سورة الطلاق مشاري

**

 المصحف المرتل ختمة كاليفورنيا

** ///

طلاق سورة الطلاق  إعجازٌ وضعه الله في حرفٍ.حيث وضع الله الباري إعجاز تبديل أحكام الطلاق التي كانت  في سورة البقرة 2هـ  إلي أحْكَمِ  أحكامها  في  سورةِ الطلاقِ 5هـ لينتهي كل متشابهٍ  وظنٍ وخلافٍ واختلافٍ  إلي الأبد وحتي يوم القيامة ..وسورة الطلاق5هـ نزلت بعد سورة البقرة2هـ بحوالي عامين ونصف تقريباً يعني ناسخة لأحكام طلاق سورة البقرة2هـ .

الأربعاء، 5 أبريل 2023

ج26.وج27. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي

     ج26. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

    الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

    تحقيق: المكتب العلمي بدار الكمال المتحدة

    قوله: (وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ يَدَي [5] ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ (أبا جمرة) هذا: بالجيم، والرَّاء، وأنَّه نصر بن عمران الضُّبَعيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (كنت أترجم بين يدي ابن عَبَّاس وبين النَّاس)، وما معناه، وما قال فيه ابن الصَّلاح أبو عَمرو، والله أعلم.

    قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ): هو بالتَّثنية، وهي تثنية: مُترجِم، واشتراط العدد في المُتَرجِم هو عند الشَّافِعيَّة أيضًا، قال أصحاب الشَّافِعيِّ: إن كان الحقُّ ممَّا يثبت برجل وامرأتين؛ قُبِل التَّرجمة من رجلين أو مِن رجل وامرأتين، وانفرد الإمام باشتراط

    [ج 2 ص 832]

    رجلين، واختاره البغويُّ لنفسه، وللمسألة فروعٌ اللَّائق بها كتبُ الفقه، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، ولعلَّها: (مُصوَّب).

    [2] في (أ): (ما)، والمثبت من مصدره.

    [3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بلا فاءٍ.

    [4] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بصاحبهما الذي صنع بهما).

    [5] (يدي): ليس في «اليونينيَّة».

    (1/12806)

    [حديث أبي سفيان: أن هرقل أرسل إليه]

    7196# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، و (أَبُو سُفْيَان بْنُ حَرْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أبو سفيان صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تَقَدَّمَ بعض ترجمته في أوَّل هذا التعليق.

    قوله: (أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (هرقل) بلغتيه، وما يتعلَّق به في أوَّل هذا التعليق.

    (1/12807)

    [باب محاسبة الإمام عماله]

    قوله: (بَابُ مُحَاسَبَةِ الإِمَامِ عُمَّالَهُ): (عمَّالَهُ)؛ بالنصب، مفعولُ المصدر، وهو (محاسبة).

    ==========

    [ج 2 ص 833]

    (1/12808)

    [حديث: أما بعد فإني أستعمل رجالًا منكم على أمور مما ولاني الله]

    7197# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ [الكلام] عليه في (باب الغَسل بعد الحرب والغبار) من (كتاب الجهاد)، و (عَبْدة)؛ بإسكان المُوَحَّدة، وهو عَبْدة بن سليمان الكلابيُّ، وقد تَقَدَّمَ، لا عَبْدةُ بن سليمان المروزيُّ، هذا الثَّاني روى له أبو داود فقط، و (أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ اسمه عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، وقيل: ابن المنذر [1] بن سعد الخزرجيُّ، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (واسمه عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن سعد، ابن عمِّ سهل بن سعد) انتهى.

    قوله: (اسْتَعْمَلَ ابْنَ اللُّتْبِيَّة [2]): تَقَدَّمَ أنَّ الصَّواب إسكان المُثَنَّاة فوق، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله كما جاء في بعض روايات «الصَّحيح» من طريق أبي زيد المروزيِّ.

    قوله: (بَنِي سُلَيْمٍ): هو بضَمِّ السين، وفتح اللَّام.

    قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ في أوَّل هذا التعليق الكلامُ على إعرابها، والاختلاف في أوَّل مَن قالها.

    قوله: (قَالَ هِشَامٌ): هو ابن عروة المذكور في السَّند، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (لَهُ رُغَاءٌ): تَقَدَّمَ [ما] (الرُّغاء)، وكذا (الخُوَار)؛ بالخاء المُعْجَمَة، وفي رواية: بالجيم، تقدَّما، وكذا (تَيْعرُ)، وأنَّه بكسر العين وفتحها.

    قوله: (بَيَاضَ إِبْطَيْهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (بياض إبطيه)، وأنَّه من علامات النُّبوَّة.

    (1/12809)

    [باب بطانة الإمام وأهل مشورته]

    قوله: (بَابُ بِطَانَةِ الإِمَامِ): قد فسَّر البُخاريُّ البطانة في الترجمة بأنَّهم (الدُّخَلَاءُ)، وهو كذلك، وبطانة الشخص: دخلاؤه ومن يختصُّ به، والبطانة أيضًا: السَّريرة، فسُمِّي مَن يطَّلع على السَّريرة: بطانةً، يقال: بطنت أمره؛ إذا علمت مِن خَفِيِّه، وبطن الشيء: خفي، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (مَشُورَتِهِ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال: مَشُورة ومَشْوَرة؛ لغتان.

    ==========

    [ج 2 ص 833]

    (1/12810)

    [حديث: ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان]

    7198# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن الفرج الفقيه، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، وأنَّه أعلم خلق الله برأي مالك الإمام المجتهد، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحدُ الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه.

    قوله: (وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ بِهَذَا): (سليمان) هذا: هو ابن بلال، وتعليقه هذا لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: رواية سليمان عن يحيى وصلها الإسماعيليُّ، انتهى، و (يحيى): هو ابن سعيد؛ هو الأنصاريُّ، وقد صَرَّحَ ابن طاهر بأنَّ سليمان بن بلال روى عن الأنصاريِّ، وقال في ترجمة الأنصاريِّ: روى عنه: سليمان بن بلال، وقال صاحب «الكمال» في ترجمة الزُّهْرِيِّ: روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، انتهى، و (ابن شهاب): هو الزُّهْرِيُّ.

    قوله: (وَعَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلُهُ [1]): هذا تعليق، ولم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، لا تعليق ابن أبي عتيق، ولا تعليق موسى، ولم يخرِّجهما شيخنا، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: رواية سليمان عن يحيى وصلها الإسماعيليُّ، ورواية سليمان عن ابن أبي عتيق وموسى بن عقبة وصلها البيهقيُّ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (ابن أبي عتيق): اسمه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيق، تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ روى له مقرونًا، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، و (موسى): هو ابن عقبة، و (ابن شهاب): الزُّهْرِيُّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ أبا بكر الإسماعيليَّ قال: إنَّ ابن عقبة لم يسمع من الزُّهْرِيِّ، وقلت أنا: إنَّ في هذا نظرًا، و (مثلُهُ): مَرْفُوعٌ مبتدأ، و (عن ابن أبي عتيق): خبر مُقدَّم، والله أعلم.

    (1/12811)

    قوله: (وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَوْلَهُ): (شعيبٌ): هو ابن أبي حمزة، ولم أر تعليق شعيب في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا رحمه الله، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: رواية شعيب وقعت لي موصولة في نسخة أبي اليمان رواية أبي مُحَمَّد الجيكانيِّ عنه، و (الزُّهْرِيُّ) تَقَدَّمَ، وكذا (أبو سلمة) أعلاه، و (أبو سعيد): هو الخدريُّ، تَقَدَّمَ أيضًا أعلاه، وقوله: (قولَهُ)؛ بالنَّصب، كما قدَّمته غَيْرَ مَرَّةٍ؛ يعني: من قوله؛ فهو مَنْصُوبٌ بنزع الخافض، ومعنى ذلك: أنَّه موقوف على أبي سعيد، لا من كلام النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

    قوله: (وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ: حَدَّثَنِا [2] الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (الأوزاعيُّ)؛ فهو أبو عَمرو عبد الرَّحْمَن بن عمرو، ولم أر تعليقه من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: رواية الأوزاعيِّ وصلها أحمد، وابن حِبَّانَ، والحاكم، انتهى، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه، و (معاوية بن سلَّام): تَقَدَّمَ أنَّه بتشديد اللَّام، وتعليقه هذا أخرجه النَّسائيُّ في (البيعة) و (السير) عن مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله، عن مُعَمَّر بن يعمر، عن معاوية بن سلَّام، انتهى، وقد عزاه شيخنا إلى التِّرْمِذيِّ مقتصرًا عليه بهذا السند الذي ذكرته عن النَّسائيِّ، وليس هو فيه بالكليَّة، والله أعلم، و (الزُّهْرِيُّ) و (أبو سلمة) تقدَّما أعلاه.

    (1/12812)

    قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ وَسَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَوْلَهُ): (ابن أبي حُسين): هو عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَين بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف القرشيُّ النوفليُّ المَكِّيُّ، مشهور التَّرجمة، وَثَّقَهُ أحمد وجماعة، وأخرج له الجماعة، وهو ابن عمِّ عمر بن سعيد بن أبي حُسَين، و (سعيد بن زياد): هو الأنصاريُّ المدنيُّ، عن جابر بن عبد الله وأبي سلمة، وعنه: سعيد بن أبي هلال، ضعَّفه أبو حاتم، عَلَّقَ له البُخاريُّ تعليقًا، وأخرج له أبو داود، والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة»، وله ترجمة في «الميزان»، لا سعيد بن زياد المدنيُّ المُؤدِّب المُكتِّب مولى جهينة، هذا لم يُعلِّق له البُخاريُّ، وإنَّما روى له أبو داود، والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة».

    وقوله: (قولَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه مَنْصُوبٌ بنزع الخافض؛ أي: مِن قوله، وتَقَدَّمَ أنَّ معناه: أنَّه موقوف عليه من كلامه، لا من كلامه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

    قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (عُبيد الله بن أبي جعفر): هو أبو بكر، الفقيه المصريُّ، أحد الأعلام، عن الشَّعْبيِّ وأقرانه، وعنه: ابن إسحاق، واللَّيث، والنَّاس، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، قال أحمد: مُنْكَر الحديثِ، كان فقيهًا، وأمَّا الحديثُ؛ فليس فيه بذاك، قاله بعض أشياخي، ووَثَّقَهُ غيره، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليقُ عبيد الله بن أبي جعفر به أخرجه النَّسائيُّ في (البيعة) وفي (السِّيَر) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب بن اللَّيث، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي جعفر به، انتهى.

    تنبيهٌ: قد كَتَب الذَّهَبيُّ بخطِّه _كما قاله بعض الحُفَّاظ الدَّماشِقَة من أصحابنا_ بعد (أبيه): (عن جدِّه)، انتهى، فصار: عن أبيه، عن جدِّه، عن عبيد الله بن أبي جعفر، والله أعلم، وقد كتب بعضُ حُفَّاظ العَصْرِ على هذا ما لفظه: زيادةُ: (عن جدِّه) غلطٌ فاحشٌ، حاشى الذَّهَبيَّ من أن يقع فيه؛ لأنَّه يقتضي أن يكون لسعدٍ والدِ الليث روايةٌ في هذا الحديث، وهذا لم يقع بالكلِّيَّة)، انتهى.

    (1/12813)

    و (صفوان) هذا: هو ابن سُلَيم، الزُّهْرِيٌّ مولاهم، المدنيُّ، القدوة الإمام، ممَّن يُسْتَسْقَى بذكره، عن ابن عمر، وعبد الله بن جعفر، وابن المُسَيّب، وأبي سلمة بن عبد الرَّحْمَن، وعنه: مالك والدَّراورديُّ، يقال: إنَّه لم يضع جَنْبه بالأرض أربعين سنة، ويقال: إنَّ جبهته نَقِبتْ من كثرة السجود، وكان قانعًا لا يقبل جوائز السلطان، ثقةً حجَّةً، مناقبه كثيرةٌ، تُوُفِّيَ سنة (132 هـ)، أخرج له الجماعة، و (أبو سلمة): عبد الله، وقيل: إسماعيل، تَقَدَّمَ أعلاه، و (أبو أيُّوب): خالد بن زيد الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

    ==========

    [1] في «اليونينيَّة»: (مثله).

    [2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (حدَّثني).

    [ج 2 ص 833]

    (1/12814)

    [باب: كيف يبايع الإمام الناس؟]

    [ج 2 ص 833]

    قوله: (بَابٌ: كَيْفَ يُبَايِعُ الإِمَامُ النَّاسَ): (الإمامُ): فاعل مَرْفُوعٌ، و (النَّاسَ): مَنْصُوبٌ مفعول، ويجوز العكس، وبهما مضبوطٌ في أصلنا.

    (1/12815)

    [حديث: بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره]

    7199# 7200# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك بن أنس، صاحبِ المذهب، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي.

    قوله: (بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بايَعْنا): هو بإسكان العين في أصلنا، فعليه (رسولُ): مَنْصُوبٌ مفعول.

    قوله: (فِي الْمَنْشَطِ): تَقَدَّمَ ما (المَنْشَط)، وكذا (الْمَكْرَهِ).

    ==========

    [ج 2 ص 834]

    (1/12816)

    [حديث: خرج النبي في غداة باردة والمهاجرون]

    7201# قوله: (يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الخندق، والاختلاف في كم حُفِر، في مكانه، وقبله، وبعده.

    (1/12817)

    [حديث: كنا إذا بايعنا رسول الله على السمع والطاعة]

    7202# قوله: (بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بايَعْنا)؛ بإسكان العين، و (رسولَ): مَنْصُوبٌ مفعول.

    قوله: (فِيمَا اسْتَطَعْتَ): هو بفتح تاء الخطاب، وفي نسخة: (استطعتم).

    ==========

    [ج 2 ص 834]

    (1/12818)

    [حديث: كتب إني أقر بالسمع والطاعة لعبد الملك أمير المؤمنين]

    7203# قوله: (يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان شيخ الحُفَّاظ، و (سفيان) بعده: هو الثَّوريُّ.

    قوله: (عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ): هو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تَقَدَّمَ مُترجَمًا.

    قوله: (وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا بِمِثْلِ ذَلِكَ): قَدَّمْتُ أولاد عبد الله بن عمر الذُّكور، قال ابن قُتَيْبَة: سالم، وعبد الله، وعاصم، وحمزة، وبلال، وواقد، وله بنات كانت واحدة منهنَّ عند عمرو بن عثمان، وأخرى عند عروة بن الزُّبَير، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ قريبًا وما ذكرتُ فيه.

    ==========

    [ج 2 ص 834]

    (1/12819)

    [حديث: بايعت النبي على السمع والطاعة]

    7204# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، حافظ بغداد، و (سَيَّارٌ): هو سيَّار بن سلامة أبو المنهال الرِّياحيُّ، تَقَدَّمَ، و (الشَّعْبِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شراحيل.

    قوله: (فِيمَا اسْتَطَعْتُ): هو بضَمِّ التاء؛ أي: قل: فيما استطعتُ، وفي نسخة: بفتح التاء على الخطاب.

    قوله: (وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ): (النُّصح): مجرور.

    ==========

    [ج 2 ص 834]

    (1/12820)

    [حديث: لما بايع الناس عبد الملك كتب إليه]

    7205# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس، الصيرفيُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّمَ أنَّ (يَحْيَى) ابن سَعِيْدٍ: هو القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.

    قوله: (لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَبْدَ الْمَلِكِ): (الناسُ): مَرْفُوعٌ فاعل، و (عبدَ الملك): مَنْصُوبٌ مفعول، وتَقَدَّمَ أنَّه عبد الملك بن مروان بن الحكم، وبقيَّة نسبه معروف، وقد تَقَدَّمَ أعلاه.

    قوله: (وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا): تَقَدَّمَ أعلاه بنوه، وقبله أيضًا.

    (1/12821)

    [حديث: على أي شيء بايعتم النبي يوم الحديبية؟]

    7206# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن إسماعيل، تَقَدَّمَ، و (سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عمرو بن الأكوع، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

    قوله: (يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها بالتخفيف عند المُتقِنين، وأنَّ عامَّة الفقهاء والمحدَّثين يشدِّدونها.

    قوله: (عَلَى الْمَوْتِ): تَقَدَّمَ الكلام على ذلك مُطَوَّلًا، وأنَّ الصَّبر يجمع الرِّوايات في ذلك.

    (1/12822)

    [حديث: أن الرهط الذين ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا]

    7207# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء، وأنَّه عمُّ عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء الراوي عنه هنا، تَقَدَّمَ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هذا: هو حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صحابيٌّ صغير، وأنَّ (مخرمة): من مُسلِمة الفتح.

    قوله: (أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ): تَقَدَّمَ أنَّهم أهل الشورى، وأنَّهم ستَّة؛ عثمان، وعليٌّ، وعبد الرَّحْمَن بن عوف، وسعد، والزُّبَير، وطلحة، ولم يذكر أبا عبيدة؛ لأنَّه كان تُوُفِّيَ قبل ذلك في سنة سبعَ عشرةَ، والشورى في أوَّل سنة أربعٍ وعشرين، والوصيَّة كانت في آخر سنة ثلاث وعشرين، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل كان غائبًا، وقيل: إنَّه تورَّع عمر عن ذكره؛ لئلَّا ينسب إلى محاباة في الإسلام، وكان ابن عمِّه وزوج أخته فاطمة، وهو جليل كبير القدر صالح للخلافة رضي الله عنه.

    قوله: (فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ): هو بإسكان العين، والضَّمير فاعل، و (عثمان): مفعول مَنْصُوبٌ.

    قوله: (طَرَقَنِي): أي: جاءني ليلًا.

    قوله: (بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ): (الهجع والهجعة والهجيع): طائفة من اللَّيل، و (الهجوع): النوم ليلًا، قاله ابن الأثير، وفي «المطالع»: (بعد هجعة من اللَّيل)؛ أي: بعد ساعة، وفي «الصِّحاح»: (الهجوع: النوم ليلًا، والتَّهجاع: النَّومة الخفيفة ... ) إلى أن قال: (يقال: أتيت فلانًا بعد هجعة؛ أي: بعد نومة خفيفة من أوَّل اللَّيل، والهِجْعة منه؛ كـ (الجِلسة) من الجلوس، وكلُّه قريب).

    قوله: (بِكَبِيرِ نَوْمٍ): هو بالموحَّدة والمُثَلَّثَة، وهما نسختان في أصلنا.

    قوله: (حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ): هو بتشديد الرَّاء؛ أي: انتصف، وبُهرة كلِّ شيء: وسطه، ويقال: طلعت نجومُه فأضاءت، قاله ابن قُرقُول،

    [ج 2 ص 834]

    ولابن الأثير نحوه، ورجَّح القول الأوَّل، ولفظه: انتصف، وبُهرة كلِّ شيء: وسطه، وقيل: ابهارَّ اللَّيل: طلعت نجومه واستنارت، والأوَّل أكثر، وفي «الصِّحاح»: (وابهارَّ اللَّيل ابْهِيرارًا؛ أي: انتصف، وقيل: ذهب معظمُه وأكثرُه.

    قوله: (فَنَاجَاهُ): أي: سارَرَه، وهذا ظاهِرٌ.

    (1/12823)

    قوله: (وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ): أي: السِّتَّة، أهل الشورى، وهم: عثمان، وعليٌّ، وطلحة، والزُّبَير، وسعد، ومعهم عبد الرَّحْمَن بن عوف.

    قوله: (وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الأجناد): المدن الخمس؛ فلسطين، والأردنُّ، ودمشق، وحمص، وقِنَّسْرِين، وكان الأمراء إذ ذاك ... [1].

    قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل [مَن] قالها في أوَّل هذا التعليق؛ فانظره إن أردته.

    ==========

    [1] أخلى في (أ) بياضًا.

    (1/12824)

    [باب من بايع مرتين]

    قوله: (بَابُ مَنْ بَايَعَ مَرَّتَيْنِ): سيأتي أنَّ سلمة بايع ثلاث مَرَّاتٍ في «مسلم»، فيحتمل أن يكون هذا من باب مفهوم العدد، ولأنَّ المرَّتين داخلة في الثلاث، ولا ينفي ذكر الأقلِّ الأكثرَ، ويحتمل أنَّ بيعته ثلاث مَرَّاتٍ ليست على شرطه، والله أعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 835]

    (1/12825)

    [حديث: بايعنا النبي تحت الشجرة فقال لي فقال لي ... ]

    7208# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلَد النَّبيلُ، و (سَلَمَةَ): هو ابن عمرو بن الأكوع، تَقَدَّمَ.

    قوله: (بَايَعْتُ [1] النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ): تَقَدَّمَ متى كانت بيعة الحديبية في مكانها وغيره، وتَقَدَّمَ أنَّها كانت سَمُرة، وتَقَدَّمَ كم كان المبايعون [2] تحتها، والاختلاف في عددهم، وهي روايات، والأكثر أنَّهم كانوا ألفًا وأربع مئة، وتَقَدَّمَ أنَّ هنا: أنَّ سلمة بايع مرَّتين، وفي «صحيح مسلم»: أنَّه بايع ثلاث مَرَّاتٍ، وتَقَدَّمَ معنى [3] ذلك، وتَقَدَّمَ أنَّ ابن عمر بايع مرَّتين، والله أعلم.

    تنبيهٌ هو فائدةٌ: تَقَدَّمَ الاختلاف في أوَّل مَن بايع في الحديبية في مكانه وغيره؛ فاعلمه.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (بَايَعْنَا).

    [2] في (أ): (البايعون)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

    [3] في (أ): (المعنى)، ولعلَّ المُثْبَت هو الصَّواب.

    [ج 2 ص 835]

    (1/12826)

    [باب بيعة الأعراب]

    قوله: (بَابُ بَيْعَةِ الأَعْرَابِ): تَقَدَّمَ من هم (الأعراب)، وأنَّهم سكَّان البوادي وإن كانوا من العجم.

    ==========

    [ج 2 ص 835]

    (1/12827)

    [حديث: المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها.]

    7209# قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلاَمِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرف اسمه، وقال بعض حفَّاظ مصر المُتَأخِّرين: (هو قيس، كما تَقَدَّمَ)، انتهى، وقد رأيت بخطِّ المشار إليه ما لفظه: (وقع في «ربيع الأبرار» للزَّمخشريِّ: أنَّه قيس بن أبي حَازم، وهذا إن ثبت؛ يكون آخر غير التَّابعيِّ المخضرم المشهور) انتهى.

    قوله: (فَأَصَابَهُ وَعكٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو، وإسكان العين وفتحها، وتَقَدَّمَ ما هو.

    قوله: (أَقِلْنِي بَيْعَتِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أواخر (الحجِّ) قبيل (الصِّيام)، وأنَّ النَّوويَّ قال: إنَّما لم يُقِلْهُ عليه السَّلام بيعته؛ لأنَّه لا يجوز لمَن أسلم أن يترك الإسلام، ولا لمن هاجر إليه عليه السَّلام للمقام عنده أن يترك الهجرة، ويذهب إلى وطنه أو غيره، وهذا الأعرابيُّ كان ممَّن هاجر، وبايع على المقام معه عليه السَّلام، وقال القاضي: ويحتمل أنَّ بيعته هذه كانت بعد الفتح وسقوط الهجرة إليه، وإنَّما بايع على الإسلام وطلب الإقالة منه، والصَّحيح: الأوَّل، انتهى.

    قوله: (كَالْكِيرِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا (ويَنْصَعُ طِيبُهَا).

    ==========

    [ج 2 ص 835]

    (1/12828)

    [باب بيعة الصغير]

    قوله: (بَابُ بَيْعَةِ الصَّغِيرِ): ذكر ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته بلا إسناد، ثمَّ قال: يعني بقوله: «باب بيعة الصغير»؛ أي: عدم انعقادِها شرعًا؛ لأنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يبايعه، فالترجمة مُوهِمة، والحديث يزيل إيهامها.

    (1/12829)

    [حديث ابن هشام: وكان قد أدرك النبي وذهبت به أمه ... ]

    7210# قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ): (أبو عَقِيل) هذا: تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وكسر القاف، وتَقَدَّمَ مترجمًا، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِشَامٍ).

    قوله: (وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ [1] حُمَيْدٍ): هي زينب بنت حُمَيد بن زهير الأسديَّة، صحابيَّة معدودة فيهنَّ رضي الله عنهنَّ.

    قوله: (وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ): اعلم أنَّ الأضحية سُنَّة على الكفاية، ولهذا كان يضحِّي بالشاة الواحدة عن جميع أهله، قال فخر الإسلام الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن أحمد بن الحسين بن عمر الشَّاشيُّ: ليس لنا سُنَّة على الكفاية إلَّا الابتداء بالسَّلام، ويرد عليه: الأذان، والإقامة، والتسمية على الأكل، وشاة الأضحية، وتشميت العاطس، وما يُفعَل بالميِّت ممَّا نُدِب إليه، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (ابنة).

    [ج 2 ص 835]

    (1/12830)

    [باب من بايع ثم استقال البيعة]

    (1/12831)

    [حديث: إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها]

    7211# قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلاَمِ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ أعلاه وقبله ما قاله بعض حفَّاظ مصر المُتَأخِّرين.

    قوله: (وَعكٌ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله أنَّه بإسكان العين وفتحها، وتَقَدَّمَ قبل ذلك ما هو، وتَقَدَّمَ الكلام أعلاه وقبله على (أَقِلْنِي بَيْعَتِي)، وتَقَدَّمَ الكلام قبله على (الكِير)، وعلى (يَنْصَعُ طِيبُهَا).

    (1/12832)

    [باب من بايع رجلًا لا يبايعه إلا للدنيا]

    (1/12833)

    [حديث: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة]

    7212# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلَة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عبدان) لقب له، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَبَا حَمْزَةَ): مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وأنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، وتَقَدَّمَ أنَّه إنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخر، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (إِلَّا لِدُنْيَا [1]): هو في أصلنا: مُنَوَّن، وقد قَدَّمْتُ في أوَّل هذا التعليق أنَّ (دنيا): مقصورة غير مُنَوَّنة على المشهور، وأنَّه يجوز في لغة غريبة تنوينُها، فهذا إن صحَّ مجيئًا؛ فهو على تلك اللُّغة، وفي نسخة على هامش أصلنا وعليه (صح): (لدنياه)، وقد قَدَّمْتُ في أوَّل هذا التعليق أنَّ قوله: (إلى دنيا): أنَّ الرواية بغير تنوين، وذكرت الكلام على حقيقة الدُّنيا ما هي، والله أعلم.

    قوله: (لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، كذا هو مضبوط في أصلنا فقط؛ أي: دُفِع له فيها كذا وهو كاذب.

    قوله: (وَلَمْ يُعْطِهَا [2]): هو في أصلنا: بكسر الطاء وفتحها، أمَّا فتح الطاء؛ فهو موافق لما ضبطه في (أُعطِي)، وأمَّا الضبط الثاني؛ فينبغي أن يكون مع (أَعطَى)؛ بفتح الهمزة والطاء؛ أي: لقد اشتراها بكذا وكذا، ولم يشترها به، وهذا تَقَدَّمَ لنا مرَّة أخرى.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (لدنياه).

    [2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يُعْط بِهَا).

    [ج 2 ص 835]

    (1/12834)

    [باب بيعة النساء]

    قوله: (بَابُ بَيْعَةِ النِّسَاءِ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثمَّ قال: أدخل حديث عُبَادة في الترجمة على بيعة النساء، وحديث عُبَادة المشار إليه: قال لنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ونحن في المجلس: «بايعوني على ألَّا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتانٍ تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ... »؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: (لأنَّها

    [ج 2 ص 835]

    وردت في نصِّ الكتاب العزيز في حقِّ النساء، ثمَّ استُعمِلت في حقِّ الرجال، فصارت البيعة معروفةً بهنَّ)، والله أعلم.

    (1/12835)

    [حديث: تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا]

    7213# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): هذا تعليق مجزوم به، و (اللَّيث): هو ابن سعد، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، وتعليق الليث عن يونس لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وكذا يونس، ولم يعزهما شيخنا، و (ابن شهاب): هو الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو إِدْرِيسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عائذ الله بن عبد الله، وقيل غير ذلك.

    قوله: (فَعُوقِبَ بِهِ [1] فِي الدُّنْيَا؛ فَهْوَ كَفَّارَةٌ لَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مع حديث أبي هريرة مرفوعًا: «ما أدري الحدود كفَّارات لأهلها أم لا؟» في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة.

    (1/12836)

    [حديث: كان النبي يبايع النساء بالكلام]

    7214# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه محمود بن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير، الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

    قوله: (وَمَا مَسَّتْ يَدُهُ [1] يَدَ امْرَأَةٍ إِلاَّ امْرَأَةً يَمْلِكُهَا): تَقَدَّمَ الاختلاف في مبايعة النساء في (سورة الممتحنة)، وقد ذكرت فيها ثلاثةَ أقوال.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

    [ج 2 ص 836]

    (1/12837)

    [حديث: بايعنا النبي فقرأ علي {أن لا يشركن بالله شيئًا}]

    7215# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة، الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا ومرَّةً مُترجَمًا، و (أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة، و (حَفْصَة): هي بنت سيرين، تَقَدَّمَت أنَّها من أجلَّاء نساء التابعين هي وعَمرة بنت عبد الرَّحْمَن، وأمُّ الدَّرداء الصغرى هجيمة، ويقال: جُهَيمة بنت حُييٍّ الأوصابيَّة، و (أُم عَطِيَّة): نُسَيبة؛ بضَمِّ النُّون، على الأصَحِّ، ومنهم من يفتح النون، ويكسر السين، وقد ذكر هذا الخلاف غيرُ واحد، وقال ابن ماكولا وجماعةٌ: نُسَيبة؛ بضَمِّ النون: أمُّ عَطيَّة، وبفتح النون: أمُّ عُمارة، وقد قَدَّمْتُ نسب أمِّ عَطيَّة في (الجنائز) رضي الله عنها.

    قوله: (َفقَبَضَتِ امْرَأَةٌ مِنَّا يَدَهَا، فَقَالَتْ: فُلاَنَةُ أَسْعَدَتْنِي، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَذَهَبَتْ ثمَّ رَجَعَتْ ... )؛ الحديث: هذه المرأة التي قبضت يدها هي أمُّ عَطيَّة، والشاهد له في «صحيح مسلم» من حديثها، قالت: لمَّا نزلت هذه الآية: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ... وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]؛ قالت: كان منه النياحة، قالت: فقلت: يا رسول الله؛ إلَّا آل فلان، فإنَّهم كانوا أسعدوني في الجاهليَّة، فلا بدَّ لي من أن أسعدهم، فقال رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إلَّا آلَ فلان»، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه لا يجوز لأحدٍ النياحة إلَّا لأمِّ عَطيَّة، ولا لها إلَّا على آل فلان، وأنَّ جوابه: أنَّ الشارع له أن يخصَّ من العموم مَن شاء، كذا قاله الشيخ محيي الدين النَّوويُّ، وقد ردَّ النَّوويُّ ما قاله القاضي عياض في ذلك؛ فانظر ما ذكرتُه في (الجنائز).

    قوله: (إِنَّ [1] فُلاَنَةَ أَسْعَدَتْنِي): (فلانة): لا أعرفها، و (أسعدتني)؛ أي: أعانتني في النياحة، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (أَنْ أَجْزِيَهَا): هو بفتح الهمزة، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا): وقد تَقَدَّمَ أنَّه قال: «إلَّا آلَ فلان»، والجمع بينهما: أنَّ معنى (لم يقل شيئًا): لم ينهَ عن ذلك، لا أنَّه لم يقل شيئًا بالكلِّيَّة، والله أعلم.

    (1/12838)

    قوله: (فَمَا وَفَتْ مِنَّا [2] امْرَأَةٌ إِلَّا أُمُّ سُلَيْمٍ، وَأُمُّ الْعَلاَءِ، وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ، أَوِ ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ، وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الجنائز)، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا تجاه (أمِّ سُلَيم) ما لفظه: (مُلَيْكَة أمُّ أنس بن مالك، وأمُّ حرام الغميصاء، وأمُّ عبد الله، وحرام وسُلَيم شهدا بدرًا وأُحُدًا، وقُتِلا يوم بئر معونة، أولاد مِلحان _واسمه مالك ابن خالد بن زيد بن حرام_ كلُّهم أسلم وبايع رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم) انتهى، و (أم سُلَيم): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بضَمِّ السِّين، وفتح اللَّام، وأنَّ اسمها سهلة، وقيل: رُمَيلة، أو رُمَيثة، أو مُلَيْكَة، أو الرُّميصاء، أو الغميصاء، وقوله: (وأمُّ العلاء): هي الأنصاريَّة، روى عنها: خارجة بن زيد بن ثابت وعبد الملك بن عمير، شهدت خيبر، أخرج لها البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وأبو داود، وأحمد في «المسند»، وقد تَقَدَّمَت، وقوله: (وابنة أبي سبرة امرأة معاذ، أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ): تَقَدَّمَ، والله أعلم.

    ==========

    [1] (إنَّ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

    [2] (منَّا): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

    [ج 2 ص 836]

    (1/12839)

    [باب من نكث بيعة ... ]

    (1/12840)

    [حديث جابر: المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها]

    7216# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.

    قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: بَايِعْنِي عَلَى الإِسْلاَمِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ ما قاله بعض حفَّاظ مصر قريبًا جدًّا وبعيدًا جدًّا.

    قوله: (فَقَالَ: أَقِلْنِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أواخر (الحجِّ) قبيل (الصوم)، وقريبًا أيضًا، وكذا تَقَدَّمَ (الكِير)، وكذا (يَنْصَعُ طِيبُهَا).

    ==========

    [ج 2 ص 836]

    (1/12841)

    [باب الاستخلاف]

    (1/12842)

    [حديث عائشة: ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك]

    7217# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّه يحيى بن يحيى بن بُكَيْر التميميُّ، أبو زكريَّا، النَّيسابوريُّ، أحد الأعلام، ثَبْتٌ فقيهٌ صاحب حديث، وليس بالمُكثِر جدًّا، وليس هو بيحيى بن يحيى بن قيس الغسَّانيِّ، هذا الثاني ليس له شيءٌ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، إنَّما روى له أبو داود، وليس هو بيحيى بن يحيى اللَّيثيِّ عالم الأندلس، صاحب «المُوَطَّأ»، هذا الثَّالث ليس له في الكُتُب السِّتَّة شيء بالكلِّيَّة، والله أعلم، و (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ.

    قوله: (ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ): (ذاكِ)؛ بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث.

    قوله: (فَأَسْتَغْفِر لَكِ وَأَدْعُو لَكِ): يجوز فيهما الرَّفع والنصب.

    قوله: (وَاثُكْلِيَاهْ): تَقَدَّمَ ما (الثُّكل).

    قوله: (لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا): (ظَلِلْتَ)؛ بكسر اللَّام، قال الجوهريُّ: وظلِلتُ أعمل كذا _ بالكسر_ ظُلولًا؛ إذا عملته بالنَّهار دون

    [ج 2 ص 836]

    اللَّيل، وهو مِن شواذِّ التَّخفيف، وقد فسَّرناه في (مسَّ).

    قوله: (مُعَرِّسًا): هو بإسكان العين، وكسر الرَّاء، كناية عن الجماع.

    (1/12843)

    قوله: (أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ؛ فَأَعْهَدَ): كذا هو (وابنه)؛ بهمزة وصل، ثمَّ مُوَحَّدة، ثمَّ نون، قال ابن قُرقُول: (أن أرسل إلى أبي بكر أو آتيَهُ): كذا لأبي ذرٍّ، وعند بعض رواته عنه: (إلى أبي بكر وآتيه)؛ من غير شكٍّ، والصَّواب: (أو آتِيه)؛ إن صحَّت الرِّواية بالتاء، وعند الأصيليِّ، والقابسيِّ، والنَّسَفيِّ: (إلى أبي بكر وابنه)، وقيل: هو وَهَمٌ، والصَّوابُ: الأوَّل، وقد تعقَّب الشيخ محيي الدين تصويب القاضي، فقال: وليس كما صوَّب، بل الصَّوابُ: (ابنه)؛ بالباء المُوَحَّدة والنُّون، وهو أخو عائشة، وتوضِّحه رواية مسلم: (أخاكِ وأباكِ)، ولأنَّ إتيان النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان مُتعذِّرًا أو مُتعسِّرًا، وقد عجز عن حضور الجماعة، واستخلف الصِّدِّيق؛ ليصلِّي بالناس، واستأذن أزواجه أن يُمرَّض في بيت عائشة رضي الله عنها، والله أعلم، و (ابنه) المشار إليه: ما عرفته أهو عبد الله أو عبد الرَّحْمَن؟ وليس المراد: مُحَمَّدًا، مُحَمَّد يُصغَّر عن ذلك، والله أعلم، ولم يذكره شيخنا، ولا النوويُّ في «شرحه لمسلم»، ولا ابن شيخنا البُلْقينيِّ، والذي ظهر لي أنَّه أراد: أخاها لأبويها، وهو عبد الرَّحْمَن؛ لأنَّ أمَّهما أمُّ رُومان، وأمَّا عبد الله؛ فأمُّه وأمُّ أسماء واحدة، وهي قتيلة، ويقال: قيلة بنت عبد العزَّى، والصحيح: لم تُسلِم، وتقدَّم هذا الخلاف فيها مع زيادة، ثمَّ رأيته مُصرَّحًا به في «الردِّ على الرافضيِّ» لابن تيمية في المُجلَّد الأوَّل مُصرِّحًا بأنَّه عبد الرَّحْمَن، وعزاه للمكان المذكور فيه، والله أعلم.

    (1/12844)

    [حديث: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر]

    7218# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن مُحَمَّد بن يوسف البيكنديِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ.

    قوله: (فَقَالَ: رَاغِبٌ رَاهِبٌ): أي: طالبٌ راجٍ، وخائفٌ فزِعٌ.

    قوله: (كَفَافًا): هو بفتح الكاف؛ معناه ما قاله بعدها: (لَا عَلَيَّ، وَلَا ليَّ [1]).

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لَا لِي وَلاَ عَلَيَّ).

    [ج 2 ص 837]

    (1/12845)

    [حديث أنس: أنه سمع خطبة عمر الآخرة حين جلس على المنبر ... ]

    7219# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الرازيُّ الفرَّاء الحافظ، وتَقَدَّمَ مُترجَمًا، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف قاضي صنعاء، و (مَعْمَر): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (وَذَلِكَ الْغَدُ): يجوز فيه الرَّفع والنَّصب، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ): (يوم): مجرور غير مُنَوَّن [1].

    قوله: (حَتَّى يَدْبُرَنَا): هو بفتح أوَّله، وإسكان الدَّال المُهْمَلَة، وضمِّ المُوَحَّدة؛ أي: يتقدَّمه أصحابُه، ويبقى خلفهم، وقد فسَّره الراوي بقوله: (يريد بذلك: أن يكون آخرهم)، قال في «المطالع»: («يدبُرنا»: دَبَرَهُ يدبُرُه؛ إذا بقي خلفه أو جاء بعده، ومنه: {وَاللَّيْلِ إِذَا أَدْبَرَ} [المُدَّثر: 33])، وقد تَقَدَّمَ، وكانت شبهةُ عمر رضي الله عنه في ذلك ظاهرَ قوله تعالى: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].

    قوله: (بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ): أي: بينكم.

    قوله: (ثَانِي اثْنَيْنِ): (ثاني): مَرْفُوعٌ بدلٌ من (صاحب) المرفوع، ولم يُرِدِ التِّلاوة.

    قوله: (فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه (السَّقيفة) قبل ذلك.

    قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ [2] أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ ... ) إلى آخره: هذا من جملة الحديث بالسند المُتقدِّم، وليس تعليقًا.

    قوله: (اصْعَدِ الْمِنْبَرَ): هو بفتح العين، وكذا المستقبل، وأمَّا الماضي؛ فهو بكسر العين، وقد تَقَدَّمَ، وهو ظاهِرٌ.

    ==========

    [1] وهو في «اليونينيَّة» منوَّنٌ، ويُنظَر هامشها.

    [2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عن).

    [ج 2 ص 837]

    (1/12846)

    [حديث: إن لم تجديني فأتي أبا بكر.]

    7220# قوله: (أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ، فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ): هذه (المرأة) لا أعرف اسمها.

    (1/12847)

    [حديث: تتبعون أذناب الإبل، حتى يري الله خليفة نبيه والمهاجرين ... ]

    7221# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مُسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: هو الثَّوريُّ، و (أَبُو بَكْرٍ): هو الصِّدِّيق عبد الله بن عثمان، تَقَدَّمَ نسبه رضي الله عنه في (المناقب)، وهو أشهر مِن أن يُترجَم.

    قوله: (لِوَفْدِ): تَقَدَّمَ ما (الوفد)، وأنَّه جمع (وافد)؛ كـ (زَوْر وزائر)؛ وهم القوم يأتون الملوك رُكبانًا، وقد وَفَد وفدًا ووفادةً، ثمَّ سُمِّي القومُ بالفعل.

    قوله: (بُزَاخَةَ): هي بضَمِّ المُوَحَّدة، وتخفيف الزاي، وبعد الألف خاءٌ معجمةٌ، ثمَّ تاء التأنيث، كذا قَيَّدهُ غير واحد، وهو موضع كانت به وقعةٌ زمان الصِّدِّيق، ولفظ «المطالع»: (بُزَاخة): موضع بالبَحْرين، وقال الأصمعيُّ: هو ماء لطيِّئ، وقال الشَّيبانيُّ: ماء لبني أسد، وحكى البكريُّ: فيه بُزُوخة، انتهى، وأهل بزاخة كانوا ارتدُّوا، ثمَّ تابوا، فأوفدوا رسلهم للصِّدِّيق يعتذرون إليه، فأحبَّ الصِّدِّيق ألَّا يقضي فيهم إلَّا بعد المشاورة في أمرهم، فقال لهم: (ارجعوا واتبعوا أذناب الإبل في الصَّحارى حتَّى يرى المهاجرون وخليفةُ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما يُرِيهم الله في مشاورتهم أمرًا يعذرونكم فيه)، قال شيخنا: وذكر يعقوب ين مُحَمَّد الزُّهْرِيُّ: حدَّثني إبراهيم بن سعد عن سفيان الثَّوريِّ، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: قدم وفد أهل بُزَاخة _وهم من طيِّئ_ يسألونه الصُّلح، فقال أبو بكر رضي الله عنه: اختاروا: إمَّا الحرب المُجلِية، وإمَّا السِّلم المُحرِبة [1]، فقالوا: قد عرفنا الحرب، فما السِّلم المحربة؟ قال: ننزع منكم الكُرَاع والحلْقة، وتدون قتلانا، وقتلاكم في النار، ونغنم ما أصبنا منكم، وتردُّون إلينا ما أصبتم منا، وتُتْرَكون أقوامًا تتَّبعون أذناب الإبل حتَّى يُرِيَ اللهُ خليفةَ نبيِّه والمهاجرين أمرًا يعذرونكم به، فخطب أبو بكر النَّاس، فذكر أنَّه قال وقالوا، فقال عمر رضي الله عنه: قد رأيت وسنشير عليك؛ أمَّا ما ذكرتَ مِن أن تنزع منهم الكراع والحلْقة؛ فنِعْمَ ما رأيت، وأمَّا ما ذكرت من أن يدُوا قتلانا، وقتلاهم في النار؛ فإنَّ قتلانا قُتِلت على أمر الله لها دِيات، فتابع النَّاس على قِيل عمرَ رضي الله عنه.

    ==========

    (1/12848)

    [1] كذا في (أ) مضبوطًا، وفي المصادر: (المخزية)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

    [ج 2 ص 837]

    (1/12849)

    [باب [الأئمة من قريش]]

    (1/12850)

    [حديث: يكون اثنا عشر أميرًا]

    7222# 7223# قوله: (حَدَّثَنَا غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثمَّ راء، وقد تَقَدَّمَ ما (الغُنْدُر)، وسبب تلقيبه بذلك، وهو مُحَمَّد بن جعفر، و (عَبْد الْمَلِكِ): هو ابن عُمير، تَقَدَّمَ، و (جَابِر بْن سَمُرَةَ): لم يروِ عن سمُرةَ غيرُ ابنه جابر رضي الله عنهما فقط، وهما صحابيَّان، وهو سمُرة بن جنادة، وقيل: سمُرة بن عمرو بن جُنْدب بن حجير، وقيل فيه: سمُرة بن جندب بن جنادة بن جندب بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سُواءة _بضَمِّ السِّين، وبالمدِّ_ ابن عامر بن صعصعة بن بكر بن هوازن.

    [ج 2 ص 837]

    قوله: (يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا): يعني: خليفة، قال شيخنا: قال المُهلَّب: لم ألقَ أحدًا يقطع في هذا الحديث بمعنًى، فقومٌ يقولون: يكون اثنا عشر أميرًا بعد الخلافة المعلومة مَرضيِّين، وقوم يقولون: يكونون مُتواليين إمارتهم، وقوم يقولون: في زمن واحد كلُّهم من قريش يدِّعي الإمارة، والذي يغلب عليه الظَّنُّ أنَّه إنَّما أراد أن يخبر بأعاجيبَ ما يكون من بعده من الفتن حتَّى يفترق النَّاس في وقت واحد على اثني عشر أميرًا، وما زاد على الاثني عشر؛ فهو زيادة في التعجُّب، كأنَّه أنذر بشرط مِن الشروط، وبعضه يقع، ولو أراد عليه السَّلام: غير هذا؛ لقال: يكون اثنا عشر أميرًا يفعلون كذا، ويصنعون كذا، فلمَّا أعراهم من الخبر؛ علمنا أنَّه أراد أن يخبر بكونهم في زمن واحد، وفي «خصائص الإمام أحمد» لأبي موسى المدينيِّ أنَّ عبد الله بن أحمد قال: (قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على حديث أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه: «يُهلِك أمَّتي هذا الحيُّ من قريش»، فإنَّه خلاف الأحاديث عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ يعني: قوله: «اسمعوا وأطيعوا»، قال أبو موسى: (فلمَّا شذَّ [1] لفظُه عن الأحاديث المشاهير؛ أمر بالضَّرب عليه) انتهى.

    قوله: (فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا، فَقَالَ أَبِي: إِنَّهُ قَالَ: كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ): (أبوه): سمرة، تَقَدَّمَ قبيل هذا، وأنَّه لم يروِ عنه غيرُ ابنه جابر.

    (1/12851)

    [باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة]

    قوله: (وَأَهْلِ الرِّيَبِ): هي بكسر الراء، وفتح المُثَنَّاة تحت، ثمَّ مُوَحَّدة، جمع (ريبة)، كذا هو مضبوط بالقلم في أصلنا.

    قوله: (وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ): (أخت أبي بكر رضي الله عنه): هي أمُّ فروة التي زوَّجها أبو بكر بالأشعث بن قيس، فولدت له مُحَمَّدًا وغيره، لها صحبة ورواية، ولا أعرفُ اسمها، والظاهر أنَّ اسمَها كنيتُها، وقد تَقَدَّمَ هذا الأثر في (كتاب الخصومات)، أمُّ هذه: هند بنت نُقَيد بن بجير بن عبد بن قصيٍّ، ولا أعرفُ لهند هذه إسلامًا ولا صحبةً، و (أمُّ فروة): هذه من المبايعات، بايعت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، حديثها عند القاسم بن غنَّام الأنصاريِّ، عن بعض أمَّهاته عن أمِّ فروة، قالت: سمعت النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: «إنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله الصَّلاة في أوَّل وقتها»، وروى عن القاسم: عبيد الله وعبد الله ابنا عمر العمريَّان، قال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: أمُّ فروة الأنصاريَّة أخت أبي بكر الصِّدِّيق التي زوَّجها الأشعثَ بن قيس، كذا قال في «الأُسْد» الذي اختُصِر منه «التَّجريد»، ذكر ثلاثة؛ كلٌّ منهنَّ يقال لها: أمُّ فروة؛ الأولى: ظئره عليه السَّلام، الثانية: أنصاريَّة، الثالثة: أخت الصِّدِّيق التَّيميَّة، وقد قال ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»: (وقد قال بعضُهم في أمِّ فروة هذه: الأنصاريَّة، وهو وَهَم، وإنَّما جاء ذلك _والله أعلم_؛ لأنَّ القاسم بن غنَّام يقول في حديثها مرَّةً: عن جدَّته الدُّنيا عن جدِّته القُصْوى، ومرَّةً: عن بعض أمَّهاته عن عمَّة له، والصَّواب ما ذكرناه، وبالله توفيقنا) انتهى.

    (1/12852)

    [حديث: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب]

    7224# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ المجتهدِ، و (أَبُو الزِّنَادِ): عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

    قوله: (فَيُحْتَطَبَ [1]): هو بالنَّصب، وكذا ما بعده من (آمُرَ)، و (يُؤذَّنَ)، و (آمُرَ) الثَّانية، و (فَيَؤُمَّ)، و (أُخَالِفَ)، و (فَأُحْرِقَ).

    قوله: (فَأُحْرِقَ [2]): هو بضَمِّ الهمزة، وإسكان الحاء.

    قوله: (عَرْقًا سَمِينًا): تَقَدَّمَ ضبط (العَرْق)، وأنَّه بفتح العين المُهْمَلَة، وإسكان الراء، وبالقاف، وتَقَدَّمَ ما هو، وكذا (المَرْمَاتَيْنِ) وضبطهما، وفي نسخة في الأصل الذي لنا القاهريِّ: (قَالَ مُحمدُ بنُ يُوسفَ: قال يونُسُ: قال محمدُ بنُ سُلَيْمانَ: قال أبُو عَبْدِ اللهِ: مرْماةٌ: ما بَيْنَ ظِلْفِ الشَّاةِ من اللَّحْمِ؛ مِثلُ: «مِنْسَاةٍ» و «مِيضَاةٍ»، الميمُ مَخْفُوضَةٌ) انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ ما لفظه: (قال القاضي: «مرماتين» تروى: بفتح الميم وكسرها، قال أبو عُبيد: هو ما بين ظلفَي الشاة من اللَّحم، فعلى هذا: الميم أصليَّة، قال الدَّاوديُّ: وقيل: هما بضعتان من اللَّحم، وقال غيره: هو السَّهم الذي يُرمَى به، وهو بكسر الميم خاصَّة [3]، والميم زائدة، وقيل: هو سهم يُلعَب به في كوم التُّراب، فمن رمى به، فثبت في الكوم؛ غلب)، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (يُحْتَطَب).

    [2] في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (فَأُحَرِّق).

    [3] في (أ): (بكسرها)، وعليها: (كذا)، والمثبت من حواشي الدِّمياطيِّ.

    [ج 2 ص 838]

    (1/12853)

    [باب: هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه ... ]

    (1/12854)

    [حديث كعب: لما تخلف عن رسول الله في غزوة تبوك ... ]

    7225# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): هو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

    قوله: (مِنْ بَنِيهِ): هو جمع (ابن)، ورُوِي: (من بيته)، وهو تصحيف، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (خَمْسِينَ لَيْلَةً): تَقَدَّمَ ما لعلَّه الحكمة في التَّحديد بخمسين يومًا في حديثه المُطوَّل في (تبوك).

    قوله: (وَآذَنَ): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: أَعْلَمَ.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (حدَّثني).

    [ج 2 ص 838]

    (1/12855)

    ((94)) (كِتَابُ التَّمَنِّي) ... إلى (بَاب مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرَ الوَاحِدِ الصَّدُوقِ)

    (1/12856)

    [حديث: والذي نفسي بيده لولا أن رجالًا يكرهون أن يتخلفوا ... ]

    7226# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (عُفَيْرًا) بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وفتح الفاء، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ): هو ابن مسافر أمير مصر، تَقَدَّمَ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (سَعِيد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يقال إلَّا بالفتح.

    قوله: (ثُمَّ أُحْيَا): هو بضَمِّ الهمزة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، وكذا الثالثة، وكذا في الحديث الذي بعده.

    ==========

    [ج 2 ص 838]

    (1/12857)

    [حديث: والذي نفسي بيده وددت أني لأقاتل في سبيل الله]

    7227# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (وَدِدْتُ إِنِّي [1] لأُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ): (إنِّي): بكسر الهمزة؛ لأنَّ اللام في خبرها، والله أعلم [2].

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أنِّي).

    [2] هذه الفقرة جاءت في (أ) مستدركة متقدِّمة بعد قوله: (لا يقال إلا بالفتح).

    [ج 2 ص 838]

    (1/12858)

    [باب تمني الخير ... ]

    (1/12859)

    [حديث: لو كان عندي أحد ذهبًا لأحببت أن لا يأتي ثلاث]

    7228# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير الصنعانيُّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الأبناويُّ الصنعانيُّ.

    قوله: (وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ لَيْسَ شَيْءٌ أُرْصِدُهُ فِي دَيْنٍ عَلَيَّ أَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهُ): كذا في أصلنا، وفي نسخة الصغانيِّ ما لفظه: (وقع في النسخ: «شيء»، والصواب: «شيئًا»)، انتهى.

    واعلم أنَّه وقع (شيئًا) في نسخة الأصيليِّ، ولغيره بالرفع، وقد وقع في هذا الحديث تغيير بالتقديم وبالتأخير اختلَّ به الكلام، وأصله: (وعندي منه دينارٌ أجد من يقبله ليس شيئًا أرصده لدَين)، ففصل بين الموصوف _وهو (دينار) _ وصفته _وهو قوله: (أجد) _ بالمشتقِّ، والله أعلم.

    قوله: (أُرْصِدُهُ): هو ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ، وقد تَقَدَّمَ.

    ==========

    [ج 2 ص 838]

    (1/12860)

    [باب قول النبي: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت»]

    (1/12861)

    [حديث: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي]

    7229# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

    قوله: (مَا سُقْتُ الْهَدْيَ): (ما سُقت الهديَ): تَقَدَّمَ أنَّ الذي جاء به معه عليه السَّلام في حجَّة الوداع ثلاثٌ وستُّون بَدَنَة، وجاء عليٌّ رضي الله عنه بتكملة المئة من اليمن.

    ==========

    [ج 2 ص 838]

    (1/12862)

    [حديث: إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت]

    7230# قوله: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ): هو ابن زُرَيع، و (حَبِيب) بعده: بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، هو المعلِّم، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

    قوله: (مِنْ ذِي الْحِجَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الحجَّة) الفتحَ والكسرَ.

    قوله: (فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أمرَنا): بفتح الراء، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، وهذا ظاهِرٌ؛ لأنَّه الآمرُ الناهي.

    قوله: (غَيْر النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (غيرِ): بالجرِّ، ويجوز نصبُه، وهما معروفان.

    [ج 2 ص 838]

    قوله: (وَلَقِيَهُ سُرَاقَةُ وَهْوَ يَرْمِي الجَمْرَةَ [1]): (سراقة): هو ابن مالك بن جُعْشُم، تَقَدَّمَ الكلام [عليه]، وتَقَدَّمَ ضبط جدِّه (جُعْشُم)، وبعض ترجمة سراقة.

    قوله: (وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا [2] قَدِمَتْ مَكَّةَ وَهْيَ حَائِضٌ): تَقَدَّمَ أنَّها حاضت بسَرِف، وتَقَدَّمَ متى حاضت، ومتى طَهُرت.

    قوله: (فَلَمَّا نَزَلُوا الْبَطْحَاءَ): تَقَدَّمَ أين البطحاء.

    قوله: (إِلَى التَّنْعِيمِ): تَقَدَّمَ أنَّ (التنعيمَ): هي المساجد، ولِمَ قيل لها: التنعيم، وتَقَدَّمَ أنَّ بين مكان الإحرام منها وباب المسجد ستَّةَ عشرَ ألفَ خطوةٍ ذهابًا، وإيابًا ستَّةَ عشرَ ألفًا، الجملة اثنتان وثلاثون ألفَ خطوةٍ.

    قوله: (فِي ذِي الْحَجَّةِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّها بالفتح والكسر.

    (1/12863)

    [باب قوله: «ليت كذا وكذا»]

    (1/12864)

    [حديث: ليت رجلًا صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة]

    7231# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (مَخْلدًا) بفتح الميم، وإسكان الخاء، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي.

    قوله: (أَرِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، وبالقاف؛ أي: سهر.

    قوله: (يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ ... ) إلى قوله: (قِيلَ: سَعْدٌ): هو سعد بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهيب، أحدُ العشرة المشهود لهم بالجنَّة، كذا تَقَدَّمَ في (الجهاد) مِن هذا «الصحيح» مصرَّحًا به، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: إنَّه سعد بن معاذ، انتهى، وفيه نظرٌ؛ لما تَقَدَّمَ، والله أعلم.

    وقد قَدَّمْتُ أسماءَ مَن حَرَسه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في (كتاب الجهاد)، وها أنا أذكرهم لك مختصرًا؛ وذلك لأنَّه بَعُد العهد بهم، فحرسه يوم بدر حين نام في العريش سعدُ بن معاذ، ويوم أُحُد مُحَمَّد بن مسلمة، ويوم الخندق الزُّبَير بن العَوَّام، وليلة بنى بصفيَّة بنتِ حُيَيِّ بن أخطب أبو أيُّوب الأنصاريُّ خالدُ بن زيد بخيبر أو ببعض الطريق، وهذا في «الصحيح»، وبوادي القرى بلال، وسعد بن أبي وقَّاص، وذكوان بن عبد قيس، وكان على حرسه عبَّاد بن بِشْر، فلمَّا نزلت: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]؛ ترك الحرس، وحرسه أيضًا عمُّه العَبَّاس بن عبد المُطَّلِب، كما رواه الطَّبَرانيُّ في «أصغر معاجمه» في (حرف الحاء المُهْمَلَة) في (حَمْدٍ)، وحرسه أيضًا أنس بن أبي مرثد الغنويُّ في الليلة التي كان من صبيحتها وقعة حُنين، كذا في «المستدرك» في (الجهاد)، وهو في «أبي داود» و «النَّسائيِّ»، وحرسه ابن الأدْرَع، كما في «مسند أحمد»، وقد ذكرتُ زيادةً على هؤلاء؛ فراجعهم من (كتاب الجهاد) في (باب الحِراسة في الغزو).

    قوله: (حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ): تَقَدَّمَ (الغَطيط)؛ وهو صوتٌ يخرِجه النائم مع نَفَسِه، وهو بفتح الغين المُعْجَمَة.

    قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَتْ [1] عَائِشَةُ ... ) إلى آخره: هذا تعليقٌ، وسبق مسندًا مَرَّاتٍ.

    قوله: (وَقَالَ [2] بِلاَلٌ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي): تَقَدَّمَ أنَّه تمثَّل به، وتَقَدَّمَ لمن هو، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الإِذْخر)، و (الجَلِيْل).

    قوله: (فَأَخْبَرْتُ): هو بضَمِّ تاء المتكلِّم.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وقالت).

    (1/12865)

    [2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بلا واو.

    [ج 2 ص 839]

    (1/12866)

    [باب تمني القرآن والعلم]

    (1/12867)

    [حديث: لا تحاسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن]

    7232# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

    قوله: (لَا تَحَاسُدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا في (كتاب العلم)، وهل المراد الغبطة أو حقيقة الحسد مُطَوَّلًا.

    قوله: (رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرْآنَ): تَقَدَّمَ أنَّه يجوز في إعراب (رجل) ثلاثةُ أوجهٍ: الجرُّ مع التنوين، والرفعُ معه، والنصبُ معه، قريبًا، وفي أوائل هذا التعليق.

    قوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الآناءَ): الساعاتُ، وقدَّمتُ واحد (الآناء).

    ==========

    [ج 2 ص 839]

    (1/12868)

    [باب ما يكره من التمني]

    (1/12869)

    [حديث: لا تتمنوا الموت]

    7233# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الهمزة، وبالحاء والصاد المُهْمَلَتين، وأنَّه سلَّام بن سُلَيم، و (سلَّام): بتشديد اللام، و (سُلَيم): بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (عَاصِم) بعده: هو عاصم بن سليمان الأحول، تَقَدَّمَ، و (النَّضْر بْن أَنَسٍ): بالضاد المُعْجَمَة، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ (النَّضْر) لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ (نصرًا) _بالصاد_ لا يجيء بالألف واللام، بخلاف (النَّضْر) _بالإعجام_؛ فإنَّه لا يجيء إلَّا بهما.

    ==========

    [ج 2 ص 839]

    (1/12870)

    [حديث: لولا أن رسول الله نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به.]

    7234# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب الغسل بعد الحرب والغبار) من (كتاب الجهاد)؛ فانظره إن أردته، و (عَبْدة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بإسكان المُوَحَّدة، وهو عَبْدة بن سليمان، و (ابْن أَبِي خَالِدٍ): هو إسماعيل، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم، و (خَبَّاب): بفتح الخاء المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، وبعد الألف مُوَحَّدة أخرى، و (الأَرَتُّ): بفتح الهمزة والراء، وتشديد المُثَنَّاة فوق، وقد تَقَدَّمَ كلُّ ذلك.

    قوله: (وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا): تَقَدَّمَ الكلام على (الكّيِّ) في (الطِّبِّ)، وأنَّه جاء فيه أربعةُ أحاديثَ، وقد جمعتُ بينها.

    (1/12871)

    [حديث: لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنًا فلعله يزداد]

    7235# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو المسنَديُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المسنَديُّ في أوائل هذا التعليق، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو عُبَيد): في نسخة: (اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ)، وهو كذلك.

    قوله: (إِمَّا مُحْسِنًا): (إمَّا): بكسر الهمزة، وتشديد الميم، وكذلك الثانية، و (مُحسِنًا): انتصب بخبر (كان) المحذوفة، وكذا (مُسِيئًا)، والله أعلم.

    قوله: (فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ): أي: يعترف ويلوم نفسَه على ما كان منه.

    (1/12872)

    [باب: قول الرجل: لولا الله ما اهتدينا]

    (1/12873)

    [حديث البراء: لولا أنت ما اهتدينا نحن ولا تصدقنا ولا صلينا]

    7236# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رَوَّاد، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه السَّبِيعيُّ عَمرو بن عبد الله.

    قوله: (يَوْمَ الأَحْزَابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (الأحزابَ): هي غزوة الخندق، وقدَّمتُ تاريخَها، وذكره البُخاريُّ أيضًا في غزوتها.

    قوله: (فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا): تَقَدَّمَ (السكينة) بِلُغَتَيها.

    قوله: (إِنَّ [1] الْمَلَا): هو مهموزٌ في الأصل، ولكن هنا بغير همز؛ لإقامة الوزن.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (إنَّ الأُلَى، وَرُبَّمَا قَالَ: الْمَلَا).

    [ج 2 ص 839]

    (1/12874)

    [باب كراهية التمني لقاء العدو]

    قوله: (كَرَاهِيَةِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف الياء، وأنَّه يُقال من حيث اللغةُ: كراهي.

    [ج 2 ص 839]

    قوله: (وَرَوَاهُ الأَعْرَجُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز الأعرج، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، وهذا التعليق أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد)؛ وهو: «لا تتمنَّوا لقاء العدوِّ، وإذا لقيتموهم؛ فاصبروا ... »؛ الحديث، فقال في (باب لا تمنَّوا لقاء العدو): وقال أبو عامر ... ؛ فذكره، وأخرجه مسلم في (المغازي) عن حسن الحلوانيِّ وعبد بن حُمَيد، والنَّسائيُّ في (السِّيَر) عن أبي الجوزاء أحمد بن عثمان البصريِّ؛ ثلاثتهم عن أبي عامر العَقَديِّ عبدِ الملك بن عَمرو، عن المغيرة بن عبد الرَّحْمَن الحزاميِّ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، والله أعلم.

    (1/12875)

    [حديث: لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية]

    7237# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو الفزاريُّ إبراهيم بن مُحَمَّد بن الحارث بن أسماء بن خارجة، و (سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالضاد المُعْجَمَة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن أبي أوفى علقمةَ بنِ خالد بن الحارث الأسلميُّ، وقدَّمتُ نَسَبه، وأنَّ أبا أوفى صحابيٌّ كابنه عبدِ الله، رضي الله عنهما.

    تنبيهٌ: هذا الحديثُ سبق في (الجهاد) سندًا ومتنًا في موضعين منه، وهنا الثالث.

    قوله: (فَإِذَا فِيهِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (إنَّ): بكسر الهمزة على الحكاية [2].

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ والأصيليِّ وابن عساكر، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

    [2] رواية «اليونينيَّة»: (أنَّ).

    [ج 2 ص 840]

    (1/12876)

    [باب ما يجوز من اللو ... ]

    قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوْ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته بلا إسناد، ثمَّ قال: (لَوْ) على وجهين: للشرط في المعنى، وللتَّمَنِّي، فالتي للشرط خارجةٌ عن الترجمة بالتمنِّي، وإنَّما الاشتراك بينهما لفظيٌّ، وجميعُ ما أورده البُخاريُّ ههنا من قبيل الشرطيَّة، لا التمنِّي، إلَّا قوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} [هود: 80]، فإدخاله ذلك في الترجمة منتقد [1]، والله تعالى أعلم.

    قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوْ): قال ابن قُرقُول في «مطالعه»: قول البُخاريِّ: (باب ما يجوز من اللَّوْ)؛ بسكون الواو؛ يريد: من قول: لو كان كذا؛ لكان كذا، ولم يكن كذا، وقد تَقَدَّمَ الكلام فيه، وقال قبله _أعني: ابن قُرقُول_ بقليل ما لفظه: (وترجم البُخاريُّ: «ما يجوز من اللَّوْ»، فأدخل الألف واللام على «لو»، وهو حرفٌ، وهو غير جائزٍ في العربيَّة، قلت: أقامها مقام اسمٍ؛ لمعنًى قد عُلِم؛ كالندم والتمنِّي)، انتهى.

    وقال ابن الأثير في «نهايته» ما لفظه: وفيه: «إيَّاك واللَّوَّ؛ فإنَّ اللَّوَّ من الشيطان»؛ يريد: قول المتندِّم على الفائت: لو كان كذا؛ لقلتُ وفعلتُ، وكذلك قول المتمنِّي؛ لأنَّ ذلك من الاعتراض على الأقدار، والأصل فيه: (لَوْ) ساكنة الواو، وهو حرفٌ من حروف المعاني يمتنع بها الشيءُ لامتناع غيره، فإذا سُمِّيَ بها؛ زيد فيها واو أخرى، ثمَّ أُدْغِمَت وشُدِّدَت؛ حملًا على نظائرها من حروف المعاني، انتهى، وقد جاء في «سنن ابن ماجه» مرفوعًا: «إيَّاك واللَّوَّ؛ فإنَّ اللَّوَّ تفتح عمل الشيطان».

    تنبيهٌ: أمَّا النهي عن ذلك، وأنَّها تفتح عمل الشيطان؛ فمحمولٌ على مَن يقول ذلك معتمدًا على الأسباب، معْرِضًا عن المقدور، أو متضجِّرًا، والله أعلم، وقال النَّوويُّ في قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ؛ ما سُقْتُ الهَدْيَ»: هذا دليلٌ على جواز قول «لو» في التأسُّف على فوات أمور الدِّين ومصالحِ الشرع، وأمَّا الحديث الصحيحُ في أنَّ «لو تفتح عمل الشيطان»؛ فمحمولٌ على التأسُّف على حُظوظ الدنيا ونحوِها، وقد كثرت الأحاديث الصحيحة في استعمال «لو» في غير حظوظ الدنيا ونحوها، فيُجمَع بين الأحاديث بما ذكرناه، والله أعلم.

    (1/12877)

    [حديث: لو كنت راجمًا امرأةً من غير بينة]

    7238# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان.

    قوله: (الْمُتَلَاعِنَيْنِ): هذا يحتمل أن يريد عُويمرًا العجلانيَّ وامرأتَه، وهو الظاهر من الأحاديث، ويحتمل أن يكون هلالَ بنَ أُمَيَّة وامرأتَه، وقد تقدَّموا في (النُّور) وغيرِها.

    ==========

    [ج 2 ص 840]

    (1/12878)

    [حديث: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة]

    7239# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو ابن عبد الله ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا قهرمان آل الزُّبَير، هذا الثاني ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، إنَّما روى له التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، وقد ذكرتُ ذلك مرارًا، و (عَطَاءٌ): هذا هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام، وهذا الحديثُ هنا مرسلٌ؛ لأنَّ عطاءَ بن أبي رَباح تابعيٌّ؛ فاعلمه، وقد وصله ابن جُرَيجٍ كما سيأتي.

    قوله: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قائل (قال ابن جُرَيجٍ): هو سفيان بن عُيَيْنَة، فرواه عن عمرو _هو ابن دينار_ عن عطاءٍ مرسلًا، ورواه عن ابن جُرَيجٍ عن عطاء عن ابن عَبَّاس متَّصلًا، لكنَّه تعليقٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ العبرة بالذي وصله على الصحيح من أربعة أقوالٍ.

    وقد أخرج تعليقَ ابن جُرَيجٍ هذا مسلمٌ في (الصَّلاة) عن مُحَمَّد بن رافع، عن عبد الرَّزَّاق، عن ابن جُرَيجٍ قال: قلتُ لعطاءٍ: (أيُّ حِينٍ أحبُّ إليك أن أصلِّيَ العِشَاء؟، قال: سمعت ابنَ عَبَّاس يقول: أَعْتَمَ نبيُّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... )؛ فذكره، وأخرجه النَّسائيُّ عن يوسف بن سعيد بن مسلم وإبراهيم بن الحسن؛ كلاهما عن حجَّاج بن مُحَمَّد، عن ابن جُرَيجٍ.

    قوله: (وَقَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ): (عَمرو): هو ابن دينار، و (عطاء): هو ابن أبي رباح؛ يعني: فرواه مرسلًا بحذف ابن عَبَّاس؛ كالأوَّل، وهذا ظاهِرٌ.

    (1/12879)

    قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (إبراهيم بن المنذر)؛ فهو ابن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خُوَيلد بن أسَد الأسَديُّ الحزاميُّ _ بالزاي_ المدنيُّ، أبو إسحاق، من كبار العلماء والمحدِّثين بالمدينة، وجدُّهم خالد بن حزام أسلم قديمًا، وهاجر إلى الحبشة فلُدِغ، ونزلت فيه: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا} ... ؛ الآية [النساء: 100]، ويُقال: نزلت في غيره، روى عنه: البُخاريُّ وابن ماجه، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه، وقدَّمتُ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وأنَّ مثلَ هذا يرقم عليه المِزِّيُّ والذَّهَبيُّ: (خت)؛ يعنيان: تعليقًا، و (مَعْن): هو ابن عيسى القزَّاز، ثقة، كثير الحديث، ثبت، تَقَدَّمَ، و (مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ): هو الطائفيُّ، عن عمرو بن دينار، وابن أبي نجيح، وعنه: ابن مهديٍّ، ويحيى بن يحيى، فيه لينٌ، وقد وُثِّقَ، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى على اصطلاح المِزِّيِّ والذَّهَبيِّ، وروى [له] مسلمٌ والأربعة، وتَقَدَّمَ ما قال فيه أبو مُحَمَّد ابن حزم الحافظ الظاهريُّ، و (عمرو) و (عَطَاء): تقدَّما أعلاه.

    ==========

    [ج 2 ص 840]

    (1/12880)

    [حديث: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك]

    7240# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام الأجواد، و (عَبْد الرَّحْمَن): هو ابن هرمز الأعرج، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    (1/12881)

    [حديث: لو مد بي الشهر لواصلت وصالًا]

    7241# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، وقدَّمتُ الفرق بينه وبين (عَبَّاس بن الوليد)؛ بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وذكرتُ أنَّ هذا الثانيَ له ثلاثة [1] أماكنَ في «البُخاريِّ»، الأخير صَرَّحَ به فقال: (النرسيُّ)، فنسبه، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: عيَّاش بن الوليد البصريُّ، انفرد به البُخاريُّ، وعَبَّاس بن الوليد النرسيُّ اتَّفقا عليه، انتهى، فقوله: (انفرد به)؛ يعني: عن مسلم، و (عَبْدُ الأَعْلَى): هو ابن عبد الأعلى، تَقَدَّمَ.

    [ج 2 ص 840]

    قوله: (وَاصَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ الشَّهْرِ): تقدَّم الكلام على الوصال، وأنَّه من خصائصه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتَقَدَّمَ الكلام في مواصلة غيره، وأنَّ الصحيحَ أنَّها حرامٌ، في (الصوم)؛ فانظر ذلك.

    قوله: (إِنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ): تقدَّم ما معناه، وذكرتُ فيه أقوالًا، وأنَّ هذه الروايةَ التي منعت مِن أن يُقال: يأكلُ حقيقةً، والله أعلم.

    قوله: (تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةِ [2] عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): الضمير في (تابعه) يعود على حميد؛ هو الطويل، وهذه المتابعة أخرجها مسلمٌ في (الصوم) عن زهير بن حرب، عن أبي النَّضْر هاشمِ بن القاسم، عن سليمان بن المغيرة القيسيِّ أبي سعيد، عن ثابت به.

    تنبيهٌ: هذه المتابعةُ هذا مكانها بعد حديث أنسٍ، وهي في أصلنا الدِّمَشْقيِّ بعد حديث أبي هريرة الذي هو قبل حديث أنس فيما يليه: «لولا أن أشقَّ على أمَّتي»، والصواب ما في أصلنا القاهريِّ، وقد كتبتُ تجاهها حاشيةً نبَّهت فيها على أنَّ حقَّ هذه المتابعة أن تكون بعد حديث أنس، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (أ): (ثلاث)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (مغيرةَ).

    (1/12882)

    [حديث: أيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقين.]

    7242# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، سيأتي ما فيه بُعَيده في التعليق.

    قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيّبِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ ... »)؛ الحديث: اعلم أنَّ هذا الحديثَ كذا أخرجه البُخاريُّ، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: قال أبو مسعود: هكذا رواه البُخاريُّ، ولم يقل شعيبٌ عمَّن، انتهى؛ يعني: قال أبو مسعود: إنَّ شعيبًا لم يذكر عمَّن أخذه؛ يعني: الزُّهْرِيَّ، وصدق المِزِّيُّ، فكذا وقفتُ عليه في غير أصلٍ، قال المِزِّيُّ عن أبي مسعود: وإنَّما هو شعيبٌ عن الزُّهْرِيِّ عن أبي سلمة، وقال في حديث [1] ابن مسافر: عن سعيدٍ وحدَه_ يعني: وقال أبو مسعود في حديث ابن مسافر؛ يعني: ذكره البُخاريُّ عن سعيدٍ وحدَه_ وإنَّما هو عن سعيدٍ وأبي سلمة، زاد المِزِّيُّ: وكذلك هو في نسخة أبي اليمان من رواية عليِّ بن مُحَمَّد الحكانيِّ عنه، عن شعيب، عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي سلمة، وكذلك أخرجه البُخاريُّ في (الصوم) عن أبي اليمان بإسناده، وقال: عن أبي سلمة، انتهى.

    قوله: (نَهَى النَّبِيُّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ): تقدَّم أنَّ (الوصال): صوم يومين فما زاد، من غير أن يتناول بينهما مُفطِرًا، وقد تَقَدَّمَ الكلام في النهي عنه، وأنَّه نهي تحريمٍ _على الأصَحِّ_ على الأمَّة، وأنَّه من خصائصه عليه السَّلام أنَّ له أن يواصل، والله أعلم.

    قوله: (أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ): تقدَّم الكلام عليه في (الصوم)، وذكرت فيه أقوالًا، وأنَّ الصحيح منها: يُجعَل فيَّ قوَّة مَن أكل وشرب.

    ==========

    [1] في (أ): (وحديث)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولُ اللهِ).

    [ج 2 ص 841]

    (1/12883)

    [حديث: إن قومك قصرت بهم النفقة .. ]

    7243# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء والصاد المُهْمَلَتين، وأنَّه سلَّام بن سُلَيم، وتَقَدَّمَ ضبط (سلَّام): أنَّه بتشديد اللام، وأنَّ (سُلَيمًا) بضَمِّ السين وفتح اللام، و (أَشْعَثُ) بعده: هو بالمُثَلَّثَة في آخره، وليس لهم (أشعبُ) بالموحَّدة إلَّا الطامع، وهو فردٌ، والراوي هنا: هو أشعث بن أبي الشعثاء، تَقَدَّمَ.

    قوله: (سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَدْرِ: أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»): تَقَدَّمَ أنَّ (الجَدْر) بفتح الجيم، وإسكان الدال المُهْمَلَة، وهو الحِجْر، وكذا قوله فيما يأتي قريبًا: «أن أُدخِل الجَدْر في البيت»، تَقَدَّمَ الكلام على (الجَدْر)، واختلاف أصحاب الشَّافِعيِّ في مقدار كم هو من البيت، والروايات التي جاءت فيه؛ ففي «البُخاريِّ» و «مسلم»: أنَّه كلَّه من البيت، ورُوِيَ: ستُّ أذرع من الحجر من البيت، ورُوِيَ: ستُّ أذرع أو نحوها، ورُوِيَ: خمس أذرعٍ، وروي: قريبًا من سبع؛ فاعلمه وانظره في (الحجِّ).

    قوله: (قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ): (قصَّرت): بفتح الصاد المُشَدَّدة، وفي نسخة: (قصُرت)؛ بضَمِّ الصاد المُخَفَّفة؛ يعني: أنَّ قريشًا لمَّا بنته في زمنه عليه السَّلام؛ فعلَتْ ذلك، وقد قَدَّمْتُ متى بَنَتْه قريشٌ.

    قوله: (فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟): تَقَدَّمَ مَن أشار عليهم برفع بابه في مكانه لمَّا بنته قريش في زمنه عليه السَّلام.

    (1/12884)

    [حديث: لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار]

    7244# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (أَوْ شِعْبًا): تَقَدَّمَ الكلام على (الشِّعب)، وأنَّه بكسر الشين المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [ج 2 ص 841]

    (1/12885)

    [حديث: لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار ولو سلك الناس ... ]

    7245# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ لماذا نُسِب، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد.

    قوله: (تَابَعَهُ أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي الشِّعْبِ): الضمير في (تابعه) يعود على عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيِّ، فرواه أبو التَّيَّاح _وقد تَقَدَّمَ ضبطه، واسمه يزيد بن حُمَيد الضُّبَعيُّ_ عن أنسٍ، وهذه المتابعة _وإن شئت؛ سمَّيتها شاهدًا_ أخرجها البُخاريُّ في (فضل الأنصار) عن أبي الوليد، وفي (المغازي) عن سليمان، ومسلمٌ في (الزكاة) عن مُحَمَّد بن الوليد عن غُنْدر؛ ثلاثتهم عن شعبة، عن أبي التَّيَّاح، عن أنس به، والله أعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 841]

    (1/12886)

    ((95)) (بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ الصَّدُوقِ) ... إلى (كِتَاب الاعتِصَامِ)

    قوله: (وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً): قال الجوهريُّ في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]: قال ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: الواحد فما فوقه، انتهى، وقال الهرويُّ: يجوز أن يُقال للواحد: طائفةٌ، وقال الثعلبيُّ: اختلفوا في «الطائفة» في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ فقال النَّخَعيُّ ومجاهد: أقلُّه رجلٌ واحد، وقال عطاء وعكرمة: رجلان، وقال ابن زيد: أربعة، وحكى الواحديُّ هذه الأقوال، وزاد عن الزُّهْرِيِّ: أنَّهم ثلاثةٌ فصاعدًا، وعن الحسن: أنَّهم عشرة، وعن قتادة قال: هم نفرٌ من المسلمين، وعن ابن عَبَّاس في رواية: أنَّهم أربعةٌ إلى أربعين، قال الواحديُّ: قال الزَّجَّاج: أمَّا مَن قال: واحد؛ فهو على غير ما عند أهل اللُّغة؛ لأنَّ «الطائفة» في معنى «جماعة»، وأقلُّ الجماعة اثنان، وأقلُّ ما يجب في الطائفة عندي اثنان، وحكى عن ربيعة بن أبي عبد الرَّحْمَن: الطائفة هنا خمسةٌ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ): الذي أستحضرُه مِن أمرائه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أرسل باذان إلى بلاد اليمن وابنَه شهرًا _كذا قال شيخنا العِرَاقيُّ، وشَهْرٌ هذا: هو ابن باذان، حمَّره الذَّهَبيُّ في «تجريده»، فالصحيح عنده: أنَّه تابعيٌّ، استعمله النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قتله الأسود_ والمهاجرَ بن أبي أميَّة على كندة والصَّدِف، وزيادَ بن لبيد [على] حضرموت،

    [ج 2 ص 841]

    (1/12887)

    وأبا موسى الأشعريَّ ولَّاه زَبيدًا وعَدَن وزَمْع والساحل من أرض اليمن، ومعاذًا الجَنَد، وعتَّابَ بن أَسِيد على مكَّة، وأبا سفيانَ صخرَ بنَ حرب والدَ معاويةَ نجران، وابنَه يزيدَ تيماء، وخالدَ بن سعيد بن العاصي صنعاء، وعمرًا أخاه على وادي القرى، وأبانَ بنَ سعيد بن العاصي وعمرَو بن العاصي عُمَان، وعثمانَ بنَ أبي العاصي على الطائف، ومَحْمِيَةَ الأخماسَ، وولَّى عليَّ بنَ أبي طالب الأخماسَ والقضاءَ باليمن، وعديَّ بنَ حاتم على صدقات طيِّئ وأسَد، وأمَّر الصِّدِّيقَ أبا بكر على الحجَّ سنةَ تسعٍ، وأمَّر عليًّا في النداء: أن لا يحجَّ بعد العام مُشرِكٌ، ولا يطوفَ بالبيت عُريان.

    وأمَّا الذين أمَّرهم في البعوث والسرايا؛ فذكرهم أهلُ المغازي والسِّيَر، وإن شئت أن تَقِفَ عليهم؛ فانظر السِّيَر، ومنها: «سيرة أبي الفتح ابن سيِّد الناس»؛ تَجِدْ ذلك بما فيه من خلافٍ فيها، والله أعلم.

    قوله: (رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ): (رُدَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    (1/12888)

    [حديث: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم]

    7246# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلْت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي الثقفيُّ، أبو مُحَمَّد الحافظ، أحد أشراف البصرة، تَقَدَّمَ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، ثُمَّ مُوَحَّدة بعد الألف، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَه عبدُ الله بن زيد الجَرْميُّ، و (مَالِكٌ): هذا هو ابن الحُوَيرث الليثيُّ، أبو سليمان، مالك بن الحُوَيرث بن خَشِيش بن عوف بن جُنْدُع، ويُقال: مالك بن الحويرث بن أشيم بن زبالة بن خَشِيش بن عبد ياليل بن ناشب بن غِيَرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مَناة بن كنانة، سكن البصرةَ، تَقَدَّمَ.

    قوله: (مُتَقَارِبُونَ): أي: في السِّنِّ.

    قوله: (رَفِيقًا): تَقَدَّمَ بروايَتَيه.

    ==========

    [ج 2 ص 842]

    (1/12889)

    [حديث: لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره]

    7247# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (التَّيْمِيُّ): هو سليمان بن طَرخان، تَقَدَّمَ الكلام عليه وعلى (طَرخان)، وأنَّه مثلَّثُ الطاء؛ ومعناه: الشريف، خراسانيَّة، و (أَبُو عُثْمَان): هو النهديُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللغات في (مَلٍّ).

    قوله: (أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ): (أحدَكم): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، و (أذانُ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ.

    قوله: (مِنْ سُحُورِهِ): هو هنا بالضَّمِّ [2]، و (السَّحور)؛ بالفتح: اسمُ ما يُؤكَل في السَّحَر، وكذلك (الفَطُور): اسمُ ما يُفطَر عليه، وبالضَّمِّ: اسمُ الفعل، وأجاز بعضهم أن يكون اسمُ الفعل بالوجهين، والأوَّل أكثرُ وأشهرُ، قاله ابن قُرقُول، ولفظ «النهاية»: وهو بالفتح: اسم ما يُتَسَحَّر به من الطعام والشراب، وبالضَّمِّ: المصدرُ والفعلُ نفسُه، وأكثر ما يروى بالفتح، وقيل: الصوابُ الضمُّ؛ لأنَّه بالفتح: الطعام والبركة، والأجر والثواب في الفعل، لا في الطعام، وقد تَقَدَّمَ.

    تنبيهٌ: وقع في أصلنا القاهريِّ: (من سجوده)، وصوابه: (من سحوره)، وقد ضبَّبت عليه في الأصل، وصوَّبت في الهامش: (سحوره)، وهو على الصواب في أصلنا الآخَرِ الدِّمَشْقيِّ.

    قوله: (لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ): (قائمَكم): بالنصب مفعولٌ، و (رجع): ثُلاثيٌّ متعدٍّ، قال الله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 83]، وهذيل تقول: أرجعه غيرُه، فعلى هذه اللغة يجوز (ليُرجع)؛ بضَمِّ أوَّله، وفي «المحكم» حكى سيبويه: (رجَّعته)؛ بالتشديد.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).

    [2] هي في «اليونينيَّة» و (ق) بالفتح.

    [ج 2 ص 842]

    (1/12890)

    [حديث: إن بلالًا ينادي بليل فكلوا واشربوا]

    7248# قوله: (حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى رواية: (حتَّى يناديَ بلالٌ).

    ==========

    [ج 2 ص 842]

    (1/12891)

    [حديث: صلى بنا النبي الظهر خمسًا فقيل: أزيد]

    7249# قوله: (عَنِ الْحَكَمِ): هو ابن عتيبة القاضي، تَقَدَّمَ، وللبُخاريِّ فيه وَهَمٌ قدَّمتُه، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

    ==========

    [ج 2 ص 842]

    (1/12892)

    [حديث أبي هريرة: أصدق ذو اليدين؟]

    7250# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمامِ مالكٍ صاحبِ المذهب المجتهدِ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين، أحد الأعلام.

    قوله: (فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على ذي اليدين، وأنَّ اسمَه الخِرباق، وأنَّه غير ذي الشمالَين على الصحيح، مُطَوَّلًا.

    قوله: (أَقُصِرَتِ [1] الصَّلاَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ القاف، وكسر الصاد، وأنَّه يجوز فتح القاف، وضمُّ الصاد، في (باب سجود السهو).

    (1/12893)

    [حديث: إن رسول الله قد أنزل عليه الليلة قرآن]

    7251# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ أعلاه مَن هو.

    قوله: (بِقُبَاءٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (قُباء)، وأنَّها تذكَّر وتؤنَّث، وتُصرَف ولا تُصرَف، وتُمَدُّ وتُقصَر، وأنَّه على ثلاثة أميالٍ من المدينة المشرَّفة.

