدًا أحسن صوتًا منه)، من حديث البراء الراوي هنا، والله أعلم.

==========

[1] (هو): سقط من (ب).

[ج 1 ص 243]

(1/1686)

[باب يطول في الأوليين ويحذف في الأخريين]

(1/1687)

[حديث: لقد شكوك في كل شيء حتى الصلاة]

770# قوله: (عَنْ أَبِيْ عَوْنٍ): اسمه مُحَمَّد بن عبيد الله؛ بالتصغير، أبو عون، الثقفيُّ الكوفيُّ الأعور، عن جابر بن سمرة، وشريح القاضي، وورَّاد كاتب المغيرة، وغيرهم، وعنه: الأعمش، ومُحَمَّد بن سُوقة، وأبو حنيفة، ومسعر، وشعبة، وآخرون، وثَّقه ابن معين وجماعة، تُوُفِّيَ في أيَّام خالد بن عبد الله القسريِّ، أخرج له الجماعة سوى ابن ماجه.

قوله: (لِسَعْدٍ): تقدَّم قريبًا أنَّه ابن أبي وقَّاص، أحد العشرة.

قوله: (وَلاَ آلُو): هو بمدِّ الهمزة، وضمِّ اللام؛ أي: أُقَصِّرُ.

==========

[ج 1 ص 243]

(1/1688)

[باب القراءة في الفجر]

قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ): هي أمُّ المؤمنين هند بنت أبي أميَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، تقدَّم بعض ترجمتها ووفاتُها، وهي آخر أمُّهات المؤمنين موتًا رضي الله عنهنَّ وعنها.

==========

[ج 1 ص 243]

(1/1689)

[حديث: كان النبي يصلي الظهر حين تزول الشمس]

771# قوله: (حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلاَمَةَ): (سيَّار): بتشديد الياء، والسِّينُ قبلها، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ): تقدَّم أنَّه بفتح المُوَحَّدة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ زاي مفتوحة، ثمَّ تاء، واسمه نضلة بن عبيد، الصَّحابيُّ المشهور، تقدَّم.

قوله: (وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ): أي: مستحرَّة لم تذهب حياتها التي هي حرُّها، وقيل: بيَّنة النُّور لم يَسْتَحِلْ نورها، قالوا: والشمس توصف بالحياة ما دامت قائمة الأعراض من الحرارة والضوء، فإذا كانت مع الغروب؛ لم توصف بذلك، وقد تقدَّم ذلك أيضًا.

==========

[ج 1 ص 243]

(1/1690)

[حديث: في كلِّ صلاة يقرأ فما أسمعنا رسول الله أسمعناكم]

772# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن عليَّة، الإمام أبو بشر، تقدَّم [1].

قوله: (حَدَّثَنَا [2] ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الإمام أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ [3] عَطَاءٍ): هذا هو عطاء بن أبي رباح، أبو مُحَمَّد، المكِّيُّ الإمام، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم بعض ترجمته.

تنبيهٌ: جماعةٌ يقال لكلِّ واحد منهم: عطاء يروون عن أبي هريرة في الكتب السِّتَّة أو بعضها: عطاء بن أبي رباح هذا راوي هذا الحديث، وعطاء بن أبي علقمة بن الحارث بن نوفل، وعطاء بن أبي مسلم الخراسانيُّ، وعطاء بن ميناء، وعطاء بن يزيد اللَّيثيُّ ثمَّ الجندعيُّ، وعطاء بن يسار مولى ميمونة، وعطاء مولى ابن أبي أحمد، ويقال: مولى أبي أحمد، وعطاء المدنيُّ مولى أمِّ صُبية الجُهنيَّة، وعطاء الزَّيَّات.

قوله: (سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا أنَّه [4] عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[1] (تقدَّم): سقط من (ب).

[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنِي).

[4] زيد في (ب): (كتاب قوله الفجر ذكر فيه).

[ج 1 ص 243]

(1/1691)

[باب الجهر بقراءة صلاة الفجر]

[قوله: (باب الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ [1] الْفَجْرِ): ذكر فيه [2] حديث أمِّ سلمة، وليس فيه تعيين صلاة الفجر، لكن سيأتي في (باب من صلَّى ركعتي الطَّواف خارجًا من المسجد): أنَّها كانت صلاة الصبح، ولهذا علَّقه هنا، وفي الباب بعده (باب القراءة في الفجر)، والله أعلم] [3].

قوله: (وَقَالَتْ [4] أُمُّ سَلَمَةَ): تقدَّم أعلاه [5] الكلام عليها، وأعلاه [6] لِمَ خرَّج حديثها هنا في (باب الجهر بقراءة الفجر)؛ فانظره.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (صَلاَةِ).

[2] (الفجر ذكر فيه): سقط من (ب).

[3] ما بين معقوفين جاء في (ج) متقدِّمًا، بعد قوله: (قوله: ولا آلو ..... أي أقصر)، وهي مستدركة في (أ) في ذاك المكان، وعليها علامة تأخير.

[4] في (ج): (وقال)، وليس بصحيح.

[5] (أعلاه): سقط من (ب).

[6] (وأعلاه): سقط من (ب).

[ج 1 ص 243]

(1/1692)

[حديث: انطلق النبي في طائفة من أصحابه عامدين ... ]

773# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تقدَّم أنَّه الوضَّاح بن عبد الله اليشكريُّ، وتقدَّم بعض ترجمته قبل ذلك.

قوله: (عَنْ أَبِي بِشْرٍ): هو بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة، واسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، اليشكريُّ البصريُّ ثمَّ الواسطيُّ، عن سعيد بن جبير وعامر الشعبيِّ، ولقي من الصَّحابة عبَّاد بن شرحبيل، وعنه: شعبة وهشيم، صدوقٌ، تُوُفِّيَ سنة (125 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ): وهذا في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «التِّرمذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، وفي «السيرة» لابن سيِّد النَّاس قال [2]: وفي انصراف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من الطائف راجعًا إلى مكَّة حين يئس من خير ثقيف مرَّ به النفر من الجنِّ وهو بنخلةَ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وهم _فيما

[ج 1 ص 243]

ذكر ابن إسحاق_ سبعة من جنِّ نصيبين، وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد قام من اللَّيل يصلِّي ... إلى آخره، فالذي في «السيرة»: (أنَّه اجتمع بهم في رجوعه من الطائف، ولم يكن معه إذ ذاك في رجوعه من الطائف إلَّا زيد، فإنَّه كان معه في الطائف، وفي كونه معه خلاف [3])، والذي في «الصحيح» وغيره: (أنَّه اجتمع بهم [4] وهو خارج من مكَّة عامدين إلى سوق عكاظ ومعه أصحابه)، وفي «الصحيح»: (أنَّه كان يصلِّي بهم صلاة الفجر)، وفي «السيرة»: (أنَّه قام يصلِّي من جوف اللَّيل)، وعن «طبقات ابن سعد»: (أنَّه كان معه زيد بن حارثة، فاستمع له _أي: للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم_ الجنُّ وهو يقرأ سورة الجنِّ)، وهذا يخالف ما تقدَّم في «الصحيح»، فإنَّ فيه التصريحَ بأنَّ {قُلْ أُوْحِيَ إِلَيَّ} [5] [الجنِّ: 1] نزلت بعد استماعهم، فلعلَّهما قضيتان، فإن لم يمكن التعدُّد؛ فالصحيح قول «الصحيح» ومن معه، والله أعلم.

قوله: (إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ): هذه السوق معروفة بقرب مكَّة، و (عُكَاظ): بضمِّ العين المهملة، ثمَّ كاف مخفَّفة، وفي آخره ظاء معجمة، وهي غير مصروفة؛ للعلمية والتَّأنيث، ويجوز صرفها أيضًا، فعن «المحكم»: (عن اللِّحيانيِّ: أهل الحجاز تصرفها، وبنو تميم لا تصرفها).

(1/1693)

قوله: (وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ): في [6] هذا الحديث [7]: أنَّ رمي الشهب إنَّما وقع في أوَّل الإسلام من أجل استراق الشياطين السمعَ، وفي «مسلم» ما يعارضه، ولاختلاف الأحاديث اختلف الناس على قولين، والأحسن التوُّسط، فيقال: إنَّها كانت تُرْمَى بها قبل المولد، ثمَّ إنَّه استمر ذلك وكثر حتَّى مُنعوا بالكُلِّيَّة، وفيه جمع بين الأحاديث.

قوله: (نَحْوَ تِهَامَةَ): هو كلُّ ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، سُمِّي بذلك؛ لتغيُّر هوائها، يقال: أتهم الدهن؛ إذا تغيَّر ريحه، ومكَّة من تهامة معدودة.

قوله: (فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ): هؤلاء الجماعة الجنُّ المشار إليهم من جنِّ نصيبين، وسمعت عن بعض مشايخي الحلبيِّين ولم أسمعه منه: أنَّ نصيبين هذه من اليمن، ويردُّ عليه قولَه ما في «مسلم»: (أنَّهم من جنِّ الجزيرة)، فتعيَّن أن تكون نصيبين الجزيرة، وفي كلام شيخنا الشَّارح [8] عن «تفسير عبد بن حميد»: (أنَّهم من نينوى، وافَوه بنخلةَ، وقيل: بشعب الحجون)، انتهى.

قوله: (وَهْوَ بِنَخْلَةَ): هو موضعٌ قريبٌ من مكَّة، وعند «مسلم»: (بنخل)، وفيه نظر.

قوله: (وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ): سيأتي الكلام على هؤلاء الجنِّ، وقوله: (أُوحي إليه): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (قولُ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل.

فائدة: هؤلاء كانوا سبعة، ونقل شيخنا عن ابن التِّين: (أنَّهم كانوا تسعة) انتهى، وقد رأيت هذا في «المستدرك» في (سورة الأحقاف)، وقد ذُكِروا بأسمائهم في التفاسير والمُسنَدَات: (شاصر، وماصر، ومَنْشي، وماشي، والأحقب)، وهؤلاء الخمسة ذكرهم ابن دُريد، وذُكِر فيهم: (سُرَّق [9])، ذكره أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «مناقب عمر بن عبد العزيز»، انتهى.

وعمرو بن جابر، وقد ذكر الذَّهبيُّ في «الصَّحابة»: (عمرو بن جابر) فقط، قال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (عمرو بن جابر: هو الحيَّة التي كفَّنها ودفنها صفوان بن المعطَّل بالقزح) انتهى، وقصَّته في «المسند» لأحمد من حديث صفوان بن المعطَّل، والظاهر من القصَّة أنَّ الذي كفَّنها غير صفوان، انتهى.

(1/1694)

وقد ذكر الذَّهبيُّ في «تجريده» في (الصَّحابة) من الجنِّ: عَمرًا الجنِّيَّ، قيل: إنَّه عمرو بن طارق، روى عنه عثمان بن صالح المصريُّ، أوردناه اقتداء بأبي موسى، ذُكِر في ليلة الجنِّ في حديث ابن مسعود، «س»؛ يعني: ذكره أبو موسى، والظاهر أنَّ هذا يكون من الذين استمعوا القرآن.

وقد ذكر الذَّهبيُّ في «تجريده» شخصًا [10] آخر اسمه مالك بن مالك، من [11] هواتف الجنِّ، الذي ارتجز في ظهور النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، إن صحَّ سنده، «س»؛ يعني: ذكره أبو موسى.

وذكر الذَّهبيُّ أيضًا: زوبعة [12] من الذين استمعوا، إن صحَّ، فعلى تقدير صحَّته يكون زوبعة لقبًا لواحد منهم، أو اسمًا له، والمذكور فيهم لقب له، وقد رأيت في «الغيلانيَّات» في أوائل الجزء السابع منها حديثًا: (عن مَنُوسَ، عن سمحج)، وهو من الجنِّ الذين وفدوا على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وسمَّاه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عبدَ الله.

وفي «موضوعات» ابن الجوزيِّ في باب بُعَيد [13] (إبليس) حديث، وفيه امرأة من الجنِّ يقال لها: فارعة [14]، ثمَّ ذكره من طريق آخرَ أنَّ اسمها عفراء بنت الرجل الصالح، وظاهره أنَّها صحابيَّة، ولكنَّ الحديث موضوعٌ، ولو صحَّ؛ لعُدَّت من الصَّحابيَّات، ولم أر أحدًا ذكرها في (فارعة)، ولا في (عفراء)، ثمَّ ذكر الحديث من طريق، وسمَّاها الفارعة بنت المستورد.

وفي «تجريد» الذَّهبيِّ من الجنِّ شخص يقال له: وردان، ولفظه: (وزدان الجنِّيُّ، يروى له ذِكْرٌ في ليلة الجنِّ في حديث ابن مسعود، «س»)؛ أي: ذكره أبو موسى.

وفي «التجريد» أيضًا: (هامة بن الهيم، وحديثه موضوع، وعبد النور الجنِّيُّ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعنه أقضى القضاة محمود بن مُحَمَّد العدويُّ، روى شيخنا ابن حمُّويه عن رجل عنه، وهذه خُرافة مهتوكة)، قاله الذَّهبيُّ.

فالذين [15] وقفت عليهم أنَّهم [16] عُدُّوا من الجنِّ غير السِّتَّة المذكورين أوَّلًا أوَّلهم شاصر: عمرو بن طارق، وعمرو بن جابر، ووردان، وسمحج، وهامة بن الهيم، وعبد النور، ومالك بن مالك، وزوبعة [17]، والمرأة الفارعة [18].

(1/1695)

فائدة: الجنُّ أولاد إبليس، والكافر منهم شيطان، ولهم ثواب وعقاب، واختُلِف في دخولهم الجنَّة، والعُمومات تقتضيه، وبه قال الشَّافعيُّ وغيره، وأمَّا أبو حنيفة؛ فعنه روايتان؛ الأولى: التردُّد، وقال: لا أدري أين مصيرهم؟ الثانية: يصيرون يوم القيامة ترابًا، وقيل: ليسوا بشياطين، ومنهم كافر ومؤمن، ويموتون، والشياطين ليسوا منهم بمؤمنين، ولا يموتون إلَّا مع إبليس، ويروى عن وهب بن منبِّه أنَّه قال: (الجنُّ أجناس؛ فخالص الجنِّ لا يأكلون، ولا يشربون، ولا يتناكحون، ومنهم من يأكل، ويشرب، وينكح، ويُولد له، ومن هذا الغِيلان، والسعالي، والقطاربة)، ذكر ذلك المُحبُّ الطَّبريُّ عن وهب، انتهى.

وقد اختُلِف في أنَّهم يأكلون حقيقة أم لا؟ فزعم بعضهم: أنَّهم يتغذَّون بالشَّمِّ، ويردُّ هذا ما في الحديث: «تصير العظم كأوفر ما كان لحمًا، والروث لدوابِّهم»، ولا تصير كذلك إلَّا للآكل حقيقة، وهو المرجَّح عند جماعة العلماء، ومنهم من قال: هم طائفتان: طائفة: تشمُّ، وطائفة: تأكل.

فائدة: سمعت من شيخنا شيخ الإسلام البلقينيِّ سراج الدين، نقل عن الحارث بن أسد المحاسبيِّ بعد أن رجَّح [19] شيخنا أنَّهم يدخلون الجنَّة، قال: إنَّهم يكونون في أسفل الجنَّة ونراهم ولا يرونا، عكس الدُّنيا) انتهى، [وسيأتي في [20] (ذكر الجنِّ) في (بدء الخلق) أنَّ هذا في «معجم الطَّبرانيِّ»] [21]، وفي «التذكرة» للقرطبيِّ في (باب ما جاء أنَّ للجنَّة رُبُضًا ورحابًا)، وكلامًا عن الزُّهريِّ، والكلبيِّ، ومجاهد: (أنَّ مؤمني الجنِّ حول الجنَّة في رُبُض ورحاب وليسوا فيها [22])، انتهى.

(1/1696)

فائدة: ذكر بعضهم في قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ} [الأنعام: 130] أنَّ ظاهرها أنَّ من الجنِّ رسلًا، وهذه المسألة فيها خلاف [23]، قيل: بعث الله رسولًا واحدًا من الجنِّ إليهم، اسمه يوسف، وقيل: رسل الجنِّ هم رسل الإنس، فهم رسل الله بواسطة؛ إذ هم رسل رسله، ويؤيِّده: {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} [الأحقاف: 29]، قاله ابن عبَّاس والضَّحَّاك، وروي: أنَّ قومًا من الجنِّ استمعوا إلى الأنبياء، ثمَّ عادوا إلى قومهم فأخبروهم، كما جرى لهم مع نبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم، فيقال لهم: رسل الله، وإن لم يكونوا رسله حقيقة، وعلى هذين القولين: يكون الضمير عائدًا إلى الجنِّ والإنس، وقد تعلَّق قومٌ بهذا الظاهر، فقالوا: بعث الله إلى الجنِّ رسلًا، ولم يفرِّقوا بين مكلَّفين ومكلَّفين أن يُبْعَث إليهم رسولٌ من جنسهم؛ لأنَّهم به آنس وآلف، وقال مجاهد والضَّحَّاك وابن جريج والجمهور: من الإنس دون الجنِّ، ولكن لمَّا كان النداء لهما والتوبيخ

[ج 1 ص 244]

معًا؛ جرى الخطاب على سبيل التجوُّز المعهود في كلام العرب؛ تغليبًا للإنس؛ لشرفهم، وتأوَّله الفراء: على حذف مضاف؛ أي: من أحدكم؛ كقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرَّحمن: 22]؛ أي: من أحدهما؛ وهو الملح، وكقوله: {وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا}؛ أي: في إحداهنَّ؛ وهي سماء الدُّنيا، {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أيَّام مَّعْلُومَاتٍ} [الحجِّ: 28]: أراد بالذِّكر: التكبير [24]، والأيَّام المعلومات: العشر؛ أي: في أحد أيَّام العشر؛ وهو يوم النحر، وقال الكلبيُّ: (كانت الرسل يُبْعَثون إلى الإنس، وبُعِث مُحَمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الجنِّ والإنس، وروي هذا أيضًا عن ابن عبَّاس، وقال بعض المفسِّرين في قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ}: إنَّه يوسف هذا الذي بعثه الله إلى الجنِّ، وقيل: إنَّه غيره، والله أعلم)، وللبزَّار في «مسنده»: «كان النَّبيُّ عليه السَّلام [25] يُبْعَث إلى قومه، وبُعِثْتُ إلى الجنِّ والإنس»، وقد أطلنا الكلام في ذلك، ولكن ذكرناه جملة؛ لنحيل عليه ما يأتي من ذلك.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ).

[2] (قال): سقط من (ب).

[3] (وفي كونه معه خلاف): سقط من (ج).

[4] زيد في (ج): (رجوعه)، وهو سبق نظر.

[5] في (ج): (التي).

(1/1697)

[6] في (ب): (ففي).

[7] (في هذا الحديث): سقط من (ج).

[8] (الشارح): سقط من (ج).

[9] في (ج): (سُرَّف)، ولعله تصحيف.

[10] في (ب): (نجيبًا)، بدون نقط.

[11] (من): سقط من (ب).

[12] في (ج): (رويعة)، وهو تصحيف.

[13] في (ج): (تقييد).

[14] «موضوعات ابن الجوزيِّ» (1/ 206)، وفيه: (فارغة).

[15] في (ب): (والذين).

[16] في غير (ب): (أنَّه).

[17] في (ج): (رويعة)، وهو تحريف.

[18] في (ب): (القارعة).

[19] (رجح): سقط من (ج).

[20] ما بين قوسين سقط من (ج).

[21] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[22] في (ب): (فيه).

[23] في (ج): (اختلاف).

[24] في (ج): (التكثير)، وهو تصحيف.

[25] في (ب): (صلَّى الله عليه وسلَّم).

(1/1698)

[حديث: قرأ النبي فيما أُمر وسكت فيما أُمر]

774# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عليَّة، الإمام أبو بشر، تقدَّم قريبًا وبعيدًا بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنَا أيُّوب): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة كيسان، السَّختيانيُّ، الإمام الفرد.

قوله: (فِيمَا أُمِرَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا قوله الثانية: (فِيمَا أُمِرَ).

قوله: ({لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}) [الأحزاب: 21]: {أسْوَةٌ}: بضمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان، وهما قراءتان في السبع.

(1/1699)

[باب الجمع بين السورتين في الركعة]

قوله: (باب الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ ... ) إلى آخر الترجمة: موضع الاستشهاد على القراءة بالخواتيم: قول قتادة في الذي يقسم السورة؛ فيقرأ في الثانية بنصفها الثاني: (كُلٌّ كِتَابُ اللهِ).

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ): (يُذكر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وقد تقدَّم أنَّ هذا تعليق بصيغة تمريض؛ لضعفه عنده، و (عبد الله بن السائب): هو عبد الله بن السائب بن أبي السائب صيفيِّ بن عابد المخزوميُّ، قارئ مكَّة، له صحبة، قرأ على أُبيِّ بن كعب، عنه: عطاء ومجاهد، تُوُفِّيَ [1] قبل ابن الزبير عبد الله بيسير، وتُوُفِّيَ ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين، أخرج له مسلم والأربعة، وهذا التعليق أخرجه مسلم، وقال: (بمكَّة)، وعند أبي داود: (الشكُّ من مُحَمَّد بن عبَّاد بن جعفر)، وعند ابن ماجه: (فلمَّا بلغ ذكرَ عيسى وأمِّه؛ أخذته سعلة)، أو قال: (شهقة)، وفي رواية: (شرقة)، وعند الطَّبرانيِّ: (يوم الفتح).

قوله: (حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ): (ذكرُ): مَرْفوعٌ فاعل (جاء).

قوله: (أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ): هي بفتح السِّين، كما قيَّدها النَّوويُّ في «شرح مسلم»، وقال شيخنا الشَّارح عن ابن التِّين: (إنَّه قال: بفتح السِّين)، كذا رُوِّيناه، وروي: بضمِّها.

قوله: (وَقَرَأَ الأَحْنَفُ): هو الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين، أبو بحر، التميميُّ السعديُّ البصريُّ، واسمه الضَّحَّاك، وقيل: صخر، لم يرَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُروى: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم دعا له، عن عُمر، وعثمان، وعليٍّ، وابن مسعود، وأبي ذرٍّ، وطلحة، والزبير، وجماعة، وعنه: الحسن، وحُميد بن هلال، وجماعة، وكان سيِّدًا نبيلًا، قال أحمد العجليُّ: (بصريٌّ ثقة)، تُوُفِّيَ سنة (67 هـ)، وقيل: سنة (72 هـ).

قوله: (مِنَ الْمُفَصَّلِ): قدَّمتُ فيه عشرة أقوال؛ فانظرها، والأصحُّ: من (الحجرات) إلى آخر القرآن.

(1/1700)

قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ ... )؛ الحديث: هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، أبو عثمان العمريُّ، تقدَّم بعض ترجمته، قال الدِّمياطيُّ: (رواه التِّرمذيُّ عن البخاريِّ، عن ابن أبي أويس، عن عبد العزيز بن مُحَمَّد، عن عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، وقال: حسن غريب، من حديث عبيد الله) انتهى، زاد الحافظ جمال الدين المِزِّيُّ في «أطرافه»: (رواه يحيى بن أبي طالب، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد العزيز بن مُحَمَّد وسليمان بن بلال؛ كلاهما عن عُبيد الله بن عمر)، انتهى.

قوله: (كَانَ رَجُلٌ [2] مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الرجل اسمه كلثوم بن الهِدْم، قال شيخنا الشَّارح: (ذكره أبو موسى المدينيُّ في «الصَّحابة»)، انتهى، [وقال بعض حُفَّاظ العصر: (هو كلثوم بن الهدْم)، وقيل: (كرز بن زهدم)، كذا رأيته بِخَطِّ الرشيد العطَّار نقلًا عن «صفة التصوُّف» لابن طاهر، انتهى.

تنبيه: كرز بن زهدم هذا: لا أعرفه أنا في الصَّحابة، وفيهم من اسمه كرز جماعةٌ، ولكن كرز بن زهدم لا أعرفه، والله أعلم] [3].

قال الذَّهبيُّ: (كلثوم بن الهِدْم الأنصاريُّ الأوسيُّ، أحد بني عمرو بن عوف، نزل عليه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم والصَّحابة [4] بقباء، وكان شيخ بني عمرو بن عوف، أسلم وقد شاخ، وتُوُفِّيَ قبل بدر بيسير، ثمَّ أسعد بن زرارة) انتهى لفظه، وسيأتي، وتقدَّم فيه خلاف أنَّه حين نزل عليه الصَّلاة والسَّلام عليه كان مسلمًا أم أسلم بعد النزول؟ وقد ذكر أبو عمر كلثومًا في الصَّحابة، وذكر الخلاف في نزوله عليه الصَّلاة والسَّلام عليه [5]، وما يتعلَّق به، ووفاته، قال شيخنا [6]: (قال ابن بشكوال: إنَّ هذا الرجل الذي كان يقرأ لأصحابه قتادة بن النُّعْمان الظفريُّ) انتهى، والذي رأيته في «مبهمات ابن بشكوال» من حديث أبي سعيد: أنَّ المُتَقالَّ هو قتادة بن النُّعْمان، وعزاه للعثمانيِّ في «الصَّحابة»، والذي هنا من حديث أنس، وكذا انتقده ابن شيخِنا البلقينيِّ، وقد [7] ذكرهما ابن شيخِنا البلقينيِّ عن بعض الشروح، _ولعلَّه [8] أراد: شرح شيخنا_ قال: (ولم أقف على ذلك في «ابن بشكوال»).

قوله: (فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ): تقدَّم ما في (قباء) من اللُّغات غيرَ مَرَّةٍ.

(1/1701)

قوله: (فَإِمَّا تَقْرَأُ [9] وإِمَّا أَنْ تَدَعُهَا [10]): (إمَّا) في الموضعين: بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (وَكَانُوا يُرَوْنَه [11]): هو بضمِّ أوَّله؛ أي: يظنُّونه، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] في (ب) و (ج): (وتُوُفِّيَ).

[2] في هامش (ق): (هذا الرجل اسمه كلثوم بن الهدم، وقال ابن بشكوال في «مبهماته»: هو قتادة بن النعمان الظفري، ذكر الأوَّل أبو موسى في «الصَّحابة» جماعة شيخنا شيخ الثاني).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[4] في (ب) و (ج): (وأصحابه).

[5] (عليه): سقط من (ب).

[6] (قال شيخنا): سقط من (ج).

[7] في (ج): (وكذا).

[8] في (ج): (ونقله).

[9] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (بها).

[10] في (ج): (يدعها)، وهو تصحيف.

[11] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية الأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يَرَون)؛ بالفتح.

[ج 1 ص 245]

(1/1702)

[حديث: قرأت المفصل الليلة في ركعة]

775# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ [1] إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ) هذا الرجل يقال له: نَهيك بن سنان، كذا في «صحيح مسلم».

قوله: (قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ اللَّيْلَةَ): تقدَّم في (المفصَّل) عشرة أقوال، والأصحُّ: أنَّه من (الحجرات) إلى آخر القرآن، قال المُحبُّ الطَّبريُّ: (قيل: المفصَّل: القرآن كلُّه)، [ذكر ذلك في «أحكامه».

قوله: (هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ): (الهَذُّ)؛ بفتح الهاء، وتشديد الذال المعجمة؛ أي: سرعةَ قراءةٍ وعجلةً، والهذُّ: السرعة، وانتصب (هذًّا) على المصدر، قاله الهرويُّ] [2] في «الغريبين»، وابن الأثير في «النهاية»، وغيرُهما.

قوله: (لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ): أطلق ابن مسعود على هذه السور: نظائر، يجوز أن يكون لما اشتركت السورتان فيه من الموعظة، أو الحكم والقصص، أو غير ذلك، وإمَّا للتفاوت في القدر، وإمَّا للمقارنة، فإنَّ القرين يقال له: نظير وإن لم يكن بينهما اشتراك في معنًى، وإطلاق ابن مسعود إنَّما كان بعد المقارنة، قاله بنحوه المُحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»، وقال فيها: (قلت: وكنت أتخيل أنَّ النظير بين هذه السور؛ لتساويهما في عدد الآي حتَّى اعتبرتها، فلم أجد شيئًا منها يساوي شيئًا، فدلَّ على أنَّ النظير لمعنًى آخر ... ) إلى أن قال: (وقد ذكرت [3] نظائر في عدد الآي؛ إحدى وعشرين نظيرة عدد [4] آيها متساوية)؛ فذكرها، انتهى.

قوله: (يَقْرُنُ [5] بَيْنَهُنَّ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الرَّاء، وعليه اقتصر النَّوويُّ في شرح هذا الحديث، وكسرُها لغةٌ، فهما [6] لغتان، حكاه النَّوويُّ في (الجمعة) في قوله [7]: (ويقرن بينهما) أي: بين إصبعيه السبابة والوسطى.

قوله: (فَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ): جاء بيان هذه السور في «سنن أبي داود»: («الرَّحمن» و «النجم» في ركعة، و «اقتربت» و «الحاقَّة» في ركعة، و «الطور» و «الذاريات» في ركعة،

[ج 1 ص 245]

و «إذا وقعت» و «نون» في ركعة، و «سأل سائل» و «النازعات» في ركعة، و «ويل للمطفِّفين» و «عبس» في ركعة، و «هل أتى» و «لا أقسم» في ركعة، و «عمَّ يتساءلون» و «المرسلات» في ركعة، و «الدُّخان» و «إذا الشمس كوِّرت» في ركعة)، وزاد في رواية ابن الأعرابيِّ: (و «المدَّثِّر» و «المزَّمِّل» في ركعة)، وفي رواية: («الدخان» و «عمَّ»).

==========

(1/1703)

[1] في هامش (ق): (هذا الرجل يقال: إنَّه نهيك بن سنان، كذا في «صحيح مسلم» في أوَّل الربع الثاني منه؛ فاعلمه).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] (وقد ذكرت): سقط من (ج).

[4] في (ج): (وعدد).

[5] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة» بضمِّ الراء وكسرها معًا.

[6] في (ب): (فيهما).

[7] في (ج): (وله).

(1/1704)

[باب: يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب]

(1/1705)

[حديث: أنَّ النبيَّ كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب .. ]

776# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العوذيُّ، تقدَّم، وأنَّ العوذ [1] بطن من الأزد، وتقدَّم ضبطُه.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كَثير، تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وبالمثلَّثة، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم أنَّ أباه أبا قتادة الحارثُ بن ربعيٍّ، وقيل: اسمه النُّعْمان، وقيل: عمرو، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[1] في (ج): (العوذي).

[ج 1 ص 246]

(1/1706)

[باب من خافت القراءة في الظهر والعصر]

قوله: (باب مَنْ خَافَتَ الْقِرَاءَةَ): تقدَّم أنَّ (خافت) إنَّما يتعدَّى بالباء، قال الله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، وتقدَّم أنَّ المخافتة: الإسرار، وجوَّزْتُ فيما مضى أنَّ (القراءة) يجوز أن يكون نَصَبَها على نزع الخافض، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 246]

(1/1707)

[حديث خباب: أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر؟]

777# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ): تقدَّم أنَّ (عُمارة): بضمِّ العين، وتخفيف الميم، ووقع في أصلنا: (عن عمير)، وصوابه: ابن عمير، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن سخبرة، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 246]

(1/1708)

[باب: إذا أسمع الإمام الآية]

(1/1709)

[حديث: أنَّ النبي كان يقرأ بأم الكتاب وسورة معها في الركعتين .. ]

778# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ): تقدَّم أنَّ هذا هو الفريابيُّ، وهو مُحَمَّد بن يوسف بن واقد، مُحَدِّث قيساريَّة، تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريُّ البيكنديُّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم مرارًا أنَّه أبو عمرو عبد الرَّحمن بن عمرو، شيخ الإسلام وأحد الأعلام، وتقدَّم بعض ترجمته، ومنها: أنَّه أفتى في سبعين ألف مسألة.

==========

[ج 1 ص 246]

(1/1710)

[باب يطول في الركعة الأولى]

(1/1711)

[حديث: أن النبي كان يطول في الركعة الأولى من صلاة الظهر]

779# قوله: (حَدَّثَنا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم الكلام على ضبط (دُكَين)، وتقدَّم بعض ترجمة أبي نعيم.

قوله: (حَدَّثَنا هِشَامٌ): هو هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتَوائِيُّ، وقد تقدَّم الكلام على نسبته، وبعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 246]

(1/1712)

[باب جهر الإمام بالتأمين]

(بَابُ جَهْرِ الإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ) ... إلى (بَاب السُّجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ)

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ: آمِينَ دُعَاءٌ): هذا هو عطاء بن أبي رباح مفتي أهل مكَّة، تقدَّم بعض ترجمته.

إن قلت: ما وجه مطابقة قول عطاء للتَّرجمة؟ وجوابُه: أنَّه حكم بأنَّ التَّأمين دعاء، فيقتضي ذلك أن يقوله الإمام؛ لأنَّه في مقام الدَّاعي بالمأموم، وإنَّما مُنِع الإمامُ عند القائل بالمنع؛ لأنَّه إجابةٌ للدعاء، فمقتضى [1] ذلك أن يجيب بها المأمومُ دعاءَ إمامه، قاله ابن المُنَيِّر، انتهى.

