سورة الطلاق مشاري

**

 المصحف المرتل ختمة كاليفورنيا

** ///

طلاق سورة الطلاق  إعجازٌ وضعه الله في حرفٍ.حيث وضع الله الباري إعجاز تبديل أحكام الطلاق التي كانت  في سورة البقرة 2هـ  إلي أحْكَمِ  أحكامها  في  سورةِ الطلاقِ 5هـ لينتهي كل متشابهٍ  وظنٍ وخلافٍ واختلافٍ  إلي الأبد وحتي يوم القيامة ..وسورة الطلاق5هـ نزلت بعد سورة البقرة2هـ بحوالي عامين ونصف تقريباً يعني ناسخة لأحكام طلاق سورة البقرة2هـ .

الأربعاء، 5 أبريل 2023

ج16وج17. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

ج16وج17.

ج16. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح

 على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: رأيت رفاعة بن رافع الأنصاري وكان شهد بدرًا]

4014# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): هو ابن أبي إياس العسقلانيُّ، ثقة، مأمون، تَقَدَّم، و (حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الصاد، وقد قدَّمتُ غيرَ مرَّةٍ أنَّ الأسماء: بالضمِّ والكنى: بالفتح، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ): كذا في أصلنا بغير ياء، وقد تَقَدَّم أنَّ الصواب كتابته بالياء.

==========

[ج 2 ص 126]

(1/7357)

[حديث: أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء]

4015# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): هو عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد أبو عبد الرحمن، تَقَدَّم مترجمًا، و (عبد الله): هو ابن المبارك.

و (مَعْمَرٌ): بإسكان العين، هو ابن راشد، (وَيُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَة): تَقَدَّم أنَّه [1] بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صحابيٌّ صغيرٌ، ووالده (مخرمة): تَقَدَّم أنَّه من مُسْلِمة الفَتْح، ومن المؤلَّفة رضي الله عنه.

قوله: (أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ [2]، وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا): قال الدِّمياطيُّ: قال ابن سعد، وموسى بن عقبة، وأبو معشر، ومحمد بن عُمر: هو عَمرو بن عوف، وقال ابن إسحاق: عُمر بن عوف، انتهى، وقوله عن ابن إسحاق: (إنَّه عُمر بن عوف) كذا هو الحاشية التي نقلت منها عنه، والذي نقله الذَّهبيُّ عن ابن إسحاق أنَّه سمَّاه عَمرًا؛ أعني: بفتح العين، وزيادة واو في آخره، وكذا نقله أيضًا عن ابن إسحاق في (عُمير) أنَّه سماه عَمرًا، والظَّاهر: أنَّ الدِّمياطيَّ أو من نقل عنه سقط منه الواو، والظَّاهر السقوط من الناقل عنه، وقد قدَّمتُ الكلام عليه رضي الله عنه.

قوله: (بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ ابْنَ الْجَرَّاحِ): تَقَدَّم مَرَّاتٍ أنَّ أبا عُبيدة اسمه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمين الأمة، وأحد العشرة رضي الله عنهم، تَقَدَّم ببعض ترجمةٍ.

قوله: (إِلَى الْبَحْرَيْنِ): تَقَدَّم الكلام عليها.

قوله: (الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ): تَقَدَّم الكلام على (العلاء) رضي الله عنه، واسم (الحضرميِّ): عبد الله بن عبَّاد أو عمَّار، أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند»، للعلاء.

قوله: (أَجَلْ): هو بفتح الهمزة، وإسكان اللام مُخَفَّفة؛ أي: نعم، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَأَبْشِرُوا): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وكذا (أَمِّلُوا)؛ بفتح الهمزة، وكسر الميم المُشدَّدة، رُباعيٌّ أيضًا.

قوله: (مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ): (الفقرَ) منصوب، ونصبه معروف.

قوله: (أَنْ تُبْسَطَ): هو مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (بُسِطَتْ) مبنيٌّ أيضًا، وهذا كلُّه ظاهرٌ.

(1/7358)

[حديث: أن ابن عمر كان يقتل الحيات كلها ... ]

4016# 4017# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبه عارم، وتَقَدَّم أنَّ العارم: الشريرأو الشرس، وهو بعيد من العرامة رحمه الله، وتَقَدَّم (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): أنَّ (جَرِيرًا): بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّ (حازمًا): بالحاء المهملة، وهذا كلُّه معروف.

قوله: (أَبُو لُبَابَةَ الْبَدْرِيُّ [1]): قال الدِّمياطيّ: (بَشِير أخو مبشِّر ورفاعة بنو عبد المنذر بن رفاعة شهدوا بدرًا، وردَّ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أبا لبابة من الروحاء حين خرج إلى بدر، واستعمله على المدينة، وضرب له بسهمه وأجره، فكان كمَن شهد بدرًا، توفِّي في خلافة عليٍّ، وقُتِل أخوه رفاعة يوم أُحُد، وقيل: يوم خيبر، وقتل أخوهما مبشِّر يوم بدر)، انتهى، هذا كلُّه رَدٌّ لمن يقوله: (أبو لبابة بن عبد المنذر)، وسيجيء أنَّه انتقد على البُخاريِّ في قوله: (رفاعة بن عبد المنذر)، والله أعلم.

قوله: (جِنَّانِ الْبُيُوتِ): تَقَدَّم أنَّ (الجِنَّان): بكسر الجيم، وتشديد النون الأولى، قال ابن قُرقُول: (عوامر البيوت تتمثل حيَّة دقيقة)؛ قاله ابن وهب، وقيل: الجنَّان: ما لا يتعرَّض للإنسان والحبل، وقيل: الجنَّان: مسخ الجنِّ، وقد تَقَدَّم الكلام على قتل الحيَّات في المدينة المشرَّفة، وغيرها، وعلى إنذارها، وصورة الإنذار، في (بدء الخلق) في (باب قول الله تعالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: 164]).

==========

[1] في هامش (ق): (بشير أخو مبشر ورفاعة بنو عبد المنذر بن رفاعة، شهدوا بدرًا، وردَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أبا لبابة من الروحاء حين خرج إلى بدر، واستعمله على المدينة، وضرب له بسهمه وأجره، فكان كمن شهد بدرًا، توفِّي بعد قتل عثمان، وقُتِل أخوه رفاعة بأُحُد، وقيل: يوم خيبر، وقيل: قُتِل يوم بدر).

[ج 2 ص 126]

(1/7359)

[حديث: والله لا تذرون منه درهمًا]

4018# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، وهذا معروفٌ.

قوله: (عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): اعلم أنَّ الحافظ صلاح الدين العلائيَّ شيخ شيوخنا قال: قال الإسماعيليُّ: (لم يسمع موسى بن

[ج 2 ص 126]

عقبة من ابن شهابٍ شيئًا)، انتهى.

وقد ذكر البُخاريُّ لموسى بن عقبة، عن ابن شهاب، عن أنس حديثًا واحدًا _وهو المذكور هنا_ في أبوابٍ ثلاثةٍ؛ في (المغازي) هنا، وفي (الجهاد)، و (العتق)، وهو: (أنَّ ناسًا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقالوا: ائذن لنا أن نترك لابن أختنا عبَّاس فداءه ... )؛ الحديث، وستأتي روايته عنه قريبًا حديثًا مرسلًا، وفي آخره حديث بسند موسى بن نافع، عن عبد الله بن عُمر، وقد ذكرتُ كلام الإسماعيليِّ في الأماكن الثلاثة، وقد تعقَّب العلائيُّ كلام الإسماعيليِّ في «مراسيله»، وقد ذكرتُ تعقُّبه في (العتق)، وأنا أستبعد كلام الإسماعيليِّ، وقد ذكرتُ الاستبعاد في (العتق)، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ): هؤلاء الرِّجال لا أعرفهم بأعيانهم، والظَّاهر أنَّهم من الخزرج.

قوله: (لاِبْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ): تَقَدَّم لم كان العبَّاس ابن أخت الأنصار، ونسبه إليهم؛ وهو أنَّ عبد المُطَّلب والدة أمِّه من الخزرج، وقدَّمتُ اسمها، ونسبها إليهم إلى بني عديِّ بن النجَّار، وكان العبَّاس قد أُسِر في وقعة بدر، وتَقَدَّم الفداء كم كان.

(1/7360)

[حديث: لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله]

4019# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الضحَّاك بن مخْلد النَّبيلُ، وتَقَدَّم (ابْنُ جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ): وهو المقداد بن عَمرو، وأنَّ الأسود تبنَّاه، تَقَدَّم كلُّ ذلك، ونسب الأسود، ونسب المقداد، وتَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ): هوإسحاق بن إبراهيم بن راهويه الإمام، أحد الأعلام.

و (ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الله بن مسلم، تَقَدَّم بعض ترجمته والكلام فيه، وعمُّه محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، تَقَدَّم مِرارًا كثيرة، و (عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، ثُمَّ الْجُنْدعِيُّ): (الجُنْدعي)؛ بضمِّ الجيم، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مفتوحة ومضمومة _كذا ضبطه غير واحد_ ثُمَّ عين مهملتين، نسبه إلى جندع بن ليث بن بكر بن عبد مناف بن كنانة، يروي عن تميم، وأبي أيُّوب، وعدَّة، وعنه: سهيل، والزُّهريُّ، وأبو عُبيد الحاجب، توفِّي سنة (107 هـ)، وقيل: سنة (105 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ): تَقَدَّم، وأنَّ (الخِيار): بكسر الخاء المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره راء؛ كالخيار الذي يؤكل، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو): تَقَدَّم رضي الله عنه.

قوله: (أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ): (أرأيتَ): هو بفتح التاء للخطاب للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، و (لقيتُ): بضمِّ التاء على التكلُّم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ثُمَّ لاَذَ): هو بذال معجمة؛ أي: استتر.

قوله: (أأقتُلُهُ؟): هو بهمزتين؛ الأولى للاستفهام.

قوله: (فَإِنْ قَتَلْتَهُ ... ) إلى آخره: أحسن ما قيل في هذا الحديث وأظهرُه ما قاله الإمام الشافعيُّ وابن القصَّار المالكيُّ وغيرهما: إنَّه معصوم الدم محرَّمٌ قتله بعد قوله: (لا إله إلَّا الله)؛ كما كنتَ أنتَ قبل أن تقتله، وإنَّك بعد قتله غير معصوم الدم، ولا محرَّم القتل؛ كما كان هو قبل قوله.

قال ابن القصَّار: (يعني: لولا عذرك بالتأويل المسقط للقصاص عنك)، قال القاضي عياض: (وقيل معناه: أنَّك مثله في مخالفة الحقِّ وارتكابك الإثم وإن اختلفت أنواع المخالفة والإثم؛ فيسمَّى إثمُه كفرًا، وإثمك معصيةً وفسقًا)، وهذا ملخَّصٌ من كلام الشيخ محيي الدين النَّوويِّ، وقد قدَّمتُ ذلك.

(1/7361)

[حديث: من ينظر ما صنع أبو جهل؟.]

4020# قوله: (حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح بن يوسف العَبْديُّ، مولى عبد القيس، الدورقيُّ البغداديُّ الحافظ أخو الحافظ أحمد، وكان الأكبر، رأى اللَّيْثَ بن سعد لمَّا قدم العراق، وروى عن هشيم، ويحيى بن أبي زائدة، وغندر، وخلقٍ كثير، وعنه: الجماعة، وأبو زرعة، وابن أبي الدنيا، وخلقٌ، قال أبو حاتم: صدوق، وقال النَّسائيُّ: ثقة، قال الخطيب: كان ثقةً حافظًا متقنًا، صنَّف «المسند»، توفِّي سنة (252 هـ)، وقد قدَّمتُه فيمن أخذ عنهم الأئمةُ السِّتَّة أنفسُهم، و (ابْنُ عُلَيَّةَ): إسماعيل بن إبراهيم ابن عليَّة الإمام أبو بشر تَقَدَّم، و (سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ): هو سليمان بن طرخان تَقَدَّم، وتَقَدَّم ضبط طرخان ومعناها.

قوله: (مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ): تَقَدَّم أنَّه عَمرو بن هشام، فرعون هذه الأمة.

قوله: (قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليهما في هذه الغزوة، وعلى من يقال إنَّه قتله، والجمع بين ذلك.

قوله: (حَتَّى بَرَدَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه مجاز.

قوله: (آنْتَ أَبَا جَهْلٍ): كذا في أصلنا: (آنت): بمدِّ الهمزة، وفي نسخةٍ بقصرها؛ وهي نسخة الدِّمياطيِّ، و (أبا جهل): كذا في أصلنا، قال الدِّمياطيُّ: (أي: أنت المقتول الذليل يا أبا جهل، على جهة التقريع والتوبيخ وإظهار التشفِّي)، انتهى، وقال شيخنا في (باب قتل أبي جهل) ما لفظه: يجوز على قول بعيد؛ مثله قوله:

~…إنَّ أباها وأبا أباها…قد بلغا في المجد غايتاها.

قال الدِّمياطيُّ: (يحتمل معنيين: أحدهما: أن يقول له ذلك، ويستحلُّ اللحن؛ ليغيظ أبا جهل كالمصغِّر له، الثاني: إضمار (أعني)، وفيهما نظرٌ، كما أبداه ابن التين معلِّلًا بأنَّه إنَّما يصحُّ إذا كثرت فيها النعوت، ولغيظه في مثل هذه الحال، فاللحن فيه بعدٌ)، انتهى.

[ج 2 ص 127]

قوله: (قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلية الإمام المذكور في السند، وكذا (سُلَيْمَانُ): تَقَدَّم أنَّه سليمان بن طرخان التيميُّ، وهو المذكور في السند.

قوله: (قَالَ: وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ): أمَّا قائل ذلك؛ فهو سُليمان بن طرخان التيميُّ المذكور في السند، ذكر ذلك عن أبي مجلز لاحِقِ بن حُميد، وقد تَقَدَّم ضبطه، وبعض ترجمته، ولم أر أنا في «الأطراف» ما قاله أبو مجلز، لا في مسند سليمان التيميِّ عن أنسٍ، ولا في مسند أبي مجلز عنه، والله أعلم.

(1/7362)

قوله: (فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِي): (غيرُ): مرفوعٌ، ورفعه معروف، و (الأَكَّار): بفتح الهمزة، وتشديد الكاف، وفي آخره راء، قال ابن قُرقُول: (هو الحرَّاث، والجمع: أَكَرَة، يقال: أكرتُ الأرض؛ إذا شققتها للحراثة، وأكرتُ النهر: حفرته، والأُكْرة؛ بضمِّ الألف، وإسكان الكاف: الحفرة تحفر إلى جانب الغديرليصفوَ فيها الماءُ، وإنَّما أراد بقوله: «الأنصار» يتنقَّصهم بذلك؛ أي: لو قتلني رجل من قريش؛ لكان لي عزاء، وفي بعض روايات مسلم: (لو غيرُك كان قتلني) يقوله لعبد الله بن مسعود احتقارًا، كذا قيَّده بعضُ شيوخنا عن ابن الحذَّاء، وكلاهما له وجه، وقد يحتمل أن تكون إحدى الروايتين تصحيفًا)، انتهى، وقول ابن قرقول: وإنما أراد بقوله: (الأنصار)؛ يعني: لأنهم أصحاب نخل وزرع.

(1/7363)

[حديث: لما توفي النبي قلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا]

4021# قوله: (حدَّثني مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبوذكيُّ الحافظ تَقَدَّم، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد العبدِيُّ تَقَدَّم مِرارًا، ومرة مترجمًا، وأنَّ له مناكير اجتنبها أهل «الصحيحين»، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم مِرارًا، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود تَقَدَّم.

قوله: (لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (توفِّي): هو بضمِّ التاء، مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّبيُّ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (فَلَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلاَنِ صَالِحَانِ): (لقيَنا): هو بفتح المثنَّاة تحت، والضمير فيه مفعول، و (رجلان): فاعل.

قوله: (عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ): هو عويم بن ساعدة بن عائش بن قيس بن النعمان بن زيد بن أميَّة بن زيد بن مالك بن عوف بن عَمرو بن عوف، يُكنَّى أبا عبد الرحمن، وكان ابن إسحاق يقول في نسبه: (عويم بن ساعدة بن صَلْعجة)، وإنَّه من بليِّ بن عَمرو بن الحاف بن قضاعة، حليفٌ لبني أميَّة بن زيد، ولم يذكر ذلك غيرُه، شهد عويم العقبتين في قول الواقديِّ، وغيره يقول: (شهد العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، ومات في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقيل: بل مات في خلافة عُمر بالمدينة، وهو ابن خمس أو ستٍّ وستين سنة)، انتهى كلام ابن عبد البَرِّ، وفي تاريخ وفاة عويم في حياته عليه السلام نظرٌ؛ لما هنا أنَّه اجتمع بأبي بكر وعمر بعد وفاته صلَّى الله عليه وسلَّم، والله أعلم، وقوله: (مع السبعين): تَقَدَّم الاختلاف في عدد أصحاب العقبة في (وفود الأنصار).

قوله: (وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ): قال الدِّمياطيُّ: (ابن الجدِّ بن العجلان أخو عاصم بن عديٍّ)، انتهى، وبعد عجلان: ضُبيعة البلويُّ؛ من بليِّ بن الحاف بن قضاعة، حليف بني عَمرو بن عوف، الأنصاريُّ، شهد معنٌ العقبة، وبدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقتل يوم اليمامة شهيدًا في خلافة الصِّدِّيق رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 128]

(1/7364)

[حديث: كان عطاء البدريين خمسة آلاف خمسة آلاف]

4022# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو ابن راهويه الإمام، أحدُ الأعلام، تَقَدَّم، و (مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ) بعده: بضمِّ الفاء، وفتح الضاد المعجمة، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو ابن أبي خالد، تَقَدَّم، و (قَيْسٌ) بعده: هو ابن أبي حازم تَقَدَّم أيضًا، وسأذكر قريبًا كلامًا يتعلَّق بهذا الحديث؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 128]

(1/7365)

[حديث: سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور وذلك أول ... ]

4023# 4024# قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا ضبطه، وأنَّه ابن راشد، وكذا (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (مُحَمَّد بْن جُبَيْر): هو ابن مطعم، تَقَدَّم هو وأبوه جبير بن مطعم الصَّحابيُّ رضي الله عنه.

قوله: (وَذَلِكَ أَوَّلَ): هو منصوبٌ على الظرف، و (وَقَرَ) معناه: سكن وثبت.

قوله: (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السند الذي قبله، وقد رواه البُخاريُّ _أعني: هذا_ عن إسحاق بن منصور، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهريِّ به؛ فاعلمه، وإيَّاك أن تجعلَهُ تعليقًا، والله أعلم.

تنبيهٌ: لا يظهر لي تخريج هذين الحديثين هنا، وكذا الحديث الذي قبلهما: (كان عطاء البدريِّين ... ) إلى آخره؛ وذلك لأنَّ هذا الباب ساقه شاهدًا لمن شهد بدرًا من المسلمين، ثُمَّ عمل بعده جريدة ذكر فيها أسماء الجماعة الذين ذكرهم في هذا الباب مع غيرهم أنَّهم شهدوا بدرًا، وإذا كان كذلك؛ فلا تعلُّق للأحاديث الثلاثة بذلك، وجُبير أسلم قبل خيبر، وقيل: يوم الفتح، والمطعم هلك على كفره، نعم؛ لها تعلُّق بيوم بدر، والله أعلم، وسيجيء الكلام قريبًا على (المطعم).

ثُمَّ ظهر لي أنَّ ذكره عطاء البدريِّين؛ لأنَّ عمر مدحهم بقوله: (لأفضِّلنَّهم على من بعدهم)، وأمَّا حديث جُبير؛ فلأنَّه جاء في (أسارى بدر): (فسمع النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقرأ في المغرب بالطور)، والمعطوف الذي للزهريِّ يُسنده إلى جبير؛ لأنَّه يتعلَّق بأسرى بدر، وأنَّ المطعم لو كان حيًّا، ثُمَّ كلَّمه عليه السلام فيهم _أي: الأسرى_؛ لتركهم له، فالأحاديث الثلاثة هنا تُعلَّق ببدر، لكن ليس فيها ذكر تسمية أحدٍ منهم، والله أعلم.

قوله: (لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلاَءِ النَّتْنَى، لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ): (المطعم) هلك كافرًا قبل بدر بلا خلاف بين أهل التواريخ، والسير، وغيرهم، وقال الشيخ أبو إسحاق في «المهذَّب في السير»: (إنَّ المطعم بن عديٍّ قتله النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يوم بدر كافرًا في الأسر)، وهذا غلطٌ، وإنَّما الذي قتله يوم بدر طعيمةُ بن عديٍّ، لكنَّه قُتِل في حال القتال لا في الأسر، وقد قدَّمتُ ذلك، و (النَّتْنَى): جمع نَتِن؛ كزَمْنى وزَمِن، يقال: أَنتن الشيء؛ فهو مُنتنٌ ونَتِنٌ، وعُزيَ للخطابيِّ: أنَّه كزَمنى وزَمِن، وإلى غيره: كجَرِيح وجَرحى.

تنبيهٌ: تَقَدَّم هذا كلُّه ومعه أنَّ المراد بـ (النتنى): الأسرى في بدر، وسمَّاهم نتنى؛ لكفرهم؛ كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]، وكانوا سبعين كما تَقَدَّم.

(1/7366)

تنبيهٌ هو فائدةٌ: إنَّما قال صلَّى الله عليه وسلَّم في حقِّ المطعم ذلك؛ لأنَّه قام في نقض الصحيفة، وهذه الصحيفة معروفةٌ مشهورةٌ، وحين خرج عليه السلام بعد موت خديجة وأبي طالب إلى الطائف _وذلك في ليال بقين من شوَّال سنة عشر من النُّبوَّة، ثُمَّ رجع إلى مكَّة_؛ دخل في جوار المطعم بن عديٍّ بعد أن بعث إلى الأخنس بن شريق ليجيره، فقال: أنا حليفٌ، والحليف لا يجير، فبعث إلى سهيل بن عَمرو، فقال: إنَّ بني عامر لا تجير على بني كعب، فبعث إلى المطعم بن عديٍّ، فأجابه إلى ذلك،

[ج 2 ص 128]

ثُمَّ تسلَّح المطعم وأهل بيته، وخرجوا حتَّى أتوا المسجد، ثُمَّ بعث إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن ادخل، فدخل فطاف بالبيت وصلَّى عنده، ثُمَّ انصرف إلى منزله، وقد تَقَدَّم ذلك مع بحث مع السُّهيليِّ، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بنِ سعيد، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّب): هذا تعليق مجزوم به موقوف على (ابن المُسَيّب)، وإن شئت؛ سمَّيته مقطوعًا، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (يحيى بن سعيد): هو الأنصاريُّ القاضي، و (سعيد بن المُسَيّب): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غير أبيه ممن اسمه المسيَّب لا يجوز في يائه إلَّا الفتح.

قوله: (وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الأُولَى _يَعْنِي: مَقْتَلَ عُثْمَانَ_ فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدًا): أمَّا (مقتل عثمان)؛ فقد قدَّمتُ أنّه قتل شهيدًا يوم الجمعة لثمان عشرة خلون من ذي الحجَّة سنة خمس وثلاثين، وقيل: قتل يوم الأربعاء وهو ابن تسعين سنة، وقيل غير ذلك.

وقوله: (فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدًا): تَقَدَّم الخلاف في عدَّة أصحاب بدر، قال شيخُنا: (ونُسِبَ ذلك إلى الوهم، يوضِّحه أنَّ عليًّا والزُّبَير وطلحة وسعدًا وسعيدًا وغيرهم كثيرًا عاشوا بعد ذلك إلى صفِّين)، انتهى، وفي ذلك نظرٌ؛ لأنَّ طلحة والزُّبَير قتلا رضي الله عنهما قبل صفِّين، وقد قتل طلحة في الجمل سنة ستٍّ وثلاثين، والزُّبَير قتل بعد انصرافه عن الجمل في تلك الأيام، قال شيخنا: (بل ذكر أبو العبَّاس بن عقدة: أنَّ نيِّفًا وسبعين رجلًا شهدوها من البدريِّين مع الاختلاف فيه لا جرم)، قال الداوديُّ: عنى بـ (الفتنة الأولى): مقتل الحسين، انتهى.

تنبيهٌ: أبو العبَّاس بن عقدة اسمه أحمد بن محمَّد بن سعيد، حافظ مشهور، شيعيٌّ متوسِّط، ضعَّفه غير واحد، وقوَّاه آخرون، والله أعلم.

تنبيهٌ ثانٍ: روى حَبَّة بن جُوين العُرنيُّ الكوفيُّ _وهو من غُلاة الشيعة_: أنَّ عليًّا كان معه بصفِّين ثمانون بدريًّا، وهذا محالٌ، وحبَّة غير ثقة؛ كما قاله ابن معين، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ، وفيه مقال غير ذلك، وقد وثَّقه العجليُّ، وقال الذَّهبيُّ في قوله في عليٍّ: إنَّه حضر معه ثمانون بدريًّا صفِّين، فقال: حَبَّةُ شيعيٌّ جبل قال ما يُعلَم بطلانُه، فذكر حضورَهم معه صفِّين.

(1/7367)

تنبيهٌ آخر: ذكر الحاكم في «المستدرك» في (الفتن والملاحم) بإسناده عن معمر، عن أيُّوب، عن ابن سيرين: (ثارت الفتنة وأصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عشرة آلاف لم يُجب فيها منهم [إلَّا] أربعون رجلًا من أهل بدر، فيهم: أبو أيُّوب، وسهل بن حنيف، وعمَّار بن ياسر)، قال الذَّهبيُّ: (كذا قال، ولم يكن بقي من البدريِّين عشرون أو ثلاثون نفسًا في الفتنة)، انتهى.

تنبيهٌ: آخر من مات من البدريِّين عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيديُّ، هذا على القول بأنَّه شهد بدرًا، وقد ذكره بذلك أبو عبد الله بن منده، ولا يصحُّ شهوده بدرًا، وقد توفِّي سنة (86 هـ)، وقيل غير ذلك، ويقال: إنَّ آخرهم موتًا أبو أُسيدٍ الساعديُّ، توفِّي سنة ستِّين، وقيل غير ذلك في وفاته، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الثَّانِيَةُ؛ يَعْنِي: الْحَرَّةَ): تَقَدَّم مَرَّاتٍ أنَّ (الحرَّة) سنة ثلاث وستِّين من الهجرة بمدينة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وانتهكت حرمة المدينة ونُهبَت، وقد قدَّمتُ عدَّة من قتل فيها من المعروفين ومن غيرهم مطوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا): فيه نظرٌ؛ لأنَّ آخر من توفِّي من أصحاب الشجرة من الصَّحابة: عبد الله بن أبي أوفى، توفِّي سنة (86 هـ)، وقيل: سنة (88 هـ).

قوله: (ثُمَّ وَقَعَتِ الثَّالِثَةُ): قال شيخنا: قال الدِّمياطيُّ: (المعروف: ولو وقعت الثالثة؛ لم ترتفع ... ) إلى آخره، كما رواه ابن أبي خيثمة: حدَّثنا نصر بن المغيرة البخاريُّ: حدَّثنا سفيان، عن يحيى _يعني: ابن سعيد_ قال: سمعتُ سعيدًا يقول: (وقعت فتنة الدار، فلم تُبْقِ من أهل بدر أحدًا، ووقعت فتنة الحرَّة، فلم تُبْقِ من أهل الحديبية أحدًا، ولو وقعت فتنةٌ؛ فلم ترتفع وللناس طباخ).

قوله: (ثُمَّ وَقَعَتِ الثَّالِثَةُ): قال شيخنا: (هي الفتنة التي كانت بالعراق مع الأزارقةوغيرهم)، وقال ابن التين: (يحتمل أن يكون يوم خرج بالمدينة أبو حمزة الخارجيُّ؛ لأنَّ يحيى بن سعيد قال: لم نترك الصلاة في مسجد الرسول منذ كان الرسول إلَّا ثلاثة أيام؛ يوم قتل عثمان ويوم الحرَّة، قال مالك: ونسيت الثالثة، قال محمَّد بن عبد الحكم: هو يوم خرج بها أبو حمزة الخارجيُّ)، انتهى، وإنَّما يتأتَّى ذلك على رواية البُخاريِّ، لا على رواية ابن أبي خيثمة المُتَقدِّمة، والله أعلم.

قوله: (وَلِلنَّاسِ طَبَاخٌ [1]): هو بفتح الطاء المهملة، وتخفيف الموحَّدة، وفي آخره خاء معجمة، قال ابن قُرقُول: (أي: عقل، وقيل: قوَّة، وقيل: المراد: بقيَّة الخير في المذهب، وأصله: القوَّة، ثُمَّ استعمل في العقل والخير)، انتهى، وفي «القاموس»: (وكالسحاب، ويُضمُّ: الأحكام، والقوَّة، والسِّمَنُ)، انتهى، وقال ابن الأثير: (أصل الطَباخ: القوَّة والسِّمن، ثُمَّ استعمل في غيره، فقيل: فلان لا طَباخ له؛ أي: لا عقل له ولا خير عنده؛ أراد أنَّها لم تُبْقِ في الناس من الصَّحابة أحدًا).

==========

(1/7368)

[1] في هامش (ق): (قال الحافظ أبو ذرٍّ: الطباخ: [الطاهي]، وكذا قال ابن سيده في «المحكم»).

(1/7369)

[حديث عائشة في قصة الإفك]

4025# قوله: (طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ)؛ أي: قطعة منه، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَأُمُّ مِسْطَحٍ): تَقَدَّم الكلام على (أمِّ مسطح)، وأنَّ اسمها: سَلْمى، وقيل: ريطة، ويقال: رائطة، في (الشهادات) في (حديث الإفك)، وأنَّ (مِسْطحًا) لقب، وأنَّ اسمه عوف، وقيل: عامر، وكذا تَقَدَّم الكلام على (المِرْطِ) ماهو، وضبطه، وعلى (تَعِسَ) وأنَّ فيه لغتين.

==========

[ج 2 ص 129]

(1/7370)

[حديث: ما أنتم بأسمع لما قلت منهم]

4026# قوله: (عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ): تَقَدَّم الكلام في رواية موسى بن عقبة عن الزهريِّ قريبًا، وفي (الجهاد)، وفي (العتق)، وذكرته في (العتق) مطوَّلًا؛ فانظره، وهذا هو هنا مرسلٌ.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (وَهْوَ يُلْقِيهِمْ): كذا قال: (يلقيهم)، وفي الأحاديث الأخر أنَّه قال ذلك بعد ما استقرُّوا في البئر، وهذا هو المعروف، وما ذكره هنا عن ابن شهاب مرسلٌ، فإن صحَّ؛ فلعلَّه قال ذلك مرَّتين: حين الإلقاء، وبعدما استقرُّوا، والله أعلم، و (يلقيهم)؛ من الإلقاء، ورأيت في نسخةٍ غير صحيحة: (يلقِّبهم)؛ من اللقب، ورأيت في بعض أصولنا الدِّمَشْقيَّة: (يلعنهم)؛ من اللَّعن، وفي هامشها: نسخةٌ؛ وهي: (يلقِّنهم)؛ من التلقين، والله أعلم.

قوله: (قَالَ مُوسَى: قَالَ نَافِعٌ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِه ... ) إلى آخره: هذا ليس تعليقًا، وإنَّما رواه البُخاريُّ،

[ج 2 ص 129]

عن إبراهيم بن المنذر، عن محمَّد بن فُليح بن سليمان، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن عبد الله؛ هو ابن عُمر، والله أعلم، فإيَّاكَ أن تجعله تعليقًا.

قوله: (البُخَارِيُّ: فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا، وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: قَالَ الزُّبَيْرُ _يَعْنِي: ابْنَ العَوَّامِ_: قُسِمَتْ سُهْمَانُهُمْ، فَكَانُوا مِئَةً): و (قُسِمت): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (سهمانُهم): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، ثُمَّ ذكر البُخاريُّ بسنده إلى الزُّبَير: أنَّهم كانوا مئة، قال شيخنا: قال الداوديُّ: (الله أعلم هل هو من كلام الزُّبَير دخله بعض الشككِّ لطول الزمان، أو من قول الراوي عنه؟ وإنَّما كانوا أربعة وثمانين، وكانت بينهم ثلاثة أفراس، فأسهم لها بسهمين سهمين، وضرب عليه السلام لرجال كان بعثهم في بعض أمره بسهامهم مع أهل بدر، وبشَّرهم بمثل أجورهم، وكانوا في أعدادِهم، ولعلَّ قول الزُّبَير يصحُّ على أنَّ من غاب عن شهود بدر وضرب له بسهمه _مثل عثمان بن عَفَّان_ هم تمام المئة ممَّن شهدها)، انتهى.

وقد قدَّمت أنَّ الخيل كانت خمسة، وقال بعضهم: فرسين، وأنَّ في «مسند أحمد»: فرسًا واحدًا، وقول: إنَّه كان معهم ثلاثة أفراس، وتَقَدَّم أنَّ أبا الفتح اليعمريَّ ذكر عدَّةَ أهل بدر من المسلمين، وقد ذكرتُ أنا الاختلاف في عدَّتهم، قال أبو الفتح ابن سيِّد الناس: (ومن المهاجرين أربعة وتسعون)؛ يعني: من قيل عنه: إنَّه شهدها، وإن لم يصحَّ ذلك عنه، وكأنَّ البُخاريَّ أراد مَن صحَّ عنده حضورُها، والله أعلم.

قوله: (بابُ تَسْمِيةِ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فِي «الْجَامِعِ»): تنبيهٌ: لم يحضر بدرًا ابن مؤمنَين سوى عمَّارُ بن ياسر.

تنبيهٌ ثانٍ: لم يحضرها أحدٌ وأبوه وجدُّه سوى معن بن يزيد بن الأخنس، قال ابن عبد البَرِّ: (ولا يصحُّ).

(1/7371)

قوله: (سُمِّيَ): هو بضمِّ السين، وكسر الميم المُشدَّدة، مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (النَّبِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): ثُمَّ ذكر بعده: عبد الله بن عثمان؛ وهو الصِّدِّيق، ثُمَّ عُمر، ثُمَّ عثمان، ثُمَّ عليًّا، أمَّا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقدَّمه؛ لأنَّه أفضلُ الخلق، وقدَّم بعده الخلفاء الأربعة؛ لأنَّهم أفضل الصَّحابة، بل أفضل الخلق بعد النَّبيِّين، فناسب أن يقدِّمهم بعده عليه السلام، ثُمَّ ذكر حاضريها بعد ذلك على حروف المعجم، ولم يذكرهم على ترتيبهم في الفضيلة؛ وذلك تسهيلًا للكشف والسرعة فيه، كذا في أصلنا الذي سمعنا منه على العراقيِّ، وفي بعض أصولنا الشاميَّة ذكر الخلفاء الأربعة بعده عليه السلام، ثُمَّ أعاد ذكر أبي بكر، ثُمَّ عُمر، ثُمَّ عثمان، ثُمَّ عليٍّ في أماكنهم، وكأنَّ الناسخَ جمع بين نسختين، فكان ذلك.

قوله في عثمان بن عَفَّان: (خَلَّفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنَتِهِ)؛ يعني: ابنة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم رقيَّة وكانت مريضة، وتوفِّيت تلك الأيام رضي الله عنها، وقد تَقَدَّم متى توفِّيت، وقيل: كان به جدَريٌّ.

قوله: (إِيَاسُ بْنُ الْبُكَيْرِ): هو بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف.

قوله: (بِلاَلُ بْنُ رَبَاحٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الراء، وبالموحَّدة.

قوله: (أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ): تَقَدَّم أنَّ اسم أبي حذيفة مهشم، وقيل: هُشيم، وقيل: هاشم، ووهَّم السُّهيليُّ وغيره كون اسمه مهشمًا، وقالوا: إنَّما اسمه قيس.

قوله: (حَارِثَةُ ابْنُ الرُّبَيِّعِ): تَقَدَّم أنَّ (حارثة): بالحاء المهملة، وبعد الراء ثاء مثلَّثة، و (الرُّبَيِّع): بضمِّ الراء، وفتح الموحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مكسورة، وأنَّها أمُّه، وهي الرُّبيِّع بنت النضر، وقد تَقَدَّمت، وتَقَدَّم ابنها حارثة بن سراقة بن الحارث بن عديٍّ.

وقوله: (قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ): تَقَدَّم أنَّ الذي قتله هو حِبَّان ابن العَرِقة، وقد تَقَدَّم الكلام على حِبَّان، وضبطه، وعلى العَرِقة أمِّه، وأنَّه هلك على كفره.

قوله: (كَانَ فِي النَّظَّارَةِ): هم القوم ينظرون إلى شيءٍ.

قوله: (خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيُّ [1]): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، وأنَّه لم يشهد بدرًا، وقد قال الحافظ الدِّمياطيُّ هنا: (فيه نظرٌ، باتفاق أرباب المغازي أنَّ خُبيب بن عديٍّ لم يشهد بدرًا، ولم يقتل الحارث بن عامر، وإنَّما الذي شهد بدرًا وقتل الحارث هو خُبيب بن يساف بن عنبة الحارثيُّ الخزرجيُّ)، انتهى، وقد ذكرت فيما تَقَدَّم وفاة خُبيب بن يساف؛ فانظره.

قوله: (خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة.

(1/7372)

قوله: (رِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِر أَبُو لُبَابَةَ الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّم أنَّ هذا خلَّفه عليه السلام على المدينة، ولم يشهد بدرًا، لكن ضرب له بسهمه، ولم ينبِّه عليه البُخاريُّ كما نبه على عثمان، وسيأتي في آخر الأسماء أنَّ الدِّمياطيَّ قال: (وليس هذا بأبي لبابة رفاعة بن عبد المنذر؛ إنَّما هو أبو لبابة بَشِير)، انتهى، وقد قدَّمت ذلك عنه عند ذكره في الباب الذي قبله.

قوله: (أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّم أنَّ (أبا زيدٍ) هذا اسمه قيس بن السكن، وتَقَدَّم نسبه، وغيرُ ذلك في الباب الذي قبل هذا.

قوله: (سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا لم يشهد بدرًا، وإنَّما بعثه عليه السلام يتجسَّس خبر العير؛ فانظره.

قوله: (ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ الأَنْصَارِيُّ وَأَخُوهُ): تَقَدَّم أنَّ أخاه اسمه مُظهِّر، وقد تَقَدَّم ضبطه وكلام الدِّمياطيِّ: أنَّهما لم يشهدا [2] بدرًا.

قوله: (عُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ): كذا في هامش أصلنا، وعليه: (صح) و (لا ... إلى)، وهذا القدر ثابتٌ في أصلنا الدمشقيِّ، وفي ثبوت ذلك نظرٌ، ولم أر أحدًا ذكره في البدريِّين، وإنَّما شهد أُحُدًا، وهاجر قبل ذلك إلى الحبشة، ولم يكن من أهل بدر، والصوابُ مع مَن حذفه، والله أعلم.

قوله: (عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ حَلِيفُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الجزية)، وفي الباب الذي قبل هذا هل هو عَمرو أو عُمير.

قوله: (عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ [3]): تَقَدَّم الكلام [4] عليه في الباب الذي قبل هذا وفي غيره أنَّه [5] لم يشهدها، وإنَّما نُسِب إلى الماء مطوَّلًا، والله أعلم.

قوله: (عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَنْزِيُّ [6]): تَقَدَّم أنَّه بسكون النون، وهو فيما ذكر ابن الكلبيِّ: عامر بن ربيعة الأصغر بن حجر بن سلامان بن مالك بن ربيعة الأكبر بن رُفيدة بن عبد الله بن عنْز بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعميِّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، حكاه الوساطيُّ، وذكر ابن عبد البَرِّ في نسبه اختلافًا كبيرًا لا يتحصَّل منه شيء، وهو حليف آل الخطَّاب، وكونه بإسكان النون قاله غير واحدٍ، وقال السُّهيليُّ فيه: عنْز بن وائل؛ بسكون النون، ويذكر عن عليِّ ابن المدينيِّ قال فيه: عنَز؛ بفتح النون، وبالسكون أعرَف، ثُمَّ ذكر سبب تسميته بعنز، وهو في أصلنا بالسكون والفتح، والله أعلم.

قوله: (عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ الأَنْصَارِيُّ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (عويمر)، وعليها ما صورته: (أصل)، قال ابن قُرقُول: وفي أسماء أهل بدر: عويم بن ساعدة، وعند بعض شيوخ أبي ذرٍّ: (عويمر)، وهو تصحيفٌ، انتهى، ولا أعرفُ أنا أحدًا في الصَّحابة _فضلًا عن أهل بدر_ يقال له: (عويمر بن ساعدة)، وقد تَقَدَّم في الباب الذي قبل هذا: (عويم بن ساعدة) بلا خلاف، وهذا الباب حكاية عن ذاك.

[ج 2 ص 130]

(1/7373)

قوله: (مُعَوِّذُ بْنُ عَفْرَاءَ وَأَخُوهُ [7]): تَقَدَّم الكلام على بني عفراء في الباب الذي فيه قتل أبي جهل، و (مُعوِّذ): بكسر الواو المُشدَّدة وتفتح، وذكر شيخنا كسر الواو، ثُمَّ قال: كان الوقشيُّ يأبى إلَّا الفتح، انتهى، قال الدِّمياطيُّ هنا ما لفظُه: (معاذ ومعوِّذ وعوف بنو عفراء شهدوا بدرًا، وأسلمت أمُّهم، وشهدها أيضًا معاذ ومعوِّذ وخلَّاد بنو عمرو بن الجموح، ومعاذ هذا هو الذي ضرب ساق أبي جهلٍ فقطعها، وضربه ابنه عكرمة على عاتقه، فطرح يده، فتعلَّقت بجلده)، انتهى، وقد قدَّمتُ أنا غالب ما ذكره، وزدت أنا على ذلك زيادةً في يده؛ فانظرها في قتل أبي جهل.

قوله: (مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ أَبُو أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّم الكلام على همزة (أبي أُسَيد) وأنَّ الصوابَ الضمُّ فيها، وفتح السين.

قوله: (مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّم الكلام في أنَّ (مرارة) لم يشهد بدرًا، وأنَّه غلط فيه الزُّهريُّ، و (الرَّبِيع): اسم والده بفتح الراء، وكسر الموحَّدة.

قوله: (مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ (مسطحًا) لقب، وأنَّ اسمه عوف، وقيل: عامر، وتَقَدَّم ضبط آبائه، وقوله في نسبه: (ابن المُطَّلب) كذا الصواب، وكذا هو في نسخة عن النسفيِّ، ووقع لأبي زيد: (ابن عبد المُطَّلب)، وهو غلطٌ [8].

قوله: (مِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو الْكِنْدِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ): كذا في أصلنا، وفي هامش الأصل: (مقدام) آخره ميم، ومكتوب عليه: (أصل)، وما صورته: (ح هـ)، أمَّا (مقداد)؛ فمشهور الترجمة، والاسم، والنسب، ومناقبه، وفضائله، وأمَّا ما في الحاشية؛ فلا أعلمه، ولا رأيت أحدًا ذكره، ولا رأيته قولًا فيه، فالظَّاهر أنَّه خطأ، والله أعلم.

قوله: (هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الأَنْصَارِيُّ): تَقَدَّم أنَّه لم يشهد بدرًا، وأنَّ الزُّهريَّ غلط فيه وفي الذي قبله، والله أعلم.

(1/7374)

تنبيهٌ: فيمن تُعقِّب على البُخاريِّ أنَّه لم يشهد بدرًا، وقد عدَّه البُخاريُّ فيهم على ترتيب البُخاريِّ فيما تَقَدَّم: خُبيب بن عديٍّ، ورفاعة بن عبد المنذر أبو لُبابة، وإنَّما هو أبو لبابة بشير، كما نَبَّه عليه وعلى خُبيب الدِّمياطيُّ، بعد أن تعلم أنَّ بعضَهم قال: (إنَّ سعد بن خولة لم يهاجر من مكَّة)، ويردُّ هذا حديث ابن شهاب، وفي آخره: (لكن سعدُ بن خولة البائس قد مات في الأرض التي هاجر منها)، قال ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب»: (وذلك غلطٌ واضح؛ لأنَّه لم يشهد بدرًا إلَّا بعد هجرته، وهذا مما لا يشكُّ فيه ذو لبٍّ، وقد أوضحنا هذا المعنى في كتاب «التمهيد»)، ثُمَّ ذكر سندًا إلى أحمد ابن حنبل: حدَّثنا إبراهيم بن خالد: حدَّثنا رَباح، عن معمر قال: (وممَّن شهد بدرًا من بني عامر بن لؤيٍّ حاطبُ بن عبد العزَّى، وسعد بن خولة)، انتهى، وظُهير بن رافع وأخوه واسمه مُظهِّر كما تَقَدَّم، وعقبة بن عَمرو وهو أبو مسعود، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أميَّة، فهؤلاء سبعة أشخاص، وقد قدَّمتُ ذلك مبسوطًا في «أماليه»، ومن انتقد كلَّ واحد منهم.

تنبيهٌ: تَقَدَّم في أوَّل (باب فضل من شهد بدرًا) من استشهد من المسلمين ببدر، وذكرهم أربعة عشر؛ ستَّة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار؛ ستَّة من الخزرج، واثنان من الأوس، وذكرهم بأسمائهم، والله أعلم.

تنبيهٌ شارد على غلط وقع للسُّهيليِّ في «روضه»: قال: وممَّن ذكره البُخاريُّ في البدريِّين جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، قال أبو عُمر: لا يصحُّ شهوده بدرًا، وذكر اختلاف الناس في ذلك _يعني: ابن عبد البَرِّ ... إلى آخر كلامه واستشهاده_ وهذا غلطٌ على البُخاريِّ، ويحتمل أنَّ السُّهيليَّ أراد أنَّه في غير «الصحيح»، وأمَّا أنا؛ فإنَّي لم أر له ذكرًا في البدريِّين في «الصحيح»، ولا ذكر أباه فيهم، والله أعلم.

==========

[9] في هامش (ق): (فيه نظر باتفاق أرباب المغازي أنَّ خبيب بن عديٍّ لم يشهد بدرًا، وإنَّما بعثه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بخمسين ذرية، ولم يقتل الحارث).

[10] في (أ): (يشهد)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[11] في هامش (ق): (قد تقدَّم لم يشهد بدرًا، وإنَّما هو منسوب إلى الماء).

[12] تكرر في (أ): (الكلام).

[13] في (أ): (أنَّها)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[14] في هامش (ق): (حاشية: العنزي، وقيل: وفد على عهد رسول الله).

[15] في هامش (ق): (معاذ ومعوذ وعوف بنو عفراء، شهدوا بدرًا، وقيل: أمهم زينب؟؟؟ معاذ ومعوذ وخلَّاد بني عمرو بن الجموح، ومعاذ هذا هو الذي ضرب ساق أبي جهل فقطعت، وضربه ابنه ضربة على عاتقه فطرح يده وعلقت بجلدة).

[16] هذه الفقرة جاءت في (أ) سابقةً لقوله: (قوله: مرارة ... )، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

(1/7375)

[باب حديث بنى النضير]

(بابُ حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ) ... إلى (بابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ)

تنبيهٌ: سيأتي تعقُّبٌ في جعلِ حديث بني النضِير هنا قريبًا؛ فانظره.

تنبيهٌ ثانٍ: قال مغلطاي في «سيرته الصغرى» في غزوة بني قينقاع: (هذه وغزوة بني النضير واحدة، وربما اشتبها على من لا يتأمَّل)، انتهى، وأهل المغازي عملوهما اثنتين.

قوله: (بَنِي النَّضِيرِ): هو بفتح النون، وكسر الضاد المعجمة؛ حيٌّ من اليهود دخلوا في العرب وهم على نسبهم إلى هارون أخي موسى عليهما السلام، وقريظة والنضير أخوان.

قوله: (وَمَخْرَج رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِليْهِمْ فِي دِيَةِ الرَّجُلَيْنِ ... ) إلى آخر الترجمة، هكذا ترجم، ولم يسنده اكتفاءً بشهرته في السير، والرجلان هما من بني عامر، وقال ابن هشام: (ثُمَّ من بني كلاب)، وذكر أبو عَمرو المزنيُّ: أنَّهما من بني سُلَيم.

وقصتهما: أنَّ عمرو بن أميَّة الضمريَّ في وقعة بئر معونة أُخذ أسيرًا، فأخبرهم أنَّه من مضر، فأخذه عامر بن الطُّفيل، وجزَّ ناصيته، وأعتقه عن رقبة رغم أنَّها كانت على أمِّه، فخرج عمرو بن أميَّة حتَّى إذا كان بالقرقرة من صدر قناةَ؛ أقبل رجلان من بني عامر حتَّى نزلا معه في ظلٍّ هو فيه، فكان مع العامريَّين عقدٌ من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وجوار ولم يَعلم عمرو بن أميَّة، وقد سألهما حين نزلا: ممَّن أنتما؟ فقالا: من بني عامر، فأمهلهما حتَّى إذا نامَا؛ عدا عليهما، وهو يُرى أن قد أصاب بهما ثؤرةً من بني عامر فيما أصابوا من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا قدم عمرو بن أميَّة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبره الخبر؛ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لقد قتلت قتيلين لأدينَّهما»، فخرج عليه السلام إلى بني النضير ليستعينهم في دية ذينك الرجلين اللذين قتل عمرو بن أميَّة للجوار الذي كان عليه السلام عقد لهما، وكان بين بني عامر وبني النضير عقدٌ وحِلفٌ، هذا السبب عند ابن إسحاق، وقال موسى بن عقبة: (وكانوا قد دسُّوا إلى قريش في قتال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فحضُّوهم على القتال، ودلُّوهم على العورة، والله أعلم).

قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ: فَكَانَتْ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَبْلَ أُحُدٍ ... ) إلى أن قال: (وَجَعَلَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ): اعلم أنَّ غزوة بني النضير عند ابن إسحاق في شهر ربيع الأوَّل على رأس خمسة أشهر من وقعة أُحُد، وبئر معونة عند ابن إسحاق في صفر على رأس أربعة أشهر من أُحُد، فبئر معونة قبل غزوة بني النضير عند ابن إسحاق، وكذا نقله عنه البُخاريُّ، لكنَّ البُخاريَّ لم يذكر بكم بئر معونة عند ابن إسحاق قبل غزوة بني النضير، وقد ذكرتُ لك أنَّها عنده قبل غزوة بني النضير بشهر، والله أعلم.

(1/7376)

وقال شيخنا: إنَّ عَبْد بن حميد ذكر في «تفسيره» عن قتادة: أنَّ بني النضير كانت مرجعه من أُحُد، ثُمَّ قال: وعن عكرمة: هي قبل كعب بن الأشرف، وأنَّه في صبيحة قتله أجلاهم، انتهى.

واعلم أنَّ ما ذكره الزُّهريُّ عن عروة أسنده الحاكم في «الإكليل» كما أفاده شيخنا، انتهى، فبه نظرٌ، قال ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدين في «الهدْي» في (غزوة بني النضير) ما لفظُه:

[ج 2 ص 131]

(وهذا الذي ذكرناه هو الصحيح عند أهل المغازي والسير)؛ يعني: أنَّها بعد أُحُد، قال: (وزعم محمَّد ابن شهاب الزُّهريُّ: أنَّ غزوة بني النضير كانت بعد بدر بستة أشهر، وهذا وهم منه، أو غلط عليه، بل الذي لا شكَّ فيه أنَّها كانت بعد بدر بستة أشهر هي غزوة بني قينقاع، وقريظة بعد الخندق، وخيبر بعد الحديبية، فكان له مع اليهود أربع غزوات؛ أوَّلها: بني قينقاع بعد بدر، والثانية: بنو النضير بعد أُحُد، والثالثة: قريظة بعد الخندق، والرابعة: خيبر بعد الحديبية)، انتهى.

تنبيهٌ: ما نقله ابن القَيِّم عن الزُّهريِّ هو كما تَقَدَّم نقلَهُ الزُّهريُّ عن عروة، فالزُّهريُّ لم يقله من قِبَل نفسه، وإنَّما حكاه عن عروة؛ هو ابن الزُّبَير أحد الفقهاء السبعة، والله أعلم.

(1/7377)

[حديث: حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير]

4028# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، وتَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ): تَقَدَّم الكلام عليهما قريبًا في أوَّل هذه الغزوة؛ فانظره.

قوله: (فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ): (أجلى) أي: أخرج.

قوله: (إِلاَّ بَعْضَهُمْ): هو بنصب (بعضهم)، ونصبه ظاهرٌ.

قوله: (فَآمَنَهُمْ): هو بمدِّ الهمزة، وفتح الميم المُخَفَّفة.

قوله: (بَنِي قَيْنُقَاعَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مثلَّث النون، ويصرف ولا يُصرف.

قوله: (عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بتخفيف اللام، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وقد قدَّمتُ الكلام عليه في مناقبِه.

قوله: (وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ): (يهودَ): منصوب معطوف على مفعول (أجلى)، و (حارثة): بالحاء المهملة، والثاء المُثلَّثة.

قوله: (وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ): (كلَّ): منصوب أيضًا معطوف على (يهودَ) الذي قبله.

==========

[ج 2 ص 132]

(1/7378)

[حديث: قلت لابن عباس سورة الحشر قال: قل سورة النضير]

4029# قوله: (حدَّثنا إسحاق بْنُ مُدْرِكٍ): كذا في الأصل الذي سمعت منه على العراقيِّ، وفي هامشه: (الحسن) عوض (إسحاق)، وعليه (صح)، وهو الصواب الذي لا شكَّ فيه أنَّه الحسن بن مدرك، وكذا طرَّفه المِزِّيُّ: (عن الحسن بن مدرك)، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، ولا أعلم أحدًا في الكتب السِّتَّة ومصنفاتهم يقال له: إسحاق بن مدرك، ولا في «ثقات ابن حبان»، ولا في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، والله أعلم، و (مدرك): _اسم فاعل من (أدرك) _ ابن بشير الحافظ السدوسيُّ البصريُّ الطحَّان، عن يحيى بن حَمَّاد، ومحبوب بن الحسن، وعبد العزيز الأويسيِّ، وعنه: البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وآخرون، وثَّقه بعضُهم، وقال عُبيد الآجريُّ: (سمعت أبا داود يقول: الحسن بن مدرك كذَّاب، يأخذ أحاديث فهد بن عوف، فيلقيها على يحيى بن حَمَّاد)، انتهى، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُوبِشْرٍ): بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة تَقَدَّم، واسمه جعفر بن أبي وحشيَّة إياس.

قوله: (سُورَةُ الْحَشْرِ، قَالَ: قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ): تأوَّل (الحشر) يوم القيامة، فكره النسبة إلى غير معلوم، وقال شيخنا: قال الداوديُّ: (إنَّما اتَّقى أن يكون الحشر يوم القيامة أو غيره، فكره النسبة إلى غير معلوم)، انتهى.

قوله: (تَابَعَهُ هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ): الضمير في (تابعه) يعود على (أبي عوانة)، و (هشيم) هذا: هو هشيم بن بشير، أحد الأعلام، تَقَدَّم، و (أبو بشر): تَقَدَّم أعلاه أنَّه جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، وهذه المتابعة أخرجها البُخاريُّ في موضعين من تفسيره، والله أعلم، وأخرجها مسلم في (التفسير) و (المغازي).

==========

[ج 2 ص 132]

(1/7379)

[حديث: حرق رسول الله نخل بني النضير وقطع ... ]

4031# قوله: (حَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بتشديد الراء.

قوله: (وَهْيَ الْبُوَيْرَةُ): هي بضمِّ الموحَّدة، وفتح الواو، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ موضعٌ فيه نخل بقرب المدينة، ويُروى: (بالبُويلة) وسيأتي قريبًا، وفي «تاريخ المدينة» للإمام زين الدين بن حسين المراغيِّ الشافعيِّ _وقد اجتمعتُ به بالمدينة المشرَّفة، وقد رأيته مرارًا بالقاهرة، ولم أجتمع به فيها_: (أنَّ (البويرة) معروفة اليوم في قبلة مسجد قباء إلى جهة الغرب، وبالقرب منها أطم خراب)، انتهى.

قوله: ({مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: 5]): اختلف أهل اللُّغة والتفسير في المراد بـ (اللينة)، والأظهر أنَّها النخل مطلقًا، وقيل: النخل كلُّه إلَّا العجوة، وقيل: هي الفَسِيل، وقيل: هي النخل الكرام الجيدة، وقيل: إنَّها العجوة خاصَّة، ذكر هذه الأقوال الماورديُّ وغيره، وقيل: إنَّها جميع النخل إلَّا العجوة والبرنيَّ؛ حكاه المهدويُّ عن أبي عبيدة، انتهى كلام الشيخ محيي الدين النَّوويِّ.

==========

[ج 2 ص 132]

(1/7380)

[حديث: أن النبي حرق نخل بني النضير]

4032# قوله: (حدَّثنا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا حَبَّانُ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري في (البيوع) في موضعين منه، وفي (حديث بني النضير)، و (الطبِّ)، و (اللباس)، و (الأدب)، و (الدعاء)، و (الأيمان والنذور)، و (الديات) _: حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا حَبَّان؛ يعني: ابن هلال، لم أجد (إسحاق) هذا منسوبًا عند أحد من رواة الكتاب، ولعلَّه (إسحاق بن منصور)، فقد روى مسلم في «مسنده»: (عن إسحاق بن منصور، عن حَبَّان بن هلال)، انتهى، ولم أر المِزِّيَّ ولا شيخنا نسب (إسحاق) هذا، و (حَبَّان) هذا: تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء، وأنَّه ابن هلال بعيدًا، وفي كلام الجيَّانيِّ أنَّه ابن هلال، وقد تَقَدَّم مترجمًا، ومن يقال له: (حِبَّان) بالكسر تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

~…وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ… .......... ) في نسبة هذا إلى حسان فيه نظرٌ يأتي قريبًا.

قوله: (وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ): تَقَدَّم أنَّ (السراة): الأشراف والسادة، وتَقَدَّم كلام السهيليِّ في ذلك؛ فانظره.

قوله: (بِالْبُوَيْرَةِ): تَقَدَّم الكلام عليها ضبطًا، وأين هي أعلاه، وأنَّه يروى: (بالبويلة)، وسيأتي قريبًا.

قوله: (مُسْتَطِيرُ): أي: منتشرٌ متفرقٌ؛ كأنَّه طار في نواحيها.

[ج 2 ص 132]

قوله: (فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ): هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطَّلب بن هاشم بن عبد مناف، ابنُ عمِّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأخوه من الرضاعة أرضعتهما حليمة، أُمُّه عزيزة بنت قيس بن طريف من ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، أسلم عام الفتح قبل دخوله صلَّى الله عليه وسلَّم مكَّة، لقيه عليه السلام بالأبواء فأسلم، وقيل: بل لقيه بين السُّقيا والعرج، ترجمته معروفةٌ فلا نطوِّل بها، توفِّي سنة عشرين، اسمه المغيرة؛ قاله إبراهيم بن المنذر وغيره، وقيل: اسمه كنيته.

فائدةٌ: المغيرة بن الحارث بن عبد المُطَّلب قال ابن عبد البَرِّ: (هذا هو أخو أبي سفيان)، فوهم؛ بل هو أبو سفيان، وقال السُّهيليُّ في (غزوة الفتح) من «روضه»: (وقيل في اسم أبي سفيان: المغيرة؛ بل المغيرة أخوه)، قال القتبيُّ: (إخوته: المغيرة، ونوفل، وعبد شمس، وربيعة؛ بنو الحارث بن عبد المُطَّلب).

قوله: (أَدَامَ اللهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ ... )؛ البيتين: قال ابن سيِّد الناس في «سيرته» بعد أن ذكر هذا الحديث من هذا المكان ما لفظه: هذه رواية البُخاريِّ، وقال أبو عَمرو الشيبانيُّ وغيره: (إنَّ أبا سفيان بن الحارث قال:

~…لعزَّ على سراة بني لؤيٍّ…حريق بالبويرة مستطير

ويروى: (بالبويلة)، وذكر ابن سعد أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أعطى الزُّبَير بن العوَّام وأبا سلمة البويلة من أرضهم، فأجابه حسَّان:

~…أدام الله ذلكُمُ حريقًا…وضُرِّم في طوائفِها السعيرُ

~…همُ أُوتوا الكتاب فضيَّعوه…فهم عميٌ عن التوراة بُوْرُ

(1/7381)

هذه أشبه بالصواب من الرواية الأولى)، انتهى، وقال بعضُهم: قال صاحب «المعجم»: (إنَّما قال ذلك جابرٌ؛ لأنَّ قريشًا هم الذين حملوا كعب بن أسدٍ القرظيَّ صاحب عقد بني قريظة على نقض العهد بينه وبين رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى خرج فيهم إلى الخندق)، انتهى.

تنبيهٌ: ذكر ابن هشام في «السيرة» _وهو من جملة ما ذكره ابن إسحاق_ ما لفظه: وقال حسَّان بن ثابت أيضًا في بني قريظة:

~…تعاقد معشر نصروا قريشًا…وليس لهم ببلدتهم نصِيرُ

~…همُ أوتوا الكتاب فضيَّعوه…وهم عميٌ عن التوراة بُوْرُ

~…كفرتم بالقران وقد أبيتم…بتصديق الذي قال النذيرُ

~…وهان على سراة بني لؤيٍّ…حريق بالبُوَيرة مستطيرُ

فأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطَّلب، فقال:

~…أدام الله ذلك من صنيعٍ…وحُرِّق في طوائفها السعيرُ

~…ستعلم أيّنا منها بنُزهٍ…وتعلم أيَّ أرضِينا تضيرُ

~…فلو كان النخيل بها رِكابًا…لقالوا لا مقام لكم فسيرُوا)

قوله: (سَتَعْلَمُ أَيّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ): (أينا): بالضمِّ، والفتح، و (النُزْهُ): بضمِّ النون _وقال شيخنا: قال ابن التين: هو بفتح النون، وضبط في بعض النسخ بضمِّها، انتهى_ وإسكان الزاي، وبالهاء، قال ابن قُرقُول: يُنزَّه؛ أي: يُبعَّدُ، وتَنَزَّه عنه قوم؛ أي: تحاشَوا منه وبعدوا، وقال في «الاختلاف»: (ينزَّه)؛ كذا لأكثر الرواة، وعند القابسيِّ: (بنهز) وقد يخرَّج، والنهز: القرب؛ أي: إنَّكم أقرب إليها، وضررها بكم لاحق، كما قال آخر البيت، وهو من معنى الرواية الأخرى؛ أي: يبعدنا نحن منها خلافكم.

قوله: (أَرْضَيْنَا): هو بكسر الضاد في أصلنا، وعليها: (صح)، وكذا في نسخة أخرى، وفي نسخة أخرى صحيحة مقابلة بفتح الضاد بالقلم، والله أعلم.

قوله: (تَضِيرُ)؛ أي: تضرُّ، ورأيت في حواشي «سيرة ابن هشام» لأبي ذرٍّ: من رواه بالضاد؛ فهو بمعنى: تضرُّ، ومن رواه بالصاد المهملة؛ فمعناه: تشقُّ وتقطع، قاله مطوَّلًا، أنا اختصرتُه.

(1/7382)

[حديث عمر: اتئدوا أنشدكم بالله هل تعلمان أن رسول الله ... ]

4033# 4034# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ): تَقَدَّم أنَّ الصحيح أنَّه تابعيٌّ، وأنَّه روى عن العشرة، ذكره ابن عبد البَرِّ، ولم يذكر قيس بن أبي حازم بأنَّه روى عن العشرة، وقيل: إنه صحابيٌّ، ذكره ابن سعد فيمن رآى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال أنس بن عياض عن سلمة بن وردان، عن مالك بن أوس: أنَّه سمع النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «من ترك الكذب؛ بُنِيَ له بيت في ربض الجنَّة»، صحَّح أحمد بن صالح المصريُّ هذا الحديث، وقال ابن خزيمة في القلب من سلمة بن وردان، و (الْحَدَثَانِ): بفتح الحاء والدال المهملتين، وبالثاء المُثلَّثة، و (النَّصْرِيُّ): بالنون والصاد المهملة، منسوب إلى بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، تَقَدَّم أنَّه سمع العشرة، وعنه: الزُّهريُّ وابن المنكدر وغيرهما، ثقة توفِّي سنة (92 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم.

قوله: (إِذْ جَاءَ حَاجِبُهُ يَرْفَا): تَقَدَّم أنَّه بفتح المثنَّاة تحت، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ فاء، مقصور غير مهموز، ومنهم من يهمزه، والصحيح المشهور أنَّه غير مهموز، ولم يذكر ابن سيده مع جلالته فيه إلَّا الترك، وفي «سنن البيهقيِّ» في قسم الفيء: (اليرفا)؛ بالألف واللام، تَقَدَّم.

قوله: (فَأَدْخَلَهُمْ): هو فعلٌ ماضٍ، كذا في أصلنا.

قوله: (فَاسْتَبَّ عَلِيٌّ وَالعَبَّاسُ): قال شيخنا: (ليس هو الشتم الذي يفعلُه رعاع الناس وغوغاؤهم، ولعلَّه ذكر تخلُّفَه عن الهجرة، ونحو ذلك)، انتهى، وهذا الحديث في «مسلم» في (المغازي)، وفيه: (فقال عبَّاسٌ: يا أمير المؤمنين؛ اقضِ بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن) هذا لفظه، وحلَّه الشيخ محيي الدين: أي: إن لم ينصف، ولكن هذا من كلام عبَّاس، ولم يذكر فيه شيئًا عن عليٍّ رضي الله عنهما، ولا في «البُخاريِّ»، فهذه ليست من الطرفين، وإنَّما هي من طرف واحد، والعبَّاس قد قال ذلك، فلعلَّ عليًّا ذكر له تخلُّفه عن الهجرة، وقد تكلم المازريُّ على رواية مسلم بأحسن كلامٍ نقله عنه القاضي والنَّوويُّ، فإنَّه حسنٌ مليحٌ مفيدٌ، ونقل شيخنا في (الخمس) بعد تأويل ذلك: قال المازريُّ: (وهذه اللفظة _يعني: الكاذب_ وَهِم فيها بعض الرواة، وقد أزالها بعض الناس من كتابه تورُّعًا، وإن لم يكن الحمل فيها على الرواة؛ فأجود ما يحمل عليه ... ؛ فذكر محملها: أنَّه قالها بسبب الإدلال ... ) إلى آخر كلامِه، والله أعلم.

قوله: (وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ): (أَرِحْ)؛ بقطع الهمزة المفتوحة، وكسر الراء: فعل أمرٍ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (اتَّئِدُوا): هو فعل أمرٍ، وقد قدَّمتُ الكلام عليها، واختلاف الرواة فيها.

(1/7383)

قوله: (أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ)؛ أي: أسألكم بالله، وقيل: معناه: ذكَّرتكم بالله، وقيل: سألت الله برفع صوتي وإنشادي لك بذلك، والنشيد: الصوت.

[ج 2 ص 133]

قوله: (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ): تَقَدَّم أنَّ (صدقة): مرفوع مُنَوَّن، خلافًا للإماميَّة حيث نصبوه مع التنوين قالوا: و (يورث)؛ بمثنَّاة تحت، وقد تَقَدَّم أيضًا.

قوله: (أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ): تَقَدَّم قبيله الكلام عليه.

قوله: (بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ): تَقَدَّم الكلام على ذلك.

قوله: (مَا احْتَازَهَا): هو بالحاء المهملة والزاي، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَلاَ اسْتَأْثَرَهَا): الاستئثار: الانفراد بالشيء.

قوله: (حَيَاتَهُ): هو منصوبٌ على الظرف.

قوله: (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيْهَا لَصَادِقٌ): (إنَّه): بكسر الهمزة؛ لأنَّ اللام في خبرها، وكذا (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنِّي فِيْهَا لَصَادِقٌ).

قوله: (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ): تَقَدَّم الكلام عليها في (الخمس).

قوله: (فَلَمَّا بَدَا): هو معتلٌ غير مهموز؛ أي: ظهر.

قوله: (أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ): يريدأزواجه من عدا عائشة، وهنَّ اللاتي توفِّي صلَّى الله عليه وسلَّم عنهنَّ، وهنَّ معروفاتٌ: سودة، وحفصة، وأمُّ حَبيبة بنت أبي سفيان، وأمُّ سلمة هند، وميمونة بنت الحارث، وصفيَّة بنت حُيَيٍّ، وجويرية بنت الحارث، وزينب بنت جحش رضي الله عنهنَّ، والله أعلم.

قوله: (فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ ... ) إلى أن قال: (ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ): قال شيخنا في (الخمس): (ثُمَّ بيد عبد الله بن حسن، ثُمَّ وُلِّيَها بنو العبَّاس على ما ذكره البرقانيُّ في «صحيحه»)، انتهى، و (عَلِيُّ بْن الحُسَيْن): هو زين العابدين، تَقَدَّم، و (وَحَسَنُ بْنُ حَسَنٍ): هو ابن عليٍّ رضي الله عنه، روى عن أبيه، وعبد الله بن جعفر، وعنه: بنوه، وأبو بكر بن حفص الزُّهريُّ، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، أخرج له النَّسائيُّ، توفِّي سنة (197 هـ)، وكان وصيَّ أبيه ووَلِيَّ صدقة عليٍّ، ترجمته معروفةٌ، له حديث واحد في (كلمات الفرج)، و (زيد بن الحسن): هو ابن عليِّ بن أبي طالب، أمُّه أمُّ بَشِير بنت أبي مسعود الأنصاريِّ، وهو زيد الأكبر، روى عن أبيه، وابن عبَّاس، وجابر، وعنه: ابنه حسن، وعبد الرحمن بن أبي الموالي، وآخرون، ذكره ابن حبان في «الثقات»، وكان ممدَّحًا سريعًا سريًّا، وقد كان سليمان بن عبد الملك عزل زيد بن الحسن عن صدقات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا وُلِّيَ عمر بن عبد العزيز كتب إلى والي المدينة: (أمَّا بعد؛ فإنَّ زيد بن الحسن شريف بني هاشم وذو سنِّهم، فاردد إليه صدقاتِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأعِنْه على ما استعانك، والسلام).

(1/7384)

[حديث: أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما]

4035# 4036# قوله: (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ هذا هو الرازيُّ الفرَّاء الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (هِشَامٌ): بعده هو ابن يوسف قاضي صنعاء الحافظ، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب العالم، أحد الأعلام المشهورين.

قوله: (مِنْ فَدَكٍ): تَقَدَّم أنَّها بفتح الفاء والدال المهملة، تصرف ولا تصرف، وأنَّها مدينة بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاث مراحل.

قوله: (لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا، و (صدقةٌ): مرفوعٌ مُنَوَّنٌ.

==========

[ج 2 ص 134]

(1/7385)

[باب قتل كعب بن الأشرف]

قوله: (بابُ قَتْل كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ): قُتِلَ كعب بن الأشرف في ربيع الأوَّل بعد بدر بستَّة أشهر، وقال ابن سعد: (إنَّ سريَّة كعب بن الأشرف كانت لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوَّل، على رأس خمسة وعشرين شهرًا من مهاجر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، و (الأَشْرَف): بفتح الهمزة، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ فاء، و (كعب): تَقَدَّم أنَّه من طيِّئ، ثُمَّ أحد بني نبهان، وأمُّه من بني النضير، وكان من حديثه: أنَّه لمَّا أُصيب أصحاب القليب، وقدم زيد بن حارثة إلى أهل السافلة وعبد الله بن رواحة إلى أهل العالية بشيرين بالفتح؛ قال كعب: (أحقٌّ هذا؟ أَترَون أنَّ محمَّدًا قتل هؤلاء الذين سمَّى هذان الرجلان؟ فهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس، والله إن كان محمَّد أصاب هؤلاء القومَ؛ لبطن الأرض خير من ظهرها)، فلمَّا أيقن عدوُّ الله الخبرَ؛ خرج حتَّى قدم مكَّة، فنزل على المُطَّلب بن أبي وداعة السهميِّ _ثُمَّ أسلم بعد ذلك المُطَّلب وأبوه أبو وداعة في الفتح_ وجعل كعب يحرِّض على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وينشد الأشعار، ويبكي على أصحاب القليب، ثُمَّ رجع إلى المدينة، فشبَّب بنساء المسلمين حتَّى آذاهم، فقال عليه السلام: «من لكعب بن الأشرف ... »؛ الحديث.

تنبيهٌ: قوله: (شبَّب بنساء المسلمين)؛ أي: تغزَّل فيهنَّ، ذكرهنَّ في شِعره، قال الإمام السهيليُّ: (وكان قد شبَّب بأمِّ الفضل زوج العبَّاس بن عبد المُطَّلب، فقال:

~…أراحلٌ أنتَ لم ترحلْ بمنْعَبَةٍ…وتاركٌ أنت أمَّ الفضلِ بالحرمِ؟

في أبيات رواها يونس عن ابن إسحاق)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 134]

(1/7386)

[حديث: من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟]

4037# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ الحافظ، وأنَّ (سُفْيَانَ): بعده هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المكِّيُّ الإمام، لا قهرمان آل الزُّبَير، هذا الثاني ليس له شيء في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، و (جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عمرو بن حرام الأنصاريُّ، صحابيٌّ مشهورٌ.

قوله: (فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ الجماعة الذين اجتمعوا في قتل كعب بن الأشرف خمسة كلُّهم من الأوس؛ وهم: محمَّد بن مسلمة، وسِلكان بن سلامة بن وقش أبو نائلة _واسمه سعد، وكان أخًا لكعب من الرضاعة، وسيأتي ما فيه_ وعبَّاد بن بشر، والحارث بن أوس، وأبو عبس بن جَبْر، رضي الله عنهم.

[ج 2 ص 134]

قوله: (فَائْذَنْ لِي [1] أَنْ أَقُولَ): قال المبرِّد في «الكامل»: حقُّه أن يقول: أتقوَّل؛ يريد: أفتعلُ قولًا أختال به، وفي «العين»: (أقولته ما لم يقل، وقوَّلته: ادَّعيته عليه) قاله ابن سيِّد الناس في «سيرته»، وقد تقدَّم، وقال غيره: معناه: ائذن لي أن أقول عني وعنك ما رأيته مصلحة من التعريض وغيره.

قوله: (وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا): هذا من التعريض الجائز، بل المستحبِّ؛ لأنَّ معناه الباطن: أنَّه أدَّبنا بآداب الشرع التي فيها تعب، لكنَّه تعبٌ في مرضات الله عزَّ وجلَّ؛ فهو محبوبٌ لنا، والذي فهم منه كعب العناء الذي ليس بمحبوبٍ.

قوله: (وَاللهِ لَتَمَلُّنَّهُ): بفتح اللام، والمثنَّاة فوق، والميم؛ أي: لتضجرُنَّ منه أكثر من هذا الضجر.

قوله: (وسْقًا أَوْ وسْقَيْنِ): تَقَدَّم الكلام على الوسق، وأنَّه بفتح الواو وكسرها، وأنَّه ستُّون صاعًا، وهو ثلاث مئة وعشرون رطلًا عند أهل الحجاز، وأربع مئة وثمانون رطلًا عند أهل العراق على اختلافهم في مقدار الصاع والمُدِّ، والأصل في الوسق: الحمل، وكلُّ شيء وسقته فقد حملته، وفي «سيرة ابن إسحاق»: (أنَّهم قدَّموا على كعب بن الأشرف قبل أن يأتوه سلكانَ بنَ سلامة، فجاءه فتحدَّث معه ساعةً، وتناشدا شعرًا، وكان أبو نائلة سلكان يقول الشعر، ثُمَّ قال: ويحك يا بن الأشرف! إنَّي قد جئتك لحاجة أريد ذكرها [2] لك، فاكتم عني، قال: أفعلُ، قال: كان قدوم هذا الرجل علينا بلاءً من البلاء ... ) إلى أن قال: (إنِّي أردت أن تبيعنا طعامًا ونرهنك، وتحسن في ذلك، قال: أترهنوني أبناءكم؟)، انتهت، وكذا قال شيخنا.

وقوله: (فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ [3] ... ) إلى آخره: كذا هنا، والذي قاله أكثر الرواة وأهل السير _كما نبَّه عليه الدِّمياطيُّ_: أنَّ الذي تحدَّث معه إنَّما هو أبو نائلة، وكان نديمه في الجاهليَّة، فركن إليه، ونزل من الربض، وكان معه جماعةٌ كما سلف، انتهى، ولعلَّهما جاءا متفرقين، أو معًا، وقال له كلٌّ منهما ما ذكر، واتَّفق معه على الرهن.

(1/7387)

قوله: (وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو غَيْرَ مَرَّةٍ): كذا في هامش أصلنا، وعليه: (صح)، وفي أصلنا: (وحدَّثنا غيرَ مرَّةٍ)، وهذا الذي أعرفه، وما في الهامش وصُحِّح عليه لا أعرفه، وراجعتُ أصلًا لنا دمشقيًّا دخل فيه المِزِّيُّ وغيرُه، فلم أر إلا: (وحدَّثنا غيرَ مرَّةٍ)، وفي صحَّة ما صُحِّح عليه في الهامش نظرٌ، وقائل ذلك هو سفيان بن عيينة.

قوله: (ما أُرَى فِيهِ): (أُرى)؛ بضمِّ الهمزة؛ أي: أظن.

قوله: (ارْهَنُونِي): هو بهمزة وصل ثلاثيٌّ، فإن ابتدأت بها؛ كسرتها، وفتح الهاء، وفيه لغة أخرى حكاها الجوهريُّ: يقال فيه: (أرهن) رُباعيٌّ، فعلى الرُباعيِّ تكون همزته في الأمر بالفتح.

قوله: (نَرْهَنُكَ): هو بفتح النون والهاء؛ هذا على الثلاثي، وعلى الرُباعيِّ يكون بضمِّ أوَّله، وكسر الهاء.

قوله: (فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ): (يُسَبُّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (أحدُهم)؛ بالرَّفع نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (اللَّأْمَةَ قَالَ سُفْيَانُ: وَهِيَ السِّلاَحَ): (اللأْمة)؛ بهمزةٍ ساكنة، وهي السلاح كما فسَّرها سفيان، وهو المذكور في السند، وهو ابن عيينة، و (اللأْمة): أيضًا الدرعُ، قال الجوهريُّ: (اللأمة): الدرع، ولم يذكر غيره، والحكمة في أنَّهم ذكروا رهن السلاح: حتَّى إذا جاؤوا به؛ لا ينكره عليهم، والله أعلم.

قوله: (وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ [4]، وَهْوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ): كذا هنا، وسيأتي أيضًا في هذا الحديث نفسه: (إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ)، وسيأتي فيه: (وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ)، ووقع في «مسلم»: (إنَّما هو محمَّد بن مسلمة، ورضيعُه أبو نائلة) كذا في جميع النسخ، قال عياض: قال لنا شيخنا القاضي الشهيد: (صوابه أن يقول: إنَّما هو محمَّد بن مسلمة، ورضيعه أبو نائلة)، وكذا ذكره أهل السير: أنَّ أبا نائلة كان رضيعًا لمحمَّد بن مسلمة، ووقع في «البُخاريِّ»: (وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ) قال: وهذا عندي أوجه إن صحَّ أنَّه كان رضيعًا لكعب، والله أعلم، و (أبو نائلة): اسمه سلكان بن سلامة بن وقش الأشهليُّ.

فائدةٌ: في «الاستيعاب» لابن عبد البَرِّ في ترجمة عبَّاد بن بشر، وهو في «سيرة ابن سيِّد الناس» في (قتل كعب بن الأشرف)، وفي آخره: وقال عبَّاد بن بشر في ذلك شعرًا، البيت الثاني من هذا الشعر:

~…فعدتُ له فقال من المنادي؟ …فقلت أخوك عبَّاد بن بشر

فقد ذكر لكعب أنَّه أخوه عبَّاد بن بشر، فإن صحَّ هذا الشعر لعبَّاد _وقد جزم بأنَّه لعبَّاد أبو عمر بن عبد البَرِّ_؛ فيكون أخوه من الرضاعة أيضًا، أو هو مؤوَّل، فالظَّاهر _والله أعلم_ أنَّ محمَّد بن مسلمة وأبا نائلة وعباد بن بشر إخوة كعب من الرضاعة.

قوله: (فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ): امرأة كعب بن الأشرف لا أعرفها، غير أنَّ شيخنا الشارح قال: إنَّه كان تحته بنت عُمير، انتهى، ومقتضى كلامه في الشرح أن يكون هذا في «تفسير عَبْد بن حميد» عن سعد بن معاذ.

(1/7388)

قوله: (إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِي أَبُو نَائِلَةَ [5]): تَقَدَّم أنَّ أبا نائلة أخو كعب من الرضاعة، وتَقَدَّم اسمه، وسيأتي: (إِنَّمَا هُوَ [أَخِي] مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَرَضِيعِي أَبُو نَائِلَةَ)، وقد تَقَدَّم ما في ذلك.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو): تَقَدَّم أنَّ عَمرًا هذا هو ابن دينار المكِّيُّ، وغيره لا أعرفه، قال بعض حُفَّاظ عصرنا: وجوابه: أنَّ الحُميديَّ رآه في «مسنده» عن سفيان، وأنَّ سفيان حدَّث بذلك عن عكرمة مرسلًا، انتهى.

قوله: (لَوْ دُعِيَ): هو بضمِّ الدال، وكسر العين، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (سَمَّاهُمْ عَمْرٌو): تَقَدَّم أنَّه ابن دينار المذكور في السند، شيخ سفيان فيه.

قوله: (وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو): تَقَدَّم مَن غير عمرو أعلاه، وأنَّ عمرًا هو ابن دينارٍ.

قوله: (أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ): هو بفتح الجيم، وإسكان الموحَّدة، واسم أبي عبس عبد الرحمن، وقيل: عبد الله بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم الأنصاريُّ، وقيل في اسم والده: جابر، ترجمة أبي عبسٍ معروفةٌ، وهو بدريٌّ جليلٌ، توفِّي سنة (34 هـ) عن سبعين سنة، وصلَّى عليه عثمان رضي الله عنهما.

قوله: (وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ): هو الحارث بن أوس بن النعمان الحارثيُّ، حضر [قتل] كعب بن الأشرف، وأصابه السيف خطأ، وقيل: بل الذي حضر قتل كعب الحارثُ بن أوس بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس، ابن أخي سعد بن معاذ الأشهليُّ، وقيل: بل هما واحد، نسب إلى جدِّه الأعلى، لكن افترقا بالنسب كما ترى، قال عبد الغنيِّ الحافظ: (تفرَّدت الأوس بقتل كعب؛ كما تفردت الخزرج بقتل سلَام بن أبي الحقيق)، انتهى.

فائدةٌ هي تنبيهٌ: في الصَّحابة الحارث [بن] أوس بالمذكورين ستَّةُ أنفس، والله أعلم.

قوله: (وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ): هو بفتح العين، وتشديد الموحَّدة، و (بِشر): بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وهو عبَّاد بن بشر بن وقش، وقال الذَّهبيُّ: عبَّاد بن بشر بن قيظيٍّ الأشهليُّ، بدريٌّ قتل يوم اليمامة، كذا وقع فيه تخبيطٌ في اسم جدِّه، وإنَّما هو عبَّاد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زَعُوراء بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج الأوسيُّ الخزرجيُّ، من كبار الصَّحابة، له حديث واحد في «معجم الطبرانيِّ»، انتهى.

وقد أخرج له أيضًا أبو داود في (كتاب فضائل الأنصار) قال الذَّهبيُّ: (أمَّا عباد بن بشر بن قيظيٍّ؛ فهو من بني حارثة، كان يؤمُّ قومَه في عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، له حديث في الاستدارة إلى الكعبة)، انتهى، ورأيت أنا في نسخةٍ بـ «جامع التِّرمذيِّ» بخطِّ الحافظ أبي الفرج بن الجوزيِّ: (عبَّاد

[ج 2 ص 135]

بن بشير)؛ بزيادة ياء، وهو غريب، بل خطأ، ولا أعرفُ في الصَّحابة أحدًا اسمه عباد بن بشير فيما أعلم، والله أعلم.

قوله: (فَأَشمُّهُ): هو بفتح الهمزة والشين المعجمة، ويجوز في لغة ضمُّ الشين، يقال: شمَّ يشَمُّ، وشمَّ يشُمُّ؛ لغتان.

(1/7389)

قوله: (ثُمَّ أُشِمُّكُمْ): هو بضمِّ الهمزة، وكسر الشين المعجمة.

قوله: (وَهْوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ): (يَنفَح)؛ بفتح أوَّله والفاء، وبالحاء المهملة، ومعناه: يظهر ريحه ويتحرَّك.

قوله: (قَالَ غَيْرُ عَمْرٍو): تَقَدَّم أنَّه عمرو بن دينار المكِّيُّ المذكور في السند، لا قهرمان آل الزُّبَير، وأنَّ (غيره) سمَّاه بعض الحُفَّاظ.

قوله: (عِنْدِي أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ وَأَكْمَلُ): كذا في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (وأجمل) عوض (وأكمل)، وقد كتبت النسخة الدِّمَشْقيَّة نسخة في هامش أصلنا.

==========

[1] في هامش (ق): (وفي رواية: قل ما بدا لك فأنت حلٌّ من ذلك).

[2] في (أ): (أتذكرها)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[3] في هامش (ق): (وعند ابن إسحاق: أنَّ القائل له ذلك: هو سلكان بن سلامة أخو كعب من الرضاعة).

[4] في هامش (ق): (سلكان بن سلامة بن وقش).

[5] في هامش (ق): (من الرضاعة).

(1/7390)

[باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق]

قوله: (بابُ قَتْلِ أَبِي رَافِعٍ [عَبْدِ اللهِ] بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَيُقَالُ: سَلَامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ): قُتِل ابن أبي الحقيق بن رافع في رمضان سنة ستٍّ من الهجرة النبويَّة، وسيأتي، فعلى هذا ليس هذا مكانَهُ، والله أعلم، وقال مغلطاي في «سيرته»: في رمضان؛ يعني: سنة ستٍّ، وقيل: في ذي الحجَّة سنة خمس، وقيل: في جمادى سنة ثلاث، وقال الزُّهريُّ: بعد قتل كعب بن الأشرف، انتهى، و (ابن أبي الحُقَيْق): بضمِّ الحاء المهملة، وفتح القاف، وفي آخره قاف أخرى، بينهما مثنَّاة تحت ساكنة.

وقوله: (وَيُقَالُ: سَلَامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ): (سلَام)؛ بالتخفيف في اللام، وقال الذَّهبيُّ: سلَّام _يعني: بالتشديد_ كثيرٌ، وبالتخفيف فلان وفلان وفلان، ثُمَّ قال واختُلِف في: سلام بن أبي الحقيق، فصريح كلامه أن يكون بالتخفيف، وأنَّ التشديد حُكيَ فيه، وقد قال المبرِّد في «الكامل»: ليس في العرب سلَام إلَّا والد عبد الله بن سلام، وسلَام بن أبي الحقيق، قال: وزاد آخرون: سلَام بن مشكم خمَّارًا كان في الجاهلية، والمعروف فيه التشديد، فالله أعلم، وقد ذكرت أنا جماعة أسماء بالتخفيف فيما تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق، فانظر ذلك في ترجمة محمَّد بن سلام البيكنديِّ الحافظ شيخ البُخاريِّ، في (كتاب الإيمان).

قوله: ([وَ] قَالَ الزُّهْرِيُّ: هُوَ بَعْدَ كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ)، انتهى: قدَّمتُ متى كانت سريَّة كعب في أوَّل ذاك الباب، قال ابن سعد في سريَّة عبد الله بن عتيك لقتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق: هي في رمضان سنة ستٍّ، وقد قدَّمتُ هذا في أوَّل هذا الباب، وقد قدَّمتُ خلافًا في ذلك من عندشيخنا، في (باب قتل النائم المشرك) في (الجهاد)، وخلافًا من عند مغلطاي في أوَّل هذا الباب.

ثُمَّ إنَّ نفرًا من الخزرج استأذنوا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في قتل أبي رافع ذبًّا عن الله وعن رسوله، وتشبُّهًا بالأوس فيما فعلوه من قتل ابن الأشرف، فأذن لهم، فخرج إليه من الخزرج من بني سَلِمة خمسةُ نفرٍ: عبد الله بن عتيك، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة بن رِبعيٍّ، وخزاعيُّ بن أسود حليف لهم من أسلم، وأمَّر عليه السلام عليهم عبد الله بن عتيك ... ؛ فذكر قصته إلى أن [قال]: (فلمَّا ضربناه بأسيافنا؛ تحامل عليه عبد الله بن أنيس بسيفه في بطنه حتَّى أنفذه ... ) إلى أن قال: (فقدمنا على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبرناه بقتل عدوِّ الله، واختلفنا عنده في قتله، كلُّنا يدَّعيه، فقال عليه السلام: «هاتوا أسيافكم»، فجئناه بها، فنظر إليها، فقال لسيف عبد الله بن أنيس: «هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام»).

(1/7391)

وقد ذكر ابن عقبة فيمن قتل أبا رافع أسعدَ بن حرام، ولم يذكره غيره، وكذا قاله السهيليُّ، ورأيت بخطِّ ابن سيِّد الناس في حاشيةٍ على «الاستيعاب»: ذكر موسى بن عقبة فيمن توجَّه مع ابن عتيك لقتل ابن أبي الحقيق أسعدَ بن حرام، وهو أحد البُرَك، حليف لبني سواد، انتهى، وقال شيخنا عن «إكليل الحاكم»: إنِّه فيه عن الزُّهريِّ، وقد قدَّمتُ ذلك في (الجهاد)، والظَّاهر أنَّ حرامًا _والد أسعد_ بالراء.

تنبيهٌ: سيجيء في هذا الباب: (وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عُتْبَةَ)، وهذا غلط، وسأذكره في مكانه قريبًا إن شاء الله تعالى.

==========

[ج 2 ص 136]

(1/7392)

[حديث: بعث رسول الله رهطًا إلى أبي رافع]

4038# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ): تَقَدَّم أنَّه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، و (أبو إِسحْاق): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه السَّبيعيُّ عمرو بن عبد الله، وتَقَدَّم (الْبَرَاءُ) وأبوه (عَازِبٌ) وأنَّهما صحابيَّان رضي الله عنهما.

قوله: (رَهْطًا إِلَى أَبِي رَافِعٍ): تَقَدَّم مَرَّاتٍ أنَّ (الرهط) مادون العشرة من الرِّجال؛ كالنفر، وقدَّمتُ من كانوا، وكم كانوا، وأنَّهم من الخزرج.

قوله: (فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ [لَيْلًا] وَهْوَ نَائِمٌ فَقَتَلَهُ): وسيأتي التصريح بأنَّه قتله، ولم يذكر معه أحدًا في دخوله البيت عليه، ولا في قتله، وقد قدَّمتُ أنَّهم ضربوه بأسيافهم، وفيهم عبد الله بن عتيك وهو أميرهم، فهو أحد من ضربه، وتَقَدَّم أنَّ الذي قتله عبد الله بن أنيس، فإن صحَّ؛ فما هنا مجاز، إمَّا لأنَّه ضربه فيمن ضربه، أو لكونه أميرهم، فنُسِب الفعل إليه، وإن لم يصحَّ ذاك؛ فالقول قول الصحيح، والله أعلم أيَّ ذلك كان.

(1/7393)

[حديث: بعث رسول الله إلى أبي رافع اليهودي رجالًا من الأنصار]

4039# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): (إسرائيل) هذا: هو ابن يُونس بن أبي إسحاق، و (أبو إسحاق): عمرو بن عبد الله، تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى قوله: (رِجَالًا مِنَ الأَنْصَار [1]): تَقَدَّم عددهم، وأنَّه من الخزرج، وتَقَدَّم أنَّهم سألوه أوَّلًا، فأذن لهم، فإذنه لهم في ذلك بعثٌ.

قوله: (وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ): (السَّرْح)؛ بفتح السين، وإسكان الراء وبالحاء المهملتين: اسم جمع، وليس بتكسير (سارح)، أو هو تسميةٌ بالمصدر، والسرح: المال السائمُ.

قوله: (فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لِأَصْحَابِهِ [2] اجْلِسُوا): هذا هو عبد الله بن عتيك، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ)؛ أي: تغطَّى، غطَّى رأسه لئلَّا يُعرف.

قوله: (فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ): (هتف)؛ أي: صاح، و (البوَّاب): لا أعرف اسمه.

قوله: (فَكَمَنْتُ): هو بفتح الميم، وقد تَقَدَّم أنَّه يجوز كسرها.

قوله: (ثُمَّ عَلَّقَ الأَغَالِيقَ): (الأغاليق) في أصلنا بالإهمال والإعجام، قال ابن قُرقُول: علَّق الأغاليق؛ أي: المفاتيح، كذا للأصيليِّ، ولغيره: غلَّق وأغلق، انتهى، و (الأغاليق): بالغين المعجمة، كذا ذكره ابن قُرقُول في الغين المعجمة مع القاف، وقال: أي: المفاتيح، وكذا أخرجه ابن الأثير وقال: واحدها: إغليق، انتهى.

وقال شيخنا: (الأعاليق)؛ بالعين المهملة: جمع إعليق؛ وهو المفتاح ... إلى أن قال: ولأبي ذرٍّ: (الأغاليق)؛ بالمعجمة، والصواب بالمهملة، وهو بالمعجمة ما يُغلَق به الباب، وكذا المُغْلوق؛ بالضمِّ، انتهى.

[ج 2 ص 136]

قوله: (عَلَى وَدٍّ): وفي نسخة: (وَتِدٍ)، و (الودُّ): بفتح الواو، وتشديد الدال المهملة، و (الوَتِدُ) في لغة أهل نجد كلّهم سكَّنوا التاء، وأدغموها في الدال، وأمَّا (الوتِد)؛ فبكسر التاء، والفتح لغة فيه، وهذا معروفٌ.

قوله: (إِلَى الأَقَالِيدِ): هي جمع: إقليد؛ وهو المفتاح في لغة أهل اليمن، و {مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ} [الزمر: 63]: مفاتيحها، وقيل: خزائنها.

قوله: (يُسْمَرُ عِنْدَهُ): (يُسمَر)؛ بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: يُتحدَّث عنده [3]، والسمر معروفٌ، وقد تَقَدَّم في «الصلاة».

قوله: (وَكَانَ فِي عَلاَلِيَّ): هو بتشديد الياء، ويقال: بتخفيفها كنظائره، واحدها: عليَّة؛ بضمِّ العين وكسرها، والقاعدة: إذا المفرد إذا كان بالتشديد؛ فلك فيه في الجمع التشديد والتخفيف؛ كسُرِّيَّة وسراري، وأُثفِيَّة وأثافي، والله أعلم.

قوله: (صَعِدْتُ): تَقَدَّم أنَّه بكسر العين، والمستقبل بفتحها.

قوله: (إِنِ الْقَوْمُ): (إن)؛ بكسر الهمزة والنون، وكسرت النون؛ لالتقاء الساكنين، وهي (إن) الشرطية، و (القومُ): مرفوع، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (نَذِرُوا بِي): هو بفتح النون، وكسر الذال المعجمة؛ أي: علموا بي.

(1/7394)

قوله: (وَسْطَ عِيَالِهِ): قال الجوهريُّ: (يقال: جلست وسْط القوم؛ بالتسكين؛ لأنَّه ظرف، وجلست وسَط الدار؛ بالتحريك؛ لأنَّه اسم، وكلُّ موضعٍ صلح فيه (بين)؛ فهو وسْط، وإن لم يصلح فيه (بين)؛ فهو وسَط، وربها سُكِّن، وليس بالوجه)، انتهى، وعيال الشخص: من يقوته الإنسان من ولد وزوجة.

قوله: (وَأَنَا دَهِشٌ): هو بكسر الهاء؛ أي: متحيِّر.

قوله: (فَأَمْكُثُ): هو بفتح الهمزة، وضمِّ الكاف، مرفوعٌ؛ لأنَّه فعل مستقبل لم يتَقَدَّمه ناصبٌ ولا جازم.

قوله: (قَبْلُ بِالسَّيْفِ): (قبلُ): مضمومٌ مبنيٌّ على الضمِّ؛ لقطعه عن الإضافة.

قوله: (فَأَضْرِبُهُ): هو بفتح الهمزة، فعلٌ مستقبلٌ مرفوعٌ.

قوله: (أَثْخَنَتْهُ): (أثخنته)؛ أي: أوهنتُه.

قوله: (صَبِيْبَ السَّيْفِ [4]): قال ابن قُرقُولَ: (صبيب السيف) _بصاد مهملة_؛ يعني: مفتوحة لأبي ذرٍّ وبعضِهم، وكذا ذكره الحربيُّ، وقال: (أظنُّ أنَّه طرفه)، وعند أبي زيد والنسفيِّ: بضاد المعجمة، وهو حرف طرفه، وعند غيرهم فيه اختلاف، ولم يتَّجه له وجه، قال القابسيُّ: (والمعروف فيه: ضبة، ونحوه في أصل الأصيليِّ لغير أبي زيد)، انتهى.

وفي «النِّهاية» ذكره في المهملة فقط، وقال: أي: طرفه وآخر ما يبلغ سيلانه حين ضُرِبَ وعُمِلَ، وقيل: هو طرفه مطلقًا، انتهى، وقال في الظاء المشالة المعجمة في حديث البراء: (فوضعت ظبيب السيف في بطنه)، قال الحربيُّ: هكذا رُويَ، وإنَّما هو ظبة السيف؛ وهو طرفه، ويجمع على الظُّباةِ والظبين، وأمَّا (الضَّبيبُ)؛ بالضاد: فسيلان الدم من الفم وغيره، وقال أبوموسى: إنَّما هو بالصاد المهملة، وقد تَقَدَّم موضعه؛ انتهى.

وفي حاشية على البُخاريِّ: الخطابيُّ: كذا (ضَبيب السيف) وما أُراه محفوظًا، وإنَّما هو (ظبة السيف)، وهو حرف حدِّ السيف في طرفه، انتهت، والله أعلم.

قوله: (فَوَضَعْتُ رِجْلِي): هو بالإفراد.

قوله: (وَأَنَا أُرَى): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.

قوله: (حَتَّى أَعْلَمُ أَقَتَلْتُهُ؟): (أعلمُ): مرفوعٌ كذا في أصلنا، ثُمَّ طرأ عليها أنَّها عُمِلت منصوبةً، والنَّصْب جائزٌ، و (حتى) إذا دخلت على الفعل المستقبل؛ نصبته بإضمار (أن)، تقول: سرت إلى الكوفة حتَّى أدخلها؛ بمعنى: إلى أن أدخلها، فإن كنتَ في حال دخولٍ؛ رفعتَ، وقُرِئ: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214]، و {يَقُولَ}، فمن نصب؛ جعله غاية، ومن رفع؛ جعله حالًا؛ بمعنى: حتَّى الرسول هذه حالُه، والله أعلم.

قوله: (قَامَ النَّاعِي): (الناعي): هو الذي يخبر بالموت.

قوله: (النَّجَاءَ): هو ممدود منصوب، ونصبُه معروف، ومقصور أيضًا.

قوله: (فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّما لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ): وقال في الرواية الثانية: (فأنسى وما بي غلبة) قال ابن التين: (إن كان هذا محفوظًا؛ فببركة دعائه عليه السلام، دعا لهم حين أرسلهم)، انتهى.

(1/7395)

قوله: (قطُّ): تَقَدَّم اللُّغات فيه في أوائل هذا التعليق وبُعَيد هذا، فيؤوَّل معناها: الزمان، قال الكسائيُّ: (كانت قطط، فلمَّا سُكِّن الحرف الأوَّل للإدغام؛ جُعِل الآخرُ متحركًا إلى إعرابه)، ومنهم من يقول: (قُطُّ)؛ يُتْبِع الضمَّة الضمَّة، ومنهم من يقول: (قطُ)؛ مُخَفَّفة الطاء، ومنهم من يُتْبِع الضمَّة الضمَّة في المُخَفَّفة أيضًا، ويقول: (قُطُ)، وهي قليلة، هذا إذا كانت بمعنى الدهر، فأمَّا إذا كانت بمعنى: حَسْبُ؛ وهو الاكتفاء؛ فهي مفتوحة ساكنة الطاء، تقول: رأيته مرَّة واحدة فقط، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (كانوا خمسة من الخزرج: عبد الله بن عتيك وهو أميرهم، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة بن ربعي، وخزاعي بن أسود حليف لهم من أسلم.× وذكر ابن عقبة فيمن قتل أبا رافع أسعد بن حرام، ولم يذكره غيره؛ فاعلمه).

[2] في هامش (ق): (وعند ابن إسحاق: أنَّ كلَّهم وكلوا رأسه بسيوفهم، فلمَّا ضربوه بسيوفهم؛ تحامل عبد الله بن أُنيس بسيفه في بطنه حتى أنفذه، وهو يقول: قطني قطني؛ أي: حسبي حسبي، خرجوا وكان عبد الله بن عتيك سيِّئ البصر فوقع من الدرجة فوثئت يده، وقيل: فإنَّهم لمَّا قدموا على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ أخبروه بقتل عدوِّ الله، واختلفوا عنده في قتله، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «هاتوا أسيافكم»، فجئناه بها، فنظر إليها، فقال لسيف عبد الله: «هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام»).

[3] في (أ): (عنه)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[4] في (ق): (ضبيب السيف)، وفي هامشها: (ضبيب السيف: طرفه، وضبيبه: طرف طرفه، وفيه اختلاف كبير).

(1/7396)

[حديث: بعث رسول الله إلى أبي رافع عبد الله بن عتيك]

4040# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ): هو أحمد بن عثمان بن حَكيم الأوديُّ الكوفيُّ، عن جعفر بن عون، وعدَّة، وعنه: البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، والمحامليُّ، وأبو عوانة، وخلقٌ، حجَّة، توفِّي سنة (261 هـ)، أخرج له من الأئمة من روى عنه، وثَّقه النَّسائيُّ وابن خراش، لا أحمد بن عثمان النوفليُّ، هذا لم يخرِّج له البُخاريُّ شيئًا، وإنَّما أخرج له مسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، والله أعلم، وفي الوضَّاعين: أحمد بن عثمان النهروانيُّ أبو الحسن، ليس له شيء في الكتب، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ هُوَ ابْنُ مَسْلَمَةَ): هذا بالشين المعجمة، والحاء المهملة، وهذا معروفٌ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو السبيعيُّ عَمرو بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا.

[ج 2 ص 137]

قوله: (عَبْدَ اللهِ بْنَ عَتِيكٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عُتْبَةَ فِي نَاسٍ مَعَهُمْ): كذا في أصلنا: (وعبد الله بن عتبة)، وكذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، قال الدِّمياطيُّ الحافظُ: (وصوابه: وعبد الله بن أنيس) انتهى، وكذا قال مغلطاي، ولفظه: (منهم: عبد الله بن عتبة فيما ذكره البُخاريُّ، قيل: فيه نظرٌ، وصوابه: عبد الله بن أنيس، فقتلوه في داره بخيبر، ويقال: بحصنه بالحجاز) انتهى، وكذا قال شيخنا: (وعبد الله بن عتبة)، وهو غلطٌ، وصوابه: (وعبد الله بن أنيس)، انتهى.

تنبيهٌ: في الصَّحابة من اسمه عبد الله بن عتبة ثلاثة؛ أحدهم: مهاجريٌّ؛ وهو عبد الله بن عتبة بن مسعود، والآخر: عبد الله بن عتبة أبو قيس الذكوانيُّ، قيل: له صحبة، والأوَّل ليس مرادًا قطعًا، ولا الثاني؛ لأنَّ من أثبت له صحبة؛ ذكرأنه كان خماسيًّا أو سداسيًّا، ولأنَّ هؤلاء تَقَدَّم أنَّهم من الخزرج، والثالث: عبد الله بن عتبة، أحد بني نفيل، له ذكر في زمن الرِّدَّة، نقله وثيمة عن ابن إسحاق، والله أعلم، وليس المراد.

قوله: (فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ): (القبس): شعلة من نار، وكذلك (المِقباسُ).

قوله: (أَنْ أُعْرَفَ): هو بضمِّ الهمزة، وفتح الراء، مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (صَاحِبُ الْبَابِ): تَقَدَّم أنَّي لا أعرف اسمَهُ.

قوله: (أُغْلِقَهُ): هو بضمِّ الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، والثلاثيُّ لغةٌ رديئةٌ، يقال: غلقت الباب.

قوله: (هَدَأَتِ الأَصْوَاتُ): هو بهمزة مفتوحة بعد الدال؛ أي: سكنت، وقال شيخنا بعد أن قيَّده بالهمز: وذكره ابن التين بغير همزٍ، ثُمَّ قال _أي: ابن التين_: صوابه الهمز.

قوله: (فِي كَوَّةٍ): قال ابن قُرقُول: (الكَوَّة): بفتح الكاف هو المشهور، وقد حُكيَ بالضمِّ، وقال الصدفيُّ عن بعض شيوخه عن المعريِّ: أنَّها بالفتح غير نافذة، وبالضمِّ نافذة، قلت: وهذا ضعيفٌ، المعريُّ ليس بأهل أن يقلَّد، انتهى، وفي «الصحاح»: (الكوَّة): ثقب البيت، والجمع: كُوَاء وكِوًى أيضًا، مقصور؛ مثل: بدرة وبِدَر، و (الكُوَّة) بالضمِّ لغة، ويجمع على كُوًى، انتهى.

(1/7397)

قوله: (إِنْ نَذِرَ): هو بالذال المعجمة المكسورة؛ أي: علم، وقد تَقَدَّم قريبًا.

قوله: (عَلَى مَهَلٍ): هو بفتح الميم والهاء؛ أي: على تؤدَةٍ.

قوله: (ثُمَّ عَمَدْتُ): بفتح الميم في الماضي، وكسرها [1] في المستقبل، عكس: صعِد، ورأيت في حاشية على البُخاريِّ ذكر أنَّ الماضي بالكسر أيضًا عن «شرح الفصيح» للَّبليِّ، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ صَعِدْتُ): تَقَدَّم قريبًا _وأقربه أعلاه_ أنَّه بكسر العين في الماضي، وفتحها في المستقبل.

قوله: (فَغَلَّقْتُهَا [2]): هو بالتشديد، والتخفيف لغة، وفيه لغة بالهمز: أغلقتها.

قوله: (قَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ): (طَفِئ): بهمزة في آخره، مفتوح الطاء، مكسور الفاء، و (سراجُه): بالرَّفع فاعلٌ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَعَمَدْتُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ الماضي بالفتح، والمستقبل بالكسر، وأنَّي رأيت في حاشية على البُخاريِّ أنَّ الكسر في الماضي لغة أيضًا حكاها في «شرح الفصيح» للَّبْليِّ.

قوله: (كَأَنِّي أُغِيثُهُ): هو بضمِّ الهمزة، وكسر الغين المعجمة، وهذا ظاهرٌ، وهو رُباعيٌّ.

قوله: (أَلاَ أُعَجِّبُكَ): (ألا): بفتح الهمزة، وتخفيف اللام، و (أُعجِّبك): بتشديد الجيم المكسورة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ): هو بفتح الهمزة في أوَّله، والفاء مكسورة، ثُمَّ همزة مضمومة بعدها؛ أي: أميل عليه بنفسي.

قوله: (دَهِشًا): هو بكسر الهاء؛ أي: متحيِّرًا، وقد تَقَدَّم قريبًا.

قوله: (أَحْجُلُ): هو بضمِّ الجيم، والحَجلان: مشية المقيَّد، يقال: حَجَل الطائر يحجُل حَجَلانًا، وكذلك إذا نَزَا في مشيته؛ كما يحجل البعير العَقِيرُ على ثلاث، والغلام على رِجل واحدة وعلى رِجلين، وقال شيخنا: الحجل أن يرفع رِجْلًا ويقف على الأخرى من الفَرح، وقد يكون بالرِّجْلين جميعًا؛ لأنَّه قفزٌ، وليس بشيء.

قوله: (حَتَّى أَسْمَعُ النَّاعِيَةَ): (أسمعُ): في أصلنا بالرَّفع بالقلم، وعليه (صح)، ويجوز النَّصْب، وقد تَقَدَّم قريبًا، و (الناعية): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا.

قوله: (صَعِدَ): تَقَدَّم قريبًا، وبعيدًا أنَّه بكسر العين، وأنَّها بالفتح في المستقبل.

قوله: (قَلَبَةٌ): هي بفتح القاف واللام والموحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: داء، وأصله من القُلَاب _بضمِّ القاف، وتخفيف اللام، وفي آخره موحَّدة_: وهو داء يصيب الإبل، ثُمَّ استعمل في كل داء، وقيل: معناه: ما بي داء أَقْلبُ له.

==========

[1] في (أ): (وفتحها)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[2] في هامش (ق): (قال ابن مالك: غلَّقت وأغلقت بمعنى، انتهى، قال النسائيُّ: غلَّقتُ الأبواب للتكثير، وقد يقال: أغلقت، يراد بها التكثير).

(1/7398)

[باب غزوة أحد]

(بابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ) ... إلى (بابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ)

قوله: (بابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ): (أُحُد): جبل بمدينة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أقل من فرسخ منها، قال السهيليُّ: (به قبر هارون عليه السلام)، وكذا قال غير السهيليِّ، لكنَّ الحافظ ابن دحية تعقَّب كلام السهيليِّ بما في التوراة، وعيَّن المكان الذي فيه ذلك من التوراة بأنَّ قبره بقرب جبلة في الجبل، يعرف الموضع (بهُوْر هاهار)، كذا عندهم على ساعة من جبلة؛ من مدن الشام، انتهى.

وسأذكر فيه كلامًا في أواخر الغزوة في قوله: (أُحُدٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ)؛ فانظره، ووقعة أُحُد كانت يوم السبت لتسع خلون من شوَّال، ويقال: لإحدى عشرة لليلة خلت منه، ويقال: للنصف منه، قال مالك: (كانت بعد بدر بسنة)، وعنه: (كانت على أحدٍ وثلاثين شهرًا من الهجرة، وذلك أنَّ قريشًا أجمعوا لقتاله عليه السلام في ثلاثة آلاف رجل؛ فيهم: سبع مئة دارع، ومئتا فرس، وثلاثة آلاف بعير، وخمس عشرة امرأة، والمسلمون ألف رجل، ويقال: تسع مئة، فانخزل عبد الله بن أُبيِّ ابن سلول في ثلاث مئة، ويقال: إنَّه عليه السلام أمرهم بالانصراف لكفرهم بمكان يقال له: الشَّوْط، ويقال: بأُحُد عند التصافِّ.

قال ابن عقبة: وليس في المسلمين فرس واحد، قال الواقديُّ: لم يكن مع المسلمين يوم أُحُد إلَّا فرس رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وفرس أبي بردة، انتهى.

وذكروا في خيله عليه السلام السكب، قالوا: غزا عليه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أُحُدًا ليس في المسلمين غيره وغير فرس أبي بردة، وفي «الاستيعاب» في ترجمة عبَّاد بن الحارث بن عديٍّ: (يعرف بفارس ذي الخرقة ... ) إلى أن قال: (شهد أُحُدًا والمشاهد كلَّها معه عليه السلام على فرسه ذي الخِرقة).

تنبيهٌ: وقع في «الهدْي» لابن قيِّم الجوزيَّة: (وبعَثَنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في سبع مئة؛ فيهم خمسون فارسًا)، انتهى، كذا في نسخة عندي بـ «الهدْي»، وهذا انتقال حفظ من الرُّماة إلى هؤلاء، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 138]

(1/7399)

[حديث: هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب .. ]

4041# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ هذا هو الرازيُّ الفرَّاء الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصلت الثَّقَفيُّ، أبو محمَّد الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (خَالِدٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه خالد بن مهران الحذَّاء، أبو المُنازل، وهذا الحديث أخرجه البُخاريُّ سندًا ومتنًا في (غزوة بدر) في (باب شهود الملائكة بدرًا)، وفي أوَّل (غزوة أُحُد) غير أنَّه قال في بدر: (يوم بدر)، وقال في أُحُد: (يوم أُحُد)، ولم أر المِزِّيَّ طرَّفه إلَّا من غزوة بدر، ولم يذكر تطريفه في أُحُد، والله أعلم، ولعلَّه سقط طريق من الناسخ.

[ج 2 ص 138]

(1/7400)

[حديث: إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض]

4042# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو صاعقة الحافظ، و (حَيْوَةَ): هو بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه ابن شريح، أبو زرعة التجيبيُّ المِصريُّ الفقيه، وثَّقه أحمد، وابن معين، أخرج له الجماعة، توفِّي سنة (158 هـ)، لا حيوة بن شريح الحضرميُّ، هذا ليس من تلك الطبقة، هذا شيخ البُخاريِّ، وثَّقه ابن معين وغيره، وأخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، والله أعلم.

قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، تَقَدَّم، و (أبو الخير): تَقَدَّم أنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

قوله: (صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ [1] بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ): ظاهره أنَّه حقيقة، وبه قال بعضُهم وخولِف، ومعناه: أنَّه دعا لهم بدعاء صلاة الميت، والدليل على ذلك ما جاء في بعض الأحاديث، عن الزُّهريِّ، عن أيُّوب بن بَشِير: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خرج عاصبًا رأسه حتَّى جلس على المنبر، ثُمَّ كان أوَّل ما تكلَّم به أنَّه صلى على أصحاب أُحُد، واستغفر لهم، فأكثر الصلاة عليهم ... )؛ الحديث، وهذا مرسلٌ، وأيوب بن بشير: الصحيح أنَّه تابعيٌّ، ووهم من عدَّه صحابيًّا.

قوله: (بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ): فيه نظرٌ؛ لما قدَّمتُ في تاريخ هذه الغزوة _والله أعلم_ مع انضمام اتِّفاقهم على إقامته عليه السلام بالمدينة عشر سنين، إلَّا أن يؤوَّل قوله: (ثماني سنين)، وكان يحتمل أن يقال: بعد ثماني سنين من المقدم، لكنَّ بقيَّة الحديث تدفع ذلك.

قوله: (ثُمَّ طَلعَ الْمِنْبَرَ [2]): هو في الأصل الذي سمعنا فيه على العراقيِّ بفتح اللام وكسرها بالقلم، وعليه (معًا)، وكذا ضبطه بعضُهم بهما، انتهى، فالفتح معروف، وأمَّا الكسر؛ فيقال: طلِعت الجبلَ والمنبر؛ بالكسر؛ إذا علوته، فإن صحَّ ما في أصلنا رواية، وكذا ما ضبطه به بعضُهم؛ فمعنى طلِع المنبر؛ بالكسر: علاه.

قوله: (فَرَطٌ): هو بفتح الفاء والراء، وبالطاء المهملة، و (الفرط): الذي يتَقَدَّم الواردين فيهيِّئُ لهم ما يحتاجون إليه، ومعناه في هذا الحديث _والله أعلم_: أنَّي أتَقَدَّمكم لأشفع لكم، والله أعلم.

قوله: (أَنْ تَنَافَسُوهَا): المنافسة: الرغبة في الشيء والانفراد به، وهو من الشيء النفيس الجيِّد في نوعه، ونافستُ في الشيء منافسةً ونفاسًا؛ إذا رغبتَ فيه، ونَفُس _بالضمّ_ نفاسة؛ أي: صار مرغوبًا فيه، ونَفِست؛ بالكسر؛ أي: بخلت، ونَفِست عليه الشيء نفاسةً؛ إذا لم تره له أهلًا.

قوله: (فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ): (آخر) بالنَّصْب خبر (كان)، وهذا ظاهرٌ.

==========

(1/7401)

[1] في هامش (ق): (قال ابن سيِّد الناس: المتَّفق بين أرباب النقل أنَّ إقامة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالمدينة عشر سنين، ثم قال: غزوة أُحُد كانت في شوال سنة ثلاث يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت منه عند ابن عائذ، وعند ابن سعد: لسبع خلون منه، إذا تقرر هذا؛ فكيف يصح قول البخاري: قد صلَّى على قتلى أُحُد؟ إلا أن يُقال: صلَّى عليهم في أوائل سنة ثلاث.× عقد صلَّى الله عليه وسلَّم ثلاثة ألوية؛ لواء المهاجرين [بيد علي بن أبي طالب، ولواء الخزرج بيد حباب] بن منذر، وقيل: بيد سعد بن عبادة، ولواء الأوس بيد أُسَيد بن حُضَير، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم).

[2] في هامش (ق): (قال الجوهريُّ: يقال: طلعت على القوم؛ إذا أتيتهم، وقد طلعت عنهم؛ إذا غبت عنهم).

[ج 2 ص 139]

(1/7402)

[حديث: لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا]

4043# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعيُّ عمرو بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (وَأَجْلَسَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ): اعلم أنَّ الرماة يومئذٍ كانوا خمسين رجلًا، وأميرُهم عبد الله بن جُبير بن النعمان بن أميَّة الأوسيُّ، عقبيٌّ، بدريٌّ، قتل يوم أُحُد، وهو أخو خَوَّات بن جبير، وقد تَقَدَّم رضي الله عنه.

قوله: (يَشْتَدنَ): كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول في السين المهملة مع النون: (يُسندن في الجبل؛ أي: يصعدن، كذا للقابسيِّ في «الجهاد»، ولابن السكن في «الجهاد» و «الفضائل»، وعند الأصيليِّ: «يَشْتدن»، والشدُّ: الجري، وعند أبي الهيثم: «يَشْتدِدْن»، ولبقيَّة رواة أبي ذرٍّ: «يشدُدن»، كلُّه من الجري، وكذلك في «غزوة أُحُد» بسين مهملة ونون للجرجانيِّ والقابسيِّ، وعند النسفيِّ هنا بشين وتاء، وفي «باب ما يكره من التنازع»: «يشتدن» للأصيليِّ، و «يشتددن» عند أبي ذرٍّ، و «يُسندن» غيرهما)، انتهى.

قوله: (الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ): هما منصوبان، ونصبهما ظاهرٌ.

قوله: (فَقَالَ عَبْدُ اللهِ [1]): هو الأمير الذي لهم، وقد تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن جُبير منسوبًا في كلامي رضي الله عنه.

قوله: (صُرِفَ وُجُوهُهُمْ): هو مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، (وجوهُهم): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وفي نسخةٍ: (صُرِفَت)، وكلاهما جائزٌ في اللُّغة.

قوله: (وَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا): (أُصيب): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (سبعون): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، تَقَدَّم أنَّه من ذكر أنَّه استشهد بأُحُد ستَّة وتسعون؛ منهم: من المهاجرين ومن ذكر معهم أحد عشر، ومن الأنصار خمسة وثمانون؛ من الأوس ثمانية وثلاثون، ومن الخزرج سبعة وأربعون، وقد تجاوزوا بزيادت [2] زيدت فيهم مئة، فمن الناس من يجعل السبعين الذين ذكروا في الحديث من الأنصار خاصَّة، وصريح حديث أنس: (أُصيب منا يوم أُحُد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون)، وكذلك قال ابن سعد: (إنَّ الشهداء السبعين من الأنصار) في (باب غزوة أُحُد)، لكنَّهم في تراجم «الطبقات» له زادوا على ذلك، وقد عزا شيخنا في (الجهاد) إلى مالك: أنَّه قُتِل من الأنصار يوم أُحُد سبعون، ومن المهاجرين أربعة، انتهى.

(1/7403)

ويذكر في تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: 165] أنَّه تسليةٌ للمؤمنين عمَّن أُصيب منهم يوم أُحُد بأنَّهم أصابوا من المشركين يوم بدر سبعين قتيلًا، وسبعين أسيرًا، فإن صحَّ ذلك نقلًا وحملًا؛ فالزيادة ناشئة في التفصيل، وليست زيادة في الجملة، وقد رأيت في «الأحكام» لمحب الدين الطبريِّ الحافظ الإمام العلَّامة في (الجنائز) عن الشافعي: (أنَّ شهداء أُحُد اثنان وسبعون)، ذكر ذلك في الردِّ على من قال: (صلى على حمزة سبعين صلاة)، انتهى، ورأيت فيها أيضًا حديثًا عن أُبيِّ بن كعب قال: (لمَّا كان يوم أُحُد؛ أُصيب من الأنصار أربعة وسبعون، ومن المهاجرين ستَّة؛ منهم حمزة، فمثَّلوا بهم، فقالت الأنصار: إن أصبنا منهم يومًا؛ لنربينَّ عليهم، فلمَّا كان يوم فتح مكَّة؛ أنزل الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] ... إلى أن قال: «كفُّوا عن القوم غير أربعة»)، أخرجه أبو حاتم، انتهى.

وقد رأيت هذا في «المستدرك» في تفسير (النحل)، غير أنَّ فيه: (أربعة وستِّين)، كذا رأيته أخرجه مرَّة، وأخرى في (الشورى) في (التفسير)، وفي كلام مغلطاي: (أنَّهم سبعون؛ منهم حمزة) قال: (ويقال: خمسة وستُّون)، وكذا في كلام شيخنا بعد أن نقل أنَّهم سبعون قال:

[ج 2 ص 139]

(ويقال: خمسة وستُّون؛ منهم أربعة مهاجرون)، انتهى.

فائدةٌ: قد تحصَّلنا في عدد قتلى أُحُد على أقوال؛ أحدها: سبعون، الثاني: من الأنصار سبعون، ومن المهاجرين أربعة؛ الجملة: أربعة وسبعون، الثالث: اثنان وسبعون، الرابع: أربعة وسبعون من الأنصار، ومن المهاجرين ستَّة؛ الجملة ثمانون، الخامس: خمسة وستُّون؛ منهم أربعة مهاجرون.

تنبيهٌ: لم يُذكَر في أُحُدٍ أسرى، ولا رأيت أحدًا ذكر ذلك إلَّا ما رأيته في «سيرة مغلطاي الصُغرى» قال: (وأُسِر سبعون، ويقال: خمسة وستُّون)، انتهى، وهذا غريبٌ، وإخاله غلطًا، أو انتقالَ حفظٍ من قولٍ في القتلى تَقَدَّم، ثُمَّ إنَّي راجعت نسخةً أخرى قرئت على المؤلِّف وعليها خطُّه، فلم أر ذلك فيها، وهو انتقال حفظ من القتلى إلى الأسرى، كما قدَّمتُ، ولا أعلم أُسِر أحدٌ من الصَّحابة فيها، والله أعلم، وكأنَّه كان أوَّلًا كتبه، ثُمَّ إنَّه رجع عنه.

قوله: (وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه أبو سفيان صخر ابن أميَّة بن عبد شمس، أسلم ليلة الفتح، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وهو والد معاوية وأمِّ حبيبة.

(1/7404)

قوله: (أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ: «لاَ تُجِيبُوهُ»): إنَّما نهاهم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن إجابته؛ لأنَّ كَلَبَهم لم يكن بَرَدَ بعدُ [في] طلب القوم، ونار غيظه بعدُ متوقِّدة، فلما قال أبو سفيان لأصحابه ما قال؛ حَمِيَ عمر رضي الله عنه، واشتدَّ غضبه، وقال ما قال، فكان في هذا الإعلام من الإدلال والشجاعة وعدم الجبن والتَّعرُّف إلى العدوِّ في تلك الحال ما يؤذنهم بقوَّة القوم، وأنَّهم لم يهِنوا، ولم يضعفوا، وأنَّه وقومه تحت الخوف منهم، وقد أبقى الله لهم ما يخزيهم، وكان في الإعلام ببقاء هؤلاء الثلاثة وهلةً بعد ظنِّه وظنِّ قومه أنَّهم قد أُصيبوا من المصلحة، وغيظ العدوِّ وحربه، والفتِّ في عَضُده؛ من المصلحة ما ليس في جوابه حين سأل عنهم واحدًا واحدًا، فكان سؤاله عنهم ونعيُهم لقومه آخر سهام العدوِّ وكيده، فصبر له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى استوفى كيده، ثُمَّ انتدب له عمر رضي الله عنه بالجواب، فردَّ سهامه عليه، فكان تركُ الجواب أوَّلًا أحسن، وذكره ثانيًا أحسن، وأيضًا فإنَّ في ترك إجابته حين سأل عنهم إهانةً له، وتصغيرًا لشأنه، فلمَّا منَّته نفسه موتَهم، وظنَّ أنَّهم قد قُتِلوا، وحصل له بذلك من الكبر والأشر ما حصل؛ كان في جوابه إهانةٌ، وتحقير، وإذلال، ولم يكن هذا مخالفًا لقوله: «لا تجيبوه»، وأنَّه إنَّما نهى عن إجابته لمَّا سأل: أفيكم محمَّد؟ أفيكم فلان؟ ولم ينه عن إجابته لمَّا قال: أمَّا هؤلاء؛ فقد قُتِلوا، ولكلٍّ حالٌ، فلا أحسن من ترك إجابته أوَّلًا، ولا أحسن من إجابته ثانيًا.

فإن قيل: فما الحكمة من سؤاله عن هؤلاء الثلاثة دون غيرهم؟

وجوابُه: أنَّ الحكمة في ذلك علمه وعلم قومه أنَّ قيام الدين والإسلام بهم، والله أعلم.

قوله: (مَا يخْزِيكَ): من الخزي، وهو معروفٌ، وكان هذا كشفٌ من عمر وإخبارٌ عن يوم الفتح.

قوله: (أُعْلُ هُبَلْ): هو أمر بالعلوِّ، قال ابن قُرقُول: ليرتفع أمرُك، ويعزَّ دينك، انتهى، وقال شيخنا: قال الداوديُّ: وفي رواية: (اعلي هُبل، ارق الجبل)؛ يعني: علوته حتَّى صرت كالجبل العالي، قال: ويحتمل أن يريد بقوله: (ارق الجبل): تعيير المسلمين حين انحازوا إلى الجبل، انتهى، و (هُبَل)؛ بضمِّ الهاء، وفتح الباء الموحَّدة، وباللام: اسم صنمٍ لهم، وكان داخل الكعبة، قال السهيليُّ في «روضه»: (وهبل جاء به عمرو بن لُحيٍّ من هيت _وهي من أرض الجزيرة_ حتَّى وضعه في الكعبة)، انتهى، وقد تَقَدَّم، ونقل شيخنا عن ابن إسحاق قال: وحدَّثني بعضُ أهل العلم، فذكر قصَّةً فيها عمرو بن لُحيٍّ جاء بهبل من مآب من أرض البلقاء، انتهى، وقد تَقَدَّم.

قوله: (أَجِيبُوهُ): هو بفتح الهمزة من الإجابة، وهو رُباعيٌّ، أمرهم صلَّى الله عليه وسلَّم بجوابه عند افتخاره بآلهتِه وبشركه؛ تعظيمًا للتوحيد، وإعلامًا بعزَّة من عبده من المسلمين، وقوَّة جانبه، وأنَّه لا يغلب، ونحن حزبه وجنده، والله أعلم.

(1/7405)

قوله: (لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ): (العُزَّى): اسم صنمٍ كان لقريش وبني كنانة، ويقال: (العزَّى): سَمُرة كانت لغطفان يعبدونها، وكانوا بنَوا عليها بيتًا، وأقاموا لها سَدَنَة، فبعث إليها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم خالد بن الوليد، فهدم البيت، وأحرق السَّمُرة، تَقَدَّمت.

قوله: (وَالْحَرْبُ سِجَالٌ): هو بكسر السين، وتخفيف الجيم، ومعناه: مرَّة لنا، ومرَّة علينا، من مساجلة المستقين على البئر بالدلاء، وقد تَقَدَّم.

قوله: (مُثْلَةً): هو بضمِّ الميم وكسرها، وإسكان الثاء المُثلَّثة، قال ابن قُرقُول: (مِثلة)؛ يعني: بكسر الميم، كذا قيَّده الأصيليُّ، وقيَّده غيره (مُثلة)؛ يعني: بضمِّها، قال: وكلاهما صحيح، وهو التشويه بالخلق من قطع الأنف والآذان، وجمعها: مُثُلات، ومُثَل، وأمَّا قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ} [الرعد: 6]؛ فهي العقوبات، وقال شيخنا: قال ابن التين: (هي بفتح الميم، والثاء ... ) إلى أن قال: (وضبطه بعضهم بالضمِّ؛ كغُرفة، وفي رواية بالفتح، وسكون الثاء، وهو مصدر)، انتهى.

==========

[1] في (ق): (عبد الله بن جبير)، وفي هامشها: (عبد الله هذا: هو أخو عمرو بن عوف، وهو معلَّم يومئذ بثياب بيض)

[2] في (أ): (بزياديات)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

(1/7406)

[حديث: اصطبح الخمر يوم أحد ناس ثم قتلوا شهداء]

4044# قوله: (أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظَّاهر أنَّه المسنديُّ كما تَقَدَّم في (الجمعة)، لا الحافظ الكبير أبو بكر ابن أبي شيبة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المكِّيُّ، و (جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ.

قوله: (اصْطَبَحَ الْخَمْرَ يَوْمَ أُحُدٍ نَاسٌ [1] ... ) الذي آخر قوله: (شُهَدَاءَ): تَقَدَّم أنَّ الخمر إنَّما حُرِّمت بعد أُحُد في أوَّل السنة الرابعة في شهر ربيع الأوَّل، وتَقَدَّم ما ذكره مغلطاي أنَّها حرِّمت بعد حمراء الأسد، وحمراء الأسد بعد أُحُد، وهو في شوَّال من السنة الثالثة تحريمُها، قال: ويقال: في الرابعة، والله أعلم، وعلى القولين كانت مباحة في أُحُد، والله أعلم، وهؤلاء الناس لا أعرفهم بأعيانهم، وقد قدَّمتُ ذلك أيضًا.

(1/7407)

[حديث: أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائمًا فقال قتل .. ]

4045# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، ولقبه عبدان، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المبارك، أحد الأعلام.

قوله: (أُتِيَ بِطَعَامٍ): (أُتِيَ): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ [1]): (قُتِل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (مصعبُ): مرفوع قائم مقام الفاعل، وقد تَقَدَّم بعض ترجمةمصعب رضي الله عنه، وكذا تَقَدَّم الكلام على (وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي).

[ج 2 ص 140]

قوله: (كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ): (كُفِّن): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (إِنْ غُطِّيَ)، وكذا (غُطِّيَ) الثانية، وكذا (قُتِلَ حَمْزَةُ)، و (حمزةُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (بَدَا): هو معتلٌ؛ أي: ظهر، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ): (بُسِطَ): في الموضعين مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (عُجِّلَتْ) مبنيٌّ أيضًا.

(1/7408)

[حديث: قال رجل للنبي يوم أحد: أرأيت إن قتلت فأين أنا؟]

4046# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، لا الحافظ الكبير أبو بكر ابن أبي شيبة، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المكِّيُّ، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ، وقد تَقَدَّم قريبًا مثلُه.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ [1] لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ ... )؛ الحديث، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (قال الخطيب: هذا الرجل هو عُمير بن الحُمام الأنصاريُّ، وكانت قصَّته هذه يوم بدرٍ لا يوم أُحُد)، انتهى، وكذا ذكر غيرُ واحدٍ: أنَّ عمير بن الحُمام استشهد ببدر، وقال السهيليُّ في «روضه» في غزوة بدر عقيب قصَّة عمير بن الحُمام ما لفظه: وفي حديث البُخاريِّ ومسلمٍ أنَّ هذه القصَّة كانت يوم أُحُد، ولم يُسَمَّ فيها عمير ولا غيره، والله أعلم، وعلى القول بأنَّ القصَّة كانت يوم بدر؛ فيكون غير عُمير، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (هو عُمير بن الحمام، وكانت قصته هذه يوم بدر لا يوم أحد، كذا قاله النووي عن الخطيب البغدادي، وقد ذكر غير واحد عميرًا هذا فيمن استشهد ببدر).

[ج 2 ص 141]

(1/7409)

[حديث: هاجرنا مع رسول الله نبتغي وجه الله فوجب أجرنا ... ]

4047# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبه إلى جدِّه، تَقَدَّم مترجمًا، و (زُهَيْرٌ): تَقَدَّم أنَّه زهير بن معاوية بن حُديج، أبو خيثمة الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مهران، و (شَقِيقٌ): هو ابن سلمة، أبو وائل، و (خَبَّابٌ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، ابن الأرتِّ _بمثنَّاة فوق مشدَّدة_ تَقَدَّم بعض ترجمته، و (مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ): تَقَدَّم أيضًا.

قوله: (قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ): (قُتِل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وقد تَقَدَّم (النَّمِرَةُ) ما هي، وكذا (إِنْ غُطِّيَ): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (الإِذْخِرَ)، وكذا (أَيْنَعَتْ) ما معناه؛ أي: نضجت وأدركت، و (يَهْدبُهَا): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الدال المهملة وكسرها؛ أي: يجتنيها.

==========

[ج 2 ص 141]

(1/7410)

[حديث: لئن أشهدني الله مع النبي ليرين الله ما أجد]

4048# قوله: (حَدَّثَنَا حَسَّانُ بنُ حَسَّانَ): هذا بصريٌّ، يروي عن شعبة وهمَّام، وعنه: البُخاريُّ وأبو زرعة، قال أبوحاتم: منكر الحديث، وقال البُخاريُّ: (كان المقرئ يثني عليه)، مات سنة (213 هـ)، أخرج له البُخاريُّ فقط، له ترجمة في «الميزان»، وذكره ابن حبَّان في «الثقات».

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ): هذا هو محمَّد بن طلحة بن مصرِّف الياميُّ الكوفيُّ، يروي عن أبيه، وزُبيد الياميِّ، وجماعة، ولم يرحل، وعنه: شبابة، وأسد بن موسى، وحجاج الأعور، وأبو داود الطيالسيُّ، وابن مهديٍّ، وخلقٌ، قال أحمد: لا بأس به، إلَّا أنَّه لا يكاد يقول في شيء من حديثه: حدَّثنا، وقال ابن معين: يُتَّقى حديثه، وقال مرَّة: صالح، وقال مرَّة: ضعيف، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقوي، وقال ابن حبَّان في «الثقات»: مات سنة (167 هـ)، وكان يخطئ، انتهى، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، و (حُمَيْدٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الطويل ابن تير، ويقال: تيرويه.

قوله: (عَنْ أَنَسٍ [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]: أَنَّ عَمَّهُ): عمُّ أنس هو أنس بن النضر بن ضمضم النجاريُّ، استُشهِد بأُحُد كما سيأتي، رضي الله عنه.

قوله: (لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أَصْنَع): كذا في أصلنا، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (ليرينَّ الله ما أصنع) هكذا هو في أكثر النسخ بـ «مسلم»: (ليراني) بالألف، وهو صحيح، ويكون (ما أصنع) بدلًا من الضمير في (أراني)؛ أي: ليرى الله ما أصنع، ووقع في بعض النسخ: (ليرينَّ الله) بياء بعد الراء، ثُمَّ نون مشدَّدة، وهكذا وقع في «صحيح البُخاريِّ»، وعلى هذا ضبطوه بوجهين؛ أحدهما: ليَرَينَّ _بفتح الياء والراء_؛ أي: سيراه الله واقعًا بارزًا، والثاني: ليُرِينَّ _بضمِّ الياء، وكسر الراء_، ومعناه: ليُرِينَّ اللهُ الناسَ ما أصنع، ويبرزه، انتهى.

وفي نسخة (ما أجِدُّ) عوض (ما أصنع)، وعليها في هامش أصلنا (صح)، وهو (أَجِدُّ)؛ بفتح الهمزة، وكسر الجيم، وتشديد الدال المهملة: فعلٌ مستقبلٌ؛ أي: أجتهد، قال شيخنا بعد أن ذكر هذه الرواية: وبفتح الهمزة، وتخفيف الدال؛ أي: ما أفعل، انتهى، قال ابن قُرقُول: (ما أُجِدُّ)؛ كذا للأصيليِّ، وللقابسيِّ ثلاثيًّا على ما تَقَدَّم من قول الحربيِّ وأبي زيد، انتهى، وقد قَدِّم قبل هذا ما لفظه: قال الحربيُّ: جدَّ في الحاجة يَجُدُّ: بلغ فيها جِدَّه، وأَجَدَّ يُجِدُّ: صار ذا جِدِّ، وأبو زيد: جدَّ وأجدَّ واحد، انتهى.

وقال شيخنا: قال ابن التين: ضبط (أُجِدُّ) في بعض الروايات بضمِّ الهمزة، وتشديد الدال، وصوابه: فتح الهمزة، يقال: جدَّ جِدًّا؛ إذا اجتهد في الأمر وبالغ، وفي بعضها بفتح الهمزة، وتخفيف الدال، ومعناه: ما أفعلُ، و (ما أُجِدُّ) بضمِّ الهمزة فمعناه: أنَّه صار في أرض مستوية، ولا يليق ذلك بمعنى الحديث، وإنَّما يصحُّ معناه بفتح الهمزة، وكسر الجيم، وتشديد الدال، وكذا ضبط في بعضها، انتهى.

(1/7411)

قوله: (فَهُزِمَ النَّاسُ): هذا فيه مجاز، لم ينهزم الناس كلُّهم، بل ثبت معه جماعة، قال ابن سعد: وثبت معه صلَّى الله عليه وسلَّم عصابة من أصحابه؛ أربعة عشر رجلًا؛ سبعة من المهاجرين فيهم أبو بكر الصِّدِّيق، وسبعة من الأنصار حتى تحاجزوا، وروى البُخاريُّ: (لم يبق مع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا اثنا عشر رجلًا)، قال بعضهم في ذلك _كما تَقَدَّم_: قيل: هم العشرة، وجابر بن عبد الله، وعمَّار، وابن مسعود، والله أعلم، وفي هذا نظرٌ، وكأنَّه انتقل حفظه من الجمعة إلى هنا، وعثمان علمك به ما صنع، وأيضًا هؤلاء ثلاثة عشر، وقد قدَّمتُ تعيين من ثبت معه يومئذٍ، وقد ذكرهم ابن سعد في «طبقاته»: منهم: محمَّد بن مسلمة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وسهل بن حُنيف، وأبو دجانة سِمَاك بن خَرَشَة، والحباب بن المنذر، وأُسيد بن الحضير، ذكر ذلك مفردًا في تراجمهم، وفي «مغازي الواقديِّ»: وثبت معه عليه السلام أربعة عشر؛ سبعة من المهاجرين: أبو بكر الصِّدِّيق، وعليٌّ، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، وطلحة بن عُبيد الله، وأبو عُبيدة ابن الجرَّاح، والزُّبَير، ومن الأنصار سبعة: الحباب بن المنذر، وأبو دجانة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، والحارث بن الصمة، وسهل بن حنيف، وأُسيد بن الحضير، وسعد بن معاذ، ويقال: ثبت معه سعد بن عبادة، ومحمَّد بن مسلمة، يجعلونهما مكان أُسيد بن حضير وسعد بن معاذ، انتهى، وقد تَقَدَّم.

وفي «مسلم»: (أُفرِد يومئذٍ في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش: طلحة، وسعد ابن أبي وقَّاص)، وفي «البُخاريِّ»: (لم يبق مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في بعض تلك الأيام التي يقاتل فيهن غير طلحة وسعد)، وكان هذا في يوم أُحُد، وقد ذكرت في (باب ما يكره من التنازع) عن ابن شيخنا البلقينيِّ تعيين من ثبت معه يومئذٍ، وقد قدَّمتُ بعض ما ذكرته هنا في (الجهاد).

تنبيه: أعرف ممَّن انهزم يوم أحد عثمان بن عَفَّان، وسعد بن عثمان وأخوه عقبة بن عثمان من بني زريق، وخارجة بن عامر الأنصاريُّ، ثُمَّ عفا الله عنهم، قال ابن عقبة: (تولَّوا حتَّى انتهَوا إلى بئر جَرْم)، وقولي: (خارجة بن عامر) فكذا سمَّى أباه أبو عمر في «الاستيعاب»، وكذا ابن سيِّد الناس في «سيرته»، وأمَّا الذَّهبيُّ؛ فسمَّى أباه عَمرًا، والله أعلم.

قوله: (وَأَبْرَأُ): هو بهمزة مفتوحة في أوَّله، وهمزة مضمومة في آخره، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ): تَقَدَّم بعض ترجمة هذا الرجل (سعد بن معاذ) في مناقبه رضي الله عنه.

قوله: (فَمَا عُرِفَ): هو مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِشَامَةٍ، أَوْ بِبَنَانِهِ): (أخته): هي الرُّبَيِّع _بضمِّ الراء، وفتح الموحَّدة، وتشديد المثنَّاة تحت المكسورة_

[ج 2 ص 141]

(1/7412)

بنت النضر، جاء ذلك مصرَّحًا به في «مسلم»، وهي عمَّة أنس بن مالك، وهي التي كسرت ثنيَّة جارية، فطلبوا القصاص، فقال أخوها _وهو هذا أنس بن النضر_: أتُكسَر سنُّ الرُّبيِّع يا رسول الله؟! لا والذي بعثك بالحق، فقال عليه السلام: «يا أنسُ؛ كتاب الله القصاصُ ... » إلى أن قال: «إنَّ من عباد الله مَن لو أقسم على الله؛ لأبرَّه»، وهي أمُّ حارثة التي أُصيبت يوم بدر، وقصَّتها مشهورة، تَقَدَّمت.

وقوله: (بِشَامَةٍ أَوْ بِبَنَانِهِ): شكٌّ من الراوي، وجاء في بعض طرقه: (ببنانه) وهو الصواب؛ قاله ابن قُرقُول، و (البنان)؛ بفتح الموحَّدة، ثُمَّ نونين، بينهما ألف: أطراف الأصابع، واحدتها: بنانة، وجمع القلَّة: بنانات.

قوله: (وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ): تَقَدَّم أنَّ البضع في العدد بكسر الموحَّدة، وبعض العرب يفتحها، وهو ما بين الثلاث إلى التسع، قال في «الصحاح»: فإذا جاوزت لفظ العشر؛ ذهب البضع، لا تقول: بضع وعشرون، انتهى، وما في الحديث ردٌّ عليه، وقد تَقَدَّم الردُّ عليه في قوله: «الإيمان بضع وستُّون _أو بضع وسبعون_ شعبة» الشكُّ من الراوي في (كتاب الإيمان)، وقد تَقَدَّم، وكذا الكلام على الشكِّ فيه.

(1/7413)

[حديث: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ... ]

4049# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبوذكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم بعض ترجمته، والكلام على نسبته هذه، وكذا تَقَدَّم (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ ... ) إلى آخر الحديث، إن قيل: ما وجه إخراج البُخاريِّ هذا الحديث هنا؟ فالجواب: أنَّ في هذا «الصحيح» عن أنس _وهو ابن أخي أنس بن النضر_ قال: كنا نُرَى، أو نظنُّ أنَّ هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا} ... ؛ الآية [الأحزاب: 23]، فلهذا أخرجه هنا؛ لأنَّ الآية نزلت في حقِّه مع أشباهه، والله أعلم.

قوله: (فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ): وهذا هو الصحيح أنَّ هذه الآية وُجِدت مع خزيمة، وآية التوبة مع أبي خزيمة، وسيأتي الاختلاف في ذلك في كلام البُخاريِّ في (التوبة).

و (خزيمة بن ثابت): جدُّه اسمه الفاكه بن ثعلبة الأوسيُّ الحطميُّ، أبو عمارة، ذو الشهادتين، بدريٌّ عند بعضِهم، والصحيحُ أنَّه شهد أُحُدًا وما بعدها، وقُتِل مع عليٍّ رضي الله عنهما بصفِّين سنة (37 هـ).

تنبيهٌ: لهم آخر يقال له: خزيمة بن ثابت في الصَّحابة، وقيل في والده: حَكِيم البهزيُّ، وهو أصحُّ، له حديث طويل أرسله الزُّهريُّ، والله أعلم.

(1/7414)

[حديث: إنها طيبة تنفي الذنوب كما تنفي النار خبث الفضة]

4050# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ.

قوله: (رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ): تَقَدَّم في أوَّل هذه الغزوة من هم، وكم هم الذين رجعوا، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ: إِنَّهَا طَيْبَةُ ... )؛ الحديث، قال شيخنا: يعني: المدينة، وهو حديث على حياله، فجمعهما الرواي، انتهى، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 142]

(1/7415)

[باب: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما}]

قوله: ({أَنْ تَفْشَلَا} [آل عمران: 122]): أي: تجبُنَا.

==========

[ج 2 ص 142]

(1/7416)

[حديث: نزلت هذه الآية فينا: {إذ همت طائفتان} بني سلمة .. ]

4051# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا هو أبو أحمد البيكنديُّ الحافظ، صاحب رحلة واسعة، تَقَدَّم في (العلم)، و (بدء الخلق)، و (صفة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) في (باب علامات النُّبوَّة)، وأنَّي لا أعلم فيه جرحًاولا تعديلًا، إلَّا أنَّ البُخاريَّ أخرج له غير حديث محتجًّا به، والله أعلم، لا محمَّد بن يوسف الفريابيُّ الحافظ، والله أعلم، وقد قدَّمت الفرق بينه وبين البيكنديِّ في أوائل هذا التعليق، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام، تَقَدَّم.

قوله: (بَنِي سَلِمَةَ): هو بكسر اللام بلا خلاف، قبيل من الأنصار معروف.

قوله: (وَبَنِي حَارِثَةَ): هو بالحاء المهملة، وبعد الألف ثاء مثلَّثة، وهذا معروفٌ، قبيل آخر من الأنصار.

قوله: (لَمْ تُنْزَلْ): هو مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، كذا في أصلنا بالقلم، ويجوز بناؤه للفاعل، والله أعلم.

(1/7417)

[حديث: فهلا جارية تلاعبك؟]

4052# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المكِّيُّ، و (جَابِرٌ): تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (بَلْ ثَيِّبًا): امرأة جابر الثيِّب التي نكحها قال بعض حُفَّاظ مِصْر: اسمها سُهيمة بنت مسعود بن أوس.

قوله: (فَهَلاَّ جَارِيَةً): مُنَوَّنٌ، منصوب مفعول بفعل مقدَّر؛ تقديره: هلَّا تزوَّجت.

قوله: (تُلاَعِبُكَ): هو من الملاعبة على الأظهر فيه، قاله ابن قُرقُول، يوضِّحه رواية: (تداعبها)؛ بالدال.

قوله: (إِنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ): تَقَدَّم أنَّ أباه عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة الأنصاريَّ الخزرجيَّ، نقيبٌ، بدريٌ كبير، قُتِل بأُحُد رضي الله عنه.

قوله: (وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ، كُنَّ لِي تِسْعَ أَخَوَاتٍ): كأنَّه _والله أعلم_ إنَّما عبَّر هذه العبارة لرفع المجاز، وأخوات جابر لا أعرف أسماءهنَّ، وقد جاء في عدَّتهن دون ما هنا، ولكن ليس في ذكر القليل ما ينفي الكثير، والله أعلم.