    قوله: (إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (الآتي)، وأنَّه عبَّاد بن نَهِيك، وقيل غيرُه؛ فانظره.

    قوله: (أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ): (أُنزِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ): (أُمِر): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (فَاسْتَقْبِلُوهَا): تَقَدَّمَ الكلام على بائه، وأنَّ الصحيحَ كسرُها.

    (1/12894)

    [حديث: لما قدم رسول الله المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر]

    7252# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام [عليه] في (سورة الأعراف)، و (إِسْرَائِيل): هو ابن يونس بن أبي إسحاق عَمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عَازب.

    قوله: (صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا [1]، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا): تَقَدَّمَ الكلام على هذا، وما فيه من الروايات، وأنَّ في «مسلم» الجزمَ بـ (ستَّة عشر شهرًا)، مُطَوَّلًا، وما يتعلَّق به في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة.

    قوله: (أَنْ يُوَجَّهَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو بالجيم [2] المُشَدَّدة، وكذا (فَوُجِّهَ): هو بضَمِّ الواو، وكسر الجيم المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (وَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الرجل بما فيه من الخلاف في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة، وقدَّمت أعلاه اسمَه.

    (1/12895)

    [حديث: كنت أسقي أبا طلحة الأنصاري وأبا عبيدة ... ]

    7253# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الزاي وإسكانها.

    قوله: (كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِيَّ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ): تَقَدَّمَ الكلام على الروايات في ذلك، وأنَّه اجتمع من طرقه في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»: أبو طلحة، وأبو أيُّوب، وأبو دُجانة، ومُعاذ بن جبل، وسهيل بن بيضاء، وأبو عبيدة ابن الجرَّاح، وأُبَيُّ بن كعب، وأنَّه مرَّ بي من كلام بعض حفَّاظ المصريِّين المُتَأخِّرين: أنَّه كان عندهم الجدُّ بن قيس حين حُرِّمت، فعلى هذا عرفتُ منهم ثمانية، والتاسعُ ذكرتُه عن بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين فيما تَقَدَّمَ، وقد ذكرت ذلك في (سورة المائدة) وغيرِها، وأنَّ في «مسند أحمد»: أنَّهم كانوا أحدَ عشرَ رجلًا، والله أعلم.

    قوله: (مِنْ فَضِيخٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (الفَضِيخ) بفتح الفاء، وكسر الضاد المُعْجَمَة، وفي آخره خاء معجمة: بُسْرٌ يُشدَخ ويُفضَخُ ويُنبَذ حتَّى يُسْكِرَ في سرعةٍ، وفي الأثر: أنَّه يُلقَى عليه الماءُ والتمرُ، وقيل: يُفضَخ التمرُ ويُنبَذ في الماء، وعليه يدلُّ الحديث.

    قوله: (فَجَاءَهُمْ آتٍ): هذا (الآتي) لا أعرف اسمه.

    قوله: (حُرِّمَتْ): هو بضَمِّ الحاء، وكسر الراء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه زيد بن سهل النقيب البدريُّ الجليل، تَقَدَّمَ مترجمًا رضي الله عنه، زوجُ أمِّ سُلَيم.

    قوله: (إِلَى مِهْرَاسٍ لَنَا): هو بكسر الميم، وإسكان الهاء، وبالسين المُهْمَلَة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (المِهْراس: حَجَرٌ منقورٌ يُدَقُّ فيه، والهَرْس: الدَّقُّ، ومنه سُمِّيَت: الهريسة)، انتهى، وفي «المطالع»: الحَجَر الذي يُهرَس به الشيءُ، وما يُحتَاج إلى هَرْسه؛ أي: دَقِّه، انتهى، وما قاله الدِّمْيَاطيُّ أخذه من كلام ابن الأثير، وفي «الصحاح»: (المِهْراس: حَجَرٌ منقورٌ يُدَقُّ فيه، ويُتوضَّأ منه)، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَني).

    (1/12896)

    [حديث حذيفة: لأبعثن إليكم رجلًا أمينًا حق أمين]

    7254# قوله: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (صِلَةَ): هو ابن زُفَر، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني.

    قوله: (لأَهْلِ نَجْرَانَ): (نَجْران): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها بفتح النون، وإسكان الجيم، بلدةٌ معروفةٌ كانت منزلًا للنصارى، وهي بين مكَّة واليمن على نحو سبعِ مراحلَ من مكَّة، تَقَدَّمَت مطوَّلة.

    قوله: (فَاسْتَشْرَفَ لَهَا): هو من الإشراف؛ أي: انتصبوا لها.

    قوله: (فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ): هو عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمينُ هذه الأمَّة، وأحدُ العشرة رضي الله عنهم، تَقَدَّمَ.

    ==========

    [ج 2 ص 843]

    (1/12897)

    [حديث: لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة]

    7255# قوله: (عَنْ خَالِدٍ): هو الحَذَّاء خالد بن مِهْرَان، و (أَبُو قِلَابَة): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا وبعيدًا، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

    ==========

    [ج 2 ص 843]

    (1/12898)

    [حديث عمر: وكان رجلًا من الأنصار إذا غاب .... ]

    7256# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح، و (عُبَيْد بْن حُنِينٍ): هو بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وكسر النون؛ كـ (حُنَين) الوقعة المعروفة، وكالذي يُلبَس من الثياب.

    قوله: (وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّمَ أنَّه جاء في بعض طرقه: (وكان لي أخٌ من الأنصار)، وقدَّمت أنَّ أخاه هذا: هو عِتْبَان بن مالك، ويُقال: أوس بن خَوليٍّ، وقدَّمتُ في ذلك كلامًا، ومَن قال القولَين الأوَّلين، وهو ابن بشكوال.

    ==========

    [ج 2 ص 843]

    (1/12899)

    [حديث: لودخلوها لم يزالوا فيها إلى يوم القيامة]

    7257# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا وبعيدًا، وأنَّه لقبُ مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّمَ مَن قال له ذلك فمضَتْ عليه، و (زُبَيْد): بضَمِّ الزاي، ثُمَّ مُوَحَّدة مفتوحة، وهو ابن الحارث الياميُّ، و (أَبُو عَبْد الرَّحْمَن): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن حَبِيب بن رُبَيِّعَة السُّلَمِيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

    قوله: (بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا، فَأَوْقَدَ نَارًا): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الجيش، ومتى كان، ومَن الآمر لهم بدخول النار، في (سَرِيَّةُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ، وَيُقَالُ: إِنَّهَا سَرِيَّةُ الأَنْصَارِ)؛ فانظر ذلك، وانظر ما فيه.

    (1/12900)

    [حديث: أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم]

    7258# 7259# 7260# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): أمَّا (يعقوب بن إبراهيم)؛ فهو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ، و (صالح): هو ابن كيسان، و (ابن شهاب): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

    قوله: (أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وذكر في الطريق الثانية: (رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ اقْضِ لِي بِكِتَابِ اللهِ): وقد قَدَّمْتُ أنَّ الرجل وابنَه الزانيَ والرجلَ الآخرَ وامرأتَه الزانيةَ لا أعرفهم، والله أعلم بهم.

    قوله: (وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه ولا امرأتَه، ولا الآخرَ، ولا ابنَه.

    قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّ مالكًا قال: (والعَسِيف: الأجير)، وتَقَدَّمَ أنَّ (الوَلِيْدَةَ): الجارية الصبيَّة، وتَقَدَّمَ أسماءُ المفتين الذين كانوا يُفتون في عهد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأنَّهم سبعة: الخلفاء الأربعة، ومُعاذ، وأُبيُّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وقيل: أكثر من ذلك، وأنَّ الذين حُفِظَت عنهم الفتوى من الصَّحَابة مئةٌ وثلاثون ونيِّفًا ما بين رجلٍ وامرأةٍ، وتَقَدَّمَ الكلام على (أُنَيْس)، وأنَّه ابن الضَّحَّاك الأسلميُّ، وغَلَطُ مَن غَلِطَ فيه: هو أنس بن مالك، صَغَّره.

    (1/12901)

    [باب: بعث النبي الزبير طليعة وحده]

    قوله: (بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ طَلِيعَةً وَحْدَهُ): (الزُّبَيرَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدر؛ وهو (بَعْث)، و (بَعْثِ): مجرورٌ بالإضافة، و (طليعةً): مَنْصُوبٌ مُنَوَّن على الحال، و (الطليعة): المتقدِّمة لتطَّلِعَ على أمر العدوِّ، وتُشْرِفَ على أخباره، وقد تَقَدَّمَ، ويأتي في الزُّبَير تعقُّبٌ قريبًا، وقد تَقَدَّمَ.

    (1/12902)

    [حديث: لكل نبي حواري وحواري الزبير]

    7261# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (ابْنُ المُنْكَدِر): هو مُحَمَّد بن المنكدر.

    قوله: (نَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ [1]): أي: دعاهم، و (النَّدْب) أيضًا: الحثُّ على الشيء.

    قوله: (فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ): أي: أجاب، كذا هو في الحديث، والمشهور أنَّ الذي توجَّه ليأتيَ بخبر القوم: حذيفةُ بن اليماني، كما رواه ابن إسحاق وغيره بسنده عنه، وهو في «مسلمٍ» من غير طريق ابن إسحاق.

    [ج 2 ص 843]

    قوله: (لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحواريِّ)، وتَقَدَّمَ أنَّه عليه السَّلام له اثنا عشرَ حواريًّا [2]؛ تسعةٌ من العشرة، سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل ليس منهم، والثلاثةُ الذين هم خارج العشرة: عثمان بن مظعون، وجعفر بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المُطَّلِب، رضي الله عنهم.

    قوله: (قَالَ سُفْيَانُ: حَفِظْتُهُ مِنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ (سفيان) هذا: هو ابن عُيَيْنَة، وأنَّ (ابن المنكدر): مُحَمَّدٌ.

    قوله: (وَقَالَ لَهُ أَيُّوبُ: يَا أَبَا بَكْرٍ؛ حَدِّثْهُمْ عَنْ جَابِرٍ): أمَّا (أيُّوب)؛ فإنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أبو بكر): هو مُحَمَّد بن المنكدر، كنيته أبو بكر، ويُقال: أبو عبد الله، كذا في «الكمال» لعبد الغنيِّ: أنَّ كنيتَه أبو بكر، ويُقال: أبو عبد الله، وأمَّا الذَّهَبيُّ في «تذهيبه»؛ فاقتصر على أبي عبد الله، وأمَّا في «الكاشف»؛ فلم يذكر له كنية بالكُلِّيَّة، وأمَّا في «مختصر الكنى» الذي [3] اختصره من كتاب أبي أحمد الحاكم؛ فقال: أبو بكر، وقيل: أبو عبد الله.

    قوله: (فَتَابَعَ بَيْنَ أَحَادِيثَ: سَمِعْتُ جِابِرًا): في أصلنا: (أحاديثَ)؛ مفتوح الثاء.

    قوله: (قُلْتُ لِسُفْيَانَ): القائل له هو الراوي عنه؛ عليُّ ابن المَدينيِّ.

    قوله: (فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ): يعني: سفيان بن سعيد بن مسروق.

    قوله: (يَقُولُ: يَوْمَ قُرَيْظَةَ ... ) إلى أن قال: (هُوَ يَوْمٌ وَاحِدٌ): وذلك لأنَّ الخندقَ لمَّا انفصل عنه النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ورجع ووضع السلاح واغتسل؛ جاءه جبريل، فقال له: (اخرج إلى بني قريظة)، فهما متقاربان جدًّا، ولهذا قال سفيان بن عُيَيْنَة: (هو يومٌ واحدٌ)؛ على المجاز والمقاربة، والله أعلم.

    (1/12903)

    ==========

    [1] (النَّاس): ليس في «اليونينيَّة».

    [2] في (أ): (حوارين)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [3] في (أ): (التي)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    (1/12904)

    [باب قول الله تعالى: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم}]

    (1/12905)

    [حديث أبي موسى: ائذن له وبشره بالجنة]

    7262# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو عُثْمَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدمت اللغات في (مَلٍّ)، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

    قوله: (دَخَلَ حَائِطًا): تَقَدَّمَ ما (الحائط)، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا الحائطَ هو الذي فيه بئر أَرِيس.

    قوله: (وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ الْبَابِ): تَقَدَّمَ قوله: (ولم يأمُرْنِي)، والجمع بينهما: أنَّه عليه السَّلام لم يأمره بهذا، ولكنَّه لمَّا قرَّرَه على الحفظ؛ فكأنَّه قد أذن له؛ لأنَّ تقريره أحد وجوه السُّنَن، وقد تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، وفي رواية: (امْلِك علينا البابَ)، ولعلَّه لم يقُل له شيئًا أوَّلًا، ثمَّ قال له ذلك.

    قوله: (فَقَالَ: «ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»): تَقَدَّمَ أنَّ في بعض طرقه: (وبالخلافة)، وكذلك في عمر، وكذا في عثمان، رضي الله عنهم.

    ==========

    [ج 2 ص 844]

    (1/12906)

    [حديث: جئت فإذا رسول الله في مشربة له]

    7263# قوله: (عَنْ يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، قاضي السَّفَّاح.

    قوله: (فِي مَشْرُبَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (المشربة)؛ بفتح الراء وضمِّها: كالغرفة، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا.

    قوله: (وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْوَدُ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الغلامَ الأسودَ: هو رَباح؛ بفتح الراء، وبالموحَّدة، مولى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

    ==========

    [ج 2 ص 844]

    (1/12907)

    [باب ما كان يبعث النبي من الأمراء والرسل واحدًا بعد واحد]

    قوله: (دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بكسر الدال المُهْمَلَة وفتحِها، ابن خليفة بن فَضالة بن فروة الكلبيُّ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وما معنى (دِحية)، قال السُّهَيليُّ: بلسان أهل اليمن: الرئيس.

    قوله: (بِكِتَابِهِ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى: أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ): (عظيم بصرى): هو الحارث بن أبي شَمِر، قاله بعض حُفَّاظ العَصْرِ، كما تَقَدَّمَ، و (قيصر): هو مَلِكُ الروم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ مَن مَلَك الرومَ؛ فهو قيصرٌ مع غيره، وهذا المَلِك هو هرقل، وقد قدَّمتُه بِلُغَتَيه وما يتعلَّق به، وأنَّه هلك على نصرانيَّته سنة عشرين من الهجرة.

    (1/12908)

    [حديث: أن رسول الله بعث بكتابه إلى كسرى.]

    7264# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى): بعث عليه السَّلام بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهميِّ، وقد جاء مصرَّحًا به في حديث يعقوب بن إبراهيم بن سعد، وقد تَقَدَّمَ أنَّه عليه السَّلام إنَّما خصَّ به عبدَ الله بنَ حذافة؛ لأنَّه كان يتردَّد إلى بلادهم، ويختلفُ إليهم كثيرًا، وقيل: إنَّ الذي مضى بكتابه عليه السَّلام إلى كسرى خُنَيس بن حذافة، أخو المذكور، وقيل: شجاع بن وهب الأسديُّ، ذكر ذلك ابن بشكوال في «مبهماته»، وفي ذكر خُنَيس نظرٌ؛ لأنَّ خُنَيسًا أصابته جراحةٌ بأُحُد فمات منها، وليس ذلك بشيء، والمعروف أنَّه مات بالمدينة على رأس خمسةَ عشرَ شهرًا بعد رجوعه من بدر، وأين هذا من بَعثه عليه السَّلام إلى الملوك؛ كسرى وغيره؟! وقد قَدَّمْتُ متى بَعَث إلى الملوك.

    قوله: (فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ): (عظيم البَحْرين): هو المنذر بن ساوى، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه أنَّه هل أسلم، وهل وَفَد، أم لا، والله أعلم.

    قوله: (فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيّبِ): قائل: (فحسبت أنَّ ابنَ المُسَيّب قال): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، وهذا قوله: (فحسبت ... ) إلى آخره: هو في «البُخاريِّ» و «النَّسائيِّ»، وقوله: (فدعا عليهم ... )؛ الحديث: هذا مرسلٌ؛ لأنَّ سعيدَ بنَ المُسَيّب تابعيٌّ، والله أعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 844]

    (1/12909)

    [حديث: أذن في قومك يوم عاشوراء أن من أكل فليتم بقية يومه]

    7265# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ.

    قوله: (لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ: أَذِّنْ فِي قَوْمِكَ _أَوْ فِي النَّاسِ_ يَوْمَ عَاشُورَاءَ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّه هند بن أسماء، كذا قاله ابن بشكوال في «مبهماته»، وساق له شاهدًا، وأظنُّه من «مسند ابن رِشدين»، وصواب هذا الاسم: هند أخو أسماء بن جارية؛ بالجيم، وبالمُثَنَّاة تحت، ويقال: بالحاء المُهْمَلَة، وبعد الراء مُثَلَّثَة، وقد تَقَدَّمَ في (كتاب الصوم)، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: إنَّه هند بن أسماء بن جارية، رواه أحمد في «مسنده» في ترجمة هند بن أسماء، وقد تَقَدَّمَ في (الصوم).

    (1/12910)

    [باب وصاة النبي وفود العرب أن يبلغوا من وراءهم]

    قوله: (بَابُ وَصَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال أهل اللغة: أوصيتُه ووصَّيته بكذا، وأوصيتُ ووصَّيت له، وأوصيت إليه: جعلتُه وَصيًّا، قال الجوهريُّ: أوصيتُ له بشيء، وأوصيتُ إليه؛ إذا جعلتَه وَصِيَّك، والاسم: الوصَاية؛ بالكسر والفتح، وأوصيته ووصَّيته أيضًا إيصاءً وتوصيةً بمعنًى، والاسم: الوَصَاة، والله أعلم.

    قوله: (وُفُودَ الْعَرَبِ): (وفود): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وهو مَنْصُوبٌ هنا؛ لأنَّه مفعولُ المصدر؛ وهو (وَصَاة).

    ==========

    [ج 2 ص 844]

    (1/12911)

    [حديث ابن عباس: مرحبًا بالوفد والقوم غير خزايا ولا ندامى]

    7266# قوله: (وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة البقرة)، و (النَّضْر)؛ بالضاد المُعْجَمَة: هو ابن شُمَيل الإمام، و (أَبُو جَمْرَةَ)؛ بالجيم والراء: نصر بن عِمران الضُّبَعيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الوفد)، وتَقَدَّمَ أنَّ وفدَ عبد القيس كانوا أربعةَ عشرَ، ويُقال: أربعين، وقد عرفتُ أنا منهم جماعةً ذكرتُهم في (كتاب الإيمان) _بكسر الهمزة_ خمسةَ عشرَ، وأنَّهم وفدوا عام الفتح قبل خروجه عليه السَّلام إلى مكَّة، وذكرت أيضًا الأربعين، والله أعلم.

    قوله: (غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى): تَقَدَّمَ الكلام في (الكتاب) المشار إليه أعلاه.

    قوله: (نَدْخُلْ بِهِ الْجَنَّةَ): هو بجزم (ندخلْ): جوابٌ، ويجوز رفعه [1]، وكذا (نُخْبِرُْ بِهْ) المعطوف عليه.

    قوله: (وَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ)، و (المُقَيَّر)، وتَقَدَّمَ الكلام هل نُسِخَ الانتباذُ في هذه الأواني الأربعة، وهو قول الأكثر؛ لحديث بُرَيدة في «مسلم»، أو لم يُنسَح، وهو قول طائفة يسيرة، في (الكتاب) المشار إليه.

    ==========

    [1] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق).

    (1/12912)

    [باب خبر المرأة الواحدة]

    (1/12913)

    [حديث: كلوا أو اطعموا ولكنه ليس من طعامي]

    7267# قوله: (قَالَ: قَالَ [1] الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ، أحد الأعلام.

    قوله: (فِيهِمْ سَعْدٌ): (سعد) هذا في هذا الحديث _وهو في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» و «ابنِ ماجه» _: لم ينسب [2]، ولعلَّه سعدُ بن أبي وقَّاص مالكِ بن أُهَيب، أحدُ العشرة.

    قوله: (فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذه المرأة من أزواجه عليه السَّلام تَقَدَّمَ أنَّها ميمونةُ أمُّ المؤمنين، كذا في «مسلم».

    قوله: (فَأَمْسَكُوا): هو فعلٌ ماضٍ، لا أمر.

    قوله: (كُلُوا، أَوِ: اطْعَمُوا [3]): (اطعَموا): هو بهمزة وصلٍ _لأنَّه ثُلاثيٌّ_ وفتح العين؛ ومعناه: كلوا، ولكن شكَّ الراوي هل هذا أم هذا؛ محافظةً على لفظ النبوَّة، وكذا صَرَّحَ بالشكِّ في آخر الحديث، فقال: (شَكَّ فِيهِ) [4].

    (1/12914)

    ((96)) (كِتَابُ الاعْتِصَامِ) ... إلى (بَاب مَا جَاءَ فِي اجتِهَادِ القُضَاةِ)

    (الاعْتِصَامِ): يُقال: اعتصمتُ بالله؛ إذا امتنعتَ بلُطْفِه من المعصية، و (العِصمة)؛ بالكسر: المنعُ، يُقال: عصمه الطعام؛ أي: منعه من الجوع.

    ==========

    [ج 2 ص 845]

    (1/12915)

    [حديث: يا أمير المؤمنين لو أن علينا نزلت هذه الآية ... ]

    7268# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وكذا هو في نسخة مسمًّى منسوبًا إلى أبيه، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (مِسْعَر): هو ابن كدام، و (غَيْره): لا أعرفه.

    قوله: (قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: إنَّه كعب الأحبار، كما أخرجناه من «المعجم الأوسط» للطبرانيِّ، انتهى، وقد قَدَّمْتُ هذا من عند ابن شيخِنا، وفيه نظرٌ قدَّمْتُه في أوَّل هذا التعليق.

    قوله: (سَمِعَ سُفْيَانُ مِنْ مِسْعَرٍ، وَمِسْعَرٌ قَيْسًا، وَقَيْسٌ طَارِقًا): أمَّا (سفيان) _وقد تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عُيَيْنَة_؛ فهو مُدَلِّس، وقد عنعن في السند، فاحترز بسماعه من مسعر؛ لِما يُخْشَى من عنعنة المدلِّس، وقد تَقَدَّمَ أنَّ عنعنةَ سفيانَ بنِ عُيَيْنَة تُقبَل، وأنَّ الخلافَ في غيره من المدلِّسين، وتَقَدَّمَ مَن خصَّ الخلافَ بغيره، والله أعلم.

    وأمَّا (مسعر بن كدام)؛ فلا أعلمه نُبِز به، وكذلك (قيس بن مسلم)، ولكن أحبَّ أن ينصَّ على سماع مِسْعَر من قيس، وقيسٍ من طارقٍ؛ ليخرجَ مِن خلاف مَن خالف في العنعنة وإن لم تكن من مُدَلِّس، والله أعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 845]

    (1/12916)

    [حديث: أما بعد فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم ... ]

    7269# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وتَقَدَّمَ أنَّ (اللَّيْث): هو ابن سعد الإمام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّمَ الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل مَن قالها، في أوَّل هذا التعليق.

    ==========

    [ج 2 ص 845]

    (1/12917)

    [حديث: اللهم علمه الكتاب.]

    7270# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد.

    (1/12918)

    [حديث: إن الله يغنيكم بالإسلام وبمحمد]

    7271# قوله: (سَمِعْتُ عَوْفًا): هذا هو عوف الأعرابيُّ، ابن أبي جَمِيلة، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو المِنْهَال): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه سَيَّار بن سَلَامَة، و (أَبُو بَرْزَةَ): اسمه نضلة بن عبيد على الصحيح، وقيل: نضلة بن عائذ، وقيل: ابن عبد الله، صحابيٌّ مشهورٌ، رضي الله عنه.

    قوله: (إِنَّ اللهَ يُغْنِيكُمْ _أَوْ: نَعَشَكُمْ_ بِالإِسْلاَمِ وبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَقَعَ هَهُنَا: «يُعتِبُكُمْ» [1]، وَإِنَّمَا هُوَ: «نَعَشَكُمْ») [2]: كذا في أصلنا، لكن على (نَعَشَكم): (لا ... إلى)، وعليها علامة راويها، وعلى قوله: (قال أبو عبد الله ... ) إلى آخره: أنَّه نسخة، وعليها علامة راويها، وبعد هذا أيضًا ما لفظه: (يُنْظَر فِي أَصْلِ «كِتَابِ الاعتصام»)، وعلى هذا القدر: (لا ... إلى)، وبعد (لا): (س)؛ إشارةً إلى راويه، وليس هذا كلُّه في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والذي فيه: (إنَّ الله يُغنِيكم _أو نَعَشَكم_ بالإسلام ومُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، انتهى.

    فقوله: (يُغْنِيْكم): بضَمِّ أوَّله، ثُمَّ غين معجمة ساكنة، ثُمَّ نون مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، كذا قُيِّدَ بالقلم، من الغِنَى الذي هو ضِدُّ الفقر، و (نَعَشَكم): بفتح النون والعين المُهْمَلَة والشين المُعْجَمَة، ومعنى (نَعَشَكم): رَفَعَكُم، قال ابن قُرقُول بعد أن فسَّره بـ (رَفَعَكُم): (كذا في «الاعتصام» لابن السكن، وعند كافَّة الرواة: «إنَّ الله يُغْنِيكم»، وحكى المستملي عن الفِرَبْريِّ أنَّه قال: «هكذا وقع هنا، وإنَّما هو «نَعَشَكم»؛ فليُنظَر في أصل البُخاريِّ»)، انتهى.

    وقد رأيت في حاشية عن الإمام الصغانيِّ اللُّغَويِّ لفظها: (الصواب: «نَعَشَكم»، و «يُغنيكم» تصحيفٌ، وقد خرَّجه الإسماعيليُّ وابنُ عمارة على الصِّحَّة دونَ الشكِّ)، انتهت، وفي هذا اللفظ أيضًا _كما تَقَدَّمَ_: (يُعتِبكم): رُباعيٌّ، وبعد العين المُهْمَلَة مُثَنَّاةٌ فوق مكسورةٌ، ثُمَّ مُوَحَّدةٌ، من العتب؛ وهو المَوْجِدَة والعِتَاب، مخاطَبَةُ الإدلالِ، وأعتبني فلانٌ؛ إذا عادَ إلى مسرَّتي.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي (ق) وهامش «اليونينيَّة»: (يُغْنِيكُم).

    [2] قوله: (قال أبو عبد الله ... ) ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابت في رواية أبي ذرٍّ عن المستملي وفي نسخة لابن عساكر.

    (1/12919)

    [ج 2 ص 845]

    (1/12920)

    [حديث: أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه ... ]

    7272# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرْوَانَ): تَقَدَّمَ مترجمًا، وكذا مروان والده، وليس بصحابيٍّ، ولا له سماعٌ ولا رؤيةٌ؛ أعني: مروان.

    قوله: (أُقِرُّ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر القاف، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فِيمَا اسْتَطَعْتُ): هو بضَمِّ تاء المتكلِّم في آخره، وهذا ظاهِرٌ أيضًا.

    (1/12921)

    [باب قول النبي: «بعثت بجوامع الكلم»]

    قوله: (بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ): (بُعِثتُ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (جوامعُ الكَلِم): تَقَدَّمَ أنَّه القرآنُ العظيم.

    ==========

    [ج 2 ص 845]

    (1/12922)

    [حديث أبي هريرة: بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب ... ]

    7273# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، أحد الأعلام، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): بفتح ياء أبيه وكسرها، وتَقَدَّمَ أنَّ غيرَه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

    [ج 2 ص 845]

    قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بضَمِّ التاء، تَقَدَّمَ مِرارًا، ومعناه أي: رأيت نفسي.

    قوله: (أُتِيتُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، مضموم تاء المتكلِّم.

    قوله: (خَزَائِنِ الأَرْضِ): تَقَدَّمَ الكلام على (مفاتيح خزائن الأرض).

    قوله: (فَوُضِعَتْ فِي يَدِي): (وُضِعَتْ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء في آخره تاء التأنيث الساكنة، و (يديْ): بإسكان الياء.

    قوله: (تَلْغَثُونَهَا، أَوْ: تَرْغَثُونَهَا): هو بفتح المُثَنَّاة فوق أوَّله، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ غين معجمة مفتوحة، ثُمَّ ثاء مُثَلَّثَة، والثانية مثلها، إلَّا أنَّها بالراء بدل اللام، قال ابن قُرقُول: («تلغثونها، أو ترغثونها»؛ أي: ترضعونها، والراء هنا هو المعروف، ولا يُعرَف اللام في هذا)، وقال في (الراء والغين)؛ يعني: المُعْجَمَة: («ترغثونها»؛ أي: ترضعونها، ورَغثُ العيش: سَعته)، انتهى، ونحوُه لابن الأثير في (رغث)، وأمَّا في (لغث)؛ فقال: أي: تأكلونها، من اللِّغيث؛ وهو طعامٌ يُغَشُّ بالشعير، ويُروى: (ترغثونها)؛ أي: ترضعونها.

    (1/12923)

    [حديث: ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله أومن عليه ... ]

    7274# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام الجواد، و (سَعِيد) بعده: هو سعيد بن أبي سعيد المقبريُّ، و (أَبُوه) أبو سعيد: اسمه كيسان، مولى بني ليث، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ ... ): (أُعطِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (ما مثلُهُ): بالرفع، وقد قَيَّدهُ بذلك الشيخ محيي الدين النَّوويُّ، وهو ظاهِرٌ.

    قوله: (أُومِنَ _ أَوْ: آمَنَ_ عَلَيْهِ الْبَشَرُ): قال الشيخ محيي الدين: معنى هذا الكلام: أنَّ كلَّ نبيٍّ أُعطِيَ من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء، فآمن به البشر، وأمَّا معجزتي الظاهرة؛ فهي القرآن الذي لم يُعطَ أحدٌ مثلَه؛ فلهذا قال: «أنا أكثرهم تابعًا يوم القيامة»، وقيل في معناه غيرُ ذلك، فإن شئت زيادةً؛ فانظر «شرح مسلم» للنوويِّ في (كتاب الإيمان)، وسيأتي كلام صاحب «المطالع» قريبًا أيضًا، والله أعلم.

    قوله: (أُومِنَ _أَوْ: آمَنَ_ عَلَيْهِ الْبَشَرُ): قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (آمَنَ عليه البشر): بمدِّ الهمزة، وفتح الميم، وقال ابن قُرقُول: (ما مثله آمَنَ عليه البشر)، وفي بعض روايات «الصحيح»: (أُومِنَ عليه البشر)، وكتبه بعضهم: (ائتمن)، وكلُّه راجعٌ إلى معنى الإيمان، وروى القابسيُّ: (أَمِنَ)؛ من الأمان، وليس موضِعَه، وإنَّما معنى الإخبار: أنَّ الله تعالى أيَّد كلَّ نبيٍّ بعثه من الآيات _يعني: المعجزات_ بما يصدِّق دعواه، وتقوم به الحُجَّة على مَن دعاه، إلَّا أنَّ الذي أوتيَهُ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وحيٌ يُتلَى، ومعجزةٌ تدوم بعده وتبقى، انتهى.

    وقد تَقَدَّمَ في أوَّل (فضائل القرآن)، وقد تكلَّم القاضي عياض في «الشفا» في أوائله بكلامٍ هو الذي ذكره ابنُ قُرقُول أو نحوُه، وذكره في مكانٍ آخَرَ من «الشفا» فأشبع،

    قوله: (وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُتِيتُ): كذا في أصلنا، والصواب: (أُوتِيتُ) [1].

    ==========

    [1] وكذا في «اليونينيَّة»، وقد أُصلِحت في هامش (ق).

    [ج 2 ص 846]

    (1/12924)

    [باب الاقتداء بسنن رسول الله ... ]

    قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ مترجمًا، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثاني إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (وَيَدَعُوا النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ): (يَدَعُوا): بفتح الدال؛ أي: يتركوا، وفي نسخة: (ويَدْعُوا الناسَ إلى الخير)؛ من الدعاء، وكلاهما حسنٌ.

    ==========

    [ج 2 ص 846]

    (1/12925)

    [حديث: هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها ... ]

    7275# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بعده: هو ابن مهديٍّ، أحد الأعلام، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق، كما تَقَدَّمَ في (الحجِّ)، و (وَاصِل): هو واصل بن حيَّان الأحدب، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (شَيْبَة): هذا هو ابن عثمان بن أبي طلحة عبدِ الله بن عبد العُزَّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصيٍّ العبدريُّ، أبو عثمان المَكِّيُّ الحَجَبِيُّ، حاجب الكعبة، وكان عثمان بن [أبي] طلحة _والد شيبة هذا_ يُعرَف بالأوقص، قَتله عليٌّ رضي الله عنه يوم أُحُد كافرًا، خرج شيبة إلى حُنين وهو مشركٌ يريد اغتيال النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقذف الله في قلبه الإسلام، فأسلم، وقاتل يوم حُنين وصُبِر يومئذٍ، وقد تَقَدَّمَ في (الحجِّ) في (باب كسوة الكعبة) بأطولَ من هذا، تُوُفِّيَ شيبة سنة (59) من الهجرة، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وأحمد في «المسند».

    قوله: (لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إِلَّا قَسَمْتُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ): الضمير في (فيها) يعود على الكعبة، و (الصفراء): الذهب، و (البيضاء): الفِضَّة؛ وذلك لأنَّ في باطن الكعبة كنزًا فيه أموالٌ عظيمةٌ اجتمعت مما يُهدَى إليها، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الحجِّ) أيضًا.

    (1/12926)

    [حديث: أن الأمانة نزلت من السماء في جذر قلوب الرجال]

    7276# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (عليِّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ.

    قوله: (فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الجَذْر) بفتح الجيم، وإسكان الذال المُعْجَمَة، ثُمَّ بالراء؛ وهو الأصل.

    ==========

    [ج 2 ص 846]

    (1/12927)

    [حديث: إن أحسن الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد]

    7277# قوله: (سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ): هو بإسكان الميم، وبالدال المُهْمَلَة، نسبة إلى القبيلة، وهو مُرَّة بن شَراحيل الطَّيِّبُ، تَقَدَّمَ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

    قوله: (وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال ابن قُرقُول: («إنَّ الهَديَ هَديُ مُحَمَّد»: بفتح الهاء، ويروى بضمِّها، وهو ضدُّ الضلال)، انتهى، و (الهَدْي)؛ بفتح الهاء، وإسكان الدال: الطريقة والمذهب والسَّمْتُ، تَقَدَّمَ.

    (1/12928)

    [حديث: لأقضين بينكما بكتاب الله]

    7278# 7279# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، أحد الأعلام، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذَليُّ.

    قوله: (لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ الرجلين _زوجَ المرأة ووالدَ الزاني_ لا أعرفهما، كما لا أعرف الزانيَ، ولا التي زنى به، والله أعلم، وتَقَدَّمَ معنى قوله: (لأقضينَّ بينكما بكتاب الله) في (كتاب الصلح).

    ==========

    [ج 2 ص 846]

    (1/12929)

    [حديث: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى]

    7280# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان.

    (1/12930)

    [حديث: إن العين نائمة والقلب يقظان]

    7281# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عَبَادة هذا: بفتح العين، وما عدا هذا في «الصحيحين»: عُبَادة؛ بضَمِّ العين)، انتهى، وهذا صحيحٌ، ليس في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» و «المُوَطَّأ» أيضًا عَبَادة إلَّا والدَ مُحَمَّد بن عَبَادة هذا، ولا أستحضر في الكُتُب السِّتَّة راويًا اسمه عَبَادة؛ بفتح العين، وتخفيف المُوَحَّدة كهذا، و (مُحَمَّد بن عَبَادة) هذا: يروي عن إسحاقَ الأزرقِ، وأبي أسامة، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة، وخلقٌ، قال أبو حاتم: صدوقٌ، صاحب نحوٍ وأَدَبٍ، وقال أبو داود: ثقة، أخرج له من الأئمَّة السِّتَّة مَن روى عنه، و (يَزِيدُ) بعده: هو ابن هارون، و (سَلِيمُ [1] بْنُ حَيَّانَ): هو بفتح السين، وكسر [2] اللام، و (حَيَّان): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، و (سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ): هو بالمدِّ والقصر.

    قوله: (جَاءَتْ مَلاَئِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هؤلاء الملائكة لا أعرف أسماءهم، غير أنِّي رأيت في «التِّرْمِذيِّ» حديثًا عن جابر بن عبد الله لفظه: خرج علينا رسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومًا، فقال: «إنِّي رأيت في المنام كأنَّ جبريلَ عند رأسي، وميكائيلَ عند رِجلي ... »؛ فذكر نحوه، ونحوُ الحديث الذي في «البُخاريِّ» حديثُ عبد الله بن مسعود في «التِّرْمِذيِّ»، وفيه: «وهل تدري مَن هم؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «هم ملائكة»، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: سمَّى منهم جبريلَ وميكائيلَ، رواه التِّرْمِذيُّ والإسماعيليُّ، انتهى.

    قوله: (وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ): (القلبُ): مَرْفُوعٌ على الابتداء، و (يقظانُ): خبره، ولا ينصرف، فهو مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن، ويجوز نصب (القلب) عطفًا على (العَيْنَ) الذي هو اسم (إِنَّ)، و (يقظانُ): خبرٌ مَرْفُوعٌ غير مُنَوَّن، خبر (إنَّ)، وبالأوَّل ضُبِط في أصلنا، وأمَّا الثاني؛ فلا خفاءَ فيه، وكذا قوله في المكان الثاني في هذا الحديث.

    (1/12931)

    قوله: (وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً): (المأدبة): بضَمِّ الدال المُهْمَلَة وفتحها، و (الأُدبة): بالضَّمِّ، والأوَّلتان في «الصحاح»، والثلاث في «القاموس»، طعامٌ صُنِع لدعوةٍ أو عُرْسٍ، وقال الجوهريُّ: والأَدْبُ أيضًا: مصدر أَدَبَ القومَ يأدِبُهم؛ بالكسر؛ إذا دعاهم إلى طعامه، والآدِبُ: الداعي، ثُمَّ أنشد بيتًا، ثُمَّ قال: ويُقال أيضًا: آدَبَ القومَ إلى طعامه يُؤْدِبهم إيدابًا، حكاه أبو زيد، واسم الطعام: المأدُبة والمأدَبة، وقال ابن القطَّاع: (وأَدَبْتُ القومَ أدْبًا وأُدْبةً، وآدَبْتُهم: صنعتُ لهم طعامًا، واسمه: المأدَبة والمأدُبة)، وقال ابن قُرقُول: («مأدَبة»: بفتح الدال وضمِّها؛ وهي الطعام يُصنَع للقوم يُدعَون إليه، ومن الأَدب: بالفتح، ومن الطعام: بالضَّمِّ، كذا قاله الأصمعيُّ)، انتهى.

    فإن كان هذا الطعام صُنِع لإكمال الدار؛ فاسمه الخاصُّ: وَكِيرة، ولا شكَّ أنَّ الطعام لإكمال البناء وَكِيرةٌ، لكن مقتضى كلامِ أهل اللغة الذين وقفتُ على كلامهم: أنَّ الولائم كلَّها يُطلَق عليها: مأدبة، كلُّ فردٍ فرد، والله أعلم.

    قوله: (يَفْقَهْهَا): هو مجزومٌ جواب الأمر، و (الفقه): الفهم.

    قوله: (وَمُحَمَّدٌ [3] فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ): هو بفتح الفاء، وإسكان الراء، كذا هو مضبوطٌ في أصلنا، مبتدأٌ وخبرٌ، وفي هامشه: (فَرَّقَ)؛ بفتح الفاء والراء المُشَدَّدة والقاف: فعلٌ ماضٍ؛ أي: يُفَرِّق بين المؤمنين والكافرين بتصديقه وتكذيبه.

    قوله: (تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ جَابِرٍ): الضمير في (تابعه) يعود على مُحَمَّد بن عَبَادة، وهذا يُسَمَّى: تابعًا، والظاهر أنَّ قوله: (تابعه فلان) هو مثل قوله: (قال فلانٌ)، وإذا كان مثلَه؛ فالظاهر أنَّه أخذه عن قُتَيْبَة _وهو شيخه_ في حال المذاكرة، والله أعلم، وقد أخرج متابعة قُتَيْبَة التِّرْمِذيُّ في (الأمثال) عن قُتَيْبَة به، وسيأتي قريبًا ما قال فيه التِّرْمِذيُّ.

    (1/12932)

    و (ليث): هو ابن سعد، أحد الأعلام، و (خالد): هو ابن يزيد الجُمَحِيُّ مولاهم، أبو عبد الرحيم البربريُّ ثُمَّ المصري، الفقيه المفتي، عن عطاء بن أبي ربَاح، وسعيد بن أبي هلال، والزُّهْرِيِّ، وجماعةٍ، وعنه: حَيْوة بن شريح، وسعيد بن أبي أيُّوب، والليث، وطائفةٌ، وَثَّقَهُ النَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: لا بأسَ به، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، وكان ابنُه عبدُ الرحيم من أصحاب مالكٍ الفقهاءِ، أخرج لخالدٍ الجماعةُ.

    ومتابعة سعيد بن أبي هلال أخرجها التِّرْمِذيُّ في (الأمثال) عن قُتَيْبَة به، وقال: مرسَلٌ، سعيدٌ لم يُدْرِك جابرًا، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من غير هذا الوجه بإسناد أصحَّ من هذا، انتهى، وكذا قال العلائيُّ في «مراسيله»: إنَّ سعيد بن أبي هلال لم يدرك جابرًا، قاله التِّرْمِذيُّ وغيره، انتهى، ونقل شيخُنا كلامَ التِّرْمِذيِّ، ثُمَّ قال: وكذا قاله خلف في «أطرافه»: إنَّه لم يسمع من جابر، وإنَّه ليس بمتَّصلٍ، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (سليمان)، وينظر هامشها.

    [2] في (أ): (وفتح)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [3] زيد «اليونينيَّة»: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

    (1/12933)

    [حديث: يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقًا بعيدًا]

    7282# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، وتَقَدَّمَ مستنده فيما نقله بعض حفَّاظ عن الخطيب البغداديِّ، والله أعلم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (هَمَّام): هو ابن الحارث النَّخَعيُّ، عن عُمر وعمَّار، وعنه: إبراهيم ووَبَرَة، وكان من العلماء العُبَّاد، مات قبل ابن عَبَّاس، قال ابن سعد: مات في أيَّام الحَجَّاج، وقال ابن حِبَّانَ: مات في إمارة عبد الله بن يزيد الخَطَمِيِّ على الكوفة سنة خمسٍ وستِّين، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين وغيره، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني حُسَيل، ويقال: حِسْل، رضي الله عنهما، تقدَّما.

    قوله: (فَقَدْ سُبِقْتُمْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (سَبْقًا)؛ بفتح السين، وإسكان المُوَحَّدة: مصدرٌ.

    قوله: (لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا): هو بفتح اللام، قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} [سبأ: 50]، فهذه لغة نجدٍ، وهي الفصيحة، وأهل العالية يقولون: ضَلِلتُ؛ بالكسر، أضَلُّ.

    ==========

    [ج 2 ص 847]

    (1/12934)

    [حديث: إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومًا]

    7283# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد) بعده: بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، وهو بُرَيد بن عبد الله بن أبي بُردة الحارثِ أو عامرِ بن أبي موسى عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريِّ الأميرِ.

    قوله: (بِعَيْنَيَّ): هو بتشديد الياء، كذا هو في أصلنا.

    قوله: (وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، ومَن هو، في (الرقاق).

    قوله: (فَالنَّجَاءَ): بالمدِّ والقصر، فإذا مدَدْتَ؛ ظهرَ إعرابُه، وهو مَنْصُوبٌ، ونصبُه ظاهرٌ.

    قوله: (طَائِفَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الطائفة) قريبًا وبعيدًا.

    قوله: (فَأَدْلَجُوا): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أدْلج؛ بالتخفيف؛ إذا سار من أوَّل الليل، وادَّلج؛ إذا سار آخِرَه، والاسم منهما: الدّلجة؛ بالضَّمِّ والفتح)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ الكلام على (أدْلج) و (ادَّلج) مُطَوَّلًا.

    قوله: (عَلَى مَهَلِهِمْ): (المَهَل)؛ بفتح الميم والهاء: التُّؤَدةُ، قال ابن قُرقُول: (على مَهَلَتِهم)؛ أي: على تُؤَدَة وغير استعجال [1]؛ لحفز العدوِّ لهم، وقيل: على تقدُّمهم، ورواه بعضهم بسكون الهاء، انتهى، وقال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم»: وأمَّا قوله: (على مهلتهم)؛ فهكذا هو في جميع نُسَخ «مسلم»: (مُهْلتهم)؛ بضَمِّ الميم، وسكون الهاء، وتاء بعد اللام، وفي «الجمع بين الصحيحين»: (مَهَلهم)؛ بفتح الميم والهاء، وهما صحيحان، انتهى.

    [ج 2 ص 847]

    قوله: (وَاجْتَاحَهُمْ): أي: استأصلهم.

    ==========

    [1] في (أ): (استعال)، والمثبت من مصدره.

    (1/12935)

    [حديث عمر: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله]

    7284# 7285# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): هو ابن سعد الإمام الجواد، أحد الأعلام، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

    قوله: (لَمَّا تُوُفِّي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ عليه السَّلام، وكم مَرِض، ومتى دُفِن.

    قوله: (وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ): (استُخلِف): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (عِقَالًا): هو الحبل الذي تُشَدُّ به ركبة البعير، وقد قال البُخاريُّ بُعَيده: (عَنَاقًا، وَهْوَ أَصَحُّ)، و (العَناق): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين، وتَقَدَّمَ ما هو.

    قوله: (قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ): هو يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر شيخُ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه إذا قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وما قاله ابن بُكَيْر عن الليث أخرجه البُخاريُّ في (استتابة المرتدِّين) عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن عُقَيل به.

    قوله: (وَعَبْدُ اللهِ عَنِ اللَّيْثِ): الظاهر أنَّ (عبد الله): هو ابن وهب، أحد الأعلام، وهذا التعليقُ لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وكتب بعض حُفَّاظ العَصْرِ: («عبيد الله» هذا: هو ابن صالح، وقد وصلها أبو عبيد في كتاب «الأموال»)، انتهى.

    ==========

    [ج 2 ص 848]

    (1/12936)

    [حديث: قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس ... ]

    7286# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

    قوله: (عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ): تَقَدَّمَ الكلام على عُيَيْنَة هذا، وأنَّه فزاريٌّ، من المُؤَلَّفَة، وقد ذكرت المُؤَلَّفةَ مجموعِين في مكان، لعلَّك لا تجدهم كذلك مجموعِين، شهد عُيَيْنَةُ حُنينًا والطائف، وكان أحمقَ مطاعًا، دخل على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بلا إذنٍ وأساء الأَدَب، فصبرَ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على جَفْوَته وأَعرابِيَّتَه، وقد ارتدَّ وآمن بطُلَيحة، ثُمَّ أُسِرَ، فَمَنَّ عليه الصِّدِّيق، ثُمَّ لم يزل مظهرًا للإسلام، وكان يتبعه عشرةُ آلاف قناةٍ، كان من الجرَّارة، واسمه حذيفة، ولقبه عُيَيْنَة؛ لشَتَرٍ في عينه.

    قوله: (فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ): تَقَدَّمَ بعض ترجمة الحُرِّ هذا، وأنَّه صحابيٌّ رضي الله عنه، له وفادة، وهو الذي خالف ابنَ عَبَّاس رضي الله عنهم في صاحب موسى، وكان الحرُّ من جُلَساء عمرَ، فاستأذن لعمِّه عُيَيْنَةَ المتقدِّم.

    قوله: (وَمُشَاوَرَتِهِ): هو بفتح الواو.

    قوله: (أَوْ شُبَّانًا): هو بضَمِّ الشين المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة بعدها، وبعد الألف نون، جمع (شابٍّ).

    قوله: (فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَلَيْهِ؟): هو بنصب (تستأذنَ) جواب الاستفهام.

    قوله: (الْجَزْلَ): هو بفتح الجيم، وإسكان الزاي، وباللام؛ أي: العطاء الكبير.

    قوله: (وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللهِ): (الوَقَّاف): بفتح الواو، وتشديد القاف، وفي آخره فاء، وهو الذي لا يستعجل في الأمور، وهو (فَعَّال) من الوقوف، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حَدَّثَنِي).

    [ج 2 ص 848]

    (1/12937)

    [حديث: ما من شيء لم أره إلَّا وقد رأيته في مقامي]

    7287# قوله: (عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ): هذه هي فاطمة بنت المنذر بن الزُّبَير بن العَوَّام بن خُوَيلد، وهي بنت عمِّ هشام بن عروة بن الزُّبَير وزوجتُه، تَقَدَّمَت، و (أَسْمَاء): هي جدَّتها بنت أبي بكر الصِّدِّيقِ، تَقَدَّمَ بعض ترجمتها رضي الله عنها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد ابنها عبد الله بن الزُّبَير بِيَسِيرٍ.

    قوله: (حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ): هما بالنصب، ونصبُهما ظاهرٌ.

    قوله: (أَيَّ ذَلِكَ؟): (أيَّ): هو بتشديد الياء منصوبة، وكذا (لَا أَدْرِي [أَيَّ ذَلِكَ؟]) الثانية.

    قوله: (وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوِ الْمُرْتَابُ): تَقَدَّمَ الاختلاف في سؤال المَلَكَين هل هو مختصٌّ بالمؤمنين والمنافقين، أو عامٌّ في المؤمن والمنافق والكافر، و أنَّ الصحيحَ: أنَّه عامٌّ، وقدَّمْتُ أنَّ في سؤال الصغار الذين لم يبلغوا الحُلُم قولَين للعلماء؛ وهما وجهان في مذهب أحمد، واختار القرطبيُّ: أنَّهم يُسأَلون، وذكرت أيضًا غيرَهم مُطَوَّلًا؛ فانظر ذلك، وأنَّ مَن عدا أمَّة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الأمم الماضية؛ هل يُسأَلون؟ ولم أرَ فيها نقلًا إلَّا ما تفقه فيه ابن القَيِّمِ: أنَّهم يُسأَلون، وكذا رأيتُ القرطبيَّ في «التذكرة» ذكرها، قال ابن القَيِّمِ: فإنَّ كلَّ أمَّة تُسأَل عن نبيِّها، والله أعلم.

    (1/12938)

    [حديث: دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم]

    7288# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو الزِّنَاد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    ==========

    [ج 2 ص 848]

    (1/12939)

    [باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه]

    قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (مَا لَا يَعْنِيهِ): هو بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [ج 2 ص 848]

    (1/12940)

    [حديث: إن أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرم]

    7289# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي أيُّوب المصريُّ، عن جعفر بن ربيعة ويزيد بن أبي حَبِيب، وعنه: ابن وهب والمقرِئُ، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (161 هـ)، أخرج له الجماعة، و (عُقَيْلٌ): بضَمِّ العين، وفتح القاف، تَقَدَّمَ، وهو ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، العالم المشهور.

    [ج 2 ص 848]

    قوله: (إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ): قال القاضي عياض: المراد بـ «الجُرم» هنا: الحدث على المسلمين، لا أنَّه الجُرم الذي هو الإثمُ المعاقَبُ عليه؛ لأنَّ السؤالَ كان مباحًا؛ ولهذا قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «سلوني»، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ بعد أن ذكر هذا عن القاضي: وهذا الذي قاله القاضي ضعيفٌ، بل باطلٌ، والصواب الذي قاله الخَطَّابيُّ وصاحب «التحرير» وجماهير العلماء في شرح هذا الحديث: إنَّ المراد بـ «الجُرْم» هنا: الإثمُ والذَّنْبُ، قالوا: يُقال فيه: جَرَمَ؛ بالفتح، واجترم وتجرَّم؛ إذا أَثِم، قال الخَطَّابيُّ وغيره: هذا الحديثُ فيمَن سأل تكلُّفًا أو تعنُّتًا فيما لا حاجةَ به إليه، فأمَّا مَن سأل لضرورةٍ؛ بأن وقعت له مسألةٌ فسأل عنها؛ فلا إثمَ عليه، ولا عَتَبَ عليه؛ لقوله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43]، قال صاحب «التحرير» وغيرُه: فيه دليلٌ على أنَّ مَن [1] عمل ما فيه إضرارٌ بغيره؛ كان آثمًا، انتهى، وكذا قال ابن الأثير في «نهايته» في تفسير (الجُرم) لمَّا ذكر هذا الحديث: الجُرْم: الذَّنْب، وقد جَرَمَ واجترم وتجرَّم، والله أعلم.

    قوله: (لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ): (يُحرَّم): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو مشدَّد الراء المفتوحة، و (حُرِّم): كذلك مشدد الراء المكسورة، مبنيَّان للمفعول.

    (1/12941)

    [حديث: ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم]

    7290# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] عَفَّانُ): (إسحاق) هذا: قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الجهاد)، و (الاعتصام)، و (التوحيد): (حَدَّثَنَا إسحاق: حَدَّثَنَا عَفَّانَ)، وكذلك لم يَنْسِب «إسحاقَ عن عَفَّانَ» أبو نصرٍ ولا أحدٌ من شيوخنا في شيءٍ من هذه المواضِعِ، ولعلَّه إسحاق بن منصور، أو إسحاق ابن راهويه، انتهى، وكذا لم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولا شيخُنا في «شرحه».

    و (عَفَّانُ): هو ابن مسلم الصَّفَّار، أبو عثمان الحافظُ، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، و (أَبُو النَّضْرِ): بالضاد المُعْجَمَة، وهو سالم بن أبي أُمَيَّة، تَقَدَّمَ، و (بُسْر بْن سَعِيدٍ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وإسكان السين المُهْمَلَة.

    قوله: (اتَّخَذَ حُجْرَةً): هي بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الجيم: كلُّ موضعٍ حُجِرَ عليه.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

    [ج 2 ص 849]

    (1/12942)

    [حديث: سئل رسول الله عن أشياء كرهها ... ]

    7291# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): الحارث أو عامرٌ القاضي، و (أَبُو مُوسَى): والده، عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.

    قوله: (رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ»): تَقَدَّمَ أنَّ الرجلَ السائلَ عن أبيه هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، وسيأتي قريبًا مسمًّى، وذكر شيخُنا عن العسكريِّ _كما قدَّمته عنه_: أنَّه أخوه قيسُ بن حذافة، وعبد الله بن حذافة بن قيس بن عديٍّ، أبو حذافة السهميُّ، له هجرتان، وهو أخو خُنَيس بن حذافة السهميِّ، زوجِ حفصة بنت عمرَ أمِّ المؤمنين، رضي الله عنها وعنه.

    قوله: (ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ»): هذا الذي قام ثانيًا اسمه سعدٌ، كما ذكرته في (المائدة)، و (سالمٌ مولى شيبة) _ولا أعرف له ترجمة، والله أعلم_[تقدَّم] أنَّه هلك على كفره، وقال بعض المصريِّين: هو سعد بن سالم مولى شيبة بن ربيعة بن عبد شمس، وقد أوضحته في (كتاب الإيمان).

    ==========

    [ج 2 ص 849]

    (1/12943)

    [حديث: اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت]

    7292# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ لماذا نُسِب، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْد المَلِكِ): هو ابن عُمير، و (وَرَّاد): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو، وتشديد الراء.

    قوله: (كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ: اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ مسألة الرواية بالكتابة المقرونة بالإجازة والخالية عنها كهذه، وأنَّ الصحيحَ صِحَّتُهما.

    قوله: (إنَّ النَّبِيَّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (إنَّ): بكسر همزتها على الحكاية.

    قوله: (وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه رُوِيَ بكسر الجيم وفتحها؛ وهو أكثرُ باختلاف المعنى، وتَقَدَّمَ معناهما، وكذا تَقَدَّمَ الكلامُ على (قِيلَ وَقَالَ)، وعلى (كَثْرَةِ السُّؤَالِ)، وعلى (إِضَاعَةِ الْمَالِ)، وعلى (عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ)، وعلى (وَأْدِ البَنَات)، وعلى (مَنْعٍ)، وعلى (هَاتِ).

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نَبِيَّ اللهِ).

    [ج 2 ص 849]

    (1/12944)

    [حديث: قال عمر نهينا عن التكلف]

    7293# قوله: (نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ): (نُهِينا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على قول الصَّحَابيِّ: (أُمِرْنا بكذا)، أو: (نُهِينا عن كذا)، وأنَّهما من نوع المرفوع والمسنَدِ عند أصحاب الحديث، وهو الصحيح وقول أكثر [أهل] العلم؛ لأنَّ مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى مَن إليه الأمرُ والنهيُ؛ وهو رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وخالف في ذلك فريقٌ؛ منهم أبو بكر الإسماعيليُّ، وقد تَقَدَّمَ ذلك، وذكرت عن بعضهم أنَّ هذا الخلافَ في غير أبي بكر إذا قال ذلك، أمَّا أبو بكر إذا قال ذلك؛ فهو مَرْفُوعٌ بلا خلاف، انتهى، وهو حسنٌ، والله أعلم.

    قوله: (عَنِ التَّكَلُّفِ): قال ابن الأثير: أراد كثرةَ السؤال، والبحثَ عن الأشياء الغامضة التي لا يَجِبُ البحثُ عنها، والأخذ بظاهر الشريعة، وقَبول ما أتت به، انتهى، وقال النَّوويُّ في «رياضه»: هو فعلُ وقولُ ما لا مصلحةَ فيه.

    (1/12945)

    [حديث: من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه]

    7294# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

    قوله: (وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه محمود بن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، وتَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

    قوله: (فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْنَ مَدْخَلِي [1]؟ قَالَ: «النَّارُ»): هذا الرجل لا أعرفه، والظاهر أنَّه منافقٌ، والله أعلم.

    [ج 2 ص 849]

    قوله: (لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ): (عُرِضَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء ساكنة علامة التأنيث، و (الجنَّةُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (النَّارُ): معطوفٌ عليه.

    قوله: (آنِفًا): تَقَدَّمَ أنَّ فيه المدَّ والقصرَ، وبهما قُرِئ في السبع، وأنَّ معناه: الآن والساعة.

    قوله: (فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بضَمِّ العين؛ أي: جانبه وناحيته، كما قال: (فِي قِبْلَةِ هَذَا الْجِدَارِ) [خ¦749]، وقد قيل: إنَّ عُرْضَ كلِّ شيء: وسطُهُ، وقيل: عُرْضُ الشيء: ذاتُه ونَفْسُه.

    (1/12946)

    [حديث: في سبب نزول: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء}]

    7295# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو الحافظ صاعقة، أبو يحيى، وقد قدَّمتُه مترجمًا، و (رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ): بفتح الراء، وقال بعضهم: وبضمِّها، و (عُبَادة): بضَمِّ العين، وتخفيف المُوَحَّدة.

    قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللهِ؛ مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ فُلَانٌ»): يحتمل هذا الرجل أن يكون عبدَ الله بن حذافة السهميَّ، أو أخوه قيس بن حذافة، ويحتمل أن يكون الرجلَ الآخَرَ الذي قال له عليه السَّلام: «أبوك سالمٌ مولى شيبة»، والرجل الذي قال له [1] هذه المقالةَ: «أبوك سالم»: اسمُه سعدٌ، تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا.

    (1/12947)

    [حديث: لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا هذا الله]

    7296# قوله: (حَدَّثَنَا شَبَابَةُ): هو شَبَابة بن سَوَّار؛ بفتح السين المُهْمَلَة، وتشديد الواو، الفزاريُّ، و (وَرْقَاءُ): هو بفتح الواو [1] ممدودٌ، ابن عُمَر اليشكريُّ، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن): هذا هو ابن مَعْمَر بن حزم، أبو طُوالة الأنصاريُّ.

    (1/12948)

    [حديث: كنت مع النبي في حرث بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب]

    7297# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

    قوله: (فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحرث)، وعلى (العَسِيب).

    قوله: (لَا تَسْأَلُوهُ، لَا يُسْمِعُكُمْ): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا، ويجيء فيه إعرابان آخران قريبًا: النصب والجزم [1]، وقد تَقَدَّمَ مثلُه.

    قوله: (فَقَامَ سَاعَةً يَنْظُرُ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعِدَ الْوَحْيُ): تَقَدَّمَ أنَّه لم ينزل عليه الوحي في الحال، وقد تَقَدَّمَ أنَّه لبث خمسةَ عشرَ يومًا حتَّى نزل الوحيُ، وأنَّ في «سِيَرِ التيميِّ وموسى بنِ عقبة»: أنَّه لبث ثلاثةَ أيَّامٍ، والله أعلم، وتَقَدَّمَ أنَّ الذي يظهر: أنَّ هذا اتَّفق مرَّتين؛ فمرَّةً بمكَّة اقترحته اليهودُ لقريش، وهو الذي تأخَّر فيه الوحيُ، ومرَّةً بالمدينة، والله أعلم، وهو الذي نزل فيه الوحيُ في الحال.

    قوله: (حَتَّى صَعِدَ): هو بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    (1/12949)

    [باب الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم]

    (1/12950)

    [حديث: إني اتخذت خاتمًا من ذهب]

    7298# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.

    قوله: (خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّمَت لُغَات (الخاتم)، وأنَّ هذا كان قبل النهي عن الذهب للرجال.

    قوله: (فَنَبَذَهُ): أي: طرحه، و (النَّبذ): الطرح، وهذا ظاهِرٌ.

    (1/12951)

    [باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع]

    قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    ==========

    [ج 2 ص 850]

    (1/12952)

    [حديث: إني لست مثلكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني]

    7299# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المسنَديُّ في أوَّل هذا التعليق، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو سَلَمَة): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: (لَا تُوَاصِلُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (الوصال)، وأنَّ الصحيح: أنَّه مكروهٌ كراهةَ تحريمٍ، وأنَّ (الوصالَ): صومُ يومين فما زاد، من غير أن يتناولَ بينهما مُفْطِرًا، وأنَّه من خصائصه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

    قوله: (إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ [1]): قَدَّمْتُ فيه أقوالًا؛ أصحُّها: معناه: يجعل فيَّ قوَّة مَن أكل وشرب.

    ==========

    [1] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ويسقيني).

    [ج 2 ص 850]

    (1/12953)

    [حديث: المدينة حرم من عير إلى كذا]

    7300# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (غِيَاثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُخَفَّفة، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ): هو إبراهيم بن يزيد بن شَريك التيميُّ.

    قوله: (مِنْ آجُرٍّ): (الآجُرُّ)؛ بمدِّ الهمزة، وضمِّ الجيم، وتشديد الراء: الذي يُبْنَى به، فارسيٌّ مُعَرَّب، ويُقال له أيضًا: آجُور؛ على (فَاعُول).

    قوله: (إِلَّا كِتَاب اللهِ): يجوز في (كتاب) النصبُ والرفعُ.

    قوله: (وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ): تَقَدَّمَ أنَّ في هذا ردًّا على الرافضة الذين يقولون: إنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم اختصَّ عليًّا وأهلَ البيت بعلمٍ لم يُطْلِع عليه غيرَهم، وهذا سيِّد أهل البيت قد قال ما قال.

    قوله: (مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا): تَقَدَّمَ أنَّ (عَيْرًا) بفتح العين المُهْمَلَة، وإسكان المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ راء، وقد تَقَدَّمَ [الكلام] عليه وعلى قوله: (إلى كذا) في (الحجِّ)؛ فانظره في (باب تحريم المدينة)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا)، وعلى قوله: (ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ)، وعلى: (يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ)؛ يعني: العبدَ والمرأةَ، وعلى: (مَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا)؛ أي: نقض عهده، وعلى قوله: (وَمَنْ [1] وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ).

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مَن)؛ بلا واو.

    [ج 2 ص 850]

    (1/12954)

    [حديث: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه.]

    7301# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): تَقَدَّمَ أنَّه عمر بن حفص بن غِيَاث، وتَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث) قريبًا أعلاه وبعيدًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ أعلاه، و (مُسْلِمٌ): هو مسلم بن صُبَيح، أبو الضُّحى، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا تَرَخَّصَ فِيْهِ [1]): تَقَدَّمَ أنَّه الفطر في السفر فيما ظهر لي، والله أعلم، وتَقَدَّمَ كلامُ شيخِنا بذلك.

    (1/12955)

    [حديث: كاد الخيران أن يهلكا.]

    7302# قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وأنَّ زُهيرًا صحابيٌّ، ابن عبد الله بن جُدعان التيميُّ.

    قوله: (كَادَ الْخَيِّرَانِ ... ) إلى آخره [1]: هذا مرسلٌ؛ لأنَّ ابنَ أبي مُلَيْكَة تابعيٌّ، وقد ذكر قصَّةً لم يُدْرِكْها، ولو شاهدها؛ لكان صحابيًّا، وقد روى هذه القصَّةَ بعضُهم عن ابن أبي مُلَيْكَة مرسلةً ولم يذكر ابن الزُّبَير، وبعضُهم مسندةً؛ أعني: موصولةً، والموصولُ منها هنا من قوله: (فكان عمر [2] ... ) إلى آخره، وإن كان بلفظ: (قال ابنُ الزُّبَير)، ولم يقل ابن أبي مُلَيْكَة: حدَّثَنِي، ولا لفظًا يقتضي الاتِّصال، إلَّا أنَّ الشخص إذا لم يكن مُدَلِّسًا كهذا، وقال: (عن)، أو: (أنَّ)، أو: (قال فلانٌ)، وكان قد أدرك القائلَ؛ فإنَّه يُحمَل على الاتِّصال، والله أعلم.

    قوله: (لَمَّا قَدِمَ [3] وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ): تَقَدَّمَ متى قَدِم وفدُ بني تميم.

    قوله: (أَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ): تَقَدَّمَ الكلام على الأقرع بن حابس، والمشيرُ به: هو عمر بن الخَطَّاب، وقد تَقَدَّمَ ذلك في هذا «الصحيح».

    [ج 2 ص 850]

    قوله: (وَأَشَارَ الآخَرُ بِغَيْرِهِ): (غيرُه): هو القعقاع بن معبد بن زرارة، والمشير به: هو الصِّدِّيقُ، وتَقَدَّمَ في (سورة الحجرات)، وقد تَقَدَّمَ ما قاله السُّهَيليُّ في «روضه»، وهو أنَّ [أحدَهما] أشار بعمرو بن الأهتم، والآخرَ بالزِّبْرِقَان بن بدر.

    قوله: (وَقَالَ [4] ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في الصفحة التي قبل هذه.

    قوله: (قَالَ [5] ابْنُ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العَوَّام.

    قوله: (وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ؛ يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ): المراد بـ (أبيه): جدُّه؛ وذلك لأنَّ أمَّ عبد الله بن الزُّبَير هي أسماءُ بنت أبي بكر عبدِ الله بن أبي قُحافة عثمانَ رضي الله عنهم، وسيأتي بُعَيد هذا وتَقَدَّمَ مثلُه عن الصِّدِّيق.

    (1/12956)

    قوله: (كَأَخِي السِّرَارِ): هو بكسر السين، وتخفيف الراء، وهي النجوى والكلام المُسْتَسرُّ فيه، وقال في «النهاية»: («السِّرَار»: المساررة؛ أي: كصاحب السِّرار، أو كمثل المساررة يخفض صوته، والكاف صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ)، انتهى، ونقل شيخُنا هنا: أنَّه رُوِيَ عن أبي بكر مثلُ فعلِ عمرَ، رضي الله عنهما، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (سورة الحجرات)، وذكرت هناك بأنَّ القاضيَ عياضًا ذكر ذلك عن أبي بكر في «الشفا».

    ==========

    [1] في (أ): (آخر)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [2] في (أ): (ابن الزبير)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

    [4] في «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو، وهي ثابتةٌ في رواية أبي ذرٍّ.

    [5] في (أ): (كان)، وسياق الكلام يؤيِّد المثبت من مصادره.

    (1/12957)

    [حديث عائشة: مروا أبا بكر يصلي بالناس]

    7303# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام.

    قوله: (يُصَلِّي بِالنَّاسِ): كذا في أصلنا بإثبات الياء، وهي لغةٌ، وما بعد هذه من قوله: (فَلْيُصَلِّ)، وكذا (فَلْيُصَلِّ)، وكذا (فَلْيُصَلِّ)؛ كلُّه بحذف الياء.

    قوله: (لأَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ): تَقَدَّمَ ما معناه.

    ==========

    [ج 2 ص 851]

    (1/12958)

    [حديث: انظروها فإن جاءت به أحمر قصيرًا مثل وحرة فلا أراه ... ]

    7304# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّمَ أنَّه آدم بن أبي إياس العسقلانيُّ، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابن أبي ذئب، وكذا هو مسمًّى منسوبٌ إلى أبيه في بعض النسخ، وفي أصلنا نسخةٌ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ): تَقَدَّمَ الكلام على (عُويمرٍ) العجلانيِّ، وكذا على (عاصم بن عديِّ).

    قوله: (فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعابَها [1]): تَقَدَّمَ، لما فيه من هتك مسلم.

    قوله: (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيْكُمَا [2]): ظاهر هذا: أنَّ آيةَ اللعان أُنزِلت في عُويمرٍ العجلانيِّ وامرأتِه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الصحيح: أنَّها أُنزِلت في هلال بن أُمَيَّة وامرأتِه، وقد ذكرت ذلك في (سورة النور) وغيرِها.

    قوله: (مِثْلَ وَحَرَةٍ): تَقَدَّمَ ضبطها، وما هي.

    قوله: (أُرَاهُ): هو مُدَلَّس في أصلنا، والظاهر أنَّه بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه؛ وبدليل قوله في الطريق الآخَرِ: (فَلاَ أَحْسِبُهُ [3] إِلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا).

    قوله: (أَسْحَمَ): تَقَدَّمَ أنَّه بالسين والحاء المُهْمَلَتين، وأنَّ معناه: أسود.

    قوله: (أَعْيَنَ): تَقَدَّمَ معناه.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (وعَابَ).

    [2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية الدمياطيِّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (فِيكُمْ).

    [3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أحسِبُ).

    [ج 2 ص 851]

    (1/12959)

    [حديث عمر: لا نورث ما تركنا صدقة ... ]

    7305# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْلٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّ ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (مَالِكُ بْنُ أَوْسِ) ابْنِ الحَدَثَانِ (النَّصْرِيُّ)؛ بالنون، والصاد المُهْمَلَة: منسوبٌ إلى بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، وتَقَدَّمَ الكلام في ترجمته.

    قوله: (حَتَّى أَدْخُل): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا، وهذا مَعْرُوفٌ، وقد قُرِئ به في السبع: {حَتَّى يَقُول الرَّسُولُ} [البقرة: 214]، وقد قَدَّمْتُ تعلِيلَه.

    قوله: (حَاجِبُهُ يَرْفَا [1]): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بغير همز، ومنهم مَن هَمَزه.

    قوله: (الرَّهْطُ؛ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرَّهْط): ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (النفر).

    قوله: (فَقَالَ: اتَّئِدُوا): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى: (أَنْشُدُكُمْ)، وأنَّه بفتح الهمزة، وضمِّ الشين؛ أي: أسألكم، وكذا قوله: (أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ)، وكذا [2] الثانية وما بعدها، وتَقَدَّمَ الكلام على قوله: (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ)، وأنَّها مرفوعةٌ مُنَوَّنةٌ، وكذا لرواته، خلافًا للإماميَّة، وتَقَدَّمَ ردُّه.

    قوله: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى [3] خَصَّ رَسُولَهُ): (إنَّ)؛ بكسر الهمزة: ابتدائيَّة، وقوله: (خَصَّ رَسُولَهُ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فِي هَذَا الْمَالِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فرض الخُمس)، وكذا (وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: الانفراد.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (يرفأ)؛ بالهمز.

    [2] زيد في (أ): (وكذا)، وهو تكرار.

    [3] (تعالى): ليس في «اليونينيَّة»، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (كان).

    [ج 2 ص 851]

    (1/12960)

    [باب إثم من آوى محدثًا]

    قوله: (مَنْ آوَى مُحْدِثًا): تَقَدَّمَ أنَّ (آوى) هنا: ممدودٌ؛ وذلك لأنَّه متعدٍّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (آوى) [إن] كان لازمًا؛ كان فيه لغتان، والأفصح: قصر الهمزة، وأنَّه متى كان متعدِّيًا؛ كان فيه لغتان أيضًا، والأصحُّ: مدُّ الهمزة، وتَقَدَّمَ أنَّ (المُحدِث): الآثم، وقيل: عامٌّ في جميع الجنايات والحدث في الدين.

    (1/12961)

    [حديث عاصم: قلت لأنس: أحرم رسول الله المدينة؟]

    7306# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، قال أحمد وغيرُه: ثقة، انتهى، وله ما يُنكَر، وقد اجتنبها أصحاب «الصحيح»، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا، و (عَاصِمٌ) بعده: هو الأحول عاصم بن سليمان.

    قوله: (مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا): تَقَدَّمَ أنَّه ما بين عَيْر إلى ثور، وتَقَدَّمَ الكلام عليهما، ومَن أنكر ذلك.

    قوله: (قَالَ عَاصِمٌ: فَأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ: أَنَّهُ قَالَ: أَوْ آوَى مُحْدِثًا): تعليق عاصم لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخُنا: ذكر الدَّارَقُطْنيُّ في «علله»: أنَّ عبد الواحد رواه، فقال في آخره: (قال موسى: أو آوى محدِثًا)، ووَهِمَ في قوله: (موسى بن أنس)، والصحيح ما رواه شَريك وعمرو بن أبي قيس عن عاصم الأحول عن أنس، وفي آخره: (فقال النَّضْر بن أنس: أو آوى محدِثًا)، وقال في «استدراكاته»: هذا وَهَمٌ من البُخاريِّ أو شيخِه _يعني: موسى بن إسماعيل_؛ لأنَّ مسلمًا خرَّجه عن حامد بن عمر عن عبد الواحد، فقال فيه: (فقال النَّضْر)؛ وهو الصواب، انتهى.

    ==========

    [ج 2 ص 851]

    (1/12962)

    [باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس]

    قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [ج 2 ص 851]

    (1/12963)

    [حديث: إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاهموه انتزاعًا]

    7307# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح المُثَنَّاة فوق، وكسر اللام، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، و (ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ): هو بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة.

    قوله: (وَغَيْرُهُ): في هامش أصلنا: (هو ابن لَهيعة، قاله أبو ذرٍّ)، انتهى، وفي «تذهيب الذَّهَبيِّ» _والظاهر أنَّه في أصله؛ لأنَّه لم يميِّزه، نقلتُ في ترجمة عبد الله بن لَهيعة_ ما لفظه: (روى له مسلمٌ مقرونًا بعمرو بن الحارث، وفي «البُخاريِّ» و «النَّسائيِّ» له أحاديثُ مقرونًا فيها بثقة، ولم يصرِّحَا باسمه، ففي بعضها: ابن وهب عن حيوة بن شريح، وفي بعضها: عن عمرو بن الحارث ورجلٍ آخَرَ)، انتهى.

    و (أَبُو الأَسْوَد): هو مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نوفل، يتيم عروة، تَقَدَّمَ.

    [ج 2 ص 851]

    قوله: (يُسْتَفْتَوْنَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (فَيُفْتُونَ): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ [1]): هو بفتح الأولى، وضمِّ الثانية، ويجوز العكسُ، والضبطُ الأوَّل أحسنُ.

    قوله: (ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو): (إنَّ): بكسر همزتها؛ لأنَّها ابتدائيَّةٌ.

    قوله: (فَقَالَتْ: يَا بْنَ أُخْتِي): تَقَدَّمَ أنَّ عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام أمُّه أسماءُ بنت أبي بكر، وأنَّه ابن أخت عائشةَ لأبيها، أمُّ أسماء ليست بأمِّ رُومان، وقد قدَّمتُ الاختلافَ في اسم أمِّها: أنَّها قَيلة أو قُتَيلة.

    ==========

    [1] كذا في (أ) وهامش (ق) بالحمرة، وهي رواية ابن عساكر، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ)؛ على العكس.

    (1/12964)

    [حديث: يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم]

    7308# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رَوَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبُه، و (أَبُو حَمْزَةَ) بعده: هو بالحاء والزاي، قال الدِّمْيَاطيُّ: (مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ المروزيُّ)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنَّه إنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، لا أنَّه يبيع السُّكَّرَ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة.

    قوله: (صِفِّينَ): تَقَدَّمَ ضبطها، وأين هي، وأنَّها يُقال لها: صِفُّون.

    قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها نطقًا وكتابةً في أوائل هذا التعليق؛ فانظره، وسأذكره في أواخره أيضًا إن شاء الله تعالى.

    قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (أَبُو وَائِلٍ).

    قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُنِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ التاء؛ أي: رأيتُ نفسي، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.

    قوله: (يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ): يعني: يوم صلح الحديبية، وتَقَدَّمَ الكلام على (أبي جندل)، وهو ابن سهيل بن عمرو العامريُّ، وذكرت أنَّ اسمه العاصي، وأنَّه تُوُفِّيَ في خلافة عمر، رضي الله عنهما، وأبوه كذلك وفاتُه.

    قوله: (يُفْظِعُنَا): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الظاء المُعْجَمَة المشالة، وتَقَدَّمَ أنَّ (الأمر الفظيع): هو الشاقُّ الشديدُ.

    قوله: (وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه شقيق بن سلمة.

    قوله: (شَهِدْتُ صِفِّينَ، وَبِئْسَتْ صِفُّونَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى هذه اللغة فيها؛ وهي: (صِفُّون).

    ==========

    [ج 2 ص 852]

    (1/12965)

    [باب ما كان النبي يسأل مما لم ينزل عليه الوحي]

    قوله: (يُسْأَلُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (مِمَّا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِ الْوَحْيُ): (يُنزَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ أيضًا، و (الوحيُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا قوله بعده: (حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ).

    قوله: (سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سُئِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ قائمٌ مَقامَ الفاعلِ.

    (1/12966)

    [حديث: مرضت فجاءني رسول الله يعودني وأبو بكر ... ]

    7309# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (ابن المَدينيِّ عليِّ بن عبد الله): هو ابن عُيَيْنَة، و (ابْن الْمُنْكَدِر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن المنكدر.

    قوله: (وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ): (أُغمِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عليَّ): جارٌّ ومجرورٌ.

    قوله: (ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَيَّ): (الوَضوء) هنا: الماءُ، وهو بالفتح، ويجوزُ ضمُّه، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه ابن عُيَيْنَة.

    قوله: (حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ): تَقَدَّمَ في هذا «الصحيح» في (سورة النساء): (فنزلت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11])، وقد قَدَّمْتُ هناك كلام الدِّمْيَاطيِّ، وأنَّه غلطٌ من ابن جُرَيجٍ، وَهِمَ في الحديث، وأنَّ الذي نزل في جابر الآيةُ الأخيرةُ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]، كذلك رواه شعبة، والثَّوريُّ، وابن عُيَيْنَة، عن مُحَمَّد بن المنكدر، ويؤيِّدُه ما ورد في بعض الطرق قول جابر: (يا رسول الله؛ إنَّما يرثني كلالة ... ) إلى آخر كلامه؛ فانظره في (سورة النساء).

    (1/12967)

    [باب تعليم النبي أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ... ]

    قوله: (بَابُ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ): (أمَّتَه): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (تعليم).

    ==========

    [ج 2 ص 852]

    (1/12968)

    [حديث: ما منكن امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثةً]

    7310# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن الأَصْبَهَانِيِّ): تَقَدَّمَ الكلام على (أصبهان) كيف ضبطها، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيْدٍ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيُّ.

    قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ): هذه المرأة لا أعرف اسمَها، وقد تَقَدَّمَ أنَّ بعضَ حفَّاظ مِصرَ المُتَأخِّرين قال: إنَّها أسماء بنت يزيد بن السَّكَن، انتهى.

    قوله: (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأةَ أمُّ مُبَشِّر، وقيل: أمُّ سُلَيم، وقيل: أمُّ هانئ، ذكر ذلك ابن بشكوال، ذكرت ذلك في (الجنائز) وقبلها.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولِ اللهِ).

    [ج 2 ص 852]

    (1/12969)

    [باب قول النبي: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون]

    قوله: (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الطائفة من هم، وأين هم، ومعنى (ظاهرين): عالِين غالِبين.

    ==========

    [ج 2 ص 852]

    (1/12970)

    [حديث: لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله ... ]

    7311# قوله: (عَنْ إِسْمَاعِيلَ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم.

    قوله: (حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا، والجمع بينه وبين الحديث الآخَرِ: «لا تقوم الساعة وفي الأرض مَن يقول: اللهُ اللهُ».

    ==========

    [ج 2 ص 852]

    (1/12971)

    [حديث معاوية: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين]

    7312# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، و (ابْنُ وَهْبٍ) بعده: هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (حُمَيْدٌ): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ، و (مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَانَ): صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، الأميرُ عشرين سنةً، والخليفةُ مثلَها، تَقَدَّمَ مترجمًا.

    (1/12972)

    [باب قول الله تعالى: {أو يلبسكم شيعًا}]

    (1/12973)

    [حديث: هاتان أهون]

    7313# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (سفيان) بعد (ابن المَدينيِّ): هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

    ==========

    [ج 2 ص 852]

    (1/12974)

    [باب مَن شبه أصلًا معلومًا بأصل مبين قد بين الله حكمهما ... ]

    قوله: (بِأَصْلٍ مُبَيَّنٍ): هو بفتح المُثَنَّاة تحت المُشَدَّدة، وهو اسم مفعولٍ.

    قوله: (لِيُفْهِمَ السَّائِلَ): (يُفهِم): بضَمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيٌّ، و (السائلَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وفي نسخة: (ليَفْهَم)؛ بفتح أوَّله وثالثه، و (السائلُ): مَرْفُوعٌ فاعل، وهذان ظاهران.

    ==========

    [ج 2 ص 852]

    (1/12975)

    [حديث أبي هريرة: هل لك من إبل؟]

    7314# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن): هو عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الأعرابيَّ اسمُه ضمضمُ بن قتادة رضي الله عنه، وقد تَقَدَّمَت زيادةٌ فيه في الشاهد له، و (امرأته): لا أعرف اسمها، و (الولد الأسود): لا أعرف اسمه.

    قوله: (مِنْ أَوْرَقَ): تَقَدَّمَ ما (الوُرْقَة).

    قوله: (فَأَنَّى ترَى ذَلِكَ؟): هو بفتح التاء وضمِّها؛ ومعناه بالضَّمِّ: تظنُّ، وبهما ضُبِط في أصلنا.

    (1/12976)

    [حديث: فاقضوا الذي له فإن الله أحق بالوفاء]

    7315# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْر)؛ بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة: جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ): هذه المرأة لا أعرفها، وكذا أمُّها، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: تَقَدَّمَ في (الحجِّ) و (النذر عن الميت): أنَّ هذه المرأةَ عمَّةُ سنان بن عبد الله الجهنيِّ، نقلناه من «الأُسْد»، وأنَّ اسمَها غائثة، أو غاثية، انتهى، وكذا ذكرها بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين، وقد ذكرت أنا في (الصوم) هذه المرأةَ.

    (1/12977)

    [باب ما جاء في اجتهاد القضاة بما أنزل الله تعالى ... ]

    (بَابُ مَا جَاءَ فِي اجْتِهَادِ الْقُضَاةِ) ... إلى (كِتَاب التَّوحِيْدِ)

    قوله: (وَمَدْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ): (مَدْح): مصدرٌ بفتح الميم، وإسكان الدال، وهو مجرورٌ بالعطف، و (صاحبَ): مَنْصُوبٌ مفعول المصدر، كذا هو مضبوطٌ في أصلنا، والذي أحفظه: (مَدَحَ): فعلٌ ماضٍ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، و (صاحبَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وهذا هو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ [1].

    قوله: (مِنْ قِبَلِهِ): هو بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (من قِيْله)؛ بكسر القاف، وإسكان المُثَنَّاة تحت؛ أي: قوله، وعليها علامة راويها.

    قوله: (وَمُشَاوَرَةِ الْخُلَفَاءِ): (مشاورةِ): بالجرِّ، معطوف على (مدحِ)، و (الخلفاءِ): مجرورٌ مضافٌ.

    قوله: (وَسُؤَالِهِمْ أَهْلَ الْعِلْمِ): (أهلَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (سؤال).

    ==========

    [1] وكذا في «اليونينيَّة».

    [ج 2 ص 853]

    (1/12978)

    [حديث: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته ... ]

    7316# قوله: (عَنْ إِسْمَاعِيلَ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

    قوله: (لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (كتاب العلم) وغيرِه.

    قوله: (رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا): تَقَدَّمَ أنَّ (رجلًا) يُعرَب بالرفع والنصب والجرِّ.

    قوله: (حِكْمَةً): تَقَدَّمَ الكلام على (الحكمة) في هذا الحديث في (كتاب العلم).

    (1/12979)

    [حديث المغيرة: فيه غرة عبد أو أمة]

    7317# 7318# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا [1] أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: قال الجَيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الحجِّ)، و (الشهادات)، و «تفسير {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}»، و {تَبَّتْ}، وفي (الطلاق)، و (الأطعمة)، و (الأدب)، و (الدعاء)، و (التعبير)، و (التوحيد): (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أبو مُعَاوِيَةَ)، ثُمَّ ذكر تتمَّة كلامه، وقد ذكرته برُمَّته في (غزوة أُحُد)، والحاصل: أنَّ المكان الذي في (غزوة أُحُد) ومكانًا آخَرَ في (الخصومات) وهذا المكانَ لم يذكرها الجَيَّانيُّ، والظاهر أنَّه لو ظفر بها؛ لقال فيها كما قال في الأبواب التي عدَّدَها.

    و (أبو معاوية): هو مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، الضرير، و (هشام): هو ابن عروة بن الزُّبَير.

    قوله: (عَنْ إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الإملاص).

    قوله: (يُضْرَبُ بَطْنُهَا): (يُضرَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بطنُها): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    قوله: (فِيهِ غُرَّةٌ؛ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا.

    قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ): فقوله: (عن عروة عن المغيرة): هو في نسخة، والضمير في (تابعه) يعود على هشام بن عروة، و (ابن أبي الزناد)؛ بالنون: عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن ذكوان، مولى قريش، أبو مُحَمَّد المدنيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا، عَلَّقَ له البُخاريُّ، وروى له مسلمٌ في المقدِّمة والأربعةُ.

