سورة الطلاق مشاري

**

 المصحف المرتل ختمة كاليفورنيا

** ///

طلاق سورة الطلاق  إعجازٌ وضعه الله في حرفٍ.حيث وضع الله الباري إعجاز تبديل أحكام الطلاق التي كانت  في سورة البقرة 2هـ  إلي أحْكَمِ  أحكامها  في  سورةِ الطلاقِ 5هـ لينتهي كل متشابهٍ  وظنٍ وخلافٍ واختلافٍ  إلي الأبد وحتي يوم القيامة ..وسورة الطلاق5هـ نزلت بعد سورة البقرة2هـ بحوالي عامين ونصف تقريباً يعني ناسخة لأحكام طلاق سورة البقرة2هـ .

الأربعاء، 5 أبريل 2023

ج21.وج22. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي

ج21. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: رأيت رسول الله يأكل الرطب بالقثاء]

5449# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): هو مُحَمَّد بن مقاتل، أبو الحسن المروزيُّ، رُخٌّ؛ بِضَمِّ الراء، وتشديد الخاء المُعْجَمة، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك الإمام، شيخ خراسان.

==========

[ج 2 ص 485]

(1/9899)

[باب من أدخل الضيفان عشرةً عشرةً ... ]

(1/9900)

[حديث: أن أم سليم أمه عمدت إلى مدّ من شعير جشته]

5450# قوله: (حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: ابن عبد الرحمن بن أبي المغيرة، أبو همَّام البصريُّ الخاركيُّ، وخارك: جزيرةٌ في البصرة، روى عنه البُخاريُّ، وروى النَّسَائيُّ عن رجلٍ عنه، انتهى.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق؛ فانظر ذلك إنْ أردته، وسيأتي في آواخر هذا التعليق.

قوله: (وَعَنْ هِشَام، ٍ عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ): قائل ذلك هو حمَّاد بن زيد، و (هشام) هذا: هو ابن حسَّان، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، وهذا معطوفٌ على السند قبله.

قوله: (وَعَنْ سِنَانٍ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أَنَسٍ): قائل ذلك هو حمَّاد بن زيد.

والحاصل: أنَّ هذا الحديثَ رواه حمَّاد بن زيد عن الجعد أبي عثمان عن أنس، وعن هشام بن حسَّان عن مُحَمَّد بن سيرين عن أنس، وعن سنان أبي ربيعة عن أنس، وليس تعليقًا، فاعلمه، والله أعلم، وكذا رأيت الدِّمْيَاطيَّ قال: (القائل: «وعن هشام _وهو ابن حسَّان_ وعن سنان» هو حمَّاد بن زيد، وسنان بن ربيعة أبو ربيعة الباهليُّ البصريُّ، انفرد به البُخاريُّ، انتهى، سنان بن ربيعة الباهليُّ أبو ربيعة، عن أنسٍ، وشهر بن حَوْشَب، وغيرِهما، وعنه: الحمَّادان، وعبد الوارث، وعبد الله بن بكر السهميُّ، وَثَّقَهُ بعضُهم، قال أبو حاتم: مضطرب الحديث، وقال ابن معين: ليس بالقويِّ، أخرج له البُخاريُّ هذا الحديثَ مقرونًا بغيره، فقول الدِّمْيَاطيِّ: (انفرد به البُخاريُّ)؛ يوهم أنَّه أخرج له في الأصول، وليس كذلك، بل قرنه كما ترى، وروى له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، والاختلاف [في] اسمها، رضي الله عنها.

قوله: (عَمَدَتْ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، وأنِّي رأيت العكس أيضًا في حاشيةٍ نقلتها عن «شرح الفصيح».

قوله: (إِلَى مُدَّيْنِ [2] مِنْ شَعِيرٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (المدَّ) رطلٌ وثلث برطل بغداد، وتَقَدَّمَ الخلاف في رطل بغداد.

(1/9901)

قوله: (خَطِيْفَةً): (الخَطِيْفة): بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الطاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ: لبنٌ ودقيقٌ يطحنان، ويُختَطَف بالملاعق بسرعة، انتهى، وهذا لفظ ابن الأثير في «نهايته»، وقال ابن قُرقُول: (فجعلت منه خطيفةً)؛ يعني: عصيدة من دقيق بلبن، وقيل: هو من الكثافة دون العصيدة.

قوله: (وَعَصَرَتْ عُكَّةً): تَقَدَّمَ ما (العُكَّة).

قوله: (فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن سهل، بدريٌّ نقيب جليل، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ): يعني: قليلًا.

قوله: (حَتَّى عَدَّ أَرْبَعِينَ): كذا هنا، وفيما مضى أنَّهم كانوا (ثمانين)، ومرَّة: (سبعين أو ثمانين)، فالظاهر تعدُّد الواقعة، والله أعلم، أو يُقال: إنَّ هذا من باب مفهوم العدد، وإنَّ الكلَّ داخلٌ في (ثمانين)، وليس في ذكر القليل ما ينفي الكثير، أو يُقال: إنَّ مَن روى: (ثمانين) عدَّ المجموع، ومن روى: (أربعين) عدَّ الرؤساء، أو نحو ذلك من الأجوبة، والله أعلم.

[ج 2 ص 485]

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مُدٍّ).

(1/9902)

[باب ما يكره من الثوم والبقول]

(1/9903)

[حديث: من أكل من الثوم والبقول فلا يقربن مسجدنا]

5451# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد، أبو عبيدة الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ) بعده: هو ابن صهيب.

==========

[ج 2 ص 486]

(1/9904)

[حديث: من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا.]

5452# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يونس بن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح المَكِّيُّ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 486]

(1/9905)

[باب الكباث وهو ثمر الأراك]

قوله: (بَابُ الْكَبَاثِ؛ وَهْوَ ثمرُ الأَرَاكِ): (الكَبَاث): بفتح الكاف، وتخفيف الموحَّدة، وفي آخره ثاء مُثَلَّثة، قال الدِّمْيَاطيُّ: الكَبَاث: النضيج، وما لم يونِع منه: فهو بَرِيرٌ ومَرْدٌ، والأسود منه أشدُّه نضجًا، انتهى، وقال ابن قُرقُول: والكَبَاث: ثمر الأراك، قيل: نَضِيجه، وقيل: بل حصرمه، وقيل: غضُّه، وقيل: متزبِّبه، وهو البرِير أيضًا، انتهى، واقتصر ابن الأثير على القول الأوَّل من كلام ابن قُرقُول، وكذا اقتصر الجوهريُّ وصاحب «القاموس» عليه.

==========

[ج 2 ص 486]

(1/9906)

[حديث: عليكم بالأسود منه فإنه أيطب]

5453# قوله: (بِمَرِّ الظَّهْرَانِ): تَقَدَّمَ الكلام على (مرِّ الظهران) غيرَ مَرَّةٍ، وأنَّه الذي تسمِّيه العامَّة: بطن مرو.

قوله: (فَإِنَّهُ أَيْطَبُ): هذه لغةٌ فصيحةٌ في (أطيب)، ولم يذكرها في «الصحاح» الجوهريُّ في مكانها، وذكرها في (طيب)، فقال: (وقولهم: ما أطيبه، وما أيطبه مقلوب منه)، وذكرها شيخنا مجد الدين في «القاموس» في مكانها، والله أعلم.

(1/9907)

[المضمضة بعد الطعام]

(1/9908)

[حديث سويد: خرجنا مع رسول الله إلى خيبر]

5454# 5455# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، و (بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ): بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمة، و (يسار): بتقديم المُثَنَّاة تحت، و (سُوَيْد بْن النُّعْمَانِ): أوسيٌّ، ممَّن بايع تحت الشجرة، عنه بُشَير بن يسارٍ فقط، ويُقال: إنَّه شهد أُحُدًا، له عند البُخاريِّ والنَّسَائيِّ وابنِ ماجه حديثٌ، والله أعلم.

قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت خيبر والاختلاف فيها.

قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): تَقَدَّمَ ضبط (الصهباء)، وأنَّها على مرحلةٍ من خيبر.

قوله: (فَمَا أُتِيَ إِلَّا بِسَوِيقٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (السويق): تَقَدَّمَ ما هو، وهو معروف أيضًا.

قوله: (قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ بُشَيْرًا): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) هو ابن سعيد الأنصاريُّ.

قوله: (عَلَى رَوْحَةٍ): تَقَدَّمَ ضبط (الرَّوْحة)، وأنَّها المرحلة والمنقلة.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز فيها ثلاثة ضبوط: (ولم يتوضَّ)، (ولم يتوضَّأْ)، (ولم يتوضَّا).

قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ: كَأَنَّكَ تَسْمَعُهُ مِنْ يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (سفيان): هو ابن عيينة، والظاهر أنَّ قوله: (كأنَّك تسمعه من يحيى)؛ يعني: أنِّي لم أزد حرفًا، ولم أنقص حرفًا، رويته بلفظه، لا بمعناه فقط، و (يحيى): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعيد الأنصاريُّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 486]

(1/9909)

[باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل]

قوله: (قَبْلَ أَنْ تُمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ): (تُمْسَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 486]

(1/9910)

[حديث: إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها]

5456# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بعد (ابنِ المديني) _عليِّ بن عبد الله_: ابنُ عيينة، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

قوله: (حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا): (يَلعَق) الأولى: بفتح أوَّله، وفتح العين، والثانية: بضمِّها، وكسر العين، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 486]

(1/9911)

[باب المنديل]

(1/9912)

[حديث: لا نجد مثل ذلك من الطعام إلا قليلًا]

5457# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الفاء، وفتح اللام، و (سَعِيد بْن الْحَارِثِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: سعيدٌ اتَّفقا عليه، وأبو الحارث بن أوس ابن المُعَلَّى، انفرد به البُخاريُّ، له صحبةٌ، انتهى، هذا سقط منه هنا الضمير في قوله: (وأبو)، صوابه أنْ يقولَ: (وأبوه)، وقد اختُلِف في والد سعيدٍ؛ فقيل: رافع، وقيل: الحارث، وقيل غير ذلك، وأصحُّ ما قيل فيه: الحارث، والله أعلم.

قوله: (إِلَّا أَكُفَّنَا وَسَوَاعِدَنَا وَأَقْدَامَنَا): (أكفَّنا): مَنْصوبٌ على الاستثناء، وما بعده معطوفٌ عليه، ويجوز رفعُه، والباقي معطوفٌ عليه.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثَني).

[ج 2 ص 486]

(1/9913)

[باب ما يقول إذا فرغ من طعامه]

(1/9914)

[حديث: الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه]

5458# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وإنْ كان أبو نُعَيم روى عن السفيانَين إلَّا أنَّ هذا رواه أيضًا الضَّحَّاك بن مَخْلَد، ولم يذكر عبدُ الغنيِّ في ترجمة الضَّحَّاك بن مَخْلَد في مشايخه إلَّا الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عيينة، وقد قال المِزِّيُّ في تطريفه: البُخاريُّ في «الأطعمة» عن أبي عاصم الضَّحَّاك بن مَخْلَد وعن أبي نُعَيم، عن سفيان، فـ (سفيان) فيهما واحدٌ، والظاهر أنَّه الثَّوريُّ كما ذكرته عن عبد الغنيِّ، والله أعلم.

تنبيهٌ: رأيت في «مشيخة الفخر ابن البُخاريِّ» تخريجَ الحافظ جمال الدين ابن الظاهريِّ، وقد أخرج هذا الحديثَ فيها، فقال في أثناء السند: حدَّثنا عليُّ بن عبد العزيز: حدَّثَنا أبو نُعَيم: حدَّثنا سفيان بن عيينة ... ؛ فذكر هذا الحديثَ، وقد كتب تجاه: (سفيان بن عيينة) شيخُنا شرف الدين الحسين بن حبيب: إنَّما هو الثَّوريُّ، انتهى؛ فليُعلَم.

و (ثَوْر): هو بالثاء المثلَّثة، وهو ثور بن يزيد، و (أَبُو أُمَامَة): هو صُديُّ بن عجلان بن وهب بن غريب بن وهب، من قيس عيلان، الباهليُّ، ويُقال: إنَّه من بني سهم بن عمرو بن ثعلبة، نزل حمص، وروى أيضًا عن معاذ، وأبي عبيدة، وعمر، وعمَّار، وعمرو بن عبسة، وجماعةٍ، وكان من علماء الصَّحابة، وعنه شهر بن حَوْشَب، وخالد بن معدان، ورجاء بن حَيْوَة، وغيرُهم، تُوُفِّيَ سنة (81 هـ)، ويُقال: سنة (86 هـ)، قال أبو اليمان: مات بقرية دَنْوَة على عشرة أميالٍ من حمص، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

قوله: (إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ): (رَفع): مَبْنيٌّ للفاعل، و (مائدَتَه): مَنْصوبٌ مفعول.

قوله: (كَثِيرًا): هو بالثاء المثلَّثة.

==========

[ج 2 ص 486]

(1/9915)

[حديث: الحمد لله الذي كفانا وأروانا]

5459# قوله: (غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ): وفي رواية تأتي قريبًا: (وَلَا مُوَدَّعٍ)، قال في «النهاية»: أي: غير مردودٍ ولا مقلوبٍ، والضمير راجعٌ إلى الطعام، وقيل: (مكفي): من الكفاية؛ فيكون من المعتلِّ؛ يعني: أنَّ الله تعالى هو المُطْعِم والكافي، وهو غير مُطْعَم ولا مكفيٍّ، فيكون الضمير راجعًا إلى الله، وقوله: (ولا مودَّع)؛ أي: غير متروكٍ الطلبُ إليه، والرغبةُ فيما عنده، وأمَّا (رَبَّنَا)؛ فيكون على الأوَّل منصوبًا على النداء المضاف بحذف [1] [حرف] النداء، وعلى الثاني؛ مرفوعًا على الابتداء المؤخَّر؛ أي: أنت ربُّنا غير مكفيٍّ ولا مودَّع، ويجوز أنْ يكون الكلام راجعًا إلى الحمد؛ كأنَّه قال: حمدًا كَثِيرًا مباركًا فيه غير مكفيٍّ ولا مودَّع ولا مستغنًى عنه؛ أي: عن الحمد، انتهى.

وقال ابن قُرقُول في (غير مودَّع ولا مكفور): أي: غير متروك ولا مفقود؛ يريد: الطعام، هذا مذهب الحربيِّ، وذكر الخَطَّابيُّ: أنَّ المرادَ الدعاءُ لله، قال: (غير مودِّعٍ)؛ بكسر الدال، وقال: معناه: غير تارك طاعتَك ربَّنا، ويُروى: (غير مودَّع)؛ ومعناه: غير متروك الطلبُ إليه والسؤالُ منه؛ كما قال: «غير مستغنًى عنه»، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (الراء والكاف)، كذا قال، وصوابه: في (الكاف والفاء)، قال في (الكاف [و] الفاء): (غير مكفيٍّ ولا مكفور)، قال الحربيُّ: ورُويَ: (غير مُكفًى)، ومراده بهذا كلِّه: الطعام، وإليه يعود الضمير، قال الحربيُّ: والمكفيُّ: الإناء المقلوب للاستغناء عنه،

[ج 2 ص 486]

(1/9916)

كما قال: «غير مستغنًى عنه»، أو لعدمه أيضًا، و «غير مكفور»: غير مجحود نعمةُ الله فيه، بل مشكورة غير مستورة الاعتراف بها، ولا متروك الحمد والشكر عليها، وذهب الخَطَّابيُّ إلى أنَّ المراد بهذا الدعاء كلِّه الباري سبحانه، وأنَّ الضمير يعود إليه، وأنَّ معنى قوله: (غير مكفيٍّ)؛ أي: أنَّه يُطعِم ولا يُطعَم، كأنَّه هنا من الكفاية، وإلى هذا ذهب غيره في تفسير هذا الحرف إلى أنَّه تعالى مستغنٍ عن معين وظهير، وقوله: (ولا مودَّع)؛ أي: غير متروك الطلب إليه والرغبة له، وهو بمعنى المستغنى عنه، وينتصب (ربَّنا) على هذا بالاختصاص والمدح، أو النداء؛ كأنَّه قال: يا ربَّنا؛ اسمع حمدنا ودعاءَنا، ومَن رفع؛ قطعه وجعله خبرًا، وكذا قَيَّدهُ الأصيليُّ؛ كأنَّه قال: ذاك ربُّنا، أو أنت ربُّنا، ويصحُّ فيه الكسرُ على البدل من الاسم في قوله: (الحمد لله) انتهى.

وقال النَّوَويُّ في «أذكاره»: (غير مكفيٍّ ولا مكفور): قلت: (مَكفيٌّ)؛ بفتح الميم، وتشديد الياء، هذه الرواية الصَّحيحة الفصيحة، ورواه أكثر الرواة بالهمز، وهو فاسدٌ من حيث العربيَّةُ، سواء كان من الكفاية، أو من «كفأت الإناء»، كما لا يقال في «مقروٍّ» من القراءة: مقرئٍ، ولا في «مرميٍّ»: مرمِئ، ثُمَّ في (ربَّنا) ثلاثةُ أوجه: النصبُ على النداء أو الاختصاص، والرفعُ على الابتداء، والجرُّ على البدل من قوله: (الحمد لله)، وقال في «روضه» من زياداته على الرافعيِّ كذلك، انتهى، والرفع اختلف فيه ابنُ قُرقُول فقال: إنَّه على الخبر، والشيخُ محي الدين قال: على الابتداء، وهذا قريبٌ، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (بحرف)، والمثبت من مصدره.

(1/9917)

[باب الأكل مع الخادم]

(1/9918)

[حديث: إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله .. ]

5460# قوله: (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ): (الخادمُ): مَرْفوعٌ فاعل، و (أحدَكم): مَنْصوبٌ مفعول، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ.

قوله: (أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ): (الأُكلة)؛ بِضَمِّ الهمزة: اللقمة، وكذلك (الأُكلتان)؛ بالضمِّ: اللُّقمَتَان، وهذا معروفٌ.

(1/9919)

[باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر]

قوله: (بَابٌ: الطَّاعِمُ [1] الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ، فِيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضي اللهُ عَنْهُ [2] عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا التبويب هو حديثٌ رواه التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (كتاب الزهد)، وابنُ ماجه في «سننه» في (الصوم)، أمَّا التِّرْمِذيُّ؛ فعن إسحاق بن مُحَمَّد الأنصاريِّ، عن مُحَمَّد بن معن الغفاريِّ، عن أبيه، عن سعيد المقبريِّ، عن أبي هريرة، فذكره، وقال: (حسنٌ غريبٌ)، وأمَّا ابن ماجه؛ فعن يعقوب بن حميد بن كاسب، عن مُحَمَّد بن معن به، وعن يعقوب بن حميد، عن عبد الله بن عبد الله، عن معن بن مُحَمَّد، عن حنظلة بن عليٍّ الأسلميِّ، عن أبي هريرة، فذكره، وأخرجه ابن حِبَّان من حديث أبي هريرة أيضًا، وفي الباب أيضًا: عن سنان بن سَنَّة، أخرجه ابن ماجه في «سننه» في (الصوم) عن إسماعيل بن عبد الله الرَّقِّيِّ، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد العزيز بن مُحَمَّد، عن مُحَمَّد بن عبد الله ابن أبي حُرَّة، عن عمِّه حكيم بن أبي حُرَّة، عنه، فذكره، ولفظه: «الطاعم الشاكر له مثل أجر الصائم الصابر»، وقوله: (فيه عن أبي هريرة): يشير به إلى الحديث الذي بوَّب به، وقد قَدَّمْتُ أنَّه أخرجه التِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وابن حِبَّان، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (رَواه التِّرْمِذيُّ في (الزهد) في «جامعه»، كذا قاله المزي في «أطرافه»، وقال في؟؟؟: رواه؟؟؟ والتِّرْمِذي، وابن ماجه).

[2] الترضية ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 487]

(1/9920)

[باب الرجل يدعى إلى طعام فيقول: وهذا معي]

قوله: (بَابُ الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى الطَّعَامِ [1]): (يُدعَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (طَعَامٍ).

[ج 2 ص 487]

(1/9921)

[حديث: يا أبا شعيب إن رجلًا تبعنا فإن شئت أذنت له]

5461# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيقٌ): هو أبو وائل، شقيق بن سلمة، و (أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه عقبة بن عمرو، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وأنَّه لا أعرف اسمه.

قوله: (وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمَ غلامه.

قوله: (فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمَه.

(1/9922)

[باب: إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه]

قوله في التبويب: (فَلَا يَعْجَلْ): هو بفتح أوَّله وثالثه.

==========

[ج 2 ص 487]

(1/9923)

[حديث: أنه رأى رسول الله يحتز من كتف شاة في يده]

5462# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ): (الليث): هو ابن سعد الإمام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، وهذا تعليقٌ مجزومٌ به، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الطهارة)، لكن من حديث الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب به، والله أعلم، وروايته له عن يونس ليست في الكتب إلَّا ما [في] هذا التعليق، ولم أرَها في الكُتُب السِّتَّة، والله أعلم.

قوله: (فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ): (دُعِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ فيه ثلاثةُ ضبوطٍ؛ أحدها: (ولم يتوضَّ)، ثانيها: (يتوضَّأ)، ثالثها: (يتوضَّا)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 487]

(1/9924)

[حديث: إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء.]

5463# 5464# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الكرابيسيُّ الحافظ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تيمية السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): بكسر القاف، وبعد الألف مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ): (وُضِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (العَشاءُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ... نَحْوَهُ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، روى هذا البُخاريُّ عن معلَّى، عن وُهَيب، عن أيوب به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.

قوله: (وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ تَعَشَّى): هذا معطوفٌ أيضًا على السند الذي قبله، ولم أرَه في «الأطراف» للمِزِّيِّ، ورأيته في «البُخاريِّ» في (باب إذا حضر الطعام وأُقِيمَت الصلاةُ)، لكن من حديث حمَّاد بن أسامة، عن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، عن نافع، عن ابن عمر، والله أعلم.

(1/9925)

[حديث: إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدؤوا بالعشاء]

5465# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

قوله: (قَالَ وُهَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ): أمَّا (وُهَيب)؛ فهو ابن خالد، وتعليقه ليس في الكُتُب السِّتَّة، وأمَّا (يحيى)؛ فهو ابن سعيد القَطَّان، وتعليقُه أخرجه البُخاريُّ فقط في (الصلاة) عن مسدَّد عن يحيى بن سعيد به.

==========

[ج 2 ص 487]

(1/9926)

[باب قول الله تعالى: {فإذا طعمتم فانتشروا}]

(1/9927)

[حديث: أنا أعلم الناس بالحجاب كان أبي بن كعب يسألني ... ]

5466# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

[ج 2 ص 487]

قوله: (وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِالْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ مِرارًا الاختلافُ متى تزوَّج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب [بنت] جحش؛ فانظره.

قوله: (وَجَلَسَ مَعَهُ رِجَالٌ بَعْدَمَا قَامَ الْقَوْمُ): تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) وغيرِها أنِّي لا أعرفهم.

قوله: (وَأُنْزِلَ الْحِجَابُ): تَقَدَّمَ متى أُنزِل، والاختلاف فيمَن أُنزِل بسببها، في (سورة الأحزاب).

(1/9928)

((71)) [كتاب العقيقة]

(1/9929)

[باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه]

قوله: (تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ غَدَاةَ يُولَدُ لِمَنْ لم يَعُقَّ وَتَحْنِيكِهِ): قال شيخنا: (وتقييد البُخاريِّ أنَّه يسمِّيه غداةَ يُولَد لمَن لم يَعُقَّ غريبٌ، نعم؛ حكاه ابن التين عن مذهب مالك ... ) إلى آخر كلام شيخنا في ذلك، والله أعلم.

(1/9930)

[حديث: ولد لي غلام فأتيت النبي فسماه إبراهيم]

5467# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ): بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهو بريد بن عبد الله بن أبي بردة الحارثِ _أو عامر_ ابن أبي موسى الأشعريِّ؛ عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (وُلِدَ لِي غُلَامٌ ... ) إلى أنَّ قال: (فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ): (إبراهيم) هذا: هو ابن أبي موسى الأشعريِّ، حَمَّر على (إبراهيمَ) الذَّهَبيُّ، فالأصحُّ أنَّه تابعيٌّ عنده، يروي عن أبيه والمغيرة بن شعبة، وعنه: الشَّعْبيُّ وعمارة بن عمير، حنَّكه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ودعا له، أخرج له مسلمٌ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وإنَّما حَمَّر عليه الذَّهَبيُّ؛ لأنَّ شرط الرؤية أنْ تكون مع التمييز؛ كما قدَّمته في شرط الصَّحابيِّ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 488]

(1/9931)

[حديث: أتي النبي بصبي يحنكه]

5468# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) بعد (مسدَّد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ الذي قال فيه الإمام أحمد: ما رأت عيناي مثلَ يحيى بن سعيد القَطَّان، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (بِصَبِيٍّ ... )؛ الحديث: قال شيخنا في أوائل «الصَّحيح» في (باب بول الصبيان): (الصبيُّ المذكور في حديث عائشة _يعني هذا_ يحتمل أنْ يكون عبدَ الله بن الزُّبَير، أو الحسن، أو الحسين؛ لرواياتٍ في ذلك سُقتُها في «تخريج أحاديث الرافعيِّ»؛ فليُراجَع منه)، والمراد به: التخريج الكبير المسمَّى: بـ «البدر المنير»، لا «الخلاصة»، وذلك لأنِّي قرأتُ عليه «الخلاصة» وليس هذا فيها، وقد قَدَّمْتُ ما قاله ابن شيخنا البلقينيِّ: (يحتمل أنْ يكون [1] ولدَ أمِّ قيس بنت محصن الأسَديَّة، ويحتمل أنْ يكون غيره) انتهى، وقد قَدَّمْتُ مَن بال من الصغار في حجر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الباب المشار إليه؛ فليُنظَر منه، وهم: الحسن، والحسين، وابن الزُّبَير عبدُ الله، وابنُ أمِّ محصن _ولا أعرف اسمه_، وسليمان بن هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (أ): (أن يكون)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 488]

(1/9932)

[حديث: أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت فخرجت وأنا متم]

5469# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ [1]): كذا في أصلنا، وقد ضُرِبَ على (منصور)، وخُرِّج (نصر) عوضه، وصُحِّحَ عليه، فبقي (إسحاق ابن نصر)، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»، فرأيت هذا الحديث فيها عن إسحاق بن منصور ليس غير، وكذا هو في أصلٍ آخرَ لنا دمشقيٍّ، ولم يذكر هذا المكانَ ابنُ قُرقُول ولا أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ، فالذي يظهر تصويب ما في «الأطراف» وما ضُرِب عليه في أصلنا؛ وهو (ابن منصور)، وكما هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْرٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنها تُوُفِّيَت بعد مقتل ابنها عبد الله بن الزُّبَير بقليل _رضي الله عنها_ بمكَّة.

قوله: (وَأَنَا مُتِمٌّ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: قاربتُ الوضعَ.

قوله: (فَنَزَلْتُ قُبَاءً): تَقَدَّمَ أنَّ فيه المدَّ والقصر، والصرفَ وعدمَه، والتأنيثَ والتذكير.

قوله: (في حجْرِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء وكسرها مرارًا.

قوله: (فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللهِ): (أوَّلَ): مَنْصوبٌ، و (ريقُ): مَرْفوعٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ في الْإِسْلَامِ): يعني: للمهاجرين القادمين المدينةَ من مكَّة؛ لأنَّه وُلِد قبله أولادٌ بالحبشة للمسلمين، وقولي: (للمهاجرين)؛ احترازًا من الأنصار، فإنَّ النعمان بن بشير وُلِدَ قبله للأنصار، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (نصرٍ).

[ج 2 ص 488]

(1/9933)

[حديث: اللهم بارك لهما]

5470# قوله: (كَانَ ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ يَشْتَكِي ... )؛ الحديث: هذا الابن هو أبو عُمَير الذي كان يمازحه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ويقول له: «يا أبا عمير؛ ما فعل النُّغَير؟»، وأبو عمير: اسمه حفصٌ، و (أبو طلحة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل، بدريٌّ نقيبٌ جليل.

قوله: (فَقُبِضَ الصَّبِيُّ): (قُبِض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الصبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها رضي الله عنها، وهي أمُّ أنس بن مالك.

قوله: (فَوَلَدَتْ غُلَامًا): هو عبد الله بن أبي طلحة، وسيجيء في هذا الحديث نفسِه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم سمَّاه عبدَ الله، (عبدُ الله) هذا: حمَّر عليه الذَّهَبيُّ؛ لأنَّ الصَّحيح أنَّه تابعيٌّ، وقد قَدَّمْتُ قريبًا وبعيدًا في (المناقب) أنَّ شرط الرؤية أنْ تكون مع التمييز حتَّى يُعَدَّ صحابيًّا، وإلَّا؛ فهو تابعيٌّ له رؤية، وهو أخو أنسٍ لأمِّه، روى عن أبيه، وعنه: ابناه إسحاقُ وعبدُ الله، وسليمان مولى الحسن بن عليٍّ، وأبو طُوالة، قال ابن سعد: كانت أمُّه حاملًا به يوم حنين، ولم يزل في المدينة في دار أبي طلحة، وكان ثقةً قليلَ الحديث، انتهى، أخرج له مسلمٌ والنَّسَائيُّ، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: تُوُفِّيَ زمن الوليد، قال أبو عمر بن عَبْدِ البَرِّ: شهد عبد الله بن أبي طلحة مع عليٍّ صِفِّين، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ السُّلَميُّ مولاهم، البصريُّ القسمليُّ؛ لأنَّه نزل في القساملة، تَقَدَّمَ، والله أعلم، و (ابْن عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابنِ أمير مصر، هذا ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ»، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسَائيُّ، و (مُحَمَّد) بعده: هو ابن سيرين.

قوله: (وَسَاقَ الْحَدِيثَ): قال بعض حفَّاظ العصر في قوله: (وَسَاقَ الحديث): يُتَوهَّم أنَّ المتن ساوى الذي قبله، وليس كذلك، نبَّه عليه الإسماعيليُّ، وقد أخرجه مسلمٌ عن مُحَمَّد بن المثنَّى شيخِ البُخاريِّ، كما ذكره الإسماعيليُّ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 488]

(1/9934)

[باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة]

(1/9935)

[حديث: مع الغلام عقيقة]

5471# 5472# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ عارمٌ، وأنَّه بعيدٌ من العرامة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تيمية السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد) بعده: هو ابن سيرين، و (سَلْمَان بْن عَامِرٍ الضَّبِّيُّ [1]): هو سلمان بن عامر بن أوس بن حجر بن عمرو بن الحارث بن تيم بن ذهل بن مالك بن سعد بن بكر بن ضبَّة بن أُدِّ بن طابخة بن إلياس بن مضر الضَّبِّيُّ، له صحبةٌ، قال مسلمٌ: لم يكن في الصَّحابة ضبِّيٌّ غيره، وقال ابن أبي خيثمة: قد روى عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من بني ضبَّة عتَّاب بن شمير، ذكره أبو عمر، ولم يعزُ الأوَّل لمسلم، بل قال: (قال بعض أهل العلم بهذا الشأن)، روى عنه عبد العزيز

[ج 2 ص 488]

بن بُشَير العدويُّ، ومُحَمَّد بن سيرين، وحفصة بنت سيرين، وبنت أخيه أمُّ الرائح الرَّبابُ بنت صُليع بن عامر الضَّبِّيُّ، وله دارٌ بالبصرة بقرب الجامع.

قوله: (مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ): (العقيقة) هنا: الشعر الذي يُولَد به المولود، وسُمِّيَ الذبح عن المولود بها [2]؛ لأنَّه يُحلَق عنه رأسه حينئذ، وهو معنى قوله: «فأميطوا عنه الأذى»؛ أي: أزيلوا عنه أذى الشَّعر، والعقيقة سُنَّة تُذبَح عن المولود يومَ سابعه، واستقبح رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم العقوق، وأصل (العقِّ): الشقُّ، وسُمِّيَ العقوق للآباء عقوقًا؛ لأنَّه شقُّ رَحِمهم وقطعُها، وهذا الحديث هنا موقوفٌ من كلامم سلمان بن عامر، وقد رواه البُخاريُّ هنا عن أبي النُّعمان، عن حمَّاد بن زيد، وقال أصبغ: عن ابن وهب عن جرير بن حازم؛ كلاهما عن أيُّوب، وقال حجَّاج _يعني: ابن منهال_ عن حمَّاد _ يعني: ابن سلمة_ عن أيُّوب وقتادة وحبيب _ يعني: ابن الشهيد_؛ ثلاثتهم عن مُحَمَّد بن سيرين، عن سلمان به، وقفه حمَّاد بن زيد، ورفعه الآخران، وقال غير واحد: عن عاصم وهشام، عن حفصة، عن الرباب، عن سلمان، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ورواه يزيد بن إبراهيم عن مُحَمَّد عن سلمان قولَهُ.

قوله: (وَقَالَ حَجَّاجٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن منهال.

قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن سلمة.

قوله: (وَهِشَامٌ): هذا هو ابن حسَّان.

(1/9936)

قوله: (وَحَبِيبٌ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، تَقَدَّمَ أنَّه ابن الشهيد أعلاه.

قوله: (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه مُحَمَّد بن سيرين.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: عَنْ عَاصِمٍ): هذا هو عاصم بن سليمان، و (هِشَامٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن حسَّان، وأمَّا (غير واحد)؛ قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: ذكرت منهم في «تغليق التعليق» سفيانَ بن عيينة، وعبدَ الرَّزَّاق، وحفصَ بن غياث، وعبدَ الله بن نمير، وعبدَ الله بن بكر السهميَّ، وغيرَهم، انتهى.

قوله: (عَنِ الرَّبَابِ): هي بفتح الراء، وتخفيف الموحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدَة أخرى، وهي أمُّ الرائح بنت صُلَيع الضَّبِّيَّة، عن عمِّها سلمان بن عامر الضَّبِّيِّ، وعنها حفصة بنت سيرين، علَّق لها [3] البُخاريُّ، كما ترى، وأخرج لها الأربعة.

قوله: (وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو التُّسْتريُّ، أبو سعيد، مولى بني تميم، عن الحسن، وابن سيرين، وابن أبي مُلَيْكَة، وعطاء، وقتادة، وجماعةٍ، وعنه: وكيع، وبهز بن أسد، وخلقٌ، وَثَّقَهُ أحمد، وأبو حاتم، وجماعةٌ، وقال ابن سعد: كان ثقةً ثبتًا، كان عَفَّانَ يرفع أمرَه، قال يحيى القَطَّان: ليس بذاك في قتادة، وقال ابن معين: هو أثبت من جرير بن حازم، قال الفَلَّاس: تُوُفِّيَ سنة اثنين وستِّين ومئة، ويُقال: سنة إحدى، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وما رواه يزيدُ بن إبراهيم لم أرَه في الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، لكن شيخُه مُحَمَّدٌ _هو ابن سيرين_ حديثُه أخرجه البُخاريُّ مرفوعًا، ووقفه حمَّاد بن زيد، ورفعه الآخران؛ كما تَقَدَّمَ أعلاه، وأخرجه غير البُخاريِّ أيضًا.

قوله: (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): يعني: مُحَمَّدًا.

قوله: (عن سَلْمَانَ): تَقَدَّمَتْ ترجمة (سلمان) _هو ابن عامر الضَّبِّيُّ_ في ظاهرها وأعلاه.

قوله: (قَوْلَهُ): هو مَنْصوبٌ؛ أي: من قوله؛ يعني: موقوفًا عليه.

(1/9937)

قوله: (وَقَالَ أَصْبَغُ): هو أصبغ بن الفرج، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ: كذا)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (ابْنُ وَهْبٍ) بعده: هو عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (جَرِير بْن حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، و (أَيُّوب السَّخْتِيَانِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أيُّوب ابن أبي تيمية كيسان، و (السّخْتِيَانيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مثلَّث السين.

قوله: (وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى): قيل: حلقُ شَعره، وقيل: الختان، وقيل: لا تقربوه الدمَ كما كانت الجاهليَّة تفعله.

==========

[1] (الضَّبِّيُّ): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها (ق) علامة الزيادة وعلامة أبي ذرٍّ.

[2] كتب فوقها في (أ): (به).

[3] في (أ): (له)، وكذا في الموضع اللاحق، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/9938)

[حديث: أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن ... ]

5472 م# قوله: (عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، و (الشَّهِيد): بفتح الشين المُعْجَمة، وكسر الهاء، الأزديُّ، عن أبي مِجْلَزٍ وابن سيرين، وعنه: شعبة والأنصاريُّ، ثقة ثبت، تُوُفِّيَ سنة (145 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (أَمَرَنِي ابْنُ سِيرِينَ): هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد قَدَّمْتُ عدد بني سيرين وبناته في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (أَنْ أَسْأَلَ الْحَسَنَ: مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ؟ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: مِنْ سَمُرَةَ): اعلم أنَّ في سماع الحسن أبي الحسن البصريِّ من سَمُرة بن جندب خلافًا، ففي هذا «الصَّحيح» ما رأيتَ: أنَّه سمع منه حديثَ العقيقة، وقد روى عن سَمُرة نسخةً كثيرةً غالبها في السنن الأربعة، وعند عليِّ ابن المدينيِّ أنَّ كلَّها سماع، وكذلك حكى التِّرْمِذيُّ عن البُخاريِّ نحوَ هذا، وقال يحيى بن سعيد القَطَّان وجماعةٌ كثيرون: هي كتاب، وذلك لا يقتضي الانقطاع، وفي «مسند أحمد»: أخبرنا هُشَيم عن حميد الطويل قال: جاء رجل إلى الحسن البصريِّ، فقال: إنَّ عبدًا له أبق، وإنَّه نذر إنْ قدر عليه؛ أن يقطعَ يده، فقال الحسن: حدَّثنا سَمُرة قال: قلَّما خطبنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خُطبةً إلَّا أمر [1] فيها بالصدقة، ونهى عن المثلة، وهذا يقتضي سماعه من سَمُرة لغير حديث العقيقة.

(1/9939)

[باب الفرع]

قوله: (بَابُ الْفَرَعِ): هو بفتح الفاء والراء، وبالعين المُهْمَلة، قال ابن قُرقُول: الفَرَع والفرعة: أوَّل ما تُنتج الناقة، كانوا يذبحونه لطواغيتهم، فنُهِيَ المؤمنون عن ذلك، وقيل: بل كان الرجل من العرب إذا تنامت إبلُه مئة؛ قدَّم بَكْرًا، فنحره لصنمه، فهو الفَرَع، وقد جاء في حديث: «من شاءَ فَرَّع»، وفي حديثٍ آخرَ: «في كلِّ سائمةٍ فَرَعٌ»، وفي حديثٍ: (أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالفَرَع في كلِّ خمسين شاة)، وبعض السلف وأكثر فقهاء الفتوى يقولون بنسخه والنَّهْيِ عنه، انتهى، والقول الأوَّل من كلامه فسَّر به الراوي (الفَرَع).

تنبيهٌ: تفسير (الفَرَع) و (العتيرة) نقل شيخنا عن أبي قرَّة موسى بن طارق في «سننه»: أنَّه من كلام الزُّهريِّ، انتهى، وقال الخَطَّابيُّ في «شرح البُخاريِّ»: (أحسب هذا التفسير من كلام الزُّهريِّ راوي الحديث)، وكذا نقله النَّوَويُّ في «تهذيبه» في (عتر) عن الخَطَّابيِّ في «شرح البُخاريِّ»، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 489]

(1/9940)

[حديث: لا فرع ولا عتيرة]

5473# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (ابْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد، وأنَّ أباه يجوز في يائه الفتحُ والكسرُ، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ.

قوله: (لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ): (الفَرَع): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وأمَّا (العَتِيْرة [1])؛ فهي بفتح العين المُهْمَلة، وكسر المثنَّاة فوق، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة،

[ج 2 ص 489]

ثُمَّ راء، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: قال أبو عبيد: هي الرجبيَّة، كانوا يذبحونها في الجاهليَّة في رجب يتقرَّبون بها، وكانت في أوَّل الإسلام، ثُمَّ نُهِيَ عنها، وقال بعض السلف: يبقى حكمها، والفَرَع: أوَّل النتاج، كانوا يذبحونه لطواغيتهم، وقيل: إنَّ العتيرة نذرٌ كانوا ينذرونه إذا بلغ مال أحدهم كذا؛ أنْ يذبحَ مِن كلِّ عشرة منها شاةً في رجب، انتهى، وكونُها تُذبَح في رجب كذا قاله الراوي، وكانت تُذبَح في العشر الأوَّل من رجب، قال الشيخ محي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» بعد أنْ ذكر أحاديثَ تتعلَّق بالفَرَع والعَتِيرة تدلُّ على الجواز، وبعضُها ظاهرُه يدلُّ على الاستحباب: (والصَّحيح عند أصحابنا _وهو نصُّ الشَّافِعيِّ_: استحبابُ الفَرَع والعَتِيرة، وأجابوا عن حديث: «لافَرَع ولاعَتِيرَة» بثلاثة أجوبةٍ؛ أحدها جواب الشَّافِعيِّ: أنَّ المرادَ نفيُ الوجوب، والثاني: نفيُ ماكانوا يذبحونه لأصنامهم، والثالث: أنَّهما ليسا كالأضحية في الاستحباب، أو فى ثواب إراقة الدم، فأمَّا تفرقة اللحم على المساكين؛ فبِرٌّ وصدقة، وقد نصَّ الشَّافِعيُّ في «سنن حرملة»: أنَّها إنْ تيسَّرت في كلِّ شهر؛ فكان حَسَنًا، هذا تلخيص حكمها فى مذهبنا، وادَّعى القاضي عياض أنَّ جماهير العلماء على نسخ الأمر بالفَرَع والعَتِيرة، والله أعلم)، وقد ذكر المسألةَ في «الروضة» ورجَّح الاستحبابَ، والله أعلم.

(1/9941)

قوله: (وَالْفَرَعُ: أَوَّلُ النِّتَاجِ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لَطِوَاغِيتِهِمْ، وَالْعَتِيرَةُ: فِي رَجَبٍ): تَقَدَّمَ في أوَّل الباب أنَّه من كلام الزُّهريِّ، والله أعلم، و (الطواغيت): الأصنام، ويُقال: بيوتها، وقيل: الطاغوت: الشيطان، ويكون الطاغوت واحدًا وجمعًا؛ كـ (الفُلْك)، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (العتيرية)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/9942)

[باب العتيرة]

قوله: (بَاب الْعَتِيرَةِ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطها، وما هي.

==========

[ج 2 ص 490]

(1/9943)

[حديث: لا فرع ولا عتيرة.]

5474# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، وقد صرَّح مسلمٌ بأنَّه ابن عيينة في هذا الحديث، وفي «النَّسَائيِّ»: أنَّه سفيان بن حسين، قال شيخنا: (وقد ذكر الحديثَ الإسماعيليُّ كما ذكره النَّسَائيُّ، وخالف الطرقيُّ فذكره كذلك، وأبدل «ابن حسين» بـ «ابن عيينة») انتهى، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيْد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ ضبط ياء أبيه أنَّها بالفتح والكسر، بخلاف غيره، فإنَّه لا يجوز فيها إلَّا الفتح.

==========

[ج 2 ص 490]

(1/9944)

((72)) (كِتَابُ الذَّبَائِحِ وَالصَّيْدِ والتَّسْمِيَةِ عَلَى الصَّيْدِ) ... إلى (كِتَاب الأَضَاحِي)

كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي الدِّمَشْقيِّ العكسُ، وهذا أمرٌ غريبٌ.

قوله: (والتَّسْمِيَةِ عَلَى الصَّيْدِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب كعادته، ثُمَّ قال: ليس في جميع ما ذكر من الآي والأحاديثِ تعرُّضٌ للتسمية المترجَم عليها إلَّا آخر حديث عَدِيٍّ، فعدَّه بيانًا لما أجمَلَته الأدلَّةُ من التسمية، ولذلك أدخل الجميع تحت الترجمة، والله أعلم، وعند الأصوليِّين نظرٌ في المجمل إذا اقترنت به قرينةٌ لفظيَّةٌ مبيِّنةٌ؛ هل يكونُ الدليلُ المجملَ أو إيَّاها خاصَّة؟ انتهى.

قوله: (مَا أُحِلَّ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَحَرُمَ): هو بفتح الحاء، وضمِّ الراء، كذا في أصلنا، وفي أخرى: (وَحُرِّمَ)؛ بِضَمِّ الحاء، وكسر الراء المُشَدَّدة، وكلاهما جائزٌ.

قوله: ({الْمَوْقُوذَةُ} [المائدة: 3]: تُضْرَبُ بِالْخَشَبِ، يُوقِذُهَا فَتَمُوتُ): في هامش أصلنا: الصواب: (تَقِذُها)، والظاهر أنَّه أخذ ذلك من الدِّمْيَاطيِّ ولم يعزُه إليه، وفي «صحاح الجوهريِّ» دليلٌ لما قاله في الهامش ولفظه: (وَقَذَه يَقِذه وَقْذًا: ضربه حتَّى استرخى وأشرف على الموت، وشاةٌ موقوذةٌ: قُتِلَت بالخشب) انتهى، وفي «المطالع»: وقيذ؛ أي: ميتة، وسيأتي قريبًا، وقال شيخنا في «شرحه»: (وقذه وأوقذه، و {المَوْقُوذَة} من «وقذه»)، انتهى.

قوله: (تُنْطَحُ الشَّاةُ): (تُنطَح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الشاةُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

==========

[ج 2 ص 490]

(1/9945)

[حديث: ما أصاب بحده فكله وما أصاب بعرضه فهو وقيذ]

5475# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: هو ابن أبي زائدة، و (عَامِر): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ، و (عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ): هو عديُّ بن حاتم بن سعد الطائيُّ، الجواد ابن الجواد، أسلم سنة سبع، وعنه: الشَّعْبيُّ، وسعيد بن جبير، وأبو إسحاق، نزل قرقيسيا منعزلًا، قال ابن سعد: مات سنة (68 هـ) [1] وهو ابن مئة وعشرين سنةً، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

قوله: (عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ): هو بكسر الميم، وإسكان العين المُهْمَلة، ثُمَّ راء، ثُمَّ ألف، ثُمَّ ضاد معجمة، قال ابن قُرقُول: خشبةٌ محدَّدة الطرف، وقيل: بل فيه حديدةٌ يُرمى بها الصيدُ، وقيل: بل هو سهمٌ لا ريش له، انتهى، وفي «النهاية»: (المِعْرَاض)؛ بالكسر: سهم بلا ريشٍ ولا نصلٍ، وإنَّما يصيب بعرضه دون حدِّه، وفي تفسير (المعراض) غيرُ ما ذكرت، تركته اختصارًا، وقد قَدَّمْتُ كلام ابن قُرقُول في أوَّل (البيوع).

قوله: (فَهْوَ وَقِيذٌ): هو بفتح الواو، وكسر القاف، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ذال معجمة، قال في «المطالع»: (وقيذ)؛ أي: ميتة؛ بمعنى «مفعول»، وهي المقتولة بعصًا أو حَجَرٍ لا حدَّ له، يُقال: وقذتُه؛ إذا أثخنتَه ضربًا، قال أبو سعيد: أصل الوَقْذِ: الضرب على فأس القفا، فتصل هدَّتها إلى الدماغ، فيذهب العقل، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في أوَّل (البيوع).

(1/9946)

[باب صيد المعراض]

قوله: (بَابُ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه وضبطه.

قوله: (وَكَرِهَهُ سَالِمٌ): هذا هو سالم بن عبد الله بن عمر، هذا أحد الفقهاء السبعة على قولٍ، وهو مشهور الترجمة.

قوله: (وَالْقَاسِمُ): هذا هو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، أحد الفقهاء السبعة.

قوله: (وَإِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، مشهور الترجمة.

قوله: (وَعَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح المَكِّيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَالْحَسَنُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي الحسن البصريُّ.

قوله: (وَكَرِهَ الْحَسَنُ ... ) إلى آخره: هو المشار إليه أعلاه، وإنَّما كره الحسنُ ذلك؛ لإمكان وجودِهم للسكاكين وما تقع به الذكاةُ، وأجازها في البراري وفي مواضعَ يتعذَّر وجودُ ذلك فيه، واعلم أنَّ أكثر العلماء على كراهة صيد الحَجَر والبندقة، وهي عندهم وَقِيذ؛ لقول ابن عَبَّاس: (إلَّا أنْ يدرك ذكاتَه)، وبه قال النَّخَعيُّ، وذهب إليه الأربعةُ، والثَّوريُّ، وإسحاق، ورخَّص في صيد البندقة عمَّارُ بن ياسر، وهو قول ابن المُسَيّب وابن أبي ليلى، وبه قال الشَّافِعيُّون، يعنون تخذيله بها، والأصل في ذلك حديثُ عديِّ بن حاتم: أنَّه أباح ما أصاب بحدِّه، ومَنْعُه أكل ما أصاب بعرضه؛ لأنَّه وَقِيذ، ولا حجَّة لمن خالف السُّنَّة، والله أعلم.

[ج 2 ص 490]

(1/9947)

[حديث: إذا أصبت بحده فكل فإذا أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ ... ]

5476# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ): هو سعيد بن يُحمد، و (أبو السَّفَر): بالفتح، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الأسماءَ بالسكون، والكنى بالفتح، ومن المغاربة مَن سكَّن الفاء من هذا (أبي السَّفْر)، قال ابن الصلاح: وذلك خلافُ ما يقوله أصحاب الحديث، حكاه الدارقطنيُّ عنهم، و (الشَّعْبِيُّ): بفتح الشين المُعْجَمة، عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (عن الْمِعْرَاضِ): تَقَدَّمَ ضبطه وما هو قريبًا، وكذا تَقَدَّمَ (وَقِيذٌ): ضبطه وما معناه.

==========

[ج 2 ص 491]

(1/9948)

[باب ما أصاب المعراض بعرضه]

(1/9949)

[حديث: كل ما خزق وما أصاب بعرضه فلا تأكل]

5477# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، وقَدَّمْتُ أنَّ مدركي في ذلك أنَّ الحافظَ عبدَ الغنيِّ ذكر الثَّوريَّ في مشايخ قبيصة بن عقبة، ولم يذكر فيهم ابنَ عيينة، وأن الذَّهَبيَّ في «تذهيبه» أطلق سفيان، فحملتُ المطلق على المقيَّد، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (كُلْ مَا خَزَقَ): هو بالخاء المُعْجَمة، والزاي، والقاف، المفتوحات، قال الدِّمْيَاطيُّ: خزق وخسق: أصاب الرَّمِيَّة ونفذ فيها، انتهى، وما قاله هو لفظ ابن الأثير في «نهايتة»، وتكملة كلامه: وسهمٌ خازقٌ وخاسقٌ، انتهى، وكذا لغيره بالمعنى، وأمَّا شيخنا؛ فإنَّه ذكره بالزاي، ثُمَّ قال: ورُويَ بالراء، انتهى، ذكره في (كتاب التوحيد)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 491]

(1/9950)

[باب صيد القوس]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

قوله: (وَإِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، العالم المشهور.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن يزيدَ النَّخَعيُّ.

قوله: (وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدٍ: اسْتَعْصَى عَلَى آلِ عَبْدِ اللهِ حِمَارٌ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: هذا التعليق أخرجه ابن أبي شيبة عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، ولفظه: (سُئل ابن مسعود عن رجلٍ ضربَ رِجْلَ حمارِ وحشٍ فقطعها، فقال: دعوا ما سقط، وكلوا ما بَقِي)، وإنَّما ذكرت عزوه؛ لما فيه من الفوائد؛ منها: التَّصريح بأنَّه حمارُ وحشٍ، والتصريح بأنَّه ابنُ مسعود وإنْ كان هذا معروفًا، و «زَيْدٌ» أنَّه ابنُ وهب، هو زيد بن وَهْب، أبو سليمان الجهنيُّ، هاجر إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقُبِض عليه السلام وزيدٌ في الطريق، روى عن عمر، وعثمان، وعليٍّ، وأبي ذرٍّ، وابن مسعود، وجماعةٍ، وعنه جماعةٌ، ولم يُصِب يعقوبُ بن سفيان الفسويُّ في الكلام فيه، وقد ردَّه الذَّهَبيُّ في «التذهيب» و «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (96 هـ)، وقال ابن سعد: في ولاية الحَجَّاج، بعد الجماجم، قال الذَّهَبيُّ: هذا أشبه، أخرج له الجماعة، وهو ثقةٌ.

==========

[ج 2 ص 491]

(1/9951)

[حديث: أما ما ذكرت من أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها ... ]

5478# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء، وهو ابن شريح الحضرميُّ الحمصيُّ، لا حَيْوَة بن شريح التُّجِيبيُّ؛ هذا متقدِّم الطبقة على شيخ البُخاريِّ، تُوُفِّيَ شيخُ البُخاريِّ سنة (224 هـ)، وهنا بينه وبينه واحدٌ، والتُّجِيبيُّ سنة (158 هـ)، والله أعلم، و (أَبُو إِدْرِيسَ): اسمه عائذ الله بن عبد الله، وقيل غير ذلك، أحد علماء التابعين بالشام وأعلامِهم، ترجمته معروفةٌ، و (أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيُّ): هو بِضَمِّ الخاء وفتح الشين المعجمتين، ثُمَّ نون، ثُمَّ ياء النسبة، منسوب إلى خُشَين؛ بِضَمِّ الخاء وفتح الشين المعجمتين، وهم بطنٌ من قضاعة، وهو خُشَين بن النمر بن وبرة بن ثعلب بن حلوان، واختلف في اسم أبي ثعلبة واسم أبيه على أقوال كثيرة؛ فقيل: جرهم، وقيل: جرثوم، وقيل: عمرو، وقيل: لاشِر؛ بكسر الشين المُعْجَمة، وقيل غير ذلك، واسم أبيه: ناشِم؛ بالنون أوَّله، وبعد الألف شين معجمة مكسورة، ثُمَّ ميم، وقيل: ناشر، وقيل: ناشب؛ بالموحَّدة في آخره، وقيل: ناشج؛ بالجيم، وقيل: جرهم، وقيل: جرثومة، ترجمته معروفةٌ، من أهل بيعة الرضوان، قاله غير واحد، وقيل: قدم عليه عليه السلام وهو يتجهَّز إلى خيبر، فشهدها معه، تُوُفِّيَ في خلافة معاوية، وقيل: في خلافة عبد الملك، سنة خمسٍ وسبعين، أخرج له أحمد والجماعةُ وبَقِيٌّ، وسيجيء قريبًا بعض ترجمته من كلام الدِّمْيَاطيِّ.

قوله: (أَمَّا مَا ذَكَرْتَ): (أَمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم.

(1/9952)

[باب الخذف والبندقة]

قوله: (بَابُ الْخَذْفِ): هو بفتح الخاء وإسكان الذال المعجمتين، وبالفاء: الرمي بحصًى أو نوًى بين سبَّابتَيه وبين الإبهام والسَّبَّابة.

==========

[ج 2 ص 491]

(1/9953)

[حديث: إنه لا يصاد به صيد ولا ينكى به عدو]

5479# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ ابْنُ رَاشِدٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هو يوسف بن موسى بن راشد بن بلال، أبو يعقوب الكوفيُّ القَطَّان، نزيل الريِّ مدَّةً للتِّجارة، وكان عالمًا صاحبَ حديثٍ، عن جرير بن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمرَ، وابن عيينة، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبغويُّ، وابن صاعد، والمحامليُّ، وآخرون، وكتب عنه ابن معين مع تقدُّمه، وقال هو وأبو حاتم: صدوق، قال السراج: مات في سنة (253 هـ)، وذكره ابن حِبَّان في «ثقاته» وأرَّخ وفاته شبه [ما] قاله السراج، وقد تَقَدَّمَ في (تفسير البقرة).

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الميم، وفتح الغين المُعْجَمة، والفاء المُشَدَّدة، و (المغفَّل): صَحَابيٌّ أيضًا، قدَّمته مرارًا.

قوله: (أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَخْذِفُ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، غير أنَّه قريبٌ لعبد الله بن مُغَفَّل، كما جاء في رواية في «الصَّحيح»، وفي «ابن ماجه»: أنَّه ابنُ أخيه.

قوله: (وَلَا يُنْكَأُ [1] بِهِ عَدُوٌّ): قال ابن قُرقُول: بفتح الكاف، مهموزٌ، وهي لغةٌ، والأشهر: «لا يُنكَى»، ومعناه: المبالغة في الإيذاء، انتهى، وفي «النهاية»: يُقال: نَكيت في العدوِّ أَنكي نكايةً، فأنا ناكٍ؛ إذا أكثرتَ فيهم الجراحَ والقتلَ، فوهنوا لذلك، وقد يُهمَز، لغة فيه؛ يقال: نكأت القرحة أنكؤها؛ إذا قشرتَها، انتهى، وكذا قاله غيرُهما.

قوله: (وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ): هو بفتح التاء [2]، مهموزٌ.

قوله: (لَا أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا): في «مسلم»: «لا أكلِّمك أبدًا».

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يُنْكَى).

[2] في (أ): (الياء)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 491]

(1/9954)

[باب: من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد أو ماشية]

(1/9955)

[حديث: من اقتنى كلبًا ليس بكلب ماشية أو ضارية]

5480# قوله: (أَوْ ضَارِيَةٍ): هو بالضاد المُعْجَمة، ثُمَّ ألف، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، الكلب الضاري: المعتاد للصيد، ورأيت في حاشيةِ نسخةٍ مكتوب عليها أنَّها من الصاغانيِّ: (كذا وقع: «إلَّا كلب ضارٍ لصيدٍ»، والصواب: كلبًا ضاريًا بِصَيْدٍ) انتهت، قال ابن قُرقُول: («إلَّا

[ج 2 ص 491]

كلبًا ضاريًا» كذا رواية الأكثر، والمعروف في رواية يحيى بن يحيى وغيرِه في «مسلم»: «إلَّا كلبَ ضاريةٍ»، وفي الحديث الآخر: «إلَّا كلبَ ماشيةٍ أو ضاريةٍ»، وعند بعضهم: (أو ضارٍ)، وكذا للعذريِّ، والأوَّل المعروف، ويُخَرَّج الثاني على إضافة الشيء إلى نفسه؛ كماء البارد؛ أي: يرجع ضارٍ وضاريةٍ إلى صاحبِ الصيد؛ أي: كلب صاحبِ كلابِ الصيد)، انتهى، وفي «النهاية»: («إلَّا كلب ماشيةٍ أو ضارٍ»؛ أي: كلبٌ معوَّدٌ بالصيد، يُقال: ضرِيَ الكلبُ، وأضراه صاحبُه؛ أي عوَّده وأغراه به، ويُجمَع على «ضوارٍ»، وقال النَّوَويُّ في قوله: «إلَّا كلبَ ضاريةٍ»: «تقديره: إلَّا كلب ذي كلابٍ ضارية، والضاري: المعلَّم للصيد المعتادُ له») انتهى.

قوله: (نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ [1] قِيْرَاطَانِ): تَقَدَّمَ أنَّ النقص من ماضي عمله أو مستقبلِه، أو قيراطٌ من عمل الليل وآخرُ من عمل النهار، أو واحدٌ من الفرض وآخرُ من النفل؛ فيه إحتمالاتٌ حكاها شيخنا عن «البحر»، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كلَّ يوم من عمله).

(1/9956)

[حديث: من اقتنى كلبًا إلا كلب ضار لصيد أو كلب ماشية]

5481# قوله: (إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، كذا في الهامش نسخة، وفي أصلنا: (إلَّا كلبٌ ضارٍ).

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (إلَّا كلبٌ ضارٍ).

[ج 2 ص 492]

(1/9957)

[حديث: من اقتنى كلبًا إلا كلب ماشية أو ضار نقص من عمله كل يوم .. ]

5482# قوله: (أَوْ ضَارٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (ضاريًا)، تَقَدَّمَ ما (الضاري).

(1/9958)

[باب إذا أكل الكلب ... ]

قوله: (بَابٌ: إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال ما لفظه: ساق الآية والأحاديث بعدها؛ لأنَّها بيَّنت أنَّ الإمساك في الآية شرطٌ فيه أنْ يكون على صاحبه؛ أي: وفَّى بطاعته، لا لشهوة الجارح، فإذا أكل؛ تحقَّق إمساكُه لنفسه، لا لربِّه، انتهى.

قوله: (الصَّوَائِدُ وَالْكَوَاسِبُ): كذا في أصلنا مرفوعان، و (الكَوَاسب): بفتح الكاف وتخفيف الواو، وبعد الألف سين مهملة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، وينبغي أنْ يكون (الصوائدَ) بالنصب؛ لأنَّه مفعول اسم الفاعل؛ وهو قوله: {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4]، و (المكلِّب)؛ بكسر اللام: معلِّم الكلابِ الصيدَ، و (الكواسبَ): معطوف عليه، فهو مَنْصوبٌ أيضًا، والله أعلم، ويجوز ما في الأصل.

قوله: (فَتُضْرَبُ وَتُعَلَّمُ): هما مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما.

قوله: (وقال عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح المَكِّيُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 492]

(1/9959)

[حديث: إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله ... ]

5483# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، و (بَيَان): هو بيان بن بشر المؤدِّب، عن أنس وقيس بن أبي حازم، وعنه: شعبة، وزائدة، وعِدَّةٌ، أخرج له الجماعة، قال أحمد وابن معين: ثقة، تُوُفِّيَ في حدود (140 هـ)، لا بيان بن عمرو، الثاني شيخ البُخاريِّ، ومتأخِّرُ الطبقةِ عن الأوَّل، تُوُفِّيَ هذا _على ما قاله البُخاريُّ_ سنة (222 هـ)، أخرج للثاني البُخاريُّ فقط، قال ابن عديٍّ: عالمٌ جليلٌ، له غرائبُ، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 492]

(1/9960)

[باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثةً]

(1/9961)

[حديث: إذا أرسلت كلبك وسميت فأمسك وقتل]

5484# قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ): هذا هو عاصم بن سليمان الأحول، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (لَا تَدْرِي أَيُّهَا قَتَلَ): (أَيُّهَا): بالضمِّ:

~…وَبَعْضُهُمْ أَعْرَبَ أَيًّا مُطْلَقًا… ...................

(1/9962)

[معلق عبد الأعلى: يأكل إن شاء]

5485# قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيٍّ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وهو صحيحٌ إلى المعلَّق عنه، ومنه إلى فوق قد يكون على شرطه، وقد لا يكون، وهذا ليس على شرطه، وسيجيء بيانه، و (عبد الأعلى): هو ابن عبد الأعلى، و (داود) هذا: هو ابن أبي هند البصريُّ، أحد الأعلام، علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعة، وهذا من التعليق، و (عامرٌ): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ، وهذا التعليق أخرجه أبو داود في (الصيد) عن الحسين بن معاذ بن حُلَيف عن عبد الأعلى، وعن ابن المثنَّى عن عبد الوهَّاب؛ كلاهما عن داود نحوه، وحديث ابن المثنَّى في رواية ابن العبد، ولم يذكره أبو القاسم، والله أعلم.

قوله: (يَرْمِي الصَّيْدَ): (يَرْمِي): مَبْنيٌّ للفاعل، و (الصَّيْدَ): مَنْصوبٌ مفعول.

قوله: (فيَقْتَفِي [1] أَثَرَهُ): كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: (فَنَقْتَفِرُ)، وعليها (صح)، (نَقْتَفِر): هو بفتح النون، ثُمَّ قاف ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثُمَّ فاء مكسورة، ثُمَّ راء، و (أَثَرَه): مَنْصوبٌ مفعول، و (يقتفي): يتبع، و (أَثَرَه): أيضًا مَنْصوبٌ عليه، ويجوز بناء (يقتفي) و (نقتفر) للفاعل وللمفعول، فإنْ بنيتَه للفاعل؛ نصبتَ (أثرَه)، وإنْ بنيته للمفعول؛ ضَممتَ (أثره)، وهما بمعنًى: (يقتفي) و (نقتفر)، قال ابن قُرقُول: (فنقتفر أثره): كذا عند أبي ذرٍّ والأصيليِّ، وعند القابسيِّ: (نقتفي أثره)، وهما بمعنًى، انتهى، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (فنَفْتَقِد أثره)؛ أي: نتطلَّبُ أثرَه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ ورواية ابن عساكر، وفي «اليونينيَّة»: (فَيَقْتَفِرُ)، وفي هامش (ق) مصحَّحًا عليه: (فَنَقتَفِرُ).

[ج 2 ص 492]

(1/9963)

[باب: إذا وجد مع الصيد كلبًا آخر]

(1/9964)

[حديث: إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ فقتل فأكل فلا تأكل]

5486# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح الفاء، وأنَّ الكنى بفتح الفاء، والأسماء بالسكون، وأنَّ مِن المغاربة مَن سكَّن الفاء من (أبي السَّفَر) هذا، واسمه سعيد بن يُحمد، وأنَّ ابن الصلاح قال: وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث، حكاه الدارقطنيُّ عنهم [1]، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل.

قوله: (لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَهُ): (أيُّ): بِضَمِّ الياء المُشَدَّدة:

~…وَبَعْضُهُمْ أَعْرَبَ أَيًّا مُطْلَقًا… ...................

قوله: (عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ): تَقَدَّمَ ضبطه وما هو قريبًا، وكذا (وَقِيذٌ) ضبطًا ومعنًى.

(1/9965)

[باب ما جاء في التصيد]

قوله: (بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّصَيُّدِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا بلا إسنادٍ، ثُمَّ قال: مقصوده بهذه الترجمةِ التنبيهُ على أنَّ الصيد لمن عيشه ذلك، أو لمن عيشه مستقلٌّ بدونه ولكنَّه عرض له ذلك؛ كلُّه جائزٌ مشروعٌ، وفي صيد اللهو خلافٌ، انتهى، قال الشيخ محي الدين في «شرح مسلم»: (قال القاضي عياض ... ؛ فذكر كلامًا وفيه: واختلفوا فيمَن اصطاد للهو ولكن قصد تذكيته والانتفاعَ به، فكرهه مالكٌ، وأجازه الليث وابنُ عبد الحكم، قال: فإنْ فعله بغير نيَّة التذكية؛ فهو حرامٌ؛ لأنَّه فسادٌ في الأرض وإتلافُ نفسٍ عبثًا) انتهى.

==========

[ج 2 ص 492]

(1/9966)

[حديث: إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل]

5487# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنِي ابْنُ فُضَيْلٍ): قال الجَيَّانيُّ: وقال _ يعني البُخاري_ في (الصيد) و (الاعتكاف): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا ابن فضيل)، نسبه ابن السكن في الموضعين (ابن سلَام)، ووافقه الأصيليُّ على الذي في (الاعتكاف)، فنسبه كذلك، وقد صرَّح البُخاريُّ باسمه في (كتاب النِّكاح)، فقال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: حدثنا ابن فضيل) انتهى، وقد ذكرت ذلك أيضًا في (البيوع)، فإنَّ فيه: (حدَّثنا مُحَمَّد: حدثنا ابن فضيل)، ولم يذكره الجَيَّانيُّ، والظاهر أنَّه لو ظفر به؛ لقال كما قال في المكانَين المذكورَين، وقد قال شيخنا هناك _كما قدَّمتُه_: هو ابن سلَام البيكنديُّ، قاله الدِّمْيَاطيُّ والمِزِّيُّ، انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ هنا: عن مُحَمَّد؛ هو ابن سلَام.

[ج 2 ص 492]

قوله: (عن بَيَانٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن بشر، أبو بشر، و (عَامِر): هو الشَّعْبيُّ ابن شَراحيل.

(1/9967)

[حديث: أما ما ذكرت أنك بأرض قوم أهل الكتاب تأكل في آنيتهم]

5488# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل، و (حَيْوَة بْن شُرَيْحٍ): كذا هو منسوب في نسخة، بشين معجمة مضمومة، وفي آخره حاء مهملة.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره أيضًا إنْ شاء الله، و (أَبُو إِدْرِيس): عائذ الله، تَقَدَّمَ، وكذا (أَبُو ثَعْلَبَة الْخُشَنِيُّ): تَقَدَّمَ ببعض ترجمة.

قوله: (أَمَّا ما ذَكَرْتَ): (أمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وكذا (وأمَّا) الثانية.

(1/9968)

[حديث: أنفجنا أرنبًا بمر الظهران فسعوا عليها حتى لغبوا]

5489# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا بعد (مسدَّد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ.

قوله: (أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا): (أَنْفَجْنا): بفتح الهمزة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ جيم ساكنة، والباقي معروفٌ، ومعناه: أَثَرْنَاها، فنَفَجَتْ هي؛ أي: وَثَبَت.

قوله: (بِمَرِّ الظَّهْرَانِ): [تَقَدَّمَ] ضبطه، وأنَّه الذي تسمِّيه العامَّة: بطنَ مروَ.

قوله: (حَتَّى لَغبُوا): هو بفتح الغين وكسرِها، والفتح أشهرُ، وأنكر بعضُهم الكسرَ، ومعناه: أعيَوا وكلُّوا.

==========

[ج 2 ص 493]

(1/9969)

[حديث: إنما هي طعمة أطعمكموها الله.]

5490# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)، (نصر)؛ بالمُهْمَلة: لا يأتي بالألف واللام، بخلاف (النضر) _ بالمُعْجَمة_؛ فإنَّه لا يجيء إلَّا بهما، واسمه سالم بن أبي أُمَيَّة، تَقَدَّمَ، مشهورٌ، (أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث بن رِبْعِيٍّ.

قوله: (وَهْوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ): تَقَدَّمَ في (الحجِّ) ما سبب تأخُّره عن الإحرام مُطَوَّلًا، وأنَّ هذه السَّفرة كانت عمرةَ الحديبية.

قوله: (فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ فرسه الجرادةُ.

قوله: (إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ): قال ابن قُرقُول: بِضَمِّ الطاء وكسرها، فبالضمِّ: الأُكلَةُ، وبالكسر: وجه الكسب وهيئتُه، وقد تَقَدَّمَ في أوَّل (الأطعمة) مع زيادة، نُقِل ذلك عن ابن الأثير أيضًا، والله أعلم.

5491# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أبي أويس.

(1/9970)

[باب التصيد على الجبال]

قوله: (بَابُ التَّصَيُّدِ عَلَى الْجِبَالِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، وهو حديث أبي قتادة في عقر الحمار، ثُمَّ قال: نبَّه على جواز ارتكاب المشاقِّ لنفسه ولدابَّته لغرضٍ صحيحٍ؛ وهو الصيد.

(1/9971)

[حديث: كلوا فهو طعم أطعمكموها الله]

5492# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْبٍ، أحد الأعلام، و (عَمْرو) بعده: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، و (أَبُو النَّضْر): بالضاد المُعْجَمة، سالم بن أبي أُمَيَّة، تَقَدَّمَ، و (نَافِع مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ): هو نافع بن عَبَّاس، ويُقال: عياش، أبو مُحَمَّد الأقرع، مولى أبي قتادة، تَقَدَّمَ، و (أَبُو صَالِح مَوْلَى التَّوْءَمَةِ): (أبو صالح) هذا: اسمه نبهان الجمحيُّ المدنيُّ، والد صالحٍ مولى التوءمة، عن أبي قتادة في الحمار الوحشيِّ، وعنه: سالمٌ أبو النَّضر فقط، روى له البُخاريُّ في قصَّة الحمار الوحشيِّ مقرونًا بأبي مُحَمَّد مولى أبي قتادة، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا، ولم يُخَرِّج له غيره من أصحاب الكتب، قال ابن قُرقُول: (و «التُّؤَمة»: بِضَمِّ التاء وفتح الهمزة يقولها المحدِّثون)، وكذا هي في أصلنا بالقلم، قال ابن قُرقُول: وصوابه: بفتح التاء، وإسكان الواو، وهمزة مفتوحة بعدها، كذا سمعناه من الحُذَّاق، ومنهم من ينقل حركة الهمزة، فيفتح بها الواو، وهي مولاة أبي صالح بنت أُمَيَّة بن خلف، وُلِدَت مع أختٍ لها في بطنٍ، فسُمِّيَت بذلك [1]، والذكر: توءَمٌ، انتهى.

قوله: (أَبَا قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه الحارث بن رِبْعِيٍّ.

قوله: (كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ ذلك كان في عمرة الحديبية.

قوله: (فِي أَثَرِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة والثاء، وبكسرها مع إسكان الثاء، وتَقَدَّمَ ما قاله شيخُنا في ذلك.

==========

[1] في (أ): (بذكر)، ولعلَّه سبق نظر، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 493]

(1/9972)

[باب قول الله تعالى: {أحل لكم صيد البحر}]

قوله: (مَا رَمَى بِهِ): (رَمَى): بفتح الراء والميم، مَبْنيٌّ للفاعل، وهو البحر.

قوله: (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ): هو أبو بكر الصِّدِّيق، عبدُ الله بن عثمان الصِّدِّيق، خليفةُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كذا عزاه شيخُنا إلى ابن أبي شيبة أنَّه أخرجه.

قوله: (الطَّافِي حَلَالٌ): هو بالطاء المُهْمَلة، وبعد الألف فاء، ثُمَّ ياء، منقوصٌ؛ كـ (القاضي)، وهو ما مات في البحر فطفا على الماء، يُؤكَل عند أهل الحجاز، ومنعه الكوفيُّون، يُقال: طفا الشيء فوق الماء يطفُو طَفْوًا وطُفُوًّا؛ إذا علا ولم يرسب.

قوله: (إِلَّا مَا قَذِرْتَ مِنْهَا): (قَذِرْتَ): بفتح القاف، وكسر الذال المُعْجَمة في الماضي، مفتوحها في المستقبل، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَالْجِرِّيُّ لَا تَأْكُلُهُ الْيَهُودُ): وفي نسخة: (والجِرِّيث)، (الجِرِّيُّ): بكسر الجيم، وتشديد الراء المكسورة، ثُمَّ ياء مشدَّدة، قال شيخنا: هو بفتح الجيم، كما ذكر القاضي عياض، وفيه الكسر أيضًا، وبه ضبطه الدِّمْيَاطيُّ بخطِّه، وهو ما لا قِشْر له، انتهى، و (الجِرِّيث): بكسر الجيم، وتشديد الراء المكسورة،

[ج 2 ص 493]

ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة، قال ابن قُرقُول: و (الجِرِّيُّ): هو الجِرِّيث؛ ضربٌ من الحيتان، ذكره ابن عَبَّاس، وأنَّ اليهود لا تأكله، قال الخَطَّابيُّ: الأنكليس، نوعٌ من السمك شبه الحيَّات، وذكر غيره: أنَّه نوع عريض الوسط دقيقُ الطرفين، انتهى، وفي «النهاية»: («الجِرِّيث»: نوع من السمك يشبه الحيَّاتِ، ويُقال له بالفارسيَّة: المرماهِي)، وفي «الصحاح»: الجِرِّيث؛ بالتشديد: ضربٌ من السمك، انتهى، وقال ابن القَيِّم الجوزيَّة في «الهدْي»: إنَّه السلور.

(1/9973)

قوله: (شُرَيْحٌ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ): هذا الموقوفُ رواه الدارقطنيُّ مرفوعًا عن أبي شُرَيح عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّ الله ذبح ما في البحر لبني آدم»، عزاه إليه المحبُّ الطبريُّ في «أحكامه»، وعزاه شيخُنا لأبي نعيم وغيرِه مرفوعًا، وقال غير شيخنا: إنَّ البُخاريَّ أسنده في «تاريخه الكبير» فقال: حدَّثنا مسدَّد: حدَّثنا يحيى عن ابن جُرَيج: أخبرني عمرو بن دينار وأبو الزُّبَير: سمعا شريحًا أدرك النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «كُلُّ شَيْءٍ في الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ»، انتهى.

و (شريحٌ) هذا: بالشين المُعْجَمة، وفي آخره حاء مهملة، قال ابن قُرقُول في (الشين المُعْجَمة): (وقال شريحٌ صاحبُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم): كذا لكافَّتهم، قال الفربريُّ: وكذا في أصل «البُخاريِّ»، وعند الأصيليِّ في أصله: (وقال أبو شريح الخزاعيُّ)، أخرج عنه مسلم، انتهى، قال الدِّمْيَاطيُّ: شريح بن هانئ، أبو هانئ، وعند الأصيليِّ: (أبو شريح)، وهو وَهَمٌ، انتهى، وكذا قال الجَيَّانيُّ في (شريح)؛ بالشين المُعْجَمة، وفي آخره حاء مهملة: وشريح رجل من أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أيضًا، يُروى عنه: «كُلُّ شَيْءٍ في الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ»، أتى ذكره في (الذبائح) من «الجامع»، انتهى، وفي «الاستيعاب» لابن عَبْدِ البَرِّ: شريح رجل من الصَّحابة حجازيٌّ، انتهى، روى عنه أبو الزُّبَير وعمرو بن دينار، سمعاه يحدِّث عن أبي بكر الصِّدِّيق قال: «كلُّ شيءٍ في البحر مذبوحٌ، ذبح الله لكم كلَّ دابَّة خلقها في البحر»، قال أبو الزُّبَير وعمرو بن دينار: وشريح هذا أدرك النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال أبو حاتم: له صحبة، انتهى، ولم يذكره الذَّهَبيُّ في (الكنى)، إنَّما ذكره في (الأسماء) في «التذهيب»، وفي «التجريد»: شريح بن أبي شريح، وقال في «التذهيب» ما معناه: أنَّه علَّق عنه البُخاريُّ، فإنَّه رقم عليه (خت)، وكذا في «الكاشف».

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي رَباح المَكِّيُّ الإمام، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (قُلْتُ لِعَطَاءٍ): هو ابن أبي رَباح، تَقَدَّمَ أعلاه.

(1/9974)

قوله: (وَقِلَاتِ السَّيْلِ): (القِلَات): بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف تاء ممدودة، جمع (قَلْت)؛ بفتح القاف، وإسكان اللام، وهو النقرة في الجبل يستنقع فيها الماءُ.

قوله: (وَرَكِبَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.

قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الشين، وأنَّه عامر بن شَراحيل.

قوله: (وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.

قوله: (بِالسُّلَحْفَاةِ بَأْسًا): (السُّلَحْفاة): بِضَمِّ السين، وفتح اللام، ثُمَّ حاء مهملَتَين ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ ألف، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي تاء الوحدة، قال الجوهريُّ: السُّلَحْفاة؛ بفتح اللام: واحدة السلاحف، قال أبو عبيدة: وحكى الرُّؤاسِيُّ: سُلَحْفِيَة؛ مثل: بُلَهْنِيَة، وهو ملحقٌ بالخماسيِّ بألف، وإنَّما صارت ياء؛ لكسرة ما قبلها، وفي «المطالع»: (السُّلَحْفاة): بالهاء عند الكافَّة، وعند عُبدوس: (السُّلَحْفا)؛ بغير هاء، وكذا ذكره أبو عليٍّ بفتح اللام، وهو قول الأصمعيِّ، وغير الأصمعيِّ يُسَكَّن اللام فيقول: (سُلْحَفاة)، وذلك غير معروفٍ، قال: ويُقال: سُلَحْفِيَة، وتَقَدَّمَ أنَّ في «الصحاح» فتحَ اللام فقط، وقدَّمه في «المحكم»، وحكى الإسكانَ، وحكى إسقاطَ الهاء.

قوله: (كُلْ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ نَصْرَانِيٌّ أَوْ يَهُودِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ [1]): هو برفع (نصراني)، وما بعده معطوفٌ عليه، وهو فاعلٌ مقدَّرٌ، تقديره: وإنْ صاده نصرانيٌّ ... إلى آخره، وكذا هو ثابتٌ في نسخة في هامش أصلنا: (وإن صاده نصرانيٌّ ... ) إلى آخره.

(1/9975)

قوله: (وقال أبو الدَّرْدَاءِ في الْمُرِّيِّ [2]): (أبو الدرداء): هو عويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غير ذلك، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه تأخَّر إسلامه حتَّى أسلم عَقِب بدر، وتَقَدَّمَ مترجمًا، رضي الله عنه، و (المُرِّيُّ): بِضَمِّ الميم، وتشديد الراء المكسورة، وكذا الياء مشدَّدة، والمغاربة رأيتهم ينطقون به بتخفيف الراء والياء، وقد ذكره الجوهريُّ في (مرر) فقال: والمُرِّيُّ: الذي يُؤتَدم به، كأنَّه منسوب إلى المرارة، والعامَّة تخفِّفه، انتهى، ونقل ابن الأثير ذلك عن الجوهريِّ بزيادةٍ، وفيها توضيح، ولفظه: (المُرِّيُّ؛ بالضمِّ وتشديد الراء: الذي يُؤتَدَم به، كأنَّه منسوبٌ إلى المرارة ... ) إلى آخره، وقال الشيخ محي الدين في «تهذيبه»: هو بِضَمِّ الميم، وسكون الراء، وتخفيف الياء، وهو أدم معروفٌ، وليس هو عربيًّا، وهو يشبه الذي يسمِّيه الناسُ الكامخَ، والكامخ ليس عربيًّا، لكنَّه عجميٌّ معرَّبٌ، وذكر الجواليقيُّ في آخر كتابه في «لحن العَوَام» فيما جاء ساكنًا فحرَّكوه: المُرْيَ، ثُمَّ ذكر كلام الجوهريِّ في «صحاحه» الذي ذكرته، انتهى، والمراد هنا بـ (المُرِّيِّ): هو الذي يأتي تفسيره في (ذَبَحَ الْخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ)، أمُّا (مري) المغاربة، فإنَّه حلالٌ بالإجماع؛ لأنَّه عقاقيرُ مجموعةٌ.

قوله: (ذَبَحَ الْخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: قال أبو موسى: عبَّر عن قوَّة الملح والشمسِ، وغَلَبَتِهما على الخمر، وإزالَتِهما طعمَها وريحَها بـ «الذبح»، وإنَّما ذكر النِّينانَ دون الملح؛ لأنَّ المقصود من ذلك هي دون الملح، وهي التي حلَّلَته، وذهب البُخاريُّ إلى ظاهر اللفظ، وأورده في طهارة صيد البحر؛ يريد: أنَّ السمك طاهرٌ حلالٌ، وحِلُّه يتعدَّى إلى غيره؛ كالملح حتَّى تصيرَ الخمرُ النجسةُ الحرامُ بإضافته إليها طاهرةً حلالًا [3]؛ وكان أبو الدرداء ممَّن يُفتي بذلك، ومعناه: أنَّ أهلَ الريف بالشام وغيرِها قد يعجنون المُرِّيَّ بالخمر، وربَّما يجعلون فيه أيضًا السمكَ المُرِّيَّ بالملح والإبزار، نحو ما يسمُّونه: الصِّحْنَاء، وكان أبو هريرة وأبو الدرداء وابن عَبَّاس وغيرُهم من التابعين يأكلون هذا المُرِّيَّ المعمولَ بالخمر، ولا يرون به بأسًا، ويقول

[ج 2 ص 494]

(1/9976)

أبو الدرداء: (إنَّما حرَّم الله الخمرَ بعينها وسكرها، وما ذبحته الشمس والملح؛ فنحن نأكلُه، ولا نرى به بأسًا) انتهى.

وفي «المطالع»: (ذبحُ الخمرِ النينانُ والشمسُ)، ويُروى: (ذبحَ الخمرَ النينانُ والشمسُ)؛ أي: طهرُها واستباحةُ استعمالها صنعُها مُرِّيًّا بالحوت المطروح فيها، وطبخُها للشمس [4]، فيكون ذلك كالذَّكاة لما يُستَحلُّ من الحَيَوَان، وفيه اختلافٌ بين العلماء، وهذا على مذهب مَن يجيز تخليلها، انتهى، فاستفدنا من كلامه أنَّه يُقرَأ بوجهين: (ذبحَ): فعلٌ ماضٍ، و (النينانُ): مَرْفوعٌ فاعلُ (ذبح)، و (الشمسُ): معطوفٌ عليه، و (الخمرَ): مَنْصوبٌ مفعول، وبهذا هو مضبوطٌ في أصلنا، والوجه الثاني: (ذبحُ): مَرْفوعٌ مبتدأ، وهو مصدرٌ، و (الخمرِ): مضاف مجرور، و (النينانُ): مَرْفوعٌ خبرُ المبتدأ، و (الشمسُ): معطوف عليه، وذكر ابن قُرقُول في (النون مع الواو): (النينان: جمع «نون»؛ مثل: حِيتان)، وذكر كلامًا قريبًا من الأوَّل.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (نصرانيٍّ أو يهوديٍّ أو مجوسيٍّ).

[2] في هامش (ق): (قال ابن الجواليقي: هو المُرْيُ؛ بسكون الراء لا غير).

[3] في (أ): (حلال)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[4] في مصدره: (بالشمس).

(1/9977)

[حديث: غزونا جيش الخبط وأمر أبو عبيدة فجعنا جوعًا شديدًا]

5493# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان الحافظ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (غَزَوْنَا جَيْشَ الْخَبَطِ): تَقَدَّمَ أن هذه السريَّة كانت سنة ثمانٍ في رجب، بعثهم إلى حيٍّ من جُهَينة ممَّا يلي ساحل البحر، وبينها وبين المدينة خمسُ ليالٍ، وقد قدَّمته، وقَدَّمْتُ ما فيه، وذكرت أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم جرى له مثلُ ذلك من حديث جابر بن عبد الله الحديثِ الطويلِ في أواخر «مسلم»، وفي آخر الحديث: (وشكى الناس لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الجوعَ فقال: «عسى الله أن يطعمكم»، فأتينا سيفَ البحر، فزخر البحر زخرةً، فألقى دابَّةً، فأورينا على شقِّها النَّارَ، فأطبخنا واشتوينا، فأكلنا وشبعنا، قال جابرٌ: فدخلتُ أنا وفلانٌ وفلانٌ _حتَّى عدَّ خمسةً_ في حجاج عينها، حتَّى ما يرانا أحدٌ، حتَّى خرجنا فأخذنا ضلعًا من أضلاعه، فقوَّسناه، ثُمَّ دعَونا بأعظم رجلٍ في الرَّكب، وأعظمِ جَمَلٍ في الرَّكب، وأعظمِ كفلٍ في الرَّكب، فدخل تحته ما يُطأطئ رأسَه)، انتهى الحديث، وفي أوائل هذا الحديث أنَّهم كانوا في غزوة بُواط.

قوله: (وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (وأميرنا أبو عبيدة)، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أبا عبيدة هو أحد العشرة، وأنَّ اسمه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح الفهريُّ، أمين الأمة، تَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه، وقوله: (وأميرنا أبو عبيدة)، كذا في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، قال شيخنا: (ووقع في كتاب «الأطعمة» لابن أبي عاصم من حديث جابر: أنَّ الأميرَ عليهم يومئذ قيسُ بن سعد بن عبادة، وهو عجيبٌ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك في مكانه.

قوله: (لَمْ يُرَ مِثْلُهُ): (يُرَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (مثلُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وفي ضبطٍ آخرَ: (لم نَرَ)؛ بفتح النون، مَبْنيٌّ للفاعل، و (مثلَه): مَنْصوبٌ مفعول.

(1/9978)

[حديث: بعثنا النبي ثلاثمائة راكب وأميرنا أبو عبيدة]

5494# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنَديُّ، قاله بعض الحُفَّاظ، وقد تَقَدَّمَ كلامه في (الجمعة)، والله أعلم.

قوله: (نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ): تَقَدَّمَ ما (العير)، وقد تُعُقِّب هذا الكلام في (غزوة سيف البحر)؛ فانظره.

قوله: (حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ): هو بفتح الخاء المُعْجَمة والباء الموحَّدة، وبالطاء المُهْمَلة، ورق الشجر، وقال بعضهم: ورق السَّمُر، و (الخَبْطُ): ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها، واسم الورق المتساقط: خَبَطٌ؛ بالتحريك، (فَعَلٌ) بمعنى: (مفعول)، وهو من علف الإبل، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (حَتَّى صَلَحَتْ): هو بفتح اللام، ويُقال بضمِّها.

قوله: (فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا): هو بفتح اللام وتُسَكَّن، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَكَانَ فِينَا رَجُلٌ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْجُوعُ؛ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ): تَقَدَّمَ في (غزوة سيف البحر) أنَّ هذا الرجلَ قيسُ بن سعد بن عبادة، كذا قال الشيخ محي الدين النَّوَويُّ، وكذا قاله غيره، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في الغزوة المذكورة في «الصَّحيح» ما يرشد إلى أنَّه قيسٌ المشار إليه، وترجمة قيسٍ معروفةٌ، رضي الله عنه وعن أبيه.

قوله: (ثَلَاثَ جَزَائِرَ): هو جمع (جزور)، ويُجمَع أيضًا (الجزور) على (جُزُر)، و (الجزور): البعير ذكرًا كان أو أنثى، إلَّا أنَّ اللفظةَ مؤنثَّةٌ، تقول: هذه الجزور وإنْ أردت ذَكَرًا، والله أعلم.

(1/9979)

[باب أكل الجراد]

(1/9980)

[حديث: غزونا مع النبي سبع غزوات أو ستًا]

5495# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (أَبُو يَعْفُورٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: وقدان، واسمه واقد، سمع ابنَ أبي أوفى ومصعبَ بن سعد، وأبو يعفورٍ الصغيرُ: عبد الرحمن بن عبيد [بن] نسطاس البكَّاء، سمع أبا الضحى، متَّفقٌ عليهما، انتهى.

تنبيهٌ: وقع للشيخ محي الدين النَّوَويِّ رحمه الله في «شرح مسلم»: أنَّ هذا هو عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، انتهى، والصواب ما قاله الدِّمْيَاطيُّ، ولم يذكر المِزِّيُّ الحديثَ المذكورَ عن عبد الله بن أبي أوفى إلَّا في مسند وقدان أبي يعفور الأكبرِ عنه، ولم يذكر في مسند عبد الله بن أبي أوفى حديثًا لأبي يعفور الأصغرِ عبدِ الرحمن عنه، والله أعلم.

و (عَبْدُ اللهِ [1] بْن أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ مِرارًا، وأبو أوفى تَقَدَّمَ أنَّه صَحَابيٌّ، رضي الله عنهما، وقَدَّمْتُ نسب أبي أوفى غيرَ مَرَّةٍ.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: سَبْعَ غَزَوَاتٍ): إنَّما جاء بهذا؛ لأن الأوَّل فيه شكٌّ، وهذا

[ج 2 ص 495]

فيه جزمٌ بالسَّبْعِ، وقد روى هذا الحديثَ البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ: (ستَّ أو سبعَ)؛ لفظ حديث أبي الوليد والحوضيِّ وابن أبي عمر، وفي حديث إسحاقَ بن إبراهيم وأحمدَ بن منيع وقتيبةَ: (ستَّ)، وفي حديث الباقين: (سبعَ)، والله أعلم.

وما قاله الثَّوريُّ؛ رواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، وابن أبي عمر؛ ثلاثتهم عن ابن عيينة عن أبي يعفور به، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن أحمدَ بن منيع، عن سفيان بن عيينة به، وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنَّسَائيُّ في (الصيد) عن قتيبة عن ابن عيينة به، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن محمود بن غيلان عن أبي أحمد الزبيديِّ والمؤمَّل بن إسماعيل؛ كلاهما عن الثَّوريِّ عن أبي يعفورٍ به.

وما قاله أبو عوانة؛ فقد أخرجه مسلم عن أبي كامل الجحدريِّ، عن أبي عوانة، عن أبي يعفور.

وما قاله إسرائيل؛ فلم أره في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

(1/9981)

و (سفيان) هذا: هو الثَّوريُّ، كما نصَّ عليه ابن طاهر، وروى ابنُ عيينة عن أبي يعفور عند مسلم، و (أبو عوانة): الوضَّاح بن عبد الله، و (إسرائيل): هو [ ... ] [2]، و (أبو يعفور): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه وقدان؛ فانظره، و (ابن أبي أوفى): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبد الله بن أبي أوفى، وتَقَدَّمَ نسب أبي أوفى، وأنَّه صَحَابيٌّ أيضًا.

==========

[1] (عبد الله): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] أخلى في (أ) بياضًا.

(1/9982)

[باب آنية المجوس والميتة]

قوله: (بَابُ آنِيَةِ الْمَجُوسِ وَالْمَيْتَةِ): ساق ابن المُنَيِّر حديثَي الباب على قاعدته، ثُمَّ قال: ترجم على آنية المجوس والأحاديثُ في أهل الكتاب؛ لأنَّه بنى [1] على أنَّ المحذور منها واحدٌ؛ وهو عدم توقِّيهم النجاسات، ونبَّه بقوله في الترجمة: (والميتة) على أن الحُمُرَ لمَّا كانت محرَّمةً؛ لم تُؤَثِّر فيها الذكاة، انتهى، وقد يُقال: لعلَّ البُخاريَّ يرى أنَّ المجوسَ من أهل الكتاب، وهذه المسألة فيها خلافٌ للناس، والظاهر من حاله أنَّه يرى أنَّهم منهم؛ بدليل إخراجه حديثَ عبد الرحمن بن عوف: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أخذ الجزيةَ من مجوس هجر)، والأشبه أنَّهم كان لهم كتابٌ فبدَّلوه، فأصبحوا وقد أُسرِيَ به، وهو أحد القولين عند الشَّافِعيَّة _أعني: أنَّهم كان لهم كتاب_ وكذا عند المالكيَّة، ومشهور مذهب مالكٍ: أنَّهم لا كتابَ لهم، وقد روى عبد بن حميد في «تفسيره»: أنَّهم كان لهم كتابٌ، قال ابن حزم: وصحَّ أنَّه عليه السلام أخذ منهم الجزيةَ، ولا تُؤخَذ إلَّا من كتابيٍّ؛ لقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ... }؛ الآية [التوبة: 29]، وحديث: «لا تُؤكَل لهم ذبيحةٌ» مُرْسَل، وقد سُئِل ابن المُسَيّب عن مريض أمر مجوسيًّا أنْ يذبح ويُسمِّيَ، فقال سعيدٌ: لا بأس بذلك، وهو قول أبي قتادة وأبي ثور وأصحابِنا، انتهى.

==========

[1] في (أ): (لا بنى)، وفي هامشها: (لعلَّه: لينبئ، أو لينبه)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 496]

(1/9983)

[حديث: أما ما ذكرت أنك بأرض أهل كتاب فلا تأكلوا في آنيتهم]

5496# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيل، و (حَيْوَة بْن شُرَيْحٍ): تَقَدَّمَ ضبط (حَيْوَة)، و (شريح): تَقَدَّمَ أنَّه بالشين المُعْجَمة، والحاء المُهْمَلة، و (أَبُو إِدْرِيسَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عائذ الله الخولانيُّ، و (أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا أيضًا أنَّه جرثوم، أو جرهم، ويُقال غير ذلك، وتَقَدَّمَ ضبط (الخُشَنِيِّ).

(1/9984)

[حديث: أهريقوا ما فيها واكسروا قدورها]

5497# قوله: (يَوْمَ فَتَحُوا خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر والاختلاف فيها في أماكنَ؛ منها: في غزوتها.

قوله: (عَلَى مَا): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (عَلَامَ)، وهذه الفصيحة، وتلك لُغَةٌ.

قوله: (الإِنْسِيَّةِ): تَقَدَّمَ ضبطها، وهو مشهورٌ معروفٌ.

قوله: (فَقَالَ [1] رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) قول بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: لم يُسَمَّ، ويحتمل أنْ يكون عمرَ، انتهى.

قوله: (نُهَرِيقُ): هو بفتح الهاء، ويجوز إسكانها، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَوْ ذَاكَ): (أوْ): بإسكان الواو، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فقام).

[ج 2 ص 496]

(1/9985)

[باب التسمية على الذبيحة ومن ترك متعمدًا]

(1/9986)

[حديث: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما ند عليكم ... ]

5498# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ بْنِ خَدِيجٍ [1] قَالَ: كُنَّا): كذا في أصلنا، وصوابه: (عن رفاعة عن رافع بن خديج)، ولا بدَّ من هذا، وقد ضبَّبت عليه، وصوَّبت تجاهها: (عن)، ثُمَّ غُيِّرَت وأُصلحَت في أصلنا.

قوله: (ابْن خَدِيجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الدال المُهْمَلة، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها، وأنَّها بتهامة، وليست الميقاتَ، وكذا جاء في بعض طرقه: (بذي الحليفة من تهامة)، قال الداوديُّ: («ذو الحليفة» هذه ليست المُهَلَّ التي بقرب المدينة، انتهى، وقال القاضي في «شرح مسلم»: و «ذو الحليفة»: ماء لبني جشم، وربَّما اشتبه هذا بالحليفة على لفظ الميقات، وهي موضعٌ بين جادة وذات عرق من تهامة، ونقل شيخنا عن ابن بَطَّال: أنَّها المُهَلُّ، قال: وهو عجييبٌ؛ فاجتنبه، انتهى.

قوله: (فَدُفِعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ): (دُفِعَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (الدَّفع): الانبعاث.

قوله: (فَأُكْفِئَتْ): أي: قُلِبت، وهو [2] مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ): (نَدَّ): بفتح النون، وتشديد الدال المُهْمَلة؛ أي: شَرَدَ ونَفَر.

قوله: (فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ): هذا الرجل: في هذا الحديثِ ما يرشد إلى أنَّه راوي الحديث نفسُه، وهو رافع بن خديج، ويشهد لذلك مكانان من الحديث نفسِه، انتهى، وفي «مسلم» في (الصَّحابة [3]) من حديث رافع بن خَدِيج: (فرميناه بالنَّبل حتَّى وهصناه)، فمقتضى هذا أن يكون رافعٌ ممَّن رماه، والله أعلم.

قوله: (أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ): (أَوابِد): بفتح الهمزة، وكسر الموحَّدة بعد الألف، ثُمَّ دال مهملة؛ أي: نوافر، يقال: أَبَدَتْ تَأْبِدُ وتأْبُدُ، فهي آبدةٌ؛ إذا توحَّشَتْ.

قوله: (وَقَالَ جَدِّي): القائل: (وقال جدِّي): هو عباية بن رفاعة، وجدُّه رافع بن خَدِيج، الصَّحابيُّ راوي هذا الحديثِ.

(1/9987)

قوله: (مُدًى): تَقَدَّمَ أنَّها السكاكين.

قوله: (ما أَنْهَرَ الدَّمَ): أي: أَسَالَه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْهُ): هذا مدرجٌ في الحديث، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه في (كتاب الشركة)؛ فانظره.

(1/9988)

[باب ما ذبح على النصب والأصنام]

قوله: (بَابُ ما ذُبِحَ على النُّصُبِ وَالْأَصْنَامِ): ساق ابن المُنَيِّر ما ذكره البُخاريُّ من حديث ابن عمر: (أنَّه عليه السلام لقي زيدَ بن عمرو بن نُفيل بأسفل بلدح .. )؛ الحديث، ثُمَّ قال: قلت: النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قُدِّم إليه هذا الطعام فأباه، وقدَّمه لزيدٍ فأباه زيدٌ، وأقبل على أصحاب الطعام فقال قوله هذا، والله أعلم، انتهى، ويعني بـ (قوله هذا): (إنِّي لا آكل ممَّا تذبحون على أنصابكم ... )؛ الحديث، وما قاله ابن المُنَيِّر هذا الإمامُ يحتاج إلى أن يكون منقولًا، وقد ذكر ابن الأثير في (نصب) حديثًا من عند أبي موسى المدينيِّ، وهو ينافي ما قاله ابن المُنَيِّر، وأجاب عنه الحربيُّ بوجهين؛ فانظر ذلك من «النهاية» لابن الأثير،

[ج 2 ص 496]

وقد قَدَّمْتُ المسألةَ، وذكرتُ فيها حديثًا من «مسند أحمدَ»، وذكرت كلام السُّهَيليِّ وجوابَه عنه بوجهين، وذكرت هناك كلام ابن المُنَيِّر مُطَوَّلًا؛ كلُّ ذلك في (باب حديث زيد بن عمرو [1] بن نفيل)، وذكرتُ وفاة زيدٍ وبعض ترجمته رحمه الله تعالى.

قوله: (على النُّصُبِ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ النون والصاد وتُسَكَّن، وهو حَجَرٌ كانوا ينصبونه في الجاهليَّة، ويتَّخذونه صنمًا، فيعبدونه، والجمع: أنصاب، وقيل: هو حَجَرٌ كانوا ينصبونه ويذبحون عليه.

==========

[1] في (أ): (عمر)، وليس بصحيح.

(1/9989)

[حديث: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم]

5499# قوله: (أَنَّهُ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب حديثه)، كما قدَّمته أعلاه.

قوله: (بِأَسْفَلِ بَلْدَح): تَقَدَّمَ ضبطه، وضبط (بلدح) في المكان المشار إليه أعلاه، وأنَّ (بلدح): وادٍ قبل مكَّة من جهة الغرب، كذا قاله ابن قُرقُول، ولابن الأثير نحوُه، وفي «القاموس»: وادٍ قبل مكة، أو جبل بطريق جدَّة، وفي «الصحاح»: (بلدح: موضعٌ، وهو غير مصروفٍ؛ للعلميَّة ووزن الفعل)، وكذا هو غير مصروفٍ في أصلنا في المكان المذكور، وهنا صرفه ومنع صرفه بالقلم أيضًا، و (أسفلِ) هنا: مجرورٌ.

قوله: (قَبْلَ أَنْ يُنْزَلَ عَلَى النَّبِيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ): (يُنزَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةً): تَقَدَّمَ ما (السُّفْرَة).

قوله: (ثُمَّ قَالَ: إنِّي لا آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أنْصَابِكُمْ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ كلام ابن المُنَيِّر، وما ذكره ابنُ الأثير في (نُصُب) أشرت إليه، وتَقَدَّمَ كلام السهيليِّ وجواباه؛ كلُّ ذلك في (باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل)، مُطَوَّلًا؛ فانظره.

(1/9990)

[باب قول النبي: «فليذبح على اسم الله»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللهِ»): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب _وفيه: فلمَّا رآهم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّهم قد ذبحوا قبل الصلاة؛ فقال: «مَن ذبح قبل الصلاة؛ فليذبح مكانها أخرى، ومَن لم يذبح حتَّى صلَّينا؛ فليذبح على اسم الله» _ بلا إسناد على قاعدته، ثُمَّ قال: فائدة هذه الترجمة بعد تَقَدُّمَ الترجمة على التسمية: التنبيه على أنَّ الناسيَ ذبح على اسم الله؛ لأنَّه لم يقل في هذا الحديث: (فَلْيُسَمِّ)، وإنَّما جعل أصل ذبح المسلم على اسم الله من صفة فعله ولوازمه؛ كما ورد: «ذِكْرُ اللهِ على قلبِ كُلِّ مسلمٍ سمَّى أو لم يُسَمِّ»، أمَّا التعمُّد للتَّرك؛ فملتحق بالمتهاون باسم الله، وذلك كالضدِّ الخاصِّ للتسمية، والله أعلم، انتهى.

==========

[ج 2 ص 497]

(1/9991)

[حديث: من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى]

5500# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (جُنْدبُ ابْنُ سُفْيَانَ الْبَجَلِيُّ): بِضَمِّ الدال وفتحها؛ لُغَتان، صَحَابيٌّ، وهو جندب بن عبد الله بن سفيان، منسوب إلى جدِّه، صَحَابيٌّ مشهورٌ، روى عنه الحسن، وأبو عمران الجونيُّ، وعبد الملك بن عمير، تُوُفِّيَ سنة (64 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (أَضْحَاةً): (الأضحية): فيها أربعُ لُغَات: أُضْحِيَةً؛ بِضَمِّ الهمزة وكسرها، والجمع: أضاحيٌّ، وضحيَّة، والجمع: ضحايا، وأَضحاة؛ والجمع: أضحًى، وهي معروفةٌ.

(1/9992)

[باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد]

قوله: (بَابُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ): أي: أساله.

قوله في التبويب: (وَالْمَرْوَةِ): (المَرْوَة): الحجارة المحدَّدة، ومنه سُمِّيَت مروة الطواف.

==========

[ج 2 ص 497]

(1/9993)

[حديث: أن جارية لهم كانت ترعى غنمًا بسلع ... ]

5501# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ): هو بِضَمِّ الميم، وفتح القاف، وفتح الدال المُهْمَلة المُشَدَّدة، ثُمَّ ميم، ثُمَّ ياء النسبة، تَقَدَّمَ أنَّ هذه نسبة إلى جدِّه مُقَدَّم؛ اسم مفعول، وهو مُحَمَّد بن أبي بكر بن عليِّ بن عطاء بن مُقَدَّم، مولى ثقيف، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (مُعْتَمِرٌ) بعده: هو ابن سليمان، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب الفقيه، أحد الفقهاء السبعة، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): هو عبد الله بن كعب بن مالك، كما أخرجه المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمته عن أبيه كعب بن مالك.

قوله: (أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ): جارية كعب بن مالك لا أعرف اسمها.

قوله: (بِسَلْعٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح السين، وإسكان اللام، وبالعين، المُهْمَلتين، جُبَيل بسوق المدينة، قال ابن قُرقُول بعد أنْ ضَبَطَه بإسكان اللام: ووقع عند ابن سهل بفتح اللام وسكونِها، وذكر أنَّه رواه بعضُهم بغين معجمة، قال ابن قُرقُول: وكلُّه خطأ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

(1/9994)

[حديث: ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل]

5503# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ) [1]: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبه.

قوله: (لَيْسَ لَنَا مُدًى): أي سكاكِين، تَقَدَّمَ، وكذا (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ): أي: أساله، وكذا (نَدَّ): أي: شرد، وكذا (أَوَابِدَ).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) بتقديم قوله: (حَدَّثَنَا عبدان ... ) على قوله: (حَدَّثَنَا موسى ... )، وهي رواية أبي ذرٍّ، بخلاف رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 497]

(1/9995)

[حديث: أن جاريةً لكعب بن مالك ترعى غنمًا له بالجبيل ... ]

5502# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ أنَّه ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، و (جُوَيْرِيَةُ): هو ابن أسماء، و (نَافِع): مولى ابن عمر، و (الرَّجُلُ مِنْ بَنِي سَلِمَة): هو عبد الله بن كعب بن مالك، و (سَلِمَة)؛ بكسر اللام: قَبيلٌ من الأنصار، تَقَدَّمَ، و (عَبْد اللهِ) المخبَر: هو ابن عمر، كما تَقَدَّمَ قبله، و (الجَارِيَة): تَقَدَّمَ أعلاه أنِّي لا أعرف اسمها، و (الْجُبَيْلِ الَّذِي بِالسُّوقِ): تَقَدَّمَ أنَّه سَلْع، وكذا صُرِّح به هنا أيضًا.

==========

[ج 2 ص 497]

(1/9996)

[باب ذبيحة المرأة والأمة]

(1/9997)

[حديث: أنَّ امرأة ذبحت شاة بحجر]

5504# قوله: (حَدَثَنَا صَدَقَةُ): هو صدقة بن الفضل المروزيُّ، حافظٌ ثقةٌ ثبتٌ، تَقَدَّمَ، و (عَبْدَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان الموحَّدة، هو ابن سليمان، و (عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب الفقيه، و (نَافِع): مولى ابن عمر، و (ابْن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن كعب، و (المَرْأَة الَّتِي ذَبَحَتْ): تَقَدَّمَ أنَّها جارية كعب، وأنِّي لا أعرف اسمها، والحديثُ مُرْسَلٌ؛ لأنَّ ابنَ كعب بن مالك أخبرَ عن قصَّة لم يُدرِكْها، والمعتمَدُ الحديثُ المذكورُ قبل قبله الذي فيه: (ابن كعب بن مالك عن أبيه)، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ [1]: سَمِعَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ: يُخْبِرُ عَبْدَ اللهِ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (الليث): هو ابن سعد، وتعليقه هذا ليس في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أسنده الإسماعيليُّ فقال: أخبرنا ابن شريك: حدَّثنا أحمد _يعني: ابن يونس_: حدَّثنا الليث بن سعد به، و (نافع): مولى ابن عمر، كما تَقَدَّمَ، و (الرَّجُلُ مِنَ الأَنْصَارِ): هو عبد الله بن كعب بن مالك، و (عبد الله) المخبَر: هو ابن عمر بن الخطَّاب، وكلُّه ظاهرٌ، والله أعلم.

[ج 2 ص 497]

قوله: (أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبٍ بِهَذَا): تَقَدَّمَ أنَّ الجارية لا أعرف اسمها.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (أنَّه).

(1/9998)

[حديث: أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنمًا بسلع ... ]

5505# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (نَافِع): مولى ابن عمر، و (الرَّجُلُ مِنَ الأَنْصَارِ): هو عبد الله بن كعب بن مالك، و (مُعَاذ بْن سَعْدٍ، أَوْ سَعْد بْن مُعَاذٍ): كذا بالشكِّ في «الصَّحيح»، قال الذَّهَبيُّ: معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الذَّكاة بحَجَر، قاله مالكٌ عن نافعٍ عن رجلٍ عنه، انتهى، ولم يزد على هذا، ورقم عليه (خ)، وكذا قاله نحوَه في «تجريد الصَّحابة» ونحوَه في «الكاشف»، ولا أعلم معاذًا هذا بأكثرَ مِن هذا، وقد أخرجه المِزِّيُّ في «أطرافه» في سعد بن معاذ فقال: (في «مسند كعب بن مالك»)؛ يعني: الحديث مذكورًا في (مسند كعب بن مالك)، وقد راجعت (مسند كعب)، فرأيته فيه، ولم يَزِد على قوله: (عن معاذ بن سعد أو سعد بن معاذ)، وقد ذكره في (معاذ بن سعد)، فأشار إلى أنَّه تَقَدَّمَ في (سعد)، وكذا هو، والله أعلم، و (سعد بن معاذ): سيِّد الأوس، بدريٌّ مشهورٌ، تُوُفِّيَ عقيب بني قريظة مِن رمية رُمِيَها بالخندق، وقد اهتزَّ لموته عرشُ الرحمن، وهو فردٌ مشهورٌ، و (جَارِيَة لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفها، وتَقَدَّمَ (سَلْع): أنَّه جُبَيل بسوق المدينة، وضبطُه.

==========

[ج 2 ص 498]

(1/9999)

[باب: لا يذكى بالسن والعظم والظفر]

(1/10000)

[حديث: كل ما أنهر الدم إلا السن والظفر]

5506# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (أَبُوهُ) سعيدٌ: تَقَدَّمَ، و (رَافِع بْن خَدِيجٍ): بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الدال المُهْمَلة، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (مَا أَنْهَرَ): أي: أسال، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 498]

(1/10001)

[باب ذبيحة الأعراب ونحوهم]

قوله: (بَابُ ذَبِيحَةِ الأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (ونحرهم)، قال ابن قُرقُول: (ونحرهم) كذا للقابسيِّ، ولغيره: (ونحوِهم)، والأوَّل أشبه، انتهى.

==========

[ج 2 ص 498]

(1/10002)

[حديث: سموا عليه أنتم وكلوه]

5507# قوله: (أَنَّ قَوْمًا): لا أعرف هؤلاء القوم مسمَّين.

قوله: (تَابَعَهُ عَلِيٌّ عن الدَّرَاوَرْدِيِّ): أمَّا (عليٌّ)؛ فهو إنْ كان ابن خشرم المروزيَّ الحافظ؛ فهذا لا أعلم روى عنه البُخاريُّ شيئًا، إنَّما روى له مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، وأيضًا لم يعلِّق له شيئًا، وإنَّما هو عليُّ بن حُجْر؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة وإسكان الجيم، السعديُّ، حافظ مرو، وهو شيخ البُخاريِّ، فالظاهر أنَّ (عليًّا) هو ابن حُجْر، وكلاهما روى عن الدراورديِّ [1]، وهو عبد العزيز بن مُحَمَّد، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (دراورد) قريةٌ بخراسان، وقيل: بفارس، جدُّه منها، وهو روى هذا الحديثَ عن هشام بن عروة، والضمير في (تابعه) يعود على أسامة بن حفص الذي رواه عن هشام، وأسامة بن حفص: صدوقٌ، ضعَّفه أبو الفتح الأزديُّ بلا حجَّة، وقال اللالكائيُّ: مجهول، قال الذَّهَبيُّ: قلت: روى عنه أربعة، انتهى، روى له البُخاريُّ حديثًا بمتابعة جماعةٍ له، فتابعه عليه _كما هنا_ الطُّفَاوِيُّ وأبو خالد الأحمرُ والدراورديُّ؛ فاعلمه.

قوله: (وَتَابَعَهُ أبو خَالِدٍ وَالطُّفَاوِيُّ): أمَّا (أبو خالد)؛ فهو الأحمر، واسمه سليمان بن حَيَّانَ؛ بالمُثَنَّاة تحت المُشَدَّدة، الأزديُّ الكوفيُّ، صدوقٌ إمامٌ، قال ابن معين: ليس بحجَّة، وهو من رجال السِّتَّة، مكثرٌ يَهِمُ؛ كغيره، تَقَدَّمَ الكلام عليه، ومتابعته أخرجها البُخاريُّ في (التوحيد) عن يوسف بن موسى عن أبي خالد عن هشام به، وأخرجها أبو داود في (الذبائح) عن يوسف بن موسى.

تنبيهٌ: قد رُويَ هذا الحديثُ عن هشام بن عروة عن أبيه مُرْسَلًا.

و (الطُّفَاويُّ): بِضَمِّ الطاء المُهْمَلة، وتخفيف الفاء، و (طفاوة): حيٌّ من قيس عَيلان، و (الطُّفَاوة) أيضًا: دارة الشمس، والظاهر نسبته إلى الأوَّل، واسمه مُحَمَّد بن عبد الرحمن، أبو المنذر البصريُّ، رواه أيضاًعن هشام بن عروة به، ومتابعته رواها البُخاريُّ في (البيوع) عن أبي الأشعث أحمدَ بنِ المقدام، عن الطُّفَاويِّ، عن هشام به، والضمير في (تَابَعَهُ) يعود على أسامة بن حفص، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (الدراودي)، وهو تحريف.

[ج 2 ص 498]

(1/10003)

[باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب وغيرهم]

قوله: (وقال الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوُهُ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (نحوُه): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذه صيغةُ تضعيفٍ، فكأنَّه لم يصحَّ عنده على شرطه، قال شيخنا: وذكر الطبريُّ عن عليٍّ في نصارى بني تغلبَ خلافَ ما ذكره البُخاريُّ: روى ابن سيرين عن عَبِيدة عن عليٍّ سأله عن ذبائح نصارى العرب، فقال: (لا نأكل ذبائحهم؛ فإنِّهم لم يتمسَّكوا من دينهم إلَّا بشرب الخمر)، قال: وهو قول ابن سيرين والنَّخَعيِّ، وقال مكحولٌ: لا تأكلوا ذبائحَ بني تَغْلِبَ، وكلوا ذبائحَ تنوخ وبهراء وسَلِيح، فنهى عن أكل ذبائحهم، فيجب على مذهبه أن يُنهَى عن نكاح نسائهم، انتهى، سَلِيح: قبيلةٌ من اليمن، ولم يعزُ شيخُنا أَثَرَ عليٍّ الذي ذكره البُخاريُّ هنا، والله أعلم.

قوله: (وقال الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ): أمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ المشهور، وأمَّا (إبراهيم)؛ فهو ابن يزيد النَّخَعيُّ المشهور.

قوله: (لَا بَأْسَ بِذَبِيحَةِ الْأَقْلَفِ): هو بفتح الهمزة، وسكون القاف، ثُمَّ لام مفتوحة، ثُمَّ فاء، قال ابن قُرقُول: ورواه بعضهم: (الأغلف)، وهما بمعنى مَن لم يختَتِن، وقال في (الغين): (وفي ذبيحة الأغلف)، كذا رواه ابن السكن، ولغيره: (الأقلف)؛ وهما بمعنًى؛ وهو الذي لم يختتن.

(1/10004)

[حديث: كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم ... ]

5508# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (عَبْد اللهِ بْن مُغَفَّلٍ): تَقَدَّمَ ضبط والده مرارًا، وأنَّه صَحَابيٌّ أيضًا، وهذا الحديثُ تَقَدَّمَ سندًا ومتنًا في (الخمس)، وقلَّ أنْ يجيءَ مثلُه، وقد ذكرت شيئًا من ذلك قبل هذا؛ أحاديث كرَّرها سندًا ومتنًا، ذكرتُها في (كتاب الحجِّ)، والله أعلم.

قوله: (فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فيه شَحْمٌ): هذا الإنسان لا أعرف اسمه، و (الجراب): فيه لغتان: الكسرُ؛ وهو أعرفهما، والفتح؛ وهو غريبٌ.

قوله: (فَنَزَوْتُ): هو بالنون والزاي؛ أي: وَثَبْتُ.

قوله: (فَإِذَا رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ): تَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) ماذا جرى له حين استحيا في غزوة خيبر.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيُّ).

[ج 2 ص 498]

(1/10005)

[باب ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش]

قوله: (مَا نَدَّ مِنَ الْبَهَائِمِ؛ فَهْوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْشِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: فهم البُخاريُّ من الحديث _ يعني: حديث رافع: (إنَّا لاقو العدوِّ غدًا ... )؛ الحديث_ الاقتصارَ في إباحة البعير على السهم الذي حبسه، والأمر محتملٌ لأنْ يكون احتبس ولم ينفذ مقاتله حتَّى ذُكِّيَ، وهي واقعة عينٍ، وتشبيه النعم الشاردة بالوحش ليس في الحكم، ولكن في صفة الوجود؛ إذ قد تنفر كالوحش، انتهى.

قوله في التبويب: (ما نَدَّ): تَقَدَّمَ معنى (ندَّ)، وأنَّه شَرَدَ ونَفَرَ.

[ج 2 ص 498]

قوله: (فَهْوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْشِ): كذا في أصلنا، وكذا أحفظه، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (الوَكْرِ) في الأصل، وفي الهامش: (الوحش)، وعلى (الوحش) علامة نسخة، و (الوَكْر): له معنًى، وهو بفتح الواو، ووَكْر الطائر: عشُّه، وجمعه: وكور وأوكار، قال أبو يوسف: سمعت أبا عمرو الشيبانيَّ يقول: الوَكر: العشُّ حيثما كان في جبل أو شجر، وقد وَكر الطائر يكرُ وَكرًا؛ أي: دخل وَكْرَه، والله أعلم.

قوله: (وَفِي بَعِيرٍ تَرَدَّى): أي: سقط، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (قَدَرْتَ عَلَيْهِ): هو بفتح الدال، وهذا ظاهِرٌ أيضًا.

(1/10006)

[حديث: اعجل أو أرن ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل]

5509# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفَلَّاس الحافظ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (أَبُوهُ): سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، تَقَدَّمَ، و (رَافِع بْن خَدِيجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الدال المُهْمَلة.

قوله: (مُدًى): أي سكاكِين، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (اعْجَلْ أَوْ أَرِنْ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (قال الخَطَّابيُّ: صوابه: «ائْرَنْ»؛ على وزن «اعْجَلْ» وبمعناها، وهو من النشاط؛ أي: خِفَّ لئلَّا تموتَ الذبيحةُ خنقًا؛ لأنَّ الذبح إذا كان بغير حديد؛ خُشِيَ عليها الخنقُ، وقال غيره: وقد يكون (أَرِنْ) على وزن (أَطِعْ)؛ أي: أهلِكْها ذبحًا، ويكون (أَرْنِ) على وزن (أعْطِ)، و (أَرْنِي)؛ بمعنى: هاتِ، وفي هذه اللفظة أوجهٌ أُخَرُ، والصواب ما قدَّمناه)، انتهى، وقد ذكر المحبُّ الطبريُّ هذه اللفظةَ من عند ابن الأثير ثُمَّ قال: قوله: (اعْجَلْ)؛ بفتح الجيم، وسكون اللام على الأمر، ومعنى (أو) في الحديث: الشكُّ من الراوي، ويجوز أنْ تكون (أو) من لفظه عليه السلام بمعنى الواو، فإنْ جعلنا (أَرِنْ) بمعنى: (اعجل)؛ كان التكرار للتوكيد، وإنْ جعلناه بمعنًى آخرَ؛ كان مأمورًا بهما، انتهى ملخَّصًا، وقد قال غير واحد: إنَّ (أو) شكّ من الراوي، وقد قَدَّمْتُ الكلام على ذلك مُطَوَّلًا في (الشركة)؛ فانظره.

قوله: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ): أي: أساله، تَقَدَّمَ مِرارًا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ إسالةَ الدم ليس بشرطٍ على الصَّحيح، بل الشرط الحركة الشديدة وحدها، ولا يُشتَرَط خروج دم الذبيحة، والله أعلم.

قوله: (وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ): (النَّهْب): بفتح النون بلا خلاف، وكذا قَيَّدهُ جماعةٌ؛ منهم: النَّوَويُّ في «شرح مسلم»، ورأيت بعض الطَّلبة بالقاهرة يقولها بالكسر، وهذا شيءٌ لا أعرفه، وقد ذكرت ذلك مُطَوَّلًا في أواخر «الصَّحيح».

قوله: (فَنَدَّ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: شَرَدَ، و (الرَّجُلُ الَّذِي رَمَاهُ بالسَّهْمِ): تَقَدَّمَ، وكذا الكلام على (الأَوَابِد)؛ وهي النوافر.

(1/10007)

[باب النحر والذبح]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (عَنْ عَطَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي رَباح المَكِّيُّ الإمام، أحد الأعلام.

قوله: (أَيَجْزِي؟): هو ثُلاثيٌّ معتلٌّ، ويجوز رُبَاعيٌّ مهموزٌ، وقد تَقَدَّمَ في (العيدين).

قوله: (مَا يُذْبَحُ أَنْ يُنْحَرَ [1]): (يُذبَح) و (يُنحَر): مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما، وهذا ظاهِرٌ، وكذا (يُنْحَرُ) الثانية.

قوله: (وَالذَّبْحُ: قَطْعُ الأَوْدَاجِ): هذا ممَّا استُنكِر؛ لأنَّهما وَدَجَان فقط، وأُجيب: بأنَّ كلَّ قِطْعَة منهما وَدَجَ، والله أعلم.

قوله: (فَيُخَلَّفُ الأَوْدَاجُ [2]): (يُخَلَّف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الأوداجُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (حَتَّى يُقْطَعَ النِّخَاعُ [3]): (يُقطَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النخاعُ): مَرْفوعٌ قائمٌ مقام الفاعل، و (النِّخاع): مثلَّث النون، قال الجوهريُّ: قال الكِسائيُّ: مِن العرب من يقول: قطعتُ نخاعه ونخاعه، وناسٌ من أهل الحجاز يقولون: هو مقطوع النُّخاع؛ وهو الخيط الأبيض الذي في جوف الفقار، انتهى.

قوله: (لَا إخَالُ): تَقَدَّمَ الكلام [عليها] بلُغَتَيها، ومعناه: أظنُّ.

قوله: (وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ نَهَى عَنِ النَّخْعِ): قائل ذلك: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج عن نافع، والله أعلم.

قوله: (نَهَى عَنِ النَّخْعِ): هو بفتح النون، وإسكان الخاء المُعْجَمة، وبالعين المُهْمَلة، وهو قطع النخاع، وقطع النخاع مقتلٌ، و (النَّخْع) أيضًا: القتل الشديد، ونخْعُ البهيمة: هو قطع عنقها قبل زهوق نفسها.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): (سعيد) هذا: هو ابن جبير، كما في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولم يذكر المِزِّيُّ في «أطرافه» هذا التعليقَ، والله أعلم.

قوله: (إِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ [4]): (قُطِعَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الرأسُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

(1/10008)

[حديث: نحرنا على عهد النبي فرسًا فأكلناه]

5510# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق؛ و (فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ): ابن الزُّبَير بن العَوَّام بن خويلد، زوج هشام، تَقَدَّمَتْ، و (أَسْمَاء): جدَّتها، بنت أبي بكر الصِّدِّيق، تَقَدَّمَتْ أيضًا، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتهما.

==========

[ج 2 ص 499]

(1/10009)

[حديث: ذبحنا على عهد رسول الله فرسًا ونحن بالمدينة فأكلناه]

5511# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: سَمِعَ عَبْدَةَ): (إسحاق) هذا: قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الذبائح): (حدَّثنا إسحاق: سمع عبْدة)، نسبه أبو عليِّ ابن السكن: (إسحاق ابن راهويه)، وذكر أبو نصر (عبْدة بن سليمان)، وقال: روى عنه إسحاق غير منسوب، ولعلَّه ابن راهويه، انتهى، وقال المِزِّيُّ في تطريف هذا الحديث: عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبْدة بن سليمان، انتهى، فظاهر اللفظ أنَّه وقع له كذلك، وليس من توضيحه، انتهى، و (عبْدة) هذا: هو بإسكان الموحَّدة، وهذا معروفٌ عند أهله.

==========

[ج 2 ص 499]

(1/10010)

[حديث: نحرنا على عهد رسول الله فرسًا فأكلناه]

5512# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو جرير بن عبد الحَميد.

[ج 2 ص 499]

قوله: (تَابَعَهُ وَكِيعٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِي النَّحْرِ): الضمير في (تابعه) يعود على عبْدة؛ هو ابن سليمان، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح الإمام، أحدُ الأعلام، ومتابعة وكيع أخرجها مسلمٌ عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، وحفص بن غياث، ووكيع، عن هشام به، وأخرجها ابن ماجه في (الذبائح) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن وكيع به، ومتابعة ابن عيينة أخرجها البُخاريُّ عن الحُمَيديِّ، عن هشام به، وأخرجها النَّسَائيُّ عن مُحَمَّد بن عبد الله بن يزيدَ، وفي (الوليمة) عن قتيبة؛ كلاهما عن ابن عيينة، عن هشام به.

(1/10011)

[باب ما يكره من المثلة والمصبورة والمجثمة]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمُثْلَةِ): (يُكرَه) مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، ومراده بالكراهة: التحريم، وهذا جارٍ على طريق الأقدمين؛ يريدون بالكراهةِ التحريمَ، وهو دليل القرآن: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئَةً عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: 38]، ولم يرد الكراهة التي يذكرها الأصوليُّون من أنَّها راجحةُ التَّرك.

قوله: (مِنَ الْمُثْلَةِ): يقال: مَثَلْتُ بالحَيَوَان؛ إذا قطعتَ أطرافه، وشوَّهت به، ومَثَلْتُ بالقتيل؛ إذا جدعتَ أنفه، أو أذنه، أو مذاكيره، أو شيئًا من أطرافه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَالْمَصْبُورَةِ): هي بفتح الميم، وإسكان الصاد المُهْمَلة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مضمومة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء، و (الصبر): أن يُمسَك شيءٌ من ذوات الروح حيًّا، ثُمَّ يُرمَى بشيءٍ حتَّى يموتَ.

قوله: (والمُجَثَّمَةِ): هي بِضَمِّ الميم، وفتح الجيم، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ ميم، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي كلُّ حَيَوَان يُحْبَس فيُرمَى، وهي المصْبُورة، و (الجثوم): الانتصاب على الرُّكَب، وفي «النهاية» لابن الأثير: (هي كلُّ حَيَوَان يُنصَب ويُرمَى ليقتل، إلَّا أنَّها تكثر في الطير، والأرانب، وأشباه ذلك ممَّا يجثم بالأرض؛ أي: يلزمها ويلصق بها، وجثم الطائر جثومًا، وهو بمنزلة البروك للإبل).

==========

[ج 2 ص 500]

(1/10012)

[حديث: نهى النَّبيُّ أن تصبر البهائم]

5513# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ.

قوله: (عَلَى الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ): هذا هو الحكم بن أيُّوب ابن عمِّ الحَجَّاج، وقد روى الحكمُ بن أيُّوب عن أبي هريرة، وعنه الجُريريُّ، وهو مجهولٌ، قاله الذَّهَبيُّ، وقد ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وما ذَكر عنه راويًا إلَّا الجُريريَّ، وذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» فقال: روى عن أبي هريرة: (لا صلاة إلَّا بقراءة)، سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: هو مجهولٌ، لا يُدرى مَن هو، انتهى، وقال شيخنا: (ابن عمِّ الحَجَّاج بن يوسف الثقفيِّ، وزوج أخته زينبَ التي كان يشبِّبُ بها النُّمَيريُّ، وكان الحَجَّاج استعمله على البصرة، انتهى.

قوله: (نَصَبُوا دَجَاجَةً): (الدّجاجة): للذكر وللأنثى، وهي مُثَلَّثة الدال، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ): (تُصْبَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (البهائمُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وقد تَقَدَّمَ معنى (الصَّبر) أعلاه.

==========

[ج 2 ص 500]

(1/10013)

[حديث: ازجروا غلامكم عن أن يصبر هذا الطير ... ]

5514# قوله: (أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغُلَامٌ مِنْ بَنِي يَحْيَى رَابِطٌ دَجَاجَةً): لم أرَ مَن نصَّ على (يحيى بن سعيد) هذا، ويحتمل أن يكون يحيى بن سعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة الأَمويَّ، أخو عمرٍو الأشدقِ، وعنبسةَ، وأبان، وعبدِ الله، فإنَّه في هذه الطبقة، وقد روى عن أبيه، وعثمان، وعائشة، وعنه: الزُّهريُّ وغيرُه، وقد لحق بعد قتل أخيه الأشدقِ بابن الزُّبَير، ثُمَّ خرج بالأمان، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ، وقد قدَّمته، أخرج له مسلمٌ، والله أعلم، وأمَّا (الغلام)؛ فسمَّاه بعض حفَّاظ العصر من المصريِّين سعيدًا.

قوله: (أَنْ يَصْبُرَ [1] هَذَا الطَّيْرَ): تَقَدَّمَ ما (الصبر) أعلاه.

قوله: (أَنْ تُصْبَرَ بَهِيمَةٌ): (تُصْبَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (بهيمةٌ): مَرْفوعٌ منوَّنٌ نائبٌ مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ معنى (الصبر) أعلاه.

قوله: (أَوْ غَيْرُهَا): هو مَرْفوعٌ معطوفٌ على (بهيمةٌ) القائمِ مقامَ الفاعل.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (يصبِر).

[ج 2 ص 500]

(1/10014)

[حديث: كنت عند ابن عمر فمروا بفتية نصبوا دجاجة يرمونها ... ]

5515# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارم، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وأنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ.

قوله: (تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ شُعْبَةَ): (سليمان) هذا: هو ابن داود بن الجارود، أبو داود الطيالسيُّ، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه علَّق له البُخاريُّ كهذا، وروى [له] مسلمٌ والأربعة، وهو إمامٌ كبيرٌ، قال: أسردُ ثلاثين ألفَ حديثٍ ولا فخر، ومع ثِقَتِه فقال إبراهيم بن سعيد الجوهريُّ: أخطأ في ألف حديثٍ، كذا قال، تَقَدَّمَتْ ترجمته، وله ترجمةٌ في «الميزان».

ومتابعته عن شعبة عن المنهال عن سعيد به لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: أسندها أبو نعيم الحافظ، فقال: حدَّثنا إسحاق بن حمزة وأبو أحمد قالا: حدَّثنا أبو خليفة: حدَّثنا أبو داود الطيالسيُّ سليمان بن داود: حدَّثنا شعبة، قال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: هذا غلطٌ من شيخِنا _يعني: ابن الملقِّن_؛ فإنَّ أبا خليفة لم يلحق أبا داود الطيالسيَّ، وسليمان المذكور ما أظنُّه إلَّا ابن حرب، وقد وصل البَيْهَقيُّ في «السنن الكبرى» هذا الحديثَ من طريق سليمان بن حرب عن شعبة به، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ عَنْ سَعِيدٍ): ابن جُبَيْرٍ، وهذا هو المنهال بن عمرو الأسَديُّ، تَقَدَّمَتْ ترجمته، وأنَّ شعبة تركه؛ لأنَّه سمع من داره صوت قراءةٍ بالتطريب، كذا قال ابن أبي حاتم، وقال وَهْبُ بن جرير عن شعبة: إنَّه سمع من داره صوت الطُّنبور، قال: فرجعت ولم أسألْه، قلت: فهل سألتَه؟ عسى كان لا يعلم، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمته، أخرج له البُخاريُّ والأربعةُ، والله أعلم.

قوله: (مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ): (مثَّل): بتشديد الثاء في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّه يُقال: مثَلْتُ بالحَيَوَان أمثل به مَثْلًا؛ إذا قطعتَ أطرافه، وشوَّهت به، ومثَلْتُ بالقتيل؛ إذا جدعتَ أنفه، أو أذنه، أو مذاكيره، أو شيئًا من أطرافه، والاسم: المُثْلَة، فأمَّا (مثَّل) _بتشديد الثاء_؛ فهو للمبالغة، والله أعلم.

(1/10015)

قوله: (وَقَالَ عَدِيٌّ) [1]: هو عديُّ بن ثابت المذكورُ قبله، (عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ)، وتعليق عديٍّ أخرجه مسلم عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة، عن عديٍّ به، وأخرجه النَّسَائيُّ عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن شعبة، عن عديٍّ، وعن مُحَمَّد بن عبيد الكوفيِّ، عن عليِّ بن هاشم، عن العلاء بن صالح، عن عديٍّ به.

==========

[1] قول عديٍّ جاء في «اليونينيَّة» متقدِّمًا على حديث الحجَّاج (5516)، وعليه في (ق) علامة تقديمٍ وتأخير، وتأخيره رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 500]

(1/10016)

[حديث: نهى النبي عن النهبة والمثلة]

5516# قوله: (سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو عبد الله بن يزيد بن زيد بن حُصين بن عمرو، أبو موسى الأوسيُّ الخطميُّ، شهد الحديبية وهو ابن سبعَ عشرةَ سنةً، وشهد مع عليٍّ حروبه، ووُلِّيَ إمرة الكوفة، وبعضُهم ينكر صحبةَ عبد الله هذا، قال ابن معين: له رؤية، وقال مصعب الزُّبَيريُّ: ليس له صحبةٌ، وقال أبو حاتم: (كان صغيرًا، فإن صحَّت روايته؛ فله)؛ يعني: صحبة، انتهى، ترجمته معروفةٌ، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: تُوُفِّيَ قبل ابن الزُّبَير، وفي «الكاشف»: مات بُعَيد السبعين.

==========

[ج 2 ص 500]

(1/10017)

[باب الدجاج]

قوله: (باب الدَّجَاجِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الدّجاج) مثلَّث الدال؛ كالمفرد.

==========

[ج 2 ص 500]

(1/10018)

[حديث: رأيت النبي يأكل دجاجًا]

5517# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (يحيى) هذا في (سورة الأعراف)، وقال شيخنا بعد ذكر القولين فيه: وذكر أبو نعيم أنَّه ابن جعفر، انتهى، وهو أحد القولين فيه، والله أعلم، و (سُفْيَان): هو الثَّوريُّ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (زَهْدَم): بالدال المُهْمَلة، و (الْجَرْمِيُّ): بفتح الجيم، وإسكان الراء، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، تقدَّموا.

[ج 2 ص 500]

(1/10019)

[حديث: إن الله هو حملكم إني والله لا أحلف على يمين ... ]

5518# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمَين، بينهما عين ساكنة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة الحافظ، و (أَيُّوبُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ): هو السَّخْتيَانيُّ، و (القَاسِم [1]): هو ابن عاصم الكلينيُّ، يروي عن رافع بن خَدِيج، وزَهْدَم، وابن المُسَيّب، وعنه: أيُّوب، وحُمَيد، وخالدٌ الحَذَّاء، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسَائيُّ، و (زَهْدَم): تَقَدَّمَ، وأنَّه بالدال المُهْمَلة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ.

قوله: (فَأُتِيَ بِطَعَامٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مثلَّث الدال في الجمع والإفراد.

قوله: (وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ أَحْمَرُ): هذا الرجل تَقَدَّمَ، لا أعرف اسمه.

قوله: (فَقَذِرْتُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ الماضي بالكسر، والمستقبل بالفتح.

قوله: (فَاسْتَحْمَلْنَاهُ): أي: طلبنا منه ما نركب عليه.

قوله: (ثُمَّ أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (رسولُ): مَرْفوعٌ نائبُ مناب الفاعل.

قوله: (بِنَهْبٍ مِنْ إِبِلٍ): هو بفتح النون، ولا يجوز كسرها، وقد نصَّ على الفتح جماعةٌ سأذكرهم في آخر «الصَّحيح»؛ ومنهم النَّوَويُّ في «شرح مسلم».

(1/10020)

قوله: (خَمْسَ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّوْد)، و (ذَوْد) مضافٌ إلى (خمس)، كذا نحفظه ونقرؤه، وقال بعضهم عن أبي البقاء: والصواب: تنوين (خمس)، ولو أُضِيفَت؛ لتغيَّر المعنى؛ لأنَّ المضاف يجرُّ المضاف إليه، فيلزم أن يكون (خمسَ ذودٍ) خمسةَ عشرَ بعيرًا؛ لأنَّ إبلَ الذود ثلاثةُ أَبْعِرَةٍ، انتهى، وهو كلامٌ حسنٌ، عن ابن قُرقُول قال: والذود من الثلاث إلى التسع في الإبل، وإنَّ ذلك يختصُّ بالإناث، قاله أبو عبيد، وقال الأصمعيُّ: ما بين الثلاث إلى العشر، وقال غيرُ واحد: ومقتضى لفظ الأحاديث انطلاقُه على الواحد، وليس فيه دليلٌ على ما قالوه، وإنَّما هو لفظٌ للجميع؛ كما قالوا: ثلاثةُ رَهْطٍ ونَفَرٍ ونسوةٍ، ولم يقولوه لواحدٍ منها، وذكر ابن عَبْدِ البَرِّ أنَّ بعض الشيوخ رواه: (في خمسٍ ذَوْدٍ)؛ على البدل، لا على الإضافة، وهذا إن تُصُوِّر له ههنا، فلا يُتصَوَّر له في قوله: (أعطانا خمس ذود) في (باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ كلام أبي البقاء في (الزكاة)، وكلام ابن قُرقُول.

قوله: (غُرّ الذُّرَى): يجوز في (غُرّ) الجرُّ والنصب؛ أي: بيض الأعالي، وأراد أنَّها بيضٌ، فعبَّر ببياض أعاليها عن جملتها.

قوله: (لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ): أي: تحيَّنا غفلته، و (يمينَه): بدل اشتمال، أو مفعولٌ ثانٍ؛ وهذا أقرب.

(1/10021)

[باب لحوم الخيل]

(1/10022)

[حديث: نحرنا فرسًا على عهد رسول الله فأكلناه]

5519# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا هي، وتَقَدَّمَ أنَّه أوَّل شيخٍ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصَّحيح»، و (سُفْيَانُ): بعده تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة، و (فَاطِمَة): هي بنت المنذر بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خويلد [1]، زوجة هشامٍ المشارِ إليه، و (أَسْمَاء): هي بنت أبي بكرٍ عبدِ الله بن عثمان الصِّدِّيق، جدَّة فاطمة، تقدَّموا كلُّهم.

==========

[1] في (أ): (خولد)، ولعلَّه تحريف.

[ج 2 ص 501]

(1/10023)

[حديث: نهى النبي يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص ... ]

5520# قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ): هو مُحَمَّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب الهاشميُّ، أبو جعفر الباقر تَقَدَّمَ.

قوله: (يَوْمَ خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر غيرَ مَرَّةٍ، فقيل: في آخر سنة ستٍّ، ويُقال: في أوَّل سنة سبع، وتَقَدَّمَ مدرك القولَين.

(1/10024)

[باب لحوم الحمر الإنسية]

قوله: (بَابُ لُحُومِ الْحُمُرِ الإنسِيَّةِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ذكر البُخاريُّ طريقَين في الحديث؛ إحداهما: النَّهْي عنها مطلقًا وإلقاء القُدُور، والأخرى: أنَّه سمع أنَّهم أكلوها، ولم يبادر النَّهْي في الأُولى والثانية، فلمَّا قيل في الثالث: (أُفْنِيَت الحُمُر)؛ نهى، فأفهم أنَّ النَّهْيَ خوف فناء الظهر، وإلَّا؛ كانت المسارعة للنهي متعيِّنة، فمِن ههنا نشأ الخلاف المذكور بين الصَّحابة فيها، والله أعلم، انتهى، وقد قَدَّمْتُ الخلاف في علَّة التحريم في (خيبر)، وأنَّ الصَّحيحَ العلةُ التي علَّل بها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ وهي أنَّها رِجْسٌ.

قوله: (الإنسِيَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ فيها لُغَتَين غيرَ مَرَّةٍ.

==========

[ج 2 ص 501]

(1/10025)

[حديث: نهى النبي عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر]

5521# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه صدقة بن الفضل المروزيُّ، و (عَبْدَةُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان الموحَّدة، وأنَّه ابن سليمان، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، الفقيه، أحد الفقهاء السبعة، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (سَالِم): هو ابن عبد الله بن عمر، و (نَافِع): مولى ابن عمر.

(1/10026)

[حديث: نهى النبي عن لحوم الحمر الأهلية]

5522# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، و (عَبْد اللهِ): هو ابن عمر، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): الضمير في (تابعه) يعود على يحيى بن سعيد القَطَّان، و (ابن المبارك): هو عبد الله، شيخ خراسان، ومتابعة ابن المبارك عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أخرجها البُخاريُّ في (المغازي) عن مُحَمَّد بن مقاتل عنه به.

قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَالِمٍ): (أبو أسامة): هو حمَّاد بن أسامة، ومتابعة حمَّاد بن أسامة أخرجها البُخاريُّ في (المغازي) عن عُبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة به، والله أعلم.

(1/10027)

[حديث: نهى رسول الله عن المتعة عام خيبر ولحوم حمر الإنسية]

5523# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ.

قوله: (عَنِ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ ما في ذلك في (غزوة خيبر).

==========

[ج 2 ص 501]

(1/10028)

[حديث: نهى النبي يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص.]

5524# قوله (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ حمَّادًا إذا لم يُنسَب؛ فإن كان قد أطلقه سليمان بن حرب كهذا، أو عارم مُحَمَّد بن الفضل؛ فإنَّه يكون ابنَ زيد، وإنْ أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، أو عَفَّانُ، أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ حمَّاد بن سلمة لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما علَّق له.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هو ابن دينار، و (مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ): هو أبو جعفرٍ الباقرُ.

==========

[ج 2 ص 501]

(1/10029)

[حديث البراء وابن أبي أوفى: نهى النبي عن لحوم الحمر]

5525# 5526# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عَدِيٌّ) بعد (شعبة): هو عديُّ بن ثابت الأنصاريُّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، صَحَابيٌّ ابن صَحَابيٍّ، و (ابْن أَبِي أَوْفَى): عبد الله بن أبي أوفى، صَحَابيٌّ ابن صَحَابيٍّ، تقدَّموا.

(1/10030)

[حديث: حرم رسول الله لحوم الحمر الأهلية]

5527# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في آخر (كتاب الأنبياء) قُبَيل (باب ما ذُكِر في بني إسرائيل)، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيسَ): تَقَدَّمَ أنَّه الخولانيُّ عائذ الله بن عبد الله، و (أَبُو ثَعْلَبَةَ): جرثوم بن ناشر، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه واسم أبيه مُطَوَّلًا.

قوله: (تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ وَعُقَيْلٌ عَن الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على صالح؛ هو ابن كيسان، و (الزُّبَيديُّ): بِضَمِّ الزاي، وفتح الموحَّدة، قال

[ج 2 ص 501]

الدِّمْيَاطيُّ: الزُّبَيديُّ: مُحَمَّد بن الوليد الشاميُّ، من بني عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، انتهى، كذا قال الناقل من حواشي الدِّمْيَاطيِّ، وقد خلط الناقل من حواشيه ترجمةً بترجمةٍ، وصوابه: الزبيديُّ: مُحَمَّد بن الوليد الشاميُّ، وقوله: (من بني عبد العزيز) ليس بصحيحٍ، بل هو غلطٌ، وهذا لا يقع للدِّمياطيِّ، ولكنَّ بعدَه ذِكْرٌ للماجشون، وهذا الكلام في الماجشون، (وَالْمَاجِشُونُ): هو يوسف، كما صرَّح به مسلمٌ في «صحيحه»، وكذا المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهو يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الماجشون) ما هو، وأمَّا (عُقَيل)؛ فهو بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، و (الزُّهريُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ، وَمَعْمَرٌ، وَالْمَاجِشُونُ، وَيُونُسُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): أمَّا (مالك)؛ فلا يُسأَل عنه، ذاك النَّجم المجتهدُ أحدُ الأعلام، و (مَعْمَر)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (الماجشون): تَقَدَّمَ أعلاه مَن هو، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن إسحاق): مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار، إمامُ أهل المغازي، و (الزُّهري): مُحَمَّد بن مسلم، والله أعلم، ومتابعة (الزُّبيديِّ) لم أرها في الكُتُب السِّتَّة إلَّا في «النَّسَائيِّ» أخرجها عن عمرو بن عثمان، عن بقيَّة، عن الزُّبيديِّ، عن الزُّهريِّ، ومتابعة عقيل لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

(1/10031)

قوله: (وَقَالَ مَالِكٌ، وَمَعْمَرٌ، وَالْمَاجِشُونُ، وَيُونُسُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ): وتعليق مالك عن الزُّهريِّ أخرجه البُخاريُّ في (الذَّبائح) عن عبد الله بن يوسف عن مالك، وأخرجه مسلم عن أبي الطَّاهر، عن ابن وهب، عن مالك، وأخرجه أبو داود في (الأطعمة) عن القعنبيِّ عن مالك، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن أحمد بن الحسن التِّرمذيِّ، عن القعنبيِّ به، وأمَّا تعليق مَعْمَر؛ فأخرجه مسلم عن مُحَمَّد بن رافع وعبد بن حميد؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق عن معمر به، وأمَّا تعليق الماجشون؛ فأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن يوسف بن الماجشون، وأمَّا تعليق يونس؛ فأخرجه مسلم عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس به، وأخرجه أيضًا عن أبي الطَّاهر، عن ابن وهب، عن مالك، وابن أبي ذئب، وعمرو بن الحارث، ويونس، وغيرهم؛ يعني: عن الزُّهريِّ، وأمَّا تعليق ابن إسحاق؛ فلم أره في شيء مِن الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم، وذكر بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين، فقال: التعليق عن مُحَمَّد بن إسحاق وصله إسحاق ابن راهويه في «مسنده».

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

(1/10032)

[حديث: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية ... ]

5528# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ [بنُ] سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلامًا) الأصحُّ فيه: التَّخفيف، مُطَوَّلًا، وتَقَدَّمَ ما هو فاصل للنِّزاع، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.

قوله: (جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُكِلَتِ الْحُمُرُ): هذا (الجائي) لا أعرف اسمه.

قوله: (أُكِلَتِ الْحُمُرُ): (أُكِلَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الحُمُرُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وكذا الثانية.

قوله: (ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ): هذا (الجائي) الآخر لا أعرف اسمه.

قوله: (ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ): هذا (الجائي) الثَّالث لا أعرف اسمه.

قوله: (أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ): (أُفنِيَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الحُمُرُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ): هذا (المنادي): تَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) أنَّه عبد الرحمن بن عوف، كما في «النَّسَائيِّ» وفي «مسلم» وغيره أنَّه أبو طلحة، ولعلَّ عليه السلام أمرهما، فناديا، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الإمام الرَّافعيَّ قال في «الشرح الكبير»: إنَّ المنادي خالد بن الوليد، وهذا غلط، خالد لم يكن أسلم إذ ذاك، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ): (إنَّ): في نسختنا كانت مُدلَّسة، وقد عُمِل تحتها كسرةٌ، وتَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) أنَّها بالفتح في أصلنا، وقد ذكرت هناك أنَّها بالكسر؛ لأنَّها ابتدائيَّة، ومن حيث العربيَّةُ يجوز فيها الوجهان؛ مثل: {فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} [آل عمران: 39]، ففيها في السَّبع الكسرُ والفتحُ.

قوله: (فَإِنَّهَا رِجْسٌ): تَقَدَّمَ الكلام على العلَّة في تحريمها، وأنَّ هذه العلَّة هي الصواب التي علَّل بها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، مُطَوَّلًا في (خيبر).

قوله: (فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ): (أُكفِئَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهو بهمزة [1] مفتوحة بعد الفاء، وفي نسخة في هامش أصلنا: (فكُفِئَت)، وهما لغتان، كفأتُ القدور وأكفأتُها: قلبتها.

==========

[1] في (أ): (بهمز)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 502]

(1/10033)

[حديث: أن رسول الله نهى عن حمر الأهلية؟]

5529# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المدينيِّ): هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو) هو ابن دينار، و (جَابِر بْن زَيْد): هو أبو الشَّعثاء الأزديُّ، الإمام، صاحب ابن عَبَّاس، وعنه: قتادة، وأيُّوب، وخلقٌ، تَقَدَّمَ.

قوله: (كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ): (الحكم) هذا: هو الحكم بن عمرو بن مُجدَّع، وقيل: مُجدَّح، ويقال له: الحكم بن الأقرع الغفاريُّ، أخو رافع، لهما صحبة، نزل البصرة، وعنه: سوادة بن عاصم، وأبو الشَّعثاء، والحسن، ووُلِّي خراسان، مات بمرو سنة (45 هـ)، وقيل: سنة (50 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والأربعة رضي الله عنه.

قوله: (الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ الكلام في أوَّل مَن سمَّاه (البحر)؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 502]

(1/10034)

[باب أكل كل ذى ناب من السباع]

(1/10035)

[حديث: أن رسول الله نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع]

5530# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيْس الْخَوْلَانِيُّ): عائذ الله، و (أَبُو ثَعْلَبَةَ): جرثوم بن ناشر، وقد تَقَدَّمَ الاختلافُ في اسمِه واسمِ أبيه.

قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالْمَاجِشُونُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه): راجع على مالك، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (ابن عيينة): سفيانُ، مشهورٌ، و (الماجشون): هو يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، أبو سلمة، تَقَدَّمَ، أمَّا متابعة (يونس)؛ فأخرجها مسلم عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهريِّ، وكذا متابعة مَعْمَر، أخرجها مسلم عن مُحَمَّد بن رافع وعبد بن حميد؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق عن معمر)، ومتابعة (ابن عيينة): أخرجها مسلم: عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، وابن أبي عمر؛ ثلاثتهم عن ابن عيينة عن الزُّهريِّ، وأمَّا متابعة (الماجشون)؛ فأخرجها مسلم عن يحيى بن يحيى، عن يوسف بن الماجشون، عن الزُّهريِّ به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 502]

(1/10036)

[باب جلود الميتة]

(1/10037)

[حديث: هل لا استمتعتم بإهابها؟!]

5531# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد الله بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا) (حَرُم)؛ بفتح الحاء، وضمِّ الرَّاء [1]، و (أكلُها): مَرْفوعٌ فاعل.

(1/10038)

[حديث: ما على أهلها لو انتفعوا بإهابها؟!]

5532# قوله: (حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عمرو الفوزيُّ الحمصيُّ، روى عنه البُخاريُّ، وروى النَّسَائيُّ عن رجل عنه)، انتهى، هو خطَّاب بن عثمان الطَّائيُّ الفوزيُّ_وفوزُ مِن قرى حمص_ الحمصيُّ، أبو عُمر، ويقال: أبو عمرٍو، عن إسماعيل بن عيَّاش، وعيسى بن يونس، وبقيَّة، ومُحَمَّد بن حِمْيَر، ووكيع، وجماعة، وعنه: البُخاريُّ، وابن ابن أخيه سلمة بن أحمد الفوزيُّ، وعمران بن بكَّار، وجماعة، يُعدُّ مِن الأبدال، أخرج له البُخاريُّ والنَّسَائيُّ.

[ج 2 ص 502]

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ): هو بكسر الحاء المُهْمَلة، وإسكان الميم، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ راء، مصروفٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عبد الله الحمصي انفرد به البُخاريُّ)، انتهى، فقوله: (انفرد به البُخاريُّ) يعني: عن مسلم.

قوله: (عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عبد الله الأنصاريُّ الحمصيُّ انفرد به البُخاريُّ)، انتهى، فقوله: (انفرد به البُخاريُّ) يعني: عن مسلم.

قوله: (مَرَّ [1] بِعَنْزٍ مَيْتَةٍ): وقد تَقَدَّمَ (مرَّ بشاة ميتة)، اختُلِف في صاحبة الشَّاة؛ فقيل: ميمونة، وقيل: سودة، وفي رواية في مسلم: (أنَّها لمولاة لميمونة)، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

(1/10039)

[باب المسك]

قوله: (بَابُ الْمِسْكِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (وجْه الاستدلال مِن الحديث الأوَّل _يعني: حديث أبي هريرة «ما مِن مكلوم يُكلَم في سبيل الله ... »؛ الحديث_ على طهارة المِسكِ، وأنَّه مِن الطَّيِّبات شرعًا: تشبيهُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم دمَ الشَّهيدِ به في سياق التَّعظيم، فلو كان ميتة نجسًا؛ لكان مِن الخبيثات، وكذلك الحديث الثاني)، انتهى، والحديث الثاني: «مَثَلُ الجليس الصالح .. »؛ الحديث.

تنبيهٌ: المسك فارسيٌّ مُعرَّب، وكانتِ العرب تسمِّيه المشموم، قاله الجوهريُّ، وقد تَقَدَّمَ.

(1/10040)

[حديث: ما من مكلوم يكلم في الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى]

5533# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ): هذا هو عبد الواحد بن زياد، قد تجنَّب أصحابُ «الصَّحيح» ما يُنكَر مِن حديثه، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وتخفيف الميم، و (أَبُو زُرْعَةَ) تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هرم، وقبل ذلك (ابْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ): هو بن عبد الله البجليُّ، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ مِن نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيْلِ اللهِ) (المكلوم): المجروح، و (يُكلَم): يُجرَح.

==========

[ج 2 ص 503]

(1/10041)

[حديث: مثل جليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير]

5534# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الرَّاء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث، أو عامر القاضي، و (أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُليم بن حضَّار.

قوله: (وَنَافِخِ الْكِيرِ): هو بكسر الكاف، وإسكان المُثَنَّاة تحت، قال ابن الأثير: (كيرُ الحدَّاد، وهو المَبْنيُّ من الطِّين، وقيل: الزِّقُّ الذي يُنفَخ فيه النَّار، والمَبْنيُّ: الكور، وقد تَقَدَّمَ في (الحجِّ).

قوله: (إِمَّا أَنْ): (إمَّا): هو بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (يُحْذِيَكَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وإسكان الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ ذال معجمة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت؛ أي: يعطيك، يقال: أحذيتُه أُحذيه إحذاءً.

قوله: (وَنَافِخُ الْكِيرِ): تَقَدَّمَ ما (الكيرُ) أعلاه، وفي (الحجِّ) أيضًا.

==========

[ج 2 ص 503]

(1/10042)

[باب الأرنب]

(1/10043)

[حديث: أنفجنا أرنبًا ونحن بمر الظهران]

5535# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ.

قوله: (أَنْفَجْنَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (بِمَرِّ الظَّهْرَانِ): تَقَدَّمَ، وأنَّه الذي تسمِّيه العامَّة بطنَ مروَ، وكذا (فَلَغبُوا): وأنَّه بفتح الغين والكسر؛ أي: أعيوا، وكلُّوا، وأنَّ بعضهم أنكر الكسرَ.

==========

[ج 2 ص 503]

(1/10044)

[باب الضب]

قوله: (بَابُ الضَّبِّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الضَّاد، وتشديد الموحَّدة، دُوَيبَّة معروفةٌ مُختَلفٌ في أكلها بين العلماء، وقد جوَّزت السُّنَّةُ أكلَها.

==========

[ج 2 ص 503]

(1/10045)

[حديث: لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ... ]

5537# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، أحد الأعلام وحفَّاظ الإسلام، و (أَبُو أُمَامَةَ بْن سَهْل): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه أسعد بن سهل بن حُنَيف، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، وأنَّه وُلِد زمن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (بَيْتَ مَيْمُونَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها ميمونة بنت الحارث بن حَزن الهلاليَّة، أمُّ المؤمنين، خالة ابن عَبَّاس وخالد بن الوليد رضي الله عنهم.

قوله: (فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الضَّبُّ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، وكذا تَقَدَّمَ (محنوذ).

قوله: (فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ): تَقَدَّمَ [أنَّ] القائلة هي ميمونةُ؛ كما رواه مسلم وغيرُه.

قوله: (أَعَافُهُ): أي: أكرهه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (فَاجْتَرَرْتُهُ): هو بالجيم والراء، كذا أحفظه، وكذا رأيتُه مضبوطًا، وقال بعضهم: ويروى: بالحاء المُهْمَلة، والزَّاي، انتهى.