فائدةٌ: في (آمين) خمس لغات؛ أفصحها: بالمدِّ، ثانيها: القصر، ثالثها [2]: بالمدِّ، والإمالة مخفَّفة الميم، رابعها: بالمدِّ، وتشديد الميم، وأُنكِرت، وفي البطلان بها وجه، خامسها: بالقصر، والتشديد، وهي غريبة، قال ابن قُرقُول: (آمين): (مطوَّلة ومقصورة، ومخفَّفة ومُشدَّدة، وأنكر أكثر العلماء شدَّ الميم، وأنكر ثعلبٌ قصرَ الهمزة إلَّا في الشِّعر، وصحَّحه يعقوب في الشعر وغيره، والنُّون مفتوحة أبدًا؛ مثل: (كيف) و (ليت)، واختُلِف في معناها، فقيل: كذلك يكون، وقيل: هو اسم من أسماء الله تعالى أصله القصر، فأُدخِلت عليه همزةُ النداء، كما يقال: آمين استجب دعاءنا، وهذا لا يصحُّ [3]، ليس في أسماء الله تعالى اسم مبنيٌّ ولا غير معرب مع أنَّ أسماءه لا تثبت إلَّا قرآنًا أو سُنَّةً متواترة، وقد عُدِم الطَّريقان) انتهى، وقد اختار بعضهم ثبوتها بالآحاد، انتهى، قال ابن قُرقُول: (وقيل: آمين: درجة في الجنَّة تجب لقائلها، وقيل: هي طابع الله على عباده يدفع به الآفَّات، وقيل: معناها: اللَّهمَّ؛ آمِّنا بخير، وقيل: معناه: مَن استُجِيب له كما استجاب للملائكة، وقيل: معناه: اللَّهمَّ؛ استجبْ لنا).

قوله: (إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً): (إنَّ): بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ، و (اللَّجَّة)؛ بفتح اللَّام، وتشديد الجيم: هي اختلاط الأصوات؛ مثل: اللَّجبة، و (اللَّجَبة): رواية في هامش أصلنا، وهي بفتح اللَّام والجيم، وفي هامش أصلنا: مُسكَّنة الجيم بالقلم.

(1/1713)

قوله: (وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُنَادِي الإِمَامَ): أفاد ابن شيخِنا البلقينيِّ عن «طبقات ابن سعد» وذكرَ السَّند بذلك: أنَّ الإمامَ العلاءُ بنُ الحَضْرميِّ، وقال شيخنا: (رواه ابن حزم من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنَّه كان مُؤذِّنًا للعلاء بن الحضرميِّ بالبحرين، فاشترط عليه ألَّا يسبقه بـ «آمين»)، انتهى، وقال قبله: (رواه البيهقيُّ من حديث أبي رافع: أنَّ أبا هريرة كان يُؤذِّن لمروان بن الحكم، فاشترط ألَّا يسبقه بـ {الضَّالِّينَ} حتَّى يعلم أنَّه قد دخل الصَّفَّ، وكان إذا قال مروان: {وَلاَ الضَّالِّينَ}؛ قال أبو هريرة: «آمين» يمدُّ بها صوتَه) انتهى [4].

قوله: (لاَ تَفُتْنِي [5] بِآمِينَ): وفي رواية: (لا تسبقني)، قال شيخنا: قال ابن بطَّال: (معناه: لا تُحرِم بالصَّلاة حتَّى أفرغَ من الإقامة؛ لئلَّا تسبقني بقراءة أمِّ القرآن، فيفوتَني التَّأمينُ معك، وهو حجَّة للحنفيَّة في قولهم: (إذا بلغ المؤذِّن في الإقامة: قد قامت؛ وجب على الإمام الإحرام)، والفقهاء على خلافهم؛ لأنَّهم لا يرَون إحرام الإمام إلَّا بعد تمام الإقامة وتسوية الصفوف.

قوله: (فِي ذَلِكَ خَيْرًا): هو في أصلنا بالمُثَنَّاة تحتُ، وفي الهامش نسخة: (خبرًا)؛ بالمُوَحَّدة، واحد الأخبار، وذكره شيخنا عن ابن التِّين بهما، وبعضهم ذكر: (خيرًا)؛ بالمُثَنَّاة للجمهور، قال: وعند أبي ذرٍّ بمُوَحَّدة مفتوحة، قال: وهو أولى.

==========

[1] في (ب): (فيقتضي).

[2] في (ج): (وثالثها).

[3] (لا يصحُّ): سقط من (ب).

[4] في (ج): (آمين).

[5] في (ج): (يفتني)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 246]

(1/1714)

[حديث: إذا أمن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين]

780# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تقدَّم أنَّ (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ، وتقدَّم اسمُه ونسبُه، وأنَّ (المسيّب) بكسر الياء وفتحها مُطَوَّلًا، وأنَّ غير والد (سعيد) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، وأنَّ (أبا سلمة) اسمُه عبد الله أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ): إن رفعتَ الأوَّلَ؛ فانصبِ الثَّاني، وإن نصبتَه؛ فارفعِ الثاني، وهذا ظاهرٌ، والموافقة: قيل: هي موافقة القول؛ لقوله: «قالت الملائكة: آمين»، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (فهذا هو الصَّحيح والصَّوابُ) انتهى، وقيل: في الصَّفة؛ من الخشية والإخلاص،

[ج 1 ص 246]

وقيل: هو أن يكون دعاؤه لعامَّة المؤمنين؛ كالملائكة، وقيل: معناه: من استُجِيب له كما يُستجاب للملائكة، ذكر ذلك ابن قُرقُول.

فائدةٌ: اختلفوا في الملائكة، فقيل: هم الحفظة، وقيل: غيرهم.

قوله: (غُفِرَ لَهُ مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ): قال شيخنا: (قال ابن بَزيزة: أشار بذلك إلى الصَّغائر، وما لا يكاد ينفكُّ عنه في الغالب من اللَّمم)، قال الدَّاوديُّ: (وقوله هذا قبل قوله في المؤمن: إنَّه يخرج من ذنوبه، ويكون مشيُه إلى الصَّلاة نافلةً، وقيل: إنَّه يمكن أن يكون أحدث شيئًا في مشيه، أو في المسجد، أو غير [1] ذلك فيما بين الوضوء والصَّلاة، وهو فيما بين العباد وربِّهم) انتهى.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ [2] رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: آمِينَ): (ابن شهاب): تقدَّم قريبًا أنَّه الزُّهريُّ، وهو تابعيٌّ صغير، وأنَّه لقي جمعًا مِن الصَّحابة [3]، لا كما قاله ابن الصَّلاح: الواحدَ والاثنين، وسيأتي مَن لقيه منهم إن شاء الله تعالى في (الجنائز)، فهو مُرسَل.

(1/1715)

[تنبيهٌ: مرسله هذا، قال شيخنا المؤلِّف في «تخريج أحاديث الوسيط»: (أخرجه الدَّارقطنيُّ، والحاكم، وابن حبَّان من حديث عبد الله بن سالم، عن الزُّبيديِّ: حدَّثني الزُّهريُّ عن أبي سلمة وسعيد، عن أبي هريرة قال: كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا فرغ من قراءة أمِّ القرآن؛ رفع صوته، وقال: «آمين»، قال الدَّارقطنيُّ [4]: إسناده حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاريِّ ومسلم، وفي «تحفة المنهاج» عزاه كذلك، لكن لم يذكر أنَّه من طريق (الزُّهريِّ)، وإنَّما ذكر الحديث بلا راوٍ بالكليَّة، وفي «تخريج أحاديث الرَّافعيِّ» كذلك، لكن قال: من حديث أبي هريرة.

واعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يقول: «آمين» من غير وجه، خارج «البخاريِّ»، و «مسلم»، أخرجه أبو داود، والتِّرمذيُّ في «سننهما» من حديث وائل بن حُجْرٍ عنه عليه الصَّلاة والسَّلام، قال التِّرمذيُّ: حديث وائل بن حُجْرٍ حسن، والله أعلم] [5].

(1/1716)

[باب فضل التأمين]

(1/1717)

[حديث: إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين]

781# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن ذكوان، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه بالنُّون.

قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (الأعرج)؛ فقد تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وأمَّا (أبو هريرة)؛ فقد تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى): تقدَّم بظاهرها.

قوله: (غُفِرَ لَهُ مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِهِ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [1].

==========

[1] في (ب): (قريبًا).

[ج 1 ص 247]

(1/1718)

[باب جهر المأموم بالتأمين]

(1/1719)

[حديث: إذا قال الإمام {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} .. ]

782# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ): تقدَّم أنَّ سُمَيًّا وزان: (عُليًّا)؛ مُصغَّرًا، وتقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه مولى أبي [1] بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام.

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (تَابَعَهُ مُحَمَّد بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على سُمَيٍّ؛ أي: تابع سُمَيًّا مُحَمَّدُ بن عمرو، فرواه: عن أبي سلمة عن أبي هريرة.

و (مُحَمَّد بن عمرو): هو بن علقمة بن وقَّاص اللَّيثيُّ، عن أبيه، وأبي سلمة، وطائفة، وعنه: شعبة، ومالك، ومُحَمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ، وخلقٌ، قال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس، مات سنة (144 هـ)، أخرج له الأربعة، والبخاريُّ [2] ومسلم متابعةً، كذا في رقمٍ في «الكاشف»، وكذا في «الميزان»، وفي «التذهيب» للذَّهبيِّ: (والبخاريُّ مقرونًا بغيره، ومسلم في المتابعات)، انتهى، وكأنَّ البخاريَّ أخرج له في مكانٍ مقرونًا، وأمَّا هنا؛ فهو في المُتابَعات، وله ترجمةٌ في «الميزان»، ومتابعته هذه ذكرها البخاريُّ هنا، وفي (التَّفسير)، قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (وهذا الحديث ممَّا رواه عليُّ بن حُجْر، عن إسماعيل بن جعفر، عن مُحَمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة) انتهى، وهذه الطريق لم تكن في الكتب السِّتَّة ولا في بعضها.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن عبد الرَّحمن بن عوف، وقيل: إسماعيل، وهو أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): (ونعيم) معطوفٌ على (تابعه) أي: وتابعه نعيم عن أبي هريرة، ويكون الضمير في (تابعه) عائدًا على (أبي سلمة)، وهذا ظاهرٌ، و (نُعيم): تقدَّم الكلام عليه، ونعيد هنا بعض الكلام عليه، وهو نعيمُ بن عبد الله (المُجْمِرُ المدنيُّ، مولى آل عمر، عن أبي هريرة وجابر، وعنه: مالك وفُلَيح، ثقةٌ جالس أبا هريرة عشرين سنة، وثَّقه أبو حاتم، وجماعة) [3]، والمُجْمِر: كان يجمر مسجد المدينة عند جلوس عمر رضي الله عنه على المنبر، و (المجْمر) نعتٌ لعبد الله والدِ نُعَيم، لكنَّ نُعيمًا اشتُهِر به حتَّى يقال: نعيم المُجْمِر، ويقال أيضًا: المُجمِّر.

(1/1720)

ومتابعة (نُعيم) قال أبو مسعود: هكذا في رواية الفربريِّ وحمِّاد جميعًا؛ يعني: حمَّاد بن شاكر.

(1/1721)

[باب: إذا ركع دون الصف]

(1/1722)

[حديث: زادك الله حرصًا ولا تعد]

783# قوله: (هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ الحافظ، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم الكلام على نسبه قريبًا وبعيدًا.

قوله: (عَنِ الأَعْلَمِ، وَهْوَ زِيَادٌ): هو زياد بن حسَّان بن قرَّة الباهليُّ الأعلم، عن أنس والحسن، وعنه: همَّام والحمَّادان، ثقة ثقة قاله أحمد، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، ذكره في «الميزان» تمييزًا.

قوله: (عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ): أمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، تابعيٌّ جليل مشهور، واسم أبي الحسن يسار، تقدَّم بعض الكلام عليه.

وأمَّا [1] (أبو بكرة)؛ فاسمه نُفَيع، وقيل: مسروح بن الحارث بن كَلَدة _بفتح الكاف واللِّام_ ابن عمرو بن علاج بن أبي سلمة _وهو عبد العزَّى_ ابن غِيَرة _بكسر الغين المعجمة_ ابن عوف بن قَسِيٍّ؛ بفتح القاف، وكسر السِّين المهملة، وهو ثقيف بن مُنبِّه، الثَّقفيُّ، وأمُّه: سُمَّية أَمَةٌ للحارث بن كلدة، وهي أيضًا أمُّ زياد بن [2] أبيه، وإنَّما كني بأبي بكرة؛ لأنَّه تدلَّى من حصن الطَّائف إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ببكرة، وكان أسلم، وعجز عن الخروج من الطائف إلَّا هكذا، وأولاده أشراف بالبصرة في كثرة العلم والولايات، واعتزل أبو بكرة يوم الجمل، تُوُفِّيَ بالبصرة سنة (51 هـ)، وقيل: سنة (52 هـ) رحمه الله، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وأحمد في «المسند»، روى الحسن عن أبي بكرة في «البخاريِّ» أربعة أحاديث، ولم أر له في «مسلم» عنه شيئًا، وروى له عنه الأئمَّة الأربعة، قال الدَّارقطنيُّ: إنَّه لم يسمع منه، انتهى، وإن لم يكن في الأحاديث الأربعة التصريحُ بالسَّماع؛ فالبخاريُّ لا يكتفي بمجرَّد إمكان اللُّقيِّ، وعامَّة ما اعتلَّ به الدَّارقطنيُّ: أنَّ الحسن روى أحاديثَ عن الأحنف بن قيس، عن أبي بكرة، وذلك لا يمنع من سماعه منه ما أخرجه البخاريُّ، هذا كلام الحافظ صلاح الدين العلائيِّ، وكأنَّ الحافظَ المشار إليه لم يستحضر تصريح الحسن بالسَّماع من أبي بكرة في «البخاريِّ»، وقد صرَّح بالسماع منه في حديث: «إنَّ ابني هذا سيِّد» في (الصلح)، وقد قال البخاريُّ عقيبه كلام ابن المدينيِّ: (إنَّما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا)، وهو في «النَّسائيِّ الصَّغير» بصيغة: (سمعتُ) أيضًا، وفي «المسند» غير حديث صرَّح فيها بالإخبار والتحديث منه ليس هذا موضعها.

(1/1723)

قوله: (ولا تَعُدْ): هو بفتح التَّاء، وضمِّ العين، وبالدَّال الساكنة المهملتين، ومعناه: لا تَعُدْ أن تركع دون الصَّفِّ حتَّى تقوم في الصَّفِّ، وقيل: معناه: لا تَعُدْ أن تسعى إلى الصَّلاة سعيًا يَحفِزكَ [3] النَّفَسُ، والأوَّل نقله ابن التِّين عن الشَّافعيِّ، ويؤيِّدُه حديثٌ، انتهى، وحديثه أيضًا من بعض طرقه، قال شيخنا: (والثَّاني يؤيِّده حديث أبي بكرة هذا نفسُه مِن بعض طرقه، ويحتمل معنًى ثالثًا [4]، وهو لا تَعُد [5] إلى الإبطاء)، قال: وأحسن من الكلِّ ما جاء مُصرَّحًا به، وهو دخوله في الصَّفِّ راكعًا؛ كمشية البهائم، قاله المُهلَّب، قال ابن القطَّان في «علله»: (وهذا هو المراد، فإنَّ في مُصنَّف حمَّاد بن سلمة، عن زياد الأعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة: أنَّه دخل المسجد ورسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يصلِّي وقد ركع، فركع، ثمَّ دخل الصَّفَّ، وهو راكع، فلمَّا انصرف

[ج 1 ص 247]

رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ قال: «أيُّكم دخل الصَّفَّ وهو راكع؟»، فقال له أبو بكرة: أنا، فقال: «زادك الله حرصًا، ولا تَعُدْ»، قال ابن القطَّان: فتبيَّن بهذه الزيادة أنَّ الذي أنكر عليه الشارع إنَّما هو إن دَبَّ راكعًا، وقد كان هذا مُتَنازَعًا فيه إلى أن تبيَّن أنَّ هذا هو المراد، قلت: لكن ما رواه عن «الأوسط» يخالفه) انتهى كلام شيخنا.

==========

[1] في (ج): (فأما).

[2] في (ب) و (ج): (من)، وهو تحريف.

[3] في (ج): (بحفزك).

[4] في (ج): (ثانيًا).

[5] في (ب): (يعد).

(1/1724)

[باب إتمام التكبير في الركوع]

(1/1725)

[حديث: صلى مع عليٍّ بالبصرة فقال: ذكرنا هذا الرجل ... ]

784# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ [1]): هذا هو خالد بن عبد الله الطَّحَّان، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ الْجُرَيْرِيِّ): هو بضمِّ الجيم، وفتح الرَّاء، واسمه سعيد بن إياس، أبو مسعود، الجُرَيريُّ، عن أبي الطُفيل ويزيدَ بن الشِّخِّير، وعنه: شعبة ويزيد بن هارون، قال أحمد: كان مُحَدِّث أهل البصرة، وقال أبو حاتم: (تغيَّر حفظه قبل موته، وهو حسن الحديث، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (144 هـ) [2]، وله [3] ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ أَبِي الْعَلاَءِ): هو يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير العامريُّ، عن أخيه مُطرِّف، وأبيه، وعائشة، وعنه: قَتَادة، والحذَّاء، والنَّاس، مات سنة (100 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ.

قوله: (عَنْ مُطَرِّفٍ): هو بضمِّ الميم، وفتح الطَّاء، وتشديد الرَّاء مكسورة، ابن عبد الله بن الشِّخِّير، الحرشيُّ العامريُّ، أبو عبد الله، أحد الأعلام، عن أبيه، وأُبيٍّ، وعليٍّ، وعنه: أخوه يزيد، وقتادة، وأبو التيَّاح، مات سنة (95 هـ)، أخرج له الجماعة، قال ابن سعد: ثقة.

[قوله: (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ): هو بضمِّ الحاء، وفتح الصَّاد المهملتين، تقدَّم، وهذا معروف، وقد تقدَّم الكلام في الأسماء والكنى، والكلام على حضين بن المنذر؛ فإنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الضَّاد المعجمة، فردٌ، وتقدَّم إذا جاءت الكنية بالألف واللَّام؛ كيف النطق بها] [4].

==========

[1] في (ق): (أخبرنا خالد)، وفي هامشها: (ابن عبد الله).

[2] في (أ) و (ج): (44)، وليس بصحيح، وزيد فيهما: (له).

[3] في (ب): (له).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 248]

(1/1726)

[باب إتمام التكبير في السجود]

(1/1727)

[حديث: صليت خلف علي أنا وعمران بن حصين فكان إذا سجد كبر]

786# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، وتقدَّم بعض ترجمته، وهو بعيد من العرامة.

قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد بن درهم، أبو إسماعيل، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته، [وقد تقدَّم الكلام مُطَوَّلًا على (حمَّاد) إذا أُطلِق مَن يكون؟ أبن زيد أو ابن سلمة؟ وذلك باختلاف الراوي، فإن يكن سليمان أو عارم مُحَمَّد بن الفضل هذا؛ فهو ابن زيد، فإن [1] كان موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ أو عفَّان أو الحجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وتقدَّم أنَّ ابن سلمة علَّق له البخاريُّ، وروى له مسلم والأربعة، وتقدَّم أنَّ هدبة بن خالد إذا أطلقه؛ يكون ابن سلمة، قاله المِزِّيُّ] [2].

==========

[1] في (ب): (وإن).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 248]

(1/1728)

[حديث: رأيت رجلًا عند المقام يكبر في كل خفض ورفع]

787# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): هو ابن بشير [1]، أبو معاوية، السُلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي بِشْرٍ): هو بمُوَحَّدة مكسورة، وشين معجمة، واسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسَ، تقدَّم.

قوله: (رَأَيْتُ رَجُلًا خَلْفَ [2] الْمَقَامِ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ): ذكر ابن شيخِنا البلقينيِّ عن «المعجم الأوسط» بسنده: أنَّه أبو هريرة، قال: (ولعلَّ هذا هو المُبهَم في قول عكرمة: صلَّيت خلف شيخ بمكَّة، فكبَّر ثنتين وعشرين تكبيرةً) انتهى، [وقال بعض حُفَّاظ العصر: (إنَّه أبو هريرة، سمَّاه عليُّ بن عبد العزيز في «مسنده»، والطَّبرانيُّ في «الأوسط»، ووقع في «مُصنَّف ابن أبي شيبة»: «رأيت يعلى يصلِّي»، وهو تحريف، وإنَّما هو: رأيت رجلًا يصلِّي، ولأبي نعيم في «المستخرج»: أنَّ تلك الصَّلاة هي [3] صلاة الظهر) انتهى] [4]

قوله: (أَوَلَيْسَ): هو بفتح الواو، استفهامُ إنكارٍ.

قوله: (صَلاَةَ): بالنَّصب خبر (ليس)، و (تِلْكَ): هو الاسم، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (لاَ أُمَّ لَكَ): قال الجوهريُّ: (ويقال: لا أمَّ لك، وهو ذمٌّ، وربَّما وُضِع موضع المدح، وأنشد بيتًا شاهدًا له لكعب بن سعد.

==========

[1] في (ب): (كثير)، وهو تحريف.

[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عند).

[3] (هي): سقط من (ب).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 248]

(1/1729)

[باب التكبير إذا قام من السجود]

(1/1730)

[حديث: صليت خلف شيخ بمكة فكبر ثنتين وعشرين تكبيرةً]

788# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، تقدَّم، وتقدَّم بعض ترجمته ونسبته [1].

قوله: (صَلَّيْتُ خَلْفَ شَيْخِ مَكَّةَ [2]): تقدَّم أعلاه مَن هو الشَّيخ.

قوله: (إِنَّهُ أَحْمَقُ): (الحُمْق والحُمُق): قلَّة العقل، وقد حَمُقَ الرَّجل حماقة؛ فهو أحمقُ.

قوله: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ): أي: فقدتك أمُّك.

قوله: (وَقَالَ مُوسَى: حَدَّثَنَا أَبَانُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ): هذا تعليق مجزوم به، و (موسى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، وهو شيخه، وقد أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد تقدَّم له نظراءُ، وفائدة هذا التعليق: أنَّ روايته الأولى فيها همَّامٌ عنعن عن قتادة، وفي التعليق صرَّح [3] أبانُ بالتَّحديث من قتادة، وإن كان همَّام لا أعرفه بالتَّدليس إلَّا ليخرج من الخلاف، كما تقدَّم، وفي الأولى أيضًا قتادة عنعن عن عكرمة، وفي الثانية صرَّح فيها بالتحديث قتادةُ من [4] عكرمة، وقتادةُ مُدَلِّس، فزال ما يُخشَى مِن عنعنته، والله أعلم، قال الدِّمياطيُّ: (أبان بن يزيد العطَّار استشهد به البخاريُّ، وكان قتادة ربَّما دلَّس عن شيوخه بالعنعنة، فجاء أبانُ في حديثه بصريح [5] الخبر عنه في قوله: حدَّثنا عكرمة، فثبت اتِّصاله مِن حديث همَّام) انتهى.

==========

[1] في (ب): (ونسبه).

[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (شيخٍ بمكَّة).

[3] في (ب): (خرج).

[4] في (ب): (عن).

[5] في (ج): (يصرح).

[ج 1 ص 248]

(1/1731)

[حديث: كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم]

789# قوله: (عَنْ عُقَيْلٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتقدَّم أنَّه [1] في «البخاريِّ» و «مسلم»، وأنَّ عُقيلًا القبيلةُ _ بالضَّمِّ_ في «مسلم»، وأنَّ يحيى بن عُقَيل روى له مسلم، وباقي الكتب: عَقيل؛ بالفتح، وقد تقدَّم هذا مرَّاتٍ.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العَلَم الفرد.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَلَكَ الحَمْدُ): (عبد الله) هذا: هو ابن صالح عن اللَّيث، وقد تقدَّم الكلام على ما إذا قال البخاريُّ: (قال فلان)، وفلانٌ المسند إليه القولُ شيخُه _ كهذا_ ما حكمه؟ والأصحُّ: أنَّه روى في «الصحيح» عن عبد الله بن صالح كاتبِ اللَّيث هذا، وقد قدَّمتُ الكلام عليه مُطَوَّلًا، فأغنى عن إعادته هنا، ولا خلاف أنَّه روى عنه في «التاريخ»، وإنَّما الخلاف في روايته عنه في «الصحيح»، والأصح أنَّه روى عنه فيه، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ [يُكَبِّرُ حِينَ] يَهْوِي [2]): هو بفتح أوَّله، وكسر الواو، هوى يهوي؛ إذا سقط.

==========

[1] (أنَّه): سقط من (ب).

[2] في (ج): (هوي)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 248]

(1/1732)

[باب وضع الأكف على الركب في الركوع]

قوله: (وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ): تقدَّم الكلام على (أبي حُميد)، وأنَّه الساعديُّ عبدُ الرَّحمن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد الخزرجيُّ قريبًا، وليس بقريبٍ جدًّا.

قوله: (فِي أَصْحَابِهِ): هم المذكورون الذين ذكرتهم في (بابٌ: إلى أين يرفع يديه)، وأنَّهم عشرة، والله أعلم؛ فانظرهم، وقد عرفتُ منهم جماعةً ذكرتهم هناك.

==========

[ج 1 ص 248]

(1/1733)

[حديث: صليت إلى جنب أبي فطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي]

790# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ [1]: سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ): قال الدِّمياطيُّ: (أبو يعفور اثنان [2]؛ هذا هو الكبير، واسمه واقدٌ، ولقبه وقدانُ، وأبو يعفور الصَّغير اسمه عبد الرَّحمن

[ج 1 ص 248]

بن عبيد بن نِسطاس، يروي عن أبي الضُّحى، وهذا الحديث في الكتب السِّتَّة) انتهى، واعلم [3] أنَّ الشَّيخ محيي الدِّين قال في «شرح مسلم» في (باب النَّدب إلى وضع الأيدي على الرُّكب في الرُّكوع، ونسخ التَّطبيق ... ) إلى آخره ما لفظُه: (قوله [4]: «أبو عوانة، عن أبي يعفور»؛ هو بالرَّاء، واسمه عبد الرَّحمن بن عبيد بن نِسطاس _بكسر النُّون_ وهو أبو يعفور الأصغر، وأمَّا أبو يعفور الأكبر؛ فاسمُه واقدٌ، وقيل: وقدان، وقد سبق بيانُهما)، فهذا مخالفٌ لما قاله الدِّمياطيُّ، ثمَّ إنِّي راجعت «أطراف المِزِّيِّ»، فرأيته قد ذكر حديث: (صلَّيت إلى جنب أبي، فطبَّقت بين كفَّيَّ ... )؛ الحديث، فقال: (البخاريُّ في «الصَّلاة» عن أبي الوليد، عن شعبة، عن أبي يعفور العَبْديِّ، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، فنسبَه العبديَّ)، ففي ذلك ردٌ على ما قاله النَّوويُّ؛ لأنَّ العبديَّ نسبةُ وقدانَ أبي يعفور الكبيرِ، وقد ذكرهما [5] أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده»، وذكر في شيوخ الأكبر مصعبَ بن سعد، وذكر فيمن أخذه عنه أبا عوانة، ولم يذكر ذلك في الأصغر، وقد أخرجه مسلم عنه عن أبي عوانة، والله أعلم، وسأذكر كلام أبي عليٍّ إن شاء الله تعالى.

(1/1734)

[باب إذا لم يتم الركوع]

(1/1735)

[حديث: رأى حذيفة رجلًا لا يتم الركوع والسجود قال: ما صليت]

791# قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هو الأعمش، تقدَّم مرارًا.

قوله: (رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلًا لاَ يُتِمُّ): هذا الرَّجل لا أعرفه، (وقال بعض حُفَّاظ العصر: مُختصَر، وهو مُطَوَّل عند أحمد، وعند ابن خزيمة: «أنَّ الرجل كنديٌّ»؛ لكنَّه لم يسمِّه، انتهى) [1]

قوله: (مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ): (الفطرة) هنا: الدِّين والملَّة، وقد تقدَّم، وتُطلَق الفطرةُ على الجِبِلَّة أيضًا وغيرها، وسمَّى الصَّلاة فطرةً؛ لأنَّها أكبر عُرَى الإيمان.

قوله: (وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ فِي أَصْحَابِهِ): قال الدِّمياطيُّ: (عبد الرَّحمن بن عمرو بن سعد بن مالك بن خالد السَّاعديُّ، صلَّى في عشرة مِن [2] أصحابه؛ منهم: أبو قتادة) انتهى، وقد ذكرت منهم جماعة في (بابٌ: إلى أين يرفع يديه)؛ فانظره.

قوله: (ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ): (هَصَرَ): بفتح الهاء، والصاد المهملة المخفَّفة، وبالرَّاء؛ أي: ثناه وعطفه للرُّكوع.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ج).

[2] في (ب): (في).

[ج 1 ص 249]

(1/1736)

[باب حد إتمام الركوع والاعتدال فيه والاطمأنية]

قوله: (بَابٌ: حَدُّ إِتمَامِ الرُّكُوعِ، وَالاعْتِدَال فِيْه، والاطْمَأْنِينِة): ذكر فيه حديث البراء رضي الله عنه: (كان ركوع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وسجودُه، وبين السَّجدتين، وإذا رفع رأسه ما خلا القيام والقعود قريبًا من السَّواء)، اعترض ابن المُنَيِّر في «تراجمه»، فقال: (إنَّ حديث البراء لا يطابق الترجمة؛ لأنَّ المذكور فيها الاستواءُ والاعتدالُ، والحديث إنَّما فيه تساوي الرُّكوع والسُّجود والجلوس بين السَّجدتين في الزَّمان؛ أي: إطالةً وتخفيفًا، وليس أيضًا من الاعتدال في شيء إلَّا أن يأخذه من جهة أنَّ المتأنِّيَ المُطمئنَّ في غالب الحال يستقرُّ كلُّ عضو منه مكانه، فيلزم الاعتدال، والله أعلم)، [وسيأتي قريبًا جدًّا الكلام على (الاطمأنينة) إن شاء الله تعالى] [1].

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 249]

(1/1737)

[حديث: كان ركوع النبي وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع من الركوع]

792# قوله: (حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ): أمَّا (بدل)؛ فبفتح المُوَحَّدة، والدَّال المهملة، وباللَّام، وأمَّا (المُحَبَّر)؛ فهو بضمِّ الميم، وفتح الحاء المهملة، ثمَّ مُوَحَّدةٍ مُشدَّدةٍ مفتوحة، ثمَّ راءٍ، اليربوعيُّ، عن شعبة وطائفةٍ، وعنه: البخاريُّ، والدَّقيقيُّ، والكجِّيُّ، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (215 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ): هذا هو ابن عُتَيبة [1]، تقدَّم مرارًا، وذكرت فيه [2] وهمًا للبخاريِّ؛ فانظره.

قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى [3]): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن أبي ليلى الأنصاريُّ، عالم الكوفة.

==========

[1] زيد في (ج): (الإمام).

[2] (فيه): سقط من (ب).

[3] في هامش (ق): (عبد الرَّحمن بن يسار).

[ج 1 ص 249]

(1/1738)

[حديث: ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاثًا]

793# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ الفقيه، تقدَّم.

قوله: (حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم هذا الحديث، وأنَّ البخاريَّ رواه بالوجهين: (سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة)، و (سعيد، عن أبي هريرة)، وأنَّه أخرجه بحذف (أبيه) في (الاستئذان) و (الأيمان والنذور)، وأنَّ التِّرمذيَّ قال: (عن أبيه، عن أبي هريرة)، وهو أصحُّ؛ فاعلمه.

قوله: (فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى): تقدَّم أنَّ هذا الرجل خلَّاد بن رافع الزُّرقيُّ، وذكرت بعض ترجمته رضي الله عنه.

==========

[ج 1 ص 249]

(1/1739)

[باب الدعاء في الركوع]

(1/1740)

[حديث: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي]

794# قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هو منصور بن المُعتمِر، تقدَّم [1].

قوله: (عَنْ أَبِي الضُّحَى): هو مسلم بن صُبَيح؛ بتصغير صُبَيح، أبو الضُّحى، الهمدانيُّ العطَّار، تقدَّم بعض ترجمته [2].

==========

[1] (تقدَّم): سقط من (ب).

[2] زيد في (ب) و (ج): (قوله).

[ج 1 ص 249]

(1/1741)

[باب القراءة في الركوع والسجود]

(بَابُ القِرَاءَةِ فِيْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ [1]): هذا الباب ليس في أصلينا [2]، قال شيخنا: (هو في بعض نسخ «البخاريِّ»، ولم يذكر فيه حديثًا، وكأنَّه بيَّضه لما لعلَّه يجده على شرطه، فلم يجدْه) انتهى، وقال ابن المُنَيِّر: (باب القراءة في الرُّكوع والسُّجود، وما يقول الإمام ومَن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع)، ثمَّ ذكر حديث أبي هريرة: كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا قال: «سمع الله لمن حمده ... »؛ الحديث، ثمَّ قال: (هذه التَّرجمة، يحتمل أن يكون وضعها على القراءةِ في الرُّكوع والسُّجود؛ ليذكر فيها حديثًا بالإجازة أو المنع، ثمَّ عرض له مانعٌ من ذلك، فبقيت الترجمة بلا حديث يطابقها، والله أعلم) انتهى، ويدل لما بوَّب له حديثُ عليٍّ رضي الله عنه في «مسلم»، و «أبي داود»، و «التِّرمذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، وحديثُ عبد الله بن العبَّاس في «مسلم»، و «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، وحديثُ عليٍّ [3]: (نهاني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن قراءة القرآن وأنا راكعٌ أو ساجدٌ)، وحديثُ ابن عبَّاس: (نُهيت أن أقرأ راكعًا أو ساجدًا)، والله أعلم.