    ومتابعة ابن أبي الزناد عن أبيه لم أرَها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا، والله أعلم، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: وصلها الطَّبَرانيُّ، ووقعت لي بعلوٍّ في «أمالي المحامليِّ» من روايته عن البُخاريِّ، عن الأويسيِّ، عن ابن أبي الزناد، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) _ولعلَّه بعد الإصلاح_: (أَخْبَرَنَا).

    [ج 2 ص 853]

    (1/12980)

    [باب قول النبي: «لتتبعن سنن من كان قبلكم»]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ [1] قَبْلَكُمْ»): (السَّنَن): بفتح السين، قال ابن قُرقُول: بفتح السين والنون رَوَيناه؛ أي: طريقهم، وسَنَنُ الطريق: نهجُه، وسُنَنه؛ بالضَّمِّ، وسَنُنه؛ بفتح السين، وضمِّ النون، وكأنَّ هذا جمعُ «سُنَّة»؛ وهي الطريقة، انتهى، وفي «الصحاح»: السَّنَن: الطريقة، يُقال: استقام فلانٌ على سَنَنٍ واحد، ويُقال: امض على سَنَنك وسُنَنِك؛ أي: على وجهك، وجاء من الخيل سَنَنٌ لا يُرَدُّ وجهه، وتنحَّ عن سَنَن الخيل؛ أي: عن وجهه، وعن سَنَنِ الطريق وسُنَنه وسُنُنِهِ؛ ثلاث لُغَات، انتهى.

    (1/12981)

    [حديث: لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها]

    7319# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): هو أحمد بن عبد الله بن يونس، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة ابن أبي ذِئْب، و (الْمَقْبرِيُّ): سعيدٌ، بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا): (أَخْذ) في أصلنا: بفتح الهمزة، وإسكان الخاء المُعْجَمَة، قال ابن قُرقُول: («بِإِخَذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا»: كذا ضبطه بعضهم، جمع «إخْذة»؛ مثل: كِسْرَة وكِسَر، وكذا ذكره ثعلب، ومعناه: الطُرُق والأخلاق، يُقال: ما أخذ إِخْذَه؛ بالكسر؛ أي: ما قَصَدَ قَصْدَه، وإِخْذ القوم: طريقهم وسبيلهم، وقال غيره: يُقال: جاء بنو فلان ومَن أَخَذَ إِخْذَهم وأَخْذَهم وأُخْذَهم، وقد ضبطه أكثر الرواة بفتح الهمزة، وسكون الخاء؛ أي: يسلكون سبيلَ القرون المتقدِّمة، ويفعلونَ أفعالَهم، ويتناولون من الدنيا ما تناولوا؛ وهذا كقوله: «لتسْلُكُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ»)، انتهى.

    ==========

    [ج 2 ص 853]

    (1/12982)

    [حديث: لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا بذراع]

    7320# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ، مِنَ الْيَمَنِ): فقوله: (من اليمن): قال ابن قُرقُول: كذا في أصل «البُخاريِّ»، و (من اليمن) ملحقٌ في كتاب الأصيليِّ، وفي «تاريخ البُخاريِّ»: أنَّه من صنعاء الشام، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (هو حفص بن ميسرة، سكن عسقلان، ومات سنة إحدى وثمانين ومئة، قيل: إنَّه من صنعاء الشام)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أيضًا أين صنعاء الشام، وأنَّها قريةٌ كانت بقرب الرَّبْوة من دمشق، وفي «التذهيب»: قال البُخاريُّ وغيرُه: من صنعاء الشام، وقال أبو حاتم: من صنعاء اليمن، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، قال المدائنيُّ وغيرُه: مات سنة إحدى وثمانين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومقتضى كلامه أن يكون عليه تصحيحٌ، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيُّ رضي الله عنه.

    قوله: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ): (السَّنَن): تَقَدَّمَ الكلام عليها قريبًا جدًّا.

    قوله: (الْيَهُود وَ النَّصَارَى): (اليهودِ): بالجرٍّ؛ لأنَّه بدلٌ من (مَنْ) التي [1] هي بمعنى: الذين، و (مَنْ): مجرورٌ بالإضافة، وهذا بدلٌ منه، ويجوز نصبُه بفعلٍ مُقَدَّر؛ تقديره: تعني [2]، ويجوز الرفع، ويكون خبرًا، والمبتدأ: هم، والله أعلم.

    قوله: (فمَنْ؟!): هو بفتح الميم، وإسكان النون، وهذا مَعْرُوفٌ.

    (1/12983)

    [باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة]

    (1/12984)

    [حديث: ليس من نفس تقتل ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول ... ]

    7321# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الْأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

    قوله: (إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ): تَقَدَّمَ اسمه في (الجنائز)، وأنَّه قابيل، وقيل: ابنان من بني إسرائيل.

    قوله: (كِفْلٌ مِنْهَا): أي: نصيبٌ، وقال الخليل: ضِعْفٌ، يُقال: إنَّه يُستَعمَل في الأجر والوِزر، قال الله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الحديد: 28]، وقال: {شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النساء: 85]، وقد تَقَدَّمَ.

    (1/12985)

    [باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم]

    قوله: (بَابُ مَا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ذَكَرَ): مَبْنيٌّ للفاعل، فعلٌ ماضٍ، و (النَّبيُّ) صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فاعِلُه.

    قوله: (وَحَضَّ): هو فعلٌ ماضٍ، مَبْنيٌّ للفاعل، و (حضَّ) معناه: حثَّ.

    ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب مختصرًا على عادته بغير إسناد، ثُمَّ قال: ذكر هذه الترجمة في (كتاب الاعتصام)، فساق فيها الأحاديثَ والآثارَ التي تضمَّنت ذِكْرَ ما يستحقُّ أن يُعتَصَم به ويتميَّزَ [1]؛ من بقعةٍ تُختَار للسكنى، وتُقصَد للبركة [2]، ويُعتَمَد على أهلها في أحكام المِلَّة ونوازلِ الدِّين؛ كالمدينة، وحديثُ ابن عوف أَقْعَدُ بهذا المعنى؛ فإنَّ المدينةَ عادت عليها وعلى أهلها بركةُ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حيًّا وميتًا، حتَّى كانت حركاتُه الجِبِلِّيَّةُ فضلًا عن الشرعيَّةِ تفيدها خصوصيَّةً، وتزيدها مزيَّةً؛ مثل خروجه للعوالي على الوجه الذي صارت مسافتها مَعْلَمًا من مَعالِم الصَّلاة، وكذا دارُ كثيرٍ الذي اشتهرت مبانيها في هذا الحديث فصارت مشهدًا للصلاة، وعلى الجملة؛ فإذا كانت مواطنها ومساكنها مفضَّلَةً يقتدى بها في الأحكام مواقيتَ ومشاهدَ؛ فكيف بساكِنِها وعالمها؟! وإذا كان جبلها قد تميَّز على الجبال؛ فكيف لا يتميَّز عالِمُها على العلماء في مزيَّة الكمال؟! وإذا عادت بركةُ كونِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيها على الجمادات بالسعادات؛ فكيف لا تعود بركته على أهل الديانات بالمزايا والزيادات؟! فرحمة الله على مالكٍ، لقد أنزلها منزلها، وعفا الله عمَّن كثَّر عليه في الاحتجاج بإجماعها، لقد تزيَّن بالشبهة وقنع بسماعها وإسماعها، فظهر لي من ترجمة البُخاريِّ: أنَّ الله شرح صدره لِما شرحَ له صدرَ مالكٍ من تفضيلها، وأقرَّ قاعدته في الاعتبار بإجماعها على جملتها وتفصيلها، والله أعلم، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (ويُتَيَمَّن).

    [2] في (أ): (السكنى ... البركة)، والمثبت من مصدره.

    [ج 2 ص 854]

    (1/12986)

    [حديث: إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها.]

    7322# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ.

    قوله: (عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ السَّلَمِيِّ): هو بفتح السين واللام، وقد قَدَّمْتُ أنَّها تُكسَر على لغة، نسبة إلى بني سَلِمة من الأنصار، وأنَّ ابن الصلاح قال: إنَّ كسرَ اللام لحنٌ، انتهى.

    قوله: (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلاَمِ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ أنَّ بعضَ الحُفَّاظ المصريِّين قال: إنَّ اسمَه قيسٌ.

    قوله: (فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ): تَقَدَّمَ ما (الوَعْك)، وتَقَدَّمَ ضبطه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على: (أَقِلْنِي بَيْعَتِي)، وعلى: (الْكِير)، وعلى: (وَيَنْصَعُ طِيبُهَا)، في (الحجِّ).

    (1/12987)

    [حديث عمر: والله لأقومن به في أول مقام أقومه بالمدينة]

    7323# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن زياد، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّ له ما يُنكَر، وأنَّ صاحِبَي «الصحيح» تجنَّبَا ما يُنكَر من حديثه، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

    قوله: (كُنْتُ أُقْرِئُ): هو بهمزة في آخره، من القراءة، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (فِي [1] آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا): تَقَدَّمَ أنَّ آخِرَ حَجَّة حجَّها سنةَ ثلاثٍ وعشرين.

    قوله: (أَتَاهُ رَجُلٌ): هذا الرجل لا أعرف اسمَه، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

    قوله: (إِنَّ فُلاَنًا يَقُولُ: لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؛ لَبَايَعْنَا فُلاَنًا): (بايعْنا): هو بإسكان العين، والضمير فاعل، و (فلانًا): مفعولٌ، و (فلان القائلُ المتبايِع): لا أعرفه، وأمَّا (المتبايَع) _بفتح المُثَنَّاة تحت_؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه طلحة بن عبيد الله، وقد تَقَدَّمَ من عند بعض الحُفَّاظ المعاصرين من المصريِّين: أنَّ القائلَ الزُّبَيرُ بن العَوَّام، وأنَّ المبايَعَ عليُّ بن أبي طالب.

    قوله: (لَأَقُومَنَّ الْعَشِيَّةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (العشيَّة) و (العشيَّ): من صلاة المغرب إلى العَتَمة.

    قوله: (رَعَاعَ النَّاسِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الرعاع) في (الرجم).

    قوله: (أَنْ لَا يُنْزِلُوهَا): هو بضَمِّ أوَّله، وكسر الزاي، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وكذا الثانية: (وَيُنْزِلُوهَا).

    [ج 2 ص 854]

    قوله: (فَيُطِيرُ بها كُلُّ مُطِيرٍ): (يُطير): بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، و (كلُّ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، و (مُطِير): اسمُ فاعلٍ من الرُّباعيِّ، وفي نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (فيُطَيَّرُ)؛ بضَمِّ أوَّله، وفتح الطاء، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُشَدَّدة مفتوحة، و (كلُّ): مَرْفُوعٌ، و (مُطَيَّرٍ): بضَمِّ أوَّله، وفتح الطاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت المفتوحة، وقد تَقَدَّمَ الكلام في ضبط ذلك في (الرجم).

    قوله: (فَأَمْهِلْ): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَتَخْلُصَ): هو مَنْصُوبٌ معطوفٌ على (تَقْدَمَ) المنصوب.

    قوله: (فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ): هو بضَمِّ الهمزة، وكسر الزاي، مَبْنيٌّ للمفعول وللفاعل أيضًا.

    (1/12988)

    قوله: (آيَةُ [2] الرَّجْمِ): هو مَرْفُوعٌ، اسم (كان)، سواء بنيت (أنزل) للفاعل أو المفعول، وفي أصلنا: (آية)؛ مَرْفُوعٌ ومَنْصُوبٌ، وفي النصب نظرٌ، و (آية الرجم) المشار إليها هي قوله: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتَّةَ نكالًا من الله والله عزيز حكيم)، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذه الآيةَ نُسِخَ لفظُها إجماعًا، وبَقِيَ حُكمها إجماعًا، وتَقَدَّمَ أنَّها كانت في (سورة الأحزاب)، كما رواه الإمام أحمد في «المسند»، والحاكمُ في «المستدرك».

    ==========

    [1] (في): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

    [2] في هامش (ق): («آيةُ»: مرفوعةٌ على كِلَا التَّقديرَين، فإنَّها اسم «كان»، أو قائمةٌ مَقامَ الفاعل).

    (1/12989)

    [حديث: كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط ... ]

    7324# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه [ابن] زيد، والراوي عنه سليمان بن حرب، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ سليمانَ بن حرب أو مُحَمَّدَ بن الفضل عَارم إذا أطلقا حَمَّادًا؛ فإنَّه يكون ابنَ زيد، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ أو عَفَّانُ أو حجَّاجُ بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وذكرت أنَّه كذلك إذا أطلقه هُدْبَة بن خالد، والله أعلم، وقدَّمت أيضًا غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ ابنَ سلمة لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، إنَّما أخرج له مسلمٌ والأربعةُ، والله أعلم، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد) بعده: هو ابن سيرين، أحد الأعلام.

    قوله: (وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (المِشْقُ؛ بكسر الميم: المَغْرة، وثوبٌ مُمَشَّقٌ: مصبوغ به)، انتهى، وكذا قال غيره.

    قوله: (بَخْ بَخْ): تَقَدَّمَ الكلام على (بَخْ بَخْ) ولُغَاتها.

    قوله: (فِي الْكَتَّانِ): هو بفتح الكاف، معروفٌ، وحذف الأعشى الأَلِفَ منه للضرورةِ، فقال:

    ~…هُوَ الوَاهِبُ المُسْمِعَاتِ الشُّرُّو…بَ بَيْنَ الحَرِيْرِ وَبَيْنَ الكَتَنْ

    قاله الجوهريُّ.

    قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُنِي): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ التاء؛ أي: رأيتُ نفسي، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (وَيُرَى أَنِّي مَجْنُونٌ): (يُرَى): بضَمِّ أوَّله، وفتح ثانيه؛ أي: يُظَنُّ.

    ==========

    [ج 2 ص 855]

    (1/12990)

    [حديث: سئل ابن عباس: أشهدت العيد مع النبي؟]

    7325# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثاء، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (عَبْد الرَّحْمَن بْنِ عَابِسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالموحَّدة، والسين المُهْمَلَة، وتَقَدَّمَ الفرق بينه وبين عبد الرَّحْمَن بن عَائش، الثاني ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ، إنَّما روى له التِّرْمِذيُّ، وهو شاميٌّ، اختُلِفَ في صحبته، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه مُشبَعًا؛ فانظره.

    قوله: (سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَشَهِدْتَ الْعِيدَ؟): قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: السائلُ عطاءُ بن أبي رَباح، انتهى.

    قوله: (فَأَتَى الْعَلَمَ): هو بفتح العين واللام، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا، وهو بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ مترجمًا في (العيدين).

    قوله: (يُشِرْنَ): هو بضَمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيٌّ.

    (1/12991)

    [حديث: أن النبي كان يأتي قباء ماشيًا وراكبًا]

    7326# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.

    قوله: (قُبَاءً): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه بالمدِّ والقصر، والتأنيث والتذكير، والصرف وعَدَمِه، وأنَّه على ثلاثة أميالٍ من المدينة المشرَّفة.

    ==========

    [ج 2 ص 855]

    (1/12992)

    [حديث: ادفني مع صواحبي ولا تدفني مع النبي]

    7327# 7328# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (هِشَام): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العَوَّام.

    قوله: (ادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي): يعني: مع أزواجه عليه السَّلام بالبقيع، وليست عائشةُ بدمشقَ، بل ولا دخلتها، كما ذكره الحافظ ابنُ عساكر؛ فاعلمه.

    قوله: (أَنْ أُزَكَّى): هو بضَمِّ الهمزة، وفتح الزاي، وتشديد الكاف المفتوحة أيضًا، تَقَدَّمَ في (الجنائز)؛ لئلَّا يقولَ الناس: زَكَتْ بهم، فتنجو بالدفن معهم، وشِبْه هذا من القول، وقيل: بل فعلته تواضعًا لله؛ ليرحَمَها، والله أعلم، قاله شيخُنا هناك، وقال هنا: إنَّها تركت ذلك تواضعًا؛ لئلَّا يُظَنَّ أنَّها أفضل الصَّحَابة بعد أبي بكر وعمر، رضي الله عنهم.

    قوله: (وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ [1] عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [2]): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة _وهو حَمَّاد بن أسامة كما ذكرته أعلاه_، عن هشام، عن أبيه: أنَّ [3] عمر ... ؛ فذكره، وليس تعليقًا؛ فاعلمه.

    واعلم أنَّ عروةَ بن الزُّبَير روى عن عمرَ أنَّه غرَّب، ثُمَّ لم تزل تلك السُّنَّةَ، رواه البُخاريُّ في (المحاربة) عن مالك بن إسماعيل، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن الزُّهْرِيِّ، عن عروة به موقوفًا، وليس له في «البُخاريِّ» ولا في بقيَّة الكُتُب السِّتَّة عن عمرَ غيرُه، ذكره عقيب حديث عُبَيد الله بن عبد الله عن زيد بن خالد الجهنيِّ فيمن زنى ولم يُحصَن، ولم يُدرِك عروةُ عمرَ، والذي هنا عائشةُ حدَّثَتْهُ بذلك عن عمرَ؛ فاعلمه.

    وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ عمر رضي الله عنه تُوُفِّيَ في آخر سنة ثلاثٍ وعشرين، وقدَّمت في (الرجم) أنَّ عروة بنَ الزُّبَير وُلِدَ تلك السَّنَّةَ، وقال مصعبٌ الزُّبيريُّ: وُلِدَ لستِّ سنينَ من خلافة عثمانَ، وُلِدَ سنة تسعٍ وعشرين، انتهى، وقد قال أبو زرعة وأبو حاتم: حديثه عن أبي بكرٍ وعمرَ وعليٍّ مرسلٌ، والله أعلم.

    قوله: (مَعَ صَاحِبَيَّ): هو بتشديد الياء، تثنية (صاحب)؛ يعني: النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأبي بكر، رضي الله عنهما، وصلَّى اللهُ على النَّبيِّ وسَلَّمَ.

    (1/12993)

    [حديث: أن رسول الله كان يصلي العصر فيأتي العوالي]

    7329# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ): هذا قد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أخو إسماعيلَ بنِ أبي أويسٍ، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ الإمامِ، قال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (أبو بكر عبدُ الحميد بن أبي أويسٍ عبدِ الله الأعشى، أخو إسماعيل)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنَّه وَثَّقَهُ ابنُ معين وغيرُه، ذكره أبو داود، فقدَّمه على أخيه تقديمًا شديدًا، تُوُفِّيَ سنة (202 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمةٌ في «الميزان»، ذكر فيها عن الأزديِّ: أنَّه كان يضعُ الحديثَ، وتعقَّبه الذَّهَبيُّ، فقال: وهذه زلَّةٌ قبيحةٌ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

    قوله: (فَيَأْتِي الْعَوَالِيَ ... ) إلى أن قال: (وَبُعْدُ الْعَوَالِي مِنَ المَدِينَةِ [1] أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاَثَةٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (العوالي)، والمذكور هنا أدناها، وأبعدُها على ثمانيةِ أميالٍ.

    قوله: (وَزَادَ اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ: وَبُعْدُ الْعَوَالِي) آخرَه: ما زاده الليث لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: وصلها البيهقيُّ في (كتاب الصَّلاة) من «السُّنَن الكبير»، انتهى.

    (1/12994)

    [حديث: كان الصاع على عهد النبي مدًا وثلثًا بمدكم اليوم]

    7330# قوله: (حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ): هو القاسم بن مالك المزنيُّ الكوفيُّ، أبو جعفر، عن ليث بن أبي سليم، وعاصم بن كُلَيب، والجُعَيد بن عبد الرَّحْمَن، وحُصَين بن عبد الرَّحْمَن، وغيرِهم، وعنه: أحمد، وابن معين، وابنا أبي شيبة، وآخرون، وَثَّقَهُ ابن معين وغيرُه، وقال أحمد: صدوقٌ، وقال أبو حاتم: صالحٌ، ليس بالمتين، وقال زكريَّا السَّاجيُّ: ضعيفٌ، وقد روى عنه ابن المَدينيِّ والناسُ، تُوُفِّيَ سنة نيِّفٍ وتسعين ومئة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله ترجمةٌ في «الميزان».

    و (الْجُعَيْد) _ويقال له: الجعد؛ مُكَبَّرًا ومُصَغَّرًا_: هو ابن عبد الرَّحْمَن بن أوس الكنديُّ، ويُقال: التميميُّ، وقد يُنسَب إلى جدِّه، عن السائب بن يزيد، وعائشة بنت سعادة، ويزيد بن خصيفة، وغيرِهم، وعنه: يحيى القَطَّان، وحاتم بن إسماعيل، ومكِّيُّ بن إبراهيم، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وغيرُه، قال مكِّيٌّ: سمعت منه سنة أربع عشرة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمةٌ يسيرة في «الميزان»، فيها: شذَّ الأزديُّ فقال: فيه نظرٌ، وقد صحَّح عليه في «الميزان»، فالعمل على توثيقه.

    (1/12995)

    [حديث: أن اليهود جاؤوا إلى النبي برجل وامرأة زنيا]

    7332# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أنس بن عياض.

    قوله: (بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّ الرجلَ اليهوديَّ الزانيَ لا أعرف اسمه، وأنَّ المرأةَ اليهوديَّةَ الزانيةَ سمَّاها السُّهَيليُّ: بُسْرة.

    قوله: (فَرُجِمَا): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    (1/12996)

    [حديث أنس: هذا جبل يحبنا ونحبه]

    7333# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

    قوله: (فَقَالَ: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ»): تَقَدَّمَ الكلام، وأنَّ هذه المحبَّةَ حقيقيَّةٌ؛ إذ لا مانعَ منها، وقدَّمْتُ ما ذُكِر غير ذلك فيه.

    قوله: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ): تَقَدَّمَ الجمع بين هذا وبين قوله: «إنَّ الله حرَّم مكَّةَ يوم خلق السماواتِ والأرضَ»، والله أعلم.

    قوله: (لَابَتَيْهَا): تَقَدَّمَ الكلام على (اللَّابَتَين)، وأنَّ (اللَّابة): الحَرَّة، وأنَّ (الحَرَّة): أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ.

    قوله: (تَابَعَهُ سَهْلٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): الضمير في (تابعه) يعود على أنس بن مالك، وقد يُسمَّى هذا أيضًا: شاهدًا، ومتابعةُ سهلٍ ذكرها البُخاريُّ في (الزكاة)، فقال: وقال سليمان _يعني: ابن بلال_ عن سعيد بن سعيد، عن عمارة بن غزيَّة، عن عَبَّاس بن سهل، عن سهل _يعني: ابن سعد الساعديَّ_ به، والله اعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 856]

    (1/12997)

    [حديث: أنه كان بين جدار المسجد مما يلي القبلة وبين المنبر ... ]

    7334# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد الحافظُ، و (أَبُو غَسَّانَ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن مُطرِّف، وأنَّ (غسَّانَ) يُصرَف ولا يُصرَف، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار، و (سَهْل): هو ابن سعد الساعديُّ، صحابيٌّ مشهورٌ، رضي الله عنه.

    ==========

    [ج 2 ص 856]

    (1/12998)

    [حديث: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري ... ]

    7335# قوله: (عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة.

    قوله: (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية مع الرواية الأُخرى: (ما بين قبري ومِنبري)، وقدَّمْتُ في (الصَّلاة) وغيرِها: أنَّ ذَرْعَ ما بين المِنبر والقبر الشريف ثلاثٌ وخمسون ذراعًا وشبرٌ، وأنَّ ذَرْعَ ما بين المِنبر ومَقامِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في الصَّلاة الذي يصلِّي فيه حتَّى تُوُفِّيَ أربعةَ عشرَ ذراعًا وشبرٌ، والله أعلم، وقدَّمتُ أنَّ تلك البقعةَ المشرَّفَةَ تُنقَل للجنَّة على الصحيح.

    (1/12999)

    [حديث: سابق النبي بين الخيل فأرسلت ... ]

    7336# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أسماء.

    قوله: (فَأُرْسِلَتِ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (الَّتِي ضُمِّرَتْ): هو بضَمِّ الضاد المُعْجَمَة، وتشديد الميم المكسورة، مَبْنيٌّ أيضًا لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ ما (التضمير).

    قوله: (وَأَمَدُهَا): هو بفتح الميم، و (الأَمَد): الغاية.

    قوله: (الْحَفْيَاء): تَقَدَّمَ ضبطها.

    قوله: (وَالَّتِي لم تُضَمَّرْ): هو بضَمِّ أوَّله، وتشديد الميم المفتوحة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بتقديم الزاي المضمومة على الراء المفتوحة، و (بنو زُرَيق): طائفةٌ من الأنصار.

    ==========

    [ج 2 ص 856]

    (1/13000)

    [حديث: سمعت عمر على منبر النبي صلى الله عليه وسلم]

    7337# قوله: (حَدَّثَنِي [1] إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [2] عِيسَى، وَابْنُ إِدْرِيسَ، وَابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ): (إسحاق) هذا: قال الجَيَّانيُّ: قال البُخاريُّ في (الاعتصام): (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أخبرنا عِيسَى، وابن إِدْرِيسَ، وابن أبي غَنِيَّةَ، عن أبي حَيَّانَ، عن الشَّعْبِيِّ ... ) إلى آخره، نسبه أبو نصر: إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ، ولم أجده منسوبًا لأحد من شيوخنا رواةِ «الكتاب»، انتهى.

    وقال الدِّمْيَاطيُّ تجاه (ابن إدريس): (عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرَّحْمَن، أبو مُحَمَّد الأوديُّ الكوفيُّ، اتَّفقا عليه، وابن أبي غَنِيَّة _يعني: بالغين المُعْجَمَة المفتوحة، وكسر النون، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت مُشَدَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ_: يحيى بن عبد الملك بن حُمَيد بن أبي غَنِيَّة الكوفيُّ، وأصله من أصبهان، تحوَّل عنها حين فتحها أبو موسى، اتَّفقا عليه، وأبو حَيَّان _يعني: بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُثَنَّاة تحت، قال الدِّمْيَاطيُّ_: يحيى بن سعيد بن حَيَّان التيميُّ، كوفيٌّ، اتَّفقا عليه)، انتهى، والله أعلم، و (عيسى) هذا المذكور هنا: هو ابن يونس، وقد أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس وعبد الله بن إدريس، عن أبي حَيَّان، عن الشَّعْبيِّ _وقد تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل_ به.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وحدَّثني)؛ بزيادة واو؛ وذلك أنَّ ثَمَّةَ سندًا سابقًا ليس في رواية أبي ذرٍّ، وهذا معطوفٌ عليه تحويلًا، على أنَّ رواية أبي ذرٍّ هنا: (حدَّثَنا).

    [2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَخْبَرَنَا).

    [ج 2 ص 856]

    (1/13001)

    [حديث: خطبنا عثمان بن عفان على منبر النبي]

    7338# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه الحكم بن نافع الحافظ، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

    ==========

    [ج 2 ص 856]

    (1/13002)

    [حديث: كان يوضع لي ولرسول الله هذا المركن فنشرع فيه جميعًا]

    7339# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (عَبْدُ الأَعْلَى) بعده: هو ابن عبد الأعلى الساميُّ؛ بالسين المُهْمَلَة.

    قوله: (هَذَا الْمِرْكَنُ): تَقَدَّمَ ضبط (المِرْكن)، وما هو.

    ==========

    [ج 2 ص 856]

    (1/13003)

    [حديث: حالف النبي بين الأنصار وقريش]

    7340# 7341# قوله: (حَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ في دَارِي الَّتِي بِالْمَدِينَةِ): (حالف): بالحاء المُهْمَلَة؛ أي: آخى، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الإخاءَ بين المهاجرين والأنصار لمَّا قدموا المدينةَ كانوا مئةً؛ خمسون من كلِّ صنف، ويُقال: تسعون؛ خمسةٌ وأربعون من كلِّ صِنفٍ، وقدَّمْتُ إنكارَ أبي العَبَّاس ابن تميمة المؤاخاةَ التي كانت بمكَّة بين المهاجرين بعضِهم في بعضٍ، والله أعلم.

    قوله: (مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ السين، وفتح اللام، وأنَّهم هم الذين أصابوا أصحابَ بئر معونة، وقد تَقَدَّمَ كم كان أصحابُ بئر معونة من الصَّحَابة، ومتى كانت الوقعة، ومَن سَلِم منهم.

    ==========

    [ج 2 ص 856]

    (1/13004)

    [حديث: انطلق إلى المنزل فأسقيك في قدح شرب فيه رسول الله]

    7342# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبُو كُرَيْبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن العلاء، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ): بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه الحارث أو عامرٌ، القاضي، ابن أبي موسى الأشعريِّ عبدِ الله بن قيس، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ، وأنَّه بتخفيف اللام.

    [ج 2 ص 856]

    قوله: (فَأَسْقِيَكَ): هو بالنصب، جواب الأمر، ونصبُه ظاهرٌ.

    قوله: (فَسَقَانِي): وفي نسخة: (فأسقاني [2])، وهما لغتان في القرآن، وقيل: بينهما فرقٌ.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

    [2] في (أ): (فأسقياني)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    (1/13005)

    [حديث: أتاني الليلة آت من ربي وهو بالعقيق أن صل في هذا الوادي]

    7343# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): هو بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله.

    قوله: (أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي): هذا الآتي لا أعرف اسمَه، والظاهر أنَّه جبريلُ.

    قوله: (وَهْوَ بِالْعَقِيقِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (العقيق)، وأنَّه ببطن وادي ذي الحُلَيفة المُهَلِّ.

    قوله: (وَقُلْ: عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ): هما مرفوعان منوَّنان، ويجوز منصوبان منوَّنان، وبهما ضُبِطَ في أصلنا.

    قوله: (وَقَالَ هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هذا هو أبو الحسن الخزَّاز، عن قرَّة بن خالد، وعليِّ بن المبارك، وهمَّام بن يحيى، وجماعةٍ، وعنه: إسحاقُ الكوسجُ، وحجَّاج بن الشاعر، وعبد بن حُمَيد، وآخرون، قال أبو حاتم: محلُّه الصِّدقُ، وكان تاجرًا عنده كتابٌ عن عليِّ بن المبارك، وقال أبو داود: لا بأسَ به، قيل: تُوُفِّيَ [سنة] ستٍّ ومئتين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقوله: (وقال هارون): هو تعليقٌ مجزومٌ به، فهو صحيحٌ إلى مَن علَّقه عنه، وهذا كذا إلى آخره.

    (1/13006)

    [حديث: وقت النبي قرنًا لأهل نجد]

    7344# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ الحافظ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بين هذا وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق.

    قوله: (قَرْنًا لأَهْلِ نَجْدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (قرن)، وما وقع [1] للجوهريِّ صاحب «الصحاح» فيها، وكذا (الجُحْفَةَ)، وكذا (ذُو الحُلَيْفَةَ)، وكذا (يَلَمْلَمُ) بِلُغَاتِها.

    قوله: (فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ): يعني: أنَّها ما كانت فُتِحَت بعدُ، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (أ): (قع)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [ج 2 ص 857]

    (1/13007)

    [حديث: أري النبي وهو في معرسه فقيل له إنك ببطحاء مباركة]

    7345# قوله: (حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ): هذا هو الفُضَيل بن سليمان النُّمَيريُّ، عن أبي مالك الأشجعيِّ، ومنصور ابن صفيَّة، وخلقٍ، وعنه: الفلَّاس، وخليفةُ، وخلقٌ، قال عَبَّاسٌ عن ابن معين: ليس بثقةٍ، وقال أبو زرعة: ليِّنٌ، وقال أبو حاتم: ليس بالقويِّ، تُوُفِّيَ سنة (180 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، حديثُه في الكُتُب السِّتَّة، وهو صدوقٌ، ساق له ابنُ عديٍّ أحاديثَ فيها غرابةٌ.

    قوله: (أُرِيَ): هو بضَمِّ الهمزة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (فِي مُعَرَّسِهِ): هو مكان التعريس، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (التعريس).

    (1/13008)

    [باب قول الله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء}]

    قوله: (بَابُ [1]: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]): ساق ابن المُنَيِّر حديثَ الأصل على عادته، ثُمَّ قال: أدخل البُخاريُّ هذه الترجمةَ في «كتاب الاعتصام بالسُّنَّة»؛ لتحقيق أنَّ الاعتصامَ في الحقيقة إنَّما هو بالله، وأنَّ الاعتصامَ بالرَّسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إنَّما وجب؛ لأنَّه اعتصامٌ بالله، لا بذات الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ إذ الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم معتصمٌ بأمر الله، ليس له من الأمرِ شيءٌ إلَّا التبليغَ، والتبليغُ أيضًا من فضل الله وعونه، {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53]، انتهى.

    (1/13009)

    [حديث: اللهم ربنا ولك الحمد في الأخيرة]

    7346# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو أحمد بن مُحَمَّد بن موسى المروزيُّ، يكنى أبا العَبَّاس، ويُلَقَّب مردويه، قاله أبو عبد الله النيسابوريُّ، وقال الدَّارَقُطْنيُّ: هو أحمد بن مُحَمَّد، يعرف بابن شبُّويه، قاله الجَيَّانيُّ، انتهى، وقد نقل القولَين الذَّهَبيُّ، ولكن لم يرقُم على ابن شبُّويه (خ)، وإنَّما رَقَمَ عليه (د)؛ تبعًا لشيخه المِزِّيِّ، فالظاهر أنَّ عند المِزِّيِّ والذَّهَبيِّ أنَّه [1] مردويه، والله أعلم، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (اللَّهُمَّ؛ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا): تَقَدَّمَ الكلام على الذين لعنهم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ويجتمع منهم أربعةٌ في غزوة أُحُد، وأنَّهم أسلموا وصَحِبوا رضي الله عنهم؛ فانظرهم.

    ==========

    [1] زيد في (أ): (ابن)، ولعلَّ حذفَها هو الصواب.

    [ج 2 ص 857]

    (1/13010)

    [باب قوله تعالى: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا}]

    قوله: (بَاب قَوْلِهِ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: أدخل الجدالَ المذمومَ في الآية في (كتاب الاعتصام)؛ ليُنَبِّه على أنَّ المذمومَ منه ضدُّ الاعتصام، فيجب تركه، والمحمودَ منه معدودٌ من الاعتصام، ومثَّل الأوَّلَ بالآية الأولى _يعني: قولَه تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} _ والثانيَ بالثانية؛ يعني: قولَه تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46]، انتهى.

    ==========

    [ج 2 ص 857]

    (1/13011)

    [حديث علي: ألا تصلون؟]

    7347# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق، وسأذكر في أواخره إن شاء الله تعالى وقدَّرَه.

    قوله: (وَحَدَّثَنِي [1] مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق مُطَوَّلًا، والصحيح: أنَّه بالتخفيف، وقد ذكرت هناك ما يفصل النزاعَ، و (عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ): (عَتَّاب): بفتح العين المُهْمَلَة، وتشديد المُثَنَّاة فوق، وفي آخره مُوَحَّدة، و (بَشِير): بفتح المُوَحَّدة، وكسر الشين المُعْجَمَة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عَتَّابُ بن بَشِير مولى بني أُمَيَّة، وإسحاق بن راشد مولى بني أُمَيَّة أيضًا، انفرد البُخاريُّ بهما)، انتهى، ولإسحاقَ بنِ راشد ترجمةٌ في «الميزان»، وقد صحَّحَ عليه، ولابن بَشِير ترجمةٌ فيه أيضًا، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ): هو زين العابدين، و (الحُسَيْن بْن عَلِيٍّ): والده رضي الله عنه، و (عَلِيُّ بْن أَبِي طَالِبٍ) رضي الله عنه: جدُّه.

    قوله: (طَرَقَهُ): أي: أتاه ليلًا، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (أَنْ يَبْعَثَنَا؛ بَعَثَنَا): أي: أن يُوقظنا؛ أيقظنا.

    ==========

    [1] في «اليونينيَّة»: (حدَّثني)؛ بلا واو، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

    [ج 2 ص 857]

    (1/13012)

    [حديث: اعلموا أنما الأرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم]

    7348# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام الجَوَاد، أحد الأعلام، و (سَعِيد): هو ابن أبي سعيد المقبريُّ، واسمُ أبي سعيد كيسانُ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (إلى يَهُودَ): هو بفتح الدال، لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث.

    قوله: (بَيْتَ الْمِدْرَاسِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الميم، وإسكان الدال: البيت الذي يَقرأ فيه أهلُ الكتاب كتابَهم، وقدَّمتُ أنَّ (مِفعالًا) غريبٌ في المكان.

    [ج 2 ص 857]

    قوله: (وَأَنِّي أُرِيدُ): (أنِّي)؛ بفتح الهمزة؛ لأنَّه معطوفٌ على (أنَّما).

    قوله: (أُجْلِيَكُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: أُخرِجكم من البلدة، و (الجلاء): الخروج من البلد، وقد جَلَوا عن أوطانهم، وجَلَوتُهم أنا، يتعدَّى ولا يتعدَّى، ويُقال أيضًا: أَجْلَوا عن البلد، وأَجْلَيتُهم أنا؛ كلاهما بالألف.

    (1/13013)

    [باب قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا}]

    (1/13014)

    [حديث: يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟]

    7349# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان الكاهليُّ، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيُّ.

    قوله: (فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ): (تُسأَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أمَّتُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ: أَخْبَرَنَا [2] الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ [3]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، وليس تعليقًا، وقد روى هذا الحديثَ إسحاقُ بن منصور _شيخُ البُخاريِّ في هذا الحديثِ_[4] عن أبي أسامة وجعفرِ بن عون؛ كلاهما عن الأعمشِ به؛ فاعلمه.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

    [2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (حَدَّثَنَا).

    [3] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (الْخُدْرِيِّ).

    [4] زيد في (أ) مستدركًا: (هذا الحديث)، وفيه تكرار.

    [ج 2 ص 858]

    (1/13015)

    [باب: إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ ... ]

    قوله: (بَابٌ: إذا اجْتَهَدَ الْعَامِلُ [1] أَوِ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ خِلَافَ الرَّسُولِ من غَيْرِ عِلْمٍ؛ فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (صوابه: فأخطأ بخلاف)، انتهى، والذي ظهر لي أنَّه كلامٌ صحيحٌ أيضًا، والمراد: أنَّ العالمَ أو الحاكمَ إذا أفتى أو حكم في مسألةٍ، ثُمَّ تبيَّن له أنَّه خلافُ السُّنَّة؛ فإنَّه يجب عليه الرجوع إلى السُّنَّة؛ لأنَّها المحكمة، والذي قاله الدِّمْيَاطيُّ ينتقل إلى معنًى آخَرَ ومسألةٍ أخرى غيرِ هذه، والله أعلم.

    (1/13016)

    [حديث: لا تفعلوا ولكن مثلًا بمثل أو بيعوا هذا]

    7350# 7351# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وتَقَدَّمَ أنَّ (أَخَاهَ): عبدُ الحميد بن أبي أويسٍ، وأنَّهما ابنا أختِ مالكٍ الإمامِ، وكنيةُ عبدِ الحميد أبو بكر، وقدَّمتُ بعضَ ترجمته، وأنَّه لا عبرةَ بما قاله الأزديُّ فيه، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُلَيْمَانَ): هو ابن بلال، و (سَعِيْد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَ والد سعيد لا يُقال إلَّا بالفتح، و (أَبُو سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيُّ.

    قوله: (بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الأَنْصَارِيَّ، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّمَ في (البيوع) أنَّ المبعوثَ هنا: هو سواد بن غزيَّة بن وهب البلويُّ، حليف بني عديِّ بن النَّجَّار، وهو المراد هنا، وقد ذكروا قولَين في المبعوثِ إلى خيبر؛ هل هو سوادٌ هذا، أو مالكُ بن صعصعة الخزرجيُّ؟ ذكرهما الخطيبُ البغداديُّ، وجزم ابنُ بشكوال بالأوَّل، وإنَّما يأتي القولان في قوله: (استعمل على خيبر رجلًا من الأنصار)، وأمَّا هنا؛ فصرَّح بأنَّه أخو بني عديٍّ، فتعيَّن أنَّه سوادٌ، وقد تَقَدَّمَ ذلك أيضًا في (غزوة خيبر)، والله أعلم.

    قوله: (فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم، وكسر النون، وأنَّه الطَّيِّبُ.

    قوله: (الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الصاع)، وكم مقداره، والاختلاف فيه، وأنَّ الأصحَّ أنَّه زنةُ ستِّ مئةٍ وخمسةٍ وثمانين درهمًا وخمسةِ أسباعِ درهمٍ، والله أعلم.

    قوله: (مِنَ الْجَمْعِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه كلُّ ما لا يُعرَف له اسمٌ من التمر، وفسَّره في «مسلم»: (الخلط من التمر)؛ أي: المختلط، وحكى المطرِّز: أنَّ الجَمْع: نخلُ الدَّقَلِ.

    (1/13017)

    [باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ]

    قوله: (بَابُ أَجْرِ الْحَاكِمِ إِذَا أَصَابَ [1] أَوْ أَخْطَأَ): ذكر في الباب حديثَ عمرو بن العاصي: «إذا حكم الحاكمُ فاجتهد، ثُمَّ أصاب ... » إلى آخره، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم»: قال العلماء: أجمع المسلمون على أنَّ هذا الحديثَ في حاكمٍ عالِمٍ أهلٍ للحُكم، فإن أصاب؛ فله أجران؛ أجرٌ باجتهاده، وأجرٌ بإصابته، وإن أخطأ؛ فله أجرٌ باجتهاده، وفي الحديث محذوف؛ تقديره: إذا أراد الحكمَ فاجتهدَ، قالوا: فأمَّا مَن ليس بأهْلٍ للحُكم؛ فلا يحلُّ له الحكمُ، فإن حكم؛ فلا أجرَ له، بل هو آثمٌ، ولا ينفذ حُكمه، سواء وافق الحقَّ أم لا؛ لأنَّ إصابتَه اتِّفاقيَّةٌ ليست صادرةً عن أصلٍ شرعيٍّ، فهو عاصٍ في جميع أحكامه، سواء وافق الصوابَ أم لا، وهي مردودةٌ كلُّها، ولا يُعذَر في شيءٍ من ذلك، وقد جاء في الحديث في «السنن»: «القضاة ثلاثةٌ: قاضٍ في الجنَّة، واثنان في النار، قاضٍ عرف الحقَّ فقضى به؛ فهو في الجنَّة، وقاضٍ عرف الحقَّ فقضى بخلافه؛ فهو في النار، وقاضٍ قضى على جهلٍ؛ فهو في النار»، وقد اختلف العلماء في أنَّ كلَّ مجتهدٍ مصيبٌ، أم المصيب واحدٌ _وهو مَن وافقَ الحكمَ الذي عند الله تعالى_ والآخر مخطِئٌ لا إثمَ عليه لعذره؟ والأصحُّ عند الشَّافِعيِّ وأصحابِه: أنَّ المصيبَ واحدٌ، وقد احتجَّت الطائفتان بهذا الحديث، والله أعلم، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (إذا اجتهد فأصاب).

    [ج 2 ص 858]

    (1/13018)

    [حديث: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران]

    7352# قوله: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (حَيْوة) بفتح الحاء المُهْمَلَة، وسكون المُثَنَّاة تحت، و (شُريح): بالشين المُعْجَمَة، والحاء المُهْمَلَة، وتَقَدَّمَ أنَّه التُّجِيبيُّ، لا الحضرميُّ، الحضرميُّ من شيوخ البُخاريِّ، وليس من هذه الطبقة؛ أعني: طبقة التُّجِيبيِّ، و (يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ أَسَامَةَ [1] بْنِ الْهَادِ): بإثبات الياء على الصحيح، كما قدَّمتُه مرارًا، وقد نُسِبَ إلى جدِّه الأعلى، وقد تَقَدَّمَ، و (بُسْر بْن سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وبالسين المُهْمَلَة.

    و (أَبُو قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ العَاصِي): في (الكنى) من «التذهيب» من كلام ابن يونس: اسمه عبد الرَّحْمَن بن ثابت، وأمَّا في «الكنى» التي اختصرها من «كنى الحاكم»؛ فلم يذكر له اسمًا، ولا في «كاشفه»، وبخطِّ بعض علماء الحنفيَّة من أصحابنا: (اسمه سعدٌ)، ولم يعزه لأحدٍ، لكنَّ غالبَ ما يذكره في حواشيه من كلام الحافظ الدِّمْيَاطيِّ، ولكن لم يعزُهُ له هنا، وقال شيخنا في «شرحه»: اسمه سعدٌ، كما قاله مسلمٌ، فظهر لي أنَّ الاثنين أخذاه من كلام الدِّمْيَاطيِّ؛ لأنَّ شيخَنا أيضًا ينقل حواشيَه أو غالِبَها في «شرحه» ولا يعزوها إليه، والله أعلم، و (أبو قيس) هذا: يروي عن مولاه عمرو بن العاصي، وأمِّ سلمة، وغيرِهما، وعنه: ابنه عروة، وعُلَيُّ بن رَباح، وبُسْر بن سعيد، ويزيد بن أبي حَبِيب، وغيرُهم، قال ابن يونس: يقال: إنَّه رأى أبا بكر الصِّدِّيقَ، وكان أحدَ فقهاء الموالي، شهد فتح مصر، ومات سنة (54 هـ)، فيما قاله ابن لَهيعة، قال الذَّهَبيُّ: فرواية يزيد عنه منقطعةٌ، انتهى، أخرج له الجماعة.

    قوله: (مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ): كذا في أصلنا بغير ياء في الموضِعَين، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ياء (العاصي) مُطَوَّلًا، وقد قال الشيخُ محيي الدين: (إنَّ الصحيحَ إثباتُ الياء فيه، وفي «ابن الهادي»، و «ابن أبي الموالي»، و «ابن اليماني»)، والله أعلم.

    [ج 2 ص 858]

    (1/13019)

    قوله: (قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ ابْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ): قائل ذلك هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي؛ فاعلمه، وحديث أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرِو بن حَزْمٍ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرة أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الأحكام) عن حسين بن مهديٍّ، والنَّسائيُّ في (القضاء) عن إسحاق بن منصور؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن سفيان الثَّوريِّ، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر به، قال التِّرْمِذيُّ: حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه، لا نعرفه من حديث الثَّوريِّ إلَّا من حديث عبد الرَّزَّاق عن مَعْمَر، انتهى، وحديث عمرو بن العاصي في ذلك أخرجه البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

    قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا سلمة) هذا: عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ): أمَّا (عبد العزيز بن المُطَّلِب)؛ فهو ابن عبد الله بن حنطب، القرشيُّ المخزوميُّ، قاضي مكَّة، وقيل: قاضي المدينة، عن أبيه، وصفوان بن سُلَيم، وموسى بن عقبة، وسهيل بن أبي صالح، وجماعةٍ، وعنه: معن بن عيسى، وابن أبي فُدَيك، وأبو عامر العَقَديُّ، وإسماعيل بن أبي أويس، وآخرون، قال ابن معين وأبو حاتم: صالحُ الحديث، ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، وقال: مات في ولاية أبي جعفر، والله أعلم، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وروى له مسلمٌ في الشواهد لا الأصول، والتِّرْمِذيُّ، وابن ماجه، له ترجمةٌ في «الميزان».

    (1/13020)

    و (عبد اللَّهِ بن أبي بَكْر): هو ابن مُحَمَّد بن عمرو بن حزم الأنصاريُّ المدنيُّ، أبو مُحَمَّد، ويُقال: أبو بكر، عن أنس، وعبَّاد بن تميم، وطائفةٍ، وعنه: الزُّهْرِيُّ وهو من أقرانِه وشيوخِه، وهشام بن عروة، وابن جُرَيجٍ، والسفيانان، وآخرون، قال مالكٌ: كان رجلَ صِدْقٍ، وقال أحمدُ: حديثُه عن أبيه شفاءٌ، وقال النَّسائيُّ: ثقةٌ ثبتٌ، وقال ابن سعد: كان ثقةً كثيرَ العِلم عالمًا، تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وثلاثين، ويُقال: سنة ثلاثين ومئة، وهو ابن سبعين سنةً، وليس له عَقِبٌ، أخرج له الجماعةُ، وتعليقه هذا لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله تعالى.

    و (أبو سلمة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وقوله: (عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)؛ يعني مرسلًا؛ لأنَّ أبا سلمة تابعيٌّ، والحاصل: أنَّ حديثَ أبي هريرة هنا [جاء] متَّصلًا من الطريق الأولى، ومن الطريق الثانية المعلَّقة مرسلًا، والله أعلم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الحديثَ إذا رُوِيَ مرسلًا ورُوِيَ متَّصلًا، وكلاهما من رواية الثقات، أو مرفوعًا وموقوفًا، كلاهما من رواية الثقات؛ أنَّ العبرة بمَن وصل أو رفع على الصحيح، وفي المسألةِ ثلاثةُ أقوالٍ أخرى ذكرتها فيما مضى.

    ==========

    [1] (بن أسامة): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

    (1/13021)

    [باب الحجة على من قال: إن أحكام النبي كانت ظاهرة]

    قوله: (بَابُ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ظَاهِرَةً): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب بلا إسناد، ثُمَّ قال: ردَّ بهذه الترجمةِ وما معها قولَ مَن زعمَ أنَّ التواتر شرطُ قَبول الخبر، وحقَّق بما ذكره [1] قبولَ خبر الآحاد، وأدخله في (الاعتصام)؛ لأنَّ التمسُّكَ به واجبٌ، والله تعالى أعلم، وقال شيخُنا: هذا البابُ يردُّ به على الرافضة وقومٍ من الخوارج زعموا أنَّ أحكامَه عليه السَّلام وسُنَنَه منقولةٌ [2] عنه نقلَ تواترٍ، وأنَّه لا سبيلَ إلى العمل بما لم يُنقَل نقلَ تواترٍ، وقولُهم في غاية الجهل بالسُّنَن وطرقِها، فقد صحَّتِ الآثارُ أنَّ الصَّحَابة أخذ بعضُهم السُّنَنَ من بعضٍ، ورجع بعضُهم إلى ما رواه غيرُه عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وانعقد الإجماع على القول بالعمل بأخبار الآحاد، وبطلَ قولُ مَن خرج عن ذلك من أهل البدع، ثُمَّ شرع يستدلُّ لذلك.

    قوله: (كَانَتْ ظَاهِرَةً): قيل: يعلمها أكثر الناس، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الفاروق _على مكانته_ قد خَفِيَت عليه أشياء من أحكامه عليه السَّلام ومِن قوله، والله أعلم.

    (1/13022)

    [حديث: استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولًا ... ]

    7353# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّمَ أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد) مرارًا: أنَّه يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (ابْن جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

    قوله: (فَدُعِيَ لَهُ): (دُعِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ.

    ِقوله: (فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان، وقد قَدَّمْتُ أنَّ في «صحيح مسلم»: أنَّ أُبَيَّ بنَ كعب شهد له، وقال: (يا عمرُ؛ لا تكن عذابًا على أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم)، فالظاهر أنَّهما شَهِدَا، وقال أُبَيٌّ ما قال، والله أعلم.

    قوله: (أَلْهَانِي): أي: شغلني.

    قوله: (الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ): تَقَدَّمَ في (البيع) أنَّ معناه: الخروجُ للتجارة.

    ==========

    [ج 2 ص 859]

    (1/13023)

    [حديث: من يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه]

    7354# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذُ، وتَقَدَّمَ مترجمًا، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، العالم المشهور، أحد الأعلام، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ على الأصَحِّ.

    قوله: (يَشْغَلُهُمُ): هو بفتح أوَّله وثالثه، يُقال: شَغَله يَشغَله؛ بفتح الغَين فيهما، ثُلاثيٌّ، وفي لغةٍ رَدِيئَةٍ: أشغله، وكذا الثانية.

    قوله: (الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ): تَقَدَّمَ معناه أعلاه وقبله.

    قوله: (مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ): كذا هنا، وقد تَقَدَّمَ في (المزارعة): (فبسطتُ نمرة ليس عليَّ ثوبٌ غيرها)، وقد تَقَدَّمَ الجمعُ بينهما في (المزارعة) قُبَيل (كتاب الشِّرب)، وهنا: (فَبَسَطْتُ بُرْدَةً)، وقد قَدَّمْتُ الجمعَ في المكان الذي ذكرتُ قُبَيل (كتاب الشِّرب).

    قوله: (ثُمَّ يَقْبِضْهُ): هو بالجزم عطفًا على الشرط، وهو (يَبْسُطْ).

    قوله: (فَلَنْ يَنْسَ [1] شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي): كذا في بعض أصولي: (لن ينسَ)، وقد قَدَّمْتُ أنَّ هذه لغةٌ؛ وهي الجزم بـ (لن)؛ كالنصب بـ (لم)؛ تقارضًا، وقد أنشدتُ شاهدًا على ذلك فيما مضى، وأمَّا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ وكان فيه: (فلن ينسَ)، فأُصلِحَت على (ينسى)، وهذه الجادَّةُ.

    (1/13024)

    [باب من رأى ترك النكير من النبي حجة لا من غير الرسول]

    (1/13025)

    [حديث: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي فلم ينكره ... ]

    7355# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (حَمَّاد بن حُمَيد: لم يُنسَب بأكثرَ من هذا، وليس له في «البُخاريِّ» سوى هذا الحديث، انفرد به البُخاريُّ، قال فيه البُخاريُّ: حَمَّاد بن حميد صاحبٌ لنا حَدَّثَنَا هذا الحديث وكان عبيد الله بن معاذ في الأحياء)، انتهى، وفي «التذهيب»: (حَمَّاد بن حميد، عن عبيد الله بن معاذ العنبريِّ، وعنه: البُخاريُّ في نسخة عتيقة بـ «الصحيح»: «حَدَّثَنَا بهذا وعبيد الله حيٌّ»)، وقال في «الميزان»: (حَمَّاد بن حُمَيد محدِّثٌ، لا ندري مَن هو، روى عنه البُخاريُّ في «صحيحه» عن عبيد الله بن معاذ، فهو أصغر من البُخاريِّ)، وفي «النَّبَل» لابن عساكر: (حَمَّاد بن حُمَيد لم يُنسَب بأكثرَ من هذا، ولم يُعرَف إلَّا في حديثٍ واحدٍ، روى عنه البُخاريُّ عن عبيد الله بن معاذ)، انتهى، والله أعلم.

    و (عبيد الله بن معاذ): هو ابن معاذ العنبريُّ، تَقَدَّمَ، و (سَعْد بْن إِبْرَاهِيْم): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أمُّه كلثوم بنت سعد بن أبي وقَّاص، تَقَدَّمَ.

    [ج 2 ص 859]

    قوله: (ابْنَ الصَّيَّادِ [1] الدَّجَّالُ): تَقَدَّمَ الكلام على عبد الله بن صيَّاد، ونسبه، وما يتعلَّق به، في (كتاب الجنائز).

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (الصائد)، وعلى (أل) في (أ) علامة نسخة.

    (1/13026)

    [باب الأحكام التي تعرف بالدلائل ... ]

    قوله: (بَابُ الْأَحْكَام التي تُعْرَفُ بِالدَّلَائِلِ، وَكَيْفَ مَعْنَى الدِّلَالَةِ وَتَفْسِيرُهَا): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: أدخل هذه الترجمةَ في (كتاب لاعتصام)؛ تحذيرًا من الاستبداد بالرأي في الشريعة، وتنبيهًا على الرأيِ المحمودِ فيها، وهو المستنِدُ إلى قول الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، أو إشارَتِه، أو قرينةٍ حاليَّةٍ [1]، أو فعلِه، أو سكوتِه عن فعل إقرارًا عليه، فدخل في ذلك تصحيحُ الرأي المنضبط، والردُّ على الظَّاهِرِيَّة وغيرِهم، وبذلك تبيَّن ما هو اعتصامٌ ممَّا هو استبدادٌ واسترسالٌ، انتهى.

    قوله: (وَكَيْفَ مَعْنَى الدِّلَالَةِ): هي بفتح الدال وكسرها، والفتح أعلى، ويجوز في اللغة: دُلولة.

    قوله: (وَتَفْسِيرُهَا): هو بالرفع، معطوفٌ على (معنى)، و (معنى): مَرْفُوعٌ.

    قوله: (وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُكِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    (1/13027)

    [حديث: الخيل لثلاثة: لرجل أجر ولرجل ستر]

    7356# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، و (أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ): ذكوان.

    قوله: (فِي طِيَلِهَا): تَقَدَّمَ ما (الطِّيَل) وضبطه.

    قوله: (حَسَنَاتٍ): هو مَنْصُوبٌ، وعلامةُ النصب الكسرةُ، وكذا قوله: (حَسَنَاتٍ) ثانيًا، وكذا ثالثًا؛ لأنَّه خبر (كان)، واسمُها (مَا أَصَابَتْ)؛ أي: الذي أصابت كان حسناتٍ له، والله أعلم.

    قوله: (فَاسْتَنَّتْ): تَقَدَّمَ، وكذا (الشَّرَف) و (الشَّرَفَان)، وكذا (النَّهْر) و (النَّهَر)؛ بفتح الهاء وسكونها، وكذا (تَغَنِّيًا) ما معناه، وكذا (تَعَفُّفًا)، وكذا قوله: (ولم يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ في رِقَابِهَا ولا ظُهُورِهَا): تَقَدَّمَ معناه، وكذا (مَا أُنْزِلَ [1]): أنَّه [2] مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الآيةُ): مَرْفُوعٌ [3] قائمٌ مَقام الفاعل، و (الْفَاذَّةُ): تَقَدَّمَت، وأنَّها صفة لـ (الآية)، وكذا (الْجَامِعَةُ): صفةٌ ثانيةٌ.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَنْزَلَ اللهُ ... الآيةَ ... ).

    [2] في (أ): (آية)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [3] زيد في (أ) مستدركًا: (منوَّن)، ولعلَّ حذفَها هو الصواب.

    [ج 2 ص 860]

    (1/13028)

    [حديث: تأخذين فرصةً ممسكةً فتوضئين بها]

    7357# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ): قال الجَيَّانيُّ في «تقييده»: وقال _يعني: البُخاري_ في (الحيض) و (الاعتصام): (حَدَّثَنَا يحيى: حَدَّثَنَا ابن عُيَيْنَة)، نسب ابن السكن الذي في (الحيض): يحيى بن موسى، وأهمل الذي في (الاعتصام)، وذكر أبو نصر: أنَّ يحيى بنَ جعفر يروي عن ابن عُيَيْنَة، فالله أعلم، انتهى، وكذا نسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (يحيى بن جعفر) هذا: اسمُ جدِّه أعين الأزديُّ، كنيةُ يحيى أبو زكريَّا، البُخاريُّ البيكنديُّ الحافظ، عن ابن عُيَيْنَة، وأبي معاوية، ووكيع، وعبد الرَّزَّاق، ويزيد بن هارون، وطبقتِهم، وعنه: البُخاريُّ، وعبيد الله بن واصل، وأبو معشر حمدويه بن خطَّاب المستملي، وابنه الحسين بن يحيى، وخلقٌ من البُخاريِّين، قال ابن عديٍّ: هو الذي قال للبُخاريِّ: مات عبد الرَّزَّاق، ولم يكن قد مات في ذلك الوقت، وكان البُخاريُّ متوجِّهًا إلى عبد الرَّزَّاق فانصرف، فلمَّا مات عبد الرَّزَّاق؛ سمع البُخاريُّ كُتُبَ عبدِ الرَّزَّاق منه، قال ابن حِبَّانَ: تُوُفِّيَ في شوَّال سنة (243 هـ)، أخرج له البُخاريُّ فقط، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات».

    و (مَنْصُور ابْن صَفِيَّةَ): هو منصور بن عبد الرَّحْمَن ابن شيبة الآتي، سأذكره قريبًا، وكذا (أمُّه).

    قوله: (أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وفي الطريق الثانية: (عَنِ الْحَيْضِ؛ كَيْفَ تَغْتَسِلُ مِنْهُ؟): هذه المرأة تَقَدَّمَ في (باب دلك المرأة نفسها إذا تطهَّرت من المحيض): أنَّها أسماء بنت شَكَل؛ بفتح الشين المُعْجَمَة والكاف، وبعضهم سكَّنها، كذا جاءت مسمَّاةً في «مسلم»، وقال الخطيبُ البغداديُّ: أسماء بنت يزيد بن السكن، خطيبة النساء، وبه جزم بعضهم، وجزم بالأوَّل أيضًا الجازمُ بالثاني، فناقض، فيجوز أن تكون القصَّةُ جرت للمرأتين في مجلسٍ أو مجلِسَين، وقد تَقَدَّمَ كلام الإمام العلَّامة أبي الحسن السُّبكيِّ عن الدِّمْيَاطيِّ الحافظ، وتَقَدَّمَ كلام ابن بشكوال.

    (1/13029)

    قوله: (حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ، و (مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ شَيْبَةَ): في أصلنا: (ابنُ شيبة)؛ بإثبات الألف، وضمِّ النون، وعليه (صح)، قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن شيبة: نسبه إلى جدِّه لأمِّه صفيَّةَ بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عبدِ الله بن عبد العُزَّى بن عثمان)، انتهى، وهذا صحيحٌ، وكذا الضبط الذي ذكرتُه، وإثبات الأَلِف أيضًا، و (أُمُّهُ): صفيَّة بنت شيبة، تَقَدَّمَت.

    قوله: (أَنَّ امْرَأَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه، وقبله في الباب المشار إليه أعلاه.

    قوله: (فِرْصَةً): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وعلى: (المُمَسَّكَة).

    ==========

    [ج 2 ص 860]

    (1/13030)

    [حديث: أن أم حفيد بنت الحارث بن حزن أهدت إلى النبي سمنًا ... ]

    7358# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر المُوَحَّدة وإسكان الشين المُعْجَمَة، وأنَّه جعفر بن أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ، و (أُمَّ حُفَيْدٍ): تَقَدَّمَ أنَّها بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وفاء مفتوحة، وهي بنت الحارث بن حَزْن، رضي الله عنها.

    قوله: (وَأَقِطًا): تَقَدَّمَ ما (الأَقِط) بِلُغَتَيه، وقوله: (وَأَضُبًّا): تَقَدَّمَ ما (الضَّبُّ)، وأنَّه دابَّةٌ جوَّزتْ أكلَها السُّنَّةُ.

    قوله: (فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1]): (أُكِلْنَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله: (وَلَوْ كُنَّ): (كُنَّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ أيضًا.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مَائِدَتِهِ)، وليس فيهما: (صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

    [ج 2 ص 860]

    (1/13031)

    [حديث: من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا]

    7359# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، وأنَّه أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَاب): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَطَاء بْنُ أَبِي رَبَاحٍ): بفتح الراء، وبالموحَّدة.

    قوله: (أُتِيَ بِبَدْرٍ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: [يَعْنِي]: طَبَقًا): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ الكلام على (البدر)، وقد فسَّره هنا ابن وهب بـ (الطَّبَق).

    قوله: (فِيهِ خَضِرَاتٌ [1] مِنْ بُقُولٍ): هو بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين، قال ابن قُرقُول: (وضبطه الأصيليُّ: «خُضَرات»؛ بضَمِّ الخاء، وفتح الضاد)، انتهى.

    قوله: (فَأُخْبِرَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    [ج 2 ص 860]

    قوله: (فَقَرَّبُوهَا إلى بَعْضِ أَصْحَابِهِ): (بَعْضُ أَصْحَابِهِ): هو أبو أيُّوب خالدُ بن زيد الأنصاريُّ، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (كتاب الصَّلاة) في (باب ما جاء في الثوم النيء والبصل والكُرَّاث).

    قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ): (ابن عُفَيْر): هو سعيد ابن عُفَيْر؛ بضَمِّ العين المُهْمَلَة، وفتح الفاء، وهو سعيد بن كَثِير بن عُفَيْر، شيخُ البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ أنَّ البُخاريَّ [إذا] قال: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غيرَ أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (ابن وهب): هو عبد الله المذكورُ قُبَيله.

    قوله: (خَضِرَاتٌ): تَقَدَّمَ ضبطه قريبًا جدًّا، وبعيدًا جدًّا.

    قوله: (وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ وَأَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ): أمَّا (الليث)؛ فهو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، وأمَّا (أبو صفوان)؛ فقال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان)، انتهى، وَثَّقَهُ ابنُ معين وغيرُه، وقال أبو زرعة: صدوقٌ، تُوُفِّيَ سنة أربعٍ _أو خمس_ ومئتين، وفي «الكاشف»: بعد المئتين، وهو كلامٌ صحيحٌ، والأوَّل أكثر تحريرًا، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    ==========

    [1] في هامش (ق): (خَضِرات: جمع خَضِرَة؛ أي: بُقُول خَضِرَة).

    (1/13032)

    [حديث جبير: إن لم تجديني فأتي أبا بكر]

    7360# قوله: (حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبِي وَعَمِّي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، تُوُفِّيَ ببغداد يوم الجمعة مستهلَّ ذي الحجَّة سنة ستِّين ومئتين، انفرد به البُخاريُّ، و (عمُّه): يعقوب بن إبراهيم، أبو يوسف، مات في شوَّال سنة ثمانٍ [1] ومئتين، وهو أصغر من أخيه سعدِ بن إبراهيم، انفرد به البُخاريُّ مقرونًا، واتَّفقا على أخيه)، انتهى، وبخطِّ بعض علماء الحنفيَّة من أصحابنا: (قول الدِّمْيَاطيُّ: «وعمُّه يعقوب انفرد به البُخاريُّ مقرونًا» فيه نظرٌ، فقد أخرج له غير مقرون في بابين؛ في «باب {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23]»، وفي «باب {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]»، وقال المِزِّيُّ: أخرج له الجماعة)، والظاهر أنَّه أخذ ذلك من شيخِنا العِرَاقيِّ، والله أعلم، وهو كلامٌ صحيحٌ، وقال بعض حفَّاظ [العصر] ما لفظه: (ليس هذا مرادَ الدِّمْيَاطيِّ، بل مراده أنَّ البُخاريَّ انفرد بتخريج حديث سعد بن إبراهيم والد عبيد الله مقرونًا؛ فليُتَأمَّل)، انتهى، وفيما قاله بعض حُفَّاظ العَصْرِ فيه [2] وقفةٌ.

    قوله: (أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ [3] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذه المرأة لا أعرفها.

    قوله: (زَادَ لَنَا [4] الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (زاد) مثل: (قال)، والظاهر أنَّه أخذ ذلك عنه في حال المذاكرة، وقدَّمت مرارًا أنَّ (الحُمَيديَّ): عبدُ الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا.

    ==========

    [1] في (أ): (ثمانية)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [2] يعني: في كلام الدمياطيِّ.

    [3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (رَسُولَ اللهِ).

    [4] (لنا): ليست في «اليونينيَّة»، وهي ثابتةٌ في رواية أبي ذرٍّ.

    [ج 2 ص 861]

    (1/13033)

    [باب قول النبي: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء»]

    (1/13034)

    [معلق معاوية في كعب: إن كان من أصدق هؤلاء ... ]

    7361# قوله: (وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا اليمان): هو الحكم بن نافع، وتَقَدَّمَ أنَّ قول البُخاريِّ: (قال فلانٌ) إذا كان شيخَه كهذا؛ فإنَّه يكون قد أخذ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ): هو حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (مُعَاوِيَة): هو ابن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس، تَقَدَّمَ، الأميرُ عشرينَ سنةً، والخليفةُ عشرينَ سنةً، تَقَدَّمَ بعض ترجمته.

    قوله: (رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ): (الرَّهْطُ): تَقَدَّمَ أنَّه ما دون العشرة من الرجال، وهؤلاء الرهط لا أعرف أعيانَهم.

    قوله: (وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ): أي: ذكر معاويةُ كعبًا، وهو كعبُ بن ماتع بن هَيْنُوع _ويُقال: هَيسوع، ويُقال: عمرو_ ابن قيس بن معن بن جُشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن حِمْيَر بن قَطَن بن عوف بن زهير بن أيمن بن حِمْيَر بن سبأ الحِمْيَرِيُّ، المعروف بكعب الأحبار، أدرك زمنَ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ولم يرَه، وأسلم في خلافة الصِّدِّيق، وقيل: في خلافة عمر الفاروق، ويقال: أدرك الجاهليَّة، وصحب عمرَ وأكثر الروايةَ عنه، وروى أيضًا عن صهيب وعائشةَ، وروى عنه جماعةٌ من الصَّحَابة؛ منهم: ابن عمر، وابن عَبَّاس، وابن الزُّبَير، وأبو هريرة، وخلائقُ من التابعين؛ منهم ابن المُسَيّب، وكان يسكن حمص، قيل: ذكره أبو الدرداء، فقال: إنَّ عنده علمًا كثيرًا، انتهى، وكان قبل إسلامه على دين اليهوديَّة، وكان يسكن اليمن، تُوُفِّيَ في خلافة عثمان سنة (32 هـ) متوجِّهًا للغزو، ودُفِنَ بحمص، يُقال له: كعبُ الأحبارِ، وكعبٌ الحبر؛ بفتح الحاء وكسرها؛ لكثرة علمه، ومناقبُه وأحوالُه كثيرةٌ، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: واتَّفقوا على توثيقه وعلمه، انتهى، وقد ذكره ابن حِبَّانَ في «ثقاته»، كما رأيته فيها.

    قوله: (الْمُحَدِّثِينَ): هو بكسر الدال، وهذا يُعرَف من الحديث الذي هو فيه.

    (1/13035)

    قوله: (وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الْكَذِبَ): معناه: لنختبر، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة من أصحابنا ما لفظه: (يعني: يخطئ فيما يقول في بعض الأحيان، ولم يُرِد أنَّه كان كذَّابًا، قاله أبو ذرٍّ)، انتهى، وقد ذكرت لك أعلاه عن الشيخ محيي الدين: أنَّه اتَّفقوا على توثيقه وعلمه، وإذا كان كذلك؛ فلا بدَّ من تأويل كلام معاوية، وما أوَّله به الحافظُ أبو ذرٍّ صحيحٌ؛ لأنَّ الكذب ما شرطه العمد، بل إذا أخبر بخلاف الواقع؛ كان كذبًا، غير أنَّه إذا تعمَّد ذلك؛ كان آثمًا، والله أعلم، وقيل: إنَّ الهاءَ في قوله: (عليه) عائدةٌ على (الكتاب) لا على (كعب)؛ لأنَّ كتبهم قد غُيِّرت، قال القاضي: وعندي أنَّه يصحُّ عوده على كعب أو على حديثه وإن لم يقصدِ الكذبَ أو يتعمَّدْهُ كعبٌ؛ إذ لا يُشترَط فيه التعمُّدُ عند أهل السُّنَّة، وليس فيه تجريحٌ له، وقال بعضهم: يعني: أنَّ الكذب فيما يخبر به عن أهل الكتاب لا منه، فالأخبار التي يحكيها عن أهل الكتاب يكون بعضُها كذبًا، فأمَّا كعبٌ؛ فهو من خِيار الأحبار، انتهى.

    ==========

    [ج 2 ص 861]

    (1/13036)

    [حديث: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم.]

    7362# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالموحدة، والشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (يَحْيَى بْن أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    (1/13037)

    [حديث: كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل أحدث]

    7363# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (إِبْرَاهِيمُ) بعده: قال الدِّمْيَاطيُّ: (إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، مات سنة ثلاثٍ وثمانين ومئة، ومولده سنة ثمانٍ ومئة، وقيل: عشرٍ ومئة)، انتهى، وقيل: إنَّه تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وثمانين، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْد الله بْن عَبْدِ اللَّهِ [1]): هو ابن عتبة بن مسعود.

    قوله: (أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ): (أُنزِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (أَحْدَثُ): هو (أَفْعَل) تفضيل، لا ينصرف؛ ومعناه: أنَّ القرآن بعد الكتب جميعها في الإنزال، والله أعلم.

    قوله: (مَحْضًا): أي: خالصًا.

    قوله: (لَمْ يُشَبْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو بالشين المُعْجَمَة، ثُمَّ مُوَحَّدة؛ أي: يُخلَط.

    ==========

    [1] (بن عبد الله): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

    (1/13038)

    [باب قول الله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]، {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]) [1]: اعلم أنَّ ظاهرَ الأمر في الثانية الوجوبُ، والمشاورةُ واجبةٌ على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الصحيح؛ لظاهر الآية، ووجهُ مَن قال باستحبابها: القياسُ على غيره، والأمرُ للاستحباب؛ استمالةً لقلوبهم، وحكاه ابن القشيريِّ عن نصِّ الشَّافِعيِّ، وأنَّه جعله كقوله عليه السَّلام: «والبكر تُستَأذَن»؛ تطييبًا لقلبها، لا أنَّه واجبٌ، وهو قولُ الحسنِ، وحكى أنَّ الأمرَ أيضًا للاستحبابِ البيهقيُّ في «المعرفة»، حكاه بعض مشايخي فيما رأيته في بعض مؤلَّفاته، قال الحسن: علم الله ما به إليهم من حاجةٍ، ولكن أراد أن يَستَنَّ به مَن بعدَه، قال الماورديُّ: واختُلِف فيما يُشاور فيه؛ فقال قومٌ: في الحروبِ ومكابدةِ العدوِّ خاصَّةً، وقال آخرون: في أمور الدنيا والدين، وقال آخرون: في أمور الدين؛ تنبيهًا لهم على عِلَل الأحكام، وطريقِ الاجتهاد، وقال الثعلبيُّ في «تفسيره»: اختُلِف في المعنى الذي أمر الله تعالى نبيَّه بالمشاورة لهم فيه مع كمالِ عقله، وجزالةِ رأيه، وتتابُعِ الوحيِ عليه، ووجوبِ طاعتِه في أمَّته فيما أحبُّوا أو كرهوا؛ فقيل: هو خاصٌّ في المعنى وإن كان عامًّا في اللفظ، ومعنى الآية: وشاورهم فيما ليس عندك فيه من الله عهدٌ، يدلُّ عليه قراءةُ ابن مسعود: {وَشَاوِرْهُمْ فِي بعض الْأَمْرِ}، قال الكلبيُّ: يعني ناظِرهم في لقاءِ العدوِّ ومكابدةِ الحروب عند الغزو، ثُمَّ ذكر قولَ الحسنِ السالفَ وغيرَه، وذكر السُّهَيليُّ في «روضه» في (غزوة حمراء الأسد) لمَّا ذكر قولَه تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]؛ قال: وفسَّره _يعني: ابن هشام_: وقد جاء عن ابن عَبَّاس أنَّه قال: نزلت في أبي بكرٍ وعمرَ، أُمِرَ بمشاوَرَتهما، انتهى، والله أعلم.

    قوله: (وَشَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ): (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ فاعلٌ، و (أصحابَه): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ عند مَن يعرف الغزوات، ويُعرَف أيضًا من قوله بعده: (فَرَأَوْا لَهُ الْخُرُوجَ).

    قوله: (فِي الْمقَامِ وَالْخُرُوجِ): هو بضَمِّ الميم وفتحها، وهو في أصلنا بالفتح بالقلم.

    (1/13039)

    قوله: (فَلَمَّا لَبِسَ لَأْمَتَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (اللأمَة)، وسيأتي بعد هذا.

    قوله: (وَقَالَ: «لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لَأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا حتَّى يَحْكُمَ اللهُ»): اعلم أنَّه يحرم عليه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا لبس لَأْمَته أن ينزعها حتَّى يلقى العدوَّ ويقاتِلَ، ففي «سنن البيهقيِّ» مرسلًا: «لا ينبغي لنبيٍّ إذا أخذ لَأْمة الحرب وأذَّن في الناس بالخروج إلى العدوِّ أن يرجع حتَّى يقاتل»، ثُمَّ قال: وقد كتبناه موصولًا بإسنادٍ حسنٍ، فذكره من رواية ابن عَبَّاس، وأخرجه الإمام أحمد من حديث أبي الزُّبَير عن جابر، وذكره البُخاريُّ هنا بغير إسناد.

    وقوله فيه: (لَأْمَته): هو بالهمز، كما قَيَّدهُ صاحب «المشارق» وغيرُه، وقال ابن دحية في كتابه «نهاية السُّول في خصائص الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم»: كذا سمعته وأرويه، قال ابن فارس: اللأْمة؛ مهموزة: الدِّرع، قال: وكذا قيَّدتها بالهمز في كتاب «فقه اللغة» _إلَّا أنَّه جعلها الدرع_ وكذا قَيَّدتُهُ أيضًا في «كفاية المتحفِّظ» للأَجْدابيِّ بالهمز، وجمعها: لَأْم؛ كتَمْرة وتَمْر، وتُجمَع أيضًا على لُؤَم؛ بوزن: نُغَرٍ، على غير قياسٍ، كما قال الجوهريُّ: كأنَّه جمع لُؤمَة؛ بضَمِّ اللام، واستلأم الرجل: لبس اللَّأْمة، ثُمَّ ما جزمنا به من تحريم النزع عليه حتَّى يقاتل هو المشهور، وعن رواية الشيخ أبي عليٍّ: أنَّ ذلك كان مكروهًا، لا محرَّمًا، قال الإمام: وهذا بعيدٌ غير موثوقٍ به، قال البغويُّ: وقد قيل بناءً عليه: إنَّه كان لا يبتدئ تطوَّعًا إلَّا لزمه، والله أعلم.

    (1/13040)

    قوله: (فَجَلَدَ الرَّامِينَ): بخطِّ بعض علماء الحنفيَّة من أصحابنا: (قال أبو الحسن القابسيُّ: لم يقع له إسنادٌ في جلد الرامين، وإنَّما ذكر ذلك بغير إسناد)، انتهى، وقد اختلف الناس في أنَّه عليه السَّلام جلد الذين قذفوا عائشة أم لا؛ على قولين، والذي يظهر من حيث النقلُ: أنَّه جلدهم، وقد قَدَّمْتُ ذلك في (الشهادات) في (حديث الإفك)، وقد جزم به البُخاريُّ هنا كما ترى، ولا يجزم إلَّا بما صحَّ عنده على شرطه، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ ما لفظه: هذا الحصرُ مردودٌ، فإنَّه يجزم بما صحَّ مطلقًا، سواء وافق شرطَه أم لا، وانظر قريبًا في (الأحكام) تعليقَه تعليمَ زيد بن ثابت كتابَ يهود، فإنَّ مداره على عبد الرَّحْمَن بن أبي الزناد، وليس على شرطه، وعلى ثابت بن عبيد، وليس على شرطه، لكنْ كلٌّ منهما يبلغ درجةَ الصحيح، وشرطُ البُخاريِّ أرفعُ درجةً من مطلق الصحيح، انتهى، وفيه نظرٌ، والله أعلم [2].

    قوله: (فَإِذَا وَضَحَ الْكِتَابُ أو السُّنَّةُ لم يَتَعَدَّوْهُ إلى غَيْرِهِ): (وَضَحَ)؛ أي: بان.

    قوله: (إِلَى مَشُورَةِ عُمَرَ [3]): تَقَدَّمَ أنَّ فيها لُغَتين: مَشُورة، ومَشْورة، وكذا الثانية.

    قوله: (وَأَحْكَامِهِ): هو بالجرِّ معطوفٌ على (الدِّينِ)، وهو مجرورٌ.

    قوله: (أَوْ شُبَّانًا): هو بضَمِّ الشين المُعْجَمَة، وتشديد المُوَحَّدة، وبعد الألف نون، جمع (شابٍّ)، تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَكَانَ وَقَّافًا): تَقَدَّمَ معناه قريبًا: أنَّه يتمهَّل في الأمور، ولا يستعجل.

    ==========

    [1] كذا جاء هذا الباب عند أبي ذرٍّ قبل (باب نهي النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التحريم)، وبعد هذا الباب عندَه: (باب كراهية الاختلاف)، وفي «اليونينيَّة» بالعكس، وعلى الأبواب الثلاثة في (ق) علامات تقديمٍ وتأخيرٍ.

    [2] زيد في (أ) بعد استدراك ما سبق: (والله أعلم).

    [3] (عمر): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في هامش (ق) من نسخة.

    [ج 2 ص 862]

    (1/13041)

    [حديث: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغني أذاه]

    7369# قوله: (حَدَّثَنَا الْأُوَيْسِيُّ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (الأويسيَّ): عبدُ العزيز بن عبد الله، وكذا يأتي مسمًّى منسوبًا في بعض النسخ هنا، وتَقَدَّمَ مسمًّى منسوبًا إلى أبيه، و (إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ [1]): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (ابْنُ المُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغيرُه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، وهو سعيد بن المُسَيّب بن حَزْن، تَقَدَّمَ.

    قوله: (حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ): هو برفع (الوحي)، كذا هنا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ أنَّه بالرفع والنصب، فالرفع فـ (استلبث): أبطأ، والنصب على أنَّ (استلبثَ): استبطأَ، والله أعلم.

    قوله: (وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الجارية، وفي بعض الطرق: (فدعا رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بريرةَ)، وقد تَقَدَّمَ ما في ذلك من الإشكال في (الشهادات).

    قوله: (الدَّاجِنُ): تَقَدَّمَ ما هي، وكذا تَقَدَّمَ (فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ).

    قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ): (أبو أسامة): هو حَمَّاد بن أسامة، و (هشام): هو ابن عروة، هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وقد ذكرَه _أعني: حديث الإفك_ البُخاريُّ كذلك مرَّتين؛ هُنا وفي (التفسير)، وقد أخرجه مسلمٌ في (التوبة) عن أبي بكر وأبي كُرَيب، والتِّرْمِذيُّ في (التفسير) عن محمود بن غيلان؛ ثلاثتهم عن أبي أسامة به، وقال التِّرْمِذيُّ: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديث هشام، انتهى.

    (1/13042)

    [حديث: ما تشيرون علي في قوم يسبون أهلي]

    7370# قوله: (وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ): هو النَّشائيُّ، منسوب إلى عمل النَّشاء، الواسطيُّ، أبو عبد الله، عن أبي معاوية، ويحيى بن سعيد القَطَّان، ويحيى

    [ج 2 ص 862]

    بن أبي زكريَّاء الغَسَّانيِّ، وطبقتِهم، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وبقيُّ بن مَخْلد، وابنُ خزيمة، وأبو عروبة، وخلقٌ كثيرٌ، قال أبو حاتم: صدوق، قيل: تُوُفِّيَ سنة (255 هـ)، أخرج له مَن روى عنه مِن الأئمَّة، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ الْغَسَّانِيُّ): بالغين المُعْجَمَة، وتشديد السين المُهْمَلَة، وبعد الألف نون، ثُمَّ ياء النسبة، قال ابن قُرقُول: نسب إلى غسَّان؛ قَبيل باليمن، وأصله ماءٌ باليمن نزلوا عليه فسُمُّوا به، ووقع عند القابسيِّ: (العُشَانيُّ)؛ بضَمِّ العين، وتخفيف الشين المُعْجَمَة، وهو وَهَمٌ، انتهى.

    قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمَ معناها ولغاتُها.

    قوله: (وَعَنْ عُرْوَةَ قال: لَمَّا أُخْبِرَتْ عَائِشَةُ ... ) إلى آخره: هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن مُحَمَّد بن حرب، عن يحيى بن أبي زكرياء الغسَّانيِّ، عن هشام، عن عروة قال: لمَّا أُخْبِرت عائشةُ، وهذا مرسلٌ؛ وذلك لأنَّه ذكر واقعةً لم يدركها، ولا ذكرها عمَّن حضرها؛ كخالته عائشة أو غيرها من الصَّحَابة، والله أعلم، وليس هو تعليقًا، والله أعلم.

    قوله: (أُخْبِرَتْ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء للتأنيث الساكنة.

    قوله: (وَأَرْسَلَ مَعَهَا الْغُلَامَ): هذا الغلام لا أعرف اسمه.

    (1/13043)

    قوله: (وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سُبْحَانَكَ {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 16]): هذا الرجل الأنصاريُّ: قال شيخُنا: قال ابن إسحاق وغيرُه: هو أبو أيُّوب الأنصاريُّ، انتهى، ذكر ذلك في (تفسير النور) من هذا «الشرح»، وقد قَدَّمْتُ في (باب ما جاء في القِبلة) من كلام المحبِّ الطَّبَريِّ: أنَّه عمرُ رضي الله عنه؛ يعني في قوله: (قال رجلٌ)، من غير أن يذكر (من الأنصار)، قال: وقيل: هو من الأنصار، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: إنَّه أبو أيُّوب، قاله ابن إسحاق وغيره، انتهى، وكذا قال بعض حفَّاظ المصريِّين المُتَأخِّرين، ولفظه: هو أبو أيُّوب، رواه الحاكم في «الإكليل» وغيره من طريق ابن إسحاق والواقديِّ وغيرِهما، والطَّبَرانيُّ في «مسند الشاميِّين»، والآجرِّيُّ من طريق حديث الإفك؛ كلاهما من طريق عطاء الخراسانيِّ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عروة، عن عائشة، ورُوِيَ أيضًا عن أُبَيِّ بن كعب أنَّه قال ذلك لامرأته أمِّ الطُّفيل، رواه الحاكم أيضًا من طريق الواقديِّ، ورُوِيَ عن قتادة بن النعمان أيضًا، نقل عن ابن بشكوال، ولم أرَه في كتابه، انتهى.

    (1/13044)

    [باب نهي النبي على التحريم إلا ما تعرف إباحته]

    قوله: (بَابٌ: نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى [1] التَّحْرِيمِ إِلَّا مَا تُعْرَفُ إِبَاحَتُهُ): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: قصد بهذه الترجمةِ التنبيهَ على أنَّ المخالفةَ التي وقعت أحيانًا لِما طَلَبَ منهم لم تكن عدولًا عن الاعتصام؛ إذ لم يخالفوا واجبًا، ولم يُؤثَر عنهم ذلك، وصورةُ المخالفة فهموا فيها عدمَ العزم، وتمكُّنَهم من بعض الخِيَرَة، وهذا في الحقيقة ليس خلافًا، ولكنَّه اختيارٌ لِما كان لهم فيه خِيار، وإن كان العلماء المحقِّقون أنكروا إجماعَ الطِّلْبَة والخِيَرَة، ولو كان الطلبُ ندبًا؛ أنكروا، وعَدُّوا ذلك تناقضًا لا سبيل إليه شرعًا ولا يوجد، ومِن العلماء مَن أجاز ذلك؛ وهو [نفس] البُخاريِّ، والله أعلم.

    قوله: (بابٌ): هو مُنَوَّن، و (نهيُ): مَرْفُوعٌ، وهذا ظاهِرٌ، وقوله (على التحريم): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (عن)، وعليها ما صورته: (أصل)، وفي نسخةٍ أخرى من أصولي: (عن)، ولم يُذكَر غيرها، قال شيخُنا: قال ابن بَطَّال: والصواب: (على)، انتهى، و (عن) بمعنى: (على)؛ على قول مَن قال: إنَّ حروف الجرِّ يقوم بعضُها مَقام بعض، والله أعلم.