==========

[ج 2 ص 503]

(1/10046)

[باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب]

قوله: (بَابٌ إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ أَوِ الذَّائِبِ): اعلم أنَّ البُخاريُّ عنده لا فرق بين أن يكون الذي وقعت فيه الفأرة جامدًا أو ذائبًا، والحديث الذي ساقه هو الصَّحيح الذي أخرجه البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، قال التِّرْمِذيُّ: (حسن صحيح، قال: ورُوِي عن الزُّهريِّ، عن عُبيد الله، عن ابن عَبَّاس، ولم يذكروا ميمونة، والصَّحيح: حديث ابن عَبَّاس عن ميمونة، قال: وروى معمرٌ عن الزُّهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة نحوه، وهو غير محفوظ، سمعت مُحَمَّدًا يقول: حديث معمر في هذا خطأ، والصَّحيح: حديث الزُّهريِّ، عن عبيد الله، عن ابن عَبَّاس، عن ميمونة)، انتهى، وأمَّا حديث التَّفصيل؛ فهو الذي رواه مَعمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن سعيد بن المُسَيّب، عن أبي هريرة، وسيأتي أنَّ أبا داود أخرجه، قال ابن القَيِّم في «معاليم الموقِّعين» في (فصل: وسُئِل عنِ الوضوء بماء البحر) ما لفظه: (وسُئِل عن فأرة سقطت في سمن، فقال: «ألقوها وما حولها، وكلوا سمنكم»؛ ذكره البُخاريُّ، ولم يصحَّ عنده التَّفصيل بين الجامد والمائع)، انتهى،

[ج 2 ص 503]

وأمَّا حديث التَّفصيل؛ فأخرجه أبو داود في (الأطعمة) عن أحمد بن صالح والحسن بن عليٍّ؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق، عن معمر، عن الزُّهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، قال عبد الرَّزَّاق: (ربَّما حدَّث به معمر عن الزُّهريِّ، عن عُبيد الله، عن ابن عَبَّاس، عن ميمونة، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، قال التِّرْمِذيُّ لمَّا أخرج حديث ميمونة وقال: حسن صحيح؛ قال: (وقد روى عن الزُّهريِّ، عن عبيد الله، عن ابن عَبَّاس، ولم يذكروا ميمونة، والصَّحيح حديث ابن عَبَّاس عن ميمونة)، قال: (وروى معمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة نحوه، وهو غير محفوظ، سمعت مُحَمَّدًا يقول: حديث معمر في هذا خطأ، والصَّحيح: حديث الزُّهريُّ عن عبيد الله، عن ابن عَبَّاس، عن ميمونة)، انتهى، وقد أخرجه الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» من رواية ابن عمر مرفوعًا؛ أعني: التَّفصيل، وقد ذكره بنحوه الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة عبد الجبَّار بن عمر المذكور في سند الطَّبَرانيِّ.

(1/10047)

[حديث: ألقوها وما حولها وكلوه]

5538# [قوله]: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، وهو أوَّل شيخ روى عنه البُخاريُّ في هذا «الصَّحيح»، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (أَنَّ فَأْرَةً): تَقَدَّمَ أنَّها تُهمَز ولا تُهمَز.

قوله: (أَلْقُوهَا): هو بفتح الهمزة، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (قَيلَ لِسُفْيَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة في أوَّل السَّند، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمَين، وإسكان العين، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

==========

[ج 2 ص 504]

(1/10048)

[حديث: بلغنا أن رسول الله أمر بفأرة ماتت في سمن ... ]

5539# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبُه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك شيخ خراسان، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (الْفَأْرَةِ): تَقَدَّمَ أعلاه، وقبله أنَّها تُهمَز ولا تُهمَز.

قوله: (فَطُرِحَ، ثُمَّ أُكِلَ): (طُرِح): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (أُكِل)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 504]

(1/10049)

[باب الوسم والعلم في الصورة]

(1/10050)

[حديث: نهى النبي أن تضرب الصورة]

5541# قوله: (عَنْ حَنْظَلَةَ): هو ابن أبي سفيان القرشيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا في (غزوة أُحُد) وغيرها.

قوله: (أَنْ تُعْلَمَ الصُّورَةُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وإسكان ثانيه، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الصُّورة): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (أَنْ تُضْرَبَ): هو مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا الْعَنْقَزِيُّ عَنْ حَنْظَلَةَ وَقَالَ: تُضْرَبُ الصُّورَةُ): (قتيبة): هو ابن سعيد، تَقَدَّمَ، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد أخذ ذلك عنه فيما يظهر، و (العَنْقَزيُّ) بفتح العين المُهْمَلة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ زاي، ثُمَّ ياء النِّسبة، قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: (إنَّه نُسِب إلى العنقز المرزنجوش، ويقال له: الرَّيحان، وأنشد بيتًا للأخطل)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: (منسوب إلى العنقز؛ نوع من الرَّياحين يقال: هو المرزنجوش)، انتهى، واسمه: عمرو بن مُحَمَّد العنقزيُّ، أبو سعيد، القرشيُّ مولاهم، الكوفيُّ، كان يبيع العنقز المرزنجوش، قال بعضُهم: ويزرعُه، عن أبي حنيفة، وعيسى بن طهمان، وحنظلة بن أبي سفيان، ويونس بن أبي إسحاق، وأسباط بن نَصْر، وطائفة، وعنه: ابن راهويه، وقتيبة، وآخرون، وَثَّقَهُ أحمد والنَّسَائيُّ، تُوُفِّيَ سنة تسع وتسعين ومئة، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له مسلم، والأربعة، و (حنظلة): هو ابن أبي سفيان القرشيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا في (أُحُد) وغيرها، وتعليق (حنظلة) لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

قوله: (تُضْرَبُ الصُّورَةُ): (تُضرَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهو مَنْصوبٌ، فإنَّ المذكور في الحديث المُختَصر هذا منه، وكذا ذكر المِزِّيُّ هذه المتابعة بلفظ: (أن تضرب)، والله أعلم.

(1/10051)

[حديث: دخلت على النبي بأخ لي يحنكه]

5542# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ.

قوله: (بِأَخٍ لِي يُحَنِّكُهُ): (أخو أنس) هذا: هو لأمِّه، وهو عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل، كما صُرِّح به في مكان غير هذا في هذا «الصَّحيح»، وهو مِن أمِّه أمِّ سُلَيم.

قوله: (وَهْوَ فِي مِرْبَدٍ): هو بكسر الميم، وإسكان الرَّاء، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ دال مهملة، وهو الموضع الذي تُحبَس فيه الإبل والغنم، من (ربد بالمكان)؛ إذا أقام به، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (حَسِبْتُهُ قَالَ: فِي آذَانِهَا): هذا الحسبان: الظاهر أنَّه من قول شعبة؛ إذ في هذا الصَّحيح أيضًا: (قال شعبة: وأكبر علمي أنَّه قال: في آذانها).

==========

[ج 2 ص 504]

(1/10052)

[باب: إذا أصاب قوم غنيمةً فذبح بعضهم غنمًا أو إبلًا بغير أمر ... ]

قوله: (بَابٌ: إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ غَنِيمَةً، فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ غَنَمًا أَوْ إِبِلًا بِغَيْرِ أَمْرِ أَصْحَابِهِمْ؛ لَمْ تُؤْكَلْ): هذا التَّبويب والاستدلال صريحٌ في أنَّ البُخاريَّ رحمه الله يختار ذلك، وقد اختلف العلماء في ذبح المغصوب؛ فنصَّ أحمد على أنَّه ذكيٌّ، وكذا مذهب الشَّافِعيِّ، وفيه حديث رافع بن خديج في ذبح الغنم المنهوبة، والحديث الآخر في المرأة التي أضافت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فذبحتْ له شاة أخذتَها بغير إذن أهلها، قال: أطعموها الأسارى، وفيه دليل على أنَّ المذبوح بدون إذن أهله يُمنَع مِن أكله المذبوحُ له دون غيره؛ كالصَّيد إذا ذبحه الحلالُ لحرام؛ حرم على الحرام دون الحلال، وقد نقل صالح عن أبيه فيمن سرق شاة فذبحها: لا يحلُّ أكلها؛ يعني: له، قلت لأبي: فإن ردَّها على صاحبها؟ قال: تُؤكَل، فهذه الرواية قد يُؤخَذ منها أنَّها حرام على الذَّابح مطلقًا؛ لأنَّ أحمد لو قصد التَّحريم مِن جهة أنَّ المالك لم يأذن في الأكل؛ لم يخصَّ الذَّابح بالتحريم، ومسألة المحرم: إذا أصاب الصيد فقتله؛ فهو ميتة، على الصَّحيح عنه الشَّافِعيَّة، وقد نقل البُخاريُّ في هذا الباب عن طاووس وعكرمة في ذبيحة السارق: اطرحوه، فيجتمع في المسألة ثلاثةُ أقوال؛ الحلُّ مطلقًا، التَّحريم مطلقًا، التَّفصيل بين السَّارق والغاصب وغيرهما، وقد نقل شيخنا عن ابن بَطَّال أنَّه قال: (لا أعلم مَن تابع طاووسًا وعكرمة على كراهة أكلها غير إسحاق ابن راهويه، وجماعة الفقهاء على إجازتها) انتهى، وقد اختُلِف في الذَّابح بآلة مغصوبة، وفيه عن أحمد روايتان.

[ج 2 ص 504]

(1/10053)

[حديث: ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكلوا]

5543# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الهمزة، ثُمَّ حاء ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ صاد مهملتين، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه سلَّام _بتشديد اللَّام_ ابنُ سُلَيم؛ بِضَمِّ السين وفتح اللَّام، و (رَافِع بْن خَدِيجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الدال المُهْمَلة.

قوله: (وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى): تَقَدَّمَ أنَّها السَّكاكين، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَنْهَرَ): أسال، وأنَّ قوله: (وَسَأُحَدِّثُكُمْ [1]) من قول رافع مدرجٌ.

قوله: (سَرَعَانُ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّهم المُستعجِلون منهم، وأنَّه بفتح السِّين والرَّاء، وهو قول الكِسائيِّ، وهو الوجه، وضبطه بعضُهم بسكون الرَّاء، وله وجه، [وضبَطَه الأصيليُّ وبعضُهم: «سُرْعان»] [2]، والأوَّل أوجه، لكن يكون جمع (سريع) مثل: (قَفِيز وقُفْزَان)، وحكى الخَطَّابيُّ أنَّ بعضهم يقول: سِرْعان، قال: (وهو خطأ)، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: (السَّرَعان؛ بفتح السين والرَّاء: أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشَّيء ويُقبِلون عليه، ويجوز تسكين الرَّاء)، انتهى.

قوله: (فَأُكْفِئَتْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهو بهمزة مفتوحة بعد الفاء المكسورة، ويقال: كفأْتُ الإناء وأكفأْته؛ إذا قَلَبْتَه، وكذا تَقَدَّمَ (فَنَدَّ [3])، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّجلَ الذِي رَمَاهُ) لا أعرف اسمه، وكذا (أَوَابِد).

(1/10054)

[باب: إذا ند بعير لقوم فرماه بعضهم بسهم فقتله فأراد إصلاحهم ... ]

قوله في التَّبويب: (فَأَرَادَ إِصْلَاحَهُمْ): قال شيخنا: (قال المُهلَّب: يعني: إذا علم مرادَهم، فأراد حبسه على أربابه، ولم يُرِد إفسادَه عليهم.

==========

[ج 2 ص 505]

(1/10055)

[حديث: إن لها أوابد كأوابد الوحش]

5544# قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّد بْن سَلَام): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلامًا) بتخفيف اللَّام، على الصَّحيح، وقد قدَّمته مُطَوَّلًا في أوائل هذا التَّعليق، وما يفصل النِّزاع.

قوله: (فِي سَفَرٍ): تَقَدَّمَ أنَّهم كانوا بذي الحليفة مِن تهامة، وكذا تَقَدَّمَ (فَنَدَّ)، وكذا (الرَّجُل الذي رَمَاهُ)، وكذا (الأَوَابِدُ)، وكذا (المُدَى): السَّكاكين، وكذا (أَرِنْ [2]): تَقَدَّمَ الكلام عليها مُطَوَّلًا ومُختَصرًا، وكذا (أَنْهَرَ): أي: أسال، ووقع هنا: (ما أنهر أو نهر)، ولمَّا ذكر ابن قُرقُول: أَنهَرَ الدَّم؛ قال: (أساله، كذا في الأمَّهات، ووقع للأصيليِّ: «نهر الدمَ»، وليس بشيء، والصَّواب: ما ندَّ لغيره، وجاء في «باب إذا ندَّ بعيرٌ»: «نَهَر أو أنهر»؛ على الشكِّ)، انتهى، وأنَّ قوله: (فَإِنَّ السِّنَّ عَظْمٌ ... ) إلى آخره: مدرج في الحديث.

قوله: ({فِي مَخْمَصَةٍ}) [المائدة: 3]: أي: مجاعة.

قوله: (مُهراقًا): يجوز في الهاء الفتح والسكون.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (حدَّثنا).

[2] في (أ) من نسخة: (أَرِنِي)، وهي رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 505]

(1/10056)

((73)) (كِتَابُ الأَضَاحِي) ... إلى (كِتَاب الأَشْرِبَة)

(1/10057)

[باب سنة الأضحية]

في (الأضحية) أربعُ لغات: أُضحية وإِضحية؛ بِضَمِّ الهمزة وكسرها، والجمع: أضاحِيُّ، وضَحِيَّة على (فعيلة)، والجمع: ضحايا، وأضحاة، والجمع: أضحًى؛ كما يقال: أَرطاة، وأرطًى، وقد تَقَدَّمَ، وقد ذكر شيخنا فيها عن اللِّحيانيِّ في «نوادره» بكسر الضَّاد قال: وجمعها: ضحايا، فجمَع «ضَحيَّة»؛ بفتحها، زاد ابن التيانيِّ: «وإِضحًى؛ بكسر الهمزة»، وقال صاحب «الدَّلائل»: «أُضْحِيَة؛ بِضَمِّ الهمزة، وتخفيف الياء»)، انتهى.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هِيَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ): تنبيهٌ: قال أبو مُحَمَّد ابن حزم الحافظ: (لا يصحُّ عن أحد من الصَّحابة أنَّ الأضحية واجبةٌ، وصحَّ أنَّها ليست واجبةً عن ابن المُسَيّب، والشَّعْبيِّ، وابن جُبَير، وعطاء، والحسن، وطاووس، وأبي الشَّعثاء، ورُوي أيضًا عن علقمة، وهو قول الثَّوريِّ، وعبيد بن الحسن، وإسحاق بن إبراهيم، وأبي سُليمان) انتهى، وهذا (ابن عمر) من الصَّحابة قد نقل عنه البُخاريُّ: أنَّها سنَّة ومعروف بصيغة جزم، فهو صحيح عنه، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 505]

(1/10058)

[حديث: إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر]

5545# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما معنى (البُنْدَار)، و (غُنْدر): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (زُبَيْد): هو أنَّه بِضَمِّ الزَّاء، وفتح المُوحَّدة، وتَقَدَّمَ الكلام على (الإِيَامِي)، و (الشَّعْبِي): عامر بن شراحيل، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، تَقَدَّمَ، وأنَّ (عازبًا) صَحَابيٌّ أيضًا.

قوله: (فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ): تَقَدَّمَ، وأنَّه هانئ، ويقال: الحارث، وقيل: مالك، عقبيٌّ بدريٌّ، روى عنه ابن أخته البراء بن عازب وجابرٌ، مات عام الجماعة سنة إحدى وأربعين، ويقال: سنة اثنتين وأربعين، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

قوله: (إِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً): يعني: مِن المعز، كما في طريق أخرى يأتي قريبًا، وأصل الجذع من أسنان الدَّوابِّ: وهو ما كان منها شابًّا قويًّا فتيًّا، وهو مِن الإبل: ما دخل في السَّنة الخامسة، ومن البقر والمعز: ما دخل في السَّنة الثانية، وقيل: في البقر في الثالثة، ومِن الضأن: ما تمَّت له سنةٌ، وقيل: أقلُّ منها، ومنهم مَن يخالف بعض هذا التقدير، قاله في «النهاية»، وفي «المطالع»: (و «الجذع»: ما لم يُثنِّ، وقبل ذلك بسنة، ومنه: «الجذع من الضأن»، و «عندي جذعة من المعز»، و «لن تجزيَ جذعةٌ»، و «أصابني جذع»، وقد قيل: إنَّ الجذع مِن الغنم ابن سنة، وقيل: ابن ثمانية أشهر، وقيل: ابن سنة، وقيل: ابن عشرة، وهو لا يجزئ إلَّا من الضأن، لا من المعز، قال الحربيُّ: لأنَّه [1] ينزو من الضَّأن ويلقح، ولا ينزو إذا [2] كان من المعز؛ فلا يجزئ حتَّى يكون ثنيًّا) انتهى، وعند الشَّافِعيَّة: أنَّه يشترط في الإبل أن يكون طعن في السَّنة السَّادسة ولو لحظة، والبقر والمعز أن يطعن في السنة الثالثة ولو لحظة، وفي الضأن أن يطعن في الثانية ولو لحظة، على الصَّحيح في الكلِّ، والله أعلم.

(1/10059)

قوله: (وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ): ثُلاثيٌّ؛ أي: تقضي، ويجوز فيه الرُّبَاعيُّ، نَقل اللُّغتَين في هذا الحديث الجوهريُّ في «صحاحه»، وكذا غيره نقل اللُّغتين، والظاهر أنَّ أبا بردة بن نيار هو آخر الثلاثة الذين رُخِّص لهم في ذلك، وقد قدَّمتهم في (العيدين)، وعقبة بن عامر في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وزيد بن خالد في «أبي داود»، والله أعلم.

قوله: (قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْبَرَاءِ): (مُطرِّف) هذا: هو ابن طريف الحارثيُّ، وقيل: الخارفيُّ، الكوفيُّ، أبو بكر، عن عبد الرَّحمن ابن أبي ليلى، والشَّعْبيِّ، والحكم، وحبيب بن أبي ثابت، وجماعة، وعنه: السُّفيانان، وجرير بن عبد الحميد، وداود ابن عُلَيَّةَ، وخلق كثير، وَثَّقَهُ أحمد

[ج 2 ص 505]

وأبو حاتم، وغيرهما، قال الفَلَّاس وغيره: تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وأربعين ومئة، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين [وأربعين] ومئة، أخرج له الجماعة، وتعليقه هذا يأتي قريبًا مسندًا، و (عامر): هو ابن شراحيل الشَّعْبيُّ، وأخرجه أيضًا مسلم عن يحيى بن يحيى، عن خالد، عن مُطرِّف به.

==========

[1] في (أ): (لا)، والمثبت من مصدره.

[2] في (أ): (وإذا)، والمثبت من مصدره.

(1/10060)

[حديث: من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه]

5546# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم، أحد الأعلام، ابن عُلَيَّةَ، تَقَدَّمَ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10061)

[باب قسمة الإمام الأضاحي بين الناس]

قوله: (بَابُ قِسْمَةِ الإِمَامِ الأَضَاحِيَّ بَيْنَ النَّاسِ): (الأضاحيُّ)؛ بتشديد الياء وتخفيفٍ، تَقَدَّمَ أوَّل الباب الكلام عليها وقبله، وهو مَنْصوبٌ؛ لأنَّه مفعول المصدر، وهو (قسمة).

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10062)

[حديث: قسم النبي بين أصحابه ضحايا]

5547# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، وهذا لا خلاف فيه، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى) بعده: هو يحيى بن أبي كثير، و (بَعْجَةَ الْجُهَنِي): هو بعجة بن عبد الله بن بدر الجهنيُّ، عن أبيه وأبي هريرة، وعنه: ابناه، ويحيى بن أبي كثير، وعِدَّة، ثقة أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ، مات قبل القاسم بن مُحَمَّد، ومات القاسم سنة (107 هـ).

قوله: (فَصَارَتْ لِعُقْبَةَ جَذَعَةٌ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الجذعة).

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10063)

[باب الأضحية للمسافر والنساء]

قوله: (بَابُ الأُضْحِيَّةِ لِلْمُسَافِرِ وَالنِّسَاءِ): في هذا التبويب ردٌّ على مَن قال: لا تُشرَع الأضحية للمسافر، وقد قال النَّخعيُّ: هي واجبة على الموسر إلَّا الحاجِّ بمنًى، وقال مُحَمَّد بن الحسن: واجبة على المقيم بالأمصار، والمشهور عن أبي حنيفة أنَّه أوجبها على مُقيمٍ يملك نصابًا، والله أعلم، قيل: ليس هو من الأضحية، وإنَّما المراد: ذبحها ضحًى، ولذلك سُمِّيت أضحية؛ لأنَّ الحاجَّ لا أضحية عليه، وإنَّما منًى موضع هدايا، ومذهب الشَّافِعيِّ أنَّها سُنَّةٌ على جميع الناس، وعلى الحاجِّ بمنًى، وبه قال أبو ثور، و (الأضحية): تَقَدَّمَ في أوَّل الباب أنَّه يقال فيها بِضَمِّ الهمزة وكسرها.

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10064)

[حديث: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم]

5548# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة.

قوله: (بِسَرِفَ): تَقَدَّمَ ضبط (سرف)، وكم هي على ميل من مكَّة.

قوله: (أَنفِسْتِ؟): تَقَدَّمَ أنَّ النُّون مفتوحةٌ ومضمومة أيضًا، يُقال بهما في الحيض والنِّفاس، نقله غير واحدٍ.

قوله: (أُتِيتُ بِلَحْمِ): (أُتِيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي آخره تاء المُتكلِّم المضمومة.

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10065)

[باب ما يشتهى من اللحم يوم النحر]

قوله: (بَابُ مَا يُشْتَهَى مِنَ اللَّحْمِ يَوْمَ النَّحْرِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (غرض الترجمة أنَّ شهوة اللَّحم في الأضحى عادةٌ مشروعةٌ، وليس مِن قبيل ما نُقِل عن عمر رضي الله عنه أنَّه قال لجابر وقد رأى معه حمَّالًا ولحمًا بدرهم، فقال عمر: ما هذا؟ قال: قَرِمْنَا إلى اللَّحم، فقال عمر رضي الله عنه: أين تذهب عن قوله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ}؛ الآية [الأحقاف: 20]) انتهى.

==========

[ج 2 ص 506]

(1/10066)

[حديث: من كان ذبح قبل الصلاة فليعد]

5549# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا صدقة بن الفضل، و (ابْنُ عُلَيَّةَ): إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (ابْن سِيرِين): هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد قَدَّمْتُ عدد بني سيرين في أوَّل هذا التعليق وبناته.

قوله: (فَلْيُعِدْ): هو بِضَمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ ... )؛ الحديث: هذا (الرَّجل): هو أبو بردة بن نيار، وقد قَدَّمْتُ قريبًا الاختلافَ في اسمه، عقبيٌّ بدريٌّ رضي الله عنه.

قوله: (وَعِنْدِي جَذَعَةٌ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الجذعة).

قوله: (ثُمَّ انْكَفَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره؛ أي: انقلب.

قوله: (إِلَى غُنَيْمَةٍ): هي مُصغَّرة؛ لأنَّه أراد جماعة الغنم، أو قطعةً منها.

قوله: (فَتَجَزَّعُوهَا): هو بالجيم والزَّاي؛ أي: اقتسموها، وأصله: من الجزع؛ وهو القطع.

(1/10067)

[باب من قال الأضحى يوم النحر]

قوله: (بَابُ مَنْ قَالَ: الأَضْحَى يَوْمُ [1] النَّحْرِ): اعلم أنَّ العلماء اختلفوا في أيَّام الأضحى بعد اتِّفاقهم _كما قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «استذكاره» _ أَنْ لا أضحى بعد انسلاخ الحجَّة على أقوال؛ أحدها: يوم النَّحر ويومان بعده، وهو قول جماعة، الثاني: كذلك وزيادة يومٍ آخرَ، فصارت أربعة، وهو قول جماعة أيضًا، ثالثها: يوم واحد، وهو يوم النَّحر، وهو قول ابن سيرين، وعليه ترجم شيخ الإسلام البُخاريُّ، وحكى ابنُ حزم عن حميد بن عبد الرَّحمن أنَّه كان لا يرى النَّحر إلَّا يوم النحر، وهو قول أبي سليمان، انتهى؛ يعني: داود بن عليِّ بن خلف إمام أهل الظاهر، ونقل الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (أنَّ داود قال: تجوز الأضحية يوم العيد وثلاثة بعده، ولم يُحكَ عنه غيره)، انتهى، رابعُها: يوم واحد في الأمصار، وفي منًى ثلاثة أيَّام، وهو قول ابن جبير، وجابر بن زيد، الخامس: يوم النَّحر وستَّة أيَّام بعده، وهو قول قتادة، سادسها: عشرة أيَّام؛ حكاه ابن التِّين، كما قاله شيخنا، سابعها: وهو أغربها أنَّه إلى آخر يوم من ذي الحجَّة رُوي عن الحسن البصريِّ، قال شيخنا: قال ابن التِّين: ويُؤثَر عن عمر بن عبد العزيز أيضًا، ونقله ابن حزم عن سليمان بن يسار، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وكلُّ هذه الأقوال غير القولين الأوَّلين شاذَّةٌ، ونقل شيخنا عن ابن بَطَّال: أنَّها لا أصل لها في السُّنَّة، ولا في أقوال العلماء، ثُمَّ نقل شيخنا بعد ذلك عن ابن حزم: (أنَّ الضَّحيَّة جائزة مِن طلوع الشمس يوم النحر إلى أن يهلَّ هلال المحرَّم ليلًا ونهارًا، ثُمَّ نقل ابن حزم عن مالك أنَّ الأضحى إلى آخر يوم من ذي الحجَّة) انتهى، غالبه من كلام شيخنا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يومَ)؛ بالنَّصب.

[ج 2 ص 506]

(1/10068)

[حديث: الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض]

5550# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللَّام على الصَّحيح مُطَوَّلًا، وذكرتُ فيه ما يَفصل النِّزاع، وأنَّه بالتخفيف، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي، الثَّقفيُّ، الحافظ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، و (ابْن أَبِي بَكْرَةَ): هو عبد الرَّحمن بن أبي بكرة، و (أَبُو بَكْرَةَ): نفيع بن الحارث، تقدَّموا.

[ج 2 ص 506]

قوله: (الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ): يقال: دار يدور، واستدار يستدير؛ بمعنى: إذا طاف حول الشيء، وإذا عاد إلى الموضع الذي ابتدأَ منه، ومعنى الحديث: أنَّ العرب كانوا يُؤخِّرون المحرَّمَ إلى صفر، وهو النَّسيء؛ ليقاتلوا فيه، ويفعلون ذلك سنة بعد سنة، فينتقل المُحرَّم مِن شهر إلى شهر حتَّى يجعلوه في جميع شهور السَّنة، فلمَّا كانت تلك السَّنة؛ كان قد عاد إلى زمنه المخصوص به قبل النَّقل، ودارت السَّنة كهيئتها الأولى، قاله في «النِّهاية»، وقال ابن قُرقُول: («استدار الزَّمان»: دار حتَّى وافقَ وقت الحجَّة في ذي الحجَّة مِن أجل ما كانت العرب تغيِّره في تنقُّل أسماء الشُّهور، تزيد شهرًا في كلِّ أربعة أشهر؛ ليتَّفق [1] الأزمان) انتهى.

قوله: (السَّنَةُ اثْنَي [2] عَشَرَ شَهْرًا): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (اثنا)، وهذه الجادَّة، والذي في الأصل على تقدير: أعني أو نحوها.

قوله: (ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ في (القعدة) لغتين؛ الفتح والكسر، وكذا (الحجَّة).

قوله: (وَرَجَبُ مُضَرَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سيرين، كما قدَّمته في السَّند.

قوله: (وَأَعْرَاضَكُمْ): (الأعراض): جمع (عِرْض)؛ وهو موضع المدح والذَّمِّ مِن الإنسان سواء أكان في نفسه، أو في سلفه، أو من يلزمه أمره، وقيل: هو جانبه الذي يصونه مِن نفسه وحسبه، ويحامي عنه أن يُنتقَص، أو يُثلَب، وقال ابن قتيبة: (عرض الرجل: نفسه وبدنه لا غير).

قوله: (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مَرْفوعٌ في أوائل هذا التعليق.

(1/10069)

قوله: (أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ): (أوعى)؛ بالواو، قال ابن قُرقُول: في (الراء مع العين): («أرعى»؛ كذا للأصيليِّ _أي: أحفظ له_ وأقوم، وللمستملي مثله، ولغيرهما: «أوعى»؛ أي: أكثر تحصيلًا، وتقييدًا، وحفظًا، وهو الأكثر والأشهر، وقال في (الواو مع العين): («أوعى له من بعضٍ»، وهو وَهَمٌ، ومَساقُ الحديث يدلُّ على الرِّواية الأولى)، انتهى، وقال شيخنا: («أوعى» في رواية، وفي رواية: «أرعى»، قيل: وهو الأشبه؛ لأنَّ المقصود الرِّعايةُ له والامتثال، ويحتمل أن يريد بـ «أوعى»: أحفظ للقيام بحدوده عاملًا به)، انتهى.

قوله: (وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن سيرين، وهو ظاهِرٌ عند أهله.

(1/10070)

[باب الأضحى والمنحر بالمصلى]

قوله: (بَابُ الأَضْحَى وَالْمَنْحَرِ بِالْمُصَلَّى): كذا في أصلنا، وفي غيره: (والنَّحر) عوض (المنحر)، قال شيخنا: (إنَّما هذا مِن سنَّة الإمام خاصَّة أن تُذبَح أضحيته، أو تُنحَر بالمصلَّى، وعلى ذلك: جرى العملُ في أمصار المسلمين، فكان ابن عمر يذبح أضحيته بالمصلَّى، ولم ير ذلك مالك لغير الإمام) انتهى.

==========

[ج 2 ص 507]

(1/10071)

[حديث: كان عبد الله ينحر في المنحر]

5551# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ ضبط (المقدَّميِّ)، وأنَّه منسوب إلى جدِّه مُقدَّم؛ اسم مفعول، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ الفقيه، أحد الفقهاء السبعة، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 507]

(1/10072)

[حديث: كان رسول الله يذبح وينحر بالمصلى]

5552# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، نُسِب إلى جدِّه، و (بُكَيْر)؛ بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، و (كَثِير بْن فَرْقَدٍ): بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، معروفٌ عند أهله.

==========

[ج 2 ص 507]

(1/10073)

[باب في أضحية النبي بكبشين أقرنين ويذكر سمينين]

قوله: (بَابٌ: فِي أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الأضحية) في أوَّل (كتاب الأضاحي) وغيره.

قوله: (وَيُذْكَرُ سَمِينَيْنِ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذه صيغة تمريض، قال بعض حفَّاظ العصر: (وصله أبو عوانة في «صحيحه» من حديث أنسٍ، وأحمد من حديث أبي رافع) انتهى.

قوله: (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ): (يحيى بن سعيد) هذا: هو الأنصاريُّ القاضي، و (أبو أمامة [1]): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه أسعدُ بن سهل بن حُنَيف، وُلِد في حياته عليه السَّلام، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

==========

[1] في (أ): (أسامة)، وليس بصحيح.

[ج 2 ص 507]

(1/10074)

[حديث: أن رسول الله انكفأ إلى كبشين أقرنين أملحين فذبحهما بيده]

5554# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت بن عبيد الله بن الحكم، الثقفيُّ، الحافظ، و (أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (انْكَفَأَ): تَقَدَّمَ أنَّه بهمزة مفتوحة في آخره؛ أي: انقلب، وتَقَدَّمَ ما (الأَمْلَح).

قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَحَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَيُّوبَ): أمَّا (إسماعيل)؛ فهو ابن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (أيُّوب): هو السَّخْتيَانيُّ، و (ابْن سِيرِين): مُحَمَّد بن سيرين، أمَّا تعليق (إسماعيل)؛ فأخرجه البُخاريُّ في (صلاة العيد)، وفي (الأضاحي): عن مُسدَّد، وفي (الأضاحي) أيضًا: عن عليِّ بن عبد الله، وصدقة بن الفضل فرَّقهم؛ ثلاثتهم عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، وأخرجه مسلم في (الذَّبائح) عن يحيى بن أيُّوب، وزهير بن حرب، وعمرو الناقد؛ ثلاثتهم عن ابن عُلَيَّةَ، وأخرجه النَّسَائيُّ في (الصَّلاة) وفي (الأضاحي) عن يعقوب بن إبراهيم الدَّورقيِّ، عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، وأخرجه ابن ماجه في (الأضاحي) عن عثمان ابن أبي شيبة عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ مختصرًا: (أنَّ رجلًا ذبح يوم النَّحر قبل الصلاة، فأمره النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُعِيد)، وتعليق (حاتم) أخرجه مسلم عن زياد بن يحيى الحسَّانيِّ عن حاتم بن وردان به، وأخرجه النَّسَائيُّ عن إسماعيل بن مسعود، عن حاتم بن وردان.

قوله: (تَابَعَهُ وُهيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ): الضَّمير في (تابعه): يعود على (عبد الوهَّاب) الثَّقفيُّ، ومتابعة (وهيب) قال شيخنا: أخرجها الإسماعيليُّ، وساق سنده به إلى أيُّوب، عن أبي قلابة، و (وهيب): هو ابن خالد الحافظ.

==========

[ج 2 ص 507]

(1/10075)

[حديث: أن النبي أعطاه غنمًا يقسمها على صحابته ضحايا]

5555# قوله: (عَنْ يَزِيدَ): هذا هو يَزيدُ بن أبي حبيب، و (أَبُو الخَيْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

قوله: (فَبَقِيَ عَتُودٌ): هو بفتح العين المُهْمَلة، وضمِّ المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، هو الصَّغير مِن أولاد المعز؛ إذا قوي ورعى وأتى عليه حولٌ، والجمع: أعتدة، وعدَّان، وعتدان، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الشَّافِعيَّة يشترطون في المعز أن يكون طعن في الثَّالثة ولو لحظة على الصَّحيح؛ فهذا لأبي بردة، وقد جاء ذلك لغيره، وجملتهم ثلاثة، تقدَّموا قريبًا وفي (العيدين)؛ أبو بردة، وعقبة بن عامر في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وزيد بن خالد في «أبي داود»، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 507]

(1/10076)

[باب قول النبي لأبى بردة: ضح بالجذع ... ]

قوله: (وَلَنْ تَجْزِيَ): تَقَدَّمَ أنَّ (تجزي) ثُلاثيٌّ، ورُبَاعيٌّ؛ ذكرهما غير واحد، وذكره الجوهريُّ في هذا الحديث نفسه.

[ج 2 ص 507]

(1/10077)

[حديث: من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه]

5556# قوله: (حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مُطرِّف بن طريف، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (عَامِر): هو ابن شراحيل الشَّعْبيُّ، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا.

قوله: (دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ الْمَعَزِ): تَقَدَّمَ ما (الدَّاجن)، وكذا (الجذعة).

قوله: (تَابَعَهُ عُبَيْدَةُ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ): أمَّا الضمير في (تابعه)؛ يعود على مُطرِّف؛ هو بن طريف، و (عُبَيدة)؛ بِضَمِّ العين، وفتح الموحَّدة، وهو عبيدة بن مُعتِّب _بكسر التَّاء فوق المُشَدَّدة_ أبو عبد الكريم، الضَّبِّيُّ، الكوفيُّ، عن إبراهيم بن يزيد النَّخعيِّ، والشَّعْبيِّ، وأبي وائل، وجماعة، وعنه: شعبة، وهُشَيم، ووكيع، وطائفة، قال شعبة: أخبرني عبيدة قبل أن يتغيَّر، وقال أحمد: ترك النَّاسُ حديثَه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن عديٍّ: مع ضعفه يُكتَب حديثه، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، والتِّرْمِذيُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان»، وقد حسَّن التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (قضاء الحائض الصِّيام دون الصلاة) حديثًا في سنده: عُبيدة بن معتِّب، ومتابعة عبيدة لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، و (الشَّعْبيُّ): عامر بن شراحيل، و (إبراهيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (وَتَابَعَهُ وَكِيعٌ عَنْ حُرَيْثٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على مُطرِّف، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (حُرَيث): هو حريث بن أبي مطر عمرٍو، الفزاريُّ الكوفيُّ الحنَّاط _بالنون_ أبو عمرٍو، عن الشَّعْبيِّ، وسلمة بن كهيل، وجماعة، وعنه: شريك، ووكيع، وطائفة، ضعَّفه غير واحد، وتركه النَّسَائيُّ، علَّق له البُخاريُّ، كما ترى، وروى له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، قال فيها البُخاريُّ: (ليس بالقويِّ عندهم)، وقال مرَّة: (فيه نظر)، و (الشَّعْبيُّ): عامر بن شراحيل، ومتابعة وكيع، عن حريث، عن الشَّعْبيِّ لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة، ولم يُخرِّجه شيخنا، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (أخرجها أبو الشيخ بن حيَّان في كتاب «الأضاحي» له من طريقه)، انتهى.

(1/10078)

قوله: (وَقَالَ عَاصِمٌ وَدَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ): أمَّا (عاصم)؛ فهو ابن سليمان الأحول، و (داود): هو ابن أبي هند، و (الشَّعْبي): عامر بن شراحيل، وتعليق (عاصم) أخرجه مسلم عن أبي النُّعمان مُحَمَّد بن الفضل، عن عبد الواحد بن زياد، عن عاصم عنه به، وأمَّا تعليق (داود)؛ فأخرجه مسلم في (الذبائح) عن يحيى بن يحيى عن هشيم، وعن مُحَمَّد بن الُمثنَّى، عن ابن أبي عديٍّ؛ كلاهما عن داود بن أبي هند، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن عليِّ بن حُجْر، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن داود، قال التِّرْمِذيُّ: (حسن صحيح)، وأخرجه النَّسَائيُّ في (الصَّلاة) عن عثمان بن عبد الله، عن عَفَّانَ، عن شعبة، عن منصور وداود وابنِ عون ومجالد وزبيد؛ خمستهم عن الشَّعبيِّ به.

قوله: (وَقَالَ زُبَيْدٌ وَفِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ): أمَّا (زُبَيد)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الزَّاي، وبالموحَّدة، وهو ابن الحارث الياميُّ، وأمَّا (فراس)؛ فهو ابن يحيى الهمدانيُّ الكوفيُّ، المكتب عن الشَّعْبيِّ وأبي صالح، وعنه: شعبة وأبو عوانة، مات سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ أحمد، وابن معين، والنَّسَائيُّ، قال القَطَّان: ما أنكرت مِن حديثه إلَّا حديث الاستبراء، ذكره [1] الذَّهَبيِّ في «ميزانه» شبه التَّمييز، وقد وَثَّقَهُ ابن حِبَّان أيضًا، و (الشَّعْبيُّ): عامر بن شراحيل، وتعليق (زُبَيد عن الشَّعْبيِّ) أخرجه النَّسَائيُّ عن مُحَمَّد بن عثمان بن أبي صفوان، عن بهز بن أسد، عن شعبة، عن زُبَيد، وأمَّا تعليق (فراس عن الشَّعْبيِّ)؛ فأخرجه البُخاريُّ في (الأضاحي) عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن فراس عنه به، وأخرجه مسلم عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن زكريَّاء بن أبي زائدة، عن فراس بن يحيى، وأخرجه النَّسَائيُّ عن هنَّاد، عن يحيى بن زكريَّاء بن أبي زائدة، عن أبيه، عن فراس، عن عامر.

قوله: (وَقَالَ أَبُو الأَحْوَصِ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ: عَنَاقٌ جَذَعَةٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء والصاد المُهْمَلتين، وأنَّ اسمه: سلَّام _بتشديد اللَّام_ ابن سُلَيم؛ بِضَمِّ السين وفتح اللَّام، و (منصور): هو ابن المُعتمِر، وتعليق (أبي الأحوص، عن منصور) أخرجه البُخاريُّ عن مُسدَّد، عن أبي الأحوص، عن منصور، وأخرجه مسلم عن هنَّاد وقتيبة؛ كلاهما عن أبي الأحوص به.

(1/10079)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ): يعني: عن الشَّعْبيِّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن عون ابنِ أمير مصر، وتعليق ابن عون، عن الشَّعْبيِّ أخرجه النَّسَائيُّ في (الصَّلاة) عن عثمان بن عبد الله، عن عفَّان، عن شعبة، عن منصور، وداود، وابن عون، ومجالد، وزُبَيد؛ خمستهم عن الشَّعْبيِّ به.

==========

[1] زيد في (أ): (في)، ولا يستقيم.

[ج 2 ص 508]

(1/10080)

[حديث: اجعلها مكانها ولن تجزي عن أحد بعدك]

5557# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، و (سَلَمَة) بعده: هو ابن كُهَيل، و (أَبُو جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ الصَّحابيُّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب، و (أَبُو بُرْدَةَ): هو ابن نيار، تَقَدَّمَ.

قوله: (أَبْدِلْهَا): هو بقطع الهمزة وكسر الدَّال، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلَنْ تَجْزِيَ): تَقَدَّمَ أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ مَرَّاتٍ.

قوله: (وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ): وتعليق (حاتم) هذا: أخرجه مسلم عن زياد بن يحيى الحسَّانيِّ، عن حاتم بن وردان، عن أيُّوب به، وأخرجه النَّسَائيُّ في (الصَّلاة) و (الأضاحي) عن إسماعيل بن مسعود، عن حاتم به.

قوله: (وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة، و (مُحَمَّد) بعده: هو ابن سيرين.

==========

[ج 2 ص 508]

(1/10081)

[باب من ذبح الأضاحي بيده]

(1/10082)

[حديث: ضحى النبي بكبشين أملحين]

5558# قوله: (أَمْلَحَيْنِ): تَقَدَّمَ ما (الأملح)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الصَّفَائِح)، وهي جمع (صفحة)؛ وهي جانب العُنُق.

==========

[ج 2 ص 508]

(1/10083)

[باب من ذبح ضحية غيره]

قوله: (بَابُ مَنْ ذَبَحَ ضَحِيَّةَ غَيْرِهِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (التَّرجمة غير مُطابقةٍ لحديث ابن عُمر)؛ يعني: قوله: (وأعان رجل ابن عمر في بدنته)، قال ابن المُنَيِّر: (لأنَّه ذكر الإعانة، فلعلَّه عقلها، وذبح ابنُ عمرَ، ولكنَّه رأى أنَّ الاستعانة إذا شُرِعت؛ التحقتْ بها الاستنابة، وأمَّا حديث أزواجه صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ يعني: قوله: (وضحَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن نسائه بالبقر)، قال: (فيحتمل أن يكون صلَّى الله عليه وسلَّم هو المُضحِّي مِن ماله عن أهل بيته، فهنَّ فيها تبع، ويحتمل أن يكون مِن أموالهنَّ، فيطابق الترجمة)، انتهى.

قوله: (وَأَعَانَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ فِي بَدَنَتِهِ): هذا (الرَّجل) لا أعرفه.

قوله: (وَأَمَرَ أَبُو مُوسَى بَنَاتِهِ): (بناتُ أبي موسى) لا أعرف أسماءهنَّ.

(1/10084)

[حديث: هذا أمر كتبه الله على بنات آدم اقضي ما يقضي الحاج ... ]

5559# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة، تَقَدَّمَ.

قوله: (بِسَرِفَ): تَقَدَّمَ ضبطها، وكم هي على ميل مِن مكَّة، وكذا تَقَدَّمَ (أَنفِسْتِ): وأنَّه بِضَمِّ النون وفتحها في الحيض والنِّفاس، ذكرهما غير واحد.

قوله: (مَا يَقْضِ [1] الحَاجُّ): كذا في أصلنا بغير ياء، وهذا اجتزاء بكسر ما قبلها منها، مثل ما كُتِبت في المصحف: {يقضِ الحقَّ} [الأنعام: 57] على قراءة الضَّاد المُعْجَمة، وفي نسخة خارج الأصل: (اقضي)، وهذا على الجادَّة، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (يقضي).

[ج 2 ص 508]

(1/10085)

[باب الذبح بعد الصلاة]

(1/10086)

[حديث: إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن نصلي]

5560# قوله: (أَخْبَرَنِي زُبَيْدٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الزاي وبالموحَّدة، وهو ابن الحارث الإياميُّ، و (الشَّعْبِي): عامر بن شَرَاحيل، و (الْبَرَاء): ابن عازب.

قوله: (فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن نيار خال البراء، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه، وأنَّه بدريٌّ، واسمه: هانئ، وقيل: الحارث، وقيل: مالك.

قوله: (وَعِنْدِي جَذَعَةٌ): تَقَدَّمَ قريبًا، وبعيدًا ما (الجذعة)، وأنَّها كانت مِن المعز؛ بدليل الرواية السابقة قريبًا.

قوله: (وَلَنْ تَجْزِيَ): تَقَدَّمَ أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ غيرَ مَرَّةٍ.

(1/10087)

[باب من ذبح قبل الصلاة أعاد]

(1/10088)

[حديث: من ذبح قبل الصلاة فليعد فقال رجل]

5561# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المدينيِّ، و (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.

قوله: (فَلْيُعِدْ): هو بِضَمِّ أوَّله وكسر ثانيه، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ): تَقَدَّمَ أنَّه أبو بردة بن نِيار، وقد قَدَّمْتُ الاختلاف في اسمه أعلاه وقبله.

قوله: (وَذَكَرَ مِنْ جِيرَانِهِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا بعد (جيرانه): (هَنَة) [1]: وهي بفتح الهاء، وتخفيف النُّون المفتوحة، ثُمَّ تاء، قال ابن قُرقُول: (أي: حاجة وفاقة)، وقال الخليل: هَنٌ [2]: كلمة يكنى بها عن الشيء، والأنثى: هَنَةٌ، وحكى الهرويُّ عن بعضهم شدَّ النون، وفي «النهاية»: (ذكر هَنَة من جيرانه)؛ أي: حاجة، ويُعَبَّر بها عن كلِّ شيء، انتهى.

قوله: (وَعِنْدِي جَذَعَةٌ): تَقَدَّمَ ما (الجذعة) قريبًا وبعيدًا.

[ج 2 ص 508]

قوله: (ثُمَّ انْكَفَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (غُنَيْمَةٍ) قريبًا.

==========

[1] جاءت النسخة في (ق) قبل: (من جيرانه).

[2] في (أ): (هي)، والمثبت من مصدره.

(1/10089)

[حديث: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فلا يذبح حتى ينصرف]

5563# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتَقَدَّمَ (فِرَاس): أنَّه ابن يحيى الهمْدانيُّ، وتَقَدَّمَ قريبًا مترجمًا، و (عَامِر): هو الشَّعْبيُّ عامر بن شَراحيل، و (أَبُو بُرْدَة بْنُ نِيَارٍ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه رضي الله عنه، وأنَّه خال البراء بن عازب.

قوله: (جَذَعَةً): تَقَدَّمَ ما (الجَذَعة).

قوله: (خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ): قال الداوديُّ: هي التي بدَّلت أسنانها، وهي الثنيَّة، واختُلِف في سنِّها في البقر؛ فقيل: ابنة ثلاث ودخلت في رابعة، وقيل: التي دخلت في الثالثة، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (آذْبَحُهَا؟): هو بمدِّ الهمزة همزةِ الاستفهام، و (تَجْزِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ.

قوله: (قَالَ عَامِرٌ): هو عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ المذكورُ في السند.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10090)

[باب وضع القدم على صفح الذبيحة]

قوله: (عَلَى صَفْحِ الذَّبِيحَةِ): (الصَّفْح)؛ بفتح الصاد، وإسكان الفاء، وبالحاء، المُهْمَلَتَين: جانب العنق، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10091)

[حديث: أن النبي كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين]

5564# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، ومرَّة مترجمًا.

قوله: (أَمْلَحَيْنِ): تَقَدَّمَ ما (الأملح)، و (صَفْحَتِهِمَا): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّ (الصَّفْحَة): جانب العُنق.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10092)

[باب التكبير عند الذبح]

(1/10093)

[حديث: ضحى النبي بكبشين أملحين أقرنين]

5565# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10094)

[باب: إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء]

قوله: (بَابٌ: إِذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ لِيُذْبَحَ؛ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ): في الحديث الذي ذكره ردٌّ على ابن عُمر وابن عَبَّاس رضي الله عنهم، وهو قول عطاء بن أبي رَباح، وأئمَّة الفتوى على خلافِ هذا القول، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10095)

[حديث: إن رجلًا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في المصر]

5566# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في مواضعَ من الكتاب: (حدَّثنا أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك)، قال أبو عبد الله النيسابوريُّ: هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ، يُكنَى أبا العَبَّاس، ويُلقَّب مردويه، وقال الدارقطنيُّ: أحمد بن مُحَمَّد عن ابن المبارك: هو أحمد بن مُحَمَّد بن ثابت، يُعرَف بابن شبويه) انتهى، والمِزِّيُّ لم يزد على (أحمد بن مُحَمَّد) في «أطرافه»، و (عبد الله): هو ابن المبارك، كما تَقَدَّمَ، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيل.

قوله: (إِنَّ رَجُلًا يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ إِلَى الْكَعْبَةِ ... ) إلى آخره: الرجل في حفظي أنَّه ابن عَبَّاس، وقد ذكرته عنه أعلاه وعن غيره، وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين في هذا المكان: (هو زياد بن أبيه، وذكر أنَّه أخذ ذلك عن ابن عَبَّاس) انتهى، وفي «صحيح مسلم»: أنَّ ابن زياد كتب إلى عائشة أنَّ ابن عَبَّاس قال: (مَن أهدى هديًا؛ حرم عليه ما يحرم على الحاجِّ حتَّى يُنحَرَ الهديُ ... )؛ الحديث، صوابه ما قاله أبو عليٍّ الغسَّانيُّ وجميع المتكلِّمِين على مسلمٍ: إنَّ هذا غلطٌ _أعني: قوله: (ابن زياد) _، وإنَّ صوابه: أنَّ زياد بن أبي سفيان، وهو المعروف بزياد بن أبيه، وكذا وقع على الصواب في «البُخاريِّ»، و «المُوطَّأ»، و «أبي داود»، وغيرِها من الكتب المعتمدة، ولأنَّ ابنَ زياد عبيدَ الله لم يلقَ عائشةَ، والله أعلم، ففيما ذكرته ردٌّ على بعض حفَّاظ المصريِّين، وفيه تنبيهٌ على وَهَمٍ وَقَع في «مسلم»، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10096)

[باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها]

قوله: (مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ): هو بتشديد الياء وتخفيفها.

قوله: (وَمَا يُتَزَوَّدُ مِنْهَا): (يُتزَوَّد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، ويُعرَف ذلك من قوله: (مَا يُؤْكَلُ)، والله أعلم.

(1/10097)

[حديث: كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد النبي ... ]

5567# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المدينيِّ): هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام.

(1/10098)

[حديث أبي سعيد أنه كان غائبًا فقدم فقدم إليه لحم ... ]

5568# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ، و (سُلَيْمَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن بلال، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، و (الْقَاسِم): هو ابن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، و (ابْن خَبَّابٍ): بفتح الخاء المُعْجَمة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدَة أخرى، واسمه عبد الله بن خَبَّاب الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ مولاهم، المدنيُّ، عن أبي سعيد، وعنه: القاسم بن مُحَمَّد مع تقدُّمه، وبُكَيْر بن الأشجِّ، ويزيد بن الهادي، وابن إسحاق، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ أبو حاتم وغيره، أخرج له الجماعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، وهو غير عبد الله بن خبَّاب بن الأرتِّ، ابن الأرتِّ ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، إنَّما له في «التِّرْمِذيِّ» و «النَّسَائيِّ»، والله أعلم، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (فَقُدِّمَ إِلَيْهِ لَحْمٌ): (قُدِّم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (لحمٌ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (حَتَّى آتِيَ أَخِي [1] قَتَادَةَ): هو قتادة بن النعمان الظَّفَرِيُّ، بدريٌّ، عنه أخوة لأمِّه أبو سعيدٍ الخُدْريُّ ومحمود بن لَبيد، مات سنة (23 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، رضي الله عنه، أمُّ أبي سعيد أو أمُّه أنيسةُ بنتُ أبي حارثة لم أرَ لها ذكرًا في الصَّحابيَّات، وقد قَدَّمْتُ ذلك أيضًا.

(1/10099)

[حديث: من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء]

5569# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيلُ.

==========

[ج 2 ص 509]

(1/10100)

[حديث: لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام]

5570# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ، ابن أخت مالكٍ، و (أَخُوهُ): هو عبد الحميد بن عبد الله أبي أويسٍ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، ولا عبرة بما قال الأزديُّ فيه، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (يَحْيَى بْن سَعِيْدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ، و (عَمْرَة بِنْت عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَتْ، وأنَّ أفضلَ النساء التابعيَّات ثلاثٌ: عَمْرة هذه، وحفصة بنت سيرين، وأمُّ الدرداء هجيمة بنت حييٍّ الأوصابيَّة.

قوله: (أَرَادَ أَنْ يُطْعَمَ [1] مِنْهُ): (يُطعَم)؛ بِضَمِّ أوَّله، وفتح العين: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (يُطعِم)؛ مبنيًّا للفاعل.

[ج 2 ص 509]

(1/10101)

[حديث: يا أيها الناس إن رسول الله قد نهاكم عن صيام .. ]

5571# 5572# 5573# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الحاء، وتشديد الموحَّدة، ومثله: حِبَّان بن عَطيَّة، وحِبَّان ابن العَرِقَة، وابن عَطيَّة له ذكرٌ في «البُخاريِّ»، وابن العَرِقَة كافرٌ هلك على كفره، له ذكرٌ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، و (ابن موسى): روى عنه البُخاريُّ ومسلمٌ في «صحيحَيهما»، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ): اسمه سعد بن عبيد، أبو عبيد الزُّهريُّ المدنيُّ، مولى عبد الرحمن بن أزهر، عن عمر، وعثمان، وعليٍّ، وأبي هريرة، وعنه: الزُّهريُّ وسعيد بن خالد، قال ابن سعد: كان من القرَّاء وأهلِ

[ج 2 ص 509]

الفقه، ثقةٌ، مات سنة ثمانٍ وتسعين، أخرج له الجماعة.

قوله: (قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قبله فيما يليه، وكذا قوله: (قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ).

قوله: (وَعَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ [1] نَحْوَهُ): الذي ظهر لي أنَّ قوله: (وعن معمر) معطوفٌ على السند الذي قبله، فيكون رواه البُخاريُّ عن حِبَّان بن موسى، عن عبد الله _هو ابن المبارك_ عن معمر، والأوَّل رواه ابن المبارك عن يونس، والمِزِّيُّ في «أطرافه» لم يوضِّح هذا المقصودَ، بل كلامه في قوَّة أنَّه يكون تعليقًا، ولكن راجعتُ كلام شيخنا في (الصوم)، فقال ما لفظه: قال الطرقيُّ: طريق معمر هذه معطوفٌ على طريق يونس، انتهى، قال شيخنا: فتكون على هذا القول متَّصلةً غيرَ معلَّقة، انتهى، وهذا الذي قلته أنا، وفي قوَّة كلام شيخنا متابعة المِزِّيِّ، والله أعلم، فإنَّ عبارته كعبارة المِزِّيِّ، فيكون على ما فهمت من كلام المِزِّيِّ وشيخِنا (نحوُه) بالرفع، وعلى ما قاله الطرقيُّ وأنا؛ فيكون منصوبًا، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ).

(1/10102)

[حديث: كلوا من الأضاحي ثلاثًا]

5574# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ): هذا أبو يحيى الحافظ صاعقة، تَقَدَّمَ، و (ابْن أَخِي ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم، ابن أخي الزُّهريِّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (عَمُّه ابْنُ شِهَابٍ): هو الزهريُّ مُحَمَّد مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهريُّ، أحدُ الأعلامِ وحفَّاظِ الإسلام.

قوله: (كُلُوا مِنَ الأَضَاحِيِّ): تَقَدَّمَ أنَّه يُقال بتخفيف الياء وتشديدها؛ لُغَتَان.

قوله: (وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَأْكُلُ بِالزَّيْتِ): هو عبد الله بن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنهما، راوي الحديث.

==========

[ج 2 ص 510]

(1/10103)

((74)) (كِتَابُ الأَشْرِبَة) ... إلى (كِتَاب المَرْضَى)

فائدةٌ: قال الجوهريُّ بعد أن ذكر (المِزر _ بالكسر_: ضربٌ من الأشربة)، ما لفظه: وذكر أبو عبيد أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما قد فسَّر الأنبذة، فقال: البِتْع: نبيذُ العسلِ، والجِعَةُ: نيبذُ الشَّعِير، والمِزْرُ: من الذُّرَة، والسَّكَر: من التمر، والخَمْرُ: من العِنَب، وأمَّا السُّكُرْكَة _بتسكينٍ_؛ فخمر الحبش، قال أبو موسى الأشعريُّ: هي من الذُّرَة، ويُقال لها: السُّقُرْقُعُ أيضًا، كأنَّه معرَّب سُكُرْكَة، وهي بالحبشيَّة، انتهى.

فائدةٌ ثانيةٌ: الخمر حُرِّمَت في غزوة بني النضير، كما ذكره ابن سَيِّد النَّاسِ في «سيرته»، وغزوة بني النضير عند ابن إسحاقَ في ربيع الأوَّل على رأس خمسةِ أشهرٍ من وقعة أُحُد، وقال البُخاريُّ عن الزُّهريِّ: كانت على رأس ستَّة أشهرٍ من وقعة بدر قبل أُحُد، انتهى، وكلام الزُّهريِّ فيه نظرٌ، وقد تَقَدَّمَ، وفي كلام ابن سَيِّد النَّاسِ أيضًا في «سيرته» في (الحوادث): أنَّها حُرِّمَت سنةَ أربعٍ، انتهى، وقال بعض العلماء عن أبي مُحَمَّد ابن حزم الظاهريِّ: في ربيع الأوَّل، وفي «سيرة الحافظ علاء الدين مغلطاي» عقب غزوة أُحُد في حمراء الأسد ما لفظه: وحُرِّمَت الخمر في شوَّال؛ يعني: من الثالثة، قال: ويُقال: سنة أربع، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 510]

(1/10104)

[وقول الله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس}]

قوله في الآية التي تلاها: ({وَالْمَيْسِرِ} [المائدة: 90]): هو القمار.

قوله: ({وَالأَنصَابُ}): تقدَّم الكلام عليها، وهي التي كانوا يذبحون عندها.

قوله: ({وَالأَزْلامُ}): تقدَّم الكلام عليها، وتَقَدَّمَ الكلام على واحدها ولُغَتَيه [خ¦1601]، وهي التي كانوا يستقسمون بها.

قوله: ({رِجْسٌ}): أي: نجسٌ خبيثٌ.

==========

[ج 2 ص 510]

(1/10105)

[حديث: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة]

5575# قوله: (حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ): هو بِضَمِّ الحاء، وكسر الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، سأذكر فيه كلامًا في (اللباس) في قوله: (لن يلبسه في الآخرة)، والجمع بين هذا وبين قوله تعالى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23] إن شاء الله تعالى.

==========

[ج 2 ص 510]

(1/10106)

[حديث: الحمد لله الذي هداك للفطرة ... ]

5576# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه لا يجوز في يائه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (أُسْرِيَ): مَبْنيٌّ أيضًا، و (ليلةَ): مَنْصوبٌ على الظرف.

قوله: (بِإِيلِيَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها قيل: إنَّ معناها بالسُّريانيَّة: بيتُ الله، وهي بيت المقدس.

قوله: (بِقَدَحَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية مع رواية: «أُتِيتُ بِثَلَاثة أَقْدَاحٍ»، والله أعلم.

قوله: (لِلْفِطْرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها الاستقامة هنا.

قوله: (غَوَتْ أُمَّتُكَ): أي: انهمكت في الشرِّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَابْنُ الهَادِي، والزُّبَيْدِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ [1]، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على شعيب؛ هو ابن أبي حمزة، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن راشد، ومتابعة معمر عن الزُّهريِّ أخرجها البُخاريُّ في موضعين من (أحاديث الأنبياء) عن إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، وعن محمود بن غيلان، عن عبد الرَّزَّاق؛ كلاهما عن معمر به، وأخرجها مسلم في (الإيمان) عن مُحَمَّد بن رافع، وعبد بن حُمَيد؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق عن معمر به، وأخرجها التِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن محمود بن غيلان به، وقال: حسنٌ صحيحٌ.

(1/10107)

وأمَّا (ابن الهادي)؛ فقد تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ الصَّحيحَ إثباتُ الياء في آخره، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه يزيدُ بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وتَقَدَّمَ مترجمًا، ومتابعتُه لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: قال الحاكم: أراد حديث ابن الهادي عن عبد الوهَّاب بن بُخت، عن الزُّهريِّ، قال شيخنا: قلتُ: وهي في «النَّسَائيِّ» كذا قال، وأنا لم أرَها في «أطراف المِزِّيِّ»، لكن رأيته ذكر ذلك في عبد الوهَّاب بن أبي بكر عن الزُّهريِّ، لا في ترجمة عبد الوهَّاب بن بخت؛ فاعلمه، وشيخُنا انتقل نظرُه حال الكتابة من ترجمةٍ إلى ترجمةٍ لابن عبد الوهَّاب بن بُخت في «أطراف المِزِّيِّ» قبل ترجمة عبد الوهَّاب بن أبي بكر عن الزُّهريِّ، والله أعلم.

وقوله: (وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ): قال المِزِّيُّ عطفًا على قول الحاكم قبله: وعثمان بن عمر عن يونس، عن الزُّهريِّ، انتهى، وهذه بهذا الطريق: عثمان بن عمر، عن يونس، عن الزُّهريِّ لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، وشيخُنا لم يخرِّجها، وقال بعض الحُفَّاظ من المصريِّين: وعثمان بن عمر: هو ابن موسى بن عبيد بن معمر التيميُّ، ووَهِمَ مَن قال: هو عثمان بن عمر بن فارس، انتهى، وأمَّا حديث (يونس بن يزيد عن الزُّهري)؛ فأخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن أحمد بن صالح، عن عنبسة بن صالح، وفيه وفي (الأشربة) عن عبدان، عن عبد الله بن المبارك، وأخرجها مسلم في (الأشربة) عن زهير بن حرب ومُحَمَّد بن عباد؛ كلاهما عن أبي صفوان الأمويِّ، والنَّسَائيُّ عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك؛ ثلاثتهم عن يونس بن يزيد به، قال المِزِّيُّ: وقال البُخاريُّ في (الأشربة) عقيب حديث شعيب بن أبي حمزة _يعني: هذا المكان_: تابعه عثمان بن عمر؛ يعني: عن يونس، انتهى، والله أعلم.

وأمَّا متابعة الزُّبيديِّ، عن الزُّهريِّ؛ فأخرجها النَّسَائيُّ في (الرُّؤيا) عن كثير بن عبيد المذحجيِّ ومُحَمَّد بن صدقة الجيلانيِّ؛ كلاهما عن مُحَمَّد بن حرب، عن الزبيديِّ به، والله أعلم.

[ج 2 ص 510]

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، والزُّبَيْدِيُّ).

(1/10108)

[حديث: من أشراط الساعة أن يظهر الجهل]

5577# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

قوله: (يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمُهُنَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/10109)

[حديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن.]

5578# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحدُ الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (ابْن المُسَيّب): هو سعيدٌ، و (المُسَيّب): بفتح الياء وكسرها، وأمَّا غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (لَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب الإيمان).

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ): هذا بالسند الذي ساقه قبله (عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب)، و (عبد الملك) هذا: يروي عن أبيه وخارجة بن زيد، وعنه: الزُّهريُّ وابن جُرَيج، ثقة شريف، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ وغيرُه، قال ابن سعد: كان سخيًّا سريًّا، مات في أوَّل خلافة هشام.

قوله: (ذَاتَ شَرَفٍ): هو بفتح الشين المُعْجَمة والراء، وبالفاء، قال في «المطالع»: ذات قَدْرٍ كبير، وقيل: يستشرف لها الناس؛ كما جاء في الرواية: «يرفع الناسُ إليه فيها أبصارَهم»، وقد رُوِيَ بالسين المُهْمَلة، وفُسِّر بذات القدر الكبير، وقال في (السين المُهْمَلة): («ذات سَرَف»: أمَّا روايتينا في «الصَّحيح»؛ فبالشين المُعْجَمة، وغيرهما [1] بالمُهْمَلة؛ ذكرها الحربيُّ وفسَّرها بذات قَدْرٍ كبير، وقد قيَّده بعضُهم في «مسلم» بالمُهْمَلة، وبها فسَّر أيضًا المُعْجَمة، وكلاهما بمعنًى، وقيل: ذات شرف؛ أي: تستشرف الناس؛ كما قال: «يرفع الناسُ إليها أبصارَهم»، وهذا يحتمل الوجهين، انتهى، ولم يذكر ابنُ الأثير فيها إلَّا الإعجامَ، والله أعلم.

==========

[1] في مصدره: (وغيرها).

[ج 2 ص 511]

(1/10110)

[باب الخمر من العنب]

قوله: (بَابٌ: الْخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: غرضُه الردُّ على الكوفيِّين؛ إذ فرَّقوا بين ماء العِنَب وغيرِه، فلم يُحَرِّموا من غيره إلَّا القَدْرَ المُسْكِر خاصَّةً، وزعموا أنَّ الخمرَ ماءُ العِنَب خاصَّةً، انتهى، و (الخمر): هل هو حقيقةٌ في عصير العِنَبِ مجازٌ في غيره؟ أو حقيقةٌ في جميع الأنبذة؟ قولان مشهوران شهرةً كبيرةً، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 511]

(1/10111)

[حديث: لقد حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء]

5579# قوله: (حَدَّثَنَا مَالِكٌ هُوَ ابنُ مِغْوَلٍ): (مِغْوَل)؛ بكسر الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، وفتح الواو، وباللَّام، وهو معروفٌ عند أهله، وتَقَدَّمَ.

قوله: (حُرِّمَتِ الْخَمْرُ): هو بِضَمِّ الحاء، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 511]

(1/10112)

[حديث: حرمت علينا الخمر حين حرمت وما نجد خمر الأعناب ... ]

5580# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نُسِب إلى جدِّه، و (يُونُس) قبل (ثابت البنانيِّ) الرَّواي عنه: هو يونس بن عُبيد، أبو عبد الله، البصريُّ، عن الحسن، وابن سيرين، وإبراهيم التَّيميِّ، وعطاء بن أبي رَباح، وعكرمة، وطائفة، وعنه: شعبة، والحمَّادان، وسفيان، ووهيب، وهشيم، وخلق، وَثَّقَهُ أحمد والجماعة، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، وقال ابن سعد: سنة (140 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: صاحب التَّرجمة غيرُ يونس بن عُبَيد الكوفيِّ، هذا الثاني حدَّث عن البراء بن عازب لا يُدرَى مَن هو، وقد ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، وحديثه: (كانت راية النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سوداء مُربَّعة مِن نمرة)، أخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، تَقَدَّمَ، والله أعلم.

قوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الْخَمْرُ): (حُرِّمت): بِضَمِّ الحاء، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، و (الخمر): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

==========

[ج 2 ص 511]

(1/10113)

[حديث: أما بعد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة العنب والتمر ... ]

5581# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا بعد (مُسَدَّد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، و (أَبُو حَيَّان) بعده: بفتح الحاء المُهْمَلة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، واسمه: يحيى بن سعيد بن حَيَّانَ التَّيميُّ، إمامٌ ثبْتٌ، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (145 هـ)، و (عَامِرٌ) بعده: هو الشَّعْبيُّ عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها والاختلاف في أوَّل مَن قالها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (مَا خَامَرَ الْعَقْلَ): أي: خالطه، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 511]

(1/10114)

[باب: نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر]

قوله: (وَهْيَ مِنَ الْبُسْرِ): (البُسْر)، بِضَمِّ الموحَّدة، وأوَّله: طَلْعٌ، ثُمَّ خَلالٌ، ثُمَّ بَلَح، ثُمَّ بُسْر، ثُمَّ رُطَبٌ، ثُمَّ تمر، الواحدة: بُسْرة وبُسَرة، وبُسرات، وبُسْر، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 511]

(1/10115)

[حديث: كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة]

5582# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا ابن أبي أويس [1] ابن أخت مالك المجتهدِ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ في (سورة المائدة) أنَّه اجتمع من روايات حديث أنس هذا جماعةٌ ذكرتُهم هناك، وذكرتُ أيضًا أنَّ عند أحمد ابن حنبل في «المسند»: أنَّهم كانوا أحد عشر رجلًا، والله أعلم.

قوله: (مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ): (الفَضِيْخ): بفتح الفاء، وكسر الضاد المُعْجَمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ خاء معجمة أيضًا تَقَدَّمَ الكلام عليه في (المائدة).

قوله: (زَهْوٍ): هو بفتح الزَّاي وتُضمُّ، وسكون الهاء، قال الجوهريُّ: البُسر الملوَّن، يقال: إذا ظهرت الحمرة والصُّفرة في النَّخل؛ فقد ظهر فيه الزَّهْوُ، وأهل الحجاز يقولون: الزُّهو؛ بالضَّمِّ، وقد زها النَّخل زهوًا، وأزهَى أيضًا لغة حكاها أبو زيد، ولم يعرفها الأصمعيُّ.

قوله: (فَجَاءَهُمْ آتٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الآتي الذي جاءهم بتحريم الخمر لا أعرف اسمه.

[ج 2 ص 511]

قوله: (فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل زوج أمِّ سُلَيم أمِّ أنس، بدريٌّ نقيبٌ، تقدَّم مُتَرجَمًا رضي الله عنه.

(1/10116)

[حديث: حرمت الخمر فقالوا: أكفئها]

5583# قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ): هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التَّيميُّ، نزل فيهم، تقدَّما.

قوله: (أَسْقِيهِمْ عُمُومَتِي): تَقَدَّمَ في (سورة المائدة) مَن كانوا، وفيهم مَن ليس أنصاريًّا، ولكنَّ غالبهم أنصاريٌّ، فلهذا قال: (عمومتي).

قوله: (الْفَضِيخَ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وتَقَدَّمَ في (المائدة) ما هو.

قوله: (حُرِّمَتِ الْخَمْرُ): تَقَدَّمَ أنَّ (حُرِّمت): بِضَمِّ الحاء، وكسر الراء المُشَدَّدة، و (الخمر): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (أَكْفِئْهَا): تَقَدَّمَ أنَّه يقال: كَفَأَ وأكفأَ، ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ، مهموز الآخر فيهما، فصرِّفْ أنت الأمرَ عليهما.

قوله: (قَلْتُ لأَنَسٍ): قائل ذلك هو ابن أخيه لأمِّه إسحاقُ بن عبد الله بن أبي طلحة الرَّاوي عنه هنا، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قَالَ [1] أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ): هو أبو بكر بن أنس بن مالك الأنصاريُّ، يروي عن أبيه، وزيد بن أرقم، وعتبان بن مالك، وغيرهم، وعنه: ابنه عبيد الله، وقتادة، وابن جدعان، ويونس بن عبيد، وَثَّقَهُ العِجْليُّ، أخرج له مسلمٌ فقط.

قوله: (وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْن مَالِكٍ): قائل ذلك هو سليمان بن طرخان التيميُّ الرَّاوي في هذا الحديث عن أنس، وقد بيَّن ذلك مسلمٌ في روايته، فقال: وقال ابن عبد الأعلى: حدَّثنا المعتمر عن أبيه: حدَّثني بعضُ مَن كان معي أنَّه سمع أنسًا يقول: كانت خمرهم يومئذٍ، و (بعض أصحابِ سليمان) لا أعرفه.

(1/10117)

[حديث: أن الخمر حرمت والخمر يومئذ البسر والتمر]

5584# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ (المقدمي): بِضَمِّ الميم، وفتح الدَّال المُشَدَّدة، وأنَّه نسبه إلى جدِّه (مُقدَّم)؛ اسم مفعول، و (يُوسُفُ أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَّاءُ): بفتح الموحَّدة، وتشديد الرَّاء، ممدود، وهو الذي يبري النِّشاب، وهو يوسف بن يزيد العطَّار.

==========

[ج 2 ص 512]

(1/10118)

[باب: الخمر من العسل وهو البتع]

قوله: (بَابٌ: الْخَمْرُ مِنَ الْعَسَلِ، وَهْوَ الْبِتْعُ): إن قلت: ما وجه إدخال حديث أنس في الباب، وليس فيه إلَّا النَّهْي عن الانتباذ؟ قال شيخنا: (أجاب عنه المُهلَّب، فقال: هو موافق للتبويب، وذلك أنَّ الخمر مِن العسل لا يكون إلَّا منبذًا في الأواني بالماء الأيَّام حتَّى يصير خمرًا، وأنَّه عليه السَّلام إنَّما نهى عن الانتباذ في الظُّروف المذكورة؛ لسرعة كون ما يُنبَذ فيها خمرًا من كلِّ ما يُنبَذ فيها.

قوله: (وَهْوَ الْبِتْعُ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان المُثَنَّاة فوق _قال ابن قُرقُول: (وبعض أهل اللُّغة يفتحها) [1]_ ثُمَّ عين مهملة، وقد فسَّره بأنَّه نبيذ العسل.

قوله: (وَقَالَ مَعْنٌ: سَأَلْتُ مَالِكًا [2] عَنِ الْفُقَّاعِ): هذا هو معن بن عيسى المدنيُّ، أخرج له الجماعة، وكان ثقة ثبتًا مأمونًا، تُوُفِّيَ سنة (197 هـ)، وقد تَقَدَّمَ.

تنبيهٌ: وقال شيخنا في (معن) هذا هنا: (معنى هذا: أخذُه عن معنٍ مذاكرةً)، انتهى، وهذا غلط صريح، وقد ذكرت لك متى تُوُفِّيَ معنٌ، والبُخاريُّ وُلِد بعد صلاة الجمعة ليلة ثلاث عشرة خلت مِن شوَّال سنة أربع وتسعين، فانظر كم كان عمره لمَّا تُوُفِّيَ معن، ولم يأخذ عن معنٍ نفسِه، وهذا غلط؛ فاعلمْه واجتنبْه، وكلُّ هذا مِن السُّرعة.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ): الظَّاهر أنَّه عبد العزيز بن مُحَمَّد بن عبيد الدَّراورديِّ، أبو مُحَمَّد، المدنيُّ، مولى جُهَينة، وقيل: مولى قضاعة، ودراورد: قرية بخراسان، وقيل: بفارس، جدُّه منها تقدَّم مُتَرجَمًا، فيقال له: الدَّراورديُّ، والظاهر أنَّه يقال له: ابن الدَّراورديِّ؛ نسبةً إلى جدِّه؛ لأنَّ جدَّه الدَّراورديُّ، ولا أعرف له ولدًا، وإن كانت كنيته أبا مُحَمَّد؛ فإنَّي لا أعلم له ولدًا يقال له: مُحَمَّدٌ مُترجَمًا، والله أعلم.

==========

[1] كُتِب في (أ) فوق قول ابن قرقول: (يُحرَّر هذا الكلام مِن نسخةٍ صحيحةٍ)، وكلام «المطالع» موافقٌ للمنقول.

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (مالكَ بنَ أنسٍ).

[ج 2 ص 512]

(1/10119)

[حديث عائشة: كل شراب أسكر فهو حرام]

5585# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف.

قوله: (عَنِ الْبِتْعِ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطُه، وأنَّه نبيذُ العسل.

==========

[ج 2 ص 512]

(1/10120)

[حديث: سئل رسول الله عن البتع وهو نبيذ العسل]

5586# 5587# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه أيضًا.

قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ [1]: حَدَّثَنِي أَنَسُ): هو معطوف على السَّند الذي قبله، وقد رواه البُخاريُّ عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهريِّ، عن أنس، وليس تعليقًا.

قوله: (لَا تَنْتَبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى الانتباذ في هذه الأواني، وأنَّه كان مُحرَّمًا، ثُمَّ نُسِخ، وقيل: النَّهْي باقٍ، في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُلْحِقُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الحاء، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (الْحَنْتَمَ وَالنَّقِيرَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحَنْتَم والنَّقير) ما هما، في أوَّل هذا التعليق.

(1/10121)

[باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب]

قوله: (مَا خَامَرَ الْعَقْلَ): تَقَدَّمَ أنَّ معنى (خامر): خالط.

==========

[ج 2 ص 512]

(1/10122)

[حديث: إنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء ... ]

5588# قوله: (حَدَّثَنِي [1] يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (أَبُو حَيَّان): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح الحاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت، وأنَّه يحيى بن سعيد بن حَيَّانَ، و (الشَّعْبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل.

قوله: (وَدِدْتُ): هو بكسر الدَّال الأولى، تَقَدَّمَ، وهو ظاهِرٌ.

قوله: (الْجَدُّ): هو بفتح الجيم، وهو أبو الأب، وقد اختلف الصَّحابة والفقهاء فيه اختلافًا كثيرًا، قال شيخنا: (فرُوِي عن عَبِيدةَ أنَّه قال: حفظتُ عن عمر في الجَدِّ سبعين قضيَّة؛ كلُّها تخالف بعضها بعضًا، وعن عمر: أنَّه جمع الصَّحابة؛ ليجتمعوا في الجَدِّ على قول، فسقطت حيَّةٌ مِن السقف، فتفرَّقوا، فقال عمر رضي الله عنه: أبى الله إلَّا أن تختلفوا في الجَدِّ، وقال عليٌّ: مَن أراد أن يقتحم جراثيم جهنَّم؛ فليقض في الجَدِّ؛ يريد: أصولها، والجُرثومة: الأصل)، انتهى.

قوله: (وَالْكَلَالَةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

[ج 2 ص 512]

قوله: (وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا): هذه (الأبواب) لا أعرفها بعينها، وأبواب الرِّبا كثيرةٌ.

قوله: (قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرٍو): قائل ذلك هو أبو حَيَّانَ التيميُّ، و (أبو عمرو): هو عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ، كنيته أبو عمرو.

قوله: (مِنَ الرُّزِّ): هو لغة في (الأرز)، وفيه ستُّ لغات: أَرُزٌّ؛ بفتح الهمزة، وأُرُزٌّ؛ بضمِّها إتباعًا، وأُرْزٌ وأُرُزٌ؛ مثل: (رُسْل ورُسُل)، وزُرٌّ، ورُنْز، وهذه لغة عبد القيس، حبٌّ معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ.

تنبيهٌ: في الأرز حديثان باطلان موضوعان على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ أحدهما: (أنَّه لو كان رجلًا؛ لكان حليمًا)، والثاني: (أنَّ كلَّ شيء أخرجته الأرض، ففيه داءٌ وشفاءٌ إلَّا الأرز، فإنَّه شفاءٌ لا داءَ فيه)؛ ذكرتُهما؛ تحذيرًا من نسبتهما إليه عليه السَّلام.

(1/10123)

قوله: (وَقَالَ حَجَّاجُ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ): أمَّا (حجَّاج)؛ فهو ابنُ المنهال شيخُ البُخاريِّ، و (حمَّاد): هو ابن سلمة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ حجَّاج بنَ منهال إذا أطلق حمَّادًا؛ فهو ابن سلمة، وكذا التَّبُوذَكيُّ موسى بن إسماعيل أو عَفَّان، وكذا هَدَّابٌ، وأنَّ حمَّادًا إذا أطلقه سليمان بن حرب أو عارم مُحَمَّد بن الفضل؛ فإنَّه يكون ابنَ زيد، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ علَّق لابن سلمة، و (أبو حَيَّانَ): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، و (فلان) المُسنَد إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا) غير أنَّ الغالبَ أَخْذُه عنه في حال المذاكرة، وأنَّ هذا وأمثالَه يجعله المِزِّيُّ وكذا الذَّهَبيُّ تعليقًا، والله أعلم.

(1/10124)

[حديث: الخمر يصنع من خمسة من الزبيب والتمر]

5589# قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ الكنى: بالفتح، وأنَّ الأسماء: بالسُّكون، وأنَّ بعضَ المغاربة قال في هذا _والد (عبد الله) سعيد بن يُحمَد_ بالسُّكون، و (الشَّعْبي): بفتح الشين، عامر بن شَراحيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 513]

(1/10125)

[باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه]

(1/10126)

قوله: (بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب بسند البُخاريِّ، ثُمَّ قال: (الحديث مطابق للترجمة إلَّا قوله: «ويسمِّيه بغير اسمه»، وإن كان قد ورد مُبيَّنًا في غير هذه الطَّريق، لكنَّه لمَّا لم توافق شرط البُخاريِّ تلك الزِّيادة؛ ترجم عليها، وقنع في الاستدلال عليها بقوله: «مِن أمَّتي»، فإنَّ كونهم مِن الأمَّة يبعدُ معه أن يستحلُّوها بغير تأويل ولا تحريف، وإنَّ ذلك مجاهرةٌ بالخروج عن الأمَّة؛ إذ تحريم الخمر معلوم ضرورةً، فهذا هو سرُّ مطابقة الترجمة لهذه الزيادة)، انتهى، والذي أشار إليه ابن المُنَيِّر هو ما رواه ابن أبي شيبة قال: حدَّثنا زيد بن الخبَّاب عن معاوية بن صالح: حدَّثنا حاتم بن حُرَيث عن مالك بن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن غنم: حدَّثني أبو مالك الأشعريُّ: أنَّه سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «يشرب ناس مِن أمَّتي الخمر يسمُّونها بغير اسمها، يُضرَب على رؤوسهم بالمعازف والقينات، يخسف الله بهم الأرضَ، ويجعل منهم القردة، والخنازير»، وروى ابن أبي عاصم: حدَّثنا دحيم: حدَّثنا مُحَمَّد بن شعيب عن أبي حفص القاصِّ، عن معاوية بن حاتم، عن أبي غنم، عن أبي مُسلِم [1] الأشعريِّ، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «سيكون قوم يستحلُّون الخمر يُسَمُّونها بغير اسمها»، وقال ابن وهب: حدَّثني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال، عن مُحَمَّد بن عبد الله: أنَّ أبا مسلم الخولانيَّ حجَّ، فدخل على عائشة رضي الله عنها زوجِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: فجعلتْ تسألني عن الشَّام، وعن بَرْدِهَا، فقال: يا أمَّ المؤمنين؛ إنَّهم يشربون شرابًا لهم يقال له: الطِّلاءُ، فقالت: صدق الله، وبلَّغ حبيبي، سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «إنَّ ناسًا مِن أمَّتي يشربون الخمر يُسمُّونها بغير اسمها»، وروى ابن أبي شيبة مِن حديث ابن محيريز عن ثابت بن السمط، عن عبادة مرفوعًا: «ليستحلَّنَّ [2] آخر أمَّتي الخمر يسمُّونها بغير اسمها»، وأخرجه النَّسَائيُّ مِن حديث ابن محيريز عن رجل مِن أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فذكره، ولحديث عائشة رضي الله عنها طريقٌ آخرُ أخرجه ابن أبي عاصم، وثالث أخرجه أيضًا، وفي ذلك أيضًا عن ابن عمر أخرجه ابن أبي عاصم، وعن أبي أمامة أخرجه ابن ماجه، وعن سعيد بن أبي راشد أخرجه

(1/10127)

ابن قانع، وهذا كلُّه مِن «شرح شيخنا»؛ فاعلمْه، والله أعلم.

(1/10128)

[حديث: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير]

5590# قوله: (وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان) وفلان المعزوُّ إليه القول شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخذُه عنه ذلك في حال المذاكرة، و (هشام): شيخ البُخاريِّ حدَّث عنه بأحاديثَ، وخالف الحافظُ أبو مُحَمَّد ابن حزم الظاهريُّ في ذلك، فقال في «المُحلَّى» وقد ذكر هذا المكان: «ليكوننَّ مِن أمَّتي أقوام ... » إلى آخره: هذا حديث مُنقطِعٌ لم يتَّصل ما بين البُخاريِّ وصدقة بن خالد، ولا يصحُّ في هذا الباب شيءٌ أبدًا، وكلُّ ما فيه؛ فموضوعٌ، قال الحافظ أبو عمرو بن الصَّلاح: ولا التفاتَ إليه في ردِّه ذلك مِن وجوه، قال: والحديث صحيحٌ معروف الاتِّصال بشرط «الصَّحيح»، قال: والبُخاريُّ قد يفعل ذلك؛ لكون الحديث معروفًا مِن جهة الثِّقات عن الشخص الذي علَّق عنه، أو لكونه ذكره في موضعٍ آخرَ مِن كتابه متَّصلًا، أو لغير ذلك مِن الأسباب التي لا يصحبها خللُ الانقطاع)، انتهى، والحديث المذكور متَّصل مِن طرقٍ؛ طريق هشام وغيره، قال الإسماعيليُّ في «المستخرج»: حدَّثنا الحسن _وهو ابن سفيان النَّسويُّ الإمام_: حدَّثنا هشام بن عمَّار، ثُمَّ قال: وحدَّثنا الحسن أيضًا: أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم: حدَّثنا بشر: حدَّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وقال: وأبو عامر، ولم يشكَّ، ووصله أيضًا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ، فقال: حدَّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن حمزة: حدَّثنا عبْدان: حدَّثنا هشام، قال: وحدَّثنا الحسن بن مُحَمَّد: حدَّثنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سليمان: حدَّثنا هشام بن عمَّار ... ؛ فذكره، وقال أبو داود أيضًا: (حدَّثنا عبد الوهَّاب بن نجدة عن بشر بن بكر: حدَّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ... )؛ فذكره، وهذا على شرط «الصَّحيح»، قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: (ليس في سياق أبي داود والنَّسَائيِّ هذا الوجه المقصود)، وقال الطَّبَرانيُّ في «مسند الشَّاميِّين»: حدَّثنا مُحَمَّد بن يزيد بن عبد الصَّمد: حدَّثنا هشام بن عمَّار ... ؛ فذكره، قال بعض حفَّاظ العصر: (وعزوُه لـ «مسند الشاميِّين» قصورٌ، كأنَّه في «المعجم الكبير» عن جعفر بن مُحَمَّد الفِرْيابيِّ، عن هشام)، انتهى.

(1/10129)

وقول ابن حزم: (لم يتَّصل ما بين البُخاريِّ وصدقةَ) كان ينبغي أن يقول: ما بين البُخاريِّ وهشام، والله أعلم، وقال شيخنا: (وليته _يعني: ليت ابن حزم_ أعلَّه بصدقة، فإنَّ يحيى قال فيه: «ليس بشيء»، رواه ابن الجنيد عنه، وروى المِروذيُّ عن أحمد: (ليس بمستقيم)، ولم يرضَه، لكن تابعه عليه بشرُ بن بكر)، قال شيخنا: (وأغرب المُهلَّب، فضعَّفه مِن وجهٍ آخرَ غير جيِّد، فقال: (هذا الحديث لم يسنده البُخاريُّ مِن أجل شكِّ المُحدِّث في الصَّاحب، فقال: «أبو عامر، أو أبو مالك»، أو لمعنًى آخرَ لا أعلمه، فأغفل أنَّ الاختلاف في الصَّحابيِّ لا يضرُّ)، انتهى؛ لأنَّ الصَّحابة كلُّهم عدولٌ، انتهى، وسأذكر قريبًا ترجمة الاثنين.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ): أسلم (عبد الرحمن) هذا في زمنه عليه السلام، وصحب معاذًا، وقال بعضهم: قدم مع جعفر؛ إذ هاجر إلى الحبشة، وقد حمَّر عليه الذَّهَبيُّ، فالصَّحيح: أنَّه عنده تابعيٌّ، وقال في «التَّذهيب»: (يقال: له صحبة).

تنبيهٌ: عدَّ عبدَ الرَّحمن هذا صحابيًّا

[ج 2 ص 513]

مُحَمَّدُ بنُ الرَّبيع الجيزيُّ فيمَن دخل مصر مِن الصَّحابة، وهو وَهَم منه، على أنَّ أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل قد أخرج حديثه في «المسند»، وذكر ابن يونس أنَّ له صحبةً، وكذا حكى ابن منده عن يحيى ابن بُكَيْر، عن اللَّيث وابن لهيعة، وأمَّا ابن عَبْدِ البَرِّ في «استيعابه»؛ فصرَّح بأنَّه لم يَفِدْ ولم يروِ، والله أعلم، ترجمته معروفة، وقد رُقِم عليه: (خت، 4).

(1/10130)

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ _أَوْ أَبُو مَالِكٍ [1]_ الأَشْعَرِيُّ): أمَّا (أبو عامر)؛ فقد اختُلِف في اسمه، فقيل: عبد الله بن هانئ، وقيل: عبد الله بن وهب، وقيل: عُبَيد بن وهب، سكن الشام، وليس بعمِّ أبي موسى الأشعريِّ، ذاك قُتِل يوم أوطاس في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، واسمه: عبيد بن سُلَيم بن حضَّار رضي الله عنه، وهذا بقي إلى زمن عبد الملك بن مروان، وهو صَحَابيٌّ معروف، وأمَّا ابن عساكر؛ فلم يجعل هذا إلَّا عمَّ أبي موسى الأشعريِّ، وهو غلط، أمَّا (أبو مالك الأشعريُّ)؛ فقد اختُلِف في اسمه، فقيل: الحارث بن الحارث، وقيل: عُبَيد، وقيل: عَمرٌو، وقيل: كعب بن عاصم، وقيل: عُبَيد الله، وقيل: كعب بن كعب، وقيل: عامر بن الحارث بن هانئ بن كلثوم، وهو صَحَابيٌّ قَدِم في السَّفينين، نزل الشام، روى عنه جابر بن عبد الله، وعبد الرَّحمن بن غنم، وعبد الله بن معانق، وشهر بن حَوْشَب، وشريح بن عبيد، وجماعة، وبعض هؤلاء روايتُهم عنه مُرسلَةٌ، قال ابن سعد وغيره: ذكروا موته في خلافة عمر رضي الله عنه، وقال شهر بن حَوْشَب، عن عبد الرحمن بن غنم قال: (طُعِن معاذ بن جبل، وأبو عُبيدة، وأبو مالك الأشعريُّ، وشرحبيل ابن حسنة في يوم واحد، والله أعلم).

تنبيهٌ: لا يضرُّ الشَّكُّ في عين الصَّحابيِّ؛ لأنَّهم كلُّهم عدولٌ على الصَّحيح.

قوله: (وَاللهِ مَا كَذَبَنِي): هو بفتح الكاف، وتخفيف الذَّال المُعْجَمة المفتوحة؛ أي: ما حدَّثني حديثَ كذبٍ.

(1/10131)

قوله: (يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ): هو بكسر الحاء المُهْمَلة، وتخفيف الراء، وكذا هو في أصلنا مُصحَّح عليه، وعلى الرَّاء: (خف)، قال ابن قُرقُول: («ويُستحلُّ الحِرُ»؛ مخفَّف الرَّاء: اسم لفرج المرأة، ورواه بعضهم بشدِّ الرَّاء، والأوَّل أصوب، وقيل: أصله بالتَّاء بعد الرَّاء؛ فحُذِفت)، انتهى، وقال ابن الأثير في (حرر): (يُستحَلُّ الحِرُ والحرير، هكذا ذكره أبو موسى في «حرف الحاء والرَّاء»، وقال: الحِرُ؛ بتخفيف الرَّاء: الفرج، وأصله: حِرْج؛ بكسر الحاء وسكون الراء، وجمعه: أحراج، ومنهم مَن يُشدِّد الراء، وليس بجيِّد، فعلى التَّخفيف؛ يكون في «حرج»، لا في «حرر»، والمشهور في رواية الحديث على اختلاف طرقه «يستحلُّون الخز»؛ بالخاء المُعْجَمة والزاي، وهو ضرب مِن نبات الإبريسم معروف، وكذا جاء في «كتاب البُخاريِّ» و «أبي داود»، ولعلَّه حديثٌ آخرُ، كما ذكره أبو موسى، وهو حافظ عارف بما روى وشَرَحَ، ولا يُتَّهم، والله أعلم)، انتهى، وفي ذلك كلامٌ كثيرٌ للنَّاس اقتصرتُ أنا على بعضه بغير تطويل، ومعنى (يستحلُّون الحر)؛ أي: الزِّنى.

قوله: (وَالْمَعَازِفَ): هي بفتح الميم، وبالعين المُهْمَلة، وبعد الألف زايٌ مكسورةٌ، ثُمَّ فاء، قال ابن قُرقُول: (المزاهر؛ وهي عيدان الغناء، «تعزفان»: تغنِّيان)، انتهى، وقال ابن الأثير: («العزف»: اللَّعب بالمعازف، وهي الدُّفوف وغيرها ممَّا يُضرَب، وقيل: إنَّ كلَّ لعبٍ عزفٌ)، انتهى، وفي «صحاح الجوهريِّ»: («المعازف»: الملاهي)، وكذا عن «العُباب» للصغانيِّ، وعن «العين»: (المعازف: جمع «معزفة»؛ وهي [2] آلة اللَّهو).

قوله: (إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ): هو بفتح العين واللَّام، وهو الحبل.

قوله: (فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ): أي: يأخذهم في اللَّيل على غفلة.

قوله: (بِسَارِحَةٍ): (السَّارحة): الماشية.

قوله: (وَيَضَعُ الْعَلَمَ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (العَلَمُ)، ومعنى (يضعه الله): يهدِمُه ويُلْصِقُه بالأرض، وقال شيخنا: (أي: يرمي بالحبل أو يخسف به، وقال ابن بَطَّال: إن كان العَلَمُ بناءً؛ فيهدمه، وإن كان جبلًا؛ فيدكدكه، وهكذا إن كان غيره)، انتهى.

(1/10132)

قوله: (وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة): يعني: ممَّن لم يُهلكهم في البياتِ، قال شيخنا: (والمسخ في حكم الجواز في هذه الأمَّة إن لم يأتِ خبرٌ يرفع جوازَهُ، وقد رُوِيَتْ أحاديثُ ليِّنة الأسانيد: (أنَّه سيكون في أمَّتي خسف ومسخ) عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يأتِ ما يرفع ذلك، وقال بعضُ العلماء: إنَّ معناه: مسخ القلوب حتَّى لا تعرف معروفًا ولا تُنكِر مُنكَرًا، وقد نقل شيخنا في هذه المسألة كلامَ ابن بَطَّال، والخَطَّابيِّ، والدَّاوديِّ، وأنَّه يكون في هذه الأمَّة مسخٌ وخسفٌ، وذكر شيخنا أحاديثَ مَعزوَّةً لكتبها في ذلك؛ فانظر ذلك إن أردته، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (عبد الرحمن بن غنم له صحبة، انفرد به البخاريُّ، مات سنة ثمان وسبعين وكان بالشام، وأبو مالك الأشعريُّ الشاميُّ أيضًا، قيل: اسمه عمرو، وقيل: عبيد، وقيل: كعب بن مالك، روى له مسلم أيضًا، تُوفِّي في زمن عمر بن الخطَّاب).

[2] في (أ): (وهو).

(1/10133)

[باب الانتباذ في الأوعية والتور]

قوله: (وَالتَّوْرِ): تَقَدَّمَ ما هو، وأنَّه بمثنَّاةٍ فوقُ.

(1/10134)

[حديث: أتى أبو أسيد الساعدي فدعا رسول الله في عرسه]

5591# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار، و (أَبُو أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ الصَّواب فيه ضمُّ الهمزة، وتَقَدَّمَ الكلام عليه، وبعض ترجمته، وأنَّ اسمه مالكُ بن ربيعة أو هلال بن ربيعة، ومالكٌ أشهرُ، خزرجيٌّ، بدريٌّ، مشهور، قيل: هو آخر البدريِّين وفاةً رضي الله عنهم.

قوله: (فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ): امرأة أبي أُسَيد معدودةٌ [1] في الصَّحابيَّات، وتَقَدَّمَ الكلام على اسمها في أوائل (النِّكاح)، واسمُها سلامة بنت وهب.

قوله: (وَهْيَ الْعَرُوسُ): تَقَدَّمَ [أنَّ] (العروس) يَشترك فيه الذَّكر والأنثى، و (أَنْقَعْتُ لَهُ): هو بِضَمِّ تاء المُتكلِّم.

==========

[1] في (أ): (معدود)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 514]

(1/10135)

[باب ترخيص النبي في الأوعية والظروف بعد النهي]

(1/10136)

[حديث: نهى رسول الله عن الظروف]

5592# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان الثَّوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر الثَّوريَّ في مشايخ الزُّبيريِّ، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، وكذلك الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»، لكن ذكر في «التذهيب» أنَّه روى عن منصور السُّفيانان، وقبلَه الكلاباذيُّ وابن طاهر، ولم يعيِّن ابن طاهر في أيِّ الكتابَين رَوَيَا عنه، والله أعلم [1]، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (سَالِم): هو ابن أبي الجعد.

قوله: (نَهَى النَّبيُّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَنِ الظُّرُوفِ): كذا في أصلنا، وسأذكر الكلام على ذلك قريبًا.

قوله: (وَقَالَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): (خليفة) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خليفة بن خيَّاط شَبابٌ العُصفريُّ، الحافظ، وتَقَدَّمَ ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان: كذا)، ويكون المُسنَدُ إليه القولُ شيخَه _ كهذا_؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أنَّه أخذ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (يحيى بن سعيد): هو القَطَّان، و (سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ قريبًا، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمَر، والله أعلم.

[ج 2 ص 514]

==========

[1] زيد في (أ): (والله أعلم)، وهو تكرارٌ.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).

(1/10137)

[حديث: لما نهى النبي عن الأسقية قيل للنبي ... ]

5593# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ [1]): هذا هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، الجِهبذ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (أَبُو عِيَاض): قال الدِّمْيَاطيُّ: (واسمه: عَمرو بن الأسود، وقيل: قيس بن ثعلبة الكوفيُّ، انفرد به البُخاريُّ، كان حيًّا في ولاية معاوية)، انتهى، عمرو بن الأسود العنسيُّ، ويقال: الهمْدانيُّ، أبو عياض، وقيل: أبو عبد الرحمن، الدِّمَشْقيُّ، الدَّارانيُّ، ويقال: الحمصيُّ، أحد زُهَّاد الشَّام الكبار، وهو عُمَير بن الأسود، ترجمته معروفة، فلا نُطوِّل بها.

قوله: (لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الأَسْقِيَةِ): هذا وَهَم في الرِّواية، وإنَّما هو: (عن الأوعية)، كما سيأتي مِن رواية ابن عيينة، قال في «المطالع»: (لأنَّه لم ينهَ عن الأسقية؛ إنَّما نهى عن الظُّروف، وأباح الانتباذ في الأسقية، فقيل له: «ليس كلُّ النَّاس يجد سقاء»، وكذلك قال لوفد عبد القيس حين قالوا: فيمَ نشرب؟ قال: «في أسقية الأدم»، وقد جاء «نهى عن النَّبيّذ إلَّا في الأسقية»، على هذا كذلك، إلَّا أنَّه سقطت (إلَّا) من الرواي لفظًا أو خطًّا، ومعنى ذلك: أنَّ الأسقية يتخلَّلها الهواء مِن مسامِّها، فلا يُسرِع إليها الفسادُ مثل ما يُسرِع إلى الظُّروف المنهيِّ عنها، وأيضًا فإنَّ التغيُّر يَظهَر فيها؛ إمَّا بانتفاخها أو انشقاقها)، انتهى، قاله ابن قُرقُول، ولشيخنا فيه كلام، قال شيخنا: «عن الأسقية»: يريد: عن الظُّروف إلَّا الأسقية، يُوضِّحه باقي الحديث؛ إذ قيل له: «ليس كلُّ النَّاس تجد سقاء»، فرخَّص لهم في الجَرِّ غير الُمزفَّت؛ أي: عن المطليِّ بالزفت، وهذا أحسن مِن التوهيم، والله أعلم، واعلم أنَّ مسلمًا روى هذا الحديث، فقال: (نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الأوعية قالوا: ليس كلُّ النَّاس يجدُ، فأرخص لهم في الجَرِّ غير المُزفَّت)، فهذا هو الصَّواب، والله أعلم.

قوله: (فِي الْجَرِّ): هو بفتح الجيم، وتشديد الرَّاء، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: (الجرَّة مِن الخَزَف، والجمع: جرٌّ وجِرانٌ).

(1/10138)

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو فيما يظهر أبو بكر ابن أبي شيبة عبدُ الله بن مُحَمَّد، وقد رواه مسلم عنه عن سفيان: هو ابن عيينة، ويحتمل أن يكون المسنديَّ، فإنَّه روى أيضًا عن ابن عيينة، لكنَّ الذي يترجَّح في فهمي أنَّه أبو بكر ابن أبي شيبة؛ لرواية مسلم عنه عن سفيان ذلك، وقد أخرج هذا الحديث البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، ولم يروه أحدٌ منهم عن المسنديِّ، وإنَّما رواه مسلم عن ابن أبي شيبة، فالظَّاهر أنَّه عبد الله بن مُحَمَّد في «البُخاريِّ»، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر: (الظاهر أنَّه المسنديُّ)، وقد تَقَدَّمَ كلامه مُطَوَّلًا في (الجمعة).

(1/10139)

[حديث: نهى النبي عن الدباء والمزفت]

5594# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ يحيى بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (سُفْيَان) هذا: يحتمل أن يكون ابنَ عيينة وأن يكون الثَّوريَّ، فإنَّ القَطَّان روى عنهما، وهما رويا عن الأعمش، والله أعلم، و (سُلَيْمَان) بعده: هو سليمان بن مِهْرَان الأعمش، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ.

قوله: (عَنِ الدُّبَّاءِ): تَقَدَّمَ أنَّه بالمدِّ والقصر؛ والمعنى: عن الانتباذ في الدُّبَّاء، وقد تَقَدَّمَ الكلام على الانتباذ في الأواني الأربعة، وهل هو منسوخ _كما قاله الجمهور_ بحديث بُريدة في «مسلم» أم لا؟ مُطَوَّلًا في أوائل هذا التَّعليق.

==========

[ج 2 ص 515]

(1/10140)

[حديث: نهانا في ذلك أهل البيت أن ننتبذ في الدباء والمزفت]

5595# قوله: (حَدَّثَنِي عُثْمَانُ): الظاهر أنَّه عثمان ابن أبي شيبة، أخو الحافظ الكبير أبي بكر، وهو أسنُّ من أبي بكر أخيه، تَقَدَّمَ، و (جَرِيرٌ)؛ بفتح الجيم، وكسر الرَّاء: هو ابن عبد الحميد، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (عَمَّا يُكْرَهُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ): (يُنتَبذ [1]): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا بعدها (يُنتبَذ): مَبْنيٌّ أيضًا.

قوله: (أَمَا ذَكَرْتِ الْجَرَّ): (ذكرتِ): في آخره تاء التأنيث الساكنة، وكُسِرت في الوصل؛ لالتقاء السَّاكنَين، و (الجَرَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، وأنَّها الجرار.

قوله: (وَالْحَنْتَمَ): تَقَدَّمَ [2] ضبطها، والكلام عليها في أوائل هذا التعليق.

==========

[1] في (أ): (يُنبَذ)، وهو تحريفٌ.

[2] في الأصل: (تقد).

[ج 2 ص 515]

(1/10141)

[حديث: نهى النبي عن الجر الأخضر]

5596# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد، و (الشَّيْبَانِيُّ): بالشين المُعْجَمة، وهو أبو إسحاق سليمان بن فيروز، و (عَبْدَ الله ابْن أَبِي أَوْفَى): صَحَابيٌّ، وأبوه (أبو أوفى): علقمة بن خالد، تَقَدَّمَ نسبه، صَحَابيٌّ أيضًا رضي الله عنه.

قوله: (عَنِ الْجَرِّ الأَخْضَرِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الجرَّ): هو الجرار.

قوله: (أَيُشْرَبُ [1]؟): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقبله همزة الاستفهام.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَنَشْرَبُ).

[ج 2 ص 515]

(1/10142)

[باب نقيع التمر ما لم يسكر]

قوله: (مَا لَمْ يُسْكِرْ): هو بِضَمِّ أوَّله وكسر الكاف، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10143)

[حديث: ما تدرون ما أنقعت لرسول الله أنقعت له تمرات من .. ]

5597# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر؛ بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (يَعْقُوبُ): بعده القاريُّ؛ بتشديد الياء؛ منسوبٌ إلى القارة القبيلة المعروفة، لا إلى القراءة، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة سلمة بن دينار، و (أَبُو أُسَيد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصواب ضمُّ همزته وفتح السين، وتَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه، وتَقَدَّمَ اسم (امْرَأَته): أمُّ أُسيد، وأنَّها سلامة بنت وهب.

قوله: (وَهْيَ الْعَرُوسُ): تَقَدَّمَ أنَّ (العروس): اسم يشترك فيه الرَّجل والمرأة.

قوله: (مَا أَنْقَعْتُ): هو بِضَمِّ تاء المُتكلِّم في آخره، وكذا الثَّانية: (أَنْقَعْتُ لَهُ)، قال بعضهم: يقال: نقع وأنقع؛ لغتان، وتَقَدَّمَ ضبط (التَّور) وما هو.

==========

[ج 2 ص 515]

(1/10144)

[باب الباذق ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة]

قوله: (بَابُ الْبَاذَقِ): هو بالباء الموحَّدة، وبعد الألف ذالٌ معجمةٌ مفتوحةٌ، كذا قَيَّدهُ بفتحها ابن قُرقُول وابنُ الأثير، قال الدِّمْيَاطيُّ: (المطبوخ من عصير العنب كان أوَّل مَن صنعه وسمَّاه بنو أُمَيَّة؛ لينقلوه عن اسم الخمر، وكلُّ مُسكِر، فهو خمرٌ؛ لأنَّ الاسم لا ينقله عن معناه الموجود فيه)، انتهى، وما قاله هو نحو لفظ ابن قُرقُول في «مطالعه»، وكأنَّه أخذه منه أو من القاضي عياض وغيَّره قليلًا جدًّا، وفي «النِّهاية»: (الباذَق): هو بفتح الذال _يعني: المُعْجَمة_: الخمرُ، تعريب (باذه)؛ وهو اسم الخمر بالفارسيَّة، وقَيَّدهُ شيخنا أيضًا بفتح الذال المُعْجَمة، ثُمَّ قال: (وما ذكرتُه مِن فتح الذَّال هو ما قال ابن التِّين

[ج 2 ص 515]

أنَّه ضبطه به، ونقل عن الشيخ أبي الحسن عن بعض الحُذَّاق أنَّه اسمٌ حَدَثَ بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يكن قديمًا في العرب، وسُئِل عن فتح الذَّال، فقال: ما وقفناهم عليه، ولكن الذي [1] قرؤوا بكسرها)، انتهى.

قوله: (وَرَأَى عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٌ شُرْبَ الطِّلَاءِ): أمَّا (عمر)؛ فهو ابن الخطَّاب الفاروق، و (أبو عُبَيدة): عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمين الأمَّة، تَقَدَّمَ، وأحد العشرة، و (معاذ): هو ابن جبل، تَقَدَّمَ أيضًا.

قوله: (شُرْبَ الطِّلَاءِ عَلَى الثُّلُثِ): (الطِّلاء)؛ بكسر الطاء المُهْمَلة، وبالمدِّ في آخره، قال الجوهريُّ: (ما طُبِخ مِن عصير العنب حتَّى ذهب ثلثاه، وتُسمِّيه العجم: المِنْبَخْتُّجَّ، وبعض العرب تُسمِّي الخمرَ الطِّلاء؛ يريد بذلك تحسين اسمها، لا أنَّها الطِّلاءُ بعينها).

قوله: (وَشَرِبَ الْبَرَاءُ وَأَبُو جُحَيْفَةَ): (البراء): هو ابن عازب، وعازب صَحَابيٌّ أيضًا، [و (أبو جحيفة)]: تَقَدَّمَ ضبطه غيرَ مَرَّةٍ، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، وتَقَدَّمَ الخلاف في اسمه واسم أبيه.

(1/10145)

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ [2] رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ رِيحَ شَرَابٍ): (عبيد الله) هذا: هو ولده، وفي «النَّسَائيِّ»: عن السَّائب بن يزيد، عن عمر رضي الله عنه أنَّه خرج عليهم، فقال: (إنَّي وجدت مِن فلان ريحَ شرابٍ، فزعم أنَّه الطِّلاء، وإنِّي سائل عمَّا شَرِب، فإن كان يُسكِر؛ جلدتُه)، فجلده عمرُ الحدَّ تامَّا، (فلان): هو عبيد الله المشار إليه، وقد عزا ابن بشكوال تعيينه لحديث الزَّعفرانيِّ، وفي «جامع معمر» انتهى.

تنبيهٌ: عبد الرحمن بن عمر الأوسط: هو أبو شحمة، وهو الذي ضربه عمرو بن العاصي بمصر في الخمر، ثُمَّ حمله إلى المدينة، فضربه أبوه أدبَ الوالد، ثُمَّ مرض، ومات بعد شهر، هكذا يرويه معمر، عن الزُّهريِّ، عن سالم، عن أبيه، وأمَّا أهل العراق؛ فيقولون: إنَّه مات تحت السِّياط، وذلك غلط، وقال الزُّبَير: (أقام عليه عمرُ حدَّ الشَّرابِ، فمرض فمات) انتهى.

تنبيهٌ: القصَّة التي يذكرها القُصَّاص في المساجد والجوامع وتحت القلعة للعوامِّ في ضرب أبي شحمة في إقامة الحدِّ عليه بالزِّنى، ذكره ابن الجوزيِّ في أواخر «الموضوعات» في (الموضوع على الصَّحابة) بطوله، ثُمَّ قال: (حديثٌ موضوعٌ، كيف رُوِي؟ ومن أيِّ طريق نقل؟! وضعه جهَّال القُصَّاص؛ ليكون سببًا في تبكية العَوامِّ والنِّساء، ولقد أبدعوا فيه، وأتَوا بكلِّ قبيح، ونسبوا عمرَ إلى ما لا يليق، ونسبوا الصَّحابة إلى ما لا يليق بهم، وكلماته الرَّكيكة تدلُّ على وضعه، وبُعْدُهُ عَن أحكام الشَّرع يدلُّ على سوء فهم واضعِه)، ثُمَّ ذكر ما فيه مُخالفٌ للشَّرع ... إلى آخر كلامه، وهو كلام حسن؛ انظرْه إن أردتَه، والله أعلم.

(1/10146)

[حديث: ليس بعد الحلال الطيب إلا الحرام الخبيث]

5598# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو _فيما يظهر_ الثَّوريُّ؛ وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ ذكر في ترجمة (مُحَمَّد بن كثير) في مشايخه الثَّوريَّ، ولم يذكرِ ابنَ عيينة، وأمَّا الذَّهَبيُّ؛ فقال: (روى عن سفيان)، وأطلق، فحملتُ المُطلَق على المُقيَّد، ونظرت في ترجمة أبي الجويرية، واسمه: حطَّان بن خُفاف الجَرْميُّ، فرأيتُه قد روى عنه السُّفيانان، ثُمَّ نظرت في أطراف الحديث، فوجدت الحديث قد رواه البُخاريُّ والنَّسَائيُّ، فرواه البُخاريُّ عن مُحَمَّد بن كثير، عن سفيان، ورواه النَّسَائيُّ في (الأشربة) عن قتيبة، عن أبي عوانة وسفيان بن عيينة فرَّقهما؛ كلاهما عن أبي الجويرية مُختَصَرًا، وأعاد حديث ابن عيينة في (الوليمة)، فيحتَمل أن يكون ابنَ عيينة إن كان روى عنه مُحَمَّد بن كثير، والله أعلم، و (أَبُو الجُوَيْرِيَة): حِطَّان بن خُفاف يروي عن ابن عَبَّاس، ومعن بن يزيد الأسلميِّ، وغيرهما، وعنه: شعبة، والسُّفيانان، وإسرائيل، وزهيرٌ، وأبو عوانة، وجماعة، وَثَّقَهُ أبو حاتم وغيره، أخرج له البُخاريّ وأبو داود، والنَّسَائيُّ، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ: سَبَقَ مُحَمَّدٌ [1] الْبَاذَقَ): (مُحَمَّد): مَرْفوعٌ فاعلٌ، وهو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، و (الباذَقَ): تَقَدَّمَ ما هو، وهو مَنْصوبٌ هنا مفعول، ومعنى هذا الكلام: أنَّ الباذَقَ لم يكن في زمن مُحَمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، أو سبق قولُه فيه وفي غيره مِن جنسه، قاله ابن الأثير، وفي هامش أصلنا ما لفظه: (قال الحافظ أبو ذرٍّ: يعني: أنَّ الاسم حدث بعد الإسلام)، انتهى، وكذا نقل بعضهم عن أبي ذرٍّ، وهو القولُ الأوَّل مِن قَوْلَي ابنِ الأثير.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[ج 2 ص 516]

(1/10147)

[حديث: كان النبي يحب الحلواء والعسل]

5599# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلواء) غيرَ مَرَّةٍ، وأنَّها بالمدِّ والقصر، وإنَّما أخرج هذا الحديث هنا؛ لأنَّ (الحلواء) اختُلِف فيها، فقيل: نقيع التَّمر، وقيل غير ذلك، وسيأتي الكلام عليها في (باب شرب الحلواء) قريبًا.

(1/10148)

[باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرًا ... ]

قوله: (بَابُ مَنْ رَأَى أَلَّا يَخْلِطَ الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ إِذَا كَانَ مُسْكِرًا ... ) إلى آخر الترجمة: ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وَهَّمَ الشَّارحُ البُخاريَّ في قوله: «إذا كان مُسكِرًا»، وقال: إنَّ النَّهْي عن الخليطين عامٌّ وإن لم يسكر كثيرها؛ لسرعة سريان الإسكار إليهما من حيث لا يشعر به، ولا يلزم البُخاريَّ ذلك، إمَّا لأنَّه يرى جواز الخليطَين قبل الإسكار، وإمَّا لأنَّه ترجم على ما يطابق الحديث الأوَّل _أعني: حديث أنس_) ويعني بحديث أنس: (إنَّي لأسقي أبا طلحة وأبا دجانة وسهيل بن بيضاء خليط بُسر وتمر ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: (ولا شكَّ أنَّ الذي كان يسقيه حينئذٍ القومَ مُسكِرٌ، ولهذا دخل عندهم في عموم التحريم للخمر، وقال أنس: إنَّا لنعدُّها يومئذٍ الخمر، دلَّ على أنَّه كان مُسكِرًا، وأمَّا قوله: «وألَّا يجعل إدامين في إدام»، فيطابق حديث جابر وأبي قتادة)، ويعني بحديث جابر: «نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الزبيب، والتمر، والبُسر، والرُّطب)، وبحديث أبي قتادة: (نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يجمع بين التمر والزهو، والتَّمر والزَّبيب، وليُنبَذ كلُّ واحد منهما على حدة)، قال ابن المُنَيِّر: (ويكون النَّهْي مُعلَّلًا بعلل مُستقلَّة؛ إمَّا تَحقُّق إسكار الكثير، وإمَّا توقُّع الإسكار بالاختلاط سريعًا، وإمَّا الإسرافُ والشَّره، والتَّعليلُ بالإسراف مُبيَّن في حديث النَّهْي عن قران التَّمر هذا، والتَّمرتان نوعٌ واحدٌ، فكيف بالمُتعدِّد؟!) انتهى.

قوله: (أَلَّا يَخْلِطَ): هو مَبْنيٌّ للفاعل، و (البُسر): إذن مَنْصوبٌ مفعول، و (التمر): معطوف عليه، وكذا (يَجْعَلَ): مَبْنيٌّ للفاعل أيضًا، والله أعلم.

(1/10149)

[حديث أنس: إني لأسقي أبا طلحة وأبا دجانة وسهيل بن البيضاء ... ]

5600# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو ابن إبراهيم، الفراهيديُّ، الحافظ، تَقَدَّمَ الكلام عليه، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِنِّي لأَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الجماعة الذين كان يسقِيهم أنسٌ في (سورة المائدة)، وأنَّ في «مسند أحمد»: (أنَّهم كانوا أحد عشر رجلًا).

قوله: (حُرِّمَتِ الْخَمْرُ): هو بِضَمِّ الحاء، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، و (الخمر): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

[ج 2 ص 516]

قوله: (قَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: سَمِعَ أَنَسًا): وهذا تعليق مجزوم به، وهو عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله، أبو أُمَيَّة، المصريُّ، الفقيه، المقرئ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ مِرارًا، وإنَّما أتى بهذا التَّعليق؛ لأنَّ في الَّسند الأوَّل قتادةَ عنعن عن أنسٍ، وهو مُدَلِّس، فبيَّن بهذا تصريح قتادة بالسَّماع مِن أنسٍ، والله أعلم، قال شيخنا: (وقد أسنده أبو نعيم الحافظ ... )؛ فذكره.

(1/10150)

[حديث: نهى النبي عن الزبيب والتمر والبسر والرطب]

5601# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد، النَّبيّلُ، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): هو ابن رَباح، أحد الأعلام، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (نَهَى [1] عَنِ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْبُسْرِ، وَالرُّطَبِ): يعني: أن يُنبَذا جميعًا، وكذا ذكر في الحديث: «وليُنبذْ كلُّ واحد منهما على حدة».

تنبيهٌ: اعلم أنَّ أصحاب الشَّافِعيِّ وغيرَهم مِن العلماء قالوا: سبب الكراهة: أنَّ الإسكار يُسرِع إليه بسبب الخليط قَبلَ أن يتغيَّر طعمُه، فيظنُّ الشَّارب أنَّه ليس مُسكِرًا، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (ومذهب الشَّافِعيِّ والجمهور: أنَّ النَّهْي؛ لكراهة التنزيه، ولا يحرم ذلك ما لم يَصِرْ مُسكِرًا، وبهذا قال جماهير العلماء، وقال بعضُ المالكيَّة: هو حرام، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف في رواية عنه: لا كراهةَ فيه، ولا بأسَ به؛ لأنَّ ما حلَّ مُفرَدًا حلَّ مخلوطًا، وأنكر عليه الجمهور، والأحاديث الصَّحيحة الصَّريحة قاضية عليه في النَّهْي عنه، فإن لم يكن حرامًا؛ كان مكروهًا، واختلف أصحابُ مالك في النَّهْي: هل يختصُّ بالشُّرب أم يعمُّه وغيره؟ والأصحُّ التَّعميمُ)، انتهى، وقال الإمام أبو سليمان حمْد بن مُحَمَّد بن إبراهيم الخَطَّابيُّ البُستيُّ في «معالمه»: (ذهب غير واحد من العلماء إلى تحريم الخليطَين وإن لم يكن الشراب المُتَّخذ منهما مُسكِرًا؛ على ظاهر الحديث، ولم يجعلوه معلولًا بالإسكار، وبه قال عطاء، وطاووس، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وعامَّة أهل الحديث، وهو غالبُ مذهب الشَّافِعيِّ، وقال: مَنْ شرب الخليطَين قبل حدوث الشِّدَّة؛ فهو آثمٌ مِن جهة واحدة، وإن شرب بعد حدوث الشِّدَّة؛ كان آثمًا مِن جهتَين؛ إحداهما: شرب الخليطَين، والأخرى: شرب المُسكِر، ورخَّص فيه سفيان، وأهل الرَّأي، وقال اللَّيث: (إنَّما جاءتِ الكراهة أن يُنبَذا جميعًا؛ لأنَّ أحدهما يُسنِد صاحبه)، انتهى لفظ الخَطَّابيِّ، والله أعلم، وقد نقل شيخُنا عن الشَّافِعيِّ: (أنَّه سُئِل عن رجل شرب خليطَين مُسكِرًا؟ فقال: هذا بمنزلة أكل لحم خِنزير ميِّت، فهو حرام من وجهين؛ الخِنزيرُ حرامٌ، والمُسكِرُ حرامٌ)، انتهى.

==========

(1/10151)

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[ج 2 ص 517]

(1/10152)

[حديث: نهى النبي أن يجمع بين التمر والزهو]

5602# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن إبراهيم، الفراهيديُّ، الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه الدَّستوائيُّ، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث_وقيل غيره_ ابن ربعيٍّ الأنصاريُّ.

قوله: (أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْوِ): (يُجمَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (وَلْيُنْبَذْ): مَبْنيٌّ أيضًا.

==========

[ج 2 ص 517]

(1/10153)

[باب شرب اللبن ... ]

قوله: (بَابُ شُرْبِ اللَّبَنِ): ساق ابن المُنَيِّر أحاديثَ البابِ بلا إسناد مُختصَرةً، ثُمَّ قال: (أطال في هذه الترجمة النَّفَس؛ ليردَّ قولَ مَن تخيَّلَ أنَّ اللَّبن يُسكِر كثيرُه، فردَّ هذا الفقه البعيد بالنَّصِّ، ثُمَّ هو غيرُ مستقيم؛ لأنَّ اللَّبن بمجرَّده لا يُسكِر مُطلَقًا، وإنَّما يتَّفق ذلك فيه نادرًا والصِّفة تحدث)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 517]

(1/10154)

[حديث: أتي رسول الله ليلة أسري به بقدح لبن وقدح خمر]

5603# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقبه، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيْد بْن المُسَيّب): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (لَيْلَةَ): هو مَنْصوبٌ على الظَّرف.

قوله: (أُسْرِيَ بِهِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/10155)

[حديث: شك الناس في صيام رسول الله يوم عرفة]

5604# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الحاء وفتح الميم، وأنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النِّسبة لماذا؟ في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَان) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عيينة، و (سَالِم): أبو النَّضر، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ (النَّضر) _ بالمُعْجَمة_ لا يأتي إلَّا بالألف واللَّام؛ بخلاف (نصر)؛ بالمُهْمَلة، فإنَّه لا يأتي بهما، و (أُمُّ الْفَضْلِ): هي أمُّ بني العَبَّاس السِّتَّة النُّجباء لُبابة بنت الحارث بن حزن الكبرى، أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، ويقال: أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمة بنت الخطَّاب.

قوله: (وَكَانَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة.

قوله: (فَإِذَا وُقِّفَ عَلَيْهِ): هو مُشدَّد في أصلنا بالقلم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي نسخة في هامش أصلنا: (وُقِف): مَبْنيٌّ مُخفَّف، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، قال الجوهريُّ: (يقال: وقفتِ الدَّابةُ تقِفُ وقوفًا، ووقفتُها أنا، يتعدَّى ولا يتعدَّى، ووقَفْته على دَينه؛ أي: أطلعتُه عليه، ولم أر أنا وقَّفته؛ بالتَّشديد، اللَّهمَّ؛ إلَّا أن يكون شُدِّد؛ للمبالغة، والله أعلم).

(1/10156)

[حديث: ألا خمرته ولو أن تعرض عليه عودًا]

5605# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم وكسر الرَّاء، هو ابن عبد الحميد، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئُ، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سُفْيَان): هو طلحة بن نافع، الواسطيُّ _ويقال: المَكِّيُّ_ الإسكافُ، مولى قريش، عن أبي أيُّوب الأنصاريِّ، وابن

[ج 2 ص 517]

عَبَّاس، وجابر، وابن الزُّبَير، وأنس، وغيرِهم، وعنه: الأعمشُ _فأكثر_، وحصين بن عبد الرَّحمن، وجعفر بن أبي وحشيَّة، وحجَّاج بن أرطاة، وآخرون، قال أحمد: ليس به بأس، وقال سعيد: حديثه عن جابر صحيفة، أخرج له الجماعة؛ البُخاريُّ مقرونًا بغيره، كما هنا، فإنَّه قرنه بأبي صالح، ولأبي سفيان ترجمة في «الميزان».

قوله: (جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ): هو أبو حميد الساعديُّ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الرحمن بن عَمرٍو)، انتهى، وهو عبد الرحمن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر بن سعد، الخزرجيُّ المدنيُّ، تُوُفِّيَ في آخر خلافة معاوية، روى عنه جماعةٌ، ترجمته معروفة، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند» وبقيٌّ أيضًا، وهو فرد في الصَّحابة؛ أعني: في الكنية، والله أعلم.

(1/10157)

قوله: (بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ): هو بالنون المفتوحة، قال الدِّمْيَاطيُّ: («النَّقيع»: موضعٌ حماهُ عمرُ رضي الله [عنه] لنَعَم الفيء، وخيل المجاهدين، فلا يرعاه غيرها، وهو موضع قريب من المدينة كان يستنقع فيه الماء؛ أي: يجتمع فيه الناقع المجتمع)، انتهى، وقال ابن قُرقُول في (النُّون): («النَّقيع»: هو الذي حماه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والخلفاء، وهو صدر وادي العقيق)، وقال في (الموحَّدة): (وأمَّا «النَّقيع» الذي حماه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثُمَّ عمر، وهو الذي يضاف إليه، في الحديث: «وغرز [1] النَّقيع»، وفي الحديث الآخر: «بقدح من النَّقيع»، و «حمى النَّقيع»: وهو على عشرين فرسخًا مِن المدينة، ومساحته ميل في بريد، وفيه شجر، ويستجمُّ حتَّى يغيب فيه الرَّاكبُ، واختلف الرواة في ضبطِه؛ فمنهم من قَيَّدهُ بالنون؛ منهم النَّسفيُّ، وأبو ذرٍّ، والقابسيُّ، وكذلك قيَّدناه في «مسلم» عن الصَّدفيِّ وغيره، وكذلك لابن ماهان، وكذلك ذكره الهرويُّ والخَطَّابيُّ، قال الخَطَّابيُّ: وقد صحَّفه بعض أصحاب الحديث بالباء قال: وإنَّما الذي بالباء؛ فهو مَدفِن أهل المدينة، ووقع في كتاب الأصيليِّ في موضع بالفاء مع النُّون، وهو تصحيف، وإنَّما هو بالنُّون والقاف، وقال البكريُّ أبو عُبيد: بالباء؛ مثل: بقيع الغرقد، و «النَّقيع» في الأصل: كلُّ موضع يستنقع فيه الماء، وبه سُمِّي هذا)، انتهى، ولم يذكرِ ابن الأثير في (النقيع)؛ الحمى غيرَ النُّون، وقال النَّوَويُّ في «شرح مسلم» بعد أن حكى الاختلاف: (والصَّحيح الأشهر الذي قاله الخَطَّابيُّ والأكثرون: بالنُّون، وهو موضع بوادي العقيق، وهو الذي حماه عليه السَّلام).

قوله: (أَلَا خَمَّرْتَهُ): أي: غطَّيته.

(1/10158)

قوله: (وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا): (تعرُض): قال ابن قُرقُول: («ولو بعُود يعرُضُه»؛ فبضمِّ الرَّاء كذا رويناه، وكذا قاله الأصمعيُّ، ورواه أبو عبيد بفتح التَّاء مع كسر الرَّاء، والأوَّل أشهر، وهو أن تضعَهُ عليه عرضًا [كأنَّه جعلَه بعرْضِه ومدِّه هناك؛ إذ لم يجِد ما يخمِّرُه أجمع، ومثلُه: «كان يُعرِّضُ رَاحِلَته ويُصلِّي إليها»؛ أي: يُنيخُها عَرضًا] [2] في قبلته، كذا ضبطناه، وكذا قَيَّدهُ الأصيليُّ، وقَيَّدهُ بعضُهم: «تعرض»، والأوَّل أوجه)، انتهى، ولم يتعرَّض ابن الأثير للرَّاء، ولفظه: («ولو بعود يعرضه عليه»؛ أي: يضعه عليه بالعرض)، وفي «الصِّحاح»: (وعرض العودَ على الإناء والسَّيفَ على فخذه يعرِضه ويعرُضه أيضًا، فهذه وحدها بالضَّمِّ).

(1/10159)

[حديث: ألا خمرته، ولو أن تعرض عليه عودًا]

5606# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ [1]: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): كذا في أصلنا، وهو خطأ، سقط منه ([حدَّثنا] أبي)، وهو غياث، وقد تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، و (الأعمش): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أُرَاهُ): هو بِضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (مِنَ النَّقِيعِ): تَقَدَّمَ أعلاه الكلام عليه، وكذا (أَلَا خَمَّرْتَهُ)؛ أي: غطَّيتَه، تَقَدَّمَ، وكذا (تَعْرُضَ): تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (وَحَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ): قائل ذلك هو الأعمش، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (أبي سفيان) أعلاه، وفي الصَّفحة قبل هذه، واسمه طلحةُ بن نافع.

(1/10160)

[حديث: قدم النبي من مكة وأبو بكر معه قال أبو بكر مررنا براع]

5607# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه محمود بن غيلان، و (النَّضْرُ): هو ابن شميل الإمامُ، و (أَبُو إِسْحَاق): عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (الْبَرَاء): ابن عازب.

قوله: (مَرَرْنَا بِرَاعٍ): هذا (الراعي) لا أعرف اسمه.

قوله: (فَحَلَبْتُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين الرواية الأخرى أنَّه أَمَرَ الرَّاعي، فحلب، في حديث الهجرة، والله أعلم.

قوله: (كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ): (الكُثْبَة)؛ بِضَمِّ الكاف، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي الشيء القليل، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَتَاهُ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وضبط جدِّه (جعشم)، وهو سراقة بن مالك بن جعشم المُدْلِجيُّ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 518]

(1/10161)

[حديث: نعم الصدقة اللقحة الصفي منحةً]

5608# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنُّون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج [1]): عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ مِن نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ): (اللِّقحة)؛ بكسر اللَّام، وقد يقال: بفتحها، وجمعها: لِقاح، وهي ذوات الدَّرِّ مِن الإبل، يقال لها ذلك بعد الولادة بشهر، وشهرين، وثلاثة، ثُمَّ هي لبون، و (اللِّقحة): اسم لها في تلك الحال، لا صفة، فلا يقال: ناقة لِقحة، ولكن يقال: هذه لقحة، فإن أرادوا الوصف؛ قالوا: ناقة لقوح ولاقح، وقد يقال لها ذلك وهنَّ حوامل لم يضعن بعدُ، وقد جاء في الحديث: (اللِّقحة في البقر والغنم)، كما جاءت في الإبل، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ في (المنحة).

قوله: (الصَّفِيُّ): هو بفتح الصاد المُهْمَلة، وكسر الفاء، وتشديد الياء، وهي الكريمة، الغزيرةُ اللَّبن، وقد تَقَدَّمَ في (المنحة).

[ج 2 ص 518]

قوله: (مِنْحَةً): هو مَنْصوبٌ مُنوَّن، وهذا ظاهِرٌ، وكذا بعده: (وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (عبد الرَّحمن).

(1/10162)

[حديث: أن رسول الله شرب لبنًا فمضمض.]

5609# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد، النَّبيلُ، و (الأَوْزَاعِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن عمرو، أبو عمرو، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.

(1/10163)

[معلق ابن طهمان: رفعت إلى السدرة فإذا أربعة أنهار]

5610# قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ شُعْبَةَ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، و (إبراهيم بن طهمان): ثقة مشهور، وكان مِن أئمَّة الإسلام على إرجاء فيه، تَقَدَّمَ، تُوُفِّيَ سنة بضع وستِّين ومئة، أخرج له الجماعة، قال شيخنا: تعليق (إبراهيم) وصله الإسماعيليُّ، وكذا وصله أبو نعيم، وساق سند كلِّ واحدٍ منهما.

قوله: (رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ): (رُفِعْتُ)؛ بِضَمِّ الراء، وكسر الفاء، وفي آخره تاء المُتكلِّم المضمومة، و (إلى السِّدرة): جارٌّ ومجرور.

قوله: (وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ؛ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ الشيخ محيي الدين النَّوَويَّ قال: (مقاتل: هما السَّلسبيل والكوثر)، وقال شيخنا: (عن ابن عَبَّاس ذلك).

قوله: (وَأُتِيتُ بِثَلَاثَةِ أَقْدَاحٍ): تَقَدَّمَ الجمع بين رواية (ثلاثة أقداح)، ورواية: (بقدحَين)، و (أُتِيتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وتاء المُتكلِّم مضمومةٌ في آخره.

قوله: (أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (الفطرة) هنا: الاستقامة، وتَقَدَّمَ الكلام على (غَوَتْ أُمَّتُكَ)؛ أي: انهمكت في الشَّرِّ.

قوله: (وَقَالَ [1] هِشَامٌ وَسَعِيدٌ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ ... ) إلى آخره: أمَّا (هشام)؛ فهو ابن أبي عبد الله الدَّسوائيُّ، تَقَدَّمَ، وأمَّا (سعيد)؛ فهو ابن أبي عَرُوبة، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ ما قاله شيخنا فيه في «القاموس»، وأمَّا (همَّام)؛ فهو ابن يحيى، والتَّعاليق الثَّلاثة أخرجها البُخاريُّ في «صحيحه» مسندةً، وتعليق (هشام) أخرجه أيضًا مسلم عن أبي موسى، عن معاذ بن هشام، عن أبيه به، وأمَّا تعليق (سعيد)؛ فأخرجه البُخاريُّ وقد ذكرتُه قُبَيل هذا، وأخرجه مسلم في (الإيمان) عن أبي موسى، عن ابن أبي عديٍّ، عن سعيد به بطوله، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (التَّفسير) عن مُحَمَّد بن بَشَّار، عن غُنْدُر وابن أبي عديٍّ؛ كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة به ببعضه، وأمَّا تعليق (همَّام عن قتادة)؛ فأخرجه البُخاريُّ، كما قدَّمتُه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قال).

[ج 2 ص 519]

(1/10164)

[باب استعذاب الماء]

قوله: (بَابُ اسْتِعْذَابِ الْمَاءِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب _وهو: (كان أبو طلحة أكثر أنصاريٍّ بالمدينة مالًا مِن نخل) _ مُختصَرًا بغير إسناد، ثُمَّ قال: (غرض الترجمة أنَّ التماس الماء العذب الطَّيِّب دون غيره ليس منافيًا للزُّهدِ، ولا داخلًا في التَّرفُّه والتَّرف المكروه، بخلاف تطييب الماء بالمسك وماء الورد ونحوه، فهو مكروه عند مالك، وقد نصَّ على كراهة الماء المُطيَّب بالكافور للمُحرِم والحَلال، قال: لأنَّه مِن ناحية السَّرَف، والله أعلم)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 519]

(1/10165)

[حديث: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالًا ... ]

5611# قوله: (كَانَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ رضي الله عنه، وكذا تَقَدَّمَ (بيْرحَاء)، ولغاته، وتَقَدَّمَ أنَّ الحديقة تُعرَف اليوم بالنُّوريَّة، وأنَّها اشترتها امرأة من النُّوريِّين؛ قضاةِ مكَّة، ووقفتها على الفقراء والمساكين، و (مُسْتَقْبِلَة الْمَسْجِدِ): تَقَدَّمَ أنَّها بكسر الموحَّدة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (بَخٍ) لفظًا ومعنًى، وعلى (رَابِح)؛ بالموحَّدة، (أَوْ رَايِح)؛ بالمُثَنَّاة تحت، كذا هنا بالشَّكِّ، و (عبد الله): هو الشَّاكُّ، كما هنا، وهو عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، الإمامُ، صاحبُ «المُوطَّأ»، سمعناه عاليًا بحلبَ، و (أَفْعَلُ): فعلٌ مُستقبَلٌ مَرْفوعٌ.

قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى: رَايِحٌ): (إسماعيل): هو ابن أبي أُوَيس عبدِ الله، وقد تَقَدَّمَ أنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وأمَّا (يحيى بن يحيى)؛ فهو أبو بكر التَّميميُّ، أبو زكريَّا النيسابوريُّ، أحد الأعلام، لا يحيى بن يحيى اللَّيثيُّ، عالمُ الأندلس، راوي «المُوطَّأ»، هذا الثاني ليس له في الكُتُب السِّتَّة شيء، و (رايح)؛ بالمُثَنَّاة تحت، وهذان لم يشكَّا، بل جزما بالمُثَنَّاة تحت، والله أعلم، وحديث إسماعيل عن مالك أخرجه البُخاريُّ في (التفسير)، وحديث يحيى بن يحيى أخرجه البُخاريُّ في (الوكالة) عن يحيى بن يحيى، عن مالك، وأخرجه مسلم في (الزَّكاة) عن يحيى بن يحيى، عن مالك.

(1/10166)

[باب شوب اللبن بالماء]

قوله: (بَابُ شَوْبِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ): (الشوب)؛ بالواو: الخلط، قال ابن المُنَيِّر بعد أن ساق ما في الباب على عادته: (ترجم لحديث جابر: «باب الكرع في الحوض»، وفيه: «فقال: يا رسول الله؛ بأبي أنت وأمِّي، وهي ساعة حارَّة»: شوب اللَّبن بالماء، هو أصل في نفسه، وليس من باب الخليطين في شيء)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 519]

(1/10167)

[حديث أنس: الأيمن فالأيمن]

5612# [قوله]: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، ولقبه عبدان، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (فَحلبْتُ [1] شَاة): (حلبتُ)؛ بالتَّاء المضمومة؛ تاء المُتكلِّم، و (شاة): مَنْصوبٌ مُنوَّن مفعول.

قوله: (فَشُبْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبِئْرِ): (شُبْت)؛ بِضَمِّ الشين المُعْجَمة، وإسكان الموحَّدة، ثُمَّ [تاء] المُتكلِّم المضمومة؛ أي: خَلطتُ.

قوله: (وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ): قال شيخنا: (إنَّه خالد بن الوليد، كما سلف)، انتهى، وفي هذا نظر، وذلك لأنَّ خالدًا ليس أعرابيًّا، بل هو مِن أهل الحاضرة، وقد قَدَّمْتُ ذلك، وقد أنكر ذلك أيضًا ابن شيخنا البلقينيِّ، كما أنكرته، والله أعلم، ونقل بعضهم عن ابن عَبْدِ البَرِّ في «التمهيد» إنكارَه.

قوله: (الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ): هما منصوبان على الإغراء؛ أي: عليك الأيمنَ، أو بإضمار: (أعطِ)، وقال النَّوَويُّ في «شرح مسلم»: (ضُبِط بالنَّصب والرَّفع، وهما صحيحان، النَّصب على تقدير: أعطِ، والرَّفع على تقدير: الأيمن أحقُّ أو نحوُ ذلك)، ثُمَّ قال النَّوَويُّ في «الشَّرح» المشار إليه: (وفي الرواية الأخرى: «الأيمنون»، وهو يرجِّح الرَّفع)، انتهى، وقال المُحِبُّ الطَّبريُّ في (الأيمن فالأيمن): (في إعرابه وجهان؛ أحدهما: نصبُ النُّون)، ثُمَّ ذكر ما ذكرتُه، ثُمَّ قال: (والثَّاني: الرَّفع على معنى الابتداء؛ أي: الأيمن أولى)، انتهى.

==========

[1] كذا ضُبِطَتْ بالمبنيِّ للمفعول بالقلم في (أ)، وهي نسخة في هامش (ق).

[ج 2 ص 519]

(1/10168)

[حديث: إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شنة وإلا كرعنا]

5613# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ؛ وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ ذكر في «الكمال» أنَّ المسنديَّ روى عن أبي عامر العَقَديِّ، ولم يذكر في ترجمة العقديِّ راويًا اسمه عبد الله بن مُحَمَّد عنه سوى المسنديِّ، والله أعلم، و (أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عَمرو، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، والكلام على نسبته هذه، و (فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الفاء وفتح اللَّام.

[ج 2 ص 519]

قوله: (دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (وقع في هذا المعنى قضيَّتان لأنصاريَّين؛ أحدهما: أبو الهيثم بن التَّيِّهان، وفيه: «أنَّه جاء إليه، ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما»، الثانية: أبو أيُّوب الأنصاريُّ، وفيه أيضًا: «أنَّ معه أبا بكر وعمرَ»، والأوَّل في «مسلم»، والثاني في «الطَّبَرانيِّ» ... ) إلى أن قال: (فيحتمل أن يكون لثالث) انتهى مُلخَّصًا، وجزم بعض الحُفَّاظ المعاصرين بأنَّه أبو الهيثم بن التَّيِّهان.

قوله: (وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ): الضمير في (معه) و (له): راجع إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، لا إلى الأنصاريِّ؛ بدليل قوله في آخر الحديث: (ثُمَّ شرب الرجل الذي جاء معه)، وسيجيء الحديث، وفيه: (فسلَّم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وصاحبُه، فردَّ الرَّجلُ)، وقال في آخره أيضًا: (فشربَ الرَّجلُ الذي جاء معه)، والظاهر أنَّ الرجل الذي جاء معه عليه السَّلام إمَّا أبو بكر، وإمَّا عمر، والله أعلم؛ بدليل ما ذكرتُه أعلاه، وجزم بعض الحُفَّاظ المصريِّين بأنَّه أبو بكر رضي الله عنه.

قوله: (فِي شَنَّةٍ): (الشَّنَّة): تَقَدَّمَتْ أنَّها القربة البالية، و (في شنَّة): جارٌّ ومجرور، وليس فيها ضميرٌ، وكذا هو في أصلنا.

قوله: (كَرَعْنَا): (الكَرْع)؛ بفتح الكاف، وإسكان الرَّاء، وبالعين المُهْمَلة، والكرع في الماء: الشرب منه بالفم، وقال ابن دريد: لا يكون الكَرْع إلَّا إذا خاض الماء بقدمَيه، فشرب منه بفيه، يقال: كرع في الماء يَكرَعُ كرعًا وكُروعًا، و (الكرَع)؛ بفتح الرّضاء: الماء الذي تخوضه الماشية بأكارِعها، فتشرب منه، وقال غيره: (الكَرَع): ماء السَّماء، وأكرع القومُ؛ إذا وجدوه فوردوه، قاله في «المطالع»، والله أعلم.

(1/10169)

قوله: (وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ): (الرَّجل): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (فِي حَائِطِهِ): تَقَدَّمَ ما (الحائطُ) مَرَّاتٍ.

قوله: (فَانْطَلِقْ إِلَى الْعَرِيشِ [2]): تَقَدَّمَ ما (العريش)، و (انطلقْ): فعلُ أمرٍ ساكنُ الآخِر.

قوله: (فَانْطَلَقَ بِهِمَا): (انطلقَ): فعل ماضٍ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مِنْ دَاجِنٍ): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ (الدَّاجن): الشَّاة التي تألف البيت، ولا تخرج إلى المرعَى.

==========

[1] (العَقَدِيُّ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في هامش (ق): (كذا في نسخة مقروءة).

(1/10170)

[باب شراب الحلواء والعسل]

قوله: (شِرْبُ [1] الْحَلْوَاءِ): تَقَدَّمَ ما (الحلواء)، وأنَّها بالمدِّ والقصر، قال ابن قُرقُول: («الحلواء»: ممدودةٌ عند أكثرهم، والأصمعيُّ يقصرُها، وحكى أبو عليٍّ الوجهين، وقال اللَّيث: الحلواءُ؛ ممدودة، وهو كلُّ شيء حُلو يُؤكَل، وقال شيخنا: («الحلواء»: فيها ثلاثة أقوال؛ قول الخَطَّابيِّ: إنَّها ما يُصنَع مِن العسل ونحوِه، وقال الدَّاوديُّ: هو النَّقيع الحُلْو، وعليه يدلُّ تبويبُ البُخاريِّ: «شِرْب الحلواء»، وقال أيضًا: «هو التمر ونحوه مِن الثمار» ... ) إلى أن قال: (وعبارة ابن بَطَّال: «كلُّ شيء حُلْوٍ») انتهى.

(1/10171)

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَحِلُّ شُرْبُ بَوْلِ النَّاسِ لِشِدَّةٍ تَنْزِلُ؛ لأَنَّهُ رِجْسٌ): أمَّا (الزُّهريُّ)؛ فقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحد الأعلام، مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، وأمَّا كلامه؛ فيُستثنَى منه بولُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد يخرُجُ مِن كلامه من قوله: (لأنَّه رجس)؛ وذلك لأنَّ بولَه صلَّى الله عليه وسلَّم شفاءٌ وبركةٌ، وقد شربت أمُّ أيمن بركةُ حاضنةُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بولَهُ، وقيل: إنَّ التي شربت بولَه بركةُ جاريةُ أمِّ حبيبة، فقال: «إذن لا ينجعُ [2] بطنُك بعدَه أبدًا»؛ رواه الحاكم في «مستدركه» في ترجمة أمِّ أيمن بركةَ حاضةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم جارِيَتِه، وعن الدارقطنيِّ: أنَّ حديث المرأة التي شربت بولَه حديثٌ صحيحٌ، وعن «العلل» له: أنَّه مضطرب، وأنَّ الاضطراب جاء من جهة أبي مالكٍ النَّخَعيِّ، وأنَّه ضعيفٌ، وأبو مالك هذا في رواية الحاكم، واسمه عبد الملك بن حسين، أبو مالك النَّخَعيُّ الكوفيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وقد أخرج له ابن ماجه، وقد شرب بولَه أيضًا صلَّى الله عليه وسلَّم امرأةٌ أخرى يُقال لها: أمُّ يوسف، واسمها أيضًا بركةُ، ذكره شيخُنا البلقينيُّ، والكلام في فَضَلاتِه صلَّى الله عليه وسلَّم عند الشَّافِعيَّة معروفٌ، وقد شرب دَمَه جماعةٌ؛ منهم: سَفينة، كما رواه البَيْهَقيُّ، وأبو طيبة الحجَّام، ومالك بن سنان الخُدْريُّ يوم أُحُد؛ ذكره أهلُ السِّيَر، وهو في «المستدرك»، وتعقَّبه الذَّهَبيُّ، وشَرِبَ دمَه أيضًا عبدُ الله بن الزُّبَير، وشرب أيضًا دمَه عليُّ بن أبي طالب، ذكره الرافعيُّ في «الشرح الكبير»، ولم يرَه شيخُنا مخرِّجُ أحاديثِ «الرافعيِّ» شارحُ هذا الكتاب، فهؤلاء جماعةٌ أيضًا، وشخصٌ آخَرُ حجَّامٌ اسمه سالمٌ، شَرِبَ دَمَه.

(1/10172)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي السَّكَرِ): هو بفتح السين والكاف المخفَّفة، قال الجوهريُّ: (السَّكَر)؛ بالفتح: نبيذ التمر، وفي التنزيل: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً} [النحل: 67]) انتهى، و (السَّكَر) في الآية: فيه أقوال: قال شيخنا: وقد اختُلِف في (السَّكَر)؛ فقيل: هو الخمر، وبه جزم الدِّمْيَاطيُّ، وقيل: ما كان شربُه حلالًا؛ كالنَّبيذ والخلِّ، وقيل: هو النَّبيذ، ثُمَّ نقل كلام الجوهريِّ، انتهى، وأمَّا قول ابن مسعود: (إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)؛ هو هنا موقوفٌ على ابن مسعود من قوله، وقد رواه البَيْهَقيُّ من حديث أمِّ سلمة، وصحَّحه ابن حِبَّان، وقد روى مسلم في «صحيحه» من حديث طارق بن سُوَيد الجعفيِّ: «إنَّه ليس بدواءٍ، ولكنَّه [3] داءٌ»، وفي «أبي داود» و «ابن ماجه»: «إنَّما ذلك داء، وليس بشفاء»، والله أعلم، وأمَّا التداوي بالأشياء النجسة؛ فمذهب الشَّافِعيِّ: جوازُه إلَّا الخمرَ بشرطَين، وسأذكر ذلك في (كتاب الطبِّ)، والله أعلم، وقد ذكرتُهما في أوائل هذا التعليق أيضًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (شراب).

[2] في (أ): (يبجع)؛ فليراجع.

[3] في (أ): (ولكنَّها)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 520]

(1/10173)

[حديث: كان النبي يعجبه الحلواء والعسل]

5614# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، وهذا معروفٌ ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلواء) أعلاه ما هو.

==========

[ج 2 ص 520]

(1/10174)

[باب الشرب قائمًا]

(1/10175)

[حديث: إن ناسًا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم]

5615# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (مِسْعَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين وفتح العين المُهْمَلتين، ثُمَّ راء، وهو ابن كدام، أبو سلمة الهلاليُّ، العَلَم المشهور، و (النَّزَّالِ): بفتح النون، وتشديد الزاي، وهو ابن سبرة.

قوله: (بَابِ الرَّحْبَةِ): هي رحبة الكوفة، كما سيأتي في الحديث بعده، وهي بإسكان الحاء، وهي محِلَّة منها، وقال شيخُنا: بإسكان الحاء ... إلى أن قال: فعلى هذا؛ نقرَأُ ما في الأصل بالسكون ... إلى أن قال: فتُقرَأ بالتحريك، قال ابن التين: وهذا هو البيِّن، انتهى، فحاصل كلامه: أنَّه يُقال بالإسكان والتحريك [1]، والله أعلم.

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 520]

(1/10176)

[حديث علي: أنه صلى الظهر ثم قعد في حوائج الناس في رحبة ... ]

5616# قوله: (ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 520]

(1/10177)

[حديث: شرب النبي قائمًا من زمزم]

5617# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ قريبًا اسمُه واسمُ أبيه، وتَقَدَّمَ قبل ذلك مرارًا، و (سُفْيَانُ): بعده هو الثَّوريُّ، و (الشَّعْبِيُّ):

[ج 2 ص 520]

تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل.

(1/10178)

[باب من شرب وهو واقف على بعيره]

(1/10179)

[حديث أم الفضل: أنها أرسلت إلى النبي بقدح لبن]

5618# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر) _بالمُهْمَلة_؛ لأنَّ (نصرًا) _ بالمُهْمَلة_ لا يأتي بالألف واللام، بخلاف (النضر) _ بالمُعْجَمة_، فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، واسم هذا: سالم بن أبي أُمَيَّة، و (أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ): تَقَدَّمَ أنَّها لبابة الكبرى، زوجُ العَبَّاس وأمُّ بنيه السِّتَّةِ النُّجَباء، وأنَّها أوَّلُ امرأةٍ أسلمت بعد خديجة، ويُقال: إنَّ أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمةُ بنت الخطَّاب.

قوله: (زَادَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ): (مالك): هو الإمام المجتهد، و (أَبُو النَّضْر): سيأتي قريبًا جدًّا أنَّه سالم، وحديث مالك رواه البُخاريُّ في (الحج) عن القعنبيِّ، وفي (الصوم) عن عبد الله بن يوسف، وعن مسدَّد عن يحيى؛ ثلاثتهم عن مالكٍ، عن أبي النضر، وأخرجه مسلم في (الصوم) عن يحيى بن يحيى، عن مالك به، وأبو داود عن القعنبيِّ به.

(1/10180)

[باب الأيمن فالأيمن في الشرب]

قوله: (بَابُ الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ فِي الشُّرْبِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: الحديث مطابقٌ للترجمة، والتيامنُ وإن كان مستحبًّا في كلِّ شيء إلَّا أنَّ المنقولَ عن مالكٍ البُداءة في الماء خاصَّةً، فلعلَّ البُخاريَّ احترز من هذا، فخصَّ الترجمة بالشرب؛ موافقةً للواقعة، والقياس أنَّ مناولةَ الطعام أيضًا كذلك، ويلحقُ به كلُّ ما يُقسَم على هذا الوجه مطلقًا، انتهى، ونقل شيخُنا عن بعضهم أنَّه قال: ما رُوِيَ عن مالك: أنَّه قال ذلك في الماء خاصَّةً؛ فلا أعلم أحدًا قاله غيره ... إلى أن قال: قال ابن عَبْدِ البَرِّ: لا يصحُّ ذلك عن مالك، قال ابن العربيِّ: وهي روايةٌ أنكرها قومٌ، ثُمَّ ذكر وجهها، انتهى.

قوله في الترجمة: (بابُ: الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ): يجوز فيه الجرُّ والرفعُ والنصبُ، هذا إذا لم تُنَوِّن (بابٌ)، فإن نوَّنتَه؛ يجِئ فيه الرفع والنصب، والله أعلم.

(1/10181)

[حديث أنس: الأيمن فالأيمن.]

5619# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ، و (ابْن شِهَاب): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (أُتِيَ بِلَبَنٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ): أي: خُلِطَ.

قوله: (وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ): هذا الأعرابيُّ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ قريبًا ردُّ كلامِ مَن قال: إنَّه خالد بن الوليد.

قوله: (الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ): هما منصوبان؛ أي: أعطوا، أو نحو ذلك، وقد تَقَدَّمَ ما قاله النَّوَويُّ والمحبُّ الطبريُّ: (إنَّه يجوز الرفع والنصب) قريبًا.

==========

[ج 2 ص 521]

(1/10182)

[باب: هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب ليعطى الأكبر؟]

(1/10183)

[حديث سهل: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟]

5620# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (أَبُو حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (أُتِيَ بِشَرَابٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ): هذا هو عبد الله بن عَبَّاس، كذا جاء في بعض طرقه، قال ابن بشكوال: («الغلام»: عبد الله بن عَبَّاس، وكان عن يساره خالدُ بن الوليد، وكان ذلك في بيت ميمونة خالتِهما، وساق له شاهدًا من «مسند الحُميديِّ»)، انتهى، وقد قرأت بعض «مسند الحميديِّ» بالقاهرة، والباقي إجازةً عاليًا، وفي «مبهمات» الإمام الحافظ وليِّ الدين أبي زرعة ابن شيخِنا الحافظِ الجِهْبِذ العراقيِّ: («الغلام»: عبد الله بن عَبَّاس، وعن يساره خالد بن الوليد، كما في «مسند الحميديِّ»، وذلك في بيت ميمونة، وفي «المُوطَّأ» حديثٌ آخَرُ من رواية ابن شهاب: أنَّ أبا بكر كان عن يساره، انتهى، فاستفدنا من كلامه رواية «المُوطَّأ»، وقد قَدَّمْتُ في (الشرب) قولةً: إنَّه كان عن يمينه الفضل بن عَبَّاس، والله أعلم، ولمَّا ذكر هذا الحديثَ بعضُ الحُفَّاظ المتأخِّرين؛ جزم بأنَّه ابنُ العَبَّاس عبدُ الله، ثُمَّ قال: وفي «مسند أحمد» من حديث عبد الله بن أبي حبيبة الأنصاريِّ شيءٌ يدلُّ على أنَّه عبد الله بن أبي حبيبة المذكورُ، انتهى.

قوله: (وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ): تَقَدَّمَ أنَّ خالد بن الوليد كان عن يساره، وقيل: أبو بكر، وقد اقتصر شيخنا على أنَّه خالدٌ، وذكر من عند الحميديِّ _يعني به: عبد الله بن الزُّبَير_ الحديثَ بذلك، والله أعلم.

قوله: (فَتَلَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ): (تَلَّه): بفتح التاء المُثَنَّاة فوق، وتشديد اللام، ثُمَّ هاء الضمير؛ أي: دفعه إليه وبَرِئ منه.

==========

[ج 2 ص 521]

(1/10184)

[باب الكرع في الحوض]

قوله: (بَابُ الْكَرْعِ فِي الْحَوْضِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (الكراع)، والاختلاف فيه.

==========

[ج 2 ص 521]

(1/10185)

[حديث: إن كان عندك ماء بات في شنة وإلا كرعنا]

5621# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (فُلَيحًا) بِضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام قريبًا على هذا الرجل الأنصاريِّ مَن هو، وتَقَدَّمَ الكلام على (صَاحِب) النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي): تَقَدَّمَ الكلام على التفدية بالأب والأمِّ في (أُحُد) وقبل ذلك، وأنَّها جائزةٌ، سواءٌ أكان الأبوان مؤمنَين أم كافرَين، أو أحدهما مؤمنٌ، والله أعلم.

قوله: (فِي حَائِطٍ): تَقَدَّمَ ما (الحائط)، وكذا تَقَدَّمَ (فِي شَنَّةٍ): أنَّه جارٌّ ومجرورٌ، وتَقَدَّمَ ما (الشَنَّة)، وتَقَدَّمَ (الكَرْع) ما هو، وكذا قوله: (فَانْطَلِقْ [1]): أنَّه فعل أمر ساكن الآخر، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْعَرِيشِ) ما هو، وعلى (الدَّاجِن).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (فانْطَلَقَ).

[ج 2 ص 521]

(1/10186)

[باب خدمة الصغار الكبار]

قوله: (بَابُ خِدْمَةِ الصِّغَارِ الْكِبَارَ): (الكبارَ): مَنْصوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (خدمةُ)، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10187)

[حديث: كنت قائمًا على الحي أسقيهم الفضيخ]

5622# قوله: (أَسْقِيهِمْ عُمُومَتِي): تَقَدَّمَ مَن حضرني منهم في (سورة المائدة)، وقَدَّمْتُ هناك وغيرَه أنَّ في «مسند أحمد»: أنَّهم كانوا أحدَ عشرَ رجلًا، وتَقَدَّمَ أنَّ في قول أنس: (عمومتي) مجازٌ؛ لأنَّ فيهم مَن ليس أنصاريًّا.

قوله: (الْفَضِيخَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو، و (حُرِّمَتِ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الحاء، وكسر الراء المُشَدَّدة، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة، وكُسِرت؛ لالتقاء الساكنين في الدَّرْج.

قوله: (اكْفَأْهَا [1]): تَقَدَّمَ أنَّه يُقال: كفأْت الإناء وأكفأْته؛ لُغَتان، بهمزةٍ ساكنة بعد الفاء، فصرِّفْ أنتَ الأمرَ على هاتين اللُّغَتَين، وتَقَدَّمَ الكلام على (البُسْر) ما هو.

قوله: (فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ): هو أبو بكر بن أنس بن مالك الأنصاريُّ، يروي عن أبيه، وزيد بن أرقم، وعتبان بن مالك، وغيرِهم، وعنه: ابنه عبيد الله، وقتادة، وابن جُدعان، ويونس بن عُبيد، وَثَّقَهُ العِجْليُّ، وأخرج له مسلمٌ فقط، وقد قدَّمتُه غيرَ بعيد جدًّا.