==========

[1] هذا الباب ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في (ج): (أصلنا).

[3] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[ج 1 ص 249]

(1/1742)

[باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع]

(1/1743)

[حديث: كان النبي إذا قال: سمع الله لمن حمده، قال .. ]

795# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن أبي ذئب العامريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم له ترجمةٌ مختصرةٌ.

==========

[ج 1 ص 249]

(1/1744)

[باب فضل اللهم ربنا لك الحمد]

(1/1745)

[حديث: إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا .. ]

796# [قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا ضبطُه، وأنَّه وزان (عُليٍّ) المُصغَّر، مولى عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام، وتقدَّم له ترجمةٌ مختصرةٌ] [1].

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم أنَّه السَّمَّان الزَّيَّات، وأنَّ اسمه ذكوانُ، وقدَّمت بعض ترجمته.

قوله: (مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ): إن رفعت (قولُه)؛ فانصِب (قولَ)، وإن عكستَ؛ اعكس [2].

قوله: (مَنْ [3] وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ): قال المُحبُّ الطَّبريُّ: (فيه إشعار بأنَّ الملائكة تقول ذلك، فنُدِب للمأموم أن يقوله؛ ليوافق قولُه قولَ الملائكة؛ مثل موافقتهم في قول: (آمين)، وقيل: الموافقة في الإخلاص والخشوع، وقيل: الموافقة: الإجابة؛ أي: ممَّن استُجيب له، كما يُستجاب للملائكة، وقيل: الإشارة إلى الحفظة .. ) إلى أن قال: (والقول الأوَّل أولى) انتهى وقد تقدَّم [4].

(1/1746)

[باب مما يقال في الاعتدال]

(1/1747)

[حديث: لأقربن صلاة النبي فكان أبو هريرة يقنت]

797# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تقدَّم أنَّ (فضالة) بفتح الفاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتَوائِيُّ، تقدَّمت ترجمته مختصرةً، وتقدَّم هو مرارًا.

[ج 1 ص 249]

قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي كثير؛ بالمثلَّثة، وتقدَّمت ترجمته مختصرةً.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه عبد الله أو إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (لأُقَرِّبَنَّ صَلاَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): قيل: آتيكم بما يُشبهها ويَقرُب منها؛ كقوله في الرواية الأخرى: (إنِّي لأقربُكم شبهًا بصلاة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، زعم بعضهم أنَّ صوابه: لأقتربنَّ؛ بمعنى: لأتتبعنَّ، وفي هذا تكلُّفٌ لا يُحتاج إليه، انتهى كلام «المطالع»، ونقل شيخنا عن نسخة الدِّمياطيِّ في هامشها بخطِّه: (لأقرينَّ [1] أو لأستقربنَّ [2])؛ أي: لأتتبعنَّ [3]) انتهى.

(1/1748)

[حديث: كان القنوت في المغرب والفجر]

798# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عليَّة، الإمامُ [1]، تقدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم مرارًا ضبطُه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ.

==========

[1] في (ب): (إبراهيم الإمام ابن عليَّة).

[ج 1 ص 250]

(1/1749)

[حديث: رأيت بضعةً وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أول]

799# قوله: (عَن نُعَيْمِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُجْمِرِ): تقدَّم الكلام عليه، وعلى (المجمْر) ويقال: (المُجمِّر) قريبًا؛ فانظرْه.

قوله: (عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ الزُّرْقِيِّ): هو بضمِّ الزَّاي، وفتح الرَّاء المُخفَّفة، ثمَّ قاف، نسبة إلى بني زُرَيق، من الأنصار، وهذا معروف.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ): قال ابن بشكوال في «مبهماته»: (إنَّه رفاعة بن رافع الزُّرقيُّ راوي الحديث، كذا في «النَّسائيِّ» وغيره) انتهى، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (في «التِّرمذيِّ» وغيره: أنَّ المبهم رفاعة بن رافع ابن عفراء، وهل هو الرَّاوي أو غيره؟ يحتاج إلى التَّحرير، وأطال عليه الكلام)، [وقال بعض حُفَّاظ العصر: (في «أبي داود» و «التِّرمذيِّ» أنَّه رفاعة، وجعله ابن منده غيرَ راوي الحديث، ووهم الحاكم، فجعله معاذَ بن رفاعة)، انتهى] [1]

قوله: (بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا): (البِضع): في العدد بكسر الباء، ويجوز فتحها عند بعض العرب، وقد قدَّمتُ الكلام عليه، والاختلاف فيه في أوائل هذا التعليق في (كتاب الإيمان).

فائدة: وإنَّما [2] قال: (بضعة وثلاثين مَلَكًا)؛ لأنَّ حروف هذا الذِّكر بضعةٌ [3] وثلاثون حرفًا، والله أعلم.

[قوله: (أَوَّلُ): يجوز نصبه ورفعه، وبهما ضُبِط في أصلنا، وإعرابهما ظاهر] [4].

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] في (ج): (إنَّما).

[3] في النُّسخ: (بضع)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 250]

(1/1750)

[باب الاطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع]

قوله: (بَابُ الاِطْمَأْنِينَةِ): وفي نسخة: (الطُّمأنينة)، وعلى الأولى في أصلنا: (صح)، وعلى الثانية: علامة راويها، قال بعضهم: بكسر الهمزة وضمِّها، قال القاضي: (كذا عند جمهور الرُّواة)، وعند القابسيِّ: «الطُّمأنينة»، وهو الصَّواب) انتهى، قال [1] الجوهريُّ: (اطمأنَّ الرَّجل اطمئنانًا وطُمأنينةً: سكن، وهو مُطمئِنٌّ إلى كذا، وذاك مُطْمَأَنٌ، واطنأنَّ مثله على الإبدال)، وفي «المطالع»: (الطُّمأنينة: السُّكون، وهو الاسم، وأصله الهمز: اطمّأنَّ اطمئنانًا) انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (ويقال: اطمأنَّ طمأنينة، وطمأنينًا، والاطمأنينة: الواحدةُ؛ كالضَّربة مِن الضَّرب) انتهى.

قوله: (وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا وأبعدَ منه.

قوله: (حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ): (الفَقَار): بفتح الفاء، ثمَّ قاف مخفَّفة، وفي آخره راء، خرزات الصُّلب، وهي مفاصله، قال ابن قُرقُول: (الواحدة: فَقَارة، ويقال أيضًا: فِقْرةٌ، وفَقَرة أيضًا؛ بسكون القاف وفتحها، وجمعها: فِقَر)، وجاء عند الأصيليِّ هنا: (فقار ظهره)؛ بفتح الفاء وكسرها، ولا أعلم للكسر معنًى، وذكر البخاريُّ آخر الباب: (وقال أبو صالح، عن اللَّيث: «كلُّ قَفَار»؛ بتقديم القاف، ولغيرهما: «فَقَار»، وهو الصَّواب) انتهى، قال المُحبُّ الطَّبريُّ: (والفقار هو: قِفار الظَّهر، جمع «فَقارة»؛ بفتح الفاء، وهي إحدى خرزات الظهر، وهي ثنتان وثلاثون فقارة) انتهى، وقال الجوهريُّ: (الفَقارة؛ بالفتح، واحدة «فَقار الظَّهر»، وذو الفِقَار: سيف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والفِقرة _ بالكسر_ مثل: الفَقارة [2]، والجمع: فِقْرات، وفَقَرات، وفِقَرات، وفِقَرٌ) انتهى.

==========

[1] في (ب): (وقال).

[2] في (ج): (فقار)، ولعلَّه تحريف.

[ج 1 ص 250]

(1/1751)

[حديث: كان أنس ينعت لنا صلاة النبي فكان يصلي ... ]

800# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 250]

(1/1752)

[حديث: كان ركوع النبي وسجوده وإذا رفع رأسه من الركوع]

801# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن عتيبة، الإمام، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى): تقدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن أبي ليلى الأنصاريُّ، عالم الكوفة، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[ج 1 ص 250]

(1/1753)

[حديث: كان مالك بن الحويرث يرينا كيف كان صلاة النبي]

802# قوله: (عَنْ أيُّوبَ): تقدَّم أنَّه السَّختيانيُّ، ابنُ أبي تميمة، وتقدَّم الكلام عليه.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم مرارًا ضبطُه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ.

قوله: (فَانْصَبَّ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة، وعليها علامة راويها: (فأنصت) من الإنصات، قال شيخنا الشَّارح: (قال ابن التِّين: ضبطه بعضهم: بوصل الألف، وتشديد الباء، وبعضهم: بقطعها، وفتحِها، وتخفيف التَّاء، من الإنصات؛ وهو السُّكوت، قال: والأوَّلُ أوجهُ عندي) انتهى.

قوله: (هُنَيَّةً): هو بضمِّ الهاء، وتشديد الياء، قال النَّوويُّ: (ومَن همزَ؛ فقد لحن)، وقد تقدَّم ذلك، وأنَّ بعضهم حكاه لغةً.

قوله: (صَلاَةَ شَيْخِنَا هَذَا أَبِي يَزِيدَ [1]، وَكَانَ أَبُو يَزِيدَ): قال ابن قُرقُول: (كذا للكافَّة في «البخاريِّ»؛ يعني: بالمُثَنَّاة تحت، والزاي، إلَّا الحمُّوي، فإنَّه قال فيه: «أبو بُريد»؛ يعني: بالمُوَحَّدة، وفتح الرَّاء) قال: (وكذلك ذكره مسلم في «الكنى» له، وذكر له ابن ماكولا الوجهين، وقال عبد الغنيِّ: لم يُسمَع [2] فيه: «بُرَيد»، إلَّا من مسلم) انتهى، وممَّا يرجِّح رواية الحمُّوي إخراجُ مسلم له في «الكنى» في: (بُريد)، كما قاله المُؤلِّف، وكذا أخرجه النَّسائيُّ، وبه جزم الدَّارقطنيُّ وابن ماكولا، ثمَّ قال: (وقيل: أبو يزيد)، وأمَّا عبد الغنيِّ؛ فإنَّه قال: (لم أسمعه من أحد بالزاي) قال: (ومسلم بن الحجَّاج أعلم، وبه جزم من المُتأخِّرين الذَّهبيُّ في بعض النُّسخ: «بالمشتبه» [3] بخطِّه، وفي بعضها حكى الخلاف مُرجِّحًا ما جزم به في بعضها، وقد ذكره أبو عليٍّ في «تقييده» في: (يزيد) بالمُثَنَّاة تحت، والزَّاي، ثمَّ قال: (هكذا رُوِي عن البخاريِّ بالياء والزَّاي من جميع طرق الكتاب إلَّا شيئًا ذكره أبو ذَرٍّ الهرويُّ عن بعض شيوخه أبي [4] مُحَمَّد الحمُّوي، عن الفربريِّ: (بالباء بواحدةٍ المضمومة)، ثمَّ حكى كلام مسلم وعبدِ الغنيِّ، والله أعلم، و (أبو يزيد) المشار إليه ههنا: هو عمرو بن سَلِمة

[ج 1 ص 250]

_بكسر اللَّام_ ابن نُفَيع الجرميُّ، وقيل: سَلِمة بن قيس الذي كان يؤمُّ قومه وهو صبيٌّ في زمن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، تابعيٌّ، ولم يكن صحابيًّا.

(1/1754)

[باب: يهوي بالتكبير حين يسجد]

قوله: (يَهْوِي): هو بفتح أوَّله، وكسر الواو، وقد تقدَّم (هَوَى يَهْوِي)؛ إذا سقط.

==========

[ج 1 ص 251]

(1/1755)

[حديث: أن أبا هريرة كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة]

803# 804# قوله: (حَدَّثَنا أَبُو اليَمانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم بعض ترجمته مختصرةً.

قوله: (حَدَّثَنا شُعَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حمزة.

قوله: (عنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّه ابن شهاب مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله [1]، العالم المشهور.

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنُ صَالحِ [2] بْنِ هِشَامٍ): كذا في أصلنا، وفي الحاشية نسخة عوض (صالح): (الحارث)، وهذه هي الصَّواب، وذاك خطأٌ محضٌ لا [3] أعرف في أجداده أحدًا اسمه (صالح)، وهو أحد الفقهاء السَّبعة على قول، مشهورٌ شهرةً عظيمةً لا يُغلَط في نسبه، وعلى الصَّواب رأيتُه في أصلنا الدِّمشقيِّ غير أنَّه نسبه، قال: (أبو بكر بن عبد الرَّحمن بن هشام)، [فلم يذكرِ (الحارث) في نسب عبد الرَّحمن إلى جدِّه، والله أعلم.

قوله: (لَصَلاَتَهُ): هي بالنَّصب، خبرُ (كان)] [4]، و (هَذِهِ) هو اسمها، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (أَنْجِ): هو بقطع الهمزة، وكسر الجيم.

قوله: (الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ): هذا هو أخو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وسأذكر بقيَّة النَّسب إلى لؤيٍّ في عيَّاش الآتي، القرشيُّ المخزوميُّ، أُسِر يوم بدر كافرًا [5]؛ أسره عبد الله بن جحش، ويقال: سُلَيط بن قيس المازنيُّ الأنصاريُّ، فقَدِمَ في فدائه أخواه خالدٌ وهشامٌ، فتمنَّع عبد الله بن جحش حتَّى افتكَّاه بأربعة آلاف درهم، فجعل خالد يريد ألَّا يبلغ ذلك، فقال هشامٌ لخالد: إنَّه ليس بابن أمِّك، والله لو أبى فيه إلَّا كذا وكذا؛ لفعلتُ، فلمَّا افتُدِي؛ أَسلَم، فقيل له: هلَّا أسلمت قبل أن تُفتَدى وأنت مع المسلمين، فقال: كرهتُ أن يظنُّوا بي أنِّي جزعت من الإسار، فحبسوه بمكَّة، وكان عليه الصَّلاة والسَّلام يدعو له فيمن دعا له مِن مُستضعَفي المؤمنين [6] بمكَّة، ثمَّ أفلت مِن إسارهم، ولحق برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وشهد عمرة القضيَّة، وقد تُوُفِّيَ في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

(1/1756)

قوله: (وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ) هو بفتح اللَّام، وهو سلَمة بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم كان [7] من مُهاجِرة الحبشة، وكان من خيار الصَّحابة وفضلائهم، كانوا خمسة إخوة؛ أبو جهل، والحارث، وسلمة، والعاصي، وخالد، فأمَّا [8] أبو جهل والعاصي؛ فقُتِلا ببدر كافرَين، (وكون العاصي قُتِل ببدر كافرًا قاله ابن إسحاق وابن عبد البرِّ [9]، والصَّحيح أنَّه أسلم، وصحب، وقد تقدَّم ذلك) [10]، وأُسِرَ خالدٌ يومئذٍ، ثمَّ فُدِيَ، (ثمَّ أسلم، وصحب [11]، وأسلم الحارث وسلَمة، واحتُبِس سلَمةُ بمكَّة، وعُذِّب في الله عزَّ وجلَّ، فكان عليه الصَّلاة والسَّلام يدعو له، ولم يشهد سلَمةُ بدرًا لما وَصَفْتُ، وقد هاجر بعد الخندق، وشهد مؤتة، وقُتِل يوم مرج الصُّفر سنة أربعَ عشرةَ في خلافة عمر رضي الله عنهما، وقيل: بل بأجنادين سنة ثلاثَ عشرةَ في جمادى الأولى قبل موت الصِّدِّيق بأربعٍ وعشرين ليلةً.

قوله: (وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ): هو بالمُثَنَّاة تحتُ، وبالشِّين المعجمة، واسمُ أبي ربيعة عمرُو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرَّةً بن كعب بن لؤيٍّ، يكنى أبا عبد الرَّحمن، وقيل: أبا عبد الله، وهو أخو أبي جهل بن هشام لأمِّه؛ أمُّهما أمُّ الجُلَاس، واسمها أسماء بنت مُخَرِّبَة بن جندل بن أُبَير بن نهشل [12] بن دارم) انتهى، وقال ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني»: (أمُّ أبي جهل سلمى بنت غزيَّة)، ثمَّ ذكر حديثًا بإسناده قال: (جاءت سلمى بنت غزيَّة أمُّ أبي جهل بن هشام في خلافة عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه بطيب بَعَثَ به إليها ابنُها عيَّاشُ بن أبي ربيعة من اليمن، وكانت تبيعه ... )؛ فذكره، وهذه كونها صحابيَّة غريبٌ، وفي «سيرة ابن هشام»: (أمُّ أبي جهل هي: أسماء بنت مُخَرِّبة أحد بني نهشل بن دارم بن مالك بن زيد مناة بن تميم)، كذا نسبها، انتهى، و (عيَّاش): هو أخو عبد الله بن أبي ربيعة لأبيه وأمِّه، كان إسلامه قديمًا قبل أن يدخل رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم دارَ الأرقم، وهاجر إلى الحبشة مع امرأته أسماء بنت سلَمة بن مُخرِّبة، ثمَّ هاجر إلى المدينة، فجمع الهجرتين، وقصُّته مع أخويه أبي جهل والحارث وأخذُه من المدينة إلى مكَّة معروفة، قُتِل يوم اليرموك شهيدًا، أخرج له ابن ماجه، وأحمد في «المسند».

(1/1757)

قوله: (وَطْأَتَكَ): هي بفتح الواو، وإسكان الطَّاء المهملة، ثمَّ همزة مفتوحة؛ أي: عقوبتك وأخذك، وقال الخطَّابيُّ: (الوطأة) هنا: العقوبة والمشقَّة، وأراد بها: ضيق المعيشة، وقيل: غير ذلك.

قوله: (عَلَى مُضَرَ): هي القبيلة المعروفة، وأشار إلى قريش.

قوله: (سِنِينَ): هي جمع (سنة)؛ وهي القحط والجدْب.

قوله: (كَسِنِي يُوسُفَ): هي بتخفيف الياء، قيَّده النَّوويُّ وغيره، وقال بعضهم: بالتَّشديد، وجاء على لغة من أجرى (سنين) مجرى جمع التَّصحيح في حذفها؛ للإضافة.

==========

[1] زيد في (ب): (بن شهاب).

[2] كذا في النُّسخ و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الحارث).

[3] (لا): سقط من (ج).

[4] ما بين قوسين سقط من (ج).

[5] (كافرًا): سقط من (ب).

[6] في (ب): (المسلمين).

[7] في (ج): (وكان).

[8] في (ج): (وأما).

[9] في (ب): (عبد الله)، وليس بصحيحٍ.

[10] ما بين قوسين سقط من (ج).

[11] (ثمَّ أسلم وصحب): سقط من (ج) وزيد فيها: (ومات كافرًا).

[12] في (ج): (بهشل)، وهو تصحيف.

[ج 1 ص 251]

(1/1758)

[حديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر ... ]

805# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، الإمام المشهور، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ فَرَسٍ): تقدَّم أنِّي لا أعرف هذه الفرس بعينها، وقد تقدَّم أنَّ له عليه الصَّلاة والسَّلام سبعةَ أفراسٍ مُتَّفَق عليها، وخمسةَ عشرَ مُختلَف فيها، وسأذكرها في (الجهاد).

قوله: (فَجُحِشَ): تقدَّم ضبطُه، وأنَّ معناه: خُدِش.

قوله: (كَذَا جَاءَ بِهِ مَعْمَرٌ): تقدَّم أنَّه بفتح الميمين، بينهما عينٌ مهملةٌ ساكنةٌ، وهو ابن راشد، وهو أحد رواة الزُّهريِّ.

قوله: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، إمامٌ، وهو أحد رواة الزُّهريِّ، والثَّلاثة روَوه عن الزُّهريِّ؛ ابن عيينة، ومَعْمَر، وابن جريج، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 251]

(1/1759)

[باب فضل السجود]

(1/1760)

[حديث: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب]

806# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي حمزة.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أعلاه [1].

قوله: (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تقدَّم أنَّه بكسر الياء وفتحها، وأنَّ غيره لا يقال فيه إلَّا بالفتح.

قوله: (هَلْ تُمَارُونَ [2]): هو بضمِّ التَّاء، وتخفيف الرَّاء؛ أي: تجادلون في ذلك وتخالفون، أو هل يدخلكم فيه شكٌّ؟ و (المرية): الشَّكُّ، قال شيخنا الشَّارح: (قال الخطَّابيُّ: وأصله: تتمارون، وليس من المراء، قال ابن التِّين: والذي ضُبِطَ في هذا الموضع: بضمِّ التاء، وهو خلاف قول

[ج 1 ص 251]

الخطَّابيِّ، أصله: تتمارون، وهي رواية الأصيليِّ؛ بالفتح)، انتهى، وفي أصلنا: بفتح أوَّله والرَّاء، وعلى فتح الرَّاء تصحيحٌ، وفي الهامش: (تُمارُون)؛ بضمِّ التاء والرَّاء، وعلى الكلمة نفسِها (صح)، وأمَّا (تُمارُون) الثَّانية؛ فبضمِّ التَّاء والرَّاء في أصلنا، ولم يصنع [3] في الهامش شيئًا.

قوله: (تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ): سأذكر في (كتاب التوحيد) رؤيةَ الباري عزَّ وجلَّ في الدار الآخرة، وأذكر فيها ثلاثة أقوال لأهل السُّنَّة إن شاء الله تعالى، وقد قدَّمتُ ذلك مُختَصَرًا [4].

قوله: (يُحْشَرُ النَّاسُ): (يُحشَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّاس): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل.

قوله: (الطَّوَاغِيتَ): هي الأصنام، ويقال: بيوت الأصنام، ويكون الطَّاغوت واحدًا وجمعًا؛ كـ (الفُلْك)، قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء: 60]، وقال تعالى: {أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: 257].

قوله: (فَيَأْتِيهِمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ [5] فَيَقُولُ [6]: أَنَا رَبُّكُم): سأذكر هذا، والكلام عليه في آخر (الرَّقائق) إن شاء الله تعالى ذلك [7] وقدَّره، وأذكر كلام النَّاس فيه.

قوله: (فَيَدْعُوهُمْ [8]): هو بإسكان الدَّال، من الدُّعاء، وفي أصلنا: (فيدَعوهم) بفتح الدَّال، من الوَدْع؛ وهو التَّرك، وهذه لا أعرفها أنا.

قوله: (بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ): هو بفتح النُّون، ولا يجوز كسرُها؛ أي: وسطها.

(1/1761)

[قوله: (وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ [9] إِلاَّ الرُّسُلُ): قد ذكرت فيما يأتي بعيدًا من بعض «السُّنَن» ما يعارضه؛ فانظره من مكانه] [10].

قوله: (وَفِي جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ): قال السُّهيليُّ: (سمعت شيخنا الحافظ أبا بكر _ يعني: ابن العربيِّ رحمه الله _ يقول: تلك الكلاليب هي الشَّهوات؛ لأنَّها تجذبُ العبد في الدُّنيا عن الاستقامة على سواء الصِّراط، فتمثَّل له في الآخرة على نحوِ ذلك) انتهى.

قوله: (تَخْطَفُ): هو بفتح الطاء [11] على الفصيح، وهي لغة القرآن، ويجوز الكسر، حكاها الجوهريُّ، قال: (وهي قليلةٌ رديئةٌ لا تكاد تُعرَف، وقد قرأ بها يونسُ قولَه تعالى: {يخطِف أبصارهم} [البقرة: 20]).

قوله: (يُوبَقُ بِعَمَلِهِ): أي: يُهلَك، وهو بالمُوَحَّدة، ورواه الطَّبريُّ بالمثلَّثة، من الوثاق.

قوله: (مَنْ يُخَرْدَلُ): هو بالخاء المعجمة؛ أي: يُقَطَّعُ، قال ابن قُرقُول في (الجيم والرَّاء) في (الاختلاف والوهم): (ومنهم المجردل؛ بالجيم للأصيليِّ في «كتاب الرَّقائق»، وللكافَّة بالخاء المعجمة، وكذا رواه السِّجزيُّ عن مسلم، وهو الصَّواب، من خردلت اللَّحم، وخرذلته أيضًا؛ إذا قطَّعته قطعًا صغارًا؛ يعني: بإعجام الذَّال وإهمالها، وهما لغتان معروفتان، قال: ومعناه: تُقطِّعهم الكلاليبُ، وقيل: بل المعنى: إنَّما تقطِّعهم عن لحوقهم بالنَّاجين، وهذا بعيد، وقيل: المُخردَل: المطروح، قاله الخليل، والأوَّل أظهر وأعرفُ، ولقوله في الكلاليب: تخطَف النَّاس بأعمالهم، وفي الحديث الآخر: «فناج مسلم ومخدوش»، وأمَّا جردلت _ بالجيم_؛ فقيل: هو الإشراف على السُّقوط، وحكى ابن الصَّابونيِّ عن الأصيليِّ: (مُجزذَل)؛ بالجيم، والذال بعد الزاي، وهو وهم، ليس ذلك في كتاب الأصيليِّ، ورواه بقيَّة رواة «مسلم» سوى السِّجزيِّ: «والمُجازِي» من الجزاء، والرِّواية الأولى أصحُّ؛ أعني: رواية السِّجزيِّ، وكذلك الخلاف أيضًا في «البخاريِّ» في «كتاب الصَّلاة» في قوله: «يخردل ويجردل»؛ بالجيم لأبي أحمد، وبالخاء فقط، وجاء في كتاب «البخاريِّ» في «كتاب التوحيد»: «أو المجازي» على الشَّكِّ) انتهى، وقال شيخنا الشَّارح في (الرَّقائق): (قال ابن التِّين: المخردل؛ بالدَّال والذال جميعًا، وقرأناه بالمهملة) انتهى.

(1/1762)

قوله: (وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ ... ) إلى آخر الكلام: ظاهر هذا الحديث [12]: أنَّ النَّار لا تأكل جميع أعضاء السُّجود السبعة المأمور بالسجود عليها؛ وهي الجبهة، واليدان، والرُّكبتان، والقدمان، وكذا قاله بعض العلماء، وأنكره القاضي عياض رحمه الله [13]، وقال: (المراد بأثر السجود: الجبهة خاصَّة)، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (والمختار الأوَّل، فإن قيل: قد ذكر مسلم بعد هذا مرفوعًا: «إنَّ قومًا يخرجون من النَّار يُحرَقون فيها إلَّا دارات وجوههم»، فالجواب: أنَّ هؤلاء القوم مخصوصون من جملة الخارجين من النار؛ بأنَّه لا يسلم منهم مِن النار [14] إلَّا دارات الوجوه، وأمَّا غيرهم؛ فيسلم جميع أعضاء السُّجود منهم؛ عملًا بعموم هذا الحديث، فهذا الحديث عامٌّ، وذاك خاصٌّ، فيُعمَل بالعامِّ إلَّا ما خُصَّ)، والله أعلم.

قوله: (قَدِ امْتُحِشُوا): قال ابن قُرقُول: (بضمِّ التاء، وكسر الحاء، وعند أبي بحر: بفتحهما، وكذا للأصيليِّ، يقال: محشَتْه النَّارُ، وامتُحِش هو، قال يعقوب: لا يُقال: «محشتْه»؛ إنَّما هو «أمحشته [15]»، والصحيح أنَّهما لغتان، والرُّباعيُّ أكثر) انتهى، وقد ذكر الجوهريُّ الثُّلاثيَّ، ثمَّ قال: (وفيه لغة أخرى)، فذكر الرُّباعيَّ، قال ابن قُرقُول: (وامتُحِشَ غضبًا؛ أي: احترق)، قال الدَّاوديُّ: (معناه: انقبضوا واسودُّوا).

قوله: (فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ): (يُصبُّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (ماء): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل، قال شيخنا عن القرطبيِّ: (هو الذي مَن شربه أو صُبَّ عليه؛ لم يمُتْ أبدًا) انتهى، ولغيره نحوُه.

قوله: (الْحِبَّةُ): هي بكسر الحاء المهملة [16]، وتشديد المُوَحَّدة، قال الفرَّاء: (هي بزور البقل)، وقال الكسائيُّ: (هو حبُّ الرَّياحين)، قال أبو عمرو: (هي نبت ينبت في الحشيش صغار)، وقال النَّضر: (هي اسم جامع لحبوب البقل الذي ينتشر إذا هاجت [17]، فإذا مطرت؛ نبت)، وقد تقدَّم هذا؛ فانظره.

قوله: (فِي حَمِيلِ السَّيْلِ): تقدَّم الكلامُ عليه.

(1/1763)

قوله: (وَيَبْقَى رَجُلٌ): هذا الرجل، قال شيخنا الشَّارح: (في «الرُّواة عن مالك» للدَّارقطنيِّ من حديث ابن عمر: أنَّه جُهَينة من جُهَينة، فيقول أهل الجنَّة: عند جُهَينةَ الخبرُ اليقين، سلوه هل بقي من الخلائق أحدٌ)، وقد قال السُّهيليُّ: اسمه هنَّاد) انتهى، وقد رأيت أنا في «التذكرة» كما هنا، وعزا كون اسمه جُهَينة من جُهَينة من حديث ابن عمر إلى الميَّانِشيِّ في كتاب «الاختيار من الأخبار والآثار»، وكذا عزاه من حديث ابن عمر إلى الخطيب البغداديِّ من حديث مالك بن أنس، عن نافع عنه، وعزاه أيضًا إلى الدَّارقطنيِّ في «الرُّواة عن مالك»)، ثمَّ قال: (وقيل: اسمه هنَّاد) انتهى، فلعلَّ أحدهما الاسم، والآخر اللَّقب، والله أعلم.

[ج 1 ص 252]

قوله: (قَدْ قَشَبَنِي [18]): هو بفتح القاف والشِّين المعجمة والمُوَحَّدة، ثمَّ نونٍ، ثمَّ ياءِ الإضافة؛ أي: سمَّني، والقِشب: السُّمُّ، والقَشْبُ: خلطه، وقيل: أخذ بلطمي، يقال: قشبه الدُّخان؛ إذا ملأ خياشيمه، وقيل: قشبني [19]: أهلكني كأنَّه من السُّمِّ، وقال شيخنا الشَّارح: (قال ابن التِّين: هو بتشديد الشين في اللُّغة)، وقال شيخنا في مكانٍ آخرَ: (نحفظه بتخفيفها) انتهى.

قوله: (ذَكَاهَا [20]): قال ابن قُرقُول: (ذكاؤها؛ بالفتح والمدِّ عند العذريِّ، والمعروف في شدَّة حرِّ النَّار القصرُ، إلَّا أنَّ أبا حنيفة ذكر فيه المدَّ، وخطَّأه فيه عليُّ بن حمزة، يقال: ذكت النَّار تذكو ذكًا) انتهى، قال شيخنا الشَّارح حين ذكر الفتح والقصر: (وبه جزم خلقٌ منهم؛ يعني: من أهل اللُّغة) انتهى، قال النَّوويُّ: (وقد ذكر جماعاتٌ أنَّ القصر والمدَّ لغتان) انتهى.

قوله: (هَلْ عَسيْتَ): تقدَّم أنَّه بكسر السِّين وفتحها، مفتوح التَّاء على الخطاب.

قوله: (إِنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِكَ): (فُعِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (أَنْ تَسْأَلَ): (أن) النَّاصبة، و (تسألَ) مَنْصوبٌ بها، وقال بعضهم: (أن) مخفَّفة من الثقيلة، فعلى هذا؛ يكون (تسأل) مَرْفوعٌ، والله أعلم.

قوله: (إِنْ أُعْطِيتَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، مفتوح تاء [21] الخطاب.

قوله: (وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ): هو بالضَّاد المعجمة؛ أي: البهجة والحُسن.

(1/1764)

قوله: (فَيَضْحَكُ اللهُ [22] مِنْهُ): قال ابن قُرقُول: (هذا وأمثاله من الأحاديث طريقها الإيمان بها من غير كيف، ولا تأويل، وتسليمها إلى عالِمها) انتهى، والضَّحك من صفات الربِّ جلَّ جلاله؛ ومعناه: الاستبشار والرِّضا، لا ضحك بلهوات وتعجُّب، والضَّحك: هو الرِّضا.

قوله: (حَتَّى إِذَا انْقَطَعَ أُمْنِيَّتُهُ): إن قيل: فهل وردَ كَمْ يَلْبَث يتمنَّى؟ فالجواب: نعم؛ في «مسند أحمد»، وسأذكره في فراغي من هذا الحديث في قوله: (وَعَشْرَة أَمْثَالِهِ).

قوله: (زِدْ [23] مِن كَذَا): (مِن): هي الجارَّة مكسورة الميم.

قوله: (قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ؛ بالدال المهملة، وهذا ظاهرٌ، وتقدَّم بعض ترجمته.