    قوله: (وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ): يعني على [2] الوجوب إلَّا ما تُعرَف إباحتُه أيضًا؛ مثل أن يكون بعد الحَظْر؛ مثل: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، {فَإِذَا [3] قُضِيَتِ الصَّلاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10]، والله أعلم.

    قوله: (وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ): هو بفتح أوَّله، وكسر الزاي؛ أي: يُوجِب، وهو مَبْنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها نُسَيبة؛ بضَمِّ النون، وفتح السين، على الصحيح، وقد قَدَّمْتُ نسبَها وبعضَ ترجمتها، رضي الله عنها.

    قوله: (نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ [4] وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا): (نُهِينا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذلك (يُعزَم): مَبْنيٌّ أيضًا؛ ومعناه: ولم يُشَدَّد علينا في النهيِ.

    (1/13045)

    [حديث: أحلوا وأصيبوا من النساء]

    7367# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام.

    قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ): كذا في أصلنا، وفي نسخة زيادة النسب قال: (البُرْسَانِيُّ)، وهو كذلك مُحَمَّد بن بكر بن عثمان البُرْسَانيُّ، أبو عبد الله، ويُقال: أبو عثمان، البصريُّ، و (بُرْسان): بضَمِّ المُوَحَّدة، وإسكان الراء، ثُمَّ سين مهملة، وبعد الألف نون، ثُمَّ ياء النسبة، من الأزد، عن ابن جُرَيجٍ، وسعيد بن أبي عَروبة، وأيمن بن نابل، وعبد الحميد بن جعفر، ويونس بن يزيد الأيليِّ، وطائفةٍ، وعنه: عليُّ ابن المَدينيِّ، وأحمد ابن حنبل، وابن راهويه، وابن معين، وهارون الحمَّال، وبُنْدَار، والذهليُّ، وعبد بن حُمَيد، والدارميُّ، وخلقٌ، وَثَّقَهُ أبو داود وغيرُه، وقال عَبَّاس عن ابن معين: حَدَّثَنَا البُرْسانيُّ وكان والله ظريفًا صاحبَ أدب، وقال مُحَمَّد بن عبد الله بن عمَّار: لم يكن صاحبَ حديث، لم يُسمَع منه، قال الخطيب: يعني: أنَّه لم يكن كغيره من الحُفَّاظ ... إلى آخر كلامه، قال ابن سعد: مات في ذي الحجَّة سنة ثلاث ومئتين، وكان ثقةً، وقال مُطَيَّن: في جمادى الآخرة من السنة، وقال غيره: سنة أربع، أخرج له الجماعةُ، وله ترجمةٌ هيِّنةٌ في «الميزان»، ذكر فيها حديثًا وَهِمَ في رفعه، وهو حديث بُسْرة: (مَن مسَّ ذَكَره أو أنثييه أو رُفغه؛ فليتوضَّأ)، وإنَّما هذا زيادةٌ مِن قول عروة، والله أعلم.

    وقوله: (وقال مُحَمَّد بن بكر): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وأتى به لحِكَمٍ؛ منها: أنَّ المَكِّيَّ بنَ إبراهيم عنعن عن ابن جُرَيجٍ، وهذا صَرَّحَ بالتحديث منه، وإن كان المَكِّيُّ غيرَ مُدَلِّس، لكن ليخرج من خلاف من خالف في المسألة، وقد تَقَدَّمَت، الثاني: قال في الأوَّل ابنُ جُرَيجٍ: (قال عطاء)، وفي التعليق قال: (أخبرني عطاء)، وابنُ جُرَيجٍ مُدَلِّسٌ، والثالث: أنَّ عطاءً قال في الأوَّل: (قال جابرٌ)، وفي الثاني قال عطاء: (سمعت جابر بن عبد الله)، وإن كان عطاء حُوشِيَ من التدليس إلَّا ليخرج مِن خلاف مَن خالف فيه، وفي الأوَّل: (قال جابر)، وفي الثاني: (سمعت جابر بن عبد الله في أناس معه)، ففيه زيادةٌ على (جابر) بـ (أناس معه)، فرواه عن جماعةٍ؛ منهم جابرٌ، والله أعلم.

    (1/13046)

    قوله: (مِنْ ذِي الْحِجَّةِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّها بفتح الحاء وكسرها.

    قوله: (وَلَمْ يَعْزِمْ): هو بفتح أوَّله، وكسر الزاي، مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: لم يُوجِب، وقال النَّوويُّ: لم يُشَدِّد علينا.

    قوله: (مَذَاكِيرُنَا الْمَذْيَ): (المذاكير): جمع (ذَكَرٍ) على غير قياس، كأنَّهم فرَّقوا بين الذَّكَر الذي هو الفَحْل وبين الذَّكَر الذي هو العضوُ في الجَمْعِ، وقال الأخفش: هو من الجمع الذي ليس له واحدٌ؛ مثل: العباديد، والأباليل، وقد تَقَدَّمَ، و (المَذْي): تَقَدَّمَت لُغاتُه، وهو مَعْرُوفٌ، وفي نسخة في هامش أصلنا: (المَنيَّ)، وعليها علامة راويها.

    (1/13047)

    [حديث: صلوا قبل صلاة المغرب.]

    7368# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، و (الْحُسَيْن): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو ابن ذكوان، عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مغفَّل)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ ضبط (مُغَفَّل): أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الغين المُعْجَمَة، وتشديد الفاء المفتوحة، وأنَّه صحابيٌّ كابنه عبد الله.

    قوله: (كَرَاهِيَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بتخفيف الياء، وأنَّه يُقال من حيث اللغةُ: كراهي.

    [ج 2 ص 863]

    قوله: (أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً): تَقَدَّمَ الكلام عليه؛ أي: فرضًا ثبت بالسُّنَّة، وقيل في معناه غيرُ ذلك ممَّا تَقَدَّمَ.

    (1/13048)

    [باب كراهية الخلاف]

    قوله: (بَابُ كَرَاهِيَةِ الخِلَافِ [1]): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ (الكَرَاهِيَة) بتخفيف الياء، ويُقال من حيث اللغةُ: كراهي، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.

    (1/13049)

    [حديث جندب: اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم]

    7364# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ): (إسحاق) هذا: الظاهر أنَّه الكوسج بن منصور، ومستندي في ذلك تطريفُ المِزِّيِّ لهذا الحديث في «أطرافه» مع ما انضمَّ إليه مِن إخراج مسلمٍ له من طريق إسحاق بن منصور؛ هو الكوسج، والله أعلم، و (سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ): بتشديد اللام، مشهورٌ عند أهله، و (أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الملك بن حَبِيب الأزديُّ البصريُّ، مات سنة ثمان وعشرين ومئة)، انتهى، ويُقال: إنَّه كنديٌّ، وقيل: إنَّه مات سنة تسع وعشرين.

    قوله: (ما ائْتَلَفَتْ عَلَيهِ [1] قُلُوبُكُمْ ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فضائل القرآن).

    ==========

    [1] (عليه): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

    [ج 2 ص 864]

    (1/13050)

    [حديث جندب: اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم]

    7365# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب سعد بن عُبَادة)، وما قال فيه الجَيَّانيُّ، وأنَّ مسلمًا روى هذا الحديث في (القدر) بسندِ البُخاريِّ سواء ومتنِه، ونسبَ إسحاقَ فقال: ابن منصور، وهو الكوسج الحافظ، والله أعلم، و (عبد الصَّمَدِ): هو ابن عبد الوارث، أبو سهلٍ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه.

    قوله: (وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هَارُونَ الأَعْوَرِ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ عَنْ جُنْدَبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (يَزِيدُ بن هَارُونَ): هو أبو خالد السُّلَميُّ الواسطيُّ، أحد الأعلام، عن حُمَيد والجُرَيريِّ، وعنه: الذهليُّ، وعبد بن حُمَيد، والحارث بن أبي أسامة، قال أحمدُ: حافظٌ متينٌ، وقال ابن المَدينيِّ: ما رأيتُ أحفظَ منه، وقال العِجْليُّ: ثبتٌ متعبِّدٌ، حسنُ الصَّلاة جدًّا، يصلِّي الضحى ستَّةَ عشرَ ركعة، وقد عَمِيَ، مات سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعةُ، وتعليق يزيد بن هارون لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم أرَ شيخَنا خرَّجه، لكنِّي رأيتُ حديثَ هارونَ الأعور في «النَّسائيِّ».

    و (هارون الأعور): هو هارون بن سعد العِجْليُّ، ويُقال: الجعفيُّ، الكوفيُّ الأعور، عن أبي حازم سلمان الأشجعيِّ، وأبي الضُّحى، وعَطيَّة العوفيِّ، وجماعةٍ، وعنه: سفيان الثَّوريُّ، والحسن بن صالح، وسعيد، وشَريك، وجماعةٌ، قال ابن معين: ليس به بأسٌ، وقال أبو حاتم: خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، ثُمَّ هرب إلى واسط، له في «مسلم» حديثٌ: «ضرس الكافر مثلُ أُحُد»، أخرج له مسلمٌ فقط، وقد عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وله ترجمةٌ في «الميزان»، قال فيها: صدوقٌ في نفسه، لكنَّه رافضيٌّ بغيض.

    و (أبو عِمْرَانَ): تَقَدَّمَ أعلاه اسمُه واسمُ أبيه، عن جُندب؛ وهو ابن عبد الله البَجَليُّ.

    (1/13051)

    [حديث: هلم أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده]

    7366# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف القاضي، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عُبَيْد اللَّه بن عبد اللَّهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.

    قوله: (لَمَّا حُضِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حُضِر)؛ بضَمِّ الحاء، وكسر الضاد: مَبْنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فَاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل؛ أي: حان موتُه، كذا قالوا، ويحتمل أن يكون (حُضِرَ)؛ أي: حضرته ملائكةُ القبض، أو حضره مَلَكُ الموت، والله أعلم.

    قوله: (هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا): تَقَدَّمَ الكلام على (هلمَّ) بِلُغَتَيها، وتَقَدَّمَ الكلام على ما أراد عليه السَّلام أن يكتب في هذا الكتاب بالاختلاف فيه.

    قوله: (فَقَالَ [1] عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الْوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ): إنَّ العلماء صوَّبوا كلامَ عمر.

    قوله: (فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    قوله: (قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ): هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المذكورُ في السند.

    قوله: (إِنَّ الرَّزِيْئَةَ كُلَّ الرَّزِيْئَةِ [2]): تَقَدَّمَ الكلام عليها، ومتى قالها ابن عَبَّاس.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

    [2] كذا في (أ) وهامش (ق)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الرزيَّة)، في الموضعين.

    [ج 2 ص 864]

    (1/13052)

    ((97)) (كِتَابُ التَّوْحِيدِ) ... إلى (بَاب فِي المَشِيْئَة والإِرَادَةِ)

    قوله: (كِتَابُ التَّوْحِيْدِ): كذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ [1]، وفي نسخة فيه عوض (كتاب التوحيد): (كتاب الردِّ على الجَهميَّة)، وفي أصلنا القاهريِّ: (كتاب التوحيد والردِّ على الجَهميَّة) [2].

    قوله: (والرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ): (الجهميَّة): هم أتباع جهم بن صفوان، أبي محرز السمرقنديِّ، الضالِّ المبتدع، رأسِ الجهميَّة، هلك في زمان صغار التابعين، قال الذَّهَبيُّ في «ميزانه»: (وما علمته روى شيئًا، لكنَّه زرع شرًّا عظيمًا)، انتهى.

    تنبيهٌ: قال الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه: أفرط جهم في نفي التشبيه حتَّى قال: الله تعالى ليس بشيء، وأفرط مقاتل _يعني: ابن سليمان_ يعني: في الإثبات_ حتَّى جعله مثلَ خلقه، انتهى.

    (1/13053)

    [باب ما جاء في دعاء النبي أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى]

    (1/13054)

    [حديث: أن النبي بعث معاذًا إلى اليمن]

    7371# 7372# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، و (يَحْيَى بْن مُحَمَّدِ [1] بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِيٍّ): ويُقال فيه: يحيى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن صيفيٍّ، وهذا قدَّمه عَبْد الغَنيِّ والمِزِّيُّ، والذَّهَبيُّ، قرشيٌّ، مولى بني مخزوم، ويُقال: مولى عثمان، مكِّيٌّ جليلٌ، عن أبي معبد، وعكرمة بن عبد الرَّحْمَن المخزوميِّ، وجماعةٍ، وعنه: إسماعيل بن أُمَيَّة، وزكريَّا بن إسحاق، وابن جُرَيجٍ، وعبد الله بن المؤمَّل، وغيرُهم، وَثَّقَهُ النَّسائيُّ وغيرُه، أخرج له الجماعة، و (أَبُو مَعْبَدٍ): بالموحَّدة، وهو مولى ابن عَبَّاس، اسمه نافذ؛ بالفاء، والذال المُعْجَمَة، وروايته عن ابن عَبَّاس متَّصلةٌ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وسيأتي في الطريق التي بعدَ [2] هذه التصريحُ بالسماع منه، وروايته عن أخيه الفضلِ مرسلةٌ، قاله في «التهذيب»، وتابعه الذَّهَبيُّ والعلائيُّ.

    تنبيهٌ: وقع في بعض أصولنا الدمشقيَّة في الأصل: (عن أبي سعيد)، وقد صَحَّح عليها الكاتبُ، وكتب في الهامش: (معبد)، وعمل عليها: (خ)؛ يعني: أنَّها في نسخة: (أبي [3] معبد)، وتلك خطأٌ، والصواب أنَّ هذا الحديثَ من رواية أبي معبدٍ مولى ابن عَبَّاس عنه، ولا أعلم أحدًا من رواة الكُتُب السِّتَّة مشهورًا بالتكنِّي بأبي سعيد يروي عن ابن عَبَّاس، وقد ضبَّبتُ أنا عليه، وصحَّحْتُ على ما وقع في الهامش؛ وهو (أبي معبد)، والله أعلم.

    [ج 2 ص 864]

    قوله: (لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا نَحْوَ الْيَمَنِ): تَقَدَّمَ في أوَّل (الزكاة) متى أرسله إلى اليمن، والاختلاف في ذلك، وهل أرسله قاضيًا أو واليًا؛ فانظر ذلك إن أردته.

    قوله: (وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الكرائم): جمع (كريمة)؛ وهي الجامعة للكمال الممكِن في حقِّها؛ من غزارة لبنٍ، أو جمالِ صورة، أو كثرةِ لحمٍ أو صوفٍ، وهي النفائس التي تتعلَّق بها نفسُ صاحبها، ويُقال: هي التي يختصُّها صاحبُها لنفسه ويؤثرها.

    ==========

    [1] (بن محمد): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

    [2] في (أ): (بعده)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [3] كتب فوقها في هامش (أ): (حكايةً)، وكذا في الموضع اللاحق.

    (1/13055)

    [حديث: يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟]

    7373# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثُمَّ راء، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، و (أَبُو حَصِينٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الكنى بالفتح، والأسماءَ بالضَّمِّ، وأنَّ هذا اسمُه عثمانُ بن عاصم، و (الْأَشْعَث): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالثاء المُثَلَّثَة، وأنَّ الطامعَ أشعبُ؛ بالموحَّدة، وأنَّه فردٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ (سُلَيمًا): بضَمِّ السين، وفتح اللام، وهذا هو أشعث بن أبي الشعثاء سُلَيم بن أسود المحاربيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

    (1/13056)

    [حديث: والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن]

    7374# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أَبُو سَعِيْدٍ الْخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

    قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}): تَقَدَّمَ الكلام على القارِئ والسامِع في (باب فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}).

    قوله: (وَكَأَنَّ الرَّجُلَ): (كأنَّ): هي من أخوات (إنَّ)، وهي مُشَدَّدة النون، و (الرجلَ): مَنْصُوبٌ اسمها، و (يَتَقَالُّها): الخبر.

    قوله: (يَتَقَالُّهَا): هو بتشديد اللام المضمومة؛ أي: يراها قليلةً، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}).

    قوله: (زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عن مَالِكٍ): كذا في أصلنا، ورأيت المِزِّيَّ ذكره عن البُخاريِّ قال: (وزاد أبو مَعْمَر _يعني: إسماعيل بن إبراهيم الهُذَليَّ القَطيعيَّ_ عن إسماعيل _يعني: ابن جعفر_ عن مالك ... )؛ فذكره، كذا في مسند قتادة بن النعمان، وأمَّا في مسند أبي سعيد؛ فقال ما لفظه: وقال في موضعين والنسائيُّ: (وقال أبو مَعْمَر _يعني: إسماعيل بن إبراهيم [1]_، عن إسماعيل بن جعفر، عن مالك ... ) إلى آخره، والله أعلم.

    و (إِسْمَاعِيلُ بن جَعْفَرٍ) هذا: هو ابن أبي كَثِير الزُّرَقيُّ مولاهم، المدنيُّ القارئ، أحد الكبار، عن عبد الله بن دينار، والعلاء بن عبد الرَّحْمَن، وأبي سهيل نافع بن مالك، وعمارة بن غزيَّة، وربيعةَ الرأي، وخلقٍ، وعنه: قُتَيْبَة، وعليُّ بن حُجر، ويحيى بن يحيى، ومُحَمَّد بن سلَام البيكنديُّ، ومُحَمَّد بن زنبور، وخلقٌ، وَثَّقَهُ أحمدُ وجماعةٌ، قدم بغداد وسكنها، وأدَّب بها ابنَ المهديِّ عليًّا، وله نحوُ خمس مئة حديث، تُوُفِّيَ سنة ثمانين ومئة، أخرج له الجماعة.

    (1/13057)

    وقد تَقَدَّمَ أنَّ (زاد)؛ كـ (قال)، فهذا تعليقٌ مجزومٌ به، وما زاده إسماعيل بن جعفر أخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عَبَّاس العنبريِّ، عن مُحَمَّد بن جهضم، عن إسماعيل بن جعفر به، وعن زكريَّا بن يحيى، عن إسماعيل بن إبراهيم الهُذَليِّ، عن إسماعيل بن جعفر، عن مالك، عن عبد الله بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن قتادة نحوَه، كذا قال، قال النَّسائيُّ: الصواب: عبد الرَّحْمَن، انتهى.

    قوله: (أَخْبَرَنِي أَخِي قَتَادَةُ بن النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ أنَّه أخوه لأمِّه، وتَقَدَّمَ بعض ترجمة قتادة بن النعمان الظفريِّ، وأنَّه بدريٌّ، رضي الله عنه.

    (1/13058)

    [حديث: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟]

    7375# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): في حاشية أصلنا ما لفظه: (في الأصل المقابَل عليه: «حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح»)، انتهى، وفي «أطراف المِزِّيِّ» ما لفظه لمَّا طرَّف هذا الحديث؛ قال: في (التوحيد): (عن أحمد بن صالح)، وفي بعض النسخ: (مُحَمَّد عن أحمد بن صالح)، انتهى، وكذا كان في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح)، ثُمَّ ضُرِب على (مُحَمَّد)، وبقي أوَّل السند: أحمد بن صالح، وقد راجعتُ «تقييد المُهْمَل» لأبي عليٍّ الغسَّانيِّ، فرأيته ذكر في (باب التنبيه على المواضع التي ذكر شيوخنا أنَّ البُخاريَّ روى فيها عن مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهليِّ)، فقال: وقال في (التوحيد): (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح: حَدَّثَنَا ابن وهب)، فذكر هذا المكان، ثُمَّ قال: هكذا في نسخة أبي ذرٍّ عن أبي الهيثم: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا أحمد بن صالح)، وكذا في نسخة الأصيليِّ عن أبي أحمد، وهكذا ذكره أبو نصر والحاكم، ونسبه: مُحَمَّد بن يحيى الذهليُّ، وسقط من نسخة ابن السكن ذكرُ «مُحَمَّد» قبل أحمد بن صالح، انتهى، رحمه الله ما أغزر فوائدَه!

    قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو عَمرو بن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة المقرئ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (ابْن أَبِي هِلَالٍ): هو سعيد بن أبي هلال، و (أَبُو الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): وهو مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان الأنصاريُّ، وأمُّه عمرة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرارة، وجدُّها أخو أبي أمامة أسعد بن زُرارة، تَقَدَّمَت.

    تنبيهٌ: لهم آخر يُقال له: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الأنصاريُّ، يروي عن عمرة هذه عن عائشة، قيل: إنَّه أخوها، وقيل: ابن أخيها، وقيل: ابن ابن أخيها، وقيل في نسبه: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرارة، أخرج لهذا الثاني عن عمرة البُخاريُّ ومسلمٌ وأبو داود والنَّسائيُّ حديثًا واحدًا عن عائشة رضي الله عنها: (كان النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يصلِّي ركعتي الفجر فيخفِّفُها ... )؛ الحديث.

    (1/13059)

    قوله: (فِي حَجْرِ عَائِشَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الحاء وكسرها.

    قوله: (رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِ فَيَخْتِمُ بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}): لا أعلم أحدًا سمَّاه إلَّا ما ذكرته في (باب الجمع بين السورتين)، ويحتمل أن يكون المذكورَ في (فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ})، وقد تَقَدَّمَ؛ فانظره، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: نُقِل عن ابن منده في كتاب «التوحيد»: أنَّ الرجلَ كلثومُ بن الهدم، وقد تَقَدَّمَ في بعض الشروح _ (باب الجمع بين السورتين في ركعة) بعد ذكر حديث الذي يفتتح بها عن أنس، وحديث عائشة هذا_ بأنَّ أبا موسى قال في «الصَّحَابة»: كلثوم بن الهدم هو المبهم، وأنَّ ابن بشكوال قال: إنَّه قتادة بن النعمان الظفريُّ، ولم أقف على ذلك في «مبهمات ابن بشكوال»، إنَّما ذكر ابنُ بشكوال ذلك في الذي كان يقرؤها ويتقالُّها، فقال: هو قتادة بن النعمان، ولم أجد في «الأُسْد» في ترجمة كلثوم ما يدلُّ على المذكور عن ابن منده، بل فيه ما يدلُّ على عكسه، فإنَّه قال: إنَّه أوَّل من مات من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعد قدومه المدينة، ولم يذكر شيئًا من مشاهده، ذكره الطَّبَريُّ، ثُمَّ قال: إنَّه تُوُفِّيَ بعد أسعد بن زرارة، وكان قد قدَّم أنَّ أسعدَ تُوُفِّيَ قبل بدر بيسيرٍ، والسرايا قبل بدر معلومةٌ، ليس لكلثوم فيها ذكرٌ، ثُمَّ ذكر السرايا التي قبل بدر وليس لكلثوم فيها ذكرٌ، والله أعلم، انتهى، وقد تَقَدَّمَ شيءٌ من هذا في (باب الجمع بين السورتين)؛ فانظره.

    وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ من المصريِّين: قيل: هو كلثوم بن الهدم، وفيه نظرٌ؛ لأنَّهم ذكروا أنَّه مات في أوَّل الهجرة قبل نزول القتال، ورأيتُ بخطِّ الرشيد العطَّار: كلثوم بن زهدم، وعزاه لـ «صفوة التصوُّف» لابن طاهر، ويُقال: قتادة بن النعمان، وهو غلطٌ وانتقالٌ مِن الذي قبله إلى هذا، انتهى؛ يعني: مِن (أنَّ رجلًا سمع رجلًا يقرأ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}).

    (1/13060)

    [باب قول الله تبارك وتعالى: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ... }]

    (1/13061)

    [حديث: لا يرحم الله من لا يرحم الناس]

    7376# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (غزوة أُحُد) في (باب ما أصاب النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الجراح يوم أُحُد)، و (أبو معاوية): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو ظَبْيَانَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ أهل العربيَّة يفتحون الظاء المُعْجَمَة المشالة، ويُلَحِّنون مَن يكسرها، وأهلُ الحديث يكسرونها، قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو ظبيان: حصين بن جندب بن عمرو المذحِجيُّ، اتَّفقا عليه)، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك مَرَّاتٍ.

    [ج 2 ص 865]

    قوله: (لَا يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ): (يَرحَمُ) في الموضعين: مَرْفُوعٌ؛ لأنَّ (لا) نافية، والله أعلم.

    (1/13062)

    [حديث: ارجع فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى]

    7377# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمَه مُحَمَّدُ بن الفضل السدوسيُّ عارمٌ، و (أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلِّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (مَلِّ)؛ وهي تثليث الميم، وتشديد اللام [1] مع الثلاث، والرابعة فتح الميم، وإسكان اللام، ثُمَّ همزة.

    قوله: (إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ): تَقَدَّمَ أن هذا الرسولَ لا أعرف اسمَه، وقد تَقَدَّمَ اسمُ هذه البنت في (الجنائز): أنَّها زينبُ، وأنَّ ابنَها هذا اسمُه عليُّ بن أبي العاصي بن الربيع.

    قوله: (وَلْتَحْتَسِبْ): تَقَدَّمَ أنَّ (الاحتساب): ادِّخار الثوابِ عند الله عزَّ وجلَّ.

    قوله: (فَدُفِعَ الصَّبِيُّ): كذا هو بالدال، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا في نسخة أخرى صحيحةٍ غير أصلنا.

    قوله: (وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ): تَقَدَّمَ معناه: تتحرَّك وتضطرب.

    قوله: (كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ): تَقَدَّمَ ما (الشَّنُّ)؛ وهي القِربة البالية.

    قوله: (فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا [2]؟): تَقَدَّمَ أنَّه سعد بن عبادة في هذا الحديث نفسِه.

    قوله: (وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ): تَقَدَّمَ في (الرحماء) إعرابان: النصب والرفع، وتَقَدَّمَ تعليلهما في (الجنائز) من هذا التعليق.

    ==========

    [1] في (أ): (اللا)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يا رسول الله)، وقوله: (ما هذا؟): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

    [ج 2 ص 866]

    (1/13063)

    [باب قول الله تعالى: أنا {الرزاق ذو القوة المتين}]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: {أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58]): كذا في أصلنا، وفي الهامش: {إِنَّ اللَّهَ}، وعليه (صح)، وسقط له {هو}، أو أنَّه تركها اعتمادًا لِما عُرِف عن القراءة المتواترة، ويأتي الكلام على التبويب في كلام ابن المُنَيِّر وبعده، ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على جاري عادته، ثُمَّ قال: وجه مطابقة الحديثِ الآيةَ _والحديثُ وهو قوله: «ما أحدٌ أصبرَ على أذًى سمعه من الله عزَّ وجلَّ، يدْعون له الولدَ، ثُمَّ يعافيهم ويرزقهم»، قال ابن المُنَيِّر_: اشتماله على صِفَتي الرِّزْقِ والقوَّة؛ أي: القدرة، أمَّا الرزق؛ فواضحٌ بقوله: «ويرزقهم»، وأمَّا القدرة والقوة؛ بقوله: «ما أحدٌ أصبرَ على أذًى سمعه من الله عزَّ وجلَّ»؛ ففيه إشارةٌ إلى قدرة الله على الإحسان إليهم مع كفرهم به، وأمَّا البشر؛ فإنَّه لا يقدر على الإحسان إلى المسيء طبعًا، ولكن يتكلَّف ذلك شرعًا؛ لأنَّ الذي يحمل على المكافأة والمسارعة بالعقوبة خوفُ الفوت، والله سبحانه وتعالى قادرٌ أَزَلًا وأبدًا، لا يعجزه شيءٌ ولا يفوته، والتلاوة: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}، انتهى.

    (1/13064)

    وقد قَدَّمْتُ أنَّ التلاوةَ كذا وقعت على قراءة العامَّة في هامش أصلنا، وفي أصلٍ آخَرَ كذلك، وفي الهامش: القراءة الأخرى: {أَنَا الرَّزَّاقُ}، وقد سبق في أوَّل هذا التعليق على ما إذا وقع وَهَمٌ في التلاوة ما يُصنَع به، في حديث هرقل في قوله: و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 65]، وقد رأيت في هامش نسخة _زعم كاتب الحاشية أنَّها من نسخة الصغانيِّ، والتبويب: (باب قول الله: {إنِّي أنا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}) _ ما لفظها: (هكذا في النسخ، وقد أُصلِح في بعضها جهلًا منهم بالقراءة، وهي قراءةُ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ فإنَّه قال: أقرأني النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: {إنِّي أنا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ})، انتهت، والذي قاله صحيحٌ، فهي منسوبةٌ إلى ابن مسعود في «أبي داود» في (كتاب الحروف)، و «التِّرْمِذيِّ» في (كتاب القراءات)، وفي «النَّسائيِّ» في (البعوث) وفي (التفسير)، و «في مستدرك الحاكم» في (القراءات) أيضًا مرَّتين، والله أعلم، والحاصل: أنَّها قراءةٌ شاذَّةٌ، فلا تُغَيَّر إلى المتواترة، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (تَعَالَى).

    [ج 2 ص 866]

    (1/13065)

    [حديث: ما أحد أصبر على أذًى سمعه من الله]

    7378# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رَوَّاد، وقدَّمت مرارًا أنَّ عبدانَ لقبُه، و (أَبُو حَمْزَةَ): بالحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وإنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ): بضَمِّ السين، وفتح اللام، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن حَبِيب بن رُبَيِّعَة، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس بن سُليم بن حضَّار الأميرُ، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة.

    ==========

    [ج 2 ص 866]

    (1/13066)

    [قول الله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا}]

    قوله: (قَالَ يَحْيَى: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا): (يحيى) هذا: هو الفرَّاء، تَقَدَّمَ بعض ترجمته في (سورة الصَّفِّ).

    ==========

    [ج 2 ص 866]

    (1/13067)

    [حديث: مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمها إلا الله]

    7379# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (مَخْلَدًا) بإسكان الخاء.

    قوله: (مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    قوله: (مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ): أي: تنقص من مدَّة الحمل، وقيل: ما يسقط قبل تمام مدَّته، وقال ابن عبد السَّلام الشيخ عزَّ الدين عبدُ العزيز في «تفسيره»: {تَغِيضُ}: تنقص من الخلقة، و {تزداد} [1] [الرعد: 8]: تَتمُّ، وقيل: تنقص من التسعة، وتزاد إلى الستِّين، وقيل: بظهور الحيض في الحبل، وفيه نقص الولد؛ لأنَّ دمَ الحيض غذاؤُه، ويزاد على التسعة الأشهر بقدر ما حاضت، وقيل: بانقطاع الحيض في الحمل، وتزاد بدم النفاس بعد الوضع، وقيل: ما يولد به من قبلُ ومن بعدُ.

    ==========

    [1] في (أ): (تزاد)، والمثبت موافق للتلاوة.

    [ج 2 ص 866]

    (1/13068)

    [حديث: مَن حدثك أن محمدًا رأى ربه، فقد كذب]

    7380# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ في أوائل هذا التعليق الفرقَ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرتُ الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، ثُمَّ ذكرتها في أماكنها، والله أعلم، و (سُفْيَانُ): هو الثَّوريُّ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (الشَّعْبيُّ): عامر بن شَراحيل.

    قوله: (مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا [1] رَأَى رَبَّهُ؛ فَقَدْ كَذَبَ): تَقَدَّمَت هذه المسألةُ في أوَّل (كتاب الصَّلاة)، وقد أطال القاضي عياض الكلامَ على هذه المسألة، وذكر أدلَّة الجانِبَين، ولم يترجَّح عنده فيها شيءٌ، وقد ذكرت أنا أيضا كلامًا للناس، ولا شكَّ أنَّها جائزةٌ، والله أعلم.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة»: (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

    [ج 2 ص 866]

    (1/13069)

    [قول الله تعالى: {السلام المؤمن}]

    (1/13070)

    [حديث: إن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله]

    7381# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّمَ مرارا أنَّه زهير بن معاوية بن حُديج الحافظ، أبو خيثمة، و (مُغِيرَةُ): هو ابن مِقْسَم الضَّبِّيُّ، و (شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ): هو أبو وائل، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

    قوله: (التَّحِيَّاتُ): تقدَّم الكلام عليها، وكذا (الصَّلَوَاتُ).

    ==========

    [ج 2 ص 866]

    (1/13071)

    [قول الله تعالى: {ملك الناس}]

    (1/13072)

    [حديث: يقبض الله الأرض يوم القيامة]

    7382# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وَهْب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ،

    [ج 2 ص 866]

    و (سَعِيْد): هو ابن المُسَيّب بن حَزْن، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (وَقَالَ شُعَيْبٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ): كذا في أصلنا وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ومراده: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أمَّا (شعيب)؛ فهو ابن أبي حمزة، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا: قال المِزِّيُّ في «أطرافه»: («وقال أبو اليمان: أخبرنا شعيب»؛ ليس فيه «حَدَّثَنَا أبو اليمان»، رواه يونس عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد، عن أبي هريرة)، انتهى.

    وقد ذكرت لك أنَّ في أصلنا: (وقال شعيب)، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم، وعلى تقدير أنَّه: (وقال شعيب)؛ لم أرَه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله.

    وأمَّا (الُّزبَيديُّ)؛ فإنَّه مُحَمَّد بن الوليد الزُّبَيديُّ؛ بضَمِّ الزاي، وفتح المُوَحَّدة، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله، وقال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: قلت: رواية الزُّبَيديِّ وصلها ابنُ جَوْصَا في جزئه المشهور.

    وأمَّا (ابن مسافر)؛ فقد تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرَّحْمَن بن خالد بن مسافر، وتعليقه هذا أخرجه البُخاريُّ في (التفسير) عن سعيد ابن عُفَير عن الليث عن عبد الرَّحْمَن بن خالد به.

    وأمَّا (إسحاق بن يحيى)؛ فإنَّه ابن علقمة الكلبيُّ الحمصيُّ، تَقَدَّمَ، وأنَّه استشهد به البُخاريُّ، يُقال: إنَّه قتل أباه، ولا يُعرَف، ولم أرَ تعليقَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما في «البُخاريِّ»، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أبو سلمة): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    (1/13073)

    [قول الله تعالى: {وهو العزيز الحكيم}]

    قوله: (قَطْ قَطْ): تَقَدَّمَ الكلام عليها مُطَوَّلًا في (سورة ق) في (التفسير).

    قوله: (يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ هذا الرجل جهينةُ من جهينة، وتَقَدَّمَ أنَّ السُّهَيليَّ قال: إنَّ اسمَه هنَّادٌ؛ فلعلَّ أحدَهما لقبٌ، والآخرَ اسمٌ.

    قوله: (وَقَالَ [1] أَبُو سَعِيدٍ): هو سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

    قوله: (لَا غِنًى بِي): (غنًى): مُنَوَّنٌ [2]، وقد تَقَدَّمَ ذلك أيضًا، وأنَّ معنى (لا غِنًى): لا بُدَّ، وقوله: (بي): كذا كان في أصلنا، وقد طرأ عليها فأُصلِحت على: (لي)، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بلا واو.

    [2] وهو في «اليونينيَّة» بلا تنوين.

    [ج 2 ص 867]

    (1/13074)

    [حديث: أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت]

    7383# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج ميسرةَ، تُوُفِّيَ سنة أربع وعشرين ومئتين)، انتهى، وقد ذكرت أنا ذلك، و (عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، تَقَدَّمَ، و (يَحْيَى بْن يَعْمَرَ): تَقَدَّمَ أنَّه لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، وأنَّ (يَعْمَر) بفتح الميم، وتَقَدَّمَ ما ذكره ابن قُرقُول عن البُخاريِّ من أنَّ (اليعمُريَّ) بضَمِّ الميم.

    ==========

    [ج 2 ص 867]

    (1/13075)

    [حديث: لا يزال يلقى فيها وتقول هل من مزيد]

    7384# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (هو أبو بكر، عبد الله بن مُحَمَّد بن حميد بن أبي الأسود بن الأسود البصريُّ، مات ببغداد سنة ثلاث وعشرين ومئتين)، انتهى، له ترجمةٌ في «الميزان»، و (حَرَمِيٌّ): تَقَدَّمَ أنَّه لا كالمنسوب إلى الحرم، المنسوبُ إلى الحرم حِرْمِيٌّ؛ بكسر الحاء المُهْمَلَة، وبإسكان الراء، و (حَرَمِيُّ) هذا: بفتح الحاء المُهْمَلَة، وبالراء، مشدَّد الياء.

    قوله: (يُلْقَى فِي النَّارِ): (يُلقَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): هو خليفة بن خيَّاط، شبابٌ العُصفريُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلانٌ)؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (سَعِيدٌ): هو [1] ابن أبي عَرُوبة، تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَعَنْ مُعْتَمِرٍ): هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن خليفة، عن معتمر، عن أبيه، وأبوه هو سليمان بن طرخان التيميُّ، وليس بتعليقٍ.

    قوله: (يُلْقَى فِيهَا): (يُلقَى): تَقَدَّمَ أنَّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (قَدَمَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (القدم) في (سورة ق) في (التفسير)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (فَيَنْزَوِي)؛ أي: ينضمُّ ويجتمع، وكذا على: (قَدِ قَدِ) بِلُغَاتها؛ كلُّه في (سورة ق) في (التفسير)، قال ابن قُرقُول: كفى كفى؛ مثل: قط قط؛ يُقال بسكون الدال وكسرها، انتهى، وبهما هو مضبوطٌ هنا في أصلنا.

    ==========

    [1] زيد في (أ): (هو)، وهو تكرار.

    [ج 2 ص 867]

    (1/13076)

    [قول الله تعالى: {وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق}]

    (1/13077)

    [حديث: اللهم لك الحمد أنت رب السموات والأرض]

    7385# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (ابْن جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (سُلَيْمَان): هو ابن أبي مسلم الأحولُ.

    قوله: (أَنْتَ قَيِّمُ): (القيِّم) و (القيُّوم) و (القَيَّام): الذي لا يزول، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا على قوله: (أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ).

    قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا): أمَّا (سفيان)؛ فهو الثَّوريُّ، وقوله: (بهذا)؛ أي: بالسند المتقدِّم؛ وهو سفيان، عن ابن جُرَيجٍ، عن سليمان، عن طاووس، عن ابن عَبَّاس، وباللفظ، غير أنَّه قال: (وقولك الحقُّ)، والذي قبله قال: (قولك الحقُّ)، خالفه في الواو فقط، والله أعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 867]

    (1/13078)

    [قول الله تعالى: {وكان الله سميعًا بصيرًا}]

    قوله: (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى [1]: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: الأحاديثُ مطابقةٌ للترجمة إلَّا حديثَ أبي بكر؛ يعني: حديثه: (علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي ... )؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: فليس فيه صفتا السمع والبصر، غير أنَّه قال: (أدعو به)، ولولا أنَّ سمع الله يتعلَّق بالسِّرِّ وأخفى؛ لَما أفادَ الدعاءُ في الصَّلاة سرًّا، انتهى.

    قوله: (وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ تَمِيمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا [2]: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ ... ) إلى آخره: هذا التعليقُ أخرجه النَّسائيُّ في (الصَّلاة) وفي (التفسير) عن إسحاق بن إبراهيم، عن جَرِير، عن الأعمش نحوَه، وابن ماجه في (السُّنَّة) عن عليِّ بن مُحَمَّد عن أبي معاوية، وفي (الطلاق) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن مُحَمَّد بن أبي عبيدة بن معن، عن أبيه؛ كلاهما عن الأعمش به.

    و (الأعمش): هو سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (تميم) هذا: هو تميم بن سَلَمة السَّلَميُّ الكوفيُّ، رأى ابنَ الزُّبَير، وروى عن شُريح القاضي، وعبد الرَّحْمَن بن هلال، وعروة، وغيرِهم، وعنه: منصور، والأعمش، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين، وقال الفَلَّاس: مات سنة مئة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقال بعض حفَّاظ مِصر من العصريِّين: (تميم: هو ابن سلمة، ووَهِمَ مَن زعم أنَّه تميم بن طرفة)، انتهى.

    قوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى [3]: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]): تمام هذا في «البزَّار» وغيرِه: قالت عائشة: الحمد لله الذي وَسِعَ سَمْعُه الأصوات، جاءت خولةُ تشتكي زوجَها إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تخفي أحيانًا بعض ما تقول، فأنزل الله تعالى ... »؛ وذكر الآية.

    قوله: ({قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]): تَقَدَّمَ اسم المجادِلة واسمُ زوجها، وهي خولة بنت ثعلبة، وقيل غيرُ ذلك، وزوجُها أوس بن الصامت، في (الظهار).

    (1/13079)

    [حديث: اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا]

    7386# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وتقدَّمت اللُّغَات في (مَلٍّ) قريبًا وبعيدًا، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار الأشعريُّ.

    [ج 2 ص 867]

    قوله: (فَقَالَ: ارْبَعُوا): هو بهمزة وصلٍ، وفتح المُوَحَّدة، فإن ابتدأتَ به؛ كسرتَ الهمزة، وقد تَقَدَّمَ معناه.

    (1/13080)

    [حديث: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا]

    7387# 7388# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو): هو ابن الحارث المصريُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، و (يَزِيد): هو ابن أبي حَبِيب؛ بفتح الحاء المُهْمَلَة، وكسر المُوَحَّدة، و (أَبُو الخَيْر): مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

    قوله: (أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي): كذا في أصلنا بالواو، وهي لغةٌ، والجادَّة: (أدعُ)؛ بحذف حرف العلَّة، والله أعلم.

    قوله: (ظُلْمًا كَثِيرًا): كذا في أصلنا بالمُثَلَّثَة، قال ابن قُرقُول: (كبيرًا)، وللقابسيِّ بالثاء المُثَلَّثَة، وقد تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ ما قاله الشيخ محيي الدين، وفيه نظرٌ تَقَدَّمَ، والله أعلم.

    (1/13081)

    [حديث: إن جبريل عليه السلام ناداني قال: إن الله قد سمع قول قومك]

    7389# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّمَ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّمَ.

    (1/13082)

    [باب قول الله تعالى: {قل هو القادر}]

    (1/13083)

    [حديث: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ... ]

    7390# قوله: (يُحَدِّثُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ): اعلم أنَّ هذا الرجلَ ليس له روايةٌ في «البُخاريِّ»، بل ولا في «مسلمٍ»، ولكن جاء ذِكْرُه هنا، فأحببت أن أذكر بعضَ ترجمته؛ لاحتمال أن يَعرِض للقارئ لـ «البخاريِّ» أحدٌ يسأله عنه، فأقول: هو عبد الله بن حسن بن حسن بن عليِّ بن أبي طالب، أبو مُحَمَّد الهاشميُّ المدنيُّ، عن أبيه، وأمِّه فاطمةَ بنتِ الحُسين، وعمِّه من الأمِّ إبراهيمَ بنِ مُحَمَّد بن طلحة، وعبدِ الله بن جعفر وله صحبةٌ، والأعرجِ، وعكرمةَ، وغيرِهم، وعنه: يزيد بن الهادي، وليث بن أبي سُلَيم، وماتا قبله، وعبد العزيز بن المُطَّلِب، وأبو بكر بن حفص الزُّهْرِيُّ، ومالكٌ، وسفيان الثَّوريُّ، وخلقٌ، قال مصعبٌ الزبيريُّ: ما رأيت أحدًا من علمائنا يكرمون أحدًا ما يكرمون عبدَ الله بن حسن، وعنه روى مالكٌ حديثًا في الصَّلاة، وقال الواقديُّ: كان من العُبَّاد، وكان له شرفٌ وعارضةٌ وهيئةٌ ولسانٌ شديدٌ، وَفَدَ على أبي العَبَّاس بالأنبار، وقال مُحَمَّد بن سلَّام الجمحيُّ: كان ذا منزلة من عمر بن عبد العزيز في خلافته، ثُمَّ أكرمه أبو العَبَّاس، ووهبه ألفَ ألفِ درهمٍ، قال ابن معين وأبو حاتم: ثقةٌ، وقال موسى بن عبد الله: تُوُفِّيَ في حبس أبي جعفر وهو ابن خمسٍ وسبعين سنةً، قال الواقديُّ: كان موتُه قبل مقتل ابنه مُحَمَّد بأشهر، وقُتِل مُحَمَّدٌ في رمضان سنة خمس وأربعين ومئة، أخرج له الأربعة.

    و (جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ السَّلَمِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه بفتح السين واللام، نسبة إلى بني سَلِمة؛ بكسر اللام: قبيل من الأنصار، فإن كسرتَ لام النسب؛ صارَ على لُغَة، وقال ابن الصلاح: إنَّ كسرَ اللام في النسب لحنٌ، والله أعلم.

    قوله: (فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلِ ... ): فيه التصريح بأنَّ الدعاءَ يكون بعد تمام الصَّلاة، وقد سُئِلتُ عن هذه المسألة مَرَّاتٍ، والنقل فيها كذلك، ومستندُ النقل هذا الحديثُ، والله أعلم.

    قوله: (وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ): أي: أطلب منك أن تجعلَ لي قدرةً بقدرتك، وقد تَقَدَّمَ، وهو بفتح الهمزة، وهذا ظاهِرٌ، وكذا تَقَدَّمَ: (فَاقْدُرْهُ)، وأنَّه بضَمِّ الدال وكسرها، وهمز وصلٍ، ثُلاثيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وكذا (وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ)؛ بضَمِّ الدال وكسرها.

    ==========

    (1/13084)

    [ج 2 ص 868]

    (1/13085)

    [مقلب القلوب ... ]

    (1/13086)

    [حديث: لا ومقلب القلوب.]

    7391# قوله: (عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ): هو عبد الله، شيخ خراسان.

    ==========

    [ج 2 ص 868]

    (1/13087)

    [إن لله مائة اسم إلا واحدًا]

    قوله: (بَابٌ [1]: إِنَّ لِلَّهِ مِئَةَ اسْمٍ إِلاَّ وَاحِدًا): الأسماء الحسنى حديثُها في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، لكن جملةً، ولم يعدِّدوها، وقد عدَّدها التِّرْمِذيُّ بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه، رواه عن إبراهيم بن يعقوب: حَدَّثَنَا صفوان بن صالح: حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم: حَدَّثَنَا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مَن أحصاها؛ دخل الجنَّة، هو الله الذي لا إله إلَّا هو، الرَّحْمَن، الرحيم، الملك، القدوس، السَّلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبَّار، المتكبِّر، الخالق، البارئ، المصوِّر، الغفَّار، القهَّار، الوهَّاب، الرَّزَّاق، الفتَّاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المُعِزُّ، المُذِلُّ، السميع، البصير، الحَكَم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشَّكُور، العَلِيُّ، الكبير، الحفيظ، المُقِيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الوَدود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحقُّ، الوكيل، القويُّ، المتين، الوليُّ، الحميد، المحصي، المبدِئ، المعيد، المحيي، المميت، الحيُّ، القيُّوم، الواجد، الماجد، الواحد، الأحد، الصمد، القادر، المقتَدِر، المقدِّم، المؤخِّر، الأوَّل، الآخِرُ، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البَرُّ، التوَّاب، المنتقِم، العفوُّ، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغنيُّ، المغني، المانع، الضارُّ، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور»، قال التِّرْمِذيُّ: هذا حديثٌ غريبٌ، حَدَّثَنَا به غيرُ واحد عن صفوان بن صالح، ولا يُعرَف إلَّا من حديث صفوان بن صالح، وهو ثقةٌ عند أهل الحديث، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ من غير وجه عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لا نعلَم في كثيرِ شيءٍ من الروايات ذكرَ الأسماء إلَّا في هذا الحديث، وقد روى آدمُ بن إياس هذا الحديثَ بإسنادٍ غير هذا عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وذكر فيه الأسماءَ، وليس له إسنادٌ صحيحٌ، انتهى.

    (1/13088)

    وقد رواه ابن ماجه بإسناده إلى أبي هريرة، وفيه عبدُ الملك بن مُحَمَّد الصنعانيُّ، قال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال سليمان بن عبد الرَّحْمَن: ثقة، وأمَّا ابن حِبَّانَ؛ فقال: كان يجيب فيما يُسأَل عنه حتَّى يتفرَّد بالموضوعات، لا يجوز الاحتجاج بروايته، انتهى، عن زهير بن مُحَمَّد التميميِّ: ثقةٌ مُغْرِب، ولبعضهم عنه مناكيرُ، وفي الحديث الذي أخرجه ابن ماجه أسماءٌ ليست في الذي في «التِّرْمِذيِّ»، وها أنا أميِّزها لك؛ ففيه: (البارُّ، الرَّبُّ، البرهان، الشديد، الواقي، القائم، الدائم، الحافظ، الناظر، السامع، الجامع، الكافي، الأبد، العالم، الصادق، المُنير، التامُّ، القديم، الوتر)، والله أعلم.

    قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {ذُو الْجَلَالِ} [الرَّحْمَن: 27]: الْعَظَمَةِ): (العَظَمة): مجرورٌ؛ لأنَّه تفسير {الجلالِ}، وليس تفسيرَ الـ {ذو}، {ذو} معناها: صاحبُ.

    ==========

    [1] (باب): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.

    [ج 2 ص 868]

    (1/13089)

    [حديث: إن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائةً إلا واحدًا]

    7392# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمَه الحكمُ بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِئَةً إِلَّا وَاحِدًا): تَقَدَّمَ الكلام على هذا.

    قوله: (مَنْ أَحْصَاهَا؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ): تَقَدَّمَ معنى (أحصاها)، والصحيحُ من الأقوال: حَفِظَها؛ لقوله في بعض طرق الصحيح: «مَن حفظها؛ دخل الجنَّة»؛ ولهذا عقَّبَ البُخاريُّ تفسيرَ قوله: (أحصاها) فقال: (أَحْصَيْنَاهُ: حَفِظْنَاهُ).

    (1/13090)

    [السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها]

    قوله: (بَابُ السُّؤَالِ بِأَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَالاِسْتِعَاذَةِ بِهَا): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: مقصوده بالترجمة التنبيهُ على أنَّ الاسم هو المسمَّى؛ ولذلك صحَّت الاستعاذة به، والاستعانة به، وظهر لك في قوله: «باسمك وضعت جنبي وبك أرفعه»، فأضاف الوضع إلى الاسم، والرفع إلى الذات؛ دلَّ على أنَّ الاسمَ هو الذات، وبها يُستَعان رفعًا ووضعًا، لا باللفظ، انتهى.

    ==========

    [ج 2 ص 869]

    (1/13091)

    [حديث: إذا جاء أحدكم فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات]

    7393# قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمَ (أبي سعيد) كيسانُ، وأنَّ (المقبريَّ) بضَمِّ المُوَحَّدة وفتحها وكسرها، و (المقبّرة): مُثَلَّثَة الباء.

    قوله: (بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ): هو بالصاد المُهْمَلَة، قال في «المطالع»: بفتح الصاد، وكسر النون، قيل: طرفه، وقيل: حاشيته، وقيل: جانب ناحيته التي عليها الهُدب، وقيل: بطرَّته، والمراد هنا: الطَّرَفُ، وفي «النهاية» قولٌ واحدٌ، قال: صَنِفة الإزار؛ بكسر النون: جانبه ممَّا يلي طرَّته، انتهى.

    قوله: (تَابَعَهُ يَحْيَى وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود _فيما يظهر لي_ على مالك، و (يحيى): هو ابن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، (وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر): بكسر المُوَحَّدة، وبالشِّين المُعْجَمَة، و (المُفَضَّل): اسم مفعولٍ من (فضَّلَه) المضعَّف، و (عبيد الله): هو ابن عمر العُمَريُّ، ومتابعة يحيى القَطَّان أخرجها النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عمرو بن عليٍّ ومُحَمَّد بن مثنًّى؛ كلاهما عن يحيى بن سعيد نحوَه [1]، ومتابعة بِشْرٍ لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

    قوله: (وَزَادَ زُهَيْرٌ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (زهير): هو ابن معاوية بن حُديج الحافظ، أبو خيثمة، تَقَدَّمَ، وحديثه عن عبيد الله بن عمر العمريِّ أخرجه البُخاريُّ في (الدَّعَوات) وأبو داود في (الأدب) عن أحمد ابن يونس عنه، وأخرجه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن مُحَمَّد بن معدان بن عيسى، عن الحسن بن مُحَمَّد بن أعين، عن زهير به، وحديث أبي ضمرة _وهو أنس بن عياض_ أخرجه مسلمٌ في (الدَّعَوات) عن إسحاق بن موسى عن أبي ضمرة أنسِ بن عياض به، وحديث إسماعيل بن زكريَّاء لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخُنا: وزيادة إسماعيلَ أخرجها الطَّبَرانيُّ في «الأوسط» عن مُحَمَّد بن عمران: أخبرنا مُحَمَّد بن الرَّيَّان عنه، انتهى.

    (1/13092)

    قوله: (وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ابن عجلان): هو مُحَمَّد بن عجلان، وحديثه عن سعيد عن أبي هريرة أخرجه التِّرْمِذيُّ في (الدَّعَوات) عن ابن أبي عمر، عن سفيان، عن ابن عجلان نحوَه، وقال: حسنٌ، ورواه النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن قُتَيْبَة بن سعيد، عن يعقوب بن عبد الرَّحْمَن، عن ابن عجلان نحوَه، والله أعلم.

    قوله: (تابَعَهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ والدَّرَاوَرْدِيُّ وأُسامَةُ بنُ حَفْصٍ): الضمير في (تابعه) يعود على ابن عجلان، والظاهر أنَّ (مُحَمَّدَ بنَ عبد الرَّحْمَن): هو ابن أبي ذئب، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: إنَّه الطفاويُّ، قال: وتَقَدَّمَ ذلك في (الدَّعَوات)، وسيأتي على الصَّواب قريبًا في كتابه بعد صفحة، وإيراد متابعته ومَن معه هنا يحتاج إلى تحرير، انتهى، ومتابعتُه لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا، و (الدَّرَاوَرْدِيُّ): عبد العزيز بن مُحَمَّد، تَقَدَّمَ، ومتابعتُه لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا رحمه الله، و (أُسامَةُ بنُ حَفْصٍ): تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ روى له حديثًا بمتابعة جماعةٍ له، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومتابعة أسامة بن حفص لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخُنا رحمه الله.

    ==========

    [1] زيد في (أ) مستدركًا: (ومتابعة يحيى _هو ابن سعيد القَطَّان_ أخرجها النَّسائيُّ في «اليوم والليلة» عن عمرو بن عليٍّ ومُحَمَّد بن مثنًّى؛ كلاهما عن يحيى بن سعيد نحوَه)، وهو تكرار.

    [ج 2 ص 869]

    (1/13093)

    [حديث: اللهم باسمك أحيا وأموت]

    7394# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو مسلم بن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ الحافظ، تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، وأنَّها إلى جدِّه فُرهود، والنسبة إلى فُرهودَ: فراهيديٌّ وفُرهوديٌّ، و (عَبْد الْمَلِكِ): هو ابن عمير، و (رِبْعِيٌّ): هو ابن حِراش، و (رِبْعِيٌّ): ضبطُه كالمنسوب إلى (الربيع)، و (حِراش): بالحاء المُهْمَلَة، و (حُذَيْفَة): هو ابن اليماني حُسَيل، ويُقال: حِسْل، تَقَدَّمَ رضي الله عنه وعن أبيه.

    قوله: (إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ): (أوى): بالقصر؛ لأنَّه لازمٌ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ (أوى) إن كان لازمًا كهذا؛ كان فيه لُغَتان، والأفصحُ القصرُ، وإن كان متعدِّيًا؛ كان فيه لُغَتان، والأفصحُ المدُّ، وما ذكرتُه هو لغةُ القرآن، والله أعلم.

    قوله: (أَحْيَا): هو بفتح الهمزة، وهذا ممَّا لا خلافَ فيه، إلَّا أنِّي رأيتُ بعضَ الطَّلبة أخبرني عن بعض مَن يقول: إنَّه محدِّث: أنَّه قال بالضَّمِّ؛ فسُئِل عن ذلك، فصمَّمَ على الضمِّ، وهذا خطأ.

    قوله: (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ): تَقَدَّمَ أنَّه البَعث من القبور.

    (1/13094)

    [حديث: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور .. ]

    7395# قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو شيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، تَقَدَّمَ، وأنَّه منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحو، وتَقَدَّمَ كلامُ ابنِ أبي داود وغيرِه: أنَّه النَّحْوُ المعروف، وأنَّ المنسوبَ إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان هذا، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (رِبْعِيٌّ): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (حِرَاشٍ): والده، و (خَرَشَة): بالخاء والراء والشين المعجمتين المفتوحات، ثُمَّ تاء التأنيث، و (أَبُو ذَرٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جُندب بن جنادة، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته.

    قوله: (إذا أَخَذَ مَضْجَعَهُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الجيم، وأنَّ شيخَنا نقل فيه الكسرَ.

    قوله: (وَنَحْيَا): هو بفتح النون.

    ==========

    [ج 2 ص 869]

    (1/13095)

    [حديث: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال: باسم الله]

    7396# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّه ابن عبد الحَميد، تَقَدَّمَ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (سَالِم): هو ابن أبي الجعْد.

    قوله: (لَمْ يَضُرُّهُ): يجوز فيه فتح الراء وضمُّها، والضمُّ أفصحُ، وهو مذهب سيبويه، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب التسمية على كلِّ حال، وعند الوِقاع).

    (1/13096)

    [حديث: إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فأمسكن فكل]

    7397# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ): هو بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وهو ابن عياض، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (هَمَّام): هو ابن الحارث النَّخَعيُّ.

    قوله: (بِالْمِعْرَاضِ): تَقَدَّمَ ضبطه، وما هو، وسأذكر تفسيرَه قريبًا من كلام الدِّمْيَاطيِّ.

    قوله: (فَخَزَقَ): هو بالخاء المُعْجَمَة والزاي المفتوحَتين، تَقَدَّمَ، وقال الدِّمْيَاطيُّ هنا: (خزق المِعْراض: شقَّ اللحمَ وقطعه، والمِعْرَاض: السهم الذي لا ريشَ له)، انتهى.

    (1/13097)

    [حديث: اذكروا أنتم اسم الله وكلوا]

    7398# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه سليمانُ بن حيَّان.

    قوله: (يَأْتُونَا بِلُحْمَانٍ): هو بضَمِّ اللام، جمع (لَحْم)، ويُجمَع أيضًا على (لِحام) و (لُحوم).

    قوله: (تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَأُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ): الضمير في (تابعه) يعود على أبي خالد الأحمر، فرواه هؤلاء أيضًا عن هشام بن عروة به، ومتابعة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن _هو الطُّفاويُّ_ عن هشام به أخرجها البُخاريُّ في (البيوع) عن أبي الأشعث أحمدَ بنِ المقدام عنه به، و (الدَّرَاوَرْدِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه عبد العزيز بن مُحَمَّد الدَّرَاوَرْدِيُّ، ومتابعته لم أرَها في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: أخرجها مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر العَدَنِيُّ عنه، و (أسامة بن حفص): هو المدنيُّ، روى عن موسى بن عقبة، وهشام بن عروة، وجماعةٍ، وعنه: إبراهيم بن حمزة، ومُحَمَّد بن الحسن بن زَبَالة، وغيرُهم، روى له البُخاريُّ حديثًا واحدًا بمتابعةِ جماعةٍ له، وانفرد بالإخراج له، صدوقٌ، ضعَّفه أبو الفتح الأزديُّ بلا حُجَّة، وقال اللالْكَائيُّ: مجهولٌ، انتهى، روى عنه أربعةٌ، والعلم محيطٌ بأنَّ الشخصَ يخرُج عن جهالة العين باثنين، ومتابعتُه رواها البُخاريُّ في (الذبائح) عن مُحَمَّد بن عبيد الله عن أسامة بن حفص به.

    ==========

    [ج 2 ص 870]

    (1/13098)

    [حديث: لا تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفًا فليحلف بالله]

    7401# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مراراُ أنَّه الفضل بن دكين، و (وَرْقَاءُ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو، وإسكان الراء، وبالقاف، ممدودٌ، وهو ورقاء بن عمر اليشكريُّ، تَقَدَّمَ.

    ==========

    [ج 2 ص 870]

    (1/13099)

    [باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله]

    قوله: (بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الذَّاتِ وَالنُّعُوتِ): (يُذكَر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الذات): معروفة؛ وهي الحقيقة، قال النَّوويُّ في «تهذيبه»: هذا اصطلاحُ المتكلِّمِين، وقد أنكره بعض الأدباء عليهم، وقال: لا تُعرَف (ذات) في لغة العرب بمعنى: حقيقة، وإنَّما (ذات) بمعنى: صاحب، وهذا الإنكارُ منكرٌ، بل الذي قاله المتكلِّمون _وقد ذكره الفقهاء أيضًا_ صحيحٌ، وقد قال الواحديُّ في أوَّل (سورة الأنفال) في قوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]: قال أبو العَبَّاس ثعلب: {ذَاتَ بَيْنِكُمْ}؛ أي: الحالة التي بينكم، والتأنيث عنده لـ (الحالة)، وهو قول الكوفيِّين، وقال الزَّجَّاج: معنى {ذَاتَ بَيْنِكُمْ}: حقيقةَ وَصْلِكم، و (البين): الوصل، وقال صاحب «النظم»: {ذات}: كناية عن الخصومة والمنازعة ههنا، وهي الواقعة بينهم، انتهى، وقال غيره: منع الأكثرون (الذات) عليه سبحانه؛ للتأنيث، وفي كلام خُبَيب رضي الله عنه:

    وذلك في ذات الإله ........

    وقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لم يكذب إبراهيمُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلَّا ثلاث كذبات؛ ثنتين في ذات الله»، وهذا في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، والله أعلم، و (النعوت): جمع (نعْتٍ)؛ وهو الصفة.

    قوله: (وَقَالَ خُبَيْبٌ: وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ): هو بضَمِّ الخاء المُعْجَمَة، وفتح المُوَحَّدة، وهو خُبَيب بن عديِّ بن مالك الأنصاريُّ الأوسيُّ، وقد قَدَّمْتُ الكلام مع مَن عدَّه بدريًّا، وخُبَيب بن عديٍّ هذا قُتِل صبرًا بمكَّة، رضي الله عنه، وقصَّته مشهورةٌ في «الصَّحيح»، لكنَّه لم يحضر بدرًا، ولا قتلَ الحارثَ بن عامر الذي حضر بدرًا، وقتل الحارثَ بن عامر خبيبُ بن إساف بن عنبة، والله أعلم.

    (1/13100)

    [حديث: بعث رسول الله عشرة منهم خبيب الأنصاري ... ]

    7402# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ): (عَمرو): بفتح العين، وزيادة واو، و (أَسِيد): بفتح الهمزة، وكسر السين، و (جارية): بالجيم والمُثَنَّاة تحت، وأَسِيد أسلم يوم الفتح، تَقَدَّمَ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ عَمرًا هو الصحيحُ، وقد قيل فيه: عُمر؛ بضَمِّ العين، وحذف الواو، والصحيحُ الأوَّلُ.

    قوله: (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةً؛ مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ): هذا البَعث يُقال له: بعث الرجيع، وكان في صفر على رأس سنة وثلاثين شهرًا من مهاجَره عليه السَّلام عند ابن سعد، وقد تَقَدَّمَ ذلك في مكانه بما فيه، وقد ذكرت بيتين لحسَّان بن ثابت يجمع ستَّةً منهم _فإنَّ في قول ابن إسحاق: إنَّهم كانوا ستَّةً_ وهما:

    ~…أَلَا لَيْتَنِي فِيهَا شَهِدْتُ ابْنَ طَارِقٍ…وَزَيْدًا وَمَا تُغْنِي الأَمَانِيْ وَمَرْثَدَا

    ~…وَدَافَعْتُ عَنْ حِبِّي خُبَيْبٍ وَعَاصِمٍ…وَكَانَ شِفَاءً لَوْ تَدَارَكْتُ خَالِدَا

    فأمَّا (ابن طارق)؛ فهو عبد الله بن طارق، و (زيد): هو ابن الدَّثِنَة، و (مرثد): هو ابن أبي مرثد، و (خبيب): هو ابن عديٍّ، و (عاصم): هو ابن ثابت بن أبي الأقلح؛ بالقاف، و (خالد): هو ابن البُكَير، وقد ذكرهم ابنُ سعد عشرة، وزاد فيهم تسميةَ سابعٍ؛ وهو مُعَتِّب بن عبيد؛ فتحصَّلْنا على تسمية سبعةٍ منهم، والله أعلمُ بالبقيَّة.

    [ج 2 ص 870]

    (1/13101)

    قوله: (فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عِيَاضٍ: أَنَّ ابْنَةَ الْحَارِثِ): القائل: (فأخبرني عبيد الله ... ) إلى آخره: هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله، أحد الأعلام المشهورين، وهذا الكلامُ الذي هنا ممَّا زاده شعيبٌ عن الزُّهْرِيِّ عن عبيد الله بن عياض، ورواةُ هذا الحديثِ عن الزُّهْرِيِّ في «البُخاريِّ» ثلاثةٌ: شعيب، وإبراهيم بن سعد، وهشام، والحديثُ نفسُه في «البُخاريِّ» و «أبي داود» و «النَّسائيِّ»، و (عبيد الله بن عياض): هو ابن عمرو بن عبد القاريُّ، روى عن أبيه، وعائشة، وابنة الحارث، وأبي سعيد الخدريِّ، وجابرٍ، وغيرِهم، وعنه: الزُّهْرِيُّ، وعمرو بن دينار، وعبد الله بن عثمان بن خُثَيم في «ثقات ابن حِبَّانَ»، انفرد بالإخراج له البُخاريُّ، و (ابنة الحارث) المذكورة هنا: في «كتاب خلف»: أنَّها زينب بنت الحارث، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليها في (غزوة الرجيع) مُطَوَّلًا؛ فانظره إن شئت.

    قوله: (يَسْتَحِدُّ بِهَا): (الاستحداد): حلق العانة بالحديد، وهذا مَعْرُوفٌ.

    قوله: (وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ): تَقَدَّمَ الكلام قريبًا على (الذات)، وما قالوا فيها.

    قوله: (شِلْوٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الشين المُعْجَمَة، وإسكان اللام، ثُمَّ واو، تَقَدَّمَ أنَّه العضو، و (المُمَزَّعِ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه المُقَطَّع.

    قوله: (فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ): هو عقبة بن الحارث، كما جاء مسمًّى في (غزوة الرجيع)، وهو أبو سرْوَعَة، وقد تَقَدَّمَ ما في ذلك مُطَوَّلًا.

    قوله: (فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أَخبر): بفتح الهمزة، مَبْنيٌّ للفاعل، وفاعله: (النَّبيُّ) صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، و (أَصْحَابَهُ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ.

    (1/13102)

    [قول الله تعالى: {ويحذركم الله نفسه} ... ]

    قوله: (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى [1]: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ترجم على ذكر النَّفْسِ في حقِّ الباري جلَّ جلاله، وجميع ما ذكره يشتمل على ذلك إلَّا حديثَ عبد الله المذكورَ أوَّلًا؛ يعني: «ما من أحد أغيرُ من الله، ومن أجل ذلك حرَّم الفواحش ... » الحديث، قال ابن المُنَيِّر: فليس لـ «النَّفْسِ» فيه ذكرٌ، فوجه مطابقته _والله أعلم_ أنَّه صدَّر الكلام بـ «أَحَد»، و «أحد» الواقع في النفي عبارةٌ عن «النفس» على وجهٍ مخصوصٍ، وليس هو «أحدًا» في قوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 1 - 2]، هذاك من الوحدة؛ أي: الواحد، وهذا كلمةٌ مرتجلةٌ في النفي لبني آدم، هذا أصلها، فإذا قال القائل: ما في الدار أحدٌ؛ لم يُفهَم إلَّا نفيُ الأناسيِّ؛ ولهذا كان في قولهم: «ما في الدار واحدٌ إلَّا وَتِدًا» استثناءً من غير الجنس، ومقتضى الحديث إطلاقُه على الحقِّ؛ لأنَّه لولا صحَّة الإطلاق؛ ما انتظم الكلامُ في مِثْل قولِ القائل: «ما أحدٌ أحسن من ثوبي»؛ إذ الثوب ليس من الأحديِّين، بخلاف: «ما أحدٌ أعلم من زيد»؛ لأن زيدًا من الأحديِّين، والله أعلم، انتهى.

    (1/13103)

    [حديث: ما من أحد أغير من الله من أجل ذلك]

    7403# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (غِياثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، وبالمُثَنَّاة تحت المُخَفَّفة، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (شَقِيْق): هو ابن سلمة، أبو وائل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، رضي الله عنه.

    ==========

    [ج 2 ص 871]

    (1/13104)

    [حديث: لما خلق الله الخلق كتب في كتابه]

    7404# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وعبدانُ لقبٌ له، و (أَبُو حَمْزَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وبالزاي، وأنَّه مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وإنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (وَهْوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى الْعَرْشِ): قال ابن قُرقُول: كذا ضبطه القابسيُّ وغيرُه بفتح الواو وإسكان الضاد، وعند أبي ذرٍّ بفتح الواو والضاد، وهما نسختان؛ الساكنة الضاد في الأصل، والمفتوحة الضاد في الهامش، وهو بالضاد المُعْجَمَة، والعين المُهْمَلَة.

    ==========

    [ج 2 ص 871]

    (1/13105)

    [حديث: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي]

    7405# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عمر بن حفص بن غياث، وتَقَدَّمَ (الأَعْمَشُ) أعلاه، وكذا (أَبُو صَالِحٍ).

    قوله: (فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ): أي: أكثرَ منهم.

    قوله: (وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ؛ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا): قال ابن قُرقُول: تقرُّب العبدِ بالطاعة، وتقرُّب البارِئِ سبحانه بالهداية له، وشَرْحِ صدره لِما تقرَّب به إليه، وكأنَّ المعنى: إذا قصد ذلك وعمله؛ أعنتُه عليه وسهَّلتُه له، وقد يكون بمعنى الجزاء: إذا تقرَّب إليَّ بالطاعة؛ جازيته بأضعافها في الآخرة، وسمَّى الثوابَ تقرُّبًا؛ لمقابلة الكلام وتحسينه، ولأنَّه من سببه وأجله، انتهى، وفي «النهاية» قال: المرادُ بقربِ العبدِ من الله تعالى: القربُ بالذِّكْرِ والعملِ الصالح، لا قربُ الذات والمكان؛ لأنَّ ذلك من صفات الأجسام، والله يتعالى عن ذلك ويتقدَّس، والمراد بقُرب اللهِ من العبد: قربُ نِعَمِه وألطافِه منه، وبِرُّه وإحسانُه إليه، وترادُفُ مِنَنِه عنده، وفيضُ مواهبه عليه، انتهى، ولخَّص فيه النَّوويُّ كلامًا فقال: مَن تقرَّب إليَّ بطاعتي؛ تقرَّبتُ إليه برحمتي، فإن زادَ؛ زدتُ، انتهى.

    ==========

    [ج 2 ص 871]

    (1/13106)

    [قول الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه}]

    (1/13107)

    [حديث: أعوذ بوجهك]

    7406# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هو ابن زيد، وكذا هو منسوبٌ في روايةٍ هي نسخةٌ، و (عَمْرو): هو ابن دينار.

    ==========

    [ج 2 ص 871]

    (1/13108)

    [قول الله تعالى: {ولتصنع على عيني}]

    قوله: (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى [1]: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39]): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: وجه الاستدلال على إثبات العين لله _لا بمعنى الجارحة_ من قوله: «إنَّ الله ليس بأعورَ»: أنَّ العَوَرَ عرفًا عدمُ العين، وضدُّ العَوَر ثبوتُ العَين، فلمَّا نفى عن الحقِّ جلَّ جلاله هذه النقيصةَ _وهي عدم العين_؛ لَزِم ثبوتُ الكلمات [2] بضدِّها؛ وهو وجود العين، وهو على التمثيل والتقريب للفَهم، لا على إثبات الجارحة، وبين المتكلِّمين خلافٌ في مقتضى لفظ «العين» ونحوِها؛ فمنهم من جعلها صفاتٍ سمعيَّةً أثبتها السمع له، ولم يهتدِ إليها العقلُ، وكذلك «الوجه» و «اليد» و «الجنب»، ومنهم مَن جعلها كنايةً [عن] صفة البصر، و «اليد» كنايةٌ عن صفة القدرة، ومنهم مَن آمن بها إيمانًا بالغيب، وفوَّض في معناها إلى الله تعالى، انتهى.

    قوله: (تُغَذَّى): هو بضَمِّ المُثَنَّاة فوق، وفتح الغين والذال المُشَدَّدة المعجمتين، قال ابن قُرقُول في (الغين مع الذال)؛ يعني: المعجمتين: فثبتت هذه اللفظة عند الأصيليِّ والمستملي، وسقطت لغيرهما، انتهى، ورأيت في نسخةٍ صحيحةٍ بغداديَّةٍ مقابلةٍ بعدَّةِ نسخ _منها نسخة الصغانيِّ_ عُمِل في الأصل: (تُغَذَّى) كما ضبطته، وعُمِل عليها علامة راويها، وعُمِل في الهامش: (تُغَدَّى)؛ بإهمال الدال، وعُمِل عليها علامة راويها، وعُمِل في الحاشية أيضًا: (هذا عوض «تُغَذَّى»)، ونسبها لدار الذهب، والله أعلم.

    ==========

    [1] قوله: (باب): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (قولُ اللهِ تعالى)، وفي (ق): (قول الله عزَّ وجلَّ).

    [2] في مصدره: (الكمال).

    [ج 2 ص 871]

    (1/13109)

    [حديث: إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور]

    7407# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن أسماء، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

    قوله: (ذُكِرَ الدَّجَّالُ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الدَّجَّالُ): بالرفع، نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    قوله: (أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الرواية مع الرواية التي في «مسلم»: (اليُسرى)، وذكرت جمعًا بينهما؛ فانظر ذلك.

    قوله: (كَأَنَّ عَيْنَهُ): (كأنَّ): بتشديد النون، من أخوات (إنَّ)، و (عَيْنَهُ): بالنصب الاسم، و (عِنَبَةٌ): بالرفع الخبر، و (طَافِيَةٌ): صفةٌ لها، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (طافية) بالهمز وعدمِه؛ باختلاف المعنى.

    (1/13110)

    [حديث: ما بعث الله من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب]

    7408# قوله: (مَكْتُوبٌ بين عَيْنَيْهِ كَافِرٌ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه الكتابة، وأنَّ الصحيحَ أنَّها حقيقة.

    ==========

    [ج 2 ص 872]

    (1/13111)

    [{هو الله الخالق البارئ المصور}]

    (1/13112)

    [حديث: ما عليكم أن لا تفعلوا]

    7409# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ): تَقَدَّمَ أنَّ الجَيَّانيَّ قال: وقال _يعني: البُخاري_ في (الجهاد)، و (الاعتصام)، و (التوحيد): (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَفَّان)، وكذلك لم يَنسب «إسحاقَ عن عَفَّانَ» هذا أبو نصر ولا أحدٌ من شيوخِنا في شيءٍ من هذه المواضع، ولعلَّه إسحاقُ بن منصور، أو إسحاقُ ابن راهويه، انتهى، قال الذَّهَبيُّ في «تذهيبه» في آخر مَن اسمه إسحاق _والظاهر أنَّه من كلام المِزِّيِّ_: إسحاق: روى البُخاريُّ عنه عن عبد الله بن بكر، وأبي عاصم، وجماعةٍ، والظاهر: أنَّه الكوسج ... إلى آخر كلامه، و (الكوسج): هو إسحاق بن منصور الذي قاله الجَيَّانيُّ مع غيره، والله أعلم، ولم ينسبه شيخُنا ولا المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (عَفَّان): هو ابن مسلم الصَّفَّار، أبو عثمان الحافظ، و (وُهَيْبٌ): هو ابن خالد، و (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وتشديد المُوَحَّدة، وهذا مَعْرُوفٌ مشهورٌ عند أهله، و (ابن مُحَيْرِيزٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (اسمه عبد الله بن مُحَيريز بن جنادة بن وهب بن لوذان، اتَّفقا عليه، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقيل: في خلافة الوليد بن عبد الملك، بالشام، كان في حجر أبي محذورة أوسِ بن مِعْيَر بن لوذان، مؤذِّن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بمكَّة، وقُتِل أخوه أُنَيس بن مِعْيَر كافرًا يوم بدر)، انتهى، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ): تَقَدَّمَ متى كانت، وهي غزوة المُرَيْسِيع، وفيها اتَّفق حديثُ الإفك.

    قوله: (فَسَأَلُوا رَسُولَ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ: «مَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا»): تَقَدَّمَ الكلام على (العَزْل) في (النكاح) ما حُكمُه مُطَوَّلًا.

    (1/13113)

    قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ قَزَعَةَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ ... ») إلى آخره: أمَّا (مجاهد)؛ فهو ابن جَبْرٍ، أحد الأعلام الثَّقات المشاهير، لا يحتاج إلى ترجمة، و (قَزَعَة): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح القاف والزاي، وأنَّ بعضَهم ضبطه بإسكان الزاي، وهو قَزَعة بن يحيى، مولى زياد، ويُقال: مولى عبد الملك، ويُقال: إنَّه حرسيٌّ، عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وجماعةٍ، وعنه: مجاهد، وقتادة، وربيعة بن يزيد، وعَطيَّة بن قيس، وعبد الملك بن عُمير، وعاصم الأحول، وآخرون، وَثَّقَهُ العِجْليُّ وغيرُه، وقال ابن خراش: صدوق، و (قَزَعَة): ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» عن أبي سعيد سوى: (سمعت من أبي سعيد عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أربعًا فأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي): في «البُخاريِّ» و «مسلم»: «لا تسافر امرأة ... » إلى آخره، وفي «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» و «النَّسائيِّ»، و «ابنِ ماجه»: «ولا صومَ في يومين: الفطر والأضحى»، وفي «البُخاريِّ» و «ابنِ ماجه»: «ولا صلاةَ بعد الصبح»، وفي «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «ابنِ ماجه»: «ولا تُشَدُّ الرِّحَال ... » إلى آخره، ليس له في «البُخاريِّ» سواه، وتعليقُه هنا الذي رواه عنه مجاهدٌ أخرجه مسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وله في «مسلم» غيرُ ذلك، وأمَّا في «البُخاريِّ»؛ فليس له عن أبي سعيد متَّصلًا سوى الحديث الذي: «فأَعْجَبْنَنِي وآنَقْنَنِي»، والله أعلم.

    قوله: (لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ): (نَفْسٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّن، اسم (ليس)، و (مَخْلُوقَةٌ): صفةٌ لها، والاستثناء هو الخبر، والله أعلم.

    (1/13114)

    [قول الله تعالى: {لما خلقت بيدي}]

    (1/13115)

    [حديث: يجمع الله المؤمنين يوم القيامة كذلك]

    7410# قوله: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بن فَضَالَةَ): هو بفتح الفاء بلا خلافٍ، وقد سمعتُ مَن يقولها بالضَّمِّ من المتشهِّيين يقرأ الحديث، و (هِشَامٌ) بعده: هو هشام بن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ الأنبياء الذي ينبغي أن يُعتقَد فيهم أنَّهم معصومون من الذنوب قبل النبوَّة وبعدها، وكلُّ ما وقع في ظواهر [الكتاب] والسُّنَّة فمؤوَّلٌ، وكلُّ ما وقع في ظواهر الكتاب عنهم وكذا في بعض الأحاديث أجاب عنه عياض في «الشفا» بأجوبةٍ حسنةٍ، والله أعلم.

    قوله: (فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا مع عدِّ مَن عدَّ إدريسَ في عمود نسبه الشريف؛ فانظره في أوائل هذا التعليق.

    قوله: (وَقَعْتُ سَاجِدًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذه السجدة والتي بعدها جاء في «مسند أحمد»: كلُّ واحدة منهما مقدار جمعة، والظاهر: أنَّها من جُمع الدنيا، وفي بعض الأجزاء أنَّ هذه الجمعة سبعين سنةً، فعلى هذا؛ كلُّ يومٍ بعشر سنين.

    قوله: (ما يَزِنُ من الْخَيْرِ ذَرَّةً): قال ابن قُرقُول: (والذُّرَة في الزكاة بضَمِّ الذال وفتح الراء مُخَفَّفة، من القِطانيِّ؛ وهو الجَاوَرْسُ، وقيل: الجَاوَرْسُ الدُّخْنُ، ومثله: «ما يزن ذُرَة»؛ وهو تصحيفٌ، صوابه «ذَرَّة»؛ يعني: نملة صغيرة، وقيل: الذَّرَّة: واحدة «الذَّرِّ» ... ) إلى آخر كلامه، وقد تَقَدَّمَ، و (الجاوَرْس) في كلامه: بالجيم، وفتح الواو، وإسكان [الراء]، وبالسين المُهْمَلَة، وهو حَبٌّ صغارٌ شبيهٌ بالذُّرَة إلَّا أنَّه أصغر منه، وأصله كالقصب أقصر ساقًا من الذُّرَة، وهو مَعْرُوفٌ.

    (1/13116)

    [حديث: يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار]

    7411# قوله: (حَدَّثَنَا أبو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

    قوله: (لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ): أي: لا ينقصها، و (نفقةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ فاعلٌ، وقد تَقَدَّمَ [الكلام] على ضبط (يغيضها)، وكذا على: (سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ)، و (سحَّاء) هنا: ممدودٌ في أصلنا بالقلم، وقد قَدَّمْتُ ضبط (سحَّاء)، وإعراب (الليل والنهار) في (تفسير سورة هود)؛ فانظره.

    ==========

    [ج 2 ص 872]

    (1/13117)

    [حديث: إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السموات بيمينه]

    7412# 7413# قوله: (حَدَّثَنَا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو بضَمِّ الميم، وفتح القاف، وتشديد الدال المُهْمَلَة المفتوحة، اسمُ مفعولٍ، و (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (رَوَاهُ سَعِيدٌ عن مَالِكٍ): يعني: عن نَافِعٍ عن ابن عُمَرَ، وهذا تعليقٌ، و (سعيدٌ): هو ابن داود الزَّنْبَريُّ، رواية سعيد بن داود الزَّنْبَريِّ وصلها اللالْكَائيُّ في كتاب [السُّنَّة] والدَّارَقُطْنيُّ في «غرائب مالك»، انتهى، وما رواه سعيدٌ لم أرَه في شيءٍ من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْه شيخُنا رحمه الله، وقد ذكرتُ لك قُبَيلُ مَن أخرجه.

    قوله: (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ: سَمِعْتُ سَالِمًا: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وقد رواه مسلمٌ في (التوبة) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، وأبو داود في (السُّنَّة) عن عثمان ابن أبي شيبة، ومُحَمَّد بن العلاء، ثلاثتهم عن أبي أسامة، عن عمر بن حمزة به، والله أعلم.

    قوله: (وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ ... ) إلى آخره: (أبو اليمان): تَقَدَّمَ أنَّه الحكم بن نافع، وقد تَقَدَّمَ إذا قال البُخاريُّ: (قال فلانٌ) وفلانٌ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    (1/13118)

    [حديث: يا محمد إن الله يمسك السموات على إصبع والأرضين ... ]

    7414# قوله: (سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (يحيى بن سعيد) بعد (مسدَّد): هو القَطَّان، و (سُفْيَان) بعده: يحتمل أن يكون ابنَ عُيَيْنَة، وأن يكون الثَّوريَّ؛ فإنَّ يحيى القَطَّان روى عنهما، وهما عن منصور، والله أعلم، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (سُلَيْمَانُ): هو ابن مِهْرَان الأعمش، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عَبِيدة بن عمرو: أبو عمرو، وقيل: أبو مسلم، المراديُّ السَّلْمانيُّ، اتَّفقا عليه، أسلم قبل وفاة النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بسنتين، سمع عمر، وعليًّا، وابن مسعود، مات سنة أربعٍ وستِّين، وقيل: اثنتين وسبعين، وقيل: ثلاث، وعَبِيدة بن حُميد الضَّبِّيُّ: انفرد به البُخاريُّ، وعَبِيدة بن سفيان الحضرميُّ عن أبي هريرة: انفرد به مسلم، هؤلاء بفتح العين وكسر الباء، ومَن عداهم بضَمِّ العين وفتح الباء؛ أعني في «الصحيحين»)، انتهى، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

    قوله: (أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا اليهوديُّ لا أعرف اسمه.

    قوله: (عَلَى إِصْبَعٍ): تَقَدَّمَ أنَّ في (الإصبع) عشرَ لُغَات؛ تثليث الهمزة، مع تثليث الباء، والعاشرة: (أُصبوع).

    قوله: (وَالأَرَضِينَ): هو بفتح الراء، ويجوز تسكينها على قلَّة، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (نَوَاجِذُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها الأنياب، ويُقال: الأضراس، قاله النَّوويُّ.

    قوله: (قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: وَزَادَ فِيهِ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: (يحيى بن سَعِيدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه القَطَّان، و (فُضَيْلٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، و (مَنْصُور) ومَن بعده: تقدَّموا أعلاه، وما زاده فُضَيلُ بن عياض عن منصورٍ به أخرجه مسلمٌ في (التوبة) عن أحمد ابن يونس عن فُضيل بن عياض به، وأخرجه التِّرْمِذيُّ عن بندار عن يحيى عن فضيل به، وأخرجه النَّسائيُّ عن مُحَمَّد بن مثنًّى عن يحيى به، وفيه الزياد عن فُضيل.

    (1/13119)

    [حديث: جاء رجل إلى النبي من أهل الكتاب ... ]

    7415# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ [1]: حَدَّثَنَا أَبِي): وفي نسخة: (عمر بن حفص بن غياث)، تَقَدَّمَ ضبط (غِيَاث)، وأنَّه بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

    قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ يهوديٌّ، وتَقَدَّمَ أنِّي لا أعرفه.

    قوله: (وَالثَّرَى): تَقَدَّمَ أنَّه التراب النديُّ.

    قوله: (نَوَاجِذُهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها أعلاه وقبله أنَّها الأنياب، ويُقال: الأضراس.

    (1/13120)

    [قول النبي: «لا شخص أغير من الله»]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ»، وقال عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ المَلِكِ: «لَا شَخْصَ أغْيَرُ مِنَ اللهِ»): (عبيد الله بن عمرو) هذا: هو ابن أبي الوليد، أبو وَهْب الأسَديُّ مولاهم، الرَّقِّيُّ، أحد الأئمَّة، عن عبد الملك بن عمير، وعبد الله بن مُحَمَّد بن عَقِيل، وأيُّوب السَّخْتيَانيِّ، وليث بن أبي سُلَيم، والأعمش، وطائفةٍ، وعنه: زكريَّا ويوسف ابنا عديٍّ، ويحيى الوُحاظيُّ، وخلقٌ كثيرٌ، وَثَّقَهُ ابن معين والنَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: ثقةٌ صدوقٌ، ولا أعرف له حديثًا منكرًا، وقال ابن سعد: كان ثقةً كثيرَ الحديث، وربَّما أخطأ، وكان أحفظَ مَن روى عن عبد الكريم الجزريِّ، ولم يكن أحدٌ ينازعه في الفتوى في دهره، ومات بالرَّقَّة سنة ثمانين ومئة، وقال غيرُه: وُلِد سنة إحدى ومئة، أخرج له الجماعة، و (عبد الملك): هو ابن عُمَير، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وسيأتي مَن أخرج هذا التعليقَ قريبًا.