قوله: (وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي: أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَتْ خَمْرَهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ قائل ذلك هو سليمان التيميُّ والدُ المعتمر، وأنَّ (بعض أصحابه) لا أعرفه، وقال بعض حفَّاظ العصر: إنَّه قتادة، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَكْفِئْهَا).

[ج 2 ص 521]

(1/10188)

[باب تغطية الإناء]

(1/10189)

[حديث: إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين.]

5623# قوله: (أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (رَوحًا) بفتح الراء، وأنَّ بعضهم قال: وبضمِّها، و (عُبَادَةَ): بِضَمِّ العين، وتخفيف الموحَّدة، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيزز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي رَباح، أحد الأعلام، المَكِّيُّ.

[ج 2 ص 521]

قوله: (إِذَا كَانَ جنْحُ اللَّيْلِ): (الجنح)؛ بكسر الجيم وضمِّها: أوَّله، وقيل: قطعة منه نحو النصف، والأوَّل أشبه بمراد الحديث، والله أعلم.

قوله: (فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ): تَقَدَّمَ ما الحكمة في كفِّ الصبيان من عند ابن الجوزيِّ في (صفة إبليس).

قوله: (فَحُلُّوهُمْ): هو في أصلنا بالحاء المُهْمَلة، وفي نسخة في هامش أصلنا بالخاء المُعْجَمة، قال ابن قُرقُول: بحاء مهملة للحمُّوي، وللكافَّة بالخاء.

قوله: (وَأَغْلِقُوا [1]): هو بهمزة قطعٍ مفتوحة؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ): هو بهمزة قطع، وضمِّ الكاف، رُبَاعيٌّ، وهو معتلٌّ، ووقع في أصلنا بقطع الهمزة، وكسر الكاف، مهموزٌ، وهذا لا أعرفه، والظاهر أنَّه خطأ، والله أعلم، يُقال: أوكيت السِّقاء أُوكِيه إيكاءً، فهو مُوكًى، وقد ذكره غير واحدٍ في المعتلِّ، ولم أرَ مَن ذكره في المهموز، ومعنى الحديث: شُدُّوا رؤوس القِرب بالوكاء؛ لئلَّا يدخلها حَيَوَانٌ، أو يسقط فيها شيءٌ، والله أعلم.

قوله: (وَلَوْ أَنْ تَعْرضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا): تَقَدَّمَ الكلام على (تعرض) قريبًا؛ فانظره.

قوله: (وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ): هو بقطع الهمزة، ثُمَّ طاء ساكنة، ثُمَّ فاء مكسورة، ثُمَّ همزة مضمومة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

(1/10190)

[حديث: أطفئوا المصابيح إذا رقدتم وغلقوا الأبواب]

5624# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى العَوْذيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام.

قوله: (أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ): تَقَدَّمَ الكلام على (أَطْفِئُوا): أنَّه بالقطع، وكسر الفاء، ثُمَّ همزة مضمومة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَأَوْكُوا): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وأنَّه معتلٌّ، وهو هنا أيضًا في أصلنا مهموزٌ، والظاهر أنَّه خطأ، والله أعلم.

قوله: (وَخَمِّرُوا): هو بتشديد الميم؛ أي: غطُّوا، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (تَعْرُضُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا غير بعيد.

(1/10191)

[باب اختناث الأسقية]

قوله: (بَابُ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ): هو بالخاء المُعْجَمة الساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق مكسورة، ثُمَّ نون، وفي آخره ثاء مُثَلَّثة، و (اختناثها) وكذا (انخناثها): هو ثَنْيُ أفواهها إلى خارج؛ ليُشرَب منها، يُقال: خنثتُ السقاء؛ إذا ثنيتَ فمه إلى خارجٍ وشربتَ منه، وأقبعتُه؛ إذا ثنيتَ فمه إلى داخلٍ، وقد فُسِّر (الاختناث) في الحديث _وسأذكر مِن كلام مَن هو_ فقال: يعني: أن تُكسَر أفواهها، فيُشرَب منها، وإنَّما نهى عنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّه يُنتنها، وأنَّ إدامة الشرب هكذا ممَّا يغيِّر ريحها، وقيل: لا يُؤمَن أن يكون فيها هامَّة، وقيل: لئلَّا يترشَّش الماء على الشارب؛ لسعة فم القِربة، وقد جاء في حديثٍ آخَرَ إباحتُه، ويحتمل أن يكون النَّهْيُ خاصًّا بالسقاء الكبير دون الإداوة، والله أعلم بمراد رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم.

==========

[ج 2 ص 522]

(1/10192)

[حديث: نهى رسول الله عن اختناث الأسقية]

5625# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث، أبو الحارث، فقيه أهل المدينة، ممَّن كان يأمر بالمعروف، انتهى، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (يَعْنِي: أَنْ تُكْسَرَ أَفْوَاهُهَا، فَيُشْرَبَ مِنْهَا): قال شيخنا: قال الخَطَّابيُّ: أحسبُ هذا التفسيرَ عن الزُّهريِّ، انتهى، وهو الذي يظهر؛ لأنَّ الزُّهريَّ يصنع ذلك كثيرًا، وهذه عادتُه رحمة الله عليه.

(1/10193)

[حديث: سمعت رسول الله ينهى عن اختناث الأسقية]

5626# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تقدَّموا، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، كما تَقَدَّمَ نسبُه إلى جدِّه الأدنى أعلاه في الحديث الذي قبله، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (يَنْهَى عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ): تَقَدَّمَ أعلاه الكلام عليه.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ مَعْمَرٌ أَوْ غَيْرُهُ: هُوَ الشُّرْبُ مِنْ أَفْوَاهِهَا): أمَّا (عبد الله)؛ فهو ابن المبارك، كما قدَّمته أعلاه، وأمَّا (مَعْمَر)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، و (عبد الله) شكَّ في قائل التفسير، والظاهر أنَّه الزُّهريُّ الذي فسَّر (الاختناث)، كما تَقَدَّمَ، ويحتمل أن يكون الراوي عنه (مَعْمَر)، فإنَّه تلميذه، والله أعلم.

(1/10194)

[باب الشرب من فم السقاء]

قوله: (بَابُ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقَاءِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا، ثُمَّ قال: لم يستغنِ بالترجمة التي قبلها _وهي قوله: (باب اختناث الأسقية) _ عنها؛ لاحتمال أن يُظَنَّ النَّهْيُ عن صورة اختناثها، فبيَّن بالترجمة الثانية أنَّ النَّهْيَ مُطلَقٌ ممَّا يُختَنَث، وممَّا لا يُختَنَث؛ كالفخَّار مثلًا، انتهى.

==========

[ج 2 ص 522]

(1/10195)

[حديث: نهى رسول الله عن الشرب من فم القربة أو السقاء]

5627# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ سفيان بعد (ابن المدينيِّ عليٍّ): هو ابن عيينة، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (خَشَبَهُ فِي دَارِهِ [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها أنَّها بالإفراد والجمع.

==========

[1] في (أ) من نسخة: (جداره)، وهي رواية أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 522]

(1/10196)

[حديث: نهى النبي أن يشرب من في السقاء]

5628# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (أَنْ يُشْرَبَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح الراء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 522]

(1/10197)

[حديث: نهى النبي عن الشرب من في السقاء]

5629# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ): (خالد): هو خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 522]

(1/10198)

[باب التنفس في الإناء]

(1/10199)

[حديث: إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء ... ]

5630# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (شَيْبَانُ) بعده: هو ابن عبد الرحمن النَّحْوِيُّ؛ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ أنَّ ابن أبي داود وغيرَه قالوا: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْوِيُّ، والله أعلم، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، و (أَبُو قَتَادَةَ): الحارث بن رِبْعِيٍّ، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 522]

(1/10200)

[باب الشرب بنفسين أو ثلاثة]

[ج 2 ص 522]

قوله: (بَابُ الشُّرْبِ بِنَفَسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: أورد الشارح سؤالَ التعارض بين هذا الحديث وبين النَّهْي عن التنفُّس في الإناء؛ وهو الحديث المتقدم على هذه الترجمة، وأجاب بالجمع بينهما، ولقد أغنى البُخاريُّ عن ذلك، فإنَّه ترجم على الأولى: (باب التنفُّس في الإناء)، فجعل (الإناء) ظرفًا للتنفُّس، وهي النَّهْيُ [1] عنه، فجعل (الشُّرْب) مقرونًا بـ (نَفَسَين)؛ أي: لا يشرب في نَفَسٍ واحدٍ؛ خوفَ الرَّبْوِ، بل يفصل بين الشُّربَين بنَفَسٍ أو أكثر، انتهى.

(1/10201)

[حديث: كان أنس يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثًا]

5631# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ): أمَّا (أبو عاصم)؛ فهو الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيلُ، وأمَّا (أبو نُعَيم)؛ فهو الفضل بن دكين الحافظ، و (عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ): بفتح العين المُهْمَلة، وإسكان الزاي، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

قوله: (كَانَ أَنَسٌ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ): أي: يتنفَّس خارجَ الإناء، وكذا قوله في رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (كَانَ يَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا)، وقال ابن قرقول: (يتنفَّس في الإناء ثلاثًا)؛ أي: يزيله عن فِيه ويتنفَّس)، انتهى، والمعنى واحدٌ، وفي «النهاية»: (أنَّه نهى عن التنفُّس في الإناء)، وفي حديث آخَرَ: (أنَّه كان يتنفَّس في الإناء ثلاثًا)؛ يعني: في الشُّرب، الحديثان صحيحان، وهما باختلاف تقديرين؛ أحدهما: أن يشرب وهو يتنفَّس في الإناء من غير أن يُبينَه عن فِيه، وهو مكروهٌ، والآخر: أن يشرب من الإناء بثلاثة أنفاسٍ يفصل فيها فاه عن الإناء، يقال: أكرع في الإناء نَفَسًا أو نَفَسَين؛ أي: جرعة أو جرعَتَين، انتهى.

==========

[ج 2 ص 523]

(1/10202)

[باب الشرب في آنية الذهب]

(1/10203)

[حديث: هن لهم في الدنيا وهي لكم في الآخرة]

5632# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عُتيبة القاضي، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاريُّ الأوسيُّ الكوفيُّ، تَقَدَّمَ، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني.

قوله: (بِالْمَدَايِنِ): هي مدائن كسرى.

قوله: (فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ [1]): (الدّهقان): بكسر الدال المُهْمَلة وضمِّها، كذا قاله ابن قُرقُول، وحكى الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» عن نسخ «الصحاح» للجوهريِّ أو بعضها: أنَّه بفتح الدال، واستغربه، وهو فارسيٌّ مُعَرَّبٌ، وهو زعيم فلَّاحي العجم، ورئيس الإقليم، سُمُّوا بذلك من الدَّهْقَنَة والدَّهْقَمَة؛ وهي تليين الطعام؛ لترفُّههم وسِعَة عيشهم، والمعروف: (الدَّهْقَنَة)؛ بالنون، قال الجوهريُّ: الدهقان معرَّبٌ إن جعلتَ النون أصليَّة _من قولهم: تدهقن الرجل، وله دهقنةُ موضعِ كذا_؛ صرفتَه؛ لأنَّه «فُعلان»، وإن جعلتَه من الدَّهْقِ؛ لم تصرفه؛ لأنَّه «فِعلان»، والله أعلم.

قوله: (وَالدِّيبَاجِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[1] في هامش (ق): (قال الجوهريُّ: الدِّهْقَان: هو معرَّب إن جعلت نونه أصليَّة، من قولهم: تدهقن الرَّجلُ، وله دهقنة موضع كذا؛ صرفته؛ لأنَّه فِعْلَالٌ، وإن جعلته من الدَّهق؛ لم تصرفه؛ لأنَّه فَعْلان).

[ج 2 ص 523]

(1/10204)

[باب آنية الفضة]

(1/10205)

[حديث: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة]

5633# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عَديٍّ السُّلَميُّ مولاهم، البصريُّ القسمليُّ؛ لأنَّه نزل في القساملة، ترجمته معروفة، و (ابْن عَوْن): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابنِ أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ؛ إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسَائيُّ، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): تَقَدَّمَ أعلاه، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني.

قوله: (وَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (النَّبيَّ): مَنْصوبٌ مفعول، والفاعل: (هو)؛ راجعٌ على (حذيفة)، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10206)

[حديث: الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم]

5634# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أُمُّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَتْ مرارًا أنَّ اسمها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّها آخر الزوجات وفاةً، تُوُفِّيَت بعد مقتل الحسين رضي الله عنهما.

قوله: (إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ): قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: اتَّفق العلماء من أهل الحديث والغريب واللُّغَةِ وغيرِهم على كسر الجيم الثانية من (يجرجِر) انتهى، لكنِّي رأيت في بعض تعاليق بعض فضلاء الشَّافِعيَّة من أهل بلدنا عن بعض تعاليق بعض الحمويِّين _ وسمَّاه_: أنَّه فتحها، انتهى، وغالب ظنِّي أنَّه عزاه لابن أبي الدَّم، قال الشيخ محيي الدين: واختلفوا في الراء من (النار)، فنقلوا فيها النصبَ والرفعَ، وهما مشهوران، النصب هو الصَّحيح الذي جزم به غيرُ واحد، ورجَّحه غير واحد، وتؤيِّده الروايةُ الأخرى: «يجرجر في بطنه نارًا من نارِ جهنَّم»، كذا هو في «مسلم»، وكذا هو في «مسند أبي عوانة» وغيرِه من رواية عائشة رضي الله عنها: «إنَّما يجرجِر في بطنه نارًا»؛ بحذف (جهنَّم)، وأمَّا معناه؛ فعلى رواية نصب (النار)؛ فالفاعل _هو الشارب_ مضمرٌ في (يجرجر)؛ أي: يلقيها في بطنه بجَرْعٍ متتابعٍ يُسْمَع له جرجرة _وهي الصوت_؛ لتردُّده في حلقه، وعلى رواية رفع (النار)؛ تكون النار فاعله، ومعناه: تصوِّت النَّارُ في جوفه، و (الجرجرة): التصويت، وسُمِّيَ المشروب نارًا؛ لأنَّه يَؤُول إليها؛ كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10]، والله أعلم.

(1/10207)

[حديث: أمرنا رسول الله بسبع ونهانا عن سبع]

5635# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَشْعَثُ بْنُ سُلَيم): بالثاء المثلَّثة في آخره، وأمَّا (أشعب) _ بالموحَّدة_ الطامعُ؛ فذاك فردٌ، و (سُلَيْم): بِضَمِّ السين، وفتح اللام، و (مُعَاوِيَة بْن سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ): بتشديد الراء المكسورة.

قوله: (وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ): تَقَدَّمَ أنَّ (التشميت) بالمُعْجَمة والمُهْمَلة، وهو الدعاء للعاطس بقولك: يرحمك الله، ولـ (التشميت) و (التسميت) كلماتٌ أخواتٌ تُقال بالمُعْجَمة والمُهْمَلة تنيفُ على تسعين كلمةً أفردها شيخُنا العلَّامة الأستاذ مجدُ الدين مؤلِّف «القاموس» في مؤلَّف سمَّاه: «تحبير الموشين في التعبير بالسين والشين»، وقد قرأتُه عليه بالقاهرة.

قوله: (وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ): هو بالشين المُعْجَمة، وهو إظهاره وإذاعته، وهذا معروفٌ.

قوله: (وَعَنِ الْمَيَاثِرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وكذا (الدِّيبَاجِ)، وكذا (الإِسْتَبْرَقِ).

[ج 2 ص 523]

(1/10208)

[باب الشرب في الأقداح]

(1/10209)

[حديث أم الفضل: أنهم شكوا في صوم النبي يوم عرفة]

5636# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بموحَّدة، وسين مهملة، وأنَّه ليس لهم في الكُتُب السِّتَّة عمرو بن عيَّاش؛ بالمُثَنَّاة تحت، والشين المُعْجَمة، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ): بالضاد المُعْجَمة، و (أُمُّ الفَضْلِ): لبابة بنت الحارث بن حَزْن الهلاليَّة، زوجُ العَبَّاس، تَقَدَّمَتْ مرارًا.

(1/10210)

[باب الشرب من قدح النبي وآنيته]

قوله: (بَابُ الشُّرْبِ مِنْ قَدَحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآنِيَتِهِ): اعلم أنَّه عليه السلام كان له قَدَحٌ يُسَمَّى الرَّيَّان، ويُسَمَّى مُغيْثًا، وآخَرُ مضبَّبٌ، يُقَدَّر أكثر من نصف المدِّ، فيه ثلاث ضبَّات من فضَّة وحَلْقة؛ كأنَّه للسَّفَر، وثالثٌ من زجاج، وقَدَحٌ آخرُ من عَيْدان يُوضَع تحت سريره يبول فيه من الليل، فهذا الذي أستحضر من أقداحه، والظاهر أنَّ القَدَحَ الذي يأتي ذكره الذي سقى فيه سهلٌ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم غيرُ هذه الأقداح، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ): هو ابن أبي موسى الأشعريِّ، واسمه: الحارث، أو عامر، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه، وهذا التعليق ذكره البُخاريُّ في (فضل عبد الله بن سلَام) وفي (الاعتصام) مسندًا متَّصلًا.

(1/10211)

[حديث: اسقنا يا سهل]

5637# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا، يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن مُطَرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (امرأةٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّنٌ نائب مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأةُ هي المُستَعِيذة منه، وكذا يأتي التصريحُ بذلك هنا، وقد قَدَّمْتُ الكلامَ عليها مُطَوَّلًا، وذكرتُ فيها سبعةَ أقوالٍ في أوَّل (كتاب الطلاق) من هذا التعليق؛ فانظره.

قوله: (فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصواب ضمُّ الهمزة من (أبي أُسَيد)، وتَقَدَّمَ الكلام في اسمه واسم أبيه، وأنَّه مالك بن ربيعة.

قوله: (فِي أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ): (الأُجُم)؛ بِضَمِّ الهمزة والجيم، وبالميم: الحِصْن، وجمعه: آجامٌ، وإجام أيضًا.

قوله: (مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا): (مُنَكِّسَة): بكسر الكاف، و (رأسَها): مَنْصوبٌ مفعولُ اسم الفاعل، يُقال: نَكَس رأسَه؛ بالتخفيف، فهو ناكسٌ، ونكَّس؛ بالتشديد، فهو مُنَكِّس؛ إذا طأطأه، والله أعلم.

قوله: (قَالَ: اسْقِنَا يَا سَهْلُ): يجوز في (اسقنا) الثُّلاثيُّ والرُّبَاعيُّ، وقيل: بينهما فرقٌ.

(1/10212)

[حديث أنس: لقد سقيت رسول الله في هذا القدح أكثر من كذا]

5638# قوله: (حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ): هو اسم فاعل من (أدرك)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ): الضمير في (سلسله) يعود على (أنس)، قال شيخُنا: والذي عليه حفَّاظ الحديث: أنَّ المتَّخِذَ له أنسُ بن مالك، انتهى، وقد سبق ذلك في (باب ما ذُكِر في درع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم).

قوله: (مِنْ نُضَارٍ): هو بِضَمِّ النون، وتخفيف الضاد المُعْجَمة، وبعد الألف راء، قال الدِّمْيَاطيُّ: أي: من خشب نُضَار، وهو خشبٌ معروفٌ، وقيل: أقداح النُّضَار حُمْرٌ من خشبٍ أحمرَ، انتهى، وقال ابن قُرقُول: النُّضَار: النبع، ويقال: بالتنوين وبالإضافة، والنُّضَار: الخالص، والنُّضَار: الأثل أيضًا، ويُقال أيضًا للذَّهب: نُضَار ونضِير ونضر، انتهى، وقال ابن الأثير: (من نُضَار)؛ أي: من خشبٍ نُضَار؛ وهو خشبٌ معروفٌ، وقيل: هو الأثل الوَرْسيُّ اللون، وقيل: النَّبع، وقيل: الخِلَاف، والنُّضَار: الخالص من كلِّ شيء، والنُّضَار: الذهب أيضًا، وقيل: أقداح النُّضَار حُمْرٌ من خشبٍ أحمرَ، انتهى، وفي «الصحاح»: (قَدَحٌ نُضَارٌ: يُتَّخَذ من أثل، يكون بالغَوْر، ورسيُّ اللون، يُضَاف ولا يُضَاف)، انتهى.

فائدةٌ: قال أبو العَبَّاس القُرْطُبيُّ _كما نقله بعضُهم عنه_: وجدتُ في بعض نسخ «البُخاريِّ» وهي نسخة جيِّدة عتيقة: قال أبو عبد الله: قد رأيتُ هذا القَدَح بالبصرة، وشربت فيه، وقد اشتُرِيَ من ميراث النَّضْر بن أنس بثماني مئة ألفٍ، انتهى، و (النضر بن أنس): هو ابن مالك الأنصاريِّ الخادمِ رضي الله عنه، أخرج له الجماعة، مشهور الترجمة.

(1/10213)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ ... ) إلى آخره: قائله هو عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن، وقد أخرج الحديثَ نفسَه البُخاريُّ في (الأشربة) هنا بالإسناد الذي ساقه، وأخرجه في (الخمس) عن عبدان، عن أبي حمزة، عن عاصم، عن ابن سيرين، عن أنس، نحو معناه، وفيه: (فضَّة)، وقول ابن سيرين هنا: (فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ: لاَ تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا ... ) إلى آخره، وهذه القصَّة مرسلةٌ؛ لأنَّ ابن سيرين وُلِد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وأبو طلحة: وقد قال عليُّ بن زيد عن أنس: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أجل الغزو، فصام بعده أربعين سنةً، كذا قال، وإنَّما عاش بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نيِّفًا وعشرين سنةً، وهو صحيحٌ عن أنس، فعلى هذا تُوُفِّيَ سنة نيِّفٍ وثلاثين؛ فيُقال: سنة ثِنْتَين وثلاثين، ويُقال: سنة أربع وثلاثين وهو ابن سبعين سنةً بالمدينة، كذا قال الأكثرون: إنَّه تُوُفِّيَ بالمدينة، وقال أبو زرعة الدِّمَشْقيُّ: بالشام، وقيل: تُوُفِّيَ بالبحر غازيًا، وقد قَدَّمْتُ لك مولد (ابن سيرين)، لكن قال ابن عَبْدِ البَرِّ بعد أن ذكر ما ذكرته لك عن أنسٍ: قال المدائنيُّ: مات أبو طلحة سنة إحدى وخمسين، انتهى، فعلى هذا؛ أردكه ابن سيرين، ولم أرَ له روايةً عنه غير هذا المكان، والظاهر أنَّه مُرْسَلٌ، والله أعلم.

قوله: (حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحلقة) بإسكان اللام وفتحها.

قوله: (أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن سهلٍ، نقيبٌ بدريٌّ كبيرٌ، وتَقَدَّمَ ببعض ترجمةٍ رضي الله عنه، وهو عمُّ أنسِ بن مالك زوجُ أمِّه أمِّ سُلَيم.

(1/10214)

[باب شرب البركة والماء المبارك]

قوله: (بَابُ شُرْبِ الْبَرَكَةِ وَالْمَاءِ الْمُبَارَكِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مقصوده _والله أعلم_ أنَّ شُرْبَ البركة يُغتَفَر فيه الإكثارُ، لا كالشرب المعتاد الذي ورد أن يُجعَل له الثلث؛ لقوله: وجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه، انتهى، قال شيخُنا: قال المهلَّب: قال البُخاريُّ: (باب شُرْب البركة)؛ لقول جابر: فعلمتُ أنَّه بركةٌ، وهذا سائغٌ في لسان العرب أن يُسمَّى الشيءُ المباركُ فيه بركةً؛ كما قال أيُّوب صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا غنًى بي عن بركتك)، فسمَّى الذهبَ بركةً، انتهى.

==========

[ج 2 ص 524]

(1/10215)

[حديث: حي على أهل الوضوء البركة من الله]

5639# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضبيُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان القارئ.

قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بِضَمِّ التاء، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا؛ أي: رأيتُ نفسي.

قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (أَهْلِ الْوضُوءِ): هو بفتح الواو، ويجوز ضمُّها، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ): تَقَدَّمَ في (باب التماس الناس الوَضوءَ إذا حانت الصلاة) كلامُ أبي عُمر ابنِ عَبْدِ البَرِّ: أنَّ هذا اتَّفق له صلَّى الله عليه وسلَّم مَرَّاتٍ، وتَقَدَّمَ هناك كلامُ ابن حِبَّان _بكسر الحاء، وتشديد الموحَّدة_ في «صحيحه»: أنَّه اتَّفق له ذلك في مواطنَ متعدِّدةٍ، ففي بعضها:

[ج 2 ص 524]

(أنَّه أُتِيَ بقدح رحراح)، وفي بعضها: (زجاج)، وفي بعضها: (جفنة)، وفي بعضها: (ميضأة)، وفي بعضها: (مزادة)، وفي بعضها: (كانوا خمسَ عشرةَ مئة)، وفي بعضها: (ثمان مئة)، وفي بعضها: (زهاء ثلاث مئة)، وفي بعضها: (ثمانين)، وفي بعضها: (سبعين)، انتهى، وقوله: (كانوا خمسَ عشرةَ مئة) هذا اتَّفق له في (الحديبية)، واختُلِف في عددهم على سبعة رواياتٍ ذكرتُها في (الحديبية)، والأكثر كانوا ألفًا وأربع مئة، كما يأتي في هذا الحديث.

وقد قَدَّمْتُ في (الوضوء) أنَّ هذه المعجزةَ أعظمُ من تفجُّر الماء من الحجر؛ لأنَّ ذلك من عادة الحجر، قال تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ} [البقرة: 74]، وأمَّا من لحمٍ ودَمٍ؛ فلم يُعهَد من غيره صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد قَدَّمْتُ أيضًا أنَّ نبعَ الماء كان من نفس الأصابعِ، أو من تحتها؛ قولان، وأنَّ الراجح: أنَّه من نفس الأصابع، والله أعلم.

قوله: (لَا آلُو): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: لا أُقَصِّر.

قوله: (تَابَعَهُ عَمْرو بْنُ دِيْنَار عَنْ جَابِرٍ): الضمير في (تابعه) يعود على سالم بن أبي الجَعْد، وهذا ظاهِرٌ، ومتابعة عمرو بن دينار ذكرها البُخاريُّ في (التفسير) وفي (المغازي)، ومسلمٌ في (المغازي)، والنَّسَائيُّ في (التفسير).

(1/10216)

قوله: (وَقَالَ حُصَيْنٌ وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ): (حُصَين) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الحاء، وفتح الصاد المُهْمَلة، وقَدَّمْتُ مرارًا أنَّ الأسماءَ بالضمِّ، والكنى بالفتح، وهو ابن عبد الرحمن، تَقَدَّمَ، ومتابعته أخرجها البُخاريُّ في (علامات النبوَّة) وفي (المغازي)، ومسلمٌ في (المغازي)، ومتابعة عمرو بن مرَّة أخرجها مسلمٌ في (المغازي) والنَّسَائيُّ.

قوله: (وَتَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ عَنْ جَابِرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (المُسَيّب) والد سعيد بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه لا يُقال فيه إلَّا بالفتح، ومتابعة سعيد أخرجها البُخاريُّ في (المغازي).

(1/10217)

((75)) (كِتَابُ المَرْضَى) ... إلى (كِتَاب الطِّبِّ)

ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه مطابقة الترجمة للآية _يعني: قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]_ التنبيهُ على أنَّ المرض كما يكون مُكَفِّرًا للخطايا فقد يكون جزاءً لها، والمعنى في تعجيل جزائه بالمرض وتكفيرِ سيِّئاته متقاربٌ، والله أعلم، انتهى، وقد رأيت في «مستدرك الحاكم» في ترجمة عبد الله بن الزُّبَير عن ابن عمر قال: سمعت أبا بكر يقول: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «مَن يعملْ سوءًا؛ يُجْزَ به في الدنيا»، لم يتعقَّبْه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه».

قال الإمام العلَّامة عزُّ الدين عبدُ العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ في «قواعده»: قوله عليه السلام: «مَن عزَّى مصابًا؛ فله مثلُ أجره»؛ أي: أجر صبره، قال: وظنَّ بعضُ الجهلة أنَّ المصابَ مأجورٌ على مصيبته، وهو خطأ صريحٌ، فإنَّ الثواب والعقاب إنَّما هو على الكسب بمباشرةٍ أو سببٍ، قال تعالى: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: 90]، والمصائب ليست منها، بل إنْ صَبَرَ؛ فله أجرُ الصابرين، وإنْ رَضِيَ؛ فله أجر الراضين، وخالف القرافيُّ فقال: المصائب كفَّاراتٌ لأهلها جزمًا، سواء اقترن بها السَّخَط وعدمُ الصبر أم لا، غير أنَّها إن اقترن بها السَّخَط؛ يقلَّ التكفير بها، وإن اقترن بها الصبرُ؛ عَظُمَ التكفيرُ بها، قال: [لا] يجوز أن يُقال للمصاب: جعل الله لك هذه المصيبةَ كفَّارةً لذنبك؛ لأنَّ الشارع قد أخبر أنَّها مكفِّرةُ الذنوب، فسؤالُ التكفير طلبٌ لتحصيل الحاصل وإساءةُ الأدب مع الشرع، وإنَّما يُقال: أعظم الله أجرك، فإنَّ تعظيمَه غيرُ معلوم من جهة الشرع، بخلاف أصل التكفير، وقال أيضًا: الأجر من آثار العمل، والتكفير قد يكون بالعمل، وقد يكون بغيره؛ كالمصائب، فإنَّها ليست مكتسبةً)، انتهى، وما قاله ابن عبد السلام فيه نظرٌ، والحديث يردُّ عليه: «ما يصيب المسلم مِن نصب، ولا وَصَبٍ، ولا همٍّ، ولا حزن، حتَّى الشوكة يشاكها إلَّا كفَّر الله بها من سيِّئاته».

==========

[ج 2 ص 525]

(1/10218)

[ما جاء في كفارة المرض ... ]

(1/10219)

[حديث: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه]

5640# قوله: (حَدَّثَنَا [1] شُعَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (حَتَّى الشَّوْكَةِ): يجوز في (الشوكة) ثلاثةُ أوجهٍ: الجرُّ والرفع والنصب، وهذا معروفٌ.

قوله: (يُشَاكُهَا): هو بِضَمِّ أوَّله في الموضعين في أصلنا، قال شيخنا: أي: يُصاب بها، قال: (وحقيقة هذا اللفظ أن تكون الشوكة يُدخِلها غيرُه في جسده ... ) إلى آخر كلامه، نبَّه عليه ابن التين، انتهى، وفي أصلٍ آخرَ صحيحٍ: (يَشاكها)؛ بفتح أوَّله بالقلم، وفي الهامش كلامٌ من عند الخَطِيبي شارح «المصابيح»، ثُمَّ قال: وأمَّا على فتح الياء _كما هو بخطِّ الصغانيِّ في ضبطه في متن هذه النسخة_؛ فقد قال الجوهريُّ: قال الأصمعيُّ: يُقال: شاكتني الشوكةُ تَشُوكُني؛ إذا دخلت في جسده، وقد شِكتُ؛ فأنا أُشاك شاكةً وشِيْكة _ بالكسر_؛ إذا وقعتَ في الشوك، ثُمَّ أنشد بيتًا شاهدًا، ثُمَّ قال: قال الكِسائيُّ: شُكْتُ الرجلَ أَشوكُه؛ إذا أدخلتُ شوكة في جسده، وشِيْك؛ على ما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، ويَشاك شوكًا، انتهت، وقد راجعتُ نسخةً صحيحةً من «صحاح الجوهريِّ» _وقد قُوبِلَت أربع مَرَّاتٍ، وهي عندي في ملكي_ قال: (فيما يُشاك)، كذا هو مضموم بالقلم، وأمَّا المفتوح؛ فإنَّه قال بعده _وليس ممَّا نحن فيه_: والشوكة: حدَّة البأس، والحدُّ في السلاح، وقد شاكَ الرجلُ يَشاك شوكًا؛ أي: ظهرت شوكتُه وحِدَّته، وشاك ثدي الجارية يَشاك؛ إذا تهيَّأَ للنهود، والله أعلم.

(1/10220)

[حديث: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب]

5641# 5642# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ فيما يظهر؛ وذلك لأنَّي نظرت ترجمة عبد الملك بن عمرو أبي عامر العَقَديِّ في «الكمال»، فرأيته ذكر فيها عبدَ الله بن مُحَمَّد المسنديَّ، ولم يذكر أحدًا اسمه كذلك إلَّا هو، فغلب على ظنِّي أنَّه هو، والله أعلم، و (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

وقوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ [1]، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): كذا بالواو، ظهر لي أنَّ عطاء بن يسار أخذه عنهما متفرِّقَين، فلهذا جاء بالواو، ولو كانا مجتمعين؛ لقال: عن أبي سعيد وأبي هريرة، وقد جعلهما المِزِّيُّ في «أطرافه» في المسنَدَين؛ في (مسند أبي سعيد)، وقال في (مسند أبي هريرة) حين ذكره في ترجمة عطاء بن يسار: عن أبي سعيد، انتهى.

[ج 2 ص 525]

قوله: (مِنْ نَصَبٍ): هو بفتح النون والصاد المُهْمَلة، وبالموحَّدة، وهو التَّعَب والمشقَّة.

قوله: (وَلَا وَصَبٍ): هو بفتح الواو والصاد المُهْمَلة، وبالموحَّدة، وهو المرض.

قوله: (حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا): تَقَدَّمَ معناه، وأنَّه بِضَمِّ أوَّله، و (حتَّى الشوكة): يجوز فيها ثلاث إعراباتٍ تَقَدَّمَتْ قريبًا.

(1/10221)

[حديث: مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة، وتعدلها مرة]

5643# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (سُفْيَان) بعده: لا أعرفه بعينه، وذلك لأنَّ القَطَّان روى عن السفيانَين، وهما رويا عن سعد بن إبراهيم، والله أعلم و (سَعْد): هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهريُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (كَالْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ): (الخامة)؛ بالخاء المُعْجَمة، وبعد الألف ميم مخفَّفة، ثُمَّ تاء التأنيث: هي الطاقة الغضَّة اللَّيِّنة من الزرع، وأَلِفُها منقلبةٌ عن واوٍ، قاله في «النهاية»، وقال شيخُنا: وقيل: الضعيفةُ، قال في «المحكم»: هي أوَّل ما ينبتُ على ساقٍ واحدةٍ، وبه جزم صاحبُ «العين»، وقيل: هي الطاقة الغضَّة منه، وقيل: الشجرة الرطبة، قال القزَّاز: ورُوِيَ: (الخافة)؛ بالفاء: وهي الطاقة من الزرع، انتهى، وقد ذكر ابن الأثير في (خوف): «كمثل خافة الزرع»، وقال: وهو وعاء الحَبِّ، سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّها وقاية له، والرواية بالميم، وسيجيء، انتهى.

قوله: (تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح الفاء، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ همزة مضمومة، كذا في أصلنا؛ أي: تُمِيلها، وفي أصلٍ آخرَ صحيحٍ وفي رواية أبي ذرٍّ: (تَفَيَّؤُها)؛ بفتح التاء والفاء، قاله في «المطالع».

قوله: (وَتَعْدِلُهَا مَرَّةً): (تَعْدِلها): بفتح أوَّله، وإسكان ثانيه، وكسر الدال؛ أي: ترفعُها.

(1/10222)

قوله: (كَالأَرزَةِ): هي بفتح الهمزة، ثُمَّ راء ساكنة ومفتوحة، ثُمَّ زاي مفتوحة، ثُمَّ تاء الوحدة، قال ابن قُرقُول: (الأَرْزة)؛ بفتح الهمزة، وسكون الراء، كذا الرواية، وهو الصنوبر، وقال أبو عُبيد: إنَّما هو (الآرِزَة)؛ على وزن (فَاعِلة)، ومعناها: الثابتة في الأرض، وأنكر هذا أبو عُبيدة، انتهى، وفي «النهاية»: (الأَرزة)؛ بسكون الراء وفتحها: شجرة الأَرْزَن؛ وهو خشبٌ معروفٌ، وقيل: هي الصَّنَوبر، وقال بعضهم: هي (الآرِزة)؛ بوزن (فَاعِلة)، وأنكرها أبو عبيد، انتهى، وفي «الصحاح» للجوهريِّ: أبو عَمرو: (الأرَزَة)؛ بالتحريك: شجرة الأَرْزَن، وقال أبو عبيد: (الأرْزة)؛ بالتسكين: شجر الصَّنَوبر، والجمع: أرز، وشجرة آرِزة؛ أي: ثابتة في الأرض، انتهى، و (الأَرْزَن)؛ بفتح الهمزة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ زاي مفتوحة، ثُمَّ نون: شجرٌ صلبٌ تُتَّخذ منه العصيُّ.

قوله: (انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً): (الانجِعاف)؛ بالنون، والجيم المكسورة، وبالعين المُهْمَلة، والفاء: انقلابها، قاله في «المطالع»، وقال ابن الأثير: (انجعافها): انقلاعها، وهما متقاربان، انتهى.

قوله: (وَقَالَ زَكَرِيَّاءُ: حَدَّثَنِي سَعْدٌ: حَدَّثَنِي [1] ابْنُ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (زكرياء)؛ فهو ابن أبي زائدة، و (سعد): هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، و (ابن كعب): هو عبد الله بن كعب بن مالك المصرَّحُ به قبل ذلك، وتعليق زكرياء أخرجه مسلمٌ في (التوبة) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن نُمَيْر ومُحَمَّد بن بِشْر؛ كلاهما عن زكرياء.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (حدَّثنا).

[ج 2 ص 526]

(1/10223)

[حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع من حيث أتتها .. ]

5644# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الفاء، وفتح اللام.

قوله: (ابْنِ لُؤَيٍّ): تَقَدَّمَ أنَّه يُهمَز ولا يُهمَز.

قوله: (خَامَةِ [2] الزَّرْعِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخامة) ضبطًا وما هي أعلاه.

قوله: (كَفَأَتْهَا): هو بهمزة مفتوحة بعد الفاء؛ أي: قلبتها، وتَقَدَّمَ الكلام على أنَّه يُقال: كفأ وأكفأ؛ إذا قلب.

قوله: (كَالأَرْزَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه.

قوله: (صَمَّاءَ): أي: صلبة، ليست مجوَّفةً.

قوله: (مُعْتَدِلَةً): هو مَنْصوبٌ منوَّنٌ حالٌ.

(1/10224)

[حديث: من يرد الله به خيرًا يصب منه]

5645# قوله: (سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الْحُبَابِ): (يسار): هو بتقديم المُثَنَّاة تحت، و (أبا الحُبَاب): هو يسار، و (الحُبَاب): بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وتخفيف الموحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدَة أخرى، وهذا ظاهِرٌ عند أهله جدًّا.

قوله: (يُصِبْ مِنْهُ): هو مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول، فإن بنيتَه للفاعل؛ كسرتَ الصاد، أو للمفعول؛ فتحتَها، وعلى كلِّ تقديرٍ الياءُ مضمومةٌ، قال بعضهم عن أبي الفرج _والظاهر أنَّه ابن الجوزيِّ_: سمعت ابن الحُبَاب يفتح الصاد، وهو أحسنُ وأَلْيَقُ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 526]

(1/10225)

[باب شدة المرض]

(1/10226)

[حديث: ما رأيت أحدًا أشد عليه الوجع من رسول الله]

5646# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الظاهر أنَّه الثَّوريُّ؛ وذلك لأنَّي راجعت «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ، فوجدته قد ذكر في مشايخ قَبِيصة بن عقبة الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عيينة، ونظرت ترجمة مصعب بن المقدام _فإنَّه رواه البُخاريُّ من طريقه عن سفيان_ فرأيت الحافظ عبدَ الغنيِّ ذكر الثَّوريَّ في مشايخِ مصعبٍ، ولم يذكر ابنَ عيينة، وفي «التذهيب» في ترجمة مصعب قال فيها: (إنَّه روى عن سفيان)، وأطلق، والله أعلم، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق الكلامُ عليها كتابةً وتلفُّظًا؛ فانظره إن أردته، وسأذكر الكلام عليها في أواخرِه إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ أعلاه، سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّمَ مِرارًا، والله أعلم.

[ج 2 ص 526]

قوله: (الْوَجَعُ أَشَدُّ عَلَيْهِ [2] مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الوجعُ) و (أشدُّ): مرفوعان، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (أَشَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ)، وفي (ق): (الْوَجَعُ عَلَيْهِ أَشَدُّ)، وهي رواية أبي ذرٍّ.

(1/10227)

[حديث: أجل ما من مسلم يصيبه أذى إلا حات]

5647# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيابيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرتُ الأماكنَ التي حدَّث فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، قاله شيخنا، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ): هو إبراهيم بن يزيد، مشهورٌ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، الصَّحابيُّ المشهور.

قوله: (وَهْوَ يُوعَكُ): هو بِضَمِّ أوَّله، وفتح العين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ ما (الوعْكُ).

قوله: (وَعْكًا شَدِيدًا): تَقَدَّمَ أنَّ في (الوَعك) لُغَتين: الإسكان، والفتح.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ معناه: نعم، وهي بفتح الهمزة والجيم، وإسكان اللام.

قوله: (كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ): (تَحَاتُّ): بفتح التاء المُثَنَّاة فوق الأولى، وهو محذوفُ إحدى التاءين، والحاء بعدها مهملة مخفَّفة، وبعد الألف مثنَّاة أخرى فوق مشدَّدة، و (ورقُ): مَرْفوعٌ فاعلُ (تَحَاتُّ)، ومعنى (تَحَاتُّ): تتناثرُ وتتساقطُ.

==========

[ج 2 ص 527]

(1/10228)

[باب: أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأول فالأول]

قوله: (بَابٌ: أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً [الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ] الأوَّل فَالأَوَّلُ): كذا في أصلنا، وفي نسخة صحيحةٍ كذلك، وفي هامشها: (الأمثل فالأمثل)، وترجمةُ البُخاريِّ لفظُ حديثٍ، غير أنَّه قال: «الأمثل فالأمثل»؛ كالنسخة التي ذكرتُها بدل (الأوَّل فالأوَّل)، وهو في «التِّرْمِذيِّ» من حديث سعد بن أبي وقَّاص، وقال: حسنٌ صحيحٌ، قال شيخنا: (وادَّعى الإسماعيليُّ أنَّه ليس في الحديث الذي أخرجه ما ترجم له)، قال شيخنا: (وليس كذلك، بل قوله: «أُوعَك كما يُوعَك رجلان منكم» ظاهرٌ فيه)، انتهى، وصدق، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 527]

(1/10229)

[حديث: أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم]

5648# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، و (عَبْدان): لقبٌ له، و (أَبُو حَمْزَةَ) بعده [1]: بالحاء المُهْمَلة، وبالزاي، وهو مُحَمَّد بن ميمون السُّكريُّ، تَقَدَّمَ أنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامِه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ابن يزيد، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (ذَاكَ [2] أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ): (أنَّ): بفتح الهمزة، وتشديد النون، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَذًى شَوْكَةٌ): (شوكةٌ): مَرْفوعٌ منوَّن بدلُ بعضٍ مِن كُلٍّ؛ وهو (أذًى)؛ لأنَّه أعمُّ مِن أن يكون شوكةً أو غيرَها.

(1/10230)

[باب وجوب عيادة المريض]

قوله: (بَابُ وُجُوبِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ): صرَّح الإمامُ شيخُ الإسلام البُخاريُّ في تبويبه بوجوب عيادة المريض، وقد قال النَّوَويُّ رحمه الله في «شرح مسلم» في أوائل الربع الأخير في حديث البَرَاء: (أَمَرَنا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعٍ ... )؛ الحديث ما لفظه: (أمَّا عيادة المريض؛ فسُنَّة بالإجماع، وسواء فيه مَن يعرفه، ومَن لا يعرفه، والغريبُ، والأجنبيُّ، واختلف العلماء في الأوكد والأفضل منها)، انتهى، وما أظن أنَّ الصَّحابة والتابعين وتابعيهم يجتمعون على ذلك، وكيف يُسَلَّم له ذلك وقد بوَّب شيخُ الإسلام البُخاريُّ على الوجوب؟! ثُمَّ إنِّي رأيتُ كلامَ الإمام الحافظ العلَّامة تقيِّ الدين القشيريِّ ابن دقيق العيد في «شرح العمدة» قال في حديث البراء المشار إليه: (أَمَرَنا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعٍ ... ) ما لفظه: (عيادة المريض عند الأكثرين مستحبَّة بالإطلاق، وقد تجب حين يضطرُّ المريض إلى مَن يتعاهده، وإن لم يُعَدْ؛ ضاع، وأوجبها الظاهريَّة من غير هذا القيد؛ لظاهر الأمر) انتهى، وكأنَّ الشيخَ محيي الدين وقف على خلاف الظاهريَّة، وحكى الإجماعَ في الطرف الآخَرِ، فلعلَّه يختارُ أنَّهم لا يُعتَدُّ بخلافهم، والمسألة فيها خلافٌ ذكره أبو عَمرو ابن الصلاح، وذكرها الشيخ محيي الدين في «تهذيبه» في ترجمة داود بن عليِّ بن خلفٍ إمامِهم، ونقل كلام الناس في ذلك، واختار ابنُ الصلاح الاعتدادَ بشرطٍ ذكره النَّوَويُّ في «تهذيبه» عن ابن الصلاح، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 527]

(1/10231)

[حديث أبي موسى: أطعموا الجائع وعودوا المريض ... ]

5649# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (أَطْعِمُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَفُكُّوا الْعَانِيَ): هو بالعين المُهْمَلة، وبعد الألف نون، منقوصٌ؛ كـ (القاضي): الأسير، وأصله الخُضوع.

(1/10232)

[حديث: أمرنا رسول الله بسبع ونهانا عن سبع ... ]

5650# قوله: (أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بالثاء المثلثة في آخره، وأنَّ أشعب الطامع فردٌ بالباء، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُلَيمًا) بِضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ أنَّ (مُعَاوِيَةَ ابْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ) بكسر الراء المُشَدَّدة.

قوله: (وَالدِّيبَاجِ): تَقَدَّمَ، وكذا (وَالإِسْتَبْرَقِ)، وكذا (الْقَسِّيِّ) ضبطًا ومعنًى، (وَالْمِيثَرَةِ) ما هي، وتَقَدَّمَ (يُفْشِيَ [1] السَّلَامَ): أنَّ (الإفشاء): هو الإظهار والإذاعة.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نُفْشِيَ).

[ج 2 ص 527]

(1/10233)

[باب عيادة المغمى عليه]

قوله: (بَابُ عِيَادَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ترجم على هذا؛ لئلَّا يُعتَقَد أنَّ عيادة المُغمَى عليه ساقطةُ الفائدةِ؛ إذ لا يفيق لعائده، وما في الحديث أنَّهما عَلِمَا أنَّه مغمًى عليه قبل عيادته، فلعلَّه وافق حضورهما، وزعم بعضُهم أنَّ عيادةَ المريض بعينيه غيرُ مشروعة؛ لأنَّه يرى في بيته ما لا يراه، فالمغمى عليه أشدُّ) انتهى.

تنبيهٌ: المريض بعينيه: هو الرَّمِدُ، وقد رأيت في أوَّل (الجنائز) من «أحكام المحبِّ الطبريِّ» الشَّافِعيِّ الإمامِ الحافظِ ما لفظه: لمَّا ذكر العيادة من وجع العين ونحوِه؛ ذكر فيه حديث زيد بن أرقم: (أنَّه عليه السلام عاده من وجعٍ كان بعينه)، أخرجه أحمدُ وأبو داود، وقال المنذريُّ: حديثٌ حسنٌ، قال المحبُّ الطبريُّ: وفي هذا ردٌّ لمن أنكرَ ذلك، وكره عيادةَ مَن به وجعٌ في عينيه، وزعم أنَّه كُرِهَ؛ لأنَّه يرى في بيته ما لا يراه، وهذا يردُّه: أنَّه عليه السلام عاد جابرًا وجلس في بيته وهو مغمًى عليه، ويرى في

[ج 2 ص 527]

بيته ما لا يراه، ولا تُكرَه عيادة المغمى عليه لذلك، انتهى، ثُمَّ ذكر حُجَّة مَن قال: لا عيادةَ في الرَّمد ونحوِه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يُعاد في الرَّمَد، والضَّرَس، والدَّمَل»، أخرجه أبو نعيم في (كتاب الطِّبِّ) انتهى، والله أعلم.

(1/10234)

[حديث: مرضت مرضًا فأتاني النبي يعودني وأبو بكر وهما ماشيان]

5651# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنَديُّ، كما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، و (ابْن الْمُنْكَدِرِ): هو مُحَمَّد بن المنكدر.

قوله: (أُغْمِيَ عَلَيَّ): (أُغمِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَضُوءَهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الماء بالفتح، والفعلَ بالضم، وهذا: الماءُ، ويجوز في كلٍّ منهما الضمُّ والفتح.

==========

[ج 2 ص 528]

(1/10235)

[باب فضل من يصرع من الريح]

قوله: (بَابُ فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ مِنَ الرِّيحِ): يعني بـ (الريح): الجنَّ.

==========

[ج 2 ص 528]

(1/10236)

[حديث: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله]

5652# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (عِمْرَانُ أَبُو بَكْرٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو عمران بن مسلم، أبو بكر القصير المقرئُ، اتَّفقا عليه) انتهى، و (عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ): بفتح الراء، وبالموحَّدة.

قوله: (أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ): هذه المرأة هي أمُّ زُفَر، كذا ذُكِرَت بالكنية، وكذا وردت مكناة في الحديث الذي بعد هذا من قول عطاء، وقال شيخنا: اسمها سُعَيرة الأسَديَّة، ويقال: سُقَيرة، انتهى، قال الذَّهَبيُّ: سعيرة الأسَديَّة: كانت تُصرَع، قال ابن خزيمة في حديثها: أبرأ من عهدة هذا الإسناد، قال شيخنا الشارح: الذي ذكره أبو موسى: سُكَيرة، وفيه قال جعفرٌ: في إسناد حديثها نظرٌ، انتهى، وقال بعض حفَّاظ المصريِّين بعد أن ذكر أنَّها أمُّ زفر، وأنَّ أبا موسى سمَّاها في «الذيل»: سُعَيرة _بالمُهْمَلات_، قال: وهو في «تفسير ابن مردويه»، وذكر ابنُ طاهر أنَّها المرأة التي كانت تأتي النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيُكرِمُها لأجل خديجة، وهو من رواية الزُّبَير بن بكَّار عن شيخٍ من أهل مكَّة قال: أمُّ زفر ماشطةُ خديجةَ.

قوله: (حَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (ذكر الملائكة) في (باب إذا قال أحدكم: آمين، والملائكة في السماء: آمين)؛ فانظره، وقد قال المِزِّيُّ في هذا الحديث: (وعن مُحَمَّد بن سلَام، عن مَخْلَد بن يزيد)، فالظاهر أنَّه وقع في روايته كذلك منسوبًا، وليس من توضيحه؛ إذ لو كان من توضيحه؛ لقال: عن مُحَمَّد؛ هو ابن سلَام، أو يعني: ابن سلَام، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا.

(1/10237)

[باب فضل من ذهب بصره]

(1/10238)

[حديث: إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته ... ]

5653# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الصَّحيحَ إثباتُ الياء في (الهادي) و (العاصي) و (أبي الموالي) و (اليماني)، والله أعلم، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّ اسمه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عَمرو بن أبي عمرو ميسرةَ، مولى المطَّلِب بن عبد الله بن حَنْطَب المخزوميِّ، روى له الجماعة، مات في خلافة أبي جعفر المنصور، قال ابن معين: ضعيف، ليس بالقويِّ، وليس بحُجَّة، علقمة بن أبي علقمة أوثقُ منه)، انتهى، عمرو بن أبي عمرو ترجمته معروفةٌ فلا نطوِّل بها، وله ترجمةٌ في «الميزان».

قوله: (تَابَعَهُ أَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ وَأَبُو ظِلَالٍ عَنْ أَنَسٍ): الضمير في (تابعه) يعود على عَمرو مولى المطَّلب، فتابعاه على رواية ذلك عن أنسٍ رضي الله عنه، و (أشعثُ): هو بالثاء المثلَّثة، وذاك أشعبُ الطامعُ بالموحَّدة فردٌ، وصاحب الترجمة أشعث بن عبد الله بن جابر الحُدانيُّ البصريُّ الأعمى، أبو عبد الله، عن أنس، وشهر بن حَوْشَب، والحسن، وابن سيرين، وغيرِهم، وعنه: ابن بنته نصرُ بن عليٍّ الكبير، ومعمر، وحمَّاد بن سلمة، وشعبة، وغيرُهم، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ، قال الذَّهَبيُّ في «التذهيب» _من غير تمييز بـ (قلت)، فالظاهر أنَّه في أصله_: (وما علمت أنَّ أحدًا ضعَّفه، قال عبد الغنيِّ بن سعيد: هو أشعث بن جابر الحُدانيُّ، وهو أشعث بن عبد الله البصريُّ، وأشعث الأعمى، وأشعث الأزديُّ، وأشعث الجمليُّ) [1]، انتهى، وقد علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له الأربعة.

قال الذَّهَبيُّ في «الميزان» حين ذكره، وقد صحح عليه: (وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ وغيره)، ثُمَّ ذكر كلام عبد الغنيِّ الأزديِّ، ثُمَّ قال: (وقد أورده العقيليُّ في «الضعفاء»، وقال: في حديثه وَهَمٌ، وقال: حدَّثنا عبد الرَّزَّاق عن معمر، عن الأشعث، عن الحسن، عن عبد الله بن مُغَفَّل: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يبولنَّ أحدكم في مستحمِّه، ثُمَّ يتوضَّأ فيه، فإنَّ عامَّة الوسواس منه»، رواه ابن المبارك عن معمر، قلتُ: قول العقيليِّ: (في حديثه وَهَمٌ): ليس بمسلَّم إليه، وأنا أتعجَّب كيف لم يخرِّج له البُخاريُّ ومسلمٌ، انتهى.

(1/10239)

وأمَّا (أبو ظِلَال)؛ فهو بالظاء المشالة المُعْجَمة المكسورة، وتخفيف اللام، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو ظِلَال: هلال بن أبي مالك زيدٍ الأزديُّ القسمليُّ الأعمى البصريُّ، روى عنه: عبد العزيز بن مسلم القسمليُّ، وجعفر بن سليمان، ويزيد بن هارون، ومروان بن معاوية، قال يحيى بن معين: هو ضعيفٌ، روى له التِّرْمِذيُّ)، انتهى، وقال الذَّهَبيُّ: (أبو ظِلَال: هلال بن أبي هلال، ويقال: ابن أبي مالك)، وفي «الميزان»: هلال بن ميمون، وهو هلال بن أبي سويدٍ، أبو ظِلَال القسمليُّ، صاحب أنسٍ، قال ابن معين: ليس بشيءٍ، وقال البُخاريُّ: مقارب الحديث، وقال ابن عديٍّ: عامَّة ما يرويه لا يُتَابِعه عليه الثقاتُ، علَّق له البُخاريُّ، وأخرج له التِّرْمِذيُّ، وله ترجمةٌ في «الميزان».

ومتابعة أشعث لا أعلم من خرَّجها، ولم يخرِّجها شيخُنا، وقال بعض حفَّاظ العصر: متابعة أشعث وصلها أحمد في «مسنده»، وأمَّا متابعة أبي ظِلَال؛ فأخرجها التِّرْمِذيُّ في (الزهد)، وكذا أخرجها عبد بن حُمَيد عن يزيد بن هارون، عن أبي ظِلَال، عن أنسٍ، والله أعلم.

(1/10240)

[باب عيادة النساء الرجال]

قوله: (بَابُ عِيَادَةِ النِّسَاءِ الرِّجَالَ): (الرجالَ): مَنْصوبٌ مفعول المصدر؛ وهو (عيادة)، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَعَادَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مِنَ الأَنْصَارِ): (أمُّ الدرداء) هذه: قال شيخُنا ما لفظه: وعيادة أمِّ الدرداء تُحمَل على أنَّها عَادَتْه وهي متجالة، فلا تزورُ امرأةٌ رجلًا إلَّا أن تكون ذات [1] مَحْرَم منه أو تكون متجالة يُؤمَن من مثلها الفتنة أبدًا، وقيل: كان ذلك قبل نزول الحجاب، انتهى، ففي هذا _إن صحَّ_ أنَّ (أمَّ الدرداء): هي الكبرى الصَّحابيَّة، واسمها خيرة بنت أبي حَدْرَد، صحابيَّة، ولها رواية، تُوُفِّيَت قبل أبي الدرداء، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: وكانت _يعني: الكبرى_ من فُضَلاء النساء وعُقَلائهن، وذوات الرأي منهنَّ، مع العبادة والنسك، تُوُفِّيَت قبل أبي الدرداء بسنتين، وكانت وفاتها بالشام في خلافة عثمان، وكانت حفظت عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعن زوجها أبي الدرداء عُويمرِ الأنصاريِّ، روى عن أمِّ الدرداء جماعةٌ من التابعين؛ منهم: صفوان بن عبد الله بن صفوان، وميمون بن مِهْرَان، وزيد بن أسلم، انتهى، وإذا كان كذلك _أي: مثل ما قال شيخُنا: إنَّه قبل نزول الحجاب_؛ فهذه واردةٌ على المِزِّيِّ والذَّهَبيِّ؛ لأنَّهما لم يترجما لها؛ المِزِّيُّ في «التهذيب»، ولا في «فروعه» للذهبيِّ، وكأنَّهما فَهِمَا أنَّها الصغرى، والصغرى مترجمةٌ، وهي تابعيَّة، واسمها هُجَيمة _ويقال: جهيمة_ بنت حُييٍّ الأوصابيَّة، ويقال: الوصابيَّة، ووصاب: بطنٌ من حِمْيَر، تَقَدَّمَتْ، وهي جليلة القَدْر رحمة الله عليها، بقيت إلى بعد الثمانين.

قوله: (رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الرجل لا أعرفه.

==========

[1] في (أ): (ذا)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 528]

(1/10241)

[حديث: لما قدم رسول الله المدينة وعك أبو بكر وبلال ... ]

5654# قوله: (وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ): (وُعِكَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (أبو بكر): نائبٌ مناب الفاعل، وقد تَقَدَّمَ ما (الوعك).

تنبيهٌ: تَقَدَّمَ أنَّ قوله: (كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... ): البيتين ليسا له، كما قاله عمر بن شبَّة في كتاب «المدينة»، وقد ذكرته مُطَوَّلًا.

قوله: (مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الشِّراك) ما هو.

[ج 2 ص 528]

قوله: (وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما: أنَّه تمثَّل بهما، ولمن هُما، وتَقَدَّمَ الكلام على (مِيَاه): تَقَدَّمَ أنَّه بالهاء لا التاء، وكذا (مِجَنَّةٍ): تَقَدَّمَتْ، و (شَامَةٌ وَطَفِيلُ): تقدَّما، وكذا (الْجُحْفَة)، وما الحكمة في دعائه عليه السلام أن يُجعَل بالجُحْفَة، كلُّ ذلك في (الحجِّ) قُبَيل (الصوم).

(1/10242)

[باب عيادة الصبيان]

(1/10243)

[حديث: إن لله ما أخذ وما أعطى وكل شيء عنده مسمى]

5655# قوله: (أَخْبَرَنِي عَاصِمٌ): هذا هو عاصم بن سُليمان الأحول، و (أَبُو عُثْمَان): هو النهديُّ عبد الرحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ اللُّغات في (مَلٍّ).

قوله: (أَنَّ ابْنَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه (البنت) في (الجنائز)، وأنَّها زينب، صرَّح بذلك غيرُ واحد.

قوله: (وَسَعْدٌ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ [1]): (سعدٌ): مَرْفوعٌ منوَّنٌ، وهو سعد بن عبادة، كما هو مُصرَّح به في «البُخاريِّ»، وكذا في «مسلم»، و (أُبيُّ): مَرْفوعٌ معطوف عليه.

قوله: (أَنَّ ابْنَتِي قَدْ حُضِرَتْ): تَقَدَّمَ الكلام على رواية (ابنتي) أو (ابني)، ومَن هي الابنة، ومن هو الابن، وقَدَّمْتُ في (الجنائز) أنَّ الصواب _كما قاله في «المطالع» _: (أنَّ ابني)؛ على التذكير، و (حُضِرت)؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وكسر الضاد المُعْجَمة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (فَرُفِعَ الصَّبِيُّ): (رُفِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الصبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (تَقَعْقَعُ): هو مَرْفوعٌ محذوف إحدى التاءين؛ أي: تتقعقع.

قوله: (فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ): تَقَدَّمَ أنَّه سعد بن عبادة، وقد كان معه عليه السلام.

==========

[1] (بن كعب): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 529]

(1/10244)

[باب عيادة الأعراب]

قوله: (بَابُ عِيَادَةِ الأَعْرَابِ): (الأعراب): هم سكَّان البوادي خاصَّةً، قال شيخنا: كما قال المهلَّب: إنَّه لا نقص على السلطان في عيادة مريضٍ مِن رعيَّته، أو واحدٍ من بادِيَته، ولا على العالم في عيادة الجاهل؛ لأنَّ الأعراب شأنُهم الجهلَ، كما وصفهم الله، ألا ترى ردَّ هذا الأعرابيِّ؟! انتهى.

==========

[ج 2 ص 529]

(1/10245)

[حديث ابن عباس: لا بأس طهور إن شاء الله]

5656# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (خالد) هذا: هو خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، تَقَدَّمَ.

قوله: (عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ): هذا الأعرابيُّ لا أعرفه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: وقع في «مختصر ربيع الأبرار»: (أنَّ المُعَادَ اسمه قيس بن أبي حَازم)، ثُمَّ ذكر لفظَه الشاهدَ له، ثُمَّ قال: يُحَرَّر ذلك، انتهى، وقد تعقَّبتُ مقالَته قبل ذلك، كذا ذكره بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين، ثُمَّ قال: وإن صحَّ؛ فهو متَّفِقٌ مع التابعيِّ الكبيرِ المخضرمِ، وإلَّا؛ فهو وَهَمٌ، انتهى.

وقيس بن أبي حَازمٍ: مخضرمٌ ولم يره صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا أعلم أحدًا في الصَّحابة اسمه قيس بن أبي حَازم، نعم؛ فيهم: قيس بن حَازم، ذكره الحافظ أبو موسى، قال الذَّهَبيُّ: ولا يُدرَى مَن ذا، ولا شكَّ أنَّه ليس بقيس بن أبي حَازم، والله أعلم.

قوله: (طَهُورٌ): هو بفتح الطاء، ويجوز ضمُّها.

قوله: (فَنَعَمْ إِذًا): أي: فماذا كان ظنُّك؛ فكذا يكون، يُقال: إنَّه مات في ذلك المرض، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 529]

(1/10246)

[باب عيادة المشرك]

(1/10247)

[حديث: أن غلامًا ليهود كان يخدم النبي فمرض فأتاه النبي]

5657# قوله: (أَنَّ غُلَامًا لِيَهُودَ [1] كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الغلام سمَّاه ابن بشكوال في «مبهماته»: عبدَ القُدُّوس، ذكر ذلك مُحَمَّد بن أحمد العتبيُّ في «جامعه»، قال ابن بشكوال: ورَوَيْنَا ذلك عن شيوخنا بأسانيدهم إليه، وهو غريبٌ من طريقهم، قال: وما وجدناه عند غيره، ولا أعلمه في الصَّحابة، انتهى، ولا ذكره أبو عمر ابن عَبْدِ البَرِّ، ولا ابن الجوزيِّ أبو الفرج، ولا الذَّهَبيُّ في «جمعه الكبير»، ولا ابن الأثير في «الأُسْد» قبله، لكن ذكره الذَّهَبيُّ فيمن لا يُعرَف إلَّا بصاحب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: غلامٌ يهوديٌّ يخدم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وذكر بعض قصَّته، ولم يسمِّه.

قوله: (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أباه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه (المُسَيَّب)؛ لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، وتعليق سعيدٍ عن أبيه أخرجه البُخاريُّ في أماكنُ مِن «صحيحه»، وأخرجه مسلمٌ والنَّسَائيُّ، وقَدَّمْتُ أنَّ (المُسَيّب): هو ابن حَزْن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عِمران بن مخزوم، صَحَابيٌّ مشهورٌ، وقَدَّمْتُ أنَّه لم يروِ عنه غير ابنه سعيدٍ، وأنَّ في ذلك ردًّا على الحاكم والبَيْهَقيِّ، والله أعلم.

قوله: (لَمَّا حُضِرَ أَبُو طَالِبٍ): (حُضِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (أبو طالب): نائبٌ مناب الفاعل، وقد قَدَّمْتُ متى تُوُفِّيَ أبو طالب، والاختلاف في اسم أبي طالب، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق) ذكر كلام ابن بشكوال، ثمَّ قال: (ولا أعلم في الصَّحابة أحدًا اسمه عبد القدُّوس).

[ج 2 ص 529]

(1/10248)

[باب إذا عاد مريضًا فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعةً]

(1/10249)

[حديث: إن الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا]

5658# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، وقد قَدَّمْتُ جماعةً يُقال لكلٍّ منهم: يحيى، روَوا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في الكُتُب السِّتَّة أو بعضِها؛ فانظرهم.

قوله: (دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ يَعُودُونَهُ فِي مَرَضِهِ): هؤلاء الناس لا أعرفهم بأعيانهم.

قوله: (إِنَّ الإِمَامَ لَيُؤْتَمُّ بِهِ): (يُؤتمُّ): مَرْفوعٌ؛ لأنَّ اللام في الخبر للتأكيد، و (يؤتمُّ): فعل مضارع، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قَالَ الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وأنَّه أوَّل شيخٍ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصَّحيح»، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه.

==========

[ج 2 ص 529]

(1/10250)

[باب وضع اليد على المريض]

(1/10251)

[حديث: اللهم اشف سعدًا وأتمم له هجرته]

5659# قوله: (حَدَّثَنَا [1] الْجُعَيْدُ): هو مُصَغَّرٌ، وهو الجَعْدُ أيضًا؛ مكبَّرًا، ابن عبد الرحمن، عن السائب بن يزيدَ وجماعةٍ، وعنه: يحيى القَطَّان ومكِّيٌّ، ثقةٌ، تَقَدَّمَ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، و (عَائِشَة بِنْت سَعْدٍ): هذه هي عائشة بنت سعدِ بن أبي وقَّاص مالكِ بن وُهَيب أحدِ العشرة المشهود لهم بالجنَّة، وهي تابعيَّةٌ، تَقَدَّمَتْ.

قوله: (شَكْوًا): في هامش أصلنا بخطِّ بعض فُضَلاء الحنفيَّة ما لفظه: قال القاضي: («اشتكى سعد شكوَى»: مقصورٌ، والشَّكْوُ: المرض، يُقال منه: شكا يشكُو شِكايةً، وشكاوةً، وشكْوًا، وشَكوَى، قال أبو عليٍّ: التنوين رديءٌ جدًّا)، انتهى.

قوله: (وَلَمْ [2] أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً): هذه الابنة المشارُ إليها هي عائشةُ الراويةُ هنا، وهي تابعيَّة، لها رؤيةٌ، وقد ذكرتُ عن بعض الحُفَّاظ المصريِّين توهيم ذلك، وأنَّ هذه أمُّ الحكم الكبرى، وهنا اقتصر على أنَّها أمُّ الحكم الكبرى، ثُمَّ قال: كما تَقَدَّمَ في (الوصايا) موضَّحًا، انتهى، وفي «تذهيب الذَّهَبيِّ» في عائشة بنت سعد: قال ابن سعدٍ وخليفةُ: ماتت سنة سبعَ عشرةَ ومئة، قال الذَّهَبيُّ: (قلت: يُقال: عاشت أربعًا وثمانين سنةً، وهي من كبار شيوخ مالك)، انتهى، فهذا يدلُّ لِما قاله بعضُ الحُفَّاظ المتأخِّرين، وقد رُزِقَ سعدٌ بعد ذلك أولادًا عدَّدهم الدِّمْيَاطيُّ، وقد نقلتُهم من خطِّه في أوائل (البيع)، وزدتُ عليه، والله أعلم.

[ج 2 ص 529]

قوله: (وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ): هو بالمثلَّثة في أصلنا، وسأذكر كلام ابن قُرقُول فيه قريبًا؛ فانظره.

قوله: (اِشْفِ سَعْدًا): (اشف): بهمزة وصلٍ، ثُلاثيٌّ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.

قوله: (وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ): (أتمم): بهمزة قطعٍ؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فِيمَا يُخَالُ إِلَيَّ): هو بِضَمِّ أوَّله، قال شيخنا: قال ابن التين: صوابه: يُخَيَّل؛ من التَّخَيُّل، قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ} [طه: 66]، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وإنِّي لَمْ).

(1/10252)

[حديث: أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم.]

5660# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ): هو ابن يزيد، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَهْوَ يُوعَكُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وتَقَدَّمَ ما (الوعك).

قوله: (فَمَسِسْتُهُ): هو بكسر السين الأولى، أمَسُّهُ مسًّا، هذه هي اللُّغَة الفصيحة، وحكى أبو عُبيدة: مَسَسْتُ الشيءَ؛ بالفتح، أمُسُّهُ؛ بالضمِّ، وربَّما قالوا: مِسْتُ الشيءَ؛ يحذفون منه السين الأولى، ويحوِّلون كسرتها إلى الميم، ومنهم مَن لا يحوِّل، ويترك الميمَ على حالها مفتوحةً، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَعْكًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (أَجَلْ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ معناه: نعم، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ) بالفتح، وتشديد النون؛ أي: بأنَّ، وكذا تَقَدَّمَ [1] (أَذًى مَرَضٌ): أنَّ (مرضًا): مَرْفوعٌ منوَّنٌ بدلٌ من (أذًى)؛ بدل بعضٍ مِن كلٍّ؛ لأنَّ الأذى أعمُّ من المرض.

==========

[1] زيد في (أ): (تقدم)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 530]

(1/10253)

[باب ما يقال للمريض وما يجيب]

(1/10254)

[حديث: أجل وما من مسلم يصيبه أذى إلا حاتت عنه خطاياه]

5661# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو _فيما يظهر_ الثَّوريُّ، وقد قَدَّمْتُ مَدركي في ذلك: أنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في مشايخه الثَّوريَّ، ولم يذكر ابنَ عيينة، وفي «التذهيب» ذكر في قَبِيصة: أنَّه روى عن سفيان، وأطلق، فحملتُ المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ): إبراهيم بن يزيد التيميُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فَمَسِسْتُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وكذا (يُوعَكُ)، وما (الوعك)، و (أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ): بفتح الهمزة، وتشديد النون، تَقَدَّمَ، وكذا (كَمَا تَحَاتُّ): تَقَدَّمَ ضبطه ومعناه، و (وَرَقُ): مَرْفوعٌ فاعلٌ.

(1/10255)

[حديث: لا بأس طهور إن شاء الله. فقال: كلا .. ]

5662# قوله: (حَدَّثَنِي إسحاق: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (بعث أبي موسى ومعاذٍ إلى اليمن)، وتَقَدَّمَ قبل ذلك أيضًا، وقال شيخُنا هنا: (إسحاق): هو ابن شاهين، كما رواه الإسماعيليُّ، انتهى، و (خالد بن عبد الله): هو الواسطيُّ الطَّحَّان، أحد العلماء والصالحين، تَقَدَّمَ، و (خَالِدٌ) بعده: هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان.

قوله: (دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ _قريبًا_ لا أعرفه، وتَقَدَّمَ ما قاله ابن شيخنا البلقينيِّ، وكذا قاله غيره، وما تعقَّبتُه، والله أعلم.

قوله: (طَهُورٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الطاء، ويجوز ضمُّها.

قوله: (كَيْمَا تُزِيرَهُ): هو بنصب (تُزِيرَه)، كذا في أصلنا، والكلام على (كيما) و (كي لا) معروفٌ عند النُّحَاةِ.

قوله: (فَنَعَمْ إِذًا): تَقَدَّمَ معناه قريبًا، وأنَّه قيل: إنَّه تُوُفِّيَ في ذلك المرض، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 530]

(1/10256)

[باب عيادة المريض راكبًا وماشيًا وردفًا على الحمار]

قوله: (وَرِدْفًا عَلَى الْحِمَارِ): (الرِّدْف): بكسر الراء، وإسكان الدال المُهْمَلة، وبالفاء، و (الرِّدْف): هو الذي يركب خلف الراكب.

(1/10257)

[حديث: أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب]

5663# قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وتَقَدَّمَ أنَّ (اللَّيْث) بعده: هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، وأنَّ (عُقَيلًا) بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وتَقَدَّمَ مَن يقال له كذلك في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وأنَّ هذا هو ابن خالد، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

(1/10258)

قوله: (رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الحمار ليس بعُفَير، ولا يعفور، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، وتَقَدَّمَ (الإِكَاف): أنَّه بكسر الهمزة وضمِّها، وتخفيف الكاف، ويُقال: وُكَاف، قاله ثعلبٌ، وهو البرذعة، وقال غيره: ما يُشَدُّ فوق البرذعة من بعض أدواتها، ولم يذكر الهرويُّ في «شرح الفصيح» غيرَه، وتَقَدَّمَ (القَطِيفَة) ما هي، و [الكلامُ] على (فَدَكِيَّة)، وأنَّها منسوبة إلى فَدَك، وتَقَدَّمَ ضبط (فدك)، وكم مسيرتها من المدينة المشرَّفة، وتَقَدَّمَ (أَرْدَفَ [1] أُسَامَةَ)، ومَن أردفه صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّ ابن منده جمع ذلك، فبلغ بهم نيِّفًا وثلاثين شخصًا، وتَقَدَّمَ الكلام على (عَبْد اللهِ بْن أُبَيٍّ ابْن سَلُولَ) ترجمةً، ونطقًا، وكتابةً، وعلى قوله: (وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ)؛ أي: في الظاهر، وإلَّا؛ فما زال منافقًا كافرًا حتَّى هلك، وتَقَدَّمَ الكلام على (عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ)، وأنَّه غبرة حوافرها، وعلى (خَمَّرَ)؛ أي: غطَّى، وعلى (الرِّدَاء)، وما هو، وعلى قوله: (فَسَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): لعلَّه عنى المسلمين بالسلام، والله أعلم، وعلى قوله: (لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ)، وكذا هو في أصلنا، وفي الهامش: (ما أُحسِنُ مَا)؛ نسخة بِضَمِّ الهمزة، وكسر السين، وضمِّ النون، و (الرَّحْل): المنزل والمأوى، و (ابْنُ رَوَاحَةَ): هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاريُّ، من بني الحارث بن الخزرج، أبو مُحَمَّد، نقيبٌ بدريٌّ أميرٌ، استُشهِد بمؤتة، سنة ثمانٍ، مشهورُ الترجمة، رضي الله عنه، و (سَكَتُوا): بالمُثَنَّاة فوق، وقوله: (دَابَّتَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الإضافة، و (أَبُو حُبَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ موحَّدتين مخفَّفتين، بينهما ألف، وأنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبد الله بن أُبَيٍّ ابنِ سلول وَلَدَ هذا المنافق كان اسمه الحُبَاب، فغيَّره النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى عبد الله، وقد استُشهِد باليمامة سنة اثنتي عشرة، و (سَعْد): هو ابن عبادة، و (الْبَحْرَة): تَقَدَّمَ ضبطها، وأنَّها البلدة، و (يُعَصِّبُوهُ): أي: يُسَوِّدوه ويُمَلِّكوه، وكانوا [2] يسمُّون السيِّدَ المطاعَ معصَّبًا؛ لأنَّه يُعَصَّب بالتاج، أو تُعصَّب به أمور الناس؛ أي: تُرَدُّ إليه وتُدَار به، وتَقَدَّمَ معنى (شَرِقَ بِذَلِكَ)، وأنَّه

(1/10259)

بفتح الشين المُعْجَمة، وكسر الراء، وبالقاف؛ أي: ضاق صدره حَسَدًا منك.

[ج 2 ص 530]

(1/10260)

[حديث: جاءني النبي يعودني ليس براكب بغل ولا برذون]

5664# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بالموحَّدة، والسين المُهْمَلة في آخره، وأنَّه ليس في الكُتُب السِّتَّة مَن اسمه عمرو بن عيَّاش؛ بالمُثَنَّاة، والشين المُعْجَمة، ولا عُمر بن عيَّاش، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

قوله: (وَلَا بِرْذَوْنٍ): (البِرذون): بكسر الموحَّدة، وهو الفَرَس الذي أبواه عجميَّان، و (العتيق) عكسُه، و (الهجين): أبوه عربيٌّ وأمُّه عجميَّة، و (المُقرِف) عكسه، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الجهاد)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 531]

(1/10261)

[باب قول المريض: إني وجع، أو: وارأساه، أو: اشتد بي الوجع]

قوله: (بَابُ قولِ المَرِيضِ: إِنِّي وَجِعٌ ... ) إلى آخره، ثُمَّ تلا قول الله تعالى حكايةً عن أيُّوب: ({أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83]): {أَنِّي}: بفتح الهمزة على الحكاية، قال شيخُنا: قول أيُّوب عليه السلام: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} ليس ممَّا يشاكل تبويبه؛ لأنَّ أيُّوب إنَّما قال ذلك داعيًا، ولم يذكره للمخلوقين، وقد ذُكِرَ أنَّه كان إذا سقطت منه دودةٌ من بعض جراحه؛ ردَّها مكانها، انتهى، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين ما لفظه: بل هو مشاكلٌ لتبويبه، ويظهر بالتأمُّل، انتهى.

قوله: (إِنِّي وَجِعٌ): هو بفتح الواو، وكسر الجيم.

==========

[ج 2 ص 531]

(1/10262)

[حديث: أيؤذيك هوام رأسك؟]

5665# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا ضبطُه، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، وأنَّ (سُفْيَان) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وقَدَّمْتُ مَدركي في ذلك قريبًا وبعيدًا، و (ابْن أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيح يسارٍ، و (أَيُّوب): مجرورٌ معطوفٌ على (ابنِ أبي نَجِيح)، وهو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (هَوَامُّ رَأْسِكَ): (الهَوامُّ) _بفتح الهاء، وتشديد الميم_ هنا: القمل.

قوله: (فَدَعَا الْحَلَّاقَ): الذي حلق رأسَ كعب بن عُجرة لا أعرف اسمه.

==========

[ج 2 ص 531]

(1/10263)

[حديث: ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك]

5666# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَبُو زَكَرِيَّاءَ): تَقَدَّمَ أنَّه النيسابوريُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ أنَّ يحيى بن يحيى الليثيَّ عالمَ الأندلس ليس له شيءٌ في الكُتُب السِّتَّة، وكُنية الأندلسيِّ أبو مُحَمَّد، و (يحيى بن يحيى) جماعةٌ، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ): (ذاكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَا رَأْسَاهْ ... ) إلى قوله: (بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ): أي: لا بأسَ عليكِ ممَّا تخافين؛ أي: إنَّك لا تُوَفَّي في هذه الأيَّام، لكن أنا أموتُ في هذه الأيَّام، والله أعلم.

قوله: (وَا ثُكْلَيَاهْ [1]): هو بِضَمِّ الثاء المثلَّثة، وإسكان الكاف، ثُمَّ لام مفتوحة، و (الثُّكْل)؛ بِضَمِّ الثاء، وإسكان الكاف: فقدان المرأة ولدها، وكذلك (الثَّكَل)؛ بفتح الثاء والكاف؛ كالبُخْل والبَخَل.

قوله: (لَظَلِلْتَ): هو بكسر اللام الأولى _نصَّ عليه الجوهريُّ_ وفتح التاء على الخطاب.

قوله: (مُعْرِسًا): هو بإسكان العين، كناية عن الجماع، ويُروى: (معَرِّسًا)؛ بالتشديد وكسر الراء [2]، وفيه نظرٌ من حيث اللغةُ.

(1/10264)

قوله: (أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ): قال ابن قُرقُول: (لأبي بكر أو آتيه): كذا لأبي ذرٍّ، وعند بعض رواته عنه: (أبي بكر وآتيه)؛ من غير شكٍّ، والصواب: (أو آتيه) إن صحَّت الرواية بالتاء، وعند الأصيليِّ والقابسيِّ والنسفيِّ: (إلى أبي بكر وابنه)، قيل: وهو وَهَمٌ، والصواب الأوَّل، قال ابن قُرقُول: وعندي أنَّ الصواب هي الثانية؛ لما رواه مسلمٌ: (لقد هممتُ أن أدعُوَ أباك وأخاك حتَّى أكتبَ كتابًا)، وتكون فائدة عبد الرحمن بن أبي بكرٍ أن يكتب الكتاب، أو يكونَ هو وأبوه شاهِدَين عليه، مع أنَّ إتيانه أبا بكر وهو في تلك الحال من شدَّة مرضه يبعدُ، والظاهر أنَّه تصحيفٌ، انتهى، وكذا قال القاضي: ولبعض رواة «البُخاريِّ»: (أو آتيه)؛ من الإتيان، وصوَّبه بعضهم، وليس كما صُوِّبَ، بل الصواب: (ابنه)؛ بالباء الموحَّدة والنون، وهو أخو عائشة، وتوضِّحه رواية مسلم: (أخاك وأباك)، ولأنَّ إتيان النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان متعذِّرًا أو متعسِّرًا، وقد عجز عن حضور الجماعة، واستخلف أبا بكر ليصلِّيَ بالناس ... إلى آخر كلامه، وهو كلامٌ حسنٌ متعيِّنٌ، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ في (باب مرض النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) شيئًا ينبغي لك أن تراجعه هنا فيما يتعلَّق بهذا، وهو حَسَنٌ.

قوله: (وَابْنِهِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبد الرحمن.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (وا ثُكْلِياه)؛ بكسر اللام، وبهما ضُبطَ في (ق).

[2] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 531]

(1/10265)

[حديث: نعم ما من مسلم يصيبه أذى مرض فما سواه ... ]

5667# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ): هو إبراهيم بن يزيد، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (وَهْوَ يُوعَكُ): تَقَدَّمَ معناه، وكذا تَقَدَّمَ (مَسِسْتُهُ [1])، وكذا تَقَدَّمَ (الوَعْكُ) ما هو، و (أَذًى مَرَضٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (مرضًا) مَرْفوعٌ منوَّنٌ، وأنَّه بدلُ بعضٍ من كلٍّ؛ لأنَّ الأذى أعمُّ.

(1/10266)

[حديث: الثلث كثير أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة ... ]

5668# قوله: (أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العَلَم المشهور، و (عَامِر بْن سَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص.

قوله: (وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ هذه البنتَ اسمُها عائشةُ، وأنَّها [1] تابعيَّة لها رؤيةٌ، وقد تَقَدَّمَ عن بعض حفَّاظ العصر توهيمُه، وأنَّها أمُّ الحكم الكبرى، و [تقدَّم] أنَّ سعدًا رُزِقَ بعد ذلك عدَّة أولادٍ ذكرتُهم في أوائل (البيع).

قوله: (كَثِيرٌ): هو بالثاء المثلَّثة في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (والثلث كَبِير)؛ بالباء، ويُروى: (كَثِير)؛ بالثاء، وفي بعضها: (أو كَثِير)؛ على الشكِّ، انتهى.

قوله: (أَنْ تَدَعَ): تَقَدَّمَ الكلام على (أن)، وأنَّها بالوجهين؛ الكسر على الشرط، والفتح على تأويل المصدر؛ أي: أنَّك ووذْرَهم وتركَهم أغنياءَ خيرٌ مِن تركِهم عَالَةً، قال ابن قُرقُول: وأكثر روايتنا فيه بالفتح، وقال ابن مكِّيٍّ في «تقويم اللسان»: لا يجوز هنا إلَّا الفتحُ، والله أعلم، وكذا الثانية: (خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ).

[ج 2 ص 531]

قوله: (عَالَةً): تَقَدَّمَ أنَّهم الفقراء، وتَقَدَّمَ أنَّه بتخفيف اللام، وتَقَدَّمَ (يَتَكَفَّفُونَ).

==========

[1] في (أ): (وأنَّه)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/10267)

[باب قول المريض: قوموا عني]

(1/10268)

[حديث: هلم أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده]

5669# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (مَعْمَر)؛ بفتح الميمين، وإسكان العين: ابن راشد.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنَديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.

قوله: (لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حُضِر): هو بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وكسر الضاد المُعْجَمة؛ أي: حضره القبضُ، و (رسولُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (هَلُمَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى اللُّغة الأخرى التي فيها، وتَقَدَّمَ الكلام في (الكِتَابِ) الذي همَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بكتابته ما هو، إمَّا بوحيٍ وإمَّا باجتهادٍ، ثُمَّ ترك الكتابة إمَّا بوحيٍ وإمَّا باجتهادٍ.

قوله: (قَالَ عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود المذكورُ في السند.

قوله: (إِنَّ الرَّزِيئَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على أنَّها مهموزٌ، ويجوز تشديدها [3]، وكذا الثانية، في أوائل هذا التعليق، وأنَّها المصيبة، وقَدَّمْتُ أنَّ أبا العَبَّاس ابن تيمية قال: إنَّ [4] عبد الله بن عَبَّاس ما قال هذا الكلام لمَّا خرجوا من عنده عليه السلام، وإنَّما قاله بعدَ حينٍ لمَّا رأى الفتن قد تفاقمت، قاله في الردِّ على ابن المطهر الرافضيِّ.

قوله: (وَلَغَطِهِمْ): تَقَدَّمَ ما (اللَّغط).

==========

[1] (ح): ليست في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وحدَّثني).

[3] وهي رواية «اليونينيَّة»: (الرزيَّة).

[4] زيد في (أ): (ابن)، وليس بصحيح.

[ج 2 ص 532]

(1/10269)

[باب من ذهب بالصبي المريض ليدعى له]

(1/10270)

[حديث: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله فقالت]

5670# قوله: (سَمِعْتُ السَّائِبَ يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي): (السائب) هذا: هو ابن يزيد بن سعيد، أبو يزيدَ، المعروف بابن أخت نَمِر، قيل: إنَّه ليثيٌّ كِنَانيٌّ، وقيل: أزديٌّ، وقيل: كنديٌّ، وقيل: هُذَليٌّ، حليف بني أُمَيَّة، وُلِدَ في السنة الثانية من الهجرة، جزم به بعض الحُفَّاظ، وقيل: سنة ثلاث، وجزم به أيضًا بعض الحُفَّاظ، وخرج في الصبيان إلى ثنيَّة الوداع يتلقَّى رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من تبوك، وشهد حَجَّة الوداع، ذهبت به خالتُه إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فدعا له، ومسح رأسه، وقال: (نظرت إلى خاتم النبوَّة)، أخرج له أحمد في «المسند»، والجماعةُ، ترجمته معروفةٌ، وقد تَقَدَّمَ بعضها، و (خالتُه): لا أعرف اسمها، غير أنَّها صحابيَّةٌ معدودةٌ فيهم، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين _كما تَقَدَّمَ_: إنَّها فاطمة، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنَّ فاطمةَ بنتَ شريح ذكرها أبو عبيدة في الزوجات، كما قاله الذَّهَبيُّ عن ابن بشكوال، وأمَّا أمُّه؛ فاسمها عُلَيَّة بنت شُرَيح، صحابيَّةٌ أيضًا.

قوله: (وَجِعٌ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح الواو، وكسر الجيم.

قوله: (مِنْ وَضُوئِهِ): هو بفتح الواو: الماءُ، ويجوز فيه الضمُّ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (إِلَى خَاتمِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر التاء وفتحها، وتَقَدَّمَت اللُّغات فيه.

قوله: (مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى الروايات التي جاءت في صفته في أوَّل (كتاب المناقب)، و (زِرُّ) هنا في أصلنا بتقديم الزاي، وهذه من رواية إبراهيم بن حمزة، وقد قَدَّمْتُ الكلام على روايته هناك، وأنَّه رُوِيَ بتقديم الراء على الزاي، والكلام هناك في ذلك، ولم يذكروا هذا المكان، والذي ينبغي أن يجيءَ فيه ما جاء في ذاك، وقد حُكِيَ خلافٌ في المكان الذي خالف فيه إبراهيم من قبله؛ هل هو (رزُّ) أو (الحجلة)، اللهمَّ إلَّا أن يكون حدَّثه به على الوجهين في (رزِّ)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 532]

(1/10271)

[باب تمني المريض الموت]

(1/10272)

[حديث: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه]

5671# قوله: (أَحْيِنِي): هو بقطع الهمزة، وهو رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 532]

(1/10273)

[حديث: دخلنا على خباب نعوده وقد اكتوى سبع كيات]

5672# قوله: (عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وقد تَقَدَّمَ قيسٌ مترجمًا، و (خَبَّاب): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره مُوَحَّدَة أخرى، وأنَّه ابن الأَرَتِّ؛ بالمُثَنَّاة فوق المُشَدَّدة، وهذا ظاهِرٌ إلَّا أنَّي رأيتُ بعضَ القاهريِّين يجعله بمثلَّثة، وهو تصحيفٌ، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ): سيأتي الكلام على (الكَيِّ) في (الطِّبِّ) إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ): هو بِضَمِّ القاف، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 532]

(1/10274)

[حديث: لن يدخل أحدًا عمله الجنة]

5673# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ): اسم (أبي عُبيد): سعد بن عبيد، أبو عبيدٍ الزُّهريُّ المدنيُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ): إن قيل: فما الجمع بين هذا وبين قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32]؟ قيل: للناس فيه أجوبةٌ، ومن أحسنِها ما قاله الإمام النَّحْويُّ جمال الدين بن هشام القاهريُّ شيخُ بعض شيوخي في «المغني» له في (معاني الباء): الباء من المقابلة، وهي الداخلة على الأعواض؛ كاشتريته بألف، وكافأت إحسانَه بضِعْفٍ، وقولهم: هذا بذاك، ومنه: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، وإنَّما لم نقدِّرْها باء السببيَّة؛ كما قالت المعتزلة، وكما قال الجميع [في]: «لن يَدخُل أحدُكم الجنَّة بعمله»؛ لأنَّ المعطِي بعوضٍ قد يُعطِي مجَّانًا، وأمَّا المسبَّب؛ فلا يوجد بدون السبب، وقد تبيَّن أنَّه لا تعارض بين الحديث والآية؛ لاختلاف محمَلَي الباء؛ جمعًا بين الأدلَّة، انتهى، وقد ذكره أيضًا؛ السؤالَ والجوابَ، وذكر شيخُنا عن ابن الجوزيِّ أربعة أجوبةٍ، والله أعلم.

قوله: (إِمَّا مُحْسِنًا): (إمَّا) في الموضعين: بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

[ج 2 ص 532]

قوله: (أَنْ يَسْتَعْتِبَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: يرجع عن الإساءة، ويطلب الرضا، يُقال: استعتبته فأعتبني؛ أي: عاد إلى مسرَّتي، وكذلك استرضيته فأرضاني) انتهى، وقال ابن قُرقُول: «لعلَّه يستعتب»؛ أي: يعترف، ويلوم نفسه ويعتبها، وفي كتاب الأصيليِّ مصلَّحًا [1] بِضَمِّ الياء، وهو وَهَمٌ، وإنَّما هو يطلب الرضا، ويسأل تركَ المؤاخذة، ويلوم نفسه على ما كان منه، انتهى، وكذا قال ابن الأثير، ولفظه: واستعتب: طلب أن يُرضَى عنه ... إلى أن قال: («فلعلَّه يَستعتب»؛ أي: يرجع عن الإساءة، ويطلب الرضا).

(1/10275)

[حديث: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى]

5674# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هِشَام) بعده: هو ابن عروة، و (عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ): هو ابن عمِّ هشام بن عروة بن الزُّبَير.

قوله: (وَأَلْحِقْنِي): هو بقطع الهمزة، وكسر الحاء، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (بِالرَّفِيقِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/10276)

[باب دعاء العائد للمريض]

قوله: (وَقَالَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّها تابعيَّة لها رؤيةٌ، وأبوها هو سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب أحدُ العشرة، وتعليقها أخرجه في (الطِّبِّ) عن مكِّيِّ بن إبراهيم، عن الجُعَيْد، عنها، وقد تَقَدَّمَ، وأبو داود في (الجنائز)، والنَّسَائيُّ في (الفرائض) وفي (الطِّبِّ)، والله أعلم.

قوله: (اِشْفِ سَعْدًا): (اشف)؛ بهمزة وصلٍ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، وهو ثُلاثيٌّ.

(1/10277)

[حديث: أذهب البأس رب الناس اشف وأنت الشافي]

5675# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): هو الوضَّاح بن عبد الله، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد التيميُّ.

قوله: (إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ): (أَتى) الأوَّل: مَبْنيٌّ للفاعل، والثاني [1]: مَبْنيٌّ للمفعول.

قوله: (أَذْهِبِ): هو بقطع الهمزة، وكسر الهاء، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (اِشْفِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه ثُلاثيٌّ، فهمزته همزة وصلٍ.

قوله: (لَا يُغَادِرُ): أي: لا يُبقِي ولا يَترك، وهو بالغين المُعْجَمة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَأَبِي الضُّحَى: إِذَا أُتِيَ بِالْمَرِيضِ): أمَّا (عَمرو بن أبي قيس)؛ فهو الرازيُّ الأزرقُ، كوفيٌّ نزل الريَّ، عن المنهال بن عمرو، ومُحَمَّد بن المنكدر، وسِمَاك بن حرب، وآدمَ بنِ عليٍّ، ومنصورِ بن المعتمر، وطائفةٍ، وعنه: حَكَّام بن سَلْم، ويحيى بن الضُّريس، وآخرون، قيل: إنَّ أهل الريِّ أتَوا سفيان بن سعيد الثَّوريَّ يسألونه الحديثَ، فقال: أليس عندكم الأزرق؟! قال أبو داود: لا بأس به، في حديثه خطأ، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، أخرج له الأربعة، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، له ترجمةٌ في «الميزان»، و (إبراهيم بن طهمان): تَقَدَّمَ، و (منصور): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المعتمر، و (إبراهيم): هو ابن يزيدَ النَّخَعيُّ، و (أبو الضحى): مسلم بن صُبَيح، تَقَدَّمَ.

وتعليق عمرو بن أبي قيس عن منصور لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا، [وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: رويناها [2] موصولةً في «جُزء أبي العَبَّاس بن نجيح» [3] بسند صحيح إلى عمرو بن أبي قيس، انتهى] [4]، وأمَّا تعليق إبراهيم بن طهمان؛ لم أرَه أيضًا في شيء منها إلَّا ما هنا، وقال شيخُنا: أخرجه الإسماعيليُّ في «صحيحه» ... ؛ فذكره.

قوله: (وَقَالَ جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضبيُّ، تَقَدَّمَ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، تَقَدَّمَ، (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّمَ، وتعليق جرير به لم أرَه، وعزاه شيخُنا إلى الإسماعيليِّ، انتهى؛ أعني: حديثَه عن منصورٍ عن أبي الضحى وحدَه.

(1/10278)

[باب وضوء العائد للمريض]

قوله: (بَابُ وُضُوءِ الْعَائِدِ لِلْمَرِيضِ): (الوُضوء)؛ بِضَمِّ الواو: الفعل، ويجوز فيه فتح الواو.

==========

[ج 2 ص 533]

(1/10279)

[حديث: دخل علي النبي وأنا مريض فتوضأ فصب علي]

5676# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، وقد تَقَدَّمَ ضبطه، ومعناه، ومَن لقَّبه بذلك.

قوله: (لَا يَرِثُنِي إِلَّا كَلَالَةٌ): تَقَدَّمَ الاختلاف في (الكلالة) مُطَوَّلًا في أوائل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 533]

(1/10280)

[باب من دعا برفع الوباء والحمى]

قوله: (بَابُ مَنْ دَعَا بِرَفْعِ الْوَبَأِ [1] وَالْحُمَّى): (الوبأُ): مهموزٌ مقصورٌ، ويُمَدُّ أيضًا، وجمع المقصور: أوباء، وجمع الممدود: أوبئة، قال ابن الأثير في (الوبأ): هو الطاعون، والمرض العامُّ، وفي (القاموس): (الوَبَأ؛ محرَّكة: الطاعون، أو كلُّ مرضٍ عامٍّ، الجمع: أوباء، ويُمَدُّ، الجمع: أوبئة)، انتهى، والتحقيق: أنَّ بين الوبأ والطاعون عمومًا وخصوصًا، فكلُّ طاعونٍ وباءٌ، وليس كلُّ وبأ طاعونًا، وكذلك الأمراض العامَّة أعمُّ من الطاعون، فإنَّه واحدٌ منها، والله أعلم، وسيأتي في (باب الطَّاعون) ما قيل فيه وفي (الوبأ) إن شاء الله تعالى مُطَوَّلًا.

تنبيهٌ: اعلم أنَّ الشَّافِعيَّة قالوا: يُقنَت للنازلة في جميع الصلوات، قالوا: ومنها الوبأ، والظاهر أنَّهم أرادوا به الطاعون، والله أعلم، والقول الثاني: يقنتون مطلقًا، سواء نزل نازلةٌ أم لا، والقول الثالث: لا مطلقًا، وكلُّ هذا في غير الصُّبح، والله أعلم.

(1/10281)

[حديث: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة ... ]

5677# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ.

قوله: (وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ): (وُعِكَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (أبو بكر): نائبٌ مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ ما (الوعك)، وتَقَدَّمَ أنَّ البيتين ليسا له، كما ذكره عمر بن شبَّة في كتاب «المدينة»، وتَقَدَّمَ لمن هما.

قوله: (مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ): تَقَدَّمَ ما (الشِّراك).

قوله: (إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ): (أُقلِع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه الصوت، وكذا تَقَدَّمَ أنَّهما ليسا له، وتَقَدَّمَ لمن هما، وتَقَدَّمَ (الإِذْخِر)، و (الجَلِيل)، و (مِيَاه)، وأنَّه بالهاء لا بالتاء، و (مِجَنَّة): تَقَدَّمَتْ ضبطًا ومكانًا، و (شَامَةٌ وَطَفِيل)، وتَقَدَّمَ (الصَّاعُ) كم هو، وكذا (المُدُّ)، وكذا تَقَدَّمَت (الجُحْفَة) أين هي، وسببُ الدعاء عليها.

==========

[ج 2 ص 533]

(1/10282)

((76)) (كِتَابُ الطِّبِّ) ... إلى (كِتَاب اللِّبَاسِ)

قوله: (كِتَابُ الطِّبِّ): هو مثلَّث الطاء _كذا في «الصحاح» وغيرِه_: العلاج، و (الطَّبُّ)؛ بالفتح: الرجل العالم، وكذلك الطبيب أيضًا.

[ج 2 ص 533]

فائدةٌ: سُئِل العلَّامة عزُّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ عمَّن يكتب حروفًا مجهولةَ المعنى للأمراض، ويسقيها للمريض، فينجح؟ فقال: الظاهر أنَّه لا يجوز؛ لأنَّه عليه السلام لمَّا سُئِل عن الرُّقى؛ قال: «اعرضوا عليَّ رقاكم»، فعرضوها، فقال: «لا أرى بأسًا»، وإنَّما أمر بذلك؛ لأنَّ منها ما يكون لغوًا، انتهى.

(1/10283)

[باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء]

قوله: (مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً): (الدَّاء)؛ بفتح الدال، ممدودٌ مهموزٌ: المرض.

اعلم أنَّه جاء في حديث أسامة بن شريك: «إلَّا داءً واحدًا؛ وهو الهرم»، وفي حديث آخر: «إلَّا السَّام؛ وهو الموت»، وفي آخر: «إلَّا السام والهرم»، فإذن الحديث ليس على عمومِه، والله أعلم.

(1/10284)

[حديث: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء]

5678# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ اسم (أبي أحمد) هذا: مُحَمَّد بن عبد الله بن الزُّبَير، أبو أحمد، الأَسَدي مولاهم، الزُّبَيريُّ _بِضَمِّ الزاي، وفتح الموحَّدة_ الكوفيُّ، ترجمته معروفة، و (عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الرَّاء وبالموحَّدة، وهذا مشهور.

==========

[ج 2 ص 534]

(1/10285)

[باب: هل يداوي الرجل المرأة أو المرأة الرجل؟]

(1/10286)

[حديث: كنا نغزو مع رسول الله نسقي القوم ونخدمهم]

5679# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بِشْرًا) بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وأنَّ (المفضَّل)؛ بفتح الضاد المُعْجَمة: اسم مفعول، من (فضَّله) المُشدَّد، و (الرُّبَيِّع بِنْت مُعَوِّذٍ): تَقَدَّمَ أنَّها بالتَّصغير، وقد وقعت في أصلنا مصروفةً بالقلم، وينبغي أنَّها تكون غير [1] مصروفة؛ لأنَّ فيها العلميَّةَ والتَّأنيثَ المعنويَّ، وأنَّ (معوِّذًا) بكسر الواو المُشَدَّدة وتُفتَح، حكاهما ابن قُرقُول، و (عَفْرَاءَ)؛ بفتح العين المُهْمَلة، وإسكان الفاء، ممدودٌ.

==========

[1] ضُرِب على (غير) في (أ).

[ج 2 ص 534]

(1/10287)

[باب: الشفاء في ثلاث]

(1/10288)

[حديث: الشفاء في ثلاثة: شربة عسل وشرطة محجم]

5680# قوله: (حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ): قال الجَيَّانيُّ في «تقييده» _وقد ذكر هذا المكان_: (قال أبو عبد الله الحاكم: هذا هو الحسين بن يحيى بن جعفر البيكنديُّ، وقد أكثر أبو عبد الله البُخاريُّ الرواية عن ابنه يحيى، وقد بلغني أيضًا: أنَّ أباه يحيى بن جعفر قد روى عن ابنه الحسين هذا، وقال أبو نصر: هو عندي الحسين بن مُحَمَّد بن زياد القبَّانيُّ النَّيسابوريُّ، وعنده «مسند أحمد بن منيع»، وقد بلغني: أنَّ أباه كان يلزم البُخاريَّ، ويهوى هواه لما وقع له بنيسابور ما وقع)، قال الجَيَّانيُّ: (قلت: وهذا الحديث عندنا بعلوٍّ من الإسناد، فذكر إسناده به إلى أحمد بن منيع، ثُمَّ بالسَّند المذكور في هذا «الصَّحيح» إلى ابن عَبَّاس قال: «الشِّفاء في ثلاث ... »؛ فذكره، وفي آخره: «ورفع الحديث»، ثُمَّ قال: فكأنَّ شيخنا حكمَ بنَ مُحَمَّد أخذه عن البُخاريِّ)، انتهى، قال ابن عساكر في «النَّبَل» كما رأيتُه فيه: (الحسين بن مُحَمَّد بن زياد أبو عليٍّ النَّيسابوريُّ الحافظ المعروف بالقبَّانيِّ، روى البُخاريُّ عن حُسَين غير منسوب عن أحمد بن منيع، وقالوا: هو القبَّانيُّ، وقيل: هو الحسين بن يحيى بن جعفر البيكنديُّ)، انتهى، وقد ذكر القولين غير واحد من الحُفَّاظ المتأخِّرين؛ كالذَّهَبيِّ في «التذهيب» و «الكاشف» تبعًا للمِزِّيِّ.

قوله: (وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ): (المحجم)؛ بالكسر: الآلةُ التي يجتمع فيها دم الحجامة عند المَصِّ، والمحجم أيضًا: مشرط الحجَّام، والحكمة في اختصاص الحجامة بالذِّكر؛ لأنَّ أكثر إخراجهم الدَّم كذلك، وفي معناه: قطع العرق؛ وهو الفصد، لكن الأوفق لأهل البلاد الحارَّة الحجامةُ، ولأهل البلاد الباردة الفصدُ، والله أعلم.

قوله: (وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ): اعلم أنَّ الأحاديث التي جاءت في الكيِّ تضمَّنت أربعة أنواع؛ أحدها: فعله، والثَّاني: عدم محبَّته له، والثالث: الثَّناء على مَن تركه، والرابع: النَّهْي عنه، ولا تعارُض، ولله الحمدُ، فإنَّ فعله يدلُّ على جوازه، وعدم محبَّته له لا يدلُّ على المنع منه، وأمَّا الثناء على تاركيه؛ فيدلُّ على أنَّ تركه أولى وأفضل، وأمَّا النَّهْي عنه؛ فعلى سبيل الاختيار والكراهة، أو عن النَّوع الذي لا يحتاج إليه، بل يفعله؛ خوفًا من حدوث الدَّاء.

(1/10289)

فائدةٌ: في كتاب «التَّذكرة» للقرطبيِّ في (باب من يدخلِ الجنَّة بغير حساب) في أوائل النِّصف الثاني ما لفظه: (وقد كوى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نفسه)، فيما ذكر الطَّبريُّ في كتاب «آداب النفوس» له، وذكر الحليميُّ في كتاب «منهاج الدِّين»: (واختلفتِ الرواية في الكيِّ؛ فرُوِي: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم اكتوى مِن الكَلْم الذي أصابه في وجهه يوم أُحُد»، ثُمَّ ذكر أنَّه كوى جماعة من أصحابه مسمَّين)، انتهى، وقد ذكر شيخنا في «شرحه» لهذا الكتاب كلامًا لابن التِّين، وفي آخره: (وإلَّا؛ فقد اكتوى وهو سيِّد هذه الأمَّة)، والظاهر أنَّه من تتمَّة كلام ابن التَّين، انتهى، وذكر أبو عبد الله ابن قَيِّم الجَوزيَّة الإمام الحنبليُّ ما لفظه: (وتداوى _يعني: النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم_ وكوى ولم يكتوِ)، انتهى، وابن القَيِّم مُتأخِّر كثير الاستحضار، وإن كان غيره مُثبِتًا وهو نافٍ، والله أعلم ما كان، ثُمَّ اعلم أنِّي أنا أتوقَّف في كيِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نفسه؛ لما رُوِي: «لم يتوكَّل مَن استرْقى واكتوى»، رواه النَّسَائيُّ في «الكبرى»، وابن ماجه، والطَّبَرانيُّ واللَّفظ له إلَّا أنَّه قال: أو من حديث المغيرة بن شعبة، وقال التِّرْمِذيُّ: «من اكتوى أو استرقى؛ فقد برئ مِن التَّوكُّل»، وقال النَّسَائيُّ: «ما توكَّل من اكتوى أو استرقى»، والله أعلم، اللَّهمَّ إلَّا أن يُتأوَّل بتأويل صحيح.

قوله: (رَفَعَ الْحَدِيثَ): تَقَدَّمَ أنَّ قوله: (يرفعه)، أو (يبلغ به)، أو (رواية)، أو (يَنْمِيه) مَرْفوعٌ، وقد تَقَدَّمَ ذلك مُطَوَّلًا، والله أعلم.

(1/10290)

قوله: (رَوَاهُ الْقُمِّيُّ عَنْ لَيْثٍ): (القُمِّيُّ)؛ بِضَمِّ القاف، وتشديد الميم، وقمٌّ: بلد بجهة الريِّ، قاله ابن قُرقُول في (القُمِّيِّ)، وسمَّاه ونسبه، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو الحسين يعقوب بن عبد الله بن سعد بن مالك القُمِّيُّ الأشعريُّ ابن عمِّ الأشعث بن إسحاق الأشعريِّ، روى له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ) انتهى، فقوله: (روى له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ)؛ فاعلم أنَّه رقم عليه في «التَّذهيب» و «الكاشف»: (خت، 4)؛ يعني: روى له أصحاب «السُّنن» الأربعة، وكذا رقم عليه في «الميزان»، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، قال النَّسَائيُّ: ليس به بأس، وقال الطَّبَرانيُّ: ثقة، وقال الدَّارقطنيُّ: ليس بالقويِّ، له ترجمة في «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (174 هـ)، وتعليقه هذا لم أره في شيء مِن الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: (أسنده أبو نعيم في «الطِّبِّ» ... )؛ فذكره.

و (ليث): هو ابن أبي سُلَيم الكوفيُّ، ترجمته معروفة، وهو أبو بكر، القرشيُّ مولاهم، الكوفيُّ، أحد العلماء، عن مجاهد وطبقته، ولا نعلمه لقي صحابيًّا، وعنه: شعبة، وزائدة، وجَرِير، وخلق، وفيه ضعف يسير مِن سوء حفظه، وكان ذا صلاة وصيام وعلم كبير، وبعضهم احتجَّ به، تُوُفِّيَ سنة (138 هـ)، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا كما ترى، ومسلم مقرونًا، والأربعة، وله ترجمة في «الميزان».

(1/10291)

[حديث: الشفاء في ثلاثة: شرطة محجم أو شربة عسل]

5681# قوله: (أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ أَبُو الْحَارِثِ): (سريج) هذا: بالسين المُهْمَلة، وفي آخره جيم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ مَن يقال [له]: سريج _كهذا_ في «البُخاريِّ» و «مسلم»: أحمد بن أبي سُرَيج، روى عنه البُخاريُّ في «صحيحه»، واسم أبي سريج: الصَّبَّاح، وقيل: هو أحمد بن عمر بن أبي شُرَيح، وسُرَيج بن النُّعمان روى عنه البُخاريُّ أيضًا، وذكر الجَيَّانيُّ أنَّ مسلمًا روى عن واحد عنه، فالله أعلم، وسُرَيج بن يونس هذا صاحب الترجمة حديثه في «البُخاريِّ» و «مسلم»، والله أعلم.

قوله: (فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (المحجم) أعلاه، وأنَّه بالكسر: الكأس والمِشراط.

قوله: (وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ): تَقَدَّمَ أعلاه الكلام على (الكيِّ).

(1/10292)

[باب الدواء بالعسل ... ]

قوله: (بَابُ الدَّوَاءِ بِالْعَسَلِ): (الدَّواء)؛ بفتح الدَّال، وبالمدِّ وبكسر الدَّال معه، ذكرهما غير واحد؛ منهم: الجوهريُّ وابن قُرقُول.

قوله: ({فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69]): اعلم أنَّه اختُلِف في الضمير في {فِيهِ}؛ هل هو عائد على القرآن أو على العسل؟ قولان؛ فقيل: على القرآن، قاله مجاهد، وقال آخرون: على العسل، رُوِي ذلك عن ابن مسعود، وابن عَبَّاس، وهو [قول] الحسن، وقتادة، قال شيخنا: (وهو أولى؛ بدليل حديث الباب)، وكذا قاله ابن قَيِّم الجَوزيَّة، ولفظه: (والصَّحيح: رجوعه إلى الشراب، وهو قول ابن مسعود، وابن عَبَّاس، والحسن، وقتادة، والأكثرين، فإنَّه هو المذكور، والكلام سِيق لأجله، ولا ذِكْرَ للقرآن في الآية، وهذا الحديث الصَّحيحُ _وهو قوله: «صدق الله» _ كالصَّريح فيه، والله أعلم)، انتهى.

[ج 2 ص 534]

(1/10293)

[حديث: كان النبي يعجبه الحلواء والعسل.]

5682# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، وهذا ظاهِرٌ معروف.

قوله: (يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحلواء) بالمدِّ والقصر، وتَقَدَّمَ ما هي.

==========

[ج 2 ص 535]

(1/10294)

[حديث: إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم]

5683# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الْغَسِيلِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح الغين المُعْجَمة، وكسر السِّين، وأنَّه عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الغَسِيل ابن أبي عامر الأنصاريِّ.

قوله: (إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ أَوْ يَكُونُ): قال شيخنا: (قال ابن التِّين: صوابه: «أو يكن»؛ لأنَّه مجزوم بـ «إن»، ولعلَّ هذا قبل أن يعلم أنَّ لكلِّ داءٍ شفاءً).

قوله: (فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ): تَقَدَّمَ (المحجم)؛ بالكسر: الكأس والمشراط أيضًا.

قوله: (أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ): (اللَّذعة) بالذال المُعْجَمة، والعين المُهْمَلة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الكيِّ) في أوَّل (كتاب الطِّبِّ).

(1/10295)

[حديث: صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلًا]

5684# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمة، وتَقَدَّمَ الكلام على عَبَّاس بن الوليد؛ بالموحَّدة، والسين المُهْمَلة، وكم الثَّاني في مكان من «الصَّحيح»، و (عَبْدُ الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ، تَقَدَّمَ، و (سَعِيدٌ) بعده: هو ابن أبي عَروبة، و (أَبُو المُتَوَكِّل): تَقَدَّمَ أنَّه عليُّ بن داود، وقيل: عليُّ بن دُوَادٍ، مشهور، وقد تَقَدَّمَ، و (أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ): (الرَّجل وأخوه) لا أعرفهما.

قوله: (يَشْتَكِي بَطْنُهُ [1]): (بطنُه): مَرْفوعٌ فاعل، وينبغي أن يجيء فيه ما جاء في (اشتكت عينُها)، فإنَّها مثل هذه المسألة بعينها، وقد قَدَّمْتُ الكلام فيها أنَّهم قالوا: فيها الرَّفع والنصب، ورجَّح بعضهم الرَّفعَ _والله أعلم_؛ لرواية: (عيناها).

قوله: (صَدَقَ اللهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ): قال شيخنا: (قال قتادة من حديث أبي سعيد: «صدق القرآنُ، وكذب بطنُ أخيك»).

قوله: (فَبَرَأَ): كذا هو في أصلنا، وهما لغتان؛ بَرأَ، وبَرِئ، وقال ابن التِّين _كما نقله شيخنا_: (إنَّه يجوز فيه الشيئان).

(1/10296)

[باب الدواء بألبان الإبل]

(1/10297)

[حديث: أن ناسًا كان بهم سقم قالوا: يا رسول آونا]

5685# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، نسبة إلى جدِّه، وأنَّه يجوز فيه: الفراهيديُّ الفُرهوديُّ، و (سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ): هو بتشديد اللَّام.

قوله: (أَنَّ نَاسًا كَانَ بِهِمْ سَقَمٌ): تَقَدَّمَ في «الصَّحيح»: (أنَّ نفرًا مِن عرينة)، ورُوِي: (من عكل)، ورُوِي: (من عكل أو عرينة) على الشَّكِّ، ورُوِي: (مِن عكل وعرينة) من غير شكٍّ، ورُوِي: (أنَّ ناسًا) كما هنا، ولم يذكر مِن أيِّ قبيلة هم، والكلُّ في «الصَّحيح» مِن حديث أنس، وقد قَدَّمْتُ الكلام على (عكل) و (عرينة) في مكانه، وأنَّهم كانوا ثمانية، كما في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقد تَقَدَّمَ، وقيل: كانوا سبعة.

قوله: (فَأَنْزَلَهُمُ الْحَرَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحرَّة)، وأنَّها أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ.

قوله: (فِي ذَوْدٍ لَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الذَّود).

فائدةٌ: اللِّقاح التي خرجوا إليها كانت خمسَ عشرةَ غزارًا، وردت إلى المدينة، ولم يُفقَد منها غير واحدة تدعى: الحنَّاء، فسأل عليه السَّلام عنها، فقيل: نحروها، انتهى.

قوله: (قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه يسار؛ بالمُثَنَّاة تحت، وبالسين المُهْمَلة، صَحَابيٌّ معدودٌ فيهم، وهو مولاه عليه السَّلام.

قوله: (فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ): تَقَدَّمَ أنَّ أمير القوم يومئذٍ سعيد بن زيد أحدِ العشرة، قاله ابن عقبة، كما عُزِي إليه، وفي كلام بعضهم: أنَّه الأشهليُّ، وقال ابن سعد: فبعث في أثرهم عشرين فارسًا، واستعمل عليهم كرز بن جابر الفهريَّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البعث كان في شوَّال سنة ستٍّ عند ابن سعد، وقَدَّمْتُ تنبيهًا على غلطٍ وقعَ في ذلك لبعض الحُفَّاظ في (باب قصة عكل وعرينة).

قوله: (يَكْدمُ الأَرْضَ): هو بفتح أوَّله، وكسر الدَّال وضمِّها؛ لغتان في «الصِّحاح»، واقتصر ابن قُرقُول على الكسر؛ أي: يعضُّها بفيه مِن شدَّة الوجع أو شدَّة العطش.

قوله: (بِلِسَانِهِ): كذا هنا، قال ابن قُرقُول: وفي (كتاب الطِّبِّ): (بلسانه)، وهو مُغيَّر من «أسنانه»، لا يكون باللِّسان، وكما جاء في الرِّواية الأخرى: «يعضُّون الحجارة») انتهى.

قوله: (قَالَ سَلَّامٌ): هو بتشديد اللَّام، كما تَقَدَّمَ قريبًا، وهو ابن مسكين المذكور في السند.

(1/10298)

قوله: (فَبَلَغَنِي): الذي بلَّغ سلَّامًا لا أعرفه.

قوله: (أَنَّ الْحَجَّاجَ): هذا هو الحَجَّاج بن يوسف الثَّقفيُّ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته في (الحجِّ).

قوله: (بِأَشَدِّ عُقُوبَةٍ): (أشدِّ): مجرور؛ لأنَّه مضاف، وكلُّ ما لا ينصرف إذا عُرِّف [1] أو أُضِيف؛ انجرَّ بالكسرة.

قوله: (فَبَلَغَ الْحَسَنَ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام، وهو مَنْصوبٌ مفعولٌ.

قوله: (وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ): (ودِدتُ)؛ بكسر الدَّال الأولى، وقد تَقَدَّمَ، وهو معروف.

(1/10299)

[باب الدواء بأبوال الإبل]

قوله: (بَابُ الدَّوَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الدَّواء) بالمدِّ مع فتح الدَّال وكسرها.

قوله: (بِأَبْوَالِ الإِبِلِ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك، وسيأتي الكلام على التَّداوي أيضًا بالأشياء النَّجسة قريبًا في هذا الكتاب.

(1/10300)

[حديث: أن ناسًا اجتووا في المدينة فأمرهم النبي أن يلحقوا]

5686# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذيُّ.

قوله: (أَنَّ نَاسًا): تَقَدَّمَ الكلام عليهم أعلاه وقبله أيضًا.

[ج 2 ص 535]

قوله: (اجْتَوَوْا [1] الْمَدِينَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أي: استوبلوا واستوخموا؛ ومعناه: كرهوها؛ لمرض أصابهم بها)، وفرَّق بعضهم بين «اجتَوَوا» و «استوبلوا»، فجعل «اجتَوَوا»: كرهوا الموضع وإن وافق، و «استوبلوا»: إذا لم يوافقه وإن أحبَّه)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ اسم راعيه يَسار، وأنَّه مولى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم رضي الله عنه.

قوله: (حَتَّى صَلَحَتْ): بفتح اللَّام، ويجوز ضمُّها.

قوله: (وَسَاقُوا الإِبِلَ): تَقَدَّمَ كم كانت الإبل قريبًا وبعيدًا جدًّا.

قوله: (فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ): تَقَدَّمَ الكلام على أمير هذه السَّريَّة قريبًا وبعيدًا، وأنَّهم كانوا عشرين فارسًا.

قوله: (وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ): قال الدِّمْيَاطيُّ: («سمَر»: كحَّل بالمِسمار المحمَّاة وسمل، أو فقأها بالشوك، وقيل: بالحديدة المحمَّاة، تُدنَى مِن العين حتَّى يذهب نظرُها)، انتهى، قال ابن قُرقُول: («وسمر أعينهم»؛ بالتخفيف: كحلها بالمسامير المحمَّاة، وضبطناه عنهم في «البُخاريِّ» بتشديد الميم، والأوَّل أوجه، ويروى: «سمل»؛ باللَّام، ومعناه مُتقارِب، وقال: بُعَيد ذلك: «سمل أعينهم»؛ أي: فقأها بالشَّوك، وقيل: بحديدة محمَّاة، تُدنَى مِن العين حتَّى يذهب نظرها، وعلى هذا: تتَّفق مع رواية مَن قاله بالرَّاء؛ إذ قد تكون هذه الحديدةُ مسمارًا، وكذلك أيضًا قد يكون فقؤُها بالمِسمار، وسملها به، كما يُفعَل بالشوك)، انتهى.

قوله: (قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ): يريد: حدَّ المحارب، والذي فعله صلَّى الله عليه وسلَّم بهم كان هو الحدُّ، ثُمَّ نُسِخ بالقرآن، وقيل: إنَّهم فعلوا مثل ذلك بالرَّاعي، فعوقبوا بمثل ما أَتَوه، انتهى ما قاله شيخنا، ولا شكَّ أنَّهم فعلوا مثل ذلك بالراعي، فعوقبوا بمثله، فغرزوا الشَّوك في عينيه، وهذا في «مسلم» وغيره، وعطَّشوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآله، والقطع على الحرابة، والقتلُ على الرِّدة، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (في).

(1/10301)

[باب الحبة السوداء]

قوله: (بَابُ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ): (الحبَّة السَّوداء): هي الشونيز كما سيجيء مِن قول ابن شهاب، وسيأتي ضبط (الشونيز)، قال ابن قُرقُول: و («الحبَّة السَّوداء»: الشونيز، ويقال: شِئْنِيزُ، وكذا فسَّرنا الشُّونيز، وقال الحسن: هي الخردل، حكاه الحربيُّ عنه، وحكى ابن الأنباريِّ: أنَّها الحبَّة الخضراء، واختُلِف في الحبَّة الخضراء؛ فقيل: هي الشونيز، والعرب تُسمِّي الأخضر أسود، والعكس، وقيل: الحبَّة الخضراء: ثمر البُطم، وقيل: الحبَّة الخضراء: الرازِيانِخ؛ وهو حبُّ البَسباس)، انتهى، وقال في (الشُّونيز) ما لفظه: (بالفتح قيَّدناه، وقال ابن الأعرابيِّ: هي الشِّئْنيز، كذا تقوله العرب، وقال غيره: شونيز)، انتهى، وقد ذكر شيخنا عن القُرْطُبيِّ: (أنَّه بفتح الشِّين، وقال غيره: بالضَّمِّ)، انتهى، ولم يذكر ابن الأثير في (الحبَّة السوداء) غير الشونيز، وقال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: («الحبَّة السَّوداء»: الشُّونيز، هذا هو الصواب المشهور الذي ذكره الجمهور)، انتهى، وقال ابن قَيِّم الجَوزيَّة في «الهدي»: (وكلاهما وَهَم)؛ يعني: القول بأنَّها الخردل أو البُطم، قال: (والصَّواب: أنَّها الشونيز، ثُمَّ ذكر ما فيها مِن المنافع)، انتهى، وقد ذكر الأطبَّاء فيها نحوَ اثنين وعشرين منفعةً، وقد نقل شيخنا عن الموفَّق البغداديِّ أنَّه الكمُّون الأسود، ويُسمَّى: الكمُّون الهنديَّ، فتحصَّلنا في (الحبَّة السَّوداء) على أقوال، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 536]

(1/10302)

[حديث: إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام]

5687# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن موسى العَبْسيُّ، أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام على تشيُّعه وبدعته، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو شيخ البُخاريِّ، وسمع مِن واحد عنه، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ، تَقَدَّمَ، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (خَالِد بْن سَعْدٍ): يروي عن مولاه أبي مسعود الأنصاريِّ، وحذيفةَ، وعائشةَ، وغيرِهم، وعنه: حَبِيب بن أبي ثابت، ومنصور، والأعمش، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين، وذكره ابن حِبَّان في «ثقاته»، وأخرج له البُخاريُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ): (غالب) هذا: ابن أَبْجَر؛ بفتح الهمزة، ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ جيم مفتوحة، ثُمَّ راء، المزنيُّ، ويقال: غالب بن ذِيخ، ويقال: ابن ذريخ، صَحَابيٌّ معدودٌ فيهم، له أحاديثُ عند البصريِّين، ومنها: شريك عن منصور، عن أبي الحسن عبيدٍ، عن غالب بن ذيخ مرفوعًا في الحُمُر الأهليَّة، وإسناده مُضطرب معلول، لغالبٍ هذا في «سنن أبي داود» هذا الحديثُ في الحُمُر الأهليَّة، وأخرج له بقيٌّ في «مسنده» حديثًا واحدًا، والظاهر _والله أعلم_ أنَّه في الحُمُرُ الأهليَّة الذي أشرت إليه.

(1/10303)

قوله: (فَعَادَهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ): اسمه عبد الله بن أبي عَتيق _واسمه مُحَمَّد_ ابن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، عن عمَّة أبيه عائشة رضي الله عنها وابن عمر، وعنه: ابناه؛ مُحَمَّد وعبد الرَّحمن، وشُرَيك بن أبي نمر، وخالد بن سعد، وجماعة، وَثَّقَهُ العِجْليُّ وغيره، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وذكر شيخُنا في ابن أبي عتيق هذا قولين؛ أحدهما _وقدَّمه_: أنَّه عبد الرحمن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر، والقول الآخر: أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرحمن، ثُمَّ قال: ذكرهما ابن التِّين، انتهى، وفي قوله: (عبد الرَّحمن) نظرٌ، وكذا في قوله: (مُحَمَّد بن عبد الرحمن)؛ إنَّما هو عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر، كما قدَّمته، والله أعلم، والحديث المذكور هنا ذكره المِزِّيُّ في ترجمة عبد الله بن أبي عتيق _واسمه مُحَمَّد_ ابن عبد الرحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق عن عائشة، وعزاه إلى «البُخاريِّ» و «ابن ماجه»؛ كلاهما في (الطِّبِّ) عن عبد الله ابن أبي شيبة به، والله أعلم.

تنبيهٌ: عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر، وعبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر؛ كلاهما مِن ذريَّة أبي بكر الصِّدِّيق، وهما يرويان عن عائشة رضي الله عنها، وحديثهما في «البُخاريِّ» و «مسلم»، فالأوَّل منهما: من ولد مُحَمَّد بن أبي بكر الذي ولدتْه أسماءُ بنت عميس بالشَّجرة، وهو أخو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، والثاني: هذا الذي روى هنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الأوَّل مذكور في «البُخاريِّ» و «مسلم» من رواية مالك عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله: أنَّ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة: أنَّه عليه السَّلام قال لها: «ألم تَرَي أنَّ قومَك حين بنَوا الكعبة ... »؛ الحديث، ولأبي مسعود في «أطرافه» وَهَمٌ حين جعل الحديثين _بل الأحاديثَ كلَّها_ لعبد الله بن أبي عتيق، والأئِمَّة خالفوه في ذلك، فذكروا ذلك على الصواب، وقد تَقَدَّمَ في (الحجِّ).

قوله: (أقْطِرُوهَا): هو بقطع الهمزة، وكسر الطَّاء، رُبَاعيٌّ، ويجوز وصل الهمز، وضمُّ الطاء، ثُلاثيٌّ، قال الجوهريُّ: (وقد قطر الماء وغيره يقطرُ قطْرًا، وقطرتُه أنا؛ يتعدَّى ولا يتعدَّى)، انتهى، فيُقرَأ الحديثُ بالقطع والوصل، والله أعلم.

(1/10304)

قوله: (مِنْ كُلِّ دَاءٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الدَّاء): المرض، وقوله: (من كلِّ داء): هو مثل قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25]؛ أي: كلُّ شيء يقبلُ التَّدميرَ ونظائره.

==========

[ج 2 ص 536]

(1/10305)

[حديث: في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام]

5688# قوله: (إِلَّا السَّامَ ... ) إلى (الْمَوْتُ): (السَّام)؛ بغير همز، وقد رُوِي في حديث دخول اليهود على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (فقالوا: السَّأم عليكم): كذا رُوِي مهموزًا مِن (السَّأم)؛ ومعناه: إنَّكم تسأمون دينكم، والمشهور فيه: تركُ الهمز، وهو معتلٌّ؛ يعنون به: الموت، وقد ذكره ابن قُرقُول في «مطالعه» في (السِّين) قبل أن ينتقل إلى (السِّين مع الباء)، أو (مع التَّاء)، أو مع شيء مِن الحروف، وظاهر إخراجه له هناك: أن يكون مهموزًا، [قال]: («إنَّما يقولون: السَّام عليكم»، فيه تأويلان)، فذكرهما، ثُمَّ قال: (وقد جاء في الحديث: «في الحبَّة السَّوداء شفاءٌ من كلِّ داء إلَّا السَّامَ، والسَّام: الموت»)، فإخراجه اللَّفظة يدلُّ على أنَّها عنده مهموزة، ولم أره ذكرها في المعتلِّ، وقد ذكرها الجوهريُّ في المعتلِّ، قال: (والسَّام الموت)، وكذا ذكرها غيره، والله أعلم.

(1/10306)

[باب التلبينة للمريض]

[ج 2 ص 536]

قوله: (بَابُ التَّلْبِينَةِ لِلْمَرِيضِ): قد ذكرت الكلام على (التَّلبينة) ما هي في (كتاب الأطعمة)؛ فانظره إن أردته، وأنَّه يقال: تلبين وتلبينة.

(1/10307)

[حديث: إن التلبينة تجم فؤاد المريض وتذهب ببعض الحزن]

5689# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الحاء المُهْمَلة، وتشديد الموحَّدة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه ابن المبارك شيخ خراسان، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (تُجِمُّ): تَقَدَّمَ ضبطه ومعناه، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: («تجمُّ»؛ أي: تريحه، وقيل: تجمعه، وتكمل صلاحه ونشاطه)، انتهى، وتَقَدَّمَ كلام شيخنا عن ابن بَطَّال ما معناه: أنَّه بالخاء المُعْجَمة، ثُمَّ قال: (ومنه حديث الصَّادق اللِّسان المخموم القلب)، انتهى.

قوله: (وَالمَحْزُونِ [1] عَلَى الْهَالِكِ): تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ) في (الأطعمة).

(1/10308)

[حديث: كانت عائشة تأمر بالتلبينة وتقول هو البغيض النافع]

5690# قوله: (حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، وبالمدِّ في آخره.

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10309)

[باب السعوط]

قوله: (بَابُ السَّعُوطِ): هو بفتح السِّين، وضمِّ العين، وبالطَّاء المُهْمَلات، و (السَّعُوط): ما يُجعَل في الأنف من الأدوية، يقال منه: سعطتُه وأسعطتُه، حكاهما أبو زيد.

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10310)

[حديث: احتجم النبي وأعطى الحجام أجره واستعط]

5691# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): هو ابن خالد الحافظ، و (ابْن طَاوُوسٍ): عبد الله، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ): (الحجَّام): هو أبو طيبة، وسيأتي قريبًا الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10311)

[باب السعوط بالقسط الهندي البحري]

قوله: (بَابُ السَّعُوطِ بِالْقُسْطِ الْهِنْدِيِّ الْبَحْرِيِّ وَهُوَ الْكُسْتُ): تَقَدَّمَ الكلام على (القسط)، ونقل شيخنا في (القسط) لغةً ثالثةً عن كتاب «المُنْتَهى»، ولفظه: (الكُست، والكُسْطُ، والقسط؛ ثلاث لغات).

قوله: (وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: {قُشِطَتْ}): يعني: قرأ: {وَإِذَا السَّمَاءُ قُشِطَتْ} في (التكوير [الآية: 11]):، و (عبد الله): هو ابن مسعود رضي الله عنه، وهي شاذَّة.

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10312)

[حديث: عليكم بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية]

5692# 5693# قوله: (سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، و (عُبَيْد اللهِ) بعدَه: هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، تَقَدَّمَ، و (أُمُّ قَيْسٍ): آمنة بنت وهب بن محصن، قاله السُّهيليُّ، وقال أبو عمر: جذامة، قال ذلك بعض مشايخي، وليس ذلك في «الاستيعاب»، ترجمتها معروفة، أخرج لها الجماعة وأحمد في «المسند» رضي الله عنها.

قوله: (ويُسْتَعَطُ بِهِ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (مِنَ الْعُذْرَةِ): هي بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وإسكان الذَّال المُعْجَمة، ثُمَّ راء، ثُمَّ تاء التأنيث، قال في «المطالع»: (وهو وجع الحلق، قاله ابن قتيبة، وقال أبو عليِّ: اللَّهاةِ، وقال غيره: وهو قريب من اللَّهاة)، انتهى، وفي «النهاية»: («العُذْرة»؛ بالضمِّ: وجع في الحلق يهيج من الدَّم، وقيل: هي قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق، يعرض للصبيان عند طلوع العذرة، فتعمد المرأة إلى خرقة، فتفتلها فتلًا شديدًا، وتُدخِلها في أنفه، فتطعن ذلك الموضع، فيتفجَّر منه دمٌ أسودُ، وربَّما أقرحه، ذلك الطَّعن يسمَّى: الدغر، يقال: عذرت المرأة الصَّبيَّ؛ إذا غمزت حلقه مِن العُذرة أو فعلت به ذلك، وكانوا بعد ذلك يعلِّقون عليه علاقًا؛ كالعُوذة).

قوله: (وَيُلَدُّ بِهِ): (يُلدُّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، واللَّدود؛ بفتح اللَّام: الدَّواء الذي يُصَبُّ من أحد جانبي الفم، وهما لديداه، ولددْتُه: فعلتُ ذلك به.

قوله: (مِنْ ذِي الْجَنْبِ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (ذاتِ)، قال ابن قُرقُول: (قال التِّرْمِذيُّ: هو السِّلُّ، وفي «البارع [1]»: هو الذي يطول مرضه، وقال النضر: هو الدُّبيلة؛ وهي قرحة تثقب البطن، وقال بعضهم: الشوصة)، انتهى.

قوله: (بِابْنٍ لِي لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ): ابن أمِّ قيس بنت محصن البائل لا أعرف اسمه، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ أسماء الجماعة الصِّغار الذين بالوا في حجره عليه السَّلام قبل ذلك في أوائل هذا التعليق وقريبًا أيضًا، وهم: الحسن، والحسين، وابن الزُّبَير، وابن أمِّ قيس بنت محصن، وسليمان بن هاشم بن عتبة بن عبد شمس بن عبد مناف.

(1/10313)

[باب: أي ساعة يحتجم؟]

قوله: (بَابٌ: أَيَّ سَاعَةٍ يَحْتَجِمُ): تنبيهٌ: الحجامة في أيَّام الأسبوع وفي وقت من الشهر لم يصحَّ فيه شيء عند البُخاريِّ؛ فلذلك لم يتعرَّض له.

واعلم أنَّ الحجامة ورد النَّهْي عنها يوم السَّبت، ويوم الأحد، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، ويوم الخميس، ويوم الجمعة، ولم يسلَم مِن النَّهْي إلَّا يوم الاثنين، ثُمَّ إنِّي رأيت النَّهْي عنها يوم الاثنين، وكلُّه ضعيف، وقد أطال ابن القَيِّم فيها النَّفَس في «الهدي»، وذكر النَّهْي عنها في يوم كذا، ويوم كذا، وكلُّه ضعيف، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال العقيليُّ: ليس يثبت في التَّوقيت في الحجامة شيءٌ في يوم بعينه، ولا في الاختيار في الحجامة والكراهية شيء يُثبَت، قال ابن مهديٍّ: ما صحَّ في الحجامة عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شيءٌ إلَّا الأمر بها، والله أعلم.

تنبيهٌ: أستحضر أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم احتجم مَرَّاتٍ، فاحتجم مرَّة في وسط رأسه، ومرَّة على ظهر قدمه، واحتجم في الأخدعين، واحتجم في الكاهل؛ وهو بين الكتفين، واحتجم على وركه كما رواه جابر، وفي «مسند أبي يعلى»: (أنَّه احتجم على قرنه بعدما سُمَّ)، أخرجه من حديث عبد الله بن جعفر، والقَرْن: جانبُ الرأس، وهو غير وسط الرأس، والظاهر أنَّه احتجم مرَّة كذا، ومرَّة كذا، ويحتمل أنَّه احتجم في وسط رأسه قريبًا مِن القرن، فأطلق الراوي عليه ذلك؛ لقربه، فإن كان غير الوسط؛ فقد احتجم سبع مَرَّاتٍ، وإن كان هو؛ فستًّا، وروى أبو نعيم في (الطِّبِّ) عن عبد الرحمن بن عثمان: (أنَّه عليه السَّلام احتجم تحت كتفه اليسرى مِن الشاة التي أكل بخيبر)، في إسناده ضعفٌ، وهذا ثامنٌ أو سابعٌ، وقد رأيت حديثًا ضعيفًا: (أنَّه احتجم ثلاثًا في النُّقرة، والكاهل، ووسط الرَّأس، وسمَّى الواحدة: النَّافعة، والأخرى: المُعِينة، والأخرى: مُنقِذة)، والله أعلم.

قوله: (وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا): (أبو موسى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، قال شيخنا: (أخرجه ابن أبي شيبة).

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10314)

[حديث: احتجم النبي وهو صائم.]

5694# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عين ساكنة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج الحافظ، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد أبو عُبيدة الحافظ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام.

==========

[ج 2 ص 537]

(1/10315)

[باب الحجم في السفر والإحرام]

[ج 2 ص 537]

قوله: (قَالَهُ ابْنُ بُحَيْنَةَ): هو عبد الله بن مالكٍ ابنُ بُحينة، وبُحينة أمُّ عبد الله، لا أمُّ مالك، بل هي زوجة مالك، وقد قَدَّمْتُ ذلك، وقَدَّمْتُ كيف تُكتَب وكيف تُقرَأ، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (الحجِّ)، وسيأتي في (الطِّبِّ) قريبًا، وأخرجه مسلم، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه.

(1/10316)

[حديث: احتجم النبي وهو محرم]

5695# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): (سفيان) هذا: هو ابن عيينة، و (عَمْرو): هو ابن دينار، (وَعَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

(1/10317)

[باب الحجامة من الداء]

قوله: (بَابُ الْحِجَامَةِ مِنَ الدَّاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الدَّاء): المرضُ.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10318)

[حديث: إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري]

5696# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان.

قوله: (سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ): اعلم أنَّه اختُلِف في أجرة الحجَّام؛ فقال الأكثرون سلفًا وخلفًا: لا يحرُم كسبُه ولا أكلُه، لا على الحرِّ ولا على العبد، وهو المشهور مِن مذهب أحمد، وفي رواية عنه قال بها فقهاء المُحدِّثين: يحرُم على الحرِّ دون العبد، مُعتمِدين الأحاديث الواردة في النَّهْي عن كسب الحجَّام وشبهها، وهو وجهٌ في مذهب الشَّافِعيِّ، واحتجَّ الجمهور بحديث ابن عَبَّاس وغيره: أنَّه عليه السَّلام احتجم وأعطى الحجَّام أجره، وحملوا الأحاديث على التَّنزيه والارتفاع، والله أعلم.

قوله: (حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ): ضبطُه كمدينة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم طيبةَ، واسمه دينار، وقيل: ميسرة، وقيل: نافع، قال بعض أشياخي: (قال ابن الحَذَّاء: عاش مئة وثلاثًا وأربعين سنة)، انتهى، كان عبدًا لبني بياضة رضي الله عنه.

قوله: (وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ): تَقَدَّمَ ما (الصَّاع).

قوله: (وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ): هو بفتح الياء، ثُمَّ هاء الضَّمير، وهذا ظاهِرٌ، تَقَدَّمَ مَن (مَوَالِيهِ).

قوله: (فَخَفَّفُوا عَنْهُ): تَقَدَّمَ أنَّه خُفِّف عنه صاعٌ مِن خَراجه.

قوله: (وَلَا تُعَذِّبُوا [1] صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ الْعُذْرَةِ): (الغَمْز)؛ بفتح الغين المُعْجَمة، وإسكان الميم، وبالزَّاي؛ وهو رفع اللَّهاة بالإِصبع، و (العُذْرة): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا وضبطها.

(1/10319)

[حديث: إن فيه شفاء]

5697# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (تَلِيْدًا) بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر اللَّام، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو وَغَيْرُهُ): (عمرو): هو ابن الحارث بن يعقوب المصريُّ، أحد الأعلام، و (غيره): هو عبد الله بن لهيعة القاضي المصريُّ، أخرج له مسلم مقرونًا، و (بُكَيْر): هو بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، هو ابن عبد الله بن الأشجِّ، تَقَدَّمَ، و (المُقَنَّع)؛ بِضَمِّ الميم، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ نون مُشدَّدة مفتوحة، _وكذا قَيَّدهُ بفتح النُّون في «المطالع» _ ثُمَّ عين مهملة: اسم مفعول، و (المُقَنَّع) هذا: لا أعرف له ترجمة، ولم أره في «التذهيب»، ولا في «فروعه»، ولا في «ثقات ابن حِبَّان»، ولا في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ولا في «الميزان»، ولا في «رجال مسند أحمد»، ولا في غيره إلَّا أنِّي رأيت في «تجريد الذَّهَبيِّ» شخصًا يقال له: المُقنَّع، قال الذَّهَبيُّ: (له في «مسند بقيٍّ»، وهو ابن الحُصين التَّميميُّ، نزل البصرة، إسناد حديثه غريب)، انتهى، وما أدري هل هو هذا أم لا؟ والله أعلم، وقد ذكر ابن عَبْدِ البَرِّ شخصًا في «استيعابه» اسمه المُقنَّع بن الحصين، وهو غير هذا، والصَّحيح: أنَّ المقنَّعَ تابعيٌّ، شهد القادسيَّة، وله حديث لا يصحُّ، وقال أبو حاتم: له صحبة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10320)

[باب الحجامة على الرأس]

(1/10321)

[حديث: أن رسول الله احتجم بلحي جمل من طريق مكة]

5698# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمامِ، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (عَلْقَمَة): هو ابن أبي علقمة بلالٍ، عن أنس، وابن المُسَيّب، وجمع، وعنه: مالك، والدَّراورديُّ، وجمع، وثَّقوه، وكان أديبًا نحويًّا، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو داود، مات في أوَّل خلافة المنصور، وقال أبو حاتم: صالح، و (عَبْد الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن هرمز، و (عَبْد اللهِ ابْن بُحَيْنَةَ) تَقَدَّمَ، وأنَّ أباه اسمه مالك، وأنَّ (بُحَينة) أمُّ عبد الله، وتَقَدَّمَ كيف يُقرَأ، وكيف يُكتَب.

قوله: (احْتَجَمَ بِلَحْيِ جَمَلٍ): و (لَحي)؛ بفتح اللَّام وكسرها، وقال الدِّمْيَاطيُّ: («لَحي جمل» قال ابن وضَّاح: هي عقبة الجحفة، وقال غيره: على سبعةِ أميال من السُّقيا)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليها فيما مضى.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10322)

[معلق الأنصاري: أن رسول الله احتجم في رأسه]

5699# قوله: (وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ): هو مُحَمَّد بن عبد الله بن المثنَّى الأنصاريُّ، قاضي البصرة، عن حُمَيد، وابن عون، وطبقتهما، وعنه: البُخاريُّ، وأحمد، وابن معين، والكَجِّيُّ، وخلائقُ، قال أبو حاتم: صدوق لم أرَ مِن الأئِمَّة إلَّا هو وأحمد وسليمان بن داود الهاشميَّ، قال ابن معين: ثقة، مات في رجب سنة (215 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

(1/10323)

[باب الحجم من الشقيقة والصداع]

قوله: (مِنَ الشَّقِيقَةِ وَالصُّدَاعِ): (الشَّقِيقة)؛ بفتح الشين المُعْجَمة، وكسر القاف؛ وهي وجع يأخذ نصف الرَّأس والوجه.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10324)

[حديث: احتجم النبي في رأسه وهو محرم من وجع]

5700# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَارٌ، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، وتَقَدَّمَ مُتَرجَمًا، و (هِشَام) هذا: هو ابن حسَّان القُردوسيُّ البصريُّ.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: لَحْيُ جَمَلٍ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10325)

[معلق ابن سواء: أن رسول الله احتجم وهو محرم في رأسه]

5701# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ عَنْ [1] هِشَامٍ): هذا هو مُحَمَّد بن سَواء بن عبثر السدوسيُّ، أبو الخطَّاب، البصريُّ المكفوف، عن حُسَين المُعلِّم، وابن عون، وهشام بن حسَّان، وروح بن القاسم، وسعيد بن أبي عَروبة فأكثر، وآخرين، وعنه: معلَّى بن راشد، وعَارم، وابن راهويه، وخليفة بن خيَّاط، والفَلَّاس، وخلق، وَثَّقَهُ ابن حِبَّان، وقال هو والفَلَّاسُ: تُوُفِّيَ سنة (187 هـ)، أخرج له مسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وعلَّق له البُخاريُّ كما ترى، وتعليقه هذا لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، وأخرجه شيخنا من الإسماعيليِّ في «مستخرجه»، و (هشام) بعده: هو ابن حسَّان.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[ج 2 ص 538]

(1/10326)

[حديث: إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شربة]

5702# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبانًا) الصَّحيحُ: صرْفُه، مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، و (ابْنُ الْغَسِيلِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الرَّحمن بن سليمان بن عبد الرَّحمن بن عبد الله بن حنظلة الغَسِيل) انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنا ذلك غيرَ مَرَّةٍ، و (الغَسِيل)؛ بفتح الغين المُعْجَمة، وكسر السين المُهْمَلة، وسيأتي قريبًا عبد الرَّحمن بن سليمان ابن الغَسِيل.

قوله: (أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الميم، وأنَّ (المِحجم): الكأس والمِشراط؛ كلاهما بالكسر، وتَقَدَّمَ (اللَّذْعَةٍ) ضبطها، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ) مع أحاديث الكيِّ التي جمعَتْ أربعةَ أنواع، والتَّوفيق بينها.

==========

[ج 2 ص 538]

(1/10327)

[باب الحلق من الأذى]

(1/10328)

[حديث: فاحلق وصم ثلاثة أيام]

5703# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو حمَّاد بن زيد، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): عبد الرحمن، و (كَعْب [1] بن عُجْرَةَ) تَقَدَّمَ، وأنَّه بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وإسكان الجيم، صَحَابيٌّ مشهور.

[ج 2 ص 538]

قوله: (زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحديبية) كانت في ذي القعدة سنة ستٍّ، و (الحديبية)؛ بالتخفيف والتَّشديد، وتَقَدَّمَ أين هي.

قوله: (قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بِأَيَّتِهِنَّ بَدَأَ): (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، المذكور في السَّند، و (بدأ): مهموز الآخر.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (هو).

(1/10329)

[باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو]

(1/10330)

[حديث: إن كان في شيء من أدويتكم شفاء ففي شرطة محجم]

5704# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ ابْنِ الْغَسِيلِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة، وحنظلة: هو غَسِيل الملائكة يوم أُحُد رضي الله عنه.

قوله: (مِحْجَمٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بكسر الميم، وأنَّ (اللَّذْعَة)؛ بالذال المُعْجَمة، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ).

==========

[ج 2 ص 539]

(1/10331)

[حديث: عرضت علي الأمم فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط]

5705# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن فُضَيل، وأنَّ (فُضَيلًا (مُصغَّرٌ، وأنَّه بالضاد المُعْجَمة، و (حُصَيْنٌ) بعده: بِضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلتين، وأنَّ الأسماء: بالضَّمِّ، والكنى: بالفتح، وهذا هو حُصَين بن عبد الرحمن، و (عَامِر): هو الشَّعْبيُّ ابن شَراحيل، و (عِمْرَان ابْن حُصَيْنٍ): هو بِضَمِّ الحاء وفتح الصَّاد المُهْمَلتين.

تنبيهٌ: في حاشية أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة من أصحابنا ما لفظه: (قال البُخاريُّ: الشَّعْبيُّ عن عمران مُرْسَل)، انتهى، والظَّاهر أنَّه أخذه من الدِّمْيَاطيِّ، وبيانُه: أنَّ شيخنا ذكر ذلك أيضًا، والظاهر أَخْذُه له من الدِّمْيَاطيِّ؛ وذلك لأنَّ كثيرًا مِن حواشيه في الأسماء والغريب يجعلها في «شرحه» من غير عزوٍ إليه، قال شيخنا هنا: (قال البُخاريُّ في بعض نسخه: استفدنا مِن هذا أنَّ حديث عمران مُرْسَل، وحديث ابن عَبَّاس مُسنَد)، انتهى، وهو مع إرساله موقوفٌ هنا، وقد أخرجه موقوفًا عن عامرٍ عن عمران أبو داود والتِّرْمِذيُّ، ثُمَّ قال التِّرْمِذيُّ: (وروى هذا الحديث شعبةُ عن حُصَين، عن الشَّعْبيِّ، عن بريدةَ)، انتهى، وحديث عامر عن بريدة موقوفًا في «مسلم»، وفي «ابن ماجه» مرفوعًا، قال المِزِّيُّ: (وتابعهما شعبة عن حُصَين، ورواه غير واحد عن الشَّعْبيِّ عن عمران بن حُصَين، وهو المحفوظ، وسيأتي، ورواه العَبَّاس ابن ذَرِيح عن الشَّعْبيِّ عن أنس)، انتهى، أخرج حديث عامر عن أنس أبو داود، وقد راجعتُ «التَّذهيب» للذَّهبيِّ؛ فلم يذكرْ أنَّ روايتَه عن عمران مُرسَلَة، بل قال: سمع من فلان، وفلان، وفلان، وذكر فيهم عمرانَ بن حُصَين، وذكر قبل ذلك جماعةً أرسل عنهم، وذكر في ترجمة عمرانَ بنِ حُصَين أنَّه روى عنه الشَّعْبيُّ، وأطلق ولم يقيِّد، والعلائيُّ صلاح الدين شيخ شيوخنا مع جمعه كتابًا في المراسيل لم يذكر أنَّه أرسل عن عمران بنِ الحُصَين، وكذا عبد الغنيِّ في «الكمال» قال: إنَّه روى عن عمران، وأطلق، والله أعلم.

(1/10332)

قوله: (لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ): (الحُمَة)؛ بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وتخفيف الميم، وعلى التَّخفيف اقتصر في «المطالع» وفي «النِّهاية»، وقد تُشدَّد، وأنكره الأزهريُّ، وأصلها: حُمَوٌ وحُمَيٌ، بوزن: (صُرَد)، والهاء فيها عوضٌ مِن الواو المحذوفة والياء، انتهى؛ ومعناه: أي: لدغه ذي حُمَة؛ كالعقرب وشبهها، والحمة: فَوْعَة السُّمِّ، وقيل: السُّمُّ نفسه، والفوعة: حدَّته وحرارته.

فإن قيل: فما الجمع بين هذا وبين الأحاديث التي فيها الرَّقي؛ كحديثٍ في «أبي داود» عن أبي الدَّرداء مرفوعًا: «مَن اشتكى منكم شيئًا؛ فليقل: ربَّنا الله الذي في السَّماء، تقدَّس أمرك في السَّماء والأرض ... »؛ الحديث، وحديث مسلم عن أبي سعيد: (أنَّ جبريل أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: يا مُحَمَّد؛ اشتكيتَ؟ فقال جبريل: بسم الله أُرقِيك ... )؛ الحديث، والجوابُ: أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُرِد نفي جواز الرُّقية في غيرها، بل المراد: لا رقيةَ أولى وأنفع منها في العين والحُمة، ويدلُّ عليه: سياق الحديث في غير «الصَّحيح»، فإنَّ سهل بن حنيف قال لمَّا أصابته العين: (أوَفي الرُّقى خيرٌ؟ قال: لا رقيةَ إلَّا في نفس أو حمة)، ويدلُّ عليه: سائر أحاديث الرُّقى العامَّة والخاصَّة؛ كحديث أنس في «أبي داود» مرفوعًا: (لا رقيةَ إلَّا من عين، أو حمة، أو دم يَرقأ)، وفي «مسلم» عنه [1] أيضًا: (رخَّص رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الرُّقية من العين، والحُمة، والنَّملة)، والله أعلم.

قوله: (مَعَهُمُ الرَّهْطُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (سَوَادٌ عَظِيمٌ): (السَّواد): الأشخاص.

قوله: (إِلَى الأُفقِ): هو بِضَمِّ الهمزة، وإسكان الفاء وضمِّها: جانب السَّماء.

قوله: (سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ): هؤلاء الظَّاهر أنَّهم مِن مقبرة واحدة، وهي البقيع، وسأذكر الكلام عليه في (باب: يدخل الجنَّة سبعون ألفًا بغير حساب) إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره.

(1/10333)

قوله: (هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ ... )؛ الحديث: تنبيهٌ: وقع في «مسلم»: (لا يرقون ولا يسترقون)، قال ابن قَيِّم الجَوزيَّة في «الهدي» وفي «حادي الأرواح»، واللَّفظ لـ «حادي الأرواح» ما نصُّه: (وليس عند البُخاريِّ: «لا يرقون»، قال شيخنا _يعني: أبا العَبَّاس ابن تيمية الحافظ الإمام: وهو الصَّواب، وهذه اللَّفظة وقعت مقحمة في الحديث، وهو [2] غلط من بعض الرواة، فإنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جعل الوصف الذي استحقَّ به هؤلاء دخول الجنَّة بغير حساب هو تحقيق التوحيد وتجريده، فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم، ولا يتطيَّرون _والطيرة: نوع مِن الشِّرك، ويتوكَّلون على الله عزَّ وجلَّ وحده، لا على غيره، وتركُهم الاسترقاء والتَّطيُّر هو من تمام التوكُّل على الله؛ كما في الحديث: «الطيرة شركٌ»، قال ابن مسعود: وما منَّا إلَّا من يتطيَّر، ولكنَّ الله يُذهِبه بالتوكُّل، فالتوكُّل ينافي التَّطيُّر، وأمَّا رقية الغير؛ فهو إحسان مِن الراقي، وقد رقى رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم جبريلُ، وأذن في الرُّقى، وقال: «لا بأسَ بها ما لم يكن فيها شركٌ ... » إلى آخر كلامِه.

[ج 2 ص 539]

قوله: (فَقَالَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ): (عُكَّاشة)؛ بتشديد الكاف وتخفيفها، و (مِحصن)؛ بكسر الميم، قال ابن قُرقُول: (ومحصن والد أمِّ قيس، ووجدت الأصيليَّ ضبط اسم أبيها: بِضَمِّ الميم وكسرها)، انتهى، وأمُّ قيس [3] تَقَدَّمَتْ، وأنَّ اسمها آمنة، ويقال: جذامة، وهي أخت عُكَّاشة بن محصن، وعُكَّاشة صَحَابيٌّ مشهور بدريٌّ، وهو أحد السابقين، وكان من أجمل الرِّجال وأشجعهم، قال البُخاريُّ: أُصِيب في عهد أبي بكر رضي الله عنهما، قاله ابن إسحاق، وقال سليمان التيميُّ: قُتِل عُكَّاشة في سريَّة بعثها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى بني أَسَد، والصَّحيح الأوَّل، فإنَّه استُشهِد في قتال طلحة الأسديِّ أيَّام الرِّدَّة، كان طليعةً لجيش خالد بن الوليد، ومناقبه معروفة رضي الله عنه ولو لم يكن إلَّا هذه المنقبة.

قوله: (فَقَامَ آخَرُ ... ) إلى آخره: هذا الرَّجل يقال: إنَّه سعد بن عبادة، قاله الخطيب البغداديُّ، وبَعْدَه النَّوَويُّ، وسأذكر عليه كلامًا حسنًا من عند السُّهيليِّ في (باب من يدخل الجنَّة بغير حساب)، وأذكر هناك حكمةً في كون الثاني ليس منهم إن شاء الله تعالى ذلك.

(1/10334)

[باب الإثمد والكحل من الرمد]

قوله: (بَابُ الإِثْمِدِ): هو بكسر الهمزة، وإسكان الثاء المُثلَّثة، ثُمَّ ميم مكسورة، ثُمَّ دال مهملة؛ وهو حجر الكحل الأسود، يُؤتَى به من أصبهان، وهو أجودُه، ويُؤتَى به من جهة الغرب، معروف.

قوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا [1]): (أمُّ عَطيَّة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها نُسَيبة _بِضَمِّ النُّون على الصَّحيح، ويقال: بفتحها_ بنت كعب الأنصاريَّة، من كبار نساء الصَّحابة، تَقَدَّمَتْ.

==========

[1] التَّرضية: ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 540]

(1/10335)

[حديث: لقد كانت إحداكن تمكث في بيتها في شر أحلاسها]

5706# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان الحافظ، و (زَيْنَب) هذه: هي بنت أمِّ سلمة، تَقَدَّمَتْ، وأمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّةَ حذيفةَ، المخزوميَّة أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَتْ مرارًا.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا): (المرأة وزوجها) لا أعرفهما، وسيأتي قريبًا ما في الزَّوج، وقد تَقَدَّمَ في (النِّكاح) ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين، وما قلته في ذلك.

قوله: (فَاشْتَكَتْ عَيْنهَا): تَقَدَّمَ أنَّ (عينها) مَنْصوبٌ ومرفوعٌ، وبالرَّفع ضبطه الشيخ محيي الدين مقتصرًا عليه، وفي بعض الأصول لمسلم: (عيناها)، وضبطه غيره بالرفع والنصب، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا في (النِّكاح).