قوله: (خَرْقَاءَ): الأخرق: الذي لا يحسن العمل، وقيل: الذي لا رفق له، ولا سياسة عنده، والخرقاء من النساء كذلك، وهي ممدودة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَلَكِنِ امْرَأَةً): هو في أصلنا مرفوعٌ مُنَوَّنٌ، والذي يظهر أنَّ النَّصْب مع التنوين أحسنُ.

==========

[ج 2 ص 142]

(1/7418)

[حديث: اذهب فبيدر كل تمر على ناحية]

4053# قوله: (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ [1]): هو بالسين المهملة، والجيم، واسم أبي سريج: الصَّبَّاح، تَقَدَّم، وكنية أحمد: أبو جعفر، وقيل في اسم أبيه غير ذلك، تَقَدَّم مترجمًا، ومثله بالسين المهملة والجيم: سريج بن النعمان، وسريج بن يونس، أخرج لأحمد البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، ووثَّقه النَّسائيُّ وغيره.

تنبيهٌ: لم يذكر وفاته ابن قَانع، ولا ابن زَبرٍ، ولا المِزِّيُّ، ولا الذَّهبيُّ، ورأيت بخطِّ الحافظ فتح الدين بن سيِّد الناس على حاشية «الكمال» للحافظ عبد الغنيِّ المقدسيِّ: أنَّه تُوفِّي بعد سنة (240 هـ).

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هذا هو شيبان بن عبد الرحمن النحويُّ، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة لا إلى صناعة النحو؛ كذا قاله ابن الأثير في «أنسابه»، وقال ابن أبي داود وغيره: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيد بن أبي سعيد النحويُّ، لا شيبان النحوي هذا، انتهى، وقد قدَّمتُ ذلك مَرَّاتٍ، و (فِرَاسٌ) بعده: هو فراس بن يحيى الهمْدانيُّ الكوفيُّ المكتِّب، عن عامر بن شراحيل الشَّعْبيِّ، وأبي صالح، وعنه: شعبة، وأبو عوانة، وثَّقه أحمد، وابن معين، والنَّسائيُّ، قال القطَّان: ما أنكرت من حديثه إلَّا حديث الاستبراء، توفِّي سنة (129 هـ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، ذكره شبه التمييز، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم في هذه الترجمة أنَّه عامر بن شراحيل، تَقَدَّم مِرارًا.

[ج 2 ص 142]

قوله: (وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا): تَقَدَّم كم كان دَين أبيه فيما مضى، وهو ثلاثون وسقًا.

قوله: (وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ): تَقَدَّم (تِسْعَ بَنَاتٍ)، وأنَّه ليس في رواية القليل ما ينفي الكثير، وأنَّه من باب مفهوم العدد.

قوله: (جذَاذَ النَّخْلِ): كذا في أصلنا، وعليه علامة نسخة، وفي الهامش: (جزاز)، وعليه (صح)، و (الجِذاذ) _بكسر الجيم، وفتحها _: صرامها؛ وهو قطع ثمرتها، قال ابن قُرقُول: (جذاذ النخل) كذا عند القابسيِّ، ولغيره: (جزازها)، وهما بمعنى، ومنه: الجرار بالراء، والجزاز والجزال باللام وبزايين، والقطاع، والصرام، والجرام، انتهى.

قوله: (وَتَرَكَ دَيْنًا كَثِيرًا): تَقَدَّم كم كان دين والد جابر أعلاه، وقبله مَرَّاتٍ.

قوله: (كَأَنَّهُمْ أُغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ): (أُغروا): بالغين المعجمة، وبالراء، وهو مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، ومعناه: أُولِعوا بي مستضعِفين لي، وفي «النِّهاية»: أي: لجُّوا في مطالبتي وألحُّوا.

قوله: (أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا): قال ابن قُرقُول: (فطاف حول أعظمها بيدرًا)؛ أي: استدار به من جميع جوانبه، يقال منه: طاف به، وأطاف به)، وفي «الجمهرة»: (فطاف به: دار حوله، وأطاف به: ألمَّ به)، وقال الخطابيُّ: (طاف يطوف: من الطواف حول الشيء، وطاف يطيف: من الطيف؛ وهو الخيال، وأطاف يطيف: من الإحاطة بالشيء)، انتهى.

قوله: (وَحَتَّى إِنِّي): هو بكسر همزة (إِنَّي)، وهذا ظاهرٌ.

(1/7419)

قوله: (لَمْ تَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً): (تمرةً): منصوب مُنَوَّن على أنَّه مفعول (نقصَ)، و (واحدةً) مثله صفة لـ (تمرة).

==========

[1] في هامش (ق): (واسمه الصَّبَّاح النهشليُّ الرازيُّ).

(1/7420)

[حديث: رأيت رسول الله يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه]

4054# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ): (إبراهيم بن سعد) هذا: هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهريُّ، نزيل بغداد، وأحد الأعلام، يروي عن أبيه، و (أبوه): يروي عن خالَيْه إبراهيم بن سعد وعامر بن سعد بن أبي وقَّاص، وأمُّ سعد هذا هي أمُّ كلثوم بنت سعد بن أبي وقَّاص، و (جدُّه): إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو إسحاق الزُّهريُّ، أمُّه أمُّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط من المهاجراتِ، روى عن أبيه، وعن سعد بن أبي وقَّاص، وعن خاله عثمان بن عَفَّان، وطائفة، وعنه: ابناه سعد وصالح، والزُّهريُّ، كان ثقة، من الطبقة الأولى من التابعين، تُوفِّي سنة أربع _وقيل: خمس_ وتسعين، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (سعد بن أبي وقَّاص)؛ مالك بن أهيب: أحد العشرة رضي الله عنهم.

قوله: (يَوْمَ أُحُدٍ، وَمَعَهُ رَجُلاَنِ يُقَاتِلاَنِ عَنْهُ، عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ): تَقَدَّم الكلام على هذا، وأنَّ في «مسلم»: (يعني: جبريل وميكائيل).

قوله: (كَأَشَدِّ الْقِتَالِ): قال شيخنا: (وفي «الجمع» لأبي نعيم الحدَّاد: (أشدَّ)؛ بحذف الكاف)، انتهى.

تنبيهٌ: قال شيخنا: قال الداوديُّ: إنَّ ابن عوف هو الذي رآهما، والذي في الكتاب أنَّ سعد بن أبي وقَّاص هو الذي رآهما، انتهى، وكذا في «مسلم»: أنَّ سعد بن أبي وقَّاص هو الذي رآهما.

==========

[ج 2 ص 143]

(1/7421)

[حديث: نثل لي النبي كنانته يوم أحد فقال: ارم فداك أبي وأمي]

4055# قوله: (حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو المسنديُّ كما تَقَدَّم في (الجمعة)، وصرَّح به ابن طاهر، لا الحافظ الكبير أبو بكر ابن أبي شيبة، و (هَاشِمُ بنُ هَاشِمٍ السَّعْدِيُّ): قال الدِّمياطيُّ: (هو هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقَّاص، نُسِب إلى عمِّ أبيه سعد بن أبي وقَّاص؛ لأنَّه سيِّد أهل بيتهم)، انتهى، وسيأتي ما فيه هنا قريبًا، وقد تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ، يروي عن ابن المُسَيّب، وعامر بن سعد، وعنه: أبو أسامة، ومكِّيٌّ، ثقة، أخرج له الجماعة، توفِّي سنة (147 هـ)، تَقَدَّم، ولكن بَعُد العهد به، وتَقَدَّم عليه.

تنبيهٌ: قال الذَّهبيُّ في «تذهيبه»: (هاشم بن هاشم بن عتبة، ويقال: هاشم بن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقَّاص، قلت: وهذا أصحُّ، فإنَّ هاشم بن عتبة قُتِل بصفِّين، ولا يمكن أن يكون هذا ولده لصلبه، إلَّا ولد ولده)، انتهى، و (سَعِيْدُ بْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح ياء (المُسَيّب) وكسرها، وأنَّ غيره ممن اسمه المسيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (نَثَلَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ): (نَثَل)؛ بفتح النون والثاء المُثلَّثة، ومعنى (نثل كنانته): أي: صبَّ ما فيها، قال شيخنا بعد ضبطِه (نَثَلَ) ما لفظه: وضبطها بعضهم بمثنَّاة؛ أي: قدَّمها إليه، انتهى.

قوله: (كِنَانَتَهُ): هي بكسر الكاف، وهي جَعبة السهام؛ لأنَّها تُكِنُّ السهام؛ أي: تسترها.

(1/7422)

قوله: (فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي): تَقَدَّم الكلام على (فداك)، وأمَّا قوله: (أبي وأمي)؛ قال السُّهيليُّ في «روضه» قبيل حميراء الأسد: (فقه هذا الحديث أنَّه جائز هذا الكلام لمن كان أبواه غير مؤمنين، وأمَّا من كان أبواه مؤمنين؛ فلا؛ لأنَّه كالعقوق لهما، [كذلك] سمعت شيخنا أبا بكر يقول في هذه المسألة)، انتهى، وشيخه الظَّاهر أنَّه القاضي أبو بكر بن العربيِّ، الإمام المالكيُّ، وما ذكره فيه نظرٌ؛ لأنَّه جاء من كلام غير واحد التفدية ممَّن أبواه مؤمنان، ومنها قول أبي بكر الصِّدِّيق للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بحضرته: (فديناك بآبائنا وأمهاتنا)، وهذا قاله له عليه السلام حين صعد المنبر في آخر حياته، ثُمَّ قال بعد أن صلَّى على أهل أُحُد صلاتَه على الميت: «إنَّ عبدًا خيَّره الله بين الدنيا، وبين ما عنده؛ فاختار ما عند الله»، وكان إذ ذاك أبو قحافة مسلمًا؛ لأنَّه أسلم في الفتح، وأمُّ الخير أمُّ أبي بكرٍ قديمة الإسلام، صحابيَّةٌ أيضًا، وكذا فدَّاه أبو بكرٍ بعد موته لمَّا كشف عن وجهه عليه السلام الحِبْرة، ثُمَّ أكبَّ عليه، فقبَّله، ثم بكى، ثُمَّ قال: بأبي أنت وأمي يا نبيَّ الله؛ لا يجمع الله عليك موتتين، وفي «مسلم» من حديث عائشة: (وإذا هو راكع أو ساجد يقول: «سبحانك وبحمدك لا إله إلَّا أنت»، فقلت: بأبي وأمي، إنَّي لفي شأنٍ، وإنَّك لفي آخر)، ولعلَّ هذا لا يمنعه القاضي أبو بكر؛ لأنَّه من فدَّى أبويه بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليس بعاقٍّ؛ لأنَّ كلَّ الأمَّة يجب عليهم أن يفدوا مهجتهم بمهجته، وإنَّما الكلام في غيره، وقد تَقَدَّم في (العيدين).

تنبيهٌ: قد فدَّى عليه السلام سعدًا كما هنا، وفدَّى الزُّبَيرَ بن العوام، قال النَّوويُّ: وفدَّى غيرهما، والله أعلم.

فائدةٌ: قال الزُّهريُّ: (رمى سعد يومئذٍ ألف سهم)؛ كذا في «المستدرك»، وفي «شرف المصطفى»: (فما من سهم

[ج 2 ص 143]

رمى به إلَّا قال عليه السلام: «إيهًا سعدُ! فداك أبي وأمِّي»)؛ قاله شيخنا، وقد سيق مطوَّلًا في مناقب سعدٍ.

(1/7423)

[حديث: جمع لي النبي أبويه يوم أحد.]

4056# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، و (يَحْيَى) الذي بعده: هو ابن سعيد الأنصاريُّ القاضي، و (ابْنَ الْمُسَيّبِ): هو سعيد، وتَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّ (المُسَيّب) والد سعيد بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممن اسمه المسيَّب لا يجوز فيه يائه إلَّا الفتح [1].

(1/7424)

[حديث: ما سمعت النبي يجمع أبويه لأحد غير سعد]

4058# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين الحافظ، و (مِسْعَرٌ): هذا هو ابن كدام، أبو سلمة الهلاليُّ، العَلَم، تَقَدَّم مترجمًا، و (سَعْدٌ) بعده: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، تَقَدَّم قريبًا، و (ابْنُ شَدَّادٍ): عبد الله بن شدَّاد بن الهادي اللَّيْثيُّ.

قوله: (مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ غَيْر سَعْدٍ ... )؛ الحديث، إنَّما نفى عليٌّ سماعَهُ، وقد تَقَدَّم أنَّه عليه السلام فدَّى الزُّبَير، قال النَّوويُّ: وغيرَهُ، أو أنَّ عليًّا رضي الله عنه أراد ما نقله في «شرف المصطفى» من أنَّ سعدًا رمى يوم أُحُد بألف سهم، فما من سهم رمى به إلَّا قال له عليه السلام: «إيهًا سعدُ! فداك أبي وأمِّي»، فيكون فدَّاه ألف مرَّة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 144]

(1/7425)

[حديث: يا سعد ارم فداك أبي وأمي]

4059# قوله: (حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ): (يَسَرَة): بفتح الياء المثنَّاة تحت، وفتح السين المهملة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وهو يسرة بن صفوان بن جَمِيل _ بفتح الجيم، وكسر الميم _ اللخميُّ الدِّمَشْقيُّ، عن نافع بن عُمر، وفليح، وعنه: البُخاريُّ، وأبو زُرعة الدِّمَشْقيُّ، ويَسَرة من قرية البلاط، ثقةٌ، ثبتٌ، توفِّي سنة (216 هـ)، أخرج له البُخاريُّ فقط، و (إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّم أنَّه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.

==========

[ج 2 ص 144]

(1/7426)

[حديث: لم يبق مع النبي في بعض تلك الأيام التي يقاتل فيهن ... ]

4060# 4061# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبوذكيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (مُعْتَمِرٌ) بعده (عَنْ أَبِيْهِ): هو المعتمر بن سليمان بن طرخان، وتَقَدَّم الكلام على طرخان ما معناها، واللُّغات فيها، و (أَبُو عُثْمَانَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمت اللُّغات في مَلٍّ، وقوله: (زَعَمَ)؛ أي: قال، وقد تَقَدَّم الكلام عليها.

قوله: (عَنْ حَدِيثِهِمَا): يعني: أنَّهما حدَّثا _أعني: طلحة وسعد بن أبي وقَّاص_ أبا عثمان النهديَّ بذلك، والظَّاهر من إخراج البُخاريِّ لهذا الحديث في هذه الغزوة أنَّه كان في أُحُد، وقد قدَّمتُ قريبًا مَن ثبت معه عليه السلام في أُحُد، وذكرته في (الجهاد) أيضًا، والظَّاهر أنَّها تارات، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 144]

(1/7427)

[حديث: رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي يوم أحد]

4063# قوله: (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): هو وكيع بن الجرَّاح، أبو سفيان الرؤاسيُّ، تَقَدَّم مترجمًا، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حازم.

قوله: (شَلَّاءَ): هو بفتح الشين، وتشديد اللام، ممدودٌ، إن قيل: أيُّ يدٍ هي؟ فالجواب: أنَّها اليمنى، وقد تَقَدَّم ذلك.

==========

[ج 2 ص 144]

(1/7428)

[حديث: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي وأبو طلحة بين ... ]

4064# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وتَقَدَّم أنَّ اسمه عبد الله بن عَمرو بن أبي الحَجَّاج المنقريُّ الحافظ، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: هو ابن سعيد بن ذكوان التنوريُّ، أبو عُبيدة الحافظ، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن صُهيب.

قوله: (انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم أنَّ هذا فيه مجازٌ، ولم ينهزمِ الناس كلُّهم، وقد قدَّمتُ مَن ثبت معه، وعدَّتهم، والاختلافَ في عدَّتهم غيرَ مرَّةٍ، منها مرَّة قريبًاجدًّا، والظَّاهر أنَّها تارات، والله أعلم، وهذا أبو طلحة بين يديه عليه السلام، وهو ممَّن ثبت.

قوله: (وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ أبا طلحة هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاريُّ النقيب، كبير القدر.

قوله: (مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ): (مُجَوِّب): بضمِّ الميم، وفتح الجيم، وتشديد الواو المكسورة، ثُمَّ موحَّدة؛ أي: متَّرِسٌ، وقد جاء مفسَّرًا في حديث آخر: (يتترَّس مع النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بترسٍ واحدٍ)، والجَوْبُ: الجحفة والترس، قال ابن قُرقُول: ورواه بعضُهم: (محويًّا) من الحويَّة، والأوَّل هو الصواب، وصحَّفه بعضُهم: (مُحَدِّب عليه بجحفة)، وفسَّره بمشفقٍ حانٍ عليه، والحَدَبُ: الحنوُّ والإشفاق، انتهى.

قوله: (شَدِيدَ النَّزْعِ): أي: قويَّ الجذب للوتر.

قوله: (بِجَعْبَةٍ مِنَ النَّبْلِ): (الجَعبة)؛ بفتح الجيم: الكنانة التي تجعل فيها السهام، والفتح في هامش أصلنا، وعليه علامة نسخة الدِّمياطيِّ، وفي الأصل مضمومُ الجيم، انتهى، وفي الضمِّ نظرٌ.

قوله: (لاَ تُشْرِفْ، يُصِيبُكَ سَهْمٌ): قال ابن قُرقُول: (أشرف؛ أي: علا)، ومن هذا قوله: (لا تَشَرَّف يصبْك سهم): بفتح التاء والشين، وشدِّ الراء؛ كذا قيَّده بعضهم؛ أي: لا ترفع لتنظر، وقيَّده بعضُهم: (تُشْرِف) كما جاء في الحديث: (ويشرف النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ينظر)، انتهى، وقد تَقَدَّم.

قوله: (يُصِيبُكَ): كذا في أصلنا هنا بإثبات الياء، وفي بعض النسخ: (يصبْك) بالجزم، وجزمه على تقدير: إن تشرف؛ يصبك، وقد تَقَدَّم (يصيبُك) بإثبات الياء، والرَّفع، تعليله ظاهرٌ، وقد تَقَدَّم في مناقب أبي طلحة من كلام القاضي عياض: أنَّ الصواب: (يُصيبك).

قوله: (وَأُمَّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها بضمِّ السين، وفتح اللام، وهي أمُّ أنس بن مالك، وتَقَدَّم الاختلاف في اسمها: سهلة، وقيل: رميلة أو مليكة، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، والله أعلم.

(1/7429)

قوله: (أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا): (الخَدم): تَقَدَّم أنَّه بفتح الخاء المعجمة، والدال المهملة، وأنَّها الخلاخيل، وأنَّ هذا كان قبل الحجاب، وسيأتي تاريخ الحجاب في (سورة الأحزاب) إن شاء الله تعالى في (التفسير)، وقال بعضهم: محمول على أنَّه نظر فجأة، وكان أنس إذ ذاك صغيرًا، انتهى، وأنس لمَّا قَدِم عليه السلام المدينة كان عمره عشر سنين، وأُحُد في الثالثة، فكان عمره نحو ثلاث عشرة سنة، والله أعلم.

قوله: (تنْقزَانِ الْقِرَب، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَنْقُلَانِ القِرَبَ) كذا جاء في بعض النسخ، وكذا رواه مسلم: (تنقلان القرب) بسند البُخاريِّ سواء من أوَّل السند إلى آخره، غير أنَّ مسلمًا رواه عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارميِّ، عن عبد الله بن عمرو أبي معمر، والبُخاريَّ رواه في (فضل أبي طلحة) وفي (الجهاد) وفي (المغازي) عن أبي معمرٍ به سواء.

قال الدِّمياطيُّ: (نقز الظبي في عدوه ينقُز نقزًا ونقزانًا، وكذلك نفز _ بالفاء_؛ أي: وثب فيهما، ونَصْبُ «القِربَ» على حذف الخافض؛ أي: تنقزان بالقرب، وضبطه بعضُهم: «تُنقزان القرب»، ومنهم من رفع «القِربَ» على الابتداء؛ كأنَّه قال: والقربُ على متونهما)، انتهى، وما قاله لخَّصه من كلام «المطالع» أو «المشارق»، وقد قدَّمتُ كلام «المطالع» في (الجهاد)، والله أعلم.

قوله: (وقال غيرُه: تنقلان) قال بعضُ حُفَّاظ العصر: (غيره): عنى به جعفر بن مهران السبَّاك، انتهى، وجعفر هذا لم يخرِّج له أحدٌ من أصحاب الكتب السِّتَّة، وهو موثَّق، وله ما يُنكَر، ذكره في «الميزان»، وقد ذكره ابن حبَّان في «ثقاته» وقال: (مات سنة إحدى _أو اثنتين_ وثلاثين ومئتين، وقد قيل: كنيته أبو النضر)، انتهى، وكذا كنَّاه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»، ولم يذكر فيه تجريحًا ولا توثيقًا.

[ج 2 ص 144]

قوله: (إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلاَثًا): (إمَّا) بكسر الهمزة، وتشديد الميم.

(1/7430)

[حديث: لما كان يوم أحد هزم المشركون فصرخ إبليس لعنة الله عليه]

4065# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا كثيرةً أنَّه حمَّاد بن أسامة.

قوله: (هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ): (هُزِم) بضمِّ الهاء، وكسر الزاي، مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (المشركون): نائب مناب الفاعل، مرفوع.

قوله: (فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ): تَقَدَّم معناه.

قوله: (فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ): (بَصُر): بفتح الموحَّدة، وضم الصاد المهملة؛ معناه: علم.

قوله: (فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ): تَقَدَّم أنَّ (اليماني) الأصحُّ فيه إثبات الياء، وتَقَدَّم أنَّ اسمه حسل، وقيل: حسيل بن جابر بن عمرو بن ربيعة العبسيُّ تَقَدَّم، وتَقَدَّم لِمَ لُقِّب باليماني، وتَقَدَّم أنَّ الذي قتله خطأً هو عتبة بن مسعود، أخو عبد الله بن مسعود، ونقل ابن شيخنا البلقينيِّ ذلك عن «تفسير عبد بن حُميد»، وكذا قال بعض حُفَّاظ العصر من المِصريِّين.

قول عُرْوَة: (فَوَاللهِ ... ) إلى آخره: هذا هو عروة بن الزُّبَير بن العوَّام المذكور في السند.

قوله: (بَقِيَّةُ)؛يعني: بقية حزنٍ على أبيه من قتل المسلمين إيَّاه، وقد تقدَّم.

==========

[ج 2 ص 145]

(1/7431)

[باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان ... }]

(1/7432)

[حديث: جاء رجل حج البيت فرأى قومًا جلوسًا فقال ... ]

4066# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا لقب، وأنَّ اسمه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، و (أَبُو حَمْزَةَ): بعده بالحاء المهملة والزاي، واسمه محمَّد بن ميمون السكَّريُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، وأنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، ورأيت في حاشية على أصلنا: (لحمله السُّكَّر في كُمِّه، أو حلاوة كلامه)؛ انتهت، و (عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ): بفتح الميم، والهاء.

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ حَجَّ الْبَيْتَ): هذا الرجل الذي سأل ابنَ عمر عن عثمان لا أعرفه غير أنَّه من أهل مصر، كما جاء في بعض طرقه في هذا «الصحيح» في (مناقب عثمان)، وقد سمَّاه شيخنا عن الحُميديِّ أنَّ البُخاريَّ سماه حَكِيمًا، وقد ذكرت ذلك في (مناقب عثمان)، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّه العلاء بن عرار، وقال بعض حُفَّاظ العصر: تَقَدَّم أنَّ الرجل مصريٌّ، وأنَّ اسمه يزيد بن بشر السكسكيُّ فيما قيل.

قوله: (تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ): قال الداودي: (هذا خطأٌ في اللفظ، إنَّما يقال: «تغيَّب» لمن تعمَّد التخلُّف، فأمَّا من تخلَّف لعذرٍ؛ فلا، وقد تعقَّبتُ أنا قوله: (تغيَّب) غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (أَنْشُدُكَ بِحُرْمَةِ هَذَا الْبَيْتِ): تَقَدَّم أنَّ معنى (أنشدك): أسألك، وأنَّه بفتح الهمزة، وضمِّ الشين.

قوله: (أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ الرّضْوَانِ): هي عُمرة الحديبية، وكانت في ذي القعدة سنة ستٍّ من الهجرة، وقد تَقَدَّم ما قاله الداوديُّ أعلاه، وربَّما يأتي هنا.

قوله: (فَأَشْهَدُ أَنَّ اللهَ): (أشهد): بفتح الهمزة همزة المتكلِّم مرفوع؛ لأنَّه لم يتَقَدَّمه ناصب ولا جازم، وهو ظاهرٌ.

قوله: (فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ مَرِيضَةً): هذه البنت رضي الله عنها هي رقيَّة، وتَقَدَّم تاريخ وفاتها، وتَقَدَّم في كلامي أنَّه كان به جُدَريٌّ.

==========

[ج 2 ص 145]

(1/7433)

[باب: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ... }]

(1/7434)

[حديث: جعل النبي على الرجالة يوم أحد عبد الله بن جبير]

4067# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ): قال الدِّمياطيُّ: (ابن فرُّوخ، نزيل مصر، ومات بها سنة «229 هـ»، انفرد به البُخاريُّ)؛ انتهى، يعني: عن مسلم، وقد أخرج له ابن ماجه أيضًا، حرَّانيٌّ، حدَّث بمصر عن حَمَّاد بن سلمة، واللَّيْث، والطبقة، وعنه: ولداه أبو علاثة محمَّد، وأبو خيثمة عليٌّ، وعثمان بن خرزاذ، وخلقٌ، قال العجليُّ: ثبتٌ ثقة، ذكره في «الميزان» تمييزًا، و (زُهَيْرٌ) هذا: هو ابن معاوية الجُعْفيُّ، أبو خيثمة، تَقَدَّم، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أيضًا مرارًا، واسمه عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ.

قوله: (عَلَى الرَّجَّالَةِ): هو جمع الراجل؛ وهو الماشي، والمراد: الرُّماة، وتَقَدَّم أنَّهم كانوا خمسين، وتَقَدَّم أنَّ ابن عقبة قال: (وليس في المسلمين فرس واحد)، وقال الواقديُّ: (لم يكن مع المسلمين يوم أُحُد من الخيل إلَّا فرس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفرس أبي بردة)، وتَقَدَّم ما في «الهَدْي» لابن قيِّم الجوزيَّة في أوَّل هذه الغزوة، وهو انتقال حفظٍ، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 145]

(1/7435)

[باب: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنةً نعاسًا يغشى طائفةً منكم.}]

(1/7436)

[حديث: كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي .. ]

4068# قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو خليفة بن خيَّاط أبو عمرو شباب العُصفريُّ الحافظ، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال لي فلان) أنَّه مثل: حدَّثني، لكنَّه الغالب استعماله في المذاكرة، ومثلها: (قال فلان) إذا كان شيخه.

قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي عروبة، و (أَبُو طَلْحَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زيد بن سهل.

قوله: (مِنْ يَدِيْ): هو بإسكان الياء، وكذا في أصلنا بالقلم.

==========

[ج 2 ص 145]

(1/7437)

[باب: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم}]

قوله: (وقَالَ حُمَيْدٌ وَثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ): أمَّا (حميد)؛ فهو الطويل، وأمَّا (ثابت)؛ فهو البُنانيُّ ثابت بن أسلم، تَقَدَّما، وتعليق حميد في «التِّرمذيِّ»، وتعليق أنس في «مسلم»، والله أعلم.

قوله: (شُجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (شُجَّ): بضمِّ الشين المعجمة، وتشديد الجيم، مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّبيُّ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وقد تَقَدَّم من فعل ذلك به، وسأذكر ذلك أيضًا، وتَقَدَّم أيضًا.

==========

[ج 2 ص 145]

(1/7438)

[حديث: اللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا]

4069# 4070# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ): قال الدِّمياطيُّ: (يعرف بخاقان، انفرد به البُخاريُّ)، انتهى، وهو يحيى بن عبد الله بن زياد بن شدَّاد أبو سهل، ويقال: أبو اللَّيْث السُّلميُّ البلخيُّ، يعرف بخاقان، أخو جمعة بن عبد الله، ويقال: المروزيُّ، روى عنه من أصحاب الكتب السِّتَّة البُخاريُّ فقط، وهو ثقةٌ، و (عَبْدُ الله) بعده: هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): بميمين مفتوحتين بينهما عينٌ مهملة، ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا) مقتضى إيراد البُخاريِّ لهذا الحديث هنا أن يكون دعاؤه ذلك على جماعة من أصحاب أحُد من المشركين، وسأذكر المبهَمين قريبًا.

قال ابن عبد السلام في قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] ما لفظه: (من استئصالهم، واستصلاحهم،

[ج 2 ص 145]

نزلت حين قال: كيف يُفلِح قومٌ فعلوا هذا بنبيِّهم حين كسروا رُباعيته، وهشَّموا وجهه، وقيل: استأذن أن يدعوَ عليهم، فنزلت، وقيل: بل أراد أن يَدعُوَ على منهزمي أصحابِه، وقيل: دعا على ابن قميئة الذي أدمى وجهه، فنطحه تيسٌ فقتله، وشجَّ عُتبة بن أبي وقَّاص رأسه، فقال: «اللهم لا يحل عليه الحولُ»، فمات كافرًا، وقيل: كان يدعو في قنوت الصبح على رعل وذكوان وعصية أربعين يومًا بعد أُحُد، فنزلت، فتركه، فقال عليه السلام: «اللهمَّ اهد قومي فإنَّهم لا يعلمون» اعتذارًا، وكان الدعاء عليهم إظهارًا للمعجزة، وإشفاقًا على القلوب مِن ظنِّ السوء لا انتقامًا)؛ انتهى.

وقد روى التِّرمذيُّ الحديث الذي هنا، وسمَّى المبهم فيه، فقال: (أبا سفيان، والحارث بن هشام، وصفوان بن أمية)، وزاد: (فتاب عليهم، فأسلموا)، وقال: (حسن غريب صحيح)، وفي رواية له: (أربعة نفر _ولم يسمِّهم_ فهداهم الله للإسلام)، وقال: (حسن غريب صحيح)، وقال المحبُّ الطبريُّ في «أحكامه» بعد أن ذكر الحديث المذكور ... إلى أن قال: {فإنَّهم ظَالِمونَ} [آل عمران: 128] ما لفظُه: (أخرجه البُخاريُّ، وأخرجه أبو حاتم، وزاد بعد قوله: «فلان»: «دعا على قومٍ من المنافقين»، وقال: «بعد الركوع»)، انتهى، وسأذكر قريبًا تعيين ثلاثةٍ منهم من عند البُخاريِّ.

تنبيه: وقع في «روض السهيليِّ» أنَّ في التِّرمذيِّ حديثًا مرفوعًا في (التفسير): (أنَّه عليه السلام كان يدعو على أبي سفيان، والحارث بن هشام، وعمرو بن العاصي)، فذِكرُ عمرٍو في هذا متعقَّب بلا شكٍّ، والله أعلم، ولم أر ذلك في أصلٍ عندي بـ «التِّرمذيِّ»، والله أعلم.

قوله: (وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ): اعلم أنَّ (حنظلة) هذا هو ابن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أميَّة الجمحيُّ المكِّيُّ، من الأثبات الثِّقاتِ، أخرج له الجماعة، توفِّي سنة (151 هـ).

(1/7439)

وقائل: (وعن حنظلة): هو عبد الله بن المبارك، كما صرَّح به البيهقيُّ في «السنن الكبير»، كما أفاده شيخنا البُلقينيُّ، كما رأيته عنه، ولفظه: ولم يظهر مِن البُخاريِّ مَن القائل ذلك عن حنظلة، وظهر مِن الرواة عن حنظلة بن أبي سفيان عبد الله بن المبارك، لكن أعلَمَ عليه المِزِّيِّ في «التهذيب»: النَّسائي، فيظهر أنَّ قائل ذلك هو عبد الله بن المبارك، وإذا كان كذلك؛ فتكون رواية ابن المبارك عن حنظلة في «البُخاريِّ» أيضًا، قال: (ثُمَّ وجدت في «السنن الكبير» للبيهقيِّ التصريحَ بذلك ... )؛ فذكره، ثُمَّ قال شيخنا: (وقال ذلك صاحبُ «الأطراف»، وفاته في «التهذيب» في ترجمة ابن المبارك، وفي ترجمة حنظلة) انتهى ملخَّصًا، وإذا كان كذلك؛ فقائل: (وعن حنظلة) عبد الله بن المبارك، فيكون معطوفًا على السند الذي قبله، فيكون رواه البُخاريُّ عن يحيى بن عبد الله السُّلميِّ، عن عبد الله _هو ابن المبارك_، عن حنظلة بن أبي سفيان ... ) إلى آخره، والله أعلم، لا تعليقًا، ولم أرَه في «أطراف المِزِّيِّ» في ترجمة حنظلة، عن سالم، عن ابن عمر، لكنِّي رأيته في «المراسيل» في آخر «الأطراف»، وذلك لأنَّه مرسلٌ، قال فيه المِزِّيُّ في ترجمة مَعْمر: (عن الزُّهري، عن سالم، عن ابن عمر)، ورأيته قد قال فيه، وقال عقيب حديث يحيى: (وعن حنظلة، عن سالم: كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يدعو ... )؛ فذكره؛ فالظَّاهر من حاله أنَّه تعليق عنده، والله أعلم.

قوله: (يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ): قال الدِّمياطيُّ: (رويَ: أنَّ هؤلاء الثلاثة هداهم الله للإسلام) انتهى، فقوله: (رويَ) فيه نظر؛ لأنَّ هؤلاء هداهم الله للإسلام بلا خلاف، فكان ينبغي أن يجزم بذلك، ولكنَّ (رُوي) يستعمل قليلًا فيما صحَّ، كما هو معروف في علوم الحديث، أمَّا (صفوان بن أمية)؛ فهو ابن خلف بن وهب الجمحيُّ، أبو وهب، صحابيٌّ أسلم بعد حُنين، توفِّي سنة (42 هـ)، و (سُهيل بن عمرو): صحابيٌّ مشهور أيضًا، وقد تَقَدَّم بعض ترجمته، وأمَّا (الحارث بن هشام) بن المغيرة المخزوميُّ؛ فأخو أبي جهل لأبويه، صحابيٌّ توفِّي بالشام مرابطًا، رضي الله عنهم.

وقد تَقَدَّم الحديث من عند التِّرمذيِّ، وأنَّهم ثلاثة؛ فيهم أبو سفيان صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس، عوض (سهيل بن عمرو)، فاجتمع من الروايتين أربعةُ المبهمِين في رواية التِّرمذيِّ التي ذكرتها، والله أعلم.

(1/7440)

[باب ذكر أم سليط]

قوله: (بابُ: ذِكْرِ أُمِّ سَلِيطٍ): هي بفتح السين، وكسر اللام، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ طاء مهملتين، وهي من نساء الأنصار ممَّن بايع رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، شهدت أُحُدًا، وكانت تسقي الناس، ولا أعرف اسمها، ولفظ ابن الجوزيِّ في «تلقيحه»: (أمُّ سَليط بنت عبيد بن زياد النجَّاريَّة، وهي أمُّ قيس أيضًا) انتهى، وقد تَقَدَّم الكلام عليها في (الجهاد)، وقال بعضهم: توفِّي عنها أبو سَليط، فتزوَّجها مالك بن سنان، فولدت له أبا سعيد الخدريَّ.

==========

[ج 2 ص 146]

(1/7441)

[حديث: إن عمر بن الخطاب قسم مروطًا بين نساء من نساء أهل المدينة]

4071# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، أحد الأعلام الأجواد، و (يُونُس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (وَقَالَ ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ): (ثعلبة) هذا: قرظيٌّ حليفٌ للأنصار، كنيته أبو مالك، ويقال: أبو يحيى، وهو إمام مسجد بني قريظة، له رؤيةٌ وحديث عند ابن ماجه؛ وهو: (أنَّه عليه السلام قضى في سيل مهزور ... )؛ الحديث، أخرجه في «الأحكام»، وروى عن عمر، وعثمان، وقيس بن سعد، وغيرهم، وعنه: ابناه [1] منظور وأبو مالك، وابن أخيه مسور بن رفاعة، والزُّهريُّ، وآخرون، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، وابن ماجه، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في (مسند عمر) في ثعلبة: (وله صحبة)، انتهى، قال العلائيُّ في «مراسيله»: (ثعلبة بن أبي مالك القرظيُّ، أخرج له ابن ماجه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: كان يخطب قائمًا خطبتين يفصل بينهما بجلوس، وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما كذلك)، قال ابن أبي حاتم: (سألت أبي عن ثعلبة بن أبي مالك، فقال: هو من التابعين، والحديث مرسل)، قال يحيى بن معين: (له رؤية من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، وذكر ابن عبد البَرِّ أنَّه وُلِد في عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وروى شعبة عن سماك بن حرب عن ثعلبة أنَّه قال: كنت غلامًا على عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى، قال الدِّمياطيُّ: (وأبو مالك اسمه عبد الله القرظيُّ قدم من اليمن على دين اليهود، فنزل في بني قريظة، فنُسب إليهم، ولم يكن منهم، فأسلم) انتهى، وكذا سمَّاه الذَّهبيُّ: (عبد الله) في «تجريده» في (الكنى).

قوله: (مُرُوطًا [2]): هو جمع مِرْط؛ بكسر الميم، وإسكان الراء، وبالطاء المهملة، قال ابن قُرقُول: (كساء من صوف، أو خزِّ، أو كتَّان؛ قاله الخليل، وقال ابن الأعرابيِّ: هو الإزار، وقال النضر: لا يكون المرط إلَّا درعًا، وهو من خزٍّ أخضر، ولا يسمَّى المرط إلَّا الأخضر، ولا يلبسه إلَّا النساء، وظاهر الحديث يصحِّح قول الخليل، وفي «الصحيح»: مرط من شعر أسود) انتهى، وقد تَقَدَّم.

قوله: (قَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ ... ) إلى آخره: (بعض من عنده): لا أعرفه، وإنَّما قال له ذلك؛ لأنَّه كانت عادته أنَّه يعطي الأجانب، ويحرم من عنده؛ كما كان يفعل بعبد الله ابنه وابنته حفصة؛ ولهذا قيل: أتعبَ مَن بعده.

(1/7442)

قوله: (يُرِيدُونَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ): (أم كلثوم): هذه لا أعرف لها اسمًا، وُلِدت في عهد رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم جدِّها، أمُّها فاطمة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، خطبها عمر بن الخَطَّاب إلى عليٍّ، فقال له: إنَّها صغيرة، فقال له عمر: (زوِّجنيها يا أبا حسن، فإنَّي أرصُدُ من كرامتها ما لا يرصده أحد)؛ فذكر قصَّتها مع عمر ... إلى أن قال: فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين في الروضة، وكان يجلس فيها المهاجرون الأوَّلون، فجلس إليهم، فقال لهم: رفِّئوني، فقالوا: وما ذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوَّجت أمَّ كلثوم بنت عليِّ بن أبي طالب، سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «كلُّ نسبٍ وسَبَبٍ وصهرٍ منقطعٌ يوم القيامة إلَّا نسبي وسببي وصهري»، فكان لي به عليه السلام النسب والسبب، وأردت أن أجمع إليه الصهر، فرفَّؤوه، وتزوَّجها على مهر أربعين ألفًا، وَلَدت أمُّ كلثوم لعمر زيدَ بن عمر الأكبر ورقيَّة بنت عمر، وتوفِّيت أمُّ كلثوم وابنُها زيد في وقت واحدٍ، وصلَّى عليهما عبدُ الله بن عمر، قدَّمه حسن بن عليٍّ رضي الله عنهم، تزوَّجت بعد عمر بعون بن جعفر، ومات عنها، ثُمَّ تزوَّجها محمَّد بن جعفر، ثُمَّ عبد الله بن جعفر؛ كذا في «تهذيب النَّوويِّ»، والله أعلم.

[ج 2 ص 146]

قوله: (تَزْفِرُ لَنَا الْقِرَبَ [3]): (تَزْفِرُ): بفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ زاي ساكنة، ثُمَّ فاء مكسورة، ثُمَّ راء، قال ابن قُرقُول: (أي: تحملها ملأى على ظهرها، والزَّفر: الحمل على الظهر خاصَّة، والزَّفر: القربة؛ كلاهما بفتح الزاي وسكون الفاء، كذا قال القاضي، وليس كذلك، بل الزِّفر _بكسر الزاي_: القربة؛ كذا في «العين»، وفي «المصنَّف»: كلُّ ما حُمِل على ظهر؛ فهو زِفر؛ مثل: حِمْل، ووِقْر، ووِزْر، وعِدْل، يقال منه: زفر، وأزفر، وروى المستملي في «البُخاريِّ»: (وقال أبو عبد الله: تزفر: تخيط، وهذا غير معروف في اللُّغة) انتهى، ومؤاخذة البُخاريِّ في كلام القاضي أيضًا، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (ابنا)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[2] في هامش (ق): (المروط: جمع مِرْط؛ وهي أكسية من خز أو صوف كان يؤتزر بها).

[3] في هامش (ق): (أي: تحمل لنا القرب على ظهرها ملأى نسقي الناس منها، وجاء تفسيره في «البخاريِّ»: تزفر: تخيط، وهو غير معروف في اللُّغة، قاله عياض).

(1/7443)

[باب قتل حمزة]

(1/7444)

[حديث: فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني]

4072# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا أبو جعفر محمَّد بن عبد الله بن المبارك القرشيُّ المخرِّميُّ البغداديُّ الحافظ، قاضي حُلوان، عن أبي معاوية، ويحيى بن سعيد القطَّان، وحُجين بن المثنَّى، وابن مهديٍّ، وخلقٍ كثير، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وإبراهيم الحربيُّ، وابن أبي الدنيا، وابن خزيمة، وآخرون، قال الباغنديُّ: كان حافظًا متقنًا، وقال أبو حاتم والنَّسائيُّ: ثقة، وقال الدارقطني: كان ثقة حافظًا، مات سنة (254 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

والمُخَرِّمي _بضمِّ الميم، وفتح الخاء المعجمة، ثُمَّ راء مكسورة مشدَّدة، ثُمَّ ميم، ثُمَّ ياء النسبة إلى المخرِّم_ وهي محلَّة ببغداد.

قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ): هو بتقديم المثنَّاة تحت، وتخفيف السين المهملة.

قوله: (مَعَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ): تَقَدَّم أنَّ (الخِيار) بكسر الخاء المعجمة، وتخفيف المثنَّاة تحت؛ كالخيار الذي يؤكَل، وهو عبيد [1] الله بن عديِّ بن الخيار بن عديِّ بن نوفل بن عبد مناف، وُلِد في حياة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأرسل عنه، وروى عن عمر، وعثمان، وعليٍّ، والمقداد، وابن عبَّاس، ووحشيِّ بن حرب، وغيرهم، وعنه: عطاء بن يزيد اللَّيْثيُّ، وعروة بن الزُّبَير، وجعفر بن عمرو بن أميَّة، وجماعة، وكان ثقة، مات في خلافة الوليد بن عبد الملك، وكان من علماء قريش وأشرافهم، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ.

قوله: (حِمْصَ): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق، وأنَّه جاء في حديث ضعيف أنَّها من مدن الجنَّة، وذكرت الحديث الآخر الذي ورد فيها، ولا تنصرف للعجمة، والعلمية، والتأنيث، ذكر الثعلبيُّ في «العرائس» في (فضل الشام): (أنَّه نزل حمص تسع مئة رجل من الصَّحابة رضي الله عنهم).

قوله: (هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ): هو وحشيُّ بن حرب، كنيته أبو دسمة، وقيل: أبو حرب، وهو من سودان مكَّة، ويقال له: الحبشيُّ، وهو مولى طُعيمة بن عديٍّ، وقيل: مولى جبير بن مطعم بن نوفل بن عبد مناف، وسيأتي قريبًا في الحديث نفسه: (فَقَالَ لِي مَوْلَايَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ)، وقيل: كان لابنة الحارث بن نوفل بن عبد مناف، وهو الذي قتل حمزة يوم أُحُد، وشارك في قتل مسيلمة يوم اليمامة، كما سأذكره، صحابيٌّ ترجمته معروفة، روى عنه عليه السلام أربعةَ أحاديث، وقيل: ثمانية، روى له البُخاريُّ حديثًا منها في قتل حمزة، وهو هذا الحديث، وأخرج له مع البُخاريِّ أبو داود، وابن ماجه، وأحمد بن حنبل في «المسند»، روى عنه ابنه حرب، وعبيد [2] الله بن عديِّ بن الخيار، وجعفر بن عمرو بن أميَّة، وقيل: سكن دمشق، والصحيح أنَّه سكن حمص.

(1/7445)

قوله: (كَأَنَّهُ حَمِيتٌ [3]) الحميت _بفتح الحاء المهملة، وكسر الميم، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق_: زقُّ السَّمن خاصَّةً، يُشبَّه به الرجلُ السَّمين الدسم، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: (فإذا حميت من سمن): هو النِّحْيُ، والزِّقُّ الذي يكون فيه السَّمن، أو الرُّب، ونحوها، ومنه حديث وحشيِّ بن حرب: (كأنَّه حميت)؛أي: زقٌّ، انتهى، وفي «القاموس»: (والحميت: المتين من كلِّ شيء، ووعاء السَّمن مُتِّنَ بالرُّب؛ كالتَّحْمُوتِ، والزقُّ الصغير، أو الزقُّ بلا شعر)، وما قاله في «القاموس» شيءٌ لخَّصه من كلام الجوهريِّ، وزاد عليه.

قوله: (وَعُبَيْدُ اللهِ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ [4]): الاعتجار بالعمامة: هو ليُّها فوق الرأس من غير تحنيك، وحكى الحربيُّ: أنَّه إرخاء طرفي العمامة أمامه، أحدهما عن يمين، والآخر عن شمال، وفي «الصحاح»: (والاعتجار: لفُّ العمامة على الرأس) انتهى، لكنَّ قوله: (لَا يَرَى وَحْشِيٌّ إِلاَّ عَيْنَيْهِ) ينافي هذا التفسير، والظَّاهر أنَّه ليُّها مع تحنيكها، وجعل بعضِها على وجهه، أو من غير تحنيك مع جعل بعضها على وجهه، فيبقى كما قال: لا يَرى منه إلَّا عينيه إذا رفع بعضَها على أعلى فمه وطرف أنفه، والله أعلم.

قوله: (يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِي الْعِيصِ [5]): (أمُّ قِتال) هذه: بكسر القاف، وتخفيف المثنَّاة فوق، وفي آخره لام، قال ابن ماكولا في «إكماله» بعد أن ضبط (قِتال) كما ذكرته: (وأمُّ قتال بنت أَسيد بن علاج من ثقيف، ولدت لعديٍّ الأكبر بن الخيار بن نوفل بن عبد مناف عبيدَ الله بن عديٍّ، وأَسيد بن عديٍّ، وعبد الله بن عديٍّ) انتهى.

وقال في (أَسِيد): بفتح الهمزةوكسر السين، وعتَّاب وخالد ابنا أَسِيد بن أبي العيص بن أميَّة بن عبد شمس لهما صحبة، وأختهما أمُّ قتال بنت أَسِيد، وهي أمُّ عبيد الله بن عديِّ بن الخيار) انتهى، قال شيخنا: (وفي «السيرة»: أنَّها سعديَّة، وهي قرشيَّة) انتهى، وفي الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ: (قبال)؛ بفتح القاف، وكسرها بالقلم، وكتب عليه (معًا)، ولفظ الباء بواحدة من تحتها، وكتب تجاهه في الهامش (أمُّ قتَّال)، فشدَّد المثنَّاة فوق، وفتح القاف وكسرها، وكتب عليها (معًا)، وهذا كلُّه لا أعرفه أنا، وسيأتي كلام «المطالع»، والذي أعرفه أنا كسر القاف، وتخفيف المثنَّاة فوق، كما ضبطها ابن ماكولا وغيره من الحفَّاظ، وفي «المطالع»: (أمُّ قبال)؛ كذا للمروزيِّ، ولابن السكن: (قتال)، وللباقين: (قتال) انتهى، و (العِيْص)؛ بكسر العين، وإسكان المثنَّاة تحت، وبالصاد المهملتين، معروف ظاهرٌ.

قوله: (قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ [6]): وفي نسخة: (ابن الخيار) بعد (عديٍّ)، قال الدِّمياطيُّ: (صوابه: طعيمة بن عديِّ بن نوفل بن عبد مناف، والمطعم والخيار ابنا عديٍّ أخواه، وعديُّ بن الخيار بن عديِّ بن نوفل ابنُ أخيه) انتهى.

وقد قدَّمتُ هذا التنبيه من كلام الدِّمياطيِّ في (غزوة بدر)،

[ج 2 ص 147]

(1/7446)

وقال أبو الفتح اليعمريُّ: (إنَّ طعيمة قتله حمزة)، قال: (وقيل: بل قتل صبرًا)، والأوَّل أشهر، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا أيضًا في (غزوة بدر).

قوله: (عَامَ عَيْنَيْنِ، وَعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ): قوله: (عام عينين)؛ أي: عام أُحُد، وقد قدَّمتُ متى كانت وقعة أُحُد في أوَّل الغزوة، و (عينين): مثل تثنية (عين) في حالة النَّصْب والجر، اسم جبل كما قال في الحديث، ويقال ليوم أُحُد: يوم عينين، وهو الجبلُ الذي أقام عليه الرُّماة يومئذٍ.

وحيال الشيء _بكسر الحاء، وتخفيف المثنَّاة تحت_؛ أي: قُباله.

قوله: (خَرَجَ سِبَاعٌ): هو بكسر السين، وتخفيف الموحَّدة وفي آخره عين مهملتين؛ ابن أم أنمار، كما في الحديث.

قوله: (مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ): هو بتشديد الطاء المكسورة، وبالعين المهملة، اسم فاعِل، و (البُظور): بضمِّ الموحَّدة، والظاء المعجمة؛ جمع: بظر، وهو معروفٌ، وأمُّ أنمار كانت تخفض النساء بمكَّة، وقال له حمزة ذلك يُعيِّره به، قال بعضهم: وبعضهم يقول: (مقطَّعة): بفتح الطاء، وهو خطأ، انتهى، ولا شك أنَّه خطأ، قال ابن إسحاق في «السيرة» كما ذكره عنه ابن هشام: وكانت أمُّه أمُّ أنمار مولاة شريق بن عَمرو بن وهب الثَّقَفيِّ، وكانت ختَّانة، انتهى، وفي «الاستيعاب» في النساء: (قيلة الخزاعيَّة، وهي أم سباع بن عبد العزَّى ... ) إلى أن قال: (من خزاعة، ومن حلفاء بني زهرة، فيها وفي التي قبلها نظرٌ)، انتهى، قال الذَّهبيُّ: (وقيلة الخزاعيَّة أمُّ سباع، لها ذكر)، انتهى.

قوله: (فِي ثُنَّتِهِ [7]): (الثُنَّة): بضمِّ الثاء المُثلَّثة، وتشديد النون، ثُمَّ مثنَّاةفوق؛ ما بين السرَّة والعانة.

قوله: (فَكَانَ ذَاكَ الْعَهْدَ [8]): (العهدَ): منصوب خبر (كان).

قوله: (فَشَا فِيهَا الإِسْلاَمُ): (فشا)؛ أي: ظهر، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (رَسُولًا): وفي نسخة: (رسلًا ... ) إلى أن قال: (فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ): اعلم أنَّه عليه السلام لمَّا انصرف من الطائف عن ثقيف في سنة ثمان؛ اتَّبع أثره عروة بن مسعود حتَّى أدركه قبل أن يُقبِلَ إلى المدينة، فأسلمَ، وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام، وقصَّته معهم معروفة مشهورة عند أرباب المغازي والسير، وأنَّهم رمَوه بالنَبْل من كل وجه، فأصابه سهمٌ فقتله، فيزعم بنو مالك أنَّه قتله رجل منهم يقال له: أوس بن عوف أخو بني سالم بن مالك.

(1/7447)

وسيأتي أنَّ أوسًا هذا قدم مع الوفد السِّتَّة، وقد أسلم رضي الله عنه، ويزعم الأحلاف أنَّه قتله رجل منهم من بني عتَّاب بن مالك يقال له: وهب بن جابر، ثُمَّ أقامت ثقيف بعد قتل عروة أشهرًا، ثُمَّ ائتمروا بينهم، فأجمعوا أن يرسلوا رجلًا كما أرسلوا عروة، فكلَّموا عبد ياليل بن عَمرو بن عُمير، فأبى أن يفعل، وخشي أن يُصنَع [9] به إذا رجع كما صنع بعُروة، فقال: لست فاعلًا حتَّى ترسلوا معي رجالًا، فأرسلوا معه رجلين من الأحلاف، وثلاثة من بني مالك، فبعثوا مع عبد ياليل عَمرَو بن وهب بن معتِّب، وشرحبيلَ بن غيلان بن سلمة بن معتِّب، ومن بني مالك عثمانَ بن أبي العاصي بن بشر بن عبد دَهمان أخا بني يسار، وأوسَ بن عوف أخا بني سالم، ونميرَ بن خرشة بن ربيعة أخا بني الحارث، فخرج بهم، والظَّاهر أنَّ هؤلاء الذين قدم معهم وحشيٌّ، والله أعلم، وإن كان (رسولًا) الصحيح؛ كما صُحِّح عليه في أصلنا؛ فالظَّاهر أنَّه عروة بن مسعود، ويحتمل أن يريد الرسلَ، ويكون معنى (رسولًا) أي: ذوي رسالةٍ، والله أعلم.

قوله: (لاَ يَهِيجُ الرُّسُلَ): (يَهِيج): بفتح المثنَّاة تحت، وكسر الهاء، ثُمَّ مثنَّاة أخرى، ثُمَّ جيم؛ أي: لاينالهم منه مكروهٌ، وهاجه يهيجه، وهاج الشيءُ، يتعدَّى ولا يتعدَّى، وهاجه: صرفه، وهاج الشيءُ: تحرَّك.

قوله: (آنْتَ وَحْشِيٌّ؟): هو بمدِّ همزة الاستفهام، وكذا (آنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟).

قوله: (فَلَمَّا قُبِضَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قُبِض): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّبيُّ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ): هو مسيلمة بن حبيب _وقيل: ابن ثمامة_ بن كبير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن هفان بن ذُهل بن الدؤل بن حنيفة، كنية مسيلمة: أبو ثمامة، ولا عقب له، جمع جموعًا من سفهاء العرب، وقصد قتال الصَّحابة على أثر وفاة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فجهَّز إليه أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه الجيوش وأميرهم خالد بن الوليد، فكانت الوقعة سنة اثنتي عشرة في ربيع الأوَّل، فظهروا عليه، فقتلوه كافرًا بالله عن مئة وخمسين سنة، قيل: قتله وحشيٌّ كما هنا، وذكروا في ترجمة عبد الله بن زيد بن عاصم أنَّه قتل مسيلمة بالسيف مشاركًا لوحشيٍّ في رميه بحربته، ويقال: قتله زيد بن الخَطَّاب؛ قاله السُّهيليُّ، وحاصل من وقفتُ على أنَّه قتل مسيلمة: أبو دجانة سماك بن خرشة، ووحشيُّ بن حرب، وعبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاريُّ المازنيُّ، وعبدُ الله بن سهل _وهذا أيضًا في كلام السُّهيليِّ_ وزيدُ بن الخَطَّاب، وقال شيخنا فيما يأتي: ووثب إليه رجل من الأنصار، وهذا الأنصاريُّ لم يسمِّه ابن إسحاق، وذكر الواقديُّ في كتاب «الردَّة»: (أنَّه عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاريُّ المازنيُّ)، وذكر سيف بن عُمر في «الفتوح»: (أنَّه عديُّ بن سهل)، وذكر فيه شعرًا، وذكر ابن عبد البَرِّ وغيره: أنَّ أبا دجانة شارك فيه، والله أعلم؛ أي: هؤلاء الثلاثة أراد وحشيٌّ، انتهى.

(1/7448)

وقد ذكر ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة خِداش بن بشير: (أنَّه قاتل مسليمة)، فالحاصل إذن جماعة؛ وهم أبو دجانة، ووحشيُّ بن حرب، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وعبد الله بن سهل، وزيد بن الخَطَّاب، وعديُّ بن سهل، وخداش بن بشير، وذكر السُّهيليُّ في (بيعة العقبة) في أوَّلها: أنَّ أمَّ عمارة نَسِيبة شاركت ابنها عبد الله بن زيد بن عاصم في قتل مسيلمة، فإذن الجماعة سبعة رجال وامرأة واحدة، والله أعلم.

قوله: (لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ): (أكافئُ): مهموز الآخر منصوب جواب الترجِّي، وقوله هذا الكلام إشفاق منه، وذلك لأنَّ الإسلام يَجُبُّ ما كان قبله.

قوله: (في ثُلْمَةِ جِدَارٍ): (الثُّلْمة)؛ بضمِّ الثاء المُثلَّثة، وإسكان اللام: وهو الموضع المتهدِّم، وثُلمة الإناء: المنكسر من حاشيته.

[ج 2 ص 148]

قوله: (كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ): الوُرقة في الإبل: لون يضرب إلى الخُضرة؛ كلون الرمادِ، وقيل: إلى السوادِ.

قوله: (ثَائِرُ الرَّأْسِ): أي: منتشر الشعر منتفشه.

قوله: (وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ): تَقَدَّم الكلام في ذلك قريبًا، ومن شارك في مسيلمة، وفيهم جماعة من الأنصار، وقدَّمت كلام شيخنا في هذا الرجل، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (إنَّه عبد الله بن زيد بن عاصم المازنيُّ)؛ قاله إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ، قال: ورواه الحاكم في «المستدرك» في ترجمة عبد الله هذا، وقيل: شاركه عديُّ بن سهل، وقيل: أبو دجانة، انتهى.

قوله: (عَلَى هَامَتِهِ): هي بتخفيف الميم، والهامة: الرأس، والجمع: هام.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْفَضْلِ): هو المذكور في السند؛ عبد الله بن الفضل بن العبَّاس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المُطَّلب بن هاشم الهاشميُّ، وثَّقه ابن معين وأبو حاتم، أخرج له الجماعة، وتعليقه هذا لم أره في شيء من الكتب السِّتَّة، ولا عزاه المِزِّيُّ، ولم يخرِّجْه شيخنا.

قوله: (وَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ): كان مسيلمة مع كفره وكذبه مرَّة يدَّعي النُّبوَّة، ومرَّة يتسمَّى أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين حقًّا عُمر بن الخَطَّاب، وهو أوَّل من تسمَّى به، وفي حياته عليه السلام عبد الله بن جحش في واقعة خاصَّة، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (عبد)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[2] في (أ): (عبد)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[3] في هامش (ق): (الحميت: هو زق السمن خاصة، يُشبه به الرجل الجسيم).

[4] في (ق): (معتمر بعمامته)، وفي هامشها: (الاعتمار: لبس العمامة على الرأس)

[5] في هامش (ق): (أسيد بن أبي العيص).

[6] في هامش (ق): (صوابه: طعمة [بن عدي] بن نوفل بن عبد مناف، والخيار ابنا عدي وعدي بن عدي بن أخيه).

[7] في هامش (ق): (الثنة: ما بين السرة والعانة، وكذلك المريطاء).

(1/7449)

[8] في هامش (ق): (ثم بقر بطنه ومثَّل به فجدع أنفه وأذناه، ووقف صلَّى الله عليه وسلَّم على حمزة، فنظر إلى شيء لم ينظر إلى شيء قطُّ كان أوجع [لقلبه منه وقد مُثِّل به، فقال: «رحمة الله عليك، فإنَّك كنت ما علمتك فعولًا للخيرات]، وصولًا للرحم، ولولا حزن من بعدي عليك؛ لسرَّني أن [أدعك حتى تحشر من أفواه شتى، أما والله مع ذلك] لأمثِّلنَّ بسبعين منهم»، قال: فنزل جبريل والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم واقفٌ بخواتيم سورة النحل: {فَعَاقِبُوا} [النحل: 126] ... إلى آخر السورة، فصبر صلَّى الله عليه وسلَّم، وكفَّر عن يمينه، وأمسك عمَّا أراد).

[9] في (أ): (يصبع)، وهو تصحيف.

(1/7450)

[باب ما أصاب النبي من الجراح يوم أحد]

قوله: (بابُ مَا أَصَابَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِرَاحِ يَوْمَ أُحُدٍ): (النَّبيَّ): منصوب مفعول، واعلم أنَّ ابن هشام ذكر في «سيرته» ما لفظه: (وذكر لي رُبيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدريِّ، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدريِّ: أنَّ عتبة بن أبي وقَّاص رمى رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومئذٍ _يعني: يوم أُحُد_ فكسر رُباعيَته اليمنى السُّفلى، وجرح شفته السُّفلى، وأنَّ عبد الله بن شهابٍ الزُّهريَّ شجَّه في وجهه، وأنَّ ابن قمئة جرح وجنته، فدخلت حلقتان من المِغفر في وجنته)، انتهى.

وذكر شيخنا في هذه الغزوة وذكر ابن هشام: أنَّ عبد الله بن شهاب الزُّهريَّ جدَّ محمَّد بن مسلم الزُّهريِّ شجَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في جبهته، وهو غريبٌ، انتهى.

وقد تَقَدَّم الكلام في إسلام عتبة بن أبي وقَّاص، وأنَّ الصحيح أنَّه لم يسلم، وقدَّمتُ أنَّ في «المستدرك»: (أنَّه قتله حاطب بن أبي بلتعة يوم أُحُد، وأنَّه جاء برأسه وسيفه إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم).

وتَقَدَّم الكلام على عبد الله بن شهاب الزُّهريِّ، وأنَّه أسلم، وتَقَدَّم أنَّ ابن قمئة _واسمه عبد الله_ نطحه تيس، فتردَّى من شاهق، وقد ذكر ابن بشكوال في «مبهماته» سهل بن سعد رضي الله عنه أنَّه سئل عن جرح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم أُحُد، فقال: (جُرح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، وفيه: الذي جرح النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وكسر رُباعيَته اختلف فيه؛ ففي «تفسير عبد الرزاق» _فذكره بسنده إلى مقسم_ قال: (إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم دعا على عتبة بن أبي وقَّاص حين كسر رُباعيته ودمَّى وجهه)، وكذا قال معمر عن قتادة، قال عبد الرزاق: (وأخبرنا ابن جُرَيج، عن إبراهيم بن ميسرة، عن يعقوب بن عاصم قال: الذي دمَّى وجهَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ من هذيل يقال له: عبد الله بن القمئة، فكان حتفه أن سلَّط الله عليه تيسًا ينطحه حتَّى قتله)، انتهى، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق عن ابن سعد أنَّ الذي شجَّه وأصاب رُباعيَته عتبةُ بن أبي وقَّاص، والله أعلم، وقد تَقَدَّم أعلاه من فعل ذلك به.

تنبيهٌ: الحلْقتان اللتان دخلتا في وجنة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نزعهما أبو عُبيدة ابن الجرَّاح، فنزع الحلْقة الأولى، فسقطتْ ثنيَّتُه، ثُمَّ نزع الثانية، فسقطت ثنيَّتُه الأخرى، فكان ساقط الثنيتين؛ ذكره ابن سيِّد الناس في «سيرته» عن عيسى بن طلحة، عن عائشة، عن أبي بكر الصِّدِّيق: (أنَّ أبا عبيدة ... )؛ فذكره.

(1/7451)

وقد ذكر ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة عقبة بن وهب بن كلدة الغطفانيِّ ما لفظه: (قيل: إنَّ عقبة بن وهب هذا هو الذي نزع الحلْقتين من وجتني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم أُحُد، ويقال: بل أبو عُبيدة ابن الجرَّاح)، قال الواقديُّ: قال عبد الرحمن بن أبي الرماد: (إنَّهما جميعًا عالجاهما وأخرجاهما من وجتني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، وسيأتي قريبًا جميع ما أصابه يوم أُحُد صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ): الرَّباعيَة؛ وزان (الثمانيَة) بتخفيف الياء: السنُّ التي بين الثنيَّة والناب، والجمع: رَباعيَات، وقد تَقَدَّم أنَّها السُّفلى اليمنى، ولم تنكسر من أصلها، وإنَّما ذهب منها فِلقة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 149]

(1/7452)

[حديث: اشتد غضب الله على من قتله النبي]

4074# قوله: (حدَّثنا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ): (مَخْلد): بفتح الميم، وإسكان الخاء المعجمة، معروفٌ، و (يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ الأمَوِيُّ): هو يحيى بن سعيد بن أبان [1] بن سعيد بن العاصي، أبو أيُّوب الأمويُّ _بفتح الهمزة، ويجوز ضمها_ عن أبيه، وهشام بن عروة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وطائفة، وعنه: ابنه سعيد، وأحمد، وإسحاق، وابن معين، قال ابن معين: لا بأس به، تُوفِّي سنة (194 هـ)، توفِّي ببغداد، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): الذي قتله النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم هو أُبيُّ بن خلف، وقد تَقَدَّم.

قوله: (عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم أعلاه من أدمى وجهه عليه السلام، و (دَمَّوا): بفتح الدال المهملة، وتشديد الميم مفتوحة، وهذا ظاهرٌ معروفٌ.

[ج 2 ص 149]

==========

[1] في (أ): (بان)، وهو تحريف.

(1/7453)

[باب منه.]

(1/7454)

[حديث: كانت فاطمة بنت رسول تغسله]

4075# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): هذا هو يعقوب بن عبد الرحمن القاريُّ المدنيُّ، نزل الإسكندرية، عن زيد بن أسلم، وسُهيل بن أبي صالح، وعنه: قتيبة، ويحيى ابن بُكَير، مات سنة (181 هـ)، وثَّقه ابن معين، و (أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة؛ سلمة بن دينار الأعرج.

قوله: (وَهْوَ يُسْأَلُ): (يُسأَل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (بِالْمِجَنِّ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الميم، وفتح الجيم، ثُمَّ نون مشدَّدة؛ وهوالترس، وسُمِّي مجنًّا؛ لأنَّه يواري حاملَهُ؛ أي: يستره، والميم زائدة.

قوله: (قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ): إن قيل: من أي شيء هذه الحصير؟ فالجواب: أنَّها من بُرْديٍّ؛ كذا قاله ابن قيِّم الجوزيَّة في (كتاب الطبِّ) من «الهدْي»، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ): (كُسِرت): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (الرَباعيَةُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وقد تَقَدَّم ما هي الرَباعيَة.

قوله: (وَجُرِحَ وَجْهُهُ): هو مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (وجهُه): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وكذا (وَكُسِرَتِ الْبَيْضَةُ [1]): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (البيضةُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، و (البيضةُ): الخوذة.

==========

[1] في هامش (ق): (وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقَّاص، وعبد الله جدُّ الزُّهريِّ الأصغر بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، قيل: إنَّه جدُّ الزهريِّ من قبل أمِّه، وقال به الزبير بن بكَّار.

وابن قمئة جرح وجنته، فدخل حلقتان من المغفر في وجنته، ومصَّ مالك بن سنان أبو أبي سعيد الخدريِّ الدم من وجهه، ثم ازدرده، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «من مصَّ دمي؛ لم تمسه النار»، وأبو عبيدة ابن الجراح نزع الحلقتان من وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا نزع إحداهما؛ سقطت ثنيَّته، ثمَّ لمَّا نزع الأخرى؛ سقطت الثنيَّة الأخرى، فكان ساقط الثنيَّتين).

[ج 2 ص 150]

(1/7455)

[حديث: اشتد غضب الله على من قتله نبي]

4076# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس الحافظ، و (أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه النَّبيل، واسمه الضحَّاك بن مخْلد، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الإمام المكِّيُّ لا قهرمان آل الزُّبَير.

قوله: (اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ): أي: كأُبيِّ بن خلف.

قوله: (واشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللهِ): تَقَدَّم من دمَّى وجهه قريبًا، و (دمَّى)؛ بالتشديد، ولا يجوز تخفيفه؛ لأنَّ المخفَّف لازم، وهذا متعدٍّ.

==========

[ج 2 ص 150]

(1/7456)

[باب: {الذين استجابوا لله والرسول}]

(1/7457)

[حديث: من يذهب في إثرهم؟]

4077# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): (محمَّد) هذا: لا أعرفه، غير أنَّ الجيَّانيَّ ذكر في «تقييده»: وقال _يعني: البُخاري_ في (الحجِّ)، و (الشهادات)، و (تفسير {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ})، و ({تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ})، وفي (الطلاق)، و (الأطعمة)، و (الأدب)، و (الدعاء)، و (التعبير)، و (التوحيد): (حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا أبو معاوية)، نسبه ابن السكن في بعض هذه المواضع: (ابن سلام)، وقد صرَّح البُخاريُّ باسمه في (النكاح) وغيره، فقال: (حدَّثنا ابن سلام: حدَّثنا أبو معاوية ... )؛ فذكر حديثًا، وقال في (الوضوء): (حدَّثنا محمَّد بن المثنى: حدَّثنا محمَّد بن خازم _يعني: أبا معاوية_: حدَّثنا الأعمش ... )؛ فذكر حديثًا، وذكر أبو نصر في كتابه: أنَّ محمَّد بن سلام ومحمد بن المثنى يرويان عن أبي معاوية، انتهى.

ومحمَّد هذا لا يخلو عن أن يكون واحدًا من المذكورين، انتهى، ولم يذكر هذا المكان الذي ذكرته في (الجنائز) وهنا، ولو ظفر بهما؛ لقال فيهما كما قال في هذه الأمكنة، و (أبو معاوية): هو محمَّد بن خازم _بالخاء المعجمة_ الضرير، والمِزِّيُّ في «أطرافه» لم ينسبه، والله أعلم.

قوله: (لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ): (رسولَ الله): منصوبٌ؛ لأنَّه مفعول، و (ما أصاب): هو الفاعل، وهذا ظاهرٌ، والذي أصابه أنَّه كسرت رَباعيَته، وشُجَّ في وجهِه، وشفتُه السُّفلى كُلِمت في باطنها، وجُرِحت وجنتُه، ومنكبُه الأيمن متوهِّن من ضربة ابن قمئة، وركبتاه مجحوشتان.

قوله: (فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَالَتْ: [كَانَ] فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ) (انتدب): أي [1]: أجاب، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: سُمِّي من السبعين الخارجين عقيب أُحُدٍ غير المذكورين: عمر، وعثمان، وعليٌّ، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عُبيدة ابن الجرَّاح؛ هؤلاء من العشرة، ومن غيرهم: عبدُ الله بن مسعود، وحذيفة بن اليماني، ذكر ذلك الطبريُّ في «تفسيره» عن ابن عبَّاس رضي الله عنهم، انتهى.

==========

[1] في (أ): (أن)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 150]

(1/7458)

[باب من قتل من المسلمين يوم أحد]

قوله: (بابُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ): تَقَدَّم الاختلاف في القتلى يوم أُحُد مطوَّلًا؛ فانظره في هذه الغزوة.

قوله: (وَالْيَمَانُ): تَقَدَّم أنَّ الصحيح في (اليماني) إثباتُ الياء، وكذا ابن أبي الموالي، وابن الهادي، والعاصي، وذكره هنا مُوهم أنَّه قتله المشركون، وإنَّما قتله المسلمون خطأ يظنُّونه من العدوِّ، وسيأتي من قتله قريبًا، قال الدِّمياطيُّ: (واسمه حُسيل بن جابر بن ربيعة، وإنَّما سُمِّي اليمان؛ لأنَّه أصابَ دمًا في قومه، فحالف بني عبد الأشهل، فقيل له: اليمان؛ لأنَّ الأنصار من الأزد من اليمن، وهو والد حذيفة، قتله المسلمون يوم أُحُد خطأ، فتصدَّق ابنُه بديته على المسلمين)، انتهى، تَقَدَّم الكلام في ذلك، وتَقَدَّم أنَّ الذي قتله خطأ عتبةُ بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود.

قوله: (وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ): كذا في أصلنا، وفي حاشية أصلنا حاشية منقولة من كلام اليُونينيِّ: (عند أبي ذرٍّ: النضر بن أنس)، والصواب ما ذكره الأئمة الحفَّاظ _أبو نعيم أحمد بن عبد الله، وأبو عمر يوسف بن عبد البَرِّ، وشيخنا إسحاق بن إبراهيم بن محمَّد بن الأزهر الصريفينيُّ، رضي الله عنهم_: (أنس بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام، عمُّ أنس بن مالك)، انتهت، وقال شيخنا ما لفظه: (والنضر بن أنس)، كذا ذكره البُخاريُّ، وصوابه قلبه: أنس بن النضر، عمُّ أنس بن مالك بن النضر، كما نبَّه عليه الدِّمياطيُّ، انتهى، وما قاله هؤلاء الأئمة هو الصواب، وليس في الصَّحابة من اسمه النضر بن أنس، والله أعلم.

(1/7459)

[حديث: ما نعلم حيًا من أحياء العرب أكثر شهيدًا أعز ... ]

4078# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا [أنَّ] هذا هو الفلَّاس الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (أَعَزَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الأَنْصَارِ): قال ابن قُرقُول: كذا للأصيليِّ، والمستملي، والنسفيِّ بالزاي من العِزِّ، وعند أبي الهيثم وبعضِهم عن الأصيليِّ: (أغرَّ)، وفسَّره: أضوأ، من الغُرَّة، وعند القابسيِّ: (شهيدًا أعزَّه)، وهو وهم، انتهى.

قوله: (قُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ): (قُتِل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وقوله هنا: (سَبْعُونَ) تَقَدَّم، وتَقَدَّم الاختلاف في عدد القتلى في أُحُد.

قوله: (وَيَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ [1] سَبْعُونَ): (بئر مَعُوْنة): بفتح الميم، وبالعين المهملة المضمومة، وبعد الواو الساكنة نون، ثُمَّ تاء التأنيث؛ وهي قِبَل نجد بين أرض بني عامر وحرَّة بني سُليم، وفي «المطالع»: (بين مكَّة وعسفان وأرض هذيل)، وقد تَقَدَّم أنَّ (بئر معونة) كانت في صفر على رأس أربعة أشهر من أُحُد عند ابن إسحاق، وقد قدَّمتُ غيرَ مرَّةٍ متى كانت أُحُد، وفي كلام أنس في (بئر معونة) مجاز؛ لأنَّ القوم كلَّهم لم يقتلوا، ولأنَّهم كلَّهم ليسوا من الأنصار؛ لأنَّ فيهم من هو مهاجريٌّ؛ كما سأذكره به في مكانه إن شاء الله تعالى.

[ج 2 ص 150]

قوله: (وَيَوْمَ الْيَمَامَةِ سَبْعُونَ ... ) إلى أن قال: (وَيَوْمُ الْيَمَامَةِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ): تَقَدَّم الكلام على (مسيلمة) ونسبِه ومن قتله قريبًا، وتَقَدَّم أنَّ الوقعة كانت على عهد الصِّدِّيق في ربيع الأوَّل سنة اثنتي عشرة، وأنَّه استشهد من الصَّحابة أربع مئة وخمسون رجلًا، ويقال: ست مئة، وتَقَدَّم أنَّ (اليمامة) _بفتح المثنَّاة تحت_ مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف، وأربع مراحل من مكَّة، سُمِّيَت باسم جارية زرقاء، كانت تُبصر الراكبَ من مسيرة ثلاثة أيام، يقال: أبصر من زرقاء اليمامة، فسُمِّيَت اليمامة؛ لكثرة ما أضيف إليها، والنسبة إليها: يماميٌّ، والله أعلم.

(1/7460)

[حديث: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة ... ]

4079# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، أحد الأجواد والأعلام، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، العلَم الفرد، قال الدِّمياطيُّ: (قال أحمد بن صالح ومحمَّد بن يحيى الذهليُّ: لم يسمع الزُّهريُّ من عبد الرحمن بن كعب لصلبه شيئًا، وإنَّما هو ابن أخيه عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، ومات الأعلى في خلافة سليمان، ومات الأدنى في خلافة هشام)، انتهى، وقد ذكر العلائيُّ في «مراسيله» ذلك أيضًا عن أحمد بن صالح المصريِّ فقط، انتهى.

قوله: (فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الجنائز)، وكذا قوله: (أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ)،وكذا قوله: (وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ).

==========

[ج 2 ص 151]

(1/7461)

[معلق أبي الوليد: لا تبكيه ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى ... ]

4080# قوله: (وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ ... ) إلى آخره: هذا هو أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، تَقَدَّم بعض ترجمته، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، وغيرهما، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا [قال]: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه مثل قوله: (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، ومقتضى كلام المِزِّيِّ في «أطرافه» أن يكون قال فيه: (حدَّثنا) أو (أخبرنا)؛ فإنَّه قال في تطريفه: (خ) في «المغازي»: عن أبي الوليد، ما قال: قال أبو الوليد؛ كعادته، ويجعله تعليقًا، والله أعلم، و (ابْنُ الْمُنْكَدِرِ): محمَّد بن المنكدر.

قوله: (لَمَّا قُتِلَ أَبِي): (قُتِل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وأبوه: عبد الله بن عمرو بن حرام، جليل كبير، وقتل يوم أُحُد، وهذا مشهورٌ ظاهرٌ.

قوله: (تَبْكِيهِ أَوْ لا تَبْكِيهِ): تَقَدَّم الكلام عليه في أوائل (الجنائز)، وهنا قاله عليه السلام لجابر، هذا ظاهره، وفي (الجنائز) قاله لعمَّة جابر، فلعلَّه قاله لهما، والله أعلم.

(1/7462)

[حديث: رأيت في رؤياي أني هززت سيفًا فانقطع صدره]

4081# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ) بعده: بضمِّ الموحَّدة، و (أَبُو بُرْدَةَ) جدُّه تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحارث أو عامر القاضي، و (أَبُو مُوسَى): والد أبي بردة عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضار الأشعريُّ مشهورٌ، صحابيٌّ جليلٌ.

قوله: (أُرَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُرى): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.

قوله: (وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه جاء في «مسند أحمد» وغيره تكملة الرؤيا: «بقرًا منحَّرة»، وكذا تَقَدَّم قوله: (وَاللهُ خَيْرٌ) وكلام القاضي عياض فيها، وهو حسن رائق، وأنَّها من تكملة الرؤيا، ولهذا عبَّرها بقوله: (وَإِذَا الْخَيْرُ ... ) إلى آخره.

==========

[ج 2 ص 151]

(1/7463)

[حديث: غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه الإذخر]

4082# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسبه إلى جدِّه، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وتَقَدَّم (زُهَيْرٌ): أنَّه ابن معاوية، أبو خيثمة، وأنَّ (الأَعْمَشَ): سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، وأنَّ (شَقِيقًا): هو أبو وائل، شقيق بن سلمة، وأنَّ (خَبَّابًا): هو بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الموحَّدة، وفي آخره موحَّدة؛ وهو ابن الأرتِّ، صحابيٌّ، تَقَدَّم بعض ترجمته رضي الله عنه.

قوله: (مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ): تَقَدَّم بعض ترجمته، وكذا تَقَدَّم (النَّمِرَة) ضبطًا، وما هي، وكذا (الإِذْخِرَ)، وكذا (أَيْنَعَتْ)، و (يَهْدبُهَا) وأنَّه _ بضمِّ الدال وكسرها_: يجتنيها.

==========

[ج 2 ص 151]

(1/7464)

[باب: أحد يحبنا]

قوله: (بابٌ: «أُحُدٌ يُحِبُّنَا» قَالَهُ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا بعض حديث تَقَدَّم، وسيجيء في أيِّ مكان تَقَدَّم، وهو على ظاهره؛ إذ لا استحالة فيه، قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: ولا يُلتَفت إلى تأويل من تأوَّله، وقد سبق الكلام عليه في (الزكاة).

قال السُّهيليُّ في «روضه»: وللعلماء في معنى الحديث أقوالٌ؛ قيل: أراد أهله؛ وهم الأنصار، وقيل: أراد أنَّه كان يبشِّره إذا رآه عند القدوم من أسفاره بالقرب من أهله ولقائهم، وذلك فعل المحبِّ، وقيل: بل حبُّه حقيقةٌ، وُضِع الحُبُّ فيه كما وُضع التسبيح في الجبال المسبِّحة مع داود عليه السلام، وكما وُضِعت الخشية في الحجارة التي قال الله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: 74]، وفي الآثار المسندة: (أنَّ أُحُدًا يوم القيامة عند باب الجنَّة من داخلها)، وفي بعضها: (أنَّه ركنٌ لباب الجنَّة)، كما ذكره ابن سلَّام في «تفسيره»، وفي المسند من طريق أبي عبس بن جبر، عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «أُحُدٌ يحبُّنا ونحبُّه، وهو على باب الجنَّة» قال: «وعير يبغضنا ونبغضه، وهو على باب من أبواب النار»، ويقوِّيه قوله عليه السلام: «المرءُ مع من أحبَّ» مع قوله: «يحبُّنا ونحبُّه»، فناسبت هذه الآثار، وشدَّ بعضها بعضًا ... إلى آخر كلامه، وفيه: أنَّ قبر هارون عليه السلام في أُحُد، وقد تَقَدَّم في أوَّل الغزوة ردُّه من عند ابن دحية الحافظ، والله أعلم.

فائدةٌ: روى الإمام أحمد في «مسنده» من حديث عقبة بن سويد الأنصاريِّ، عن أبيه _وكان من أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم_ قال: قفَلنا مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من غزوة خيبر، فلمَّا بدا له أُحُد؛ قال: «هذا جبلٌ يحبُّنا ونحبُّه»، وهذا في «البُخاريِّ»، وسيأتي في هذا «الصحيح» أيضًا _وهو في «مسلم» _: أنَّه عليه السلام قاله لمَّا أقبل من غزوة تبوك، فقاله مرَّتين؛ مرجعه من خيبر، ومرجعه من تبوك، والله أعلم.

[ج 2 ص 151]

قوله: (قَالَهُ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ): (عبَّاس): بالموحَّدة، والسين المهملة، و (أَبُو حُمَيد) هذا: هو الساعديُّ _بضمِّ الحاء، وفتح الميم_ الأنصاريُّ، قيل: اسمه عبد الرحمن، وقيل: المنذر، وقيل: إنَّه ابن عمِّ سهل بن سعد، وقد تَقَدَّم الكلام عليه رضي الله عنه في (الزكاة) و (الحج) وغيرهما؛ فانظره إن أردته.

(1/7465)

[حديث: هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم إن إبراهيم حرم مكة ... ]

4084# قوله: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وكذا تَقَدَّم الكلام على (اللَّابَتَيْن) ضبطًا، وما هما.

(1/7466)

[حديث: إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم.]

4085# قوله: (حدَّثني اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، و (يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، و (أَبُو الخَيْرِ): تَقَدَّم أنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، و (عُقْبَةُ): هو ابن عامر الجُهَنيُّ، تَقَدَّم رضي الله عنه.

قوله: (فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ): تَقَدَّم أنَّه دعا لهم بدعاء صلاة الميِّت، وقيل: صلَّى عليهم حقيقة، وكذا تَقَدَّم (الفَرَطُ) ضبطًا، وما هو.

قوله: (وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ): (أُعطيتُ): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة، و (مفاتيحَ): منصوب، ونصبه معروفٌ، وتَقَدَّم الكلام على (المُنَافَسَةِ) ما هي.

(1/7467)

[باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة]

(بابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ) ... إلى (بابُ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ)

قوله: (بابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ، وَرِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبِئْرِ مَعُونَةَ [1]، وَحَدِيثِ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ وَخُبَيْبٍ وَأَصْحَابِهِ): قال الإمام الحافظ شيخ شيوخنا أبو محمَّد عبد المؤمن بن خلف التونيُّ ثُمَّ الدِّمياطيُّ: الوجْهُ: تقديم (عَضَل) وما بعده مع (الرَّجيع)، وتأخيرُ (رِعْل وذكوان) مع (بئر معونة)، (الرَّجيع): ماء لهذيل، و (بئر معونة): ماء لبني سُلَيم، وكانتا في صفر على رأس ستة وثلاثين شهرًا من الهجرة، انتهى، وهو كما قال، وقد قدَّمتُ عن شيخنا أنَّه نقل عن ابن إسحاق: أنَّها في صفر سنة أربع، انتهى، وقد قدَّمتُه أيضًا في كلامي، وذكرتُ أصحاب الرجيع أنَّهم عشرة كما في «الصحيح»، ولم أقع على أسمائهم كلِّهم، وإنَّما وقعتُ على سبعةٍ منهم؛ منهم: ستةٌ في بيتَي حسان بن ثابت، وقد ذكرتهما، والسابع في كلام ابن سعد أنَّه معتّب [2] بن عُبيد، وقد روى ابن إسحاق بسنده: أنَّه عليه السلام قدم عليه بعد أُحُد رهطٌ من عَضَل والقارَة، فقالوا: يا رسول الله؛ إنَّ فينا إسلامًا، فابعث معنا نفرًا من أصحابك يفقِّهوننا في الدين، ويُقرِئوننا القرآن، ويعلِّموننا شرائع الإسلام، فبعث معهم نفرًا ستةً من أصحابه، وقد ذكرتهم في بيتَي حسان بن ثابت:

~…ألا ليتني فيها شهدتُ ابنَ طارقٍ…وزيدًا وما تغني الأماني ومرثدَا

~…ودافعتُ عن حِبَّي خُبيبٍ وعاصمٍ…وكان شفاء لو تداركتُ خالدَا [3]

وقد بسطت ذلك فيما تَقَدَّم، فبقي في المسألة قولان: هل هم ستة كما قاله ابن إسحاق، أو عشرة كما في «الصحيح» وكما قاله ابن سعد؟ وقد ذكر السُّهيليُّ ما قاله ابن إسحاق وروايةَ البُخاريِّ، ثُمَّ قال: (وهو أصحُّ)؛ أي: رواية البُخاريِّ، وكذا قال غيرُه؛ كابن القَيِّم.

وفي كلام ابن إسحاق: الأمير مرثد بن أبي مرثد الغنويُّ، وفي «الصحيح»: (وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت)، وما في «الصحيح» الصحيحُ؛ وذلك لأنَّ ابن إسحاق قال: (وحدَّثني عاصم بن عُمر بن قتادة قال: وقدم على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ... )؛ فذكره موقوفًا عليه؛ لأنَّ عاصمًا تابعيٌّ، وهو ثقة علَّامة في «المغازي»، بل لو كان مسندًا؛ قُدِّم ما في «الصحيح»، ويجوز أن يجمع بينهما بأن يقال: أمَّرهما، والله أعلم ما كان، و (الرَّجِيْعُ): بفتح الراء، وكسر الجيم، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ عين مهملة، و (عَضَل): بفتح العين المهملة والضاد المعجمة، وباللام، و (القارة): بتخفيف الراء، وبالقاف في أوَّله، و (الدَيْش): بفتح الدال المهملة، وإسكان المثنَّاة تحت، ثُمَّ شين معجمة؛ وهو أحد القارة، والآخر عضل، يقال لهما جميعًا: القارة، والديش وعَضَل ابنا الهون بن خزيمة، سُمُّوا قارة؛ لاجتماعهم والتفافهم.

(1/7468)

[حديث: بعث النبي سريةً عينًا وأمر عليهم عاصم بن ثابت]

4086# قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّه ابن راشد، وتَقَدَّم (الزُّهريُّ): أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ، وكذا تَقَدَّم (عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيُّ): وأنَّ الصحيح أنَّه (عَمرو) بفتح العين، وزيادة واو، ووالده (أَسِيد): بفتح الهمزة، وكسر السين، في (الجهاد)، و (أَبُو هُرَيْرَة): عبد الرحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (سَرِيَّةً عَيْنًا): تَقَدَّم أنَّ (السريَّة): قطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربع مئة، تبعث إلى العدوِّ، وجمعها: السرايا، سُمُّوا بذلك؛ لأنَّهم يكونون خلاصة العكسر وخيارهم، من الشيء السريِّ، وقيل: سُمُّوا بذلك؛ لأنَّهم ينفذون سرًّا وخُفية، وليس بالوجه؛ لأنَّ لام السرِّ راءٌ، وهذه ياء؛ قاله ابن الأثير، وتَقَدَّم ما قاله يعقوب، وكذا ما قاله الخليل فيها، و (عينًا): والعين: الذي يتجسس الأخبار.

وكذا تَقَدَّم الكلام على قوله: (وَهْوَ جَدُّ عَاصِمِ [1] بْنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ) وإنَّما هو خاله؛ لأنَّ عاصم بن عمر بن الخَطَّاب أمُّه جَميلة بنت ثابت، أخت عاصم بن ثابت، وكذا ذكر هذا التغليط ابن قُرقُول، ولفظه: (جدُّ عاصم بن عمر بن الخَطَّاب: كذا وقع، وهو وهم، وإنَّما هو خال عاصم لا جدُّه، وإنَّما جدُّه ثابت أبوه، وأمُّ عاصم بن عمر بن الخَطَّاب أمُّ جميل ابنة ثابت؛ كذا قال مصعب الزُّبَيريُّ ومحمد بن سعد، قال: لو كان مخفوضًا؛ لصحَّ في الأمِّ على أن يكون بدلًا من «ثابت»، لكنَّه منصوب بدلًا من «عاصم»)، انتهى، وقوله: (أُمُّ جميل): كذا في نسختي، وصوابه: (جميلة)؛ بحذف (أمِّ)، وزيادة التاء في آخرها، وهي صحابيَّةٌ معروفةٌ، والله أعلم.

وكذا تَقَدَّم (لحْيَانَ): أنَّه بكسر اللام وفتحها؛ قبيلة من هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، قال شيخنا: (وعند الوساطيِّ أنَّهم بقايا من جرهم)، انتهى، وتَقَدَّم أيضًا (لَجَؤُوا): أنَّه بهمزة في آخره، وكذا (الفَدْفَدُ) ضبطًا، وما هو، قال في «المطالع»: الفلاة من الأرض لا شيء فيها، وقيل: الغليظة من الأرض ذات الحصى، وقيل: الجلد من الأرض في ارتفاع، والقولُ الثالث هنا أظهر، وكذا قوله: (أَمَّا أَنَا): أنَّه بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وكذا (الذِّمَّة): الأمان، وقيل: العهد، وكذا تَقَدَّم ضبط (خُبَيْبٍ)، وقد تَقَدَّم نسبه وما فيه، و (زَيْدٌ): هو ابن الدَّثِنة، وأنَّه بفتح الدال المهملة، وكسر الثاء المُثلَّثة وتُسكَّن، ثُمَّ نون، وتَقَدَّم أنَّ (الرجل الثالث) عبدُ الله بن طارق الظفريُّ، وقيل: ابن طارق بن عَمرو بن مالك البلويُّ، بدريٌّ، قُتِل يوم الرجيع كما هنا، وجعلهما ابن سعد اثنين، وأنَّهما أخوان، والله أعلم.

قوله: (أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ): هو بتشديد الياء؛ جمع قوس، والقوس يذكَّر ويؤنَّث، ويجمع أيضًا على أقواسٍ وقِيَاسٍ.

قوله: (فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ): تَقَدَّم أعلاه وقبله أنَّه عبد الله بن طارق.

(1/7469)

قوله: (فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ): وفي رواية ابن إسحاق التي تَقَدَّمت المرسلة: أنَّه ابتاع خُبيبًا حُجَيْرُ بن أبي إهاب التميميُّ حليف بني نوفل لعقبة بن الحارث بن عامر ليقتله، فاجمع بين القولين، و (حُجَيْر): بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الجيم، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء؛ تميميٌّ، حليف بني نوفل، أسلم بعد ذلك، وله صحبة، روت عنه مولاته مارية حديثًا.

تنبيهٌ هو فائدةٌ: إن قيل: من باع خُبيبًا؟ فالجواب: أنَّ في «سيرة ابن إسحاق» في شعر حسان:

~…شراهُ زُهير بن الأغرِّ وجامعٌ…وكانا جميعًا يركبان المحارما

قال ابن هشام: (زهيرٌ وجامعٌ الهذليان اللذان باعا خُبيبًا)، انتهى.

[ج 2 ص 152]

قوله: (وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو خُبيب بن عديٍّ، ولكنَّ هذه الرواية التي هنا سالمةٌ من الوهم، فإنَّه لم ينسب خُبيبًا، وقد ذكرتُ أنَّ ذلك ليس عندهم بمعروفٍ؛ أنَّ خبيب بن عديٍّ هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، وإنَّما الذي قتل الحارث بن عامر خُبيب بن أساف بن عتبة بن عمرو بن خَديِج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج، وقد ذكر ابن سيِّد الناس في «سيرته» في المشاهير من قتلى بدر: (أنَّ قاتل الحارث بن عامر عليُّ بن أبي طالب)، انتهى، وخُبيب بن عديٍّ لم يشهد بدرًا عند أحد من أرباب المغازي، وقد نبَّه على ذلك ابن سيِّد الناس في بعث الرَّجيع في «سيرته».

قوله: (فاسْتَعَارَ مُوسى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ): سيأتي في هذا الحديث أنَّها التي رأته يأكل قطفًا، قال ابن عبد البَرِّ في «استيعابه»: (مارية _أو ماوية_ مولاة حُجَيْر بن أبي إهاب التميميِّ حليف بني نوفل هي التي حُبِس خُبيب في بيتها)، ثُمَّ ذكر عن أبي جعفر العُقيليِّ بإسناد أبي جعفرٍ ما معناه: أنَّه حُبِس خُبيب في بيتها، وفي يده قطف عنب مثل رأس الرجل يأكل منه، ذكرها أبو عمر في الصَّحابة، والظَّاهر أنَّ هذه غير التي في «الصحيح»؛ لأنَّ التي في «الصحيح»: (من بعض بنات الحارث)، وما قاله أبو عُمر: إنَّها رأته كغيرها، ويمكن تأويل ما في «البُخاريِّ» على بُعد، وقد تَقَدَّم ذلك في (الجهاد) في (باب هل يستأسر الرجل)، وقد تَقَدَّم أنَّ المِزِّيَّ سمَّى بنت الحارث زينبَ عن «كتاب خلف»، وذكرت هذه المسألة مطوَّلة؛ فانظرها من (الجهاد)، وقريبًا أيضًا.

قوله: (مُوسى): (موسى): مُنَوَّن، ويجوز عدم تنوينه.

قوله: (لِيَسْتَحِدَّ بها): الاستحداد: حلق العانة بالحديد، والموسى يُذكَّر ويُؤنَّث.

(1/7470)

قوله: (عَنْ صَبِيٍّ لِي فَدَرَجَ إِلَيْهِ): هذا الصبي تَقَدَّم أنَّه أبو الحسين بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، ومن ولده عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين المحدِّث، ذكره السُّهيليُّ والدِّمياطيُّ، ولفظ السُّهيليِّ: (فقيل: هذا أبو حُسين بن الحارث بن عديِّ بن نوفل بن عبد مناف، قاله الزُّبَير، وهو جدُّ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين الذي يروي عنه مالك في «الموطأ») انتهى، ولا أعلم له ترجمة، وقد تَقَدَّم هذا.

قوله: (ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ فِيْ قِطْفِ عِنَبٍ): تَقَدَّم الكلام على الرائية أعلاه، وفي (الجهاد) أيضًا.

قوله: (ثَمَرَةٌ): هي بفتح الثاء المُثلَّثة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ): تنبيهٌ: ذكر أبو عُمر بن عبد البَرِّ في ترجمة زيد بن حارثة رضي الله عنهما في «الاستيعاب»: (أنَّه صلَّاهما، وقصَّة زيد بمكَّة قبل هذه بزمن طويل)، قال مغلطاي في «سيرته الصغرى» في الرَّجيع: ذُكِر ما هنا عن خُبيب، ثُمَّ عقَّبه بقوله: (وقيل: أسامة بن زيد حين أراد الكريُّ الغدرَ به؛ كذا ذكره بعضهم، وكأنَّ الصواب: زيد، والله أعلم)، انتهى، وقد تَقَدَّم.

قوله: (اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ): هو بقطع الهمزة تَقَدَّم، وتَقَدَّم الكلام في (الذَّاتِ) أنَّه يأتي الكلام عليها في (التوحيد)، وتَقَدَّم الكلام [على] (الشِّلْوِ) ضبطًا ومعنًى، وعلى (المُمَزَّعِ)، وتَقَدَّم الكلام على (عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ): أبي سروعة _بكسر السين وفتحها_ ونسبِه.

تنبيهٌ: في «سيرة ابن إسحاق»: (وحدَّثني يحيى بن عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبَير، عن أبيه عبَّاد، عن عقبة بن الحارث قال: سمعته يقول: (والله ما أنا قتلت خُبيبًا، لَأنا أصغر من ذلك، ولكنَّ أبا ميسرة أخا بني عبد الدار أخذ الحربة، فجعلها في يدي، ثُمَّ أخذ بيدي والحربة، ثُمَّ طعنه بها حتَّى قتله)، انتهى، والجمع معروف.

قوله في عاصم: (وَكَانَ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ): تَقَدَّم أنَّه عقبة بن أبي مُعَيْط، وقتله بالصفراء بأمر النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقيل: بل قتل عقبةَ عليُّ بن أبي طالب، والخلاف في قاتل عقبة معروفٌ.

قوله: (مِثْلَ الظُّلَّةِ): تَقَدَّم أنَّها بضمِّ الظاء المعجمة، وتشديد اللام؛ السحابة.

(1/7471)

وقوله: (مِنَ الدَّبْرِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الدال المهملة، وإسكان الموحَّدة، ثُمَّ راء، قال الدِّمياطيُّ: (الدَّبْر): جماعة النحل لا واحد له من لفظه، قال الأصمعيُّ: ويجمع على دُبور، ويقال للزنابير أيضًا: دَبْر، انتهى، وقال بعضهم: (الدَّبْر): ذكر النحل، وقال غيره: جماعة النحل، وقيل: جماعة الزنابير، وقال السُّهيليُّ: (الدَّبْر) هنا: الزنابير، وأمَّا (الدِّبر)؛ فصغار الجراد، ومنه: ما له دِبْر؛ قاله أبو حنيفة، قال: وقد يقال للنحل أيضًا: (دَبْر) بالفتح، وواحدتها: (دَبْرة)، انتهى، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (الجهاد) وقريبًا.

==========

[1] في (ق): (عاصم بن ثابت)، وفي هامشها: (قال المنذريُّ: وفيه نظرٌ، والصواب: أنَّه هوخال عاصم بن عمر، لا جدُّه، وعاصم بن ثابت هو أخو جميلة، ذكر ذلك العلَّامة مصعبٌ الإمام [الزبيريُّ]).

(1/7472)

[حديث: الذي قتل خبيبًا هو أبو سروعة]

4087# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظَّاهر أنَّه المسنديُّ، لا الحافظ الكبير أبو بكر ابن أبي شيبة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرو): هو ابن دينار المكِّيُّ لا قهرمان آل الزُّبَير، و (جَابِرٌ) بعده: هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ رضي الله عنهما.

قوله: (هُوَ أَبُو سرْوَعَةَ): تَقَدَّم أعلاه وبعيدًا في (الجهاد) وغيره: أنَّ (أبا سروعة) بكسر السين وفتحها، وسكون الراء، وقال بعضهم عن الحميديِّ: إنَّه رآه بخطِّ الدارقطنيِّ بفتح السين وبضمِّ الراء، انتهى، قال الدِّمياطيُّ: عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل، وقيل: أبو سروعة وعقبة أخوان، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام على (أبي سروعة) ونسبِه رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 153]

(1/7473)

[حديث: والله ما إياكم أردنا إنما نحن مجتازون في حاجة للنبي]

4088# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج المنقريُّ الحافظ المقعد، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: تَقَدَّم أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عبيدة الحافظ، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن صُهيب.

قوله: (بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ رَجُلًا لِحَاجَةٍ، يُقَالُ لَهُمُ: الْقُرَّاءُ ... ) إلى أن قال: (يُقَالُ لَهَا: بِئْرُ مَعُونَةَ): تَقَدَّم متى كانت بئر معونة، وضبطها، وأين هي، والخلاف في أنَّهم سبعون، كما في «الصحيح»، أو أربعون، كما عند ابن إسحاق، وقد مرَّ في «الصحيح» بالشكِّ (سبعون أو أربعون)،

[ج 2 ص 153]

وفي «سيرة مغلطاي الصغرى»: سبعون، وقيل: أربعون، وقيل: ثلاثون، وتَقَدَّم أنَّ في كلام أنس _في قوله: (ويوم بئر معونة سبعون)؛ يعني: من الأنصار_ مجازًا، وكذا في قوله هنا: (فَقَتَلُوهُمْ)، وفيما يأتي: (فَأُصِيبُوا)؛ وذلك لأنَّ القوم لم يقتلوا كلُّهم، بل بقي منهم كعب بن زيد أخو بني ذُبيان بن النجَّار، فإنَّهم تركوه، وبه رمق، فارتثَّ من بين القتلى، فعاش حتَّى قتل يوم الخندق شهيدًا، وكان في سرح القوم عمرو بن أميَّة الضمريُّ ورجل آخر من الأنصار؛ أحدِ بني عمرو بن عوف، قال ابن هشام: (هو المنذر بن محمَّد بن عقبة بن أحيحة بن الجُلَاح؛ فجاء وقاتل حتَّى قتل، وأُخِذَ عمرو بن أميَّة أسيرًا، فأخذه عامر بن الطُّفيل، وجزَّ ناصيته، وأعتقه عن رقبة زعم أنَّها كانت على أمِّه).

وفي قوله: (ويوم بئر معونة سبعون) مجازٌ آخر؛ لأنَّ السبعين أجمعَ ليسوا من الأنصار؛ وذلك لأنَّ فيهم عامرَ بن فُهيرة، والحكمَ بن كيسان مولى بني مخزوم، وهو مولى والد أبي جهلٍ، أسلم في السنة الأولى، وقتل ببئر معونة، ونافعَ بن بُديل بن ورقاء الخزاعيَّ، وعمرَو بن أميَّة، وقد تَقَدَّم أنَّه لم يقتل، لكن لمَّا كان غالبهم من الأنصار؛ أطلق عليهم ما أطلق باعتبار الغالب، والله أعلم، وكذا قتل غالبهم، والله أعلم.

قوله: (مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ السين، وفتح اللام، وهذا ظاهرٌ، وكذا تَقَدَّم (رِعْلٌ): أنَّه بكسر الراء، وإسكان العين، وباللام.

قوله: (وَذَلِكَ بَدْءُ الْقُنُوتِ): هو بفتح الموحَّدة، وإسكان الدال، مهموزٌ، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ): هو ابن صُهيب، هذا من تتمَّة الحديث الذي قبله، وليس تعليقًا، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَسَأَلَ رَجُلٌ أَنَسًا): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال بعض حُفَّاظ العصر: السائل عاصمٌ الأحول، رواه المصنِّف أيضًا، انتهى.

(1/7474)

[حديث: قنت رسول الله شهرًا بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب]

4089# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مسلم بن إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على النسبة، وأنَّها إلى جدِّه فُرهود، والنسبة إليه فُرهوديٌّ وفراهيديٌّ، وتَقَدَّم مترجمًا مسلمٌ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، ومرَّة مترجمًا.

==========

[ج 2 ص 154]

(1/7475)

[حديث: أن رعلًا وذكوان وعصية وبني لحيان استمدوا رسول الله]

4090# قوله: (أَنَّ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال الدِّمياطيُّ: (هذا وهم، وإنَّما الصواب: أنَّ عامر بن الطفيل استمدَّهم على أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى، وما قاله الدِّمياطيُّ لا شكَّ فيه.

قوله: (وَبَنِي لَحْيَانَ): تَقَدَّم أنَّ ذكره مع هؤلاء فيه نظرٌ، وسيأتي أيضًا.

قوله: (بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّم الخلاف في عددهم، وأنَّ القولَ قولُ «الصحيح»: إنَّهم سبعون، ورواية ابن إسحاق (أنَّهم أربعون) مرسلةٌ؛ رواها عن عاصم بن عمر بن قتادة التابعيِّ الثقة الإمام في «المغازي»، وتَقَدَّم ما ذكره مغلطاي قوله: (إنَّهم كانوا ثلاثين)، وتَقَدَّم أنَّ في قوله: (من الأنصار) مجازًا قريبًا.

قوله: (عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لحْيَانَ): كذا هنا، وفي «مسلم»: (يدعو على رِعْلٍ، ولحيان، وعُصَيَّة عصت اللهَ ورسولَه)، كذا وقع، قال ابن سيَّد الناس الحافظ فتح الدين في «سيرته» في بئر معونة بعد أن ذكر رواية مسلم، ولم يذكر رواية البُخاريِّ ما لفظه: (وهو يُوهم أنَّ بني لحيان ممَّن أصاب القرَّاء يوم بئر معونة، وليس كذلك، وإنَّما أصاب هؤلاء رِعْل، وذكوان، وعصيَّة، ومن صَحِبَهم من سُلَيم، وأمَّا بنو لحيان؛ فهم الذين أصابوا بعث الرَّجيع، وإنَّما أتى الخبرُ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عنهم كلِّهم في وقت واحد، فدعا على الذين أصابوا أصحابه في الموضعين دعاءً واحدًا)، انتهى.

وسيجيء قريبًا من حديث أنس قال: (دعا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على الذين قَتَلوا _يعني: أصحابَه ببئر معونة_ ثلاثين صباحًا حين يدعو على رِعْل، ولحيان، وعصيَّة عصت الله ورسوله)،وفي رواية: (حتى يدعو) عوض (حين).

قوله: (بَلِّغُوا [عَنَّا] قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا): تَقَدَّم الكلام على ذلك وكلامُ السهيليِّ وهو حسن جدًّا، في (الجهاد)؛ فانظره.

قوله: (وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ... ) إلى آخره، هذا: الظَّاهر أنَّه معطوف على السند الذي قبله، وليس تعليقًا، والله أعلم.

قوله: (زَادَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بْنُ زُرَيْعٍ): تَقَدَّم أنَّ (خليفة) هذا: هو ابن خيَّاط شباب العصفريُّ الحافظ، وهو شيخ البُخاريِّ، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (زاد فلان)؛ هو مثل: (قال فلان)، وإذا كان كذلك؛ فيكون مثل: (حدَّثنا فلان)، والظَّاهر أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم.

قوله: (قُرْآنًا: كِتَابًا نَحْوَهُ)؛ أي: نحو الحديث المُتَقدِّم.

(1/7476)

[حديث: أن النبي بعث خاله أخ لأم سليم في سبعين راكبًا]

4091# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبوذكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، و (هَمَّامٌ): تَقَدَّم أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذيُّ؛ بفتح العين، وإسكان الواو، وبالذال المعجمة، والعَوْذ: بطن من الأزد، الحافظ المشهور، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (بَعَثَ خَالَهُ _أَخٌ لِأُمِّ سُلَيْمٍ_ فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا): فقوله: (أخٌ): هو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو أخٌ، كذا هو مجوَّد في أصلنا بالتنوين، ولو كان مُدَلَّسًا؛ لاحتمل أن يكون كتب على نيَّة الوقف، والأقدمون يكتبون المنصوب المُنَوَّن بغير ألف، ولكنه مُنَوَّنٌ في أصلنا، والضمير في (خاله) يعود على أنس، واسمه حرام بن ملحان؛ بالراء، وهو من بني عديِّ بن النجَّار، قتل يوم بئر معونة، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ): (رئيسَ)؛ بالنَّصْب: خبر (كان) مقدَّم، و (عامرُ)؛ بالرَّفع: هو الاسم، ويجوز من حيث العربيَّة العكسُ، وكذا رأيته في نسخةٍ صحيحةٍ قد عمل على (رئيس) ضمَّة، وكذا على (عامر) ضمَّةٌ أخرى، وصُحِّح على كل واحدٍ منهما، وإعرابُه على هذا الضبط أن يكون (خَيَّر): هو الخبر، و (رئيس): الاسم لـ (كان)، و (عامر): بدل منه، وهذا أيضًا إعرابٌ صحيح، و (الطُّفَيل)؛ بضمِّ الطاء المهملة، وفتح الفاء: وهو عامر بن الطفيل بن مالك العامريُّ، سيِّد بني عامر في الجاهليَّة، روى عنه أبو أمامة، كذا ذكره المستغفريُّ في «الصَّحابة»، وأجمع أهل النقل على أنَّ عامرًا مات كافرًا، وقد أخذته غدَّةٌ كغدَّة البَكر كما هنا، نبَّه على ذلك الذَّهبيُّ، والانتقاد على المستغفريِّ في ذلك ظاهرٌ معروفٌ لا توقُّف فيه، والله أعلم.

[ج 2 ص 154]

قوله: (خَيَّرَ [1] بَيْنَ ثَلاَثِ خِصَالٍ): (خَيَّر)؛ بفتح الخاء المعجمة، وتشديد المثنَّاة تحت، مبنيٌّ للفاعل، وفي الهامش نسخةٌ مكتوب عليها: (خزانة: مبنيٌّ للمفعول)، وبناؤه للفاعل صُوِّب، وقد صُحِّح عليه في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (خَيَّر)؛ بفتح الخاء لا غير، ومن ضمَّ الخاء؛ فقد أخطأ، وقلبَ المعنى، انتهى، ولا شكَّ في صحَّة ما قاله ابن قُرقُول.

قوله: (فَطُعِنَ عَامِرٌ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (عامرٌ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، ومعناه: أرسل الله عليه الطاعون؛ كما في رواية ابن إسحاق: (بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه)، انتهى، وكان ذلك في سنة تسع؛ لأنَّ فيها وفد، فلمَّا خرج من عنده عليه السلام، وكان ببعض الطريق؛ أرسل الله عليه الطاعون.

(1/7477)

قوله: (فِي بَيْتِ أُمِّ فُلاَنٍ): هي امرأة سلوليَّة، ولا أعرف اسمها، وسلول: هو ابن صعصعة، وهم بنو مرَّة بن صعصعة، وسلول أمُّهم، وهي بنت ذُهل بن شيبان، وكان عامر بن الطفيل من بني عامر بن صعصعة؛ فلذلك اختصَّها؛ لقرب النسب بينهما حتَّى مات في بيتها، والله أعلم، قاله السهيليُّ، وقال أبو ذرٍ في حواشيه على «السيرة الهاشميَّة»: (تأسَّف_يعني: عامرًا_ على موته في بيت امرأة من بني سلول؛ لأنَّ بني سلول قَبيلٌ موصوف عندهم باللؤم في أصولهم؛ لأنَّ مكانهم من قومهم مشهورٌ، وإنَّما هو شيءٌ غلب عليهم، وكذلك محاربٌ وباهلة)، انتهى.

قوله: (فَقَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ): (الغُدَّة)؛ بضمِّ الغين المعجمة، وتشديد الدال المهملة: شبه الذُّبحة تجرح في الحلق، و (الغدَّة): تنبت بين الجلد واللَّحم في البعير، و (البَكْر)؛ بفتح الموحَّدة، وإسكان الكاف: هو الفتيُّ من الإبل، وأمَّا إعراب (غدة)؛ فهو مرفوعٌ مُنَوَّن على الابتداء أو الفاعل، وقد ذكر السهيليُّ عن سيبويه قول عامر هذا بلفظ: (أغُدَّةً كغُدَّة البَكْر) في (باب ما ينتصبُ على إضمار الفعل المتروك)؛ كأنَّه قال: أَأُغَدُّ غُدَّةً؟

قوله: (فَانْطَلَقَ حَرَامٌ أَخُو أُمِّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّم أنَّه بالراء؛ لأنَّه أنصاريٌّ، و (أم سُلَيم)؛ بضمِّ السين، وفتح اللام، تَقَدَّمت والاختلاف في اسمها رضي الله عنها.

قوله: (وهُوَ رَجُلٌ أَعْرَجُ): كذا في أصلنا، وفي نسخةٍ في الهامش: (هو ورجل أعرج)، قال شيخنا: (وهو رجل أعرج) كذا هنا، وفي بعض النسخ: (هو ورجل أعرج)، وهو الصواب، انتهى، وقد كتب بعض فضلاء الحنفيَّة على ما ذكرته في الهامش: هذه النسخة هي الصحيحة؛ لأنَّ حرام بن ملحان لم يكن أعرج، انتهى.

وقد يدلُّ لما قاله شيخنا وما كتب في الهامش: أنَّه لمَّا ذكر ابن الجوزيِّ العُرجان في «تلقيحه»؛ لم يذكر فيهم حرام بن ملحان، ويدلُّ أيضًا لما قاله شيخنا وفي الهامش دلالة بينة قوية قولُه بعدَه: (فقُتلوا كلُّهم غير الأعرج كان في رأس جبل)، وقال بعض حُفَّاظ العصر: الأعرج: كعب بن زيد، وهو من بني أميَّة بن زيد، وقد قدَّمتُ اسم من لم يقتل منهم، وهما اثنان: عمرو بن أميَّة الضمريُّ كان في سرحهم، والمنذر بن عمرو، ثُمَّ قتل المنذر، وقد ارتثَّ من بين القتلى كعب بن زيد، فعاش حتَّى قتل يوم الخندق شهيدًا، والله أعلم.

قوله: (وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي فُلاَنٍ): قال بعض حُفَّاظ العصر: والرجل الآخر لم يُسَمَّ، وكأنَّه عمرو بن أميَّة الضمريُّ، انتهى.

قوله: (مِنْ بَنِي فُلاَنٍ): لا أعرف مِن بني مَن هو، والله أعلم، فإن كان عمرًا كما تَقَدَّم أعلاه؛ فإنَّه من بني ضمرة.

قوله: (فَإِنْ آمَنُونِي): هو بمدِّ الهمزة، وفتح الميم.

قوله: (أُبَلِّغْ): هو بالجزم جواب الاستفهام، وهو (أَتُؤَمِّنُونِي؟) ويجوز الرَّفع، والأوَّل أولى.

قوله: (وَأَومَؤُوا): هو بهمزة في آخره.

(1/7478)

قوله: (إِلَى رَجُلٍ، فَأَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: (إنَّه عامر بن الطفيل)، انتهى، وفيه نظرٌ، وسأذكر قريبًا أنَّ الذي قتله أسلم.

قوله: (قَالَ هَمَّامٌ): هو المذكور في السند، همام بن يحيى العَوْذِيُّ، تَقَدَّم قريبًا.

قوله: (أَنْفَذَهُ): هو بالفاء، والذال المعجمة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَلُحِقَ الرَّجُلُ): (لُحِق): بضمِّ اللَّام، وكسر الحاء المهملة، مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (الرجلُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعِل.

قوله: (فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ): (قتلوا): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (كلُّهم): مرفوع، ورفعه ظاهرٌ.

قوله: (غَيْرَ الأَعْرَجِ): تَقَدَّم ما ذكر فيه أعلاه، وأنَّ (الأعرج) لا أعرف اسمه، وتَقَدَّم ما قاله فيه بعضُ حُفَّاظ العصر.

قوله: (عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَعُصَيَّةَ): تَقَدَّم ما في ذكر (لحيان) مع هؤلاء بظاهرها؛ فانظره.

==========

[1] في هامش (ق): (أي: خيَّر _هو النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم_ بين ثلاث).

(1/7479)

[حديث: لما طعن حرام بن ملحان يوم بئر معونة قال بالدم هكذا]

4092# قوله: (حَدَّثَنِي حِبَّانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): (حِبَّان) هذا: هو حِبَّان بن موسى؛ بكسر الحاء، تَقَدَّم مِرارًا أنَّ المكسور في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» حِبَّان بن موسى، وحِبَّان بن عطيَّة، والذي رمى سعد بن معاذ حِبَّان ابن العَرِقة، وهذا كافر، و (عَبْدُ اللهِ) بعد (حِبَّان): هو ابن المبارك الإمام، أحد الأعلام، و (مَعْمَرٌ): بعده تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين، وأنَّه ابن راشد.

قوله: (سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ]: لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ [1]): هذا موقوف على (أنس)، و (حرام)، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بالراء، وقد تَقَدَّم أنَّي لا أعرف قاتل حرام إلَّا أنَّه أسلم، وذلك لأنَّ في «معجم الطبرانيِّ الصغير» في (حرف العين المهملة) من حديث أنس رضي الله عنه ... ؛ فذكر قصَّة السبعين، وفي آخره: (فلمَّا كان بعد ذلك؛ أتى أبو طلحة يقول: هل لكم في قاتل حرام؟ فقلت: ما باله؟ فعل الله به وفعلَ، فقال أبو طلحة: لا يفعل، فقد أسلم)، انتهى، وسنده صحيح، غير أنَّ شيخ الطبرانيِّ عليَّ بن الصقر السكريَّ البغداديَّ ليس بالقويِّ، قاله الدارقطنيُّ.

==========

[1] في هامش (ق): (اسمه مالك).

[ج 2 ص 155]

(1/7480)

[حديث: أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج ... ]

4093# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة.

قوله: (اُخْرُجْ أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ): الأولى بهمزة وصلٍ، وضمِّ الراء، فعل أمرٍ من خرج، والثانية بالفتح، وكسر الراء، أمرٌ [1] من الرُّباعيِّ، والله أعلم.

[ج 2 ص 155]

قوله: (إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ)؛ يعني: عائشة وأسماء، وهذا ظاهرٌ، وقد جاءه بعد وفاته بنت أخرى، وهي أمُّ كلثوم، أمُّها حبيبة بنت خارجة، ولدتها بعد وفاته، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ الصُّحْبَة): يجوز في (الصحبة) النَّصْب والرَّفع، وإعرابهما ظاهرٌ، وكذا (الصُّحْبَة) الثانية.

قوله: (عِنْدِي نَاقَتَانِ ... ) إلى أن قال: (فَأَعْطَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا وَهْيَ الْجَدْعَاءُ): تَقَدَّم أنَّه اشتراهما بثمان مئة من نعم بني قشير، وتَقَدَّم أنَّ النوق _الجدعاء، والعضباء، والقصواء_؛ هل هن ثلاث، أو اثنتان، أو واحدة؟ خلاف، والله أعلم، وقد ذكر ابن سيِّد الناس في أواخر «سيرته»: (وكانت له ناقة هاجر عليها تسمَّى: القصواء، والجدعاء، والعضباء)، انتهى، فصريحه أنَّ الأسامي الثلاثة لمسمًّى واحد، وكذا قال إبراهيم التيميُّ وغيرُه: ولم يكن بالعضباء عضبٌ ولا جدعٌ، وإنمَّا سُمِّيَت بذلك، وقيل: كان بأذنها عضبٌ، وعبارة بعضهم: ومن الإبل القصواء _قيل: وهي التي هاجر عليها_ والعضباء والجدعاء ولم يكن بها عضب ولا جدع، وإنَّما سُمِّيَت بذلك، وقيل: كان بأذنها عضب، وهل العضباء والجدعاء واحدة، أو اثنتان؟ فيه خلافٌ، فعبارته صريحةٌ أنَّ القصواء واحدة، وإنَّما اختلف في العضباء والجدعاء؛ هل هما اثنتان أو واحدة؟ وعبارة آخر: والعضباء، والقصواء، والجدعاء، ويقال: هنَّ واحدة، انتهى.

وعبارات الناس مختلفة فيما وقعت عليه، وفي «مسلم» في (النذور): (وأصابوا العضباء ... ) إلى آخر الحديث، ففيه أنَّ العضباء ناقةٌ أخرى، وأنَّها غير التي هاجر عليها، وهي الجدعاء؛ لأنَّ العضباء غُنِمت من رجل من بني عُقيل، وصارت للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والله أعلم، وتَقَدَّم قوله: (بِالثَّمَنِ): ما الحكمة في أنَّه لم يأخذها إلَّا بالثمن فيما تَقَدَّم.

قوله: (وَهْوَ بِثَوْرٍ): هو بالثاء المُثلَّثة، جبل بمكَّة، وهو الذي اختبأ فيه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبو بكر رضي الله عنه.

قوله: (فَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلاَمًا لِعَبْدِ اللهِ [2] بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ أَخُو عَائِشَةَ لأُمِّهَا): قال الدِّمياطيُّ في (عامر بن فهيرة): (فأسلم وهو مملوك، فاشتراه أبو بكرٍ من الطفيل، فأعتقه، وكان أسود اللَّون)، انتهى.

(1/7481)

ونبَّه الدِّمياطيُّ على مكان آخر في الرواية، وهو في قوله: (لعبد الله بن الطفيل بن سَخْبَرة أخو عائشة لأمِّها)، فقال بعد (الطفيل) ما لفظه: ابن عبد الله بن الحارث بن سَخْبَرة، له في «سنن ابن ماجه» _يعني: للطفيل_ حديث واحد في (النهي عن أن يقال: ما شاء الله، وشاء محمَّد)، كان عبد الله بن الحارث بن سَخْبَرة قدم هو وزوجته أمُّ رومان زينبُ مكَّة، فحالف أبا بكرٍ قبل الإسلام، وتُوفِّي عن أمِّ رومان، وقد ولدت له الطُّفيل، فخلف عليها أبو بكر، فولدت له عبد الرحمن، وعائشة؛ فهما أخوا الطفيل، فعلى هذا صوابه أن يقال: الطفيل: هو أخو عائشة لأمها، لا ابنه عبد الله كما قال البُخاريُّ؛ فليُتنبَّه له، انتهى، وهو مكان حسن أيضًا، وكم له من مكان مثله!

قوله: (أَخُو): كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمياطيِّ: (أخي)، وهذه لا كلام فيها، و (أخو) التي في أصلنا: خبر مبتدأ محذوف؛ تقديره: وهو أخو، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ): تَقَدَّم ما (المنحة).

قوله: (فَيَدَّلِجُ إِلَيْهِمَا): تَقَدَّم الكلام على (الإدلاج) فيما مضى.

قوله: (ثُمَّ يَسْرَحُ): هو بفتح أوَّله، وسكون ثانيه، ومعناه معروفٌ.

قوله: (فَلاَ يَفْطُنُ): هو بضمِّ الطاء، وكذا في أصلنا.

قوله: (يُعْقِبَانِهِ): تَقَدَّم أنَّ معناه: يردفانه.

قوله: (فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ): (قُتِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (عامرُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، ثُمَّ اعلم أنَّ الذي قَتَل عامر بن فهيرة هو عامرُ بن الطفيل، كذا في «سيرة ابن سيِّد الناس»، ونقل أيضًا عن ابن سعد: (أنَّ الذي قتله جَبَّارُ بن سُلمى)، وفي «الاستيعاب» لابن عبد البَرِّ في ترجمة جبَّار بن سُلمى: (أنَّه هو الذي قتل عامر بن فُهيرة يوم بئر معونة، ثُمَّ أسلم بعد ذلك)، ذكره محمَّد بن سعد عن محمَّد بن إسحاق، انتهى، وفي «الاستيعاب» أيضًا في ترجمة عامر بن فُهيرة: (أنَّ الذي قتله عامرُ بن الطفيل)؛ فتناقض، وحصل في قاتله قولان؛ هل هو جبَّار بن سُلمى، وقد أسلم، أو عامر بن الطفيل، وقد تَقَدَّم أنَّه هلك على كفره؛ خلافًا للمستغفريِّ، والله أعلم.

قوله: (وَعَنْ أَبِي أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حَمَّاد بن أسامة، وهذا معطوف على السند الذي قبله، وليس تعليقًا، ويوضِّحه أنَّ المِزِّيَّ قال في «تطريفه»: من طريق حَمَّاد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ... ، فذكر الذي قبله، ثُمَّ قال: وزاد فيه _يعني: وزاد فيه حَمَّاد بن أسامة، عن هشام، عن أبيه_ قال: (لمَّا قُتِل الذين ببئر معونة، وأُسِر عمرو بن أميَّة؛ قال له عامر بن الطفيل ... )؛ وساقه، انتهى، فهذا يوضِّح لك أنَّه ليس تعليقًا، والله أعلم، انتهى، وهذا مرسلٌ؛ لأنَّ عروة تابعيٌّ ذكر قصَّةً لم يدركها، انتهى.

قوله: (حَتَّى إِنِّي لأَنْظُرُ): (إنَّي)؛ بكسر الهمزة.

(1/7482)

فائدةٌ: في «سيرة ابن سيِّد الناس» ما لفظه: ومن طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: لمَّا قدم عامر بن الطفيل على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ قال له: من الرجل الذي لمَّا قُتِل؛ رأيته رفع بين السماء والأرض حتَّى رأيت السماء دونه، ثُمَّ وُضِع؟ فقال له: «عامر بن فهيرة»، وروى ابن المبارك، عن يونس، عن ابن شهاب: قال: زعم عروة بن الزُّبَير أنَّ عامر بن فهيرة قُتِل يومئذٍ، فلم يوجد جسده حين دُفنوا، يرون أنَّ الملائكة دفنته رحمه الله، والله أعلم بالصواب، انتهى.

قوله: (ثُمَّ وُضِعَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ): هو حليف لبني عمرو بن عوف؛ ذكره محمَّد بن عمر الواقديُّ في (أصحاب بئر معونة) رضي الله عنه.

قوله: (فَسُمِّيَ عُرْوَة بِهِ): (سُمِّيَ): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (عروة): يجوز فيه النَّصْب على أنَّه مفعولٌ ثانٍ، ويجوز رفعه، و (عروة) ما المراد به شخصًا معيَّنًا فيما ظهر لي، وإنَّما المراد أنَّه سُمِّيَ باسمه بعد ذلك، وكذا (مُنْذِرٌ)؛ يعني: بعد وفاته سَمَّى الناس منذرًا، والله أعلم، ثُمَّ إنَّي رأيت بعضهم قال: قيل: معناه: أنَّ الزُّبَير بن العوَّام سمَّى ابنه عروة باسم عروة، وسمَّى ابنه المنذر باسم المنذر بن عمرو، والصواب على هذا التقدير: أن يقال: وسُمِّي به (منذر)؛ بالرَّفع، والذي ثبت في النسخ: (منذرًا)؛ بالنَّصْب، ويمكن أن يوجد على مذهب الكوفيِّين بإقامة الجارِّ إقامة الفاعل، ثُمَّ إنَّي رأيت في «الصحيحين»: أنَّه عليه السلام أُتيَ بمولود لأبي أُسيد، فقال: «ما اسمه؟» فقال: فلان، فقال عليه السلام: «لا، ولكن اسمه المنذر»، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: (قالوا: سبب تسميته عليه السلام بالمنذر أنَّ ابن عمِّ أبيه المنذر بن عمرو، وكان قد استشهد ببئر معونة، فتفاءل به؛ ليكون خلفًا منه)، انتهى، وما قاله في «شرح مسلم» صحيحٌ، والله أعلم.

قوله: (وَمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو [3]): قال الدِّمياطيُّ: (وهو أحد نقيبَي بني ساعدة، والآخر: سعد بن عُبادة، وكان على الميسرة يوم أُحُد، وأمير القوم يوم بئر معونة)، انتهى، هو المنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ودِّ بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاريُّ الساعديُّ، وهو المعروف بالمُعنِق للموت، وبعضهم يقول: أعنق ليموت، صحابيٌّ شهيرٌ، شهد العقبة، وبدرًا، وأُحُدًا، وكان أحد النقباء ليلة العقبة، وكان يكتب في الجاهليَّة بالعربيِّ، وآخى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بينه وبين طُليب بن عمير في قول الواقديِّ، وقال ابن إسحاق: آخى بينه وبين أبي ذرٍّ، وأبو ذرٍّ يومئذٍ غائب عن المدينة، لم يشهد بدرًا، ولا أُحُدًا، ولا الخندق، وإنَّما قدم بعد ذلك، وقد قَطعتْ بدر المؤاخاةَ، والله أعلم، وقد تَقَدَّم معنى قوله: (وسُمِّي به منذرًا)، والله أعلم.

[ج 2 ص 156]

==========

(1/7483)

[1] في (أ): (بالفتح أمر وكسر الراء)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[2] في هامش (ق): (صوابه: للطفيل، لا لعبد الله ابنه، كما نبهنا عليه).

[3] في هامش (ق): (وهو أحد نقيبي بني ساعدة، والآخر: سعد بن عبادة، وكان على الميسرة يوم أُحُد، وأمير الخزرج).

(1/7484)

[حديث: عصية عصت الله ورسوله]

4094# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (المظالم)، و (الأنبياء)، و (غزوة الرَّجيع)، و (اللباس)، وغيرِ ذلك: حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا عبد الله؛ يعني: ابن المبارك، نسبه ابن السكن في بعض هذه المواضع: (محمَّد بن مقاتل)، وقد نسبه البُخاريُّ في مواضع كثيرة كذلك، ووقع في نسخة أبي الحسن القابسيِّ، وأبي محمَّد الأصيليِّ في (كتاب المحاربين) في (باب فضل من ترك الفواحش): حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا عبد الله بن عُبيد الله بن عُمر، عن خُبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «سبعة يظلهم الله ... »؛ الحديث، نُسِب في النسختين أبو عُمر بن الحذَّاء: حدَّثنا أبو محمَّد بن أسد: حدَّثنا أبو عليِّ بن السكن قال: كلُّ ما في كتاب البُخاريِّ ممَّا يقول فيه: (حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا عبد الله)، فهو ابن مقاتل المروزيُّ، عن عبد الله بن المبارك، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في تطريف هذا الحديث: (عن محمَّد هو ابن مقاتل، عن عبد الله بن المبارك)، انتهى.

قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن طرخان، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وضبط طرخان، وما معناها، و (أَبُو مِجْلَزٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الميم، وأنَّ بعضهم ضبطها بالفتح، وبعدها جيم ساكنة، ثُمَّ لام، ثُمَّ زاي، قال الدِّمياطيُّ: (واسمه لاحق بن حميد بن سعيد [1] البصريُّ، مات سنة تسع ومئة)، انتهى، وهذا معروفٌ، و (أبو مجلز) ثقةٌ ثقةٌ، يُدَلِّس، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم، ولكن بَعُد العهد به، قال المدائنيُّ وجماعة: (توفِّي في خلافة عمر بن عبد العزيز)، وقال خليفة: مات سنة (106 هـ)، وقال الفلَّاس وغيره كما أرَّخه الدِّمياطيُّ.

قوله: (عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ): تَقَدَّم أنَّ (رِعْلًا): بكسر الراء، وإسكان العين المهملة، و (عُصَيَّةُ): بضمِّ العين وفتح الصاد المهملتين، والباقي معروفٌ.

==========

[1] كذا في أصل (أ)، وقد وضعت ميمان فوق (حميد) و (سعيد)، وليس بصحيح.

[ج 2 ص 157]

(1/7485)

[حديث: دعا النبي على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحًا]

4095# قوله: (عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا؛ يَعْنِي: أَصْحَابَهُ): (قَتَلوا): بفتح القاف والتاء، مبنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهرٌ جدًّا، و (بِئْرِ مَعُونَةَ): تَقَدَّم ضبطها، ومتى كانت.

قوله: (حِينَ يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَلَحْيَانَ وَعُصَيَّةَ): تَقَدَّم أنَّ بني لحيان هم الذين أصابوا خُبيبًا وأصحابه في بعث الرجيع، ولم يصيبوا القرَّاء ببئر معونة، وهذا تَقَدَّم.

قوله: (فِي الَّذِينَ قُتِلُوا أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ): (قُتِلوا) مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (أصحابِ): مجرورٌ بدل من (الذين)، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ: بَلِّغُوا قَوْمَنَا): تَقَدَّم الكلام عليه في (الجهاد)، وأنَّ هذا خبر، والخبر لا يدخله النسخ، وتَقَدَّم جوابُ السُّهيليِّ، وهو جواب حسن.

==========

[ج 2 ص 157]

(1/7486)

[حديث: إنما قنت رسول الله بعد الركوع شهرًا ... ]

4096# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو التَّبوذكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة لماذا، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: تَقَدَّم ابن زياد، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وأنَّ له مناكير تجنبها أصحاب «الصحيح»، و (عَاصِمٌ الأَحْوَلُ): هو عاصم بن سُليمان.

قوله: (فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ): (فلان) لا أعرفه، والله أعلم، وقد تَقَدَّم في (القنوت) ما قاله بعض حُفَّاظ العصر.

قوله: (وَهُمْ سَبْعُونَ): تَقَدَّم الاختلاف في عددهم، وهذا هو الأصحُّ، ويقال: سبعون أو أربعون؛ بالشكِّ، ويقال: أربعون، ويقال: ثلاثون.

قوله: (قِبَلَهُمْ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ، وقال بعضهم: (قبلهم) بفتح القاف وإسكان الباء، وبكسر القاف وفتح الباء، انتهى.

==========

[ج 2 ص 157]

(1/7487)

[باب غزوة الخندق]

(بابُ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ) ... إلى (بابُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ)

قوله: (قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ): انتهى، قال الدِّمياطيُّ: وقال ابن إسحاق: (في شوَّال سنة خمس)، وقال ابن سعد: (في ذي القعدة سنة خمس)، انتهى، وتتمَّة كلام ابن سعد: أنَّها في ذي القعدة، سنة خمس، يوم الاثنين، لثمان ليال مضين منها، قال شيخنا: قال الحاكم: (أكثر التواريخ عليه)، انتهى، وسيأتي في (غزوة ذات الرقاع) ما يبيِّن لك أنَّ الصواب: أنَّها إنَّما تذكر بعد الخندق، كما صنعه البُخاريُّ، بل بعد ذلك، وإن كان أهل السير ذكروها في سنة أربع، والله أعلم.

ثُمَّ اعلم أنَّ أوَّل من حفر الخنادق في الحروب منوشِهر بن إيرج، وأوَّل من كمن الكمائن بختنصَّر، ذُكر ذلك عن الطَّبريِّ.

فائدةٌ تَقَدَّمت: كمل الخندق في ستَّة أيام، قاله ابن سعد، وقال غيره: حفره عليه السَّلام وأصحابه في بضع عشرة ليلة، وقيل: أربعًا وعشرين، ذكر ذلك ابن سيِّد الناس في «سيرته»، وأشار به سلمان الفارسيُّ رضي الله عنه، وكان المشركون عشرة آلاف، والمسلمون ثلاثة آلاف، وسيجيء في حديث جابر: (وهم ألف)، وقال شيخنا هناك: وفي «الجمع بين الصحيحين» لأبي نعيم الحدَّاد: (وهم نحو من ألف)، وفي لفظ: (ثمان مئة، أو ثلاث مئة) ساقها البيهقيُّ في «دلائله»، وسيجيء بأطول من هذا مع ما ذكره ابن إسحاق وغيره؛ فانظره بعد ذلك، ولكن ما في رواية جابر الآتية: (وهم ألف) ما ينفي أنَّهم كانوا ثلاثة آلاف الجملة، وأمَّا حاضرو الطعام؛ فكانوا ألفًا، والله أعلم.

وقد ذكرت عدد المشركين، وقد نقل شيخنا المؤلِّف بعد حكاية عشرة آلاف قال: وقال قتادة فيما ذكره البيهقيُّ: (كان المشركون أربعة آلاف، أو ما شاء الله)، انتهى، ولو كان المسلمون ثلاثة آلاف، والمشركون أربعة آلاف؛ ما دخل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة، ولا ضرب خندقًا حولها، والله أعلم، وكذا لو كان المسلمون ثلاثة آلاف، والمشركون عشرة آلاف؛ لبرز إليهم فيما يظهر، والله أعلم كم كان كلُّ فريق، ومدَّة إقامة المشركين عليهم فيها خلافٌ، ففي «سيرة أبي الفتح اليعمريِّ»: (أنَّهم أقاموا بضعًا وعشرين ليلة، قريبًا من شهر)، وفي «سيرة مغلطاي»: (وأقاموا بضع عشرة ليلة ... ) إلى أن قال: (وأقام عليه السلام بالخندق خمسة عشر يومًا)، وقيل: أربعًا وعشرين يومًا، وفرغ منه لسبع ليال بقين من ذي القعدة، والظَّاهر أنَّه أراد بهذا مدَّة حفره؛ لأنَّه قدَّم مدَّة إقامته، والله أعلم، ولكن قُدِّم أنّه حُفِر في ستَّة أيَّام، وفي كلام ابن قيِّم الجوزيَّة الجزمُ بشهر؛ يعني: إقامته في الحرب، وفي «الروضة» للشيخ محيي الدين الجزمُ بخمسة عشر يومًا، وكذا في «التهذيب»، وفي شرح شيخنا: (أقام المشركون على الخندق سبعًا وعشرين)؛ كذا في النسخة التي وقعتُ عليها، ولعلَّه: تسعًا وعشرين، قال شيخنا: وللواقديِّ: (أربعة وعشرين يومًا)، وللنسويِّ: (بضع عشرة ليلة)، وعند ابن عقبة: (قريبًا من عشرين ليلة)، انتهى.

(1/7488)

تنبيهٌ: كان في حفر الخندق آيات من أعلام النُّبوَّة؛ منها: ما رواه جابر: (أنَّه اشتدَّ عليهم في بعض الخندق كدية، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخذ المعول، وضربه، فعاد كثيبًا أَهْيَل)، وروي في هذا الخبر: (أنَّه عليه السلام دعا بماء، فتفل عليه، ثُمَّ دعا بما شاء الله أن يدعو، ثُمَّ نضح ذلك الماء على تلك الكدية، فيقول من حضرها: فوالذي بعثه بالحقِّ لانهالت حتَّى عادته كالكثيب، ما تَرُدُّ فأسًا ولا مسحاة).

ومنها: خبر الحفنة من التمر الذي جاءت به ابنة بشير بن سعد لأبيها وخالها عبد الله بن رواحة ليتغدَّيانه، فقال عليه السلام: «هاتيه»، فصبَّته في كفَّي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فما ملأهما، ثُمَّ أمر بثوب، فبُسِط له، ثُمَّ قال لإنسانٍ عنده: «اصرخ في أهل الخندق: أن هلمَّ إلى الغداء»، فاجتمع أهل الخندق عليه، فجعلوا يأكلون منه، وجعل يزيد حتَّى صدر أهل الخندق عنه وإنَّه ليسقط من أطراف الثوب.

ومنها: حديث شويهة جابر المذكورة في هذا «الصحيح»: (وهم ألف).

ومنها: حديث سلمان قال: (ضربت في ناحية من الخندق فغلظت عليَّ ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قريبٌ مني، فلمَّا رآني أضرب، ورأى شدَّة المكان عليَّ؛ نزل، فأخذ المعولَ من يدي، فضرب به ضربةً، لمعت تحت المعول برقةٌ، ثُمَّ ضرب أخرى، فلمعت تحته برقةٌ أخرى، ثُمَّ ضرب به الثالثة، فلمعت برقةٌ أخرى، قال: قلت: بأبي أنت يا رسول الله؛ ما هذا الذي رأيت يلمع تحت المعول وأنت تضرب؟ قال: «أوَقد رأيت يا سلمان؟»، قال: قلت: نعم، قال: «أمَّا الأولى؛ فإنَّ الله فتح بها عليَّ اليمن، وأمَّا الثانية؛ فإنَّ الله فتح عليَّ بها الشام والمغرب، وأمَّا الثالثة؛ فإنَّ الله فتح عليَّ بها المشرق»).

==========

[ج 2 ص 157]

(1/7489)

[حديث: أن النبي عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم يجزه]

4097# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان، شيخ الحفَّاظ، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجِزْهُ ... ) إلى آخره: هذا تأييد لما قاله عن موسى بن عقبة، وأمَّا على القول بما قاله ابن إسحاق؛ فجمع بين قوله وبين هذا الحديث: أنَّ ابن عمر كان في أُحُد في أوَّل سنة أربع عشرة، وأنَّه في الخندق كان في آخر السنة الخمس عشرة، والله أعلم.

تنبيهٌ هو فائدةٌ، وينبغي أن يذكر في أُحُد: وذلك أنَّه عليه السَّلام ردَّ في أُحُدٍ غير ابن عمر، وأجاز رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم أُحُد سمرةَ بن جندب الفزاريَّ، ورافعَ بن خَديج أحدَ بني حارثة، وهما ابنا خمس عشرة سنة، وكان قد ردَّهما، فقيل: إنَّ رافعًا رامٍ، فأجازه، فلمَّا أجاز رافعًا؛ قيل له: يا رسول الله؛ فإنَّ سمرة يصرع رافعًا، وأجازه، وردَّ أسامة بن زيد، وزيد

[ج 2 ص 157]

بن ثابت، وأُسيد بن ظُهير، ثُمَّ أجازهم يوم الخندق كما فعل بابن عمر، وهم أبناء خمس عشرة سنة، وأوس بن عَرابة.

وفي «سيرة ابن سيِّد الناس» بإسناده عن عبد الله بن عمر ... إلى أن قال: (ثُمَّ كانت غزوة أُحُد وأنا ابن أربع عشرة ... ) إلى أن قال: (فردَّني واستصغرني ... ) إلى أن قال: (في نفرٍ ردَّهم؛ منهم: أوس بن عَرابة، ورافع بن خَديج، وكان رافع أطولَنا يومئذٍ، فأنفذه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلم يردَّه معنا)؛ كذا وقع في الرواية: (أوس بن عَرابة)، والصواب العكس، وردَّ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم أُحُد البراءَ بن عازب، وأبا سعيد الخدريَّ، وزيدَ بن أرقم، وسعدَ بن عُقيب، وسعدَ ابن حَبْتة جدَّ أبي يوسف الفقيه، وهو سعد بن بَحير بن معاوية، وجابرَ بن عبد الله، وليس بالذي يروى عنه الحديث، وزيدَ بن جارية _بالجيم_، وهو أخو مجمع بن جارية، وعمرَو بن حزم، والنعمانَ بن بَشِير، قال مغلطاي: (وفيه نظرٌ)، انتهى.

وفي «شرح المنهاج» للإمام العالم الفقيه شرف الدين عيسى الغزيِّ رحمه الله عن القمُّوليِّ عن الشافعيِّ: (أنَّه عليه السلام ردَّ سبعة عشر صحابيًّا عُرضوا عليه وهم أبناء أربع عشرة سنة؛ لأنَّهم لم يرهم بلغوا، وعرضوا عليه وهم أبناء خمس عشرة سنة، فأجازهم؛ منهم: زيدُ بن ثابت، ورافع بن خَدِيج، وابن عمر)، انتهى، فإن أراد الشافعيُّ في أُحُد، وهو ظاهرُ نقل شيخنا في هذا الشرح عنه؛ فهو فائدة، وإن أراد مجموع من ردَّه في هذا السنِّ في غزواته؛ فهو فائدة أيضًا، ولا أستحضر أنا إلا الذين ذكرتهم، والله أعلم.

(1/7490)

[حديث: اللهم لا عيش إلا عيش الآخره فاغفر للمهاجرين والأنصار.]

4098# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ): هذا هو عبد العزيز بن أبي حازم _بالحاء المهملة_ سلمة بن دينار، تَقَدَّما مرارًا.

قوله: (عَلَى أَكْتَادِنَا): قال الدِّمياطيُّ: (الكتِد، والكتَد: مابين الكاهل إلى الظهر، والكاهل: الحارك، وهو بين الكتفين)، انتهى، وفي «المطالع»: (والكتد: مغرز العُنق في الصلب، وقيل: ما بين الثبج إلى منتصف الكاهل من الظهر، وقيل: من أصل العنق إلى أسفل الكتفين، وقيل: هو مجتمع الكتفين من الفرس)، انتهى، وهو بكسر التاء وفتحها.

==========

[ج 2 ص 158]

(1/7491)

[حديث: اللهم إن العيش عيش الآخره فاغفر للأنصار والمهاجره.]

4099# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ الحافظ، تَقَدَّم لِم قيل له: المسنديُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ) في السند: قال الدِّمياطيُّ: (إبراهيم بن محمَّد بن الحارث بن أسماء الفزاريُّ، مات سنة ستٍّ _وقيل: خمس، وقيل: ثمان_ وثمانين ومئة)، انتهى، و (حُمَيْدٌ) هذا عن أنس: هو الطويل ابن تير، ويقال: تيرويه، تَقَدَّم، لا حُميد بن هلال، وقد تَقَدَّم أنَّ حميد بن هلال له في البُخاريِّ حديثان عن أنس؛ حديث: (أخذ الراية زيدٌ فأُصيب)، وحديث: (كأنَّي أنظر إلى غبار ساطع في سكَّة بني غنم موكِبِ جبريل)، والله أعلم.

قوله: (مِنَ النَّصَبِ): هو بفتح النون والصاد المهملة، وبالموحَّدة: التعب، وهذا معروفٌ.

==========

[ج 2 ص 158]

(1/7492)

[حديث: اللهم إنه لا خير إلا خير الآخره فبارك في الأنصار والمهاجره]

4100# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، قال الدِّمياطيُّ: (عبد الله بن عمرو بن أبي الحَجَّاج ميسرة، يُعرَف بالمقعد، مات سنة «224 هـ»)، انتهى، وما قاله معروفٌ.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، أبو عُبيدة الحافظ، و (عَبْد الْعَزِيزِ): هو ابن صُهيب.

قوله: (عَلَى مُتُونِهِمْ): متنا الظهر: مكتنفا الصلب عن يمينٍ وشمالٍ، من عصبٍ ولحمٍ، يذكَّر ويؤنَّث؛ قاله الجوهريُّ.

قوله: (يُؤْتَوْنَ): هو بالتاء المثنَّاة فوق التي قبل الواو، مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (كَفَّيِّ): هو بالتثنية والإضافة إلى ياء النفس؛ كذا في أصلنا مجوَّدًا بالقلم، ورأيت في نسخة صحيحة في الأصل: (كَفِّي)؛ يعني: بالإفراد والإضافة إلى ياء النفس، وفي الهامش (كفَّيَّ)؛ بالتثنية كما في أصلنا، وفي نسخة أخرى (كفٍّ) مفردًا منكَّرًا، والله أعلم.

قوله: (فَيُصْنَعُ لَهُمْ): هو مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ): (الإهالة)؛ بكسر الهمزة: كلُّ ما يؤتدم به من الأدهان، قاله أبو ذرٍّ، وقال الخليل: (الإهالة: الإلْية تقطع ثمَّ تذابُ)، و (السَّنِخَة)؛ بفتح السين المهملة، وكسر النون، ثُمَّ خاء معجمة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث: المتغيِّرة، وقد تَقَدَّم الكلام على الإهالة، وعلى السنخة، يقال: سنخ وزنُخ؛ إذا تغيَّر ريحه، والله أعلم.