    (1/13121)

    واعلم أنَّ البُخاريَّ أخرج في هذا الباب حديثَ المغيرة، وليس فيه إلَّا قوله: «وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ»، ولكن قبله تعليقًا عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عُمَير: «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ من اللَّهِ»، وهذا التعليقُ مكتوبٌ عليه في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (لا ... إلى) من أوَّله إلى آخره؛ يعني: أنَّه زائدٌ، وهو ثابتٌ في أصلنا القاهريِّ، وقد أخرجه مسلمٌ في (اللعان) عن عبد الملك بن عمير، عن ورَّاد، عن المغيرة بن شعبة: «ولا شخص أغير من الله، ولا شخص أحبُّ إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشِّرين ومُنذِرين، ولا شخصَ أحبُّ إليه المدحة من الله؛ من أجل ذلك وعد الجنَّة»، ثُمَّ أخرجه بسندٍ آخَرَ إلى عبد الملك بن عمير به مثلَه، وقال: «غيرَ مُصْفحٍ»، ولم يقل: «عنه»، قال في «المطالع»: (قيل: معناه: لا ينبغي لشخص أن يكون أغيرَ من الله، و «الشخص»: كلُّ جسم له ارتفاعٌ وظهورٌ، والمراد في حقِّ الله تعالى إثباتُ الذَّات، وقد رواه البُخاريُّ: «لا شيءَ أغيرُ من الله»)، انتهى، وقد ذكر ابنُ الأثير مثلَ كلام ابن قُرقُول، واعلم أنَّ حديث لقيط بن عامر العُقَيليِّ وافد بني المُنْتَفِق زاده عبدُ الله ابن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل في «المسند» لأبيه، وهو حديثٌ طويلٌ فيه عجائبُ، ومن جملته _وهو يعني البارئَ جلَّ جلاله_: «شخصٌ واحدٌ»، وقد ذكر عليه كلامًا ابنُ قَيِّمِ الجَوزيَّة في «حادي الأرواح»، وفي آخر الكلام: قال أبو الخير بن حمدان: هذا حديثٌ كبيرٌ ثابتٌ حسنٌ مشهورٌ، قال ابن القَيِّمِ: وسألت شيخَنا الحافظَ أبا احَجَّاج المِزِّيَّ عنه فقال: عليه جلالة النبوَّة، انتهى، وقال قبله: أخرجه عبد الله بن أحمد، وابن مردويه، وأبو نُعَيم، وغيرُهم، انتهى، ثُمَّ إنِّي رأيتُه في (كتاب الأهوال) من «المستدرك» للحاكم، وقال: صحيحٌ، قال الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»: يعقوب بن مُحَمَّد بن عيسى الزُّهْرِيُّ ضعيفٌ، انتهى، والحديث الذي رأيته أنا في «زوائد المسند» ليس فيه يعقوب بن مُحَمَّد بن عيسى الزُّهْرِيُّ، وإنَّما سنده: قال عبد الله بن أحمد: كتب إليَّ إبراهيمُ بن حمزة بن مُحَمَّد بن حمزة بن مصعب بن الزُّبَير الزبيريُّ: حدَّثني

    [ج 2 ص 873]

    (1/13122)

    عبد الرَّحْمَن بن المغيرة الحزاميُّ: حدَّثني عبد الرَّحْمَن بن عيَّاش المِسْمَعِيُّ الأنصاريُّ القُبائيُّ من بني عمرو بن عوف عن دَلْهَم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المُنْتَفِق العُقَيليِّ، عن أبيه، عن عمِّه لقيط بن عامر، قال دَلْهَم: وحدَّثنيه أبي الأسودُ عن عاصم بن لقيط: أنَّ لقيطًا خرج وافدًا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره.

    واعلم أنَّ عبدَ الرَّحْمَن بن عيَّاش روى عنه عبدُ الرَّحْمَن بن المغيرة وحدَه، وقد ذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات»، ولم يذكر عنه راويًا سواه، ودَلْهَم عداده في التَّابعين، قال في «الميزان»: إنَّه لا يُعرَف، سمع أباه، وعنه: عبد الرَّحْمَن بن عيَّاش المِسْمَعِيُّ وحدَه، وَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ، والأسودُ والدُ دَلْهَم: هو ابن عبد الله بن حاجب، عن أبيه، وابن عمِّ أبيه عاصم بن لقيط، ما روى عنه سوى دَلْهَم، له حديثٌ واحدٌ، وعاصم بن لقيط بن صَبرة، عن أبيه، ما روى عنه سوى إسماعيلَ بنِ كثير المَكِّيِّ، وقيل: روى دَلْهَم عن أبيه عنه، وَثَّقَهُ النَّسائيُّ، والله أعلم، وهو في نفس الأمر كتابةٌ غير مقرونةٍ بالإجازة، والخلافُ فيها معروفٌ، والصحيح: جواز الرِّواية بها، والله أعلم، كما تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ، وهي عندهم من المسندِ الموصولِ.

    (1/13123)

    والرِّواية التي في الصَّحيح: «لَا شَخْصَ أَغْيَرُ من اللَّهِ»، قال شيخُنا في أوَّل ما قصد الكلام عليه: أجمعت الأمَّةُ على أنَّ الله تعالى لا يجوز أن يوصفَ بأنَّه شخصٌ؛ لأنَّ التوقيف لم يرد به، وقد منعت المعتزلةُ مِن إطلاق الشَّخصِ عليه مع قولهم: إنَّه جسمٌ واحدٌ موضوعٌ للاشتراك من الله ومن خلقه، وقد نصَّ اللهُ على تسمية نفسه فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، وقال بعد ذلك عن الدَّاوديِّ: لم يأتِ متَّصلًا، ولم تتلقَّ الأمَّةُ هذه الأحاديثَ بالقَبول، فإن صحَّ؛ فيحتمل أنَّ اللهَ أغيرُ مِن خلقه، ليس أحدٌ منهم أغيرَ منه، ولم يُسَمِّ نفسَه شخصًا، إنَّما أتى مرسلًا ... إلى آخر كلامه، وقال شيخُنا عن الخَطَّابيِّ: إطلاق الشخص في صفات الله غيرُ جائزٍ؛ لأنَّ الشخصَ إنَّما يكون جسمًا مؤلَّفًا، وخليقٌ ألَّا تكون هذه اللفظةُ صحيحةً، وأن تكونَ تصحيفًا من الرَّاوي، ودليله: أنَّ أبا عوانة رواه عن عبد الملك فذكر هذا الحرف، وروته أسماء بنت أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما مرفوعًا: «لا شيءَ أغيرُ من الله»، ورواه أبو هريرة كذلك، فدلَّ ذلك أنَّ «الشخص» وَهَمٌ وتصحيفٌ ... إلى آخر كلامه، وقال عن ابن فَوْرَك: لفظ «الشخص» غيرُ ثابتٍ من طريق السَّند، فإن صحَّ؛ فشأنه في الحديث الآخر؛ وهو قوله: «لا أحدَ أغيرُ من الله»، فاستعمل لفظَ «الشخص» موضع «أحد»، كما سلف، والتقدير: أنَّ الأشخاصَ الموصوفةَ بالغَيرة لا تبلغ غَيرتُها وإن تناهت غَيرةَ الله وإن لم يكن شخصًا بوجهٍ، كما أسلفناه، قال: وإنَّما منعنا من إطلاق لفظ «الشخص» لأمورٍ؛ أحدها: أنَّ اللفظ لم يثبت من طريق السمع، وثانيها: إجماع الأمَّة على المنع منه، ثالثها: أنَّ معناه أن يكون أجسامًا مؤلَّفة على نوعٍ من التركيب، وقد منعت المجسِّمَةُ إطلاقَ «الشخص» مع قولهم بالجسم، فدلَّ ذلك على ما قلناه من الإجماع على منعه في صفته تعالى، انتهى.

    (1/13124)

    [حديث: تعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه]

    7416# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة لماذا، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ): هو ابن عُمَير، و (وَرَّاد): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الواو، وتشديد الراء، وفي آخره دال.

    قوله: (لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي): امرأة سعد بن عبادة لا أعرف اسمها.

    قوله: (غَيْرَ مُصْفَحٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (النور).

    قوله: (وَلَا أَحَدٌَ أَحَبّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ): (أحدٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ، و (أحبُّ): مَرْفُوعٌ من غير تنوينٍ، ويجوز نصب (أحبَّ) من غير تنوينٍ أيضًا، ويجوز: (ولا أحدَ)؛ بفتح الدال، وفتح باء (أحبَّ)، وهذه الأوجه الثلاثةُ مضبوطٌ بها في أصلنا، أمَّا الأوَّل والثالث؛ ففي الأصل، وأمَّا الثاني؛ ففي الطُّرَّة، وعليه علامة نسخة الدِّمْيَاطيِّ، وهذا كلُّه ظاهرٌ، وكذا قوله ثانيًا: (وَلَا أَحَدٌَ أَحَبّ إِلَيهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ).

    قوله: (الْمِدْحَةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وهي بكسر الميم، وتَقَدَّمَ لِمَ أحبَّها اللهُ عزَّ وجلَّ.

    (1/13125)

    [{قل أي شيء أكبر شهادة قل الله}]

    (1/13126)

    [حديث: أمعك من القرآن شيء]

    7417# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه سلمة بن دينار.

    قوله: (لِرَجُلٍ: «أَمَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟»، قَالَ: نَعَمْ؛ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ سَمَّاهَا): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ لا أعرف اسمه، وهو الذي تزوَّج على سُوَرٍ من القرآن.

    ==========

    [ج 2 ص 874]

    (1/13127)

    [باب: {وكان عرشه على الماء}]

    قوله: (بَابٌ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: [ترجم] على ذكر العرش بالتَّنبيه [1] على أنَّه مخلوقٌ، حادثٌ، مرتسمٌ بسمات الحُدُوث، متَّصفٌ بصفات الإمكان، وكلُّ ما ذكره مشتملٌ على ذكر العرش إلَّا قولَه: «وقال ابن عَبَّاس: المجيد الكريم، والودود الحبيب، يقال: حميد مجيد؛ كأنَّه «فعيل» من «ماجد»، «محمود» من «حميد»)، فهذا الفصل لا يتعلَّق بالعرش، ولكنَّه نبَّه على لطيفةٍ؛ وهو أنَّ {الْمَجِيد} في قوله: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ} [البروج: 15]_على قراءة الكسر_ لا يُتَخيَّل أنَّها صفةُ {الْعَرْشِ}، وأنَّه بذلك قديمٌ؛ بل هي صفة الحقِّ؛ بدليل قراءة الرفع، وبدليل اقترانها بـ {الودود}؛ وهي صفة الحقِّ؛ فيكون الكسر على الجِوار حينئذٍ، والله أعلم، انتهى، وقد قرأ حمزة والكسائيُّ: {الْمَجِيدِ}؛ بالكسر، والباقون بالرفع، والله أعلم.

    قوله: (وَقَالَ [2] أَبُو الْعَالِيَةِ: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29]: ارْتَفَعَ): (أبو الْعَالِيَةِ): هو رُفيع بن مِهْرَان الرِّياحيُّ، كذا صَرَّحَ به الذَّهَبيُّ في مسألة العلوِّ في أوَّلها، قال شيخُنا: وأثرُ أبي العالية أخرجه الطَّبَريُّ عن مُحَمَّد بن أبان: حَدَّثَنَا أبو بكر بن عيَّاش عن حُصَين عنه، وعزا الأثَرَين بعدَه؛ فأثر مجاهدٍ قال: ذكره في «تفسيره» روايةَ ابن أبي نَجِيح عن ورقاء عنه، وأثر ابن عَبَّاس أخرجه البيهقيُّ من حديث عثمان بن سعيد الدارميِّ: حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح عن معاوية بن أبي صالح، عن ابن أبي طلحة عنه به، انتهى.

    (1/13128)

    [حديث عمران: اقبلوا البشرى يا بني تميم]

    7418# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وعبدانُ لقبٌ له، و (أَبُو حَمْزَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّه مُحَمَّد بن ميمون السُّكَّريُّ، وتَقَدَّمَ أنَّه إنَّما قيل له: السُّكَّريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (صَفْوَان بْن مُحْرِزٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الميم، ثُمَّ حاء مهملة ساكنة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي.

    قوله: (جَاءَهُ قَوْمٌ من بَنِي تَمِيمٍ): تَقَدَّمَ أنَّهم وفدوا سنة تسع، وكذا تَقَدَّمَ الكلام [على]: (اقْبَلُوا الْبُشْرَى يا بَنِي تَمِيمٍ)؛ أي: بما يُجازَى به المسلمون، وما يصيرُ إليه عاقبتهم، وقوله: (البشرى): تَقَدَّمَ في أوَّل (بَدْء الخلق) أنَّها بالموحَّدة، وهي معروفةٌ، قال ابن قُرقُول: كذا للكافَّة في (بَدْء الخلق)، وعند الأصيليِّ: «اليُسرى»؛ يعني: بالمُثَنَّاة تحت، قال: والأوَّل أصوبُ، كما في سائر الأحاديث، وجواب بني تميم له: (بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا) يدلُّ عليه.

    قوله: (فَأَعْطِنَا): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، والقائل له ذلك: قال شيخُنا _كما قدَّمتُه عنه في (بَدْء الخلق) _: قيل: إنَّه الأقرع بن حابس، كان فيه بعض أخلاق البادية، نبَّه عليه ابن الجوزيِّ.

    قوله: (ثُمَّ أَتَانِي رَجُلٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ لا أعرفه.

    قوله: (فَإِذَا السَّرَابُ): تَقَدَّمَ [الكلام] عليه في أوَّل (بَدْءِ الخلق).

    قوله: (لَوَدِدْتُ): هو بكسر الدال الأولى، تَقَدَّمَ.

    ==========

    [ج 2 ص 874]

    (1/13129)

    [حديث: إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار]

    7419# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): الحافظ الكبير الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): تَقَدَّمَ أنَّه ابن مُنَبِّه بن كامل.

    [ج 2 ص 874]

    قوله: (لَا تَغِيضُهَا [1] نَفَقَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّ (تَغِيض) بفتح أوَّله، ثُمَّ غين معجمة مكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ ضاد معجمة [2]؛ أي: تنقصُها، و (نفقةٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ فاعلٌ، وتَقَدَّمَ الكلام على (سَحَّاءُ)، وأنَّه بالمدِّ، صفة لـ (اليد)، أو أنَّه مصدرٌ، و (السَّحُّ): العطاء الغزير، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على إعراب (اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) في (التَّفسير) في (سورة هود).

    قوله: (وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْفَيْضُ، أَوِ الْقَبْضُ): الأولى بالفاء المفتوحة، والمُثَنَّاة تحت السَّاكنة، ثُمَّ ضاد معجمة، والثَّانية بالقاف المفتوحة، ثمَّ مُوَحَّدة ساكنة، ثمَّ ضاد معجمة، قال في «المطالع»: يحتمل أنَّه أراد به الإحسانَ والعطاءَ الواسعَ، وقد يكون الموتَ وقبضَ الأرواح، حكاه بعض أهل اللُّغة، انتهى، والثَّانية تَقَدَّمَ معناها.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (يَغيضُها)، وهي في (ق) معًا.

    [2] زيد في (أ): (مكسورة)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

    (1/13130)

    [حديث: اتق الله وأمسك عليك زوجك]

    7420# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أحمد هذا: قال فيه ابن البَيِّع: هو أبو الفضل أحمد بن النَّضْر بن عبد الوهَّاب النيسابوريُّ، وقال غيره: هو أبو الحسن، أحمد بن سَيَّار بن أيُّوب بن عبد الرَّحْمَن المروزيُّ، وقد روى عنه النَّسائيُّ أيضًا، مات سنة ثمان وستِّين ومئتين)، انتهى، والقولان أحدهما من كلام أبي عليٍّ الغسَّانيِّ، وهو الأوَّل، والله اعلم، وقد وَهَّمَ ابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ شارحًا في ذاك من كلام الكلاباذيِّ، ولم يتبيَّن لي أنَّ الذي قاله شارحٌ وَهَمٌ، والله أعلم، وقال المِزِّيّ في «أطرافه»: يُقال: إنَّه ابن سيَّار المروزيُّ، انتهى، وفي «التذهيب» للذهبيِّ _والظاهر أنَّه في «التهذيب» _: قيل: إنَّه أحمد بن سيَّار المروزيُّ، وفي «الكاشف» في ترجمة أحمد بن سيَّار قال: (وفي «البُخاريِّ»: «حَدَّثَنَا أحمد: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي بكر المُقَدَّمِيِّ»، قال الذَّهَبيُّ: فهو هو إن شاء الله)، انتهى، و (مُحَمَّد بن أبي بكر المُقَدَّميُّ): تَقَدَّمَ ضبط نسبته مَرَّاتٍ، وهو بضَمِّ الميم، وفتح القاف، وفتح الدَّال المُهْمَلَة، نسبة إلى مُقَدَّم؛ اسم مفعولٍ، وهو جدُّه.

    قوله: (جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ): هذا صحابيٌّ مشهورٌ، وكان عليه السَّلام تبنَّاه في الجاهليَّة، وكان يُدعَى زيدَ بنَ مُحَمَّد حتَّى أنزل الله تعالى بالمدينة: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]؛ فدُعِيَ زيدَ بنَ حارثة، وهو مولى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولم يُذكَر في القرآن أحدٌ من الصَّحَابة باسمه إلَّا هو، وقد ذكرتُ الحكمةَ في ذلك، وأبوه حارثة: قَدَّمْتُ أنَّه أسلمَ وصَحِب، وتقدَّمت بعض مناقب زيدٍ رضي الله عنه.

    قوله: (يَشْكُو): أي: من زوجه زينبَ بنتِ جحش امرأتِه.

    قوله: (وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ): (أَمسِك): رُباعيٌّ، و (زوجه): هي زينب بنت جحش أمُّ المؤمنين، كانت عند زيد قبل النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثُمَّ طلَّقها، فنكحها النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد قَدَّمْتُ متى تزوَّجها عليه السَّلام، والاختلاف في ذلك.

    (1/13131)

    قوله: (وَكَانَتْ [1] تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره: الذي يظهر أنَّها أفضلُ الزوجات بعد خديجة وعائشة، رضي الله عنهنُّ.

    قوله: (وَعَنْ ثَابِتٍ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37]): هذا معطوفٌ على السَّند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن أحمد، عن مُحَمَّد بن أبي بكر المُقَدَّميِّ، عن حَمَّاد، عن ثابت، وليس تعليقًا، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ كما في هامش «اليونينيَّة»، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (فكانت)، وهي رواية أبي ذرٍّ كما في هامش (ق)، ثمَّ زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (زينبُ)، وهي ساقطة في رواية أبي ذرٍّ.

    [ج 2 ص 875]

    (1/13132)

    [حديث: نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش]

    7421# قوله: (نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ): تَقَدَّمَ في (سورة الأحزاب) الكلامُ على ذلك، والله أعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 875]

    (1/13133)

    [حديث: إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي]

    7422# قوله: (حَدَّثَنَا أبو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي): (الرَّحمة) و (الغضب) صفتان من صفات الله عزَّ وجلَّ، قديمتان بقِدَمِه، لا يجوز سَبْقُ إحداهما الأخرى، ولكنَّ هذا استعارةٌ لشمولها وعمومها، كما قال في الحديث الآخَرِ: (غلبت)، و (الغضب) في حقِّ الله تعالى راجعٌ إلى إرادة العذاب أو فعله، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

    ==========

    [ج 2 ص 875]

    (1/13134)

    [حديث: من آمن بالله ورسوله كان حقًا على الله أن يدخله الجنة هاجر]

    7423# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (فُلَيحًا) بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، و (هِلَالٌ): هو ابن عليٍّ، وهو هلال بن أبي ميمونة، وهو هلال ابن أسامة، منسوب إلى جدِّه، تَقَدَّمَ.

    قوله: (وُلِدَ فِيهَا): (وُلِد): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ): اعلم أنَّه ثبت في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» عنه عليه السَّلام أنَّه قال: «إِنَّ في الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، ما بين كلِّ درجتين كما بين السماء والأرض»، وهذا يدلُّ أنَّها في غاية العُلُوِّ والارتفاع، والحديثُ له لفظان: أحدهما هذا، والثاني: «إنَّ في الجنَّة مئةَ درجة، ما بين كِّ درجتين كما بين السَّماء والأرض، أَعَدَّهَا الله لِلْمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِهِ»، وبعض الحُفَّاظ المحقِّقين من المُتَأخِّرين يرجِّح هذا اللَّفظَ، وهو لا ينفي أن يكونَ درجُ الجنَّة أكثرَ من ذلك، ونظير ذلك قولُه في الحديث الصحيح: «إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مَن أحصاها؛ دخل الجنَّة»؛ أي: من جملة أسمائه تعالى هذا العددُ، فيكون الكلامُ جملةً واحدةً في الموضعين، ويدلُّ على صحَّة هذا: أنَّ منزلةَ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فوقَ هذا كلِّه في درجة الجنَّة، ليس فوقها درجةٌ، وتلك المئة ينالها آحاد أمَّته.

    (1/13135)

    وفي «المسند» عن أبي سعيد رضي الله عنه، عنه عليه السَّلام: «أنَّه يُقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنَّة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آيةٍ درجةً حتَّى يقرأ آخرَ شيءٍ معه»، وهذا تصريحٌ في أنَّ درجَ الجنَّةِ يزيد على المئة، وقد جاء أنَّ درجها عددُ آيِ القرآن؛ ستَّةِ آلافٍ ومئتين وستةَ عشرَ، وأمَّا في حديث أبي هريرة الذي رواه البُخاريُّ: «مئة درجة»؛ فإمَّا أن تكون هذه المئة درجةٍ من جملة الدَّرج، وإمَّا أن تكون نهايتُها هذه المئةَ، وفي ضمن كلِّ درجةٍ درجٌ دونها، ويدلُّ على المعنى الأوَّل حديثُ معاذ في «التِّرْمِذيِّ»، وقد رُوِيَت هذه الأحاديثُ بلفظة: (في) وبدونها، فإن كان المحفوظَ ثبوتُها؛ فهي من جملة درجها، وإن كان المحفوظَ سقوطُها؛ فهي الدرج الكبار المتضمِّنة للدرج الصغار، ولا تناقضَ بين تقدير الدَّرجتين بالمئة وتقديرها بالخمس مئة؛ لاختلاف السَّير في السُّرعة والبُطْء، والنَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ذكر هذا تقريبًا لأفهامنا، وثَمَّ حديثٌ يدلُّ لذلك، والله أعلم، انتهى، أو أنَّ المجاهدَ له مئةُ درجةٍ، وحاملُ القرآن له درجٌ عدد آي القرآن، وقد صحَّ في درج المجاهد خمس مئة عام بين كلِّ درجتين، وجاء في درج حامل القرآن كذلك؛ فعلى هذا؛ حامل القرآن أفضلُ، والله أعلم.

    [ج 2 ص 875]

    قوله: (وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ [2]): (فوقَه) هنا في أصلنا وفيما تَقَدَّمَ بالنصب، والصوابُ الرفعُ، وقد قَدَّمْتُ في (باب درجات المجاهدين) في (كتاب الجهاد) ما في ذلك، وذكرتُ كلامَ القاضي عياض وابنِ قُرقُول، وكلامَ المِزِّيِّ؛ فانظره، والصواب الرَّفع، كما قدَّمته عنهم.

    (1/13136)

    [حديث: فإنها تذهب تستأذن في السجود فيؤذن لها]

    7424# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن خازم؛ بالخاء المُعْجَمَة، الضَّريرُ، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جنادة، وقد قَدَّمْتُ بعض ترجمته واسمه ونسبه رضي الله عنه.

    قوله: (فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، رضي الله عنه.

    ==========

    [ج 2 ص 876]

    (1/13137)

    [حديث زيد: أرسل إلي أبو بكر فتتبعت القرآن ... ]

    7425# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه، و (إِبْرَاهِيم): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابن شِهَاب): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ.

    قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: وكذا رأيته معلَّقًا في (سورة براءة)، وقال شيخُنا هنا: وهذا التَّعليق أسلفه مسندًا عن سعيد ابن عُفَير [1] عن اللَّيث به، انتهى، ولم أرَ أنا هذا مسندًا، إنَّما رأيته معلَّقًا أيضًا في (براءة)؛ كما هنا، والله أعلم.

    قوله: (عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ): تَقَدَّمَ ضبط (السَّبَّاق)، و (ابنه): هو عبيد، وقد سمَّاه قبل هذه الطَّريق، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه.

    قوله: (أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ): أرسل إليه عَقِيب وقعةِ اليمامة، وقد قَدَّمْتُ أنَّها في ربيع الأوَّل سنة اثنتي عشرة في خلافة الصِّدِّيق، وقدَّمت عددَ من قُتِل بها من الصَّحَابة؛ وهم أربع مئة وخمسون، ويُقال: ستُّ مئة، فيهم سبعون من الأنصار، وكان النَّصر للمسلمين، والله أعلم.

    قوله: (حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ): تَقَدَّمَ الكلام على (أبي خزيمة الأنصاريِّ) رضي الله عنه في (سورة براءة).

    قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، (بِهَذَا): يعني عن ابن شهاب الزُّهْرِيِّ به.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (يحيى ابن بكير).

    [ج 2 ص 876]

    (1/13138)

    [حديث: لا إله إلا الله العليم الحليم لا إله إلا الله رب العرش ... ]

    7426# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن خالد، و (سَعِيد): هو ابن أبي عروبة، وقد تَقَدَّمَ أنَّ في «القاموس» لشيخِنا مجدِ الدين: وابن أبي العروبة؛ باللَّام، وتركُها لحنٌ، أو قليلٌ، و (أَبُو العَالِيَةِ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو الْعَالِيَةِ عن ابن عَبَّاس اثنان؛ أحدهما: رُفيع بن مِهْرَان اتَّفقا عليه، والآخَرُ: زياد بن فيروز البرَّاء، كان يبري النَّبْل، انفرد به مسلمٌ)، انتهى، وهذا فيه بيانُ مَن هو هذا منهما، وهو رُفيع بن مِهْرَان، أبو العاليةِ الرِّياحيُّ، وأمَّا زياد بن فيروز؛ فليس له في «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «النَّسائيِّ» عن ابن عَبَّاس غيرُ حديثٍ واحدٍ، وهو: (قدم النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لصبح رابعة يلبُّون بالحجِّ، فأمرهم أن يجعلوها عمرةً إلَّا مَن كان معه هَدْيٌ)، وليس له في بقيِّة الكُتُب السِّتَّة شيءٌ، والحاصل: أنَّ له في «البُخاريِّ» حديثًا واحدًا، وقول الدِّمْيَاطيِّ: (إنَّ زيادَ بن فيروز انفرد به مسلم) فيه نظرٌ، بل قَدَّمْتُ لك أعلاه أنَّه أخرج له البُخاريُّ عن ابن عَبَّاس حديثًا واحدًا، والله أعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 876]

    (1/13139)

    [حديث: يصعقون يوم القيامة فإذا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش]

    7427# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفِرْيَابيُّ، وقد قَدَّمْتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ مُعَيَّنَةً في أماكنها، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (أَبُو سَعِيد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

    قوله: (النَّاسُ [1] يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الإشخاص) مُطَوَّلًا؛ فانظره إن أردته.

    7428# قوله: (وَقَالَ الْمَاجِشُونُ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عبد الله، عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة دينارٍ، الماجشون المدنيُّ الفقيه، اتَّفقا عليه وعلى ابن عمِّه يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة دينارٍ)، انتهى، فقوله: (أبو عبد الله) في كنية الماجشون ذكر غيرُه في كنيته قولَين؛ هذه إحداهما وقدَّمَها، والثَّانية: أبو الأصبغ، قال أبو مسعود: إنَّما يُعرَف عن عبد العزيز الماجشون، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة، انتهى، وحديث عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أخرجه البُخاريُّ في (أحاديث الأنبياء) عن يحيى ابن بكير عن اللَّيث، ومسلمٌ فيه عن زهير بن حرب عن حجين بن المثنَّى، وعن مُحَمَّد بن حاتم عن يزيد بن هارون؛ ثلاثتهم عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وأخرجه النَّسائيُّ في (التفسير) عن الحسن بن مُحَمَّد، عن شَبَابَة بن سَوَّار، عن عبد العزيز به مختصرًا: «لا تُفَضِّلُوا بين الأنبياء، فإنَّه ينفخ في الصور فأكون أوَّلَ من بُعِث، فإذا مُوسَى ... »؛ الحديث، في كتاب أبي القاسم عن موسى عن الحسن بن مُحَمَّد، وقوله: (عن موسى) زيادةٌ لا حاجةَ إليها، والله أعلم.

    قوله: (فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ): تَقَدَّمَ الكلام على (البَعث) ما هو.

    (1/13140)

    [باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه}]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إليه} [المعارج: 4]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بلا إسناد، ثمَّ قال: جميع ما ساقه في الترجمة مطابقٌ لها من ذكر العُرُوج والصُّعُود ونحوِ ذلك إلَّا حديثَ ابن عَبَّاس؛ يعني: «أنَّه عليه السَّلام كان يدعو عند الكرب: لا إله إلَّا اللهُ العليمُ الحليمُ ... »؛ الحديث، قال ابن المُنَيِّر: فليس فيه إلَّا قوله: «ربُّ العرش الكريم»، فوجه مطابقته _والله أعلم_ أنَّه نبَّه على بطلان قول مَن أثبت الجهةَ والحَيِّزَ، وفَهِم من قوله: {ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج: 3] أنَّ العُلُوَّ الفوقيَّ مضافٌ إلى الحقِّ على ظاهره، فبيَّن البُخاريُّ أنَّ الجهة التي يصدق عليها أنَّها سماءٌ، والحيِّزَ الذي يصدق عليه أنَّه عرشٌ؛ كلُّ ذلك مخلوقٌ مربوبٌ مُحْدَثٌ، وقد كان الله ولا مكان؛ ضرورة حدوث هذه الأمكنة، وحدوثُها وقِدَمُه جلَّ جلاله يُحيل وصفَه بالتحيُّز فيها؛ لأنَّه لو تحيَّز؛ لاستحال وجودُه قبل الحيِّز مثلَ كلِّ متحيِّزٍ،

    [ج 2 ص 876]

    تعالى الله عن ذلك، انتهى.

    قوله: (وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا [أنَّ] (أبا جَمْرَة) هذا: بالجيم والراء، وأنَّ اسمَه نصرُ بن عِمران الضُّبَعيُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

    قوله: (أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا ذرٍّ) جُندبُ بن جنادة، وتَقَدَّمَ نسبُه وبعضُ ترجمته.

    قوله: (فَقَالَ لأَخِيهِ: اعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ): أخوه هو أُنَيس، كما قدَّمتُه، وهو في «مسلمٍ» مصرَّحٌ به.

    (1/13141)

    قوله: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ): (الكَلِمَ): مَنْصُوبٌ، و (الطَّيِّبَ): صفةٌ له، وهذا مجازٌ، ولمَّا كان العملُ الصالح سببًا في رفع الكَلِم الطَّيِّب؛ أطلق عليه أنَّه يرفعه، وإنَّ الله تعالى يرفعه، وحذف الفاعل؛ للعلم به، وقال ابن قُرقُول: (قال مجاهد: العمل الصَّالِحُ يَرْفَعُ الْكَلِمَ الطَّيِّب)، كذا لهم، وللأصيليِّ: «يرفعه الكلمُ الطَّيِّبُ»، والقولتان مرويِّتان عن مجاهدٍ وغيرِه، والهاء عائدةٌ على «الكَلِم»، وقيل: على «العمل»، وقيل: على «الله»، هو يرفع العملَ الصالحَ، انتهى، وقال الشيخ عزُّ الدين بن عبد السَّلام في «تفسيره»: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} [فاطر: 10]: أداء الفرائض، وقيل: العبادات الخالصة، أو الموافق للسُّنَّة؛ أي: يرفع القولَ ويوصله إلى القَبول، قال عليه السَّلام: «لا يقبل الله قولًا بلا عملٍ، ولا عملًا بغير نيَّةٍ»، وقيل: يعني: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}؛ أي: هو الكَلِمُ الطَّيِّبُ، وعملُ المشرِكِ لا رافعَ له، وقيل: أي يرفعه الله ويقبلُه؛ إشارةً إلى أنَّ العملَ الصَّالحَ يتوقَّف على الرَّفع في حظر الرَّدِّ، والكَلِمُ الطَّيِّبُ يصعدُ بنفسه لا محالةَ على كلِّ حالٍ، وقيل: العمل الصَّالح يرفع العامِلَ ويشرِّفُه، انتهى.

    ==========

    [1] قوله: (باب): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (تعالى).

    (1/13142)

    [حديث: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ... ]

    7429# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إسماعيل بن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أَبُو الزِّنَاد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الْأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، تقدَّموا.

    قوله: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ): تَقَدَّمَ معناه، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هذا ليس فيه دليلٌ على لغة: (أكلوني البراغيثُ)؛ وذلك لأنَّ في هذا «الصحيح» في (كتاب الملائكة): «الملائكة يتعاقبون؛ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ»، والله أعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 877]

    (1/13143)

    [معلق ابن مخلد: من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ... ]

    7430# قوله: (وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (خالد) هذا، وأنَّ (مَخْلَدًا) بإسكان الخاء، القَطَوانيُّ، أبو الهيثم البَجَليُّ مولاهم، الكوفيُّ، وقَطَوان: مكانٌ بالكوفة، وقيل: إنَّ معنى (القَطَوانيِّ): البقَّال، ذكره ابن قُرقُول مع الآخر، وقد تَقَدَّمَ، روى عن أبي الغُصن ثابتِ بن قيس، ونافع القارئ، وكثير بن عبد الله المزنيِّ، وسليمان بن بلال، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وابن راهويه، وأبو كُرَيب، وابن نُمَير، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وخلقٌ، قال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال ابن معين: ما به بأسٌ، وقال أحمد: له مناكيرُ، وقال أبو داود: صدوقٌ، لكنَّه يتشيَّع، مات سنة (213 هـ)، له ترجمةٌ في «الميزان»، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ في حديث: «مَن عادى لي وليًّا؛ فقد آذنته بالحرب»، ولكن طال به العهدُ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ كذا) وفلانٌ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

    قوله: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على (العَدْلِ)، وأنَّه بفتح العين وكسرها؛ لُغَتان، وقيل بالفرق مُطَوَّلًا.

    قوله: (مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ): أي: حلال.

    قوله: (فُلُوَّهُ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    (1/13144)

    قوله: (وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (وَرْقَاء)؛ فقد تَقَدَّمَ ضبطه مَرَّاتٍ، وأنَّه ابن عمر، وحديث سعيد بن يسار أبي الحُباب المدنيِّ عن أبي هريرة المعلَّقُ هنا أخرجه مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجه، لكن ليس من طريق ورقاء عن عبد الله بن دينار عن سعيد، وقد قدَّم البُخاريُّ هذا التَّعليقَ في (الزَّكاة) أيضًا، والبُخاريُّ إنَّما أورده من هنا، ويرد عليه كونُه لم يذكرها عن الزكاة أيضًا، وقد وهم شيخُنا أيضًا في عزوه؛ فإنَّه قال في (الزكاة): (وتعليق ورقاء عن سعيد بن يسار _يعني: عن عبد الله بن دينار عن سعيد بن يسار_ أخرجه التِّرْمِذيُّ، لكن من حديث سعيدٍ المقبريِّ ويحيى بن سعيد وابن عجلان عن سعيد بن يسار به، ثُمَّ قال: حسنٌ صحيحٌ)، انتهى، والذي ذكرته أنَّه أخرجه مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجه، من طريق سعيد بن يسار؛ فاعلمه، ثُمَّ قال شيخُنا في (الزَّكاة): (قال الدَّاوديُّ: تتابُعُ الرُّوَاة عن أبي صالح عن أبي هريرة دالٌّ على أنَّ ورقاءَ أوهم في قوله: «عن سعيد بن يسار»)، انتهى، وفيما قاله الداوديُّ نظرٌ؛ إذ أخرجه الأئمَّة الذين ذكرتُهم؛ مسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجه، عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة، والله أعلم.

    (1/13145)

    [حديث: لا إله إلا الله العظيم الحليم]

    7431# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ): هذا هو سعيد بن أبي عروبة، وتَقَدَّمَ أنَّ في «القاموس» لشيخِنا مجدِ الدين: وابن أبي العروبة؛ باللام، وتركُها لحنٌ، أو قليلٌ، انتهى، و (أَبُو العَالِيَةِ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه رُفَيعٌ، أبو العاليةِ الرِّياحيُّ.

    ==========

    [ج 2 ص 877]

    (1/13146)

    [حديث: فمن يطيع الله إذا عصيته فيأمني على أهل الأرض]

    7432# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، و (سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، و (ابْن أَبِي نُعْمٍ، أَوْ أَبِي نُعْمٍ؛ شَكَّ قَبِيصَةُ): الصواب من أحد الشَّكَّين أنَّه ابن أبي نُعْمٍ، وسيجيء قريبًا على الصواب، وهو عبد الرَّحْمَن بن أبي نُعْم البَجَليُّ، أبو الحكم الكوفيُّ العابد، ثقةٌ، من عبَّاد أهل الكوفة ممَّن يصبر على الجوع الدَّائم، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الحَجَّاجَ أخذه ليقتلَه، وأدخلَه بيتًا مظلمًا، وسدَّ الباب خمسةَ عشرَ يومًا، ثُمَّ أَمرَ بالباب ففُتِح ليُخرَجَ فيُدفَنَ، فدخلوا عليه؛ فإذا هو قائمٌ يصلِّي، فقال له الحَجَّاج: سِرْ حيث شئت، كان يُنكِر على الحَجَّاج تسرُّعَه في الدماء، فَهَمَّ به، فقال: مَن في بطنها أكثرُ ممَّن هو على ظهرها، بقي إلى حدود سنة مئة، ترجمته معروفةٌ فلا نطوِّلُ بها، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّمَ، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْريُّ): سعد بن مالك بن سنان.

    قوله: (بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بُعِث): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (إلى النَّبيِّ): جارٌّ ومجرورٌ، وهذا ظاهِرٌ، والباعث سيأتي قريبًا أنَّه عليٌّ؛ هو ابن أبي طالب.

    قوله: (بِذُهَيْبَةٍ): هي تصغير (ذهب)، وأدخل الهاء فيها؛ لأنَّ الذهب يؤنَّث، والمؤنَّث الثُّلاثيُّ إذا صُغِّر؛ أُلحِق في تصغيره الهاء؛ نحو: قُوَيسة، وشُمَيسة، وقيل: هو تصغير (ذهبة)؛ على نيِّة القطعة منها، فصغَّرها على لفظها، وقد تَقَدَّمَ.

    [ج 2 ص 877]

    قوله: (فَقَسَمَهَا بين أَرْبَعَةٍ): سيأتي في الطَّريق الثانية مَن هم، وقد تقدَّموا.

    قوله: (أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، وقد سقط (عن أبيه) في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، فألحقتُه في الهامش، ولا بدَّ منه، و (ابْن أَبِي نُعْمٍ): تَقَدَّمَ قريبًا، وكذا (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِيُّ).

    قوله: (فِي تُرْبَتِهَا): يعني: أنَّه لم تُرَوْبَص وتُخَلَّص.

    (1/13147)

    قوله: (بين الْأَقْرَعِ بن حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ... وَ [بَيْنَ] عُيَيْنَةَ بن بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بن عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ، وَبَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيِّ): هؤلاء الأربعة تقدَّموا، وتَقَدَّمَ الكلام على كلِّ واحدٍ منهم، وبعض ترجمته.

    قوله: (صَنَادِيدَ): (الصَّناديد): تَقَدَّمَ أنَّه العظماء، الواحد: صنديدٌ.

    قوله: (فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ): هذا الرَّجل تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّه ذو الخُوَيصرة، واسمه حُرقوص بن زهير، وتَقَدَّمَ الجمع بين ما هنا وغيره وبين ما وقع في (استتابة المرتدِّين)، والله أعلم.

    قوله: (نَاتِئُ الْجَبِينِ): هو بهمزة في آخره؛ أي: مرتَفِع، وقد تَقَدَّمَ، وكذا (مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ)؛ أي: ناتِئُهما، ومعناه: عالي عظام الخَدَّين، و (الوجنة): مُثَلَّثَة الواو، وقد تَقَدَّمَت.

    قوله: (فَسَأَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ قَتْلَهُ أُرَاهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ): تَقَدَّمَ الجزمُ بأنَّه خالدٌ، وتَقَدَّمَ أنَّ عمرَ سأله أيضًا قَتْلَه، فالظَّاهر أنَّهما سألاه قَتْلَه، و (أُراه): بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الضِئْضِئِ) بروايتَيه، وكذا تَقَدَّمَ: (الحَنَاجر)، وكذا (الرَّمِيَّةِ).

    قوله: (وَيَدَعُونَ): هو بفتح الدال؛ أي: يتركون.

    قوله: (قَتْلَ عَادٍ): أي: أَسْتَأصِلُهم، قال الله تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 8]، وقد جاء في بعض طرقه: (قَتْلَ ثمود)؛ أي: أستأصِلُهم بالقتل.

    (1/13148)

    [حديث أبي ذر: مستقرها تحت العرش]

    7433# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): (عيَّاش) هذا: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالمُثَنَّاة تحت، وبالشِّين المُعْجَمَة، وقد قَدَّمْتُ الفرقَ بينه وبين عَبَّاس بن الوليد النَّرسيِّ، بالموحَّدة والسين المُهْمَلَة، وأنَّ هذا الثَّانيَ ذكره البُخاريُّ في مكانين، وقد عيَّنتُهما، وهما (علامات النُّبوَّة) وفي (بعث أبي موسى)، والمكانُ الثالثُ نسبه فيه فقال: (النرسيُّ)، وهو في (الفتن)، و (الْأَعْمَش): هو سليمان بن مِهْرَان، تَقَدَّمَ، و (إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن يزيد التَّيميُّ، و (أَبُوهُ): يزيد بن شريك بن طارق، من تيم الرِّباب، وفي بعض النُّسخ: (أُراه عن أبيه): و (أُراه): بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جُنادة، من السابقين، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه.

    ==========

    [ج 2 ص 878]

    (1/13149)

    [قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23]): الأولى بالضَّاد غير المشالة المُعْجَمَة، ومعناها: حسنةٌ جميلةٌ، مستبشرةٌ مسرورةٌ، مشرقةٌ متهلِّلَةٌ، والثَّانية بالظَّاء المُعْجَمَة المشالة، ومعناها: ترى ربَّها عِيَانًا، ولا يصحُّ قولُ مَن قال: لأمر ربَّها أو لثوابِه منتظرة؛ لأنَّه يُقال: نظرت فيه؛ أي: تفكَّرت، ونظرته: انتظرته، ولا يُعدَّى بـ (إلى) إلَّا بمعنى العِيَان، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ردُّ قول مجاهد في ذلك، وأنَّه شاذٌّ، قاله ابن عَبْدِ البَرِّ.

    ثُمَّ اعلم أنَّ رؤيةَ اللهِ عزَّ وجلَّ في الدَّار الآخرة في الموقِفِ فيها ثلاثة أقوال لأهل السُّنَّة _كذا قال الحافظ أبو العَبَّاس ابن تيمية_ أحدها: لا يراه إلَّا المؤمنون، وهذا الذي كنت أستحضره أنا؛ لقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [1] [المطففين: 15]، والله أعلم، والثاني: يراه أهلُ الموقف؛ مؤمنُهم وكافرُهم، ثُمَّ يحتجب عن الكفَّار، فلا يرونه بعد ذلك، والثالث: يراه المنافقون دون الكفَّار، قال الحافظ شمس الدِّين ابنُ إمامِ الجوزيَّة في «حادي الأرواح» في الباب الخامس والستِّين: والأقوال الثَّلاثة في مذهب أحمدَ، وهي لأصحابه، وكذلك الأقوالُ الثلاثةُ بعينها في تكليمه لهم، قال: ولشيخِنا في ذلك مصنَّفٌ مفرَدٌ، وحكى فيه الأقوالَ الثلاثةَ وحُجَجَ أصحابِها، وقال قُبَيل هذا الكلام ابنُ القَيِّمِ: فقد دلَّتِ الأحاديثُ الصَّحيحةُ الصَّريحةُ على أنَّ المنافقين يرونه في عَرَصَاتِ القيامة، بل والكفَّار أيضًا، كما في «الصَّحيح» في حديث التجَلِّي يومَ القيامة، وسيمرُّ بك عن قريب، انتهى.

    (1/13150)

    [حديث: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته]

    7434# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُشَيْمٌ [1] عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ): أمَّا (خالد)؛ فهو ابن عبد الله الواسطيُّ الطَّحَّان، تَقَدَّمَ مترجمًا، ومِن ترجمته أنَّه اشترى نفسَه من الله عزَّ وجلَّ ثلاثَ مَرَّاتٍ بزنته فضَّةً، و (هُشَيْمٌ): هو ابن بشير، كذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (حَدَّثَنَا خالد وهُشَيم)، وفي أصلنا القاهريِّ: (خالدٌ أو هُشَيم)، وعلى الألف نسخةٌ، وعليها علامة راويها، والصواب حذف الألف وقوله: (خالد وهشيم)، وكذا طرَّفه المِزِّيُّ عن ابن عون عن خالد وهُشَيم، وعلى الواو في نسختي بـ «أطراف المِزِّيِّ» (صح)، وهي مقابَلةٌ بنسخة الحافظ عماد الدين ابن كَثِير، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم، و (جَرِيْر): هو ابن عبد الله البَجَليُّ.

    قوله: (لَا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (تضامُّون) في (كتاب الصَّلاة)، وسأذكره قريبًا جدًّا.

    (1/13151)

    [حديث: إنكم سترون ربكم عيانًا]

    7435# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد ربِّه بن نافع الحنَّاط، صاحب الطَّعام المدائنيُّ، اتَّفقا عليه)، انتهى، واعلم أنَّ (أبا شهاب) اثنان؛ أحدهما هذا، والآخر: أبو شهاب الأكبرُ، موسى بن نافع الهُذَليُّ الحنَّاط، من أهل الكوفة، عن عطاء بن أبي رباح، روى عنه: أبو نُعَيم، ذكر له البُخاريُّ حديثًا واحدًا في (الحجِّ)، والله أعلم، و (قَيْس بْن أَبِي حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    (1/13152)

    [حديث: إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا]

    7436# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو بإسكان المُوَحَّدة، وهذا ظاهِرٌ عند أهله، و (حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ): هو الحُسين بن عليِّ بن الوليد الجعفيُّ، و (زَائِدَة): هو ابن قدامة، و (بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ): هو بكسر المُوَحَّدة، وبالشِّين المُعْجَمَة، و (قَيْس بْن أَبِي حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا.

    [ج 2 ص 878]

    قوله: (لَا تُضَامُّونَ): هو بتشديد الميم من (التضامِّ)؛ أي: لا تُزاحَمون عند النَّظر إليه، ومَن خفَّف الميم؛ فمن (الضَّيم)؛ وهي الغلبةُ على الحقِّ والاستبدادُ به دون أربابه، وهو الظُّلم أيضًا؛ أي: لا يظلم بعضكم بعضًا، هذا لفظ «المطالع»، واعلم أنَّ مَن شدَّد الميم؛ فتح التاء، ومَن خفَّفها؛ ضمَّ التَّاء، ومفهوم كلام القاضي أنَّه يجوز ضمُّ التَّاء، سواء شُدِّد أو خُفِّف في (تُضامون) و (تُضارون)، وكلُّه صحيحٌ، والله أعلم، ولفظ «النِّهاية» في (تُضامون): يُروى بالتشديد والتخفيف، فالتشديد معناه: لا ينضمُّ بعضُكم إلى بعض وتَزدحمون وقت النظر إليه، ويجوز ضمُّ التاء وفتحها على «تُفاعِلون» و «تَتَفَاعَلُون»، ومعنى التَّخفيف: لا ينالكم ضَيمٌ في رؤيته فيراه بعضكم دون بعض، والضَّيم: الظُّلم، والله أعلم.

    (1/13153)

    [حديث: فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب]

    7437# 7438# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (هَلْ تُضَارُّونَ) في الموضعين: تَقَدَّمَ الكلام عليها، قال في «المطالع»: «لا تضارُّون في رؤيته»، وأصله: تضارِرُون، ولا تضارَرُون، من الضُّرِّ؛ أي: لا يُضَرُّ بكم أحدٌ، ولا تَضرُّوا أحدًا بمنازعةٍ ولا مجادلةٍ ولا مضايقةٍ؛ لأنَّ ذلك كلَّه إنَّما يُتَصوَّر في مَرْئِيٍّ مخلوقٍ، أو قدرٍ مقدورٍ، أو ذاتٍ مُكَيَّفٍ، والله سبحانه وتعالى منزَّهٌ عن ذلك، ومَن خفَّف؛ فهو من الضَّير، وهما بمعنًى؛ أي: لا يخالف بعضُكم بعضًا فيكذِّبُه وينازِعُه فيضرَّه بذلك، يُقال: ضَرَّه وضارَّه يَضِيره، وقيل: معناه لا يضايقون، والمضارَّة: المضايقة، وهو بمعنى: تزاحمون، كما جاء «تضامُّون»، وقيل: لا يُحجَب بعضُكم عن رؤيته فيُضَرَّ به، انتهى، ولفظ «النهاية»: يروى بالتشديد والتخفيف؛ فالتشديد بمعنى: لا تخالفون ولا تتجادلون في صحَّة النَّظر إليه؛ لوضوحِه وظهورِه، يُقال: ضارَّه يضارُّه؛ مثل ضرَّه يضرُّه، وقال الجوهريُّ: يُقال: أضرَّني فلانٌ؛ إذا دنا منِّي دُنُوًّا شديدًا، وأراد بالمضارَّة: الاجتماع والازدحام عند النَّظر إليه، وأمَّا التخفيف؛ فهو من الضَّير؛ لغةٌ في الضُّرِّ، والمعنى فيه كالأوَّل، انتهى، والله أعلم.

    قوله: (فَلْيَتَّبِعْهُ): يُقال بالتشديد وبالتخفيف، وكذا (فَيَتْبَعُ)، وكذا الذي بعدها، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الطَّوَاغِيت).

    قوله: (فِيهَا شَافِعُوهَا، أَوْ مُنَافِقُوهَا): الصواب من أحد الشَّكَّين: (منافقوها)؛ وذلك لأنَّ في «مسلم»: (منافقوها)؛ بغير شكٍّ، والشَّاكُّ هو إبراهيم بن سعدٍ المذكورُ في سند الحديث، كما صَرَّحَ به هنا.

    (1/13154)

    قوله: (فِيهَا [1] مُنَافِقُوهَا): قال العلماء: إنَّما بقيَ المنافقون في زمرة المؤمنين؛ لأنَّهم في الدُّنيا كانوا متستِّرين بهم، فيُستَرون [2] بهم أيضًا في الآخرة، وسلكوا مسلكهم، ودخلوا في جملتهم واتَّبعوهم ومَشَوا في نورهم حتَّى ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ، وذهب عنهم نورُ المؤمنين، قال بعض العلماء: هؤلاء هم المطرودون عن الحوض الذين يُقال لهم: سُحْقًا سُحقًا، والله أعلم، قاله النَّوويُّ في «شرح مسلم».

    قوله: (فَيَأْتِيهِمُ اللهُ فِي صُورَتِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (الرقائق) في أواخرها، وكذا تَقَدَّمَ (يَتْبَعُونَهُ [3]): أنَّه بالتشديد والتخفيف.

    قوله: (وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ): (يُضرَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الصِّراطُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وتَقَدَّمَ الكلام على: (ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ).

    قوله: (وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ؛ سَلِّمْ): وقد تَقَدَّمَ في (الرَّقائق) أنَّ في «التِّرْمِذيِّ» عن المغيرةِ بن شعبةَ عنه عليه السَّلام قال: «شعار المؤمنين على الصِّراط: ربِّ سلِّم، ربِّ سلِّم»، وقال: غريبٌ، وما في هذا «الصحيح» هو في «مسلم» أيضًا، وفي «مسلم»: «ونبيُّكم قائمٌ على الصراط يقول: ربِّ سلِّم سلِّم»، وفيه أيضًا ما ظاهره [4] أنِّ المؤمنين يقولون ذلك أيضًا، فعلى هذا؛ أنَّ ذلك في حالَين؛ لقوله: «ولا يتكلَّم يومئذ إلَّا الرُّسُلُ»، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ ذلك في (الرَّقائق).

    قوله: (مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ): هو مثل تثنية (سعد)، نباتٌ ذو شوكٍ من أفضل مراعي الإبل، يُضرَب به المَثَلُ، وقد قال القاضي أبو بكر ابن العربيِّ المالكيُّ: إنَّ الشَّهوات التي كانت تجذبه في الدنيا تُمثَّل له كلاليبَ على الصراط، تجذبه إليها.

    قوله: (تَخْطَفُ النَّاسَ): هو بفتح الطاء، هذه لغة القرآن، ويجوز كسرها؛ لغة أخرى.

    (1/13155)

    قوله: (فِيهِمُ [5] الْمُوبَقُ [6] بِعَمَلِهِ، أَوِ الْمُوثَقُ بِعَمَلِهِ): الأولى بالموحَّدة المفتوحة، اسم مفعولٍ، والثانية مثلُها، إلَّا أنَّها بالثاء المُثَلَّثَة، و (الموبَق)؛ بالموحَّدة: المُهلَك، يُقال: وَبَقَ يَبق، ووبق يوبق؛ إذا هلك، وأوبقه غيرُه، فهو مُوبَق وفي «مسلم»: (الْمُوبَقُ)؛ بالموحَّدة، ومعنى الثَّانية معروفٌ، والله أعلم.

    قوله: (وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ، أَوِ الْمُجَازَى): (المُخردَل): بالخاء المُعْجَمَة، اسمُ مفعولٍ؛ أي: المُقَطَّع، [قال ابن قرقول]: وهو بالجيم للأصيليِّ في (كتاب الرقاق)، وللكافَّة بالخاء المُعْجَمَة، وكذا رواه السِّجْزيُّ عن مسلم، وهو الصواب، من جَرْدَلتُ اللحمَ وخَرْدَلتُه أيضًا؛ إذا قطَّعتَه قِطَعًا صِغارًا، ومعناه: تقطيعهم بالكلاليب، وقيل: بل المعنى: إنَّما يقطعهم عن لحوقهم بالناجين، وهذا بعيدٌ، وقيل: المخردل: المصروع المطروح، قاله الخليل، والأوَّل أظهرُ وأعرفُ، ولقوله في الكلاليب: (تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ)، وفي الحديث الآخَرِ: «فناجٍ مُسَلَّمٍ ومَخْدُوش»، وأمَّا جَرْدَلت اللحمَ؛ بالجيم؛ فقيل: هو الإشراف على السقوط، وحكى ابن الصابونيِّ عن الأصيليِّ: مُجَزْذَل؛ بالجيم، والذال بعد الزاي، وهو وَهَمٌ، ليس ذلك في كتاب الأصيليِّ، ورواه بقيَّة رواة «مسلم» سوى السِّجْزيِّ: (والمجازى)؛ من الجزاء، والروايةُ الأولى أصحُّ؛ أعني: رواية السِّجْزيِّ، وكذلك الخلاف أيضًا في «البُخاريِّ» في (كتاب الصَّلاة): (يجردل) أو (يخردل)؛ بالجيم لأبي أحمد، وبالخاء المُعْجَمَة فقط، وجاء في «البُخاريِّ» في (كتاب التوحيد): (أو المجازى)؛ على الشكِّ، انتهى، والله أعلم.

    قوله: (وَيَعْرِفُونَهُمْ [7] بِآَثَارِ [8] السُّجُودِ): تَقَدَّمَ أن المرادَ الأعضاءُ السبعةُ التي يسجد عليها، وتَقَدَّمَ كلام القاضي عياض وردُّه في (كتاب الصَّلاة)، وكذا (امْتُحِشُوا): تَقَدَّمَ، وكذا (الْحِبَّةُ)، وكذا (حَمِيلِ السَّيْلِ)، وكذا (الرَّجُل)؛ وأنَّه جهينة، من جهينة، وقال السُّهَيليُّ: هنَّاد، ولعلَّ أحدَهما لقبٌ، والآخرَ الاسمُ، وكذا تَقَدَّمَ (قَشَبَنِي رِيحُهَا) ما معناه، وكذا (ذَكَاهَا [9])، وأنَّه بالقصر والمدِّ؛ لُغَتان؛ أي: لهبها، وكذا (عَسَيْتَ)، وأنَّها بفتح السين وكسرها؛ لُغَتان، وهما قراءتان.

    (1/13156)

    قوله: (إِنْ أُعْطِيتَ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء الخطاب المفتوحة، وكذا الثانية، وكذا الثالثة.

    قوله: (انْفَهَقَتْ [10] لَهُ الْجَنَّةُ): هو بهمزة وصلٍ _فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتها_ ثُمَّ نون، ثُمَّ فاء، ثُمَّ هاء، ثُمَّ قاف، مفتوحات، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة؛ أي: انفتحت واتَّسعت.

    [ج 2 ص 879]

    قوله: (مَا أَغْدَرَكَ!): أي: ما أنقضك للعهد والميثاق!

    قوله: (مِنَ الْحَبْرَةِ وَالسُّرُورِ): (الحَبْرة): بفتح الحاء المُهْمَلَة، وإسكان المُوَحَّدة، قال ابن قُرقُول: ورواه البُخاريُّ: «من الحَبْرَة والسرور»، والحَبْرة: المسرةَّ والنَّعْمَة، والحَبْر والحِبَار: الأَثَر، ومنه سُمِّيَت المسرَّةُ حبرةً؛ لظهور أثرها على صاحبها، انتهى.

    قوله: (أَعْطَيْتَ): هو بفتح الهمزة، مَبْنيٌّ للفاعل، والتاء في آخره مفتوحة للخطاب.

    قوله: (حَتَّى يَضْحَكَ اللهُ مِنْهُ): قال ابن قُرقُول: هذا وأمثالُه من الأحاديث طريقُها الإيمانُ بها من غير كيفٍ ولا تأويلٍ، وتسليمُها إلى عالِمها، انتهى، وفي هذه المسألة قولان شهيران: طريقة السَّلَف هو ما ذكره ابن قُرقُول، وطريقة الخَلَف: تأويلُها بما يليق بجلالِ الله وعَظَمتِه، والله أعلم، وإذا قُلنا بالتأويل؛ فالمراد بـ (الضحك) _والله أعلم_ الرِّضا.

    قوله: (حَتَّى إِنَّ اللهَ لَيُذَكِّرُهُ): اللام للتأكيد، و (يُذَكِّرُه): مَرْفُوعٌ، وهو الخبر، و (إنَّ) بعد (حتَّى) مكسورةُ الهمزة.

    قوله: (الْأَمَانِيُّ): مشدَّد الآخر، ويجوز تخفيفه، وقد قَدَّمْتُ أنَّ الكلمةَ إذا كانت مُشَدَّدةً؛ فَلَكَ في جمعِها التشديدُ والتخفيفُ؛ كأُثْفِيَّة وأَثَافي، وسُرِّيَّة وسَرَاري، وغير ذلك.

    قوله: (وَمِثْلُهُ مَعَهُ): (مثلُه): مَرْفُوعٌ، وهو مبتدأ.

    قوله: (قَالَ أَبُو سَعِيدٍ [11]: «وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ»): تَقَدَّمَ في (الصَّلاة) أنَّ في «مسند أحمد» و «عبد بن حُمَيد» على العكس، وهو أنَّ أبا هريرة حفظ «وعشرة أمثاله»، وأنَّ أبا سعيد حفظ «ومثله معه»، وقد تَقَدَّمَ في (باب فضل السجود).

    ==========

    [1] كذا في (أ) على حذف الشكِّ.

    [2] في (أ): (فيستروا)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَيَتْبَعُونَهُ).

    [4] في (أ): (ظاهر)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [5] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَمِنْهُمُ).

    (1/13157)

    [6] زيد في «اليونينيَّة»: (بقيَ)، وفي هامش (ق) مصحَّحًا عليها: (يبقى).

    [7] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَيَعْرِفُونَهُمْ)، ثمَّ زيد فيهما: (في النار).

    [8] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بأثر).

    [9] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (ذكاؤها).

    [10] في (أ): (انفقهت)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [11] زيد في «اليونينيَّة»: (الْخُدْرِيُّ)، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: «ذَلِكَ لَكَ»).

    (1/13158)

    [حديث: هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوًا]

    7439# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان.

    قوله: (هَلْ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ؟): تَقَدَّمَ الكلام على (تضارون) قريبًا.

    قوله: (يُنَادِي مُنَادٍ): هذا المنادي من الملائكة فيما يظهر، ولا أعرفه، والله أعلم.

    قوله: (وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ): تقدَّم الكلام على (الأوثان).

    قوله: (وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ): هو مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ معطوفٌ على (مَنْ)؛ وهو مَرْفُوعٌ فاعلُ (يَبْقَى)، ويجوز جرُّها مع التنوين، معطوفٌ على: بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ وَغُبَّرَاتٍ؛ وهي بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ مُوَحَّدة مفتوحة مُشَدَّدة، ثُمَّ راء، ثُمَّ ألف، ثُمَّ مُثَنَّاة فوق، جمع (غُبَّرٍ)، و (الغُبَّر): جمع (غابر)، و (الغابر) هنا: الباقي، و (الغابر) من الأضداد، بمعنى: الماضي، وبمعنى: الباقي، والله أعلم.

    قوله: (تُعْرَضُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (سَرَابٌ): تَقَدَّمَ ما (السراب).

    قوله: (فَيَأْتِيهِمُ الْجَبَّارُ في صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الصورة) في آخر (الرقائق)؛ فانظره.

    قوله: (فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ): قال ابن قُرقُول في قوله: ويكشف عن ساق: أي: شدَّةُ أمرٍ وهولٍ، قاله ابن عَبَّاس، وهو قول أهل اللغة، انتهى، وكذا قال ابن الأثير: وقال ابن عبد السَّلام في «تفسيره» في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42]: شدَّة إقبالِ الآخرة وذهابِ الدنيا، وقيل: ساق الآخرة؛ أي: نورٌ عظيمٌ يخرُّون له سُجَّدًا، ويُجعَل صُلْبُ مَن لم يسجد في الدُّنيا كصيصية البقر، ويُقال للواقع في أمرٍ عظيم يحتاج إلى الجِدِّ: قد كشف عن ساقه، قيل: يعني بذلك: عند المعاينة، وقيل: عند العجز والهَرَم، وقيل: القيامة، وقرأ ابن عَبَّاس ثَمَّ: {تَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ}؛ بالتاء؛ يعني: القيامةَ، انتهى، وهي شاذَّةٌ.

    قوله: [(رِيَاءً وَسُمْعَةً)]: تَقَدَّمَ الكلام على (الرِّياء) و (السُّمعة)، وقد قَدَّمْتُ ما قاله الشَّيخ عزُّ الدين بن عبد السَّلام في الفرق بينهما.

    قوله: (كَيْمَا يَسْجُدَ): هو بنصب (يسجدَ).

    (1/13159)

    قوله: (طَبَقًا وَاحِدًا): هو بفتح الطَّاء المُهْمَلَة والباء المُوَحَّدة، وبالقاف؛ أي: فَقَارة واحدة، و (الطَّبَق): فقار الظهر، فلا يقدر على الانحناء ولا السجود.

    قوله: (بِالْجَسْرِ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر الجيم وفتحها، وأصله: القنطرة يُعبَر عليها، وقد تَقَدَّمَ أنَّه أدقُّ من الشَّعرة، وأحدُّ من السيف، فيما بلغَ أبا سعيد، وقد قَدَّمْتُ عزوَه إلى مَن رواه، وقدَّمت أنَّه ألفُ سنةٍ صعودًا، وألفُ سنةٍ هبوطًا، وألفُ سنةٍ استواءً، والله أعلم.

    قوله: (مَدْحَضَةٌ): هو بفتح الميم، وإسكان الدَّال، ثُمَّ حاء، مهملتين، ثُمَّ ضاد معجمة، مفتوحتين، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو من (الدَّحْض)؛ وهو الزَّلْق، و (المَدْحضة): مكان الزَّلْق.

    قوله: (مَزِلَّةٌ): هو من (الزلل)؛ وهو الزَّلْق، و (مزلَّة): بفتح الزَّاي وكسرها، قاله في «المطالع»، وكذا في «النهاية»، ولفظه: («مَفعَلة» مِن: زلَّ يزلُّ؛ إذا زلق، وبفتح الزَّاي وكسرها، أراد أنَّه تزلق عليه الأقدامُ ولا تثبت)، انتهى، و (مزِلَّة) في أصلنا بكسر الزَّاي بالقلم، وعليها (صح)، وهي بالكسر اسمُ فاعلٍ؛ كأنَّها تُزِلُّ هي الأقدامَ، و (مزَلَّة)؛ بفتحها: مكان الزَّلل.

    قوله: (خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ): (الخطاطيف): جمع (خُطَّاف)؛ بضَمِّ الخاء، وهو الكُلَّاب، فعلى هذا؛ هو من باب عطف الشيء على نفسِه، وحَسُنَ؛ لكونه بخلاف اللفظ الأوَّل، والله أعلم، ولا ينصرف، وكذا (كلاليب)؛ لأنَّه جمعٌ ثالثه الألف وبعدها ثلاثة أحرف؛ أوسطها ساكنٌ.

    [ج 2 ص 880]

    قوله: (وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ): (الحَسَكة): شوكةٌ صُلبةٌ حديدةٌ، و (مُفَلْطَحَة): بضَمِّ الميم، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ لام ساكنة، ثُمَّ طاء ثُمَّ حاء مهملتين مفتوحتين، ثُمَّ تاء التأنيث، قال في «المطالع»: (وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ)، كذا صوابه في اللغة؛ أي: واسعةُ الأعلى دقيقةُ الأسفل، ووقع في هذه الأصول أيضًا: «مفلحطة»؛ بتقديم الحاء، والأوَّل هو المعروفُ في اللغة، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: (مفلطحة: واسعةُ الأعلى دقيقةُ الأسفل، قاله الأصمعيُّ)، انتهى، وفي «النهاية»: «مفلطحة»: الذي فيه عَرْضٌ واتِّساعٌ، ولم يتعرَّض للرواية الأخرى.

    (1/13160)

    قوله: (لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ): هي بضَمِّ العين المُهْمَلَة، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ همزة ممدودة، قال ابن الأثير في «نهايته»: أي: ملويَّة كالصُّنَّارة، انتهى، وقال الدِّمْيَاطيُّ: عقفت الشيءَ فانعقف؛ أي: عطفتُه فانعطف، والتعقيف: التعويج، وأعرابيٌّ أعقفُ؛ أي: جافٍ، انتهى.

    قوله: (كَالطَّرْفِ): هو بإسكان الراء، قال ابن قُرقُول: بفتح الطَّاء، وسكون الراء؛ أي: كسُرعة رجع العين؛ كما قال: {قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: 40]، وهو طَرْفُ الإنسان بعينه، وهو امتداد لَحْظِه حيث أدرك، ثُمَّ ذكر بعده حديثين من المادَّة، ثُمَّ قال: وقيل: طَرْفُ العين: حركتها.

    قوله: (يُسْحَبُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (مِنْ إِيمَانٍ؛ فَأَخْرِجُوهُ): هو بفتح الهمزة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وكذا (فَأَخْرِجُوهُ) الثانية، وكذا الثالثة، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (وَيُحَرِّمُ [1] صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ): هؤلاء غير الطَّائفة التي لا تأكل النَّارُ أماكنَ السجود، والله أعلم.

    قوله: ({وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40]): {حَسَنَةٌ}: مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ، قرأ كذلك الحِرْمِيَّان؛ وهما نافعٌ وابنُ كثير، وقرأ الباقون بالنصب والتنوين، والله أعلم.

    قوله: (فَيَقْبِضُ قُبْضَةً [2] مِنَ النَّارِ): (القبضة) في أصلنا: بفتح القاف، واعلم أنَّه إن أراد المرَّة؛ كان ذلك بالفتح كما ضُبِطَ، وإن كان المراد الشيء المقبوض؛ فقد قال الجوهريُّ: والقُبضة؛ بالضَّمِّ: ما قبضت عليه من شيءٍ، يُقال: أعطاه قُبضةً من سَويق أو تمر؛ أي: كفًّا منه، وربَّما جاء بالفتح، انتهى.

    قوله: (قَدِ امْتُحِشُوا): تَقَدَّمَ الكلام [على] ضبطه ومعناه في (الصَّلاة).

    قوله: (فِي حَافَتَيْهِ): هو بتخفيف الفاء، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ): تَقَدَّمَ الكلام عليها وضبطُها، وكذا (حَمِيلِ السَّيْلِ).

    قوله: (فَيَخْرُجُونَ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الراء، مَبْنيٌّ للفاعل، كذا في أصلنا، ويجوز بناؤه للمفعول، والله أعلم.

    قوله: (كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ): فيه أربعُ لغات، هنَّ أربعُ قراءاتٍ: بهمزتين وعدمهما، وهمز الأولى دون الثانية، وعكسه، قال ابن قُرقُول: «كأنَّهم اللؤلؤ»، وقيل: هو اسمٌ جامعٌ لجنسه، سُمِّيَ بذلك لتلألُئِه؛ وهو إشراقه وضياؤه، انتهى.

    (1/13161)

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق) اسم الجلالة.

    [2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قَبْضَةً).

    (1/13162)

    [معلق حجاج: يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يهموا بذلك]

    7440# قوله: (وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ [1]: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... )؛ فذكره: (حجَّاج بن منهال): تَقَدَّمَ أنَّ (حَجَّاجًا) هذا هو شيخُ البُخاريِّ، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ كذا) وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وقد انفرد البُخاريُّ بإخراج هذا الحديث.

    قوله: (حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ): (يُهِمُّوا) في أصلنا: بضَمِّ أوَّله، وكسر ثانيه، قال ابن قُرقُول: (ويَهِمُّون بذلك): رواية بعضهم: (وحتَّى يهمُّوا بذلك)؛ من الهمِّ، يُقال: همَّني الأمرُ همًّا: أحزنني وأغمَّني، وأهمَّني؛ إذا بالغ في ذلك، وهو المهموم، انتهى.

    قوله: (فَيُرِيحَنَا): يجوز فيه النصب؛ وهو الجادَّة، ويجوز رفعه [2]، وبهما ضُبِط في أصلنا.

    قوله: (خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ): تَقَدَّمَ أنَّ الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم الذي ينبغي أن يُعتَقَد فيهم أنَّهم معصومون من الصَّغائر والكبائر قبل النبوَّة وبعدها، وقد أجاب العلماء عن كلِّ ما جاء في ظواهر القرآن والسُّنَّة ممَّا يُخالِف ذلك، والله أعلم.

    قوله: (أَكْلَهُ [مِنَ] الشَّجَرَةِ): (أكلَه): مَنْصُوبٌ بدلٌ من (خَطِيئَتَهُ)؛ وهي منصوبةٌ، و (الشجرة): تَقَدَّمَ الخلاف فيها؛ هل هي شجرة الكرم، أو السنبلة، أو شجرة العلم، وقيل غيرُ ذلك مما تَقَدَّمَ في (سورة البقرة) في (الأنبياء) [خ¦3340]، والله أعلم.

    قوله: (وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا): (نُهِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    قوله: (سُؤَالَهُ): مَنْصُوبٌ؛ لأنَّه بدلٌ من (خَطِيئَتَهُ)؛ وهي منصوبة، و (رَبَّهُ): مَنْصُوبٌ أيضًا، مفعول المصدر؛ وهو (سؤال)، والله أعلم.

    قوله: (ثَلاَثَ كَلِمَاتٍ [3] كَذَبَهُنَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها، وأنَّها كيف أطلق الشارع عليها (كذبات)، وكذا (إبراهيم) صلَّى الله عليهما وسلَّم في (كتاب الأنبياء) في (إبراهيم).

    قوله: (قَتْلَهُ النَّفْسَ): (قتلَه): مَنْصُوبٌ بدلٌ من (خَطِيئَتَهُ)؛ وهي منصوبة، و (النفسَ): منصوبةٌ أيضًا، مفعولُ المصدر.

    (1/13163)

    قوله: (فِي دَارِهِ): قال ابن الأثير: أي: في حضرة قدسه، وقيل: في جنَّته؛ فإن الجنَّة تُسَمَّى دارَ السَّلام، والله هو السَّلام، انتهى.

    قوله: (فَإِذَا رَأَيْتُهُ؛ وَقَعْتُ سَاجِدًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذه السجدةَ والتي بعدها كلُّ واحدةٍ منهما مقدارُها مقدارُ جمعة، والله أعلم، والظاهر: أنَّها من جُمع الدنيا، ورأيت بخطٍّ يشبه أن يكون خطَّ الإمام جلالِ الدين ابنِ شيخِنا البُلْقينيِّ: (وفي بعض أحاديث الأجزاء: أنَّها سبعون سنةً، فعلى هذا؛ يكون اليوم بعشر سنين، روايةً من طريق مجاهد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما)، انتهى، وقد سمع مجاهدُ من عبد الله بن عمر، والله أعلم.

    قوله: (فَأَخْرُجُ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الراء؛ أي: أخرج أنا، وكذا الثانية والثالثة.

    قوله: (قَالَ: هَذَا [4] الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وُعِدَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ في (المقام المحمود) أقوالٌ في (سورة سبحان) في (التفسير)، والله أعلم.

    (1/13164)

    [حديث: اصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض]

    7441# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ): و (إبراهيم): هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (عَمُّهُ): هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ.

    (1/13165)

    [حديث: اللهم ربنا لك الحمد أنت قيم السموات والأرض]

    7442# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، و (ابْن جُرَيْجٍ): هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (سُلَيْمَان الأَحْوَل): هو سليمان بن أبي مسلم.

    قوله: (قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ): تَقَدَّمَ أنَّ (القيِّم) و (القَيَّام) و (القيُّوم): الذي لا يزول، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (نُورُ السَّمَاوَاتِ).

    قوله: (وَقَالَ [1] قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُوسٍ: قَيَّامٌ): (قيس بن سعد) هذا: مكِّيٌّ، كنيته أبو عبد الملك، ويُقال: أبو عبد الله، الحبشيُّ، مولى نافع بن علقمة، وكان مفتيَ مكَّة، روى عن مجاهد، وطاووس، وعطاء، ومكحول، وجماعةٍ، وعنه: سيف بن سليمان، وشبل بن عبَّاد، وهشام بن حسَّان، والحَمَّادان، وجرير بن حازم، ومعاوية بن عبد الكريم الضَّالُّ، وطائفةٌ، وَثَّقَهُ الإمام أحمدُ وغيرُه، وقال ابن معين: ليس به بأسٌ، تُوُفِّيَ سنة تسعَ عشرةَ ومئة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليقُه هذا أخرجه مسلمٌ في (الصَّلاة) عن شيبان بن فرُّوخ عن مهديِّ بن ميمون، وأبو داود فيه عن أبي كامل الجحدريِّ عن خالد بن الحارث، والنَّسائيُّ في (التفسير) عن مُحَمَّد بن معمر عن حَمَّاد بن مسعدة؛ ثلاثتهم عن عمران بن مسلم القصير عن قيس، ليس فيه (عن واصل)، ليس في السماع، ولم يذكره أبو القاسم، وأمَّا (أبو الزُّبَير)؛ فاسمه مُحَمَّد بن مسلم بن تَدْرُسَ، مولى حكيم بن حزام، أخرج له الجماعة؛ البُخاريُّ متابعةً، وترجمته معروفةٌ، وقد تَقَدَّمَ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وتعليقُ أبي الزُّبَير أخرجه مسلمٌ في (الصَّلاة) عن قُتَيْبَة، وأبو داود فيه عن القعنبيِّ؛ كلاهما عن مالك عن أبي الزُّبَير به، والتِّرْمِذيُّ في (الدَّعَوات) عن إسحاق بن موسى الأنصاريِّ، عن معن، عن مالك به، وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنَّسائيُّ في (البعوث) عن قُتَيْبَة به، والله أعلم.

    ==========

    [1] رواية «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

    [ج 2 ص 882]

    (1/13166)

    [حديث: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه]

    7443# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (خَيْثَمَة): هو ابن عبد الرَّحْمَن الجعفيُّ.

    قوله: (تُرْجُمَانٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الترجمان) في أوَّل هذا التعليق في حديث هرقل.

    (1/13167)

    [حديث: جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما]

    7444# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الجِهْبِذ الحافظ، و (أَبُو عِمْرَان عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْد اللهِ بْنِ قَيْسٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عمران: عبد الملك بن حبيب الحَرْبِيُّ، وأبو بكر: عمرو بن عبد الله، أبو موسى)، انتهى، فقوله: (الحربيُّ)، كذا في خطِّ الناقل عنه مجوَّد بإهمال الحاء: (الحربيُّ)، وهذا تصحيفٌ، إنَّما هو (الجونيُّ)، وهذا ظاهِرٌ، وقوله: (وأبو بكر: عمرو بن عبد الله أبو موسى)؛ فيكون اسمَ أبي بكر: عمرٌو، وهذا قولٌ، وقُدِّم عليه غيرُه، وقيل: اسمه عامر، وقوله: (عمرو بن عبد الله أبو موسى) ينبغي أن يقول: (أبي موسى)؛ يعني: عبد الله، ويجوز هذا؛ أي: وهو أبو موسى.

    قوله: (إِلَّا رِدَاءُ الْكِبرِياءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ): قال ابن قُرقُول _وقد ذكر هذا الحديثَ وحديثَ: «الكبرياء ردائي، والعَظَمة إزاري» _ ما لفظه: على الاستعارة والمجاز، وغاية البلاغة في لزوم هذه الصفات له؛ لملازمة هذين الثوبين للَّابِس، انتهى، وقال في (الكبرياء): هي (فِعْلِيَاء) من الكِبْرِ، والعَظَمَةِ، والمُلْكِ، والسلطانِ.

    قوله: (فِي جَنَّةِ عَدْنٍ): أي: والناظر في جنَّة عَدْن، وقد تَقَدَّمَ.

    (1/13168)

    [حديث: من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة]

    7445# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير الحُمَيديُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة في أوَّل هذا التعليق، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ.

    (1/13169)

    [حديث: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم.]

    7446# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): قد تَقَدَّمَ أنَّ للبُخاريِّ أربعةَ أشياخٍ اسم كل واحد منهم: عبد الله بن مُحَمَّد؛ ابن أبي شيبة أبو بكر، وعبد الله مُحَمَّد بن أبي الأسود، وعبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء، وعبد الله بن مُحَمَّد المسنَديُّ، فأمَّا ابن أبي شيبة؛ فذكر عَبْدُ الغَنيِّ والذَّهَبيُّ أنَّه روى عن ابن عُيَيْنَة، ولم يذكرا الثوريَّ في مشايخه، وأمَّا ابن أبي الأسود؛ فلم يذكرا واحدًا [1] من السفيانين في مشايخه، وأمَّا عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء؛ فلم يذكرا واحدًا منهما في مشايخه، وأمَّا المسنَديُّ؛ فإنَّهما ذكرا ابنَ عُيَيْنَة فقط في مشايخه، فعلى ما ذكرت [2] في (الجمعة) عن بعض حُفَّاظ العَصْرِ؛ فعبد الله بن مُحَمَّد هو المسنَديُّ، وإذا كان كذلك؛ فسفيانُ هو ابن عُيَيْنَة، والله أعلم، ثُمَّ اعلم أنَّ السفيانَين رَوَيا عن عمرٍو هو ابن دينار، و (عَمْرو): هو ابن دينار هنا، و (أَبُو صَالِحٍ): هو السَّمَّان الزَّيَّات، تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى): (أَعطَى) في الموضعين: بفتح الهمزة والطاء، مَبْنيٌّ للفاعل، ويُضبَط بالقلم في بعض النسخ: (أُعْطِيَ)؛ مبنيًّا للمفعول فيهما.

    ==========

    [1] في (أ): (واحد)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [2] زيد في (أ) مستدركًا: (فعلى ما ذكرت)، وهو تكرار.

    [ج 2 ص 882]

    (1/13170)

    [حديث: الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ... ]

    7447# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هو ابن عبد المجيد بن الصَّلْت الثقفيُّ الحافظ، أبو مُحَمَّد، تَقَدَّمَ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، و (مُحَمَّد) بعده: هو ابن سيرين، و (ابْن أَبِي بَكْرَةَ): عبد الرَّحْمَن، و (أَبُو بَكْرَةَ): نُفيع بن الحارث، وفي أصلنا كانت خطأً، فأُصلِحَت على الصواب: (مُحَمَّد، عن ابن أبي بكرة، عن أبي بكرة)، وهذا صحيحٌ، والله أعلم.

    قوله: (الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    قوله: (ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ): تَقَدَّمَ أنَّ (القعدة) بكسر القاف وتُفتَح، وأنَّ (الحجَّة) بفتح الحاء وتكسر، مرارًا.

    قوله: (وَرَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمَادَى وَشَعْبَانَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    قوله: (قال مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قال: «وَأَعْرَاضَكُمْ»): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سيرين المذكورُ في السند، و (الأعراض): جمع (عِرْض)، وقد تَقَدَّمَ ما هو.

    قوله: (يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (يضربُ) بالرفع، وأنَّه الرواية، وتَقَدَّمَ كلامُ مَن أجاز فيه الجزمَ على تقدير شرط، في (كتاب العلم).

    قوله: (فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ): (مُحَمَّد) هذا: هو ابن سيرين، تَقَدَّمَ أعلاه، وهو المذكور في السند.

    ==========

    [ج 2 ص 882]

    (1/13171)

    [باب ما جاء في قول الله تعالى: {إن رحمت الله قريب من المحسنين}]

    قوله: (بَابُ [1] قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين} [الأعراف: 56]): تَقَدَّمَ الجواب عن قوله: {قريب} لِمَ لَمْ يؤنِّثها فيقول: (قريبة)، في (سورة الأحزاب) في (التفسير)؛ فانظره، والله أعلم.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (مَا جَاءَ في).

    [ج 2 ص 882]

    (1/13172)

    [حديث: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل إلى أجل مسمى]

    7448# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذكيُّ الحافظ، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن زياد، تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ له ما يُنكَر، غير أنَّ أصحاب «الصحيح» تجنَّبَا ما يُنكَر عليه، و (عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، و (أَبُو عُثْمَان): عبد الرَّحْمَن بن مَلٍّ، وقد قَدَّمْتُ اللغات في (مَلٍّ)، وأنَّه مثلَّثُ الميم، والرابعة بفتح الميم وإسكان اللام ثُمَّ همزة.

    قوله: (كَانَ ابْنٌ لِبَعْضِ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي): هذا (الابن) تَقَدَّمَ الكلام عليه أنَّه عليُّ بن زينبَ بنتِ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتَقَدَّمَ أنَّ أباه هو أبو العاص بن الربيع، في (الجنائز).

    [ج 2 ص 882]

    قوله: (فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا): هذا الرسول لا أعرف اسمه.

    قوله: (وَلْتَحْتَسِبْ): تَقَدَّمَ أنَّ (الاحتسابَ): ادِّخارُ الثواب عند الله.

    قوله: (وَنَفْسُهُ تُقَلْقَلُ فِي صَدْرِهِ): هو في أصلنا (تُقَلْقِل)؛ بضَمِّ التاء، وكسر القاف الثانية، كذا بالقلم، وفي الهامش نسخةٌ وعليها علامة نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (تَقلقَل)؛ بفتح أوَّله، وفتح القاف الثانية؛ على أنَّه محذوف إحدى التاءين، قال في «المطالع»: («تَقلْقَل في صدره»؛ أي: تتحرَّك بصوت شديد، والقلقلة: التحرُّك، وأيضًا الصوت، وأيضًا القلق، وأيضًا شدَّة الاضطراب والحركة)، فتفسير ابن قُرقُول موافقٌ لنسخة الدِّمْيَاطيِّ، وكذا ابن الأثير في «نهايته»، وكلاهما يقتضي أن يكون من اللازم، والضبط الأوَّل في أصلنا على أنَّه متعدٍّ، ويكون المفعولُ محذوفًا تقديره: ونفسُه في صدره تُقلقِلُ بدَنَه، أو نحو ذلك، والله أعلم.

    قوله: (كَأَنَّهَ [1] شَنَّةٌ): تَقَدَّمَ [ما] (الشَّنَّة)؛ وهي القِربة العتيقة.

    قوله: (إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ): تَقَدَّمَ أنَّ (الرحماء) يجوز فيه النصب والرفع، وتَقَدَّمَ توجيهُهُما، في (الجنائز).

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كَأَنَّهَا).

    (1/13173)

    [حديث: اختصمت الجنة والنار إلى ربهما فقالت الجنة: يا رب]

    7449# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّ هذا عمُّه، وهو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (الأَعْرَج): تَقَدَّمَ أنَّه عبد الرَّحْمَن بن هرمز مرارًا.

    قوله: (وَسَقَطُهُمْ): (السَّقَط): الرديء من كلِّ شيء، وما لا يُعتَدُّ به.

    قوله: (يُنْشِئُ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًا، ومعناه: يبتدئ.