قوله: (فَذَكَرُوهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ أمَّها السَّائلةُ، وقد قَدَّمْتُ في (النِّكاح) في قوله: (أنَّ امرأة جاءت إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: يا رسول الله؛ إنَّ ابنتي تُوُفِّيَ عنها زوجها، وقد اشتكت عينها ... )؛ الحديث، والظاهر أنَّ هذه هي تلك، والله أعلم، وذكرتُ هناك أنَّ المرأة المُستفتِية عن كحل العين عاتكةُ بنت عبد الله بن نُعَيم العدويِّ، والحجَّة لذلك مسوقةٌ في «المبهمات» لابن بشكوال، وهي في «ابن وهب»، وسمَّاها الذَّهَبيُّ: عاتكة بنت نُعَيم بن عبد الله، قال ابن بشكوال: (والرَّجل المُتوفَّى المغيرةُ المخزوميُّ)، انتهى، وقال الذَّهَبيُّ: (المغيرة بن شهاب المخزوميُّ شيخ بني عامر، قيل: إنَّه وُلِد سنة اثنتين من الهجرة أو قبلها، وهو مجهول)، انتهى، فعلى هذا؛ ليس هو الزَّوج، وابنتها لا أعرف اسمها، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (النِّكاح).

قوله: (يُخَافُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (أَحْلَاسِهَا): تَقَدَّمَ أنَّه الأثواب، في (النِّكاح).

قوله: (رَمَتْ بَعْرَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (النِّكاح).

قوله: (فَلَا، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا): (لا): نفي الكلام السَّابق، ويجب الوقف عليه؛ لأنَّه نهى عن الرَّخصة التي سألت، ثُمَّ أكَّد ثانيًا، فقال: (أربعة أشهر وعشرًا)، وهو مَنْصوبٌ بفعلٍ مُضمَر؛ أي: لتُكمِل.

==========

[ج 2 ص 540]

(1/10336)

[باب الجذام]

(1/10337)

[معلق عفان: لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر]

5707# قوله: (وَقَالَ عَفَّانُ): هذا هو عَفَّانُ بن مسلم بن عبد الله، أبو عثمان، الصَّفَّار البصريُّ، أحد الأئِمَّة الأعلام، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان) وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (سَلِيمُ) بعده: بفتح السين المُهْمَلة، وكسر اللَّام، ووالده: (حَيَّان)؛ بفتح الحاء المُهْمَلة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، و (سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ): تَقَدَّمَ أنَّ (ميناء)؛ بالمدِّ والقصر.

قوله: (وَلَا طِيَرَةَ): هي بفتح الياء، وقد تُسكَّن، قاله ابن الأثير، و (الطِّيَرَة): اعتقاد ما كانت عليه الجاهليَّة مِن التطيُّر بالطير وغيره، كانوا يعتقدون نزول المكروه عند حركاتِ الطَّير في تصرُّفه في الجهات وصوته، واشتقاق الطِّيَرَة مِن (الطَّير)، كان أكثر علمهم ونظرهم فيه، وقال ابن الأثير: الطِيَرة؛ بكسر الطَّاء، وفتح الياء، وقد تُسكَّن: هي التَّشاؤم بالشيء، وهو مصدر: تطيَّر طيرةً، وتخيَّر خيرةً، ولم يجِئْ مِن المصادر هكذا غيرُهما، وأصله فيما يقال: التَّطيُّر بالسَّوانح والبوارح مِن الطير والظِّباء وغيرهما، كان ذلك يَصدُّهم عَن مقاصدهم، فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه، وأخبر أنَّه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضرٍّ، والله أعلم.

قوله: (وَلَا هَامَةَ): هو بتخفيف الميم، وسيأتي قريبًا كلام الدِّمْيَاطيِّ فيها، وهي الرَّأس واسم طائر؛ وهو المراد في الحديث؛ وذلك أنَّهم كانوا يتشاءمون بها، وهي مِن طير اللَّيل، وقيل: هي البُومة، وقيل: كانت العرب تزعم أنَّ روح القتيل الذي لا يُدرَك بثأره تصير هامة، فتقول: اسقوني اسقوني، فإذا أُدرِك بثأره؛ طارت، وقيل: كانوا يزعمون أنَّ عظام الميِّت _وقيل: روحه_ تصير هامة، فتطيرُ،

[ج 2 ص 540]

ويسمُّونه: الصَّدَى، فنفاه الإسلام، ونهاهم عنه، وذكره الهرويُّ في (الهاء والواو)، وكذا هو في «المطالع» و «النِّهاية»، وفي «الجوهريِّ» في (الهاء والياء)، وما ذكرته هو لفظ «النِّهاية»، وقد فسَّره الدِّمْيَاطيُّ فيما يأتي، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ فيه بعضَ كلام في (غزوة بدر) في قول ذاك الشاعر:

…~… ....... …وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ

(1/10338)

قوله: (وَلَا صَفَرَ): هو بفتح الصَّاد والفاء، وبالرَّاء، وسيأتي في تبويب البُخاريِّ، وهو داء يأخذ البطن، انتهى، كانت العرب تزعم أنَّ في البطن حَيَّة يقال لها: الصَّفَر تُصيب الإنسان إذا جاع، وتؤذيه، وأنَّها تُعدِي، فأبطل الإسلام ذلك، وقيل: أراد به النَّسيءَ الذي كانوا يفعلونه في الجاهليَّة، وهو تأخير المُحرَّم إلى صفر، ويجعلون صفرًا هو الشهر الحرام، فأبطله، قاله ابن الأثير، ولفظ «المطالع»: («لا صَفَرَ»؛ يعني: النَّسيء، وهو الشهر الذي كانوا يُحرِّمونه بعد المُحرَّم مكانه، هذا قول مالك، وقيل: بل كانوا يزيدون في كلِّ أربع سنين شهرًا يسمُّونه: صفر الثاني، فتكون الرابعة ثلاثة عشر شهرًا؛ لتستقيم لهم الأزمان على موافقة أسمائها مع الشهور وأسمائها، فلذلك قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «السَّنة اثنا عشر شهرًا»، وقيل: الصَّفَر: ذوات البطن؛ كالحيَّات تُصيب الإنسان إذا اشتدَّ جوعُه، وتُعدِي بزعمهم، فأبطل الإسلام ذلك)، انتهى.

قوله: (وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ): جعل بعضهم هذا وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يُورِد مُمرِض على مُصِحٍّ» معارضًا؛ لقوله عليه السَّلام: «لا عدوى»، وأدخلها بعضهم في الناسخ والمنسوخ؛ كأبي حفص بن شاهين، والصواب: الجمع بينهما، ووجهه: أنَّ قوله: «لا عدوى» نفيٌ لما كان يعتقده أهل الجاهليَّة وبعض الحكماء مِن أنَّ هذه الأمراضَ تُعدِي بطبعها، ولهذا قال: فمَن أعدى الأوَّل؛ أي: أنَّ الله هو الخالق لذلك بسبب وغير سبب، وأنَّ قوله: (لا يُورِد ممرِضٌ على مُصِحٍّ)، و (فُرَّ مِن المجذوم): بيان لما يخلقه الله من الأسباب عند المخالطة للمريض، وقد يتخلَّف ذلك عن سببه، وهذا مذهب أهل السُّنَّة كما أنَّ النَّار لا تحرق بطبعها، ولا الطَّعام يُشبِع بطبعه، ولا الماء يروي بطبعه؛ وإنَّما هي أسباب، والقدر وراء ذلك، وقد رأيت أنا غيرَ واحد خالط هذه الأمراض التي يزعمون أنَّها تُعدِي، ولم يتأثَّر بذلك بالكليَّة، وكثير مِن الناس يحترزون منها ويُصابُون، اللَّهمَّ؛ عافنا مِن كلِّ داء بكرمك وفضلك.

(1/10339)

[باب المن شفاء للعين]

قوله: (بَابٌ: الْمَنُّ شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ): ذكر فيه حديث: «الكمأة مِن المنِّ، وماؤها شفاء للعين»، ولا يظهر لي التبويبُ مع الحديث، ولو كان كما بوَّب؛ لكان الحديث: وماؤه شفاء للعين، والذي ظهر لي من الحديث _بل هو صريحه_ أنَّ نوعًا من أنواع المنِّ ماؤه شفاء للعين؛ وهو الكمأة، لا كلَّ المنِّ شفاء للعين، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 541]

(1/10340)

[حديث: الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين.]

5708# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غُنْدرًا) بِضَمِّ الغين المُعْجَمة، وإسكان النون، ثُمَّ دال مهملة مفتوحة ومضمومة، ثُمَّ راء، وتَقَدَّمَ مَن قال له ذلك حتَّى ذهب عليه، وأنَّه ابن جُرَيج، و (عَبْد الْمَلِكِ) بعد (شعبة): هو ابن عُمَير، و (سَعِيد بْن زَيْدٍ): هو ابن عمرو بن نُفَيل، أحد العشرة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في الأنصار آخرَ اسمُه سعيدُ بن زيد الأشهليُّ، وقيل فيه: سعدٌ، والله أعلم.

قوله: (الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ): تَقَدَّمَ ضبط (الكمأة) مفردًا وجمعًا في (سورة البقرة)، وأنَّها من المنِّ الذي أنزله الله على بني إسرائيل، وماذا قيل غير ذلك، والكلام [على]: (وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ) مُطَوَّلًا، كلُّه في (سورة البقرة).

قوله: (قَالَ شُعْبَةُ: وَأَخْبَرَنِي الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ [1] عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ): (الحكم بن عتَيبة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة فوق المفتوحة، القاضي، وتَقَدَّمَتْ ترجمته، وما وَهم فيه البُخاريُّ، و (الحسن العُرنيُّ): هو الحسن بن عبد الله العُرنيُّ الكوفيُّ، عن ابن عَبَّاس وعلقمة، وعنه: الحكم وسلمة بن كُهَيل، ثقة، قرنه البُخاريُّ، وهو هنا مقرونٌ بآخرَ، والذي قرنه به هنا هو عبد الملك بن عمير، وهذا نوع مِن القرن، وَثَّقَهُ أبو زرعة، وقال ابن معين: صدوق، إنَّما يقال: لم يسمع مِن ابن عَبَّاس، وقوله: (قال شعبة): هذا معطوف على السَّند الذي قبله، فرواه به البُخاريُّ عن مُحَمَّد بن المثنَّى، عن غُنْدر، عن شعبة.

قوله: (لَمَّا حَدَّثَنِي بِهِ الْحَكَمُ): تَقَدَّمَ أنَّه الحكم بن عُتَيبة، و (عَبْد المَلِكِ): هو ابن عمير، كما تَقَدَّمَ.

==========

[1] في هامش (ق): (الكنديُّ مولى امرأة من كندة).

[ج 2 ص 541]

(1/10341)

[باب اللدود]

قوله: (بَابُ اللَّدُودِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح اللَّام، وتَقَدَّمَ ما هو.

(1/10342)

[حديث عائشة: لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا: أن لا تلدوني]

5709# 5710# 5711# 5712# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المدينيِّ الحافظُ مرارًا، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَانُ) بعده: لم يذكرِ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» أنَّه روى عن موسى بن أبي عائشة منهما غير الثَّوريِّ، ولم يذكرِ ابن عيينة، ولكن في «التذهيب» أنَّه روى عنه السُّفيانان، والقَطَّان روى أيضًا عنهما، والله أعلم مَن هو منهما، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الهذليُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ مَيِّتٌ): تَقَدَّمَ أنَّ في «النَّسَائيِّ» وغيره: أنَّه قبَّله بين عينيه.

قوله: (لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ): تَقَدَّمَ ما (اللَّدود).

تنبيهٌ: تَقَدَّمَ أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم لَدُّوه [1] يوم الأحد، وأنَّه تُوُفِّيَ يوم الاثنين مع الزَّوال.

تنبيهٌ: جاء في بعض طرق الحديث: (فيمَ لددتموني؟ قالوا: بالعود الهنديِّ، وشيءٍ من ورس، وقطراتٍ من زيت، فقال: ما كان الله ليقذفني بذلك).

تنبيهٌ: جاء في «معجم الطَّبَرانيِّ الكبير» من حديث أسماء بنت عميس: (قالوا: نتَّهم بك ذات الجنب، قال: إنَّ ذاك داءٌ ما كان الله ليقذفني به)، وهو في «المستدرك» أيضًا، وفي حديث آخر أنَّها علَّة مِن الشيطان، فعلى هذا الحديث: هو صلَّى الله عليه وسلَّم معصوم من ذات الجنب؛ لأنَّها من الشيطان، قال الإمام السهيليُّ: والوجع الذي كان به صلَّى الله عليه وسلَّم هو الوجع الذي يُسمَّى: خاصرة، وقد جاء ذكره في (كتاب النُّذور) من «الموطَّأ»، قال فيه: «وأصابتني خاصرة»، قالت عائشة رضي الله عنها: (وكثيرًا ما كانت تصيب رسولَ الله صلَّى الله

[ج 2 ص 541]

عليه وسلَّم الخاصرة، ولا نهتدي لاسم الخاصرة، ونقول: أخذه عرق الكُلية)، وفي «مسند الحارث» يرفعه قال: (الخاصرة: عرق في الكلية إذا تحرَّك؛ وجع صاحبه، دواء صاحبه العسلُ بالماء المُحرَّق)، يرويه عبد الرَّحيم بن عمر، عن الزُّهريِّ، عن عروة، وعبد الرَّحيم ضعيفٌ، وهذا الحديث في «المستدرك» في (الطِّبِّ)، وهو بسند صحيح، والله أعلم.

(1/10343)

قوله: (كَرَاهِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال مِن حيث اللُّغةُ: كراهيٌ، وكذا تَقَدَّمَ (الدَّوَاءِ): أنَّه بفتح الدَّال وتُكسَر أيضًا مع المدِّ فيهما.

قوله: (لَا يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ [2] إِلَّا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ ... ) إلى آخره: وإنَّما لدَّهم؛ لأنَّهم لدُّوه بعد أن نهاهم.

تنبيهٌ: أجاب القاضي أبو بكر بن العربيِّ المالكيُّ الإمام الحافظ عن هذا الحديث _أعني: هذا: «لا يبقى ... »؛ الحديث_ بجواب لطيف، وهو: إنَّما لدَّهم؛ لئلَّا يأتوا يوم القيامة وعليهم حقُّه، فيُدركهم خطب عظيم، نقله شيخنا، وسيأتي أنَّه فعله؛ قصاصًا كما فعلوا به، واستدلَّ بذلك البُخاريُّ وبغيره من الآثار في (باب: إذا أصاب قومٌ من رجل؛ هل يعاقبوا [3] أو يَقتصُّ منهم كلِّهم).

سؤال: إن قيل: عارض هذا: (كان لا ينتقم لنفسه)، والجواب: أنَّه لا ينتقم لها باعتبار الغالب الأكثر من حاله، أو أنَّها نَسِيتْ هذا الحديث، وقيل: إنَّها أرادت في المال، وإذا أُصِيب في بدنه؛ كان انتهاكًا لحرمة الله، ذكرها ابن التِّين، كما نقله شيخنا.

فإن قيل: كيف لم يَعفُ عنهم؟ قيل: أراد أن يُؤدِّبهم؛ لئلَّا يعودوا إلى مثلها، فيكون لهم أدبًا وقصاصًا، وأنَّه فعل ذلك بهم في مرض تحقَّق فيه الموت، وإذا تحقَّق العبدُ الموتَ؛ كُرِه له التداوي، قاله شيخنا، وقد تَقَدَّمَ بعضُ هذا قُبَيل (التَّفسير)، والله أعلم.

(1/10344)

[حديث: على ما تدغرن أولادكن بهذا العلاق عليكن]

5713# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الهذليُّ، و (أُمُّ قَيْسٍ): تَقَدَّمَ أنَّها آمنة، ويقال: جذامة، و (مِحصَن): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا وبعيدًا.

قوله: (دَخَلْتُ بِابْنٍ لِي): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الابن) لا أعرف اسمه.

قوله: (وَقَدْ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ): كذا في أصلنا، قال النَّوَويُّ: (وكذا هو في جميع نسخ «مسلم»، وفي «البُخاريِّ» من رواية سفيان بن عيينة: (عنه)، كذا قال، والذي هنا من رواية ابن عيينة، وفيها: (عليه)، ولكن في نسخة في أصلنا: (عنه) بدل (عليه)، و (عنه): هو المعروف عند أهل اللُّغة، قال الخَطَّابيُّ: المُحدِّثون يروون: (أعلقت عليه)، والصواب: (عنه)، وكذا قال غيره، وحكاهما بعضهم لغتين؛ (عنه) و (عليه)، و (العُذْرة): تَقَدَّمَ ضبطها، وما هي.

قوله: (عَلَامَ [1] تَدْغَرْنَ؟): هو بفتح المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ دال مهملة، ثُمَّ غين معجمة مفتوحة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ نون جماعة النسوة، قال الدِّمْيَاطيُّ: («تَدغَرْن»: تدفعن، وأصل الدَّغر: الدَّفع)، انتهى.

قوله: (بِهَذَا الْعِلَاقِ): هو بكسر العين، كذا هو في أصلنا، وتخفيف اللَّام، وفي آخره قافٌ، وفي هامش أصلنا نسخة، وعليها علامة راويها: (الإعلاق)، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: («العَلَاق»؛ بفتح العين، وفي الرواية الأخرى: «الأعلاق»، وهو الأشهر عند أهل اللُّغة، حتَّى زعم بعضُهم أنَّه الصَّواب، وأنَّ «العَلاق» لا يجوز، قالوا: و «الأعلاق»: هو معالجة عذرة الصبيِّ؛ وهي وجع حلقه، كما سبق، قال ابن الأثير: ويجوز أن يكون «العلاق» هو الاسم)، انتهى، وقد راجعت نسخة صحيحة مِن «شرح مسلم»؛ فوجدتها كذلك؛ بفتح العين، وقد ذكر اللَّفظة غيرُ واحد، ولكنِّي آثرت ذكرها من عند الشيخ محيي الدين؛ لاقتصاره، ولكنِّي لم أر (العَلاق)؛ بالفتح إلَّا في كلامه، وكذا قيَّدها بعضُهم بالفتح أيضًا، وإنَّما كنَّا نقرؤها بالكسر، والله أعلم.

قوله: (مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ): تَقَدَّمَ ما هي (ذات الجنب).

قوله: (ويُسْعَطُ مِنَ الْعُذْرَةِ): (يُسعَط): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وتَقَدَّمَ ما (السَّعُوط)، وتَقَدَّمَ ضبط (العُذْرة)، وما هي.

(1/10345)

قوله: (فَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو ابن عيينة الرَّاوي عنه في السَّند.

واعلم أنَّ الأطبَّاء أطبقوا أنَّ (القسط) _وهو العود الهنديُّ المذكور هنا_ يدرُّ الطَّمثَ والبولَ، وينفع مِن السموم، ويحرِّك شهوة الجماع، ويقتل الدُّود، وحبَّ القرع في الأمعاء؛ إذا شُرِبَ بعسلٍ، ويُذهِب الكلف؛ إذا طُلِي عليه، وينفع من برِدِ المعدة، والكبد، وبردهما، ومن حمَّى الورد، والرِّيع، وغير ذلك، قال القاضي عياض: (وإنَّما عددنا منافعَ القسط مِن كتب الأطبَّاء؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذكر منها عددًا مجملًا)، انتهى، والله أعلم.

قوله: (قَلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل لسفيان ذلك هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وهو ابن راشد.

قوله: (وَلَمْ يَقُلْ: أَعْلِقُوا عَلَيهِ [2] شَيْئًا): (أَعْلِقوا)؛ بفتح الهمزة، وكسر اللَّام.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (على ما).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عنه).

[ج 2 ص 542]

(1/10346)

[باب لا يكره المريض على تناول شيء يكره إن كان عارفًا]

(1/10347)

[حديث: هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي ... ]

5714# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وهذا معروف عند أهله، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه وقبله مرارًا، وأنَّه ابن راشد، (وَيُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يُمَرَّضَ): هو بِضَمِّ أوَّله، وتشديد الرَّاء المفتوحة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وتَقَدَّمَ الكلام على (الرَّجُل الآخَر) مُطَوَّلًا، وتَقَدَّمَ (المِخْضَب) ضبطًا وما هو، وقال الدِّمْيَاطيُّ: («المِخْضَب»: الإجَّانة التي تُغسَل فيها الثِّياب)، انتهى.

[ج 2 ص 542]

قوله: (ثُمَّ طَفقْنَا): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: جعلنا، وأنَّه بكسر الفاء وفتحها.

(1/10348)

[باب العذرة]

قوله: (بَابُ الْعُذْرَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها وضبطُها.

==========

[ج 2 ص 543]

(1/10349)

[حديث: على ما تدغرن أولادكن بهذا العلاق عليكم بهذا العود الهندي]

5715# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عتبة بن مسعود الهُذَليُّ، و (أُمُّ قَيْسٍ): تَقَدَّمَ أنَّها آمنة، ويُقال: جُذامة، و (مِحْصَن): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وما قيل فيه، و (الأَسَدِيَّةُ): بفتح السين، و (عُكَّاشَة)، وأنَّه بالتخفيف والتشديد، وتَقَدَّمَ أنَّ (ابْنَهَا) لا أعرف اسمه، وكذا (أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ)، وكذا (الْعُذْرَة)، وعلى (الدَّغْر) ضبطًا ومعنًى، و (الْعَلَاقِ [1])، وأنَّه في أصلنا بكسر العين هنا أيضًا، وأنَّ النَّوَويَّ قال في «شرح مسلم»: بالفتح، و (الْعُودُ الْهِنْدِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه القُسْط، وقَدَّمْتُ ما ذكر الأطبَّاء فيه من المنافع، و (ذَاتُ الْجَنْبِ)، و (الْكُسْتُ)، وتَقَدَّمَتْ فيه ثلاثُ لُغَاتٍ قريبًا.

قوله: (وَقَالَ يُونُسُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ): (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (إسحاق بن راشد): تَقَدَّمَ أنَّه جزريٌّ، يروي عن ميمون بن مِهْرَان والزُّهريِّ، وعنه: غياث بن بَشِير، وعبيد الله بن عمرو، وعِدَّةٌ، صدوقٌ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وتعليق يونس عن الزُّهريِّ أخرجه مسلمٌ عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهريِّ به، وأخرجه النَّسَائيُّ عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن يونس به، وأخرجه ابن ماجه عن أحمد بن عمرو بن السرح عن ابن وهب، وعبد الله بن زياد بن سمعان؛ كلاهما عن الزُّهريِّ به، وتعليق إسحاق بن راشد أخرجه البُخاريُّ عن مُحَمَّد بن عتَّاب بن بَشِير، عن إسحاق _وهو ابن راشد_، عن الزُّهريِّ به.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (العِلاق)؛ بكسر العين.

[ج 2 ص 543]

(1/10350)

[باب دواء المبطون]

(1/10351)

[حديث: صدق الله وكذب بطن أخيك]

5716# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّدًا لَقَبُه بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، وتَقَدَّمَ ضبط (غُنْدر) مرارًا، و (أَبُو المُتَوَكِّل): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّه عليُّ بن داود، وقيل: دُوَاد، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ): الرجل الجائي لا أعرف اسمه، وكذا أخوه، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ): (بطنُه) مَرْفوعٌ، ومعنى (استطلق): أصابه انطلاق البطن؛ وهو الإسهالُ.

قوله: (اسْقِهِ عَسَلًا): (اسقه): ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ، تَقَدَّمَ، فهمزته همزة وصلٍ وقطعٍ؛ على اللُّغَتَين.

قوله: (صَدَقَ اللهُ): تَقَدَّمَ أنَّ في روايةٍ: «صدق القرآن».

قوله: (تَابَعَهُ النَّضْرُ عَنْ شُعْبَةَ): الضمير في (تابعه) يعود على مُحَمَّد بن جعفر؛ وهو غُنْدر، و (النضر): هو ابن شُمَيل الإمام، وهو بالضاد المُعْجَمة، وقد تَقَدَّمَ [أنَّه] لا يحتاج إلى تقييد مرارًا، ومتابعته ليست في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخُنا.

==========

[ج 2 ص 543]

(1/10352)

[باب: لا صفر]

قوله: (بَابٌ: «لَا صَفَرَ»؛ وَهْوَ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَطْنَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قبل ذلك بقليل؛ فانظره إن أردته، وما قاله البُخاريُّ هو قولٌ فيه.

==========

[ج 2 ص 543]

(1/10353)

[حديث: لا عدوى ولا صفر ولا هامة]

5717# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عوف، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (وَغَيْرُهُ): هو بالرفع معطوفُ على (أبي سلمة بن عبد الرحمن)، والظاهر أنَّه سنان بن أبي سنان، وذلك لأنَّ الزُّهريَّ رواه في (كتاب الطِّبِّ) هنا عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وعن الزُّهريِّ، عن سنان بن أبي سنان، عن أبي هريرة، والله أعلم، وسيأتي في هذا تعليقًا ما لفظه: (ورواه الزُّهريُّ عن أبي سلمة وسنان بن أبي سنان).

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ الكلام مع ما يُقال أنَّه يعارضه قريبًا، وعلى (لَا صَفَرَ)، وعلى (وَلَا هَامَةَ [1])، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (الهامة هنا: الطير كانوا يتشاءمون به، وهي من طير الليل، وقيل: هي البُومة، وقيل: كانت العرب تزعم أنَّ روح الميِّت إذا لم يُدرَك ثأره؛ تصير هامة، وتقول: اسقوني اسقوني، فإذا أُدرِك ثأرُه؛ طارت، وقيل: كانوا يزعمون أنَّ رُوح الميِّت أو عظامَه تصير هامة فتطير، ويسمُّونه الصَّدَى، فنفاه الإسلام، ونهاهم عنه)، انتهى.

قوله: (فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ): هذا الأعرابيُّ لا أعرف اسمه.

قوله: (فَيُجْرِبُهَا): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الراء، وهو رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الزُّهريَّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أبو سلمة): هو ابن عبد الرحمن بن عوف، والله أعلم.

(1/10354)

[باب ذات الجنب]

قوله: (بَابُ ذَاتِ الْجَنْبِ): تَقَدَّمَ الكلام على (ذات الجنب) ما هي، عافانا الله تعالى.

(1/10355)

[حديث: اتقوا الله على ما تدغرون أولادكم بهذه الأعلاق]

5718# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ): (مُحَمَّدٌ [2]) هذا: قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (كتاب الطِّبِّ) و (الاعتصام): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عتَّاب بن بَشِير)، فذكر هذا الحديثَ، قال البُخاريُّ: (وأخبرنا مُحَمَّد: أخبرنا عتَّاب بن بَشِير عن إسحاق، عن الزُّهريِّ)، فذكر حديث: أنَّه عليه السلام طرق عليًّا وفاطمة، ثُمَّ قال الجَيَّانيُّ: (أتى «مُحَمَّد» غير منسوب في الإسنادين في نسخة الأصيليِّ، ونسبه ابن السكن وأبو ذرٍّ عن المستملي: مُحَمَّد بن سلَام، وقال أبو نصر: سألت أبا أحمد الحافظَ عن (مُحَمَّد) هذا، فقال: ابن سلَام، انتهى، والمِزِّيُّ وشيخُنا لم ينسباه.

و (عَتَّاب بن بَشِير): بفتح العين المُهْمَلة، وتشديد المُثَنَّاة فوق، وفي آخره مُوَحَّدَة، و (بَشِير): بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمة، و (إِسْحَاق): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، و (أُمُّ قَيْسٍ): تَقَدَّمَ أنَّها آمنة، ويقال: جُذامة، وتَقَدَّمَ ضبط (مِحْصَن)، وما نقل فيه ابن قُرقُول، و (عُكَّاشَة): أنَّه بالتخفيف والتشديد، وتَقَدَّمَ أنَّ (ابْنَهَا) لا أعرف اسمه، و (أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ): تَقَدَّمَ، و (الدَّغْرُ) ضبطًا ومعنًى، و (الإِعْلَاق [3])، و (الْعُودُ الْهِنْدِيُّ): أنَّه الكُسْت، و (ذَاتُ الْجَنْبِ) ما هي.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَخْبَرَنَا).

[2] في (أ): (محمدًا)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[3] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الأعلاق).

[ج 2 ص 543]

(1/10356)

[حديث أنس: أنَّ أبا طلحة وأنس بن النضر كوياه وكواه أبو طلحة بيده]

5719# 5720# 5721# قوله: (حَدَّثَنَا عَارِمٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بالعين المُهْمَلة، وبعد الألف راء، وتَقَدَّمَ ما (العَرامة)، وأنَّه بعيدٌ منها، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن الفضل، و (حَمَّادٌ) بعده: هو ابن زيد، وقد تَقَدَّمَ أنَّ حمادًا إذا أطلقه عَارمٌ مُحَمَّد بن الفضل أو سليمان بن حرب؛ فهو ابن زيد، وأنَّه إذا أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عَفَّانُ أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (أَبُو طَلْحَة): زيد بن سهلٍ، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (أَنَس بْن النَّضْرِ): هو عمُّ أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النَّجَّاريُّ، استُشهِد بأُحُد، وكان من السَّادة، غاب عن بدرٍ، كما في «الصَّحيح».

[ج 2 ص 543]

قوله: (وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ): هذا تعليقٌ، و (عبَّاد بن منصور): الناجيُّ، عن أبي رجاء العُطارديِّ، وعكرمة، وعِدَّةٍ، وعنه: القَطَّان، ورَوح بن عُبادة، وطائفةٌ، ضعيفٌ، وقال النَّسَائيُّ: ليس بالقويِّ، وقد قدَّمته، وأنَّ البُخاريَّ علَّق له، وروى له الأربعةُ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ التعليق المجزوم به صحيحٌ عند الإمام البُخاريِّ إلى المسنَد إليه، ومنه إلى آخره قد يكون على شرطه، وقد لا يكون؛ كهذا؛ فاعلمه، وقد ذكر شيخُنا عن الإسماعيليِّ قال: لم يذكر البُخاريُّ حديثَ عبَّاد؛ لأنَّه ليس من شرطه، وقد أسنده الإسماعيليُّ، كما ذكره شيخُنا من الإسماعيليِّ إلى أيُّوب، قال: ورواه أبو نُعيم من حديث ابن ناجية ... ؛ فذكره، وقال: ذكره البُخاريُّ عن عبَّاد استشهادًا، انتهى.

و (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أبو قِلَابَة): عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

(1/10357)

قوله: (أَذِنَ [1] لأَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَنْ يَرْقُوا مِنَ الْحُمَةِ وَالأُذْنِ): روى مسلمٌ: (نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الرُّقى، وكان عند آل عمرو بن حَزْم رقيةٌ يرقون بها من العقرب ... )؛ الحديث، فهذا يحتمل أن يُفسَّر بما نحن فيه، وعمرو بن حَزْم أنصاريٌّ، ثُمَّ ذكر ابن شيخنا البلقينيِّ عن «شرح ابن بَطَّال»، وفيه: «ادعوا لي عُمارة»، وكان قد شهد بدرًا، فقال: «اعرض عليَّ رقيتك ... » إلى أن قال: (وتبيَّن بهذا أنَّ المبهم في قول الراوي في «مسلم»: «فاعرضها» وقوله: «فعرضها» هو عمارة بن حَزْم أخو عمرو بن حَزْم، ويحتمل أن يكونا معًا كانا يرقيان)، انتهى، والله أعلم، وذكره كذلك بعض حفَّاظ المصريِّين المتأخِّرين، غير أنَّه عزا عُمارة بن حَزْم لـ «موطَّأ ابن وهب».

قوله: (مِنَ الْحُمَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها قريبًا، وما هي.

قوله: (وَالأُذْنِ [2]): هو بِضَمِّ الهمزة، وإسكان الذال المُعْجَمة، كذا في أصلنا، وهو وجع الأُذن.

قوله: (كُوِيتُ): هو بِضَمِّ الكاف، وكسر الواو، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، والتاء مضمومةٌ تاء المتكلِّم، وتَقَدَّمَ مَن كواه، ويجيء هنا أيضًا: (وأبو طلحة كواني).

قوله: (مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ): تَقَدَّمَ ما (ذات الجنب).

قوله: (وَشَهِدَنِي أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه زيد بن سهلٍ، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ، زوجُ أمِّ سُلَيم، ذو مناقبَ يُقَصُّ بعضُها.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (والأُذُن)؛ بضمِّ الذال.

(1/10358)

[باب حرق الحصير ليسد به الدم]

قوله: (بَابُ حَرْقِ الْحَصِيرِ لِيُسَدَّ بِهِ الدَّمُ): كذا في أصلنا القاهريِّ وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (حرق)، والصواب: (إحراق)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ مفهوم كلام ابن القَيِّم: أنَّ الحصير التي أُحْرِقَت ليُسَدَّ بها جرحُه عليه السلام كانت من برديٍّ، انتهى، و (ليُسَدَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الدَّمُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

(1/10359)

[حديث: لما كسرت على رأس رسول الله البيضة وأدمي وجهه]

5722# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عُفَيرًا) بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وفتح الفاء، و (يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد الياء، منسوبٌ إلى القَارَة؛ القبيلة المعروفة، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْضَةُ): (كُسِرت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (البيضةُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ): (أُدمِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (وجهُه): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ): (كُسِرت): مَبْنيٌّ أيضًا [لِما] لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الرَّبَاعِيَة)؛ بالتخفيف؛ كـ (الثمانية): مرفوعةٌ نائبةٌ مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرَّبَاعِيَة): السِّنُّ التي بين الثنيَّة والنَّاب، وأنَّها كانت السُّفلى اليُمنى، ولم تنكسر من أصلها، وإنَّما ذهب منها فِلْقة، وقد قَدَّمْتُ مَن فَعَلَ الفعلاتِ الثلاثَ به صلَّى الله عليه وسلَّم في (أُحُدٍ) وغيرِه، وذكرتُ ماذا جرى لهم، والله أعلم.

قوله: (فِي الْمِجَنِّ): هو بكسر الميم، وفتح الجيم، وتشديد النون؛ وهو الترس، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (عَمَدَتْ): هو بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، وتَقَدَّمَ ماذا رأيت في حاشيةٍ على «البُخاريِّ» من أنَّ الماضيَ بكسر الميم، ونقله عن «شرح الفصيح».

قوله: (إِلَى حَصِيرٍ): تَقَدَّمَ أنَّ مفهوم كلام ابن القَيِّم: أنَّه من برديٍّ.

قوله: (فَرَقَأَ الدَّمُ): (رقأ): مهموز الآخر، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10360)

[باب الحمى من فيح جهنم]

قوله: (مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ): (الفَيْح): بفتح الفاء، وإسكان المُثَنَّاة تحت، وبالحاء المُهْمَلة، و (فَيْحُها): هو انتشارُ حرِّها وقوَّتُه، وتَقَدَّمَ أنَّ عند أبي ذرٍّ: «فوح» في الحديث، وهما بمعنًى.

(1/10361)

[حديث: الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء]

5723# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام.

قوله: (فَأَطْفِئُوهَا): هو بقطع الهمزة، وكسر الفاء، وبالهمزة، رُبَاعيٌّ مهموزٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (بِالْمَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الماء)؛ أهو مطلقٌ أو مقيَّد بماء زمزم، وما المراد به، في (باب صفة النار).

قوله: (وَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَقُولُ: اكْشِفْ عَنَّا الرِّجْزَ): هو عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، السيِّدُ الجليلُ ابنُ السيِّدِ الجليلِ الخليفةِ الفاروقِ.

==========

[ج 2 ص 544]

(1/10362)

[حديث: أن أسماء كانت إذا أتيت بالمرأة قد حمت تدعو لها]

5724# قوله: (عَنْ هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، و (فَاطِمَة بِنْت الْمُنْذِرِ): زوجة هشام، وبنت عمِّه، وهي فاطمة بنت المنذر بن الزُّبَير بن العَوَّام، تَقَدَّمَتْ، و (أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ) جدَّتُها: صحابيَّة جليلةٌ، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها.

قوله: (إِذَا أُتِيَتْ): (أُتِيَتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة.

قوله: (قَدْ حُمَّتْ): هو بِضَمِّ الحاء، وفتح الميم المُشَدَّدة، وتاء التأنيث ساكنة.

قوله: (وَبَيْنَ جَيْبِهَا): (جيب القميص): هو طوقه الذي يخرج منه الرأس.

قوله: (نَبْرُدَهَا بِالْمَاءِ): قال ابن قُرقُول: هو بِضَمِّ الراء، وهي اللُّغة الفُصحى، ويُقال: بالقطع، وكسرِ الراء، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 544]

(1/10363)

[حديث: الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء]

5725# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ [1] عَنْ عَائِشَةَ): هو هشام بن عروة بن الزُّبَير.

قوله: (مِنْ فَيْحِ): تَقَدَّمَ ضبطه ومعناه قريبًا وبعيدًا، وكذا (فَابْرُدُوهَا): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه.

(1/10364)

[حديث: الحمى من فوح جهنم فابردوها بالماء]

5726# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): هو بالحاء المُهْمَلة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه سلَّام _بتشديد اللَّام_ ابن سُلَيم _بِضَمِّ السين، وفتح اللام_ مرارًا.

قوله: (رَافِع بْن خَدِيجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الدال المُهْمَلة، وفي آخره جيم.

قوله: (مِنْ فَوْحِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: «فيح»، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا (ابْرُدُوهَا).

==========

[ج 2 ص 545]

(1/10365)

[باب من خرج من أرض لا تلايمه]

قوله: (لَا تُلَائِمُهُ [1]): هو بِضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وبعد الألف همزة مكسورة؛ أي: لا توافقه، يُقال: هذا طعامٌ لا يلائمني، ولا تقُل: لا يلاومني، وإنَّما هذا من اللَّوم.

(1/10366)

[حديث: أن ناسًا من عكل وعرينة قدموا على رسول الله وتكلموا ... ]

5727# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَن قَتَادَةَ): هذا هو سعيد بن أبي عروبة، وتَقَدَّمَ كلام صاحب «القاموس»: أنَّ صوابه: ابن أبي العروبة ... إلى آخر كلامه.

قوله: (مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ): تَقَدَّمَت الروايات التي جاءت في «الصَّحيح»، وقد تَقَدَّمَ في بعض طرقه في «البُخاريِّ» و «مسلم»: أنَّهم كانوا ثمانيةً، وقَدَّمْتُ أنَّ بعضهم قال: سبعة.

قوله: (وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ): هو بكسر الراء، وبالمُثَنَّاة تحت، وبالفاء، و (الرِّيف): الخِصب والسعة في المأكل، و (الرِّيف): ما قارب الماءَ من العربِ وغيرِها.

قوله: (بِذَوْدٍ): تَقَدَّمَ ما (الذَّوْد)، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرَّاعِيَ): اسمه يسار، وهو مولاه صلَّى الله عليه وسلَّم، وفي أصلنا: (وبراعي)، وهذه لغةٌ، والجادَّة حذف الياء والتنوينُ؛ لأنَّه منقوصٌ، وكذا تَقَدَّمَتْ (الْحَرَّةِ) ما هي، وأنَّها أرضٌ تركبها حجارةٌ سُود، وكذا تَقَدَّمَ (الطَّلَبَ) كم كانوا فارسًا، وقَدَّمْتُ الاختلاف في أميرهم، وغلطُ مَن غَلِطَ فيه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (فَسَمَرُوا): أنَّه بالتخفيف، وما معناه، وأنَّ بعضهم ضبطه بالتشديد، وأنَّ التخفيفَ أوجهُ.

==========

[ج 2 ص 545]

(1/10367)

[باب ما يذكر في الطاعون]

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ): غريبةٌ: نقل شيخُنا عن «كتاب أبي الفرج الأصبهانيِّ» قال: كانت العرب تقول: إذا دخل بلدًا وفيها وبأٌ؛ فإنَّه ينهق كنهيق الحمار قبل دخولها، فإنَّه إذا فعل ذلك؛ أمن من الوبأ، انتهى، وفي «صحاح الجوهريِّ» في (عشر): وتعشير الحمار: نهيقه عشرة أصوات في طلق واحدٍ، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وذلك أنَّهم كانوا إذا خافوا وبأَ بلدٍ؛ عشَّروا كتعشير الحمار قبل أن يدخلوه، وكانوا يزعمون أنَّه ينفعهم، انتهى، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (بني إسرائيل) في (المناقب).

تنبيهٌ: أبو الفرج الأصبهانيُّ: اسمه عليُّ بن الحُسين الأَمويُّ، صاحب كتاب «الأغاني»، شيعيٌّ، وهذا نادر في أَمويٍّ، كان إليه المنتهى في الأخبارِ، ومعرفةِ الناس، والشِّعرِ، والغِناءِ، والمحاضراتِ، قال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: حتَّى لقد اتُّهم، والظاهر أنَّه صدوقٌ، وقد قال أبو الفتح ابن أبي الفوارس: خلَّط قبل موته، ومات سنة (356 هـ)، ومولده سنة أربعٍ وثمانين ومئتين، ثُمَّ ذكر بقيَّةً من الكلام فيه وتوثيقه، والله أعلم.

تنبيهٌ: في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» حديثان؛ أحدهما: عن أبي موسى الأشعريِّ: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللهمَّ؛ اجعل فناء أمَّتي في الطعن والطاعون»، قالوا: يا رسول الله؛ قد عرفنا الطعن، فما الطاعون؟ قال: «وَخْزُ أعدائكم من الجنِّ، وفيه شهادةٌ»، الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها: أنَّه ذُكِرَ الطاعونُ، فذَكَرَتْ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «وَخْزَةٌ تصيب أمَّتي من أعدائهم من الجنِّ، غُدَّة كغُدَّة الإبل، مَن أقام عليها؛ كان مرابطًا، ومَن أُصِيب به؛ كان شهيدًا، ومَن فرَّ منه؛ كالفارِّ من الزحف»، في سند الحديث الأوَّل جبارةُ؛ وهو ابن المغلس، وفي سند الثاني شخصٌ مجهولٌ، وبقيَّة السندين لم أعتبرها، والله أعلم، والوخز: الطعن الذي ليس بنافذ، ورأيت في «نهاية ابن الأثير» عزوَ هذا الحديث لـ «الغريبَين» للهرويِّ، وأنَّه: «وخز إخوانكم من الجنِّ»، فإن صحَّ ذلك كتابةً ومجيئًا؛ فلعلَّ الجنَّ الكفَّار يطعنون المؤمنين، والجنَّ المؤمنين يطعنون الكفَّار، والله أعلم.

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/10368)

قوله: (فِي الطَّاعُونِ): هو مرضٌ عامٌّ معروفٌ، وهو بثر ووَرمٌ مؤلمٌ جدًّا، يخرج مع لهبٍ، ويَسْوَدُّ ما حواليه أو يخضرُّ أو يحمرُّ حُمْرَةً بنفسجيَّةَ كدرةً، ويحصل معه خفقانُ القلبِ والقيءُ، ويخرج في المرافق والآباط غالبًا، أو الأيدي والأصابع، وفي سائر الجسد، وفي كلام الإمام الرافعيِّ الشَّافِعيِّ في (الوصيَّة) ما مقتضاه: أنَّ الوبأ ليس من الطاعون، وليس كذلك، فقد قال الجوهريُّ: الطاعون: هو الموت من الوبأ، وقال في (الوبأ): إنَّه مرضٌ عامٌّ، وفي «نهاية ابن الأثير»: الطاعون: المرض العامُّ، والوبأ: الذي يفسد له الهواءُ، فتفسد منه الأمزجة، فجعل الوبأ قسمًا من الطَّاعون، وفي «الروضة» ما مقتضاه: أنَّ الوبأ: هو الموت، وأنَّ الطَّاعونَ سببٌ له، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ غير بعيد أنَّ التَّحقيق أنَّ بين الوبأ والطاعون عمومًا وخصوصًا، فكلُّ طاعون وبأٌ، وليس كلُّ وبأ طاعونًا، وكذلك الأمراض العامَّة أعمُّ من الطاعون، فإنَّه واحد منها، انتهى ما قدَّمته.

==========

[ج 2 ص 545]

(1/10369)

[حديث: إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها]

5728# قوله: (أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلة المفتوحة، و (إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ): هو إبراهيم بن سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب الزُّهريُّ، تَقَدَّمَ، وقوله: (يُحَدِّثُ سَعْدًا)؛ يعني: والده سعد بن أبي وقَّاص، أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة.

قوله: (فَقُلْتُ لَهُ [1]): قائل ذلك هو إبراهيم بن سعد.

قوله: (آنت [2]): هو بهمزة الاستفهام الممدودة.

==========

[1] (له): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أنت)؛ بغير مدٍّ.

[ج 2 ص 545]

(1/10370)

[حديث: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه]

5729# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

قوله: (خَرَجَ إلى الشَّامِ): هو إقليم معروف، تَقَدَّمَ الكلام [عليه] وعلى طوله وعرضه، وهذه الخرجة كانت سنة سبعَ عشرةَ، وأمَّا طاعون عمواس _وهي قرية بين الرَّملة وبيت المقدس_؛ فقد كان سنة ثماني عشرةَ، كذلك عن أحمد، وروى أبو زرعة عن أحمد: أنَّه كان سنة سبعَ عشرةَ وثماني عشرةَ، وفي هذه السَّنة رجع عمر رضي الله عنه مِن سرغ، وقد كان خرج قبل ذلك سنة ستَّ عشرةَ في حصار أبي عبيدة بيتَ المقدس، فقال

[ج 2 ص 545]

أهله: يكون الصلح على يد عمر، فخرج لذلك، وأمَّا الجابية؛ فهي سنة ثماني عشرةَ بعد رجوعه من سرغ، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ): (سَرْغ)؛ بفتح السِّين المُهْمَلة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ غين معجمة، يُصرَف ولا يُصرَف، قال ابن قُرقُول: («سَرْغ»: ساكن الراء، وعند ابن الوضَّاح: بتحريكها، وقال ابن وضَّاح: من المدينة على ثلاثةَ عشرَ مرحلة، وقال ابن مكِّيٍّ: الصواب: سكون الراء، قال الجوهريُّ عن مالك: قرية بوادي تبوك من طريق الشام، وهي آخر عمل الحجاز الأوَّل)، انتهى، والجوهريُّ المذكور هنا ليس صاحب «الصِّحاح»؛ فاعلمه، وفي «النهاية»: بفتح الرَّاء وسكونها؛ قرية بوادي تبوك من طريق الشام، وقيل: على ثلاثَ عشرةَ مرحلة من المدينة.

(1/10371)

قوله: (لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ): هم: أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجرَّاح وأصحابه، وبقيَّتهم: يزيد بن أبي سفيان، وخالد بن الوليد، وشرحبيل ابن حسنة، وعمرو بن العاصي، و (الأَجْناد)؛ بفتح الهمزة، ثُمَّ جيم ساكنة، ثُمَّ نون، في آخره دالٌ مهملةٌ؛ يعني: أَجْناد الشام، وكان عمر رضي الله عنه قسمها أوَّلًا على أربعةِ أمراءَ مع كلِّ أمير جند، ثُمَّ جمعها آخرًا لمعاوية، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (والمراد بـ «الأَجْناد» هنا: مدن الشام الخمس؛ وهي: فِلَسْطِين، والأُرْدُنُّ، ودمشق، وحمص، وقنسرين، هكذا فسَّروه واتَّفقوا عليه، ومعلوم أنَّ فلسطين: اسم لناحية بيت المقدس، والأردنَّ: اسم لناحية بيسان وطبريَّة وما يتعلَّق بهما، ولا يضرُّ إطلاق اسم المدينة عليه)، انتهى، قال الإمام الحافظ كمال الدين أبو حفص عمر بن أحمد بن هبة الله بن العديم في «تاريخ حلب» فيما نقلته مِن خطِّه من المبيَّضة: (واختلفوا في تسمية الأجناد؛ فقال بعضهم: سمَّى المسلمون فلسطين جندًا؛ لأنَّه يَجمَع كُورًا، وكذلك دمشق، وكذلك الأردنُّ، وكذلك حمص، وقنسرين، قال: وقال بعضهم: سُمِّيت كلُّ ناحية بها جندًا؛ لأنَّ بها جندًا يقتضون أطماعَهم بها ... ) إلى أن قال: (وذكر أبو عبيد الله مُحَمَّد بن أحمد الجَيْهانيُّ فيما نقلته من كتابه قال: كان أيَّامه عمر ترد عليه وفود اليمن ... إلى أن قال: فجنَّد عمر الشام أربعة أجناد مُفرَّقة في أيدي عمَّاله؛ وهم: أبو عبيدة ابن الجرَّاح، وخالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاصي، فبقيت الشَّام على ذلك التَّجنيد حتَّى زاد فيها يزيد بن معاوية قنسرين، وكانت من أرض الجزيرة، فصارت أجناد الشَّام خمسة)، انتهى، وقد وَهَّم الصَّاحبُ الجَيهانيَّ في مكانين؛ أحدهما: جَعلُه قنسرينَ من أرض الجزيرة، والثاني: قوله: إنَّ يزيد زاد فيها _يعني: في الشام قنسرين_ بل أفرد قنسرين من حمص، والله أعلم، ورأيت في «أربعين الآجريِّ» في الحديث المُوفِي عشرين، قال أبو صالح لأبي عبد الله الأشعريِّ: مَن حدَّثك هذا الحديث؟ فقال: أمراء الأجناد؛ خالد بن الوليد، وعَمرو بن العاصي، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل ابن حسنة، انتهى، وذكروا في ترجمة عياض بن غنم: أنَّه أحد الأمراء الخمسة يوم اليرموك؛ وهم: أبو عُبيدة، وخالد، وشرحبيل، ويزيد بن أبي سفيان، انتهى، وأمراء الأجناد يوم اليرموك هم هؤلاء وعياض بن غنم، والله

(1/10372)

أعلم، واليرموك سنة خمسَ عشرةَ، وهو مكان بالشام.

قوله: (فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَأَ [1]): تَقَدَّمَ أنَّه بالقصر والهمزة، وبالمدِّ أيضًا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الوبأ) و (الطاعون) قريبًا وبعيدًا.

قوله: (الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ): تَقَدَّمَ أنَّ (المهاجرين الأوَّلين): هو من صلَّى القبلتين مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم منهم، وأمَّا مَن أسلم بعد التحويل؛ فلا يُعدُّ منهم، قاله القاضي عياض، وذكرت قبل ذلك قولًا آخر.

قوله: (أَنْ تُقْدِمَهُمْ): هو بِضَمِّ أوَّله، وكسر الدال، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (مِنْ مَشِيْخَةِ [2] قُرَيْشٍ): (المَشِيخَة)؛ بفتح الميم، وكسر الشين، كذا هو مضبوط في أصلنا، قال ابن قُرقُول: («مَشِيخة»؛ بكسر الشين عند الكافَّة في «المُوطَّأ»، والمعروف في اللُّغة بسكونها)، انتهى، بل هما لغتان وستجيئان، فـ (شيخٌ) له جموع: شيوخ _بِضَمِّ الشين وكسرها_ وأشياخ، وشِيَخة، وشِيْخة، وشِيْخان، ومشْيخة، ومشِيخة، ومشيوخاءُ، ومَشْيُخاء، ومشايخ، وتصغيره: شُيَيخ وشِييخ، وشُويخ قليلة، ولم يعرفها الجوهريُّ؛ وذلك لأنَّه قال: ولا تقل: شُوَيخ، وقد نقلها شيخنا مجد الدين في «القاموس»، والله أعلم.

قوله: (مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ): قال القاضي عياض: (هم الذين أسلموا قُبَيل الفتح، فحصل لهم فضل بالهجرة قبل الفتح؛ إذ لا هجرة بعد الفتح، وقيل: هم مُسْلِمة الفَتْح الذين هاجروا بعده، فحصل لهم اسم فضيلة دون الفضيلة)، قال القاضي: (هذا أظهر؛ لأنَّهم الذين ينطلق عليهم: مشيخة قريش).

قوله: (نَرَى): هو بفتح النُّون، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَلَا تُقْدِمَهُمْ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بِضَمِّ أوَّله، وكسر الدَّال، رُبَاعيٌّ.

قوله: (عَلَى هَذَا الْوَبَأِ [3]): تَقَدَّمَ أنَّه مهموز مقصور، وأنَّه يجوز مدُّه، وتَقَدَّمَ ما جَمْعُ كلِّ لغةٍ.

قوله: (فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ): هو بفتح الهمزة، وكسر الموحَّدة، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا): هذا مثل: (لو ذات سوار لطمتني)، وجوابه محذوف، وفي تقديره وجهان؛ أحدهما: لو قالها غيرُك؛ لأدَّبته؛ لاعتراضه عليَّ في مسألة اجتهاديَّة، واتَّفق عليها الأكثر، والثاني: لو قالها غيرك؛ لم أتعجَّب منه، وإنَّما العجب مِن قولك مع فعلك، والله أعلم.

قوله: (لَهُ عُدْوَتَانِ): (العِدوة)؛ بضمِّ العين وكسرها: جانب الوادي.

(1/10373)

قوله: (خَصِبَةٌ) و (جَدْبَةٌ): قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (و «الجدْبة»؛ بفتح الجيم وكسرها، وإسكان الدال، وهي ضدُّ «الخصبة»، والخِصْبة والخَصْبة، قال صاحب «التحرير»: («الجدبة» هنا: بسكون الدَّال وكسرها، قال: والخصبة كذلك).

قوله: (فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ): هو بفتح أوَّله وثالثه، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وبضمِّ التاء، وكسر الدال، من الإقدام.

تنبيهٌ: أمَّا الخروج لعارض مِن بلد الطاعون؛ فجائزٌ اتِّفاقًا، وأمَّا الخروج والقدوم مرارًا؛ فقد جوَّزه بعضهم، رُوِي هذا عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، وأنَّه ندم على رجوعه من سرغ، وعن أبي موسى الأشعريِّ، ومسروق، والأسود بن هلال: أنَّهم فَرُّوا مِن الطاعون، وقال عمرو بن العاصي: فِرُّوا عن هذا الرِّجس في الشِّعاب، والأودية، ورؤوس الجبال، وقال معاذ: بل هو شهادة ورحمة، وتأوَّل هؤلاء النَّهْي: على أنَّه لم ينه عن الدُّخول عليه والخروج منه؛ مخافة أن يصيبه غير المُقدَّر، لكن مخافة الفتنة على النَّاس؛ لئلَّا يظنُّوا أنَّ هلاك القادم إنَّما حصل بقدومه، وسلامة الفارِّ إنَّما كانت لفراره، قالوا: أو هذا مِن نحو النَّهْي عن الطيرة والهَرَب مِن المجذوم، وقد جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه: الطَّاعون فتنة على الفارِّ والمقيم، أمَّا الفار؛ فيقول: فررت فنجوت، وأمَّا المقيم؛ فيقول: أقمت فمتُّ، وإنَّما فرَّ من لم يأت أجله، وأقام مَن حضرَ أجله، قاله القاضي عياض [4]، ولخَّصته.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (الوباء)؛ بالمدِّ.

[2] في «اليونينيَّة»: (من مَشْيَخَة).

[3] في «اليونينيَّة» و (ق): (الوباء)؛ بالمدِّ.

[4] «إكمال المعلم» (7/ 133).

(1/10374)

[حديث: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع]

5730# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، العالم المشهور، أحد الأعلام.

قوله: (خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرْغَ): تَقَدَّمَ تاريخ خروجه قريبًا.

==========

[ج 2 ص 546]

(1/10375)

[حديث: لا يدخل المدينة المسيح ولا الطاعون]

5731# قوله: (عَنْ نُعَيْمٍ الْمجْمِرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه نُعَيم بن عبد الله، و (المُجْمِر)؛ بإسكان الجيم وكسر الميم المُخفَّفة الثانية، وبفتحها وكسر الميم المُشَدَّدة.

قوله: (لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ الْمَسِيحُ وَلَا الطَّاعُونُ): تَقَدَّمَ أنَّ في حديث ضعيف: أنَّ مكَّة أيضًا لا يدخلها الطَّاعون، وقد دخلها سنة تسع وأربعين وسبع مئة، وسبب عدم دخول المدينةِ الطَّاعونُ: كونه في الأصل عذابًا ورجزًا، وإن كان شهادة؛ فبِبَرَكة مجاورته عليه السَّلام لها رُفِع عنهم ذلك، وقد دعا بنقل الحمَّى عنها إلى الجحفة كما مرَّ، وهي طهور، وقد قَدَّمْتُ في أواخر (الحجِّ) أنَّ الدَّجَّال لا يدخل أماكن؛ مكَّة، والمدينة، وبيت المقدس، والطُّور، وقَدَّمْتُ كلام ابن قتيبة في الطاعون أنَّه لا يدخل مكَّة، وما تعقَّبه به شيخنا، والله أعلم.

[ج 2 ص 546]

(1/10376)

[حديث أنس: الطاعون شهادة لكل مسلم]

5732# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وأنَّ صاحبَي «الصَّحيحين» تجنَّبا ما يُنكَر مِن حديثه، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، و (حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّ أفضل نساء التابعين ثلاث؛ حفصة، وعَمرة، وأمُّ الدرداء الصُّغرى.

قوله: (قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ [1]: يَحْيَى بِمَا مَاتَ): (يحيى) هذا: هو أخو حفصة يحيى بن سيرين، وأولاد سيرين تسعة؛ كلُّهم تابعيُّون؛ وهم: مُحَمَّد، وأنس، ويحيى، ومعبد، وحفصة، وكريمة، كذا سمَّاهم ابن معين والنَّسَائيُّ في «الكنى»، والحاكم في «علومه»، ولكنَّه نقل في «التاريخ» عن أبي عليٍّ الحافظ تسميتَهم، فزاد فيهم: (خالد بن سيرين) مكان: (كريمة)، وذكر ابن سعد في «طبقاته»: عَمرة بنت سيرين وسودة بنت سيرين؛ أمُّهما أمُّ ولد كانت لأنس بن مالك، قال شيخنا الحافظ العراقيُّ فيما قرأته عليه وسمعته أيضًا عليه ما لفظه: (ولكن لم أر مَن ذكَرَ لهاتين روايةً، ولا أعلم تاريخ وفاة يحيى بن سيرين، وقد روى عن مولاه أنس وغيرِه، وعنه: أخوه مُحَمَّد وغيرُه، قال ابن حِبَّان في «الثِّقات»: (قيل: إنَّه كان يفضَّل على أخيه مُحَمَّد بن سيرين)، انتهى، وقد خرَّج له النَّسَائيُّ في «مسند عليٍّ»، وقد صرَّح مسلم بيحيى هذا، فقال: يحيى بن أبي عَمْرة، وكذا هو في «ثقات ابن حِبَّان» في ترجمة حفصة هذه، وهو أخوها يحيى بن سيرين، ورأيت في حاشية على «صحيح مسلم» أنَّ يحيى هذا يكنى أبا عَمْرة، وعزا ذلك للبخاريِّ، وأمَّا والده؛ فكنيته أبو عَمْرة، كذا في «ثقاب ابن حِبَّان»، و «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم.

(1/10377)

تنبيهٌ: قال شيخنا الشارح: (قال البُخاريُّ في «تاريخه الأوسط»: حدَّثنا عليُّ بن نصر: حدَّثنا سليمان بن حرب: حدَّثنا حمَّادٌ عن يحيى بن عتيق قال: سمعت يحيى بن سيرين ومُحَمَّد بن سيرين يتذاكران السَّاعة التي في الجمعة لعلَّه بعد موت أنس بن مالك، قال البُخاريُّ: أراد: أنَّ يحيى مات بعد أنس، وأنَّ حديث حفصة خطأ)، قال شيخنا المشار إليه: (فهذه علَّة في إيراده، فلعلَّه اطَّلع على هذا بعد أن أخرجه، ولم يعتمدْ على قولٍ [2]، على أنَّ جماعة ذكروا وفاة يحيى قبل أخيه مُحَمَّد المُتوفَّى سنة عشر ومئة)، انتهى، وهذا مكان حسن، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ العصريِّين ما لفظه: (لا يلزم مِن هذا أن يكون حديث حفصة خطأً؛ لاحتمال أن يكون الخطأ في تفسير يحيى أنَّه ابن سيرين، فيحتمل أن يكون غير ابن سيرين)، انتهى، في «صحيح مسلم» ما يردُّ على هذا الحافظ عن حفصة بنت سيرين قالت: (قال لي أنس بن مالك، ثمَّ يحيى بن أبي عمرة ... )؛ الحديث، وقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ سيرين كنيته أبو عَمْرة، وهذا الحديث في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وليس في بقيَّة السِّتَّة، ثُمَّ كتب هذا الحافظ إلى أبي ذرٍّ حين ذكر له ما في «صحيح مسلم»، فكتب إليه: أنِّي قد رجعت عنها _يعني: الحاشية_؛ فليُضرَبْ عليها، انتهى، وقوله: (بِمَا مَاتَ): كذا في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، وهي لغة، والأكثر حذف الألف، ويقال: (بمَ مات)؛ لأنَّها استفهاميَّة، والله أعلم.

(1/10378)

[حديث: المبطون شهيد والمطعون شهيد]

5733# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيلُ، و (سُمَيٌّ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه مُصغَّر، بوزن (عُلِيٍّ) المُصغَّر، وأنَّ (أَبَا صَالِحٍ): اسمه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (الْمَبْطُونُ شَهِيدٌ): تَقَدَّمَ ما (المبطون)، وأنَّه صاحب الإسهال، وقيل: صاحبُ الاستسقاء، وبفلان بطن؛ إذا أصابه داء في بطنه إسهال أو غيره، يقال: بُطِن الرَّجل _مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه_: صار مبطونًا، والصَّحيح أنَّ (المبطون): الشهيد الذي به الاستسقاء.

قوله: (وَالْمَطْعُونُ شَهِيدٌ): هو الذي أصابه الطاعون، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الطَّاعون) ما هو.

==========

[ج 2 ص 547]

(1/10379)

[باب أجر الصابر في الطاعون]

(1/10380)

[حديث: أنه كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء فجعله الله رحمةً]

5734# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنِي [1] حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في حديث بني النضِير، و (حَبَّان)؛ بفتح الحاء، وتشديد الموحَّدة: ابن هلال، و (يَحْيَى بْن يَعْمَرَ)؛ بفتح الميم، غير مصروف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، وقولي: (بفتح الميم) كذا أحفظه، وقد قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: («اليَعمَريُّ»؛ بفتح الياء والميم، وحكى البُخاريُّ: ضمَّ الميم وفتحها)، انتهى، فمقتضى ما حكاه في النسبة أن يأتي كذلك في العَلَم، والله أعلم.

قوله: (تَابَعَهُ النَّضْرُ عَنْ دَاوُدَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على (حَبَّان)؛ وهو ابن هلال، و (النضر)؛ بالضاد المُعْجَمة، ولا يحتاج إلى تقييد، كما قدَّمته مرارًا، هو ابن شُميل الإمام، و (داود): هو ابن أبي الفراتِ، ومتابعة النَّضر أخرجها البُخاريُّ في (القدر)، والله أعلم، وأخرجها النَّسَائيُّ في (الطِّبِّ) عن العَبَّاس بن مُحَمَّد، عن يونس بن مُحمَّد، عن أبيه، عن داود بن أبي الفرات، حديث النَّسَائيِّ ليس في الرواية، ولم يذكره أبو القاسم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثنا إسحاق: أخبرنا).

[ج 2 ص 547]

(1/10381)

[باب الرقى بالقرآن والمعوذات]

قوله: (بَابُ الرُّقَى بِالْقُرْآنِ): اعلم أنَّ الرُّقى بآيات القرآن والأذكار المعروفة لا نهيَ فيه بل هو سُنَّة، ومنهم مَن قال في الجمع بين حديث: (أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن الرُّقى) وغيره، وكذا حديث: «لا يسترقون»: أنَّ المدح في ترك الرُّقى؛ للأفضليَّة وبيان التوكُّل، والذي فعل الرُّقى أو أذن فيها؛ لبيان الجواز مع أنَّ تركها أفضل، وبهذا قال ابن عَبْدِ البَرِّ، وحكاه عمَّن حكاه، والمختار الأوَّل، وقد نقلوا الإجماع على جواز الرُّقى بالآيات والأذكار، قال المازريُّ: جميعُ الرُّقى جائزة إذا كانت بكتاب الله تعالى وبذكره، ومنهيٌّ عنها إذا كانت باللُّغة العجميَّة، أو بما لا يُدرَى ما معناه؛ لجواز أن يكون فيه كفر، قال: واختلفوا في رقية أهل الكتاب؛ فجوَّزها أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه [1]، وكرهها مالك؛ خوفًا أن يكون ممَّا بدَّلوه، ومَن جوَّزها؛ قال: الظَّاهر أنَّهم لم يبدِّلوا الرُّقى، فإنَّهم لا غرضَ لهم في ذلك بخلاف غيرها، وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرُّقى ما لم يكن فيه شرك»، رواه مسلم، قال القاضي عياض: (اختُلِف في رقية اليهوديِّ والنَّصرانيِّ؛ فجوَّزه الشَّافِعيُّ)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ كلام المازريِّ، وهو مُتبَاين.

تنبيهٌ: سُئِل الإمام العلَّامة عزُّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام الشَّافِعيُّ عمَّن يكتب حروفًا مجهولة المعنى للأمراض ويسقيها المرضى؛ فينجح، فقال: الظَّاهر أنَّه لا يجوز؛ لأنَّه عليه السلام لمَّا سُئِل عن الرُّقى؛ فقال: «اعرضوا عليَّ رقاكم»، فعرضوها، فقال: «ما أرى بأسًا»، وإنَّما أمر بذلك؛ لأنَّ منها ما يكون كفرًا، انتهى، وقد قدَّمته أيضًا؛ فاعلمْه.

قوله: (وَالْمُعَوِّذَاتِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الواو، وكذا قوله في الحديث الآتي: (بالمعوِّذات).

(1/10382)

[حديث: أن النبي كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات]

5735# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (كَانَ يَنْفثُ): هو بكسر الفاء وضمِّها؛ لغتان مشهورتان، وكذا قوله: (كُنْتُ أَنْفثُ)، وقد تَقَدَّمَ ما (النَّفث)، والمراد بالنَّفث: التبرُّك بتلك الرطوبة أو الهواء، أو النفس المباشر لتلك الرُّقية والذكر، وقد يكون على وجه التَّفاؤل بزول الألم عن المريض وانفصاله عنه كما

[ج 2 ص 547]

ينفصِلُ ذلك النَّفث عن الرَّاقي، قاله شيخنا، والله أعلم.

(1/10383)

[باب الرقى بفاتحة الكتاب]

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): سيأتي حديث ابن عَبَّاس في الباب بعده، والجوابُ عن قوله: (ويُذكَر) مع أنَّه صحيح: تَقَدَّمَ في (باب ذكر العشاء والعتمة، ومن رآه واسعًا)؛ فانظره، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 548]

(1/10384)

[حديث: وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم]

5736# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَار، و (مُحَمَّد بْنُ جَعْفَر) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه غُنْدر، و (أَبُو بِشْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وأنَّ اسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، و (أَبُو المُتَوَكِّل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عليُّ بن داود، وقيل: ابن دُوَاد، و (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِي): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (فَلَمْ يَقْرُوهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ، و (القِرى): الضيافة.

قوله: (فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا كان ثلاثين شاةً، كما في بعض طرقه في هذا «الصَّحيح».

قوله: (فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ أنَّ الرَّاقي هو أبو سعيد الخُدْريُّ راوي هذا الحديث، وقد تَقَدَّمَ ما في ذلك.

قوله: (وَيَتْفلُ): تَقَدَّمَ ما (التَّفل)، وتَقَدَّمَ أنَّ (يتفل)؛ بكسر الفاء وضمِّها.

قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام وهل كلُّها الرقية؟ وهذا ظاهِرٌ اللَّفظ أو {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5].

==========

[ج 2 ص 548]

(1/10385)

[باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم]

(1/10386)

[حديث: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله]

5737# قوله: (حَدَّثَنَا سِيدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ): (سِيْدان): بكسر السين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملتين، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، وأنَّ (مُضارِب)؛ بالضاد المُعْجَمة: اسم فاعل مِن (ضَارب)؛ فهو مضارب، وهو سيدان بن مضارب الباهليُّ البصريُّ، عن حمَّاد بن زيد، وأبي معشر البرَّاء، ويزيد بن زريع، وعنه: البُخاريُّ، وأبو حاتم، وغيرهما، قال أبو حاتم: صدوق، وقال البُخاريُّ: مات سنة أربع وعشرين ومئتين، انفرد بالإخراج له البُخاريُّ، وله ترجمة في «الميزان»، و (أَبُو مَعْشَرٍ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْبَرَّاءُ)؛ بفتح الموحَّدة، ثُمَّ راء مُشدَّدة، ممدود الآخِر، كان يبري النَّبل، تَقَدَّمَ، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ.

قوله: (فَعَرَضَ لَهُمْ [رَجُلٌ] مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ): (الرَّجل) الذي عرض لهم لا أعرف اسمه.

قوله: (فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ): قال بعضُ حفَّاظ المصريِّين بعد أن ذكر حديث أبي سعيد: (وأنَّ الرَّاقي هو أبو سعيد الخُدْريُّ)، ثُمَّ قال: (حديث ابن عَبَّاس في المعنى _يعني: هذا الحديث الذي نحن فيه_ كان الرَّاقي فيه عمَّه [1] خارجة بن الصَّلت، كذا قال، وكأنَّ النُّسخة سقط منها شيء وهي سقيمة ومُصحَّفة؛ فيُحرَّر هذا القدر، ثُمَّ ما المانع أن يكون الراقي في حديث أبي سعيد الراقي [في] حديث ابن عَبَّاس، فإنَّ القصَّتَين واحدة، والحامل لي على هذا: أنَّه لم يذكر عزو خارجة بن الصَّلت لكتاب، وإن كان هذا؛ لا يقال إلَّا بنقل، والله أعلم.

قوله: (عَلَى شَاءٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الشاءَ) كانت ثلاثين، كما في بعض طرقه في «الصَّحيح».

==========

[1] في «الفتح»: (عمَّ).

[ج 2 ص 548]

(1/10387)

[باب رقية العين]

(1/10388)

[حديث: أمرني رسول الله أن يسترقى من العين]

5738# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ممَّا لا خلاف فيه، ووقع في «شرح شيخنا»: أنَّه بالباء الموحَّدة، وهو غلط محضٌ، وسبق قلم، بل ليس في رواة الكُتُب السِّتَّة راوٍ اسمه مُحَمَّد بن كَبِير؛ بالموحَّدة، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر؛ وذلك لأنِّي راجعت ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير من «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ؛ فرأيتُه ذكر في مشايخه الثَّوريَّ، ولم يذكرِ ابن عيينة، والذَّهَبيُّ قال: روى عن سفيان، وراجعت ترجمة معبد بن خالد؛ فرأيت الحافظ عبد الغنيِّ والذَّهَبيَّ لم يذكرا فيها ابن عيينة فيمَن أخذ عنه، إنَّما ذكرا الثَّوريَّ، وقد تَقَدَّمَ مثله.

قوله: (أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه وللفاعل أيضًا، وبالوجهين هو في أصلنا.

(1/10389)

[حديث: استرقوا لها فإن بها النظرة]

5739# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابْنُ خَالِدٍ): قال المِزِّيُّ: (قال أبو مسعود: مُحَمَّد بن خالد: هو مُحَمَّد يحيى بن عبد الله بن خالد الذُّهْليُّ)، انتهى.

تنبيهٌ هو فائدةٌ: اجتمع في هذا الحديث عدَّةُ مُحَمَّدين سبعة، فرواه الفِرَبْريُّ _واسمه مُحَمَّد_ عن البُخاريِّ، عن مُحَمَّد ابن خالد، عن مُحَمَّد بن وهب، عن مُحَمَّد بن حرب، عن مُحَمَّد بن الوليد، عن مُحَمَّد الزُّهريِّ، وهذا مِن لطائف الإسناد، وقد رَوينا جزءًا مسلسلًا بالمُحَمَّدين، لكن انقطع التَّسلسُل فيَّ؛ لأنِّي إبراهيمُ، وفي شيخنا محبِّ الدين ابن ظافر المصريِّ؛ لأنَّ اسمه عبدُ الله.

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الزَّاي وفتح الموحَّدة، و (زَيْنَب): بنت أمِّ سلمة رضي الله عنهما، تَقَدَّمَتْ، وكذا أمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وتَقَدَّمَتْ وفاتها، وأنَّها بعد مقتل الحسين رضي الله عنهما.

قوله: (رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً): هذه (الجارية) لا أعرف اسمها.

قوله: (فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ): بفتح السِّين، ثُمَّ فاء ساكنة، ثُمَّ عين مفتوحة مهملتين، ثُمَّ تاء التأنيث، فسَّرها في الحديث في «مسلم»: (يعني: صُفرة)، قال ابن قُرقُول: (وهذا غير معروف في اللُّغة، وقيل: معناه: علامة من الشيطان، وقيل: ضربة واحدة من الشيطان، من قوله: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العلق: 15]، سفعت بالنَّاصية: قبضت عليها، وسفعتُه: لطمتُه، وسفعته بالعصا: ضربته، وأصل السَّفع: الأخذ بالنَّاصية، ثُمَّ استُعمِل في غيرها ... ) إلى آخر كلامه، وقال شيخنا: (إنَّه بفتح السِّين وضمِّها، وهو شحوب في سواد الوجه ... )، وذكر أقوالًا أخرى؛ بعضها تَقَدَّمَ، ثُمَّ ذكر عن ابن بَطَّال أنَّه ضبطه بالضَّمِّ، ثُمَّ قال: (وضبط: «به سَفعة من الشيطان» بالفتح)، ونقل شيخنا: (عن ابن الجوزيِّ، عن ابن ناصر، عن الخطيب التبريزيِّ، عن المعريِّ أبي العلاء أنَّه بالفتح أجود، وقد يُضمُّ)، انتهى.

قوله: (فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ): هو بفتح النُّون، وإسكان الظاء المُعْجَمة المشالة، مِن نظر الجنِّ، و (النَّظرة): العين، يقال: عيون الجنِّ أنفذ مِن أسنَّة الرِّماح.

(1/10390)

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ [1]): الضمير في (تابعه) يعود على مُحَمَّد بن حرب، و (الزُّبَيديُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الزاي، وسمَّاه في السند مُحَمَّد بن الوليد الزُّبَيديَّ، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ): هو الأشعريُّ الحمصيُّ أبو يوسف، عن مُحَمَّد بن زياد الألهانيِّ والزُّبَيديِّ، وعنه: أبو مسهر والهيثم بن خارجة، قال يحيى بن حسَّان: ما رأيت بالشام مثله، صدوق ناصبيٌّ، تُوُفِّيَ سنة (179 هـ)، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له أبو داود والنَّسَائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، ومتابعة عبد الله بن سالم ليست في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (عُقيل)؛ فقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وأنَّه ابن خالد، وتعليقه ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، و (الزُّهريُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وقوله: (أخبرني عروة عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ يعني: أن عُقيلًا روى هذا الحديث مُرْسَلًا، وإن شئت؛ قلت: مُعضَلًا، وأنَّ مُحَمَّد بن الوليد الزُّبيديَّ رواه مُتَّصلًا، وقد تَقَدَّمَ الأقوال فيما إذا روى بعض الثِّقات الحديثَ مرفوعًا، وبعضُهم موقوفًا، أو بعضُهم مُرْسَلًا، وبعضُهم مُتَّصلًا؛ أربعة أقوال، وأنَّ الصَّحيح: أنَّ العبرة بمَن رفع أو وصل، مُطَوَّلًا، والله أعلم، قال المِزِّيُّ: (وفي «كتاب خلف» عن عروة عن زينب: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ... )، انتهى.

[ج 2 ص 548]

==========

[1] متابعة عبد الله جاءت في «اليونينيَّة» بعد قول عقيل، وتقديمها رواية أبي ذرٍّ.

(1/10391)

[باب: العين حق]

(1/10392)

[حديث: العين حق ونهى عن الوشم]

5740# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الحافظ الكبير المُصنِّف عبد الرَّزَّاق بن همام الصنعانيُّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مِرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن منبِّه بن كامل اليَمانيُّ، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ.

(1/10393)

[باب رقية الحية والعقرب]

(1/10394)

[حديث: رخص النبي الرقية من كل ذي حمة]

5741# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وأنَّ صاحبَي «الصَّحيح» عَدَلا عمَّا يُنكَر عليه، و (سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ): بالشين المُعْجَمة، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن فيروز.

قوله: (مِنْ الحُمَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها وما هي قريبًا.

==========

[ج 2 ص 549]

(1/10395)

[باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم]

(1/10396)

[حديث: اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافي]

5742# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن صُهيب.

قوله: (اشْتَكَيْتُ): ثابتٌ أخبر أنسًا أنَّه اشتكى، فـ (اشتكيت) على هذا بكسر الهمزة، إذا ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، وإن درجتَ؛ وصلتَ، وهي ألفُ وصل، وتاؤه مضمومة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (لَا يُغَادِرُ سَقَمًا): تَقَدَّمَ معنى: (لا يغادر)، وأنَّه لا يُبقِي ولا يترك.

==========

[ج 2 ص 549]

(1/10397)

[حديث: اللهم رب الناس أذهب البأس]

5743# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفَلَّاس الصَّيرفيُّ، أحد الأعلام، و (يَحْيَى): بعده هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش سليمان بن مِهْرَان، و (مُسْلِم): هو أبو الضُّحى مسلم بن صُبَيح.

قوله: (أَذْهِبِ الْبَاسَ): هو بفتح الهمزة، وكسر الهاء، رُبَاعيٌّ.

قوله: (وَاشْفِهِ [1]): هو بهمزةِ وصل، ثُلاثيٌّ.

قوله: (لَا يُغَادِرُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ معناه: لا يُبقِي ولا يترك، وتَقَدَّمَ بعيدًا.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ فيما يظهر، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (اشفه)؛ بغير واو.

[ج 2 ص 549]

(1/10398)

[حديث: امسح البأس رب الناس بيدك الشفاء]

5744# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضَّاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالصاد المُهْمَلة، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا هو ابن شُميل الإمامُ.

==========

[ج 2 ص 549]

(1/10399)

[حديث: بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا]

5745# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة بعد (ابن المدينيِّ) الحافظ.

قوله: (تُرْبَةُ أَرْضِنَا): (تربة): مَرْفوعٌ، ومعنى (تربة أرضنا): قال جمهورُ العلماء: المراد بـ (أرضنا): جملةُ الأرض، وقيل: أرض مدينة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم خاصَّة.

قوله: (بِرِيقَةِ بَعْضِنَا): (الرِّيقة): أخصُّ من الرِّيق، وإن شئت؛ قلت: أقلُّ مِن الرِّيق، والرِّيق: الرُّضاب، وهو معروف، يريد: بصاق بني آدم، وفيه شفاء مِن الجراحات والقُوباء وغيرها، و (القُوباء)؛ بِضَمِّ القاف، وفتح الواو وتُسكَّن، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ثُمَّ همزه ممدود: داء معروف ينقشر ويتَّسع، ويُعَالج بالرِّيق، وهي مؤنَّثة لا تنصرف، وجمعها: قُوَبٌ، قال: [من الرَّجز]

~…يَا عَجَبًا لِهَذِهِ الفَلِيقَةْ…هَلْ تُذْهِبَنَّ القُوَبَاءَ الرِّيقَةْ

فإن سكَّنت الواو؛ ذكَّرت وصرفت، ويأتي بُعَيد هذا كيف يُصنَع بالرِّيق.

قوله: (يُشْفَى سَقِيمُنَا): (يُشفَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (سقيمُنا): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

(1/10400)

[حديث: تربة أرضنا وريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا]

5746# قوله: (تُرْبَةُ أَرْضِنَا): تَقَدَّمَ أعلاه، (وَرِيقَةُ) تَقَدَّمَ، و (يُشْفَى سَقِيمُنَا): تَقَدَّمَ أعلاه، ومعناه: أنَّه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السَّبابة، ثُمَّ يضعُها على التراب، فيتعلَّق بها شيء، فيمسح به موضع الجرح أو الألم، ويقول هذا الكلامَ في حال المسح، والله أعلم.

(1/10401)

[باب النفث في الرقية]

قوله: (بَابُ النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ): (النَّفْث): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وتَقَدَّمَ ما هو، وقال الشيخ محيي الدين: («النَّفْث: نفخ لطيف لا ريقَ معه)، انتهى، وقيل: معه ريق يسير، قال شيخنا حين ذكر (النَّفْث): (وفيه إباحة النَّفْث في الرُّقى، وقد روى الثَّوريُّ عن الأعمش، عن إبراهيم قال: إذا رقيت بآي القرآن؛ فلا تنفث، وقال الأسود: أكره النَّفث، وكان لا يرى بالنفخ بأسًا، وكرهه أيضًا عكرمة، والحكم، وحمَّادٌ، وأظنُّ حجَّة مَن كرهه ظاهرَ قوله: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ} [الفلق: 4]، وذلك نفث سحر، والسِّحر مُحرَّم، وما جاء عن الشارع أولى)، انتهى، ففي تبويب البُخاريِّ هذا ردٌّ على مَن كره ذلك، والله أعلم، واعلم أنَّ النَّسَائيَّ روى في «سننه» في (كتاب المحاربة) عن عمرو بن عليٍّ عن أبي داود الطَّيالسيِّ، عن عبَّاد بن ميسرة المنقريِّ، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعًا: «مَن عقد عُقدة، فنفث فيها، فقد سَحَر، ومَن سَحَر؛ فقد أشركَ بالله»، هذا الحديث لا يصحُّ لعبَّاد بن ميسرة المنقريِّ؛ لأنَّ أحمد ويحيى ضعَّفاه، وقال يحيى مرَّة: ليس به بأس، وقال أبو داود: ليس بالقويِّ، وكان من العُبَّاد، ثُمَّ إنَّ الحسن لم يسمع من أبي هريرة، على قول الأكثرين، والله أعلم.

(1/10402)

[حديث: الرؤيا من الله والحلم من الشيطان]

5747# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): هو بإسكان الخاء، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرحمن بن عوف، أحدُ الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، و (أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه اختُلِف في اسمه، فقيل: الحارث، وقيل: النُّعمان، وقيل: عمرو، ابن ربعيٍّ الخزرجيُّ، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلم مِن الشَّيطان)، وأنَّه (الحلم)؛ بالإسكان والضَّمِّ.

قوله: (فَلْيَنْفِثْ): تَقَدَّمَ أنَّه [1] بكسر الياء وضمِّها، وتَقَدَّمَ ما (النَّفْث)، وسأذكر الروايات التي جاءت: ماذا يصنع إذا رأى ما يكره في (التَّعبير) إن شاء الله تعالى.

(1/10403)

[حديث: كان رسول الله إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه]

5748# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن بلال، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي [1]): هو مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

[ج 2 ص 549]

قوله: (إِذَا أَوَى): هو بقصر الهمزة، هذا هو الفصيح، وقد تَقَدَّمَ أنَّه متى كان لازمًا؛ كان بقصر الهمزة، ومتى كان متعدِّيًا؛ كان بمدٍّ على الفصيح فيهما، وهي لغة القرآن.

قوله: (وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الواو.

قوله: (قَالَ يُونُسُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، المذكور في السند، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ابن شهاب).

(1/10404)

[حديث: وما يدريك أنها رقية أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم بسهم]

5749# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْر) بعده: بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، وتَقَدَّمَ أنَّه جعفر بن أبي وحشيَّةَ إياسٍ، و (أَبُو المُتَوَكِّل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عليُّ بن داود، وقيل: ابن دُواد، و (أَبُو سَعِيدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (أنَّ رَهْطًا): تَقَدَّمَ أنَّ (الرهط): ما دون العشرة من الرجال، وهؤلاء كانوا ثلاثين رجلًا، كما في بعض طرق الحديث، وكأنَّه أراد الرُّؤساء.

قوله: (فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ): (لُدِغ): بِضَمِّ اللَّام، وكسر الدال المُهْمَلة، وبالغين المُعْجَمة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكانت قد لدغته [1] عقرب، كما في بعض طرقه، و (سيِّد الحيِّ): لا أعرف اسمه.

قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: [نَعَمْ]؛ وَاللهِ إِنِّي لَرَاقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه أبو سعيد الخُدْريُّ، كما جاء التَّصريح به في «سنن ابن ماجه»، وقد تَقَدَّمَ ما فيه.

قوله: (عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ): تَقَدَّمَ أنَّه كان ثلاثين شاة، كما في بعض طرق هذا «الصَّحيح».

قوله: (فَجَعَلَ يَتْفلُ): تَقَدَّمَ ما (التفل)، وأنَّ (يتفل) بكسر الفاء وضمِّها.

قوله: (لَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ): (نُشِطَ): بِضَمِّ النون، وكسر الشين المُعْجَمة، وبالطاء المُهْمَلة، قال في «النهاية»: («فكأنَّما أُنشط مِن عقال»؛ أي: حلَّ، وقد تكرَّر في الحديث، وكثيرًا ما يجيء في الرواية: «كأنَّما نُشِط من عقال»، وليس بصحيح، يقال: نشطتُ العقدةَ؛ إذا عقدتَها، وأنشطتُها، وانتشطتُها؛ إذا حللتَها)، انتهى، وفي «المطالع»: («كأنَّما أُنشِط من عقال»؛ أي: حُلَّ، وأصله: مِن البعير المعقول، يُقال: نشطتُ البعيرَ؛ إذا عقلتَه بالأنشوطة، وهي عقدة في العقال، وأنشطتُ العقال ونشطتُه؛ إذا حللتَه)، ونقل شيخنا كلام صاحب «الأفعال»، فقال: (أنشطتُ العقدة؛ حللتُها، ونشطتُها؛ عقدتُها بأنشوطة؛ وهي حديدة يعقد بها، قلت: فعلى هذا: صوابه: أُنشِط، كما نبَّه عليه ابن التين)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ مُختصَرًا.

(1/10405)

قوله: (مَا بِهِ قَلَبَةٌ): هي بفتح القاف واللَّام والموحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، و (القلبة): الداء، وأصله مِن القُلَاب؛ وهو داء يصيب الإبل، ثُمَّ استُعمِل في كلِّ داء، وقيل: معناه: وما به داء يُقلَبُ له.

قوله: (فَأَوْفَوْهُمْ): هو بهمزة القطع، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (اقْسِمُوا): هو بهمزة وصل، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتها، وهو ثُلاثيٌّ، ولا أعرف قائل: (اقسموا).

قوله: (فَقَالَ الَّذِي رَقَى): (الذي رقى): تَقَدَّمَ أنَّه أبو سعيد الخُدْريُّ، و (رقى): معتلٌّ، غير مهموز، وهذا غاية في الظهور.

قوله: (أَنَّهَا رُقْيَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّ جوهر اللَّفظ يعطي أنَّ جميع السورة رقية، وقال بعضهم: موضع الرقية منها: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، وفي لفظ بعضهم: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

==========

[1] في (أ): (دلغته)، وهو تحريف.

[ج 2 ص 550]

(1/10406)

[باب مسح الراقي الوجع بيده اليمنى]

(1/10407)

[حديث: أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي]

5750# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد، القارئ، و (مُسْلِم): هو أبو الضُّحى مسلم ابن صُبَيح.

قوله: (أَذْهِبِ الْبَاسَ): (أَذْهب): بقطع الهمزة، وكسر الهاء، رُبَاعيٌّ.

قوله: (وَاشْفِ): تَقَدَّمَ أنَّه بهمزة وصل، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، ثُلاثيٌّ، و (لَا يُغَادِرُ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: لا يترك ولا يُبقي، وتَقَدَّمَ أنَّ قوله: (فَذَكَرْتُهُ لِمَنْصُورٍ): قائله هو سفيان الثَّوريُّ، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيْم): هو ابن يزيد النَّخعيُّ، وتَقَدَّمَ كلُّ ذلك قريبًا.

==========

[ج 2 ص 550]

(1/10408)

[باب في المرأة ترقي الرجل]

(1/10409)

[حديث عائشة: أنَّ النبي كان ينفث على نفسه في مرضه]

5751# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه المسنديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ لمَ قيل له: (المسنديُّ)، في أوائل هذا التعليق، و (هِشَامٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (يَنْفثُ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الفاء وضمِّها، وتَقَدَّمَ ما (النفث) قريبًا وبعيدًا.

قوله: (قُبِضَ فِيهِ): (قُبِض): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (بِالْمُعَوِّذَاتِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّها بكسر الواو، و (أَنْفثُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه بكسر الفاء وضمِّها.

قوله: (فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ): السَّائل له مَعْمَر؛ هو ابن راشد، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، والزُّهريُّ: تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

وقوله: (يَنْفثُ) و (يَنْفثُ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا أنَّه بكسر الفاء وضمِّها.

==========

[ج 2 ص 550]

(1/10410)

[باب من لم يرق]

قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرْقِ): هو بفتح أوَّله، وسكون ثانيه، معتلٌّ، محذوف الياء؛ للجزم.

(1/10411)

[حديث: عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه ... ]

5752# قوله: (حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماء: بالضَّمِّ، والكنى: بالفتح، و (حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) مثلُه.

قوله: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ): (عُرِضت): بِضَمِّ العين، وكسر الرَّاء، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الأمم): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (مَعَهُ الرَّهْطُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهط): ما دون العشرة مِن الرجال، وتَقَدَّمَ أنَّ (السَّواد): الأشخاص، وتَقَدَّمَ (الأُفُقَ): أنَّه بِضَمِّ الهمزة، وضمِّ الفاء، وسكونها، جانب السَّماء.

[ج 2 ص 550]

قوله: (وَمَعَهُمْ [1] سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه يجيء أنَّ هؤلاء مِن مقبرة واحدة؛ وهي البقيع، والله أعلم.

قوله: (لَا يَتَطَيَّرُونَ): تَقَدَّمَ ما (الطِّيَرة).

قوله: (وَلَا يَسْتَرْقُونَ): تَقَدَّمَ تنبيهٌ على ما وقع في «صحيح مسلم»: (لا يرقون، ولا يسترقون)، ولم يقع (يرقون) في «البُخاريِّ»؛ فانظر ذلك غير بعيد جدًّا.

قوله: (وَلَا يَكْتَوُونَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الكيِّ)، والأحاديث الواردة فيها، والجمع بينها.

قوله: (فَقَامَ عُكَّاشَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالتشديد والتَّخفيف، وتَقَدَّمَ ضبط والده (مِحْصَنٍ)، وما وقع فيه لبعض رواة «البُخاريِّ»، وتَقَدَّمَ الكلام على القائم الثاني، وأنَّه سعد بن عبادة، وستأتي الحكمة في تأخُّره عن هذا المقام، وفيه كلام حسن من عند السُّهيليِّ في (باب يدخلون الجنَّة سبعون ألفًا بغير حساب)، فقيل في معناه: كانت ساعة إجابة، ويقال: كي لا يتسلسل الأمرُ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ومع هؤلاء).

(1/10412)

[باب الطيرة]

قوله: (بَابُ الطِّيَرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الطِّيَرَة): بكسر الطاء، وفتح الياء وتُسكَّن؛ حكاهما ابن الأثير.

==========

[ج 2 ص 551]

(1/10413)

[حديث: لا عدوى ولا طيرة والشؤم في ثلاث ... ]

5753# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): الظاهر أنَّه المسنديُّ، وقد تَقَدَّمَ، وسيأتي قريبًا، تقدَّمت ترجمته، و (يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ الجمع بينه وبين قوله: (وفِرَّ من المجذوم كما تفرُّ من الأسد)، وقوله: (لا يوردنَّ مُمرِض على مُصِحٍّ)، وأنَّه لا تعارُض، والله أعلم.

قوله: (وَلَا طِيَرَةَ): تَقَدَّمَ ما (الطِّيرة)، وتَقَدَّمَ ضبطها أعلاه وقبله مرارًا، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَالشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ) مُطَوَّلًا في أوَّل (الجهاد).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 551]

(1/10414)

[حديث: لا طيرة وخيرها الفأل]

5754# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

(1/10415)

[باب الفأل]

قوله: (الْفَأْلُ): هو مهموز؛ ما يسرُّ ويسوء؛ بخلاف الطِّيرة، فإنَّها لا تكون إلَّا فيما يسوء، وربَّما استُعمِلت فيما يسرُّ ويسوء، وهمزة (الفأل) ساكنة، فيجوز تسهيلها، وجمع (الفأل): فُؤُل، وقال بعضهم: هو ضدُّ (الطِّيرة)، قال الخَطَّابيُّ: الفرق بين الفأل والطِّيرة أنَّ الفأل: مأخوذ من طريق حُسْن الظَّنِّ بالله تعالى، والطِّيَرة: إنَّما هي من طريق الاتِّكال على شيء سواه، وقال الأصمعيُّ: سألت ابن عون عن الفأل؛ فقال: هو أن يكون مريضًا، فيسمع: يا سالم، أو غائبًا [1]، فيسمع: يا واجد، والله أعلم.

(1/10416)

[حديث: لا طيرة، وخيرها الفأل]

5755# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الهذليُّ.

قوله: (لَا طِيَرَةَ): تَقَدَّمَ ضبطها قريبًا، وكذا (الْفَأْلُ).

(1/10417)

[حديث: لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسنة]

5756# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، وأنَّه نسبَه إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النسبة إلى فرهود: فرهوديٌّ وفراهيديٌّ، و (مسلم): حافظ مشهور، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

==========

[ج 2 ص 551]

(1/10418)

[باب: لا هامة]

قوله: (بَابٌ: لَا هَامَةَ): تَقَدَّمَ ضبطها، والكلام عليها قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 551]

(1/10419)

[حديث أبي هريرة: لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر]

5757# قوله: (حَدَّثَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضَّاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالمُهْمَلة، وهذا هو ابن شميل الإمام، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ، و (أَبُو حَصِينٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الكنى: بالفتح، والأسماء: بالضَّمِّ، وهذا عثمان بن عاصم، و (أَبُو صَالِح): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه مع ما يعارضه في الظاهر قريبًا، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الطِّيَرَة)، وعلى (الهَامَةَ)، وعلى (الصَّفَر).

==========

[ج 2 ص 551]

(1/10420)

[باب الكهانة]

قوله: (بَابُ الْكِهَانَةِ): هي بكسر الكاف؛ مصدر (كهَن يكهُن)؛ مثل: (كتَب يكتُب كِتابة)، قال القاضي عياض رحمه الله: (كانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب؛ أحدها: يكون للإنسان وليٌّ من الجنِّ يخبره بما يسترق مِن السَّمع مِن السماء، وهذا القِسم بطل مِن حين بُعِث مُحَمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، الثاني: أن يخبره بما يطرأُ، أو يكون في أقطار الأرض، وما خَفي عنه ممَّا قَرُب أو بَعُد، وهذا لا يبعدُ وجودُه، ونفت المعتزلة وبعض المتكلِّمين هذين الضَّربَين وأحالوهما، ولا استحالة في ذلك، ولا بُعد في وجوده، لكنَّهم يَصدُقون ويَكذِبون، والنَّهيُ عن تصديقهم والسماع منهم عامٌّ، الثالث: المُنجِّمون، وهذا الضرب يخلق الله فيه لبعض الناس قوَّةً ما، لكن الكذب عليه أغلب، ومِن هذا الفنِّ العرافة، وصاحبها عرَّاف؛ وهو الذي يستدلُّ على الأمور بأسباب ومُقدِّمات يدَّعي معرفتها بها، وقد يعتضد بعض هذا الفنِّ في ذلك بالزجر، والطرق، والنُّجوم، وأسباب معتادة، وهذه الأضرب كلُّها تُسمَّى: كهانة، وقد أكذبهم الشرع، ونهى عن تصديقهم وإتيانِهم، والله أعلم، وقد قدَّمته مرَّة أخرى.

==========

[ج 2 ص 551]

(1/10421)

[حديث: إنما هذا من إخوان الكهان]

5758# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عفيرًا) بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وفتح الفاء، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا ... ) إلى آخره: المضروبة ذات الجنين: مليكة بنت عويمر، والضاربة: أمُّ غُطَيف بنت مسروح، كذا في «غوامض عبد الغنيِّ»، وفي «النَّسَائيِّ» تسمية المرأتين عن ابن عَبَّاس، وقيل في الثانية _وهي الضَّاربة_: أمُّ عَفيف، قال أبو الفرج ابن الجوزيِّ في «تلقيحه»: (واسم إحدى المرأتين: مليكة، والأخرى: غُطَيف، وقيل: أمُّ غطيف، ورُوِي: أنَّ إحدى المرأتين أمُّ عَفيف، والأخرى: أمُّ مُكلِّب، وذكر أنَّ الضاربة هي أمُّ عفيف بنت مسروح،

[ج 2 ص 551]

والمضروبة كانت مليكة بنت ساعدة الهذليِّ)، انتهى، وقال ابن بشكوال: الضَّاربة: أمُّ عَفِيف بنت مسروح، وذات الجنين مُلَيكة بنت عويمر؛ ذكره عبد الغنيِّ، وفي حديثه: (فقال العلاء بن مسروح)، وقيل: إنَّ المُتكلِّم بذلك حملُ بن مالك بن النابغة، وعن ابن طاهر مثلُه، إلَّا أنَّه قال: (أمُّ عَفيفة)، ولم يحك كون المتكلِّم حمل بن مالك، والله أعلم.

قوله: (مِنْ هُذَيْلٍ): كذا هنا، وفي بعض طرقه: (من بني لحيان)، و (لِحيان)؛ بكسر اللَّام على المشهور: بطنٌ مِن هذيل، والله أعلم [1].

قوله: (بِحَجَرٍ): كذا هنا، وفي بعض طرقه في هذا «الصَّحيح»: (رمت إحداهما الأخرى)، ولم يتعرَّض للمَرميِّ به، وفي رواية: (بعمود فسطاط)، وقد تَقَدَّمَ ما الفُسطاط، ولغاته، ولعلَّها فعلت بها الشَّيئين؛ رمتها بحجر، وضربتها بعمود فُسطاط؛ جمعًا بين الروايتين، والله أعلم.

(1/10422)

قوله: (غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ): (غرَّةٌ): منوَّن مَرْفوعٌ، و (عبدٌ أو أمةٌ): مثله بدل من (غرَّة)؛ كذا ضبطه غير واحد، ولكن المُحدِّثون يروونه على الإضافة، قال ابن قُرقُول: (والأوَّل هو الصواب؛ لأنَّه بيَّن الغرَّة ما هي)، انتهى، وممَّا يُؤيِّد ما قاله، ويوضِّحه رواية في هذا «الصَّحيح» في (كتاب الدِّيات) في (باب دية جنين المرأة) عن المغيرة بن شعبة: (قضى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالغرَّة عبدٍ أو أمةٍ)، فقد فسَّر (الغرَّة) في الحديث: بعبدٍ أو أمةٍ، قال العلماء: و (أو) في الحديث؛ للتَّقسيم، لا للشَّكِّ، ونقل شيخنا احتمالًا عن ابن التِّين: أنَّها للشَّكِّ، ثُمَّ نقل عنه ما معناه أنَّها ليست للشَّكِّ، قال: وهذا المعوَّل عليه، انتهى، و (الغُرَّة): العبدُ نفسُه أو الأمة، وأصل الغرَّة: البياض الذي يكون في وجه الفرس، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: (الغرَّة: عبد أبيض، أو أمة بيضاء، وسُمِّي غرَّة؛ لبياضه، ولا يُقبَل في الدِّية عبدٌ أسودُ، ولا جاريةٌ سوداءُ، وليس ذلك شرطًا عند الفقهاء، وإنَّما (الغرَّة) عندهم: ما بلغ ثمنه نصف عِشر الدِّية مِن العبيد والإماء، وإنَّما تجب الغرَّة في الجنين؛ إذا سقط ميتًا، فإن سقط حيًّا ثُمَّ مات؛ ففيه الدِّية كاملةٌ، وقد جاء في بعض الرِّوايات: (غرَّة عبد أو أمة، أو فرس، أو بغل)، وقيل: إنَّ الفرس والبغل غلط مِن الراوي، وقد أخذ بها بعضُ السَّلف.

(1/10423)

تنبيهٌ: قال كافَّة العلماء بالغرَّة، قال شيخنا: (وخالف فيه قوم فقالوا: لا شيء فيه؛ حكاه في «المعونة»، وهو منابذ للنَّص، فلا يُلتفَتُ إليه)، انتهى، قال شيخنا في (الفرائض): ومن غريب ما وقع في هذا الحديث بعد قوله: «أو أمة»: «أو بغل، أو حمار»، أخرجها أبو داود، وهي معلولة، وفي رواية لابن أبي شيبة مِن حديث عطاء مُرْسَلًا: «أو بغل» فقط، وأخرى: «أو فرس» من حديث هشام عن أبيه، وقال به مجاهد وطاووس، وفي «الدَّارقطنيِّ» من حديث معمر عن ابن طاووس، عن أبيه أنَّ عمر قال: «أو فرس»، وفي «الإسماعيليِّ» قال عروة: «الفرس غرَّة»، وقال ابن سيرين: «يجزئ مئة شاة»، وفي بعض طرق «أبي داود»: «خمس مئة شاة»، وهو وَهَمٌ صوابه: «مئة شاة»، كما نبَّه عليه أبو داود، وفي «مسند الحارث بن أبي أسامة» من حديث حمل بن مالك: «أو عشرين من الإبل، أو مئة شاة»، قال البَيْهَقيُّ: ورواه أبو الفتح أيضًا عن أبيه، عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا أنَّه قال: «أو عشرون ومئة شاة»، وإسناده ضعيف.

(1/10424)

قوله: (فَقَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الَّتِي غرِمَتْ [2]): (وليُّها): هو حَمَلُ بن مالك بن النَّابغة، كذا جاء مُصرَّحًا به في بعض طرق «الصَّحيح»، و (حَمَل)؛ بفتح الحاء المُهْمَلة، والميم، وقيل فيه: حملة، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (وليُّ المرأة هو العلاء بن مسروح، وفي بعض الرِّوايات: «فقال حَمَل بن مالك بن النابغة الهذليُّ، وهو زوج المرأتين»، وفي «مختصر الاستيعاب» ... )، فذكر مستنده من كونه العلاء بن مسروح من «مختصر الاستيعاب»، وعزاه لعبد الغنيِّ بن سعيد، قال: (ووقع في «البَيْهَقيِّ»: «فقال أبوها»، وحينئذٍ؛ فيكون القائل مسروح)، انتهى، قال شيخنا: (وروى أبو موسى المدينيُّ في «الصَّحابة»: أنَّ حَمَل بن مالك هذا تُوُفِّيَ في زمن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وُجِد مقتولًا، قتلته امرأة اسمها أُثَيلة، وأنَّه عليه السلام أهدر دمه)، انتهى، و (حَمَل) هذا: تَقَدَّمَ أنَّه هذليٌّ، له صحبة، روى عنه ابن عَبَّاس، روى له أبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، ولم أر مِن وفاته إلَّا ما ذكرته مِن كلام شيخنا الذي نقله عن أبي موسى، والحديث الذي لـ (حَمَل) في «أبي داود» و «النَّسَائيِّ» و «ابن ماجه» يشهدُ بأنَّه تخلَّف بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى زمن عمر رضي الله عنه، و (غُرِّمَتْ)؛ بِضَمِّ الغين المُعْجَمة، وكسر الراء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (غَرِمَتْ)؛ بفتح الغين، وكسر الرَّاء المُخفَّفة، مَبْنيٌّ للفاعل.

قوله: (وَلَا اسْتَهَلَّ): أي: صاح، وهذا معروفٌ.

قوله: (بَطَلَ): هو في أصلنا بالموحَّدة المفتوحة، وفي نسخة: (يُطَلُّ)، قال ابن قُرقُول: («بطَلْ» أو «يُطَلّْ»، بالوجهين رويناه في «المُوطَّأ» ليحيى عنه، قال ابن بُكَيْر: (بالوجهين رويناه عن مالك، ورجَّح الخَطَّابيُّ رواية [3] الياء من «طُلَّ دمَه»، أو «طُلَّ دمُه»، و «أُطِلَّ دمه»؛ كلُّ ذلك إذا لم يُطلَب به، وأكثر الروايات: «بطل»؛ بباء واحدة، وكذلك في «البُخاريِّ» في «باب الطِّيَرة والكهانة»، يقال منه: بطل الشيء بُطلًا وبُطلانًا؛ ذهب، وكذلك إذا لم يُؤخَذ به القاتلُ، وكذلك في «كتاب مسلم»، إلَّا عند أبي جعفر، فإنَّ الرواية عنه في حديث أبي الطاهر وحرملة: بالياء مثنَّاة)، انتهى، ونقل شيخنا عن ابن دريد قال: (أهل الحديث يقولونه بالباء، وهو تصحيف؛ إنَّما هو بالياء).

(1/10425)

قوله: (إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ): في بعض طرق «الصَّحيح»: (مِن أجل سجعه الذي سَجَع)، وفي رواية أخرى: (أسجع كسجع الأعراب)، قال العلماء: إنَّما ذَمَّ سجَعه؛ لوجهين؛ أحدهما: أنَّه عارض به حكم الشرع ورام إبطاله، والثاني: تكلُّفه في مخاطبته، وهذان الوجهان في السجع مذمومان، وأمَّا السجع الذي كان عليه السَّلام يقوله وهو في الحديث؛ فليس من هذا؛ لأنَّه لا يعارض به حكم الشرع ولا يتكلَّفه، فلا نهي فيه، بل هو حسن، ويؤيِّد ذلك قولُه: (كسجع الأعراب)، فأشار إلى بعض السَّجع، وهو المذموم.

(1/10426)

[حديث: قضى النبي في امرأتين رمت إحداهما الأخرى بحجر فطرحت ... ]

5759# 5760# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحمن بن عوف عبدُ الله، وقيل: إسماعيل.

قوله: (أَنَّ امْرَأَتَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما أعلاه؛ الضَّاربة والمضروبة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الغُرَّة)، و (عَبْد أَوْ أَمَة)؛ إعرابه، وهنا (وَلِيدَة): عوض (أمة)، وهي هي.

قوله: (وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّب: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب به، وهو من طريق سعيد هنا مُرْسَل، وقد أخرجه النَّسَائيُّ كذلك عن الحارث بن مسكين، عن ابن القاسم، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المُسَيّب به، والله أعلم.

قوله: (يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ): (يُقتَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه وإعرابه.

قوله: (فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ:): (قُضِي)؛ بِضَمِّ القاف، وكسر الضَّاد، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ أعلاه مَن هو، وأنَّه حمل بن مالك بن النابغة، وتَقَدَّمَ أنَّه غيره.

قوله: (وَلَا اسْتَهَلَّ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: صاح، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (بَطَل)، وهو بالباء الموحَّدة هنا في أصلنا، وعلى قوله: (إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ).

[ج 2 ص 552]

(1/10427)

[حديث: نهى النبي عن ثمن الكلب ومهر البغي]

5761# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ، كما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، لا الحافظ الكبير المُصنِّف أبو بكر ابن أبي شيبة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو مَسْعُود): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عقبة بن عمرو الأنصاريُّ البدريُّ، نُسِب إليها؛ لأنَّه كان ينزلها، وقد تَقَدَّمَ تَعقُّبُ البُخاريِّ في عدِّه في البدريِّين.

قوله: (عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (البيوع)، ورواية: (إلَّا كلب صيد)، وتَقَدَّمَ قصَّة عثمان في تغريم مَن قتل كلب صيدٍ، وأنَّهما ضعيفان، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (مَهْرِ الْبَغِيِّ): وهو ما تأخذه الزَّانية الفاجرة على زناها، وعلى (حُلْوَانِ الْكَاهِنِ): وأنَّه حرام بالإجماع، وهو ما يأخذه الكاهن، والمُنجِّم، والرَّمَّال، وأصحاب الحصى، والشَّعير، وزجر الطَّير [1] أجرة له، وتَقَدَّمَ الكلام قريبًا وبعيدًا ما (الكاهن).

(1/10428)

[حديث: تلك الكلمة من الحق يخطفها من الجني]

5762# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن راشد، وتَقَدَّمَ ضبطه، وتَقَدَّمَ (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (نَاسٌ): هؤلاء (النَّاس) السائلون عن الكهَّان لا أعرفهم.

قوله: (لَيْسَ بِشَيْءٍ): معنى هذا الكلام: بطلان قولهم، وأنَّه لا حقيقة له، وفي هذا الحديث جوازُ إطلاق هذا اللَّفظ على ما كان باطلًا.

قوله: (أَحْيَانًا): تَقَدَّمَ أنَّ (الأحيان): الأوقاتُ.

قوله: (يَخْطَفُهَا): هو بفتح الطَّاء، وهذه اللُّغة الفصيحة، وهي لغة القرآن، ويجوز في لغة قليلة كسرُ الطاء.

قوله: (فَيَقُرُّهَا): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ قاف، ثُمَّ راء مشدَّدة مضمومتين كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (كذا ضبطه الأصيليُّ بفتح الياء وضمِّ القاف، وعند غيره بِضَمِّ الياء وكسر القاف، وصوَّب بعضهم رواية الأصيليِّ، وكلاهما صوابٌ على اختلاف التَّفسير، فقيل على ضمِّ القاف: إنَّ معناه: يردِّدها؛ كما تُردِّد الدَّجاجة صوتَها، وكذلك على مَن فسَّره أيضًا: تُصوِّتُ بها الدَّجاجة، يقال منه: قرَّت الدَّجاجة تَقُرُّ؛ إذا قطعت صوتها، وقرقرت قرقرة؛ إذا ردَّدت؛ أيضًا كما تصوِّت الزُّجاجة؛ إذا حرَّكتها على شيء، أو كما تردِّد ما يُصَبُّ في القارورة في مدخلها أو جوانبها، وهذا يصحُّ على الضَّمِّ والكسر في القاف، يقال: قَررْتُ الماء في الآنية وأقررته؛ إذا صببته، قاله ابن القوطيَّة، وقيل: معنى «يَقُرُّها»: يودعها في أذنه؛ أي: يجعل أذنه لها قرارًا، وهذا على رواية [2] مَن كسر القاف مِن «أقرَّ الشيء»، وقيل: «يَقُرُّها»؛ بِضَمِّ القاف: يُسِرُّها يُسارُّه بها، يقال: قرَّ الخبر في أذنه يَقُرُّه قَرًّا؛ إذا أودعه إيَّاه سرًّا، و «الدَّجاجة» و «الزُّجاجة» روايتان، وكذلك «تُقِرُّها» روايات في «الصَّحيحَين»)، انتهى لفظه.

قوله: (مِئَةَ كَذْبَةٍ): هي بفتح الكاف وإسكان الذَّال، وكسر الكاف مع إسكان الذال، قال عياض: (وأنكر بعضهم الكسر إلَّا إذا أراد الحالة والهيئة، وليس هذا موضعَها).

(1/10429)

قوله: (قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (عليٌّ) هذا: هو المذكور أوَّل السند، وهو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ، الجهبذ، و (عبد الرَّزَّاق): هو ابن همام، الحافظ الكبير، الصنَّعانيُّ، وقد أخرجه مسلم في (الطِّبِّ) عن عبد بن حميد، عن عبد الرَّزَّاق، عن معمر، عن الزُّهريِّ به).

تنبيهٌ: في أصلنا: (قال عليٌّ: قال عبد الرَّزَّاق، مُرْسَل)، وفي الهامش: (قال عليٌّ: قال عبد الرَّحمن بن مهديٍّ)، وكتب عليه: (خ)؛ يعني: أنَّه نسخة، ولم أرَ أنا هذه في «شرح شيخنا»، ولا في «تقييد المُهْمَل»، ولا في «أطراف» المِزِّيِّ، فإذن الصَّواب: (قال عليٌّ: قال عبد الرَّزَّاق)، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[2] في (أ): (روايته)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 553]

(1/10430)

[باب السحر، وقول الله تعالى {ولكن الشياطين كفروا ... }]

(1/10431)

قوله: (بَابُ السِّحْرِ وَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 102]): اعلم أنَّ المازريَّ قال: (مذهب أهل السُّنَّة وجمهور علماء الأمَّة على إثبات السِّحر، وأنَّ له حقيقةً؛ كحقيقة غيره مِن الأشياء الثابتة خلافًا لمَن أنكر ذلك، ونفى حقيقته، وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقيقة لها) انتهى، وقد رأيتُ بعض الشَّارحين نقل أنَّ الشَّاشيَّ مِن الشَّافِعيَّة نقل عن أبي جعفر الاستراباذيِّ: (أنَّ السِّحر لا حقيقة له) انتهى، قال المازريُّ: (وقد ذكره الله تعالى في كتابه، وذكر أنَّه ممَّا يُتعلَّم، وذكر ما فيه إشارة إلى أنَّه ممَّا يُكفَر به، وأنَّه يُفرِّق بين المرء وزوجه، وهذا كلُّه لا يمكن فيما لا حقيقة له) انتهى، والسحر قد يكون كفرًا، وقد لا يكون كفرًا، بل معصيته كبيرة، فإنَّ كان فيه قول، أو فعل يقتضي الكفر؛ فهو كفر، وإلَّا؛ فلا، وأمَّا تعليمه وتعلُّمه؛ فحرام، واعلم أنَّه وقع في «الكفاية» للفقيه العلَّامة نجم الدين ابن الرِّفعة المصريِّ الشَّافِعيِّ أنَّ الغزاليَّ قال في «وسيطه»: (لا يُكرَه تعلُّم السحر)، والذي في «الوسيط»: لا يُكرَه الجوازُ فقط مع أنَّه قد جزم بتحريم تعلُّمه في (كتاب الإجارة عند [2] الكلام على ركن المنفعة، والمذهب أنَّ تعليمه وتعلُّمه حرامٌ على الأصحِّ، وفي «المستدرك» في (الزَّكاة) في كتاب عمرو بن حزم قال: (وكان في الكتاب أنَّ أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة إشراكٌ بالله، وكذا، وكذا ... ) إلى أن قال: (وتعلُّم السِّحر ... )؛ الحديث، وقد سكت عليه الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، ورجَّح في «الميزان» أنَّ سلمان في سنده ابنُ أرقم، لا ابن داود، قال: (فإذن الحديث ضعيف)، انتهى، وإن كان السِّحر يتضمَّن الكفر؛ كفر، وإلَّا؛ فلا، وإذا لم يكن فيه ما يقتضي الكفر؛ عُزِّر واستُتِيب، ولا يُقتَل عند الشَّافِعيَّة، فإن تاب؛ قُبِلت توبتُه، وقال مالك: (السَّاحر كافر يُقتَل بالسحر، ولا يُستَتاب، ولا تُقبَل توبتُه، بل يتحتَّم قتلُه)، والمسألة مبنيَّة على الخلاف في قبول توبة الزِّنديق؛ لأنَّ السَّاحر عنده، كما ذكر، وليس عند الشَّافِعيَّة كذلك، وعندهم تُقبَل توبة المنافق والزِّنديق، قال عياض: (ويقول مالك: قال أحمد ابن حنبل: وهو مَرويٌّ عن جماعة مِن الصَّحابة والتَّابعين)، ومسألة ما إذا قُتِل الساحر بسحره، واعترف بذلك، وأنَّ سحره ممَّا يقتل غالبًا

(1/10432)

معروفةٌ، وكذا مسألة العائن، ومسألة ما إذا قَتَل بالحال؛ كلُّها معروفة، فلا نطوِّل بها الكتاب، ومحلُّها كتب الفروع.

قوله: ({وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ} [الفلق: 4]: وَالنَّفَّاثَاتُ: السَّوَاحِرُ): اعلم أنَّ عقد السِّحر التي سُحِر فيها عليه السَّلام كانت إحدى عشرة عقدةً،

[ج 2 ص 553]

فأنزل الله تعالى المُعوِّذتَين إحدى عشرة آيةً، فانحلَّت بكلِّ آية عقدةٌ، وقوله تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ}، ولم يقل: النَّفاثِّين، وإنَّما الذي سحره كان رجلًا، والجواب: أنَّ الحديث قد رواه إسماعيل القاضي، وزاد في روايته أنَّ زينب اليهوديَّة أعانت لبيد بن الأعصم على ذلك السِّحر مع أنَّ الأُخذة في الغالب مِن عمل النساء وكيدهنِّ، والله أعلم؛ ذكره السُّيهليُّ، وعن «تفسير البغويِّ» في {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} [الفلق: 1]: (أنَّ بنات لبيد بن الأعصم سحرْنَه، ولعلَّهنَّ أعنَّ والدهنَّ مع زينب)، والله أعلم، وفي كلام بعض الحفَّاط المصريِّين ذكر ابن سعد في «الطبقات»: (أنَّ مُتولِّي السِّحر أخوات لبيد وكنَّ أسحر منه، وأنَّه هو الذي دفنه).

قوله: ({تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 89]: تُعَمَّوْنَ): التِّلاوة معروفةٌ، و (تُعَمَّون)؛ بِضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وفتح العين المُهْمَلة، والميم مشدَّدة مفتوحة أيضًا، كذا في أصلنا، ويجوز ضمُّ أوَّله، وإسكان ثانيه، وفتح ثالثه، والذي قاله الثَّعالبيُّ: {تسحرون}؛ أي: تُخدَعُون وتُصرَفُون عن طاعته وتوحيده).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (تعالى).

[2] في (أ): (على)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/10433)

[حديث: يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه]

5763# قوله: (سَحَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ): أنكر هذا طائفةٌ من النَّاس، وقالوا: لا يجوز هذا عليه صلَّى الله عليه وسلَّم، وظنُّوه نقصًا وعيبًا، وليس الأمر كما زعموا، بل هو من جنس ما يعتريه صلَّى الله عليه وسلَّم مِن الأسقام والأوجاع، وهو مرضٌ مِن الأمراض، وإصابتُه به كإصابته بالسُّمِّ، لا فرق بينهما، قال القاضي عياض: (والسِّحر مرضٌ مِن الأمراض، وعلَّة من العلل، يجوز عليه صلَّى الله عليه وسلَّم كأنواع الأمراض ممَّا لا تُنكَر، ولا تقدح في نبوَّته)، وسيأتي الكلام على هذا الرَّجل الساحر اليهوديِّ قريبًا جدًّا إن شاء الله تعالى.

قوله: (مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ): هو بِضَمِّ الزَّاي، ثُمَّ الرَّاء مفتوحة.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ): (لبيد) هذا: يهوديٌّ، كما سيأتي قريبًا، هلك على يهوديَّته، ولم يؤاخذه عليه السَّلام؛ تكرُّمًا منه، وحكى القاضي عياض في «الشفا» خلافًا في أنَّه قتله أم لا، وحكى في (فصل: فإن قلت: لم يقتل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم اليهوديَّ الذي قال له: «سام عليكم») ما لفظه: (أو يكون هذا ممَّا آذاه به كافر، وجاء بعد ذلك إسلامُه؛ كعفوه عن اليهوديِّ الذي سحر، وعن الأعرابيِّ الذي أراد قتله، وعن اليهوديَّة التي سمَّته، وقد قيل: قتلها)، انتهى، وجاء في بعض طرق هذا الحديث _كما سيأتي قريبًا_ حليف ليهود كان منافقًا، وقوله: (وجاء بعد ذلك إسلامُه)، كذا رأيتُه في نسخة مِن «الشفا» صحيحة، ورأيت في نسخة دونها في الصِّحَّة: (رجا)؛ بالرَّاء مِن الرَّجاء، وعلى هذه؛ فهذا ليس بقولٍ في إسلامه، و (لبيد) هذا: لا أعلم أحدًا عدَّه في المنافقين، والظَّاهر أنَّ المراد بالنِّفاق: الكفر، أو أنَّه كان يداهن المسلمين وهو على يهوديَّته، لا النِّفاق المعروف، ثُمَّ إنَّي رأيت شيخنا نقل عن الدَّاوديِّ: (أنَّه كان يهوديًّا، وأُراه كان ذلك منه قبل أن يكون لهم ذمَّة، ثُمَّ آمن بلسانه، ولم يؤمن بقلبه، وكان منافقًا)، انتهى، فقوله: (كان ذلك منه قبل أن يكون لهم ذمَّة): فيه نظر، ومَن عرف متى كاتبهم عليه السَّلام؛ عَرَفَ بطلانَ ذلك، ونقل شيخنا في هذا المكان عن ابن الجوزيِّ ما لفظه: (وهذا يدلُّ على أنَّه كان أسلم وهو منافق) انتهى، وهذا أخذه مِن قوله: (كان منافقًا)، والله أعلم.

(1/10434)

قوله: (حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ): قيل: إنَّما كان يُتَخيَّل إليه وطءُ زوجاته، وليس بواطِئ، وقد يُتخيَّل للإنسان مثلُ هذا في المنام، فلا يبعد تخيُّله في اليقظة ولا حقيقة له، وقيل: إنَّه يُخيَّل إليه أنَّه فعله وما فعله، ولكن لا يعتقد صحَّة ما تخيَّله، فيكون اعتقاده على السَّداد، قال القاضي عياض رحمه الله: (وقد جاءت روايات هذا الحديث مُبَيِّنةً أنَّ السحر إنَّما سُلِّط على جسده وظواهر جوارحه، لا على عقله وقلبه واعتقادِه، ويكون معنى: «حتَّى يظنُّ أنَّه يأتي أهله ولا يأتيهنَّ»، ويروى: «أنَّه يخيَّل إليه»: أنَّه يظهر له مِن نشاطه، ومُتقدَّم عادته القُدرة عليهنَّ، فإذا دنا؛ أخذته أُخذة السِّحر، فلم يأتِهنَّ، ولم يتمكَّن مِن ذلك؛ كما يعتري المسحور، وكلُّ ما جاء مِن الروايات من أنَّه يخيَّل إليه فعل شيء لم يفعله ونحوه؛ فمحمولٌ على التَّخييل بالبصر، لا تخيَّل يتطرَّق إلى العقل، وليس في ذلك ما يُدخِل لبْسًا على الرِّسالة، ولا طعنًا لأهل الضَّلالة)، انتهى، وقد ذكر ذلك في كتابه «الشفا» مُطَوَّلًا، فإن أردتَه؛ فانظره منه، أو مِن «شرح مسلم» له، أو للنَّوويِّ، والله أعلم.

(1/10435)

قوله: (حَتَّى إِذَا كَانَ [ذَاتَ] يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ): مقتضى ذلك: أنَّه بقي كذلك أيَّامًا، وهذا ممَّا يُسأَل عنه كثيرًا، فيُقال: كم أقام بهذا الدَّاء النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؟ وجوابُه: ما قاله السُّهيليُّ في «روضه»: (لم أجده في الكتب المشهورة: كم لبث رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بذلك السحر حتَّى شُفِي منه، ثُمَّ وقعت على البيان في «جامع معمر بن راشد»؛ روى معمر عن الزُّهريِّ قال: (سُحِر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سنةً، يُخيَّل إليه أنَّه يفعل الشيء وهو لا يفعله) انتهى، وقال الحكيم التِّرْمِذيُّ مُحَمَّد بن عليٍّ الحافظ في أوَّل «نوادر الأصول» ما لفظه: (ولمَّا سُحِر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى عجز عن نسائه، وأُخِذ بقلبه؛ لبث في ذلك ستَّة أشهر فيما رُوِي في الخبر، ثُمَّ نزلت المُعوِّذتان) انتهى، وكذا في «تفسير الإمام البغويِّ» وعُزِي إلى «النَّسَائيِّ»: (شهرين)، وقال شيخنا في تفسير: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1]: (وعن عطاء الخراسانيِّ: «حُبِس عن عائشة سنة»، قال عبد الرَّزَّاق: «وحُبس عنها خاصَّة حتَّى أنكر بصره»، قلت: وما أسلفنا من رواية: «ثلاثة أيَّام»، أو «أربعة»: هو أصوب، و «سنة» بعيد)، انتهى، والله أعلم.

قوله: (أَشَعَرْتِ؟): أي: أعلمت؟

قوله: (أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ): أي: أجابني فيما دعوته، فسمَّى الدُّعاء استفتاءً؛ لأنَّ الدُّعاء طلبٌ، والمُجيب مُسعِفٌ، فاستعار أحدهما للآخر.

(1/10436)

قوله: (أَتَانِي رَجُلَانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ): (أحدهما): جبريل، و (الآخر): ميكائيل، كذا رأيته بخطِّي معزوًّا لـ «سيرة شيخ شيوخنا الحافظ أبي مُحَمَّد عبد المؤمن بن خلف الدِّمْيَاطيِّ»، وفي «مسند عبد بن حميد» في (مسند زيد بن أرقم) قال: (سَحَر النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ من اليهود، قال: واشتكى فأتاه جبريل، فنزل عليه بالمُعوِّذتَين، وقال: إنَّ رجلًا مِن اليهود سحرك، والسِّحر في بئر فلان، قال: فأرسل عليًّا، فجاء به، قال: فأمره أن يحلَّ العَقْد، ويقرأَ آيةً، فجعل يقرأ ويحلُّ حتَّى قام النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كأنَّما نُشِط مِن عقال ... ؛ الحديث)، انتهى، فإذا قلنا: اثنين؛ اللَّذان قعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، كما في «الصَّحيح»؛ يقال: مَن كان عند رأسه؟ فالجواب: الظاهر أنَّه جبريل؛ لأنَّه أكبر قدرًا مِن ميكائيل، والعادة اليوم في العيادة أنَّ الكبير يجلس عند رأس الضعيف، ودونه يجلس عند رجليه أو تحته، ويؤيِّد هذا: أنَّه عليه السَّلام ذكرهما مرَّة أخرى، كما رواه التِّرْمِذيُّ في أبواب (الأمثال)، والبُخاريُّ في (الاعتصام) تعليقًا عقب حديث سعيد بن ميناء عن جابر، قال التِّرْمِذيُّ: سعيد لم يدرك جابرًا، و (رجليَّ)؛ بالتَّثنية.

قوله: (مَطْبُوبٌ): أي: مسحور، وقوله: (وَمَنْ [1] طَبَّهُ؟): أي: سحره.

قوله: (لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (فِي مُشْطٍ): (المُشط): فيه لغاتٌ؛ ضمُّ الميم مع إسكان الشِّين، ومع ضمِّهما أيضًا، وكسر الميم مع إسكان الشين، ويقال: مِمْشَط؛ بميمَين؛ الأولى مكسورة، ويقال له: المِشْقا؛ بكسر الميم، وإسكان الشين المُعْجَمة، وبالقاف، مهموز وغير مهموز، والمِشقاء؛ بالمدِّ، والمِكَد؛ بكسر الميم، وفتح الكاف، والقَيْلَم؛ بفتح القاف، وإسكان المُثَنَّاة من تحت، وفتح اللَّام، والمِرحل؛ بكسر الميم؛ ذكرها أبو عمر الزَّاهد في أوَّل «شرح الفصيح»، والله أعلم.

[ج 2 ص 554]

قوله: (وَمُشَاطَةٍ): هي بِضَمِّ الميم، وتخفيف الشين المُعْجَمة، وبعد الألف طاءٌ مهملةٌ، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي الشعر الذي يسقط مِن الرأس واللِّحية عند تسريحهما بالمشط، وسيجيءُ بعد هذا قريبًا، ويقال: المشاطة: ما يخرج مِن الشعر إذا مُشِط، والمشاقة مِن مشاقة الكتَّان، انتهى، وقيل: هما سواء، و (الكَتَّان)؛ بفتح الكاف.

(1/10437)

قوله: (وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ): (جُفِّ الطَّلع)؛ بِضَمِّ الجيم، وتشديد الفاء: هو وعاء الطَّلع الذي للنَّخلة، وهو الغشاء الذي يكون عليه، وفي نسخة: (وجُبِّ)؛ بِضَمِّ الجيم، وبالموحَّدة المُشَدَّدة، و (الجبُّ) و (الجفُّ) بمعنًى، ومعناه ما تَقَدَّمَ، وقد تَقَدَّمَ في (صفة إبليس وجنوده)، وهو هنا في أصلنا مضاف (طلع) إلى (نخلة).

قوله: (فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ): هو بفتح الذَّال المُعْجَمة، ثُمَّ راء ساكنة بعدها واوٌ، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، قال ابن قُرقُول: («ذروان»: بئر بني زُرَيق، كذا جاء في «الدعوات» من «البُخاريِّ»، وفي غير موضع: «بئر ذروان»، وعند «مسلم»: «بئر ذي أروان»، وقال الأصمعيُّ: وهو الصواب، وقد صُحِّف بـ «ذي أوان»، وقد ذكرناه)، انتهى، وقال في (الهمزة): («أروان»، ويقال: «ذروان»؛ وهو اسم بئر بالمدينة، ويقال لها أيضًا: «ذو أروان»، وكلُّ ذلك قد رُوِي)، انتهى، وهي بئر بالمدينة في بستان بني زريق.

(1/10438)

قوله: (فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (جماعة ممَّن حضر هذه الواقعة _أعني: ذهابه عليه السَّلام إلى هذه البئر_ من المهاجرين: عليٌّ وعمَّار، ومن الأنصار: جبير بن إياس، وقيس بن محصن الزُّرقيُّ، والحارث بن قيس الزُّرقيُّ، قال: وكان ذلك؛ لأنَّ لبيدًا حليفٌ لبني زريق)، انتهى، وقال شيخنا الشارح في أواخر (الخمس) عن «مختلف ابن قتيبة»: (إنَّ عليًّا استخرج السَّحر، فكلَّما حلَّ عقدة؛ وجد عليه السَّلام خفَّة، فلمَّا انتهى؛ قام قائمًا؛ كأنَّما نُشِط مِن عقال) انتهى، وهذا في «مسند عبد بن حميد» في مسند (زيد بن أرقم)، وقد ذكرته قريبًا، وذكر بعضَ هؤلاء بعضُ حفَّاظ المُتأخِّرين؛ وهم عمَّار، وعليٌّ، والحارث، فيحتمل أنَّ النسخة سقط منها بعضُ أسماء، وعزا ذلك هذا الحافظُ لابن سعد، ثُمَّ قال: (وذكر ابن سعد أيضًا أنَّ الذي استخرجه قيسُ بن محصن الزُّرقيُّ)، وفي «تفسير الثَّعلبيِّ» ذكر القصَّة، وفيها: (ثُمَّ بعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عليًّا، والزُّبَير، وعمَّار بن ياسر، فنزحوا [2] ماء تلك البئر؛ كأنَّه نقاعة الحِنَّاء، ثُمَّ رفعوا الصخرة وأخرجوا الجفَّ، فإذا فيه مُشاطة رأسِه عليه السَّلام، وأسنان مِن مشطه، وإذا وتر مُعقَدٌ فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر، فأنزل الله هاتين السُّورتَين)، ذكر ذلك عن ابن عَبَّاس وعائشة، ذكر حديث بعضهما في بعض، قد ذكر في أوَّل القصَّة أنَّه كان غلام من اليهود يخدم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فدبَّت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتَّى أخذَ مُشاطة رأسه عليه السَّلام وعِدَّةَ أسنانٍ من مشطه فأعطاها اليهود، فسحروه فيها.

قوله: (كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ): (كأنَّ): هي مِن أخوات (إنَّ)، و (ماءها): مَنْصوبٌ اسمها، و (نُقاعة)؛ بِضَمِّ النون، وتخفيف القاف، مَرْفوعٌ خبرها، و (الحنَّاء): الذي يُخضَب به معروف، وهو ممدود.

(1/10439)

قوله: (وَكَأَنَّ رُؤُوسَ نَخْلِهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ): (كأنَّ) أيضًا: مثل ما قبلها، و (رؤوس) الأولى: مَنْصوبٌ اسمها، و (رؤوس) الثَّانية: مَرْفوعٌ الخبرُ، ونقل شيخنا عن الدَّاوديِّ: يعني: أنَّ السِّحر عُمِل في النخل حتَّى صار أعلاها وأعلا نخلها كأنَّه رؤوس ذلك، وهي الحيَّات، وفي الآية عن الفرَّاء ثلاثةُ أوجه؛ أحدها: أن يُشبَّه طلعها في قُبحه برؤوس الشياطين، ثانيها: أنَّ العرب تسمِّي بعض الحيَّات شيطانًا، ثالثها: أنَّه نَبْت قبيح يُسمَّى بذلك)، انتهى.

قوله: (وَكَرِهْتُ [3] أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ [4] شَرًّا): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الشَّرِّ) في (باب صفة إبليس وجنوده)، مُطَوَّلًا.

قوله: (فَدُفِنَتْ): هو بِضَمِّ الدال، وكسر الفاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، سيأتي الكلام عليه، وعلى قوله: (هل يستخرجُ السِّحرُ)، وماذا جرى فيه.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ): الضمير في (تابعه) يعود على عيسى بن يونس المذكور في السَّند الرَّاوي عن هشام بن عروة، و (أبو أسامة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، ومتابعته أخرجها مسندةً البُخاريُّ في (الطِّبِّ) وأخرجها مسلم، و (أبو ضمرة): هو أنس بن عياض، ومتابعته أخرجها مسندةً البُخاريُّ في (الدعوات)، و (ابن أبي الزِّناد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، واسمه: عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان، ومتابعته ذكرها البُخاريُّ هنا وفي (صفة إبليس) عقيب حديث عيسى بن يونس، والله أعلم، ولم يخرِّجها أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة سواه، ولم أرَ شيخنا خرَّجها.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ): أمَّا (اللَّيث)؛ فهو ابن سعد الإمام، قال شيخنا في متابعة اللَّيث: (ذكرها الدَّارقطنيُّ في «علله»)، وكذا قال في متابعة سفيان بن عيينة وزاد: (والبُخاريُّ)، وكذا هو، فهي في «البُخاريِّ» في (الطِّبِّ) عن الحُميديِّ، عن سفيان، عن هشام به، وعن عبد الله بن مُحَمَّد، عن سفيان؛ نحوه، وزاد: (قال سفيان: أوَّل ما حدَّثنا ابن جُرَيج يقول: حدَّثني آل عروة عن عروة، فسألت هشام ... )؛ فذكره، والله أعلم.

قوله: (فِي مُشْطٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (المشط) قريبًا بلغاته.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مَن)؛ بغير واو.

[2] في (أ): (فزنحوا)، وهو تحريف.

(1/10440)

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَكَرِهت).

[4] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (فيه).

(1/10441)

[باب: الشرك والسحر من الموبقات]

قوله: (مِنَ الْمُوبِقَاتِ)، وكذا في الحديث: (اجْتَنِبُوا المُوبِقَاتِ): هي المُهلِكات، كما فسَّرها به البُخاريُّ في بعض طرقه.

==========

[ج 2 ص 555]

(1/10442)

[حديث: اجتنبوا الموبقات الشرك بالله والسحر]

5764# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن بلال، و (أَبُو الغَيْثِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه سالم، مولى عبد الله بن مطيع بن الأسود العدويِّ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسَائيُّ، وأخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال به العهدُ.

قوله: (الشِّرْك): يجوز فيه النَّصب على البدل مِن (الموبقات)، وكذا (السِّحْرُ)، ويجوز رفعهما، والله أعلم.

قوله: (هَلْ يُسْتَخْرَجُ السِّحْرُ [1]): (يُستخرَجُ): مَبْنيٌّ للمفعول، فـ (السِّحرُ): مَرْفوعٌ، ويجوز بناء (يستخرج) للفاعل، فـ (السحر) مَنْصوبٌ عليه، وهذا ظاهِرٌ، وسأذكر هل أُخرِج أم دُفِنت البئرُ قريبًا.

قوله: (لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيّب): تَقَدَّمَ أنَّ ياءَه مفتوحة ومكسورة، بخلاف غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب)، فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ [2]): قال ابن قُرقُول: («الطِّبُّ»: السِّحر، والطِّبُّ أيضًا: علاج الدَّاء، وهو مِن الأضداد، وقيل: كنَّى بالطِّبِّ عن السِّحرِ؛ تفاؤلًا؛ كما سمَّوا اللَّديغ سليمًا، و «الطَّبُّ»؛ بفتح الطاء: الرَّجل الحاذق)، انتهى، وكذا قال ابن الأثير: (كنَّوا بالطِّبِّ عن السِّحر؛ تفاؤلًا بالبُرءِ، كما كنَّوا بالسَّليم عن اللَّديغ)، انتهى، وفي «الصِّحاح» و «القاموس»، واللَّفظ لـ «القاموس»: (الطّب: مُثلَّث الطاء، علاج الجسم والنَّفس، يطُبُّ ويطِبُّ، والرِّفق والسِّحر)، فعلى ما قالاه في «الصِّحاح» و «القاموس»؛ يحوز أنَّ يُقرَأ ما في «الصَّحيح» مُثلَّث الطَّاء، وفي نسخة بـ «الصِّحاح» صحيحةٍ قال: (و «الطِّب»: السَّحر، هي بكسر الطَّاء بالقلم)، والله أعلم.

[ج 2 ص 555]

(1/10443)

قوله: (أَوْ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِه): (يُؤخَّذ)؛ بِضَمِّ أوَّله، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ همزة مفتوحة بعد الواو، ثُمَّ خاء معجمة مشدَّدة، ثُمَّ ذال معجمة، كذا في أصلنا القاهريِّ، وضبطه شيخنا بتشديد الخاء، كما ذكرت، ولم يتعرَّض لضبط غيرها، قال ابن قُرقُول: («يُؤخَّذ عن امرأته»؛ أي: يُحبَس عنها، فلا يقدر على جماعها، و «الأُخذة»: رقية الساحر، وأصله من الرَّبط، ومنه سُمِّي الأسير أخيذًا)، انتهى، وقال الجوهريُّ: و «الأُخذة»؛ بالضمِّ: رقية؛ كالسحر، أو خرزة تُؤَخِّذ النِّساءُ بها الرِّجالَ مِن التَّأخيذ)، انتهى، وهذا يوضِّح الضبط الذي ضبطتُ به (يُؤخَّذ)، وكذا قال ابن الأثير: (عن عائشة: أنَّ امرأة قالت لها: أُؤَخِّذ جملي؟ قالت: نعم)، التَّأخيذ: حبس السَّواحر أزواجهنَّ عن غيرهنَّ مِن النساء، وكنَّت بالجمل عن زوجها، ولم تعلم عائشة، فلذلك أذنت لها فيه)، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يَستخرِج السِّحرَ)، وفي (ق) بالضَّبطين معًا.

[2] في (ق): (طب)، وفي هامشها: (في رواية الفتح إشكالٌ).

(1/10444)

[باب: هل يستخرج السحر؟]

قوله: (أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ؟): (يُحلُّ) و (يُنشَّر): مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما، و (يُنشَّر): مُشدَّد الشِّين المُعْجَمة، وهو من النُّشرة؛ وهي نوع من التَّطبُّب بالاغتسال على هيئاتٍ مخصوصة بالتَّجربة لا تُدرك بقياس ظنِّيٍّ، ومِن العلماء مَن أجازها، ومنهم مَن كرهها)، انتهى لفظ ابن قُرقُول، وقد قال الدِّمْيَاطيُّ فيه شيئًا في (باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90])، سأذكره هناك حيث ذكره.

تنبيهٌ: سُئِل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن النُّشرة، فقال: «هي مِن عمل الشَّيطان»، ذكره أحمد وأبو داود، والنُّشرة: حلُّ السِّحر عن المسحور، وهي نوعان: حلُّها بسحر مثلها، وهذا من عمل الشيطان، والثانية: النُّشرة بالرقية، والتَّعويذات، والدَّعوات، والأدوية المباحة، فهذا جائز، بل مُستحبٌّ، وعلى النَّوع المذموم يُحمَل قولُ الحسن: (لا يُحِلُّ السِّحرَ إلَّا ساحرٌ)، والله أعلم.

فائدةٌ: قال شيخنا: (في كتب وهب بن مُنبِّه: أن يأخذ سبع ورقات مِن سدرٍ أخضرَ، فيدقُّه بين حجرين، ثُمَّ يضربه بالماء، ويقرأ فيه آية الكرسيِّ، وذوات {قل}، ثُمَّ يحسو منه ثلاث حسوات، ويغتسل به، فإنَّه يذهب عنه كلُّ عاهةٍ إن شاء الله، وهو جيِّد؛ لأجل حبس الرَّجل عن أهله)، انتهى.

قوله: (فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ): (يُنْهَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 556]

(1/10445)

[حديث: يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه]

5765# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): قال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين: (إنَّه المسنديُّ بلا شكٍّ)، انتهى، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (سُحِرَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الذي سحره لبيد بن الأعصم اليهوديُّ.

قوله: (حَتَّى كَانَ يرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ): (يرَى)؛ بفتح الياء وضمِّها، وهذا ظاهِرٌ، ومعنى المضموم: يظنُّ.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عيينة المذكور في السَّند.

قوله: (أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: أجابني فيما دعوته، فسمَّى الدُّعاء استفتاءً؛ لأنَّ الدُّعاء طلبٌ، والمجيبَ مُسعِفٌ، فاستعار أحدهما للآخر، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرَّجلين): جبريل وميكائيل، وعلى (مَطْبُوبٌ)، وعلى (لَبِيد بْن أَعْصَمَ)، و (زُرَيْق): تَقَدَّمَ أنَّه بتقديم الزاي على الراء، وعلى قوله: (كَانَ مُنَافِقًا)، وعلى (المُشْط)، وعلى (جُفِّ طَلْعَةِ [1] ذَكَرٍ)، هما منوَّنان في أصلنا، وقد قَدَّمْتُ أنَّ النَّوَويَّ لمَّا [2] ذكر (جُفِّ) و (جُبِّ)؛ ذكر ما لفظه: (وهما بمعنًى، وهو وعاء الطلع؛ وهو الغشاء الذي يكون عليه، ويُطلَق على الذَّكر والأنثى، فلهذا قَيَّدهُ في الحديث بقوله: «طلعةِ ذكرٍ»، وهو بإضافة «طلعة» إلى «ذكر»)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (صفة إبليس).

(1/10446)

قوله: (تَحْتَ رَعُوْفَةٍ): هي بفتح الرَّاء، وضمِّ العين المُهْمَلة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (راعوفة)، قال ابن قُرقُول: (هي صخرة يتركها حافر البئر ثابتةً في قعره؛ ليجلس عليها مائحه ومنقِّيه، ونحوُه لأبي عُبيد، وقيل: هو حجر على رأس البئر يستقي عليها المستقي، وقيل: هو حجر نادر من طيِّها يقف عليه المستقي والنَّاظرُ فيها، وقيل: هو حجر ناتِئ في بعض البئر لم يمكن قطعُه؛ لصلابته فتُرِك، وجاء في بعض روايات «البُخاريِّ»: «رَعُوفة»؛ بغير ألف، والمعروف اللُّغة الأخرى: أرعوفة، ويقال: راعوثة أيضًا؛ بالثَّاء)، انتهى، وقال ابن الأثير في (رعث): («راعوثة»: هكذا جاء في رواية، والمشهور بالفاء، وهي هي، وستُذكر)، انتهى، وذكرها أيضًا في (رعف)، فذكر بعض الأقوال التي ذكرها ابن قُرقُول، وقد ذكرها الهرويُّ في «غريبيه» (بالفاء والثاء)، وهذا ظاهِرٌ، وإنَّما ذكرت هذه النقول؛ لئلَّا يُظنَّ أنَّ ابن قُرقُول انفرد بذكر المُثلَّثة، وقال ابن الأثير أيضًا في (زعب)؛ بالزاي، والعين المُهْمَلة، وبموحَّدة: (إنَّه كان يحبُّ زَعُوبة؛ أي: رَعوفة، هي بمعنى: راعوفة، وقد تَقَدَّمَتْ في «حرف الرَّاء»)، انتهى.

قوله: (فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا وبعيدًا.

(1/10447)

قوله: (فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ): سيأتي أيضًا: (فأُخرِج)، والأكثر في الروايات أنَّه عليه السلام لم يخرجِ السِّحر، وأنَّ البئر دُفِنَت، وأنَّه خَشِي من إخراجه أن يثير على الناس شرًّا، وقد ترجَّح عند البُخاريِّ أنَّه أُخرِج، ولهذا ترجم عليه بـ (باب: هل يُستخرَج السِّحرُ؟)، فيحتمل أنَّه أُخرِج، ثُمَّ دُفِنَتِ البئرُ، أو يكون المراد بإخراجه: إبطال عمله، والدَّفن: إبطالٌ لعمله، وقال شيخنا عن ابن التِّين: (إنَّ سفيان أثبت الاستخراج مِن طريقَين، ونفاه عيسى بن يونس، ووافق سفيان سؤال عائشة رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن النُّشرة، ووافق عيسى بن يونس سؤالها رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الاستخراج، ولم يذكر أنَّه جاوب بشيء، وحقَّق أبو أسامة جوابَه عليه السلام؛ إذ سألته عائشة عن استخراجه بـ «لا»، ولا ذكرَ النُّشرة، والزِّيادة مِن سفيان مقبولةٌ؛ لأنَّه أثبتُهم، وقوَّى ثبوت الاستخراج تكرُّرُه مرَّتين، وبَعُد مِن الوَهَم، فيما حقَّق من الاستخراج في ذكره للنُّشرة في جوابه عليه السَّلام مكان الاستخراج، وفيه وجهٌ آخرُ يحتمل أن يُحكَم بالاستخراج لسفيان، ويُحكَم لأبي أسامة بقوله: «لا» على أنَّه استخرج الجُفَّ بالمشاقة، ولم يستخرج صورة ما في الجفِّ مِن المشط، وما ربطَتْه؛ لئلَّا يراه الناس فيتعلَّموا، فهو عندهم مُستخرَج مِن البئر، وغير مُستَخرَج من الجُفِّ)، انتهى، وهذ كلام حسن، وقد ذكرتُ قريبًا من كلام شيخنا عن ابن قتيبة: (أنَّه استخرجه، فكلَّما حلَّ عقدة؛ وجد عليه السَّلام خفَّةً، فلمَّا انتهى؛ قام كأنَّما نُشِط من عقال)، وهذا يعارض الوجه الآخر الذي ذكره ابن التِّين، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على (نُقَاعَة الْحِنَّاءِ)، وعلى (رُؤُوس الشَّيَاطِينِ)، وعلى (تَنَشَّرْتَ).

قوله: (أَمَّا اللهُ [3]): هو في أصلنا بتخفيف الميم، وفي نسخة في هامش أصلنا بتشديد الميم، وعليها علامة راويها، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا) ما (الشَّرُّ).

==========

[1] كذا في (أ)، على رواية النَّوويِّ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (طلعةٍ).

[2] في (أ): (ما)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

(1/10448)

[3] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر وأبي الوقت، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَمَا واللهِ).

[ج 2 ص 556]

(1/10449)

[باب السحر]

قوله: (بَابُ السِّحْرِ): إن قيل: قد قال قبل هذا (باب السِّحر)، فلأيِّ شيء كرَّر الترجمة؟ وجوابه: أنَّ الترجمة الأولى للسِّحر مِن حيث هو، وهذا الباب للسِّحر الذي صُنِع للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فهو باب خاصٌّ، والله أعلم.

(1/10450)

[حديث: أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه]

5766# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه حمَّاد بن أسامة مرارًا.

قوله: (سُحِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سُحِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (رسولُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الذي سحره لبيدُ بن الأعصم، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يفَعَلَهُ [1])، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَشَعَرْتِ؟): معناه: أعلمتِ؟ وعلى قوله: (أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ)، وعلى (جَاءَنِي رَجُلَانِ) مَن هما، وعلى (رِجْلَيَّ): أنَّها بالتَّثنية، وعلى (مَطْبُوب)، وعلى (مَنْ [2] طَبَّه؟)، وعلى (لَبِيد بْن الأَعْصَمِ الْيَهُودِي)، وعلى ضبط (بَنِي زُرَيْقٍ): وأنَّه بتقديم الزَّاي،

[ج 2 ص 556]

وتَقَدَّمَ الكلام على (المُشْط) و (المُشَاطَة)، (وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ): وهما منوَّنان هنا في أصلنا، وتَقَدَّمَ قريبًا أنَّ النَّوَويَّ ذكره بإضافة (طلعةِ) إلى (ذكرٍ)، وعلى (بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ): كذا في أصلنا هنا، وعلى (النَّاس) الذي ذهبوا معه لاستخراجه، وعلى (لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ)، وعلى (رُؤُوس الشَّيَاطِينِ)، وعلى قوله: (أَفَأَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: لَا)، وعلى قوله: (أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ [3] شَرًّا).

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى [4]): (يحيى) هذا بعد (مُحَمَّد بن المثنَّى): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، وهذا السَّند والمتن مكتوب عليه في أصلنا: (زائد)، وقد تَقَدَّمَ السندُ والمتن في (الجزية)، ولم يطرِّفه المِزِّيُّ إلَّا من (الجزية)، ولم يذكره هنا، وراجعتُ أصلنا الدِّمَشْقيَّ، فما رأيته ذكره في هذا الباب بالكليَّة؛ فهو زائد، لا شكَّ في زيادته، والله أعلم.

(1/10451)

[باب: من البيان سحرًا]

قوله في الترجمة: (مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا): كذا في أصلنا على الحكاية للحديث الآتي، وفي نسخة في هامش أصلنا (سحرٌ)؛ بالرفع، وهذه ظاهرة، وقوله في التبويب وفي الحديث: (إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا): اعلم أنَّه لمَّا فرغ مِن السِّحر المُحرَّم؛ شرع بذكر السِّحر الجائز، وفي قوله: (إِنَّ مِنَ البَيَانِ لسِحْرًا): وجهان؛ قيل: مقصده الذَّمُّ؛ لأنَّه يصرف الحقَّ إلى صورة الباطل، والباطلَ إلى صورة الحقِّ؛ كالسِّحر الذي يقلب الأعيان، وسياق الحديث وسببه يشهدُ لهذا، وقيل: هو مدح وثناء عليه، وشبَّهه بالسِّحر؛ لصرف القلوب به، ومنه قالوا: السحر: الحلال، والبيان: الفهم وذكاء القلب مع اللَّسن، و (البيان) أيضًا: الظُّهور، ومنه: بان لي كذا _أي: ظهر وتبيَّن_ بَيْنًا وبيانًا، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ بعد أن ذكر القولين في «شرح مسلم» عن القاضي عياض ما لفظه: (وهذا التَّأويل الثاني هو الصَّحيح المختار) انتهى.

==========

[ج 2 ص 557]

(1/10452)

[حديث: إن من البيان لسحرًا]

5767# قوله: (قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّجلين) في أوائل (النِّكاح)، وأنَّ المراد بـ (المشرق): مشرق المدينة، وهما الزِّبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم.

==========

[ج 2 ص 557]

(1/10453)

[باب الدواء بالعجوة للسحر]

قوله: (بَابُ الدّوَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الدَّال وكسرها مع المدِّ.

(1/10454)

[حديث: من اصطبح كل يوم تمرات عجوةً]

5768# قوله: (حَدَّثَنَا مَرْوَانُ): هذا هو مروان بن معاوية الفَزاريُّ، الحافظ، تَقَدَّمَ، و (هَاشِمٌ) بعده: هو هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقَّاص، وقد تَقَدَّمَ أنَّ المِزِّيَّ قال: (هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقَّاص، ويقال: هاشم بن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقَّاص الزُّهريُّ)، وقال الذَّهَبيُّ: (قلتُ: وهذا أصحُّ، فإنَّ هاشم بن عتبة؛ قُتِل بصفِّين، ولا يمكن أن يكون هذا ولدَه لصلبه إلَّا ولد ولده)، وقد ذكرت أنا ترجمته فيما مضى، و (عامر بن سعد): هو عامر بن سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أهيب الزُّهريُّ، و (سعد): أحد العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (مَنْ تَصَبَّحَ [1] كُلَّ يَوْمٍ تَمَرَاتٍ عَجْوَة): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّ هذه عجوةُ مكانٍ مخصوصٍ، كما في «مسلم»، وظاهر التَّبويب أنَّ البُخاريَّ غيرُ قائل بالقيد؛ إمَّا لأنَّه لم يصحَّ عنده، أو أنَّه لم يقع له، وفي الثاني بُعدٌ، وقد ذكرت ذلك في (كتاب الأطعمة)، وقد رأيت فيها حديثًا بالإطلاق.

قوله: (لَمْ يَضُرّهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بالضَّمِّ والفتح في الرَّاء، وهذا جارٍ فيه وفي نظائره مِن المجزوم المُضعَّف، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (سمٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه مُثلَّث السين، أفصحها: الفتح، ويليه الضَّمُّ، وقد أُنْكِرَ الكسرُ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (اصطبح).

[ج 2 ص 557]

(1/10455)

[حديث: من تصبح سبع تمرات عجوةً لم يضره ذلك اليوم سم .. ]

5769# قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه وقبله؛ فانظره، و (عَامِر): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن سعد بن أبي وقَّاصٍ مالكِ بن أُهيب أحدِ العشرة والدِه.

==========

[ج 2 ص 557]

(1/10456)

[باب: لا هامة.]

قوله: (بَابٌ: لَا هَامَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (كتاب الطِّبِّ).

==========

[ج 2 ص 557]

(1/10457)

[حديث أبي هريرة: لا عدوى ولا صفر ولا هامة]

5770# 5771# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، ولِمَ قيل له: المسنديُّ، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو قاضي صنعاء، تَقَدَّمَ، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمَين وإسكان العين: هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، تقدَّما، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _ويقال: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف الزُّهريُّ، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، تقدَّما.

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ الكلام عليها مع ما يعارضها في الظاهر، والجمع بينهما، وعلى (وَلَا صَفَرَ)، وعلى (وَلَا هَامَةَ)، وعلى أنَّ (الأَعْرَابِي): هذا القائل لا أعرف اسمه، وعلى (فَيُجْرِبُهَا)، وأنَّه بِضَمِّ أوَّله، رُبَاعيٌّ.

قوله: (وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ... )؛ الحديث: هو معطوف على السَّند الذي قبله، والاثنان بسندٍ واحد، وليس تعليقًا؛ فاعلمْه.

قوله: (لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ): (يورِدنَّ)؛ بكسر الرَّاء؛ ومعناه: لا يُوردنَّ صاحبُ إبل مِراض إبلَه على صاحب إِبل صِحاح، و (المُمرِض)؛ بكسر الرَّاء، و (المُصِحُّ)؛ بكسر الصَّاد، وقد تَقَدَّمَ الجمع بينه وبين: «لا عدوى».

قوله: (وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأوَّل): وفي نسخة: (الحديث الأوَّل)؛ يعني: (لا عدوى ... ) إلى آخره، وهذا ظاهِرٌ، ويوضِّحه قوله: (أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ لَا عَدْوَى؟!).

قوله: (فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّطانة) ما هي، و (الحبشيَّة): لغة الحبشة، وهذا ظاهِرٌ، وفي «مسلم» أنَّه قال للحارث _ يعني: ابن أبي ذباب، وهو ابن عمِّ أبي هريرة_: أتدري ماذا قلت؟ قال: لا، قال: قلتُ: قد أبيتُ) انتهى.

قوله: (قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَمَا رَأَيْتُهُ نَسِيَ حَدِيثًا غَيْرَهُ): (أبو سلمة): هو ابن عبد الرحمن بن عوف الراوي عنه الحديثَين، واعلم أنَّ الذي فهمه أبو سلمة أنَّ أبا هريرة نسي الحديث الأوَّل، فيكون هذا الحديث سمعه منه عليه السَّلام قبل بسط الرِّداء، والله أعلم، ويحتمل أن يكون قوله: (أنكر حديث الأوَّل)؛ يعني: أنكر التَّعارض بينهما، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لا مُعارَضة، قلت هذين ولم أرهما لأحد، ثُمَّ إنَّي رأيت شيخنا قال:

[ج 2 ص 557]

(1/10458)

(لعلَّه كان سمع هذا الحديث من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قبل أن يسمع: «مَن يبسط رداءه، ثُمَّ يضمَّه إليه؛ لم ينسَ شيئًا مِن مقالتي»، وقيل: يريد من «مقالتي»: تلك التي قال اليوم)، انتهى، وهي رواية في «الصَّحيح»، (وقيل: يحتمل أن يكون الحديث الآخر ناسخًا، فسكت عن المنسوخ)، انتهى، والاحتمال الثاني مِن بسطِ الرِّداء فيه نظرٌ؛ لأنَّ فيه مجازًا إذا حملنا قوله: «لن ينسى شيئًا سمعه منه»، وإذا عملنا بقوله: «مِن مقالتي» تلك؛ فلا، ولكن رواية العموم أبلغ في المعجزة، وحمله على العموم مُقدَّم، وقوله: (فسكت عن المنسوخ) فيه نظر؛ لأنَّه تَقَدَّمَ في كلامي أنَّه لا تعارُض بينهما، والله أعلم.

(1/10459)

[باب: لا عدوى]

قوله: (بَابٌ: لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ ما (العَدْوَى).

==========

[ج 2 ص 558]

(1/10460)

[حديث: لا عدوى ولا طيرة إنما الشؤم في الثلاث]

5772# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عُفَيرًا) بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وفتح الفاء، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (ابْن وَهْبٍ): عبد الله، أحد الأعلام، و (يُونُسَ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، أحد الأعلام.

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ الكلام عليه مع ما قد يعارضه في الظَّاهر، وذكرت الجمع بينهما، وتَقَدَّمَتْ (الطِّيَرَة) ضبطًا، وما هي، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (وَإِنَّمَا [1] الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ)، وما يتعلَّق به، وما هو شؤم (الفَرَسِ، والدَّارِ، والمَرْأَةِ [2]) مُطَوَّلًا، وحديث: (اليُمن في ثلاث) من عند السِّلفيِّ، والكلام عليه.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (إنَّما)؛ بغير واو.