قوله: (وَهْيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ): (بَشِعَة)؛ بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، ثُمَّ عين مهملة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، وكذا نقله شيخنا عن خطِّ الدِّمياطيِّ، وقال شيخنا هنا: (و «بَشِعة»: ضبطت بالنون، والشين المعجمة، والغين المعجمة؛ يعني: أنَّهم تحصَّل لهم فيها [ما] يُشَبَّه بالغشيِّ حين ازدراده، أو من نشغت الصَبيَّ وُجورًا، فانتشغه)، قال أبو عُبيد: (رُويَ عن الأصمعي: نشغه ونشعه؛ بالغين والعين: إذا أوجر ... ) إلى أن قال: (وأمَّا الدِّمياطيُّ، فضبطه بخطِّه بالباء الموحَّدة المفتوحة، والشين المعجمة، وفتح العين)، وهو ظاهرٌ، وعليها مشى ابن التين حيث قال: (بشعة في الحلق)؛ أي: كريهة الطعم والرائحة، وبعد هذا بيسيرٍ نقل كلام الجوهريِّ في «صحاحه»، والنسخة التي وقفت عليها من شرح شيخنا فيها سقمٌ.

قوله: (رِيحٌ مُنْتِنٌ): قال شيخنا: (قال _يعني: ابن التين_: قوله: «منتن» صوابه: منتنة؛ لأنَّ الريح مؤنَّثة، إلَّا أنَّه يجوز في المؤنَّث الذي لا فرج له أن يعبَّر عنه بالمذكَّر)، انتهى، قال الجوهريُّ: (نَتُنَ الشيء وأنتن: بمعنًى، فهو مُنْتِنٌ، ومِنْتِن؛ كسرت الميم إتباعًا لكسرة التاء).

==========

[ج 2 ص 158]

(1/7493)

[حديث: قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي]

4101# قوله: (فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (كيدة)، وعليها علامة راويها، والـ (كُدْيَة)؛ بضمِّ الكاف، ثُمَّ دال مهملة ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث: قطعة غليظة صلبة لا تَعمل فيها الفأس، وأكدى الحافر؛ إذا بلغها، وجمعها: كُدًى، وفيها روايات أخرى، فإن أردتها؛ فانظرها من «المطالع» في (حرف الكاف مع الباء الموحَّدة).

[ج 2 ص 158]

قوله: (مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ): وفي رواية لأحمد في «مسنده»: (من الجوع)، (الحَجَر): بفتح الحاء والجيم، وبالراء، قال ابن قُرقُول: (كانوا يفعلون ذلك تدعيمًا لقناة الظهر، ويشدون على الحجر ثوبًا، وذلك عند شدَّة الجوع وخواء المعدة، فيجدون لذلك قوَّة، وقيل: ذلك استعارة وعبارة عن شدَّة الحال، والأوَّل أظهر)، انتهى، وقال ابن حبَّان في «صحيحه»: (فكشف النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فإذا عليه حجران)، صوابه: (حجزان)؛ يعني: بالزاي، وقال: رواية (حجران) وهمٌ، وهذا الصواب؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان لا يجوع؛ لأنَّه قال: «أبيتُ عند ربي يطعمني ويسقيني»، أفاد ذلك شيخنا العراقيُّ، والظَّاهر أنَّ الذي كان على بطنه حجز، والله أعلم، ثُمَّ رأيت شيخنا الشارح ذكر هنا عن ابن حبَّان ذلك، ثُمَّ تعقَّبه بما لفظه: رُدَّ عليه، انتهى، ويردُّ على ابن حبَّان ما ذكرته عن «مسند أحمد»: (من الجوع)، والله أعلم.

قوله: (الْمِعْوَلَ): هو بكسر الميم، وإسكان العين المهملة، وفتح الواو، وباللام؛ الفأس العظيمة التي تنقر بها الصخرة، والجمع: المَعاوِل.

قوله: (فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ، أَوْ أَهْيَمَ): (أهيل): بفتح الهمزة، وإسكان الهاء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ لام؛ أي: سيالًا؛ ككثيب الرمل، يقال: تهيَّل الرمل وانهال؛ إذا سال، وهِلْتُه أنا أَهِيْلُه؛ إذا نثرته وصببته، وهيَّلته؛ إذا أرسلته إرسالًا فجرى؛ قاله ابن قُرقُول، وقال أيضًا فيه وفي عزوه: (فعاد كثيبًا أهيل، أو أهيم)؛ بالشكِّ، بمعنًى، قيل: الرمل الذي ينهال ولا يتماسك، وكذلك هيامه؛ قاله أبو زيد، قال شيخنا: (وضبطه بعض شيوخنا: (أهثم) بالمُثلَّثة؛ أي: صار كثيبًا مثل الرمل، ثُمَّ حكى المثنَّاة تحت عن تقييد بعضهم)، انتهى.

قوله: (فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي): امرأة جابر لا أعرف اسمها، وتَقَدَّم أنَّ بعض حُفَّاظ مِصْر قال: إنَّها سهيمة بنت مسعود بن أوس.

قوله: (مَا فِي ذَلِكِ صَبْرٌ): (ذلكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَعَنَاقٌ): (العَناق)؛ بفتح العين المهملة، وتخفيف النون، وبعد الألف قاف: الجذعة من المعز ما لم يتمَّ لها سنةٌ.

قوله: (فِي الْبُرْمَةِ): (البُرمة)؛ بضمِّ الموحَّدة: القدر مطلقًا، وجمعها: برام، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن.

(1/7494)

قوله: (قَدِ انْكَسَرَ): قال ابن قُرقُول: (كلُّ شيء قد فتر فقد انكسر؛ يريد: لانَ ورطب بملكه العجين والخمير؛ أي: حملناه على أنَّه لم يخبز بعدُ؛ لقوله في الحديث الآخر من قوله: «وَلاَ يُخْبَزَنَّ عَجِينُكُمْ حَتَّى آتِي»، وإن كان على ما في هذه الرواية: (لاَ تَنْزِع الْبُرْمَةَ، وَلاَ الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ)، فيكون انكساره لينَه للنضج، وأخذ النار فيه [1])، انتهى، و (انْكَسَرَ): لانَ وتمكَّن فيه الخمير.

قوله: (بَيْنَ الأَثَافِيِّ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، وبعد الألف فاء، ثُمَّ ياء مشدَّدة، وإن شئت خفَّفتها، جمع أُثفيَّة؛ بتشديد الياء لا غير، وهي أثافيُّ القدر التي توضع القدر عليها عند الطبخ.

قوله: (تَنْضَجَ): هو بفتح الضاد في المستقبل؛ كهذا، وكسرها في الماضي، قال تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} [النساء: 56].

قوله: (طُعَيِّمٌ لِي): (طعيِّم): مصغر مشدَّد، قال شيخنا: (ولا وجه لمن خفَّفه)، انتهى.

قوله: (لاَ تَنْزِع الْبُرْمَةَ): مبنيٌّ للفاعل، و (الْبُرْمَةَ)؛ بالنَّصْب: مفعول.

قوله: (فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ): تَقَدَّم أنَّهم كانوا في الخندق _أعني: المسلمين_ ثلاثة آلاف، وقيل غير ذلك، وقد تَقَدَّم قريبًا الاختلافُ في عددهم.

قوله: (عَلَى امْرَأَتِهِ): تَقَدَّم أعلاه اسم امرأة جابر.

قوله: (وَلاَ تَضَاغَطُوا): هو بفتح المثنَّاة فوق في أوَّله، وبالضاد المعجمة، وبعد الألف غين معجمة مفتوحة، ثُمَّ طاء مهملة؛ أي: لا تزاحموا.

قوله: (وَيُخَمِّرُ الْبُرْمَةَ): هو بتشديد الميم؛ أي: يُغطِّي.

قوله: (وأَهْدِي): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، فعلُ أمرٍ.

(1/7495)

[حديث: يا أهل الخندق إن جابرًا قد صنع سورًا فحي هلًا بكم]

4102# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الفلَّاس الحافظ، و (أَبُو عَاصِمٍ) بعده: قال الدِّمياطيُّ: (الضحَّاك بن مخلد بن الضحَّاك بن مسلم)، انتهى، النَّبيلُ الحافظُ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، و (حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ): تَقَدَّم مترجمًا قريبًا في (غزوة أُحُد)، و (سَعِيدُ بْنُ مِينَا): تَقَدَّم أنَّ (مينا) بالمدِّ والقصر.

قوله: (لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ): (حُفِر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الْخَنْدَقُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (خَمَصًا): هو بفتح الخاء المعجمة والميم، وبالصاد المهملة؛ أي: ضامر البطن من الجوع، وقال شيخنا: الخَمَص؛ بفتح الخاء والميم _وسكَّنها أبو ذرٍّ_: ضمور البطن من الجوع، انتهى، وكذا (خَمَصًا) الثانية.

قوله: (فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي): (انكفأتُ): هو مهموز؛ أي: انقلبتُ ورجعتُ، وتَقَدَّم اسمها أعلاه.

قوله: (جِرَابًا): هو بكسر الجيم، وبفتحها لُغيَّة حكاها الشيخ محيي الدين النَّوويُّ.

قوله: (فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ): تَقَدَّم كم مقدار (الصاع)، وأنَّه أربعة أمداد، والمدُّ: رطل وثلث برطل بغداد، و (الصاع) إذن: خمسة أرطال وثلث برطلها، وهو ستُّ مئة درهم وخمسة وثمانون درهمًا وخمسة أسباع درهم، وهو مقدار الفطرة، وتَقَدَّم أنَّ رطل

[ج 2 ص 159]

بغداد: مئة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، وقيل: بلا أسباع، وقيل: وثلاثون، والله أعلم.

قوله: (وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ): (البُهيمة)؛ بضمِّ الموحَّدة: تصغير بَهْمة، وهي ولد الضأن الذكر والأنثى، و (الدَّاجِنُ)؛ بالدال المهملة، وبعد الألف جيم مكسورة، ثُمَّ نون: ما يألف البيوت من الحيوان.

قوله: (فَذَبَحْتُهَا): هو بضمِّ تاء المتكلِّم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ): (طحنت): بتاء التأنيث الساكنة، كُسِرت هنا؛ لالتقاء الساكنين.

قوله: (فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي): (فرغتْ): بتاء التأنيث الساكنة.

قوله: (وَقَطَّعْتُهَا): هو بضمِّ تاء المتكلِّم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (سُوْرًا): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ السين، وإسكان الواو؛ أي: طعامًا، وتَقَدَّم أنَّه غير مهموز، في (الجهاد) في (باب من تكلَّم بالفارسيَّة والرطانة).

قوله: (فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ): تَقَدَّم الكلام عليها مبسوطًا في الباب المذكور أعلاه، قال شيخنا هنا: ولأبي الحسن: (أهلًا بكم)؛ بالألف، والصحيح حذفها.

قوله: (لاَ تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الزاي، وضمِّ اللام، مبنيٌّ للفاعل، ونصب (البرمةَ): مفعولٌ، وينبني للمفعول أيضًا، و (بُرْمَتُكُمْ)؛ بالرَّفع: نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (وَلاَ تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ): هو بفتح أوَّله، وكسر الموحَّدة، وضمِّ [الزاي؛ دلالةً على واو] الفاعل، مبنيٌّ للفاعل، و (عَجِينَكُمْ): منصوبٌ مفعولٌ، ومبنيٌّ للمفعول أيضًا، و (عجينُكم)؛ بالرَّفع: نائبٌ مناب الفاعل.

(1/7496)

قوله: (يَقْدُمُ النَّاسَ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ الدال، وهذا ظاهرٌ، وإنَّما فعل ذلك عليه السلام؛ لأنَّه دعاهم فجاؤوا تبعًا له؛ كصاحب الطعام إذا دعا طائفة من الناس؛ يمشي قُدَّامَهم، وكان عليه السلام في غير هذه الحالة لا يتَقَدَّمُهم، ولا يمكِّنُهم من وَطءِ عقبيه، وفِعلُه هذا لهذه المصلحة، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ)؛ أي: ذمَّتْه ودَعَت عليه، وقيل: معناه: بك تلحق الفضيحة، وبك يتعلَّق الذمُّ، وقيل: معناه: جرى هذا برأيك وسوءِ نظرك وسببك.

قوله: (قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ)؛ معناه: أنَّي أَخبرتُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بما عندنا، فهو أعلم بالمصلحة.

قوله: (ثُمَّ عَمَدَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الميم في الماضي؛ كهذا، وكسرها في المضارع، عكس (صعِد)، وذكرت أنَّه يجوز في لغةٍ كسرُها في الماضي، ونقلته عن «حاشية صحيح البُخاريِّ»، وهو نقله عن «شرح الفصيح» للَّبليِّ.

قوله: (ثُمَّ قَالَ: ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي): هذه اللفظة _وهي (ادع) _ كذا وقعت هنا، ووقع في بعض الأصول بـ «صحيح مسلم»: (ادعي)؛ بياء بعد العين، وهو الصحيح في «مسلم»؛ لأنَّه خطاب للمرأة، ولهذا قال: (فلتخبز معك)، ووقع في بعضها: (ادعوني)؛ بواوٍ ونون، وفي بعضها: (ادعني)، وهما أيضًا صحيحان، وتقديره: اطلبوا أواطلب لي خابزةً، والله أعلم.

قوله: (وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ): هو بالقاف الساكنة، والدال المهملة المفتوحة، وبالحاء المهملة أيضًا؛ أي: اغرفي، والمِقدحة: المغرفة.

قوله: (وَهُمْ أَلْفٌ): كذا هنا، وقد تَقَدَّم أنَّ أهل الخندق من المسلمين ثلاثة آلاف، قال شيخنا هنا: وفي «الجمع بين الصحيحين» لأبي نعيم الحدَّاد: (وهم نحو من ألف)، وفي لفظ: (ثمان مئة، أو ثلاث مئة)؛ ساقها البيهقيُّ في «دلائله»، وقد قدَّمتُ عن ابن سعد: (أنَّهم كانوا _أعني: أهل الخندق من المسلمين_ ثلاثة آلاف)، وأمَّا ابن إسحاق؛ فنقل عنه ابن إمام الجوزيَّة في «الهدْي»: (أنَّهم كانوا سبع مئة)، ثُمَّ تعقَّبه بأنَّه غلط؛ من خروجهم في أُحُد، وقد نقل شيخنا في مكان آخر عن قتادة فيما ذكر البيهقيُّ: (أنَّهم كانوا ألفًا)، انتهى، وقد تَقَدَّم قريبًا غير كلام «الهدْي»، ولكنَّ كونهم في طعام جابر كانوا ألفًا لا ينفي أنَّ الجملة كانوا ثلاثة آلاف _والله أعلم_ إن ثبت سنده؛ كهذا، أو جاء ذلك بإسنادٍ حسنٍ.

(1/7497)

[حديث عائشة: {إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل} ذاك يوم الخندق]

4103# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): هذا هو عَبْدة بن سُليمان، أبو محمَّد الكلابيُّ المقرئ، اسمه عبد الرحمن، تَقَدَّم مترجمًا، وهو بإسكان الباء.

قوله: (كَانَ ذَاكَ يَوْم الْخَنْدَقِ): (يوم): يجوز فيه النَّصْب على الظرف، ورفعه على أنَّه اسم (كان)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 160]

(1/7498)

[حديث: كان النبي ينقل التراب يوم الخندق حتى أغمر بطنه]

4104# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وأنَّ نسبته هذه إلى جدِّه فرهود، وأنَّ النسبة إليه: فُرهوديٌّ، وفَراهيديٌّ، وتَقَدَّم (أبو إِسْحَاقَ) هذا: عمرو بن عبد الله السبيعيُّ، أحد أعلام التابعين، و (البراء): هو [ابن] عازب، تَقَدَّما رضي الله عنهما.

قوله: (حَتَّى اغْمَرَّ بَطْنُهُ [1]، أَوِ اغْبَرَّ بَطْنُهُ): هو بهمزة وصل، ثُمَّ غين معجمة ساكنة، ثُمَّ ميم مفتوحة، ثُمَّ راء مشددة، و (بَطْنُهُ): مرفوعٌ فاعل، والثانية مثلها، غير أنَّ الموحَّدة عوض الميم، و (بطنُه): مرفوع مثله، قال ابن قُرقُول: («حتى أعفرَ بطنَهُ»؛ أي: أغْبَرَ بطنه؛ كذا لهم، وكذا ضبطه بعضُهم بفتح «بطنَهُ»، ولأبي زيد وأبي ذرٍّ: «حتى اغبرَّ بطنه، أو اغمرَّ»، كذا للأصيليِّ، وقيَّده عبدوس وبعضهم بتشديد الراء، ورَفْعِ «بطنُه»، وعند النسفيِّ: «حتى غبر بطنه، أو اغبرَّ»؛ أي: علاه الغبار، وأمَّا بتشديد الراء، ورفع «بطنُه»؛ فبعيد، وللفاء وجه، من العفر؛ وهو الترابُ، والأوجه: «اغبرَّ»)، انتهى، وبخطِّ شيخنا الإمام أبي جعفر: (أغمرَ بطنَهُ)؛ بنصب (بطنَه) بالقلم، وصُحِّح عليه؛ أي: أغبَرَ الترابُ بطنَهُ، و (أغبرَ): فعلٌ ماضٍ بغير تشديد الراء.

[ج 2 ص 160]

قوله: (سَكِينَةً عَلَيْنَا): (السكينة): قيل: هي الرحمة، وقيل: الطمأنينة، وقيل: الوقار، وما يسكن به الإنسان، وهي مُخَفَّفة الكاف عند الكافَّة إلَّا ما حكاه الحربيُّ عن بعض اللغويِّين من شدِّ الكاف، وما حكاه الحربيُّ من شدِّ الكاف؛ يكون معه كسر السين؛ كذا ضُبِطت، وكذا ذكرها الصغانيُّ في كتاب له مفردٍ فيه غرائبُ، وذكره أيضًا في «الذيل والصلة لكتاب التكملة»: كذا ضبط فيهما بالقلم، و «الذيل» عندي منه نسخة، وعليها خطُّ الصغانيِّ، في أماكن كثيرة تخاريج في هوامشها، والكتاب الأوَّل به نسختان بحلب فيما أعلم، وأمَّا السكينة التي ذكرها الله في القرآن؛ فقيل في تفسيرها: إنَّها حيوان له وجه كوجه الإنسان مجمع، وسائرها خلق رقيق كالريح والهواء، وقيل: هي صورة كالهرَّة كانت معهم في جيوشهم، فإذا ظهرت؛ انهزم أعداؤهم، وقيل: هي ما كانوا يسكنون إليه من الآيات التي أعطيها موسى عليه السلام، وهذه المعاني كلُّها محتملة في الحديث، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا): أسقط منه الوتِد، وهو قوله: (إنَّ الألى هم قد بَغَوا علينا) نبَّه عليه ابن التين، كما نقله شيخُنا.

==========

[1] في هامش (ق): (لا وجه للميم هنا).

(1/7499)

[حديث ابن عباس: نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور.]

4105# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو القطَّان شيخ الحفَّاظ، و (الْحَكَمُ): تَقَدَّم مَرَّاتٍ أنَّه ابن عتيبة القاضي، وتَقَدَّم مترجمًا، ونبَّهت على غلط وقع فيه الإمام البُخاريُّ.

قوله: (نُصِرْتُ بِالصَّبَا): (نُصِرْتُ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وفي آخره ياء المتكلِّم المضمومة، و (الصَّبا)؛ بفتح الصاد المهملة، مقصور: الريح الشرقيَّة، قال ابن قُرقُول: وهي القبول، وهي التي تأتي من المشرق، وقيل: هي التي تخرج من وسط المشرق إلى القطب الأعلى حذاء الجدي، وقيل: ما بين مطلع الشمس إلى الجدي، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك، وكانت نصرة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بهذه الريح في الخندق، ولهذا ذكره الإمام البُخاريُّ هنا، وهي المرادة في قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} في (سورة الأحزاب)، والجنود: الملائكة.

قوله: (وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ): (أهلكت): مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة، و (الدَبُوْر): بفتح الدال المهملة، ثُمَّ موحَّدة مضمومة مُخَفَّفة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء، قال ابن قُرقُول: (وهي الريح الغربيَّة، وفيها ما هبَّ من وسط المغرب إلى مطلع الشمس إلى سهيل، وقيل: ما خرج بين المغربين)، انتهى، وقد تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 161]

(1/7500)

[حديث: اللهم لولا أنت ما اهتدينا]

4106# قوله: (حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ): هذا هو أحمد بن عثمان بن حكيم الأوديُّ الكوفيُّ، لا أحمد بن عثمان النوفليُّ أبو الجوزاء؛ هذا الثاني ليس له في البُخاريِّ شيء، إنَّما روى له مسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، والأوَّل روى له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وقد تَقَدَّما، و (شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ [1]): بعده بالشين المعجمة، والحاء المهملة، قال الدِّمياطيُّ: شريح بن مسلمة انفرد به البُخاريُّ.

وشريح بن هانئ: روى له الجماعة إلَّا البُخاريَّ.

شريح بن يزيد أبو حيوة الحمصيُّ: عن شعبة، روى [له] أبو داود، والنَّسائيُّ.

شريح بن النعمان: عن عليٍّ، روى له أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

شريح بن عبيد الحمصيُّ: عن معاوية وغيره، روى له أبو داود، وابن ماجه.

شريح بن الحارث القاضي: روى له النَّسائيُّ؛ كلُّ هؤلاء بالشين المعجمة.

وسريج بن النعمان: روى له الجماعة إلَّا مسلمًا، وسريج بن يونس البغدايُّ: روى عنه مسلمٌ، وروى البُخاريُّ والنَّسائيُّ عن رجل عنه؛ هذان بالسين المهملة، انتهى.

فقوله في شريح بن مسلمة: (انفرد به البُخاريُّ)؛ يعني: عن مسلمٍ، وإلَّا؛ فقد روى [2] له النَّسائيُّ أيضًا.

وقوله في شريح بن النعمان: (روى له أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه) واقتصر على ذلك، روى له التِّرمذيُّ أيضًا.

وقوله في شريح بن عبيد: (روى له أبو داود، وابن ماجه)، قد روى له النَّسائيُّ أيضًا، وقد بقي عليه في هذا القسم المعجم الشين: شريح بن أرطاة، أخرج له النَّسائيُّ، وبقي عليه شريح الحجازيُّ، له صحبة، علَّق له البُخاريُّ: (وله صحبة)، وبقي عليه شريح آخر غير منسوب، وقع في بعض نسخ التِّرمذيِّ، أثبته المحبوبيُّ.

وبقي عليه في المهمل: أحمد بن أبي سريج، وبقي عليه في كلِّ قسمٍ غيرُ واحد، لكن ليسوا في رجال الكتب السِّتَّة، ولا في واحد منها، ولا في مصنَّفاتهم، والله أعلم.

و (أَبُو إِسْحَاق): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عمرو بن عبد الله السبيعيُّ.

قوله: (وَخَنْدَقَ)؛ أي: حَفَرَ الخندق، وتَقَدَّم كم مدَّة حفره غيرَ مرَّةٍ، وذكرت فيها ثلاثة أقوال، ومن أشار به، وأوَّل من حفر الخنادق.

قوله: (إِنَّ الأُلَى زَعَّبُوا عَلَيْنَا [3]): كذا في الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ بالزاي مشدَّد العين؛ يعني: المهملة، وجعل تجاهها (ظ)؛ يعني: نظرًا، وهو معذور، فقد نظرتُ «المطالع»؛ فلم أجد هذه اللفظة، غير أنَّ في (رغَّبوا علينا) اختلافًا، قال ابن قُرقُول: («رغَّبوا علينا»؛ كذا للقابسيِّ والنسفيِّ وجمهورهم في حديث أحمد بن عثمان في «غزوة الخندق» _يعني: هذا الحديث_ بشدِّ الغين، وللأصيليِّ بالمهملة المُشدَّدة أيضًا، من الرعب؛ أي: أرجفوا وفزَّعوا، ووجه المعجمة من الكراهة، وهي في رواية غيرهما: «رَعُبُوا»؛ أي: كرهوا، ولأبي الهيثم: «بغوا»: من البغي، وهو الصواب في الرواية)، انتهى.

(1/7501)

[حديث ابن عمر: أول يوم شهدته يوم الخندق]

4107# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا (عبدة) بإسكان الموحَّدة، وهو عبدة بن عبد الله بن عبدة الخزاعيُّ الصفَّار، عن محمَّد بن بشر، وحُسين الجُعْفيِّ، والطبقة، وعنه: البُخاريُّ، والأربعة، وابن خزيمة، وخلق، مات سنة (258 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، قال أبو حاتم: (صدوق)، وقال النَّسائيُّ: (ثقة)، و (عَبْدُ الصَّمَدِ) بعده: هو عبد الصمد بن عبد الوارث، أبو سهل الحافظ، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (أَوَّلُ يَوْمٍ شَهِدْتُهُ يَوْمُ الْخَنْدَقِ): يريد شهود مَن يُسْهَم له، وإلا فقد تَقَدَّم أنَّه شهد أُحُدًا، وعُرض فيها وهو ابن أربع عشرة، فلم يجزه، وتَقَدَّم أنَّه شهد بدرًا كذلك، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 161]

(1/7502)

[حديث ابن عمر: دخلت على حفصة ونسواتها تنطف]

4108# قوله: (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم أنَّ هذا هو الفرَّاء الرازيُّ الحافظ، أحد بحور الحديث، وتَقَدَّم مترجمًا، و (هِشَامٌ) هذا: هو هشام بن يوسف الصنعانيُّ، قاضي صنعاء، تَقَدَّم مترجمًا، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد مرارًا، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُوسٍ): (ابن طاووس): عبد الله بن طاووس، وقائل ذلك هو معمر بن راشد، يروي هذا الحديث عن الزُّهريِّ عن سالم، وعن عبد الله بن طاووس عن عكرمة بن خالد؛ كلاهما _أعني: سالمًا وعكرمة_ عن ابن عمر رضي الله عنهما.

قوله: (دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ): هي أمُّ المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّم بعض ترجمتها، توفِّيت سنة (41 هـ)، وقيل: (45 هـ)، وقيل غير ذلك.

قوله: (وَنَسَوَاتُهَا [1] تَنْطفُ): كذا في أصلنا، قال الدِّمياطيُّ: («نسواتها»؛ يعني: ظفائرها، وهو شعرها، قال ذلك أبو ذرٍّ، وقال أبو الوليد الوقشيُّ: الصواب: نَوْساتها، من ناس ينوس؛ إذا تعلَّق وتحرَّك)، انتهى، وقد ذكر هذه اللفظة ابنُ قُرقُول في (النون مع السين)، فقال: (ونسواتها تنطف)؛ كذا لهم، ولابن السكن: (نَوَساتها)، وهو أصحُّ؛ يعني: ذوائبها وظفائرها، إلَّا أن تكون الكلمة مشتقَّة من (النَّسْوِ) ويستعار لها ذلك، وروي عن أبي مروان بن سراج: (نَوْساتها)، انتهى، وقال في (النون مع الواو): (ونَوْسانها) قد ذكر في (النون مع السين)، وهي القرون

[ج 2 ص 161]

والذوائبُ؛ أي: تقطر بالماء، ويروى: (نَوَّاساتُها) مشدَّدة الواو، سُمِّيت بذلك؛ لتعلُّقها وتذبذبها، والنَّوس: الحركة والاضطراب، انتهى، و (نوساتها)؛ بإسكان الواو وفتحها، ذكره صاحب «المعلم»، و (تنطف): بكسر الطاء وضمِّها؛ أي: تقطرُ.

قوله: (كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ): قال بعض حُفَّاظ المِصريِّين: هذا في قصَّة الحكمين بصفِّين، وقد بيَّن ذلك محمَّد بن قُدامة الجوهريُّ في «تصنيفه».

قوله: (فَلَمْ يُجْعَلْ لِي مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ): (يُجعَل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (شيءٌ): مرفوع مُنَوَّن، نائبٌ مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ، كان ابن عمر رضي الله عنهما أراد التخلُّف عن البيعة لمعاوية؛ لما تَقَدَّم من الاختلاف، فنهتْه حفصةُ أختُه أمُّ المؤمنين أن يتخلَّف؛ لأنَّ تخلُّفَه يوجبُ الاختلاف، فخرج وبايع.

قوله: (فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ): (القرن): جانب الرأس، وعبَّر به هنا عن الجملة.

(1/7503)

قوله: (فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ): قال شيخنا: (ولعلَّ معاوية أراد بقوله: «نحن أحقُّ به منه، ومن أبيه» إذ بايع له الحسن وسلَّم له، وقد بويع للحسن، وأجمع عليه أكثر الناس، وذهب ابن عمر إلى أنَّ الأفضل أن يلي السابقون الأوَّلون من المهاجرين، والذين أنفقوا من قبل الفتح، ثُمَّ خشي أن تؤوَّلَ كلمته إلى ما لا يريده، فكفَّ)، انتهى، وفيه نظرٌ؛ لأنَّه وإن أوَّل للمتكلِّم (نحن أحق به منه)؛ فكيف يؤوَّل له في (أبيه)؟ ويحتاج إلى جواب، ويحتمل أنَّ معاوية لم يُرِد ابن عمر، وهو الظَّاهر، وإلَّا؛ فمعاوية لا يقول مثل هذا الكلام في حقِّ عمر، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، و (مسلمة): بإسكان السين مع فتح الميم، القرشيُّ الفهريُّ، أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو مسلمة شاميٌّ مختلفٌ في صحبته، كذا قال المِزِّيُّ، وفيه نظرٌ، وقد جزم بصحبته جماعة له عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعن أبيه مسلمة بن مالك، وأبي ذرٍّ، وسعيد بن زيد، وعنه: الضحَّاك بن قيس الفهريُّ، وجنادة بن أبي أميَّة، وابن أبي مُلَيكة، وجماعة، شهد اليَرْمُوك أميرًا، وله دار بدمشق عند طاحونة الثَّقَفيِّين، وكان على ميسرة معاوية يوم صفِّين، وأنكر الواقديُّ أن يكون سمع من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، تُوفِّي عليه السلام ولحبيب اثنتا عشرة سنة، ترجمته معروفة فلا نطوِّل بها، وقد أخرج له أبو داود وابن ماجه، توفِّي سنة (41 هـ)، ويقال: سنة (42 هـ) بأرمينة، ويقال: بدمشق.

قوله: (فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي): (الاحتباء): أن ينصب ساقيه ويدير عليهما ثوبًا، أو يعقد يديه على ركبتيه معتمدًا على ذلك، والاسم: (الحبوة): بالضمِّ والكسر، و (الحِبية) و (الحُبية)؛ بالياء، والله أعلم.

قوله: (حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ): هما مبنيَّان لِما لم يُسَمَّ فاعلهما، والتاء مفتوحة فيهما على الخطاب.

قوله: (قَالَ مَحْمُودٌ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: [وَ] نَوْسَاتُهَا): (محمودٌ) هذا: هو ابن غيلان، شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخه؛ كهذا؛ فإنَّه يكون مثل: (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، و (عبد الرزَّاق): هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، وقد روى هذا الحديث عن معمر بالإسناد المُتَقدِّم واللفظِ، غير أنَّه خالف هشام بن يوسف في قوله: (نَسواتها)، فرواها عبد الرزاق: (نَوساتها)، والله أعلم، ولم أر هذا التعليق على رأي المِزِّيِّ في «أطرافه»، وقد قدَّمت أنَّه مثل:

(حدَّثنا)، غير أنَّ المِزِّيَّ يعمل هذا وأمثاله تعليقًا، وكذا الذَّهبيُّ، والله أعلم.

(1/7504)

[حديث: نغزوهم ولا يغزوننا]

4109# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكين الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان لا أعرف أهو الثوريُّ أم ابن عيينة؟ وقد روى أبو نعيم عن السفيانيين، والسفيانان رويا عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعيِّ، والله أعلم أيُّهما هو، و (سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الأذان)، صحابيٌّ مشهور، و (صُرَدٍ): مصروفٌ، وليس معدولًا، والله أعلم.

قوله: (يَوْمَ الأَحْزَابِ)؛ يعني: يوم الخندق، وهذا في غاية الظهور، والله أعلم.

(1/7505)

[حديث: الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم]

4110# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ): (يحيى بن آدم): روى عنه المسنديُّ وابن أبي شيبة، المسنديُّ عند البُخاريِّ، وابن أبي شيبة عند مسلمٍ، قال ابن طاهر: (فهذا هو المسنديُّ، لا الحافظ الكبير أبو بكر ابن أبي شيبة)، و (إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعيُّ، روى عن جدِّه أبي إسحاق؛ تَقَدَّم أعلاه أنَّه عمرو بن عبد الله.

قوله: (حِينَ أَجْلَى الأَحْزَاب): (الأحزاب): منصوبٌ، كذا في أصلنا، مفعولٌ، وفي نسخة أخرى صحيحةٍ مرفوعٌ بالقلم، وقد طرأت الضمَّة على أصلنا أيضًا؛ وكلاهما صحيح، قال الجوهريُّ: وقد جَلَوا عن أوطانهم، وجلوتهم أنا، يتعدَّى ولا يتعدَّى، ويقال أيضًا: أُجلوا عن البلدِ وأجليتهم؛ كلاهما بالألف، انتهى، وكلام شيخنا في شرحه يقتضي أن يكون (الأحزاب) منصوبًا، فإنَّه قال: (وقوله: «أجلى الأحزاب»: جلى عن وطنه، وجليته أنا)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 162]

(1/7506)

[حديث: ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم نارًا كما شغلونا عن صلاة ... ]

4111# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ): (إسحاق) هذا: لم أره منصوصًا عليه، إلَّا أنَّ في «تقييد الجيَّانيِّ»: قال _يعني: البُخاري_ في (باب ذكر الجنِّ)، و (تفسير البقرة)، وفي (الرقائق): حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا روح بن عبادة، لم أجد (إسحاق) هذا منسوبًا عند أحد من شيوخنا في شيء من هذه المواضع، وقد حدَّث البُخاريُّ في (سورة الأحزاب)، و (سورة ص) عن إسحاق بن إبراهيم عن روح بن عبادة، وحدَّث أيضًا في (الصلاة) في موضعين، وفي (الأشربة)، وغير موضع: عن إسحاق بن منصورعن روح بن عبادة، انتهى؛ يعني: فيحتمل أن يكون (إسحاق) في الأماكن التي ذكرها ابنَ إبراهيم، وأن يكون ابنَ منصور، والله أعلم، ولو ظفر بهذا المكان؛ لقال فيه مثل ذلك، والله أعلم، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا، و (روح): هو ابن عبادة، كما تَقَدَّم، و (هِشَامٌ): هو ابن حسَّان الأزديُّ مولاهم، الحافظ، تَقَدَّم مترجمًا، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو ابن سيرين، أحد الأعلام، تَقَدَّم، وتَقَدَّم تعدادُ بني سيرين _في أوائل هذا التعليق_ وبناتِه، و (عَبِيدَةُ): هو بفتح العين، وكسر الموحَّدة، وهو ابن عمرو السَّلْمانيُّ، التابعيُّ المشهور، وقد تَقَدَّم من يقال له: عَبيدة _كهذا_ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، والباقي عُبيدة، والله أعلم.

قوله: (عَنْ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى): تَقَدَّم فيها سبعة عشر قولًا، والصحيح: أنَّها العصر كما في «الصحيح»، والله أعلم.

(1/7507)

[حديث: أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس ... ]

4112# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن حسَّان الأزديُّ الحافظ، تَقَدَّم أعلاه، و (يَحْيَى): هو ابن أبي كثير، تَقَدَّم، و (أبو سَلَمَةَ): هو ابن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، تَقَدَّم.

قوله: (بُطْحَانَ): قال الدِّمياطيُّ: أهل اللُّغة يقولون: (بَطِحان): بفتح الباء وكسر الطاء، وأهل الحديث يقولون: بضمِّ الباء وإسكان الطاء، انتهى، وهذا الذي قاله معروفٌ، وقد تَقَدَّم، والله أعلم.

(1/7508)

[حديث: إن لكل نبي حواريًا وإن حواري الزبير]

4113# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن سعيد بن مسروق الثوريُّ.

قوله: («مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ» فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا ... ) إلى آخره: قال ابن سيِّد الناس وقد ذكر هذا الحديث، ثُمَّ قال: والمشهور أنَّ الذي توجَّه ليأتي بخبر القوم حذيفةُ بن اليماني ... إلى آخر كلامه، وقد تَقَدَّم في (الجهاد) وغيره، ولعلَّهما توجها معًا، أو متفرِّقين؛ جمعًا بين الروايتين، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّ، وَحَوَارِيِّ الزُّبَيْرُ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الجهاد) مطوَّلًا، قال الدِّمياطيُّ هنا: قال الزجَّاج: (حواريٌّ): مصروف؛ لأنَّه منسوب إلى حوارٍ، وأمَّا ما كان [من] [1] نحو: كراسيَّ وبخاتيَّ؛ فغير مصروف؛ لأنَّ الواحد بختيٌّ وكرسيٌّ، انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّه عليه السلام كان له اثنا عشر من الحواريِّين؛ تسعة من العشرة، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ليس منهم، والثلاثة الذين هم خارج العشرة: عثمان بن مظعون، وجعفر بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المُطَّلب.

==========

[1] (من): مستفادة من هامش (ق).

[ج 2 ص 162]

(1/7509)

[حديث: لا إله إلا الله وحده أعز جنده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده]

4114# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد الإمام، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ): هو المقبريُّ، واسم أبيه: كيسان، ولم أر هذه الطريق في «أطراف المِزِّيِّ» في ترجمة كيسان والد سعيد، عن أبي هريرة، وعنه: ابنه، وعنه: اللَّيْث، وإنَّما عزاها لـ (الدعوات) في «البُخاريِّ»، ولم أرها أيضًا في «مسند سعيد» عن أبي هريرة وعنه اللَّيْث، والله أعلم، وهذا الحديث هنا ثابت في أصلنا القاهريِّ، وكذا الدِّمَشْقيُّ، والله أعلم، ولعلَّه سقط من نسختي من «الأطراف»، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 162]

(1/7510)

[حديث: اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب]

4115# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ وَعَبْدَةُ): (محمَّد) هذا: لم أقف عليه منصوصًا عليه، إلَّا أنَّ الجيَّانيَّ قال: وقال _يعني: البُخاري_ في (الحجِّ)، و (تفسير المائدة)، وغير ذلك: (حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا مروان الفزاريُّ)، نسبه أبو عليٍّ ابن السكن وأبو نصر: (محمَّد بن سلَام)، وقد حدَّث البُخاريُّ في غير موضع عن محمَّد بن سلَام _منسوبًا_ عن مروان، انتهى، وقال في مكان آخر: وقال _يعني: البُخاري_ في (الاعتكاف)، و (الجهاد)، و (صفة إبليس)، وفي (الأنبياء)، وفي (مناقب الأنصار)، و (تفسير البقرة)، و (يوسف)، و (النكاح)، و (اللباس)، و (الأدب)، و (الأيمان والنذور)، و (الأحكام)، و (التمنِّي): (حدَّثنا محمَّد: أخبرنا عبدة)؛ هكذا إلى محمَّد _غير منسوب_ عن عبدة، وفي بعض هذه المواضع، وقد نسبه ابن السكن في بعضها: (ابن سلَام)، وكذلك صرَّح البُخاريُّ في بعض هذه المواضع باسمه، فقال: (حدَّثنا محمَّد بن سلَام: حدَّثنا عبدة)، وذكر أبو نصر: أنَّ محمَّد بن سلَام يروي عن عبدة، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ، ولا شيخُنا.

و (عبْدة): هو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن سليمان، تَقَدَّم مترجمًا، وتَقَدَّم لـ (عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى) بعض ترجمةٍ، وبعض ترجمة أبيه أبي أوفى، وهو صحابيُّ أيضًا رضي الله عنهما، واسم أبي أوفى ونسبه.

==========

[ج 2 ص 162]

(1/7511)

[حديث ابن عمر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد]

4116# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، العالم المشهور، وعبد الله الذي يروي عنه سالم ونافع هو ابن عمر بن الخَطَّاب، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (إِذَا قَفَلَ)؛ أي: رجع، وقد تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 162]

(1/7512)

[باب مرجع النبي من الأحزاب ومخرجه إلى بنى قريظة ومحاصرته إياهم]

قوله: (إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ): تَقَدَّم أنَّ (قريظة): بضمِّ القاف، وفتح الراء، وبالظاء المعجمة المشالة؛ قبيلة من يهود خيبر، وقد دخلوا في العرب على نسبهم إلى هارون أخي موسى صلى الله عليهما وسلَّم، قال الدِّمياطيُّ تجاه قوله: (ومخرجه إلى بني قريظة): (كانت _يعني: غزوة بني قريظة_ في ذي القعدة سنة خمس)، انتهى.

اعلم أنَّه عليه السلام لمَّا انصرف من الخندق، ودخل المدينة يوم الأربعاء، ولمَّا انصرف ووضع السلاح؛ جاءه جبريل عليه السلام الظهر، فقال: (إنَّ الملائكة ما وضعتِ السلاح بعدُ، إنَّ الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة، فإنَّي عامد إليهم، فمزلزل بهم)، فحاصرهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خمسة عشر يومًا، وقيل: خمسًا وعشرين، وقصَّتهم مشهورة فلا نطوِّل بها، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 162]

(1/7513)

[حديث: لما رجع النبي من الخندق ووضع السلاح واغتسل]

4117# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ): هذا هو عبد الله بن نمير الهمْدَانيُّ، تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 162]

(1/7514)

[حديث: كأني أنظر إلى الغبار ساطعًا في زقاق بني غنم موكب جبريل]

4118# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هذا هو موسى بن إسماعيل التَّبوذكيُّ الحافظ، و (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): بالحاء المهملة، و (حُمَيْد بْن هِلاَلٍ): هو بضمِّ الحاء المهملة.

قوله: (مَوْكِبِ جِبْرِيلَ): يجوز في (موكب) الجرُّ، والرَّفع، والنَّصْب، وقد تَقَدَّم الكلام في إعرابه، وما الموكب، في (ذكر الملائكة).

==========

[ج 2 ص 162]

(1/7515)

[حديث: لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة.]

4119# قوله: (لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه في (صلاة الخوف) مطوَّلًا؛ فانظره.

قوله: (فَأَدْرَكَ بَعْضهُمُ الْعَصْر): يجوز في (بعض) النَّصْب والرَّفع، وكذا في (العصر)، فإن رفعت أحدهما؛ فانصب الآخر.

قوله: (لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ): (يُرَد): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، ويجوز بناؤه للفاعل.

قوله: (فَذُكِرَ ذَلِكَ): (ذُكِر): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/7516)

[حديث: كان الرجل يجعل للنبي النخلات حتى افتتح قريظة والنضير ... ]

4120# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ): هذا اسمه عبد الله بن محمَّد بن أبي الأسود حُميد بن الأسود، أبو بكرٍ البصريُّ الحافظ، أخرج عنه البُخاريُّ، وأبو داود، وسمُّويه، وإبراهيم الحربيُّ، وعثمان بن خرزاذ، وجماعة، وروى هو عن خاله ابنِ مهديٍّ، ومالكٍ، وديلم بن غزوان، وطائفة، تُوفِّي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين ومئتين؛ كذا أرَّخه غيرُ واحد، وهو ثقة، استُصغِر في أبي عوانة، قال ابن معين: (ما أرى به بأسًا)، وقال ابن المدينيِّ: (سماعه من أبي عوانة ضعيف؛ لأنَّه كان صغيرًا)، وقال أحمد بن أبي خيثمة: (كان ابن معين سيِّئَ الرأي في أبي بكر ابن أبي الأسود)، له ترجمة في «الميزان»، وهو ابن أخت عبد الرحمن بن مهديٍّ، و (مُعْتَمِرٌ): هو ابن سليمان.

قوله: (وَحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه خليفة بن خيَّاط شباب العُصفريُّ الحافظ، و (مُعْتَمِرٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن سليمان، وسليمان هو ابن طرخان، تَقَدَّم مترجمًا، وضبط طرخان، وما معناها.

قوله: (حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ): تَقَدَّم متى كانت [1] غزوة بني قريظة من كلام الدِّمياطيِّ أعلاه، وأمَّا غزوة بني النضير؛ فعند ابن إسحاق أنَّها

[ج 2 ص 162]

في ربيع الأوَّل على رأس خمسة أشهر من وقعة أُحُد، وقال البُخاريُّ: قال الزُّهريُّ عن عروة: كانت على رأس ستَّة أشهر من وقعة أُحُد؛ فالحاصل: أنَّ النضير قبل قريظة، و (النَّضِير)؛ بفتح النون، وكسر الضاد المعجمة، حيٌّ من يهود خيبر، وقد دخلوا في العرب وهم على نسبهم إلى هارون أخي موسى عليهما السلام، وقريظة والنضير أخوان.

قوله: (أَوْ بَعْضَهُ): هو بالنَّصْب، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ): (أمُّ أيمن): هذه هي مولاة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وحاضنتُه، اسمها: بركة بنت محصن بن ثعلبة بن عمرو بن حفص بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان الحبشيَّة، أعتقها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأسلمت قديمًا، وابنُها أيمن بن عُبيد الحبشيُّ، ثُمَّ تزوَّجها زيد بن حارثة، وهي صحابيَّة جليلة مشهورة، وقد عدَّها بعضُهم في مراضعِه عليه السلام، وإنَّما هي من الحواضن، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (لَكِ كَذَا): هو بكسر الكاف، خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] في (أ): (كان)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

(1/7517)

[حديث: هؤلاء نزلوا على حكمك]

4121# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه بندار، وتَقَدَّم ما [1] معنى بندار، و (غُنْدَرٌ) بعده: تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وأنَّ غندرًا لقبه، و (سَعْدٌ) المذكور بعد (شُعْبَةَ) وهو شيخه: سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، تَقَدَّم، و (أَبُو أُمَامَة): هو أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاريُّ، له إدراك، ولد في حياته عليه السلام، وسُمِّيَ باسم جدِّه لأمِّه أسعدِ بن زرارة النقيب، أرسل أسعد بن سهل عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وروى عن أبيه وعُمر، وقال أبو زرعة: (لم يسمع من عُمر)، وروى عن عائشة، وأبي هريرة، وجماعة، وعنه: سعد بن إبراهيم، وأبو الزناد، والزُّهريُّ، وغيرهم، تُوفِّي سنة مئة، أخرج له الجماعة، وقد قدَّمتُه، ولكن بَعُد العهد به، والله أعلم، و (أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان، وتَقَدَّم بعض ترجمته.

قوله: (عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ): (سعدٌ) هذا: تَقَدَّم بعضُ ترجمته في مناقبه في (مناقب الأنصار).

قوله: (فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمَسْجِدِ): تَقَدَّم الكلام عليه في (المناقب) ومناقبه.

قوله: (تُقْتَلُ مُقَاتِلَتُهُمْ): (تقتل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (مقاتلتُهم): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وكذلك (تُسبَى ذَرَارِيُّهُمْ)، و (الذراريُّ): تَقَدَّم أنَّه بتشديد الياء، وتخفيفها، واعلم أنَّ ابن إسحاق قال: ثُمَّ استُنزِلوا، فحبسهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في دار بنت الحارث امرأةٍ من بني النجَّار، ثُمَّ خرج رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى سوق المدينة التي هي سوقها اليوم، فخندق بها خنادق، ثُمَّ بعث إليهم، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق، فخرج بهم أرسالًا ... إلى أن قال: وهم ستُّ مئة، أو سبع مئة، والمكثر يقول: كانوا ما بين الثمان مئة والتسع مئة، وقال شيخنا في «شرحه»: واختُلف في عددهم، فقال ابن عبَّاس: كانوا سبع مئة وخمسين، وعند موسى بن عقبة: ستُّ مئة مقاتل، وللنَّسائيِّ عن جابر: أربع مئة، وقال السهيليُّ: كانوا ثمان مئة، أو تسع مئة، والمكثر يقول: ما بين الثمان مئة إلى التسع مئة، انتهى، وقال ابن عبد البَرِّ في ترجمة سعد بن معاذ: كانوا أربع مئة، انتهى، وقد قدَّمتُ عزوه إلى النَّسائيِّ عن جابر، ولعلَّ ما نقله شيخنا عن السهيليِّ هو كلام ابن إسحاق: (ستُّ مئة، أو سبع مئة) يدلُّ عليه جملة كلامه، والله أعلم، وقد ذكرت الاختلاف في اسم بنت الحارث في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد الناس» مطوَّلًا.

قوله: (بِحُكْمِ الْمَلِكِ): هو بكسر اللام، وهو الله عزَّ وجلَّ، وسأذكر بُعَيد هذا ما فيه، وبفتحها يريد: ما أوحى إليه جبريل، وقيل: والأوَّل أولى؛ لقوله في الرواية الأخرى: «بحكم الله»، قاله ابن قُرقُول، وأمَّا القاضي؛ فإنَّه قال: والرواية في «مسلم» بكسر اللام بلا خلاف، وبفتحها وكسرها في «البُخاريِّ»، انتهى.

==========

(1/7518)

[1] في (أ): (وتقدَّما)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[ج 2 ص 163]

(1/7519)

[حديث: أصيب سعد يوم الخندق رماه رجل من قريش]

4122# قوله: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى): هذا هو زكرياء بن يحيى بن صالح البلخيُّ، أبو يحيى اللؤلؤيُّ، الحافظ الفقيه، عن وكيع، وعبد الله بن نمير، والطبقة، وعنه: البُخاريُّ، وأحمد بن سيَّار المروزيُّ، وجعفرٌ الفريابيُّ، وآخرون، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، فقال: (كان صاحب سُنَّة وفضل، وممَّن يردُّ على أهل البدع، وهو صاحب كتاب «الإيمان»)، وقال أحمد بن يعقوب: مات بخمس بقين من ذي الحجَّة سنة (230 هـ)، أخرج له أبو داود، والتِّرمذيُّ، ولا يحتمل أن يكون زكريا بن يحيى بن عمر بن حصن أبا السُّكين الطائيَّ الكوفيَّ نزيل بغداد، روى عن أبيه، وعبد الرحمن المحاربيِّ، وعبد الله بن نمير، وأبي بكر بن عيَّاش، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ، وابن أبي الدنيا، وعبدان، وابن صاعد، وخلق، وثَّقه الخطيب وغيره، تُوفِّي سنة (251 هـ)، أخرج له البُخاريُّ فقط.

ثُمَّ إنَّي رأيت أبا عليٍّ الجيَّانيَّ قال في أبي يحيى البلخيِّ: حدَّث عنه البُخاريُّ في (الوضوء)، و (التيمم)، و (المغازي) في (باب مرجع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من الأحزاب)؛ يعني: هذا الباب، وأمَّا الثاني؛ ففي كتاب «العيدين» قال الدارقطنيُّ في تسمية رجال البُخاريِّ: (زكريَّا بن يحيى الكوفيُّ، ولعلَّه يريد: أبا السُّكين)، وذكر أبو أحمد بن عديٍّ في (باب من حدَّث عنه البُخاريُّ): (زكريَّا بن يحيى بن زكريَّا بن أبي زائدة الكوفيُّ)، وقال: (يروي عن ابن نمير)، ولم يذكره الكلاباذيُّ، إنَّما ذكر البلخيَّ وأبا السُّكين لا غير، والله أعلم بالصواب، انتهى كلامه ملخَّصًا.

قوله: (يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ ابْنُ الْعَرِقَةِ [1]): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الحاء، وتشديد الموحَّدة، وتَقَدَّم [الكلام] على نسبه، وعلى أمِّه (العَرِقة)، وأنَّه هلك على كفره.

تنبيه: ذُكِر أنَّ الذي رمى سعدًا هو حِبَّان ابن العَرِقة، ولم يذكر فيه خلافًا، وفي «سيرة ابن سيِّد الناس» لمَّا ذكر حبَّان ابن العَرِقة أنَّه الذي رمى سعد بن معاذ؛ قال: (ويقال: بل الذي رماه خفاجة بن عاصم بن جبارة، ويقال: الذي رماه أبو أسامة الجُشميُّ حليف بني مخزوم)، انتهى، والثلاثة لا أعلم لهم إسلامًا، والقولان _حِبَّان وأبو أسامة_ في كلام ابن إسحاق، وأمَّا خفاجة؛ فممَّا زاده ابن هشام على ابن إسحاق، والله أعلم.

قوله: (فِي الأَكْحَلِ): هو بفتح الهمزة، ثُمَّ كاف ساكنة، ثُمَّ حاء مهملة، ثُمَّ لام؛ عرق معروف، قال الخليل: هو عرق الحياة، وقال غيره: هو نهر الحياة، في كلِّ عضوٍ منه شعبةٌ لها اسمٌ على حدة، إذا قُطِع من اليد؛ لم يرقأ دمُه، وقال أبو حاتم: هو عرق في اليد، وفي الفخذ النَّسا، وفي الظهر الأبهر، وقد تَقَدَّم.

قوله: (قَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ، وَاللهِ مَا وَضَعْتُهُ): (وضعتَ): الأولى بفتح التاء على الخطاب، و (ما وضعتُه): بالضمِّ على التكلُّم، وهذا ظاهرٌ.

(1/7520)

قوله: (فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَرَدَّ الْحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ): وقد تَقَدَّم أنَّ بني قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ، وفي «الأموال» لأبي عبيد: قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فأبَوا، واختاروا النزول على حكم سعد، قال شيخنا: قال ابن التين: لعلَّه ردَّ ذلك قبل نزولهم، وكانوا من حلفاء قومه، فرجوا أن يستبقيهم، انتهى.

2/ 96]

قوله: (أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ): (تُقتَل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (المقاتلةُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وكذلك (تُسْبَى النِّسَاءُ)، و (الذُّرِّيَّةُ): مرفوعٌ معطوف على (النساء)، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ): (تُقسَم): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (أموالُهم): بالرَّفع نائب مناب الفاعل.

قوله: (فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ [شَيْءٌ]؛ فَأَبْقِنِي لَهُ): دعاء سعدٍ هذا على قريش لعلَّه يُدَّخَر له؛ لأنَّ الله لم يضع حرب قريش، وحملُه على بني قريظة خروجٌ عن الظَّاهر؛ لأنَّه قال: (من حرب قريش فأبقني)، قيل: ويحتمل أن يكون أراد في ذلك الوجه أو الحرب الذين ثابوا راجعين إلى المدينة، كما فعلوا في أُحُد والأحزاب، انتهى، قاله شيخنا.

قوله: (فَأَبْقِنِي): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَافْجُرْهَا): هو بهمزة وصل، وضمِّ الجيم، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

قوله: (فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ): (اللَّبة)؛ بفتح اللام، وتشديد الموحَّدة: النحر، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (من ليلته)، قال ابن قُرقُول: («من لَبَّته»؛ كذا لأبي بحر، وعند الصدفيِّ: «من لِيْتهِ»؛ أي: من صفحة عنقه، وعندهما: من ليلته، وكذا للباجيِّ).

قوله: (فَلَمْ يَرُعْهُمْ)؛ أي: يفزعهم.

قوله: (وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ لِبَنِي غِفَار): في «الأُسْدِ»: أنَّه عليه السلام أمر أن يُجعَل في خيمة رُفيدة الأسلميَّة، وذكر ابن شيخنا البلقينيِّ عن ابن قتيبة قال: (وهي امرأة من أسلم، كان سعد يُمرَّض في خيمتها)، انتهى، وفي سيرة لا أعرف مؤرِّخَها _وهي سيرة طويلةجدًّا_: أنَّ الخيمة لكعيبة بنت سعد الأسلميَّة، انتهى، وفي «الصَّحابة» للذَّهبيِّ: كعيبة بنت سعيد الأسلميَّة.

قوله: (مِنْ قِبَلِكُمْ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا): (يغْذُو): هو بالغين الساكنة، وبالذال المضمومة المعجمتين؛ أي: يسيل، قال ابن قُرقُول: يغذو؛ أي: يسيل لا يرقأ؛ كذا للقابسيِّ، ولأبي بحر من شيوخنا عن مسلم: مثل: يَغِذُّ، وعند أكثرهم عن البُخاريِّ: يغدو، وهما بمعنًى، وقال ابن دريد: غَذى الجرح والعِرق يغذي؛ إذا لم يرق، وعند ابن ماهان: يصبُّ، وقال صاحب «العين»: غذِي الجرح: ورم، وأيضًا: بَرِئَ.

==========

[1] في هامش (ق): (هو حبَّان بن قيس من بني معيص بن عامر بن لؤيٍّ، والعرقة أمُّه).

[ج 2 ص 163]

(1/7521)

[حديث: اهجهم _ أو هاجهم _ وجبريل معك]

4123# قوله: (أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ): (عديٌّ) هذا: هو عديُّ بن ثابت الأنصاريُّ، يروي عن أبيه، والبراء، وابن أبي أوفى، وعدَّةٍ، وعنه: شعبة، ومسعر، وخلقٌ، ثقة، لكنَّه قاصُّ الشيعة وإمام مسجدهم بالكوفة، توفِّي سنة (116 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم غير هذه المرَّة مترجمًا، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (لِحَسَّانَ): هو حسان بن ثابت الأنصاريُّ، صحابيٌّ مشهور، تَقَدَّم ببعض ترجمة، وفي الصَّحابة من اسمه حسان سبعة غير المشار إليه، من السبعة واحد الصحيح أنَّه تابعيٌّ، وفيهم آخر ذِكْرُه فيهم غلطٌ، ولهم ثامن ذكره في «الصَّحابة» ابن قانع.

4124# قوله: (وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ... ) إلى آخره: أمَّا (إبراهيم بن طهمان) المعلَّق عنه هذا، فترجمته تَقَدَّمت، تُوفِّي سنة (163 هـ)، وأمَّا (الشيبانيُّ) فهو بالشين المعجمة، والشيبانيُّ اثنان: أبو عمرو سعد بن إياس، وسليمان بن أبي سليمان فيروز، ويقال: خاقان، فينظر من هو منهما، و (عديُّ [بن] ثابت): تَقَدَّم أعلاه، وقبل ذلك أيضًا، وهذا التعليق أخرجه النَّسائيُّ في «المناقب» نحوه عن أحمد بن حفص بن عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان به.

==========

[ج 2 ص 163]

(1/7522)

[باب غزوة ذات الرقاع]

(بابُ غَزْوَة ذَاتِ الرِّقَاعِ) ... إلى (غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِقِ)

فائدةٌ: في «الأوسط» للطبرانيِّ عن إبراهيم بن المنذر: قال محمَّد بن طلحة: كانت غزوة ذات الرقاع تُسمَّى: غزوة الأعاجيب، انتهى، قال ابن إسحاق: ثُمَّ أقام رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعد غزوة بني النضير شهر ربيع، وقال الوقشيُّ: الصواب: شهري ربيع وبعض جمادى، ثُمَّ غزا نجدًا يريد محاربَ وبني ثعلبة، انتهى، وغاب في هذه الغزوة خمس عشرة [1] ليلة، وغزوة بني النضير كانت في ربيع الأوَّل على رأس خمسة أشهر من وقعة أُحُد، وقال البُخاريُّ: قال الزُّهريُّ عن عروة: كانت على رأس ستَّة أشهر من وقعة بدر قبل أُحُد، انتهى، وقد تَقَدَّم ما في ذلك في مكانه.

واعلم أنَّ البُخاريَّ ذكر من حديث أبي موسى أنَّهم نقبت أقدامُهم ولفُّوا عليها الخرق، فسُمِّيَت غزوة ذات الرقاع، وجعل حديث أبي موسى هذا حجَّةً في أنَّ غزوة ذات الرقاع متأخِّرة عن خيبر، وذلك أنَّ أبا موسى إنَّما قدم مع أصحاب السفينتين بعد هذا بثلاث سنين، قال أبو الفتح بن سيِّد الناس: والمشهور في غزوة ذات الرقاع ما قدَّمناه، وليس في حديث أبي موسى ما يدلُّ على شيء من ذلك، انتهى، وفيه نظر، وانظر حديث أبي موسى في «الصحيح»؛ فإنَّه يدلُّ لذلك دلالة ظاهرة، ولايُنتَقل إلى المجاز فيه ولا تأويله، والله أعلم.

وقال الدِّمياطيُّ في هذا الباب لمَّا قال البُخاريُّ: (وهي بعد خيبر؛ لأنَّ أبا موسى جاء بعد خيبر) ما لفظه: (هذا مشكلٌ، ما ذهب أحد من أهل السير إلى أنَّها بعد خيبر، قال ابن إسحاق: كانت في سنة أربع، وقال ابن سعد: كانت في المحرَّم على رأس سبعة وأربعين شهرًا من الهجرة)، انتهى.

وقال مغلطاي: وذكرها البُخاريُّ بعد غزوة خيبر مستدلًّا بحضور أبي موسى الأشعريِّ، وفي ذلك نظرٌ؛ لإجماع أهل السير على خلافه، انتهى، ولم يذكرها بعد خيبر، وإنَّما هي عنده بعد خيبر، وإنَّما ذكرها هنا، وعارضه بالأحاديث المخالفة لذلك.

(1/7523)

وما قاله البُخاريُّ يشهد له أيضًا ما علَّقه هو بصيغة الجزم في آخر الباب عن أبي هريرة (صلَّيتُ مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم غزوة نجد صلاة الخوف)، قال البُخاريُّ: (وإنَّما جاء أبو هريرة إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أيَّام خيبر)، انتهى، ولمَّا ذكر ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدين في «الهدْي» غزوةَ ذات الرقاع؛ قال: (فخرج في جمادى الأولى من السنة الرابعة، وقيل: في المحرَّم ... ) إلى أن قال: (هكذا قال ابن إسحاق وجماعة من أهل السير والمغازي في تاريخ هذه الغزاة، وصلاة الخوف بها، وتلقَّاه الناس عنهم، وهو مشكل جدًّا، فإنَّه صحَّ أنَّ المشركين حبسوا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم الخندق عن صلاة العصر حتَّى غابت الشمس ... ) إلى أن قال: (والخندق بعد ذات الرقاع، سنة خمس، والظَّاهر أنَّه عليه السلام أوَّل صلاة صلَّاها للخوف بعسفان، كما قال أبو عيَّاش الزرقيُّ)؛ فذكر حديثه مختصرًا، رواه أحمد وأهل السنن ... ، إلى أن قال: (ولا خلاف بينهم أنَّ غزوة عسفان كانت بعد الخندق، وقد صحَّ أنَّه صلَّى صلاة الخوف بذات

[ج 2 ص 163]

الرقاع، فعُلِم أنَّها بعد الخندق، وبعد عسفان، ويؤيُّد هذا أنَّ أبا هريرة وأبا موسى شهدا ذات الرقاع، كما في «الصحيحين»)؛ فذكر حديث أبي موسى، ثُمَّ قال: (وأمَّا أبو هريرة؛ ففي «المسند» و «السنن»: أنَّ مروان بن الحكم سأله: هل صلَّيت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صلاة الخوف؟ قال: نعم، قال: متى؟ قال: عام غزوة نجد، قال: وهذا يدلُّ على أنَّ غزوة ذات الرقاع بعد خيبر، وأنَّ من جعلها قبل الخندق؛ فقد وهم وهمًا ظاهرًا، ولمَّا تفطَّن بعضُهم لهذا؛ ادعى أنَّ غزوة ذات الرقاع كانت مرَّتين؛ فمرَّة قبل الخندق، ومرَّة بعدها، على عادتهم في تعديد الوقائع إذا اختلفت ألفاظها أو تاريخها، ولو صحَّ لهذا القائل ما ذكروه _ولا يصحُّ_ لم يمكن أن يكون قد صلَّى بها صلاة الخوف في المرَّة الأولى لما تَقَدَّم من قصَّة عسفان وكونها بعد الخندق، ولهم أن يجيبوا عن هذا بأنَّ تأخير يوم الخندق جائزٌ غير منسوخ، وأنَّ في حال المسايفة يجوز تأخير الصلاة إلى أن يتمكَّن من فعلها، وهذا أحد القولين في مذهب أحمد وغيره، لكن لاحيله لهم في قصَّة عسفان، وأنَّ أوَّل صلاة صلَّاها للخوف بها، وأنَّها بعد الخندق؛ فالصواب: تحويل غزوة ذات الرقاع من هذا الموضع إلى بعد الخندق، بل بعد خيبر، وإنَّما ذكرناها ههنا تقليدًا لأهل المغازي والسير، ثُمَّ تبيَّن لنا وهمهم، وبالله التوفيق، ثُمَّ شرع يستدلُّ على أنَّ غزوة ذات الرقاع بعد الخندق ... ) إلى آخر كلامه، وهو كلام حسن ينبغي للواقف على هذا أن ينظر كلامه في «الهدْي»، فإنَّه ذكر أحاديث تدلُّ لما قاله، والله أعلم.

(1/7524)

قوله: (بابُ غَزْوَة ذَاتِ الرِّقَاعِ): اعلم أنَّها سُمِّيَت غزوة ذات الرقاع؛ لأنَّهم رفعوا فيها راياتهم، ويقال: ذات الرقاع: شجرة بذلك الموضع، وقيل: لأنَّ أقدامَهم نقبت، فكانوا يلفُّون عليها الخرق، قال المنذريُّ: وقد نصَّ الصَّحابيُّ الذي حضر هذه الغزوة أنَّها إنَّما سُمِّيَت بذلك، فلا يعرَّج على ما سواه، وقال النَّوويُّ: إنَّه الصحيح في تسميتها، انتهى، وقيل: إنَّ الجبل الذي نزلوا عليه كانت أرضه ذات ألوان تشبه الرقائع، وقيل: لأنَّ صلاة الخوف كانت بها، فسُمِّيَت بذلك لترقيع الصلاة فيها، انتهى، وقد روى أحمد في «مسنده» من حديث أبي الزُّبَير، عن جابر قال: غزا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ستَّ مَرَّاتٍ قبل صلاة الخوف، وكانت صلاة الخوف في السنة السابعة، وفي سنده ابن لهيعة.

قوله: (وَهْيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ): قال الدِّمياطيُّ: محارب بن خصفة بن قيس عَيلان، انتهى، وقال تجاه قول البُخاريِّ: (من بني ثعلبة): صوابه: وبني ثعلبة، كما جاء بعد ذلك في حديث بكر بن سوادة، انتهى، و (خَصَفة): بفتح الخاء المعجمة، وفتح الصاد المهملة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التأنيث.

قوله: (وَهْيَ بَعْدَ خَيْبَرَ [2] ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام عليه في الصفحة التي قبل هذه، وبعضه في هذه.

(1/7525)

[معلق ابن رجاء: أن النبي صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة]

4125# قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ ... ) إلى آخره، (عبد الله بن رجاء) هذا: هو أبو عمرو الغُدَانيُّ البصريُّ، عن شعبة، وعكرمة بن عمَّار، وعمران القطَّان، وهشام الدَّستوائيِّ، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو بكر الأثرم، وأبو حاتم، وأبو مسلم الكجيُّ، وخلائق، قال الفلَّاس: صدوقٌ كثير الغلط والتصحيف، ليس بحجَّة، وقال أبو حاتم: ثقة رضًا، وقال ابن المدينيِّ: اجتمع أهل البصرة على عدالة رجلين: أبي عمر الحوضيِّ، وعبد الله بن رجاء، قيل: مات في سلخ ذي الحجَّة، سنة (219 هـ)، وقيل: في أوَّل سنة عشرين، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه؛ كهذا، فإنَّه يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأنَّ هذا وأمثاله يعلِّم عليه المِزِّيُّ وكذا الذَّهبيُّ تعليقًا، و (عِمْرَانُ القَطَّانُ) بعده: هو عمران بن داود القطَّان، أبو العوَّام العَمِّيُّ البصريُّ، أحد علمائها، عن الحسن، وابن سيرين، وبكر المزنيِّ، وجماعة، وعنه: عبد الرحمن بن مهديٍّ، وأبو عليٍّ الحنفيُّ، وآخرون، قال يزيد بن زريع: كان حروريًّا يرى السيف، وقال أحمد: أرجو أن يكون صالح الحديث، وقال ابن معين: ليس بالقويِّ، وقال أبو داود: ضعيف، أفتى أيام إبراهيم بن عبد الله بن حسن بفتوى شديدة فيها سفك دماء، وقال النَّسائيُّ: ضعيف، له ترجمة في «الميزان»، أخرج له البُخاريُّ تعليقًا، والأربعة، و (يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيرٍ): بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، تَقَدَّم مِرارًا، وهذا مشهورٌ عند أربابه، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في (صلاة الخوف) عن أبي بكر عن عَفَّان عن أبان، وعن عبد الله بن عبد الرحمن عن يحيى بن حسَّان عن معاوية بن سلَّام، ثلاثتهم _عمران القطَّان، وأبان، ومعاوية بن سلَّام_ عن يحيى، عن أبي سلمة، عنه به، وأعاده مسلم عن أبي بكر في (فضائل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم).

قوله: (بِذِي قَرَدٍ): اعلم أنَّ غزوة ذي قرد يقال لها: غزوة الغابة، و (قَرَد): بفتح القاف والراء، وبالدال المهملة، وحكى السُّهيليُّ عن أبي عليٍّ الضمَّ فيهما، انتهى، وهو على ليلتين من المدينة، بينها وبين خيبر، ويقال: ذو قرد، وقال بعض الحُفَّاظ: (ذو قرد): ماء على نحو يوم من المدينة، وقال مغلطاي: (على بريد من المدينة)، والله أعلم.

(1/7526)

4126# قوله: (وَقَالَ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ: حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى: أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ ... ) إلى آخره: (بكر) هذا _كما قال_: ابن سوادة بن ثمامة الجذاميُّ المصريُّ، أبو ثمامة الفقيه، أحد الأئمة، عن عبد الله بن عمرو، وأبي ثور الفهميِّ، وعن خلق من التابعين، وعنه: جعفر بن ربيعة، واللَّيْث، وابن لهيعة، وثَّقه ابن معين وغيره، مات سنة (118 هـ)، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وأخرج له مسلمٌ، والأربعة، و (زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ): التجيبيُّ، ثُمَّ الأوابيُّ، مولى بني أواب، المصريُّ، عن كعب صحابيٍّ شهد اليمامة، وأبي موسى عن جابر، وعنه: بكر بن سوادة في «ثقات ابن حبان» به في (صلاة الخوف)، علَّق له البُخاريُّ، و (أبو موسى) شيخه: قال المِزِّيُّ: يقال: إنَّه الغافقيُّ، ويقال: إنَّه عُليُّ بن رَباح اللخميُّ، انتهى، قال الذَّهبيُّ: (يقال: هو عُليُّ بن رباح، ويقال: هو أبو موسى الغافقيُّ)، وقال شيخنا: والقول الأوَّل أولى، كما قاله المِزِّيُّ، وأَبُو مُوسَى الغَافِقيُّ: هو مالك بن عبادة، له صحبة، روى عنه ثعلبة بن أبي الكنود، ووداعة الجمْديُّ، انتهى، علَّم عليه (خت)، قال الذَّهبيُّ في «تجريد الصَّحابة»: (مالك بن عبادة _وقيل: ابن عبد الله_ الغافقيُّ، مصريٌّ، له صحبة، تُوفِّي سنة (58 هـ)، روى عنه: وداعة بن حميد الجمْديُّ؛ نسبة إلى جمْد بن معدي كرب، وثعلبة بن أبي الكنود، ويحيى بن ميمون، وغيرهم، انتهى، قال في «التذهيب» في ترجمة عُليِّ بن رباح لمَّا ذكر هذا التعليق: قال أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ وغيره: هو عُليُّ بن رباح، وقيل: هو أبو موسى الغافقيُّ، انتهى، ولم أر تعليقه في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم أر شيخنا خرَّجه.

4127# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه محمَّد بن إسحاق بن يسار، إمام أهل المغازي، ولم يخرِّج له البُخاريُّ شيئًا، وأمَّا مسلم؛ فقرنه، وتَقَدَّم أنَّ حديثه حسن، وفوق الحسن، وقد أجاب أبو الفتح بن سيِّد الناس في أوَّل «سيرته» عن كل ما رُمِيَ به ابن إسحاق من الجرح، والله أعلم، و (وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ) شيخه: كنيته أبو نعيم، مؤدِّبٌ، روى عن ابن عبَّاس، وجابر، وعنه: مالك، وابن الماجشون، وغيرهما، ثقة، تُوفِّي سنة (127 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (وَقَالَ يَزِيدُ، عَنْ سَلَمَةَ): (يزيد) هذا: هو ابن أبي عبيد، و (سلمة): هو ابن عمرو بن الأكوع، وهذا التعليق ذكره مسندًا في (الجهاد) عن مكِّيِّ بن إبراهيم، وفي (المغازي) عن قتيبة، عن حاتم بن إسماعيل؛ كلاهما عن يزيد به، وأخرجه مسلم في (الجهاد) عن مكِّيِّ بن إبراهيم عن حاتم بن إسماعيل، وعن قتيبة في (المغازي)؛ كلاهما عن يزيد به، وأخرجه مسلم في (المغازي)، والنَّسائيُّ في «عمل اليوم والليلة»؛ جميعًا عن قتيبة به.

==========

[ج 2 ص 164]

(1/7527)

[حديث: خرجنا مع النبي في غزاة ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه]

4128# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ): (العلاء): بالمدِّ في آخره، وهذا ظاهرٌ، و (أَبُو أُسَامَةَ): حَمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ)؛ بضمِّ الموحَّدة، وفتح الراء: وهو ابن عبد الله بن أبي بردة، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحارث، أو عامر القاضي، ابن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعريِّ.

قوله: (فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا): (نقِبت): بكسر القاف، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ): (غزوةَ): منصوبٌ مفعولٌ ثانٍ.

قوله: (لِمَا كَانَ يَعْصِبُ): هو بالتخفيف، ويجوز التشديد، وقد تَقَدَّم مثلُه.

قوله: (أَفْشَاهُ)؛ أي: أظهره وأذاعه، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 164]

(1/7528)

[حديث: أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو ... ]

4129# قوله: (عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ): هو بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الواو، وفي آخره تاء مثنَّاة من فوق، و (خَوَّات): هو ابن جبير، يروي صالح عن أبيه، وعنه: ابنه خوَّات [1]، والقاسم، ثقة.

قوله: (عَمَّنْ شَهِدَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) إلى آخره، هذا هو: سهل بن أبي حثمة كما صَرَّح به في بعض طرقه في «الصحيح»، وقال المحبُّ الطبريُّ في «أحكامه»: والظَّاهر أنَّ سهلًا _يعني: بن أبي خيثمة_ هو الرجل المبهم في الحديث، انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ أفصح به، ويأتي ذلك قريبًا جدًّا، وكذا جعل المِزِّيُّ هذا الحديث في مسند سهل بن أبي حثمة، وقال بعضُهم: قيل: إنَّه سهل بن أبي حثمة، وقيل: خوَّات بن جُبير، وهو أشبه، انتهى، وسيأتي أنَّه خوَّات من كلام النَّوويِّ.

ورأيت في «الاهتمام» للشيخ الإمام الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبيِّ _وأصله من كفر نايا؛ القرية المعروفة بقرب حلب، وله مؤلَّفات مفيدة، وشيوخٌ كثيرة، وهو شيخ بعض شيوخنا، تُوفِّي سنة أربعٍ وثلاثين وسبع مئة بالقاهرة، ودفن خارج باب النَّصر منها في زاوية خاله الشَّيخ نصرٍ المنبَجيِّ رحمهما الله تعالى_، قال: وفي رواية بيَّن المبهمَ: سهل بن أبي حثمة، قال: وفيه نظر، انتهى، والنظر الذي عناه هو ما قاله ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب» في مولد سهل سنًّا يشكل على ذلك، فإنَّه قال: ولد سهل سنة ثلاث من الهجرة، قال أحمد بن زهير: سمعت سعد بن عبد الحميد يقول: سهل بن أبي حثمة من بني حارثة، من الأوس، قال الواقديُّ: قُبِض رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو ابن ثماني سنين، ولكنَّه حفظ عنه، فروى وأتقن، وذكر أبو حاتم الرازيُّ أنَّه سمع رجلًا من ولده يقول: كان ممَّن بايع تحت الشجرة، وكان دليل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليلة أُحُد، وشهدَ المشاهد كلَّها إلَّا بدرًا، والذي قاله الواقديُّ أظهر، والله أعلم.

وقال الذَّهبيُّ في «تجريده» في ترجمة سهل: ولد سنة ثلاث، وقد حفظ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والأصحُّ _بل المجزوم به_ أنَّ تاريخ مولده غلطٌ، فإنَّه شهد أُحُدًا، والحديبية، وروى عنه: بُشَير بن يسار، وصالح بن خوَّات، وعروة، ونافع بن جبير، وجماعة، وهذا يردُّ على الواقديِّ قولَه: إنَّه ولد سنة ثلاث، انتهى.

(1/7529)

غريبةٌ هي فائدةٌ، وقد تَقَدَّمت في كلام بعضِهم: قال النَّوويُّ في «تهذيبه» في (المبهمات): (عن صالح بن خوَّات عمَّن صلَّى مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم): المصلِّي معه أبوه خوَّات، وتحقَّق من «صحيح مسلم» وغيره، انتهى، وقد قدَّمتُ أنَّه سهل بن أبي حثمة، وخوَّات ليس له شيء في الكتب السِّتَّة، إنَّما أخرج له البُخاريُّ في كتاب «الأدب المفرد»، وقال ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب»: إنَّه روى «ما أسكر كثيره؛ فقليله حرام»، وروى في (صلاة الخوف)، انتهى، وسيأتي قريبًا من كلام المِزِّيِّ مَن روى حديث خوَّات من الرواة، وليس هو في الكتب السِّتَّة، والله أعلم.

و (خَوَّاتٌ): صحابيٌّ مشهور الترجمة، عدَّه بعضُهم في البدريِّين، وتُوفِّي سنة (40 هـ) رضي الله عنه، وهو أحد فرسان النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

قوله: (أَنَّ طَائِفَةً): (أَنَّ): بفتح الهمزة، وتشديد النون، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَطَائِفَة): يجوز في هذه النَّصْب مع التنوين، والرَّفع معه، وهذان ظاهران.

قوله: (وِجَاهَ الْعَدُوِّ): هو بكسر الواو، وتضمُّ؛ لغتان؛ أي: قِبالته، وكذا (وِجاه) الثانية.

4130# قوله: (وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ): أمَّا (معاذٌ)؛ فهو ابن فضالة كما أوضحه المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهو شيخ البُخاريِّ، وقد علمتَ الكلام فيما إذا [قال] البُخاريُّ: (قال فلان كذا)، وفلانٌ المنسوبُ إليه القول شيخه؛ كهذا؛ أنَّه كـ (حدَّثنا)، لكنَّ الغالب استعمالها مذاكرة، و (هشام): هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، كذا قاله المِزِّيُّ أيضًا، و (أَبُو الزُّبَيْرِ): محمَّد بن مسلم بن تَدْرُس، ترجمة أبي الزُّبَير معروفةٌ، وليس من شرط هذا الكتاب، وقد أخرج له مسلم في الأصول، والأربعة.

قوله: (بِنَخْلٍ): هو بنون مفتوحة، ثُمَّ خاء معجمة ساكنة، ثُمَّ لام، قال ابن قُرقُول: (نخل) المذكور في غزوة ذات الرقاع بنجد من أرض غطفان، انتهى، وقال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «تهذيبه»: (بطن نخل) الذي صلَّى به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صلاة الخوف هو مكان من نجد من أرض غطفان، كذا قال صاحب «المطالع» والجمهور، انتهى باختصار.

قوله: (تَابَعَهُ ليْثٌ، عَنْ هِشَامٍ): (اللَّيْث): هو ابن سعد، و (هشام): هو ابن سعد كما قاله المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهشام بن سعد هذا يروي عن زيد بن أسلم، ونافع، والمقبريِّ، وعنه: ابن وهب، وابن مهديٍّ، والقعنبيُّ، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال أحمد: لم يكن بالحافظ، قال الذَّهبيُّ: قلت: حسن الحديث، تُوفِّي سنة (160 هـ)، علَّق له البُخاريُّ، وروى له مسلم، والأربعة، كذا رقم عليه، وقال الذَّهبيُّ في ترجمته في «الميزان»: قال الحاكم: أخرج له مسلم في الشواهد، وأقرَّه على ذلك، وهذه المتابعة ليست في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخنا.

(1/7530)

قوله: (أَنَّ الْقَاسِمَ [بْنَ مُحَمَّدٍ] حَدَّثَهُ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ): (القاسم): هو ابن محمَّد، هذا مرسلٌ؛ لأنَّ القاسم تابعيٌّ، وقد ذكر المِزِّيُّ في

[ج 2 ص 164]

«أطرافه» ما لفظه: (زَ)؛ يعني: مما زاده، رواه عبد الله بن عمر العُمريُّ، عن أخيه عبيد الله، عن القاسم بن محمَّد، عن صالح بن خوَّات، عن أبيه، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، انتهى، وقد تَقَدَّم الكلام على (خوَّات) قريبًا.

==========

[1] في (أ): (صالح)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 164]

(1/7531)

[حديث: يقوم الإمام مستقبل القبلة وطائفة منهم معه وطائفة ... ]

4131# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى)، وفي نسخة: (ابن سعيد القطَّان)، وهو هو كما في النسخة، و (يَحْيَى) الثاني: هو ابن سعيد الأنصاريُّ، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (مِنْ قِبَلِ الْعَدُوِّ): (قِبَل): بكسر القاف، وفتح الموحَّدة.

قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان.

قوله: (حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ): (عبيد الله): مصغَّر، وهو محمَّد بن عبيد الله بن محمد بن زيد الأمويُّ، مولى عثمان، أبو ثابت المدنيُّ، عن مالك، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز بن أبي حازم، وطائفة، وعنه: البُخاريُّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعبَّاس بن الفضل الأسفاطيُّ، وإسماعيل القاضي، وآخرون، قال أبو حاتم: صدوق، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ في «عمل اليوم والليلة»، و (ابن أبي حازم): هو عبد العزيز بن أبي حازم؛ بالحاء المهملة، و (يَحْيَى): بعده هو ابن سعيد الأنصاريُّ.

قوله: (حَدَّثَهُ قَوْلَهُ): (قولَه): منصوب بنزع الخافض؛ أي: من قولِه، ويعني بذلك: أنَّه موقوفٌ عليه، وهذه اللفظة (قولَه) كاد ألَّا يعرف معناها إلَّا المحدِّثون، والله أعلم.

(1/7532)

[حديث: غزوت مع رسول الله قبل نجد ... ]

4132# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (قِبَلَ نَجْدٍ): (قِبَل): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَوَازَيْنَا): (وازاه)؛ أي: حاذاه وقابلَهُ، وقد تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 165]

(1/7533)

[حديث: أن رسول الله صلى بإحدى الطائفتين والطائفة الأخرى مواجهة ... ]

4133# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم أعلاه ومرارًا غير ذلك.

قوله: (مُوَاجهَة الْعَدُوِّ): (مواجَهةُ): مرفوع على الخبر، ويجوز نصبُه على الظرف، وكذا في نسخة أخرى، وفي أصلنا بفتح الجيم، وفي نسخة وعليها (صح) هي في حاشية أصلنا بكسر الجيم بالقلم.

==========

[ج 2 ص 165]

(1/7534)

[حديث: أن جابرًا أخبر أنه غزا مع رسول الله قبل نجد]

4134# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة أعلاه، وكذا (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (حَدَّثَنِي سِنَانٌ وَأَبُو سَلَمَةَ): هو سنان بن أبي سنان الدؤليُّ، روى عن أبي هريرة، وجابر، وعنه: زيد بن أسلم، والزُّهريُّ، ثقة، تُوفِّي سنة (105 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا كثيرة أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (قِبَلَ نَجْدٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله أنَّ (قِبَلًا) بكسر القاف، وفتح الموحَّدة.

4135# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام، وأخوه تَقَدَّم أنَّه عبد الحميد بن أبي أويس، وتَقَدَّم ما قيل فيه، وليس بصحيح عنه، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو سليمان بن بلال، تَقَدَّم مترجمًا، و (مُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ): هو محمَّد بن عبد الله بن أبي عتيق محمَّدِ بن عبد الرحمن بن أبي بكرٍ الصِّدِّيق التيميُّ المدنيُّ، عن أبي يونس مولى عائشة، ونافع، والزُّهريِّ، وعنه: عبد العزيز بن الماجشون، ومحمَّد بن إسحاق، وسليمان بن بلال، وحاتم بن إسماعيل، وجماعة؛ ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، روى له البُخاريُّ مقرونًا بغيره؛ كهذا المكان؛ فإنَّه مقرونٌ بشعيب، وهذا نوع من القرن، وقد تَقَدَّم أنَّما شرط القرن أن تقول: (أخبرنا فلان، وفلان)، والله أعلم، وأخرج له أيضًا أبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، و (ابْنِ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، تَقَدَّم، و (سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ): تَقَدَّم أعلاه، و (الدُّؤَلِيُّ): ويقال فيه: الديليُّ.

قوله: (قِبَلَ نَجْدٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّها بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، و (قَفَلَ) معناه: رجع، تَقَدَّم.

و (الْعِضَاهِ): بكسر العين المهملة، وبالضاد المعجمة، وفي آخره هاء لا تاء، قال ابن قُرقُول: كلُّ شجر ذي شوك، واحده: عِضَةٌ، حذف منه الهاء؛ كـ (شفة)، ثُمَّ رُدَّت في الجميع، فقالوا: عِضاهٌ، كما قالوا: شِفاهٌ، ويقال: عِضَاهَةٌ أيضًا وهو أقبحها، وعِضَهَةٌ، وقيل: هو من شجر الشوك ما له أروم، ويبقى على الشتاء.

قوله: (تَحْتَ سَمُرَةٍ): (السَّمُرة)؛ بفتح السين المهملة، وضمِّ الميم: من شجر الطلح، والطلح: شجر عظام من شجر العِضاهِ.

(1/7535)

قوله: (وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ): هذا الأعرابيُّ يقال له: غَوْرَث بن الحارث، وغَوْرَث: بالغين المعجمة المفتوحة، وتضمُّ وهو قليل، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ راء مفتوحة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، وسيجيء في هذا «الصحيح» في هذا الباب أنَّه غورث بن الحارث، وفي «المطالع»: رواية المستملي والحمُّوي بالعين المهملة، انتهى، وهو عند بعضهم مصغَّرٌ بالعين المهملة، ويقال فيه: غورك؛ بالكاف، وكذا وقع في بعض نسخ البُخاريِّ، وغورث هذا: صحابيٌّ معدود في الصَّحابة، أسلم بعد هذه القصَّة، وقد تَقَدَّم الكلام عليه ومتى كانت قصَّته، في (الجهاد)، وما وقع في قصَّةٍ تشبه هذه في ذي أَمَرٍ، وسمَّوه: دعثورًا، ودُعثور: تصحيف، والله أعلم.

قوله: (صَلْتًا): هو بفتح الصاد المهملة، وتضمُّ، وإسكان اللام، ثُمَّ مثنَّاة فوق، قال ابن قُرقُول: (صَلتًا)، ويقال: (صُلتًا)؛ بالضمِّ؛ يعني: مسلولًا، وللعذريِّ: (صُلتٌ)؛ بالرَّفع، انتهى، والعذريُّ من رواة مسلم.

4136# قوله: (وَقَالَ أَبَانُ: عَنْ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): قال الدِّمياطيُّ: هو أبان بن يزيد العطَّار، أبو يزيدَ البصريُّ، احتجَّ به مسلمٌ، انتهى، والبُخاريُّ أيضًا أخرج له في الأصول، وتعليقه هذا أخرجه مسلمٌ عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن عَفَّان، عنه به، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، وقد عزى شيخُنا في هذا الشرح تعليقَ أبان إلى البيهقيِّ، وهو في «مسلمٍ»؛ فاعلمه.

قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه غورث بن الحارث، وتكلَّمتُ عليه، وأنَّه أسلم بعد ذلك وصحب، وسيجيء قريبًا في هذا الباب مسمًّى.

قوله: (فَاخْتَرَطَهُ): هو بالخاء المعجمة؛ أي: سَلَّه.

2/ 98]

قوله: (فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ... ) إلى آخره، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: معناه: صلَّى بالطائفة الأولى ركعتين، وسلَّم وسلَّموا، وبالثانية كذلك، وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم متنفِّلًا في الثانية، وهم مفترضون، واستدلَّ به الشافعيُّ وأصحابه على جواز صلاة المفترض بالمتنفِّل، والله أعلم بالصواب، انتهى، وقال شيخنا في هذا الشرح: واستشكل ابن التين رواية جابر السالفة، وقال: إنَّ فيه نظرًا؛ لأنَّهم كانوا في سفر.

فإن قلنا: إنَّ المسافر بالخيار؛ فكيف يصلِّي بكلِّ طائفة ركعتين، وهو يصلي أكثر من المأمومين؟ وهذا إنَّما قاله جابر راوي الحديث: إنَّ الإمام يصلِّي ركعتين، والمأمومين بكلِّ طائفة ركعة، ويأتي أنَّ القصر في عدد الركعات، وبه قال الحسن وطاووس، والذي روي هنا خلافه؟

قلت: لا إشكال، بل يحمل على أنَّهم صلَّوا معه ركعتين، ثُمَّ كمَّلوا، ولهذا قال: (ثُمَّ تأخَّروا)، والأخرى كذلك، انتهى، وهذا غير المهيع الذي قاله الشافعيُّ، والله أعلم.

(1/7536)

قوله: (وَقَالَ مُسَدَّدٌ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ... ) إلى آخره: أمَّا (مسدَّد)؛ فهو شيخ البُخاريِّ، كما حدَّث عنه مرارًا قبل ذلك، وبعده كذلك، وقد تَقَدَّم أنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، و (أبو عوانة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (أبو بِشر)؛ بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة: هو فيما يحتمل أن يكون بيان بن بشر الأحمسيُّ الكوفيُّ المعلِّم، عن أنس، وقيس بن أبي حازم، والشَّعْبيِّ، ووبَرة بن عبد الرحمن، وجماعة، وعنه: شعبة، والسفيانان، ومحمَّد بن فضيل، وجماعة، قال ابن المدينيِّ: له نحو سبعين حديثًا، وقال أحمد وابن معين: ثقة، تُوفِّي في حدود (140 هـ)، أخرج له الجماعة؛ وأن يكون جعفر بن أبي وحشيَّة إياسٍ، أبا بشر؛ فإنَّهما روى عنهما أبو عوانة الوَضَّاح، والله أعلم، قال شيخنا: وما ذكره عن مسدَّد أخرجه سعيد بن منصور، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس _يعني: اليشكريَّ الثقة_ عن جابر كما سلف، وذكر فيه زيادة، ثُمَّ قال: وأخرجه البيهقيُّ من حديث عارم بن الفضل وعاصم بن عديٍّ، عن أبي عوانة، انتهى، وسليمان بن قيسٍ اليشكريُّ له عن جابر في التِّرمذيِّ وابن ماجه، قال التِّرمذيُّ في حديث قتادة عنه عن جابر: ليس إسناده بمتصل، سمعت محمَّدًا يقول: سليمان اليشكريُّ يقال: إنَّه مات في حياة جابر، ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر، قال: ولا أعرف لأحد منه سماعًا إلَّا أن يكون عمرو بن دينار، فلعلَّه سمع منه في حياة جابر، وإنَّما يحدِّث قتادة عن صحيفة سليمان، انتهى، والله أعلم.

قوله: (اسْمُ الرَّجُلِ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ): تَقَدَّم قريبًا ضبطه، وما قيل فيه، وأنَّه أسلم بعد هذه القصَّة وصحب، رضي الله عنه.

4137# قوله: (وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ): تَقَدَّم قريبًا أنَّ (أبا الزُّبَير) هو محمَّد بن مسلم بن تَدْرُس، وأنَّه ليس من شرط هذا الكتاب، وقد علَّق له واستشهد به، وقد أخرج له مسلم، والأربعة، وتعليقه هذا ليس في الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، لكن في هذا «الصحيح» في (المغازي): وقال معاذٌ _يعني: ابن فضالة_: حدَّثنا هشام _يعني: ابن أبي عبد الله الدَّستوائيَّ_ عن أبي الزُّبَير ... ، فذكره، وقال شيخنا: تعليق أبي الزُّبَير سلف من حديث هشامٍ عنه، وأسنده الطيالسيُّ عن هشام، انتهى.

==========

[ج 2 ص 165]

(1/7537)

[باب غزوة بني المصطلق من خزاعة]

(بابُ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ) ... إلى (بابُ غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ)

قوله: (الْمُصْطَلِقِ): هو بميم مضمومة، ثُمَّ صاد ساكنة ثم طاء مهملتين مفتوحة، ثُمَّ لام مكسورة، ثُمَّ قاف، وهو جذيمة بن كعب من خزاعة، فجذيمة: هو المصطلق، وهو (مُفْتَعِل) من الصلْقِ؛ وهو رفع الصوت، قاله السهيليُّ، انتهى، وقال شيخنا: ووقع في «سيرة ابن حيَّان»: أنَّ المصطلق اسمه سعد بن عمرو، والمعروف ما ذكرناه؛ يعني: من أنَّه جذيمة.

قوله: (وَهْيَ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ [1]): (الُمَرَيْسِيْع): هو بضمِّ الميم، وفتح الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مكسورة، [ثُمَّ] مثنَّاة أخرى ساكنة، ثُمَّ عين مهملتين؛ وهو اسم ماء لهم، قال الصغانيُّ في «الذيل والصلة لكتاب التكملة»: ماء بناحية قديد بين الحرمين، انتهى، وقال السهيليُّ: وهو من رَسَعَت عيْنُ الرجل؛ إذا دمعت من فساد، انتهى، وقال مغلطاي: ماء لخزاعة، بينه وبين الفُرع نحو من يوم، وبين المدينة والفُرع ثمانية بُرد، انتهى.

قوله: (قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ، وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ): انتهى ما نقله البُخاريُّ عن ابن إسحاق، ولم يبيِّن فيه في أيِّ شهر كانت من السنة، وقد كانت في شعبان سنة ستٍّ عند ابن إسحاق، وبقي عليه قولٌ؛ وهو أنَّ الغزوة المذكورة كانت في شعبان، سنة خمس، يوم الاثنين، لليلتين خلتا منه، عند ابن سعد، والخندق بعدها عنده في ذي القعدة من السنة، وما نقله البُخاريُّ عن موسى بن عقبة قد ذكر البيهقيُّ في «دلائله» كما قاله شيخنا بإسناده عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: أنَّها كانت في شعبان، سنة خمس، قال: ورويناه عن قتادة أيضًا، انتهى.

==========

[1] في هامش (ق): (قال ابن إسحاق: بلغ رسول الله أنَّ بني المصطلق تجمَّعوا له، وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية زوجِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا سمع بهم رسول الله؛ خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له: المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا، فهزم الله بني المصطلق، وقتل منهم عشرة، وسبى رسول الله [نساءهم] والذريَّة.

قَصَدَ البخاريُّ بهذا التعليق الاستدراكَ؛ لأن خيبر كانت سنة سبع، وغزوة بني المصطلق سنة ستٍّ، [وجاء هذا التعليق موصولًا من طريق أبي الأسود]).

[ج 2 ص 165]

(1/7538)

[حديث: ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة .. ]

4138# قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ): هو بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة، تَقَدَّم.

قوله: (عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ): اسمه عبد الله بن محيريز، أخرج له الجماعة، وترجمته معروفة، و (أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

قوله: (فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ... ) إلى أن قال: (فَسَأَلْنَاهُ عَنِ العَزْلِ ... )؛ الحديث، قد اختُلِف في بني المصطلق هل كانوا أهل كتاب؟ فقال الأصيليُّ كما نقله شيخنا: كانوا عَبَدة أوثان، وإنَّما أباح عليه السلام وطأهنَّ قبل نزول: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، وقال الداوديُّ: كانوا أهل كتاب؛ ولذلك لا يحتاج إلى إسلامهنَّ قبل الوطء، والأوَّل أولى؛ لقوله: (فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ)، انتهى، وهذا ظاهرٌ معروفٌ، وقد قدَّمتُ أنَّهم من خزاعة، وكيف يكونون أهلَ كتاب؟! إنَّما هم أوثانيُّون، والله أعلم.

قوله: (مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا): قال ابن سيِّد الناس في «سيرته»: وفي هذه السفرة _يعني: غزوة بني المصطلق_ نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن العزل، فاستدلَّ به على النهي، ثُمَّ ذكر حديث أبي سعيد هذا بإسنادٍ لَهُ.

قوله: (مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ): (النَّسَمة)؛ بفتح النون والسين: النفس.

==========

[ج 2 ص 165]

(1/7539)

[حديث: إن هذا أتاني وأنا نائم فاخترط سيفي فاستيقظت]

4139# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمود بن غيلان، وتَقَدَّم مترجمًا، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو الحافظ الكبير المصنِّف، ابن همام الصنعانيُّ، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان العين، وميمين مفتوحتين، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم، و (أبو سَلَمَةَ): عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف.

[ج 2 ص 165]

قوله: (كَثِيرِ الْعِضَاهِ): تَقَدَّم الكلام على (العِضَاه) قريبًا، وأنَّه بالهاء لا بالتاء، وتَقَدَّم ما هو.

قوله: (وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ): تَقَدَّم الكلام على هذا الأعرابيِّ، وأنَّه غورث بن الحارث، وأنَّه أسلم بعد ذلك وصحب، وكذا تَقَدَّم الكلام على (اخْتَرَطَ)، وكذا (صَلْتًا) وأنَّه بفتح الصاد وضمِّها.

قوله: (فَشَامَهُ): هو بالشين المعجمة، وبعد الألف ميم مفتوحة مُخَفَّفة؛ أي: أغمده.

قوله: (وَلَمْ يُعَاقِبْهُ): وإنَّما ترك عليه السلام عقوبته استمالة لإسلامه، والله أعلم.

تنبيهٌ: لم أعلم وجه إخراج البُخاريِّ هذا الحديث هنا في هذه الغزوة، وهذا الإمام كاد ألَّا يُدرِك غورَه علماءُ هذه الأزمان، ولم أرَ أحدًا تكلَّم على الحكمة في ذلك، ثُمَّ إنَّي رأيت حاشية على بعض أصولنا الدِّمَشْقيَّة تجاه هذا الحديث ما لفظه: هذا الحديث عند أبي إسحاق في غزوة ذات الرقاع، وعند الحميديِّ ههنا، انتهت، والله أعلم.

(1/7540)

[باب غزوة أنمار]

قوله: (بابُ غَزْوَة أَنْمَارٍ): ذكر بعد ذلك حديث الإفك، والذي يظهر أنَّ ذكره حديث الإفك في غزوة بني المصطلق هو الظَّاهر؛ لأنَّه اتفق فيها، وأمَّا أنمار؛ فقال ابن سعد: قالوا قدم قادمٌ المدينة بجَلَبٍ له، فأخبر أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ أنمار وثعلبة قد جمعوا لهم الجموع، فبلغ ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فخرج ليلة السبت لعشرٍ خلون من المحرَّم في أربع مئة من أصحابِه، ويقال: سبع مئة، فمضى حتَّى أتى محالَّهم بذات الرقاع، فلم يجد في محالِّهم إلَّا نسوةً ... )؛ الحديث، والله أعلم، وهذه غزوة ذات الرقاع، وقال مغلطاي: ثُمَّ غزا غطفان إلى نجد لثنتي عشرة مضت من ربيع الأوَّل في أربع مئة وخمسين فارسًا، واستخلف عثمان، وقال ابن إسحاق: (في صفر، وهي غزوة ذي أَمَر، وسمَّاها الحاكم: غزوة أنمار، وذلك أنَّ جمعًا من بني ثعلبة ومحارب تجمَّعوا يريدون الإغارة، وعليهم دعثور بن الحارث المحاربيُّ ... ) إلى آخر القصَّة، ودعثور ذكروه في ذات الرقاع كما تَقَدَّم، وهو تصحيف من غورث كما تَقَدَّم، وفي «مسلم» وغيره عن أبي الزُّبَير، عن جابر: (أرسلني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو منطلق إلى بني المصطلق، فأتيته، وهو يصلِّي على بعيره، فقال لي بيده هكذا _فأومأ زهير أيضًا بيده نحو الأرض_ وأنا أسمعه يقرأُ، يومئ برأسه، فلمَّا فرغ قال: «ما فعلتَ في الذي أرسلتُك له؟ فإنَّه لم يمنعني أن أكلِّمك إلَّا أنَّي كنت أصلي ... »)؛ الحديث، وفي «أبي داود»: (أرسلني إلى بني المصطلق)، فلعلَّ البُخاريَّ أراد هذه الغزوة، وهي غزوة بني المصطلق، غير أنَّه قال جابر: إنَّها غزوة أنمار، فلمَّا كانت هذه القصَّة تشبه القصَّة التي ذكرها جابر وسمَّاها ههنا غزوة أنمار؛ ذكرها بعد (غزوة بني المصطلق) بترجمة وحدها، وفصل بها بين (غزوة بني المصطلق) و (حديث الإفك)، والله أعلم.

وقال شيخنا البُلقينيُّ في «مناسباته» لـ «البخاريِّ»: قال قبل (حديث الإفك): (باب غزوة أنمار)، ولم أرَ من تعرَّض لها من أصحاب المغازي، ولم يذكر فيها البُخاريُّ إلَّا حديث جابر: (أنَّه رآه عليه السلام وهو يصلي على راحلته في غزوة أنمار متوجِّهًا قِبَل المشرق)؛ انتهى، ولمَّا قَدِم شيخنا العلَّامة البلقينيُّ لحلب القدمة الأولى سألته عن وجه تخريج البُخاريِّ لهذا الحديث هنا؟ وما هي غزوة أنمار؟ فما أجاب، وقد راجع بحضوري «المناسبات» التي له مؤلفة فوجد قد أخلى لذلك بياضًا، والله أعلم بما أراد البُخاريُّ.

وقد ذكر البُخاريُّ في (غزوة ذات الرقاع) بعد حديث جابر من طريق أبي الزُّبَير المعلَّق: (كنا مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بنخل ... )؛ فذكر حديث (صلاة الخوف)، ثُمَّ قال: (تابعه اللَّيْث عن هشام، عن زيد بن أسلم: أنَّ القاسم بن محمَّد حدَّثه: صلَّى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة بني أنمار)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 166]

(1/7541)

[حديث: رأيت النبي في غزوة أنمار يصلي على راحلته]

4140# قوله: (حَدَّثَنَا آدَمُ): تَقَدَّم أنَّه آدم بن أبي إياس العسقلانيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة [ابن] أبي ذئبٍ العامريُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (قِبَلَ الْمَشْرِقِ): تَقَدَّم أنَّ (قِبَلًا) بكسر القاف، وفتح الموحَّدة.

==========

[ج 2 ص 166]

(1/7542)

[باب حديث الإفك]

قوله: (حَدِيث الإِفْكِ وَالأَفَكِ؛ بِمَنْزِلَةِ النَّجْشِ وَالنَّجَشِ [1]): (الإِفْك) الأوَّل؛ بكسر الهمزة وسكون الفاء، والثاني: بفتحهما، و (النَّجْشُ، والنَّجَش)؛ بالشين المعجمة فيهما، وزان (الإِفْك، والأَفَك) كذا في أصلنا بإعجام الشين فيهما في الموضعين، وكذا هو مجوَّد في نسخة أخرى بخطِّ شيخنا أبي جعفر، وأمَّا شيخنا الشارح؛ فإنَّه قال: قال الهرويُّ: (النَّجس): كلُّ شيء يستقذر، فإذا قلت: رِجْس نِجْس؛ كسرت النون، وأسكنت الجيم، وقال ابن عزيز: على الإتباع ... إلى أن قال: (وعبارة ابن فارس: شيء نِجْس، ونَجَس؛ مثل ما في الأصل)، انتهى، وكذا قال بعضُهم، والظَّاهر: أنَّه أخذه من شيخنا، وهذا التفسير منه صريح في أنَّ السين مهملة، وهو مخالفٌ لما في أصلنا، ولم يتعرض لضبطه ابنُ قُرقُول ولا القاضي عياض، وأمَّا ضبطُ (النجس) الذي هو بالإهمال؛ فقد قال الجوهريُّ: (نَجِسٌ، ونَجَسٌ)، قال الفرَّاء: (إذا قالوه مع الرِّجس؛ أتبعوه إياه، فقال: رِجْسٌ نِجْس)، وقد راجعتُ بعض أصولنا الدِّمَشْقيَّة فوجدتهما فيها بالإهمال بالقلم، كما ضبطه شيخنا في كلامِه، والله أعلم.

قوله: (يُقَال: إِفْكُهُمْ [2] وأَفَكُهُمْ): الأوَّل بكسر الهمزة وإسكان الفاء، والثاني بفتحهما، وهما اسمان لا فِعْلان، قال الجوهريُّ: (الإِفْك): الكذب ... إلى أن قال: (والأَفْك)؛ بالفتح مصدر قولك: أَفَكَه يأفِكُه أَفْكًا؛ أي: قلبه وصرفه عن الشيء، انتهى، وقال ابن فارس: أفك؛ إذا كذب، إِفْكًا، وأفكتُه: صرفته، أَفَكًا؛ يعني: بفتح الهمزة، والفاء، وهذا يؤيُّد ما قاله البُخاريُّ، قال شيخنا: وقال ابن عديس في «باهره»: (الأَفْك)؛ بفتح الهمزة وسكون الفاء، وحُكِيَ كسرها، مصدر قولك: أفك الرجل يأفك أَفكًا؛ إذا كذب، وبكسر الهمزة: الكذب، انتهى، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر: (أَفَكهم، وأفِكهم): على أنَّهما فعلان ماضيان؛ أحدهما مفتوح الفاء، والآخر مكسورها، ويؤيُّد ما ضبطه تفسير البُخاريِّ المفتوحَ الفاء بـ (صَرَفَهم)، ومكسورَها كما في بعض النسخ بـ (كذَبَهم)؛ ماضٍ أيضًا، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (تقول: النِّجْش والنَّجَش، قال شيخنا: لا أحفظه إلا بالشين المعجمة).

[2] في هامش (ق): (ومن قال بالكسر).

[ج 2 ص 166]

(1/7543)

[حديث: يا عائشة أما الله فقد برأك]

4141# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَابٍ) بعده: هو الزُّهريُّ، (وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيّب): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسم أبيه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير أبيه ممَّن اسمه المسيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

2/ 99]

قوله: (حَدَّثَنِي طَائِفَةً)؛ أي: قطعة، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّم الكلام فيه في (الشهادات) بزيادة، و (أَوْعَى)؛ أي: أحفظ، وكذا تَقَدَّم.

قوله: (فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا): تَقَدَّم أنَّ هذه غزوة بني المصطلق، وهذا معروفٌ، وقد تَقَدَّم تاريخها بما فيه من الاختلاف.

قوله: (فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي): تَقَدَّم في (الشهادات) من كلام ابن سعد أنَّ أمَّ سلمة كانت معه عليه السلام أيضًا، وكذا تَقَدَّم الكلام على قوله: (بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ)، وأنَّ (أُنزِل) مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الحجابُ) مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وذكرت هناك أنَّ الحجاب نزل في مبتنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب بنت جحش، وسيأتي ما فيه في (الأحزاب) في (التفسير).

قوله: (أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي): (أُحمَل) مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، و (الهودج) معروف، وكذا (أُنْزَلُ): مبنيٌّ أيضًا، وكذا تَقَدَّم (وَقَفَلَ): وأنَّ معناه: رجع، و (آذَنَ): بمدِّ الهمزة؛ أي: أعلم، وتَقَدَّم أنَّ (الرَّحْلَ) المنزل والمأوى، وكذا تَقَدَّم (مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ [1])، وكذا (فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ) أي: أخَّرني طلبُه، و (ابْتِغَاؤُهُ) بالمدِّ، وكذا تَقَدَّم (يَرْحَلُون بي)، وأنَّه بفتح أوَّله والحاء المهملة، يقال: رحلت البعير؛ مخفَّف: شددت عليه الرحل، وعند أبي ذرٍّ مشدَّدٌ مضموم الأوَّل، قال القاضي عياض: ولم أره في سائر تصاريفه إلَّا مخفَّفًا، و (يَحْسبُونَ)؛ بكسر السين وفتحها: لغتان، وقد قرئ بهما في السبع، وكذا قوله: (يَهْبُلْنَ): أنَّه بفتح أوَّله، وإسكان [الهاء]، ثُمَّ موحَّدة مضمومة، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: ضبطوه على أوجهٍ؛ أشهرها: ضمُّ الياء وفتح الهاء، والباء المُشدَّدة؛ أي: يثقلن باللحم والشحم، والثاني: (يَهْبَلن)؛ بفتح الياء والباء، وإسكان الهاء بينهما، والثالث: بفتح الياء، وضمِّ الباء الموحَّدة، ويجوز ضمُّ أوَّله، وإسكان الهاء، وكسر الموحَّدة، قال أهل اللُّغة: (يقال: هبله اللحم، وأهبله؛ إذا أثقله، وكثر لحمه وشحمه)، انتهى، وذكر اللفظة أيضًا ابن قُرقُول، فإن أردتها؛ فانظرها.

(1/7544)

قوله: (الْعُلْقَةَ [2] مِنَ الطَّعَامِ): (العُلْقة)؛ بضمِّ العين المهملة، وإسكان اللام، ثُمَّ قاف مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث: اليسير الذي فيه بُلغة، وقد تَقَدَّم في (الشهادات)، و (بَعَثُوا الْجَمَلَ)؛ أي: أقاموه من بروكه، وقد تَقَدَّم، و (اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ): قال الدِّمياطيُّ: استمرَّ: (اسْتَفْعَلَ) من (مرَّ)، ومنه: {سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2]؛ أي: ذاهب، انتهى، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي)؛ أي: قصدته، وكذا تَقَدَّم (صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ) الكلام عليه، و (السُّلَمِيُّ) أنَّه بضمِّ السين، وفتح اللام، وكذا (فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ)؛ أي: شخص إنسان، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم الكلام على قوله: (وَاللهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ)، وتَقَدَّم هناك تنبيه على شيء وقع في «إكليل الحاكم»، وكذا تَقَدَّم (مُوغِرِينَ) ضبطًا ومعنًى، والوغرة: شدَّة الحرِّ، وما فيه من ضبط، والصواب في ذلك، وتَقَدَّم الكلام على (نَحْرِ الظَّهِيرَةِ).

قوله: (وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى [كِبْرَ] الإِفْكِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ): قال الدِّمياطيُّ: أمُّ أَبْيه أُبيٍّ من خزاعة، انتهى، وقد تَقَدَّم الكلام على ذلك، وإنَّما هي أمُّ عبد الله، ولهذا يُكتَب (ابن سلول) بالألف، ويُنوَّن (أُبيٌّ)، وقد قدَّمتُ ترجمته ونسبه، وذكرت في (الشهادات) من قيل عنه: إنَّه من أصحاب الإفك؛ فانظر ذلك.

قوله: (فَيُقِرُّهُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الراء، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَيَسْتَوْشِيهِ)؛ أي: يستخرجه بالبحثِ.

قوله: (لَمْ يُسَمَّ): (يُسمَّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا تَقَدَّم (حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ): واسمه عوف، ويقال: عامر، و (مِسطح) لقب له، (وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، فِي نَاسٍ آخَرِينَ): قدَّمتُ من قيل عنه الإفك، وهل جلدهم أم لا؟ والذي يظهر أنَّه جلدهم، وقد جزم به البُخاريُّ في أواخر هذا «الصحيح»، والكلام في جلد عبد الله بن أُبَيٍّ أم لا، وإذا قلنا: إنَّه جلده؛ فكم جلدة؟ تَقَدَّم كلُّ ذلك، وتَقَدَّم الكلام في (يَرِيبُنِي)، وأنَّه ثلاثيٌّ، ويجوز الرُّباعيُّ، وكذا (اللّطفَ)، وكذا قوله: (كَيْفَ تِيكُمْ)، وأنَّه إشارة للمؤنَّث؛ كـ (ذاكم) للمذكَّر، وكذا (نَقهْتُ [3])؛ أي: أفقت من المرض، وأنَّه بكسر القاف وفتحها، والكلام على (أُمِّ مِسْطَحٍ)، وأنَّها سَلْمى بنت أبي رهم بن عبد مناف، وقيل: اسمها ريطة، وفي خطِّ أبي نعيم: (رائطة)، وما في ذلك، و (قِبَلَ): أنَّه بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وكذا (الْمَنَاصِعِ).

(1/7545)

قوله: (وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا): هو بالنَّصْب خبر (كان)، و [تقدَّم] الكلام على (الْكُنُفَ): وأنَّها المراحيض، وكذا (أَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ)، وفي رواية: (الأوَّل)، و (مِسْطَحٍ)، و (أَثَاثَة): ضبطه، وبعض ترجمته، و (قِبَل): بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وكذا (المِرْط) ضبطًا، وما هو، وعلى (تَعسَ [4]) معنًى، وأنَّه بكسر العين وفتحها، وعلى (هَنْتَاهْ)، و (مِنْ قِبَلِهِمَا): بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وتَقَدَّم الكلام على أمِّ عائشة؛ وهي أمُّ رومان؛ بضمِّ الراء وفتحها، وأنَّ اسمها: دعد، ويقال: زينب، ونسبها، ومتى تُوفِّيت، وتَقَدَّم الكلام على رواية مسروق عنها، وما قاله ابن قيِّم الجوزيَّة في وفاتها.

قوله: (يَا بُنَيَّةُ): ضبط في أصلنا بالضمِّ والكسر بالقلم.

قوله: (وَضِيئَة)؛ أي: جميلة حسنة، وقد قدَّمتُ معناه، وما يجوز فيه من الإعراب، وأنَّه يجوز النَّصْب مع التنوين، والرَّفع معه.

قوله: (لَهَا ضَرَائِرُ): هو مرفوع غير مُنَوَّن؛ لأنَّه لا ينصرف؛ كـ (مساجدَ)، وقد تَقَدَّم.

قوله: (أَوَلَقَدْ): هو بفتح الواو على الاستفهام، وقدَّمتُ ما تفتح فيه الواو، وما تُسكَّن.

قوله: (لاَ يَرْقَأُ): تَقَدَّم أنَّه مهموز الآخر، ومعناه: لا ينقطع ولا يرتفع جريه.

قوله: (حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ): تَقَدَّم أنَّ (الوحيُ) مرفوعٌ فاعل، ومعناه: تأخَّر، وتَقَدَّم ما رأيته في نسخة صحيحة، وأنَّه منصوب، وفي هامشها مرفوع.

[ج 2 ص 166]

قوله: (أَهْلَكَ [5]): هو منصوب؛ أي: الزم أهلك، ويجوز رفعه، وقد تَقَدَّم.

قوله: (اسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ [6])، وقوله: (فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ [7])، وذكرت إشكالًا في ذلك في (الشهاداتِ).

قوله: (يَرِيبُكِ): تَقَدَّم أنَّه ثلاثيٌّ ورُباعيٌّ أيضًا.

قوله: (أَغْمِصُهُ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّ معناه: أعيبه، وكذا قوله: (الدَّاجِنُ): وهو ما يألف البيوت من الحيوان، وتَقَدَّم الكلام على (الْمِنْبَرِ) وما فيه من الإشكال، والظَّاهر أنَّ المراد: ما ارتفع، وكذا قوله: (وَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا): تَقَدَّم أنَّه صفوان بن المعطَّل.

قوله: (فَقَامَ سَعْدُ [8] بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ): تَقَدَّم الإشكال في ذلك.

قوله: (ضَرَبْت عُنُقَهُ): (ضربت): ضبط في أصلنا بضمِّ التاء وفتحها على التكلُّم والخطاب، والذي أحفظه أنا الضمِّ على التكلُّم، والله أعلم.

قوله: (وَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ): هذا الرجل هو سعد بن عبادة، وهو خزرجيٌّ، سيِّد الخزرج، ساعديٌّ، وسيأتي مسمًّى هنا.

قوله: (وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ): (أمُّ حسَّان): اسمها الفُريعة؛ بالفاء، والعين المهملة، مصغَّرة، بنت خالد بن خنيس بن لوذان الساعديَّة، عُدَّت في الصَّحابيَّات، وقوله: (مِنْ فَخِذِهِ): تَقَدَّم ما في (الفخذ) من اللُّغات.

(1/7546)

قوله: (فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ): تَقَدَّم أنَّهما مصغَّران، رضي الله عن (أُسيد).

وقوله: (وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ)؛ يعني: سعد بن معاذ.

قوله: (حَتَّى سَكَتُوا): هو بالمثنَّاة فوق.

قوله: (لاَ يَرْقَأُ): هو مهموز الآخِر.

قوله: (وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي): أبواها أشهر من أن يذكرا؛ أبو بكر الصِّدِّيق عبد الله بن عثمان أبي قحافة، وأمُّ رومان تَقَدَّمت في (الشهادات).

قوله: (حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ): (إنَّي): بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (إِذِ اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذه المرأة لا أعلم اسمها.

قوله: (وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ): تَقَدَّم ما في ذلك في (الشهاداتِ)؛ فانظره.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام على إعرابها في أوَّل هذا التعليق، والاختلاف في أوَّل من قالها.

قوله: (قَلَصَ): تَقَدَّم أنَّ معناه: ارتفع وانقبض.

قوله: (حَتَّى مَا أُحِسُّ): هو بضمِّ الهمزة، وكسر الحاء.

قوله: (رُؤْيَا): تَقَدَّم أنَّها غير مُنَوَّنة، وأنَّ وزنها: (فُعْلَى)، وكذا تَقَدَّم (مَا رَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ): ومعناه: لم يبرح، وكذا تَقَدَّم (الْبُرَحَاءِ) ضبطًا ومعنًى، و (حَتَّى إِنَّهُ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الهمزة، وكذا (الْجُمَانِ)، وأنَّه بضمِّ الجيم، وتخفيف الميم، وما هو.

قوله: (مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ): هو بكسر المُثلَّثة، وفتح القاف، ضدُّ الخفِّ، نقله شيخنا عن ابن التين، وقال الجوهريُّ: (الثِّقْل: واحد الأثقال؛ مثل: حِمْل، وأحمال ... ) إلى أن قال: (والثِّقَل: ضدُّ الخفَّة، تقول منه: ثَقُل الشيءُ ثِقَلًا؛ مثل: صَغُر صِغرًا)، انتهى.

قوله: (فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، مخفَّفٌ ومثقَّل، ومعناه: كُشِف عنه ما أصابه، وقد تَقَدَّم.

قوله: ({إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} [النور: 11]): تَقَدَّم من قيل عنه: إنَّه تكلَّم فيه، في الباب المشار إليه.

قوله: (وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ (مِسطحًا) لقب، واسمه عوف، ويقال: عامر، وكذا قوله: (فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ): هو بالتخفيف، وهو متعدٍّ، و (النَّفَقَةَ): منصوبة مفعول، والفاعل (هو) عائد على أبي بكرٍ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي): قد استُشكِل هذا بما ذكره غير واحد من الأخباريِّين: أنَّه عليه السلام تزوَّج زينب لهلال ذي القعدة سنة خمس، وكانت المصطلق قبل ذلك في شعبان من السنة، لكن حكى ابن عبد البَرِّ عن أبي عُبيدة: أنَّه تزوجها في سنة ثلاث، وعلى هذا القول يصحُّ، والصحيح: أنَّه تزوَّجها سنة أربع في ذي القعدة، والخلاف في تاريخ زواجها معروفٌ على ثلاثة أقوال: سنة أربع، أو ثلاث، أو خمس، والله أعلم، وقد تَقَدَّم الاختلاف في (غزوة المريسيع) قريبًا.

(1/7547)

قوله: (أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي): تَقَدَّم، وتَقَدَّم معنى (تُسَامِينِي)؛ أي: تضاهيني، وكذا (وَطَفِقَتْ) بلغتيه، و (تُحَارِبُ) بالراء، وبالزاي، في الباب المشار إليه، وأنَّه بالزاي أظهر.

قوله: (إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ ما قِيلَ): تَقَدَّم أنَّه صفوان بن المعطَّل، وكذا قوله: (مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ): فقيل: كان حَصورًا، ويردُّه الحديث الذي في «أبي داود» من شكوى زوجته منه أشياء، والمراد: عليَّ حرام، والله أعلم، وكذا قوله: (ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ [9]): تَقَدَّم في (الشهادات) متى قُتِل، وأين استُشهِد رضي الله عنه.

[ج 2 ص 167]

==========

[1] في هامش (ق): (مدينة باليمن؛ مثل: قطام).

[2] في هامش (ق): (الشيء القليل).

[3] في هامش (ق): (أي: أفقت من مرضي، بفتح القاف، قاله عياض، وقال ابن سيده: نَقِه ونَقَه؛ بالكسر والفتح فيهما).

[4] في هامش (ق): (قال القاضي عياض: تعِس؛ بالكسر، وقال الجوهريُّ: بفتح [العين]، وقال ابن سيده: تعَست؛ [بالفتح]، والكسرُ أصحُّ).

[5] في هامش (ق): (قال عياض: بنصب اللام؛ أي: أمسك أهلك، وعليك أهلك).

[6] في هامش (ق): (قال ابن هشام في «السيرة»: وضرب عليٌّ الجارية، فقيل: كيف يجوز ضربها وهي حرَّة ولم تستوجب ضربًا، ولا استأذن رسول الله في ضربها؟ قال السهيليُّ في «الروض»: معناه: فأغلظ لها بالقول، وتوعَّدها بالضرب، [واتَّهمها] أن تكون خانتِ [الله ورسوله]).

[7] في هامش (ق): (بريرة: واحدة البرير؛ وهو ثمر الأراك، «روض»).

[8] في هامش (ق): (وقع في هذا الخبر بدل سعد: أُسَيد بن حُضَير، فزاد على ابن [إسحاق: من] الناس من يرى أنَّ ذكر سعد في هذا الخبر وهم؛ لأنَّ سعدًا مات عند انقضاء بني قريظة، ويرى أنَّ الصواب ما ذكره [ابن إسحاق]، وأجيب: أنَّه لو اتفق أهل المغازي على أنَّ وقعة الخندق وبني قريظة متقدِّمة على غزوة بني المصطلق؛ لكان الوهم لازمًا، [ولكنَّهم مختلفون] في ترتيب هذه المغازي، [كما سبق في هذه وغيرها]).

[9] في هامش (ق): (فائد: قُتِل في خلافة معاوية، واندقَّت رجله يوم قُتِل، فطاعن بها وهي منكسرة حتى مات، وذلك [بالجزيرة بموضع] يقال له: شمطاط).

(1/7548)

[حديث: أن عائشة قالت لهما كان علي مسلمًا في شأنها]

4142# قوله: (حَدَّثَنَي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو المسنديُّ الحافظ، وتَقَدَّم لِمَ قيل له: المسنديُّ، في أوَّل هذا التعليق، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو القاضي، قاضي صنعاء الحافظ، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، تَقَدَّم مِرارًا [1].

قوله: (قَالَ: قَالَ لِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ): ابن مروان بن الحكم، [هذا هو الخليفة المنتقِم، وُليَّ في شوَّال سنة ستٍّ وثمانين] [2]، كنيته أبو العبَّاس، بنى الجوامع، مات والده عبد الملك لعشر خلون من شوَّال سنة ستٍّ وثمانين، وكانت خلافته عشرين سنة، وبويع ابنه الوليد، تُوفِّي في منتصف جمادى الآخرة سنة ستٍّ وتسعين، وكانت ولايته تسع سنين وتسعة أشهر، مشهور الترجمة، فلا نطوِّل بها.

قوله: (أَخْبَرَنِي رَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِكِ): يعني: من قريش، وذلك لأنَّ أبا سلمة زهريٌّ، وأبا بكر مخزوميٌّ [3].

قوله: (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هذا هو ابن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، واسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، (وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ): هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميُّ، أحد الفقهاء السبعة على قولٍ، قيل: اسمه محمَّد، وقيل: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن، وكان ضريرًا، وله إخوة، عن أبيه، وعمَّار، وأبي مسعود البدريِّ، وأبي هريرة، وعائشة، وأمِّ سلمة، وأمِّ معقل الأسديَّة، وجماعة، وعنه: بنوه، وعبد الملك، وآخرون، قال الواقديُّ: استُصغِر يوم الجمل فردَّ هو وعروة، وكان ثقة فقيهًا عالمًا سخيًّا كثير الحديث، وقال ابن سعد: وُلِد في خلافة عمر بن الخَطَّاب، تُوفِّي سنة (93 هـ)، ويقال: سنة (94 هـ)، وهو أصحُّ، قاله ابن معين، وسبعة حُفَّاظ معه، أخرج له الجماعة.

قوله: (كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا [4]): قال ابن قُرقُول: (مسلِّمًا في شأنها؛ يعني: عائشة رضي الله عنها؛ كذا رواه القابسيُّ، من التسليم، وترك الكلام في إنكاره، وفتحها الحمُّوي وبعضهم، من السلامة من الخوض فيه، ورأيت معلَّقًا عن الأصيليِّ أنَّا كذا قرأناه، ولا أعرف غيره، ورواه النسفيُّ وابن السكن: «مسِيئًا»: من الإساءة في الحمل عليها وترك التحزُّن لها، وكذا رواه ابن أبي شيبة، وعليه يدلُّ فضول الحديث في غير هذا الموضع، لكنَّه منزَّه عن أن يقول مقال أهل الإفك، كما نصَّ عليه في الحديث، ولكنه أشار بفراقِها، وشدَّ على بريرة في أمرها)؛ انتهى، وقال شيخنا عن ابن التين: (وروي: «مُسِيئًا»، وهذا فيه بُعدٌ)، انتهى، وقوله: (وشدَّ على بريرة في أمرها): تَقَدَّم الكلام على ذكر بريرة في هذا الحديث، وأنَّه مشكل، والله أعلم [5].

==========

(1/7549)

[1] زيد في (أ) مستدركًا في الورقة السابقة: ((قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، وقد تَقَدَّم بعض ترجمته، و (هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ): هو قاضي صنعاء الأبناويُّ، أبو عبد الرحمن، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العلمُ المشهور))، وفيه تكرار.

[2] ما بين معقوفين زيد في (أ) مستدركًا في الورقة السابقة، وزيد أيضًا: ((فكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر، وتُوفِّي في منتصف جمادى الآخرة سنة ستٍّ وتسعين))، وفيه تكرار، والفقرة كلُّها مستدركة مزيدة في الورقة السابقة، فأثبتنا ما لم يكرَّر منها.

[3] زيد في (أ) مستدركًا في الورقة السابقة: ((قوله: (مِنْ قَوْمِكِ)؛ يعني: من قريش، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم أنَّه زهريٌّ، و (أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): مخزوميٌّ، تَقَدَّم، والله أعلم))، وفيه تكرار.

[4] في هامش (ق): (مسلَّمًا: من السلامة وترك الكلام في إنكاره، أو من السلامة من الخوض، وروي: مسيئًا من الإساءة،، [وقال ابن التين: وروي: مسيئًا، وفيه بعد]، كذا رواه ابن أبي [خيثمة وابن] السكن والنسفي على الإساءة في الحديث في غير موضعها).

[5] هذه الفقرة بأكملها جاءت في الورقة السابقة في (أ)، وزيد في الورقة التي بعدها: ((قوله: (كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا): تَقَدَّم الكلام على (مسلِّمًا) قريبًا))، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[ج 2 ص 168]

(1/7550)

[حديث: والله لئن حلفت لا تصدقوني ولئن قلت لا تعذروني]

4143# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبوذكيُّ الحافظ، و (أَبُو عَوَانَةَ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (حُصَيْنٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وتَقَدَّم أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، وهو حُصين بن عبد الرحمن، و (أَبُو وَائِل) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ [1]): أبو عائشة الهمدانيُّ، أحد الأعلام، ترجمته معروفة، روى عن أبي بكر، ومعاذ، وعمر، ومعاوية، توفِّي سنة (63 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ [2]): تَقَدَّم الكلام على رواية مسروق عن أمِّ رومان، في (كتاب الشهادات)، وما قاله الناسُ فيها، وما قاله ابن قيِّم الجوزيَّة، والله أعلم، وتَقَدَّم أنَّ أمَّ رومان دعد، ويقال: زينب، ونسبُها، وتاريخ وفاتها، وهو مكان مشكل.

قوله: (إِذْ وَلَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذه المرأة لا أعرفها، والظَّاهر: أنَّها أمُّ حسَّان، فإن كانت هي؛ فقد تَقَدَّم اسمها قريبًا أنَّها الفُريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان، وقال بعض حُفَّاظ مِصْر: (لم تكن أمُّ واحد منهما _أي: من عبد الله بن أُبيٍّ ولا حسَّان_ موجودةً، إلَّا أن تكون أمًّا لأحدهما من رضاع أو غيره، أو تكون أمَّ مذكورٍ [3] ممَّن لم يسم؛ يعني: ممَّن قَذَف من الأنصار، كما في حديث عروة: أنَّ فيهم ممَّن لم يُسمَّ، لكنَّهم عُصبة، كما قال الله)، والله أعلم.

قوله: (وَمَا ذَاكِ؟): هو بكسر الكاف؛ لأنّه خطاب لمؤنَّث، وكذا الثانية.

قوله: (فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا): (طرحت)؛ بضمِّ التاء، تاء المتكلِّم.

قوله: (تُحُدِّثَ بِهِ): (تُحُدِّث): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الدال المُشدَّدة، مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله.

==========

[1] في هامش (ق): (قال في «الروض الأنف»: مسروق ولد بعد رسول الله بلا خلاف، فلم [يرَ أمَّ رُومان قطُّ، فقيل: إنَّه وهم في الحديث، وقيل]: بل الحديث صحيح، وهو مقدَّم على ما ذكره أهل السيرة من موتها في حياة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم).

[2] في هامش (ق): (وهي أمُّ عائشة، وهي زينب بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن دهمان، وهي من كنانة، واختلف في عمود نسبها، ولدت لأبي بكر عائشةَ وعبدَ الرحمن، وكانت قبل أبي بكر عند عبد الله بن الحارث بن سخبرة، فولدت له الطفيلَ، وتُوفِّيت أمُّ رُومان سنة ستٍّ من الهجرة، ونزل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم [في قبرها، وقال]: «اللَّهمَّ إنَّه لم يخف عليك [ما لقيت أمُّ] رُومان فيك وفي [رسولك]»، وقال: «مَن سرَّه أن ينظر [إلى امرأة من] الحور العين؛ فلينظر إلى أمِّ رُومان»، «روض»).

[3] في (أ): (المذكور) مضروبًا عليها، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 168]

(1/7551)

[حديث: كانت تقرأ: {إذ تلقونه بألسنتكم} وتقول الولق الكذب]

4144# قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ): يأتي الكلام عليه في (تفسير الأعراف) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زهير، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ زهيرًا صحابيٌّ، وتَقَدَّم (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ) مترجمًا.

قوله: ({إِذْ تَلِقُونَهُ} [النور: 15]): هو بفتح التاء المثنَّاة فوق، وكسر اللام المُخَفَّفة، والباقي معروفٌ، وهذه قراءة شاذَّة؛ لأنَّ القرآن لا يثبت بالآحاد، وإنَّما يثبت بالتواتر، وسيأتي في كلامي أنَّها قراءة عائشة ويحيى بن يعمر.

قوله: (وَتَقُولُ: الْوَلْقُ: الْكَذِبُ): (الوَلْق)؛ بفتح الواو، وسكون اللام، وبالقاف؛ كذا ضبطه ابن قُرقُول، قال: (ويقال: ولَق يَلِقُ وَلْقًا؛ فهو والق)؛ انتهى، وفي نسخة في هامش أصلنا: (الوَلَق)؛ بفتح الواو واللام، ولم أر أنا فتح اللام في اللُّغة، قال الجوهريُّ: (الوَلْق _يعني: بإسكان اللام_: الاستمرار في السير وفي الكذب، قرأتْ عائشة أمُّ المؤمنين رضي الله عنها: {إذ تَلِقُونَه بألسنتكم})، انتهى، وفي «النِّهاية»: (الولق والألق: الاستمرار في الكذب، يقال: ولَقَ يَلِقُ، وألَق يألق؛ إذا أسرع في سيره، وقيل: الولق: الكذب).

قوله: (قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الله بن عبيد [1] الله، وتَقَدَّم قبل ذلك مترجمًا.

==========

[1] في (أ): (عبد)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 168]

(1/7552)

[حديث: استأذن النبي في هجاء المشركين قال: كيف بنسبي]

4145# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): هو بإسكان الموحَّدة، وهو عبدة بن سليمان، أبو محمَّد الكلابيُّ، اسمه عبد الرحمن، تَقَدَّم مترجمًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العوَّام، و (أَبُوهُ): عروة، وهو ابن أخت عائشة، أمُّه: أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما.

قوله: (لاَ تَسُبّهُ): هو بتشديد الباء مفتوحة، وقد تَقَدَّم أنَّ سيبويه قال: إنَّه بالضمِّ، وقد ذكرت ذلك في (إِنَّا لَمْ نَرُدُّهُ عَلَيْكَ)، وفي غيره، ويأتي في كلِّ مضعَّف مجزوم.

قوله: (يُنَافِحُ): هو بالنون، والفاء، والحاء المهملة؛ أي: يدافع ويخاصم، يقال: نافحت عنه، ونفحت عنه: خاصمت ودفعت.

[ج 2 ص 168]

قوله: (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ فَرْقَدٍ): قال الجيَّانيُّ: قال _يعني: البُخاري_ في «المغازي» في آخر (حديث الإفك): قال محمَّد: حدَّثنا عثمان بن فرقد؛ فذكر هذا المكان، ثُمَّ قال: هكذا رواية أبي زيد والنسفيِّ عن البُخاريِّ، وفي نسخة أبي محمَّد الأصيليِّ، عن أبي أحمد: قال محمَّد بن عقبة: حدَّثنا عثمان بن فرقد، وهكذا لأبي ذرٍّ عن المستملي، ونسبه ابن السكن: (محمَّد بن مقاتل)،وهذا عندي بعيد، وقال في (البيوع): (حدَّثني محمَّد: حدَّثنا عثمان بن فرقد)؛ فذكر في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: 6]، ولم يقل فيه أبو نصر شيئًا، ولعلَّه محمَّد بن عقبة الشيبانيُّ، ونسبه ابن السكن: (محمد بن سلَام)؛ انتهى، وقد ذكر المِزِّيُّ حديث {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ}، فقال: (عن محمَّد، عن عثمان بن فرقد)؛ فلم ينسبه، انتهى، وقد ذكر الذَّهبيُّ في ترجمة محمَّد بن عقبة بن المغيرة أبي عبد الله الشيبانيِّ الكوفيِّ عن سوَّار بن مصعب، وأبي إسحاق الفزاريِّ، وفُضيل بن سليمان، وغيرهم، وعنه: البُخاريُّ، وأبو كريب، ويعقوب الفسويُّ، وجماعة، قال الذَّهبيُّ: وروى البُخاريُّ حديثًا عن محمَّد بن عثمان بن فرقد، فقيل: هو هذا، وقيل: محمَّد بن مقاتل المروزيُّ، وقيل: محمَّد بن سلَام، ذكره ابن حبَّان في «الثِّقات»،وقال: (مات سنة (215 هـ)، وقال مطين: سنة (220 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأمَّا المِزِّيُّ؛ فقال في هذا الحديث بعد أن علَّم عليه علامة التعليق كعادته: (خ) في «المغازي»، وقال: محمَّد بن عقبة، عن عثمان بن فرقد به)؛ يعني: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، انتهى، فنسبه ابن عقبة، وكأنَّه وقع له منسوبًا، ولو كان من توضيحه أو توضيح مَنْ دون البُخاريِّ؛ لقال فيه: وهو ابن عقبة، أو يعني: ابن عقبة؛ كالعادة في ذلك، والله أعلم.

(1/7553)

[حديث: إنه كان ينافح _ أو يهاجي _ عن رسول الله]

4146# قوله: (حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم مَرَّاتٍ أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): بعده هو غندر، و (سُلَيْمَان) بعد (شُعْبَة): هو سليمان بن مهران أبو محمَّد الكاهليُّ الأعمش القارئ، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح؛ بضمِّ الصاد، وفتح الموحَّدة، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (يُنْشِدُهَا): هو بضمِّ أوَّله رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ معروف.

قوله: (يُشَبِّبُ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الشين المعجمة، ثُمَّ موحَّدتين؛ الأولى منهما مشدَّدة مكسورة؛ معناه: يتغَزَّل.

قوله: (حَصَانٌ [1]): هو بفتح الحاء، وبالصاد المُخَفَّفة المهملتين؛ أي: عفيفة.

قوله: (رَزَانٌ): هو بفتح الراء، وبالزاي المُخَفَّفة، ومعناه: رزينة ثابتة وَقُورة قليلة الحركة، ولا يقال: رزين إلَّا في المرأة في مجلسها وإن كان من ثقل جسمها، قال ابن قُرقُول: (رزينة كما يقال في الرجل: رزين، ولا يقال له: رزان، ويقال له: ثقيل، ويقال للمرأة: ثقيلة في جسمها، ولا يقال في مجلسها)، انتهى.

قوله: (مَا تُزَنُّ): هو بضمِّ المثنَّاة فوق، وفتح الزاي، ثُمَّ نون مشدَّدة، مبنيٌّ لما لم يسم فاعلُه؛ أي: تُتَّهَمُ.

قوله: (بِرِيبَةٍ): (الرِّيبة): التُّهَمة، والشكُّ أيضًا.

قوله: (غَرْثَى): هو بفتح الغين المعجمة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مقصور، والغَرَث: الجوع، وهو استعارة عن كفِّها عن الغيبة.

قوله: (الْغَوَافِلِ [2]): بفتح الغين المعجمة، وتخفيف الواو، وبالفاء المكسورة بعد الألف، ثُمَّ اللَّام، و (الغوافل): العفيفاتُ.

فائدة: هذا البيت له تكلمة أبيات، ذكرها ابن إسحاق في «سيرته»، وعنه: ابن هشام، وسأذكر ما عقَّب به ابن هشام هذه القصيدة، وهي:

~…حَصَانٌ رزانٌ ما تُزَنُّ بريبةٍ…وتصبحُ غَرْثَى من لحومِ الغوافلِ

~…عَقِيلةُ أصلٍ [3] من لؤيِّ بنِ غالبِ…كِرَام المساعي مجدُهم غيرُ زائلِ

~…مهذَّبةٌ قد طيَّب اللهُ خِيْمَها…وطهَّرَها من كلِّ غيٍّ وباطلِ

~…فإنْ كانَ ما قد قِيلَ عليَّ قلْتُه [4] …فلا رفعتْ سَوطي إليَّ أناملي

~…وكيف وودِّي ما حييتُ ونُصرتي…لآلِ رسولِ اللهِ زَينِ المحافِلِ

~…له رُتبٌ عالٍ على الناسِ كلِّهِم…تقاصرَ عنه سُورةُ المتطاوِلِ

~…فإنَّ الذي قد قيلَ ليسَ بلائطٍ…ولكنَّه قولُ امرئٍ بي مَاحِلِ

انتهى، قال ابن هشام: (عقيلة) والبيت الذي بعده، وبيته: (له رتبٌ ... ) عن أبي زيد الأنصاريِّ، انتهى، وقد أنشد أبو عمر بن عبد البَرِّ في «الاستيعاب» أبياتًا، وهي على الولاء أوَّلها: حصانٌ ... ، الثاني: عقيلة ... ، الثالث: مهذَّبة ... ، الرابعُ: فإن كان ... ، الخامس: وإنَّ الذي ... ، السادس:

~…رأيتُكِ وليَغْفر لكِ اللهُ حُرَّةً…من المُحْصَنَاتِ غيرَ ذاتِ غَوَائلِ

السابع: وكيف ووُدِّي ...

(1/7554)

فائدة: قوله في هذه الأبيات: (عَقِيلة أصل): هو بفتح العين المهملة، وكسرالقاف؛ أي: كريمة، والعَقِيلة: كريمة الحيِّ، وكريمة الإبل، وعَقِيلة كلِّ شيء أكرمه، والدُّرَّة عقيلة البحر، وقوله: (خِيْمها): هو بكسر الخاء المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ ميم، ثُمَّ هاء، والجيم؛ السجيَّة والطبيعة، قال الجوهريُّ: (لا واحد له من لفظه)، وقوله: (فلا رفعتْ سَوطي إليَّ أناملي): هذا دعاء على نفسه، وفيه تصديق لمن قال: إنَّ حسَّان لم يجلد في الإفك، ولا خاض فيه.

ثانية: (عائشة) فيها لغتان: عائشة، والثانية: عيشة، قال أبو عمر الزَّاهد في «شرح الفصيح» عن ثعلب: عن ابن الأعرابيِّ: (أفصح اللُّغات: عائشة) قال: وقد حكيت: (عيشة) بلغة فصيحة، قال بعض العلماء: (وحكى هذه اللُّغة عليُّ بن حمزة).

قوله: (لَسْتَ كَذَلِكَ): (لستَ)؛بفتح تاء الخطاب المذكَّر، وهذا ظاهرٌ، وفيه إشارة إلى أنَّه خاض في الإفك، والله أعلم.

قوله: (لِمَ تَأْذَنِي): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (تأذنين)، (لِم): بكسر اللَّام مفتوح الميم على الاستفهام، والوجه (تأذنين) الذي وقع في نسخة.

قوله: ({وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ ... })؛الآية [النور: 11]: أُنكِر ذلك على مسروق، وإنَّما الذي تولى كبره عبدُ الله بن أُبيٍّ ابن سلول، والله أعلم [5].

قوله: (يُنَافِحُ): تَقَدَّم الكلام عليه في الصفحة قبل هذه.

(1/7555)

[باب غزوة الحديبية]

(بابُ: غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ [1]) ... إلى (غَزْوَة خَيْبَرَ)

تنبيه: ذكر البُخاريُّ هذه العُمرة في الغزوات، وليست منها إلَّا أنَّها تضمَّنت ذكر المصالحة مع المشركين بالحديبية، وانضمَّ أيضًا أنَّهم بايعوه عليه السلام على الموت، أو على ألَّا يفرُّوا، وتسلَّحوا، وعزموا على القتال، والعزم والتصميم فعل؛ فلهذا عدَّها في غزواته، والله أعلم.

ثُمَّ اعلم أنَّ ابن إسحاق قال: (ثُمَّ أقام رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالمدينة بعد غزوة بني المصطلق رمضان وشوَّالًا، وخرج في ذي القعدة)، وعند ابن سعد: (يوم الاثنين لهلال ذي القعدة) انتهى، وقال ابن إمام الجوزيَّة بعد أن ذكر أنَّها كانت سنة ستٍّ قال: وقال هشام بن عروة، عن أبيه: (خرج رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الحديبية في رمضان، وكانت العمرة في شوَّال)، وهذا وهم، وإنَّما كانت غزوة الفتح في رمضان، قال: وقال أبو الأسود، عن عروة: (إنَّها كانت في ذي القعدة) انتهى، وقال شيخنا: (واختُلِف فيه على عروة، فقيل: مثل الجماعة)؛ يعني: أنَّها في ذي القعدة، قال: وقيل: هي في رمضان، فرُوِي عنه: (خرج رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في رمضان، وكانت العمرة في شوَّال) انتهى، وهذا غلط، لم يعتمر عليه السلام في شوَّال قطُّ، وقد تَقَدَّم ذلك، وسيأتي، وقد غلط ابن عمر: (أنَّه اعتمر في رجب)،وغيره: (أنَّه اعتمر في رمضان)،وغيرهما: (أنَّه اعتمر في شوَّال)، والله أعلم.

[ج 2 ص 169]

قوله: (بابُ: غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّم أنَّ (الحديبية) فيها لغتان غيرَ مرَّةٍ، وأين هي، وهي بئر سُمِّي بها المكان.

قوله: ({تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]): هذه البيعة كانت بيعة الحديبية، ولهذا ذكر البُخاريُّ الآية هنا، وكانت الشجرة سَمُرة، قال ابن سعد: حدَّثنا عبد الوهاب بن عطاء: أخبرنا عبد الله بن عون، عن نافع قال: كان الناس يأتون الشجرة التي يقال لها: شجرة الرضوان، فيصلُّون عندها، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه، فأوعدهم فيها، وأمر بها، فقُطِعت؛ ذكره ابن سيِّد الناس في «سيرته».

==========

[1] في هامش (ق): (قال الخطابيُّ: أهل الحديث يقولون: الحُديبيَّة؛ بالتشديد والتخفيف، والجعرانة كذلك، وأهل العربية يقولونهما بالتخفيف، وقال البكريُّ: يشدِّدون الراء والياء في «الجعرانة» و «الحديبية»، وأهل الحجاز يخفِّفون، [وقال أبو جعفر النحَّاس: سألت كلَّ من لقيته ممَّن أثق بعلمه عن الحديبية، فلم يختلفوا على أنَّها بالتخفيف]).

(1/7556)

[حديث: قال الله: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي]

4147# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (مخلدًا)؛ بإسكان الخاء، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود أبو عبد الله الهذليُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ): هو الجهنيُّ رضي الله عنه صحابيٌّ جليل، تَقَدَّم.

قوله: (وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا ... ) إلى آخره، تَقَدَّم الكلام عليه في (الاستسقاء).

==========

[ج 2 ص 170]

(1/7557)

[حديث: اعتمر رسول الله أربع عمر كلهن في ذي القعدة]

4148# قوله: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الهاء، وإسكان الدال المهملة، وأنَّه يقال أيضًا: هدَّاب، وتَقَدَّم مترجمًا، و (هَمَّامٌ) بعده: هو همَّام بن يحيى بن دينار العَوْذيُّ المُحَلِّميُّ، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (اعْتَمَرَ النَّبَيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ): هذا معروف.

قوله: (وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ)، انتهى: اعلم أنَّه رُوِيَ عن ابن عبَّاس _كما ذكره ابن سيِّد الناس في «سيرته» _: أنَّ عمرة الجعرانة لليلتين بقيتا من شوَّال، وهذا غلط، وقد تَقَدَّم، ويأتي، ولو اعتمر عليه السلام في شوَّال، أو في رجب، أو في رمضان؛ لكانت عمرُه أكثر من أربع، وقد اتُّفِق على أنَّها أربع، ومن قال: إنَّها في شوَّال، على ما رواه أبو داود بإسناد صحيح، كما قاله بعض الحُفَّاظ؛ فلعله أراد عُمرة الجعرانة؛ لأنَّه خرج في شوَّال، لكنَّ الإحرام إنَّما كان في ذي القعدة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 170]

(1/7558)

[حديث: انطلقنا مع النبي عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم أحرم]

4149# قوله: (عَنْ يَحْيَى): هو يحيى بن أبي كَثِير؛ بفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (أَبُوقَتَادَةَ): تَقَدَّم أنَّ اسمه الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: النعمان، ويقال: عَمرو، وهو فارس رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، تَقَدَّم مُترجَمًا رضي الله عنه.