    قوله: (وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَنْ يَشَاءُ [1]): هذا إنَّما هو في الجنَّة على الصواب، لا في النار، وهو في النار قَلْبٌ، قال الإمام الحافظ شمس الدين ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة في أوَّل كتاب «الهَدْي» في (فصل: ثُمَّ يكبِّر ويخِرُّ ساجدًا) ما لفظه: وكان يقع لي أنَّ حديث أبي هريرة _يعني: «إذا سجد أحدكم؛ فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه» _ ممَّا انقلب على بعض الرواة متنُه، ولعلَّه: «وليضع ركبتيه قبل يديه»؛ كما انقلب على بعضهم حديثُ عائشة: «إنَّ بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذَّن ابنُ أمِّ مكتوم»، فقال: إنَّ ابن أمِّ مكتوم يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذَّن بلال، وكما انقلب على بعضهم حديثُ: «لا يزال يُلقَى في النَّار وتقول: هل من مزيد ... »، إلى أن قال: «وأمَّا الجنَّة؛ فيُنْشِئُ الله لها خلقًا، فيسكنهم إيَّاها»، فقال: وأمَّا النار؛ فيُنْشِئُ الله لها خلقًا يسكنهم إيَّاها، انتهى، وقد نقل ذلك في (الجمعة) من «الهدْي» عن كلام أبي العَبَّاس ابن تيمية؛ أعني: هذا المكان في النار فقط، ثُمَّ ضمَّ إليه من كلام غيره، وقد ذكر أيضًا هذا المكانَ أيضًا في «حادي الأرواح»، وقال: إنَّه غلطٌ من بعض الرواة انقلب عليه لفظه [2]، والرواياتُ الصحيحةُ ونصُّ القرآن يردُّه، فإنَّ الله أخبر أنَّه يملأ جهنَّم من إبليس وأتباعِه، وأنَّه لا يعذِّب إلَّا مَن قامت عليه حُجَّتُه، وكذَّب رسلَه، قال تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} ... إلى قوله: {مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: 8 - 9]، و «لا يظلمُ اللهُ من خلقه أحدًا»، انتهى، لكن لا أدري القلبَ في هذا الحديث ممَّن هو مِن رواته؟ وكلُّهم ثقاتٌ، والثقةُ قد يغلط.

    (1/13174)

    وسُئِل عن هذا المكان بعينه في جملة أسئلةٍ شيخُنا الحافظُ العلَّامةُ شيخُ مذهب الشَّافِعيِّ أبو حفص عمرُ بن رسلان بن نصير البُلْقينيُّ بحلبَ بحضوري، فبادرت أنا وقلتُ ما قاله ابن القَيِّمِ، فلم يرتَضِه شيخُنا، ثُمَّ كتب على السؤال مع أسئلة غيره أجوبةً لا أستحضر ما قال الآن، ثُمَّ إنِّي رأيتُ بخطِّه حاشيةً على «صحيح البُخاريِّ» في هذا المكان لفظُها: (فائدة: قوله: «وَإِنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ مَن يَشَاءُ»، هذه روايةٌ لا تُعرَف، وإنَّما الذي يُنشِئه للجنَّة، ولأنَّ حملَ ذلك على إنشاء أحجارٍ ونحوِها ممَّا لا يتأثَّر بالنار، فأمَّا خلق لهم أرواح ويتألَّمون بالعذاب؛ فهذا لم يجِئ في روايةٍ من الروايات، والذي جاء ممَّا يناسب ذلك في النَّار؛ وهو قوله: «لا يظلم من خلقه أحدًا»)، انتهى.

    وقال شيخنا الشارح في «شرح هذا الكتاب»: (ويُنشِئ للنار خلقًا): يريد: مَن قدَّمنا أن يُلقى فيها ممَّن سبق له الشقاء ممَّن عصاه أو كفر، قاله المُهَلَّب، وقال غيرُه: يُنْشِئُ الله لها خلقًا لم يكن في الدنيا، قال: وفيه حُجَّةٌ لأهل السُّنَّة في قولهم: «إنَّ لله تعالى أن يُعَذِّب مَن يشاء» على مَن يقول: «إنَّ الله تعالى لو عذَّب مَن لم يكلِّفه؛ لكان [3] ظالمًا»، حاشاه، وهذا الحديثُ حجَّةٌ عليهم، قال أبو الحسن: لا أعلم في شيء من الأحاديثِ «أنَّهُ يُنْشِئُ لِلنَّارِ» إلَّا في هذا الحديث، والمعروفُ أنَّه للجنَّة، ويضع قدَمَه في جهنَّم، انتهى، والله أعلم.

    قوله: (فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟): اختُلِف في قول جهنَّم: (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟)؛ فقيل: هو سؤالٌ للزيادة، وهو معنى الحديث، وقيل: إنَّما تقول: هل فيَّ مزيدٌ؟ وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ): تَقَدَّمَ القول فيه في (سورة ق).

    قوله: (فَتَمْتَلِئُ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (وَيُرَدُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ): (يُرَدُّ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (بعضُها): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    قوله: (قَطْ قَطْ قَطْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى ما فيه من اللُّغَات، ومعناه، في (سورة ق).

    (1/13175)

    [حديث: ليصيبن أقوامًا سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبةً]

    7450# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ عن قَتَادَةَ): (هشام) هذا: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، أبو بكر.

    قوله: (سَفْعٌ من النَّارِ): (السَّفْع): بفتح السين، وإسكان الفاء، وبالعين، المُهْمَلَتين؛ أي: سوادٌ مِن لَفْحِها، وفي «الصحاح»: وسَفَعَتْه النَّار والسَّمُوم؛ إذا لَفَحَته لَفْحًا يسيرًا فغيَّرت لونَ البَشَرة.

    قوله: (وَقَالَ هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةٌ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): و (همَّام) هذا: هو ابن يحيى العوذيُّ، تَقَدَّمَ، وتعليقه هذا ذكره البُخاريُّ مسندًا في (صفة الجنَّة) عن هدبة عن همَّام به، وإنَّما جاء بهذا التعليق؛ لأنَّ في سند الأوَّل هشامًا عن قتادة، وقد تَقَدَّمَ أنَّه ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، وليس مُدَلِّسًا، ولكن ليخرج من الخلاف؛ لأنَّ همَّامًا صَرَّحَ فيه بالتحديث من قتادة [1]، وفيه رواية قتادة عن أنس بالعنعنة وهو مُدَلِّسٌ، وفي التعليق صَرَّحَ بالتحديث من أنس، والله أعلم.

    (1/13176)

    [قول الله تعالى: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا}]

    قوله: (قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41]): ساق ابن المُنَيِّر حديث الباب على عادته، ثُمَّ قال: ظنَّ المهلَّبُ أنَّ قولَ النَّبيِّ

    [ج 2 ص 883]

    صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وضَحِكَه ردٌّ على الحَبْر، وليس كذلك، فقد تَقَدَّمَ في الحديث أنَّه ضَحِكَ تصديقًا للحَبْر، وذكره مسلمٌ أيضًا، ولمَّا اعتقد المهلَّبُ هذا؛ استشكلَ إيرادَ البُخاريِّ هذا الحديثَ في تفسير الآية؛ لأنَّ ذلك يوهم تصويبَ قولِ الحَبْر، والحقُّ عندنا أنَّ الحديثَ تفسيرٌ للآية [1]، والأصابعُ والقبضةُ واليدُ في حقِّه: إمَّا صفاتٌ، وإمَّا راجعةٌ إلى القدرة؛ على خلافٍ في ذلك، وقد تَقَدَّمَ، ويحتمل أنَّه أنكر عليه فهمه من الأصابعِ الجوارحَ، وحينئذٍ تلا: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]، وإن بنينا على تصديقه مطلقًا؛ فتلاوة الآية للردِّ على مَن كيَّفه مطلقًا، انتهى.

    ==========

    [1] في (أ): (الآية)، والمثبت من مصدره.

    (1/13177)

    [حديث: جاء حبر إلى رسول الله فقال: يا محمد إن الله يضع ... ]

    7451# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عَوَانَةَ): هو الوضَّاح بن عبد الله، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيْم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، تَقَدَّمَ، رضي الله عنه.

    قوله: (جَاءَ حَبْرٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الحَبْرَ لا أعرف اسمه، وتَقَدَّمَ أنَّ (الحبْرَ)؛ بفتح الحاء وكسرها: العالم، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ في (الإِصْبَع) عشرَ لغات؛ تثليث الهمزة، وتثليث الباء، والعاشرة: (أُصبوع)، و (الإصبع): من أحاديث الصفات، وفيها قولان للعلماء تقدَّما.

    ==========

    [ج 2 ص 884]

    (1/13178)

    [ما جاء في تخليق السموات والأرض وغيرها من الخلائق]

    قوله: (الْخَالِقُ الْمُكَوِّنُ): هو بكسر الواو المُشَدَّدة، اسمُ فاعلٍ، وهذا غايةٌ في الظهور.

    قوله: (مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ): هو بفتح الواو المُشَدَّدة، اسمُ مفعولٍ، وهذا غايةٌ في الظهور.

    ==========

    [ج 2 ص 884]

    (1/13179)

    [حديث: بت في بيت ميمونة ليلةً والنبي عندها]

    7452# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، الحافظُ، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كثير المدنيُّ، تَقَدَّمَ.

    قوله: (فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ): هي ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلاليَّة، أمُّ المؤمنين، خالة ابن عَبَّاس، تَقَدَّمَت رضي الله عنها.

    قوله: (ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ): (الآخرُ): مَرْفُوعٌ صفةٌ لـ (ثلث)؛ وهو مَرْفُوعٌ، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (أَوْ بَعْضُهُ): رأيت بخطِّ شيخِنا البُلْقينيِّ على قوله: (أو بعضه) وكأنَّه استنكرها؛ لأنَّه ساقَ الحديثَ مِن مكانٍ آخَرَ أخرجه البُخاريُّ وليس فيه: (أو بعضه)، ثُمَّ قال: (وهذه الرواية هي المعمول بها؛ لإثباتها وحفظِ رواتِها ما لم يحفظه غيرُهم)، انتهت.

    قوله: (وَاسْتَنَّ): أي: استاك، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (ثُمَّ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ بِالصَّلاَةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ): رأيت بخطِّ شيخِنا البُلْقينيِّ على هذا المكان من «البُخاريِّ» ما نصُّه: (فائدةٌ: الروايةُ التي فيها الزيادة _وهو أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم صلَّى ثنتي عشرة، وأنَّه أوتر، ثُمَّ صلى ركعتي الفجر_ هي المقدَّمَةُ على غيرها)، انتهت.

    ==========

    [ج 2 ص 884]

    (1/13180)

    [باب: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين}]

    (1/13181)

    [حديث: لما قضى الله الخلق كتب عنده فوق عرشه]

    7453# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (فَوْقَ عَرْشِهِ): تَقَدَّمَ أنَّ (فوق) بمعنى: دون، قاله بعض العلماء؛ استعظامًا أن يكونَ شيءٌ من المخلوقات فوق العرش، واحتجَّ بقوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26]؛ أي: فما دونها، وذكر غيرُه في {فَوْقَهَا} قولَين: أحدهما: فما فوقها في الصِّغَر؛ لأنَّه المراد بالكلام، والثاني: أنَّها زائدةٌ؛ كقوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12]؛ أي: الأعناق فما فوق، والله أعلم.

    قوله: (إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي): تَقَدَّمَ أنَّهما صفتان قديمتان، لا يجوز سَبْقُ إحداهما الأخرى، وهما بِقِدَمه تعالى، وإنَّما معناه: غَلَبت، وقد تَقَدَّمَ قريبًا.

    (1/13182)

    [حديث: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا وأربعين ليلةً]

    7454# قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان.

    قوله: (وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ): تَقَدَّمَ معناه.

    قوله: (إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ): (إنَّ): بكسر الهمزة على الحكاية، كذا ضبطه النَّوويُّ في «شرح مسلم»، وقد تَقَدَّمَ، وقال بعضُهم عن أبي البقاء: لا يجوز في (أنَّ) إلَّا الفتحُ، هي ومعمولها معمولُ (حدَّثني)، ولو كُسِرت؛ لعاد مستأنفًا، انتهى، وقد تَقَدَّمَ ذلك.

    قوله: (يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ [1] إِلَيْهِ الْمَلَكَ): تقدَّم الكلام على هذا، والجمعُ بين هذا وبين ما وقع في «مسلم».

    قوله: (مُضْغَةً): تَقَدَّمَ أنَّ (المُضْغَة): قطعةُ لحمٍ بقدر ما يُمضَغ في الفم.

    ==========

    [1] اسم الجلالة ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

    [ج 2 ص 884]

    (1/13183)

    [حديث: يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا]

    7455# قوله: (كَانَ هَذَا [1] الْجَوَابَ): (الجوابَ): مَنْصُوبٌ خبر (كان)، و (هذا) هو اسمها.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة»: (هذا كان)، وعليها في (ق) علامة التقديم والتأخير.

    [ج 2 ص 884]

    (1/13184)

    [حديث: كنت أمشي مع رسول الله في حرث بالمدينة وهو متكئ على عسيب]

    7456# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): (يحيى) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة الأعراف)، و (وكيع): هو ابن الجرَّاح، أحد الأعلام، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود، رضي الله عنه.

    قوله: (فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ (العَسِيْب) ما هو.

    قوله: (يُوحَى): هو بفتح الحاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك؛ فانظره.

    (1/13185)

    [حديث: تكفل الله لمن جاهد في سبيله]

    7457# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ المجتهدِ، و (أَبُو الزِّنَاد): بالنون، تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (الْأَعْرَج)، وكذا (أبو هُرَيْرَةَ).

    قوله: (تَكَفَّلَ اللهُ): هو بمعنى الضَّمان.

    قوله: (أَوْ يَرْجِعَهُ): هو بفتح أوَّله، ثُلاثيٌّ مُتَعدٍّ، ويجوز (أرجع)؛ رُباعيٌّ؛ ولكنَّه قليلٌ، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    ==========

    [ج 2 ص 884]

    (1/13186)

    [حديث: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.]

    7458# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو _فيما يظهر_ الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق؛ وذلك أنَّ عَبْدَ الغَنيِّ ذكر في «كماله» أنَّ مُحَمَّدَ بن كثير روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكر ابنَ عُيَيْنَة، وفي «التذهيب»: (روى عن سفيان) وأطلقَ، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو وَائِل): شقيق بن سلمة، و (أَبُو مُوسَى): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.

    [ج 2 ص 884]

    قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرجل لا أعرف اسمَه، وقال ابن شيخنا البُلْقينيِّ: يحتمل تفسيرُه بلاحق بن ضُميرة الباهليِّ، كما تَقَدَّمَ في (باب مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا)، وفي (باب مَن قاتل للمغنم)، ويحتمل تفسيره بمعاذ بن جبل، كما تَقَدَّمَ في الباب المذكور، انتهى، وقال بعض حفَّاظ العصر هنا: تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه لاحقُ بن ضُميرة، انتهى.

    قوله: (يُقَاتِلُ حَمِيَّةً): أي: أَنَفًا وغَضَبًا.

    (1/13187)

    [باب قول الله تعالى: {إنما قولنا لشيء}]

    (1/13188)

    [حديث: لا يزال من أمتى قوم ظاهرين على الناس، حتى يأتيهم ... ]

    7459# قوله: (عَنْ إِسْمَاعِيلَ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْس): هو ابن أبي حازم؛ بالحاء المُهْمَلَة، تَقَدَّمَ.

    قوله: (لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ): تَقَدَّمَ مَن هؤلاء القوم، وأين هم، وتَقَدَّمَ أنَّ معنى (ظاهرين) أي: عَالِين غَالِبِين، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (أَمْرُ اللهِ) ما هو، وأنَّها الريح التي تأتي من اليمن، وقيل غيرُ ذلك.

    ==========

    [ج 2 ص 885]

    (1/13189)

    [حديث: لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ... ]

    7460# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، وهو أوَّل شيخٍ حدَّث عنه البُخاريُّ في هذا «الصحيح»، و (الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ): هو الحافظ أبو العَبَّاس، عالم أهل الشام، لا الوليد بن مسلم أبو بِشْرٍ العنبريُّ، هذا الثاني روى له مسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، ولم يروِ له البُخاريُّ، والأوَّل روى له الجماعة، والذي روى له مسلمٌ أرفعُ طبقةً من الشاميِّ، و (ابْنُ جَابِرٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الرَّحْمَن بن يزيد بن جابر الأزديُّ الشاميُّ، مات سنة «153 هـ» [1]، اتَّفقا عليه)، انتهى، فقوله: (مات سنة ثلاث وخمسين): هذا قولٌ؛ وهو مقدَّمٌ على غيره، وقيل: سنة أربعٍ وخمسين، وقيل: سنة خمسٍ وخمسين، أخرج له الجماعة، وهو ثقةٌ، له ترجمةٌ في «الميزان»، ومقتضى كلامه فيها أن يكون مصحَّحًا عليه، والله أعلم.

    قوله: (لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ... ) إلى آخره: هم الظاهرون الذين تقدموا، وتَقَدَّمَ أين هم، وما يتعلَّق بهم، رحمة الله عليهم أجمعين.

    قوله: (فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ): (مالك) هذا: لم يذكره ابنُ عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب» في الصَّحَابة، ولكن استدركه أبو عليٍّ الغسَّانيُّ، كذا رأيته في حاشية «الاستيعاب»، ظهر لي باصطلاح كاتبها أنَّه استدركه الغسَّانيُّ، فقال: روى عن معاذ، روى عنه: معاوية بن أبي سفيان)، انتهى، وذكره ابن حِبَّانَ في «الثقات» في التابعين، وقال: أصله من اليمن، انتقل إلى الشام، مات في ولاية عبد الملك بن مروان حيث صار [2] إلى مصعب، انتهى، وقال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (مالك بن يُخَامِرَ السَّكْسَكِيُّ، روى عن معاذ، ويُقال: له صحبةٌ، «دمشق») [3]، وكذا قال في «التذهيب»: مالك بن يُخَامِرَ الحمصيُّ، يُقال: له صحبةٌ، روى عن معاذ بن جبل، وعبد الرَّحْمَن بن عوف، وجماعةٍ، قال ابن أبي عاصم: مات سنة سبعين، وقال غيره: سنة اثنتين وسبعين، انتهى، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، و (يُخَامِرَ): بضَمِّ المُثَنَّاة تحت، ثُمَّ خاء معجمة مُخَفَّفة، وميم مكسورة بعد الألف، ثُمَّ راء، لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، والله أعلم.

    قوله: (وَهُمْ بِالشَّأْمِ): تَقَدَّمَ الكلام على المكان الذين هم فيه، وما فيه [من] الرواياتِ، مُطَوَّلًا.

    ==========

    (1/13190)

    [1] في هامش (أ): (كذا قال: ثلاث وخمسين ومئة).

    [2] كذا في (أ)، وفي مصدره: (سار).

    [3] «تجريد الصحابة» (2/ 50) (552).

    [ج 2 ص 885]

    (1/13191)

    [حديث: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ... ]

    7461# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة.

    قوله: (عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ): تَقَدَّمَ بعض مثَالِب مسيلِمَة الكذَّابِ المفتَرِي، وما جرى له، وبعض آياته المنكوسةِ، ونسبُه؛ فانظر ذلك.

    قوله: (لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ): كانت قطعةَ جريدٍ.

    قوله: (لَيَعْقِرَنَّكَ اللهُ): أي: ليُهلِكنَّك ويَقتُلَنَّك، وقد تَقَدَّمَ.

    (1/13192)

    [حديث: بينا أنا أمشي مع النبي في بعض حرث المدينة ... ]

    7462# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه التَّبُوذكيُّ، وتَقَدَّمَ أنَّ (عَبْد الْوَاحِدِ): هو ابن زياد، وتَقَدَّمَ أنَّ له مناكيرَ تجنَّبها أهل «الصحيح»، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ.

    قوله: (فِي بَعْضِ حَرْثِ الْمَدِينَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وكذا تَقَدَّمَ (العَسِيب)؛ وهو الجريدة من النخل.

    قوله: (فَقَامَ [1] رَجُلٌ مِنْهُمْ): هذا الرجل اليهوديُّ السائلُ لا أعرف اسمَه.

    قوله: (يُوحَى): هو بفتح الحاء، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه فيما مضى.

    قوله: ({{وَمَا أُوتُوا مِنَ الْعِلْمِ إلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، قَالَ الأَعْمَشُ: هَكَذَا فِي قِرِاءَتِنَا): (الأعمش): [تَقَدَّمَ] أعلاه أنَّه سليمان بن مِهْرَان، وهذه قراءةٌ شاذَّةٌ، والمتواترة: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.

    (1/13193)

    [قول الله تعالى: {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي ... }]

    (1/13194)

    [حديث أبي هريرة: تكفل الله لمن جاهد في سبيله]

    7463# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا كلُّ واحدٍ من هؤلاء.

    قوله: (تَكَفَّلَ اللهُ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ معناه الضمان.

    قوله: (مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا في (الجهاد).

    (1/13195)

    [قول الله تعالى: {تؤتي الملك من تشاء} ... ]

    (بَابٌ: فِي الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ) ... إلى آخر الكتاب

    قال أهل اللغة: الإرادة: المشيئة، قال الجوهريُّ: أصلها الواو، انتهى، وأمَّا عطف البُخاريِّ (الإرادةَ) على (المشيئة)؛ فلاختلاف اللفظ، ومذهبُ أهل السُّنَّة: أنَّ الله مريدٌ بإرادةٍ قديمةٍ، وهي من صفات الذات، ولم يزل مريدًا، قال ابن الباقلَّانيِّ في «هداية المسترشدين»: فإن قيل: يلزم على قولكم: «إنَّه لم يزل مريدًا» أنَّه لم يزل راضيًا، ومُحِبًّا، وقاصدًا، ومختارًا، ومواليًا ومعاديًا، وغضبانَ وساخطًا، وكارهًا، ورحمانًا، ورحيمًا؛ قلنا: كذلك نقول؛ لأنَّ جميعَ هذه الأسماءِ والصفاتِ راجعةٌ إلى الإرادة فقط، والله أعلم.

    وقال شيخُنا: معنى الباب: إثبات المشيئة والإرادة لله تعالى، فإنَّ مشيئتَه وإرادتَه، ورحمتَه وغضبَه، وسخطَه وكراهيتَه؛ كلُّ ذلك بمعنًى واحدٍ أسماءٌ مترادفةٌ راجعةٌ كلُّها إلى معنى الإرادة؛ كما يُسَمَّى الشيءُ الواحدُ بأسماء كثيرة، وإرادته تعالى صفةٌ من صفات ذاته، خلافًا لمن يقول من المعتزلة: إنَّها مخلوقةٌ من أوصاف أفعاله، وقولهم فاسدٌ؛ لأنَّهم إذا أثبتوه تعالى مُريدًا، وزعموا أنَّ إرادتَه مُحْدَثةٌ؛ لم يخلُ من أن يُحدثَها في نفسه أو في غيره ... إلى آخر كلامه.

    قوله: (وَقَوْلُ [1] اللهِ): هو بالرفع معطوفٌ على (بابٌ) المرفوع المنوَّن.

    قوله: (وقَالَ [2] سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّمَ الكلام على (سعيد بن المُسَيّب)، وأنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيرَه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، وتَقَدَّمَ أنَّ (المُسَيّب): هو ابن حزن بن أبي وهب المخزوميُّ، والمُسَيّبُ صحابيٌّ، وكذا حَزْن، وقدَّمتُ أنَّه لم يروِ عن المُسَيّبِ إلَّا ابنُه سعيدٌ، وأنَّ فيه ردًّا على الحاكم وغيرِه في قوله في شرط البُخاريِّ، والله أعلم.

    [ج 2 ص 885]

    قوله: (نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ): تَقَدَّمَ الكلام على أبي طالب، وأنَّ اسمَه عبدُ مَناف، ويُقال: اسمه كنيته، وأنَّ بعضهم [قال]: اسمه عمران، وليس بصحيحٍ، وتَقَدَّمَ متى تُوُفِّيَ بما يتعلَّق به، والذي نزل فيه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] الآيةُ التي تلاها قبل ذكر أبي طالب، لا الآية التي تلاها بعده، وهذا ظاهِرٌ جدًّا يعرفه المبتدِئ اللبيبُ، والله أعلم.

    ==========

    (1/13196)

    [1] في «اليونينيَّة»: (قول)؛ بلا واو، وهي ثابتة في رواية أبي ذرٍّ.

    [2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

    (1/13197)

    [حديث: إذا دعوتم الله فاعزموا في الدعاء]

    7464# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): هو ابن سعيد بن ذكوان التيميُّ مولاهم، البصريُّ، أبو عبيدة الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ): هو ابن صهيب.

    قوله: (فَاعْزِمُوا): هو بوصل الهمزة، وكسر الزاي؛ أي: اقطعوا دون استثناء؛ فإن ابتدأت بلفظ (اعزموا)؛ فاكسِرِ الهمزَةَ.

    قوله: (فَإِنَّ اللهَ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ): تقدَّم الكلام عليه، وهو أنَّه من لازم التخيير الاستكراهُ.

    ==========

    [ج 2 ص 886]

    (1/13198)

    [حديث: أن رسول الله طرقه وفاطمة بنت رسول الله ليلة ... ]

    7465# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تقدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

    قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (عَبْدُ الْحَمِيدِ): هو أخوه لأبويه، ابن أبي أويسٍ، تَقَدَّمَ مترجمًا، وكلام الأزديِّ فيه باطلٌ، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي عَتِيقٍ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيقِ، وتَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ البُخاريَّ روى له مقرونًا، وهذا المكان هو قرنٌ أيضًا، قرنه هنا بشعيب، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ): هو زين العابدين، و (حُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ): هو ابن أبي طَالِبٍ، الشَّهيد السيِّد الجليل، رضوان الله عليه وعلى أبيه عليٍّ.

    قوله: (طَرَقَهُ): أي: أتاه ليلًا، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ: (أَنْ يَبْعَثَنَا؛ بَعَثَنَا)؛ أي: أن يوقظنا؛ أيقظنا، وكذا (يَرْجِعْ)، وأنَّه ثُلاثيٌّ متعدٍّ، وأنَّه لغة القرآن: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 83]، ويجوز في لغةٍ قليلةٍ (أَرْجَعَه)؛ رُباعيٌّ.

    (1/13199)

    [حديث: مثل المؤمن كمثل خامة الزرع]

    7466# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان العدويُّ، وتَقَدَّمَ مترجمًا.

    قوله: (كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ): (الخَامَةُ): بالخاء المُعْجَمَة، وبميم مُخَفَّفة بعد الألف، ثُمَّ تاء التأنيث، قال الدِّمْيَاطيُّ: (هي الطاقة الليِّنَة الغَضَّة من الزرع، وألِفُها منقلبةٌ عن واو)، انتهى، وهذا لفظ ابن الأثير في «نهايته»، وكذا جعلها في (خوم) الجوهريُّ، ولفظه: الخامة: الغَضَّة من الرَّطْبَة من النبات، ثُمَّ ذكر هذا الحديث، وفي «المطالع» مقتضى إخراجه لها أن تكون ألِفُها منقلبةً عن ياء، وقال فيها: خامة الزرع: ورقته الغَضَّة الرَّطْبَة، وقيل: بل ضعيفة، انتهى، وقد تَقَدَّمَت فيما مضى.

    قوله: (يَفِيءُ وَرَقَهُ): (يَفِيءُ): بفتح المُثَنَّاة تحت في أوَّله، ثُمَّ فاء مكسورة، وهمزة في آخره، و (وَرَقَهُ): مَنْصُوبٌ، كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ، وفي هذا الضبط نظرٌ، وينبغي أن يكون (يُفِيء) بضَمِّ أوَّله والباقي مثله؛ حتَّى يكون متعدِّيًا، وينصبَ (الورق)، وإلَّا؛ فذاك الضبطُ على أنَّه لازمٌ؛ فـ (ورقُه): مَرْفُوعٌ فاعلٌ؛ لأنَّ (فاء): لازمٌ، ومعناه: رجع، و (أفاءه غيرُه): متعدٍّ، وكما ذكرته رأيته في نسخةٍ صحيحةٍ: فتح ياء (يَفيء)، ورفع (ورقُه) [1]، وفي لفظ آخر: (مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُفيئُهَا [2])؛ أي: تحرِّكها وتميِّلها يمينًا وشمالًا، والله أعلم، وقد طرأ على أصلنا نقط (تفيء) بنقطتين من فوق، فعلى هذه؛ تكون مضمومة التاء (تُفيء)؛ يعني: الريحُ، فـ (ورقَه) على هذه مَنْصُوبٌ؛ لأنَّه مفعولٌ، وهذا قُيِّدَ على أنَّه رُباعيٌّ، لكنَّه لم يتعرَّض لضَمِّ التَّاء؛ لأنَّ (فاء) لازمٌ، والرُّباعيُّ متعدٍّ، ولكن تبقى فيه رِكَّةٌ إذا قُرِئ ما بعده.

    قوله: (تُكَفِّئُهَا): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الكاف بعده، ثُمَّ فاء مكسورة مُشَدَّدة، ثُمَّ همزة مضمومة، كذا هو مضبوطٌ في أصلنا، ومعناه: تميِّلُها.

    قوله: (يُكَفَّأُ بِالْبَلاَءِ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الكاف، ثُمَّ فاء مكسورة مُشَدَّدة، ثُمَّ همزة، كذا في أصلنا مضبوطٌ بالقلم، وعليه (صح)، وفي نسخة أخرى هي في هامش أصلنا وعليها علامة نسخة الدِّمْيَاطيِّ: (يُكْفَأ)؛ بضَمِّ أوَّله، وإسكان الكاف، وهمزة في آخره، وكلُّه قريبٌ.

    (1/13200)

    قوله: (كَمَثَلِ الأَرْزَةِ): قال في المطالع: («الْأَرْزَة»: بفتح الهمزة وسكون الراء، كذا الرواية، وهو الصَّنوبر، وقال أبو عبيدة: إنَّما هو الآرِزَة؛ على وزن «فَاعِلَة»، ومعناها: الثابتة في الأرض، وأنكر هذا أبو عبيد)، انتهى، وقال ابن الأثير في «نهايته»: («الأرزة»: بسكون الراء وفتحها)، وذكر كلام أبي عبيدة، وإنكارَ أبي عبيد، وقد تقدَّمه الجوهريُّ فنقل فيها اللغتين، وقد تَقَدَّمَ هذا كلُّه، والله أعلم.

    قوله: (صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً): (صَمَّاء): ممدود مفتوح؛ لأنَّه لا يُصرَف، وهو صفةٌ لـ (الأرزةِ)، وهي مجرورةٌ، وأمَّا (مُعْتَدِلَةً)؛ فهو مَنْصُوبٌ مُنَوَّن، حال.

    (1/13201)

    [حديث: إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم]

    7467# قوله: (حَدَّثَنَا [1] شُعَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

    قوله: (أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ): (أُعْطِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (فَأُعْطُوا): مَبْنيٌّ أيضًا، وكذا (أُعْطِيَ)، وكذا (فَأُعْطُوا)، وكذا (أُعْطِيتُم)، وكذا (فَأُعْطِيتُمْ)؛ كلُّه مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

    [ج 2 ص 886]

    (1/13202)

    [حديث: أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئًا.]

    7468# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ الْمُسْنَدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن مُحَمَّد المسنَديُّ؛ بفتح النون، وإنَّما قيل له: المسنَديُّ؛ لأنَّه كان وقت الطلب يتْبَع الأحاديثَ المسنَدةَ، ولا يرغب في المقاطيع والمراسيل، وقال الحاكم: إنَّه أوَّل من جمع مسند الصَّحَابة على التراجم بما وراءَ النهر، وقد تَقَدَّمَ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو إِدْرِيسَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عائذ الله بن عبد الله الخولانيُّ المشهور.

    قوله: (بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ): هذا كان في العقبة الثانية، وإن شئتَ؛ قلتَ: الثالثة، وقد قَدَّمْتُ الاختلافَ في عددهم.

    [ج 2 ص 886]

    قوله: (فَأُخِذَ بِهِ فِي الدُّنْيَا؛ فَهْوَ [1] كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا، وعلى حديث أبي هريرة: (ما أدري الحدود كفَّارات لأهلها أم لا؟)، في أوائل هذا التعليق، وحديث عبادة أصحُّ إسنادًا.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (لَهُ).

    (1/13203)

    [حديث: لو كان سليمان استثنى لحملت كل امرأة منهن]

    7469# قوله: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه وُهَيب بن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام، و (مُحَمَّد): هو ابن سيرين.

    قوله: (كَانَ لَهُ سِتُّونَ امْرَأَةً): تَقَدَّمَ الكلام على روايات هذا الحديث، وفي رواية: (سبعون)، وفي رواية: (تسعون)، وفي رواية: (تسع وتسعون)، وفي رواية: (مئة)، وقدَّمت أنَّه ليس في رواية القليل ما ينفي الكثيرَ، وأنَّه من باب مفهوم العدد، وقدَّمت كلام ابن عَبَّاس: أنَّه كان في ظهر سليمانَ ماءُ مئةِ رجلٍ، وكان له ثلاثُ مئةِ زوجةٍ، وثلاثُ مئة سُرِّيَّةٍ، وكلام النَّقَّاش، وما في «المستدرك» في ترجمة عيسى ابن مريم، وما جاء في بعض الروايات: أنَّه كان له ألفُ امرأةٍ، والله أعلم.

    قوله: (شِقَّ غُلاَمٍ): تَقَدَّمَ أنَّه يُقال: إنَّه الجسد الذي ذكره الله في قوله: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} [ص: 34].

    ==========

    [ج 2 ص 887]

    (1/13204)

    [حديث ابن عباس: لا بأس عليك طهور إن شاء الله]

    7470# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا [1] عَبْدُ الْوَهَّابِ): (مُحَمَّد) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228]) في (العِدَد)، وقبل ذلك أيضًا، و (عبد الوهَّاب الثقفيُّ): هو ابن عبد المجيد الثقفيُّ الحافظ.

    قوله: (دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف هذا الأعرابيَّ، وقد قَدَّمْتُ في (الطِّبِّ والمرضى) عن ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: أنَّه قيس بن أبي حازم، وذكرت أنَّ فيه نظرًا، والله أعلم؛ فانظره من هناك، وقال بعض حفَّاظ مصر الآن: تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه قيسٌ، انتهى، وفيه النظرُ الذي تَقَدَّمَ.

    قوله: (طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ): هو بفتح الطاء، وهو استعارةٌ، وتُضَمُّ أيضًا، وقد تَقَدَّمَ ذلك مرارًا.

    قوله: (فَنَعَمْ إِذًا): قَدَّمْتُ أنَّه تُوُفِّيَ في تلك المرضة، والله أعلم.

    (1/13205)

    [حديث: إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء]

    7471# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ)، وفي نسخة: (مُحَمَّد بن سلَام): وقد قَدَّمْتُ أنَّ (سلَامًا) بتخفيف اللام على الصحيح، وقد قَدَّمْتُ ما يرفع الخلاف، وأنَّه بالتخفيف ليس غير، في أوائل هذا التعليق، و (هُشَيْمٌ): هو ابن بَشِير، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (حُصَيْنٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ الأسماءَ بالضَّمِّ، والكنى بالفتح، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا هو ابن عبد الرَّحْمَن، و (أَبُو قَتَادَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث بن رِبْعِيٍّ.

    قوله: (حِينَ نَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ): تَقَدَّمَ الكلام على نومهم عن صلاة الصبح، وقدَّمت أنَّه قال القاضي أبو بكر ابن العربيِّ: إنَّه اتَّفق ذلك ثلاثَ مَرَّاتٍ، وقدَّمت ما قاله الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: إنَّه اتَّفق ذلك مرَّتين أو مَرَّاتٍ في أسفارٍ، وما قاله ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: إنَّه لم يتَّفق ذلك إلَّا مرَّةً واحدةً، وكذا ابن عَبْدِ البَرِّ في «التمهيد»، وبرهن على ذلك ابنُ القَيِّمِ، وأنَّه كان بوادي القُرى مرجِعَهم من خيبر، والله أعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 887]

    (1/13206)

    [حديث: لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة]

    7472# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الزاي، وقال بعضهم: بسكونها، و (إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن [بن] عوف الزُّهْرِيُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، و (الأَعْرَج): هو عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

    قوله: (وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ، و (أخُوْهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويسٍ، أبو بكر، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه ما قاله الأزديُّ في حقِّه غيرُ صحيحٍ، و (سُلَيْمَان): هو ابن بلال، و (مُحَمَّد ابْن أَبِي عَتِيقٍ): تَقَدَّمَ قريبًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصِّدِّيق التيميِّ المدنيِّ، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّ البُخاريَّ أخرج له مقرونًا، وهنا هو مقرونٌ بإبراهيم بن سعد، وهذا نوعٌ من القرن، وأخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّمَ، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ)، و (سَعِيْد بْن المُسَيّبِ)، وأنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غيرَه ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

    قوله: (اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ): تَقَدَّمَ أنَّ هذين لا أعرفهما، غير أنَّ المسلمَ من الأنصار، كما في بعض طرقه، ورددتُ كلامَ مَن قال: (إنَّ المسلمَ أبو بكر الصِّدِّيقُ، وإنَّ اليهوديَّ فِنحاص) بأنَّ القصَّةَ غيرُ هذه، وهذه مصرَّحٌ فيها بأنَّ المسلمَ أنصاريٌّ، وتلك القصَّة في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181]، وقالَ بعض حفَّاظ مصر الآن: تَقَدَّمَ أنَّ اليهوديَّ لم يُسَمَّ، وأنَّ المسلمَ أبو بكر أو عمر، انتهى، وفي ذلك نظرٌ.

    قوله: (فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ): (القَسَم): بفتح القاف والسين، وهو الحَلِفُ.

    (1/13207)

    قوله: (لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى): تَقَدَّمَ عنه خمسةُ أجوبةٍ في (كتاب الخصومات)، وذكرته أيضًا في غيره، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ) ما معناه، وكذا الكلام على (بَاطِشٌ)؛ أي: آخِذٌ.

    ==========

    [ج 2 ص 887]

    (1/13208)

    [حديث: المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها فلا يقربها .. ]

    7473# قوله: (إِنْ شَاءَ اللهُ): قاله على سبيل التبرُّك.

    ==========

    [ج 2 ص 887]

    (1/13209)

    [حديث: لكل نبي دعوة فأريد إن شاء الله أن أختبي دعوتي شفاعةً]

    7474# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ ... ) إلى آخره: يعني: دعوةٌ محقَّقةُ الإجابةِ، وباقي دعائه في مظِنَّةِ الإجابة، وأخَّرَ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الدعوة المحقَّقةَ الإجابةِ لأمَّته صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم شفاعةً لهم.

    قوله: (أَنْ أَخْتَبِئ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    ==========

    [ج 2 ص 887]

    (1/13210)

    [حديث: بينا أنا نائم رأيتني على قليب فنزعت ما شاء الله أن أنزع]

    7475# قوله: (حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ): (يَسَرَة): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّه بفتح المُثَنَّاة تحت والسين المُهْمَلَة والراء، وبالتاء، و (جَمِيل): بفتح الجيم، وكسر الميم، و (إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): تَقَدَّمَ بظاهرها قريبًا وبعيدًا مرارًا نسبُه، وكذا (الزُّهْرِيُّ)، وكذا (سَعِيد بْن المُسَيّبِ)، و (أبو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (رَأَيْتُنِي على قَلِيبٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ التاء؛ أي: رأيتُ نفسي، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا، وكذا تَقَدَّمَ (القَلِيْب)، وكذا (الذَّنُوب)، وأنَّه بفتح الذال المُعْجَمَة، وأنَّ الصواب من أحد الشكَّين: (ذنوبين)، كما تَقَدَّمَ الجزمُ به، وكذا قوله: (وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ)، وكذا (فَاسْتَحَالَتْ)، وكذا (غَرْبًا) وكذا (عَبْقَرِيًّا)، وكذا (يَفْرِي فَرِيَّهُ)؛ أي: ينزع نزعَه، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على قوله: (بِعَطَنٍ).

    (1/13211)

    [حديث: اشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء]

    7476# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْد): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ المُوَحَّدة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحارث، أو عامر، القاضي، و (وَالِدُه): هو أبو موسى الأشعريُّ، عبدُ الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّار.

    ==========

    [ج 2 ص 888]

    (1/13212)

    [حديث: لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت]

    7477# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): تَقَدَّمَ الكلام على (يحيى) هذا في (سورة اقرأ)، وقبلها أيضًا، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام الصنعانيُّ، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَر): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الأبناويُّ.

    قوله: (وَلْيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ): أي: ليقطَع، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (لَا مُكْرِهَ لَهُ): (مُكرِه): بكسر الراء، اسمُ فاعلٍ، وهذا ظاهِرٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على (لا مُكرِه له) قريبًا جدًّا وبعيدًا جدًّا.

    ==========

    [ج 2 ص 888]

    (1/13213)

    [حديث: بينا موسى في ملإ بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال ... ]

    7478# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَ لِمَ قيل له: المسنَديُّ، قريبًا جدًّا وبعيدًا جدًّا في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة، و (أَبُو حَفْصٍ عَمْرٌو): هو بفتح العين، وزيادة واو في آخره، وهو عمرو بن أبي سلمة التِّنِّيسيُّ، يروي عن حفص بن غيلان والأوزاعيِّ، وعنه: الشَّافِعيُّ، وابن وارة، وخلقٌ، قال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، ووَثَّقَهُ جماعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (214 هـ)، أخرج له الجماعة، و (الأَوْزَاعِيُّ): عبد الرَّحْمَن بن عمرو، أبو عمرو، عالم أهل الشام، أفتى في سبعينَ ألفَ مسألةٍ، تَقَدَّمَ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (الْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مترجمًا، وهو صحابيٌّ له وفادة.

    قوله: (إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ): هذا الرجل الذي جاء موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لا أعرف اسمَه.

    قوله: (فَأُوحِيَ إِلَى مُوسَى): (أُوحِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (بَلَى؛ عَبْدُنَا خَضِرٌ): تَقَدَّمَ الكلام عليه ونسبِه، وما يتعلَّق بحياته، ونبوَّته أو ولايته، وما جاء فيه من الأحاديث، في (كتاب العلم)، ولم أرَ في حديثٍ صحيحٍ اجتماعَه بالنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، والله أعلم.

    قوله: (آيَةً): أي: علامة.

    قوله: (يَتْبَعُ): تَقَدَّمَ أنَّه يقال بالتشديد والتخفيف.

    قوله: (فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى): تَقَدَّمَ أنَّ (فتى موسى): هو يوشع بن نون، وتَقَدَّمَ نسبه، وأنَّه كان خادمَه، وأنَّ (نونًا) مصروفٌ، في (كتاب العلم)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الصَّخْرَةِ)، وأين هي، والاختلاف في ذلك.

    ==========

    [ج 2 ص 888]

    (1/13214)

    [حديث: ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة]

    7479# قوله: (حَدَّثَنَا أبو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): (أَحْمَدُ بن صَالِحٍ) هذا: هو المصريُّ الحافظ، أبو جعفر، يُعرَف بابن الطَّبَريِّ، كان أبوه جنديًّا من أهل طَبَرِسْتَان، ترجمته معروفةٌ، وقد تَقَدَّمَ بعضها، روى عنه البُخاريُّ، وأبو داود، وغيرُهما، وكان ثقةً، تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة (248 هـ)، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد صحَّح عليه، وقد قَدَّمْتُ الكلام مرارًا على ما إذا قال البُخاريُّ: (قال فلان كذا) وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (ابْنُ وَهْبٍ): عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (يُونُسُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا، و (أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْد الرَّحْمَن): هو ابن عوف الزُّهْرِيُّ، عبد الله، وقيل: إسماعيل، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: (بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ): سيجيء في آخر الحديث: (يُرِيدُ: الْمُحَصَّبَ)، وقد تَقَدَّمَ.

    (1/13215)

    [حديث: إنا قافلون إن شاء الله]

    7480# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه المسنَديُّ، لا أبو بكر ابن أبي شيبة، كما تَقَدَّمَ في (الجمعة)، و (عَمْرٌو): بفتح العين، وزيادة واو في آخره، هو ابن دينار، و (أَبُو الْعَبَّاسِ): هو السَّائب بن فَرُّوخ، الشاعر، و (عَبْد اللهِ بْن عُمَرَ): بضَمِّ العين، كذا في أصلنا منزوع الواو من آخره، واعلم أنَّ هذه الطريقَ لم يذكرها المِزِّيُّ في «أطرافه»، واعلم أنَّ المِزِّيَّ قال في «أطرافه»: إنَّ من الرواة مَن قال: عن عبد الله بن عُمَر، ومنهم مَن قال: عبد الله بن عَمرو، وكان القدماء من أصحاب سفيان يقولون: عن عبد الله بن عُمَر؛ كما وقع عند «البُخاريِّ» في عامَّة النسخ، وكان المتأخِّرون منهم يقولون: عن عبد الله بن عمرو؛ كما وقع عند «مسلم» و «النَّسائيِّ» في أحد الموضعين، ومنهم مَن لم ينسبه؛ كما وقع عند «النَّسائيِّ» في موضعٍ آخَرَ، والاضطراب فيه من سفيان، قال أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراينيُّ: بلغني أنَّ إسحاقَ بن موسى الأنصاريَّ وغيرَه قالوا: عبد الله بن عمرو، ورواه عنه _يعني: عن سفيان_ من أصحابه مَن يفهم ويضبط، فقالوا: عبد الله بن عمر، انتهى.

    قوله: (حَاصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ): تَقَدَّمَ متى كانت الطائف في مكانه، والله أعلم.

    قوله: (نَقْفُلُ وَلَمْ تُفْتَحْ [1]؟): هو بضَمِّ الفاء، ومعنى (نَقفُل): نرجع.

    (1/13216)

    [باب قول الله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}]

    [ج 2 ص 888]

    قوله: (وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ [1] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ [2]: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَحْشُرُ اللهُ الْعِبَادَ ... ») إلى آخر قوله: (أَنَا الدَّيَّانُ): تَقَدَّمَ في (باب الخروج في طلب العلم) في أوائل هذا «الصحيح» ما لفظه: (وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِد)، انتهى، وهو هذا الحديث، وقد تَقَدَّمَ في الباب المذكور لمَ قال هناك: (ورحل) فجزم بالرحلة، وقال هنا: (ويُذكَر) فمرَّض التَّعليقَ؛ وذلك لأنَّه صحَّ عنده الرحلةُ، ولم يصحَّ عنده الحديثُ على شرطه، وقد ذكرت هناك مَن خرَّجه، ومَن هو في سنده ليس على شرط البُخاريِّ؛ فانظره من هناك، والله أعلم.

    قوله: (بِصَوْتٍ): الكلام في (الصَّوت) و (الحرف) معروفٌ، تعالى الله علوًّا كبيرًا، وقد ذكر في «المطالع» في ذلك كلامًا ليس على طريقة أبي الحسن الأشعريِّ المتكلِّم؛ فانظره إن أردته، والله أعلم.

    ==========

    [1] (بن عبد الله): ليس في «اليونينيَّة».

    [2] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

    (1/13217)

    [حديث: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها ... ]

    7481# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ.

    قوله: (خضْعَانًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة الحِجْر) في (التفسير)، وهو هنا مضبوطٌ في أصلنا بضَمِّ الخاء وإسكان الضاد المعجمتين، وبفتحهما.

    قوله: (فَـ {إِذَا فُزِعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23]): هو بضَمِّ الفاء، وكسر الزاي مُخَفَّفة، وبعدها: (أَنَّهُ قَرَأَ: {فُزِّعَ}): هذه بضَمِّ الفاء، وكسر الزاي المُشَدَّدة، وقد قَدَّمْتُ في (سورة الحِجْر) [خ¦4701] أنَّ فيها قراءَتين فقط في السبعة، وذكرتُ فيها قراءاتٍ غيرَهما خارج السبعة؛ فانظر ذلك.

    قوله: (كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفَوَانٍ): الأوَّل بإسكان الفاء، والثاني بفتحها، كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه برمَّته، وأنَّ الصحيحَ في الموضعين سكونُ الفاء، ولا يُعرَف بفتح الفاء، وقد تَقَدَّمَ في (سورة الحِجْر)، و (عليٌّ): هو ابن عبد الله ابن المَدينيِّ، المذكورُ في السند.

    قوله: (قَالَ عَلِيُّ: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ): (عليٌّ): هو الحافظ المشهورُ ابن المَدينيِّ، و (سفيان): هو ابن عُيَيْنَة، كما تَقَدَّمَ أعلاه، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ.

    ==========

    [ج 2 ص 889]

    (1/13218)

    [حديث: ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي يتغنى بالقرآن]

    7482# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْل): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وقد قَدَّمْتُ أنَّ عُقَيل بنَ خالد هذا حديثُه في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، ويحيى بن عُقَيل بضَمِّ العين وفتح القاف مثله، روى له مسلمٌ، وبنو عُقَيل مثلهما القبيلة المعروفة، لهم ذكرٌ في «مسلم»، ومَن عدا هؤلاء الثلاثة في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» و «المُوَطَّأ»؛ فهو بفتح العين وكسر القاف، والله أعلم، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّمَ مِرارًا كثيرة أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

    قوله: (مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أي: ما استمع كاستماعه، وهو كنايةٌ عن الرضا والقَبول.

    قوله: (يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    ==========

    [ج 2 ص 889]

    (1/13219)

    [حديث: يقول الله: يا آدم فيقول لبيك وسعديك]

    7483# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (غِياثًا) بكسر الغين المُعْجَمَة، وتخفيف المُثَنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مُثَلَّثَة، وتَقَدَّمَ (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّمَ أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

    قوله: (فَيُنَادَى بِصَوْتٍ): (ينادَى): بفتح الدال في أصلنا بالقلم، وعليها (صح)، قال ابن قُرقُول: («فينادِي بصوت»، كذا لأكثرهم، وعند أبي ذرٍّ: «فيُنادَى»؛ بفتح الدال ... ) إلى آخر كلامه؛ فانظره في «المطالع» في (النون والدال) في الاختلاف إن أردته.

    ==========

    [ج 2 ص 889]

    (1/13220)

    [حديث: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ولقد ... ]

    7484# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

    قوله: (أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنَ [1] الْجَنَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام على هذا (البيت)، وكلامُ ابن بَطَّال، وكلامُ السُّهَيليِّ، وهو حسنٌ مليحٌ جدًّا.

    ==========

    [1] في هامش في (أ) و (ق): (نسخة: في)، وكذا في «اليونينيَّة»، والمثبت رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي.

    [ج 2 ص 889]

    (1/13221)

    [باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة]

    قوله: (وَنِدَاءِ اللهِ الْمَلاَئِكَةَ): (الملائكةَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ المصدرِ؛ وهو (نداء).

    قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): هو بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وهو ابن راشد، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    ==========

    [ج 2 ص 889]

    (1/13222)

    [حديث: إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدًا نادى جبريل ... ]

    7485# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا [2] عَبْدُ الصَّمَدِ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّمَ الكلام عليه في (مناقب سعد بن عبادة)، و (عبد الصمد): هو ابن عبد الوارث، أبو سهل، حافظ بغداد، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (نَادَى جِبْرِيلَ): (جبريلَ): مَنْصُوبٌ مفعولُ (نادى).

    قوله: (إِنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا): (إنَّ): بكسر الهمزة، ويجوز فتحها، وكذا الثانية.

    قوله: (ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ): (جبريلُ): مَرْفُوعٌ؛ لأنَّه فاعلُ (ينادي)، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (ثُمَّ يُوضَعُ [3] لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ): (القَبول): المحبَّة في القلوب، قال المطرِّز: القَبول: مصدرٌ لم أسمع غيره بالفتح، وقد جاء مفسَّرًا في رواية القعنبيِّ: «فتوضع له المحبَّة في الأرض»، واعلم أنَّ هذا الحديثَ في «مسلم» من طريق جرير بن عبد الحَميد، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة، وتكملته فيه: «وإذا أبغض عبدًا؛ دعا جبريلَ فقال: إنِّي أُبغِض فلانًا فأَبْغِضْه، فيبغضه جبريلُ، ثُمَّ ينادي في أهل السماء: إنَّ الله يبغض فلانًا فأَبغِضُوه، قال: فيبغضه أهل السماء، ثُمَّ توضع له البغضاء في الأرض»، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَنِي).

    [2] كذا في (أ) و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا).

    [3] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَيُوضَعُ).

    [ج 2 ص 889]

    (1/13223)

    [حديث: يتعاقبون فيكم: ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ... ]

    7486# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

    قوله: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا ليس فيه دليلٌ على لغة: (أكلوني البراغيثُ)؛ وذلك لأنَّ له أوَّلًا في (الملائكة) في (بَدْء الخلق): «الملائكة يتعاقبون؛ ملائكةٌ بالليل ... »؛ الحديث.

    ==========

    [ج 2 ص 889]

    (1/13224)

    [حديث: أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئًا ... ]

    7487# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بندارٌ، و (غُنْدرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وقد ذكرت سبب تلقيبه بذلك فيما مضى، وسببه: أنَّ ابنَ جُرَيجٍ قدم البصرة، فحدَّث بحديثٍ عن الحسن البصريِّ، فأنكروه عليه وشغَّبوا، قال ابن عائشة: إنَّما لَقَّبَ غندرًا ابنُ جُرَيجٍ من ذلك اليوم الذي كان يُكثِر الشغبَ عليه، فقال: اسكت يا غندر، وأهل الحجاز يسمُّون المشغِّبَ غُنْدرًا، والله أعلم،

    [ج 2 ص 889]

    و (وَاصِل): هو ابن حَيَّان؛ بفتح الحاء، وتشديد المُثَنَّاة تحت، الأسَديُّ الأحدب، عن شريحٍ، والْمَعْرُورِ بن سُوَيْد، وعنه: شعبة، وسفيان، وجماعةٌ، وَثَّقَهُ ابن معين وأبو داود، قال أبو داود: مات سنة عشرين ومئة، أخرج له الجماعة، و (الْمَعْرُور): هو بالعين المُهْمَلَة، وهو ابن سُوَيد، تَقَدَّمَ، و (أَبُو ذَرٍّ): جُندب بن جنادة، تَقَدَّمَ مترجمًا، رضي الله عنه.

    (1/13225)

    [باب قول الله تعالى: {أنزله بعلمه والملائكة يشهدون}]

    (1/13226)

    [حديث: يا فلان إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك]

    7488# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): تَقَدَّمَ [أنَّه] بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمَه سلَّامٌ _بتشديد اللام_ ابن سُلَيْم؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، و (أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ): هو عمرو بن عبد الله السبيعيُّ الهَمْدَانيُّ؛ بإسكان الميم وبالدال المُهْمَلَة، نسبة إلى القبيلة، وأمَّا البلدة؛ فهي بفتح الميم وبالذال المُعْجَمَة، وليس من الصَّحَابة ولا التابعين ولا تابعيهم أحدٌ من المدينة، وأكثرُ المُتَأخِّرين منها إلَّا قليلًا منهم، والله أعلم.

    قوله: (يَا فُلَانُ؛ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ): (فلان): هو أُسَيد بن الحُضَير، قاله الخطيب البغداديُّ، ونقله عنه النَّوويُّ، وقد تَقَدَّمَ في (الدَّعَوات)، وقال ابن شيخِنا البُلْقينيِّ: إنَّه البراء بن عازب، كما في «التِّرْمِذيِّ» و «مسلمٍ»، قال: وجاء أنَّه أُسَيد بن الحُضَير، ذكره الخطيب البغداديُّ، انتهى، وقال بعض حفَّاظ مصر الآن: تَقَدَّمَ أنَّ البراءَ هو المخاطَبُ بذلك، انتهى.

    قوله: (إِذَا أَوَيْتَ): تَقَدَّمَ أنَّه بقصر الهمزة؛ لأنَّه لازمٌ، وقدَّمتُ أنَّ (أوى) إذا كان لازمًا؛ كان الأفصحَ في الهمزة القصرُ [1]، وإن كان متعدِّيًا؛ كان الأفصحَ المدُّ، وهذه لغة القرآن.

    قوله: (رَغْبَةً وَرَهْبَةً): تَقَدَّمَ [2] معناهما.

    قوله: (لَا مَلْجَأَ): تَقَدَّمَ أنَّه مهموز الآخِر.

    قوله: (وَلَا مَنْجَى): تَقَدَّمَ أنَّه غير مهموزٍ، معتلٌّ، وهذان ظاهران.

    قوله: (عَلَى الْفِطْرَةِ): تَقَدَّمَ أنَّها المِلَّة والإسلام.

    ==========

    [1] في (أ): (والقصر)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [2] زيد في (أ): (تَقَدَّمَ)، وهو تكرار.

    [ج 2 ص 890]

    (1/13227)

    [حديث: اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب .. ]

    7489# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، و (عَبْد اللهِ بْن أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (أبا أوفى) اسمُه علقمةُ بن خالد، وذكرتُ نسبه، وأبو أوفى صحابيٌّ كابنه عبدِ الله، رضي الله عنهما.

    قوله: (يَوْمَ الأَحْزَابِ): تَقَدَّمَ متى كانت غزوة الأحزاب _وهي الخندق_ في مكانها وغيره.

    قوله: (زَادَ الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ أن (زاد) كـ (قال)، والحُمَيديُّ شيخُ البُخاريِّ، وتَقَدَّمَ أنَّ القائلَ إذا كان شيخَه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، وتَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (الحُميديَّ): عبدُ الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه، والحكمة في الإتيان بزيادة الحميديِّ _والذي يظهر لي أنَّ هذه ليست زيادةً، وأنَّه ينبغي أن يقولَ: قال_ أنَّ في سندها سفيانَ حدَّث عن ابن أبي خالد بالتحديث، وفي الأوَّل بالعنعنة، وابن عُيَيْنَة مُدَلِّس، وكذا الثَّوريُّ أيضًا، فأتى بزيادته؛ لأنَّ في سندها تصريحَ سفيان _وهو ابن عُيَيْنَة_ بالتحديث، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الخلاف في عنعنة المدلِّس هو في غير ابن عُيَيْنَة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عُيَيْنَة، تَقَدَّمَ، و (ابْنُ أَبِي خَالِدٍ): هو إسماعيل، و (عَبْد اللهِ): هو ابن أبي أوفى المذكورُ أعلاه وقبله مرارًا.

    ==========

    [ج 2 ص 890]

    (1/13228)

    [حديث في تفسير: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}]

    7490# قوله: (حَدَّثَنَا [1] هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، و (أَبُو بِشْرٍ): هو بكسر المُوَحَّدة، وبالشين المُعْجَمَة، وهو جعفر بن أبي وحشيَّةَ إياسٍ، تَقَدَّمَ مترجمًا.

    قوله: ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] , [2] أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ ... )؛ الحديث: وهذا تصريحٌ من ابن عَبَّاس أنَّها نزلت في القراءة في الصَّلاة، وقد تَقَدَّمَ في (سورة سبحان)، وقد عقَّبه البُخاريُّ هناك بحديث عائشة: أنَّها نزلت في الدعاء.

    قوله: (فَلَا تُسْمِعُهُمْ): هو مَرْفُوعٌ؛ لأنَّ (لا) للنَّفي.

    قوله: (أَسْمِعْهُمْ وَلاَ تَجْهَرْ؛ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ): قال الحافظ أبو ذرٍّ: (فيه تقديمٌ وتأخيرٌ، تقديره: أسمِعْهم حتَّى يأخذوا عنك القرآن، ولا تجهر)، وهو كلامٌ حسنٌ، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).

    [2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

    [ج 2 ص 890]

    (1/13229)

    [باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله}]

    (1/13230)

    [حديث: قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر]

    7491# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ): هو ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيد بْن المُسَيّب): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (وَأَنَا الدَّهْرُ): تَقَدَّمَ الكلام أنَّه مَرْفُوعٌ، ومَن قال: إنَّه بالنصب، مُطَوَّلًا، والردُّ عليه، في (الأدب).

    ==========

    [ج 2 ص 890]

    (1/13231)

    [حديث: يقول الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به]

    7492# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهْرَان، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان.

    قوله: (الصَّوْمُ لي، وأنا أَجْزِي بِهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه لِمَ أضافَه إلى نفسه دون سائر العبادات في (الصوم) مُطَوَّلًا؛ فانظره، وكذا (أنا أَجْزِي): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح الهمزة، وكذا (الصَّوْمُ جُنَّةٌ)، وكذا (الخُلُوفُ)، وأنَّ الصَّوابَ أنَّه بضَمِّ الخاء، وكذا (أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ)؛ هل هو في الدنيا والآخرة، أو في الآخرة فقط، وأنَّ الصَّحيح أنَّه فيهما؛ لحديثَين.

    ==========

    [ج 2 ص 890]

    (1/13232)

    [حديث: بينما أيوب يغتسل عريانًا ... ]

    7493# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنَديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما: هو ابن راشد، و (هَمَّام): هو ابن مُنَبِّه بن كامل الأبناويُّ، وهذا الحديث عزاه المِزِّيُّ لـ (كتاب الأنبياء) بهذا السند، ولم يذكره عن (التوحيد)، وهو ثابتٌ في أصلنا القاهريِّ وأصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولعلَّه سقط من الناسِخ لـ «الأطراف» والمقابِل، والله أعلم.

    [ج 2 ص 890]

    قوله: (خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ): سُئِلت عن هذا: هل كان قبل الابتلاء أم بعده؟ سألني عن ذلك غيرُ واحدٍ، وجوابه: أنَّه بعد الابتلاء؛ لما في «مستدرك الحاكم» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لمَّا عافى اللهُ أيُّوبَ؛ أمطرَ عليه جَرَادًا من ذَهَب، فجعل يأخذ بيده ويجعله في ثوبه، فقيل له: يا أيُّوب؛ أما تشبع؟ قال: ومَن يشبع مِن رحمتك؟!» لم يتعقَّبْه الإمام الذَّهَبيُّ في «تلخيصه»، والله أعلم.

    قوله: (رِجْلُ جَرَادٍ): (الرِّجْلُ): بكسر الواو، وإسكان الجيم، وباللام؛ أي: جماعة منه، وفي «النهاية» لابن الأثير: (الرِّجل؛ بالكسر: الجراد الكثير).

    قوله: (لَا غِنًى): هو مُنَوَّنٌ [1]، وهذا ظاهِرٌ، ومعناه: لا بُدَّ.

    ==========

    [1] وهو في «اليونينيَّة» بلا تنوين.

    (1/13233)

    [حديث: يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا.]

    7494# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمامِ أحدِ الأعلام، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم، و (أَبُو عَبْد اللهِ الأَغَرُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (أبو عبد الله سلمان الأغرُّ، مولى جهينة، وهو من أصبهان، روى عنه: ابناه عبدُ الله وعبيُد الله، والزُّهْرِيُّ، وفي طبقته أبو مسلمٍ الأغرُّ، سمع أبا هريرة وأبا سعيد، واشتركا في عتقه، فهو مولاهما)، انتهى.

    قوله: (يَنْزِلُ [1] رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَة): تَقَدَّمَ الكلام عليه، و (ينزل) كيف يُنطَق بها، في (باب الصَّلاة والدعاء من آخر الليل).

    قوله: (ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ): (الآخِرُ): مَرْفُوعٌ صفةٌ لـ (ثلثُ)، وهذا ظاهِرٌ، وهو بكسر الخاء المُعْجَمَة، وقد قَدَّمْتُ الكلام [على] الروايات التي وردت في وقت النزول؛ فانظر ذلك في الباب المذكور أعلاه، وذكرت غيرَ جمعٍ لذلك.

    قوله: (فَأَسْتَجِيبَ لَهُ): هو مَنْصُوبٌ، وكذا (فَأُعْطِيَهُ)، وكذا (فَأَغْفِرَ لَهُ)، ونصبُه ظاهرٌ، ويجوز الرفعُ فيها كلِّها، وسبق توجيهه في (الصَّلاة).

    ==========

    [1] كذا في (أ) وهامش (ق) من نسخة، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (يتنزَّل).

    [ج 2 ص 891]

    (1/13234)

    [حديث: نحن الآخرون السابقون يوم القيامة.]

    7495# 7496# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الْأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

    قوله: (نَحْنُ الآخِرُونَ): تَقَدَّمَ معناه في أوَّل (كتاب الجمعة)، وتَقَدَّمَ بعد ذلك لِمَ سَاقَه وقال بعده: (وَبِهَذَا الإِسْنَادِ) كذا وكذا؛ فانظر ذلك.

    قوله: (أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ): الأولى بفتح الهمزة: فعل أمر، والثانية بضَمِّ الهمزة، فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ على جواب الأمر.

    ==========

    [ج 2 ص 891]

    (1/13235)

    [حديث: هذه خديجة أتتك بإناء فيه طعام ... ]

    7497# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، وهو مُحَمَّد، و (عُمَارَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو ابن القعقاع، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمَه هَرِم، وقيل غيرُ ذلك ممَّا تَقَدَّمَ، ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَليُّ.

    قوله: (فَقَالَ: هَذِهِ خَدِيجَةُ ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو جبريل، كما جاء في بعض طرقه.

    قوله: (بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ [1]): تَقَدَّمَ الكلام على الحكمة في أنَّه ما بَشَّرَها إلَّا ببَيْتٍ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام [على] قوله: (مِنْ قَصَبٍ) من عند السُّهَيليِّ، وهو حسنٌ، في (باب تزويج النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خديجةَ وفضلها)، و (القصب): اللؤلؤ المجوَّف، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (الصَّخَب): الصِّيَاح، وتَقَدَّمَ أنَّ (النَّصَبَ): التَّعَب، والله أعلم.

    (1/13236)

    [حديث: قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ... ]

    7498# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): (عبد الله): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، وهو بفتح الميمين، وإسكان العين، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    ==========

    [1] كذا في (أ) وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية الأصيليِّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أخْبَرَنَا).

    [ج 2 ص 891]

    (1/13237)

    [حديث: اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض.]

    7499# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير الصنعانيُّ المصنِّف، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، أحد الأعلام، تَقَدَّمَ مترجمًا.

    قوله: (أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه؛ أي: مُنَوِّرهما، وكذا (القَيِّمُ) و (القَيَّام) و (القَيُّوم): الذي لا يزول.

    ==========

    [ج 2 ص 891]

    (1/13238)

    [حديث: ولكن والله ما كنت أظن أن الله ينزل في براءتي وحيًا ... ]

    7500# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (ابن غانم، انفرد به البُخاريُّ، ومات سنة تسعين ومئة، وكان مولده سنة ثمان وعشرين ومئة)، انتهى، فاستفدنا من هذه الحاشية وفاتَه، وليست في «التذهيب» ولا في «الكاشف»، والظاهر: أنَّها ليست في «تهذيب المِزِّيَّ»، وقوله: (انفرد به البُخاريُّ)؛ هو كما قال، لم يُخَرِّج له أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة غيره فيما أعلم، والله أعلم، و (يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، نسبته إلى أَيْلَة؛ وهي بُلَيدة معروفةٌ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سَعِيْد بْن المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غير أبيه لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ.

    قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا): تَقَدَّمَ الكلام على (أهل الإفك) مَن هم في (الشهادات)، وقدَّمنا ما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من أنَّهم مِسْطَح، وحسَّان، وحَمْنَة، والله أعلم، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الطَّائِفَة)؛ وهي القطعة.

    (1/13239)

    [حديث: يقول الله: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئةً فلا تكتبوها]

    7501# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بالنون، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (إِلَى سَبْعِ مِئَةٍ): تَقَدَّمَ هل ينتهي التضعيف إلى سبع مئة، أو يُزاد، والصحيح: أنَّه يُزَاد على ذلك، وقد تَقَدَّمَ في (كتاب الإيمان) في (باب حُسْن إسلام المرء)، وذكرت فيه حديثًا عن أبي هريرة وعزوتُه، وتكلَّمتُ عليه.

    ==========

    [ج 2 ص 891]

    (1/13240)

    [حديث: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فقال: مه]

    7502# قوله: (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الزاي، وكسر الراء المُشَدَّدة، وبالدال المُهْمَلَة.

    قوله: (فَقَالَ: مَهْ): تَقَدَّمَ الكلام عليها.

    قوله: (فَذَلِكِ لَكِ): هما بكسر الكاف؛ لأنَّهما خطابٌ لمؤنَّثٍ، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وقد تَقَدَّمَ مِرارًا.

    ==========

    [ج 2 ص 891]

    (1/13241)

    [حديث: قال الله: أصبح من عبادي كافر بي ومؤمن بي]

    7503# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (صَالِح): هو ابن كيسان، و (عُبَيْد اللهِ): هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.

    قوله: (مُطِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (مُطِرَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    ==========

    [ج 2 ص 891]

    (1/13242)

    [حديث: قال الله: إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه]

    7504# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أختِ مالكٍ أحدِ الأعلام، و (أَبُو الزِّنَاد)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز.

    ==========

    [ج 2 ص 891]

    (1/13243)

    [حديث: قال الله: أنا عند ظن عبدي بي]

    7505# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحْمَن بن هرمز، تقدَّموا قريبًا وبعيدًا.

    (1/13244)

    [حديث: قال رجل لم يعمل خيرًا قط]

    7506# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ، و (أَبُو الزِّنَاد): تَقَدَّمَ أعلاه، وكذا (الأَعْرَج [1]) كذلك.

    قوله: (قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ كان نبَّاشًا، ولا أعرف اسمَه، وتَقَدَّمَ لابنِ شيخِنا البُلْقينيِّ عليه كلامٌ حسنٌ في أوائل (كتاب الرقائق)، وقال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: تَقَدَّمَ أنَّه آخِرُ أهلِ النَّار خروجًا، وأنَّ اسمَه جهينةُ، انتهى.

    قوله: (وَأَذْرُوا [2] نِصْفَهُ): (أذرى): يُقال: رُباعيٌّ وثلاثيٌّ، وقد تَقَدَّمَ؛ فإن جعلتَه رباعيًّا؛ قطعتَ همزتَه وفتحتها، وإن جعلتَه ثلاثيًّا؛ وصلتَ همزته، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، والله أعلم.

    قوله: (لَئِنْ قَدَرَ اللهُ عَلَيْهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    قوله: (لِمَ فَعَلْتَ؟): هو بفتح الميم على الاستفهام، والتاء مفتوحة على الخطاب، وهذا ظاهِرٌ.

    ==========

    [1] في (أ): (والأعرج).

    [2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَاذْرُوا).

    [ج 2 ص 892]

    (1/13245)

    [حديث: إن عبدًا أصاب ذنبًا فقال: رب أذنبت]

    7507# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ): هذا هو أحمد بن إسحاق بن الحُصَين السُّلَميُّ المطوِّعيُّ، أبو إسحاق البُخاريُّ السُّرْمَارِيُّ، وقد تَقَدَّمَ الكلام على هذه النسبة، وأنَّها إلى قريةٍ من قرى بُخارى، وهو أحد فرسان الإسلام، ومَن يُضرَب بشجاعته المَثَلُ، مع العلم والزهد، تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا رحمه الله، و (هَمَّامٌ): هو همَّام بن يحيى العوذيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (بشيرٍ أخي ثعلبة، وأبي عبيدة، وحبيب؛ أولاد عمرو بن مِحْصَن بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن مبذول؛ وهو عامر بن مالك بن النَّجَّار، لبشيرٍ وإخوتِه صحبةٌ، فأمَّا بشير؛ فقُتِل مع عليٍّ بصِفِّين، روى عنه ابنه عبد الرَّحْمَن، روى له أبو داود والنَّسائيُّ، واتَّفقا على عبد الرَّحْمَن ولدِه عن أبي هريرة، روى له مسلمٌ عن عثمان بن عَفَّانَ وزيدِ بن خالد، وأمَّا ثعلبةُ؛ فشهد بدرًا وما بعدها، وتُوُفِّيَ في خلافة عثمان، روى عنه: ابنه عبد الرَّحْمَن حديثه في قطع يد عمرو بن سَمُرة في سَرِقة الجمل، رواه ابن ماجه، وأمَّا أبو عبيدة؛ فقُتِل شهيدًا يوم بئر معونة، وأمَّا حبيبٌ؛ فمات في طريق اليمامة ذاهبًا إليه مع خالد بن الوليد، فهو معدودٌ في شهداء اليمامة)، انتهى.

    أمَّا قول الدِّمْيَاطيِّ: (أولاد عمرو بن مِحْصَن بن عمرو بن عتيك)؛ فقد قال ابن عَبْدِ البَرِّ في ثعلبة: ثعلبة بن عمرو بن عبيد بن مِحْصَن، أحد بني مالك بن النَّجَّار، فزاد في نسبه عُبَيدًا، وخالفه هشام بن الكلبيِّ وغيرُه، فقالوا كما قال الدِّمْيَاطيُّ، قُتِل يوم جسر أبي عبيد، وقال الواقديُّ: تُوُفِّيَ بالمدينة في خلافة عثمان، وقيل: هو الذي روى عنه ابنه عبد الرَّحْمَن في السرقة، وكأنَّه الصحيح، فإنَّ ذاك لم يُنسَب، وهنا في هذا الموطن نُسِب إلى عمرٍو، قاله الذَّهَبيُّ.

    وأمَّا (عبد الرَّحْمَن بن أبي عمرة)؛ فأخرج له الجماعة، قال ابن سعد: ثقةٌ كثيرُ الحديث، وقول الدِّمْيَاطيِّ في أبي عمرة: (بشير) هو قولٌ قدَّمه الذَّهَبيُّ في «تجريده»، وثنَّى بثعلبة بن عمرو بن مِحْصَن، وفي (الكنى) قدَّم أنَّ اسمَ أبي عمرة عمرُو بن محصن، وثنَّى ببشير، ولم يذكر ثعلبة، وأبو عمرة صحابيٌّ، روى له _كما قال الدِّمْيَاطيُّ_ أبو داود والنَّسائيُّ، والله أعلم.

    (1/13246)

    قوله: (غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثَلاَثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ): وفي نسخة: (فليفعل ما شاء): أي: ما دام يُذنِب ويتوب، وهذا تحريضٌ على التوبة، لا على الذنب.

    (1/13247)

    [حديث: أنه ذكر رجلًا فيمن سلف أعطاه الله مالًا وولدًا]

    7508# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ): هو عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الأسود حميدِ بن الأسود، أبو بكر البصريُّ الحافظ، عن خاله عبد الرَّحْمَن بن مهديٍّ، ومالكٍ، ودَيْلَم بن غزوان، وعبد الواحد بن زياد، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وسمُّويه، وإبراهيم الحربيُّ، وجماعةٌ، قال ابن معين: لا بأسَ به، سمع من أبي عوانة وهو صغيرٌ، وقال أبو بكر الخطيب: كان حافظًا متقنًا، سكن بغداد، وقال أبو حسَّان الزياديُّ: مات في جمادى الآخرة سنة (223 هـ)، وكذا أرَّخه غيرُه، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طرخان التيميُّ، و (أَبُو سَعِيد): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

    قوله: (أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا فِيمَنْ سَلَفَ، أَوْ: فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ... )؛ الحديث: تَقَدَّمَ أنَّ هذا الرجلَ كان نبَّاشًا، وقد تكلَّم عليه ابن شيخِنا البُلْقينيِّ في أوائل (كتاب الرقاق)، وما قاله بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين أعلاه.

    قوله: (أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ؟): (أيَّ): منصوبٌ، ونصبُه معروفٌ، قال أبو البقاء: الصَّواب: نصب (أيَّ) على أنَّه خبر (كنت)، وأمَّا قولهم: (خَيْرَ أَبٍ)؛ فالوجه نصبُه خبرًا؛ ليكون موافقًا لِما هو جوابٌ عنه، والرَّفع جائز على معنى: أنت خيرُ أبٍ، انتهى.

    ْقوله: (لم يَبْتَئِرْ _أو: لم يَبْتَئِزْ_ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا): تَقَدَّمَ الكلام على: (يَبْتَئِر) و (يَبْتَئِز)، وأنَّ معناه: يدَّخر، في أوائل (الرقاق)، وقد فسَّره قتادةُ فيما مضى، ويأتي قريبًا.

    قوله: (وَإِنْ يَقْدِرِ اللهُ عَلَيْهِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوائل (كتاب الرقائق)، و (إنْ): بكسر الهمزة، وإسكان النون، شرطيَّة، و (يُعَذِّبْهُ): مجزومٌ جزاءٌ.

    قوله: (فَأَحْرِقُونِي): هو بهمزة مفتوحة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ.

    (1/13248)

    ْقوله: (فَاسْحَقُونِي، أَوْ قَالَ: فَاسْحَكُونِي): معنى (اسحقوني): دقُّوني إذا أحرقتموني؛ بدليل بقيَّة الحديث، وقوله: (فَاسْحَقُونِي، أو: فاسحكوني): قال في «المطالع»: كذا في بعض الروايات، وهما بمعنًى، وفي رواية أبي ذرٍّ: «أو قال: فاسهكوني»، وهو بمعنى: «اسحقوني»، وفي رواية عُبدوس: (واسحطوني)، وهذا الوجه له، وكذلك: (اسكهوني)؛ بتقديم الكاف، انتهى، و (اسحقوني): ثُلاثيٌّ، وكذا (اسحكوني [1])؛ فهمزته وصلٌ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتها، والله أعلم.

    قوله: (فَأَذْرُونِي فِيهَا): (أذرى): رُباعيٌّ وثلاثيٌّ، فعلى الرباعيِّ؛ همزه بالفتح، وعلى الثلاثيِّ؛ فوصلٌ، قال ابن القطَّاع: ذَرَا الريحُ التُّرابَ ذروًا وذريًا: رمت به، وأذرت، والإنسانُ الشيءَ؛ كذلك.

    قوله: (ثُمَّ أَذْرَوْهُ): هو فعل ماضٍ، وفاعله، ومفعوله، لا فعل أمر، قال الجوهريُّ: يُقال: ذرت الريحُ الترابَ وغيرَه تذروه وتذريه ذَرْوًا وذَرْيًا؛ أي: سفَّتْهُ، ومنه قولهم: ذرَّى الناسُ الحنطةَ، وأذريتُ الشيءَ؛ إذا ألقيتَه كإلقائك الحبَّ للزرع، وهذا هو المراد هنا.

    قوله: (مَخَافَتُكَ، أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ): (الفَرَق)؛ بفتح الفاء والراء: الفَزَع، كذا هو في أصلنا (المخافةُ) و (الفَرَقُ) مرفوعان، وفي نسخةٍ هما منصوبان؛ أي: من أجل مخافتك، والله أعلم.

    قوله: (فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ عِنْدَهَا، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: فَمَا تَلَافَاهُ غَيْرُهَا): (تلافاه): معناه: تداركه، والتاء فيه زائدة، وقوله: (غيرُها): هو مَرْفُوعٌ في أصلنا على أنَّه فاعل 2/ 8/ب (تدارك)، وكذا في نسخةٍ أخرى صحيحةٍ، ويظهر لي أنَّه ينبغي أن يكون (غيرُ) منصوبًا، ونصبُه على نزع الخافض؛ أي: بغيرها، والله أعلم.

    قوله: (فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عُثْمَانَ فَقَالَ: سَمِعْتُ هَذَا مِنْ سَلْمَانَ ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو سليمان بن طرخان التيميُّ، و (أبو عثمان): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن مَلٍّ، وتقدَّمت اللغات في (مَلٍّ)، و (سلمان): هو الفارسيُّ، تَقَدَّمَ مترجمًا رضي الله عنه قُبَيل (المغازي) وبعده.

    قوله ثَمَّ: (أَذْرُونِي): هو رُباعيٌّ وثلاثيٌّ، كما تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا، وهو في أصلنا رُباعيٌّ.

    قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طرخان، (وَقَالَ: لَمْ يَبْتَئِرْ)؛ يعني: بالراء، ولم يشكَّ.

    (1/13249)

    قوله: (وَقَالَ خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه خليفة بن خيَّاط شبابٌ العصفريُّ الحافظ، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه إذا قال: (قال فلانٌ كذا) وفلانٌ شيخُه كهذا؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أنَّه أخذَ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (مُعْتَمِرٌ) بعده: هو ابن سليمان بن طرخان، (وَقَالَ: لَمْ يَبْتَئِزْ)؛ يعني: بالزاي، ولم يشكَّ كما شكَّ الأوَّل.

    والحاصل: أنَّه حدَّث به عبد الله ابن أبي الأسود عن مُعتمر بالشكِّ، وحدَّث به موسى بن إسماعيل التَّبُوذكيُّ عن مُعتمر وقاله [بـ] الراءِ، وحدَّث به خليفة عن مُعتمر وقاله بالزاي، والله أعلم، وزاد فيه تفسير قتادة: (لَمْ يَدَّخِرْ).

    ==========

    [1] في (أ): (اسحقوني)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [ج 2 ص 892]

    (1/13250)

    [باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم]

    (1/13251)

    [حديث: إذا كان يوم القيامة شفعت فقلت: يا رب أدخل الجنة من كان ... ]

    7509# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ ابْنُ رَاشِدٍ): هو يوسف بن موسى بن راشد القَطَّان، وبعده (أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن يونس بن عبد الله بن قيس التميميُّ، أبو عبد الله اليربوعيُّ الكوفيُّ الحافظ، ويُنسَبُ إلى جده كثيرًا، فيُقال: أحمد ابن يونس، عن عاصم العمريِّ، وابن أبي ذئب، وابن أبي ليلى، والثَّوريِّ، وإسرائيلَ، وزائدةَ، وعبدِ العزيز الماجِشُون، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، وقد حدَّث هنا البُخاريُّ عن واحدٍ عنه، وروى عنه: عَبْد بن حُمَيدٍ، وأبو زرعة، وخلقٌ، قال أحمد: شيخ الإسلام، وقال أبو حاتم: كان ثقةً متقنًا، قال البُخاريُّ: مات في ربيع الآخر سنة (227 هـ)، وقيل: عاش أربعًا وتسعين سنةً، أخرج له الجماعة.

    و (أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ): هو بمُثَنَّاة تحت، وبالشين المُعْجَمَة، تَقَدَّمَ أنَّ اسمَه شعبةُ، وقيل: مُحَمَّد، وقيل: عبد الله، وقيل: سالم، وقيل: رؤبة، ومسلم، وخداش، ومطرِّف، وحَمَّاد، وحبيب، مشهورٌ، وقد تَقَدَّمَ، وهو أحد الأعلام، و (حُمَيْد): هو الطويل، تَقَدَّمَ، وهو حُمَيد بن أبي حُمَيد، أبو عبيدة البصريُّ، لا حُمَيد بن هلال، هذا الثاني تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ليس له في «البُخاريِّ» عن أنس إلَّا حديثان، وقد ذكرتهما غَيْرَ مَرَّةٍ، وأحدهما في «النَّسائيِّ»، والله أعلم.

    قوله: (شُفِّعْتُ): هو بضَمِّ الشين، وكسر الفاء المُشَدَّدة، والتاء في آخره تاء المتكلِّم المضمومة، وفي نسخة: (شَفَعْتُ)؛ بفتح الشين والفاء المُخَفَّفة، والباقي مثله، وهذا هيِّنٌ.

    قوله: (أَدْخِلِ الْجَنَّةَ): (أَدخِل)؛ بفتح الهمزة: فعل أمر من الرباعيِّ، وكذا الثانية.

    قوله: (فَيدْخلُونَ): هو مَبْنيٌّ للفاعل وللمفعول، كذا في أصلنا، وهذا هيِّنٌ.

    (1/13252)

    [حديث: إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض]

    7510# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلاَلٍ الْعَنَزِيُّ): هو بفتح النون، وهذا ظاهِرٌ معروفٌ، نسبه إلى عَنَزة بن أسد بن ربيعة بن نزار، وهو بفتح العين المُهْمَلَة والنون، وبالزاي.

    قوله: (اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ): هؤلاء الناس الذين مع معبد بن هلال العَنَزيِّ لا أعرفهم.

    قوله: (وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ): هو ثابت بن أسلم، أبو مُحَمَّد البُنانيُّ مولاهم، البصريُّ، أحد الأعلام.

    قوله: (أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ): (أوَّلَ): مَنْصُوبٌ، وكذا هو في أصلنا، وعليه (صح).

    قوله: (فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ): هو بالحاء المُهْمَلَة، والزاي، وهي كنية أنس بن مالك، كنَّاه بها النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ببقلة كان يجتنيها، وفي كلام النَّوويِّ: يحبُّها.

    قوله: (فَأَخِرُّ [1] لَهُ سَاجِدًا): تَقَدَّمَ أنَّ هذه السجدةَ والتي بعدها كلُّ واحدةٍ منهما مقدارها مقدار جمعةٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ في بعض الأجزاء أنَّ هذه الجمعةَ مقدارُ سبعين سنةً، فكلُّ يوم بعشر سنين.

    قوله: (فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ): هما مرفوعان، وكذا الثانية: (فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ)، وكذا الثالثة.

    قوله: (فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ؛ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِي [2]): قائل ذلك هو معبد بن هلال العَنَزيُّ المذكورُ في السند، و (بعض أصحابه): لا أعرفه.

    قوله: (لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهْوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ): (الحسن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام المشهورين، واسم أبي الحسن يسارٌ، و (التواري): الاختفاء، وكان متواريًا من الحَجَّاج بن يوسف الثقفيِّ، و (أبو خليفة) هذا: لا أعرف له ترجمةً، وكشفت عليه عدَّة كتب في الأسماء؛ فلم أره، والله أعلم.

    قوله: (فَقَالَ: هِيهِ): هي بكسر الهاء الأولى، وإسكان المُثَنَّاة تحت، وكسر الهاء الثانية، وكذا الثانية، تُقال في استزادة الحديث، وكذا (إيه)، وهي بمعنى: (إيه)، فأبدلوا من الهمزة هاءً، و (إيه): تَقَدَّمَ الكلام عليها [خ¦3683].

    قوله: (فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ): هو بإسكان الثاء، وهذا ظاهِرٌ.

    (1/13253)

    قوله: (وَهْوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً): قال في «المطالع»: أي: مجتمع العقل والحفظ في كهولته قبل شيخه، ووَهَنِ جسمه، واختلالِ ذُكْرِه، وتفرُّقِ ذِهنه، انتهى، ونحوُه لابن الأثير في «نهايته»، ولفظه: أي: مجتمِع الخَلْق، قَوِيٌّ، لم يَهرَم ولم يَضعُف، والضمير راجعٌ إلى أنس، انتهى.

    تنبيهٌ: لا أعرف أحدًا من الصَّحَابة أنَّه خَرِفَ واختلط إلَّا ما ذُكر عن بُسر بن أرطاة بن أبي أرطاة، وقد اختُلِف في صحبته؛ فقيل: لم يسمع من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قُبِضَ وهو صغيرٌ، هذا قول الواقديِّ، وابنِ معين، وأحمدَ، وغيرِهم، وقالوا: خرف في آخر عمره، وأمَّا أهل الشام؛ فيقولون: سمع من النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ذكر ذلك ابن عَبْدِ البَرِّ في «الاستيعاب»، وقد ذكر القاضي عياض في «الشِّفا» في (فصل: ومن ذلك ما أُطلِع عليه من العيوب): أنَّ سَمُرة بن جندب هَرِم وخَرِف، انتهى، وأمَّا أنا؛ فلم أرَ أحدًا ذكره بذلك، بل ولا أعلم أحدًا من الصَّحَابة أنَّه خَرِف إلَّا ما حكيته لك عن بُسْر على القول بأنَّه صحابيٌّ، والله أعلم، والقاضي رجلٌ عالمٌ كثيرُ الاطِّلاع، ولا يذكر ذلك عن صحابيِّ إلَّا عن ثقةٍ، وكذا لو كان غير صحابيٍّ فضلًا عن الصَّحَابيِّ.