(1/1765)

قول أبي سعيد لأبي هريرة: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ)، وردَّ [24] أبو هريرة بأنَّه لم يحفظ إلَّا قوله: (ذَلِكَ لَكَ [25]، وَمِثْلُهُ مَعَهُ): وكذا في «مسلم»، وفي «مسند أحمد» على العكس من ذلك؛ قال أحمد: حدَّثنا عفَّان: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة، عن عليِّ بن زيد، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي سعيد الخدريِّ وأبي هريرة رضي الله عنهما: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «آخر رجلين يخرجان من النَّار يقول الله لأحدهما: يا بن آدم؛ ما أعددت لهذا اليوم؟ هل عملت خيرًا قطُّ؟ هل رجوتني؟ فيقول: لا يا ربِّ، [فيُؤمَر به إلى النَّار، وهو أشدُّ أهل النَّار حسرةً، ويقول للآخر: ما أعددت لهذا اليوم؟ هل عملت خيرًا قطُّ؟ هل رجوتني؟ فيقول: لا يا ربِّ] [26]، إلَّا أنِّي كنت أرجوك، قال: فتُرفَع له شجرةٌ، فيقول: يا ربِّ؛ أَقِرَّني تحت هذه الشجرة، فاستظلَّ بظلِّها، وآكل من ثمرها، وأشرب من مائها، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، فيقرُّه تحتها، ثمَّ تُرفَع له شجرةٌ هي أحسن من الأولى، وأغدقُ ماءً، فيقول: يا ربِّ؛ أقرَّني تحتها، لا أسألك غيرها، فاستظلَّ بظلِّها، وأشرب من مائها، فيقول: يا بن آدم؛ ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها، فيقرُّه تحتها، ثمَّ تُرفَع له شجرةٌ عند باب الجنَّة هي أحسن من الأوليين وأغدق ماءً، فيقول: يا ربِّ؛ هذه أقرَّني تحتها، فيدنيه منها، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، فيسمع أصوات أهل الجنَّة، فلا يتمالك: أي ربِّ؛ أدخلني الجنَّة، فيقول الله عزَّ وجلَّ: سلْ وتمنَّه، فيسأل، ويتمنَّى مقدار ثلاثة أيَّام من أيَّام الدُّنيا، ويلقِّنُه الله ما لا علم له به، فيسأل ويتمنَّى، فإذا فرغ؛ قال: لك ما سألت»، قال أبو سعيد: «ومثله معهز، قال أبو هريرة: «وعشرة أمثاله معه»، قال: (حدِّث بما سمعت، وأُحدِّثُ [27] بما سمعت)، قال شيخنا الحافظ نور الدين الهيثميُّ في إفراده حديث «المسند» عن الكتب السِّتَّة: (قلت: في «الصحيح» بعضه، وفي هذا زيادات ظاهرة؛ منها: أنَّه يتمنَّى ثلاثة أيَّام، ومنها: أنَّ أبا هريرة قال: وعشرة أمثاله، وأنَّ أبا سعيد قال: ومثله، وهو في «الصحيح» عكس هذا) انتهى.

(1/1766)

وهذا الحديث رأيته في «المنتخب من [28] مسند عبد بن حميد»، وقد رُوِّيته عاليًا، قال فيه: (حدَّثنا الحسن بن موسى، عن حمَّاد بن سلمة ... )؛ فذكره، وأين يقع عليُّ بن زيد من رجال «الصحيح» والقول الصحيح وإن كان روى له مسلم والأربعة؟ وجواب آخر: وهو أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أُعلم أوَّلًا بما في حديث أبي هريرة، ثمَّ تكرَّم الله، فزاد ما في رواية أبي سعيد، فأَخبَر به عليه الصَّلاة والسَّلام، ولم يسمعه أبو هريرة، وهذا جواب عن الذي في «الصحيح» من غير نظر لما في «المُسندين؛ أحمد وعبد»، والجواب الماشي [29] أنَّ كلًّا من أبي هريرة وأبي سعيد سمع: «ومثله معه»، و «عشرة أمثاله»، فحفظ هذا مرَّةً وأُنسي الأخرى مرَّةً، وكذا الآخر، هذا إن مشَّينا حديث عليِّ بن زيد؛ وهو ابن جدعان، فإنَّه مُختَلَف فيه، وحديثه حسن، ولكن له غرائب، وليس بالثبت، وإلَّا؛ فالقول قول «الصحيحين»، والله أعلم.

فائدة: ذكر الغزالي في (كتاب التوبة) من «الإحياء» حديثًا: «أنَّ آخر من يخرج من النار يعذَّب سبعة آلاف سنة»، وهذا رواه الحكيم التِّرمذيُّ في «نوادره» من حديث أبي هريرة بسند [30] ضعيف، كما قاله شيخنا العراقيُّ في «تخريج أحاديث الإحياء» في حديث، فإنَّ فيه: «وأطولهم مكثًا فيها مثل الدُّنيا من يوم خُلِقَت إلى يوم القيامة، وذلك سبعة آلاف سنة» انتهى، وأمَّا حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «أنَّ عبدًا في جهنم ينادي ألف سنة: يا حنَّان يا منَّان ... »؛ الحديث؛ فذكر ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» في (باب صفة جهنَّم): (أنَّه ليس بصحيح، في سنده أبو ظلال، واسمه هلال)، ثمَّ ذكر تضعيفه عن ابن حِبَّان.

==========

[1] في (ب): (قريبًا).

[2] كذا في النُّسخ وهامش (ق) مُصحَّحًا، وفي «اليونينيَّة»: (تمارون) معًا، وفي (ق): (تَمارَون).

[3] في (ج): (يصح)، وهو تحريفٌ.

[4] (وقد قدَّمتُ ذلك مختصرًا): سقط من (ج).

[5] (عَزَّ وَجَلَّ): ليس في «اليونينيَّة».

[6] (فيقول) سقط من (ب).

[7] (ذلك): سقط من (ب).

[8] في هامش (ق): (فيدعوهم: كذا قرأتها على شيخنا؛ أعني: كما في الأصل بفتح الدال، فقال: إنَّما هي فيدعوهم؛ بسكونها، كذا أحفظها).

[9] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (أحدٌ).

[10] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[11] في (ب): (التاء)، وليس بصحيح.

[12] في (ب): (الكلام).

[13] (رحمه الله): سقط من (ب).

[14] في (ب): (من النار منهم).

(1/1767)

[15] في (ب) و (ج): (محشته)، وليس بصحيح.

[16] (المهملة): سقط من (ب).

[17] زيد في (ب): (الريح).

[18] في (ج): (قشبي)، وهو تحريف.

[19] زيد في (ب): (أي).

[20] كذا في النُّسخ وهامش (ق)، وعليها علامة روايها وهو أبو ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ذَكَاؤُهَا).

[21] زيد في (ج): (على).

[22] زيد في «اليونينيَّة»: (عَزَّ وَجَلَّ)، وضُرِبَ عليها في (ق).

[23] كذا في النُّسخ و (ق)، وعليها علامة الزِّيادة وعلامة راويها وهو أبو ذرٍّ، و (زد): ليس في «اليونينيَّة».

[24] في (ج): (وزاد).

[25] كذا في (أ) و (ب)، وفي (ج) و «اليونينيَّة» و (ق): (لك ذلك).

[26] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[27] في (ج): (وأخذت)، ولعله تصحيف.

[28] (المنتخب من): سقط من (ج).

[29] في (ب): (الحاشي).

[30] في (ب): (فسند).

(1/1768)

[باب: يبدى ضبعيه ويجافى في السجود]

قوله: (باب يُبْدِي ضَبْعَيْهِ): (يُبْدِي): بضمِّ أوَّله، معتلٌّ؛ أي: يُظهِر، ولا يجوز همزه، و (الضَبْعان)؛ بفتح الضاد المعجمة، وإسكان المُوَحَّدة: العضدان، وقيل: الضبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد، وقيل: هو وسط العضد، وقد تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 253]

(1/1769)

[حديث: أن النبي كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه.]

807# قوله: (حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ): (مضر): لا ينصرف؛ لأنَّه معدول عن (ماضر).

قوله: (عَنْ جَعْفَرٍ): هو جعفر بن ربيعة، كما سيأتي في تعليق اللَّيث، وهو جعفر بن ربيعة بن شرحبيل ابن حسنة، وهو كنديٌّ، يروي عن أبي سلمة والأعرج، وعنه: اللَّيث وبكر بن مضر، تُوُفِّيَ سنة (136 هـ)،

[ج 1 ص 253]

أخرج له الجماعة، قال أحمد: (كان شيخًا من أصحاب الحديث ثقةً)، وقال أبو زرعة: (صدوق).

[قوله: (عَنِ ابْنِ هُرْمُزَ): هو عبد الرَّحمن بن هرمز الأعرج، وهذا ظاهرٌ عند أهله] [1].

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّ الصَّواب في قراءته أن يُجَرَّ (مالك) منوَّنًا، وأن يُكتَب (ابن) بعده بالألف، وأن يُعرَب إعراب (عبد الله)، وتقدَّم الكلام على أبيه، وغَلَطُ من غَلَطَ فيه، ومن عدَّه صحابيًّا، ومن أنكر صحبته، بل إسلامه؛ فانظر ذلك.

قوله: (حَتَّى يَبْدُوَ): أي: يَظهَر، وهو معتلُّ الآخر، لا [2] مهموز [3]، وهمزه خطأ.

قوله: (بَيَاضُ إِبْطَيْهِ): تقدَّم الكلام على بياض إبطه صلَّى الله عليه وسلَّم، وكلام أبي نعيم: (أنَّه من علامات نبوَّته)، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ): إنَّما جاء بهذا التعليق المجزوم به؛ لأنَّ بكر بن مضر عنعن عن جعفر بن ربيعة، وإن لم يكن مدلِّسًا حتَّى يخرج من الخلاف، فأتى بتعليق اللَّيث الذي فيه تصريح اللَّيث بالتَّحديث، والله أعلم.

قوله: (قَالَهُ أَبُو حُمَيْدٍ): تقدَّم ضبطه واسمه، وما يتعلَّق به قريبًا وأبعدَ منه، واسمه عبد الرَّحمن، وقيل: المنذر، الساعديُّ رضي الله عنه.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] (لا): سقط من (ب).

[3] في (ب): (المهموز).

(1/1770)

[باب إذا لم يتم السجود.]

(1/1771)

[حديث: رأى رجلًا لا يتم ركوعه ولا سجوده]

808# قوله: (حَدَّثَنا [1] مَهْدِي): هو مهديُّ بن ميمون المَعْوليُّ، عن أبي رجاء، وابن سيرين، وعنه: يحيى، وابن مهديِّ، ومُسَدَّد، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (172 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ وَاصِلٍ): هو بالصاد المهملة مكسورة، وهو ابن حَيَّان؛ بفتح الحاء، وبالمُثَنَّاة تحت المُشدَّدة، الأسديُّ الأحدب، عن شريح والمعرور بن سويد، وعنه: شعبة وسفيان [2]، مات [3] سنة (120 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وأبو داود.

قوله: (رَأَى رَجُلًا): تقدَّم أنَّ هذا الرجل لا أعرفه.

==========

[1] (حدثنا): سقط من (ب).

[2] في (ج): (تُوُفِّيَ).

[3] في (ب): (والسفيانان).

[ج 1 ص 254]

(1/1772)

[باب السجود على سبعة أعظم]

(باب السُّجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ ... إلى (باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ، فَذَكَرَ حَاجَةً فَتَخَطَّاهُمْ)

==========

[ج 1 ص 254]

(1/1773)

[حديث: أمر النبي أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف .. ]

809# قوله: (حَدَّثَنا قَبِيْصَةُ): هو بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، تقدَّم.

قوله: (حَدَّثَنا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد، فيما ظهر لي، والله أعلم [1].

قوله: (أُمِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (أُمِرَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَلاَ يَكُفَّ): أي: يضُمَّ، قال ابن الأثير في «النِّهاية»: (يحتمل أن يكون بمعنى: المنع؛ أي: لا أمنعهما من الاسترسال حال السجود؛ ليقعا على الأرض، ويحتمل أن يكون بمعنى: الجمع؛ أي: لا يجمعهما ويضمُّهما) انتهى، وأصرح من هذه العبارة: أي: لا يجمع الثَّوب باليدين عند الركوع والسجود.

(1/1774)

[حديث: أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم ولا نكف .. ]

810# قوله: (عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُوسٍ): هو عمرو بن دينار المذكور في السند الذي قبله.

قوله: (أُمِرْنَا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 254]

(1/1775)

[حديث: كنا نصلي خلف النبي فإذا قال: سمع الله لمن حمده]

811# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعيُّ، واسم أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعيُّ، تقدَّم بعض ترجمة (إسرائيل)، يكنى أبا موسى، بصريٌّ، نزل الهند، روى عن جدِّه أبي إسحاق السبيعيِّ، وزياد بن علاقة، وآدم بن عليٍّ، وخلق، وعنه: يحيى بن آدم، ومُحَمَّد بن كثير، وأممٌ، وقال: (أحفظُ حديث أبي إسحاق كما أحفظ السورة)، وقال أحمد: ثقة، وتعجَّب من حفظِه، وقال أبو حاتم: مِن أتقن أصحاب أبي إسحاق، وضعَّفه ابن المدينيِّ، تُوُفِّيَ سنة (162 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تقدَّم أعلاه في ترجمة حفيده أنَّه عمرو بن عبد الله السبيعيُّ، وترجمته تقدَّمت [1] مختصرةً فيما مضى.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ): تقدَّم الكلام عليه، وبعض ترجمته فيما مضى.

قوله: (وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ): تقدَّم الكلام عليه مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (لَمْ يَحْن): تقدَّم أنَّ النُّون يجوز كسرها وضمُّها؛ لأنَّ فيه لغتين، يقال: حنا يحنو، وحَنى يحني.

(1/1776)

[باب السجود على الأنف]

(1/1777)

[حديث: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم]

812# قوله: (أُمِرْتُ): تقدَّم أنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَلاَ نَكْفِتَ): هو ثلاثيٌّ، والفاء مكسورة، (كفت): ضمَّ، وهذا ظاهرٌ، وقد تقدَّم الكلام أعلاه على (يكفُّ)؛ فانظره، وقال بعضهم: (يكفت): يستر، ولا يصحُّ.

==========

[ج 1 ص 254]

(1/1778)

[باب السجود على الأنف والسجود على الطين]

(1/1779)

[حديث: من كان اعتكف مع النبي فليرجع]

813# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، تقدَّم الكلام عليه، وبعض ترجمته، ونسبته لماذا.

قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يحيى العوذيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته، ونسبته، وضبطها.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو يحيى بن أبي كثير؛ بالمثلَّثة، وفتح الكاف [1]، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن [2] عبد الرَّحمن بن عوف، واسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه سعد بن مالك بن سنان الأنصاريُّ رضي الله عنه، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (وَإِنِّي نَسِيتُهَا): ويروى: (نُسِّيْتُهَا) [3]، روايتان، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فَجَاءَتْ قَزعَةٌ): هي بفتح القاف والزاي، وفي أصلنا ساكنة ومحرَّكة، والجمع: قَزَع؛ بفتحهما أيضًا، والقزعة: السَّحابة، وقال أبو عبيدة: (وأكثر ما يكون ذلك في الخريف)، انتهى.

قوله: (أَثَرَ): تقدَّم أنَّه يقال: (أثر)؛ بفتح الهمزة، والثاء، ويقال: بكسر الهمزة، وإسكان الثَّاء، وتقدَّم ما قاله شيخنا من تثليث الهمزة، والله أعلم.

قوله: (وَأَرْنَبَتِهِ): الأرنبة [4]؛ بفتح الهمزة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ نون مفتوحة، ثمَّ مُوَحَّدة مثلها، ثمَّ تاء: طرف الأنف.

==========

[1] (وفتح الكاف): سقط من (ب) و (ج)، وجاءت في (أ) مستدركةً بعد قوله: (مرارًا) الآتي، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[2] (ابن): سقط من (ب).

[3] وهي رواية «اليونينيَّة».

[4] في (ب): (وأرنبة ولأرنبة).

[ج 1 ص 254]

(1/1780)

[باب عقد الثياب وشدها ... ]

(1/1781)

[حديث: كان الناس يصلون مع النبي وهم عاقدو أزرهم من الصغر]

814# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالثاء المُثلَّثة.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه سلمة بن دينار، أبو حازم الأعرج، وهو بالحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

[ج 1 ص 254]

قوله: (عَاقِدُو أُزْرِهِمْ): هو بجرِّ (أُزرِهم)، ويجوز من حيث العربيَّة نصبها، والله أعلم، وهو قليل، ويقال: أُزْر، وأُزُر؛ بإسكان الزاي وضمِّها، وهذا ظاهرٌ، وقد تقدَّم أنَّ كلَّ ما كان على أسافل البدن يقال له: إزار، وما كان على أعاليه يقال له: رداء.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

(1/1782)

[باب: لا يكف شعرًا]

قوله: (باب لاَ يَكُفُّ شَعَرًا): تقدَّم معنى (يكفُّ) قريبًا، وهو يَضُمُّ، وتقدَّم كلام ابن الأثير، و (يكفُّ): مشدَّدٌ مضمومٌ على النهي عند محققي النُّحاة، ويجوز فتح الفاء، وكذا (يَكُفَّ) بعدها، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 255]

(1/1783)

[حديث: أمر النبي أن يسجد على سبعة أعظم]

815# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم.

قوله: (أُمِرَ النَّبِيُّ): (أُمر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل.

==========

[ج 1 ص 255]

(1/1784)

[باب لا يكف ثوبه في الصلاة]

(1/1785)

[حديث: أمرت أن أسجد على سبعة لا أكف شعرًا ولا ثوبًا]

816# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تقدَّم أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو عمرو بن دينار، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ): تقدَّم أنَّ (أُمرت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 255]

(1/1786)

[باب التسبيح والدعاء في السجود]

(1/1787)

[حديث: كان النبي يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده .. ]

817# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم أنَّه ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ سُفْيَانَ): هذا [1] (ما عرفته؛ أهو الثَّوريُّ أو ابن عيينة؟ والله أعلم) [2].

قوله: (عَنْ [3] مَنْصُورٍ): هذا هو ابن المعتمر، تقدَّم بعض ترجمته، وكذا هو منسوبٌ في نسخةٍ [4] على هامش أصلنا.

قوله: (عَنْ مُسْلِمٍ): هو مسلم بن صُبَيح، أبو الضحى، تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّ صُبَيحًا؛ بضمِّ الصاد، مصغَّرٌ.

قوله: (يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ): أي: يعمل بما أُمِرَ به في القرآن من [5] قول الله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: 3].

==========

[1] زيد في (ج): (هو).

[2] ما بين قوسين بياض في (ج).

[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[4] زيد في (ب): (هو).

[5] في (ج): (في).

[ج 1 ص 255]

(1/1788)

[باب المكث بين السجدتين]

(1/1789)

[حديث مالك: ألا أنبئكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم]

818# 819# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تقدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم.

قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، وكذا هو في نسخة في هامش أصلنا، [وقد تقدَّم الكلام على (حمَّاد) إذا أُهمل نسبه من هو؟ فإن كان الراوي عنه عارم أو سليمان بن حرب؛ فهو ابن زيد، وإن كان التَّبُوذكيَّ أو عفَّان أو حجَّاج بن منهال؛ فإنَّه يكون ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، وتقدَّم أنَّ حمَّاد بن سلمة لم يخرِّج له البخاريُّ في الأصول، وإنَّما علَّق له بخلاف ابن زيد] [1].

قوله: (عَنْ أيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة كيسان [2]، السَّختيانيُّ، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم [3] ترجمته مختصرةً.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ): تقدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوَحَّدة، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجرميُّ.

قوله: (هُنَيَّةً): تقدَّم أنَّها تصغير (هَنَةٍ)، وهي مُشدَّدة الياء، كذا ضبطها النَّوويُّ، وهو ظاهرٌ، وخطَّأ الهمز، وبعضهم قالها بالهمز، وقد تقدَّم.

قوله [4]: (عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ): تقدَّم أنَّه بكسر اللَّام، وهوعمرو بن سَلِمَة الجرميُّ، تقدَّم الكلام عليه في (باب الأُطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع).

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] (كيسان): سقط من (ج).

[3] زيد في (ب): (بعض).

[4] زيد في (ب): (عن)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 255]

(1/1790)

[حديث: كان سجود النبي وركوعه وقعوده بين السجدتين .. ]

820# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن عتيبة [1]، الإمام، وتقدَّم بعض ترجمته.

==========

[1] في (ب): (عتبة)، وهو تحريف.

[ج 1 ص 255]

(1/1791)

[حديث: إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت النبي يصلي بنا]

821# قوله: (عَنْ ثَابِتٍ): هو ابن أسلم البُنانيُّ، أبو مُحَمَّد، البصريُّ، وليس في الكتب السِّتَّة (ثابت عن أنس) سواه، وكان رأسًا في العلم والعمل، يلبس الثياب الفاخرة، ويقال: لم يكن في وقته أعبدَ منه، رحمة الله عليه، تُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم.

قوله: (إِنِّي لَا آلُو): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: لا أُقَصِّرُ.

قوله: (قَدْ نَسِيَ): ويجوز: (نُسِّيَ).

==========

[ج 1 ص 255]

(1/1792)

[باب: لا يفترش ذراعيه في السجود]

قوله: (وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ): تقدَّم الكلام عليه [1] مُختَصَرًا قريبًا، وتقدَّم بعيدًا الخلاف في اسمه، وبعض ترجمته، وهو عبد الرَّحمن، وقيل: المنذر الساعديُّ.

قوله: (وَلاَ قَابِضِهِمَا): هو بجرِّه معطوفٌ على (مُفْتَرِشٍ).

==========

[1] (عليه): سقط من (ب).

[ج 1 ص 255]

(1/1793)

[حديث: اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب]

822# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المعجمة.

قوله: (انْبِسَاطَ الْكَلْبِ): تقدَّم أنْ نُهِيَ [1] عن التشبيه بحيوانات في الصَّلاة، فنُهِي عن التفاتٍ كالتفات الثعلب، وبروكٍ كبروك البعير، وافتراشٍ كافتراش السبع، وإقعاءٍ كإقعاء الكلب، ونقرٍ كنقر الغراب، ورفع الأيدي كأنَّها أذناب خيلٍ شُمْسٍ، فهذه ستُّ حيوانات نُهِي المصلِّي أن يتشبَّه بشيء منهنَّ، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (النهي).

[ج 1 ص 255]

(1/1794)

[باب: من استوى قاعدًا في وتر من صلاته ثم نهض]

(1/1795)

[حديث: أنه رأى النبي كان يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض]

823# قوله: (أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ): هذا هو ابن بشير، تقدَّم، وتقدَّم [1] أنَّه ليس في الكتب السِّتَّة راوٍ اسمه هُشيم سواه، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ): تقدَّم أعلاه ضبطه، واسمه، واسم أبيه، وتقدَّم قبل ذلك بعض ترجمته.

==========

[1] (وتقدَّم): سقط من (ب).

[ج 1 ص 255]

(1/1796)

[باب: كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة]

(1/1797)

[حديث: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة]

824# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، تقدَّم الكلام عليه.

قوله: (عَنْ أيُّوب): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (يَعْنِي: عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ): تقدَّم بعض ترجمته، وأنَّه بكسر اللَّام [1]، وأنَّه تابعيٌّ، ووالده صحابيٌّ، كان يؤمُّ عمرٌو قومَه في عهده عليه الصَّلاة والسَّلام، وكان صبيًّا، ولم يره عليه الصَّلاة والسَّلام.

==========

[1] (وأنه بكسر اللام): سقط من (ج).

[ج 1 ص 255]

(1/1798)

[باب: يكبر وهو ينهض من السجدتين]

(1/1799)

[حديث: صلى لنا أبو سعيد فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود]

825# قوله: (صَلَّى لَنَا أَبُو سَعِيدٍ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ الصَّحابيُّ رضي الله عنه.

(1/1800)

[باب سنة الجلوس في التشهد]

قوله: (وَكَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ تَجْلِسُ فِي صَلاَتِهَا جِلْسَةَ الرَّجُلِ): قال الدِّمياطيُّ: (أمُّ الدرداء الصغرى، وهي المراد هنا، اسمها هُجيمة _وقيل: جُهيمة_ بنت حييٍّ، الوصَّابيَّة، وقيل: اسمها جمانة، تابعيَّةٌ، وأمُّ الدرداء الكبرى لها صحبة، ماتت قبل أبي الدرداء)، انتهى [1]، واعلم أنَّ اسم الكبرى خَيْرة، وقد تقدَّم هذا كلُّه [2].

قوله: (وَكَانَتْ فَقِيهَةً): قال شيخنا الشَّارح: (الظاهر أنَّه من كلام البخاريِّ) انتهى، وكذا قال النَّوويُّ في «تهذيبه»، ولفظه في ترجمتها: (قال البخاريُّ في «صحيحه» في أبواب «صفة الصَّلاة»: «كانت أمُّ الدرداء فقيهة»)، وفي «تذهيب الذَّهبيِّ»: (أنَّه من كلام مكحول)، والظاهر أنَّه من كلام المِزِّيِّ في «التهذيب»، والله أعلم.

وقوله: (جِلْسَةَ): هي بكسر الجيم، المراد: الهيئة.

==========

[1] زيد في (ب): (وتقدَّم هذا كله).

[2] قوله: (وقد تقدَّم هذا كله): جاء في (ب) في غير موضعه، وسقط من (ج).

[ج 1 ص 255]

(1/1801)

[حديث: أنه كان يرى عبد الله بن عمر يتربع في الصلاة إذا جلس]

827# قوله: (إِنَّ رِجْلَيَّ لاَ تَحْمِلاَنِي): كذا في هامش أصلنا، وعليه (صح)، وفي الأصل وعليه نسخة وعلامة [1] راويها: (رجلاي)، وهذه على لغة من يجعل المثنَّى بالألف رفعًا، ونصبًا، وجرًّا، وهي لغة لبعض العرب:

~…تزوَّدَ منَّا بين أُذْنَاهُ ضربةً

(1/1802)

[حديث: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله رأيته إذا كبر ... ]

828# قوله: (عَنْ خَالِدٍ): هو خالد بن يزيد أبو عبد الرحيم [1]، المصريُّ الفقيه، عن عطاء والزهريِّ، وعنه: اللَّيث ومفضَّل بن فضالة، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: (لا بأس به).

قوله: (عَنْ سَعِيدٍ): هذا هو ابن أبي هلال، اللَّيثيُّ مولاهم، المدنيُّ ثمَّ المصريُّ، أبو العلاء، أحد المشاهير المُكْثِرين، عن نافع، ونعيم المُجْمِر، والطبقة، وعنه:

[ج 1 ص 255]

شيخه سعيد المقبريُّ واللَّيث بن سعد، تُوُفِّيَ سنة (135 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو ثقةٌ معروفٌ، وقال ابن حزم وحده: (ليس بالقويِّ)، له ترجمة في «الميزان»، وفي هامش أصلنا نسخة [2] تجاه (سعيد) صورتها [3]: (هو أبو هلال)، وكون كنية سعيد أبو هلال لا أعرف أنا ذلك؛ إنَّما كنيته أبو العلاء، والله أعلم.

قوله: (عَنْ مُحَمَّد بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ): هو بحاءين مهملتين مفتوحتين، بعد كلِّ حاءٍ لامٌ، فاللَّام الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، ثمَّ تاء التَّأنيث [4]، روى عن عطاء بن يسار وطائفة، وعنه: مالك، وإسماعيل بن جعفر، وخلقٌ، وثَّقه أبو حاتم وغيره، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

قوله: (وَحَدَّثَنَا اللَّيْثُ): قائل ذلك: هو يحيى ابن بُكير شيخ البخاريِّ، والحاصل: أنَّ اللَّيث رواه عن ثلاثة أشخاص؛ عن يزيد بن أبي حبيب، ويزيد بن مُحَمَّد القرشيِّ؛ كلاهما عن مُحَمَّد بن عمرو بن حلحلة، عن مُحَمَّد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حُميد.

[تنبيه: وقع في أصلنا: (مُحَمَّد بن عمرو وابن عطاء)؛ بواو بين (عمرو) وبين (ابن عطاء)، وهو خطأٌ محضٌ، وإنَّما هو مُحَمَّد بن عمرو بن عطاء؛ فاعلمه] [5].

والثالثُ من مشايخ اللَّيث: خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن مُحَمَّد بن عمرو بن حلحلة نحوه.

قوله: (ثُمَّ هَصَرَ): هو بفتح الهاء والصاد المهملة المخفَّفة، وبالراء؛ أي: ثناه وعطفه، وقد تقدَّم.

قوله: (كُلُّ فَقَارٍ): تقدَّم (في الورقة التي قبل هذه بورقتين) [6] الكلامُ عليه.

قوله: (وَلاَ قَابِضِهِمَا): هو بالجرِّ تقدَّم قريبًا، وأنَّه معطوفٌ على (مُفْتَرِشٍ).

(1/1803)

قوله: (سَمِعَ اللَّيْثُ يَزِيدَ [7] بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَيَزِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ حَلْحَلَةَ، وَابْنُ حَلْحَلَةَ ابنَ عَطَاءٍ [8]): (اللَّيثُ): مَرْفوعٌ فاعل (سمعَ)، و (يزيدَ بنَ أبي حبيب): مَنْصوبٌ مفعول (سمع)، و (يزيدُ) بعده هو ابن مُحَمَّد القرشيُّ، مَرْفوعٌ معطوفٌ على (اللَّيث)، وفي نسخة: (من مُحَمَّد بن حلحلة)، وهي في أصلنا، وقوله: (وابنُ حلحلة): مَرْفوعٌ معطوفٌ على (اللَّيث)؛ أي: وسمع ابنُ حلحلة، وقوله: (ابنَ عطاء): مَنْصوبٌ مفعول، وفي نسخة هي في أصلنا أصلٌ: (من ابن عطاء)، وهو مُحَمَّد بن عمرو بن عطاء.

وإنَّما عقَّب الحديثَ البخاريُّ بهذا الكلام؛ لأنَّ اللَّيث عنعن في روايته عن ابن أبي حبيب، ويزيدُ عنعن عن مُحَمَّد بن عمرو بن حلحلة، وابنُ حلحلة عنعن عن مُحَمَّد بن عمرو بن عطاء، فبيَّن بهذا أنَّ كلًّا منهم سمع الآخر، فزال ما يُخشى في العنعنة من التَّدليس باللُّقي والسماع، وإن حوشي اللَّيثُ من التَّدليس، وكذا مَنْ بعده، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ: كُلُّ قِفَارٍ): تقدَّم الكلام على هذا، وأنَّه بتقديم القاف على الفاء، وأنَّه خلاف الصَّواب، في الورقة التي قبل هذه بورقتين [9]، وقوله: (وقال أبو صالح): هو عبد الله بن صالح بن مُحَمَّد بن مسلم، الجُهنيُّ مولاهم، المصريُّ، أبو صالح، كاتب اللَّيث بن سعد، تقدَّم الكلام عليه، وقلتُ هناك: إنَّ البخاريَّ روى عنه في «التاريخ»، والأصحُّ: أنَّه روى عنه في «الصحيح»، فعلى هذا: يكون قوله: (وقال أبو صالح) أخذه عنه في [10] المذاكرة، على ما تقرَّر في قول البخاريِّ أو غيره: (قال: فلان)، إذا كان المعزوُّ إليه القول شيخَه، بشرط عدم التدليس، والله أعلم، وقد قدَّمتُ بعض ترجمة عبد الله بن صالح، فأغنت عن إعادتها هنا، والله أعلم.

(1/1804)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أيُّوب [11]: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ): أتى بهذا التعليق؛ لأنَّ اللَّيث عنعن، وقد تقدَّم الكلام عليه، فأتى بهذا؛ لأنَّ يحيى بن أيُّوب صرَّح بالتَّحديث من يزيد بن أبي حبيب، وفيه أيضًا التصريح بالتحديث من مُحَمَّد بن عمرو، وفيه أيضًا مخالفة لما قاله أبو صالح عن اللَّيث: (كلُّ قفار)، من تقديم القاف على الفاء، فخالفه هذا عن مُحَمَّد بن عمرو بن حلحلة [12]، وأتى به على الصَّواب: (كلُّ فقار)؛ بتقديم الفاء على القاف، والله أعلم.

==========

[1] في (ب) و (ج): (الرَّحمن)، وليس بصحيح.

[2] في (ب): (مُحَمَّد).

[3] (تجاه سعيد صورتها): سقط من (ب).

[4] زيد في (ب): (الساكنة).

[5] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[6] ما بين قوسين سقط من (ب).

[7] في (ج): (سعيد)، وليس يصحيح.

[8] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية أبي ذرِّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) بعد الإصلاح: (وسَمِعَ اللَّيْثُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ، وَيَزِيدُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَلْحَلَةَ، وَابْنُ حَلْحَلَةَ مِنَ ابْنِ عَطَاءٍ).

[9] في (ب): (بأوراق).

[10] زيد في (ب): (حال).

[11] زيد في «اليونينيَّة»: (قَالَ).

[12] (بن حلحلة): عليه في (أ) و (ج) علامة (نسخة)، وهي رواية أبي ذرٍّ.

(1/1805)

[باب من لم ير التشهد الأول واجبًا لأن النبي قام من الركعتين]

(1/1806)

[حديث: أن النبي صلى بهم الظهر فقام في الركعتين .. ]

829# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أخْبَرنا [1] شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه شعيب بن أبي حمزة، وأنَّ (الزُّهريَّ): مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور.

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقَالَ مَرَّةً: مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ): ولا تناقض بين المرَّتين؛ لأنَّ (ربيعة بن الحارث) هو ابن عبد المطَّلب، فلا تباين بينهما، وفي قول: إنَّه مولى مُحَمَّد بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطَّلب، ولا تباين أيضًا؛ لأنَّ مولى ربيعة هو مولى ولده مُحَمَّد، ومولى مُحَمَّد هو مولى والده، فالكلُّ بمعنًى واحدٍ، والله أعلم، وهو عبد الرَّحمن بن هرمز الأعرج أبو داود، القارئ المشهور.