قوله: (فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ أُحْرِمْ): تَقَدَّم الكلام في (الحجِّ) على عدم إحرامه لِمَ كان ذلك، والله أعلم.

(1/7559)

[حديث: كنا مع النبي أربع عشرة مائةً والحديبية بئر فنزحناها]

4150# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ، و (الْبَرَاء): هو ابن عازب رضي الله عنهما.

قوله: (أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِئَةً): اعلم أنَّ الصَّحابة الذين بايعوا تحت الشجرة يوم الحديبية اختُلِف في عددهم على رواياتٍ؛ فيقال كما هنا: ألفًا وأربع مئة، قال البيهقيُّ: (أكثر الروايات أنَّهم كانوا ألفًا وأربع مئة)،وحاصلُ الروايات _وقد ذكرتها معزوَّة في المسوَّدة_: أنَّهم كانوا ألفًا وخمس مئة، ويقال: ألف وستُّ مئة، ويقال: ألف وخمس مئة وأربعون، [أو] ألف وخمس مئة وخمسةٌ وعشرون رجلًا، ويقال: ألف وخمس مئة وثمانون رجلًا؛ ذكرها البلاذريُّ: حدَّثنا الحسين بن الأسود: حدَّثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن الكلبيِّ، عن أبي صالح، عن ابن عبَّاس، كذا في «سيرة ابن سيِّد الناس» في خيبر، والكلبيُّ مشهور الترجمة، وأبو صالح مثله، وفي رواية عن ابن عبَّاس: يقال: أربع عشرة مئة، كما هو الأكثر في عددهم، [أو] ألف وثلاث مئة، [أو] سبع مئة رجل، وقد وُهِّم هذا القول، وقال شيخنا لمَّا ذكر أقوالًا في عددهم: وجمع ابن دحية بين اختلاف الروايات أنَّ ذلك كان من باب الحَزر والتخمين، لا التحديد، ويجوز أن يكون بعضهم ضمَّ إليهم النساءَ، وبعضهم حذف، وقد قالوا: إنَّ ابن أبي أوفى هو الذي حقَّق عِدَّتَهم بقوله: (وكانت أسلم ثُمْن المهاجرين) انتهى.

قوله: (ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا، ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا ... ) إلى آخره، وسيأتي بعيد هذا في حديث جابر قال: (عطش الناس يوم الحديبية، ورسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بين يديه ركوة ... ) إلى أن قال: (فجعل الماء يفور من بين أصابعه؛ كأمثال العيون)،والظَّاهر أنَّهما قصَّتان؛ الأولى في الإناء، والثانية في البئر، والله أعلم.

قوله: (نَحْنُ وَرِكَابنَا): يجوز في (رِكاب) الضمُّ والفتح، وهذان ظاهران.

==========

[ج 2 ص 170]

(1/7560)

[حديث: ائتوني بدلو من مائها]

4151# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زهير بن معاوية الجُعْفيُّ أبو خيثمة، و (أَبُو إِسْحَاقَ) بعده: عمرو بن عبد الله السَّبيعيُّ، تَقَدَّما مترجمين.

قوله: (فَأُتِيَ بِهِ): (أُتي): مبنيٌّ لما لم يسمَّ فاعله.

قوله: (فَبَسَقَ): تَقَدَّم أنَّه يقال: بسق، وبصق، وبزق؛ ثلاث لغات.

==========

[ج 2 ص 170]

(1/7561)

[حديث: عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله بين يديه ركوة .. ]

4152# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الضاد: هو محمَّد بن فُضَيل بن غزوان الضبِّيُّ مولاهم، الحافظ، تَقَدَّم، و (حُصَيْنٌ) هذا: هو ابن عبد الرحمن، وتَقَدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وفتح الصاد المهملتين، وأنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، و (سَالِم) بعده: هو ابن أبي الجعد، تَقَدَّم.

قوله: (ركْوَةٌ): (الرّكوة): بفتح الراء وكسرها، قال شيخنا: (وحكى ابن دحية تثليثها)، وهي شبه تور من أَدَم.

قوله: (مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ): تَقَدَّم الكلام في أنَّه نبع من نفس الأصابع، وهو الأصحُّ، أو من بينها، بما فيه كفاية، وتَقَدَّم أنَّ ذلك اتفق للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَرَّاتٍ، وقد ذكرتها، وذكرت عدد كم كانوا في كلِّ مرِّة من عند ابن حِبَّان.

==========

[ج 2 ص 170]

(1/7562)

[حديث: خمس عشرة مائةً الذين بايعوا النبي يوم الحديبية]

4153# قوله: (عَنْ سَعِيدٍ): هذا هو سعيد بن أبي عَروبة، تَقَدَّم، وتَقَدَّم ما قاله صاحب «القاموس» في (عَروبة)، و (سَعِيد بْن المُسَيّب) بعد (قَتَادَة): تَقَدَّم أنَّه بفتح الياء من أبيه وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المسيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

وقوله: (فَقَالَ لِي سَعِيدٌ): هذا هو ابن المُسَيّب، وهذا ظاهرٌ إلَّا أنَّه قد يخفى على مَن لا أُنْسَ له بذلك.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ قَتَادَةَ): أمَّا (أبو داود)؛ فهو الطيالسيُّ الحافظ، تَقَدَّم مترجمًا، لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول شيئًا، وأمَّا (قُرَّة)؛ فهو ابن خالد السَّدوسيُّ، عن أبي رجاء العطارديِّ، وعدَّة، وعنه: يحيى بن سعيد القطَّان، وأبو نعيم، ومسلم، وكان ثبْتًا عالمًا، مات سنة (154 هـ)، أخرج له الجماعة، ذكر المِزِّيُّ «في أطرافه» [1] حديث سعيد بن المُسَيّب المخزوميِّ المدنيِّ عن جابر هذا الذي نحن فيه، ثُمَّ قال: البُخاريُّ في (المغازي)، عن الصلت بن محمَّد، عن يزيد بن زُرَيع، عن سعيد، عن قتادة عنه _أي: عن سعيد بن المُسَيّب_ به؛ أي: عن جابر، ثُمَّ ذكر المتابعة التي لأبي داود عن قُرَّة عن قتادة هذه، فقال: قال أبو مسعود: أمَّا حديث أبي داود؛ فمشهور عنه، قال شيخنا: ومتابعة أبي داود أخرجها مسلم عن محمَّد بن المثنَّى وعبيد الله عنه، ثُمَّ ذكر كلام أبي مسعود: حديث أبي داود مشهور عنه، انتهى، ولم أرِ أنا هذه المتابعة في «مسلم»، ولا في غيره، وذكرتُ لك كلام المِزِّيِّ في تطريف الحديث الذي نحن فيه، فعرفتَ ذلك، والله أعلم، ولكنَّ هذه المتابعة في حديث ابن أبي أوفى الآتي بعد هذا، والذي نحن فيه حديث جابر، وأمَّا حديث سعيد بن أبي عَروبة؛ فقال أبو مسعود: فإنَّ العبَّاس بن الوليد رواه عن يزيد بن زُرَيع، عن سعيد، عن قتادة، وقال فيه: نسي جابر، كانوا خمسَ عشرةَ مئةً الذين بايعوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يوم الحديبية، ولم يقل هو فيه: (حدَّثني)، وكذلك رواه أبو موسى وبندار عن ابن أبي عَديٍّ، عن سعيد؛ كرواية العبَّاس، عن يزيد بن زُرَيع، عن سعيد، وكذلك رواه غندر عن سعيد، ورواية معاذ عن قُرَّة كرواية أبي داود، انتهى.

[ج 2 ص 170]

(1/7563)

قوله: (تابَعَهُ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ: حدَّثنا أبُو داوُدَ: حدَّثنا شُعْبَةُ): هكذا هذه المتابعة في أصلنا، وكُتِب عليها علامة من رواها هنا، ولكن ينبغي أن تُذكَر بعد حديث ابن أبي أوفى الآتي، وكذا عُمِلتْ بعد حديث ابن أبي أوفى في هامش أصلنا، وعليها علامة من أثبتها بعد حديث ابن أبي أوفى، والنسختان في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وكتب عليه في الأوَّل: (لا ... إلى)، وخرَّجها بعد حديث ابن أبي أوفى، وكتب عليها (نسخة)، و (صح)،وهذا الذي ينبغي إثباتها بعد حديث ابن أبي أوفى، ومتابعة ابن بشَّار _وهو شيخ البُخاريِّ، بل شيخ الأئمَّة السِّتَّة_ الظَّاهر أنَّ البُخاريَّ رواها عنه بهذا السند، والضمير فيها يعود على عُبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة؛ يعني: تابعه محمَّد بن بشَّار بندار، فرواه عن أبي داود، عن شعبة، عن عمرو بن مرَّة، عن عبد الله بن أبي أوفى بِه، أخرجها مسلم عن محمَّد بن المثنَّى، عن أبي داود، عن شعبة به، والحديث من حيث هو أخرجه مسلم عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، وعن محمَّد بن المثنَّى، عن أبي داود، وعن إسحاق بن إبراهيم، عن النضر؛ ثلاثتهم عن شعبة، عن عمرو بن مُرَّة، عن ابن أبي أوفى.

وعبيد الله بن معاذ جدُّه اسمه معاذ أيضًا العنبريُّ أبو عمرو، يروي عن أبيه، ومُعتمِر، والطبقة، وعنه: مسلم، وأبو داود، وقد روى البُخاريُّ عن واحد عنه، وهو من المشايخ الذين روى مسلم عنهم، والبُخاريُّ عن واحد عنهم، وروى عنه: البغويُّ، والساجيُّ، وخلق، قال أبو داود: كان يحفظ نحو عشرة آلاف حديث، وكان فصيحًا، مات سنة (237 هـ)، أخرج له الجماعة، وأبوه معاذ بن معاذ التميميُّ العنبريُّ، الحافظ، قاضي البصرة، عن حميد، والتيميِّ، وعنه: ابناه عبيد الله ومُثنَّى، وأحمد، وبندار، قال أحمد: إليه المنتهى في التَّثبُّت بالبصرة، مات سنة (196 هـ)، أخرج له الجماعة.

==========

[1] قوله: (في أطرافه): جاء في (أ) لاحقًا مستدركًا بعد تصحيحٍ وزيادةٍ، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

(1/7564)

[حديث: أنتم خير أهل الأرض]

4154# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ): هو عليُّ بن عبد الله بن المدينيِّ، الحافظ المشهور، تَقَدَّم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار.

قوله: (تَابَعَهُ الأَعْمَشُ: سَمِعَ سَالِمًا: سَمِعَ جَابِرًا): الضمير في (تابعه) يعود على عمرو بن دينار، و (الأعمش): سليمان بن مهران، و (سالم) هذا: هو ابن أبي الجعد، وهذه المتابعة أخرجها البُخاريُّ في (الأشربة) عن قتيبة، عن جرير، عن الأعمش، عن سالم به، وأخرجها مسلم في (المغازي) عن عثمان ابن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، عن جرير، عن الأعمش به، وأخرجها النَّسائيُّ في (الطهارة) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرَّزَّاق، عن سفيان، عن الأعمش نحوه.

==========

[ج 2 ص 171]

(1/7565)

[معلق عبيد الله بن معاذ: كان أصحاب الشجرة ألفًا وثلاث مئة ... ]

4155# قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أعلاه الكلام عليه، وعلى أبيه؛ فانظره.

قوله: (تابَعَهُ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا أبُو داوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) [1]: تَقَدَّم الكلام عليها أعلاه، والصواب إثباتها هنا، لا هناك، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (إثبات هذه المتابعة لا ينبغي أن يكون إلَّا بعد: «حدثني عبد الله بن أبي أوفى و؟؟).

[ج 2 ص 171]

(1/7566)

[حديث: يقبض الصالحون الأول فالأول]

4156# قوله: (أَخْبَرَنَا عِيسَى): (عيسى): هذا هو ابن يونس بن أبي إسحاق، أحد الأعلام في الحفظ، والعبادة، عن أبيه، وهشام بن عروة، والأعمش، وخلق، وعنه: حَمَّاد بن سلمة مع تَقَدُّمه وجلالته، وابن المدينيِّ، وإسحاق ابن راهويه، وابن عرفة، وأمم، وكان يحجُّ سنة، ويغزو سنة، مات سنة (187 هـ)، وقد تَقَدَّم، أخرج له الجماعة، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حازم، و (مِرْدَاس الأَسْلَمِيُّ): هو مرداس بن مالك الأسلميُّ من أصحاب الشجرة، له حديث: «يذهب الصالحون ... »؛ الحديث، وعنه: قيس بن أبي حازم، وزياد بن علاقة، كذا قيل، وفيه نظر يأتي قريبًا، أخرج له البُخاريُّ، قال الدِّمياطيُّ: ليس لعبَّاس _كذا كُتِب عن الدِّمياطيِّ، وصوابه: لمرداس_ سوى هذا الحديث، لم يروه عنه غير قيس بن أبي حازم، انفرد البُخاريُّ بهذا الحديث عن الأئمَّة الخمسة، انتهى، وهو كما قال: ليس له في الكتب شيء سوى هذا الحديث، وقد انفرد به البُخاريُّ، وهو موقوف لفظًا مرفوع معنًى؛ لأنَّه لا مجال للاجتهاد فيه، وقد تَقَدَّم الكلام على مثله، ووقع في أصلنا عنه غيرَ مصروف، وبين الأسطر صرفه، وعلى الأوَّل: كأنَّه على نيَّة الوقف، وفي الوقف كذا يوقف عليه على مذهبٍ للعرب.

فائدة: ذكر المِزِّيُّ والذَّهبيُّ في «فروع المِزِّيِّ» في ترجمة مرداس الأسلميِّ: أنَّه روى عنه: زياد بن علاقة أيضًا، وليس كذلك؛ إنَّما الذي روى عنه زيادُ بن علاقة مرداسُ بن عروة صحابيٌّ آخر، قال شيخنا العراقيُّ: وهذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا، وممَّن ذكره كذلك البُخاريُّ في «التاريخ الكبير»، وابن أبي حاتم في «الجرح والتَّعديل»، وابن حِبَّان في «الصَّحابة»، وأبو عبد الله بن منده في «معرفة الصَّحابة»، والطبرانيُّ في «الكبير»، وأبو عمر في «الاستيعاب»، وابن قانع في «معجم الصَّحابة»، وغيرهم، قال شيخنا العراقيُّ: وإنَّما نبَّهت عليه؛ لئلَّا يغيِّر من يقف على كلام المِزِّيِّ بذلك؛ لجلالته، والله أعلم، انتهى، وقد أحسن الذَّهبيُّ في «تجريده»؛ حيث لم يذكر في ترجمة مرداس راويًا عنه سوى قيس بن أبي حازم، فقال: مرداس بن مالك الأسلميُّ عدادُه في الكوفيِّين، شهد الحديبية، وعنه: قيس بن أبي حازم، انتهى، وذكر في ترجمة مرداس بن عروة: أنَّه روى عنه زياد بن علاقة، والله أعلم.

قوله: (يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ): (يُقبَض): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (الصالحون): نائب مناب الفاعل، و (الأوَّلُ فالأوَّلُ): مرفوع صفة لـ (الصالحين)، أو بدل منهم، ويجوز نصبه على الحال، والله أعلم.

قوله: (وَتَبْقَى حُفَالَةٌ؛ كَحُفَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ): (الحُفَالة): بضمِّ الحاء المهملة، وتخفيف الفاء، وهي الحثالة أيضًا، قال الأصمعيُّ: يقال: هو من حُفالتهم؛ أي: ممَّن لا خير فيه منهم، قال: وهو الرَّذْل من كلِّ شيء، انتهى.

==========

[ج 2 ص 171]

(1/7567)

[حديث: خرج النبي عام الحديبية في بضع عشرة مائةً من أصحابه]

4157# 4158# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (عُرْوَة): هو ابن الزُّبَير بن العوَّام، و (مَرْوَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن الحكم، وأنَّه تابعيٌّ، (وَالْمِسْوَرُ): تَقَدَّم مَرَّاتٍ أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صحابيٌّ صغير، ووالده (مَخْرَمَةُ) من مُسْلِمةِ الفَتْح، وتَقَدَّم أنَّهما رويا هذا الحديث عن بعض الصَّحابة، ولم يذكره المِزِّيُّ إلَّا عنهما، لم يذكره عن صحابة مبهمين، والله أعلم.

قوله: (فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةً مِنْ أَصْحَابِهِ): تَقَدَّم في أوَّل الغزوة عددُهم، والاختلاف فيه.

قوله: (فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ): تَقَدَّم الكلام عليها؛ وهي الميقات، ولم يعدَّها من المدينة المشرَّفة، وما وقع فيها لبعض الناس في مسافتها.

قوله: (قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ): تَقَدَّم أنَّ الهدي في الحديبية كان سبعين بَدَنة، وتَقَدَّم الكلام على الإشعار، ومن استحبَّه، ومن كرهه، والصواب مع من استحبَّه؛ وهم فقهاء الحجاز، والله أعلم.

قوله: (كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ سُفْيَانَ): قائل ذلك هو عليُّ بن عبد الله ابن المدينيِّ المذكور في السند عن (سفيان)، وهو ابن عيينة.

(1/7568)

[حديث: أن رسول الله رآه وقمله يسقط على وجهه، فقال .. ]

4159# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يعقوب [1]): كذا في الأصل، وفي الهامش عوض (يعقوب): (يوسف)، وعليه (صح)، وهذا هو الصواب، وهو إسحاق بن يوسف بن مرداس أبو محمَّد المخزوميُّ الواسطيُّ الأزرق، أحد الأعلام، ثقة مشهور، توفِّي سنة (195 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَرْقَاءَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وهو _كما ذَكَر_ ورقاء بن عمر اليشكريُّ، أخرج له الجماعة، صدوق صالح، له ترجمة في «الميزان»، و (ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ) بعده: اسمه عبد الله بن أبي نَجِيح يسار _بتقديم المثنَّاة تحت_ مولى الأخنس بن شريق الثَّقَفيِّ، ثقة، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ): تَقَدَّم أنَّ (عُجْرة) بضمِّ العين المهملة، وإسكان الجيم، صحابيٌّ مشهور، تَقَدَّم ببعض ترجمةٍ.

قوله: (ولَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ مِنْهَا): وفي رواية: (يتبيَّن).

قوله: (فَرَقًا): تَقَدَّم الكلام على الفرق في (الحجِّ)، وكذا (يُهْدِيَ) بضمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] في (ق): (حدَّثنا إسحاق بن يوسف)، وفي هامشها: (هذا الصواب، وما في الأصل خطأٌ محض)

[ج 2 ص 171]

(1/7569)

[حديث: خرجت مع عمر بن الخطاب إلى السوق ... ]

4160# 4161# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك بن أنس المجتهد، أحد الأعلام.

قوله: (امْرَأَةٌ شَابَّةٌ): هذه المرأة هي بنت خفاف بن إيماء الغفاريِّ، كما سيأتي في الحديث نفسه، ولا أعرف اسمها.

[ج 2 ص 171]

قوله: (هَلَكَ زَوْجِي): زوجها لا أعرفُ اسمه.

قوله: (وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا): صبيتها لا أعرفهم.

قوله: (مَا يُنْضِجُونَ): هو بضمِّ أوله، وكسر الضاد المعجمة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (كُرَاعًا): (الكُرَاع): بضمِّ الكاف، وتخفيف الراء؛ وهو فوق الظلف للأنعام وتحت الساق.

قوله: (أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ): (الضبع): كالوحش المعروف، وهو السنة المجدبة، قال شيخنا: وقال الواقديُّ: سُمِّيت بذلك؛ لأنَّه تكثر الموتى حتَّى لا يُقبَر أحدهم، فتأكله الضبع وغيرها، قال شيخنا: وفيه نظر، انتهى.

قوله: (وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ الْغِفَارِيِّ): قال الدِّمياطيُّ: قال أبو عمر: يقال: لخفاف ولأبيه وجدِّه صحبة، وكانوا ينزلون غَيْقة من بلاد بني غفار، ويأتون المدينة كثيرًا، روى مسلم لخفاف حديثًا واحدًا، روى عنه: ابنه الحارث، وحنظلة بن عليِّ بن الأسفع عن خفاف عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، اللهمَّ؛ العن بني لحيان، ورعلًا، وذكوان ... »؛ الحديث، أخرجه مسلم في (الصلاة)، و (الفضائل)،ولم يخرِّج له البُخاريُّ شيئًا، انتهى، ولا غيره من أصحاب الكتب، و (خُفاف) بضمِّ الخاء المعجمة، وتخفيف الفاء، وبعد الألف فاء أخرى مُخَفَّفة، و (إِيماء): بكسر الهمزة، ومدِّ آخره، مصروف؛ _قاله النَّوويُّ في «شرح مسلم» _ وبفتحها مع القصر، و (رَحضة): هو جدُّه بفتح الراء، والحاء المهملة، وبالضاد المعجمة، ويقال فيه: رُحَضَة؛ بضمِّ الراء، وفتح الحاء، قاله السهيليُّ، وَبعيد أن يكون لرحضة صحبةٌ، والله أعلم، وقد قال الذَّهبيُّ في «تجريده» في ترجمة خفاف: ويقال: إنَّ لأبيه وجدِّه صحبةً، انتهى، ولم يذكره الذَّهبيُّ في مكانه في (الراء)، وقد ذكر (إيماء) قبل ذلك في الصَّحابة، وكذا قال أبو عمر في «الاستيعاب» في ترجمة خفاف: (خفاف بن إيماء بن رحضة بن خُرَّبة الغفاريُّ ... ) إلى أن قال: ويقال: (إنَّ لخفاف هذا ولأبيه إيماء ولجدِّه رحضة صحبةً؛ كلُّهم صحب النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يذكر رحضة في (حرف الراء)، والله أعلم.

قوله: (مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ): يحتمل أن يكون أراد غفارًا، ويريد قربها من أبيها، والله أعلم.

قوله: (ظَهِيرٍ): هو بفتح الظاء المشالة، وكسر الهاء؛ أي: شديد قويُّ الظهر، قويٌّ على الرِّحلة.

قوله: (غِرَارَتَيْنِ): هو بكسر الغين المعجمة، و (الغِرارة)؛ بكسر الغين المعجمة: واحدة الغرائر التي للتِّبن، قال الجوهريُّ: وأظنُّه مُعرَّبًا.

(1/7570)

قوله: (طَعَامًا): الطعام عامٌّ في كلِّ ما يُقتات؛ من الحنطة، والشعير، والتمر، وغير ذلك، والله أعلم.

قوله: (بِخِطَامِهِ): (الخِطام): بكسر الخاء، وخطام البعير: أن يُؤخَذ حبل من ليف، أو شعر، أو كَتَّان، فيُجعَل في أحد طرفيه حَلْقة، ثُمَّ يشدَّ فيه الطرف الآخر حتَّى يصير كالحلقة، ثُمَّ يُقلَّد البعير، ثُمَّ يُثنَى على مَخطمه، وأمَّا الذي يُجعَل في الأنف دقيقًا؛ فهو الزِّمام.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ أَكْثَرْتَ لَهَا؟): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ): أي: فقدتك أمُّك.

قوله: (إِنِّي لَأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا): (أَرى): بفتح الهمزة، و (أبوها): تَقَدَّم أنَّه خفاف، وأمَّا (أخوها)؛ فقال شيخنا: (يعني: أحد ابنيه الحارث أو مخلدًا [1] ابني خفاف، والحارث روى عن أبيه، كما ذكرنا، وعنه: خالد المدلجيُّ فقط، أخرج له مسلم، كما ذكرنا، ومخلد بن خفاف روى عن عروة، وعنه: ابن أبي ذئب حديثَ الخراج بالضمان، أخرج له الأربعة، أمَّا المخلَّد المدلجيُّ؛ فقال البُخاريُّ: له صحبة، وقال أبو حاتم: لا، رواه عمرو بن دينار، ثُمَّ ذكر شيئًا عن بعض الشرَّاح ما تحرَّر لي؛ من سقم النسخة، وما ذكره في الحارث ومخلد ابني خفاف أخذه من «الكاشف» للذهبيِّ، ولم يذكر الذَّهبيُّ في الحارث توثيقًا، وقد ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، لكن لم يذكر عنه راويًا سوى خالد بن عبد الله بن حرملة، وهو المدلجيُّ المذكور، ولم يذكره الذَّهبيُّ في «ميزانه»، وكان يلزمه؛ لأنَّه لم يرو عنه إلَّا واحدٌ فيما أعلم، وأمَّا مخلَّد؛ فقد ذكره الذَّهبيُّ في «ميزانه»، وقال ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب» في ترجمة خُفاف ما لفظه: يقولون: هو والد مُخْلَّد بن خُفاف والذي روى عنه ابن أبي ذئب، ولا يصحُّ، انتهى، وقال بعض الحُفَّاظ المِصريِّين: لم أعرف اسم أخيها، إلَّا أنَّه يحتمل بالحارث الذي أخرج له مسلم من رواية خالد بن عبد الله بن حرملة عنه عن أبيه خُفاف في (الصلاة)، ويُعكِّر على هذا أنَّ ابن حِبَّان ذكر الحارث في التابعين، ومقتضى حديث الثابت أن يكون صحابيًّا، ولخفاف ابنٌ آخرُ اسمه مخلد.

قوله: (قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا، فَافْتَتَحَاهُ): هذا الحصن لا أعرفه.

قوله: (نَسْتَفِيْءُ): هو بفتح أوَّله، وهمزة في آخره بعد الفاء المكسورة؛ أي: نأخذها لأنفسنا ونقتسم بها، وهو بالفاء عند جميعهم، وعند القابسيِّ بالقاف، قال ابن قُرقُول: وهو وهمٌ.

==========

[1] في (أ): (مخلد)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

(1/7571)

[حديث: لقد رأيت الشجرة ثم أتيتها بعد فلم أعرفها]

4162# قوله: (حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ): هو بتشديد الواو من (سوَّار)، وهذا معروف.

قوله: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّب): تَقَدَّم أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه المسيَّب لا يقال فيه إلَّا بفتح الياء، و (أَبُوهُ): المُسَيّب بن حَزن بن أبي وهب المخزوميُّ أبو سعيد، له ولأبيه صحبةٌ، روى عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعنه: ابنه سعيد بن المُسَيّب، وكان رجلًا تاجرًا، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، رضي الله عنه.

قوله: (لَقَدْ رَأَيْتُ الشَّجَرَةَ): يعني: التي وقعت تحتها البيعةُ بيعةُ الرضوان، وقد قدَّمتُ أنَّها كانت سَمُرة، وأنَّ عمر قطعها؛ خوفَ الافتتان بها.

قوله: (قَالَ مَحْمُودٌ: ثُمَّ أُنْسِيتُهَا بَعْدُ): (محمودٌ) هذا: هو ابن غيلان شيخ البُخاريِّ، ومسلم، والتِّرمذيِّ، والنَّسائيِّ، وابن ماجه، وهو الآتي بعده عن عُبيد الله.

[ج 2 ص 172]

4163# قوله: (فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا): (نَقدِر): بفتح النون، وكسر الدال، مبنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهرٌ، ومعناه: خفيت علينا.

قوله: (قَالَ سَعِيدٌ): هو ابن المُسَيّب بن حزن الراوي في السند عن أبيه، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

4164# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): هو ابن إسماعيل التَّبُوذكيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو عَوَانَةَ) بعده: اسمه الوضَّاح بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا، و (طَارِقٌ) بعده: هو طارق بن عبد الرحمن البجليُّ، عن ابن أبي أوفى، وابن المُسَيّب، وعدَّةٍ، وعنه: شعبةُ، وابن المبارك، وعدَّةٌ، وثَّقوه، وأمَّا أحمد؛ فقال: حديثه ليس بذاك، وقال ابن عَديٍّ: أرجو أنَّه لا بأس به، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

تنبيه: لهم طارق بن عبد الرحمن آخر، لكنَّه حجازيٌّ، عن ميمونة مولاة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، له في «أبي داود» فقط، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (فَعَمِيَتْ عَلَيْنَا): هو بفتح العين، وكسر الميم؛ أي: خفيت، ويجوز ضمُّ العين مع تشديد الميم المكسورة؛ أي: أُخفيت.

4165# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وأنَّه ابن عقبة السُّوائيُّ، وتَقَدَّم مُترجَمًا، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثَّوريُّ، و (طَارِقٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن عبد الرحمن.

قوله: (ذُكِرَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّب الشَّجَرَةُ): (ذُكِرت): بضمِّ الذال، وكسر الكاف، مبنيٌّ لما لم يسمَّ فاعله، و (الشجرةُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

(1/7572)

[حديث: اللهم صل على آل أبي أوفى]

4166# قوله: (اللَّهُمَّ؛ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّم الكلام على الصلاة على غير الأنبياء، وتَقَدَّم الكلام على (أبي أوفى) رضي الله عنه في (الزَّكاة).

==========

[ج 2 ص 173]

(1/7573)

[حديث: لما كان يوم الحرة والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة]

4167# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَخِيهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويس عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك، وتَقَدَّم أنَّ أخاه عبدُ الحميد بن أبي أويس مُترجَمًا، ولا غيره؛ بما قيل فيه، وقد قدَّمتُه، و (سُلَيْمَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن بلال، و (عَمْرُو بْنُ يَحْيَى): تَقَدَّم أنَّه ابن عمارة بن أبي حسن، و (عَبَّادُ بْن تَمِيمٍ): تَقَدَّم أنَّه الأنصاريُّ المازنيُّ مُترجَمًا.

قوله: (الْحَرَّةِ): تَقَدَّم أنَّها بفتح الحاء المهملة، وتشديد الراء، و (الحَرَّة): أرض تركبها حجارة سود، ووقعة الحَرَّة بالمدينة تَقَدَّمت أنَّها كانت سنة ثلاث وستِّين مع أهل الشام في خلافة يزيد بن معاوية، وتَقَدَّم ما جرى فيها.

قوله: (لِعَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأوسيُّ، ولد غسيل الملائكة يوم أُحُد، أُصِيبَ يوم الحَرَّة في سبعة بنين له، تَقَدَّم في (الجهاد).

قوله: (فَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ): قال الدِّمياطيُّ: هو عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ المازنيُّ، صاحب الوَضوء، الذي قتل مسيلمة، وقُتِل هو يوم الحَرَّة لثلاثٍ بقين من ذي الحجَّة سنة ثلاث وسبعين، انتهى، كذا في خطِّ الناقل عن الدِّمياطيِّ، وصوابه: وستِّين، كما قدَّمتُه أعلاه، وقبل ذلك أيضًا، وهذا ممَّا لاأعلم فيه خلافًا، وقوله: (الذي قتل مسيلمة): تَقَدَّم أنَّه شارك فيه، وقدَّمتُ من وقفت عليه أنَّه شارك في مسيلمة.

قوله: (عَلَى مَا يُبَايِعُ ابْنُ حَنْظَلَةَ النَّاسَ؟): كذا في أصلنا (على ما)، والجادَّة حذفُ الألف، وهذا يجوز على لغة معروفة، و (ابن حنظلة): تَقَدَّم أعلاه وقبله أيضًا أنَّه عبد الله ابنُ حنظلة الغسيل، و (ابنُ حنظلة): يجوز فيه الرَّفع على أنَّه فاعل، و (الناسَ) منصوب على أنَّه مفعول، ويجوز العكس.

(1/7574)

قوله: (قِيلَ لَهُ: عَلَى الْمَوْتِ ... ) إلى آخره: صريح هذا أنَّه عليه السلام بايعهم على الموت يوم الحديبية، وكذا صريح حديث سلمة بن عمرو بن الأكوع في «البُخاريِّ» و «مسلم»: وقيل له على ما كنتم تبايعون يومئذٍ؟ قال: على الموت، وفي رواية جابر ورواية معقل بن يسار: بايعناه يوم الحديبية على ألَّا نفرَّ، ولم نبايعه على الموت، وفي رواية مجاشع بن مسعود: البيعة على الهجرة، والبيعة على الإسلام والجهاد، وفي حديث ابن عمر وعُبادة: بايعناه على السمع والطاعة، وألَّا ننازع الأمر أهله، وفي رواية ابن عمر: البيعة على الصبر، وهذه الأحاديث فيها البيعة من حيث هي، وأمَّا في الحديبية؛ فجمع التِّرمذيُّ بين الروايتين: على الموت، ورواية: ألَّا نفرَّ، فقال: بايع البعض على الموت، والبعض على عدم الفرار، ولم يذكرِ الموت، وقال العلماء: رواية الصبر تجمع المعاني كلَّها، وتبيِّن مقصود كلِّ الروايات، فالبيعة على ألَّا نفرَّ؛ معناه: الصبر حتَّى نظفر بعدونا أو نقتل، وهو معنى البيعة على الموت؛ أي: نصبر وإن آل بنا ذلك إلى الموت، لا أنَّ الموت مقصود في نفسه، وكذا البيعة على الجهاد؛ أي: والصبر فيه، والله أعلم.

وكان في أوَّل الإسلام يجب على العشرة من المسلمين أن يصبروا لمئةٍ من الكُفَّار، ولا يفرُّوا عنهم، وعلى المئة الصبرُ لألف كافر، ثُمَّ نُسِخ ذلك، وصار الواجبُ مصابرة اثنين فقط، هذا مذهب الشافعيِّ، وابن عبَّاس، ومالك، والجمهور: أنَّ الآية منسوخة، وقال أبو حنيفة وطائفة: ليست بمنسوخة، واختلفوا في أنَّ المعتبَر مجرَّد العدد من غير مراعاة القوَّة والصغر أم يُراعى؟ والجمهور: أن لا يراعى؛ لظاهر القرآن، وأمَّا حديث عبادة: (بايعَنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على ألَّا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا ... ) إلى آخره، وكان ذلك في ليلة العقبة قبل الهجرة من مكَّة، وقبل فرض الجهاد.

تنبيه: بايع الصَّحابة في الحديبية كلُّهم إلَّا الجَدَّ بن قيس، كما رواه مسلم من حديث جابر، وهو الجدُّ بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عُبيد بن عديِّ بن غنم بن كعب بن سَلِمة الأنصاريُّ السلَميُّ أبو عبد الله ابن عمِّ البراء بن معرور: فإنَّه اختبأ تحت بطن بعيره، روى عنه جابر وأبو هريرة، وكان يُزنُّ بالنفاق، قيل: إنَّه مات منه، وحسن إسلامه، توفِّي في خلافة عثمان.

(1/7575)

فائدة: أوَّل من بايع بيعة الرضوان أبو سنان الأسديُّ، كذا رُوِيَ عن الشَّعْبيِّ من غير وجه، والصواب: سنان بن أبي سنان، قاله ابن سيِّد الناس، وقال الواقديُّ فيما حكى عنه ابن عبد البَرِّ: أوَّل من بايع بيعة الرضوان سنان هذا، ثُمَّ قال أبو عمر في ترجمة سنان هذا: الأكثر والأشهر أنَّ أباه أبا سنان هو أوَّل من بايع بيعة الرضوان، انتهى، وقال في أبي سنان: هو أوَّل من بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، انتهى، واسم أبي سنان: وهب بن محصن أخو عكاشة بن محصن، وتوفِّي أبو سنان سنة خمسٍ، قاله الواقديُّ، وقال غيره: تُوفِّي والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم محاصر قريظة، ودفن في مقبرة بني قريظة اليوم، كذا ذكر وفاته ابنُ عبد البَرِّ، وكيف يستقيم هذا مع شهوده الحديبية، وقد ذكر: أنَّ أوَّل المبايعين يومئذٍ عبدُ الله بن عمر، قال ابن عبد البَرِّ: ولا يصحُّ،

[ج 2 ص 173]

وفي «صحيح مسلم» من حديث سلمة ابن الأكوع: أنَّه بايع أوَّل الناس، ثُمَّ بايع، وبايع ... ، ويُجمَع بين القول بأنَّ أوَّل من بايع سنان بن أبي سنان _على الأكثر_ أو أبوه أبو سنان _كما رجَّحه ابن عبد البَرِّ_ وبين ما في «مسلم»: بأنَّ سلمة بايع في الأوائل من الناس، والله أعلم، أو يقال بالعكس، أو مؤَّول أحد الحديثين بغير ذلك من التأويل، وكلُّهم بايع مرَّة مرَّة إلَّا ما كان من ابن عمر بن الخَطَّاب؛ فإنَّه بايع مرَّتين، كما سيأتي قريبًا في هذا «الصحيح» ومضى، وإلَّا سلمة ابن الأكوع؛ فإنَّه بايع ثلاثًا كما في «مسلم»، والله أعلم.

(1/7576)

[حديث: على أي شيء بايعتم رسول الله يوم الحديبية]

4169# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو حاتم بن إسماعيل، تَقَدَّم.

قوله: (عَلَى الْمَوْتِ [1]): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا، وفي (الجهاد).

(1/7577)

[حديث: طوبى لك صحبت النبي وبايعته تحت الشجرة]

4170# قوله: (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ): (إِشْكاب): بكسر الهمزة، وإسكان الشين المعجمة، قال شيخنا مجد الدين في «قاموسه»: وابن إشكاب بالكسر ممنوعًا، محدِّث، انتهى، ورأيت في نسخة صحيحة بـ «البُخاريِّ» على الهامش: (أشكاب) بفتح الهمزة بالقلم في دار الذهب، وفي أصلها مكسور الهمزة بالقلم أيضًا، و (أحمد) هذا: صفَّار، كنيته أبو عبد الله، حضرميٌّ كوفيٌّ نزيل مصر، وقيل: أحمد بن معمر بن إشكاب، وأحمد بن عبد الله بن إشكاب، وقيل: اسم إشكاب مجمع، عن شريك، وعبد السلام بن حرب، وابن فضيل، وجماعة، وعنه: البُخاريُّ، وأبو أميَّة الطرسوسيُّ، وعبَّاس الدوريُّ، وأبو بكر الصغَّانيُّ، وبكر بن سهل الدِّمياطيُّ، وطائفة، قال أبو حاتم: ثقة، مأمون، كتبت عنه، وقال عبَّاس الدوريُّ: كتب عنه يحيى بن معين كثيرًا، قال ابن يونس: تُوفِّي سنة سبع أو ثمان عشرةَ ومئتين.

وقال أبو زرعة: رجلان يروي البُخاريُّ عنهما؛ أحدهما: أحمد بن إشكاب أبو عبد الله الصفَّار، سكن مصر، قال ابن معين: أحمد بن معمر بن إشكاب الكوفيُّ بمصر، ويقال فيه: أحمد بن عبد الله بن إشكاب، سمع محمَّد بن فُضيل يقال فيه: ابن إشكاب، وابن إشكيب، وابن شكيب، حدَّث عنه البُخاريُّ في (عُمرة الحديبية)، وفي (الفتن)، وبآخر حديث في «الجامع»، والثاني: الحسين بن إبراهيم بن إشكاب البغداديُّ العامريُّ، والد محمَّد بن عليٍّ، ويقال: إنَّ البُخاريَّ حدَّث في «الجامع» عن ابنيه محمَّد وعليٍّ، انتهى، فأمَّا محمَّد؛ فقدَّمتُه، روى عنه البُخاريُّ في «صحيحه» مقرونًا في (عمرة القضاء) بمحمَّد بن رافع، وسيأتي، ولفظه: حدَّثنا محمَّد بن رافع: حدَّثنا شريح: حدَّثنا فليح. (ح): وحدَّثنا محمَّد بن الحسين بن إبراهيم: حدَّثنا أبي: حدَّثنا فليح، وهذا مقرون، وسيجيء في (كتاب الفتن) بما فيه، وأمَّا أخوه عليٌّ؛ فأخرج له أبو داود وابن ماجه، ولم يخرِّج له الباقون شيئًا فيما وقفت عليه.

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّم أنَّ (فضيلًا) بضمِّ الفاء، وفتح الضاد، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ): أبوه هو المسيَّب بن رافع الكاهليُّ الكوفيُّ، مشهورٌ.

قوله: (طُوبَى لَكَ): (طُوبَى) أصلها: (فُعْلَى)، من الطيب، فلمَّا ضُمَّت الطاء؛ انقلبت الياء واوًا، و (طوبى): اسم الجنَّة، ويقال: هي شجرة فيها، أو خيرٌ لهم، أو غير ذلك.

قوله: (صَحِبْتَ): هو بفتح تاء الخطاب، وكذا (وَبَايَعْتَهُ).

==========

[ج 2 ص 174]

(1/7578)

[حديث ثابت بن الضحاك أنه بايع النبي تحت الشجرة]

4171# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الكسوف)، و (الوكالة)، و (الأيمان والنذور)، و (عُمرة الحديبية): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا يحيى بن صالح)، فذكر هذا المكانَ إسحاق هذا، لم ينسبه أحد من شيوخنا فيمن بلغني، ويشبه أن يكون إسحاقَ بن منصور، فقد روى مسلم بن الحَجَّاج عن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن صالح: حدَّثنا معاوية بن سلَّام؛ فذكر حديثًا من مسلم، قلتُ: وهذا الحديث الذي خرَّجه البُخاريُّ في (كتاب الوكالة)، انتهى، و (مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ): بتشديد اللَّام، وهذا معروفٌ، و (يَحْيَى) بعده: هو يحيى بن أبي كثير، تَقَدَّم، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف موحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، واسمه عبد الله بن زيد الجرميُّ، و (ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ): هو ابن خليفة، أبو زيد الأنصاريُّ الأشهليُّ، نزل البصرة، بايع تحت الشجرة، وكان دليل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى حمراء الأسد، عنه: أبو قلابة وغيره، قال الفلَّاس: مات سنة (45 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: لهم ثابت بن الضَّحَّاك آخر، وجدُّه اسمه أميَّة بن ثعلبة الأنصاريُّ الخزرجيُّ، ولد سنة ثلاث من الهجرة، ومات قريبًا من سنة سبعين، ذكره الواقديُّ فيمن رأى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد خلط غير واحد هذه الترجمة بالأخرى التي قبلها، وتناقضوا، زعموا أنَّه بايع تحت الشجرة، وأنَّه عليه السلام أردفه يوم الخندق، وأنَّه كان دليله، ثُمَّ قالوا: ولد سنة ثلاث من الهجرة، ومات سنة (45 هـ)، قال: ويقال: في فتنة ابن الزُّبَير، وقد ثبت في «الصحيحين» أنَّ ثابت بن الضَّحَّاك ممَّن بايع تحت الشجرة، قال الذَّهبيُّ: قلتُ: قال أبو قِلابة: أخبرني ثابت بن الضَّحَّاك: أنَّه بايع تحت الشجرة، وذكر ابن سعد: أنَّ الذي روى عنه أبو قِلابة مات في فتنة ابن الزُّبَير، قال الذَّهبيُّ: وأجيبُ: أنَّ هذا أشبه؛ لأنَّ أبا قِلابة لم يسمع إلَّا متأخِّرًا قبل السبعين، والله أعلم، قال الذَّهبيُّ في ترجمة ثابت بن الضَّحَّاك بن أميَّة: له رؤية بلا رواية، وقد حمَّر عليه، فهو عنده تابعيٌّ على الصحيح.

(1/7579)

[حديث: قال أصحابه هنيئًا مريئًا فما لنا فأنزل الله {ليدخل .. }]

4172# قوله: (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ): هذا هو السُّرْماري، تَقَدَّم هذا مترجمًا في أوائل هذا التعليق، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه.

قوله: (قَالَ: الْحُدَيْبِيَةُ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بالتخفيف والتشديد.

==========

[ج 2 ص 174]

(1/7580)

[حديث: إن رسول الله ينهاكم عن لحوم الحمر]

4173# 4174# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو عَامِرٍ) بعده: هو العقديُّ عبد الملك بن عمرو، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعيُّ، و (مجْزَأَةُ [1] بْنُ زَاهِرٍ الأَسْلَمِيُّ): بفتح الميم وكسرها، وإسكان الجيم، وهمزة بعد الزاي، وترك الهمزة أيضًا، يروي عن أبيه، وابن أبي أوفى، وعنه: رقبة بن مصقلة، وشعبة، وجماعة، وثَّقه أبو حاتم وغيره، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، و (زَاهِرٌ): هو ابن الأسود الأسلميُّ، حُديبيٌّ، وعنه: ابنه زاهر فقط: (النهي عن لحوم الحمر)، أخرج له البُخاريُّ فقط.

قوله: (إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا المنادي في «مسلمٍ»: أنَّه أبو طلحة، وفي «النَّسائيِّ»: أنَّه عبد الرحمن بن عوف، ولعلَّهما أمرهما فناديا.

[ج 2 ص 174]

قوله: (وَعَنْ مَجْزَأَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ ... ) إلى أن قال: (أُهْبَانُ بْنُ أَوْسٍ): هذا معطوف على الحديث الذي قبله، وليس تعليقًا، فأخرجه البُخاريُّ عن عبد الله بن محمَّد _تَقَدَّم أنَّه المسنديُّ_ عن أبي عامر _وقد قدَّمتُ أنَّه العقديُّ عبد الملك بن عمرو_ عن إسرائيل _وهو ابن يونس بن أبي إسحاق_ عن مجزأة به، والله أعلم، و (أُهبان بن أوس) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه ببعض كلام، وأنَّه مكلِّم الذئب، وهو أهبان بن أوس الأسلميُّ، ممَّن صلَّى القبلتين، نزل الكوفة، قيل: هو مكلِّم الذئب، وقيل: مكلِّم الذئب هو أهبان بن عياذ الجزاعيُّ، روى عنه مجْزأة بن زاهر، أخرج له البُخاريُّ فقط، والله أعلم.

قال الدِّمياطيُّ: أهبان بن أوس هذا هو الذي كلَّمه الذئب، نزل الكوفة وبنى بها دارًا، ومات بها في ولاية المغيرة لمعاوية بن أبي سفيان، وأمَّا أهبان بن صيفيٍّ الغفاريُّ؛ فهو أبو مسلم، نزل البصرة، وروى حديثًا في الفتنة عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأوصى أن يكفَّن في ثوبين، فكُفِّن في ثلاثة، ودفن فيه، فأصبح القميص الثالث على المشجب موضوعًا، قال أبو عمر: وهو خبر صحيح رواه جماعة من ثقات البصريِّين.

فائدةٌ: رافع بن أبي رافع عميرة، وقيل: عمير، وقيل: عمرو، كلَّمه الذئب أيضًا وهو في ضأن له يرعاها، وله خبرٌ في صحبة أبي بكر في غزوة ذات السلاسل، مات قبل قتل عمر سنة ثلاث وعشرين، وقيل: إنَّ رافعًا قطع ما بين الكوفة ودمشق في خمس ليالٍ؛ لمعرفته بالمفاوز، انتهى، زاد شيخُنا: (وروى ابن وهب أنَّ أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أميَّة أخذا ظبيًا، فاصطاداه وكلَّمهما، ورُوِيَ مثلُه أنَّه جرى لأبي جهلٍ وأصحابه، وفي «معجم الطبرانيِّ» عن أنس قال: كنت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة تبوك، فشردت على غنمٍ، فجاء الذئبُ أخذ منها شاةً، فاشتدَّ الرِّعاء خلفه، فقال الذئب: طعمة أطعمنيها، تنزعونها منِّي؟! ... )؛ الحديث، انتهى، وقد تَقَدَّم بأطول من هذا في (كتاب الحرث)، والله أعلم.

(1/7581)

[حديث: كان رسول الله وأصحابه أتوا بسويق فلاكوه]

4175# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه بندار الحافظ، وتَقَدَّم ما معنى (بندار)، و (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ، قاضي السفَّاح، تَقَدَّم مِرارًا، و (بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ): بضمِّ الموحَّدة، وفتح الشين المعجمة، و (يسار) بتَقَدُّم المثنَّاة تحت، ثُمَّ سين مهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهلِه.

قوله: (تَابَعَهُ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ): الضمير في (تابعه) يعود على (ابن أبي عديٍّ)، وقد قدَّمتُ قريبًا أنَّه محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ أعلاه، و (معاذ) هذا الراوي عن (شعبة): هو معاذ بن معاذ، تَقَدَّم مترجمًا، وهذه المتابعة لم أرها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجْها شيخنا.

==========

[ج 2 ص 175]

(1/7582)

[حديث: إذا أوترت من أوله فلا توتر من آخره]

4176# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ): هو بفتح الموحَّدة، وكسر الزاي، وبالعين المهملة، هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا، و (شَاذَانُ) بعده: هو الأسود بن عامر، عن هشام بن حسَّان، وكامل أبي العلاء، وأممٍ، وعنه: الدارميُّ، والحارث بن أبي أسامة، وأممٌ، وثَّقه ابن المدينيِّ وغيرُه، تُوفِّي سنة (208 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، ولكن طال العهدُ به، و (أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّم مِرارًا بالجيم، والراء، نصر بن عمران الضُّبَعيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو): هو بالمثنَّاة تحت قبل الذال المعجمة، ووالد (عمرو) اسمه هلال، كنية [1] عائذ: أبو هبيرة المزنيُّ، بايع تحت الشجرة، وكان من الصالحين، وتأخَّر، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، روى عنه سوادة بن عاصم، ومعاوية بن قرَّة، وأبو جمرة الضُّبَعيُّ، وآخرون، رضي الله عنه.

قوله: (أَيُنْقَضُ الْوِتْرُ؟): (يُنقَض): بضمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، وبالضاد المعجمة، مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (الوترُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (إِذَا أَوْتَرْتَ مِنْ أَوَّلِهِ فَلاَ تُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ): المراد بـ (أوَّله) و (آخره): الليل، وقد روى طلق بن عليٍّ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «لا وتران في ليلة»، رواه أبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، قال التِّرمذيُّ: حسنٌ غريبٌ، وصحَّحه ابنُ حِبَّان وابنُ السكن، وفي وجه في مذهب الشافعيِّ: إذا أوتر من أوَّل الليل أو غيره، ثُمَّ أراد أن يصلي بالليل؛ فيشفع الوتر بركعة حتَّى يصير وتره شفعًا، ثُمَّ يتجَّهد ما شاء، ويوتر ثانيًا اقتداء بابن عمر وغيره، والمذهب الأوَّل للحديث السابق: «لا وتران في ليلة ... »، والله أعلم.

(1/7583)

[حديث: لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت .. ]

4177# قوله: (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ): هذا الحديث هنا مرسلٌ، وقد ذكره البُخاريُّ هنا، وفي (تفسير سورة الفتح)، وفي (فضائل القرآن)؛ هنا: عن عبد الله بن يوسف هو التِّنِّيسيُّ، وفي (الفتح): عن عبد الله بن مسلمة هو القعنبيُّ، وفي (فضائل القرآن): عن إسماعيل هو ابن أبي أويس؛ كلُّهم عن مالك، وسيجيء الكلام عليه إن شاء الله تعالى في (الفتح)، والله أعلم.

قوله: (كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ): هذا السفر هو عمرة الحديبية، ولهذا أخرجه البُخاريُّ هنا، والله أعلم.

قوله: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ): تَقَدَّم أنَّ معناه: فقدتك أمُّك، وأمُّ عمر تَقَدَّم أنَّها حنتمة بنت هاشم _وقيل: بنت هشام_ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فمن قال: بنت هشام؛ قال: هي أخت أبي جهل، ومن قال: بنت هاشم؛ يقول: هي بنت عمِّ أبي جهل، قال ابن عبد البَرِّ: والصحيح: بنت هاشم، ومن قال: بنت هشام؛ فقد أخطأ، انتهى، وليست مسلمة؛ فاعلمه، والله أعلم.

قوله: (نَزَرْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): قال ابن قُرقُول: بتخفيف الزاي؛ أي: ألححت عليه، وقال مالك: راجعته، وقال ابن وهب: كرَّهتَهُ؛ أي: أتيته بما يكره من سؤالك، ومن شيوخنا من يرويه بالتثقيل والتخفيف جميعًا، والتخفيف هو الوجه، قال أبو ذرٍّ: سألت من لقيت أربعين سنة، فما قرأ به قطُّ إلَّا بالتخفيف، وكذا قاله ثعلب وأهل اللُّغة، وبالتشديد ضبطه الأصيليُّ، وهو على المبالغة، انتهى، وقال السهيليُّ في «روضه» في (غزوة مؤتة): الأصحُّ فيه التخفيف، انتهى، والمراد: هو قول عمر رضي الله عنه: (أليس قتلانا في الجنَّة، وقتلاهم في النار؟ ... ) إلى آخره، هي المراجعة التي قال فيها عمر: (نزرت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كلُّ ذلك لا يجيبك).

قوله: (كُلَّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ): (كلَّ): منصوب على الظرف، وفي أصلنا مرفوع بالقلم.

قوله: (أَنْ يُنْزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ): (يُنزَل): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (قرآنٌ): نائب مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَمَا نَشِبْتُ): هو بفتح النون، وكسر الشين المعجمة، ثُمَّ موحَّدة ساكنة، ثُمَّ تاء المتكلِّم المضمومة؛ أي: لبثتُ.

[ج 2 ص 175]

قوله: (سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي): هذا الصارخ لا أعرفه.

(1/7584)

قوله: (أُنْزِلَتْ عَلَيَّ [اللَّيْلَةَ] سُورَةٌ، لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]): قال ابن سعد: أقام _يعني: النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم_ بالحديبية بضعة عشر يومًا، ويقال: عشرين ليلة، ثُمَّ انصرف، فلمَّا كانوا بضَجْنَان؛ نزلت عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، وضَجْنَان: جبيل على بريدٍ من مكَّة؛ بفتح الضاد المعجمة، ثُمَّ جيم ساكنة، ثُمَّ نونين، بينهما ألف، وحكى شيخنا في المكان الذي أنزلت عليه (الفتح) أقوالًا؛ فعند أبي معشر: بالجحفة، وفي «الإكليل» عن مجمع بن جارية: بكُراع الغميم، وعند ابن سعد: بضَجْنَان، انتهى.

قوله: (لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ): وسيجيء مثله في (تفسير الفتح)، وفي (فضائل القرآن) كذلك، فإن قلت: فما معنى قوله: (لهي أحبُّ إلي ممَّا طلعت [عليه] الشمس) مع خساسة قدر الدنيا عنده عليه السلام وضعة منزلتها؟

فالجواب: له وجهان؛ أحدهما: أنَّ المراد بما ذكر: أنَّها أحبُّ إليه من كلِّ شيءٍ، لا شيءَ إلَّا الدنيا والأخرى، فأخرج الشيءَ عن ذكر الدنيا؛ إذ لا شيء سواها إلَّا الآخرة.

ثانيهما: أنَّه خاطب بذلك على ما جرى في الاستعمال في المخاطبة من قولهم إذا أراد أحدهم الخبر عن نهاية محبَّته الشيء: هو أحبُّ إليه من الدنيا، وما أعدِلُ به من الدنيا شيئًا؛ كما قال تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العلق: 15]، ويعني: لنُذلَّنَّه، فخاطبهم بما يتعارفونه، والله أعلم.

(1/7585)

[حديث: أشيروا أيها الناس علي أترون أن أميل ... ]

4178# 4179# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ كما تَقَدَّم في (الجمعة)، لا الحافظ الكبير أبو بكر ابن أبي شيبة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، نصَّ عليه المِزِّيُّ، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم، (وَثَبَّتَنِي مَعْمَرٌ): هو بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وهو ابن راشد، و (معمر) من جملة الآخذين عن الزُّهريِّ، فثبَّت سفيانَ بن عيينة في الحديث معمرُ بن راشد، و (الْمِسْوَرُ): تَقَدَّم مَرَّاتٍ أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وفتح الواو، وتَقَدَّم أنَّه صحابيٌّ صغير، ووالده (مَخْرَمَةُ) من مُسْلِمة الفَتْح، وتَقَدَّم أنَّ (مَرْوَانَ) ليس صحابيًّا، وإنَّما هو تابعيٌّ، وهو ابن الحكم، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وكذا بعض ترجمة (المسور)، وأنَّ حديث الحديبية يرويانه عن صحابة مبهمين، ولم أره في «الأطراف» عن المِسْوَر ومروان عن صحابة مبهمين، والله أعلم.

قوله: (فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةً مِنْ أَصْحَابِهِ): تَقَدَّم الاختلاف في عددهم، وتَقَدَّم أنَّ الأكثر _كما قاله البيهقيُّ_ أربع عشرة مئة، وتَقَدَّم الكلام على (ذي الْحُلَيْفَةِ)، وأنَّها الميقات، وبُعدها من المدينة المشرَّفة، وما وقع فيها لبعض العلماء في بُعدها، وتَقَدَّم عددُ الهَدْيِ الذي قلَّده، وأنَّه كان سبعين بدنة.

قوله: (وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ): هذا العين هو بُسر بن سفيان بن عمرو بن عويمر الخزاعيُّ الكعبيُّ، وقاله ابن إسحاق بالإعجام، وابن هشام بالإهمال، ولم يذكر فيه الأميرُ ابنُ ماكولا والزمخشريُّ وابنُ الجوزيِّ والذَّهبيُّ في «المشتبه» و «التجريد» إلَّا الإهمالَ، وكذا ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب»، ولم أر أحدًا ذكره بالإعجام إلَّا ابن إسحاق، قال ابن [1] عبد البَرِّ وابن ماكولا: أسلم سنة ستٍّ، وبعثه عليه السلام إلى مكَّة، وشهد الحديبية.

قوله: (بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ): (الغَدِير) معروفٌ، وهو بفتح الغين المعجمة، وكسر الدال المهملة، و (الأَشْطَاط): بفتح الهمزة، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ طاءين مهملتين بينهما ألف، كذا هو في أصلنا، وفي الهامش: بظاءين معجمتين مشالتين نسخة، وقد قيَّده البكريُّ بإهمال الطاءين والصغانيُّ.

قال السُّهيليُّ في «روضه» في (الحديبية) بعد أن حكى ما يقتضي أنَّه بالإهمال، فإنَّه قال: والأشطاط جمع: شطٍّ، وهو السنام، وشطُّ الوادي أيضًا: جانبه، وهذان بالإهمال، ثُمَّ قال: وبعضُهم يقول فيه: الأشظاظ؛ بالظاء المعجمة، انتهى.

قوله: (أَتَاهُ عَيْنُهُ [2]): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بُسر بن سفيان الخزاعيُّ رضي الله عنه.

(1/7586)

قوله: (الأَحَابِيشَ): قال ابن قُرقُول: هم حلفاء قريش، وهم بنو الهُون بن خزيمة، وبنو الحارث بن عبد مناة، وبنو المصطلق بن خزاعة، تحالفوا تحت جبلٍ يقال له: حُبش، وقيل: اسم وادٍ بأسفل مكَّة، وقيل: سُمُّوا بذلك؛ لتحبُّشهم، وهو التجمُّعُ، والحُباشة: الجماعة، قاله يعقوب ... ) إلى آخر كلامِه.

قوله: (قَالَ: «أَشِيرُوا [أَيُّهَا النَّاسُ] عَلَيَّ): هو بفتح الهمزة، وكسر الشين المعجمة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَذَرَارِيِّ): هؤلاء الذراري بتشديد الياء، وتخفيفها؛ لغتان، تَقَدَّم.

قوله: (فَإِنْ يَأْتُونَا): من الإتيان، كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: كذا للجرجانيِّ وكافَّة الرواة للبخاريِّ، من الإتيان، وعند ابن السكن: (باتُّونا)؛ بتشديد التاء، من البتات؛ يعني: قاطعونا بإظهار المحاربة، والأوَّل أظهر.

قوله: (قَدْ قَطَعَ الله عَيْنًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ): كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (عنقًا من الكفر)، كذا للجرجانيِّ، وعند أبي ذرٍّ وأبي زيد: (عينًا)؛ وكلاهما صحيح، والعُنق أوجه؛ لذكر القطع معه؛ أي: أهلك جماعة منه، والعنق: السنُّ الكبير، كما تَقَدَّم، ولقوله: (عينًا) وجه أيضًا: كفى الله منهم من يرصدنا ويتجسَّس علينا أخبارَنا، والعين: الجاسوس المنقِّب عن الأخبار.

قوله: (مَحْرُوبِينَ): أي: مسلوبين، حُرِب الرجلُ: سُلِبَ حريبته؛ وهو ماله إذا حُرِب، فهو حريب ومحروب، ويكون أيضًا: أصابهم الحرب؛ وهو الهلاك، وبه سُمِّيَت الحربُ.

قوله: (قَالَ: امْضُوا): هو بهمزة وصلٍ، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/7587)

[حديث عمرة الحديبية]

4180# 4181# 4182# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَايَعْقُوبُ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الصلاة) في موضعين، و (الأنبياء)، و (شهود الملائكة بدرًا)، و (عمرة الحديبية)، وفي (باب قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} [التوبة: 25])، وفي (كتاب النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى قيصر وكسرى)، و (تفسير سورة براءة)، و (الممتحنة)، و (الذبائح)، و (الاستئذان): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا يعقوب)، نسبه ابن السكن في بعض هذه المواضع: إسحاق بن إبراهيم؛ يعني: ابن راهويه، وقد أتى (إسحاق) هذا عن (يعقوب) منسوبًا من رواية الأصيليِّ وابن السكن في (الحجِّ) في موضعين، فقال في (باب الفتيا على الدابة)

[ج 2 ص 176]

: حدَّثنا إسحاق بن نصر: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ... ، فذكره، وقال في (باب حجِّ الصبيان): حدَّثنا إسحاق: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم: حدَّثنا ابن أخي ابن شهاب ... ، فذكره، نسبه الأصيليُّ وحده في هذا الموضع: إسحاق بن منصور، وذكر أبو نصر: أنَّ إسحاق بن إبراهيم وإسحاق بن منصور يرويان عن يعقوب بن إبراهيم هذا، وهو يعقوب بن إبراهيم بن سعد، انتهى ببعض تلخيص، ولم ينسبه شيخُنا ولا المِزِّيُّ.

قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الله بن مسلم، وتَقَدَّم مترجمًا، وتَقَدَّم عمُّه مرارًا كثيرةً أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (مَرْوَانُ) و (المِسْوَرُ) تَقَدَّما قريبًا وبعيدًا أنَّهما روياه عن صحابةٍ مبهمين، وأنَّه لم يطرِّفه المِزِّيُّ عن صحابة مبهمين.

قوله: (فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّم أنَّها في ذي القعدة سنة ستٍّ، وأنَّ (الحديبية) بالتخفيف والتشديد، و (سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو): من مُسْلِمة الفَتْح، تَقَدَّم مترجمًا، وتَقَدَّم أنَّ المدَّة كانت عشر سنين _على الصحيح من ثلاثة أقوال_ على ترك الحرب.

قوله: (لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ [1] ... ) إلى آخره: الصلح على ردِّ المسلم إلى دار الكفر فيه كلامٌ للعلماء، ذكره السُّهيليُّ في «روضه» على «سيرة ابن هشام»؛ فانظره.

قوله: (وامَّعَظُوا): تَقَدَّم الكلام عليه معنًى وضبطًا في (كتاب الشروط)، وهو في أصلنا بالظاء المشالة، وتشديد الميم مفتوحة، وفي الهامش بالضادِ والتاء.

(1/7588)

قوله: (فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلٍ): تَقَدَّم أنَّ اسم (أبي جندل) العاصي، وهو أخو عبد الله بن سهيل، شهد عبد الله بدرًا مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم [2]، وكان إسلامه قبل ذلك، وأوَّل مشاهد أبي جندل الفتح، قال ابن سيِّد الناس: وإنَّما ذكرت ذلك؛ ليُعلَم الفرق بينهما، فقد ذُكِرَ أنَّ بعض من ألَّف في الصَّحابة سَمَّى أبا جندل عبد الله، وليس كذلك، انتهى، وقد ذكر غير واحد من الحفَّاظ: أنَّ اسم أبي جندل العاصي، قال بعضُهم: قال موسى بن عقبة: ولم يزل أبو جندل وأبوه سُهيل مجاهِدَين بالشام حتَّى تُوفِّيا، انتهى، وقد تُوفِّيا في خلافة عمر رضي الله عنهم.

قوله: (وَكَانَت أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ): (أمُّ كلثوم) هذه: أَمَويَّةٌ، لها صحبة، وهي أخت عثمان بن عَفَّان رضي الله عنه لأمِّه، أسلمت وهاجرت سنة (7 هـ)، وسيأتي أنَّها هاجرت عام الحديبية، فتزوَّجها زيد بن حارثة، فاستشهد يوم مؤتة، فتزوَّجها الزُّبَير بن العوَّام، ثُمَّ طلَّقها، فتزوَّجها عبد الرحمن بن عوف، فمات عنها، فتزوَّجها عمرو بن العاصي، فماتت عنده، روى عنها ابناها إبراهيم وحميد ابنا عبد الرحمن بن عوف، وبُسرة بنت صفوان، قال الذَّهبيُّ: قيل: صَلَّت القبلتين، وهاجرت إلى المدينة عام الحديبية ماشيةً رضي الله عنها، أخرج لها [3] البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّمت، ولكن طال العهد بها.

قوله: (وَهْيَ عَاتِقٌ): قال الدِّمياطيُّ: قال الخليل: العاتق: الشابَّة، وقيل: التي أدركت، وقيل: التي أشرفت على البلوغ، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام على (العاتق) مطوَّلًا في (العيدين).

قوله: (فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم أنَّ أهلَها هم أخواها عُمارة والوليد، كذا في «سيرة ابن سيِّد الناس»، والله أعلم، وقد تَقَدَّم ما فيه.

قوله: (أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ): (يَرجع): بفتح المثنَّاة تحت؛ لأنَّه متعدٍّ، قال الله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} [التوبة: 83]، وقال تعالى: {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ} [سبأ: 31]، وهو في أصلنا كان مضموم الأوَّل، وقد أصلحت، والرُباعيُّ لغة هُذيل، وقد تَقَدَّم الكلام على (رجع).

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ [بْنُ الزُّبَيْرِ]: أَنَّ عَائِشَةَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، أخرجه البُخاريُّ بسند الذي قبله إلى الزُّهريِّ، عن عروة، عن عائشة، والذي قبله: الزُّهريُّ، عن عروة، عن المسور ومروان، وقد أخرج حديث الزُّهريِّ عن عروة، عن عائشة، في (الطلاق)، عن إسحاق، عن يعقوب، عن ابن أخي الزُّهريِّ، عنه به، والله أعلم.

(1/7589)

قوله: (وَعَنْ عَمِّهِ قَالَ: بَلَغَنَا): فقوله: (وعن عمِّه)؛ يعني: بالسند المُتَقدِّم؛ وهو: عن إسحاق، عن يعقوب، عن ابن أخي الزُّهريِّ _وتَقَدَّم أنَّ اسمه عبد الله بن مسلم_ عن عمِّه؛ وهو الزُّهريُّ، ولم أر هذا في «الأطراف»، وليس تعليقًا، وإنَّما هو معطوف على السند الذي قبله، فذكر ما ذكر بلاغًا، والله أعلم.

قوله: (وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ [4] ... )؛ فذكره بطوله: قائل: (وبلغنا ... ) إلى آخره؛ هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، وهذا البلاغ هو بالسند الذي قبله؛ فاعلمه، و (أبو بصير): تَقَدَّم الكلام عليه ضبطًا وترجمة، في (الشروط)؛ فانظره، ولم أر هذا أيضًا في «الأطراف»، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (الصلح على أن يُرَدَّ المسلمُ إلى دَار الكفر لا يجوِّزه أبو حنيفة، ويقول: هذا الحديث منسوخ بحديث سَريَّة خالد حين وجَّهه صلَّى الله عليه وسلَّم إلى خثعم، فقال في آخره: «أنا بريء من مسلم بين مشركين»، وقال فقهاء الحجاز: هو جائزٌ ولكن للخليفة الأكبر لا لمن دُونه، وفي هذا الحديث أيضًا نسخ السنَّة بالقرآن على أحد القولين، فإنَّ هذا العهد يقتضي ألَّا يأتيه مسلمٌ إلا ردَّه، فنسخ الله ذلك في النساء خاصَّة، فقال تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10]، وقالت طائفة: إنَّما استجاز رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ردَّ المسلمين إليهم في هذا الصلح؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا تدعُوني قريش إلى خطَّة يعظِّمون بها الحَرم إلا أجبتهم إليها»، وفي ردِّ المسلم إلى مكَّة عمارةٌ للبيت، وزيادةُ خيرٍ له في الصلاة بالمسجد الحَرام والطواف بالبيتِ، فكان هذا من تعظيم حُرُمات الله، فعلى هذا القول يكون حُكمًا مخصوصًا بمكَّة وبالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويكون غير جائز لمَن بعدَه، كما قال العراقيُّون، «روض»).

[2] زيد في (أ): (بدرًا)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[3] في (أ): (له)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[4] في هامش (ق): (قيل: اسمه عُبيد بن أسيد بن جارية، وقيل: عتبة، «روض»).

(1/7590)

[حديث: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله.]

4183# قوله: (فِي الْفِتْنَةِ): تَقَدَّم أنَّها قتال ابن الزُّبَير.

قوله: (إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ): (صُدِدت): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (الإهلالَ) رفعُ الصوت بالتلبية.

==========

[ج 2 ص 177]

(1/7591)

[حديث: إن حيل بيني وبينه لفعلت كما فعل النبي حين ... ]

4184# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحفَّاظ، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عبيد الله بن عُمر بن حفص بن عاصم بن عُمر بن الخَطَّاب.

قوله: ({أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]): (الأسوة): بكسر الهمزة وضمِّها، وهما قراءتان في السبع.

==========

[ج 2 ص 177]

(1/7592)

[حديث: أشهدكم أني أوجبت عمرة]

4185# قوله: (حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه جُويرية بن أسماء، وهو عمُّ الراوي عنه هنا.

قوله: (وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبوذكيُّ الحافظ، و (جُوَيْرِيَةُ) بعده: تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن أسماء.

قوله: (أَنَّ بَعْضَ بَنِي عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم في الحديث الذي قبله أنَّه كلَّمه عبيد الله وسالم ابناه.

قوله: (فَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَايَاهُ): تَقَدَّم أنَّ الهدي في الحديبية كان سبعين بدنة، كذا في «مسلمٍ»، وكذا رواه ابن إسحاق بسنده.

قوله: (وَحَلَقَ): [أي]: النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، اعلم أنَّ الذي حلق رأسَه المكرَّم يوم الحديبية خراشُ بن أميَّة بن الفضل الخزاعيُّ، قاله ابن إسحاق عن الزُّهريِّ فيما بلغه، انتهى، والذي حلقه في حجَّة الوداع معمرُ بن عبد الله بن نافع بن نضلة القرشيُّ، وقد تَقَدَّم من حلقه في عمرة الجعرانة، ولا أعلم من حلقه في القضيَّة.

[ج 2 ص 177]

قوله: (وَقَصَّرَ أَصْحَابُهُ [1]): أي: بعضُ أصحابه، فاعلم أنَّ ابن سعد ذكر بسنده: أنَّ عثمان وأبا قتادة الأنصاريَّ ممَّن لم يحلق، وهذا في «مسند أحمد» رواه بسنده إلى أبي سعيد الخدريِّ: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه حلقوا رؤوسهم يوم الحديبية غير عثمان وأبي قتادة، فاستغفر رسولُ الله للمحلِّقين ثلاث مَرَّاتٍ، وللمقصِّرين مرَّة)، ورواه أيضًا أحمد بسند آخر إلى أبي سعيد، فذكره، وقد تَقَدَّم، ورواية ابن سعد فيها زيادة على ما في «المسند»، فإنَّ فيها: (ممَّن لم يحلق)، فمفهومه أنَّ عثمان وأبا قتادة مع غيرهما [ممَّن] لم يحلق، وما في «المسند» محصور، وقد تَقَدَّم في (الحجِّ).

قوله: (فَإِنْ خُلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ): (خُلِّي): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعلُه.

قوله: (مَا أُرَى شَأْنَهُمَا) (أُرى): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.

(1/7593)

[حديث: إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر]

4186# قوله: (حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ): كذا في أصلنا، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (حدَّثني شجاع بن الوليد)، قال المِزِّيُّ لمَّا طرَّفه عن شجاع بن الوليد: ووقع في عامَّة النسخ من «الصحيح»: (حدَّثنا شجاع بن الوليد)، وفي بعضها: (حدَّثني)، وزعم أبو مسعود: أنَّه في كتاب البُخاريِّ: (شجاع بن الوليد)، لم يقل فيه: (حدَّثنا)، ولا (أخبَرَنا)، انتهى، و (شجاع بن الوليد) هذا: كنيته أبو اللَّيْث، بخاريٌّ، مؤدِّب، يروي عن عبد الرزَّاق، وعبيد الله بن موسى، والنضر بن محمَّد، وجماعةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأحمد بن عبْدة الآمُليُّ، وسهل بن شاذويه البُخاريُّ، لم أر لهم فيه كلامًا؛ لا جرحًا ولا تعديلًا، غير أنَّ البُخاريَّ روى عنه، فهو توثيق له، والله أعلم.

قوله: (سَمِعَ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ): هو بالضاد المعجمة، وهذا لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ الذي بالمعجمة لا يأتي إلَّا بالألف واللام، والذي بالمهملة لا يأتي إلَّا مجرَّدًا عنهما، و (صَخْرٌ) بعده: هو صخْر بن جويرية البصريُّ.

قوله: (عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ): هذا الرجل من الأنصار لا أعرف اسمه، قال بعض حُفَّاظ مِصْر: لم يُسَمَّ هذا الرجل، ويصلح أن يكون أوسَ بن خولي، انتهى.

قوله: (وَعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ لِلْقِتَالِ): هو بهمزة مكسورة بعد اللام الساكنة؛ أي: يلبس لَأْمَتَه؛ وهي السلاح، قاله الأصمعيُّ، وقال الخليل: استلأم: لبس درعَهُ.

(1/7594)

[معلق هشام: أن الناس كانوا مع النبي يوم الحديبية تفرقوا في ظلال .. ]

4187# قوله: (وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ): تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسند إليه القولُ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه يكون كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، قال شيخنا: وهذه المتابعة أخرجها البيهقيُّ في «دلائله»، لكن من طريق دحيم: حدَّثني الوليد ... ؛ فذكره، انتهى، و (الوليد بن مسلم): عالم أهل الشام، و (عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ): هو عمر بن محمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر العُمريُّ، نزيل عسقلان، روى عن جدِّه، وعمِّ أبيه سالم، ونافع، وعنه: شعبة، وابن وهب، وخلق، وكان ثقة، جليلًا مرابطًا، من أطول الرِّجال، تَقَدَّم، ولكن طال العهد به.

==========

[ج 2 ص 178]

(1/7595)

[حديث: كنا مع النبي حين اعتمر فطاف فطفنا معه]

4188# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ): هو محمَّد بن عبد الله بن نمير، أبو عبد الرحمن الخارفيُّ؛ بالخاء المعجمة، وبالفاء، نسبة إلى خارف؛ بطنٍ من همْدان، تَقَدَّم، و (يَعْلَى) بعده: هو ابن عُبيد، و (إِسْمَاعِيلُ) بعده: هو ابن أبي خالد، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّم، وتَقَدَّم الكلام على (أبي أوفى)، وأنَّ اسم (أبي أوفى) علقمةُ بن خالد بن الحارث بن أبي أسيد بن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن الأسلميُّ رضي الله عنه وعن ابنه.

قوله: (حِينَ اعْتَمَرَ، فَطَافَ، فَطُفْنَا مَعَهُ ... ) إلى آخره: هذا كان في القضيَّة، لا في الحديبية، بعد الحديبية بسنةٍ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[ج 2 ص 178]

(1/7596)

[حديث: اتهموا الرأي رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد ... ]

4189# قوله: (حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ): هو بكسر الميم، وإسكان الغين المعجمة، وفتح الواو، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (أبو حَصِينٍ) بعده: هو بفتح الحاء، وكسر الصاد المهملة، قال الدِّمياطيُّ: واسمه عثمان بن عاصم بن حُصين الأسديُّ الكوفيُّ، انتهى، وقد قدَّمتُه، وقدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضمِّ وفتح الصاد، وأنَّ الكنى بفتح الحاء وكسر الصاد، و (أَبُو وَائِلٍ) بعده: قال الدِّمياطيُّ: أبو وائل: شقيق بن سلمة الأسديُّ، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا مرارًا.

قوله: (مِنْ صِفِّينَ): (صفِّين): موضع بقرب الفرات معروفٌ بين الرَّقَّة وبالس، وهو بكسر الصاد المهملة، وكسر الفاء المُشدَّدة، ومنهم من يقول: صفُّون في حالة الرَّفع، شبَّهها بالجموع المعرَّبة، وفي الحديث: (وبيت صِفُّونَ).

قوله: (فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي): هو بضمِّ التاء؛ أي: رأيت نفسي.

قوله: (يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ): تَقَدَّم الكلام على (أبي جندل) في ظاهرها، وفي (الشروط) مطوَّلًا.

قوله: (يُفْظِعُنَا): الأمرالفظيع: الشاقُّ الشديد، وقد أفظع يُفظع، ومعنى (يفظعنا)؛ أي: يوقعنا في أمر فظيع شديد، قال شيخنا: (وهو بالظاء، وذكره ابن التين بالضاد ... ، إلى أن قال _يعني: ابن التين_: وضبط في بعض الكتب بضمِّ الياء، وفي بعضها بفتحها، جعله ثلاثيًّا، إلَّا أنَّه في سائر الروايات بالضاد)، انتهى.

قوله: (مَا نَسُدُّ مِنْهَا خُصْمًا إِلاَّ انْفَجَرَ عَلَيْنَا خُصْمٌ): (الخُصْم)؛ بضمِّ الخاء المعجمة، وإسكان الصاد المهملة: الناحية والطَّرَف، وأصله: خصمُ القربة؛ إذا انشقَّت، وخُصم كلِّ شيء: طرفُه، وهذا استعارة للفتنة، وقع في «مسلم»: (ما فتحنا من خصم)، وصوابه كما هنا: (ما نسدُّ)، وفي بعض نسخ «البُخاريِّ»: (قال أبو عبد الله: الخصم: المزادة)، انتهى، وفي هذا التفسير نظرٌ إذا مشينا به على ظاهره، والله أعلم، وإنَّما هو مجازٌ.

==========

[ج 2 ص 178]

(1/7597)

[حديث: فاحلق وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين]

4190# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (ابْنُ أَبِي لَيْلَى): عبد الرحمن بن أبي ليلى.

قوله: (فَاحْلِقْ): هو بهمزة وصلٍ، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَالَ أَيُّوبُ): هو ابن أتي تميمة المذكور في السند.

قوله: (بَدَأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/7598)

[حديث: أيؤذيك هوام رأسك؟ قلت: نعم فأنزلت .. ]

4191# قوله: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو هشيم بن بَشِير، حافظ بغداد، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو بِشْرٍ) بعده: تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة الساكنة، جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (وَفْرَةٌ): هي بفتح الواو، وإسكان الفاء؛ الشعرة إلى شحمة الأذن، ثُمَّ الجُمَّة، ثمَّ اللمَّة؛ وهي التي ألمَّت بالمنكبين، قاله الجوهريُّ،

[ج 2 ص 178]

وقد تَقَدَّم ما وقع للجوهريِّ من التناقض بين الجُمَّة واللمَّة والوفرة، والله أعلم.

فائدةٌ: آخر من مات من أصحاب الشجرة أهلِ بيعة الرضوان من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: عبدُ الله بن أبي أوفى، وهو أيضًا آخر من مات من الصَّحابة بالكوفة، وقيل: أبو جحيفة آخر من مات بالكوفة، والأوَّل أصحُّ، تُوفِّي عبد الله بن أبي أوفى سنة ستٍّ وثمانين، وقيل: سنة سبع وثمانين، وقيل: سنة ثمان وثمانين، نعم؛ بقي النظر بين ابن أبي أوفى، وبين عمرو بن حريث في آخر من مات بالكوفة، فإن كان ابن حريث تُوفِّي سنة خمس وثمانين؛ فقد تأخَّر ابن أبي أوفى بعده، وإن كان تُوفِّي سنة ثمان وتسعين، كما نقله الخطيب في «المتَّفِق والمفترِق» عن محمَّد بن الحسن الزغفرانيِّ؛ فيكون عمرو بن حريث آخرَهم موتًا، والله أعلم.

(1/7599)

[باب قصة عكل وعرينة]

قوله: (بابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ): اعلم أنَّ هذه السريَّة هي سرية سعيد بن زيد أحد العشرة، كذا صرَّح به بعضهم عن ابن عقبة، وفي الأنصار شخص يقال له: سعيد بن زيد الأنصاريُّ الأشهليُّ، وقيل فيه: سعد بن زيد، ترجمته معروفة، ذكره ابن عبد البَرِّ وغيرُه، وقال شيخنا في هذا الشرح: إنَّه سعيد بن زيد الأشهليُّ، نقل ذلك عن الواقديِّ، والله أعلم، ويقال: أميرهم كرز بن جابر الفِهريُّ، وسيجيء غلطٌ لابن جرير في أمير هذه السريَّة _قريبًا_ إلى العُرَنيِّين، وهي في شوَّال سنة ستٍّ عند ابن سعد.

أمَّا (عُكْل)؛ فبضمِّ العين المهملة، وإسكان الكاف [1]، ثُمَّ لام، وهي في الرِّباب، و (عُكْل): امرأةٌ حضنت بني عوف بن وائل بن قيس بن عوف بن عبد مناة من الرِّباب، حكى ابن الكلبيِّ قال: (وَلَدَ عوفُ بن وَائل الحارثَ، وجشمًا، وسعدًا، وعليًّا، وقيسًا، وأمُّهم ابنة ذي اللحية من حمير، وحضنتهم عُكْل؛ أَمَةٌ لهم؛ فغلبت عليهم)، قال ابن دريد: (اشتقاق «عُكْل» من عكلتُ الشيء؛ إذا جمعتَه)، وقال غيره: يكون من عَكَل يعكُل؛ إذا قال برأيه؛ مثل: حَدَسَ، ورجل عُكْليٌّ: أحمق.

و (عُرَيْنَة)؛ بضمِّ العين، وفتح الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، أمَّا (عرينة)؛ ففي بجيلة وقضاعة، فالذي في بجيلة عرينةُ بن بدير بن قيسر بن عبقر، وعبقر أمُّه بجيلة، قاله الدِّمياطيُّ [2]، وقال: ومنهم الرهط الذين أغاروا على إبل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، والعَرَن: حكَّة تصيب الفرس أو البعير في قوائمها، نقله ابن سيِّد الناس، انتهى.

==========

[1] في (أ): (العين)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[2] كان الأصل في (أ): (قاله الدِّمياطيُّ، قال: وقال بعضهم)، ثمَّ ضرب على (بعضهم)، وكتب بدلًا منها: (ومنهم)، ولعلَّ المثبث هو الصَّواب.

[ج 2 ص 179]

(1/7600)

[حديث: أنا ناسًا من عكل وعرينة قدموا المدينة على النبي ... ]

4192# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ): (سعيد) هذا: تَقَدَّم أنَّه سعيد بن أبي عروبة، وتَقَدَّم ما قاله شيخنا مجد الدين في «قاموسه» في (عروبة) غيرَ مرَّةٍ [1].

قوله: (أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ): اعلم أنَّه رُوِيَ: (أنَّ نفرًا من عرينة)، وروي: (من عُكْل)، وروي: (من عكل أو عرينة) على الشكِّ، وروي: (من عكل وعرينة) _كما هنا_ من غير شكٍّ، وروي: (أنَّ نفرًا قدموا)، وكذا (أنَّ ناسًا كان بهم سقم)، ولم يذكر من أيِّ قبيلة هم؛ والكلُّ في «الصحيح» من حديث أنس، وقد قدَّمتُ ذلك في أوائل هذا التعليق.

تنبيهٌ: سيجيء في (القسامة): (أنَّ نفرًا من عُكْل ثمانية)، وكذا في «مسلمٍ» عددهم، وقيل: كانوا سبعة، والله أعلم.

قوله: (وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ): (الرِّيْف)؛ بكسر الراء، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، قال ابن قُرقُول: (الخِصْب والسعة في المأكل، والريف: ما قارب الماء من أرض العرب وغيرها)، انتهى، وفي «النِّهاية»: (الأرياف: جمع ريف؛ وهو كلُّ أرض فيها زرعٌ ونخلٌ، وقيل: هو ما قارب الماء من أرض العرب ومن غيرها)، انتهى، وفي «الصحاح»: (الريف: أرض فيها زرع وخصب، والجمع: أرياف)، انتهى، ومعنى الحديث: إنَّا من أهل البادية، لا من أهل المدن، والله أعلم.

قوله: (بِذَوْدٍ وَبِرَاعٍ): (الذود): من الثلاث إلى التسع، وإنَّ ذلك يختصُّ بالإناث، قاله أبو عبيد، وقال الأصمعيُّ: ما بين الثلاث إلى العشر، وعبارة بعضهم: الذود: ثلاثة أبعرة إلى عشرة، أو خمس عشرة، أو عشرين، أو ثلاثين، أو ما بين الثنتين إلى التسع، مؤنَّثٌ، ولا يكون إلَّا من الإناث، وهو واحدٌ وجمع، أو جمع لا واحد له، أو واحد والجمع: أذواد، وقولهم: (الذود إلى الذود إبل) يدلُّ على أنَّها موضعَ اثنتين؛ لأنَّ الثنتين إلى الثنتين جمع، انتهى.

فائدةٌ: اللقاح التي خرجوا إليها كانت خمس عشرة غزارًا، فردُّوها إلى المدينة، ففقد رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم منها لقحةً تدعى الحَنَّاء، فسأل عنها، فقيل: نحروها، قاله ابن سعد، والراعي: اسمه يسار؛ بالمثنَّاة تحت، وبالسين المهملة، وهو الذي قتلوه، وكانت اللقاح بفيفاء الخِيار من وراء الحمى، فيها مولًى لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يدعى يسارًا، فقتلوه ومثَّلوا به، قاله ابن عقبة.

قوله: (وَأَبْوَالِهَا): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ بعضَهم حمله على التداوي بها، وهم جمهور الشافعيَّة، وعند الشافعيَّة: يجوز التداوي بالأشياء النَّجِسة ما لم تكن خمرًا بشرطين تَقَدَّما، وأنَّ بعضهم استدلَّ به على طهارة بول ما يؤكل لحمه، والتداوي بالأشياء النجسة فيه خلافٌ للعلماء تَقَدَّم.

قوله: (نَاحِيَةَ الْحَرَّةِ): تَقَدَّم أنَّ (الحرة) أرض تركبها حجارة سود.

قوله: (وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ اسمه يسار.

(1/7601)

قوله: (وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه، وكم كان هذا (الذود).

قوله: (فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ): تَقَدَّم قريبًا أنَّ أمير القوم يومئذٍ سعيد بن زيد؛ قاله ابن عقبة، وقد نقل بعضهم عن ابن عقبة أنَّه أحد العشرة، وقد قال شيخنا: إنَّه الأشهليُّ، نقله عن الواقديِّ، وقال ابن سعد: (فبعث في إثرهم عشرين فارسًا، واستعمل عليهم كرز بن جابرالفِهريَّ).

تنبيهٌ: قال ابن جرير: (إنَّ هذه السريَّةَ سريَّةُ جرير بن عبد الله البجليِّ)، قال مغلطاي: (وفيه نظرٌ؛ لأنَّ إسلام جرير بعد هذه بنحو أربع سنين)، وقال شيخنا العراقيُّ الحافظ في «سيرته» النَّظم:

~…وما رواه ابن جَرِير كونا…جريرٍ المرسَلَ فاردُدْ وَهْنَا

والله أعلم.

[ج 2 ص 179]

قوله: (وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ): (تُرِكوا): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا ... ) إلى آخره: الذي بلغ قتادة لا أعرفه، كأنَّ قتادة ذهب إلى أنَّ المحارب لا يُمثَّل به، وهذه ليست بمثلةٍ، وإنَّما هي قصاص.

قوله: (وَقَالَ شُعْبَةُ وَأَبَانُ وَحَمَّادٌ [2] عَنْ قَتَادَةَ: مِنْ عُرَيْنَةَ): هذا تعليقٌ، و (أبان): هو ابن يزيد العطَّار، أبو يزيد البصريُّ، و (حَمَّاد) هذا: هو ابن سلمة بن دينار البصريُّ، وهذه المتابعة _متابعة شعبة عن قتادة_ أخرجها البُخاريُّ في آخر (الزكاة) عن مسدَّد، عن يحيى بن سعيد، عن شعبة به، ومتابعة أبان، عن قتادة لم يخرِّجْها أحد من أصحاب الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وكذا رواية حَمَّاد؛ وهو ابن سلمة، وشيخنا لم يعزُ هذه المتابعات هنا.

قوله: (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَأَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ): أمَّا (يحيى بن أبي كَثِير)؛ فبفتح الكاف، وكسر المُثلَّثة، و (أيُّوبُ): هوابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (أبو قِلابة): تَقَدَّم ضبطه مرارًا أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبعد الألف موحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، وتَقَدَّم أنَّ اسمه عبد الله بن زيد الجرميُّ، أمَّا تعليق يحيى؛ فأخرجه البُخاريُّ في (المحاربين)، وتعليق أيُّوب: أخرجه أيضًا في (الطهارة) وفي (المحاربين) في مكانين، والله أعلم، ومسلمٌ في (الحدود)، وأبو داود فيه، والنَّسائيُّ في (المحاربة).

(1/7602)

[حديث: أن عمر بن عبد العزيز استشار الناس يومًا ... ]

4193# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو صاعقة، الحافظ المشهور، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة، (وَالْحَجَّاجُ الصَّوَّافُ): هو حجَّاج بن أبي عثمان الصَّوَّاف البصريُّ، عن الحسن، وعدَّةٍ، وعنه: القطَّان، وأبو عاصم، ثقة، تُوفِّي سنة (123 هـ)، أخرج له الجماعة، و (أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلاَبَةَ): اسم أبي رجاء سلمانُ، ثقة مشهورٌ، و (أبو قِلابة): تَقَدَّم أعلاه وقبله ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ.

قوله: (فِي هَذِهِ الْقَسَامَةِ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّه بفتح القاف، ويأتي في بابها إن شاء الله تعالى.

قوله: (فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو عنبسة بن سعيد بن العاصي الأَمويُّ، أبو أيُّوبَ، ويقال: أبو خالد، وهو أخو عمرٍو الأشدق، عن أبي هريرة، وأنسٍ، وعن عمر بن عبد العزيز، وهو أكبر من عمر، وعنه: أبو قِلابة، والزُّهريُّ، ومحمَّد بن عمرو بن علقمة، وجماعةٌ، وثَّقه ابن معين وأبو داود، قال الدارقطنيُّ: كان جليسًا للحجَّاج.

تنبيهٌ: في الكتب _أو في بعضها_ عنبسة بن سعيد جماعة غيره، وكذا في «الميزان».

==========

[ج 2 ص 180]

(1/7603)

[باب غزوة ذات القرد]

قوله: (بابُ غَزْوَةِ ذَاتِ قَرَدِ [1]): (قَرَد)؛ بفتح القاف والراء، وحكى السهيليُّ عن أبي عليٍّ الضمَّ فيهما، قال شيخنا: وربَّما وجد مضبوطًا بضمِّ القاف وفتح الراء، انتهى، وهو ماء على ليلتين من المدينة، بينها وبين خيبر، ويقال: ذو القرد، وقال بعض الحُفَّاظ: ذو قرد، على نحو يوم من المدينة، وقال مغلطاي في «سيرته الصغرى»: على بَريد من المدينة، وقد تَقَدَّم، وسأذكر تاريخها قريبًا.

قوله: (وَهْيَ الْغَزْوَةُ الَّتِي أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ) انتهى: كانت هذه اللقاح عشرين، اعلم أنَّ غزوة ذي قرد في شهر ربيع الأوَّل سنة ستٍّ من الهجرة عند ابن سعد، وأنَّ عيينة أغار على لقاحه عليه السلام في ليلة الأربعاء في أربعين فارسًا، انتهى، وقال ابن إسحاق: (ثُمَّ قدم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة)؛ يعني: من غزوة بني لحيان، وقد أرَّخ ابن إسحاق غزوة بني لحيان بجمادى الأولى، على رأس ستَّة أشهر من فتح قريظة، وأرَّخها ابن سعد بغرَّة شهر ربيع الأوَّل سنة ستٍّ، قال ابن إسحاق: (ثُمَّ قدم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة، فلم يُقم بها إلَّا لياليَ قلائلَ حتَّى أغار عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاريُّ في خيلٍ لغطفان على لقاح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى.

(1/7604)

وفي «البُخاريِّ» ما رأيته، وفي «مسلم» في حديث سلمة ابن الأكوع الطويل في قصَّة ذي قرد، وفيه قصَّة بيعة الحديبية، وفي آخره: (فوالله ما لبثنا ثلاث ليال حتَّى خرجنا إلى خيبر)، وفيهما نظرٌ؛ لإجماع أهل السير على خلافهما، وقال بعضُهم في قوله ذلك: (قبل خيبر بثلاث): قيل: صوابه بسنةٍ، انتهى، ونحوُه بين الأسطر في أصلنا، ولفظه: صوابه: (قبل خيبر بسنة)؛ انتهت، وعليها شيءٌ يشبه أن يكون أُخِذت من كلام الحافظ الدِّمياطيِّ، وقد راجعت كلام شيخنا الشارح في ذلك فرأيته قال: وقوله: (قبل خيبر بثلاث) ممَّا غُلِّط فيه، وأنَّه قبلها بسنة، فإنَّها في جمادى الآخرة سنة سبع؛ أعني: خيبر، ثُمَّ ذكر حديث سلمة في «مسلم»، وفيه ما قد ذكرته لك قريبًا، ثُمَّ قال: لكنَّ أهل السير على خلافه، قال: (وادَّعى القرطبيُّ أنَّ بعدها بني المصطلق في شعبان، ثُمَّ عمرة الحديبية في ذي القعدة، ثُمَّ رجع إلى المدينة، فأقام بها ذا الحجَّة وبعض المحرَّم، وخرج في بقيَّته إلى خيبر، كما صرَّح به أبو عمر وغيرُه، ولا يكادون يختلفون في ذلك)، ونسب ما وقع في الحديث إلى وهم من بعض الرواة؛ ويحتمل أن يكون أغزى سريَّة فيهم سلمة إلى خيبر قبل فتحها، فأخبر سلمة عن نفسه وعمَّن خرج معهم، يبيِّن ذلك أنَّ ابن إسحاق [2] ذكر أنَّه عليه السلام أغزى إليها عبدَ الله ابن رواحة قبل فتحها مرَّتين، وروى يونس بن بكير عن ابن إسحاق: أنَّ غزوة بني لحيان كانت في شعبان سنة ستٍّ، وأنَّه عليه السلام لمَّا رجع منها إلى المدينة؛ لم يقم إلَّا لياليَ حتَّى أغار عيينة على لقاح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في أربعين فارسًا قبل قصَّة عيينة بستَّة أشهر، ولمَّا ذكر الحاكم غزوة ذي قرد؛ قال: (هذه الغزوة الثالثة لذي قرد، فإنَّ الأولى: سريَّة زيد بن حارثة في جمادى الآخرة على رأس ثمانية وعشرين شهرًا من الهجرة، والثانية: خرج فيها بنفسه إلى بني فزارة، وهي على رأس تسعة وأربعين شهرًا من الهجرة، وهذه الثالثة: كانت في سنة ستٍّ).

وعند ابن سعد: (كانت لقاح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالغابة عشرين لقحة، وكان أبو ذرٍّ فيها، فأغار عليهم عبد الرحمن بن عيينة)، وعند البلاذريِّ: (كان المغير يومئذٍ عبدُ الله بن عيينة بن حصن)، قال الواقديُّ: (والثبت عندنا: أنَّه عليه السلام أمَّر على هذه السريَّة سعيدَ بن زيد الأشهليَّ، وكان المسلمون خمس مئة، ويقال: سبع مئة)، انتهى ما ذكره شيخنا، والله أعلم.

(1/7605)

قال بعض الحُفَّاظ: وهذه الغزوة _يعني: غزوة الغابة_ كانت بعد الحديبية، وقد وهم فيها جماعة من أهل المغازي والسير، فذكروا أنَّها قبل الحديبية، والدليل على صحَّة ما قلناه: ما رواه الإمام أحمد والحسن بن سفيان عن أبي بكر ابن أبي شيبة: حدَّثنا هاشم بن القاسم: حدَّثنا عكرمة بن عمَّار، حدَّثني إياس بن سلمة ابن الأكوع، عن أبيه قال: (قدمتُ زمن الحديبية مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: فخرجت أنا ورَباح بفرسٍ أبديه مع الإبل، فلمَّا كان بغلس؛ أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقتل راعيَها ... )، وساق القصَّة؛ رواها مسلمٌ في «صحيحه» بطولها، وشرع يبرهن على صحَّة ما قاله، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (ويقال لها: غزوة الغابة).

[2] زيد في (أ): (لمَّا)، ولعلَّ حذفها هو الصَّواب.

[ج 2 ص 180]

(1/7606)

[حديث: يا ابن الأكوع ملكت فأسجح]

4194# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو حاتم بن إسماعيل، ثقة مشهورٌ، تَقَدَّم.

قوله: (قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى): (يُؤذَّن): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و (الأولى): تَقَدَّم أنَّها الظهر، وإنَّماسُمِّيَت أولى؛ لأنَّ جبريل ابتدأَ بها صلاة بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد تَقَدَّم أنَّه جاء في رواية: أنَّه أوَّل ما صلَّى به [1] الصبح، أفاده شيخنا الشارح في «شرح التنبيه» له.

قوله: (وَكَانَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (اللقاح): تَقَدَّم أنَّها جمع لقحة، واللِّقحة: هي بكسر اللام، وتفتح في المفرد فقط لا في الجمع، وهي ذوات الدَّرِّ من الإبل، يقال لها ذلك بعد الولادة بشهر وشهرين وثلاثة، ثُمَّ هي لبون، واللقحة: اسم لها في تلك الحال، لا صفة لها، فلا يقال: ناقة لقحة، ولكن يقال: هذه ناقة لقحة، فإن أرادوا الوصف؛ قالوا: ناقة لَقُوحٌ ولاقحٌ، وقد يقال لهنَّ ذلك وهنَّ حواملُ لم يضعن بعدُ، وقد جاء (اللقحة) في البقروالغنم في الحديث؛ كما جاء في الإبل، والله أعلم.

قوله: (فَلَقِيَنِي غُلاَمٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ): هذا الغلام لا أعرف اسمه.

قوله: (أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُخِذت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (لقاحُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ): وفي بعض طرقه: (غطفان وفزارة)، قال ابن إسحاق: (أغار عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاريُّ في خيلٍ على لقاح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، وقال غيره: أغار عليها عبد الرحمن بن عيينة، وعند البلاذريِّ: كان المغير يومئذٍ عبد الله بن عيينة بن حصن.

قوله: (يَا صَبَاحَاهْ): هذه كلمة يقولها المستغيث، وأصلها: إذا صاحوا للغارة؛ لأنَّهم أكثر ما يُغيرون عند الصباح، ويسمُّون

[ج 2 ص 180]

يوم الغارة: يوم الصباح، فكأنَّ القائل: (يا صباحاه) يقول: قد غشيَنا العدوُّ، وقيل: إنَّ المتقاتلين كانوا إذا جاء الليل؛ يرجعون عن القتال، فإذا عاد النهار؛ عاودوه، فكأنَّه يريد بقوله: (يا صباحاه): قد جاء وقت الصباح، فتأهَّبوا للقتال، وقد تَقَدَّمت، وأنَّ الهاء في آخرها هاءُ السكت ساكنةً.

قوله: (لاَبَتَيِ الْمَدِينَةِ): تَقَدَّم أنَّ (اللَّابتين) الحرَّتان، وتَقَدَّم ضبط (اللابة)، وأنَّ (الحرَّة) أرض تركبها حجارة سود.

(1/7607)

قوله: (وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ [2]): قال ابن قُرقُول: («الرُّضَّع»: اللئام، واحدهم: راضع؛ لأنَّه يرضع اللبن من أخلاف إبله؛ لئلَّا يُسمَعَ صوت الشخب، فيُطلَب منه، وقيل: لئلَّا يصيبَه في الحلب آفة، ويقال من اللُّؤم: رَضُع يرضُع رضاعة؛ مثل: لَؤم يَلؤمُ، وقال الأصمعيُّ: إنَّما يقال: «رَضُع» في مقابلة «لَؤُم»، وأمَّا إذا أفرد؛ قيل: رضِع ورضَع؛ كالماصِّ من الثدي، وقال غيره: ومعنى لئيم: راضع؛ أي: رضع اللُّؤم في بطن أمِّه، وقيل: لأنَّه يرضع الخلالة؛ من الخلالة التي يخرجها من بين أسنانه ويمصُّها، ومعنى «اليوم يوم الرضع»؛ أي: يوم هلاكهم، وقيل: اليوم يُعرف مَن أرضعته كريمة فأنجبت، أو لئيمة فهجَّنت، وقيل: اليوم يظهر من أرضعته الحربُ من صغره)، انتهى، وأمَّا إعرابه؛ فقد تَقَدَّم في (باب من رأى العدوَّ فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه) في (الجهاد).

قوله: (حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ): تَقَدَّم أنَّ (اللقاح) كانت عشرين، وفي بعض الطرق: (فاستنقذوا عشر لقاح، وأفلت القوم بما بقي؛ وهي عشرة)، انتهى، وفي بعضِها: (واستنقذوا بعضَ اللقاح)، وهذا ينافي ما في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»؛ ففي «البُخاريِّ» ما قد رأيت، وفي مسلمٍ عن سلمة: (حتى ما خلق الله من شيء من لقاح رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا خلَّفته وراء ظهري)، والذي في «الصحيحين» الصحيحُ، وذاك غلطٌ، أو يجمع بين الروايتين، والله أعلم.

قوله: (ثَلاَثِينَ بُرْدَةً): وكذا في «مسلم»، وذكر ابن سعد بسنده في حديث سلمة: (ثُمَّ لم أزل أرميهم حتَّى ألقَوا أكثر من ثلاثين رُمحًا، وأكثر من ثلاثين بُردة يستخفُّونها)، وكذا في «مسلمٍ»، وكأنَّه أسقط الكسر في رواية البُخاريِّ ومسلم في إحدى روايتيه.

قوله: (فَأَسْجِحْ): هو بقطع الهمزة، ثُمَّ سين مهملة ساكنة، ثُمَّ جيم مكسورة، ثُمَّ حاء مهملة، ومعناه: ارفُق، وسهِّل، واعفُ، واسمَح، و (الإسجاح): حسن العفو.

قوله: (وَيُرْدِفُنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ): تَقَدَّم أنَّ ابن منده جمع أرداف النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فنيَّفَ بهم على ثلاثين، وقد ذكرت أنا من وقفت عليه أنَّه أردفه عليه السلام في (كتاب الإيمان)، ومنهم سلمة هذا.

[ج 2 ص 181]

(1/7608)

[باب غزوة خيبر]

[1] (بابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ [2]) ... إلى (بابُ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ)

(خَيْبَر): بلدٌ معروفٌ على نحوِ أربعِ مراحل من المدينةِ إلى جهة الشَّام، ذاتُ نخيلٍ ومزارع، ذكر الحازميُّ في «المؤتلف والمختلف»: أنَّ أراضي خيبر يقال لها: خَيابر؛ بفتح الخاء، وذكر البكريُّ: أنَّها سُمِّيَت برجل من العماليق نزلها؛ وهو خيبر بن قانية بن مهلائيل، انتهى، وخيبر: حصون النُّطَاة، وحصن الصَّعْب، وحصن ناعم، وحصن قلعة الزُّبَير والشّق، وحصن أُبيٍّ، وحصن البراء، والقَمُوص، والوطيح، والسُّلالم، ويقال: السُّلاليم.

قال ابن إسحاق: وأقام رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعد رجوعه من الحُدَيْبيَة ذا الحجَّة وبعضَ المحرم، وخرج في بقيَّةٍ منه عازمًا إلى خيبر، ولم يبقَ من السَّنة السَّادسة من الهجرة إلَّا شهرٌ وأيام، وقال ابن عُقبة: لمَّا قدم رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم المدينة منصرفه من الحُدَيْبيَة؛ مكث عشرين يومًا أو قريبًا منها، ثمَّ خرج غازيًا إلى خيبر، وقال غيرهما: فتحها رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في أوائل سنة سبع، أقام عَلَيهِ السَّلام على حصارِهم بضع عشرة ليلة، وقد جعلها غير واحد من العلماء في السنة السابعة، وقد قدَّمتُ كلام ابن قيِّم الجوزيَّة في أوائل هذا التعليق؛ وهو أنَّ مالكًا قال: افتتحها في السنة السادسة، والجمهور على أنَّها في السابعة، وقطع أبو محمَّد ابن حزم بأنَّها كانت في السادسة بلا شكٍّ، قال ابن القيِّم: ولعلَّ الخلاف مبنيٌّ على أوَّل التاريخ؛ هل هو من شهر ربيع الأوَّل شهر مقدمه المدينة، أو من أوَّل المحرَّم من أوَّل السنة؟ وللناس طريقان، والجمهور على أنَّ أوَّل التاريخ وقع من المحرَّم، وأبو محمَّد ابن حزم يرى أنَّه في شهر ربيع الأوَّل حين قدم، انتهى.

تنبيهٌ: ذكرت اختلافًا في أوَّل التأريخ قُبيل (المغازي)؛ فانظره.

تنبيهٌ آخر: ذكر أبو نصر عبد الوهَّاب الإمام ابن العلَّامة تقيِّ الدين عليِّ بن عبد الكافي السُّبكيِّ الشافعيِّ في «طبقاته» في ترجمة الشيخ أبي حامد الإسفراينيِّ _واسمه أحمد بن محمَّد بن أحمد_: أنَّه حكى في «التعليقة» له: أنَّ غزوة خيبر كانت سنة خمس، قال أبو نصر السُّبكيُّ: وهو غريب، وهو _كما ذكر_ غريبٌ، ويتمشَّى على قولٍ غريبٍ في ابتداء التأريخ ذكرتُه قُبَيلَ (المغازي)؛ فانظره، والله أعلم.

تنبيهٌ آخر وكان من حقِّه أن يُذكَر في (الجزية)، ولكنِّي أخَّرته هنا؛ لسرعة الكشف عنه: وهو أنَّ بعض اليهود أظهر كتابًا بإسقاط النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الجزية عن الخيابرة، وفيه شهادة الصَّحابة، فعرضعه الوزير على الحافظ أبي بكر الخطيب البغداديِّ، فقال: هذا مزوَّر، فقل له: من أين قلت هذا؟ قال: لأنَّ فيه شهادةَ معاوية، وهو إنَّما أسلم عام الفتح، وفيه شهادة سعد بن مُعاذ، وقد مات قبل خيبر بسنتين.

(1/7609)

وقد قال ابن قيِّم الجوزيَّة في كتاب «الهَدْي»: (ولمَّا كان في بعض الدول التي خفيت فيها السُّنة وأعلامها؛ أظهر منهم طائفة _يعني: من أهل خيبر_ كتابًا قد عتَّقوه، وفيه شهادة عليِّ بن أبي طالب، وسعد بن مُعاذ، وجماعة من الصَّحابة،

[ج 2 ص 182]

فراج ذلك من جَهِل سنَّة رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ومغازيه وسيره، وتوهَّموا بل ظنُّوا صحته، فأجيزوا على حكم هذا الكتاب المزوَّر، حتَّى أُلقِيَ إلى شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه وطُلِب منه أن يعين على تنفيذه والعمل به، فبصق عليه، واستدلَّ على كذبه بعشرة أوجه؛ منها: أنَّ فيه شهادة سعد بن معاذ، وسعدٌ تُوُفِّيَ قبل خيبر قطعًا، ومنها: أنَّ في الكتاب أنَّه أسقط عنهم الجزية، والجزية لم تكن نزلت بعدُ، ولا يعرفها الصَّحابة حينئذٍ، فإنَّ نزولها كان عام تبوك، بعد خيبر بثلاثة أعوام، ومنها: أنَّه أسقط عنهم الكلف والسخر، وهذا محال، فلم تكن في زمانه كلف ولا سخر يؤخذ منهم ولا من غيرهم، وقد أعاذه الله وأعاذ أصحابه من أخذ الكلف والسخر، وإنَّما هي من وضع الملوك الظلمة، واستمرَّ الأمر عليها، ومنها: أنَّ هذا الكتاب لم يذكره أحد من أهل العلم على اختلاف أصنافِهم، فلم يذكره أحد من أهل المغازي والسير، ولا أحد من أهل الحديث والسُّنَّة، ولا أحد من أهل الفقه والإفتاء، ولا أحد من أهل التفسير، ولا أظهروه في زمان السَّلف؛ لعلمهم بأنَّهم إن زوَّروا مثل ذلك؛ عرفوا كذبه وبطلانه، فلمَّا استرقُّوا بعض الدول في وقت فتنة وخفاء بعض السنَّة؛ زوَّروا ذلك وعتَّقوه وأظهروه، وساعدهم على ذلك بعض الخائنين لله ورسوله، ولم يستمرَّ لهم حتَّى كشف الله أمره، وبيَّن خلفاء الرسل بطلانَه وكذبه)، انتهى.

وقال قبل ذلك: (ولم يأخذها _يعني: الجزية_ من يهود خيبر، فظنَّ بعض الغالطين المخطئين أنَّ هذا حكم مختصٌّ بأهل خيبر، وأنَّه لا تؤخذ منهم جزية وإن أُخذت من سائر أهل الكتاب، وهذا من عدم فقهه في السير والمغازي، فإنَّ رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قاتلهم، وصالحهم على أن يقرَّهم في الأرض ما شاء، ولم تكن الجزية نزلت بعد، فسبق عقدُ صلحهم وإقرارُهم في أرض خيبر نزولَ الجزية، ثم أمر الله سبحانه أن يقاتل أهل الكتاب حتَّى يعطوا الجزية، فلم يدخل في هذا يهود خيبر إذ ذاك؛ لأنَّ العقد كان قد تمَّ بينه وبينهم على إقرارهم، وأن يكونوا عمَّالًا في الأرض بالشطر، فلم يطالبهم بشيء غير ذلك، وطالب مَن سواهم من أهل الكتاب ممَّن لم يكن بينه وبينهم عقدٌ كعقدهم بالجزية؛ كنصارى نَجْران، ويهود اليمن، وغيرهم، فلمَّا أجلاهم عُمر إلى الشام؛ تغيَّر ذلك العقد الذي تضمَّن إقرارهم في أرض خيبر، وصار لهم حكم غيرهم من أهل الكتاب)، انتهى، وهذا بمكان حسن، فلا تضجر من طوله، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في هامش (ق): (كانت غزوة خيبر في السنة السابعة من الهجرة في أواخر المحرم، واستعمل على المدينة نُميلة بن عبد الله الليثي).

(1/7610)

[حديث سويد: أنه خرج مع النبي عام خيبر]

4195# قوله: (عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ): تَقَدَّم أنَّ (بُشَيرًا) بضمِّ الموحَّدة، وفتح الشين المعجمة، وأنَّ (يَسارًا) بتقديم المثنَّاة تحت، ثم سين مهملة.

قوله: (عَامَ خَيْبَرَ): تَقَدَّم أعلاه وقبله في أيِّ عام كانت خيبر؛ فانظره.

قوله: (حَتَّى [1] كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ): (الصَّهْباء)؛ بفتح الصاد المهملة، وإسكان الهاء، وبالموحَّدة، وفي آخرها همزة ممدودة: هي من خيبر على روحة.

قوله: (إِلاَّ بِالسَّوِيقِ): تَقَدَّم الكلام ما هو، وهو ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فَثُرِّيَ): هو بضمِّ الثاء المثلَّثة، وتشديد الراء المكسورة، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ ومعناه: نُدِّي بالماء ولُيِّن، فَصُيِّر كالثرى.

قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّ [2]): تَقَدَّم أنَّه يجوز فيه: (ولم يتوضَّ)، و (لم يتوضأْ)؛ بهمزة ساكنة في آخره، (ولم يتوضَّا)، مطوَّلًا في (الطهارة)؛ فانظره.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (إذا)، وهي في (أ) مضروبٌ عليها، وفي (ق) ملحقةٌ مصحَّحة.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (يَتَوَضَّأْ)، وفي (ق): (يتوضَّ) (يتوضَّأْ) (يتوضَّا) معًا.

[ج 2 ص 183]

(1/7611)

[حديث عامر: اللهم لولا أنت ما اهتدينا]

4196# قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّم متى كانت غزوة خيبر، والاختلاف فيها غيرَ مرَّةٍ، وأدناه قريبًا.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ): هذا الرجل القائلُ لعامر لا أعرف اسمه، و (عامر): هو ابن الأكوع، عمُّ سلمة بن عمرو بن الأكوع، واسم الأكوع: سنان بن عبد الله بن قُشير.

تنبيهٌ: وقع في «مسلم» من حديث سلمة ابن الأكوع: (لمَّا كان يوم خيبر؛ قاتل أخي قتالًا شديدًا ... ) إلى أن قال: (فارتدَّ عليه سيفه)، وقال بعده بقليل في الحديث نفسه: (فقال رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «من قال هذا؟» قلت: قاله أخي)، وذكر مسلم بعده: (فجعل عمِّي عامر يرتجز)، والصَّحيح: أنَّه عمُّه كما قدَّمتُه، ويمكن أن يجمع بينهما بأن يكون عمَّه من النسب أخاه من الرَّضاعة، وقال شيخنا: إنَّه أخو سلمة، كما صرَّح به مسلم في «صحيحه»، قال: وكذا صرَّح به ابن سعد وغيره، قال: وعند ابن إسحاق: عامر عمُّ سلمة، انتهى، والله أعلم.

قوله: (مِنْ هُنَيْهَاتِكَ [2]): قال ابن قُرقُول: (من هناتك): جمع: هنة؛ أي: من أخبارك وأمورك وأشعارك، فكنَّى عن ذلك كلِّه، وفي رواية: (من هُنيَّاتك) على التصغير، انتهى، والذي عليه (صح) في أصلنا: (هنيهاتك)، وفي نسخةٍ: (هُنيَّاتك).

~…قوله: (وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا… ... ) إلى آخره: هذا الرجز قد يُتوهَّم أنَّه من قِبَلِه، وليس كذلك، بل هو من قول ابن رواحة، كذا جاء نسبته إليه في هذا «الصحيح» قبل هذا.

قوله: (اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا): كذا الرواية، وصوابه في الوزن (لاهمَّ)، أو (تالله)، كما سيجيء في (الدعاء)، أو (والله) كما في الحديث الآخر: (لولا الله).

قوله: (فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ [3]): (فَداء)؛ بفتح الفاء: مقصور، وكسرها: ممدود ومقصور، وكذا لابن الأثير في «نهايته»، قال الجوهريُّ: ومن العرب من يكسر (فِداء) بالتنوين إذا جاور لام الجرِّ خاصَّة، فيقول: فِداءٍ لك؛ لأنَّه نكرة، يريدون به معنى الدعاء، ثم استشهد عليه ببيت للنابغة أنشده الأصمعيُّ، قاله الجوهريُّ، وقال ابن قُرقُول: الفداء: يمدُّ ويقصر، وأمَّا المصدر من فاديت؛ فممدود [4] لا غير، والفاء في كلِّ ذلك مكسورة، وحكى الفرَّاء: (فدًى لك)؛ مقصور، وممدود، ومفتوح، و (فَداك أبي وأمِّي): فعل ماضٍ مفتوح الأوَّل، ويكون اسمًا على ما حكاه الفرَّاء، انتهى.

وقوله: (فاغفر فداء لك): قال ابن قُرقُول: كذا ذكره مسلم في رواية جميع شيوخنا، وكذا ذكره البُخاريُّ في (غزوة خيبر)، وفيه إشكالٌ، إذ لا يصحُّ

[ج 2 ص 183]

إطلاق هذا اللفظ على ظاهره في حقِّ الله تعالى، وإنَّما يُفدَّى من المكاره من تلحقه، وفيه تأويلات:

(1/7612)

أحدها: أن يراد به إدغام الكلام، ووصل الخطاب، وتأكيد المقصد دون الالتفات إلى معانيها؛ كقولهم: ويل أمِّه، وتربت يمينك.

والثاني: أن يكون على القطع ومداخلة الكلام، وأنَّه التفت بقوله: (فدًى لك) إلى بعض من يخاطبُه، ثم رجع إلى تمام دُعائه، وفي هذا بُعدٌ وتعسُّفٌ كثير في المعنى.

الثالث: أن يكون على معنى الاستعارة، ويكون المراد بالتفدية: التعظيم والإكبار؛ لأنَّ الإنسان لا يُفدِّي إلَّا من يعظِّمه، وكأنَّ مراده في هذا: بَذل نفسي ومن يعزُّ عليَّ في رضاك وطاعتك.

وقد ذكر المازريُّ: أنَّ بعضَهم رواه: (فاغفر لنا بذاك [5] ما ابتغينا)، وليس هذا اللفظ ممَّا وقع عند أحدٍ من شيوخنا في «الصحيح»، وقد تَقَدَّم الخلاف في هذا في (حرف الباء)، وقد ضبطنا في هذا الحرف (فداءٌ)؛ بالرفع على الابتداء والخبر؛ أي: نفسي فداء لك، وبالنَّصب على المصدر، انتهى.

وقد ذكر غير واحد هذا اللفظ، وممَّن ذكره ابن الأثير في «النِّهاية» مختصرًا، وأنَّه على المجاز والاستعارة، فيكون المراد: التعظيم والإكبار، وذكر أنَّ (فداء) يروى بالرفع على الابتداء، والنصب على المصدر.

وقال السُّهيليُّ في (غزوة خيبر) في «روضه»: وقوله: (فداء لك): قد قيل: إنَّ الخطاب للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ أي: اغفر لنا تقصيرَنا في حقِّك وطاعتك، إذ لا يتصور أن يقال لله تبارك وتعالى مثلُ هذا الكلام، وذلك أنَّ معنى قولهم: (فداء لك)؛ أي: فداء لك أنفسنا وأهلونا، وحذف الاسم المبتدأ؛ لكثرة دوره في الكلام مع العلم به، وإنَّما يُفدِّي الإنسان بنفسه من يجوز عليه الفناء، وأقرب ما قيل فيه من الأقوال إلى الصواب: أنَّها كلمة يترجم بها عن محبَّةٍ وتعظيمٍ، فجاز أن يخاطب بها من لا يجوز في حقِّه الفداء، ولا يجوز عليه الفناء؛ قصدًا لإظهار المحبَّة والتعظيم له، وإن كان أصل الكلمة ما ذكرنا، فربَّ كلمة ترك أصلها، واستُعمِلت كالمثل في غير ما وُضِعت له أوَّل كما هنا، واُنلُفظ بالقسم في غير موضع القسم إذا أرادوا تعجُّبًا أو استعظامًا لأمر؛ كقوله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في حديث الأعرابيِّ من رواية إسماعيل بن جعفر: «أفلح وأبيه إن صدق ... » إلى آخره.

وقال شيخنا في (باب ما يجوز من الرجز والشِّعر) ما لفظه: (فداء لك)؛ بالرفع والخفض أيضًا، فوجه الرفع: أن يكون خبر [6] مبتدأ مضمر؛ أي: نحن فداءٌ لك، ومن خفض (فداء)؛ شبَّهه بـ (أمسِ)، فبناه على الكسر؛ لبناء الأصوات عليه؛ نحو قولهم: قال الغراب: غاقِ ... إلى آخر كلامه، وقال أيضًا في الباب الذي هو قبل الباب المشار إليه: ومنهم من يكسر (فداء) إذا جاور لام الجرِّ خاصَّة، تقول: فداءٍ لك؛ لأنَّه نكرة، يريدون به معنى الدعاء، انتهى، وقد قدَّمتُ ذلك عن «الصحاح» للجوهريِّ، وأمَّا قوله: (فداءٍ) بالكسر؛ فلم أره إلَّا في كلام شيخنا، والله أعلم.

(1/7613)

قوله: (مَا أَبْقَيْنَا): كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: كذا عند الأصيليِّ، وعند القابسيِّ: كذا ذكره البُخاريُّ في (غزوة خيبر)، وعنده في غير هذا الموضع وفي «مسلم»: (ما اقتفينا)؛ أي: اكتسبنا، وأصل الاقتفاء: الاتِّباع، وذكر المازريُّ أنَّه روي: (ما ابتغينا)، ولعلَّه تغيير، و (اقتفينا) أشهر وأكثر، انتهى، ومعنى (ما أبقينا): ما خلَّفنا ممَّا اكتسبنا، أو أبقينا من الذنوب، فلم نحقِّق التوبة فيه كما ينبغي.

قوله: (أَبَيْنَا): كذا مصحَّحٌ عليه عندنا، وفي نسخة: (بنا أتينا)، قال ابن قُرقُول: (أبينا): كذا للأصيليِّ والسجزيِّ بباء، من الإباية، ولغيرهما: بتاء، من الإتيان، وكلاهما صحيحٌ، أي: إذا صيح بنا لفزعٍ أو حادثٍ؛ أتينا الداعي وأجبناه، أو أقدمنا على عدوِّنا ولم يُرعنا صياح العدوِّ، كما قال صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في صفة المجاهدِ: «إذا سمع هيعة أو فزعة؛ طار إليها»، ومن رواه: (أبينا) بباء مفردة؛ فمعناه: أبينا الفرارَ، وأنِفنا منه، وثبتنا للعدوِّ، وبالتاء من الإتيان أوجه؛ لأنَّ في بقيَّة الرجز: (وإن أرادوا فتنة أبينا)، وتكرار الكلمة على القرب عيب في شعر معلوم.

قوله: (وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا): قال الدِّمْياطيُّ: (عوَّلت بكذا: استعنت به)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: (عوَّلوا علينا: قد يكون من العويل؛ وهو رفع الصوت، وقيل: من التعويل؛ وهو الاحتمال، يقال: عوَّل عليه في أمره؛ أي: احتمل عليه في حملِه إيَّاه، ووثق به)، انتهى، وفي «النِّهاية»: (عوَّلوا علينا: أي: أجلبوا واستغاثوا، والعويل: صوت الصدر بالبكاء).

قوله: (فَقَالَ [7] رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللهِ): القائل (وجبت) هو عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه، كما رواه مسلم، روى ابن إسحاق بسنده القصَّة، وفيها: (فقال عمر بن الخَطَّاب: وجبت والله يا رسول الله، لو أمتعتنا به).

قوله: (وَجَبَتْ): أي: وجبت له الشهادة، وإنَّما قال عمر ذلك؛ لأنَّ في «صحيح مسلم» في هذه القصَّة: (وما استغفر رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لإنسان يخصُّه إلَّا استشهد)، والله أعلم.

قوله: (مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ): (المخمصة): المجاعة.

قوله: (قَالُوا: لَحْم الحُمُرِ [8] الأنْسِيَّةِ): (لحم) يجوز فيه الرفع على الخبريَّة، والنصب بإسقاط الخافض.

(1/7614)

قوله: (الأنسِيَّةِ): قال ابن قُرقُول: (الأَنَسية)؛ بفتح النون، وفتح الهمزة، كذا ذكره البُخاريُّ عن ابن أبي أويس، وكذا قيَّدناه عن الشيخ أبي بحر في «مسلم»، وكذا قيَّده الأصيليُّ وابنُ السكن وأبو ذرٍّ، وأكثر روايات الشيوخ فيه بكسر الهمزة، وسكون النون، وكلاهما صحيح، وفي «النِّهاية»: (والمشهور فيها كسر الهمزة، منسوبة إلى الإنس؛ وهم بنو آدم، الواحد: إنسيٌّ)، وفي كتاب أبي موسى ما يدل على أنَّ الهمزة مضمومة، فإنَّه قال: (هي التي تألف البيوت، والأُنس: هو ضد الوحشة، الأُنس: بالضم، وقد جاء فيه الكسر قليلًا، ورواه بعضهم بفتح الهمزة والنون، وليس بشيء، قلت: أراد أنَّ الفتح غير معروف في الرواية، فتجوز، وإن أراد أنَّه ليس بمعروفٍ [9] في اللغة؛ فإنَّه مصدر

[ج 2 ص 184]

أنست به آنس أنَسًا، وأنَسَةً)، انتهى.

قوله: (أَهْرِيقُوهَا): هو بفتح الهمز والهاء، ويجوز إسكان الهاء، وهو رباعيٌّ.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ [10]: أَوْ نُهَرِيقُهَا): هذا الرجل لا أعرفه، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: (لم يُسَمَّ، ويحتمل أن يكون هو عمر)، انتهى.

قوله: (أَوْ نُهَرِيقُهَا): (أوْ) ساكنة الواو في أصلنا، وكذا في خطِّ الشيخ أبي جعفر الأندلسيِّ شيخنا، وهو ظاهرٌ، وفي حفظي أنَّه ضبطها كذلك بعض الحفَّاظ.

قوله: (نُهَرِيقُهَا): هو بضمِّ النون، وفتح الهاء، ويجوز سكون الهاء، وقد تقدَّم أعلاه.

قوله: (أَوْ ذَاكَ): (أو) ساكنة الواو، قال ابن قُرقُول: (على الإباحة والتسوية، ولا يجوز الفتح)، انتهى.

قوله: (كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا): هو عامر بن الأكوع، عمُّ سلمة بن عمرو بن الأكوع، وقد تَقَدَّم.

قوله: (سَاقَ يَهُودِيٍّ): هذا اليَهوديُّ هو مرحبٌ، والشاهد لذلك في «صحيح مسلم».

قوله: (وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ): (ذُباب السيف)؛ بضمِّ الذال المعجمة: طرفه الذي يُضرَب به، قاله الجوهري.

قوله: (عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ)؛ أي: رأس ركبته.

قوله: (فَلَمَّا قَفَلُوا)؛ أي: رجعوا، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي): تَقَدَّم الكلام على التفدية بالأب والأمِّ أو بأحدهما مطوَّلًا؛ فانظر في (أُحُد) وقبله، وهو جائزٌ مطلقًا على الصحيح.

قوله: (زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ): قائل ذلك فلان وفلان وأسيد بن الحضير الأنصاريُّ، وكذا في «صحيح مسلم»، ولا أعرف فلانًا وفلانًا المذكورَين مع أُسيد بن الحضير، و (أُسَيْدُ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الهمزة، وفتح السين، و (حُضَير): بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الضاد المعجمة.

(1/7615)

قوله: (إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ): قال ابن قُرقُول: كذا لأكثرهم، وللحمُّوي والمستملي في (كتاب الجهاد): (إنَّه لَجاهدَ مَجَاهدَ)، وكذا قيَّده أبو الوليد الباجي في «البُخاريِّ»، وابن أبي جعفر في «مسلم»، والأوَّل أصوبُ؛ أي: جاهدٌ جادٌّ مبالغٌ في سبيل الخير والبرِّ وإعلاء كلمة الإسلام، مجاهدٌ لأعدائه، قال ابن دريد: (يقال: رجل جاهدٌ؛ أي: جادٌّ في أمره، وكرَّر «مجاهدًا» بعد «جاهد»؛ للمبالغة، كما قيل: جادٌّ مجدٌّ، ويدلُّ على صحَّته قوله في الرواية الأخرى: «مات جاهدًا مجاهدًا»)، انتهى، وقال شيخنا: (الجاهدُ: من يرتكبُ المشقَّة، والمجاهد: من يجاهد في سبيل الله، وهو مشتقٌّ منه).

قوله: (مَشَى بِهَا مِثْلَهُ [11]): قال ابن قُرقُول: («مشى بها مثله»: كذا للعُذريِّ، ولأكثر رواة البُخاريِّ في «كتاب الجهاد»، وعند المروزيِّ والفارسيِّ: «مشابهًا _على وزن: مقاتلًا_ كلَّ واحدة»، من المشابهة.

قال الأصيليُّ: كذا قرأه علينا أبو زيد، وعند البُخاريِّ من رواية قتيبة: «نشأَ بها»؛ أي: شبَّ بها وكبر، و «بها»؛ بمعنى: فيها؛ يعني: الحرب، وكذا لجميعهم في «باب الشعر والرجز»، ويحتمل أن يريد بهذه البلاد، وهذا أبين وأليق بالمعنى، وللرواية الأخرى وجه، ويريد: بالحرب، وأمَّا رواية المروزيِّ والفارسيِّ؛ فبعيدة)، انتهى.

و (مثلُه): مرفوع، كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة وعليها علامة راويها: (مثلَهُ): منصوب بالقلم، وهما جائزان من حيث العربية.

وقال السهيليُّ في «روضه» في هذه الغزوة: («قلَّ عربيٌّ مشابهًا مثله»، وفي رواية: «مشى بها مثله»، ويروى أيضًا: «نشأَ بها مثله»؛ كلُّ هذا يُروى في «الجامع الصحيح»، وهو اضطراب من رواة الكتاب، فمن قال: «مشى بها»؛ قالها عائدة على المدينة، ويجوز أن تكون الهاء عائدة على الأرض، ومن رواه: «مشابهًا» «مفاعلًا» من الشبه؛ فهو حال من «عربيٌّ»، والحال من النكرة لا بأس به إذا كانت على تصحيح معنًى)، هذا ملخَّصٌ من كلامه.

قوله: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو ابن إسماعيل المذكور في سند الحديث الذي قبل هذا، ومعنى كلام البُخاريِّ: أنَّه رواه عن قتيبة عن حاتم بن إسماعيل بالسند الذي قدَّمه، غير أنَّه خالفه في قوله: (نشأَ بها)، فرواه عبد الله بن مسلمة عن حاتم: (مشى بها)، ورواه قتيبة عن حاتم: (نشأَ بها)، وحديث قتيبة عن حاتم أخرجه البُخاريُّ في (الأدب) عنه عن حاتم، وأخرجه مسلم في (المغازي) و (الذبائح): عن قتيبة ومحمَّد بن عباد، عن حاتم به.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).

[2] في هامش (ق): ([أي: كلماتك وأراجيزك]، وأصل الهنة هنو، وهنية [مصغر، والجمع]: هنيها؛ بلا).

(1/7616)

[3] في هامش (ق): (قيل: هذا خطاب للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ أي: اغفر لنا تقصيرنا في حقك وطاعتك، إذ لا يتصور أن يقال لله مثل هذا الكلام، وذلك أنَّ معنى قولهم: فِداء لك؛ أي: فداء لك أنفسنا وأهلونا، وحذف الاسم المبتدأ؛ لكثرة دَوره في الكلام مَع العلم به، وإنَّما يفدي الإنسان بنفسه من يجوز عليه الفناء، وأقرب ما قيل فيه من الأقاويل أنَّها كلمة يترجم بها عن محبة وتعظيم، فجاز أن يخاطب بها من لا يجوز في حقه الفِداء، ولا يجوز عليه الفناء؛ قصدًا لإظهار المحبة والتعظيم له وإن كان أصل الكلمة ما ذكرنا، فرُبَّ كلمة ترك أصلها واستعملت كالمثل في غير ما وُضعت له، كما جاؤوا بلفظ القسم في غير موضع القسم إذا أرادوا به [تعجبًا] أو استعظامًا لأمر؛ كقوله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «أفلح وأبيه إن صدق»، ومحال أن يقصد صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم القسم بغير الله لا سيما برجل مات على الكفر، وإنَّما هو تعجبٌ من قول الأعرابي، والمتعجب منه مستعظم، ولفظ القسم في أصل وضعه لما يعظم فاتسع في اللفظ حتى قيل على هذا الوجه).

[4] في (أ): (ممدود)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[5] في (أ): (بذلك)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[6] في (أ): (خبرًا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[7] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[8] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حمر).

[9] في (أ): (معروف)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[10] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (يا رسولَ الله).

[11] في هامش (ق): (قال السهيليُّ في «روض الأنف»: رُوي في هذا «الجامع»: (مشى بها مثله)، ورُوي: (مشابهًا مثله)، وروي: (نشأَ بها مثله)، وهو اضطرابٌ [من رواة الكتاب، فمن قال: (مشى بها مثله)؛ فالهاء عائدة على المدينة؛ كما تقول: ليس بين لابتيها مثل فلان، يقال هذا في المدينة، وفي الكوفة، ولا يقال في بلد ليس حوله لابتان؛ أي: حرتان، ويجوز أن تكون الهاء عائدة على الأرض؛ كما قال سبحانه: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] الحال من النكرة، ومن رواه: (مشابهًا) مفاعلًا] من الشبه؛ فهو حال من عربي، والحال من النكرة لا بأس به إذا دلت على تصحيح معنى كما جاء في الحديث: (فصلَّى خلفه رجال قيامًا»، الحال ههنا مصححة لفقه الحديث؛ أي: صلوا في هذه الحال، ومن احتج في وقوع الحال نكرة بقولهم: وقع أمر فجأة فلم يصنع شيئًا؛ لأنَّ فجأة ليس حالا من أمر إنما هو حال من الوقوع كما تقول: جاءني رجل مشيا، فليس مشيا حال من رجل كما توهموا، وإنما هي حال من المجيء؛ لأن الحال هي صاحب الحال وتنقسم أقسامًا: حال من فاعل؛ نحو: جاء زيد ماشيًا، وحال من الفعل؛ كقولك: جاء زيد مشيًا وركضًا، وحال من المفعول؛ كقولك: جاءني القوم جالسًا؛ فهي صفة المفعول في وقت وقوع الفعل عليه أو صفة الفاعل في وقت وقوع الفعل منه أو صفة الفعل في وقت وقوعه، ونعني بالفعل: المصدر).

(1/7617)

[حديث أنس: خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين]

4197# قوله: (لَمْ يَقْرَبْهُمْ): من القربان، كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي الهامش: (لم يُغِرْ بهم)؛ بضمِّ الياء المثنَّاة تحت، وكسر الغين المعجمة، وبالراء، من الإغارة، وعليها (صح)، وكانت أوَّلًا (لم يَغْزُ بهم)؛ بفتح [1] أوَّله، وإسكان الغين المعجمة، وضمِّ الزاي، من الغزو، كذا بالقلم، و (بهم): جارٌّ ومجرور، وكأنَّ على هذه (صح) في أصلنا، قال ابن قُرقُول في حديث التنيسيِّ: (لم يَغْزُ بهم)، كذا بالزاي، من الغزو، ولغيره من رواة «الموطأ»: (لم يُغِرْ بهم)، من الإغارة، وهو الوجه)، انتهى، ولم أره ذكر رواية (يقرِّبهم) من القُرب، والله أعلم، والتي كانت في أصلنا: (يَقْرَبهم)؛ تُحرَّر، والله أعلم.

قوله: (وَمَكَاتِلِهِمْ [2]): (المكاتل): جمع مكتل، قال ابن قُرقُول: الزِّنبيل، وقيل: القفَّة، وقال ابن وهب: هو وعاء يسع خمسة عشر صاعًا إلى عشرين، قلتُ: قاله سعيد في (العَرَق)، انتهى.

قوله: (وَالْخَمِيسُ): قال ابن قُرقُول: و (الخميس): الجيش؛ لأنَّه ينقسم على خمسة أقسام: مقدِّمة، وساقة، وميمنة، وميسرة، وقلب، وقيل: لأنَّ غنيمته تُخمَّس، والأوَّل أولى؛ لأنَّ اسمه أقدم من شرع التخميس.

قوله: (فَقَالَ [3]: «خَرِبَتْ خَيْبَرُ» [4]): قال القاضي: قيل: تفاءل بخرابها بما رآه في أيديهم من آلات الحراث من الفُؤُس والمساحي وغيرها، وقيل: أخذه من اسمها، والأصحُّ أنَّه أعلمه الله بذلك، قاله النوويُّ.

قوله: (بِسَاحَةِ قَوْمٍ): (الساحة): الفِناء، وأصلها: الفضاء بين المنازل.

==========

[1] في (أ): (بضم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] في (ق): (ومكاتلهم)،وفي هامشها: (فائدة: المكاتِل جمع: مِكتل؛ [وهي القفة] العَظيمة، سُميت بذلك؛ [لأنَّ التراب يحول] فيها، وهو يلاصق بعضها [بعضًا]).

[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم).

[4] في هامش (ق): (فائد: فيه إباحة التفاؤل؛ لأنَّهم [خرجوا بالمساحي] والمكاتل وهي من آلة [الحرث]، مع أنَّ لفظ المسحاة، [من سحوت: إذا] قشرت).

[ج 2 ص 185]

(1/7618)

[حديث: صبحنا خيبر بكرة فخرج أهلها بالمساحي فلما بصروا ... ]

4198# قوله: (عَنْ [1] أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، أحد الأعلام، و (مُحَمَّدٌ): بعده هو ابن سيرين، تَقَدَّم، وهذا معروفٌ [2].

قوله: (فَلَمَّا بَصُرُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح الموحَّدة، وضمِّ الصاد؛ أي: علموا، ويقال من حيث اللغة: أبصروا؛ أي: نظروا.

[ج 2 ص 185]

قوله: (فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): المنادي في هذه الواقعة هو عبد الرَّحمن بن عوف، والشاهد له في «النَّسائيِّ الصغير»، وفي «مسلم»: أبو طلحة، وفي «مبهمات ابن شيخنا العراقيِّ الحافظ» وفي الذي حدَّث الرجل الذي نادى بتحريم الحمر الأهلية يوم خيبر هو أبو طلحة، رواه أبو يعلى المَوصليُّ في «مسنده» من رواية أنس، انتهى، وقد قدَّمتُ أنَّه في «مسلم»، فلا حاجة إلى إبعاد النجعة، والله أعلم، والظاهر أنَّه عَلَيهِ السَّلام أمرهما فناديا.

تنبيهٌ: وقع في «شرح الرافعيِّ على الوجيز» في (الأطعمة): (أنَّه أمر خالد بن الوليد، فنادى)، وهذا باطل، فاحذره، فإنَّ خالدًا لم يكن أسلم بعدُ، وقد أسلم على الصحيح سنة ثمان في صفر، والله أعلم.

قوله: (إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ): يجوز في (إنَّ) كسر الهمزة، وفتحها، وتشديد النون معهما، والذي يترجَّح في النظر: الكسر على الحكاية.

قوله: (فَإِنَّهَا رِجْسٌ [3]): هذا تَقَدَّم على قول من قال من الصَّحابة: إنَّها حُرِّمت؛ لأنَّها كانت ظهرًا للقوم وحمولتهم، فلمَّا قيل له: أُفنِيَ الظهر، وأُكِلَت الحمر؛ حرَّمها، وعلى قول من قال: لأنَّها لم تُخمَّس، وعلى قول من قال: إنَّما حرمها؛ لأنَّها كانت جُوَّالُّ القرية، وكانت تأكل العذيرة، وقول رسولِ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «إنَّها رجس» مقَدَّمٌ على هذا كلِّه، وذلك لأنَّه ظنٌّ من الراوي، ولا تعارض بين هذا التحريم وبين قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [الأنعام: 145]، فإنَّه لم يكن حُرِّم حين نزول هذه الآية من المطاعم إلَّا هذه الأربعة، والتحريم كان يتجدَّد شيئًا فشيئًا، فتحريم الحمر بعد ذلك تحريمٌ مبتدأ لِمَا سكت عنه النصُّ، لا أنَّه رافعٌ لما أباحه القرآن، ولا مخصِّصٌ لعُمومه، فضلًا عن أن يكون ناسخًا له، والله أعلم.

فائدةٌ: قال الجماهير من الصَّحابة والتابعين ومَن بعدهم بتحريم لحوم الحمر الأهلية؛ للأحاديث الصحيحة الصريحة بذلك، وقال ابن عباسٍ وعائشة رضي الله عنهم: ليست بحرام، وعن مالكٍ ثلاث روايات؛ أشهرها: أنَّها [4] مكروهة كراهة تنزيه شديدة، والثانية: حرام، والثالثة: مباحة، والصوابُ: التحريم؛ لحديث: «فإنَّها رجس»، وقد تَقَدَّم أعلاه.

(1/7619)

فائدةٌ ثانية: الحديث الذي في «سنن أبي داود» عن غالب بن أبجر قال: (أصابتنا سَنة، فلم يكن في مالي شيء أُطعِم أهلي إلَّا شيء من حمر، وقد كان رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حرَّم الحمر الأهلية، فأتيتُ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقلتُ: يا رسول الله أصابتنا السَّنة، ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلَّا سمان حمر، وإنَّك حرَّمتَ الحمر الأهلية، فقال: «أطعم أهلك من سمين حُمُرك، فإنَّما حرَّمتها من أجل جُوَّالِّ القرى»)، يعني بـ (الجوالِّ)؛ بتشديد اللام: التي تأكل الجُلَّة؛ وهي العذرة؛ فهو حديث مضطرب، مختلف الإسناد، شديد الاختلاف، ولو صحَّ؛ حُمِل على الأكل منها في حال الاضطرار، والله أعلم، قال الذهبيُّ في «تجريدِه»: غالب بن أبجر المزنيُّ، ويقال: غالب بن ذريح [5]، له أحاديث عند البصريِّين؛ ومنها: شريك عن منصور، عن أبي الحسن عُبيد، عن غالب بن ذَريح مرفوعًا في الحمر الأهلية، وإسناده مضطرب معلول، انتهى.

وقد انفرد بالحديث أبو داود من بين أصحاب الكتب، وقد طرَّفه المزِّيُّ، فظهر من تطريفه الاضطراب والعلَّة، والله أعلم، ويقال في غالب بن ذريح كما ذكرته، وقال ابن عبد البرِّ: غالب بن أبجر، ويقال: غالب بن ذِيخ، ولعلَّه جدُّه.

قوله: (فَلَمَّا بَصُرُوا): تَقَدَّم قريبًا ضبطه ومعناه، وكذا (الْخَمِيسُ)، وكذا (خَرِبَتْ خَيْبَرُ) أنَّه بوحي على الصحيح، كما قاله القاضي عياض قريبًا، و (الساحة)، و (المنادي) الذي نادى بتحريم الحمر الأهلية، وما وقع فيه للرافعيِّ في «شرحه»، وكذا على قوله: (فَإِنَّهَا رِجْسٌ) وأنَّ هذا مُقَدَّم على قول كلِّ أحد [6].

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

[2] هذه الفقرة جاءت في (أ) متأخِّرة بعد قوله: (ولعلَّه جدُّه)، ولعلَّ تقديمها هو الصواب.

[3] في هامش (ق): (أجمع الناس على تحريمها إلا شيئًا يروى عن ابن عباس وعائشة وطائفة من التابعين. «روض»).

[4] في (أ): (أنَّه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[5] في هامش (أ): (ذيخ).

[6] قوله: (فلما بصروا ... ) إلخ: لم يذكر إلَّا مرة واحدة في «الصحيح»، وعلى ذلك: ففي هذه الفقرة تكرار.

(1/7620)

[حديث: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية]

4199# قوله: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ): تَقَدَّم أعلاه، ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (مُحَمَّدٌ): هو ابن سيرين، وقد قدَّمتُ الكلام في تعداد أولاد سيرين أوائل هذا التعليق.

قوله: (جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ: أُكِلَتِ الْحُمُرُ): هذا الجائي لا أعرف اسمه، و (أُكِلت الحمر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الحُمُرُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الحمرُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى): تَقَدَّم الكلام على هذا المنادي من هو أعلاه، وقبل ذلك أيضًا.

قوله: (فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ): (أُكفِئتْ): هو بضمِّ الهمزة، وكسر الفاء، وبعدها همزة مفتوحة، ثم تاء التأنيث، ومعناه: قُلِبت، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (القدورُ): مرفوع قائم مقام الفاعل، وهذا ظاهرٌ، قال الجوهريُّ: كفأت الإناء: كببته وقلبته، فهو مكفوء، وزعم ابن الأعرابيِّ أنَّ (أكفأته) لغة.

==========

[ج 2 ص 186]

(1/7621)

[حديث: صلى النبي الصبح قريبًا من خيبر بغلس]

4200# قوله: (خَرِبَتْ خَيْبَرُ): تَقَدَّم أنَّه قاله بإعلام الله له به على الصحيح، وتَقَدَّم الكلام على (السَّاحَة).

قوله: (فِي السِّكَكِ): هي جمع سكَّة؛ وهي الطريقُ.

قوله: (وَكَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ): هذه هي صفيَّة بنت حُييِّ بن أخطب أمُّ المؤمنين، وقد تَقَدَّم الكلام عليها، وقد اختلف هل كان اسمها صفيَّة قبل ذلك، أو كان اسمها زينب، فسُمِّيَت بعد السبي صفيَّة؟ قولان، والأوَّل أكثر.

قوله: (فَصَارَتْ إِلَى دحْيَةَ الْكَلْبِيِّ): (دِحية): تَقَدَّم بعض ترجمته، وأنَّه بكسر الدال المهملة، وفتحها، وما معنى (دحية)، والله أعلم.

قوله: (فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا): اختلف الفقهاء في هذه المسألة، فمنهم من جعل ذلك خصوصًا به عَلَيهِ السَّلام، كما خُصَّ بالموهوبة وبالتسع، ومنهم الشافعيَّة، ومنهم من جعل ذلك سُنَّة لمن شاء من أمَّته.

وقد اختلف أصحاب الشافعيِّ في معنى (أعتقها، وجعل عتقها صداقها) على أربعة أوجه سأذكرها إن شاء الله تعالى في (النكاح)، وأذكر هناك نصًّا غريبًا للشافعيِّ ذكره التِّرْمِذيُّ في «جامعه»: أنَّه ليس خاصًّا ذلك به عَلَيهِ السَّلام في المذهب، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ لِثَابِتٍ): اعلم أنَّ (عبد العزيز) هذا روى هذا الحديث عن أنس نفسه، وقد أخرج حديثَ (عبد العزيز) عن أنس النَّسائيُّ في (الصلاة)، وفي (السير) عن إسحاق بن إبراهيم، عن سليمان بن حرب، وفي (السير) عن مخلد بن خداش البصريِّ؛ ثلاثتهم عن حمَّاد بن زيد، عن ثابت وعبد العزيز بن صهيب؛ كلاهما عن أنس، ولم يذكر سليمان بن حرب في حديثه عبد العزيز.

[ج 2 ص 186]

(1/7622)

[حديث: أما إنه من أهل النار]

4202# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ): هذا هو يعقوب بن عبد الرَّحمن القاريُّ؛ بتشديد الياء، تَقَدَّم.