    وفي «صحيح مسلم» في (الغسل) عن سفينة _وهو من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد اختُلف في اسمه_ قال فيه أبو ريحانة وهو الراوي عنه: (وقد كان كَبِر، وما كنت أثق بحديثه)؛ يعني: أنَّه كَبِر في السِّنِّ، لا أنَّه خَرِف، وقد تُوُفِّيَ بعد السبعين من الهجرة.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (وَأَخِرُّ).

    [2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (أَصْحَابِنَا).

    [ج 2 ص 892]

    (1/13254)

    [حديث: إن آخر أهل الجنة دخولًا الجنة رجل يخرج حبوًا]

    7511# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى): قال الجَيَّانيُّ في «تقييد المُهْمَلَ» في النوع الثالث من أنواع الذُّهليِّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (كتاب التوحيد): (حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابن خالد: حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى)، فذكر هذا المكان، وذكر أمثلةً أخرى، ثُمَّ قال: قال أبو نصر وأبو عبد الله الحاكم: مُحَمَّد بن خالد في هذه المواضعِ هو الذُّهليُّ، نسبه إلى جدِّ أبيه؛ فإنَّه مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد، ولم يصرِّح البُخاريُّ باسمه في موضعٍ من «الجامع»، ومات مُحَمَّد بن يحيى بعد البُخاريِّ، انتهى، تُوُفِّيَ مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليُّ الإمام الحافظ الكبيرُ أميرُ المؤمنين في الحديث سنة (258 هـ) وله ستٌّ وثمانون سنةً، أخرج له البُخاريُّ والأربعةُ، و (إِسْرَائِيل): هو ابن يونس بن أبي إسحاق عمرِو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيدَة)؛ بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة: هو عَبِيدة بن عمرو السَّلْمانيُّ؛ بفتح السين، وإسكان اللام، تَقَدَّمَ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

    قوله: (رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا): تَقَدَّمَ أنَّ اسمَ هذا الرجل جُهينةُ، من قبيلة جُهينة، وقال السُّهَيليُّ: هنَّاد، فيحتمل أنَّ أحدَهما اللقبُ، والآخرَ الاسمُ، وقد تَقَدَّمَ في (باب فضل السجود) في (كتاب الصَّلاة) وغيره.

    قوله: (حَبْوًا): أي: زحفًا، قال ابن دريد: الزحف: المشي على الاسْتِ مع إشرافه بصدره، قال الحربيُّ: حَبَا الصبيُّ: مشى على يديه.

    2/ 9/أ قوله: (فَكُلُّ ذَلِكَ): (كلُّ): مَرْفُوعٌ، ويجوز نصبه؛ أي: في كلِّ ذلك.

    (1/13255)

    [حديث: ما منكم أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان]

    7512# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ): هو بضَمِّ الحاء المُهْمَلَة، وإسكان الجيم، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، و (الأَعْمَش): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سليمان بن مِهْرَان، و (خَيْثَمَة): هو ابن عبد الرَّحْمَن الجُعفيُّ.

    قوله: (تَرْجُمَانٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الترجمان) في حديث هرقل في أوَّل هذا التعليق.

    قوله: (أَشْأَمَ مِنْهُ): هو بفتح الهمزة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، ثُمَّ همزة مفتوحة، ثُمَّ ميم؛ يعني: شِمالًا، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (وَقَالَ [1] الأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ خَيْثَمَةَ ... ) إلى آخره: هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، فروى الثانيَ البُخاريُّ عن عليِّ بن حُجْر، عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن خيثمة، عن عديٍّ، والأوَّل عن الأعمش، عن خيثمة نفسِه.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بلا واو.

    [ج 2 ص 892]

    (1/13256)

    [حديث: إذا كان يوم القيامة جعل الله السموات على إصبع]

    7513# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّمَ، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (عَبِيْدَة): تَقَدَّمَ بظاهرها، وأنَّه بفتح العين، وكسر المُوَحَّدة، وهو ابن عمرو السَّلْمانيُّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، تَقَدَّمَ.

    قوله: (جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الحبر) بفتح الحاء وكسرها: العالم، وأنَّ هذا الحبر لا أعرفه، وكذا تَقَدَّمَ أنَّ (الإِصْبَع) فيها عشر لغات؛ تثليث الهمزة مع تثليث المُوَحَّدة، والعاشرة: (أُصبوع)، مَرَّاتٍ، وتَقَدَّمَ أنَّ هذا من أحاديث الصفات، وتَقَدَّمَ أنَّها قولان، والله أعلم، و (الأَرَضِينَ): تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ أنَّها بفتح الراء وتُسَكَّن، وكذا (الثَّرَى): أنَّه التراب النديُّ، وقد فرَّق هنا بين الأرض والثَّرَى، فإنَّه قال: (وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ)، والله أعلم.

    قوله: (حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ): تَقَدَّمَ أنَّها الأنياب، ويُقال: الأضراس.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13257)

    [حديث: يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه]

    7514# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (صَفْوَان بْن مُحْرِزٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الميم، وإسكان الحاء المُهْمَلَة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي.

    قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا [1]: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟): هذا الرجل السائلُ لابنِ عمر لا أعرف اسمَه.

    قوله: (فِي النَّجْوَى): (النجوى): مساررةُ اللهِ عبدَهُ.

    قوله: (حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ): هو بفتح الكاف والنون والفاء، قال ابن قُرقُول: (ستره، ولا يفضحه، وقد يكون «كَنَفه» ههنا: عفوه ومغفرته، وقد صحَّفه بعض المحدِّثين فقال: «كتفه»، وهو قبيحٌ، انتهى، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَقَالَ آدَمُ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ [2]: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (آدم): هو ابن أبي إياس العسقلانيُّ، شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلانٌ كذا) وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أنَّه أخذَ ذلك عنه في حال المذاكرة، و (شيبان): هو ابن عبد الرَّحْمَن النَّحْويُّ، منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، تَقَدَّمَ مترجمًا، وكونه منسوبًا [3] إلى القبيلة قاله ابن الأثير في «لُبابه»، وقد قَدَّمْتُ مَرَّاتٍ أنَّ ابنَ أبي داود وغيرَه قالوا: إنَّ المنسوبَ إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحْويُّ، لا شيبان النَّحْويُّ هذا، انتهى.

    وإنَّما أتى بهذا السند؛ لأنَّ في السند الأوَّل (قال قتادة عن صفوان بن مُحْرِز)، وقتادةُ مُدَلِّس، فأتى بهذا؛ لأنَّ فيه تصريحَ قتادةَ بالتحديث من صفوان، والله أعلم.

    (1/13258)

    [باب قوله: {وكلم الله موسى تكليمًا}]

    (1/13259)

    [حديث: احتج آدم وموسى فقال: أنت آدم الذي أخرجت ذريتك .. ]

    7515# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْلٌ): بضَمِّ العين، وفتح القاف، تَقَدَّمَ مِرارًا، وأنَّه ابن خالد، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، أحد الأعلام المشهورين، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هذا هو حُمَيد بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، لا الحِمْيَرِيُّ، وقد قَدَّمْتُ مرارًا أنَّ الحِمْيَرِيَّ لم يروِ له البُخاريُّ شيئًا عن أبي هريرة في «الصحيح»، وإنَّما روى له عنه مسلمٌ حديثًا واحدًا؛ وهو: «أفضلُ الصيام بعد رمضان شهرُ الله المحرَّم ... »؛ الحديث.

    قوله: (احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى): تَقَدَّمَ الكلام على هذا الاحتجاج في (كتاب الأنبياء) في (موسى صلَّى الله عليهما وسلَّم).

    قوله: (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى): (آدمُ): مَرْفُوعٌ، و (موسى): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، وقد تَقَدَّمَ ما رواه فيه بعض الحُفَّاظ من نصب (آدم)، وقد أخطأ في ذلك.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13260)

    [حديث: يجمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا]

    7516# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، وأنَّه منسوبٌ إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النسبَة إلى فُرهود: فرهوديٌّ وفراهيديٌّ، و (هِشَامٌ): هذا هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ.

    قوله: (يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ): (يُجمَع): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المؤمنون): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    قوله: (وَيَذْكُرُ [1] خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ): تَقَدَّمَ أنَّ الذي ينبغي أن يُعتَقَد أنَّ الأنبياءَ معصومون من الصغائر والكبائر قبل النبوَّة وبعدها، وأنَّ ما جاء في ظواهر [الكتاب] أو السُّنَّة من غير ذلك مؤوَّلٌ ومجابٌ عنه، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَيَذْكُرُ)، ثمَّ زيد فيهما: (لهم).

    [ج 2 ص 892]

    (1/13261)

    [حديث الإسراء والمعراج]

    7517# قوله: (حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ): هذا هو سليمان بن بلال، و (شَرِيك بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ [1]) هذا: شريك القاضي، أبو عبد الله الكوفيُّ، أحد الأعلام، ترجمته معروفة فلا نطوِّل بها، له ترجمةٌ مطوَّلةٌ في «الميزان»، واعلم أنَّ له أوهامًا في هذا الحديث أنكرها عليه العلماء، وقد نبَّه مسلمٌ على ذلك بقوله: (وقدَّم فيه شيئًا وأخَّر، وزاد ونقص)، انتهى، وفي «الميزان» لمَّا ذكر ترجمته؛ ذكر فيها حديثَ الإسراء هذا، وفيه: (ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى، فَكَانَ [2] مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)، قال الذَّهَبيُّ: هذا من غرائب «الصحيح»، انتهى.

    واعلم أنَّ عائشةَ قالت عنه عليه السَّلام: (إنَّ الذي دنا جبريلُ)، وعن ابن الجوزيِّ: بأنَّ هذا كان منامًا، وحُكم المنام غيرُ حُكمِ اليَقَظَة، وفيه نظرٌ؛ إذ رؤيا الأنبياء وحيٌ، وقد ذكر 2/ 9/ب عبدُ الحقِّ في «جمعه» شَريكًا بهذا الحديث، وسيأتي قريبًا جدًّا.

    (1/13262)

    وقال الحُمَيديُّ: قال لنا أبو مُحَمَّد بن حزم: ما وجدنا للبخاريِّ ومسلمٍ في كتابَيهما شيئًا لا يحتمل مخرجًا إلَّا حديثين، لكلِّ واحدٍ منهما حديثٌ تمَّ عليه في تخريجِه الوَهَم مع إتقانِهما، وحفظِهما، وصحَّةِ معرفتهما، فذكر من عند البُخاريِّ حديثَ شَريك عن أنس في (الإسراء)، وأنَّه قبل أن يُوحَى إليه، وفيه شقُّ الصدر، قال ابن حزم: والآفة فيه من شَريك، انتهى، وقال ابن إمامِ الجَوزيَّة: إنَّ فيه ثمانيةَ أوهامٍ، انتهى، وقال الحاكم: إنَّه وَهِمَ فيه في أربعة مواضعَ، ذكر إدريسَ في الثانية، والأحاديثُ تواترت أنَّه في الرابعة، وذكر هارونَ في الرابعة، والأحاديثُ تواترت أنَّه في الخامسة، وذكر إبراهيمَ في السادسة وموسى في السابعة، والأحاديثُ تواترت على العكس، وقال عياض: إنَّ في حديث شَريك ثلاثةَ أوهامٍ: شقُّ الصدر، وذكرُ النوم، ودنوُّ الرَّبِّ، انتهى، وقال عبدُ الحقِّ: وزاد فيه زيادةً مجهولةً، وأتى فيه بألفاظٍ غير معروفةٍ، وقد روى حديثَ الإسراء جماعةٌ من الحُفَّاظ المتقنين والأئمَّة المشهورين؛ كابن شهاب، وثابتٍ البُنانيِّ، وقتادة، فلم يأتِ أحدٌ منهم بما أتى به شَريك، وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث، قال: والأحاديثُ التي تَقَدَّمَت هي المعوَّل عليها، انتهى، وسأذكر من الأوهام ما يسَّرَه الله عزَّ وجلَّ.

    قوله: (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُسرِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (إِنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ): (إنَّه): بكسر الهمزة، ويجوز فتحها.

    قوله: (قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ): (يُوحَى): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقوله: (قبل أن يُوحَى إليه) غلطٌ لم يُوافَق عليه، فإنَّ الإسراءَ أقلُّ ما قيل فيه: إنَّه بعد المبعث بخمسةَ عشرَ شهرًا، وقد قَدَّمْتُ الاختلاف في ذلك في أوَّل (الصَّلاة)؛ فانظره.

    (1/13263)

    ولم يختلفوا أنَّ خديجةَ صلَّت معه عليه السَّلام بعد فرض الصَّلاة عليه، وقد قَدَّمْتُ وفاة خديجة متى كانت، ومنها: أنَّ العلماءَ مُجمِعون على أنَّ فرض الصَّلاة كان ليلة الإسراء، فكيف يكون قبل أن يُوحى إليه؟! قال ابن القَيِّمِ بعد أن ذكر هذا المكان من غلط شريك قال: وقيل: إنَّ هذا كان إسراءً في المنام قبل الوحي، وأمَّا إسراء اليَقَظة؛ فبعد النبوَّة، وقيل: بل الوحي ههنا مقيَّدٌ، وليس بالوحي المطلق الذي هو مبدأ النبوَّة، والمراد: قبل أن يُوحَى إليه في شأن الإسراء، فأُسرِيَ به، فجاءه من غير تَقَدُّمِ إعلامٍ، والله أعلم، انتهى، وعن الشيخ شهاب الدين أبي شامة: أنَّه أجراه على ظاهره، والتزم أنَّ الإسراء كان مرَّتين؛ قبل النبوَّة وبعدها، وهذا غريبٌ.

    قوله: (وَهْوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ): كذا هنا، وقد يُحتَجُّ بهذه الرواية وبالرواية الأخرى: (بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان) مَن يجعلُها رؤيا نومٍ، ولا حُجَّة فيه؛ إذ قد يكون ذلك حاله أوَّل وصول المَلَك إليه، وليس في الحديث ما يدلُّ على كونه نائمًا في القصَّة كلِّها، وقد قَدَّمْتُ الاختلاف في ذلك في أوَّل (الصَّلاة)، وقدَّمْتُ الرواياتِ الواردةَ في مجيء المَلَك أين كان النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وجَمعتُ بينها؛ فانظر ذلك.

    قوله: (حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى): قال شيخُنا: (بين الليلتين سبعٌ، أو ثمانٍ، أو تسعٌ، أو عشرٌ، أو ثلاثَ عشرةَ؛ أقوالٌ)، انتهى، يعني: سنين، ويحتمل أن يُريد: لياليَ، والله أعلم، وهذا على تصحيح رواية شَريك، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليها.

    قوله: (فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ): تَقَدَّمَ الكلام على شقِّ الصدر، وأنَّ هذا صحيحٌ، وعند ظِئرِه حليمةَ في «صحيح مسلم»، ذلك لا خلافَ فيه، وقد قَدَّمْتُ كم شُقَّ صدرُه مِن مرَّةٍ مُطَوَّلًا، وابنُ حزم وبعضُهم أنكرَ هذا الشقَّ ليلةَ الإسراء، والله أعلم.

    قوله: (إِلَى لَبَّتِهِ): تَقَدَّمَ ما (اللَّبَّة)، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الطَّسْت) بِلُغَاتِه، وعلى قوله: (مِنْ ذَهَبٍ)، وما استنبط منه بعض أهل العلم؛ تحلية المصحف بذهبٍ، وهو حسنٌ، واستحسنه السُّهَيليُّ، وتَقَدَّمَ الكلام على (التَّوْر)، وعلى قوله: (مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً)، وأنَّ (الإيمان) و (الحكمة) معنَيَان، والجواب عن ذلك.

    (1/13264)

    قوله: (فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ): (حَشَا): بفتح الحاء والشين، مَبْنيٌّ للفاعل، و (صدرَه): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، و (لَغَادِيدَهُ): معطوفٌ عليه، وفي نسخة بضَمِّ الحاء وكسر الشين، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (صدرُه): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (لغاديدُهُ): معطوفٌ عليه.

    قوله: (وَلَغَادِيدَهُ): هو بفتح اللام، وبالغين المُعْجَمَة، وبعد الألف دالان مهملتان؛ الأولى مكسورة، بينهما مُثَنَّاة تحت ساكنة، وقد فُسِّرت هنا بعروق حلقه، قال ابن قُرقُول: («لَغاديده»: هو ما تعلَّق من لحم اللَّحْيَين، واحدها: لَغْدٌ؛ بفتح اللام، ولُغْدُود، ويُقال أيضًا: لَغْنٌ، ويُجمَع على: لَغانِين، ويُقال: اللَّغدُ: أصل اللَّحْيِ، وقيل: لحمةٌ في باطن الأذنين من داخل)، انتهى.

    وفي «النهاية»: (جمع «لُغْدود»؛ وهي لحمةٌ عند اللَّهاة، ويُقال له: لُغْد، ويُجمَع: ألغادًا)، انتهى، وقال ابن دريد في «الجَمْهَرة»: (واللُّغْد واللُّغدود واحدٌ، فجمع لُغْد: ألغاد، وجمع لُغدود: لغاديد، وهو اللَّحم الذي فيه اللَّهوات في باطن الحلق)، وقال الجوهريُّ: (اللُّغْدود: واحد «اللَّغاديد»، وهي اللحمات التي بين الحنك وصفحة العنق، واللُّغْد مثله، وجمعه: ألغاد)، وفي «القاموس»: (اللُّغْد واللُّغدود بضمِّهما، واللِّغْديد: لحمة في الحلق؛ كالزوائد من اللحم في باطن الأذن، وما أطاف بأقصى الفم إلى الحلق من اللحم ج _يعني: الجمع_: ألغاد ولغاديد، أو اللُّغْد: منتهى شحمة الأذن من أسفلها)، انتهى.

    قوله: (ثُمَّ عَرَجَ بِهِ): هو بفتح العين والراء، وهو لازمٌ لا يُبنَى منه؛ أي: عَرَج به جبريلُ، وكذا ما بعدها.

    قوله: (فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَنْ هَذَا؟): تَقَدَّمَ أنَّ خازن السماء الدنيا اسمه إسماعيل، وعزوته إلى مكانه، وذكرت أنَّ إسماعيلَ معناه: مطيعُ الله.

    قوله: (وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ [3]؟): (بُعِثَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد قَدَّمْتُ الكلام عليه، وأنَّ الصحيحَ أنَّ معناه: بُعِث إليه للإسراء، وإلَّا؛ فلا يخفى على أهل السماء بعثتُه.

    قوله: (فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ): تَقَدَّمَ الكلام على هؤلاء الأنبياء الذين رآهم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من عند ابن بَطَّال، وما قاله السُّهَيليُّ في الحكمة في ذلك، في أوَّل (الصَّلاة)، وهو كلامٌ حسنٌ؛ فانظره.

    (1/13265)

    قوله: (فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ): كذا هنا، وتَقَدَّمَ في «الصحيح» _وهو في «مسلم» أيضًا بمعناه_: أنَّه رأى في السابعة أنَّه رُفِع له البيتُ المعمورُ، قال: «ورُفِعَت لي سدرةُ المنتهى، في أصلها أربعةُ أنهارٍ؛ نَهران باطنان، ونهران ظاهران ... »؛ الحديث، وهذا: رأى النهرين في السماء الدنيا، والله أعلم.

    قوله: (عُنْصُرُهُمَا): (العُنصُر)؛ بضَمِّ العين والصاد المُهْمَلَتين، وتُفتَح الصاد أيضًا: الأصلُ.

    قوله: (مِسْكٌ أَذْفَرُ): هو بالذال المُعْجَمَة، و (الذَّفر): كلُّ ريحٍ ذكيَّة من طيبٍ أو نَتنٍ، يُقال: مسكٌ أذفر بيِّن الذَّفَرِ.

    قوله: (خَبَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ): الأكثر: (فَوَعَيْتُ)؛ أي: حفظت، قال في «المطالع»: (الوَعْيُ: الحفظ للشيء، ووَعَيت العلم وأوعيته: حفظته، وجمعته)، وقال في «الأفعال»: (وَعَيت العلمَ: حفظته، ووَعَتِ الأذنُ: سَمِعَتْ، وأوعى المالَ: جمعه في الوعاء)، انتهى، وكما في «الأفعال» _و ليس مرادُه «أفعال» ابن القطَّاع، ولا ابن القوطيَّة، وسأذكر كلامَ ابن القطَّاع [4]_ في «صحاح الجوهريِّ»، والذي في «أفعال ابن القطَّاع»: (وأَوعَيت العلم؛ مثل: وَعَيته)؛ فهو موافقٌ لِما في «المطالع»، لا لِما في «الأفعال» التي أشار إليها، والله أعلم.

    2/ 10/أ قوله: (مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ): تَقَدَّمَ كلام الحاكم في ظاهرها في ذلك.

    قوله: (وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ): تَقَدَّمَ كلام الحاكم في ظاهرها في ذلك.

    (1/13266)

    قوله: (وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ): تَقَدَّمَ كلام الحاكم في ظاهرها في ذلك، وتَقَدَّمَ الكلام على (موسى) و (إبراهيم) كونهما في هذا المقام، وذكرتُ فيه كلام النَّوويِّ: أنَّه إن كان الإسراءُ مرَّتين؛ فلا إشكالَ، فيكون في كلِّ مرَّة وجده في سماءٍ، وإحداهما موضعُ استقراره ووطنه، والأخرى كان فيها غير مستوطِن، فإن كان الإسراءُ مرَّة واحدة؛ فلعلَّه وجده في السادسة، ثُمَّ ارتقى إبراهيم أيضًا إلى السابعة)، وقال شيخُنا في «شرح هذا الكتاب» في (باب ذكر الملائكة)، فذكر فيه ما ذكرته لك عن الحاكم في المواضع الأربعة، ثُمَّ قال شيخُنا: قلت: ويجوز أن يُحمَل على تعدُّد الإسراء، انتهى، وكان يختلج في صدري أنَّه غلطٌ، وما كنتُ أطيقُ أُفصِح به حتَّى رأيتُ كلامَ الحاكم، والله أعلم، لكن إن كان الإسراءُ مرَّتين أو أكثرَ؛ فعدم التَّوهيم أولى، وإن كان مرَّةً _كما قال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: إنَّه أصحُّ الأقوال_؛ فالوَهَمُ لا شكَّ فيه، وهو كما قاله الحاكم، والله أعلم.

    قوله: (وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ): تَقَدَّمَ في ظاهرها كلام الحاكم في ذلك.

    قوله: (وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى ... ) إلى آخره: تَقَدَّمَ كلام الذَّهَبيِّ في ذلك قريبًا؛ فانظره.

    قوله: (احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الْخَمْسِ): تَقَدَّمَ لِمَ اعتنى موسى بهذه الأمَّة في أوَّل (كتاب الصَّلاة) حتَّى صارت إلى خمسٍ؛ فانظره.

    قوله: (ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ): (ضعفاءُ): مَرْفُوعٌ من غير تنوينٍ، و (أجسادُهم): مَرْفُوعٌ، وهذا ظاهِرٌ.

    (1/13267)

    قوله: (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ): هذا الكلام بعد الخَمس، وبعد قول الله تعالى: (إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ... ) إلى أن قال: (وَهْيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ): يقول موسى هذا الكلام؟! هذا فيه نظرٌ، وما أظنُّه إلَّا من أوهام شَريك، وهذا ظاهِرٌ لا خفاءَ به، وغالبُ ظنِّي: أنَّي رأيته معدودًا في كلامِ بعضهم من أوهامه، والله أعلم، ثُمَّ إنَّي رأيتُ شيخَنا ذكر هنا: (ارجع إلى ربِّك فليُخفِّف عنك أيضًا)، كذا وقع هنا بعد أن قال: (لا يُبَدَّل القولُ لديَّ) قال الداوديُّ: (لا يثبت؛ لأنَّ الرواياتِ تواطأت على خلافه، وما كان موسى ليأمره بالرجوع بعد أن قال الله لنبيِّه: (لا يُبدَّل القولُ لديَّ)، ولم يرجع [بعد] الخَمس، انتهى، ويحتمل أنَّ موسى لم يعلم بقوله تعالى: (لا يُبَدَّل القول لديَّ)، فقال مقالته، والله أعلم، وقد تَقَدَّمَ في (الصَّلاة) الحديثُ من غير رواية شريك، وذكرت هناك أنَّه جاء في روايةٍ: أنَّه قاله بعد علمه بقول الله تعالى: (لا يُبدَّل القولُ لديَّ)، ولا شكَّ أنَّه وَهَمٌ إن كان قد علم بمقالةِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

    ==========

    [1] (بن أبي نمر): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

    [2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حتَّى كان).

    [3] (إليه): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهو ثابت في رواية الجملة اللاحقة.

    [4] زيد في (أ) مستدركًا: (ولكنَّه)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

    [ج 2 ص 892]

    (1/13268)

    [باب كلام الرب مع أهل الجنة]

    (1/13269)

    [حديث: إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة.]

    7518# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (مَالِكٌ): هو ابن أنسٍ، الإمامُ المجتهدُ، وهذا ظاهِرٌ، إلَّا أنَّه قد يجيء شخصٌ يظنُّه غيرَه؛ وذلك لأنَّ غالبَ روايات البُخاريِّ أن يكون بينه وبين مالكٍ واحدٌ، وهذا بينه وبينه اثنان، فلا تستَعجب؛ فقد ذكرت مكانًا في (غزوة خيبر) بينه وبين مالك فيه ثلاثةُ أشخاص، وكلُّ هذا يدلُّ على رفعةِ مالكٍ عند البُخاريِّ والأئمَّة، وهذا الشَّافِعيُّ تلميذُ مالكٍ، وقرأ عليه «المُوَطَّأ»، ويحدِّثُ عنه كثيرًا، وقد روى في «الأمِّ» عنه، وعن واحدٍ عنه، وعن اثنين عنه، وعن ثلاثة عنه، وهذا الأخير أفادَ ما هو شيخُنا البُلْقينيُّ، فقال: (إنَّه روى في «الأمِّ» في مكان واحدٍ بينه وبين مالك فيه ثلاثةٌ)، و (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.

    قوله: (لَبَّيْكَ [1] وَسَعْدَيْكَ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما في (الحجِّ).

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (رَبَّنَا).

    [ج 2 ص 892]

    (1/13270)

    [حديث: أن رجلًا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال: أو لست ... ]

    7519# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللام، وأنَّه ابن سليمان العدويُّ مولاهم، و (هِلَالٌ): هو هلال بن عليٍّ، وهو هلال بن أبي ميمونة، وهو هلال ابن أسامة، منسوبٌ إلى جدِّه، تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

    قوله: (فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ): معنى (تبادر): تسابق رَجْعَ العين، أو حركةَ حِسِّها، و (الطَّرْفَ): العين، وهو مَنْصُوبٌ مفعولٌ، و (نباتُه): مَرْفُوعٌ فاعل، وما بعده مَرْفُوعٌ معطوفٌ عليه، وهذا ظاهِرٌ.

    قوله: (لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ): (يُشْبِعُك): بضَمِّ أوَّله؛ لأنَّه رُباعيٌّ، و (شيءٌ): مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ فاعلُ (أشبع)، والضمير هو مفعولٌ، وهذا ظاهِرٌ أيضًا.

    قوله: (لَا تَجِدُ هَذَا إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا ... ) إلى آخره: وهو كذلك، إمَّا قرشيٌّ، وإمَّا أنصاريٌّ، والدليل على ذلك: إقرارُه عليه السَّلام على ذلك، ولم يُنكِر عليه، وضَحِكُه أيضًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ويحتمل أنَّ سكوتَه عليه السَّلام على كلامه أنَّه لم يعلم به، والله أعلم.

    (1/13271)

    [باب ذكر الله بالأمر وذكر العباد بالدعاء والتضرع ... ]

    قوله: (هَمٌّ وَضِيقٌ): هو بكسر الضاد، وإسكان الياء، ويجوز فتح الضاد مع إسكان الياء، هذا المصدر، و (الضَّيْق) أيضًا تخفيف (الضَّيِّق).

    قوله: ({اقْضُوا إِلَيَّ} [يونس: 71]): في التلاوة وكذا تفسير مجاهد: هو بهمزة وصلٍ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.

    قوله: (يُقَالُ: افْرُقِ): هو بهمزة وصلٍ، فإن ابتدأتَ بها؛ ضممتها.

    (1/13272)

    [باب قول الله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادًا}]

    قوله فِي (بَاب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22]): (وَقَوْلِهِ: فَلَا تَجْعَلُوا لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العِرَاقيِّ، والتلاوة: {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [فصلت: 9]، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ على التلاوة المشهورة المتواترة [1]، فيحتمل أنَّ ما في أصلنا غلطٌ، ويحتمل أن يكون قراءةً شاذَّةً، والله أعلم.

    قوله: (وَمَا ذُكِرَ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ): (ذُكِر): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: ({وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف: 12]): كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: ({حَافِظُونَ} [الحجر: 9]) [2]، وعليها (صح)، والتلاوة هي الأولى، ولعلَّ هذه قراءةٌ شاذَّةٌ، والله أعلم.

    ==========

    [1] وكذا في «اليونينيَّة».

    [2] وكذا في «اليونينيَّة»، والأولى رواية أبي الوقت وأبي ذرٍّ.

    [ج 2 ص 892]

    (1/13273)

    [حديث: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك .. ]

    7520# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

    قوله: (نِدًّا): تَقَدَّمَ ما (النِّدُّ)، وهو بكسر النون، وتشديد الدال: المِثْلُ والنَّظير، وقد فسَّره البُخاريُّ في مكان بـ (الضِّدِّ)، وهو قريبٌ، واعلم أنَّه لمَّا كان الشِّرْكُ أعظمَ الذنوب؛ بدأَ به؛ لأنَّه جحدٌ للتوحيد، ثُمَّ ثنَّاه بالقتل؛ لأنَّه محوٌ للتوحيد، ولم يكتَفِ بكونه قتلًا حتَّى جمع بين وصفِ الولادة وظلمِ مَن لا يعقل، وعلَّته البُخل؛ فلذلك خصَّه بالذِّكْر من بين أنواع القتل.

    قوله: (ثُمَّ أَيُّ؟) في الموضعين: تَقَدَّمَ الكلام على مَن قال: إنَّها مُنَوَّنةٌ، ومَن قال: إنَّها مرفوعةٌ من غير تنوين، في (الصَّلاة).

    قوله: (أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل، وهذا ظاهِرٌ، وكذا تَقَدَّمَ الكلام على (الحَلِيْلَة)؛ بالحاء المُهْمَلَة.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13274)

    [باب قول الله تعالى {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ... }]

    (1/13275)

    [حديث: اجتمع عند البيت ثقفيان وقرشي ... ]

    7521# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّمَ الكلام على نسبته هذه لماذا، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا، ابن عُيَيْنَة، و (أَبُو مَعْمَر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (عبد الله بن سَخْبَرة، اتَّفقا عليه، مات في ولاية عبيد الله 2/ 10/ب ابن زياد بالكوفة، لأبيه سَخْبَرَة صحبةٌ وروايةٌ، روى له التِّرْمِذيُّ)، انتهى، وقد قَدَّمْتُ تعقُّبًا في كلام الدِّمْيَاطيِّ، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل.

    قوله: (اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ، أو قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (سورة فُصِّلت) في (التفسير).

    قوله: (كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في (فُصِّلت)، و (كثيرةٌ) و (قليلةٌ): بالرفع مع التنوين على الصِّفَة، وقد تَقَدَّمَ ما ذكره شيخُنا في إعرابه في (فُصِّلت)، وفيه تأنيث (الشحم) و (الفقه)؛ لإضافتهما إلى مؤنَّثٍ، أو ليُؤَوَّل (الشحم) بـ (الشحوم)، و (الفقه) بـ (الفهوم).

    قوله: (أَتُرَوْنَ): هو بضَمِّ التاء؛ أي: أتظنُّون.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13276)

    [باب قول الله تعالى: {كل يوم هو في شأن}]

    قوله: (بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرَّحْمَن: 29]): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: يحتمل أنَّ البُخاريَّ اختار وصفَ الكلام بأنَّه مُحْدَثٌ، لا مخلوقٌ كما زعم بعضُ أهل الظاهر؛ تمسُّكًا بقوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَن مُحْدَثٍ} [الشعراء: 5]، فإن أراد هذا؛ فقد بيَّن أنَّ الإحداثَ ههنا ليس الخَلْقَ والاختراعَ؛ لأنه لو كان مخلوقًا؛ لكان مثلَ كلام المخلوقين، وكما أنَّ الله تعالى ليس كمثله شيءٌ؛ فكذلك ليس كمثل صفاته صفاتٌ، ويحتمل أن يريدَ البُخاريُّ حملَ لفظ «المُحدَث» على معنى الحديث، ففي قوله: {مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]؛ أي: مُحَدَّثٍ به، والظاهر أنَّه أراد الأوَّلَ، وتخلَّص بِكُنْهِ [1] الإحداث إلى إنزال علمه على الرسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والخلق؛ لأنَّ علومَهم مُحْدَثَةٌ، انتهى، وسيأتي ما قاله شيخُنا فيه قريبًا.

    واعلم أنَّ في المسألة أقوالًا ذكرها شيخُنا قال: قول أهل الحقِّ: إنَّ القرآنَ غيرُ مخلوقٍ، وإنَّه كلامُه، وإنَّما يعنون بذلك الكلامَ القائمَ بذاته سبحانه، الذي هو شيءٌ واحدٌ لا يتجزَّأ، ولا يتقسَّم، ولا يشبه شيئًا من كلام المخلوقين؛ لأنَّ المتكلِّم به لا يشبه المتكلِّمين، وإنَّما يُوصَف بأنَّه «كلماتٌ»؛ كما قال تعالى: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 27]، على سبيل التعليم، وإنَّما هو كلامٌ واحدٌ، والعبارة عنه، واستثقل بعض الحُفَّاظ أن يُقال: عبارة عنه؛ أنَّه مفهومٌ في نفسه، والعبارة عندهم إنَّما تكون عبارةً عمَّا هو غير مفهومٍ، وقالت الخوارج والمرجئة والجَهمِيَّة والنَّجَّاريَّة: إنَّه مخلوقٌ، وقال الثلجيُّ ومَن قال بقوله: القرآن مُحْدَثٌ غير مخلوق ... إلى أن قال: وقال قومٌ: الواجب الوقفُ، ولا نقول: إنَّه مخلوق، ولا: غير مخلوق، والله أعلم.

    قوله: (وَأَنَّ حَدَثَهُ): هو بفتح الهمزة مشدَّد النون في أصلنا.

    (1/13277)

    قوله: (لَا يُشْبِهُ حَدَثَ الْمَخْلُوقِينَ): قال شيخُنا: (وغرض البُخاريِّ بهذا الباب: الفرقُ بين وصف كلام الله تعالى بأنَّه مخلوقُ وبين وصفِه بأنَّه مُحْدَثٌ، فأحال وصفَه بالخلق، وأجازَ وصفَه بالحَدَث؛ اعتمادًا على قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2])، قال: (وهذا القول لبعض المعتزلة ولبعض أهل الظاهر، وهو خطأٌ من القول؛ لأنَّ الذِّكْرَ الموصوفَ في الآية بالإحداث ليس هو نفسَ كلامه تعالى؛ لقيام الدليل على أنَّ «مُحْدَثًا» و «مخلوقًا» و «مُنْشَأً» ألفاظٌ مترادفةٌ على معنًى واحدٍ، وإذا لم يجُزْ وصفُ كلامِه تعالى القائمِ بذاته بأنَّه مخلوقٌ؛ لم يجُزْ وصفُه بأنَّه مُحْدَث، وإذا كان ذلك كذلك؛ كان الذِّكْرُ الموصوفُ في الآية بأنَّه مُحْدَثٌ راجعًا بأنَّه الرسولُ عليه السَّلام؛ لأنَّه قد سمَّاه الله تعالى: {ذِكْرًا} في آيةٍ أخرى، فقال تعالى: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا} [الطلاق: 10 - 11] فسمَّاه: {ذِكْرًا} في هذه الآية، فيكون المعنى: ما يأتيهم رسولٌ، ويحتمل أنَّ «الذِّكْرَ» هنا هو وَعْظُ الرسول عليه السَّلام وتحذيرُه إيَّاهم من المعاصي، فسمَّى وعظَه: {ذِكْرًا}، وأضافه إليه تعالى؛ إذ هو فاعلٌ له، ومقدِّرُ رسولِه على اكتسابه، وقال بعض المتكلِّمين في هذه الآية: إنَّ مرجعَ الإحداث إلى الإتيان، لا إلى الذِّكْرِ القديم؛ لأنَّ نزولَ القرآن على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان شيئًا بعد شيءٍ، فكان يحدُث نزولُه حينًا بعد حين، ألا ترى أنَّ العالمَ يعلم ما لا يعلمه الجاهل؟ فإذا علمه الجاهلُ؛ حدث عنه الحكم، ولم يكن إحداثُه عند المتعلِّم إحداثَ عين العلم، وقد ظهر بما قرَّرْنَاه الردُّ على مَن ادَّعى خلقَ القرآن؛ حيث قالوا: المُحْدَث: هو المخلوق، وقد قرَّرْنَا أنَّ الذِّكْرَ منصَرِفٌ إلى الرسول، وينصرف أيضًا إلى العلم ... )، إلى آخر كلامه.

    (1/13278)

    وقد رأيتُ بخطِّ القاضي العلَّامة جلالِ الدين بن البُلْقينيِّ حاشيةً على هذا المكان، لفظها: (فائدةٌ: زعم بعضُهم أنَّ البُخاريَّ قصد بهذا موافقةَ داودَ الظاهريِّ في إجازة وصفِ الكلامِ القديمِ بأنَّه مُحْدَثٌ، لا مخلوقٌ، وبيَّن أنَّه ليس المراد بالإحداث ضدَّ القديم، بل إنزال علمه على النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والخلقِ؛ لأنَّ علومَهم مُحْدَثةٌ، ويحتمل أن يريدَ البُخاريُّ حملَ لفظ «المُحْدَث» على معنى الحديث، فمعنى قوله: {مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2]؛ أي: متحَدَّث به [2]، انتهت، وقد كتب بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين ما لفظه: (داودُ أصغرُ من البُخاريِّ بكثيرٍ، ولعلَّ البُخاريَّ صنَّف قبل أن يتأهَّل داودُ للتصنيف، وقبل أن يجعل له مذهبًا مُفرَدًا)، انتهى.

    ==========

    [1] كذا في (أ) وفوقها: (كذا)، ولعلَّها صحيحة لها وجه، وفي مصدره: (بنسبة).

    [2] في (أ): (له)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [ج 2 ص 892]

    (1/13279)

    [حديث: كيف تسألون أهل الكتاب وعندكم كتاب الله أقرب الكتب ... ]

    7522# قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، أحد الأعلام.

    قوله: (مَحْضًا): أي: خالصًا، تَقَدَّمَ.

    قوله: (لَمْ يُشَبْ): أي: لم يُخلَط، تَقَدَّمَ، و (يُشَب): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13280)

    [حديث: يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب ... ]

    7523# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.

    قوله: (أَحْدَثُ الأَخْبَارِ): أي: أقربها إنزالًا، وقد تَقَدَّمَ، وكذا تَقَدَّمَ (مَحْضًا) أعلاه وقبله، وكذا (لم يُشَبْ) أعلاه وقبله.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13281)

    [باب قول الله تعالى: {لا تحرك به لسانك}]

    قوله: (وَفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (فعلِ): مجرورٌ معطوفٌ على (قولِ)، وهو مجرورٌ بالإضافة.

    قوله: (حَيْثُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ): (يُنزَل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الوحيُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13282)

    [حديث: كان النبي يعالج من التنزيل شدة وكان يحرك شفتيه ... ]

    7524# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

    (1/13283)

    [باب قول الله تعالى: {وأسروا قولكم أو اجهروا به ... }]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [1]: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: 13]): ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (ظنَّ الشارحُ أنَّ البُخاريَّ قَصَرَ الترجمةَ على صفة العلمِ، وليس كذلك، ولو كان كما ظنَّه؛ تقاطعت المقاصدُ ممَّا اشتملت عليه الترجمة، وأيُّ مناسبةٍ بين العلم وبين قوله: «مَن لم يتغنَّ بالقرآن؛ فليس مِنَّا»؟! وإنَّما قصد البُخاريُّ _والله أعلم_ الإشارةَ إلى النكتة التي كانت سبب محنته حيث قيل عنه: إنَّه قال: «تلفُّظِي بالقرآن مخلوقٌ»، فأشار بالترجمة إلى أنَّ تلاواتِ الخلقِ تتَّصف بالسِّرِّ والجهرِ، وذلك يستدعي كونَها مخلوقةً، وفي قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: 13]، ثُمَّ قوله: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك: 14]، تنبيهٌ على أنَّ قولَهم مخلوقٌ، فقوله: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110]؛ يعني: بقراءتك، دلَّ على أنَّها فعلُه، وقوله: (مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ)، فأضاف التَّغَنِّيَ إليه؛ دلَّ أنَّ القراءةَ فعلُ القارئ، ويُسَمَّى تغنِّيًا، فهذا كلُّه يحقِّقُ ما وقع له من ذلك _وهو الحقُّ اعتقادًا لا إطلاقًا_؛ خوفَ الإيهام، وحذرًا من الابتداع بمخالفة السَّلَف في الإطلاق، وهو الذي أنكرَ عليه مُحَمَّدُ بن يحيى الذُّهليُّ حيث قال: «مَن قال: القرآن مخلوقٌ؛ فهو كفرٌ، ومَن قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ؛ فقد ابتدع»، ونُقِل عن البُخاريِّ أنَّه سُئِل: هل قال هذه 2/ 11/أ المقالةَ؟ فقال: إنَّما سُئِلت: ما تقول في لفظك بالقرآن؟ فقلت: أفعالُ العبادِ كلُّها مخلوقةٌ، والله تعالى أعلم، ذكره الخطيب في «تاريخه».

    قوله: (يَتَسَارُّونَ): هو بتشديد الراء؛ أي: يتسارَرُون.

    (1/13284)

    [حديث ابن عباس في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}]

    7525# قوله: (عَنْ هُشَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، و (أَبُو بِشْرٍ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وأنَّ اسمَه جعفرُ بنُ أبي وَحْشيَّةَ إيَاسٍ.

    قوله: ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110]؛ أَيْ: بِقِرَاءَتِكَ): تَقَدَّمَ حديثُ ابن عَبَّاس هذا: أنَّها أُنْزِلت في القراءة في الصَّلاة، وقد عقَّبه البُخاريُّ في (سورة سبحان) وهنا بحديثِ عائشةَ: أنَّها أنزلت في الدعاء.

    قوله: (فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ): (يسمعَ): مَنْصُوبٌ، وهو في أصلنا مَرْفُوعٌ.

    قوله: (فَلَا تُسْمِعُهُمْ): هو مَرْفُوعٌ، و (لا): للنفي.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13285)

    [حديث: نزلت هذه الآية: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} في الدعاء]

    7526# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13286)

    [حديث: ليس منا من لم يتغن بالقرآن]

    7527# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): (إسحاق) هنا وفي (مُقام النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بمكَّة): نسبه الحاكمُ: إسحاق ابن نصر، وذكر أبو نصر في كتابه: أنَّ البُخاريَّ يروي عن إسحاقَ غير منسوب عن أبي عاصم النَّبيل، ولم يزِدْ على هذا، وقد حدَّث مسلمُ بن الحَجَّاج عن إسحاق بن منصور عن أبي عاصم النَّبيل في مواضعَ من كتابه، وهو به أشبهُ، وقد تَقَدَّمَ، والمِزِّيُّ لم ينسبه، و (أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّمَ أعلاه أنَّه النَّبيل، وهو الضَّحَّاك بن مَخْلد، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيجٍ، و (ابْنُ شِهَابٍ): مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه ما معناه في (باب مَن لم يتغنَّ بالقرآن)، وذكرتُ هناك أوَّلَ مَن قرأ بالألحان.

    قوله: (وَزَادَ غَيْرُهُ: يَجْهَرُ بِهِ): قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: (الغير المذكور: هو سفيان بن عُيَيْنَة، رواه المصنِّفُ من طريقه أيضًا، وكذا رواه بعدُ من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة)، انتهى.

    (1/13287)

    [باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: رجل أتاه الله القرآن ... ]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرْآنَ»): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: (قد قارب _يعني: البُخاري_ الإفصاحَ في هذه الترجمة عمَّا رمز إليه في التي قبلها)، انتهى.

    قوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ [1] النَّهَارِ): (آناء الليل): ساعاته، قال الأخفش: (واحدها: إِنًى؛ مثال: مِعًى، قال: وقال بعضهم: واحدها: إِنْيٌ وإِنْوٌ، يُقال: مضى إِنْيَانِ من الليل، وإِنْوان)، وقال أبو عبيدة: (واحدها: إِنْيٌ؛ مثال: نِحْيٍ، والجمع: الآناء).

    ==========

    [1] (آناء): ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ.

    [ج 2 ص 892]

    (1/13288)

    [حديث: لا تحاسد إلا في اثنتين]

    7528# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، و (الأَعْمَش): سليمان بن مِهْرَان الكاهليُّ، و (أَبُو صَالِح): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

    قوله: (لَا تَحَاسُدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ): تَقَدَّمَ الكلام [عليه]، وأنَّه المراد به: الغبطة، أو الحسد الحقيقيُّ، في (كتاب العلم).

    قوله: (رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرْآنَ): تَقَدَّمَ الكلام على إعراب (رجل)، وأنَّ شيخَنا جوَّز فيه ثلاثةَ أوجهٍ.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13289)

    [حديث: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن]

    7529# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّمَ أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن عُيَيْنَة، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم.

    قوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الآناء) وواحدها أعلاه وبعيدًا.

    قوله: (سَمِعْتُ سُفْيَانَ مِرَارًا ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو عليُّ بن عبد الله ابن المَدينيِّ.

    قوله: (لَمْ أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ الْخَبَرَ، وَهْوَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ): كذا في أصلَينا القاهريِّ والدِّمَشْقيِّ، والذي ظهر لي من هذا: أنَّ عليَّ بن عبد الله _هو ابن المَدينيِّ_ لم يسمع هذا الخبرَ من سفيان، هذا ظاهِرُ هذه العبارة، وهي مشكِلَة جدًّا، وشيخُنا لم يتعرَّض لمعنى هذا الكلام، ولكن ذكر عقيب هذا الكلام بقيَّةً هي من كلام البُخاريِّ، ولفظها: (رواه الحُميديُّ: حدَّثَنا سفيان: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عن سالم ... ؛ فذكر نحوه، انتهت، فتبيَّن لي من هذا أنَّ البُخاريَّ روى الحديثَ مذاكرةً عن الحميديِّ الذي يُسَمِّيه بعضُهم تعليقًا، فأفادتنا هذه الزيادةُ أنَّ الحديثَ نفسَه عنده مسندٌ، أخذه عن الحميديِّ في حال المذاكرة، ولكنَّ ذاك باقٍ على إشكاله، والمِزِّيُّ لم يذكر حديثَ الحُمَيديِّ بالكُلِّيَّة، والذي ظهر أنَّ ابنَ المَدينيِّ روى هذا الحديثَ عن سفيان بطريق الإجازة أو المناولة، وجوَّز فيهما «حدَّثنا»، وهو مذهبٌ ذهب إليه الزُّهْرِيُّ في المناولة ومالكُ بن أنس، وهو لائقٌ بمذهب من يرى عرض المناولة المقرونة بالإجازة سماعًا، وحُكِيَ عن قومٍ آخرين إطلاقُ «حَدَّثَنَا» و «أخبرنا» في الرواية بالإجازة مطلقًا.

    (1/13290)

    قال القاضي عياض: وحُكِيَ ذلك عن ابن جُريج وجماعةٍ من المتقدِّمين، وحكى الوليدُ بن بكر أنَّه مذهب مالكٍ وأهلِ المدينة، وذهب إلى جوازه إمامُ الحرمين من الشَّافِعيَّة، وخالفه غيرُه من أهل الأصول، وأطلق أبو نُعَيم الأصبهانيُّ وأبو عبد الله المَرْزُبَانيُّ في الإجازة «أخبرنا» من غير بيانٍ، وحكى الخطيبُ أنَّ المَرْزُبانيَّ عِيب بذلك، لكن رأيتُ عن المِزِّيِّ جمالِ الدين أنَّه قال: إنَّما يقول ذلك أبو نُعَيم في شيخٍ قد عُرِف أنَّه لم يلقَه، وقد جازف بعضُهم فأطلق في الوجادة «حَدَّثَنَا» و «أخبرنا»، وانتُقِد ذلك على فاعله، قال القاضي عياض: لا أعلم من يُقتَدى به أجاز النقلَ فيها بـ «حَدَّثَنَا» و «أخبرنا»، ولا مَن يعدُّه مَعَدَّ المسند، انتهى، وهذا لا يليقُ بابن المَدينيِّ؛ لأنَّه ممَّن يُقتَدَى به في هذا الشأن، وقد روى الحديثَ نفسَه مسلمٌ عن أبي بكر ابن أبي شيبة وعمرٍو الناقدِ وزهير بن حرب؛ كلُّهم عن ابن عُيَيْنَة، قال زهيرٌ: حَدَّثَنَا سفيان بن عُيَيْنَة: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عن سالم، عن أبيه، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ... ؛ فذكره، فهؤلاء ثلاثةٌ روَوه عن سفيان، والله أعلم.

    (1/13291)

    [باب قول الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ... }]

    قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّمَ أعلاه وقبله مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

    قوله: (وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ): هذا هو كعب بن مالك الأنصاريُّ السُّلَميُّ، أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا، شهد العقبة، ولم يشهد بدرًا، كما ذكر هو في «الصحيح»، له أحاديثُ، وكان من شعراء النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، تَقَدَّمَ رضي الله عنه.

    قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وقد كتب بعضُ الحُفَّاظ المُتَأخِّرين تجاهه: (معمر هذا ليس هو ابنَ راشد، بل هو ابن المثنَّى، أبو عبيدة اللُّغويُّ)، انتهى، وما قاله صحيحٌ، وهو مشهور الترجمة، وأظنُّني ترجمْتُه فيما مضى.

    قوله: ({ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2]: هَذَا الْقُرْآنُ): يعني: أنَّ الضميرَ لغائبٍ، والمرادُ الحاضرُ.

    قوله: ({هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]: بَيَانٌ وَدلَالَةٌ): تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أنَّ (دلالة) بفتح الدال وكسرها، ويُقال من حيث اللغةُ: دُلولة.

    قوله: (كَقَوْلِهِ [1]: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة: 10]) أي: هذا حكم الله؛ يعني: أنَّ الضمير لغائبٍ، والمرادُ الحاضرُ.

    (1/13292)

    قوله: (وَمِثْلُهُ: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]؛ يَعْنِي: بِكُمْ)؛ يعني: وإن كان الضمير لغائبٍ، فإنَّ المرادَ الحاضرُ المخاطبُ، وقوله: (وَمِثْلُهُ): هو بكسر الميم، وإسكان الثاء المُثَلَّثَة، وكذا هو في أصلنا بالإسكان، وفي نسخةٍ صحيحةٍ مقروءَةٍ مقابلةٍ على عِدَّة نسخ كذلك بكسر الميم وإسكان الثاء، وكانت قبل ذلك بضَمِّ الميم والثاء؛ فأُصْلِحَت على ما ضبطته أوَّلًا، وهذا ظاهِرٌ؛ أعني: أنَّ {ذلك} بمعنى: (هذا)، كما قاله مَعْمَرٌ؛ ولقوله تعالى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ} [الممتحنة: 10]؛ أي: هذا ومِثْلُه يعني: أنَّها قد جاءت الغيبةُ بمعنى الحضور، وأُقِيم الغائبُ مكانَ الحاضر، وقال لي بعض فضلاء الحلبيِّين: (ومُثُلُه)؛ يعني: بضَمِّ الميم والثاء، وهذا له معنًى، ولكنَّ الظاهرَ المتَيَقَّنَ ما ضبطته به أوَّلًا، وكما هو في أصلنا، وفي الأصلِ الذي ذكرتُه المقابَل المصحَّح، وقد ذاكرتُ بذلك رجلين فاضلين ذكيِّين، فقالا: (إنَّ الضبط الذي ذكرته هو الظاهر، بل المتيَقَّن)، وتوقَّفا في الذي ذكره لي بعض الفضلاء، ثُمَّ لتعلم أنَّ ({آيَاتُ} [لقمان: 2]): (أَعْلاَمُ)، فقوله: (ومُثُلُه) هو تفسيرٌ لماذا؟! ثُمَّ أيضًا ما جرت غالبُ عادة البُخاريِّ صاحبِ الكتاب إلَّا أنَّه يُفَسِّر كلمةً بكلمةٍ غالبًا، والكلمةُ المفسَّرةُ كلمةٌ، ويبقى التفسيرُ كلمتين، وما أُراه يصحُّ ما قاله قطعًا، وقد قدَّم البُخاريُّ هذا الكلامَ بعينه في (سورة يونس)، وقد ذكرت هناك شيئًا وقع لشيخِنا الشارحِ فيه؛ فانظره.

    و (الأعلام): جمع (علَم)، و (العَلَم): العلامة، قاله الجوهريُّ.

    2/ 11/ب قوله: ({وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22]؛ المَعْنَى [2]: بِكُمْ): قال شيخنا في (سورة يونس): (قلتُ: ويجوز أن يكون عَودًا بعد الخطاب إلى الإخبار)، انتهى.

    (1/13293)

    قوله: (بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَهُ حَرَامًا): هو بالحاء المُهْمَلَة، والراء، وهو ابن مِلحان، وهو أخو أمِّ سُلَيم وأمِّ حرام ابنتَي مِلحان، وقد تَقَدَّمَ، وقوله: (بعث خاله)، وفي نسخة: (بعث خالي)، فرواية: (خالي) ظاهرةٌ، وأمَّا رواية: (خاله)؛ فيحتمل أن يعود الضمير على أنس، وهذا الصحيح، ويحتمل عودُه إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ وذلك لأنَّهم ذكروا أنَّ أمَّ حرام خالةُ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد قدَّمتُه مُطَوَّلًا، وكلامَ الدِّمْيَاطيِّ، وإنكارَهُ ذلك، وأنَّه إنَّما كان يدخل عليها بالعصمة، وقوله: (بَعَثَ ... خَالَهُ حرامًا [3]): يوهم أنَّه الأميرُ، وقد تَقَدَّمَ في (غزوة الرجيع) أنَّ الأميرَ المنذرُ بن عمرو، وقد قَدَّمْتُ متى كان الإرسالُ، وكم عدد المرسَلِ، ومَن أميرهم؛ فانظر ذلك.

    وقوله: (إِلَى قَوْمٍ [4]): تَقَدَّمَ في (الرجيع) مَن القوم، ولكنَّ هذا البَعثَ بَعثُ بئر معونة.

    قوله: (أُبَلِّغْ): يجوز في (أبلِّغ) الجزم، ويجوز الرفع [5]، وهما ظاهران.

    ==========

    [1] زيد في «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (تعالى).

    [2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (يَعْنِي)؛ كالمثبت في الموضع السابق.

    [3] في (أ): (ما)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    [4] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (قومه).

    [5] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق) بالحمرة.

    [ج 2 ص 892]

    (1/13294)

    [حديث: أنه من قتل منا صار إلى الجنة]

    7530# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ): هو بفتح الراء، و (الرَّقَّة): بقرب جَعْبَر؛ بلد معروف خرِب، و (الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وعليها (صح)، قال الدِّمْيَاطيُّ: (قيل: المعتمر بن سُلَيمان وَهَمٌ، وصوابُه: المعمَّر بن سليمان الرَّقِّيُّ؛ لأنَّ عبدَ الله بن جعفر لا يروي عن المعتمر بن سليمان)، انتهى، وقال أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ لمَّا ذكر هذا المكان؛ قال: في هذا الإسناد موضعان: أحدهما: قوله: (حَدَّثَنَا سعيد بن عبيد الله الثقفيُّ)، وفي نسخة أبي الحسن: (سعيد بن عبد الله)، وكذلك كان في نسخة أبي مُحَمَّد: (عبد الله)، إلَّا أنَّه أصلحه: (عُبيد الله)؛ فزاد ياءَ التصغير، وكتب في الحاشية: (هو سعيد بن عبيد الله بن جُبَيرٍ بن حيَّة)، وكذلك رواه ابن السكن على الصواب، والموضع الآخر من الإسناد المذكور: قوله: (حَدَّثَنَا معتمر بن سليمان)، كان في أصل أبي مُحَمَّد الأصيليِّ: (حَدَّثَنَا مُعَمَّر بن سليمان)؛ بفتح العين، ثُمَّ ألحق تاءً بعد العين والميم؛ فصار (معتمرًا)، وهو المحفوظ، انتهى.

    (1/13295)

    وقد ذكر ابن قُرقُول هذا المكانَ الثانيَ ومكانًا آخرَ في (الجزية والموادعة)، فقال: كذا للقابسيِّ _يعني: المعتمر_ وابن السكن، وأبي ذرٍّ، والأصيليِّ في الموضعين، قالوا: وهو وَهَمٌ؛ إنَّما هو المُعَمَّر بن سليمان الرَّقِّيُّ، وكان في أصل الأصيليِّ، فأَقحم عليه التاءَ، وأَصلحه في الموضعين، ويُقال: «المعتمر» صحيحٌ، وقال غيره: بل «المُعَمَّر» هو الصحيح، وهو الذي يروي عنه الرَّقِّيُّ، والرَّقِّيُّ لا يروي عن المعتمر بن سليمان البصريِّ التميميِّ، ولم يذكر الحاكمُ ولا الباجيُّ في «رجال البُخاريِّ» المُعَمَّرَ بنَ سليمان الرَّقِّيَّ، وذكر الباجيُّ عبدَ الله بن جعفر، فقال يروي عن المعتمر بن سُليمان، ولم يذكر البُخاريُّ في «تاريخه» لعبد الله بن جعفر روايةً عن المعتمر، انتهى، وقد ذكر المِزِّيُّ هذا الحديثَ في «أطرافه» وطرَّفه فقال فيه: (المعتمر بن سليمان)، كذا في نسختي بـ «أطراف المِزِّيِّ» _وهي صحيحةٌ مقابَلةٌ_ بزيادة تاء، وذكر الذَّهَبيُّ في ترجمة عبد الله بن جعفر الرَّقِّيِّ: أنَّه يروي عن المعتمر بن سليمان، وأمَّا مُعَمَّر بن سليمان؛ فلم يَرقُم عليه في «التذهيب» ولا في «الكاشف» (خ)، وإنَّما رقم عليه (د، س، ق)، فعلى هذا؛ هو المعتمر بن سليمان، لا معمَّر بن سليمان، والله أعلم.

    و (زِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ): بفتح الحاء المُهْمَلَة وتشديد المُثَنَّاة تحت، وهذا مَعْرُوفٌ عند أهله، وكذا بعدَه: (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ)، وهو هو.

    قوله: (مَنْ قُتِلَ مِنَّا): (قُتِل): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13296)

    [حديث: من حدثك أن النبي كتم شيئًا ... ]

    7531# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هو الفِرْيَابيُّ، تَقَدَّمَ مرارًا، وقد قَدَّمْتُ في أوائل هذا التعليقِ أنَّ البُخاريَّ روى أيضًا عن مُحَمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت تلك الأماكنَ التي روى فيها البُخاريُّ عنه، وذكرت أنِّي لا أعلم فيه جرحًا ولا تعديلًا إلَّا روايةَ البُخاريِّ عنه في أماكنَ مستدلًّا بذلك، وهذا توثيقٌ، وأيضًا ممَّا يُعَيِّن أنَّه الفِرْيَابيُّ أنَّ البيكنديَّ لم يروِ عن الثَّوريِّ، والله أعلم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (إِسْمَاعِيل): هو ابن أبي خالد، (والشَّعْبِيُّ): عامر بن شَراحيلَ، تَقَدَّمَ مرارًا، و (الشَّعْبيُّ): بفتح الشين، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.

    قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ): (مُحَمَّد) هذا: لم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، ولا نسبه شخُنا، ولا رأيتُه في «التذهيب» في (مُحَمَّد غير منسوب عن أبي عامر العَقَديِّ)، والله أعلم، ولعلَّه مُحَمَّدٌ المذكورُ قبله ابن يوسف، ولم أرَ عَبْدَ الغَنيِّ ذكره في الرواة عن العَقَديِّ، ولا الذَّهَبيَّ، والله أعلم، و (أبو عامر العَقَديُّ): تَقَدَّمَ أنَّه بفتح العين المُهْمَلَة والقاف، وأنَّ اسمَه عبدُ الملك بن عمرو القيسيُّ، أبو عامر البصريُّ الحافظ، و (الشَّعْبيُّ): عامر بن شَراحيلَ، تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مرارًا.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13297)

    [حديث: أي الذنب أكبر عند الله؟]

    7532# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، وأنَّ (الأَعْمَش): سليمانُ بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهُذَليُّ، رضي الله عنه.

    قوله: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ؟): ذكر البُخاريُّ في (باب قول الله عزَّ وجلَّ: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22]): أنَّ ابنَ مسعود هو السائلُ، ولفظه: (عن عبد الله _وهو ابن مسعود_ رضي الله عنه قال: «سألتُ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أيُّ الذنب أعظم؟»)، ولكنَّه ذكر في (تفسير سورة الفرقان) الروايةَ بالشكٍّ، قال: عن عبد الله، فقال: (سَأَلْتُ أَوْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللهِ أَكْبَرُ؟ ... )؛ الحديث، والله أعلم، وكذا قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من المصريِّين: هو عبد الله بن مسعود الراوي، بيَّن ذلك المصنِّفُ قبلُ في (باب قول الله {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا})، انتهى.

    قوله: (أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر النون، وتشديد الدال، وقد تَقَدَّمَ قريبًا ما هو، وأنَّه المِثْلُ والنَّظير، وأنَّ البُخاريَّ فسَّره في مكان في «الصحيح» بـ (الضِّدِّ)، وهو قريبٌ.

    قوله: (ثُمَّ أَيُّ؟): تَقَدَّمَ الكلام عليها؛ هل هي مُنَوَّنةٌ، أو مضمومةٌ فقط من غير تنوين، والاختلافُ فيها، وهي هنا في أصلنا في الموضعين مرفوعةٌ مُنَوَّنةٌ، وكذا تَقَدَّمَ (أَنْ يَطْعَمَ): أنَّه بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل، وكذا تَقَدَّمَ ما (الحَلِيْلَة).

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13298)

    [باب قول الله تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها}]

    قوله: (أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ): (أُعطِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (التوراة) الأولى: مضافٌ إليه مجرورةٌ، والثانية: منصوبةٌ مفعولٌ ثانٍ، وهذا ظاهِرٌ كلُّه، و كذا (أُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ).

    قوله: (وَأُعْطِيتُمُ): هو مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ): هو بفتح الراء، وكسر الزاي، الظاهرُ أنَّه مسعودُ بن مالك، فإنْ كان هو؛ فقد تَقَدَّمَ ببعض ترجمةٍ في (الحيض)، وليس هو بلقيط بن عامر بن المُنْتَفِق بن عامر بن عُقَيل العامريِّ العُقَيليِّ أبي رزين، هذا له وفادةٌ، وهو صحابيٌّ، ويُقال فيه: لقيط بن صبرة، جعله هو والذي قبلَه البُخاريُّ _وهو لقيط بن صبرة وافد بني المُنْتَفِق_ واحدًا، وفرَّقهما مسلمٌ، والله أعلم؛ وذلك لأنَّ شيخَنا قال في هذا التعليق: أسنده ابن المبارك في روايته عن سعيد بن سليمان، عن خلف بن خليفة: حَدَّثَنَا حُميد الأعرج قال: قال أبو رزين ... ؛ فذكره، انتهى، وحُميد الأعرجُ: هو حُمَيد بن قيس، إنَّما يروي عن التابعين، وأبو رَزِين الأسَديُّ قد عُدَّ في الصَّحَابة، واسمه مسعود بن مالك، تابعيٌّ بيقين، تَقَدَّمَ، وشخصٌ آخرُ يُقال له: أبو رزين لم يروِ عنه غيرُ ابنه عبد الله، وكلاهما مجهولٌ، حديثه في (الصيد يتوارى)، وآخَرُ يُقال له: أبو رزين من أهل الصُّفَّة، له ذكرٌ في حديثٍ ضعيفٍ عن عبد الرَّحْمَن بن عوف، و (أبو رزين) في الرواة جماعةٌ، والله أعلم.

    قوله: ({يُتْلَى} [النساء: 127]: يُقْرَأُ): هما [1] مبنيَّان لِما لمَ يُسَمَّ فاعِلُهُما، و (يُقرَأُ): مهموزُ الآخِر، وهذا ظاهِرٌ، و {يُتْلَى}: معتلٌ، وهذا أظهرُ.

    قوله: (بِأَرْجَأِ عَمَلٍ): (أَرجأ): يجوز همزُه وتسهيلُه [2]، وكذا (أَرْجَأ): بالهمز وعدمِه.

    قوله: (ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ): تَقَدَّمَ الكلام على (الحجِّ المبرورِ) في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة، وهو الذي لا يرتكب صاحبُه فيه معصيةً، قاله القاضي عياض، ولفظُه: عن شمَّر: هو الذي لا يخالطه شيءٌ من المأثم، وقيل: المبرور: المُتَقَبَّل، ويجوز أن يكونَ المبرورُ: الصادقَ والخالصَ لله تعالى، وقد تَقَدَّمَ هناك مُطَوَّلًا؛ فانظره، والله أعلم.

    ==========

    [1] في (أ): (هو)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

    (1/13299)

    [2] وكذا هو في «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح، وكذا في الموضع اللاحق.

    [ج 2 ص 892]

    (1/13300)

    [حديث: إنما بقاؤكم فيمن سلف من الأمم كما بين صلاة العصر .... ]

    7533# 2/ 12/أ قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي روَّاد، وأنَّ عبدانَ لقبُه، وتَقَدَّمَ في أوائل هذا التعليق لِمَ قيلَ له: عبدان، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، شيخ خراسان، ولا بدَّ منه، وقد سقط من أصلنا القاهريِّ، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، شيخ الإسلام، وأحد الأعلام، تَقَدَّمَ.

    قوله: (أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ): (أُوتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أهلُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (التوراةِ) الأولى: مجرورةٌ مضافٌ، و (التوراةَ) الثانية: منصوبةٌ مفعولٌ ثانٍ، وكذا (أُوتِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ).

    قوله: (فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، والضمير مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (قيراطًا): مفعولٌ ثانٍ، وكذا الثانية بعد هذه، وكذا (فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ).

    قوله: (حَتَّى صُلِّيَتِ الْعَصْرُ): (صُلِّيَت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (العصرُ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعلِ.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13301)

    [باب: وسمى النبي الصلاة عملًا]

    (1/13302)

    [حديث: أي الأعمال أفضل؟]

    7534# قوله: (حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ): هو ابن حرب، أبو أيُّوب الواشحيُّ البصريُّ، قاضي مكَّة، عنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والكجِّيُّ، قال أبو حاتم: إمامٌ من الأئمَّة، لا يُدَلِّس، ويتكلَّم في الرجال وفي الفقه، لعلَّه أكبرُ من عَفَّانَ، ما رأيت في يده كتابًا قطُّ، حُزِر مجلسُه ببغداد بأربعين ألفًا، تُوُفِّيَ سنة (224 هـ)، أخرج له الجماعة، و (الوَلِيْد): هو ابن العَيْزَار، وسيأتي بعد التحويل مسمًّى منسوبًا إلى أبيه، وهو الوليد بن العَيْزار بن حُرَيث العبديُّ، عن أنس وأبي عمرو الشيبانيِّ، وعنه: إسرائيل وشعبة، ثقة، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والترمذيُّ، والنَّسائيُّ، وَثَّقَهُ ابنُ معين وأبو حاتم، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَحَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَسَدِيُّ): هو بفتح الهمزة والسين، و (الشَّيْبَانِيُّ): هو بالشين المُعْجَمَة، هو أبو إسحاق الشيبانيُّ، واسمه سليمان بن أبي سليمان فيروزَ، وقيل: خاقان، الشيبانيُّ مولاهم، الكوفيُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ): أيضًا بالشين المُعْجَمَة، تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ اسمَه سعدُ بن إياس.

    قوله: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟): هذا الرجل ذكرَ البُخاريُّ في (باب فضل الصَّلاة لوقتها): أنَّ ابنَ مسعود هو السائل، ولفظه: (عن أبي عمرٍو الشيبانيِّ: حَدَّثَنَا صاحبُ هذه الدار _وأشار إلى دار عبد الله_ قال: سألت رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: «الصَّلاة على وقتها ... »)؛ الحديث، فهذا الحديثُ مع ما قبله؛ أحدهما: في أعظم الذنوب، الثاني: في أفضل الأعمال، والراوي فيهما عبد الله بن مسعود، وهو السائل، وقد أبهم نفسَه في هذه الرواية، والله أعلم، وكذا قال بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين: إنَّه ابن مسعود الراوي عند المصنِّف في (الصَّلاة) وغيرها.

    (1/13303)

    [باب قول الله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعًا ... }]

    (1/13304)

    [حديث: إني أعطي الرجل وأدع الرجل]

    7535# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ اسمَه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبَه عارمٌ، وهو بعيدٌ من العرامة، العارم: الشرير، ويُقال: الشَّرِس، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): بالحاء المُهْمَلَة، و (الْحَسَن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، شيخ الإسلام، وأحد الأعلام، واسمُ أبي الحسن يسارٌ، و (عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ): بالمُثَنَّاة فوق في أوَّله، ثُمَّ بالغين المُعْجَمَة، وكسر اللام، لا ينصرف؛ للعلميَّة ووزن الفعل، واعلم أنَّه تَقَدَّمَ أنَّ عليَّ ابن المَدينيِّ قال: إنَّ الحسنَ لم يسمع من عمرو بن تغلِبَ، وقد أخرج له البُخاريُّ حديثَين؛ هذا أحدهما، والآخَرُ: «إنَّ من أشراط الساعة أن تُقاتِلوا قومًا عراض الوجوه ... )؛ الحديث في (الجهاد) وفي (علامات النبوَّة)، وهذا الحديثُ الذي هنا أخرجه في (الخُمُس) وهنا في (التوحيد)، وفي هذا الحديثِ قال فيه: (حَدَّثَنَا عَمرو بن تغلبَ)، والبُخاريُّ أيضًا لا يكتفي بمجرَّد إمكان اللُّقِيِّ، ففيما قاله ابن المَدينيِّ نظرٌ، والله أعلم.

    قوله:) وَالْهَلَعِ): قال الجوهريُّ: (الهلع: أفحش الجَزَع).

    قوله: (حُمْرَ النَّعَمِ): هو بإسكان الميم، جمع (أحمرَ)، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه.

    ==========

    [ج 2 ص 892]

    (1/13305)

    [باب ذكر النبي وروايته عن ربه]

    (1/13306)

    [حديث أنس: إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا]

    7536# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ): هذا الرجل تَقَدَّمَ أنَّ لقبَه صاعقة، وكنيته أبو يحيى، حافظٌ مشهورٌ.

    قوله: (إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا؛ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وقال النَّوويُّ: إذا تقرَّب إليَّ بطاعتي؛ تقرَّبْتُ إليه برحمتي، فإن زاد؛ زدتُ.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَني).

    [ج 2 ص 892]

    (1/13307)

    [حديث أبي هريرة: إذا تقرب العبد مني شبرًا تقربت منه ذراعًا]

    7537# قوله: (حَدَّثَنَا [1] يَحْيَى): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّ (يحيى) بعد (مسدَّد): هو يحيى بن سعيد القَطَّان، شيخ الحُفَّاظ، و (التَّيْمِيُّ) بعده: هو سليمان بن طرخان التيميُّ، نزل فيهم بالبصرة، من السَّادة، سمع أنسًا وأبا عثمان النهديَّ، وعنه: أبو عاصم، ويزيد بن هارون، والأنصاريُّ، مناقبه جمَّةٌ، وقد أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة (143 هـ)، وقد تَقَدَّمَ، ولكن طال العهد به.

    قوله: (رُبَّمَا ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (ذَكَرَ): فعلٌ ماضٍ، والفاعلُ: (هو) عائد على أبي هريرة، و (النَّبيَّ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، ومعنى هذا الكلام: أنَّ أبا هريرة ربَّما رفعه إلى النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وكان يَقِفُه كثيرًا؛ يعني: يقوله من قِبَل نفسه، ولم يَعزُهُ للنَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقد تَقَدَّمَ الخلافُ فيما إذا رُوِيَ الحديثُ الواحدُ [تارةً] مرفوعًا وتارةً موقوفًا، أو تارةً مرسلًا وتارةً موصولًا، والراويان ثقتان، أو كان الراوي واحدًا ثقةً، وقدَّمتُ في ذلك أربعةَ أقوالٍ؛ الصحيح: أنَّه موصولٌ أو مَرْفُوعٌ، ثُمَّ إذا قلنا في هذا الحديث نفسِه: إنَّه موقوفٌ لفظًا؛ فهو مَرْفُوعٌ معنًى؛ لأنَّ مثلَه لا يُقال من جهة الرأي، والله أعلم.

    قوله:) بَاعًا، أَوْ بُوعًا): (الباع) و (البوع) سواءٌ، والراوي شكَّ؛ هل قال: باعًا، أو: بوعًا؟ وأراد المحافظةَ على لفظه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، و (الباع) و (البوع): طول ذِراعَي الإنسان وعَضُدَيه وعَرْض صدره، وذلك أربعةُ أَذْرُعٍ، قاله الباجيُّ، وهو من الدَّوابِّ قدرُ خَطوِهَا في المشي، وهو ما بين قوائمها، وذلك ذراعان، والمراد في هذا الحديث: سرعةُ قَبول توبة العبد، وتيسيرُ طاعته، وتقويتُه عليها، وتمامُ هدايته وتوفيقه، والله أعلم.

    (1/13308)

    قوله: (وَقَالَ مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي: سَمِعْتُ أَنَسًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [2]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا التعليقُ مجزومٌ به، وهو المعتمر بن سُليمان بن طرخان التيميُّ، وتعليقه هذا أخرجه مسلمٌ عن مُحَمَّد بن عبد الأعلى، عن معتمر، عن أبيه به، وإنَّما أتى بهذا التعليقِ البُخاريُّ؛ لأنَّ سليمانَ بن طرخان مُدَلِّسٌ، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بهذا التعليقِ؛ لأنَّ فيه تصريحَ سليمان بالسماع من أنسٍ، وفيه أيضًا إسقاطُ أبي هريرة [3]، وإسنادُه إلى الرَّبِّ عزَّ وجلَّ، وجَعْلُه من مسند أنسٍ، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (عَنْ).

    [2] (عن أبي هريرة): ليس في «اليونينيَّة»، وعليها في (ق): (صح، صح) وعلامةُ نسخة الدمياطيِّ.

    [3] هذا على ما في «اليونينيَّة».

    [ج 2 ص 892]

    (1/13309)

    [حديث أبي هريرة: لكل عمل كفارة والصوم لي وأنا أجزي به]

    7538# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ): هذا هو مُحَمَّد بن زياد الجمحيُّ مولاهم، أبو الحارث البصريُّ، عن أبي هريرة وعائشة، وعنه: شعبة، والحَمَّادان، وآخرون، ثقة، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ أحمد وابن معين والنَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (وَالصَّوْمُ لِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه لمَ أضاف الصومَ إليه تعالى دون سائر الأعمال من العبادات في (كتاب الصوم)، و (أَجْزِي): بفتح الهمزة، تَقَدَّمَ.

    [ج 2 ص 892]

    قوله: (وَلَخُلُوفُ): تَقَدَّمَ أنَّ الصوابَ ضمُّ الخاء، وتَقَدَّمَ ما هو في (كتاب الصوم).

    قوله: (عِنْدَ اللهِ): هل هذا في الدنيا والآخرة، كما قاله أبو عمرو ابن الصلاح؟ أم في الآخرة فقط، كما قاله ابن عبد السَّلام؛ لقوله في «مسلم»: «أطيب عند الله يوم الْقِيَامَةِ من رِيحِ الْمِسْكِ»؟ تَقَدَّمَ في (كتاب الصوم)، والصحيح: أنَّه في الدنيا والآخرة؛ لحديثَين في ذلك، والله أعلم.

    (1/13310)

    [حديث: لا ينبغي لعبد أن يقول إنه خير من يونس بن متى]

    7539# قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّمَ أنَّه خليفة بن خيَّاط، شبابٌ العُصْفريُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ ما إذا قال البُخاريُّ: (قال لي فلان كذا)؛ أنَّه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أخذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، مُطَوَّلًا، والله أعلم، و (سَعِيد): هو ابن أبي عَرُوبة، وقد قَدَّمْتُ كلام شيخِنا صاحبِ «القاموس» ما قاله فيه، وهو: (ابن أبي العَرُوبة؛ باللام، وتركها لحنٌ أو قليلٌ)، انتهى، و (أَبُو العَالِيَةِ): هذا هو رُفَيع بن مِهْرَان الرِّياحيُّ _بكسر الراء وبالمُثَنَّاة تحت_ مولاهم، البصريُّ، رأى أبا بكر الصِّدِّيقَ، وروى عن عمر وأبيِّ بن كعب، وعنه: عاصم الأحول وداود بن أبي هند، قالت حفصة بنت سيرين: سمعته يقول: قرأت القرآن على عمرَ ثلاث مَرَّاتٍ، تُوُفِّيَ سنة (90 هـ)، أخرج له الجماعة، ثقة، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد صحَّح عليه.

    قوله: (فِيمَا يَرْوِي [1] عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى [2] قَالَ: «لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا [3] خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ ابْنِ مَتَّى»): اعلم أنَّ الأجوبةَ الخمسةَ التي ذكرتها في: «لا تخيِّروني على موسى» لا تجيء كلُّها هنا؛ لأنَّ هذا من قول الله عزَّ وجلَّ، ويجيء منها بعضُها، وظاهر قوله: (لا ينبغي): لا يحلُّ، فيكون معناه: لا يحلُّ لأحدٍ أن يقولَ: أنا خيرٌ من يونسَ ابن متَّى، على إرادة أنَّ يونسَ فيه نقصٌ، ويحتمل: لا يحلُّ لأحدٍ أن يقولَ: أنا خيرٌ من يونس في نفس النبوَّة؛ إذ هي واحدةٌ، وإنما التفاضل بالخصائص وفضائلَ أخرى، والله أعلم، ويحتمل غيرَ ذلك.

    قوله: (أَنَا خَيْرٌ): (أنا): يعود على القائل مَن كان مِن العباد، ليس على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خاصَّةً، وقد تَقَدَّمَ.

    قوله: (وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ): اعلم أنَّ (مَتَّى): هي بفتح الميم، وتشديد المُثَنَّاة فوق، و (متَّى): أمُّه عليه السَّلام، وتَقَدَّمَ ما معنى قوله: (وَنَسَبَهُ إلى أبيه) في (الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 139]).

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية الدمياطيِّ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (يَرْوِيهِ).

    [2] (تعالى): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

    (1/13311)

    [3] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (إنَّه).

    [ج 2 ص 893]

    (1/13312)

    [حديث: لولا أن يجتمع الناس عليكم لرجَّعت كما رجَّع ابن مغفل]

    7540# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي سُرَيْجٍ): تَقَدَّمَ أنَّه بالسين المُهْمَلَة، وبالجيم في آخره، وأنَّ اسمَه الصَّبَّاح، وقد قَدَّمْتُ أنَّ (أحمدَ) هذا روى عنه البُخاريُّ في «صحيحه»، وهو أحمد بن عمر بن أبي سُرَيج الصَّبَّاح، وكذلك سُرَيج بن النعمان، روى عنه البُخاريُّ أيضًا، وذكر أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ أنَّ مسلمًا روى عن رجلٍ عنه، فالله أعلم، وسريج بن يونس حديثُه في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، ومَن عدا هؤلاء الثلاثةَ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»؛ فإنما هو بالشين المُعْجَمَة، وبالحاء المُهْمَلَة، والله أعلم، و (شَبَابَةُ): هو ابن سَوَّار؛ بفتح السين، وتشديد الواو، الفزاريُّ مولاهم، أبو عمرو المدائنيُّ، مُرجِئ صدوقٌ، وقال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، تُوُفِّيَ سنة (206 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وتَقَدَّمَ أنَّه صحَّح عليه، و (مُعَاوِيَة بْن قُرَّةَ): يأتي قريبًا جدًّا، و (عَبْد اللهِ بْن المُغَفَّلِ [1]): تَقَدَّمَ أنَّ (مُغَفَّلًا) بضَمِّ الميم، وفتح الغين المُعْجَمَة، وتشديد الفاء المفتوحة، وأنَّه صحابيٌّ أيضًا، وأنَّ (هُبَيبَ بنَ مُغْفِل) بضَمِّ الميم، وإسكان الغين المُعْجَمَة، وكسر الفاء، وأنَّ هُبَيبًا صحابيٌّ، له في (جرِّ الإزار)، وقيل لأبيه: مُغْفِل؛ لأنَّه أغفل سِمَةَ إِبِلِه، ومَن عداهما؛ فإنَّه مَعْقِل؛ بالقاف، والله أعلم.

    قوله: (يَوْمَ الْفَتْحِ): تَقَدَّمَ متى كان الفتح؛ أعني: فتحَ مكَّة، وأنَّه يوم الجمعة، وقيل: يوم الاثنين، وتَقَدَّمَ كم كان في شهر رمضان في السنة الثامنة من الهجرة.

    قوله: (عَلَى نَاقَةٍ لَهُ): تَقَدَّمَ الكلام على (الجدعاء)، و (القصواء)، و (العضباء)، وهل هنَّ ثلاثٌ أو اثنتان _وهو الظاهر_ أو واحدة، والله أعلم.

    قوله: (فَرَجَّعَ فِيهَا): هو بتشديد الجيم، و (الترجيع): ترديد القراءة، وقد تَقَدَّمَ.

    (1/13313)

    ْقوله: (ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ): هو معاوية بن قُرَّةَ بن إياس بن هلال، أبو إياس المزنيُّ البصريُّ، عن أبيه، وابن عَبَّاس، وابن مُغَفَّل، وعنه: ابنه إياس، وشعبة، وخلقٌ، وكان عالمًا عاملًا، وُلِدَ يوم الجمل، وقد تَقَدَّمَ أنَّ الجملَ سنة ستٍّ وثلاثين؛ أعني: لعشرٍ خلون من جمادى الآخرة، كذا جزم به الواقديُّ، وابن سعد، وخليفة، وابن زَبْرٍ، وابن عَبْدِ البَرِّ، وابن الجوزيِّ، وآخرون، قال خليفة: يوم الجمعة، وقال ابن سعد، وابن زَبْرٍ، وابن الجوزي، والجمهور: يوم الخميس، وقال الليث بن سعد: إنَّ وقعة الجمل كانت في جمادى الأولى، وكذا قال ابن حِبَّانَ: إنَّ وقعة الجمل لعشرِ ليالٍ خلون من جمادى الأولى، والأوَّل هو المشهورُ المعروفُ، وابن عَبْدِ البَرِّ تناقض كلامه، وتبعه ابن الصلاح، وتُوُفِّيَ سنة (113 هـ)، أخرج له الجماعة، وَثَّقَهُ ابن معين، وأبو حاتم، وجماعةٌ.

    قوله: (فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ): القائل له شعبة؛ هو ابن الحَجَّاج، أبو بسطام، أمير المؤمنين في الحديث، مشهور الترجمة.

    قوله: (آ آ آ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ): هي ثلاث همزاتٍ مفتوحاتٍ ممدوداتٍ، ويسأل الناس عنها كثيرًا، وكيف بقيت هكذا؟ وكنتُ وعدتُ فيما مضى بأن أذكرَه هنا، وجوابه ما قاله ابن الأثير في «نهايته»، قال: إنَّما حصل منه _والله أعلم_ يوم الفتح؛ لأنَّه كان راكبًا، فجعلَتِ الناقة تحرِّكه وتُنَزِّيْه؛ فحَدَثَ التَّرجيعُ في صوته، انتهى، وقال شيخُنا في (تفسير سورة الفتح): وزعم بعضهم أنَّ هذا إنَّما كان منه لأنَّه كان راكبًا، فجعلتِ النَّاقةُ تحرِّكه، فحصل به التَّرجيع، وهو محمولٌ على إشباع المدِّ، وكان عليه السَّلام حسنَ الصوت إذا قرأ، ومدَّ، ووقف على الحروف، وهنا ذكر شيخنا أيضًا مثلَه، وقد ذكره ابن القَيِّمِ في كتاب «الهَدْي» في (فصلٍ في هديه في قراءة القرآن واستماعه)، وحاصل كلامه فيه: أنَّه التَّرجيع، بنحو ما قاله شيخُنا، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (مُغَفَّلٍ).

    [ج 2 ص 893]

    (1/13314)

    [باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها]

    7541# قوله: (أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا سفيان) هذا: صخرُ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، والدُ معاوية، وتَقَدَّمَ بعض ترجمته رضي الله عنه، وهو والد معاوية.

    قوله: (أَنَّ هِرَقْلَ): تَقَدَّمَ الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق بِلُغَتَيه، وأنَّه هلك على نصرانيَّته سنة عشرين.

    قوله: (دَعَا تَرْجُمَانَهُ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (الترجمان) لا أعرفه، وتَقَدَّمَ الكلام على (الترجمان)، وما يتعلَّق بنونه، والله أعلم.

    قوله: (وَ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 64]): تَقَدَّمَ الكلام في أوَّل هذا التعليق على هذه الواو؛ فانظره، وقدَّمتُ هناك الحكمةَ في كتابة هذه الآية إلى هرقل دون باقي الآيات، وهي أنَّ النَّصارى جمعوا الأوصافَ الثلاثةَ المذكورةَ فيها، والله أعلم.

    ==========

    [ج 2 ص 893]

    (1/13315)

    [حديث أبي هريرة: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم]

    7542# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (بَشَّارًا) بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَارٌ، وتَقَدَّمَ ما معنى (البُنْدار)، و (عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ): هو عثمان بن عمر بن فارس العبديُّ البصريُّ، يروي عن يونس بن يزيد، وابن جُرَيجٍ، وطائفةٍ، وعنه: أحمدُ، والرماديُّ، والحارثُ بن أبي أسامة، وخلقٌ، وكان من الصالحين الثقات، تُوُفِّيَ في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمةٌ في «الميزان»، و (يَحْيَى بْن أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثَلَّثَة، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحدُ الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    ==========

    [ج 2 ص 893]

    (1/13316)

    [حديث ابن عمر: ما تصنعون بهما؟]

    7543# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هو إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ الإمامُ، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسَم الأسَديُّ، وعُلَيَّة: أمُّ إسماعيل، وكنيته أبو بِشْر، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَا مِرارًا، ومرَّة مترجَمَين.