تنبيهٌ: وقع في أصلنا: (وقال [2] مُرَّةُ)؛ بضمِّ الميم، وتشديد الرَّاء المفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث بالقلم، على أنَّه اسم عَلَمٍ، وهذا الذي ظهر لي أنَّه طرأ على أصلنا، وإنَّما كان أوَّلًا على الصَّواب (مرَّةً) التي هي واحدة (المرَّات)، فأُصْلِح على ما ذكرت لك، وهذا تصحيف من مُصْلِحه، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ عَبْدَ اللهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ): تقدَّم الكلام عليه، وعلى والدته (بحينة)، وضبطها، وما يتعلَّق بوالده مالك، والخلاف فيه، فأغنى ذلك عن إعادته.

قوله: (وَهْوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ [3]): اعلم أنَّ الشَنُوءةَ على (فَعُولة): التقزُّز [4]؛ وهو التَّباعد من الأدناس، تقول: رجل فيه شَنُوءة، ومنه: أزد شَنُوءَة؛ حيٌّ من اليمن، ينسب إليهم: شَنَائيٌّ، قال ابن السِّكِّيت: (وربما قالوا: أزد شَنُوُّة؛ بالتشديد غير مهموز، وينسبُ إليها: شَنَوِيٌّ).

(1/1807)

[باب التشهد في الأولى]

(1/1808)

[حديث: صلى بنا رسول الله الظهر فقام وعليه جلوس]

830# قوله: (حَدَّثَنَا بَكْرٌ): هو بكر بن مضر، تقدَّم.

قوله: (عَنِ الأَعْرَجِ): تقدَّم أعلاه [1] أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز.

==========

[1] (أعلاه): سقط من (ب).

[ج 1 ص 256]

(1/1809)

[باب التشهد في الآخرة]

قوله: (باب التَّشَهُّدِ فِي الآخِرَةِ): اعلم أنَّه جاء عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثلاثة [1] عشر تشهُّدًا، بأيِّها تشهَّدَ؛ أجزأه، وأصحُّها هذا تشهدُ ابن مسعود في «البخاريِّ» و «مسلم»، ويليه في الصِّحَّة تشهدُ ابن عبَّاس في «مسلم»، الذي أخذ به الشَّافعيُّ؛ لزيادة [2]: (المباركات)، ولموافقة لفظ القرآن.

==========

[1] في (ج): (ثلاث)، وليس بصحيح.

[2] في (ب): (لزيادات).

[ج 1 ص 256]

(1/1810)

[حديث: إن الله هو السلام فإذا صلى أحدكم فليقل التحيات لله]

831# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم الكلام على (دُكَين) ضبطًا.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ.

قوله: (عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه بفتح اللَّام، وأنَّه أبو وائل.

قوله [1]: (عَنْ [2] عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن مسعود بن غافل، صحابيٌّ جليلٌ، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ في الصَّحابة مَن اسمه عبد الله نحو خمس مئة.

قوله: (السَّلَامُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ): إن قيل: من هم فلانٌ وفلانٌ؟ فالجواب: أنَّهم أشخاص من الملائكة؛ لما روى ابن ماجه من حديث عبد الله بن مسعود: (السَّلام على فلانٍ وفلانٍ؛ يعنون: الملائكة).

قوله: (فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ لِله ... ) إلى آخره: (التَّحيَّات): جمع (تحيَّة)، وهي المُلْك، أو البقاء، أو العظمة، أو السَّلامة، أو الحياة، وقوله: (وَالصَّلَوَاتُ): أي: الخمس، أو النَّوافل، أو العبادات [3]، أو الدُّعاء، وقوله: (وَالطَّيِّبَاتُ): أي: طيِّب القول، أو الأعمال الزَّاكية، وقوله: (السَّلام عَلَيْكَ): (السَّلام): الله، كما نطق به في الحديث، وهو المُسلِّم لعباده، وقيل: ذو السَّلام.

[قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): هو بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ أبو عامر، عن فطر بن خليفة، ومِسعَرٍ، والطَّبقة، وعنه: البخاريُّ، وأحمد، وعبدٌ، والحارث بن أبي أسامة، وأممٌ، كان من العابدين الحُفَّاظ، صدوقٌ جليلٌ، قال ابن معين: (هو ثقة إلَّا في حديث الثَّوريِّ)، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومنها كلام ابن [4] مَعِين، وفيه كلامٌ غيرُ ذلك، قال الذَّهبيُّ: (بل هو مُحتجٌّ عندهم مُوثَّقٌ مع وجود غلطه)، أخرج له الجماعة، مات سنة خمسَ عشرةَ ومئتين.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، وهو ابن سعيد، تقدَّم.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ [5]): تقدَّم أنَّه سليمان بن مهران، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (وَمَنْصُورٍ): هو ابن المُعتَمِر، تقدَّم بعض ترجمته.

(1/1811)

قوله: (وَحَمَّادٍ): أمَّا (حمَّاد [6])، فهو ابن أبي سليمان مسلم الأشعريُّ، عن أنس بن مالك [7]، وأبي وائل شقيق بن سلمة، وجماعةٍ، وعنه: ابنه إسماعيل ومغيرة بن مِقْسَم، وأبو حنيفة، وخلقٌ، مرجئ الثناء عليه كثيرٌ، ثقة، وقال أبو حاتم: (صدوق لا يُحتجُّ به، وهو مستقيم في الفقه فإذا جاء الآثار؛ شُوِّش)، وقال النَّسائيُّ: ثقة إلَّا أنَّه مرجئ، له ترجمةٌ في «الميزان»، وفيها: لولا ذكر ابن عديٍّ له؛ لم أذكره، انتهى، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، قال أبو بكر ابن أبي شيبة: تُوُفِّيَ سنة عشرين ومئة، وقال غيره: سنة تسعةَ عشرَ ومئة، انتهى.

وفي «الأطراف»: (عن خلف: أنَّ حديث قبيصة _يعني: هذا_ في بعض النُّسخ)، واعلم أنَّ من قوله: (حدَّثنا قبيصة) إلى (حمَّاد) في أصل لنا [8]، وعليها علامة (نسخة)، وفي هذه النُّسخة: (ح: وحدَّثنا)، فذكر بعد التَّحويل: حدَّثنا أبو نعيم الذي ذكرته هنا، ولولا أنِّي رأيت هذه الزِّيادة في «أطراف المِزِّيِّ»؛ لمَا ذكرت الكلام عليها، وشيخنا الشَّارح لم يذكرها، ولا تكلَّم [9] عليها، ولا مَن أخرجها] [10].

[ج 1 ص 256]

(1/1812)

[باب الدعاء قبل السلام]

(1/1813)

[حديث عائشة: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر .. ]

832# 833# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم عليه بعض الكلام.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه شعيب بن أبي حمزة، وأنَّ (الزُّهريَّ) مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور.

قوله: (مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ): الكلام على (المسيح الدَّجَّال [1]) كثير [2]، فمن أراده [3]؛ فلينظر «التذكرة» للقرطبيِّ في أواخرها، فإنَّه شفى فيه [4]، [وقد ذكر فيها: (أنَّ الدَّجَّال يُطلَق على عشرة وجوه)، فذكرها من عند ابن دحية، وقال فيها: إنَّ في لفظة (المسيح) اختُلِف فيها على ثلاثة وعشرين قولًا، فذكرها عن ابن دحية أيضًا، وذكر شيخنا في «القاموس» له ما لفظه: (والمسيح عيسى صلَّى الله عليه وسلَّم [5]؛ لبركته)، قال: (وذكر في اشتقاقه خمسين قولًا في شرحي لـ «مشارق الأنوار» وغيرِه، والدَّجَّال؛ لشؤمه، أو هو كـ «سكِّير»، انتهى] [6]، وسيأتي أيضًا في كلامي كلامٌ فيه [7] إن شاء الله تعالى.

فإن قال قائل: كيف استعاذ عليه الصَّلاة والسَّلام من المسيح الدَّجَّال، وقد ثبت أنَّ الدَّجَّال [8] إذا رأى عيسى ابن مريم صلَّى الله عليه وسلَّم [9]؛ يذوب؟ فالجواب: أنَّه أراد تعليم أمَّته، أو تعوَّذ منه لأمَّته، أو أنَّه معصوم ويظهر الاستعاذة، والله أعلم.

(1/1814)

قوله: (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ): يريد بـ (فتنة المحيا): محنة الدُّنيا، وما بعدها حالة الاحتضار، وبـ (فتنة الممات): حالة المسائلة في القبر، ويحتمل أن يُفسَّر بما رواه التِّرمذيُّ الحكيمُ مُحَمَّد بن عليٍّ الحافظ، قال: (حدَّثني أبي رحمه الله: حدَّثنا الفضل بن دكين عن سفيان، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّةٍ قال: كانوا يستحبُّون إذا وُضِع الميِّتُ في اللَّحد أن يقولوا: اللَّهمَّ؛ أعِذْه من الشيطان الرجيم)، وروي عن سفيانَ الثَّوريِّ رحمه الله أنَّه قال: (إذا سُئِل الميِّت: من ربُّك؟؛ تزايا له الشيطان في صورة [10]، فيشير إلى نفسه؛ أي [11]: أنا ربُّك)، قال التِّرمذيُّ الحكيم: (فهذه فتنة عظيمة، ولذلك [12] كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يدعو بالثبات فيقول: «اللَّهمَّ؛ ثبت [13] عند المسألة منطقه، وافتح أبواب السماء لروحه»، فلو لم يكن للشيطان هناك سبيل؛ ما كان ليدعو رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يجيره من الشيطان، فهذا تحقيق لما رُوِي عن سفيان)، ذكر ذلك في (الأصل التاسع والأربعين والمئتين)، والله أعلم، وسيجيء في (كتاب الدَّعوات) من هذا «الصَّحيح» من حديث سعد هو ابن أبي وقَّاص، والرَّاوي عنه مصعب ابنه: «وأعوذ بك من فتنة الدُّنيا»؛ يعني: فتنة الدَّجَّال، والله أعلم، وعليه اقتصر النَّوويُّ في «شرح مسلم» في موضعين منه في (باب جواز اقتراض الحيوان)، وكذا في (كتاب الدَّعوات).

قوله: (مِنَ الْمَأْثَمِ): (المأثم): الأمر الذي يأثم به الإنسان، وهو الإثم [14] نفسُه؛ وضعًا للمصدر موضع الاسم.

قوله: (وَالْمَغْرَمِ): هو مصدر وُضِع موضع الاسم، ويريد به: مَغرم الذُّنوب والمعاصي، وقيل: المغرم كالغُرم: وهو الدَّين، وهذا هو الذي بوَّب عليه البخاريُّ، فقال: (باب من استعاذ من الدَّين)، وأخرجه، ويريد به: ما استُدِين فيما يكرهه الله، أو فيما يجوز، ثمَّ عجز عن أدائه، وأمَّا دين احتاج إليه وهو قادر على أدائه؛ فلا يُستعاذ منه.

قوله: (فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ): هذا القائل لا أعرفه [15].

قوله: (وعن الزُّهْرِيِّ قال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أنَّ عائِشةَ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ هذا معطوفٌ على السند قبله، كأنَّه قال: وأخبرني أبو اليمان عن شعيب، عن الزُّهريِّ به [16]، وليس تعليقًا؛ فاعلم، واجتنب كونه تعليقًا، وهما حديثان.

==========

[1] (الدَّجَّال): سقط من (ج).

(1/1815)

[2] في (ج): (كبير).

[3] في (ب): (أراد).

[4] في (ب): (فيها).

[5] في (ب): (عليه السَّلام).

[6] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[7] (كلام فيه): سقط من (ج).

[8] (وقد ثبت أن الدَّجَّال): سقط من (ج).

[9] في (ب): (عليه السَّلام).

[10] (في صورة): سقط من (ب).

[11] في (ب): (إني).

[12] في (ج): (وكذلك).

[13] في (ج): (ثبتنا)، ولعل المثبت هو الصَّواب.

[14] في (ج): (الاسم)، ولعلَّه تحريف.

[15] في (ب): (أعرف اسمه).

[16] (به): سقط من (ب).

[ج 1 ص 257]

(1/1816)

[حديث: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب]

834# قوله: (عَنْ أَبِي الْخَيْرِ): تقدَّم مرَّات أنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ المصريُّ، عن عمرو بن العاصي وأبي بصرة الغفاريِّ، وعنه: يزيد بن أبي حبيب وجعفر بن ربيعة، وكان مفتي أهل مصر، تُوُفِّيَ سنة (90 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: لهم آخرُ يقال له: مرثد بن عبد الله، لكنَّه زِمَّانيٌّ، ويقال: ذِمَّاريٌّ، أخرج له التِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، يروي عن أبي ذرٍّ، فيه جهالة، ذكره العُقَيليُّ، وقال: لا يُتَابَع على حديثه، قال الذَّهبيُّ: (هكذا وجدت بخطِّي، فلا أذكر من أين نقلته إلَّا أنَّه ليس بمعروف، وقد أفرده شيخنا أبو الحجَّاج عن مرثد بن عبد الله اليزنيِّ ما روى عنه سوى ولده مالكٍ، فأمَّا اليزنيُّ؛ فيكنى أبا الخير، من كبار التَّابعين بمصر، تُوُفِّيَ سنة «90 هـ»)، قاله في «الميزان».

[قوله: (أَدْعُو بِهِ): كذا في أصلنا، والأكثر في العربيَّة: (ادع) جوابٌ، ويجوز رفعه، وله شاهدٌ في القرآن] [1].

قوله: (ظُلْمًا كَثِيرًا): بالمثلَّثة، وفي رواية: بالمُوَحَّدة، قال ابن قُرقُول: (بالمثلَّثة للقابسيِّ، وبالمُوَحَّدة للباقين)، قال النَّوويُّ: (وينبغي جمعهما؛ يعني يقول: ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا كبيرًا [2])، كذا قال [3]، ولا يظهر لي صحَّة ذلك، وذلك لأنَّ الشَّارع لم يقلْه [4] هكذا على هذه الكيفيَّة، ولكن يقول الشَّخص [5] مرَّةً كذا، ومرَّةً كذا [6]، والله أعلم.

قوله: (مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ): إن قيل: إنَّ المغفرةَ لا تكون إلَّا مِن عند الله، فكيف قال هذا؟ والجواب: أنَّ معناه: هب لي الغفرانَ بفضلك، وإن لم أكن أهلًا له بعملي، والله أعلم.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] (كبيرًا): سقط من (ب).

[3] في (ب): (قاله).

[4] في (ج): (يقل).

[5] (النبي): سقط من (ب) و (ج).

[6] (ومرة كذا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 257]

(1/1817)

[باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب]

قوله: (بَابُ مَا يُتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ): في هذا التَّبويب والحديث الذي ذكره ردٌّ على طاووس فيما رواه مسلم عنه: أنَّه أمر ابنه بإعادة الصَّلاة حين لم يدعُ بدعاء: (اللَّهمَّ؛ إنِّي أعوذ بك مِن عذاب القبر، وعذاب النَّار، وفتنة المحيا، وفتنة الممات، وشرِّ المسيح الدَّجَّال)، وجمهور العلماء على أنَّ هذا مُستحبٌّ، وليس بواجب، ولعلَّ طاووسًا أراد: تأديب ابنِه، وتأكيد هذا الدُّعاء عنده، لا [1] أنَّه [2] اعتقد وجوبه، والله أعلم، وابن طاووس: هو عبد الله.

==========

[1] (لا): سقط من (ج).

[2] في (ج): (لأنه).

[ج 1 ص 257]

(1/1818)

[حديث: لا تقولوا: السلام على الله فإن الله هو السلام]

835# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تقدَّم أنَّه ابن سعيد القطَّان، العالم، شيخ الحُفَّاظ.

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا [1] أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ المشهور، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (حَدَّثَنِي شَقِيقٌ): تقدَّم أنَّه ابن سلمة أبو وائل، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ): تقدَّم [2] ابن مسعود بن غافل، من السَّابقين الأوَّلين رضي الله عنهم.

قوله: (عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ): تقدَّم أنَّهم يعنون الملائكة.

قوله: (التَّحِيَّاتُ): تقدَّم الكلام عليها، وما معها في ظاهرها [3].

==========

[1] (مرارًا): سقط من (ب).

[2] زيد في (ب): (أنَّه).

[3] في (ج): (ظاهر هذه الورقة)، وفي (ب): (معها قريبًا).

[ج 1 ص 257]

(1/1819)

[باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى]

(1/1820)

[حديث: رأيت رسول الله يسجد في الماء والطين]

836# قوله: (عَنْ [1] هِشَامٍ): هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتَوائِيُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): تقدَّم أنَّه ابن أبي كثير؛ بالمثلَّثة مرارًا، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه ابن [2] عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، واسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] (ابن): سقط من (ج).

[ج 1 ص 257]

(1/1821)

[باب التسليم]

(1/1822)

[حديث: كان رسول الله إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه]

837# قوله: (حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ): هو ابن شهاب الآتي مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.

قوله: (عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ): (هند) يجوز صرفها وعدمه، الفراسيَّة، ويقال: القرشيَّة، وهي زوج معبد [1] بن المقداد، تروي عن أمِّ سلمة، وعنها: الزُّهريُّ، لها حديثان [2]، روى لها البخاريُّ والأربعة، وقد تقدَّمت.

قوله: (عَنْ [3] أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّها زوجه عليه الصَّلاة والسَّلام، واسمها هند بنت أبي أميَّة حُذيفةَ، المخزوميَّة، تقدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها.

قوله: (قَالَ [4] ابْنُ شِهَابٍ): تقدَّم أعلاه أنَّه الزُّهريُّ.

قوله: (فَأُرَى وَاللهُ أَعْلَمُ): (أُرَى): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.

==========

[1] في (ب): (المعبد).

[2] في (ج): (حديثًا).

[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَنَّ).

[4] في (ج): (وقال)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 257]

(1/1823)

[باب: يسلم حين يسلم الإمام]

(1/1824)

[حديث: صلينا مع النبي فسلمنا حين سلم]

838# قوله: (حَدَّثَنَا [1] حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): هو بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، واعلم أنَّ في «البخاريِّ» بالكسر ثلاثةَ أشخاص: حِبَّان بن موسى هذا في «البخاريِّ» و «مسلم»، ويأتي غير منسوب عن عبد الله بن المبارك، والثَّاني: حِبَّان بن عطيَّة السُّلميُّ، له ذكر في «البخاريِّ» في قصَّة حاطب، وحِبَّان ابن العَرِقة، له ذكر في «البخاريِّ» و «مسلم» في: (أنَّ سعد بن معاذ رماه رجل من قريش يقال له: حِبَّان ابن العرقة)، وقد قدَّمتُ مَن يقال له حَبَّان بالفتح في الكتب الثَّلاثة؛ «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ»، والله أعلم.

[ج 1 ص 257]

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تقدَّم في الكلام على (حِبَّان) أنَّه [2] ابنُ المبارك.

قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين [3]، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّه ابن راشد.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم، وكذا (عِتْبَانَ بْن مَالِكٍ).

==========

[1] (حدثنا): سقط من (ج).

[2] في (ب): (من).

[3] (مفتوحتين): سقط من (ج).

(1/1825)

[باب من لم ير رد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة]

قوله: (لَم يَرُدَّ [1] السَّلَامَ): (يردَّ): مُضعَّف مجزوم، فالأفصح [2] أن يُقرَأ بالرَّفع، ويجوز عند جماعة أن يُقرَأ بالفتح؛ طلبًا للخفَّة.

(1/1826)

فائدةٌ: أخرج في هذا الباب حديثَ عتبان: (وسلَّمنا حين سلَّم)، وجه مطابقة الترجمة للحديث: أنَّ التسليم المُطلَق يحمل على أقلِّ ما يصدق، وذلك تسليمة واحدة، والزَّائد يحتاج إلى دليل مُثبَت غير المُطلَق، قاله ابن المُنَيِّر، انتهى، والذي قاله ابن المُنَيِّر ماشٍ على مذهبه، وهو مذهب مالك [3]، قال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدي»: (وقد كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُسلِّم عن يمينه: «السَّلام عليكم ورحمة الله»، وعن يساره كذلك، هكذا كان فعله الرَّاتب الذي رواه عنه خمسةَ عشرَ صحابيًّا)، وقد عدَّدهم [4] شيخنا: تسعةَ عشرَ، انتهى؛ منهم: عبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقَّاص، وسهل بن سعد السَّاعديُّ، ووائل بن حِجْر، وأبو موسى الأشعريُّ، وحذيفة بن اليماني، وعمَّار بن ياسر، وعبد الله بن عمر، وجابر بن سَمُرَة، والبراء بن عازب، وأبو مالك الأشعريُّ، وطلق بن عليٍّ، وأوس بن أوس، وأبو رمثة، وعديُّ بن عَمِيرة [5]، وقد رُوِي عنه: (أنَّه كان يسلِّم تسليمة واحدة تلقاء وجهه)، لكن لم يَثبُت عنه ذلك من وجه صحيح، وأجود ما فيه حديثُ عائشةَ رضي الله عنها، وهو حديث معلول، على أنَّه ليس صريحًا في الاقتصار على التسليمة الواحدة، وأحاديثهم_ أعني: الذين يقولون بالثنتين_ أصحُّ، وكثيرٌ من أحاديثهم صحيحةٌ، والباقي حِسَانٌ، قال أبو عمر بن عبد البرِّ: (رُوِي عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (أنَّه كان يسلِّم واحدة)، من حديث ابن أبي وقَّاص، وحديث عائشة [6]، وحديث أنس، إلَّا أنَّها معلولة لا يُصحِّحها أهل العلم بالحديث، ثمَّ ذكر علَّة حديث سعد، ثمَّ علَّة حديث عائشة، ثمَّ علَّة حديث أنس، ثمَّ قال: فليس [7] مع القائلين بالتسليمة غيرُ عمل أهل المدينة، قالوا: وهو عملٌ قد توارثوه كابرًا عن كابر، ومثله يصحُّ [8] الاحتجاجُ به [9]؛ لأنَّه لا يخفى؛ لوقوعه في كلِّ يوم مرارًا، وهذه طريقة قد خالفهم فيها سائر العلماء والصَّواب معهم ... ) إلى أن قال: (والسُّنَّة تحكم بين النَّاس، لا عمل أحد بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى مُلَخَّصًا، والله أعلم، [قال شيخنا الشَّارح: (وقد رُوِي عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه سلَّم ثلاثًا، قال: وهي معلولة)، انتهى] [10].

(1/1827)

[حديث عتبان: كنت أصلي لقومي بني سالم فأتيت النبي]

839# 840# قوله: (حَدَّثنَا عَبْدَانُ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي رَوَّاد، وتقدَّم بعض ترجمته، ولم قيل له: (عَبْدان).

[قوله: (أَخْبَرنَا عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، العالم الجواد الصَّالح، معروف الترجمة] [1].

قوله: (أَخْبَرنَا مُعَمِرٌ): تقدَّم أعلاه، وكذا (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم مرارًا كثيرة.

قوله: (فَلَوَدِدْتُ): هو بكسر الدَّال الأولى [2]، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَفْعَلُ): هو مَرْفوعٌ، فعل مضارع لم يتقدَّمه ناصب ولا جازم.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] في النُّسخ: (الثانية)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 258]

(1/1828)

[باب الذكر بعد الصلاة]

(1/1829)

[حديث: أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة]

841# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّ عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام، وتقدَّم الكلام على ترجمته، وأنَّه كان يَستمتع ويفتي بها.

قوله: (أَخْبَرَنِي عَمْرٌو): هذا هو عمرو بن دينار، الإمام [1]، تقدَّم.

قوله: (أَنَّ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ): (أبو مَعْبَد)؛ بفتح الميم، ثمَّ عين ساكنة مهملة، ثمَّ مُوَحَّدة مفتوحة، ثمَّ دال مهملة، واسمه نافذ؛ بالنُّون، والفاء المكسورة، وبالذال المعجمة، عن ابن عبَّاس وعن عمرو بن دينار، وعنه: أبو الزُّبير، وسليمان الأحول، وجماعة، مات سنة (104 هـ)، [أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، قال عمرو بن دينار: كان من خيار موالي ابن عبَّاس وأصدقهم، قال الواقديُّ: مات بالمدينة سنة (104 هـ)] [2]، وكذلك ورَّخه غير واحد، وقيل: سنة (109 هـ).

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو مولاه نافذٌ أبو معبد [3] المتقدَّم.

==========

[1] (الإمام): سقط من (ب).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] (أبو معبد): سقط من (ب).

[ج 1 ص 258]

(1/1830)

[حديث: كنت أعرف انقضاء صلاة النبي بالتكبير]

842# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): وفي نسخة: (ابن عبد الله)، وهو هو، وهو عليُّ بن عبد الله بن جعفر بن نجيح ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور العَلَم.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ [1]): هذا هو سفيان بن عيينة، الإمامُ؛ إمام أهل الحجاز، المشهور.

قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرو): هو ابن دينار، الإمام المشهور.

قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو مَعْبَدٍ): تقدَّم أعلاه ضبطُه واسمُه، وبعض ترجمته.

==========

[1] في هامش (ق): (سقط عمرو ولا بد منه، وكذا تقدَّم في بعض النسخ).

[ج 1 ص 258]

(1/1831)

[حديث: ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم .. ]

843# قوله: (عَنْ عُبَيدِ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، الفقيه [1] المدنيُّ الثَّبْت، تقدَّم.

قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تقدَّم أنَّه وزان (عُليٍّ)؛ مُصغَّرًا، وأنَّه مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام، وتقدَّم بعض الكلام على ترجمته.

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ): تقدَّم أنَّه ذكوان، أبو صالح، الزَّيَّات السَّمَّان، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ): هو بضمِّ الدَّال المهملة، ثمَّ ثاء مُثلَّثة مضمومة أيضًا، وفي آخره راء، وهي الأموال الكثيرة، واحدها: دَثْر؛ بفتح الدَّال المهملة، ثمَّ ثاء مُثلَّثة ساكنة _قال شيخنا المؤلِّف: (وحكي التَّحريكُ) انتهى _ ثمَّ راءٍ، يقال: مال دَثْرٌ [2] ومالان دَثْر، وأموال دَثْر، لا يُثنَّى ولا يُجمَع، و (الدُّثور) في غير هذا: الدُّروس، دثر الشيءُ؛ إذا درس، وجاء في رواية المروزيِّ: (أهل الدُّور [3])، وهو تصحيف، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ): تقدَّم أنَّه بفتح النُّون؛ أي: بَيْنَه.

قوله: (ثَلاثًا وثَلاثِينَ): كذا ثبت في أكثر الرِّوايات، ويروى: (ثلاث وثلاثون)، وهو الوجْه.

فائدةٌ: الذكر بعد الصَّلاة هو ثلاث وثلاثون، ثلاث وثلاثون تسبيحة، وتكبيرة، وتحميدة، وفي رواية: (التَّكبير أربع وثلاثون)، وفي صفة أخرى: (خمس وعشرون تسبيحة، ومثلها تحميد [4]، ومثلها تكبير [5]، ومثلها لا إله إلَّا الله)، وفي صفة أخرى: (إحدى عشرة، إحدى عشرة)، كما في «مسلم»، وفي صفة أخرى: (عشرٌ عشرٌ عشرٌ؛ تسبيحات، وتحميدات، وتكبيرات)، ورواية: (إحدى عشرة إحدى عشرة)، تكلَّم فيها ابن قيِّم الجوزيَّة، وأنَّها من تصرُّف بعض الرُّواة وتفسيره، ذكر ذلك في «الهدي»؛ فانظره إن أردتَه.

==========

[1] في (ب): (الحافظ).

[2] (يقال مال دثر): سقط من (ب) و (ج).

[3] في (ب): (القبور).

[4] في (ب): (تحميدة).

[5] في (ب): (تكبيرة).

[ج 1 ص 258]

(1/1832)

[حديث: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد]

844# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ): تقدَّم أنَّ هذا هو الفريابيُّ، لا البيكنديُّ البخاريُّ، وقد تقدَّم الفرقُ بينهما] [1].

قوله: (عَنْ [2] سُفْيَان): هذا هو الثَّوريُّ، كذا قاله شيخنا الشَّارح عن خلف والبيهقيِّ.

قوله: (عَنْ وَرَّادٍ): هو بفتح الواو، وتشديد الرَّاء، وفي آخره دالٌ مهملةٌ، وهو مولى المغيرة بن شعبة وكاتبُه، عن المغيرة، وعنه: الشعبيُّ، والقاسم بن مُخَيمِرة، والمسيَّب بن رافع، ورجاء بن حيوة، وجماعةٌ، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، أخرج له الجماعة.

[ج 1 ص 258]

قوله: (أَمْلَى عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ [3] إِلَى مُعَاوِيَةَ): تقدَّم الكلامُ على الرواية بالكتابة، وسواء قال المكتوب منه: أجزت لك ذلك أم لا، فإن أجاز مع الكتابة؛ كانت شبيهة بالمناولة المقرونة بالإجازة في الصِّحَّة والقوَّة، وإن جرَّدها عن الإجازة _ كهذا الذي وقع هنا، فإنه لم يذكر فيه أنَّه سوَّغ له روايته_؛ فهي صحيحة أيضًا تجوز الرِّواية بها على الصحيح المشهور بين أهل الحديث، وهو عندهم معدودٌ من المسند الموصول، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا.

قوله: (إِنَّ [4] النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): الذي يظهر لي أنَّ (إنَّ) مكسورة الهمزة؛ لأنَّها حكاية، وكانت مُدلَّسة في أصلنا، ثمَّ طرأ عليها الفتحُ.

قوله: (فِي دُبُرِ): هو بضمِّ الدَّال، والمُوَحَّدة، قال ابن قُرقُول: (قال الخطَّابيُّ: الدَبْر؛ بفتح الدَّال، وسكون الباء، والدُبُر؛ بضمِّهما أيضًا: آخر وقت الشَّيء، وكذا الرواية بضمِّهما، وفي «اليواقيت»: المعروفُ في اللُّغة: دَبْر؛ بفتح الدَّال، وسكون الباء في مثل هذا، ومنه: جعلته دَبْر أذني؛ أي: خلفي، وأمَّا الجارحة؛ فبالضَّمِّ في الدَّال مع ضمِّ الباء [5] وإسكانها).

قوله: (ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ): قال ابن قُرقُول: (المشهور [6] الفتح، وبالوجهين رُوِّيناه؛ أي: البخت والحظَّ، أو العظمة والسُّلطان، أو الغنى؛ كقوله: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ} [الشعراء: 88]، والمعاني متقاربة، وأمَّا رواية الكسر؛ فمعناه: الحرص في أمور دنياه، لا ينفعه ممَّا كُتِبَ [7] له مِن الرِّزق فيها، وأنكر أبو عبيد رواية الكسر؛ وهي التي قيَّدناها في «المُوطَّأ»، عن أحمد بن سعيد بن حزم) انتهى.

(1/1833)

قوله: (قَالَ [8] شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ [9] بنِ عُمَيْرٍ بِهَذَا): والحكمة في إتيان البخاريِّ بتعليق [10] شعبة عن عبد الملك؛ لأنَّ سفيان هو الثَّوريُّ، كما قال شيخنا عن خلف والبيهقيِّ، وسفيان [11] مُدَلِّس، وقد عنعن (عن عبد الملك، فأتى برواية شعبة) [12] عن عبد الملك، وإن عنعن شعبةُ؛ ليزيل ما يُخشى من عنعنة المُدلِّس، وشعبة وإن عنعن إلَّا أنَّه كان شديد الإنكار للتَّدليس، وقد قدَّمتُ عنه، قال: (لَأَن أزني أحبُّ إليَّ مِن أن أدلِّسَ)، وهذا محمول على التَّنفير عنه، وفي لفظٍ آخرَ عنه: (التَّدليس أخو الكذب)، وقد قدَّمتُ أنَّ التدليس بأنواعه ليس بقادح، وإنَّما القادح منه [13] تدليس التَّسوية، والله أعلم.

قوله: (وَعَنِ الْحَكَمِ): الظاهر أنَّ شعبة رواه أيضًا عن الحكم، وهو ابن عتيبة الإمام، عن القاسم بن مُخَيمِرة، فشعبة رواه عن اثنين؛ عن عبد الملك بن عمير عن ورَّاد، وعن الحكم عن القاسم بن مخيمرة؛ كلاهما عن ورَّاد، وأمَّا المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ فإنَّه لم يقل: وعن الحكم، إنَّما قال: وقال الحكم.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[3] (كتبه): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[4] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة»: بفتح الهمزة وكسرها، وفي (ق) بعد الإصلاح بالفتح.

[5] في (ج): (الدال)، وليس بصحيح.

[6] (المشهور): سقط من (ج).

[7] في (ج): (كنت)، ولعله تصحيف.

[8] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وقال)؛ بزيادة واو.

[9] في (ج): (الله)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».

[10] في (ج): (تعليق).

[11] (وسفيان): سقط من (ج).

[12] ما بين قوسين سقط من (ب).

[13] (منه): سقط من (ج).

(1/1834)

[باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلم]

(1/1835)

[حديث: كان النبي إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه]

845# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): (جَرِيْر): بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأمَّا (حازم)؛ فبالحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ كلُّه.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ): هو عمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك.

قوله: (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدبٍ): هو بفتح الدَّال وضمِّها، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 1 ص 259]

(1/1836)

[حديث: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر]

846# قوله: (بِالْحُدَيْبِيَةِ): تقدَّم أنَّ فيها لغتين؛ التخفيف عن المتقنين، وعامَّة الفقهاء والمُحَدِّثين يشدِّدونها [1]، بينها وبين المدينة تسع مراحل، ومرحلة إلى مكَّة [2].