تنبيهٌ: لهم يعقوب عن أبي حازم عن سهل، لكن اسم أبيه الوليد بن أبي هلال، له حديث واحد في «ابن ماجه»: (كان عَلَيهِ السَّلام يأكل الرطب بالبِطِّيخ) فقط، ولم يخرِّج له غيره وغير التِّرْمِذيِّ، وهو هالك.

قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ): هذا الرجل يقال له: قُزمان الظَفَريُّ، ويُكنَّى: أبا الغَيْداق، منافقٌ معروف، ومقتضى إيراد البُخاريِّ لهذا الحديث هنا: أن تكون جرت قصَّته بخيبر، وفي أوائل «مسلم» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (شهدنا مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حنينًا)، كذا وقع في الأصول، قال القاضي عياض: صوابُه: خيبر؛ بالخاء المعجمة، كذا نقله عنه الشيخ محيي الدين وأقرَّه، وكذا في هذا «الصحيح» من حديث أبي هريرة، كما مضى في (باب: إنَّ الله يؤيِّد هذا الدين بالرجل الفاجر)، وذكرت هناك التنبيه عليه، وكما سيأتي قريبًا: أنَّ القصَّة كانت في خيبر، فبعضهم يقول: حنينًا، وبعضهم قال: خيبر، وقد ذكر الحديث الخطيب البغداديُّ في «مبهماته»، وتابعه النوويُّ، وسمياه قُزمان، وأنَّ القصَّة كانت في أُحُد، وأقرَّه عليه النوويُّ، وقد ذكرت ذلك مطوَّلًا في (باب إنَّ الله يؤيَّد هذا الدين بالرجل الفاجر)، وقد رأيتُ القصَّة في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من حديث سهل بن سعد، وأنَّها في أُحُد، كما ذكرها ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة شيخه التابعيِّ المشهور الثقة، وما أظنُّ في كلام غيره من أهل السير ما يخالفه، كيف وسيجيء عن ابن الجوزيِّ أنَّه نقله عن أهل المغازي؟! وهو الذي يظهر؛ لأنَّ النفاق كان في أوَّل المقدم كثيرًا، وأُحُد تَقَدَّم تاريخها أنَّها في شوال سنة ثلاث، وخيبر تَقَدَّم تاريخها أنَّه في أوَّل السابعة، أو في آخر السادسة، وكان النفاق قد ضَعُف جدًّا، وأذهبَ الله غالبه، والله أعلم، وقد نقل شيخنا في (الجهاد) عن ابن الجوزيِّ الحافظ أبي الفرج: أنَّها كانت في أُحُد، كما قاله أهل المغازي، قال شيخنا: وهما قصَّتان، انتهى، وأنا أستبعد أنَّهما قصَّتان، والله أعلم.

قوله: (لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً): (الشاذَّة)؛ بالذال المعجمة المشدَّدة، وكذا (الفاذَّة)، ومعنى (الشاذَّة): المنفردة، وكذا (الفاذَّة)، ومعنى الكلام: لا يدع من الناس أحدًا، ولا من شذَّ وفذَّ؛ أي: انفرد.

(1/7623)

قال ابن قُرقُول: ووقع في رواية القابسيِّ والأصيليِّ عن المروزيِّ في حديث قتيبة في (غزوة خيبر) _يعني: هذا الحديث_ فإنَّ من رواية قتيبة: (لا يدع شاذَّة، ولا قاذَّة)؛ بالقاف، قال الأصيليُّ: كذا قرأته على أبي زيد، وضبطه في كتابه، ولا وجه له، وهو تغيير، وإن كان قد قال بعضُ الناس (القاذَّة: الجماعة) قال: فلعلَّه كذلك بدال مهملة، ومنه: {طَرَائِقَ قِدَدًا} [الجن: 11]، ووقع للقابسيِّ في حديث القعنبيِّ: (نادَّة)؛ بالنون، وله وجه، يكون بمعنى: شاردة، من ندَّ البعير، والصواب بالفاء، كما في سائر المواضع، وكما في «مسلم» من غير خلاف، انتهى.

قوله: (مَا أَجْزَأَ): هو بهمزة مفتوحة في أوَّله، وفي آخره كذلك، وهذا ظاهرٌ، وكذا الثانية.

قوله: (أَمَا إِنَّهُ): (أما): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّه): بكسر الهمزة، وقد تَقَدَّم نظراؤه غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ): لا أعرف هذا الرجل، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّه يحتمل أن يكون أكثم بن الجون أو ابن أبي الجون؛ فليُحرَّر.

قوله: (فَجُرِحَ الرَّجُلُ): (جُرِح): بضمِّ الجيم، وكسر الراء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرجلُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، والمراد: قُزمان الذي ذكرته آنفًا.

قوله: (فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ): كذا هنا، وفي بعض طرقه في «الصحيح» كما سيأتي قريبًا: (فأهوى بيده إلى كنانته، فاستخرج منها أسهمًا، فنحر بها نفسه)، وكأنَّه فعل الاثنين، وهذا جمعٌ بين الروايتين، وقد قدَّمتُ أنَّ في «سيرة ابن إسحاق»: أنَّه أخذ سهمًا من كنانته، فقطع به رواهش يده، فقتل نفسه، انتهى، والرواهش؛ بالراء، والشين المعجمة: عروق باطن الذراع؛ نقله الجوهريُّ في «صحاحه» عن أبي عمرو، والظاهر أنَّه فعل الأشياء الثلاثة، والله أعلم.

قوله: (آنِفًا): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بمدِّ الهمزة، وقصرها؛ لغتان قرئ بهما في السبع، ومعناه: الآن، والساعة.

قوله: (فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ): (الناسُ): مرفوعٌ فاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَجُرِحَ [1] جُرْحًا شَدِيدًا): (جُرِح): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فِيمَا يَبْدُو): هو بفتح أوَّله، غير مهموز؛ أي: يظهر، وكذا الثانية.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ثُمَّ جُرِح).

[ج 2 ص 187]

(1/7624)

[حديث: قم يا فلان فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن]

4203# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا كثيرة أنَّه الحكم بن نافع، وأنَّ (شُعَيْبًا): هو ابن أبي حمزة، وأنَّ (الزُّهْرِيَّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، وأنَّ (سَعِيدَ بْنَ المُسَيبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، فإنَّ غيره ممن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وأنَّ (أَبَا هُرَيرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (شَهِدْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ [1] خَيْبَرَ [2]): كذا هنا، وفيه مجاز؛ أي: شهد المسلمون، أو الصَّحابة، وذلك لأنَّ أبا هريرة لم يشهدها، وإنَّما جاء بعد انفصاله عَلَيهِ السَّلام عن القتال وقبل القسمة، وهذا أمر معروفٌ عند أهل الحديث والمغازي والسير، والله أعلم.

قوله: (لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه قُزمان، وتَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّها إنَّما جرت بأحد، وإن كان في «البُخاريِّ» و «مسلم»: أنَّها في خيبر، والله أعلم، وقد قدَّمتُ ما قاله شيخنا: إنَّها جرت مرَّتين، واستبعدته أنا.

قوله: (فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ): (بعضُ الناس) لا أعرفه، أو أعرفهم، وإنَّما يتطرَّق الشكُّ في ذلك لضعيف الإيمان، والله أعلم.

قوله: (فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا سَهْمًا): تقدَّم الكلام قريبًا وبعيدًا على هذه الرواية مع غيرها، والله أعلم.

قوله: (قُمْ يَا فُلاَنُ، فَأَذِّنْ): (فلان): هو بلال كما في «البُخاريِّ» «ومسلم»، وذكر ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّه بلال، وعزاه «للصحيحين»، ثمَّ قال: (ووقع في «الطبرانيِّ» فيمن اسمه محمَّد بن جابان: أنَّ النَّبيَّ

[ج 2 ص 187]

صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قال: «يا عبد الرَّحمن؛ اركبْ فرسك، فنادِ في الناس: إنَّ الجنة لا تحلُّ إلَّا لمؤمن»، ولم يعيِّن عبد الرَّحمن المذكور، وهو ابن عوف، كذا للبَيهَقيِّ ... ) إلى أن قال: (والظاهر أنَّ هذا النداء وقع بخيبر مرَّتين، ووقع مرَّة ثالثة، ففي «صحيح مسلم»: فقال: «يا بن الخَطَّاب؛ اذهب فنادِ في الناس: إنَّه لا يدخل الجنة إلَّا المؤمنون»)، انتهى ملخَّصًا، والله أعلم، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: هو بلال، كما سمَّاه المؤلِّف _يعني: البُخاري_ في (باب العمل بالخواتيم)، وروى مسلم أنَّ المؤذِّن في قصَّة خيبر هو عمر بن الخَطَّاب، وروى الطبرانيُّ والبَيهَقيُّ من حديث العرباض بن سارية: أنَّه عبد الرَّحمن بن عوف، أذَّن: إنَّ الجنة لا تحلُّ إلَّا لمؤمن، وكأنَّ هذا في قصَّة أخرى، أو المؤذِّن أكثر من واحد، انتهى.

قوله: (إنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ): (أنَّه) يجوز فيه الكسر على الحكاية، ويجوز الفتح.

(1/7625)

قوله: (تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على (شعيب)؛ هو ابن أبي حمزة، الذي رواه قبله عن الزُّهريِّ، وهذه المتابعة أخرجها البُخاريُّ في (القدر) عن حبَّان عن ابن المبارك، وفي (الجهاد) عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق؛ كلاهما عن مَعْمَر به، وأخرجها مسلم في (الإيمان) عن محمَّد بن رافع وعبد بن حميد؛ كلاهما عن عبد الرزاق به.

4204# قوله: (وَقَالَ شَبِيبٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: [أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيّبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ... وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ]، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): أمَّا (شبيبٌ)؛ فهو ابن سعيد الحبطيُّ، صدوق، له ترجمة في «الميزان» وصحَّح عليه، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ، و (سعيدٌ): هو ابن المُسَيّب، و (عبد الرَّحمن): ابن عبد الله بن كعب، وتعليقُ شبيب هو في «البُخاريِّ» معلَّق هنا، وأمَّا النَّسائيُّ؛ فأخرجه في (السير) عن عبد الملك بن عبد الحميد الميمونيِّ، عن أحمد بن شبيب بن سعيد، عن أبيه، عن يونس، عن ابن شهاب، عن ابن المُسَيّب وعبد الرَّحمن بن كعب بن مالك؛ كلاهما عن أبي هريرة.

قوله: (ابْنُ الْمُبَارَكِ): هو عبد الله بن المبارك، أحد الأعلام، و (يُونُسُ) بعده: تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتعليق ابن المبارك هذا المرسل عن يونس ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة عنه إلَّا ما هنا، لكن أخرجه النسائيُّ في (السير) من حديث شعيب عن الزُّهري به، ورواه النَّسائيُّ عن عمران بن بكَّار، عن أبي اليمان، عن شعيب به.

قوله: (تَابَعَهُ صَالِحٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ): الضمير في (تابعه) يعود على (ابن المبارك)، ويجوز عودها على شيخه (يونس)، والظاهر الثاني، ومتابعة صالح عن الزُّهريِّ لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الوليد الزبيديُّ، أبو الوليد، الحمصيُّ القاضي، تَقَدَّم مترجمًا، وتعليق الزُّبيديِّ عن الزُّهريِّ لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَسَعِيدٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تعليق الزُّهريِّ هذا المرسل عنه لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.

(1/7626)

تنبيهٌ: هذا الاختلاف الذي ساقه البُخاريُّ كلُّه هو الاختلاف فيه على الزُّهريِّ، فتارة: رواه عن سعيد عن أبي هريرة، وتارة: عن سعيد وعبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعب عن أبي هريرة، وتارة: رواه عن سعيد عن النَّبيّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مرسلًا، وتارة: حدَّث به الزُّهري عن عبد الرَّحمن بن كعب عن عبيد الله بن كعب عمَّن شهد مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم خيبر، وتارة: حدَّث به الزُّهريُّ عن عبيد الله بن عبد الله وسعيدٍ عن النَّبيِّ مرسلًا.

==========

[1] قوله: (مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في هامش (ق): (الصحيح أنَّ هذا كان في أُحُد لا في خيبر [كما ترجم له] «البُخاريّ»).

(1/7627)

[حديث: اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا]

4205# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، ولماذا نُسِب، و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن زياد، وتَقَدَّم في ترجمته أنَّ له مناكير اجتنبها أصحابُ «الصحيح»، و (عَاصِمٌ) بعده: هو ابن سليمان الأحولُ، و (أَبُو عُثْمَانُ): هو النهديُّ، وتَقَدَّم أنَّ اسمه عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمت اللغات في (ملٍّ)، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (خَيْبَرًا [1]): كذا في أصلنا، وبأنَّه صرفه على إرادة الموضع.

قوله: (عَلَى وَادِي): كذا هو في أصلنا بإثبات الياء، وهذه لغة، والجادَّة: (وادٍ)؛ بالتنوين.

قوله: (اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ): قال ابن الأثير: راء (أكبر) في الأذان والصلاة ساكنة لا تضمُّ للوقف، فإذا وصل بكلام؛ ضُمَّ، وقد قدَّمتُ ذلك بزيادةٍ: أنَّها مفتوحة في الدَّرْج، قاله بعضُهم، فانظر ذلك في أوائل هذا التعليق.

قوله: (ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ): (اربعوا)؛ بهمزة وصل، فإذ ابتدأت بها؛ كسرتها، وبالموحَّدة المفتوحة؛ أي: اعطفوا عليها بالرفق والكفِّ عن الشدِّة.

قوله: (لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ): الكلام على إعراب (لا حول ولا قوة) فيه الأوجه المعروفة، فلا نطوِّل به، والله أعلم.

قوله: (يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ): هذا هو راوي الحديث أبو موسى الأشعريُّ، وقد تَقَدَّم أعلاه.

(1/7628)

[حديث: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر]

4206# قوله: (فِي سَاقِ سَلَمَةَ): تَقَدَّم أنَّه سلمة بن عمرو بن الأكوع، صَحابيٌّ مشهور، أخرج له أحمد والجماعة، وتَقَدَّم أنَّ اسم (الأكوع) سنان بن عبد الله بن قُشير الأسلميُّ، أبو مسلم، وأبو إياس، بايع تحت الشجرة، ونزل الرَّبَذَة مدَّة، ثُمَّ تُوُفِّيَ بالمدينة سنة (74 هـ)، رضي الله عنه.

قوله: (ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ): قال ابن قُرقُول: (النَّفث: النفخ؛ مثل البزاق، وقيل: مثل التفل، إلَّا أنَّ التفل في قول أبي عبيد لا يكون إلَّا ومعه شيء من الريق، وقيل: هما سواء يكون معهما ريق، وقيل بعكس الأوَّل، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: التفل شبيه بالبزق، وهو أقلُّ منه، أوَّله البزق، ثم التفل، ثم النفث، ثم النفخ)، انتهى، وقال النوويُّ: (النفث: نفخٌ لطيفٌ لا ريق معه)، انتهى.

(1/7629)

[حديث: التقى النبي والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا فمال كل .. ]

4207# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، واسم أبيه عبد العزيز، و (أبو حازم): سلمة بن دينار، تَقَدَّما، و (سَهْلٌ): هو ابن سعد الساعديُّ.

قوله: (وَفِي الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ لاَ يَدَعُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً): تَقَدَّم أنَّ هذا الرجل هو قُزمان، وأنَّه منافق معدودٌ فيهم، وتَقَدَّم متى كانت هذه الغزوة، وأيُّ غزوة هي، ومقتضى إيراد البُخاريِّ لهذا الحديث هنا: أن يكون ذلك في خيبر، وقد صرَّح به قبل ذلك، وما في ذلك، فانظره قبله قريبًا، وقد ذكرته في (الجهاد) أيضًا مطوَّلًا، فانظره، وتَقَدَّم ما معنى (شاذة، ولا فاذة) قريبًا وبعيدًا في (الجهاد).

قوله: (مَا أَجْزَأَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة في أوَّله وفي آخره، وكذا (أجزأ) التي بعد هذه.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: لَأَتَّبِعَنَّهُ): تَقَدَّم أنَّ هذا الرجل الذي اتَّبعه لا أعرف اسمه، وقد تَقَدَّم من كلام ابن شيخنا البلقينيِّ أنَّه يجوز أن يكون أكثم بن الجون، أو أكثم بن أبي الجون.

قوله: (نِصَابَ سَيْفِهِ): تَقَدَّم الجمع بين هذه وبين الانتحار بالأسهم من كنانته، وبين رواية ابن إسحاق: (أنَّه قطع رواهش يده) قريبًا وبعيدًا.

قوله: (فِيمَا يَبْدُو): هو بضمِّ الدال من غير همزة؛ أي: يظهر، وقد تَقَدَّم، وكذا الثانية.

(1/7630)

[حديث: نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة فرأى طيالسة]

4208# قوله: (عَنْ أَبِي عِمْرَانَ): هذا هو عبد الملك بن حَبيب، أبو عمران الجونيُّ، ويقال: الكنديُّ، البصريُّ، أحد علماء البصرة، عن أنس بن مالك، وجندب بن عبد الله، وعائذ بن عمرو المزنيِّ، وطائفةٍ، وعنه: سليمان التيميُّ، وابن عون، وشعبة، والحمَّادان، وخلقٌ، وثَّقه ابن معين وغيره، وقال أبو حاتم: صالحٌ، قال الفلَّاس: (تُوُفِّيَ سنة ثمان وعشرين ومئة، وقيل: سنة تسع).

تنبيهٌ: لهم عبد الملك بن حَبيب القُرْطبيُّ، وهو أحد الأئمة، ومصنِّف «الواضحة»، كثير الوهم، صُحفيٌّ، وكان ابن حزم يقول: (ليس بثقة)، وقال الحافظ أبو بكر بن سيِّد الناس جدُّ الشيخ فتح الدين: في «تاريخ أحمد بن سعيد الصدفيِّ» توهية عبد الملك بن حبيب، وأنَّه صحفيٌّ لا يدري الحديث، قال أبو بكر: وضعَّفه غير واحد، قال: وبعضهم اتَّهمه بالكذب، له ترجمة في «الميزان»، قال الذهبيُّ: والرجل أجلُّ من ذلك، لكنَّه يغلطُ.

[ج 2 ص 188]

قوله: (فَرَأَى طَيَالِسَةً، فَقَالَ: كَأَنَّهُمُ السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ): في هامش أصلنا: قال الحافظ أبو ذرٍّ: أنكر ألوانها؛ لأنها كانت صفرًا، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام على (الطيلسان) في (باب هجرة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وأصحابه إلى المدينة)؛ فانظره إن أردتَهُ.

(1/7631)

[حديث: لأعطين الراية غدًا رجل يحبه الله ورسوله .. ]

4209# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه ابن إسماعيل، وتَقَدَّم أنَّ (سَلَمَةَ): هو ابن عمرو بن الأكوع، وتَقَدَّم ببعض ترجمةٍ.

==========

[ج 2 ص 189]

(1/7632)

[حديث: لأعطين هذه الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه]

4210# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (يَدُوكُونَ): هو بفتح أوَّله _وهو المثنَّاة تحت_ وضمِّ الدال المهملة، قال ابن قُرقُول: أي: يخوضون، والدوكة: الاختلاط والخوض، وضبطه الأصيليُّ: (يُدَوَّكون)، وعند السمرقنديِّ: (يذكرون ليلتهم أيُّهم يعطاها)، فإن صحَّت هذه الرواية؛ فهو بمعنى الأوَّل، لكنَّه غير معروف، انتهى، وفي «النِّهاية»: (يدوكون؛ أي: يخوضون ويموجون فيمن يدفعها إليه، يقال: وقع الناس في دَوكةٍ ودُوكة؛ أي: في خوض واختلاط).

قوله: (فَأَرْسلُوا إِلَيْهِ): هو بفتح الهمزة، وكسر السين، فعل أمرٍ، كذا في أصلنا، وفيه أيضًا فتح السين على أنَّه فعلٌ ماضٍ، والمرسَلُ إليه: قال ابن شيخنا الإمام جلال [1] الدين ابن البلقينيِّ: هو سلمة ابن الأكوع، وساق شاهده من «طبقات ابن سعد»، انتهى، ولا حاجة إلى إبعاد النُّجعة في ذلك، فالشَّاهدُ له في «مسلم» أنَّه الرسول، وأنَّه جاء به، ولفظه: (أرسلني _يعني: النَّبي صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم_ ثم قال: فأتيتُ عليًّا، فجئت به أقوده وهو أرمد، حتَّى أتيتُ به رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)؛ ذكر ذلك في (بيعة الحُدَيْبيَة)، و (غزوة ذي قرد)، و (خيبر)، في حديث سلمة ابن الأكوع الطويل، والله أعلم.

قوله: (فَأُتِيَ بِهِ): (أُتِيَ): بضمِّ الهمزة، وكسر التاء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (قَالَ [2]: انْفُذْ): هو بهمزة وصل، وضمِّ الفاء، وبالذال المعجمة، أمرٌ، ومعناه: اخرق وجز.

قوله: (عَلَى رِسْلِكَ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بفتح الراء وكسرها، فمعنى الكسر: التؤدة، والفتح: اللين والرفق، وأصله: السير الليِّن.

قوله: (بِسَاحَتِهِمْ): تَقَدَّم الكلام على (الساحة) قريبًا، وأنَّها الفناء، وأنَّ أصلها: الفضاء بين المنازل.

قوله: (حُمْر النَّعَمِ): (حمر): بضمِّ الحاء، وإسكان الميم، جمع أحمر، و (حمْر النَّعَم)؛ يعني: الإبل، وحُمْرُها أفضلها عند العرب، قاله ابن قُرقُول، ومعناه: تتصدَّق بها، وقيل: تصيبها وتملكها، وقيل: النعم مثل الأنعام.

==========

[1] في (أ): (جلا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فقال).

[ج 2 ص 189]

(1/7633)

[حديث: آذن من حولك]

4211# قوله: (ح): تَقَدَّم الكلام على (ح) كتابة وتلفُّظًا في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ): هذا أحمد بن عيسى، كذا في هامش أصلنا (ابن عيسى) تجاهه، وليس عليه تصحيح، ولا علامة نسخة، وكأنَّه حاشية توضيح، ولم ينسبه المِزِّيُّ، ولا شيخنا، وقد تَقَدَّم كلام الجيانيِّ على (أحمد عن ابن وهب) في (الصلاة) و (الجنائز) وغيرهما، قال الجيانيُّ: قال أبو نصر: روى عنه البُخاريُّ في (غزوة خيبر)، و (غزوة مؤتة)، وغير موضع، وقال الحاكم في «المدخل»: روى البُخاريُّ في (كتاب الصلاة) في ثلاثة مواضع عن أحمد، عن عبد الله بن وهب، فقيل: إنَّه أحمد بن صالح المصريُّ، يُكنَّى أبا جعفر، ويعرف بالطبريِّ [1] قلت: وكان صديقًا لابن حنبل، وقيل: أحمد بن عيسى التستريُّ، ولا يخلوأن يكون واحدًا منهما، فقد روى عنهما في «الجامع»، ونسبهما في مواضع، وذكر الكلاباذيُّ: (قال لي أبو أحمد الحافظ محمَّد بن محمَّد بن إسحاق النيسابوريُّ: أحمد عن ابن وهب في «البُخاريِّ» هو ابن أخي ابن وهب)، قال أبو عبد الله الحاكم: من قال إنه ابن أخي ابن وهب؛ فقد وهم وغلط، والدليل على ذلك: أنَّ المشايخ الذين ترك البُخاريُّ الأخذ عنهم في «الصحيح» قد روى عنهم في سائر مصنفاته؛ كأبي صالح وغيره، وليس له عن ابن أخي ابن وهب رواية في موضع، فهذا يدلُّك على أنَّه لم يكتب عنه، أو كتب عنه، ثُمَّ ترك الرواية عنه أصلًا، والله أعلم، قال الكلاباذيُّ: قال لي أبو عبد الله بن منده: كلُّ ما قال البُخاريُّ في «الجامع»: حدَّثنا أحمد، عن ابن وهب؛ فهو ابن صالح المصريُّ، ولم يخرِّج البُخاريُّ عن أحمد بن عبد الرَّحمن ابن أخي ابن وهب في «الصحيح» شيئًا، وإذا حدَّث عن أحمد بن عيسى؛ نَسَبه، انتهى ملخَّصًا، وقد قدَّمتُ ذلك أيضًا، وقدَّمتُ أنَّ أحمد عن ابن وهب، وعنه البُخاريُّ في مواضع هو أحمد بن صالح، أو أحمد بن عيسى، وقال أبو أحمد الحاكم: هو أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن عمِّه، قال الذهبيُّ: وليس بشيء، انتهى.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ): قال الدِّمْياطيُّ: هو عمرو بن أبي عمرو ميسرة، أبو عثمان، مولى المطَّلب بن عبد الله بن المطَّلب بن حنطب، [والمطَّلب بن حنطب] [2]: من أسارى بدر، فمنَّ عليه رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بغير فداء؛ لفقره وعجزه عن فداء نفسه، وليس لأبيه حنطب صحبة ولا رواية، وقد ذكره ابن عبد البرِّ في «الاستيعاب»، ووهم، انتهى، وقد ذكره الذهبيُّ، فقال ما لفظه: حنطب بن الحارث بن عبيد المخزوميُّ جدُّ المطَّلب بن عبد الله أسلم يوم الفتح، له حديث، انتهى، وكذا ذكره فيهم ابن الجوزيِّ في «تلقيحه»، والله أعلم.

تنبيهٌ: وقع في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: وحدَّثني أحمد بن عيسى، حدَّثنا ابن وهب، أخبرني يعقوب بن عبد الرَّحمن، عن الزُّهريِّ، عن عمرو مولى المطَّلب، عن أنس ... ؛ فذكر الحديث، فقوله فيه: (عن الزُّهريِّ) غلطٌ صريح، وانظر «أطراف المِزِّيِّ»؛ تعرف ذلك، والله أعلم، فالزُّهريُّ ليس له ذكر في هذا.

(1/7634)

قوله: (ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ): (ذُكِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (جمالُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (صَفِيَّةَ بِنْتِ حيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ): تَقَدَّم أنَّها أمُّ المؤمنين، وأنَّ (حييًّا) أباها يقال فيه: بضمِّ الحاء وكسرها، وأنَّه قتل على كفره في بني قريظة، وأنَّ (أَخْطَب) بفتح الهمزة، ثم خاء معجمة ساكنة، ثم طاء مهملة مفتوحة، ثم موحَّدة، وتَقَدَّم بعض ترجمة (صفيَّة)، وهل كان هذا اسمها قبل الاصطفاء أم لا؟ قولان، والصحيح أنَّه اسمها، والله أعلم.

قوله: (وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا): زوجها هو كنانة بن الرَّبيع بن أبي الحقيق الشاعر النَضَريُّ، قُتِل لنقضه العهد، وقصَّته معروفة، والله أعلم، ذكر بعض الحفَّاظ المتأخرين اسم زوجها واسم أبيه كما ذكرت، ثم قال: وكانت صفيَّة قد صارت في سهم دحية الكلبيِّ، فعوَّضه عنها أخت كنانة بن الربيع زوجها، ذكر ذلك الشافعيُّ في «الأمِّ»، وهو في «مغازي أبي الأسود» عن عروة، رواية ابن لهيعة، انتهى، وقد قدَّمتُ الكلام على المعوَّض عنها بزيادة فيما مضى.

قوله: (سدَّ الصَّهْبَاءِ): (سدَّ): بفتح السين وضمِّها، و (الصَّهباء): بفتح الصاد المهملة، ثم هاء ساكنة، ثم موحَّدة ممدود الآخر، وتَقَدَّم (سَدَّ الرَّوحَاءِ) في هذا الحديث في (البيوع)، وهو غلطٌ، و (الرَّوحاء): بين الحرمين، ليست بين خيبر والمدينة، وما هنا هو الصواب.

قوله: (حَلَّتْ): أي: طهرت من حيضها، والله أعلم.

[ج 2 ص 189]

قوله: (فَبَنَى بِهَا): أي: دخل عليها، وقد قدَّمتُه مطوَّلًا.

قوله: (ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا): تَقَدَّم ما هو (الحيس) ضبطًا ومعنًى.

قوله: (فِي نِطَعٍ): (النطع) معروف، وفيه أربع لغات مشهورة؛ كسر النون وفتحها، مع إسكان الطاء وفتحها، وأفصحها كسر النون وفتح الطاء، وجمعه: نطوع، وأنطاع.

قوله: (آذِنْ): هو بمدِّ الهمزة، وكسر الذال المعجمة، أمر؛ أي: أعلِم.

قوله: (وَكَانَتْ [3] تِلْكَ وَلِيمَتَهُ): (وليمتَه): منصوب خبر (كان)، والاسم (تلك)، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (يُحَوِّي لَهَا): (يحوِّي): بضمِّ المثناة تحت، وفتح الحاء المهملة، والواو مكسورة مشدَّدة، ثم ياء ساكنة، قال ابن قُرقُول: كذا رُوِّيناه، وذكره ثابت والخطابيُّ: (يَحْوي)؛ يعني: بفتح أوَّله، وإسكان ثانيه، قال: ورُوِّيناه كذلك عن بعض رواة البُخاريِّ، وكلاهما صحيح، وهو أن يجعل لها حَوِيَّة؛ وهو كساء محشوٌّ بليف، يُدار حول سنام الراحلة، وهي مركب من مراكب النساء، وقد رواه ثابت: (فيَحُول)؛ باللام، وفسَّره: يصلح لها عليه مركبًا، انتهى، وقد تَقَدَّم، والعَبَاءةُ والعباية: لغتان، ضرب من الأكسية.

==========

[1] في (أ): (بالطبرانيِّ)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] ما بين معقوفين ليس في (أ)، وبه يصحُّ الكلام.

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فكانت).

(1/7635)

[حديث: أن النبي أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر ثلاثة أيام]

4212# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالكٍ أحدِ الأعلام، وأخوه تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويس، وقدَّمتُ بعضَ ترجمته، وأنَّه ما قيل عنه؛ فهو باطل، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو سليمان بن بلال، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد الأنصاريُّ.

قوله: (فِيمَنْ ضُرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابُ): (ضُرِب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الحجابُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 190]

(1/7636)

[حديث: أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية]

4213# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، مولى بني جُمح، أبو محمَّد، المصريُّ الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (حُمَيْدٌ) بعده: هو الطويل، ابن تير، ويقال: تيرويه المشهور.

قوله: (يُبْنَى): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ، وقد قدَّمتُ ما هو البناء؛ وهو الدخول على الأهل.

قوله: (فَبُسِطَتْ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء التأنيث الساكنة.

قوله: (فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ): (ألقى): مبنيٌّ للفاعل، و (التمرَ): منصوب مفعول، و (الأَقِطَ): تَقَدَّم بلغاته، وما هو، وهو منصوبٌ معطوف على (التمر)، و (السَّمْنَ): معطوف عليه.

قوله: (أَوْ مِمَّا [1] مَلَكَتْ يَمِينُهُ): (أوْ): بإسكان الواو، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَطَّأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره.

(1/7637)

[حديث: كنا محاصري خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم]

4214# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظُ.

قوله: (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ الحافظ، تَقَدَّم مترجمًا، و (وَهْبٌ) بعده: هو ابن جرير بن حازم؛ بالحاء المهملة، وقد قدَّم (أَبَا الْوَلِيِد)؛ لأنَّه يروي هذا الحديث أعلا من المسنديِّ؛ لأنه أخذه عن شعبةَ نفسِه، والمسنديُّ بينه وبين شعبة واحدٌ؛ فلهذا قدَّمه، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم أنَّ (مغَفَّلًا) بالغين المعجمة المفتوحة، وبالفاء المشدَّدة المفتوحة، وتَقَدَّم أنَّ (مغفَّلًا) صَحابيٌّ أيضًا، رضي الله عنهما، وتَقَدَّم أنَّ (مغفَّلًا) تُوُفِّيَ قبل فتح مَكَّة.

قوله: (فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ [1] فِيهِ شَحْمٌ): هذا الإنسان لا أعرفه.

قوله: (بِجِرَابٍ): تَقَدَّم أنه بكسر الجيم، ويفتح في لُغَيَّة حكاها النوويُّ.

قوله: (فَنَزَوْتُ لِآخُذَهُ): هو بفتح النون والزاي؛ أي: وَثبْتُ.

قوله: (فَاسْتَحْيَيْتُ): لم يذكر هنا أأخذه أم لا، وقد تَقَدَّم أنَّ في «مسند أبي داود الطيالسيِّ»: (فاستحييتُ، فقال لي النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «هو لك»)، قال ابن القطَّان: (إسنادها صحيح)، وقد تَقَدَّم في (الجزية)، و (الموادعة).

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: الجراب: وعاء من جلد، [وهو بفتح الجيم] وتكسر، أمَّا الكسر؛ فقاله [الخليل] وغيره وهو المشهور، [وأمَّا الفتح]؛ فذكره ابن القزَّاز).

[ج 2 ص 190]

(1/7638)

[حديث: أن رسول الله نهى يوم خيبر عن أكل الثوم]

4215# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حماد بن أسامة، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عبيد [1] الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.

==========

[1] في (أ): (عبد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 190]

(1/7639)

[حديث: أن رسول الله نهى عن متعة النساء يوم خيبر]

4216# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزعَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ زاي (قزعة) بالفتح والسكون، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم.

تنبيهٌ: قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: [أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ ... )؛ الحديث: وقع في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: عن عبد الله والحسين ابني محمَّد بن عليٍّ، وفي الهامش نسخة: (والحسن) مكبَّرًا، وهذه هي الصواب، و (الحسين) بالتصغير خطأٌ محض، وليس للحسين رواية في الكُتُب السِّتَّة، بل ولا أعرف لابن الحنفيَّة ولدًا يقال له: الحسين؛ بالتصغير، والله أعلم.

قوله: (نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ [1] يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ): قال الحافظ شمس الدين ابن قيِّم الجوزيَّة في كتاب «هَدْي النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم»: (ولم يحرِّم المتعة يوم خيبر، وإنَّما كان تحريمها عام الفتح، هذا هو الصواب، وقد ظنَّ طائفة من أهل العلم أنَّه حرَّمها يوم خيبر، واحتجُّوا بما في «الصحيحين» من حديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه: «أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية»، وفي «الصحيحين»: «أنَّ عليًّا رضي الله عنه سمع ابن عباس يليِّن في متعة النساء، فقال: مهلًا يا بن عباس، فإنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية»، وفي لفظ للبخاريِّ عنه رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية»، ولمَّا رأى هؤلاء أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أباحَها عام الفتح ثُمَّ حرمها؛ قالوا: حُرِّمت، ثُمَّ أُبيحت، ثُمَّ حُرِّمت، قال الشافعيُّ: لا أعلم شيئًا حُرِّم ثُمَّ أبيح ثُمَّ حُرِّم إلَّا المتعة، قالوا: فنسخ مرَّتين، وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: لم تحرَّم إلَّا عام الفتح، وقبل ذلك كانت مباحة، قالوا: وإنَّما جمع عليُّ بن أبي طالب بين الإخبار بتحريمها وتحريم الحمر الأهلية؛

[ج 2 ص 190]

(1/7640)

لأنَّ ابن عباس كان يُبيحهما، فروى له عليٌّ تحريمهما عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ ردًّا عليه، وكان تحريم لحوم الحمر يوم خيبر بلا شكٍّ، فذكر (يوم خيبر) ظرفًا لتحريم الحمر، وأطلق تحريم المتعة، ولم يقيِّده بزمنٍ [2]؛ كما جاء ذلك في «مسند أحمد» بإسناد صحيح: «أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حرَّم لحوم الحمر الأهليَّة يوم خيبر، وحرَّم متعة النساء»، وفي لفظ: «حرَّم متعة النساء، وحرَّم لحوم الحمر الأهليَّة يوم خيبر»؛ هكذا رواه سفيان بن عيينة متَّصلًا مميَّزًا، فظنَّ بعض الرواة أنَّ يوم خيبر زمن للتحريمين، فقيَّدهما به، ثُمَّ جاء بعضُهم، فاقتصر على أحد المحرَّمين، وهو تحريم الحمر، وقيَّده بالظرف، فمن ههنا نشأَ الوهم، وقصَّة خيبر لم يكن فيها الصَّحابة يتمتَّعون باليهوديات، ولا استأذنوا في ذلك رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولا نقله أحد قطُّ في هذه الغزوة، ولا كان للمتعة فيها ذكر ألبتَّة، لا فعلًا ولا تحريمًا، بخلاف غزاة الفتح، فإنَّ قصَّة المتعة فعلًا وتحريمًا مشهورةٌ، وهذه الطريقة أصحُّ الطريقتين، وفيها طريقة ثالثة؛ وهي أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لم يحرِّمها تحريمًا عامًّا ألبتَّة، بل حرَّمها عند الاستغناء عنها، وأباحها عند الحاجة إليها، وهذه كانت طريقة ابن عباس حتَّى كان يفتي بها، ويقولُ: هي كالميتة والدم ولحم الخنزير، تُباح عند الضرورة وخشية العَنَت، فلم يفهم عنه أكثرُ الناس ذلك، وظنُّوه أنَّه أباحها إباحة مطلقة، وتغنَّوا في ذلك بالأشعار، فلمَّا رأى ابن عباس ذلك؛ رجع إلى القول بالتحريم)، انتهى، وقد سبقه إلى ذلك السُهيليُّ في «روضه» في غزوة خيبر، ولفظه: (وممَّا يتصل بحديث النهي عن أكل الحمر ... ).

تنبيهٌ على إشكالٍ في رواية مالك عن ابن شهاب، وأنَّه قال فيها: (نهى رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عن نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهليَّة)، وهذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورُواة الأثر: أنَّ المتعة حُرِّمت يوم خيبر، وقد رواه ابن عيينة، عن ابن شهاب، عن عبد الله بن محمَّد، فقال فيه: (إنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم نهى عن أكل الحمر الأهليَّة عام خيبر، وعن المتعة)، فمعناه على هذا اللفظ: ونهى عن المتعة بعد ذلك، أو في غير ذلك اليوم، فهو إذًا تقديمٌ وتأخيرٌ وقع في لفظ ابن شهاب، لا في لفظ مالك؛ لأنَّ مالكًا قد وافقه على لفظِه جماعةٌ من رواة ابن شهاب.

وقد اختلف في نكاح المتعة، فأغرب ما روي في ذلك من قال: إنَّ ذلك كان في غزوة تبوك، ثُمَّ رواية الحسن: أنَّ ذلك كان في عمرة القضاء، والمشهور في تحريم نكاح المتعة رواية الربيع بن سبرة عن أبيه: أنَّ ذلك كان عام الفتح، وقد خرَّج مسلم الحديث بطوله، وفي هذا أيضًا حديث آخر خرَّجه أبو داود: أنَّ تحريم نكاح المتعة كان في حجَّة الوداع، ومن قال من الرواة: كان في غزوة أوطاس؛ فهو موافق لمن قال: عام الفتح، فتأمَّله، والله المستعان، انتهى، وهو مكان حسن، فلا تملَّ لطوله.

(1/7641)

وقال مغلطاي في خيبر: واختلفوا هل نسخت مرَّة، أو مرَّتين، أو أكثر؟ وذلكَ أنَّ في بعض الأحاديث: حُرِّمت يوم خيبر، وفي بعضها: يوم الفتح، وفي بعض: في تبوك، وفي بعضها: في عمرة القضاء، وفي بعضها: عام أوطاس، انتهى، وكونها في خيبر هو في «البُخاريِّ» و «مسلم» على ما فيه، وقد تَقَدَّم، أو الفتح، أو عام أوطاس؛ الثلاثة في «مسلم»، والله أعلم، وسأذكر في (النكاح) فيه رواياتٍ غير ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ): تَقَدَّم الكلام على (الإنسيَّة) قريبًا وبعيدًا.

(1/7642)

[حديث: أن رسول الله نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية]

4217# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): (عبد الله) بعد (ابن مُقَاتِلٍ): هو ابن المبارك، شيخ خراسان.

==========

[ج 2 ص 191]

(1/7643)

[حديث: نهى رسول الله يوم خيبر عن لحوم الحمر]

4219# قوله: (عَنْ عَمْرٍو): (عمرو) هذا بعد (حَمَّاد بن زَيْدٍ): هو عمرو بن دينار المَكِّيُّ، و (مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ) بعده: هو محمَّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب، الهاشميُّ، أبو جعفر الباقر، تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 191]

(1/7644)

[حديث: لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئًا وأهريقوها]

4220# قوله: (حَدَّثَنَا عَبَّادٌ): (عبَّاد) هذا المذكور بعد (سَعِيد بن سُلَيْمَانَ): هو عبَّاد بن العوَّام، و (الشَّيْبَانِيُّ) بعده؛ بالشين المعجمة: سليمان بن فيروز، أبو إسحاق الشيبانيُّ، تَقَدَّم، و (عَبْدُ اللهِ [1] بْنُ أَبِي أَوْفَى): صَحابيٌّ ابن صَحابيٍّ، تَقَدَّما، وتَقَدَّم والده منسوبًا، رضي الله عنهما.

قوله: (وَبَعْضُهَا نَضِجَتْ): هو بكسر الضاد، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فَجَاءَ مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ المنادي بتحريم لحوم الحمر يوم خيبر أبو طلحة، كما في «مسلم»، أو عبد الرَّحمن بن عوف كما في «النَّسائيِّ»، والظاهر أنَّه أمرهما فناديا، كما تَقَدَّم في كلامي، وقد تَقَدَّم قريبًا الغلط الذي وقع فيه للرافعيِّ في «شرح الوجيز».

قوله: (وَأَهرِيقُوا [2]): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة والهاء، وتُسكَّن الهاء أيضًا.

قوله: (فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا لأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام على العلَّة في تحريمها مطوَّلًا في هذه الغزوة، وأنَّ الصحيح أنَّها إنَّما نهى عنها؛ لأنَّها رجسٌ، كما نصَّ عليه صاحبُ الشرع، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، وقوله: (عبد الله): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وأهريقوها).

[ج 2 ص 191]

(1/7645)

[حديث: فنادى منادي النبي: أكفئوا القدور]

4221# 4222# قوله: (فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم أعلاه من مناديه، وقبله أيضًا غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (أَكْفِؤُا الْقُدُورَ): تَقَدَّم أنَّه بقطع الهمزة، وكسر الفاء، رباعيٌّ، وأنَّه يجوز ثلاثيًّا [1]؛ بوصل الهمزة، وفتح الفاء؛ أي: اقلبوها [2]، قال بعضهم: كفأتُ: قلبت، وأكفأت: أملت، وهذا مذهب الكسائيِّ، وفي «الصحاح» للجوهريِّ: كفأت الإناء: كببته وقلبته، فهو مكفوء، وزعم ابن الأعرابيِّ: أنَّ (أكفأته) لغة، انتهى، وقد تَقَدَّم.

4223# 4224# 4225# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): تَقَدَّم الكلام على (إسحاق) هذا من عند الجيانيِّ في (الوضوء)، و (الصلاة)، وغيرها؛ فانظر ذلك، والله أعلم، ولم ينسبه المِزِّيُّ هنا، ولا شيخُنا هنا، و (عَبْدُ الصَّمَدِ): هو ابن عبد الوارث، أبو سهل، حافظٌ حجَّةٌ، تَقَدَّم.

4226# قوله: (حدَّثَنَا [3] ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ): هو يحيى بن أبي زائدة، تَقَدَّم، و (عَاصِمٌ) بعده: هو الأحول، و (عَامِرٌ) بعده: هو ابن شراحيل الشعبيُّ.

[ج 2 ص 191]

قوله: (نِيئَةً وَنَضِيجَةً): (نِيئَة): بكسر النون، ثُمَّ همزة مفتوحة، وقد تَقَدَّم أنَّه يجوز تشديد الياء في (باب ما جاء في الثوم النيء) في (كتاب الصلاة).

(1/7646)

[حديث: لا أدري أنهى عنه رسول الله من أجل أنه كان حمولة الناس]

4227# قوله: (عَنْ عَاصِمٍ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه الأحول، وهو عاصم بن سليمان، وتَقَدَّم أنَّ (عَامِرًا) بعده: هو الشعبيُّ عامر بن شراحيل.

قوله: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [1] قَالَ: لاَ أَدْرِي أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ ... ؟) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه إنَّما حرَّمه؛ لأنَّه رجس؛ فانظره قريبًا.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رضي الله عنهما)، وليست في (ق).

[ج 2 ص 192]

(1/7647)

[حديث: قسم رسول الله يوم خيبر للفرس سهمين]

4228# قوله: (حَدَّثَنَا زَائِدَةُ): هذا هو زائدة بن قدامة الثقفيُّ الكوفيُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب.

==========

[ج 2 ص 192]

(1/7648)

[حديث: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد .. ]

4229# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ (بُكَيرًا) بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير مرارًا، وتَقَدَّم أنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، وتَقَدَّم أنَّ (سَعِيد بْن الْمُسَيّبِ): بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير والده ممن اسمه (المُسَيِّب) لا يجوز فيه إلَّا الفتح.

قوله: (أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ [1] قَالَ: مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أنَّ (جُبَير بن مطعم) جدُّه اسمه: عديُّ بن نوفل بن عبد مناف بن قصيٍّ، وأنَّ (عثمان بن عفان) ابن أبي العاصي بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ، وتَقَدَّم أنَّ أولاد عبد مناف: هاشم، والمطَّلب، ونوفل، وعبد شمس.

قوله: (إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ (شيئًا) بالشين المعجمة، ثُمَّ الهمزة، في (الخمس)؛ فانظره، وبنو هاشم وبنو المطَّلب لم يفترقوا في جاهليَّة ولا إسلام [2] بخلاف الفخذين الآخرين، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (أخبره).

[2] في (أ): (سلام)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 192]

(1/7649)

[حديث: بلغنا مخرج النبي ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه أنا]

4230# 4231# 4232# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ) بعده: تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، وهو بريد بن عبد الله بن أبي بردة، وتَقَدَّم أنَّ (أَبَا بُرْدَة) الحارث، أو عامر القاضي، وَلَدُ أبي موسى الأشعريِّ عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (بلغَنا): هو بفتح الغين، والضمير مفعول، و (مخرجُ): مرفوع فاعل، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ؛ أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ): تَقَدَّم الكلام عليهما، وعلى بقيَّة إخوة أبي موسى.

قوله: (إِمَّا قَالَ: بِضْعٌ، وَإِمَّا قَالَ ... ): (إمَّا)؛ بكسر الهمزة، وتشديد الميم في الموضعين، وأمَّا (بضع)؛ فقد تَقَدَّم أيضًا أنَّه بكسر الموحَّدة وتفتح، وكم هي من العدد، والانتقاد على الجوهريِّ، في (كتاب الإيمان).

قوله: (إِلَى النَّجَاشِيِّ): تَقَدَّم الكلام على فتح نونه وكسرها، وتشديد الياء وتخفيفها، والاختلاف في اسمه، في (الجنائز).

قوله: (فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ): (وافقْنا): بإسكان القاف، والضمير فاعل، و (جعفرَ بن أبي طالب): منصوب مفعول، وكذا قوله: (فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

قوله: (وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ): هو بالسين المهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (أسماء): صحابيَّة جليلة معروفة، هاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة، ثُمَّ تزوَّجها بعد مقتل جعفر أبو بكر الصديق، فلمَّا تُوُفِّيَ عنها؛ تزوَّجها عليُّ بن أبي طالب، وكانت فاضلة جليلة، وهي أسماء بنت عميس بن معبد بن الحارث الخثعميَّة، وقال ابن سعد: أسماء بنت عميس بن معدِّ بن تيم [بن] الحارث بن كعب، وطوَّل ترجمتها، رضي الله عنها.

قوله: (آلحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ آلبَحْرِيَّةُ هَذِهْ؟): هما بمدِّ الهمزة على الاستفهام، كذا في أصلنا، وفي غير أصلنا من غير مدٍّ، وهو محذوف الاستفهام، وكلاهما صحيح المعنى، والله أعلم.

قوله: (وَكُنَّا فِي دَارِ _أَوْ فِي أَرْضِ_ الْبُعَدَاءِ): (دارِ): مكسورة من غير تنوين؛ وتقديره: دار البعداء، ولكن شكَّ الراوي، هل هو في دار البعداء، أو في أرض البعداء؟ وهذا ظاهرٌ، قال ابن قُرقُول: وفي حديث أسماء: (في أرض البعداء)، في نسخة عن أبي ذرٍّ والنسفيِّ: (في أرض البعداء البغضاء)، وعند عبدوس: (أرض البُعدِ البُعُدُ البغضاءُ)؛ مكرَّر، وللقابسيِّ: (أرض البُعُدِ البُعداء)، وللأصيليِّ: (البعداء البغضاء)، وهو أحسن، وقيل: إنَّ التكرار فيه تفسير الأوَّل بالثاني.

قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ همزته همزة وصل، وبعضهم قال: قطع، وقد تَقَدَّم معناها.

(1/7650)

قوله: (لاَ أَطْعَمُ طَعَامًا): (أَطعَم): بفتح الهمزة والعين، وهذا ظاهرٌ؛ أي: لا آكلُ، وكذا (أَشْرَبُ) مثله.

قوله: (مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قلتَ): بفتح تاء الخطاب.

قوله: (نُؤْذَى وَنُخَافُ): هما مضموما الأوَّل، مبنيَّان لِمَا لم يُسَمَّ فاعلهما.

قوله: (أَهْلَ السَّفِينَةِ): (أهلَ): منصوب منادى مضاف.

قوله: (هِجْرَتَانِ): لأنَّ أبا موسى ومن معه هاجروا إلى الحبشة إلى جعفر لمَّا سمعوا بهم، ثُمَّ هاجر هو ومن معه في أصحاب السفينتين إلى المدينة، فصارت هجرتان، وكذا جعفر ومن معه هاجروا من مَكَّة إلى الحبشة، ثُمَّ هاجروا إلى المدينة؛ فلكلٍّ هجرتان، والله أعلم.

قوله: (أَرْسَالًا): هو بفتح الهمزة؛ أي: أفواجًا وفرقًا متقطِّعة، واحدهم: رَسَلٌ؛ بفتح الراء والسين.

قوله: (هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلاَ أَعْظَمُ): (أفرحُ) و (أعظمُ): مرفوعان، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ): (أبو بردة): تَقَدَّم أنَّه عامر، أو الحارث، ولد أبي موسى الأشعريِّ، وروايته الأولى عن أبيه، وهذه عن أسماء بنت عميس، وهو معدود فيمن روى عنها.

قوله: (رفْقَةِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الراء وكسرها.

قوله: (يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ): قال الدِّمْياطيُّ: (صوابه: يرحلون)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: (حين يدخلون بالليل)، كذا للكافَّة، وعند الجيانيِّ في «مسلم»: (يرحلون)، من الرحيل، وكذا للجرجانيِّ، انتهى.

قوله: (وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ): (حَكِيم): هذا بفتح الحاء، وكسر الكاف، قال ابن قُرقُول: (كان شيوخنا يختلفون فيه، فكان بعضُهم يجعله صفة، وهو الصدفيُّ)، قال الذهبيُّ: (حَكِيم الأشعريُّ أخرجه مسلم، أغفله الأربعة، وذكره الغسانيُّ)، انتهى، ولم يذكره ابن عبد البرِّ، وقد استُدرِك عليه.

والحاصل: أنَّ بعض الناس يجعله صفة لرجل، وبعضهم يجعله علمًا على شخص من الأشعريِّين، والله أعلم.

[ج 2 ص 192]

قوله: (أَنْ تَنْظُرُوهُمْ): هو بفتح التاء، وضمِّ الظاء، وفي نسخة: (تُنظِروهم)؛ بضمِّ أوله، وكسر الظاء؛ أي: للقتال.

(1/7651)

[حديث: قدمنا على النبي بعد أن افتتح خيبر فقسم لنا]

4233# قوله: (سَمِعَ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وهذا معروف عند أهله.

قوله: (حَدَّثَنَا بُرَيْدُ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، وأنَّه ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريِّ، وتَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّ (أَبَا بُرْدَةَ) اسمه الحارث، ويقال: عامر، القاضي.

قوله: (فَقَسَمَ لَنَا، وَلَمْ يَقْسِمْ لِأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ غَيْرنَا): اعلم أنَّ هذا القسم، وكذا قوله في بعض طرقه: (فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ: أَعْطَانَا [1]): محمول على أنَّه يرضي الغانمين، وفي هذا «الصحيح» ما يؤيِّده، وفي رواية للبَيهَقيِّ التصريح بأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم كلَّم المسلمين، فأشركوهم في سهامهم، قاله الشيخ محيي الدين النوويُّ في (مناقب جعفر بن أبي طالب) في «شرح مسلم»، وقد تَقَدَّم ذلك.

ثُمَّ اعلم أنَّ جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام لم يشهد فتح خيبر، ولكن شهد الحُدَيْبيَة، وجميعُ من شهد الحُدَيْبيَة شهد خيبر معه عَلَيهِ السَّلام إلَّا جابرًا، فقسم له رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم كسهم من حضرها، وذلك أنَّها طُعمة من الله لأهل الحُدَيْبيَة، من شهد منهم ومن غاب عنها، وقد قدَّمتُ ذلك، وكذا رجل من الأنصار آخر، تُوُفِّيَ قبل خيبر، فأعطى النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لزوجته، وهذا في «سنن أبي داود»، ولا أعرف اسمه، وهو من أهل الحُدَيْبيَة، والله أعلم.

ثُمَّ اعلم أنَّهم كانوا _كما تَقَدَّم على أكثر الروايات_ ألفًا وأربع مئة، والخيل كانت مئتي فرس، فقسمها عَلَيهِ السَّلام على ألف وثمان مئة، للراجل سهم، وللفرس سهمان، وقد ذكر ابن سيِّد الناس في «سيرته» قسمة خيبر مطوَّلًا بما فيه من الاختلاف، فإن أردته؛ فانظره، والله أعلم.

قوله: (لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ غَيْرنَا): يجوز في (غير) النصب والجرُّ، وهما ظاهران.

(1/7652)

[حديث أبي هريرة: افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبًا ولا فضة]

4234# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا فيما يظهر هو المسنديُّ الحافظ، و (أَبُو إِسْحَاقَ) هذا: هو الفزاريُّ، إبراهيم بن محمَّد بن الحارث، أحد الأعلام، وبعده (مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ): الإمام المجتهد، أحد الأعلام.

وفي هذا السند لطيفة: وهو أنَّ البُخاريَّ روى عن جماعة من أصحاب مالك، وروى في «الصحيح» عن أصحابِ أصحابِه، وهنا بينه وبين مالك ثلاثة، وهذا يدلُّ على تعظيمه له، والاعتناء بحديثه، وهو أهل لذلك، ولا أعلم مكانًا في هذا «الصحيح» وقع بين البُخاريِّ وبين مالك ثلاثةُ أشخاص إلَّا هذا، وهذا أطول ما يوجد للبخاريِّ عن مالك، وسيجيء مكانٌ في هذا «الصحيح» أغربُ من هذا، لكن في ترجمة يزيد بن أبي عُبيد، والله أعلم.

ورأيتُ في «مسلم» في أواخر (الأضحية) حديث أمِّ سلمة: «إذا رأيتم هلال ذي الحجَّة، وأراد أحدُكم أن يضحي؛ فليمسك عن شعره وأظفاره»، وقع بين مسلم وبين مالك ثلاثةٌ كهذا، وذلك من طريقين.

تنبيهٌ آخر وفيه لطيفةٌ أخرى: حديث مالك يقع للنَّسائيِّ أعلى ما يقع له بينه وبين مالك واحد، ووقع بينه وبينه في حديث خمسة أشخاص، والحديث المشار إليه رواه النَّسائيُّ في «جمعه لحديث مالك»، عن زكريَّا بن يحيى خيَّاط السنَّة، عن إبراهيم بن عبد الله الهرويِّ، عن سعيد بن محبوب، عن عبثر بن القاسم، عن سفيان الثوريِّ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الله والحسن ابني محمَّد بن عليٍّ، عن أبيهما، عن عليٍّ رضي الله عنه ... ؛ فذكر حديث النهي عن نكاح المتعة، والله أعلم.

تنبيهٌ آخر: حدَّث البُخاريُّ في مواضع عن رجل عن شعبة، وحدَّث في مواضع عن ثلاثة عن شعبة، وحدَّث في موضع عن رجل عن الثوريِّ، وحدَّث في مواضع عن ثلاثة عنه، وأعجب منه: حدَّث عن جماعة من أصحاب ابن المبارك عنه، وحدَّث عن سعيد بن مروان، عن محمَّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، عن أبي صالح سلمويه، عن ابن المبارك، وابن المبارك أصغر من مالك وشعبة وسفيان.

تنبيهٌ آخر: قتيبة شيخ الأئمَّة الستَّة، حاشى ابن ماجه فبواسطة، وقد روى التِّرْمِذيُّ في «جامعه» في (الجمع بين الصلاتين): حدَّثنا ... ؛ عنه، ثُمَّ عقَّبه في بعض النسخ بأن رواه عن عبد الصمد بن سليمان: حدَّثنا زكريَّا اللؤلؤيُّ: حدَّثنا أبو بكر الأعينُ: حدَّثنا عليُّ ابن المدينيِّ: حدَّثنا أحمد ابن حنبل: حدَّثنا قتيبة بهذا؛ يعني: حديث معاذ، فبينه وبين قتيبة في الحديث الثاني خمسة أشخاص.

وهذا الإمام الشافعيُّ أخذ عن مالك نفسِه، وحدَّث عنه، وعن واحد عنه، وعن اثنين عنه، وفي موضع من «الأمِّ» روى عن ثلاثة عنه، فبينه وبين مالك في هذا المكان ثلاثة أشخاص، والله أعلم، أفادنا هذا عن الشافعيِّ شيخُنا العلَّامة الندرة سراج الدين البلقينيُّ.

قوله: (حَدَّثَنِي ثَوْرٌ): هو بالثاء المثلَّثة، وهو ثور بن زيد، و (سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ): هو سالم أبو الغيث، تَقَدَّم، و (أبو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

(1/7653)

قول أبي هريرة: (افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ): وكذا يجيء في آخر (الأيمان والنذور): (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ ... )؛ الحديث، قال المِزِّيُّ في «الأطراف»: (قال الدارقطنيُّ: قال موسى بن هارون: وَهِم ثور بن زيد في هذا الحديث؛ لأنَّ أبا هريرة لم يخرج مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم _يعني: إلى خيبر_ وإنَّما قدم المدينة بعد خروج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى خيبر، وأدرك النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وقد فتح الله عليه خيبر).

قال أبو مسعود الدِّمَشْقيُّ: وإنَّما أراد البُخاريُّ ومسلم من نفس هذا الحديث قصَّة مِدعَم في غلول الشملة التي لم تصبها المقاسم، وأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قال: «إنَّها لتشتعل عليه نارًا»، وقد روى الزُّهريُّ، عن عنبسة بن سعيد، عن أبي هريرة قال: (أتيتُ

[ج 2 ص 193]

النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بخيبر بعد ما افتتحوها، فقلتُ: أَسهِم لي)، ورواه أيضًا عمرو بن يحيى بن سعيد بن العاصي، عن جدِّه، عن أبي هريرة، ولا يشكُّ أحد من أهل العلم أنَّ أبا هريرة قد شهد قسم النَّبيِّ صل الله عليه وسلم غنائم خيبر، هو وجعفر بن أبي طالب وجماعة من مهاجرة الحبشة الذين قدموا في السفينة، فإن كان ثور وَهِم في قوله: (خرجنا)، فإنَّ القصَّة المرادة من نفس الحديث صحيحة، انتهى.

قوله: (وَالْحَوَائِطَ): هو جمع حائط؛ وهو البستان وجمعه من النخيل إذا كان عليه حائط، وهو الجدار.

قوله: (وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ): (مِدْعَم): بكسر الميم، وإسكان الدال، وفتح العين المهملتين، ثُمَّ ميم.

قوله: (أَهْدَاهُ لَهُ [1] أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ [2]): قال الدِّمْياطيُّ: (الذي أهدى للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مدعمًا يقال: هو رفاعة بن زيد بن وهب الضُّبيبيُّ، وَفد في جماعة من قومه، وأسلموا، وأمَّا ضباب؛ فهو ابن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن)، انتهى، قال ابن قُرقُول: وقع في «البُخاريِّ» في حديث مَدْعِم: (أهداه له أحد بني الضباب)، كذا في (غزوة خيبر)، والصواب: أحد بني الضبيب، انتهى، وسيأتي على الصواب في هذا «الصحيح» في (الأيمان والنذور) قبل (كتاب الكفارات)، ولفظه: (فأهدى رجل من بني الضُّبيب لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم غلامًا يقال له: مدعم)، والله أعلم، ورفاعة هذا ذكره ابن عبد البرِّ في «الاستيعاب» في الصَّحابة، وكذا ذكره غيره، والله أعلم، وسيأتي [في] نسبة سيِّده تعقُّب في (الأيمان والنذور).

قوله: (سَهْمٌ عَائِرٌ): هو بالعين المهملة؛ أي: لا يُدرى من رماه.

قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ [3]): هذا الرجل الذي جاءه عَلَيهِ السَّلام لا أعرف اسمه، وكذا قال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين، إلَّا أنَّ في رواية محمَّد بن إسحاق وغيره: أنَّه أنصاريٌّ، انتهى.

(1/7654)

قوله: (بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ [4]): (الشراك)؛ بكسر الشين المعجمة: أحد سيور النعل التي تكون على وجهها، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] في هامش (ق): (الذي أهدى للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم هو رفاعة بن زيد بن وهب، وأمَّا ضباب؛ فهو ابن كلاب [بن ربيعة] بن عامر بن صعصعة بن مُعاوية [بن بكر] بن هوازن).

[2] في هامش (ق): (قال الدمياطيُّ: صوابه: الضُّبيب، [وجاء] على الصواب في «الأيمان والنذور»).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بشراكين).

[4] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بشراكين).

(1/7655)

[حديث: أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانًا ... ]

4235# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو محمَّد بن جعفر بن أبي كثير، و (زَيْدٌ) بعده: هو ابن أسلم، و (أَبُوهُ): أسلم، مولى عمر بن الخَطَّاب.

قوله: (أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ): (أمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم.

قوله: (لَوْلاَ أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ [1]): (بَبَّانًا): هو بموحَّدتين؛ الأولى مفتوحة، والثانية مشدَّدة، وبعد الألف نون، [و (بَبَّانًا): شيئًا واحدًا؛ يعني: في الأخذ من الأرض المفتوحة] [2]، قال ابن قُرقُول: وفسَّره ابن مهديٍّ: شيئًا واحدًا، وقال غيره: معناه: الجمع؛ أي: جماعة، وقال أبو عبيد: لا أحسبه من كلام العرب، انتهى، وقال غيره: حبشيَّة، انتهى، قال ابن قُرقُول: وقال الضرير: الصحيح: (بيان)؛ الثانية ياء مثنَّاة من أسفل؛ أي: لولا أن أُسوِّي بينهم حتَّى لا يكون لأحد على أحد فضل ... ، قال: ويقال لمن لا يُعرَف من الناس: بيَّان، وهيٌّ ابنُ بيٍّ، وردَّ الأزهريُّ قوله، وقال: هي لغة يمنيَّة لم تفشُ من كلام معدٍّ، وكذلك صحَّحها صاحبُ «العين»، وقال: وممَّا ضوعفت حروفه: هم على ببَّانٍ واحد؛ أي: طريقة واحدة، قال الطبريُّ: وهو العَدُوم الذي لا شيء له؛ أي: لولا [أن] أتركهم فقراء لا شيء لهم ... ؛ أي: متساوين في الفقر على قوله، واختلف في وزنه، فقيل: «فَعَّال» على أنَّ النون أصليَّة، وقيل: «فَعْلَان» على زيادتها، انتهى، وما قاله هذا فيه كفايةٌ عن كلام غيره، وذلك أنَّ الناس تكلَّموا عليه، ولكنَّ قاعدتي أنَّي لا أطوِّل وأكثر الكلام؛ لكي يُحفَظ.

قوله: (مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ): (فُتِحت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قريةٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ): قسمة خيبر _الأموال والأرض_ وقع فيها كلام كثير واختلاف، فإن أردته؛ فانظره [في] «سيرة ابن سيِّد الناس»، فإنَّه لخَّص كلام الناس تلخيصًا حسنًا رحمه الله تعالى.

قوله: (خِزَانَةً لَهُمْ): تَقَدَّم أنَّ (الخزانة) بكسر الخاء.

==========

[1] في هامش (ق): (أي: متساويين في الفقر).

[2] ما بين معقوفين جاء في (أ) مستدركًا متقدِّمًا، بعد قوله: (ليس لهم شيء)، ولعلَّ محلَّه هنا.

[ج 2 ص 194]

(1/7656)

[حديث: لولا آخر المسلمين ما فتحت عليهم قرية إلا قسمتها]

4236# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ): هو عبد الرَّحمن، أحد الأعلام.

قوله: (مَا فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ قَرْيَةٌ): (فُتِحت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قريةٌ): مرفوع منون نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 194]

(1/7657)

[حديث: واعجباه لوبر تدلى من قدوم الضأن]

4237# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ الناقد، وتَقَدَّم أنَّ (سُفْيَان) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَسَأَلَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ): هذا هو إسماعيل بن أُمَيَّة بن عمرو بن سعيد بن العاصي، الأمويُّ المَكِّيُّ، عن أبيه، وأيوب بن خالد، وسعيد المقبريِّ، وطائفة، وعنه: مَعْمَر، والسفيانان، وروح بن القاسم، وآخرون، وثَّقه أبو حاتم وجماعة، يقال: له نحو ستِّين حديثًا، قال ابن سعد: مات سنة (144 هـ)، وقال غيره: سنة (139 هـ)، وكان من الأشراف والعلماء، أخرج له الجماعة؛ ذكره في «الميزان» تمييزًا.

قوله: (قَالَ لَهُ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي: لاَ تُعْطِهِ): هو أبان بن سعيد بن العاصي، كذا في هذا «الصحيح»، وكذا في «أبي داود» في (باب من جاء بعد القسمة لا سهم له): عن عنبسة بن سعيد: أنَّه سمع أبا هريرة يحدث سعيد بن العاصي: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعث أبان بن سعيد بن العاصي على سريَّة من المدينة قِبَل نجد، فقدم أبان بن سعيد بن العاصي على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم خيبر بعد أن افتتحها وإنَّ حُزُم خيلهم لَلِيفٌ، فقال أبان: اقسمْ لنا يا رسول الله، قال أبو هريرة: فقلت: لا تقسم لهم يا رسول الله، فقال أبان: أنت بها يا وبْرُ تَحَدَّرُ علينا ... )؛

[ج 2 ص 194]

الحديث، وقد تَقَدَّم في (الجهاد)، وكذا قال الخطيب البغداديُّ: إنَّه أبان، وتابعه النوويُّ، وسيأتي قريبًا جدًّا، وتَقَدَّم قولُ الخطيب البغداديِّ: إنَّ الصحيح أنَّ أبا هريرة السائل، وأنَّ شيخنا جوَّز أن يكونا سألا، وما وقع هنا من التعليق الممرَّض الآتي قريبًا وقع في «أبي داود»، وقد تَقَدَّما، والله أعلم.

قوله: (هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ): هو النعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد، وثعلبة هو الذي يدعى قوقلًا، الأوسيُّ بدريٌّ، قتله صفوان بن أُمَيَّة يوم أُحُد؛ قاله الواقديُّ، وهو النعمان ابن قوقل، وكذا قال الدِّمْياطيُّ فيما يأتي قريبًا عند قوله: (فقال أبو هريرة: يا رسول الله؛ هذا قاتل ابن قوقل)، ولفظه: (قتل النعمانَ بن مالك القوقليَّ يوم أُحُد صفوانُ بن أُمَيَّة الجمحيُّ؛ ذكره أهل السير)، انتهى، وقد قدَّمتُ المسألة في (الجهاد)؛ فانظر ذلك إن أردته.

(1/7658)

قوله: (لِوَبْرٍ [1]): (الوَبْر): بفتح الواو، وإسكان الموحَّدة، قال ابن قُرقُول: بسكون الباء لأكثر الرواة، وهي دويبة غبراء، ويقال: بيضاء على قدر السِّنَّور، حسنة العينين، من دوابِّ الجبال، وإنَّما قال ذلك احتقارًا له، وضبطها بعضُهم: وَبَر: بفتح الباء، وتأوَّله: جمع وبرة، وهي شعر الإبل؛ تحقيرًا له أيضًا كشأن الوبَرة التي لا خطر لها، وتأوَّل (قدوم ضأن) على ضأن، وهذا تكلُّف بعيد، والأوَّل أشهر رواية، وأوجه معنًى، والوبر: مأكولة؛ لوجوب الفدية فيها عن بعض السلف، وقد ذكرها غير واحد من الشافعيَّة، وعبارة الرافعيِّ في (الحج): وربما أكلَهُ البدويُّون [2]، والله أعلم، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (تَدَلَّى): قال ابن قُرقُول: (تدأْدأَ من قدوم ضأن)؛ كذا لهم، وعند المروزيِّ: (تردَّى)، ومعناه متقارب؛ أي: نزل من جبله، وفي الرواية الأخرى: (تدلَّى)، وكلُّه قريب، يقال: تدهده الحجر؛ إذا انحطَّ من علوٍ إلى سفلٍ، ودهدهته أنا ودَهْدَيته فتدهدى _مقصور_؛ إذا دفعته أيضًا من علو إلى سفل، وهدهدتُه أيضًا مقلوب، والهمزة تبدل من الهاء في غير مكان.

قوله: (مِنْ قَدُومِ الضَّأْنِ): ذكره ابن قُرقُول، فانظره من «المطالع»، وقال ابن الأثير: قيل: هي ثنيَّة أو جبل بالسراة من أرض دوس، وقيل: القدوم: ما تَقَدَّم من الشاة؛ وهو رأسها، وإنَّما أراد احتقاره وصغر قدره.

قوله: (الضَّأْنِ [3]): قد ذكره ابن قُرقُول في «المطالع» أيضًا، وذكر اختلاف الرواة فيه، فانظره، وقال الدِّمْياطيُّ: (ضان)؛ بالنون غير مهموز: جبل لدوس، و (قدوم): ثنيَّة به، انتهى.

4238# قوله: (وَيُذْكَرُ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): هذا التعليق غير المجزوم به الممرَّضُ أخرجه أبو داود في (الجهاد) عن سعيد بن منصور، عن إسماعيل بن عيَّاش، عن محمَّد بن الوليد الزُّبيديِّ به، وأفاد في هذا التعليق تسمية المبهم في الحديث قبله أنَّه أبان.

قوله في التعليق: (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ): تَقَدَّم أنَّ الصحيح صرفه مطوَّلًا في أوائل هذا التعليق، وهذا هو أبان بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة، تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

قوله: (عَلَى سَرِيَّةٍ): هذه السريَّة هي قِبَل نجد، أرسله النَّبيُّ إليها من المدينة، كما في «الصحيح»، ولا أعرف تاريخها؛ فليتتبَّع.

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: الضَّأْلُ [4]: السِّدْرَةُ [5]): هذا ليس في أصلنا المصريِّ، وإنَّما هو في بعض أصولنا الدِّمَشْقيَّة، قال ابن قُرقُول في آخر الكلام على (قدوم ضأن) ما لفظه: وزاد في رواية المستملي: (والضأل: السدر)، وهو وهم، وما تَقَدَّم من تفسير الحربيِّ أَولى؛ أنَّه ثنيَّة، وأنَّ (ضأن): جبلٌ ... إلى آخر كلامه، انتهى، و (الضأل)؛ بالضاد المعجمة غير المشالة، وتخفيف اللام: السدر، واحده: ضألة، فقوله في أصلنا الدِّمَشْقيِّ: (والضأل: السدرة) في ثبوت الهاء نظر، والله أعلم.

==========

(1/7659)

[1] في (ق): (وبرٌ تدأدأ)، وفي هامشها: (هو من قتل النعمان بن مالك القوقلي يوم أُحُد [وقيل: قتله] صفوان بن أميَّة الجمحي ذكره أهل السير).

[2] في (أ): (البديون)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] في (أ): (ضأن)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[4] في هامش (ق) عند قوله: (من رأس ضأن): (ضأل)، وفوقهاعلامة أبي ذرٍّ والأصيلي وابن عساكر، وتحتها: (الضأل: السِّدر).

[5] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (السدر).

(1/7660)

[حديث: واعجبًا لك وبر تدأدأ من قدوم ضأن]

4239# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ.

قوله: (هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ): قال الدِّمْياطيُّ: (كان إسلام أبان بن سعيد بين الحُدَيْبيَة وخيبر، وهو الذي أجار عثمان يوم الحُدَيْبيَة حين بعثه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم رسولًا إلى أهل مَكَّة)، انتهى، وكونه الذي أجار عثمان قاله ابن إسحاق، وقال الدِّمْياطيُّ أيضًا في قوله: (هذا قاتل ابن قوقل) ما لفظه: (الذي قتل النعمانَ بن مالك القوقليَّ يوم أُحُد هو صفوان بن أُمَيَّة الجمحيُّ؛ ذكره أهل السير)، انتهى، وقد قدَّمتُ ذلك أعلاه [1].

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) متقدِّمة في شرح الحديث السابق، بعد قوله: (ولا أعرف تاريخها، فليتتبع)، ولعلَّ محلَّها هنا هو الصَّواب.

[ج 2 ص 195]

(1/7661)

[حديث: أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها ... ]

4240# 4241# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بكير، وتَقَدَّم أنَّ (اللَّيْثَ) هو ابن سعد، أحد الأعلام والأجواد، وتَقَدَّم أنَّ (عُقَيْلًا) هذا بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّم (ابْن شِهَاب): أنَّه محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ): هو مرفوع منوَّن، وقد تَقَدَّم الكلام عليه، وما قالته الإماميَّة.

قوله: (فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ): قال الشيخ محيي الدين النوويُّ: معناه: فلم تكلِّمه في هذا الأمر، وأمَّا قوله: (فهجرته)؛ فمعناه [1]: انقبضت عن لقائه، وليس هذا من الهجران المحرَّم؛ الذي هو ترك السلام، والإعراضُ عند اللقاء، انتهى، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ): هذا هو الصحيح في بقائها بعده عَلَيهِ السَّلام، وكذا هو في «مسلم»، وقيل: عاشت بعده ثمانية أشهر، وقيل: ثلاثة أشهر، وقيل: شهرين، وقيل: سبعين يومًا، فعلى الصحيح قالوا: تُوُفِّيَت لثلاث مضين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة، عن خمس وعشرين سَنةً، وقد اختلف في مولدها، فقال المدائنيُّ: قبل النبوَّة بخمس سنين، وقال ابن السراج: سمعت عبيد الله بن محمَّد بن سليمان الهاشميَّ يقول: ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقال ابن عبد البرِّ: ذكر الزُّبَير أنَّ عبد الله بن حسن بن حسن دخل على هشام بن عبد الملك، وعنده الكلبيُّ، فقال هشامٌ لعبد الله بن حسن: يا أبا محمَّد؛ كم بلغت فاطمة من السنِّ؟ فقال: ثلاثين سَنةً، فقال هشام للكلبيِّ: كم بلغت؟ قال: خمسًا وثلاثين سَنةً، فقال هشام لعبد الله بن حسن: اسمع الكلبيَّ، يقول ما تسمع، وقد عني بهذا الشأن، فقال عبدُ الله بن حسن: يا أمير المؤمنين؛ سلني عن أمِّي، وسل الكلبيَّ عن أمِّه.

قوله: (وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ): (يُؤذِن): يُعلِم.

قوله: (وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ): قال ابن عبد البرِّ في ترجمة أبي بكر: وتخلَّف عن بيعته سعد بن عبادة، وطائفة من الخزرج، وفرقة بن قريش، ثُمَّ بايعوه بعد غير سعد، وقيل: إنَّه لم يتخلَّف عن بيعته يومئذٍ أحد من قريش، وقيل: إنَّه تخلف عنه من قريش عليٌّ، والزُّبَير، وطلحة، وخالد بن سعيد

[ج 2 ص 195]

بن العاصي، ثُمَّ بايعوه بعدُ، وقد قيل: إنَّ عليًّا لم يبايعه إلَّا بعد موت فاطمة، ثُمَّ لم يزل سامعًا مطيعًا له، يثني عليه ويفضِّلُه.

قوله: (لاَ تَدْخُلْ عَلَيْهِمْ): هو مجزوم بالنهي، كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة طارئة عليه (تدخلُ): مرفوعٌ نفيٌ.

(1/7662)

قوله: (وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ): هو بنونين الثانية ساكنة، ثُمَّ فاء مفتوحة، ثُمَّ سين مهملة؛ أي: لم نحسدك، ولم نرك أهلًا له، قال أبو عبيد: نفست عليه بالشيء نفاسة؛ إذا لم تره أهلًا له، والتنافسُ أيضًا: التباغض والتحاسد.

قوله: (اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ)؛ أي: انفردت بالأمر دوننا واختصصت به.

قوله: (وَكُنَّا نَرَى): هو بفتح النون، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ): (شجر): بالشين المعجمة المفتوحة، والجيم، والراء؛ أي: ما وقع بيني وبينكم من الاختلاف، يقال: شجر الأمر يشجرُ شجورًا؛ إذا اختلط، واشتجر القوم وتشاجروا؛ إذا تنازَعُوا واختلفوا.

قوله: (فَلَمْ آلُ): هو بمدِّ الهمزة، وضمِّ اللام المخفَّفة؛ أي: أُقصِّر.

قوله: (مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّة لِلْبَيْعَةِ): (العشيَّة): تَقَدَّم الكلام عليها فيما مضى، ويجوز فيها هنا الرفع ونصبها، قال الجوهريُّ: العشيُّ والعشيَّة: من صلاة المغرب إلى العتمة، والعِشاء؛ بالكسر والمدِّ: مثل العشيِّ، وزعم قوم أنَّ العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، وأنشدوا ... ؛ فذكر بيتًا، والله أعلم.

قوله: (رَقَى [3] الْمِنْبَرَ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (رقي)، وعليها (صح)، وهذه اللغة الفصحى، وما في الأصل لغة، ويجوز (رقأَ)؛ بالهمز، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَعُذْرَهُ): هو بضمِّ العين، وإسكان الذال المعجمة، وعن أبي ذرٍّ فعلٌ ماضٍ، و (العذر) المشار إليه هو ما ذكره عبد الرزَّاق، عن مَعْمَر، عن أيوب، عن عكرمة قال: (لمَّا بويع لأبي بكر؛ تخلف عليٌّ عن بيعته، وجلس في بيته، فلقيه عمر، فقال: تخلَّفت عن بيعة أبي بكر، فقال: إنَّي آليت بيمين حين قبض رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ألَّا أرتدي بردائي إلَّا إلى الصلاة المكتوبة حتَّى أجمع القرآن، فإنَّي خشيت أن يتفلَّت، ثُمَّ خرج، فبايعه)، والظاهر من القصَّة أنَّ عذره هو الذي ذكره هنا في الحديث، والله أعلم، وذاك أيضًا عذر.

قوله: (نَفَاسَةً): هو منصوب منوَّن في أصلنا، وكأنَّه على التمييز، وتقديره: ولم يحمله صنعُه نفاسةً، ويجوز أن يكون مفعولًا من أجله، وهذا أحسنُ، ورفعه مع التنوين فاعلٌ أظهر، والضمير في (يحمله): مفعول، والله أعلم، وكذا قوله: (وَلاَ إِنْكَارًا): هو منصوب منوَّن، والعمل فيه أنَّه تمييز، أو مفعول من أجله، وكذا رأيته منصوبًا في طرَّة نسخة، ولم يُصرَّح بأنَّه نسخة، والله أعلم.

قوله: (كُنَّا نَرَى): هو بفتح النُّون، ورأيته في نسخة كذلك، ولكن لم يُصرَّح بأنَّه نسخة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا): (استُبِد): بضمِّ التاء، وكسر الموحَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد تَقَدَّم معنى (الاستبداد) أعلاه.

قوله: (فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا): (وجدنا): غضبنا.

قوله: (فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ): (سُرَّ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (المسلمون): نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[1] في (أ): (معناه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/7663)

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).

[3] زيد في «اليونينيَّة»: (على)، وقد ضُرِب عليها في (ق).

(1/7664)

[حديث: لما فتحت خيبر قلنا: الآن نشبع من التمر]

4242# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ بَشَّارًا بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار الحافظ، و (حَرَمِيٌّ): مشدَّد الياء؛ كالنسبة إلى الحرم، وهو حرميُّ بن عُمَارة _بضمِّ العين، وتخفيف الميم_ بن أبي حفصة نابت _بالنون في أوله_ ويقال: ثابت _بالثاء المثلثة في أوَّله_ العتكيُّ مولاهم، عن هشام بن حسَّان، وأبي خلدة، وشعبة، وعنه: بُنْدَار، وهارون الحمَّال، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (201 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (عُمَارَةُ): شيخ شعبة بضمِّ العين، وتخفيف الميم، وهو عمارة بن أبي حفصة الذي تَقَدَّم ولده قبل ذلك، وهو مولى المهلَّب، عن أبي مجلز، وأبي عثمان النهديِّ، والطبقة، وعنه: شعبة، ويزيد بن زريع، وعليُّ بن عاصم، ولم يدركه ابنه حرميٌّ، تُوُفِّيَ سنة (132 هـ)، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وثَّقه أحمد وجماعة.

قوله: (لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ): (فُتِحت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (خيبرُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

(1/7665)

[حديث: ما شبعنا حتى فتحنا خيبر]

4243# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ): قال الجيانيُّ في «تقييده»: وقال _يعني: البُخاري_ في (سورة الزمر): حدَّثني الحسن، أخبرني إسماعيل بن خليل، حدَّثنا عبد الرَّحمن بن سليمان، عن زكريَّا، عن عامر، عن أبي هريرة مرفوعًا: «إنَّي أوَّل من يرفع رأسه .. »؛ الحديث، وقال في (غزوة خيبر): (حدَّثنا الحسن، حدَّثنا قرَّة بن حبيب)؛ فذكر هذا المكان، قال الحاكم أبو عبد الله: هو الحسن بن شجاع الثلجيُّ إن شاء الله أو ألبتَّة، وقال أحمد ابن حنبل: الحسن عن إسماعيل بن خليل: إنَّه الحسن بن شجاع أبو عليٍّ الثلجيُّ، وكان يقول في الحسن عن قرَّة بن حبيب المذكور في (غزوة خيبر): هو الحسن بن محمَّد بن الصباح الزعفرانيُّ، وكذلك نسبه أبو عليٍّ ابن السَّكَن في نسخته)، انتهى، وقد كتب تحت (حدَّثنا الحسن) في أصلنا بعضُ فضلاء الحنفيَّة: (يقال: هو الزعفرانيُّ)، والظاهر أنَّه أخذه من الدِّمْياطيِّ، ثُمَّ إنَّي رأيت شيخنا الشارح نقله كذلك عن خطِّ الدِّمْياطيِّ، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في المكان الذي في (الزمر): (قيل: إنَّ الحسن هذا هو ابن شجاع الثلجيُّ الحافظ)، انتهى، ولم يقيِّده في الحديث الذي نحن فيه، بل قال: (الحسن عن قرَّة)، وقال الذهبيُّ في «تذهيبه» _وهو في أصله_ ما لفظه: (الحسن عن قرَّة بن حبيب، وعنه: البُخاريُّ، قيل: هو ابن محمَّد الزعفرانيُّ).

==========

[ج 2 ص 196]

(1/7666)

[باب استعمال النبي على أهل خيبر]

(1/7667)

[حديث: لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبًا ... ]

4244# 4245# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك بن أنس، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا فتح الياء، و (أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان، وتَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (اسْتَعْمَلَ رَجُلًا [1] عَلَى خَيْبَرَ): سيأتي في (الاعتصام): (بعث أخا بني عديٍّ الأنصاريَّ، واستعمله على خيبر)، وسيأتي قريبًا: (بعث أخا بني عديٍّ من الأنصار)، وهو سواد بن غَزيَّةَ بن وهب، من بليٍّ، حليف بني عديِّ بن النجَّار، وهو الذي طعنه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بمخصرة، ثُمَّ أعطاه إيَّاها، فقال: «استقد»، وسَوَاد بن غَزيَّةَ: بفتح السين، وتخفيف الواو، وقيل: إنَّ الرجل المبعوث على خيبر مالك بن صعصعة الخزرجيُّ، وقد تَقَدَّم في (البيع) من هذا التعليق، وينبغي أن يقال في الحديث الذي فيه: (بعث أخا بني عديٍّ): أن لا يجيء خلاف في أنَّه سواد بن غَزيَّةَ، وإنَّه إذا جاء: (بعث رجلًا من الأنصار)، أو (استعمل رجلًا من الأنصار)؛ أن يجيء فيه: هل هو سواد أو مالك؟ والله أعلم.

[ج 2 ص 196]

قوله: (بِتَمْرٍ جَنِيبٍ): هو بفتح الجيم، وكسر النون، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ موحَّدة، قال ابن قُرقُول: قال مالك: هو الكبيس، وقال غيرُه: كلُّ تمر ليس بمختلط خلاف الجمع، وقال الطحاويُّ وابن السكن: هو الطيِّب، وقيل: المَنِين، انتهى، والمَنِين: الضعيف.

قوله: (إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ): تَقَدَّم أنَّ (الصاع): أربعة أمداد، وأنَّ المدَّ: رطل وثلث برطل بغداد، وتَقَدَّم الخلاف في رطل بغداد، والله أعلم.

قوله: (الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، بِالثَّلاَثَةِ)؛ أي: ونأخذ الصاع بالثلاثة، وفي بعض طرقه: (والصاعين بالثلاثة)، وكأنَّه تارة يكون التمر دقلًا، فنأخذ الصاع بالثلاثة من هذا، وتارة يكون أجود من الدقل، فنأخذ الصاع بالصاعين منه، والله أعلم، ويمكن حمل الرواية الأولى على ما جاء في بعض طرقه: (والصاعين بالثلاثة).

قوله: (بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ): (الجَمْع): بفتح الجيم، وإسكان الميم، وبالعين المهملة، قال ابن قُرقُول: كلُّ ما لا يعرف له اسم من التمر، وفسَّره في «مسلم»: (الخلط من التمر)؛ أي: المختلط، وحكى المطرِّز: أنَّ الجمع نخلُ الدقل، انتهى، والدَّقَل؛ بفتح الدال والقاف، وباللام: رديءُ التمر.

قوله: (جَنِيبًا): تَقَدَّم ضبط (الجنيب) ومعناه أعلاه.

(1/7668)

4246# 4247# قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو الدراورديُّ، أخرج له الجماعة، غير أنَّ البُخاريَّ قرنه بغيره كما هنا، فإنَّه قرنه بمالك، وهذا قرن أيضًا، قال ابن معين: هو أحبُّ إليَّ من فليح، وقال أبو زرعة: سيِّئ الحفظ، تُوُفِّيَ سنة (187 هـ)، وقد علَّق عنه هنا تعليقًا مجزومًا به، فهو صحيح عنده إلى عبد العزيز، وعبد العزيز ليس من شرطه، وله ترجمة في «الميزان»، و (عَبْدُ الْمَجِيدِ) بعده: هو عبد المجيد بن سُهيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، وهو المذكور في السند الذي قبله، عن ابن المُسَيّب، وأبي صالح، وعنه: مالك، والدراورديُّ، ثِقةٌ، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (سَعِيدٌ) بعده: هو ابن المُسَيّب، و (أَبُو سَعِيْدٍ): هو الخدريُّ سعد بن مالك بن سنان، تَقَدَّم أعلاه، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ).

قوله: (بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ [2] مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى خَيْبَرَ): تَقَدَّم في آخر ظاهرها الكلام عليه، فانظره، وأنه سواد بن غَزيَّةَ، وتَقَدَّم قبل ذلك أيضًا.

قوله: (وَعَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [3]: مِثْلُهُ): هذا معطوف على التعليق الذي قبله، وليس معطوفًا على السند المُتَّصِل الذي قبلَ قبلِهِ؛ فاعلمه، وتَقَدَّم أعلاه أنَّ (عَبْدَ الْمَجِيدِ): هو ابن سهيل بن عبد الرَّحمن بن عوف، و (أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان، إمامٌ ثِقةٌ، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّم أعلاه اسمه واسم أبيه، وقبله مرارًا.

قوله: (مِثْلُهُ): هذا مرفوعٌ؛ لأنَّ الجارَّ والمجرور وهو (وعن عبد المجيد): خبرٌ مقدَّم، و (مثلُه): مبتدأ، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (الرجل: اسمه سَواد، [وهو] بتخفيف الواو، وكل سواد في العرب بتخفيف الواو إلا عمرو بن سَوَّاد أحد بني عامر [بن لؤي من] شيوخ الحديث، [وسُوَاد]؛ بضم السين، وتخفيف الواو، وهو [ابن مري] بن إراشة من قضاعة).

[2] في هامش (ق): (هو سواد بن غزية المذكور من بلي، حليف بني عدي، هو الذي طعنه النَّبيّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بمخصرة، ثم [أعطاه إياها]، فقال: «استقد»).

[3] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (وأبي سعيدٍ).

(1/7669)

[باب معاملة النبي أهل خيبر]

قوله: (بابُ مُعَامَلَة النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ): (أهل): منصوب مفعول المصدر؛ وهو (معاملة)، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 197]

(1/7670)

[حديث: أعطى النبي خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها]

4248# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (جُوَيْرِيَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه جويرية بن أسماء، تَقَدَّم مترجمًا.

(1/7671)

[باب الشاة التي سمت للنبي بخيبر]

قوله: (الشَّاةُ الَّتِي سُمَّتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (سُمَّت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/7672)

[حديث: لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله شاة فيها سم]

4249# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، الجواد، و (سَعِيدٌ) بعده: هو المقبريُّ.

تنبيهٌ: من يقال له: سعيد، وروى عن أبي هريرة في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: سعد _ويقال: سعيد_ مولى خليفة، وسعيد بن الحارث بن أبي سعيد بن المعلَّى الأنصاريُّ، وسعيد بن أبي الحسن البصريُّ، وسعيد بن حيَّان والد أبي حيان التيميُّ، وسعيد بن أبي سعيد المقبريُّ صاحب الحديث الذي نحن فيه، وهو أكثرهم حديثًا عنه، ما خلا ابن المُسَيّب؛ فإنَّه أكثر منه، وسعيد بن سمعان المدنيُّ مولى الزُّرقيين، وسعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي القرشيُّ، وسعيد بن مرجانة المدنيُّ، وسعيد بن المُسَيّب، وسعيد بن ميناء، وسعيد بن أبي هند المدنيُّ، وسعيد بن يسار أبو الحُباب المدنيُّ، وسعيد أبو عثمان التبَّان مولى المغيرة بن شعبة، فرحم الله الأئمَّة الأعلام الحفَّاظ الذين يُميزون حديث كلِّ واحد منهم من الآخر، ورضي الله عنهم أجمعين، وأنفعنا بهم وبعلمهم.

قوله: (لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ [1]): (فُتِحت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (خيبرُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ): (أُهدِيَت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شاةٌ): مرفوع منوَّنٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

فائدةٌ: الذي سمَّ هذه الشاة هي امرأة يقال لها: زينب بنت الحارث بن سلَّام، وقال أبو داود: أخت مرحب اليَهوديِّ، وقد جاء ذلك في «مغازي موسى بن عقبة»، و «الدلائل» للبَيهَقيِّ، وقال ابن إمام الجوزيَّة شمس الدين: زينب بنت الحارث اليَهوديَّة امرأة سلَّام بن مشكم، انتهى وسأذكر في (الطبِّ) من عند الواقديِّ: أنَّه عَلَيهِ السَّلام أُتِيَ بها، فقال: «ما حملك على ذلكِ؟» فذكرت جوابًا أذكره إن شاء الله تعالى في أواخر (الطبِّ).

تنبيهٌ: في «نهاية ابن الأثير» في (حدث): (لم يقتل من نسائهم إلَّا امرأة واحدة كانت أحدثت حدثًا) قيل: حدثها _يعني: المرأة التي قتلها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من بني قريظة_ أنَّها سمَّت النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، انتهى، وهذا غريبٌ، والمرأة التي قُتلت من بني قريظة سمَّاها الثعلبيُّ في «تفسيره»: (مُزنة) عن الواقديِّ، وسمَّاها ابن سيِّد الناس في «سيرته»: (بُنانة، امرأة الحكم القرظيِّ)، قال ابن هشام: هي التي ألقت على خلاد بن سويد الرحى، فقتلته، وكذا سمَّاها ابن عبد البرِّ: بُنانة التي ألقت الرحى على خلاد، وأين بنو قريظة من قصَّة خيبر؟!

وقد اختلف في التي [2] سمَّته عَلَيهِ السَّلام، فقال ابن إسحاق: صفح عنها، وروى أبو داود: (أنَّه قتلها)، وهذا في «المستدرك» في ترجمة بشر بن البراء بن معرور، وقال: على شرط مسلم، وعن «شرف المصطفى»: أنَّه قتلها وصلبها،

[ج 2 ص 197]

(1/7673)

ووجه الجمع بين رواية: (صفح عنها) و (قتلها): أنَّه عَلَيهِ السَّلام صفح عنها أوَّلًا؛ لأنَّه كان لا ينتقم لنفسه، فلمَّا مات بشر بن البراء بن معرور من تلك الأكلة؛ فقتلها به قصاصًا، وذلك أنَّ بشرًا لم يزل معتلًّا من تلك الأكلة، حتَّى مات بعد حول، ويقال: مات في الحال، قال القُرْطبيُّ: لم يبرح من مكانه حتَّى مات، فقتلها به، وهذا معنى كلام غيره أيضًا.

غريبةٌ: روى مَعْمَر بن راشد في «جامعه» عن الزُّهريِ أنَّه قال: أسلمت، فتركها عَلَيهِ السَّلام، قال مَعْمَر: هكذا قال الزُّهريُّ: أسلمت، والناس يقولون: قتلها، وإنَّها لم تسلم، وفي «الشفا» للقاضي عياض رحمه الله في أواخره ما لفظه: أو يكون هذا مما آذاه به كافر، وقد جاء بعد ذلك إسلامه؛ كعفوه عن اليَهوديِّ الذي سحره، وعن الأعرابيِّ الذي أراد قتله، وعن اليَهوديَّة التي سمَّته، وقد قيل: إنَّه قتلها، انتهى.

فظاهر هذا أنَّ بعضهم قال في اليَهوديَّة: إنَّها أسلمت، وهذا قدَّمتُه عن الزُّهريِّ، ولكنَّ الذي نقله القاضي عن اليَهوديِّ الذي سحره أنَّه أسلم لا أستحضره أنا إلَّا من كلام القاضي، وقد تَقَدَّم ما وقع في بعض نسخ «الشفا»، فإنَّه ينفي أنَّه أسلم.

وفي «جامع مَعْمَر» أيضًا: أنَّ أمَّ بشر بن البراء قالت لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في المرض الذي مات فيه: يا رسول الله؛ فإنَّي لا أتَّهم لبِشْرٍ إلَّا الأكلة التي أكلها معك بخيبر، فقال: «وأنا لا أتهم بنفسي إلَّا ذلك».

قوله: (فِيهَا سَمٌّ [3]): (السم): مثلَّث السين، والكسر أردؤها، وأفصحُها: الفتح، ويليه الضمُّ، وأنكر الكسر.

فائدةٌ: استشهد من المسلمين خمسة عشر بخيبر ذكرهم ابن سيِّد الناس مسمَّين منسوبين في «سيرته»، وقُتِل من اليهود ثلاثة وتسعون، وفي غزوة خيبر حرَّم لحوم الحمر الأهليَّة، وأباح الخيل، ونهى عن أكل ذي ناب من السباع، ونهى عن بيع المغانم حتَّى تقسم، وألَّا توطأَ جارية حتَّى تستبرأ، وعن متعة النساء، وقد قدَّمتُ أنَّ هذا غلطٌ، وفي هذه الغزوة سمَّته زينب بنت الحارث امرأة سلَّام بن مشكم، فجرى لها ما قد ذكرته قريبًا، وقد أمر عَلَيهِ السَّلام بلحم الشاة فأُحرِق، وفيها في مرجعها نام عن الفجر، وقد تَقَدَّم ذلك، وبعضُهم قال: نام ثلاث مرَّات أو مرتين عن الفجر، وقدَّمتُ أنَّ الصحيح هذه المرَّة [4] بوداي القرى مرجعه من خيبر.

فائدةٌ: اختلف في فتح خيبر هل كان عنوة أو صلحًا، أو جَلَا أهلها بغير قتال، أو بعضها صلحًا، وبعضها عنوة، وبعضها جلا عنه أهلها رُعبًا.

قال مغلطاي: وعلى ذلك تدلُّ السنن الواردة، وقسمها نصفين؛ الأوَّل: له وللمسلمين، والثاني: لمن نزل به من الوفود والنوائب، انتهى، والله أعلم، وسأذكر ما فتح من البلاد التي وقفت عليها عنوة أو صلحًا في (فتح مَكَّة) إن شاء الله تعالى.

==========

(1/7674)

[1] في هامش (ق): (اختلف الناس في فتح خيبر متى كان؛ فقال ابن عبد البر: الصحيح أنَّها فتحت كلها عَنْوة، ثم قال: وأمَّا مَن قال: إنَّ خيبر كان بعضها صُلحًا وبعضها عنوة؛ فقد وَهِم وغَلِط، ثم قال: ولم [يختلف] العلماء أنَّ أرض خيبر مقسومة، وإنَّما اختلفوا هل تقسم إذا غُنمت وفتحت عنوة؛ فقال الكوفيون: الإمام مخير [بين قسمتها]، كما فعل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بأرض خيبر، وبين [إيقافها] كما فعل عمر بسوادِ العراق، [وقال الشافعيُّ]: تقسم الأرض كلها كما [قسم رسول الله]، وقال مالك: توقف على [المسلمين] لبيت مالهم كما فعل [عمر، وقال] أبو عُبيد في كتاب [«الأموال»: قسم] رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم خيبر أثلاثًا إلا ثلاث: [السلالم]، والوطيح، والكثيبة؛ [فإنه تركها] لنوائب المسلمين [وما يعروهم]، وفي هذا تقوية لمن [يخير الإمام في أرض العنوة].× فائدة: السلالم [والوطيح] حصنين، والكثيبة [من أرض] خيبر، فيها أربعون [ألف عرق]).

[2] في (أ): (الذي)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] في هامش (ق): (المرأة التي سمته بالشاة اسمها [زينب بنت] الحارث بن سَلَّام، وقال [أبو داود: وهي أخت مرحب اليهودي، وروى] أيضًا [مثل ذلك ابن إسحاق]، ووجه الجمع بين الروايتين: أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم صفح عنها أولًا؛ لأنَّه كان عليه السلام لا ينتقم لنفسه، فلما مات بشر بن البراء وكان أكل مع النَّبيّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ قتلها، وذلك أنَّ بشرًا لم يزل معتلًا من تلك الأكلة حتى مات منها بعد حول، وقال صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عند موته: «ما زالت أكلة خيبر تعادني»؛ أي: تعتادني المرة بعد المرة، وروى معمر بن [راشد] عن الزهريِّ: أنَّها [أسلمت فتركها]).

[4] في (أ): (المراة)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/7675)

[باب غزوة زيد بن حارثة]

قوله: (بابُ غَزْوَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ): ما أدري ما أراد الإمامُ الحافظ شيخ الإسلام البُخاريُّ بهذه الغزوة، فإن قيل: إنَّه أراد غزوة مؤتة؛ فغزوة مؤتة تأتي، وهي في سنة ثمان، وإن أراد غيرها؛ فقد بعثه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أميرًا على عدَّة سرايا، والذي يحضرني الآن منها: الفَرْدة؛ اسم ماء، ومنها: سريته إلى بني سُلَيم بالجَموم، ومنها: سريَّته إلى العِيص، ومنها: سريَّته إلى الطَّرَف، ومنها: سريَّته إلى حِسْمَى، ومنها: سريَّته إلى وادي القرى، ومنها: سريَّته إلى مدين، ومنها: سريَّته إلى أمِّ قِرْفة، وتواريخ هذه السرايا معروفة في كتب المغازي، وكونها جعلها البُخاريُّ بعد خيبر، فلا أعلم أرسله عَلَيهِ السَّلام بعد خيبر إلى مكان أميرًا إلَّا لمؤتة، والسرايا التي ذكرتها إنَّما كانت قبل خيبر، فينظر ما أراد البُخاريُّ بهذه الغزوة، والله أعلم.

(1/7676)

[حديث: إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله]

4250# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان، شيخ الحفَّاظ، تَقَدَّم مترجمًا، و (سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو الثوريُّ، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق، وليس في رواة الكُتُب السِّتَّة (سفيان بن سعيد) سواه، فهو فرد فيها.

قوله: (أَمَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ عَلَى قَوْمٍ): (أمَّر): بفتح الهمزة، وبالميم المشدَّدة [1]، واعلم أنَّ هذه السريَّة التي أمَّر عَلَيهِ السَّلام عليها أسامة بن زيد بن حارثة، وطُعِن في إمارته هي سريَّته إلى أُبنى من أرض الشراة ناحية البلقاء، والشَّراة؛ بفتح الشين المعجمة: جبلٌ شامخ من دون عسقلان، قالوا: لمَّا كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من مهاجَره صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ أمر عَلَيهِ السَّلام الناس بالتهيُّؤ لغزو الروم، وسأذكر ذلك في مكانه، وقد عُدَّ في الخارجين معه أبو عُبيدة، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وقتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم بن حَريش، فتكلَّم قوم _من المتكلِّمين: عباس بن أبي ربيعة، كما تَقَدَّم_ وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأوَّلين؟! فغضب رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم غضبًا شديدًا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثُمَّ قال: «أمَّا بعد؛ أيُّها الناس؛ فما قالةٌ بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة؟! ولئن طعنتم في إمارتي أسامة؛ فقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله ... » إلى آخر ذلك، وسأذكره قُبَيل (التفسير) مطوَّلًا إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قال السهيليُّ: طَعَن في إمارته أهلُ الريب، فقال صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ما قال ... ؛ فذكره، قال: وإنَّما طعنوا في إمارته؛ لأنَّه مولًى مع حداثة سنِّه؛ لأنَّه كان إذ ذاك ابن ثماني عشرة سنة، وكان رضي الله عنه أسود الجلدة، وكان أبوه أبيض صافي البياض، نزع في اللون إلى أمِّه بركة؛ وهي أمُّ أيمن، انتهى.

قوله: (إِنْ تَطْعنُوا): هو بضمِّ العين وفتحها، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (وَايْمُ اللهِ): أنَّه بهمزة وصل، وقيل: قطع، وقد تَقَدَّم معناها، و (خَلِيقًا): بفتح الخاء المعجمة، وكسر اللام، وبالقاف؛ أي: حقيقًا وجَدِيرًا.

==========

[1] في (أ): (المشدَّد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 198]

(1/7677)

[باب عمرة القضاء]

(بابُ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ [1]) ... إلى (بابُ غَزْوَة الْفَتْحِ)

إن قلت: لم ذكرها الإمام البُخاريُّ في (المغازي)؟

قلت: لأنَّها تضمنت ذكر المصالحة مع المشركين بالحُدَيْبيَة.

تنبيهٌ: لم يذكر من أين أحرم صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في عُمرة القضاء، وقد رأيت في «مناسك محبِّ الدين الطبريِّ» الحافظ العلَّامة الفقيه عن جابر رضي الله عنه: (أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أحرم فيها من باب المسجد؛ لأنَّه سلك طريق الفُرع، ولولا ذلك؛ لأهلَّ من البيداء)، ولم يعزُ هذا الحديث لأحد، والله أعلم، ورأيت في كلام شيخنا الشارح هنا في «شرحه» قال: قلتُ: (وأحرم من باب المسجد بذي الحليفة، ولبَّى، والمسلمون معه يلبُّون)، انتهى؛ فانظر ذلك.

وقد تَقَدَّم الكلام على عمرة القضاء مع عُمَرِه عَلَيهِ السَّلام، وأنَّهنَّ أربع، ويقال لعمرة القضاء: عمرة القصاص، وعمرة القضيَّة، وعمرة القصاص أولى بها؛ لقوله تعالى: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: 194]: نزلت فيها.

وقد اختلف في تسمية هذه العمرة بعمرة القضاء؛ هل هو لكونها قضاءً للعمرة التي صُدُّوا عنها، أو من المقاضاة، أم عمرة مستأنفة؟ على قولين للعلماء، وهما روايتان عن الإمام أحمد؛ أحدهما: أنَّه قضاء، وهو مذهب أبي حنيفة، وقال النوويُّ: وقيل لها عمرة القضاء والقضية؛ لمقاضاة سُهيل بن عمرو، لا لأنَّها قضاء عمرة سنة ستٍّ، بل لما ذكرنا، قد وقعت عمرة سنة سبع فرضًا، وأمَّا سنة ستٍّ؛ فحُسِبت عمرة في الثواب، انتهى.

والقول الثاني: ليست بقضاء، وهو قول مالك، والذين قالوا: إنَّها كانت قضاء احتجُّوا بأنَّها سُمِّيت عمرةَ القضاء، وهذا الاسم تابع للحكم، وقال الآخرون هنا: من المقاضاة؛ لأنَّه قاضى أهل مَكَّة عليها، لا من قضى يقضي قضاء، قالوا: ولهذا سُمِّيت عمرة القضيَّة.

[ج 2 ص 198]

قالوا: والذين صُدُّوا عن البيت كانوا ألفًا وأربع مئة على أكثر الأقوال، وهؤلاء كلُّهم لم يكونوا معه في عُمرة القضاء، ولو كانت قضاء؛ لم يتخلَّف منهم أحد، وصُحِّح هذا القولُ؛ لأنَّه عَلَيهِ السَّلام لم يأمر من كان معه بالقضاء، وقد خرج عَلَيهِ السَّلام لعمرة القضاء في ذي القعدة من السنة السَّابعة، وقد ذكر ابن سعد: أنَّ المعتمرين بها كانوا ألفين؛ هم أهل المدينة ومن انضاف إليهم إلَّا من مات أو استُشهِد بخيبر، والله أعلم.

تنبيه: قال ابن سيِّد النَّاس ومغلطاي: وساق معه عَلَيهِ السَّلام ستِّين بدنة، انتهى، ذكر ذلك في (عُمرة القضيَّة)، وقد تَقَدَّم أنَّ في الحُدَيْبيَة ساق معه سبعين بدنة، والله أعلم.

(1/7678)

[حديث: لما اعتمر النبي في ذي القعدة فأبى أهل مكة ... ]

4251# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى): هذا هو عبيد الله بن موسى العبسيُّ، أبو محمَّد، أحد الأعلام على تشيُّعه وبدعته، وعنه: البُخاريُّ، والدارميُّ، وعبد بن حُمَيد، والحارث بن أبي أسامة، والناس، تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة (223 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو ثِقةٌ في نفسه، له ترجمة في «الميزان»، و (إِسْرَائِيل) بعده: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيُّ، وجدُّه (أبو إِسْحَاق): عَمرو بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا كثيرةً.

قوله: (فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ): تَقَدَّم في (الشروط) أنَّ الكاتب يومئذٍ هو عليُّ بن أبي طالب، وقدَّمتُ هناك من كَتَبَ له عَلَيهِ السَّلام من الصَّحابة الوحيَ والرَّسائلَ، وذكرت أنَّ المواظب عليها زيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان، وهذا بعد الفتح.

قوله: (امْحُ رَسُولَ اللهِ): (رسول): منصوب مفعول، ويجوز رفعه على الحكاية، والله أعلم، و (امحُ): هو بضمِّ الهمزة إذا ابتدأت بها، وضمِّ الحاء، ويجوز فيه [1] فتحُ الحاء، فإذا ابتدأت به؛ كسرت همزته، وذلك لأنَّه يقال: محاه يمحوه، ومحاه يمحيه، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): معناه: أمر، وقد تَقَدَّم الكلام في كتابته صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يوم الحُدَيْبيَة، وأنَّ الصواب أنَّه لم يكتب، وكلام الناس في ذلك في (الشروط) مطوَّلًا؛ فانظره.

تنبيه: قال القاضي عياض في «الشفا» في (فصل ومن معجزاته الباهرة) ما لفظه: وقولُه في الحديث الآخر الذي يروى عن معاوية رضي الله عنه: إنَّه كان يكتب بين يديه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: «ألقِ الدَّواة، وحرِّف القلم، وأقمِ الباء، وفرِّق السين، ولا تعوِّر الميم، وحسِّن (الله)، ومدَّ (الرَّحمن)، وجوِّد (الرحيم)»، وهذا وإن لم تصحَّ الرواية أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم كتب، فلا يبعد أن يُرزَق علم هذا، ويُمنَع الكتابة والقراءة، انتهى، ففي هذا أنَّ رواية: (فكتب) غير صحيحة، ولعلَّه أراد من حيث إنَّه لم يُرَد بها حقيقةُ الكتابة إنَّما أراد بـ (كتب) المجاز؛ أي: فأمر الكاتب، فكتب، والله أعلم، وقد تَقَدَّم ذلك أيضًا.

(1/7679)

قوله: (أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا): قال الدِّمْياطيُّ: (القائل: «اخرج عنا» حويطب بن عبد العزَّى أحد بني عامر، انتهى، وما قاله هذا الحافظ معروف مشهور في السِّير، وقد رأيتُه في «مستدرك الحاكم» في ترجمة ميمونة، ولفظه: (فأتاه حويطب بن عبد العزَّى في نفر من قريش، فقالوا: إنَّه قد انقضى أجلك، فاخرج عنَّا)، وقال ابن سيِّد الناس: (فلمَّا تمَّت الثَّلاثة الأيَّام التي هي أمد الصُّلح؛ جاء حويطب بن عبد العزَّى ومعه سُهَيل بن عمرو إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عن المشركين بأن يخرج عن مَكَّة، ولم يمهلوه حتَّى يبني على ميمونة، فخرج رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وبنى بها بسرف)، انتهى، وحويطب هذا كان من المؤلَّفة، وشهد حُنينًا، ثُمَّ حُمد إسلامه، وعَمِّر مئة وعشرين سَنةً، وقد ذكرته فيما مضى، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وسُهَيل ذكرته فيما مضى في (الشروط)، وأنَّه أسلم في الفتح.

قوله: (فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ): (ابنة حمزة) هذه: اختُلِف فيها؛ فقيل: أمامة، أو أمة الله، أو أمُّ الفضل، أو سَلْمى، حكاهنَّ بعضُهم، أو عمارة وأمُّ الفضل كنية، أو فاطمة، قاله أبو نعيم وابن طاهر، قال المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: (فاطمة درجت صغيرة، وهذه التي تخاصموا فيها أمامة، روت بنت حمزة حديثًا واحدًا في ميراث مولاها، وقد تَقَدَّم هذا الخلاف في (الصلح)، وقال ابن الجوزيِّ: المُخاصَم فيها أمامةُ بنت حمزة، وقال النَّوويُّ في «تهذيبه»: اسمها فاطمة أو عُمارة، وقيل: أمامة، وقال شيخنا هنا: واسمها أمامة على أحد الأقوال السِّتَّة فيها، أو أمة الله، أو سَلمَى، أو عمارة، أو فاطمة، انتهى، فهذه خمسٌ لا ستٌّ، والله أعلم، وعمارة ولد ذكر، والله أعلم، وقد ذكر بعض حفَّاظ العصر من المِصْريِّين: أنَّ اسمها أمامة على المشهور، انتهى.

قوله: (فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ): أمَّا (عليٌّ)؛ فهو ابن أبي طالب أشهر من أن يُذكَر، و (جعفر): هو أخوه لأبويه، و (زيد): هو ابن حارثة، مولى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، صحابة أجلَّاء مشهورون رضي الله عنهم.

قوله: (وَخَالَتُهَا تَحْتِي [2]): (خالتها): هي أسماء بنت عميس، وقد تَقَدَّم الكلام عليها، وعُميس بالسين المهملة تَقَدَّم، وأمَّا أمُّها؛ فهي سلمى بنت عميس، صحابيَّة أيضًا، وقد تَقَدَّم في (الصلح).

قوله: (وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي): قال الدِّمْياطيُّ: كان عَلَيهِ السَّلام آخى بمَكَّة بين مولاه زيد وعمِّه حمزة، انتهى، وهذا فيه وقفة، وقد ذكرت فيما مضى عن أبي العبَّاس ابن تيمية الحافظ ما يردُّه في (الصلح)، وأجبتُ عن هذا الحديث.

قوله: (وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي»): تَقَدَّم الكلام في الذين يُشبهونه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مُطوَّلًا في (الصلح)؛ فانظره، فإنَّه مكان حسن.

(1/7680)

قوله: (أَلاَ تَتَزَوَّجُ بِنْتَ حَمْزَةَ؟): هي هذه المُخاصَم فيها، والأصحُ: أنَّها أمامة، والله أعلم.

[ج 2 ص 199]

(1/7681)

[حديث: أن رسول الله خرج معتمرًا فحال كفار قريش بينه وبين البيت ... ]

4252# قوله: (حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ [1]): هذا بالسِّين المهملة، وفي آخره جيم، وهو سُرَيج بن النعمان، وقد قدَّمتُ أنَّ ثلاثة في «الصَّحيحين» يُقال فيهم كذلك: سُرَيج هذا، وسريج بن يونس، وأحمد بن أبي سريج، فأحمد روى عنه البُخاريُّ في «صحيحه»، وكذلك سريج بن النعمان، وذكر الجيَّانيُّ: أنَّ مسلمًا روى عن رجل عنه، وسُرَيج بن يونس له في «البُخاريِّ» و «مسلم»، والباقون: شريح؛ بالشين المعجمة، والحاء المهملة، والله أعلم، و (فُلَيْح) بعده: هو ابن سليمان العدويُّ، تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وسيأتي قريبًا منسوبًا إلى أبيه.

قوله: (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ): هذا هو أبو جعفر بن إشكاب الحافظ، عن أبي النَّضر وطبقته، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، ومحمَّد بن مخلد، عاش ثمانين سَنةً، ومات يوم عاشوراء سنة (261 هـ) [2]، أخرج له مِنْ أصحاب الكتب مَنْ روى عنه، قال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن أبي عاصم: ثبت، وقال ابن حِبَّان: صاحب حديث يتعسَّر.

و (أبوه): الحسين بن إبراهيم بن الحرِّ أبو عليٍّ البغداديُّ إشكاب، عن فليح، ومحمَّد بن راشد، وعنه: ابناه محمَّد وعليٌّ، وعبَّاس الدُّوريُّ، تُوُفِّيَ سنة (216 هـ)، أخرج له البُخاريُّ فقط هذا الحديث الواحد مقرونًا بغيره، قال ابن سعد: لزم أبا يوسف، فأنصر الرأي، ثُمَّ قعد عنهم، فلم يدخل في شيء من القضاء ولا غيره، ولم يزل ببغداد يؤتى في الحديث والفقه إلى أن مات.

قوله: (خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ [كُفَّارُ] قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ): كان هذا في عُمرة الحُدَيْبيَة في ذي القعدة سنة ستٍّ، وهذا مشهور، وتَقَدَّم أيضًا.

قوله: (فَنَحَرَ هَدْيَهُ): تَقَدَّم أنَّ الهدي في الحُدَيْبيَة كان سبعين بدنة، كما رواه مسلم، وكذا ذكره ابن إسحاق، كما قدَّمتُه.

قوله: (وَحَلَقَ رَأْسَهُ): تَقَدَّم أنَّ الذي حلق رأسَه المُكرَّم في الحُدَيْبيَة خِراش بن أُمَيَّة بن الفضل الخزاعيُّ؛ قاله ابن إسحاق عن الزُّهريِّ فيما بلغه.

قوله: (أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ): تَقَدَّم أنَّ الذي جاء في خروجه سهيلُ بن عمرو وحويطب بن عبد العزَّى قريبًا وبعيدًا.

==========

[1] في هامش (ق): (ابن النعمان).

[2] في (أ): (221)، والمثبت موافق لما في التراجم.

[ج 2 ص 200]

(1/7682)

[حديث: ما اعتمر النبي إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قطُّ]

4253# 4254# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّم مترجمًا، و (مَنْصُور) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المعتمر.

قوله: (ثُمَّ سَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ): الاستنان: الاستياك، وهو دلك الأسنان وحكُّها بما يجلوها.

قوله: (وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ): إنَّما قالت ذلك؛ لأنَّ ابن عمر قال في طريق أخرى: إنَّ إحداهنَّ في رجب، فردَّت عليه عائشة ذلك، وقد تَقَدَّم أنَّه غلِط في ذلك، وأنَّ غيره غلِط فقال: اعتمر في رمضان، وأنَّ غيرهما قال: إنَّه اعتمر في شوَّال، والله أعلم.

(1/7683)

[حديث: لما اعتمر رسول الله سترناه من غلمان المشركين ومنهم]

4255# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ الحافظ النَّاقد، وأنَّ (سُفْيَان) بعده ابن عيينة، وتَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى) ونسبه، وأنَّ أبا أوفى صَحابيٌّ أيضًا.

قوله: (لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ سَتَرْنَاهُ مِنْ غِلْمَانِ الْمُشْرِكِينَ وَمِنْهُمْ): هذه في القضيَّة سنة سبع في ذي القعدة، وهذا مشهور؛ فلا يُتوَّهم أنَّها الحُدَيْبيَة، أو الجعرَّانة مرجعه من حُنين.

(1/7684)

[حديث: قدم رسول الله وأصحابه فقال المشركون: إنه يقدم عليكم ... ]

4256# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): هو ابن تميمة السَّختيانيُّ أحد الأعلام.

قوله: (وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ): (وهنتهم)؛ أي: أضعفتهم، وقد وهن الإنسان يَهِنُ ووهَنه غيرُه وهنًا، وأوهنه ووهَّنه، وقد تَقَدَّم ذلك في (الصَّلاة في الكعبة)، واختلاف الرواة في (وَفْدٌ وهَنَتْهُم)، و (يثرب): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّه يُكرَه تسميةُ المدينة بيثربَ.

قوله: (أَنْ يَرْمُلُوا): (الرَّمَل): تَقَدَّم أنَّه سرعة المشي مع تقارب الخطا، وهو ثلاثيُّ (رَمَلَ)، مفتوح الأوَّل في المضارع.

قوله: (الأَشْوَاطَ): هو جمع (شوط)، والمراد به: المرَّة الواحدة من الطَّواف حول البيت، وهو في الأصل: مسافة من الأرض تعدوها الفرس؛ كالميدان ونحوه، والله أعلم، وقد تَقَدَّم الكلام على مَنْ كره أن تسمَّى الطَّوفة شوطًا في الحجِّ، والصَّحيح عدم الكراهة.

قوله: (إِلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ): (الإبقاء): مرفوع استثناء مفرَّغ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَزَادَ ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ): (ابن سلمة): هو حمَّاد بن سلمة، وهذا ظاهرٌ، وقد ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه»، فقال: زاد حمَّاد بن سلمة عن أيُّوب ... ؛ فذكره، وما زاده حمَّاد بن سلمة لم أره به في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.

تنبيه: وقع في خطِّ شيخنا أبي جعفر الغرناطيِّ في نسخته هنا: (زاد ابن مَسلمة)؛ بزيادة ميم، وهو خطأ؛ فاحذره، والله أعلم.

وقد قدَّمتُ أنَّ (زاد) مثل: (قال)، وهذا تعليق مجزوم به؛ فهو صحيح إلى حمَّاد بن سلمة، وحماَّد هذا: علَّق له البُخاريُّ، ولم يَرْوِ له في الأصول، وقد تَقَدَّم أنَّه أحد الأعلام، يقال: ولاؤه لقريش، عن أبي عمران الجونيِّ، وسلمة بن كهيل، وابن أبي مُلَيْكَة، وعنه: شعبة ومالك، قال ابن معين: إذا رأيت من يقع فيه؛ فاتَّهمْه على الإسلام، وقال عمرو بن عاصم: كتبت عن حمَّاد بن سلمة بضعةَ عشرَ ألفًا، انتهى، قال الذَّهبيُّ: هو ثِقةٌ صدوق يغلط، وليس في قوَّة مالك، انتهى، له ترجمة في «الميزان»، تُوُفِّيَ سنة (167 هـ)، علَّق له البُخاريُّ كما قدَّمتُه، وأخرج له مسلم والأربعة، والله أعلم.

[ج 2 ص 200]

قوله: (قُعَيْقِعَانَ): هو بضمِّ القاف الأولى، وكسر الثانية، وفتح العين المهملة الأولى، وبعدها مثنَّاة تحت ساكنة: جبل بمَكَّة مشهور.

(1/7685)

[حديث: إنما سعى النبي بالبيت وبين الصفا والمروة ليري المشركين ... ]

4257# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البُخاريُّ_ في «الجزية»، و «عُمرة القضاء»، و «البقرة»: «حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا سفيان بن عيينة»، لم ينسب أحد من رواة الكتابِ محمَّدًا هذا فيما قيَّدناه عنهم، وقد قال في «الوضوء»: «حدَّثنا محمَّد: حدَّثنا سفيان بن عيينة»؛ فذكر حديث سهل في جرحه عَلَيهِ السَّلام يوم أُحُد، قال: وذكر أبو نصر محمَّد بن سلَام فيمن روى عن ابن عيينة) انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا، و (عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، و (عَطَاء): هو ابن أبي رَباح.

==========

[ج 2 ص 201]

(1/7686)

[حديث: تزوج النبي ميمونة وهو محرم]

4258# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم (وُهَيْبٌ): أنَّه بالتصغير، وأنَّه ابن خالد الباهليُّ مولاهم، الكرابيسيُّ الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة، أحد الأعلام، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (تَزَوَّجَ [1] مَيْمُونَةَ وَهْوَ مُحْرِمٌ): (ميمونة): هذه هي بنت الحارث الهلاليَّة أمُّ المؤمنين خالة ابن عبَّاس وخالد بن الوليد، وتَقَدَّم الكلام عليها، وتاريخ وفاتها، والكلام في أنَّه تزوَّجها وهو مُحرِم؛ كما في «البُخاريِّ» و «مسلم»، أو حلال، وهو الصَّحيح، وقد قدَّمتُ الجواب عن هذا الحديث فيما مضى مُطَوَّلًا، والله أعلم.

قوله: (وَبَنَى بِهَا وَهْوَ حَلاَلٌ): تَقَدَّم أنَّ (البناء) الدُّخولُ على الأهل، وما أصله فيما مضى، والله أعلم.

قوله: (وَمَاتَتْ بِسَرِفَ): تَقَدَّم ضبطها، وكم بُعدُها من مَكَّة، وتُوُفِّيَت سنة (51 هـ).

4259# قوله: (وَزَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ): هذا هو محمَّد بن إسحاق بن يسار الإمام في المغازي، تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ لم يخرِّج له في الأصول، وتَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل: (قال)، فإذن هذا تعليق مجزوم به؛ فهو صحيح عنده إلى ابن إسحاق، و (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): هو عبد الله بن أبي نجيح، تَقَدَّم، (وَأَبَانُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم أنَّ (أبان) الصحيحُ صرفُه، و (عَطَاء): هو ابن أبي رباح، قال شيخنا في «شرحه» عقيب قوله: (وزاد ابن إسحاق .. ) إلى آخره: هذا رُوِّيناه في «السيرة» من طريق زياد بن عبد الله عنه، انتهى، وأخرجه النَّسائيُّ في (الصوم) عن هنَّاد بن السَّريِّ، عن يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة، عن محمَّد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن عطاء ومجاهد؛ كلاهما عن ابن عبَّاس به، وكذا قال شيخنا في زيادة ابن إسحاق، وسلف في (الحجِّ) مسندًا من طريق النَّسائيِّ وغيره إليه.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم).

[ج 2 ص 201]

(1/7687)

[باب غزوة مؤتة من أرض الشام]

قوله: (بابُ غَزْوَة مُؤتَةَ [1] مِنْ أَرْضِ الشَّأْمِ): (مؤتة): بأدنى البلقاء من أرض الشام، وهي بالهمز، كذا يقولها الفرَّاء، وأكثرُ الرُّواة لا يهمزونها، قاله ابن قُرقُول، انتهى، واعلم أنَّ غزوة مؤتة كانت في جمادى الأولى سنة ثمان، وكان سببها أنَّه عَلَيهِ السَّلام بعث الحارث بن عمير الأزديَّ أحد بني لِهْبٍ إلى الشام إلى ملك الرُّوم، وقيل: إلى ملك بصرى، فعرض له شرحبيل بن عمرو الغسَّانيُّ، فأوثقه رِباطًا، ثُمَّ قدَّمه فضرب عنقه، ولم يقتل لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم رسول غيره، فاشتدَّ ذلك عليه حين بلغه الخبر عنه، فبعث الجيش المعروف لمؤتة، وكانوا ثلاثة آلاف، والكفَّار مئتي ألف، وقد قدَّمتُ الخلاف في عدد المسلمين والكفَّار في (الجنائز)؛ فانظره، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: مؤتة؛ بالهمز؛ وهي قرية من [أرض البلقاء] من الشام، وأمَّا موْتة؛ بلا همز: [شبه] الجُنون، وكانت هذه الغزوة في جمادى سنة ثمان، [وكان سببها: أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعث الحارث بن عمير الأزديَّ بكتابه إلى الشام إلى ملك الروم أو بصرى، فعرض له شرحبيل بن عَمرو الغسانيُّ، فأوثقه] رِباطًا، ثم قدم فضربت عنقه صبرًا، ولم يقتل لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم رسول غيره، فاشتدَّ ذلك حين بلغه الخبر عنه. «سيرة»).

[ج 2 ص 201]

(1/7688)

[حديث: أن ابن عمر أخبره أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل]

4260# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): قال الجيَّانيُّ: (قال البُخاريُّ في «الصلاة» في موضعين، وفي «الجنائز» في موضعين، وفي «العيدين»، وفي «الحجِّ» في ثلاثة مواضع، وفي «الجهاد»، و «المغازي»، و «بدء الخلق»، و «الأحقاف»: «حدَّثنا أحمد: حدَّثنا ابن وهب» نسبه ابن السكن في نسخته التي رُوِّيناها من طريق محمَّد بن أسد عنه، فقال فيه: أحمد بن صالح المصريُّ، وأمَّا الثلاثة المواضع التي في «الحجِّ»؛ فنسبه أبو ذرٍّ: أحمد بن عيسى ... ) إلى أن قال: (قال أبو نصر: روى عنه البُخاريُّ في «غزوة خيبر»، و «غزوة مؤتة»، وغير موضع، وقال الحاكم في «المدخل»: روى البُخاريُّ في «كتاب الصلاة» في ثلاثة مواضع عن أحمد بن عبد الله، عن ابن وهب، فقيل: إنَّه أحمد بن صالح المصريُّ، يكنى أبا جعفر، ويُعرف بالطَّبرانيِّ، قلت: وكان صديقًا لأحمد ابن حنبل، وجرت بينهما مذاكرات، وقيل: إنَّه أحمد بن عيسى التَّستريُّ، ولا يخلو أن يكون واحدًا منهما، فقد روى عنهما في «الجامع»، ونسبهما في مواضع، وذكر أبو نصر الكلاباذيُّ قال: قال أبو أحمد الحافظ محمَّد بن محمَّد بن إسحاق النَّيسابوريُّ: أحمد عن ابن وهب في «البُخاريِّ» هو ابن أخي ابن وهب، قال أبو عبد الله الحاكم: من قال: إنَّه ابن أخي ابن وهب؛ فقد وهم وغلط، والدَّليل على ذلك أنَّ المشايخ الذين ترك أبو عبد الله الرواية عنهم في «الصَّحيح» روى عنهم في سائر مصنَّفاته؛ كأبي صالح، وغيره، وليس له عن ابن أخي ابن وهب روايةٌ في موضع، فهذا يدلُّك على أنَّه لم يكتب عنه، أو كتب عنه وترك الرواية عنه أصلًا، والله أعلم، قال الكلاباذيُّ: قال لي أبو عبد الله بن منده: كلُّ ما في «البُخاريِّ»: حدَّثنا أحمد عن ابن وهب؛ فهو أحمد بن صالح المصريُّ، ولم يخرِّج البُخاريُّ عن أحمد بن عبد الرَّحمن ابن أخي ابن وهب في «الصَّحيح» شيئًا، وإذا حدَّث عن أحمد بن عيسى؛ نسبه) انتهى ملخَّصًا، وقد قدَّمتُ هذا الكلام قريبًا، وقدَّمتُ أنَّ الذَّهبيَّ قال في «التذهيب» وهو في أصله: أحمد عن ابن وهب، وعنه: البُخاريُّ في مواضع: هو أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى، وقال أبو أحمد الحاكم: هو أحمد بن عبد الرَّحمن بن وهب، عن عمِّه، وليس بشيء، انتهى.

قوله: (عَنْ عَمْرٍو): هذا هو عمرو بن الحارث بن يعقوب أبو أُمَيَّة الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّم، و (ابْن أَبِي هِلاَلٍ) بعده: قال الدِّمْياطيُّ: اسمه: سعيد، ليثيٌّ مدنيٌّ، ولد بمصر سنة سبعين، ونشأ بالمدينة، ثُمَّ رجع إلى مصر في خلافة هشام، ومات بها سنة ثلاثين، وقيل: خمس وثلاثين ومئة، انتهى، قال أبو حاتم: لا بأس به، قال ابن حزم وحده: ليس بالقويِّ، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»؛ لأجل كلام ابن حزم فيه، والله أعلم.

قوله: (يَوْمَئِذٍ)؛ يعني: يوم مؤتة، وقد تَقَدَّم تاريخها أعلاه، وهذا ظاهرٌ.

(1/7689)

قوله: (فَعَدَدْتُ بِهِ خَمْسِينَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي دُبُرِهِ) انتهى: قال ابن سيِّد الناس في «سيرته»: ورُوِّينا عن ابن عمر أنَّه قال: وجدنا ما بين صدر جعفر ومنكبه وما أقبل منه تسعين جراحة، ما بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح، وقد رُوِي: أربع وخمسون، والأوَّل أثبت، انتهى، وسيجيء في الحديث الذي يلي هذا من حديث ابن عمر: فالتمسنا جعفر بن أبي طالب في القتلى، ووجدنا في جسده بضعًا وتسعين من طعنة ورمية، وقوله: (وتسعين): هو بتقديم المثنَّاة فوق، ولا تنافي بين الرِّوايات، ورواية القليل لا تنافي رواية الكثير، ولا تنافي بين روايتي البُخاريِّ؛ لأنَّه في الأولى لم يعدَّ الرَّميات، وفي الثانية [1] عدَّها، أو يقال كما قلنا قبله: إنَّ رواية القليل لا تنافي رواية الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، والله أعلم، والشارح ذكر السؤال في حديثي البُخاريِّ، وقال: ولا تخالُف بينهما؛ لأنَّه لم يعدَّ الرَّمي في الأولى، انتهى.

وقوله: (لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ فِي دُبُرِهِ)؛ أي: في ظهره.

==========

[1] في (أ): (الثاني)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 201]

(1/7690)

[حديث: إن قتل زيد فجعفر وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة]

4261# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ): هذا أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرَّحمن بن عوف أبو مصعب الزُّهريُّ، المدنيُّ الفقيه قاضي المدينة، عن مالك، وصالح بن قدامة، والمغيرة بن عبد الرَّحمن، وطائفة، وعنه: الجماعة سوى النَّسائيِّ وهو بواسطة، وبقيُّ ابن مخلد، وأبو زُرعة، ومطين، وخلق، قال أبو زرعة وأبو حاتم: صدوق، وقال الزُّبَير: مات وهو فقيه المدينة غير مدافع، قال

[ج 2 ص 201]

أبو العبَّاس السراج: مات في رمضان سنة (242 هـ)، و «موطأ أبي مصعب» أكبر الموطَّآت؛ لأنَّه لازم مالكًا مدَّة، وتفقَّه به، وفي موطَّئه زيادات جمَّة، قال ابن حزم: آخر ما رُويَ عن مالك «موطأ أبي مصعب» و «موطأ أبي حذافة السهميِّ»، وفي هذين الموطَّأين زيادة على سائر الموطَّآت نحو من مئة حديث زائدة، وهذا يدلُّ أنَّ مالكًا كان يزيد في «الموطأ» أحاديثه بلغته فيما بعد، وكان أغفلها ثُمَّ أثبتها، وكذا يكون العلماء، وقال الدارقطنيُّ: أبو مصعب ثِقةٌ في «الموطأ»، وقدَّمه على يحيى ابن بُكَيْر، والله أعلم، له ترجمة يسيرة في «الميزان»، ما عرف الذهبيُّ معنى الكلام فيه، والله أعلم.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ [1]): هو ابن أبي هند، ولم يخرِّج البُخاريُّ لعبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبريِّ شيئًا، وهو من هذه الطبقة، ووقع في بعض الروايات: (عبد الله بن سعد) بغير ياء، وهو تصحيف، والله أعلم.

قوله: (أَمَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أَمَّر): بفتح الهمزة، وفتح الميم المشدَّدة.

قوله: (فِي غَزْوَةِ مُؤتَةَ [2]): تَقَدَّم متى كانت غزوة مؤتة، وضبط (مؤتة)، وأين هي، قريبًا وبعيدًا، وأنَّها لا تهمز وتهمز، وتَقَدَّم (زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ)، وأنَّه مولى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وتَقَدَّم أنَّ (حارثة) بالحاء المهملة، ومثلَّثة بعد الراء، وأنَّه أسلم وصحب؛ حارثة.

قوله: (إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ)؛ يعني: على الناس أميرًا، و (قُتِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (زيدٌ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ: كُنْتُ فِيهِمْ): (عبد الله) هذا: هو ابن عمر، راوي الحديث هنا.

==========

[1] في هامش (ق): (بالياء، ابن أبي هند)، وهي رواية الأصيليِّ وابن عساكر، وفي «اليونينيَّة»: (سعد).

[2] في هامش (ق): (وكانوا ثلاثة آلاف، وكان الروم مئة ألف، وانضم إليهم من العرب من لخم، وجُدام، وبلي، وغيرهم مئة ألف أخرى).

(1/7691)

[حديث: إن النبي نعى زيدًا وجعفرًا وابن رواحة ... ]

4262# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ): تَقَدَّم أنَّه بالقاف، وأنَّه ليس في الكُتُب السِّتَّة، ولا في مصنَّفاتهم راوٍ يقال له: وافد؛ بالفاء، وتَقَدَّم أنَّ (أَيُّوبَ) هو ابن أبي تميمة [1] السَّختيانيُّ، وأنَّ (حُمَيْدَ بْنَ هِلاَلٍ): مصغَّر، بضمِّ الحاء، وفتح الميم.

قوله: (نَعَى زَيْدًا): (نعاه)؛ أي: أعلم الناس بموته.

قوله: (قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ): اعلم أنَّ الذي جاء بخبرهم هو يعلى ابن مُنْيَة؛ ذكره ابن عقبة كما قاله ابن سيِّد الناس في «سيرته»، ولكن روى التِّرْمِذيُّ الحكيم محمَّد بن عليٍّ في «نوادره» في الأصل الثالث والعشرين حديثًا عن عبد الرَّحمن بن سمُرة: أنَّ خالدًا بعثه بشيرًا إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يوم مؤتة، لكنَّ في سنده الوليد بن سلمة الطبرانيَّ الأُردنِّيَّ، ذاهب الحديث؛ قاله أبو حاتم، وقال دحيم: كذَّاب، وقال ابن حبَّان: يضع الحديث على الثقات، والأوَّل لم يسنده ابن عقبة، فيحتمل إن صحَّا؛ أنَّه أرسلهما، ويعكِّر عليهما: أنَّ أبا عمر بن عبد البرِّ ذكر في ترجمة عبد الرَّحمن: أنَّه أسلم في الفتح، وكذا في ترجمة يعلى، والله أعلم.

قوله: (وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ): هو بالذال المعجمة الساكنة، وبعدها راء مكسورة، تَقَدَّم أنَّ معناه: تنصبَّان دمعًا [2].

قوله: (حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ): هو خالد بن الوليد، وهذا معروفٌ.

قوله: (حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ): تَقَدَّم الاختلاف فيما جرى لهم، أنتصروا كما هنا؟ أو انكسروا، كما قاله ابن سعد؟ أو لم ينتصر أحد الفريقين، وهذا قول ابن إسحاق؟ وقد تَقَدَّم أنَّ المشهور عند أرباب المغازي ما قاله ابن إسحاق.

==========

[1] في (أ): (حميد)، والمثبت تصحيح في الهامش.

[2] هذه الفقرة جاءت في (أ) متأخِّرة بعد قوله: (حتى أخذ الراية ... ).

[ج 2 ص 202]

(1/7692)

[حديث: لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر بن أبي طالب]

4263# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثقفيُّ، أبو محمَّد الحافظ، تَقَدَّم مِرارًا، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو الأنصاريُّ، و (عَمْرَةُ): هي بنت عبد الرَّحمن، التابعيَّة الجليلة، إحدى الجليلات، تقدَّمْنَ، وعبد الرَّحمن: هو ابن سعد بن زرارة، من فقهاء التابعيَّات، كانت في حجر عائشة.

قوله: (لَمَّا جَاءَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ): (قتلُ): مرفوع فاعل (جاء)، و (ابنِ): مجرور مضاف، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ): (يُعرَف): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الحزنُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

قوله: (تَعْنِي مِنْ شَقِّ الْبَابِ): تَقَدَّم أنَّ (شَقِّ) بفتح الشين للجماعة، وضبطه الأصيليُّ بالكسر، وصحَّح عليه، وقال: صحَّ لهم.

قوله: (فَأَتَاهُ رَجُلٌ): تَقَدَّم أنَّ هذا لا أعرفه.

قوله: (فَاحْث فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ): هو بضمِّ الثاء، ويجوز كسر الثاء، وذلك لأنَّه يقال فيه: حثا يحثو، وحثى يحثي؛ لغتان.

قوله: (أَرْغَمَ اللهُ أَنْفَكَ): تَقَدَّم معناه مطوَّلًا؛ ومعناه: أذلَّك وأخزاك؛ أي: ألصقه بالرَّغام، والرَّغام؛ بالفتح: الترابُ.

قوله: (مِنَ الْعَنَاءِ): هو بفتح العين، والمدِّ؛ أي: المشقَّة، وقد تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 202] ==

ج17. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

[حديث: كان ابن عمر إذا حيا ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي ... ]

4264# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ): هذا هو المُقدَّميُّ؛ بضمِّ الميم، وفتح الدال المهملة المشدَّدة، منسوب إلى جدِّه، وعمُّ أبي بكر هذا: هو عمر بن عليٍّ، الذي روى عنه محمَّد هنا، و (عَامِرٌ): هو ابن شراحيل الشَّعْبيُّ؛ بفتح الشين، وهذا كلُّه ظاهرٌ.

قوله: (إِذَا حَيَّا ابْنَ جَعْفَرٍ): [2] هو عبد الله بن جعفر، والله أعلم، وقد ذكرت أولاد جعفر أنَّهم ثلاثة: عبد الله، ومحمَّد، وعون، والله أعلم.

قوله: (يَا بْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ [3]): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في (مناقب جعفر)، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[2] زيد في (أ): (الذي)، وكانت العبارة: (الذي ظهر لي أنَّه)، ثمَّ ضرب على ما بعد (الذي)، وأثبت بدلًا منه كلمة: (هو).

[3] في هامش (ق): (فإنَّه رُوي: أنَّه أخذ اللواء بيمينه وقاتل حتى قطعت يمينه، فأخذ الراية بيساره، فقطعت يَساره، فاحتضن الراية فقاتل حتى قتل، فأبدله الله تعالى بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء، وليس معنى الجناحين: كما يسبق إلى الوهم مثل جناحي الطائر وريشه؛ لأنَّ الصورة [الآدمية أشرف] الصور وأكملها، ولكنها عبارة عن صفة ملكية، وقوة روحانية أعطيها جعفر كما أعطيها الملائكة، وقد قال تعالى لموسى: {اضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} [طه: 22]، فعبر عن العضد بالجناح توسُعًا، وليس ثم طيران، فكيف بمن أعطي القوة على [الطيران مع] الملائكة أخلق به إذًا أن يوصف بالجناح مع كمال [الصورة الآدمية] وتمام الجوارح البشرية، وقد قال أهل العلم في أجنحة الملائكة: ليست كما يتوهم من أجنحة الطير، ولكنها صفات ملكية لا تفهم إلا بالمعاينة، واحتجوا بقوله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1]، فكيف تكون كأجنحة الطير على هذا، ولم ير طائر له ثلاثة أجنحة ولا أربعة، فكيف بست مئة جناح).

[ج 2 ص 202]

(1/7694)

[حديث: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف]

4265# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الثوريُّ، كذا عيَّنه هنا المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (إِسْمَاعِيلُ) هذا: هو ابن أبي خالد، و (قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (يَمَانِيَةٌ)، وكذا (يَمَانِيَةٌ) الثانية [خ¦4266]: بتخفيف الياء على الفصيح، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 202]

(1/7695)

[حديث: لقد دق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف]

4266# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان، و (إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (لَقَدْ دُقَّ فِي يَدِي): (دُقَّ)؛ بضمِّ الدال المهملة، وتشديد القاف: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (تِسْعَةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[ج 2 ص 202]

(1/7696)

[حديث: أغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكي]

4267# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ فُضَيلًا بضمِّ الفاء، وفتح الضاد المعجمة، و (حُصَيْنٌ): هو بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، هو ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم مترجمًا، وقدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، و (عَامِرٌ) هذا: هو ابن شراحيل الشَّعْبيُّ، و (النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ): تَقَدَّم أنَّ بَشِيرًا بفتح الموحَّدة، وكسر الشين، والنعمان صَحابيٌّ، وبَشِير صَحابيٌّ أيضًا، رضي الله عنهما، تَقَدَّما.

قوله: (أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ): (أُغمِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

[ج 2 ص 202]

قوله: (فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي): (عمرة): هي بنت رواحة، أخت عبد الله بن رواحة، وهي والدة النعمان بن بَشِير راوي هذا الحديث، لها في «مسند أبي داود الطيالسيِّ»، صحابيَّة، وهي امرأة بَشِير بن سعد والد النعمان، قال ابن عبد البرِّ: من حديثها عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّه قال: «وجب الخروج على كلِّ ذاتِ نطاق».

قوله: (وَاجَبَلاَهْ): أي: كنتُ في عزٍّ ومنعة من أجلك، فكنت لي كالجبل.

4268# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْثَرُ): هو بفتح العين المهملة، ثُمَّ موحَّدة ساكنة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة مفتوحة، ثُمَّ راء، وهو ابن القاسم، أبو زُبيد الزُّبيديُّ، عن حُصَين، وسليمان التيميُّ، وعنه: هنَّاد، ومسدَّد، وقتيبة، تُوُفِّيَ سنة (178 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين وأحمد، وقال أبو داود: ثِقةٌ ثِقةٌ، و (حُصَيْنٌ): هو ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم بظاهرها، و (الشَّعْبِيُّ): تقدَّم [أنَّه بفتح] الشين، عامر بن شراحيل، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا، و (النُّعْمَانُ بنُ بَشِيرٍ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وكسر الشين، وأنَّ النعمان صَحابيٌّ كوالده.

فائدةٌ: استشهد بمؤتة فيما ذكر ابن إسحاق منهم من بني هاشم: جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، ومن بني عديٍّ: مسعود بن الأسود [1] بن حارثة بن نضلة، ومن بني مالك بن حسل: وهب بن سعد بن أبي سرح، ومن الأنصار: عبد الله بن رواحة، وعبَّاد بن قيس، والحارث بن النعمان، وسراقة بن عمرو بن عطيَّة، وزاد ابن هشام عن الزُّهريِّ فيهم: أبا كليب، وقال السهيليُّ في آخر غزوة مؤتة: وذَكَرَ فيمن استشهد بمؤتة أبا كليب _وقال ابن هشام فيه: أبو كلاب، وهو المعروف عندهم، وقال أبو عمر: لا يعرف في الصَّحابة أحد يقال له: أبو كليب، انتهى، وفي «ابن هشام»: (أبو كليب) هو من زيادته على ابن إسحاق، ثُمَّ قال: (ويقال: أبو كلاب)، انتهى_ وجابرًا ابني عمرو بن يزيد بن عوف بن مبذول، وهما لأب وأمٍّ، وعمرًا وعامرًا ابني سعْد بن الحارث بن عبَّاد، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (الأوس)، وفوقها ضبَّة، وكذا في «عيون الأثر»، والمثبت موافق لسائر المصادر.

(1/7697)

[باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة]

قوله: (بابُ بَعْث النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ): (أسامةَ): منصوب مفعول المصدر، و (ابنُ): تابع له.

قوله: (إِلَى الْحُرَقَاتِ): هو بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الراء، وبالقاف، وهو بطن من جُهينة.

ثُمَّ اعلم أنَّ هذه السريَّة هي سريَّة غالب بن عبد الله الليثيِّ إلى المِيفعة في رمضان سنة سبع، قالوا: بعث رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم غالب بن عبد الله إلى بني عُوَال _يعني: بضمِّ العين المهملة، وتخفيف الواو، وباللام في آخره_ وبني عبْد بن ثعلبة وهم بالمِيفعة، وهي وراء بطن نخل إلى النقرة قليلًا ناحية نجد، وبينها وبين المدينة ثمانية بُرد، بعثه في مئةٍ وثلاثين رجلًا، ودليلهم يسار مولى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم _وهو بالمثنَّاة تحت، ثُمَّ بالسين المهملة_ فهجموا عليهم جميعًا، ووقعوا في وسط محالِّهم، فقتلوا مَنْ أَشْرَف لهم، واستاقوا نعمًا وشاءً، فحَدَروه إلى المدينة، ولم يأسروا أحدًا.

وفي هذه السريَّة قتل أسامةُ بن زيد الرجلَ الذي قال: لا إله إلَّا الله، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «هلَّا شققت عن قلبه ... »؛ الحديث، وسأذكر تسمية الرجل المقتول قريبًا إن شاء الله تعالى.