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (والمرأة والدَّار).

[ج 2 ص 558]

(1/10461)

[حديث: فمن أعدى الأول؟]

5773# 5774# 5775# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي) أعلاه، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ الزُّهريُّ.

قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ [1]: أَخْبَرَنِي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهريِّ، عن سنان به، وليس تعليقًا؛ فاعلمْه.

قوله: (فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الأعرابيَّ) لا أعرف اسمه.

(1/10462)

[حديث: لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل]

5776# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بَشَّارًا) بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما (البُنْدَار)، و (مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، وقد تَقَدَّمَ ضبطه، ومَن أطلق عليه ذلك، فمرَّت عليه، وما معنى (غُنْدر)؛ وهو المُشغِّب.

قوله: (لَا عَدْوَى): تَقَدَّمَ، وكذا (وَلَا طِيَرَةَ)، وكذا تَقَدَّمَ (الْفَأْلُ)، وأنَّه مهموز الوسط، ويجوز تسهيله، وما هو، والفرق بينه وبين الطِّيرة.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 558]

(1/10463)

[باب ما يذكر في سم النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي سمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (سمُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مثلَّث السين، الكسر أردؤها، وقد أُنكِرت، والفتح أعلاها، هذا الاسم، أمَّا المصدر _وهو المراد هنا فيما يظهر_؛ فهو بالفتح.

==========

[ج 2 ص 558]

(1/10464)

[حديث: اجمعوا لي من كان ها هنا من اليهود]

5777# قوله: (لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر بالاختلاف فيها، وعلى أيِّ شيء هو مَبْنيٌّ، و (فُتِحَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (خيبرُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ): (أُهدِيتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (شاةٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّن نائب مناب الفاعل، والتي أَهْدَتِ الشَّاةَ هي زينب بنت الحارث بن سلَّام، وقال أبو داود: أخت مَرْحَب اليهوديِّ، وقد جاء ذلك في «مغازي موسى بن عقبة»، و «الدلائل» للبيهقيِّ، وللواقديِّ عن الزُّهريِّ: أنَّ زينب التي سمَّته هي ابنة أخي مَرْحَب، وأنَّه عليه السلام قال لها: «ما حملكِ على هذا؟» قالت: قتلتَ أبي، وعمِّي، وزوجي، وأخي، قال مُحَمَّد: سألت إبراهيم بن جعفر عن هذا، فقال: أبوها: الحارث، وعمُّها: يسار، وكان أجبنَ النَّاس، وهو الذي أُنزِل مِن الرُّفِّ، وأخوها: زَبِير، وزوجها: سلَّام ابن مِسْكَم، وأمَّا السُّهيليُّ؛ فقال: إنَّها أخت مَرحَب، وقد اختُلِف فيماذا صُنِع بها؟ فقال ابن إسحاق: صفح عنها، وقد روى أبو داود: أنَّه قتلها، وعن «شرف المصطفى»: أنَّه قتلها وصلبها، ووجه الجمع بين رواية القتل ورواية عدمه: أنَّه عليه السَّلام صفح عنها أوَّلًا؛ لأنَّه كان لا ينتقم لنفسه، فلمَّا مات بِشْر بن البَراء بن مَعْرور من تلك الأكلة؛ قتلها به قِصَاصًا؛ وذلك أنَّ بِشْر بن البَراء لم يزل مُعتلًّا من تلك الأكلة حتَّى مات منها بعد حَول، وعند القُرْطُبيِّ: لم يبرح من مكانه حتَّى مات، قتلها به، وقد روى مَعْمَر بن راشد في «جامعه» عن الزُّهريِّ: أنَّها أسلمت، فتركها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال مَعْمَر: قال الزُّهريُّ: أسلمت، والنَّاس يقولون: قتلها، وفي «جامع مَعْمَر» أيضًا: أنَّ أمَّ بِشْر بن البَراء بن معرور قالت لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في المرض الذي مات فيه: يا رسول الله؛ فإنَّي لا أتَّهم لبِشْر إلَّا الأُكلة التي أكلها معك بخيبر، فقال: «وأنا لا أتَّهم بنفسي إلَّا ذلك»، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (غزوة خيبر)، والله أعلم، ولكن طال العهدُ به.

قوله: (فَجُمِعُوا): (جُمِعوا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

(1/10465)

قوله: (قَالُوا: أَبُونَا فُلَانٌ): هذا (فلان) المُكنَّى عنه لا أعرفُه، ولا عرفه بعض الحُفَّاظ المصريِّين مِن المعاصرين.

قوله: (بَلْ أَبُوكُمْ فُلَانٌ): قال بعض المتأخِّرين من المصريِّين الحُفَّاظ، قال: (والمبهم في الجواب هو إسرائيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السَّلام).

قوله: (وَبَررْتَ): هو بكسر الرَّاء الأولى، وتُفتَح أيضًا، حكاه غير واحد.

قوله: (سمًّا): تَقَدَّمَ أنَّه مثلَّث السين، وأنَّ أفصحها الفتحُ، ويليه الضَّمُّ، والكسر محكيٌّ، وأُنكِر.

قوله: (لَمْ يَضُرَّكَ): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز في نظرائه الضَّمُّ والفتحُ، وفي كلِّ مضاعف مجزوم، والله أعلم.

(1/10466)

[باب شرب السم والدواء به وبما يخاف منه والخبيث]

قوله: (شُرْبِ السّمِّ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (السّمَّ) مُثلَّث السِّين، وتَقَدَّمَ (الدّوَاءِ): أنَّه بفتح الدَّال وكسرها مع المدِّ.

قوله: (وَمَا يُخافُ مِنْهُ): (يُخاف): مَبْنيٌّ لما لم [يسمَّ] فاعله،

[ج 2 ص 558]

ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مُختَصرًا بلا إسناد، ثُمَّ قال: (الحديث الأوَّل _يعني: «مَن تردَّى مِن جبل ... »؛ الحديث_ مطابقٌ لأوَّل الترجمة، والحديث الثاني_يعني: «مَنِ اصطبح بسبع تمرات عجوة ... » _ مطابقٌ لآخرها؛ لأنَّه ما بيَّن دواءَه إلَّا وهو داءٌ، وقد أثبت أنَّه مُضِرٌّ بقوله: «لم يضرَّه ذلك اليوم سمٌّ»، ومدخله في الفقه: جوازُ إضافة الضَّرر إلى الأسباب، والضَّارُّ النَّافع هو الله حقيقةً، والله أعلم)، انتهى.

(1/10467)

[حديث: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم]

5778# قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن مِهْرَان الأعمش، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (ذَكْوَان): هو أبو صالح السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (مَنْ تَرَدَّى): أي: سقط، يقال: رَدَى وتردَّى؛ لغتان، كأنَّه تفعَّل؛ من الرَّدى؛ وهو الهلاك.

قوله: (خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا): الكلام فيه معروف، والمراد بـ (الخلود): المكث الطويل، أو أنَّه إذا استحلَّ ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَمَنْ تَحَسَّى سمًّا): (تَحَسَّى)؛ بفتح التَّاء والحاء وتشديد السين المُهْمَلتَين، ومعناه معروف، و (السّمُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُثلَّث السِّين.

قوله: (يَجَأُ بِهَا): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، وبالجيم، وفي آخره همزةٌ مقصورةٌ، قال شيخنا: (وهو بالهمز والتَّسهيل؛ معناه: يطعُن ويشقُّ).

==========

[ج 2 ص 559]

(1/10468)

[حديث: من اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم]

5779# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ أَبُو بَكْرٍ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: (وقال _يعني: البُخاري_ في «كتاب الطِّبِّ»: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا أحمد بن بَشِير أبو بكر»، نسبه الأصيليُّ في نسخته: «مُحَمَّد بن سلَام»، وكذلك قال أبو نصر)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، وشيخنا قال: (هو مُحَمَّد بن سلَام)، انتهى، و (أحمد بن بَشِير): بفتح الموحَّدة، وكسر الشِّين المُعْجَمة، مشهورٌ، وله ترجمة في «الميزان»، و (هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، و (عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ) هو ابن أبي وقَّاصٍ مالكِ بن أُهَيب، وسعدٌ أحدُ العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (مَنِ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتِ عَجْوَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها في «مسلم» مقيَّدة، وتَقَدَّمَ (لَمْ يَضُرّهُ): أنَّه بالضَّمِّ والفتح، وكذا نظراؤه، وتَقَدَّمَ (السّمُّ): أنَّه مُثلَّث السين، وأردؤها الكسرُ وأُنكِر.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 559]

(1/10469)

[باب ألبان الأتن]

قوله: (بَابُ أَلْبَانِ الأُتنِ): (الأُتن)؛ بِضَمِّ الهمزة والتَّاء وتُسكَّن، جمع (أتان)، و (الأتان): الحمارة، ولا يقال: أتانة، وقد حُكِيتْ، وثلاث آتُن؛ مثل: عناق وأعنُق، والكثير: أُتْنٌ وأُتُنٌ.

==========

[ج 2 ص 559]

(1/10470)

[حديث: نهى النبي عن أكل كل ذي ناب من السبع]

5780# 5781# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه المسنديُّ من كلام بعض الحُفَّاظ قريبًا هناك وهنا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيس الخَوْلَانيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عائذ الله _أحد الأعلام_ ابن عبد الله، و (أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ): تَقَدَّمَ الخلاف في اسمه واسم أبيه، والكلام على نسبته؛ فقيل: اسمه جُرثوم، وقيل: جرثومة، وقيل: جرهم، وقيل غير ذلك، وقيل: اسم أبيه ناشر، قيل: ناشب، وقيل: ناسخ، وقيل غير ذلك، نزل الشَّام رضي الله عنه.

قوله: (وَزَادَ اللَّيْثُ [1]: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): (اللَّيث): هو ابن سعد، لم يخرِّج زيادة اللَّيث أحدٌ مِن أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخنا، وحديث أبي ثعلبة أخرجه الجماعة، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن شهاب): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (وَسَأَلْتُهُ: هَلْ يُتَوَضَّأُ أو تُشْرَبُ أَلْبَانُ [2] الأُتُنِ): (يُتوضَّأ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (تُشرَب): مَبْنيٌّ أيضًا مثله، و (ألبانُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (الأُتُن): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه.

قوله: (أَوْ مَرَارَةَ السَّبُعِ): (المَرارة)؛ بفتح الميم؛ وهي التي فيها المُرَّة، و (السبع): معروف بِضَمِّ الباء، وتُسكَّن.

(1/10471)

قوله: (أَوْ أَبْوَالَ الإِبِلِ؟ قَالَ: قَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَدَاوَوْنَ بِهَا، فَلَا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا): يعني: بأبوال الإبل؛ لأنَّه عليه السَّلام أباح للعرنيِّين شُربَها والتَّداوي بها، والدليل على أنَّه أرادها فقط دون غيرها؛ لأنَّه قال بعد ذلك: (وأمَّا ألبان الأُتُن ... ) إلى أن قال: (وأمَّا مَرارة السَّبع)، فذكر جوابه عنهما، وقوله في: (أَلْبَانُ الأُتُنِ): (لم يبلغنا عنه أمرٌ ولا نهيٌ)؛ فليعلم أنَّ كلَّ ما نُهِي عن لحمه؛ فلبنُه منهيٌّ عنه؛ لأنَّه مُتولَّد منه، ألا ترى أنَّه استدلَّ على النَّهْي عن مرارة السَّبع بنهيه صلَّى الله عليه وسلَّم عن أكل ذي ناب مِن السباع، فكذلك ألبان [3] الأُتُن، واعلم أنَّ التداوي بالمُحرَّمات إلَّا الخمر هو جائز عند الشَّافِعيَّة، وذلك بشرطين؛ أحدهما: أن يُخبره ثقةٌ أنَّ ذلك يفيده، أو أن يكون عارفًا بذلك، فيعتمد على معرفة نفسه، وألَّا يقوم شيء مِن الطَّاهرات مقام ذلك النَّجس، وقد ذكرت ذلك في أوائل هذا التعليق، وفي غير أوائله، وقد عقد ابن قَيِّم الجَوزيَّة في كتاب «الهدي» في (الطِّبِّ) في التداوي بالأشياء النَّجسة فصلًا، وهو مفيد جدًّا، وأنَّ التداوي بها حرام عقلًا وشرعًا، ثُمَّ برهن على ذلك بكلام حسن؛ فانظره إن أردتَه من «الهدي».

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] في (أ) مبنيٌّ للمفعول بلا نقط، وفي (ق): (يُتَوَضَّأُ أَوْ تُشْرَبُ)، وفي «اليونينيَّة»: (نَتَوَضَّأُ أَوْ نَشْرَبُ أَلْبَانَ)، وفي هامشها: (يُتَوَضَّأُ أَوْ يُشْرَبُ) مُصحَّحًا عليه.

[3] في (أ): (أبان)، وهو تحريفٌ.

[ج 2 ص 559]

(1/10472)

[باب: إذا وقع الذباب في الإناء]

(1/10473)

[حديث: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله]

5782# قوله: (مَوْلَى بَنِي زُرَيْقٍ): هو بتقديم الزَّاي على الرَّاء، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ): هذا (الغمس) يصدق بمرَّة، ولكن في «الأحاديث المختارة» للحافظ ضياء الدين مُحَمَّد بن عبد الواحد المقدسيِّ _وقد قرأت بعضها بصالحيَّة دمشق على ابن عوض البيطار عن القاضي سليمان بن حمزة عن الضِّياء_: الأمر بالغمس ثلاثًا، والله أعلم.

(1/10474)

((77)) (كِتَابُ اللِّبَاسِ ... ) إلى (بَاب النِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ)

(1/10475)

[باب قول الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده}]

قوله: (وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا ... ») إلى آخره: قال شيخنا: (أخرجه ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون: أخبرنا همَّام عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا ... ؛ الحديث، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي، وحدَّثنا عن الفضل بن الصَّبَّاح، عن أبي عُبيدة الحدَّاد، عن همَّام، عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه)، انتهى، وما أظنُّ أنا أنَّ البُخاريَّ جزم بذلك، وأراد هذا السَّند؛ لأنَّ عَمْرًا عن أبيه عن جدِّه ليس مِن شرطه وإن كان يُحتَجُّ بحديثه عنده إلَّا أنَّه لم يخرِّج له في «صحيحه»، ولا مسلم أيضًا، والذي يظهر لي أنَّه أراد طريقًا أخرى، ويحتمل أنَّه أراده، والله أعلم.

[ج 2 ص 559]

قوله: (فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيْلَةٍ): (المَخِيْلة)؛ بفتح الميم، وكسر الخاء المُعْجَمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، والباقي معروف؛ وهي الكِبْرُ، وقد تَقَدَّمَ.

ج22. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء]

5783# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمامِ.

قوله: (لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ): أي: لا ينظر إليه نظر رحمة إن أنفذ عليه الوعيدَ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 560]

(1/10477)

[باب من جر إزاره من غير خيلاء]

قوله: (خُيَلَاءَ): هو بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة وتُكسَر أيضًا، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، وفي آخره همزةٌ ممدودةٌ؛ وهي التَّكبُّر، وقد تَقَدَّمَ.

(1/10478)

[حديث: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.]

5784# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ): هو ابن معاوية بن حُدَيج، الحافظ، أبو خيثمة، تَقَدَّمَ.

قوله: (خُيَلَاءَ): تَقَدَّمَ ضبطها، وما هي أعلاه وقبله أيضًا.

(1/10479)

[حديث أبي بكرة: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله]

5785# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: (نسبه ابن السكن: مُحَمَّد بن سلَام)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (عبد الأعلى): هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، وتَقَدَّمَ سماعه من أبي بكرة نفيع بن الحارث، وتَقَدَّمَ (أَبُو بَكْرَةَ) مُترجَمًا.

قوله: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخسوف) و (الكسوف) مُطَوَّلًا في بابه، ومتى خُسِفتِ الشَّمس، وهل اتَّفق ذلك مَرَّاتٍ أو مرَّة واحدة، مُطَوَّلًا في بابه.

قوله: (وَثَابَ النَّاسُ): (ثاب)؛ بالمثلَّثة، وفي آخره مُوَحَّدَةٌ؛ أي: اجتمع.

قوله: (فَجُلِّيَ عَنْهَا): (جُلِّي)؛ بِضَمِّ الجيم، وكسر اللَّام المُشَدَّدة وتُخفَّف: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، ومعناه معروف.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 560]

(1/10480)

[باب التشمير في الثياب]

(1/10481)

[حديث أبي جحيفة: فرأيت بلالًا جاء بعنزة فركزها]

5786# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ شُمَيْلٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (إسحاق) هذا في (سورة البقرة) في (التَّفسير)، و (ابن شُمَيل): هو النَّضر؛ بالمُعْجَمة، ولا يحتاج إلى تقييد، و (عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الجيم، وفتح الحاء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، والاختلاف فيه.

قوله: (جَاءَ بِعَنَزَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه (العَنَزَة) في أوائل هذا التعليق، ومَن جاء بها، ومن أين أتت، وغير ذلك؛ فانظره.

قوله: (فِي حُلَّةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحلَّة) ما هي.

(1/10482)

[باب: ما أسفل من الكعبين فهو في النار]

(1/10483)

[حديث: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار]

5787# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبرِيّ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة وفتحِها.

==========

[ج 2 ص 560]

(1/10484)

[باب من جر ثوبه من الخيلاء]

قوله في التَّرجمة: (مِنَ الْخُيَلَاءِ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطها، وما هي.

==========

[ج 2 ص 560]

(1/10485)

[حديث: لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرًا]

5788# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنُّون، واسمه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّمَ (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (بَطَرًا): هو بفتح الموحَّدة والطَّاء المُهْمَلة، قال ابن قُرقُول: (ويجوز كسرها على المصدر أو على الحال، وأصل البطر: الطُّغيان عند النِّعمة والعافية، فيسوء احتماله لها، يكون منه الكِبرُ، والأشَرُ، والبَذَخُ ... ) إلى آخر كلامه.

==========

[ج 2 ص 560]

(1/10486)

[حديث: بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته]

5789# قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ): هذا (الرَّجل) الذي خُسِف به تَقَدَّمَ في (المناقب) عن شيخنا أنَّه قارون، وهذا الحديث يشبه ذاك الحديث الذي قال فيه شيخنا ذلك، ويحتمل أن يكون غيره، وأمَّا هنا؛ فلم يذكر فيه شيئًا، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ هنا عن السُّهيليِّ أنَّه ذكر في «مبهمات القرآن» في قوله تعالى: {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا} [الصَّافَّات: 97]: (قائل هذه المقالة _فيما ذكره الطَّبريُّ_ الهَيْزَنُ، رجل من أعراب فارس؛ وهم التُّرك، وهو الذي جاء في الحديث: «بينما رجل في حلَّة يتبختر فيها فخُسِف به؛ فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة»، قال: (وفي «صحاح الجوهريِّ»: أنَّه قارون)، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: (ذكر البَيْهَقيُّ عن الطَّبريِّ أنَّ اسمه الهَيْزَن، وأنَّه مِن أعراب فارس)، قال: ووقع في كتاب «القرآن» للكلاباذيِّ الجزمُ بأنَّه قارون، وكذا ذكر الجوهريُّ في «الصِّحاح»، وفي «تاريخ الطَّبريِّ» عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: (ذُكِر لنا أنَّه يُخسَف بقارون كلَّ يوم قامة، وأنَّه يتجلجل فيها، لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة).

قوله: (فِي حُلَّةٍ): تَقَدَّمَ ما (الحلَّة).

قوله: (مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ): (مُرَجِّل): بِضَمِّ الميم، وفتح الراء، وكسر الجيم المُشَدَّدة؛ أي: مُسرِّح مُنظِّف شعر رأسه، و (الجُمَّة)؛ بِضَمِّ الجيم، وفتح الميم المُشَدَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث: أكثر من الوفرة، وذلك إذا سقطت على المنكبين، والوفرة إلى شحمة الأذن، واللِّمة بينهما تلمُّ بالمنكب، وقد تَقَدَّمَ الكلام على الجُمَّة والوفرة، وما وقع فيها مِن التناقُض لبعضهم.

(1/10487)

قوله: (فَهْوَ يَتَجَلْجَلُ [1]): هو بجيمَين مفتوحتَين، بعد كلِّ جيم لامٌ؛ الأولى ساكنة، قال ابن قُرقُول: («يتجلجل»: كذا للكافَّة، ورواه بعضهم: «يتخلخل»؛ بخاءَين معجمتَين، والأوَّل أصحُّ وأعرفُ، والتَّجلجل: السُّؤوخ في الأرض مع حركة واضطراب، قاله الخليل، قال الأصمعيُّ: هو الذهاب بالشيء أو المجيء به، وأصله: التَّردُّد، ومنه: تَجلجَل في كلامه، وتلجلج؛ إذا تردَّد، وأمَّا يتخلخل؛ فبعيدٌ ههنا إلَّا أن يكون من قولهم: خلخلت العظم؛ إذا أخذت ما عليه مِن اللَّحم، أو من التخلُّل والتَّداخُل خلال الأرض، قال القاضي: وقد رويناه في غير هذين الكتابين: «يتحلحل»؛ بحاءَين مهملتين)، انتهى، وفي أصل من أصولي: (يتخلَّل)، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) وهامش «اليونينيَّة»، وفي «اليونينيَّة»: (يَتجَلَّل).

[ج 2 ص 560]

(1/10488)

[حديث ابن عمر: بينا رجل يجر إزاره خسف به فهو يتجلل في الأرض]

5790# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عُفَيرًا) بِضَمِّ العين المُهْمَلة، وفتح الفاء، وأنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، الإمام الجَوَادُ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الرَّجل) أعلاه، وقبله قبيل (المناقب)؛ فانظره.

قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضَّمير في (تابعه) يعود على عبد الرحمن بن خالد الراوي عن ابن شهاب؛ وهو الزُّهريُّ، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، ومتابعة يونس عن الزُّهريِّ أخرجها البُخاريُّ في (ذكر بني إسرائيل) عن بِشْر بن مُحَمَّد، عن عبد الله، عنه به، وقال: تابعه عبد الرحمن بن خالد عن الزُّهريِّ، وأخرجها النَّسَائيُّ في (الزِّينة) عن وهب بن بيان، عن ابن وهب، عنه به.

قوله: (وَلَمْ يَرْفَعْهُ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ): كذا في أصلنا، وعليه علامة راويه، وفي الهامش عوض (الزُّهريِّ): (أبي هريرة)، وعليه: (صح)، وفوقه: (كذا)؛ أي: كذا وُجِد، وفي هذا نظر، و (أبو هريرة) لم يجر له ذكرٌ في هذا الحديث، وراجعتُ أصلنا الدِّمَشْقيَّ؛ فوجدته كان كذلك: (عن أبي هريرة)، ثُمَّ ضُرِب عليه، وعُمِل عوضه (عن الزُّهريِّ)، ولكنَّه كُتِب عليه: (خـ)؛ صورة نسخة، ولم يذكر ذلك أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده»، ولا ابن قُرقُول في «مطالعه»، والذي يظهر أنَّ الصواب: (عن الزُّهريِّ)، وكذا ذكره المِزِّيُّ في مكانَين في تطريف الحديث، والله أعلم.

و (شعيب): هو ابن أبي حمزة، هذا وقفه، والاثنان عبد الرَّحمن بن خالد ويونس رفعاه، وقد قَدَّمْتُ الخلاف فيما إذا روى بعضُ الثِّقات الحديث موقوفًا وبعضهم مرفوعًا، أو بعضهم مُرْسَلًا وبعضهم مُتَّصلًا؛ أربعة أقوال، وأنَّ الصَّحيح: أنَّ العبرة بمَن رَفَع أو وَصَل، والله أعلم.

[ج 2 ص 560]

قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، وذلك لأنَّ عبد الغنيِّ في «الكمال» لم يذكر راويًا عن وهب بن جَرِير اسمه عبد الله بن مُحَمَّد إلَّا المسنديَّ، ونسبه أيضًا، وأمَّا الذَّهَبيُّ؛ فإنَّه ذكر رواةً في ترجمة وهب، ثُمَّ قال: وخلائق، ولم يذكر فيهم المسنديَّ، والله أعلم، و (وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ): هو ابن حَازم.

(1/10489)

[حديث: من جر ثوبه مخيلة]

5791# قوله: (لَقِيتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (مُحَاربًا [1])؛ بالحاء المُهْمَلة، والموحَّدة: اسم فاعل من (حَارب)، و (دِثَار)؛ بكسر الدال المُهْمَلة، وتخفيف الثاء المثلَّثة، وفي آخره راءٌ، وهذا كلُّه ظاهر عند أهله معروف لا يحتاج إليه المُحدِّثون، وترجمة مُحَارب معروفة، قاضي الكوفة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (مِنْ مَخِيْلَةِ): تَقَدَّمَ ضبطها، وأنَّها التَّكبُّر.

قوله: (تَابَعَهُ جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ): الضمير في (تابعه) يعود على مُحارب بن دِثَار، و (جَبَلة)؛ بالجيم المفتوحة، والموحَّدة المفتوحة، ثُمَّ لام، ثُمَّ تاء التأنيث، و (سُحَيْم)؛ بِضَمِّ السين وفتح الحاء المُهْمَلتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ميم، ومتابعته أخرجها النَّسَائيُّ، ومتابعة زيد بن أسلم أخرجها البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ [2] مِثْلَهُ): ومتابعة (اللَّيث) _هو ابن سعد_ أخرجها مسلم والنَّسَائيُّ.

قوله: (وَتَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَقُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): متابعة موسى بن عقبة أخرجها البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، ومتابعة عمر بن مُحَمَّد _هو عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر_ أخرجها مسلم، و (قدامة بن موسى): هو قدامة بن موسى بن عمر بن قدامة بن مظعون، ومتابعته ليست في الكُتُب السِّتَّة ولا في شيء منها، والله أعلم.

(1/10490)

[باب الإزار المهدب]

قوله: (بَابُ الإِزَارِ الْمُهَدَّبِ): هو بِضَمِّ الميم، وفتح الهاء، وتشديد الدال المُهْمَلة المفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة؛ وهو الذي له هُدب؛ وهي أطراف مِن سَدَاةٍ لم تُلحَم، وربَّما فُتِلَتْ يُقصَد بها بقاؤه، قاله الحربيُّ، وقد يُقصَد به جَمالُه أيضًا، وقد فسَّره بعضهم بما له خملٌ، ولم يقل شيئًا، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَحَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكأنَّه لم يصحَّ عنده الإسنادُ إلى كلِّ واحد منهم، و (الزُّهري): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، و (أبو بكر بن مُحَمَّد): الظاهر أنَّه أبو بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ المدنيُّ، تَقَدَّمَتْ ترجمته، وقد وُلِّي القضاء والإمرة والموسم على المدينة لسليمان ولعمر بن عبد العزيز، كان من علماء زمانه، مشهور الترجمة، وقد تَقَدَّمَ بعضُها، وأمَّا (حمزة بن أَبي أُسَيد)؛ فهو بِضَمِّ الهمزة، وفتح السِّين على الصواب، كما تَقَدَّمَ، و (أبو أُسَيد): تَقَدَّمَ أنَّه مالك بن ربيعة السَّاعديُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وأمَّا (معاوية بن عبد الله بن جعفر)؛ فهو ابن أبي طالب الهاشميُّ المدنيُّ، وَثَّقَهُ أحمد العِجْليُّ وغيره، وقال يعقوب بن شيبة: كان مُقدَّمًا يُوصف بالفضل والعلم، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وروى له النَّسَائيُّ وابن ماجه.

قوله: (لَبِسُوا ثِيَابًا مُهَدَّبَةً): تَقَدَّمَ أعلاه ما (المُهَدَّب)، والله أعلم.

(1/10491)

[حديث: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى يذوق عسيلتك]

5792# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمها؛ فقيل: سُهَيمة، وقيل: عائشة، وقيل: تميمة، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّمَ الكلام في أوَّل (باب مَن أجاز الطلاق الثلاث) عليها؛ فانظره إن أردته، و (رفاعة): تَقَدَّمَ الكلام عليه في الباب المشار إليه، وتَقَدَّمَ الكلام على (عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ)، وأنَّه بفتح الزَّاي، وكسر الموحَّدة، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبه رضي الله عنه.

قوله: (مِثْلُ الْهُدْبَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الهدبة) وضبطها، وأنَّها الخصلة الواحدة من الهُدب، ومثَّلتْ ذكَره بهُدبة الثَّوب.

قوله: (مِنْ جِلْبَابِهَا): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الجيم، وإسكان اللَّام، وتَقَدَّمَ ما هو.

قوله: (فَسَمِعَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ): هو خالد بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس أبو سعيد، قالت ابنتُه أمُّ خالد: كان أبي خامسًا في الإسلام، وقيل: كان ثالثًا أو رابعًا في الإسلام، وهو مشهور رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ كلام مَن قال: إنَّه أسلم قبل الصِّدِّيق، وكلامُ من قال: قبل عليٍّ رضي الله عنهم أجمعين.

قوله: (حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها؛ فانظر ذلك، وما جاء في «النَّسَائيِّ» وغيره أنَّها الجماع.

قوله: (فَصَارَ سُنَّةً بَعْدُ): هذا من كلام الزُّهريِّ، فيما يظهر لي، فإنَّها عادتُه، وإذا كان كذلك؛ فقول التابعيِّ: (مِن السُّنَّة كذا) هل هو موقوف مُتَّصِل أو مَرْفوعٌ مُرْسَل؟ فيه وجهان لأصحاب الشَّافِعيِّ، والأصحُّ في مسألة التابعيِّ: أنَّه موقوف، كما قاله النَّوَويُّ في «شرح المُهذَّب»، انتهى، والذي يظهر لي أنَّه مُرْسَل على قياس قول التابعيِّ: (يرفع الحديث) ونحوها من الألفاظ، وإلَّا؛ فما الفرق؟! وقد قال شيخنا العراقيُّ فرقًا بينه وبين (يرفع الحديث) ونحوها من تلك الألفاظ، لكن قال فيه: يُمكن أن يجاب عنه ... ؛ فذكره، وقد رأيتُ المسألة في كلام ابن قَيِّم الجَوزيَّة، ولم يذكر إلَّا أنَّه مُرْسَل، وهو الذي يظهر، والله أعلم.

(1/10492)

[باب الأردية]

قوله: (بَابُ الأَرْدِيَةِ): هو جمع (رِداء)؛ وهو _بكسر الرَّاء وبالمدَّ_ ما كان على أعلى الجسد، والإزار: ما كان على أسفله، قوله: (وَقَالَ أَنَسٌ: جَبَذَ أَعْرَابِيٌّ رِدَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الأعرابيُّ) لا أعرفه، وهذا التعليق يأتي في (باب البرود والحبرة والشملة)، وقد أخرجه في (الخمس)، وهنا في (اللِّباس) في (باب البرود والحبرة)، وفي (الأدب)، وأخرجه مسلم في (الزَّكاة) وابن ماجه.

==========

[ج 2 ص 561]

(1/10493)

[حديث: فدعا النبي بردائه ثم انطلق يمشي]

5793# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عَبْدان) لقبٌ، وأنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَةَ بن أبي روَّاد، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ [1]، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ): هو زين العابدين.

==========

[1] في (أ): (اللَّيثي).

[ج 2 ص 561]

(1/10494)

[باب لبس القميص وقول الله تعالى حكاية عن يوسف ... ]

قوله: (بَابُ لُبْسِ الْقَمِيصِ): ذكر فيه ثلاثة أحاديث، وقد ذكر شيخنا عدَّة أحاديث فيها ذكرُ القميص من الكُتُب السِّتَّة، ثُمَّ قال: وفيما ذكرناه ردٌّ على قول ابن العربيِّ في «سراجه»: (ما سمعت للقميص ذكرًا صحيحًا إلَّا في الآية السابقة؛ يعني: التي ساقها البُخاريُّ، وحديث ابن أُبيٍّ: «وتكفينه في قميصه»، ولم أر لهما ثالثًا فيما يتعلَّق برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في خاصَّته صحيحًا)، انتهى، وكأنَّ هذه الأحاديث التي ساقها شيخنا لم تصحَّ عند ابن العربيِّ، وبعضُها لا يَردُ عليه، والله أعلم.

(1/10495)

[حديث: لا يلبس المحرم القميص ولا السراويل ولا البرنس]

5794# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو حمَّاد بن زيد، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الرجل) لا أعرفُه.

قوله: (وَلَا السَّرَاوِيلَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا (الْبُرْنُس).

==========

[ج 2 ص 562]

(1/10496)

[حديث: أتى النبي عبد الله بن أبي بعد ما أدخل قبره]

5795# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ [1]): كذا في أصلنا، وعلى (عثمان): نسخةٌ، وفي الهامش: (مُحَمَّد) عوض (عثمان)، وعُمِل عليه: (صح)، فصار الصَّحيح فيها: (عبد الله بن مُحَمَّد)، وكذا هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل: (عبد الله بن مُحَمَّد)، وفي نسخة عوض (مُحَمَّد): (عثمان)، وقد راجعتُ «أطراف المِزِّيِّ»؛ فرأيته قد طرَّفه، فقال: وفي (اللِّباس): (عن عبد الله بن عثمان)، قال: وفي (الجهاد): (عن عبد الله بن مُحَمَّد)، فالحاصل: أنَّ هذا عنده: عبد الله بن عثمان، والذي في (الجهاد): عبد الله بن مُحَمَّد، وقد تابع شيخُنا المِزِّيَّ على تطريفه على ما ذكرته: أنَّ هذا الذي في (اللِّباس) عبد الله بن عثمان، والذي في (الجهاد) عبد الله بن مُحَمَّد، انتهى، ورأيت أبا عليٍّ الغسانيَّ ذكر هذا المكان، فقال: هكذا روينا في «الجامع»: (حدَّثنا عبد الله بن عثمان: حدَّثنا سفيان)، عن أبي عليِّ ابن السكن وأبي ذرٍّ عن شيوخه، وكذلك في نسخة النسفيِّ، وهكذا أخرجه أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ في كتابه عن البُخاريِّ عن عبد الله بن عثمان، عن سفيان، ووقع في نسخة أبي زيد: (حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد: حدَّثنا سفيان)، أمَّا عبد الله بن عثمان؛ فهو عَبْدان، ولا أحفظ له رواية عن سفيان في «الجامع» إلَّا هذه إن كانت محفوظةً، وعبد الله بن مُحَمَّد المسنَديُّ قد روى البُخاريُّ عنه كثيرًا عن ابن عيينة، وروى البُخاريُّ أيضًا بعضَ هذا الحديث في (الجهاد) عن عبد الله بن مُحَمَّد المسنَديِّ، عن سفيان، انتهى، فإذن الراجح عنده أنَّه عبد الله بن مُحَمَّد المسنديُّ، والله أعلم.

و (عبد الله بن عثمان): هو ابن جَبَلة بن أبي روَّاد عَبْدان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (عبد الله بن مُحَمَّد) الذي في (الجهاد): تَقَدَّمَ أيضًا الكلام عليه مَن هو، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ.

قوله: (أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ): (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ فاعل، و (عبدَ الله): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وهو عبد الله بن أُبَيٍّ ابنُ سلول، تَقَدَّمَ الكلام عليه وبعض ترجمته، وأنَّه رأس المنافقين، وكيف التلفُّظ به وكتابته.

(1/10497)

قوله: (بَعْدَمَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ): (أُدخِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (قبرَه): مَنْصوبٌ مفعولٌ ثانٍ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجنائز)؛ فانظره.

قوله: (فَأُخْرِجَ، وَوُضِعَ): هما مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما.

قوله: (وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ): تَقَدَّمَ ما (النفث)، وكذا (وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ)، والضمير في (القميص) يعود على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد تَقَدَّمَ في (الجنائز) لِمَ فعل ذلك به.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ الهرويِّ والأصيليِّ وابن عساكر وأبي الوقت، وفي «اليونينيَّة»: (عبد الله بن محمَّد).

[ج 2 ص 562]

(1/10498)

[حديث: إذا فرغت فآذنا]

5796# قوله: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن الفضل، و (يَحْيَى) بعده: هو القَطَّان الحافظ، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ الفقيهُ، أحد الفقهاء السبعة.

قوله: (لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ): تَقَدَّمَ تاريخ وفاته في (الجنائز).

قوله: (جَاءَ ابْنُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ابنه): عبد الله بن عبد الله بن أُبَيٍّ، رجلٌ صالحٌ من الأخيار الشهداء يوم اليمامة، وقد كان اسمه الحُبَاب، فسمَّاه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عبدَ الله، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (أَعْطِنِي): هو بهمزة قطعٍ؛ لأنَّه رُبَاعيٌّ، وكذا (فَآذِنَّا): تَقَدَّمَ أنَّه بمدِّ الهمزة؛ أي: أَعْلِمْنَا، وكذا (فَآذَنَهُ [1]) بمدِّها؛ أي: أَعْلَمَه، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (آذنه).

[ج 2 ص 562]

(1/10499)

[باب جيب القميص من عند الصدر وغيره]

قوله: (بَابُ جَيْبِ الْقَمِيصِ): (جيب القميص): هو طوقه الذي يخرج منه الرأس، وإن شئتَ؛ قلتَ: المنفذ الذي يدخل فيه الرأس.

(1/10500)

[حديث: ضرب رسول الله مثل البخيل والمتصدق كمثل]

5797# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنَديُّ، ومستندي في «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ؛ وذلك لأنَّه لم يذكر في الرواة عن أبي عامر العَقَديِّ عبدِ الملك بن عمرٍو راويًا اسمُه عبدُ الله بن مُحَمَّد سوى المسنَديِّ، فغلب على ظنِّي أنَّه هو، والذهبيُّ ذكر جماعةً روَوا عنه لم يذكر فيهم المسنَديَّ، ولا مَن اسمه عبد الله بن مُحَمَّد، ثُمَّ قال: وخلائق، و (أَبُو عَامِرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه العَقَديُّ، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا، و (الْحَسَن): هو ابن مسلم بن يَنَّاقَ.

قوله: (عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ): هو هنا في أصلنا بالموحَّدة، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (الزكاة)؛ فانظره، وأنَّ الصَّحيحَ النونُ.

قوله: (قَدِ اضْطُرَّتْ): هو بفتح الطاء المُهْمَلة وضمِّها؛ لُغَتان تقدَّما، وأنَّه بهما بالرفع في الحالَين، وفي أصلنا القاهريِّ مَنْصوبٌ مع فتح الطاء، وعليه علامة راويه، وفيه نظرٌ.

قوله: (إِلَى ثُدِيِّهِمَا): تَقَدَّمَ الكلام على (الثُّديِّ)، وعلى (التَّرَاقِي)، وعلى (الحَلْقَة)، وأنَّها بسكون اللام وتُفْتَح، والكلام على جمعهما.

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ طَاوُوسٍ عَنْ أَبِيهِ): الضمير في (تابعه) يعود على الحسن بن مسلم بن يَنَّاق، و (ابن طاووس): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله، ومتابعة ابن طاووس عن أبيه أخرجها البُخاريُّ في (الزكاة) وفي (الجهاد) عن موسى بن إسماعيل، ومسلمٌ في (الزكاة) عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن أحمد بن إسحاق الحضرميِّ، والنَّسَائيُّ فيه عن أحمد بن سليمان عن عَفَّانَ بن مسلم؛ ثلاثتهم عن وهب بن خالد، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه به.

قوله: (وَأَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا الزناد) بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّمَ (الأعرج): عبد الرحمن بن هرمز، وطاووس والأعرج يرويانه عن أبي هريرة، و (الْجُبَّتَيْنِ): بالموحَّدة، وحديث ابن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أخرجه مسلمٌ في (الزكاة) عن عمرٍو الناقد، والنَّسَائيُّ فيها عن مُحَمَّد بن منصور الجوَّاز؛ كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وشيخُنا بيَّض له.

(1/10501)

قوله: (وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ حَيَّانَ [1]): هو بفتح الحاء المُهْمَلة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، يكنى (جعفر) هذا أبو الأشهب، عطارديٌّ، يروي عن أبي رجاء والحسن، وعنه: القَطَّان ومسلم بن إبراهيم، ثقة، تُوُفِّيَ سنة (165 هـ)، أخرج له الجماعة، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: قوله: (ابن [2] حَيَّانَ): وقع في روايةٍ، والأكثر: (ابن ربيعة)؛ وهو الأشبهُ، انتهى.

قوله: (جُنَّتَانِ): هو بالنون، في رواية جعفر عن الأعرج: (جُنَّتان)؛ بالنون.

قوله: (وَقَالَ حَنْظَلَةُ: سَمِعْتُ طَاوُوسًا: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: جُبَّتَانِ) [3]: (حنظلة) هذا: هو حنظلة بن أبي سفيان الجمحيُّ، وهو حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أُمَيَّة المَكِّيُّ، من الأثبات، عن طاووس والقاسم، وعنه: القَطَّان وأبو عاصم، ثبتٌ، تُوُفِّيَ سنة (151 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، قال شيخنا: وحديث حنظلة أخرجه الإسماعيليُّ عن الفضل بن سهل: حدَّثنا إسحاق الرازيُّ: حدَّثنا حنظلةُ به.

قوله: (وَقَالَ جَعْفَرٌ عَنِ الأَعْرَجِ: جُنَّتَانِ) [4]: يعني: بالنون، ولم يُخَرِّج أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة حديثَ جعفر _وهو ابن ربيعة_ عن الأعرج إلَّا ما في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجه شيخُنا.

(1/10502)

[باب من لبس جبةً ضيقة الكمين في السفر]

(1/10503)

[حديث: انطلق النبي لحاجته ثم أقبل فتلقيته]

5798# قوله: (حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ): هذا دارميٌّ بصريٌّ، يروي عن أبي عوانة وطبقتِه، وعنه: البُخاريُّ، وابن الضريس، وجماعةٌ، تُوُفِّيَ سنة (227 هـ)، وقيل غير ذلك، انفرد البُخاريُّ بالإخراج له، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال أبو حاتم: شيخٌ، وهذا غير قيس بن حفص أبي مُحَمَّد البصريِّ، حاجب بكَّار بن قتيبة القاضي بمصر، قال ابن يونس: كتبت عنه، تُوُفِّيَ سنة (281 هـ)، ذكرته للتمييز، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): هو ابن زياد، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح، و (مَسْرُوقٌ): هو ابن الأجدع، أحد الأعلام.

[ج 2 ص 562]

قوله: (انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ): هذا كان في غزوة تبوك، كما هو مصرَّح به في بعض طرقه.

قوله: (شَأْمِيَّةٌ): هي بتشديد الياء، ويُقال بالتخفيف، ذكر ذلك الجوهريُّ.

(1/10504)

[باب جبة الصوف في الغزو]

(1/10505)

[حديث: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما]

5799# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: هو زكرياء بن أبي زائدة، و (عَامِر): هو عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ.

قوله: (فِي سَفَرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّها غزوة تبوك، وكذا تَقَدَّمَت (الإِدَاوَةَ).

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10506)

[باب القباء وفروج حرير]

قوله: (بَابُ الْقَبَاءِ وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ): (الفَرُّوْج): بفتح الفاء، وبعد الفاء راء مشدَّدة وتُخَفَّف _ذكرهما ابن قُرقُول، وقال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: بفتح الفاء، وضمِّ الراء المُشَدَّدة، هذا هو الصَّحيح، ولم يذكر الجمهورُ غيرَه، وحُكِيَ ضمُّ الفاء، وحكى القاضي في «الشرح» و «المشارق» تخفيفَ الراء وتشديدَها، والتخفيف ضعيفٌ غريبٌ، قاله النَّوَويُّ، وقد ذكر ذلك في (الصلاة) بأطولَ من هذا_ وبعد الراء واو ساكنة، ثُمَّ جيم، قال البُخاريُّ في الترجمة: (وَهْوَ الْقَبَاءُ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَهُ شَقٌّ مِنْ خَلْفِهِ)، ولم يذكر النَّوَويُّ غير الثاني، والله أعلم.

(1/10507)

[حديث: قسم رسول الله أقبيةً ولم يعط مخرمة شيئًا]

5800# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، و (الْمِسْوَر ابْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه صَحَابيٌّ صغير، وأنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وفتح الواو، وتَقَدَّمَ أنَّ (مَخْرَمة) والده: من مُسْلِمة الفَتْح.

(1/10508)

[حديث: أهدي لرسول الله فروج حرير فلبسه]

5801# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (يَزِيد بْن أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلة، وكسر الموحَّدة، و (أَبُو الخَيْرِ): اسمه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

قوله: (أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُّوجُ حَرِيرٍ): (أُهدِيَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (فَرُّوجُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ ما (الفَرُّوج) أعلاه وضبطه.

قوله: (فَلَبِسَهُ): كان هذا قبل تحريم الحرير على الرجال.

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ عَنِ اللَّيْثِ): الضمير في (تابعه) يعود على قتيبة بن سعيد، ومتابعة عبد الله بن يوسف عن الليث أخرجها البُخاريُّ في (الصلاة) عن عبد الله بن يوسف عن الليث به.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: فَرُّوجٌ حَرِيرٌ): هما مرفوعان منوَّنان في أصلنا، قال شيخُنا: كذلك تَقَدَّمَ له، إلَّا أنَّ في بعض الروايات أحدهما مشدَّد، والآخر مخفَّف، ويحتمل أن يريد أنَّ أحدهما غير مضاف، والآخرَ مضافٌ؛ كثوبِ خزٍّ، وبابِ حديدٍ، وفي بعض الكتب ضُبِطَ أحدُهما بِضَمِّ الفاء، والآخرُ بفتحها، والفتح أوجهُ؛ لأنَّ «فُعُّولًا» بالضمِّ ليس إلَّا في سُبُّوح، وقُدُّوس، وفُرُّوج، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: («وقال غيره: فرُّوجُ حريرٍ»؛ يعني: بالإضافة: هو أبو صالحٍ كاتبُ الليث، وكذا رواه يونس بن مُحَمَّد المؤدِّب عن الليث).

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10509)

[باب البرانس]

قوله: (بَابُ الْبَرَانِسِ): واحد (البرانس): برنس، وقد تَقَدَّمَ ما هو في (الحجِّ).

(1/10510)

[حديث: رأيت على أنس برنسًا أصفر من خز]

5802# قوله: (وَقَالَ لِي مُسَدَّدٌ): تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان)؛ فإنَّه كـ (حدَّثني)، غير أنَّه الغالبَ أَخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طرخان التيميُّ، تقدَّما.

قوله: (بُرْنُسًا): تَقَدَّمَ ما (البرنس).

قوله: (مِنْ خَزٍّ): (الخَزُّ)؛ بفتح الخاء المُعْجَمة، وبالزاي المُشَدَّدة: هو ما خُلِطَ بالحرير والوَبَر وشبهه، وأصله من وبر الأرنب، ويُسَمَّى ذَكَرُه خُززًا، فَسُمِّيَ وإن خُلِطَ بكلِّ وَبَرٍ خَزًّا؛ من أجل خَلْطِه به.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10511)

[حديث: لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات]

5803# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرفه.

قوله: (وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ): تَقَدَّمَ الكلام على (السراويل)، وكذا (الْبَرَانِسَ).

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10512)

[باب السراويل]

قوله: (بَابُ السَّرَاوِيلِ): تَقَدَّمَ، وأنَّه عليه السلام صحَّ أنَّه اشتراه، وتَقَدَّمَ الكلام في أنَّه لبسه أم لا؛ فانظره في (باب الصلاة في القميص، والسراويل، والتبان، والقَبَاء)، وتَقَدَّمَ بما اشتراه به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10513)

[حديث: من لم يجد إزارًا فليلبس سراويل]

5804# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (عَمْرو): هو ابن دينار، و (جَابِر بْن زَيْدٍ): هو أبو الشَّعْثَاء.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10514)

[حديث: لا تلبسوا القميص والسراويل والعمائم]

5805# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ؟): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفُه.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10515)

[باب العمائم]

(1/10516)

[حديث: لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة]

5806# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيانَ) بعد (عليِّ بن عبد الله): ابنُ عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10517)

[باب التقنع]

قوله: (بَابُ التَّقَنُّعِ): (التقنُّع): تغطية الرأس من داء ونحوِه، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (التطيْلُس)، وكلامُ ابن القَيِّم وغيرِه، في (حديث الهجرة) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ): وهي بفتح الدال وإسكان السين المُهْمَلتين، ممدودة، قال ابن قُرقُول: و (عصابة دسماء)، ويُروى: (دَسِمة)؛ بكسر السين؛ أي: لونها كلون الدسم؛ كالزيت وشبهه، وقيل: سوداء، وقد رُوِيَت هكذا: (وعليه عصابة سوداء)، ولم تكن دسماء لِما خالطها من الدسم، بل لأنَّ لونَها لونُ الدسم؛ كما يُقال: ثوب زيتيٌّ وجوزيٌّ، انتهى.

قوله: (عَصَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ): (عَصَبَ): بتخفيف الصاد وتشديدها، تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 563]

(1/10518)

[حديث: على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي]

5807# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ رِجَالٌ [1] مِنَ الْمُسْلِمِينَ): تَقَدَّمَ أنَّ الهجرة إلى أرض الحبشة كانت مرَّتين، وقد ذكرت ذلك وعدَّتهم في المرَّتين

[ج 2 ص 563]

في (هجرة الحبشة)؛ فانظره إن أردته.

قوله: (عَلَى رِسْلِكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بفتح الراء وكسرها باختلاف المعنى.

قوله: (أَوَ تَرْجُوهُ؟): هو بفتح الواو على الاستفهام، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (أو) إذا كانت للاستفهام؛ تكون واوُها مفتوحةً، وتَقَدَّمَ متى تُسَكَّن.

قوله: (وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ إحداهما ناقة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الجدعاء، أخذها عليه السلام منه بالثَّمَن، وقد قَدَّمْتُ كم الثَّمَن؛ وهو أربع مئة درهمٍ؛ وذلك لأنَّ الصِّدِّيق اشتراهما بثمان مئة درهمٍ، كما تَقَدَّمَ، ويُقال: إنَّها القصواء؛ وذلك لأنَّ الناقة التي هاجر عليها قال جماعة: إنَّها الجدعاء، وتَقَدَّمَ أنَّها القصواء، في (باب هجرة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابِه إلى المدينة)، وقبل ذلك أيضًا.

قوله: (وَرَقَ السَّمُرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ (نَحْر الظَّهِيرَةِ) ما هو، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ هذا القائل لا أعرفه، وكذا تَقَدَّمَ (التَّقَنُّع) ما هو، وكذا (فِدًى لَهُ أَبِي وَأُمِّي) على لفظ (فداء)، وعلى التفدية بالأبَوَين أو بأحدهما، و (أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ): بقطع الهمزة، وكسر الراء، رُبَاعيٌّ، فعل أمر، و (مَن): موصولة، وتَقَدَّمَ الكلام على (إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الصُحْبَة): أنَّه يجوز في تائها النصبُ والرفعُ، وهما ظاهران، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: (بِالثَّمَنِ)، وما الحكمة فيه، وأنَّه لم يأخذها إلَّا بالثمن في (باب الهجرة إلى المدينة) وقبلها.

(1/10519)

قوله: (أَحَثَّ الْجِهَازِ): هو بالثاء المثلَّثة المُشَدَّدة؛ أي: أَسْرَعه وأَعْجَله، وكذلك هو في أصلنا، وفي هامش أصلنا: (أحبَّ)؛ بالموحَّدة، وكتب عليها علامة راويها، ولم يذكر هذه ابنُ قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام (الْجهَاز)، وأنَّه بالفتح والكسر، وعلى (السُّفْرَة) ما هي، وأنَّها الزوَّادة [2]، وعلى (الجِرَاب)، وأنَّه بالكسر ويُفتَح، حكاه النَّوَويُّ، وعلى (النِّطَاق)، و (أَوْكَتْ): كذا في أصلنا هنا، وهو المعروف في اللُّغة، وفي نسخة على هامش أصلنا: (أوكأت)؛ بهمزة مفتوحةٍ بعد الكاف، وعليها علامة راويها، وأنا لا أعرف هذه اللُّغَةَ؛ فلتُتْبع، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على (جَبَلِ ثَوْرٍ)، وأنَّه بالثاء المثلَّثة المفتوحة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء، وعلى قوله: (فَمَكثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ... ) إلى آخره، وتَقَدَّمَ في بعض طرقه: (فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليالٍ ثلاث): صريحٌ في أنَّهما مكثا فيه ثلاثًا، وقد حكى بعضهم: (بضعَ عشرةَ يومًا)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذا _وهو (ثلاث) _ الصَّحيح، وتَقَدَّمَ الكلام على (لَقِنٌ) ضبطًا ومعنًى، وكذا (ثَقِفٌ)، وعلى (عَامِر بْن فُهَيْرَةَ)، وأنَّه قُتِل رضي الله عنه في بئر معونة، وتَقَدَّمَ متى كانت بئر معونة، وقد قَدَّمْتُ متى أسلم عامرُ بن فُهَيرة، وأنَّه أسلم قبل دخوله صلَّى الله عليه وسلَّم دار الأرقم، وتَقَدَّمَ الكلام على (المِنْحَة)، وأنَّها بكسر الميم، وإسكان النون، وهي هنا في أصلنا بفتح الميم والنون، وعلى التي بالكسر وإسكان النون تصويبٌ، وهذا هو المعروف، وتَقَدَّمَ ما (المنحة)، وتَقَدَّمَ الكلام على (الإِرَاحَة)، وعلى (الرِّسْل) ضبطًا، وما هو، وعلى (يَنْعِقَ) ضبطه ومعناه.

(1/10520)

[باب المغفر]

قوله: (بَابُ الْمِغْفَرِ): هو بكسر الميم، وإسكان الغين المُعْجَمة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ راء، وقد تَقَدَّمَ ما هو.

==========

[ج 2 ص 564]

(1/10521)

[حديث: أن النبي دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر]

5808# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ): تَقَدَّمَ أنَّ الفتح كان في رمضان سنة ثمان، وتَقَدَّمَ متى كان من الشَّهر بالاختلاف فيه.

قوله: (وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ): في هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (قال الحافظ أبو ذرٍّ: لم يروِ حديث المِغْفَر عن الزُّهريِّ إلَّا مالكٌ) انتهى، وأصل هذا الكلام للتِّرمذيِّ في «سننه» قال عقيب الحديث: (لا نعرف كثيرَ أحدٍ رواه غيرُ مالك عن الزُّهريِّ) انتهى، قال شيخنا العراقيُّ فيما قرأته عليه في «النُّكَت على ابن الصَّلاح»: (وقد ورد من عدَّة طرق غير طريق مالك من رواية ابن أخي الزُّهريِّ، وأبي أويس عبد الله بن عبد الله بن أبي عامر، ومَعْمَر، والأوزاعيِّ؛ كلُّهم عن الزُّهريِّ)، انتهى، ورواه أيضًا ابن جُمَيع بإسناده إلى ابن لَهِيعَة عن عُقَيل عن الزُّهريِّ، قال شيخنا العراقيُّ: (فأمَّا رواية ابن أخي الزُّهريِّ عنه؛ فرواها البزَّار في «مسنده»، وأمَّا رواية أبي أويس؛ فرواها ابن سعد في «الطَّبقات» وابن عديٍّ في «الكامل» في ترجمة أبي أويس، وأمَّا رواية مَعْمَر؛ فذكرها ابن عديٍّ في «الكامل»، وأمَّا رواية الأوزاعيِّ؛ فذكرها المِزِّيُّ في «الأطراف»)، انتهى، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (رواية الأوزاعيِّ وصلها تمَّام في «فوائده»)، انتهى، وأمَّا رواية عُقَيل عن الزُّهريِّ؛ فقد عزوتُها أنا أعلاه، والله أعلم.

(1/10522)

تنبيهٌ: ذكر ابن مُسدي في «معجم شيوخه»: أنَّ أبا بكر بن العربيِّ قال لأبي جعفر المرخيِّ حين ذكر له أنَّه لا يُعرَف إلَّا مِن حديث مالك عن الزُّهريِّ: وقد رويتُه من ثلاثةَ عشرَ طريقًا غير طريق مالك، فقالوا له: أفِدْنا هذه الفوائدَ، فوعدهم، ولم يُخرِج لهم شيئًا، ثُمَّ تعقَّب ابن مُسدي هذه الحكاية بأنَّ [1] شيخه فيها _وهو أبو العَبَّاس العشَّاب_ كان مُتعصِّبًا على ابن العربيِّ؛ لكونه مُتعصِّبًا على ابن حزم، فالله أعلم)، انتهى، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (وقد تتبَّعت طرقه، فوقع لي عن ستَّةَ عشرَ نفسًا روَوه عن الزُّهريِّ غير مالك، وقد أشرت إليها في «فتح الباري»، وذكرت من خرَّجها أو ذكرها، وظهر لي مِن ذلك أنَّ الحكاية صحيحة، وأنْ لا حاجة لتهمة أحدٍ، وأنَّ ابن العربيِّ إنَّما لم يخرِّج لهم شيئًا تأدُّبًا لهم؛ لأنَّهم أنكروه عليه، وظهر له منهم التَّكذيب، فحرمهم، هذا الذي أظنُّه، والله أعلم)، انتهى.

وقد ذكرت هنا ابن مُسدي، فتعيَّن أن نُعرِّفه، فنقول: هو مُحَمَّد بن يوسف بن مُسدي أبو بكر المهلبيُّ الغَرناطيُّ المجاور، كان من بحور العلم، ومن كبار الحُفَّاظ، له أوهام، وفيه تشيُّع، قال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: (ورأيت جماعة يضعِّفونه، وله «معجم» في ثلاث مجلَّدات كبار طالعته، وعلَّقت منه كثيرًا، قُتِل بمكَّة سنة «663 هـ»)، انتهى، وقال الحافظ قطب الدين عبد الكريم الحلبيُّ في ترجمة ابن مُسدي: إنَّه رأى (مسدي) بخطِّه: (مُسْدٍ)؛ على الميم ضمَّة، وعلى السِّين المُهْمَلة سكون، وتحت الدال المُهْمَلة كسرتين، وقال أيضًا في ترجمته ما لفظه: (قال الشيخ أبو حَيَّانَ الأندلسيُّ: أخبرني شيخنا النَّاقد أبو عليِّ بن أبي الأحوص: أنَّ بعض شيوخهم مِن أهل الأندلس عمل أربعين حديثًا، فأخذها ابن مُسدٍ، ووصل بها أسانيده وادَّعاها) انتهى.

(1/10523)

وقد ذكر المِزِّيُّ هذا الحديث في ترجمة مالك عن الزُّهريِّ عن أنس، وقال بعد تطريفه: (زَ) _يعني: زاد المِزِّيُّ_: رواه أبو أويس ومُحَمَّد بن عبد الله ابن أخي الزُّهريِّ عن الزُّهريِّ، وروي عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعيِّ، عن الزُّهريِّ، انتهى، وإنَّما عُدَّ في أفراد مالك: (أنَّه عليه السلام دخلها يوم الفتح، وعليه عمامة سوداء)، كما أخرجه التِّرْمِذيُّ من حديث حمَّاد بن سلمة، عن أبي الزُّبَير، عن جابر، ثُمَّ قال: حسن، ولم يكن عليه مِغْفَرٌ، ويمكن أن يكون عليه مِغْفَرٌ وتحته عمامة سوداء؛ لتتَّفق الروايات ولا تتباينُ، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (بأنَّه)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 564]

(1/10524)

[باب البرود والحبرة والشملة]

قوله: (بَابُ الْبُرُودِ وَالْحِبَرَةِ): هي بكسر الحاء المُهْمَلة، وفتح الموحَّدة، بوزن: (عِنَبَة)، وهو بُرد مُوشًّى مُخطَّط.

قوله: (وَالشَّمْلَةِ): هو كساء يُشتمَل به، وقيل: إنَّما (الشَّملة)؛ إذا كان لها هُدْبٌ، وقال ابن دريد: هو كساء يُؤْتزر به، وقال الخليل: الشِّملة، وكلُّ شملة: ما اشتمل به الإنسان من الملاحف والبُرود، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (وَقَالَ خَبَّابٌ): هو بفتح الخاء المُعْجَمة، وتشديد الموحَّدة، وهو ابن الأرتِّ، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 564]

(1/10525)

[حديث: كنت أمشي مع رسول الله وعليه برد نجراني]

5809# قوله: (نَجْرَانِيٌّ): هو منسوب إلى نَجْران؛ مدينة معروفة، وهي بين مكَّة واليمن، على سبع مراحل من مكَّة، وقد تَقَدَّمَتْ.

قوله: (فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الأعرابيَّ) لا أعرف اسمه.

قوله: (فَجَذَبَهُ [1] بِرِدَائِهِ): صوابه: (ببُردِه)؛ لقوله في أوَّله: (عَلَيهِ بُردٌ نَجْرَانِيٌّ)، قاله بعضهم، انتهى، وقد يكون البُردْ مرتديًا به، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَجَبَذَهُ).

[ج 2 ص 564]

(1/10526)

[حديث: والله ما سألتها إلا لتكون كفني يوم أموت]

5810# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ): هذه (المرأة) لا أعرف اسمها.

قوله: (فَجَسَّهَا فُلَانٌ [1]، فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ اكْسُنِيهَا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل هو عبد الرحمن بن عوف، أحد العشرة رضي الله عنهم، وقد تَقَدَّمَ ما قاله شيخنا فيه في بعض شروح الفقه.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رجلٌ من القوم).

[ج 2 ص 564]

(1/10527)

[حديث: تدخل الجنة من أمتي زمرة هي سبعون ألفًا]

5811# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب)؛ بفتح الياء وكسرها، وغيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

[ج 2 ص 564]

قوله: (فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالتَّشديد والتَّخفيف، وتَقَدَّمَ ضبط (مِحْصَن)، وما وقع فيه، و (الأَسَدِيُّ)؛ بفتح السِّين.

قوله: (نَمِرَةً): هي بفتح النُّون، وكسر الميم، تَقَدَّمَ أنَّها شملة مُخطَّطة من صوف، قيل: فيها أمثال الأَهِلَّة.

قوله: (ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الرجل الأنصاريَّ) الذي قام ثانيًا: قيل: هو سعد بن عبادة، قاله الخطيب البغداديُّ، كما نقله عنه الشَّيخ محيي الدين النَّوَويُّ.

(1/10528)

[حديث: أي الثياب كان أحب إلى النبي]

5812# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ): هو عَمرو بن عاصم الكلابيُّ الحافظ، عن جدِّه عبيد الله بن الوازع، وعمر بن أبي زائدة، وشعبة، وعنه: البُخاريُّ، وعبد بن حُمَيد، وخلق، قال: كتبت عن حمَّاد بن سلمة بضعةَ عشرَ ألفًا، تُوُفِّيَ سنة (213 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال النَّسَائيُّ: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: لا يُحتجُّ بعمرٍو، وقال أبو داود: لا أنشط لحديثه، له ترجمة في «الميزان»، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (الْحِبَرَةُ): تَقَدَّمَ ضبطها قريبًا، وما هي.

(1/10529)

[حديث: كان أحب الثياب إلى النبي أن يلبسها الحبرة]

5813# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذٌ): هذا هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10530)

[حديث: أن رسول الله حين توفي سجي ببرد حبرة]

5814# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرحمن بن عوف؛ كما نسبه هنا الزُّهريُّ، أحد الفقهاء السبعة، على قول الأكثر.

قوله: (سُجِّيَ): هو بِضَمِّ السين، وكسر الجيم المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه؛ أي: غُطِّي.

قوله: (بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ): وقد قَدَّمْتُ كلام ابن قُرقُول في (الجنائز)، وأنَّ الدَّاوديَّ قال: هو ثوب أخضر، وقال ابن الأثير: (والحبير من البرود: ما كان مُوشَيًا مُخطَّطًا، يقال: بردٌ حبيرٌ، وبردٌ حِبَرَةٌ _بوزن «عِنَبَة» _ على الوصف والإضافة، وهو برد يمان، والجمع: حبر وحبرات)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10531)

[باب الأكسية والخمائص]

قوله: (بَابُ الأَكْسِيَةِ وَالْخَمَائِصِ): (الخمائص): جمع (خَمِيْصَة)، وهي بفتح الخاء المُعْجَمة، وكسر الميم، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة مفتوحة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وهي كما قال ابن قُرقُول: (كساء من خزٍّ أو صوف مُعلَّمة كانت لباس الناس، قال غيره: هو البرنكان الأسود، وقال أبو عبيدة: هو كساء مُربَّع له عَلَمان، وقال الجوهريُّ: هو كساء رقيقٌ أصفرُ، أو أحمرُ، أو أسودُ)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ الجوهريَّ هذا ليس بصاحب «الصَّحاح»، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10532)

[حديث عائشة وابن عباس: لعنة الله على اليهود والنصارى ... ]

5815# 5816# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وتَقَدَّمَ أنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْن شِهَاب): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح النُّون والزَّاي، وقد تَقَدَّمَ أنَّ النَّوَويَّ ضبطه: بِضَمِّ النُّون، وكسر الزَّاي، مبنيًّا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وقد تَقَدَّمَ في (باب ما ذكر في بني إسرائيل)، والله أعلم.

قوله: (طَفِقَ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الفاء وفتحها، والكسر أفصح؛ ومعناه: جعل، و (الخَمِيصَة): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا ما هي.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10533)

[حديث: أخرجت عائشة كساء وإزارًا غليظًا قبض روح النبي ... ]

5818# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) [1]: (إسماعيل) هذا بعد (مُسدَّد): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، أحد الأعلام، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو بُرْدَةَ): ابن أبي موسى الأشعريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث أو عامر القاضي، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (قُبِضَ رُوحُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قُبِضَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (روحُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وتَقَدَّمَ أنَّ (الرُّوح) تُؤنَّث وتُذكَّر.

==========

[1] هذا الحديثُ حديثُ مُسدَّد جاء في «اليونينيَّة» لاحقًا بعد حديث موسى وتقديمه رواية أبي ذرٍّ، وعلى الحديثين في (ق) علامة تقديم وتأخير.

[ج 2 ص 565]

(1/10534)

[حديث: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم]

5817# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (فِي خَمِيصَةٍ [1] لَهَا أَعْلَامٌ): تَقَدَّمَ ما (الخميصة).

قوله: (إِلَى أَبِي جَهْمٍ): تَقَدَّمَ الكلام على اسم (أبي جهم) هذا، وأنَّه عامر _وقيل: عُبيد_ ابن حذيفة بن غانم، وسيأتي قريبًا نسبته كذلك، وأنَّه من بني عديِّ بن كعب، انتهى، القرشيُّ العدويُّ، أسلم يوم الفتح.

قوله: (آنِفًا): تَقَدَّمَ أنَّه بالمدِّ والقصر؛ لغتان، وأنَّهما قراءتان، وتَقَدَّمَ الكلام على (الأَنْبَجَانِيَّة) ولغاتها في أوائل هذا التَّعليق.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (له).

[ج 2 ص 565]

(1/10535)

[باب اشتمال الصماء]

قوله: (بَابُ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ): هي بفتح الصاد المُهْمَلة، وتشديد الميم، وبالمدِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه الالتفاف في ثوب واحد مِن رأسه إلى قدمَيه، يجلِّل به جسده، وتُسمَّى: الشَّمْلة الصَّمَّاء، سُمِّيت بذلك؛ لشدِّها وضمِّها جميع الجسد، ومنه: صمام القارورة، قال ابن قُرقُول: (وهذا قول أهل اللُّغة، فأمَّا قول مالك وجماعة من الفقهاء؛ فهو عندهم: الالتحاف بثوب واحد، ويرفع جانبه عن كتفه، وهو بغير إزار، فيُفضِي ذلك إلى كشف عورته)، وسيأتي بُعَيد هذا تفسيرها بذلك في الحديث، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10536)

[حديث: نهى النبي عن الملامسة والمنابذة]

5819# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَار، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثَّقفيُّ الحافظ، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، و (خُبَيْب) بعده: هو بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة، وفتح الموحَّدة، وهو ابن عبد الرَّحمن، و (حَفْص بْن عَاصِمٍ): هو ابن عُمر بن الخطَّاب.

قوله: (عَنِ الْمُلَامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ): تَقَدَّمَ تفسيرهما، وسيأتي قريبًا في الحديث.

==========

[ج 2 ص 565]

(1/10537)

[حديث: نهى رسول الله عن لبستين وعن بيعتين]

5820# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أعلاه أنَّه ابن عبد الله بن بُكَيْر، وتَقَدَّمَ ضبطه، وكذا تَقَدَّمَ (اللَّيْثُ)، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ [1]، و (ابْنُ شِهَاب): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، و (عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِي): سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه.

[ج 2 ص 565]

قوله: (عَنْ لِبْسَتَيْنِ): هي _بكسر اللَّام_ الهيئة، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (البَيْعَة)؛ بفتح الباء، وضبطها بعضهم بكسرها: الهيئة، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ) وهنا تفسيرهما، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الصَّمَّاءِ) قريبًا وبعيدًا، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (الاحْتِبَاء): أن ينصب ساقيه، ويُدِير عليهما ثوبَه أو يعقد يديه على ركبتيه مُعتمِدًا على ذلك، والاسم: الحبوة؛ بالضَّمِّ والكسر، والحُبْية والحِبية؛ بالياء، والله أعلم.

(1/10538)

[باب الاحتباء في ثوب واحد]

قوله: (بَابُ الاِحْتِبَاءِ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (الاحتباء).

==========

[ج 2 ص 566]

(1/10539)

[حديث: نهى رسول الله عن لبستين أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد]

5821# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر، على الأصحِّ مِن نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (عَنْ لِبْسَتَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر اللَّام، وكذا (الاحْتِبَاء): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، وكذا (الْمُلَامَسَة وَالْمُنَابَذَة) تقدَّمتا، وتَقَدَّمَ تفسيرهما في الحديث قريبًا.

(1/10540)

[حديث: أن النبي نهى عن اشتمال الصماء]

5822# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ [1]: أَخْبَرَنَا [2] مَخْلَدٌ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سلَام، قاله الجَيَّانيُّ في «تقييده»، و (مَخْلَد): هو بفتح الميم، وإسكان الخاء، وهو ابن يزيد، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِي): سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه.

قوله: (نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ): تَقَدَّمَ تفسيرها قريبًا وبعيدًا، وكذا تَقَدَّمَ (الاحْتِبَاء فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) ما هو.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرني).

[ج 2 ص 566]

(1/10541)

[باب الخميصة السوداء]

قوله: (بَابُ الْخَمِيصَةِ السَّوْدَاءِ): تَقَدَّمَ ما (الخميصة) قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 566]

(1/10542)

[حديث: أتي النبي بثياب فيها خميصة سوداء]

5823# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ): هو إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي بن سعيد الأمويُّ الكوفيُّ، عن أبيه وعكرمة بن خالد، وعنه: ابن عيينة، ووكيع، وأبو الوليد الطَّيالسيُّ، وأبو نعيم، وجماعة، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ وغيره، وقال أبو داود: مات سنة سبعين ومئة، وقال البُخاريُّ: يقال: مات سنة ستٍّ وسبعين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وإنَّما ذكرت ترجمته؛ ليُعرَف نسبه، فإنَّ فيه: (عَنْ أَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ فُلَانٍ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي)، وفي بعض النسخ بعد (فلان): (هو عمرٌو)، وأمَّا (أبوه سعيد بن عمرو)؛ فقد قال النَّسَائيُّ: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال الزُّبَير: كان من علماء قريش بالكوفة، وولده بها، قال الذَّهَبيُّ من زياداته على المِزِّيِّ: (قلت: عاش إلى أن وفد على الوليد بن يزيد)، انتهى، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، و (أُم خَالِدٍ بِنْت خَالِدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمها: أمةُ _من غير إضافة_ بنت خالد بن سعيد بن العاصي الأمويَّة، وُلِدت بالحبشة، تزوَّجها الزُّبَير، فولدت له خالدًا وعَمرًا، ولها صحبة، وقد تَقَدَّمَتْ رضي الله عنها.

قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (فِيهَا خَمِيصَةٌ): تَقَدَّمَ ما (الخميصة) قريبًا وبعيدًا.

قوله: (مَنْ تَرَوْنَ): هو بفتح المُثَنَّاة فوق.

قوله: (فَأُتِيَ بِهَا): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا (تُحْمَلُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

قوله: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي): هو بقطع همزة (أبْلِي)، ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ لام مكسورة، و (أخلقي) كذلك بقطع الهمزة، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ لام مكسورة، ثُمَّ قاف، قال ابن قُرقُول: («وأخلفي»: كذا لأبي ذرٍّ والمروزيِّ بالفاء، ولغيرهما: بالقاف؛ مِن إخلاق الثَّوب، ومعناه بالفاء: أن تَكتَسِب خلفه بعد بلاه، يقال: خلف الله لك مالًا، وأخلفه، وهو الأشهر، رُبَاعيٌّ)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

(1/10543)

قوله: (هَذَا سَنَّاهْ وَسَنَّاهْ [1] بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ): (سنَّاه سنَّاه)، وفي أخرى: (سنَّه سنَّه)؛ كلُّها بفتح السين، وشدِّ النُّون إلَّا عند أبي ذرٍّ، فإنَّه خفَّف النون إلَّا القابسيَّ، فإنَّه كسر السين من (سِنا)، ومعنى هذه الكلمة: حسنة بالحبشيَّة، وقال عكرمة: سنا: الحسن، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) بعد الإصلاح، وفي «اليونينيَّة»: (سنَاه سنَاه)؛ بتخفيف النُّون.

[ج 2 ص 566]

(1/10544)

[حديث: يا أنس انظر هذا الغلام فلا يصيبن شيئًا حتى تغدو به ... ]

5824# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن عون ابن أمير مصر، عبد الله بن عون ابن أمير مصر لم يرو له البُخاريُّ شيئًا؛ إنَّما روى له مسلم والنَّسَائيُّ، وقد قَدَّمْتُ ذلك مرارًا، و (مُحَمَّد) هذا: هو مُحَمَّد بن سيرين، أحد الأعلام.

قوله: (لَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليها والاختلاف في اسمها، وأنَّها بِضَمِّ السين، وفتح اللَّام، زوج أبي طلحة زيدِ بن سهل، وهذا الغلام هو عبد الله بن أبي طلحة، وكذا جاء مُسمًّى في بعض طرقه.

قوله: (فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ): تَقَدَّمَ ما (الحائط).

قوله: (خَمِيصَةٌ): تَقَدَّمَتْ قريبًا وبعيدًا.

قوله: (حُرَيْثِيَّةٌ): هو بالحاء المُهْمَلة المضمومة، وفتح الرَّاء، ثُمَّ مثناة تحت ساكنة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثة مكسورة، ثُمَّ ياء النِّسبة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: («جونيَّة»: منسوبة إلى بني الجون؛ قبيلة من الأزد، أو إلى لونها مِن السواد، أو البياض، أو الحمرة؛ لأنَّ العرب تُسمِّي كلَّ لون مِن هذه: جَوْنًا، وهذه رواية ابن الحَذَّاء، وفي «البُخاريِّ»: «حريثيَّة»: منسوبة إلى حُرَيث؛ رجل من قضاعة، وصوَّب هذا بعضُهم، وكذا في «كتاب مسلم» عند بعض رواته، وفي «البُخاريِّ» أيضًا عند ابن السكن: «خيبريَّة»: إلى خيبر، وعند العذريِّ في «مسلم»: «حَوثنيَّة»؛ بالحاء، والواو، ثُمَّ الثَّاء المُثلَّثة، ثُمَّ نون، قيل: معناه: ملفوفة الهُدب، وعند القابسيِّ: «حُوَيتِيَّة»؛ من الحوت؛ مُصغَّر، وعند الهوزنيِّ: «حَوْنيَّة»؛ بنون بعد الواو، وهذه كلُّها تصاحيف إلَّا الوجهين الأوَّلين)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ مرَّة أخرى وفي هامش نسخة صحيحة بـ «البُخاريِّ» عن الصغانيِّ ما لفظه: (وقع في بعض النُّسخ: «حُرَيْثيَّة»، وهو تصحيف لا محالة، والصواب: «حوتكيَّة»، فصُحِّفتِ الواو بالرَّاء، والتَّاء بالياء، والكاف إذ كانت غير ممطوطة بالثَّاء، وخرَّجه الإسماعيليُّ بهذا الإسناد بعينه،

[ج 2 ص 566]

(1/10545)

فقال: (حوتكيَّة) على الصواب، والحوتكيَّة ههنا: القصيرة، وهي في معنى (الشَّملة)، ومنه ما رُوِي عن عرباض بن سارية رضي الله عنه أنَّه قال: (كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يخرج علينا في الصُّفَّة وعليه الحوتكيَّة ... )؛ الحديث، قال شمر: قال أبو سعيد: عمَّة يعتمُّها الأعراب يسمُّونها بهذا الاسم، والحوتكيُّ والحوتكة: القصير، انتهى ببعض اختصار.

قوله: (وَهْوَ يَسِمُ): أي: يُعلِّم.

(1/10546)

[باب ثياب الخضر]

(1/10547)

[حديث: أن رفاعة طلق امرأته فتزوجها عبد الرحمن]

5825# قوله: (حَدَّثَنَي [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَارٌ، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: ابن عبد المجيد الثَّقفيُّ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام.

قوله: (عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): وهذا ممَّا انفرد به البُخاريُّ عن الأئِمَّة السِّتَّة، ولم يصرِّح هنا عكرمة بأنَّ عائشة حدَّثته أو أخبرته، ولا بالسَّماع منها، وقد قال العلائيُّ في «مراسيله» في عكرمة ما لفظه: (قال ابن المدينيِّ: لا أعلمه سمع مِن أحد من أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم شيئًا، وقال أبو حاتم: لم يسمع مِن سعد بن أبي وقَّاص ولا من عائشة)، انتهى، فعلى هذا؛ الحديث مُرْسَل، وقد أخرج البُخاريُّ حديثًا عنه عن عائشة في (اعتكاف المستحاضة) وقد عنعن فيه، ولم أرهم ذكروه في المُدلِّسين، وقد أخرج له التِّرْمِذيُّ حديثًا عنها، وقال: حسن صحيح، وعجبٌ من البُخاريِّ مِن كونه دخل عليه ذلك، وحديثه عنها في (اعتكاف المستحاضة) أخرجه مع البُخاريِّ أبو داود، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، والله أعلم، ولولا أنَّ البُخاريَّ ثبت عنده لقاء عكرمة لعائشة؛ لم يخرِّج له عنها شيئًا؛ لأنَّه اشترط ثبوت اللِّقاء، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ رِفَاعَةَ): هو رفاعة القرظيُّ، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى (امْرَأَته) في (الطَّلاق)، وبُعيده قريبًا؛ فانظره، وتَقَدَّمَ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ)، وأنَّه بفتح الزَّاي، وكسر الموحَّدة، وقَدَّمْتُ نسبه، وأنَّ (الزَّبَير): اسم الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى، قاله الجوهريُّ في «صحاحه».

قوله: (لَجِلْدُهَا): اللَّام مفتوحة؛ لام التَّأكيد، و (جلدُها) مَرْفوعٌ مبتدأٌ، و (أَشَدُّ): خبره مَرْفوعٌ أيضًا، و (ابْنَاهُ) لا أعرف اسمَيهِما.

قوله: (وَأَخَذَتْ هُدْبَةً): تَقَدَّمَ ضبط (الهُدْبَة)، وما هي.

قوله: (فَإِنْ [كَانَ] ذَلِكِ): هو بفتح الكاف في أصلنا، وصوابه الكسر؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا جليٌّ ظاهرٌ.

قوله: (حَتَّى يَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِكِ): تَقَدَّمَ الكلام على (العُسَيلة) ما هي.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (حدَّثنا).

[ج 2 ص 567]

(1/10548)

[باب الثياب البيض]

(1/10549)

[حديث: رأيت بشمال النبي ويمينه رجلين عليهما ثياب بيض]

5826# قوله: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمة، العَبْديُّ.

قوله: (رَأَيْتُ بِشِمَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَمِينِهِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يَوْمَ أُحُدٍ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ): في «مسلم»: (يعني: جبريل وميكائيل).

==========

[ج 2 ص 567]

(1/10550)

[حديث: ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك ... ]

5827# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن سعيد، أبو عبيدة، الحافظ، تَقَدَّمَ، و (الْحُسَيْنِ) بعده: هو ابن ذكوان، المعلِّم البصريُّ الثِّقة، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح المُثَنَّاة تحت، وفتح الميم، غير مصروف، وتَقَدَّمَ ما نقله ابن قُرقُول عن البُخاريِّ في اليعمُريِّ مِن أنَّه بِضَمِّ الميم أيضًا، فيجيء في الاسم مثله، والله أعلم، و (أَبُو الأَسْوَدِ الدِّيليُّ): اسمه ظالم بن عمرو، وقيل: عمرو بن سفيان، وقال الواقديُّ: عُوَيمِر بن ظُوَيلِم، ترجمته معروفة، فلا نطوِّل بها، أخرج له الأئِمَّة السِّتَّة، وهو ثقة، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه واسم أبيه، والأكثر: جندب بن جنادة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ): هو بفتح الرَّاء، وإسكان الغين، المصدر، وفيه ضمُّ الرَّاء، وكسرها؛ ثلاث لغات في المصدر مع إسكان الغين، وأمَّا قوله: (وِإِنْ رَغَمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ) الآتية؛ فإنَّه بفتح الرَّاء والغين، ويجوز كسر الغين أيضًا [1].

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 567]

(1/10551)

[باب لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه]

قوله: (بَابُ لُبْسِ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ): ذكرتُ في لُبْس الحرير في الجملة عشرةَ أقوال، وذلك في (باب لُبْس الحرير في الحرب) في (كتاب الجهاد).

==========

[ج 2 ص 567]

(1/10552)

[حديث: أن رسول الله نهى عن الحرير إلا هكذا]

5828# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن مِلٍّ، وتَقَدَّمَتِ اللُّغات في (مِلٍّ).

قوله: (بأَذْرَبِيجَانَ): (أذربيجان): تقدَّم الكلام على ضبطها، وعلى موانع الصَّرف فيها في (باب جمع القرآن) مُطَوَّلًا.

قوله: (إِلَّا هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ ... ) إلى آخره: وكذا الطَّريق بعده: السَّبَّابَة وَالوُسْطَى، وقد أخرج مسلم من حديث عمر رضي الله عنه: (نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن لبس الحرير إلَّا موضع إصبعَين، أو ثلاث، أو أربع)، وفي «أبي داود»: (ثلاثة أو أربعة)، والظاهر أنَّ هذا ليس شكًّا مِن الراوي، وإنَّما هو تفصيلٌ للإباحة كما يقال: خذ واحدًا، أو اثنين، أو ثلاثة؛ يعني: خذْ ما شئت مِن ذلك، و [الله] أعلم.

(1/10553)

[حديث: كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان أن النبي نهى عن لبس الحرير]

5829# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية أبو خيثمة، و (عَاصِمٌ): تَقَدَّمَ أنَّه عاصم الأحول ابن سليمان، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

قوله: (إِنَّ [1] النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ): (إنَّ)؛ بالكسر؛ لأنَّها [2] ابتدائيَّة، ويجوز أن تُفتَح؛ لما تَقَدَّمَ قبلها.

قوله: (وَرَفَعَ زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه زُهير بن معاوية أبو خيثمة.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (أنَّ)، وفي (ق) بالفتح والكسر.

[2] في (أ): (لأنَّ)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 567]

(1/10554)

[حديث: كنا مع عتبة فكتب إليه عمر أن النبي قال: لا يلبس الحرير .. ]

5830# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (التَّيْمِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن طرخان، و (أَبُو عُثْمَان): هو النَّهديُّ، تَقَدَّمَ أعلاه.

قوله: (وَنَحْنُ [1] مَعَ عُتْبَةَ): هو عتبة بن فرقد، أبو عبد الله، السُّلميُّ الصَّحابيُّ، نزل الكوفة، وكان من أشراف قومه، له عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وعن عمر، وعنه: قيس بن أبي حَازم، والشَّعْبيُّ، وعرفجة الثَّقفيُّ، وغيرُهم، وقد وُلِّي بعض الفتوحات، أخرج له النَّسَائيُّ، وقد شهد خيبر.

قوله: (إنَّ [2] النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (إنَّ)؛ بالكسر على الابتداء، ويحوز فتحها، وانظر ما قبلها؛ تعرفْ ذلك.

قوله: (لَا يُلْبَسُ الْحَرِيرُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لَمْ يَلْبِسْهُ [3] فِي الآخِرَةِ): سأذكر في هذا سؤالًا وجوابه فيما يأتي قريبًا جدًّا، وقد تَقَدَّمَ أيضًا إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قال [4]: حَدَّثَنَا أَبِي): هو معتمر بن سليمان بن طرخان، تقدَّما، و (أَبُو عُثْمَانَ): عبد الرحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّمَ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كنَّا).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (أنَّ)، وفي (ق) بالفتح والكسر.

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لم يُلْبَسْ).

[4] (قال): ليس في «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 567]

(1/10555)

[حديث: الذهب والفضة والحرير والديباج هي لهم في الدنيا]

5831# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة القاضي، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا عبد الرحمن بن أبي ليلى، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

قوله: (بِالْمَدَايِنِ): تَقَدَّمَ أنَّها مدائن كسرى، وتَقَدَّمَ (الدِّهْقَان): لا أعرف اسمه، ومِن أيِّ شيء سُمِّي دِهْقَانًا.

==========

[ج 2 ص 567]

(1/10556)

[حديث: من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة]

5832# قوله: (قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لَهُ [1]): أي: لعبد العزيز بن صُهَيب.

[ج 2 ص 567]

قوله: (فَقَالَ: شَدِيدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال ابن قُرقُول: («شديدًا عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم»؛ يعني: حقًّا صحيحًا عنه)، انتهى، وفي هامش أصلنا: (قال أبو ذرٍّ: يعني: أنَّ رفعه شديد)، انتهى، والذي ظهر لي أنَّه رفع صوته شديدًا، فقال: (عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، يؤكِّد رفعه إليه عليه السَّلام، ونزِّلْ كلامَ أبي ذرٍّ على ما قلتُه؛ تَجِدْه هو، والله أعلم، ولو فُرِض أنَّه لم يرفعه لفظًا؛ فهو مَرْفوعٌ معنًى؛ لأنَّ مثله لا يقال من قِبَلِ الرَّأي والاجتهاد كما نصَّ عليه الشَّافِعيُّ وغيرُه فيما قدَّمته؛ أعني: فيما قاله الصَّحابيُّ موقوفًا عليه، ومثله لا يقال مِن قِبَل الرَّأي؛ فإنَّه مَرْفوعٌ، والله أعلم.

(1/10557)

قوله: (مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا؛ فَلَنْ يَلْبَسَهُ فِي الآخِرَةِ): اعلم أنَّ لابس الحرير في الدُّنيا؛ إذا لم يتُبْ منه، وكذلك شارب الخمر؛ إذا لم يتب منه، وكذلك مَنِ استعمل آنيةَ الذَّهب والفضَّة؛ إذا لم يتب مِن استعمالها، وقد روى أبو موسى الأشعريُّ: (أنَّه قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «من استمع إلى صوت غناء؛ لم يُؤذَن له أن يسمع الرُّوحانِيِّين»، قيل: وما الرُّوحانيُّون يا رسول الله؟ قال: «قرَّاء أهل الجنَّة»)، أخرجه التِّرْمِذيُّ مُحَمَّد بن عليٍّ الحكيم في «نوادره»، وقد قيل: إنَّ حرمانه للخمر، ولباسه الحرير، وشربه في إناء الذَّهب والفضَّة، واستماعه للرُّوحانيِّين؛ إنَّما هو في الوقت الذي يُعذَّب فيه في النَّار، ويُسقَى من طينة الخبال، فإذا خرج من النَّار بالشفاعة أو بالرَّحمة العامَّة المُعبَّر عنها في الحديث بالقُبضَة؛ دخل الجنَّة، ولم يحرُم عليه شيء منها؛ لا خمر ولا حرير ولا غيره؛ لأنَّ حرمان الشيء من لذَّات الدُّنيا لمن في الجنَّة نوعُ عقوبة ومؤاخذةُ، والجنَّة ليست بدار عقوبة ولا مُؤاخَذة، ولكنَّ حديث أبي سعيد الآتي يردُّ هذا القول، وكما لا يشتهي منزلة مَن هو أرفع منه وليس ذلك بعقوبة؛ كذلك لا يشتهي خمر الجنَّة ولا حريرها ولا يكون ذلك عقوبة، وحديث أبي سعيد المشار إليه رواه أبو داود الطَّيالسيُّ، وفيه: (وإن دخل الجنَّة؛ لبِسه أهل الجنَّة، ولم يَلبسْهُ هو)، قال الإمام القُرْطُبيُّ في «تذكرته»: (وهذا نصٌّ صريح، وإسناد صحيح)، ثُمَّ قال: (وإن كان ذلك من قول الراوي على ما ذُكِر: أنَّه موقوف؛ فمثله لا يقال بالرَّأي) انتهى، والله أعلم، وفي «التُّحفة على المنهاج» لشيخنا المؤلِّف حين ذكر حديث أبي موسى مرفوعًا: («من لبس في الدُّنيا؛ لم يلبسه في الآخرة» مُتَّفق عليه، ثُمَّ قال: وعن أبي سعيد الخُدْريِّ قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بمثله بزيادة: «وإن دخل الجنَّة؛ لَبِسَهُ أهل الجنَّة ولم يَلْبَسْهُ هو»، رواه ابن حِبَّان والحاكم في «صحيحهما»، وقالا: صحيح)، انتهى.

(1/10558)

[حديث: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة]

5833# قوله: (عَنْ ثَابِتٍ): هو ثابت بن أسلم البنانيُّ.

==========

[ج 2 ص 568]

(1/10559)

[حديث عمر: من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة]

5834# قوله: (عَنْ أَبِي ذبْيَانَ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ): (أبو ذُبْيَانَ)؛ بِضَمِّ الذال المُعْجَمة وكسرها _قال الذَّهَبيُّ: (وبالكسر أفصح) _ ثُمَّ مُوَحَّدَة ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، وَثَّقَهُ النَّسَائيُّ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسَائيُّ، و (ابْنُ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام الخليفةُ رضي الله عنه.

(1/10560)

قوله: (وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج الحافظ، وفي نسخة: (وقال لنا)، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وأَوْلَى منها: (قال لنا)، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة، الحافظ، و (يَزِيد): هو يزيد بن أبي يزيد الضُّبَعيُّ الرِّشْك، و (الرِّشْك)؛ بكسر الرَّاء، وإسكان الشين المُعْجَمة، ثُمَّ كاف، وهو بالفارسيَّة: القاسم، وقيل: الغَيُور، وقيل: العقرب، وهو اسمها بالفارسيَّة، ولأنَّها اختفت في لحيته ثلاثة أيَّام، وقيل: سُمِّي به؛ لكبر لحيته، قاله في «المطالع»، وقال التِّرْمِذيُّ في «جامعه»: (ويزيد، وهو القاسم، وهو القسَّام، والرِّشْك: هو القسَّام في لغة أهل البصرة)، انتهى، كان يقسم الدُّور؛ أي: يمسحها، روى عن مُطرِّف ومعاذة، وعنه: شعبة وابن عُلَيَّةَ، ثقة مُتعبِّد، تُوُفِّيَ سنة (130 هـ)، أخرج له الجماعة، و (مُعَاذَةُ): هي العدويَّة، أمُّ الصَّهباء، البصريَّة الزَّاهدة، زوجة صلة بن أشيم، عن عليٍّ وعائشة، وعنها: قتادة، وأيُّوب، وعمر بن ذرٍّ، وقيل: كانت تحيي اللَّيل، ماتت سنة (83 هـ)، أخرج لها الجماعة، و (أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ عَبْدِ اللهِ): هي أمُّ عمرو بنت عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام، عن أبيها كما هنا، وعنها: مُعاذة العدويَّة، أخرج لها النَّسَائيُّ، وعلَّق لها البُخاريُّ، وقولي: (علَّق لها): تبعتُ فيه المِزِّيَّ والذَّهَبيَّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ ابن الصَّلاح أبا عمرو ذكر في «علومه» أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، فهو مُتَّصل، فمقتضى ما قاله ابن الصلاح أن يُرقَم على أمِّ عمرو: (خ)، لا (خت)، لكن تبعتُ في كونه علَّق لها المِزِّيَّ والذَّهَبيَّ، وفي كونه مُتَّصلًا ابنَ الصَّلاح، وتبعت في الرَّقم المِزِّيَّ والذَّهَبيَّ؛ لئلَّا أبتدعَ شيئًا مِن عندي، فلا تناقُض في كلامي، والله أعلم.

(1/10561)

[حديث: إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة]

5835# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّد بُنْدَارٌ، و (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ)؛ بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (عِمْرَان بْن حِطَّانَ)؛ بكسر الحاء وتشديد الطَّاء المُهْمَلتين، و (عمران): من الخوارج الدُّعاة إلى بدعته، وهذا يردُّ قول مَن قال: إنَّه ليس في «الصَّحيحَين» ولا أحدهما أحدٌ من الدُّعاة، فهذا قد احتجَّ به البُخاريُّ، وهو من دعاة الشُّراة _بِضَمِّ الشين المُعْجَمة_؛ وهم الخوارج، واحدهم: شارٍ، سُمُّوا بذلك؛ لقولهم: إنَّا شرينا أنفسنا في طاعة الله سبحانه؛ أي: بعناها بالجنَّة حين فارقنا الأئِمَّة الجائرة، وأخرج البُخاريُّ ومسلمٌ لعبد الحميد بن عبد الرَّحمن الحمَّانيِّ، وكان داعيةً إلى الإرجاء، كما قال أبو داود، ولم يخرِّج مسلم لعبد الحميد إلَّا في المُقدِّمة، وقد وَثَّقَهُ [1] ابن مَعِين، قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصحُّ حديثًا من الخوارج، ثُمَّ ذكر: عمران بن حِطَّان وأبا حسَّان الأعرج، ولعمران بن حِطَّان وعبد الحميد الحمَّانيِّ ترجمتان في «الميزان»، والله أعلم.

قوله: (مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ): أي: لا نصيبَ.

(1/10562)

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ): هو عبد الله [بن] رجاء، أبو عمرو، الغُدانيُّ البصريُّ، عن شعبة، وعكرمة بن عمَّار، وعمران القَطَّان، وهشام الدَّستوائيِّ، وحرب بن شدَّاد، وخلق، وعنه: البُخاريُّ، وأبو بكر الأثرم، وأبو حاتم، وعثمان الدَّارميُّ، وأبو مسلم الكَجِّيُّ، وخلائقُ، قال الفَلَّاس: صدوق كثير الغلط والتَّصحيف ليس بحجَّة، وقال أبو حاتم: ثقة رضيٌّ، وقال ابن المدينيِّ: اجتمع أهلُ البصرة على عدالة رجلين: أبي عمر الحوضيِّ، وعبد الله بن رجاء، قيل: مات في سلخ ذي الحجَّة سنة تسعَ عشرةَ ومئتين، وقيل: في أوَّل سنة عشرين ومئتين، أخرج له البُخاريُّ والنَّسَائيُّ، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُهُ له عنه في حال المذاكرة، و (حَرْبٌ): هو ابن شدَّاد أبو الخطَّاب، عن الحسن وشهر، وعنه: ابن مهديٍّ وعمرو بن مرزوق، وَثَّقَهُ أحمد، تُوُفِّيَ سنة (161 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، وفي أصلنا: (حرب)، وعليه علامة راويه و (صح)، وفي الهامش عوضه: (جَرير)، وصحَّح عليه، وقد راجعتُ «تقييد المُهْمَل» و «المطالع»؛ فلم أرَ ذلك فيهما، وراجعت «الأطراف» للمزِّيِّ؛ فرأيته ذكره فيه: (عن عبد الله بن رجاء، عن حَرْب بن شدَّاد)، هكذا مُسمًّى منسوبًا، فإذن هو الصَّواب، لا (جَرِير)، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (عِمْرَان): هو ابن حِطَّان، تَقَدَّمَ، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (ثقه)، وهو تحريف.

[ج 2 ص 568]

(1/10563)

[باب مس الحرير من غير لبس]

[ج 2 ص 568]

قوله: (بَابُ مَنْ مَسَّ الحَرِيرَ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ): قال ابن بَطَّال: وليس النَّهْي عن لباس الحرير من أجل نجاسة عينه، فيحرم مسُّه باليد، وإنَّما نُهِي عن لبسه مِن أنَّه ليس من لباس المُتَّقِين، وعينه مع ذلك طاهرةٌ، فلذلك جاز مسُّه والانتفاعُ به، نقله شيخنا عنه.

قوله: (وَيُرْوَى فِيهِ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ... ) إلى آخره: (يُروَى)؛ بِضَمِّ أوَّله، وفتح الواو: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذه صيغة تمريض، وهو مُعلَّق، وقد أخرجه أبو داود والنَّسَائيُّ، أمَّا أبو داود؛ ففي (اللِّباس) عن عمرو بن عثمان وكثير بن عُبَيد الحمصيِّيَن؛ كلاهما عن بقيَّة بن الوليد عن الزُّبيديِّ به، والنَّسَائيُّ في (الزِّينة) عن عمرو بن عثمان عن بقيَّة به، وبقيَّة ليس مِن شرط هذا الكتاب، ولهذا علَّقه بصيغة تمريض، والله أعلم، و (الزُّبَيديُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بِضَمِّ الزاي، وفتح الموحَّدة، وهو مُحَمَّد بن الوليد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (الزُّهريُّ): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/10564)

[حديث: مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا]

5836# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاقَ عَمرِو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عَازب رضي الله عنهما.

قوله: (أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبُ حَرِيرٍ): (أُهدِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (ثوبُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذا أهداه له صاحبُ دومةِ الجندل، واسمه أُكيدر بن عبد الملك، كذا في «مسلم»، وذكرتُ ذلك في (مناقب سعد بن معاذ): أُكيدر ذكرت ما يتعلَّق به، وغلط مَن غلط فيه في (مناقب سعد بن معاذ)؛ فانظره إن أردته.

قوله: (نَلْمسُهُ [1]): هو في أصلنا: بِضَمِّ الميم بالقلم، وقد ذكر فيه الجوهريُّ الضَّمَّ والكسر، وقد ذكر ذلك غيرُ واحد، والله أعلم.

قوله: (لمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ هَذَا): تَقَدَّمَ ما الحكمة في ذكر المناديل دون غيرها في (مناقب سعد بن معاذ).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نلمُسه)؛ بالضَّمِّ فقط.

[ج 2 ص 569]

(1/10565)

[باب افتراش الحرير]

قوله: (وَقَالَ عَبِيدَةُ: هُوَ كَلُبْسِهِ): (عَبِيدة) هذا: بفتح العين، وكسر الموحَّدة، ابن عمرو السلمانيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

(1/10566)

[حديث: نهانا النبي أن نشرب في آنية الذهب والفضة]

5837# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هذا هو ابن عبد الله ابن المدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ [1]): هو وهب بن جَرِير بن حَازم بن زيد، الأزديُّ البصريُّ، الحافظ، و (ابْن أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبدُ الله بن أبي نجيح يسارٍ، و (ابْن أَبِي لَيْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرحمن، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني، تَقَدَّمَ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا أبي).

[ج 2 ص 569]

(1/10567)

[باب لبس القسي]

قوله: (لُبْسِ الْقَسِّيِّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه ضبطًا، وما هو، في أوَّل (الجنائز) وغيرِها، وسيأتي هنا ما هو.

قوله: (وَقَالَ عَاصِمٌ عَنْ ابْنِ [1] أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ): كذا في أصلنا، أمَّا (عاصم)؛ فهو ابن كُليب بن شهاب الجَرْميُّ الكوفيُّ، عن أبيه، وأبي بردة، وعلقمة بن وائل، وعبد الرحمن بن الأسود، ومُحَمَّد بن كعب القرظيِّ، وجماعة، وعنه: ابن عون، وشعبة، والسُّفيانان، وزائدة، وأبو الأحوص، وأبو عوانة، وابن فُضَيل، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسَائيُّ، وقال أحمد: لا بأس بحديثه، وقال أبو حاتم: صالحٌ، وقال أبو داود: كان أفضل أهل الكوفة، كان من العبَّاد، تُوُفِّيَ سنة سبع وثلاثين ومئة، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، ومسلم والأربعةُ، له ترجمة في «الميزان».

و (ابنُ أبي بردة): خطأٌ في الأصل، صوابه: حذف (ابن)، فيبقى: (عن أبي بردة)، وعلى الصَّواب هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، و (أبو بردة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث، ويقال: عامر القاضي، ولدُ أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وقد أخرج الحديث المشار إليه المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة أبي بردة عن عليٍّ، والله أعلم، وأصل الحديث أخرجه البُخاريُّ تعليقًا، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسَائيُّ، وابن ماجه، وحديث عاصم عن أبي بردة أخرجه مسلم من طريق أبي عاصم، وأخرجه أبو داود والتِّرْمِذيُّ والنَّسَائيُّ من غير طريق، وفي بعضها بقصَّة الخاتم، وابن ماجه بقصَّة الخاتم.

تنبيهٌ: روى مُحَمَّد بن فُضَيل قصَّة الخاتم منه عن عاصم بن كُلَيب، عن أبي بردة، عن أبيه، عن عليٍّ، قال شيخنا: (وتعليق عاصم وصله أبو عبيد في «غريبه»، وبيَّن أنَّه ابن كُلَيب).

قوله: (فِيهَا أَمْثَالُ الأُتْرُجِّ): تَقَدَّمَتْ لغاته في (تفسير يوسف).

قوله: (وَالْمِيثَرَةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وقد فسَّرها هنا.

قوله: (يُصَفِّرْنَهَا): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (يصفُّونها)، قال ابن قُرقُول: («يصفُّونها»: كذا لهم، وعند الجرجانيِّ: يُضيِّقونها، وفي رواية: (يُصفِّرُونها)، والأوَّل أشبه، قاله الحربيُّ)، انتهى، ومعنى (يصفُّونها): أي: يجعلنها صفة السَّرج؛ أي: يوطئون بها السَّرجَ، و (يُصفِّرْنَهَا)؛ من الصُّفْرة.

(1/10568)

قوله: (وَقَالَ جَرِيرٌ: عَنْ يَزِيدَ فِي حَدِيثِهِ): هذا الحديث الذي أشار إليه لا أعرف ما هو، ولا ذكره شيخنا في شرحه، والله أعلم، قال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين ما لفظه: (قد عرفته وذكرته في «فتح الباري»، وبيَّنت أنَّه سقط منه رجل، وأنَّه عن جَرِير _وهو ابن عبد الحميد_ عن يزيد _ وهو ابن أبي زياد_ عن سُهيل، وهو ابن ... [2]، فأسقط البُخاريُّ ذكرَ سهيل، وأنَّ إبراهيم الحربيَّ وصله في «غريب [3] الحديث» له مِن طريق جَرِير به)، انتهى.

==========

[1] (ابن): ليس في «اليونينيَّة».

[2] بياضٌ في (أ)، هو في «الفتح»: (الحسن بن سهيل).

[3] في (أ): (غر)، وهو تحريفٌ.

[ج 2 ص 569]

(1/10569)

[حديث: نهانا النبي عن المياثر الحمر والقسي]

5838# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك، شيخ خراسان، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ؛ وذلك لأنِّي راجعت «الكمال» لعبد الغنيِّ الحافظ و «التذهيب» للذَّهبيِّ؛ فلم أرهما ذكرا ابن عيينة في الرُّواة عن أشعث بن أبي الشَّعثاء، والله أعلم، و (مُقَرِّن): جدُّ معاوية، هو بِضَمِّ الميم، وفتح القاف، وكسر الرَّاء المُشَدَّدة، ثُمَّ نون، وهذا ظاهِرٌ عند أهله.

قوله: (عَنِ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ): تَقَدَّمَ أنَّ (المَيَاثِر): جمع (مِيْثَرَة)، وتَقَدَّمَ هنا تفسيرها، وسيأتي الكلام في لبس الأحمر سواء كان ميثرة أو غيرها قريبًا إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَعَنِ القَسِيِّ): تَقَدَّمَ الكلام على (القَسِيِّ) مُطَوَّلًا في (الجنائز)، وقد تَقَدَّمَ هنا تفسيرها.

==========

[ج 2 ص 569]

(1/10570)

[باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة]

(1/10571)

[حديث: رخص النبي للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير لحكة بهما]

5839# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ): قال الجَيَّانيُّ: (قال البُخاريُّ في «الشركة»، و «الجزية»، و «اللِّباس»: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا وكيع»، نسبه ابن السَّكن: ابن سلَام، وقد صرَّح البُخاريُّ باسمه في «كتاب العلم» و «الفرائض»، فقال: «حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: أخبرنا وكيع عن سفيان ... »؛ فذكر حديثًا، قال: «وحدَّثنا ابن سلَام: أخبرنا وكيع عن سفيان، عن الثَّوريِّ ... »)؛ فذكر حديثًا آخرَ، قال الجَيَّانيُّ: (وقال _يعني: البُخاري_ في «الوضوء»: «وقال ابن المثنَّى: حدَّثنا وكيع عن الأعمش: سمعت مجاهدًا مثله»، وذكر أبو نصر: أنَّ مُحَمَّد بن سلَام، ومُحَمَّد بن مقاتل، ومُحَمَّد بن عبد الله بن نُمَيْر روَوا في «الجامع» عن وكيع)، انتهى باختصار، وقال المِزِّيُّ لمَّا طرَّف هذا الحديث قال: (البُخاريُّ في «الجهاد»: «عن مُسدَّد، عن يحيى، وعن بُنْدَار، عن غُنْدُر»، وفي «النِّكاح»: «عن مُحَمَّد _هو ابن سلَام_ عن وكيع») انتهى، وأغفل هذا المكان، فكتب الحافظ شيخ شيوخنا عماد الدين ابن كَثِير ما صورته: (و «اللِّباس» أيضًا)، وخرَّج ذلك بعد (النِّكاح)، فالظاهر أنَّه عند ابن كَثِير: (عن مُحَمَّد: هو ابن سلَام)، وشيخنا لم يتعرَّض له هنا.

==========

[ج 2 ص 569]

(1/10572)

[باب الحرير للنساء]

[ج 2 ص 569]

قوله: (بَابُ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (الأحاديث مطابقة للترجمة إلَّا حديثَ عمر _يعني: «أنَّه رأى حلَّةً سيراء، فقال: يا رسول الله؛ لو ابتعتها تلبسها للوفد ... » إلى آخره_ قال: فليس فيه إلَّا «ليبيعها أو يكسوها» وإن لم يقل: للنِّساء، ولكن قد عُلِم أنَّه لا يكسوها الرِّجال؛ لأنَّه نهاه عنها، والناس في الدين شرعٌ [1]، فلم يبقَ إلَّا النساء، فتعيَّن جواز لباسهنَّ له، ويَرِد عليه احتمال أن يبيعَها أو يكسوَها كافرًا، وقد ورد هذا صحيحًا في حديث عمر إلَّا أن يكون ما صحَّ عنده أنَّ عمرَ كساها لأخٍ [2] له مشركٍ بإذن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وبنى على أنَّ الكافرَ مخاطبٌ، فتعيَّن كون المرادِ النساءَ، والله أعلم، انتهى.

ولا شك أنَّه ليس في «الصَّحيح»: أنَّه كساه إيَّاها بإذنه عليه السلام، ولكنَّ البُخاريَّ صحَّ عنده أنَّ عمرَ كساها أخاه، وقد أخرجه في عدَّة مواضعَ: (فكساها عمر أخًا له بمكَّة مشركًا)، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذا المشركَ ليس بأخيه، وإنَّما هو أخو أخيه زيدِ بن الخطَّاب لأمِّه، واسمه عثمان بن حَكِيم، ولا أعرف ترجمته، ولم أرَه في الصَّحابة، ولا في التابعين الذين وقفتُ عليهم، والظاهر هلاكُه على كفره، وإن وقع في «الصَّحيح»: (قبل أن يسلم)، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (سريح)، والمثبت من مصدره.

[2] في (أ): (الأخ)، والمثبت من مصدره.

(1/10573)

[حديث: كساني النبي حلة سيراء فخرجت فيها]

5840# قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق؛ فانظر ذلك إن أردته، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمة، وأنَّ لقب مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدر): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر.

قوله: (حُلَّةً سِيَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى (السِّيَرَاء)، وأنَّها بالإضافة والصفة، مُطَوَّلًا؛ فانظره في (الهبة).

قوله: (فَشَقَّقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي): تَقَدَّمَ الكلام على نسائه مَن هنَّ في (الهبة).

==========

[ج 2 ص 570]

(1/10574)

[حديث: إنما يلبس هذه من لا خلاق له]

5841# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (حُلَّةً سِيَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (الهبة).

تنبيهٌ: هذه الحُلَّة كانت لعطارد بن حاجب بن زرارة، قال شيخنا: وفي «مشكل الطحاويِّ»: (كانت مع لبيد بن ربيعة)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (الهبة) أنَّ في «مسلم»: (أنَّ أكيدر أهداها له)، والله أعلم، وتَقَدَّمَ (الخَلَاق): أنَّه النَّصيب.

==========

[ج 2 ص 570]

(1/10575)

[حديث: أخبرني أنس أنه رأى على أم كلثوم برد حرير ... ]

5842# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (رَأَى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ [1] بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرْدَ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ): (أمُّ كلثوم) هذه: هي بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ترجمتها رضي الله عنها معروفةٌ، أمُّها: خديجة بنت خُويلد، وَلَدَتها قبل فاطمة وقبل رُقَيَّة فيما ذكر مصعب، وخالفه أكثر أهل العلم بالأنساب والأخبار، وقد تابعه قومٌ، والاختلاف في الصُّغرى من بناته صلَّى الله عليه وسلَّم رضي عنهنَّ كثيرٌ، والاختلاف في أكبرهنَّ شذوذٌ، والصَّحيح أنَّ أكبرَهنَّ زينبُ، نكحها أبو العاصي بن الربيع، وتُوُفِّيَت سنة ثمانٍ من الهجرة، وتزوَّج رقيَّةَ عثمانُ رضي الله عنهما، وتُوُفِّيَت يومَ قدوم زيد بن حارثة بشيرًا بقتلى أصحاب بدر، وتزوَّج فاطمةَ عليٌّ، وتُوُفِّيَت بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بستَّة أشهرٍ على الصَّحيح من أقوالٍ، وتزوَّج أمَّ كلثوم عثمانُ، وتُوُفِّيَت سنة تسع من الهجرة.

قوله: (سِيَرَاءَ): تَقَدَّمَ ما (السِّيَرَاء) مُطَوَّلًا؛ فانظره.

(1/10576)

[باب ما كان النبي يتجوز من اللباس والبسط]

قوله: (بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّخِذُ [1] مِنَ اللِّبَاسِ وَالْبُسْطِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا، ثُمَّ قال: المطابقة بين حديث هندٍ والترجمة، وحديث هند _هي بنت الحارث_ عن أمِّ سلمة: استيقظ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من الليل وهو يقول: «لا إله إلَّا الله، ماذا أُنزِلَ الليلة من الفتنة؟ ... »؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: من وجهين؛ أحدهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «أيقظوا صواحب الحجرات»؛ يعني: أزواجه، ثُمَّ حذَّرهنَّ من لباس الشفوف؛ لأنَّ الجسد بها موصوفٌ، فإذا حذَّر النساء منه؛ فما الظنُّ به صلَّى الله عليه وسلَّم، الثاني: أنَّ هندًا راويةَ الحديث فهمت هذا المعنى، فجعلت أزراره على كُمَّيها؛ خشيةَ ظهور طرفها، وأفهم البُخاريُّ بهذا أنَّ الحديث على غير ما ظنَّه بعضُهم أنَّ المراد: ربَّ كاسيةٍ من الثياب، عاريةٍ من التقوى، فهي عاريةٌ يوم القيامة، وهذا المعنى يشبه أوَّلًا ما فهمته هند منه، والله أعلم، وتأويلُ راوي الحديث في سياق التفسير يُقَدَّم على غيره، انتهى.

قوله: (مِنَ اللِّبَاسِ وَالْبُسْطِ): هو بِضَمِّ الموحَّدة _وكذا هو مجوَّد في أصلنا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ_ وإسكان السين.

==========

[1] كذا في (أ) وهامش (ق) من نسخة الدمياطيِّ، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يتجوَّز).

[ج 2 ص 570]

(1/10577)

[حديث ابن عباس: لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين ... ]

5843# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّمَ، و (عُبَيْد بْن حُنَيْنٍ): بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وفتح النون، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (تَظَاهَرَتَا): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: تعاونتا.

قوله: (وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ امْرَأَتِي كَلَامٌ): امرأة عمر هذه لا أعرفها بعينها.

قوله: (وِإنَّكِ لَهُنَاكِ): هو بكسر الكاف فيهما، وهذا ظاهِرٌ لا شكَّ فيه.

قوله: (فَأَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّةُ، وهي بنت عمِّ أمِّ عمرَ حَنْتمةَ بنتِ هاشم على الصَّحيح، وقيل: بنت هشام، تَقَدَّمَ بعض ترجمة أمِّ سلمة، ومتى تُوُفِّيَت، وأنَّها بقيت إلى بعد مقتل الحُسين رضي الله عنهما، وأمُّ عمرَ لم تُسْلِم.

قوله: (أَعْجَبُ مِنْكَ يَا عُمَرُ!): (أعجبُ): فعلٌ مضارعٌ مَرْفوعٌ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أنَّه عِتْبَان بن مالك، وقيل: أوس بن خولي؛ لأنَّ في بعض طرقه: (وكان لي أخٌ من الأنصار)، وأخوه الأنصاريُّ هذا أو هذا، وقد تَقَدَّمَ ما فيه.

[ج 2 ص 570]

قوله: (إِلَّا مَلِكُ غَسَّانَ): (غسَّان): يُصرَف ولا يُصرَف، وتَقَدَّمَ أنَّ (ملك غسَّان): هو الحارث بن أبي شمر، وقيل: جَبَلَة بن الأيهم.

قوله: (فَمَا شَعَرْتُ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: علمتُ.

قوله: (طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه جاء في بعض طرقه: (اعتزلَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أزواجَه)؛ وهو الصواب.

قوله: (صَعِدَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل.

قوله: (فِي مَشْرُبَةٍ): تَقَدَّمَ ضبطها، وما هي، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (الوَصِيف) هذا: اسمه رَباح، وهو مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو بفتح الراء، وبالموحَّدة.

قوله: (فَأُذِنَ لِي [1]): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وهذا مختصر، إنَّما أذن له بعد الثالثة، كما جاء في «الصَّحيح» في بعض طرقه.

قوله: (مِرْفَقَةٌ): هي بكسر الميم، وإسكان الراء، ثُمَّ فاء ثُمَّ قاف مفتوحتين، ثُمَّ تاء التأنيث: المخدَّة، وفي «المطالع»: الوسادة، وهي هي.

قوله: (مِنْ أَدَمٍ): هو بقصر الهمزة، وفتح الدال، معروفٌ.

(1/10578)

قوله: (وَإِذَا أهبٌ): هو بِضَمِّ الهمزة والهاء، وفتحهما، تَقَدَّمَ الكلام عليه ما هو.

قوله: (وَقَرَظٌ): هو الذي يُدبَغ به، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[1] (فأذن لي): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ، لكنَّ الرواية: (فأَذِنَ)؛ مبنيًّا للفاعل.

(1/10579)

[حديث: لا إله إلا الله ماذا أنزل الليلة من الفتنة]

5844# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، تقدَّما، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّةُ، تَقَدَّمَتْ مرارًا.

قوله: (مَاذَا أُنْزِلَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وكذا الثانية، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ): هي بِضَمِّ الحاء والجيم، ويجوز إسكان الجيم، وقد قُرِئ بهما، والثانية قراءة أبي مَعْمَر خارج السبعة، جمع (حُجْرة)، والمراد: أزواجُه صلَّى الله عليه وسلَّم ورضي عنهنَّ، كما جاء في بعض طرقه.

قوله: (وَكَانَتْ هِنْدٌ لَهَا أَزْرَارٌ فِي كُمَّيْهَا): (هندٌ) هذه: هي بنت الحارث المذكورةُ في السند الراويةُ، عن أمِّ سلمة، وعنها: الزُّهريُّ، وهي هند بنتُ الحارث الفراسيَّة، ويقال: القرشيَّة، وكانت تحت المقداد، كذا في «الكاشف» و «التذهيب»، وهو غلطٌ، وصوابه: تحت معبد بن المقداد، وكذا هو في «تهذيب المِزِّيِّ» على الصواب وفي (باب مكث الإمام في مصلَّاه بعد السلام) من «البُخاريِّ»، وقد ذكرته هناك، وذكر هناك البُخاريُّ الاختلافَ في أنَّها قرشيَّة أو فراسيَّة، روت عن أمِّ سلمة، وعنها: الزُّهريُّ، لها حديثان، أخرج لها البُخاريُّ والأربعة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 571]

(1/10580)

[باب ما يدعى لمن لبس ثوبًا جديدًا]

قوله: (بَابُ مَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب بغير إسناد، ثُمَّ قال: كان هذا من قِبل التهنئة _يعني: قوله: (سنَّاه سنَّاه) _ بلُبس الجديد، وأدخله البُخاريُّ؛ لئلَّا يُظَنَّ أنَّ مثل هذا من قبيل ما اختُلِف فيه من التهنئة بالمواسم الشرعيَّة، والله أعلم، انتهى، وقد قَدَّمْتُ الكلام في التهنئة بالأعياد والأعوام في (العيد)، وذكرت ما ذكر فيه القَمُوليُّ وغيرُه عن عليِّ بن المفضَّل المقدسيِّ، وأنَّه مباحٌ، وهو حافظٌ مالكيٌّ إسكندرانيٌّ.

==========

[ج 2 ص 571]

(1/10581)

[حديث: من ترون نكسوها هذه الخميصة؟]

5845# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، وقَدَّمْتُ بعض ترجمته، وتَقَدَّمَتْ (أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدٍ [1]): هو ابن سعيد بن العاصي، وأنَّ اسمَها أَمَةُ؛ بغير إضافةٍ، وبعض ترجمتها، وأنَّها صحابيَّة صغيرة، ومَن تزوَّج بها، وبعض ترجمة أبيها رضي الله عنهما.

قوله: (أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (رسولُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الخميصة) ضبطًا، وما هي.

قوله: (فَأَسْكَتَ [2] الْقَوْمُ): هو بفتح الهمزة، قال ابن قُرقُول: (فأَسْكَت القومُ)؛ أي: سكتوا، يقال: سَكَتَ وأَسْكَت، وقيل: أطرقوا، وفي «النهاية»: (أَسكَت ... ) إلى أن قال: (يُقال: تكلَّم الرجل ثُمَّ سَكَت؛ بغير أَلِفٍ، فإذا انقطع كلامه فلم يتكلَّم؛ قيل: أَسْكَت)، انتهى، وهذا في «صحاح الجوهريِّ»، وكذا في «القاموس»، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (فأَسكَت الشيخان) [خ¦3700] في (مناقب عثمان رضي الله عنه)، وقد وقع في أصلنا: (أُسكِت)؛ بِضَمِّ الهمزة، وكسر الكاف، وهذا لا أعرفه أنا، ولا رأيتُه إلَّا في هذه، والله أعلم، وقال شيخُنا هنا: (إنَّه بِضَمِّ الهمزة)، ثُمَّ ذكر كلامًا من عند أهل اللُّغَة يدلُّ كلامُهم على أنَّه بالفتح، فضبطه بالضمِّ، وساق كلامَهم الدالَّ على الفتح، والله أعلم، فلعلَّ قوله: (بِضَمِّ الهمزة): إنَّما هو: (بفتح الهمزة)، والله أعلم.

قوله: (فَأُتِيَ بِي): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (النَّبِيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي): تَقَدَّمَ الكلام عليهما قريبًا، و (العَلَم): بفتح العين واللام، معروفٌ، وتَقَدَّمَ (سَنَا) ضبطًا ومعنًى.

قوله: (قَالَ إِسْحَاقُ: حَدَّثَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِي ... ) إلى آخره: (إسحاق) هذا: هو المذكور في السند إسحاقُ بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن عمرو بن العاصي، والمرأة من أهله لا أعرفها، وهي مجهولةٌ.

(1/10582)

[باب التزعفر للرجال]

(1/10583)

[حديث: نهى النبي أن يتزعفر الرجل]

5846# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ): هو ابن صُهَيب.

(1/10584)

[باب الثوب المزعفر]

(1/10585)

[حديث: نهى النبي أن يلبس المحرم ثوبًا مصبوغًا]

5847# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ.

==========

[ج 2 ص 571]

(1/10586)

[باب الثوب الأحمر]

قوله: (بَابُ الثَّوْبِ الأَحْمَرِ): أخرج في هذا الباب حديثَ البَراء: (كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مربوعًا، وقد رأيته في حُلَّة حمراءَ ما رأيت شيئًا أحسنَ منه)، وهذا صريحٌ في أنَّ الإمام شيخَ الإسلامِ البُخاريَّ يرى جواز لُبس الأحمر، والظاهر أنَّه البحتُ، وقد حَكى الإجماعَ في

[ج 2 ص 571]

ذلك النَّوَويُّ في «شرح المهذَّب»، وفي تبويب «رياض الصالحين» للنوويِّ أيضًا جوازُه، ولم يحكِ فيه إجماعًا.

وقد ذكر شيخُنا في هذا المكان في «شرحه» بعد أن ذكر أحاديثَ في الأحمر ظاهرةً في النَّهْي ذكر أنَّها غيرُ مستقيمةِ الإسنادِ، ثُمَّ قال: قال الطبريُّ: وقد اختلف السَّلَفُ في ذلك؛ فمنهم مَن رخَّص في لُبس ألوان الثياب المصبغة بالحُمرة مشبعةً كانت أو غير مشبعة، ومنهم مَن كره المشبعة، ورخَّص فيما لم يكن مشبعًا، ومنهم مَن كره لُبس جميع الثياب مشبَعها وغير مشبعها، ومنهم مَن رخَّص فيه للمهنة، وكرهه للُّبس، ثُمَّ شرع يذكر مدركَ كلِّ قولٍ، انتهى.

وقال أبو عبد الله الإمامُ الحافظ ابنُ قَيِّم الجَوزيَّة ما لفظه: (ولبس صلَّى الله عليه وسلَّم حُلَّةً حمراءَ، والحُلَّة: إزارٌ ورداءٌ، ولا تكون الحُلَّة إلَّا اسمًا للثوبين معًا، وغَلِطَ مَن ظنَّ أنَّها كانت حمراءَ بحتًا لا يخالطها غيرُها، وإنَّما الحُلَّة الحمراء بُردان يمانيان منسوجان بخطوطٍ حُمْرٍ مع الأسود؛ كسائر البُرود اليمنيَّة، وهي معروفةٌ بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحُمْر، وإلَّا؛ فالأحمر البحت منهيٌّ عنه أشدَّ النَّهْي، ثُمَّ شرع يذكر الأحاديثَ الدالَّة على ذلك، ثُمَّ قال: وفي جواز لُبس الأحمر من الثياب والجوخِ وغيرِها نظرٌ، وأمَّا كراهته؛ فشديدةٌ جدًّا، فكيف يُظَنُّ بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه لبس الأحمر القانئَ؟! كلَّا؛ لقد أعاذه الله منه، وإنَّما وقعت الشبهة من لفظ الحُلَّة الحمراء، والله أعلم، انتهى، وقال في (العيدين) من «الهدي»: (والذي يقوم عليه الدليل تحريمُ لباس الأحمر أو كراهته كراهةً شديدةً)، انتهى، وما قاله هذا الإمامُ؛ لم أرَه لغيره إلَّا ما في كلام شيخِنا الذي قدَّمتُه الذي نقله عن الطبريِّ، والله أعلم.

(1/10587)

[حديث: كان النبي مربوعًا وقد رأيته في حلة حمراء]

5848# قوله: (فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (الحلة: بُرود اليمن، ولا تُسَمَّى حُلَّة إلَّا أن تكون ثوبين من جنسٍ واحدٍ)، انتهى، وقد ذكرت أنا قبل هذا ما (الحُلَّة).

(1/10588)

[باب الميثرة الحمراء]

قوله: (بَابُ الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الميثرة) ما هي، وتَقَدَّمَ الكلام على لباس الأحمر مِيْثَرةً كانت أو غيرَها، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 572]

(1/10589)

[حديث: أمرنا النبي بسبع عيادة المريض واتباع الجنائز]

5849# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، و (أَشْعَث): بالمثلَّثة، وأمَّا الطامع؛ فذاك بالموحَّدة، وهو فردٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن أبي الشعثاء سُلَيمِ بن الأسود المحاربيُّ الكوفيُّ، مات سنة خمسٍ وعشرين ومئة)، انتهى، و (مُعَاوِيَة بْن سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ): تَقَدَّمَ ضبط (مُقَرِّن) قريبًا وبعيدًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح القاف، وتشديد الراء مكسورة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (الْبَرَاء): تَقَدَّمَ، ابن عَازب، وتَقَدَّمَ أنَّ عَازبًا صَحَابيٌّ أيضًا.

قوله: (وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ بالشين المُعْجَمة وبالمُهْمَلة، وقَدَّمْتُ أنَّ ألفاظًا كذلك تُقال بهما زيادة على تسعين لفظةً أفردها شيخُنا مجد الدين صاحبُ «القاموس» بالتأليف، وقد قرأتُها عليه بالقاهرة.

قوله: (وَالدِّيبَاجِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (الديباج: ثيابٌ تتَّخذ من الحرير)، وكذا تَقَدَّمَ (الْقَسِّيُّ) ضبطًا وما هو مُطَوَّلًا، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (ثيابٌ من كتَّان مخلوطٍ بحرير يؤتى بها من مصر، منسوبة إلى قرية يُقال لها: القَسُّ)، انتهى، وكذا تَقَدَّمَ (الإِسْتَبْرَق) أيضًا، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (ما غَلُظَ من الحرير، والسُّندس: ما رقَّ من الديباج) انتهى، و (المَيَاثِر): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (والمِيْثَرة: من مراكب العجم، تُعمَل من حريرٍ أو ديباجٍ، وتتَّخذ كالفراش الصغير، وتُحشَى بقطن أو صوف، يجعلها الراكبُ تحته فوق الرحل أو السرج)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (الجنائز).

==========

[ج 2 ص 572]

(1/10590)

[باب النعال السبتية وغيرها]

(بَابُ النِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ) ... إلى (كِتَاب الأَدَبِ)

قوله: (السِّبْتِيَّةِ): قال ابن قُرقُول: والسِّبت: كلُّ جلدٍ مدبوغٍ، قاله أبو عمرو، وقال أبو زيد: السِّبت: جلود البقر خاصَّةً، سواء دُبِغَت أو لم تُدبَغ، وقيل: هي جلود البقر المدبوغة بالقَرظ، وقال ابن وهب: هي السُّود التي لا شَعر عليها، وقيل: هي التي لا شَعر عليها؛ أيُّ لون كانت، ومن أيِّ جلد كانت، وبأيِّ دباغ دُبِغَت، وهو ظاهِر قول ابن عمر في هذه الكتب، وهي مأخوذة من السِّبت؛ وهو الحلق، سَبَتَ: حَلَقَ، قال بعضهم: فعلى هذا ينبغي أن يُقال: سَبْتِيَّة؛ بفتح السين، ولم يُروَ إلَّا بالكسر، وقال الأزهريُّ: كأنَّها من سَبَتَت بالدباغ؛ أي: لانت، وقال الداوديُّ: منسوبة إلى موضعٍ يُقال له: سوق السِّبت، انتهى، وقد تَقَدَّمَ في (الوضوء) مع مذهبٍ أفاده شيخُنا هنا عن قوم: أنَّه لا يجوز لُبسها في المقابر، ويجوز في غيرِها، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (السِّبت؛ بالكسر: جلود البقر المدبوغة بالقَرظ، تتَّخذ منها النعال، سُمِّيَت بذلك؛ لأنَّ شَعرها قد سُبِتَ عنها؛ أي: حُلِق)، انتهى، وهذا لفظ «النهاية».

==========

[ج 2 ص 572]

(1/10591)

[حديث: أما الأركان فإني لم أر رسول الله يمس إلا اليمانيين]

5851# قوله: (عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بِضَمِّ الموحَّدة وفتحها وكسرها، و (المقبرة): مُثَلَّثة الباء، تَقَدَّمَتْ غيرَ مَرَّةٍ.

قوله: (إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّه بالتخفيف ويُشَدَّد، و (السِّبْتِيَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه وقبله أيضًا في (الوضوء)، وأنَّه إنَّما نكر عليه النعال السِّبْتِيَّة؛ لأنَّها لباس أهل الترف والسعادة، قاله ابن الأثير، وكذا الكلام على (تَصْبُغُ)، وأنَّه مثلَّث الباء، وتَقَدَّمَ ما المراد بالصبغ بها آلشَّعر أم الأثواب، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَهَلَّ): رفع صوته، وأنَّ (الإهلال): رفع الصوت بالتلبية، وتَقَدَّمَ أنَّ (يَوْمَ التَّرْوِيَةِ): ثامنُ ذي الحجَّة، وعلى (تَنْبَعِثَ).

==========

[ج 2 ص 572]

(1/10592)

[حديث: من لم يكن له إزار فليلبس السراويل]

5853# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيابيُّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، نصَّ عليه المِزِّيُّ، وقد ذكرت الفرق بين مُحَمَّد بن يوسف الفِرْيابيِّ ومُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وأين روى عن البُخاريِّ البيكنديِّ من الأبواب في أوائل هذا التعليق، والله أعلم.

قوله: (السَّرَاوِيلَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

(1/10593)

[باب: يبدأ بالنعل اليمنى]

(1/10594)

[حديث: كان النبي يحب التيمن في طهوره وترجله وتنعله]

5854# قوله: (أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ): (أشعث): بالثاء المثلَّثة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (أشعب) الطامع بالموحَّدة فردٌ، و (سُلَيم): بِضَمِّ السين، وفتح اللام.

قوله: (فِي طُهُورِهِ): هو بِضَمِّ الطاء: الفعل، والماءُ بالفتح، ويجوز في كلٍّ منهما ما في الآخَرِ، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ (التَّرجُّلَ): تسريحُ الشَّعر، وهو الترجيل أيضًا.

(1/10595)

[باب: لا يمشي في نعل واحد]

(1/10596)

[حديث: لا يمشي أحدكم في نعل واحدة ليحفهما جميعًا]

5856# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، وأنَّ (الأَعْرَج): عبد الرحمن بن هرمز، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ.

[ج 2 ص 572]

قوله: (لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ): كذا في أصلنا، وهو خبرٌ بمعنى النَّهْي، وهو أبلغُ من النَّهْي.

قوله: (وَلِيُحْفِهِمَا [1]): هو بِضَمِّ أوَّله، رُبَاعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (أَوْ لِينْعَلْهُمَا جَمِيعًا): هو بِضَمِّ الياء وفتحها، وبالضمِّ هو مضبوطٌ في أصلنا، وكذا هو في ألسنة المحدِّثين ممَّن رأيته، يقال: نَعَلت رِجلِي، وأَنْعلتها، والثلاثيُّ أكثر، وذكر الرُّبَاعيَّ ابنُ القطَّاع في «أفعاله».

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لِيُحْفِهِمَا)؛ بلا واو.

(1/10597)

[باب: ينزع نعله اليسرى]

قوله: (بَابٌ: تُنْزَعُ [1] نَعْلُ الْيُسْرَى) [2]: (تُنزَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (نعلُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

==========

[1] في «اليونينيَّة» وهامش (ق) من نسخة: (يَنزِع)؛ مبنيًّا للفاعل.

[2] هذا الباب وحديثه (5855) جاء في «اليونينيَّة» متقدَّمًا على (باب لا يمشي في نعل واحد) وحديثِه (5856)، وعليه في (ق) علامة التقديم، وتأخيرُه روايةُ أبي ذرٍّ.

[ج 2 ص 573]

(1/10598)

[حديث: إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين]

5855# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ قريبًا جدًّا ضبطًا، واسمه [1] واسم أبيه، وكذا (الأَعْرَج)، وكذا (أَبُو هُرَيْرَة).

قوله: (لِتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ): قال شيخُنا: قال ابن وضَّاح: كلامه عليه السلام إلى قوله: «فليبدأ بالشمال»؛ يعني: والباقي من الراوي، ولا يظهر لي ذلك، انتهى؛ يعني: أنَّ قولَه: (لتكن اليمنى ... ) إلى آخره: مدرجٌ في الحديث، وقد تعقَّبه شيخُنا بقوله: (ولا يظهر لي ذلك)، وما قاله شيخُنا هو الظاهر، والله أعلم.

قوله: (تُنْعَلُ) و (تُنْزَعُ): هما مبنيَّان لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهما، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[1] في (أ): (واسم)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 573]

(1/10599)

[باب: قبالان في نعل ومن رأى قبالًا واحدًا واسعًا]

قوله: (بَابٌ [1]: قِبَالَانِ فِي نَعْلٍ): (بابٌ): مَرْفوعٌ منوَّن، و (القِبَال): بكسر القاف، وتخفيف الموحَّدة، وباللام في آخره، قال الدِّمْيَاطيُّ: (زمام النعل، وهو السيرُ الذي يكون بين الإصبعين)، انتهى، والإصبعان: هي الوسطى والتي تليها، كذا قاله غيرُ واحد.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق) بعد الإصلاح، وفي «اليونينيَّة»: (بابُ).

[ج 2 ص 573]

(1/10600)

[حديث: أن نعل النبي كان لها قبالان]

5857# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ الحافظ.

(1/10601)

[حديث: خرج إلينا أنس بنعلين لهما قبالان]

5858# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللهِ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة الرجيع)، وقد وقع في أصلنا هنا: (يعني: ابن مقاتل)، وكُتِب عليه: (زائد)، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخُنا، وهو مُحَمَّد بن مقاتل، و (عبد الله): هو ابن المبارك.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 573]

(1/10602)

[باب القبة الحمراء من أدم]

(1/10603)

[حديث: أتيت النبي وهو في قبة حمراء من أدم]

5859# قوله: (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ ضبط (أبي جُحَيْفَة) مرارًا، وأنَّه بِضَمِّ الجيم، وفتح الحاء المُهْمَلة، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ.

قوله: (وَضُوءَ): هو بفتح الواو: الماءُ، ويجوز فيه الضمُّ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا، وكذا (يَبْتَدِرُونَ الْوَضُوءَ): بالفتح أيضًا، ويجوز ضمُّه.

(1/10604)

[حديث: أرسل النبي إلى الأنصار وجمعهم في قبة من أدم]

5860# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّمَ (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وقد أخرجه مسلمٌ في (الزكاة) عن حرملة عن ابن وهب؛ كلاهما عن يونس به، والله أعلم.

(1/10605)

[باب الجلوس على الحصير ونحوه]

(1/10606)

[حديث: يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون]

5861# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ): هذا هو المقدَّميُّ، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه منسوبٌ إلى مُقَدَّم؛ بفتح الدال المُشَدَّدة، وهو جدُّه، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان، و (عُبَيْدِ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، الفقيهُ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (سَعِيد بْن أَبِي سَعِيدٍ): هو المقبريُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (يَحْتَجِرُ حَصِيرًا بِاللَّيْلِ): (يَحْتَجِر): (يَفْتَعِل) من الحجر، ومعناه: يجعله لنفسه خاصَّةً دون غيره، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ (يَثُوبُونَ)؛ أي: يجتمعون، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا) مُطَوَّلًا.

(1/10607)

[باب المزرر بالذهب]

(1/10608)

[معلق الليث: يا مخرمة هذا خبأناه لك]

5862# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ): كذا في أصلَينا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، وفي بعض النسخ: (حدَّثنا قتيبة: حدَّثنا الليث)، وكذا ذكره خلفٌ والمِزِّيُّ، قال شيخُنا: هذا التعليق وصله الإسماعيليُّ عن يوسف القاضي: حدَّثنا كامل بن طلحة: حدَّثنا الليث ... ؛ فذكره، وأخرجه الحازميُّ من حديث أبي الشيخ: حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد بن زكريَّا: حدَّثنا ابن خالد البرمكيُّ: حدَّثنا الليث به، ثُمَّ ذكر ما في بعض النسخ مِن وَصْلِه، ثُمَّ قال: كذا ذكره خلفٌ وغيرُه، قال: وأخرجه في (الشهادات) متَّصلًا من حديث أيوب عن ابن أبي مُلَيْكَة به، انتهى.

و (المِسْوَر بن مَخْرَمة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ أباه مَخْرَمةَ من مُسْلِمة الفَتْح، والله أعلم.

قوله: (خَبَأْنَا [1]): هو بهمزة ساكنة قبل النون، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10609)

[باب خواتيم الذهب]

قوله: (بَابُ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ): قال أبو الفتح اليعمريُّ شيخُ شيوخِنا: وقد اختلفت الروايات في صفة الخاتم _يعني: خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم_ قال: فيحتمل أن تكون خواتم متعدَّدة، وقد كان له عليه السلام خاتمٌ من فضَّة، وخاتمٌ من ذهب لبسه ثُمَّ طرحه، وخاتم حديد ملويٌّ بفضَّة، نقشه: مُحَمَّد رسولُ الله، انتهى، وفي «مسلم»: (كان خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من فضَّة، وكان فَصُّه حبشيًّا)، وفي «صحيح البُخاريِّ» عن أنس أيضًا: (فَصُّه منه)، كما سيجيء قريبًا، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: هذا أصحُّ، وقال غيره: كلاهما صحيحٌ، وكان له عليه السلام خاتم فَصُّه منه، وفي وقتٍ خاتمٌ فصُّه حبشيٌّ، وفي حديثٍ آخَرَ: (فَصُّه من عقيق)، قاله النَّوَويُّ.

فالحاصل إذن من الخواتيم: خاتم ذَهَبٍ قبل النَّهْي، ثُمَّ طرحه، ثُمَّ خاتم فضَّة فَصُّه منه، وآخر فصُّه حبشيٌّ، والحبشيُّ: قيل: العقيق، وقيل: الجزْع؛ لأنَّ معدِنَهما الحبشةُ، وقيل: أسود، وآخرُ فَصُّه من عقيق، وآخَرُ من حديد ملويٌّ عليه فضَّة، فهذه خمسة خواتمَ، ويمكن ردُّها إلى أربعةٍ.

فائدةٌ: كان اتَّخاذ الخاتم الذي تُختَم به الكتب في السنة السادسة، قاله بعض الحُفَّاظ، وهذا ظاهِرٌ؛ لأنَّه حينئذٍ كتب إلى الملوك، وعمل ابن سَيِّد النَّاسِ في «سيرته»: (أنَّ الكتابة واتِّخاذ الخاتم في السابعة)، ذكر ذلك في (الحوادث)، وقد قَدَّمْتُ كلام مَن قال: إنَّ الكتابة في السابعة في أوَّل هذا التعليق وبعده.

فائدةٌ: ذكر القاضي أبو بكر ابن العربيِّ في «الأحوذيِّ» لمَّا ذكر الخاتم؛ قال: (وكان قبلُ إذا كتب كتابًا؛ ختمه بظفره).

فائدةٌ ثانيةٌ: الخاتم الحديد معروفٌ، وكذا الحديث الضعيف فيه وفي النحاس، ونقل شيخُنا عن النَّقَّاش في «نزهة الألباب» قال: (خاتم الفولاذ مطردة للشيطان، لا سيَّما إذا لوي عليه فضَّة بيضاء، فكأنَّه أراد تعليم أمَّته بهذا)، انتهى.

قوله: (بَابُ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ): هو جمع (خاتم)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في (الخاتم) لغاتٌ: فتح التاء، وكسرها، والخيتام، والخاتام، والجمع: الخواتيم.

(1/10610)

[حديث: نهانا النبي عن سبع نهى عن خاتم الذهب]

5863# قوله: (حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالمثلَّثة في آخره، وأنَّ ذاك الطامعَ بالموحَّدة، وأنَّه فردٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُلَيمًا) بِضَمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّمَ ضبط (مُقَرِّنٍ) قريبًا وبعيدًا، وأنَّه بكسر الراء المُشَدَّدة، وضمِّ الميم.

[ج 2 ص 573]

قوله: (حَلْقَةِ الذَّهَبِ): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان اللام وتُفتَح، وتَقَدَّمَ الكلام على جمعهما، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الإِسْتَبْرَقِ)، وعلى (الدِّيبَاجِ)، وعلى (الْمِيثَرَةِ)، وعلى (الْقَسِّيِّ)، وعلى (التَّشْمِيت)، وأنَّه بالمُعْجَمة والمُهْمَلة، وهو الدعاء للعاطس بقولك: يرحمك الله.

(1/10611)

[حديث: نهى النبي عن خاتم الذهب]

5864# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ أنَّ (النَّضْر) بالضاد المُعْجَمة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالمُهْمَلة؛ لأنَّ (النضر) _بالمُعْجَمة_ لا يأتي إلَّا بالألف واللام، بخلاف (نصر) _بالمُهْمَلة_؛ فإنَّه لا يأتي بهما، و (بَشِير بْن نَهِيكٍ): بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمة، و (نَهِيك): بفتح النون، وكسر الهاء، وهذا كلُّه ظاهرٌ.

قوله: (وَقَالَ عَمْرٌو: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ): (عمرو) هذا: هو ابن مرزوق الباهليُّ، أبو عثمان البصريُّ، عن شعبة، ومالك بن مغول، وعكرمة بن عمَّار، والمسعوديِّ، وزائدة، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو قِلابة الرَّقاشيُّ، وإسماعيل القاضي، وخلقٌ، قال أبو حاتم: ثقةٌ من العُبَّاد، لم نجد أحدًا من أصحاب شُعبة كان أحسن حديثًا منه، تُوُفِّيَ بالبصرة سنة (224 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، له ترجمةٌ في «الميزان»، وهذه الطريق أعلى من التي قبلها بواحدٍ.

وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ شيخُه كهذا؛ فإنَّه مثل (حدَّثنا)، لكنَّه الغالبَ أخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم.

(1/10612)

[حديث: أن رسول الله اتخذ خاتمًا من ذهب]

5865# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (عُبَيْد اللهِ) بعد (يحيى): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العمريُّ الفقيهُ.

==========

[ج 2 ص 574]

(1/10613)

[باب خاتم الفضة]

(1/10614)

[حديث: أن رسول الله اتخذ خاتمًا من ذهب أو فضة]

5866# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى): هذا هو يوسف بن موسى بن راشد القَطَّان الكوفيُّ، تَجِر إلى الريِّ، وسمع جريرًا، وأبا خالد الأحمرَ، وابنَ وهب، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، والمحامليُّ، وسمع منه ابنُ معين، مات سنة (253 هـ)، أخرج له مِن الأئِمَّة مَن روى عنه، قال ابن معين وأبو حاتم: (صدوق)، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العُمريُّ.

قوله: (مِنْ وَرِقٍ [1]): (الوَرِق): الدَّراهم المضروبة، وكذلك الرِّقَة، والهاء عوض من الواو، وقيل: إنَّهما يقعان على المسكوك وغيره، وقيل: الوَرِق: المسكوك، والرِّقة: الفضَّة كيفما كانت، وفي (الوَرِق) أربعُ لُغَات؛ ثلاثٌ حكاهنَّ الفرَّاء: وَرِق، وَوَرْق، وَوِرْق، والرابعة حكاها الصغانيُّ: وَرَقٌ _بفتح الواو والرَّاء_ في كتابٍ له مفردٍ، فيه لغاتٌ وقراءاتٌ شاذَّةٌ، وبحلبَ منه نسخةٌ، والله أعلم.

(1/10615)

قوله: (حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ أَرِيسَ): كذا في «البُخاريِّ» و «مسلم» أنَّه: (وقع من عثمان) من حديث ابن عُمر، وفي «مسلم» أيضًا من حديثه: (وهو الذي سقط من مُعَيقِيب في بئر أريس)، وسيجيء من حديث أنس أنَّه: (سقط من عثمان)، وفي «النَّسَائيِّ» من حديث ابن عمر: (أنَّ عليه السَّلام لبس خاتمًا ... ) إلى أن قال: (وفي يد عثمان ستَّ سنين من عمله، فلمَّا كثرت عليه؛ دفعه إلى رجل مِن الأنصار، فكان يختم به، فخرج الأنصاريُّ إلى قليبٍ لعثمان؛ فسقط، فالتُمِس، فلم يُوجد)، فهذا فيه أنَّ الخاتم سقط من أنصاريٍّ، فينبغي أن يُجمَع بين سقوطه من عثمان ومعيقيب _وهو ليس أنصاريًّا_ ومن الأنصاريِّ، ولعلَّه أضاف السقوط إلى عثمان؛ لأنَّه كان في زمنه، وهو الخليفة الإمام، وعنده الخاتم، فكأنَّه سقط منه، ولكن يُبعِّد هذا قولُه هنا في «البُخاريِّ»: (فجعل يعبث به، فسقط)، اللَّهمَّ إلَّا أن يقال: إنَّه بعد أن كان يعبث به أعطاه واحدًا من الأنصاريِّ أو معيقيب، فسقط، والله أعلم، وأمَّا معيقيب والأنصاريُّ؛ فلعلَّهما كانا على بئر أريس يتعاطيانه، فسقط منهما، فأُضِيف السقوط إلى هذا مرَّة وإلى الآخر أخرى، وقد ذكر المحبُّ الطَّبريُّ معيقيبًا، وقال: إنَّه الذي سقط منه الخاتم في بئر أريس زمن عثمان، وقد جمع بين سقوطه من معيقيب ومن عثمان الشيخُ محيي الدين النَّوَويُّ بأنَّ أحدَهما كان يناوله الآخر، فسقط، وأشكُّ؛ هل قال هذا أو إنَّهما كانا يتجاذبانه، فسقط، وأُضِيف سقوطه إلى هذا مرَّة وإلى الآخر مرَّة؟ وكأنَّ الشيخ محيي الدين لم يستحضر قصَّة الأنصاريِّ.

تنبيهٌ: ذكر شيخنا ما لفظه: (وفي «علل أبي جعفر»: ذهب يوم الدَّار، فلا يُدرَى أين ذهب)؛ يعني: خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذي كان في يد عثمان، وهذا شيخنا ذكر أنَّه في «علل» هذا الرجل؛ يعني: أنَّه معلول، ولا حجَّة فيه، والحجَّة لما في «الصَّحيحين» وغيرِهما، والله أعلم.

فائدةٌ: قال أبو داود: لم يختلف النَّاس على عثمان حتَّى سقط الخاتم من يده.

و (بئر أَرِيْس): معروفة بالمدينة المشرَّفة، عليها مال لعثمان، وهي إلى جانب مسجد قباء، و (أَرِيْس)؛ بفتح الهمزة، وكسر الرَّاء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة، مصروفٌ، وقَيَّدهُ الشيخ محيي الدين تارة بالصَّرف، وتارة بعدمه، والله أعلم.

(1/10616)

[باب في نبذ خاتم الذهب]

(1/10617)

[حديث: كان رسول الله يلبس خاتمًا من ذهب فنبذه]

5867# قوله: (فَنَبَذَهُ) أي: طرحه، و (النَّبذ): الطرح، وهذا معروف.

==========

[ج 2 ص 574]

(1/10618)

[حديث: النهي عن لبس الذهب للرجال]

5868# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بِضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا ... ) إلى أن قال فيه: (فَطَرَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمَهُ ... ) إلى آخرها، قال: (تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَزِيَادٌ، وَشُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): وكذا في «مسلم»: أنَّ النَّبذ جرى في خاتم الفضَّة، وأنَّ الناس طرحوها لمَّا طرحه عليه السَّلام، قال القاضي عياض: (قال جميعُ أهل الحديث: هذا وَهم من ابن شهاب، فوهم مِن خاتم الذَّهب إلى خاتم الوَرِق، والمعروف من روايات أنس من غير طريق ابن شهاب اتِّخاذه صلَّى الله عليه وسلَّم خاتم فضَّة، وإنَّما طرح خاتم الذَّهب، كما ذكره مسلم في باقي الأحاديث)، انتهى، وكذا ذكره البُخاريُّ قال القاضي: (ومنهم من تأوَّل حديث ابن شهاب، وجمع بينه وبين الروايات، فقال: لمَّا أراد النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم تحريم خاتم الذهب؛ اتَّخذ خاتم الفضَّة، فلمَّا لبس خاتم الفضَّة؛ رآه الناس في ذلك اليوم يُعلِمُهم إباحته، ثُمَّ طرح خاتم الذَّهب، فأعلمهم تحريمه، فطرح الناس خواتيمهم من الذهب، فيكون قوله: «فطرح النَّاس خواتيمهم»؛ أي: خواتيم الذهب، وهذا التأويل هو الصَّحيح، وليس في الحديث ما يمنعه)، انتهى، نقله النَّوَويُّ عنه في «شرح مسلم»، وقال المحبُّ

[ج 2 ص 574]

الطَّبريُّ بعد أن ذكر هذا الوهم، وذكر جوابَهُ عن المهلَّب ما لفظه: (وفيما ذكره المُهلَّب تكلُّفٌ لا حاجة إليه، بل نقول: طرحه لمَّا تتابع الناس على عمل الخواتيم، والظاهر من حالهم إرادة الزِّينة، فطرحه وَجْدًا عليهم؛ لكي يطرحوه، فلمَّا طرحوه؛ لبسه بعد ذلك، ودام لبسه)، انتهى، كذا قال.

(1/10619)

وقولُ البُخاريِّ: (تابعه إبراهيم بن سعد ... ) إلى آخره: الضَّمير في (تابعه): يعود على يونس، وأراد البُخاريُّ رحمه الله بهذه المتابعة: حصر الوهم في الزُّهريِّ هذا إن قلنا: إنَّه وهم، وهو الظاهر، فالبُخاريُّ حصر بذلك الوهم في الزُّهريِّ، ومتابعة إبراهيم بن سعد أخرجها مسلم عن مُحَمَّد بن جعفر بن زياد _هو الوركانيُّ_ وأبو داود في (الخاتم)، والنَّسَائيُّ في (الزِّينة)؛ جميعًا عن مُحَمَّد بن سليمان لُوين؛ كلاهما عن إبراهيم بن سعد عنه به.

و (زياد): هو زياد بن سعد الخراسانيُّ، نزل مكَّة، ثُمَّ اليمن، عن شرحبيل بن سعد، وضُمرة بن سعيد، والزُّهريِّ، وعنه: ابن عيينة ومالك، ثقة ثبت في الزُّهريِّ، أخرج له الجماعة، قال أحمد وجماعة: ثقة، وقال النَّسَائيُّ: ثقة ثبت.

تنبيهٌ: هذا الرجل هو غير زياد بن سعد بن ضُمَيرة، ويقال: زياد بن ضُميرة بن سعد، ويقال: زيد بن ضميرة السُّلميُّ، ويقال: الأسلميُّ الحجازيُّ، عن أبيه وجدِّه، ويقال: عن أبيه وعمِّه، شهد حنينًا، فذكر قصَّة محلَّم بن جثَّامة، وعنه: مُحَمَّد بن جعفر بن الزُّبَير، أخرج له أبو داود، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (زياد بن سعد السُّلميُّ، ذكره ابن قانع في «الصَّحابة»، والمشهور بالصحبة أبوه وجدُّه) انتهى، ومتابعة زياد أخرجها مسلم في (اللِّباس) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، عن روح بن عُبادة، وعن عقبة بن مُكْرَم، عن أبي عاصم؛ كلاهما عن ابن جُرَيج، عن زياد بن سعد به.

و (شعيب): هو ابن أبي حمزة، تَقَدَّمَ مِرارًا، ومتابعةُ شعيب لم يخرِّجها أحد من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: (وحديث شعيب: رواه)؛ يعني: الإسماعيلي، قال شيخنا: (عن الفضل بن عبد الله: حدَّثنا عمرو بن عثمان: حدَّثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة)، انتهى، كان ينبغي أن يقول: (عن أبيه به)، ويحتمل أنَّ الناقل غلط، وأنَّ شيخنا قال: (حدَّثنا بشر عن شعيب بن أبي حمزة)، والله أعلم.

(1/10620)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ مُسَافِرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أُرَى: خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ): (ابن مسافر): هو عبد الرَّحمن بن خالد بن مسافر، هذا فَهْميٌّ، أميرُ مصر، كنيته أبو خالد وأبو الوليد المصريُّ، أمير مصر لهشام، واللَّيث بن سعد أحد مواليه، روى عن الزُّهريِّ، وعنه: اللَّيث، ويحيى بن أيُّوب، قال ابن معين: كان عنده عن الزُّهريِّ كتابٌ فيه مئتا حديث أو ثلاث مئة حديث كان اللَّيث يحدِّث بها عنه، قال النَّسَائيُّ: ليس به بأس، قال ابن يونس: وُلِّي مصر سنة ثماني عشرة، وعُزِل سنة تسع عشرة، وكان ثبتًا في الحديث، تُوُفِّيَ سنة سبع وعشرين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسَائيُّ.

وتعليق ابن مسافر: لم أره في «أطراف المِزِّيِّ»، وهو يلزمه إلَّا أنَّي رأيت في أصلنا الدِّمَشْقيِّ مكتوبًا عليه: (لا ... إلى)؛ يعني: أنَّه ليس في الأصل المُقابَل عليه، وهو أصل في الضِّيائيَّة، وأصل في السُّمَيْسَاطيَّة، فعليه؛ لا يلزمه، وقال شيخنا: (رواه الإسماعيليُّ ... )؛ فذكر سنده إليه.

وقوله: (أُرَى [1]): هو بِضَمِّ الهمزة، وفتح الرَّاء؛ أي: أظنُّ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَرَى).

(1/10621)

[باب فص الخاتم]

قوله: (بَابُ فصِّ الْخَاتَمِ): (الفصُّ): بفتح الفاء وكسرها.

==========

[ج 2 ص 575]

(1/10622)

[حديث: إنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتموها]

5869# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عبدان) لقب لعبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد.

قوله: (وَبِيْصِ): هو بفتح الواو، وكسر الموحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة: البريق واللَّمعان، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 575]

(1/10623)

[حديث: أن النبي كان خاتمه من فضة وكان فصه منه]

5870# قوله: (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ: سَمِعَ أَنَسًا): (يحيى بن أيُّوب) هذا: هو الغافقيُّ، أبو العَبَّاس المِصريُّ، مولى بني أُمَيَّة، وأحد علماء مصر، عن جعفر بن ربيعة، وبُكَيْر بن الأشجِّ، وسهل بن معاذ الجهنيِّ، وخلق، وعنه: جَرير بن حازم، واللَّيث بن سعد، وابن المبارك، وابن وهب، وخلق، قال ابن معين: صالح، وقال مرَّة: ثقة، وقال أبو حاتم: محلُّه الصدق ولا يُحتَجُّ به، وقال النَّسَائيُّ: ليس بالقويِّ، تُوُفِّيَ سنة (168 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

تنبيهٌ: (يحيى بن أيُّوب) جماعة: هذا الرَّجل، ويحيى بن أيُّوب العلَّاف، ويحيى بن أيُّوب بن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجليُّ، ويحيى بن أيُّوب المقابريُّ، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا المُعْتَمِر): (إسحاق) هذا: قال الجَيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال _يعني: البُخاري_ في «اللِّباس»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا معتمر»؛ فذكر هذا المكان، ثُمَّ قال: لم أجد «إسحاق» هذا منسوبًا لأحد من رواة الكتاب، ولا قال فيه أبو نصر شيئًا)، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: («عن إسحاق»: هو ابن إبراهيم)، انتهى، والظَّاهر أنَّه ابن راهويه، أحد الأعلام، و (معتمر): هو ابن سليمان.

==========

[ج 2 ص 575]

(1/10624)

[باب خاتم الحديد]

(1/10625)

[حديث: اذهب فالتمس، ولو خاتمًا من حديد]

5871# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلة، واسم (أبي حازم): سلمة بن دينار.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه (المرأة) في (سورة الأحزاب).

قوله: (فَقَالَ [1] رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الرجلَ) لا أعرف اسمه.

قوله: (مَعِي [2] سُورَةُ كَذَا وَكَذَا): تَقَدَّمَ الكلام على ما معه من القرآن مُعيَّنًا كما في «أبي داود».

قوله: (قَدْ مَلَكْتَهَا [3] بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ على ذلك كلامٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (فقال).

[2] (معي): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) لعلَّه بعد الإصلاح: (مَلَّكْتُكَهَا).

[ج 2 ص 575]

(1/10626)

[باب نقش الخاتم]

(1/10627)

[حديث: أن نبي الله أراد أن يكتب إلى رهط من الأعاجم]

5872# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): هو عبد الأعلى بن حمَّاد بن نصر الباهليُّ مولاهم، البصريُّ، أبو يحيى النَّرسيُّ، عن الحمَّادَين، وسلَّام بن أبي مطيع، وداود العطَّار، ومالك، ووُهَيب بن خالد، وخلق، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وأبو زُرْعة، وزكريَّا خيَّاط السُّنَّة، وأبو يعلى، والبغويُّ، وخلق، وَثَّقَهُ أبو حاتم وغيره، وقال ابن خراش: صدوق، تُوُفِّيَ في جُمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين ومئتين، وقيل: سنة ستٍّ، وهو غلط، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسَائيُّ.