قوله: (عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ): تقدَّم أنَّ (إثرًا) بكسر الهمزة، وإسكان الثَّاء، ويجوز (أَثَر) بفتحهما، وأنَّ شيخَنا حكى تثليث الهمزة.

قوله: (سَمَاءٍ): المراد بالسَّماء هنا: المطر، ومنه:

إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ...

قوله: (وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا): (النَوْء): بفتح [3] النُّون [4]، ثمَّ واو ساكنة، وبالهمز في آخره، وجمعه: أنواء، والنَّوء عند العرب: سقوط نجم، وطلوع نظيره من الفجر في كلِّ ثلاثةَ عشرَ يومًا نجمٌ؛ أحدهما في المغرب، والآخر في المشرق من الثمانية والعشرين المَنَازِل [5]، كانوا يعتقدون أنَّه لا بدَّ عند ذلك مِن مطرٍ أو ريحٍ، فمنهم مَن يجعله للطالع، ومنه مَن ينسبُه للغارب، فنفى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم صحَّة ذلك، ونهى عنه، وكفَّر مُعتقِدَه إذا اعتقد أنَّ النَّجم فاعل ذلك، وأمَّا مَن جعله دليلًا؛ فهو جاهلٌ بمعنى الدِّلالة، وأمَّا مَن أسند ذلك إلى العادة التي يجوز انخرامُها؛ فقد كرهه قومٌ _وهو الصَّحيح_ تنزيهًا؛ لتردُّدها بين الكفر وغيره، فيُساء الظَّنُّ بصاحبها، ولأنَّها شعار الجاهليَّة، وجوَّزه قوم، ومنهم مَن تأوَّل الكُفر: كفر نعمة الله.

(1/1837)

[حديث: إن الناس قد صلوا ورقدوا وإنكم لن تزالوا في صلاة]

847# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيرٍ): هو بضمِّ الميم، وكسر النُّون، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء، المروزيُّ، أبو عبد الرَّحمن، الحافظ الزاهد، عن النَّضر بن شُمَيل، ويزيدَ بن هارون، وعنه: البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وعبْدان المروزيُّ، تُوُفِّيَ سنة (241 هـ)، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره.

قوله: (عَنْ [1] حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ): تقدَّم أنَّ هذا هو حُمَيد الطَّويل، حميد بن تير أو تيرويه، وقد قدَّمتُ بعض ترجمته، وقدَّمت أنَّ [2] كلَّ ما في الكتب (حميد عن أنس)، فهو هذا إلَّا حديثين عند البخاريِّ؛ أحدهما: «أخذ الرَّاية زيدٌ فأُصيب»، ذكره البخاريُّ في (الجنائز)، وفي (الجهاد)، وفي (علامات النُّبوَّة)، وفي (فضل خالد)، وفي (المغازي)، وأخرجه النَّسائيُّ أيضًا في (الجنائز)، والحديث الثاني: «كأنَّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غنم»، أخرجه البخاريُّ في (بدء الخلق) في موضعين، وفي (المغازي) منفردًا به، والله أعلم؛ فإنَّ راويهما عن أنسٍ حُمَيدُ بن هلال بن هُبَيرة العدويُّ، وليس في الكتب السِّتَّة (حُمَيدٌ عن أنس) غيرُهما، والله أعلم.

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[2] (أنّ): سقط من (ج).

[ج 1 ص 259]

(1/1838)

[باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام]

(1/1839)

[حديث: كان ابن عمر يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة]

848# قوله: (وَقَالَ لَنَا آدَمُ): تقدَّم أنَّ هذا أخذه عنه في حال المذاكرة، وقد تقدَّم حكمه، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ وكذا الذَّهبيُّ تعليقًا، وليس تعليقًا، بل حكمُه حكمُ الإسناد المعنعن [1]، وحكمه الاتِّصال بشرط ثبوت اللِّقاء، والسَّلامة مِن التَّدليس، واللِّقاء في شيوخ البخاريِّ معروف، والبخاريُّ سالمٌ من التدليس، فله حكم الاتِّصال، وبهذا جزم ابن الصَّلاح في الرابع من التفريعات التي تلي النَّوع الحاديَ عشرَ، ثمَّ قال: وبلغني عن بعض المُتأخِّرين من أهل الغرب أنَّه جعله قسمًا من التعليق ثابتًا [2]، وأضاف إليه قول البخاريِّ في غير موضع من كتابه: (وقال لي)، (وزادنا فلان)، فوسم ذلك كلَّه بالتَّعليق المتَّصل من حيث الظاهر، المُنفَصِلِ من حيث المعنى، وقد ذكرت ما حكم: (قال لنا فلان)، وأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أيُّوب): تقدَّم أنَّه ابن أبي تميمة كيسان السَّختيانيُّ، المشهور.

[قوله: (وَفَعَلَهُ الْقَاسِمُ): هو ابن مُحَمَّد، أحد الفقهاء السبعة، مشهور الترجمة] [3].

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ... ) إلى آخره: وهو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا [4] تعليق بصيغة تمريض، فهو ليس على شرطه، وقد رواه أبو داود، وابن ماجه، وقد سكت عليه [5] أبو داود، وفيه مجهولٌ، كما قاله أبو حاتم، وهو إبراهيم بن إسماعيل، قال البخاريُّ: وإسماعيل بن إبراهيم أصحُّ، ولهذا ترجمة في «الميزان».

==========

[1] في غير (ب): (المنعن)، وهو تحريف.

[2] في (ج): (ثانيًا)، وفي باقي النسخ بلا نقط.

[3] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[4] في (ج): (هذا).

[5] في (ج): (عنه).

[ج 1 ص 259]

(1/1840)

[حديث: أن النبي كان إذا سلم يمكث في مكانه يسيرًا]

849# قوله: (عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ): تقدَّم أنَّ (هندًا) تُصرَف ولا تُصرَف، وتقدَّم بعض ترجمة (هند) هذه، وأنَّه يقال فيها: القرشيَّة، ويقال: الفراسيَّة.

قوله: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّها أمُّ المؤمنين، واسمها هند بنت أبي أميَّة حذيفةَ، المخزوميَّةُ، وأنَّها آخر أمَّهات المؤمنين موتًا، وتقدَّم وقت وفاتها بما فيه من الخلاف.

[قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ المذكور في السند، وهذا ظاهرٌ عند أهله، وقد تقدَّم مرارًا] [1].

[ج 1 ص 259]

قوله: (فَنُرَى ذَلَكَ [2]): (نُرَى): بضمِّ أوَّله؛ أي: نظنُّ، وقد تقدَّم.

850# قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): هو سعيد بن الحكم أبي مريم بن مُحَمَّد [3]، وقد قدَّمتُ بعض ترجمته، وأنَّه شيخ البخاريِّ، وقد تقدَّم أنَّه إذا قال البخاريُّ أو غيره: (قال فلان)، وفلان المعزوُّ إليه القولُ شيخُه ما حكمه، وهذا أخذه عنه في حال المذاكرة، كما تقدَّم قريبًا جدًّا وبعيدًا جدًّا.

قوله: (أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ): تقدَّم الكلام على الرِّواية بالكتابة المُجرَّدة عن الإجازة _ كهذه_ أو المقرونة بها أنَّ حكمهما الاتِّصال، وتقدَّم الخلاف في الخالية عن الإجازة _ كهذه_ قريبًا جدًّا وبعيدًا جدًّا، والله أعلم.

والحكمةُ في الإتيان بالطَّريق الثَّاني: أنَّ الزُّهريَّ عنعن في السند الأوَّل عن هند، وهو مُدَلِّس، وقد صرَّح في الطريق الثانية بالتَّحديث منها، فزال ما يُخشى منه، والله أعلم.

وكذا تعليق (ابن وَهْب): وهو عبد الله بن وهب، أبو مُحَمَّد، الفهريُّ، أحد الأعلام، تقدَّم بعض ترجمته، أتى به؛ لعنعنة الزُّهريِّ، فصرَّح في تعليق ابن وهب بالإخبار مِن هند.

وكذا تعليق (عُثْمَان بن عُمَرَ) _ هو ابن فارس العَبْديُّ البصريُّ، عن يونس بن يزيد، وابن جريج، وطائفة، وعنه: أحمد، والرَّماديُّ، والحارث بن أبي أسامة، وخلقٌ، وكان من الصالحين الثِّقات، تُوُفِّيَ في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمةٌ في «الميزان» _؛ لأنَّ فيه تصريحَ الزُّهريِّ بالتحديث مِن هند.

(1/1841)

وكذا قوله: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ) _ هو بضمِّ الزَّاي، وهو مُحَمَّد بن الوليد، أبو الهذيل، الحمصيُّ القاضي، تقدَّم بعض ترجمته_ ذكرها؛ لأجل أنَّ الزُّهريَّ صرَّح فيها بالإخبار مِن هند، وكذا تعليق (شُعَيْب) _ هو ابن أبي حمزة_ بعده؛ لأنَّ فيه تصريحَ الزُّهريِّ بالتَّحديث منها.

قوله: (وَكَانَتْ مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا): هذه لغة، والجيِّدة: (صواحبها)؛ كـ (ضَواربَ).

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ): هو مُحَمَّد بن (عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن) [4] عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، التَّيميُّ المدنيُّ، عن أبي يونس مولى عائشة، ونافعٍ [5]، والزُّهريِّ [6]، وعنه: عبد العزيز بن الماجشون، ومُحَمَّد بن إسحاق، وسليمان بن بلال، وحاتم بن إسماعيل، وجماعة، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، روى له البخاريُّ مقرونًا بغيره، وأخرج له أبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.

==========

[1] مابين معقوفين سقط من (ج).

[2] (ذلك): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] في (ب): (محمدين)، وهو تحريف.

[4] ما بين قوسين سقط من (ج).

[5] في (ب): (عن نافع).

[6] (والزُّهري): سقط من (ب).

(1/1842)

[باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم]

(بَابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَذَكَرَ حَاجَةً فَتَخَطَّاهُمْ) ... إلى (كِتَاب فَرْضِ الجُمُعَةِ)

قوله: (فَتَخَطَّاهُمْ): هو معتلٌّ، وليس بمهموزٍ، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 1 ص 260]

(1/1843)

[حديث: ذكرت شيئًا من تبر عندنا فكرهت أن يحبسني]

851# قوله: (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تقدَّم مرَّات أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة التَّيميُّ، أبو بكر، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عُقْبَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذا هو عقبة بن الحارث القرشيُّ، وهو أبو سروعة_ بفتح السِّين المهملة [1] وكسرها_ وجدُّه عامر بن نوفل بن عبد مناف النَّوفليُّ، من مُسلِمة الفتح، وقيل: هو أخ لأبي سَروعة، وإنَّما قيَّدته؛ لأنَّ في الصَّحابة من اسمه (عقبة) أربعة وثلاثون، بل خمسة وثلاثون، لكنَّ فيهم مَن هو الأصحُّ أنَّه تابعيٌّ، وفيهم من هو غلط، وفيهم عقبة بن الحارث اثنان؛ (هذا، وعقبة بن الحارث) [2] الفهريُّ أمير المغرب لمعاوية ويزيد، قال ابن يونس: له صحبة، ولم يصحَّ، وفي الأربعة والثلاثين مَن له رواية خمسةٌ، والله أعلم.

وصاحب التَّرجمة أبو سَروعة، روى عنه: إبراهيم بن عبد الرَّحمن، وابن أبي مليكة، قال الزُّبير بن بكَّار: هو قاتل خُبيب بن عديٍّ، وأمُّه خزاعيَّة، قال: وأهل النَّسب يقولون: عقبة هذا هو أخو أبي سَروعة، أسلما معًا، قال: وأصحُّ مِن هذا كلِّه ما رواه ابن عيينة عن عمرو، عن جابر قال: الذي قتل خُبَيبًا أبو سروعة بن الحارث بن عامر)، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ رضي الله عنه.

قوله: (فَتَخَطَّى): هو بغير همزٍ، وهذا معروف، وقد تقدَّم أعلاه قريبًا.

قوله: (مِنْ تِبْرٍ): (التِّبر): هو الذَّهب والفضَّة قبل أن يُصيَّرا دنانيرَ ودراهمَ، فإذا صُيِّرا؛ كانا عينًا، وقد يُطلَق التِّبر على غيرهما من المعدنيَّات؛ كالنُّحاس، والحديد، والرَّصاص، وأكثر اختصاصه بالذَّهب، ومنهم مَن يجعله في الذَّهب أصلًا، وفي غيرِه فرعًا ومَجازًا.

قوله: (فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي): أي: يشغل ضميري، فيحبسه عمَّا يريده مِن الأعمال، وقيل في معناه غيرُ ذلك.

==========

[1] (المهملة): ليس في (ج).

[2] ما بين قوسين ليس في (ب).

[ج 1 ص 260]

(1/1844)

[باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال]

قوله: (يَتَوَخَّى): هو معتلٌّ غير مهموزٍ؛ ومعناه: يتحرَّى، ويتقصَّد، ويتعمَّد، وقد تقدَّم.

قوله: (أو يَعْمِدُ): هو بكسر الميم في المستقبل، مفتوحُها في الماضي، عكس (صَعِد)، وقد رأيت في حاشية على نسخة عتيقة من «البخاريِّ»: أنَّه يقال في (عمد) بالعكس، وحكاه عن اللِّبليِّ.

==========

[ج 1 ص 260]

(1/1845)

[حديث: لا يجعل أحدكم للشيطان شيئًا من صلاته]

852# قوله: (حَدَّثَنا أَبُو الوَلِيدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، وتقدَّم [1] عليه بعضُ الكلام.

قوله: (عَن سُلَيمانَ): هذا هو ابن مهران الأعمشُ، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ.

قوله: (عَنِ الأَسْوَدِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، المشهور.

قوله: (قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن مسعود بن غافل، من المهاجرين الأوَّلين رضي الله عنهم.

==========

[1] في (ج): (وقد تقدَّم).

[ج 1 ص 260]

(1/1846)

[باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث ... ]

قوله: (بَابُ مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النِّيْءِ [1] وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ): اعتُرِض على البخاريُّ في كونه ذكر (الكُرَّاث)، وأُجِيب عنه: بأنَّه لم يقع له على شرطه ذكرُ (الكرَّاث)، فلذا قاس عليه، وقد أخرجه مسلم من حديث أبي الزُّبير عن جابر: (نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم [2] عن أكل البصل والكرَّاث ... )؛ الحديث، [وفي «المعجم الصَّغير» للطَّبرانيِّ: (مَن أكل مِن هذه الخضراوات: الثُّوم، والبصل، والكُرَّاث، والفجل ... )؛ الحديث، ثمَّ قال: (لم يروه عن هشام بن حسَّان القردوسيِّ إلَّا يحيى بن راشد، تفرَّد به عن سعيد بن عُفَير) انتهى، وهو ثقةٌ نبيلٌ، أخرج له البخاريُّ، ومسلمٌ، وقد جارف [3] في الحَطِّ عليه السَّعديُّ، وفيه كلامٌ لغيره، والله أعلم] [4].

قوله: (فِي الثُّومِ النِّيْءِ): هو بكسر النُّون، ممدودٌ، مهموزٌ، وهو ضدُّ المطبوخ، كذا رأيته في غير مُؤلَّف بالهمز، وفي «النِّهاية» لابن الأثير ذكره [5] بالهمز، ثمَّ قال: (وقد يُترَك الهمزُ، وتُقلَب ياءً، فيقال: نِيٌّ؛ مُشدَّدًا) انتهى.

قوله: (وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (قولِ): مجرور معطوفٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (مِنَ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ): اعتُرِض على البخاريِّ بأنَّه ليس فيما أورده مِن الأحاديث ذكر (الجوع)، وأُجِيب: بأنَّ ما ذكره من الأحاديث إطلاقها يدخل فيه حالةُ الجوع، وما عند مسلم صريح [6] فيه؛ يعني: حديث أبي الزُّبير عن جابر: (نهى [7] رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أكل البصل والكُرَّاث، فغلبتنا الحاجة، فأكلنا منها)، والحاجة: الجوع، وفيه أيضًا من حديث أبي سعيد الخدريِّ قال: (ثمَّ لم نَعْدُ أن فُتِحَت خيبر، فوقعنا _أصحابَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم_ في تلك البَقْلة الثُّومِ، والنَّاس جياع، فأكلنا منها أكلًا شديدًا ... )؛ الحديث.

==========

[1] كذا في النُّسخ و (ق) وهامش «اليونينيَّة»، وفي «اليونينيَّة»: (النِّي)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[2] زيد في (ب): (نهى).

[3] في (ب): (تجازف).

[4] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[5] في (ج): (ذكر).

[6] في (ج): (صرَّح).

[7] في (ب): (انتهى)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 260]

(1/1847)

[حديث: من أكل من هذه الشجرة فلا يغشانا في مساجدنا]

854# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد [1]: [حَدَّثَنَا الضَّحَّاك بْنُ مَخْلَدٍ [2]): (عبد الله): هذا هو المُسنديُّ، ومستندي كلامُ الكلاباذيِّ وابنِ طاهر [3]: أنَّ البخاريَّ روى عن المُسنديِّ عن (الضَّحَّاك بن مَخْلَد) في غير مكانٍ من «صحيحه»] [4].

[ج 1 ص 260]

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تقدَّم أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام المشهور، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ): هذا هو عطاء بن أبي ربَاح المكِّيُّ، أبو مُحَمَّد، الفقيه، تقدَّم بعض ترجمته.

تنبيهٌ: اثنان؛ كلٌّ منهما اسمه عطاء، يروي عن جابر بن عبد الله في الكتب السِّتَّة أو بعضها؛ أحدهما: ابن أبي ربَاح الذي ذكرته، والثَّاني: عطاء بن يسار، له عنه حديث واحد في «سنن أبي داود»: «إذا سمعتم نباح الكلاب، ونهيق الحمير باللَّيل ... »؛ الحديث، وليس لأحد اسمه عطاء في «أبي داود» عن جابر سواه، ولا في بقيَّة الكتب سواه، والباقي في الكتب عن ابن أبي ربَاح، والله أعلم.

قوله: (فَلاَ يَغْشَانَا): كذا في أصلنا، وهذا على [5] الخبر، ومعناه النَّهي، وهو أبلغ من النهي المطلق، والله أعلم [6].

قوله: (مَا أُرَاهُ): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أُظنُّه.

قوله: (إِلاَّ نِيئَهُ): تقدَّم الكلام عليه قريبًا أنَّه بالهمز، وقد يُترَك الهمز، ويُشدَّد.

قوله: (وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ): هو بإسكان الخاء، هو الحرَّانيُّ، عن يحيى بن سعيد وابن جريج، وعنه: أحمد وإسحاق، ثقة، مات سنة (193 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمةٌ في «الميزان».

(1/1848)

قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ): هذا هو أحمد بن صالح، أبو جعفر ابن [7] الطَّبريِّ، الحافظ المصريُّ، سمع ابن عيينة وابن وهب، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، وابن أبي داود [8]، وآخرون، وكتب عن ابن وهب خمسين ألف حديث، قال صالح جَزَرة: (كان رجلًا جامعًا يحفظ، ويعرف الفقه، والنَّحو، والحديث)، مات سنة (248 هـ)، أخرج له مَن روى عنه، وأخرج له التِّرمذيُّ في (الشمائل)، له ترجمة في «الميزان»، قال الذَّهبيُّ في «كاشفه»: قلت: هو ثبت في الحديث، انتهى، وقد تقدَّم أنَّ قول البخاريِّ أو غيره إذا قال: (قال: فلان)، وفلان المسند إليه القولُ ما حكمه، وتقدَّم أنَّ هذا أخذه عنه في حال المذاكرة.

قوله: (عَنِ ابْنِ وَهْبٍ): تقدَّم أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، مشهور الترجمة، وقد تقدَّم بعضها.

قوله: (أُتِيَ بِبَدْرٍ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (ببدر): بباءين مُوحَّدتين؛ الأولى: حرف جرٍّ، والثانية: من نفس الكلمة على لفظ (البدر) الذي في السَّماء.

وقوله: (بِبَدْرٍ): هو الطَّبق، كما فسَّره به [9] ابن وهب، وهذه هي الرواية الصحيحة، وكذلك رواه أحمد بن صالح، عن ابن وهب، وفسَّره كذلك، كما تقدَّم، وذكره البخاريُّ عن سعيد بن عُفَير، عن ابن وهب: (بِقِدْرٍ)، وذكره مسلم عن أبي الطَّاهر وحرملة عن ابن وهب (بِقِدْرِ)، والصَّواب هو الأوَّل، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (فِيْهِ خَضِرَاتٌ): قال ابن قُرقُول: (بكسر الضَّاد، جمع «خَضِرة»؛ أي: بقولٌ خضراتٌ، كما جاء في الحديث الآخر، وضبطه الأصيليُّ: خُضَرات؛ بضمِّ الخاء، وفتح الضَّاد) انتهى.

قوله: (وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ وَأَبُو صَفْوَانَ): أمَّا (اللَّيث)؛ فأشهر مِن أن يُذكَر، ابن سعد، وأمَّا (أبو صفوانَ)؛ فهو عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أبو صفوان، الأَمويُّ الدِّمشقيُّ [10]، هربت به أمُّه حين قُتِل أبوه إلى مكَّة، روى عن أبيه، وثور بن يزيد، ويونس بن يزيد الأيليِّ، وابن جريج، وأسامة بن زيد اللَّيثيِّ، ومجالد، وجماعةٍ، وعنه: أحمد ابن حنبل، وابن المدينيِّ عليٌّ، والشَّافعيُّ، والحُمَيديُّ، وقتيبةُ، وجماعة، وثَّقه ابن معين وغيره، سمع منه أبو السكين الطَّائيُّ سنة أربعٍ أو خمسٍ ومئتين، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

(1/1849)

قوله: (عَنْ يُونُسَ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابن يزيد الأيليُّ.

(1/1850)

[حديث: من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا]

855# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تقدَّم أنَّ (عُفَيرًا) بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء؛ مُصغَّرًا، وقد تقدَّم (ابْنُ وَهْبٍ): أنَّه عبد الله، وكذا (يُونُس): أنَّه بن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور، وكذا (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رباح، والله أعلم.

قوله: (زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (زعم) معناه: قال؛ وهو القول على غير تيقُّن، ويقين، وتحقيق، ومنه: بئس مَطيَّة الرجل زعموا، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم» في (الإيمان): (فقوله: «زعم ويزعم» مع تصديق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إيَّاه دليلٌ على أنَّ «زعم» ليس مخصوصًا بالكذب، والقول المشكوك فيه، بل يكون أيضًا في القول المُحقَّق والصِّدق الذي لا شكَّ فيه، وقد جاء من هذا كثيرٌ في الأحاديث، وعن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «زعم جبريل كذا»، وقد أكثر سيبويه _وهو إمام العربيَّة_ في «كتابه» _الذي هو إمام كتب العربيَّة_ مِن قوله: «زعم الخليل»، «زعم أبو الخطَّاب»؛ يريد بذلك القولَ المُحقَّق، وقد نقل ذلك جماعاتٌ من أهل اللُّغة وغيرهم، ونقله أبو عمر الزَّاهد في شرحه «الفصيح» عن شيخه أبي العبَّاس ثعلب، عن العلماء باللُّغة من الكوفيِّين والبصريِّين، والله أعلم) انتهى.

قوله: (وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (أنَّ): بفتح همزتها، معطوفٌ على ما قبله، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (أُتِيَ بِقِدْرٍ): تقدَّم أنَّ (أُتِي) مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وتقدَّم الكلام [على] (بِقدر)، أو (بِبَدْرٍ) أعلاه، وكذا (فِيهِ خَضِرَاتٌ).

قوله: (إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ): (بعض أصحابه): هو أبو أيُّوب الأنصاريُّ، كذا أحفظه، وكذا رأيته مُصرَّحًا به في «مسلم» في (الأطعمة).

==========

[ج 1 ص 261]

(1/1851)

[حديث: من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا]

856# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو، المُقعَد الحافظ، تقدَّم.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن سعيد التَّنُّوريُّ، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ): هو ابن صُهيب، أبو حمزة، البصريُّ.

تنبيهٌ: مَن يقال له: عبدُ العزيز، ويروي عن أنس في الكتب السِّتَّة أو بعضها: هذا ابن صُهَيب، وعبد العزيز بن رُفَيع، روى له عنه البخاريُّ حديثًا واحدًا: (سألتُ أنسًا: أَخبِرْني بشيء عقلته عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أين صلَّى [1] الظُّهر والعصر

[ج 1 ص 261]

يوم التَّروية؟ قال: بمنًى ... )؛ الحديث، وأخرجه أيضًا معه مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.

==========

[1] في (ج): (صلاه)، وليس بصحيح.

(1/1852)

[باب وضوء الصبيان ... ]

قوله في التَّرجمة: (الْغسْلُ): هو بفتح الغين: الفِعلُ، وفي أصلنا: مضموم الغين، وهي لغة، وهو بضمِّها: الماء على الأفصح [1]، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا.

قوله: (وَالطُّهُورُ): هو بضمِّ الطَّاء: الفعل، وبالفتح: الماء، ويجوز في كلٍّ منهما الفتحُ والضَّمُّ، وقد تقدَّم مُطَوَّلًا.

قوله: (وَحُضُورِهِمِ الْجَمَاعَةَ): (حضور): مجرور معطوفٌ على (وُضُوءِ)، و (الجماعة): مَنْصوبٌ مفعول (حضور)، وكذا (العِيدَينِ)، وقد نصبه المُؤلِّف، وكذا (الجَنَائِز): مَنْصوبٌ أيضًا.

قوله: (وَصُفُوفِهِمْ): هو مجرور معطوفٌ على ما قبله، وكلُّ هذا ظاهر جدًّا، وقد يخفى على مَن لا يحسن العربيَّة، والله أعلم.

==========

[1] في (ج): (الأصح).

[ج 1 ص 262]

(1/1853)

[حديث: أخبرني من مر مع النبي على قبر منبوذ فأمهم وصفوا عليه]

857# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى): هو مُحَمَّد بن المُثنَّى، أبو موسى، العَنَزيُّ، الحافظ الزَّمِن، عن ابن عيينة، وعبد العزيز العمِّيِّ، وغندر، وعنه: الجماعةُ، وأبو عَروبة، والمحامليُّ، ثقة [1] وَرِعٌ، مات سنة (252 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تقدَّم بعض ترجمته، وتقدَّم في الجماعة الذين أخذ عنهم الأئمَّةُ السِّتَّةُ أنفسُهم.

قوله: (حَدَّثَنَا [2] غُنْدرٌ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن جعفر، وتقدَّم مَن لقَّبه بهذا، وبعض ترجمته.

قوله: (سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ): تقدَّم أنَّه بالشين المعجمة، وأنَّ والده اسمه فيروز، الحافظ المشهور، تقدَّم.

قوله: (الشَّعْبِيَّ): تقدَّم أنَّه عامر بن شَراحيل، العالم المشهور، تقدَّم، وكنيته أبو عمرو، كما سيأتي في الحديث: (يَا أَبَا عَمْرٍو)؛ يريد: الشعبيَّ.

قوله: (أَخْبَرَنِي مَنْ مَرَّ [3] مَعَ نَبِيِّكُمْ [4] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): المُخبِر للشَّعبيِّ: هو ابن عبَّاس، كما يأتي فيه.

قوله: (عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ): هما مُنوَّنان مكسوران على الصِّفة، وعلى الإضافة أيضًا، فيكون (قبر [5]): مجرور من غير تنوين، (منبوذ): مُنوَّن مكسور، فالأوَّل معناه: المُنْفردُ عن القبور، ولم يذكر ابن الأثير غيرَه، والثاني: فُسِّر باللَّقيط، وفيه نظر؛ لأنَّ في بعض الألفاظ: (أتى قبرًا منبوذًا [6])، وبخطِّ الإمام الحافظ شرف الدِّين أبي مُحَمَّد عبد المؤمن بن خلف شيخ شيوخنا: مَن رواه منوَّنًا فيهما على النَّعت؛ أي: منتبذًا عن القبور ناحيةً، يقال: جلست نبذةً؛ بالفتح والضَّمِّ؛ أي: ناحية، ويرجع إلى معنى الطَّرح، وكأنَّه طُرِح في موضع قبور النَّاس، ومَن رواه بغير تنوين على الإضافة؛ فمعناه: قبر لقيط، وولد مطروح، والرواية الأولى أصحُّ؛ لأنَّه جاء في بعض طرق البخاريِّ: عن ابن عبَّاس في التي كانت [7] تقمُّ المسجد، قاله شيخنا عنه، انتهى، وقد قدَّمتُ اسم التي كانت تقمُّ المسجد.

(1/1854)

[حديث: الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم]

858# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة فيما ظهر لي، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ): تقدَّم أنَّه بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ؛ بالدال المهملة.

قوله: (الْغسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ): هو بالفتح: الفعل، وأمَّا بالضَّمِّ؛ فهو [1] الماء، وتقدَّم مرارًا أنَّه يجوز فيه الضَّمُّ؛ أعني: الفعل، والله أعلم.

(1/1855)

[حديث: بت عند خالتي ميمونة ليلة فنام النبي]

859# قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه ابن عيينة، والله أعلم، وقد تقدَّم نظيرُه أعلاه.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو ابن دينار مولى قريش، الإمام المكِّيُّ، تقدَّم.

قوله في حديث ابن عبَّاس: (فَنَامَ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هو بالنُّون، كذا كان في أصلنا، ثمَّ أُصلِحت على: (فقام)، وعُمِل في الحاشية: نسخة: (فنام).

قوله: (مِنْ شَنٍّ): هو بفتح الشين المعجمة، وتشديد النُّون، والشَّنَّة: القِربة البالية، والجمع: شنان، وكلُّ سِقَاء [2] خَلَق شنٌّ وشَجْبٌ، وضبطه بعضُهم: بكسر الشين، وليس بشيء.

قوله: (وُضُوءًا خَفِيفًا): (وضوءًا): بضمِّ الواو: الفعل، ويجوز فيه الفتح، وبالفتح: هو الماء، وكلٌّ منهما فيه اللُّغتان، تقدَّما.

قوله: (يُخَفِّفُهُ عَمْرٌو): هو ابن دينار، المذكور في السَّند.

قوله: (فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ): تقدَّم أنَّ الذين حوَّلهم عليه الصَّلاة والسَّلام مِن الشمال إلى اليمين أربعةٌ [3]: ابن عبَّاس في «الصَّحيحين»، وجابر بن عبد الله في «مسلم»، وجَبَّارُ بن صخر في «مسند أحمد»، وحذيفة بن اليمان [4].

قوله: (يَأْذَنُهُ): هو بفتح الذَّال، وهذا ظاهرٌ.

[قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم الكلام على النطق بهذا الفعل ونُظُرَائِه إذا دخل عليه] [5] الجازمُ، وفيه ثلاثة أوجه: يتوضَّأ، يتوضَّ، يتوضَّا.

قوله: (تَنَامُ عَيْنُهُ [6]، وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ): تنبيهٌ: تقدَّم أنَّ وضوءه صلَّى الله عليه وسلَّم كان لا ينتقض بالنوم على الصَّحيح عند الشافعيَّة، وفيه وجه غريب أنَّه كأمَّته.

(1/1856)

[حديث: قوموا فلأصل بكم، فقمت]

860# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم مرارًا أنَّه إسماعيل بن أبي أويس ابن أخت مالكٍ الإمامِ، مشهور الترجمة.

قوله: (أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ): تقدَّم أنَّ الضمير في (جدَّته) يرجع على إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ولا يعود على أنس؛ لأنَّ مليكة هي أمُّ أنس بن مالك، وهي أمُّ سُلَيم، وقد تقدَّم في (باب الصَّلاة على الحصير)، وتقدَّم الاختلاف في اسم أمِّ سُلَيم.

قوله: (فَلأُصَلِّيَ بِكُمْ): تقدَّم الكلام عليه في الباب المذكور أعلاه [1].

قوله: (وَالْيَتِيمُ مَعِي): تقدَّم أنَّ (اليتيم) ضُمَيرةُ بن سعد الحميريُّ، وقيل: رَوْح، وقيل: سُلَيم، وتقدَّم ما فيه.

قوله: (وَالْعَجُوزُ): تقدَّم أنَّها أمُّ سُلَيم، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وفي الحديث ما يُشعر بأنَّها هي.

==========

[1] (أعلاه): سقط من (ب).

[ج 1 ص 262]

(1/1857)

[حديث ابن عباس: أقبلت راكبًا على حمار أتان وأنا يومئذ .. ]

861# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، العَلَم الفَرْد.

قوله: (عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ): تقدَّم الكلام عليه، وأنَّه يجوز فيه البدل والصِّفة، مُطَوَّلًا، وأنَّ الأتان: الأنثى من الحُمُر.

قوله: (قَدْ نَاهَزْتُ): قاربت، تقدَّم.

==========

[ج 1 ص 262]

(1/1858)

[حديث: إنه ليس أحد من أهل الأرض يصلي هذه الصلاة غيركم]

862# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم بعض الترجمة له.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِيُّ) أعلاه، وهو ابن شهاب، وتقدَّم مرارًا كثيرةً.

[ج 1 ص 262]

قوله: (وَقَالَ عَيَّاشٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تقدَّم أنَّ (عيَّاشًا) هذا بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المعجمة، وتقدَّم الكلام على عيَّاش وعبَّاس، وكم في «البخاريِّ»: (حدَّثنا عبَّاس)؛ بالمهملة، وذكرت فيه مكانين فقط، والمكان الثالث ميَّز فيه عبَّاسًا _ المهملة_ بـ (النَّرسيِّ)، وتقدَّم أنَّ (عَبْد الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى.