وقد بوَّب الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ على هذه السريَّة كما رأيت، وساق حديث أسامة، وذِكْرُ البُخاريِّ لهذه السريَّة بعد مؤتة يدلُّ على أنَّه عنده كان بعد مؤتة، وقد ذكرت لك متى كانت هذه السريَّة أعلاه، وفيما ذكر البُخاريُّ أنَّ أسامة بن زيد الأمير، وقدَّمتُ أنا أنَّ أميرها غيره، ويبعد تعدُّد الواقعة، فإنَّه لا يقتل بعد النهي، ويبعد النسيانُ أيضًا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 203]

(1/7698)

[حديث: يا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله]

4269# قوله: (عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو عمرو بن محمَّد بن بُكَيْر، أبو عثمان البغداديُّ، الناقد الحافظ، نزل الرقَّة، و (هُشَيْمٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن بَشِير، أبو معاوية، السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، و (حُصَيْنٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وأنَّه ابن عبد الرَّحمن، و (أَبُو ظِبْيَانَ)؛ بكسرالظاء المعجمة، وقيل: بالفتح، وأهل اللغة يفتحونها، ويلحِّنون من يكسرها، وأهل الحديث يكسرونها، وهو الذي اقتصر عليه غير واحد من أهل الحديث، وبعضهم حكى الوجهين، واسم أبي ظِبيان حُصَين _أيضًا كالذي قبله_ ابن جندب، الجنبيُّ الكوفيُّ، من مَذْحج، عن حذيفة، وسلمان، وعليٍّ، وأسامة بن زيد، وجَرِير بن عبد الله، وعائشة، وجماعةٍ، وعنه: ابنه قابوس بن أبي ظِبيان، وحُصَين بن عبد الرَّحمن، وعطاء بن السائب، والأعمش، وآخرون، وثَّقه ابن معين وجماعة، تُوُفِّيَ سنة تسعين، وقيل غير ذلك، أخرج له الجماعة، ذُكِر في «الميزان» للتمييز.

قوله: (إِلَى الْحُرَقَةِ): تَقَدَّم ضبطها أعلاه، وأنَّها بطن من جُهينة.

قوله: (أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ): الأنصاريُّ لا أعرف اسمه، وكذا قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ، ثُمَّ قال: ويحتمل أن يكون أبا الدرداء، ففي تفسير عبد الرَّحمن بن زيد ما يرشد إليه.

قوله: (رَجُلًا مِنْهُمْ): هذا الرجل اسمه مرداس بن نهيك، كذا ذكره ابن بشكوال في «مبهماته»، وساق له شاهدًا، وكذا ذكره غيرُه، وقيل: مرداس بن عمرو، شهيد رضي الله عنه، وسيجيء في (سورة النساء) في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} ... ؛ الآية [النساء: 94] في كلامي أنَّها نزلت في أسامة بن زيد حين قتل مرداس بن نهيك، والله أعلم.

وقد ذكر الذهبيُّ في «تجريده» مرداسًا هذا في الصَّحابة، وحدُّ الصحابيِّ لا يطلق عليه؛ لما تَقَدَّم في كلام البُخاريِّ، نعم هو تابعيٌّ؛ لأنَّه رأى الصَّحابة، وكان ينبغي للذهبيِّ أن يحمِّره كشرطِه وعادتِه، والله أعلم.

تنبيهٌ: كان أمير هذه السريَّة غالبَ بن عبد الله الليثيَّ، وقد تَقَدَّم.

قوله: (حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ): قال الشيخ محيي الدين النوويُّ في قوله: (حتى تمنيت ... )؛ الحديث: معناه: لم يكن تَقَدَّم إسلامي، بل ابتدأت الآن الإسلام؛ ليمحو عني ما تَقَدَّم، وقال هذا الكلام من عظم ما وقع فيه.

ثُمَّ اعلم أنَّ الإمام الرافعيَّ ذكر فرعًا في «شرحه الكبير» في الردَّة، فقال: لو أسلم كافر، وأعطاه الناس أموالًا، فقال مسلم: ليتني كنت كافرًا فأسلم فأُعطى، قال بعض المشايخ: يكفر، وقد تعقَّب هذا الفرع النوويُّ في «روضته»، فقال ما لفظه: (في هذا نظر؛ لأنَّه جازم بالإسلام في الحال والاستقبال، وثبت في الأحاديث الصحيحة ... )، فذكر قصَّة أسامة هذه، ثُمَّ قال في آخره: (ويمكن الفرق بينهما، والله أعلم)، انتهى.

(1/7699)

تنبيهٌ: تأوَّلَ أسامةُ قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 85]، ولم ينقل أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ألزمه دية ولا غيرها، إمَّا لمكان تأويله، أو أنَّ أولياء المقتول لم يطلبوا.

(1/7700)

[حديث: غزوت مع النبي سبع غزوات]

4270# قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو حاتم بن إسماعيل، تَقَدَّم.

4271# قوله: (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَفْصِ): وفي نسخة بعد (حفص): (بن غِيَاث)، و (غِيَاث): تَقَدَّم أنَّه بكسر الغين المعجمة، وتخفيف المثنَّاة تحت، وفي آخره ثاء مثلَّثة، و (عمر) هذا: هو شيخ البُخاريِّ ومسلم.

وقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلان المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه مثل: (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة.

و (حفص) والده نخعيٌّ، قاضي الكوفة، وقاضي الجانب الشرقيِّ، قال يعقوب

[ج 2 ص 203]

بن شيبة: ثَبْتٌ إذا حدَّث من كتابه، ويُتَّقى بعض حفظِه، تُوُفِّيَ سنة (194 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

تنبيهٌ: لهم حفص بن غِيَاث شيخ بصريٌّ، له عن ميمون بن مهران، مجهول.

(1/7701)

[حديث: غزوت مع النبي سبع غزوات وغزوت ... ]

4272# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): هو الضحَّاك بن مَخْلد، وكذا هو في نسخة في أصلنا مسمًّى منسوبًا، و (ابْنُ حَارِثَةَ): هو زيد بن حارثة، وهذا يظهر من الحديث قبله.

==========

[ج 2 ص 204]

(1/7702)

[حديث: غزوت مع النبي سبع غزوات فذكر .... ]

4273# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ): قال ابنُ طاهر في ترجمة حمَّاد بن مَسْعَدَة: روى عنه محمَّد بن عبد الله وهو _فيما يقال_ الذهليُّ في (بعث النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أسامةَ بن زيد إلى الحرقات) عند البُخاريِّ، انتهى.

قوله: (وَيَوْمَ الْقَرَدِ): تَقَدَّم أنَّ (القَرَد) بفتح القاف والراء، وحكى السهيليُّ عن أبي عليٍّ الضمَّ في القاف والراء، قال شيخنا: وربَّما وجد مضبوطًا بضمِّ القاف، وفتح الراء، انتهى، وقد قدَّمتُ تاريخها.

قوله: (قَالَ يَزِيدُ: وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ): اعلم أنَّه بقي الفتح والطائف وتبوك.

وقوله: (وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ): كذا في أصلنا وأصل آخر لنا دمشقيٍّ، والوجه: بقيَّتَهنَّ أو بقيَّتَها.

==========

[ج 2 ص 204]

(1/7703)

[باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة ... ]

(بابُ غَزْوَة الْفَتْحِ) ... إلى (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} [التوبة: 25])

اعلم أنَّ غزوة الفتح كانت في رمضان سنة ثمان، خرج عَلَيهِ السَّلام يوم الأربعاء لعشر مضين من رمضان من سنة ثمان، وسيأتي فيه شيء عن ابن عباس غريبٌ.

وقد اختُلِف متى كان الفتح من الشهر؛ ففي (الصوم) من «مسلم»: (أنَّه عَلَيهِ السَّلام صبَّح مَكَّة لثلاث عشرة خلت من رمضان)، ثُمَّ ذكر عن أبي سعيد قال: (غزونا مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لستَّ عشرة مضت من رمضان)، وفي رواية: (لثمان عشرة خلت)، وفي رواية: (ثنتي عشرة)، وفي رواية: (لسبع عشرة أو تسع عشرة).

قال الشيخ محيي الدين النوويُّ: (والمشهور في كتب المغازي: أنَّه عَلَيهِ السَّلام خرج في غزوة الفتح من المدينة لعشر من رمضان، ودخلها لتسع عشرة منه، ووجه الجمع بين هذه الروايات ... )، ثُمَّ أخلى بياضًا، ولم يُحِب.

وفي «سيرة مغلطاي» في الفتح: (وطاف النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بالبيت يوم الجمعة، لعشر بقين من رمضان)، وقد تَقَدَّم أنَّ الفتح يوم الجمعة، لتسع عشرة، وينبغي أن يجمع بين الروايات في ذلك، وقد حاولت ذلك، فلم يمكنِّي، وحاصل الروايات التي وقفت عليها في ذلك: ثلاث عشرة، ثماني عشرة، ثنتا عشرة، سبع عشرة أو تسع عشرة، خروجه من المدينة إلى مَكَّة بعد مضي ثماني عشرة، وهذه في «مسند أحمد» بسند صحيح.

وقال ابن القيِّم: (خرج من المدينة إلى مَكَّة في أواخر رمضان، بعد مضي ثماني عشرة ليلة منه ... )، ثُمَّ ساق مستنده، والله أعلم.

وقد قدَّمتُ ذلك غير هذه المرَّة، وسبب الفتح معروف في كتب المغازي والسير؛ لنقضهم العهد الذي عاقدوا عليه.

قوله: (وَمَا بَعَثَ بِهِ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ [1] إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِغَزْوِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم الكلام على حاطب، وقدَّمتُ ما ذكرَ أنَّه كتب به إليهم في (كتاب الجهاد)، والاختلاف في صورة ما كتبه إليهم، وقدَّمتُ أنَّه كتب إلى سُهَيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أُمَيَّة.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: أبو بلتعة: اسمه عمرو في اللغة: التظرُّف).

[ج 2 ص 204]

(1/7704)

[حديث: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينةً معها كتاب]

4274# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو سفيان بن عيينة، و (الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هو الحسن بن محمَّد بن عليِّ بن أبي طالب، و (محمَّد): هو ابن الحنفية، وقد قدَّمتُ ترجمة الحسن بن محمَّد، وأنَّه أوَّل المرجئة، وله فيه تأليف، وقدَّمتُ ما ذُكِر في غيره من هذه البدعة، وجمعتُ بينهما، قال عمرو بن دينار: أخبرنا الحسن بن محمَّد، ولم أر أحدًا قطُّ أعلمَ منه.

قوله: (بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ): تَقَدَّم في (الجهاد) من أرسله معهم، أو قيل: إنَّه أرسله معهم، وذكرت مجموعهم، وتَقَدَّم الكلام على (رَوْضَةَ خَاخٍ)، وأنَّها بخاءين معجمتين، بينهما ألف، وما وقع لبعض الرواة في ذلك، وقدَّمتُ أين هي، وذكرت اسم (الظَّعِينَة [1]) حاملة الكتاب، وأنَّها سارة أَمْ أمُّ سارة، أو كنود المزنيَّة، وقال الدِّمْياطيُّ: (واسمها سارة، مولاة عمرو ابن هاشم، أمر النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بقتلها يوم الفتح مع جماعة؛ منهم: ابن خطل)، انتهى.

وكذا (فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا)، والجمع بين هذه وبين (فأخرجته من حُجزتها)، والحُجزة: معقد الإزار والسراويل، وقدَّمتُ ما العِقاص، وأنَّه بكسر العين، وكذا قوله: (إِلَى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ): تَقَدَّم أنَّه كتب لعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أُمَيَّة، وسُهَيل بن عمرو، كما قدَّمتُه أعلاه، وذكرت ما الذي كتبه، والاختلاف فيه.

(كُنْتُ حَلِيفًا): تَقَدَّم أنَّه حليف قريش، وقيل: هو حليف للزبير بن العوَّام، وهو لخميٌّ، ويقال: إنَّه من مَذْحج، وقيل: كان عبدًا لعُبيد الله بن حُمَيد بن زهير بن الحارث بن عبد العزَّى بن قصيٍّ، وكاتبه فأدَّى كتابته يوم الفتح، وهو من أهل اليمن، والأكثر أنَّه حليف لبني أسد بن عبد العزَّى، وكذا (مِنْ أَنْفُسِهَا)، وأنَّه بضمِّ الفاء.

قوله: (أَهْلِيهِمْ): هو بإسكان الياء، وأصله: أهلين، حذفت النون؛ للإضافة، وهو منصوبٌ.

قوله: (يَحْمُونَ بِهَا [2] قَرَابَتِي): تَقَدَّم أنَّه كان له فيهم أمٌّ، وفي بعض طرق الحديث: (أهلي وولدي).

قوله: (أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ): (أمَا): تَقَدَّم أنَّها بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، بمنزلة (أَلَا)، ولهذا كُسِرت همزة (إِنَّ) بعدها.

==========

[1] في هامش (ق): (وقد قيل: كان في [الكتاب: إنَّ] رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قد توجه إليكم بجيش كالليل يسير كالسيل، وأقسم بالله لو صار إليكم [وحده؛ لنصره الله عليكم، فإنَّه منجزٌ له ما وعده]).

[2] (بها): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[ج 2 ص 204]

(1/7705)

[باب غزوة الفتح في رمضان]

قوله: (بابُ غَزْوَة الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ): أمَّا كون الشهر شهر الفتح رمضان؛ فلا أعلم فيه خلافًا، وقد قدَّمتُ الخلاف في كم كان في رمضان أعلاه وقبله أيضًا.

==========

[ج 2 ص 204]

(1/7706)

[حديث: صام رسول الله حتى إذا بلغ الكديد أفطر]

4275# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعد، الإمام الجواد، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (عُقَيْلٌ): أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّم (ابْنُ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم.

قوله: (وَسَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيّبِ يَقُولُ): قائل ذلك هو ابن شهاب الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (ابن المُسَيّب): هو سعيد، وقد تَقَدَّم أنَّ (المُسَيّب) بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غيره ممَّن اسمه (المُسَيِّب) لا يجوز فيه غير الفتح، وهذا معطوف على السند الذي قبله، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ أَخْبَرَه): وهذا أيضًا معطوف عليه، وقائله هو الزُّهريُّ، و (عُبيد الله): هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود المذكور في السند.

[ج 2 ص 204]

قوله: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكَدِيدَ الْمَاءَ الَّذِي بَيْنَ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ): (الكَدِيْد)؛ بفتح الكاف، وكسر الدال المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال أخرى مهملة، وهو على اثنين وأربعين ميلًا من مَكَّة، و (قُدَيد)؛ بضمِّ القاف، وفتح الدال المهملة الأولى، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ دال مهملة أخرى: مكانٌ معروف، وكذا (عُسفان) معروفةٌ.

(1/7707)

[حديث: أن النبي خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف]

4276# قوله: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه [ابن] غيلان، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بعده: هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود الذي تَقَدَّم.

قوله: (وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفٍ): هذا هو الأكثر، وعن الحاكم: (في اثني عشر ألفًا)، قال شيخنا: وفي «شرف المصطفى»: (في اثني عشر ألفًا)، وقال يحيى بن سعيد: (في عشرة آلاف، أو اثني عشر ألفًا ... ) إلى أن قال: (وقال مالك: خرج في ثمانية آلاف أو عشرة آلاف)، انتهى، وفي «مسلم» في (الزكاة): (ونحن بشر كثير قد بلغنا ستَّة آلاف)، والرواية الأولى التي فيها (عشرة آلاف والطلقاء) أصحُّ من هذه؛ لأنَّ المشهور في كتب المغازي أنَّ المسلمين كانوا يوم حُنين اثني عشر ألفًا؛ عشرة آلاف شهدوا معه الفتح، وألفان من أهل مَكَّة ومَنِ انضاف إليهم، وهذا معنى قوله: (معه عشرة آلاف ومعه الطلقاء)، قال القاضي عياض: («ستَّة آلاف»: وَهم من الراوي عن أنس)، انتهى.

قوله: (وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ): في هذا نظر؛ لما تَقَدَّم أنَّ الفتح كان في رمضان سنة ثمان من الهجرة، وهذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا: أنَّه كان الفتح سنة ثمان، ولو كان كما ذكر في الرواية؛ لكان الفتح في التاسعة، وسواء قلنا: إنَّ أوَّل التاريخ ربيع الأوَّل شهر المقدم، أو من أوَّل سنة المقدم، أو أسقطنا الكسر، وأرَّخنا من أوَّل السنة التي تلي سنة المقدم، وقد تَقَدَّم الخلاف في أوَّل التاريخ قبيل (المغازي)، وذكرت هناك قولًا آخر غريبًا، وهو قد ذكرته هنا، ولا يصحُّ أيضًا عليه، والله أعلم.

قال شيخنا: وحقيقة الحساب على ما ذكره الشيخ أبو محمَّد في «جامع مختصره»: أنَّها سبع سنين وسبعة أشهر؛ لأنَّ الفتح في الثامنة في رمضان، وكان مقدمه المدينة في ربيع الأوَّل، ثُمَّ ذكر له دليلًا.

قوله: (حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ): تَقَدَّم ضبطه أعلاه، وأنَّه هو، وقبل ذلك أيضًا.

قوله: (وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآخِرُ فَالآخِرُ): (يُؤخَذ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الآخرُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (الآخرُ) الثاني.

==========

[ج 2 ص 205]

(1/7708)

[حديث: خرج النبي في رمضان إلى حنين والناس مختلفون .. ]

4277# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ عيَّاشًا هذا بالمثنَّاة تحت، وبالشين المعجمة، وقد قدَّمتُ الكلام عليه، وعلى (عبَّاس بن الوليد)؛ بالموحَّدة، والسين المهملة، وأنَّ كلَّ ما في «البُخاريِّ»: (عيَّاش)؛ فهو الأوَّل، ولم يكن عن الثاني إلَّا موضعان؛ أحدهما: في (باب علامات النبوة)، والثاني: في (المغازي) في (باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن)، وفي مكان آخر نسبه، فقال: (النرسيُّ)؛ يعني: المهمل.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى): هذا هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى الساميُّ، أحد المحدثين الكبار، تَقَدَّم، و (خَالِدٌ) بعده: هو خالد بن مهران الحذَّاء، أبو المُنازِل، تَقَدَّم.

قوله: (فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ): قال الدِّمْياطيُّ: (لم تكن غزوة حنين في رمضان، وإنَّما كانت في شوَّال سنة ثمان)، انتهى، قال مغلطاي في «سيرته» قولًا؛ وهو: أنَّه عَلَيهِ السَّلام خرج _يعني: لحُنين_ لستِّ ليال خلون من شوَّال، ويقال: لليلتين بقيتا من رمضان إلى حُنين، فالذي في الأصل قوله: (في رمضان) هو على قول، وقيل: رواية: (في رمضان إلى حُنين) دليل قول مغلطاي، والله أعلم.

وقال المحبُّ الطبريُّ: وصوابه _والله أعلم_: (إلى خيبر)؛ لأنَّه عَلَيهِ السَّلام قصدها في هذا الشهر، وأمَّا حُنين؛ فكانت بعد الفتح بأربعين ليلة، وكان قصده أيضًا مَكَّة في هذا الشهر، هكذا حكاه الشيخ ابن تيمية في كتابه عن شيخه عبد الرزَّاق بن عبد القادر ... إلى أن قال: ويجوز أن يكون ذلك لمَّا قصد مَكَّة، وكان في هذا الشهر، وكان قصده بعدها حُنينًا، فأُطلِق عليه خروج إلى حُنين؛ لاحتمال قصدهما جميعًا، ويكون فطره بعد الخروج بأيام لمَّا بلغ الكَدِيد على ما تَقَدَّم، لا يوم الخروج، والحديث محتمل، فيُحمَل المطلق على المقيَّد؛ توفيقًا بينهما، وما ذكره ابن تيمية [1] عن شيخه فيه نظر؛ إذ قد ذكر بعض أهل التاريخ أنَّ خروجه إلى حُنين كان بعد الفتح بخمسة عشر يومًا، وبعضهم ذكر دون ذلك، انتهى.

وما قاله الدِّمْياطيُّ الحافظ شيخ شيوخنا هو الظاهر، وأنَّ ما في «الصحيح» يجيء على قولٍ قدَّمتُه قريبًا في كلامي، وقول المحبِّ الطبريِّ: (صوابه: خيبر) فيه نظر، ومن يعرف المغازي؛ يعرف ذلك، والله أعلم.

4278# قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): كذا في أصلنا، وعلى الواو [في] (وقال) علامة نسخة، يبقى الكلام على حذفها: (قال عبد الرزَّاق)، اعلم أنَّ هذا تعليق مجزوم به، وهذا ظاهرٌ، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وتعليق عبد الرزَّاق ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ): هذا أيضًا تعليق مجزوم به، وتعليق حمَّاد ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

(1/7709)

[حديث: سافر رسول الله في رمضان فصام حتى بلغ عسفان]

4279# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور، و (جَرِيرٌ) بعده: هو ابن عبد الحميد، الضبيُّ القاضي، و (مَنْصُورٌ) بعده: هو ابن المعتمر.

==========

[ج 2 ص 205]

(1/7710)

[باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح]

[ج 2 ص 205]

قوله: (بابٌ أَيْنَ رَكَزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَايَتَهُ [1] يَوْمَ الْفَتْحِ): تجاه هذا الباب: قال الدِّمْياطيُّ ما لفظه: (كان شعار المهاجرين يومئذٍ: عبد الرَّحمن، وشعار الخزرج: عبد الله، وشعار الأوس: عُبيد الله)، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (الراية).

(1/7711)

[حديث: احبس أبا سفيان عند حطم الخيل حتى ينظر إلى المسلمين]

4280# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّم مِرارًا، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن عروة بن الزُّبَير بن العوَّام.

قوله: (لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ): هذا مرسل هنا؛ لأنَّ عروة تابعيٌّ، وذكر قصَّة لم يدركها.

قوله: (عَامَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم أنَّ الفتح كان سنة ثمان في رمضان، وتَقَدَّم الكلام على رواية: (وذلك على رأس ثماني سنين ونصف من مقدمه المدينة) قريبًا؛ فانظره.

قوله: (أَبُو سُفْيَانَ [1] بْنُ حَرْبٍ): تَقَدَّم الكلام على أبي سفيان في أوَّل هذا التعليق وفي غيره، وترجمته معروفة، من مسلمة الفتح.

قوله: (وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ): تَقَدَّم أنَّ (حَكِيمًا) بفتح الحاء، وكسر الكاف، وأنَّ (حِزَامٍ) بكسر الحاء، وبالزاي، وقد تَقَدَّم بعض ترجمته، من مسلمة الفتح.

قوله: (وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ): (بُدَيل): هو بضمِّ الموحَّدة، وفتح الدال المهملة، و (وَرْقَاء): بفتح الواو، وإسكان الراء، وبالقاف، ممدود الآخر؛ الثلاثة أسلموا يوم الفتح بمرِّ الظَّهران، كذا قال الذهبيُّ، وفيه تجوُّز، وكان بُدَيل من كبار مسلمة الفتح، وتُوُفِّيَ بُدَيل قبل النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

قوله: (حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ): (مَرَّ): بفتح الميم، وتشديد الراء، و (الظَّهران): بفتح الظاء المعجمة المشالة، وإسكان الهاء، وبالراء، وهو على بريد من مَكَّة، وقال ابن وضَّاح: على أحدٍ وعشرين ميلًا، وقيل: على ستَّة عشر، ويقال فيه: مرُّ ظهران والظهران، ويقال فيه: الظهرانُ؛ من غير إضافة إلى (مرٍّ)، وهو الذي تسميه العامَّة بطنَ مرو.

قوله: (فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ [2] كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ): أوقدوا تلك الليلة عشرة آلاف نار، كما نقله ابن سيِّد الناس في «سيرته» في الفتح، والظاهر من عبارته أنَّه من «سيرة ابن إسحاق»، والله أعلم.

(1/7712)

قوله: (نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْرَكُوهُمْ، فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): كذا هنا أنَّ أبا سفيان وحَكِيمًا وبُدَيلًا رآهم الحرس، فأدركوهم، فجاؤوا بهم رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: سُمِّيَ معهم: عمر بن الخَطَّاب في السيرة، وفي «سيرة ابن سيِّد الناس» من «سيرة ابن إسحاق» _وهو في «أبي داود» في (الخراج)، وفي السند ابن إسحاق وشخص مجهول_: (أنَّه عَلَيهِ السَّلام جعل على الحرس عمر بن الخَطَّاب، وأنَّ العباس رقَّت نفسه لأهل مَكَّة، قال: فجلست على بغلة رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم البيضاء، فخرجت عليها حتَّى جئت الأراك، فقلت: لعلِّي أجدُ بعض الحطَّابة، أو صاحب لبن، أو ذا حاجة، يأتي مَكَّة، فيخبرهم بمكان رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ليخرجوا إليه، فيستأمنوه قبل أن يدخلها عَنوة، فوالله إنِّي لأسير عليها؛ إذ سمعتُ كلام أبي سفيان وبُدَيل بن وَرَقاء وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيتُ كالليلة نيرانًا قطُّ ولا عسكرًا ... ، إلى أن قال: فعرفتُ صوته، فقلت: يا أبا حنظلة، فعرف صوتي، فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم، قال: ما لك فداك أبي وأمِّي؟ قال: قلتُ: هذا رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في الناس، وا صباحَ قريش والله! قال: فما الحيلة فداك أبي وأمِّي؟ قال: قلتُ: والله لئن ظفر بك؛ ليضربنَّ عنقك، فاركب في عجز هذه البغلة حتَّى آتي بك رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأستأمنه لك، فركب خلفي، ورجع صاحباه ... ، إلى أن قال: حتى مررتُ بنار عمر بن الخَطَّاب، فقال: من هذا؟ وقام إليَّ، فلمَّا رأى أبا سفيان على عجز الدابَّة؛ قال: أبو سفيان عدوُّ الله؟! الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ... ، إلى أن قال: فلمَّا أصبح؛ غدوت به إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ... ، إلى أن قال: فشهد شهادة الحقِّ، فأسلم)؛ فانظر ما بينهما من المخالفة، ولفظ «الصحيح» صحيحٌ لا شكَّ فيه، لكنَّه عن عروة ... ، فذكره، وذاك من حديث ابن إسحاق، وفي السند أيضًا رجل مجهول كما تَقَدَّم، والله أعلم.

قوله: (فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ): قال شيخنا: هذا هو الصواب، وقيل: بل رجع وهو على كفره، حكاه ابن التين، انتهى، وهذا نحو كلام ابن إسحاق، ولكنَّ عبارة «الصحيح» في هذا القدر لا تنافي ما قاله ابن إسحاق، والله أعلم.

(1/7713)

قوله: (عِنْدَ خَطْمِ الجَبَل حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ): قال ابن قُرقُول: (عند خطم الجبل): كذا رواه القابسيُّ، والنسفيُّ، وأهل السير، وخطم الجبل: أنفه؛ وهو طرفه السائل منه، وهو الكراع، ورواه سائر الرواة _الأصيليُّ، وابن السكن، وأبو الهيثم_: (عند حطم الخيل)؛ أي: حيث تجتمع فيحطم بعضُها بعضًا، والأوَّل أشهر وأشبه بالمراد، وحبسه هناك حيث يضيق الطريق، وتمرُّ عليه جنود الإسلام على هيئتها شيئًا بعد شيء، فيعظم في عينه، وأمَّا الانحطام؛ فليس يختصُّ بموضع، ولا هو المراد، وأكثر ما يقال ذلك في المعارك، وعند الملاقاةِ، وقد ضبطه بعضهم عن القابسيِّ وأبي ذرٍّ لغير أبي الهيثم: (عند حطم الجبل)، وكذا قيَّده عبدوس، وهو وَهم لا وجه له، انتهى.

و (حطم الخيل)؛ بالحاء، و (الخيل)؛ بالخاء المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة: كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: (خطم الجبل): (خطم)؛ بالخاء المعجمة، و (الجبل)؛ بالجيم، والموحَّدة.

قوله: (كَتِيبَةً كَتِيبَةً): (الكتيبة): الجيش المجتمع الذي لا ينتشرُ، وهذا ظاهرٌ، و (كتيبةً): منصوب منوَّن، كذا في أصلنا، يجوز رفعهما مع التنوين.

قوله: (سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ): هو بضمِّ الهاء، وفتح الذال المعجمة، وهذا ظاهرٌ جدًّا [3].

قوله: (ثُمَ مَرَّتْ سُلَيْمُ): هو بضمِّ السين، وفتح اللام، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

قوله: (لَمْ يُرَ مِثْلُهَا): (يُرَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (مثلُها): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

قوله: (عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ): (سعد) هذا: سيِّد الخزرج، تَقَدَّم ببعض ترجمة.

قوله: (الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ): تَقَدَّم إعراب (اليوم يوم) في قوله: (وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ) [خ¦3041]، وما نقل فيه السهيليُّ، و (الملحمة): الحرب، أو يوم حرب لا يجد منه المرءُ مخلصًا، أو يوم القتل، يقال: لحم فلان فلانًا: قتله، و (الملحمة) أيضًا: موضع القتال، والجمع: الملاحم، مأخوذة من اشتباك الناس واختلاطهم فيها؛ كاشتباك لُحمة الثوب بالسَّدى، وقيل: هو من اللحم؛ لكثيرة القتلى فيها.

وأمَّا قوله: «أنا نبيُّ الملحمة»؛ يعني: نبي القتال، وهو كقوله الآخر: «بعثتُ بالسيفِ».

[ج 2 ص 206]

قوله: (الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ): (تُستَحلُّ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الكعبةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ [4]): (يومُ): مرفوع، ورفعه معروفٌ.

قوله: (الذِّمَارِ): هو بكسر الذال المعجمة، ثُمَّ ميم مخفَّفة، وفي آخره راء، ما يجب على المرء حفظه وحمايته، والدفع دونه، ومعنى (حبَّذا يوم الذِّمَار): يريد: الحرب؛ لأنَّ الإنسان يقاتل على ما يلزمُه حفظه، والله أعلم، وقال شيخنا: إنَّ هذا يوم أُؤمِّل فيه حفظي وحمايتي من أن ينالني مكروه.

(1/7714)

قوله: (وَهْيَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ): قال ابن قُرقُول: (هي أقلُّ): كذا لجميعهم، ورواه الحُمَيديُّ في «اختصاره»: (هي أجلُّ الكتائب)، وهو الأظهر، وقد يتَّجه لـ (أقل) وجه؛ وهو أنَّها كانت كتيبة المهاجرين، وهم كانوا عددًا من الأنصار، وقد ذكر أنَّ الكتائب تَقَدَّمت كتيبة كتيبة، وقد تَقَدَّم كتيبة الأنصار، فلم يبق إلَّا كتيبة رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في خاصَّة المهاجرين، انتهى.

وقال ابن سيِّد الناس في «سيرته» في قوله: (أقلُّ الكتائب): كذا وقع عند جميع الرواة، ورواه الحُمَيديُّ في كتابه: (هي أجلُّ الكتائب)، وهو الأظهر، انتهى.

قوله عَلَيهِ السَّلام: (كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ): اعلم أنَّ في «سيرة ابن سيِّد الناس» بعد أن وقع هذا الكلام: فأرسل رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى سعد بن عبادة، فنزع اللواء من يده، وجعله بيد قيس ابنه، ورأى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّ اللواء لم يخرج عنه إذ صار إلى ابنه قيس، قال ابن عبد البرِّ: (وقد روي: أنَّه عَلَيهِ السَّلام أعطى الراية للزبير إذ نزعها من سعد)، انتهى.

قوله: (أَنْ تُرْكَزَ الرَّايَةُ): (تُركَز)؛ بضمِّ أوله، وفتح الكاف: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الرايةُ): مرفوعة قائمة مقام الفاعل.

قوله: (بِالْحَجُونِ): هو بفتح الحاء، وضمِّ الجيم، وهو الجبل المشرف عند المحصَّب حذاء مسجد العقبة، قال الزُّبَير: (الحَجُون): مقبرة أهل مَكَّة، انتهى.

قوله: (قَالَ عُرْوَةُ: وَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ... )؛ الحديث: أخرج هذا البُخاريُّ في (الجهاد) عن أبي كُرَيب، عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن نافع بن جُبَير بن مطعم، عن العبَّاس، وعن عبيد الله بن إسماعيل عن أبي أسامة به في حديث طويل، وهو هذا الذي تَقَدَّم قبله عن هشام عن أبيه قال: لمَّا سار النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عام الفتح فبلغ قريشًا ... )؛ الحديث.

قوله: (أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ): هو بضمِّ الكاف، و (الرايةَ): منصوبٌ مفعول، والفاعل الضمير؛ وهو: (أنت)، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مِنْ كَدَاءٍ): تَقَدَّم أنَّ العليا بفتح الكاف، ممدودٌ، مصروف، تَقَدَّمتُ، وهي ممدودة في أصلنا هنا، وهي الثنيَّة العليا، وسيأتي بُعَيْدَ هذا ما في ذلك.

قوله: (وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُدًى): هي بضمِّ الكاف، وبالقصر، منوَّنة، كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّم الكلام عليها في (الحج)، وأنَّها الثنيَّة السُّفلى، فقال شيخنا هنا: قد أسلفنا في (الحج) أنَّ الصواب: دخوله عَلَيهِ السَّلام من كَداء؛ بالفتح؛ فراجعه، وقد سلف السرُّ فيه، انتهى، وسيأتي قريبًا (باب دخول النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من أعلى مَكَّة)، وكونه ذكر هذا في الفتح دلَّ عنده على أنَّه دخل في الفتح منها أيضًا.

(1/7715)

وقد ذكرت أنا السرَّ فيه من عند السهيليِّ؛ أعني: دخوله في الحجِّ من العُليا التي هي بالمدِّ والفتح مصروفة، والله أعلم.

قوله: (فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلاَنِ: حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ): أمَّا (خُنَيس)؛ فهو بالخاء المعجمة المضمومة، وفتح النون، وفي آخره سين مهملة: كذا عند ابن إسحاق، وقد قُيِّد بالحاء المهملة المضمومة، وفي آخره شين معجمة، وهو حُبيش بن خالد بن منقذ، الخزاعيُّ الكعبيُّ، أبو صخر، ويقال لأبيه: الأشعر؛ بالشين المعجمة، كذا قيَّده السهيليُّ، انتهى، و (حُبيش) هذا بالحاء المهملة والشين المعجمة أصحُّ من (خُنَيس)؛ بالخاء المعجمة والسين المهملة، وفي «المطالع» لمَّا ذكر حُبيشًا هذا؛ قال: فضبطه البُخاريُّ بالشين، وروي عن ابن إسحاق: بالخاء المعجمة، والنون، والسين المهملة، والأوَّل هوالصواب، انتهى.

روى حُبيش هذا في «الغيلانيات» من حديثه قصَّة أمِّ معبد بطولها، وهو صَحابيٌّ رضي الله عنه، قال الدِّمْياطيُّ: هو حُبيش بن خالد بن حُليف، والأشعر: هو خالد أبوه، قاله ابن سعد، وهو المقتول مع كُرز لا ابنه حُبيش، وأمُّ معبد عاتكة هي عمَّة حُبيش، فإنَّها عاتكة بنت حُليف، وأمَّا كُرز بن جابر بن حُسيل؛ فهو الذي ولَّاه رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الجيش الذي خرج في طلب العرنيين، انتهى.

وقد قدَّمتُ الخلاف في أمير سريَّة العرنيين، وقد ذكر ابن عبد البرِّ حُبيشًا: أنَّه قتل مع كُرز بن جابر، وذكر أيضًا في أبيه خالد ما لفظه: (قال الواقديُّ: قتل مع كُرز بن جابر بطريق مَكَّة عام الفتح)، انتهى.

تنبيهٌ: وقد أصيبت من جُهينة سلمة ابن الميلاء، وسلمة هذا صَحابيٌّ، قال الحافظ أبو موسى: سلمة ابن الملياء الجهنيُّ، وأمَّا سلمة ابن الميلاء؛ فقتل [5] يوم الفتح رضي الله عنه، وأُصيب من المشركين قريب من اثني عشر رجلًا، أو ثلاثة عشر رجلًا، وقال ابن سعد: قتل أربعة وعشرون رجلًا من قريش، وأربعة من هُذَيل، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (صخر بن حرب وحَسُنَ إسلامه، وكان رسول الله يحبه ويشهد له بالجنة، ويقول: «أرجو أن يكون خَلفًا من حَمزة»، ويُروى أنَّه قال عند موته: لا تبكنَّ عليَّ، فإنَّي لم أتنطَّف بخطيئة منذ أسلمت، ومات من ثؤلول حلقه الحلَّاق في حج، فقطعه مع الشعر فنزف منه.× ينظر في هذه الحاشية، هذا القائل في حق سفيان بن الحارث لا في أبي سفيان بن حرب؛ فافهم).

[2] في هامش (ق): (أوقدوا عشرة آلاف نار).

[3] في (أ): (أيضًا)، وفي اللاحقة: (جدًّا)، وقد حصل بين الفقرتين تقديم وتأخير، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[4] في هامش (ق): ([ذمرته] أذمُرُه [ذمرًا] إذا حضضته على القتال).

[5] في (أ): (قتل)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/7716)

[حديث: رأيت رسول الله يوم فتح مكة على ناقته]

4281# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (عَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّلٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الميم، وفتح الغين، وفتح الفاء المشدَّدة، وأنَّه صَحابيٌّ، رضي الله عنه وعن ابنه عبد الله.

قوله: (عَلَى نَاقَتِهِ): تَقَدَّم الكلام على ناقته عَلَيهِ السَّلام الجدعاء، والعضباء، والقصواء، هل هنَّ ثلاث، أو اثنتان، أو واحدة؟ والله أعلم.

قوله: (يُرَجِّعُ): هو بضمِّ أوَّله، وكسر الجيم المشدَّدة، و (الترجيع): ترديد القراءة، وقد تَقَدَّم، وسيجيء صفة ترجيعه في آخر «الصحيح» إن شاء الله تعالى.

قوله: (كَمَا رَجَّعَ): هو بتشديد الجيم، وهذا ظاهرٌ يعرف مما قبله من كلامي.

==========

[ج 2 ص 207]

(1/7717)

[حديث: وهل ترك لنا عقيل من منزل]

4282# 4283# قوله: (حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى): كنيته هو أبو سعد [1]، واسمه سعيد بن يحيى بن صالح اللخميُّ، ولقبه: سعدان، عن زكريَّاء ابن أبي زائدة، وهشام بن عروة، وغيرهما، وعنه: هشام بن عمَّار، وعليُّ بن حجر [2]، صدوق، وقال الدارقطنيُّ: ليس بذاك، له ترجمة في «الميزان» وصحَّح عليه، وقد وثَّقه ابن حبَّان، فقال: ثِقةٌ مأمون، وقال أبو حاتم: محلُّه الصدق.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم، وهو ابن شهاب، العالم المشهور، و (عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ) بعده: هو زين العابدين، رضي الله عن آبائه.

[ج 2 ص 207]

قوله: (وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ): (عَقِيل) هذا: بفتح العين، وكسر القاف، وهو ابن أبي طالب، أخو جعفر وعليٍّ لأبويهما، كنيته: أبو يزيد، وقيل: أبو عيسى، أسلم قبيل الحُدَيْبيَة، وشهد مؤتة مع أخيه جعفر، له أحاديثُ، روى عنه: ابنه محمَّد، والحسن، وعطاء بن أبي رَباح، وجماعة، قال ابن سعد: مات في خلافة معاوية بعدما عمي رضي الله عنه، أخرج له النَّسائيُّ، وابن ماجه، وأحمد في «المسند».

قوله: (وَرِثَهُ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ): أمَّا (عَقِيل)؛ فقد تَقَدَّم أعلاه، وأمَّا (طالب)؛ فإنَّه لم يسلم، وأولادُ أبي طالب: طالب، وعَقِيل، وجعفر، وعليٌّ، وكان كلٌّ من هؤلاء أكبرَ من الآخر بعشر سنين، وأختهم أمُّ هانئ فاختة، وقيل غير ذلك، وقد قدَّمتُ الاختلاف في اسمها، وجُمانة بنت أبي طالب أختٌ ثانية لهم، قسم لها رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ثلاثين وَسْقًا من خيبر، وهي أمُّ عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب، وأمُّ طالب أختٌ أخرى لهم، ذكرها الذهبيُّ في «تجريده»، وسمَّاها: ريطة، ولم يذكرها في (الأسماء)، أسلموا كلُّهم إلَّا طالبًا، فيقال: إنَّ الجنَّ اختطفته، والله أعلم.

قوله: (قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ [3] الزُّهْرِيُّ): تعليق مَعْمَر هذا أخرجه النَّسائيُّ به.

قوله: (وَلَمْ يَقُلْ يُونُسُ: حَجَّته، وَلاَ زَمَنَ الْفَتْحِ): حديث يونس عن الزُّهريِّ أخرجه النَّسائيُّ بإسناده عن يونس عن الزُّهريِّ.

(1/7718)

[حديث: منزلنا إن شاء الله إذا فتح الله الخيف ... ]

4284# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنون: عبد الله بن ذكوان، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) هذا: هو الأعرج عبد الرَّحمن بن هرمز، تَقَدَّم كلُّ واحد منهم مرارًا، وكذا (أَبو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (الْخَيْفُ): هو معروفٌ، وهو مرفوعٌ خبرُ المبتدأ؛ وهو (مَنْزِلُنَا)، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ): (تقاسموا): من القَسم؛ وهو اليمين؛ أي: تحالفوا، يريد: لمَّا تعاهدت قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطَّلب، وترك مخالطتهم.

==========

[ج 2 ص 208]

(1/7719)

[حديث: منزلنا غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة ... ]

4285# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، تَقَدَّم، و (ابْنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، وهو أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا): في هذا تجوُّز، وإنَّما قاله حين أراد مَكَّة، وقد تَقَدَّم، وصرف (حُنينًا) على إرادة الموضع، وهو كذلك في أصلنا مصروفٌ.

==========

[ج 2 ص 208]

(1/7720)

[حديث: أن النبي دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر ... ]

4286# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزعَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (قزعة) بفتح الزاي وإسكانها، و (ابنُ شِهَابٍ): الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم.

قوله: (دَخَلَ [مَكَّةَ] يَوْمَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم أنَّه كان يوم الجمعة تاسع عشر رمضان، وقد تَقَدَّم الخلاف كم كان من الشهر في الفتح قريبًا، وقدَّمتُه بعيدًا أيضًا.

قوله: (وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ): تَقَدَّم الكلام على (المغفر) ما هو، قال الحافظ أبو ذرٍّ: لم يرو حديث المغفر عن الزُّهري إلَّا مالك، انتهى، وهذا فيه نظرٌ، وسأذكر ذلك بما فيه في (كتاب

اللباس) مطوَّلًا إن شاء الله تعالى وقدره.

قوله: (جَاءَه رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُ خَطَلٍ [1] مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ): هذا الرجل لا أعرفه، ولعلَّه أحد قتلةِ ابن خطل، وقد قدَّمتُ في (الحج) الاختلاف فيمن قتله، وقد أباح عَلَيهِ السَّلام دم جماعة حين الفتح قد ذكرتُهم في (الحج) أيضًا؛ فانظرهم _والله أعلم_ وما جرى لكلٍّ منهم.

قوله: (قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _فِيمَا نُرَى، وَاللهُ أَعْلَمُ_ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا): (نُرى)؛ بضمِّ النون: نظنُّ، وكذا قال شيخ مالك الزُّهريُّ، كما رواه بعضُهم، لكنَّه جزم، فإنَّه قال: (ولم يكن النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يومئذٍ مُحْرِمًا).

==========

[1] في هامش (ق): (ابن خطل اسمه [عبد الله، وقيل]: هلال، وقيل: هلال أخوه [يقال] لهما: الخطلان، وهما من [بني تيم بن] غالب بن فِهر، وفي هذا دليل أنَّ الكعبة لا تعيذ عاصيًا، ولا تمنع من إقامة حد واجب، وأنَّ معنى قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} [آل عمران: 97] إنَّما معناه الخبر عن عظيم حرمة الحرم في [الجاهلية] نعمة منه على أهل مَكَّة، كما قال تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ ... } [المائدة: 97]، فكان في ذلك قوام للناس [ومصلحة لذرية] إسماعيل، وإجابة لدعوة إبراهيم حيث يقول: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} [إبراهيم: 37]).

[ج 2 ص 208]

(1/7721)

[حديث: دخل النبي مكة يوم الفتح وحول البيت ... ]

4287# قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ): (ابن أبي نَجِيح) هذا: هو عبد الله بن أبي نَجِيح يسار، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو مَعْمَرٍ)؛ بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة: عبد الله بن سخبرة، و (عَبْدُ اللهِ) هذا: هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، الصحابيُّ الشهير، رضي الله عنه.

قوله: (نُصُبٍ): هو بضمِّ النون والصاد المهملة، وتسكَّن، وبالموحَّدة، قال شيخنا: يجوز فتح النون مع ذلك أيضًا، وكلُّها واحد الأنصاب، كما نبَّه عليه ابن التين، انتهى، و (النُّصُب): حجر كانوا ينصبونه في الجاهليَّة، ويتَّخذونه صنمًا، فيعبدونه، والجمع: أنصاب، وقيل: هو حجر كانوا ينصبونه، ويذبحون عليه، فيحمرُّ بالدم، والله أعلم.

قوله: (يَطْعنُهَا): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بضمِّ العين وفتحها.

قوله: (بِعُودٍ فِي يَدِهِ): كان قوسًا، كما في بعض الطرق.

==========

[ج 2 ص 208]

(1/7722)

[حديث: قاتلهم الله لقد علموا ما استقسما بها قط]

4288# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: وقال _يعني: البُخاري_ في (الوضوء)، وفي (الصلاة) في موضعين، وفي (الأوقاف)، و (مناقب سعد بن عبادة)، و (خيبر)، و (الفتح)، و (الاستئذان)، و (الاعتصام)، و (الأحكام): (حدَّثنا إسحاق، حدَّثنا عبد الصمد)؛ يعني: ابن عبد الوارث.

نسب الأصيليُّ في ثلاثة مواضع من هذه الذي في (الأوقاف)، و (الفتح)، و (الأحكام): ابن منصور، وأهمل سائرها، ولم أجده لابن السكن ولا لغيره منسوبًا في شيء من هذه المواضع، وقد نسبه البُخاريُّ في (مقدم النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، فقال: (حدَّثنا إسحاق بن منصور، حدَّثنا عبد الصمد، عن أبيه، عن أبي التَّيَّاح ... )؛ الحديث.

وذكر أبو نصر أنَّ ابن منصور وابن إبراهيم يرويان عن عبد الصمد، وقد روى مسلم في (الحجِّ) عن إسحاق بن منصور، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه ... ، فذكر حديثًا، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخُنا.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ [1]: حَدَّثَنَا [2] أَبِي): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الصمد بن عبد الوارث، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، العالم المشهور.

قوله: (فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ): المأمور بإخراجها الظاهر أنَّه عمر بن الخَطَّاب، وسيجيء فيما يليه ما يشدُّه من كلام ابن شيخنا البلقينيِّ، وقال بعض المتأخِّرين: الذي أُمر بإخراجها عمر، روى أبو داود من حديث جابر معناه، انتهى، وقد رأيته في آخر «أبي داود» في (باب الصُّور).

قوله: (فَأُخْرِجَتْ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، والتاء في آخره ساكنة علامة التأنيث.

قوله: (فَأُخْرِجَ صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ): (أُخرِج): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (صورةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، ولم يبيَّن هنا من أخرجها، قال ابن شيخنا البلقينيِّ عن «طبقات ابن سعد»: إنَّه عَلَيهِ السَّلام أمر عمر وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة يمحو كلَّ صورة فيها، ولم يدخلها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حتَّى محيت كلُّ صورة

[ج 2 ص 208]

فيها، انتهى، قال ابن شيخنا: فحينئذٍ يحتمل أن يكون عمر بن الخَطَّاب هو المبعوثَ للإخراج، يفسِّر المبهم في رواية البُخاريِّ، انتهى، وما عزاه ابن شيخنا البلقينيِّ إلى «الطبقات»؛ فهو في «أبي داود» من رواية جابر في أواخره في (باب الصُّور)، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فِي أَيْدِيهِمَا [مِنَ] الأَزْلاَمِ): تَقَدَّم الكلام عليها وواحدِها.

قوله: (مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ): (الاستقسام بالأزلام): الضرب بها لإخراج ما قُسم لهم من أمر وتمييزه بزعمهم.

(1/7723)

قوله: (وَقَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ... ) إلى آخره: [تقدَّم] (وُهَيب) أنَّه بالتصغير، وأنَّه ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، وهذا تعليق مجزوم به، و (أيوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وإنَّما ساق هذا التعليق؛ لينبِّه على أنَّ عبد الوارث رواه عن أيوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس مرفوعًا، ورواه مَعْمَر عن أيوب عن عكرمة مرسلًا، وهذا على ما في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ كان فيه إثباتُ (ابن عباس)، فضُرِب عليه، وكذا ذكره المِزِّيُّ في «أطرافه» مرسلًا، وفي نسخة في هامش أصلنا القاهريِّ إثباتُ (ابن عباس)، وعليه: راويةُ مثبته، والله أعلم، وكذا ذكر شيخنا هذا التعليق مرسلًا، والله أعلم.

وقد أخرج الحديث من أصله البُخاريُّ في (الحجِّ): عن أبي مَعْمَر عن عبد الوارث، والتِّرْمِذيُّ في (المغازي): عن إسحاق عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، وفي (أحاديث الأنبياء): عن إبراهيم بن موسى عن هشام عن مَعْمَر؛ كلاهما عن أيوب به، وقال في عقيب حديث عبد الصمد عن أبيه: (وقال وُهَيب: عن أيوب، عن عكرمة، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وأخرجه أبو داود في (الحجِّ): عن أبي مَعْمَر به، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (قال).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

(1/7724)

[باب دخول النبي من أعلى مكة]

قوله: (بابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ): تَقَدَّم أنَّ دخوله من كَداء؛ بفتح الكاف، والمدِّ، وهي أعلى مَكَّة، وأنَّ السُّفلى بضمِّ الكاف، مقصورةٌ منوَّنة، وأنَّ هذا هو الصواب في ضبطها وإن اختلف الرواة في ذلك، فهذا هو الصواب، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 209]

(1/7725)

[معلق الليث: أن رسول الله أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته .. ]

4289# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وقد أخرجه في (الجهاد): عن يحيى ابن بُكَيْر، عن الليث، عن يونس هذا، وهو يونس بن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّم به، والله أعلم، لا يونس بن عُبيد، هذا الثاني إنَّما أخرج له عن نافع عن ابن عمر النَّسائيُّ فقط؛ فاعلمه.

قوله: (وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ مِنَ الْحَجَبَةِ): (الحجبة)؛ بفتح الحاء المهملة والجيم، وبالموحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: سُدَّان الكعبة، وهو عثمان بن طلحة بن أبي طلحة عبد الله بن عبد العزَّى العبدريُّ الحَجَبيُّ، قُتِل أبوه وعمُّه عثمان يوم أُحُد كافرَين في جماعة من بني عمِّهما، هاجر عثمانُ هذا مع خالد بن الوليد وعمرو بن العاصي، ودفع النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى هذا وإلى ابن عمِّه شيبة بن عثمان مفتاحَ الكعبة، تُوُفِّيَ رضي الله عنه سنة اثنتين وأربعين، وقد أخرج له مسلم، وأبو داود، وأحمد في «المسند».

قوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ): كذا هنا، وقد سأله كما رواه البُخاريُّ وأبو داود.

(1/7726)

[حديث: أن النبي دخل عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة]

4290# قوله: (مِنْ كَدَاءٍ [1]): تَقَدَّم أنَّها بفتح الكاف، وبالمدِّ، وكذا هي في أصلنا، وهي العليا.

قوله: (تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَوُهَيْبٌ فِي كَدَاءٍ): الضمير في (تابعه) يعود على حفص بن ميسرة؛ أي: فروياه عن هشام بن عروة، و (أبو أسامة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (وُهَيب): تَقَدَّم أنَّه ابن خالد، و (كَداء): تَقَدَّم قريبًا أنَّها بفتح الكاف، والمدِّ، وكذا هي هنا في أصلنا، ومتابعة حمَّاد في «البُخاريِّ» في (الحجِّ) أخرجها عن محمود عنه، وفي «مسلم»: عن أبي كُرَيب عنه، وأبو داود في (الحجِّ): عن هارون بن عبد الله عن أبي أسامة مختصرًا، ورواه عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة، كما أخرجه البُخاريُّ مرسلًا فيما يلي هذا، وتأتي متابعة وُهَيب بُعَيده، ولم أرها في المسندات، إنَّما رأيتها في المراسيل؛ فاعلمه.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: إنما دخل النَّبيّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من أعلى مَكَّة من كداء؛ لأنَّ بكداء وقف إبراهيم حين دعا لذريته بالحرم، كذا روى سعيد بن جبير عن ابن عباس، فقال: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} [إبراهيم: 37]، فاستجيبت دعوته وقيل له: {أذن في الناس بالحج يأتوك} [الحج: 27]، ألا ترى قال: {يأتوك}، ولم يقل: يأتوني؛ لأنَّها استجابة لدعوته، فمن ثمَّ _والله أعلم_ استحب رسول الله إذا أتى مَكَّة أن يدخلها من كداء).

[ج 2 ص 209]

(1/7727)

[حديث: دخل النبي عام الفتح من أعلى مكة من كداء]

4291# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة، (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ ... ) إلى آخره: هذا مرسلٌ، والحاصل: أنَّه اختُلِف في إرساله ووصله، فقدَّم هنا الموصولَ، وأخَّر المرسل، وقد أخرج المرسلَ البُخاريُّ في (الحجِّ) عن عبد الله بن عبد الوهَّاب عن حاتم بن إسماعيل، وعن موسى بن إسماعيل [عن] وُهَيب بن خالد، وهنا عن عُبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة؛ ثلاثتهم عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا، ورواه محمود في «البُخاريِّ» عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة، وكذلك رواه سفيان بن عيينة في «البُخاريِّ» عن هشام عن أبيه عن عائشة، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) وسائر النُّسخ: (حدَّثنا).

[ج 2 ص 209]

(1/7728)

[باب منزل النبي يوم الفتح]

(1/7729)

[حديث: ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي يصلي الضحى غير أم هانئ ... ]

4292# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (شُعَيْبٌ [1]): هو ابن أبي حمزة، و (عَمْرٌو): هو ابن مرَّة، أحد الأعلام، الجَمَليُّ، و (ابْنُ أَبِي لَيْلَى) بعده: هو عبد الرَّحمن بن أبي ليلى الأنصاريُّ، و (أُمُّ هَانِئٍ): تَقَدَّم أنَّ اسمها فاختة، ويقال: هند، وقيل غير ذلك في أوائل هذا التعليق.

قوله: (غَيْر أُمِّ هَانِئٍ [2]): (غير): يجوز فيها النصب والرفع، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» وغيرها: (شعبة)، وهو ابن الحجَّاج.

[2] في هامش (ق): (أم هانئ اسمها فاختة، وقيل: جمانة، [كنيت] بابنها هانئ بن هبيرة، ولها ابن آخر من هبيرة اسمه؟؟؟، وثالث واسمه [جعدة]، إياه عنت في حديثها).

[ج 2 ص 209]

(1/7730)

[باب في نزول سورة النصر، وما قاله النبي يوم الفتح]

(1/7731)

[حديث: كان النبي يقول في ركوعه: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ... ]

4293# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار لقبه، وتَقَدَّم أنَّ (غُنْدَر) محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم ضبط (غُنْدُر)، و (مَنْصُورٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم أنَّه مسلم بن صُبَيح؛ بضمِّ الصاد المهملة، وفتح الموحَّدة.

==========

[ج 2 ص 209]

(1/7732)

[حديث: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر]

4294# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل، عارم، و (أَبُو عَوَانَةَ): الوضَّاح بن عبد الله، و (أَبُو بِشْرٍ): جعفر بن أبي وحشيَّة إياس.

قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا [1] مَعَنَا ... ؟!) إلى آخره: قائل ذلك هو عبد الرَّحمن بن عوف، كما سيأتي في (باب مرض النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وقوله: (لِمَ): هو بفتح الميم، استفهام إنكار.

قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ): هذا لا أعرفه أو أعرفهم، وكذا (قَالَ بَعْضُهُمْ) الثانية.

قوله: (أَمَرَنَا): هو بفتح الهمزة والراء، كذا في أصلنا.

قوله: (إِذَا نُصِرْنَا): هو بضمِّ النون، وكسر الصاد، وكذا (فُتِحَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

[ج 2 ص 209]

قوله: (هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ [اللهُ] لَهُ): إن قيل: من أين أخذ ذلك ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما وكذا عمر رضي الله عنه من (سورة النصر) كونَها أجلَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؟ قيل: أخذا ذلك من قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: 3].

قال ابن قيِّم الجوزيَّة الإمام شمس الدين: أمر الله نبيَّه بالاستغفار بعد أداء الرسالة، والقيام بما عليه من أعبائها، وقضاء فرض الحجِّ والجهاد، واقتراب أجله، فقال في آخر ما أنزل عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} ... ؛ السورة [النصر: 1]، ومن ههنا فهم عمر وابن عبَّاس رضي الله عنهم أنَّ هذا أجلُ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، أعلمه به، فأمره أن يستغفره عقيب أداء ما عليه، فكان إعلام بأنَّك قد أديت ما عليك، ولم يبق عليك شيء، فاجعل خاتمته الاستغفار، كما كان خاتمةَ الصلاة _يعني: كان يقول في آخرها: أستغفر الله ثلاثًا_ قال: والحجِّ _يعني قوله: {وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199]_ قال: وقيامِ الليل، وخاتمة الوضوء أيضًا أن يقول بعد فراغه: اجعلني من التوَّابين، واجعلني من المتطهِّرين، انتهى.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (الفتى).

(1/7733)

[حديث: إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس لا يحل ... ]

4295# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (الْمَقْبرِيُّ): هو سعيد بن أبي سعيد كيسان، تَقَدَّم، وهو بضمِّ الموحَّدة وفتحها، و (أَبُو شُرَيْحٍ): تَقَدَّم أنَّه بالشين المعجمة، وفي آخره حاء مهملة، العدويُّ، واسمه: خويلد بن عمرو، وقيل: بالعكس، وقيل: كعب بن عمرو، وقيل: [هانئ] بن عمرو، صَحابيٌّ جليل، حمل لواء قومه يوم الفتح، وكان من العقلاءِ، تُوُفِّيَ سنة (68 هـ)، أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند»، وقد قدَّمتُ الكلام عليه.

قوله: (أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ [1]): كذا هنا، وهو عمرو بن سعيد بن العاصي بن أُمَيَّة، وعن ابن إسحاق من طريق زياد البكائيِّ قال: حدَّثني سعيد بن أبي سعيد المقبريُّ عن أبي شريح الخُزاعيِّ قال: لمَّا قدم عمرو بن الزُّبَير مَكَّة لقتال أخيه عبد الله بن الزُّبَير؛ جئته، فقلتُ: يا هذا، إنَّا كنا مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حين افتتح مَكَّة، فلمَّا كان الغد من يوم الفتح؛ عَدَتْ خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه ... ، فذكره، وما وقع في «الصحيح» هو الصحيح والصواب، والوهم فيه عمَّن دون ابن إسحاق، وقد رواه يونس بن بكير عنه على الصواب، وقد قدَّمتُ الكلام على ذلك بزيادة في (كتاب العلم)؛ فانظره، فإنَّه مكان حسن.

قوله: (وَلاَ يَعْضِدَ): هو بكسر الضاد المعجمة، تَقَدَّم.

قوله: (وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ): (الشاهدُ): مرفوع فاعل، و (الغائبَ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (بِخَرْبَةٍ [2]): تَقَدَّم الكلام عليها ضبطًا ومعنًى، وأنَّ البُخاريَّ قال: (الخربة: البليَّة)، وقيل غير ذلك في (كتاب العلم).

==========

[1] في هامش (ق): (ابن العاصي بن أمية. قال ابن هشام في «السيرة»: عمرو بن الزُّبَير وهو وهم؛ فليتنبه له.× عمرو بن سعيد بن العاصي بن أمية، وهو الأشدق ويكنى أبا أمية وهو الذي كان يسمى لطيم الشيطان وكان جبارًا شديد البأس حتى خافه عبد الملك على ملكه فقتله بحيلة).

[2] في هامش (ق): (فائد: بضم الخاء ولا يقال بفتحها، وصوَّبه [بعضهم]).

[ج 2 ص 210]

(1/7734)

[حديث: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر]

4296# قوله: (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وأنَّ (عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ) بفتح الراء، وبالموحَّدة.

قوله: (عَامَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم أنَّه سنة ثمان، ولا أعلم فيه خلافًا، وتَقَدَّم الكلام قريبًا على ما وقع في هذا «الصحيح»، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 210]

(1/7735)

[باب مقام النبي بمكة زمن الفتح]

قوله: (بابُ مقَام النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح الميم وضمِّها، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مَقَام النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [بِمَكَّةَ] زَمَنَ الْفَتْحِ): وأخرج حديث أنس: (أقمنا عشرًا نقصر الصلاة)، يعكِّر على هذا ما ذكرناه في تاريخ فتحها، وقد قالوا: إنَّه خرج عَلَيهِ السَّلام لستِّ ليال خلون من شوَّال _ويقال: لليلتين بقيتا من رمضان_ إلى حُنين، وقد قدَّمتُ ذلك، ولكن إذا قلنا: إنَّ الفتح تاسع عشر رمضان، وخرجوا لليلتين بقيتا منه؛ فإقامته بها عشر، وهذا قُوَيل، والله أعلم.

واعلم أنَّه اختلف في إقامته عَلَيهِ السَّلام بمَكَّة زمن الفتح؛ فهنا عشر، وتسع عشرة، وقال مغلطاي: قال البُخاريُّ: (وأقام بها خمس عشرة ليلة)، وفي رواية: (تسع عشرة)، وفي رواية أبي داود: (سبع عشرة)، وفي «التِّرْمِذيِّ»: (ثماني عشرة)، وفي «الإكليل»: أصحُّهما: (بضع عشرة يصلِّي ركعتين)، انتهى، وكذا قاله بعض الحفَّاظ كما في حفظي، ولكن هنا قد بوَّب عليه بـ (زمن الفتح)، فلم يرد ذاك.

==========

[ج 2 ص 210]

(1/7736)

[حديث: أقمنا مع النبي عشرًا نقصر الصلاة]

4297# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دكين، الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ.

قوله: (وحَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): كذا في أصلنا، ومكتوب على (وحدَّثنا) على الواو: (ه) و (صح)، فيبقى الكلام على حذف الواو (حدَّثنا قبيصة)، و (قبيصة) هذا: هو ابن عقبة، شيخ البُخاريِّ، مشهور الترجمة، والواو أحسن؛ ليُعرَف أنَّه تحويل، ولئلَّا يجيء شخص يَحسبُ أنَّ سفيانَ روى هذا الحديث عن قبيصة، بل هو العكس: قبيصة رواه عن سفيان، والله أعلم، و (يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ) بعد سفيان [1]: هذا هو الحضرميُّ النحويُّ، عن أنس وسليمان بن يسار، وعنه: عبَّاد بن العوَّام، وعبد الوارث، وابن عليَّة، ثِقةٌ، صاحب قرآن وعربيَّة، تُوُفِّيَ سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: من اسمه يحيى وهو يروي عن أنس في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: يحيى هذا، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، ويحيى بن عبَّاد بن شيبان، ويحيى بن عُمارة بن أبي حسن، ويحيى بن أبي كثير، ويحيى بن يزيد الهنائيُّ، والله أعلم.

قوله: (عَشْرًا نَقْصُرُ الصَّلاَةَ): هذا كان في حجَّة الوداع، ولم تكن إقامته في الحجِّ بمَكَّة فقط، بل كان فيها وفي عرفات ومِنًى، فأقام بمَكَّة ثلاثة أيام سوى يومَي الدخول والخروج، هذا في حجَّة الوداع، وليس المراد هنا، وقد قدَّمتُ الاختلاف في مدَّة إقامته زمن الفتح أعلاه.

(1/7737)

[حديث: أقام النبي بمكة تسعة عشر يومًا يصلي ركعتين]

4298# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي رَوَّاد، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن المبارك، و (عَاصِمٌ) بعده: هو ابن سليمان، الأحولُ، البصريُّ.

==========

[ج 2 ص 210]

(1/7738)

[حديث: أقمنا مع النبي في سفر تسع عشرة نقصر الصلاة]

4299# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نُسِب إلى جدِّه، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو شِهَابٍ) بعده: قال الدِّمْياطيُّ: (عبد ربِّه بن نافع، أبو شهاب الحنَّاط المدائنيُّ، وأصله من الكوفة، مات بالمَوصِل، سنة إحدى _أو اثنتين [1]_ وسبعين ومئة)، انتهى.

تنبيهٌ: أبو شهاب اثنان؛ الأوَّل: الحنَّاط، أبو شهاب الأكبر، واسمه: موسى بن نافع الهذليُّ الحنَّاط، من أهل الكوفة، يروي عن عطاء بن أبي رباح، روى عنه أبو نُعيم، ذكر له البُخاريُّ حديثًا واحدًا في (الحجِّ)، والثاني: أبو شهاب الأصغر، واسمه: عبد ربه بن نافع المدائنيُّ الحنَّاط، يروي عن يونس بن عُبيد، وابن عون، وعاصمٍ الأحول، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، رويا جميعًا، روى له البُخاريُّ في (الزكاة)، و (الاستقراض)، و (الكفَّارات)، و (التوحيد)، وغير ذلك، حدَّث عنه: أحمد ابن يونس، وعاصم بن يوسف، قال البُخاريُّ: (عبد ربه بن نافع، أبو شهاب الحنَّاط، صاحب الطعام، سمع محمَّد بن سوقه، ويونس بن عبيد، وعوفًا الأعرابيَّ ... ) إلى آخر كلامه.

قوله: (عَنْ عَاصِمٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن سليمان الأحول.

قوله: (أَقَمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ تِسْعَ عَشْرَةَ نَقْصُرُ الصَّلاَةَ): تَقَدَّم الاختلاف أعلاه في إقامته عَلَيهِ السَّلام زمن الفتح.

==========

[1] في (أ): (اثنين)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 210]

(1/7739)

[باب من شهد الفتح]

(1/7740)

[معلق الليث: أخبرني عبد الله بن ثعلبة وكان النبي قد مسح وجهه .. ]

4300# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، فهو صحيح إلى الليث، وقد أخرجه في (الدعوات) عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزُّهريِّ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير، و (يونس) بعد (الليث): هو ابن يزيد الليثيُّ، و (شُعَيْبٌ) في المسند المُتَّصِل: هو ابن أبي حمزة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْر): بالصاد المهملة المضمومة، وفتح العين المهملة أيضًا، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، كنيته: أبو محمَّد، حليف بني زُهرة، له رؤية ورواية، تُوُفِّيَ سنة (87 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، قال الذهبيُّ في «الكاشف»: (له صحبة إن شاء الله)، انتهى، وفي «التذهيب»: ولد قبل الهجرة، وقيل: بعدها، وقد حفظ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مسح رأسه، ودعا له زمن الفتح، تُوُفِّيَ سنة (89 هـ) انتهى، وفي ترجمة أبيه في «التجريد» قال: (ولابنه صحبة أيضًا)، وقال ابن عبد البرِّ: عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير، ويقال: ابن أبي صُعير العذريُّ، حليف بني زهرة، ولد قبل الهجرة بأربع سنين، وتُوُفِّيَ سنة (89 هـ)، وهو ابن ثلاث وتسعين سَنةً، وذكر اختلافًا في سنة وفاته، وفي سنِّهِ انتهى، ووالده صَحابيٌّ أيضًا.

[ج 2 ص 210]

(1/7741)

[حديث: وزعم أبو جميلة أنه أدرك النبي وخرج معه عام الفتح]

4301# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف، قاضي صنعاء، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين: ابن راشد، تَقَدَّم، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (سُنَيْنٌ أَبُو جَمِيلَةَ): تَقَدَّم ضبطه والكلام عليه، وأنَّ (جَمِيلة) بفتح الجيم، وكسر الميم، في (كتاب الشهادات) بعد (حديث الإفك) سواء، و (ابْن الْمُسَيبِ): هو سعيد، وقد تَقَدَّم أنَّ ياء أبيه بالفتح والكسر، وأنَّ غيره بالفتح ليس إلَّا.

(1/7742)

[حديث: صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلوا كذا في حين كذا]

4302# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه السختيانيُّ، ابن أبي تميمة، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر القاف، وتخفيف اللام، وبموحَّدة بعد الألف، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه عبد الله بن زيد الجرميُّ، و (عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر اللام، ابن نُفيع الجرميُّ، أبو بُريد أو يزيد، وقد تَقَدَّم الكلام في ذلك، وقيل: سَلِمة بن قيس الذي كان يؤمُّ قومه وهو صبيٌّ في حياته صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهو تابعيٌّ تَقَدَّم في (الصلاة) من هذا التعليق.

قوله: (قَالَ: قَالَ لِي أَبُو قِلاَبَةَ: أَلاَ تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ؟): معناه: قال أيوب: قال لي أبو قلابة: وهو [1] حيٌّ، ألا تلقاه فتسأله؟ قال: فلقيته فسألته؛ يعني: أنَّ أيوبَ لقيَ عمرَو بن سلمة فسأله: قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرِّ النَّاسِ، والدليل على ذلك: أنَّ أيوب رواه عن عمرو بن سلمة في «أبي داود»، وكذا رواه عن أيوب عن عمرو بن سلمة النَّسائيُّ.

قوله: (فَتَسْأَلَهُ): هو بالنصب، ونصبه معروفٌ.

قوله: (بِمَاءٍ مَمَرِّ [2] النَّاسِ): (ماء) ممدود؛ يعني: مَنْهَلًا، و (ممرِّ): مجرورٌ، بدل من (ماء).

قوله: (أَوْحَى إِلَيْهِ): (أوحى): بفتح الهمزة والحاء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَكَأَنَّمَا يُغْرَى فِي صَدْرِي): في أصلنا: (يُغْرَى): بضمِّ الياء المثنَّاة تحت، وإسكان الغين المعجمة، وفتح الراء، قال الدِّمْياطيُّ: (غَرَوت الجلد: ألصقته بالغِراءِ)، انتهى، وفي نسخة في طرَّة أصلنا: (يُقَرُّ)، وفي نسخة في الهامش أيضًا: (يُقْرَأُ)؛ بهمزة في آخره، قال ابن قُرقُول: (يَغْرَى في صدري)؛ أي: يَلْصَقُ كالغراء، وعند الأصيليِّ والقابسيِّ وكافَّة الرواة: (يُقْرَى في صدري)؛ بغير همزٍ، من قريت الماءَ؛ أي: جمعته، والأوَّل أوجه، انتهى، ونقل بعضُهم عن القاضي _يعني: عياضًا_: (يُغرَّى)؛ بالغين المعجمة، والراء المشدَّدة؛ أي: يُلصق بالغِراء، قال القاضي: (وهو الوجه)، انتهى، وذكره ابن الأثير في (غَرى)، فقال: (كأنَّما يَغْرَى؛ أي: يَلْصَقُ به، يقال: غَرِي يَغْرَى هذا الحديث في صدري؛ بالكسر، يغرَى بالفتح؛ كأنَّه يلصق بالغراء)، انتهى، و (يُقْرَأ)؛ بهمزة في آخره لم أرها، وهي بضمِّ أوَّلها مهموزة، والله أعلم.

قوله: (تَلَوَّمُ بِإِسْلاَمِهِمِ): هو بفتح المثنَّاة فوق، وفتح اللام، وتشديد الواو مفتوحة، ثُمَّ ميم، قال الدِّمْياطيُّ: (التلوُّم: الانتظار والتمكُّث)، انتهى، و (تَلَوَّمُ): محذوف إحدى التاءين.

قوله: (وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلاَمِهِمْ): (أبوه): تَقَدَّم أعلاه وقبله أنَّه سَلِمة؛ بكسر اللام، قال الذهبيُّ في «تجريده»: (والأصحُّ أنَّه بكسر اللام)، انتهى، وهو سلِمة بن نُفيع الجرميُّ، له صحبة.

(1/7743)

قوله: (وَأَنَا ابْنُ سِتِّ [3]_أَوْ سَبْعِ_ سِنِينَ): (ستِّ): مخفوضٌ من غير تنوين، كذا في أصلنا، كأنَّه قال: وأنا ابن ستِّ سنين أو سبع سنين، فحذف (السنين) الأولى؛ لدلالة الثاني عليه، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر الغرناطيِّ في نسخته: (ستٍّ)؛ بالتنوين بالقلم، والله أعلم.

قوله: (تَقَلَّصَتْ): هو بتشديد اللام المفتوحة؛ أي: ارتفعت، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ): هذه المرأة لا أعرف اسمها.

قوله: (أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا): كذا في أصلنا، وفي نسخة في أصلنا: (تغطُّون)، وهو الوجه.

(1/7744)

[حديث: هو لك هو أخوك يا عبد بن زمعة]

4303# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ): هذا تعليق مجزوم به، و (الليث): هو ابن سعد الإمام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، ولم يخرِّجه أحد من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ): تَقَدَّم الكلام على (عتبة)، وأنَّ الصحيح أنَّه لم يسلم، وقدَّمتُ غلط من عَدَّه صحابيًّا، وقدَّمتُ أنَّ في «مستدرك الحاكم»: أنَّه قتله في أُحُد حاطبُ بن أبي بلتعة.

قوله: (ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ [1]): تَقَدَّم أنَّ ابن وليدة زمعة اسمه عبد الرَّحمن بن زمعة بن قيس القرشيُّ، صَحابيٌّ، وتَقَدَّم أنَّ (الوليدة) هذه لا أعرف اسمها، وأنَّها [2] يمانيَّة.

قوله: (وَأَقْبَلَ مَعَهُ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ): بغير إضافةٍ، هذا صَحابيٌّ مشهور، وقد نسبه أبو نعيم، فقال: (عبد بن زمعة بن الأسود العامريُّ، أخو سودة أمِّ المؤمنين)، فَوَهِمَ، وإنَّما هو عبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودِّ بن نصر رضي الله عنه.

قوله: (يَا عَبْد بْنَ زَمْعَةَ): تَقَدَّم أنَّ في (عبد) وجهين: الضمُّ والفتح، وأنَّ في (ابن) وجهين؛ كهُمَا في (عبدة)، وقلَّ من ذكرهما، وجمهور الناس إنَّما ذكروا في مثل هذا في (ابن) وجهًا واحدًا، وهو الفتح، وقد ذكر الضمَّ ابنُ مالك في «التسهيل».

قوله: (يَا سَوْدَةُ): هي سودة أمُّ المؤمنين بنت زمعة، وقد قدَّمتُ نسب والدها أعلاه.

قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا [3]): (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ، وروايته عن عائشة مرسلة، لم يسمعها، وقد ذكرتُ أنَّه سمع من سبعة عشر ما بين صَحابيٍّ ومختلفٍ في صحبته، ولم أذكر منهم عائشة رضي الله عنها، وقد ذكرتُ ذلك فيما مضى في (الجنائز)، قال المِزِّيُّ: (قال أحمد بن صالح: يقولون: إنَّ مولده سنة خمسين)، وقال خليفة: (ولد سنة إحدى وخمسين)، وقال ابن بكير: (سنة ستٍّ وخمسين)، وقال الواقديُّ: (سنة ثمان وخمسين).

ووفاة عائشة رضي الله عنها: قال هشام بن عروة: (تُوُفِّيَت سنة سبع وخمسين)، وقال جماعة: سنة ثمان، وقال الواقديُّ: (سنة ثمان، في ليلة سابع عشر رمضان)، والله أعلم، ولم أرَ المِزِّيَّ ذكر هذا في رواية الزُّهريِّ عن عائشة، بل ذكر حديث: (أنَّ عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين ... )؛ الحديث، وعزاه لمسلم، والتِّرْمِذيِّ، والنَّسائيِّ.

وذكر حديث: (لمَّا مضت تسع وعشرون ليلة؛ دخل عليَّ رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ... )؛ الحديث، أخرجه البُخاريُّ والنَّسائيُّ.

وذكر أيضًا حديثه عنها: (لا يصوم إلَّا من أجمع الصيام قبل الفجر)، أخرجه النَّسائيُّ، والله أعلم.

(1/7745)

قوله: (وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كَانَ [4] أَبُو هُرَيْرَةَ يَصِيحُ بِذَلِكَ): رواية الزُّهريِّ عن أبي هريرة مرسلة أيضًا، كما صرَّح بذلك غير واحد، بل قال المِزِّيُّ: إنَّه لم يرَه، والله أعلم، ولم أرَ المِزِّيَّ ذكر هذا في مسند الزُّهريِّ عن أبي هريرة؛ إنَّما ذكر له حديثًا في (الحوض) معلَّقًا عند البُخاريِّ، وحديثًا؛ وهو: (لا يؤذِّن إلا متوضِّئ) من عند التِّرْمِذيِّ، وحديث: (إذا دخل رمضان؛ فتحت أبواب الجنَّة) من عند النَّسائيِّ، والله أعلم.

(1/7746)

[حديث: أتكلمني في حد من حدود الله]

4304# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ ... )؛ فذكر القصَّة: هذا مرسل؛ لأنَّه ذكر قصَّة لم يدركها، وهو تابعيٌّ؛ فهي مرسلة إلى قوله: (قالت عائشة: وكانت تأتي بعد ذلك ... ) إلى آخره، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الشهادات) كذلك مرسلًا، وفي (الحدود) بإسناده عن عائشة: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قطع يد امرأة، قالت عائشة: فكانت تأتي بعد ذلك ... ) إلى آخره.

[ج 2 ص 211]

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً [1] سَرَقَتْ ... ) إلى قوله: (فِي [2] الْفَتْحِ): هذه المرأة تَقَدَّم أنَّها فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد، صحابيَّة رضي الله عنها، قال الدِّمْياطيُّ: والأسود قتله حمزةُ ببدرٍ، انتهى.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل من قالها.

قوله: (لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ [3] سَرَقَتْ): تَقَدَّم لم نظَّر عَلَيهِ السَّلام بابنته فاطمة رضي الله عنها، وتَقَدَّم رواية ابن ماجه عن محمَّد بن رمح شيخه عن الليث بن سعد ما يقال عند ذكر هذا الكلام.

(1/7747)

[حديث: ذهب أهل الهجرة بما فيها]

4305# 4306# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زهير بن معاوية بن حُديج الحافظ، أبو خيثمة، تَقَدَّم، و (عَاصِمٌ) بعده: هو ابن سليمان الأحول، تَقَدَّم، و (أَبُو عُثْمَان)، قال الدِّمْياطيُّ: عبد الرَّحمن بن مَلٍّ النهديُّ، قال: وأمَّا (مُجَاشِعٌ)؛ فهو أخو أبي معبد مجالد، ابنا مسعود بن ثعلبة، قتل مجاشع يوم الجمل، واتَّفقا عليه، وانفرد البُخاريُّ بأخيه مجالد، انتهى.

فقوله: (وانفرد البُخاريُّ بأخيه مجالد) فيه نظر، فقد أخرج له الشيخان، والله أعلم، ولم يذكر وفاته، وقد قتل الآخر يوم الجمل، قاله أحمد ابن حنبل، وقد تَقَدَّم ضبط (مَلٍّ) غيرَ مرَّةٍ فيما مضى، والله أعلم.

قوله: (بِأَخِي بَعْدَ الْفَتْحِ): المراد بأخيه: هو مجالد، وسيأتي بكنيته، وباسمه أيضًا.

==========

[ج 2 ص 212]

(1/7748)

[حديث: مضت الهجرة لأهلها أبايعه على الإسلام والجهاد]

4307# 4308# قوله: (فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ)، وكذا قوله بعد هذا: (انْطَلَقْتُ بِأَبِي مَعْبَدٍ)، وكذا قوله: (فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ)، و (أبو معبد) فيها كلِّها: هو مجالد بن مسعود، تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه وقبله أيضًا.

قوله: (وَقَالَ خَالِدٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ): (خالد) هذا: هو الحذَّاء، و (أبو عثمان): عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّم، وتَقَدَّم اللغات في (مَلٍّ)، وهذا تعليق مجزوم به، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن إبراهيم بن موسى، عن يزيد بن زريع، عن خالد به، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 212]

(1/7749)

[حديث: لا هجرة ولكن جهاد]

4309# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، وتَقَدَّم (غُنْدرٌ): أنَّه بضمِّ الغين المعجمة، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، وأنَّه لقب محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم أنَّ (الغُنْدُر) المُشغِّب بلغة أهل الحجاز، وتَقَدَّم من قال له ذلك، و (أَبُو بِشْرٍ [1])؛ بالشين المعجمة: جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، تَقَدَّم.

قوله: (إِلَى الشَّأْمِ): تَقَدَّم الكلام عليه وطوله وعرضه في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (فَاعْرِضْ نَفْسَكَ): هو ثلاثيٌّ، همزته همزة وصل، وكسر الراء.

4310# قوله: (وَقَالَ النَّضْرُ: أَنْبَأَنَا [2] شُعْبَةُ): (النضر): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يحتاج إلى تقييد؛ لأنَّ نصرًا _ بالصاد _ لا يأتي بالألف واللام، بخلاف النضر، فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، وهذا هو ابن شميل، الإمام المشهور، شيخ مرو ومحدِّثُها، وأتى بهذا التعليق؛ لأنَّ شعبة _حاشاه من التدليس_ عنعن في السند الأوَّل عن أبي بشر، وهنا صرَّح بالإخبار، وفي السند الأوَّل أبو بشرٍ عنعن عن مجاهد، وليس مدلِّسًا، وفي التعليق صرَّح بالسماع من مجاهد، فأحبَّ أن يخرج من الخلاف الذي قدَّمتُه في العنعنة وإن كانت من غير مدلِّس، والله أعلم، وتعليق النضر عن شعبة هذا ليس في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (مِثْلَهُ): هو بالنصب؛ لأنَّه مفعول، والله أعلم.

4311# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ ابْنُ يَزِيدَ): قال الدِّمْياطيُّ: هو إسحاق بن إبراهيم بن يزيد، الدِّمَشْقيُّ الفراديسيُّ، مولى عمر بن عبد العزيز، انتهى، روى إسحاق هذا عن يحيى بن حمزة، وإسماعيل بن عياش، وصدقة بن خالد، وطائفةٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، ومحمَّد بن عوف، وأبو زرعة الدِّمَشْقيُّ، وآخرون، قال أبو زرعة: كان من الثقات البكَّائين، ولد سنة إحدى وأربعين، ومات سنة سبع وعشرين ومئتين، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، و (أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن عمرو، وتَقَدَّم بعض ترجمته؛ ومنها: أنَّه أفتى في سبعين ألف مسألة، رحمه الله، و (عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان الموحَّدة، وهذا مشهور، و (جَبْرٌ) والد (مُجَاهِد): تَقَدَّم أنَّه بفتح الجيم، وإسكان الموحَّدة.

تنبيهٌ: من يقال له: مجاهد، وهو يروي عن ابن عمر اثنان: هذا العالم المَكِّيُّ ابن جبر، وآخر يقال له: مجاهد بن رباح، يقال: إنَّه شاميٌّ، أخرج له عنه النَّسائيُّ، رأيته في «الأطراف» في مسند ابن عمر، ولم أر له ذكرًا في نسختي بـ «الكاشف» ولا بـ «التذهيب»، لكنِّي رأيت ابن حبَّان ذكره في «الثقات»، وأنَّه روى عن ابن عمر، فهو وارد على المِزِّيِّ، والله أعلم، وكذا على فرعه.

(1/7750)

قوله: (لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه لا هجرة من مَكَّة؛ لأنَّها صارت دار إسلام، أو لا هجرةَ فضيلتُها كفضيلة الهجرة من مَكَّة.

(1/7751)

[حديث: إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض]

4313# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في «باب مقام النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بمَكَّة»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا أبو عاصم»، فذكر هذا المكان، وقال في «التوحيد»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا أبو عاصم، عن ابن جُرَيج، عن ابن شهاب»، نسبه الحاكم: إسحاق ابن نصر، وذكر أبو نصر في كتابه: أنَّ البُخاريَّ يروي عن إسحاق غير منسوب عن أبي عاصم النَّبيل، ولم يزد على هذا، وقد حدَّث مسلم عن إسحاق بن منصور عن أبي عاصم النَّبيل في مواضع من كتابه، وهو به أشبه، والله أعلم، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا.

تنبيهٌ: حديث مجاهد هذا هو هنا مرسلٌ؛ لأنَّه تابعيٌّ، وقد أسند مثله _أو نحوه_ عن ابن جُرَيج، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس بمثل هذا، أو نحو هذا.

و (ابْنُ جُرَيْجٍ): هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَبْدُ الْكَرِيمِ): هو ابن مالك الجزريُّ، أبو سعيد، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن المُسَيّب، وعنه: مالك، وابن عيينة، وكان حافظًا، من العلماء الثقات، وله ترجمة في «الميزان»، أخرج له الجماعة، وتُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، و (عِكْرِمَةُ): هو مولى ابن عباس، تَقَدَّم أنَّه ثبت، لكنَّه إباضيٌّ يرى السيف، ويحايده مالك إلَّا في حديث أو حديثين، روى له الجماعة، لكنْ مسلمٌ مقرون، تَقَدَّم.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّم أنَّه النَّبيل، وتَقَدَّم أنَّ اسمه الضحَّاك بن مخلد، و (ابن جُرَيج): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ): تَقَدَّم الجمع بينه وبين «أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ» [خ¦2129].

[ج 2 ص 212]

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّم الكلام عليها بما فيه من اللغات، وكذا على قوله: (إِلاَّ سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ)، وكذا (يُعْضَدُ شَوْكُهَا)، و (يُعضَد): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (شوكُها): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا تَقَدَّم الكلام على (المُنْشِد)؛ وهو المعرِّف، وتَقَدَّم الكلام على (الإِذْخِرَ) غيرَ مرَّةٍ، وأنَّه نبت طيِّب الرائحة، وعلى (القَيْنِ)، وأنَّه الحدَّاد، ويطلق أيضًا على الصائغ.

قوله: (وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم قُبَيْلَ هذا الكلام عليه وعلى رجاله؛ فانظره، والذي ظهر لي: أنَّ هذا معطوف على الحديث الذي قبله، فروى هذا البُخاريُّ عن إسحاق، عن أبي عاصم، عن ابن جُرَيج به، والله أعلم.

(1/7752)

تنبيهٌ: مَكَّة _شرَّفها الله تعالى_ هل فتحت صلحًا أو عَنوة؟ فالشافعيُّ يرى: أنَّها صلحًا لا عنوة، فلذلك كان يجيز كراءها لأربابها، وأبو حنيفة وأكثرُ أهل العلم خالفوا في ذلك، وقيل: إنَّ أعلاها فُتِح صلحًا وأسفلَها عنوة، قال السهيليُّ في (غزوة خيبر) ما لفظه: وكانت الشام كلُّها عنوة إلَّا مدائنها، فإنَّ أهلها صالحوا عليها، وكذلك بيت المقدس، فتحها عمر رضي الله عنه صلحًا بعد أن وجَّه إليها خالد بن ثابت الفهميَّ، فطلبوا منه الصلح، فكتب بذلك إلى عمر وهو بالجابية، فقدِمها، وقبل صلح أهلها، وأرض السواد كلُّها عنوة إلَّا الحيرة، فإنَّ خالد بن الوليد رضي الله عنه صالح أهلها، وكذلك أهل بانقيا أيضًا صلح، وأخرى يقال لها: أُليِّس، وأرض خراسان عنوة إلَّا ترمذ، فإنها قلعة منيعة، وقلاع سواها، وأمَّا أرض مصر؛ فكان الليث بن سعد اقتنى بها مالًا، وعاب ذلك عليه جماعة؛ منهم: يحيى بن أيوب ومالك بن أنس؛ لأنَّ أرض العنوة لا تشترى، وكان الليث يروي عن يزيد بن أبي حبيب: أنَّها فتحت صلحًا، قال السهيليُّ: وكلا الخبرين حقٌّ؛ لأنَّها فتحت صلحًا أوَّل، ثُمَّ ابتُلِيَت بعدُ وأُخِذَت عنوة، فمن ههنا نشأ الخلاف في أمرها، قاله أبو عبيد، وذكر في (غزوة الفتح) الخلاف في مَكَّة، هل فتحت عنوة أو صلحًا؟ وفي آخر الكلام: فلا عليك بعد هذا فتحت عنوة أو صلحًا وإن كانت ظواهر الأحاديث أنَّها فتحت عنوة، انتهى.

ورأيت عن العلَّامة الصالح بدر الدين ابن جماعة في كتابه «تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام» قال: وأمَّا مصر؛ ففتحت صلحًا، وقيل: عنوة، وقيل: بعضها صلحًا، وبعضها عنوة، والأصحُّ أنَّها فتحت مرتين؛ الأولى صلحًا، ثُمَّ نكثوا، ففتحها عمرو ثانيًا عنوة، والحكم للعنوة، وأمَّا الشام؛ ففتحت أراضيه عنوة، وأمَّا مدنه؛ فبيت المقدس، ونابلس، والأردن، وفلسطين، وبصرى، وأجنادين؛ فتحت صلحًا، وأمَّا حلب وقنسرين؛ ففتحت عنوة، انتهى، وسيأتي ما يخالفه، وهو الظاهر؛ لأنَّ فيها كنائس لليهود ثلاثًا، فواحدة ثبت أنَّها إسلامِيَّة، فأُخِذَتْ منهم في سنة بضع وعشرين وسبع مئة، واسمها اليوم الناصريَّة، وهي مسجد، وتُقام فيها خطبة، وأخرى بقرب حوض إسماعيل بن الفاكهانيِّ، وكنيسة كبرى بحارتهم، والتي عند حوض إسماعيل خربت في فتنة تمرلنك، وللنصارى كان فيها ستُّ كنائس، والباقي لهم اليوم واحدة فقط، قال: وأمَّا دمشق؛ فدخلها أبو عبيدة من باب الجابية صلحًا، ودخلها خالد من الباب الشرقيِّ عنوة، والتقوا في وسط البلد، فكان الفتح لأبي عبيدة؛ لأنَّه أمير الجماعة، انتهى.

وفي كلام صاحبنا الإمام الفقيه شرف الدين عيسى الغزِّيِّ الشافعيِّ عن أحمد ابن حنبل قال: فتحت الشام عنوة إلَّا حمص وموضعًا آخر، وقال أبو عبيد: أرض الشام عنوة إلَّا مدنها، فإنَّها فتحت عنوة، انتهى، وأحد الموضعين غلطٌ لا شكَّ فيه، وينبغي أن يكون الثاني هو الغلط؛ أعني: في المدن؛ ليتَّفق مع كلام السهيليِّ، والله أعلم.

(1/7753)

ورأيت في «تاريخ حلب» للإمام الحافظ الرئيس الصاحب كمال الدين ابن العديم: أنَّ منبجًا افتُتِحَت صلحًا، صالح عليها عمرو بن العاصي، وهو من قبل أبي عبيدة، وقيل: إنَّ عياض بن غنم فتحها صلحًا على صلح حلب، وقال فيه أيضًا: وأعمال قنِّسرين كلُّها ومدينة حلب فُتِحَت صلحًا، وذكر فيه أنَّ أنطاكية فتحت صلحًا، فتحها أبو عبيدة، وقد قدَّمتُ في خيبر هل فتحت [1] كلُّها عنوة أو صلحًا، أو جلا أهلُها بغير قتال، أو بعضها صلحًا، وبعضها عنوة، وبعضها جلا أهلُها رعبًا؟ قال مغلطاي: وعلى ذلك تدلُّ السنن الواردة، انتهى.

(1/7754)

[باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم ... }]

(بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} [التوبة: 25]) ... إلى (بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ)

فائدةٌ: حنين: هو ابن قانية بن مهلائيل، هو الذي نسب إليه الموضع، وهي غزوة حنين، وهوازن، وأوطاس، سُمِّيَت بـ (أوطاس) باسم الموضع الذي كان فيه الوقعة أخيرًا، حيث اجتمع فُلَّالهم، وتوجَّه إليهم أبو عامر الأشعريُّ، قال الدِّمْياطيُّ: وكانت غزوة حنين في شوَّال، سنة ثمان من الهجرة، وكان سيما الملائكة فيها عمائم حمر، قد أَرْخَوها بين أكتافهم، انتهى.

وحنين: واد بين مَكَّة والطائف، وراء عرفات، بينه وبين مَكَّة بضعة عشر ميلًا، وهو مصروفٌ، كما نطق به القرآن.

==========

[ج 2 ص 213]

(1/7755)

[حديث: ضربتها مع النبي يوم حنين]

4314# قوله: (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن أبي خالد، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى)، ووالده اسمه علقمة بن خالد بن الحارث، تَقَدَّم رضي الله عنه وعن ابنه عبد الله، صحابيَّان.

(1/7756)

[حديث البراء: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب.]

4315# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ، العالم المشهور، و (أبو إِسْحَاقَ): هو السَّبِيعيُّ، عمرو بن عبد الله، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (وَجَاءَهُ رَجُلٌ): هذا الرجل الجائي للبراء لا أعرف اسمه، غير أنَّه من قيس، كما سيأتي قريبًا، وكذا في «مسلم»: أنَّه من قيس، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: أخرج الإمام أحمد في «مسنده» عن أبي إسحاق قال: سألت البراء، وسأله رجل من قيس، انتهى.

قوله: (أَتَوَلَّيْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ ... ) إلى قوله: (لَمْ يُوَلِّ): وفي بعض طرق هذا الحديث: أنَّه قيل للبراء: (أفررتم؟)، كما سيأتي قريبًا، فذكر ما ذكر، وسيأتي أيضًا قريبًا: (أوَلَّيتم مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يوم حنين؟)، أمَّا الكلام الأوَّل؛ فلا اعتراض عليه، وإنَّما الكلام في (أفررتم؟) و (أوَلَّيتم؟)، وجواب البراء من بديع الأجوبة مع الأدب؛ لأنَّ تقدير الكلام: فررتم كلُّكم؟ وأوَلَّيتم كلُّكم؟ فيقتضي أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وافقهم في ذلك، وخصوصًا رواية: (أوليتم مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؟)، فأجاب البراء بما أجاب، وسيأتي قريبًا جدًّا نقل الإجماع على أنَّه لا يجوز أن يُعتَقد أنَّه عَلَيهِ السَّلام ولَّى؛ فاعلمه.

قوله: (عَجِلَ سَرَعَانُ الْقَوْمِ): (عجِل): بكسر الجيم، فعل ماض، و (سرعان القوم): المستعجلون، وقد قدَّمتُ ضبطه، وهو ما قاله ابن

[ج 2 ص 213]

قُرقُول، كذا لمتقني شيوخنا؛ يعني: بفتح السين والراء، قال: وهو قول الكسائيِّ، وهو الوجه، قال: وضبطه بعضهم بسكون الراء، وله وجه، والأوَّل أوجه، لكن يكون جمعَ «سريعٍ»؛ مثل: قفيز وقُفزان، وحكى الخطابيُّ: أنَّ بعضهم يقول: سُرعان، قال: وهو خطأ، انتهى، وقد ذكرت ذلك في أوَّل هذا التعليق في حديث السهو، والله أعلم.

قوله: (وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ): هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عمِّ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأخوه من الرضاعة، تَقَدَّم الكلام عليه رضي الله عنه، وتَقَدَّم الاختلاف في اسمه، فقيل: المغيرة، وقيل: بل المغيرة أخوه، وفيه نظر، وقيل: اسمه كنيته.

قوله: (آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ): (آخِذ): بمدِّ الهمزة، وكسر الخاء، اسم فاعل، وسأذكر هذه البغلة ما هي من بغلاته عَلَيهِ السَّلام قريبًا.

قوله: (أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ): الرواية بإسكان الموحَّدة، وقد فتحها بعضهم في (لاكذبَ)؛ حرصًا منه على أن يفسد الرويَّ، فيستغني عن الاعتذار في ذلك، وقال شيخنا: وقد قيل:

أنت النَّبيُّ لا كذب

أنت ابن عبد المطَّلب

(1/7757)

فقال: حكاية قولهم: «أنا النَّبيُّ لا كذب»، واعلم أنَّ هذا رجز، وقد اختلف فيه؛ هل هو شعر أم لا؟ وقد ذكرت فيما مضى الكلام في ذلك، وأنَّ الصحيح: أنَّ الرجز شِعرٌ، وأنَّ ما قاله النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ليس بشعر وإن قلنا: إنَّ الرجز شعر، وذلك لفقد شرط من شروط الشعر؛ وهو القصد، وفيه الوزن والقافية.

قوله: (أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ): إن قيل: كيف انتسب إلى جدِّه دون أبيه، وافتخر بذلك، مع أنَّ الافتخار في حقِّ أكثر الناس من عمل الجاهليَّة؟ فالجواب: أنَّه عَلَيهِ السَّلام كان مشهورًا بجدِّه أكثر، وذلك لأنَّ أباه تُوُفِّيَ شابًّا في حياة عبد المطَّلب والده قبل اشتهار عبد الله، وكان عبد المطَّلب مشهورًا شهرة شائعة ذائعة، وكان الناس يدعونه عَلَيهِ السَّلام ابنَ عبد المطَّلب، وقيل: إنَّ عبد المطَّلب رأى رؤيا تدلُّ على ظهور النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وكان ذلك مشهورًا عندهم، فأراد عَلَيهِ السَّلام تذكيرهم بذلك، وتنبيههم بأنَّه عَلَيهِ السَّلام لا بدَّ من ظهوره على الأعداء، أو لغير ذلك، والله أعلم.

4316# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ الحافظ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم أنَّه عمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

قوله: (أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟): اعلم أنَّهم نقلوا الإجماع على أنَّه لا يجوز أن يُعتَقد أنَّه عَلَيهِ السَّلام انهزم، ولا يجوز ذلك عليه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولم يرد أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم انهزم في موطن من المواطن.

تنبيهٌ: الحديث الذي في «مسلم» عن سلمة ابن الأكوع؛ وهو (فولَّى صحابة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأرجعُ منهزمًا وعليَّ بردتان، مؤتزرًا بإحداهما مرتديًا بالأخرى، فاستطلق إزاري، فجمعتهما، ومررت على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم منهزمًا، وهو على بغلته البيضاء)، فـ (منهزمًا) حال من ابن الأكوع، كما صرَّح أوَّلًا بانهزام نفسه، ولم يرد أنَّه عَلَيهِ السَّلام انهزم، هذا مما لا شكَّ فيه، وإنَّما ذكرته؛ لأنَّه قد يقف عليه من لا يعرف الأشياء فيهوي، والله الموفِّق للصواب.

تنبيهٌ ثانٍ: وهو أن يقال: كيف فرَّ القوم والفرار كبيرة؟ وجوابه: الكبيرة هو أن ينوي عدم العود عند وجدان القوَّة، وأمَّا من تحيَّز إلى فئة، أو كان فراره لكثرة عدد العدوِّ، أو نوى العود إذا أمكنه؛ فلا محذور فيه، ولا داخلًا في الوعيد، ولهذا قال تعالى في حقِّ هؤلاء: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 26]، واعلم أنَّ العدوَّ كانوا أضعاف [1] المسلمين، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (ضعاف)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/7758)

[حديث: أنا النَّبي لا كذب]

4317# قوله: (فَاسْتُقْبِلْنَا): هو بضمِّ التاء، وكسر الموحَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ): اعلم أنَّ هذه البغلة كانت بيضاء، كما صرَّح هنا، وفي «مسلم»: (أهداها له فروة بن نُفاثة)، كما صرَّح به العبَّاس بن عبد المطَّلب في «مسلم»، وقد سمَّاها بعض الحفَّاظ: فضَّة، وقال بعض مشايخ مشايخي، وهو الحافظ مغلطاي في (غزوة حنين): وركب بغلة تسمَّى دلدل، انتهى.

قال الشيخ محيي الدين النوويُّ في «شرح مسلم»: أمَّا قوله: بيضاء؛ فكذا قال في هذه الرواية، وفي أخرى بعدها: (أنَّها بغلة بيضاء)، وفي آخر الباب: (على بغلته الشهباء)، وهي واحدة، قال العلماء: لا يعرف له عَلَيهِ السَّلام بغلة سواها يقال لها: دلدل، أهداها فروة بن نُفاثة، وقد ذكرت للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عدَّة بغلات؛ فانظر ذلك في (الجهاد)، وقال الشيخ محيي الدين في الدلدل: (أهداها له فروة بن نُفاثة)، [و] فيه نظر، وإنَّما البغلة التي أهداها فروة فضَّة، والدلدل أهداها له المقوقس، والله أعلم، وقال شيخنا الشارح: وكان عَلَيهِ السَّلام على بغلته البيضاء التي أهداها له فروة بن نفاثة ... إلى أن قال: وعند ابن سعد: أنَّ البغلة هي دلدل، وتبعه أبو عمر وابن حزم وغيرُهما، وفي «مسلم»: «بغلته الشهباء»؛ يعني: دلدل، أهداها له المقوقس، ويجوز أن يكون ركبهما يومئذ، انتهى، وقد تَقَدَّم عنه نحوُه في (الجهاد)، انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّ في «مسلم»: «أهداها له فروة بن نفاثة».

قوله: (وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه ابن الحارث بن عبد المطَّلب أعلاه، والاختلاف في اسمه، والله أعلم.

قوله: (قَالَ إِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرٌ: نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَغْلَتِهِ): هذا تعليق مجزوم به، و (إسرائيل) هذا: هو ابن يونس بن أبي إسحاق، يروي عن جدِّه أبي إسحاق، وتعليقه أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن عبيد الله بن موسى عنه بإسناد الذي قبله، وتعليق (زهير): هو ابن معاوية الجعفيُّ، أبو خيثمة الكوفيُّ، عن أبي إسحاق، فأخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن عَمرو بن خالد، ومسلمٌ في (المغازي) عن يحيى بن يحيى؛ كلاهما عنه بإسناد الذي قبله المتَّصل، والله أعلم.

[ج 2 ص 214]

(1/7759)

[حديث: معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه ... ]

4318# 4319# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وتَقَدَّم أيضًا (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام، وتَقَدَّم أنَّ (عُقَيلًا) بضمِّ العين المهملة، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّم (ابنُ شِهَابٍ): أنَّه محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): ذكر الجيَّانيُّ فيه كلامًا ذكرته في (غزوة الحُدَيْبيَة)؛ فراجعه إن أردته، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا، و (ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن عبد الله بن مسلم، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وأنَّه ثِقةٌ، و (مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ) بعده: هو الزُّهريُّ عمُّه، وتَقَدَّم الكلام على (مَرْوَان)، وهو ابن الحكم، وعلى (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ)، وأنَّ مروانَ تابعيٌّ، والمسور صَحابيٌّ صغير، وأبواهما صحابيَّان: الحكم ومخرمة، وتَقَدَّم أنَّ هذا يرويانه عن صحابة مبهمين، كذا في بعض طرقه، وأهمل هذه الطريق التي عن مبهمي المِزِّيِّ في «أطرافه»، فلم أرها، وتَقَدَّم الكلام على (وَفْد هَوَازِنَ)، وأنَّهم أربعة عشر رجلًا، ورأسهم زهير بن صُرد، وفيهم أبو بَرْقان عمُّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من الرضاعة، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: في «طبقات ابن سعد» ... ؛ فذكر حديثًا منها، وفيه: «وفي الوفد عمُّ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من الرضاعة أبو ثُروان»، ثُمَّ قال: «وقدم عليه أربعة عشر رجلًا من هوازن ... » إلى أن قال: «وكان رئيس القوم والمتكلِّم أبو صرد زهير بن صرد ... »؛ الحديث، وقد رأيت أبا صرد في «الأُسْد»، وأنَّه المتكلِّم في قصَّة هوازن، ولكن لم أرَ أبا ثُروان عمَّه عَلَيهِ السَّلام، ولكنَّه ذكر أبا مروان التميميَّ الراعي؛ فليُزد هذا عليه، انتهى، واعلم أنَّ النسخة التي نظرتها من «مبهماته» مصحَّفة هنا، وإنَّما عمُّه عَلَيهِ السَّلام أبو بَرْقان؛ بالموحَّدة، ثُمَّ راء، ثُمَّ قاف، ثُمَّ ألف، ثُمَّ نون، وقد ذكره الذهبيُّ في «تجريده»؛ فاعلمه.

وتَقَدَّم عدد المال والسبي، وأنَّه ستَّة آلاف رأس من النساء والذريَّة، وأربعة وعشرون ألفًا من الإبل، وفوق أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقيَّة فضَّة، والأوقيَّة: أربعون، والله أعلم.

قوله: (بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً): تَقَدَّم أنَّ (البضع) في العدد بكسر الباء وفتحها، وتَقَدَّم كم هو في أوائل هذا في (الإيمان).

قوله: (حِينَ قَفَلَ)؛ أي: رجع، وقد تَقَدَّم.

قوله: (نَخْتَارُ سَبْيَنَا [1]): تَقَدَّم أنَّ السبي كان ستَّة آلاف رأس من النساء والذريَّة.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم إعرابها، والاختلاف في أوَّل من قالها، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِك [2]): هو بضمِّ أوله، وفتح الطاء، وتشديد المثنَّاة تحتُ ثالثه.

(1/7760)

قوله: (فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا): في هذا أنَّ جميعهم طيَّب وأذِن، وفي «سيرة ابن سيِّد الناس»: فقال الأقرع بن حابس: أمَّا أنا وبنو تميم؛ فلا، وقال عيينة بن حصن: أمَّا أنا وبنو فزارة؛ فلا، وقال العبَّاس بن مرداس: أمَّا أنا وبنو سُليم؛ فلا، فقالت بنو سُليم: ما كان لنا؛ فهو لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال العبَّاس: وهَّنتموني، انتهى، وفي «النَّسائيِّ» نحوه، والله أعلم.

قوله: (هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ [3] سَبْيِ هَوَازِنَ): هذا من قول الزهريِّ، كذا قاله البُخاريُّ في هذا «الصحيح» في (الهبة)، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: كان سبي حنين ستة آلاف رأس، وكان صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قد ولى أبا سفيان بن حرب أمرهم، وجعله أمينًا عليهم).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ذلك).

[3] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (عن).

[ج 2 ص 215]

(1/7761)

[حديث: لما قفلنا من حنين]

4320# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن الفضل، عارم، وعارم لقبه، وتَقَدَّم أنَّه بعيد من العرامة، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.

قوله: (عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ): كذا في أصلنا، ثُمَّ ذكره البُخاريُّ عقيب هذا عن نافع عن ابن عمر قال: «لمَّا قفلنا من حنين ... »؛ الحديث، فاعلم أنَّ نافعًا لم يدرك عمر، فيبقى فيه إرسال، وإن شئت؛ سمَّيته منقطعًا، وقد قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في «مسند عمر»: نافع مولى ابن عمر عن عمر، ولم يدركه، فذكر حديث: «أنَّ عمر فرض للمهاجرين الأوَّلين أربعة آلاف»، قال: هكذا وقع في عامَّة الأصول، ووقع في بعضها: عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر: «فرض ... »، انتهى، ولم يذكر هذا الحديث؛ وهو: (نذر عمر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام)، ثُمَّ أسنده كما ذكرنا عقيبه عن نافع عن ابن عمر، قال: سأل عمر ... ، فالأوَّل منقطع، والثاني مسند، وما أظن أنَّ مثل هذا يدخل على البُخاريِّ؛ لأنَّ الإرسال فيه ظاهر جدًّا، وليس بخفيٍّ، وقد ذكر المِزِّيُّ الحديث الأوَّل: (فرض للمهاجرين) في المسندين؛ في «مسند عمر» و «مسند ابن عمر»، والله أعلم.

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو عبد الله بن المبارك، وتَقَدَّم أنَّ (مَعْمَرًا) بإسكان العين، وأنَّه ابن راشد، وأنَّ (أَيُّوبَ) هو ابن أبي تميمة السختيانيُّ، الإمام المشهور.

قوله: (قَفَلْنَا)؛ أي: رجعنا، وقد تَقَدَّم.

قوله: (اعْتِكَافٍ): هو مجرور منوُّن، بدل من (نذر) المجرور.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ): (بعضهم) لا أعرفه، و (حمَّاد) بعده: هو ابن زيد، كما وضحه المِزِّيُّ في «أطرافه»، وقد أخرج حديث حمَّاد بن زيد به مسلمٌ عن أحمد بن عبْدة الضبيِّ عن حمَّاد بن زيد، وأحمد بن عبدة الضبيُّ لم يخرِّج له البُخاريُّ شيئًا، وقد أخرج له مسلم والأربعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وسبب ذكره في «الميزان»: أنَّ ابن خراش قال: تكلَّم الناس فيه، قال الذهبيُّ: فلم يُصدَّق ابن خراش في قوله هذا، فالرجل حجَّة، انتهى.

تنبيهٌ: هذا الحديث جعله بعض الرواة من «مسند ابن عمر» كما هنا، وبعضهم جعله من «مسند عمر»، فأخرجه من حديث ابن عمر البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، ومن «مسند عمر» الجماعة كلُّهم.

قوله: (وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): أمَّا (جرير بن حازم)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بالحاء المهملة، وتعليق جرير بن حازم أخرجه مسلم، وكذا أخرج مسلم تعليق حمَّاد بن سلمة، وأخرجه النَّسائيُّ أيضًا.

==========

[ج 2 ص 215]

(1/7762)

[حديث: خرجنا مع النبي عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين ... ]

4321# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّم مِرارًا، و (عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، و (أَبُو مُحَمَّد مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ): تَقَدَّم أنَّ اسمه نافع بن عبَّاس، وقيل: ابن عيَّاش، نسب إلى أبي قتادة وإنَّما ولاؤه لغيره، وثَّقه النَّسائيُّ، وأخرج له الجماعة، تَقَدَّم، و (أَبُو قَتَادَةَ): الحارث بن ربعيٍّ، تَقَدَّم.

قوله: (عَامَ حُنَيْنٍ): تَقَدَّم أنَّها في السنة الثامنة، في شوَّال.

قوله: (جَوْلَةٌ): هي بفتح الجيم، وإسكان الواو؛ أي: انهزام.

قوله: (فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلاَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ): الرجلان لا أعرفهما.

[ج 2 ص 215]

قوله: (قَدْ عَلاَ): أي: غلب، وقيل في معناه غير ذلك، وقد تَقَدَّم.

قوله: (عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ): (حبل العاتق): ما بين المنكب والعنق، وقال ابن دريد: حبل العاتق: عصبتاه، موضع الرداء من العنق.

قوله: (فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ؛ فَلَهُ سَلَبُهُ»): قال ابن سيِّد الناس في «سيرته»: ويوم حنين قال عَلَيهِ السَّلام: «من قتل قتيلًا؛ فله سلَبُه»، فصار حكمًا عامًّا، فقد يفهم شخص من هذا أنَّ هذا لم يُقَل قبل ذلك، وقد قال مالك رحمه الله: ولم يبلغني أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قال ذلك إلَّا يوم حنين، كما نقله عنه ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدْي»، والذي في «مسلم» في أوائل (الجهاد): قال عوف _يعني: ابن مالك_: فقلت يا خالد؛ إنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قضى بالسلب للقاتل، قال: بلى، انتهى، كأنَّه يريد بيومئذ قصَّة معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح مع أبي جهل، فإنَّه عَلَيهِ السَّلام قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، ويكون خالد بلغه ذلك من بعض الصَّحابة، أو سمع القصَّة من النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لأنَّها جرت قبل إسلام خالد بزمان، وقصَّة عوف مع خالد كانت في مؤتة قبل حنين بالاتِّفاق، وقد يجمع بين كلام مالك وما في «مسلم» بأنَّ الذي في «مسلم» فعل، والذي في حنين قول، ويكون قول مالك صحيحًا، أو أنَّ مالكًا ما بلغه ذلك، وكذا ما قد يفهمه الشخص من كلام ابن سيِّد الناس، وقد تَقَدَّم أنَّه عَلَيهِ السَّلام أعطى سلب أبي جهل لمعاذ بن عمرو بن الجموح في «البُخاريِّ» وفي «مسلم» أيضًا.

(1/7763)

وقد قال ابن سيِّد الناس في «سيرته» في غزوة بدر بعد أن ذكر من عند ابن عائذ سندًا فيه محمَّد بن السائب الكلبيُّ عن أبي صالح، عن ابن عبَّاس: أنَّه عَلَيهِ السَّلام لمَّا كان يوم بدر؛ قال: «من قتل قتيلًا؛ فله سلبه ... »؛ الحديث ما لفظه: المشهور أنَّ قول رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «من قتل قتيلًا؛ فله سلبه» إنَّما كان ذلك يوم حنين، وأمَّا قوله ذلك يوم بدر وأُحد؛ فأكثر ما يوجد من رواية من لايحتجُّ به، وقد روى أرباب المغازي والسير: أنَّ سعد بن أبي وقاص قتل يوم بدر العاصي بن سعيد، وأخذ سيفه، فنفله رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إيَّاه حتَّى نزلت سورة الأنفال، وأنَّ الزُّبَير بارز يومئذ رجلًا، فنفله رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سلبه، وأنَّ ابن مسعود نفله رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم سلب أبي جهل، كذا قال، وقد تَقَدَّم أنَّ في «الصحيح»: (قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح)، وقد تَقَدَّم، ثُمَّ شرع بذكر ضعف الكلبيِّ وأبي صالح، وترجمتهما معروفة.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ): هذا الرجل الذي شهد لأبي قتادة سيجيء قريبًا أنَّه من قريش، وقد تَقَدَّم من كلام شيخنا: أنَّه شهد له بالسلب اثنان، وسمَّاهما: الأسود بن خزاعيٍّ وعبد الله بن أنيس، ونقل ذلك عن المنذريِّ، وهذان غير قرشيَّين، الأسود بن خزاعيٍّ _وقيل بالعكس_ أحد من قتل ابن أبي الحقيق، أسلميٌّ، من حلفاء بني سلمة من الأنصار، وأمَّا ابن أنيس؛ فهم جماعة؛ أحدهم: أسلميٌّ، والثاني: جهنيٌّ، ثُمَّ أنصاريٌّ حليفهم، والثالث: زهريٌّ، قال الذهبيُّ: روى عبد الله بن عمر العُمريُّ عن ابنه عيسى عنه، قال الذهبيُّ: وإنَّما هو الجهنيُّ الأنصاريُّ، والرابع: هو ابن أنيس أو أنس، قيل: هو الذي رمى ماعزًا لمَّا رجموه فقتله، والخامس: عامريٌّ له وفادة، والسادس: قُتِل يوم اليمامة، والله أعلم.

قوله: (فَأَرْضِهِ): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (لاَ هَا اللهِ إِذًا): تَقَدَّم الكلام عليها مطوَّلًا، وتغليط الرواية، ومن قال: إنَّها صواب، بما فيه كفاية في (الخمس).

قوله: (لاَ يَعْمِدُ): هو بكسر الميم، وقد تَقَدَّم أنِّي رأيت في حاشية عُزيت لـ «شرح الفصيح»: أنَّ (عَمِد) في الماضي فيه لغة كسر الميم، وهي غريبة، ولفظ الحاشية: (عمَد)؛ بفتح الميم، وحكى المطرِّز عن ثعلب كسرها أيضًا، قال اللبليُّ شارح «الفصيح» بعد أن ذكر حكاية المطرِّز [عن] ثعلب الكسر، قال: ولم أر أحدًا حكاه غيره. انتهت.

قوله: (فَيُعْطِيَكَ): هو بالنصب جواب النفي، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا [2]): هو البستان، وتَقَدَّم ضبطه، وكذا (فِي بَنِي سَلِمَةَ)؛ بكسر اللام، قيل: من الأنصار، وكذا (تَأَثَّلْتُهُ)؛ أي: اتَّخذته أصلًا ورأس مال، وأثلة الشيء: أصله، ومنه: (غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا) [خ¦2313].

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (النَّبيُّ).

(1/7764)

[2] في (ق): (فائد: مخرف؛ بفتح الراء وكسرها، وأمَّا كسر الميم؛ فهو اسم الآلة التي تخترف بها الثمرة؛ أي: تجتنى، وأجاد في تفسيره، فقال: المخرف: نخلة واحدة أو نخلات يسيرة إلى عشر فما فوق ذلك؛ فهو بستان أو حديقة، وفي هذا الحديث من الفقه: أنَّ السلب للقاتل حكمًا شرعيًّا جعل ذلك الإمام له أو لم يجعله، وهو قول الشافعي، وقال مالك: إنَّما ذلك إلى الإمام له أن يقول بعد معمعة الحرب: من قتل قتيلًا؛ فله سلبه، ويكره مالك أن يقول ذلك قبل القتال؛ لئلا يخالط النية غرض آخر غير احتساب نفسه لله تعالى).

(1/7765)

[معلق الليث: لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين ... ]

4322# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الأحكام) عن قتيبة عن ليث، وأخرجه مسلم في (المغازي) عن قتيبة عن الليث به، و (يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ): تَقَدَّم في الصفحة قبله أنَّه الأنصاريُّ.

قوله: (إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ): تَقَدَّم أنَّ الرجلين لا أعرفهما.

قوله: (وَآخَرُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ): هذا الثالث أيضًا لا أعرفه، و (يَختِله): هو بفتح أوَّله، وكسر المثنَّاة فوق؛ أي: يأخذه في غفلة.

قوله: (ثُمَّ تَرَكَ فَتَحَلَّلَ): (تَرَكَ): بفتح المثنَّاة فوق والراء والكاف؛ أي: ترك ضمِّي، وتحلَّلتْ قواه، كما قال في موضع آخر: (فَأَدْرَكَهُ [1] الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي) [خ¦4321]، قاله ابن قُرقُول، وقوله: (ثُمَّ ترك فتحلل) مقلوب؛ أي: تحلَّلت قواه فترك ضمِّي، والله أعلم.

قوله: (فَتَحَلَّلَ): هو بالحاء المهملة، وتشديد اللام الأولى، وهو (تفعَّل)، من الحلِّ؛ أي: حلَّ نفسه مني، وانفصل عنِّي، كما قال في رواية أخرى: (ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي) [خ¦4321]، وقوله: (فتحلَّل) هذا: الفاء ليست للترتيب، وإنَّما هي لعطف جملة على جملة؛ لأنَّه تحلَّلت قواه فترك ضمَّه، كما تَقَدَّم أعلاه، وقد جاءت (ثُمَّ) للعطف لا للترتيب في بعض الأماكن، فكذا الفاء، والله أعلم.

قوله: (وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ): هذا فيه مجاز، ولم ينهزم جميع المسلمين، وقد قدَّمتُ عدد من ثبت مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في حنين في أوائل (الجهاد)، وها أنا أذكره لك، قال ابن سيِّد الناس في «سيرته»: وفيمن ثبت معه من المهاجرين: أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته: عليٌّ، والعباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه، والفضل بن عبَّاس، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، وأيمن بن أمِّ أيمن، وقُتِل يومئذ، انتهى، وقال مغلطاي: ولم يثبت معه حين ذلك إلَّا عشرة، وقيل: ثمانية، انتهى.

(1/7766)

وقال شيخنا: وثبت معه يومئذ العبَّاس، وعليٌّ، والفضل، وأبو سفيان بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وأبو بكر، وعمر، وأسامة في أناس من أهل بيته، قال الحارث بن النعمان: مئة رجل، وسيأتي تعداد بعضهم ... إلى أن قال: وعدَّ ابن هشام وغيره معه قُثَم بن العبَّاس، وفيه نظر؛ لأنَّه عَلَيهِ السَّلام تُوُفِّيَ وهو صغير، وعند الزُّبَير بن أبي بكر: وكان عتبة ومعتِّب ابنا أبي لهب ممَّن ثبت معه يومئذ، ولابن إسحاق: وأيمن بن أمِّ أيمن، ولابن عبد البرِّ: وجعفر بن أبي سفيان بن الحارث، وأمُّ سليم، ولعبد الغنيِّ: وعبد الله بن الزُّبَير بن عبد المطَّلب، ولابن الأثير: وعَقِيل بن أبي طالب، ولابن عبَّاس في «تفسيره»: وأبو دجانة، ونفر من الأنصار تعلَّقوا بثفر البغلة، وللبَيهَقيِّ عن ابن مسعود: ثبتُّ معه في ثمانين رجلًا من الأنصار والمهاجرين ... إلى أن قال: ولأبي معشر: ثبت معه يومئذ مئة رجل؛ بضعة وثلاثون من المهاجرين، وسائرهم من الأنصار، انتهى.

وفاتَه نوفل بن الحارث بن عبد المطَّلب، قاله أبو عمر في «الاستيعاب»، والذي عزاه شيخنا للبَيهَقيِّ هو في «المستدرك» في (الجهاد)

[ج 2 ص 216]

من حديث ابن مسعود، ولفظه: (وبقيتُ [2] معه في ثمانين رجلًا)، وفي «التِّرْمِذيِّ» محسَّنًا عن ابن عمر: (وما معه إلَّا مئة رجل)، وذكر ابن سيِّد الناس في أعمامه وعمَّاته: أنَّ عتبة ومعتِّبًا ابني أبي لهب ثبتا معه، وقد تَقَدَّما في كلام شيخنا، وذكر أيضًا في أعمامه وعمَّاته: الزُّبَير، فقال: فولده عبد الله شهد يوم حُنين، وثبت معه، وهذا أيضًا في كلام شيخنا، وذكر ابن عبد البرِّ في «استيعابه»: أنَّ أمَّ الحارث الأنصاريَّة ثبتتْ معه يوم حُنين، ذكر ذلك في ترجمتها، وفي «الاستيعاب» أيضًا في ترجمة العبَّاس: (وانهزم الناس عن رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يوم حُنين غيره وغير عمر وعليٍّ وأبي سفيان بن الحارث، وقد قيل: غير سبعة من أهل بيته ... ) إلى أن قال: (قال ابن إسحاق: والسبعة: عليٌّ، والعبَّاس، والفضل بن العباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، والثامن: أيمن بن عبيد، وجعل غير ابن إسحاق في موضع أبي سفيان عمرَ بن الخَطَّاب، والصحيح: أنَّ أبا سفيان كان معه يومئذ، ولم يُختَلف في عمر)، انتهى، والله أعلم.

قوله: (فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي النَّاسِ ظَاهِرٌ [3]): هذا فيه نظرٌ، إلَّا أن يقال: إنَّه في الناس الذين ثبتوا معه عَلَيهِ السَّلام، وذلك لأنَّه عُدَّ في الذين ثبتوا، وقد قال قبيل هذا أبو عمر بن عبد البرِّ: ولم يُختَلف في عمر رضي الله عنه.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ): تَقَدَّم قريبًا الكلام على هذا الرجل قريبًا، والله أعلم.

قوله: (فَأَرْضِهِ مِنْهُ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه بهمزة قطع، وهذا ظاهرٌ؛ لأنَّه رباعيٌّ.

(1/7767)

قوله: (أُصَيْبِغَ [4] مِنْ قُرَيْشٍ): هو بالصاد المهملة، وغين معجمة، كذا للأصيليِّ، والنسفيِّ، وأبي ذرِّ، والسمرقنديِّ؛ ومعناه: أُسَيْوِد، كأنَّه عيَّره بلونه، وللباقين: (أضيبع)، كذا للقابسيِّ، وعبدوس، ولأبي ذرٍّ في رواية، وللعذريِّ، وابن الحذَّاء، والسجزيِّ؛ كلُّهم يقوله بالضاد، تصغير (ضبع) على غير قياس؛ تحقيرًا له، وهو أشبه بسياق الكلام؛ لقوله: (وَيَدَعَ أَسَدًا)، قال أبو مروان بن سراج: ولكنَّه لا يحتمله قياس اللسان؛ لأنَّ تصغير (ضبع): ضبيع، والأوَّل أصحُّ، انتهى، وعن ابن مالك: هو تصغير (أضبع)؛ وهو القصير الضبع، ويكنَّى به عن الضعيف، وتَقَدَّم الكلام عليه في (الخمس)، وما فيه من اختلاف الرواة.

قوله: (خِرَافًا): (الخِراف)؛ بكسر الخاء المعجمة: اسم لما تُختَرف منه الثمار، أو يكون جمع (خريف)؛ وهو النخلة؛ مثل: كريم، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (تَأَثَّلْتُهُ) قريبًا وفي (الخمس).

(1/7768)

[باب غزاة أوطاس]

قوله: (بابُ غَزْوَةِ [1] أَوْطَاسٍ): تَقَدَّم في أوَّل (غزوة حنين) أنَّها يقال لها: غزوة حنين، وهوازن، وأوطاس، سُمِّيَت بـ (أوطاس) باسم الموضع الذي كان فيه الوقعة أخيرًا حيث اجتمع فلَّالهم، وتوجَّه إليهم أبو عامر الأشعريُّ، والوطيس: التنور، وفي هذه الغزوة قال عَلَيهِ السَّلام: «الآن حمي الوطيس، حيث استعرتِ الحرب»، وهي من الكلم التي لم يُسبَق إليها النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وهنَّ جماعة كلم؛ منها: «لا ينتطح فيها عنزان»، و «مات حتف أنفه»، و «لا يلدغ المؤمن من جحر مرَتين»، و «يا خيل الله اركبي»، و «الولد للفراش، وللعاهر الحجر»، و «كلُّ الصيد في جوف الفَرأ»، و «الحرب خدعة»، و «إيَّاكم وخضراءَ الدِّمَن»، و «إنَّ ممَّا ينبت الربيع لما يقتل أو يلمُّ»، و «الأنصار كرشي وعيبتي»، و «لا يجني على المرء إلَّا يده»، و «الشديد من غلب نفسه»، و «ليس الخبر كالمعاينة»، و «المجالس بالأمانة»، و «اليد العليا خير من اليد السفلى»، و «البلاء موكَّل بالمنطق»، و «الناس كأسنان المشط»، و «ترك الشرِّ صدقة»، و «أيُّ داء أدوأ من البخل»، و «الأعمال بالنيَّات»، و «الحياء خير كلُّه»، و «اليمين الفاجرة تدع الديار بَلَاقِعُ»، و «سيِّد القوم خادمهم»، و «فضل العلم خير من فضل العبادة»، و «الخيل في نواصيها الخير»، و «عِدَة المؤمن كأخذ باليد»، و «أعجل الأشياء عقوبة البغيِّ»، و «إنَّ من الشعر لحكمًا»، و «الصحة والفراغ نعمتان»، و «نيَّة المؤمن خير من عمله»، و «الولد الوطء»، و «استعينوا على الحاجات بالكتمان، فإنَّ كلَّ ذي نعمة محسود»، و «المكر والخديعة في النار»، و «من غشَّنا؛ فليس منا»، و «المستشار مؤتمن»، و «الندم توبة»، و «الدالُّ على الخير كفاعله»، و «حبُّك الشيء يُعمِي ويُصِمُّ»، و «العارية مؤدَّاة»، و «الإيمان قيَّد الفتك»، و «سبقك بها عكاشة»، و «عجب ربُّكم من كذا»، و «قتل صبرًا»، و «ليس المسؤول بأعلم من السائل»، و «لا ترفع عصاك عن أهلك»، و «لا تضحِّي بشرقاء [2]» ... إلى غير ذلك ممَّا يطول ذكره، ذكر ذلك مغلطاي في «سيرته» في سريَّة عمير بن عديٍّ الخطميِّ إلى عصماء بنت مروان، والله أعلم.

(1/7769)

[حديث: لما فرغ النبي من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى ... ]

4323# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وتَقَدَّم (بُرَيْدٌ): أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وتَقَدَّم أنَّ (أَبَا بُرْدَة) اسمه الحارث أو عامر، القاضي، وتَقَدَّم (أَبُو مُوسَى): أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ): تَقَدَّم أنَّ أبا عامر هذا اسمه عبيد، كذا هو مسمًّى في «الصحيح»: «اللهم اغفر لعبيد أبي عامر»، ويأتي قريبًا كذلك، وهو عبيد بن سُلَيم بن حَضَّار بن حرب بن عامر بن بُكَير بن عامر بن عدد بن وائل بن ناجية بن جماهير بن الأشعر، وهو ابن نبت بن أدد بن زيد بن يشجبَ بن يعرب بن قحطان، وتَقَدَّم أنَّه عمُّ أبي موسى الأشعريِّ، وقد استشهد بأوطاس، كما سيأتي.

تنبيهٌ: وقع في «سيرة ابن سيِّد الناس» في غزوة حنين عن ابن إسحاق: أنَّ أبا موسى ابن عمِّ أبي عامر، وفيه نظر، وقد ذكرت لك نسبهما، والله أعلم.

قوله: (فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ): (دريد): مصغَّر، وهو منصوب مفعول، و (الصِّمة): بكسر الصاد المهملة، وتشديد الميم، وهو دريد بن الصِّمَّة بن الحارث بن معاوية بن جُداعة _بضمِّ الجيم_ ابن غَزيَّةَ بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن، قتل كافرًا بالله كما سيأتي.

قوله: (فَقُتِلَ دُرَيْدٌ [1]): (قُتِل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (دريدٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقاتل دريد هو ربيعة بن رفيع بن أهبان، ذكر ذلك ابن عبد البرِّ في ترجمة ربيعة هذا، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ بعد ذكر ربيعة هذا: إنَّه قاتل دريد، قال: ويقال: ابن الدَّغنة، واسمه: لدغة؛ بالغين المعجمة، قال ابن هشام: ويقال: اسم الذي قتل دريدًا عبدُ الله بن قنيع بن أهبان، كذا ذكره في «الأُسْد»، انتهى، وكذا ذكر الذهبيُّ في «تجريده»: أنَّه عبد الله بن قنيع، والله أعلم.

قوله: (فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ [2]): (رُمِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أبو عامر): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وسيأتي من رماه.

قوله: (رَمَاهُ جُشَمِيٌّ): قال ابن إسحاق: فيزعمون أنَّ سلمة بن دريد هو الذي رمى أبا عامر، وقال ابن سعد: قتل أبو عامر منهم تسعة مبارزةً، ثُمَّ نزل العاشر معلَّمًا بعمامة صفراء، فضرب أبا عامر فقتله، انتهى، وقال شيخنا عن ابن هشام: رماه أخوان من بني جشم بن معاوية، فأصاب

[ج 2 ص 217]

أحدهما قلبه، والآخر ركبته [3]، انتهى.

والذي رأيته في «سيرة ابن هشام» من زياداته فيما حدَّثه به من يثق به من أهل العلم بالشعر: أنَّ أبا عامر رماه أخوان؛ العلاء وأوفى ابنا الحارث، من بني جشم بن معاوية، وأصاب أحدهما قلبه، والآخر ركبته، فقتلاه، ووَلِي الناس أبو موسى الأشعريُّ، فحمل عليهما، فقتلهما، انتهى.

(1/7770)

وقوله: وعند أبي عمر؛ يعني: في غير «الاستيعاب»، وأنا لم أره فيه في ترجمته ولا في ترجمة ابن أخيه أبي موسى، والله أعلم، وقد قيل: أبو موسى الأشعريُّ قاتل عمِّه أبي عامر، كما سيأتي، وتَقَدَّم أيضًا أعلاه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ بعد ذكر كلام ابن إسحاق: وقال ابن هشام: وحدَّثني من أثق به: ورمى أبا عامر أخوان [4]؛ العلاء وأوفى _وفي نسخة: أوفى_ ابنا الحارث من بني جشم بن معاوية، وأصاب أحدهما قلبه، والآخر ركبته فقتلاه ... إلى أن قال: فحمل عليهما _يعني: أبا موسى_ فقتلهما، انتهى.

قوله: (فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ): (نزا): معتلُّ غير مهموز، وهو بالنون والزاي؛ ومعناه: ارتفع وظهر، قاله ابن قُرقُول، وفي «النِّهاية»: يقال: نُزِيَ دمه، ونُزِف؛ إذا جرى ولم ينقطع، ثُمَّ ذكر حديث أبي عامر، فقال: ومنه حديث أبي عامر، وكلاهما قريب، وقوله: (الماء)؛ أي: الدم، أطلق عليه ماء؛ بجامع ما بينهما من السيلان، والله أعلم.

قوله: (عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ): هو بضمِّ الميم الأولى، وفتح الثانية، بينهما راء ساكنة، ويجوز فتح الراء، وتشديد الميم، وهما نسختان في أصلنا، الأولى في الأصل، والثانية في الطرَّة، وكذلك (سرير مرمول)، و (رمال حصير)، كلُّ ذلك يراد به: المنسوج من السعف بالحبال.

قوله: (وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ): قال شيخنا: قال أبو الحسن: الذي أحفظ في هذا: (ما عليه فراش)، وأُراها سقطت، انتهى، وقد رأيت بخطِّ شيخنا أبي جعفر في نسخته: (وعليه فراش)، وقد خرج من بعد الواو، وكتب في الهامش: (ما)، وعليها صورة نسخة، فبقي على هذه النسخة: (وما عليه فراش)، وهذا هو الذي نقله شيخنا عن أبي الحسن، وسيأتي ما في هذه النسخة، وفي «المطالع» لابن قُرقُول ما نصُّه: (وعليه فراش): كذا في جميع النسخ من «مسلمٍ» و «البُخاريِّ»، قال القابسيُّ: الذي أعرف: (على سريرٍ مُرْمَل ما عليه فراش) ألا ترى إلى قوله: (وقد أثَّر رمال السرير في ظهره ... ) إلى آخر كلامه، والظاهر أنَّ أبا الحسن في كلام شيخنا هو القابسيُّ المذكور في «المطالع»، والله أعلم.

قوله: (قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ فِيْ ظَهْرِهِ [5]): تَقَدَّم أعلاه ما الرمال.

قوله: (وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ [6]): تَقَدَّم أنَّ بياض إبطيه من علامات نبوَّته.

قوله: (وَأَدْخِلْهُ): هو بفتح الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مدْخَلًا كَرِيمًا): (المُدخل): بضمِّ الميم وفتحها.

قوله: (قَالَ أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّم أنَّه ولد أبي موسى، وأنَّه القاضي، وأنَّه الحارث، ويقال: عامر، وتَقَدَّم ببعض ترجمة بعيدًا.

تنبيهٌ: استشهد من المسلمين في حنين وأوطاس أربعة، وقتل من المشركين أكثر من سبعين قتيلًا.

==========

[1] في هامش (ق): (الدريد في اللغة: تصغير [أدرد]، وهو تصغير الترخيم، و [الصِّمَّة: الشجاع]، وجمعه: صِمَم).

[2] في هامش (ق): (هو أبو عامر الأشعريُّ، واسمه عُبيد بن سُلَيم، وهو عَمُّ أبي موسى الأشعريِّ [عبدِ الله]).

(1/7771)

[3] في (أ): (الحارث)، والمثبت موافق لما في «التوضيح» (21/ 470).

[4] في (أ): (أخو)، والمثبت موافق لمصدره.

[5] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بظهره).

[6] في هامش (ق): ([أبو عامر: هو الذي استغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قُتِل رافعًا يديه، يقول: «اللَّهمَّ اغفر لعبيدٍ أبي عامر» ثلاثًا، وفيه من الفقه: رفع اليدين في الدعاء]، وقد كرهه قوم، رُويَ عن عبد الله بن عمر: [أنَّه رأى قومًا يرفعون أيديهم في الدعاء، قال]: أوقد رفعوها؟ قطعها الله، والله لو كانوا بأعلى شاهق ما ازدادُوا بذلك من الله قربًا، وحجَّة من رَأى الرفع أحاديثُ؛ منها: هذا، ومنها حديث الاستسقاء، ومنها في سريَّة خالد: «اللَّهمَّ إنِّي أبرأُ إليك ممَّا صنع خالد»، ولكلٍّ وجهٌ، فمَن كَرِه؛ فإنَّما كره الإفراط في الرفع؛ كما كره رفع الصوت بالدعاء جدًّا).

(1/7772)

[باب غزوة الطائف]

(بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ) ... إلى (السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ)

(الطَّائِفِ): بلد معروف على مرحلتين من مَكَّة في جهة المشرق.

تنبيهٌ: حاصَرَ عَلَيهِ السَّلام الطائف ثمانية عشر يومًا، وقيل: خمسة عشر، وقيل: عشرين، وقال ابن حزم: بضع عشرة ليلة [1]، وفي «مسلم» في (الزكاة): أربعين يومًا، من حديث أنس.

==========

[1] في (أ): (له)، والمثبت من المصادر.

[ج 2 ص 218]

(1/7773)

[حديث: لا يدخلن هؤلاء عليكن]

4324# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وتَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق لماذا نسب، وأنَّ اسمه عبد الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ): هو هشام بن عروة بن الزُّبَير بن العوَّام، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ) تَقَدَّمتُ، وهي بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزوميَّة، ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وتَقَدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها، و (أُمُّهَا أُمُّ سَلَمَةَ): هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة، تَقَدَّم بعض ترجمتها، والكلام في تاريخ وفاتها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد الستِّين، وأنَّها آخر الأزواج وفاةً، رضي الله عنها.

قوله: (وَعِنْدِي مُخَنّثٌ): المخنِّث؛ بكسر النون أفصح، وبفتحها أشهر؛ لغتان، وهذا المخنّث هو: هيت، كما هنا من كلام ابن عيينة عن ابن جُرَيج، قال شيخنا عن الكلبيِّ: إنَّ هيتًا هو مولى عبد الله بن أبي أُمَيَّة، انتهى، وقيل: هيت اسمه، ولقبه: ماتع، والمَخانِثة الذين كانوا في عهده عَلَيهِ السَّلام أربعة: هيت، وهِدم [1]، وأنَّة، وماتع، قاله السهيليُّ، ونقله الذهبيُّ عنه في «تجريده» في (أنَّة)، انتهى، وهِدم: بالدال، ذكره الذهبيُّ في (أنَّة)، وفي نسخة من «الروض»: (هرم)، وضبطه شيخنا في هذا الشرح: بالهاء المكسورة، وبالدال الساكنة.

واعلم أنَّ المخنّث ضربان:

أحدهما: من خلق كذلك ولم يتكلَّف التخلُّق بأخلاق النساء، وزِيِّهنَّ، وكلامهنَّ، وحركاتهنَّ، بل هو خلقة خلقه الله تعالى عليها كما كان هؤلاء، هذا لا ذمَّ عليه، ولا إثم، ولا عتب، ولا عقوبة؛ لأنَّه معذور لا صنع له في ذلك، ولهذا لم ينكر عَلَيهِ السَّلام أوَّلًا دخوله على النساء، ولا خلقه الذي هو عليه حين كان من أصل خلقته.

الضرب الثاني: هو من لم يكن له ذلك خلقة، بل يتكلَّف أخلاق النساء، وحركاتهنَّ، وصفاتهنَّ، وكلامهنَّ، ويتزيَّا بزيِّهن، فهذا هو المذموم الذي جاء في الأحاديث الصحيحة لعنُه، والضرب الأوَّل ليس بملعون، والله أعلم.

وأمَّا دخول هذا على أمِّ سلمة، وفي رواية في «مسلم»: (كان يدخل على أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مخنّث)؛ فكأنَّه يعدُّونه من غير أولي الإربة، فقد بيَّن سببه في هذا الحديث بأنَّهم كانوا يعدُّونه من غير أولي الإربة، ومن كان من غير أولي الإربة؛ فإنَّه مباح دخوله، فلمَّا سمع عَلَيهِ السَّلام الكلام الذي قاله؛ علم أنَّه من أولي الإربة، فمنعه عَلَيهِ السَّلام الدخول، والله أعلم.

(1/7774)

قال الإمام السهيليُّ: ولم يكونوا يُزَنُّون بالفاحشة الكبرى، وإنَّما كان تأنيثهم لينًا في القول، وخضابًا في الأيدي والأرجل كخضاب النساء، ولعبًا كلعبهنَّ، وربَّما لعب بعضهم بالكُرَّج، وفي «مراسيل أبي داود»: أنَّ عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه رأى لاعبًا يلعب بالكُرَّج، فقال: لولا أنِّي رأيت هذا يلعب به على عهد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لنفيته من المدينة، انتهى.

قال الجوهريُّ: الكُرَّج: معرَّب، وهو بالفارسية: كرَّه، انتهى، وفي «القاموس» لشيخنا مجد الدين: وكـ «قُبَّر»: المهر، معرَّب كُرَّه، والكُرَّجيُّ: المخنّث، انتهى.

قوله: (يَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ [2]): هو عبد الله بن أبي أُمَيَّة بن المغيرة المخزوميُّ، أخو أمِّ سلمة، أمُّه: عاتكة عمَّة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، كان شديدًا على المسلمين، معاديًا لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، أسلم قُبَيل الفتح هو وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب، رُمِيَ عبد الله هذا بسهم يوم الطائف قتله، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلاَنَ [3]): (ابنة غيلان) هذه: اسمها بادية، وقيل: بادنة، والصحيح بالمثنَّاة تحت، تزوج باديةَ عبدُ الرَّحمن بن عوف، وهي صحابيَّة، وغيلان أبوها صَحابيٌّ أيضًا، أسلم وتحته عشر نسوة، وقصَّته معروفة، وبادية هذه إحدى المستحاضات التسع في عهده عَلَيهِ السَّلام، وقد ذكرتها في (الحيض) من هذا التعليق.

[ج 2 ص 218]

قوله: (فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ): قال ابن قُرقُول: يعني: أطراف العكن الأربع التي تكون في بطنها تظهر ثمانية في جنبها، وقال: ثمان، ولم يقل: ثمانية، وهي الأطراف مذكَّرة؛ لأنَّه لم يذكُرها؛ كما يقال: هذا الثوب سبع في ثمان؛ يريد: سبعة أذرع في ثمانية أشبار، فلمَّا لم يذكُر الأشبارَ؛ أنَّث؛ لتأنيث الأذرع التي قبلها.

فائدةٌ: في حديث هيت زيادة لم تقع في «الصحيح» بعد قوله: (بثمان): (مع ثغر كالأقحوان، إن قامت؛ تثنَّت، وإن قعدت؛ تبنَّت، وإن تكلَّمت؛ تغنَّت _يعني: من الغنَّة، والأصل: تغنَّيَت، فقلبت إحدى النونين ياء_ وهي هيفاء شَموع نجلاء)، انتهى.

والشَّمُوع _بفتح الشين المعجمة، وتخفيف الميم_ من النساء: اللَّعوب الضَّحوك، وذكر شيخنا في «شرحه» عن ابن الكلبيِّ هذا إلى قوله: (تغنَّت)، ثُمَّ قال: وفي لفظ ... ، فذكر كلامًا لا يتحرَّر من سقم النسخة، وفي آخره: (بين رجليها مثل الإناء الملفوف)، وقال في (باب ما يكره من دخول المتشبِّهين بالنساء على المرأة)، وفي بعض الأخبار زيادة: (ولها ثغر كالأقحوان، إن جلست؛ تبنَّت، وإن نطقت؛ تغنت، وبين رجليها كالإناء الملفوف)، انتهى، وهذا يعِّين الذي لم يتحرَّر من سقم النسخة، والله أعلم.

(1/7775)

فائدةٌ: ذكر أبو موسى في «غريبه» على ما قاله ابن الأثير في «نهايته»: أنَّ سعدًا خطب امرأة بمَكَّة، فقيل: إنَّها تمشي على ستٍّ إذا أقبلت، وعلى أربع إذا أدبرت؛ يعني بالستِّ: يديها، وثدييها، ورجليها؛ أي: إنَّها لعظم ثدييها ويديها كأنَّها تمشي مُنكبَّة، والأربع: رجلاها، وأليتاها، وأنَّهما كادتا تمسَّان الأرض؛ لعظمهما، وهي بنت غيلان الثقفيَّة التي قيل فيها: تقبل بأربع، وتدبر بثمان، وكانت تحت عبد الرَّحمن بن عوف، انتهى لفظ «النِّهاية».

ثُمَّ إنِّي رأيت في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» عن سعد بن مالك: (أنَّه خطب امرأة بمَكَّة وهو مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: ليت عندي من يراها ومن يخبرني عنها، فقال رجل يدعى هيت: أنا أنعتها لك، إذا أقبلت؛ قلت: تمشي على ستٍّ، وإذا أدبرت؛ تمشي على أربع ... )؛ الحديث.

قوله: (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الْمُخَنَّثُ هِيتٌ): تَقَدَّم أنَّه بكسر النون من (المخنّث) وفتحها، تَقَدَّم، وتَقَدَّم الخلاف في (هيت)، وهل هذا المتكلم هيت أو غيره أعلاه؛ فانظره، والظاهر أنَّ قول: (قال ابن عيينة)؛ يعني: بالسند المتَقَدَّم، وهو الحُمَيديُّ عنه، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: كذا هو في «البُخاريِّ» من قول ابن جُرَيج، ووقع موصولًا من حديث عائشة في «صحيح ابن حبَّان»، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): هذا هو ابن غيلان، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم أيضًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير، وقوله: (بِهَذَا)؛ أي: بالسند الذي قبله والحديث، ويؤكِّد هذا قولُه: (وزاد).

قوله: (الطَّائِفَ): هو منصوبٌ؛ لأنَّه مفعول اسم الفاعل؛ وهو (مُحاصِر)، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] في (أ): (هرم)، وكتب فوقها: (هدم)، وعليها: (صح).

[2] في هامش (ق): (وهو أخو أمِّ سَلَمة، فيكون أخو أبيها أبا أُميَّة).

[3] في هامش (ق): (وبادية هذه كانت من المستحاضات النساء اللاتي كنَّ على عهد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ذكرها ابن الأثير، وأبوها غيلان بن سلمة هو الذي أسلم وَعِنده عشر نسوة، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُمسِك أربعًا، ويُفارق سائرهنَّ، وكان قال فيها هيت المخنث لعبد الله بن أبي أمية: إنْ فتح الله عليكم الطائف؛ فإنِّي أدلُّك على بادية بنت غيلان، فإنَّها تُقبِل بأربع وتُدبِر بثمان، فسمعه رسول الله، فقال: «قاتلك الله لقد أمعنت النظر»، وقال: «لا يدخلن هؤلاء عليكنَّ»، ثم نفاه إلى روضة خاخ، فقيل: إنَّه يموت بها جوعًا، فأذن له أن يدخل المدينة كل جمعة يسأل الناس).