قوله: (أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى رَهْطٍ، أَوْ أُنَاسٍ مِنَ الأَعَاجِمِ): في «مسلم» من حديث أنس: (أن يكتب إلى الرُّوم)، وسيأتي قريبًا في هذا «الصَّحيح»، وفي أخرى في «مسلم»: (أراد أن يكتب إلى العجم)، وفي أخرى: (أراد أن يكتب إلى كسرى، وقيصر، والنَّجاشيِّ)، ولا تنافي بين هذه الرِّوايات، والله أعلم.

قوله: (بِوَبِيصِ أَوْ بِبَصِيصِ): (الوَبِيْص): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وأنَّه البريق واللَّمعان، وأمَّا (البصيص)؛ فهو كالوبيص، و (أو): شكٌّ من الرَّاوي.

قوله: (فِي إِصْبَعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الإصبع) تثليثَ الهمزة، وتثليثَ الباء، والعاشرة: أُصْبُوع.

تنبيهٌ: هذه الإصبع: هي الخنصر؛ كما سيأتي من حديث أنس أيضًا، فيحتمل أن يكون من اليد اليمنى، ويحتمل أن يكون من اليد الشمال، فإنَّ كلًّا قد ثبت أنَّه يختم فيه من حديث أنس، قال الشيخ محيي الدين: (قد أجمعوا على جواز التَّختُّم في اليمين، وعلى جوازه في اليسار، ولا كراهة في

[ج 2 ص 575]

واحدة منهما، وسيأتي ما قاله مالك، واختلفوا أيَّتُهما أفضلُ، فتختَّم كثيرون من السَّلف في اليمين وكثيرون في اليسار، واستحبَّ مالكٌ اليسارَ، وكره اليمين، وفي مذهبنا وجهان لأصحابنا؛ الصَّحيح: أنَّ اليمين أفضل؛ لأنَّه زينة، واليمين أحقُّ بالزِّينة والإكرام)، انتهى، وقال المحبُّ الطَّبريُّ: (قال البغويُّ في «شرحه»: كان آخرُ الأمرين من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم التَّختُّمَ في اليسار)، قال المحبُّ: (قلتُ: ولا يُحمَل ذلك على النَّسخ، وإنَّما اتَّفق أنَّ المدَّة التي تختَّم فيها كان يساره يعقبها حال استمرَّ إلى وفاته صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى.

(1/10628)

[حديث: اتخذ رسول الله خاتمًا من ورق وكان في يده]

5873# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) بالتخفيف على الصَّحيح، وقد قَدَّمْتُ ما يفصل النزاع، و (عُبَيْدِ اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب الفقيه.

قوله: (اتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ): تَقَدَّمَ متى اتِّخاذ الخاتم، وأنَّ ابن سَيِّد النَّاسِ قال: (إنَّه في السَّنة السَّابعة حين كتب إلى الملوك)، وقد قَدَّمْتُ متى كتب إلى الملوك مرَّات؛ أوَّلها في أوَّل هذا التَّعليق في كتابه إلى هرقل.

قوله: (حَتَّى وَقَعَ [1] فِي بِئْرِ أَرِيسَ): تَقَدَّمَ تاريخ وقوعه قريبًا، وممَّن وقع، وأنَّ (أريس) تُصرَف ولا تُصرَف، وأين هي، وأنَّها بئر قباء.

(1/10629)

[باب الخاتم في الخنصر]

قوله: (بَابُ الْخَاتَمِ فِي الْخِنْصَرِ): (الخاتم): تَقَدَّمَتْ لغاته غيرَ مَرَّةٍ، و (الخنصر): هي الإصبع الصُغرى، والجمع: الخناصر، وفي «المطالع» بعد أن ضبطها بكسر الخاء والصاد، فقال: (الإصبع الصغير في اليد والرِّجل، قال أبو عليٍّ: والخنصر أيضًا: الإصبع الوسطى)، انتهى، وهذا غريب.

(1/10630)

[حديث: إنا اتخذنا خاتمًا ونقشنا فيه نقشًا]

5874# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة، الحافظ.

قوله: (فَلَا يَنْقُشْ عَلَيْهِ أَحَدٌ): سبب النَّهْي أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّما اتَّخذه ونقش فيه؛ ليختم به كتبه إلى ملوك العجم وغيرهم، فلو نقش غيره مثله؛ لدخلت المَفسدة، وحصل الخلل، ولم أر مَن تعرَّض لهذه المسألة ما حكمها بعد موته عليه السَّلام: هل النَّهْي زال بموتِه صلَّى الله عليه وسلَّم أو النَّهْي باقٍ؟ وكلٌّ منهما له نظائرُ، فلو قيل بالنَّهي؛ كان له نظائر، ولو قيل بالجواز؛ كان له نظائر، والله أعلم، ثُمَّ إنَّي رأيتُ المحبَّ الطبريَّ قال في «أحكامه» _ذَكَرَ نقش خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والمنعَ مِن أن ينقش على نفس خاتمه، وذكر فيها حديثًا من عند أحمد عن أنس: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا تنقشوا على خواتمكم عَربيًّا» _: (قال الهرويُّ: معناه: لا تنقشوا فيها: مُحَمَّد رسول الله؛ لأنَّه كان نقش خاتم النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، انتهى، وأصل هذا الحديث في «أبي داود»)، انتهى، وقد فسَّر (عربيًّا) ابنُ الأثير في «نهايته»، ونقل شيخنا عن ابن بَطَّال: واتَّخذ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم خاتمًا، ونقش فيه ما سلف، وعهد ألَّا ينقش أحدٌ مثله، فصارت خواتيم الأئِمَّة والحكَّام سُنَّةً لا يُعاب [1] عليهم فيها، ولا يتسوَّر في اصطناع مثلها، ثُمَّ ذكر المسألة في اتِّخاذ الخاتم في الخنصر، وذكر كلامًا ظاهرُه تحريم نقش ذلك لغير النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «شرح ابن بطَّال»: (يفتات).

[ج 2 ص 576]

(1/10631)

[باب اتخاذ الخاتم ليختم به الشيء أو ليكتب به إلى أهل الكتاب ... ]

قوله: (بَابُ اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ؛ لِيُخْتَمَ بِهِ الشَّيْءُ): (يُخْتَم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (الشيءُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وكذا (لِيُكْتَبَ بِهِ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.

==========

[ج 2 ص 576]

(1/10632)

[باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه]

قوله: (بَابُ [1] جَعْلِ فصِّ الْخَاتَمِ فِي بَطْنِ كَفِّهِ): (فصِّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الفاء وكسرها.

قوله: (فِي بَطْنِ كَفِّهِ): قال العلماء: لم يأمر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في ذلك بشيء، فيجوز جعل فَصِّ الخاتم في بطن كفِّه وفي ظاهرها، وقد عمل السَّلف بالوجهين، وممَّن اتَّخذه في ظاهرها ابنُ عَبَّاس، قالوا: ولكنَّ الباطن أفضلُ؛ اقتداءً به عليه السَّلام، ولأنَّه أصون لفصِّه وأسلم، وأبعدُ مِن الإعجاب.

(1/10633)

[حديث: إني كنت اصطنعته وإني لا ألبسه]

5876# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ): هو بكسر القاف، وفتح الياء، وفي نسخة: (فرَقَى)؛ بفتح القاف، من غير همز، وهي لغة معروفة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه يجوز (رقأَ)؛ بالهمز.

(1/10634)

[باب قول النبي: «لا ينقش على نقش خاتمه»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَنْقُشُ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِهِ»): تَقَدَّمَتْ المسألة أعلاه؛ فانظرها.

(1/10635)

[حديث: إني اتخذت خاتمًا من ورق ونقشت فيه محمد رسول الله]

5877# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): [حمَّاد] بعد (مُسدَّد): هو حمَّاد بن زيد، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10636)

[باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر؟]

قوله: (بَابٌ: هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ؟): (يُجْعَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، و (نقش): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، و (ثلاثة): منصوبة مفعول ثانٍ.

==========

[ج 2 ص 576]

(1/10637)

[حديث: لما استخلف كتب له وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر]

5878# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ [1]: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ [2] لَمَّا اسْتُخْلِفَ ... )؛ الحديث: (ثمامة): ذكره ابن عديٍّ، وتابعه الذَّهَبيُّ في «ميزانه»، فذكره، وصحَّح عليه، وفي «الميزان»: (وذُكِر كتاب الصَّدقات لابن معين، فقال: لا يصحُّ هذا الحديث، يرويه ثمامة عن أنس، وكذا انفرد)؛ فذكر له حديثًا آخر، وسأذكره في (الأحكام)، وحديثًا آخر، والله أعلم.

قوله: («مُحَمَّدٌ» سَطْرٌ، وَ «رَسُولُ» سَطْرٌ، وَ «اللهِ» سَطْرٌ): (مُحَمَّدٌ): مَرْفوعٌ منوَّن، و (رسولُ): مَرْفوعٌ من غير تنوين، و (الله): مجرور، وهذا على الحكاية.

تنبيهٌ: المُتبادَر إلى الذهن أنَّ الكتابة التي كانت على خاتمه صلَّى الله عليه وسلَّم من فوق إلى أسفل كما هو المعتاد في الكتابة ثلاثةُ أسطر؛ سطرٌ فيه: (مُحَمَّد)، وسطرٌ فيه: (رسولُ)، وسطر فيه: (الله)، ولكنِّي رأيت في كلام العلَّامة شيخ شيوخنا جمال الدين عبد الرحيم الإسنويِّ في «المُهمَّات» أنَّه رأى في بعض الكتب _قال: ولا يحضرني اسمه_: أنَّ الكتابة كانت على خاتمه عليه السلام تُقرَأ من أسفل إلى فوق، واسم الرَّبِّ عزَّ وجلَّ فوق، وفي الوسط: (رسول)، وتحته: (مُحَمَّد) قال: وهذا إن صحَّ؛ كان حسنًا في غايةٍ، انتهى، وقال شيخنا: (وكنَّا نبحث قديمًا: هل «الجلالة» فوق، و «الرسول» في الوسط، والباقي في أسفل أو بالعكس؛ فيحرَّر)، انتهى، وقد ذكرت ذلك في أوائل هذا التعليق، وذكرتُ هناك أنَّ الكتابة التي على الخاتم الشريف الظاهر أنَّها كانت مقلوبة؛ لأنَّه عليه السَّلام إذا ختم به؛ جاءت الكتابة على المختوم مستوية، وليس كذلك إذا كانت الكتابة في الخاتم مستوية، فإنَّها تُختَم مقلوبًا، ولا تُقرَأ إلَّا بعسر؛ كيف والقارئ مِن الأعاجم، ومع ذلك فلم أر في ذلك كلامًا لأحد، والله أعلم.

تنبيهٌ: ما هو مذكور هنا: هو الصَّحيح في نقش خاتمه صلَّى الله عليه وسلَّم، قال شيخنا رحمه الله: (قيل كان نقشه: «لا إله إلَّا الله مُحَمَّد رسول الله»، وذكر شيخنا رحمه الله هنا عن جعفر، عن أبيه قال: (كان نقش خاتمه عليه السلام: العزَّة لله)، ثُمَّ قال: ولابن سعد قال: قال ابن سيرين: (كان في خاتم رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:

[ج 2 ص 576]

(1/10638)

باسم الله مُحَمَّد رسول الله)، وقال أبو العالية: كان نقشه: «صدق الله»، وسيأتي قريبًا ما رأيته في «الميزان» للذهبيِّ، قال شيخنا: (ثُمَّ ألحق الخلفاءُ بعده: «مُحَمَّد رسول الله») انتهى، فإن صحَّت هذه الأحاديث؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه عليه السَّلام كان له خمس خواتمَ، كلُّ كتابة من المذكورات على واحد منها، والله أعلم، وإن لم يصحَّ؛ فالقول قولُ «الصَّحيح» أنَّه: كان نقشه: مُحَمَّد رسول الله، وقد رأيت في «ميزان الذَّهَبيِّ» في ترجمة مُحَمَّد بن عبد العزيز الدِّينوريِّ من «موضوعاته» عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه: كان نقش خاتم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: صدق الله) انتهى.

تنبيهٌ شاردٌ: جاء عن جابر بن عبد الله: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «كان نقش خاتم سليمان بن داود: لا إله إلَّا الله مُحَمَّد رسول الله»، ذكر هذا بإسناده في «سيرته» أبو الفتح ابن سَيِّد النَّاسِ في (ذكر ما حفظ من الأحبار والرُّهبان والكهَّان ... ) إلى آخر التبويب، وفي سنده شيخ بن أبي خالد، وهو وضَّاع، وقد ذكر هذا الحديث في «ميزانه» الذَّهَبيُّ في ترجمة شيخ، وقال: (إنَّه من أباطيله)، وذكر أيضًا أبو الفرج ابن الجوزيِّ هذا الحديث في «موضوعاته»، وتكلَّم عليه بسبب شيخٍ المذكورِ، انتهى.

(1/10639)

[حديث: كان خاتم النبي في يده وفي يد أبي بكر بعده]

5879# قوله: (وَزَادَنِي أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ ... ) إلى آخره: أمَّا (أحمد)؛ فهو أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل، أبو عبد الله، الإمام المجتهد رحمه الله، فيما قِيل، قاله شيخنا في (الخمس) في (باب ما ذكر في درع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وعصاه وسيفه)، والله أعلم، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه» في هذا الحديث، ولم أره في «كتاب الغسَّانيِّ»، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (زاد) مثل: (قال)، و (أحمد): شيخ البُخاريِّ، ومسلم، وأبي داود، وأخرج له الباقون بواسطة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه إذا قال: (قال فلان)، وكان شيخَه _كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، لكنَّ الغالبَ أَخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وترجمة أحمد مشهورةٌ رحمة الله عليه، و (الأنصاريُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ [1]؛ فَأَخْرَجَ الْخَاتَمَ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّه سقط من عثمان، وفي رواية: (من معيقيب)، وفي رواية في «النَّسَائيِّ»: (من أنصاريٍّ)، وتَقَدَّمَ أنَّ معيقيبًا ليس أنصاريًّا، وقَدَّمْتُ جمعًا جمعته أنا وجمعًا للشيخ محيي الدين، ولم يقف الشيخ على الرواية بأنَّه: (سقط من الأنصاريِّ)، وتَقَدَّمَ متى سقط، وأنَّ (بئر أريس)؛ بالصَّرف وعدمه، وأنَّها بئر قباء، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (قال).

[ج 2 ص 577]

(1/10640)

[باب الخاتم للنساء]

(1/10641)

[حديث: شهدت العيد مع النبي فصلى قبل الخطبة]

5880# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبِيلُ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن يَنَّاقَ، وأنَّ (يَنَّاقَ) لا يُصرَف؛ للعلميَّة والعجمة.

قوله: (وَزَادَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): (ابن وهب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ أنَّ (زاد) مثل: (قال)، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّمَ أعلاه، وتعليق ابن وهب أخرجه البُخاريُّ في (التَّفسير) عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحيم، عن هارون بن معروف، عن ابن وهب به.

قوله: (يُلْقِينَ الْفَتَخَ): هو بفتح الفاء، والمُثَنَّاة فوق، وبالخاء المُعْجَمة، تَقَدَّمَ ما هو في أوائل هذا التعليق مُطَوَّلًا.

(1/10642)

[باب القلائد والسخاب للنساء]

قوله: (وَالسِّخَابِ لِلنِّسَاءِ؛ يَعْنِي: قِلَادَةً مِنْ طِيبٍ وَسُكٍّ): (السِّخاب)؛ بكسر السين المُهْمَلة، وتخفيف الخاء المُعْجَمة، وفي آخره مُوَحَّدَة، وقد فسَّره البُخاريُّ في الترجمة، وقال ابن الأنباريِّ: (هو خيط يُنظَم فيه خرزٌ، ويلبسه الصِّبيان والجواري)، وقال غيره: هو من المَعَاذات، وقال ابن دريد: (هي قلادة مِن قرنفل أو غيره، والجمع: سخب)، وقال غيره: (هي قلادة من قرنفل، وسكٍّ، ومحلب، ليس فيها من الجوهر شيءٌ)، وقد ذكر فيه ابن الأثير بعض ما ذكرتُه، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 577]

(1/10643)

[حديث: خرج النبي يوم عيد فصلى ركعتين]

5881# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ): تَقَدَّمَ ضبط (عرعرة) مرارًا، وأنَّه بعينين مهملتين مفتوحتين، بعد كلِّ واحدة راءُ؛ الأولى ساكنة، والثانية مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

قوله: (بِخرْصِهَا وَسِخَابِهَا): (الخرص): تَقَدَّمَ، وهو بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة وكسرها، ذكرهما الجوهريُّ، و (السِّخاب): تَقَدَّمَ أعلاه، وقبله أيضًا.

==========

[ج 2 ص 577]

(1/10644)

[باب استعارة القلائد]

(1/10645)

[حديث: هلكت قلادة لأسماء فبعث النبي في طلبها رجالًا]

5882# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] عَبْدَةُ): هو بإسكان الموحَّدة، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه ابن سليمان، كما صرَّح به المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهو معروف، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (هَلَكَتْ قِلَادَةٌ لأَسْمَاءَ): هذه هي أسماء بنت أبي بكر أخت عائشة لأبيها، جليلةٌ رضي الله عنها، تَقَدَّمَتْ مُترجَمة، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد ابنها عبد الله بن الزُّبَير.

قوله: (فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالًا فِي طَلَبِهَا [2]): تَقَدَّمَ أنَّ هذه القلادةَ ضاعت من عائشة رضي الله عنها، وكانت استعارَتْها من أختها أسماء، وتَقَدَّمَ كم ثمنها، ومتى ضاعت، وأنَّها إن كانت التي سقطت بالأبواء؛ فقد قال ابن بشكوال: (إنَّه عليه السَّلام أرسل في طلبها الزُّبَير وأُسيد بن الحُضير)، والله أعلم.

قوله: (زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (زاد) كـ (قال)، و (ابن نُمير): هو عبد الله بن نُمَير، وتعليقه أخرجه البُخاريُّ في (الطَّهارة) عن زكريَّا بن يحيى، عن عبد الله بن نُمَير به، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حدَّثنا).

[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (في طلبها رجالًا).

[ج 2 ص 577]

(1/10646)

[باب القرط للنساء]

قوله: (بَابُ الْقُرْطِ لِلنِّساءِ): (القُرْط): بِضَمِّ القاف، وإسكان الراء، وبالطاء المُهْمَلة، قال ابن دريد: (هو ما عُلِّق في شحمة الأذن مِن ذهب أو فضَّة أو غيرهما).

تنبيهٌ: ثقب المرأة أذنَها أو ثقب غيرها أذنَها حرامٌ عند الشَّافِعيَّة، صرَّح به الغزاليُّ في «الإحياء» في (باب الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر) في الباب الثالث، وقال فيه: (إنَّ الاستئجار عليه حرام إلَّا أن يثبت فيه من جهة النَّقل رخصة، ولم تبلغنا إلى الآن فيه رخصةٌ) انتهى، وقال ابن حمدان من الحنابلة _وهو أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان بن محمود بن شبيب بن غياث بن سابق بن وثَّاب النُّميريُّ شيخ مذهبه، عنده فنون عديدة، صنَّف «الرعاية»، وله مصنَّفات في الأصول، واشتُهِر بالفتوى، وله يد باسطة في علم الخلاف والجبر والمقابلة، سمع من عبد القادر، وابن روزبة، وابن تيمية بحرَّان، وابن خليل يوسف بحلب، وبدمشق من مُحَمَّد بن غسَّان، وعمر بن المنجى، وكريمة القرشيَّة، وغيرهم، وله إجازة من بغداد سنة (611 هـ) وكذا الموصل، مولده في سنة ثلاث وستِّ مئة، وتُوُفِّيَ بكرة الخميس سادس صفر سنة (695 هـ) بالمدرسة المنصوريَّة بالقاهرة، ودُفِن مِن يومه بالقرافة الصُّغرى بالقرب من تربة الشَّافِعيِّ_ في «الرِّعاية»: (ويجوز ثقبُ أذنها للزِّينة، ويُكرَه ثقب أذن الصبيِّ، قال أحمد: إنَّما هو للبنات)، انتهى.

وقال ابن قَيِّم الجَوزيَّة في «الإغاثة»: (ومن هنا كره جمهور أهل العلم تثقيب أذني الطفل، ورخَّص بعضهم في ذلك للأنثى دون الذَّكر؛ لحاجتها، واحتجُّوا بحديث أمِّ زَرع ... ) إلى أن قال: (ونصَّ أحمد على جواز ذلك في حقِّ البنت، وكراهته في حقِّ الصَّبيِّ) انتهى، وفي «الأوسط» للطَّبَرانيِّ: عن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: (سبعة من السُّنَّة في الصَّبيِّ يوم السابع: يُسمَّى، ويختن، ويُماط عنه الأذى، وتُثقَب أذنه، ويُعقُّ عنه، ويُحلَق رأسه، ويُلطَخ بدم عقيقته، ويُتصدَّق بوزن شعره في رأسه

[ج 2 ص 577]

ذهبًا أو فضَّةً)، قال شيخنا الحافظ نور الدين الهيثميُّ تلميذ شيخنا العراقيِّ: (رجاله ثقات) لمَّا سألته عنه، كذا في غالب ظنِّي، والله أعلم، انتهى، وفي سنده روَّادٌ _وهو ابن الجرَّاح_ وَثَّقَهُ ابن معين، انتهى، وقد ضُعِّف، وله مناكير، وقد ذكر الطَّبَرانيُّ: أنَّه انفرد به.

(1/10647)

تنبيهٌ شاردٌ: قال شيخنا الشَّارح في «العجالة شرح المنهاج» له _وقد قرأت عليه بعضَها_ في (العقيقة) في قوله: (ويُتصدَّق بزنته)؛ أي: زنة شعره ذهبًا أو فضَّةً، قال: للأمر، لكن لم أر للذَّهب ذكرًا في الأخبار، انتهى، وقد علمت أنَّه في «الطَّبَرانيِّ»، والله أعلم.

قوله: (يهْوِينَ): هو بِضَمِّ أوَّله في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّه ثُلاثيٌّ ورُبَاعيٌّ.

(1/10648)

[حديث: أن النبي صلى يوم العيد ركعتين لم يصل قبلها]

5883# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَدِيٌّ): هذا هو عديُّ بن ثابت، و (سَعِيد) بعده: هو ابن جُبير.

قوله: (تُلْقِي قُرْطَهَا): تَقَدَّمَ قريبًا ما (القُرط) وبعيدًا أيضًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرني).

[ج 2 ص 578]

(1/10649)

[باب السخاب للصبيان]

قوله: (بَابُ السِّخَابِ لِلصِّبْيَانِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (السِّخاب)، وضبطه، وبعيدًا أيضًا.

==========

[ج 2 ص 578]

(1/10650)

[حديث: أين لكع ادع الحسن بن علي]

5884# قوله: (فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ): جاء في بعض طرق هذا الحديث في (باب ما ذكر في الأسواق) أنَّه سوق بني قينقاع، وتَقَدَّمَ أنَّ (قينُقاع): مثلَّث النون.

قوله: (أَيْنَ لُكَعُ؟): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (باب ما ذكر في الأسواق)، وأنَّه لا ينصرف.

قوله: (فَالْتَزَمَهُ): أي: أعتنقه، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَأَحِبَّهُ): قال القاضي: نقوله بالفتح، ومذهب سيبويه ضمُّها، انتهى، وقد تَقَدَّمَ مثل هذا في (لم يضرَّه شيطان)، وفي (لم يردُّه)، وكذا يأتي في كلِّ فعل مُضعَّف مجزوم، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 578]

(1/10651)

[باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال]

(1/10652)

[حديث: لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء]

5885# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبط (بَشَّار) مرارًا، وأنَّ (مُحَمَّدًا) لقبه بُنْدَار، و (مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، وتَقَدَّمَ ضبط (غُنْدر).

قوله: (تَابَعَهُ عَمْرٌو: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ): الضمير في (تابعه) يعود على مُحَمَّد بن جعفر؛ وهو غُنْدر، و (عَمرو): هو ابن مرزوق الباهليُّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ عَمْرًا هذا روى عنه البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وقد روى عنه أبو داود أيضًا، وقد قَدَّمْتُ ترجمته، وقد ذكر هذه المتابعة هنا؛ لعلوِّها؛ لأنَّه فيها يكون بينه وبين شعبة واحد؛ وهو عَمرٌو، وفي السند الأوَّل بينه وبين شعبة اثنان، والله أعلم، ولم أر متابعة عَمرٍو في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخنا.

==========

[ج 2 ص 578]

(1/10653)

[باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت]

(1/10654)

[حديث: أخرجوهم من بيوتكم]

5886# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، وهذا ظاهِرٌ إلَّا أنِّي رأيت مَن ينطق بالفاء مضمومة، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير اليماميُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ (كَثِيرًا) بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله.

قوله: (الْمُخَنَّثِينَ): تَقَدَّمَ غيرَ مَرَّةٍ أنَّ (المُخنّث) بكسر النُّون وفتحها.

قوله: (أَخْرِجُوهُمْ): هو بقطع الهمزة، وكسر الرَّاء.

قوله: (فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانًا): لعلَّه هيت، وقد قَدَّمْتُ أسماء المخانثة الذين كانوا في عهده عليه السَّلام، وأنَّهم أربعة: هيت، وأنة، وهرم [1]، وماتع، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ هنا: لعلَّه: هيت، وقال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: إنَّ المُخنَّث الذي أمر عليه السلام ألَّا يدخل على نسائه هو هيت، وقيل: ماتع، وقيل: أنة، قال: ووقع في رواية أبي ذرٍّ الهرويِّ: (فأخرج عليه السَّلام فلانة)، فإن كان محفوظًا؛ فيُكشَف عن اسمها، وفي «الطَّبَرانيِّ» من حديث واثلة نحوُ حديث ابن عَبَّاس، وفيه: (أنَّه أخرج أنجشة)، وهو [في] «فوائد تمَّام» أيضًا، انتهى، وقال ابن البلقيني: وروى الطَّبَرانيُّ في «معجمه» عن واثلة قال: (لعن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المُخنَّثين من الرجال، والمترجِّلات مِن النِّساء، وقال: «أخرِجُوهم من بيوتكم»، وأخرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنجشة، وأخرج عمر فلانًا)، ثُمَّ قال: فهذا يفسِّر المبهم في رواية «البُخاريِّ»، وذكر قبله عن «قبائلِ الخزرج» للدِّمياطيِّ من جملة كلام: (وكان أنجشة يحدو للنِّساء) انتهى.

قوله: (وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلَانًا): لعلَّه واحد من الأربعة المذكورين أعلاه، وقيلُ بعض حفَّاظ: إنَّه ماتع، وقيل: هدم.

==========

[1] كتب فوقها في (أ): (وهدم).

[ج 2 ص 578]

(1/10655)

[حديث أم سلمة: لا يدخلن هؤلاء عليكن]

5887# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هو زُهير بن معاوية بن حُدَيج، أبو خيثمة، الحافظ، و (زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَة): تَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وكذا أمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، إحدى أمَّهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ.

قوله: (وَفِي الْبَيْتِ مُخَنَّثٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو هيت، وقيل: ماتع، وأنَّ (المخنّث) بكسر النُّون وفتحها، وكذا تَقَدَّمَ (عَبْد اللهِ): أخو أمِّ سلمة رضي الله عنه، وتَقَدَّمَ الكلام على (بِنْتِ غَيْلَانَ)، وأنَّها بادية، وقيل: بادنة، وأنَّ أباها غيلان بن سلمة، أسلم على عشر نسوة، وتَقَدَّمَ الكلام على (تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ)، وذكرت زيادات على ذلك في (غزوة الطائف) وغيرها.

(1/10656)

[باب قص الشارب]

قوله: (وكانَ ابنُ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى يُنْظَرَ إِلَى بَيَاضِ الْجِلْدِ ... ) إلى آخره: لم يخرِّج هذا شيخُنا، والأحاديث بإحفاء الشَّوارب كثيرةٌ؛ منها: ما هو في «البُخاريِّ» و «مسلم»، ومنها: ما هو في «البُخاريِّ»، ومنها: ما هو في «مسلم»، ومنها: ما هو في «النَّسَائيِّ»، ومنها: ما هو في «السُّنَن»، وقد روى الخشنيُّ عن عثمان بن عبد الله بن رافع قال: (رأيت أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يبيِّضون شواربهم سنَّة الحلق)، وقال الطَّحاويُّ في «شرح الآثار» (باب حلق الشارب): وهو مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومُحَمَّد بن الحسن، ونقل غير واحد أنَّه مذهب أحمد وغيره، قال بعض أصحابنا: ولا يُعرَف فيه خلافٌ بين الصَّحابة ولا التَّابعين، انتهى، وما قاله البُخاريُّ عن ابن عمر دليلٌ لذلك، كيف وهو راوي حديث الإحفاء؟! وأمَّا رواية النَّسَائيِّ: (وحلق الشَّارب) _رواها النَّسَائيُّ في «الصغرى» و «الكبرى» _؛ فأجاب شيخنا العراقيُّ عنها بالشُّذوذ، وقد قرأت الجواب عليه، والله أعلم، وقد قرأ بعض أصْحَابي الظاهريَّة عليَّ مُؤلَّفًا له في حلق الشارب، والدليل له: روايةُ النَّسَائيِّ وغيره، وليس هذا موضع نصب الأدلَّة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 578]

(1/10657)

[حديث: من الفطرة قص الشارب]

(1/10658)

5888# قوله: (حَدَّثَنَا مَكِّيُّ [1] بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ نَافِعٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا: عَنِ الْمَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ [2]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال شيخنا البلقينيُّ شيخ الإسلام فيما رأيته من كلام ولده قاضي المسلمين الإمام جلال الدين: القائلُ: (قال أصحابنا) هو البُخاريُّ، و (المَكِّيُّ): هو حنظلة؛ يعني: ابن أبي سفيان الجمحيُّ المَكِّيُّ، والمراد به في السند الأوَّل، سُمِّي بـ (حنظلة)، وفي طريقة أصحابنا نُسِب إلى بلده، والسَّندان متَّصلان؛ الأوَّل [3]: مكيٌّ عن حنظلة، عن نافع، عن ابن عمر، والثاني: أصحاب البُخاريِّ عن المَكِّيِّ _وهو حنظلة_ عن نافع، عن ابن عمر، وفي فهمِ ذلك صعوبةٌ، قال: وترك المُصنِّفُ _يعني: المِزِّي_ أيضًا الحديث الأوَّل في ترجمة حنظلة بسندٍ آخرَ أخرجه البُخاريُّ عقب التَّرجمة المذكورة، فقال: (حدَّثنا أحمد ابن أبي رجاء: حدَّثنا إسحاق بن سليمان: سمعت حنظلة عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «من الفطرة ... »)؛ فذكره، وفي «أطراف خلف» ذكر حديث: «من الفطرة: تقليم الأظفار»، وقال: رواه البُخاريُّ في (اللِّباس) عن أحمد ابن أبي رجاء، عن إسحاق بن سليمان، عن حنظلة بهذا، قال أبو مسعود: وأخرجه في (اللِّباس) عن عليٍّ، عن حنظلة، عن نافع، قال أبو عبد الله: وقال أصحابنا: عن مكِّيٍّ، عن حنظلة، عن نافع، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، قال خلف: (ولم أجد أنا حديث مكِّيٍّ)، قال شيخنا البلقينيُّ: (وحديث مكِّيٍّ الذي لم يجده خلفٌ هو في باب قبل الباب الذي فيه حديث أحمد ابن أبي رجاء)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: قلتُ: لكن قول أبي مسعود: (وقال أصحابنا: عن مكِّيٍّ، عن حنظلة، عن نافع)؛ يقتضي أنَّ المراد: مكِّيُّ بن إبراهيم، انتهى، والظاهر هو الذي قاله ابن شيخنا البلقينيِّ: والذي فهمه بعضُهم من ذلك أنَّه يحتمل أنَّ البُخاريَّ رواه مرَّةً عن شيخه مكِّيِّ بن إبراهيم، عن نافع مُرْسَلًا، ومرَّةً عن أصحابه، عن المكِّيِّ، عن ابن عمر مرفوعًا، فذكر الطَّريقَين، ويحتمل أنَّ بعضهم نسب الراوي عن ابن عمر إلى أنَّه المَكِّيُّ، ويشهد للأول أنَّ البُخاريَّ يروي عن المَكِّيِّ بن إبراهيم شيخه مرَّة، ويروي أيضًا عن واحد عنه، والله أعلم، وقد كتب بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين تجاه قوله: (بعضهم) ما لفظه: (هو أحمد بن

(1/10659)

عليِّ بن حجر)، قال _وقد أوضحه في «المقدِّمة» مبسوطًا في «فتح الباري»، ومن «المقدِّمة» تلقَّنه القاضي جلال الدِّين_: وقد أوردته في «تغليق التَّعليق» من ثلاثة طرق عن ثلاثة من الحُفَّاظ رووه عن مكِّيِّ بن إبراهيم عن حنظلة موصولًا، فحرَّرت أن يكون مرادَ البُخاريِّ، انتهى.

ولم يطرِّف المِزِّيُّ هذا الحديث ولا حديث أحمد ابن أبي رجاء المذكور بعده، وهما يلزمانه؛ لأنَّهما يأتيان في راوية الحمُّوي في نسخة صحيحة مقابَلة على نسخة السُّمَيساطيَّة والضِّيائيَّة، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين: (قال بعض أصحابنا: عن المَكِّيِّ بن إبراهيم): رويناه من طريق أبي أُمَيَّة الطرسوسيِّ، عن مكِّيٍّ، وهو في «جزء أبي الفضل بن الفرات»، وفي «شعب الإيمان» للبيهقيِّ من وجه آخر: (عن مكِّيِّ بن إبراهيم)، أرسله كما حدَّث به البُخاريُّ، ثُمَّ سمعه البُخاريُّ موصولًا، انتهى.

قوله: (مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ): يعني: من سنن الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام الذين أُمرْنا بالاقتداء بهم فيها.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (المكيُّ).

[2] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُما).

[3] في (أ): (الأولى)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 578]

(1/10660)

[حديث: الفطرة خمس الختان والاستحداد]

5889# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (سَعِيد بْن المُسَيّب)؛ بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غير أبيه، فإنَّه لا يقال فيه إلَّا بالفتح، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (رِوَايَةً: الْفِطْرَةُ خَمْسٌ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّ الصَّحابيَّ إذا قيل عنه: (يرفع الحديث)، أو (يبلغ به)، أو (روايةً)، أو (ينميه)؛ أنَّ كلَّ ذلك مَرْفوعٌ، وقد تَقَدَّمَ ذلك مُطَوَّلًا، وإن قيل: عن تابعيٍّ؛ فهو مُرْسَل، والله أعلم.

[ج 2 ص 578]

قوله: (الِاسْتِحْدَادُ): هو حلْقُ العانةِ بالحديدِ.

(1/10661)

[باب تقليم الأظفار]

قوله: (بَابُ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ): أخرج فيه حديثَ ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «خالفوا المشركين، وفِّرُوا اللِّحى، وأَحفُوا الشَّوارب»، إن قيل: ما وجه إخراج هذا الحديث في هذا الباب؟ فالجواب: أنَّ في «الصحيح»: «وأمَّا الظُّفْرُ؛ فمُدى الحبشة، ولولا أنَّها تطول طولًا زائدة؛ لما كانت تَذبَح به»، والحبشة إذ ذاك كانوا مشركين نصارى، وقد نُهينا عن التَّشبُّه بهم، وأُمِرنا بمخالفتهم ومخالفة غيرهم من المشركين، ومن جملة ما كانوا يصنعونه طولُ أظافرهم، ففيه حثٌّ على تقليم الأظفار، وهو استدلال بالعُموم، والله أعلم.

تنبيهٌ: قلم الأظفار إزالةُ وسخ، فيُستحَبُّ متى طال، ولكن لا يُؤخَّر زيادة على أربعين يومًا؛ للحديث في «مسلم»، فإن أَخَّر؛ عصى عند الظَّاهِرِيَّة، وفي حفظي: «أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقصُّ شاربه، ويقلِّم أظفاره يوم الجمعة»، وفي حفظي: أنَّه في «البزَّار»، وروينا في «مسلسلات التَّيميِّ» أنَّه قال: وقصُّ الأظفار يوم الخميس، قال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: (وأمَّا تقليم الأظفار؛ فسُنَّةٌ، ليس بواجبٍ، وهو (تفعيل) مِن القَلْم؛ وهو القطع، ويُستحَبُّ أن يبدأ باليدين قبل الرِّجلين، فيبدأ بمُسبِّحة يده اليمنى، ثُمَّ الوسطى، ثُمَّ البِنصِر، ثُمَّ الخِنصِر، ثُمَّ الإبهام، ثُمَّ يعود إلى اليسرى، فيبدأ بخِنصِرها، ثُمَّ ببِنصِرها ... إلى آخرها، ثُمَّ يعود إلى الرِّجل اليمنى، فيبدأ بخِنصِرها، ويختم بخِنصِر اليسرى)، انتهى، قال شيخنا الحافظ العِرَاقيُّ في «تخريج أحاديث الإحياء للغزاليِّ» لمَّا ذكر هذه الكيفيَّة ما لفظه: (لم أجد له أصلًا، وقد أنكره أبو عبد الله المازريُّ في «الردِّ على الغزاليِّ»، وشنَّع عليه به)، انتهى.

(1/10662)

[حديث: من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظفار]

5890# قوله: (سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه حنظلة بن أبي سفيان المَكِّيُّ، وقد قَدَّمْتُ فيما مضى ترجمته.

قوله: (مِنَ الْفِطْرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّه مِنْ سُننِ الأنبياءِ الَّذينَ أُمِرْنا بالاقتداءِ بهم.

(1/10663)

[حديث: الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب]

5891# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ يونسَ، وتَقَدَّمَ (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بنُ مُسلمٍ الزُّهْرِيُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ (سَعِيد ابْن المُسَيّب): بفتحِ ياء أبيه وكسرِها، وأنَّ غيرَ أبيه لا يجوزُ فيه إلَّا الفتحُ.

قوله: (وَفِّرُوا اللّحَى): (اللّحَى): بكسر اللَّام وضمِّها، مقصورٌ؛ مثل: ذِروة، وذُروة، وذرًى.

(1/10664)

[حديث: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب]

5892# قوله: (وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ: جُزُّوا، قال ابن قُرقُول: (وحكى ابن الأنباريِّ: «حفوت»)، انتهى، وكذا في «الجمهرة»: (حَفُوت شاربي أَحْفُوه حَفْوًا؛ إذا استأصلت أخذ شعره، ومنه الحديث ... )؛ فذكره، انتهى، يعني: فعلى هذه؛ تكون همزته همزة وصل.

تنبيهٌ: مسألة حلق الشارب _كما في «سنن النَّسائيِّ الصغرى» و «الكبرى» بإسنادٍ صحيحٍ_ معروفةٌ، وكذا المذاهب فيها ومذهب الشَّافِعيِّ وأبي حنيفة وغيرهما والأحاديث فيه، وقد ألَّف فيه بعضُ أصحابنا الفقهاء الظَّاهِرِيَّة مؤلَّفًا وقرأه عليَّ، وقد ذكر شيخنا الحافظ العِرَاقيُّ في الحديث الذي في «سنن النَّسائيِّ»، ونسبه إلى الشذوذ، وقد قرأتُ عليه الكلام على الحديث المذكور، وأنَّ المختار قصُّ الشارب، لا حلقُه، وهو ردٌّ حسنٌ من حيث صنعة الحديث، والله أعلم.

(1/10665)

[باب إعفاء اللحى]

قوله: (بَابُ إِعْفَاءِ اللّحَى): (إعفاء): مصدر بكسر الهمزة، ممدودٌ، وسيأتي أنَّ فيه الرُّباعيَّ والثُّلاثيَّ، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 579]

(1/10666)

[حديث: انهكوا الشوارب وأعفوا اللحى]

5893# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سلام، قاله الجَيَّانيُّ، وقد ذكرته قبل هذا، وكذا قال المِزِّيُّ: هو ابن سلام، و (عبدة): هو ابن سليمان الكلابيُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ): هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ.

قوله: (انْهَكُوا الشَّوَارِبَ): هو بهمزة وصل، فإن ابتدأت بها؛ كسرتها، وفتح الهاء، وفي أصلنا القاهريِّ هذه اللُّغة ولغة أخرى؛ وهي فتح الهمزة وكسر الهاء، رُباعيٌّ، وأنا لا أعرف هذه، والله أعلم.

قوله: (وَأَعْفُوا): تَقَدَّمَ أنَّه بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، ويجوز من حيث اللُّغة وصلُها ثلاثيًا، وقد ذكر الجوهريُّ اللُّغتين.

==========

[ج 2 ص 579]

(1/10667)

[باب ما يذكر في الشيب]

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الشَّيْبِ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 579]

(1/10668)

[حديث أنس: لم يبلغ الشيب إلا قليلًا]

5894# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وهيب بن خالد، الباهليُّ الكرابيسيُّ، الحافظ، و (ابْن سِيرِينَ): هو مُحَمَّد، وقد قَدَّمْتُ الكلام في عدد بني سيرين وبناته، ومن هو سيرين، وهو مولى أنس بن مالك الأنصاريِّ الخادمِ.

قوله: (أَخَضَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ يَبْلُغِ الشَّيْبَ إِلَّا قَلِيلًا): هذه المسألة: هل خضب النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أم لا؟ تَقَدَّمَت في (باب صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وسيجيء من حديث عبد الله بن مَوهَب: (أنَّه رأى شعر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مخضوبًا)، وسيأتي بعيد هذا روايةٌ أخرى: (أنَّه رأى شعر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أحمرَ)، وتَقَدَّمَ كلام السُّهَيليِّ في ذلك؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 579]

(1/10669)

[حديث: إنه لم يبلغ ما يخضب لو شئت أن أعد شمطاته في لحيته]

5895# قوله: (لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتِهِ): أي: شيباته.

==========

[ج 2 ص 579]

(1/10670)

[حديث: مطلب في بركة شعرات النبي]

5896# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ.

قوله: (أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ): أهله المُرسِلون لا أعرفهم.

قوله: (إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها.

قوله: (مِنْ قُصَّةٍ فِيهِا [1] شَعَرٌ): (القُصَّة): بضَمِّ القاف، وتشديد الصاد المُهْمَلَة، ما أقبل على الجبهة من شعر الرأس سُمِّي بذلك؛ لأنَّه يُقَصُّ، وقال ابن دريد: كلُّ خُصلة من الشعر قُصَّة، و (قُصَّة) في أصلنا: بضَمِّ القاف وكسرها، وفي الكسر نظرٌ، ولكن طرأ عليها مع الكسر إعجامُ الضَّاد، بقيت: (من فضَّة)، قال ابن قُرقُول في (الفاء مع الضَّاد)؛ يعني المُعْجَمَة: (وقبض إسرائيل ثلاثة أصابع من قُصَّة فيها شعر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كذا لهم، وعند الأصيليِّ: «من فِضَّة» و «من قُصَّة»؛ معًا، قال القاضي: والأشبه عندي: «من فضَّة»؛ لقوله بعد: «فاطَّلعت في الجلجل»)، انتهى، وقال ابن الأثير في «نهايته» في (الفاء مع الضَّاد)؛ يعني: المُعْجَمَة: (فقبض ثلاثة أصابع من فضَّة فيها من شعر)، وفي رواية: «من فضَّة»

[ج 2 ص 579]

أو «من قُصَّة»، فالمراد بـ «الفضَّة»: شيء مَصُوغٌ منها قد تُرِك فيه الشعر، فأمَّا بالقاف والصاد المُهْمَلَة، فهو الخُصلة مِن الشَّعر)، انتهى، وقال السُّهَيليُّ في «روضه» في (غزوة الفتح) وقد ذكر الحديث المذكور فيه: (فاطَّلعت في الجلجل)، ثُمَّ قال: (وهذا كلام مُشكِل، وشرحه في «مسند وكيع بن الجرَّاح»، قال: كان جلجلًا من فضَّة صُنِع صِوانًا لشعرات كانت عندهم مِن شعر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، انتهى.

قوله: (مِخْضَبَهُ): (المِخضب): بكسر الميم، تَقَدَّمَ ضبطه وما هو.

قوله: (في الجُلْجُلِ): هو بجيمَين مضمومتَين، وبعد كلِّ جيم لامٌ؛ الأولى ساكنة، وهو الحُقُّ، وهذه في أصلنا، وعليها: (صح) وعلامة راويها، وفي نسخة خارج الأصل الذي لنا وعليها (صح): (الحَجْل)، وهذه أغربها، وقد قال ابن قُرقُول في (الجلجل): (كذا لكافَّتهم، وعند ابن السَّكن: «في المخضب»، و «الجلجل» ههنا أشبه)، انتهى.

(1/10671)

[حديث: دخلت على أم سلمة فأخرجت إلينا شعرًا من شعر النبي]

5897# قوله: (حَدَّثَنَا سَلَّامٌ): هو بتشديد اللَّام، قال المِزِّيُّ: (وهو ابن أبي مطيع)، قال الجيانيُّ في «تقييده»: («سلَّام» في هذا الإسناد غير منسوب، وقد نسبه ابن السَّكن: سلَّام بن أبي مطيع، وذهب الكلاباذيُّ: إلى أنَّه سلَّام بن مسكين)، قال الجيانيُّ: (وقول أبي عليٍّ _يعني: ابن السَّكن_ أولى بالصواب، والحديث محفوظ لسلَّام بن أبي مطيع)، وساق ما يشهد لذلك بفوائد، فإن أردته؛ فانظره من «تقييد المُهْمَلَ»، والله أعلم، ولخَّص شيخنا كلام الجَيَّانيِّ، ونسبه إليه بلا شاهد لذلك.

==========

[ج 2 ص 580]

(1/10672)

[حديث: أن أم سلمة أرته شعر النبي أحمر]

5898# قوله: (وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لنا فلان)؛ أنَّه كـ (حدَّثنا) غير أنَّ الغالب أَخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (نُصَيْرُ بْنُ أَبِي الأَشْعَثِ): بضَمِّ النُّون، وفتح الصاد المُهْمَلَة، وهو نُصَير بن أبي الأشعث، ويقال: ابن الأشعث، الأسديُّ، الكوفيُّ، أبو الوليد، عن حبيب بن أبي ثابت، وسماك بن حرب، وعثمان بن عبد الله بن مَوهَب، وأبي الزُّبَير، وطائفةٍ، وعنه: شعبة_وهو من أقرانه_ وأبو بكر بن عيَّاش، وأبو نعيم، وآخرون، وَثَّقَهُ أبو حاتم وأبو زرعة، انفرد بالإخراج له البُخاريُّ، و (ابْن مَوْهَبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه عثمان بن عبد الله بن مَوهَب، و (أُم سَلَمَةَ): هند، تَقَدَّمَت رضي الله عنها.

==========

[ج 2 ص 580]

(1/10673)

[باب الخضاب]

(1/10674)

[حديث أبي هريرة: إن اليهود والنصارى لا يصبغون ... ]

5899# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النِّسبة لماذا في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (سُلَيْمَان بْن يَسَارٍ): بتقدُّم المُثَنَّاة تحت، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 580]

(1/10675)

[باب الجعد]

قوله: (بَابُ الجَعْدِ): هو بفتح الجيم، وإسكان العين، وبالدال المُهْمَلَتين، وهو ضدُّ (السبط)، وهو الذي في شعره عزَّة ورجوع في نفسه، وليس باللَّيِّن في استرساله، فإذا وصف بالقَطَط؛ كان الشَّديد الجعودة؛ كشعور السُّودان، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 580]

(1/10676)

[حديث: كان رسول الله ليس بالطويل البائن]

5900# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

قوله: (الْبَائِنِ): هو المُفرط طولًا الذي بان عن قدود الرِّجال الطوال، وبَعُد عن شبههم.

قوله: (الأَمْهَقِ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ ميم ساكنة، ثُمَّ هاء مفتوحة، ثُمَّ قاف، وهو الأبيض الذي لا يشوب بياضَه حمرةٌ، ولا صفرةٌ، ولا سمرةٌ، ولا إشراقٌ؛ كلون المريض، وقال الخليل: بياض في زرقة، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (بِالآدَمِ): هو بمدِّ الهمزة، وفتح الدَّال، و (الأُدْمة): السُّمرة الشديدة، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا أصحُّ من الحديث الذي أخرجه ابن أبي حاتم وغيره من أنَّه أسمر، وأنَّ الصَّحيح في لونه عليه السلام: أنَّه أبيض مُشرَب بحمرة، وهذا أحسن الألوان وأعدلُها، وكذا تَقَدَّمَ (الجَعْد)، و (القَطط)، وأنَّه بفتح الطَّاء وكسرها.

قوله: (بَعَثَهُ اللهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً): تَقَدَّمَ الاختلاف في ذلك، وحكيتُ فيه أربعة أقوال؛ بل خمسة، بل ستَّة، هذا أصحُّها، وكذا تَقَدَّمَ قوله: (فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ)، وكذا (وَتَوَفَّاهُ اللهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً)، وتَقَدَّمَ الاختلاف في مبلغ سنِّه، وأنَّه ثلاث وستُّون سنة، وأنَّه قد قال شيخنا العِرَاقيُّ في «سيرته المنظومة»: (إنَّ القولين _خمسًا وستِّين وستِّين_ قولان وهنوهما بمرَّة)، كلُّ ذلك في (باب صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وذكرت هناك جمعًا بين الروايات للسهيليِّ؛ فانظره [1].

(1/10677)

قوله: (وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ): جاء عند ابن سعد تعيينُ عددِها: بسبعة عشرَ، قال شيخنا العلَّامة غياث الدين ابن العاقوليِّ في كتابه: «الرَّصف» ما لفظه: (روى ابن سعد عن زهير عن حُمَيد الطَّويل قال: قيل لأنس بن مالك: أكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يخضب؟ قال: كان شمطه أقلَّ مِن ذلك، لم يبلغ ما في لحيته من الشيب عشرين شعرة، قال زهير: وأصغى حُمَيد إلى رجل عن يمينه، قال: سبع عشرة، ووضع يده على عنفقته، وأخرجه من طريقٍ آخرَ عن أنس، وقال فيه: ما كان في رأسه ولحيته إلَّا سبعَ عشرةَ، أو ثماني عشرةَ)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ هذا في (باب صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) بزيادات، ومعها حديثٌ آخرُ من عند التِّرْمِذيِّ في «الشمائل»، وهو أيضًا في «مسند عَبْد بن حُمَيدٍ» عن أنس: أنَّه ما عدَّ في رأسه عليه السَّلام ولحيته إلَّا أربعَ عشرةَ شعرةً بيضاءَ، ولا تنافي بين الروايات في ذلك، فإنَّها وإن كانت أربعَ عشرةَ، ثُمَّ صارت سبعَ عشرةَ، ثُمَّ ثماني عشرةَ؛ فأخبر عمَّا عده في كلِّ مرَّة، والله أعلم.

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) بعد الفقرة اللَّاحقة.

[ج 2 ص 580]

(1/10678)

[حديث: ما رأيت أحدًا أحسن في حلة حمراء من النبي]

5901# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاقَ عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِي عَنْ مَالِكٍ): بعض أصحاب البُخاريِّ لا أعرفه، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (هو يعقوب بن سفيان، كذا رواه في «تاريخه» بالزيادة التي أشار إليها المُؤلِّف)، انتهى، و (مالك): هو ابن إسماعيل شيخ البُخاريِّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (إِنَّ جُمَّتَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الجمَّة) و (اللِّمَّة) و (الوَفْرَة)، وما وقع فيها من التناقض للجوهريِّ، قال ابن قُرقُول: («الجُمَّة»: أكثر من «الوفرة»، وذلك إذا سقطت على المنكبين).

[ج 2 ص 580]

قوله: (قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ): هو المذكور في السَّند، وقد قَدَّمْتُ أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، جدُّ إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق هذا.

قوله: (تَابَعَهُ شُعْبَةُ): الضَّمير في (تابعه) يعود عل إسرائيل، ومتابعة شعبة عن أبي إسحاق به أخرجها البُخاريُّ في (صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، وفي (اللِّباس) مختصرًا، وأخرجها مسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ أيضًا.

(1/10679)

[حديث: أراني الليلة عند الكعبة فرأيت رجلًا آدم كأحسن]

5902# قوله: (أَرَانِي [1] اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ): (أَراني): بفتح الهمزة، من رؤية العين، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (أُدْم)؛ يعني: عيسى ابن مريم، وقد تَقَدَّمَ الكلام على لون عيسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هل هو آدم، أو أحمر، وجَمْعُ مَن جَمَعَ، ومَن قال: إنَّ رواية (آدم) أَثْبتُ في مناقب عيس، وتَقَدَّمَ الكلام على (اللِّمَّة)، وما وقع مِن التناقض بينها وبين (الجُمَّة) و (الوَفْرَة)، قال ابن قُرقُول: (إنَّ اللِّمَّة بين الجُمَّة والوَفْرَة تلُمُّ بالمنكب)، وتَقَدَّمَ (رَجَّلَهَا)، وأنَّ معناه: سرَّحها، وتَقَدَّمَ الكلام على (جَعْدٍ)، وعلى (قَططٍ)، وأنَّه بفتح الطاء وكسرها، وعلى (أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى)، وما وقع في «مسلم» في رواية: (اليسرى)، والجمع بينهما، وعلى (طَافِيَة)، وأنَّها بالهمز وعدمه، وما معناه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (أُراني).

[ج 2 ص 581]

(1/10680)

[حديث: أن النبي كان يضرب شعره منكبيه]

5903# قوله: (حَدَّثَنِي [1] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ الجَيَّانيَّ قال: (إنَّه لم يجده منسوبًا عند أحد مِن رواة الكتاب)، قال: (ولعلَّه: إسحاق بن منصور)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «أطرافه»، و (حَبَّان)؛ بفتح الحاء وتشديد المُوَحَّدة: هو ابن هلال.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصححًا عليه: (حَدَّثَنَا).

[ج 2 ص 581]

(1/10681)

[حديث: كان شعر رسول الله رجلًا ليس بالسبط ولا الجعد]

5905# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الصَّيرفيُّ الحافظ الفلَّاس.

قوله: (رَجِلًا): هو بكسر الجيم، كذا هو في أصلنا، وكذا قرأناه على المشايخ، وفي «الصِّحاح»: («شعر رَجِل»، و «رَجَل»؛ بكسر الجيم وفتحها، عن ابن السِّكِّيت)، انتهى، وهو الشعر المُتكسِّر قليلًا؛ بخلاف (السَّبِط والجعْد).

قوله: (لَيْسَ بِالسَّبِطِ): (السَّبِط): الشعر الذي ليس فيه تكسُّر؛ كشعور العجم، قال ابن قُرقُول: (وفي «الأفعال»: سَبُط الجسم سباطة، والشَّعر سبوطة، فالجسم سبْط، والشعر سَبِط، وحكى الحربيُّ: «سَبَط»)، انتهى، وفي «الصِّحاح»: (شعر سبَط وسبِط؛ بكسر المُوَحَّدة وفتحها).

قوله: (وَلَا بِالْجَعْدِ [1]): تَقَدَّمَ ما (الجعد)، وكذا تَقَدَّمَ [الكلام] على (الرَّجِل)، وعلى (السَّبِطِ).

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الْجَعْدِ).

[ج 2 ص 581]

(1/10682)

[حديث: كان النبي ضخم اليدين لم أر بعده مثله]

5906# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ، الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، والفراهيديُّ: نسبة إلى جدِّه فُرهود، والنسبة إليه: فُرهوديٌّ، وفراهيديٌّ، و (جَرِيرٌ) بعده: هو _بفتح الجيم، وكسر الرَّاء_ ابن حازم الأزديُّ.

قوله: (رَجِلًا): تَقَدَّمَ معنى (رَجِل)، وكذا تَقَدَّمَ (الجعد والسَّبِط) قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 581]

(1/10683)

[حديث: كان النبي ضخم اليدين والقدمين حسن الوجه]

5907# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ عارمٌ، كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل: (أبو نعيم)، وفوقه: (أبو النُّعمان)، ولم يذكره في «الأطراف» إلَّا من حديث أبي النُّعمان مُحَمَّد بن الفضل، فإذًا هو الصواب، والله أعلم، وتَقَدَّمَ [أنَّ] عارمًا لقبٌ له، وأنَّه بعيد مِن العرامة، وأنَّه الشِّرِّير، أو الشَّرس، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلَة، وهذا مَعْرُوفٌ جدًّا.

قوله: (بَسِيْطَ الكَفَّيْنِ): هو بفتح المُوَحَّدة، وكسر السِّين المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ طاء مهملة؛ أي: واسع.

(1/10684)

[حديث: كان النبي ضخم القدمين حسن الوجه]

5908# 5909# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ أنَّه الصَّيرفيُّ الفلَّاس الحافظ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَوْ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): فقوله: (أو عن رجل عن أبي هريرة): هذا (الرَّجل) لا أعرفه، ولا عرَّفه المِزِّيُّ في «أطرافه»، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (هذا الرجل يحتمل أن يكون سعيد بن المُسَيّب، فقد رواه ابن سعد في حديثه عن أبي هريرة، وقتادة مُكثِر عنه)، انتهى.

5910# قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ): هذا تعليق مجزوم به، و (هشام): هو ابن يوسف القاضي الصَّنعانيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وهو من شيوخ شيوخ البُخاريِّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، قال شيخنا: (وتعليق هشام رواه الإسماعيليُّ من حديث عليِّ بن بحرٍ عنه).

قوله: (شَثْنَ الكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ [1]): (الشَّثْن): بفتح الشين المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَلَّثَة ساكنة، ثُمَّ نون؛ يعني: أنَّ كفَّيه وقدميه يميلان إلى الغلظ والقصر، وقيل: (الشَّثن): الذي في أنامله غلظ بلا قصر، ويُحمَد ذلك في الرِّجال؛ لأنَّه أشدُّ لقبضهم، ويُذمُّ في النساء، قاله ابن الأثير، وقال القاضي عياض: شثنُ الكفَّين والقدمين: لَحِيمُهما، والله أعلم.

5911# 5912# قوله: (وَقَالَ أَبُو هِلَالٍ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ): (أبو هلال): هذا هو مُحَمَّد بن سُلَيم الراسبيُّ، نزل البصرة، ولاؤه لبني سامة بن لؤيٍّ، يروي عن الحسن، وابن سيرين، وقتادة، وجماعة، وعنه: وكيع، وزيد بن الحُبَاب، وابن مهديٍّ، وخلقٌ، قال ابن معين: صدوق، وقال أبو داود: ثقة، ولم يكن صاحبَ كتاب، وهو فوق عمران القَطَّان، وقال ابن أبي حاتم: أدخله البُخاريُّ في كتاب «الضُّعفاء»، فسمعت أبي يقول: يُحوَّلُ منه، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال مُحَمَّد بن محبوب: مات سنة سبع وستِّين ومئة في ذي [الحجَّة]، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وروى له الأربعة، وقولُ أبي هلال؛ قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: (وصلها الذَّهَبيُّ في «دلائل النُّبوَّة»)، انتهى، له ترجمة في «الميزان».

(1/10685)

[حديث: أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم وأما موسى]

5913# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (ابْن عَوْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ»، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ.

قوله: (فَانْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ): كذا هنا، وفي بعض طرقه: (يعني: نفسه)، ويؤيِّد هذا: أنَّ في بعض طرقه: «وأنا أَشْبه ولده به»؛ يعني: إبراهيم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

قوله: (فَرَجُلٌ آدَمُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا ما (الآدم)، وضبطه، وكذا (الجَعْد).

قوله: (مَخْطُومٍ بِخُلْبَةٍ): (المَخطُوم): هو الذي له خِطام، وقد قَدَّمْتُ ما (الخِطام)، وأمَّا (الخُلْبة)؛ فبضمِّ الخاء المُعْجَمَة، ثُمَّ لام ساكنة _وتُضمُّ، ذكرهما الجوهريُّ_ ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي اللِّيف، ويقال: بل هو ليف المُقْلِ.

==========

[ج 2 ص 581]

(1/10686)

[باب التلبيد]

[ج 2 ص 581]

قوله: (بَابُ التَّلْبِيدِ): تَقَدَّمَ ما (التَّلبيد) في (الحجِّ)، وهو جمع الشعر بما يلزق بعضه إلى بعض من خطميٍّ، أو صمغ، أو شبهه؛ ليتَّصل بعضُه ببعض.

(1/10687)

[حديث: من ضفر فليحلق ولا تشبهوا بالتلبيد]

5914# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّمَ أنَّ (شُعَيْبًا): هو ابن أبي حمزة، وأنَّ (الزُّهْرِي): هو مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (مَنْ ضَفَّرَ): هو بالتَّشديد في أصلنا، وهو يقال: بالتَّخفيف والتَّشديد؛ لغتان حكاهما الجوهريُّ، وهذا ظاهِرٌ، وهو بالضاد المُعْجَمَة غير المشالة، ووقع في أصلنا بالظاء المشالة، وهو خطأ في الكتابة، وقد ضبَّبتُ أنا عليه في الأصل، وصوَّبت في الحاشية بأنَّه بالضَّاد غير المشالة.

قوله: (فَلْيَحْلِقْ): يعني: في الحجِّ.

قوله: (وَلَا تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيدِ): أي: لا تفعلوا أفعالًا تشبه التَّلبيد في الانتفاع بها، وهي العقص، والضَّفر، ثُمَّ تُقصِّرون، وتقولون: لم نُلبِّد، فمن فعل؛ فهو مُلبِّد، وعليه الحِلَاق، كذا حلَّه شيخنا، ثُمَّ اعلم أنَّ الحاجَّ والمُعتمِر يُستحَبُّ لهما تلبيد شعر رأسهما، فإذا لبَّد رأسه أحدهما عند الإحرام؛ لم يكن مُلتزِمًا الحلقَ على المذهب الصحيح عند الشَّافِعيَّة، وللشَّافعيِّ رحمه الله تعالى قولٌ قديمٌ: أنَّ التَّلبيد كنذر الحلق، وإذا نذر الحلق؛ لزمه، وفي وجه غريب: أنَّه لا يلزم بالنذر؛ إذا لم يجعله نسكًا، انتهى، ونقل شيخنا في حجَّة الوداع أنَّ مالكًا يرى على من لبَّد أن يحلق للاتِّباع)، انتهى، والله أعلم.

قوله: (مُلَبِّدًا): هو بكسر المُوَحَّدة وفتحِها.

==========

[ج 2 ص 582]

(1/10688)

[حديث: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك]

5915# قوله: (حَدَّثَنَا [1] حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا بكسر الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُوَحَّدة.

قوله: (وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو فيما يظهر أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ مردويه السِّمسار، تقدَّم مُتَرجَمًا، ومَن يقال له: أحمد بن مُحَمَّد في مشايخ البُخاريِّ ثلاثةُ أشخاص؛ الأوَّل: أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل، الإمام المجتهد المشهور، لم أر عَبْد الغَنيِّ صاحب «الكمال» ولا الذَّهَبيَّ في «تذهيبه»: ذكرا في ترجمته أنَّه روى عن عبد الله بن المبارك، ولا في ترجمة ابن المبارك أنَّه روى عنه أحمد، ومثل أحمد وابن المبارك في الترجمتين لا يهملان كما يُهمَل غيرهما؛ لعظمهما، وجلالتهما، وعلمهما، والثاني: أحمد بن مُحَمَّد بن الوليد الغسَّانيُّ الأزرقيُّ المَكِّيُّ، فنظرت ترجمته في «الكمال»؛ فلم أره ذكره في تلاميذ ابن المبارك، ولا ذكر في ترجمة ابن المبارك أنَّه أخذ عنه هذا، وكذا في «التذهيب»، فغلب على ظنِّي أنَّه مردويه؛ لأنَّه ذُكِر في الآخذين عن ابن المبارك، وهو مذكور في الآخذين عنه في «الكمال» و «التذهيب»، أمَّا في «الكمال»؛ ففي ترجمة ابن المبارك وترجمة مردويه، وأمَّا «التذهيب»؛ ففي ترجمة مردويه، والله أعلم، و (يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (يُهِلُّ): تَقَدَّمَ أنَّ (الإهلال): رفع الصوت بالتلبية، وهو رُباعيٌّ، وهذا يُعرَف من قولي: الإهلال، ولكن قد يجيء شخص لا يعرف ذلك، وتَقَدَّمَ (مُلَبِّدًا): أنَّه بكسر المُوَحَّدة وفتحها، وتَقَدَّمَ ما (التلبيد) قريبًا وبعيدًا، وتَقَدَّمَ قوله: (إِنَّ الْحَمْدَ)؛ بكسر الهمزة، ويجوز فتحها في (الحجِّ)، وما نُسِب إلى الشَّافِعيِّ عند الزمخشريِّ عكسُ المعروف عند أصحابه، والله أعلم، وتَقَدَّمَ أنَّ (النِّعْمَةَ): المشهورُ نصبها، وأنَّه يجوز رفعُها على الابتداء، والخبر محذوف.

(1/10689)

[حديث: إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر .. ]

5916# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام، وتقدَّمت حفصة بنت عمر بن الخَطَّاب أمُّ المؤمنين، ومتى تزوَّج بها عليه السلام، ومتى تُوفِّيت، وبعض ترجمتها رضي الله عنها.

قوله: (إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي): تَقَدَّمَ ما (التلبيد) غَيْرَ مَرَّةٍ.

==========

[ج 2 ص 582]

(1/10690)

[باب الفرق]

قوله: (بَابُ الْفَرْقِ): هو بفتح الفاء، وإسكان الراء، وبالقاف، وهو فرق الشَّعر.

==========

[ج 2 ص 582]

(1/10691)

[حديث: كان النبي يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه]

5917# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وتَقَدَّمَ مُترجما، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ): هذا كان في أوَّل الأمر، ثُمَّ إنَّه أحبَّ مخالفتهم، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (يَسْدُلُونَ): هو بفتح أوَّله، وإسكان السين، وضمِّ الدال المُهْمَلَتين، كذا نصَّ على ضمِّ الدَّال الجوهريُّ في «صحاحه»، وكذا هو مضبوط في أصلنا هنا بالقلم، ثُمَّ طرأ عليها الكسرُ أيضًا [1]، وقد تَقَدَّمَ في (بَابِ صفة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) أنَّه مكسور الدَّال بالقلم في أصلنا، ولم أقف أنا على الكسر، وقال شيخنا هنا ما قلته عن الجوهريُّ، ونقل عن ابن التين أنَّه قرأه بكسر الدَّال، انتهى، ومعناه: يُرخُون.

قوله: (يَفْرُقُونَ): هو بضَمِّ الرَّاء، وفتح أوَّله، قال ابن قُرقُول: (فرق رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكانوا يفرُقون؛ بالتخفيف أشهر، وقد شدَّها بعضهم، والمصدر (الفرْق)؛ بالسكون، وقد انفرق شعره: انقسم في مفرقه؛ وهو وسط رأسه؛ وأصله: الفرق بين الشَّيْئَين.

قوله: (فَسَدَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ): تَقَدَّمَ ما (السدل) أعلاه.

قوله: (ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ): تَقَدَّمَ كلام ابن قُرقُول أعلاه في (فرق).

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة»؛ (يسدِلون).

[ج 2 ص 582]

(1/10692)

[حديث: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق النبي]

5918# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ، و (الْحَكَم): هو ابن عُتَيبة القاضي الإمام، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ؛ تقدَّموا كلُّهم.

[ج 2 ص 582]

قوله: (وَبِيصِ الطِّيبِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الوَبيص) بفتح الواو، وكسر المُوَحَّدة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة، وأنَّه البريق واللَّمعان.

قوله: (فِي مَفَارِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): إنَّما جمعته؛ لأنَّ كلَّ قطعة منه مَفْرَق، و (المَفرَق): بفتح الميم والراء، وبفتح الميم وكسر الرَّاء: وسط الرَّأس؛ وهو الذي يُفرَق فيه الشَّعر.

(1/10693)

[باب الذوائب]

(1/10694)

[حديث: المؤتم إذا كان وحده يصلي عن يمين إمامه]

5919# قوله: (حَدَّثَنَا [1] هُشَيْمٌ): هو هشيم بن بشير حافظ بغداد، تَقَدَّمَ، و (أبو بِشْر) بعده: بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

قوله: (ح [2]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، ومَن هو، و (مَيْمُونَة بِنْت الْحَارِثِ): هي أمُّ المؤمنين زوج النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهي خالة ابن عَبَّاس وخالد بن الوليد، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها، وأنَّها تُوفِّيت بسرف، وتاريخ وفاتها رضي الله عنها.

قوله: (حَدَّثَنِي [3] عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو عمرو بن مُحَمَّد بن بُكَيْر، أبو عثمان، البغداديُّ، الناقد الحافظ، تَقَدَّمَ، و (هُشَيْمٌ): هو ابن بشير، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ أعلاه جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَخْبَرَنَا).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (خ)، وينظر هامشها.

[3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

[ج 2 ص 583]

(1/10695)

[باب القزع]

قوله: (بَابُ الْقَزَعِ): هو بفتح القاف والزَّاي وبالعين المُهْمَلَة، وهو أن تُحلَق مِن رأس الصَّبيِّ مَواضعُ، وتُترَكَ مواضعُ، وأصله: من قزع السَّحاب، وهي قطعٌ دقاق متفرِّقاتٌ، قاله أبو عبيد، كذا ذكره الهرويُّ، وابن فارس، والجوهريُّ، وقال اللَّيث عن الخليل في النَّهي عن القزع: هو أخذ بعض الشعر، وترك بعضِه مِن الرأس، وكذا قال في «المُحكَم»، وسيأتي هنا: (وَمَا الْقَزَعُ؟ فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللهِ قَالَ: إِذَا حُلِقَ الصَّبِيُّ، وَتَرَكَ هَهُنَا [شَعَرَةً وَهَهُنَا] وَهَهُنَا، فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللهِ إِلَى نَاصِيَتِهِ وَجَانِبَيْ رَأْسِهِ ... ) إلى أن قال: (وَلَكِنَّ الْقَزَعَ أَنْ يُتْرَكَ بِنَاصِيَتِهِ شَعَرٌ، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ شقُّ رَأْسِهِ هَذَا وَهَذَا)، وقال الشيخ أبو إسحاق صاحب «التَّنبيه» في «المُهذَّب»: (ويُكرَه أن يترك على بعض رأسه الشعر؛ للنَّهي عن القزع، وظاهر كلامه أنَّ مُطلَق البعض مكروهٌ، وقال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: («القزعُ»: حلق بعض الرأس مُطلَقًا، وقيل: إنَّه حلق مواضع مُتفرِّقة منه)، قال الشيخ محيي الدين: (أجمع العلماء على كراهة القزع إذا كان في مواضعَ متفرِّقةٍ إلَّا أن يكون لمداواة ونحوها، وهي كراهة تنزيه، وقال بعض أصحاب مالكٍ: لا بأس به في القُصَّة والقفا للغلام، قال العلماء: والحكمة في النَّهي عنه: أنَّه تشويه للخَلْق، وقيل: لأنَّه زِيُّ أهل الشَّرِّ والشَّطارة، وقيل: لأنَّه زِيُّ اليهود، وقد جاء هذا في رواية لأبي داود)، انتهى مُلَخَّصًا، وقال شيخنا هنا: (حقيقة القزع: حلق بعض الرأس مُطلَقًا، وقيل: إنَّه حلق بعض مواضعَ متفرِّقةٍ منه)، قال: (وهو قول الغزاليِّ)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 583]

(1/10696)

[حديث: سمعت رسول الله ينهى عن القزع]

5920# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ [1]: أَخْبَرَنِي مَخْلَدٌ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه ابن سلَام، و (مَخْلَد): هو _بفتح الميم، وإسكان الخاء_ ابن يزيد، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، الإمام، أحد الأعلام، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ حَفْصٍ): كذا في أصلنا، وعلى (حفص) علامة نسخة، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (عبيد الله بن عمر بن حفص، وكلاهما صواب، وما في أصلنا هو نسبة إلى جدِّه، وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، الفقيه، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

قوله: (قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: قُلْتُ: وَمَا الْقَزَعُ؟ فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللهِ): كذا في أصلنا، وهو صحيح في نفسه، لكن في فهمه وقفة، والذي يظهر أنَّ ابن جُرَيجٍ ينبغي أن يكون السائلَ، والمُجيب عبيد الله، وهذا ظاهِرٌ لو قيل كذلك، ولكنَّه ليس كذلك في أصلنا القاهريِّ، ولا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ؛ بل كلاهما واحد، وأمَّا آخر الحديث؛ فيدلُّ على أنَّه من كلام عمر بن نافع، ولفظه: (فَأَشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللهِ قَالَ: إِذَا حُلِقَ الصَّبِيُّ ... ) إلى آخره، ثُمَّ قال: (قَيلَ لِعُبَيْدِ اللهِ: فَالْجَارِيَةُ وَالْغُلاَمُ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي، هَكَذَا قَالَ: الصَّبِيُّ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: وَعَاوَدْتُهُ، فَقَالَ ... ): كذا وكذا، وأمَّا «مسلم»؛ ففيه: (قال: قلت لنافع)؛ يعني: أنَّ عمر بن نافع هو السَّائل لأبيه، وذكر التَّفسير، وفي رواية جَعْلُ التَّفسير مِن قول عبيد الله كما في أَصلَينا، وفي رواية إلحاقُ التَّفسير في الحديث، والله أعلم، وكذا في «أبي داود» إلحاق التَّفسير بالحديث، وفي «ابن ماجه»: «قال: وما القزع؟»؛ فذكره، ولكن لم يُعيِّن مِن قولٍ مَن التَّفسير مِن رُواتِهِ، ولم أراجع «النَّسائيَّ الكبير»، وراجعت «الصَّغير»، فلم يذكر فيه التَّفسير بالكليَّة، والله أعلم.

قوله: (إِذَا حُلِقَ الصَّبِيُّ [2]): (حُلِق): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الصَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (أَمَّا الْقُصَّةُ): تَقَدَّمَ أنَّها بضَمِّ القاف، وتشديد الصاد المفتوحة المُهْمَلَة، ثُمَّ تاء التأنيث.

(1/10697)

قوله: (وَالْقَفَا): هو مقصور، وحكى شيخنا الشارح في «شرح التنبيه» له: مَدَّه، عن أبي الحسن طاهر بن بابشاذ في «شرح الجُمَل» أنَّه حكى عن الفرَّاء أنَّه جوَّز فيه القصرَ والمدَّ، انتهى.

قوله: (أَنْ يُتْرَكَ بِنَاصِيَتِهِ شَعَرٌ): (يُترَك): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شعرٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (وَكَذَلِكَ شقُّ رَأْسِهِ): هو بفتح الشين وكسرها، كذا في أصلنا، والذي أعرفه أنا الكسرَ فقط.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (حَلَقَ الصَّبيَّ).

[ج 2 ص 583]

(1/10698)

[حديث: أن رسول الله نهى عن القزع]

5921# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفراهيديُّ الحافظ.

قوله: (عَنِ الْقَزَعِ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (القزع).

==========

[ج 2 ص 583]

(1/10699)

[باب تطييب المرأة زوجها بيديها]

قوله: (بَابُ تطْيِيبِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِيَدَيْهَا): (زوجها): بالنصب، مفعول المصدر، وهو (تطييب)، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 583]

(1/10700)

[حديث: طيبت النبي بيدي لحرمه]

5922# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ (أحمد بن مُحَمَّد) هذا _فيما يظهر_: مردويه، و (عبد الله): هو ابن المبارك، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ):

[ج 2 ص 583]

هو الأنصاريُّ القاضي.

قوله: (قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وتعني بالإفاضة: طواف الإفاضة.

(1/10701)

[باب الطيب في الرأس واللحية]

(1/10702)

[حديث: كنت أطيب النبي بأطيب ما يجد]

5923# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عمرِو بن عبد الله.

قوله: (بِأَطْيَبِ مَا نَجِدُ): (أطيب): مجرورٌ وإن كان (أفعلَ) تفضيل، إلَّا أنَّه أُضِيف، فانجرَّ بالكسرة.

قوله: (حَتَّى أَجِدُ): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا بالقلم؛ والمراد: الحال على ذلك، ويجوز نصبه، وقد قَدَّمْتُ نظيره؛ وهو قوله تعالى: {حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] على قراءة نافع، وقرأ الباقون بالنَّصب.

قوله: (وَبِيصَ الطِّيبِ): تَقَدَّمَ ما (الوَبيص) ضبطًا ومعنًى قريبًا وبعيدًا.

(1/10703)

[باب الامتشاط]

(1/10704)

[حديث: لو علمت أنك تنظر لطعنت بها في عينك]

5924# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة بن أبي ذئب، أحد الأعلام.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي دَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا (الرجل): هو الحكم بن أبي العاصي، قال ابن بشكوال: (سمعت شيخنا أبا الحسن بن مغيث يقول ذلك، ولم يأت عليه بشاهد)، انتهى، وقال ابن شيخنا العِرَاقيِّ الحافظ وليُّ الدين: (إنَّه رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»)، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين كذلك، ولم يعزه هنا، قال: (وفي «أبي داود» في «باب كيفيَّة الاستئذان» من طريق هزيل _يعني: ابن شرحبيل_ قال: «جاء سعد فوقف على باب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ليستأذن، فقام على الباب مستقبل الباب، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: هكذا عنك، وإنَّما الاستئذان مِن النظر»، وسعد هذا لم يُسمَّ، وأورد ابن عساكر هذا الحديث في «الأطراف» في ترجمة سعد بن أبي وقَّاص)، انتهى، كذا رأيته في «أبي داود» في (الاستئذان)، وتجاهه بخطِّي: سعد هو ابن أبي وقَّاص، وكذا جعله المِزِّيُّ في «أطرافه» في مسند سعد بن أبي وقَّاص.

قوله: (مِنْ جُحْرٍ): هو بضَمِّ الجيم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة، وبالرَّاء، وهو مَعْرُوفٌ.

قوله: (بِالْمِدْرَى): هو بكسر الميم، وإسكان الدال المُهْمَلَة، مقصورٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: («المدرى»: شيء من حديد، أو خشب على شكل سنٍّ من أسنان المشط، وأطول منه، يُسرَّح به الشعر المتلبِّد، ويستعمله مَن لا مشطَ له)، انتهى، وما ذكره هو عبارة «النِّهاية»، وقال ابن قُرقُول: (هو مجموع أعواد مُحدَّدة؛ مثل: المشط، وقال ابن كيسان: هو عود تُدخِله المرأة في شعرها؛ لتضمَّ بعضَه إلى بعض).

قوله: (مِنْ قِبَلِ): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ، و (الأَبْصَار): بفتح الهمزة جمع (بصر)، و (البصر): حاسَّة الرُّؤية، وجاء في بعض طرقه: (من أجل البصر)، وضبط بعضهم: (الإِبصار)؛ بالكسر أيضًا.

==========

[ج 2 ص 584]

(1/10705)

[باب ترجيل الحائض زوجها]

قوله: (بَابُ تَرْجِيلِ المَرْأَةِ [1] زَوْجَهَا): (التَّرجيل): تَقَدَّمَ، و (زوجَها): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدر؛ وهو (ترجيل).

(1/10706)

[حديث: كنت أرجل رأس رسول الله وأنا حائض.]

5925# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (كُنْتُ أُرَجِّلُ): تَقَدَّمَ ما (التَّرجيل).

==========

[ج 2 ص 584]

(1/10707)

[باب الترجيل]

(1/10708)

[حديث: أنه كان يعجبه التيمن ما استطاع في ترجله ... ]

5926# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ، و (أَشْعَث بْن سُلَيْم): تَقَدَّمَ أنَّه بالمُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أشعب) الذي هو بالمُوَحَّدة الطَّامعَ فردٌ، و (سُلَيْم): بضَمِّ السين، وفتح اللَّام.

قوله: (التَّيَمُّنُ): مَرْفُوعٌ فاعلُ (يعجبه)، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فِي تَرَجُّلِهِ): تَقَدَّمَ ما (الترجُّل)، وكذا (وُضُوئِهِ): وهو بضَمِّ الواو: الفعل، ويجوز فتح الواو، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

(1/10709)

[باب ما يذكر في المسك]

قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ): هو بضَمِّ أوَّله، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الْمِسْكِ): تَقَدَّمَ في (الذبائح والصيد): أنَّه فارسيٌّ مُعرَّب، وأنَّ العرب كانت تسمِّيه المشموم، قاله الجوهريُّ.

==========

[ج 2 ص 584]

(1/10710)

[حديث: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي]

5927# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنديُّ، تَقَدَّمَ، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف الصَّنعانيُّ القاضي، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين: ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (ابْن المُسَيّب): سعيد، و (المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا فتح يائه، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ): تَقَدَّمَ لَم اختصَّ الله بالصَّوم مِن بين سائر العبادات في (كتاب الصَّوم).

قوله: (وَأَنَا أَجْزِي)؛ بفتح الهمزة، معتلٌّ، غير مهموز الآخِر، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (الخُلُوف)، وأنَّ الصَّواب فيه: ضمُّ الخاء، وتَقَدَّمَ ما هو، وكذا تَقَدَّمَ (أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ): هل هو في الدنيا والآخرة، كما قاله ابن الصَّلاح، أو في الآخرة فقط، كما قاله ابن عبد السَّلام، والصحيح: أنَّه فيهما، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 584]

(1/10711)

[باب ما يستحب من الطيب]

(1/10712)

[حديث: كنت أطيب النبي عند إحرامه بأطيب ما أجد]

5928# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، الحافظ، وتَقَدَّمَ (وُهَيْبٌ): أنَّه ابن خالد الكرابيسيُّ، الحافظ، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام، عن أخيه عثمان بن عروة، وعثمان روى عن أبيه، وعنه: أخوه هشام وابن عُيَيْنَة، وكان خطيبًا بليغًا عالمًا، تُوُفِّيَ قبل أخيه، وهو ابن عمَّة عبد الملك بن مروان، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وقال يعقوب بن شيبة: كان من خطباء النَّاس وعلمائهم، من ذوي الأقدار، أمُّه أمُّ يحيى أخت مروان بن الحكم الأمويِّ، قال ابن سعد: كان قليل الحديث، مات قبل الأربعين ومئة.

قوله: (بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ): (أطيب): مجرور بالإضافة وإن كان (أفعل) تفضيل.

==========

[ج 2 ص 584]

(1/10713)

[باب من لم يرد الطيب]

قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرُدَّ الطِّيبَ): تَقَدَّمَ أنَّ مثل (يردَّ): يجوز فيه الفتح، ونصَّ سيبويه على الضَّمِّ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ مثله قريبًا.

[ج 2 ص 584]

(1/10714)

[حديث: أن النبي كان لا يرد الطيب]

5929# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ): بفتح العين المُهْمَلَة، ثُمَّ زاي ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث.

==========

[ج 2 ص 585]

(1/10715)

[باب الذريرة]

قوله: (بَابُ الذَّرِيْرَةِ): هي بفتح الذَّال المُعْجَمَة، وكسر الرَّاء، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء أخرى مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ: (نوع مِن الطِّيب مجموعٌ مِن الأخلاط، وما قاله نحوُ عبارة ابن الأثير، وفي حفظي أنِّي رأيت: أنَّه فُتاتُ قصبٍ هنديٍّ)، انتهى، ولعلَّه الكادي، فإنَّه كذلك.

==========

[ج 2 ص 585]

(1/10716)

[حديث: طيبت رسول الله بيدي بذريرة في حجة الوداع]

5930# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ _وقد ذكر هذا الموضع، وموضعًا في (الأيمان والنُّذور) _: («مُحَمَّدٌ» في هذين الموضعين، وفي الموضع الذي قبله _يعني: مكانًا في «البيوع» _: هو الذهليُّ، فيما قاله الحاكم وغيره)، انتهى، والظاهر ما قاله الحاكم وغيره، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولا شيخُنا تعرَّض له بالكليَّة هنا، و (ابْن جُرَيْج): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ.

قوله: (بِيَدَيَّ): هو بتشديد الياء، كذا في أصلنا.

قوله: (بِذَرِيرَةٍ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (الذَّريرة).

(1/10717)

[باب المتفلجات للحسن]

قوله: (بَابُ الْمُتَفَلِّجَاتِ؛ لِلْحُسْنِ): قال ابن قُرقُول: (هنَّ اللَّاتي يأشرن أسنانهنَّ بحديدة حتَّى يُفلِّجْنها، و «الفلج»: فرجة بين الثَّنايا، قاله الخليل، وقال غيره: بين الأسنان، وقال بعضهم: بين الثنايا والرُّباعيات ... ) إلى أن قال: (و «المُتفلِّجات»: هنَّ المُؤتَشِرات)، انتهى، وفي «النهاية» في (وصفه عليه السلام): («كان مُفلَّج الأسنان»، وفي رواية: «أفلج الأسنان»، «الفَلَج»؛ بالتحريك: فرجة بين الثَّنايا والرُّباعيات، والفرق: فرجةٌ بين الثَّنيَّتَين، ومنه الحديث: «أنَّه لعن المُتفلِّجات؛ للحُسْنِ»؛ أي: النِّساء اللَّاتي يفعلن ذلك بأسنانهنَّ؛ رغبة في التحسين.

==========

[ج 2 ص 585]

(1/10718)

[حديث ابن مسعود: لعن الله الواشمات والمستوشمات]

5931# قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): هذا هو عثمان ابن أبي شيبة، أخو الحافظ أبي بكر، وقد قَدَّمْتُ أنَّه أسنُّ من أبي بكر، و (جَرِيرٌ): ابن عبد الحَمِيد الضَّبِّيُّ، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، تَقَدَّمَ.

قوله: (لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ): (الوشم): كالخيلان يُجعَل في الوجه، والرُّقومُ في الأيدي والمعاصم، وغيرِها، كانت العرب تفعل ذلك، فتَشُقُّ مكان ذلك بإبرة، ثُمَّ تملأه كحلًا، أو دخانًا، فيلتئم الجلد عليها، فيخضرُّ منه مكانُها، وهو مَعْرُوفٌ، و (الموتَشِمة): التي تسأل مَن يفعل ذلك بها.

قوله: (وَالْمُتَنَمِّصَاتِ): (النَّامصة): بالنون، والصاد المُهْمَلَة التي تنتف الشَّعر من وجهها أو وجه غيرها، و (المتنمِّصة): التي تطلب مَن يفعل بها ذلك.

قوله: (وَالْمُتَفَلِّجَاتِ): تَقَدَّمَ ما (التَّفلُّج) قريبًا.

(1/10719)

[باب الوصل في الشعر]

قوله: (بَابُ الوَصْلِ في الشَّعَرِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب بلا إسناد، ثُمَّ قال: (الأحاديث مطابقة إلَّا قول نافع: الوشم في اللِّثة، لكن وجه دخوله أنَّ الوشم كره؛ لأنَّه يُغيِّر الخلقة؛ لمعنى التحسين، فساواه الوصل في ذلك، والله أعلم)، انتهى، وسيأتي ضبط (اللِّثة) في كلامي وما هي.

==========

[ج 2 ص 585]

(1/10720)

[حديث: إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم]

5932# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَانَ): تَقَدَّمَ هو وأبوه أبو سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس.

قوله: (عَامَ حَجَّ): حجُّ معاويةَ تَقَدَّمَ في (الصَّوم).

قوله: (وَتَنَاوَلَ قُصَّةً): تَقَدَّمَ أنَّها بضَمِّ القاف، وتشديد الصاد المُهْمَلَة.

قوله: (حَرَسِيٍّ): هو بفتح الحاء والراء وبالسين المُهْمَلَتين، ثُمَّ ياء مُشَدَّدة، منسوب إلى: الحَرَس، والحَرَس والحُرَّاس: خدم السُّلطان المُرتَّبون لحفظه وحراسته، والحَرَسِيُّ: واحد (الحرس)؛ كأنَّه منسوب إليه؛ حيث صار اسمَ جنس، ويجوز أن يكون منسوبًا إلى الجمع شاذًّا، وذلك لا يُنسَب إلى الجمع إلَّا إذا سُمِّي به، ومنه قول بعض الفقهاء: الآفاقيُّ والفرائضيُّ، والله أعلم.

(1/10721)

[معلق ابن أبي شيبة: لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة ... ]

5933# قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ): لم يعيِّنه المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ بل قال: (البُخاريُّ في «اللِّباس»: «قال ابن أبي شيبة عن يونس ... ») إلى آخره، والظَّاهر: أنَّه أبو بكر ابن أبي شيبة الحافظ المُصنِّف، وذلك لأنِّي راجعت «الكمال» لعبد الغنيِّ الحافظ؛ فرأيته ذكر أبا بكر فيمَن روى عن يونس بن مُحَمَّد، ولم يذكر أخاه عثمان، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان) وفلانٌ المُسنَد إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أَخْذُه ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (يُونُسُ): هو يونس بن مُحَمَّد المُؤدِّب البغداديُّ، و (فُلَيْحٌ): هو ابن سليمان، وقد تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللَّام؛ مُصغَّرًا.

(1/10722)

قوله: (لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ): أمَّا (الواصلة)؛ فهي التي تصل شعرها بشعر غيره، و (المستوصلة): التي تستدعي ذلك مِن غيرها، وهي أيضًا الموصولة، وأمَّا (المُوصِلة)؛ فهي الواصلة، وهذا مَعْرُوفٌ، وقد ذكر ابن الأثير الكلامَ عليه، ثُمَّ قال: (رُوِي عن عائشة أنَّها قالت: ليست الواصلة بالتي تَعْنُون، لا بأس أن تَعْرَى المرأة عَن الشعر، فتصلُ قرنًا من قرونها بصوفٍ أسودَ، وإنَّما الواصلة التي تكون بغيَّا في شبيبتها، فإذا أسنَّت؛ وصلتَها بالقيادة، قال أحمد ابن حنبل لمَّا ذُكِر له ذلك: ما سمعت بأعجبَ مِن ذلك)، انتهى، وما أظنُّ هذا التَّفسير يصحُّ عن عائشة رضي الله عنها، ولا أنَّ عائشة تقول بجواز وصل الشعر، ثُمَّ إنِّي رأيت الشيخ محيي الدين النَّوَويَّ في «شرح مسلم» قال ما لفظه: (واختلف العلماء في المسألة؛ فقال مالكٌ والطَّبَريُّ وكثيرون أو الأكثرون: الوصل ممنوعٌ سواء وصله بشعر، أو بصوف، أو خرق .... ) إلى أن قال: (قال اللَّيث بن سعد: النَّهي مُختصٌّ بالوصل بالشعر، ولا بأس بوصله بصوف، أو خرق، أو غيرها، وقال بعضهم: يجوز جميع ذلك، وهو مرويٌّ عن عائشة، ولا يصحُّ عنها؛ بل الصَّحيح عنها كقول الجمهور)، انتهى، وأمَّا كلام أحمد؛ فالذي فهمته منه: التعجُّب مِن أن يُنسَب مثل هذا لعائشة، لا أنَّه استحسنه، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا ذكر هذا القول عن عائشة _أعني: جواز الوصل في الشعر_ فقال: (وسألها ابن أشوع، فقالت هذا القولَ المنقول عنها هنا)؛ وهو وصل المرأة الزنا بالقيادة ...

[ج 2 ص 585]

إلى أن قال: (قال الطَّبَريُّ: وأمَّا خبر ابن أشوع عن عائشة؛ فهو باطل؛ لأنَّ رواته لا يُعرَفون، وابن أشوع لم يدرك عائشة)، انتهى، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين ما لفظه: (كيف يجتمع قوله: سألها، وقول الآخر: لم يدركها؟! يمكن الجواب: بأنَّ الذي سألها غيرُ الذي لم يدركها)، انتهى.

(1/10723)

[حديث عائشة: لعن الله الواصلة والمستوصلة]

5934# قوله: (سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ نون مُشَدَّدة، وفي آخره قافٌ، لا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة، وقد تَقَدَّمَ، و (يَنَّاق) هذا: جدُّ الحسن بن مسلم، صَحَابيٌّ، وفد يوم حجَّة الوداع، فسمع الخطبة رضي الله عنه، و (صَفِيَّة بِنْت شَيْبَةَ): تَقَدَّمَ الكلام [عليها]، وهل هي صحابيَّة أم لا، والصَّحيح: لا، مُطَوَّلًا.

قوله: (أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ): هذه (الجارية وزوجها) لا أعرفهما.

قوله: (فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا): (تمعَّط): بفتح المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ ميم، ثُمَّ عين مهملة مُشَدَّدة، ثُمَّ طاء مهملة مفتوحات، ويقال: امَّعَط الشعر وتمعَّطَ؛ إذا تناثر.

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ): الضمير في (تابعه) يعود على عمرو بن مرَّة، و (ابن إسحاق): مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار، الإمام في «المغازي»، تَقَدَّمَ، و (أبان بن صالح): هو أبان بن صالح بن عمير القرشيُّ مولاهم، أبو بكر، المدنيُّ، وقيل: المَكِّيُّ، عن أنس، ومجاهد، والحسن، وعطاء، ومُحَمَّد بن كعب القرظيِّ، والزُّهْرِيِّ، وجماعة، وعنه: ابن جُرَيجٍ، وابن إسحاق، وعُقَيل الأيليُّ، ومُحَمَّد بن خالد الجَنَديُّ، وجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين، وأبو حاتم، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، مات بعسقلان سنة بضعَ عشرةَ ومئة، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا والأربعة، وقد ضعَّفه المِزِّيُّ في «الأطراف»، ولا أعلم مَن قال مثله، والله أعلم، وقد كتب بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين ما لفظه: (سبق المِزِّيَّ إلى تضعيفه ابنُ عَبْدِ البَرِّ في «التَّمهيد»، لكنَّهم ردُّوا عليه وقالوا: التبس عليه بأبان بن أبي عَيَّاش)، انتهى، و (الحسن): هو ابن مسلم بن يَنَّاق، والله أعلم، ومتابعة ابن إسحاق لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة، ولم أرَ تخريجها في كلام شيخنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 586]

(1/10724)

[حديث: إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمرق رأسها]

5935# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ، و (مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ [1]): قال الدِّمْيَاطيُّ: (صفيَّة بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة)، انتهى، وهذا ظاهِرٌ، وقد قَدَّمْتُ الكلام على صفيَّة هذه؛ أهي صحابيَّة أم لا، مُطَوَّلًا غَيْرَ مَرَّةٍ؛ منها مرَّة في (الجنائز).

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذه المرأة، و (ابْنَتهَا)، و (زَوْجُهَا): لا أعرفهم، وقد تَقَدَّمَ في (النِّكاح) ما قاله بعض المُتَأخِّرين، وما قلته أنا، والله أعلم.

قوله: (فَتَمَرَّقَ رَأْسُهَا): هو بالرَّاء؛ ومعناه: انتتف، وهو بمعنى: تمعَّط وانمرق، قال ابن قُرقُول: («فتمزق شعرها»؛ بالزَّاي لهم؛ ومعناه: تمرَّط وتمعَّط؛ أي: انتتف وسقط مِن أجل المرض، وعند القابسيِّ، وعُبْدوس، وأبي الهيثم: «فتمرَّق»؛ بالرَّاء، والمعنى واحدٌ، غير أنَّه _يعني: الذي بالزَّاي_ لا يُستعمَل في الشعر حال المرض)، انتهى.

قوله: (وَزَوْجُهَا يَسْتَحِثُّنِي بِهَا): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ (زوجها) لا أعرفه.

(1/10725)

[حديث أسماء: لعن النبي الواصلة والمستوصلة]

5936# قوله: (عَنِ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّها فاطمة بنت المنذر بن الزُّبَير بن العَوَّام، وأنَّها زوج هشام بن عروة بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام عليها.

(1/10726)

[حديث ابن عمر: لعن الله الواصلة والمستوصلة]

5937# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ عبد الله بعد (مُحَمَّد بن مقاتل): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه العمريُّ عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب الفقيه العمريُّ.

قوله: (قَالَ نَافِعٌ: الْوَشْمُ فِي اللِّثَةِ): (اللِّثَة): بكسر اللَّام، وفتح الثاء المُثَلَّثَة المُخَفَّفة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي لحم الأسنان، انتهى، وقد قَدَّمْتُ كلام ابن المُنَيِّر في مطابقة هذا القول للتبويب هناك، وقال شيخنا: (واعترض ابن التِّين على هذا التفسير، فقال: الذي ذكره أبو عبيد وغيره: أنَّ الوشم في اليد، وقال الداوديُّ: هو أن يعمل على لحم الأسنان صفرةً وغيرها، قال ابن التَّين: وقول أهل اللُّغة ما تَقَدَّمَ)، انتهى.

(1/10727)

[باب المتنمصات]

قوله: (بَابُ الْمُتَنَمِّصَاتِ): تَقَدَّمَ ما (التَّنمُّص) قريبًا وبعيدًا.

==========

[ج 2 ص 586]

(1/10728)

[حديث: لعن عبد الله الواشمات والمتنمصات]

5939# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): الظاهر أنَّه ابن راهويه، الإمامُّ، أحد الأعلام، و (جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ؛ تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (الْوَاشِمَاتِ): تَقَدَّمَ مَن هنَّ، وكذا (الْمُتَنَمِّصَات)، وكذا (الْمُتَفَلِّجَات) قريبًا كلُّه.

قوله: (فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ): هذه لا أعرف فيها شيئًا غير أنَّها مِن بني أسد، و (أسَد): بفتح السين، وسيجيء قريبًا جدًّا روايتُها عن عبد الله؛ هو ابن مسعود، وعنها: عبد الرَّحْمَن بن عابس؛ بالمُوَحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (سورة الحشر).

قوله: (مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ): تريد: القرآن، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 586]

(1/10729)

[باب الموصولة]

(1/10730)

[حديث: لعن النبي الواصلة والمستوصلة]

5940# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا [1] عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سلَام، وقد تَقَدَّمَ ذلك، و (عبْدة): بإسكان المُوَحَّدة، وهو عبدة بن سليمان الكلابيُّ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب الفقيهُ.

قوله: (الْوَاصِلَةَ): تَقَدَّمَت، وكذا (الْمُسْتَوْصِلَة)، وكذا (الْوَاشِمَة وَالْمُسْتَوْشِمَة).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا).

[ج 2 ص 586]

(1/10731)

[حديث: لعن الله الواصلة والموصولة]

5941# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النِّسبة لماذا، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (فَاطِمَة): بنت المنذر زوجةُ هشام، بنت عمِّه المنذر بن الزُّبَير، و (أَسْمَاء): جدُّتهم بنت أبي بكر الصِّدِّيق، تَقَدَّمَت.

قوله: (سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذه (المرأة)، و (ابْنَتُهَا) المريضة لا أعرفهما، والله أعلم.

[ج 2 ص 586]

قوله: (أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ)؛ بفتح الحاء، وإسكان الصاد المُهْمَلَتين، وبفتح الصَّاد وكسرِها: داءٌ معروفٌ.

قوله: (فَامَّرَقَ شَعَرُهَا): هو بتشديد الميم وبالرَّاء؛ ومعناه: انتتف وتقطَّع، وقد تَقَدَّمَ قريبًا.

قوله: (وَإِنِّي زَوَّجْتُهَا): تَقَدَّمَ أنَّ الزوج لا أعرفه أيضًا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مُصحَّحًا عليه: (النَّبِيَّ).

(1/10732)

[حديث: الواشمة والموتشمة والواصلة والمستوصلة]

5942# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى): (يوسف) هذا: هو ابن موسى _كما قال_ ابن راشد بن بلال، أبو يعقوب، الكوفيُّ القَطَّان، كان عالمًا صاحب حديث، عن جرير بن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمر، وابن عُيَيْنَة، وأبي نعيم، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ في «مسند عليٍّ»، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، والبغويُّ، وآخرون، وكتب عنه ابن معين مع تقدُّمه، وقال هو وأبو حاتم: صدوق، تُوُفِّيَ سنة (253 هـ)، وقد قَدَّمْتُ الكلام فيه في (تفسير البقرة)، وفي غير ذلك؛ فاعلمه.

قوله: (حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وعلى (دُكَين) في أصلنا القاهريِّ: (صح)، وكذا وقع عن النَّسَفيِّ، ورُوِي عن الفِرَبْريِّ: (الفضل ابن زهير)، قال الجَيَّانيُّ: (وكلا الرِّوايتَين صوابٌ، وهو أبو نعيم الفضل بن دكين بن حَمَّاد بن زهير، وهو الفضل بن عمرو، و «دكين»: لقبٌ، نُسِب في رواية الفِرَبْريِّ إلى جدِّ، وقلَّ ما يستعمله [1] المُحدِّثون في اسم أبي نعيم إذا نُسِب، وإنَّما يقولون: الفضل بن دكين)، انتهى، وأمَّا المِزِّيُّ في «الأطراف» فقال: (عن الفضل ابن زهير، ثمَّ ذكر كلام أبي مسعود، وهو كان في كتاب الفِرَبْريِّ: («الفضل بن دُكَين، أو زهير»، وقال غيره: هما واحد هو الفضل بن دكين بن حَمَّاد بن زهير)، انتهى.

قوله في حديث ابن عمر: (الْوَاشِمَةَ وَالْمُوتَشِمَةَ [2])، وكذا ما بعده؛ كلُّه مَنْصُوبٌ على أنَّه مفعول؛ أعني: الواشمة، والباقي معطوف عليه، ويُوضِّحه قوله فيه: (يَعْنِي: لَعَنَ)، فهو مفعول بفعل مُقدَّر؛ تقديره: لعن النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الملفوظ به في الرواية، وسيأتي قريبًا من حديث ابن عمر: (لعن النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الواصلة ... ) إلى آخره.

==========

[1] في (أ): (يستعمل).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (الْوَاشِمَةُ وَالْمُوتَشِمَةُ).

[ج 2 ص 587]

(1/10733)

[حديث: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات]

5943# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المبارك شيخ خراسان، و (سُفْيَانُ) بعده: لا أعرفه بعينه، وقد روى عبد الله بن المبارك عن السُّفيانَين، وهما رويا عن منصور غير أنَّ الثَّبْتَ فيه الثَّوريُّ، والله أعلم، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

(1/10734)

[باب الواشمة]

(1/10735)

[حديث: العين حق]

5944# قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة اقرأ)، وقبل ذلك أيضًا، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المُصنِّف، الصنعانيُّ، و (مَعْمَر)؛ بفتح الميمَين، وإسكان العين: ابن راشد، و (هَمَّام): ابن مُنبِّه الصَّنعانيُّ.

قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ [1] بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبط (بشَّار) مرارًا، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدَارٌ، و (ابْنُ مَهْدِيٍّ): عبد الرَّحْمَن، أحد الأعلام، الحافظ الكبير، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثَّوريُّ؛ وذلك لأنَّ عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» ذكر الثَّوريَّ في الرواة عن عبد الرَّحْمَن بن عابس، ولم يذكرِ ابنَ عُيَيْنَة، والذَّهَبيَّ في «التَّذهيب» قال في ترجمة ابن عابس: روى عنه سفيان وأطلق، فحملت المُطلَق على المُقيَّد، والله أعلم، و (عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بمُوَحَّدة، وسين مهملة، وتَقَدَّمَ أنَّ لهم عبدَ الرَّحْمَن بن عائش؛ بمُثَنَّاة تحت وشين معجمة، وهذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلم» شيء، إنَّما روى [له] التِّرْمِذيُّ، وهو شاميٌّ مُختلَف في صحبته، له حديث الرُّؤية، وحديثه عن مالك بن يُخامِر عن معاذ؛ صحَّحه التِّرْمِذيُّ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وكذا ابن عابس؛ بالمُوَحَّدة والمُهْمَلَة، و (مَنْصُور): هو ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيمَ): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، و (أُمُّ يَعْقُوب): تَقَدَّمَت قريبًا وبعيدًا.

(1/10736)

[حديث: إن النبي نهى عن ثمن الدم]

5945# قوله: (عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا جُحَيفة) بضَمِّ الجيم، وفتح الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه وهب بن عبد الله السُّوائيُّ، صَحَابيٌّ مشهور.

قوله: (رَأَيْتُ أَبِي، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ): تقديره: رأيت أبي اشترى غلامًا حجَّامًا، فكسر محاجمه، وقال: إنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نهى عن ثمن الدَّم، كما جاء في طريقٍ أخرى، طُوِي في هذه الرِّواية، والله أعلم.

قوله: (وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ ... ) إلى آخره: مُقتضَى العطفِ أن يكون (آكلِ الرِّبا)، وما بعده مجرورًا، وقد ضُبِط في أصلنا ما يدلُّ للعطف، فإنَّه ضبط (ومُوْكلِ)؛ بالجرِّ بالقلم، وطرأ عليه جرُّ ما بعده، والذي أحفظه أنَّ (آكلَ الرِّبا) مَنْصُوبٌ، وهو اسم فاعل، وما بعده معطوف عليه؛ وتقديره: ولعن آكل الرِّبا، وما في أصلنا صحيح في المعنى، لكن يحتاج إلى تقدير؛ وتقديره: ونهى عن آكل الرِّبا، ونهى عن كسب الواشمة أو فعل الواشمة، وفعل المستوشمة، وأمَّا مُوكِل الرِّبا؛ فيُقدَّر أيضًا، لكنَّ التَّقدير فيه قلقٌ، وما أحفظه ليس فيه شيء، غير أنَّ العامل مُقدَّر، ويؤيِّد ما أحفظه حديثُ ابن عمر قبله بيسير جدًّا: (قال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «الواشمةَ»)؛ بالنَّصب؛ يعني: (لعن)، وما بعده معطوف عليه، ثُمَّ إنِّي رأيت في هامش نسخة عن الصغانيِّ ما لفظه: (كذا وقع في النُّسخ؛ والصواب: ولعن آكلَ الرِّبا، وقد أخرجه الإسماعيليُّ وابن عمارة على الوجه)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 587]

(1/10737)

[باب المستوشمة]

(1/10738)

[حديث: لا تشمن ولا تستوشمن]

5946# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ، القاضي، و (عُمَارَة) بعده: هو بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو ابن القعقاع، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه هرم _وقيل غير ذلك_ ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَليُّ، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أُتِيَ عُمَرُ): (أُتِي): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عمر): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (بِامْرَأَةٍ تَشِمُ): هذه (المرأة) لا أعرف اسمها، و (الوشم): تَقَدَّمَ ما هو قريبًا.

قوله: (أَنْشُدُكُمْ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الشين المُعْجَمَة؛ أي: أسألكم.

(1/10739)

[حديث: لعن النبي الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة]

5947# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القَطَّان، وقدَّمت مرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسَدَّد): هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، الفقيه، العمريُّ.

==========

[ج 2 ص 587]

(1/10740)

[حديث: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات .. ]

5948# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هذا هو ابن مهديٍّ، أحد الأعلام، و (سُفْيَان) بعده: تَقَدَّمَ أعلاه أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، الرَّاوي عن (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد الله): هو ابن مسعود.

(1/10741)

[باب التصاوير]

قوله: (بَابُ التَّصَاوِيرِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب بلا إسناد، ثُمَّ قال: (أتبع البُخاريُّ حديث الوصل والوشم بحديث التَّصاوير؛ لاشتراك الجميع في تضادِّ خلق الله تعالى)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 587]

(1/10742)

[حديث: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تصاوير]

5949# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زيد بن سهل، البُخاريُّ، النقيب، البدريُّ الكبير، تقدَّم مُتَرجَمًا.

[ج 2 ص 587]

(1/10743)

قوله: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُوْرَةٌ [1]): قال العلماء: سبب امتناع الملائكة مِن دخول البيت الذي فيه ذلك: أمَّا الصُّورة؛ فلأنَّها معصية فاحشة، وفيها مضاهاة لخلق الله، وبعضها في صورة ما عُبِد مِن دون الله، وأمَّا الكلب؛ فلكثرة أكله النَّجاسات، ولأنَّ بعضها _وهو الأسود_ يُسمَّى شيطانًا، والملائكة ضدُّ الشَّياطين، وأيضًا؛ لقبح رائحته، والملائكة تكره الرَّائحة القبيحة، ولأنَّه منهيٌّ عن اتِّخاذه، فعُوقِب مُتَّخِذُها بحرمانه دخول الملائكة بيتَه، وصلاتَها فيه، واستغفارَها، وتبرُّكَها عليه في بيته، ودفعَها أذى الشيطان؛ والمراد بهؤلاء الملائكةِ: هم الملائكة الذين يطوفون بالرَّحمة، والتبريك، والاستغفار، وأمَّا الحفظة؛ فيدخلون كلَّ بيت، ولا يفارقون ابن آدم إلَّا في مكانَين؛ عند الجماع ودخول الخلاء، كما في «التِّرْمِذيِّ»، قال الخَطَّابيُّ: وإنَّما لا تدخل الملائكةُ بيتًا فيه كلب أو صورة ممَّا يحرم اقتناؤه مِن الكلاب والصور، وأمَّا ما ليس بحرام مِن كلب الزرع، والصيد، والماشية، والصورة التي تُمتهَن في البساط والوسادة، وغيرهما؛ فلا يُمتنَع الدُّخول بسببه، وأشار القاضي عياض إلى نحو ما ذكره الخَطَّابيُّ، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم»: (والأظهر أنَّه عامٌّ في كلِّ كلب وكلِّ صورة، وأنَّهم يمتنعون مِن الجميع؛ لإطلاق الأحاديث، ولأنَّ الجرو الذي كان في بيته عليه السَّلام تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر، فإنَّه لم يعلم به، ومع هذا امتنع جبريل مِن دخول البيت ... ) إلى آخر كلامه، وليس من عادتي ذكرُ مثلِ هذا، إلَّا أنَّ الناس يسألون عن هذه المسألةِ كثيرًا، فلهذا ذكرتها، وما ذكره الخَطَّابيُّ وأشار إليه القاضي أفقهُ؛ وذلك لأنَّه لو امتنعتِ الملائكة مِن الدخول مع ما أُبِيح اتِّخاذُه؛ لكان عقابًا، والعقاب لا يناسب الإباحة، والله أعلم، وقال شيخنا: (وادَّعى ابن وضَّاح، والدَّاوديُّ، وجماعة من الفقهاء: أنَّ الملائكة في هذا الحديث ملائكةُ الوحي؛ مثل: جبريل وإسرافيل، فأمَّا الحفظة؛ فيدخلون في كلِّ بيت، ولا يفارقان الإنسان على كلِّ حال إلَّا عند الخلاء والجماع، كما ورد في الحديث، وقال بعضهم: المراد: ملائكة يطوفون بالرحمة والاستغفار دون الحفظة، وقيل: أراد: لا تدخله الملائكة؛ كدخولهم لو لم يكن في البيت صورة؛ نحو قوله عليه السَّلام: «لا يزني الزَّاني

(1/10744)

حين يزني وهو مؤمن»)، انتهى، وقول ابن وضَّاح، والدَّاوديُّ، والجماعة من الفقهاء: أنَّ المراد بالملائكة: ملائكة الوحي؛ كجبريل وإسرافيل؛ هذا في زمنه عليه السَّلام في بيته في النُّزول عليه، وأمَّا غيره وغير بيته؛ فليس كذلك، وهذا ظاهِرٌ لا خفاءَ فيه، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ [2] عُبَيْدِ اللهِ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (الليث): هو ابن سعد، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن شهاب): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (عبيد الله): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، و (أبو طلحة): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه زيدُ بن سهلٍ، نقيبٌ بدريٌّ جليلٌ، تقدَّم مُتَرجَمًا، وجاء بهذا التعليق لفوائدَ؛ منها: تصريح الزُّهْرِيِّ فيه بالإخبار من عبيد الله، والزُّهْرِيُّ مُدَلِّسٌ، وقد عنعن في السند الأوَّل، وعبيد الله صَرَّحَ بالسماع من ابن عَبَّاس، وفي الأوَّل عنعن، وإن لم يُذكَر في المدلِّسين، وإنَّما أراد أن يخرج من خلاف مَن خالف في ذلك، كما ذكرته غَيْرَ مَرَّةٍ، وابن عَبَّاس صَرَّحَ بالسماع من أبي طلحة، والله أعلم، وتعليق الليث لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولكنَّ حديثَ يونس في هذا عن الزُّهْرِيِّ أخرجه مسلمٌ عن أبي الطاهر بن السرح وحرملة بن يحيى؛ كلاهما عن ابن وهب، عن يونس به، وشيخُنا لم يخرِّج تعليقَ الليث.

(1/10745)

[باب عذاب المصورين يوم القيامة]

(1/10746)

[حديث: إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصورون]

5950# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (مُسْلِم): هو ابن صُبَيح، أبو الضُّحى، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود، تقدَّموا.

قوله: (فِي دَارِ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ): (يسار): بالمُثَنَّاة تحت، وسين مهملة مُخَفَّفة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (خازنُ عمرَ، وروى عن عمرَ وابنِه، وروى عنه أبو وائل شقيقُ بن سلمة وأبو عاصم الغطفانيُّ)، انتهى، قال الذَّهَبيُّ: يسار بن نمير: مولى عمرَ وخازنُه، حكى عنه أبو وائلٍ وأبو إسحاق السَّبِيعيُّ وغيرُهما، ذُكِرَ للتمييز؛ يعني: أنَّه ليس له شيءٌ في الكُتُب السِّتَّة، ولا في مؤلَّفاتهم المذكورةِ في «التهذيب» للمِزِّيِّ شيءٌ، انتهى، وقد ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»، فلم يذكر فيه شيئًا، إلَّا أنَّه قال: روى عن عمر، روى عنه أبو إسحاق الهَمْدانيُّ، وأبو وائل، وسعيد بن أبي بردة، وعبيد الله بن سعد، وأبو عاصم الغطفانيُّ، سمعت أبي يقول ذلك، انتهى، وذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، والله أعلم.

قوله: (تَمَاثِيلَ): تَقَدَّمَ الكلام على (التماثيل)، و (الصُّفَّة): كالظُّلَّة والسقيفة يُؤوَى إليها، وقد تَقَدَّمَت أيضًا.

==========

[ج 2 ص 588]

(1/10747)

[حديث: إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة]

5951# قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ): هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 588]

(1/10748)

[باب نقض الصور]

(1/10749)

[حديث: أن النبي لم يكن يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقضه]

5952# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الفاء، وتخفيف الضاد المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، و (عِمْرَان بْن حِطَّانَ): خارجيٌّ، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ): (التصاليب): قال الدِّمْيَاطيُّ: أي: نقشٌ فيه أمثال الصلبان، انتهى، وكذا قال غيره، وهو ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 588]

(1/10750)

[حديث: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبةً]

5953# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، ثقة، وله [1] [أحاديثُ] تُنكَر تجنَّبها أهل «الصحيح»، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا مترجمًا، و (عُمَارَةُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وأنَّه ابن القعقاع، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه هرم _وقيل غيرُ ذلك_ ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَليُّ.

قوله: (دَارًا بِالْمَدِينَةِ): هذه الدار لمروان بن الحكم.

قوله: (مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ): (المصوِّر)؛ بكسر الواو المُشَدَّدة: الذي يصنع الصُّوَر، وهذا المصوِّر لا أعرفه، و (يُصوِّر): بضَمِّ أوَّله، وكسر الواو المُشَدَّدة، فعل مضارع، كذا في أصلنا الاثنان.

قوله: (ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالتاء المُثَنَّاة فوق، وتَقَدَّمَ ما هو.

==========

[1] في (أ): (وأبو)، ولعلَّه سبق نظر.

[ج 2 ص 588]

(1/10751)

[باب ما وطئ من التصاوير]

قوله: (بَابُ مَا وُطِئَ مِنَ التَّصَاوِيرِ): (وُطِئَ): بضَمِّ الواو، وكسر الطاء، ثُمَّ همزة مفتوحة، ومعناه معروفٌ.

[ج 2 ص 588]

(1/10752)

[حديث: أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله]

5954# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة.

قوله: (وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ [1] عَلَى سَهْوَةٍ): (سترت): قال شيخنا: بتشديد التاء المُثَنَّاة فوق، انتهى، وكذا قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ في «شرح مسلم» في (سترت على بابي درنوكًا): إنَّه بتشديد التاء، وهذا إن كانت الرواية كذلك، وإلَّا فـ (ستر) بالتخفيف متعدٍّ، يُقال: ستر الله عبده، و (القِرَام): بكسر القاف، وتخفيف الراء، قال ابن قُرقُول: هو الستر، قال الهرويُّ: الرقيق، قال ابن دريد: هو الستر الرقيق وراء الستر الغليظ، وهذا يعضِّد قوله في الحديث الآخر: (قرام سترٍ)؛ أي: ستر لستر، وقال الخليل: (القرام): ثوبٌ من صوف فيه ألوان، وهو شفيفٌ يتَّخذ سترًا، وإذا خِيط وصُيِّر بيتًا؛ فهو كِلَّة، انتهى، وذكر ابن الأثير بعض ما هنا، وفي «الصحاح»: (ستر فيه رقم ونقوش)، وكذلك (المِقْرَمُ) و (المِقْرَمةُ).

قوله: (عَلَى سَهْوَةٍ): هي بفتح السين المُهْمَلَة، وإسكان الهاء، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن قُرقُول: قال أبو عبيد: هي كالصُّفَّة بين يدي البيت، وقيل: بيت صغير شبه المِخْدع، وقال الخليل: هي عيدان تُعرَض بعضُها على بعض يُوضَع عليها المتاع في البيت، قال ابن الأعرابيِّ: هو الكوَّة بين الدارين، قال غيره: هي أن يُبنَى بين حائطي البيت حائطٌ صغيرٌ، ويُجعَل السقف على الجميع، فما كان في وسط البيت؛ فهو سَهْوةٌ، وما كان داخله؛ فهو مِخْدعٌ، وقيل: هو شبيهٌ بالرف والطاق يُوضَع فيه الشيءُ، وقيل: هو شبه دخلة داخلة البيت، وقيل: بيتٌ صغيرٌ منحدرٌ في الأرض، سَمكه مرتفعٌ شبيهٌ بالخزانة، وقيل: هي صُفَّة بين بيتَين، انتهى، وقال في «النهاية» بعضَ ما هنا، وقال غيرُهما: (السَّهْوة): كالصُّفَّة وشبهها.

قوله: (فِيهَا تَمَاثِيلُ): تَقَدَّمَ الكلام على (التماثيل).

(1/10753)

قوله: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا ... )؛ الحديث: أي: مِن أشدِّهم، قال شيخنا: لأنَّ إبليسَ وابنَ آدم الذي سنَّ القتل أشدُّ الناس عذابًا، انتهى، أمَّا إبليس؛ فنعم؛ لأنَّ خطايا بني آدم عليه مثلها؛ لأنَّه سنَّها لهم، مع خطيئته وهو كافر، وأمَّا ابن آدم؛ فيحتاج إلى نصٍّ، ولا شكَّ أنَّ عليه مثلَ آثام القاتلين، والكلام في قوله: {مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: 31] معروفٌ، قيل: إنَّه لم يكن ندم توبةً، إنَّما كان ندمه على فقده، وإبليسُ كافرٌ، وحسَّن للناس الكفرَ والخطايا والفواحشَ، وأمَّا ابن آدم؛ فإنَّ عليه إثمَ قتلِ أخيه، ومثلَ آثام القاتلين، وهو شيءٌ كبير أيضًا؛ فيُحرَّر ذلك.

قوله: (يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ): أي: يعارضونه ويُشَبِّهون أنفسهم بالله في صنعها أو صنعتهم لها، ويحتمل أن يكون المراد بـ (خلق الله): مخلوقات الله، ومنهم من يهمز، ومنهم من لا يهمز، وقُرِئ بهما.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (لي)، وضُرِب عليها في (ق).

[ج 2 ص 589]

(1/10754)

[حديث: قدم النبي من سفر وعلقت درنوكًا فيه تماثيل]

5955# 5956# قوله: (مِنْ سَفَرٍ): هذا السَّفَر لا أعرفه بعينه.

قوله: (وَعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا): (الدُّرْنُوك): بضَمِّ الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ نون مضمومة، ثُمَّ كاف، قال الدِّمْيَاطيُّ: ستر له خمل، وجمعه: درانك، انتهى، وما قاله لفظ «النهاية».

قوله: (فِيهِ تَمَاثِيلُ): تصاويرُ ذات أرواحٍ وأجرامٍ، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (النَّبيّ): يجوز فيه الرفع، ويجوز فيه النصب، وتكون الواو بمعنى: مع.

==========

[ج 2 ص 589]

(1/10755)

[باب من كره القعود على الصور]

(1/10756)

[حديث: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة]

5957# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (نمْرقَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتها، وما هي.

==========

[ج 2 ص 589]

(1/10757)

[حديث: إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه الصورة]

5958# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، و (بُكَيْر): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، وهو ابن عبد الله بن الأشجِّ، و (بُسْر بْن سَعِيدٍ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وإسكان السين المُهْمَلَة، و (زَيْد بْن خَالِدٍ): هو الجهنيُّ الصَّحابيُّ، و (أَبُو طَلْحَة): زيد بن سهل، النقيب البدريُّ النَّجَّاريُّ، تقدَّموا، قال الدِّمْيَاطيُّ: زيد بن سهل ابن عمِّ حسَّان بن ثابت، انتهى.

قوله: (قَالَ بُسْرٌ): هو بُسْر بن سعيد، تَقَدَّمَ أعلاه ضبطُه.

قوله: (ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ، فَعُدْنَاهُ): (زيد): هو ابن خالد المذكورُ في السند، الصَّحابيُّ المشهورُ.

قوله: (فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ طائفةً من العلماء قالوا: إنَّما يحرم من الصور ما كان في الحيطان، وأمَّا ما كان رقمًا في ثوب؛ فلا، على هذا الحديث، وسواء كان الثوب مبسوطًا أو منصوبًا، قال شيخنا: (وبه قال القاسم، وخالفه حديثه عن عائشة رضي الله عنها ... ) إلى أن قال: (وقال الطحاويُّ: يحتمل قوله: «إلَّا رقمًا في ثوب» أنَّه أراد: رقمًا يُوطَأ ويُمتَهَن؛ كالبسط والوسادة)، انتهى، والكلام في الصور والأقوال فيها معروفةٌ، فلا نطوِّل به، والله أعلم.

قوله: (قُلْتُ [1] لِعُبَيْدِ اللهِ رَبِيبِ مَيْمُونَةَ): هذا هو عبيد الله بن راشد الخولانيُّ، ربيب ميمونة زوجِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، يروي عن عثمان بن عَفَّانَ وزيدِ بن خالد، عداده في أهل المدينة، روى عنه عاصم بن عمر بن قتادة وبسرُ بن سعيد، ذكره ابن حِبَّان في «ثقاته»، وليس له روايةٌ في الكُتُب السِّتَّة، ولا في مؤلَّفاتهم التي ذكرها المِزِّيُّ في «التهذيب»، والله أعلم.

(1/10758)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو [2] بْنُ الْحَارِثِ: حَدَّثَهُ بُكَيْرٌ: حَدَّثَهُ بُسْرٌ، حَدَّثَهُ زَيْدٌ: حَدَّثَهُ أَبُو طَلْحَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا تعليق (ابن وهب)؛ فقد أخرجه البخاريُّ في (بدء الخلق) عن أحمد عن ابن وهب به، وأخرجه مسلمٌ عن أبي الطاهر بن السرح، عن ابن وهب به، و (ابن وهب): هو عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (عمرو بن الحارث): هو ابن يعقوب، أبو أُمَيَّة الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (بُكَير): هو ابن عبد الله بن الأشجِّ، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله، و (بُسْر): هو ابن سعيد، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله، و (زيد): هو ابن خالد الجهنيُّ، تَقَدَّمَ أعلاه، و (أبو طلحة): زيد بن سهل، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله، والله أعلم، وأتى بهذا؛ لأنَّ الذي قبله عنعن فيه الليثُ، وبُكَيرٌ، وبُسرٌ، ومَن فوقه، وفي هذا كلُّهم صرَّحوا بالتحديث، والله أعلم.

[ج 2 ص 589]

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَقُلْتُ).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (هو).

(1/10759)

[باب كراهية الصلاة في التصاوير]

(1/10760)

[حديث: أميطي عني فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي]

5959# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو عبد الوارث بن سعيد، أبو عبيدة الحافظ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (كَانَ قِرَاَمٌ لِعَائِشَةَ): تَقَدَّمَ ضبط (القِرَام) وما هو قريبًا؛ فانظره.

قوله: (أَمِيطِي): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي): (تَعرِض): بفتح أوَّله، وكسر الراء؛ أي: تظهر وتبدو، كذا هو بالقلم مكسور الراء في أصلنا.

(1/10761)

[باب: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة]

(1/10762)

[حديث: إنا لا ندخل بيتًا فيه صورة ولا كلب .. ]

5960# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا، عبد الله بن وهب، أحد الأعلام.

قوله: (وَعَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ): (النَّبيَّ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، و (جبريلُ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، كذا في أصلنا، وهو ظاهِرٌ.

قوله: (فَرَاثَ عَلَيْهِ): هو بالراء، وبعد الألف ثاء مُثَلَّثَة؛ أي: أبطأ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[ج 2 ص 590]

(1/10763)

[باب من لم يدخل بيتًا فيه صورة]

(1/10764)

[حديث عائشة: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة]

5961# قوله: (اشْتَرَتْ نمْرقَةً): تَقَدَّمَ ما (النمرقة) ولُغَاتُها.

قوله: (فَعَرَفَتْ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ): (عرفتْ): هو بإسكان تاء التأنيث، و (الكراهيَةَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، كذا في أصلنا، و (الكراهيَةَ): بتخفيف الياء، تَقَدَّمَ مِرارًا، ويقال من حيث اللغةُ: كراهي.

قوله: (أَحْيُوا): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 590]

(1/10765)

[باب من لعن المصور]

(1/10766)

[حديث: إن النبي نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب]

5962# قوله: (حَدَّثَنِي غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ ضبط (أَبِي جُحَيْفَةَ) قريبًا، وأنَّه وهب بن عبد الله، وقيل: وهب بن وهب، السُّوائيُّ.

قوله: (اشْتَرَى غُلَامًا حَجَّامًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الغلامَ لا أعرف اسمه.

قوله: (وَكَسْبِ الْبَغِيِّ): هو ما تأخذه الزانية على زناها.

(1/10767)

[باب: من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ ... ]

(1/10768)

[حديث: من صور صورةً في الدنيا كلف يوم القيامة ... ]

5963# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عيَّاشًا) هذا بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين عَبَّاس بن الوليد؛ بالمُوَحَّدة والسين المُهْمَلَة، وكم لهذا الثاني من مكان في «البُخاريِّ»، وهو مكانان، والثالث صَرَّحَ فيه بأنَّه النرسيُّ، وقد عيَّنتُهما وعيَّنتُ الثالثَ، وهذا عيَّاش بن الوليد الرَّقَّام: بالمُثَنَّاة تحت والشين المُعْجَمَة، فقد أكثر عنه البُخاريُّ، و (عَبْدُ الأَعْلَى) بعده: هو ابن عبد الأعلى السَّاميُّ، تَقَدَّمَ، و (سَعِيدٌ) بعده: هو ابن أبي عروبة، و (النَّضْر بْن أَنَسِ): بالضاد المُعْجَمَة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لا يحتاج إلى التقييد مرارًا.

قوله: (يُحَدِّثُهُ [1] قَتَادَةَ): كذا في أصلنا، وهو خطأ محضٌ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (يحدِّثُ قتادةَ)، وهذا هو الصواب، وهذا الحديث مذكورٌ في مسند النَّضْر بن أنس عن ابن عَبَّاس، لا في مسند قتادة عن ابن عَبَّاس، بل لم يروِ قتادةُ عن ابن عَبَّاس في الكُتُب السِّتَّة شيئًا ولا في بعضها، ولم يدركْ من حياة ابن عَبَّاس إلَّا دون العشر سنين، وليس ببلديِّه، ولا أستحضر أيضًا أنَّه أرسل عنه، ولا أستحضر له عنه روايةً، والحاصل: أنَّ ما في الأصل خطأ، وصوابه: (يحدِّثْ)؛ بغير ضمير.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، وفي «اليونينيَّة»: (يحدِّث).

[ج 2 ص 590]

(1/10769)

[باب الارتداف على الدابة]

(1/10770)

[حديث: أن رسول الله ركب على حمار]

5964# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ): (أبو صفوان): قال الدِّمْيَاطيُّ: عبيد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان، اتَّفقا عليه، انتهى، وقد وَثَّقَهُ ابن معين وغيرُه، وقال أبو زرعة: صدوقٌ، انتهى، سمع منه أبو السُّكَين الطائيُّ سنة أربع _أو خمس_ ومئتين، وفي «الكاشف»: مات بعد المئتين، له ترجمةٌ في «الميزان» قال فيها: وقد ذكرت في «المغني»: أنَّ ابن معين ضعَّفه، ولا أدري الساعة مِن أين نقلتُه، فيكون فيه قولان، انتهى، وقد صحَّح عليه في «الميزان»، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (عَلَى إِكَافٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الهمزة، وتخفيف الكاف، وفي آخره فاء، تَقَدَّمَ بِلُغَاته، وما هو.

قوله: (قَطِيفَةٌ): تَقَدَّمَ ما (القطيفة).

قوله: (فَدَكِيَّةٌ): كذا لكافَّة رواة مسلم بالدال، منسوبة إلى فَدَك؛ المكان المعروف، ولبعضهم: (فركيَّة)، وكذا للنَّسَفيِّ، وهو تصحيفٌ، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن منده جمع أرداف النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فنيَّف على الثلاثين، وقد ذكرت أنا جماعةً أردفهم عليه السلام في (كتاب العلم) من هذا التعليق، ولم أقف على مؤلَّف ابن منده، وذكر شيخُنا منهم جماعةً يسيرةً، فقال: منهم أولاد العَبَّاس، وعبد الله بن جعفر، وأبو هريرة، وقيس بن سعد بن عبادة، وصفيَّة، وأمُّ صبيَّة الجهنيَّة، انتهى، ففي هذا: إرادفُ أولاد العَبَّاس؛ إن أراد كلَّهم؛ ففيه زيادةٌ، وإن أراد أولاد أمِّ الفضل السِّتَّة؛ ففيه أيضًا زيادة على ما ذكرتُه، وفيه زيادةُ أمِّ صبيَّة الجهنيَّة، والله أعلم، وأصغر أولاد العَبَّاس: تمَّام، وقد اختُلِف في صحبته، وقال ابن عَبْدِ البَرِّ: له رؤيةٌ، انتهى، فإن أدت زيادةً على ما هنا؛ فانظر مَن ذكرته في (كتاب العلم).

==========

[ج 2 ص 590]

(1/10771)

[باب الثلاثة على الدابة]

قوله: (بَابُ الثَّلَاثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ): في هذا الحديث الذي أورده هنا تخصيصٌ لحديثٍ أورده ابن جرير، وذكره شيخُنا من حديث إسحاق بن زيد الخَطَّابيِّ: حدَّثنا محمَّد بن سليمان عن أبيه: حدَّثنا عطاء عن أبي سعيد الخُدْريِّ مرفوعًا: «لا يركبِ الدَّابَّةَ فوق اثنين»، ثُمَّ قال _يعني: ابن جرير_: اختلف السَّلَف في ذلك، فقال بعضهم بحديث الباب بشرط الإطاقة، رُويَ ذلك عن ابن عمر، قال: (ما أُبالي أن أكون عاشرَ عشرة على دابَّة إذا طاقت حمل ذلك)، وكره آخرون ركوب أكثر من اثنين؛ عملًا بحديث أبي سعيد، رُوِيَ ذلك عن عليٍّ، قال: (إذا رأيتم ثلاثة على دابَّة؛ فارجموهم حتَّى ينزلَ أحدُهم)، قال الطَّبَريُّ: (وكلا الخبرين صحيحان، فحديث الباب محمولٌ على الإطاقة ... ) إلى آخر كلامه، والله أعلم، وقد ذكر ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» في (باب ركوب ثلاثة على دابَّة) بسنده إلى زاذان: أنَّه رأى ثلاثةً على بغل، فقال: لينزل أحدكم، فإنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لعن الثالثَ، قال ابن الجوزيِّ: هذا حديثٌ ليس بصحيحٍ، وإسناده منقطعٌ، وقد صحَّ أنَّه عليه السلام دخل المدينة راكبًا، فتُلُقِّيَ بالصبيان، فحمل واحدًا بين يديه وآخرَ خلفه، فدخلوا المدينة ثلاثة على دابَّة) انتهى، والله أعلم.

[ج 2 ص 590]

(1/10772)

[حديث: لما قدم النبي مكة استقبله أغيلمة بني عبد المطلب]

5965# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ): هذا هو خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، تقدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ): (الغلام): معروفٌ، وتصغيره: غُلَيم، وجمعه: غِلمان، و (أُغَيْلِمة): تصغيرٌ، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَآخَرَ [1] خَلْفَهُ): قال الخطيب البغداديُّ: أحدهما: عبد الله بن جعفر، والآخَرُ: قيل: الحسن بن عليِّ بن أبي طالب، وقيل: عبد الله بن عَبَّاس، ذكره الشيخ محيي الدين عنه، انتهى، وفي «سنن الدارميِّ» من حديث عبد الله بن جعفر قال: (كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا قفل؛ تُلُقِّيَ بي وبالحسن أو بالحسين _وأُراه قال: الحسن_ فحملني بين يديه والحسنَ [2] وراءه، قَدِمْنا المدينةَ ونحن على الدَّابَّة التي عليها النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم).

(1/10773)

[باب حمل صاحب الدابة غيره بين يديه]

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِ الدَّابَّةِ، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ): هذا ثابتٌ في بعض النسخ، وهو في أصلنا، ومُعَلَّم عليه علامة نسخة، وهو ثابت في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وكأنَّه لم يصحَّ عنده إلَّا موقوفًا، وهو معنى حديثٍ في «أبي داود» و «التِّرْمِذيِّ» من حديث بريدة، ولفظه من جملة حديث: قال عليه السلام: «لا، أنت أحقُّ بصدر دابَّتك، إلَّا أن تجعله لي»، قاله لرَجُلٍ، وقد بوَّب عليه أبو داود: (باب رَب الدابَّة أحقُّ بصدرها)، وقد سكت عليه أبو داود، فهو صالحٌ للاحتجاج به، وقد روى الإمامُ أحمد في «المسند»: أنَّ حبيب بن مسلمة جاء إلى قيس بن سعد بن عبادة في الفتنة الأولى وهو على فرس، فأخَّر عن السَّرج، وقال: اركب، فأبى، فقال قيس بن سعد: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «صاحب الدَّابَّة أولى بصدرها»، فقال: إنِّي لست أجهلُ ما قاله رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولكنِّي أخشى عليك، وفيه أيضًا: عن عمر بن الخَطَّاب قال: (قضى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنَّ صاحبَ الدَّابَّة أحقُّ بصدر حماره)، وفيه قصَّةٌ، وقد روى ابن ماجه القصَّةَ، ولم يذكر هذا الذي ذكرتُه.

(1/10774)

[حديث: أتى رسول الله وقد حمل قثم بين يديه]

5966# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّ بُنْدَارًا لقب مُحَمَّدٍ هذا، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد المجيد الحافظ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.

قوله: (ذُكِرَ أَشَرُّ [1] الثَّلَاثَةِ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أشرُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا هو في أصلنا (أشرُّ)، قال الجوهريُّ: (ولا يقال: أشرُّ الناس إلَّا في لغة رديئة)، وكذا قاله غيره، وقال في (خير): وفلان خير النَّاس، ولم يَقُل: أخير النَّاس، انتهى، وقد أنكر ابن قُتَيْبَة: (أشرَّ) و (أخير)، وقد جاءا في الأحاديث، فدلَّ على جوازهما، وسيجيء من كلام ابن عَبَّاس في آخر هذا: (فأيُّهُم أَشَرُّ أَوْ أَيُّهُم أَخْيَرُ [2])، وفي نسخة أخرى _وقد صُحِّح عليها في أصلنا_: (شرٌّ)، و (خيرٌ) [3]، والله أعلم.

قوله: (وَقَدْ حَمَلَ قُثَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ): (قُثَم) هذا: هو ابن العَبَّاس بن عبد المُطَّلِب، قال الجوهريُّ: (و «قثم»: اسم رجل معدولٌ عن «قاثم»، وهو المعطي)، انتهى، فإذًا هو ممنوع من الصَّرف، ويدلُّ لعدم صرفه قولُه: (حمل قثمَ بين يديه)، ولو كان مصروفًا؛ لقال: (قثمًا)، والله أعلم، وكذا قال بعده: (أَوْ قُثَمَ خَلْفَهُ).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (الأَشَرُّ).

[2] وهي رواية أبي ذرٍّ.

[3] وهي رواية «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 591]

(1/10775)

[باب إرداف الرجل خلف الرجل]

(1/10776)

[حديث: حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا]

5967# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، ثُمَّ مُوَحَّدة، ويقال له: هدَّاب، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى العوذيُّ الحافظ.

قوله: (إِلَّا أَخِرَةُ الرَّحْلِ): تَقَدَّمَ الكلام على (آخرة الرَّحل).

(1/10777)

[باب إرداف المرأة خلف الرجل]

(1/10778)

[حديث: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون .. ]

5968# قوله: (وَإِنِّي رَدِيفُ [1] أَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا طلحة): زيد بن سهل، نقيب بدريٌّ جليلٌ رضي الله عنه.

قوله: (وَبَعْضُ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدِيفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... )؛ الحديث: هذه المرأة هي صفيَّة بنت حُيَيٍّ _بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة وكسرها، تَقَدَّمَ_ ابن أخطب، وكذا صَرَّحَ بها في بعض طرق هذا الحديث في «الصَّحيح».

قوله: (فَقُلْتُ: الْمَرْأَة): يجوز في (المرأة) النَّصب؛ أي: عليك أو أدركِ المرأةَ، يخاطب نفسه، ويجوز الرفع؛ أي: سقطت المرأة أو نحو هذا.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لرديف).

[ج 2 ص 591]

(1/10779)

[باب الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى]

(1/10780)

[حديث عبد الله بن زيد: أنه أبصر النبي يضطجع ... ]

5969# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ): (عمُّ عبَّاد بن تميم): هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ، ذكره التِّرْمِذيُّ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 591]

(1/10781)

((78)) (كِتَاب الأَدَبِ) ... إلى (بَاب الصَّبْرِ)

تنبيهٌ: حديث: «أدَّبني ربِّي فأحسن تأديبي»: قال أبو العَبَّاس ابن تيمية فيما رأيته عنه مُعلَّقًا: معناه صحيحٌ، ولا يُعرَف له إسنادٌ، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: وقفت له على إسنادٍ في أوائل «الأمثال» للعسكريِّ، انتهى.

(1/10782)

[باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}]

(1/10783)

[حديث: أي العمل أحب إلى الله؟]

5970# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (الْوَلِيدُ بْنُ عَيْزَارٍ): بفتح العين المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ زاي، ثُمَّ ألف، ثُمَّ راء، و (أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ): بالشين المُعْجَمَة، قال الدِّمْيَاطيُّ: واسمه سعد بن إياس بن عمرو بن الحارث، أدرك الجاهليَّة، وعاش مئة وعشرين سنةً، انتهى، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

قوله: (وَأَوْمَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ.

قوله: (قُلْتُ [1]: ثُمَّ أَيُّ؟): (أيُّ) في المكانين: تَقَدَّمَ الكلام عليها هل هي مُنَوَّنةٌ مرفوعةٌ، أو مرفوعةٌ غير مُنَوَّنةٍ، وكلام الناس في ذلك.

قوله: (ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ): في ذلك فضلٌ عظيمٌ ظاهرٌ لبِرِّ الوالدين، وإنَّما قدَّمه على الجهاد؛ لتعدِّيه إلى الفقير والضعيف، ولأنَّ الفاعلَ له لا يرى لنفسه فيه كبيرَ عملٍ؛ لأنَّه إنَّما يفعله مكافأةً لهما لما فعلا به، والجهاد يرى لنفسه فيه كبيرَ عملٍ، والله أعلم.

(1/10784)

[باب: من أحق الناس بحسن الصحبة]

(1/10785)

[حديث: أحق الناس بحسن صحابتي]

5971# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي.

[ج 2 ص 591]

قوله: (عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ [1] بْنِ [2] شُبْرُمَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخةٌ وعليها علامة راويها: (عُمارة بن القعقاع وابن شبرمة)؛ بالواو، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، كان: (عن عُمارة بن القعقاع بن شبرمة)، فعُمِل واوٌ قبل (ابن شبرمة)، فصارت (وابن شبرمة)، والصواب: حذف الواو، كما في أصلنا القاهريِّ؛ لأنَّ الحديثَ من رواية عُمارة بن القعقاع بن شبرمة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، والتعليق بعده: (عن ابن شبرمة)، وهو عبد الله بن شبرمة عمُّ عُمارة المذكور، وستأتي ترجمته، بُعَيد هذا: (وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ مِثْلَهُ)، وكذا عمل المِزِّيُّ الحافظ جمال الدين رحمه الله هذا الحديثَ في ترجمة عُمارة بن القعقاع، عن أبي زُرعة، عن أبي هريرة، وكذا عمل التعليقَ، ولو كان كما في الهامش بواو العطف؛ لما احتاج إلى ذكره في التعليق، والتعليق المذكور مسندٌ في «مسلم» و «ابن ماجه»، والله أعلم، و (أبو زرعة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه هَرِم _وقيل غير ذلك_ ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَليُّ.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: جاء حديثٌ يقتضي أنَّ السائل هنا لعلَّه معاويةُ بن حَيْدَة القُشيريُّ ... ؛ فذكره من «أبي داود»، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ الآن: إنَّه معاوية بن حَيْدَة، ولم يعزُه، وجزم به.

قوله: (مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ [3] بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» ... ) إلى آخره: في هذا الحديث أنَّ محبَّة الأمِّ والشفقةَ عليها ينبغي أن تكون ثلاثةَ أمثال الأب؛ لأنَّه عليه السلام كرَّرها ثلاثًا، وذكر الأب في الرابعة، قال شيخنا: وإذا تأمَّلت هذا؛ شَهِدَ له العِيان؛ لأنَّ الأمَّ تُقاسي صعوبة الحمل والوضع والتربية، فتنفرد بها، وتشقى بها دون الأب، فهذه ثلاث منازلَ تنفرد بها الأمُّ دون الأب، والله أعلم، انتهى.

(1/10786)

واعلم أنَّ المرأة لمَّا انفردت بحمله، ورضاعه، وتربيته في حجرها؛ كان لها ثلاثةُ أمثال الوالد في البِرِّ، وقد انتزعتُ أنا هذا من حديثٍ أخرجه أبو داود عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه عبد الله بن عمرو بن العاصي: أنَّ امرأةً قالت: يا رسول الله؛ إنَّ ابني هذا كان بطني له وعاءً، وثديي له سقاءً، وحجري له حواءً، وإنَّ أباه طلَّقني، وأراد أن ينتزعه منِّي، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «أنت أحقُّ به ما لم تُنكَحي»، وقد توصَّلت باختصاصها به؛ كما اختصَّ بها في هذه المواطن الثلاثة، والأب لم يشاركها في ذلك، بل إنَّما أنفق عليه فقط، فهذا معنى ما قاله شيخنا، وكأنَّه أخذه من الحديث الذي ذكرته، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ): هو عبد الله بن شبرمة بن طُفَيل، أبو شُبْرُمة الضَّبِّيُّ الكوفيُّ القاضي، عالم أهل الكوفة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تَقَدَّمَ أعلاه عَزْوُ تعليقِه.

قوله: (وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ): هو يحيى بن أيُّوب بن أبي زرعة بن عمرو بن جرير الكوفيُّ، عن جدِّه، والشَّعْبيِّ، وغيرهما، وعنه: ابن المبارك، وأبو أسامة، ومُحَمَّد بن يوسف الفِرْيَابيُّ، وآخرون، وَثَّقَهُ أبو داود، وقال ابن معين: ليس به بأسٌ، قال أبو حاتم: هو أحبُّ إليَّ من أخيه جرير بن أيُّوب، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وروى له أبو داود والتِّرْمِذيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ الكلام في (الصلاة في القبلة) على مَن اسمه يحيى بن أيُّوب في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها، وأنَّهم أربعة، وقال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: إنَّهم ثلاثةٌ؛ لأنَّ الرابع له في «النَّسائيِّ» فقط، ولا يلزم أبا عليٍّ؛ لأنَّه إنَّما يتكلَّم على «البُخاريِّ» و «مسلم»، وقد عيَّن في كلامه هذا المكانَ: أنَّه الجَريريُّ، والله أعلم، وتعليق يحيى بن أيُّوب ليس في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، وعزاه شيخنا إلى «أوسط الطَّبَرانيِّ»، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه، واسمه: هَرِم، وقيل غير ذلك، وقد ذكرت ما قيل في اسمه قبل هذا.

==========

[1] في هامش (ق): (عمارة هذا هو عمُّ عبد الله بن شبرمة الفقيه، وعبد الله هذا أكبر من عمِّه سنًّا وقدرًا).

(1/10787)

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وابن)؛ بزيادة واو، وهي رواية الأصيليِّ، ورواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

[3] (الناس): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

(1/10788)

[باب: لا يجاهد إلا بإذن الأبوين]

قوله: (بابٌ: لَا يُجَاهِدُ إِلَّا بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ): (يُجاهد): مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول أيضًا.

(1/10789)

[حديث ابن عمرو: ففيهما فجاهد]

5972# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسَدَّد): هو ابن سعيد الأنصاريُّ، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ فيما يظهر، وذلك لأنِّي راجعت ترجمة حبيب بن أبي ثابت، فلم أرَ عَبْد الغَنيِّ الحافظَ في «الكمال» ذكر في الرواة عنه ابنَ عُيَيْنَة، إنَّما ذكر عنه الثَّوريَّ، وراجعتُ «تذهيب الذَّهَبيِّ» فرأيته أطلق سفيان، فحملت المطلق على المقيَّد، وراجعتُ «الأطراف»، فلم يعيِّن فيها سفيان، لكن ذكر من «زوائده»: أنَّه رواه مُحَمَّد بن كثير عن سفيان الثَّوريِّ ... إلى أن قال: ورواه المُسَيَّب بن شريك عن سفيان الثَّوريِّ، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عَبَّاس، والله أعلم، و (حَبِيبٌ): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، هو ابن أبي ثابت.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابة وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، و (حَبِيب): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، وأنَّه ابن أبي ثابت، و (أَبُو العَبَّاسِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: السائب بن فرُّوخ، الشاعر الأعمى المَكِّيُّ، اتَّفقا عليه، انتهى، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ، وقد وَثَّقَهُ غيرُ واحدٍ، وأخرج له الجماعة.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُجَاهِدُ؟ قالَ: «لَكَ أَبَوَانِ؟» قَالَ: نَعَمْ): هذا الرجل لا أعرفه.

(1/10790)

[باب: لا يسب الرجل والديه]

(1/10791)

[حديث: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه]

5973# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وهو ابن عوف الزُّهْرِيُّ.

==========

[ج 2 ص 592]

(1/10792)

[باب إجابة دعاء من بر والديه]

قوله: (إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ): تَقَدَّمَ في (الإجارة) في الدعاء بصالح العمل شيءٌ؛ فانظره من الكلام على هذا الحديث.

(1/10793)

[حديث: بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطر ... ]

5974# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (فَمَالُوا إِلَى غَارٍ): (الغار): الفتح في الجبل، وهذا ظاهِرٌ، وفي نسخةٍ عوض (فمالوا): (فأوَوا إلى غارٍ)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (أوى) إذا كان لازمًا كهذا؛ يكون الأفصح فيه القصرَ، وإذا كان متعدِّيًا؛ يكون الأفصح فيه المدَّ، وهذه لغة القرآن.

قوله: (لَعَلَّهُ يَفْرِجُهَا): هو بكسر الراء هنا، وقد صُحِّح عليه، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا.

قوله: (بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ): هو بتشديد الياء مثنًّى، وهذا يُعرَف من قوله: (أَسْقِيهِمَا).

قوله: (نَأَى بِيَ الشَّجَرُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الحِلَابِ)، وأنَّ (أَبْدَأَ) بهمزةٍ في آخره، وكذا تَقَدَّمَ (يَتَضَاغَوْنَ)، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: ضاغ يضغو؛ إذا صاح، وبكى، وضجَّ، انتهى، وفي «المطالع»: أي: يصيحون باكين مستخذئين، والضُّغاء: صوت الذلة والاستخذاء، انتهى، وفي «الصحاح» نحوُه، ولفظه: ضغا الثعلب والسِّنَّور يَضْغُو، ضَغْوًا، وضُغَاءً؛ إذا صاح، وكذلك صوت كلِّ ذليلٍ مقهورٍ، انتهى.

[ج 2 ص 592]

قوله: (عِنْدَ قَدَمَيَّ): هو بتشديد الياء على التثنية، وكذا تَقَدَّمَ (دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ): أنَّه بالنصب خبر (زال)، وهذا ظاهِرٌ، و (دأبَهم): معطوفٌ عليه.

قوله: (فَافْرُجْ): تَقَدَّمَ الكلام على راءه قريبًا وفي (الإجارة)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (فُرْجَةً).

قوله: (حَتَّى رَأَوا [1] مِنْهَا السَّمَاءَ): كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: (يَرَون)، وعليها (صح)، وهذه على لغةٍ؛ وهي إثبات النون مع الناصب، ومثله [من البسيط]:

~…أَنْ تَقْرَأَانِ عَلَى أَسْمَاءَ وَيْحَكُمَا…مِنِّي السَّلَامَ وألَّا تُشْعِرَا أَحَدَا

والله أعلم.

قوله: (حَتَّى آتِيَهَا بِمِئَةِ دِينَارٍ): تَقَدَّمَ، وأنَّ في روايةٍ: أنَّه أعطاها مئةً وعشرين، وقد تَقَدَّمَ الجمعُ بينهما، وعلى (الْخَاتَمَ) ولُغَاته، وكذا على (الفَرَق) كم هو، وهنا (أَرُزٍّ)، وفي رواية: (ذُرَةٍ)، وتقدَّمت لُغَات (الأرزِّ)، وهي ستُّ لُغاتٍ.

==========

(1/10794)

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يَرَوْنَ)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

(1/10795)

[باب: عقوق الوالدين من الكبائر]

قوله: (بابٌ: عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ): يقال: عقَّ والديه يعقُّهما عُقوقًا، فهو عاقٌّ؛ إذا آذاهما، وعصاهما، وخرج عليهما، وهو ضدُّ البِرِّ، وأصله من العَقِّ: الشقُّ والقطع.

قوله: (مِنَ الْكَبَائِرِ): اعلم أنَّ شيخنا قد عدَّ الكبائر في شرحه ستًّا وعشرين كبيرةً، وقد أفردها الحافظ أبو عبد الله الذَّهَبيُّ بمصنَّف مفردٍ، وقد عدَّدها ستًّا وسبعين كبيرةً بأدلَّتها من الأحاديث، وقد رويتها عن بعض أصحابه بالإجازة، وهو سمعها عليه، وقد ألحق بها كبائرَ، ثُمَّ قال: فهذه تسعٌ وعشرون كبيرةً ... ؛ فذكرها، ثُمَّ قال: فتمَّت إحدى وثلاثين وذكرها من الأحاديث، وقد كتبت المجموعَ في آخر نسختي بـ «الكبائر»، فمَن أرادها؛ فلينظر نسختي بذلك، والله أعلم، وقد ذكر ابن القَيِّمِ الحافظُ شمس الدين في «إعلام الموقِّعين» جملةً من الكبائر، وهو مفيدٌ أيضًا، وقد كتبتها في آخر نسختي بـ «كبائر الذَّهَبيِّ»، فإن أردت ذلك؛ فانظر نسختي من «كبائر الذَّهَبيِّ».

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10796)

[حديث: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ومنع ... ]

5975# قوله: (حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ [1]): هو سعد بن حفص الطَّلْحِيُّ الكوفيُّ الضخم، عن شيبان النَّحْويِّ فقط، وعنه: البُخاريُّ، والدارميُّ، وعَبَّاس الدوريُّ، وغير واحدٍ، وَثَّقَهُ مُطَيَّن، وقال: تُوُفِّيَ سنة (215 هـ)، انفرد بالإخراج له البُخاريُّ، وليس في مشايخ البُخاريِّ _بل ولا في مشايخ بقيَّة أصحاب الكُتُب السِّتَّة_ مَن اسمه سعدٌ سواه، و (شَيْبَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه النَّحْويُّ، وتَقَدَّمَ بعيدًا أنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، كذا قاله ابن الأثير في «الأنساب»، وقال ابن أبي داود وغيرُه: مَن [2] يُنسَب إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ لا شيبان النَّحْويُّ هذا، انتهى، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (المُسَيَّب): هو بفتح الياء بلا خلاف، وهو المُسَيَّب بن رافع الكاهليُّ، أبو العلاء الضرير، عن سعدٍ وحفصةَ مرسلًا، وعن البراء وعلقمة، وعنه ابنه العلاء، ومنصور، وإسماعيل بن أبي خالد، وكان حُجَّة صوَّامًا قوَّامًا، مات سنة (105 هـ)، أخرج له الجماعة، و (وَرَّاد): تَقَدَّمَ، و (الْمُغِيرَة): هو ابن شعبة، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَحَرَّمَ [3] عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ): تَقَدَّمَ قريبًا ما (العقوق)، وإنَّما خصَّ الأمهات هنا بالذِّكْرِ وإن كان عقوقُ الآباء وغيرِهم من ذوي الحقوق عظيمًا؛ فلعقوق الأمَّهات مزيَّة في القبح على ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَمَنْعَ وَهَاتِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (الصلاة)، وعلى (وَأْدِ البَنَاتِ)، وعلى (قِيلَ وَقَالَ)، وعلى (كَثْرَةَ السُّؤَالِ)، وعلى (إِضَاعَةَ الْمَالِ).

(1/10797)

[حديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟]

5976# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ): (إسحاق) هذا: هو ابن شاهين، أبو بشر الواسطيُّ، عن خالد بن عبد الله الطَّحَّان تَقَدَّمَ، و (الْجُرَيْرِيُّ): بضَمِّ الجيم، وفتح الراء، واسمه سعيد بن إياس، كنيته أبو مسعود، يُنسَب إلى جُرَير _بضَمِّ الجيم، وفتح الراء_ ابن عُبَاد؛ بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، وسيأتي مُطَوَّلًا إن شاء الله تعالى، و (أَبُو بَكْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه نُفيع بن الحارث.

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10798)

[حديث: الشرك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين]

5977# قوله: (وَأَكْبَرُ ظَنِّي): هو بالمُوَحَّدة في أصلنا.

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10799)

[باب صلة الوالد المشرك]

(1/10800)

[حديث: أتتني أمي راغبة في عهد النبي]

5978# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة.

قوله: (أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (أمُّها)؛ فقد تَقَدَّمَ الخلاف في أنَّها أمُّها من النسب، أو من الرضاعة، وأنَّ الصحيح أنَّها من النسب، وهل أسلمت أم لا، والصحيح: لم تُسْلِم، وأنَّ اسمها قَتْلةُ؛ بفتح القاف، وإسكان المُثَنَّاة فوق، أو مُصَغَّرُه، وبالأوَّل قاله ابن ماكولا وغيرُه، قالوا: ويُقال أيضًا: قُتَيلة بنت عبد العُزَّى بن عبد أسعد بن نصر بن مالك بن حِسْل بن عامر بن لؤيِّ بن غالبٍ، وقد ذكرها الذَّهَبيُّ في «تجريده» بالتصغير، ثُمَّ قال: لم تُسلِم فيما ورد من حديث أسماءَ: (قَدِمَت عليَّ أمِّي) ... إلى آخر كلامه، ذكرها (س)؛ أي: الحافظ أبو موسى المدينيُّ.

قوله: (رَاغِبَةً): أي: طالبة طامعة منِّي شيئًا، وقد رُوِيَ في «أبي داود»: (قَدِمت عليَّ راغمةً مشركةً)؛ أي: كارهةً للإسلام، وقيل: هاربةً منه، وفي رواية: (راغبةً أو راهبةً)، فقيل: راغبة عن الإسلام كارهة، وقيل: طامعة طالبة له، و (راغبة): يجوز فيه نصبُه وتنوينُه على الحال، ويجوز رفعُه مُنَوَّنًا على أنَّه خبرُ مبتدأ محذوفٍ؛ أي: وهي راغبةٌ.

وقوله: (فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أي: في صلح الحديبية، وقد قَدَّمْتُ الخلاف في مدَّة الصلح كم كانت غَيْرَ مَرَّةٍ، منها مرَّة في أوَّل هذا التعليق في حديث هرقل، والصحيح: عشر سنين من أقوالٍ.