قوله: (حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه ابن راشد، وكذا تقدَّم (الزُّهريُّ) قريبًا وبعيدًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله [1].

قوله: (غَيْركُمْ): يجوز رفعُه ونصبُه.

==========

[1] زيد في (ب): (بن عبد الله بن شهاب).

(1/1859)

[حديث: نعم ولولا مكاني منه ما شهدته يعني من صغره]

863# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان، إمام المُحَدِّثين.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن سعيد الثَّوريُّ، العالم المشهور.

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ): هو بالمُوَحَّدة، والسِّين المهملة، ابن ربيعة النَّخعيُّ، عن ابن عبَّاس وكُمَيل بن زياد، وعنه: شعبة وسفيان، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (119 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

تنبيهٌ: لهم عبد الرَّحمن بن عايش، لكن بمُثَنَّاةٍ تحتُ، وشين معجمة، شاميٌّ، مُختلَف في صحبته، له في «التِّرمذيِّ» فقط، له حديث الرؤية؛ وهو حديث: «رأيتُ ربِّي في أحسن صورة»، وعنه: أبو سلام ممطور، وخالد بن اللَّجلاج، وحديثه: عن مالك بن يُخَامِر، عن معاذ، صحَّحه التِّرمذيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان».

قوله: (أَتَى الْعَلَمَ): هو بفتح اللَّام، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ): (كَثِير): بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، وهو كثير بن الصلت بن معديكرب، أبو عبد الله، الكنديُّ، أخو زُيَيْد _بمثنَّاتين تحت_ عداده في بني جُمَح، وُلِد على عهده عليه الصَّلاة والسَّلام، قيل: وسمَّاه كَثيرًا، وقال الذَّهبيُّ: بعد أن حكى الأوَّل: إنَّ الذي سمَّاه كثيرًا عمرُ رضي الله عنه)، وكذا قال الزَّكيُّ في «حواشيه»: (كان اسمه قليلًا، فسمَّاه عمر: كثيرًا، وكان له شرفٌ وحالٌ جميلةٌ في نفسه، وله دار كبيرة بالمدينة [1] في [2] المُصلَّى [3]، وقبلة المُصلَّى في العيدين إليها، كان كاتبًا لعبد الملك بن مروان على الرَّسائل)، قال العجليُّ: مدنيٌّ تابعيٌّ ثقةٌ.

قوله: (فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُهْوِي بِيَدِهَا): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الواو؛ أي: تمدُّها وتميلها، يقال: أهوى يده، وبيده إلى الشيء؛ ليأخذه، رُباعيٌّ، وفي الأصل الذي سمعتُ فيه على العراقيِّ ضُبِط بوجهين: رُباعيٌّ وثلاثيٌّ، وفي «المطالع»: (فجعل النِّساء يهوين بأيديهنَّ؛ أي: يناولْنَ، ويأخذن، ويُمِلْن بها، كما قال في الحديث الآخر: «يُشِرْن»، يقال: أهوى بيده، وأهوى يده إلى الشيء، وقال صاحبُ «الأفعال»: هوى إليه بالسَّيف وأهوى: أماله) انتهى.

(1/1860)

قوله: (إِلَى حَلْقِهَا): هو بإسكان اللَّام؛ يعني: البُلعوم، وأراد الحُليَّ الذي تعلَّق فيه، قال بعضهم: إنَّه بتحريك اللَّام؛ أي: قُرْطها، وسكَّن الأصيليُّ اللَّام، انتهى.

==========

[1] في (ب): (في المدينة).

[2] (في): سقط من (ب).

[3] في (ب): (بالمصلى).

[ج 1 ص 263]

(1/1861)

[باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس]

قوله: (بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ): اعلم أنَّ خروج النِّساء إلى المساجد يُشتَرَط [1] له شروطٌ ذكرها العلماء مأخوذة من الأحاديث، وهي ألَّا تكون مُتطيِّبةً، ولا مُتزيِّنةً، ولا ذاتَ جلاجلَ يُسمَع صوتُها، ولا ثيابٍ فاخرةٍ، ولا مُختلِطةً بالرِّجال، ولا شابَّةً، ونحوها مَن يُفتَتَنُ بها، وألَّا يكونَ في الطَّريق ما تخاف به مَفسدةً ونحوها، ويُستحبُّ للزَّوج أن يأذن لها إذا استأذنتْه إلى المسجد للصَّلاة إذا كانت عجوزًا لا تُشتَهى، وأَمِن عليها المَفسدةَ، وعلى غيرِها منها، فإن منعها؛ لم يَحرُم عليه، هذا مذهب الشَّافعيُّ، قال البيهقيُّ: (وبه قال عامَّة العلماء، ويجاب عن حديث: «لا تمنعوا إماء الله ... »، بأنَّه نهيُ تنزيهٍ؛ لأنَّ حقَّ الزوج في ملازمة المَسْكَن واجبٌ، فلا تتركه للفضيلة.

==========

[1] في (ب): (يشرط).

[ج 1 ص 263]

(1/1862)

[حديث: ما ينتظرها أحد غيركم من أهل الأرض]

864# قوله: (حَدَّثنَا أَبُو اليمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع.

قوله: (أَخبَرنَا شُعَيْبُ): تقدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تقدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله.

قوله: (غَيْركُمْ): تقدَّم قريبًا أنَّه يجوز رفعُها ونصبُها.

قوله: (وَلاَ يُصَلَّى يَوْمَئِذٍ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 263]

(1/1863)

[حديث: إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن]

865# قوله: (عَن حَنْظَلَةَ): هذا هو حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرَّحمن بن صفوان بن أميَّة الجُمحيُّ المكِّيُّ، من الأثبات، عن طاووس والقاسم، وعنه: القطَّان وأبو عاصم، تُوُفِّيَ سنة (151 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على (حنظلة [1])، هذا الذي ظهر لي فيها، وهذا يُسمَّى تابعًا، ويُسمَّى أيضًا شاهدًا، (وإنَّما أتى بها؛ للكلام الذي وقع في حنظلة وإن كان الصَّحيحُ توثيقَه، والله أعلم، كما صحَّح عليه الذَّهبيُّ) [2].

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ.

قوله: (عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): حديث [3] (مجاهد) [4]_هو ابن جبرٍ_ عن ابن عمر أخرجه البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وحديث الأعمش هذا عن مجاهد أخرجه مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، ولم يخرِّجه البخاريُّ.

==========

[1] في (ج): (شعيب)، وضرب عليها في (أ).

[2] ما بين قوسين سقط من (ج).

[3] (حديث): سقط من (ج).

[4] زيد في (ج): (هذا).

[ج 1 ص 263]

(1/1864)

[باب انتظار الناس قيام الإمام العالم]

(1/1865)

[حديث عائشة: إن كان رسول الله ليصلي الصبح فينصرف .. ]

867# قوله: (ح: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ): تقدَّم الكلام على (ح)، وما يتعلَّق بها في أوَّل هذا

التعليق، فأغنى عن إعادته هنا.

قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاريُّ، أبو سعيد، قاضي السَّفَّاح، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (مُتَلَفِّعَاتٍ): أي: مُتلفِّفات، وقد تقدَّم.

قوله: (بِمُرُوطِهِنَّ): أي: بأكسيتهنَّ، وقد تقدَّم الكلام عليه، و (المِرط)؛ بكسر الميم: كساء من صوف أو خَزٍّ أو كَتَّان، قاله الخليل، وقال ابن الأعرابيِّ: (هو الإزار)، قال النَّضر: (لا يكون المرط إلَّا درعًا، وهو من خَزٍّ أخضرَ، ولا يُسمَّى المِرط إلَّا الأخضر، ولا يلبسه إلَّا النِّساء)، وظاهر الحديث يصحِّح قولَ الخليل، وفي «الصَّحيح»: (مرط مِن شعرٍ أسودَ)، قاله ابن قُرقُول، وقد تقدَّم.

(1/1866)

[حديث: إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها]

868# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ): هو بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة الساكنة، وهو ابن بكر، وكذا هو في نسخة، وهو بشر بن بكر التِّنِّيسيُّ، عن الأوزاعيِّ، وحَرِيز، وعنه: الشَّافعيُّ، والربيع، وابن عبد الحكم، وغيرُهم، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (205 هـ)، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، ذكره في «الميزان» تمييزًا.

قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم أنَّه أبو عمرو عبد الرَّحمن بن عمرو، الإمام، شيخ الإسلام، تقدَّم بعض ترجمته.

[ج 1 ص 263]

قوله: (عَنْ [1] يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالثاء المُثلَّثة وفتح الكاف.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ [2]، عَنْ أَبِيهِ): تقدَّم مرارًا أنَّ أباه الحارثُ بن ربعيٍّ، وقيل: النُّعْمان، وقيل: عمرو، تقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (كَرَاهِيَةَ [3]): تقدَّم مرَّات أنَّها بتخفيف الياء، وحكى أبو زيد: (كراهي).

==========

[1] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (الأنصاري).

[3] في (ج): (كرهية)، وكتب فوقها في (أ) و (ج): (خف).

(1/1867)

[حديث عائشة: لو أدرك رسول الله ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت]

869# [قوله: (مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ): أي: من الطيب، والزينة، والأثواب الفاخرة] [1].

قوله: (أَوَمُنِعْنَ؟): هو بفتح الواو على الاستفهام.

==========

[1] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[ج 1 ص 264]

(1/1868)

[حديث: أن النساء في عهد رسول الله كن إذا سلمن من المكتوبة ... ]

866# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): لم أر أحدًا عيَّنه، وقد تقدَّم أنَّ البخاريِّ يروي عن أربعة أشخاص، كلٌّ منهم عبد الله بن مُحَمَّد: ابن أبي شيبة، وعبد الله بن أبي الأسود، وعبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، وعبد الله بن مُحَمَّد المُسنديُّ [1]، والظَّاهر أنَّه المُسنديُّ] [2].

قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ): تقدَّم أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله.

قوله: (هِنْدُ بِنْتُ الحَارِثِ): تقدَّم مرَّاتٍ أنَّ (هندًا) تُصرَف ولا تُصرَف.

قوله: (أنَّ أُمَّ سَلَمَة): تقدَّم أنَّها هند [3] زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، بنت أبي [4] أميَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، آخر الزَّوجات موتًا، وتقدَّم بعضُ ترجمتها.

==========

[1] زيد في (أ)، وضُرِب عليه: (هو أو آخر لهم، والله أعلم).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[3] (هند): سقط من (ب).

[4] (أبي): سقط من (ج)، وزيد بعد قوله: (أميَّة)، وليس بصحيح.

[ج 1 ص 264]

(1/1869)

[باب صلاة النساء خلف الرجال]

(1/1870)

[حديث: صلى النبي في بيت أم سليم فقمت ويتيم خلفه .. ]

871# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دكين، وتقدَّم ضبط (دُكَين)، وبعض ترجمة (أبي نُعيم).

قوله: (عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ): هو إسحاق بن عبد الله، وكذا هو منسوب في نسخة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، وعبدُ الله هو ابن أبي طلحة.

قوله: (فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ): تقدَّم أنَّها بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام، وتقدَّم الاختلاف في اسمها؛ هل هو مليكة، أو غيرُ ذلك، وهي أمُّ أنس بن مالك.

قوله: (وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ): تقدَّم الكلام على اسم اليتيم قريبًا وبعيدًا، هل هو ضُمَيرة [1]، أو روح، أو سُلَيم، وتقدَّم [2] ما في الثالث.

==========

[1] في (ب): (ضمرة).

[2] في (ب): (وتقدَّمت).

[ج 1 ص 264]

(1/1871)

[حديث أم سلمة: كان رسول الله إذا سلم قام النساء حين يقضي]

870# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ [1]): هو بفتح الزَّاي، وفي أصلنا: ساكنة، وهي طارئة، وكانت قبل ذلك مُدلَّسة.

قوله: (وَهُوَ [2] فِي مَقَامِهِ): هو بفتح الميم، ويجوز الضَّمُّ، وسيأتي قريبًا مُطَوَّلًا [3].

قوله: (قَالَ: نُرَى [4]): قائل ذلك تقدَّم نسبة هذا القول إلى الزُّهريِّ غيرَ مَرَّةٍ في الأصل، و (نُرَى): تقدَّم أنَّه بضمِّ النُّون؛ أي: نظنُّ، والله أعلم، (كذا في أصلنا [5]، ويجوز فتح النُّون) [6].

قوله: (مقَامِهِنَّ): هو بضمِّ الميم، ويجوز فتح الميم، قال الجوهريُّ: (وأمَّا المَقام والمُقام؛ فقد يكون كلُّ واحد منهما بمعنى: الإقامة، وقد يكون بمعنى: موضع القيام؛ لأنَّك إذا جعلته من (قام)؛ فمفتوحٌ، وإن جعلتَه من (أقام)؛ فمضمومٌ)، والله أعلم، وفي «المطالع»: (رأيت في مَقامي؛ بفتح الميم حيث هو يقوم المرءُ، ويكون مصدر قيامه أيضًا، فيقال فيه: مَقام، ومُقام)، قال صاحب «العين»: (الفتح: الموضع، والضمُّ: اسم الفعل) انتهى، وضبط بعضهم الحديث: بالضمِّ، والذي يظهر جوازُهما، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (جاء بعد هذا الحديث قوله: «حدَّثنا عبد الله بن مسلمة» في الباب الذي قبله إلى آخر الباب، وقوله في الباب: «حدَّثنا أبو نعيم» هو في الباب الذي بعده بعد قراءة يحيى بن قزعة، كذا مذكور في «البخاريِّ»؛ فليعلم)، وعليها في (ق) علامة التقديم والتَّأخير موافقةً لما في «اليونينيَّة».

[2] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَيَمْكُثُ هُوَ).

[3] هذه الفقرة جاءت في النُّسخ متأخِّرةً، وهي في (أ) مستدركةٌ بعد قوله: (قال: نرى ... ).

[4] كذا في النُّسخ، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (نَرَى)؛ بفتح النُّون، وهي في (ق) معًا.

[5] (كذا في أصلنا): سقط من (ب).

[6] ما بين قوسين سقط من (ج).

[ج 1 ص 264]

(1/1872)

[باب سرعة انصراف النساء من الصبح وقلة مقامهن في المسجد]

(1/1873)

[حديث: أن رسول الله كان يصلي الصبح بغلس فيتصرفن]

872# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تقدَّم مرَّات أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وفي آخره حاءٌ مهملةٌ، وهو لقبه، واسمه عبد الملك بن سليمان، وإنَّما أخرجه النَّاس في (الفاء)؛ لأنَّه اشتُهِر به، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ): كذا في أصلنا، وكذا هو في أصلنا الدِّمشقيِّ، وهو جارٍ على تلك اللُّغة: (أكلوني البراغيثُ)، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 264]

(1/1874)

[باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد]

(1/1875)

[حديث: إذا استأذنت امرأة أحدكم فلا يمنعها]

873# قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم أنَّ (معمرًا) بميمين مفتوحتين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّه ابن راشد، وأنَّ (الزُّهري): هو مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله، العالم المشهور.

(1/1876)

((11)) (كتاب فَرْضِ الْجُمُعَةِ) ... إلى (بَابٌ: وَقْتُ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ)

فائدةٌ: أوَّل جمعة صلَّاها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين ارتحل من قباء إلى المدينة، صلَّاها في طريقه ببني سالم، وسيأتي قريبًا، وسيأتي الكلام على أوَّل جمعة صُلِّيتْ [1].

==========

[1] (صليت): سقط من (ج).

[ج 1 ص 264]

(1/1877)

[باب فرض الجمعة ... ]

قوله: (فَرْضِ الْجُمعَةِ): هي بضمِّ الميم، وإسكانها، وفتحها، وحُكِي: كسر الميم أيضًا، سُمِّيت بذلك؛ لاجتماع النَّاس لها، وقيل: لِما جُمِع فيها من الخير، وقيل: لأنَّ الله جمع فيه خلق آدم، وقيل: لاجتماع آدمَ وحوَّاء، وفيه حديث، وقيل: لأنَّه آخر الأيَّام السِّتَّة التي خلق الله فيها المخلوقات، فاجتمع جميعُ الخلق فيه، وقيل: لأنَّ قريشًا كانت تجتمع إلى قُصيٍّ في دار النَّدوة، وقيل: لأنَّ كعب بن لؤيٍّ كانوا يجتمعون إليه، ويُعلِمُهم بخروجه عليه الصَّلاة والسَّلام [1]، وأنَّه مِن ولده، فسُمِّيت الجمعة بذلك، وكانت تُسمَّى: العَرُوبة، قال أبو مُحَمَّد ابن حزم: (إنَّ الجمعة اسم إسلاميٌّ؛ لاجتماع النَّاس للصَّلاة فيه).

تنبيهٌ: للجمعة اثنتان وثلاثون خَصِيصة ذكرها ابن القيِّم في «الهدي» في (الجمعة)؛ منها: أنَّ الموتى تدنو أرواحهم من قبورهم، وتُوَافيها في يوم الجمعة، فيعرفون زوَّارهم، ومن يمرُّ بهم، ويُسلِّم عليهم، ويلقاهم في ذلك اليوم أكثر مِن معرفتهم بهم في غيره من الأيَّام، فهو يوم يلتقي فيه الأحياء والأموات، فإذا قامتِ السَّاعة؛ التقى فيه الأوَّلون والآخِرون، وأهل الأرض وأهل السَّماء، والرَّبَّ والعبد، والعامل وعمله، والمظلوم وظالمه ... ) إلى آخر كلامه في ذلك، وذكر فيه آثارًا تدلُّ لذلك، والله أعلم.

==========

[1] في (أ) و (ج): (عليه السَّلام).

[ج 1 ص 264]

(1/1878)

[حديث: نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ... ]

876# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم أنَّ (شُعَيبًا): هو ابن أبي حمزة.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ): تقدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ): قال العلماء: معناه: الآخرون في الزَّمان والوجود، السَّابقون بالفضل [1] ودخول الجنَّة، فتدخل هذه الأمَّةُ الجنَّةَ قبل سائر الأمم، وقال شيخنا في أواخر «شرحه» لهذا الكتاب: (السَّابقون يوم القيامة في الحساب ودخول الجنَّة) انتهى، وكون أوَّل مَن يحاسب هذه الأمَّة هو في «مسند أبي داود الطَّيالسيِّ» من حديث ابن عبَّاس، انتهى، وينبغي أن يُعَدَّ في السَّبق أيضًا الجوازُ على الصِّراط؛ لأنَّ هذه الأمَّة أوَّل مَن يجوز على الصِّراط، كما جاء في حديث أبي داود هذا [2]، (وفي هذا «الصَّحيح» أيضًا: فأكون أوَّل مَن يجوز مِن الرسل بأمَّته) [3]، والله أعلم [4].

قوله: (بَيْدَ أَنَّهُمْ): هو بفتح المُوَحَّدة، وسكون المُثَنَّاة تحت، ثمَّ دال مهملة مفتوحة [5]، وهمزة (أنَّهم) مفتوحة، ومعنى (بيد): غير، وقيل: إلَّا، وقيل: على، وقد تأتي: مِن أجل، ومنه قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «بيد أنِّي من قريش»، وقد قيل ذلك في الحديث الأوَّل، وهو بعيد، وفي (بيد) لغةٌ أخرى، وهي (مَيد)؛ بالميم المفتوحة، وقال ابن الأثير: («أنا أفصح العرب بيد أنِّي من قريش»: «بيد» بمعنى: غير)، وكذا ذكر [6] الهرويُّ، قال ابن الأثير: (ومنه الحديث الآخر: «بيد أنَّهم أُوتوا الكتاب مِن قبلنا»)، وقيل: معناه: (على أنَّهم)، وقد جاء في بعض الروايات: (بأَيْدٍ أنَّهم)، ولم أره في اللُّغة بهذا المعنى، وقال بعضهم: إنَّها بأيدٍ؛ أي: بقوَّة، ومعناه: نحن السَّابقون إلى الجنَّة يوم القيامة بقوَّة أعطاناها الله، وفضَّلنا بها، وذكر في الميم أنَّ (مَيْد) و (بَيدَ) بمعنًى، وكذا فعل الهرويُّ في «غَريبَيه».

(1/1879)

قوله: (هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ): قال القاضي عياض: (الظاهر أنَّه فُرِض عليهم تعظيمُ يوم الجمعة بغير تعيين، ووُكِل إلى اجتهادهم؛ لإقامة شرائعهم فيه، فاختلف اجتهادهم في تعيينه، ولم يهدهم الله له، وفرضه على هذه الأمَّة مُبيَّنًا، ولم يكِلْه إلى اجتهادهم، ففازوا بتفضيله)، قال: (وقد جاء أنَّ موسى [7] أمرهم بالجمعة، وأعلمهم بفضلها، فناظروه أنَّ السَّبتَ أفضلُ، فقيل له: دعْهم)، قال القاضي: (ولو كان منصوصًا؛ لم يصحَّ اختلافُهم فيه، بل كان يقول: خالفوا فيه)، قال النَّوويُّ رحمه الله [8] بعد حكاية هذا عن القاضي: (قلت: ويمكن أن يكونوا أُمِروا به صريحًا، أو نُصَّ على عينه، فاختلفوا فيه؛ هل يلزم تعيينُه [9]، أم لهم إبداله، فأبدلوه وغلطوا في إبداله؟) انتهى.

قوله: (الْيَهُودُ غَدًا): هو نصبٌ على الظَّرف، وهو مُتعلِّق بمحذوف؛ التقدير: واليهود يُعظِّمون غدًا، والنَّصارى بعد غدٍ، وسببُه: أنَّ ظروف الزمان لا تكون أخبارًا عن الجُثَث، فيُقدَّر فيه معنًى يمكن تقديره خبرًا.

فائدةٌ: تقدَّم أوَّل (كتاب الجمعة): أنَّ أوَّل جمعةٍ

[ج 1 ص 264]

صلَّاها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين ارتحل من قباء [10] إلى المدينة، صلَّاها في طريقه ببني سالم [11]، وهي أوَّل جمعة، وأوَّل خطبة في الإسلام، وكان ذلك بعد مَقْدَمِه بأيَّام؛ لأنَّه قدم قباء يوم الاثنين، فأقام ذلك اليومَ، ويومَ الثلاثاء، والأربعاء، والخميس، وأسَّس مَسجدهم، ثمَّ أخرجه الله مِن بين أظهرهم يومَ الجمعة، وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنَّه أقام فيهم أربعَ عشرةَ ليلةً، والمشهور عند أصحاب المغازي الأوَّلُ، وقد قدَّمتُ ذلك، وهو الذي ذكره ابن إسحاق، فأدركَتْه عليه الصَّلاة والسَّلام الجمعةُ في بني سالم بن عوف، فصلَّاها في المسجد الذي في بطن الوادي؛ وادي رانونا، كذا في «سيرة ابن سيِّد الناس»، وفي «أبي داود»، و «ابن ماجه»، وصحَّحه ابن السَّكن، وابن حِبَّان، والحاكم بزيادةٍ على شرط مسلم: عن عبد الرَّحمن بن كعب بن مالك: (أنَّ أباه كان إذا سمع النِّداء يوم الجمعة؛ ترحَّم لأسعد بن زُرارة، قال: فقلت: إذا سمعت النداء؛ ترحَّمت [12] لأسعد بن زُرارة قال: لأنَّه أوَّل مَن جمَّع بنا في نقيع الخضِمات [13] ... )؛ الحديث.

(1/1880)

فهذا صريحٌ في أنَّ أوَّل مَن جمَّع بهم أسعدُ، وفيما قدَّمتُ أنَّ أوَّل مَن جمَّع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا منافاة، وفي سند الحديث المرفوع ابنُ إسحاق، وقد صرَّح في بعض طرقه بالتَّحديث، لا سيَّما قال البيهقيُّ فيما رأيته عنه: (أنَّه حسن الإسناد صحيح؛ لأنَّه أوَّل ما [14] صلَّى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الجمعة؛ صلَّاها في هذا المكان المذكور، وأمَّا أوَّل مَن جمَّع بهم؛ فأسعد)، والله أعلم، [وفي كتاب «زوائد معجمي الطَّبرانيِّ الصَّغير والأوسط» من حديث أبي مسعود الأنصاريِّ: (أنَّ أوَّل مَن قدم المدينة من المهاجرين مصعبُ بن عمير، وهو أوَّل مَن جمَّع بها يوم الجمعة، جمعهم قبل أن يقدَمَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فصلَّى بهم)، انتهى، وأمَّا أوَّل مَن قدم المدينة من المهاجرين؛ ففيه خلاف أذكره بعد هذا بكثير في مكانه] [15].

تنبيهٌ: عن تعليق [16] الشيخ أبي حامد من الشافعيَّة: (أنَّ الجمعة فُرِضت بمكَّة قبل الهجرة)، وهو غريب، والذي نعرفه أنَّ جميع الأحكام شُرِّعت بالمدينة إلَّا الإيمانَ، وفرضَ الصَّلواتِ، (وسجدةَ التِّلاوة، والوضوءَ على ما فيه، وقد تقدَّم، والغسلَ مِن الجنابة كان من دين إبراهيم ما نقلوه، وفي مكَّة الغسلُ من غسيل الميِّت، فهو مُستحبٌّ) [17]، وقد يجيء خلافٌ غريبٌ في بعض الأحكام؛ كالزكاة، والحجِّ، وغيرِهما [18] أنَّه فُرِضَ بمكَّة، والمشهور الأوَّل.

==========

[1] في (ب): (الفضل).

[2] زيد في (ب): (والله أعلم).

[3] ما بين قوسين سقط من (ج).

[4] (والله أعلم): سقط من (ب).

[5] (مفتوحة): سقط من (ج).

[6] زيد في (ب): (الحديث).

[7] زيد في (ب): (عليه السَّلام).

[8] (رحمه الله): سقط من (ب).

[9] في (ب): (بعينه).

[10] في (ب): (القباء).

[11] (سالم): سقط من (ب).

[12] في (ب): (فترحمت).

[13] في (ج): (الخمضات)، وليس بصحيح.

[14] في (ج): (من).

[15] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[16] زيد في (ب): (الإمام).

[17] ما بين قوسين سقط من (ب) و (ج).

[18] في (ب) و (ج): (أو غيرهما).

(1/1881)

[باب فضل الغسل يوم الجمعة ... ]

قوله: (باب فَضْلِ الْغَسْلِ): تقدَّم أنَّه بالفتح الفعلُ، ويجوز الضمُّ [1]، وهو بالضمِّ الماءُ، مُطَوَّلًا.

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 265]

(1/1882)

[حديث: إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين]

878# قوله: (إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ): أمَّا الرجل؛ فهو عثمان بن عفَّان رضي الله عنه، كذا هو في «مسلم» من حديث أبي هريرة، وقوله: (مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ): هم مَن صلَّى القبلتين مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم منهم [1]، كذا عن أبي موسى الأشعريِّ وابن المسيّب، وقيل: إنَّهم الذين أدركوا بيعة الرضوان، قاله الشعبيُّ وابن سيرين.

فعلى القول الأوَّل: هم الذين هاجروا قبل تحويل القبلة سنة اثنتين من الهجرة.

وعلى الثاني: هم الذين هاجروا قبل الحديبية، والحديبية في ذي القعدة سنة ستٍّ، وهذا ظاهرٌ معروفٌ عند أهله.

قوله: (إِنِّي شُغِلْتُ): هو بضمِّ الشين [2]، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ [3].

قوله: (وَالْوُضُوء أَيْضًا): يجوز في (الوضوء) ضمُّ الواو، وهو الأفصح؛ أي: الفعل، ويجوز الفتحُ، وقد تقدَّم، وأمَّا إعرابه؛ فيجوز فيه النصب والرفع، وعلى الأوَّل اقتصر النَّوويُّ في «شرح مسلم» بإضمار فعل؛ التقدير: فعلتُ الوضوءَ أيضًا، أو توضَّأتُ، عن الأزهريِّ وغيره، والرفع رأيته عن خطِّ الدِّمياطيِّ الحافظ على أنَّه مبتدأ، وخبره محذوف؛ تقديره: الوضوءُ يقتصر عليه، وقال بعضهم عن السهيليِّ: (اتفقت الرواة على رفعه؛ لأنَّ النصب تخريجه على معنى الإنكار لفعلِ [4] الوضوء، فلو نُصِبَ؛ لتعلَّق الإنكار بنفس الوضوء ... ) إلى آخر كلامه، وعن ابن السيِّد: (رُوِيَ بالرفع على لفظ الخبر، والصواب [5]: الرفع [6] على لفظ الاستفهام، ويجوز النصب؛ أي: اخترت [7] الوضوء).

قوله: (بِالْغَسْلِ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الغين الفعلُ، ويجوز الضمُّ [8]، والضمُّ هو الماءُ، ويجوز في كلٍّ منهما الفتحُ والضمُّ، وقد تقدَّم.

==========

[1] (منهم): سقط من (ب).

[2] زيد في (ب): (وهذا ظاهرٌ أنَّه).

[3] (وهذا ظاهرٌ) سقط من (ب).

[4] في (ب): (بفعل).

[5] في (ج): (الصلوات)، وهو تحريف.

[6] في (ج): (الماء)، وكذا كان في (أ) قبل الإصلاح.

[7] في (ب): (أجزت).

[8] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 1 ص 265]

(1/1883)

[حديث: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم]

879# قوله: (عَنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيمِ): تقدَّم أنَّه بضمِّ السِّين، وفتح اللام.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ؛ بالدال المهملة، صحابيٌّ مشهورٌ.

قوله: (غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ): تقدَّم أعلاه [1] أنَّه بالفتح، وأنَّه يجوز الضمُّ [2].

قوله: (وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ): معناه: وجوب الاختيار [3]؛ كقول الرجل لصاحبه: حقُّك واجبٌ عليَّ، وقد قال بالوجوب الشَّافعيُّ في «الرسالة»، ونقله عنه البغويُّ في «شرح السُّنَّة»، والمذهب المشهور الاستحباب، والله أعلم.

(1/1884)

[باب الطيب للجمعة]

(1/1885)

[حديث: الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستن]

880# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله بن جعفر بن نجيح، ابن المدينيِّ، إمام المُحَدِّثين، تقدَّم.

قوله: (حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ): أمَّا (حَرميٌّ)؛ فهو بفتح الحاء المهملة لا [1] كالمنسوبِ إلى الحَرَم؛ (لأنَّ المنسوب إلى الحرم بكسر الحاء، وإسكان الرَّاء) [2]، و (عُمارة): بضمِّ العين، وتخفيف الميم، تقدَّما.

قوله: (عَنْ [3] عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ): هو بضمِّ السِّين، وفتح اللام، وهذا معروفٌ.

قوله: (وَأَنْ يَسْتَنَّ): أي: يستاك.

قوله: (وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا): يقال: مسِسْتُ الشيءَ _بالكسر_ أمَسُّه مَسًّا، هذه اللُّغة الفصيحة، وحكى أبو عُبيدة: (مَسَسْتُ الشيءَ _ بالفتح_ أمُسُّهُ؛ بالضم)، وربما قالوا: مِسْت الشيءَ؛ يحذفون منه السِّين الأولى، ويحوِّلون كسرتها إلى الميم، ومنهم [4] مَن لا يحوِّل، ويترك الميم على حالها مفتوحة.

قوله: (أَمَّا الْغَسْلُ): تقدَّم أنَّه بفتح الغين، ويجوز ضمُّها [5].

==========

[1] (بفتح الحاء المهملة والراء لا): سقط من (ج).

[2] ما بين قوسين سقط من (ج).

[3] كذا في النُّسخ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[4] (منهم): سقط من (ب).

[5] وهي رواية «اليونينيَّة»، وهذه الفقرة سقطت من (ب).

[ج 1 ص 265]

(1/1886)

[باب فضل الجمعة]

(1/1887)

[حديث: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما]

881# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): أمَّا (سُمَيٌّ)؛ فتقدَّم مرارًا أنَّه بوزن (عُلَيٍّ)؛ مُصغَّرًا، وأنَّ مولاه هو أبو بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام.

قوله: (عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ): تقدَّم مرارًا أنَّ اسمه ذكوان، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (غَسْلَ الْجَنَابَةِ): أي: غسلًا كغسل الجنابة في الصِّفَة، وتقدَّم أنَّه بفتح الغين، ويجوز ضمُّها [1].

قوله: (ثُمَّ رَاحَ): (الرَّوَاح) هنا [2] المراد به: الذهاب.

تنبيهٌ: قال أصحابنا من الشافعيَّة: الساعة الأولى أفضلُ من الثانية، وكذا الباقي، وتعتبر الساعات من طلوع الفجر على الأصحِّ، وعلى الثاني: من طلوع الشمس، والثالث: من الزوال، وحكى الصيدلانيُّ في «شرح المختصر» _وهو الذي يعبِّر عنه ابنُ الرفعة بالداوديِّ، وتارة بابن داود_: أربعة أوجه في أوَّل [3] وقت الساعات الثلاثة المذكورة، ورابعًا ذهب إليه صاحب «التقريب»: (أنَّ أوَّلها من ارتفاع النهار؛ وهو عند الضُّحى)، قال: لأنَّه وقت الهاجرة، وقد ورد في رواية: (المهجر إلى الجمعة) عوضًا عن التعبير بـ (الرواح)، وحُكِيَ عن العرب أنَّهم يقولون: راح فلان إلى كذا؛ أي: سار إليه سيرًا خفيفًا، سواء كان قبل الزوال أو بعده.