(1/7776)

[حديث: لما حاصر رسول الله الطائف فلم ينل منهم ... ]

4325# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ الحافظ، وأنَّ (سُفْيَانَ) بعده: ابن عيينة، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار المَكِّيُّ، لا قهرمان آل الزُّبَير، و (أَبُو العَبَّاس) بعده: هو السائب بن فرُّوخ، ثِقةٌ، أخرج له الجماعة، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو): كذا في أصلنا بإثبات الواو، وفتح العين، وفي نسخة في الطرَّة: (عُمر)؛ بضمِّ العين، محذوف الواو، سيأتي فيه كلامٌ للدِّمْياطيِّ في (الأدب)، وسأذكره حيث ذَكرَه، قال ابن قُرقُول: (عن عبد الله بن عمرو): كذا لرواة مسلم: ابن سفيان الجرجانيِّ، والنسفيِّ، والحمُّوي في حديث الطائف، وفي (باب التبسُّم والضحك)، وكانت الواو هنا عند أحمد ملحقة، وعند ابن ماهان والمروزيِّ وأبي الهيثم والبلخي: (عن عبد الله بن عمر)، قال لنا القاضي الصدفيُّ: وهو الصواب، وكذا ذكره البُخاريُّ في موضع آخر: (عن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب)، وحكى ابن أبي شيبة في «مصنَّفه» فيه عن سفيان الوجهين، وكذلك اختلف فيه في (كتاب التوحيد) في آخر (باب المشيئة والإرادة)، فعند الجرجانيِّ: (ابن عَمرو) مُصحَّح، ولغيره: (ابن عمر)، انتهى.

واعلم أنَّ هذه المسألة ذكرها جماعة من الحفَّاظ كأبي عليٍّ الغسانيِّ وغيرِه، ولكن آثرت ذكرها من «المطالع»، ومثل هذه تمرُّ بي كثيرًا، ولا أتعرَّض له؛ لأنَّ فيه طولًا، ومن أراد ذلك؛ فعليه بالمؤلَّفات التي فيها ذلك، وقال المِزِّيُّ لمَّا طرَّف هذا الحديث في ترجمة أبي العباس الشاعر عن ابن عَمرو: منهم من قال: (عن عبد الله بن عمر)، ومنهم من قال: (ابن عَمرو)، وكان القدماء من أصحاب سفيان يقولون: (ابن عُمر)، كما وقع عند البُخاريِّ في عامَّة النسخ، وكان المتأخِّرون منهم يقولون: (عبد الله بن عَمرو)، كما وقع في «مسلم» و «النَّسائيِّ» في أحد الموضعين، ومنهم من لم ينسبه، كما وقع عند النَّسائيِّ في الموضع الآخر، والاضطراب فيه من سفيان، قال أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايني: بلغني أنَّ إسحاق بن موسى الأنصاريَّ وغيرَه قالوا: (عبد الله بن عَمرو)، ورواه عنه _يعني: عن سفيان_ من أصحابه من يفهم ويضبط، فقالوا: (عبد الله بن عُمر)، انتهى، وذكره في (مسند عبد الله بن عَمرو)، وأحال على (مسند ابن عمر)، والذي ظهر لي من كلامه ترجيح (ابن عمر بن الخَطَّاب)، والله أعلم.

قوله: (إِنَّا قَافِلُونَ [1]): تَقَدَّم أنَّ (القفول) الرجوع.

قوله: (وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً): (سفيان) هذا: تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة.

(1/7777)

قوله: (قَالَ: قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الْخَبَرَ كُلَّهُ [2]): كذا في أصلنا: (قال: قال)، وعلى الثانية: (صح)، والمراد: قال البُخاريُّ: قال الحُمَيديُّ، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّ (الحُمَيديَّ) عبد الله بن الزُّبَير، وتَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق لماذا نسب، والاختلاف في ذلك، و (سفيان): هو ابن عيينة، وتَقَدَّم أنَّ قول البُخاريِّ: (قال فلان) إذا كان المسند إليه القولُ شيخَه؛ كهذا؛ فإنَّه مثل: (حدَّثنا)، لكنَّ الغالب استعمالها في المذاكرة، والله أعلم.

(1/7778)

[حديث: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام]

4326# 4327# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ما معنى (البُنْدَار)، و (غُنْدُر) بعده: تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه محمَّد بن جعفر، وأنَّ معنى (غُنْدُر) المشغِّب، و (عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، تَقَدَّم، و (أَبُو عُثْمَانَ): عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، تَقَدَّم مِرارًا، وتَقَدَّمت اللغات في (مَلٍّ)، وتَقَدَّم بعض ترجمته، و (سَعْدٌ) بعده: هو ابن مالك [بن] أبي وقاص، أحد العشرة، مشهور، رضي الله عنهم.

قوله: (وَهْوَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ): إن قيل: في أيِّ سريَّة أو غزاة رمى به؟

فالجواب: أنَّه في بعث عبيدة بن الحارث بن المطَّلب بن عبد مناف، بعثه في ستِّين _أو ثمانين_ راكبًا من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، وكان ذلك في ربيع الأوَّل على رأس ثلاثة عشر شهرًا

[ج 2 ص 219]

من مقدمه المدينة، فسار حتَّى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنيَّة المرَّة، فلقي بها جمعًا عظيمًا من قريش، فلم يكن بينهم قتالٌ، إلَّا أنَّ سعد بن أبي وقاص قد رمى بسهم، فكان أوَّلَ من رمى به في الإسلام، والقصَّة معروفة، وقد قدَّمتُ ذلك في (مناقب سعد)، وقدَّمتُ أيضًا أنَّه أوَّل من أراق دمًا في الإسلام، ويقال: أوَّل من أراق دمًا في الإسلام طليب بن عمير.

قوله: (وَأَبَا بَكْرَةَ [1]، وَكَانَ تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِي أُنَاسٍ): (أبو بكرة): نفيع بن الحارث، وقيل: نفيع بن مسروح، خرج إلى عكسر المسلمين من الطائف في بضعة عشر رجلًا، كذا قال أهل المغازي، وسيجيء في هذا «الصحيح» قريبًا جدًّا: (أنَّه نزل إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف)، والجمع ممكن.

فائدةٌ: لم يعيِّن هنا غير أبي بكرة، غير أنَّه قال: (في أناس)، وسيأتي قريبًا: (وَأَمَّا الآخَرُ _يعني: أبا بكرة_؛ فَنَزَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَالِثَ ثَلاَثَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الطَّائِفِ)، انتهى، وقد قال موسى بن عقبة: يقال: (لم يخرج من الطائف غير أبي بكرة، فأعتقه عَلَيهِ السَّلام)، وتبعه الحاكم والبَيهَقيُّ وغيرهما، وينبغي أن يؤوَّل على أنَّه خرج وحده أوَّلًا، وهو مبيَّن كذلك في بعض الكتب، ثُمَّ خرج بعده جماعة، وعن الزُّهريِّ: (لم يخرج إليه غيره وغير زياد)، انتهى؛ يعني بزياد: ابن سمية، وفي صحبته نظر، وليست له صحبة ولا رواية وإن كان وُلد عام الهجرة، وقيل: يوم بدر، وقيل: قبل الهجرة، قال ابن عبد البرِّ: وليست له صحبة ولا رواية، انتهى، وقد عدَّه الذهبيُّ فيهم في «تجريده»، وقد قدَّمتُ ترجمة زياد فيما مضى.

(1/7779)

وكان فيمن نزل: الأزرق، وكان عبدًا للحارث بن كلدة المتطبِّب، وهو زوج سميَّة أمِّ زياد ابن أبيه، ومنهم: المنبعث، وكان اسمه المضطجع، فغيَّره عَلَيهِ السَّلام، وكان عبدًا لعثمان بن عامر، ومنهم: يحنس النبَّال، وكان عبدًا لبعض آل يسار، ومنهم: وردان جدُّ الفرات بن زيد بن وردان، وكان عبدًا لعبد الله بن ربيعة بن خرشة، وإبراهيم بن جابر، وكان أيضًا لخرشة، كلُّ هذا ذكره ابن إسحاق في غير رواية ابن هشام، وذكر أبو عمر فيهم: نافع بن مسروح أخو نفيع أبي بكرة، وذكر ابن سلَّام فيهم: نافعًا مولى غيلان بن سلمة الثقفيِّ، وذكر أنَّ ولاءه رجع إلى غيلان حين أسلم، وأحسبه وَهمًا من ابن سلَّام أو ممَّن رواه عنه، وإنَّما المعروف: نافع بن غيلان، ويحتمل أن يكون له عبد اسمه نافع؛ كاسم ابنه نافع بن غيلان، والله أعلم، هذا ملخَّص من كلام السهيليِّ رحمه الله ما أكثر فوائده! والله أعلم.

تنبيهٌ: استشهد بالطائف اثنا عشر رجلًا من الصَّحابة؛ منهم أربعة من الأنصار.

قوله: (فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ): هذا إن اعتُقِد حلُّ ذلك، وإلَّا؛ فمؤوَّل، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ هِشَامٌ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وهذا هو هشام بن يوسف، أبو عبد الرَّحمن، قاضي صنعاء، شيخ مشايخ البُخاريِّ، تَقَدَّم مترجمًا، ولم أر تعليقه في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا هنا، و (مَعْمَرٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين مهملة، وأنَّه ابن راشد، و (عَاصِمٌ) بعده: تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن سليمان الأحول، و (أَبُو الْعَالِيَةِ): هو زياد بن فيروز، وقيل في اسمه: كلثوم، تَقَدَّم أنَّه بَرَّاءٌ بصريٌّ، يروي عن ابن عباس وأبي برزة، وعنه: أيوب وابن أبي عروبة، ثِقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (90 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وقوله: (أَوْ أَبِي عُثْمَانَ): شكٌّ، و (أبو عثمان): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عبد الرَّحمن بن مَلٍّ.

قوله: (قَالَ عَاصِمٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن سليمان الأحول، وقوله: (لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلاَنِ): يقوله لأحد شيخيه المشكوك فيه؛ هل أبو عثمان أو أبو العالية؟ والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (اسم أبي بكرة نُفيع بن مَسروح، تدلى من سُور الطائف على بكرة فكُنِّيَ أبا بكرة، وهو من أفاضل الصحابة، مات بالبصرة، سنة إحدى وخمسين، وقيل: اثنتين).

(1/7780)

[حديث: اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا]

4328# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ) بعده: تَقَدَّم أنَّه بموحَّدة مضمومة، وفتح الراء، و (أَبُو بُرْدَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحارث _أو عامر_ القاضي، و (أَبُو مُوسَى): هو والد أبي بُردة، عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، الأشعريُّ، تَقَدَّم [1] مرارًا.

قوله: (بِالْجِعْرَانَةِ): تَقَدَّم الكلام أنَّها بالتشديد والتخفيف.

قوله: (بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ): كذا هنا، قال شيخنا: اعترض الداوديُّ فقال: قوله: (بين مَكَّة والمدينة) وَهم، إنَّما هو: (بين مَكَّة والطائف)، انتهى، وما قاله الداوديُّ صحيح، وقد صرَّح بعضهم بأنَّها بين مَكَّة والطائف، وهذا معروفٌ، والله أعلم.

قوله: (فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: أَلاَ تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي؟): هذا الأعرابيُّ لا أعرفه.

قوله: (وَأَبْشِرَا): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة المخزوميَّة، أمُّ المؤمنين، وتَقَدَّم بعض ترجمتها ووفاتها، وأنَّها آخر أمَّهات المؤمنين وفاةً رضي الله عنها.

قوله: (أَفْضِلَا): هو بهمزة قطع، وكسر الضاد؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (طَائِفَةً)؛ أي: بقيَّة وقطعة منه.

==========

[1] في (أ): (تقدَّم الأشعري)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 220]

(1/7781)

[حديث: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات]

4329# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): هذا هو إسماعيل بن إبراهيم ابن علية، أحد الأعلام، تَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام، المَكِّيُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (يَعْلَى): تَقَدَّم أنَّه ابن أُمَيَّة التميميُّ، وهو أبو خلف، ويقال: أبو صفوان يعلى بن أُمَيَّة بن أبي عبيدة، واسمه عبيد، ويقال: زيد بن همَّام، ويعرف يعلى بابن مُنْيَة، وهي أمُّه، ويقال: جدَّته، رضي الله عنه، شهد حُنينًا.

قوله: (يُنْزَلُ عَلَيْهِ): (يُنزَل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (قَدْ أُظِلَّ): هو مبنيٌّ أيضًا لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ): هذا الأعرابيُّ تَقَدَّم اسمه في (الحجِّ)، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر: تَقَدَّم في (الحجِّ) قول من زعم أنَّ اسمه عطاء، انتهى.

قوله: (مُتَضَمِّخٌ): هو بالخاء المعجمة؛ أي: متلطِّخ، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (يَغِطُّ)، وأنَّ (الغطيط): صوت يخرجه النائم مع نفسه، وكذا (آنِفًا)، وأنَّ فيها لغتين: المدُّ، والقصر، وقُرِئ بهما في السبع، و (التُمِسَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَأُتِيَ بِهِ): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا قوله: (ثَلاَثَ مَرَّاتٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الحجِّ).

==========

[ج 2 ص 220]

(1/7782)

[حديث: يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالًا فهداكم الله بي]

4330# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم لماذا نسب، وتَقَدَّم (وُهَيْبٌ)، وأنَّه بالتصغير، وأنَّه ابن خالد الباهليُّ الكرابيسيُّ الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا.

[ج 2 ص 220]

قوله: (لَمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ): تَقَدَّم الكلام على الفيء والغنيمة، وأنَّ الغنيمة: الفائدة لغة، والمال المأخوذ من الكفار ينقسم إلى ما تحصَّل بغير قتال وإيجاف خيل وركاب، وإلى حاصلٍ بذلك، ويُسمَّى الأوَّل: فيئًا، والثاني: غنيمةً، وذكر المسعوديُّ وطائفة من الشافعيَّة: أنَّ اسم كلِّ واحد من المالين يقع على الآخر إذا أُفرِد بالذكر، فإذا اجتمعا؛ افترقا؛ كاسمي الفقير والمسكين، وقال أبو حاتم القزوينيُّ وغيره: اسم الفيء يشمل المالين، واسم الغنيمة لا يتناول الأوَّل، وفي لفظ الإمام الشافعيِّ في «المختصر» ما يشعر بهذا، وكلام الناس في ذلك فيه طول، فإن أردته؛ فانظر المطوَّلات، والله أعلم.

قوله: (فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ): تَقَدَّم الكلام فيمن ذُكِر أنَّه من المؤلَّفة، وقد قال السهيليُّ: إنَّهم كانوا أربعين رجلًا فيما ذكروا، وقال شيخنا: نحو الخمسين، انتهى، وقد ذكرتهم، فلعلَّك ألَّا تجدهم مجموعين كما ذكرتهم في (باب ما كان النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يعطي المؤلَّفة قلوبهم وغيرهم من الخمس)، وأنَّهم أقوام تُؤلِّفوا في بدء الإسلام، ثُمَّ تمكَّن الإسلام من قلوبهم، فخرجوا بذلك عن حدِّ المؤلَّفة، وإنَّما ذكرهم الإمام في المؤلَّفة؛ اعتبارًا ببداية أحوالهم، وفيهم من لم يُعلَم حسنُ إسلامه، والظاهر بقاؤه على حال التألُّف، ولا يمكننا أن نفرِّق بين من حسن إسلامه ومن لم يحسن؛ لجواز أن يكون مَن ظننَّا به الشرَّ على خلاف ذلك؛ إذ الإنسان قد يتغيَّر عن حاله ولا يُنقَل إلينا أمره، فالواجب أن نظنَّ بكلِّ مَن سمعنا عنه الإسلام خيرًا، قال شيخنا: واختلف في الوقت الذي يتألَّفهم فيه؛ فقيل: قبل إسلامهم؛ ليسلموا، وقيل: بعده؛ ليثبتوا، واختلف في قطع ذلك عنهم؛ فقيل: خلافة الصدِّيق، وقيل: في خلافة الفاروق، واختلف في نسخه واستمراره، ذكر ذلك في (سورة براءة).

(1/7783)

ثُمَّ اعلم أنَّ في الذي أعطاهم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ثلاثةَ أقوال، ذكرها السهيليُّ في «روضه»؛ أحدها: أنَّه أعطاهم من خمس الخمس، ورُدَّ بأنَّ خمس الخمس ملك له، ولا كلام لأحد فيه، الثاني: أنَّه أعطاهم من رأس الغنيمة، وأنَّ ذلك خصوص بالنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لقوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1]، ورُدَّ بأنَّها منسوخة، انتهى، غير أنَّ بعض العلماء احتجَّ لهذا القول: بأنَّ الأنصار لما انهزموا يوم حنين، فأيَّد الله رسوله وأمدَّه بملائكته، فلم يرجعوا حتَّى كان الفتح؛ ردَّ الله أمر المغانم إلى رسوله من أجل ذلك، ولم يعطهم منها شيئًا، وقال لهم: «ألا ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير ... » إلى آخره، فطيَّب نفوسهم بذلك بعدما فعل ما أُمِر به، انتهى، قال السهيليُّ: والثالث: أنَّه أعطاهم من الخمس، وهذا جائز للإمام أن يصرفه عن الأصناف المذكورة في آية الخمس حيث يرى أنَّ فيه مصلحةً للمسلمين، نقل السهيليُّ هذا الثالث عن اختيار أبي عبيد، انتهى.

وذكر الخلاف فيما أعطاهم منه غيرُ السهيليِّ أيضًا، وقد ذكر الأقوال الثلاثة ابن القيِّم الحافظ شمس الدين في «الهدي»، وأطال في ذلك النفس، وقد ذكرت ذلك في تعليقي على «سيرة أبي الفتح ابن سيِّد الناس»، والله أعلم.

قوله: (وكَأَنَّهُمْ [1] وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ [2])؛ أي: غضبوا، وسيأتي قريبًا [أنَّهم] غضبوا، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مَا أَصَابَ النَّاسَ): (الناسَ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ، و (ما): موصولة، وهي مرفوع فاعل.

قوله: (وَعَالَةً): هو بتخفيف اللام، و (العالَة): الفقراء.

قوله: (جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا): هذا الكلام قاله الراوي كناية عمَّا قاله عَلَيهِ السَّلام، قال ابن إسحاق: (وحدَّثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدريِّ ... )؛ فذكر القصَّة، وفيها: («أَمَا والله لو شئتم؛ لقلتم، فلصَدقتم ولصُدِّقتم [3]: أتيتنا مكذَّبًا فصدَّقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلًا فآسيناك»، انتهى.

قوله: (وَشِعْبًا): هو بكسر الشين، تَقَدَّم ما هو.

قوله: (الأَنْصَارُ شِعَارٌ): تَقَدَّم ما (الشعار)، وكذا (الدِّثَار)، وكذا (الأثرَةً) بلغاتها، وتَقَدَّم أنَّ (الأثرة) كانت زمن معاوية.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فكأنَّهم).

[2] قوله: (في أنفسهم): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[3] في (أ): (ولصدقتهم)، والمثبت موافق لما في المصادر.

(1/7784)

[حديث: فإني أعطي رجالًا حديثي عهد بكفر أتألفهم]

4331# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، و (هِشَامٌ): هو ابن يوسف، قاضي صنعاء، و (مَعْمَرٌ): هو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، تَقَدَّم الكلُّ مترجمين.

قوله: (فَطَفقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الفاء وكسرها؛ لغتان؛ ومعناه: جعل.

قوله: (رِجَالًا الْمِئَةَ مِنَ الإِبِلِ): اعلم أنِّي ذكرت في الباب المشار إليه أعلاه من أعطاه عَلَيهِ السَّلام مئة من الإبل، ومن أعطاه مئتين، ومن أعطاه ثلاث مئة؛ وهو صفوان بن أُمَيَّة، كما في «مسلم»، في أوَّل (المناقب)، ومن أعطاه خمسين، ومن أعطاه أربعين، ثُمَّ كمَّل له مئة، أو كمَّل له تسعين؛ فانظر ذلك، والله أعلم.

تنبيهٌ: في السيرة بعد أن أعطى المئة من الإبل المئة: ثُمَّ أمر زيد بن ثابت بإحصاء الناس والغنائم، ثُمَّ فضَّها على الناس، فكانت سهمانهم لكلِّ رجل أربعًا من الإبل أو أربعين شاة، فإن كان فارسًا؛ أخذ اثني عشر بعيرًا أو مئة وعشرين من الغنم، وإن كان معه أكثر من فرس واحد؛ لم يسهم له، انتهى.

قوله: (فَحُدِّثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالَتِهِمْ): (حُدِّث): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (لَمَا [1] يَنْقَلِبُونَ بِهِ): (لَما)؛ بفتح اللام، وتخفيف الميم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أُثْرَةً شَدِيدَةً): تَقَدَّمتُ اللغات في (الأثرة)، وأنَّها كانت زمن معاوية، قاله ابن سيِّد الناس في «سيرته».

(1/7785)

[حديث: لو سلك الناس واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار]

4332# قوله: (عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ): هو بفتح المثنَّاة فوق، وتشديد المثنَّاة تحت، وفي آخره حاء مهملة، واسمه يزيد بن حُمَيد، تَقَدَّم.

قوله: (لَمَّا كَانَ يَوْم فَتْحِ مَكَّةَ): كذا قال، وهذا فيه تجوُّز، ومَكَّة لم تكن فيها غنائم تُقسَم، والمراد: حنين، والله أعلم.

قوله: (أَوْ شِعْبًا): تَقَدَّم ما (الشِّعب).

==========

[ج 2 ص 221]

(1/7786)

[حديث: أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير]

4333# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مراراً أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ، و (أَزْهَرُ): هو ابن سعد السمَّان، أبو بكر البصريُّ، عن سليمان التيميُّ وطبقتِه، وعنه: ابن راهويه، وابن الفرات، والكديميُّ، حجَّة، تُوُفِّيَ سنة (203 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، أحد الأعلام، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيء، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، وقد قدَّمتُ ذلك مرارًا.

[ج 2 ص 221]

قوله: (عَشَرَةُ آلاَفٍ وَالطُّلَقَاءُ): تَقَدَّم أنَّ أهل فتح مَكَّة كانوا عشرة آلاف، والطلقاء كانوا ألفين، وقدَّمتُ ما قاله الحاكم، في أوَّل (غزوة الفتح)، وما قيل في عددهم.

قوله: (شِعْبًا): تَقَدَّم ما (الشِّعب).

(1/7787)

[حديث: إن قريشًا حديث عهد بجاهلية ومصيبة]

4334# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا ضبطه، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، وتَقَدَّم ضبط (غُنْدُر)، وأنَّه محمَّد بن جعفر.

قوله: (حَدِيثُ عَهْدٍ): قال الدِّمْياطيُّ: الوجه: (حديثو عهدٍ).

قوله: (أَنْ أَجْبُرَهُمْ): هو بالموحَّدة والراء، من الجبر، كذا للرواة، وعند النسفيِّ والمستملي والحمُّوي: (أجيزهم)؛ بالمثنَّاة تحت، والزاي؛ من الجائزة، قال ابن قُرقُول: والأوَّل أبين.

==========

[ج 2 ص 222]

(1/7788)

[حديث: رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر]

4335# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وهو ابن عقبة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ فيما يظهر، ومستندي في ذلك: أنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر الثوريَّ في مشايخه، ولم يذكر ابن عيينة، وأمَّا الذهبيُّ؛ فأطلق، وقال: روى سفيان، فحملت المطلق على المقيَّد، والله أعلم، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ اللهِ): هذا الرجل من الأنصار لا أعرفه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّ هذا الرجلَ تَقَدَّم عن الواقديِّ: أنَّه معتِّب بن قُشير، انتهى، والله أعلم، وسيجيء قريبًا ما قاله شيخنا فيه.

==========

[ج 2 ص 222]

(1/7789)

[حديث: رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر]

4336# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه جَرِير بن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، وتَقَدَّم أيضًا (مَنْصُورٌ): أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن مسعود بن غافل رضي الله عنه.

قوله: (أَعْطَى الأَقْرَعَ [1] بْنَ حَابِسٍ [2] مِئَةً مِنَ الإِبِلِ): تَقَدَّم، ونسبه معروف، وقد شهد معه عَلَيهِ السَّلام الفتح وحنينًا وحصار الطائف، وشهد مع خالد بن الوليد فتح العراق والأنبار، وكان على مقدِّمة خالد، قال ابن دريد: اسم الأقرع: فراس، ولُقِّب بالأقرع؛ لقرع كان في رأسه، ترجمته معروفة، وقد قدَّمتُ من أعطاه عَلَيهِ السَّلام مئة، ومن أعطاه مئتين، ومن أعطاه ثلاث مئة؛ وهو صفوان بن أُمَيَّة، كما رواه مسلم في أوَّل (المناقب)، وقدَّمتُ من أعطاه دون المئة، والله أعلم، وقدَّمتُ الخلاف قريبًا في الذي أُعطِيَ منه، والله أعلم.

قوله: (وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ): (عيينة): ترجمته معروفة، واسمه حذيفة، وسُمِّيَ عيينة؛ لشتر كان بعينه.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُرِيدَ بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ وَجْهُ اللهِ): تَقَدَّم الكلام على اسم هذا الرجل أعلاه، وأنَّه من الأنصار، وفي كلام شيخنا هنا: اسمه عريب، انتهى، هذه صورته في النسخة، ولا أعلم النطق به، والله أعلم.

(1/7790)

[حديث: يا معشر الأنصار ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا ... ]

4337# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّ (محمَّدًا) بُنْدَار، وتَقَدَّم ما معنى (البُنْدَار)، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، أحد الأعلام، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، وأنَّ الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيء، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ.

قوله: (وَذَرَارِيِّهِمْ): تَقَدَّم أنَّ (الذراري) بتشديد الياء وتخفيفها، وهذا معروف.

قوله: (وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةُ آلاَفٍ مِنَ الطُّلَقَاءِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي خارجًا من أصلنا في الحاشية: (و) عوض (مِنْ)، فيبقى الكلام: (عشرة آلاف والطلقاء)، وهذه النسخة هي الصواب؛ لأنَّه تَقَدَّم أنَّ أهل الفتح كانوا عشرة آلاف على الأصحِّ، وقدَّمتُ ما قاله الحاكم: أنَّه عَلَيهِ السَّلام خرج من المدينة في اثني عشر ألفًا، انتهى، والطلقاء كانوا ألفين، فالطلقاء هم أهل مَكَّة الذين منَّ عليهم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ): الظاهر أنَّ معناه _والله أعلم_: حتَّى تَقَدَّم أمام الناس، ولم ينفرد عَلَيهِ السَّلام في حنين ولا في غيرها وحده؛ بمعنى: أنَّ الناس كلَّهم فرُّوا عنه، هذا ممَّا لا أعلم فيه خلافًا، ومن عرف الغزوات؛ يعرف ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَهْوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ): تَقَدَّم الكلام على هذه البغلة التي ركبها يوم حنين مطوَّلًا في أوَّل (غزوة حنين)؛ فانظره.

قوله: (غَنَائِمَ كَثِيرَةً): تَقَدَّم الكلام على عدد هذه الغنائم كم مِن رأس مِن النساء والذريَّة، وكم الإبل، وكم الغنم، وكم الفضَّة، في أوَّل هذه الغزوة وقبله أيضًا.

قوله: (فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ): تَقَدَّم أنَّ الطلقاء كانوا ألفين غيرَ مرَّةٍ، وتَقَدَّم الكلام أعلاه على رواية: (عشرة آلاف)، وأنَّ الصواب إثبات الواو، وحذف (مِن)، والله أعلم.

قوله: (وَيُعْطَى الْغَنِيمَةَ غَيْرُنَا): (يُعطى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (غيرُنا)؛ بالرفع: نائبٌ مَنَابَ الفاعل، و (الغنيمةَ)؛ بالنصب: مفعول ثان.

قوله: (شِعْبًا): تَقَدَّم ما (الشِّعب)، وأنَّه بكسر الشين، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (قَالَ هِشَامٌ: قُلْتُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؛ وَأَنْتَ شَاهِدٌ): (هشام) هذا: هو المذكور في السند، هشام بن زيد بن أنس بن مالك، وهو ابن ابن أنس، و (أبو حمزة)؛ بالحاء والزاي: هي كنية أنس بن مالك، والحمزة: البقلة، رآه عَلَيهِ السَّلام يجتنيها، فقال له: «يا أبا حمزة»، فكانت كنيتَه رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 222]

(1/7791)

[باب السرية التي قبل نجد]

(بابُ السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ) ... إلى (حَجُّ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ [1] سَنَةَ تِسْعٍ)

تنبيهٌ: ذكرت سؤالًا وجوابه في أوَّل (المغازي) في ذكر البُخاريِّ الغزوات دون العدد المذكور فيها بكثير، وكذا السرايا؛ فانظره من هناك.

تنبيهٌ آخر: كان ينبغي للإمام البُخاريِّ رحمة الله عليه أن يرتِّب

[ج 2 ص 222]

السرايا والبعوث التي وقعت له؛ كما رتَّب المغازي غير تبوك، فإنَّه ذكرها بعد حجَّة الوداع، ولا خلاف أنَّها في التاسعة، وأنَّ الحجَّة في العاشرة، وسأذكر لِمَ فعل ذلك، فيقدِّم غزوة ذات السلاسل؛ لأنَّها في جمادى سنة ثمان، ثُمَّ غزوة سيف البحر؛ لأنَّها في رجب سنة ثمانٍ، ثُمَّ سريَّة أبي قتادة؛ لأنَّها في شعبان سنة ثمانٍ، ثُمَّ سريَّة خالد إلى بني جَذيمة؛ لأنَّها في شوَّال سنة ثمانٍ، ثُمَّ بعْثَ أبي موسى؛ لأنَّ أبا عمر بن عبد البرِّ ذكر في ترجمته أنَّه في سنة ثمانٍ، وقد قدَّمتُ في أوَّل (الزكاة) الخلاف في بعثه، وبعثِ معاذ متى هو، ثُمَّ سريَّة علقمة؛ لأنَّها في ربيع الآخر سنة تسع، ثُمَّ بعثَ عليٍّ رضي الله عنه؛ لأنَّه كان مرَّتين؛ إحداهما: في رمضان سنة عشر، وقدم مَكَّة في سنة عشر، والأخرى: الإرسال في رمضان سنة عشر؛ فانظر كلام أبي الفتح ابن سيِّد الناس في «سيرته»؛ تعرف ما هنا، وبعثَ خالد في ربيع الآخر وجمادى الأولى سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام، وقصَّته معروفة، ثُمَّ ذي الخلصة؛ لأنَّ السهيليَّ قال: إنَّها قبل الوفاة بشهرين، ثُمَّ إرسال جَرِير إلى اليمن؛ لأنَّه سنة إحدى عشرة، وقدم بعد الوفاة، والله أعلم.

قوله: (بابُ السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ): قال الدِّمْياطيُّ: بعث النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أبا قتادة ومعه خمسة عشر رجلًا إلى غطفان؛ وهي أرض محارب بنجد في شعبان سنة ثمانٍ، فقتلوا من أَشرف لهم، واستاقوا النَّعَم، فكانت الإبل مئتي بعير، والغنم ألفي شاة، وسبَوا سبيًا كثيرًا، وجمعوا الغنائم، فأخرجوا الخمس وعزلوه، وقسموا ما بقي على أهل السريَّة، فأصاب كلَّ واحد اثنا عشر بعيرًا، وعدل البعير بعشر من الغنم، انتهى.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (في).

(1/7792)

[حديث: بعث النبي سرية قبل نجد فكنت فيها]

4338# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه محمَّد بن الفضل، وأنَّ لقبه عَارم، و (حَمَّادٌ) بعده: هو حمَّاد بن زيد، وقد رأيت في ترجمة عَارم: أنَّه روى عن الحمَّادين، ورأيت في ترجمة أيوب: أنَّه روى عنه الحمَّادان، لكنَّ حمَّادَ بن سلمة لم يروِ له البُخاريُّ في الأصول، إنَّما علَّق له، فهذا هو ابن زيد، والله أعلم، ولكن قد ذكرت قاعدة غيرَ مرَّةٍ: أنَّ حمَّادًا إذا أطلقه سليمان بن حرب أو عَارم هذا؛ فهو ابن زيد، وإن أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عفَّان أو الحجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا أطلقه هدبة بن خالد، والله أعلم، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، الإمام.

قوله: (قِبَلَ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَنفّلنَا بَعِيرًا بَعِيرًا): (نفلنا): هو بفتح أوَّله، وفتح اللام، وبضمِّ أوله، وكسر الفاء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ نسختان، الأولى: في أصلنا، والثانية: نسخة.

==========

[ج 2 ص 223]

(1/7793)

[باب بعث النبي خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة]

قوله: (بابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ): (خالدَ): منصوب مفعولُ المصدر، و (جَذِيمة): بالذال المعجمة المكسورة، قال الدِّمْياطيُّ: وكانت في شوَّال سنة ثمانٍ، وكان بنو جَذِيمة بأسفل مَكَّة، على ليلة ناحية يلملم، بعث النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم خالدًا إليهم داعيًا إلى الإسلام، ولم يبعثه مقاتلًا، في ثلاث مئة وخمسين رجلًا من المهاجرين والأنصار، فخرجوا إليه وعليهم السلاح، وكانوا أسلموا، وبنَوا المساجد، وأذَّنوا، وصلَّوا، فقال: ما هذا السلاح؟ قالوا: ظننَّا أنَّكم عدوٌّ، فقال: ضعوا السلاح، فوضعوه، واستأسرهم، وقتل منهم، وبعث عليًّا، فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم، قاله ابن سعد، انتهى.

==========

[ج 2 ص 223]

(1/7794)

[حديث: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد]

4339# قوله: (حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ): هذا هو ابن غيلان، تَقَدَّم مِرارًا، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بعده: هو ابن همَّام، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين: هو ابن راشد، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (ح [1] وَحَدَّثَنِي نُعَيْمٌ): تَقَدَّم الكلام على (ح) كتابةً ونطقًا في أوَّل هذا التعليق، و (نعيم) هذا: هو ابن حمَّاد الخزاعيُّ المروزيُّ، أحد الأئمة الأعلام على لينٍ فيه، كنيته: أبو عبد الله، الأعور الحافظ، ترجمته معروفةٌ، أخرج له البُخاريُّ مقرونًا بغيره، وهذا المكان هو قرن قرنه هنا بـ (محمود)؛ هو ابن غيلان، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن راشد.

قوله: (صَبَأْنَا صَبَأْنَا): (صبأ)؛ إذا خرج من دين إلى دين، من قولهم: صبأ ناب البعير؛ إذا طلع، وصبأتِ النجومُ؛ إذا خرجت من مطالعها، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَيَأْسِرُ): هو بكسر السين، وهذا ظاهرٌ.

قوله: («اللَّهُمَّ [2]؛ أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ»، مَرَّتَيْنِ): أنكر على خالد عَلَيهِ السَّلام موضع العجلة، وتَرْكَ التثبُّت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم: (صبأنا)؛ لأنَّ هذه الكلمة قد تدلُّ على الخروج من دين إلى دين، وإنَّما تأوَّل خالد أنَّه مأمور بقتالهم إلى أن يسلموا، وقد تَقَدَّم من عند الدِّمْياطيِّ غيرُ ذلك، انتهى، وقولهم: (صَبَأْنَا) غير صريح، وقيل: ظنَّ أنَّهم عدلوا عن أمر الإسلام أنفةً، فلم ير ذلك القول إقرارًا منهم [3].

==========

[1] (ح): ليس «اليونينيَّة» و (ق).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (إنِّي).

[3] هذه الفقرة جاءت في (أ) متقدِّمة مستدركةً بعد قوله: (قاله ابن سعد، انتهى).

[ج 2 ص 223]

(1/7795)

[سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي]

قوله: (سَرِيَّةُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ [1] الْمُدْلِجِيِّ وَيُقَالُ: إِنَّهَا سَرِيَّةُ الأَنْصَارِ): قال الدِّمْياطيُّ: (كانت في ربيع الآخر سنة تسع، وكان الركب ثلاث مئة)، انتهى.

هذه السريَّة هي سرية علقمة بن مجزِّز المدلجيِّ، وقد تَقَدَّم ضبط (مجزِّز)، والخلاف فيه، وسأذكره أيضًا في (الفرائض)، وكانت إلى الحبشة في ربيع الآخر، كما قاله الدِّمْياطيُّ، قالوا: بلغ رسولَ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّ ناسًا من الحبشة تراءاهم أهلُ جُدَّة، فبعث إليهم علقمة بن مجزِّز في ثلاث مئة، فانتهى إلى جزيرة في البحر، وقد خاض إليهم البحر، فهربوا منه، فلمَّا رجع؛ تعجَّل بعض القوم إلى أهليهم، فأذن لهم، فتعجَّل عبد الله بن حذافة السهميُّ فيهم، فأمَّره على من تعجَّل، وكانت فيه دعابة، فنزلوا ببعض الطريق، وأوقدوا نارًا يصطلون عليها ويصطنعون، فقال: عزمت عليكم إلَّا تواثبتم في هذه النار ... ؛ القصَّة، فأمير السريَّة منه عَلَيهِ السَّلام علقمةُ بن مجزِّز، وعبد الله بن حذافة أمير من جهة علقمة، وكذا في «الغيلانيات» في الجزء السابع، ذكر بسنده إلى عمر بن الحكم: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعث سريَّة وأمَّر عليهم رجلًا من أصحابه، وأمَّر ذلك الرجل عبدَ الله بن حذافة، وكان فيه دعابة ... )؛ الحديث، وانظر حديث «الصحيح» ممَّا يخالف ما ذكر، فمنه: (فاستعمل عليها رجلًا من الأنصار)، وعلقمة ليس أنصاريًّا ولا عبد الله بن حذافة، وقوله: (فغضب، فقال: أليس أمركم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن تطيعوني)، وقد علمت أنَّ الآمر بذلك هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، ولم يؤمِّره عَلَيهِ السَّلام عليهم، ولكنَّ هذا يمكن الجواب عنه، وكذا الذي قبله، لكن بتعسُّفٍ، وقد روى أحمد في «مسنده» عن ابن عبَّاس في قوله: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، قال: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عديٍّ، بعثه رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في سريَّة ... ، وكذا في (تفسير النساء) من حديث ابن عبَّاس، فيحتمل أن يكون واقعتين، أو يكون حديث «الصحيح» الذي هو عن عليٍّ هو المحفوظ،

[ج 2 ص 223]

والله أعلم.

قال الخطيب البغداديُّ كما نقله النوويُّ عنه في «مبهماته»: حديث عنه _أي: عن عليٍّ رضي الله عنه_: (بعث رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم جيشًا، وأمَّر عليهم رجلًا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويُطيعوا، فغضب ... )؛ الحديث، قال الخطيب: هذا الرجل الأمير هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، وقول بعض الرواة: (رجل من الأنصار) وَهم، إنَّما هو سهميٌّ، انتهى.

قال ابن طاهر في «مبهماته»: هو علقمة بن مجزِّز المدلجيُّ، أو عبد الله بن حذافة، انتهى.

(1/7796)

وقال النوويُّ في «شرح مسلم» في حديث عليٍّ المذكور: قيل: هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، وهذا ضعيفٌ؛ لأنَّه قال في الرواية التي بعد هذه: إنَّه رجل من الأنصار، فدل على أنَّه غيره، انتهى.

وقال ابن شيخنا البلقينيِّ في (كتاب الأحكام): وأمَّر عليهم رجلًا هو عبد الله بن حذافة السهميُّ، كما تَقَدَّم أنَّه مرويٌّ عن أبي سعيد الخدريِّ في «ابن ماجه» و «مسند أحمد»، وأنَّ أبا سعيد كان من جملة المأمورين، ولا يعترض على ذلك بأنَّه ليس من الأنصار؛ لأنَّه سهميٌّ؛ لاحتمال أن يقال: إنَّه من الأنصار بالمحالفة، انتهى، قال ابن شيخنا المشار إليه: والظاهر أنَّ علقمة بن مجزِّز إنَّما أمَّر هذا بأمر النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، إمَّا بأمر عامٍّ أو خاصٍّ، فلذلك نُسِبَ هذا الاستعمال إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، انتهى، والله أعلم بهذه القصَّة وبمن أميرها.

==========

[1] في هامش (ق): (مُجَزِّز: كذا قيَّده ابن مَاكولا وغيره، وذكر الدارقطنيُّ و [عبد الغنيِّ] عن ابن جُريج: أنَّه قاله [بفتحها]، قال عبد [الغنيِّ: بكسر] الزاي [الصواب]؛ لأنَّه [يجزُّ نواصي] أسارى من العَربِ).

(1/7797)

[حديث: لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة]

4340# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن زياد، وأنَّ له مناكير اجتنبها أصحاب «الصحيح»، وتَقَدَّم مترجمًا، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، تَقَدَّم مِرارًا، و (سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ): بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ جدًّا عند أهله، و (أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن حَبيب بن رُبيِّعة، الإمام، مقرئ الكوفة.

قوله: (فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا [1] رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ): تَقَدَّم الكلام مطوَّلًا قُبَيل هذا في أوَّل هذه السريَّة؛ فانظره.

قوله: (أَوْقِدُوا نَارًا): هو بقطع الهمزة، وكسر القاف، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ [2]): (خمدت)؛ كـ (نَصَرَ) و (سَمِعَ)، خمْدًا وخمُودًا: سكن لهبها، ولم يطفأ جمرها، وأخمدتُها.

قوله: (لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ): إن قيل: فلو دخلوها؛ دخلوها طاعة لله ورسوله في ظنِّهم، فكانوا متأوِّلين، فكيف يُخلَّدون فيها؟

قيل: لمَّا كان إلقاء نفوسهم في النار معصية يكونون بها قاتلي أنفسهم، فهمُّوا بالمبادرة إليها من غير اجتهاد منهم هل هو طاعة أو قربة أو معصية؛ كانوا مقدمين على ما هو معصية محرَّم عليهم، ولا تُشرَع طاعةُ وليِّ الأمر فيه؛ لأنَّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال السؤالَ والجواب ابن القيِّم شمس الدين بأطول من هذا، وهذا على أنَّ الحديث الذي سأل فيه وأجاب بغير قيد (يوم القيامة)، وقال النوويُّ في «شرح مسلم»: هذا ممَّا علمه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بالوحي، وهذا التقييدُ بـ «يوم القيامة» مبيِّن للرواية المطلقة: (لا يخرجون منها لو دخلوها)، انتهى، وقال شيخنا: (لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة)؛ أي: ذلك جزاؤهم لو فعلوا، انتهى.

==========

[1] قوله: (عليها): ليس في «اليونينيَّة»، وقد وضع فوقها في (ق) خطٌّ بالحمرة.

[2] في هامش (ق): (لم يذكر الجوهريُّ سوى «خَمَدَت»، وقال لي شيخي: إنَّ في «القاموس» الوجهَين).

[ج 2 ص 224]

(1/7798)

[باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع]

(بَعْثُ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ).

(أبو موسى): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، وقد تَقَدَّم متى بعثهم قريبًا وفي أوَّل (الزكاة).

==========

[ج 2 ص 224]

(1/7799)

[حديث: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا.]

4341# 4342# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه موسى بن إسماعيل، التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ) بعده: هو ابن عمير، القبطيُّ، الكوفيُّ، رأى عليًّا، وسمع جَرِيرًا، والمغيرة، والنعمان بن بَشِير، وعنه: شعبة والسفيانان، قال أبو حاتم: صالح الحديث، ليس بالحافظ، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس بالقويِّ، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وإنَّما عُرِف بالقبطي؛ لفرس كان له قبطيٍّ، والله أعلم، و (أَبُو بُرْدَة): تَقَدَّم أنَّه الحارث أو عامر، القاضي، ولد أَبِي مُوسَى عبد الله بن قيس، وهذا الحديث هنا مرسل؛ لأنَّ أبا بُردة تابعيٌّ حكى قصَّة لم يدركها، ولا أسندها هنا لمن حضرها؛ كوالده أو غيره، وقد رواه البُخاريُّ في هذا «الصحيح» تارةً مسندًا، وتارةً مرسلًا، وكذا مسلم.

قوله: (عَلَى مِخْلاَفٍ [1]، وَالْيَمَنُ مِخْلاَفَانِ): (المِخْلاف): بكسر الميم، وإسكان الخاء، وفي آخره فاء، وهو في اليمن كالرستاق في العراق، وجمعه: المخاليف، وقال شيخنا: المراد بالمِخْلاف: الكورة من الإقليم، وقيل: المِخْلاف في لغة أهل اليمن كالرستاق من الرساتق، وعبارة الخليل: أنَّه الكورة بلغة أهل اليمن، وعبارة غيره: أنَّه الإقليم، والجمع: مخالف، انتهى.

قوله: (وَإِذَا عِنْدَهُ يَهُودِيٌّ [2]): هذا اليَهوديُّ المقتول على الردَّة لا أعرف اسمه.

قوله: (أيُّمَ هَذَا؟): (أيُّمَ): بفتح الهمزة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مضمومة، ثُمَّ ميم مفتوحة، كذا هو مضبوط في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (أيَّمْ هذا؟): كذا وجدته مضبوطًا بخطِّه؛ بفتح الياء، وإسكان الميم، وأظنُّه وَهمًا، والصواب: (آيَّمَ هذا؟)، و (أيّمَ هذا؟)، كذا ضبطه الأصيليُّ، وعند ابن أبي صفرة: (أَيْمَ هذا؟)؛ بسكون الياء، وفتح الميم، وفتح الهمزة على كلِّ حال؛ وهما لغتان بتشديد الياء وإسكانها، مفتوح الميم، قاله الخطابيُّ، وهي كلمة استفهام، قال الحربيُّ: هي (أي)، و (ما): صلة، قال الله تعالى: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} [القصص: 28]، و {أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110]، ومنه الحديث: «الأجر أيَّم هذا؟»، وعند السمرقنديِّ: (أيَّهم)، وهما بمعنًى، انتهى.

وقال ابن الأثير في قوله: «ويكثر الهرج»، قيل: أيَّم هو يا رسول الله؟ قال: «القتل القتل»، ما لفظه: يريد: ما هو؟ وأصله: أيُّ ما هو؟ أي: أيُّ شيءٍ هو؟ فخفَّف الياء، وحذف ألف (ما)، وما ضبط في أصلنا صحيح، وهي (أيُّ) دخل عليها (ما)، فأسقط الألف منها، والله أعلم.

قوله: (فَأَمَرَ بِهِ): هو مبنيٌّ للفاعل، وقيل: مبنيٌّ للمفعول، كذا هما في أصلنا.

(1/7800)

قوله: (أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا): هو بالفاء أوَّلًا، وفي آخره قاف؛ ومعناه: أقرؤه شيئًا بعد شيء، ولا أقرؤه دفعة، وهو من فواق الناقة؛ وهو حلبها ساعة بعد ساعة؛ لتدرَّ أثناء ذلك، وكذلك إذا شرب شربًا بعد شرب، وقال الحافظ الدِّمْياطيُّ بعد هذا في الحديث الآتي بعده: (أتفوَّقه تفوُّقًا)؛ أي: لا أقرأ جزئي بمرَّة، ولكنِّي أقرأ منه شيئًا بعد شيء، انتهى، وكذا ذكرت، ولكنَّ شرطي أن آتي على الحواشي التي وجدتها للدِّمْياطيِّ، والله أعلم.

[ج 2 ص 224]

قوله: (وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي): قال الدِّمْياطيُّ: (لعلَّه: وقد قضيت أَرَبي)، انتهى، ونقل شيخنا عن الدِّمْياطيِّ: (لعلَّه: أربي، وهو الوجه)، انتهى، قال شيخنا: ولا يتعيَّن ما ذكره، انتهى.

(1/7801)

[حديث: كل مسكر حرام]

4343# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ بعد أن ذكر مواضع من «البُخاريِّ» فيها: (حدَّثنا إسحاق، حدَّثنا خالد)، ما لفظه: فـ (إسحاق) في هذه المواضع كلِّها: هو إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطيُّ، عن خالد بن عبد الله الطحَّان، وكذلك نسبه ابن السكن في أكثر هذه المواضع من «الجامع»، وقال أبو نصر الكلاباذيُّ: إسحاق بن شاهين الواسطيُّ سمع خالد بن عبد الله، روى عنه البُخاريُّ في (الصلاة)، وفي غير موضع، فلم يزد على أن قال: (حدَّثنا إسحاق الواسطيُّ)، ولم ينسبه إلى أبيه، وكذلك قال أبو عبد الله الحاكم في «المدخل»، انتهى، وقد قدَّمتُ ذلك، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (عن إسحاق): هو ابن شاهين، فوضَّحه، وقال شيخنا في المكان الذي في (سورة القمر): هو ابن شاهين، كما صرَّح به غير واحد، وإن كان إسحاق الأزرق روى أيضًا عن خالد الطحَّان، لكنَّ البُخاريَّ ما روى عنه في «صحيحه»، انتهى.

وتَقَدَّم فيه أنَّ (خَالِدٌ) هو الطحَّان، وهو خالد بن عبد الله، أحد العلماء، تَقَدَّم مترجمًا، و (الشَّيْبَانِيُّ) بعده: هو سليمان بن أبي سليمان فيروز، ويقال: خاقان، أبو إسحاق الشيبانيُّ؛ بالشين المعجمة، تَقَدَّم، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ): تَقَدَّم أنَّ اسم أبي بردة القاضي الحارثُ أو عامر، ووالده (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس.

قوله: (قَالَ: الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ): (البِتْع): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان المثنَّاة فوق، وقد فتحها بعض أهل اللغة، ثُمَّ العين المهملة، وقد فسَّره هنا وفي غير هذا المكان بنبيذ العسل، و (المِزْر) معروفٌ.

قوله: (رَوَاهُ جَرِيرٌ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): أمَّا (جَرِير)؛ فهو ابن عبد الحميد الضبيُّ القاضي، تَقَدَّم، وأمَّا (عبد الواحد)؛ فهو ابن زياد العبديُّ البصريُّ، تَقَدَّم أيضًا مترجمًا، و (الشيبانيُّ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه سليمان بن أبي سليمان فيروز، وقيل: خاقان، وما رواه جَرِير وعبد الحميد لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة من طريقهما عن الشيباني، و (أبو بُردة): تَقَدَّم أعلاه أنَّه الحارث أو عامر القاضي، وقد تَقَدَّم مترجمًا.

(1/7802)

[حديث: يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا]

4344# 4345# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ، وتَقَدَّم الكلام على نسبته هذه، وأنَّها إلى جدِّه فرهود، ويقال في النسبة إليه: الفرهوديُّ والفراهيديُّ.

قوله: (عَنْ [1] سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّهُ): هذا مرسلٌ، وسيأتي في التعليق تعليق وكيع، ومن ذكر معه مسندًا، وسأعزو تعليق وكيع ومن معه قريبًا، و (أبو بُردة) تَقَدَّم أعلاه، وهو تابعيٌّ.

قوله: (جَدَّهُ): الضمير في (جدِّه) عائد على سعيد لا على أبي بُردة؛ لأنَّ أبا بردة ولد أبي موسى، وأبو موسى هو جدُّ سعيد؛ فاعلمه.

قوله: (وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا [2]): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا، وقد ذكر هنا الدِّمْياطيُّ تفسيره، وقد ذكرته قبل هذا عنه قريبًا.

قوله: (وَضَرَبَ فُسْطَاطًا): تَقَدَّم الكلام على (الفسطاط) بلغاته.

قوله: (فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ): هذا الرجل يهوديٌّ، تَقَدَّم ويأتي قريبًا، وتَقَدَّم أنِّي لا أعرفه.

قوله: (تَابَعَهُ الْعَقَدِيُّ وَوَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا (العَقَديُّ)؛ فهو بفتح العين والقاف، وبالدال المهملة، وقد قدَّمتُ فيما مضى ضبطه، واسمه عبد الملك بن عَمرو، والعَقَدُ: بطن من بجيلة، وأمَّا (وهب)؛ فهو ابن جَرِير بن حَازم، تَقَدَّم، وكذا هو في «الأطراف»: (وهب)؛ مكبَّر، وكذا في كلام شيخنا في «شرحه»، وفي نسخة هي في هامش أصلنا: (وُهَيب)؛ بالتصغير، وكذا هو في نسخة في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، والله أعلم، والضمير في (تابعه) يعود على مسلم؛ هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ، أمَّا متابعة العَقَدي؛ فأخرجها البُخاريُّ في (الأحكام) عن محمَّد بن بَشَّار عن العَقَدي عن شعبة، وأمَّا متابعة وهب عن شعبة؛ فلم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجهما شيخنا.

(1/7803)

قوله: (وَقَالَ وَكِيعٌ وَالنَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا (وكيع)؛ فهو ابن الجراح، أحد الأعلام، تَقَدَّم، وأمَّا (النضر)؛ فهو بالضاد المعجمة، وقد قدَّمتُ مرارًا أنَّه لا يلتبس بـ (نصر)؛ بالصاد المهملة، وذلك لأنَّ (نصرًا) لا يأتي بالألف واللام بخلافه، فإنَّه لا يأتي إلَّا بهما، وهو ابن شميل، الإمام المشهور، تَقَدَّم، وأمَّا (أبو داود)؛ فهو سليمان بن داود بن الجارود الطيالسيُّ الحافظ، تَقَدَّم، وأنَّه لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما علَّق له، وقد تَقَدَّم، وتعليق وكيع عن شعبة أخرجه البُخاريُّ في (الجهاد) عن يحيى عن وكيع عن شعبة بالقصَّة الأولى: «يسِّرا ولا تعسِّرا»، وأخرجه مسلم في (الأشربة) عن قتيبة وإسحاق بن إبراهيم؛ كلاهما عن وكيع به، وفي (المغازي): عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن وكيع بالقصَّة الأولى، وأمَّا ما رواه النضر عن شعبة؛ فأخرجه البُخاريُّ في (الأدب) عن إسحاق عن النضر عن شعبة به، وأمَّا ما رواه أبو داود عن شعبة؛ فأخرجه ابن ماجه في (الأشربة) عن محمَّد بن بشار عن أبي داود الطيالسيِّ عن شعبة به مختصرًا: «كلُّ مسكر حرامٌ»، والله أعلم، ولم يخرِّج شيخنا شيئًا من هذه التعليقات.

قوله: (رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): ما رواه جَرِير لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] في هامش (ق): («أتفوَّقه تفوُّقًا»؛ أي: لا أقرأ جُزئي [بمرَّة]، ولكنِّي أقرأ منه شيئًا بعد شيء).

[ج 2 ص 225]

(1/7804)

[حديث: أحججت يا عبد الله بن قيس]

4346# قوله: (حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (النرسيُّ)، و (عبَّاس): تَقَدَّم أنَّه بالموحَّدة، والسين المهملة، وقد قدَّمتُ الكلام عليه، وعلى عيَّاش بن الوليد؛ بالمثنَّاة، والشين المعجمة، وذكرت أنَّ كلَّ ما في «البُخاريِّ» عيَّاش بن الوليد، هو بالمثنَّاة، والشين المعجمة إلَّا هنا وفي (علامات النبوة) ومكان آخر، وهو في (كتاب الفتن) بعد حديث خرَّجه من طريق هشام الدستوائيِّ عن قتادة عن أنس ... ، فذكره، ثُمَّ قال: (وقال عبَّاس النرسيُّ: حدَّثنا يزيد، حدَّثنا سعيد، أخبرنا قتادة: أنَّ أنسًا حدَّثهم ... )؛ فذكره، وما في «البُخاريِّ» أكثر من هذه الأماكن الثلاث، والباقي: عيَّاش؛ بالمثنَّاة، والشين المعجمة، ونقل شيخنا هنا عن خطِّ الدِّمْياطيِّ: أنَّه بالإعجام، قال: وهو الرقَّام، وقال في (باب علامات النبوة) بعد أن ضبطه بالإهمال، فذكر كلام الدِّمْياطيِّ، وما قاله الدِّمْياطيُّ قال صاحب «المطالع» بعد أن ضبطه بالإهمال ما لفظه: وذكر بعضهم فيه عن أبي أحمد أنَّه كان يقوله بالشين المعجمة، ولم يحكِ الأصيليُّ عنه وعن أبي زيد إلَّا بالمهملة، انتهى، فهو مسبوق بذلك، وهو خطأ، والله أعلم.

و (عَبْدُ الْوَاحِدِ) بعده: هو ابن زياد، تَقَدَّم، و (أَيُّوبُ): هو ابن عائذ، كما نسبه هنا، وهو بالمثنَّاة تحت، وبالذال المعجمة، الكوفيُّ، عن الشعبيِّ، وقيس بن مسلم، وبُكَير بن الأخنس، وعنه: عبد الواحد بن زياد،

[ج 2 ص 225]

والسفيانان، وجَرِير بن عبد الحميد، وآخرون، وثَّقه أبو حاتم وغيره، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه فيها [1]، وأمَّا أبو زرعة؛ فسرد اسمه في كتاب «الضعفاء»، وكان من المرجئة، قاله البُخاريُّ، وأورده في «الضعفاء»؛ لإرجائه، والعجب من البُخاريِّ يغمزه وقد احتجَّ به! له عنده حديث، وعند مسلم له حديث آخر، فإنَّه مقلٌّ، انتهى.

قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار.

قوله: (مُنِيخٌ بِالأَبْطَحِ): (مُنيخٌ)؛ بضمِّ الميم؛ لأنَّه رباعيٌّ، و (الأبطح): تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (أَحَجَجْتَ؟)؛ أي: أنويت الحج؟ تَقَدَّم.

قوله: (حَتَّى مَشَطَتْ لِي امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ): هذه المرأة لا أعرفها، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: تَقَدَّم أنَّها لم تُسَمَّ، قال: وأظن المراد بـ (قيس) والده، وكأنَّها كانت من نساء أحد إخوانه، انتهى، وقد تَقَدَّم، و (مشطت)؛ بالتخفيف.

قوله: (حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ): (استُخلِف)؛ بضمِّ التاء، وكسر اللام: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عمرُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

==========

[1] زيد في (أ): (وثَّقه أبو حاتم وغيره)، وهو تكرار.

(1/7805)

[حديث: إنك ستأتي قومًا من أهل الكتاب]

4347# قوله: (حَدَّثَنِي حِبَّانُ): هو بكسر الحاء المهملة، وهو ابن موسى، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ ثلاثة في «البُخاريِّ» و «مسلم» بالكسر: هذا، وحِبَّان بن عطية، وحِبَّان ابن العَرِقَة الذي رمى سعد بن معاذ في الخندق، هلك ابن العَرِقَة على كفره، والباقي: بفتح الحاء: حَبَّان؛ فاعلمه، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، تَقَدَّم، و (أَبُو مَعْبَدٍ): بفتح الميم، وبالموحَّدة، واسمه نافذ؛ بالنون، والفاء، والذال المعجمة، وروايته عن مولاه ابن عبَّاس متَّصلة في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وروايته عن أخي مولاه الفضل بن عبَّاس مرسلة، والله أعلم.

قوله: (فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ): (كرائمَ): منصوب، ونصبه معروف، و (الكرائم) تَقَدَّمتُ، وأنَّها النفيسات.

قوله: (وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ)؛ يعني: لا تظلم أحدًا فيدعُوَ عليك.

==========

[ج 2 ص 226]

(1/7806)

[حديث: أن معاذًا لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ ... ]

4348# قوله: (عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ) هذا: هو الأوديُّ، أدرك النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وروى عن عمر، ومعاذ، وأبي ذرٍّ، وعائشة، وابن مسعود، وطائفةٍ، تَقَدَّم مترجمًا، وهو الذي رجم القردة، لا عَمرو بن ميمون بن مهران، هذا ابن بنت سعيد بن جُبَير، هذا متأخِّر الطبقة عن الأوَّل، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، قال شيخنا: وروي: أنَّه قرأ (سورة الإخلاص)، فقال المأموم كذلك، فلم يأمره بالإعادة، انتهى.

واعلم أنَّ الكلام في الصلاة حرام سواء كان لحاجة أو غيرها، وقد قدَّمتُ المسألة في هذا التعليق في (الصلاة)، وتتخرَّج هذه المسألة المذكورة في الحديث: أنَّ المتكلِّم هنا جاهل، أو قريب العهد بالإسلام، أو هما، فهو عند الشافعيَّة كالناسي، فلا تبطل صلاته بالكلام اليسير دون الكثير، وهذا قليل، والله أعلم، فلهذا لم يأمره بالإعادة.

قوله: (زَادَ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ): هذا هو معاذ [1] بن معاذ التميميُّ العنبريُّ الحافظ، قاضي البصرة، قال أحمد: إليه المنتهي في التثبُّت بالبصرة، أخرج له الجماعة، وتَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل: (قال)، فهو تعليق مجزوم به، وهذا التعليق على شرطه، ولم أر ما زاده في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا، و (حَبِيبٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي ثابت، و (سَعِيدٌ) بعده: هو ابن جُبَير، و (عَمْرٌو): هو ابن ميمون الأوديُّ، تَقَدَّم.

==========

[1] زيد في (أ): (هو معاذ)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 226]

(1/7807)

[بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع]

قوله: (بَعْثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [1] وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ [2]، إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ): رأيت بخطِّ شيخنا شيخ الإسلام البلقينيِّ ما لفظه: هذه الترجمة يقتضي ظاهرها أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعث عليَّ بن أبي طالب وخالد بن الوليد دفعة واحدة، ولم يتَّفق ذلك، وحديث البراء الذي أخرجه البُخاريُّ صريح في أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعث خالدًا أوَّلًا، ثُمَّ بعث عليًّا بعد ذلك مكانه، ومقتضى ذلك أن تكون الترجمة: بعْثُ خالد بن الوليد إلى اليمن، ثُمَّ بعثُ عليٍّ مكانه، وحديث بُريدة: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بعث عليًّا إلى خالد ليقبض منه الخمس، وكأنَّ المصنِّف راعى تقديم عليٍّ في الترجمة؛ لتَقَدُّمه على خالد في المرتبة، انتهى.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (عليه السلام).

[2] زيد في «اليونينيَّة»: (رضي الله عنه)، وفي (ق): (رضي الله عنهما).

[ج 2 ص 226]

(1/7808)

[حديث: بعثنا رسول الله مع خالد بن الوليد إلى اليمن]

4349# قوله: (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانُ): هو أحمد بن عثمان بن حَكِيم بن ذُبيان الأوديُّ، أبو عبد الله الكوفيُّ، يروي عن أبيه، وجعفر بن عون، وأبي نعيم، وطبقتِهم، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وغيرهم، وثَّقه النَّسائيُّ وابن خراش، مات يوم عاشوراء سنة (261 هـ)، أخرج له من الأئمَّة من روى عنه، و (شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ): بالشين المعجمة، والحاء المهملة، و (أبو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا، عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عازب، صَحابيٌّ ابن صَحابيٍّ، تَقَدَّم.

قوله: (أَنْ يُعَقِّبَ مَعَكَ فَلْيُعَقِّبْ): (يعقِّب): بكسر القاف المشدَّدة، و (التعقيب): الغزوة بإثر الأخرى في سنة واحدة، قاله ابن قُرقُول، وعن الخطابيِّ: التعقيب: أن يعود الجيش بعد القفول؛ ليصيبوا غرَّة من العدوِّ، انتهى، وقال ابن فارس: التعقيب: غزاة بعد غزاة.

قوله: (فَغَنِمْتُ أَوَاقٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ): كذا في أصلنا، وفي أصل آخر: (أواقيَ)، (الأواقي): جمع أوقيَّة، وقد تَقَدَّم الكلام على (الأوقيَّة)، وأنَّها أربعون درهمًا.

==========

[ج 2 ص 226]

(1/7809)

[حديث: لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك]

4350# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّ (محمَّدًا) لقبه بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، و (عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ): (مَنْجُوْف): بفتح الميم، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ جيم مضمومة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ فاء، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (بُرَيْدَةُ) هذا: هو ابن الحصيب الأسلميُّ، شهد خيبر، عنه: ابناه، والشعبيُّ، وعدَّةٌ، تُوُفِّيَ سنة (63 هـ)، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

قوله: (وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا): قال الحافظ أبو ذرٍّ: إنَّما أبغض عليًّا؛ لأنَّه رآه أخذ من الغنيمة، فظنَّ أنَّه غلَّ، فلمَّا أعلمه رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّه أخذ أقلَّ [من] حقِّه؛ أحبَّه، انتهى.

قوله: (وَقَدِ اغْتَسَلَ): يريد: أنَّه وقع على جارية، وقد صارت الجارية له في القسمة من الخمس، فاعتذر عنه الشارع بأنَّ له في الخمس أكثرَ من ذلك، وقد روي هذا الحديث بأتمَّ مما هنا، قال بُرَيدة: (كنت في جيش فغنموا، وبعث أمير الجيش إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن ابعث إليَّ بخمسها، فبعث عليًّا، وفي السبي وصيفة من أفضل السبي، فوقعت في الخمس، ثُمَّ خمَّس، فصارت في أهل بيت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم،

[ج 2 ص 226]

ثُمَّ خمَّس، فصارت في آل عليٍّ، فأتى ورأسه يقطر ... )؛ وذكر الحديث، وفيه شيئان: قسمته لنفسه، وإصابته قبل الاستبراء، وقد أجاب عنهما الخطابيُّ كما نقله شيخنا عنه، وجوابه عن الإصابة قبل الاستبراء قال: فيحتمل أن تكون غير بالغة، وقد قال: بعدمه في حقِّها غير واحد من العلماء، وعدَّدهم، ثُمَّ قال: ويحتمل أن تكون عذراء _وهو رأي ابن عُمر_ وإن بلغت، انتهى، وهذا يتمشَّى على تخريج ابن سريج، وقد قدَّمتُه.

وأمَّا قسمته لنفسه؛ فيجوز أن يقع ذلك ممَّن هو شريك فيما يقسمه؛ كما يقسم الإمام بين الرعيَّة وهو منهم، ومن ينصِّبه الإمام؛ يكون قائمًا مقامه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثني)، وكذا كتب فوقها في (ق) بالحمرة.

(1/7810)

[حديث: ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء]

4351# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن زياد، وتَقَدَّم ما فيه، و (عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): هو بضمِّ العين المهملة، وتخفيف الميم، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ): بضمِّ النون، وإسكان العين، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان، صَحابيٌّ مشهور، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ): (الذُّهَيبة): تصغير (ذهب)، وأدخل الهاء فيها؛ لأنَّ الذهب يؤنَّث، والمؤنَّث الثلاثيُّ إذا صُغِّر؛ أُلحِق في تصغيره الهاء؛ نحو قوله: قُويسة وشُميسة، وقيل: هو تصغير (ذهبة) على نيَّة القطعة منه، فصغَّرها على لفظها، و (مقروظ)؛ يعني: دبغ بالقرظ، والقرظ معروفٌ.

قوله: (لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا): (تُحصَّل)؛ بفتح الصاد المشدَّدة: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ؛ أي: لم تُخلَّص من تراب المعدِن.

قوله: (بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ ابْنِ بَدْرٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، ونسبه هنا إلى جدِّه الأعلى، وهو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاريُّ، قال الدِّمْياطيُّ: هو ابن حصن بن حذيفة بن بدر، واسم عيينة: حذيفة، وكان عيينة من المنافقين [1]، ارتدَّ بعد النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وبعث به خالد في وثاق [2] إلى أبي بكر، فأسلم وعفا عنه، انتهى.

قوله: (وَالأَقْرَعِ [3] بْنِ حَابِسٍ): تقدَّم الكلام على (الأقرع) قبل هذا.

قوله: (وَزَيْدِ الْخَيْلِ): هو زيد بن مهلهل بن زيد بن منهب، الطائيُّ النبهانيُّ، زيد الخيل، من المؤلَّفة _وقد تَقَدَّم_ ثُمَّ حسن إسلامه، وفد سنة تسع، وسمَّاه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: زيد الخير، وأثنى عليه، وأقطعه أرضين، وله ابنان: مُكنَّف وحُرَيث، لهما صحبة، وكان زيد شاعرًا خطيبًا بليغًا جوادًا، مات في آخر خلافة عمر، وقيل: قبل ذلك، رضي الله عنه.

قوله: (وَالرَّابِعُ: إِمَّا عَلْقَمَةُ، وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ): أمَّا (علقمة)؛ فقد جزم به في (التوحيد) في (بابٌ في قول الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4])، وفي (الزكاة) في «مسلم»، وفي «مسلم» أيضًا الشكُّ، والجزم أيضًا في «أبي داود» في «السُّنَّة»، لكن قال الشيخ محيي الدين النوويُّ في «شرحه لمسلم»: قال العلماء: ذِكر عامر هنا غلطٌ ظاهر؛ لأنَّه تُوُفِّيَ قبل هذا بسنين، والجزم بأنَّه علقمة بن علاثة، كما هو مجزوم به في باقي الروايات، انتهى، وقال الدِّمْياطيُّ: ذِكره وَهم؛ لأنَّه مات كافرًا، انتهى.

(1/7811)

وأمَّا (علقمة)؛ فهو علقمة بن علاثة بن عوف العامريُّ الكلابيُّ، من الأشراف، ومن المؤلِّفة قلوبهم، ثُمَّ ارتدَّ، ثُمَّ أسلم وحسن إسلامه، واستعمله عمر على حوران، فمات بها، وأمَّا (عامر بن الطُّفيل)؛ فقد تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ بعضهم ذكره في الصَّحابة، فوهِم في ذلك، وقد مات كافرًا وقد أخذته غُدَّة، فكان يقول: (غدَّة كغدَّة البَكْر في بيت سلوليَّة!)، كما تَقَدَّم في هذا «الصحيح»، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ): هذا الرجل لا أعرفه.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ... )؛ الحديث: في هامش أصلنا: اسمه نافع، ذكره أبو داود، وقيل: اسمه حرقوص، والأوَّل أصحُّ، انتهى، ونافعٌ إنَّما هو ذو الثديَّة، وقيل: اسم ذي الثديَّة ثرملة، وقيل: بلبول، وأمَّا هذا؛ فهو ذو الخويصرة، وهو الذي قال له عَلَيهِ السَّلام: «اعدل»، وتَقَدَّم ذو الخويصرة التميميُّ، وأنَّه قُتِل في الخوارج يوم النهروان، وأنَّ والده اسمه زُهير، وتَقَدَّم ما وقع في هذا «الصحيح» في (كتاب استتابة المرتدين)، وهذا قال للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: (اتق الله)، والظاهر أنَّهما واحد.

قوله: (وَهْوَ مُقَفِّي): كذا في أصلنا، وهذه لغة، والوجه: (مقفٍّ)، وجُعلت الثانية نسخةً في هامش أصلنا، وكتب عليها: (صح)؛ ومعناه: مولٍّ.

قوله: (مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا): تَقَدَّم الكلام على (الضئضئ)، واختلاف الرواة فيه.

قوله: (رَطْبًا): قيل: سهلًا، كما جاء في الرواية الأخرى: (ليِّنًا)، وقيل: أي: يواظب عليها، فلا يزال لسانه رطبًا بها، ويكون أيضًا من تحسين الصوت بالقراءة، ويقال في معناه غيرُ ذلك.

قوله: (يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ): أي: الطاعة، دون الملَّة.

قوله: (قَتْلَ ثَمُودَ): إن قلت: إذا كان قتلهم واجبًا؛ فكيف منع خالد بن الوليد أن يقتله، وفي رواية: (منع عمر)؟

فالجواب _كما قال الخطَّابيُّ_: إنَّما منعه؛ لعلمه بأنَّ الله سيمضي قضاءه فيه، حتَّى يخرج من نسله من يستحقُّ القتل؛ لسوء فعله ومروقه من الدِّين، فيكون قتلُهم عقوبةً لهم، فيكون أدلَّ على الحكمة، وأبلغَ في المصلحة، انتهى، نقله شيخنا.

==========

[1] في حاشية الدمياطيِّ التي في هامش (ق): (المتألَّفين).

[2] في (أ): (وفاق)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وأقرعَ).

[ج 2 ص 227]

(1/7812)

[حديث: فأهد وامكث حرامًا كما أنت]

4352# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج أحد الأعلام، و (عَطَاءٌ) بعده: هو ابن أبي رَباح المَكِّيُّ، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام رضي الله عنهما.

قوله: (زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): (محمَّد بن بكر) هذا: هو البُرسانيُّ، من الأزد، بصريٌّ، عن ابن جُرَيج وطبقته، وعنه: عبدٌ وخلقٌ، ثِقةٌ صاحب حديث، مات سنة (203 هـ)، أخرج له الجماعة، وهذا الحديث هنا والزيادة لم يطرِّفها المِزِّيُّ، وإنَّما ذكرها في (الحجِّ) لا هنا، ولعلَّه سقط من نسختي، وهو في (الحجِّ) بهذا السند، وشيخنا لم يطرِّفها أيضًا؛ أعني: الزيادة.

[ج 2 ص 227]

قوله: (بِسِعَايَتِهِ): وفي «مسلم»: (من سِعايته)، اعلمْ أنَّ (السِّعاية) بكسر السين المهملة، وبالعين المهملة أيضًا؛ وهي العمل في السعي على الصدقات، قال القاضي عياض رحمه الله: قال بعض علمائنا: الذي في غير هذا الحديث أنَّه إنَّما بعث عليًّا أميرًا لا عاملًا على الصدقات؛ إذ لا يجوز استعمال بني هاشم على الصَّدقات؛ لقوله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم للفضل بن عبَّاس وعبد المطَّلب بن ربيعة حين سألاه ذلك: «إنَّ الصَّدقة لا تحلُّ لمحمَّد، ولا لآل محمَّد»، ولم يستعملهما، قال: ويحتمل أنَّ عليًّا وَلِيَ الصدقات بغير أجر احتسابًا، أو أُعطِي عُمالتَه عليها من غير الصدقة، قال الشيخ محيي الدِّين: وهذا الذي قاله حسنٌ إلَّا قوله: إنَّ السِّعاية تختص بالعمل على الصدقات، وليس كذلك؛ لأنَّها تستعمل في مطلق الولاية وإن كان أكثر استعمالها في الولاية على الصَّدقة، واستدلَّ لما قاله بحديث: «ليردنَّه عليَّ ساعيه»، انتهى.

واعلمْ أنَّ الصدقة الواجبة محرَّمة على آل النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، سواء كانت بسبب العمل أو بسبب الفقر والمسكنة، وغيرها من الأسباب الثمانية، هذا هو الصحيح عند الشَّافعيَّة، وجوَّز بعض أصحابه لبني هاشم وبني المطَّلب العمل عليها بسهم العامل؛ لأنَّها إجارة، وهذا ضعيف أو باطل، والحديث في «مسلم» في قصَّة ربيعة بن عبد المطَّلب والفضل بن عبَّاس يردُّ هذا الوجه، والله أعلم.

قوله: (فَأَهْدِ): هو بقطع الهمزة، فعل أمر، وهو رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/7813)

[حديث: أن النبي أهل بعمرة وحجة ... ]

4353# 4354# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): (بِشْر): هو بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، و (المفضَّل): بتشديد الضَّاد المعجمة المفتوحة، اسم مفعول من المشدَّد.

قوله: (حَدَّثَنَا بَكْرٌ): هذا هو بكر بن عبد الله المزنيُّ البصريُّ، أحد الأعلام، عن المغيرة بن شعبة، وابن عبَّاس، وابن عمر، وأنس، وطائفة، وعنه: قتادة، وثابت، وحُمَيد، وسُليمان التَّيميُّ، وخلق، قال محمَّد بن سعد: كان ثِقةً ثبتًا مأمونًا حجَّةً فقيهًا، انتهى، تُوُفِّيَ سنة ستٍّ ومئة، ويقال: سنة ثمان، قال ابن سعد: وهو أثبت عندنا، أخرج له الجماعة.

قوله: (ذُكِرَ لاِبْنِ عُمَرَ): (ذُكر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَأَمْسِكْ): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ.

==========

[ج 2 ص 228]

(1/7814)

[باب غزوة ذي الخلصة]

قوله: (غَزْوَةُ ذِي الْخَلَصَةِ): قال السُّهيليُّ: وذلك قبل وفاة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بشهرين أو نحوهما، وقد تَقَدَّم ذلك في أوَّل السَّرايا أنَّ البُخاريَّ ما رتَّبها كما رتَّب الغزوات إلَّا في تبوك، والله أعلم، و (ذو الخَلَصة): تَقَدَّم أنَّها بفتح الخاء المعجمة واللَّام، قال ابن قُرقُول: ويقال: بضمِّهما، وكذا ضبطناه عن ابن سراج، وبالفتح قيَّدناه عن أبي بحر، لكن بسكون اللَّام، وكذا قال ابن دريد، وهو بيت صنم ببلاد دوس، وهو اسم صنم، لا اسم بيته، وكذا جاء تفسيره في الحديث، انتهى.

وقال السُّهيليُّ: (ذو الخُلُصة): بضمِّ الخاء واللَّام في قول ابن إسحاق، وبفتحهما في قول ابن هشام، وقال القُرْطبيُّ في «تذكرته» بعد أن ذكر اللغتين اللَّتَين ذكرتهما من كلام ابن دحية الحافظ أبي الحسن: وقيَّده الإمام أبو الوليد الكنانيُّ الوقشيُّ بفتح الخاء، وسكون اللام، وكذا قال ابن دريد، انتهى.

قال في «النِّهاية» في (ذي الخلصة): هو بيت كان فيه صنم لدوس، وخثعم، وبجيلة، وغيرهم، وقيل: ذو الخلصة: الكعبة اليمانية التي كانت باليمن، فأنفذ إليها رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم جَرِير بن عبد الله، فخربها، وقيل: ذو الخلصة: اسم الصنم نفسه، وفيه نظر؛ لأنَّ (ذو) لا تضاف إلَّا إلى أسماء الأجناس، انتهى.

(1/7815)

[حديث: ألا تريحني من ذي الخلصة؟ ... ]

4355# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدٌ): هذا هو خالد بن عبد الله الطَّحَّان الواسطيُّ، أحد العلماء، تَقَدَّم، و (بَيَانٌ) بعده: هو بيان بن بِشْر المؤدِّب، عن أنس وقيس بن أبي حَازم، وعنه: شعبة، وزائدة، وعدَّة، أخرج له الجماعة، قال أحمد وابن معين: ثِقةٌ، تُوُفِّيَ في حدود أربع عشرة [ومئة]، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، تَقَدَّم أعلاه، و (جَرِير): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد [الله] البجليُّ، يوسف هذه الأمة، تَقَدَّم رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 228]

(1/7816)

[حديث: اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا .. ]

4356# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان شيخ الحفَّاظ، تَقَدَّم، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، و (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم، و (جَرِيرٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الله البجليُّ أعلاه وقبله أيضًا.

قوله: (وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا): تَقَدَّم أنَّ هذا من المقلوب؛ أي: مهديًّا هاديًا، وهذا ظاهرٌ [1].

قوله: (فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ): (رسول جَرِير) سيأتي قريبًا في هذا «الصحيح» بكنيته؛ وهي أبو أرطاة، قال الدِّمْياطيُّ: واسمه حُصَين بن ربيعة بن الأزور، انتهى، وقيل: حصن _مكبَّرًا_ ابن ربيعة بن عامر بن الأزور، أبو أرطاة، صَحابيٌّ رضي الله عنه، وقد قدَّمتُ الكلام عليه أطول من هذا.

تنبيه: وقع في «مسلم» لبعض الرواة له: (حسين)، والصواب: بالصَّاد المفتوحة، والسينُ وَهَمٌ، والله أعلم.

قوله: (أَجْرَبُ): أي: مدهونًا بقطران؛ يعني: محترقةً، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] زيد في هامش الأصل بخط مغاير: (لا يحتاج أن تجعله من المقلوب، فإنَّ المراد أن يكون ممَّن اتَّصف بهاتين الصفتين، وليس معنا حرف يدلُّ على تأخر «مهديًّا» حتى يكون من المقلوب، وقدَّم «هاديًا»؛ لأنَّها صفة أعلى من «مهديًّا»، حرَّره أبو الوفا القرطبيُّ).

[ج 2 ص 228]

(1/7817)

[حديث: اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا ... ]

4357# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، تَقَدَّم أعلاه.

قوله: (فِيهِ نُصُبٌ): تَقَدَّم الكلام على النُّصُب، وأنَّه بضمِّ النُّون والصاد المهملة وإسكانها.

قوله: (كَانَ بِهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (بِالأَزْلاَمِ): والاستقسام بالأزلام ذكرت معناه، وذكرت الكلام على الأزلام، وأنَّ واحدَها فيه لغتان.

قوله: (وَلَتَشْهَدْ [1]): هو بإسكان اللَّام؛ لأنَّ اللَّام هي لام الأمر، وهي مكسورة إذا لم يتقدَّمها واو ولا فاء، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (رَجُلًا مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ [2]): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه؛ فانظره.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ولَتَشْهَدًا)، ورواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والكشميهنيِّ: (ولَتَشْهَدَنَّ).

[2] في هامش (ق): (هو حصين بن ربيعة بن الأزور).

[ج 2 ص 228]

(1/7818)

[باب غزوة ذات السلاسل]

[ج 2 ص 228]

قوله: (بَاب غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ): قال الدِّمْياطيُّ: كانت في جمادى الآخرة سنة ثمان، وكانت قبل سريَّة الخَبَط، وكانت الخَبَط في رجب سنة ثمان، انتهى، و (السَّلاسِل): بفتح السين الأولى، وكسر الثانية المهملتين على المشهور على الألسنة، وقال السُّهيليُّ: بضمِّ السين الأولى، وكسر الثانية: ماء بأرض جذام، به سُمِّيت الغزاة، وفي «النِّهاية»: هو بضمِّ السين الأولى، وكسر الثانية؛ ماء بأرض جذام، به سميت الغزوة، وهو في اللُّغة: الماء السَّلسال، وقيل: بمعنى: السَّلسال، انتهى.

وقد اقتصر المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه» على ضمِّ السين الأولى، وكسر الثانية، وقيل: سُميَّت ذات السَّلاسل؛ لأنَّ المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض؛ مخافة أن يفرُّوا.

تنبيه: ذكر النَّوويُّ في «تهذيبه» غزوة ذات السَّلاسل وتاريخها، ثُمَّ قال عن ابن عساكر في «تاريخ دمشق»: إنَّها كانت بعد مؤتة فيما ذكر أهل المغازي سوى ابن إسحاق، فإنَّه قال: هي قبل تبوك، انتهى.

قوله: (قَالَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ): تَقَدَّمتُ ترجمته.

قوله: (قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عُرْوَةَ): (ابن إسحاق): هو محمَّد بن إسحاق بن يسار، إمام أهل المغازي، تَقَدَّم، و (يزيد) بعده: لعلَّه ابن رُومان، والله أعلم.

قوله: (بِلاَدُ بَلِيٍّ): هو بفتح الموحَّدة، وكسر اللَّام، وتشديد الياء، بوزن (عَلِيٍّ)، والنسبة إليها: بَلَوِيٌّ.

قوله: (وَعُذْرَةَ): هو بضمِّ العين المهملة، وإسكان الذَّال المعجمة، وهذا معروف ظاهر.

قوله: (وَبَنِي الْقَيْنِ): هو بفتح القاف، وإسكان المثنَّاة تحت، وبالنُّون، وهذا ظاهرٌ معروفٌ.

(1/7819)

[حديث: أن رسول الله بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل ... ]

4358# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره، وقال فيه المِزِّيُّ هنا: عن إسحاق بن شاهين، و (خالد بن عبد الله): هو الطَّحَّان، تَقَدَّم، و (خَالِد الْحَذَّاء): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن مهران أبو المُنازل، و (أَبُو عُثْمَان): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن مَلٍّ، وتَقَدَّمت اللُّغات في (مَلٍّ) غيرَ مرَّةٍ، وهذا الحديث هنا مرسل؛ لأنَّ أبا عثمان تابعيٌّ إلَّا أنَّ قوله: (قال: فأتيته): هذا متَّصل إلى آخره، وقد تَقَدَّم متَّصلًا عن عمرو بن العاصي في (فضل أبي بكر رضي الله عنه)، وأخرجه مسلم متَّصلًا عن عمرو بن العاصي، وكذلك التِّرْمِذيُّ، وكذلك النَّسائيُّ، والله أعلم.

قوله: (بَعَثَهُ [1] عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ): قال ابن سعد: إنَّهم كانوا ثلاث مئة من سَراة المهاجرين والأنصار، ومعهم ثلاثون فرسًا.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ).

[ج 2 ص 229]

(1/7820)

[باب ذهاب جرير إلى اليمن]

قوله: (ذَهَابُ جَرِيرٍ إِلَى الْيَمَنِ): هو جَرِير بن عبد الله البجليُّ رضي الله عنه، تَقَدَّم، وكان بعثه سنة إحدى عشرة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 229]

(1/7821)

[حديث: كنت بالبحر فلقيت رجلين من أهل اليمن ذا كلاع وذا عمرو]

4359# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ): هذا هو الحافظ الكبير المصنِّف أبو بكر، و (العبسيُّ)؛ بالموحَّدة، والسين المهملة، و (ابْنُ إِدْرِيسَ): هو عبد الله بن إدريس بن يزيد الأوديُّ، أبو محمَّد، أحد الأعلام، عن أبيه، وعمِّه داود، وحُصَين، وهشام بن عروة، وعنه: أحمد، وإسحاق، والعطارديُّ، قال أحمد: كان نسيجَ وَحْدِه، تُوُفِّيَ سنة (192 هـ)، أخرج له الجماعة، قال ابن معين: ثِقةٌ في كلِّ شيء، وقال يعقوب بن شيبة: كان عابدًا فاضلًا، و (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، تَقَدَّم.

قوله: (رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ؛ ذَا كَلاَعٍ وَذَا عَمْرٍو): رأيت في حاشية نسخة من «استيعاب ابن عبد البَرِّ» بخطِّ ابن الأمين الحاشية والأصل: (قال أحمد ابن حنبل: من كان من أهل اليمن يقال له: «ذو»؛ فهو شريف، يقال: فلان له ذو، وفلان لا ذي له) انتهت، قال أبو عُمر: ذو الكلاع: اسمه أيفع بن ناكور من اليمن، أظنُّه من حِمْيَر، يقال: إنَّه ابن عمِّ كعب الأحبار، يكنى أبا شرحبيل، ويقال: أبا شراحيل، كان رئيسًا مُطَاعًا في قومه ... ؛ فذكر ترجمته، وفي هامش «الاستيعاب» بخطِّ ابن الأمين: (قال ابن دريد: اسمه سُميقع بن ناكور، تصغير «سَمْقَع» إن كان أوَّله مضمومًا، وإلَّا؛ فهو مثل: سَميدَع، والسَّمْقَع: الجُرْأَة والإقدام، و «ناكور»: «فاعول» من النُّكر؛ وهو المكر والدَّهاء) انتهت.

(ذو الكلاع): اسمه سميفع؛ بالفاء وبالقاف، وقيل: اسمه أيفع، أبو شرحبيل الحِمْيَريُّ، أسلم في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، تابعيٌّ، له ترجمة في «الاستيعاب»، و (ذو عَمرو): تابعيٌّ أيضًا، وله ترجمة في «الاستيعاب»، قال ابن عبد البَرِّ في ترجمته: وأظنُّه أحدَ الوفود عليه، والله أعلم.

فائدة: ذكر شيخنا عن «المنثور» لابن دريد: أنَّ ذا الكلاع ادَّعى الربوبيَّة في الجاهليَّة، وأنَّ إسلامه كان زمن عمر رضي الله عنه، وذكر عن ابن عبد البَرِّ: أنَّه أعتق عشرة آلاف أهل بيت، انتهى، والظاهر أنَّ هذا في غير «الاستيعاب»، ولم أر ذلك في «الاستيعاب»، والله أعلم.

قوله: (مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ): (قِبَل)؛ بكسر القاف، وفتح الموحَّدة.

قوله: (قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قُبض): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوعٌ نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ).

قوله: (خَبَرًا): هو بالموحَّدة، وكذا في أصلنا.

قوله: (تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ): من الائتمار والمشاورة، قاله أبو ذرٍّ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 229]

(1/7822)

[باب غزوة سيف البحر]

قوله: (بَابُ غَزْوَةِ سِيْفِ الْبَحْرِ): (سِيْف)؛ بكسر السين المهملة، وإسكان المثنَّاة تحت، وبالفاء، وهذا ظاهرٌ، و (سِيْف البَحر): ساحله، وهذه سريَّة الخَبَط، بعثهم عَلَيهِ السَّلام إلى حيٍّ من جُهينة ممَّا يلي ساحل البحر، وبينها وبين المدينة خمسُ ليالٍ، فأصابهم جوع شديد، وأكلوا الخَبَط، انتهى، قاله الدِّمْياطيُّ، وكانت هذه السريَّةُ في رجب سنة ثمان.

قوله: (وَهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ): كذا في «الصَّحيح»، وفيه نظر؛ لأنَّه لم يكن بعد الحُدَيْبيَة يُعترض لعير قريش، وهي سنة ثمان، والظاهر أنَّ ابن إسحاق جعلها في هذه الرتبة، وكذا أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس جعلها بعد مؤتة، وبعد سريَّة عَمرو بن العاصي إلى ذات السَّلاسِل، وهي في جمادى الآخرة سنة ثمان، وعمرٌو إنَّما هاجر على الصَّحيح إلى المدينة في صفر سنة ثمان، وظاهر سريَّة الخَبَط أنَّها كانت

[ج 2 ص 229]

قبل الهُدنة بالحُدَيْبيَة، فإنَّه من حين صالح أهل مَكَّة لم يكن يرصُدُ لهم عيرًا، بل كان زمن أمنٍ وهدنة إلى حين الفتح، وقد تعقَّب الحافظ شمس الدين بن قيِّم الجوزيَّة سريَّة الخَبَط في جعلها سنة ثمانٍ بهذا التعقُّب، وهو تعقُّبٌ صحيحٌ لا شكَّ فيه، وتعقَّب أيضًا كونها في رجب، فقال: الظاهر أنَّه غير محفوظ؛ إذ لم يُحفَظ عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّه غزا في الشهر الحرام، ولا أغار فيه، ولا بعث فيه سريَّة، وقد عَيَّر المشركون المسلمين بقتالهم في أوَّل رجب في قصَّة عمرو بن الحضرميِّ، وقالوا: استحلَّ محمَّدٌ الشهر الحرام ... إلى آخر كلامه، فإن أردته؛ فانظره من «الهدي»، وهذا بناء منه على أنَّ القتال لم يُنسَخ في الشهر الحرام، وهو مذهب جماعةٍ قليلةٍ، والأكثرون على نسخه، والله أعلم.

قوله: (وَأَمِيرُهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ ابْنُ الجَرَّاح [1]): وكذا في «مسلم»، وهنا أيضًا، قال شيخنا: (وفي «الأطعمة» لابن أبي عاصم من حديث جابر: أنَّ الأمير عليهم يومئذٍ سعدُ بن عبادة، وهو عجيبٌ)، انتهى، ذكر ذلك في (الأطعمة)، واعلم أنَّ سعدًا لم يكن معهم في سريَّة الخَبَط، كما هو ظاهر هذه القصَّة؛ فانظرها أيضًا من السير تجدْ ذلك، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).

(1/7823)

[حديث: بعث رسول الله بعثًا قبل الساحل وأمر عليهم أبا عبيدة]

4360# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه [ابن] أخت الإمام مالك بن أنس المجتهد، أحد الأعلام.

قوله: (أَبَا عُبَيْدَةَ ابْنَ الْجَرَّاحِ): تَقَدَّم أنَّ اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح الفهريُّ، أمين الأمَّة، وأحد العشرة، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (فَجُمِعَ): هو بضمِّ الجيم، وكسر الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (إِلاَّ تَمْرَةٌ): هي مرفوعة منوَّنة، وكذا الثانية.

قوله: (مِثْلُ الظَّرِبِ): هو بفتح الظاء المعجمة المشالة، وكسر الراء، وبالموحَّدة، الجُبيل، وبعضهم قال: الرابية الصغيرة، وهما قريب.

قوله: (فَأَكَلَ مِنْهَا الْقَوْمُ ثَمَانَ [1] عَشْرَةَ لَيْلَةً): وسيأتي: (فأكلنا منها نصف شهر)، وفي «مسلم»: (نصف شهر)، وفي رواية: (ثمانية عشر يومًا)، وفي رواية أبي الزُّبَير عن جابر في «مسلم»: (شهرًا)، وفي حديث وهب بن كيسان عنه عند الحاكم: (اثني عشر يومًا)، ولا تنافي؛ لأنَّه ليس في ذكر القليل ما ينافي الكثير، وهو من باب مفهوم العدد، والله أعلم، قال شيخنا: قال ابن التين: إحدى روايتي البُخاريِّ: (نصف شهر) أو (ثمان عشرة [2] ليلة) وَهم، أو يتجاوز أحدهما؛ لتقارب ذلك، انتهى.

قوله: (بِضِلعَيْنِ): (الضِّلع)؛ بكسر الضاد، وفتح اللام وإسكانها، معروفة.

قوله: (فَنُصِبَا): الوجه: (فنُصبتا)؛ لأنَّ الضِّلع مؤنَّثة، وسهَّل ذلك أنَّه مؤنَّث غير حقيقيٍّ.

قوله: (فَرُحِلَتْ): هو بكسر الحاء مخفَّفة، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/7824)

[حديث: بعثنا رسول الله ثلاثمائة راكب أميرنا أبو عبيدة بن الجراح]

4361# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عيينة.

قوله: (بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح المثلَّثة، والضمير مفعول، و (رسولُ): مرفوع فاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمين الأمَّة، وأحد العشرة، الفهريُّ، رضي الله عنه.

قوله: (نَرْصُدُ): هو بضمِّ الصاد، وفتح أوَّله، ثلاثيٌّ، و (العِيْرُ): تَقَدَّم ما هو، وتَقَدَّم أنَّ قوله: (نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْشٍ) مع تأريخه هذه السريَّة فيه نظر.

قوله: (الْخَبَطَ): هو بفتح الخاء المعجمة والموحَّدة، وبالطاء المهملة، ورق الشجر، وقال بعضهم: ورق السَّمُر، و (الخبْط)؛ بإسكان الموحَّدة: ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها، واسم الورق المتساقط: خَبَط؛ بالتحريك (فَعَل)؛ بمعنى: مفعول، وهو من علف الإبل.

قوله: (حَتَّى ثَابَتْ): هو بالثاء المثلَّثة، وبعد الألف موحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث؛ أي: رجعتْ، و (أَجْسَامُنَا)؛ بالضمِّ: فاعل (ثابَتْ)، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ضِلعًا): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بكسر الضاد، وفتح اللام، وتُسكَّن، وتَقَدَّم (فَعَمَدَ): أنَّه بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، وقد ذكرت ما رأيته في «حاشية عن شرح الفصيح»: أنَّ الماضي بالكسر، والله أعلم.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة المذكور في السند.

قوله: (وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ): هذا الرجل هو قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه، قاله النوويُّ في «شرح مسلم»، انتهى، وهنا في هذا «الصحيح» ما يرشد إليه، ترجمته معروفة، صَحابيٌّ ابن صَحابيٍّ، وفي كلام شيخنا: والظاهر أنَّه قيس بن سعد بن عبادة، وبه صرح الدِّمْياطيُّ بخطِّه في (الذبائح)، انتهى.

تنبيهٌ: قال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين في قيس هذا: إنَّه مرَّ على بعيره راكبًا تحت ضِلع الحوت، انتهى، وسيجيء أيضًا.

تنبيهٌ ثانٍ: لم يكن في الأوس والخزرج أربعة مطعمون إلَّا قيس بن سعد بن عُبادة بن دُليم، وفي قريش خمسةٌ مطعمون؛ وهم: عمرو بن عبد الله بن صفوان بن أُمَيَّة بن خلف، وقد نظمت الفريقين في بيت رجز، فقلت:

~…والمطعمون من قريشٍ خمسةٌ…في نسقٍ وخزرج أربعةُ

تنبيهٌ شاردٌ: أزواد الراكب ثلاثة أشخاص: مسافر بن أبي عمرو، وأبو أُمَيَّة حذيفة بن المغيرة، وربيعة بن الأسود، وقد نظمتهم في بيت رجز، فقلت:

~…أزوادُ راكبٍ هم ثلاثةُ…مسافرٌ ربيعةٌ حذيفةُ

كلٌّ منهم يقال له: زاد الراكب؛ لأنَّه لم يكن أحد يتزوَّد معهم في سفر، يطعمونه ويكفونه الزاد.

قوله: (ثَلاَثَ جَزَائِرَ): (الجزائر)؛ بفتح الجيم: جمع جزور، ويجمع أيضًا الجزور على جزر، و (الجزور): البعير ذكرًا كان أو أنثى، إلَّا أنَّ اللفظة مؤنَّثة، تقول: (هذه الجزور) وإن أردت ذكرًا.

(1/7825)

قوله: (وَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ): هو عَمرو بن دينار المذكور في السند، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ): هو ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان فيما يظهر، تَقَدَّم.

قوله: (أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ: أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لِأَبِيهِ): هذه القصَّة مرسلة؛ لأنَّ أبا صالح ذكوان ذكر قصَّة لم يدركها، ولو أدركها؛ لكان صحابيًّا، ولا يحتمل أن يكون سمع قيسًا يذكر ذلك لأبيه، وذلك أنَّ أباه سعد بن عبادة تُوُفِّيَ [سنة] خمس عشرة بحوران، وقيل: سنة أربع عشرة، ويقال: في سنة إحدى عشرة، وقد شهد الدار أبو صالح زمن عثمان سنة خمس وثلاثين، وهذا أقدم ما رأيت له، وما أظن أنَّه أدرك سعد بن عبادة، والله أعلم، وقد قال أبو زرعة: لم يلق أبا ذرٍّ، وهو عن أبي بكر وعن عمر وعن عليٍّ رضي الله عنهم مرسلٌ، والله أعلم.

قوله: (نُهِيتُ): هو بضمِّ النون، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، والتاء مضمومة على التكلُّم، والناهي هو أميره أبو عبيدة كما في «سيرة ابن سيِّد النَّاس».

(1/7826)

[حديث: كلوا رزقًا أخرجه الله أطعمونا إن كان معكم]

4362# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد، يحيى القطَّان، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن دينار، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ، تَقَدَّموا.

قوله: (فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين لمَّا ذكر قيسًا في أنَّه الذي نحر؛ قال: (وهو الذي مرَّ على بعيره راكبًا تحت ضلع الحوت)، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ): قائل هذا هو سفيان بن عيينة، وقد أخرج هذا النَّسائيُّ في (الصيد) عن محمَّد بن منصور، عن سفيان، عن أبي الزُّبَير، عن جابر، ولم يعلِّم عليه المِزِّيُّ سوى النَّسائيِّ، و (أبو الزُّبَير): محمَّد بن مسلم بن تَدْرُس، علَّق له البُخاريُّ وقرنه، وقد قدَّمتُ ترجمته، وأنَّه أخرج له مسلم والأربعة، والله أعلم.

[ج 2 ص 230]

قوله: (أَطْعِمُونَا): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ): (بعضهم): لا أعرف اسمه.

فائدةٌ: اتَّفق للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مثل ما جرى لجيش الخَبَط في العنبر، كما رواه مسلم في الحديث المطوَّل في أواخر «صحيحه»، وفي آخر الحديث: (وشكا الناس إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الجوع، فقال: «عسى الله أن يطعمكم»، فأتينا سِيْف البحر، فزخر البحرُ زخرة، فألقى دابَّة، فأورينا على شقِّها النار، فأطبخنا واستوينا فأكلنا، قال جابر: فدخلت أنا وفلان وفلان حتَّى عدَّ خمسة في حِجاج عينها حتَّى ما يرانا أحد حتَّى خرجنا، وأخذنا [1] ضِلَعًا من أضلاعه، فقوَّسناه، ثُمَّ دعونا بأعظم رجل في الركب، وأعظم جمل في الركب، وأعظم كفلٍ في الركب، فدخل تحته ما يطأطئ رأسه)، انتهى.

وهذه الغزوة يقال لها [2]: بواط، كما هو مصرَّح به في الرواية في «مسلم»: (وهو يطلب النجديَّ بن عمرو الجهنيَّ) كذا في «مسلم»، قال ابن إسحاق: إنَّها في ربيع الأوَّل، يريد قريشًا من ناحية رضوى، جعلها بعد الأبواء في أوائل (المغازي)، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (وأخذ)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] في (أ): (له)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/7827)

[حج أبي بكر بالناس في سنة تسع]

(حَجُّ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ) .... إلى (بابُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ)

اعلم أنَّ أوَّل من أقام للناس الحجَّ عتَّابُ بن أَسِيد، سنة ثمانٍ من الهجرة، وهي عام الفتح، وحجَّ بالناس تلك السنة وهو أمير البلد على ما كانت عليه العرب في الجاهليَّة، وكان عَلَيهِ السَّلام استعمله على مَكَّة، ومضى عَلَيهِ السَّلام إلى حنين، وقال أبو الوليد الأزرقيُّ: لم يبلغنا أنَّه استعمله على الحجِّ في هذه السنة، فلمَّا كان وقت الحج؛ حجَّ المسلمون والمشركون، وكان المسلون بمعزل، يدفع بهم عتَّاب بن أَسِيد، ويقف بهم المواقف؛ لأنَّه أمير البلد، وذكر الماورديُّ في «الحاوي» في (السير): أنَّه عَلَيهِ السَّلام لمَّا فتح مَكَّة؛ استعمل عتَّاب بن أَسِيد للصلاة والحجِّ، وذكر أيضًا في (كتاب الحجِّ): أنَّه عَلَيهِ السَّلام أمَّر عتَّاب بن أَسِيد أن يحجَّ بالناس عام الفتح، وهذا إثباتٌ لم يبلغ الأزرقيَّ، فليعتمد عليه.

ثُمَّ حجَّ أبو بكر الصدِّيق سنة تسع على ذلك، ولم يزل عتَّاب بن أَسِيد أميرًا حتَّى تُوُفِّيَ النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأقرَّه أبو بكر إلى أن تُوُفِّيَ، وكانت وفاته على ما ذكر الواقديُّ يوم تُوُفِّيَ الصديق، قاله المحبُّ الطبريُّ بأطول من هذا، ثُمَّ ذكر في (عمرة الجعرانة) في أواخر (كتاب الحجِّ) عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 1]، قال: لمَّا قفل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من حنين؛ اعتمر من الجعرانة، ثُمَّ أمَّر أبا بكر في تلك الحجَّة، أخرجه أبو حاتم، ثُمَّ عقَّبه بأن قال: قلت: وهذا مغاير لما تَقَدَّم في صفة حجِّ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: أنَّ الذي حجَّ بالناس تلك السنة عتَّابَ بن أَسِيد، وهي سنة ثمان، فإنَّ تأمير أبي بكر كان سنة تسع، وهو الأظهر، انتهى.

فائدةٌ ثانيةٌ هي تنبيهٌ: اختلف في حجَّة الصِّدِّيق هذه؛ هل هي التي أسقطت الفرض، أو المسقطة هي حجَّة الوداع معه عَلَيهِ السَّلام؟ قال ابن قيِّم الجوزيَّة شمس الدين: على قولين، أصحُّهما الثاني، والقولان مبنيَّان على أصلين؛ أحدهما: هل كان الحجُّ فُرِض قبل عام حجَّة الوداع، أو لا؟ والثاني: هل كانت حجَّة الصِّدِّيق في ذي الحجَّة، أم وقعت في ذي القعدة من أجل النسيء الذي كان في الجاهليَّة يؤخِّرون له الأشهر ويقدِّمونها؟ على قولين، والثاني قول مجاهد وغيره، انتهى.

وقد حكى القولين أيضًا الحافظ العلَّامة محبُّ الدين الطبريُّ في (كتاب الصوم) من «أحكامه» في ذكر الأشهر الحرم، قال المحبُّ الطبريُّ: إنَّ حج الصدِّيق وقع في ذي القعدة، وعزا ذلك إلى الماورديِّ في «نكته»، والثعلبيِّ، والرمَّانيِّ، وغيرِهم، قال: وذكر الأزرقيُّ: أنَّ حجَّ أبي بكر في ذي الحجَّة في السنة التاسعة، وذكر بعض المفسرين الروايتين، وذكر كلامًا متعلِّقًا بهذا، وفي «سيرة مغلطاي الصُّغرى»: وكان حجُّهم ذلك العام في ذي القعدة، انتهى.

(1/7828)

وكذا نقل شيخنا عن الداوديِّ: أنَّها في ذي القعدة، وأنا أستبعد _أو أقول: إنَّه مستحيل_ أن يكون حجُّ أبي بكر وقع في ذي القعدة وقد أمَّره عَلَيهِ السَّلام عليها، نعم، يحتمل أنَّه لم يكن فُرِض الحجُّ وإن كانت الشافعيَّة قالوا: إنَّه كان فُرِض، وإنَّما اختلفوا في وقت فرضه، وقد ذكرت الأقوال في وقت فرضه في أوَّل (الحجِّ)، ومن أغربه: أنَّه فُرِض قبل الهجرة، حكاه الإمام وجهًا، وهو غريب جدًّا، والله أعلم.

واعلم أنَّ ابن سعد قال: قالوا: استعمل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أبا بكر الصديق على الحجِّ، فخرج في ثلاث مئة رجل من المدينة، وبعث معه عَلَيهِ السَّلام بعشرين بدنة قلَّدها وأشعرها بيده، عليها ناجية بن جندب الأسلميُّ، وساق أبو بكر خمس بدنات، فلمَّا كان بالعرج _وابن عائذ يقول: بضجنان_؛ لقيه عليُّ بن أبي طالب على ناقته عَلَيهِ السَّلام القصواء، وابن إسحاق قال: العضباء، نقله ابن القيِّم شمس الدين.

==========

[ج 2 ص 231]

(1/7829)

[حديث: أن أبا بكر الصديق بعثه في الحجة التي أمره النبي]

4363# قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام، وتَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه محمَّد بن مسلم ابن شهاب، أوحد الأعلام، و (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه الزُّهريُّ، وهو حُمَيد بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، وليس بحُمَيد بن عبد الرَّحمن الحميريِّ، الثاني عن أبي هريرة، ليس له في «البُخاريِّ» شيء، وإنَّما روى له مسلم حديثًا واحدًا: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم ... »؛ الحديث، وهذا الحديث ليس في «البُخاريِّ»، فلا شيء للحميريِّ عن أبي هريرة في «البُخاريِّ» شيءٌ، والله أعلم، وإنَّما له في «البُخاريِّ» عن غير أبي هريرة، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَمَّرَهُ): هو بتشديد الميم، من التأمير، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فِي رَهْطٍ): تَقَدَّم الكلام على (الرهط)، والله أعلم.

[ج 2 ص 231]

(1/7830)

[حديث: آخر سورة نزلت كاملةً براءة]

4364# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَراءُ): هو ابن عَازبٍ، صحابيَّان؛ البَراء وعَازبٌ.

قوله: (آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ): كذا هنا، ولم يذكر في (التفسير): (كاملة)، اعترض الداوديُّ _كما قاله شيخنا_ على قوله: (كاملة)، وقال: إنَّه ليس بشيء، إنَّما أُنزِلت شيئًا بعد شيء، وقال ابن عبَّاس _كما نقله النحَّاس_: آخر سورة نزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]، وسيأتي في آخر (سورة البقرة): أنَّ آخر آية نزلت آيةُ الربا، انتهى، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق الاختلاف في آخر سورة أُنزِلت، وكذا في آخر آية؛ فانظره.

قوله: (وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ): كذا في أصلنا، وعليها: (صح)، قال ابن قرقول: (كذا لكافَّة الرواة، ولابن السكن: وآخر آية نزلت خاتمة «سورة النساء»، وهو الصواب)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 232]

(1/7831)

[باب وفد بني تميم]

قوله: (وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ): من هنا بدأ الإمام البُخاريُّ بالوفود، و (الوفد): جمع وافد؛ كزائرٍ وزَوْرٍ؛ وهم القوم يأتون الملوك ركبانًا، وقد وفد وَفْدًا ووفادةً، ثُمَّ سُمِّي القوم بالفعل.

تنبيهٌ: ذكر الإمام شيخ الإسلام البُخاريُّ من الوفود ما صحَّ عنده على شرطه، وقد عدَّدوا وفودًا كثيرة، ومن أجمع ما رأيته فيهم كلام الحافظ علاء الدين مغلطاي شيخ شيوخنا في «سيرته الصغرى»، وقد ذكر غالبهم الحافظ فتح الدين ابن سيِّد النَّاس وشيخُنا الحافظ زين الدين العراقيُّ في «سيرته» التي نظمها بضعًا وستِّين، ولفظ مغلطاي: وفد عليه وفد ثقيف، وتتابعت الوفود، فوفد عليه وفد تميم، وعبس، وفزارة، ومرَّة، وثعلبة، ومحارب، وسعد بن بكر، وكلاب، ورؤاس، وعُقيل، ولقيط، وجعدة، وقُشير، والبكَّاء، وكنانة، وعبد بن عديٍّ، وناهلة، وأشجع، وسُليم، وهلال بن عامر، وقدر _بالراء_ بن عمَّار_كذا رأيته في نسخة صحيحة قُرِئت على المؤلِّف، وعليها خطُّه، وقد نظمه شيخنا العراقيُّ: وقدد؛ بالدال المهملة في آخره_، وعامر بن صعصعة، وعبد القيس، وبكر بن وائل، وتغلب، وحنيفة، وطيِّئ، وتُجيب، وخولان، وجُعف، ومُراد، وزُبيد، وكندة، والصَّدِف، وخُشين، وسعد هُذيم، وبليٍّ، وبهراء، وعُذْرة، وسلامان، وجُهينة، وكلب، وجَرْم، والأسد، وغسَّان، والحارث بن كعب، وهَمْدان، وسعد العَشِيرة، وعنس، والدار، والرَّهَا، وغامد، والنَّخَع، وبَجيلة، وخثعم، وحضرموت، وأزد، وعُمان، وغافق، وبارق، ودَوْس، وثُمالة، والحُدَّان، وأسلم، وجذام، ومهرة، وحِمْيَر، ونَجران، وجيشان، ومن الوحش: السباع والذئاب، انتهى، وهذا اثنان وسبعون وفدًا، وقد قال شيخنا العراقيُّ في «سيرته» لمَّا نظم الوفود:

~…وفدُ السباعِ والذئابِ ذُكرا…في غابةٍ وغيرِها واستُنكِرا

تنبيهٌ: وفد الذئاب هو في «سنن الدارميِّ» في أوائله بإسناد صحيح، غير أنَّ الصحابيَّ راويَه مجهولٌ، ولا يضرُّ الجهل بعين الصَّحابة؛ لأنَّهم كلَّهم عدولٌ على الصحيح، والله أعلم، واعلم أنَّه عَلَيهِ السَّلام بعث عيينة بن حصن الفزاريَّ إلى بني تميم، وكانوا فيما بين السُّقيا وأرض بني تميم، وذلك في المحرَّم سنة تسع في خمسين راكبًا من العرب ليس فيهم مهاجريٌّ ولا أنصاريٌّ، فلمَّا رأوا الجمع؛ ولَّوا، وأُخِذ منهم أحد عشر رجلًا، ووجدوا في المحلَّة إحدى وعشرين امرأة وثلاثين صبيًا، فجلبهم إلى المدينة، وأمر بهم عَلَيهِ السَّلام، فحبسوا في دار رملة بنت الحارث، فقدم فيهم عدَّةٌ من رؤسائهم: عطاردُ بن حاجب، والزِّبْرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، والأقرع بن حابس، وقيس بن الحارث، ونعيم بن سعد، وعمرو بن الأهتم، ورِياح بن الحارث بن مجاشع، وقصَّتهم معروفة، فإن أردتها؛ فانظر من «سيرة ابن سيِّد النَّاس» أو غيرها.

==========

[ج 2 ص 232]

(1/7832)

[حديث: اقبلوا البشرى يا بني تميم ... ]

4365# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: تَقَدَّم أنَّه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوريُّ، و (أَبُو صَخْرَةَ): اسمه جامع بن شدَّاد، المحاربيُّ الكوفيُّ، أخرج له الجماعة، قال أبو حاتم وغيره: ثِقةٌ، قال ابن سعد: تُوُفِّيَ سنة ثماني عشرة ومئة، وقال في موضع آخر: سنة سبع.

قوله: (عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ): هو بضمِّ الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ زاي، اسم فاعل من (أحرز)، و (عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ): تَقَدَّم، وأنَّ الأسماء بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وأنَّ الكنى بالفتح، وحُصَين صَحابيٌّ أيضًا؛ كابنه عمران، ووالد حُصَين اسمه عُبيد بن خلف بن عبد نهم الخزاعيُّ، أُخرِج له شيء، رحمه الله ورضي عنه، وقد قال المِزِّيُّ: مختلف في إسلامه، وقد قيل: إنَّه مات مشركًا، وتعقَّبه علاء الدين مغلطاي، وأمَّا الذهبيُّ؛ فقال: مختلف في إسلامه، روى عنه: عمران بن حُصَين قصَّة إسلامه إن صحَّ، والله أعلم.

قوله: (أَتَى نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ): قد ذكرت من جاء فيهم من رؤسائهم أعلاه.

قوله: (فَأَعْطِنَا): هو بقطع الهمزة، وكسر الطاء، وقد تَقَدَّم في أوَّل (بدء الخلق) من قال ذلك، وأنَّه الأقرع بن حابس، قاله ابن الجوزيِّ.

==========

[ج 2 ص 232]

(1/7833)

[باب مناقب بني تميم]

قوله: (بَابٌ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: غَزْوَةُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ): تَقَدَّم الكلام على (عيينة) غيرَ مرَّةٍ، وقد قدَّمتُ من بعثه عَلَيهِ السَّلام في هذه السريَّة قريبًا، وهو سبب مجيء وفد بني تميم.

قوله: (وَأَصَابَ مِنْهُمْ نَاسًا، وَسَبَى مِنْهُمْ نِسَاءً): تَقَدَّم أعلاه أنَّه أخذ منهم أحد عشر رجلًا، وثلاثين صبيًا، وإحدى وعشرين امرأةً.

==========

[ج 2 ص 232]

(1/7834)

[حديث: هم أشد أمتي على الدجال ... ]

4366# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الراء، وهذا هو جَرِير بن عبد الحميد القاضي، تَقَدَّم، و (عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ): بضمِّ العين، وتخفيف الميم، معروف ذلك عند أهله، و (أَبُو زُرْعَةَ): تَقَدَّم أنَّ اسمه هَرِم، وقيل غير ذلك، تَقَدَّم مطوَّلًا مترجمًا.

قوله: (وَكَانَتْ فِيهِمْ سَبِيَّةٌ): هي بتشديد الياء لا بالهمز، وهي ما غُلِب عليه من بنات المشركين واستُرِقَّت، تَقَدَّم أنَّ اسمها أمُّ سمرة في (العتق).

قوله: (فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم نسبهم في (العتق)؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 232]

(1/7835)

[حديث: قدم ركب من بني تميم على النبي ... ]

4367# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (ابن جُرَيج) عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وزُهيرٌ صَحابيٌّ، و (عَبْدُ اللهِ): هو مؤذِّن ابن الزُّبَير وقاضيه، تَقَدَّم مترجمًا.

[ج 2 ص 232]

قوله: (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ ... ) إلى أن قال: (وَقَالَ [1] عُمَرُ: بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ): سأذكر في (تفسير الحجرات) ذلك، وما وقع في «التِّرْمِذيِّ»؛ فانظره، وقد ذكر السهيليُّ في (قدوم الوفود): وقد كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما اختلفا في أمر الزِّبرقان وعمرو بن الأهتم، فأشار أحدهما بتقديم الزبرقان، وأشار الآخر بتقديم عمرو بن الأهتم، حتَّى ارتفعت أصواتهما، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقَدَّموا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] ... إلى آخر كلامه.

وفي «الاستيعاب» في ترجمة خالد بن ربعيٍّ: أنَّه تنافر هو والقعقاع بن معبد إلى ربيعة بن جذار، فقال لهما رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «قد عرفتكما»، وأراد أن يستعمل أحدهما على بني تميم، فقال أبو بكر: يا رسول الله؛ استعمل فلانًا، وقال عمر: يا رسول الله؛ استعمل فلانًا، فقال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «أَمَا إنَّكما لو اجتمعتما؛ لأخذت برأيكما، ولكنَّكما تختلفان عليَّ أحيانًا»، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقَدَّموا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]، هكذا في رواية ابن المنكدر، وأمَّا حديث ابن الزُّبَير؛ ففيه: أنَّ الرجلين اللذَين جرت لهما هذه القصَّة [فاختُلِف] فيهما بين أبي بكر وعمر القعقاعُ بن معبد والأقرعُ بن حابس، وسيأتي ذلك في (باب القعقاع)، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قال) من غير واو.

(1/7836)

[باب وفد عبد القيس]

قوله: (بابُ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ): (وفد عبد القيس): وفدوا عام الفتح قبل خروجه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى مَكَّة، وقد ذكرت في أوَّل هذا التعليق أسماءَ جماعة من هذا الوفد، وقد اختلف في عددهم، فقال بعض الحفَّاظ: إنَّهم كانوا أربعين، انتهى، والمعروف أنَّهم أربعة عشر، وقد ذكرت منهم خمسة عشر رجلًا، والله أعلم، وقد ذكرته في أوَّل هذا التعليق بأطول من هذا؛ فانظره إن أردته.

==========

[ج 2 ص 233]

(1/7837)

[حديث: مرحبًا بالقوم غير خزايا ولا الندامى]

4368# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ): قال الجيَّانيُّ في «تقييده»: قال _يعني: البُخاري_ في (باب وفد عبد القيس): (حدَّثنا إسحاق، حدَّثنا أبو عامر العَقَديُّ)، فذكر هذا المكان، ذكر أبو نصر: أنَّ إسحاق بن راهويه يروي عن أبي عامر العَقَديِّ في «الجامع»، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا، والله أعلم، و (أبو عامر العَقَديُّ): تَقَدَّم مرَّات أنَّه بفتح العين المهملة والقاف، وبالدال المهملة، وأنَّ اسمه عبد الملك بن عمرو، و (أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّم أنَّه بالجيم، والراء، وأنَّ اسمه نصر بن عمران الضُّبعيُّ، وتَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (يُنْتَبَذُ لِي نَبِيذٌ): (يُنتَبذ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (نبيذٌ): مرفوع منوَّن ناب مناب الفاعل.

قوله: (فِي جَرٍّ): تَقَدَّم أنَّه فُسِّر في الحديث: كلُّ شيء يصنع من المَدَر، والمراد: الجرار؛ وهي أواني الخزف.

قوله: (قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ): تَقَدَّم أنَّهم أربعة عشر، ويقال: أربعون، قدموا عام الفتح قبل خروجه عَلَيهِ السَّلام إلى مَكَّة، وتَقَدَّم الكلام في (كتاب الإيمان) على (خَزَايَا)، وعلى (غَيْر)، وأنَّها بالنصب والجرِّ أيضًا، وعلى قوله: (لاَ نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي أَشْهُرِ الْحُرُمِ)، وعلى قوله: (آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ)، وعلى قوله: (مَا انْتُبِذَ فِي الدُّبَّاءِ): و (انتُبِذ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وعلى (الْحَنْتَمِ)، و (النَّقِيرِ)، وعلى أنَّ الانتباذ في هذه الأواني الأربعة منسوخ على قول الجمهور، وذكرت ناسخه، وذكرت من قال بعدم النسخ، كلُّ هذا في (كتاب الإيمان).

==========

[ج 2 ص 233]

(1/7838)

[حديث: آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع.]

4369# قوله: (عَنْ أَبِي جَمْرَةَ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا انَّه بالجيم، والراء، وأنَّه نصر بن عمران الضُّبعيُّ، وتَقَدَّمت ترجمته.

قوله: (إِنَّا هَذَا الْحَيَّ): (الحيَّ): منصوب، وتَقَدَّم أنَّه منصوب على الاختصاص، و (مِنْ رَبِيعَةَ): الخبر، كذا أعربه النوويُّ.

قوله: (نَأْخُذْ [1] بِهَا): هو مجزومٌ، جواب الأمر، وهو (فَمُرْنَا).

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (نأخذُ).

[ج 2 ص 233]

(1/7839)

[حديث: يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر ... ]

4370# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث، كما قاله بكر بن مضر، وهو عَمرو بن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة، أحد الأعلام، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ): هو بكر بن مضر بن محمَّد المصريُّ، مولى شرحبيل بن حسنة الكنديِّ، يروي عن أبي قبيل المعافريِّ، وجعفر بن ربيعة، وعمارة بن غَزيَّةَ، وطائفةٍ، وعنه: ابنه إسحاق بن بكر، وابن وهب، وابن القاسم، ويحيى ابن بُكَير، وقتيبة، وطائفةٌ، وثَّقه أحمد وابن معين، تُوُفِّيَ سنة [1] (174 هـ)، كان عبدًا صالحًا، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وهذا التعليق لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وتَقَدَّم الكلام على (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ)، وأنَّه ابن أخي عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه شهد حنينًا، رضي الله عنه، و (الْمِسْوَرَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه صَحابيٌّ صغير، وأنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّ (مَخْرَمَةَ): من مُسْلِمة الفتح، وتَقَدَّمتُ ترجمة (أُمِّ سَلَمَةَ)، وأنَّها هند بنت أبي أُمَيَّة حذيفة المخزوميَّة، وأنَّها آخر أمهات المؤمنين وفاةً، وتاريخ وفاتها، وما وقع فيها.

قوله: (وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ): هؤلاء النسوة لا أعرفهنَّ، و (حرام) في نسب الأنصار؛ بالراء، تَقَدَّم مِرارًا، وتَقَدَّم أنَّ هذه الخادم لا أعرف اسمها.

==========

[1] زيد في (أ): (سنة)، وهو تكرار.

[ج 2 ص 233]

(1/7840)

[حديث: أول جمعة جمعت بعد جمعة جمعت في مسجد رسول الله]

4371# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): هذا هو المسنديُّ، وهو مولى البُخاريِّ من فوق، وتَقَدَّم الكلام لِمَ قيل له: المسنديُّ، حافظ مشهور، و (أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ) بعده: هو عبد الملك بن عمرو، القيسيُّ العَقَديُّ، الحافظ، تَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو جَمْرَةَ)؛ بالجيم، والراء: نصر بن عمران، تَقَدَّم مِرارًا، وأدناها أعلاه.

قوله: (جُمِّعَتْ): هو بضمِّ الجيم، وكسر الميم مشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا الثانية، و (جُوَاثَى [1]): تَقَدَّم الكلام عليها وعلى (الْبَحْرَيْنِ).

==========

[1] في هامش (ق): («جواثى»: قال القاضي: بواوٍ محضة مخفَّفة، ومنهم من يهمزها).

[ج 2 ص 233]

(1/7841)

[باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال]

قوله: (وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ): تَقَدَّم أنَّ (أُثَالًا) بضمِّ الهمزة، ثُمَّ ثاء مثلَّثة، و (ثُمَامة): صَحابيٌّ مشهور، تَقَدَّم الكلام عليه، رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 233]

(1/7842)

[حديث: ما عندك يا ثمامة؟]

4372# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): هو ابن سعد، الإمام الجواد، و (سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ): هو المقبريُّ، تَقَدَّم.

قوله: (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: ذكر سيف في «الردَّة»: أنَّ الذي لقي ثُمَامة وأخذه

[ج 2 ص 233]

هو العبَّاس بن عبد المطَّلب، قال ابن شيخنا: وفيه نظر، انتهى، والنظر فيه ظاهر، وانظر آخر الحديث تعرفْ ذلك، وإسلام العبَّاس معروف، ومجيئه إلى المدينة لمَّا خرج عَلَيهِ السَّلام إلى الفتح لقيه بالطريق، فرجع معه، وجاء عياله إلى المدينة، فأين هذا من هذا؟! والله أعلم.

قوله: (تَقْتُلْ ذَا دَمٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ معناه: صاحب دم يُستشفى بقتله، ويدرك به قاتلُه ثأرَه، فاختُصِر؛ اعتمادًا على مفهوم الكلام، وروى بعضهم عن أبي داود في «مصنَّفه»: (ذا ذمٍّ)؛ بذال معجمة، وفسَّره: بالذمام والحرمة في قومه؛ أي: إذا عقد ذمَّة؛ وفى له ولم يُخفِر، قال شيخنا: قال القاضي أبو الفضل: بالدال المغفلة أصحُّ؛ لأنَّه لو كان ذا ذِمام؛ لم يجز قتله، كأنَّ شيخنا حمله على الذمَّة؛ أي: أن يقبل بقتل من عُقِدت له ذمَّة، وهذا لا يليق بالحديث، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ): هو بقطع الهمزة، وكسر اللام، أمرٌ من الرباعيِّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ): تَقَدَّم أنَّه بالخاء المعجمة، وأنَّه الرواية، وأنَّ ابن دريد ذكره بالجيم، وهو الماء الجاري.

قوله: (قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ): هذا القائل لا أعرفه، و (صبوت): تَقَدَّم أنَّ معناه: خرجت من دينك إلى دين غيره.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيُّ).

(1/7843)

[حديث: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك]

4373# 4374# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة.

قوله: (قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ): تَقَدَّم الكلام على مسيلمة، وما يتعلَّق به، والاختلاف في قاتله باليمامة، في (غزوة أحُد).

قوله: (وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللهِ فِيكَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وعلى (لَيَعْقِرَنَّكَ اللهُ)؛ أي: يقتلنَّك، وعلى قوله: (وَإِنِّي لَأُرَاكَ)، وأنَّه بضمِّ الهمزة؛ أي: لأظنُّك، وعلى (يَدَيَّ)، وأنَّه بتشديد الياء، وعلى (سِوَارَيْنِ [1])، وأنَّ (السّوار)؛ بكسر السين وضمِّها، و (أُسوار)؛ بضمِّ الهمزة، وعلى (فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا)، وأنَّه مرفوع فاعل، وعلى (أُوحِيَ)، وأنَّه مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وعلى قوله: (يَخْرُجَانِ بَعْدِي).

قوله: (أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ): هو بالنون الساكنة، وسيأتي في قصَّته ما ذكر فيه، واسمه الأسود أشهر من أن يُذكَر، وهو الأسود بن كعب، ويقال له: ذو الخمار؛ إمَّا لأنَّه شيطانه، أو لأنَّه كان يخمِّر وجهه، وهو بالخاء المعجمة، كذا قيَّده جماعة؛ كابن ماكولا، والزمخشريِّ في «مشتبه النسبة» له، والذهبيِّ، ورأيت في «الذيل والصلة لكتاب التكملة» للإمام أصمعيِّ زمانه أبي الحسن الصغانيِّ _وعندي من هذا الكتاب نسخة عظيمة، عليها تخاريج غالبها بخطِّ الصغانيِّ_ في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «أبي داود» بالحاء المهملة ما لفظه: والأسود العنسيُّ كان يُلقَّب: ذا الحمار، اسمه عَبْهلة، وقيل له: الأسود؛ لعلاط أسود كان في عنقه، انتهى، وقد ذكر أيضًا في «البُخاريِّ» و «مسلم» و «أبي داود» بالخاء المعجمة شخصًا يقال له: ذو الخمار، ولم يذكر الأسود، وهذا غريب، انتهى.

والأسود يلقَّب عبهلة، وكان يدَّعي أنَّ سُحيقًا وشُقيقًا يأتيانه بالوحي، ويقول: هما مَلَكان يتكلَّمان على لساني، في خُدَع كثيرة يزخرف بها، قتله فيروز الديلميُّ، وقيس بن مكشوح، وداذَوَيْهِ رجلٌ من الأبناء، دخلوا عليه من سرب صنعته لهم امرأة كان قد غلب عليها _ولعلَّها التي أذكرها في آخر الكلام عليه، والله أعلم_ فوجدوه سكران لا يعقل، وقيل في سبب قتله غير ذلك، والله أعلم، وسيأتي الكلام على فيروز رضي الله عنه في (التعبير)، وأذكر معه هناك الاختلاف في الوقت الذي قُتِل فيه الأسود، وهل حُمِل رأسُه إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أم لا؟ إن شاء الله تعالى ذلك وقدَّره، قال شيخنا: ولقبه عبهلة؛ أي: أمرُه لا يُرَدُّ، انتهى.

فائدةٌ: ذكر الذهبيُّ في «تجريده»: مَرْزُبانة زوجة الأسود العنْسيِّ، كانت صالحة، فسقته البنج، وأعانتهم على قتله، انتهى.

==========

(1/7844)

[1] في هامش (ق): (قال بعض أهل العلم بالتعبير: تأويل نفخه إياهما: أنَّهما بريحه قُتِلا؛ لأنَّه لم يغزهما بنفسه، وتأويل الذهب: أنَّه زخرف، فدلَّ لفظه على زخرفتهما، ودلَّ الإسواران بلفظهما على أنَّهما ملكين؛ لأنَّ الأساورة هم الملوك، وبمعناهما على التضييق عليه؛ لكون السوار يضيق على الذراع).

[ج 2 ص 234]

(1/7845)

[حديث: بينا أنا نائم أتيت بخزائن الأرض]

4375# قوله: (أُتِيتُ): هو بضمِّ الهمزة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَكَبُرَا): هو بضمِّ الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأُوحِيَ إِلَيَّ): (أُوحِيَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (صَاحِبَ صَنْعَاءَ): (صاحبَ): منصوبٌ؛ لأنَّه بدل من (الكَذَّابَيْنِ)، وهو منصوبٌ، وهو الأسود العنسيُّ، و (صَنْعَاء) تَقَدَّمتُ، وأنَّها قاعدة اليمن، و (صنعاء) أيضًا: قرية، قريب من الربوة من دمشق، وأخرى بالروم، والمراد: الأولى، وقد تَقَدَّم، وكذا (صَاحِبَ) الثانية، (وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ): مسيلمة، و (اليمامة) تَقَدَّمتُ، وأنَّها مدينة باليمن، على يومين من الطائف، وعلى أربعة من مَكَّة، ولها [1] عمائر، وقاعدتها حَجْر اليمامة.

==========

[1] في (أ): (وله)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 234]

(1/7846)

[حديث: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرًا هو أخير منه ألقيناه ... ]

4376# 4377# قوله: (سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ): اسم (أبي رجاء) هذا: عمران بن ملحان، وقيل في اسم أبيه غير ذلك، وقد تَقَدَّم، أسلم في حياته عَلَيهِ السَّلام بعد فتح مَكَّة، ولم يرَ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، أخرج له الجماعة، ترجمته معروفة، وقد تَقَدَّمت، تُوُفِّيَ سنة (107 هـ)، قاله غير واحد، وقيل غير ذلك.

قوله: (هُوَ أَخْيَرُ): كذا في أصلنا، وهذه لغة، وفي نسخة في هامش أصلنا: (خير)، وهذه الفصحى، وفي نسخة: (أحسن)، وهذه معروفة معناها.

قوله: (جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ): (الجُثوة): بضمِّ الجيم وكسرها وفتحها؛ ثلاث لغات معروفات، ثُمَّ ثاء مثلَّثة ساكنة، ثُمَّ واو مفتوحة [1]، ثُمَّ تاء التأنيث؛ وهو التراب المجموع المرتفع، وأصله: كلُّ شيء مرتفع.

قوله: (مُنْصِلُ [2] الأَسِنَّةِ): (مُنْصِل)؛ بضمِّ الميم، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ صاد مهملة مكسورة، ثُمَّ لام، وفي أصلنا: الصاد مشدَّدة مكسورة أيضًا، وكأنَّ هذه على المبالغة، وقد أنشد الجوهريُّ في «صَحاحه» بيتًا للأعشى لا يستقيم وزنه إلَّا بالتخفيف، وسيأتي أنَّ ابن الأسير ذكره بالتشديد، قال ابن قُرقُول: من أنصلتُ الرمح؛ إذا نزعتَ نصله، فإن جعلت له نصلًا؛ قلت: نصلتُه؛ يعني: أنَّ العرب كانت لا تقاتل فيه، فكأنَّ أسنَّة الرماح فيه قد أُزيلَت من العصيِّ، وقد قيل: إنَّهم كانوا يزيلونها، انتهى، وهذا القول هو الصحيح؛ للحديث الذي نحن فيه: (فلا ندع رمحًا فيه حديدةً ولا سهمًا فيه حديدة إلَّا نزعناه وألقيناه)، وفي «النِّهاية»: (منصِل الأسنَّة)؛ أي: مخرج الأسنَّة من أماكنها، كانوا إذا دخل رجب؛ نزعوا أسنَّة الرماح ونصال السهام؛ إبطالًا للقتال فيه، وقطعًا لأسباب الفتن لحرمته، فلمَّا كان سببًا لذلك؛ سُمِّيَ به، فقلت: نصَّلتُ الرمح تنصيلًا؛ إذا جعلتَ له نصلًا، وإذا نزعت نصله، فهو من الأضداد، وأنصلته فانتصل؛ إذا نزعتَ سهمه، انتهى.

(1/7847)

[قصة الأسود العنسي]

[ج 2 ص 234]

قوله: (باب قِصَّةُ الأَسْوَدِ [1] الْعَنْسِيِّ): تَقَدَّم أنَّه بالنون الساكنة، ولا أعلم في ذلك خلافًا إلَّا ما نقله شيخنا عن ابن التين هنا: أنَّه ضبطه بالإسكان والفتح، قال: ولم يحك في (التعبير) سوى الإسكان، فقال: به قرأناه، انتهى، وقد تَقَدَّم الكلام على الأسود العنسيِّ قُبَيل هذا في (وفد بني حنيفة)؛ فانظره، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (ابن كعب، وكان يقال له: ذو الخِمار، ويلقَّب عَبْهَلة، وكان يدَّعي أنَّ سحيقًا وشقيقًا يأتيانه بالوحي، ويقول: هما مَلكان يتكلَّمان على لساني، في خُدع كثيرة يُزَخرِف بها، قتله فيروز الديلميُّ، وقيس بن مكشوح، ودَاذَوَيْه رجل من الأبناء، دخلوا عليه من سربٍ صنعته لهم امرأة كان قد غلب عليها فوجدوه سكران، ذكره الدولابيُّ، وذكر ابن إسحاق في رواية يونس عنه: أنَّ امرأته سقته البنج تلك الليلة وهي التي احتفرت السرب للدخول عليه، وكان اغتصبها؛ لأنَّها كانت من أجمل النساء، وكانت مسلمة صالحة، وكانت تُحدِّث عنه أنَّه كان لا يغتسل من الجنابة، واسمها المرزبانة).

(1/7848)

[حديث: لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه]

4378# 4379# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ محمَّد الْجَرْمِيُّ): هو بفتح الجيم، وإسكان الراء، وضبطه ابن السكن: (الحَرَمي)؛ بحاء، وراء مفتوحة، وهو تصحيف، قاله ابن قُرقُول، و (يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هو ابن سعد، عن أبيه، و (صَالِحٌ): هو ابن كيسان، تَقَدَّم.

قوله: (عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ): وكان في موضع آخر اسمه عبد الله، وهو كذلك، عبد الله بن عُبَيدة _بضمِّ العين، وفتح الموحَّدة_ ابن نَشِيط؛ بفتح النون، وكسر الشين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ طاء مهملة، الرَّبَذيُّ، أخو موسى ومحمَّد، مولى قريش، قال البُخاريُّ: يُنسَبون في حمير، عن عقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله مرسلًا، وعن سهل بن سعد، وعليِّ بن الحسين، وعبيد الله بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز، وغيرِهم، وعنه: أخواه، وصالح بن كيسان، وغيرُهم، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن عديٍّ: يتبيَّن على حديثه الضعف، وقال الدارقطنيُّ وغيره: ثِقةٌ، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، قال الواقديُّ: قتلته الحروريَّة بقديد سنة (130 هـ)، وكذا قال غيره، له في «الصحيح» هذا الحديث الواحد في ذكر مسيلمة، أخرج له البُخاريُّ فقط، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (فَنَزَلَ فِي دَارِ ابْنَةِ [1] الحَارثِ وَكَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَهْيَ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِر): قال الدِّمْياطيُّ: صوابه: أمُّ ولد عبد الله بن عامر، وعامر: هو شقيق أروى أمِّ عثمان بن عفَّان، انتهى، وسأذكر كلام السهيليِّ، فتبيَّنه منه على التصويب، إنَّه صواب، قال السهيليُّ في «روضه» في بني قريظة: اسمها كيِّسة بنت الحارث بن كُرَيز بن حبيب بن عبد شمس، وكانت تحت مسيلمة الكذاب، ثُمَّ خلف عليها عبد الله بن عامر بن كُرَيز، ثُمَّ قال في آخر كلام ذكره: ووقع اسمها في «السيرة» من غير رواية ابن هشام: زينب بنت الحارث النجاريَّة، والله أعلم، انتهى.

و (كيِّسة)؛ بالمثنَّاة تحت مشدَّدة، ثُمَّ سين مهملة، و (كُرَيز)؛ بضمِّ الكاف، وقد ذكرها في وفد بني حنيفة، فقال ما لفظه: وقول ابن إسحاق: (أُنزلوا _يعني: وفد بني حنيفة_ بدار بنت الحدث [2])، الصواب: (بنت الحارث)، واسمها كيِّسة بنت الحارث بن كُرَيز بن حبيب بن عبد شمس، وقد تَقَدَّم في (غزوة بني قريظة) الكلام على كيِّسة، وكيْسة؛ بالتخفيف، وأنَّها كانت امرأة مسيلمة قبل ذلك، فلذلك أنزلهم بدارها، ثُمَّ خلف عليها عبد الله بن عامر بن كُرَيز، وذكرنا هناك أنَّ الصواب ما قاله ابن إسحاق: إنَّ اسم تلك المرأة زينب بنت الحارث، كذا وقع في رواية يونس عن ابن إسحاق المذكورة هنا: هي كيِّسة بنت الحارث، انتهى.

وكيَّسة هذه لا أعلم لها ذكرًا في الصحابيَّات، وقد قال ابن إسحاق: وكان منزلهم _يعني: وفد بني حنيفة_ في دار بنت الحارث؛ امرأة من الأنصار، ثُمَّ من بني النجَّار، انتهى.

(1/7849)

وهذا يشعر بأنَّ التي نزلوا بدارها مسلمة، والله أعلم، وكيِّسة لا أعلمها في الصحابيَّات، بل ولا أعلم فيهنَّ امرأةً اسمها كيِّسة، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: صوَّب بعضهم على البُخاريِّ، وقال: إنَّما نزل في دار بنت الحارث، وهي رملة، وهذا قد ذكره ابن سعد في «الطبقات»، انتهى، وفي الصحابيَّات: رملة بنت الحارث بن ثعلبة النجاريَّة، والله أعلم أهي هي أم لا؟ والله أعلم.

قوله: (وَإِنِّي لَأُرَاكَ): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّك، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ذُكِرَ لِي): (ذُكِر)؛ بضمِّ الذال، وكسر الكاف، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وقد رواه ابن عبَّاس عن أبي هريرة في هذا «الصحيح» في (المغازي)، وفي (علامات النبوة)، والله أعلم.

قوله: (وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ): (وُضِع)؛ بضمِّ الواو، وكسر الضاد المعجمة: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (يديَّ): بتشديد الياء، و (سِواران): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّ (السّوار) بكسر السين وضمِّها، وبالهمزة المضمومة.

قوله: (فَفُظِعْتُهُمَا [3]): كذا في أصلنا: بضمِّ الفاء، وكذا رأيته مضبوطًا بالقلم بخطِّ شيخنا الشارح في «شرحه لهذا الكتاب»، قال ابن قُرقُول: (ففُظِعتهما)؛ بضمِّ الفاء، وكسر الظاء؛ أي: كرهتهما أشدَّ الكراهية، والشيء الفظيع: الشديد الكراهة، انتهى، وقال الجوهريُّ: فَظُع الأمر؛ بالضمِّ، فظاعةً، فهو فَظِيع؛ أي: شديدٌ شنيعٌ، جاوز المقدار، وكذلك أُفظِعَ الرجل، على ما لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: نزل به أمر عظيم، ثُمَّ قال: وأفظعتُ الشيء استفظعته؛ أي: وجدته فَظِيعًا، وقال ابن الأثير ما لفظه: (فَظِعتهما): هكذا روي متعدِّيًا؛ حملًا على المعنى؛ لأنَّه بمعنى: أكبرتهما، يقال: فُظِع الأمر؛ بالضمِّ، فظاعةً، فهو فَظيع [4]؛ أي: شديد شنيع، جاوز المقدار، وكذلك أفظع الأمر، فهو مفظِع، وأُفظِع الرجل، على ما لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: نزل به أمر عظيم، وأفظعت الشيء واستفظعته: وجدته فظيعًا؛ والمعنى على هذا: وجدتهما فظيعين، انتهى.

والحاصل: أنَّه يقال: (فُظِعتهما)؛ بضمِّ الفاء وكسر الظاء، وبفتح الفاء أيضًا.

قوله: (فَأُذِنَ لِي): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ): الذي قتله فيروز باليمن، تَقَدَّم قريبًا.

قوله: (وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ [5]): تَقَدَّم الكلام عليه في (أحُد)، وذكرت من شارك في قتله، وأنَّه قُتل باليمامة سنة اثنتي عشرة.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (بنت).

[2] كذا، وعبارة «الرَّوض» (&): (وقول ابن إسحاق: أُنزلوا _يعني: وفد بني حنيفة_ بدار الحارث؛ الصواب: بنت الحارث).

[3] في هامش (ق): (قال ابن الأثير: «ففظعتهما» هكذا رُوِيَ متعدِّيًا، والمعروف: فُظِعتُ به، والتعدية تُحمَل على المعنى؛ لأنَّه بمعنى: أكبرتهما وخفتهما).

[4] في (أ): (فضاعة، فهو فضيع)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[5] في هامش (ق): (الذي قتله خالد بن الوليد، وأفنى قومه قتلًا وسبيًا).

[ج 2 ص 235]

(1/7850)

[قصة أهل نجران]

قوله: (قِصَّةُ أَهْلِ نَجْرَانَ): اعلم أنَّ ابن سيِّد النَّاس بعد أن فرغ من دخول بني هاشم في الشعب، وقبل ذكر وفاة خديجة قال: قال ابن إسحاق: ثُمَّ قدم على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وهو بمَكَّة عشرون رجلًا أو قريبٌ من ذلك من النصارى حين بلغهم خبره من الحبشة ... إلى أن قال: ويقال: إنَّ النفر من النصارى من أهل نَجْران، ويقال: فيهم نزلت: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ

[ج 2 ص 235]

مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ} ... إلى قوله: {الْجَاهِلِينَ} [القصص: 52 - 55]، وقال الزُّهريُّ: ما زلت أسمع من علمائنا أنَّهنَّ نزلن في النَّجاشيِّ وأصحابِه، انتهى.

هذا بمَكَّة، وأمَّا بالمدينة؛ فقال: وقال ابن إسحاق: إنَّ أهل نجران كانوا ستِّين راكبًا، فيهم أربعة عشر من أشرافهم، من الأربعة عشر ثلاثة إليهم يؤول أمرهم: العاقب أمير القوم وذو رأيهم، واسمه عبد المسيح، والسيِّد ثمالهم وصاحب رحلهم واسمه الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل أُسقفُّهم وحبرهم وإمامهم ... إلى أن قال: وكانت تسمية الأربعة عشر: العاقب، والسيد، وأبو حارثة، وأوس، والحارث، وزيد، وقيس، ويزيد، ونُبَيه، وخويلد، وعمرو، وخالد، وعبد الله، ويَحنس، وهذا مراد البُخاريِّ لا الأوَّل؛ أعني: الستِّين الذين أتَوا المدينة، وقد رأيت في كتاب «في هدم الكنائس» للإمام العلَّامة تقيِّ الدين أبي الحسن السبكيِّ الشافعيِّ ما لفظه: عن ابن سعد: فلم يلبث السيِّد والعاقب إلَّا يسيرًا حتَّى رجعا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فأسلما، وأنزلهما دار أبي أيوب، انتهى، ولم أر أنا من ذكرهما في الصَّحابة، وكذا عزا شيخنا إلى ابن سعد: أنَّ السيِّد والعاقب رجعا فأسلما، والله أعلم.

و (نَجْران)؛ بفتح النون، وإسكان الجيم: بلدة معروفة، كانت منزلًا للنصارى، وهي بين مَكَّة واليمن، على نحو سبع مراحل من مَكَّة، وليست من الحجاز الذي هو مَكَّة والمدينة واليمامة ومخاليفُها، وفي كلام أبي بكر الحازميِّ: (أنَّ نَجْران من مخاليف مَكَّة من صوب اليمن) تساهلٌ، وصرَّح الجوهريُّ بأنَّ (نَجْران) بلد باليمن، انتهى.

وفي «صحيح مسلم» في (المناقب): أنَّ أهل اليمن قدموا على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقالوا: ابعث معنا رجلًا يعلِّمنا السُّنَّة والإسلام، فأخذ بيد أبي عبيدة، فقال: «هذا أمين هذه الأمَّة»، ففي هذا أنَّ نَجْران من اليمن، والله أعلم.

(1/7851)

[حديث: لأبعثن معكم رجلًا أمينًا حق أمين ... ]

4380# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عبَّاس بْنُ الْحُسَيْنِ): هو بالموحَّدة، والسين المهملة، وهو عبَّاس بن الحسين القنطريُّ، روى عنه: البُخاريُّ، وموسى بن هارون، وعبد الله بن أحمد، وجماعةٌ، تُوُفِّيَ سنة (240 هـ)، وله ترجمة في «الميزان»، انفرد بالإخراج له البُخاريُّ من بين رفاقه، و (إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرو بن عبد الله، تَقَدَّما، و (صِلَةُ بْنُ زُفَرَ): تَقَدَّم، وكذا (حُذَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِي)، و (اليماني): صَحابيٌّ جليلٌ، حُسيل، ويقال: حسل.

قوله: (جَاءَ الْعَاقِبُ): هو بالعين المهملة، وبعد الألف قاف مكسورة، ثُمَّ موحَّدة، قال ابن الأثير: السيِّد والعاقب هما من رؤسائهم وأصحاب مراتبهم، والعاقب يتلو السيِّد، وفي «الصحاح»: والعاقب يخلف السيِّد بعده، وقد تَقَدَّم كلام السبكيِّ وشيخِنا عن ابن سعد: أنَّهما رجعا فأسلما.

قوله: (وَلاَ عَقِبُنَا): (العَقِبُ) هنا: الذرية، وقيل: كلُّ الورثة، قاله شيخنا.