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10801)

[باب صلة المرأة أمها ولها زوج]

(1/10802)

[حديث: يأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف والصلة]

5980# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): (يحيى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وتَقَدَّمَ ضبط (بُكَيْر): أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (الليث): هو ابن سعد الإمام، و (عُقَيْل)؛ بضَمِّ العين، وفتح القاف: ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور، و (عُبَيْد الله بْن عَبْد الله): هو ابن عتبة بن مسعود، و (أَبُو سُفْيَان): تَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّه صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مَناف، وتَقَدَّمَ (هِرَقْلَ) ضبطًا، وأنَّه اسمه، وأنَّ (قيصر) لقبٌ لكلِّ مَن مَلَك الروم، وما يتعلَّق بـ (هرقل) في أوَّل هذا التعليق مُطَوَّلًا.

قوله: (وَالْعَفَافِ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وهو ترك المحارم، وتركُ خوارم المروءة.

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10803)

[حديث: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش]

5979# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي هِشَامٌ) [1]: (الليث): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد، الإمام المجتهد الجواد، وهذا تعليقٌ مجزوم به، وليس هو في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والحديث نفسُه في «البُخاريِّ» و «مسلم» و «أبي داود» من حديث هشامٍ، عن عروة، عن أسماء، و (أَسْمَاء): هي بنت أبي بكر عبدِ الله بن عثمان الصِّدِّيق، تَقَدَّمَت مترجمةً رضي الله عنها.

قوله: (قَدِمَتْ عَلَيَّ [2] أُمِّي): تَقَدَّمَ الكلام على (أمِّها) أعلاه وقبله، وعلى قوله: (فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ)؛ أي: في صلح الحديبية، وقد تَقَدَّمَ كم كان أَمَدُ الصلح، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (مَعَ ابْنِهَا)، وأنَّه الحارث بن مدرك بن عبيد بن عمر بن مخزوم، كما سمَّاه الدِّمْيَاطيُّ عن الزُّبَير، وأنَّه بهمزة وصلٍ، ثُمَّ مُوَحَّدة ساكنة، ثُمَّ نون، وفي أصلنا هنا: (مَعَ أَبِيهَا) [3]؛ بقطع الهمزة، وبالمُثَنَّاة تحت، وفي نسخة: (مع ابنها)؛ بالنون، وما إخالُ (أبيها) إلَّا تصحيفًا من (ابنها)، كيف وقد نقلَ الدِّمْيَاطيُّ الحافظ عن الزُّبَير اسمَه ونَسَبَه؟! فإن صحَّ مجيئًا _وما إخالُه إلَّا مِن النُّسَّاخ_؛ فإنَّها تكون قَدِمَت معهما، وقد قَدَّمْتُ اسمَ أبيها ونسبته، والله أعلم، وتَقَدَّمَ الكلام على (وَهْيَ رَاغِبَةٌ) ما معناه أعلاه.

(1/10804)

[باب صلة الأخ المشرك]

قوله: (بَابُ صِلَةِ الأَخِ الْمُشْرِكِ): وأخرج حديث ابن عمر: (أنَّ عمر رأى حلَّة سِيَراء ... ) إلى آخره، وسأذكر بعد هذا بقليلٍ أنَّه ليس بأخيه، وإنَّما هو أخو أخيه زيدِ بن الخَطَّاب لأمِّه، وقد قَدَّمْتُ ذلك، لكنَّه لمَّا وصل أخا أخيه؛ كان صلتُه أخاه من بابٍ أولى، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 593]

(1/10805)

[حديث: إنما يلبس هذه من لا خلاق له.]

5981# قوله: (رَأَى عُمَرُ حُلَّةَ سِيَرَاءَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها ضبطًا ومعنًى؛ فانظر ذلك، وهي بالصفة والإضافة.

قوله: (مَنْ لَا خَلَاقَ): تَقَدَّمَ أنَّه النصيب.

قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

[ج 2 ص 593]

قوله: (فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ): إن قيل: ليس له أخٌ إلَّا زيد بن الخَطَّاب، وقد أسلم قبل عُمر، وسبقه إلى الشهادة، فقُتِل في اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة؟

فالجواب: أنَّه أخو أخيه زيدِ بن الخَطَّاب لأمِّ زيدٍ، أمُّهما أسماء بنت وهب، وقد ذكره الحافظ الدِّمْيَاطيُّ، فقال ما لفظه: قيل: إنَّه عثمان بن حكيم بن أُمَيَّة، ولم يكن أخًا لعُمرَ، إنَّما كان أخًا لأخي عمرَ زيدِ بن الخَطَّاب لأمِّه، وذكر النَّسائيُّ وابن الحَذَّاء: أنَّه كان أخًا لعمرَ لأمِّه، والصواب ما تَقَدَّمَ، وذكر ابن هشام عن ابن إسحاق: أنَّ أباه حكيم بن أُمَيَّة أسلم قديمًا بمكَّة، انتهى.

وعثمان هذا: لا أعرف له ترجمة لا في الصَّحَابة ولا في التابعين، والظاهر أنَّه لم يسلم، وأنَّ قوله: (قبل أن يسلم) ينبغي أن يُحرَّر، وفي «تجريد الذَّهَبيِّ»: حكيم بن أُمَيَّة بن حارثة بن الأوقص السُّلَميُّ، حليف بني أُمَيَّة، أسلم قديمًا بمكَّة، ذكره الأَشِيريُّ، انتهى، والأَشِيريُّ: بفتح الهمزة، ثُمَّ شين معجمة مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت، ثُمَّ راء، ثُمَّ ياء النسبة، قال الذَّهَبيُّ في «المشتبه»: نسبه إلى أَشِيرة من عمل سَرَقُسْطَة، الحافظ أبو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد الأَشِيريُّ النَّحْويُّ، نزل الشام، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ما نقله الدِّمْيَاطيُّ عن ابن هشام عن ابن إسحاق في إسلام حكيمٍ المذكورِ.

(1/10806)

[باب فضل صلة الرحم]

قوله: (بَابُ فَضْلِ صِلَةِ الرَّحِمِ): هو كنايةٌ عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب _كالأصهار_ والتعطُّف عليهم، والرفقِ بهم، والرِّعايةِ لأحوالهم، وكذلك وإن بَعُدُوا وأساؤوا، وقطع الرَّحِم ضدُّ ذلك كلِّه، يقال: وصل رَحِمه يَصِلُها وَصْلًا وصِلةً _والهاء فيها عوضٌ من الواو المحذوفة_ كناية عن الإحسان إليهم، وقد وصل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة والصهر، قال القاضي عياض: ولا خلاف أنَّ صِلة الرَّحِم واجبةٌ في الجملة، وقطيعتها معصيةٌ كبيرةٌ، والأحاديث في الباب تشهد لهذا، ولكنَّ الصلةَ درجاتٌ؛ بعضها أرفع من بعض، فأدناها: ترك المهاجرة وصلتُها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف تعذُّره والحاجةِ، فمنها واجب، ومنها مستحبٌّ، فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها؛ لم يُسَمَّ قاطعًا، ولو قصَّر عمَّا يقدر عليه وينبغي؛ لم يُسَمَّ واصلًا، قال: واختلفوا في حدِّ الرَّحِم التي تجب صلتها، فقيل: هو كلُّ رَحِم مَحْرَم بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى؛ حرمت مناكحتهما؛ فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال ... إلى أن قال: وقيل: هو عامٌّ في كلِّ رَحِم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي فيه المَحْرَم وغيرُه، ويدلُّ له قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «ثُمَّ أدناك أدناك»، هذا كلام القاضي رحمه الله، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: وهذا القول الثاني هو الصواب، ثُمَّ شرع يستدلُّ له، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 594]

(1/10807)

[حديث أبي أيوب: أرب ما له؟]

5982# 5983# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (شُعْبَةُ): مشهورٌ، إمام المحدِّثين، بل أمير المؤمنين فيه، و (ابْنُ عُثْمَانَ): وفي السند الثاني في أصلنا مخبوطٌ، وكان في الثاني: (حدَّثنا مُحَمَّد بن عثمان بن عبد الله بن موهب وأبوه عثمان)، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الثاني: (قال شعبة: أخبرنا ابن عثمان بن عبد الله بن موهب وأبوه عثمان)، كما كان في أصلنا القاهريِّ، ثُمَّ ضُرِب في أصلنا القاهريِّ على (محمَّد)، وخرج (عمرو)، وضُرِب على (عمرو)، والذي في أصلنا الدِّمَشْقيِّ هو الوارد.

واعلم أنَّ هذا المكان تَقَدَّمَ في (الزكاة) في أوَّلها، ولمَّا طرَّف المِزِّيُّ الحديثَ؛ قال: البُخاريُّ في (الزكاة) عن حفص بن عمر، عن شعبة، عن مُحَمَّد بن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن أبي أيُّوب، وقال: أخشى أن يكون (مُحَمَّدٌ) غيرَ محفوظٍ، إنَّما هو (عمرٌو)، وفي (الأدب) _ أعني: هذا المكان_ عن أبي الوليد، عن شعبة، عن ابن عثمان بن عبد الله بن موهب _ولم يُسَمِّه_، عن موسى بن طلحة به، وعن عبد الرَّحْمَن بن بشر، عن بَهْز بن أسد، عن شعبة، عن ابن عثمان بن عبد الله وأبيه عثمان؛ كلاهما عن موسى بن طلحة به، ثُمَّ طرَّفه من «مسلم»، ومن «النَّسائيِّ»، وهذا الذي ذكره المِزِّيُّ هو الذي في النسخ؛ فليُتْبَع، ويُنظَر الكلام عليه في أوَّل (الزكاة)، والله أعلم.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن بِشْر، و (بِشْر): هو بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة، ابن الحكم النيسابوريُّ، لا عبد الرَّحْمَن بن بِشْر بن مسعود، هذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (بَهْز): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن أسد، و (أَبُو أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خالد بن زيد الأنصاريُّ، وقد تَقَدَّمَ ببعض ترجمته، وأرَّخْتُ وفاته، وفي أيِّ مكان، رضي الله عنه.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلْنِي [2] الْجَنَّةَ): هذا الرجل تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل (الزكاة)؛ فانظره.

(1/10808)

قوله: (يُدْخِلْنِي الْجَنَّةَ): هو بالجزم جواب الأمر، ويجوز رفعه، وبهما هو في أصلنا.

قوله: (أَرَبٌ مَالَهُ): هو بفتح الهمزة والراء، مُنَوَّنٌ، كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ في هامش الأصل: (أَرِبَ): فعلٌ ماضٍ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل (الزكاة).

==========

[1] (ح): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق) علامة الزيادة.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (يدخلُني)؛ بالرفع، وكذا في الموضع اللاحق.

[ج 2 ص 594]

(1/10809)

[باب إثم القاطع]

(1/10810)

[حديث: لا يدخل الجنة قاطع]

5984# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وتَقَدَّمَ ضبط (بُكَير)، و (اللَّيْثُ) بعده: هو ابن سعدٍ الإمام، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وتَقَدَّمَ أنَّ (عُقَيلًا) كذلك ثلاثةٌ بهذا: عُقَيل بن خالدٍ هذا له في «البُخاريِّ» و «مسلم»، ويحيى بن عُقَيل روى له مسلمٌ، وعُقَيل القبيلةُ لهم ذكر في «مسلم»، والباقي [في] «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» بفتح العين، وكسر القاف، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ): هذا الحديث يتأوَّل بتأويلَين؛ أحدهما: حمْلُه على مَن يستحلُّ القطيعة بلا سببٍ ولا شبهةٍ، مع علمه بتحريمها، فهذا كافرٌ يُخلَّد في النار، ولا يدخل الجنَّة أبدًا، والثاني: معناه: لا يدخلها في أوَّل مرَّة مع السابقين، بل يُعاقَب بتأخيره القدرَ الذي يريده اللهُ عزَّ وجلَّ، والله أعلم.

(1/10811)

[باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم]

قوله: (بَاب مَنْ بُسِطَ لَهُ فِي الرِّزْقِ): (بُسِط)؛ بضَمِّ المُوَحَّدة، وكسر السين: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ: و (بَسْطُه): توسعته وكثرته، وقيل: بالبركة فيه.

==========

[ج 2 ص 594]

(1/10812)

[حديث: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره ... ]

5985# قوله: (وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ): (يُنسَأ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو مهموز الآخر، ومعنى: (ينسأ له في أَثَرِه): يُؤخَّر له في أجله، وفي نسخة في هامش أصلنا: (ويُنسَى)، في الحديث الذي بعد هذا، معتلٌّ، ولا أعرفها، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه مع السؤال فيه وأجوبتِه في (البيوع)؛ فانظر ذلك إن أردته، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 594]

(1/10813)

[حديث: من أحب أن يبسط له في رزقه]

5986# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ ... ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا السند أعلاه؛ فانظره.

(1/10814)

[باب: من وصل وصله الله]

(1/10815)

[حديث: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه]

5987# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بِشْرًا) بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ): تَقَدَّمَ ضبطه غَيْرَ مَرَّةٍ، وأنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الزاي، وكسر الراء المُشَدَّدة، ثُمَّ دال مهملة، و (سَعِيد بْن يَسَارٍ): بتقديم المُثَنَّاة تحت على السين المُهْمَلَة.

قوله: (مِنَ الْقَطِيعَةِ): هي الهِجران والصدُّ، (فعيلة) من القطع؛ يريد: ترك البِرِّ والإحسان إلى الأهل والأقارب، وهو ضدُّ صلة الرَّحِم.

==========

[ج 2 ص 594]

(1/10816)

[حديث: إن الرحم شجنة من الرحمن]

5988# قوله: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن بلال، أبو مُحَمَّد، مولى أبي بكر، تَقَدَّمَ، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخر على الأصَحِّ.

قوله: (الرَّحِمَ شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ): قال ابن قُرقُول: بضَمِّ الشين _يعني: المُعْجَمَة_ وكسرها، وحُكِيَ الفتح؛ يعني: الكلُّ مع سكون الجيم، قال: ومعناه: قرابةٌ مشبَّكةٌ؛ كالعروق

[ج 2 ص 594]

المتداخلة، والأغصان المتشابكة، وأصل ذلك من الشجر الملتفِّ أغصانُه أو عروقُه، انتهى، ولم يذكر ابن الأثير في «النهاية» الفتحَ، وقال: شبَّهه مجازًا واتِّساعًا، وقال الدِّمْيَاطيُّ بعد هذا في الطريق الثانية: (أي: شعبةٌ من غصون الشجر؛ ومعناه: قرابةٌ مُشْتَبكة)، انتهى، وحكى شيخنا عن صاحب «الباهر» فتحَ الشين، وكسرَ الجيم، ونقل أيضًا عن ابن الجوزيِّ: لا يخلو معناه من أحد شيئين؛ إمَّا أن يُراد به: أنَّ الله يرعى الرَّحِم، أو يُراد: أنَّ الرَّحِم بعضُ حروف الرَّحْمَن، فكأنَّه عظم قدرها بهذا الاسم، انتهى.

(1/10817)

[باب: يبل الرحم ببلالها]

قوله: (بَاب يَبُلُّ الرَّحِمَ بِبَلَالِهَا): (يَبُلُّ): مَبْنيٌّ للفاعل، و (الرَّحِمَ): مَنْصُوبٌ، ومَبْنيٌّ للمفعول، و (الرحمُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل [1]، قال ابن قُرقُول: (ببِلالها): بكسر الباء، ورُوِّيناه بفتحها، من بلَّه يبلُّه، قال الحربيُّ: لا تبله بالَةً، و (بَلال)؛ بالفتح، وما في السِّقاء بَلَّةٌ وبَلال، والبِلال: الماء، قال البُخاريُّ: وبِلالها أصحُّ؛ يعني: بكسر المُوَحَّدة، وبَلالها: لا أعرف له وجهًا؛ يعني: بالفتح، وسقط كلام البُخاريِّ من كتاب الأصيليِّ، وكذلك لفظ الشكِّ، وليس عنده غير (بلالها)، وما قاله البُخاريُّ صحيحٌ؛ ومعنى الحديث: سأصلها، شُبِّهَت قطيعتُها بالحرارة تُطفَأ بالبرد والماء، وتندى بالصِّلَة، ومنه: «بُلُّوا أرحامكم»؛ أي: صِلُوها، انتهى، وفي «النهاية»: البِلال: جمع «بلل»، وقيل: هو كلُّ ما بلَّ الحلق من ماء أو لبن أو غيرِه، انتهى، وفي «الصحاح»: ويقال أيضًا: ما في سقائك بِلال؛ يعني: بكسر الباء؛ أي: ماءٌ، وكلُّ ما يُبَلُّ به الحلق من ماء أو لبن؛ فهو بِلال، ومنه قوله: «انضحوا الرحم ببلالها»؛ أي: صِلوها بصِلَتها وندُّوها، انتهى.

==========

[1] وهي رواية أبي ذرٍّ: (تُبَلّ الرَّحِمُ).

[ج 2 ص 595]

(1/10818)

[حديث: ولكن لهم رحم أبلها ببلالها]

5990# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): هو بالمُوَحَّدة، والسين المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ، وأنَّه ليس لهم في الكُتُب السِّتَّة راوٍ اسمه عمرو بن عيَّاش؛ بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، ولا عُمَر بن عَبَّاس؛ بالمُوَحَّدة، والسين المُهْمَلَة، ولا عُمر بن عيَّاش؛ بالمُثَنَّاة، وبالشين المُعْجَمَة، و (قَيْس بْن أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، و (عَمْرو بْن الْعَاصِي): تَقَدَّمَ الكلام على يائه، وأنَّ الشيخ محيي الدين قال: (الصحيح: إثبات الياء في «العاصي»، و «ابن أبي الموالي»، و «ابن الهادي»، و «ابن اليماني»)، و (العاصي) في أصلنا هنا بغير ياء.

قوله: (إِنَّ آلَ أَبِي ... _قَالَ عَمْرٌو: فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بَيَاضٌ_ لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي): كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ بعد (أبي) ما لفظه: (فلان)، وعليها علامة راويها، فيبقى الكلام على ثبوتها: (إنَّ آل أبي فلان) كنَّى عنه بـ (فلان)، و (عَمرٌو) القائل ذلك: هو المذكور في السند شيخُ البُخاريِّ عَمرو بن عَبَّاس، و (مُحَمَّد بن جعفر) المذكور: هو غُنْدر، كنَّى عنه بـ (فلان)، والمشار إليه: هو الحكم بن أبي العاصي، قاله القاضي، معناه: أنَّه المرادُ بـ (آل) الحكم بن أبي العاصي، وإنَّما كنَّى عنه بـ (فلان)؛ خوفًا منهم، وكذا سمَّاه القاضي عياض، وفي كلام الدِّمْيَاطيِّ: أبي العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس، وهذا أظهرُ؛ لقوله: (أبي فلان)، والله أعلم.

قوله: (لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي): قيل: معنى الولاية التي نفاها عليه السلام: القربُ والاختصاصُ، لا ولاية الدِّين، ونقل بعضُهم عن صاحب كتاب «سراج المريدين»: أنَّ معنى الحديث: آل أبي طالب، قال: ومعناه: إنِّي لا أخصُّ ميراثي ولا فضيلتي الأدنَينَ بولايةٍ دون المسلمين، انتهى، والذي أعرفه أنَّ «سراج المريدين» للقاضي أبي بكر ابن العربيِّ المالكيِّ، والله أعلم، وما قاله في آل أبي طالب غريبٌ، وقد ذكر القولَين بعضُ حُفَّاظ العَصْرِ، وأوضح فقال: أبو بكر ابن العربيِّ.

قوله: (إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ): قال قتادة: أبو بكرٍ، وقال الثَّوريُّ: الأنبياء، وقال عكرمة وسعيد بن جُبَيرٍ: أبو بكرٍ وعمرُ، وقال مجاهدٌ: عليٌّ، وقيل: الأنبياء، وأبو بكر، وعمر، وأصحابه، انتهى.

(1/10819)

قوله: (زَادَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ): هو عنبسة بن عبد الواحد بن أُمَيَّة بن عبد الله بن سعيد بن العاصي بن سعيدٍ العابدُ، أبو خالدٍ الأَمويُّ الأعور الكوفيُّ، عن بيان بن بِشْر، وهشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الأنصاريِّ، وطبقتِهم، وعنه: أبو عبيد، ومُحَمَّد بن عيسى بن الطَّبَّاع، ومنصور بن أبي مزاحم، وآخرون، قال أحمد: ما أُرَى به بأسًا، وقال ابن معين: ثقةٌ، وقال ابن الطَّبَّاع: كنا نقول: إنَّه من الأبدال، قبل أن نسمع أنَّ الأبدال من الموالي، وقال أبو حاتم: ثقةٌ ليس به بأس، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، وروى له أبو داود، و (بَيَان) بعده: هو ابن بِشْر المؤدِّب، تَقَدَّمَ، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم [1]، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (زاد) مثلُ: (قال)، فهو تعليقٌ، ولم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: وصله البُخاريُّ في كتاب «برِّ الوالدين» المفرد، غير «الصحيح»، انتهى.

قوله: (أَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا): تَقَدَّمَ الكلام على (بلالها)؛ ومعناه: سأصِلها بصِلتها.

==========

[1] في (أ): (حاتم).

[ج 2 ص 595]

(1/10820)

[باب: ليس الواصل بالمكافى]

قوله: (بِالْمُكَافِئ): هو بهمزةٍ في آخره، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 595]

(1/10821)

[حديث: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت]

5991# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (كَثِيرًا) بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الثَّوريُّ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (الْحَسَن بْن عَمْرٍو): هو الفُقَيميُّ الكوفيُّ، ثقةٌ، تُوُفِّيَ [سنة] (142 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، (وَفِطْرٌ): هو بكسر الفاء، وإسكان الطاء المُهْمَلَة، وبالراء، وهو ابن خليفة المخزوميُّ مولاهم، الحنَّاط، قرنه البُخاريُّ كما ترى، وروى له الأربعة، شيعيٌّ جَلْدٌ، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين، مات سنة (153 هـ)، له ترجمة في «الميزان»، و (مُجَاهِد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو): قيل: إنَّه لم يسمع منه، وقد نقل شيخنا أنَّ في «العلل» لابن المَدينيِّ: أنَّه سمع من عبد الله بن عمرو، انتهى، وسأذكر ذلك في (الدِّيَات)؛ فانظره منها.

قوله: (إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ؛ وَصَلَهَا): (قَطَعَت): ضبطه الشيخ محيي الدين بفتح القاف والطاء، و (رَحِمُه): مَرْفُوعٌ فاعل، في «رياض الصالحين»، وفي أصلنا بضَمِّ القاف، وكسر الطاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفيه نظرٌ، وفيه أيضًا بفتح القاف والطاء، و (رَحِمَه): بالنصب، وفي الآخَر نظرٌ أيضًا.

(1/10822)

[باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم]

(1/10823)

[حديث: أسلمت على ما سلف من خير.]

5992# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (حَكِيم بْن حِزَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حَكِيمًا) بفتح الحاء، وكسر الكاف، و (حِزَامًا): بالحاء المُهْمَلَة، وهذا مَعْرُوفٌ، تَقَدَّمَ.

قوله: (أَتَحَنَّثُ بِهَا): تَقَدَّمَ الكلام على (التحنُّث) مُطَوَّلًا في أوَّل هذا التعليق، وهو بالثاء المُثَلَّثَة.

قوله: (أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الزكاة).

قوله: (وقال مَعْمَرٌ وَصَالِحٌ وَابْنُ الْمُسَافِرِ: أَتَحَنَّثُ): أمَّا (مَعْمَر)؛ فهو ابن راشد، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ ضبطه، وأمَّا (صالح)؛ فهو ابن

[ج 2 ص 595]

كيسان، وأمَّا (ابن المسافر)؛ فهو عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافر الفَهْمِيُّ، وهؤلاء [1] الثلاثة من تلامذة الزُّهْرِيِّ.

قوله: (أَتَحَنَّثُ): يعني: بالثاء المُثَلَّثَة.

قوله: (يُقَالُ [2] أيضًا عَنْ أَبِي الْيَمَانِ: أَتَحَنَّتُ) [3]: يعني: بالتاء المُثَنَّاة من فوق، ويأتي الكلام عليه بُعَيده.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ): هو مُحَمَّد بن إسحاق بن يَسار، إمام أهل المغازي، تَقَدَّم، (التَّحَنُّثُ: التَّبَرُّرُ): (التحنُّث): بالمثلَّثة.

قوله: (وَتَابَعَهُمْ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ): أي: تابع الثلاثةَ المذكورين الذين روَوه عن الزُّهْرِيِّ؛ مَعْمَرًا، وصالحًا، وابنَ المسافر؛ أي: فرواه هشام بن عروة عن أبيه عن حَكِيم بالمُثَلَّثَة، قال ابن قُرقُول: (كنت أتحنَّت): بتاء مُثَنَّاة رواه المروزيُّ في (باب مَن وصل رَحِمه)، وهو غلطٌ مِن جهة المعنى، وأمَّا الرواية؛ فصحيحةٌ، والوَهَم فيه من شيوخ البُخاريِّ؛ بدليل قول البُخاريِّ: (ويُقال أيضًا عن أبي اليمان: أتحنَّث أو أتحنَّت)؛ على الشكِّ، والصحيح الذي روَته الكافَّة بثاء مُثَلَّثَة، انتهى.

(1/10824)

[باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها]

قوله: (بَاب مَنْ تَرَكَ صَبِيَّةَ غَيْرِهِ حَتَّى تَلْعَبَ بِهِ، أَوْ قَبَّلَهَا، أَوْ مَازَحَهَا): ذكر ابن المُنَيِّر حديثَ الباب بغير إسنادٍ، وهو حديث أمِّ خالد: «أبلي وأخلقي»، ثُمَّ قال: جعل تمكين النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لها مِن ذلك يُنَزَّلُ منزلةَ ابتدائه بتناولها لتلعبَ، وقاس قُبلة الصغير على المماسَّة، انتهى، وقوله: (صبيَّة غيرِه)؛ أي: بنت غيره، و (الصبيَّة): الجارية الصغيرة، وهذا ظاهِرٌ إلَّا أنِّي سُئِلت عنه.

==========

[ج 2 ص 596]

(1/10825)

[حديث: أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي.]

5993# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الحاء، وتشديد المُوَحَّدة، وأنَّه ابن موسى، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (خَالِد بْن سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي الأَمويُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، وكذا (أَبُوهُ)، و (أُمُّ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ اسمَها أَمَةُ _بغير إضافة_ بنت خالد بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس، أبو سعيد، تَقَدَّمَ أنَّ ابنته هذه قالت: كان أبي خامسًا في الإسلام، ويقال: كان ثالثًا أو رابعًا، وهو صَحَابيٌّ مشهور، وقد قَدَّمْتُ أنَّ بعضهم قال: أسلم قبل عليٍّ، وبعضهم قال: قبل الصِّدِّيق، والله أعلم، وقدَّمت أنَّ أمَةَ مِن صغار الصَّحَابيَّات، وأنَّها وُلِدت بالحبشة، تزوَّجها الزُّبَير، فأولدها عمرًا وخالدًا، روى عنها: موسى بن عقبة، وسعيد بن عمرو بن سعيدٍ، وغيرُهما، بقيَت إلى قريب الثمانين، أخرج لها البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، تَقَدَّمَت.

قوله: (سَنَّهْ سَنَّهْ [1]): تَقَدَّمَ ضبطها ومعناها.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، المذكورُ في السند، شيخ خراسان.

قوله: (بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ): تَقَدَّمَت صفة خاتم النبوَّة مُطَوَّلًا، و (خاتم) فيه لُغَاتٌ تَقَدَّمَت.

قوله: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (اللباس) قريبًا، وهما بقطع الهمزة، وقال الدِّمْيَاطيُّ: يقال: خلف الله لك خَلَفًا بخير، وأخلف عليك خيرًا؛ أي: أبدلك بما ذهب منك، وعوَّضك عنه، وقيل إذا ذهب للرجل ما يخلفه؛ كالمال والولد: خلف [2] الله لك وعليك، وإذا ذهب ما لا يخلفه؛ كالأب والأمِّ؛ قيل: خلف الله عليك، انتهى، وهذا على رواية الفاء، وقد تَقَدَّمَ أنَّه رُويَ بالقاف وبالفاء؛ فانظره من (اللباس) وغيره.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك المذكورُ في السند.

(1/10826)

قوله: (فَبَقِيَتْ حَتَّى ذَكَرَ): وفي نسخة في هامش أصلنا: (حتَّى دَكِنَ)، قال ابن قُرقُول: (حتَّى دَكِن)؛ يعني: اسودَّ، وكذا لأبي الهيثم، والدُّكنة: غُبرة كدرة، ولأكثر الرواة: (حتَّى ذَكَر)، وزاد ابن السكن: (حتَّى ذكر دهرًا)، وهو تفسيرٌ لرواية مَن روى: (ذَكَر)، كأنَّه أراد: بقي هذا القميصُ مدَّة من الزمان طويلةً نسيها الراوي، فعبَّر عنها بقوله: (ذَكَرَ دهرًا)؛ أي: زمانًا طويلًا، فنسيت تحديده، ففي (ذَكَرَ) على هذا ضميرٌ يرجع على الراوي؛ أي: ذكر الراوي دهرًا نَسِيَ الذي روى عنه تحديدَه، وقيل: في (ذكر) ضميرُ القميص؛ أي: بقي هذا القميصُ حتَّى ذَكَر دهرًا؛ كما يُقال: شيخ مُسِنٌّ يذكر دهرًا؛ أي: يعقل زمانًا طويلًا قد مضى، انتهى.

(1/10827)

[باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته]

قوله: (أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ): (إبراهيم) هذا: هو ابن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد تَقَدَّمَ متى وُلِد، وكم أقام، ومتى تُوُفِّيَ، مُطَوَّلًا، رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 596]

(1/10828)

[حديث: هما ريحانتاي من الدنيا.]

5994# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، و (مَهْدِيٌّ) بعده: هو ابن ميمون، و (ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ): هو مُحَمَّد [بن] عبد الله بن أبي يعقوب التميميُّ الضَّبِّيُّ البصريُّ، عن عبد الله بن شدَّاد بن الهادي، وعبد الرَّحْمَن بن أبي بكرة، وجماعةٍ، وعنه: هشام بن حسَّان، وجَرِير بن حَازم، وشعبة، ومهديُّ بن ميمون، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو حاتم، أخرج له الجماعة، وقال الدِّمْيَاطيُّ: مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي يعقوب الضَّبِّيُّ البصريُّ، انفرد به البُخاريُّ عن عبد الرَّحْمَن بن أبي نُعْم البَجَليِّ الكوفيِّ، كان ابن أبي نُعْم يمكث خمسةَ عشرَ يومًا لا يأكل، روى له الجماعة، انتهى، قال ابن حِبَّانَ في «الثقات»: كان من عُبَّاد أهل الكوفة ممَّن يصبر على الجوع الدائم، أخذه الحَجَّاج ليقتله، وأدخله بيتًا مظلمًا، وسدَّ الباب خمسةَ عشرَ يومًا، ثُمَّ أمر بالباب ففُتِح ليُخرَج فيُدفَن، فدخلوا عليه؛ فإذا هو قائمٌ يصلِّي، فقال له الحَجَّاج: سِرْ حيثُ شِئت، انتهى، و (ابْن أَبِي نُعْمٍ) بعده: هو عبد الرَّحْمَن بن أبي نُعْم، أبو الحكم البَجَليُّ الكوفيُّ، عن المغيرة، وأبي هريرة، وسفينة، وعنه: ابنه الحكم، ومغيرة، وفُضَيل بن غزوان، وكان يُحرِم من السَّنَة إلى السَّنَة، ويقول: لبَّيك، لو كان رياءً؛ لاضمحلَّ، وهو من الأولياء الثقات، تَقَدَّمَ، وله ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ أعلاه ما أُثنِيَ عليه به.

قوله: (وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ): هذا الرجل السائل لابن عمر هو من أهل العراق كما هنا، ولا أعرف اسمه.

قوله: (رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب الحسن والحُسين رضي الله عنهما).

(1/10829)

[حديث: من يلي من هذه البنات شيئًا فأحسن إليهن ... ]

5995# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي): هذه المرأة السائلة وابنتاها لا أعرفهنَّ.

قوله: (مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا): (يَلِي)؛ بفتح المُثَنَّاة تحت في أوَّله، وكسر اللام: كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (بُلِيَ بشيء)، و (بُلِي): بضَمِّ المُوَحَّدة، وكسر اللام، قال ابن قُرقُول في (حرف الباء المُوَحَّدة واللام): «مَن بُلي من هذه البنات بشيءٍ»: كذا هو، وذكر البُخاريُّ في (باب رحمة الولد): (مَن يَلِي)، وصوابه: (مَن بُلِيَ)، وكذلك وقع في (الزكاة): (مَن بُلِيَ)، ورواه مسلمٌ: (من ابتُلِيَ)، وكذا في «التِّرْمِذيِّ»، وهذا يرفع الاختلاف، انتهى.

[ج 2 ص 596]

(1/10830)

[حديث: خرج علينا النبي وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه]

5996# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبرِيُّ): بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، و (عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ): بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (أَبُو قَتَادَةَ): الحارث بن رِبعيٍّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، (وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِي): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها بنت بنته زينبَ، وأبوها أبو العاصي بن الربيع، وقدَّمت الاختلاف في اسمه، وردَّ قولِ من قال في والده: ربيعة، وفي أيِّ صلاةٍ كان الحمل في (كتاب الصلاة) في (باب مَن حمل جاريةً صغيرةً على عنقه).

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10831)

[حديث: من لا يرحم لا يرحم]

5997# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ): تَقَدَّمَ رضي الله عنه، وأولاده العشرة ما عرفتهم، واسم الأقرعِ فراسٌ.

قوله: (مَنْ لَا يَرْحَمُْ؛ لَا يُرْحَمُْ): هما مجزومان، وأيضًا مرفوعان، الأوَّل: مَبْنيٌّ للفاعل، والثاني: مَبْنيٌّ للمفعول، قال القاضي: أكثر ضبطهم فيه بالضَّمِّ على الخبر، انتهى، فإن جعلتَ (مَن) بمعنى: الذي؛ ارتفع الفعلان، وإن جعلتَها شرطًا؛ انجزما، قال السُّهَيليُّ: حمله على الجواب بسياقة الكلام.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10832)

[حديث: أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة]

5998# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ الفرق بينه وبين البيكنديِّ البُخاريِّ مُحَمَّدِ بن يوسف، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أتقبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟!): هذا الأعرابيُّ: قال الخطيب البغداديُّ: الأقرع بن حابس التميميُّ، وقيل: عُيَيْنَة بن حِصن بن بدرٍ، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: وقد جاء التصريح في «صحيحَي البُخاريِّ ومسلم» بتسمية الأقرع بن حابس، فإن صحَّ عن عُيَيْنَة أيضًا؛ كان واقعًا منهما جميعًا، انتهى، وجزم بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين بأنَّه الأقرعُ، قال: وفي كتاب أبي الفرج الأصبهانيِّ بإسناده عن أبي هريرة: أنَّ قيس بن عاصم دخل عليه عَليه السلام ... ، فذكر قصَّة، وفيها: «فهل إلَّا أن انتزع الرحمة منك؟!» فهذا أشبه بحديث عائشة.

قوله: (أَوَأَمْلِكُ لَكَ): هو بفتح الواو من (أو) على الاستفهام التوبيخيِّ، ومعناه: لا أملك _أي: لا أقدر_ أن أجعلَ الرحمة في قلبك؛ إذ لم يضَعْها الله فيه، وقد قَدَّمْتُ متى تُفتَح (أو) ومتى تُسَكَّن.

قوله: (أَنْ نَزَعَ اللهُ): (أنْ): بفتح الهمزة، وسكون النون.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10833)

[حديث: لله أرحم بعباده من هذه بولدها]

5999# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (غسَّان) يُصرَف ولا يُصرَف، واسمُ أبي غسَّان مُحَمَّدُ بن مُطرِّف.

قوله: (سَبْيٌ): هذا (السبي) لا أعرف ممَّن هم، وكذا المرأة التي تحلب ثديها، ولا ولدها.

قوله: (قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (تَحلَّب ثديُها)، و (تحلِّب)؛ بتشديد اللام: فعلٌ ماضٍ، و (ثديُها): مَرْفُوعٌ فاعله، والرواية التي في الأصل: (تَحْلُب)؛ بإسكان الحاء، وضمِّ اللام وكسرِها، لُغتَان: فعل مضارع، والفاعل هي، و (ثديَها): مَنْصُوبٌ، قال ابن قُرقُول: (فتَحَلَّبَ ثديُها)؛ أي: سال حَلَبُه، ومنه سُمِّيَ الحليب، وتَحَلَّب فُوْهُ: سال لُعابُه.

قوله: (أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟): (تَرَون)؛ بفتح التاء: من الرأي، ويجوز ضمُّها؛ أي: أتظنُّون؟

قوله: (وَهْيَ تَقْدِرُ عَلَى أَلَّا تَطْرَحَهُ): أي: أترون أن تطرح هذه ولدَها في النار وهي متمكِّنة من عدم طرحه؟

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10834)

[باب: جعل الله الرحمة مئة جزء]

(1/10835)

[حديث: جعل الله الرحمة مئة جزء فأمسك عنده تسعةً وتسعين ... ]

6000# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ البَهْرَانِيُّ): هذه النسبة وقعت في نسخة في أصلنا، وهو بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الهاء، و (بَهْراء)؛ بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الهاء، وبالراء ممدودة: قبيلةٌ من قُضاعة، والنسبة إليها: بَهْرانيٌّ؛ مثل: بَحْرانيٍّ، على غير قياس؛ لأنَّ قياسَه (بَهْراويٌّ)؛ بالواو، قاله الجوهريُّ، وهو أبو اليمان المشهور، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق في روايته عن شعيب، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): بفتح ياء أبيه وكسرها، وأمَّا غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب)؛ فإنَّه لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10836)

[باب قتل الولد خشية أن يأكل معه]

(1/10837)

[حديث: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك]

6001# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، تقدَّموا كلُّهم.

قوله: (نِدًّا): هو بكسر النون، وتشديد الدال المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ أنَّه المِثْلُ، تعالى الله.

قوله: (ثُمَّ أَيُّ؟): تَقَدَّمَ الكلام عليها هل هي مرفوعةٌ مُنَوَّنةٌ، أو مرفوعةٌ مضمومةٌ بغير تنوين، في أوائل هذا التعليق، وكذا الثانية.

قوله: (أَنْ تُزَانِيَ): يعني: أن يزني بها وهي مطاوِعة.

قوله: (حَلِيلَةَ جَارِكَ): (الحليلة): زوجة الرجل، وهو حليلها؛ لأنَّهما يَحُلَّان في موضعٍ واحد، وتُسمَّى الجاريةُ أيضًا حليلةً؛ من الحلول، وقد تَقَدَّمَ، ولعلَّ المراد: مَن يَحِلُّ لجارِك وطؤُها؛ إمَّا بزوجيَّة أو مِلكِ يمين، فتدخل فيه السِّرِّيَّة، والله أعلم.

(1/10838)

[باب وضع الصبي في الحجر]

قوله: (فِي الْحجْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء وتُكسَر.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10839)

[حديث: أن النبي وضع صبيًا في حجره يحنكه]

6002# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه القَطَّان الحافظ.

قوله في حديث عائشةَ: (وَضَعَ صَبِيًّا فِي حِجْرِهِ): هذا الصبيُّ تَقَدَّمَ في (باب بول الصبيان) أنَّه لا يخلو من أن يكون الحسنَ، أو الحُسين، أو عبدَ الله بن الزُّبَير؛ لرواياتٍ في ذلك، وتَقَدَّمَ كلام ابن شيخنا البُلْقينيِّ: أنَّه يحتمل أن يكون ابنَ أمِّ محصن، وقد قَدَّمْتُ أسماء الصغار الذين بالوا في حَجْر النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هناك وقريبًا؛ فانظرهم؛ وهم: الحسن، والحُسين، وعبد الله بن الزُّبَير، وابن أمِّ قيس بنت محصن _ولا أعرف اسمه_، وسليمان بن هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10840)

[باب وضع الصبي على الفخذ]

قوله: (عَلَى الْفَخِذِ): هو بفتح الفاء وكسر الخاء، وبفتح الفاء وإسكان الخاء، وبكسرها مع إسكان الخاء، وقد تَقَدَّمَت اللُّغَات فيه.

==========

[ج 2 ص 597]

(1/10841)

[حديث: اللهم ارحمهما فإني أرحمهما]

6003# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، كما عيَّنه المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (عَارِمٌ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه لقبه، وأنَّه بعيدٌ من العَرامة، وأنَّه مُحَمَّد بن الفضل، و (أَبُو تَمِيمَةَ): هو بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر الميم، والباقي معروفٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: (واسمه طرِيف بن مجالدٍ الهُجَيميُّ؛ هُجَيم بن عمرو بن تميم،

[ج 2 ص 597]

وفي الرواة أبو تَمِيمة آخرُ، واسمُه كَيسان، روى لطِريفٍ الجماعةُ إلَّا مُسْلِمًا) انتهى.

فقوله: (وفي الرواة أبو تَمِيمة آخرُ، واسمه كيسان): ذكر الذَّهَبيُّ في «مختصر الكنى»: أبا تَمِيمة طرِيفَ بن مجالد، وقد ذُكِر، وكيسانَ السَّخْتيَانيَّ والدَ أيُّوب، عن ابن عُمر، وهذا الذي ذكره الدِّمْيَاطيُّ، وقرَّةُ بن موسى الهُجَيميُّ شيخ قرَّة بن خالد، وأبو تَمِيمة مولى بني مروان، عن عمر بن عبد العزيز، فهذان اثنان زيادة على ما قاله الدِّمْيَاطيُّ، والله أعلم.

و (أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (مَلٍّ).

قوله: (فَيُقْعِدُنِي [عَلَى فَخِذِهِ]، وَيُقْعِدُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ [1] عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا ... ) إلى آخره: ظاهر هذا الحديث: أنَّ ذلك كان في وقتٍ واحدٍ، قال شيخنا: قال الداوديُّ: لا أُراه في وقتٍ واحدٍ، كان أسامةُ أكبرَ من الحسن بمُدَّة طويلة؛ لأنَّه عليه السلام أخرج أسامة إلى الحرقات، وأخرجه إلى مَناة، وأخرجه في الجيش الذي تُوُفِّيَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قبل خروجه، والحسن كان عند وفاة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ابنَ ستِّ سنين، وقال غيره: وُلِد سنة ثلاثٍ في رمضان، فيكون عمرُه عند وفاته ثمانيَ سنين، فإنَّ وفاته عليه السلام سنةَ إحدى عشرةَ، وفي سنةِ ثلاثٍ عَلِقَت فاطمةُ بالحسن، ولم يكن بينهما إلَّا طهر واحد، يقال: خمسون ليلةً، والله أعلم، انتهى، وما قاله ظاهرٌ.

وقد اختُلِف في سنِّ أسامة يوم مات النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فقيل: ابن عشرين، وقيل: ابن تسعَ عشرةَ، وقيل: ابن ثماني عشرةَ، فيحتمل أنَّه أقعدهما في أوائل عُمرِ الحسن، وأسامةُ إذ ذاك كبيرٌ، والله أعلم.

(1/10842)

قوله: (وَعَنْ عَلِيٍّ [2]: حَدَّثَنَا يَحْيَى): (عليٌّ) هذا: هو ابن عبد الله ابن المَدينيِّ، شيخ البُخاريِّ، والظاهر أخذُه عنه هذا الحديثَ في حال المذاكرة، وفي قوَّة كلام المِزِّيِّ: أنَّه رواه عنه، ويبعد أن يكون أخذه عن واحدٍ عنه، ولكن سيأتي ما ينافي هذا قريبًا، و (يحيى): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُلَيْمَانُ): هو التيميُّ والد المعتمر، وهو سليمان بن طرخان، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو عُثْمَانَ): عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، تَقَدَّمَ، وقوله: (قَالَ التَّيْمِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه سليمان والد المعتمر.

قوله: (فَنَظَرْتُ فَوَجَدْتُهُ عِنْدِي مَكْتُوبًا فِيمَا سَمِعْتُ): يعني: من أبي عثمان، وهذا ظاهِرٌ، لكن إذا وَجد سماعَه في كتابه وهو غير ذاكرٍ له؛ فحُكِيَ عن أبي حنيفة: أنَّه لا يجوز له روايته، وإليه ذهب بعض أصحاب الشَّافِعيِّ، وخالف أبا حنيفة في ذلك صاحباه؛ مُحَمَّدُ بن الحسن وأبو يوسف، فذهبا إلى الجواز، وإليه ذهب الشَّافِعيُّ وأكثرُ أصحابه، قاله ابن الصلاح أبو عمرٍو، وقال: ينبغي أن ينبنيَ على الخلاف في جواز اعتماد الراوي على كتابه في ضبط ما سمعه، فإنْ ضَبَطَ أصلَ السماع كأصل المسموع؛ فكما كان الصحيحُ وما عليه أكثر أهل الحديث تجويزَ الاعتماد على الكتاب المصون في ضبط المسموع حتَّى يجوزَ له أن يرويَ ما فيه، وإن كان لا يذكر أحاديثه حديثًا حديثًا؛ كذلك ليكن هذا إذا وُجِد شرطُه؛ وهو أن يكون السماعُ بخطِّه أو بخطِّ مَن يثق به، والكتاب مصون، وهذا إذا سكنت نفسه إلى صحَّته، فإن شكَّ فيه؛ لم يجز الاعتماد عليه، والله أعلم.

(1/10843)

قوله: (قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَنْ يَقُولُ: عَنْ عَلِيٍّ؟ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْهُ) [3] انتهى: هكذا في أصلنا، ومكتوبٌ عليه (زائد)، ولم يكن في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولا في «الأطراف»، ولا في شرح شيخنا، وفيه فائدةٌ؛ وهو تعيين الذي حدَّثه عن عليٍّ؛ وهو ابن عبد الله ابن المَدينيِّ، ولولا أنَّه أخذه عنه بواسطة؛ لقال _ كعادته_: وقال عليٌّ، أو وقال لي عليٌّ، فلمَّا قال: وعن عليٍّ؛ دلَّ ذلك على أنَّ بينهما واسطةً، وقد راجعت كلام عَبْد الغَنيِّ في ترجمة ابن المَدينيِّ؛ فلم أرَه ذكر في الآخذين عنه المسنَديَّ، ولم أرَ أيضًا في ترجمة المسنَديِّ أنَّه أخذ عن عليِّ ابن المَدينيِّ، ولا في الترجمَتين في «التذهيب» ذلك، ولا رأيتُ في ترجمة ابن أبي شيبة أنَّه أخذ عن ابن المَدينيِّ، ولا في ترجمة عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء أنَّه أخذ عن ابن المَدينيِّ، ولا في ترجمة عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الأسود ذلك، فهؤلاء الأربعةُ الذين يروي عنهم البُخاريُّ، واسم كل واحد منهم: عبد الله بن مُحَمَّد، ولا في ترجمة ابن المَدينيِّ أنَّه أخذ عنه واحدٌ مِن الأربعة المذكورين، والله أعلم، والظاهر أنَّه كلام صحيحٌ وإن كان زائدًا، والله أعلم.

==========

[1] (بن عليٍّ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[3] هذا القول ليس في «اليونينيَّة»، وعليه في (ق) علامة الزيادة.

(1/10844)

[باب: حسن العهد من الإيمان]

(1/10845)

[حديث: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة.]

6004# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

قوله: (وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلَاثِ سِنِينَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب تزويج النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خديجةَ وفضلها).

قوله: ([1] بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكلام السُّهَيليِّ، وكذا على قوله: (مِنْ قَصَبٍ)، وأنَّه اللؤلؤ المجوَّف، وما قاله السُّهَيليُّ.

قوله: (فِي خُلَّتِهَا مِنْهَا): قال ابن قُرقُول: (فيبعث في خلائلها)؛ أي: أصدقائها، كما جاء مفسَّرًا في الحديث الأوَّل، وفي (كتاب الأدب) من «البُخاريِّ»: (إلى خُلَّتها)؛ بالضَّمِّ، الخُلَّة: الصاحب، والخُلَّة: الصداقة والمودَّة، يعني: إلى خلائلها؛ كما قال في الحديث الأوَّل، وأقام الواحدَ مُقام الجمع، أو إلى أهل صُحبَتِها وصَداقتها، ثُمَّ حذف المضاف، انتهى، وفي «الصحاح»: والخُلَّة: الخليل، يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث؛ لأنَّه في الأصل مصدرُ قولك: خليلٌ بيِّن الخُلَّة والخُلولة، ثُمَّ أنشد بيتًا شاهدًا لما قاله، ثُمَّ قال: وقد جُمِع على «خِلَالٍ»؛ مثل: قُلَّة وقِلَالٍ، انتهى.

==========

[1] زيد في (أ): (من)، ولعلَّه أراد الكلام على (من قصب) أوَّلًا.

[ج 2 ص 598]

(1/10846)

[باب فضل من يعول يتيمًا]

(1/10847)

[حديث: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا]

6005# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أبا حَازم اسمُه سلمة بن دينار.

قوله: (بِإِصْبَعَيْهِ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الإصبع) عشرَ لُغَاتٍ؛ تثليث الهمزة والباء، والعاشرة: أُصبوع.

(1/10848)

[باب الساعي على الأرملة]

(1/10849)

[حديث أبي هريرة: الساعي على الأرملة والمسكين .. ]

6006# قوله: (حَدَّثَنَا [1] صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ): هو بضَمِّ السين، وفتح اللام، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

قوله: (يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ ... »)؛ الحديث: صفوان بن سُلَيم تابعيٌّ، وقوله: (يرفع الحديث)، أو (ينميه)، أو (يبلُغ به)، أو (روايةً)؛ فكلُّه مرسلٌ، وقد تَقَدَّمَ مثله، هذا إذا قاله تابعيٌّ، أمَّا إذا كان القائلُ صحابيًّا؛ فهو مُسنَدٌ، وهذا لم يخرِّجه البُخاريُّ مسندًا، وإنَّما أخرج مثلَه من حديث أبي هريرة، وكذلك أخرجهما التِّرْمِذيُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو الغَيْثِ): تَقَدَّمَ أنَّه سالمٌ مولى عبد الله بن مطيع.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (عن).

[ج 2 ص 598]

(1/10850)

[باب الساعي على المسكين]

(1/10851)

[حديث: الساعي على الأرملة والمسكين ... ]

6007# قوله: (يَشُكُّ الْقَعْنَبِيُّ): هو شيخ البُخاريِّ المذكورُ في أوَّل السند عبدُ الله بن مسلمة، وهو ابن قعنب، نسبه إلى جدِّه.

(1/10852)

[باب رحمة الناس والبهائم]

[ج 2 ص 598]

قوله: (بَابُ رَحْمَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ): ساق ابن المُنَيِّر أحاديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: الأحاديث كلُّها ظاهرةُ المطابقة إلَّا حديث الغَرْس؛ يعني: حديث أنسٍ رضي الله عنه: «ما من مسلم يغرس غرسًا ... »؛ الحديث، قال: ولكنَّه أدخله؛ لأنَّه ذكر فيه الصَّدَقة على الناس والبهائم بما عساه يتناول من ثمره، وفي هذا حثٌّ على شمول الرحمة حتَّى للبهائم، وترغيبٌ في ذلك، والله أعلم، انتهى.

(1/10853)

[حديث: ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم ومروهم وصلوا ... ]

6008# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة، أحد الأعلام، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن زيد بن عمرو بن نابل بن مالك بن سِلَّى الجَرْميُّ) انتهى، وقد قَدَّمْتُ اسمه واسم أبيه مرارًا.

قوله: (وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ): أي: في السنِّ، وقد تَقَدَّمَ، وكذا قوله: (وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا): (رفيقًا)؛ بفاء وقاف: كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: كذا للقابسيِّ بالفاء، وللأصيليِّ وأبي الهيثم بالقاف، وهو من رِقَّة القلب، ومِن رِفْقه بأمَّته وشفقته؛ كما قال: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128]، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 599]

(1/10854)

[حديث: بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش ... ]

6009# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (سُمَيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بوزن (عُلَيٍّ) المُصَغَّر، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ): هذا الرجل لا أعرفه، وقد قَدَّمْتُ ذلك.

قوله: (يَأْكُلُ الثَّرَى): تَقَدَّمَ أنَّه التراب النَّديُّ.

قوله: (لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ بِي): (الكلبَ): مَنْصُوبٌ مفعول، و (مثلُ): مَرْفُوعٌ فاعل، وقد قَدَّمْتُ أنَّه يجوز العكس، فيقال: إنَّ (من العطش) هو الفاعل، محلُّه الرفع، و (مثلُ): صفة لـ (العطش).

قوله: (فَمَلَأَ خُفَّهُ): هو بهمزة مفتوحة في آخره.

قوله: (فَشَكَرَ اللهُ لَهُ): أي: أثابه، وزكَّى ثوابه وضاعفه، وقيل: قَبِل عملَه، وقيل: أثنى عليه بذلك، وذكره لملائكته، قاله ابن قُرقُول، وقد تَقَدَّمَ، وفي «النهاية» في اسمه الشكور: هو الذي يزكو عنده القليل من أعمال العباد، فيضاعِف لهم الجزاءَ، فشكره لعبادته: مغفرته لهم، وقد تَقَدَّمَ.

(1/10855)

قوله: (ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ): أي: صاحبة كَبِدٍ حيَّةٍ؛ لأنَّ إذا مات؛ جفَّت جوارحه، والحيُّ يحتاج إلى ترطيب كَبِده من العطش؛ إذ فيه الحرارة الموجبة له، وفي الحديث الآخر: «في كلِّ كَبِدٍ حرَّى أجرٌ»، الحرَّى: (فَعْلَى) من الحرِّ، وهي تأنيث (حرَّان)، وهما للمبالغة؛ يريد: أنَّها لشدَّة حرِّها قد عطشت ويبست من العطش؛ والمعنى: أنَّ في سقي كلِّ كَبِدٍ حرَّى أجرًا [1]، وقيل: أراد بالكبد الحرَّى: حياةَ صاحبها؛ لأنَّه إنَّما تكون حرَّى كبدُه إذا كان فيه حياةٌ؛ يعني: في سقي كلِّ روح من الحَيَوَان، ويشهد له ما جاء في الحديث الآخر: «في كلِّ كَبِدٍ حارَّة أجرٌ»، والحديث الآخر: «ما دخل جوفي ما يدخل جوفَ حرَّان كَبِدٍ»، وما جاء في حديث ابن عَبَّاس: (أنَّه نهى مضاربه أن يشتريَ بماله ذا كَبِدٍ رَطْبَةٍ)، وفي حديث آخرَ: «في كلِّ كَبِدٍ حرَّى رَطْبةٍ أجرٌ)، وفي هذه الرواية ضعفٌ، ذكر ذلك ابن الأثير، ثُمَّ قال: فأمَّا معنى (رَطْبة)؛ فقيل: إنَّ الكبد إذا ظَمِئت؛ ترطَّبت، وكذا إذا أُلقِيَت على النار، وقيل: كنَّى بالرطوبة عن الحياة، فإنَّ الميِّت يابسُ الكَبِدِ، وقيل: وصفها بما يؤول أمرُها إليه.

(1/10856)

[حديث: لقد حجرت واسعًا]

6010# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهْوَ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا ... )؛ الحديث: هذا الأعرابيُّ لا أعرف أنا اسمَه، وأخبرني بعض فضلاء الحلبيِّين: أنَّ هذا الأعرابيَّ عُيَيْنَةُ بن حِصن، وقيل: ذو الخويصرة، ونقل ذلك عن بعض مَن شرح «الإلمام»، انتهى، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: هذا الأعرابيُّ هو الذي بال في طائفة المسجد، وقد تَقَدَّمَ أنَّه ذو الخويصرة اليماني [1]، ثُمَّ ذكر مستنده من كتاب أبي موسى، انتهى، وقد قَدَّمْتُ قولَين في البائل في المسجد؛ هل هو ذو الخويصرة اليماني، وأنَّ ذلك في حديثٍ مرسلٍ، أو أنَّ البائل عُيَيْنَة بن حِصْن، في أوائل هذا التعليق.

قوله: (لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا): (حجَّرت)؛ بتشديد الجيم؛ أي: ضيَّقت ما وسَّعه الله، وخصَصْت نفسَك دون غيرك، قاله ابن الأثير.

قوله: (يُرِيدُ: رَحْمَةَ اللهِ): هو بالمُثَنَّاة تحت؛ يعني: يريد النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم رحمةَ الله، ويكون هذا الكلام من الراوي، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا، وذلك أنَّ القرآن فيه: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156].

==========

[1] زيد في (أ): (بصرة اليماني)، ولعلَّه سبق قلمٍ.

[ج 2 ص 599]

(1/10857)

[حديث: ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم ... ]

6011# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: هو زكريَّاء [1] بن أبي زائدة، و (عَامِر): هو ابن شَراحيل الشَّعْبيُّ، و (النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ): بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمَة.

قوله: (وَتَوَادِّهِمْ): هو بكسر الدال المُشَدَّدة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ [2]): (تداعى): أي: استجاب؛ كأنَّه يدعو بعضُه بعضًا؛ ومثله: البناء إذا تهيَّأ للسقوط، معناه لابن الأثير.

(1/10858)

[حديث: ما من مسلم غرس غرسًا فأكل منه إنسان]

6012# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه الوضَّاح بن عبد الله.

==========

[ج 2 ص 599]

(1/10859)

[حديث: من لا يرحم لا يرحم.]

6013# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هو عمر بن حفص بن غِيَاث؛ بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، تَقَدَّمَ مِرارًا،

[ج 2 ص 599]

و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ.

قوله: (مَنْ لَا يَرْحَمُْ؛ لَا يُرْحَمُْ): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز رفعهما وجزمهما، وتَقَدَّمَ كلام القاضي عياض وكلام السُّهَيليِّ قريبًا فيه، والأوَّل: مَبْنيٌّ للفاعل، والثاني: للمفعول، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10860)

[باب الوصاة بالجار]

قوله: (بَابُ الْوَصَاةِ بِالْجَارِ): (الوَصاة): بفتح الواو، وبعد الصاد ألفٌ، لا همزة ممدودة، ثُمَّ تاء، يقال: أوصيتُ له بشيء، وأوصيتُ إليه؛ إذا جعلتَه وصيَّك، والاسم: الوَصاية والوِصاية؛ بفتح الواو وكسرها، وأوصيته ووصَّيته أيضًا، إيصاءً وتوصيةً بمعنًى، والاسم: الوَصاةُ، وتَقَدَّمَ ذلك أيضًا.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10861)

[حديث عائشة: ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت ... ]

6014# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو أبو بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حَزْم، تَقَدَّمَ، و (عَمْرَة): هي بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زرارة، وجدُّها سعد بن زرارة هو أخو أسعد بن زرارة، تَقَدَّمَت، خالة أبي بكر بن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم الراوي عنها هنا.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10862)

[حديث ابن عمر: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت ... ]

6015# قوله: (يُوصِينِي بِالْجَارِ): هو بإسكان الواو، وبفتحها وتشديد الصاد، وهذا مَعْرُوفٌ.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10863)

[باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه]

قوله: (بَوَايِقَهُ، {يُوبِقْهُنَّ} [الشورى: 34]: يُهْلِكْهُنَّ، {مَوْبِقاً} [الكهف: 52]: مَهْلكًا): (البوائق): قد فسَّرها البُخاريُّ بما عقَّبها، وقال غيره: (بوائقه): غوائله وشروره، واحدها: بائقة؛ وهي الداهية، وكلُّه قريبٌ، و {يُوبِقْهُنَّ}: هو بجزم القاف، كذا التلاوة، وأمَّا (يُهلكْهُنَّ)؛ فإنَّه بالجزم أيضًا، ويجوز رفعه، وقد تَقَدَّمَ في أوَّل (بَدء الخلق) وغيرِه تعليلُ مثلِه.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10864)

[حديث: والله لا يؤمن. قيل: ومن يا رسول الله؟]

6016# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، و (سَعِيد) بعده: هو سعيد بن أبي سعيدٍ المَقْبريُّ، و (أَبُو شُرَيْحٍ): هو الخزاعيُّ، بضَمِّ الشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، وقد اختُلِف في اسمه؛ فقيل: كعب بن عمرو، وقيل: هانئ بن عمرو، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّمَ، صَحَابيٌّ مشهورٌ.

قوله: (تَابَعَهُ شَبَابَةُ وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى): الضمير في (تابعه) يعود على ابن أبي ذئب، تابعاه في روايته عن سعيد؛ هو المَقْبريُّ، و (شَبَابة): هو ابن سوَّار الفزاريُّ مولاهم، تَقَدَّمَ مترجمًا، أخرج له الجماعة، و (أسد بن موسى): هو أسد بن موسى بن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الأمويُّ، أَسَدُ السُّنَّة، قال النَّسائيُّ: ثقةٌ، لو لم يصنِّف؛ لكان خيرًا، تُوُفِّيَ سنة (212 هـ)، وله ثمانون سنة، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وَثَّقَهُ العِجْليُّ، والبزَّارُ، وغيرُهما، وتكلَّم فيه ابنُ حزم بلا حُجَّة، وقال البُخاريُّ: هو مشهور الحديث، ووَثَّقَهُ ابن يونس، له ترجمة في «الميزان»، والله أعلم، ومتابعتهما لم أرَهما في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة، ولا رأيتُ واحدةً منهما، ولم يخرِّجهما شيخُنا.

قوله: (وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [1]): هذا التعليق بأسره ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله، والله أعلم، ولم أرَ أيضًا تعليقَ واحدٍ من المذكورين في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة.

==========

[1] الترضية ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 600]

(1/10865)

[باب: لا تحقرن جارة لجارتها]

(1/10866)

[حديث: يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ... ]

6017# قوله: (يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ): تَقَدَّمَ الكلام على ما يجوز فيه من الإعراب في أوائل هذا التعليق.

قوله: (لَا تَحْقِرَنَّ): هو من الاحتقار؛ وهو الاستصغار، يقال: حَقَرَهُ وحَقَّرَه؛ مشدَّدًا ومخفَّفًا، واحتَقَره واسْتَحْقَرَه، فعلى هذا يُقرَأ الحديث بالتشديد والتخفيف، والله أعلم.

قوله: (وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ): (الفِرْسِن): بكسر الفاء، وإسكان الراء، ثُمَّ سين مهملة مكسورة، ثُمَّ نون، قال الجوهريُّ: الفِرْسِن من البعير بمنزلة الحافر من الدَّابَّة، وربَّما استُعير في الشاة، قال ابن السَّرَّاج: النون زائدة؛ لأنَّها مِن فَرَسْتُ، وقد ذُكِر، انتهى، وقد ذُكِر في (فرس)، فذكره كما ذكرتُه في (فِرْسِن)، وذكر كلامَ ابن السَّرَّاج، والمراد به هنا: ظِلْف الشاة.

(1/10867)

[باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره]

(1/10868)

[حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره]

6018# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء الساكنة والصاد المُهْمَلَتين، وأنَّ اسمه سلَاّم _ بالتشديد_ ابن سُلَيم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (أَبُو حَصِينٍ): بفتح الحاء وكسر الصاد المُهْمَلَتين، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ الأسماء بالضَّمِّ، إلَّا حُضَين بن المنذر أبا ساسان؛ فإنَّه بالضاد المُعْجَمَة، والكنى بالفتح، إلَّا أن تكون بالألف واللام، وأنَّ اسم هذا عثمانُ بن عاصم، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرَّحْمَن بن صخر على الأصَحِّ.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10869)

[حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره]

6019# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا، ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، و (سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتحها، وكسرها، و (أَبُو شُرَيْحٍ): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا، وتَقَدَّمَ بعض الاختلاف في اسمه، وتَقَدَّمَ قبلَه الاختلافُ في اسمه، وبعضُ ترجمته، رضي الله عنه.

قوله: (جَائِزَتَهُ ... ) إلى آخره: قال ابن الأثير: أي: يُضاف ثلاثة أيَّام، فيتكلَّف له في اليوم الأوَّل ما اتَّسع له [من] برٍّ وإلطافٍ، ويقدِّم له في اليوم الثاني والثالث ما حضره، ولا يزيد على عادته، ثُمَّ يعطيه ما يجوز به مسافةَ يومٍ وليلةٍ، ويُسمَّى [الجيزةَ] قدرُ ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل، فما كان بعد ذلك؛ فهو صدقةٌ ومعروفٌ، إن شاء؛ فعل، وإن شاء؛ ترك، وإنَّما كُرِه له المُقام بعد ذلك؛ لئلَّا تضيق به إقامته، فتكون الصدقة على وجه المَنِّ والأذى، انتهى.

وقال في «المطالع»: («جائزته يومٌ وليلة»، قيل هنا: يُجوَّز ويكفيه في سفرة يومٍ وليلةٍ يستقبلهم بعد ضيافته، والجائزة: العَطيَّة، والجيزة: ما يجوز به المسافر، وقيل: «جائزته»: تحفته والمبالغةُ في إكرامه، وفي باقي الثلاثة الأيَّام ما حضره، وهذا تفسير مالك، وقيل: «جائزته يومٌ وليلةٌ»: حقُّه إذا اجتاز به، وثلاثةُ أيَّام أنَّى قصده)، انتهى.

(1/10870)

[باب حق الجوار في قرب الأبواب]

(1/10871)

[حديث: إلى أقربهما منك بابًا.]

6020# قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو عِمْرَانَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الملك بن حَبِيب الجَونيُّ البصريُّ، اتَّفقا عليه)، و (طَلْحَة عَنْ عَائِشَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله، انفرد به البُخاريُّ) انتهى، فقوله: (انفرد به البُخاريُّ)؛ يعني: عن مسلم، وإلَّا؛ فقد روى له أبو داود والنَّسائيُّ.

تنبيهٌ: قال شيخنا: واعترض الإسماعيليُّ فقال: إخراج البُخاريِّ هذا الحديثَ هنا فيه نظرٌ، فإنَّ طلحة لا يُدرى مَن هو، قلت: عجيبٌ! انتهى، وقد صَرَّحَ البُخاريُّ بأنَّه ابن عبد الله في بعض طرق هذا الحديث، فإنَّه أخرجه في (الشفعة) كرَّتين، وفي (الأدب)، وفي (الهبة)، والله أعلم، وهو في «أبي داود» في (الأدب)، ولم ينسبه أبو داود، قال شعبة: في هذا الحديث طلحة؛ رجلٌ مِن قريش، قال الحافظ جمال الدين المِزِّيُّ شيخ شيوخنا في «أطرافه»: رواه سليمان بن حرب، عن شعبة، عن أبي عِمران الجونيِّ، عن طلحة بن عبد الله الخزاعيِّ، انتهى.

1/ 318/أ قوله: (إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟): جارا عائشة رضي الله عنها لا أعرفهما.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10872)

[باب: كل معروف صدقة]

(1/10873)

[حديث: كل معروف صدقة]

6021# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة، وبالشين المُعْجَمَة، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مُطرِّف، وأنَّ (غسَّان) ينصرف ولا ينصرف.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10874)

[حديث: على كل مسلم صدقة]

6022# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا موسى الأشعريَّ) عبدُ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ)، وكذا (فَيُعِينُ)، وكذا (فَيَأْمُرُ بِالْخَيْرِ)، وكذا (فَيُمْسِكُ): الفعل المضارع مَرْفُوعٌ في الكلِّ، كذا عُزيَ لابن مالك، وهو ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10875)

[باب طيب الكلام]

(1/10876)

[حديث: اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجد ... ]

6023# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، و (عَمْرٌو) بعد (شعبة): هو عَمرو بن مُرَّة، تَقَدَّمَ، و (خَيْثَمَة): هو ابن عبد الرَّحْمَن، تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ بعض ترجمة (عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ) رضي الله عنه.

قوله: (وَأَشَاحَ): هو بالشين المُعْجَمَة المُخَفَّفة، وفي آخره حاء مهملة؛ أي: جَدَّ وانكمش على الوصيَّة باتِّقاء النار، وقيل: حذَّر من ذلك كأنَّه ينظرُ إليها، و (المُشيح): الحَذِر، وقيل: الهارب، وقيل: (أشَاح): أقبلَ، وقيل: قَبض وجهَه، وقال الحربيُّ: أحسن ما قيل فيه: التَّنْحِية، وهو موافقٌ للإعراض، انتهى كلام ابن قُرقُول، وفي «النهاية»: المُشيح: الحَذِر الجادُّ في الأمر، وقيل: المُقبِل إليك، المانعُ لما وراء ظهره، فيجوز أن يكون (أشَاح) أحدَ هذه المعاني؛ أي: حذَّر الناس كأنَّه ينظر إليها، أو جدَّ في الإيصاء باتِّقائها، وأقبل إليك في خطابك.

قوله: (إِمَّا مَرَّتَيْنِ): هو بكسر الهمزة، وتشديد الميم، كذا في أصلنا، ولكنَّ الذي يظهر أنَّه بفتح الهمزة [1]؛ لأنَّ الفاء بعدها، قال: (فَلَا أَشُكُّ).

(1/10877)

[باب الرفق في الأمر كله]

(1/10878)

[حديث: مهلًا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله]

6024# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هو ابن كيسان، تَقَدَّمَ، وكذا (الزُّهْرِيُّ [1]): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهْط): ما دون العشرة من الرجال، وهؤلاء الرهط لا أعرف منهم أحدًا.

قوله: (فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ): قال ابن قُرقُول: فيه تأويلان؛ أحدهما: السآمة؛ يعني: المَلَل، يُقال: سأَمةٌ وسأَمٌ، قال الخَطَّابيُّ: وبه فسَّره قتادة، التأويل الثاني: الموت، وعليه يدلُّ: «وعليكم»؛ إذ هو سبيل الكلِّ، وقد جاء في الحديث: «في الحبَّة السوداء شفاءٌ من كلِّ داءٍ إلَّا السَّام، والسَّام: الموت»، انتهى، وقاله [2] في (السين)؛ يعني: مع الهمز، وأخرجه ابن الأثير [3] في (سوم)، فقال: («إلَّا السَّام»، والسَّام: الموت، وألفه منقلبةٌ عن واو، ومنه الحديث: «إنَّ اليهود كانوا يقولون: السام عليكم»؛ يعني: الموت، ويُظهرون أنَّهم يريدون: السلام عليكم).

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ابْنِ شِهَابٍ).

[2] في (أ): (وقال)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[3] زيد في (أ): (مع)، وكأنَّها مضروبٌ عليها، ولعلَّ حذفها هو الصَّواب.

[ج 2 ص 600]

(1/10879)

[حديث: لا تزرموه]

6025# قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامُوا إِلَيْهِ): هذا (الأعرابيُّ) تَقَدَّمَ الكلام على اسمه، والاختلاف فيه، قريبًا وبعيدًا، وتَقَدَّمَ قريبًا ما قاله ابن شيخنا البُلْقينيِّ في قائل: (اللهمَّ ارحمني ومُحَمَّدًا).

قوله: (لا تُزْرِمُوهُ): هو بضَمِّ المُثَنَّاة فوق في أوَّله، ثُمَّ زاي ساكنة، ثُمَّ راء، رُباعيٌّ، هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا أنَّه رُباعيٌّ، ورأيت بعض الفقهاء ينطق به ثلاثيًّا، فقلت له، فقال لي: رأيته كذلك في بعض الكتب، وما إخاله إلَّا أنَّه اعتمد على ضبطٍ خطأ بالقلم، قال الدِّمْيَاطيُّ: زَرِمَ الدمع والبول؛ إذا انقطعا، وأزرمته [1] أنا، انتهى، وما قاله هو عبارة «النهاية»، وكذا قال الجوهريُّ: زَرِمَ البول؛ بالكسر؛ إذا انقطع، وكذلك كلُّ شيء ولَّى، وأزرمه غيرُه، وفي الحديث: «لا تزرموا ابني»؛ أي: لا تقطعوا عليه بوله، انتهى، وكذا في «النهاية» وغيرها.

قوله: (فَصُبَّ عَلَيْهِ): هو بفتح الصاد في أصلنا، وأنا أحفظه مبنيًّا للمفعول.

(1/10880)

[باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا]

قوله: (بَعْضِهِمْ بَعْضًا): (بعضًا): مَنْصُوبٌ مفعول المصدر، وهو (تَعَاوُن) في الترجمة.

(1/10881)

[حديث: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا.]

6026# 6027# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقدَّمت في أوائل هذا التعليقِ الفرقَ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (بُرَيْد): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو مُوسَى): هو الأشعريُّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

(1/10882)

[باب قول الله تعالى: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيب منها ... }]

قوله: (قَالَ أَبُو مُوسَى: {كِفْلَيْنِ} [الحديد: 28]: أَجْرَيْنِ؛ بِالْحَبَشِيَّةِ): (أبو موسى): هو الأشعريُّ، تَقَدَّمَ أعلاه، وقوله: (بالحبشيَّة): يعني: أنَّ لغة الحبشة وافقت لغةَ العرب.

(1/10883)

[حديث: اشفعوا فلتؤجروا وليقض الله على لسان رسوله ما شاء]

6028# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٍ): تَقَدَّمَ أعلاه ضبطه، و (أَبُو بُرْدَةَ): اسمه الحارث، ويقال: عامر، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ أعلاه، هو الأشعريُّ.

(1/10884)

[باب: لم يكن النبي فاحشًا ولا متفحشًا]

قوله: (لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا ولا مُتَفَحِّشًا): قال في «المطالع»: قال ابن عرفة: الفاحش: ذو الفحش في كلامه، والمتفحِّش: الذي يتكلَّف ذلك ويتعمَّدُه، قال الطَّبَريُّ: الفاحش: البذيء الذي يأتي بالفاحشة المَنْهيِّ عنها، انتهى، وذكر في «النهاية» كلام ابن عرفة من غير أن يعزوَه لأحدٍ، واقتصر عليه، وسأذكر قريبًا كلام الدِّمْيَاطيِّ حيث ذكره.

==========

[ج 2 ص 600]

(1/10885)

[حديث: إن من أخيركم أحسنكم خلقًا]

6029# قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن مِهْرَان الأعمش، تَقَدَّمَ مرارًا، و (أَبُو وَائِلٍ): هو شقيق بن سلمة.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها تلفُّظًا وكتابةً في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ أعلاه، سليمانُ بن مِهْرَان، و (شَقِيق بْن سَلَمَةَ): هو أبو وائل المذكورُ في السند قبله.

قوله: (حِينَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ [2] الْكُوفَةَ): قَدِم معاويةُ الكوفةَ سنة إحدى وأربعين، قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من أهل القاهرة.

قوله: (فَذَكَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (رسولَ): مَنْصُوبٌ مفعول، وفي (ذَكَرَ) ضميرٌ يعودُ على عبد الله بن عَمرو؛ هو ابن العاصي السهميُّ.

قوله: (لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: الفاحش: ذو الفحش في كلامه وفِعاله، والمتفحِّش: الذي يتكلَّف ذلك ويتعمَّدُه، انتهى.

قوله: (إِنَّ مِنْ أَخْيَرِكُمْ): تَقَدَّمَ الكلام على (أخير) وعلى (أشرِّ)، وأنَّهما لغةٌ، وأنَّ الفصيحَ (خيرٌ) و (شرٌّ) في (أفعل) التفضيل، والله أعلم.

(1/10886)

[حديث: مهلًا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش]

6030# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام على الصحيح، وقدَّمت في أوَّل هذا التعليق ما يفصل النزاعَ، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: هو ابن عبد المجيد الثقفيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (عَبْد الله ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): هو ابن عُبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ.

[ج 2 ص 600]

قوله: (أَنَّ يَهُودَ): (يهود): لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث؛ لأنَّه قبيلة.

قوله: (فَقَالُوا: السَّامُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا جدًّا.

قوله: (عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالْعنْفَ وَالْفُحْشَ): (عليكِ) و (إيَّاكِ): بكسر الكاف فيهما؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ، و (العنفَ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروفٌ، و (الفحش): معطوفٌ عليه، و (العنف): مثلَّث العين، قاله بمعناه ابن قُرقُول عن أبي مروان بن سراج، وهو ضدُّ الرِّفق، ولم يذكر ابنُ الأثير فيه إلَّا الضمَّ، وكذا هو في «صحاح الجوهريِّ»، ولم ينصَّ على أنَّه بالضَّمِّ، لكن في النسخ الصحيحة هو كذلك بالقلم، والله أعلم.

(1/10887)

[حديث: لم يكن النبي سبابًا ولا فحاشًا ولا لعانًا]

6031# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أصبغ بن الفرج المصريُّ الفقيه، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (عِنْدَ الْمَعْتبَةِ): قال ابن قُرقُول: يُقال: عتبت عليه عَتبًا وعِتابًا ومَعْتَبةً؛ بفتح التاء والميم، وقد تُكسَر التاء ... إلى آخر كلامه، وكذا ذكر ابن الأثير: أنَّ الاسم (مَعْتَبة)؛ بالفتح والكسر، وكذا في «الصحاح» و «القاموس».

قوله: (تَرِبَ جَبِينُهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (تربت يداك) في (النكاح) وقبله، وقال شيخنا: قال الخَطَّابيُّ: الدعاء بهذا يحتمل وجهين؛ أحدهما: أن يخرَّ لوجهه، فيصيبَ الترابُ جبينَه، والثاني: أن يكون دعاءً له بالطاعة ليصلِّيَ فيتربَ جبينُه، والأوَّل أشبه؛ لأنَّ الجبين نفسَه لا يُصلَّى عليه.

(1/10888)

[حديث: بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة]

6032# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ): هو بفتح السين، وتخفيف الواو، ممدودٌ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ؛ قَالَ: «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ! أَوِ ابْنُ [1] الْعَشِيرَةِ!»): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّ الخطيبَ قال: إنَّ هذا كان مخرمة بن نوفل بن أُهَيب بن عبد مَناف القرشيُّ، وقيل: عُيَيْنَة بن حِصْن بن بدرٍ الفزاريُّ، انتهى، قاله النَّوَويُّ فيما نقله عنه في كتاب «المبهمات»، وقال القاضي عياض في «شرح مسلم»: هو عُيَيْنَة بن حِصْن، ولم يكن أسلم يومئذ حقيقةً وإن كان أظهرَ الإسلام، ذكر ذلك الشيخ محيي الدين عنه، ولم يذكر القولَ الآخرَ، وقد ذكر القولين غيرُ واحدٍ من الحُفَّاظ.

قوله: (بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ): (عشيرة الإنسان): أهله الأَدْنَون، وهم بنو أبيه، وقوله: (أَوِ ابْنُ الْعَشِيرَةِ): هذا شكٌّ من الراوي، وفي رواية مالكٍ الجزمُ بالثاني، والله أعلم.

قوله: (تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ): (تَطَلَّق): بفتح المُثَنَّاة فوق والطاء المُهْمَلَة، واللام المُشَدَّدة؛ أي: انبسط وظهر البِشْرُ فيه.

قوله: (مَتَى عَهِدْتِنِي): هو بكسر المُثَنَّاة فوق، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

(1/10889)

[باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل]

قوله: (وَالسَّخَاءِ): هو بفتح السين، ممدودٌ: الجود، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ): (أجودُ) هنا: مَرْفُوعٌ بلا خلاف.

قوله: (وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ الخلاف في اسمه واسم أبيه، وبعض ترجمته، غَيْرَ مَرَّةٍ، والأكثر: جُندب بن جُنادة.

قوله: (لأَخِيهِ): تَقَدَّمَ أنَّ أخا أبي ذر اسمه أنيس، وهو صَحَابيٌّ معروفٌ، رضي الله عنهما.

(1/10890)

[حديث: كان النبي أحسن الناس وأجود الناس]

6033# قوله: (قِبَلَ الصَّوْتِ): (قِبَلَ)؛ بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة: مَنْصُوبٌ، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (لمْ تُرَاعُوا): تَقَدَّمَ معناه.

قوله: (عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الفرس اسمه مندوب، وكذا جاء مسمًّى في بعض طرقه.

قوله: (لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 601]

(1/10891)

[حديث: ما سئل النبي عن شيء قط فقال لا]

6034# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (كَثِيرًا) بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (ابْن الْمُنْكَدِرِ): مُحَمَّد بن المنكدر.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَاتِها في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (فَقالَ: لَا): قال الشيخ عزُّ الدين بن عبد السلام في بعض كتبه: أي: لم يقُل: لا؛ منعًا للعطاء، وإنَّما يقول: لا؛ اعتذارًا من الفقد؛ كقوله تعالى: {قُلْ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92]، ولا أجد ما أعطيكم، وكذلك فرَّق بين قوله: (لا أحملكم)، وبين قوله: {لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ}، وهو كلامٌ حسن.

==========

[ج 2 ص 601]

(1/10892)

[حديث: إن خياركم أحاسنكم أخلاقًا]

6035# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هو عمر بن حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (غِيَاثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وبثاء مُثَلَّثَة في آخره، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مرارًا، و (شَقِيقٌ): هو ابن سَلَمة، أبو وائل.

قوله: (فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في الصفحة قبل هذه.

(1/10893)

[حديث: رجوت بركتها حين لبسها النبي لعلي أكفن فيها]

6036# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا انَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن مُطرِّف، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المُهْمَلَة: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سَلَمة بن دِينار.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأة لا أعرفها.

قوله: (هِيَ شَمْلَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الشَّمْلة) ما هي.

قوله: (فَرَآهَا [1] رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ هذا الرجلَ هو عبد الرَّحْمَن بن عوفٍ أحدُ العشرة، وتَقَدَّمَ أنَّ المؤلِّف شيخَنا قال في «شرح التنبيه»: إنَّه سهل بن سعد، وتَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين، في (الجنائز).

(1/10894)

[حديث: يتقارب الزمان وينقص العمل]

6037# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف الزُّهْرِيُّ، لا حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن الحِمْيَريُّ، هذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ عن أبي هريرة، إنَّما روى له عن أبي هريرة مسلمٌ حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضل الصيام بعد رمضان شهرُ الله المحرَّم»، وهذا الحديث ليس في «البُخاريِّ»، فالحِمْيَريُّ [ليس] له شيءٌ في «البُخاريِّ» عن أبي هريرة، والله أعلم

1/ 319/أ قوله: (يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ): قال ابن قُرقُول: وفي حديث أشراط الساعة: «يتقارب الزمان حتَّى تكون السنة كالشهر ... »؛ الحديث، قيل: معناه: لطيب تلك الأيَّام حتَّى لا يكاد يستطال، بل يقصر، وأشار الخَطَّابيُّ إلى أنَّه على ظاهره من قِصَر مُدَدها، وأمَّا حديث: «يتقارب الزمان، وتكثر الفتن، وينقص العلم»؛ فقيل: هو دنوُّه من الساعة، كما تَقَدَّمَ، وقيل: هو قِصَر الأعمار، وقيل: قِصَر الليل والنهار بمعنى الحديث الأول، وقيل: تقارُب الناس في الأحوال، وقلَّة الدِّين والعلم، وعدم التفاضل في الدِّين والعلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويكون أيضًا: يردأ ويسوء؛ لما ذكره من كثرة الفتن وما يتبعها.

قوله: (وَيُلْقَى الشُّحُّ): أي: يُجعَل في القلوب، وتُطبَع عليه، قال ابن قُرقُول: وضبطناه عن أبي بحر: (يُلقَّى)؛ مشدَّد القاف؛ بمعنى: يُعطى، ويُستَعمَل [1] به الناس، ويُحمَلون [2] عليه؛ كما قيل في قوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} [فصلت: 35]؛ أي: يُعطاها، وقيل: يُوفَّق لها، انتهى، وفي «تذكرة القرطبيِّ» الروايتان، وذكر أنَّ معنى المخفَّف: يُترَك لإفاضة المال وكثرته ... إلى أن قال: (ولا يجوز أن يكون بمعنى «يُوجَد»؛ لأنَّ الشحَّ ما زال موجودًا قبل تقارب الزمان)، والله أعلم.

قوله: (وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ): هو بفتح الهاء، وإسكان الراء، وبالجيم، وقد فسَّره بـ (الْقَتْل).

تنبيهٌ: في بعض طرقه في «الصحيح»: (والهَرْج؛ بلسان الحبشة: القتل)، قال ابن قُرقُول: هي من كلام بعض الرواة، وإلَّا؛ فهي عربيَّة صحيحةٌ، انتهى، وهي في «الصحيح»، قال أبو موسى ... فذكره؛ يعني: الأشعريَّ، فيحتمل أنَّ الحبشيَّة وافقت العربيَّةَ، والله أعلم.

(1/10895)

[حديث: خدمت النبي عشر سنين فما قال لي أف]

6038# قوله: (سَمِعَ سَلَّامَ بْنَ مِسْكِينٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (سلَّامًا) هذا بتشديد اللام، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

قوله: (خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ في «مسلم»: (تسع سنين)، والظاهر أنَّه خدمه تسعًا وكسرًا، فتارةً أطلق على الكسر سنةً، وتارةً أسقطه، وتَقَدَّمَ ما رواه أبو يعلى المَوصليُّ في «مسنده»، والكلام على سنده.

قوله: (فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ): (أف): معناه: الاحتقار؛ وهو صوتٌ إذا صوَّت به الإنسان؛ عُلِم أنَّه متضجِّر متكرِّه، وقيل: أصل الأفِّ: من وسخ الإصبع إذا فُتِل، وقد أفَّفتُ بفلان تأفيفًا، وأففتُ به؛ إذا قلتَ له: أفِّ لك، وفيها لغاتٌ حكاها الأخفش: أُفِّ؛ وهي أفصحها وأكثرها استعمالًا؛ بضَمِّ الهمزة، وتشديد الفاء مكسورة، وأُفُّ، وأُفَّ، وأُفٍّ، وأُفًّا، وأُفٌّ، وقد حكى فيها النَّوَويُّ في «تهذيبه» عشر لُغاتٍ عن القاضي عياض وآخرين: ضمُّ الهمزة مع ضمِّ الفاء وكسرها وفتحها بلا تنوين، وبالتنوين، فهذه ستُّ لُغاتٍ، و (أُفّْ)؛ بضَمِّ الهمزة، وإسكان الفاء، و (إِفَ)؛ بكسر الهمزة، وفتح الفاء، و (أُفي وأُفة)؛ بضَمِّ همزتهما، قالوا: وأصل الأفِّ والتُّفِّ: وسخ الأظفار، وتستعمل هذه الكلمةُ في كلِّ ما يُستقذَر، وهي اسم فعلٍ في الواحد والاثنين والجميع بلفظٍ واحدٍ، قال الله تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23]، قال الهرويُّ: يُقال لكلِّ ما [1] يُضجَر منه ويُستثقَل: أفٍّ له، وقيل: معناه: الاحتقار، مأخوذٌ من الأفف؛ وهو القليل، انتهى لفظه، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَلَا: لِمَ صَنَعْتَ؟): (لِمَ)؛ بفتح الميم: استفهامٌ.

(1/10896)

[باب: كيف يكون الرجل في أهله؟]

(1/10897)

[حديث: كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة ... ]

6039# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عتيبة الإمام القاضي، تَقَدَّمَ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (فِي مهْنَةِ أَهْلِهِ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (المَهْنة) بفتح الميم، وإسكان الهاء: الخدمة، وحكى أبو زيد والكسائيُّ كسرَ الميم، وأنكره الأصمعيُّ، هذا معنى «الصحاح».

==========

[ج 2 ص 601]

(1/10898)

[باب المقة من الله]

قوله: (بَابُ الْمِقَةِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]): هذه الترجمة هي حديثٌ في «مسند الإمام أحمد» رحمه الله عن أسود بن عامر: حدَّثنا شريك، عن مُحَمَّد بن سعد الواسطيِّ، عن أبي ظبية، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ المِقَة من الله عزَّ وجلَّ _قال شريك: هي المحبَّة والصيت من السماء_ فإذا أحبَّ الله عبدًا؛ قال لجبريل ... »؛ الحديث، وذكره عبد الله بن الإمام أحمد في «زوائد المسند» من طريقٍ أخرى له من حديث أبي أمامة، وفيهما مَن ليس على شرط البُخاريِّ، فلهذا جعله في الترجمة، ولم يورده حديثًا في «الصحيح» مسندًا، و (المِقَة): بكسر الميم، وفتح القاف المُخَفَّفة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهي المحبة، يقال: ومِقْتُه أمِقُه مِقَةً، فأنا وَامِقٌ، وهو موموقٌ، وقد تَقَدَّمَ تفسير شريك له: أنَّها المحبَّة والصيت من السماء.

(1/10899)

[حديث: إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل إن الله يحب فلانًا]

6040# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الصيرفيُّ الفلَّاس، أحد الأعلام، و (أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مخلد النَّبيل، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ.

قوله: (نَادَى جِبْرِيلَ): (جبريلَ): مَنْصُوبٌ؛ أي: نادى اللهُ جبريل، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا): يجوز في همزة (إنَّ) الكسرُ والفتح، وهما ظاهران.

قوله: (ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ): (القَبول): بفتح القاف، قال في «المطالع»: المحبَّة في القلوب، ومنه: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} [آل عمران: 37]؛ أي: رضيها، قال المطرِّز: (القَبول): مصدرٌ لم أسمع غيرَه بالفتح، وقد جاء مفسَّرًا في رواية القعنبيِّ: «فتوضع له المحبَّة في الأرض»، وفي «الصحاح» للجوهريِّ: وتقبَّلت الشيء وقبلته قَبولًا؛ بفتح القاف، وهو مصدرٌ شاذٌّ، وحكى اليزيديُّ عن أبي عمرو بن العلاء: (القَبول)؛ بالفتح: مصدرٌ، ولم أسمع غيرَه، ويُقال: على فلان قَبول؛ إذا قَبِلتْهُ النفسُ.

(1/10900)

[باب الحب في الله]

(1/10901)

[حديث: لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء]

6041# قوله: (وَحَتَّى أَنْ يُقْذَفَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 601]

(1/10902)

[باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ... }]

(1/10903)

[حديث: بم يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل]

6042# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة.

قوله: (ضَرْبَ الْفَحْلِ): هو بفتح الفاء، وإسكان الحاء، قال ابن قُرقُول: الفَحْل من الإبل؛ إذا علا ناقةً دونه في الكرم والنجابة أو فوقَه، وكذا قال ابن الأثير، زاد ابن قُرقُول: وصحَّفه بعضهم: (العجل)؛ بالعين والجيم، وأكثر الروايات: (ضَرْبَ العبدِ) انتهى، وكذا يجيء قريبًا فيه.

[ج 2 ص 601]

قوله: (وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَوُهَيْبٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ: جَلْدَ الْعَبْدِ): تَقَدَّمَ أنَّ (سفيانَ) الراويَ في السند: ابنُ عُيَيْنَة، وقد خالفه الثَّوريُّ، وتعليقُ الثَّوريِّ أخرجه البُخاريُّ في (النكاح) عن مُحَمَّد بن يوسف عنه، وتعليق وُهَيب عن هشام أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن موسى بن إسماعيل عن وُهَيب به، وتعليق أبي معاوية لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها كلَّها ولا بعضَها شيخُنا، و (وُهَيب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، و (أبو معاوية): هو مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، الضرير، وهذا مَعْرُوفٌ، فروَوه عن هشامٍ _هو ابن عروة المذكورُ في السند_: (جلد العبد).

(1/10904)

[حديث: فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم]

6043# قوله: (وَأَعْرَاضَكُمْ): (الأعراض): جمع (عِرْض)؛ وهو موضع المدح والذمِّ من الإنسان، سواء كان في سَلَفه، أو نفسه، أو مَن يلزمه أمره، وقيل: هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحَسَبه، ويحامي عنه أن يُنتَقَص أو يُثلَب، وقال ابن قُتَيْبَة: عِرْض الرجل: نفسه وبدنه لا غير، قاله في «النهاية».

==========

[ج 2 ص 602]

(1/10905)

[باب ما ينهى من السباب واللعن]

قوله: (بَابُ مَا يُنْهَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (منَ السِّبَابِ): هو بكسر السين، وتخفيف المُوَحَّدة، وهو المشاتمة، وهو من السبِّ؛ وهو القطع، وقيل: من السَّبة؛ وهي حَلْقَة الدُّبُر، كأنَّها على القول الأول: قطع للمسبوب عن الخير والفضل، وعلى الثاني: كشف العورة وما ينبغي أن يُستَرَ.

==========

[ج 2 ص 602]

(1/10906)

[حديث: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.]

6044# قوله: (عَنْ مَنْصُورٍ): هذا هو ابن المعتمر السُّلَميُّ، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافلٍ.

قوله: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ): تَقَدَّمَ أعلاه ما (السِّبَاب)، قيل: إنَّ هذا الحديثَ محمولٌ على مَن سبَّ أو قاتل مسلمًا من غير تأويل، وقيل: إنَّما ذلك على جهة التغليظ، لا أنَّه يُخرِجه إلى الفسق والكفر، قاله في «النهاية».

قوله: (تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر عَن شُعْبَةَ): كذا في نسخة، وفي الأصل: (غُنْدر) عوض (مُحَمَّد بن جعفر)، وهو هو، و (غُنْدر): لقبٌ لمُحَمَّد بن جعفر، وقد قَدَّمْتُ ضبطه مرارًا، والضمير في (تابعه) يعود على سليمان بن حرب، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، ومتابعة غُنْدر أخرجها مسلمٌ في (الإيمان) عن أبي بكر ابن أبي شيبة ومُحَمَّد بن المثنَّى؛ كلاهما عن غُنْدر عن شعبة به، وأخرجها النَّسائيُّ في (المحاربة) عن مُحَمَّد بن المثنَّى به.

(1/10907)

[حديث: لا يرمي رجل رجلًا بالفسوق ولا يرميه بالكفر]

6045# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، والعين بينهما ساكنة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعيد، و (الْحُسَيْن): هو ابن ذكوان المعلِّم، و (يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه بفتح الميم، غير مصروفٍ، وتَقَدَّمَ كلام البُخاريِّ في (اليَعمريِّ)، و (أَبُو الأَسْوَدِ الدَّيلِيُّ)، وفي نسخة: (الدُّؤليُّ)، وهما قولان يُقالان في هذا النسب، لكن إلى شخصَين مختلفَين، قال الدِّمْيَاطيُّ: واسم أبي الأسود ظالمُ بن عمرو، وقيل: ظالم بن سارق، وقيل: سارق بن ظالم، شهد صفِّين مع عليٍّ، ووُلِّيَ قضاء البصرة لابن عَبَّاس، ومات بها، وهو أوَّل من تكلَّم بالنحو، انتهى، وقال الشيخ محيي الدين: اسم أبي الأسود هذا ظالمُ بن عمرو، ونسبه ... إلى أن قال: ويُقال: ظالم بن عمرو بن ظالم، وقيل: اسمه عمرو بن ظالم، وقيل: عثمان بن عمرو، وقيل: عمرو بن سفيان، وقال الواقديُّ: اسمه عُوَيمر بن ظُوَيلم، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ الاختلاف في اسمه واسم أبيه، والأكثر: جُندب بن جُنادة، كما تَقَدَّمَ قريبًا.

==========

[ج 2 ص 602]

(1/10908)

[حديث: لم يكن رسول الله فاحشًا ولا لعانًا]

6046# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (عِنْدَ الْمَعْتَبَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا، وكذا (تَرِبَ جَبِينُهُ) قريبًا أيضًا.

==========

[ج 2 ص 602]

(1/10909)

[حديث: من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال]

6047# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة [1]، وتَقَدَّمَ أنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، و (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

(1/10910)

[حديث: إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه الذي يجد]

6048# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ أنَّ والد حفص اسمه غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبطه قريبًا وبعيدًا مرارًا، و (سُلَيْمَان بْن صُرَدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الأذان)، وتَقَدَّمَ أنَّ (صُرَدًا) مصروفٌ، وأنَّه ليس بمعدول.

قوله: (اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذان الرجلان لا أعرف اسمَيهما.

قوله: (فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ): يحتمل أن يكون هذا الرجلُ أحدَ المستبَّين، والله أعلم، وهو الظاهر، لكن في «أبي داود» أنَّ القائل له معاذٌ، كما صَرَّحَ به في حديثه.

قوله: (أَتُرَى بِي بَأْسٌ؟): (تُرى): بضَمِّ التاء؛ أي: أتظنُّ، وقوله: (بأسٌ): كذا في أصلنا مَرْفُوعٌ مُنَوَّن بالقلم، وإعرابه [ ... ] [1] والظاهر أنَّه ليس مرفوعًا؛ بل مَنْصُوبٌ، وكُتِب بغير ألفٍ على نيَّة الوقف، وكذلك القدماء يكتب بعضُهم المنصوبَ بغير أَلِفٍ، والله أعلم، وفي نسخةٍ قديمةٍ قُرِئت على داود بن مَعْمَر بن الفاخر: (أتَرى بي بأسًا؟)؛ بفتح الهمزة والتاء بالقلم، و (أيُرى بي بأسٌ): (يُرى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ بالقلم، و (بأسٌ): قائمٌ مقام الفاعل، وهذه النسخة المذكورة ظاهرة الإعراب، وفي نسخة في هامش أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (بأسًا)، وعليها (صح)، وهذه ظاهرةٌ، وسأذكر قريبًا الكلام على جوابه في قوله: (أمجنون أنا؟).

(1/10911)

[حديث: خرجت لأخبركم فتلاحى فلان وفلان وإنها رفعت]

6049# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر): هو بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وهذا مَعْرُوفٌ مشهورٌ عند أهله.

قوله: (فَتَلَاحَى رَجُلَانِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الملاحاةِ)؛ وهي المسابَّة؛ أي: تسابَّا، وتَقَدَّمَ أنَّ هذين الرجلين: كعب بن مالك، وعبد الله بن أبي حَدْرَد.

قوله: (وَإِنَّهَا رُفِعَتْ): أي: رُفِعت معرفتُها، وإلَّا؛ فهي باقيةٌ؛ بدليل قوله: «فَالْتَمِسُوهَا»، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

قوله: (وَعَسَى أَنْ يَكُونُ [1] خَيْرًا لَكُمْ): هو بضَمِّ نون (يكون)، كذا في أصلنا، فإن صحَّ ذلك؛ فلعلَّها مُخَفَّفة من الثقيلة، لكنَّ الضمة محتملة أن تكون على النون، وأن تكون على كاف (يكون)، وهذا أشبه، والله أعلم.

(1/10912)

[حديث: نعم هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم]

6050# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): (أبوه): حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (الْمَعْرُور): تَقَدَّمَ أنَّه بالعين المُهْمَلَة، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جُنادة، وقد تَقَدَّمَ الاختلاف فيه وفي أبيه.

قوله: (وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدًا): غلام أبي ذرٍّ لا أعرف اسمه.

قوله: (كَانَتْ حُلَّةً): تَقَدَّمَ الكلام على (الحُلَّة) ما هي.

قوله: (كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلَامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً): الرجل هو بلالٌ رضي الله عنه، قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، وقد تَقَدَّمَ، و (أمُّ بلال): تَقَدَّمَ أنَّها حمامة، وأنَّها صحابيَّة رضي الله عنها، وكانت نوبيَّة.

قوله: (فَنِلْتُ مِنْهَا): أي: قال له: يا بن السوداء، وقد قَدَّمْتُ عَزْوَه.

قوله: (فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ): قال ذلك له من أجل تفاخره بالأنساب.

(1/10913)

[باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير ... ]

قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ؛ نَحْوَ قَوْلِهِمُ: الطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ ... ، وَمَا لَا يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ): (يُرَاد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شَينُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، [و (الشَّين): هو العَيب] [1]، و (الطويلُ): مَرْفُوعٌ،، و (القصيرُ): معطوف عليه، ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب

[ج 2 ص 602]

على عادته، ثُمَّ قال: أشار البُخاريُّ في الترجمة إلى أنَّ مثل هذا إن كان للبيان والتمييز كما ورد في الحديث؛ فهو الجائز، وإن كان في غير هذا السياق؛ كالتنقيص والتعييب؛ فهذا الذي لا يجوز، وإشارة عائشة رضي الله عنها في بعض الحديث إلى المرأة التي دخلت عليها ثُمَّ خرجت، فأشارت عائشة بيدها أنَّها قصيرة، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «اغتبتِها»؛ لأنَّ عائشة رضي الله عنها لم تفعل هذا بيانًا، [وإنَّما] قصدت إلى الإخبار عن صفتها خاصَّة، ففُهِم التعييب، فنُهِيَت، انتهى، وهذه المرأة لا أعرفها، غير أنَّ عائشة قالت للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (حسبك من صفيَّة كذا وكذا)، قال بعض الرواة؛ يعني: قصيرة، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لقد قلت كلمةً لو مُزِجت بماء البحر؛ لمزجته»، رواه أبو داود، والتِّرْمِذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، والحديث الذي ذكره ابن المُنَيِّر ذكره ابن أبي الدنيا وابن مردويه من رواية حسَّان بن مخارق عن عائشة رضي الله عنها، ولفظها: (دخلت عليها امرأةٌ فأومأتُ بيدي؛ أي: قصيرة، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «اغتبتِها»).

ثُمَّ اعلم أنَّ اللقب ينقسم إلى ما يجوز التعريف به؛ وهو ما لا يكرهه الملقَّب، وإلى ما لا يجوز؛ وهو ما يكرهه الملقَّب، كذا قال ابن الصلاح أبو عمرو الشَّافِعيُّ في «علومه» في (الألقاب)، وكذا قال في «آداب المحدِّث»، ولفظه: ولا بأس بذكر مَن يروي عنه بما يُعرَف به من لقبٍ؛ كغُنْدر ... إلى أن قال: أو نسبه إلى أمٍّ عُرِف بها؛ كيعلى ابن مُنَيَّة، أو وصف بصفةِ نقصٍ في جسده عُرِف بها؛ كسليمان الأعمش، وعاصم الأحول، إلَّا ما يكرهه من ذلك، كما في إسماعيل بن إبراهيم المعروفِ بابن عُلَيَّة، انتهى.

(1/10914)

وقال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: إنَّه يجوز إذا كان يُعرَف بذلك، ويحرم إطلاقه عليه على جهة النقص، ذكر ذلك في «شرح مسلم»، وفي (باب الغِيبة) من «رياضه»، وهذا الذي قاله البُخاريُّ في هذه الترجمة، وهو غير ما قاله ابن الصلاح، والله أعلم.

قوله: (مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ ذي اليدين الخِرْباقُ _بكسر الخاء المُعْجَمَة، وإسكان الراء، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ ألف، ثُمَّ قاف_ ابن عمرو، من بني سُلَيم، وليس هو ذا الشِّمَالَين الذي قُتِل يوم بدر؛ لأنَّ ذا الشِّمالين خزاعيٌّ قُتِل يوم بدر، وذو اليدين عاشَ بعد النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زمانًا حتَّى رأى المُتَأخِّرين من التابعين، واستدلَّ العلماء لما ذكرتُه: بأنَّ أبا هريرة رضي الله عنه حضر قصَّة السهو في الصلاة، كما في «الصحيحين»، وفيها: (فقال له ذو اليدين ... )؛ الحديث، وقد أجمعوا على أنَّ أبا هريرة إنَّما أسلم عام خيبر سنة سبعٍ في أوَّل _أو في آخر_ سنة ستٍّ؛ على اختلاف القولين، وذلك بعد بدرٍ بسنين، وكان الإمام الزُّهْرِيُّ يقول: إنَّ ذا اليدين هو ذو الشِّمالين، وإنَّه قُتِل ببدر، وإنَّ قصَّته في الصلاة كانت قُبَيل بدرٍ، وتابعه أصحاب أبي حنيفة على هذا، وقالوا: كلام الناسي في الصلاة يبطلها، وادَّعوا أنَّ هذا الحديثَ منسوخٌ، والصواب ما سبق، وقد أطنب العلماء من المحدِّثين في إيضاح هذا، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الصلاة)، ولكن طال العهد به.

(1/10915)

[حديث: لم أنس ولم تقصر]

6051# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): هذا هو مُحَمَّد بن سيرين، وقد تَقَدَّمَ الكلام في عدد بني سيرين وبناته في أوائل هذا التعليق وقريبًا أيضًا.

قوله: (وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ): تَقَدَّمَ [الكلام] عليه في (السهو).

قوله: (قُصِرَتِ [1] الصَّلَاةُ): تَقَدَّمَ، وأنَّه بضَمِّ القاف، وكسر الصاد، قال القاضي: ويُروى: (أَقَصُرت؟)، وذكرت هناك [2] أنَّ في «النهاية» قال: ويُروى على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، وعلى تسمية الفاعل، بمعنى النقص، انتهى.

(1/10916)

[باب الغيبة ... ]

قوله: (بَابُ الْغِيبَةِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب، ثُمَّ قال: بوَّب على الغِيبة، وذكر النميمة؛ تنبيهًا على اجتماعهما في المعنى؛ وهو الذِّكْر بظهر الغيب بما يكره الإنسان أن يذكره عنه، وألحق الغيبة بالنميمة بطريق الأَولى؛ إذ النميمة قد لا يكون فيها تنقيص، والغِيبة لا تخلو منه، فهي حرام، انتهى، والذي ظهر: أنَّه إنَّما بوِّب على الغِيبة، وذكر الحديث المذكور؛ لأنَّه رُويَ بذكر الغِيبة من حديث ابن عَبَّاس هذا، رواه كذلك أبو داود الطيالسيُّ، ولفظه: «أمَّا أحدهما؛ فكان يأكل لحوم الناس»، وكأنَّ هذا الحديث ليس على شرطه، فإنِّي لم أنظر سنده، وسيأتي عَزْوُه قريبًا، وأنَّ إسناده جيِّدٌ، قاله شيخنا العِرَاقيُّ، وكأنَّه لم يحصل له روايته، فبوَّب عليه، وأخرج الذي على شرطه، والذي على شرطه قد أخرجه الأئمَّة السِّتَّة، والله أعلم.

وقد روى ابن ماجه في «سننه» فقال: حدَّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة: حدَّثنا وكيع: حدَّثنا الأسود بن شيبان: حدَّثني بحر بن مرَّار عن جدِّه أبي بكرة رضي الله عنه قال: مرَّ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بقبرين، فقال: «إنَّهما ليُعَذَّبان، وما يُعَذَّبان في كَبِير، أمَّا أحدهما؛ فيُعَذَّب في البول، وأمَّا الآخر؛ فيُعَذَّب في الغِيبة»، وهذا فيه إرسالٌ؛ لأنَّ بحرًا لم يدرك أبا بكرة، وهو جدُّ أبيه؛ لأنَّه بحر بن مرَّار بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرة، وأيضًا بحرٌ قال فيه يحيى القَطَّان: رأيته قد خُولِطَ، فلم أكتب عنه، وقال النَّسائيُّ: تغيَّر، وقال مرَّةً: ليس به بأس، وقال الكوسج عن ابن معين: ثقة، وقال ابن عديٍّ: لم أرَ له فيما رأيتُ حديثًا منكرًا، انتهى.

(1/10917)

وقد رأيته في «المسند»، وفيه بحر بن مرَّار المذكورُ، عن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرة: حدَّثنا أبو بكرة ... ، فذكره مُطَوَّلًا، وفي آخره: «وما يُعَذَّبان إلَّا في الغِيبة والبول»، ثُمَّ ذكره من طريق آخرَ عن بحرٍ عن عبد الرَّحْمَن به نحوه، وحديث جابر: (كنَّا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في مَسِيرٍ، فأتى على قبرَين يُعَذَّب صاحباهما، فقال: «أَمَا إنَّهما ليُعَذَّبان في كَبِير، أمَّا أحدهما؛ فكان يغتاب الناس»، رواه ابن أبي الدنيا في «الصمت»، وأبو العَبَّاس الدَّغُوليُّ في كتاب «الآداب»، قال شيخنا الحافظ العِرَاقيُّ بعد عزوه إلى مَن ذكرت: بإسنادٍ جيِّد، وهو في «الصحيحين» من حديث ابن عَبَّاس، إلَّا أنَّه ذكر فيه النميمة بدل الغِيبة، وللطيالسيِّ فيه: «أمَّا أحدهما؛ فكان يأكل لحوم الناس»، ولأحمدَ والطَّبَرانيِّ نحوُه بإسنادٍ جيِّدٍ، قاله شيخنا العِرَاقيُّ، انتهى.

(1/10918)

[حديث ابن عباس: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير]

6052# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.

قوله: (عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ»): هذان القبران تَقَدَّمَ الكلامُ على أنَّ أصحابهما الظاهر أنَّهما من أهل القِبلة، وإن كان بعضهم قال: إنَّهما ليسا من أهل القِبلة؛ فإنَّ فيه بُعدًا، وما ذُكِر من تعيين أحدهما؛ فليس بصحيحٍ فيما أعلم، والله أعلم، وهذه القصَّة بالمدينة كما سيأتي قريبًا: (من بعض حيطان المدينة)، والحديث من مسند ابن عَبَّاس، وقد جرى له عليه السلام مثلُها في غزوة بُواط، والقصَّة في آخر «صحيح مسلم» من حديث جابر.

قوله: (فِي كَبِيرٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (في)، وأنَّها سببيَّة، وفي بعض الطريق: «بلى؛ إنَّه كَبِير»، وقد تَقَدَّمَ تعريف (النَّمِيمَةِ) مُطَوَّلًا، و (العَسِيب)، وما هو، وأنَّ هذين أورقا من ساعتهما، ففرح النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقال: «خُفِّف عنهما بسبب شفاعتي»، مُطَوَّلًا؛ فانظره في مكانه.

(1/10919)

[باب قول النبي: «خير دور الأنصار»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: ترجم على خير دور الأنصار، وفي هذا الحديث: (خير الأنصار)؛ لينبِّه على أنَّ المرادَ بـ «الدور»: أهلُها؛ على حذف مضاف، وقد ورد في حديث: «خير دور الأنصار»، لم يذكره البُخاريُّ؛

[ج 2 ص 603]

لئلَّا يُتخيَّل ظاهره، وهو التفضيل بين الدورِ لا أهلِها، والله أعلم، انتهى، وهذا كأنَّه وقع في روايته كذلك، والذي وقع في روايتي عن شيخنا العِرَاقيِّ في الأصل المذكور في الحديث: «خير دور الأنصار بنو النَّجَّار»، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم.

(1/10920)

[حديث أبي أسيد: خير دور الأنصار بنو النجار]

6053# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عقبة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وقد ذكرتُ مدركِيَ قبل هذا غَيْرَ مَرَّةٍ، و (أَبُو الزِّنَاد): عبد الله بن ذكوان، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ الصواب أنَّ همزته بالضَّمِّ، وقدَّمت الكلام عليه واسمِه ونسبِه، وقال الدِّمْيَاطيُّ: مالك [بن] ربيعة، انتهى.

==========

[ج 2 ص 604]

(1/10921)

[باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب]

قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنِ اغْتِيَابِ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالرِّيَبِ): صريحُ تبويبِه مع استدلاله بالحديث الذي ذكره: أنَّه قائلٌ بأنَّ الفاسق لا غِيبة له، وكذا عزا الشيخ محيي الدين هذا المذهبَ إليه، وأنَّه استدلَّ بهذا الحديث المذكور هنا، وقد جاء حديثٌ لفظه: «مَن ألقى جلباب الحياء عن وجهه؛ فلا غِيبة له»، رواه ابن عديٍّ، وأبو الشيخ بن حَيَّان في كتاب «ثواب الأعمال» من حديث أنسٍ بسند ضعيف، وفي حديثٍ: «اذكروا الفاسق بما فيه؛ يحذره الناس»، رواه الطَّبَرانيُّ من حديث بَهْز بن حَكِيم عن أبيه عن جدِّه: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «متى تُرعون عن ذكر الفاسق؟! اذكروه بما فيه؛ يحذره الناس»، وقال: تفرَّد به عبد الوهَّاب بن همَّام أخو عبد الرَّزَّاق عن مَعْمَر عن بَهْز، قال بعض مشايخي: لم ينفرد به، فقد رواه الحاكم أبو عبد الله في «تاريخ نيسابور» من حديث الجارود بن يزيد عن بَهْزٍ، فذكره بلفظ: «أتُرعون عن ذكر الفاجر؟! اذكروه بما فيه؛ كي يحذرَه الناس»، وكذا أخرجه البيهقيُّ في «سننه» في أثناء (الشهادات) عن الحاكم بهذا اللفظ، لكنَّه قال: «يعرفه الناس ويحذره الناس» ... إلى آخر كلام شيخنا في ذلك، وحديثٌ آخرُ لفظه: «لا غِيبة لفاسق»، أخرجه وعزاه شيخنا العِرَاقيُّ في مكانٍ إلى ابن عديٍّ وابن حِبَّانَ في «الضعفاء» نحوه من حديث أنس، وهو ضعيفٌ أيضًا، انتهى.

أمَّا الفاسق المتظاهر بفسقه؛ فإنَّه تجوز غِيبته، وأمَّا المختفي بفسقه؛ فلا أعلم مَن قال به غير البُخاريِّ، والغِيبة وإن كانت [1] محرَّمةً؛ فإنَّها تُباح عند أحد ستَّة أمورٍ نظمها بعضهم، فقال:

~…لَقَبٌ وَمُسْتفٍ وفِسْقٌ ظَاهِرٌ…والظُّلْمُ تَحْذِيرٌ مُزِيلُ المُنْكَرِ

وقد زاد بعضهم على هذه السِّتَّة أماكنَ، فبلَّغها سبعةَ عشرَ موضعًا بهذه السِّتَّة، وهي في بعضها متداخلة، وهي صغيرةٌ، كما قاله الرافعيُّ في أصحِّ الوجهين، وليست كبيرةً، والصواب أنَّها كبيرةٌ، فقد نقله الكرابيسيُّ في كتابه القديم المعروف بـ «أدب القضاء» فيما رواه عن الشَّافِعيِّ، واستدلَّ بقوله: «إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ؛ كحرمة يومكم هذا ... »؛ الحديث، وهو صريحٌ فيما قاله، وفي حفظي أنَّ القرطبيَّ قال: إنَّها كبيرةٌ بالإجماع، والله أعلم.

(1/10922)

قوله: (وَالرِّيَبِ): هو بكسر الراء، وفتح المُثَنَّاة تحت، جمع (رِيبة)، وكذا أحفظه.

(1/10923)

[حديث: ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة]

6054# قوله: (سَمِعَ [1] ابْنَ الْمُنْكَدِرِ): هذا هو مُحَمَّد بن المنكدر، وهذا كاد أن يكون بديهيًّا عند أربابه.

قوله: (اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى النَّبيِّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل: قال الدِّمْيَاطيُّ: اسمه مَخْرَمةُ بن نوفل بن أُهَيب بن عبد مَناف بن زُهرة، والد المِسْوَر بن مَخْرَمة، انتهى، وقد تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مَخْرَمة، وقيل: عُيَيْنَة، وأنَّ القولين ذكرهما الخطيب البغداديُّ فيما نقله النَّوَويُّ عنه في «مبهماته»، وقدَّمت أنَّ القاضيَ عياضًا ذكر أنَّه عُيَيْنَة بن حِصْن، وأنَّ ذلك كان قبل أن يُسلِم، ولم يذكر غيره، وقد ذكر القولين غيرُ واحدٍ من الحُفَّاظ، والله أعلم.

قوله: (بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ): تَقَدَّمَ قريبًا مَن عشيرة الرجل.

(1/10924)

[باب: النميمة من الكبائر]

(1/10925)

[حديث: يعذبان وما يعذبان في كبيرة وإنه لكبير]

6055# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام على الصحيح، وقدَّمت ما يفصل النزاع في ذلك، وهو مُحَمَّد بن سلَام، و (عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: في «الصحيح» «عَبِيدة» ثلاثةٌ؛ واحدٌ متَّفقٌ عليه، وهو عَبِيدة بن عمرو السَّلْمانيُّ، أسلم قبل وفاة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بسنتين، وصلَّى ولم يهاجِر إليه، ولم يرَه، وعَبيدة بن حُمَيدٍ الضَّبِّيُّ، انفرد به البُخاريُّ، مات سنة تسعين ومئة، وعَبيدة بن سفيان الحضرميُّ، روى عن أبي هريرة، انفرد به مسلمٌ، انتهى، فقوله: في السَّلْمَانيِّ: (عبيدة بن عمرو) هو قولٌ، وقد قُدِّم، وقيل: هو عَبيدة بن قيس، وقوله: (في «الصحيح» ثلاثةٌ)؛ يعني: رواةٌ بأنفسهم، وإلَّا؛ ففي «البُخاريِّ»: عامر بن عَبيدة، وقع ذكره في «البُخاريِّ» في (كتاب الأحكام)، فجملة مَن فيهما: (عَبِيدة) _بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة_ أربعةٌ، لكنَّ الواحد اسم والده عَبيدة، لا اسمه، والله أعلم، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (مِنْ بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ): (الحيطان): جمع (حائط)، و (الحائط): تَقَدَّمَ أنَّه البستان.

قوله: (فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ): هذان الإنسانان: قد ذُكِر أنَّهما من غير أهل القِبلة، وفيه بُعْدٌ، وقد عَيَّن بعضُهم صاحبَ أحدِ هذين القبرين في «التذكرة» للقرطبيِّ، ووهَّاه القرطبيُّ، ولا شكَّ أنَّه واهٍ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ في (بابٌ: من الكبائر ألَّا يستتر من بوله).

قوله: (وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ): تَقَدَّمَ [أنَّ] (في) سببيَّة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في قوله: (في كبير)؛ أي: في زعمهما، وقيل: في كبير تركُه عليهما، وذكرت قولًا آخرَ في (الطهارة).

قوله: (بِكِسْرَتَيْنِ): هو بكسر الكاف، وكذا قوله: (فَجَعَلَ كِسْرَةً فِي قَبْرِ هَذَا، وَكِسْرَةً فِي قَبْرِ هَذَا)، والله أعلم.

تنبيهٌ: هذه القصَّة جرت في المدينة المشرَّفة، والحديث في ذلك رواه ابن عَبَّاس، وجرى في غزوة بُواط مثلُها، وذلك في أواخر «صحيح مسلم» من حديث جابرٍ، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

==========

[ج 2 ص 604]

(1/10926)

[باب ما يكره من النميمة ... ]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّمِيمَةِ): المراد بالكراهة هنا: التحريم، وقد استعمل ذلك في أماكنَ كثيرةٍ، وكذلك في لسان الأقدمين، وقد قال الله تعالى: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} [الإسراء: 38]، ومقتضى ما بوَّب به أن يكون النمَّامُ القتَّاتَ، وسيجيء ما في ذلك.

==========

[ج 2 ص 604]

(1/10927)

[حديث: لا يدخل الجنة قتات]

6056# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَيْن، و (سُفْيَانُ) بعده: يحتمل أنَّه الثَّوريُّ، وأن يكون ابنَ عُيَيْنَة، ولم أرَ تعيينه لأحدٍ، وقد روى أبو نُعَيم عنهما، وروَيا عن منصورٍ، غير أنَّ الثَّوريَّ أثبتُ الناس فيه، وقد تَقَدَّمَ، والله أعلم، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم [1]): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (هَمَّام): هو ابن الحارث النَّخَعيُّ الكوفيُّ، و (حذيفة): هو ابن اليماني حُسيل، ويقال: حِسْل، رضي الله عن حذيفة وعن أبيه، تقدَّما.

قوله: (إِنَّ رَجُلًا يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى عُثْمَانَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ): هو بفتح القاف، وتشديد المُثَنَّاة فوق، وفي آخره تاء أخرى غير مُشَدَّدة، قال في «المطالع»: قال ابن الأعرابيِّ: القَتَّات: الذي يسمع الحديث وينقله، وفسَّره في الحديث بالنَّمَّام، يُقال: نَمَيْتُ الحديثَ _ مخفَّفًا_؛ إذا نقلتَه على جهة الإصلاح، ونَمَّيتُه؛ إذا نقلتَه على جهة الإفساد، انتهى، وفي «النهاية» في هذا الحديث: هو النَّمَّام، يُقال: قَتَّ الحديثَ يقتُّه؛ إذا زوَّره، وهيَّأه، وسوَّاه، وقيل: النَّمَّام: الذي يكون مع القوم يتحدَّثون فينمُّ عليهم، والقَتَّات: الذي يتسمَّع على القوم وهم لا يعلمون، ثُمَّ ينمُّ، والقسَّاس: الذي يسأل عن الأخبار، ثُمَّ ينمُّها.

==========

[1] في هامش (ق): (ابن يزيد النَّخعيُّ، الفقيه).

[ج 2 ص 604]

(1/10928)

[باب قول الله تعالى: {واجتنبوا قول الزور}]

(1/10929)

[حديث: من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ... ]

6057# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وتَقَدَّمَ أنَّ (ابْن أَبِي ذِئْبٍ): مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذئب، و (الْمَقْبرِيُّ): سعيد بن أبي سعيد كيسانَ، بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ.

[ج 2 ص 604]

قوله: (قالَ أَحْمَدُ: أَفْهَمَنِي رَجُلٌ إِسْنَادَهُ): (أحمد) المذكور: هو شيخ البُخاريِّ؛ أحمد بن عبد الله بن يونس المذكورُ في أوَّل سند هذا الحديث، والرجل المفهِم لا أعرفُه، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ من المُتَأخِّرين: هو ابن أخي ابن أبي ذئب، كذلك ذكره أبو داود عن أحمدَ ابن يونس، وكذا أخرجه الإسماعيليُّ عن إبراهيم بن شَريك عن أحمدَ ابن يونس، انتهى.

(1/10930)

[باب ما قيل في ذي الوجهين]

(1/10931)

[حديث: تجد من شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين]

6058# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنًّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مرارًا.

(1/10932)

[باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه]

قوله: (بَابُ مَنْ أَخْبَرَ صَاحِبَهُ بِمَا يُقَالُ فِيهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديثَ الباب على عادته، ثُمَّ قال: لمَّا ترجم على النميمة؛ استثنى هذا النحوَ، وترجم عليه بما يُفهَم منه إلحاقُه بالنصيحة الجائزة، ولهذا لم ينكِرِ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الناقل، انتهى، وسيجيء في الحديث نفسِه أنَّ الناقل هو ابن مسعودٍ؛ راوي هذا الحديث.

(1/10933)

[حديث: رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر]

6059# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقدَّمت الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وعيَّنت الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، و (الأَعْمَشِ): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا القائل: قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: مُعَتِّب بن قُشَير، نقله عن الواقديِّ.

قوله: (فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ): هو بالعين المُهْمَلَة المُشَدَّدة؛ أي: تغيَّر كراهِيَةً وانقبض، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ): تَقَدَّمَ في (الأنبياء) ما أُوذيَ به موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقالوا: أبرص، وقالوا: آدَر، قال شيخنا: قالوا: هو آدَر، وقيل: قال قارون لامرأةٍ ذاتِ جَمالٍ وحَسَبٍ: هل لك أن أشركك في أهلي ومالي أن تأتيَني إذا كنت في ملأٍ؛ فقولي: اكفِني موسى، فإنَّه أرادني على نفسي، فلمَّا وقفَتْ عليه؛ بدَّل الله قلبَها، فقالت: قال لي قارون كذا، فنكس رأسه، وأيقن بالهلاك، فأُخبِرَ موسى، وكان شديدَ الغضب، يخرج شعرُه من ثوبه، فتوضَّأ وصلَّى، وجعل يدعو ويبكي، ويقول: يا ربِّ؛ أراد فضيحتي، فأوحى الله إليه أنْ قد أمرتُ الأرض أن تطيعَك، فمُرها بما شئت، فأقبل إلى قارون، فلمَّا رآه؛ قال: يا موسى؛ ارحمني، قال: يا أرضُ؛ خُذيه، فساخت به الأرضُ وبدارِه إلى الكعبين، فقال موسى: خذيه، فساخت بداره، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة، وقيل: إنَّه نسب قتل هارون إليه، فأمر الله الملائكةَ، فحملته، فمرَّت به على مجالس بني إسرائيل، وتكلَّمت الملائكةُ بموته حتَّى علمت بنو إسرائيل أنَّه مات، فدفنوه، فلم يَعلم موضعَ قبره إلَّا الرَّخَمُ، فجعله الله أصمَّ أبكمَ، انتهى، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ أنَّ قبره بأُحُد، وتَقَدَّمَ ردُّ ابنِ دِحية لذلك من التوراة، وقد عيَّن مكانَ قبره منها، والله أعلم.

(1/10934)

[باب ما يكره من التمادح]

قوله: (مِنَ التَّمَادُحِ): هو بضَمِّ الدال وبالحاء المُهْمَلَتين، يقال: مَدَحَه _كـ (مَنَعَه) _ مدْحًا ومِدْحةً؛ إذا أحسنَ بالثناء عليه؛ كـ (مَدَّحه، وامتدحه، وتمدَّحه)، والمديح والمِدْحة والأُمدوحة: ما يُمدَح به، ومُمَدَّح _كـ (مُحَمَّد) _: ممدوحٌ جدًّا، وتمدَّح: تكلَّف أن يُمدَح، وافتخر وتشبَّع بما ليس عنده.

(1/10935)

[حديث: أهلكتم _ أو قطعتم _ ظهر الرجل]

6060# قوله: (حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، تَقَدَّمَ مِرارًا، وهو بُرَيد بن عبد الله بن أبي بُردة _الحارثِ، أو عامر_ ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ.

قوله: (سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ): المثنِي والمثنَى عليه لا أعرفهما، والله أعلم.

قوله: (وَيُطْرِيهِ): هو بضَمِّ أوَّله، وإسكان الطاء المُهْمَلَة، وبعد الطاء راء مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، و (الإطراء): مجاوزة الحدِّ في المدح بالكذب فيه، وفي «الصحاح» للجوهريِّ: أطراه؛ إذا مدحه، انتهى، وقال شيخنا: وقيل: المدح بما ليس فيه، انتهى، وهذا هو القول الأول.

قوله: (فِي الْمِدْحَةِ): هي بكسر الميم، وإسكان الدال، وهو الثناء الحسن.

(1/10936)

[حديث: ويحك قطعت عنق صاحبك]

6061# قوله: (عَنْ خَالِدٍ): (خالد) بعد (شعبة): هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مترجمًا، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَبَا بَكْرَةَ): نُفيع بن الحارث، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ): هذان الرجلان لا أعرفهما، و (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (إِنْ كَانَ يُرَى): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الراء؛ أي: يظنُّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (قالَ وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (وهيبًا) هذا: هو ابن خالد، وتعليق وُهَيب أخرجه البُخاريُّ في (الأدب) عن موسى بن إسماعيل، عن وهيب، عن خالد به، و (خَالِد): هو الحَذَّاء بن مِهْرَان الذي قدَّمتُه أعلاه، و (وَيْلَكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

(1/10937)

[باب مَن أثنى على أخيه بما يعلم]

قوله: (مَنْ أَثْنَى عَلَى أَخِيهِ بِمَا يَعْلَمُ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: بيَّن بهذه الترجمة وبما اشتملت عليه أنَّ الحديث الأول _وهو قوله: «قطعتم ظهر الرجل» _ إنَّما كان لأنَّه جازفوا في الثناء، أو لأنَّ الممدوح كان ممَّن يَفتتن؛ لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ههنا أثنى على أبي بكرٍ رضي الله عنه، فسلامته من الخُيَلاء؛ لأنَّه عَلِم منه ذلك، وأبو بكرٍ لا يَفتتن، وما لأحدٍ بعد النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الجزمُ.

قوله: (وَقَالَ سَعْدٌ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ [1] الأَرْضِ: «إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» إِلَّا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ أنَّ سعدًا ما سمع، وهو سعد بن أبي وقَّاص أحدُ العشرة، ولم يسمع ذلك إلَّا في عبد الله بن سلَام، وقد سمع غيرُ سعدٍ ذلك في غيرِه، فروى سعيدُ بن زيد أحدُ العشرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «أبو بكر في الجنَّة، وعمر في الجنَّة، وعثمان في الجنَّة، وعليٌّ في الجنَّة ... »، حتَّى عدَّ تسعةً، وسكت عن العاشر، قالوا: مَن العاشر؟ قال: سعيدُ بن زيد؛ يعني: نفسَه، رواه أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، قال التِّرْمِذيُّ: (حديثٌ حسنٌ صحيحٌ)، وقد قال عليه السلام ذلك في غير هؤلاء؛ مثل: ثابت بن قيس بن شمَّاس، وقد ذكرت ذلك بأطولَ من هذا، والغرضُ أن أبيِّنَ أنَّ سعدًا ما سمع، وأنَّ غيرَه سمع، وقد قدَّمته في (مناقب عبد الله بن سلَام).

قوله: (إِلَّا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمته، وما كان اسمه قبل قدومه عليه السلام المدينةَ، في (مناقبه).

(1/10938)

[حديث: إنك لست منهم]

6062# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة.

==========

[ج 2 ص 605]

(1/10939)

[باب قول الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان ... }]

قوله: (وَمَنْ [1] بُغِيَ عَلَيْهِ؛ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ): كذا في أصلنا، وقد خرج مِنْ (مَنْ)، وكُتِب (ثُمَّ)، وصُحِّح عليها، وكذا هي التلاوة، فإن صحَّ الأوَّل عن البُخاريِّ؛ فالظاهر أنَّها تكون شاذَّةً؛ لأنَّ مثل هذا لا يخفى على هذا الإمام شيخِ الإسلام، وقد تَقَدَّمَ الكلام على مثله في قوله: (ويا أهل الكتاب) أوَّل التعليق، والله أعلم، وقد راجعت نسخةً أخرى من أصولنا _وهو أصلنا الدِّمَشْقيُّ_ فوجدته على التلاوة المتواترة، {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ} [الحج: 60]، فما في أصلنا فيه نظرٌ، والله أعلم، ولم أرَ فيها شيئًا في الشواذِّ.

قوله: (وَتَرْكِ إِثَارَةِ الشَّرِّ): (تركِ): مجرورٌ معطوفٌ على ما قبله.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: {ثُمَّ}.

[ج 2 ص 605]

(1/10940)

[حديث: يا عائشة إن الله أفتاني في أمر استفتيته فيه]

6063# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة.

قوله: (كَذَا وَكَذَا، يُخَيَّلُ إِلَيْهِ): تَقَدَّمَ كم المدَّة التي أقام بها صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كذلك، وما ذُكِر فيها، وما قاله شيخُنا، وأنَّه أقام بذلك ثلاثًا أو أربعًا على الأصوَب؛ فانظره في (باب السحر)، وتَقَدَّمَ معنى (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِي أَهْلَهُ)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (إنَّهُ [1] أَفْتَانِي فِي أَمْرٍ اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ)؛ أي: أجابني في أمرٍ دَعوته فيه، وعلى الرجلين اللَّذَين جاءاه، وعلى مَن جلس عند رأسه، ومَن جلس عند رجليه، وهما جبريلُ وميكائيلُ، وعلى (مَطْبُوبٌ)؛ أي: مسحور، وعلى (مَنْ طَبَّهُ؟)؛ أي: سحره، وعلى (لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ)، وما يتعلَّق به، وعلى (جُفِّ طَلْعَةٍ)، وعلى (طَلْعَةٍ ذَكَرٍ)، وهي في أصلنا: (طلعةٍ) مُنَوَّنة، وكذا (ذَكَرٍ)، وما قاله الشيخ محيي الدين: إنَّه بالإضافة إلى (ذَكَرٍ)، وعلى (المُشْط)، و (المُشَاقَة)، وعلى (الرَّاعُوفَة [2])، وعلى (بِئْرِ ذَرْوَانَ)، وعلى (رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ)، وعلى قوله: (فَأُخْرِجَ)، والجمع بينه وبين الرواية الأخرى، وعلى (تَنَشَّرْتَ)، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (النُّشْرَة: ضربٌ مِن الرُّقى

[ج 2 ص 605]

يُعالَج به مَن كان يُظَنُّ أنَّ به مسًّا من الجنِّ، وقد اختلف العلماء في جوازها، انتهى، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (النُّشْرَة) في (باب السحر).

قوله: (أَمَّا اللهُ) و (أَمَّا أَنَا؛ فَأَكْرَهُ): (أمَّا) في الموضعين: بفتح الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا): تَقَدَّمَ ما (الشرُّ) الذي كره صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يثيره على الناس، وكلام ابن بَطَّال والسُّهَيليِّ، والله أعلم.

(1/10941)

[باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر ... ]

قوله: (بَابُ مَا يُنْهَى): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (وَالتَّدَابُرِ): (التَّدابر): التباغض والتقاطع؛ لأنَّهم إذا فعلوا ذلك؛ أعرض كلُّ واحدٍ عن صاحبه، وولَّى دُبُره، وقال شيخنا، وقيل: لا يُكلَّم أحدٌ في غِيبة أحدٍ بما يسوءُه، وقال النَّوَويُّ: المعاداة، وهو هو.

==========

[ج 2 ص 606]

(1/10942)

[حديث أبي هريرة: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث]

6064# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمين، وإسكان العين، ابن راشد، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ): (الظنَّ): مَنْصُوبٌ، ونصبه معروفٌ، و (الظنُّ): يأتي بمعنى الشكِّ والتُّهَمة، واعتقادِ ما لا تحقيق له، ومنه هذا الحديث؛ أي: الشكَّ، والاسم منه (الظِّنَّة) و (الظَّنُّ)، وقال في «النهاية» في هذا الحديث: أي: الشكُّ يَعرِض لك في الشيء، فتحقِّقه وتحكم به، وقيل: أراد: إيَّاكم وسوءَ الظنِّ وتحقيقه، دون مبادئ الظُّنون التي لا تُملَك، وخواطرِ القلوب التي لا تَندفع، ومنه الحديث: «إذا ظننت؛ فلا تُحَقِّقْ».

قوله: (وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا): الأولى في أصلنا بالجيم، والثانية بالحاء، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليهما مُطَوَّلًا.

قوله: (وَلَا تَدَابَرُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (التدابُر) أعلاه.

==========

[ج 2 ص 606]

(1/10943)

[حديث: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا]

6065# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ): قال أبو داود في «السنن»: إذا كانت الهجرة في الله تعالى؛ فليس من هذا في شيءٍ.

(1/10944)

[باب: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن ... }]

(1/10945)

[حديث: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ... ]

6066# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.

قوله: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه.

قوله: (وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا): الأولى بالجيم، والثانية بالحاء، كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليهما مُطَوَّلًا.

قوله: (وَلَا تَنَاجَشُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (النَّجْش)؛ وهو أن يزيد في سلعةٍ لا لرغبةٍ، بل ليخدع غيره.

قوله: (وَلَا تَدَابَرُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (التدابر) أعلاه.

==========

[ج 2 ص 606]

(1/10946)

[باب ما يكون من الظن]

قوله: (بَابُ مَا يَكُونُ مِنَ الظَّنِّ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (يجوز) عوض (يكون)، ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: الترجمة على الظنِّ، والحديثُ صيغته نفي الظنِّ؛ يعني: أنَّه قال فيه: ما أظنُّ، قال: لكنَّ نفيَ الظنِّ فيه وفي أمثاله موضوعٌ لظنِّ النفي عُرفًا، وإنَّما يدلُّ على الحقيقة الأصليَّة في الإطلاق؛ تحقيقًا للنَّصَفَة، وأنَّ صاحبه بريءٌ من المجازفة، حريٌّ بالمُناصَفة، ولهذا قَبِل مالكٌ رحمه الله في الشهادة صيغةَ: لا أعلم له وارثًا سوى ولدِه، والصيغة وضعًا لنفي العلم بزائدٍ على الولد، وقد يكون شاكًّا فيه، لكنَّها عُرفًا للبتِّ بالنفي؛ تغليبًا وترجيحًا، انتهى، وقال شيخنا: سوء الظنِّ جائزٌ عند أهل العلم لمن كان مُظهِرًا للقبيح، ومجانبًا لأهل الصلاح، غيرَ مشاهدٍ للصلوات في الجماعة، وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما: (كنَّا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء والصبح؛ أسأنا به الظنَّ) انتهى.

==========

[ج 2 ص 606]

(1/10947)

[حديث: ما أظن فلانًا وفلانًا يعرفان من ديننا شيئًا]

6067# 6068# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح الفاء، وهذا ظاهِرٌ، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وهو ابن خالد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: («مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا»، قالَ لَيْثٌ [1]: كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ): هذان الرجلان لا أعرفهما بأعيانهما، وقد ذكرت في (سورة المنافقين) مَن وقفتُ عليه أنَّه نُبِزَ بنِفاقٍ، والظاهر أنَّ هذين منهم، والله أعلم، قال شيخنا: (والظنُّ هنا بمعنى اليقين؛ لأنَّه كان يَعرفُ المنافقين حقيقةً بإعلام الله تعالى له بهم في «سورة براءة» ... ) إلى أن قال: (ونقل ابن التين هذا عن بعضهم، قال: واستبعده الداوديُّ فقال: تأويل الليث بعيدٌ، وإنَّما ظنَّ النفاق، ولم يحقِّقْهُ، ولم يكن يعلمُ المنافقين كلَّهم، قال الله تعالى: {لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة: 101]).

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وأنَّ (بُكَيْرًا) بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، الجواد.

قوله: (مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ): هما الرجلان الأوَّلان، وقد قَدَّمْتُ أنِّي لا أعرفهما، والله أعلم.

(1/10948)

[باب ستر المؤمن على نفسه]

قوله: (بَابُ سَتْرِ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ): ساق ابن المُنَيِّر حديثَي الباب بلا إسنادٍ، ثُمَّ قال: ترجم على سَتْر المؤمن على نفسه، ثُمَّ ذكر حديثَ النجوى وما فيه: (سترت على نفسك)، بل: «سترت عليك»؛ لأنَّ سَتْر العبد على نفسه هو سَتْر الله عليه؛ إذ هو خالق عبيده وأفعالِهم، انتهى.

قوله: (بَابُ سَتْرِ الْمُؤْمِنِ): (السَّتْر): بفتح السين، وهو مصدر (سَتَرتُ الشيءَ)؛ إذا غطَّيْتَه، وأمَّا بكسر السين؛ فالاسم، وهو واحد (الستور) و (الأستار)، والمراد الأوَّل، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 606]

(1/10949)

[حديث: كل أمتي معافى إلا المجاهرين ... ]

6069# قوله: (عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): (ابن أخي ابن شهاب): اسمه مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، و (ابْن شِهَابٍ) عَمُّه: هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن عبد الله بن مسلم الإمام، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ الكلام على ترجمة ابن أخيه، وأنَّه أخرج له الجماعة، والله أعلم.

[ج 2 ص 606]

قوله: (كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ): (معافًى): مُنَوَّن، وقوله: (إلَّا المجاهرين): كذا في أصلنا (المجاهرين)، ثُمَّ إنَّها غُيِّرَت بعد قراءتنا إلى (المجاهرون)، والظاهر أنَّ الذي أصلحها أشكل عليه إعرابُ (المجاهرين) بالنصب، فأصلحه بالرفع، وإنَّما رفع المستثنى وإن كان بعد موجَب؛ لأنَّه قد يَرِدُ مرفوعًا بالابتداء ثابتَ الخبرِ؛ كقوله: (أحرموا كلُّهم إلَّا أبو قتادة لم يُحرِم)، ومحذوفَه؛ كهذا، فـ (إلَّا)؛ بمعنى: (لَكِنْ)، و (المجاهرون): مبتدأ، والخبر محذوفٌ؛ أي: المجاهرون بالمعاصي لا يُعافَون، قاله ابن مالك، قال: وبمثله تأوَّلوا قراءة بعضهم: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [البقرة: 249]؛ أي: إلَّا قليلٌ منهم لم يشرب، وإعرابُ النصب ظاهرٌ، والله أعلم، و (المجاهرون): هم المعلنون بالمعاصي، الذين يشتهرون بإظهارها، و (الجهر): خلاف السِّرِّ، يقال: جهر وأجهر وجاهر، والله أعلم.

قوله: (وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَة): وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (المَجَانَة)، أمَّا (المجاهرة)؛ فقد تَقَدَّمَت أعلاه، وأمَّا (المَجَانَة)؛ بفتح الميم، وتخفيف الجيم، وبعد الألف نون مفتوحة مُخَفَّفة، ثُمَّ تاء التأنيث، و (المُجُون): أن لا يباليَ الإنسان ما صنع، وقد مَجُن _ بالضَّمِّ_ مُجونًا ومَجَانة، فهو ماجنٌ، والجمع: المُجَّان.

(1/10950)

[حديث: يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه ... ]

6070# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ): بضَمِّ الميم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي، وهذا ظاهِرٌ في الغاية عند أهله.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟): الرجل السائل لابن عمر لا أعرف اسمَه.

قوله: (فِي النَّجْوَى): هو تعزير الله عزَّ وجلَّ العبدَ على ذنوبه في سِترٍ عن الناس.

قوله: (كَنَفَهُ): هو بفتح الكاف والنون والفاء، ثُمَّ هاء الضمير، قال في «المطالع»: أي: سَتَره، ولا يفضحه، وقد يكون «كنفه» ههنا: عفوُه ومغفرتُه، وقد صحَّفه بعض المحدِّثين فقال: «كَتِفه»، وهو قبيحٌ، انتهى.

تنبيهٌ: ليس هذا لكلِّ أحدٍ، وإنَّما هو لبعض الناس، وفي روايةٍ: (يدنو المؤمن)، وهو مثل الذي قبله في الكلام عليه، وأنَّه خاصٌّ لا عامٌّ.

(1/10951)

[باب الكبر]

(1/10952)

[حديث حارثة: ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضاعف]

6071# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، وذكرت مدركيَ في ذلك، و (حَارِثَة بْن وَهْبٍ): هو بالحاء المُهْمَلَة، وبعد الألف راء، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثَة، الخزاعيُّ، وهو أخو عبيد الله بن عمر لأمِّه، له صحبةٌ، أمُّهما أمُّ كلثوم بنت جَرْوَل الخزاعيَّة، روى عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعن حفصة، وعنه المُسَيَّب بن رافع، ومعبد بن خالد، وأبو إسحاق، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

قوله: (كُلُّ ضَعِيفٍ متَضَعَّفٌ): كذا في نسخةٍ في هامش أصلنا، وفي هامشه وصُحِّح عليه: (متضاعِف)؛ بكسر العين بالقلم [1]، وقد سبق ما قاله ابن الجوزيِّ، وكذا ما قاله غيره، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (التفسير) في (سورة ن وَالْقَلَمِ)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (العُتُلِّ)، و (الجَوَّاظِ) في (ن).

==========

[1] وهي رواية «اليونينيَّة»، وفي (ق): (متضعِّف)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

[ج 2 ص 607]

(1/10953)

[معلق أنس: كانت الأمة من إماء أهل المدينة]

6072# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى): هذا هو مُحَمَّد بن عيسى بن نَجِيحٍ البغداديُّ، أبو جعفر بن الطَّبَّاع، سكن أَذَنة، وروى عن مالك، وأبي غسَّان مُحَمَّد بن مُطرِّف، والدارميِّ، وخلقٍ، ثقةٌ مأمون يُدَلِّس، وعنه: البُخاريُّ تعليقًا كما هنا، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان كذا)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة في الغالب، و (هُشَيم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بشير، حافظ بغداد، تَقَدَّمَ مترجمًا.

(1/10954)

[باب الهجرة ... ]

قوله: (بَابُ الْهِجْرَةِ): (الهجر): ضدُّ الوصل، وقد هجرَهُ، هَجْرًا، وهِجْرَانًا، والاسم: الهِجْرة؛ بالكسر، وقال ابن قُرقُول: لا تهاجروا: من الهِجْران؛ وهو إظهار العداوة، وقطعُ الكلام والسلام عنه.

قوله: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ [1] أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ): تَقَدَّمَ كلام أبي داود في «السنن»: أنَّ الهجرة إذا كانت لله تعالى؛ فليس من هذا في شيءٍ.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث اللاحق، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (لِرَجُلٍ).

[ج 2 ص 607]

(1/10955)

[حديث: إن النبي نهى عما قد علمت من الهجرة فوق ثلاث]

6073# 6074# 6075# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عَوْفُ بْنُ مَالِكِ): كذا في نسخة، وفي أصلنا: (عوف بن الطفيل)، وهو ابن أخي عائشةَ زوجِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لأمِّها، قال الدِّمْيَاطيُّ: عوف بن الحارث بن الطُّفَيل بن عبد الله بن سَخْبرة، انفرد البُخاريُّ بعوفٍ، والطُّفَيلُ أخو عائشة لأمِّها؛ أمِّ رومان، انتهى، عوف بن الحارث بن الطفيل ابن سخبرة الأزديُّ، رضيع عائشة، وابن أخيها لأمِّها أمِّ رومان، روى عن عمَّته عائشة، وابن الزُّبَير، وأبي هريرة، وأمِّ سلمة، وغيرِهم، وعنه: عامر بن عبد الله بن الزُّبَير، والزُّهْرِيُّ، وهشام بن عروة، وجماعةٌ، وكان ثقةً، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقول الدِّمْيَاطيِّ: (انفرد البُخاريُّ بعوف)؛ يعني: عن مسلم.

قوله: (أَنَّ عَائِشَةَ حُدِّثَتْ): هو بضَمِّ الحاء، وكسر الدال، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة، وهو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والذي حدَّث عائشةَ بذلك لا أعرفه.

قوله: (هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب قريش)؛ فانظره.

قوله: (الْهِجْرَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه الاسم، وأنَّ (الهجر) ضدُّ الوصل، أعلاه.

قوله: (لَا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (أحدًا) عِوَضَ (أبدًا)، و (أُشَفِّع): بضَمِّ الهمزة، وفتح الشين، وكسر الفاء المُشَدَّدة.

قوله: (وَلَا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي): معنى: (أَتَحنَّث): أكتسب الحنث؛ وهو الذَّنْب.

(1/10956)

قوله: (كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (المِسْور) بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صَحَابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ (مخرمة) أباه من مسلمة الفتح، تقدَّما، (وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ ابْنِ عَبْدِ يَغُوثَ): وبعد (يغوث): وهبُ بن عبد مَناف بن زُهْرَة، أبو مُحَمَّد الزُّهْرِيُّ، وُلِد على عهده عليه السلام، ولا تصحُّ له رؤيةٌ، وروى عن أبي بكر، وعمر، وعائشة، وغيرِهم، وعنه: مروان بن الحكم، وعبيد الله بن عديِّ بن الخيار، وأبو سلمة بن عبد الرَّحْمَن، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ العِجْليُّ فقال: تابعيٌّ ثقة، رجلٌ صالحٌ، من كبار التابعين، انتهى، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 607]

قوله: (أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألكما، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (لَمَا [1] أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ): (لمَا): بفتح اللام، مُخَفَّفة الميم، وقال شيخنا: حكى سيبويه: (نشدتكما بالله لمَّا فعلتَ)؛ مُشَدَّدة؛ أي: إلَّا فعلتَ، وقد قُرِئ: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4]؛ بالتشديد؛ تقديره: ما كلُّ نفسٍ إلَّا عليها حافظٌ، فتكون {إن} بمعنى: (ما)، وفي «الصحاح»: وقول مَن قال: «لمَّا» بمعنى: «إلَّا» غير معروفٍ في اللغة، انتهى، وما قاله شيخنا عن «الصحاح» قد رأيته فيه في (لَمَمَ)، وقوله: {لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} قرأها عاصم، وابن عامر، وحمزةُ: {لمَّا}؛ بتشديد الميم، والباقون بتخفيفها، وكذا {وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} في (هود [الآية: 111])، وفي (يس [الآية: 32]): {لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ}، والله أعلم.

قوله: (أَنْ تَنْذرَ قَطِيعَتِي): هو بفتح أوَّله، وكسر الذال وضمِّها؛ لُغَتان في «الصحاح».

قوله: (ادْخُلُوا كُلُّكُمْ): هو برفع (كلُّكم)، وهذا مَعْرُوفٌ.

قوله: (وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا): (طَفق): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الفاء وفتحها، وكذا الثانية والثالثة، وتَقَدَّمَ أنَّ معناه: جعل.

قوله: (إِلَّا مَا كَلَّمْتِهِ): هو بكسر التاء، وهذا ظاهِرٌ جدًا، وكذا (وَقَبِلْتِ مِنْهُ).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (لمَّا)؛ بالتشديد.

(1/10957)

[حديث: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا .. ]

6076# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب الزُّهْرِيُّ، العالم المشهور.

قوله: (وَلَا تَدَابَرُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (التدابر) قريبًا.

قوله: (وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ): تَقَدَّمَ قريبًا كلام أبي داود.

==========

[ج 2 ص 608]

(1/10958)

[حديث: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال]

6077# قوله: (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خالد بن زيد، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وتاريخ وفاته، وأين كانت، رضي الله عنه.

قوله: (فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا): (يُعرِض): بضَمِّ أوَّله، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (الَّذِي يَبْدَأُ): هو مهموز الآخِرِ، وهذا ظاهِرٌ.

==========

[ج 2 ص 608]

(1/10959)

[باب ما يجوز من الهجران لمن عصى]

قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الْهِجْرَانِ لِمَنْ عَصَى): تَقَدَّمَ الكلام على (الهِجران [1])، وأنَّه بكسر الهاء، وأنَّه مصدر هجر هَجْرًا وهِجْرانًا.

قوله: (وَقَالَ كَعْبٌ): هو كعب بن مالك بن أبي كعب عمرِو بن القَين الخزرجيُّ السَّلَميُّ، عَقَبِيٌّ فاتته بدرٌ، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا رضي الله [عنه]، أحد الثلاثة الذين تخلَّفوا عن تبوك.

(1/10960)

[حديث: إني لأعرف غضبك ورضاك]

6078# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب الغسل بعد الحرب والغبار) من (كتاب الجهاد)، وعلى (عَبْدة)، وقال المِزِّيُّ في هذا الحديث: هو ابن سلَام، انتهى، و (عبْدة): تَقَدَّمَ أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وهو ابن سُليمان، تَقَدَّمَ.

قوله: (إِنِّي لأَعْرِفُ غَضَبَكِ وَرِضَاكِ ... ) إلى آخره: قال القاضي عياض: مغاضبة عائشة رضي الله عنها له عليه السلام هو ما سبق من الغَيرة التي عُفِيَ عنها للنساء في كثيرٍ من الأحكام، كما سبق؛ لعدم انفكاكهنَّ، حتَّى قال مالكٌ وغيرُه من علماء الحديث: يسقط عنها الحدُّ إذا قذفت زوجها بالفاحشة على جهة الغَيرة، قال: واحتجَّ بما رُويَ عنه [1] عليه السلام أنَّه قال: «ما تدري الغيرى أعلى الوادي من أسفله»، ولولا ذلك؛ لكان على عائشة في ذلك من الحرج ما فيه؛ لأنَّ الغضب على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهجرَه كبيرةٌ عظيمةٌ؛ ولهذا قالت: (لا أهجر إلَّا اسمك)، فدلَّ على أنَّ قلبها وحبَّها كما كان، وإنَّما الغَيرة في النساء؛ لفَرْطِ المحبَّة، انتهى، والحديث الذي أشار إليه القاضي عياض رحمه الله الذي احتجَّ به رأيتُه في «مسند أبي يعلى المَوصِليِّ» من حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه قصَّةٌ، جرى لها مع أبيها أبي بكر رضي الله عنه، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه».

(1/10961)

[باب: هل يزور صاحبه كل يوم أو بكرةً وعشيًا؟]

قوله: (بَابٌ: هَلْ يَزُورُ صَاحِبَهُ كُلَّ يَوْمٍ بُكْرَةً وَعَشِيًّا؟): وفي نسخة في هامش أصلنا: (أو بكرةً)، وعليها (صح) وعلامة راويها، والحاصل: أنَّ هذا التبويب والحديثَ المذكور فيه يُرَدُّ به على الحديثِ الذي جمع أبو نعيم الأصبهانيُّ طُرُقَه، وقد رُوِّيناه عاليًا بالإجازة ونازلًا بالسماع: (زُرْ غِبًّا؛ تزدَدْ حُبًّا)، وهو ضعيفٌ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 608]

(1/10962)

[حديث: إني قد أذن لي بالخروج]

6079# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن موسى الرازيُّ الفرَّاء الحافظ، تَقَدَّمَ، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، تَقَدَّمَ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق تلفُّظًا وكتابةً، وسيأتي أيضًا في أواخره.

قوله: (وَقَال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (الليث): هو ابن سعد، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابن شهاب): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، وقد أخرج البُخاريُّ هذا التعليق متَّصلًا في (الصلاة)، وفي (الهجرة)، و (الإجارة)، و (الكفالة)، و (الأدب)؛ مختصرًا ومُطَوَّلًا، عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن عُقَيل، عن الزُّهْرِيِّ به.

قوله: (لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ): أبواها أشهرُ مِن أن يُذكَرا؛ أبو بكرٍ الصِّدِّيق عبدُ الله بن عثمان، وأمُّ رومان دعدٌ، ويُقال: زينب، تَقَدَّمَت في (حديث الإفك)؛ والمراد بـ (الدِّين): دينُ الإسلام، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو وقت الزوال.

قوله: (قَالَ قَائِلٌ: هَذَا رَسُولُ اللهِ): هذا القائل لا أعرف جاء مسمًّى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ بعض حُفَّاظ مِصْرَ المُتَأخِّرين قال: يحتمل أن يكون عامرَ بن فهيرة، وهذا تفقُّهٌ حَسَنٌ، والله أعلم.

قوله: (قَدْ أُذِنَ لِي): (أُذِن): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/10963)

[باب الزيارة ومن زار قومًا فطعم عندهم]

قوله: (فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ): (طَعِم): بفتح الطاء، وكسر العين؛ أي: أَكَل، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ): أمَّا (سلمانُ)؛ فهو الفارسيُّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه قُبَيل (المغازي)، وفي الصَّحَابة من اسمه سلمان بالفارسيِّ ستَّةٌ، منهم واحدٌ الصحيحُ أنَّه تابعيٌّ؛ وهو سلمان بن ربيعة الباهليُّ، قال ابن منده: ذكره البُخاريُّ في الصَّحَابة، ولا يصحُّ، و (أبو الدرداء): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عُوَيمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غيرُ ذلك، تأخَّر إسلامه، أسلم عَقِبَ بدرٍ، فرض له عمرُ رضي الله عنهما، فألحقه بالبدريِّين؛ لجلالته، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

(1/10964)

[حديث: أن رسول الله زار أهل بيت في الأنصار فطعم عندهم طعامًا]

6080# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام على الصحيح، وتَقَدَّمَ ما يفصل النزاعَ في أوَّل هذا التعليقِ، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد المجيد الثقفيُّ.

[ج 2 ص 608]

قوله: (زَارَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ [1] الأَنْصَارِ): (أهل هذا البيت) لا أعرفهم، و (قد دعت مُلَيكةُ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لطعامٍ صنعته له، فأكل منه، ثُمَّ قال: «قوموا؛ فلأصلِّي لكم»، قال أنس: فقمت إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طول ما لُبِس، فنضحته بماءٍ، فقام رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا ... )؛ الحديث، وهذه القصَّة تشبه المذكورةَ هنا، غير أنَّ التي في أوَّل «البُخاريِّ»: المنضوح حصيرٌ، وفي هذه: بساطٌ، وفي اللغة: البساط: ما يُبسَط، والظاهر أنَّ (أهل هذا البيت) هو بيت أمِّ سُلَيم أمِّ أنس بن مالك زوجِ أبي طلحة زيدِ بن سهلٍ، وكلا الحديثَين من حديث أنسٍ، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا الشارح قال: وهذا البيت هو بيت جدَّته مُلَيْكة، انتهى، يعني به: بيتَ أمِّ سُلَيم، وهي أمُّ أنسٍ لا جدَّته على الصحيح، وإنَّما هي جدَّة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ثُمَّ إنِّي رأيت ابنَ شيخنا البُلْقينيِّ قال: هذه القصَّة لعلها قصَّة أمِّ سُليم، قال: ويحتمل أن تكون الإشارة بها إلى قصَّة عِتبان بن مالكٍ، لا بدَّ لكَ مِن نظرة، والله أعلم، ثُمَّ إني رأيتُ في (باب الكنية للصبيِّ وقبل أن يُولَد للرجل) من حديث أنسٍ أيضًا: (فربَّما حَضَر الصلاةَ وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته، فيُكنَس، ثُمَّ يُنضَح، ثُمَّ يقوم، ونقوم خلفَه، فيصلِّي بنا)، ثُمَّ رأيت بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين ذكر القولَين، انتهى، والذي يظهر أنَّه بيت أمِّ سُلَيم؛ وذلك لأنَّه في بيت عِتْبان: أوَّل ما دخل صلَّى، وهذا _ أعني: بيت أمِّ سُلَيم_: صلَّى بعدما أكل، والله أعلم.

قوله: (فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ): (طَعِم): بكسر العين، وفتح الطاء؛ أي: أكل عندهم، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10965)

قوله: (فَنُضِحَ لَهُ): هو بضَمِّ النون، وكسر الضاد المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّضْح) معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (النضح) و (النضخ)؛ بالمُهْمَلَة وبالمُعْجَمَة، وأيُّهما أبلغُ؛ فانظره.