قوله: (بَدَنَةً): هي الواحدة من الإبل، والبقر، والغنم، وخصَّها جماعةٌ بالإبل، وهو المراد هنا، قال النَّوويُّ: بالاتِّفاق.

قوله: (دَجَاجَةً): هي مُثلَّثة الدَّال [4]، وكذا الجمع، و (الدجاجة) للذكر وللأنثى [5].

فائدةٌ: جاء في «النَّسائيِّ»: بعد الكبش بطَّة، ثمَّ دجاجة، ثمَّ بَيضة، وفي أخرى: دجاجة، ثمَّ عصفور، ثمَّ بَيضة، وإسنادهما صحيح.

[تنبيهٌ: سألني بعض مُحَدِّثي الدَّماشقة: هل تستحضر في الحديث: فكأنَّما قرَّب ديكًا؟ فلم أستحضر ذلك، فقلت له: أين ذلك؟ فلم يقل شيئًا، انتهى، لكنَّ الدجاجة تقال للذكر والأنثى في اللُّغة [6]، والله أعلم، كما تقدَّم] [7].

قوله: (حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ): هو بفتح الضاد، وحكى الفرَّاء: (حضِر)؛ بالكسر، لغة فيه، قال: (وكلُّهم يقول: يحضُر؛ بالضمِّ)، قاله الجوهريُّ.

فائدةٌ: هؤلاء الملائكة المذكورون هنا غير الحَفَظَة، وظيفتهم كتابة [8] حاضري الجمعة، قاله غير واحد، ونقل شيخنا الشَّارح عن ابن بزيزة أنَّه قال: (لا أدري هم أم غيرهم؟).

(1/1888)

تنبيهٌ: الحَفَظَة لا يفارقون الإنسان إلَّا عند قضاء الحاجة، وعند الجماع، كما رواه التِّرمذيُّ في «جامعه» في (كتاب الاستئذان)،

[ج 1 ص 265]

واستغربه، وقد بوَّب هو عليه: (باب ما جاء في الاستتار).

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في (ج): (منه).

[3] (أوَّل): سقط من (ج).

[4] في (أ) و (ب): (الجيم)، وليس بصحيح.

[5] (والدجاجة للذكر وللأنثى): سقط من (ج).

[6] في (ب): (كما تقدَّم والله أعلم).

[7] ما بين معقوفين سقط من (ج).

[8] في (ب) و (ج): (وطبقتهم)، وهو تصحيف.

(1/1889)

[باب فضل التبكير إليها]

(1/1890)

[حديث: إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل]

882# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه الفضل بن دُكَين، وتقدَّم الكلام عليه.

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، قاله ابن الأثير في «لبابه»، وتقدَّم ما قاله ابن أبي داود وغيره: إنَّه منسوب إلى النحو لا إلى القبيلة بأطولَ من هذا، وقد تقدَّم مرارًا.

قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، وكذا هو منسوب في نسخة، وقد تقدَّم أنَّ (كثيرًا) بالمثلَّثة، وفتح الكاف، وتقدَّم الكلام عليه.

قوله: (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): تقدَّم أنَّه بفتح اللام، وأنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة على قول الأكثر.

قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ): تقدَّم أنَّه عثمان بن عفَّان رضي الله عنه، كذا مصرَّح [1] به في «مسلم».

(1/1891)

[باب الدهن للجمعة]

(1/1892)

[حديث: لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر]

883# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب العامريُّ، أحد الأعلام، وتقدَّم الكلام على ترجمته.

قوله: (عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ [1]): هو بفتح الواو، وكسر الدَّال المهملة؛ كواحدة الودائع، واسمه عبد الله بن وديعة بن خذام الأنصاريُّ المدنيُّ، يقال: له صحبة، وقد جزم بها الذَّهبيُّ في «تجريده»، وفي «تذهيبه» ذكرها بصيغة تمريضٍ، عن أبي ذرٍّ وسلمان، وعنه: أبو سعيد المقبريُّ، ذكره الواقديُّ فيمن قُتِل يوم الحرَّة؛ يعني: سنة ثلاث وستِّين، أخرج له البخاريُّ، وابن ماجه، ليس [2] له في «البخاريِّ» غيرُ هذا الحديث الواحد.

قوله: (مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ): أي: امرأته، وفي «مسلم»: (ويمسُّ ولو من طيب المرأة)، وفي «أبي داود»: (ومسَّ من طيب امرأته إن كان لها)، انتهى [3]، وذلك لأنَّ طيبها مكروهٌ للرجال، وهو ما ظهر لونه وخَفِيَ ريحه، وطيب الرجال بالعكس، وأباحه للرجال؛ للضرورة؛ لعدم غيره، وهو دالٌّ على تأكُّده، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ يُنْصِتُ): هو بضمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وثلاثيٌّ، و (انْتَصِتْ) [4]، وقد تقدَّم.

==========

[1] في هامش (ق): (قال شيخنا: هو عبد الله بن وديعة كما هو مصرح به من عند البخاريّ من رواية مالك وغيره عن سعيد المقبري، عن عبد الله بن وديعة).

[2] في (ج): (وليس).

[3] (انتهى): سقط من (ب).

[4] في (ب): (وأنصت).

[ج 1 ص 266]

(1/1893)

[حديث: اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم وإن لم تكونوا]

884# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا (شُعَيْبٌ): هو [1] ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَأَصِيبُوا): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَمَّا الْغَسْلُ): تقدَّم أنَّه بفتح الغين الفعلُ، ويجوز فيه الضمُّ [2]، مرارًا.

==========

[1] في (ج): (وهو).

[2] وهي رواية «اليونينيَّة»، وفي (أ): (الفتح)، وهو سبق قلم.

[ج 1 ص 266]

(1/1894)

[حديث ابن عباس: أنه ذكر قول النبي في الغسل يوم الجمعة]

885# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف، أبو عبد الرَّحمن، قاضي صنعاء، عن ابن جريج ومعمر، وعنه: ابن معين وإسحاق بن أبي إسرائيل، مات سنة (197 هـ)، أخرج له البخاريُّ، والأربعة، قال ابن معين: (هو أثبت من عبد الرزَّاق في ابن جريج، وأعلم من ابن إسحاق في حديث سفيان)، وهو ثقةٌ، وقال أبو حاتم: (ثقةٌ متقنٌ).

قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام المشهور، وتقدَّم [1] بعض ترجمته.

قوله: (فِي الْغَسْلِ): تقدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الغين، وأنَّه يجوز الضمُّ [2].

==========

[1] في (ب): (وقد تقدَّم).

[2] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 1 ص 266]

(1/1895)

[بابٌ: يلبس أحسن ما يجد]

(1/1896)

[حديث: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة]

886# قوله: (رَأَى حُلَّةَ سِيَرَاءَ): (الحُلَّة): ثوبان [1] غير لفيقين؛ رداءٌ وإزار، وسُمِّيَا بذلك؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَحُلُّ على الآخر، قال [2] الخليل: (ولا يقال: حُلَّة لثوب واحد)، وقال أبو عُبيد: (الحلل: برود اليمن)، وقال بعضهم: لا يقال لها: حُلَّة حتَّى تكون جديدةً بحلِّها على طيِّها، وقد تقدَّم.

وأمَّا (السِّيَرَاء)؛ فهو بكسر السِّين المهملة، وفتح المُثَنَّاة تحت، ثمَّ راء، ثمَّ همزة ممدودة، قال ابن قُرقُول: (حُلَّةَ سيراءَ) على الإضافة ضبطناه عن ابن سرَّاج [3]، قال سيبويه: (لم يأتِ فِعَلاءُ صفةً، لكن اسمًا)، والسيراء: الحرير الصافي، فمعناه: حلَّةَ حرير، وقال مالك: (السِّيَرَاء: وشيٌ من حرير)، وقال ابن الأنباريِّ: (السِّيَرَاء أيضًا: الذهب)، وقيل: السِّيَرَاء: نبت ذو ألوان وخطوط ممتدَّة، كأنَّه السُّيور، ويخالطها حرير، والله أعلم.

قوله: (وَلِلْوَفْدِ): (الوفد): جمع وافد؛ كزائر وزَور، وهم القوم يأتون الملوك ركبانًا، وقد وفد وفْدًا ووفادةً، ثمَّ سُمِّيَ القوم بالفعل، وقد تقدَّم [4].

قوله: (مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ): أي: لا نصيب له من الخير.

قوله: (فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ): هو عطارد بن حاجب بن زُرارة التميميُّ، له وفادةٌ في طائفةٍ من وجوه بني تميم، فأسلموا، وذلك في سنة تسع، وقيل: عشر، والأوَّل أصحُّ، وكان سيِّدًا في قومه، وهو الذي أهدى [5] لرسول [6] الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثوب ديباج كان كساه إيَّاه كسرى، فعجب الصَّحابة منه، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «لَمناديلُ سعدٍ في الجنَّة خيرٌ من هذه»، ويقال: إنَّ الذي أهداه له عليه الصَّلاة والسَّلام الذي قال فيه: «لَمناديلُ سعد .. » أكيدرُ دومة الجندل، ولعلَّه قاله فيهما، والله أعلم.

(1/1897)

قوله: (أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا): كذا في «البخاريِّ» و «مسلم»، وفي روايةٍ للبخاريِّ: (أرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكَّة قبل أن يسلم)، وهذا يدلُّ على إسلامه بعد ذلك، وفي «النَّسائيِّ» وغيره: (فكساها أخًا له من أمِّه مشركًا)، وبخطِّ الدِّمياطيِّ: قيل: إنَّه عثمان بن حكيم السُّلَميُّ، وليس بأخ له، إنَّما أخوه زيد بن الخطَّاب، لا عمر بن الخطَّاب، وأخته خولة بنت حكيم زوجُ عثمان بن مظعون، وأمُّ سعيد بن المسيّب بنتُ عثمان بن حكيم، انتهى، ولم أقف أنا على ترجمةٍ لعثمانَ بنِ حكيم هذا لا في الصَّحابة، ولا في التابعين، والظاهر عدمُ إسلامه، والله أعلم، وأمَّا أبوه حكيم بن أميَّة؛ فذكر الدِّمياطيُّ عن ابن هشام، عن ابن إسحاق: (أنَّه أسلم قديمًا بمكَّة)، وكذا قاله الذَّهبيُّ في «تجريده» عن الأَشِيريِّ [7]، وسأذكره عن الدِّمياطيِّ مُطَوَّلًا في (باب صلة الرَّحِم) إن شاء الله تعالى ذلك [8] وقدَّره.

(1/1898)

[باب السواك يوم الجمعة]

قوله: (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، صحابيٌّ مشهورٌ، تقدَّم مرارًا كثيرة.

قوله: (يَسْتَنُّ): أي: يستاك، وقد تقدَّم قريبًا.

==========

[ج 1 ص 266]

(1/1899)

[حديث: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة]

887# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): (أبو الزناد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخرٍ، تقدَّموا كلُّهم.

==========

[ج 1 ص 266]

(1/1900)

[حديث: أكثرت عليكم في السواك]

888# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تقدَّم أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي [1] الحجَّاج المِنْقريُّ، الحافظ المقعَد.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تقدَّم أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التيميُّ مولاهم، التنوريُّ، أبو عُبيدة الحافظ.

قوله: (حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ): تقدَّم أنَّه بحائين مهملتين مفتوحَتَين، ولا تحتاج الثانية إلى قولنا: مفتوحة؛ لأنَّ بعدها ألف، ولا يكون قبل الألف إلَّا مفتوحًا، ثمَّ موحَّدتين بعد كلِّ حاء؛ الأولى ساكنة، وهذا ظاهرٌ جدًّا عند أهله.

[ج 1 ص 266]

==========

[1] (أبي): سقط من (ج).

(1/1901)

[حديث: كان النبي إذا قام من الليل يشوص فاه]

889# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَحُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ): أمَّا (سفيان)؛ فهو الثَّوريُّ فيما ظهر لي، والله أعلم، وأمَّا (منصور)؛ فهو ابن المعتمر، تقدَّم، وأمَّا (حُصَين)؛ فهو بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وقد تقدَّم الكلام على (حُصين)، وما يأتلف معه ويختلف في أوائل هذا التعليق، وهو ابن عبد الرَّحمن، تقدَّم، وأمَّا (أبو وائل)؛ فقد تقدَّم مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة.

قوله: (يَشُوصُ فَاهُ): (الشَّوص): الاستياك عرضًا، قاله الحربيُّ، وهو قول أكثر أهل اللُّغة، وقال غيره: يشوص: يغسل، قال أبو عُبيد: (شصت الشيءَ: نقَّيته)، قال القاضي: (أصله: التنظيف، والشوص: الغسل)، وقال وكيع: (الشوص بالطول، والسواك بالعرض، وعرض الفم: من الأضراس إلى الأضراس)، وقال ابن حبيب: (الشوص: الحكُّ)، وقال ابن الأعرابيِّ: (هو الدلك، واللوص: الغسل)، تقدَّم بعضه أو كلُّه.

(1/1902)

[باب من تسوك بسواك غيره]

(1/1903)

[حديث: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به]

890# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تقدَّم أنَّه ابن أبي أويس، وهو ابن أخت مالك الإمامِ شيخِ الإسلام.

قوله: (دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ): هذا هو المعروف، (وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ): اعلم أنَّ في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من حديث عائشة رضي الله عنها في حديث طويل: (أنَّ الذي دخل بسواك من أراك رطب أسامة بن زيد)، فذكرتْ مثل قصَّتها مع عبد الرَّحمن، في سنده عَوْبَد؛ وهو ابن أبي عمران الجَوْنيُّ [1]، قال النَّسائيُّ: (متروكٌ)، وفيه مقالٌ [2] غير ذلك، وفيه ابن بابَنُوس؛ وهو يزيد بن بابَنُوس، ما روى عنه سوى أبي عمران الجونيِّ، وقد ذكره الدولابيُّ فقال: هو من الشيعة الذين قاتلوا عليًّا، ونقل ابن القطَّان هذا القولَ عن البخاريِّ فيه، وقال أبو داود: (كان شيعيًّا)، وقال ابن عديٍّ: (أحاديثه مشاهير)، وقال الدَّارقطنيُّ: (لا بأس به)، انتهى، ولو صحَّ؛ لحُمِل على أنَّهما دخلا، لكن في القصَّة ما ينفي هذا؛ لأنَّ في قصَّة كلِّ واحدٍ أنَّه تُوُفِّيَ عَقِبَ السِّوَاك، والله أعلم، مع أنِّي أستبعد صحَّة ذلك؛ لأنَّ القصَّة بعد الحجاب بلا خلاف، وأسامة كبيرٌ، عمرهُ لمَّا تُوُفِّيَ عليه الصَّلاة والسَّلام عشرون سنة، وقيل: تسعَ عشرة، وقيل: ابن ثماني عشرَة [3] سنةَ، كيف يدخل عليها والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رأسه في حجرها، قال القاضي عياض: (خُصصْنَ _يعني: أزواجه عليه الصَّلاة والسَّلام_ بفرض الحجاب عليهنَّ بلا خلاف في الوجه والكفَّين، فلا يجوز لهنَّ كشفُ ذلك لشهادة، ولا غيرها، ولا إظهار شخوصهنَّ وإن كنَّ مُستتراتٍ [4] إلَّا لضرورة خُروجهنَّ إلى البراز)، قال: (وكنَّ إذا قعدن للنَّاس؛ جلسن مِن وراء الحجاب، وإذا خرجن؛ حجبن وسترْنَ أشخاصهنَّ)، كما جاء في حديث حفصة يوم وفاة عمر: (ولمَّا تُوُفِّيَت زينب؛ جعلوا لها قبَّةً فوق نعشها تستر شخصها)، وأقرَّه على ذلك النَّوويُّ في «شرحه لمسلم» في (باب إباحة الخروج للنَّساء لقضاء الحاجة)، والله أعلم.

قوله: (يَسْتَنُّ بِهِ): تقدَّم أنَّ معناه: يستاك.

قوله: (فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/1904)

قوله: (فَقَضِمْتُهُ [5]): هو بكسر الضَّاد في الماضي، وفتحها في المستقبل، وأفاد شيخنا، عن اللَّبليِّ أنَّه حكى عن ثابت وابن طلحة: (قضَمتُ)؛ بالفتح، قال: (ولم أرَه بغيرهما) انتهى، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم» في (باب الصَّائل على نفس الإنسان ... ) إلى آخر الترجمة: (يقضَم كما يقضَمُ الفحل؛ بفتح الضَّاد فيهما على اللُّغة الفصيحة) انتهى، فصريح كلامه أنَّ فيه لغتين، والظاهر أنَّها التي ذكرها اللَّبليُّ، والله أعلم، ومعنى (قضمته): قطعت طرفه بأسناني، وقد رُوِيَ: (فقصمته)؛ بالصَّاد المهملة، قال ابن قُرقُول: (كذا لأكثرهم، ولابن السَّكن، والمستملي، والحمُّوي: بضاد معجمة، والقصم: الكسر، والقضم: القطع بالأسنان، والمضغ: التَّليين) انتهى، ونقل شيخنا عن ابن التِّين: (أنَّه ضُبِط بالصَّاد المهملة، وبالقاف، وبالفاء)، قال: (وكلُّه يصحُّ في المعنى؛ لأنَّ الفصم؛ بالفاء: الكسر)، قال: (وصوابه القاف، والصاد المهملة)، قال: (وكذا رويناه)، قال: (ويصح بالمعجمة؛ لأنَّه الأكل بأطراف الأسنان، فكأنَّها أخذته بأطراف أسنانها) انتهى، وقد اقتصر غير واحد على إعجام الضاد، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ب): (وقد ذكره).

[2] في (ب): (يقال).

[3] في النُّسخ (ثمانية عشر)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[4] في (ب): (مستورات).

[5] كذا في النُّسخ و (ق)، وهي رواية الأصيليِّ وابن عساكر، وفي «اليونينيَّة»: (فَقَصَمْتُهُ)؛ بالصَّاد المهملة.

[ج 1 ص 267]

(1/1905)

[باب ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة]

قوله: (باب مَا يقْرَأُ): هو مبنيُّ [1] للفاعل وللمفعول [2].

==========

[1] زيد في (ب): (لما لم يسم فاعله).

[2] (وللمفعول): سقط من (ب).

[ج 1 ص 267]

(1/1906)

[حديث: كان النبي يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر {الم تنزيل}]

891# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّد بْنُ يُوسُف): كذا في أصلنا، وفي الطُّرَّة: (أبو نعيم) عوضه، وعليها (صح صح) مرَّتين، وراجعت أصلنا الدِّمشقيَّ، فوجدت فيه: (حدَّثنا مُحَمَّد بن يوسف) بلا تردُّد، ولا نسخة، فراجعت «أطراف الحافظ جمال الدين المِزِّيِّ» شيخ شيوخنا، فوجدته قد ذكر الحديث فيه قال فيه: (البخاريُّ في «الصَّلاة»: عن أبي نعيم ومُحَمَّد بن يوسف؛ كلاهما عن سفيان، عن سعد بن إبراهيم به؛ يعني: عن الأعرج، عن أبي هريرة، فعلى هذا؛ الصَّوابُ: إثباتهما، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): الظَّاهر _والله أعلم_ أنَّ هذا هو الثَّوريُّ، ولستُ على ثلج من ذلك إلَّا أنِّي رأيت مُحَمَّد بن يوسف _هو [2] الفريابيُّ_ مُكثِرًا عن الثَّوريِّ، هذا مستندي، والله أعلم.

قوله: (عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف، قاضي المدينة، الزُّهريُّ، عن أبيه وابن أبي ذئب، وعنه: ابناه عبد الله وعبيد الله، وأحمد، ووُلِّي قضاء واسط، صدوق، تُوُفِّيَ سنة (201 هـ)، أخرج له البخاريُّ والنَّسائيُّ.

==========

[1] كذا في النُّسخ وهامش «اليونينيَّة» و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (حدَّثنا أبو نعيم)، وفي هامش (ق): (وفي النُّسخ كلِّها: حدَّثنا أبو نعيم عوض: مُحَمَّد بن يوسف، وذكره المِزِّيُّ في «أطرافه» عنهما؛ فاعلمه).

[2] (هو): سقط من (ب).

[ج 1 ص 267]

(1/1907)

[باب الجمعة في القرى والمدن]

(1/1908)

[حديث: إن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله]

892# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ [1] الْعَقَدِيُّ): تقدَّم بعيدًا أنَّه عبد الملك بن عمرو القيسيُّ، أبو عامر، العقديُّ _بفتح العين المهملة، والقاف، وبالدال المهملة_ نسبة إلى قبيلةٍ من بجيلة أو اليمن، البصريُّ الحافظ، عن قرَّة وعمر بن ذرٍّ، وعنه: بندار، وعبْد، وابن الفرات، تُوُفِّيَ سنة (204 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين وغيره.

قوله: (عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ): تقدَّم أنَّه نصر بن عمران الضُّبعيُّ، وأنَّه فرد في الكتب السِّتَّة، وأنَّه بالجيم، والرَّاء، وتقدَّم بعض ترجمته.

[ج 1 ص 267]

قوله: (إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ): هو بتشديد الميم؛ أي: صُلِّيت، وكذا قيَّدها في «النِّهاية»، وفسَّرها بذلك.

قوله: (بِجُوَاثَى): هي بضمِّ الجيم، والواو مخفَّفة، ومنهم: من يهمزها همزة ساكنة، كذا قاله في «المطالع»، وبعد الألف ثاءٌ مُثلَّثةٌ مقصورةٌ، وهي مدينة بالبحرين، قال الدِّمياطيُّ في «حواشيه» كما في «المطالع»: (ومنهم: من يهمز الواو) انتهى، وفي «الصِّحاح»: في (جوث) قال: (وهو اسم حصن بالبحرين)، وتابعه ابن الأثير، وفي «القاموس» ذكره في المهموز، ولفظه: (جُؤَاثى؛ كـ «كُسَالى»: مدينة الخطِّ، أو حصن بالبحرين)، وفي (جوث) فقال: (وجؤاثى؛ مهموز).

==========

[1] في (ج): (عوانة)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».

(1/1909)

[حديث: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته]

893# قوله: (بِشْرُ بنُ مُحَمَّد): تقدَّم أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المعجمة، وتقدَّم مَن يقال له بُسر؛ بضمِّ المُوَحَّدة، وبالسِّين المهملة.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، العالم الزَّاهد الفَرْد.

قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسَ، عَنْ الزُّهرِيِّ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تقدَّم مرارًا، وتقدَّم أنَّ (الزُّهري): مُحَمَّد بن مسلم، شيخ الإسلام ابن شهاب.

قوله: (وَزَادَ اللَّيْثُ): تقدَّم أنَّ هذا تعليق مجزومٌ به.

قوله: (وَكَتَبَ رُزَيْقُ بْنُ حُكَيْمٍ [1]): (رُزَيق): بضمِّ الرَّاء، وفتح الزَّاي، و (حُكَيم): بضمِّ الحاء، وفتح الكاف، هذا ممَّا لا أعلم فيهما خلافًا، ورُزَيق أيليٌّ، يروي عن عمرة، وابن المسيّب، وغيرهما، وعنه: ابنه حُكَيم، ومالكٌ، وبكر بن مضر، وغيرهم، ثقة عابد، وثَّقه النَّسائيُّ، وذكره ابن حِبَّان في «ثقاته» أيضًا، أخرج له النَّسائيُّ.

قوله: (إِلَى ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم أنَّه الزُّهريُّ شيخ الإسلام مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

فائدةٌ: في العدد الذي تنعقد به الجمعة ولا تنعقد بدونه ثلاثةَ عشرَ قولًا: أحدها: لا جمعة إلَّا بأربعين رجلًا فصاعدًا، ثانيها: بخمسين، ثالثها: بثلاثين، رابعها: بعشرين رجلًا، خامسها: بسبعة رجال، سادسها: إذا كانوا ثلاثة رجال والإمام رابعهم؛ صلُّوا جمعة، ولا يكون بأقلَّ، سابعها: تنعقد برجلين، والإمام ثالثهم، ثامنها: بواحد مع الإمام، قاله النَّخعيُّ، والحسن ابن حيٍّ، وداود، وأتباعه، ومنهم ابن حزم، تاسعها: باثني عشر رجلًا، عاشرها: بثلاثة عشر رجلًا، حادي عشرها: بأربعين من الموالي، حكاه ابن شدَّاد عن عمر بن عبد العزيز، ثاني عشرها: بثمانين، حكاه الماورديُّ، الثَّالث عشر: بمئتين، حكاه القاضي عياض، ولعلَّه تصحيف من ثمانين، مُلخَّص من كلام شيخنا الشَّارح رحمه الله.

قوله: (بِوَادِي الْقُرَى): عَمَلٌ مِن أعمال المدينة.

قوله: (أَنْ أُجَمِّعَ): هو بتشديد الميم، تقدَّم.

(1/1910)

قوله: (عَلَى أَيْلَةَ): هي بفتح الهمزة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، والباقي معروف، وهي بلدة معروفة في طرف الشام على ساحل البحر، متوسطة بين مدينة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وبين دمشق، بينها وبين المدينة نحو خمسَ عشرةَ مرحلةً، وبينها وبين دمشق اثنا عشر مرحلة، وقال الحازميُّ [2] «في أسماء الأماكن»: بلدة بحريَّة، قيل: هي آخر الحجاز، وأوَّل الشام).

قوله: (أَنْ يُجَمِّعَ): تقدَّم أنَّه بتشديد الميم.

==========

[1] في هامش (ق): (رزيق له ولد اسمه حكيم).

[2] في (ب): (الحازم).

[ج 1 ص 268]

(1/1911)

[باب: هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان ... ]

قوله: (بَابٌ: هَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْجُمُعَةَ غُسْلٌ ... ) إلى آخر التَّرجمة: قال ابن المُنَيِّر وقد ذكر الأحاديث التي ذكرها البخاريُّ ما لفظه: (المسألة مُخلَّصة من الخلاف؛ لأنَّه إنَّما ترجم على مَن لم يشهدِ الجمعة، لا على مَن تجب عليه الجمعة، ولا على مَن لا تجب عليه وشهدها، ولا خلاف أنَّ مَن لم يشهدها؛_ لأنَّها ليست واجبةً عليه_ أنَّه لا يُخاطَب بالغسل، وإنَّما اختلفوا فيمَن يشهدها وليست واجبةً عليه، هل هو مُخاطَبٌ بالغسل أم لا؟ ومذهب مالك: استحبابه لمن حضرها، وليست واجبةً عليه على أنَّه يُنقَل عن طاووس، وأبي وائل أنَّهما كانا يأمران نساءَهما بالغسل يوم الجمعة، فيحتمل أن [1] يكون [2] أمراهنَّ بذلك؛ لأنَّهنَّ يحضرنها، ويحتمل أن يكون ذلك؛ لاعتقادهما أنَّه مِن سُنَّة اليوم، والحديث الذي في الترجمة _وهو قوله: «غسل يوم الجمعة واجب على كلِّ مُحتلِمٍ» _ يُرشِد إليه؛ فتأمَّله، وأدخل حديث: «ائذنوا للنِّساء باللَّيل إلى المساجد»؛ لينبِّه على سقوط الجمعة عنهنَّ) انتهى [3].

==========

[1] في (ب): (أنهما).

[2] (يكون): سقط من (ب).

[3] (انتهى): سقط من (ب).

[ج 1 ص 268]

(1/1912)

[حديث: من جاء منكم الجمعة فليغتسل]

894# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتقدَّم بعض ترجمته.

قوله: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّ (شعيبًا): هو ابن أبي حمزة، وأنَّ (الزُّهري): هو مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور [1].

==========

[1] (المشهور): سقط من (ج).

[ج 1 ص 268]

(1/1913)

[حديث أبي سعيد: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم]

895# قوله: (عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ السِّين، وفتح اللَّام.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تقدَّم أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ؛ بالدَّال المهملة مرارًا.

قوله: (غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ): تقدَّم الكلام عليه أوَّل (الجمعة).

==========

[ج 1 ص 268]

(1/1914)

[حديث: نحن الآخرون السابقون يوم القيامة أوتوا الكتاب من قبلنا]

896# 897# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن خالد الكرابيسيُّ الحافظ.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُوسٍ): هو عبد الله بن طاووس، عن أبيه وعكرمة، وعنه: معمر والسُّفيانان، تُوُفِّيَ سنة (132 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه أبو حاتم والنَّسائيُّ.

قوله: (نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ): تقدَّم الكلام عليه أوَّل (الجمعة).

قوله: (فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ): تقدَّم الكلام عليه أوَّل (الجمعة).

قوله: (فَغَدًا لِلْيَهُودِ): تقدَّم في أوَّل (الجمعة).

قوله: (حَقٌّ عَلَى كُلِّ [1] مُسْلِمٍ ... )؛ الحديث: هذا اليوم هو يوم الجمعة، كما رواه البزَّار في «مسنده»، ورأيته في «النَّسائيِّ الصَّغير» ورُوِّيته، ولهذا أخرجه الشَّيخان في (كتاب الجمعة)، والله أعلم.

898# قوله: (رَوَاهُ أَبَانُ بنُ صَالِحٍ): هذا تعليق، و (أبان) هذا يروي عن أنس، ومجاهد، وعطاء، وعنه: ابن جريج، وعُقيل، وعدَّةٌ، مات [2] مع قتادة كهلًا [3]، مات سنة (115 هـ)، قال فيه ابن معين، والعجليُّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ويعقوب بن شيبة: ثقةٌ، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ، ولد سنة (60 هـ)، وفي «أطراف المِزِّيِّ» في ترجمة صفيَّة بنت شيبة تضعيفُه، وقد وهَّمه شيخنا العراقيُّ قال: وقد ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وكذا رأيتُه فيها، و (مُجَاهِد) تقدَّم بعض ترجمته، وكذا (طَاوُوس)، وكذا (أَبُو هُرَيْرَة).

(1/1915)

[حديث: ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد]

(1/1916)

899# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ): (عبد الله) هذا: الظاهر أنَّه المُسنديُّ، وذلك لأنَّي راجعت ترجمة (شَبَابة)، فوجدت الحافظ عبد الغنيِّ ذكره فيمَن أخذ عنه المُسنديُّ، ولم يذكر غيره، فيمن أخذ عنه ممَّن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ العصر: الظاهر أنَّ الصَّواب: اطِّرادُ صنيع البخاريِّ في ذلك، فحيث يُطلِق عبدَ الله بن مُحَمَّد؛ فهو المُسنديُّ، وقد عثر على أنَّه إذا روى عن أبي بكر ابن أبي شيبة؛ لا يُسمِّي أباه؛ بل يقول: حدَّثنا عبد الله ابن أبي شيبة، قال صاحب «الزُّهرة» في ترجمة أبي بكر ابن أبي شيبة: (روى عنه البخاريُّ ثلاثين أو أحدًا وثلاثين حديثًا، ولو كان ابن أبي شيبة هو المراد بقوله: عبد الله بن مُحَمَّد؛ لكان عدد ما روى عنه أكثرَ من ذلك، ويُؤيِّده أنَّه أخرج عنه عدَّة أحاديث مِن روايته عن هشام بن يوسف الصَّنعانيِّ قاضي صنعاء، وكان سماعه منه بصنعاء، وابن أبي شيبة لم يدخلِ اليمن، ولا له عن هشام بن يوسف روايةٌ، وقد جزم المِزِّيُّ في «الأطراف [1]» في عدَّة أحاديثَ يقول فيها البخاريُّ: (حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد) بأنَّه الجعفيُّ، وهو المُسنديُّ، ولم يقل في واحد منها أنَّه ابن أبي شيبة، وكذا صنع أبو نُعَيم في «مستخرجه على البخاريِّ»، يُخرِّج الحديث من «مسند أبي بكر ابن أبي شيبة» قائلًا: (حدَّثنا أبو بكر الطَّلحيُّ: حدَّثنا عبيد بن غنَّام: حدَّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة)، ثمَّ يقول بعده: (أخرجه البخاريُّ: عن أبي بكر ابن أبي شيبة)، (ويكون البخاريُّ قد صرَّح بقوله: حدَّثنا عبد الله ابن أبي شيبة) [2]، ولا يقول في شيء ممَّا يقول فيه: (حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد) أنَّه ابن أبي شيبة وإن كان مُحتمَلًا [3]، ولا سيَّما الموضع الذي أخرجه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة، لكنَّ القاعدة في المُتَّفَق إذا وقع مُهمَلًا أن يُحمَل على مَن الرَّاوي عنه [4] باختصاص، كما ذكره الخطيب في كتابه «المكمل في بيان المهمل»، وهذا من هذا القبيل، كأنَّ للبخاريِّ بالجعفيِّ اختصاصًا ظاهرًا مِن قَبْل أن يرحل إلى العراق، ويلقى ابنَ أبي شيبة، وهو أحد مَن تخرَّج به في بلاده، والله أعلم، ويزيد ذلك وضوحًا أنَّه أخرج في (علامات النُّبوَّة): حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد: حدَّثنا عبد الرَّزَّاق، وهذا هو المُسنديُّ جزمًا؛ لأنَّ ابن أبي شيبة لم يلق ==

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لقد أبطل الله كل طلاق سبق علي تنزيل طلاق سورة الطلاق 5هـ

  المقدمة الأولي /التفصيل القريب و الصواب في التفصيل الاتي 1= نزلت أحكام الطلاق في ثلاث سور قرانية أساسية تُشرِّع قواعده علي المُدرَّج ال...