    قوله: (أُتِيَ بِرَجُلٍ [1] وَامْرَأَةٍ مِنَ الْيَهُودِ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرجل اليهوديُّ الزاني): تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمَه، وأمَّا (المرأة اليهوديَّة الزانية)؛ فسمَّاها السُّهَيليُّ بُسْرَةَ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ أبا الفتح ابنَ سيِّد الناس ذكر في «سيرته» في (الحوادث): أنَّ رَجْمَهُمَا كان في السنة الرابعة من الهجرة.

    قوله: (فَقَالُوا لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَرْضَوْنَ: يَا أَعْوَرُ؛ اقْرَأْ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا (القارئَ الأعورَ): هو عبد الله بن صورى الحَبْر، ذكر السُّهَيليُّ عن النَّقَّاش أنَّه أسلم، ويُقال في أبيه: صُوريا.

    قوله: (قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ): قائل له ذلك: هو عبد الله بن سَلَام، ذكر ذلك البُخاريُّ في (باب الرجم بالبَلاط)، والله أعلم.

    قوله: (نُكَاتِمُهُ): هو بضَمِّ النون، وبكسر التاء؛ لأنَّه رباعيٌّ.

    قوله: (فَأَمَرَ بِهِمَا): (أَمَرَ): مَبْنيٌّ للفاعل؛ أي: أمرَ رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

    قوله: (فَرُجِمَا): هو بضَمِّ الراء، وكسر الجيم، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.

    قوله: (يُجَانِئُ عَلَيْهَا الْحِجَارَةَ): هو بالجيم، مهموز الآخر، وقد قَدَّمْتُ الكلامَ على (يُجانِئ)، والروايات في ذلك، وأمَّا هذه؛ فقد قال ابن الأثير في (الجيم مع النون في الهمزة): («فلقد رأيته يُجَانِئ عليها»: «مُفَاعَلَة» من جانأَ يُجانِئُ، ويُروَى بالحاء المُهْمَلَة، وسيجيء، وقال في (الحاء المُهْمَلَة مع النون في المعتلِّ): (يحني ... ) إلى آخره، ولم يذكر فيه (يُحَانِئ)؛ بالحاء بالكُلِّيَّة، فليس فيه هنا غير (يجانئ)؛ بالجيم والهمز، والله أعلم.

    ==========

    [1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ).

    (1/13317)

    [باب قول النبي: «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة»]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرةِ [1] الكِرَامِ الْبَرَرَةِ»): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: ظنَّ الشارح _يعني: أبا الحسن عليَّ بن خلف بن بَطَّال المغربيَّ المالكيَّ_ أنَّ غرضَ البُخاريِّ إثباتُ جواز قراءة القرآن بتحسين الصوت، وليس كذلك، وإنَّما غَرَضُه الإشارةُ إلى ما تَقَدَّمَ من وصف التلاوة بالحُسْن والتحسين، والرفعِ والخفضِ، ومقارنة الحالات البشريَّة؛ كقولها: «قرأ القرآن في حِجْري وأنا حائضٌ»، فهذا كلُّه يحقِّقُ أنَّ القراءةَ فعلُ القارئ، ومتَّصفةٌ بما تتَّصف الأفعالُ به، ومتعلِّقَة بالظروف المكانيَّة والزمانيَّة؛ أسوةَ الأفعالِ كلِّها، انتهى.

    قوله: (مَعَ سَفَرةِ الكِرَامِ [2])، وفي نسخة: (السَّفرة) [3]: قال القاضي عياض: يحتمل أن يكون معنى كونه مع الملائكة: أنَّ له في الأجر منازلَ يكون فيها رفيقًا للملائكة السَّفَرة؛ لاتِّصافه بصفتهم من حمل كتاب الله، قال: ويحتمل أنَّه عامِلٌ بعملهم، وسالِكٌ مسلكهم.

    قوله: (مَعَ سَفَرةِ الكِرَامِ): (السَّفَرَة): جمعٌ، واحدهم: سافر؛ ككاتب وكَتَبَة، و (السَّافر): الرسول، و (السَّفرة): الرُّسل؛ لأنَّهم يسفرون إلى الناس برسالات الله، وقيل: (السَّفرة): الكَتَبَة.

    قوله: (الْبَرَرَةِ): هم المطيعون لله، من (البِرِّ)؛ وهو الطاعة، والله أعلم.

    (1/13318)

    قوله: (وَزَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ): قال ابن الأثير في «نهايته»: قيل: هو مقلوبٌ؛ أي: زيِّنوا أصواتَكم بالقرآن، انتهى، وذكر شيخُنا حديثًا كذلك، فقال: وكذا رواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، انتهى، قال ابن الأثير: والمعنى: الْهَجُوا بقراءته وتزيَّنوا به، وليس ذلك على تطريب القول والتحزين؛ كقوله: «ليس منَّا مَن لم يتغنَّ بالقرآن»؛ أي: يلهج بتلاوته؛ كما يلهج سائر الناس بالغناء والطَّرَب، هكذا قال الهرويُّ والخَطَّابيُّ ومَن تقدَّمَهُما، وقال آخرون: لا حاجةَ إلى القلب، وإنَّما معناه: الترتيل الذي أُمِر به في قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]، فكأنَّ الزينة للمرتِّل، لا للقرآن؛ كما يُقال: ويلٌ للشعر من رواية السُّوء، فهو راجعٌ إلى الرَّاوي، لا إلى الشِّعر، فكأنَّه تنبيهٌ للمقصِّر في الرِّواية على ما يُعاب عليه من اللحن، والتصحيف، وسوء الأدب، وحثٌّ لغيره عن التَّوقِّي من ذلك؛ فكذلك قوله: «زيِّنوا القرآنَ»، يدلُّ على ما يُزيَّن من الترتيل، والتدبُّر، ومراعاة الإعراب، وقيل: أراد بـ «القرآن» القراءةَ، وهو مصدرُ: قرأ يقرأ قراءةً وقُرآنًا؛ أي: زيِّنوا قراءتكم القرآن بأصواتكم، ويشهد لصحَّة هذا وأنَّ القلبَ لا وجهَ له حديثُ أبي موسى رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم استمع إلى قراءته، فقال: «أُوتِيتَ مزمارًا من مزامير آل داود»، فقال: لو علمتُ أنَّك تسمعُ؛ لحبَّرته لك تحبيرًا؛ أي: حسَّنتُ قراءتَه وزيَّنتُها، ويؤيِّد ذلك تأييدًا لا شبهةَ فيه حديثُ ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «لكلِّ شيءٍ حِلْيَةٌ، وحِلْيَةُ القرآن حُسنُ الصوت»، والله أعلم، انتهى لفظه.

    (1/13319)

    [حديث: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن]

    7544# قوله: (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ): هو أبو إسحاق الزُّبيريُّ المدنيُّ، عن إبراهيم بن سعد، وابن أبي حازم، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وإسماعيل القاضي، وطائفةٌ، قال أبو حاتم: صدوقٌ، تُوُفِّيَ سنة (230 هـ)، أخرج له مَن روى عنه مِن الأئمَّة السِّتَّة، و (ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بالحاء المُهْمَلَة، وأنَّ اسمَ (ابن أبي حازم) هذا: عبدُ العزيز بن أبي حازم سلمةَ بنِ دينار، و (يَزِيد): هو ابن عبد الله بن أسامة بن الهادي، تَقَدَّمَ، و (مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ): هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيميُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيُّ، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

    قوله: (مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه قريبًا، وأنَّ معناه: ما استمع الله لشيءٍ كاستماعه لنبيٍّ حَسَنِ الصوتِ يجهرُ بالقرآن، والمراد: الرضا والقَبول.

    ==========

    [ج 2 ص 894]

    (1/13320)

    [حديث عائشة في قصة الإفك.]

    7545# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأعلام والأجواد، و (يُونُس): هو

    [ج 2 ص 894]

    ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهْرِيُّ، أحد الأعلام، بل أوحدهم، وشيخ الإسلام، وَ (سَعِيدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح ياء أبيه وكسرها، وأنَّ غيرَ أبيه ممَّن اسمُه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتحُ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.

    قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا): تَقَدَّمَ مَن هم أهل الإفك في (الشهادات)؛ فانظره إن أردته، وجزم هنا بعضُ الحُفَّاظ المُتَأخِّرين من المصريِّين بأنَّهم عبدُ الله بن أُبَيٍّ، وحسَّان، ومسطح، وحَمْنة، انتهى، وتَقَدَّمَ متى كان الإفك؛ في أيِّ سنة، وفي أيِّ غزوة، في مكانه.

    قوله: (طَائِفَةً): أي: قطعة، وقد تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ.

    ْقوله: (الْعَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا): (كُلَّهَا): بالنصب؛ لأنَّه تأكيد لـ (العشرَ)، وهو مَنْصُوبٌ.

    (1/13321)

    [حديث: سمعت النبي يقرأ في العشاء: {والتين والزيتون}]

    7546# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (مِسْعَرٌ): هو بكسر الميم، وإسكان السين وفتح العين المُهْمَلَتين، ابن كدام، أبو سلمة الهلاليُّ الكوفيُّ العَلَم، تَقَدَّمَ.

    قوله: (أُرَاهُ عَنِ الْبَرَاءِ): (أُرَاه): بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، و (البراء): هو ابن عازب بن الحارث بن عديٍّ الأنصاريُّ الأوسيُّ، أبو عمارة، أوَّل مشاهده أحد، وقيل: الخندق، وافتتح الريَّ سنة (24 هـ) في قول أبي عمرو الشيبانيِّ، وشهد مع عليٍّ الجملَ وصِفِّين والنهروان، ونزل الكوفة، روى الكثيرَ، تُوُفِّيَ بعد السبعين، وقدَّمت أنَّ أباه صحابيٌّ أيضًا، قال البراء: اشترى أبو بكر من أبي رَحْلًا، وقال الواقديُّ: لم يُسمَع له بذكرٍ في المغازي، رضي الله عنه، تَقَدَّمَ.

    ْقوله: (صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ): تَقَدَّمَ الكلام على هذه.

    (1/13322)

    [حديث: كان النبي متواريًا بمكة وكان يرفع صوته]

    7547# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن بَشِير، و (أَبُو بِشْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر المُوَحَّدة، وإسكان الشين المُعْجَمَة، وأنَّ اسمَه جعفرُ بن أبي وَحْشِيَّة إيَّاسٍ، تَقَدَّمَ.

    قوله: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَارِيًا): يعني: بِمَكَّةَ؛ كما صَرَّحَ به في بعض طرقه، وهو هنا في بعض أصولنا، وهذا ظاهِرٌ يعرفه أهل السِّيَر والحديث؛ وذلك أنَّه من حين جاء المدينة لم يتوارَ.

    (1/13323)

    [حديث: إني أراك تحب الغنم والبادية.]

    7548# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمامِ مالكِ بن أنس، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

    قوله: (مَدَى): (مدى): بالقصر، وقد تَقَدَّمَ في (الأذان)، وتَقَدَّمَ أنَّه الغاية والمنتهى، وتَقَدَّمَ ما وقع فيه للقابسيِّ وأبي ذرٍّ، وفي نسخةٍ في أصلنا: (نِداء)، و (النِّداء) معروفٌ.

    ==========

    [ج 2 ص 895]

    (1/13324)

    [حديث: كان النبي يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض]

    7549# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر المُوَحَّدة، وأنَّه ابن عُقبة السُّوائيُّ، أبو عامر، و (مَنْصُور): هو ابن عبد الرَّحْمَن بن طلحة بن الحارث العبدريُّ الحَجَبِيُّ، و (أُمُّهُ): هي صفيَّة بنت شيبة بن عثمان، تَقَدَّمَت، وتَقَدَّمَ عليها كلامٌ كثيرٌ في أنَّها صحابيَّةٌ أم لا، ويقع في بعض الطرق: (حَدَّثَنَا منصور ابنُ صفية ابنُ شيبة)، فـ (ابن شيبة) مَرْفُوعٌ؛ لأنَّ منصورًا في ذلك منسوبٌ لأمِّه صفيَّة، وشيبة جدُّه لأمِّه، وقد تَقَدَّمَ.

    ْقوله: (وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِي): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ (الحجْر) بفتح الحاء وكسرها.

    ==========

    [ج 2 ص 895]

    (1/13325)

    [باب قول الله تعالى: {فاقرؤوا ما تيسر من القرآن}]

    (1/13326)

    [حديث: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف.]

    7550# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، و (عُقَيْل): بضَمِّ العين، وفتح القاف، وقد تَقَدَّمَ قريبًا الكلامُ على (عُقَيل) _بضَمِّ العين_ في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وأنَّ هذا هو ابن خالد، ويَحْيَى بْن عُقَيْل: له روايةٌ في «مسلم»، والقبيلةُ لها ذكرٌ في «مسلم»: بنو عُقَيل، و (ابْن شِهَابٍ): هو مُحَمَّد بن مسلم الزُّهْرِيُّ، و (الْمِسْوَر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صحابيٌّ صغيرٌ، وأنَّ والدَه مخرمةَ من مسلمة الفتح، و (عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْدٍ) و (عبد): بغير إضافة (القَارِيُّ)؛ بتشديد الياء: منسوب إلى القَارَة؛ القبيلة المعروفة، وعبد الرَّحْمَن رأى النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

    قوله: (أُسَاوِرُهُ): أي: أُوَاثِبُه، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه في (باب: أُنزِل القرآن على سبعة أحرف).

    قوله: (فَلَبَبْتُهُ): تَقَدَّمَ معناه في الباب المشار إليه أعلاه، وأنَّه بالتشديد والتخفيف، وهو أعرف، قاله ابن قُرقُول، واقتصر النَّوويُّ على التشديد.

    ْقوله: (أَرْسِلْهُ): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ.

    قوله: (اقْرَأَ): هو بهمزة وصلٍ؛ لأنَّه ثُلاثيٌّ، فإن ابتدأتَ بها؛ كسرتَها.

    قوله: (عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ): تَقَدَّمَ الكلام عليه مُطَوَّلًا في (باب: أُنزِل القرآن على سبعة أحرف) في (كتاب فضائل القرآن).

    (1/13327)

    [باب قول الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر}]

    قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بلا إسنادٍ، ثُمَّ قال: قلتُ: الشارح _يعني: أبا الحسن ابن بَطَّال_ بعيدٌ عن قصد البُخاريِّ بهذه التراجم، قال ابن المُنَيِّر: وهو راجعٌ إلى ما تَقَدَّمَ من وصفِ القراءةِ بالتيسير، وهذا يدلُّ على أنَّها فعلٌ، ويشهد له قولُه: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له»، وما خُلِق له التلاوةُ، والله أعلم.

    قوله: (وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ): هو مطر بن طهمان، أبو رجاء الخراسانيُّ، نزيل البصرة، كان يكتب المصاحف، عن أنس فقيل: مرسلًا، وعن شهر بن حَوْشَب، ورجاءِ بن حَيْوة، وعطاء بن أبي رباح، وخلقٍ، وعنه: ابن أبي عروبة، والحَمَّادان، وهمَّام، وخلقٌ، كان يحيى القَطَّان يشبِّهه بابن أبي ليلى في سوء الحفظ، وقال أحمد: هو في عطاءٍ ضعيفُ الحديث، وقال ابن معين: صالح الحديث، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وقال ابن حِبَّانَ في «الثقات»: مات سنة خمسٍ وعشرين، وقال الفَلَّاس: سنة تسعٍ وعشرين ومئة، عَلَّقَ له البُخاريُّ كما ترى، وروى له مسلمٌ والأربعة، وله ترجمةٌ في «الميزان».

    قوله: (فَيُعَانَ عَلَيْهِ): (يُعَان): مَنْصُوبٌ على جواب الاستفهام.

    (1/13328)

    [حديث: كل ميسر لما خلق له]

    7551# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وتَقَدَّمَ أنَّ اسمَه عبدُ الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج، أبو معمر المِنْقَريُّ، الحافظ المقعَد، البصريُّ، عن أبي الأشهب العطارديِّ وعبد الوارث، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وأبو حاتم، والبِرْتِيُّ، حجَّةٌ، مات سنة (224 هـ)، أخرج له الجماعة، وليس له في الكُتُب السِّتَّة شيءٌ عن غير عبد الوارث، وهو أثبتُ الناس فيه، و (يَزِيدُ): هو يزيد بن أبي يزيد الضُّبَعيُّ الرِّشْكُ، عن مطرِّف ومعاذة، وعنه: شعبة وابن عُلَيَّة، ثقةٌ متعبِّدٌ، مات سنة (130 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد قَدَّمْتُ ما (الرِّشْكُ) ضبطًا ومعنًى، و (عِمْرَان): هو ابن الحُصَين؛ بضَمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتين، وتَقَدَّمَ الكلامُ على الحُصَين، وأنَّه صحابيٌّ.

    (1/13329)

    [حديث: ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من النار أو من الجنة]

    7552# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بفتح المُوَحَّدة، وتشديد الشين المُعْجَمَة، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ بُنْدَار، وتَقَدَّمَ ما معنى (بُنْدَار)، و (غُنْدر): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الغين المُعْجَمَة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه لقبُ مُحَمَّدِ بن جعفر، وتَقَدَّمَ أنَّ ابنَ جُرَيجٍ لقَّبه بذلك، وتَقَدَّمَ ما معناه، و (مَنْصُور): هو ابن المعتمر، و (الأَعْمَش): هو سليمان بن مِهْرَان، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هو السُّلَميُّ؛ بضَمِّ السين، وفتح اللام، وإنَّ اسمَه عبدُ الله بن حَبيب بن رُبَيِّعَة.

    قوله: (فِي جنَازَةٍ): تَقَدَّمَ أنَّها بفتح الجيم وكسرها، اسمٌ للميِّت وللسرير، وقيل: للميِّت بالفتح، وللسرير [1] بالكسر، وقيل بالعكس، وصاحب هذه الجنازة تَقَدَّمَ أنِّي لا أعرف اسمَه.

    قوله: (يَنْكُتُ): ثلاثيٌّ مضموم الكاف، وهو بتاء مُثَنَّاة في آخره، لا مُثَلَّثَة، وهذا ظاهِرٌ جدًّا، وقد تَقَدَّمَ معناه.

    قوله: (كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ): (كُتِبَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مقعدُه)؛ بالرفع: نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

    قوله: (أَلَا نَتَّكِلُ؟): قال بعض حفَّاظ مصر من العصريِّين: والسَّائل عن ذلك جماعةٌ سُمِّيَ منهم: عمران بن حصين، وأبو بكر، وعمر، وسُراقة ابن جُعْشُم، وقد تَقَدَّمَ قريبًا في (القدر)، انتهى.

    ==========

    [1] في (أ): (وللسر)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ. 


ج27. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)
تحقيق: المكتب العلمي بدار الكمال المتحدة

[باب قول الله تعالى: {بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ}]
قوله: (قَالَ قَتَادَةُ: مَكْتُوبٌٍ): تَقَدَّمَ في (ابتداء الخلق) كيف تُقرأ التلاوة والتفسير، وكذا في أوَّل (التفسير)؛ فانظره، وفيه ثلاثةُ أوجهٍ؛ أحدها: أنَّ التلاوة تُقرَأ بالرفع، وكذا التفسير، مبتدأٌ وخبرٌ، وإن شئتَ؛ قرأتَ التلاوة على سبيل الحكاية كيف كانت؛ مرفوعة، أو منصوبة، أو مجرورة، وقرأتَ التفسير بالرفع، وإن شئتَ؛ قرأتَ التلاوة كيف جاءت، وكذا التفسير مثلها، فهذه ثلاثةُ أوجهٍ، والله أعلم.
قوله: ({يُحَرِّفُونَ} [المائدة: 13]: يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللهِ [1]، وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ): اعلم أنَّ هذه المسألةَ تَقَدَّمَ الكلامُ عليها واختلافُ الناس فيها في أوائل (كتاب البيع)، وهي مسألةٌ عظيمةٌ، وقال شيخُنا هنا: ما ذكره في {يُحَرِّفُون} هو رأيُه، وهو أحدُ القولين، وتجويز أصحابنا الاستنجاءَ بأوراق التوراة والإنجيل معلِّلين بتبديلهما [2] يخالِفُه، انتهى، وقد نقل ابن الرِّفْعَة الفقيهُ نجمُ الدين جوازَ الاستنجاءِ بأوراق التوراة عن القاضي الحُسينِ فقط، وأمَّا شيخُنا؛ فإنَّه ذكر في «شرح التنبيه» ذلك في التوراة والإنجيل، انتهى، والذي يظهر لي أنَّ هذا وجهٌ، وليس بالمذهب، ويقابل ذلك أنَّ مسَّ التوراة والإنجيل وما نُسِخَت تلاوته من القرآن وحملَها يجوزُ على الصحيح، ففيه وجهٌ أنَّه لا يجوز، وهذا الوجهُ مبايِنٌ لِما نقله شيخُنا عن أصحاب الشَّافِعيِّ، والله أعلم، وقد ذكرت لك أنَّ ما قاله القاضي الحسينُ فهو وجهٌ، ويقابِله الوجهُ الآخَرُ.
==========
[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عَزَّ وَجَلَّ).
[2] في (أ): (بتبدليهما)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[ج 2 ص 896]

(1/13331)


[حديث: لما قضى الله الخلق كتب كتابًا عنده غلبت رحمتي غضبي]
7553# قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه شبَّابٌ العُصْفُريُّ الحافظ، وتَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلانٌ)؛ فإنه كـ (حَدَّثَنَا)، غير أنَّ الغالبَ أَخْذُهُ ذلك عنه في حال المذاكرة، والله أعلم، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان بن طَرْخان التَّيميُّ مولاهم، تَقَدَّمَ، و (أَبُو رَافِعٍ): قال الدِّمْيَاطيُّ: (نُفَيع الصائغ، كان بالمدينة، ثُمَّ تحوَّل إلى البصرة، وقيل: إنَّه أدرك الجاهليَّة)، انتهى، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (غَلَبَتْ، أَوْ قَالَ: سَبَقَتْ): تَقَدَّمَ الكلام على أنَّهما صفتان من صفات الله عزَّ وجلَّ قديمتان بِقِدَمه، لا يجوز سَبْقُ إحداهما الأخرى، ومعنى (سبقت): غلبت، وهو استعارةٌ لشمولها وعمومها.

(1/13332)


[حديث: إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي سبقت غضبي]
7554# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ): هذا هو القُوْمَسِيُّ الطَّيالسيُّ، عن يزيد بن هارون، وسعدويه، وغيرِهما، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وابن أبي داود، حافظٌ ثبتٌ، تُوُفِّيَ سنة (250 هـ)، فأمَّا مُحَمَّد بن أبي غالب صاحبُ هُشَيم؛ فروى عنه ابن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن أحمد ابن حنبل، وَثَّق الثانيَ الخطيبُ، تُوُفِّيَ سنة (224 هـ)، ليس له في الكُتُب السِّتَّة شيءٌ، و (مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هذا هو ابن أبي سمينة البصريُّ، عن معتمر بن سليمان وخلقٍ، وعنه: أبو داود، والبُخاريُّ عن رجلٍ عنه، والبغويُّ، وخلقٌ، ثقةٌ، مات سنة (230 هـ)، أخرج له مَن روى عنه مِن أصحاب الكُتُب السِّتَّة، له ترجمةٌ يسيرةٌ في «الميزان»، و (مُعْتَمِر): هو ابن سليمان بن طرخان، و (أَبُو رَافِعٍ): تَقَدَّمَ أعلاه.
قوله: (سَبَقَتْ غَضَبِي): تَقَدَّمَ الكلام عليه أعلاه وقبله، وأنَّهما صِفَتان قديمتان بِقِدَم البارئ عزَّ وجلَّ، لا يجوز سَبْقُ إحداهما الأخرى، وأنَّه استعارةٌ لشمولها وعمومها؛ كما قال: (غَلَبَت).
قوله: (فَوْقَ الْعَرْشِ): تَقَدَّمَ الكلام فيه في الكُرَّاسة التي قبل هذه على الصحيح.
==========
[ج 2 ص 896]

(1/13333)


[باب قول الله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون}]
قوله: (وَقَالَ [1] أَبُو ذَرٍّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّمَ أنَّ (أبا ذرٍّ): جُنْدب بن جنادة، وقد تَقَدَّمَ بعض ترجمته، وأنَّه من السَّابقين الأوَّلِين، وتَقَدَّمَ (أبو هريرة): أنَّه عبد الرَّحْمَن بن صخرٍ، على الأصَحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
قوله: (وَقَالَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ): تَقَدَّمَ أنَّ (الوفدَ) جمعُ (وافد)؛ كزائر وزَوْر، وهم القوم يأتون الملوكَ رُكْبانًا، وقد وَفَدَ وَفْدًا ووِفادة، سُمِّيَ القوم بالفعلِ، وقد ذكرت متى وفدوا في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة، وأنَّهم وَفَدوا عام الفتح قبل خروجه عليه السَّلام إلى مكَّة، وأنَّهم كانوا أربعةَ عشرَ، وقد وقع لي منهم خمسةَ عشرَ، ذكرتُهم في المكان المشار إليه، وقيل: كانوا أربعين، والله أعلم، وقد ذكرتُهم في أوائل هذا التعليق في (الإيمان)؛ بكسر الهمزة.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بلا واو.
[ج 2 ص 896]

(1/13334)


[حديث أبي موسى: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]
7555# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ): هذا هو الحَجَبيُّ البصريُّ، عن مالك وأبي عوانة، وعنه: البُخاريُّ، وتمتام، وأبو خليفة، ثبتٌ، مات سنة (228 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والنَّسائيُّ، وَثَّقَهُ أبو حاتم وأبو داود، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: هو ابن عبد المجيد بن الصَّلْتِ بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي الثقفيُّ، أبو مُحَمَّد الحافظ، تَقَدَّمَ، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ، تَقَدَّمَ، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّمَ أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف مُوَحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّ اسمَه عبدُ الله بن زيد الجَرْميُّ.
قوله: (من جَرْمٍ): هو بفتح الجيم، وإسكان الراء، بطن من العرب، وهذا مَعْرُوفٌ.
قوله: (وُدٌّ وَإِخَاءٌ): (الوُدُّ): بضَمِّ الواو وتشديد الدال، وبفتح الواو وتُكسَر: المودَّة.
قوله: (عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأميرُ، تَقَدَّمَ مترجمًا.
قوله: (فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ [1]): (قُرِّب): بضَمِّ القاف، وكسر الراء المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (طعامٌ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
قوله: (فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ): (الدّجاج) و (الدّجاجة): مثلَّث الدال.
قوله: (وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال ابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ: وقع في «السنن الكبير» للبيهقيِّ بإسناده إلى زَهْدَمٍ الجَرْميِّ قال: دخلتُ على أبي موسى وهو يأكل لحمَ دجاج، قال: ادْنُ فكُلْ، فقلت: إنِّي حلفت لا آكلُه، فقال: ادْنُ، وسأخبرك عن يمينك هذه، قال: فدنوتُ فأكلتُ، وساقَ حديثَ سؤالِ الحُمْلان، ثُمَّ أخرجه من طريقٍ أخرى، فذكره ... إلى أن قال ابنُ شيخِنا البُلْقينيِّ: والظاهر أنَّهما معًا امتنعا؛ زَهْدَمٌ والرجلُ التيميُّ، ثُمَّ قال: وقد أخرج التِّرْمِذيُّ قصَّة زَهْدَمٍ مختصرةً، فساق سنده إلى زَهْدَم، قال: (دخلت على أبي موسى وهو يأكل دجاجًا، فقال: ادْنُ فكلْ، فإنِّي رأيت رسول الله
[ج 2 ص 896]

(1/13335)


صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يأكله)، قال: وأخرج أبو عوانة في «صحيحه»؛ فساق سنده إلى زَهْدَم، قال: (قُرِّب إلى أبي موسى لحمُ دجاجة، فقال لي: ادْنُ فكُلْ، فقلت: إنِّي لا أريده، إنِّي حلفت لا آكلُها، إنِّي رأيتها تأكل قذرًا، فقال أبو موسى: أتينا رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نستحمله ... )؛ الحديث، انتهى مُلَخَّصًا.
قوله: (فَقَذِرْتُهُ): هو بكسر الذال المُعْجَمَة؛ أي: كرهته، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (فَقَالَ: هَلُمَّ): تَقَدَّمَ الكلام عليها بِلُغَتَيْها.
قوله: (فَلِأُحَدِّثْكَ): هو بكسر اللام، وسكون الثاء، ويجوز من حيث العربيةُ على قلَّة كسرُ اللام ونصب الثاء؛ على أنَّ اللامَ لامُ (كي)، وفي نسخة: (فلَأُحَدِثَنَّك)؛ بفتح اللام، ثُمَّ همزة مضمومة، مؤكَّدٌ بالنون، وهذه في أصلنا، والأولى في الطُّرَّة.
قوله: (فِي نَفَرٍ): تَقَدَّمَ أنَّ (النَّفَر): ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (الرهط).
قوله: (نَسْتَحْمِلُهُ): تَقَدَّمَ أنَّ معناه: نطلب منه الحُملَان، كما جاء في بعض طرقه، و (الحُمْلان): مصدرُ حَمَل يَحْمِل حُمْلانًا؛ وذلك أنَّهم أنفذوه يطلبُ منه عليه السَّلام شيئًا يركبون عليه، ويحمل متاعَهم.
قوله: (فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُتِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (النَّبيُّ): مَرْفُوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.
ْقوله: (بِنَهْبِ إِبِلٍ): هو بفتح النون بلا خلافٍ أعلمه في ذلك، لا بكسرها، وقد تَقَدَّمَ في (الأيمان والنذور) مُطَوَّلًا، وقد قَيَّدهُ بفتح النون الشيخُ محيي الدين النَّوويُّ في «شرح مسلم» في أوَّل (كتاب الأيمان) في هذا الحديث، انتهى، وأمَّا الكسر؛ فلا أعلمه منقولًا، والله أعلم.
قوله: (بِخَمْسِ ذَوْدٍ): تَقَدَّمَ ما (الذَّود) في (كتاب الزكاة)، وما قاله ابنُ عَبْدِ البَرِّ، وما قاله أبو البقاء، وقد رُدَّ ما قاله فيه أبو البقاء؛ لأنَّ ابنَ عَبْدِ البَرِّ ذكره عن غيره ورَدَّه.
قوله: (غُرِّ الذُّرَا): أي: بِيض الأعالي، وأراد أنَّها بيضٌ، فعبَّر ببياض أعالِيها عن جملتها، وقد تَقَدَّمَ.

(1/13336)


ْقوله: (تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ): (تَغَفَّلْنا): بإسكان اللام، والضمير فاعل، و (رسولَ): مَنْصُوبٌ مفعولٌ، و (يمينَه): مفعولٌ ثانٍ، ومعنى: (تغفَّلنا)؛ أي: جعلناه غافلًا عن يمينه بسبب سؤالنا، وقيل: سألناه في وقت شغله، ولم ننتظر فراغَه، يقال: تغفَّلتُه واستغفلتُه؛ أي: تحيَّنتُ غفلَتَه، والله أعلم.

(1/13337)


[حديث: آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع .. ]
7556# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ هذا هو أبو حفص الفَلَّاس الصَّيْرَفيُّ، أحد الأعلام، و (أَبُو عَاصِمٍ) بعده: هو الضَّحَّاك بن مخلد النَّبيل، تَقَدَّمَ، و (أَبُو جَمْرَةَ): بالجيم والراء، نصر بن عِمران الضُّبَعِيُّ، تَقَدَّمَ.
قوله: (قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ): تَقَدَّمَ في الصفحة التي قبل هذه الكلامُ على (الوفد)، ومتى وَفَد هؤلاء، وكم كانوا، وقد كانوا أربعةَ عشرَ، وقد ذكرته مُطَوَّلًا في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة، وذكرت منهم خمسةَ عشرَ رجلًا، والله أعلم، وذكرت الأربعين أيضًا على القول بأنَّهم كانوا أربعين في (كتاب الإيمان)؛ بكسر الهمزة.
ْقوله: (آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ): قد تَقَدَّمَ الكلام على ذلك مُطَوَّلًا في (كتاب الإيمان) في أوائل هذا التعليق.
قوله: (لَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ): تَقَدَّمَ ما (الدُّبَّاء)، وكذا (النَّقِيرِ)، وَكذا (الْحَنْتَمَةِ)، وقدَّمْتُ هناك أنَّ هذا النهيَ عن الانتباذ في هذه الأواني الأربعةِ كان في أوَّل الإسلام، ثُمَّ نُسِخ، وناسِخُه حديثُ بريدة في «مسلمٍ»: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «كنتُ نهيتكم عن الانتباذ في الأَسْقِية، فانتبذوا في كلِّ وعاءٍ، ولا تشربوا مُسكرًا»، وأنَّ هذا هو مذهب الشَّافِعيِّ والجمهور، وأنَّ طائفةً ذهبت إلى أنَّ النهيَ باقٍ؛ منهم مالكٌ وأحمدُ وإسحاقُ، حكاه الخَطَّابيُّ عنهم، وهو مرويٌ عن عمر، وابن عَبَّاس، وعمر بن عبد العزيز، وقد تَقَدَّمَ الكلامُ في رواية: (الأسقية)، وأنَّ النهيَ ما وقع عنها قطُّ، وأنَّ صوابَه: (في الأوعية)، ذكرت ذلك في (الأشربة)؛ فانظره إن أردته.
==========
[ج 2 ص 897]

(1/13338)


[حديث عائشة: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة.]
7557# قوله: (أَحْيُوا): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهِرٌ، وكذا الثانية.
==========
[ج 2 ص 897]

(1/13339)


[حديث ابن عمر: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة]
7558# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ عارمٌ، وتَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّ (العارمَ): الشريرُ أو الشَّرِسُ، وأنَّه بعيدٌ من العرامة، و (أَيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّخْتيَانيُّ.
==========
[ج 2 ص 897]

(1/13340)


[حديث: قال الله عز وجل: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي]
7559# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد، وأنَّه مُحَمَّد بن فُضَيل بن غزوان، و (عُمَارَة) بعده: بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وأنُّه ابن القعقاع، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمَه هَرِم، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرَّحْمَن، وقيل: جرير، وقيل: عمرو، عن جدِّه جريرِ بن عبد الله البَجَليِّ، تَقَدَّمَ.

(1/13341)


[باب قراءة الفاجر والمنافق وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم]
قوله: (بَابُ قِرَاءَةِ الْفَاجِرِ وَالْمُنَافِقِ، وَأَصْوَاتُهُمْ وَتِلَاوَتُهُمْ): (أصواتُهم): مَرْفُوعٌ، وكذا (تلاوتُهم)، وكون (الأصوات) بالرفع فهو على الابتداء، كذا رأيته في نسخةٍ صحيحةٍ مقابَلةٍ على عدَّة نُسَخٍ، وفي أصلنا (الأصوات) و (التلاوة) مرفوعان ومجروران بالقلم، والجرُّ أيضًا في (الأصوات) و (التلاوة) عطفًا على (قراءةِ)، ويجوز جرُّ (الأصوات) ورفع (التلاوة) على أنَّ (الأصوات) معطوفةٌ، و (التلاوة) مبتدأ، و (لَا تُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ): الخبر، وهذا ما في نسخة الدِّمْيَاطيِّ.
==========
[ج 2 ص 897]

(1/13342)


[حديث: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة]
7560# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المُهْمَلَة، وبعدها مُوَحَّدة، ويُقال له أيضًا: هدَّاب، تَقَدَّمَ، و (هَمَّام): هو ابن يحيى العَوْذيُّ الحافظ، تَقَدَّمَ مِرارًا، و (أَبُو مُوسَى): هو عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ الأميرُ.
قوله: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالأُتْرُجَّةِ): تَقَدَّمَ الكلام على (الأُتْرُجِّ) في (سورة يوسف)، واعلم أنَّ في (الأُتْرُجِّ) منافعَ كثيرةً، وهو مركَّبُ من أربعة أشياء: قشر، ولحم، وحمض، وبزر، ولكلِّ واحدٍ منها مزاجٌ يخصُّه؛ فقشره: حارٌ يابِسٌ، ولحمه: باردٌ رَطْبٌ، وحمضه: باردٌ يابسٌ، وبزره: حارٌّ يابسٌ،
[ج 2 ص 897]
ومن منافع قِشْره: أنَّه إذا جُعِل في الثيَاب منعَ السُّوسَ، ورائحته تُصْلِحُ فسادَ الهواء والوَبَاء، وتطيِّب النكهةَ إذا أمسكها في فمه، ويحلِّل الرياح، وإذا جُعِل في الطعام كالأبازير؛ أعان على الهضم، قال ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: قال صاحب «القانون»: وعصارة قشره تنفع من نهش الأفاعي شُربًا، وقشره ضِمادًا، وحراقةُ قِشره طلاءٌ جيِّدٌ للبَرَص، انتهى، وأمَّا لحمه؛ فمُطْفِئٌ لحرارة المَعِدة، نافعٌ لأصحاب المِرَّة الصفراء، قامعٌ للبخارات الحارَّة، وقال الغافقيُّ: أكل لحمه ينفع البواسير، انتهى
وأمَّا حُمَّاضُه؛ فقابضٌ كاسِرٌ للصفراء، ومُسَكِّنٌ للخفقان الحارِّ، نافعٌ من اليرقان شُربًا واكتحالًا، قاطعٌ للقيء الصفراويِّ، مُشَهٍّ للطعام، عاقلٌ للطبيعة، نافعٌ من الإسهال الصفراويِّ، وعصارةُ حُمَّاضِه تُسَكِّن علَّةَ [1] النِّساء، وتنفع طلاءً من الكَلَف، وتذهب بالقُوباء، ويستدلُّ على ذلك من فعله في الحِبْر إذا وقع على الثياب، وقلعِه له، وله قوَّةٌ تُلَطِّفُ وتقطع وتُبرد، ويُطفِئ حرارةَ الكبد، ويقوِّي المعدة، ويمنع حِدَّة المِرَّة الصفراء، ويزيل الغمَّ العارض منها، ويُسَكِّن العطش.

(1/13343)


وأمَّا بزره؛ فله قوَّةٌ محلِّلة مجفِّفة، وقال ابن ماسويه: خاصيَّةُ حَبِّه النفعُ من السُّموم القاتلة إذا شرب منه وزن مثقالَين بماءٍ فاتر أو طلاء مطبوخ، وإن دُقَّ ووُضِع على موضع اللسعة؛ نَفَعَ، وهو مليِّنٌ للطبيعة، مطيِّبٌ للنكهة، وأكثر هذا الفعل منه موجودٌ في قشره، وقال غيره: خاصيَّة حَبِّه النفعُ من لَسْع العقارب إذا شُرِب منه وزنُ مثقالَين مقشَّرًا بماء فاتر، وكذلك إذا دُقَّ ووُضِع على موضع اللَّدْغَة، وقال غيره: حَبُّه يصلح للسموم كلِّها، وهو نافعٌ من لدغ الهوامِّ، وذكر أنَّ بعض الأكاسرة غضب على قومٍ من الأطبَّاء، فأمر بحبسهم، وخيَّرهم أُدْمًا لا مزيدَ لهم عليه، فاختاروا الأُتْرُجَّ، فقيل لهم: لمَ اخترتموه على غيره؟ قالوا: لأنَّه في العاجل رَيحان، ومنظره مفرِّحٌ، وقشرُه طيِّبُ الرائحة، ولحمُه فاكهةٌ، وحمضُه أُدْمٌ، وحَبَّه ترياقٌ، وفيه دُهنٌ، انتهى.
وحكى شيخُنا الشارح عن العلَّامة عبدِ الوهَّاب بن سَحنون التنوخيِّ في كتاب «الأدوية القلبيَّة» نحوَ هذه العبارة عن بعض الحكماء: غضب عليه بعض الأكاسرة ... ؛ فذكره، قال ابن القَيِّمِ: وحقيقٌ بشيء هذه منافِعُه أن يُشَبَّه به خلاصةُ الوجود؛ وهو المؤمنُ الذي يقرأ القرآن، وكان بعض السَّلَف يحبُّ النظرَ إليه؛ لما في منظره من التفريح، انتهى.
==========
[1] كذا في (أ)، وفي مصدره: (غلمة).

(1/13344)


[حديث: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرقرها]
7561# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ): (عليٌّ): هو ابن عبد الله ابن المَدينيِّ، و (هشامٌ): هو ابن يوسف، القاضي الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، أوحد الأعلام، وشيخ الإسلام، العالم المشهور.
قوله: (ح): تَقَدَّمَ الكلام عليها كتابةً وتلفُّظًا، في أوائل هذا التعليق، وها أنا أعيدُه؛ لطول الفصل، اعلم أنَّها جرت عادةُ أهل الحديث وكتَبَتِه: أنَّه إذا كان للحديث إسنادان فأكثرُ، وجمعوا بين الأسانيد في متنٍ واحدٍ؛ أنَّهم إذا انتقلوا من سندٍ إلى إسنادٍ آخرَ؛ كتبوا بينهما حاءً مفردةً مهملةً، صورة: (ح)، والذي عليه عملُ أهل الحديث أن ينطق القارئ بها كذلك مفردةً، واختاره أبو عمرو ابن الصلاح، وذهب عبد القادر الرُّهاويُّ الحافظ إلى أنَّ القارئ لا يتلفَّظ بها، وأنَّها حاءٌ من (حائل)؛ أي: تحوُّلٍ بين الإسنادَين، وأنكر كونَها من قولهم: (الحديث) وغير ذلك، لمَّا سأله ابنُ الصلاح أبو عمرو عن ذلك، قال ابن الصلاح: وذاكرت فيها بعضَ أهل العلم من أهل الغرب، وحكيتُ له عن بعض مَن لقيت من أهل الحديث أنَّها حاءٌ مهملةٌ إشارةً إلى قولنا: الحديث، فقال لي: أهل الغرب _وما عرفت بينهم اختلافًا_ يجعلونها حاءً مهملةً، ويقول أحدهم إذا وصل إليها: الحديثَ، قال ابن الصلاح: وحكى لي مَن جمعتني وإيَّاه الرحلةُ بخراسان عمَّن وصفه بالفضل من الأصبهانيِّين: أنَّها من التحويل؛ أي: من إسناد إلى إسنادٍ آخرَ، وقال ابن الصلاح: وجدتُ بخطِّ الأستاذ أبي عثمان الصابونيِّ، والحافظِ أبي مسلمٍ عمرَ بنِ عليٍّ الليثيِّ البُخاريِّ، والفقيهِ المحدِّث أبي سعيدٍ الخليليِّ في مكانها بدلًا عنها: (صح) صريحة، قال: وهذا يُشعِر بكونها رمزًا إلى (صح)، وحَسُنَ إثبات (صح) ههنا؛ لئلَّا يُتَوَهَّم أنَّ حديثَ هذا الإسنادِ سقط، ولئلَّا يُرَكَّب إسنادُ الثاني على الأوَّل، فيُجعَلَا إسنادًا واحدًا، والله أعلم.

(1/13345)


قوله: (وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّمَ أنَّ هذا أحمد بن صالح المصريُّ، أبو جعفر الحافظ، المعروف بابن الطَّبَريِّ، كان أبوه جنديًّا من أهل طَبَرِسْتَان، وكان أبو جعفر من كبار الحُفَّاظ، ولد بمصر سنة سبعين ومئة، وروى عن ابن وهب، وابن عُيَيْنَة، وابن أبي فُدَيك، وعبدِ الرَّزَّاق، وعنبسة بن خالد، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وعمرٌو الناقد، وابن نُمَير، ومحمود بن غيلان، ومُحَمَّد بن المثنَّى، والأربعةُ من طبقته، وأبوَا زُرْعَة الدِّمَشْقيُّ والرازيُّ، وصالحٌ جَزَرة، ويعقوب الفَسَويُّ، وخلقٌ، تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة (248 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ في «الشمائل»، وهو ثبتٌ في الحديث، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (عَنْبَسَةُ): هو ابن خالد، تَقَدَّمَ أنَّ البُخاريَّ أخرج له مقرونًا، وهو ههنا مقرونٌ، الأيليُّ، عن عمِّه يونس وابنِ جُرَيجٍ، وعنه: أحمد بن صالح وجماعةٌ، مات سنة (198 هـ)، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا _كما تَقَدَّمَ أعلاه وقبله_ وأبو داود، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد قدَّمته، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهْرِيُّ مُحَمَّد بن مسلم.
قوله: (سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكُهَّانِ، فَقَالَ: «إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ»): هؤلاء الأناس لا أعرفهم، وقد قال بعض حُفَّاظ العَصْرِ: هم ربيعة بن كعب الأسلميُّ وقومُه، كما ثبت ذلك في «صحيح مسلم»، انتهى، تَقَدَّمَ أنَّ الكهانة كانت في العرب على ثلاثةٍ أضرُبٍ؛ أحدها: أن يكون للإنسان وليٌّ من الجِنِّ يخبره بما يسترق من السَّمْع عن السماء، وهذا القسمُ بَطَلَ مِن حينَ بعثَ اللهُ تعالى مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، الثاني: أن يخبره بما يطرأ أو يكون في أقطار الأرض، وما خفيَ عنه ممَّا قَرُب أو بَعُد، وهذا لا يبعدُ وجودُه، ولكنَّهم يَصدُقُون فيه ويَكذِبون، والنهيُ عن تصديقهم والسماعِ منهم عامٌّ، الثالث: المنجِّمون، وهذا الضرب بخلق الله تعالى لبعض الناس قوَّةً ما، لكنَّ الكَذِب فيه أغلبُ، ومن هذا الفنِّ العَرَافَةَ، وصاحبها عَرَّافٌ؛ وهو الذي يستدلُّ على الأمور بأسبابٍ ومقدِّماتٍ يدَّعي معرفتَه [1] بها، وقد يعتضد بعضُ هذا الفنِّ في ذلك بالزَّجْرِ والطَّرْقِ والنُّجوم، وأسبابٍ
[ج 2 ص 898]

(1/13346)


معتادةٍ، وهذه [2] الأضرب كلُّها تُسمَّى كَهَانةً، وقد أكذبهم كلَّهم الشرعُ، ونهى عن تصديقهم وإتيانِهم، والله أعلم.
قوله: (لَيْسُوا بِشَيْءٍ): معناه: ليسوا بحقٍّ، قاله البُخاريُّ فيما تَقَدَّمَ في مكانٍ من «الصحيح» في ترجمةٍ، وفي كلامِ غيره: معناه: بطلان قولهم، وأنَّه لا حقيقةَ له، وفي هذا جوازُ إطلاقِ هذا اللفظِ على ما كان باطلًا.
قوله: (يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ): تَقَدَّمَ أنَّ (يخطَف) بفتح الطاء على الأفصح، وهي لغة القرآن، وتُكْسَر على لغةٍ، وقد تَقَدَّمَ الكلام في (الأدب) في (يَخْطَفُهَا) و (يَحْفَظُها)، ونذكره هنا؛ لبُعْدِ العهد به، قال ابن قُرقُول: وفي (كتاب الأدب): (تلك الكلمة يحفظها الجنيُّ)، كذا لهم، من الحفظ، وللقابسيِّ: (يحفظها [3])، وفي (كتاب التوحيد) _يعني هذا المكان_: (يخطفها) لكافَّتهم، وعند القابسيِّ وعُبدوس: (يحفظها)، وصوابه في الموضعين: (يخطفها)، وهو المذكور في غير هذا الموضع، ومنه: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات: 10]، انتهى، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ في الأصل: (يحفظها)، وقد ضبَّبَ عليها المِزِّيُّ بيده، وكتب في الهامش: (يخطفها)، وكتب بعدها (صح)، والله أعلم.
قوله: (فَيُقَرْقِرُهَا): هو بضَمِّ أوَّله، وقد تَقَدَّمَ الكلام عليه، وعلى رواية: (فيَقُرُّها)، وأنَّها ثلاثيَّةٌ ورباعيَّةٌ، ومعنى ذلك كلِّه.
قوله: (كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ): تَقَدَّمَ الكلام عليه، وأنَّ (الدّجاجة) مُثَلَّثَة الدال، وكذا الجمع.
قوله: (مِئَةِ كذْبَةٍ): هي بالفتح والكسر في الكاف، وإسكان الذال فيهما.
==========
[1] في (أ): (معرفتها)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[2] في (أ): (وهذا)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.
[3] كتب فوقها في (أ): (لعله: يخطفها).

(1/13347)


[حديث: يخرج ناس من قبل المشرق ويقرؤون القرآن لا يجاوز]
7562# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ عارمٌ، وأنَّ (العارمَ): الشِّريرُ، ويقال: الشَّرِس، وهو بعيدٌ من العرامة، قريبًا وبعيدًا، و (مُحَمَّد بْن سِيرِينَ) عَنْ أَخِيهِ (مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ): تَقَدَّمَ أنَّ أولادَ سيرين ستَّةٌ من التابعين: مُحَمَّد، وأنس، ويحيى، ومعبدٌ، وحفصةُ، وكريمةُ، كذا سمَّاهم ابنُ معين والنَّسائيُّ في «الكنى»، والحاكمُ في «علومه»، ولكنَّه نقل في «التاريخ» عن أبي عليٍّ الحافظِ تسميتَهم فزاد فيهم: خالدُ بن سيرين، مكان (كريمة)، والله أعلم، وذكر ابن سعد في «الطبقات» عمرةَ بنتَ سيرين وسودةَ بنت سيرين، أمُّهما أمُّ ولد كانت لأنس بن مالك، قال شيخُنا الحافظُ العِرَاقيُّ: ولم أرَ مِن ذكرٍ لها بين رواته، وقد اجتمع منهم ثلاثةٌ يروون في حديثٍ واحدٍ، وذلك فيما رواه الدَّارَقُطْنيُّ في كتاب «العلل» بإسناده من رواية هشام بن حسَّان، عن مُحَمَّد بن سيرين، عن أخيه يحيى بن سيرين، عن أخيه أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك: أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: «لبَّيك حجًّا حقًّا، تعبُّدًا ورِقًّا»، وذكر مُحَمَّد بن طاهر المقدسيُّ في بعض تخاريجه: أنَّ هذا الحديثَ رواه مُحَمَّد بن سيرين، عن أخيه يحيى، عن أخيه معبد، عن أخيه أنس، فعلى هذا؛ اجتمع فيه أربعةٌ في إسنادٍ واحدٍ، وكذا ذكره ابن الجوزيِّ أبو الفرج في «تلقيحه»، وهو غريبٌ، وقد قَدَّمْتُ ذلك، والله أعلم، كَتَب بعض الحُفَّاظ المُتَأخِّرين ما لفظه: هذا الذي استغربه شيخُنا رويته في الجزء الأوَّل من شيخه أبي الغنائم النرسيِّ، انتهى، و (أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّمَ مِرارًا.
قوله: (يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ): (قِبَل): بكسر القاف، وفتح المُوَحَّدة، وهؤلاء (الناس): هم الخوارج، وقد قَدَّمْتُ في (كتاب استتابة المرتدِّين) عدَّةَ الخوارجِ الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه بما فيه من الخلاف، والله أعلم.
قوله: (لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ): تَقَدَّمَ أنَّ (التراقيَ) جمع (تَرْقُوة)، وتَقَدَّمَ أنَّ (التَّرْقُوةَ): العظمُ الذي بين ثُغرة النحر والعاتق، وهي (فَعْلُوَة) بفتح التاء، ولا تقل: (تُرقوة)؛ بالضَّمِّ.

(1/13348)


قوله: (إِلَى فُوقِهِ): (الفُوْق): تَقَدَّمَ أنَّه بضَمِّ الفاء، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ قاف، وهو موضع الوَتَر من السَّهْم، وقد يُعَبَّر بـ (الفُوْق) عن السهم نفسِه، و (الفُوْق): هو الذي يسمِّيه الناسُ اليومَ الكازَ.
قوله: (مَا سِيمَاهُمْ): (السِّيما)؛ بالقصر: العلامة، والأصل فيه بالواو، فقُلِبَت؛ لكسرةِ السين، قال الله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29]، وقد يجيء (السيماء) و (السيمياء) أيضًا ممدودَين، وقد تَقَدَّمَ.
قوله: (التَّحْلِيقُ): أي: حلقُ الشَّعر واستئصالُه، يُقال: حَلَق رأسَه بالتخفيف، وحلَّقوا رؤوسهم؛ شُدِّد للكثرة، ومن المشدَّد قال: (التحليق)، ولم يقل: الحَلْق.
قوله: (أَوْ قَالَ: التَّسْبِيدُ): شكَّ الراوي أيَّ اللفظين قاله عليه السَّلام، ومعناهما متقاربٌ، و (التَّسْبِيد): بفتح التاء المُثَنَّاة فوق، ثُمَّ سين ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدة مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال، مهملتين؛ أي: الحَلْق واستئصال الشَّعر، وهو قولُ الأصمعيِّ، وقيل: ترك التدهُّنِ وغسلِ الرأس، وهذا قول أبي عبيد، والأوَّل أظهر؛ لموافقة الروايات بالتحليق، قاله ابن قُرقُول، وحكى القولَين أيضًا الجوهريُّ وكذا ابن الأثير من غير عزوٍ ولا ترجيح، غير أنَّهما قدَّما استئصالَ الشَّعر، وقال شيخنا في (اللباس) في (قصِّ الشارب) ما لفظه: وفي الحديث أنَّه قال في الخوارج: (سيماهم التَّسْبِيد)؛ وهو حلق الشارب من أصله، انتهى، ثُمَّ رأيت بعد ذلك ذكر (أنَّ علامةَ الخوارج حلقُ الرُّؤوس) في غضون كلامٍ، انتهى، وهذا الذي أعرفه، ومسألة حلق الشارب للعلماء فيها خلافٌ، وهي مسألةٌ مشهورةٌ، وفيها حديثٌ في «سنن النَّسائيِّ»، ونُسِبَ إلى الشذوذ، وفيها غير ذلك، وقد تَقَدَّمَت في (قصِّ الشارب)، والله أعلم.
تنبيهٌ: قال الصغانيُّ أبو مُحَمَّد الحسنُ اللغويُّ: سبَّد شعره؛ إذا حلقه واستأصله، وإذا كثَّره، ذكره في «الأضداد»، والمراد هنا: الاستئصال، والله أعلم.
==========
[ج 2 ص 899]

(1/13349)


[باب قول الله تعالى: {ونضع الموازين القسط} ... ]
قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [1] [الأنبياء: 47]): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب على عادته، ثُمَّ قال: جمع البُخاريُّ في هذه الترجمةِ بين فوائدَ؛ منها: وصفُ الأعمال بالوزن، ومنها: إدراجُ الكلام في الأعمال؛ لأنَّه وصفَ الكلمتين بالخِفَّة على اللسان والثِّقَل في الميزان، دلَّ أنَّ الكلامَ يوزن، ومنها: أنَّه ختم كتابه بهذا التسبيح، وقد ورد في الحديث ما يدلُّ على استحباب خَتْمِ المجالس بالتسبيح، وأنَّه كفَّارةٌ لِما لعلَّه يتَّفق في أثناء الكلام ممَّا ينبغي محوُه، وهو نظيرُ كونه بدأ كتابه بحديث: «الأعمال بالنيَّات»، فكأنَّه تأدَّب في فاتحته وخاتمته بآداب السُّنَّة والحقِّ، والأدب في الابتداء: إخلاصُ القصد والنيَّةِ، [و] في الانتهاء: مراقبةُ الخواطر، ومناقشةُ النفس على الماضي، والاعتمادُ في تكفير ما لعلَّه يحتاج إلى التكفير بما جعله الشرع مكفِّرًا للهَفَوات، مُخْلِصًا للحسنات من النَّزَغَات، الداخلة في حيِّز الهَفَوات، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، انتهى.
اعلم أنَّه روى التِّرْمِذيُّ في «جامعه» وغيرُه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «مَن جلس في مجلسٍ، فكثر فيه لَغَطُه، فقال قبل أن يقوم: سبحانك اللهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلَّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك؛ إلَّا غُفِرَ له ما كان في مجلسه ذلك»، قال التِّرْمِذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وفي «أبي داود» وغيرِه: عن أبي بَرْزَة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول بأَخَرَةٍ إذا أراد أن يقوم من مجلسه: «سبحانك اللهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلَّا أنت،
[ج 2 ص 899]

(1/13350)


أستغفرك وأتوب إليك»، فقال رجلٌ: يا رسول الله؛ إنَّك لتقول قولًا ما كنتَ تقوله فيما مضى، قال: «ذلك كفَّارةٌ لِما يكون في المجلس»)، ورواه الحاكم في «المستدرك» من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال: صحيح الإسناد، وفي «الحِلْيَة» لأبي نُعَيم أحمدَ بنِ عبد الله بن إسحاق الحافظِ عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: (مَن أحبَّ أن يكتال بالمكيال الأوفى؛ فليقل في آخر مجلسه، أو حين يقوم: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180 - 182])، فهذا الظاهر الذي أشار إليه ابن المُنَيِّر وقبلَه البُخاريُّ، والله أعلم.
قوله: (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] ... ) إلى آخر كلامه: قال ابن فَوْرَك: قد أنكرت المعتزلةُ الميزانَ؛ بناءً على أنَّ الأعراضَ يستحيل وزنُها؛ إذ لا تقوم بأنفسها، ومن المتكلِّمين مَن يقول ذلك، ورُوِيَ عن ابن عَبَّاس: أنَّ الله يقلب الأعراضَ أجسامًا، فيزنُها يوم القيامة، وقد تَقَدَّمَ مثلُه في ذبح الموت: أنَّ الله يُجَسِّدُ المعانيَ أجسادًا، والصحيحُ أنَّ الموازينَ تثقل بالكتب، فيها الأعمال مكتوبةٌ، وبها تخفُّ، كما دلَّ عليها الحديثُ والكتابُ العزيز.

(1/13351)


قال ابن عمر: (توزن صحائف الأعمال)، وإذا ثبت هذا؛ فالصُّحُف أجسام، فيجعل الله رُجْحان إحدى الكِفَّتين على الأخرى دليلًا على كثرة أعماله بإدخاله الجنَّة والنَّار، ورُوِيَ عن مجاهد والضَّحَّاك والأعمش: أنَّ «الميزان» هنا بمعنى: العدل والقضاء، وذِكْرُ الوزن والميزان ضربُ مَثَلٍ، وقد نقل الذَّهَبيُّ في «الميزان»: أنَّه العدل عن عثمان بن مِقْسَم البُرِّيِّ، وهو أحد الأئمَّة على ضَعْفٍ فيه، وروى البُرِّيُّ عن منصور، وقتادة، والمقبريِّ، والكبار، وكان يُنكِر الميزانَ، ويقول: هو العدل، وهذا ليس بشيءٍ وإن كان سائغًا في اللغة؛ للسُّنَّة الثابتة في الميزان الحقيقيِّ، ووصفه بكِفَّتين ولسان، وأنَّ كلَّ كِفَّة طباقُ السماوات والأرض، وقد جاء أنَّ كِفَّة الحسنات من نور، والأخرى من ظلام، والكِفَّة النيِّرة للحسنات، والكِفَّة المظلمة للسيِّئات، ورُوِيَ عن سلمان أنَّه قال: (توضع الموازين يوم القيامة، فلو وُضِعت فيهنَّ السماوات والأرض؛ لوسعتهنَّ، فتقول الملائكة: يا ربَّنا؛ ما هذا؟ فيقول: أزِنُ به لمن شئتُ من خلقي، فتقول الملائكة عند ذلك: يا ربَّنا؛ ما عبدناك حقَّ عبادتك)، قال ابن عَبَّاس: (تُوزَن الحسناتُ والسيِّئاتُ في ميزانٍ له لسانٌ وكِفَّتان).
قال القرطبيُّ في «تذكرته»: قال علماؤنا: لو جاز حمل الميزان على ما ذكروه؛ لجاز حمله على الدِّين الحقِّ، والجنَّة والنَّار على ما يرد على الأرواح دونَ الأجساد من الأحزان والأفراح، والشياطين والجنّ على الأخلاق المذمومة، والملائكة على القوى المحمودة، وهذا كلُّه فاسدٌ؛ لأنَّه ردٌّ لما جاء به الصادق، وفي «الصحيحين»: «فيُعطَى صحيفةَ حسناته»، وقولُه: «فتُخرَج له بطاقةٌ ... »؛ الحديث؛ فهذا يدلُّ على الميزان الحقيقيِّ، وأنَّ الموزونَ صحفُ الأعمال، والله أعلم.
قوله: (وَإِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ): (إنَّ): بكسر الهمزة، كما في أصلنا، وفي نسخةٍ صحيحةٍ مقابَلةٍ بعدَّة نسخٍ مقروءَةٍ: بالفتح ليس غير [2]، ولكلٍّ وجهٌ.

(1/13352)


قوله: (يُوزَنُ): قد اعتُرِض على البُخاريِّ بأنَّ الموزونَ الصحفُ التي تُكتَب فيها الأعمال _كما نُصَّ عليه في حديثِ التِّرْمِذيِّ في حديث البطاقة، وقال: حسنٌ غريبٌ، ورواه ابن ماجه_ لا الأعمال؛ إذ هي أعراضٌ عند أهل السُّنَّة لا ثقلَ لها ولا جسم، لكن قيل: إنَّ الله تعالى يُحَلِّيها في جواهرَ وأجسامٍ، فتصير أعمالُ المطيعين في صورةٍ حسنةٍ، وأعمالُ العاصين في صورةٍ قبيحةٍ، ثُمَّ يزنها، فصحَّ قوله: (يُوزَنُ)، وقد تَقَدَّمَ أعلاه الكلامُ في وزن الأعمال.
تنبيهٌ: حكى بعضُهم _كما قاله بعضُهم_ خلافًا، وقال: الراجح أنَّ الوزنَ في الآخرة يصعَد الراجحُ، عكس الوزن في الدنيا، وهو غريبٌ، انتهى، وهذا قيل: إنَّ السُّهَيليَّ نقله أو قاله، وهو مصادِمٌ للنصِّ في قوله: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ} [القارعة: 8]، {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ} [3] [القارعة: 6]، ولقوله: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف: 8]، ولحديث البطاقة: «فثقلت البطاقةُ، وطاشت السِّجلَّاتُ»، ولغيره من الأحاديث.

(1/13353)


تنبيهٌ: هذه البطاقة فيها: (أشهد أن لا إله إلَّا الله وأشهد أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه)، ليست شهادةَ التوحيد، قاله الحكيم التِّرْمِذيُّ، قال: لأنَّ من شأنِ الميزانَ أن يُوضَع في كِفَّةٍ شيءٌ، وفي الأخرى ضدُّه، فتوضع الحسنات في كِفَّة، والسيِّئات في كِفَّة، فهذا غير مستحيل؛ لأنَّ العبد قد يأتي بهما جميعًا، ويستحيل أن يأتيَ بالكفر والإيمان جميعًا، فلذلك استحال أن تُوضَعَ شهادةُ التوحيد في الميزان، وأمَّا بعد أن آمن العبدُ؛ فإنَّ النطقَ بـ (لا إله إلَّا الله) حسنةٌ تُوضَع في الميزان مع سائر الحسنات، وقال غيره: إنَّ النطقَ بها زيادةُ ذِكْرٍ على حُسْنِ طاعةٍ، وتكون طاعةً قالها في خلوة وخفية من المخلوقين، فتكون له عند الله تعالى وديعةً يردُّها عليه في ذلك اليوم، فيعظم قدرها، ويجلُّ موقعُها، وترجح بخطاياه، والله يتفضَّل على مَن يشاء، ويدلُّ على هذا قولُه في الحديث: «بلى إنَّ لك عندنا حسنةً»، ولم يقل: عندنا إيمانًا، وقد سُئِل عليه السَّلام عن (لا إله إلَّا الله)؛ هي من الحسنات؟ فقال: «من أعظم الحسنات»، خرَّجه البيهقيُّ وغيرُه، ويجوز أن تكون هذه الكلمةُ هي آخرَ كلامه، كما في حديث معاذ عنه عليه السَّلام: «مَن كان آخر كلامه لا إله إلَّا الله؛ دخل الجنَّة»، وقد قيل: يجوز حمل هذه الشهادة على الشهادة التي هي الإيمان، ويكون ذلك في حقِّ كلِّ مؤمنٍ ترجح حسناته، ويُوزَن إيمانُه؛ كما تُوزَن سائر حسناته، وإيمانه يرجح بسيِّئاته، ويُدخِله الله النارَ بعد ذلك، فتطهِّره من ذنوبه، ويُدخِله الجنَّةَ بعد ذلك، وهذا مذهبُ قومٍ يقولون: إنَّ كلَّ مؤمنٍ يُعطَى كتابَه بيمينه، وكلَّ مؤمنٍ يثقل ميزانه، ويتأوَّلون قولَه تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 8]؛ أي: الناجون من الخلود، وفي قوله: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]؛ أي: يومًا ما، وكذلك قوله عليه السَّلام: «مَن كان آخر كلامه لا إله إلَّا الله؛ دخل الجنَّة»؛ أي: صائرٌ إليها لا محالةَ أصابه قبل ذلك ما أصابه، وهذا تأويلٌ فيه نظرٌ، يحتاج إلى دليلٍ من خارج، والذي يدلُّ عليه الآيُ والأخبار: أنَّ مَن ثَقُل ميزانُه؛ فقد نجا وسَلِمَ، وبالجنَّة أيقن، وعَلِم أنَّه لا يدخل النار بعد ذلك.

(1/13354)


فائدةٌ: خرَّج اللالْكائيُّ في «سننه» عن حذيفة رضي الله عنه قال: (صاحب الميزان يوم القيامة جبريل عليه السَّلام)، انتهى.
تنبيهٌ: جاء في الخبر _ كما قاله القرطبيُّ_: «أنَّ الجنَّةَ توضع عن يمين العرش، والنارَ عن يسار العرش، ويؤتى بالميزان، فيُنصَب بين يدي الله تعالى، كِفَّة الحسنات عن يمين العرش مقابل الجنَّة، وكِفَّة السيِّئات عن يسار العرش مقابل النار»، ذكره الحكيم التِّرْمِذيُّ في «نوادر الأصول».
تنبيهٌ آخَرُ: إذا انقضى الحساب؛ كان بعده وزن الأعمال؛ لأنَّ الوزنَ للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة؛ فإنَّ المحاسبةَ لتقرير الأعمال، والوزنَ لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحَسْبِها.
فائدةٌ: ذكر الله تعالى الميزانَ في القرآن بلفظ الجمع، وجاءت السُّنَّة بلفظ الإفراد والجمع، فقيل: يجوز أن يكون هناك موازينُ للعامل الواحد، يُوزَن بكلِّ ميزانٍ منها صِنفٌ من أعماله، ويمكن أن تكون ميزانًا واحدًا عبَّر عنه بلفظ الجمع؛ كما قال تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 123]، وكذا: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 105]، وإنَّما هو رسولٌ واحدٌ، ويُقال: أراد بـ {الموازين}: جمعَ (موزون)؛ أي: الأعمال الموزونة، لا جمع (ميزان)، والله أعلم.

(1/13355)


تنبيهٌ: الميزان حقٌّ، ولا يكون في حقِّ كلِّ أحد؛ بدليل قوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «فيقال: يا مُحَمَّد؛ أَدخِل الجنَّة من أمَّتك مَن لا حسابَ عليه ... »؛ الحديث، وقولِه تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} ... ؛ الآية [الرَّحْمَن: 41]، وإنَّما يكون لمن بقيَ من أهل المحشر ممَّن خَلَطَ عملًا صالحًا وآخَرَ سيِّئًا من المؤمنين، وقد يكون للكافرين؛ لقولِه تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: 8 - 9]، وقولِه: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} ... ؛ الآية [الأعراف: 9]، ولغيرِ ذلك، والناسُ في الآخرة على ثلاث طبقات _كما قال العلماء_: مُنَقَّون لا كبائرَ لهم، ومُخَلِّطُون، وكفَّار، فأمَّا المنقَّون؛ فإنَّ حسناتِهم تُوضَع في الكِفَّة النيِّرة، وصغائرهم _إن كانت_ في الكِفَّة الأخرى، فلا يجعل لتلك الصغائر وزنًا، وتثقل الكِفَّة النيِّرة حتَّى لا تبرح، وترتفع الأخرى المظلمة ارتفاعَ الفارِغِ الخالي [4]، وأمَّا المُخَلِّطون؛ فحسناتهم توضع في النيِّرة، وسيِّئاتهم في المظلمة، فيكون لكبائرهم ثقل، فإن كانت الحسناتُ أثقلَ ولو بصُؤابةٍ؛ دخل الجنَّة، وإن كانتِ الأخرى أثقلَ ولو بصؤابةٍ؛ دخل النَّار إلَّا أن يعفوَ اللهُ تعالى، وإن تساوَتا؛ كان من أصحاب الأعراف؛ لما رواه خيثمة بن سليمان في «مسنده» عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: «تُوضَع الموازين يوم القيامة، فتُوزَن الحسنات والسيِّئات، فمَن رجحت حسناته على سيِّئاته مثقالَ صؤابةٍ؛ دخل الجنَّة، ومَن رجحت سيِّئاته على حسناته مثقالَ صُؤَابَة؛ دخل النار»، قيل: يا رسول الله؛ فمن استوت حسناته وسيِّئاته؟ قال: «أولئك أصحاب الأعراف، لم يدخلوها وهم يطمعون»، وذكر عبد الله بن المبارك: أخبرنا أبو بكر الهُذَليُّ عن سعيد الهُذَليِّ، عن سعيد بن جُبَيرٍ، عن ابن مسعود قال: (يحاسب الله تعالى الناسَ يوم القيامة، فمَن كانت حسناتُه أكثرَ من سيِّئاته بواحدةٍ؛ دخل الجنَّة، ومن كانت سيِّئاتُه أكثرَ من حسناته بواحدةٍ؛ دخل النار)، ثُمَّ قرأ: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 102 - 103]، ثُمَّ قال:

(1/13356)


إنَّ الميزانَ يخفُّ بمثقال حَبَّةٍ، قال: (ومَن استوت حسناته وسيِّئاته؛ كان من أصحاب الأعراف)، وذكر الحديثَ، سعيدُ بن جُبَيرٍ لم يدرك عبدَ الله بن مسعود؛ لأنَّ سعيدًا قُتِل سنة خمس وتسعين وهو ابن تسع وأربعين سنةً، كذا قالوا، وقد قال لابنه: ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنةً، انتهى، ولئن قلنا بهذا؛ فإنَّه لم يدركِ ابنَ مسعود؛ لأنَّه تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح، ولم أعتبر بقيَّة السند، ولا سندَ خيثمةَ بن سليمان، وخيثمةُ حافظٌ، قال الخطيب: ثقةٌ ثقةٌ، وُلِد سنة (250 هـ)، وتُوُفِّيَ سنة (343 هـ)، وفي أصحاب الأعراف اثنا عشر قولًا لأهل التفسير بهذا القول الذي ذكرتُه، ذكرها القرطبيُّ في «تذكرته»، والظاهر أنَّه ذكرها في «تفسيره»، بل ذكره فيه، و (الأعراف): سورٌ بين الجنَّة والنار، وقيل: هو جبل أُحُد يُوضَع هناك، ذكره ابن عَبْدِ البَرِّ عنه عليه السَّلام من طريق أنسٍ، وذكره غيرُه أيضًا، والله أعلم.
هذا إن كانت الكبائر بينه وبين الله، وأمَّا إن كان عليه تبعاتٌ، وكان له حسناتٌ كثيرةٌ؛ فإنَّه ينقص من ثواب حسناته بقدر جزاء السيِّئات، حمل عليه مِن أوزار مَن ظلمه، ثُمَّ يُعَذَّب على الجميع، هكذا اقتصَّته الأخبار، وأمَّا الكافر؛ فإنَّه يُوضَع كفرُه في المظلمة، ولا تُوجَد له حسنةٌ تُوضَع في الأخرى فتبقى فارغةً.
فائدةٌ: قال وَهْبُ بن مُنَبِّه في قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47]، قال: إنَّما يُوزَن من الأعمال خواتيمُها، وإذا أراد الله بعبد خيرًا؛ ختم له بخيرٍ، وإذا أراد بعبدٍ شرًّا؛ ختم له بشرِّ عمله، ذكره أبو نُعَيم، انتهى، وقد يدلُّ لهذا: «وإنَّما الأعمال بالخواتيم»، والله أعلم.
قوله: (الْقُسْطَاسُ: الْعَدْلُ، بِالرُّومِيَّةِ): (القسطاس)؛ بضَمِّ القاف وكسرها: الميزان، قاله الجوهريُّ، وهما قراءتان في السبع، قرأ حفصٌ وحمزةُ والكسائيُّ بالكسر، والباقون بالضَّمِّ.
قوله: (الْعَدْلُ، بِالرُّومِيَّةِ): بمعنى: أنَّ الروميَّةَ وافقتِ العربيَّةَ، وإلَّا؛ فما في القرآن غير عربيٍّ.

(1/13357)


قوله: (وَيُقَالُ: الْقِسْطُ مَصْدَرُ «الْمُقْسِطِ»؛ وَهْوَ الْعَادِلُ، وَأَمَّا الْقَاسِطُ؛ فَهْوَ الْجَائِرُ)، انتهى: (المُقسِط): هو العادل، كما قال، يُقال: أقسط يُقسِط، فهو مُقسِط؛ إذا عدل، وقَسَط يَقسِط؛ إذا جَارَ، فهو قاسطٌ، وكأنَّ الهمزة في (أقسط) للسلب؛ كما يُقال: (شكا إليه فأشكاه)، وفي «أفعال ابن القطاع» ما لفظه: وقسط قُسُوطًا وقَسْطًا: جار وعدل؛ ضدٌّ ... ، إلى أن قال: وأقسط الحاكمُ: عدل، وكذا الصغانيُّ ذكر: قسط؛ إذا جار وإذا عدل، ذكره في «الأضداد»، انتهى، فإن قيل: قوله: ويقال: القسط مصدر المُقسِط، وهذا يقتضي أن يكون المصدرُ مشتقًّا [5] من اسم الفاعل، وما للناس إلَّا قولان؛ أحدهما: أنَّ الفعلَ مشتقٌّ من المصدر، الثاني: العكس، والأوَّل مذهب أهل البصرة، وهو المنصور، والذي قاله شيخ الإسلام البُخاريُّ قولٌ ثالثٌ، فيُجَاب عنه بأن يُقال: (القسط) مصدرٌ لاسم الفاعل، ولاسم المفعول، والموضع، ولغيره؛ بمعنى: أنَّ الكلَّ مشتقَّةٌ منه على اختيار ابن مالك في «الشافية»، قاله بعض العلماء، أو يُقال: الذي يصدر عن (المقسط) هو (القِسْط)؛ أي: أنَّ المُقسِط يصدر عنه العدل؛ وهو القسط.
وقال شيخُنا في قوله: (مصدر المقسط): إنَّما أراد المصدرَ المحذوفَ الزوائد؛ كـ «القَدر» مصدر «قدرت»؛ إذا حذفت زوائده، ثُمَّ ذكر نصف بيت شاهدًا لما قاله، ثُمَّ قال: ومِثْلُه كثيرٌ، وإنَّما تُحذَف زوائد المصادر؛ ليُرَدَّ الكلامُ إلى أصله، ويدلَّ عليه، ومصدر «القسط» الجاري على فعله «الإقساط»، قال الإسماعيليُّ: (أقسط)؛ إذا عدل، و (قسط)؛ إذا جار، وهما يرجعان إلى معنًى متقارِبٍ؛ لأنَّه يُقال: عدل عن كذا؛ إذا مال عنه، وكذلك قسط؛ إذا عدل عن الحقِّ، وأقسط، كأنَّه لزم القِسْط؛ وهو العدل، انتهى.
==========
[1] {لِيَومِ القِيَامَةِ}: ليس في «اليونينيَّة»، وهو ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ.
[2] وهي رواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح.
[3] في (أ): (وأما)، والمثبت موافق للتلاوة.
[4] في (أ) إشارةٌ إلى استدراك كلامٍ لكنَّه مخرومٌ، وآخره لم يتبيَّن.
[5] في (أ): (مشتق)، ولعلَّ المُثْبَتَ هو الصَّوابُ.

(1/13358)


[حديث: كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان]
7563# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابَ): تَقَدَّمَ أنَّ (إشكاب) بكسر الهمزة، وبالشين المُعْجَمَة، ولا ينصرف؛ للعجمة والعلميَّة [2]، وقال شيخنا مجد الدين في «القاموس»: محدِّث، ممنوعٌ، انتهى؛ أي: ممنوعٌ من الصرف، وهو صفَّار، كنيته أبو عبد الله، الحضرميُّ الكوفيُّ، نزيل مصر، وقيل: أحمد بن معمر بن إشكاب، وأحمد بن عبيد الله بن إشكاب، يروي عن شَريك، وعبد السَّلام بن حرب، وابن فُضَيل، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو أُمَيَّة الطَّرَسوسيُّ، وعَبَّاس الدُّوريُّ، وأبو بكر الصاغانيُّ، وبكر بن سهل الدِّمْيَاطيُّ، وطائفةٌ، قال أبو حاتم: ثقةٌ مأمونٌ، كتبتُ عنه، وقال عَبَّاس الدُّوريُّ: كتب عنه يحيى بن معين كثيرًا، قال ابن يونس: تُوُفِّيَ سنة سبع أو ثمان عشرة ومئتين، وقال أبو زرعة: كان صاحبَ حديث، انفرد البُخاريُّ بالإخراج له دون أصحاب الكُتُب السِّتَّة، و (مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضاد المُعْجَمَة، هو مُحَمَّد بن فُضَيل بن غزوان الضَّبِّيُّ مولاهم،
[ج 2 ص 900]

(1/13359)


الحافظ، أبو عبد الرَّحْمَن، عن أبيه، ومغيرةَ، وحُصَين، وعنه: أحمد، وإسحاق، والعطارديُّ، ثقةٌ شيعيٌّ، مات سنة (194 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا مترجمًا، و (عُمَارَة بن الْقَعْقَاعِ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو عمارة بن القعقاع بن شُبْرُمة الضَّبِّيُّ، كان أكبرَ من عمِّه عبد الله بن شُبْرُمَة وأفضلَ، روى عن أبي زرعة البَجَليِّ، وعبد الرحيم بن أبي نُعَيم، والحارث العُكْليِّ، وعنه: الحارث أيضًا، والأعمش، والسفيانان، وعبد الواحد بن زياد، ومُحَمَّد بن فُضَيل، وطائفةٌ كبيرةٌ، قال ابن المَدينيِّ: له نحوُ ثلاثين حديثًا، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: ثقةٌ، أخرج له الجماعة، تَقَدَّمَ مترجمًا، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّمَ قريبًا في اسمه أقوالٌ؛ أصحُّها: هرم، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: جرير، وقيل: عمرو بن عمرو، عن جدِّه جريرِ بن عبد الله البَجَلِيِّ، وأبي هريرة، ومعاوية، وعبد الله بن عمرو، وخَرَشَة بن الحُرِّ، وثابت بن قيس، وغيرِهم، وأرسل عن أبي ذرٍّ وعمرَ، وعنه: حفيداه جريرٌ ويحيى ابنا أيُّوب، وعمُّه إبراهيم بن جرير، وابن عمِّه جريرُ بن يزيد، والحارثُ العُكْلِيُّ، وعُمَارة بن القعقاع، وخلقٌ سواهم، وأكثرَ عن أبي هريرة، وكان من علماء التابعين، وَثَّقَهُ ابن معين وغيرُه، قال ابن المَدينيِّ: هرم أبو زرعة عن ثابت بن قيس عن أبي موسى ليس بالبَجَليِّ، هذا أبو زرعةَ آخَرُ، انتهى، أخرج لأبي زرعة بن عمرو بن جرير صاحبِ الترجمة الجماعةُ، و (أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ في اسمه واسمَ أبيه اختلافًا كثيرًا، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: في اسمه نحوُ ثلاثين قولًا، والصحيح: عبد الرَّحْمَن بن صخر، انتهى، وتَقَدَّمَ ما فيه، الدَّوسيُّ، روى عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأَكْثَرَ، وعن أبي بكر وعمر، وأُبيٍّ، وطائفةٍ، وعنه: ثمان مئة نَفْسٍ أو أكثرُ؛ منهم: إبراهيم بن عبد الله بن حُنين، وإسحاق مولى زائدة، والأغرُّ أبو مسلم، وأنس بن مالك، وبُسْر بن سعيد، وبشير بن نَهيك، وبُشَير بن كعب، ونعجة بن عبد الله الجهنيُّ، وخلائقُ، قال هشام بن عروة: تُوُفِّيَ هو وعائشة سنة سبع وخمسين، وفيها ورَّخه المدائنيُّ وطائفةٌ، وقال الهيثم بن عديٍّ وجماعةٌ: سنة ثمان وخمسين، وقال الواقديُّ

(1/13360)


وأبو عبيد وغيرُهما: سنة تسع وخمسين، قال الواقديُّ: صلَّى على عائشة في رمضان سنة ثمانٍ، وعلى أمِّ سلمة في شوَّال سنة تسع وخمسين، ثُمَّ تُوُفِّيَ بعدهما في هذه السَّنَة، انتهى، وقد قَدَّمْتُ أنَّ أمَّ سلمة تُوُفِّيَت بعد الحُسين بنِ عليِّ بن أبي طالب على الصحيح، وترجمة أبي هريرة رضي الله عنه مستقصاةٌ في «طبقات ابن سعد»، و «تاريخِ ابن عساكر»، و «تاريخِ الإسلام» لشيخ شيوخنا الحافظِ شمسِ الدين مُحَمَّد بن أحمد بن قايمازَ بن الذَّهَبيِّ، وكان أبو هريرة أحدَ مَن يفتي بالمدينة مع ابن عمر وابن عَبَّاس، قال عكرمة: كان أبو هريرة يسبِّح في اليوم اثنتي عشرة ألفَ تسبيحةٍ، وقال أبو عثمان النهديُّ: تضيَّفت أبا هريرة سبعًا، فكان هو وامرأتُه وخادمُه يعتقبون الليلَ أثلاثًا؛ يصلِّي هذا، ثُمَّ يوقظ هذا ويصلِّي، فقلت: يا أبا هريرة؛ كيف تصوم؟ قال: أصوم من الشهر ثلاثًا، ورُوِيَ أنَّ أبا هريرة كان يصوم الخميس والاثنين، قال الواقديُّ _كما تَقَدَّمَ_: تُوُفِّيَ سنة تسع وخمسين وله ثمانٍ وسبعون سنةً، أخرج له الأئمَّة السِّتَّة، وأحمدُ في «المسند»، رضي الله عنه.
قوله: (كَلِمَتَانِ): خبرٌ مقدَّم، و (خَفِيفَتَانِ): صفةٌ له، والمبتدأ قولُه: (سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ) وما بعده، وإنَّما قُدِّم الخبر؛ لقصد تشويق السامع إلى المبتدأ؛ كقوله:
~…ثَلَاثَةٌ تُشْرِقُ الدُّنْيَا بِبَهْجَتِهَا…شَمْسُ الضُّحَى وَأَبُو إِسْحَاقَ وَالقَمَرُ
قال السَّكَّاكِيُّ: وكونُ التقديم يفيد التشويقَ حقُّه تطويل الكلام، وإلَّا؛ لم يحسن كلَّ الحُسْنِ؛ لأنَّه كلَّما كثر ذِكْرُ المشوَّق بالتطويل بذِكْرِ أوصافه الجارية عليه؛ ازداد شوق السامع إلى المبتدأ، وقد اشتمل هذا الحديثُ على أنواعٍ من البديع؛ كالسَّجْع، والمقابلة بين الخِفَّة والثِّقَل.
واختتامُه بحديث: «ثَقِيلَتَانِ في الْمِيزَان» نصٌّ في أنَّ الأعمالَ تُوزَن، وقد ظهر ما اشتمل عليه من المناسبة؛ كما ظهر في افتتاحه بحديث النيَّة، فكأنَّه يُذَكِّر نفسَه أنَّ عملَ ابن آدم يُوزَن، قولًا كان أو فعلًا، وهذا كتابه الذي جمعه من جملة عمله، وأشعر ذلك أنَّه وضعه قسطاسًا وميزانًا يُرجَع إليه، وذلك سهلٌ على مَن سهَّله الله عليه، وحدَّق بعين العناية إليه، وسُبْحَانَ اللَّهِ وبحمده ملءُ الميزان، ومنتهى العلم، ومبلغُ الرضا، وزنةُ العرش، والله أعلم.

(1/13361)


هذا آخر ما تيسَّر جمعه من المُسَوَّدَةِ التي كتبتُها في سنة ثلاث وتسعين وسبع مئة، ثُمَّ نقلتها إلى هنا مع زيادات، وابتدأتُ بهذه المُبَيَّضَة في غالب ظنِّي في ربيع الآخر من سنة أربع وعشرين وثمان مئة، وكان الخَتْمُ في عاشر جمادى الآخرة من سنة خمس وعشرين وثمان مئة، أحسن الله خاتمتَها بمُحَمَّد وآله، قاله إبراهيم بن مُحَمَّد بن خليل، سِبْطُ ابن العجميِّ، وكتب بخطِّه هذا، وذلك بحلبَ بالمدرسة الشَّرَفيَّة رحم الله واقفها، وصلَّى الله على سيِّدنا مُحَمَّدٍ وآله وصحبه وسلَّمَ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
أنهاه مطالعةً، وكتب منه، واستفاد داعيًا لشيخه وله بالرحمة والرضوان، ولذرِّيَّته بالجمع لهم بين خيرَي الدنيا والآخرة؛ كاتِبُه مُحَمَّدُ بن الناسخ المالكيُّ في خامسَ عشرَ رجب الفردِ الحرامِ، سنة خمس وتسع مئة.
وقفُ شيخِ الإسلامِ السيِّدِ فيض الله أفندي، غفر الله له ولوالديه، بشرط ألَّا يخرج من المدرسة التي أنشأها بقسطنطينيَّة سنة (1113 هـ).
==========
[1] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثَني).
[2] وهو في «اليونينيَّة» مصروفٌ، وفي (ق) معًا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لقد أبطل الله كل طلاق سبق علي تنزيل طلاق سورة الطلاق 5هـ

  المقدمة الأولي /التفصيل القريب و الصواب في التفصيل الاتي 1= نزلت أحكام الطلاق في ثلاث سور قرانية أساسية تُشرِّع قواعده علي المُدرَّج ال...