(1/10966)

[باب من تجمل للوفود]

(1/10967)

[حديث: إنما يلبس الحرير من لا خلاق له]

6081# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنَديُّ، وذلك لأنَّ عَبْد الغَنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة المسنَديِّ أنَّه روى عن عبد الصمد بن عبد الوارث، والله أعلم، و (عَبْدُ الصَّمَدِ): هو ابن عبد الوارث التَّنُّوريُّ، أبو سهلٍ، حافظٌ حُجَّةٌ، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ): الحضرميُّ البصريُّ النَّحْويُّ، عن أنس وسليمان بن يسار، وعنه: عبَّاد بن العَوَّام، وعبد الوارث، وابن عُلَيَّة، ثقةٌ، صاحب قرآنٍ وعربيَّةٍ، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان».

قوله: (مَا الإِسْتَبْرَقُ؟): تَقَدَّمَ الكلام على (الإستبرق)، وقد فسَّره هنا بـ (مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيبَاجِ، وَخَشُنَ مِنْهُ)؛ بالخاء والشين المعجمتين، كذا أحفظه بالخاء والشين المعجمتين، وفي هامش أصلنا: (وَحَسُنَ)؛ بالحاء والسين المُهْمَلَتين، قال بعضهم: ويُروى بالحاء والسين المُهْمَلَتين.

قوله: (رَأَى عُمَرُ عَلَى رَجُلٍ حُلَّةً): (الحُلَّة): تَقَدَّمَ ما هي، وهذا الرجل يجوز أن يكون عطاردَ بن حاجب، وشاهده: أنَّ في بعض طرق هذا الحديث: (قال عمر: بعثتَ بها إليَّ وقد قلتَ في حُلَّة عطارد ما قُلتَ ... )؛ الحديث، ثُمَّ إنِّي رأيت ابن شيخنا البُلْقينيِّ جزم به، وعطارد المذكور: هو ابن حاجب بن زرارة التميميُّ، له وفادة مع الأقرع بن حابس والزِّبْرِقَان بن بدرٍ، والله أعلم.

قوله: (مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ): تَقَدَّمَ، وأنَّه النصيبُ.

قوله: (فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [1] يَكْرَهُ الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ لِهَذَا الْحَدِيثِ): هذا كما قال الخَطَّابيُّ: مذهبُ ابنِ عمر في هذا الورعُ، ولهذا كان يتوخَّى في أكثر مذاهبه الاحتياطَ، وكان ابن عَبَّاس رضي الله عنهما يقول في روايته: (إلَّا عَلَمًا في ثوبٍ)، وكذلك هو؛ لأنَّ العَلَم لا يقع عليه اسم اللبس ... إلى أن قال: فكان قول ابنِ عَبَّاسٍ أشبهَ، انتهى، نقله شيخنا رحمه الله تعالى.

(1/10968)

[باب الإخاء والحلف]

قوله: (بَابُ الإِخَاءِ وَالْحِلْفِ): اعلم أنَّ المؤاخاة يُقال: كانت مرَّتين؛ مرَّةً بين المهاجرين بعضِهم في بعضٍ على الحقِّ والمواساة، وقد ذكر هذه غيرُ واحدٍ من الحُفَّاظ، وقد أنكرها الحافظ أبو العَبَّاس ابن تيمية في كتابه «الردُّ على ابن المطهَّر الرافضيِّ» في الفصل الحادي عشر من المجلد الثاني، ولفظه: (ومنها أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يؤاخِ عليًّا ولا غيرَه، وحديث المؤاخاة لعليٍّ ومؤاخاة أبي بكرٍ لعمرَ من الأكاذيب، وإنَّما آخى بين المهاجرين والأنصار، ولم يؤاخِ بين مهاجريٍّ ومهاجريٍّ)، انتهى، وقد ذكرت غير حديث في المؤاخاة بين مهاجريٍّ ومهاجريٍّ، وذكرت الجواب عنها في «تعليقي على سيرة أبي الفتح اليعمريِّ» في المؤاخاة بعد مقدمه المدينة، فلمَّا نزل عليه السلام المدينةَ؛ آخى بين المهاجرين والأنصار على المواساة والحقِّ في دار أنس بن مالكٍ، فكانوا يتوارثون بذلك دون القرابات، حتَّى نزلت وقتَ وقعةِ بدرٍ: {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [الأنفال: 75]، فنسَخت ذلك، وكانت هذه المؤاخاة بعد بنائه المسجد، وقيل: كان قبل ذلك والمسجد يُبنَى، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: بعد قدومه عليه السلام بخمسة أشهرٍ، وقد تَقَدَّمَ هذا؛ فانظره، وقد ذُكِر أنَّ المؤاخاةَ الثانيةَ بين المهاجرين والأنصار، كانوا مئةً؛ خمسون من كلِّ صنف، وقيل: كانوا تسعين؛ خمسةٌ وأربعون من كلِّ صنف، قد ذكرت ذلك فيما مضى، وقال أيضًا ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: (وقد قيل: وآخى بين المهاجرين بعضِهم مع بعضٍ مؤاخاةً ثانيةً، واتَّخذ فيها عليًّا أخًا لنفسه، والثَّبْت الأوَّل)، ثُمَّ شرع يوهِّن مؤاخاته بين المهاجرين، ثُمَّ قال: (ولو واخى بين المهاجرين؛ لكان أحقَّ الناس بأخوَّته أحبُّ الخلق إليه، ورفيقُه في الهجرة، وأنيسُه في الغار، وأفضلُ الصَّحَابة، وأكرمُهم عليه؛ أبو بكر الصِّدِّيق ... ) إلى آخر كلامه، وقد قَدَّمْتُ كلام السُّهَيليِّ في الحكمة في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.

(1/10969)

قوله: (وَالْحِلْفِ): هو بكسر الحاء المُهْمَلَة، وإسكان اللام، وبالفاء؛ وأصله: المعاقدة والمعاهدة على التعَاضُد والتَّساعُد والاتِّفاق، فما كان منه في الجاهليَّة على الفتن والقتال بين القبائل والغارات؛ فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله عليه السلام: «لا حِلْفَ في الإسلام»، وما كان منه في الإسلام على نَصر المظلوم، وصِلة الأرحام؛ كحلف المطَيِّبين _وهو بفتح الطاء المُهْمَلَة، وكسر المُثَنَّاة تحت المُشَدَّدة_ وما جرى مجراه؛ فذلك الذي قال عليه السلام: «وأيُّما حِلْف كان في الجاهليَّة؛ لم يزده الإسلامُ إلَّا قوَّةً»، وهذا الحِلْف الذي يقتضيه الإسلامُ، والممنوع منه ما خالف الإسلامَ، وقيل: المحالفة كانت قبل الفتح، وقوله: «لا حلفَ في الإسلام» قاله زمن الفتح، فكان ناسخًا، قاله ابن الأثير بأطولَ من هذا بيسيرٍ جدًّا، والله أعلم.

[ج 2 ص 609]

قوله: (وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه وَهْبُ بن عبدٍ السُّوائيُّ.

قوله: (بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما قريبًا جدًّا، وقبل ذلك أيضًا.

(1/10970)

[حديث أنس: أولم ولو بشاة.]

6082# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (حُمَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الطويل، حميد بن تير، وقيل: تيرويه، وقيل غيرُ ذلك، لا حميد بن هلالٍ، هذا ليس له في «البُخاريِّ» عن أنس إلَّا حديثَين ذكرتُهما مَرَّاتٍ.

قوله: (وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه رضي الله عنه، وأنَّه سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهيرٍ الأنصاريُّ الخزرجيُّ، عَقَبِيٌّ بدريٌّ، نقيب بني الحارث بن الخزرج، هو وعبد الله بن رواحة، استُشهِد يوم أُحُد.

تنبيهٌ: لهم آخر في الصَّحَابة يقال له: (سعد بن الربيع): ابن عمرو بن عديٍّ، أبو الحارث ابن الحنظليَّة، استُصغِر يوم أُحُد، وهو أخو سهل ابن الحنظليَّة، وهما من بني حارثة من الأنصار، وآخرُ غَلِطَ فيه بعضُهم، وصوابه: سعيد؛ بزيادة ياء، لا سعدٌ، وهو ابن الربيع بن عديِّ بن مالكٍ، من بني جحجبى، قُتِل يوم اليمامة، والله أعلم.

(1/10971)

[حديث أنس: لا حلف في الإسلام]

6083# قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ): (عاصمٌ) هذا: هو عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرَّحْمَن البصريُّ، لا عاصم بن عمر بن قتادة الظَّفَريُّ، الثاني له حديثٌ عن أنس في «سنن أبي داود»، لم يروِ له الشيخان عن أنسٍ شيئًا، والله أعلم.

قوله: («لَا حِلْفَ فِي الإِسْلَامِ»، فَقَالَ: قَدْ حَالَفَ [1] النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِي): تَقَدَّمَ الكلام على الحديثَين والجمعُ بينهما قريبًا من عند ابن الأثير؛ فانظره.

==========

[1] في هامش (ق): (أي: آخى).

[ج 2 ص 610]

(1/10972)

[باب التبسم والضحك]

قوله: (بَابُ التَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ): ذكر فيه أحاديثَ ظاهرةَ الرَّدِّ على ما رُويَ عن الحسن البصريِّ: أنَّه كان لا يضحك، كما حكاه عنه ابن بَطَّال بصيغة: رُوي، والمكروه من ذلك الإكثارُ من الضحك، والله أعلم، ذكره شيخنا.

==========

[ج 2 ص 610]

(1/10973)

[حديث: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟]

6084# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الحاء، وهذا مَعْرُوفٌ عندهم، وقد ذكرتُ ابنَ موسى أنَّه روى عنه البُخاريُّ ومسلمٌ، وحِبَّان بن عَطيَّة: له ذكرٌ في «البُخاريِّ» في قصَّة حاطب بن أبي بَلْتَعَة، وحِبَّان ابن العَرِقة: له ذكرٌ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وهو الذي رمى سعدَ بن معاذ يومَ الخندق، هلك على كفره، والباقي [في] «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوطَّأ» بالفتح، و (عَبْدُ اللهِ) بعد (حِبَّان بن موسى): هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (رِفَاعَةُ الْقُرَظِيُّ): تَقَدَّمَ أيضًا.

قوله: (طَلَّقَ امْرَأَتَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (امرأته) هذه في (الطلاق)، والاختلاف فيها، وكذا تَقَدَّمَ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ)، وأنَّه بفتح الزاي من أبيه، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه صَحَابيٌّ معروفٌ، وتَقَدَّمَ الاختلاف في نسبه، وتَقَدَّمَ الكلام على (الْهُدْبَة) ضبطًا، وما هي، وعلى (الجِلْبَاب)، والكلام على (ابْن سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي)، وهو خالدٌ، من كبار الصَّحَابة السابقين، وقدَّمت بعض ترجمته، وقد صَرَّحَ به في بعض الطرق في هذا الحديث.

تنبيهٌ: قوله: (وابن سعيد بن العاصي جالسٌ بباب الحجرة): هذا هو الصواب، ووقع في نسخة أبي مُحَمَّد عن أبي أحمد، (وسعيد بن العاصي جالسٌ)، والصواب: (وابن سعيد بن العاصي)، والله أعلم.

وعلى (فَطَفقَ)، وأنَّه بكسر الفاء وفتحها، وأنَّ معناه: جعل، وتَقَدَّمَ الكلام على (العُسَيْلَة).

==========

[ج 2 ص 610]

(1/10974)

[حديث: عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي]

6085# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمامِ مالكِ بن أنسٍ صاحبِ المذهب والأتْبَاع، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن سعدٍ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (مُحَمَّد بْن سَعْدٍ): هو ابن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة.

قوله: (وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ): هنَّ أزواجه، وتَقَدَّمَ الكلام عليهنَّ.

قوله: (وَيَسْتَكْثِرْنَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى (عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ) ما معناه، و (عالية): يجوز فيه الرفعُ مع التنوين، والنصبُ معه.

قوله: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي): تَقَدَّمَ [1] الكلام [على الفداء] بالأب والأمِّ أنَّه جائزٌ، وما قيل في ذلك، في (أُحُد) وقبلَها، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وأنَّ (أفعل) ليست على بابها، أو على بابها، وتَقَدَّمَ ما معناه، وعلى (إِيهٍ) ما معناها، وعلى (الفَجِّ)، وعلى قوله: (إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ)، وكلام القاضي عياض فيه، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (تقدَّمت)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

[ج 2 ص 610]

(1/10975)

[حديث: إنا قافلون غدًا إن شاء الله]

6086# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عُيَيْنَة، و (عَمْرو): هو ابن دينار، و (أَبُو العَبَّاسِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه السائب بن فرُّوخ، و (عَبْد الله بْن عَمْرٍو): كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ: (عبد الله بن عُمر)، قال الدِّمْيَاطيُّ على هذه النسخة ما لفظه: (ابن الخَطَّاب)، وورد في «مسلم» و «النَّسائيِّ»: (عن أبي العَبَّاس عن عبد الله بن عمرو)؛ يعني: ابن العاصي، هكذا قاله خلفٌ الواسطيُّ: هو في «البخاريِّ»: عبد الله بن عُمر، وفي «مسلمٍ»: عبد الله بن عَمرٍو، قال الدِّمياطيُّ: (وابن العاصي هو أشبه؛ لأنَّ أبا العبَّاس السائبَ بن فرُّوخ روى عن عبد الله بن عَمرٍو عدَّة أحاديثَ)، انتهى، قد ذكرت في (غزوة الطائف) الاختلافَ في ذلك مُطَوَّلًا، وأنَّ الاضطراب فيه من سفيان بن عُيَيْنَة؛ فانظره فإنَّه مفيدٌ.

قوله: (بِالطَّائِفِ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الطائف، وتَقَدَّمَ أنَّ (القُفُول): الرجوعُ.

قوله: (لَا نَبْرَحُ أَوْ نَفْتَحَهَا): يجوز فيه النصب والرفع، وهذا ظاهِرٌ، وقال شيخنا: (ضُبِط «نفتحها» بالرفع [1]، وصوابه النصبُ، كما ضَبطَ الدِّمْيَاطيُّ، ونبَّه عليه ابن التين)، انتهى.

قوله: (قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِالخَبَرِ كُلِّه): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (الحميديَّ) عبدُ الله بن الزُّبَير، وأنَّه شيخ البُخاريِّ، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخذه ذلك عنه في حال المذاكرة، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عُيَيْنَة.

==========

[1] في (أ): (وبالرفع)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 610]

(1/10976)

[حديث: أتى رجل النبي فقال: هلكت]

6087# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو ابن سعدٍ، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَرِيُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ الحِمْيَرِيَّ لم يَرْوِ له البُخاريُّ شيئًا عن أبي هريرة، إنَّما روى له مسلمٌ حديثًا واحدًا، وهو «أفضل الصيام بعد رمضان ... »؛ الحديث، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ): تَقَدَّمَ الكلام على اسم هذا الرجل في (الصوم)، وأنَّه سلمة بن صخرٍ البيَاضيُّ، ويقال فيه: سلمان، وتَقَدَّمَ أنَّه وقع في بعض النسخ الصحيحة من «المصابيح»: أنَّ اسمه سليمان، وأظنُّه من الأعاجم الذي يقرؤونه ويكتبونه، لا من المؤلِّف، والله أعلم.

[ج 2 ص 610]

قوله: (أَعْتِقْ رَقَبَةً): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (فَأُتِيَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ في (الزكاة): أنَّ الذي أتاه به فروة بن عمرو البياضيُّ، كذا في (كتاب الظِّهَار) من «جامع التِّرْمِذيِّ»، و (العَرَق): بفتح العين المُهْمَلَة والراء، وبالقاف، تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ.

قوله: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ): هذا هو إبراهيم بن سعدٍ الراوي في هذا الحديث.

قوله: (الْعَرَقُ: الْمِكْتَلُ): (المِكْتَل): بكسر الميم، وإسكان الكاف، وفتح المُثَنَّاة فوق، وباللام، تَقَدَّمَ ما هو، وكذا تَقَدَّمَت (اللَّابَتَان) [ضبطًا] ومعنًى، وأنَّ (اللَّابة): الحرَّة، وأنَّ الحرَّة: أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ، وتقدَّمت (النَّوَاجِذُ)؛ بالذال المُعْجَمَة، وأنَّها الأنياب، ويُقال: الأضراس.

(1/10977)

[حديث: كنت أمشي مع رسول الله وعليه برد نجراني غليظ الحاشية]

6088# قوله: (وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه منسوب إلى نجران، وتَقَدَّمَ أين هي، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الأعْرَابِيَّ) لا أعرف اسمه.

قوله: (حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ): تَقَدَّمَ أنَّ بعضهم قال: صوابه: (حاشية البُرْد)؛ لأنَّ في أوَّله: (وعليه بُرْدٌ)، وهذا التصويب فيه نظرٌ؛ إذ لعلَّ البُرْد كان مرتديًا به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 611]

(1/10978)

[حديث: ما حجبني النبي منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم]

6089# 6090# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ نُمَيْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، و (ابْنُ إِدْرِيسَ): هو عبد الله بن إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو مُحَمَّد، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالدٍ، و (قَيْس): هو ابن أبي حازمٍ؛ بالحاء المُهْمَلَة، و (جَرِيْر): هو ابن عبد الله البَجَليُّ.

قوله: (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا): تَقَدَّمَ أنَّه مقلوبٌ؛ أي: اجعله مهديًّا هاديًا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 611]

(1/10979)

[حديث: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق]

6091# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيدٍ القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وأحد الأعلام، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير، و (زَيْنَب بِنْت أُمِّ سَلَمَةَ): ربيبةُ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، تقدَّمت، وأمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّةُ، أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَت، وتَقَدَّمَ شيءٌ من ترجمتها، وتقدَّمت (أُمُّ سُلَيْمٍ)، والاختلاف في اسمها، وهي أمُّ أنس بن مالك، وزوجُ أبي طلحة زيدِ بن سهلٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ السؤال الذي سألت عنه أمُّ سُلَيم سأله ثلاثُ صحابيَّاتٍ غيرها، مجموعهنَّ أربعٌ: أمُّ سُلَيم، وسهلة بنت سهيل، وخولة بنت حكيم، وبُسْرة بنت صفوان، وعَزَوتُ كلَّ سؤالٍ إلى الكتاب الذي هو فيه.

قوله: (فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ): كذا هنا، وتَقَدَّمَ أنَّ في «مسلمٍ»: أنَّ أمَّ سُلَيم ذكرته بحضرة عائشةَ، وأنَّ عائشةَ أنكرتُه عليها، فيحتمل أنَّ عائشةَ وأمَّ سَلَمة أنكرتاه على أمِّ سُلَيم، فأجابَ كلَّ واحدةٍ منهما بما أجاب، وإن كان أهل الحديث يقولون: إنَّ الصحيحَ [أنَّ] أمَّ سلمة هي المنكِرَة، لا عائشة.

قوله: (فَبِمَ يُشْبِهُ الْوَلَدُ؟): (الولدُ): مَرْفُوعٌ فاعل (يُشْبِه)، وهذا ظاهِرٌ؛ يعني: أمَّه.

(1/10980)

[حديث: ما رأيت النبي مستجمعًا قط ضاحكًا]

6092# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة المصريُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (أَبُو النَّضْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد، وهو سالم بن أبي أُمَيَّة، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (اللَّهَواتِ): جمعُ (لَهَاة)، وأنَّها اللَّحمة المعلَّقة في أقصى الحلق، مُطَوَّلًا.

==========

[ج 2 ص 611]

(1/10981)

[حديث: اللهم حوالينا ولا علينا]

6093# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ): هو مُحَمَّد بن الحسن، ولقبُ الحسنِ محبوبٌ، وهو به أشهر، كنيته أبو جعفرٍ، ويُقال: أبو عبد الله، البُنانيُّ البصريُّ، ثقةٌ، روى عنه البُخاريُّ وأبو داود، تُوُفِّيَ سنة ثلاث وعشرين ومئتين، ويقال: سنة اثنتين وعشرين، وروى النَّسائيُّ عن واحدٍ عنه، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خليفة بن خيَّاط، شباب، العصفريُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا، فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّ الغالب أخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرةِ، و (سَعِيدٌ) بعد (يزيدَ بنِ زُرَيع): هو سعيد بن أبي عَروبة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل لا أعرفه، وتَقَدَّمَ ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين في (الاستسقاء)، وتَقَدَّمَ الكلام على (قَحِطَ الْمَطَرُ): أنَّه مَبْنيٌّ للفاعل، وللمفعول أيضًا، وهذه هنا في أصلنا، ورأيت في حاشيةِ أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (يُقال: قَحِط وقَحَط، والفتح أعلى، قال [1] القاضي في «إكماله»: قَحَط المطر، وقَحِط الناس، [وفي «الأفعال» معًا في المطر] [2]، وحُكِيَ: قُحِط) انتهى، وكذا رأيتُ في كلام غيره الثلاثةَ، والذي رأيتُه في «أفعال ابن القطَّاع»: قُحِط القوم قحْطًا، وأُقحِطُوا، والأرضُ: أصابها القحط؛ كذلك، وقَحِطوا وأَقْحَطوا مثلُه، وقَحَط القطرُ قُحوطًا: احتبس، وقَحِط قَحَطًا كذلك، وأَقحطنا: صرنا فيه، والرجل: أكسل عن الإنزال في الجماع، انتهى، وفي «الصحاح»: والقَحْطُ: الجَدْبُ، وقَحَطَ المطر يقحَط قُحوطًا؛ إذا احتبس، وحكى الفرَّاء: قَحِط المطرُ _بالكسر_ يقحَط، وأقحط القوم؛ إذا أصابهم القحطُ، وقُحِطوا أيضًا _على ما لم يُسَمَّ فاعلُه_ قَحْطًا، انتهى.

قوله: (فَنَشَأَ السَّحَابُ): (نشأ): هو بهمزة مفتوحة في آخره؛ أي: ابتدأ في الارتفاع.

قوله: (ثُمَّ مُطِرُوا [3]): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/10982)

قوله: (مَثَاعِبُ الْمَدِينَةِ): (المَثاعِب): بفتح الميم، وبالثاء المُثَلَّثَة، وبعد الألف عين مهملة مكسورة، ثُمَّ مُوَحَّدة؛ أي: مسايل مائها، جمع (مَثعَب)؛ بفتح الميم والعَين.

قوله: (مَا تُقْلِعُ): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر اللام، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ): تَقَدَّمَ في (الاستسقاء): (فسألنا أنسًا: أهو الرجل الأوَّل؟ قال: لا أدري)، وقد جاء في غير طريقٍ ما يدلُّ على

[ج 2 ص 611]

أنَّه الأوَّل؛ مثل قوله: (فأتى الرجل)، وظاهره الأوَّل، وفي روايةٍ أخرى: (فقام ذلك الأعرابيُّ)، وغير ذلك، والله أعلم.

قوله: (يَتَصَدَّعُ عَنِ الْمَدِينَةِ): أي: يتفرَّق.

قوله: (يُمْطَرُ مَا حَوَالَيْنَا): (يُمطَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله: (وَلَا يُمْطَرُ [4] مِنْهَا شَيْءٌ).

==========

[1] في (أ): (قاله)، والمثبت من هامش (ق).

[2] ما بين معقوفين مستدركٌ من هامش (ق).

[3] في (أ): (مطرا)، وليس بصحيح.

[4] في «اليونينيَّة» هنا: (يُمطِر)، وانظر هامشها.

(1/10983)

[باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا .. }]

قوله: (وَمَا يُنْهَى عَنِ الْكَذِبِ): (يُنهى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/10984)

[حديث: إن الصدق يهدي إلى البر]

6094# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ، وكذا (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، وكذا (أَبُو وَائِلٍ): أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

==========

[ج 2 ص 612]

(1/10985)

[حديث: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب ... ]

6095# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْن سَلَامٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سلَامًا) الصحيحُ فيه التخفيفُ، وقدَّمت ما يفصل النزاعَ في أوائل هذا التعليقِ، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو إسماعيل بن جعفر المدنيُّ، يروي عن العلاء، وعبد الله بن دينار، وأبي سُهيل نافعِ بن مالك، وخلقٍ، وعنه: قُتَيْبَة، وعليُّ بن حجر، ويحيى بن يحيى، ومُحَمَّد بن سلَام البيكنديُّ، وخلقُ، وَثَّقَهُ أحمدً وجماعةٌ، تُوُفِّيَ سنة (185 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (الآيةَ): العلامةُ، وقد تَقَدَّمَ في (باب علامة المنافق) الكلامُ عليه مُطَوَّلًا؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 612]

(1/10986)

[حديث: رأيت رجلين أتياني قالا الذي رأيته يشق شدقه]

6096# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا هي، و (جَرِيرٌ): هو ابن حازم؛ بالحاء المُهْمَلَة، الأزديُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (أَبُو رَجَاءٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عِمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غيرُ ذلك، وتقدَّمت ترجمته.

قوله: (رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي): تَقَدَّمَ في متن الحديث أنَّ أحدَهما جبريلُ، والآخرَ ميكائيل، في (الجنائز)، وسيجيء.

قوله: (يُشَقُّ شِدْقُهُ): (يُشَقُّ)؛ بضَمِّ أوَّله: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شِدْقُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وأنَّ (الشِّدْق) بالدال المُهْمَلَة، ووقع في «المشارق» للقاضي عياض إعجامُها، ولم أَرَه لغيره، وهو سبقُ قلمٍ، والله أعلم.

قوله: (بِالْكذْبَةِ): هي بكسر الكاف وإسكان الذال، وبفتح الكاف مع سكون الذال.

قوله: (تُحْمَلُ عَنْهُ): (تُحمَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (الآفَاقَ): بمدِّ الهمزة؛ أي: النواحي.

قوله: (فَيُصْنَعُ بِهِ): (يُصنَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/10987)

[باب: في الهدي الصالح]

قوله: (بَابُ الْهَدْيِ الصَّالِحِ): (الهَدي): بفتح الهاء، وإسكان [الدال]، وهو _حيث ذُكِر_ الطريقةُ والمذهبُ والسَّمْتُ.

==========

[ج 2 ص 612]

(1/10988)

[حديث: إن أشبه الناس دلا وسمتًا وهديًا برسول الله]

6097# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): الظاهر أنَّه ابن راهويه، أحد الأعلام، وانظر «الكمال» و «التذهيب»، فإنَّهما لم يذكرا أحدًا اسمه إسحاق بن إبراهيم عن حَمَّاد بن أسامة إلَّا ابنَ راهويه، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حَمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ، و (شَقِيْق): هو ابن سلمة، أبو وائلٍ، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني حُسيلٍ، ويُقال: حِسل، وحسلٌ صَحَابيٌّ، رضي الله عنهما، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (دَلًّا): هو بفتح الدال المُهْمَلَة، وتشديد اللام، حُسْنُ السَّمْتِ، والشمائل، والحديث، والحركة، قاله ابن قُرقُول، وفي «النهاية» لابن الأثير كما قال ابن قُرقُول، ولفظه: وتكرَّر ذكرُ (الدَّلِّ) في الحديث، وهو والهَدْيُ والسَّمْتُ عبارةٌ عن الحالة التي يكون عليها الإنسانُ من السَّكِينة والوَقَار، وحُسْنِ السِّيرة والطريقة، واستقامةِ المنظر والهيئة.

قوله: (وَسَمْتًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه في كلام «النهاية» ضمنًا، ولفظه فيه استقلالًا، نحو ما ذكرته عن ابن قُرقُول، ولفظ ابن قُرقُول في قوله: (أقرب سَمْتًا): هو حسن الهيئة والمنظر والدِّين والخير، لا في الجمال والملبس، والسَّمْتُ أيضًا: القصد والطريق والجهة، ومنه: سَمْتُ القبلة، قال الخَطَّابيُّ: وأصله الطريق المنقاد، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (وَهَدْيًا): (الهَدْيُ): تَقَدَّمَ الكلامُ عليه أعلاه؛ فانظره، وضبطُه.

قوله: (لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ): (ابنُ): مَرْفُوعٌ، واللام مفتوحةٌ للتأكيد، وهو عبد الله بن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه رضي الله عنه، و (أمُّ عبدٍ): بغير إضافةٍ، وهي أمُّ عبد الله بن مسعود، وهي بنت سود بن قويم بن صاهلة، من المهاجرات، رضي الله عنه وعنها.

(1/10989)

تنبيهٌ: قال شيخنا: قال الداوديُّ: قال مالكٌ: أشبه الناس برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في هَدْيِه عمرُ، وأشبه الناس بعمرَ عبدُ الله، وأشبهُ الناس بعبدِ الله سالمٌ، انتهى، فهذا حذيفة صَحَابيٌّ ابن صَحَابيٍّ قد قال: إنَّ أشبهَ الناس برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ابنُ مسعود، فقولُه مقدَّم على قول مالكٍ؛ لأنَّه شاهدَ الثلاثةَ، ويحتمل أنَّ يُجمَع بين كلامه وكلامِ مالكٍ، فيُقال: إنَّ كلامَ مالكٍ: (إنَّ عمرَ أشبهُ برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) في الهَدْيِ فقط، وابن مسعود في مجموع هذه الخصال المذكورةِ، أو يُقال: إنَّ كلام حذيفةَ بعد عمر؛ لأنَّ عمرَ تُوُفِّيَ سنة (23 هـ)، وابن مسعود تُوُفِّيَ سنة (32 هـ)، ثُمَّ صار ابنُ عمر أشبهَ الناس برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعد وفاة ابن مسعود في هذه الخِصال، وقد روى أحمدُ في «المسند» بإسنادٍ جيِّد عن عمر رضي الله عنه: (مَن سرَّه أن ينظر إلى هَدْيِ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فلينظر إلى هَدْيِ عمرو بن الأسود) انتهى، وعمرو بن الأسود هذا: هو عمرو بن الأسود العَنْسيُّ، أدرك الجاهليَّة، وروى عن عمر رضي الله عنه، سكن داريَّا، ويقال له: عُمَير، وقد عُمِّر دهرًا طويلًا، وهذا الرجل روى له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «تهذيب الكمال» وفروعه، قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»: روى بقيَّة عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرَّحْمَن بن جُبَيرٍ بن نفير قال: حجَّ عمرو بن الأسود، فلمَّا انتهى إلى المدينة؛ نظر إليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو قائمٌ يصلِّي، فسأل عنه، فقيل: رجلٌ من أهل الشام، فقال: ما رأيت أحدًا أشبهَ صلاةً، ولا هَدْيًا، ولا خُشوعًا، ولا لِبْسَةً، برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مِن هذا الرجل،

[ج 2 ص 612]

وقد ذكر الذَّهَبيُّ أثرَ عمر الذي في «المسند» في زيادته على المِزِّيِّ في ترجمة هذا الرجل، وبقيَّة: وَثَّقَهُ الجمهور بما روى عن الثقات، وقال النَّسائيُّ: إذا قال: (حدَّثنا، وأخبرنا)؛ فهو ثقةٌ، وعبد الرَّحْمَن بن جُبَيرٍ ثقةٌ، قال ابن سعد: ثقةٌ يَستنكِر بعضُهم حديثَه.

(1/10990)

وينبغي أن يُجمَع بين كلام حذيفة، وكلام عمر، وابنِه، ومالكٍ، فهذا عمرُ وابنُه يقولان في عَمرو بن الأسود ما قالا، وهذا حذيفةُ يقول في عبدِ الله بن مسعود ما قال، وهذا مالكٌ يقول في عمرَ ما قال، والله أعلم، وقد رُوِّينا في كتاب «رفع اليدين» للبُخاريِّ: قال جابر بن عبد الله: لم يكن أحدٌ منهم ألزمَ لطريق النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولا أتْبَعَ مِن ابن عمر رضي الله عنهما، وفي «أبي داود» و «التِّرْمِذيِّ» و «النَّسائيِّ» من حديث عائشة، وكذا في «المستدرك» للحاكم على شرطهما، قال الذَّهَبيُّ: وأخرجاه بنحوه من حديث مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت أحدًا كان أشبهَ سَمْتًا وهديًا ودلًّا برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من فاطمة)، قال التِّرْمِذيُّ: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه، وكلام الجماعة الذين تَقَدَّمَ قولهم في الرجال، وعائشة في النساء، أو فيمَن رأته من النساء والرجال، والله أعلم.

فتحصَّلنا على جماعةٍ يشبهونه عليه السلام في هَدْيِه وطريقته؛ وهم: عبد الله بن مسعود، وعمر، وعبد الله بن عمر، وسالم، وعمرو بن الأسود، وفاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ورضي عنها.

قوله: (مِنْ حِين يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ): (حين): بالجرِّ، ويجوز أن تُفتَح.

قوله: (لَا نَدْرِي مَا يَصْنَعُ): (نَدرِي): بفتح النون، وكسر الراء، مَبْنيٌّ للفاعل.

(1/10991)

[حديث: إن أحسن الحديث كتاب الله]

6098# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (مُخَارِق): بضَمِّ الميم، وتخفيف الخاء المُعْجَمَة، وبعد الألف راء مكسورة، ثُمَّ قاف، قال الدِّمْيَاطيُّ: مخارق بن عبد الله، وقيل: ابن عبد الرَّحْمَن، وقيل: ابن خليفة، انفرد به البُخاريُّ، انتهى، و (مُخَارق) هذا: أَحْمَسِيٌّ كوفيٌّ، عن طارق بن شهاب، وعنه: شعبة، والسفيانان، وإسرائيل، وجماعةٌ، قال أحمد ابن حنبل: ثقةٌ ثقةٌ، وقول الدِّمْيَاطيِّ: (انفرد به البُخاريُّ)؛ يعني: عن مسلم، وكذا هي عادته، وإلَّا؛ فقد أخرج له معه التِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ.

قوله: (الْهَدْيِ؛ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الهَدي): بفتح الهاء هنا، ويجوز ضمُّها، قاله ابن قُرقُول، قال: وهو ضدُّ الضلال، انتهى، وذكره ابن الأثير في (المفتوح الهاء).

==========

[ج 2 ص 613]

(1/10992)

[باب الصبر على الأذى ... ]

(بَابُ الصَّبْرِ) ... إلى (كِتَاب الاسْتِئذَان)

فائدةٌ: ذكر اللهُ الصبرَ في القرآن في بضعٍ وتسعين موضعًا؛ وذلك لصعوبته على النَّفْس، وليس مَقامٌ من المقامات أكثرَ ذكرًا في القرآن منه، والله أعلم.

(1/10993)

[حديث: ليس أحد أصبر على أذى سمعه من الله]

6099# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (سُفْيَان) بعده: هو سفيان الثَّوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن السُّلَمِيُّ)؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام: عبد الله بن حَبِيب _بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة_ ابن رُبَيِّعة؛ بضَمِّ الراء، تَقَدَّمَ، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (لَيْسَ شَيْءٌ، أَوْ لَيْسَ أَحَدٌ [1] أَصْبَرَ): (أصبرَ): بالنصب خبر (ليس)، وهو في أصلنا مَنْصُوبٌ ومرفوعٌ، وهو جائزٌ.

تنبيهٌ: الصبر من الله عزَّ وجلَّ هو الحِلم، كذا أوَّله ابن فُورَك، قاله شيخنا، وقال بعد ذلك: ومعنى وصفه بالحِلم: هو تأخير العقوبة عن المستحقِّين لها.

تنبيهٌ آخرُ: وصفُه تعالى بالحِلم لم يَرِد في القرآن، وإنَّما ورد في السُّنَّة، ويُؤوَّل الحِلمُ، قاله شيخنا، انتهى، وفيه نظرٌ، ففي القرآن وصفُه بالحِلم، ففي (الأحزاب) [الآية: 51]: {وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً}، وفي (فاطر) [الآية: 41]: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}، وفي (البقرة) [الآية: 263]: {والله غَنِيٌ حَلِيمٌ}، وفي (آل عمران) [الآية: 155]: {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}، وفي (المائدة) [الآية: 101]: {وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}، وفي (سبحان) [الآية: 44]: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}، والظاهر أنَّ هذا غلط من الناسخ، وكأنَّ شيخَنا قال: وصفُه بالصبر لم يَرِدْ في القرآن، وإنَّما ورد في السُّنَّة، ويُؤوَّل بالحِلم [2]، ويستقيم الكلام على هذا، والله أعلم.

(1/10994)

[حديث: قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر]

6100# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيْق): هو ابن سلمة، أبو وائل، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: وَاللهِ؛ إِنَّهَا لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ ابن شيخنا البُلْقينيِّ قال: إنَّه مُعَتِّب بن قُشَير.

قوله: (أَمَا [1] أَنَا): (أَمَا) في أصلنا: بتشديد الميم بالقلم، وقال شيخنا: قال ابن التين: صوابه أن تكون مُخَفَّفةً، وقد وقع في بعض الروايات بتشديد الميم، وليس ببيِّن، انتهى.

قوله: (قَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا [2] فَصَبَرَ): تَقَدَّمَ الكلام على ما أوذي به موسى قريبًا وبعيدًا؛ فانظره إن أردته.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أمَّا).

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ذَلِكَ).

[ج 2 ص 613]

(1/10995)

[باب من لم يواجه الناس بالعتاب]

(1/10996)

[حديث: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه]

6101# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (حفصًا): هو ابن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِياث) مرارًا، و (الأَعْمَشُ) أعلاه وقبله مرارًا: سليمان بن مِهْرَان، و (مُسْلِمٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن صُبَيح؛ بضَمِّ الصاد المُهْمَلَة، وفتح المُوَحَّدة، أبو الضُّحى.

قوله: (صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ، فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ ... )؛ الحديث: لعلَّ الذي صنعه ورخَّص فيه وتنزَّه هؤلاء القومُ عنه ما رواه مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، عن جابر بن عبد الله: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خرج عام الفتح إلى مكَّة في رمضان، فصام حتَّى بلغ كُراعَ الغميم، فصام الناس، ثُمَّ دعا بقَدَح مِن ماء، فرفعه حتَّى نظر الناسُ إليه، ثُمَّ شرب، فقيل له بعد ذلك: إنَّ بعض الناس قد صام، فقال: «أولئك العُصَاة، أولئك العُصَاة»، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخَنا مثَّل بحديث الصوم في السَّفَر، والله أعلم، وقد ذكر بعضُ الحُفَّاظ المُتَأخِّرين هذا الحديثَ، ولم يذكر فيه شيئًا، غير أنَّه قال: يُنظَر فيه، انتهى.

(1/10997)

[حديث: كان النبي أشد حياءً من العذراء في خدرها.]

6102# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّادٍ الحافظ، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، و (عَبْد اللهِ [1] بْنُ أَبِي عُتْبَةَ مَوْلَى أَنَسٍ): (عُتبة): بضَمِّ العين المُهْمَلَة، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، يروي عن مَولاه أنس بن مالكٍ، وعائشة، وغيرِهما، وعنه: ابن جُدعان، وحُميدٌ الطويل، بصريٌّ صدوقٌ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وابن ماجه، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، وقد تَقَدَّمَ، و (أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

[ج 2 ص 613]

قوله: (مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا): (العذراء)؛ بالذال المُعْجَمَة: البكر، و (الخِدْر): بكسر الخاء المُعْجَمَة، وإسكان الدال المُهْمَلَة: السِّتْر يكون للجارية البِكر في ناحية البيت، وقيل: الخِدْر: سريرٌ عليه سِتْر، وقيل: الخِدْر: البيت نفسه، وقد تَقَدَّمَ.

(1/10998)

[باب: من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال]

قوله: (بَابٌ: مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ _وفي نسخة: أكفر_ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ؛ فَهْوَ كَمَا قَالَ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: حمل البُخاريُّ قوله: «فقد باء بها أحدُهما» على تحقيق الكفر على أحدهما؛ لأنَّه إن كان صادقًا؛ فالمرمِيُّ كافرٌ، وإن كان كاذبًا؛ فقد جعل الرامي الإيمانَ كُفرًا، ومن جعل الإيمانَ كفرًا؛ فقد كفر، ولأجل هذا ترجم عليه مقيَّدًا: (بغير تأويل)، والله أعلم.

(1/10999)

[حديث: إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء به أحدهما]

6103# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ): قال الجَيَّانيُّ وقد ذكر هذا الموضع هكذا: في نسخة الأصيليِّ والقابسيِّ: (حدَّثنا مُحَمَّد)؛ غيرَ منسوبٍ، وكذلك أخرجه أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ، نسبه ابن السكن مُحَمَّد بن بَشَّار، وذكر مكانًا آخر في (الحجِّ) في (الدعاء بين الجمرتين): (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا عثمان بن عمر)، ثُمَّ قال: هكذا وقع عن أبي مُحَمَّد الأصيليِّ وأبي مسعود الدِّمَشْقيِّ: (مُحَمَّد)؛ غيرَ منسوبٍ، ونسبه لنا ابن السكن في روايتنا عنه فقال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن بَشَّار: حدَّثنا عثمان بن عمر)، ثُمَّ قال الجَيَّانيُّ: قلت: وقد روى البُخاريُّ في (كتاب الأطعمة): (عن مُحَمَّد بن المثنَّى عن عثمان بن عمر)، وذكر أبو نصرٍ أنَّ البُخاريَّ حدَّث في «الجامع» عن مُحَمَّد بن المثنَّى ومُحَمَّد بن بَشَّار، عن عثمان بن عمر، والله أعلم، انتهى.

و (أحمد بن سعيد): هو أحمد بن سعيد بن صخر، أبو جعفرٍ الدارميُّ السَّرَخْسِيُّ، ثُمَّ النيسابوريُّ، الفقيه الحافظ، أحد الأئمَّة، عن النَّضْر بن شُمَيل، وعثمان بن عمر بن فارس، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبي عامر العَقَديِّ، وطبقتِهم، وعنه: الجماعةُ سوى النَّسائيِّ، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وأبو عوانة، وغيرُهم، تُوُفِّيَ سنة (253 هـ).

و (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (فَقَدْ بَاءَ بِهِ [1] أَحَدُهُمَا): أي: التزمه ورجع عليه.

(1/11000)

قوله: (وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ: سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، فهو صحيحٌ إلى المعلَّق عنه؛ وهو عكرمة بن عمَّار، وعكرمة ليس من شرط الكتاب، ولم يخرِّج له البُخاريُّ شيئًا إلَّا تعليقًا كما رأيته، وهو عكرمة بن عمَّار الحنفيُّ اليماميُّ، عن الهرماس وله صحبةٌ، وعن طاووس وطائفةٍ، وعنه: شعبة، ويحيى بن سعيد القَطَّان، وعبد الرَّزَّاق، وخلقٌ، وهو ثقةٌ إلَّا في يحيى بن أبي كثير؛ فمضطرب، قال التِّرْمِذيُّ في «جامعه» ولفظه: ربَّما يَهِمُ في حديث يحيى، انتهى، وكان مجابَ الدعوة، مات سنة (159 هـ)، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ والأربعة، له ترجمة في «الميزان»، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن أبي كَثِير، و (عَبْد اللهِ بْن يَزِيدَ): هو مولى الأسود بن سفيان المخزوميِّ، المدنيُّ المقرئ الأعور، عن أبي سلمة بن عبد الرَّحْمَن، وعروة، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثوبان، وعنه: يحيى بن أبي كثير، وإسماعيل بن أُمَيَّة، وأسامة بن زيدٍ الليثيُّ، ومالك بن أنس، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين، وأخرج له الجماعة، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/11001)

[حديث: أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما]

6104# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

==========

[ج 2 ص 614]

(1/11002)

[حديث: من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا فهو كما قال]

6105# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، الحافظ الكرابيسيُّ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، ورواية أبي قِلابة عن ثابت بن الضَّحَّاك متَّصلة، وهي في الكُتُب السِّتَّة، ذكرها غيرُ واحد، و (ثَابِت بِن الضَّحَّاكِ): وهو ابن خليفة، أبو زيد الأنصاريُّ الأشهليُّ، نزل البصرة، بايع تحت الشجرة، وكان دليلَ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى حمراءِ الأسدِ، روى عنه عبد الله بن مَعْقِل، وأبو قِلابة الجَرْميُّ، قال الفلَّاس: مات سنة (45 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: لهم ثابت بن الضَّحَّاك بن أُمَيَّة بن ثعلبة الأنصاريُّ الخزرجيُّ، وُلِد سنة ثلاث من الهجرة، ومات قريبًا من سنة سبعين، ذكره الواقديُّ فيمَن رأى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد خَلَطَ غيرُ واحدٍ إحدى الترجمتين بالأخرى وتناقضوا؛ زعموا أنَّ هذا بايع تحت الشجرة، وأنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أردفه يوم الخندق، وأنَّه كان دليلَه، ثُمَّ قالوا: وُلِد سنة ثلاثٍ من الهجرة، ومات سنة (45 هـ)، قال: ويُقال: في فتنة ابن الزُّبَير، وقد ثبت في «الصحيحين» أنَّ ثابت بن الضَّحَّاك ممَّن بايع تحت الشجرة، قال أبو قِلابة: أخبرني ثابت بن الضَّحَّاك: أنَّه بايع تحت الشجرة، وذكر ابن سعد: أنَّ الذي روى عنه أبو قِلابة مات في فتنة ابن الزُّبَير، قال الذَّهَبيُّ: وأحسب أنَّ هذا أشبهُ؛ لأنَّ أبا قِلابة لم يسمع إلَّا متأخِّرًا قبل السبعين، انتهى، والله أعلم.

(1/11003)

[باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولًا أو جاهلًا]

قوله: (بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا أَوْ جَاهِلًا): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته بلا إسنادٍ، ثُمَّ قال: الأحاديث مطابقةُ الترجمة إلَّا حديثَ عمرَ رضي الله عنه؛ يعني: (أنَّه عليه السلام أدرك عمر وهو في ركب وهو يحلف بأبيه، فناداهم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «ألا إنَّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم» ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: لكن لمَّا كان الحَلِف تعظيمًا للمحلوف، ولم يكن الخطَّاب مؤمنًا؛ كان الحَلِف تعظيمًا للكافر، لكن عُذِر بالتأويل، انتهى.

قوله: (لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ: إِنَّه مُنَافِقٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (حاطب بن أبي بَلْتَعة) رضي الله عنه، وسبب قول عمرَ له ذلك؛ لكتابته إلى قريش بمسيره عليه السلام إليهم في الفتح، وقد قَدَّمْتُ ما كتب به إليهم، وإلى مَن كتب، غَيْرَ مَرَّةٍ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 614]

(1/11004)

[حديث: يا معاذ أفتان أنت؟]

6106# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ): هو بفتح العين، وتخفيف المُوَحَّدة، وهو مُحَمَّد بن عَبَادة بن البُخْتُريِّ الأسديُّ، وقيل: العِجْليُّ، وقيل: الباهليُّ، الواسطيُّ، أبو عبد الله، وقيل: أبو جعفر، عن إسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون، وأبي أسامة، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة، ومُطَيَّن، وأبو بكر بن أبي داود، وآخرون، قال أبو حاتمٍ: صدوقٌ، صاحبُ نَحْوٍ وأَدَبٍ، وقال أبو داود: ثقةٌ، قال الجَيَّانيُّ: روى البُخاريُّ عنه في (كتاب الأدب) وفي (الاعتصام)، و (يَزِيدُ): هو ابن هارون، و (سَلِيمٌ): هو بفتح السين، وكسر اللام، وهو ابن حَيَّان؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ، فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً): هذا الرجل تَقَدَّمَ الكلام عليه، والاختلاف فيه، والله أعلم.

[ج 2 ص 614]

قوله: (وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا): (النَّواضح): بفتح النون، وبالضاد المُعْجَمَة، وحاء مهملة، جمع (ناضح)، وقد تَقَدَّمَ ما هو.

(1/11005)

[حديث: من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى]

6107# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ): (إسحاق) هذا: قال الجَيَّانيُّ وقد ذكر هذا المكان: نسبه ابن السكن في روايته: (إسحاق ابن راهويه)، وقال أبو نصرٍ: كان أبو حاتم الحَذَّاء يقول: هو إسحاق بن منصور الكوسج، وقد روى مسلمٌ عن إسحاق بن منصور عن أبي المغيرة، فهذا يقوِّي ما حكاه أبو نصرٍ عن أبي حاتم، انتهى.

و (أَبُو الْمُغِيرَةِ): هو عبد القُّدُّوس بن الحَجَّاج الخولانيُّ الحمصيُّ، عن حريز بن عثمان، وصفوان بن عمرو، والأوزاعيِّ، وطائفةٍ كبيرةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وروى أيضًا هو ومسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه عن رجلٍ عنه، وروى عنه أيضًا أحمد ابن حنبل، وإسحاق الكوسج، والدارميُّ، ومُحَمَّد بن يحيى الذهليُّ، وخلقٌ، وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنيُّ وغيرُه، وقال أبو حاتمٍ: صدوق، قال البُخاريُّ: مات سنة (212 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، قال فيه: أخطأ من أودعه في الضُّعفاء.

و (الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أبو عمرٍو عبدُ الرَّحْمَن بن عمرو، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (حُمَيْد): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَريُّ، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ.

قوله: (بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى): تَقَدَّمَ الكلام عليهما.

قوله: (فَلْيَتَصَدَّقْ): تَقَدَّمَ أنَّه يتصدَّق بما ينطلق عليه اسم الصدقة؛ لما في «مسلم»: «فليتصدَّق بشيءٍ»، وقيل: يتصدَّق بمثل ما أراد أن يُقامر به، وقيل غير ذلك ممَّا تَقَدَّمَ ويأتي.

==========

[ج 2 ص 615]

(1/11006)

[باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله ... ]

(1/11007)

[حديث: من أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور]

6109# قوله: (حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، والسين المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: هو إبراهيم بن سعدٍ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَفِي الْبَيْتِ قِرَامٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر القاف، وتَقَدَّمَ ما هو.

==========

[ج 2 ص 615]

(1/11008)

[حديث: يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز]

6110# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيدٍ القَطَّان، وتَقَدَّمَ (قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، و (أَبُو مَسْعُودٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عقبة بن عمرو الأنصاريُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، وتعقُّبُ من عدَّه بدريًّا، وإنَّما كان ينزل بدرًا فنُسِبَ إليها.

قوله: (أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ؛ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرجل) لا أعرفه، وأن المطوِّلَ: أُبيُّ بن كعب، قاله ابن شيخنا البُلْقينيِّ.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَت اللُّغات فيها ومعناها.

(1/11009)

[حديث: إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإن الله حيال وجهه]

6111# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

قوله: (حِيَالَ وَجْهِهِ): وكذا قوله: (حِيَالَ وَجْهِهِ)، (حِيَال): بكسر الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره لام، و (حيال الشيء): مقابلُه، وهو من ذوات الواو، انقلبت ياءً؛ من أجل الكسرة؛ أي: الجهة التي عظَّمها الله عزَّ وجلَّ قُبَالة وجهه، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 615]

(1/11010)

[حديث: عرفها سنةً ثم اعرف وكاءها وعفاصها.]

6112# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ في (النكاح) أنَّ الجَيَّانيَّ قال في ذاك المكان: (حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا إسماعيل بن جعفر)، قال: لم ينسبه أحدٌ من رواة الكتاب، وذكر أبو نصرٍ أنَّ مُحَمَّد بن سلَام يروي عن إسماعيل بن جعفر في «الجامع»، انتهى، ولو ظفر بهذا المكان؛ لقال فيه كذلك، أو أنَّه وقع في روايته منسوبًا، والله أعلم، والمِزِّيُّ لم ينسبه، وكذا شيخنا.

قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللُّقَطَةِ): هذا (الرجل) تَقَدَّمَ أنَّه بلال، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: ويحتمل أنَّه عُمَير والد مالكٍ، قال: وجاء أنَّه زيد بن خالدٍ الجُهَنيُّ الراوي، كما تَقَدَّمَ، انتهى، وعُمَير [1] هذا: قال الذَّهَبيُّ: والد مالكٍ، أورده الإسماعيليُّ في الصَّحَابة، روى عنه ابنه في اللُّقَطَة، (س)؛ يعني: ذكره أبو موسى المدينيُّ.

قوله: (ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا): تَقَدَّمَ ما (الوِكاء)، وكذا (العِفَاص) ضبطًا ومعنًى، وتَقَدَّمَ أنَّ (رَبُّهَا): مالكها، وتقدَّمت (وَجْنَتَاهُ) ما هي، وكذا تَقَدَّمَ (الحِذَاء) و (السِّقَاء).

==========

[1] في (أ): (وعمر).

[ج 2 ص 615]

(1/11011)

[معلق زيد: ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم]

6113# قوله: (وَقَالَ الْمَكِّيُّ): هذا هو المَكِّيُّ بن إبراهيم، شيخُ البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة في الغالب، وأنَّه كـ (حدَّثنا)، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ): هو ابن أبي هند.

قوله: (وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ): هو مُحَمَّد بن زياد بن عبيد الله الزياديُّ البصريُّ، أبو عبد الله، عن حَمَّاد بن زيد، وعبد الوارث، وابن عُيَيْنَة، وبشر بن المفضَّل، وغُنْدر مُحَمَّد بن جعفر، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ كالمقرون، وفي «الكاشف»: وعنه البُخاريُّ مقرونًا بغيره، ولا شكَّ أنَّه هنا مقرونٌ، وهذا نوعٌ من القَرن، قرنه بالمَكِّيِّ بن إبراهيم، وروى عنه ابن ماجه أيضًا، وزكريَّا السَّاجيُّ، وابن خزيمة، وطائفةٌ، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، قيل: تُوُفِّيَ في حدود الخمسين ومئتين، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا، وابن ماجه، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غُنْدر، تَقَدَّمَ ضبطه، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي هند، وقدَّم البُخاريُّ السند الأوَّلَ الذي أخذه في المذاكرة؛ لعلوِّه؛ لأنَّه أعلى من الثاني برجلٍ، وأخَّر هذا النازل، و (بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وإسكان السين المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ مِرارًا.

قوله: (احْتَجَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجيْرَةً): (احتجر): (افتعل) من الحَجْر؛ أي: جعلها لنفسه خاصَّةً.

قوله: (مُخَصَّفَةً): هي بالخاء المُعْجَمَة، والصاد المُهْمَلَة المُشَدَّدة، قال ابن قُرقُول: (حجيرة بخَصَفَة)؛ أي: حصير، ووقع لغير ابن السكن:

[ج 2 ص 615]

(حجيرة مخصَّفة)، والأوَّل أبين؛ أي: اقتطعها عن الناس بخَصَفَة، وفي أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ: (احتجر)؛ بالراء، وفي نسخة بالزاي، وهذه التي بالزاي رأيتُ بعضَهم حكاها، و (حجيرة): بضَمِّ الحاء وفتحها، وفتح الجيم وكسرها؛ يعني: مع فتح الجيم، وعليها (معًا)، والاثنتان رأيتُ بعضَهم حكاهما، وفي الهامش: (حُجيزة)؛ بالزاي بالقلم، و (مخصّفة): مفتوح الصاد ومكسورها بالقلم، كلاهما مع التشديد.

قوله: (وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أبطأ): هو بهمزة مفتوحة في آخره.

(1/11012)

قوله: (إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ): (الصلاةَ): نصب على الاستثناء، و (المكتوبةَ): صفة لها.

(1/11013)

[باب الحذر من الغضب ... ]

(1/11014)

[حديث: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه ... ]

6114# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (بِالصُّرَعَةِ): (الصُّرَعة): بضَمِّ الصاد، وفتح الراء، وبالعين، المُهْمَلَتين؛ مثال: (الهُمَزَة)، هو الذي يصرع الناس بقوَّته، وبإسكان الراء: هو الذي يصرعه الناس كثيرًا، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ): يعني: الذي يغلب شهوتَه وغضبَه حتَّى كأنَّه يصرعُه، فهو أحقُّ بالمدح شرعًا وحقيقةً من الذي يصرع الناس؛ لأنَّ ذلك دليلٌ على اعتدال الخُلُق وكمال العقل، وهذا من تحويل الكلام من معنًى إلى معنًى آخرَ.

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11015)

[حديث: إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد]

6115# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ (صُرَدًا) ليس معدولًا، وهو مصروفٌ، في (الأذان) وغيرِه.

قوله: (اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذين لا أعرفهما.

قوله: (فَقَالُوا لِلرَّجُلِ: أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ): اعلم أنَّه تَقَدَّمَ: أنَّه قال له رجلٌ، وقدَّمت أنَّه معاذٌ، وهنا: (فقالوا له)، فيكون معاذٌ أحدَ القائلين له، وأمَّا الرجل الذي غَضِب؛ فقال شيخنا: إمَّا أن يكون منافقًا، أو أَنِف من كلام أصحابه، دون كلام رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11016)

[حديث: أن رجلًا قال للنبي: أوصني؟ قال: لا تغضب]

6116# قوله: (عَنْ أَبِي حَصِينٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء، وكسر الصاد، المُهْمَلَتين، وأنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضَّمِّ، واسم هذا: عثمانُ بن عاصم، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ»): قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ عن ابن بشكوال: إنَّه جاريةُ بن قُدامة، كذا في «مسند ابن أبي شيبة»، و «المؤتلف والمختلف» للدارقطنيِّ، انتهى، ورأيت بعضهم عزا لأحمدَ في «المسند»: أنَّه جارية بن قدامة، انتهى، قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: ويحتمل أن يكون أبا الدرداء، كما في «فوائد أبي الفضل بن خيرون»، ويحتمل أن يكون عبدَ الله بن عمر وغيره؛ كما في «فوائد ابن صخر»، قال ابن صخرٍ بعد ذِكْرِ أنَّه عبد الله بن عمر من حديثٍ: وهذا روى عن غير واحدٍ من الصَّحَابة رضي الله عنهم مسندًا، وهو من حديث عبد الله بن عمر صحيحٌ، وإسناده صالحٌ، وفي «الفوائد» أيضًا: عن سفيان بن عبد الله الثقفيِّ مثلُ حديث ابن عمر، انتهى مُلَخَّصًا، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المُتَأخِّرين: إنَّه وقع مثلُ هذا السؤال لأبي الدرداء، وعبد الله بن عمر، وكذا وقع مثلُه لعثمان بن أبي العاصي، وذكر ذلك مَعْزُوًّا لكتبه، ولكنَّ النسخةَ سقيمةٌ، وغالب ظنِّي أنَّه ذُكِر وقوعُ ذلك لغير من ذَكَر، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11017)

[باب الحياء]

قوله: (بَابُ الْحَيَاءِ): تَقَدَّمَ تعريف (الحياء) في (كتاب الإيمان) في (بابٌ: الحياءُ من الإيمان)؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11018)

[حديث: الحياء لا يأتي إلا بخير]

6117# قوله: (عَنْ أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ): (أبو السَّوَّار): بفتح السين المُهْمَلَة، وتشديد الواو، وبالراء في آخره، واسمه: حسَّان بن حُرَيث، وقيل: منقذ، وقيل غيرُ ذلك، عن عليٍّ، وعِمران بن حُصَين، وجُندب بن عبد الله، وجماعةٍ، وعنه: قتادة، وأبو التَّيَّاح، والجُريريُّ، وأشعث بن عبد الله الحُدَّانيُّ، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ أبو داود وغيره، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، و (عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حُصَينًا) بضَمِّ الحاء، وفتح الصاد، وأنَّ الأسماء كذلك، والكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ حُصَينًا صَحَابيٌّ.

قوله: (فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ): (بُشَير): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمَة؛ ومراده بـ (الحكمة): التوراة، وكذلك صَرَّحَ به في بعض الطرق، فقال: مكتوبٌ في التوراة كذا وكذا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11019)

[حديث: دعه فإن الحياء من الإيمان.]

6118# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، وتَقَدَّمَ (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ وَهْوَ يُعَاتِبُ [1] فِي الْحَيَاءِ): هذا (الرجل) لا أعرف اسمه، ولا اسمَ الذي يُعاتَبُ، وفي بعض طرقه: (مرَّ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على رجلٍ من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء ... )؛ الحديث، وفي أصلنا: (يعاتِب)؛ بكسر التاء المُثَنَّاة فوق بالقلم، والله أعلم.

==========

[1] في «اليونينيَّة»: (يُعاتَب)، والسياق يقتضي المثبت.

[ج 2 ص 616]

(1/11020)

[حديث: كان النبي أشد حياءً من العذراء في خدرها .. ]

6119# قوله: (اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ (عُتْبة) بضَمِّ العين، وإسكان المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ.

قوله: (مِنَ الْعَذْرَاءِ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطها ومَن هي، وتَقَدَّمَ أيضًا الكلام على (الخِدْرِ).

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11021)

[باب: إذا لم تستح فاصنع ما شئت]

(1/11022)

[حديث: إنَّ مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى ... ]

6120# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية بن حُدَيج الحافظ، أبو خيثمة، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (رِبْعيًّا) بكسر الراء، وإسكان المُوَحَّدة، وتشديد الياء؛ كالنسبة إلى الرَّبيع؛ الفَصْلِ المعروفِ، و (حِرَاش): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الحاء المُهْمَلَة، وتخفيف الراء، وفي آخره شين معجمة، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (أَبُو مَسْعُودٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عقبة بن عَمرو الأنصاريُّ.

قوله: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (المناقب)، والاختلاف في معنى قوله: (فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ).

==========

[ج 2 ص 616]

(1/11023)

[باب ما لا يستحيا من الحق للتفقه في الدين]

قوله: (بَابُ مَا لَا يُسْتَحْيَا مِنَ الْحَقِّ؛ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه مطابقة الترجمة لحديثِ التي

[ج 2 ص 616]

عرضت نفسها: أنَّها إنَّما فعلت ذلك دِينًا، لا لحظِّ نفسٍ، ولِما يترتَّب على تزويجه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من حملها الشريعة، ولِما يطرأ وراء الحجب؛ أسوة بنسائه [1] رضي الله عنهنَّ، فطلبُها لذلك داخلٌ في طلب التفقُّه في الدِّين والعلم، انتهى.

==========

[1] في (أ) تبعًا لمصدره: (نسائه)، ولعلَّ المُثبتَ هو الصَّوابُ.

(1/11024)

[حديث: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق فهل ... ]

6121# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ، أحد الأعلام، قال الدِّمْيَاطيُّ تجاه (إسماعيل): ابن أبي أويسٍ عبدِ الله بن عبد الله بن أويس بن مالكٍ، روى عنه البُخاريُّ ومسلمٌ، وروى أيضًا مسلمٌ عن جماعةٍ عنه، انتهى، وهذا مَعْرُوفٌ، و (زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَةَ): تَقَدَّمَت مرارًا، وأبو ها أبو سلَمة: عبد الله بن عبد الأسد الشهيد، وأمُّها (أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفةَ المخزوميَّةُ، تَقَدَّمَت، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها، أمُّ المؤمنين، و (أُمُّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَت مع بعض ترجمة، والاختلاف في اسمها.

قوله: (فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ غَسْلٌ [1] إِذَا احْتَلَمَتْ؟): تَقَدَّمَ جماعةٌ من الصَّحَابيَّات سألت كسؤالها قريبًا وبعيدًا جدًّا، وتَقَدَّمَ أنَّ أمَّ سلمة أنكرت عليها، وأنَّ في «مسلم»: أنَّ عائشة أنكرت عليها، وتَقَدَّمَ الجواب عن ذلك، وجواب المحدِّثين، قريبًا كلُّه، وفي (كتاب العلم).

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (غُسل).

[ج 2 ص 617]

(1/11025)

[حديث: مثل المؤمن كمثل شجرة خضراء]

6122# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (مُحَارب): اسم فاعل من (حارب)، وأنَّ (دِثَارًا) بكسر الدال، وبالثاء المُثَلَّثَة المُخَفَّفة، وفي آخره راء.

قوله: (وَعَنْ شُعْبَةَ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، وظاهره أنَّ آدم _وهو ابن أبي إياس_ حدَّث بالأوَّل عن شعبة، عن مُحارب بن دِثَار، عن ابن عمر، وحدَّث به عن شعبة، عن خُبَيب بن عبد الرَّحْمَن، عن حفص بن عاصم، عن ابن عمر، وقدَّم الأوَّل؛ لعلوِّه؛ لأنَّه عالٍ برَجُلٍ، و (خُبَيْب بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): بالخاء المُعْجَمَة المضمومة.

قوله: (مِثْلَهُ): هو مَنْصُوبٌ مفعول، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: (وَزَادَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ): يعني: أنَّه زاد من هذه الطريق الثانية هذه الزيادةَ.

(1/11026)

[حديث: جاءت امرأة إلى النبي تعرض عليه نفسها]

6123# قوله: (حَدَّثَنَا مَرْحُومٌ): هو بالحاء المُهْمَلَة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن عبد العزيز العطَّار، مولى معاويةَ بنِ أبي سفيان) انتهى، وهذا مَعْرُوفٌ جدًّا.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا ... )؛ الحديث: هذه (المرأة) تَقَدَّمَ الخلاف فيها في (سورة الأحزاب).

قوله: (فَقَالَتِ ابْنَتُهُ): (ابنة أنسٍ) هذه: تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمها، وقال بعض المُتَأخِّرين من الحُفَّاظ: إنَّها أمينة بنت أنس، وقد تَقَدَّمَ.

(1/11027)

[باب قول النبي: «يسروا ولا تعسروا»]

(1/11028)

[حديث: يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا]

6125# قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ) [1]: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة فوق المفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُشَدَّدة، وفي آخره حاء مهملة، وتَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّه يزيد بن حُمَيدٍ.

==========

[1] صحَّ تقديم هذا الحديث على ما قبله في رواية أبي ذرِّ، بخلاف «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 617]

(1/11029)

[حديث: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا .. ]

6124# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام [عليه] في (سورة البقرة)، و (النَّضْر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالصاد المُهْمَلَة، وهذا هو ابن شُمَيلٍ الإمام، و (سَعِيد بْن أَبِي بُرْدَةَ): ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، واسم (أَبِي بُرْدَةَ) القاضي؛ قاضي الكوفة: الحارثُ، أو عامرٌ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ): تَقَدَّمَ في أوَّل (الزكاة) متى بَعَثَهما إلى اليمن.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: الْبِتْعُ): هو بكسر المُوَحَّدة، وإسكان المُثَنَّاة فوق على المشهور _وحكى بعض أهل اللغة فتحَها، كما قاله في «المطالع» _ وبالعين المُهْمَلَة، وقد فسَّره هنا بأنَّه من العَسَل.

قوله: (وَشَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ، يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ): قال ابن قُرقُول: (المزر): شراب الذُّرَة، وكذا في «صحاح الجوهريِّ»، وكما في «الصحيح» قاله ابن فارس، فكأنَّه منهما، والله أعلم.

(1/11030)

[حديث: ما خير رسول الله بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما]

6126# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

قوله: (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا): (خُيِّر)؛ بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة: مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا الحديث في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وفيه: استحباب الأخذ بالأيسر والأَرْفَق ما لم يكن حرامًا أو مكروهًا، ويحتمل أن يكون تخييره عليه السلام هنا من الله عزَّ وجلَّ، فيخيِّره فيما فيه عقوبتان، أو فيما بينه وبين الكفَّار من القتال وأخذ الجزية، أو في حقِّ أمَّته في المجاهدة في العبادة أو الاقتصاد، فكان يختار الأيسر في كلِّ هذا، وأمَّا قوله: (ما لم يكن إثمًا)؛ فيُتَصوَّر إذا خيَّره الكفَّار والمنافقون، فأمَّا إذا كان التخيير من الله تعالى أو من المسلمين؛ فيكون الاستثناء منقطعًا، والله أعلم.

(1/11031)

[حديث: ما عنفني أحد منذ فارقت رسول الله]

6127# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عَارم السَّدوسيُّ، و (الأَزْرَق بْن قَيْسٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قبل (الجنائز).

قوله: (عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ): (الشاطئ)؛ بهمزة في آخره: شطُّه وجانبه، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ، و (النَّهَْر): بفتح الهاء وإسكانها، و (الأَهْوَاز): تَقَدَّمَ الكلام عليها في آخر (الصلاة) قبل (الجنائز).

قوله: (وَقَدْ [1] نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ): (نَضَبَ)؛ بفتح النون، والضاد المُعْجَمَة المُخَفَّفة، والمُوَحَّدة، ينضُب؛ بضَمِّ الضاد؛ أي: غار، قال شيخنا: قال الداوديُّ في قوله: (نضب عنه الماء): إنَّه تحبَّس [2]، وليس كذلك، انتهى.

قوله: (فَجَاءَ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ): (أبو بَرْزَة): بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الراء، ثُمَّ زاي مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، واسمه نضلة بن عبيد على الصحيح، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، وبقيٌّ في «مسنده»، صَحَابيٌّ مشهورٌ رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَفِينَا رَجُلٌ لَهُ رَأْيٌ): هذا الرحل لا أعرف اسمه، ومعنى: (له رأيٌ): يعني: أنَّه من الخوارج، وكذا تَقَدَّمَ في آخر (الصلاة): (فجعل رجلٌ

[ج 2 ص 617]

من الخوارج)، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ مَنْزِلِي مُتَرَاخٍ): أي: بعيدٌ.

(1/11032)

[حديث: دعوه وأهريقوا على بوله ذنوبًا من ماء]

6128# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها تلفُّظًا وكتابةً، وسأذكره في أواخر هذا التعليق إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (الليث): هو ابن سعد، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، وهذا التعليق لم أَرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا.

قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الأعرابيِّ)، والاختلاف فيه، في (باب ترك النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والناسِ الأعرابيَّ ... ) إلى آخر الترجمة، وفي غيره، وكذا تَقَدَّمَ (الذَّنُوب)، وأنَّه بفتح الذال المُعْجَمَة، وما هو، وكذا تَقَدَّمَ (السَّجْل) ضبطًا ومعنًى.

(1/11033)

[باب الانبساط إلى الناس]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [1] ... ) إلى أن قال: (وَدِينَكَ لَا تَكْلِمَنَّهُ): (تَكْلِمَنَّه): تَجْرَحَنَّه؛ أي: لا تفعل معهم حرامًا، ولا تقرَّهم عليه، قال بعضهم: (تَثْلِمَنَّه)، ويُروى: (لا تَكْلِمَنَّه) انتهى، و (الثُّلمة): الخلل في الحائط وغيره، و (دينَك): نصبُه أحسنُ من رفعه؛ لأنَّ الفعل إذا اشتغل عن المفعول بضميرٍ؛ كان المختارُ الرفعَ، إلَّا أن يكون مع الأمر، أو النهي، أو العَرْض، أو التمنِّي، أو الاستفهام، أو الجزاء، أو الجَحْد، وهو هنا مع النهي، والله أعلم.

قوله: (وَالدُّعَابَةِ مَعَ الأَهْلِ): (الدُّعابةِ): مجرورةٌ معطوفةٌ على (الاِنْبِسَاطِ)، وهي بضَمِّ الدال المُهْمَلَة: المزاح، وفعلها كـ (مَنعَ).

(1/11034)

[حديث: يا أبا عمير ما فعل النغير]

6129# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ): تَقَدَّمَ قريبًا ضبطه، وأنَّه يزيد بن حُمَيدٍ الضُّبَعِيُّ.

قوله: (لأَخٍ لِي صَغِيرٍ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ): (أبو عُمَير) هذا: لا أعلم أحدًا سمَّاه، إلَّا أنَّه نُقِل لي عن أبي الفرج ابن الجوزيِّ: أنَّه سمَّاه حفصًا، وقد ذكرت ذلك قبل هذا، وإنَّما يُعرَف بالكنية، وهو ولد أبي طلحة زيد بن سهلٍ الأنصاريِّ من أمِّ سُلَيم أمِّ أنس بن مالك.

قوله: (مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ): هو بضَمِّ النون، وفتح الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهو طائرٌ يشبه العُصْفُور، وقيل: هو فرخُ العُصفور، وقيل: نوعٌ من الحُمَّرَة، ومكبَّرُه: نُغر، وهو جمعٌ، واحدته: نُغرة، وقيل: بل واحدٌ، وجمعه: نُغران، ويقال: هو طائرٌ أسودُ اللون، أحمرُ المِنقار، قاله في «المطالع».

فائدةٌ: أفرد حديث أبي عُمير هذا أبو العَبَّاس أحمدُ بن أحمد الطَّبَريُّ المعروف بابن القاصِّ بالتأليف، وعندي منه نسخةٌ، وفيه من الفوائد جواز حبس الطائر في قفصٍ وإطعامه؛ كالدَّابَّة في الإصطبل، وهي مسألةٌ عزيزة النقل.

==========

[ج 2 ص 618]

(1/11035)

[حديث: كنت ألعب بالبنات عند النبي]

6130# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (المغازي) في (غزوة أحُد) في (باب ما أصاب النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الجراح يوم أحُد)، والمِزِّيُّ لم ينسبه، وشيخُنا لم يتعرَّض له بالكُلِّيَّة، و (أبو معاوية): هو مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، الضرير.

قوله: (كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال القاضي عياض رحمه الله: فيه جواز اللَّعِب بهنَّ، وهنَّ مخصوصات من الصُّوَر المَنْهيِّ عنها؛ لهذا الحديث، ولما فيه من تدريب النساء في صغرهنَّ لأمر أنفسهنَّ وبيوتهنَّ وأولادهنَّ، قال: وقد أجاز العلماء بيعهنَّ وشراءهنَّ، ورُويَ عن مالكٍ كراهةُ شرائهنَّ، وهذا محمولٌ على كراهة الاكتساب بها، وتنزيه ذوي المروءات عن تولِّي بيع ذلك، لا كراهة اللَّعِب، وقال: ومذهب جمهور العلماء جوازُ اللَّعِب بهنَّ، وقالت طائفةٌ: هو منسوخٌ بالنهي عن الصُّوَر، هذا كلامه، ومذهب الشَّافِعيِّ في المسألة معروفٌ: أنَّه حرامٌ، قال شيخنا هنا في قوله: (بالبنات): يحتمل أن تكون الباء بمعنى: (مع)، و (البنات): الجواري، وهو غيرُ ظاهرٍ؛ لقولها: (وكان لي صواحب يلعبنَ معي) انتهى.

قوله: (يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ): هو بمُثَنَّاة فوق مفتوحة قبل القاف، وتشديد الميم، المفتوحات، ثُمَّ عين مهملة ساكنة، ثُمَّ نون جماعة النسوة؛ أي: يتغيَّبْنَ حياءً منه وهيبةً، وقيل: يدخُلْنَ في بيتٍ ونحوِه، وهو قريبٌ من الأوَّل، وفي «المطالع»: (يتقمَّعْنَ)؛ أي: يتغيَّبْنَ ويدخُلْنَ البيتَ، ويُروى: (ينقمِعْنَ)، وهما سواءٌ، ورواه بعضهم: (يتقنَّعْنَ)؛ بالنون، والأوَّل المعروف، انتهى.

قوله: (فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ): هو بضَمِّ أوَّله؛ المُثَنَّاةِ تحت، وفتح السين المُهْمَلَة، وكسر الراء المُشَدَّدة، ثُمَّ مُوَحَّدة، والباقي معروفٌ؛ ومعناه: يُرسلهنَّ.

==========

[ج 2 ص 618]

(1/11036)

[باب المداراة مع الناس]

قوله: (بَابُ الْمُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ): (المداراة): قال الجوهريُّ في (المعتلِّ): (ومداراة الناس: يُهمَز ولا يُهمَز، وهي المداجاة والملاينة، وقد ذكره في (المهموز) أيضًا فقال: وأمَّا المدارأة في حسن الخُلُق والمعاشرة؛ قال الأحمر فيه: إنَّه يُهمَز ولا يُهمَز، يقال: درأتُه وداريتُه؛ إذا اتَّقيتَه ولَايَنْتَه، ولفظ «القاموس» في (المهموز): ودارأته: داريته، ودافعته، ولاينته، انتهى، فذكره في المهموز وعدمه، ولم يكن عندي (المعتلُّ) منه، وكذا ذكره غيرُهما أنَّه بالهمز وعدمه.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذه صيغة تمريضٍ، وكأنَّه لم يصحَّ عنده على شرطه، و (أبو الدرداء): تَقَدَّمَ أنَّه عُويمر بن مالك، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن ثعلبة، وقيل غيرُ ذلك، تأخَّر إسلامه، أسلم عَقيب بدرٍ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ): هو بفتح النون، ثُمَّ كاف ساكنة، ثُمَّ شين معجمة مكسورة، ثُمَّ راء، قال الدِّمْيَاطيُّ: الكشر: ظهور الأسنان للضَّحِك، وكاشَرَه؛ إذا ضَحِك في وجهه، وانبسط إليه، انتهى، وفي «الصحاح»: كشر البعيرُ عن نابه؛ أي: كشف عنها، ابنُ السِّكِّيت: الكَشْر: التبسُّم، يُقال: كشر الرجل، وانكلَّ، وافترَّ، وابتسم: كلُّ ذلك تبدو منه الأسنان، انتهى، والاسم: الكِشْرَة؛ كـ (العِشْرَة)، ولم يذكر في مثله النَّوَويُّ إلَّا التخفيف، وفي «المطالع»: («حتَّى كشَّر»: التكشير: هو انكشاف الأسنان عند الضحك أو التبسُّم، وقد يُستعمَل في غير الضحك، يقال: كشر الكلب عن نابه؛ إذا أبداه ورفع شفتيه عند غضبه واكفهراره، انتهى.

[ج 2 ص 618]

(1/11037)

[حديث: ائذنوا له فبئس ابن العشيرة]

6131# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عُيَيْنَة، و (ابْن المُنْكَدِر): هو مُحَمَّد بن المنكدر.

قوله: (اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ): هذا (الرجل): قال الخطيب البغداديُّ _كما نقله عنه النَّوَويُّ_: إنَّه مخرمة بن نوفل، وقيل: عُيَيْنَة بن حِصْن الفزاريُّ، وقال القاضي عياض في «شرح مسلم»: إنَّه عُيَيْنَة بن حِصْن، ولم يكن أسلم يومئذ، ذكر ذلك عنه النَّوَويُّ، ولم يزد، وقد تَقَدَّمَ قريبًا، وقد ذكر غيرُ واحد القولَين فيه، وذكر السُّهَيليُّ في أوَّل (غزوة الخندق) في ترجمة عُيَيْنَة بن حِصْن: أنَّه الذي قال فيه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ شرَّ الناس مَن وَدَعَهُ الناس اتَّقاء شَرِّه»، انتهى.

قوله: (بِئْسَ [1] ابْنُ الْعَشِيرَةِ، أَوْ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا شكٌّ من الراوي، وأنَّه جاء الجزم بالأوَّل، وتَقَدَّمَ أنَّ عشيرةَ الرَّجُل: أهلُه الأدنَون، وهم بنو أبيه.

(1/11038)

[حديث: أن النبي أهديت له أقبية من ديباج مزررة بالذهب]

6132# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ عُلَيَّةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة الإمام، أحد الأعلام، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (عَبْد اللهِ ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): هو عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ زُهيرًا صَحَابيٌّ، وهذا الحديث بهذا السند مرسلٌ؛ لأنَّ ابن أبي مُلَيْكَة تابعيٌّ، ولهذا عقَّبَه بقوله: (ورواه حَمَّاد بن زيد ... ) إلى آخره، وتعليق حَمَّاد بن زيد أسنده في (الخمس)، لكن بالإرسال، وأسند تعليق حاتم بن وردان متَّصلًا في (الشهادات).

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

[ج 2 ص 619]

(1/11039)

[باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين]

قوله: (بَابٌ: لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ): عن الخَطَّابيِّ: أنَّه يُروى على النهي بالسكون، وكسرُ الغين؛ لالتقاء الساكنين، وعلى الخبر بالضَّمِّ، وهو ضربُ مَثَلٍ؛ أي: لا يُستغفَل ويُخدَع مرَّةً بعد أخرى في شيءٍ واحدٍ، وقيل: المراد به: في أمر الآخرة دون الدنيا، وسبب هذا الكلام: أنَّ أبا عَزَّة عمرَو بن عبد الله الجُمَحِيَّ كان قد منَّ عليه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يوم بدر، وكان فقيرًا ذا عِيَالٍ وحاجةٍ، وكان في الأُسارى، فقال: يا رسول الله؛ إنِّي فقيرٌ وذو عيالٍ وحاجةٍ، وقد عرفتها، فامنن عليَّ صلَّى الله عليك، فمنَّ عليه عليه السلام، ثُمَّ رجع أبو عزَّة يستنفر الناس بشِعره، هو ومسافع بن عبد مَناف، فأمَّا أبو عزَّة؛ فظفر به عليه السلام بعد وقعة أحُد بحمراءِ الأسد، فقال: يا مُحَمَّد؛ أَقِلْني، قال: «لا والله؛ لا تمسح عارضيك بمكَّة تقول: خدعت مُحَمَّدًا مرَّتين»، ثُمَّ أمر عاصم بن ثابت فضرب عنقه، وقال سعيد بن المُسَيّب فيه: قال عليه السلام: «لا يُلدَغ المؤمن من جُحْرٍ مرَّتَين».

تنبيهٌ: هذا اللفظ هو من جملة ألفاظٍ تكلَّم بها صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يُسبَق إلى شيءٍ منها، وقد ذكرتها في تعليقي على «سيرة ابن سَيِّد النَّاسِ» بعد (غزوة بدر) في (سريَّة عمير بن عديٍّ إلى عصماء)، وقال شيخنا هنا: قال ابن التين: وهذا مَثْلٌ قديمٌ تُمُثِّل به من قبل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهو عليه السلام لمَّا يتمثل بالأمثال القديمة، وأصل ذلك: أنَّ رجلًا أدخل يده في جُحْر، فلُدِغ منه مرَّةً ثانية، انتهى، ثُمَّ نَقل شيخُنا عن ابن بَطَّال: إنَّ هذا لكلامٌ ممَّا لم يُسبَق به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال شيخنا: وهذا مخالِفٌ لِما أسلفناه، انتهى؛ يعني: ما أسلفه عن ابن التين من أنَّه قديمٌ.

قوله: (وَقَالَ مُعَاوِيَةُ): هو معاوية بن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس الأمويُّ، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة، وكذا أبوه.

قوله: (لَا حِلمَ إِلَّا بِتَجْرِبَة): كذا في نسخة هي في أصل سماعنا، وعن ابن حِبَّانَ أنَّه رفعه في «صحيحه»، وفي نسخةٍ هي في الهامش وعليه تصحيح: (لا حَكِيم إلَّا ذو تجربة) [1].

(1/11040)

[حديث: لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين]

6133# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (ابْن المُسَيّب): سعيد، وتَقَدَّمَ أنَّ (المُسَيّب) بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

==========

[ج 2 ص 619]

(1/11041)

[باب حق الضيف]

(1/11042)

[حديث: ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟]

6134# قوله: (حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (رَوحًا) بفتح الراء، وقال بعضهم: وبضمِّها أيضًا، و (عُبَادة): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، و (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو ابن عوف الزُّهْرِيُّ، اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (وَأَفْطِرْ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ.

قوله: (وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا): قال ابن قُرقُول: الزَّوْر: جمع (زائر)، يُقال: أتانا زَورٌ، الواحد والاثنان والجمع سواءٌ، ويقال: الزَّوْر: مصدرٌ سُمِّيَ به الزائر؛ كما قالوا: رجل صَوْمٌ وعَدْلٌ، ورجالٌ صَوْمٌ وعَدْلٌ، وقال في «النهاية»: الزَّوْر: الزائر، وهو في الأصل مصدرٌ وُضِع موضعَ الاسم؛ كصوم ونوم؛ بمعنى: صائم ونائم، وقد يكون الزَّوْر جمعَ (زائر)؛ كراكب ورَكْب، انتهى، وسيجيء قريبًا من كلام البُخاريِّ ما لفظه: (يُقَالُ ... هَؤُلَاءِ زَوْرٌ وَضَيْفٌ؛ وَمَعْنَاهُ: أَضْيَافُهُ وَزُوَّارُهُ، لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ، مِثْلُ قَوْمٍ رِضًا وَعَدْلٍ، يُقَالُ: مَاءٌ غَوْرٌ، وَبِئْرٌ غَوْرٌ، وَمَاءَانِ غَوْرٌ، وَمِيَاهٌ غَوْرٌ ... ) إلى آخر كلامه.

قوله: (مِنْ حَسْبِكَ): هو بإسكان السين، و (الحَسْب)؛ بإسكانها: الكفاية.

قوله: (فَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ [1]): هو مَنْصُوبٌ، و (كلَّه): بالبدل.

قوله: (فَشُدِّدَ عَلَيَّ): (شُدِّد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/11043)

[باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه]

(1/11044)

[حديث أبي شريح: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه]

6135# قوله: (عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ): (أبو شريح): بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، الخزاعيُّ الكعبيُّ، واسمه خُوَيلد بن عمرو، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الحجِّ)، وفي (كتاب العلم) أيضًا.

قوله: (جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ): (جائزتُه): بالرفع، وهو مبتدأ، وخبره: (يومٌ وليلةٌ)، ويجوز النصب على بدل الاشتمال، ونصب (يومًا) على الظرف، قاله السُّهَيليُّ، ولفظه: وأمَّا مَن نصب؛ فعلى كذا وكذا، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الجائزة).

قوله: (أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ): هو بالثاء المُثَلَّثَة، يُقال: ثَوَى يثوِي، وثَوِيَ يَثْوَى، قال ابن قُرقُول: واختُلِف في الفُصحى منهما، وبالفتح في «العين»، و «الأفعال»، و «الجَمْهرة»، وبحسب اختلاف ذلك اختلف ضبطُ شيوخنا، فمنهم من فتح، ومنهم من كسر؛ أعني: الماضي، انتهى، وفي «صحاح الجوهريِّ»: ثَوَى بالمكان:

[ج 2 ص 619]

أقام به، يثوِي ثَوَاءً وثُوِيًّا؛ مثل: مضى يمضي مَضَاءً ومُضِيًّا، يقال: ثَوَيتُ البصرة، وأثويت بالمكان: لغةٌ في «ثويتُ»، ثُمَّ قال: وأثويت غيري، يتعدَّى ولا يتعدَّى، وثوَّيت غيري تثويةً.

قوله: (حَتَّى يُحْرِجَهُ): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر ثالثه، قال ابن قُرقُول: أي: يَضيق صدره، وقيل: يُؤَثِّمه، والحَرَج: الإثم؛ معناه: يُعرِّضه للإثم، ويسبِّبه له، حتَّى يتكلَّم بما لا يجوز من سيِّء القول فيأثم، وقد جاء في الرواية الأخرى: (حتَّى يُؤَثِّمَه).

قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

(1/11045)

[حديث أبي هريرة: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر]

6136# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه الحافظ المسنَديُّ، وقد تَقَدَّمَ في (الجمعة)، و (سُفْيَانُ) بعد (ابن مهديٍّ): هو الثَّوريُّ، و (أَبُو حَصِينٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الكنى بالفتح، والأسماء بالضَّمِّ، وهذا اسمه عثمان بن عاصم، و (أَبُو صَالِح): اسمه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

==========

[ج 2 ص 620]

(1/11046)

[حديث: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا]

6137# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، و (يَزِيد بْن أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (أَبُو الخَيْر): تَقَدَّمَ مِرارًا اسمه واسم أبيه، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (مرثد بن عبد الله اليزنيُّ) انتهى.

قوله: (فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (المظالم)، والأجوبة عن ذلك.

(1/11047)

[حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ... ]

6138# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل _ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

(1/11048)

[باب صنع الطعام والتكلف للضيف]

قوله: (بَابُ صُنْعِ الطَّعَامِ): (صُنع) في أصلنا: بضَمِّ الصاد، وكذا أحفظه، وكذا قرأته على الشيوخ، ويشهد له قول الجوهريِّ: (الصُّنع؛ بالضَّمِّ: مصدرُ قولِك: صنع إليه معروفًا، وصنع به صنيعًا قبيحًا؛ أي: فعل) انتهى، وكذا ابن القطَّاع: وصنع الله لك صُنْعًا في جميع الأمور: هيَّأ، ولطف، وغيرُه، صَنيعةً، وصنع عندك معروفًا، والشيءَ صنعه: عَمِله، انتهى.

وقال شيخنا هنا: قوله في التبويب: (صَنع)؛ بفتح الصاد: مصدرٌ، وضبطه الدِّمْيَاطيُّ بخطِّه بالفتح، انتهى، كذا قال، ولعلَّه: بالضَّمِّ؛ حتَّى يُغايرَ ما تَقَدَّمَ، ويحتمل أن يكون استشهد بضبط الدِّمْيَاطيِّ على ما قاله، والأوَّل أظهرُ، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ المصدر بالضَّمِّ من كلام الجوهريِّ، وكذا هو في نسختي بـ «أفعال ابن القطَّاع» بالقلم، وهي صحيحةٌ جدًّا.

(1/11049)

[حديث: آخى النبي بين سلمان وأبي الدرداء فزار ... ]

6139# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بَشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، و (أَبُو الْعُمَيْسِ): هو بضَمِّ العين، وفتح الميم، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين، مهملتين، وقد تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه عُتْبةُ بن عبد الله بن عُتْبة بن عبد الله بن مسعودٍ الهُذَليُّ المسعوديُّ الكوفيُّ، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، وقد تَقَدَّمَ (عَوْن بْن أَبِي جُحَيْفَةَ) ضبطًا، وأنَّ اسمَ أبي جُحَيْفَة وهبُ بن عبد الله السُّوائيُّ، وتَقَدَّمَ لِمَ نُسِب، وتَقَدَّمَ (سَلْمَان) _وهو الفارسيُّ_ و (أَبُو الدَّرْدَاء) عويمر مترجمَين، رضي الله عنهما.

قوله: (فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً): (أمُّ الدرداء) هذه: هي الكُبرى، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمها خَيْرة، وتَقَدَّمَ أنَّ أمَّ الدرداء الصُّغرى اسمُها جُهَيمة _ويُقال: هجيمة_ بنت حُيَيٍّ الأوصابيَّة، وهي تابعيَّةٌ جليلةٌ، لها في الكُتُب السِّتَّة، وللصحابيَّة في «مسند أحمدَ»، وتَقَدَّمَ أنَّ مقتضى كلام شيخنا أن يكون البُخاريُّ علَّق لها، وإذا كان كذلك؛ فيلزم أن يترجمَها المِزِّيُّ ومَن تابعه، والله أعلم.

قوله: (مُتَبَذِّلَةً): أي: في ثياب بِذْلَةٍ، ويجوز (مبتذلة)؛ بتقديم المُوَحَّدة على المُثَنَّاة فوق، قاله ابن الأثير في «نهايته»، تَقَدَّمَ، وهما نسختان في أصلنا، الأولى في الأصل، والثانية في الطرَّة.

قوله: (لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا): الظاهر أنَّها تعني: الزوجة، وقد قال بعض حفَّاظ عصرنا ما لفظه: وقد أخرج ابنُ خزيمة والدَّارَقُطْنيُّ من طريق جعفر بن عون بالسند الذي ساقه البُخاريُّ، ولفظه: (ليست له حاجة في نساء الدنيا ... )؛ الحديث، انتهى.

قوله: (فَصَلَّيَا): هو بفتح اللام المُشَدَّدة، فعلٌ ماضٍ، لا فعل أمر، وقد تَقَدَّمَ.

قوله: (فَأَعْطِ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11050)

[باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْغَضَبِ): (يُكرَه): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

(1/11051)

[حديث: أن أبا بكر تضيف رهطًا فقال لعبد الرحمن .... ]

6140# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وقدَّمت أنَّ عَبَّاس بن الوليد _بالمُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة_ له مكانان في «البُخاريّ»، وعيَّنتُهما، والمكان الثالث نسبه: (النرسي)، فزال ما يُحذَر منه، والله أعلم، و (عَبْدُ الأَعْلَى) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الأعلى، و (سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ)؛ بضَمِّ الجيم، وفتح الراء: هو سعيد بن إياس، كنيته أبو مسعود، ينسب إلى جُرَير _بضَمِّ الجيم، وفتح الراء_ ابن عُبَاد؛ بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة، أخي الحارث بن عُبَاد بن ضُبَيعة بن قيس بن بكر بن وائل، وكذا يُنسَب غير سعيدٍ إليه، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللغات في (مَلٍّ).

قوله: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَضَيَّفَ رَهْطًا): تَقَدَّمَ أنَّ (الرهط): ما دون العشرة من الرجال، وهؤلاء الرهط لا أعرفهم، و (تضيَّفهم)؛ أي: اتَّخذهم أضيافًا، وقد تَقَدَّمَ.

[ج 2 ص 620]

قوله: (مِنْ قِرَاهُمْ): (القِرى): الضيافة، معتلٌّ غير مهموز، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (فَقَالَ: اطْعَمُوا): هو بهمزة وصلٍ، وفتح العين؛ أي: كلوا، وهذا مَعْرُوفٌ، وكذا (اطْعَمُوا) الثانية، وكذا الثالثة.

قوله: (أَيْنَ رَبُّ مَنْزِلِنَا): (ربُّ): بمعنى: صاحب.

قوله: (يا غُنْثَرُ): تَقَدَّمَ ضبطه ومعناه.

قوله: (لَمَا [1] جِئْتَ): هو بتخفيف الميم، وقال شيخنا: هو مشدَّدٌ، بمعنى: (إلَّا)، ويصحُّ أن يكون مخفَّفًا، انتهى.

قوله: (وَاللهِ؛ لَا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ): (أَطعَمه): بفتح الهمزة والعَين؛ أي: لا آكله، وكذا (وَاللهِ؛ لَا نَطْعَمُهُ): بفتح النون والعَين؛ أي: نأكله، وكذا (حَتَّى تَطْعَمَهُ): بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: تأكله، وكلُّ هذا مَعْرُوفٌ، و (هَاتِ): تَقَدَّمَ أنَّها بكسر التاء، فعل أمر من (هاتى يُهاتي)، الأمر منه: هاتِ.

قوله: (الأُولَى لِلشَّيْطَانِ): يعني: يمينه، وقال القاضي عياض: وقيل: اللقمة الأولى، فلِقَمْعِ الشيطان وإرغامِه ومخالفتِه في مراده باليمين، وهو إيقاع الوحشة بينه وبين أضيافه، فأخزاه أبو بكر بالحِنث الذي هو خيرٌ، انتهى، واقتصر شيخنا هنا على القول الثاني، ثُمَّ ذكر في الباب نفسِه القولَين، وقدَّم الأوَّل الذي قدَّمتُه، والله أعلم.

(1/11052)

[باب قول الضيف لصاحبه: لا آكل حتى تأكل]

قوله: (فِيهِ حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ ضبط (أبي جُحَيْفَة)، وأنَّه وَهْبُ بن عبد الله السُّوائيُّ، قريبًا وبعيدًا مرارًا.

==========

[ج 2 ص 621]

(1/11053)

[حديث: جاء أبو بكر بضيف له فأمسى عند النبي]

6141# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، و (سُلَيْمَانَ) بعده: هو سليمان بن طرخان التيميُّ، من السادة، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ أنَّه النهديُّ، عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغات في (مَلٍّ).

قوله: (قَالَت لَهُ [1] أُمِّي): تَقَدَّمَ أنَّ أمَّه وأمَّ عائشة: أمُّ رُومان دعدٌ، ويقال: زينب، وتَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها.

قوله: (وَجَدَّعَ): تَقَدَّمَ معناه.

قوله: (لَا يَطْعَمَه): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكله، وكذا تَقَدَّمَ (غُنْثَرُ).

قوله: (كَأَنَّ هَذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ): (كأنَّ): من أخوات (إنَّ).

قوله: (إِلَّا رَبَا): هو غير مهموز، بل معتلٌّ؛ ومعناه: زاد.

قوله: (أَكْثَرُ): مَرْفُوعٌ فاعل (رَبَا).

قوله: (يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ): تَقَدَّمَ أنَّها أمُّ رومان، وقوله: (يا أخت بني فراس)؛ أي: مَن هي من بني فِراس، وقد تَقَدَّمَ نسبها، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قولها: (لَا [2]، وَقُرَّةِ عَيْنِي)، وما قاله الداوديُّ.

(1/11054)

[باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال]

قوله: (وَيَبْدَأُ الأَكْبَرُ): (يبدأ): بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

(1/11055)

[حديث: أتستحقون قتيلكم بأيمان خمسين منكم؟]

6142# 6143# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

قوله: (عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ): هو بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الشين المُعْجَمَة، و (يَسار): بتقديم المُثَنَّاة تحت، وهذان [1] ظاهران عند أهل الحديث، و (رَافِع بْن خَدِيجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الخاء المُعْجَمَة، وكسر الدال المُهْمَلَة، (وَسَهْل بْن أَبِي حَثْمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الثاء المُثَلَّثَة.

قوله: (أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما، وعلى نسبهما، وأنَّ (مُحيصة) بإسكان المُثَنَّاة تحت، وبكسرها مُشَدَّدة، وكذا أخوه (حويصة): بإسكان الياء المُثَنَّاة تحت، وبكسرها مُشَدَّدة، والأشهر فيهما التشديد، ابنا مسعود بن كعب بن عامر بن عديِّ بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاريَّان الحارثيَّان المدنيَّان الصَّحَابيَّان المشهوران.

قوله: (فَبَدَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

قوله: («كَبِّرِ الْكُبْرَ»، قَالَ يَحْيَى: يَعْنِي [2]: لِيَلِيَ الْكَلَامَ الأَكْبَرُ): (كَبِّر): فعل أمر، و (الكُبْر)؛ بضَمِّ الكاف، وإسكان المُوَحَّدة: مَنْصُوبٌ مفعول (كَبِّر)؛ أي: قدِّمِ السِّنَّ، وقد فسَّره يحيى؛ وهو ابن سعيد الأنصاريُّ المذكورُ في السند،، وهو جمع (أكبر)؛ مثل: أحمر وحُمْر؛ ومثله قوله عليه السلام: «ادفعوه إلى كُبْر خزاعة»، ويُروى في هذا: (إلى أكبر)، والله أعلم، [و (لِيَلِيَ): كذا في أصلنا، وهي مفتوحة الياء على أنَّها لام (كي)، والجادَّة حذف الياء من (لِيَلِ)، وكسر اللام على الأمر] [3].

قوله: (فَوَدَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِهِ): سأذكر هذا مع ما يخالفه، وأجمع بينها، وقوله: (فوَدَاهم): أي: أعطى دِيَتَهُم.

قوله: (مِنْ قِبَلِهِ): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وهكذا أحفظه، وقال بعضهم: ويُروى بفتح القاف، وإسكان المُوَحَّدة، كذا قال.

قوله: (مِرْبَدًا لَهُمْ): (المربد): تَقَدَّمَ الكلام عليه ضبطًا ومعنًى.

(1/11056)

قوله: (وَقَالَ [4] اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ بُشَيْرٍ عَنْ سَهْلٍ): (الليث): هو ابن سعد الإمام، و (يحيى): هو ابن سعيد الأنصاريُّ القاضي، و (بُشَير): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، وتعليق الليث أخرجه مسلمٌ في «صحيحه».

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): (يحيى) هذا: هو ابن سعيد الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ، و (بُشَيْر): تَقَدَّمَ ضبطه أعلاه، وتعليق ابن عُيَيْنَة أخرجه النَّسائيُّ عن عَمرٍو الناقد عن سفيان به.

(1/11057)

[حديث: أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم؟]

6144# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (عُبَيْد اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب الفقيهُ.

قوله: (مَثَلُهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ): تَقَدَّمَ الكلام على وجه شَبَهِهَا بالرجل المسلم في (كتاب العلم) في أوَّل هذا التعليق.

[ج 2 ص 621]

قوله: (وَلَا تَحُتُّ وَرَقُهَا): (ورقُها): مَرْفُوعٌ في أصلنا، وفيه نظرٌ، ثُمَّ إنَّه غُيِّر إلى النصب، وهو الذي يظهر، مفعولٌ، يُقال: حَتَّه: فركه وقَشَره؛ فانحاتَّ وتحاتَّ، والورق: سقطتْ؛ كانحتَّتْ، وتحاتَّتْ، وتَحَتْحَتَتْ.

قوله: (وَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ): (ثَمَّ): بفتح الثاء المُثَلَّثَة؛ أي: هناك.

(1/11058)

[باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه]

قوله: (وَالرَّجَزِ): (الرَّجَز): معروفٌ، وفيه قولان في أنَّه شِعرٌ أم لا، والصحيح: أنَّه شِعر، وقد تَقَدَّمَ، وقد عطفه البُخاريُّ على (الشِّعر)، فهو غيره عنده، وهو أحد القولين، والله أعلم.

قوله: (وَالْحُدَاءِ): هو بضَمِّ الحاء وبالدال المُهْمَلَتين، وبالمدِّ في آخره، وكذا ضبطه شيخنا في «شرحه»، و (الحَدْو): سَوْق الإبل والغناءُ لها، وقد حدوتُ الإبل حدوًا وحُدَاءً، انتهى، وقال بعضهم: بضَمِّ الحاء وكسرها، مقصورٌ، انتهى، وقال في «الجَمْهرة»: الحَدْو: مصدرٌ، يمكن أن يكون من حدوتُه أَحدُوه، والاسم: الحُدَاءُ، انتهى، والظاهر أنَّ (الحَدْوَةَ) المفردُ، والجمعَ: حِدَاءٌ؛ كرَكْوَةٍ ورِكَاء، والله أعلم.

قوله: (وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ): (يُكرَه): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 622]

(1/11059)

[حديث: إن من الشعر حكمة]

6145# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (مَرْوَان بْن الحَكَمِ): تَقَدَّمَ أنَّه تابعيٌّ، وليس بصَحَابيٍّ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ)، وبعد (يغوث): ابن وهب بن عبد مَناف بن زُهْرة، أبو مُحَمَّد، زهريٌّ، لا تصحُّ له رؤيةٌ، وشهد الحكمين، له رواية، روى عن أبي بكر، وعمر، وأُبيِّ بن كعب، وعائشة، وغيرِهم، وعنه: مروان بن الحكم، وعبيد الله بن عديِّ بن الخِيَار، وأبو سلمة بن عبد الرَّحْمَن، وجماعةٌ، قال أحمد العِجْليُّ: تابعيٌّ ثقة، رجلٌ صالح من كبار التابعين، ترجمته معروفة، له في الكتب حديثٌ واحدٌ؛ وهو هذا: الزُّهْرِيُّ عن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، عن مروان بن الحكم، عنه، عن أُبيٍّ: «إنَّ من الشِّعر حكمةً»، وهذا السند فيه أربعةٌ تابعيُّون، يروي بعضهم عن بعض، وله غير نظير، تَقَدَّمَ، أخرج لعبد الرَّحْمَن البُخاريُّ وأبو داود.

قوله: (إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً): أي: ما يمنع من الجهل، وقيل: الحكمة: الإصابة في القول من غير نبوَّة، وقد تَقَدَّمَ.

==========

[ج 2 ص 622]

(1/11060)

[حديث جندب: هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت]

6146# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (جُنْدب): بضَمِّ الدال وفتحها، وهو ابن عبد الله بن سفيان البَجَليُّ ثُمَّ العَلَقيُّ، صَحَابيٌّ جليلٌ مشهورٌ، وفي الصَّحَابة من اسمه جندب بالمشار إليه ثلاثةَ عشرَ؛ فلهذا ميَّزته.

~…قوله: (هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ…وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ):

تَقَدَّمَ الكلام على هذا وأشباهه، والجمع بين ما وقع منه عليه السلام وبين قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69]، وأنَّ هذا الكلام وما أشبهه وقع منه عليه السلام لا بقصد الشِّعر، فلا يُسمَّى شِعرًا؛ لأنَّ للشِّعر ثلاثةَ شروطٍ حتَّى يكون شِعرًا؛ أحدها: أن يكون موزونًا، والثاني: مقفًّى، والثالث: مقصودًا، وهذا اختلَّ فيه شرط القصد، هذا إن قلنا: إنَّ الرجز شِعرٌ، وفيه خلافٌ تَقَدَّمَ أعلاه وقبله، والصحيح: أنَّه شِعرٌ، وتَقَدَّمَ أعلاه أنَّ مقتضى كلام البُخاريِّ: أنَّ الرَّجَز ليس بشِعرٍ؛ لأنَّه عطفه على (الشِّعر)، والعطف يقتضي التَّغايُر، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال ابن هشام في «السيرة»: وحدَّثني مَن أثق به: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال وهو بالمدينة: «من لي بعيَّاش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي»، فقال الوليد بن الوليد بن المغيرة: أنا لك يا رسول الله بهما، فخرج إلى مكَّة، فقَدِمها مستخفيًا ... ) إلى أن قال: (ثُمَّ حملهما على بعيره، وساق بهما، فعَثَر، فدَمِيَت إصبعه، فقال:

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ

وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ)

انتهى، وقد رأيت ابنَ سعد أنشده للوليد بن الوليد في ترجمة في «الطبقات»، فلعلَّ هذا للوليد، وتمثَّل به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قاله ولم يقصد به الشِّعر، فسمعه الوليد، فتمثَّل به حين عَثَر، والله أعلم، ورأيت بخطِّ شيخنا الشارح في «شرحه» هذا في (الجهاد) أنَّ ابن التين قال: هذا الشِّعر لابن رواحة، انتهى، وقال شيخنا هنا: قد سلف أنَّه قول ابن رواحة، تمثَّل به صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، انتهى، وقد قال السُّهَيليُّ في أوَّل (غزوة خيبر): (وقال أيضًا إمَّا متمثِّلًا وإمَّا مُنشِئًا:

(1/11061)

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ

وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ)

انتهى.

(1/11062)

[حديث: أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء]

6147# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّه بُنْدَار، وبُنْدَارٌ لقبٌ لمُحَمَّد، وتَقَدَّمَ ما معنى (البُنْدَار)، و (ابْنُ مَهْدِيٍّ): هو عبد الرَّحْمَن، أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: لم أرَ مَن عيَّنه مَن هو منهما، وابن مهديٍّ روى عنهما، وهما عن عبد الملك بن عُمير، والله أعلم، و (عَبْد المَلِكِ): هو ابن عُمير، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، عبدُ الله، وقيل: إسماعيل، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (كَلِمَةُ لَبِيدٍ): تَقَدَّمَ بعض الكلام على (لبيد) هذا، وأنَّه ابن ربيعة بن مالك، صَحَابيٌّ مشهورٌ، وأنَّه تُوُفِّيَ في خلافة عثمانَ، وقيل: في أوَّل خلافة معاوية، والأوَّل أصحُّ.

قوله: (مَا خَلَا اللهَ بَاطِلُ): المراد به الخصوصُ؛ لأنَّ كلَّ ما قرَّب إلى الله تعالى؛ فليس بباطلٍ، وإنَّما أراد: كلَّ شيءٍ من أمر الدنيا الذي لا يؤول إلى طاعة الله ولا يقرِّب منه؛ فهو باطلٌ، قاله ابن بَطَّال، وقال الداوديُّ: أراد به: ما عدا الأنبياء، والرُّسُل، والملائكة، والكتب، والبعث، وأراد: (ما خلا الله): ما لم يكن لله، نقله شيخنا عنهما، والله أعلم.

(1/11063)

وقال الإمام السُّهَيليُّ لمَّا ذكره: وليس فيه ما يشكل غير سؤالٍ واحدٍ، وهو قوله عليه السلام: «أصدق كلمة قالها الشاعر قولُ لبيد: أَلَا كلُّ شيء ما خلا الله باطلُ»، فصدَّقه في هذا القول، وهو يقول عليه السلام في مناجاته: «أنت الحقُّ، وقولك الحقُّ، ووعدك الحقُّ، والجنَّة حقٌّ، والنار حقٌّ، ولقاؤك حقٌّ»، فكيف يجتمع هذا مع قوله: (أَلَا كلُّ شيء ما خلا الله باطلُ)؟ فالجواب من وجهين؛ أحدهما: أن يريد بقوله: (ما خلا الله)؛ أي: ما عداه، وعدا رحمته التي وعد بها، فإنَّ وعده حقٌّ، وما عدا عقابه الذي يوعِد به، والباطل ما سواه، والجنَّة ما وعد به من رحمته، والنار ما يوعِد به من عقابه، وما سوى هذا؛ فباطلٌ؛ أي: مُضْمَحِلٌّ، والجواب الثاني: أنَّ الجنَّة والنار وإن كانتا حقًا؛ فإنَّ الزوال عنهما جائزٌ لذاتهما، وإنَّما يبقيان بإبقاء الله لهما، وأنَّه يخلق الدوام لأهلها على قول مَن جعل الدوام والبقاء معنًى زائدًا على الذات، وهو قول الأشعريِّ، وإنَّما الحقُّ على الحقيقة مَن لا يجوز عليه الزوال، وهو القديم الدائم الذي انعدامه محالٌ؛ ولذلك قال عليه السلام: «أنت الحقُّ»؛ بالألف واللام؛ أي: المستحقُّ لهذا الاسم على الحقيقة، و «قولك الحقُّ»؛ لأنَّ قولَه قديمٌ، وليس بمخلوق فيبيدَ، و «وعدك الحقُّ» كذلك؛ لأنَّ وعدَه كلامُه، هذا مقتضى الألف واللام، ثُمَّ ذكر تتمَّة كلامه، وهو حسنٌ؛ فراجعه إن أردته، والله أعلم.

(1/11064)

قوله: (وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ): هذا من قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وسيجيء من كلامي التصريحُ بأنَّه من كلامه عليه السلام، كما في «مسلم»، واعلم أنَّ أُمَيَّة بن أبي الصلت هذا سمع عليه السلام شِعرَه الذي فيه حكمةٌ، واسم أبي الصلت: عبد الله بن ربيعة بن عوف بن عقدة بن غِيَرة _بكسر الغين المُعْجَمَة_ ابن قسيٍّ _وهو ثقيفٌ_ الثقفيُّ، كان أُمَيَّة هذا يتعبَّد في الجاهليَّة، ويؤمن بالبَعث، وينشد في إثباته الشِّعر، وأدرك الإسلام، ولم يسلم، روى مسلمٌ في «صحيحه» من حديث الشَّريد بن سويد قال: (ردفت النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومًا، فقال: «هل معك من شِعر أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت شيءٌ؟»، قلت: نعم، قال: «هيه»، فأنشدته بيتًا، فقال: «هيه»، ثُمَّ أنشدته بيتًا، فقال: «هيه»، حتَّى أنشدته مئةَ بيتٍ، فقال: «إنَّه كاد ليسلم»)، وفي رواية: «كاد يُسلِم في شِعره»، وقد تَقَدَّمَ غير هذه المرَّة؛ فانظره إن شئت، وقد قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومًا لأخته الفارعة _وهي صحابيَّة_: «هل تحفظين شيئًا من شِعر أخيك؟»، فأخبرته خبره، وما رأت منه، وقصَّت عليه قصَّته في شقِّ جوفه، وإخراج قلبه، ثُمَّ صَرْفه مكانه وهو نائمٌ، وأنشدت له الشِّعر الذي أوَّله:

~…بَاتَتْ هُمُومِي تَسْرِي طَوَارِقُهَا…أَكُفُّ عَيْنِي والدَّمْعُ سَابِقُهَا

نحو ثلاثةَ عشرَ بيتًا، ذكر ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة أخته الفارعة منها أربعةَ أبياتٍ، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: وفي الخبر حضور وفاته، وأنَّه قال عند المعاينة [من الرجز]:

إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا

وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلمَّا

[ج 2 ص 622]

ثُمَّ قال بيتَين ذكرهما ابنُ عَبْدِ البَرِّ، ثُمَّ مات، فقال لها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «يا فارعة؛ مَثَل أخيك كمثل الذي آتاه الله آياته، فانسلخ منها، فأتبعه الشيطان، فكان من الغاوين»، ذكر الخبرَ بتمامه ابنُ إسحاق عن ابن المُسَيّب، قال أبو عمر: أنا اختصرته، ثُمَّ ذكر سنده به.

(1/11065)

[حديث: من هذا السائق؟]

6148# قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة خيبر في مكانها، وفي غير مكان.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ): هذا الرجل القائل تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه.

قوله: (أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟): تَقَدَّمَ الكلام عليها في (غزوة خيبر)، وأنَّ معناها: من أخبارك، وأمورك، وأشعارك، فكنَّى عن ذلك كلِّه.

قوله: (وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا): قد يَفهمُ الشخص من هذا: أنَّ هذا الذي قاله هنا مِن قوله، وإنَّما هو مِن قول عبد الله [بن] رواحة؛ فاعلمه.

قوله: (اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا): تَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) أنَّ هكذا الرواية، وأنَّ صوابها في الوزن: لاهمَّ، أو تالله، أو والله؛ كما في الحديث الآخر: (لولا اللهُ)، والله أعلم، وكذا تَقَدَّمَ (فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ)، وكذا (مَا اقْتَفَيْنَا)، والكلام على (السَّكِينَة)، وعلى (آَتَيْنَا)، وكذا (عَوَّلُوا)، وعلى (الرَّجُل) الذي قال: (وَجَبَتْ)، وأنَّه عمر بن الخَطَّاب، كما صَرَّحَ به مسلمٌ في «صحيحه»، وابنُ إسحاق في «سيرته»، وعلى (وَجَبَتْ)، وأنَّ مراده: وجبت له الشهادة، وتَقَدَّمَ في (غزوة خيبر) لِمَ قال عمرُ ذلك، وعلى (أَمْتَعْتَنَا)، وأنَّه بقطع الهمزة، وعلى (المَخْمَصَة)، وأنَّها المجاعة، وعلى (الحُمُر الإِنْسِيَّةِ)، وعلى (الرَّجُل) الذي قال: (يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَوْ نُهَرِيقُهَا؟)، وأنِّي لا أعرف اسمه، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: يحتمل أن يكون عمرَ، وعلى (أوْ): أنَّها بإسكان الواو، وكذا قوله: (أَوْ ذَاكَ): أنَّها بإسكان الواو أيضًا، وأنَّها على الإباحة والتسوية، وأنَّه لا يجوز فيها الفتح، وعلى (عَامِر)، وأنَّه عمُّ سلمة بن عَمرو بن الأكوع، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ما وقع في «مسلمٍ» مِن كونه أخًا لسَلَمة، وعلى (اليَهُودِيِّ) الذي تناوله ليضربه، وأنَّه مرحبٌ، وأنَّ الشاهد له في «مسلمٍ»، وعلى (ذُبَاب السَّيْفِ)، وأنَّه بضَمِّ الذال المُعْجَمَة، وهو طرفه الذي يُضرَب به، قاله الجوهريُّ، وعلى قوله: (فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ)، وفي (خيبر): (عين ركبته)، وعين الركبة: رأسها، وعلى (قَفَلُوا)، وأنَّ معناها: رجعوا، كلُّ ذلك في (غزوة خيبر).

(1/11066)

قوله: (شَاحِبًا): هو بالشين المُعْجَمَة، وبعد الألف حاء مهملة مكسورة، ثُمَّ مُوَحَّدة مُخَفَّفة، قال ابن قُرقُول: هو تغيُّر اللون من مرضٍ أو جَزَعٍ، ولا يقال من الشمس: شَحَبَ، يقال: شَحَب لونُه يشحَب؛ بالفتح فيهما، قال أبو زيد: ولا يقال: شَحُب؛ بالضَّمِّ، انتهى، وفي «الصحاح»: شحَب جسمه؛ بالفتح، يشحُب؛ بالضَّمِّ، شحوبًا؛ إذا تغيَّر، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: وشحُب جسمُه؛ بالضَّمِّ، شحوبةً: لغةٌ فيه حكاها الفرَّاء، انتهى، وفي «القاموس» ما لفظه: شَحَبَ لونُه؛ كجَمَعَ، ونَصَرَ، وكَرُم، وعُنِيَ، شحوبًا وشحوبةً: تغير من هزالٍ، أو جَزَعٍ، أو سَفَرٍ.

قوله: (فِدَاءً [1] لَكَ أَبِي وَأُمِّي): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

قوله: (فُلَانٌ وَفُلَانٌ [2] وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ): وكذا في «مسلم»، ولا أعرف (فلانًا وفلانًا) المذكورَين مع أُسَيد، و (أُسَيد): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الهمزة، وفتح السين، و (حُضَير): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وأُسَيدٌ صَحَابيٌّ جليلٌ مشهورٌ، رضي الله عنه.

قوله: (إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة خيبر)، وكذا (نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ)، و (مشى بها) أيضًا، و (مثلُه) هنا: مَرْفُوعٌ، كذا هنا، وفي (غزوة خيبر): (مثلُه): مَرْفُوعٌ في الأصل، وفي الهامش نسخةٌ وعليها علامة راويها: (مثلَه)؛ مَنْصُوبٌ، وهما جائزان من حيث العربيَّةُ.

(1/11067)

[حديث: ويحك يا أنجشة رويدك سوقًا بالقوارير]

6149# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة الإمام، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ): هؤلاء لا أعرفهنَّ بأعيانهنَّ، و (أَمُّ سُلَيم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، تَقَدَّمَت مع الاختلاف في اسمها.

قوله: (يَا أَنْجَشَةُ): هو عبدٌ أسودُ كان يسوق _أو يقود_ بنساء النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عام حجَّة الوداع، وكان يحدو، وكان حسنَ الصوت، وكانت الإبل تزيد في الحركة بحُدائه، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «رويدًا يا أنجشة، رِفقًا بالقوارير»؛ يعني: النساء.

قوله: (رُوَيْدَكَ): تصغير (رُوْدٍ)؛ وهو الرفق، وانتصب على الصفة لمصدرٍ محذوفٍ؛ أي: سَوقًا رُويدًا، أو: اُحدُ حُداءً رُويدًا، على اختلاف الناس فيما أمره به، و (رويدك): على الإغراء؛ أي: الزم رِفْقَك، أو على المصدر؛ [أي]: أروِدْ [1] رُوَيْدَك؛ مثل: ارفُق رِفْقَكَ، وقال الإمام السُّهَيليُّ في «روضه»: (رُوَيْدَك)؛ أي: رِفقًا، جاء بلفظ التصغير؛ لأنَّهم يريدون به تقليلًا ما؛ أي: ارفق قليلًا، وليس له مُكبَّر من لفظه عند أكثر الناس، وقد حكى أبو عُبيد أنَّ له مُكبَّرًا؛ وهو رُوْدٌ؛ لأنَّ المصدر: إرواد، إلَّا أن يكون من باب تصغير الترخيم؛ وهو أن يُصغَّر الاسم الذي فيه الزوائد فتحذفها في التصغير، فتقول في أسود: سُوَيد، وفي مثل إرواد: رُوَيد، انتهى.

(1/11068)

قوله: (سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ): (سَوقًا): قال الشيخ محيي الدين: (سَوقًا): مَنْصُوبٌ بإسقاط الجارِّ؛ أي: ارفق في سوقك، انتهى، وقال ابن الأثير: مصدرٌ، أراد النساء، شبَّهَهُنَّ بالقوارير من الزُّجَاج؛ لأنَّه يُسرِع إليهنَّ الكسرُ، وكان أنجشةُ يحدو أو يُنشد القريظ والرَّجَز، فلم يأمن أن يصبيهنَّ أو يقعَ في قلوبهنَّ حداؤه، فأمره بالكفِّ عن ذلك، وفي المَثَل: (الغناء رُقْيَة الزِّنى)، قال القاضي عياض: وهذا أشبه بمقصوده صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وبمقتضى اللفظ، قال: وهو الذي يدلُّ عليه كلامُ أبي قِلَابَة المذكورُ في الحديث في «مسلم»، انتهى، وقيل: أراد: أنَّ الإبل إذا سمعت الحُداء؛ أسرعت في المشي واشتدَّت، فأزعجت الراكب وأتعبته، فنهاه عن ذلك؛ لأنَّ النساء يضعُفْنَ عن شدَّة الحركة، وواحد (القوارير): قارورة، سُمِّيَت بها؛ لاستقرار الشراب بها، والله أعلم.

قوله: (قالَ أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

قوله: (فَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ، لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا [2] بَعْضُكُمْ؛ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ): قال شيخنا: قال الداوديُّ: إنَّما قاله لأهل العراق؛ لما فيه من التكليف والزَّهْوِ، ومعارضةً بالباطل، وقد تَقَدَّمَ ما قاله القاضي عياض في كلام أبي قِلَابَة أعلاه، والله أعلم.

(1/11069)

[باب هجاء المشركين]

قوله: (بَابُ هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: كلُّ هذه الأحاديثِ مطابقةٌ، وشعر ابن رواحة أيضًا لقوله:

~… ................. …إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ

والله أعلم.

[ج 2 ص 623]

(1/11070)

[حديث: استأذن حسان بن ثابت رسول الله في هجاء المشركين]

6150# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سلَام، وقد تَقَدَّمَ ذلك، وكذا قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: عن مُحَمَّد؛ هو ابن سلام، انتهى، و (عَبْدة)؛ بإسكان المُوَحَّدة: هو ابن سليمان، تَقَدَّمَ.

قوله: (وَعَنْ هِشَامٍ ... ) إلى آخره: هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فروى هذا البُخاريُّ عن مُحَمَّد _هو ابن سلَام_، عن عَبْدة _هو ابن سليمان_، عن هشام، عن أبيه به، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.

قوله: (لَا تَسُبُّهُ): يجوز في بائه الضمُّ _وهو الذي نصَّ عليه سيبويه_ والفتح، وقد تَقَدَّمَ نظراؤه.

قوله: (كَانَ يُنَافِحُ): هو بالفاء، والحاء المُهْمَلَة؛ أي: يُدافع ويُخاصم، يُقال: نافحت عنه، ونفحت عنه: خاصمت ودافعت.

(1/11071)

[حديث: إن أخًا لكم لا يقول الرفث.]

6151# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو أصبغ بن الفرج الفقيه، و (ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ [1]): مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

قوله: (فِي قَصَصِهِ): هو بفتح القاف، وكذا هو في أصلنا، يُقال: قصَّ عليه الخبرَ قَصَصًا؛ بالفتح، والاسم أيضًا: القَصَص؛ بالفتح، وُضِع موضعَ المصدر حتَّى صار أغلبَ عليه، والقِصَص؛ بكسر القاف: جمع (قصَّة)؛ التي تُكتَب، والله أعلم.

قوله: (لَا يَقُولُ الرَّفَثَ): أي: لا يأتي برفث الكلام وفُحْشِه، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (الرَّفَث).

قوله: (يَعْنِي بِذَلِكَ [2]: ابْنَ رَوَاحَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الله بن رَواحة بن ثعلبة الأنصاريُّ، من بني الحارث بن الخزرج، أبو مُحَمَّد، نقيبٌ بدريٌّ أميرٌ، قُتِل يوم مؤتة شهيدًا، ترجمته معروفةٌ، وقد تَقَدَّمَ متى كانت مؤتة، وأين هي، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأحمدُ في «المسند»، وأخرج له بقيُّ بن مَخْلد حديثًا واحدًا.

قوله: (سَاطِعُ): أي: مرتفع.

قوله: (يُجَافِي جَنْبَهُ): (يجافِي): بكسر الفاء، و (جنبَه): مَنْصُوبٌ مفعول.

قوله: (إِذَا اسْتَثْقَلَتْ): كذا للكافَّة؛ أي: استثقلت بهم، وعند أبي ذرٍّ: (استقلَّت)، والمعنى متقاربٌ، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (تَابَعَهُ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على يونس؛ هو ابن يزيد الأيليُّ، و (عُقَيل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ): هو ابن شهاب المذكورُ في السند الذي قبله، ومتابعة عُقَيل عن الزُّهْرِيِّ لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا في «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجها شيخُنا، لا هنا ولا في (الصلاة).

(1/11072)

قوله: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ وَالأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أمَّا (الزُّبَيديُّ)؛ فهو مُحَمَّد بن الوليد الزُّبَيديُّ؛ بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، و (سعيد): هو ابن المُسَيّب، و (الأعرج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، ويعني بذلك: أنَّ يونس وعُقَيلًا رَوَيَاه عن الزُّهْرِيِّ، عن الهيثم بن أبي سنان، عن أبي هريرة، وأنَّ مُحَمَّد بن الوليد الزُّبَيديَّ خالفهما، فرواه عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد والأعرج، عن أبي هريرة، وهذا ظاهِرٌ، وتعليق الزُّبَيديِّ لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما [في] «البُخاريِّ»، ولم يخرِّجه شيخُنا هنا ولا في (الصلاة).

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ابْن شِهَابٍ).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بِذَاكَ).

[ج 2 ص 624]

(1/11073)

[حديث: يا حسان أجب عن رسول الله اللهم أيده بروح القدس.]

6152# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أَخُوهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وقد تَقَدَّمَ مترجمًا، وأنَّه لا عبرة بما قاله الأزديُّ فيه، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (ابْن شِهَاب): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، والسند الأوَّل الذي قدَّمه أعلى من السند الثاني برَجُلين؛ لأنَّ الإسناد الأوَّلَ: الزُّهْرِيُّ بينه وبين البُخاريِّ اثنان، والإسناد الثاني بين الزُّهْرِيِّ والبُخاريِّ أربعةٌ، والله أعلم.

قوله: (نَشَدْتُكَ بِاللهِ): أي: سألتك بالله.

قوله: (بِرُوحِ الْقُدُسِ): (روح القُدُس): هو جبريل صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ لأنَّه روحٌ مطهَّرة مقدَّسة.

==========

[ج 2 ص 624]

(1/11074)

[باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر ... ]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَى الإِنْسَانِ الشِّعْرُ ... ) إلى آخر الترجمة: ساق ابن المُنَيِّر حديثَي الباب على عادته، ثُمَّ قال: وطابقَ الحديثُ الترجمةَ بالمفهوم؛ لأنَّه إذا ذمَّ الامتلاء الذي لا متَّسعَ [1] معه لغيره، فدلَّ أنَّ ما دون ذلك لا يدخله الذمُّ، انتهى.

قوله: (يُكْرَهُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] في (أ): (يسع)، وفي هامشها: (لعلَّه: أو يتَّسع)، والمثبت من مصدره.

[ج 2 ص 624]

(1/11075)

[حديث ابن عمر: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له ... ]

6154# قوله: (حَدَّثَنَا [1] حَنْظَلَةُ): هذا هو حنظلة بن أبي سفيان القرشيُّ الجُمَحيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنا).

[ج 2 ص 624]

(1/11076)

[حديث أبي هريرة: لأن يمتلئ جوف رجل قيحًا يريه خير ... ]

6155# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ): هو عمر بن حفص بن غِيَاث، وقد تَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث)، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (قَيْحًا يَرِيهِ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة مثل الأولى ساكنة، ثُمَّ هاء الضمير، وفي نسخة في هامش أصلنا: (حتَّى يَريَهُ)، وهذه النسخة منسوبةٌ للدِّمْياطيِّ، قال ابن قُرقُول: قال أبو عبيد: من الوَرْيِ؛ وهو أن يَدْوَى جوفُه، قال الخليل: هو قيحٌ يَأكل جوفَ الإنسان، انتهى، وفي «النهاية»: من الوَرْيِ: الداءُ، يقال: وَرِي يَوْرَى، فهو مَوْرِيٌّ؛ إذا أصاب جوفَه الداءُ، قال الأزهريُّ: الوَرْيُ مثال: الرَّمْيِ، داءٌ يدخل الجوف، يُقال: رجلٌ مَوْرِيٌّ؛ غير مهموز، وقال الفرَّاء: هو الوَرَى؛ بفتح الراء، قال ثعلب: هو بالسكون المصدرُ، وبالفتح الاسم، وقال الجوهريُّ: وَرَى القيحُ جوفَه يَرِيْه وَرْيًا: أكله، وقال قومٌ: معناه: حتَّى يصيب رئته، وأنكره غيرهم؛ لأنَّ الرئة مهموزة، وإذا بنيتَ منها فعلًا؛ قلت: رآه يَراؤه، فهو مريٌّ، وقال الأزهريُّ: إنَّ الرئة أصلها من وَرَى، وهي محذوفة منه، تقول: وَرَيتُ الرجل،

[ج 2 ص 624]

فهو مَوْرِيٌّ؛ إذا أصبتَ رئته، والمشهور في الرئة الهمز، انتهى، وعن ابن الجوزيِّ: (حتى يَريَهُ)، وههنا بإسقاط (حتَّى)؛ يعني: فتكون (يريْه) ساكنةَ الياء، قال: فنرى جماعةً من المبتدئين ينصبون (يريه)؛ جريًا على العادة في قراءة الحديث الذي فيه (حتَّى)، وليس ههنا ما ينصب، سمعته من ابن الخشَّاب، انتهى، وقد سمعت أنا بعضَ فضلاء بلدنا نصبه في المذاكرة، لا في القراءة على الناس، وقال بعضهم: رواية الأصيليِّ بالنصب؛ يعني: من غير (حتَّى)، قال: على بدل الفعل من الفعل؛ يعني: بدل من (يمتلئ) المنصوب، انتهى، وإنَّما يُبدَل الفعل من الفعل إذا كان بمعناه، و (يمتلئ) ليس بمعنى: (يريه)، والله أعلم؛ فيُحرَّر ذلك؛ هل هو بمعناه أم لا؟

(1/11077)

تنبيهٌ: قال لنا شيخنا الحافظ نور الدين الهيثميُّ تلميذ شيخنا الحافظ العِرَاقيِّ وخادمُه: «لَأَن يمتلئ جوف أحدكم قَيْحًا خيرٌ له من أن يمتلئَ شِعرًا هُجِيتُ به»، في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من رواية مُحَمَّد بن المنكدر عن جابر، انتهى، وقد رأيت الحديثَ في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» كما ذكره الحافظ نور الدين، وقد رواه عن الجرَّاح بن مليح: حدَّثنا أحمد بن سليمان الخراسانيُّ: حدَّثنا أحمد بن محرز الأزديُّ، عن مُحَمَّد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره، وفي سند هذا الحديث: أحمد بن محرز الأزديُّ، وصوابه: النَّضْر بن محرز الأزديُّ، والنَّضْر مجهولٌ، وقال ابن حِبَّانَ: لا يُحتَجُّ به، وقال ابن عديٍّ وساق له حديثَين، ثلاثة: هذه الأحاديث غير محفوظة، منها الحديث المذكور في الأصل الذي ذكرته من عند أبي يعلى، ثُمَّ إنِّي رأيت الحديثَ المشارَ إليه في «موضوعات الحافظ أبي الفرج ابن الجوزيِّ» بالسند المذكور، ثُمَّ عقَّبه ابن الجوزيِّ بأنَّه موضوع، والنَّضْر لا يُتابَع على هذا الحديث، ولا يُعرَف إلَّا به، قال ابن حِبَّانَ: لا يجوز الاحتجاج بالنَّضْر، وإنَّما يُعرَف هذا الحديثُ بالكلبيِّ عن أبي صالح، وليسا بشيء، انتهى.

وقال السُّهَيليُّ في (غزوة وَدَّان) في «روضه»: قال عليه السلام: «لَأَن يمتلئ جوفُ أحدِكم قَيْحًا خيرٌ له من أن يمتلئَ شِعرًا»، تأوَّلته [1] عائشة رضي الله عنها في الأشعار التي هُجِيَ بها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأنكرت قولَ مَن حمله على العموم في جميع الشِّعر ... إلى آخر كلامه، انتهى، وقال شيخنا: وفسَّر الشَّعْبيُّ هذا الحديثَ بالشِّعر الذي هُجِيَ به النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ووهَّاه أبو عبيد والداوديُّ؛ لأنَّ شطر بيت من ذلك كفرٌ، والراوي أحد الشاتمَين، قال أبو عبيد: والذي عندي: أنَّه إذا غلب عليه، وصدَّه عن الذكر والقرآن، كما بوَّب عليه البُخاريُّ، انتهى.

(1/11078)

[باب قول النبي: «تربت يمينك»، و «عقرى حلقى»]

قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرِبَتْ يَمِينُكِ» و: «عَقْرَى حَلْقَى»): (تَرِبَتْ يمينُكِ): هو بكسر الكاف على الخطاب لمؤنَّث، تَقَدَّمَ الكلام عليه في (تربت يداك)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (عَقْرَى حَلْقَى)، والله أعلم، ومَن قال: إنَّهما مصدران؛ (عَقْرًا حَلْقًا).

(1/11079)

[حديث: ائذني له فإنه عمك تربت يمينك.]

6156# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعدٍ، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهل هو أفلح أخو أبي القُعَيس _كما جاء في «الصحيح»، وهو الصحيح_ أو أفلح ابن أبي القُعَيس، أو أفلح أبو القُعَيس، وكنيته أبو الجَعْد؛ فانظر ذلك.

قوله: (بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَابُ): تَقَدَّمَ أنَّ الحجاب نزل في مبتنى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بزينب بنت جحش، في (سورة الأحزاب)، وقدَّمت ما في ذلك، وتَقَدَّمَ الخلاف متى بنى بها هل كان في الرابعة أو الخامسة أو الثالثة، والله أعلم.

قوله: (وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ): (امرأة أبي القُعَيس) لا أعرف اسمها.

قوله: (تَرِبَتْ يَمِينُكِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (تربت يداك).

(1/11080)

[حديث: أكنت أفضت يوم النحر]

6157# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عتيبة القاضي، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، تقدَّموا.

قوله: (فَرَأَى صَفِيَّةَ): هي صفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب، أمُّ المؤمنين، تَقَدَّمَ الكلام عليها رضي الله عنها.

قوله: (عَلَى بَابِ خِبَائِهَا): تَقَدَّمَ الكلام على (الخِبَاء) ضبطًا، وما هو.

قوله: (كَئِيبَةً): أي: حزينة، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (عَقْرَى حَلْقَى) في (الحجِّ).

(1/11081)

[باب ما جاء في زعموا]

(1/11082)

[حديث: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ.]

6158# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ): كذا في الأصل الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ، وفي الهامش: (ابن يوسف) _يعني: عبد الله بن يوسف_ وعليها علامة راويها، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (عبد الله بن مسلمة)، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»، فوجدته هنا: (عبد الله بن مسلمة) ليس غير، وأمَّا في (الجزية)؛ فـ (عبد الله بن يوسف)، والله أعلم.

قوله: (عَنْ أَبِي النَّضْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد، وأنَّ اسمه سالم بن أبي أُمَيَّة، وكذا تَقَدَّمَ (أَبُو مُرَّةَ): أنَّ اسمه يزيد، وهو هنا: (مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ)، ويقال: مولى عَقِيل بن أبي طالب، قال الواقديُّ: إنَّما هو مولى أمِّ هانئ، وإنَّما نُسِب إلى عَقِيل؛ لكونه كان يلزمه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أمِّ هانِئٍ)، والاختلاف في اسمها، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (عَامَ الْفَتْحِ) سنة ثمانٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ الفتح كان في رمضان، وتَقَدَّمَ الاختلاف في أيِّ يوم كان في الشهر، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قولها: (ابْنُ أُمِّي)؛ يعني: عليًّا، وأنَّه أخوها لأبوَيها، وتَقَدَّمَ الكلام على (الرَّجُل) الذي أجارته، وأنَّه إن كان مِن أولادها؛ فإنَّه جعدة بن هُبَيرة بن أبي وَهْب المخزوميُّ، وتقدَّمت ترجمته، ويجوز هنا نصب (فُلَان) و (ابن)، ورفعُهما، وهو ظاهِرٌ، ومَن أجارت غيرَه، في أوائل هذا التعليق.

==========

[ج 2 ص 625]

(1/11083)

[باب ما جاء في قول الرجل: ويلك]

قوله: (وَيْلَكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 625]

(1/11084)

[حديث: اركبها. قال: إنها بدنة]

6159# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

==========

[ج 2 ص 625]

(1/11085)

[حديث: اركبها ويلك]

6160# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوان، وأنَّ (الأَعْرَجِ): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.

==========

[ج 2 ص 625]

(1/11086)

[حديث: ويحك يا أنجشة رويدك بالقوارير]

6161# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن زيد، و (ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وبعدها نون مُخَفَّفة، وبعد الألف نون أخرى، ثُمَّ ياء النسب إلى بُنانة، وهذا ظاهِرٌ.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوائل هذا التعليق، وسأذكره في أواخره إن شاء الله تعالى.

قوله: (وَأَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ): (أيُّوب): مجرورٌ، علامة الجرِّ فيه الفتحةُ؛ لأنَّه لا ينصرف، وهذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فروى هذا الثاني البُخاريُّ عن مسدَّد، عن حَمَّاد _هو ابن زيد_، عن أيُّوب، عن أبي قِلَابة _واسمه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، وتَقَدَّمَ ضبط (أبي قِلَابة) _، عن أنسٍ، وليس تعليقًا، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (وعن أيُّوب)؛ بإعادة حرف الجرِّ، وكلاهما سواء، والله أعلم.

قوله: (يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا وبعيدًا.

قوله: (وَيْحَكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (وَيْح)، وكذا تَقَدَّمَ على (رُوَيْدَكَ) قريبًا؛ ومعناها: أمهل، وعلى (القَوَارِير) قريبًا أيضًا.

(1/11087)

[حديث: ويلك قطعت عنق أخيك ثلاثًا]

6162# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ (وُهَيْبٌ): أنَّه ابن خالد الكرابيسيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على (أَبِي بَكْرَةَ)، وأنَّه نُفَيع بن الحارث.

قوله: (أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذان (الرجلان) لا أعرفهما، والله أعلم.

[ج 2 ص 625]

(1/11088)

[حديث: لا إن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم]

6163# قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هذا هو الوليد بن مسلم، أبو العَبَّاس الحافظ، عالم أهل الشام، و (الأَوْزَاعِيُّ): أبو عَمرو عبد الرَّحْمَن بن عَمرو، شيخ الإسلام، تقدَّما، وكذا (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوفٍ الزُّهْرِيُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، (وَالضَّحَّاكِ): هو مجرورٌ معطوف على (أبي سلمة)، وهذا ظاهِرٌ، قال الدِّمْيَاطيُّ: الضَّحَّاك بن شَراحيلَ، ويُقال: ابن شُرحبيل، الهَمْدانيُّ المِشْرَقيُّ، ومِشْرق: بطنٌ من هَمْدان، وهو مِشْرق بن زيد بن جشمَ، اتَّفقا عليه، انتهى، والمِشْرَقيُّ: بكسر الميم، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وفتح الراء، وبالقاف، قال أبو أحمد العسكريُّ: مَن فتح الميم؛ فقد صحَّف، انتهى، وكذا قَيَّدهُ غيرُ واحد من الحُفَّاظ، وقال في «المطالع» بعد أن ضبطه وذكر كلام العسكريِّ: وقيَّدناه عن أبي بحرٍ بفتح الميم، وكسر الراء، وكذا قَيَّدهُ الدَّارَقُطْنيُّ وابن ماكولاء، انتهى، وقد راجعت كلام ابن ماكولا في «إكماله»، فرأيته ذكره كما قاله في «المطالع»، لكن عبارته: أمَّا المَشْرِقِيُّ؛ بكسر الراء والقاف؛ فهو الضَّحَّاك المَشْرِقيُّ ... إلى آخر كلامه، وهذا قريبٌ؛ لأنَّها لا تُكسَر الراء إلَّا إذا فُتِحَت الميم، ولم يكن عندي «مؤتلف الدَّارَقُطْنيِّ»، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْريُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

قوله: (يَقْسِمُ [1] ذَاتَ يَوْمٍ قَسْمًا): (يَقسِم)؛ بفتح أوَّله: ثُلاثيٌّ، و (قِسمًا): في أصلنا بكسر القاف بالقلم، وصُحِّح عليه، وفي الحاشية: (قَسمًا)؛ بفتح القاف بالقلم [2]، وعزاه لنسخة الدِّمْيَاطيِّ، والذي في نسخة الدِّمْيَاطيِّ هو الذي أحفظه، وهو ظاهِرٌ؛ لأنَّه تمييز الأنصباء، وهو مصدر قسمتُ الشيء قَسْمًا، وأمَّا بكسر القاف؛ فهو الحظُّ والنصيب، والله أعلم.

(1/11089)

قوله: (فَقَالَ لَهُ [3] ذُو الخُوَيْصِرَة _رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ_: يَا رَسُولَ اللهِ؛ اعْدِلْ): (ذو الخويصرة) هذا: قُتِل في الخوارج يوم النهروان، يُقال له: حُرقوص بن زُهير، وهذا هو المشهور، وتَقَدَّمَ أنَّ في هذا «الصحيح» في (باب مَن ترك قتال الخوارج للتأليف) في (كتاب استتابة المرتدِّين) ما لفظه: (جاء عبد الله بن ذي الخُوَيصرة التميميُّ، فقال: اعدل)، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: عبد الله بن ذي الخويصرة التميميُّ الذي قال: اعدل؛ كذا سمَّاه في بعض طرق «البُخاريِّ»، وهو ذو الخويصرة، تَقَدَّمَ؛ يعني: أنَّه غلط، وأنَّ الصواب: أنَّ والده القائلُ، وقد قَدَّمْتُ ذلك مع احتمال أنَّ كلًّا منهما قال ذلك؛ ذو الخويصرة، وابنه عبد الله، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [4]: ائْذَنْ لِي فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ): تَقَدَّمَ في هذا «الصحيح» أنَّ خالدًا سأل ذلك، والظاهر أنَّهما سألا ذلك، والله أعلم.

قوله: (فَلأَضْرِبَْ عُنُقَهُ): هو بالنصب والجزم، وإعرابهما ظاهرٌ، وكذا هو في أصلنا بهما.

قوله: (يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ): أي: طاعة الإمام.

قوله: (يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ): (يُنظَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، وكذا الثالثة، وكذا الرابعة.

قوله: (إِلَى رِصَافِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الراء، وبالصاد المُهْمَلَة المُخَفَّفة، وبعد الألف فاء، ثُمَّ هاء الضمير، وتَقَدَّمَ ما هو، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: الرِّصاف: عَقَبٌ يُلوى على مدخل النَّصل فيه، انتهى.

قوله: (إِلَى نَضِيِّهِ): هو بفتح النون، وكسر الضاد المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُشَدَّدة، ثُمَّ هاء الضمير، تَقَدَّمَ ما هو وضبطُه، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: والنَّضِيُّ: ما بين الريش والنَّصل، سُمِّيَ بذلك؛ لكثرة البَرْيِ والنَّحْت.

قوله: (إِلَى قُذَذِهِ): هو بضَمِّ القاف، وبذالَين معجمَتين؛ الأولى مفتوحة، ثُمَّ هاء الضمير، وقد تَقَدَّمَ ضبطه وما هو، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: والقُذَذُ: ريش السهم، والفُوق: موضع الوَتَر، والقِدْح: الخشب وحدَه، والسَّهم: اسم لجميع ذلك، انتهى.

(1/11090)

قوله: (سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ): (الفرث): معروفٌ، وقد تَقَدَّمَ أيضًا، وكذا تَقَدَّمَ (آيَتُهُمْ)؛ أي: علامتهم، و (الْبَضْعَةِ)؛ بفتح المُوَحَّدة، وإسكان الضاد المُعْجَمَة: القطعة، و (تَدَرْدَرُ): تَدحْرَجُ وتَذهبُ بعضُها في بعض، وهذا (الرَّجُل): هو ذو الثُّدَيَّة، وفي «أبي داود»: أنَّ اسمه نافعٌ، وفي «صحاح الجوهريِّ»: أنَّه ثُرملة، وقد تَقَدَّمَ، ويأتي أيضًا، وتَقَدَّمَ ما قاله صاحب «مرآة الزمان» سبطُ ابن الجوزيِّ.

قوله: (قالَ أَبُو سَعِيدٍ): هو سعد بن مالك بن سنانٍ، راوي الحديث، تَقَدَّمَ.

قوله: (فَالْتُمِسَ فِي الْقَتْلَى): (التُمِس): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَأُتِيَ بِهِ): مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[1] الكلمة محرَّفة في (أ).

[2] وهي رواية «اليونينيَّة».

[3] (له): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[4] الترضية ليست في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 626]

(1/11091)

[حديث: فصم شهرين متتابعين]

6164# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (عبد الله) هذا: هو ابن المبارك، و (الأَوْزَاعِيُّ): عبد الرَّحْمَن بن عمرو، أبو عمرو، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه ابن عوف الزُّهْرِيُّ، وأنَّ حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن الحِمْيَريَّ ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ» عن أبي هريرة، إنَّما روى له مسلمٌ حديثًا واحدًا عن أبي هريرة.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ هَلَكْتُ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجل هو سلمةُ بن صخر البَيَاضيُّ، وأنَّ في «التِّرْمِذيِّ»: سلمان، وتَقَدَّمَ ما وقع في النسخ الصحيحة من «المصابيح» للبغويِّ من أنَّ اسمه سليمان، وأنَّه غلطٌ.

قوله: (وَيْحَكَ): تَقَدَّمَ الكلام على (وَيْح).

قوله: (فَأُتِيَ بِعَرَقٍ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العَرَق): بفتح العين المُهْمَلَة والراء، وبالقاف، وقد تَقَدَّمَ ما هو، وتَقَدَّمَ أنَّ الذي جاء به فروة بن عمرو البَيَاضيُّ، كذا في (الظهار) في «جامع التِّرْمِذيِّ».

قوله: (مَا بَيْنَ طُنُبَيِ الْمَدِينَةِ): (طُنُبي): بضَمِّ الطاء المُهْمَلَة والنون، وهو واحد (أطناب الخيمة)، فاستعاره للطَّرَف والناحية.

قوله: (تَابَعَهُ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على الأوزاعيِّ، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، هو ابن شهاب المذكورُ في السند قبلَ المتابعة.

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَيْلَكَ): (عبد الرَّحْمَن بن خالد): هو ابن مسافر أمير مصر، يروي عن الزُّهْرِيِّ، وعنه: مولاه الليث بن سعد، ويحيى بن أيُّوب، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: ذكره الدَّارَقُطْنيُّ في «الأفراد» من حديث مُحَمَّد بن شُرحبيل الصنعانيِّ عنه، انتهى.

(1/11092)

[حديث: ويحك إن شأن الهجرة شديد فهل لك من إبل]

6165# قوله: (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ): هذا هو الوليد بن مسلم الحافظ، أبو العَبَّاس، عالم أهل الشام، تَقَدَّمَ مترجمًا، وهو مُدَلِّسٌ، فيُتَّقى من حديثه ما قال فيه: (عن)، و (أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ): هو عبد الرَّحْمَن بن عمرو، تَقَدَّمَ، شيخ الإسلام، و (ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

[ج 2 ص 626]

قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أَخْبِرْنِي عَنِ الْهِجْرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرف اسمه.

قوله: («فَهَلْ تُؤَدِّي صَدَقَتَهَا؟» قالَ: نَعَمْ): إن قيل: كيف لم يسأله عن غيرها من الأعمال الواجبة عليه؟ فالجواب: أنَّ النفوس حرصُها على المال أشدُّ من حرصِها على الأعمال البدنيَّة، فإذا بذل المال، وأخرجه لمستحِقِّه، وأدَّاه طيَّبةً به نفسُه؛ فهو على الأعمال البدنيَّة أشدُّ حرصًا، والله أعلم.

وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الْبِحَارِ)، وأنَّها القرى، وتَقَدَّمَ أيضًا على (يَتِرَكَ)، وأنَّه بفتح المُثَنَّاة تحت، وكسر المُثَنَّاة فوق، وبالراء، ومعناه: لن ينقصك، وقيل: يظلمك، وَتِرَه؛ إذا ظلمه، ومنه: {وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [مُحَمَّد: 35]، وضبطه بعضهم: (يَتْرُك)؛ بإسكان المُثَنَّاة فوق، وضمِّ الراء، وأنا لا أعرف هذا، ولا رأيتُ أحدًا ذكره إلَّا كما قيَّدتُه.

(1/11093)

[حديث: ويلكم لا ترجعوا بعدي كفارًا]

6166# قوله: (عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ): (واقد): بالقاف، وهذا مَعْرُوفٌ، وليس في الكُتُب السِّتَّة راوٍ اسمه وافد؛ بالفاء.

قوله: (قَالَ شُعْبَةُ: شَكَّ هُوَ): يعني: شيخَه واقدًا، وهذا ظاهِرٌ، إلَّا أنَّه قد يأتي مَن لا يعرفه.

قوله: (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (يضرب)، وأنَّ الرواية بالرفع، وأنَّ الجزم يغيِّر المعنى، وتَقَدَّمَ كلام مَن جوَّز فيه الجزمَ في (باب الإنصات للعلماء) في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَقَالَ النَّضْرُ، عَنْ شُعْبَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (النَّضْر) بالضاد المُعْجَمَة، وأنَّه لا يشتبه بـ (نصر)؛ بالصاد، وهذا هو النَّضْر بن شُمَيل الإمام، وتعليق النَّضْر لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ): هو عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ المدنيُّ، نزيل عسقلان، أخو زيد، وعاصم، وأبي بكر، وواقد، تَقَدَّمَ مترجمًا، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (المغازي) عن يحيى بن سليمان، عن ابن وهب، عن عمر بن مُحَمَّد بن زيد، وأخرجه مسلمٌ، وأخرجه ابن ماجه.

(1/11094)

[حديث: ويلك ما أعددت لها؟]

6167# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ): هذا هو الكلابيُّ الحافظ، عن جدِّه عبيد الله بن الوازع، وعمر بن أبي زائدة، وشعبةَ، وعنه: البُخاريُّ، وعبد بن حُمَيدٍ، وخلقٌ، قال: كتبت عن حَمَّاد بن سلمة بضعة عشر ألفًا، صدوقٌ مشهورٌ، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ، وقال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ بعمرو، وقال أبو داود: لا أنشط لحديثه، تُوُفِّيَ سنة (213 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، ولكن بَعُد العهد به، وله ترجمة في «الميزان»، و (هَمَّام) بعده: هو ابن يحيى العَوْذِيُّ.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ): هذا الرجل: قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: تَقَدَّمَ أنَّه أبو موسى الأشعريُّ، وقيل: أبو ذرٍّ، وتَقَدَّمَ استبعادُه، في (مناقب عمر)، وتَقَدَّمَ أنَّه ذو الخُوَيصِرة اليماني، انتهى، وقال بعض حفَّاظ [مِصْر] من المُتَأخِّرين: لم أعرف اسمه، لكن تَقَدَّمَ أنَّ في «الدَّارَقُطْنيِّ» ما يدلُّ على أنَّه ذو الخويصرة اليماني.

قوله: (فَمَرَّ غُلَامٌ لِلْمُغِيرَةِ وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِي، فَقَالَ: إِنْ أُخِّرَ هَذَا؛ فَلَنْ يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ): هذا الغلام اسمه مُحَمَّد، وهو أنصاريٌّ، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: مُحَمَّد الأنصاريُّ، وقيل: الدَّوسيُّ، له صحبةٌ، ذُكِر في حديث ضعيف لأنسٍ؛ وهو: «إنْ يَعِشْ هذا الغلام؛ فعسى ألَّا يبلغه الهرم حتَّى تقوم الساعة»، انتهى، وأصل هذا الحديث في «صحيح مسلم» في (الفتن) عن أنسٍ: أنَّ رجلًا سأل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: متى تقوم الساعة؟ وعنده غلامٌ من الأنصار يقال له: مُحَمَّد، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنْ يَعِش هذا الغلام ... »؛ الحديث، وهذا الحديث انفرد به مسلمٌ عن أصحاب بقيَّة السِّتَّة، وقال ابن بشكوال: اسمه مُحَمَّد، وعزاه أيضًا إلى «مسلم»، قال: وقيل: اسمه سعدٌ، وأخرج الثاني عن الحسن عن أنس ... ؛ فذكره، قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: وقد ذكره ابن الأثير في سعدٍ الدَّوسيِّ ... ؛ فذكره، وقد جزم بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين بأنَّه سعدٌ، قال: وهو دَوسيٌّ، كذا في «النَّسائيِّ»، قال: ولمسلم: (فمرَّ غلامٌ من الأنصار اسمه مُحَمَّد)، فيُحمَل على التفرُّد.

(1/11095)

قوله: (وَاخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): حديث شعبة عن قتادة هذا لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم أرَ شيخنا خرَّجه.

(1/11096)

[باب علامة حب الله عز وجل ... ]

قوله: (بَابُ عَلَامَةِ حُبِّ اللهِ تَعَالَى): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: الآية مطابقة للترجمة، ويعني بالآية: قوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله} [آل عمران: 31]، قال ابن المُنَيِّر: لأنَّ اتِّباع الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم علامةٌ لحُبِّه؛ إذ وعد المحبَّة عليه، ومطابقة الترجمة للأحاديث عَسِرٌ؛ فتأمَّله، والله أعلم، انتهى.

والأحاديث التي ساقها البُخاريُّ في هذا الباب: حديث عبد الله مرفوعًا: «المرء مع من أحبَّ»، وحديث عبد الله بن مسعود من طريق أخرى: (جاء رجلٌ إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا رسول الله؛ كيف تقول في رجل أحبَّ قومًا، ولم يلحق بهم؟ ... )؛ الحديث، وحديث أبي موسى: (قيل للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: الرجل يحبُّ القوم ولمَّا يلحق بهم ... )، وحديث أنس: (أنَّ رجلًا سأل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: متى الساعة يا رسول الله؟ قال: «ما أعددتَ لها؟»، قال: ما أعددتُ لها من كثير صلاة ولا صدقة ... )؛ الحديث، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 627]

(1/11097)

[حديث ابن مسعود: المرء مع من أحب]

6168# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بِشْرًا) بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو غُنْدر، و (سُلَيْمَان) بعد (شعبة): هو سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ الأعمش، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّمَ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

(1/11098)

[حديث: يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قومًا ... ]

6169# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (أَبُو وَائِل).

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ ... )؛ الحديث: قال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: (تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ يصلح تفسيره بأبي موسى أو أبي ذرٍّ)، ثُمَّ ذكر تعقُّبًا على ابن بشكوال، ثُمَّ ذكر مستنده في كونه أبا [1] ذرٍّ، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: هو أبو ذرٍّ، رواه أحمد ابن حنبل من حديثه، وأبو موسى، كما تَقَدَّمَ في (مناقب عمر) انتهى.

(1/11099)

قوله: (تَابَعَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ قَرْمٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ): الضمير في (تابعه) يعود على جَرِير: هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (جَرِير بن حَازم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، ومتابعته عن الأعمش لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخُنا رحمه الله، [قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: أخرجها أبو نعيم في كتاب «المحبِّين» موصولةً، وهو جزءٌ سمعناه على شيخنا العِرَاقيِّ رحمه الله، انتهى] [2]، و (سليمان ابن قَرْم): بفتح القاف، وإسكان الراء، الضَّبِّيُّ، وهو سليمان بن معاذ، نُسِبَ إلى جدِّه، قال أبو زرعة وغيره: ليس بذاك، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ فيما إَخال، ومتابعة سليمان ابن قَرْم عن الأعمش أخرجها مسلمٌ عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، عن أبي الجواب، عن سليمان ابن قَرْم به، قال بعض حفَّاظ [العصر]: لم يَسُق مسلمٌ لفظ سليمان ابن قَرْم، بل ساقها عقيب حديث شعبة فقال: «مثله»، وقد ساق لفظَها أبو عوانة في «صحيحه»، والخطيبُ في كتابه «المكمل في بيان المُهْمَلَ» له مُطَوَّلًا، وطريق أبي عوانة الوضَّاح وصلها الخطيب في الكتاب المذكور، انتهى، و (أبو عوانة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، والله أعلم، ومتابعة أبي عوانة لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها شيخُنا رحمه الله، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: أخرجها أبو نعيم في كتاب «المحبِّين» موصولةً، وهو جزء مفرد سمعناه على شيخنا العِرَاقيِّ رحمه الله، انتهى.

و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

(1/11100)

[حديث أبي موسى: المرء مع من أحب]

6170# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: يحتمل أن يكون الثَّوريَّ، ويحتمل أنَّه ابنُ عُيَيْنَة، على السواء؛ وذلك لأنَّ أبا نُعَيم روى عنهما، وهما عن الأعمش، والله أعلم، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ): لعلَّه الرجل المذكور أعلاه المختلَفُ فيه، والله أعلم.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ): الضمير في (تابعه) يعود على سفيان، فرواه سفيان، وأبو معاوية مُحَمَّد بن خازم _بالخاء المُعْجَمَة_ الضرير، ومُحَمَّد بن

[ج 2 ص 627]

عُبَيد _هو الطنافسيُّ_؛ الثلاثة عن الأعمش به، ومتابعة أبي معاوية أخرجها مسلمٌ عن أبي بكر وأبي كُرَيب؛ كلاهما عن أبي معاوية، وعن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عن أبي معاوية.

تنبيهٌ: متابعة أبي معاوية عزاها شيخنا لابن ماجه، وليست كذلك، إنَّما هي في «مسلمٍ» كما ذكرتُه.

ومتابعة مُحَمَّد بن عُبَيد أخرجها مسلمٌ عن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عن أبي معاوية ومُحَمَّد بن عبيد؛ كلاهما عن الأعمش به.

(1/11101)

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لقد أبطل الله كل طلاق سبق علي تنزيل طلاق سورة الطلاق 5هـ

  المقدمة الأولي /التفصيل القريب و الصواب في التفصيل الاتي 1= نزلت أحكام الطلاق في ثلاث سور قرانية أساسية تُشرِّع قواعده علي المُدرَّج ال...