قوله: (يَا أَبَا عُبَيْدَةَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عامر بن عبد الله بن الجرَّاح، أمين الأمَّة، وأحد العشرة.

قوله: (هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ): (الأمين): الحافظ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 236]

(1/7852)

[حديث: لأبعثن إليكم رجلًا أمينًا حق أمين ... ]

4381# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه: بُنْدَار، وهو حافظ، و (محمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه غُنْدُر، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه السَّبِيعيُّ، عَمرو بن عبد الله، وتَقَدَّم مترجمًا، وتَقَدَّم عدد من جاء من أهل نَجْران، وقدَّمتُ عدد رؤسائهم الأربعة عشر، وذكرتهم قريبًا جدًّا.

==========

[ج 2 ص 236]

(1/7853)

[حديث: لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبوعبيدة بن الجراح]

4382# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك، الطياليسيُّ الحافظ، و (خَالِدٌ) بعد (شعبة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحذَّاء، خالد بن مهران، أبو المُنازل، و (أَبُو قِلَابَةَ): تَقَدَّم ضبطه [1]، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ.

==========

[1] في (أ): (ضبط)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 236]

(1/7854)

[باب قصة عمان والبحرين]

قوله: (قِصَّةُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ): أمَّا (عُمَان)؛ فهي بضمِّ العين المهملة، وتخفيف الميم: من بلاد اليمن، وأمَّا (البَحْرين)؛ فقد تَقَدَّمت غيرَ مرَّةٍ.

(1/7855)

[حديث: لو قد جاء مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا ثلاثًا]

4383# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن عيينة، و (ابْنُ الْمُنْكَدِرِ) بعده: هو محمَّد بن المنكدر، و (ابن المنكدر): مرفوعٌ، فاعل (سمع)، و (جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ): منصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (قُبِض): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مُنَادِيًا فَنَادَى): هذا المنادي من قِبَل أبي بكر لا أعرف اسمه.

قوله: (وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ الْبُخْلِ): (أدوأُ): مهموزٌ مقصور، كذا في أصلنا بالقلم، ونقله شيخنا كذلك عن خطِّ الدِّمْياطيِّ، قال ابن قُرقُول: (أدوى): كذا يقوله المحدِّثون غير مهموزٍ، والصواب: (أدوأُ)؛ بالهمز؛ لأنَّه من الداء، والفعل منه: داء يُداء، وغيرُ المهموز من دَوِيَ؛ إذا كان به مرض باطن في جوفه، فهو دوٍ، وقال الأصمعيُّ: أَدَى الرجلُ يَدِي؛ إذا صار في جوفه داءٌ، وبالوجهين قيَّدناه عن أبي الحسين، انتهى، وقال في «النِّهاية»: («أدوى»؛ أي: أيُّ عَيْبٍ أقبح منه، والصواب: أدوأُ؛ بالهمز، وموضعه أوَّل الباب؛ يعني: في المهموز)، قال: (ولكن هكذا يُروى، إلَّا أن يجعل من باب دَوَى يَدْوي دوًى، فهو دَوٍ؛ إذا هلك بمرض باطن)، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (وَعَنْ عَمْرٍو، عَنْ محمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ): (عَمرو): هو ابن دينار، وهذا معطوف على السند الذي قبله، وقائله هو سفيان بن عيينة، رواه بالطريقين معًا، من طريق ابن المنكدر عن جابر، ومن طريق محمَّد بن عليٍّ الباقر بن زين العابدين عن جابر، وليس تعليقًا، والله أعلم.

(1/7856)

[باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن]

قوله: (بابُ قُدُومِ الأَشْعَرِيِّينَ وَأَهْلِ الْيَمَنِ): (الأشعريُّون): قبيلة أبي موسى عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار رضي الله عنه.

[ج 2 ص 236]

(1/7857)

[حديث: قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا ... ]

4384# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد وَإِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ): (عبد الله بن محمَّد): هو المسنديُّ، وابن أبي شيبة روى عن يحيى بن آدم، لكن عند مسلم، قاله ابن طاهر، و (ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ): هو يحيى بن زكريَّا بن أبي زائدة، تَقَدَّم، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ): هو ابن قيس النخعيُّ، أبو عَمرو الكوفيُّ، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّم قريبًا جدًّا.

قوله: (قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي): قال بعض حفَّاظ العصر هنا: إنَّه أبو رُهم، انتهى، وفي رواية في «الصحيح»: (أنا وأخوان لي؛ أحدهما: أبو بُردة، والآخر: أبو رُهم)، تَقَدَّم أنَّ أبا موسى له عدَّة إخوة: أبو رُهم، وأبو بُردة واسمه عامر، ومجديُّ بن قيس، استدركه أبو عليٍّ الغسانيُّ، ومحمَّد بن قيس، ذكره ابن حبَّان في «ثقاته»، كنيته أبو زهير، قال الذهبيُّ عقيب تسميته في «تجريده»: ورد اسمه في حديث لا يصحُّ، وأمَّا أبو عمر في «الاستيعاب»؛ فإنَّه ذكر في ترجمة أبي رُهم ما لفظه: هاجر إلى المدينة في البحر مع إخوته، وكانو أربعة: أبو موسى، وأبو بُردة عامر، وأبو رُهم، ومجديٌّ، وقيل: أبو رُهم اسمه مجديٌّ، بنو قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، فنسبه، ثُمَّ قال: قدموا مَكَّة في البحر، ثُمَّ قدموا المدينة في البحر مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة حين افتتح خيبر، فأسهم له مع من شهدها، انتهى.

وله أخٌ آخر يقال له: أبو عامر، واسمه هانئ، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: عبيد، وقيل: عبَّاد، ذكره الذهبيُّ في «تجريده»، والله أعلم، تَقَدَّم، فالمراد بأخيه لا أعلمه بعينه؛ لتصريح أبي عمر بأنَّهم قدموا معه من اليمن مَن ذكر، والله أعلم، وفي مكان صرَّح _كما تَقَدَّم أعلاه_ بأنَّه قدم معه أبو بُردة وأبو رُهم، فعلى هذه هو أحدهما، والله أعلم، وتَقَدَّم ما قاله بعض الحفَّاظ العصريِّين أعلاه.

قوله: (مَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ إِلاَّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ): (نُرَى): بضمِّ النون؛ أي: نظنُّ، و (ابن مسعود): هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذليُّ، مشهور جدًّا، رضي الله عنه، وأمُّه أمُّ عبد بنت سود بن قريم بن صاهلة، فرض لها عمر رضي الله عنه ألفين، وهي من المهاجرات، وقد تَقَدَّمتْ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 237]

(1/7858)

[حديث: أجل ولكن لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا .. ]

4385# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكين، الحافظ، و (عَبْدُ السَّلاَمِ) بعده: هو عبد السلام بن حرب النهديُّ، أبو بكر الملائيُّ، عن أيوب، وخُصَيف، وعطاء بن السائب، وعنه: ابن معين وهنَّاد، ثِقةٌ، عاش ستًّا وتسعين سَنةً، وتُوُفِّيَ سنة (187 هـ)، أخرج له الجماعة، قال التِّرْمِذيُّ في «جامعه»: ثِقةٌ حافظ، وقال الدارقطنيُّ: ثِقةٌ حُجَّة، وقال ابن سعد: فيه ضعف، وقال يعقوب بن شيبة: ثِقةٌ، في حديثه لين، وفيه توثيق لغير من ذكرت، له ترجمة في «الميزان»، و (أَيُّوبُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (أبو قِلَابَة): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه عبد الله بن زيد الجَرْميُّ، و (أَبُو مُوسَى): تَقَدَّم قريبًا أنَّه عبد الله بن قيس.

قوله: (دَجَاجًا): هو مثلَّث الدال؛ كمفرده.

قوله: (وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ): هذا الرجل لا أعرفه، غير أنَّ في بعض طرقه في «الصحيح»: (وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللهِ، أَحْمَرُ كَأَنَّهُ مِنَ المَوْالِي [1]) [خ¦6721]؛ أي: كأنَّه من سبي الروم.

قوله: (فَقَذِرْتُهُ): هو بكسر الذال المعجمة في الماضي، وتُفتَح في المستقبل؛ أي: كرهتُه.

قوله: (هَلُمَّ): تَقَدَّم الكلام عليها بلغتَيها، و (أُخْبِرْكَ): مجزومٌ، جواب الأمر؛ وهو (هلمَّ)، وبخطِّ الشيخ أبي جعفر: مرفوع ومجزوم، وهو ظاهرٌ.

قوله: (نَفَرٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ): تَقَدَّم أنَّ (النفر) ما دون العشرة من الرجال؛ كـ (الرهط).

قوله: (فَاسْتَحْمَلْنَاهُ)؛ أي: طلبنا منه شيئًا يحملنا، وكان ذلك في غزوة تبوك، كما هو مصرَّح به في «الصحيح» في بعض الطرق.

قوله: (ثمَّ [2] أُتِيَ): هو بضمِّ الهمزة، وكسر التاء، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (بِنَهْبِ إِبِلٍ): هو بفتح النون، ولا أعلم فيه خلافًا، وسأذكره مطوَّلًا، فإنِّي سمعت من يقوله بكسر النون ممَّن لا تحقيق عنده، وسمعته عن بعض فضلاء العصريِّين القاهريِّين، ثُمَّ أُخبِرتُ أنَّه رجع عنه إلى الفتح.

قوله: (بِخَمْسِ ذَوْدٍ): تَقَدَّم الكلام على (الذود) غيرَ مرَّةٍ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة»: (كأنَّه مولًى).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (لم يلبث النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ).

[ج 2 ص 237]

(1/7859)

[حديث: اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم]

4386# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو الحافظ الصيرفيُّ الفلَّاس، و (أَبُو عَاصِمٍ) بعده: هو الضَّحَّاك بن مَخْلد، النَّبيلُ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ)؛ بضمِّ الميم، وإسكان الحاء المهملة، وكسر الراء، وبالزاي، من أحرز، اسم فاعل منه، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

قوله: (جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم في وفدهم من جاء من رؤسائهم؛ فانظر ذلك بُعَيد (حجِّ أبي بكر بالناس).

قوله: (أَبْشِرُوا): تَقَدَّم أنَّه بقطع الهمزة، وكسر الشين، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَمَّا إِذْ بَشَّرْتَنَا؛ فَأَعْطِنَا): (أَمَّا): بفتح الهمزة، وتشديد الميم، و (أَعطِ): رباعيٌّ، بقطع الهمزة، وكسر الطاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وتَقَدَّم في (بدء الخلق) وقريبًا من قال ذلك من كلام ابن الجوزيِّ أبي الفرج الحافظ، وأنَّه الأقرع بن حابس.

(1/7860)

[حديث: الإيمان هاهنا والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين]

4387# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّدٍ الْجُعْفِيُّ): تَقَدَّم أنَّه المسنديُّ، وأنَّه مولى البُخاريِّ من فوق، حافظٌ مشهور، وتَقَدَّم لِمَ قيل له: المسنديُّ.

قوله: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عقبة بن عمرو، الأنصاريُّ البدريُّ، وتَقَدَّم نسبه، وأنَّه نُسِب إلى ماء ببدر كان ينزله، ولم يحضرها وإن عدَّه البُخاريُّ في «الصحيح» فيهم، وتُعقِّب عليه.

قوله: (وَالْجَفَاءُ): هو بفتح الجيم، ممدودٌ: غِلَظُ الطبع، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (الفَدَّادِينَ)، و (قَرْنَا الشَّيْطَانِ).

(1/7861)

[حديث: أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدةً وألين قلوبًا]

4388# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه بُنْدَار، وفي «أطراف المِزِّيِّ» في نسختي _وهي مقابلة_: (محمَّد بن المثنَّى) عوض (ابن بَشَّار)، وكما في أصلنا القاهريِّ: (محمَّد بن بَشَّار) في أصلنا الدِّمَشْقيِّ بلا خلاف فيهما، وتَقَدَّم (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): أنَّه محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، وتَقَدَّم مترجمًا، و (سُلَيْمَانُ) بعد (شعبة): هو سليمان بن مهران الأعمش، و (ذَكْوَانُ): هو أبو صالح السَّمَّان الزَّيَّات، تَقَدَّم مِرارًا.

[ج 2 ص 237]

قوله: (هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه جمع (فؤاد) على غير القياس، وكذا (أَلْيَنُ قُلُوبًا)، قال ابن قُرقُول: (أرقُّ قلوبًا، وأرقُّ أفئدة)، ويروى: (أضعف قلوبًا)، الرِّقَّة: اللين، والضعف مثله، وهو ههنا ضدُّ القسوة والشدة التي وصف بها غيرهم في الحديث، والإشارة به إلى سرعة إجابتهم للإيمان وقَبولهم الهدى؛ كما فعلتِ الأنصار، وفرَّق بعض أرباب المعاني بين اللين في هذا والرِّقَّة، وجعل اللين ما تَقَدَّم ذكره، والرقة: عبارة عن صفاء القلب، وإدراكِه من المعرفة ما لا يدركه من ليس قلبُه كذلك، وأنَّ ذلك موجب لقَبولهم وسرعة إجابتهم، وقيل: يجوز أن تكون الإشارة بلين القلب وضعفه إلى خفض الجناح وحسن العشرة، وبرقَّة القلب إلى الشفقة على الخلق والعطف والرحمة، انتهى، وفي «النِّهاية»: (أرقُّ قلوبًا)؛ أي: ألين [1] وأقبل للموعظة؛ والمراد بالرِّقَّة: ضدُّ القسوة والشدة، انتهى.

قوله: (وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ): هي بتخفيف الياء، قال ابن قُرقُول: و (الحكمة): ما منع من الجهل، فالحاكم: المانع من الظلم والعِداء ... إلى أن قال: قيل: (الحكمة): الإصابة في القول من غير نبوَّة، وقيل: الفقه في الدين والعلم به، وقيل: الخشية، وقيل: الفهم عن الله، وقال فيه غيرَ ذلك، والله أعلم.

قوله: (وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ): تَقَدَّم أنَّه التكبُّر واستحقار الناس.

قوله: (وَقَالَ غُنْدَرٌ ... ) إلى آخره: أمَّا (غُنْدُر)؛ فهو محمَّد بن جعفر، وقد تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وهذا تعليق مجزوم به، وهو شيخ مشايخه، وإنَّما أتى به؛ لأنَّ (سليمان) في السند تَقَدَّم قريبًا أنَّه الأعمش سليمان بن مِهران، وهو مدلِّس، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بهذا التعليق؛ لأنَّ فيه التصريح بسماعه من ذكوان أبي صالح السَّمَّان الزَّيَّات، والله أعلم، وتعليق غُنْدُر أخرجه مسلم في (الإيمان) عن بِشْر بن خالد، عن غُنْدُر، عن شعبة به، والله أعلم، ولم يخرِّجه شيخنا.

==========

[1] في (أ): (اللين)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/7862)

[حديث: الإيمان يمان والفتنة هاهنا هاهنا يطلع ... ]

4389# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالكٍ الإمام، و (أَخُوهُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الحميد بن أبي أويس، وتَقَدَّم مترجمًا، وما قيل فيه لا يصحُّ، و (ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ): كذا في أصلنا، وهو الصواب، وفي أصلٍ لنا دمشقيٍّ في الهامش كهذا، وفي الأصل: (ثور بن يزيد)، والصواب _كما تَقَدَّم_ ما في الهامش، وهو ثور بن زيد الديليُّ المدنيُّ بلا خلاف، و (أَبُو الغَيْثِ): سالمٌ مولى ابن مُطيع، تَقَدَّم.

قوله: (قَرْنُ الشَّيْطَانِ): تَقَدَّم الكلام عليه.

==========

[ج 2 ص 238]

(1/7863)

[حديث: أتاكم أهل اليمن أضعف قلوبًا وأرق أفئدة ... ]

4390# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم أنَّه بالنون مرارًا، وأنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَجُ): تَقَدَّم أيضًا أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ) أيضًا: عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً): تَقَدَّم أعلاه، وتَقَدَّم الكلام على (الْحِكْمَةُ) أعلاه أيضًا، و (يَمَانِيَةٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنّه بتخفيف الياء.

==========

[ج 2 ص 238]

(1/7864)

[حديث: يا أبا عبد الرحمن أيستطيع هؤلاء الشباب أن يقرؤوا]

4391# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقب له، و (أبو حَمْزَةَ): تَقَدَّم أنَّه بالحاء، والزاي، محمَّد بن ميمون السُّكريُّ، وتَقَدَّم أنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا، و (إِبْرَاهِيمُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيد النخعيُّ.

تنبيهٌ: إبراهيم بن سويد النخعيُّ عن علقمة عن ابن مسعود: ليس له في «البُخاريِّ» شيء بهذا، إنَّما روى له مسلم وأبو داود والنَّسائيُّ حديثًا واحدًا، والله أعلم.

و (عَلْقَمَةُ): هو ابن قيس النخعيُّ، أبو شبل الكوفيُّ.

قوله: (فَجَاءَ خَبَّابٌ): هو خبَّاب بن الأرتِّ، تَقَدَّم مترجمًا، وقصَّته في هذا الخاتم مع ابن مسعود مشهورةٌ عنه، ذُكِرتْ في ترجمته، وكأنَّه خفي على خبَّابٍ النهيُ، والله أعلم.

قوله: (أَمَا إِنَّكَ): (أمَا): تَقَدَّم مرَّات أنَّها بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، بمنزلة (ألَا)، ولهذا كُسِرَتْ همزة (إنَّ) بعدها.

قوله: (أَمَرْت بَعْضَهُمْ): التاء [في] (أمرت): مضمومة على التكلُّم، ومفتوحة على الخطاب، وبهما ضُبِطَتْ في أصلنا.

قوله: (فَقَالَ [1]: أَجَلْ): هو بإسكان اللام؛ ومعناه: نعم، وقد تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ، أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ): (حُدَيْر)؛ بضمِّ الحاء وفتح الدال المهملتين، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهو زيد بن حُدَيْر الأسديُّ الكوفيُّ، أخو زياد، له ذكر في هذا المكان من «صحيح البُخاريِّ»، وهو من أصحاب ابن مسعود، ولا رواية له فيما أعلم، وقد تعقَّب الحافظ علاء الدين مغلطاي شيخ شيوخنا الحافظَ جمال الدين المِزِّيَّ ترجمة زيد هذا في «تهذيبه»، وقد تابع الذهبيُّ المِزِّيَّ في «تذهيبه»، قال مغلطاي ما لفظه: لأنَّ في الكُتُب السِّتَّة ذكرَ جماعة كثيرة من السلف والخلف لم يُترجِم هو ولا غيره لأحد منهم ترجمةً إلَّا إذا كان راويًا، فأيُّ خصوصية لهذا؟! فينظر، والله أعلم، وهو تعقُّبٌ جيِّدٌ، والله أعلم.

وأمَّا أخوه (زياد) الأسديُّ الكوفيُّ؛ فروى عن عمر، وعليٍّ، وابن مسعود، وغيرِهم، وعنه: حَبِيب بن أبي ثابت، وجامع بن شدَّاد، وأبو حَصِين، وإبراهيم بن مهاجر، وجماعةٌ، وثَّقه أبو حاتم، وكان خيِّرًا صالحًا، أخرج له أبو داود فقط في (نصارى بني تغلب).

قوله: (ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ): تَقَدَّم أنَّه ابن الأرتِّ رضي الله عنه.

قوله: (وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه خفي على خبَّابٍ النهيُ، والله أعلم.

قوله: (أَمَا إِنَّكَ): تَقَدَّم أعلاه الكلام على (أَمَا) و (إنَّك)، وقبله أيضًا.

(1/7865)

قوله: (رَوَاهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ): تَقَدَّم أنَّ (غُنْدُرًا) محمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم ضبطه، و (شعبة)؛ يعني: رواه عن الأعمش به، والله أعلم، وما رواه غُنْدُر عن شعبة لم يذكره المِزِّيُّ، ولم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 2 ص 238]

(1/7866)

[قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي]

قوله: (قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ): هو الطُّفيل بن عمرو بن طريف بن العاصي بن ثعلبة بن سُلَيم بن فهم بن غنم بن دوس الدوسيُّ، أسلم وصدَّق النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بمَكَّة، ثُمَّ رجع إلى بلاد قومه من أرض دوس، فلم يزل مقيمًا بها حتَّى هاجر رسولُ الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ثُمَّ قدم على رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وهو بخيبر بمن تبعه من قومه، فلم يزل مقيمًا مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حتَّى قُبِض عَلَيهِ السَّلام، ثُمَّ كان مع المسلمين حتَّى قُتِل باليمامة شهيدًا، وروى إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق قال: قُتِل الطُّفيل بن عمرو الدوسيُّ عام اليرموك، في خلافة عمر بن الخَطَّاب، وذكر المدائنيُّ عن أبي معشر: أنَّه استشهد باليمامة، يقال له: ذو النور؛ لأنَّه وفد عليه عَلَيهِ السَّلام، فقال: يا رسول الله؛ إنَّ دوسًا قد غلب عليهم الزنى، فادع الله عليهم، فقال عَلَيهِ السَّلام: «اللهمَّ اهد دوسًا»، ثُمَّ قال: يا رسول [الله]؛ ابعثني إليهم، واجعل لي آية يهتدون بها، فقال: «اللهمَّ نوِّر له»، فسطع نورٌ بين عينيه، فقال: يا ربِّ؛ أخاف أن يقولوا: مثلة، فتحولَّت إلى سوطه، فكان يضيءُ في الليلة المظلمة، فسُمِّيَ ذا النور، والله أعلم، وقد تَقَدَّم أنَّ أصحابَ النور ستَّةُ رجال فيما مضى؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 238]

(1/7867)

[حديث: اللهم اهد دوسًا وأت بهم.]

4392# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (سُفْيَانُ) بعده: هو سفيان بن عيينة، و (ابْنُ ذَكْوَانَ) بعده: هو أبو الزناد، عبد الله بن ذكوان، و (عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ): هو ابن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

تنبيهٌ: هذا الحديث هنا أغفله المِزِّيُّ في «أطرافه»، إنَّما عزاه إلى البُخاريِّ في (الدعوات)، فأغفل هذا هنا، وهو ثابتٌ في أصلنا القاهريِّ، وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ، وقد استدركه شيخنا البلقينيُّ عليه في هذا المكان، والله أعلم.

قوله: (قَدْ هَلَكَتْ): قال شيخنا: قال الدارقطنيُّ: قوله: (هلكت) ليس بمحفوظ، إنَّما قال: (عصت وأبت)، قال شيخنا: وفيه بُعدٌ.

(1/7868)

[حديث: يا أبا هريرة هذا غلامك]

4393# قوله: (حَدَّثَنَا [1] محمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ): هذا هو أبو كُرَيبٍ، الحافظ، و (أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، و (إِسْمَاعِيلُ): هو ابن أبي خالد، تَقَدَّم، وكذا (قَيْسٌ): هو ابن أبي حَازم.

قوله: (مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ): (دارة)؛ أي: دار الكفر، وحيث مجتمع أهله، يقال: دارة القوم، ودارُ القوم.

قوله: (وَأَبَقَ غُلاَمٌ لِي فِي الطَّرِيقِ): قال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: لم أعرف اسمه، ويحتمل أن يكون هو سعدٌ الدَّوسيُّ، انتهى.

قوله: (وَأَبَقَ): قال شيخنا: قوله: (وأبق) وَهم، وإنَّما ضلَّ كلُّ واحد منهما من صاحبه، لا دليل له على ذلك، انتهى، وهذا الكلام سقط منه شيء، وحاصله: أنَّ لفظة: (أَبَقَ) وُهِّمَتْ، ولا دليل على توهيمها، وهذا الغلام لم يأبق، وإنَّما ضلَّ أحدُهما من صاحبه، كما في رواية أخرى، والله أعلم، وقد قدَّمتُ ذلك أنَّ الصواب: (ضلَّ) فيما تَقَدَّم، و (غلامه): تَقَدَّم أنِّي لا أعرف اسمه.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 239]

(1/7869)

[باب قصة وفد طيء وحديث عدي بن حاتم]

قوله: (قِصَّةُ وَفْدِ طَيِّئٍ، وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ [1]): (عديُّ بن حاتم): كنيته أبو ظريف، وقيل: أبو وهب، عديُّ بن حاتم بن عديِّ بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عديِّ بن ربيعة بن جَرْول _بفتح الجيم، وإسكان الراء_ ابن ثُعَل _بضمِّ الثاء المثلَّثة، وفتح العين المهملة_ ابن عَمرو بن الغوث بن طيِّئ بن زيد بن أُدد بن كهلان بن يشجبَ بن يعرُبَ بن قحطان الطائيُّ، ويختلف النَّسَّابون في بعض الأسماء، قدم على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في شعبان سنة تسع من الهجرة فأسلم، وقصَّته معروفة، وكان نصرانيًّا، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، قال ابن قتيبة: كان عديٌّ طويلًا، إذا ركب الفرس؛ كادت رجله تخطُّ الأرض، شهد مع عليٍّ الجمل، ثُمَّ صفين، قال: ولم يبقَ له عقب إلَّا من قِبَل ابنتيه: أسدة وعمرة، وإنَّما عَقِبُ حاتم من ولده عبدِ الله بن حاتم، وهم ينزلون كربلاء، ترجمة عديٍّ معروفةٌ، وليس لحاتمٍ بنتٌ سوى سَفَّانة، أسلمت، وهي صحابيَّة، والسَّفَّانة: الدُّرَّة، وهي بفتح السين المهملة، وتشديد الفاء، وبعد الألف نون، ثُمَّ تاء التأنيث.

(1/7870)

[حديث عدي: أتينا عمر في وفد فجعل يدعو ... ]

4394# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم (أَبُو عَوَانَةَ): أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (عَبْدُ الْمَلِكِ) بعده: هو ابن عُمير الكوفيُّ، رأى عليًّا، وسمع جَرِيرًا، والمغيرة، والنعمان بن بَشِير، وعنه: شعبةُ والسفيانان، قال أبو حاتم: صالح الحديث، ليس بالحافظ، وقال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس، مات سنة (136 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 239]

(1/7871)

[باب حجة الوداع]

(بابُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ) ... إلى (بابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ)

اعلم أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لم يحجَّ من حين هاجر إلى المدينة غير هذه المرَّة، هذا لا خلاف فيه، ولا خلاف أنَّها كانت سنة عشر، واختلف؛ هل حجَّ قبل الهجرة؟ في «التِّرْمِذيِّ» عن جابر: (أنَّه حجَّ عَلَيهِ السَّلام ثلاث مرَّات؛ حجَّتين قبل أن يهاجر، وحجَّة بعدما هاجر)، استغربه التِّرْمِذيُّ، وفي «ابن ماجه» عن الحكم عن مقسم عن ابن عبَّاس: (أنَّه عَلَيهِ السَّلام حجَّ ثلاث حجج؛ حجَّتين قبل أن يهاجر ... )؛ الحديث، أخرجه في (الحجِّ)، وهو في «المستدرك» على شرط مسلم، وسيأتي قريبًا في هذا «الصحيح» من كلام أبي إسحاق _هو السَّبِيعيُّ عَمرو بن عبد الله_: (أنَّه حجَّ عَلَيهِ السَّلام وهو بمَكَّة أخرى)، وقال الإمام في «النِّهاية»: (إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم كان يحجُّ قبل الهجرة كلَّ سَنَة)، قال: واختلف أصحابنا؛ هل كان الحجُّ واجبًا قبل الهجرة؟ على وجهين، انتهى.

وقد ذكرتُ في (كتاب الحجِّ) الجملة الثانية، وهي والأولى غريبتان، وقال أبو الفرج ابن الجوزيِّ في «مثير العزم الساكن»: وقد حجَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حججًا قبل النبوَّة وبعدها لا يعرف عددُها، انتهى.

وفي «المستدرك» في آخر (المغازي) قبل (فضل أبي بكر) عن الثوريِّ: (أنَّه عَلَيهِ السَّلام قبل أن يهاجر حجَّ حججًا، وحجَّ بعدما هاجر حَجَّة الوداع).

تنبيهٌ: حجَّ معه حجَّة الوداع أربعون ألفًا، كذا رُوِّيناه عن أبي زرعة الرازيِّ، وقال السهيليُّ في (الإسراء) في «روضه»: وحجَّ معه ذلك العام نحوٌ من سبعين ألفًا من المسلمين، انتهى.

وقد تُوُفِّيَ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم عن مئة ألف وأربعة عشر ألفًا ممَّن روى عنه وسمع منه، فيما قاله أبو زرعة أيضًا، وقال شيخنا العراقيُّ في «سيرته»: إنَّهم في حجَّة الوداع كانوا أربعين ألفًا، وما معناه: أنَّهم كانوا مئة ألف وعشرين ألفًا، وفي «سيرة مغلطاي»: تسعون ألفًا، ويقال: مئة وأربعة عشر ألفًا، ويقال: أكثر من ذلك، فيما حكاه البَيهَقيُّ.

تنبيٌه: كان ينبغي لشيخ الإسلام البُخاريِّ أن يقدِّم غزوة تبوك على حجَّة الوداع كعادته في ذلك؛ لأنَّ تبوك في التاسعة، والوداع في العاشرة، فكأنَّه لمَّا ذكر حجَّ أبي بكر، وهو في التاسعة، [و] ذكر الوفود، وهو في التاسعة؛ استطرد حجَّة الوداع، ثُمَّ ذكر بعدها تبوك، وهذا جوابٌ غير مرضيٍّ، ومقتضى الاستطراد أن يذكر تبوك مع ما ذكر، لا بعد ذلك، والله أعلم.

(1/7872)

واعلم أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ساق معه ثلاثًا وستِّين بدنة هديًا، كما رواه التِّرْمِذيُّ، وجاء عليٌّ معه بتكملة المئة، والظاهر أنَّه عَلَيهِ السَّلام نحر ما ساقه معه من الهدي الذي جاء معه، وأعطى عليًّا البدن التي جاءت معه من اليمن، وهي تكملة المئة، فنحرها، وإنَّما نحر ثلاثًا وستِّين؛ إشارة إلى سني حياته عَلَيهِ السَّلام، وإنَّما قيل لها: حجَّة الوداع؛ لأنَّه ودَّعهم فيها، وتُسمَّى حجَّةَ البلاغ؛ لقوله: «هل بلَّغت؟»، وحجَّةَ الإسلام؛ إذ لا مشرك فيها.

==========

[ج 2 ص 239]

(1/7873)

[حديث: من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة]

4395# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس، ابن أخت الإمام مالك بن أنس، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله الزُّهريُّ.

قوله: (فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ): تَقَدَّم أنَّ (الإهلال) رفع الصوت بالتلبية.

[ج 2 ص 239]

قوله: (فَقَدِمْتُ مَعَهُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ): تَقَدَّم أنَّها حاضت بسَرِف يوم السبت، وتَقَدَّم متى طهرت فيما مضى، وقد طهرت عشيَّة الجمعة يوم عرفة، وكذا تَقَدَّم (التَّنْعِيمُ): أنَّها المساجد، وتَقَدَّم لِمَ سُمِّيَت التنعيم، وتَقَدَّم أنَّ بين مكان الإحرام منها وباب المسجد ستةَ عشرَ ألف خطوة، ذهابًا وإيابًا اثنتان وثلاثون ألف خطوة، وتَقَدَّم الكلام على (هَذِهِ مَكَانُ)؛ بالرفع، و (مكانَ)؛ بالنصب، وأنَّه يجوز بهما.

(1/7874)

[حديث: إذا طاف بالبيت فقد حلَّ ... ]

4396# قوله: (حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفلَّاس الحافظ، أحد الأعلام، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو القطَّان، شيخ الحفَّاظ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، الإمام، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (عَطَاءٌ): أنَّه ابن أبي رَباح.

قوله: (بَعْدَ الْمُعَرَّفِ): هو بضمِّ الميم، وفتح العين المهملة، وتشديد الراء المفتوحة، ثُمَّ بالفاء؛ يعني: الوقوف بعرفة؛ وهو التعريف أيضًا، و (المعرَّف) في الأصل: موضع التعريف، ويكون بمعنى المفعول.

قوله: (قَبْلُ وبَعَدُ): هما بالضمِّ، مقطوعان عن الإضافة.

==========

[ج 2 ص 240]

(1/7875)

[حديث: طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل ... ]

4397# قوله: (حَدَّثَنِي بَيَانٌ): هذا هو بيان بن عمرو البُخاريُّ العابد، انفرد البُخاريُّ بالإخراج له، تَقَدَّم، و (النَّضْرُ): هو ابن شميل الإمام، تَقَدَّم، و (قَيْسٌ): هو ابن مسلم، الجَدَليُّ الكوفيُّ العابد، عن ابن الحنفيَّة، وطارق بن شهاب، وعنه: شعبة، وسفيان، والناس، ثبتٌ، تُوُفِّيَ سنة (120 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، و (طَارِقٌ): هو ابن شهاب، تَقَدَّم أعلاه، و (أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ): عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (بِالْبَطْحَاءِ): تَقَدَّم الكلام عليها، وكذا تَقَدَّم على (أَحَجَجْتَ؟)؛ أي: أنويتَ الحجَّ، وعلى المرأة التي من قيس التي فلت رأسه، لا أعرف اسمها، و (فَلَتْ)؛ بفتح اللام المخفَّفة.

==========

[ج 2 ص 240]

(1/7876)

[حديث: لبدت رأسي وقلدت هديي فلست أحل حتى أنحر هديي]

4398# قوله: (إنِّي [1] لَبَّدْتُ): تَقَدَّم الكلام على (التلبيد)، وأنَّه سُنَّة، وما هو، وتَقَدَّم (تَقْلِيدُ الهَدْي) ما هو.

==========

[1] (إني): ليس «اليونينيَّة» و (ق)، وهي رواية الحديث رقم (1566).

[ج 2 ص 240]

(1/7877)

[حديث: أن امرأة من خثعم استفتت رسول الله ... ]

4399# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، تَقَدَّم، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (وَقَالَ محمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): تَقَدَّم أنَّه محمَّد بن يوسف بن واقد، الفريابيُّ الحافظ، شيخ البُخاريِّ، وقد تَقَدَّم الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وذِكْرُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ شيخُه؛ كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه مذاكرةً غالبًا، وتَقَدَّم ذلك مطوَّلًا، و (الأَوْزَاعِيُّ): هو أحد الأعلام، أبو عَمرو، عبد الرَّحمن بن عَمرو، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، و (سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ): هو بتقديم المثنَّاة تحت، ثُمَّ السين المهملة، مشهور عند أهله.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ): وجاء في رواية في «الصحيح»: (أنَّ امرأة من جُهينة)، وخثعم وجهينة لا يجتمعان، فهما اثنتان، قاله شيخنا، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك في (الحجِّ)، ولا شك أنَّهما اثنتان؛ لأنَّ الجهنيَّة قالت: (إنَّ أمي نذرت ... )؛ الحديث، وقالت الخثعميَّة: (إنَّ فريضة الله على عباده في الحجِّ أدركَتْ أبي شيخًا كبيرًا ... )؛ الحديث، والله أعلم، ولا أعرفهما، وأبو الخثعميَّة هذه لا أعرفه، وقد تَقَدَّم ذلك، وقد تَقَدَّم في (الحجِّ) ما قاله شيخنا في المرأة الخثعميَّة.

==========

[ج 2 ص 240]

(1/7878)

[حديث: أقبل النبي عام الفتح وهو مردف أسامة على القصواء]

4400# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّدٌ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني البُخاري_ في (باب الرمل في الحجِّ والعمرة): (حدَّثنا محمَّد، حدَّثنا سريج بن النعمان) ... إلى أن قال: وقال أيضًا في (المغازي) في (باب حجَّة الوداع) _يعني: هذا المكان_: (حدَّثنا محمَّد، حدَّثنا سريج)، فذكر هذا، ثُمَّ قال: لم يقل أبو نصرٍ في (محمَّد) هذا شيئًا، وقال أبو عبد الله الحاكم: هو محمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، وقد قال البُخاريُّ في (كتاب الصلح) في (باب عمرة القضاء): (حدَّثنا محمَّد بن رافع، حدَّثنا سريج بن النعمان، حدَّثنا فُلَيح ... )، فذكره، ثُمَّ قال: والأشبه عندي أن يُحمل ما أهمل البُخاريُّ من نسبة (محمَّد) في الحديثين المتَقَدِّمَين على ما بيَّن في هذا الموضع الثالث، فنقول: إنَّ محمَّدًا هذا هو محمَّد بن رافع النيسابوريُّ، لا سيَّما والأحاديث الثلاثة من نسخة واحدة من رواية سريج عن فُلَيح عن نافع عن ابن عمر، وهي كلُّها في معنى الحجِّ، ونسب ابن السكن الذي في (الحجِّ): محمَّد بن سلَام، والله أعلم، وقد قدَّمتُ ذلك في (الحجِّ)، وزدت هناك في (محمَّد) المذكور في (الحجِّ) قولين من كلام شيخنا؛ فانظره.

و (سريج) هذا: هو بالسين المهملة، وبالجيم، قال الدِّمْياطيُّ: روى عنه البُخاريُّ، وروى عن واحد عنه، مات سنة (217 هـ)، روى له الجماعة إلَّا مسلمًا، انتهى، وله ترجمة في «الميزان»، وتَقَدَّم أنَّ أحمد بن أبي سريج، وسريج بن النعمان هذا، وسريج بن يونس؛ الثلاثة بالسين المهملة والجيم، فأحمد روى عنه البُخاريُّ، وكذا ابن النعمان، وأمَّا ابن يونس؛ فهو في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، والله أعلم، و (فُلَيْحٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الفاء، وفتح اللام.

قوله: (وَهْوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ عَلَى الْقَصْوَاءِ): تَقَدَّم الكلام على أردافه عَلَيهِ السَّلام في أوائل هذا التعليق، وأنَّهم بضع وثلاثون نفرًا، وأنَّه أفردهم ابن منده بالتأليف، وذكرتُ أنا من وقفتُ عليه منهم، و (مردفٌ): منوَّن، و (أسامةَ): منصوب مفعول اسم الفاعل؛ وهو (مُردِف)، و (أسامة): هو ابن زيد بن حارثة، تَقَدَّموا، و (القَصواء): تَقَدَّم أنَّها بفتح القاف، وبالمدِّ، وتَقَدَّم [الكلام] على القصواء، والجدعاء، والعضباء؛ هل هنَّ ثلاث، أو اثنتان، أو واحدة؟ والله أعلم.

قوله: (وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه رضي الله عنه.

قوله: (فَفَتَحَ لَهُ الْبَابَ): (فَتح)؛ بفتح الفاء: مبنيٌّ للفاعل، والفاعل (هو)، راجع على عثمان، و (البابَ): منصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (سَطْرَيْنِ): هو في أصلنا بإهمال السين بالقلم، وفي نسخة في الهامش: بإعجام الشين، قال الدِّمْياطيُّ: (سطرين)؛ بالسين المهملة: للجماعة، وعند الأصيليِّ: (شطرين)؛ بالمعجمة، وهو تصحيفٌ، قاله عياض، انتهى، وكذا قال ابن قُرقُول أيضًا.

(1/7879)

قوله: (مِنَ السَّطْرِ الْمُقَدَّمِ): هو بالمهملة أيضًا في أصلنا، وينبغي أن يجيء فيه ما جاء في (سطرين)، والله أعلم.

قوله: (وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى): تَقَدَّم أنَّه سأله، وأجابه بركعتين، وتَقَدَّم عزوُهُ.

قوله: (مَرْمَرَةٌ حَمْرَاءُ): (المرمرة): الرخامة، و (حمراء)؛ بالمدِّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/7880)

[حديث عائشة: أحابستنا هي؟]

4401# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وتَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وتَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه محمَّد بن مسلم، وتَقَدَّم (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): أنَّه ابن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، وأنَّ اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل.

قوله: (أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حيَيٍّ): تَقَدَّم ترجمة صفية بنت حُييِّ بن أخطب النَّضَريَّة، وأنَّ أباها بضمِّ الحاء وكسرها، رضي الله عنها.

قوله: (إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ): أي: طافت طواف الإفاضة، وقد تَقَدَّم، وهو ظاهرٌ.

(1/7881)

[حديث: ما بعث الله من نبي إلا أنذر أمته]

4402# 4403# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، و (عُمَرُ بْنُ محمَّدٍ): هو بضمِّ العين، وهو عمر بن محمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب، العمريُّ المدنيُّ، نزيل عسقلان، تَقَدَّم.

قوله: (ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ): تَقَدَّم الكلام عليه، ومن أراد الإمعان فيه؛ فلينظر «التذكرة» للقُرْطبيِّ.

قوله: (فَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ): (أطنب)؛ أي: أطال الكلام فيه وبالغ، مأخوذ من أطناب الخِباء.

قوله: (أَنْذَرَهُ نُوحٌ): تَقَدَّم لِمَ خصَّص نوحًا بالذكر دون غيره من الأنبياء.

قوله: (طَافِئَةٌ): قال ابن قُرقُول: تهمز، ولا تهمز، وقال: (طافية)؛ أي: بارزة؛ كحبَّة العِنَب الطافية على الماء، وقيل: نابتة من بين صواحبها في العُنقود، قال: ورُوِّيناه عن بعضهم بالهمز، وأنكره أكثرهم، ولا وجه لإنكاره؛ إذ قد رُوِيَ: أنَّه ممسوح العين، ومطموس العين، وليست بحجراء ولا ناتئة [1]، وهذه صفة حبَّة العِنَب إذا سال ماؤها، فشجَّنت وطفيت، وقد جاء: أنَّه جاحظ العينين؛ كأنَّهما كوكب، وهذه حُجَّة للرواية الأخرى، وقد يُجمَع بينهما: بأن يكونا مختلفَي الصفة، كما قد جاء: أنَّه أعور عين اليمنى، وفي بعضها: اليسرى، انتهى، وقوله: (وفي بعضها: اليسرى): هي روايةٌ في «مسلم»، وكلاهما مَعيب، والعور: العيب في العين.

قوله: (وَيْلَكُمْ، أَوْ وَيْحَكُمْ): تَقَدَّم الكلام [على] (ويل) و (ويح)، وهذا شكٌّ من الراوي، وكذا (يَضْرِبُ): أنَّه بالرفع، وأنَّه الرواية، وتَقَدَّم ما جُوِّز فيه، في أوائل هذا التعليق.

==========

[1] في «المطالع» (&): (نابتة)، وهو تصحيف.

[ج 2 ص 241]

(1/7882)

[حديث: أن النبي غزا تسع عشرة غزوةً]

4404# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زُهير بن معاوية، أبو خيثمة، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَبُو إِسْحَاقَ): عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، تَقَدَّم أيضًا مرارًا.

قوله: (غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً): تَقَدَّم الكلام على عدد غزواته وسراياه في أوَّل (المغازي)، وتَقَدَّم الكلام على هذا الحديث هناك.

قوله: (قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَبِمَكَّةَ أُخْرَى): تَقَدَّم أنَّ هذا هو أبو إسحاقَ السَّبِيعيُّ عَمرو بن عبد الله المذكور في سند هذا الحديث، وقد قدَّمتُ ذلك _أعني: الكلام على حججه_ مطوَّلًا في أوَّل هذه؛ وهي حجَّة الوداع؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 241]

(1/7883)

[حديث جرير: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض]

4405# قوله: (عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ): هو اسم فاعل من أدرك، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (أَبُو زُرْعَةَ) بعده: هو أبو زرعة بن عمرو بن جَرِير، تَقَدَّم أنَّه اسمه هَرِم، وقيل غير ذلك؛ كعبد الله، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: جَرِير، وقيل: عَمرو، والأوَّل أصحُّ، وقدَّمتُ ترجمته، ووقع في أصلنا: (عن أبي زرعة عن عَمرو بن جَرِير)، وهو تصحيف، وصوابه: (أبو زرعة بن عمرو بن جَرِير)، والله أعلم.

قوله: (يَضْرِبُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه بالرفع، وأنَّه الرواية، وقد جوَّز فيه بعضُهم الجزمَ على تقدير شرط، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق مطوَّلًا.

==========

[ج 2 ص 241]

(1/7884)

[حديث أبي بكرة: الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السموات ... ]

4406# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ): هذا هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفيُّ الحافظ، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (مُحَمَّدٌ): هو ابن سيرين، و (ابْنُ أَبِي بَكْرَةَ): هو عبد الرَّحمن بن أبي بكرة نفيعِ بن الحارث.

قوله: (ثَلَاثٌ [1] مُتَوَالِيَاتٌ): كذا في أصلنا، وفي نسخة في هامش أصلنا: (ثلاثة)، وهذه جارية على القاعدة، وما في الأصل مؤوَّل بالمُدَد، فكأنَّه عبَّر عن الشهر بالمدَّة، والله أعلم.

قوله: (ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ): تَقَدَّم أنَّ فيهما الكسرَ والفتحَ، وتَقَدَّم الكلام على (رَجَبُ مُضَرَ): قال ابن قُرقُول: نُسِب إليهم؛ لتعظيمهم له، وكانوا لا يُغِيرون فيه، ولا يستحلُّون حرمته، خلافًا لربيعة، فإنَّها كانت تستحلُّه، وفي «النِّهاية»: أضاف (رجب) إلى (مضر)؛ لأنَّهم كانوا يعظِّمونه، خلاف غيرهم، فكأنَّهم اختصُّوا به.

وقوله: (بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ): تأكيد للبيان وإيضاح؛ لأنَّهم كانوا ينسؤونه ويسمُّونه على حساب النسيء، انتهى، وفي هامش أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: إنَّما قال ذلك؛ لأنَّ ربيعة كانت تحرِّم رمضان، وتسمِّيه رجبًا، فبيَّن عَلَيهِ السَّلام أنَّه رجب مضر، لا رجب ربيعة، وأنَّه الذي بين جمادى وشعبان، انتهى.

قوله: (قَالَ محمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ): (محمَّد) هذا: هو ابن سيرين الراوي لهذا الحديث.

قوله: (يَضْرِبُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ الرواية بالرفع، ومن جوَّز فيه الجزم على تقدير شرط، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (يُبَلَّغُهُ): هو بضمِّ الياء، وفتح الموحَّدة، ثُمَّ لام مشدَّدة مفتوحة، كذا هو مضبوط في أصلنا، وهو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَكَانَ محمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ): (محمَّد) هذا: هو ابن سيرين المذكور في سند الحديث، وقد تَقَدَّم أعلاه.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (ثلاثة)، وهي نسخة في هامش (ق).

[ج 2 ص 241]

(1/7885)

[حديث: أن أناسًا من اليهود قالوا: لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا]

4407# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ): تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق أنَّ هذا هو الفريابيُّ، وقد ذكرت أنَّهما اثنان: محمَّد بن يوسف هذا، والآخر: البيكنديُّ البُخاريُّ، وذكرت الأماكن التي حدَّث فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، والله أعلم.

قوله: (أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الْيَهُودِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: تَقَدَّم أنَّ هذا كلام كعب الأحبار، كما أخرجناه من «الطبرانيِّ الأوسط» في (كتاب الإيمان) انتهى، وكذا قال غيره من حُفَّاظ مِصْرَ، وقد قدَّمتُ أنا ما في ذلك، والله أعلم.

قوله: (أَيَّ مَكَانٍ): (أيَّ): منصوب، ونصبه معروف.

(1/7886)

[حديث: خرجنا مع رسول الله فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة]

4408# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام.

==========

[ج 2 ص 241]

(1/7887)

[حديث: والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً]

4409# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، و (ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ): هو عامر بن سعد بن أبي وقاص، أحد العشرة، والده سعد بن مالك رضي الله عنهم.

[ج 2 ص 241]

قوله: (وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ): تَقَدَّم أنَّ هذه اسمها عائشة، وأنَّها تابعيَّة، لها رؤية، وتَقَدَّم كلام بعض حُفَّاظ مِصْرَ من أنَّه وَهم، وإنَّما هي أمُّ الحكم الكبرى، وتَقَدَّم أنَّ سعدًا رُزِق بعد ذلك عدَّة أولاد ذكرتهم في (كتاب البيع)؛ فانظرهم.

قوله: (أَنْ تَذَرَ): تَقَدَّم الكلام على (أنْ) فيما تَقَدَّم، وكذا الثانية، وعلى (عَالَةً)، وأنَّه بتخفيف اللام، و (العالَة): الفقراء، وعلى (يَتَكَفَّفُونَ)، وأنَّ معناه: يأخذون الصدقات في أكفِّهم، وعلى قوله: (حَتَّى اللُّقْمَة)، وأنَّه يجوز فيها النصب والجر والرفع، وتَقَدَّم الكلام على قوله: (وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ)، وأنَّه كان ما يرضاه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، حتَّى تُوُفِّيَ سنة خمس وخمسين من الهجرة، فتخلَّف بعد الواقعة خمسًا وأربعين سَنةً، وعلى قوله: (حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ)، وعلى (أَمْضِ)، وأنَّه بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وعلى قوله: (لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ)، وأنَّ قائله هو الزُّهريُّ، وقيل: غيره ممَّن ذكرتُه، وأنَّ (سعد بن خولة) هو من بني عامر بن لؤيٍّ، وقيل: حليف لهم، وقيل: مولى أبي رُهم العامريِّ، من السابقين، بدريٌّ، تُوُفِّيَ عن سُبيعة الأسلميَّة سنة عشر بمَكَّة، قال الدِّمْياطيُّ في «حواشيه» في غير هذا المكان: سعد بن خولة: من أهل اليمن، حليف بني عامر بن لؤيٍّ، كنيته أبو سعيد، هاجر إلى الحبشة، ثُمَّ إلى المدينة وهو ابن خمس وعشرين سَنةً، وشهد أحُدًا، والخندق، والحُدَيْبيَة، وخرج إلى مَكَّة فمات بها قبل الفتح، ولمَّا كان يوم الفتح؛ مرض سعد بن أبي وقاص، فأتاه رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يعوده لمَّا قدم من الجعرانة معتمرًا، فقال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: («اللهمَّ أمضِ لأصحابي هجرتهم، ولا تردَّهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة»، يرثي له رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أن مات بمَكَّة)، قاله ابن سعد، انتهى، وقد قدَّمتُ هذا الكلام وتعقيبه بأنَّ قصَّة سعد كانت في حجَّة الوداع، كما في «الصحيح»، والله أعلم.

(1/7888)

[حديث: أن رسول الله حلق رأسه في حجة الوداع]

4410# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تَقَدَّم أنَّه أنس بن عياض.

قوله: (حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ): الذي حلق رأسه الشريف في حجة الوداع هو مَعْمَرُ بن عبد الله، كذا في «مسند أحمد» من حديثه، وهو مَعْمَر _بفتح الميمين، وإسكان العين_ ابن عبد الله بن نافع بن نضلة القرشيُّ العدويُّ، وأمَّا الحالق في الحُدَيْبيَة؛ فهو خراش بن أُمَيَّة الخزاعيُّ، وقد تَقَدَّم ذلك، قال ابن شيخنا البلقينيِّ عن «الأُسْد»: مَعْمَر هو الذي حلق رأس رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، اختُلِف في اسمه؛ فقيل: خراش بن أُمَيَّة، وقيل: الحالق مَعْمَر بن عبد الله العدويُّ، وهذا أصحُّ وأشهر، قال: وفي «صحيح البُخاريِّ»: قال: زعموا أنَّه مَعْمَر بن عبد الله، انتهى، قال: وهذا الخلاف متعقَّب، فإنَّ كلًّا منهما حلق بالحُدَيْبيَة، ومَعْمَرٌ حلق في حجَّة الوداع، وقد قدَّمتُ اسم الذي حلقه في الجعرانة، ولم أستحضر اسم الذي حلقه في القضيَّة، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 242]

(1/7889)

[حديث: أن النبي حلق في حجة الوداع وأناس من أصحابه ... ]

4411# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج الإمام، أحد الأعلام.

قوله: (حَلَقَ رَأْسَهُ [1] فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ): المقصِّر في حجة الوداع لا أعرفهم، وأمَّا في الحُدَيْبيَة؛ فقد ذكرتُ بعضَهم فيها.

==========

[1] (رأسه): ليس «اليونينيَّة»، وهي مضروبٌ عليها في (ق).

[ج 2 ص 242]

(1/7890)

[حديث ابن عباس: أنه أقبل يسير على حمار ورسول الله ... ]

4412# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): هذا هو الزُّهريُّ، تَقَدَّم مِرارًا، محمَّد بن مسلم.

اعلم أنَّ المِزِّيَّ لم يذكر في «أطرافه» طريق يحيى بن قَزَعة، وإنَّما قال: وفي (المغازي): وقال الليث، واستدركه عليه شيخنا الحافظ البلقينيُّ سراج الدين، وهو استدراكٌ صحيح، والله أعلم.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها كتابةً ونطقًا في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ): أمَّا (الليث)؛ فهو ابن سعد الإمام، وأمَّا (يونس)؛ فهو ابن يزيد الأيليُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، تَقَدَّم.

==========

[1] (ح): ليس «اليونينيَّة».

[ج 2 ص 242]

(1/7891)

[حديث: سئل أسامة وأنا شاهد عن سير النبي في حجته ... ]

4413# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحفَّاظ، مرارًا، و (هِشَامٌ): هو ابن عروة بن الزُّبَير بن خويلد.

قوله: (الْعَنَقَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح العين المهملة والنون، وبالقاف، وأنَّه سيرٌ سهلٌ ليس بالشديد، وكذا تَقَدَّم الكلام على (الفَجْوَة)، وعلى (النَّصِّ)؛ وهو منتهى الغاية في السير.

==========

[ج 2 ص 242]

(1/7892)

[حديث أبي أيوب: أنه صلى مع رسول الله في حجة الوداع .. ]

4414# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ، قاضي السفَّاح، و (أَبُو أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه خالد بن زيد، [أبو] أيوب الأنصاريُّ، رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 242]

(1/7893)

[باب غزوة تبوك]

(بابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ) ... إلى (بابُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ)

قال الحافظ أبو محمَّد عبد المؤمن بن خلف الدِّمْياطيُّ شيخ شيوخنا: كانت في رجب سنة تسع، قدمها في ثلاثين ألفًا من الناس، والخيل عشرة آلاف فرس، فأقام بها عشرين يومًا يصلِّي ركعتين، انتهى.

فقول الدِّمْياطيِّ: (إنَّه خرج إلى تبوك في رجب)، وكذا قال غيره، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة شمس الدين في «الهدي» في (غزوة تبوك) فيما تضمَّنته من الفقه: ومنها: جواز القتال في الشهر الحرام إن كان خروجه في رجب محفوظًا على ما قاله ابن إسحاق، ولكن ههنا أمرٌ آخر؛ وهو أنَّ أهل الكتاب لم يكونوا يحرِّمون الشهر الحرام، بخلاف العرب، فإنَّها كانت تُحرِّم، وقد تَقَدَّم أنَّ في نسخ تحريم القتال فيه قولين، وذكرنا حجج الفريقين، انتهى.

وقول الدِّمْياطيِّ: (إنَّه قدَّمها في ثلاثين ألفًا)، في الربع الأخير من «مسلم» في نحو نصفه في حديث كعب بن مالك ما لفظه: وغزا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بناس كثير يزيدون على عشرة آلاف، ولا يجمعهم ديوان حافظ، انتهى، وإن كان هذا لا ينافي الأقوال في عدد أهل تبوك إلَّا أنَّ مثلَ هذه العبارة لا تقال في ثلاثين ألفًا، ولا فيما زاد، والأقوال التي وقفت عليها في عددهم: ثلاثون ألفًا، يزيدون على عشرة آلاف، كما في «مسلم»، وعن «الإكليل» للحاكم: (أكثر من ثلاثين ألفًا)، وفي «علوم الحديث» لابن الصلاح عن أبي زرعة: (سبعون ألفًا)، وقال بعضهم في رواية عنه: (أربعون ألفًا)، وذكر بعض العلماء عن ابن إسحاق: (ثلاثين ألفًا)، وعن أبي زرعة: (سبعين ألفًا)، ثُمَّ قال: وجُمِع بينهما بأنَّ أبا زرعة عدَّ التابع والمتبوع، وابنَ إسحاق عدَّ المتبوع فقط، والله أعلم، انتهى، ولعلَّ من قال: عشرة آلاف؛ عدَّد الرؤساء، والله أعلم.

قوله: (بابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ): هي بفتح التاء المثنَّاة فوق، وضمِّ الموحَّدة، وهي في طرف الشام من جهة القبلة، وبينها وبين المدينة المشرَّفة

[ج 2 ص 242]

نحو أربع عشرة مرحلة، واليوم يأخذها الحاجُّ في اثنتي عشرة مرحلة، وبينها وبين دمشق إحدى عشرة مرحلة، والمشهور عدم صرفها؛ للعلميَّة والتأنيث، ومُحِيَ آخرُ هذا الباب من هذا «الصحيح»: (حتَّى بلغ تبوكًا)، هكذا في النسخ، وهو في هذا الأصل الذي لنا: (تبوك) على عدم الصرف، وفي غالب نسخ «مسلم» مصروف؛ تغليبًا للموضع، والله أعلم.

قوله: (وَهْيَ غَزْوَةُ الْعُسْرَةِ): هي بضمِّ العين وإسكان السين المهملتين، سُمِّيَت غزوة العُسْرة؛ لمشقَّة السفر فيها وعُسره على الناس؛ لأنَّها كانت في زمن الحرِّ، ووقت طيب الثِّمار، ومفارقة الظلال، وكانت في مفاوز صعبة، وشُقَّة بعيدة، وعدوٍّ كثير، وأمَّا غزوة العشيرة؛ فقد تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل (كتاب المغازي) فيما مضى، والله أعلم.

(1/7894)

[حديث: والله لا أحملكم على شيء]

4415# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ الْعَلاَءِ): هو أبو كُرَيب الحافظ، تَقَدَّم، و (أَبُو أُسَامَةَ) بعده: حمَّاد بن أسامة، و (بُرَيْدٌ) بعده: بضمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، تَقَدَّم، و (أَبُو بُرْدَةَ): تَقَدَّم [أنَّه] الحارث أو عامر القاضي، ولد أَبِي مُوسَى عبدِ الله بن قيس الأشعريِّ.

قوله: (أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي): هؤلاء أصحابه لا أعرفهم، إلَّا أنَّهم أشعريُّون، كما في بعض الطرق.

قوله: (وَلاَ أَشْعُرُ): أي: أعلم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَجَدَ [1] عَلَيَّ): أي: غضب عليَّ.

قوله: (هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ، وَهَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ): قال شيخنا: قال ابن التين: صوابه: (هاتين)؛ لأنَّ القرينتين تؤنَّثان، انتهى، وما صوَّبه هو نسخة في هامش أصلنا، قال ابن قُرقُول: وفي رواية أخرى: (هذين القرينتين)؛ يعني: الناقتين أو الراحلتين، انتهى، أراد: النظيرين المتساويين في السنِّ.

قوله: (ابْتَاعَهُنَّ [2] مِنْ سَعْدٍ): هذا لا أعرف ابن من هو، وفي الصَّحابة جماعةُ سعودٍ، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ إِعْطَاءَهُمْ): هو منصوبٌ، معطوف على المفعول.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (في نفسه).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (حينئذٍ).

[ج 2 ص 243]

(1/7895)

[حديث: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى]

4416# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان الحافظ، و (الْحَكَمِ) بعد (شُعْبَةَ): هو ابن عتيبة، القاضي المشهور، تَقَدَّم.

قوله: (أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟): تَقَدَّم الكلام على ذلك في (مناقب عليٍّ)، وأنَّه ممَّا تمسَّك به الإمامِيَّة، وردُّه.

قوله: (وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ مُصْعَبًا): أمَّا (أبو داود)؛ فهو سليمان بن داود بن الجارود الطيالسيُّ الحافظ، تَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ علَّق له، وأخرج له مسلم والأربعة، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وهذا تعليق مجزوم به، فهو صحيح إلى المعلَّق عنه، وهو أبو داود الطيالسيُّ، وإنَّما أتى بهذا التعليق؛ لأنَّ يحيى _هو ابن سعيد القطَّان_ عنعن في الحديث عن شعبة، وإن حوشي القطَّان عن التدليس، إلَّا ليخرج من خلاف في المسألة تَقَدَّم.

وشعبة في السند الأوَّل عنعن عن الحكم؛ وهو ابن عتيبة، وشعبة من أبعد الناس عن التدليس، وقد قدَّمتُ عنه أنَّه قال: لَأن أزنيَ أحبُّ إليَّ من أن أدلِّس، وأنَّ هذا محمول على المبالغة في التنفير عن التدليس، وقال أيضًا: إنَّه أخو الكذب، فلا فرق بين أن يقول: (عن) أو (حدَّثنا) ونحوها.

والحَكَمُ في الأوَّل عنعن عن مُصعب، وفي هذا التعليق صرَّح بالسماع من مُصعب، والحَكَم وصفه بالتدليس غيرُ واحد، فأتى به للتصريح فيه بالسماع من مُصعب، والله أعلم، قال شيخنا الشارح في تعليق أبي داود: أسنده البَيهَقيُّ في «دلائله» من حديث يونس بن حَبِيب: حدَّثنا أبو داود الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبة ... ، فذكره، انتهى، والله أعلم.

(1/7896)

[حديث: أفيدع يده في فيك تقضمها كأنها في في فحل يقضمها]

4417# قوله: (حَدَّثَنَا [1] ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، و (يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه يعلى بن أُمَيَّة بن أبي عبيدة التميميُّ المَكِّيُّ، حليف قريش، وأنَّه يعلى ابن مُنية، وهي أمُّه، ويقال: جدَّته، من مسلمة الفتح، شهد حنينًا والطائف وتبوك، عن يعلى قال: دخلت على عنبسة وهو في الموت، قال الليث وخليفة: حجَّ عنبسة بالناس سنة (47 هـ)، وهذا يردُّ على أبي حسَّان الزياديِّ؛ لأنَّه ذكر يعلى فيمن قُتِل بصِفِّين، رضي الله عنه.

قوله: (كَانَ لِي أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا يَدَ الآخَرِ): هذا هو الصحيح المعروف: أنَّه أجير يعلى لا يعلى، ووقع في «مسلم» في رواية: (قاتل يعلى بن أُمَيَّة أو ابن منية رجلًا، فعضَّ أحدهما صاحبه)، وفي رواية: أنَّ المعضوض أجير يعلى لا يعلى، ويحتمل أنَّهما قصَّتان جرتا ليعلى ولأجيره في وقت أو وقتين، وأجيرُ يعلى لا أعرف اسمه، ولا اسم العاضِّ، وقد تَقَدَّم ذلك، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر هنا: تَقَدَّم أنَّ الأجير لم يُسَمَّ، وأنَّ يعلى هو الذي عضَّ يد أجيره، انتهى.

قوله: (فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ): أي: أبطلها دون قصاص ولا دية، يقال: هدر الدمُ يهدِر هدْرًا، وأهدره السلطان.

قوله: (قَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي رَباح.

قوله: (تَقْضَمُهَا): هو بفتح الضاد في الموضعين على المشهور الأكثر، وقد تَقَدَّم مطوَّلًا.

(1/7897)

[حديث كعب بن مالك]

قوله: (حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): قال شيخنا: سلف بعضه في (الجهاد)، قال: وأشرنا إلى أنَّ البُخاريَّ خرَّجه في عشرة مواضع من «صحيحه» مطوَّلًا ومختصرًا، انتهى، وقد طرَّفه الحافظ المِزِّيُّ في «أطرافه»، فأغنى عن ذكره هنا، والله أعلم.

و (كعب بن مالك): هو ابن أبي كعب عمرِو بن القين، الخزرجيُّ السَّلَميُّ، عقَبيٌّ، فاتته بدر، كان يهجو المشركين ويتهدَّدهم بالحرب، روى عنه بنوه: عبد الله، وعبد الرَّحمن، ومحمَّد، ومعبد، وعبيد الله، وآخرون، ذكر ابن الكلبيِّ أنَّه شهد بدرًا، فوهم، قال الواقديُّ: تُوُفِّيَ سنة (50 هـ)، ويقال: سنة (51 هـ)، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، رضي الله عنه.

==========

[ج 2 ص 243]

(1/7898)

[حديث: لم أتخلف عن رسول الله في غزوة غزاها ... ]

4418# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضمِّ العين: ابن خالد، و (الزُّهْرِيُّ [1]): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

[ج 2 ص 243]

قوله: (مِنْ بَنِيهِ): جمع: ابنٍ، كذا لهم، وهو المعروف، ولابن السكن: (من بيته)، وكذا للقابسيِّ في (المغازي)، وهو وَهم في الرواية، وله وجه على حذف مضاف؛ أي: من أهل بيته، قاله ابن قُرقُول.

قوله: (غَيْرَ أَنِّي [2] تَخَلَّفْتُ عَنْ [3] غَزْوَةِ بَدْرٍ): في هذا ردٌّ على ابن الكلبيِّ حيث قال: إنَّه شهد بدرًا، وقد تَقَدَّم قريبًا.

قوله: (وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا): قال الدِّمْياطيُّ: تَقَدَّم في (غزاة بدر) بهذا السند بعينه في هذا الحديث: (وَلَمْ يُعَاتِبِ اللهُ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا) [خ¦3951]، انتهى، هذا الذي قاله صحيح، وقد تَقَدَّم في أصلنا هناك: (ولم يعاتَبْ أحدٌ): (يُعاتَب): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أحدٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وفي بعض النسخ _وهي في هامش أصلنا_ كما قال الدِّمْياطيُّ: (ولم يعاتِب اللهُ أحدًا)، ولا شكَّ أنَّ قوله: (ولم يعاتب رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أحدًا) هو مثلُ قوله: (ولم يعاتب الله أحدًا)؛ لأنَّ من عاتبه رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ فقد عاتبه الله تعالى، فلمَّا كانا متلازمين؛ قال الراوي مرَّة هذا، ومرة هذا، والله أعلم.

قوله: (يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ): تَقَدَّم ما (العير)، وتَقَدَّم كم كانت هذه العير، وبكم بيعتْ، وكم ذبحوا فيها، وتَقَدَّم تسمية بعض من كان بها، والله أعلم.

قوله: (لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ)؛ يعني: العقبة الثالثة، وإن شئت؛ قلت: الثانية، وقد تَقَدَّم عددُ كم كانوا من رجل، وكم النسوة، وهما امرأتان: نَسِيبة بنت كعب أمُّ عُمَارة، وأسماء بنت عمرو بن عديٍّ، كنيتها: أمُّ مَنيع.

قوله: (إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ [4]): وقال ابن إسحاق في (تبوك): (وكان رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قلَّما يخرج في غزوة إلَّا كنَّى عنها وورَّى بغيرها، إلَّا ما كان من غزوة تبوك)، وقال في (غزوة الفتح): (ثُمَّ إنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أعلم الناس أنَّه سائر إلى مَكَّة)، فإن صحَّ ما قاله ابن إسحاق؛ فتأويل ما في «الصحيح» ممكنٌ؛ لأنَّ في بعض طرق «الصحيح»: (قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً [يَغْزُوهَا] إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ) [خ¦2948]، وإلَّا؛ فالقول قول «الصحيح»، والله أعلم.

(1/7899)

قوله: (فَجَلَى [5] لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ): هو بتخفيف اللام؛ أي: كشف، كذا قيَّده النوويُّ في «شرح مسلم»، وكذا شيخنا في هذا الشرح، وفي الأصل الذي سمعت فيه على العراقيِّ: بتشديد اللام بالقلم، قال شيخنا لمَّا نقل التشديد عن نسخة الدِّمْياطيِّ: خطأ، انتهى، وفي ذلك نظرٌ؛ لأنَّ الله تعالى قال: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187]، والذي ينبغي أن يكون مشدَّدًا في الحديث أيضًا، ويجوز فيه التخفيف، والتشديد أفصح، والله أعلم.

قوله: (لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ): كذا في أصلنا، وعليها (صح)، وفي نسخة: (عدوِّهم)، قال ابن قُرقُول: («عدوِّهم»: كذا لابن ماهان، وسائر الرواة: «غزوهم»؛ بالزاي)، انتهى.

قوله: (وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرٌ): تَقَدَّم الاختلاف في عددهم في أوَّل هذه الغزوة؛ فانظره.

قوله: (كِتَابٌ حَافِظٌ): (كتابٌ): مرفوع منوَّن، و (حافظٌ): صفة له، ويجوز في (كتاب) الرفع من غير تنوين، وجرُّ (حافظ) على الإضافة.

قوله: (يُرِيدُ الدِّيوَانَ): هو بكسر الدال على المشهور، وحُكِيَ فتحها، وهو فارسيٌّ معرَّب، وقيل: عربيٌّ، قال الجوهريُّ: أصله: دَوَّان، فعُوِّض من إحدى الواوين ياء؛ لأنَّه يُجمَع على دواوين، ولو كانت الواو أصليَّة؛ لقالوا: دياوين، وذكر الماورديُّ في تَسمِّيه وجهين؛ أحدهما: أنَّ كسرى اطَّلع يومًا على كُتَّاب ديوانه، فرآهم يحسُبون مع أنفسهم، فقال: دوانه؛ أي: مجانينُ، ثُمَّ حُذِفَت الياء؛ لكثرة الاستعمال، تخفيفًا، والثاني: أنَّ الديوان بالفارسيَّة اسمٌ للشيطان، فسُمِّيَ الكُتَّاب باسمهم؛ لحِذْقِهم بالأمور، انتهى.

وهو الكتاب الذي يُكتَب فيه أهل الجيش وأهل العطيَّة، وأوَّل من دوَّن الدواوين في الإسلام عمرُ بن الخَطَّاب رضي الله عنه، وقد ذكر الماورديُّ في «أحكامه» في الديوان وشروطه وأحكامه وما يتعلَّق به أكثرَ من كرَّاسة مشتملة على نفائسَ؛ فانظر ذلك إن شئت من «الأحكام السلطانيَّة» له، والله أعلم.

قوله: (فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ [6] إِلاَّ ظَنَّ أنَّه سَيَخْفَى): كذا الصواب، ووقع في «مسلم»: (فقلَّ رجلٌ يريد أن يتغيَّب [7] يظنُّ أنَّ ذلك سيخفى): كذا في جميع النسخ.

قوله: (فَطَفقْتُ): تَقَدَّم أنَّ (طفِق) بكسر الفاء وفتحها؛ لغتان، وأنَّ معناه: جعل.

قوله: (الْجِدُّ): هو بكسر الجيم [8]، ضدُّ الهزل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جهَازِي شَيْئًا): (الجهاز)؛ بفتح الجيم وكسرها.

قوله: (وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ): أي: تَقَدَّم الغُزاة، وسبقوا، وفاتوا.

قوله: (فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي): (يُقدَّر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، مشدَّد الدال.

قوله: (مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ): أي: متَّهمًا به، وهو بالغين المعجمة، وبالصاد المهملة، وهذا ظاهرٌ.

(1/7900)

قوله: (حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّم في أوَّل الغزوة أنَّ المعروف في النسخ: (تبوكًا) مصروفة، وأنَّه كذا في أكثر نسخ «مسلم»، على إرادة الموضع.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ): هذا الرجل لا أعرفه، وقال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّه عبد الله بن أنيس، قاله الواقديُّ في «سيره»، انتهى، و (بنو سلِمة)؛ بكسر اللام: قبيلٌ من الأنصار، من الخزرج، تَقَدَّم.

[ج 2 ص 244]

قوله: (فِي عِطْفَيهِ [9]): (عطفاه): جانباه.

قوله: (قَافِلًا): (القُفول): الرُّجوعُ، وقد تَقَدَّم، وكذا (فَطَفقْتُ [10]): أي: جعلت، وذكرت فيها كسر الفاء وفتحها قريبًا وبعيدًا، و (أَظَلَّ): تَقَدَّم أنَّه دنا وقَرُبَ، و (زَاحَ [11]): ذهب، وهذا ظاهرٌ، و (بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ): هو بالهمز، وهذا معروفٌ.

قوله: (جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ): هو بتشديد اللام مفتوحة، اسم مفعول.

قوله: (وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا): تَقَدَّم أنَّ (البضع) في العدد بكسر الباء وفتحها، وكم هو، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (الْمُغْضَبِ): هو بفتح الضاد، اسم مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (خَلَّفَكَ): هو بتشديد اللام.

قوله: (لَقَدْ [12] ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ): أي: ما يُركَبُ.

قوله: (أَنْ سَأَخْرُجُ): هو [13] بالرفع، وهي مخفَّفة من الثقيلة، وهي بفتح الهمزة.

قوله: (جَدَلًا): هو بفتح الجيم والدال المهملة؛ وهو القوَّة في الفصاحة.

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّمتُ اللغات فيها ومعناها.

قوله: (أَمَّا هَذَا): هو بفتح الهمزة، وتشديد الميم.

قوله: (وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ): هؤلاء الرجال لا أعرفهم، و (سَلِمة): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر اللام، قبيل من الأنصار، من الخزرج.

قوله: (لَقَدْ عَجَزْتَ): هو بفتح الجيم على اللغة الفصحى، وفيه الكسر، والمضارع على الأولى بالكسر، وعلى الثانية بالفتح.

قوله: ([قَدْ كَانَ] كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (استغفارُ): مرفوع غير منوَّن، وهو اسم (كان)، و (كافيَك): منصوبٌ خبرها، و (ذنبَك): منصوب، مفعول اسم الفاعل؛ وهو (كافي)، وقال شيخنا: أي: كافيك من ذنبك، فأسقط حرف الجرِّ، انتهى، يعني: أنَّه منصوب بنزع الخافض.

قوله: (يُؤَنِّبُونِي): أنَّبه تأنيبًا: لامه، وبكَّته أيضًا، وسأله فنجهَهُ، والمراد الأوَّل.

قوله: (فَأُكَذِّبَ نَفْسِي): (أكذِّبَ): منصوب، ونصبُه ظاهر.

قوله: (مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيُّ): (مُرَارة)؛ بضمِّ الميم، وتخفيف الراء، و (الرَّبِيع)؛ بفتح الراء، وكسر الموحَّدة، و (العَمْريُّ)؛ بفتح العين المهملة، وإسكان الميم: نسبة إلى بني عمرو بن عوف، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ): هو نسبة إلى بني واقِف؛ بالقاف المكسورة، وبالفاء، قال الدِّمْياطيُّ: (واسمه _أي: اسم واقِف_: سالم) انتهى، وقد تَقَدَّم.

(1/7901)

قوله: (قَدْ شَهِدَا بَدْرًا): قال ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدين: هذا وَهم من الزُّهريِّ، فإنَّه لا يُحفَظ عن أحد من أهل المغازي والسير ذكرُ هذين الرجلين في أهل بدر، لا ابنِ إسحاق، ولا موسى بن عقبة، ولا الأمويِّ، ولا الواقديِّ، ولا أحدٍ ممَّن عَدَّ أهل بدرٍ، ولكن ينبغي ألَّا يكونا من أهل بدر، فإنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لم يهجر حاطبًا ولا عاقبه، وقد جسَّ عليه، وقال لعمر رضي الله عنه لمَّا همَّ بقتله: «وما يدريك أنَّ الله اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم»، فأين ذنب التخلُّف من ذنب الجسِّ؟!

قال ابن الجوزيِّ أبو الفرج الحافظ: ولم أزل حريصًا على كشف ذلك وتحقيقه حتَّى رأيت أبا بكرٍ الأثرم قد ذكر الزُّهريَّ، وذكر فضلَه وحفظه وإتقانه، وأنَّه لا يكاد يُحفَظ عنه غلطٌ إلَّا في هذا الموضع، فإنَّه قال: إنَّ مُرَارة بن الرَّبِيع وهلالَ بن أُمَيَّة شهدا بدرًا، وهذا لم يقله أحد غيره، والغلط لا يُعصَم منه إنسان، انتهى.

وقد تَقَدَّم الكلام على ذلك في (غزوة بدر)، وذكرت أيضًا كلام الحافظ الدِّمْياطيِّ، فإنَّه نبَّه على أنَّ ذِكرَهما في أهل بدر غلطٌ، والله أعلم.

قوله: (فِيهِمَا إسْوَةٌ): تَقَدَّم أنَّها بضمِّ الهمزة وكسرها؛ لغتان قرئ بهما في السبع.

قوله: (وَنَهَى النَّبِيُّ [14] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [15] عَنْ كَلاَمِنَا): إنَّما اشتدَّ غضبه على من تخلَّف عنه ونزل فيهم من الوعيد ما نزل حتَّى تاب الله على الثلاثة منهم وإن كان الجهاد من فروض الكفاية لا من فروض الأعيان، لكنَّه في حقِّ الأنصار خاصَّة كان فرضَ عينٍ، وعليه بايعوا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ألا تراهم يقولون:

نحن الذين بايعوا محمَّدا

على الجهاد ما بقينا أبدا

قاله السهيليُّ عن ابن بطَّال، انتهى.

وفي مذهب الشافعيِّ وجهان؛ هل الجهاد في زمنه عَلَيهِ السَّلام فرض عين أو كفاية؟ والأصحُّ الثاني؛ وهو كفاية، وقال الماورديُّ: كان فرض عين على المهاجرين، وكفاية على غيرهم، وقال بعض العلماء من أصحاب الشافعيِّ: كان فرض عين على الأنصار دون غيرهم؛ لأنَّهم بايعوا عليه، والله أعلم، وهذا موافقٌ لما قاله السهيليُّ عن ابن بطَّال، وقد قدَّمتُ الكلام على الجهاد في أوَّل (كتاب الجهاد)؛ هل هو كفاية أو عين؟ أو عين على الأنصار؟ أو عين على المهاجرين؟

قوله: (أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ): قال الدِّمْياطيُّ: (أيُّها الثلاثة)؛ بالرفع، وهو موضع النصب على الاختصاص، قال سيبويه عن العرب: (اللهمَّ اغفر لنا أيَّتُها العصابة)، انتهى.

قوله: (فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ): هو بفتح الموحَّدة، والضمير مفعولٌ، و (الناسُ): مرفوع فاعل.

قوله: (فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً): إن قيل: لِمَ لم يزدهم على الخمسين، ولم ينقصهم عنها؟

(1/7902)

فالجواب: لعلَّه كانت غيبته عن المدينة في هذه الغزوة خمسين ليلة؛ لأنَّه عَلَيهِ السَّلام خرج إليها في رجب، كما تَقَدَّم إن كان محفوظًا، وقدم المدينة في رمضان، هذا ما ظهر لي، وأنت من وراء البحث عن ذلك [16].

قوله: (فَاسْتَكَانَا): أي: خضعا.

قوله: (وَأَجْلَدَهُمْ): هو بالجيم؛ أي: أقواهم، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَآتِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (آتِي): هو بمدِّ الهمزة، وكسر التاء المثنَّاة فوق، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (حَتَّى تَسَوَّرْتُ): أي: علوت، يقال من حيث اللغة: تسوَّر الحافظ وسوَّره؛ أي: علاه.

[ج 2 ص 245]

قوله: (أَبِي قَتَادَةَ): تَقَدَّم أنَّ (أبا قتادة) هو الحارث بن ربعيِّ بن بُلدمة بن خناس الأنصاريُّ، تَقَدَّم.

قوله: (فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ): قال القاضي عياض رحمه الله: لعلَّ أبا قتادة لم يقصد بهذا تكليمه؛ لأنَّه منهيٌّ عن كلامه، وإنَّما قال ذلك لنفسه لمَّا ناشده اللهَ، فقال أبو قتادة مظهرًا لاعتقاده لا ليُسمعَهُ، ولو حلف رجل لا يكلِّم رجلًا، فسأله عن شيء، فقال: الله أعلم، يريد بذلك إسماعه وجوابه؛ حنث، انتهى.

قوله: (إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ): (النبط) و (النَّبيط): قوم ينزلون بين العراقين، والجمع: أنباط، ويقال: رجل نَبَطيٌّ، ونَباطيٌّ، ونباط، وحكى يعقوب: نُباطيٌّ، قال ابن قُرقُول: هم أهل سواد العراق، وقيل: بل هم جيل وجنس من الناس، ويقال: سُمُّوا بذلك؛ لإنباطهم المياه، واسم الماء: النَّبط، وقيل: سُمُّوا بذلك؛ لعمارتهم الأرض، انتهى، وأوضح من هذا: الفلاحون من العجم، وهذا النَّبَطيُّ لا أعرفه.

قوله: (فَطَفقَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الفاء وفتحها، وأنَّ معناه: جعل.

قوله: (مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ): (ملك غسَّان): يحتمل أن يكون الحارثَ بن أبي شمر، ويحتمل أن يكون جبلة بن الأيهم، وكذا قال ابن شيخنا البلقينيِّ: إنَّه الحارث بن أبي شمر، فإنَّه الذي كان في زمنه، وذكرنا في (اعتزال النساء) أنَّه هو، وقيل: جبلة بن الأيهم، وهذا الخلاف يُحرَّر، انتهى، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرة: هو الحارث بن أبي شمر، انتهى.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام على إعرابها، والاختلاف في أوَّل من قالها، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (وَلاَ مَضْيَعَةٍ [17]): فيها لغتان: سكون الضاد وفتح الياء، والثانية: كسر الضاد وسكون الياء.

قوله: (فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ): (تيمَّمت)؛ أي: قصدت، وأنَّث هنا على إرادة الصحيفة.

قوله: (إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هذا الرسول الذي جاء كعبًا لا أعرف اسمه.

(1/7903)

قوله: (أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ): امرأة كعب بن مالك لا أعرفها، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: ولكعب زوجة تُسمَّى خيْرةَ؛ فتُحرَّر؛ أهي هذه أم غيرها؟ انتهى، وخيْرة زوج كعب بن مالك؛ بالخاء المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، قال ابن عبد البَرِّ: ويقال: حَبْرة؛ بالحاء غير معجمة، حديثها عند الليث بن سعد من رواية ابن وهب وغيره بإسناد ضعيف لا تقوم به حُجَّة: أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قال: «لا يجوز لامرأة في مالها أمرٌ إلَّا بإذن زوجها»، انتهى، صحابيَّة، وهذا الحديث أخرجه ابن ماجه في (الأحكام) عن حرملة، عن ابن وهب، عن الليث، عن عبد الله بن نجيٍّ رجلٍ من ولد كعب بن مالك، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ جدته خيْرة ... ؛ فذكره، وقال الذهبيُّ: خيْرة امرأة كعب بن مالك لها حديث غريب في «الوُحدان» لابن أبي عاصم، انتهى، أخرج لها ابن ماجه، والله أعلم، وجزم بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: أنَّها خيْرة.

قوله: (إِلَى صَاحِبَيَّ): هو بتشديد الياء على التثنية، وهما: مُرَارة، وهلال، تَقَدَّما.

قوله: (فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ): امرأة هلال لا أعرف اسمها، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ: اسمها خولة بنت عاصم، انتهى.

قوله: (لاَ يَقْرَبْكِ): هو بالجزم على النهي.

قوله: (فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي): بعض أهله القائل له ذلك لا أعرفه، والظاهر أنَّه امرأة، فإنَّ الظاهر أنَّ النساء لم يدخلن في النهي؛ لأنَّ الحديث: «ونهى المسلمين»، وإن كان رجلًا؛ فلعلَّه قال ذلك بالإشارة، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى كَمَلَتْ): هو مثلَّث الميم، والأفصح: الفتح، ويجوز الضمُّ، ويليه الكسر، وقد تَقَدَّم.

قوله: (مِنْ حِينَ نَهَى): يجوز في (حين) الفتح _وهو أفصح_ والكسر؛ لأنَّ (حين) بعدها فعلٌ ماضٍ.

قوله: (صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ ... ) إلى أن قال: (فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي؛ نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ): هذا الرجل الذي جاء كعب بن مالك يبشِّره بالتوبة، قال الذهبيُّ في «تذهيبه»: يقال: هو حمزة بن عمرو الأسلميُّ، ذكر ذلك في ترجمته، ويؤيِّد ذلك أنَّ في «الصحيح» _كما سيجيء_: (وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ)، وقد ذكر ذلك أيضًا الإمام الحافظ وليُّ الدين أبو زرعة ابنُ شيخنا العراقيِّ، فقال: هو حمزة بن عمرو الأسلميُّ، قاله الواقديُّ، انتهى، وسيأتي نقله عنه من «طبقات ابن سعد» قريبًا.

قوله: (أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ): (أَوْفَى)؛ أي: صعد، و (سَلْع)؛ بفتح السين، وإسكان اللام، وعند ابن سهل: بفتح اللام وسكونها، وذكر بعضهم: أنَّه رواه بغين معجمة، وكلُّه خطأ، جبل معروف بسوق مدينة النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وقد تَقَدَّم.

قوله: (يَا كَعْب بْن مَالِكٍ): تَقَدَّم أنَّ (كعبًا) يجوز فيه الفتح والضمُّ، وأنَّ (ابنًا) كذلك.

قوله: (أَبْشِرْ): هو بقطع الهمزة، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/7904)

قوله: (وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا): هذا الرجل الذي ركض الفرسَ لا أعرف اسمه، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر: لم أعرف اسمه، وفي «مغازي الواقديِّ»: أنَّ الذي استعار منه كعبٌ الثوبين أبو قتادة، فيحتمل أن يكون هو صاحبَ الفرس؛ لأنَّه كان فارس رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

قوله: (وَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا): أي: من اللباس، وإلَّا؛ فقد كان له مال؛ ولذلك قال: (إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً)، والله أعلم.

قوله: (وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ): قال ابن شيخنا البلقينيِّ: ذُكِر عن «طبقات ابن سعد» عن محمَّد بن عمر: كان حمزة بن عمرو هو الذي بشَّر كعبَ بن مالك بتوبته وما نزل فيه من القرآن، فنزع كعب ثوبين كانا عليه، فكساهما إيَّاه، قال كعب: والله ما كان عليَّ غيرُهما، واستعرت ثوبين من أبي قتادة، انتهى، ذكر ذلك ابن سعد في حمزة بن عمرو الأسلميِّ، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك عن بعض حفَّاظ العصر، لكنَّه عزاه للواقديِّ، وهو شيخ ابن سعد.

قوله: (لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ): (تَهنِك): بفتح أوله، وقيل: مكسورٌ، كذا قيَّده بعضهم به، قال: وبعضهم يفتحها، قال: وهو الصواب، لأنَّ أصله (يهنَأُ)؛ بفتح النون، كذا عن السفاقسيِّ، وفيه نظرٌ، والله أعلم، و (توبةُ): مرفوع فاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ [18] بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ ... ) إلى أن قال: (وَاللهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرهُ): إن قيل: لِمَ قام إليه دون غيرِه؟

وجوابه: أنَّه كان أخاه، آخى بينهما النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حين قدم المدينة، قاله السهيليُّ، وقد رأيته عن ابن إسحاق في «سيرة ابن سيِّد النَّاس»، والله أعلم.

[ج 2 ص 246]

قوله: (وَهَنَّأنِي [19]): هو بهمزة مفتوحة بعد النون الأولى وقبل الثانية، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَبْشِرْ): هو بقطع الهمزة، وكسر الشين؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ): يعني: سوى يوم إسلامك؛ لأنَّه يوم التوبة الكبرى، وإنَّما لم يستثنِه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ لأنَّه معلومٌ، ما منه بُدٌّ.

قوله: (إِذَا سُرَّ): هو بضمِّ السين، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (أَمْسِكْ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة، وكسر السين، رباعيٌّ، وهو ظاهرٌ.

قوله: (مِمَّا أَبْلاَنِي): قال الدِّمْياطيُّ: (أبلاني) هنا: بمعنى: أنعم عليَّ، ومنه قوله: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [الأعراف: 141]؛ أي: نعمة، و (الابتلاء): الاختبار، يُطلَق على الخير والشرِّ، وأكثر ما يأتي مطلقًا في الشرِّ، فإذا جاء في الخير؛ جاء مقيَّدًا؛ كما قال: {بَلَاءً حَسَنًا} [الأنفال: 17]، وكما قال هنا: (أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِي)، انتهى، ونحوُه قاله ابن قُرقُول في «مطالعه».

قوله: (قَطُّ): تَقَدَّم الكلام عليها بما فيها من اللغات.

(1/7905)

قوله: (أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ): كذا في كثير من نسخ «البُخاريِّ»، وكذا في أصلنا، وكذا في كثير من نسخ «مسلم»، قال العلماء: (لا): زائدة؛ ومعناه: أن أكون كذبتُه، وهو مثل قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12]، والله أعلم.

قوله: (فَأَهْلِكَ): هو منصوب، ونصبه ظاهر.

قوله: (وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أرجأ): يهمز ولا يهمز؛ لغتان، وقد قُرِئ بهما في السبعة؛ ومعناه: أخَّر.

تنبيهٌ: روى الحاكم في «المستدرك» بإسناد سكتَ عليه الذهبيُّ في «تلخيصه» من حديث كعب بن عُجرة: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أمر كعب بن مالك حين تيب عليه وعلى أصحابه أن يصليَ سجدتين).

فائدةٌ: روى أبو بكرٍ المقرئ في كتاب «الرخصة في تقبيل اليد» بسند ضعيف من حديث كعب بن مالك، قال: (لمَّا نزلت توبتي؛ أتيت النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقبَّلتُ يدَهُ).

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ابن شهاب).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (كنتُ).

[3] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (في).

[4] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث رقم (2948)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (كانت تلك الغزوةُ).

[5] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (فجلَّى).

[6] في (أ): (يتغب)، والمثبت موافق لما في «اليونينيَّة» و (ق).

[7] في (أ): (يتغب)، والمثبت موافق لما في «صحيح مسلم».

[8] في (أ): (الجد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[9] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (عطفِه).

[10] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وطَفِقْتُ).

[11] في هامش (ق): (يُقال: زاح عني الباطل وانزاح؛ أي: ذهب، والمصدر: زُيُوحًا وزِيحانًا؛ إحداهما عن الأصمعيِّ، والأخرى عن الكسائيِّ. «روض»).

[12] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قَد).

[13] زيد في (أ): (هو)، ولعلَّه تكرار.

[14] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (رسول الله).

[15] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (المسلمين).

[16] هذه الفقرة جاءت في (أ) متقدِّمة بعد قوله: (أيَّتها العصابة، انتهى).

[17] في هامش (ق): (قال الجوهريُّ: ومنه قولهم: فلان بِدَارِ مَضِيْعَةٍ؛ مثالُ: مَعِيشَة).

(1/7906)

[18] في هامش (ق): ([فيه: جواز السرور بالقيام إلى الرجل؛ كما سُرَّ كعبٌ بقيام طلحةَ إليه، وقد قال عليه السَّلام في خبر سعد بن مُعاذ: «قوموا إلى سيِّدكم»، وقام هو صلى الله عليه وسلم] إلى قوم؛ منهم: صفوان بن أميَّة حين قدم عليه، وإلى عديِّ بن حاتم، وإلى زيد بن حارثة حين قدم عليه من مكَّة، وليس هذا بمعارض لحديث: «مَن سرَّه أن يمثل له الرجال قيامًا؛ فليتبوَّأ مَقعده من النار»، ويُروى: «يستجمَّ له الرجال قيامًا»؛ أي: يستجمع له الرجال قائمين؛ لأنَّ هذا الوعيد إنَّما توجَّه للمتكبِّرين وإلى مَن يغضب ويسخط ألَّا يقام له، وقد قال بعض السلف: يقام للوالد برًّا به، وإلى الولد سُرورًا به، وكانت فاطمة رضي الله عنها تقوم لأبيها برًّا به، ويقوم هو صلى الله عليه وسلم لها سرورًا بها، وكذلك كلُّ قيام أثمره الحُبُّ في الله وَالسرور لأخيك بنعمة الله وَالبرُّ بمَن يجب بره في الله).

[19] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (وهنَّاني).

(1/7907)

[باب نزول النبي الحجر]

قوله: (نُزُولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجْرَ): قال شيخنا: أُخِذ على البُخاريِّ في قوله: (نزوله)، وإنَّما مرَّ به مسرعًا، انتهى، وفي هذا «الصحيح» في (كتاب الأنبياء) في (باب قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [الأعراف: 73]) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لمَّا نزل الحجرَ في غزوة تبوك؛ أمرهم ألَّا يشربوا من مائها ... )؛ الحديث، ففي هذا ردٌّ لمن أَخَذ على البُخاريِّ (نزوله)، وفيه أيضًا غيرَ هذا المكان: أنَّه نزله، والله أعلم.

قوله: (الْحِجْرَ): هو بكسر الحاء المهملة، وإسكان الجيم، وكان نزوله عَلَيهِ السَّلام الحِجْر في غزوة تبوك، في ذهابه إلى تبوك، ولهذا ذكره البُخاريُّ هنا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 247]

(1/7908)

[حديث: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم]

4419# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد الْجُعْفِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو المسنديُّ الحافظ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو الحافظ الكبير ابن همَّام، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين، وفتح الميمَين، وهو ابن راشد، تَقَدَّم مِرارًا، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (أَنْ يُصِيبَكُمْ): (أَنْ)؛ بفتح الهمزة، وسكون النون، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ): أي: غطَّاه، وقد تَقَدَّم أنَّ (التقنُّع) ليس التطيلُس في كلام طويل، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 247]

(1/7909)

[حديث: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا .. ]

4420# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر.

قوله: (لِأَصْحَابِ الْحِجْرِ): أي: لأجل أصحاب الحِجْر.

==========

[ج 2 ص 247]

(1/7910)

[باب في تتمة أحداث تبوك]

(1/7911)

[حديث: هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه]

4422# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّم أنَّه بإسكان الخاء، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو ابن بلال، تَقَدَّم، و (عبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ)؛ بالموحَّدة، والسين المهملة، مشهور عند أهله، و (أَبُو حُمَيدٍ)؛ بضمِّ الحاء، وفتح الميم: قيل: اسمه عبد الرَّحمن، وقيل: المنذر، وقيل: إنَّه ابن عمِّ سهل بن سعد، تَقَدَّم ببعض ترجمةٍ.

قوله: (أُحُدٌ [1] يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ): تَقَدَّم الكلام على حبِّ أُحُد، وأنَّ الصحيح أنَّه حقيقةٌ، وقد تَقَدَّم أنَّه عَلَيهِ السَّلام في مرجعه من خيبر ومرجعه من تبوك قاله مرَّتين، وتَقَدَّم الكلام على جبل أُحُد في (غزوة أحد)، وما ذكر فيه.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (جبلٌ).

[ج 2 ص 247]

(1/7912)

[حديث: إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا .. ]

4423# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمَّد: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في مواضع من الكتاب: (حدَّثنا أحمد بن محمَّد عن ابن المبارك): قال أبو عبد الله النيسابوريُّ: هو أحمد بن محمَّد بن موسى المروزيُّ، [يُكنَّى]: أبا العبَّاس، ويُلقَّب: مردويه، وقال الدارقطنيُّ: هو أحمد بن محمَّد بن ثابت، يُعرَف بابن شَبُّويَه، وقد تَقَدَّم ذلك، و (عبد الله): هو ابن المبارك، كما تَقَدَّم في كلام الغسانيِّ.

==========

[ج 2 ص 247]

(1/7913)

[باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر]

(كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ) ... إلى (بابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)

اعلم أنَّه لم يَذكر من كتبه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلَّا إلى هذين الاثنين، ولم يَذكر في كتابه إلى قيصر حديثًا، وكأنَّه اكتفى بذكره له في غير هذا الموضع؛ لأنَّه تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ، ويأتي أيضًا، وقد كتب عَلَيهِ السَّلام إلى كلِّ جبَّارٍ عنيد، كما في «مسلم»، وقال السهيليُّ في «روضه» في حديث الإسراء: وكُتِب عنه بالقلم إلى جميع ملوك الأرض ... إلى آخر كلامه، انتهى.

فبعث دحيةَ الكلبيَّ إلى قيصر الروم، وعبدَ الله بن حذافة إلى كسرى، وعمرَو بن أُمَيَّة

[ج 2 ص 247]

الضمريَّ إلى النجاشيِّ ملكِ الحبشة، وحاطبَ بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندريَّة، وعَمرَو بن العاصي إلى جيفر وعبْدٍ ابنَي الجُلندَى ملكَي عُمان، وسَلِيطَ بن عمرو العامريَّ إلى ثُمَامة بن أُثَال وهوذة بن عليٍّ الحنفيَّين ملكَي اليمامة، والعلاءَ بن الحضرميِّ إلى المنذر بن ساوى العبديِّ ملكِ البَحْرين، وشجاعَ بن وهب الأسديَّ إلى الحارث بن أبي شمر الغسانيِّ ملكِ تَخوم الشام، ويقال: بعثه إلى جبلة بن الأيهم الغسانيِّ، والمهاجرَ بن أبي أُمَيَّة المخزوميَّ إلى الحارث بن عبد كُلال الحميريِّ ملكِ اليمن، وقد ذكر هذا كلَّه أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس.

وزاد عليه شيخنا العراقيُّ في «سيرته» في رسله إلى الملوك، فذكر: عمرَو بن أُمَيَّة إلى النجاشيِّ، ودحيةَ بن خليفة لقيصر، وعبدَ الله بن حذافة لكسرى، وحاطبَ بن أبي بلتعة للمقوقس، وعمرَو بن العاصي إلى ابنَي الجُلندى، وسَلِيطَ بن عمرو لهوذة، وشجاعًا الأسديَّ للحارث بن أبي شمر، وقيل: إلى جبلة بن الأيهم، والمهاجرَ بن أبي أُمَيَّة للحارث بن عبد كُلال، والعلاءَ بن الحضرميِّ للمنذر بن ساوى، ومعاذًا وأبا موسى إلى اليمن، وجَرِيرًا إلى ذي الكلاع، وعمرًا الضمريَّ أيضًا إلى مسيلمة، والسائبَ إليه أيضًا، وعيَّاشًا إلى بني عبد كُلال، فزاد شيخنا: معاذًا، وأبا موسى، وجَرِيرًا، وعمرًا الضمريَّ إلى مسيلمة، والسائبَ إليه أيضًا، وعيَّاشًا.

ثُمَّ قال شيخنا العراقيُّ: وأرسل أيضًا لعدَّة، ولم يُسمِّ من ذهب بها، فذكر أنَّه أرسل لعروة بن عمرو الجذاميِّ، ولبني عمرو من حمير، ولمعد يكرب المشهور، ولأساقفة نَجْران، ولمن أسلم من حدس، ولخالد بن ضماد الأزديِّ، ولعمرو بن حزم، ولتميم أخي أوس، وليزيد بن الطُّفيل الحارثيِّ، ولبني زياد بن الحارث، والله أعلم، والظاهر أنَّ هذه الرسل إنَّما أرسلهم بكتب، والله أعلم، وقد ذكر ابن سيِّد النَّاس بعضَ هذه الكتب إلى الملوك، وصورةَ ما كتب به إليهم، فإن أردت ذلك؛ فانظره.

(1/7914)

قوله: (إِلَى كسْرَى): تَقَدَّم أنَّه بكسر الكاف وفتحها، واسم كسرى المكتوب إليه: أَبْرَوِيْز بن هرمز، كذا سمَّاه غير واحد؛ منهم السهيليُّ، ولفظه: (كسرى؛ وهو أَبْرَوِيز بن هرمز بن أنوشروان الذي كتب إليه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ليلة الثلاثاء، العاشر من جمادى الأولى، سنة سبع من الهجرة، قتله بنوه، والمتولِّي لقتله شيرويه)، انتهى.

وتفسير أَبْرَوِيْز: المُظفَّر، نقله البكريُّ عن المسعوديِّ والطبريِّ، ابن أنوشروان، وتفسير أنوشروان بالعربيَّة: مجدِّد الملك، فيما ذكروا، قاله السهيليُّ، و (قيصر): تَقَدَّم الكلام عليه، والكتاب الذي كتبه عَلَيهِ السَّلام إلى قيصر ذكره البُخاريُّ في أوَّل «الصحيح»، وكرَّره، وكان بعث هذا الكتاب سنة ستٍّ، قاله أبو عمر، وقال خليفة: سنة خمس، وفيه نظر؛ لأنَّ صلح الحُدَيْبيَة كان في السادسة، وسيأتي كلام الواقديِّ؛ وهو أنَّه لقيه بحمص، فدفع إليه الكتاب في المحرَّم سنة سبع، وقال السهيليُّ في «روضه»: إنَّه عَلَيهِ السَّلام كتب له من تبوك، وفيه نظر إلَّا أن يقال: إنَّه كتب إليه مرَّتين.

تنبيهٌ: في «سيرة ابن سيِّد النَّاس»: لمَّا كان شهر ربيع الأوَّل _وقيل: المحرَّم_ سنة سبع من الهجرة؛ كتب رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى النجاشيِّ كتابًا يدعوه فيه إلى الإسلام، وبعث به مع عَمرو بن أُمَيَّة، كذا في (هجرة الحبشة)، والله أعلم.

(1/7915)

[حديث: أن رسول الله بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة ... ]

4424# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): (إسحاقُ) هذا: قال الجيَّاني كلامًا ذكرته غيرَ مرَّةٍ؛ منها: في (الحُدَيْبيَة)؛ فانظره، و (صَالِحٌ): هو ابن كيسان، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود.

قوله: (مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ): إنَّما خصَّ عبدَ الله بن حذافة بإرساله إلى كسرى؛ لأنَّه كان يتردَّد إليهم كثيرًا، ويختلف إلى بلادهم، وقيل: إنَّ الذي مضى بكتابه إلى كسرى خنيسُ بن حذافة أخو المذكور، وقيل: شجاع بن وهب الأسديُّ، ذكر ذلك ابن بشكوال في «مبهماته»، وفي القول بأنَّه خنيس نظرٌ؛ لأنَّ خنيسًا قَبْلُ أصابته جراحةٌ بأُحُد، فمات منها، والمعروف أنَّه مات بالمدينة على رأس خمسة عشر شهرًا بعد رجوعه من بدر، وأين هذا من بعثه إلى كسرى؟! لأنَّه عَلَيهِ السَّلام بعثه إلى كسرى منصرفه من الحُدَيْبيَة، كما ذكره الواقديُّ من حديث الشفاء بنت عبد الله، كما تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق، وقال السهيليُّ: كتب إليه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم ليلة الثلاثاء العاشر من جمادى الأولى سنة سبع من الهجرة _وقد قدَّمتُ الخلاف قريبًا في تاريخ الكتابة_: «بسم الله الرَّحمن الرحيم، من محمَّد رسول الله إلى كِسرى عظيم فارس: سلامٌ على من اتَّبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، أدعوك بداعية الله، فإنِّي أنا رسول الله إلى الناس كافَّة؛ لينذر من كان حيًّا، ويحقَّ القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت؛ فعليك إثم المجوس».

قوله: (أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ): (عظيم البَحْرين): هو المنذر بن ساوَى كما تَقَدَّم، وساوَى _بفتح الواو، كذا أحفظه، ورأيت عن الحافظ قطب الدين الحلبيِّ ما لفظه: بكسر الواو، كذا رأيت بخطِّ شيخنا الرضيِّ الشاطبيِّ، وقال: ذكره عياض في «التنبيهات» _ ابن الأخنس بن بيان بن عمرو بن عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم الدارميُّ، صاحب البَحْرين، الأسبذيُّ؛ بالباء الموحَّدة، والذال المعجمة: نسبة إلى إسبذ؛ قرية بهجر، كانوا ينزلون بها، وقيل: فرس كانوا يعبدونه، وقيل: اسم رجل بالفارسيَّة، ويقال له: العبديُّ؛ منسوب إلى عبد الله بن دارم، انتهى.

(1/7916)

وهو المنذر بن ساوَى التميميُّ الداريُّ، نقله الدارميُّ، صاحب البَحْرين وعاملُها لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ذكره ابن قانع وجماعة، قال ابن قانع: وفد على النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، قال أبو الربيع بن سالم: ولا يصحُّ، انتهى، ذكره الذهبيُّ في الصَّحابة، ولم يحمِّر عليه، فهو عنده صَحابيٌّ، ولم يذكره ابن عبد البَرِّ فيهم، وقد رأيت بخطِّ الحافظ فتح الدين ابن سيِّد النَّاس حاشية على «الاستيعاب» لفظها: المنذر بن ساوَى العبديُّ ملك البَحْرين، كتب له رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بكتاب بعثه إليه مع العلاء بن الحضرميِّ، فأسلم وحسن إسلامه، وخبره بذلك مشهور، انتهى، وكلام أبي الربيع بن سالم ذكره في غير هذا المكان ابنُ سيِّد النَّاس، والله أعلم.

قوله: (فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيّبِ): قائل هذا الحسبان عن ابن المُسَيّب الظاهر أنَّه الزُّهريُّ، محمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، العالم المشهور، وقول سعيد: (فَدَعَا عَلَيْهِمْ ... ) إلى آخره: هو مرسلٌ هنا.

==========

[ج 2 ص 248]

(1/7917)

[حديث: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأةً]

4425# قوله: (حَدَّثَنَا عَوْفٌ): هذا هو عوف الأعرابيُّ، تَقَدَّم مترجمًا، وإنَّما قيل له: الأعرابيُّ؛ لدخوله درب الأعراب، و (الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، وتَقَدَّم الكلام في روايته عن أبي بكرة نفيع بن الحارث فيما تَقَدَّم، والصحيح: أنَّه سمع منه، كما تَقَدَّم في «إنَّ ابني هذا سيِّد»، وغيرِه، والله أعلم.

[ج 2 ص 248]

قوله: (أَيَّامَ الْجَمَلِ): تَقَدَّم مرَّات أنَّ وقعة الجمل سنة ستٍّ وثلاثين، وتَقَدَّم ذكر من أنكرها؛ وهم: هشام، وعَبَّاد، وابن حزم، وكانت وقعة الجمل لعشر خلون من جمادى الآخرة، هكذا جزم به غير واحد، فقيل: يوم الجمعة، وقيل: يوم الخميس، ويقال: في جمادى الأولى، والمشهور الأوَّل.

قوله: (مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى): هذه البنت اسمها بُوران بنت كسرى، فملكت سنةً وهلكت، وتشتَّت أمرُهم كلَّ الشتات، ثُمَّ اجتمعوا على يزدجرد بن شهريار، والمسلمون قد غلبوا على أطراف أرضهم، ثُمَّ كانت حروب القادسية معهم إلى أن قهرهم الإسلام، وفُتِحت بلادهم على يدي عمر بن الخَطَّاب، قاله السهيليُّ في أوَّل «روضه»، قال ابن شيخنا البلقينيِّ بعدما ذكر أنَّها بُوران: وله بنت أخرى ملكت، وهي أَرْزميدخت، ذكره الطبريُّ في «تاريخه»، وتملُّك البنت بعد قَتْلِ شيرويه أباه أَبْرَوِيزَ، وموتِ شيروز بعد أبرويز بستَّة أشهر، وكان قد أفنى جميع إخوته الذكور، فلم يبقَ إلَّا هاتان البنتان، انتهى.

(1/7918)

[حديث: أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله]

4426# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ): صَحابيٌّ صغير، تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 249]

(1/7919)

[حديث: أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى النبي ... ]

4427# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد): الظاهر أنَّه المسنديُّ الحافظ، [لا] أبو بكر ابن أبي شيبة، ويؤيِّده ما تَقَدَّم في (الجمعة)، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه محمَّد بن مسلم [1].

قوله: (إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، مَقْدَمَهُ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ): قال شيخنا: قال الداوديُّ: (إلى ثنيَّة الوداع): ليس بمحفوظ؛ لأنَّها من جهة مَكَّة، وتبوك من الشام مقابلها؛ كالمشرق والمغرب، إلَّا أن يكون ثَمَّ ثنيَّة أخرى في تلك الجهة، ولم يتعقَّب هذا الكلامَ شيخُنا، وهو مُتعقَّب، قال ابن إمام الجوزيَّة عقب غزوة تبوك: ولمَّا دنا رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من المدينة؛ خرج الناس لتلقِّيه، وخرج النساء والصبيان والولائد يقلنَ:

~…طلع البدر علينا من ثنيات الوداع… ... ؛ البيت

وبعض الرواة يهم في هذا، ويقول: إنَّما كان ذلك عند مقدمه المدينة من مَكَّة، وهو وَهم ظاهر؛ لأنَّ ثنيَّات الوداع إنَّما هي من ناحية الشام، لا يراها القادم من مَكَّة إلى المدينة، ولا يمرُّ بها إلَّا إذا توجَّه إلى الشام، انتهى.

وقد تَقَدَّم الكلام على (ثنيَّة الوداع) في (الجهاد) من عند ابن قُرقُول، ونبَّهت هناك على أنَّ ما قاله فيه نظر، وأشرت إلى هذا المكان، ولا يظهر لي تخريجُ حديث السائب هنا، والذي يظهر: أن لو أخرجه قبل كتاب النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ كان حسنًا، والله أعلم.

==========

[1] هذه الفقرة جاءت في (أ) متأخرة إلى نهاية الباب، بعد قوله: (كان حسنًا، والله أعلم).

[ج 2 ص 249]

(1/7920)

[باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته]

(بابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ... إلى (كِتَابُ التَّفْسِير)

اعلم أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم [لمَّا] قفل من حجَّة الوداع؛ أقام بالمدينة بقيَّة ذي الحجَّة والمحرَّم وصفرًا، ثُمَّ ابتُدِئ بشكواه الذي قبضه الله فيه في ليالٍ بقين من صفر أو في أوَّل شهر ربيع الأوَّل، وابتداء الوجع ينبني على كم أقام مريضًا، وقد صرَّح الحاكم أبو أحمد بأنَّه يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر، وتتامَّ به وجعه وهو يدور على نسائه حتَّى استُعِزَّ به، وهو في بيت ميمونة، ودعا نساءه، واستأذنهنَّ أن يُمرَّض في بيت عائشة، فأذنَّ له، فخرج ورجلاه تخطَّان في الأرض، ثُمَّ غُمِرَ وتُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

واختلف أهل العلم في اليوم الذي مات فيه بعد اتَّفاقهم على أنَّه يومُ الاثنين في ربيع الأوَّل؛ فذكر الواقدي وجمهورُ الناس: أنَّه الثاني عشر، وتعقَّبه السهيليُّ بتعقُّبٍ حسنٍ، وقد أجاب عنه بعض شيوخ شيوخنا بجواب فيه نظر، قال الطبريُّ: يوم الاثنين لليلتين مضتا من ربيع الأوَّل، وسيأتي ما يعارضه، لكنَّه معلول، وهو ما ذكره شيخنا من عند البزَّار من حديث ابن مسعود قال: (تُوُفِّيَ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في إحدى وعشرين من رمضان، وكذلك عيسى ويوشع)، قال شيخنا: وأُعِلَّ، انتهى، وقال أبو بكر الخوارزميُّ: أوَّل يوم منه، حين زاغت الشمس، وقيل: عندما اشتدَّ الضَّحاء، وفي عبارة بعضهم: ضحى يوم الاثنين، والضَّحاء؛ بالفتح والمدِّ: بعد الضحى، وفي «مسلم»: (وتُوُفِّيَ من آخر ذلك اليوم)، وقد ذكرت جمعًا في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس»، وهو: أنَّ المراد أوَّل النصف الثاني؛ فهو آخر وقت الضحى؛ وهو من آخر النهار باعتبار أنَّه من النصف الثاني، ويدلُّ عليه ما رواه أبو عمر بن عبد البَرِّ بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: (مات رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم _وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون_ ارتفاع الضحى وانتصافَ النهار يوم الاثنين)، وذكر موسى بن عقبة في «مغازيه» عن ابن شهاب: تُوُفِّيَ يوم الاثنين حين زاغت الشمس، والله أعلم.

(1/7921)

وغسله عليٌّ، والعبَّاس، وابناه: الفضل وقثم، ومولَياه: أسامة وشقران، وحضرهم أوس بن خوليٍّ الأنصاريُّ، وكُفِّن في ثلاثة أثواب بيض سحوليَّة، ليس فيها قميص ولا عمامة، وصلَّى عليه المسلمون أفذاذًا، لم يؤمَّهم أحد، وقد ذكر السهيليُّ وجه الفقه في ذلك، وقد ذكرته في تعليقي على سيرة ابن سيِّد النَّاس، وهو أنَّ الله تعالى افترض الصلاة عليه بقوله: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وحكم هذه الصلاة التي تضمَّنتها الآية ألَّا تكون بإمام، والصلاة عليه عند موته داخلةٌ في لفظ الآية، وهي متناوِلة لها والصلاة عليه في كلِّ حالٍ، وأيضًا فإنَّ الرب تبارك وتعالى قد أخبر أنَّه يصلِّي عليه وملائكتُه، فإذا كان الربُّ هو المصلي سبحانه والملائكةُ قبل المؤمنين؛ وجب أن تكون صلاةُ المؤمنين تبعًا لصلاة الملائكة، وأن تكون الملائكة هم الإمام والأُمَّام، انتهى، وقال ابن الماجِشُون لما سُئِل: كم صُلِّيَ عليه صلاةً؟ قال: اثنتان وسبعون صلاة؛ كصلاة حمزة، فقيل له: من أين لك هذا؟ فقال: من الصندوق الذي تركه مالكٌ بخطِّه عن نافع عن ابن عمر، انتهى لفظه.

غريبةٌ: قال شيخنا العراقيُّ في «منظومته»:

~…وَقِيلَ: ما صَلَّوا عليهِ بَلْ دَعَوا…وانصَرفُوا وذَا ضعيفٌ قدْ رَوَوا

~…عَنْ مَالِكٍ: أنْ عددُ الصلاةِ…سبعونَ واثنانِ منَ المرَّاتِ

~…وليسَ ذَا متَّصلَ الإسنادِ…عنْ مَالِكٍ في كُتُبِ النُّقَادِ

والله أعلم، وعلى القول بأنَّه صُلِّيَ عليه أفذاذًا، فمَن تَقَدَّم الجميع؟ الجواب: أنَّ العبَّاس تَقَدَّم، ثُمَّ بنو هاشم، ثُمَّ المهاجرون، ثُمَّ الأنصار، ثُمَّ سائر الناس، ولمَّا فرغ الرجال؛ دخلَ الصبيان، ثُمَّ النساء، نقله النوويُّ في أوائل «تهذيبه» عن أبي أحمد الحاكم، والله أعلم، وفُرِش تحته قطيفة حمراء كان يتغطَّى بها، فقيل: إنَّ ذلك خاصٌّ به، وقيل: إنَّها أُخرِجت.

قال شيخنا العراقيُّ في «سيرته»:

~…وفُرِشَتْ في قبرِهِ قطيفةُ…وقيلَ: أُخرجتْ، وهذا أثْبَتُ

ودخل قبرَه العبَّاسُ، وعليٌّ، والفضل، وقثم، وشقران، وزاد بعضهم: أسامة في رواية، وعبد الرَّحمن بن عوف، وأوس بن خوليٍّ، وعَقِيل بن أبي طالب في رواية، وقد ذكرت ذلك بزيادة في تعليقي المشار إليه، وأُطبِق عليه تسع لَبِنَات، ودُفِن في الموضع الذي توفَّاه الله فيه، حُوِّل فراشه، ودُفِنَ تحته، فقيل: من وسط الليل ليلة الأربعاء، وذكر بعض مشايخ مشايخي: ودفن ليلة الأربعاء، وقيل: ليلة الثلاثاء، وقيل: يوم الاثنين عند الزوال، قاله الحاكم وصحَّحه، انتهى.

وفي كلام بعضهم: يوم الثلاثاء حين زالت الشمس، وقيل: ليلة الأربعاء، وقال ابن الجوزيِّ: ودفن ليلة الأربعاء وسط الليل، وقيل: ليلة الثلاثاء، وقيل: يوم الثلاثاء، والأوَّل أصحُّ.

وكانت مدَّة شكواه ثلاثة عشر يومًا، وقال بعض مشايخ مشايخي: وكانت مدَّة توعُّكه اثني عشر يومًا، وقيل: أربعة عشر، وقيل: ثلاثة عشر، وقيل: عشرة، انتهى، وقيل غير ذلك.

(1/7922)

والحاصل: أقوالٌ في مدَّة مرضه: أربعة عشر، ثلاثة عشر، اثنا عشر، عشرة، ثمانية، وهو ما رواه الخطيب في «الرواة عن مالك» بسنده إلى أنس بن مالك، وكلُّ هذا في تعليقي على سيرة أبي الفتح، وسأذكر في (الطبِّ) العلَّةَ التي تُوُفِّيَ بها عَلَيهِ السَّلام.

فائدةٌ: عن المعتمر بن سليمان عن أبيه: أنَّه عَلَيهِ السَّلام بدأ به وجعه عند وليدته ريحانة، وعند أبي معشر: في بيت زينب بنت جحش، انتهى، وريحانة قد اختلف فيها؛ هل هي زوجة أو وطئها بملك اليمين؟ قولان تَقَدَّما.

==========

[ج 2 ص 249]

(1/7923)

[معلق يونس: يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ... ]

4428# قوله: (وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهريُّ): محمَّد بن مسلم، وتعليق يونس بهذا السند لم يكن في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

قوله: (مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: إنَّه كان نقص من لذَّة ذوقه، قاله الداوديُّ، وليس ببيِّن، كما قال ابن التين؛ لأنَّ نقص الذوق ليس بألم، انتهى، لا شكَّ أنَّه ألم؛ لأنَّا إذا مرضنا؛ نبقى بعض أيام لا نجد للماء طعمًا، فنتألَّم لذلك، وكذا إذا لم يجدِ الشخص طعم الطعام؛ يتألَّم لذلك، ويشكو للناس ذلك، وهو ألمٌ، وأيُّ ألمٍ [أشدُّ من] بقاء عدم الذوق للطعام والشراب وذهاب ذوقه إذا لم يحسَّ بشيء من المذاق؟ وهي الخمسة: الحلاوة، والمرارة، والحموضة، والملوحة، والعذوبة، والمَذَاق؛ بفتح الميم، وتخفيف الذال المعجمة، وبالقاف.

قوله: (فَهَذَا أَوَان [1] انْقِطَاعِ أَبْهَرِي): قال الدِّمْياطيُّ: الأبهر: عرق مستبطنٌ القلب، (هذا أوانَ)؛ بفتح النون على الظرف، وبُنِيَت على الفتح؛ لإضافتها إلى مبنيٍّ؛ وهو الفعل الماضي؛ لأنَّ المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، ورُوِيَ بالرفع على أنَّه خبر (هذا)، انتهى.

وقد أَخذ هذا الكلام من القاضي عياض أو ابن قُرقُول، قال ابن قُرقُول: «فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري»؛ أي: حين وجدته ووجدت تأثيره ووقت وجدته، والأوان: الزمان والوقت، مفتوح الهمزة، وضبطنا في النون الوجهين: الفتح والضمَّ على خبر المبتدأ وإعطائِه حقَّه من الرفع، والنصبُ على الظرف، والبناء لإضافته إلى مبنيٍّ؛ وهو الفعل الماضي؛ لأنَّ المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، وهو في التقدير: مرفوع بخبر المبتدأ، انتهى.

قال الجوهريُّ: الأبهر: إذا انقطع؛ مات صاحبه، وهما أبهران يخرجان من القلب، ثُمَّ يتشعَّبُ منهما سائر الشرايين، ثُمَّ أنشد بيتًا.

قوله: (مِنْ ذَلِكِ [2] السّمِّ): (ذلكِ)؛ بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، و (السُّم): تَقَدَّم أنَّه مثلَّث السين، الفتح أفصح، ويليه الضمُّ، وأردؤها الكسر.

فائدةٌ: روى الإمام أحمد في «المسند» عن عبد الرزَّاق، عن سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرَّة، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: (لأَنْ أحلفَ تسعًا أنَّ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم قُتِل قتلًا؛ أحبُّ إليَّ أن أحلف واحدة أنَّه لم يُقتَل، وذلك بأنَّ الله عزَّ وجلَّ جعله نبيًّا، واتَّخذه شهيدًا، قال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: كانوا يُرَون أنَّ اليهود سمُّوه وأبا بكر رضي الله عنه)، ثُمَّ ذكره عن شيخ له آخر عن سفيان عن الأعمش، ثُمَّ ذكره عن شيخ آخر عن الأعمش باختصار قول إبراهيم.

تنبيهٌ: التي [3] سمَّته هي زينب بنت الحارث، وقيل: هي أخت مرحب، وقد تَقَدَّمتْ، ويأتي بطوله إن شاء الله تعالى، وقد تَقَدَّم ما فُعِل بها، ويأتي.

(1/7924)

[حديث: سمعت النبي يقرأ في المغرب {المرسلات عرفًا}]

4429# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضمِّ العين، وفتح القاف: هو ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن عتبة بن مسعود، و (أُمُّ الْفَضْلِ): لبابة بنت الحارث الكبرى، أوَّل امرأة أسلمت بعد خديجة، وقيل: إنَّ أوَّلَ امرأة أسلمت بعد خديجة فاطمةُ بنت الخطَّاب، تَقَدَّم بعض ترجمة أمِّ الفضل زوج العبَّاس.

==========

[ج 2 ص 250]

(1/7925)

[حديث: كان عمر يدني ابن عباس فقال له عبد الرحمن: إن لنا أبناء ... ]

4430# قوله: (عَنْ أَبِي بِشْرٍ): هو بالموحَّدة، والشين المعجمة، جعفر بن أبي وحشيَّة إياس، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (فَقَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): تَقَدَّم من أين أخذ عمر وابن عبَّاس ذلك من السورة في (الفتح)؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 250]

(1/7926)

[حديث: ائتوني أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده أبدًا]

4431# قوله: (فَقَالَ: ائْتُونِي؛ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا): تَقَدَّم الكلام على هذا الكتاب وما يتعلَّق به في (الجهاد) وفي (كتاب العلم)، والاختلاف فيما أراد أن يكتب.

فائدةٌ: لمَّا تنازعوا عنده واشتدَّ مرضه؛ عدل عن الكتاب معوِّلًا على ما أصَّل في ذلك من استخلاف أبي بكر في الصلاة، وروى مسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «ادعوا لي أبا بكر وأخاكِ أكتب كتابًا، فإنِّي أخاف أن يتمنَّى متمنٍّ، ويأبى الله والمؤمنون إلَّا أبا بكر»، وفي رواية البزَّار عنها: (لمَّا اشتدَّ وجعه؛ قال: «ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف عليه الناس»، ثُمَّ قال: «معاذ الله أن يختلف الناس على أبي بكر»)، فهذا نصٌّ على أنَّه ترك معوِّلًا على أنَّه لا يقع إلَّا كذلك، وبهذا بطل قول من ظنَّ أنَّه كتاب زيادةٍ في الأحكام والتعليم، وخَشِيَ عجز الناس عنها، والله أعلم.

قوله: (أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ): قائل هذا هو عمر بن الخَطَّاب، قاله ابن الأثير في «نهايته»، قال ابن قُرقُول: كذا هو الصحيح بفتح الهاء؛ أي: هَذَى، وإنَّما هو على طريق الاستفهام الذي معناه التقرير والإنكار على ظنِّ ذلك به؛ إذ لا يليق به الهذيان ولا قولٌ غير مضبوط في حالة من حالاته، وإنَّ ما يتكلَّم به حقٌّ وصحيح لا سوء فيه، ولا خلف، ولا غلط، في حال صحة ومرض، ونوم ويقظة، ورضًا وغضب، صلى الله عليه [وسلَّم] تسليمًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا.

والهُجْر: الهذيان، وكلام المُبَرسَم، ومنه يقال في كثرة الكلام من غير كبير فائدة: أهجرَ، وسنذكر الخلاف فيه، ثُمَّ ذكر (ما شأنه؟ أهَجَر؟): كذا لأكثر الرواة بلفظ الاستفهام، وكذا جاء في رواية سعيد بن منصور، وقتيبة، وابن أبي شيبة، والناقد في «كتاب مسلم» في حديث سفيان وغيره، وكذا وقع عند البُخاريّ من رواية ابن عيينة وجُلِّ الرواة في حديث الزُّهريِّ، وفي حديث محمَّد بن سلَام عن ابن عيينة، وكذا ضبطه الأصيليُّ بخطِّه من هذه الطرق، وهذا أرفع للإشكال وأقرب إلى الصواب، وعند أبي ذرٍّ في (باب جوائز الوفد): (هُجِر): على ما لم يُسَمَّ فاعله، وعند غيره: (هَجر)، وعند مسلم في حديث إسحاق: (يهجر)، وفي رواية قبيصة كالأوَّل: (أَهَجر؟) وقد يُتأوَّل (هجر) على ما قدَّمناه، وقد يكون ذلك من قائله دهشًا لعظم ما شاهده من حال النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم واشتداد وجعه، وعظم الأمر الذي كانت [فيه] المخالفة حتَّى لم يُضبَط كلامه ولا يُفقَه، قال عمر: لم يمت النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، انتهى، وكان عندي مؤلَّف في هذه المسألة لبعض فضلاء المِصْريِّين، اختصر ذلك من كلام ابن دحية الحافظ رحمه الله تعالى.

قوله: (أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ): تَقَدَّم الكلام على حدِّ جزيرة العرب وما المراد من ذلك في (الجهاد).

(1/7927)

قوله: (وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ [1]، أَوْ قَالَ: فَنَسِيتُهَا): الساكت: هو ابن عبَّاس، والناسي: سعيد بن جُبَير، كذا قال الشيخ محيي الدين النوويُّ، وقد تَقَدَّم ما في ذلك، قال المهلَّب: هي تجهيز جيش أسامة، قال شيخنا: وقد ورد في رواية أنَّه القرآن، انتهى، وقال القاضي عياض: ويحتمل أنَّه قوله: «لا تتَّخذوا قبري وثنًا يُعبَد»، فقد ذكر مالك في «الموطأ» معناه مع (إجلاء اليهود) من حديث عمر، انتهى، وقال بعض حفَّاظ هذا العصر: أوصى بالأرحام.

(1/7928)

[حديث: هلموا أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده]

4432# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المدينيِّ، الحافظ المشهور، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): الإمام الكبير المصنِّف المشهور، و (مَعْمَرٌ): تَقَدَّم ضبطه مرارًا، وأنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم.

قوله: (لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حُضِر)؛ بضمِّ الحاء المهملة، وكسر الضاد المعجمة: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (رسولُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل؛ ومعناه: نزلت به المنيَّة.

قوله: (هَلُمُّوا): هذا على لغة، ولغة أهل الحجاز: (هلمَّ)، وقد تَقَدَّم الكلام عليها.

قوله: (أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا، وما أراد أن يكتب فيه، وتَقَدَّم قريبًا جدًّا شيء يتعلَّق به.

قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ): القائل هو عمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه، كذا ذكره مسلم في (الوصايا)، وهو في «البُخاريِّ» في (أبواب الطبِّ)، في (باب قول المريض: قوموا عنِّي).

قوله: (قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ... ) إلى آخره: (عُبيد الله): هو المذكور في السند، ابن عبد الله بن عتبة؛ هو ابن مسعود، وقول ابن عبَّاس: (إِنَّ الرَّزِيَّةَ): تَقَدَّم أنَّها بالهمز، ويجوز التشديد، إنَّما كان يقول ذلك بعد زمن من القضيَّة، لا أنَّه قالها بعد خروجه من اجتماعهم، لكن لمَّا رأى الفتن والاختلاف؛ قال ذلك، ذكر ذلك ابن تيمية أبو العبَّاس في «الردِّ على ابن المطهَّر».

قوله: (وَلَغطِهِمْ): (اللغط)؛ بفتح الغين وسكونها: اختلاط الأصوات والكلامِ حتَّى لا يفهم.

(1/7929)

[حديث: دعا النبي فاطمة في شكواه الذي قبض فيه]

4433# 4434# قوله: (أَخْبَرَنَا [1] يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ): (يَسَرة)؛ بالمثنَّاة تحت، وفتح السين المهملة، و (جَمِيل)؛ بفتح الجيم، وكسر الميم، ثِقةٌ عالم، انفرد به البُخاريُّ.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثنا)، وكذا كتب فوقها في (ق) بالحمرة.

[ج 2 ص 251]

(1/7930)

[حديث: كنت أسمع أنه: لا يموت نبي حتى يخير بين الدنيا والآخرة]

4435# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقب محمَّد بُنْدَار، و (غُنْدَرٌ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه محمَّد بن جعفر، و (سَعْدٌ): هو ابن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، تَقَدَّم.

قوله: (يُخَيَّرَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (خُيِّر) بعده: مبنيٌّ أيضًا.

قوله: (بُحَّةٌ): هي بضمِّ الموحَّدة، وتشديد الحاء المهملة المفتوحة، وهي غِلَظٌ في الصوت، يقال: بحَّ يبُحُّ بُحوحًا، وإن كان من ذا؛ فهو البُحاحُ.

==========

[ج 2 ص 251]

(1/7931)

[حديث: لما مرض النبي المرض الذي مات فيه ... ]

4436# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه مسلم بن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة، وأنَّها إلى جدِّه، و (سَعْدٌ): هو الذي تَقَدَّم أعلاه، سعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف.

قوله: (فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا.

==========

[ج 2 ص 251]

(1/7932)

[حديث: إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة]

4437# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (ثُمَّ يُحَيَّا، أَوْ يُخَيَّرَ): الذي يظهر أنَّ الصواب من أحد الشكَّين: أنَّه (يُخيَّر)، وقد تَقَدَّم الجزم به قريبًا، وسيأتي الجزم به في غير مكان، ويأتي: (فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ) [خ¦4586]، والله أعلم.

قوله: (شَخَصَ [1] بَصَرُهُ): (شَخَصَ)؛ بفتح الشين والخاء والصاد، و (بصرُه)؛ بالرفع [2]، و (الرَّفِيقِ الأَعْلَى): تَقَدَّم.

قوله: (إِذًا [لَا] يُجَاوِرَنَا [3]): هو بالنصب في أصلنا بالقلم، وفي بعض النسخ: (يختارنا)، وكلاهما بالرفع في خطِّ شيخنا أبي جعفر الأندلسيِّ، وكتب تجاه (يجاورنا) ما لفظه: (يختارنا) مرفوعٌ؛ لأنَّ المراد به الحال، انتهى، وما قاله ظاهر حسن، وسأذكره في (باب سكرات الموت)، وأذكر ما ذكره فيه شيخنا الشارح.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: قال أبو زيد: شَخَص البعير يشخَص؛ بالفتح فيهما).

[2] زيد في (أ): (بالرفع)، وهو تكرار.

[3] في هامش (ق): (كذا وجدتهما _ أي: «أَوْ يُخَيَّرُ»، و «إذًا لا يجَاوِرُنا» _ مكتوبين بخطِّ بعض الفضلاء وعليهما «صح»).

[ج 2 ص 251]

(1/7933)

[حديث: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي ... ]

4438# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد: حَدَّثَنَا عَفَّانُ): (محمَّدٌ) هذا: قال الجيَّانيُ: قال الأصيليُّ: كذا في كتاب أبي زيد المروزيِّ: (حدَّثنا محمَّد، حدَّثنا عفَّان)، وكذلك قرأ لنا أبو زيد، وكذلك في رواية ابن السكن، قال أبو عبد الله الحاكم: هو محمَّد بن يحيى الذُّهليُّ، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا.

قوله: (دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ... ) إلى آخره: فيه أنَّ الداخلَ بالسواك عبدُ الرَّحمن بن أبي بكر، وفي «مسند أبي يعلى الموصليِّ» من حديثها في حديث طويل: أنَّ الذي دخل بسواك من أراك رطب أسامةُ بن زيد، فذكرتْ مثل قصَّتها هذه، لكن فيه عَوْبَدٌ عن أبيه، وهو ابن أبي عمران الجونيِّ، قال النَّسائيُّ: متروك، وفيه مقالٌ غير ذلك، وفيه أيضًا: ابن بابَنُوس ما روى عنه سوى أبي عمران الجونيِّ، وقد ذكره الدولابيُّ، فقال: هو من السبعة الذين قاتلوا عليًّا، ونقل ابن القطَّان هذا القول عن البُخاريِّ، وقال أبو داود: كان شيعيًّا، وقال ابن عديٍّ: أحاديثه مستقيمة، وقال الدارقطنيُّ: لا بأس به، انتهى.

فلو صحَّ هذا الحديث؛ كان يُحمَل على أنَّهما دخلا، لكن في القصَّة ما ينفي هذا الحمل؛ لأنَّ في قصَّة كلِّ واحد أنَّه تُوُفِّيَ عقب السواك _والله أعلم_ وغير ذلك أيضًا.

قوله: (يَسْتَنُّ بِهِ): (الاستنان): الاستياك، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ): وفي نسخة في هامش أصلنا: (فأمدَّه)، الأولى: بالباء، والنسخة: بالميم عوضها، والدال مشدَّدة فيهما، قال ابن قُرقُول: (فأبدَّه بصره)؛ أي: أمدَّه، قاله الحربيُّ، قال القعنبيُّ: معنى: (أبدَّ): مدَّ، وقيل: طوَّل، وقال ابن الأثير: فأبدَّ بصره إلى السواك؛ أي: أعطاه بدَّته من النظر؛ أي: حظَّه، وقد تَقَدَّم أوَّل المادَّة أنَّ (أبدَّ) معناه: مدَّ.

قوله: (فَقَضِمْتُهُ): هو بكسر الضاد المعجمة على المشهور؛ ومعناه: قطعت طرفه بأسناني، قال ابن قُرقُول في (القاف مع الصاد المهملة): (فقصمته)؛ يعني: السواك؛ أي: شققته بأسناني، هكذا في (باب من تسوَّك بسواك غيره)، وفي كتاب التميميِّ: (فقضمته)؛ أي: قطعت رأسه، والقضم: العضُّ، وفي «البُخاريِّ» في «الوفاة» مثلُه للقابسيِّ وابن السكن، كذلك فيه عن أبي ذرٍّ، انتهى.

ثُمَّ ذكر بُعَيده في (الصاد المهملة) أيضًا ما لفظه: (فقصمته ثُمَّ مضغته): كذا لأكثرهم، ولابن السكن والمستملي والحمُّوي: بضاد معجمة، فالقصم: الكسر، والقضم: القطع بالأسنان، والمضغ: التليين، انتهى.

[ج 2 ص 251]

قوله: (فَاسْتَنَّ بِهِ): تَقَدَّم قريبًا معناه، وكذا (قَطُّ): تَقَدَّم الكلام عليها قبل ذلك بلغاتها، وكذا اللغات العشر في (الإِصْبَع) تَقَدَّمتُ، وكذا الكلام على (الرَّفِيقِ الأَعْلَى).

(1/7934)

قوله: (مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي): وسيأتي: (بين سحري ونحري)، وتَقَدَّم (ورأسه على فخذي)، قال شيخنا: وفي حديث جابر بن عبد الله عند ابن سعد عن عليٍّ قال: (قُبِض رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وأنا مُسنِدُه إلى صدري)، وفي حديث عبد الله بن محمَّد بن عمر بن عليِّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدِّه: قال عليٌّ: (لمَّا ثقل رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في حجري؛ قلت: يا عبَّاس؛ أدركني فإنِّي هالك)، فكان جِدَّهما جميعًا أن أضجعاه، وعن عليِّ بن حسين: (قبض ورأسه في حجر عليٍّ)، وكذا قاله الشعبيُّ وابن عبَّاس، قال أبو غطفان: فقلت له: إنَّ عروة حدَّثني عن عائشة قالت: (تُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بين سحري ونحري، فقال ابن عبَّاس: أتعقل؟ والله لتُوُفِّيَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وإنَّه لمستند إلى صدر عليٍّ، وهو الذي غسله وأخي الفضل وأبَى أبي أن يحضر)، وقال: (إنَّه عَلَيهِ السَّلام كان يستحيي أن أراه حاسرًا)، وروى الحاكم في «إكليله» من حديث عمرو بن ثابت بن [1] أبي المقدام، عن أبيه، عن جدِّه القرني، عن عليٍّ قال: (أسندت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى صدري، فسالتْ نفسه)، ومن حديث أمِّ سلَمة: (كان عليٌّ آخرهم عهدًا به، جعل يسارُّه، فاه على فيه، ثُمَّ قُبِض)، ومن حديث عائشة قالت: (قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لمَّا حضره الموت: «ادعوا لي حبيبي»، فقلت: أدعو عليَّ بن أبي طالب، فوالله ما يريد غيره، فلمَّا رآه؛ نزع الثوب الذي كان عليه، ثُمَّ أدخله فيه، فلم يزل يحضنه حتَّى قُبِض ويده عليه)، انتهى.

لم يتكلَّم شيخنا على هذا التعارض، ولا ذكر كلامًا لأحدٍ عليه، وأنا أقول: أمَّا الحديث الثاني؛ فمرسلٌ، هذا من غير أن نتكلَّم في الرجال، وأمَّا قول الشعبيِّ؛ فمقطوع لا حُجَّة فيه؛ لأنَّه لم ينقله عن أحد من الصَّحابة، وأمَّا قول ابن عبَّاس؛ فلا أعلم السند إليه، ويردُّه حديثُ عائشة الصحيح، وأمَّا حديث عَمرو بن ثابت؛ فعَمرٌو متروكٌ رافضيٌّ، وجدُّه لا أعرف له ترجمة، والله أعلم.

وأمَّا (الحاقنة)؛ فهي بالحاء المهملة، وبعد الألف قاف، ثُمَّ نون، قال ابن قُرقُول: وهي ما سفل من الأرض، انتهى، و (الذاقنة)؛ بالذال المعجمة، وبعد الألف قاف، ثُمَّ نون، قال ابن قُرقُول: وهو ما علا؛ يعني: منها، وقيل: الحاقنة: ما دون الترقوتين من الصدر، وقيل: الحاقنة: ما فيه الطعام، وقيل: الحاقنتان: الهيطتان [2] اللتان عند الترقوتين من الصدر وحبلي العاتق، قال أبو عبيد: الحواقن: ما يحقن الطعام في البطن، والذواقن: أسفل من ذلك، وقيل: الذاقنة: ثغرة الذقن، وقيل: طرف الحلقوم، وفي «النِّهاية»: الحاقنة: الوَهْدة المنخفضة بين الترقوتين من الحلق، والذاقنة: الذقن، وقيل: طرف الحلقوم، وقيل: ما يناله الذقن من الصدر، انتهى.

==========

[1] كذا في (أ)، وعليها ضبَّة، وفي الهامش: (عن) من غير علامة تصحيح، والمثبت هو الموافق للمصادر.

(1/7935)

[2] كذا في (أ)؛ بالياء، وفي «المطالع»: (الهبطتان).

(1/7936)

[حديث: كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عنه بيده]

4439# قوله: (حَدَّثَنِي حِبَّانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أنَّ هذا بكسر الحاء المهملة، وأنَّه ابن موسى، وأنَّ (عبد الله) بعده هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.…

قوله: (نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ): (نَفَثَ)؛ بفتح النون والفاء والثاء المثلَّثة، قال ابن قُرقُول: مثل البزْق، وقيل: مثل التَّفْل، إلَّا أنَّ التفل في قول أبي عبيد لا يكون إلَّا ومعه شيء من الريق، وقيل: هما سواء يكون معهما ريق، وقيل: بعكس الأوَّل، وقد قدَّمتُ كلام الجوهريِّ في (غزوة خيبر)، وكلام غيره.

و (المعوِّذات)؛ بكسر الواو، وهذا ظاهرٌ، قال ابن قُرقُول في قوله: (يعوِّذ نفسه بالمعوِّذات): {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، انتهى، وهذا خلاف الظاهر؛ لأنَّ الظاهر من (المعوِّذات) السور الثلاث، ولو أراد السورتين؛ لقال: بالمعوِّذتين، والله أعلم، وقال شيخنا: إنَّها {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، انتهى، وإليهما ينحلُّ كلام النوويِّ في «شرح مسلم» في (الطبِّ)، فإنَّ الحديث المذكور في «مسلم» في (الطبِّ)، انتهى، وكنت أنا قلت: إنَّها السور الثلاث، ولم أر ذلك لأحد، ثُمَّ إنِّي رأيت شيخنا نقل مثله عن الداوديِّ، والله أعلم.

قوله: (طَفقْتُ): تَقَدَّم أنَّها بمعنى: جعلت، وأنَّها بكسر الفاء وفتحها غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (أَنْفثُ): هو بضمِّ الفاء وكسرها، وتَقَدَّم قريبًا الكلام على (النفث) ما هو.

==========

[ج 2 ص 252]

(1/7937)

[حديث: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق]

4440# قوله: (وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعلَى): (ألحقني)؛ بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ، و (الرفيق الأعلى): تَقَدَّم الكلام عليه ما هو.

==========

[ج 2 ص 252]

(1/7938)

[حديث: قال النبي في مرضه الذي لم يقم منه: لعن الله ... ]

4441# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله.

قوله: (لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ): (أُبرِز): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قبرُه): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل؛ يعني: لم يُعمَل عليه حائط.

قوله: (خَشِيَ [1] أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا): (خَشِيَ)؛ بفتح الخاء في أصلنا، وقال النوويُّ في «شرح مسلم»: ضبطناه بضمِّ الخاء وفتحها، وكلاهما صحيحان، وقال ابن قيِّم الجوزيَّة شمس الدين في «إغاثة اللهفان»: هو بضمِّ الخاء؛ تعليلًا لمنع إبراز قبره، انتهى.

==========

[1] في هامش (ق): (ضبطه النوويُّ بالوجهين، ووهَّى ابن إمام الجوزيَّة: «خَشي»؛ أعني: بفتح الخاء).

[ج 2 ص 252]

(1/7939)

[حديث: هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن ... ]

4442# 4443# 444# 445# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ العين المهملة، وفتح الفاء، وتَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد الإمام، و (عُقَيْلٌ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وكذا القبيلة، وكذا يحيى بن عُقَيل؛ هؤلاء في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»، وذكر القبيلة في «مسلم» فقط، ويحيى روى له مسلمٌ فقط، وابن خالدٍ في «البُخاريِّ» و «مسلم»، والله أعلم، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (فَخَرَجَ [1] بَينَ رَجُلَيْن [2] ... ) إلى أن قال: (بَيْنَ العَبَّاسِ [3] بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ و [4] رَجُلٍ آخَرَ): وقد سمَّى ابنُ عبَّاس الآخر: عليَّ بن أبي طالب، تَقَدَّم الكلام على ذلك وما جاء من الروايات في ذلك في أوائل هذا التعليق، وكذا على قوله: (مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ)، وعلى (لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ)، وعلى (المِخْضَب)، و (طَفِقْنَا).

قوله: (وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ): قائل ذلك هو ابن شهاب المذكور في سند الحديث، وتَقَدَّم أنَّه ابن شهاب، وهذا معطوف على السند الذي قبله، فرواه البُخاريُّ عن سعيد بن عُفَير، عن الليث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن عُبيد الله، عن عائشة وابن عبَّاس، وهذا ظاهرٌ، والله أعلم.

قوله: (لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (نَزَل)؛ بفتح النون والزاي: كذا هو مجوَّد في أصلنا، وعليه (صح)؛ أي: نزل به المَلَك لقبض روحه الكريمة، وقد تَقَدَّم في (ذكر بني إسرائيل) الكلام عليه.

[ج 2 ص 252]

قوله: (خَمِيصَةً): تَقَدَّمتْ.

قوله: (أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ): قائل ذلك هو ابن شهاب المذكور في السند، وهذا ظاهرٌ، وهو معطوف بغير حرف العطف على الحديث الذي قبله المسند عن سعيد بن عُفَير، عن الليث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن عُبيد الله به.

قوله: (وَلاَ كُنْتُ أُرَى): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.

(1/7940)

[حديث: مات النبي وإنه لبين حاقنتي وذاقنتي]

4446# قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِي): تَقَدَّم أنَّ اسمه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي، وأسامة: هو الهادي، ويزيد ثِقةٌ، أخرج له الأئمة السِّتَّة، والصحيح: إثبات الياء في (الهادي)، و (ابن العاصي)، و (ابن أبي الموالي)، و (ابن اليماني)، كما تَقَدَّم مرَّات.

قوله: (لَبَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي): تَقَدَّم الكلام عليهما قريبًا؛ فانظره إن أردته.

(1/7941)

[حديث: أصبح بحمد الله بارئًا]

4447# قوله: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ): قال الجيَّانيُّ لمَّا ذكر هذا الموضع وموضعًا في (الاستئذان): لم ينسبه أبو نصر في كتابه، ونسبه ابن السكن في (باب مرض النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم) _يعني: هذا المكان_: إسحاق بن منصور، وأهمله في (الاستئذان)؛ انتهى، وكذا لم ينسبه المِزِّيُّ ولا شيخنا.

و (بِشْر بن شعيب)؛ بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، عن أبيه.

تنبيهٌ: اعلم أنَّ البُخاريَّ احتجَّ ببِشْر بن شعيب بن أبي حمزة عن أبيه، وقد قال ابن معين: لم يسمع من أبيه شيئًا، سألوه عنها _يعني: كتب أبيه_ فقال: لم أسمعها من أبي، إنَّما أنا صاحب طبٍّ، فلم يزالوا به حتَّى حدَّثهم بها، وذكر غيره: أنَّ روايته عن أبيه إنَّما هي بالإجازة، وقال أبو اليمان: سمعت شعيب بن أبي حمزة وقد احتضر: من أراد أن يسمع هذه الكتب؛ فليسمعها من ابني، فإنَّه قد سمعها منِّي، وهذا يردُّ القولين الأوَّلين، ويؤيد فعل البُخاريِّ، وقد رأيت عبارته هنا، فإنَّه قال: بِشْر بن شعيب: حدَّثني أبي، فصرَّح بالتحديث، وهذا صريح في سماعه منه، وقد تَقَدَّمتْ هذه المسألة، والله أعلم.

قوله: (عَنِ الزُّهْرِيِّ [1]: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ): أمَّا (الزُّهريُّ)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم، قال الدِّمْياطيُّ: انفرد البُخاريُّ بهذا الإسناد عن الأئمَّة، وعندي في سماع الزُّهريِّ من عبد الله بن كعب بن مالك نظرٌ، وقد تَقَدَّم في حديث كعب بن مالك رواية الزُّهريِّ عن ابنه عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعبٍ عن أبيه، وكذلك هو عند مسلمٍ: الزُّهريُّ عن عبد الرَّحمن بن كعب عن أبيه، وتارةً: الزُّهريُّ عن عبد الرَّحمن بن عبد الله عن عمِّه عبيد الله؛ جميعًا عن كعب، انتهى.

وما نظَّر فيه الدِّمْياطيُّ؛ صرَّح به أحمد بن صالح كما نقله العلائيُّ في «مراسيله»، فإنَّه قال: لم يسمع الزُّهريُّ من عبد الله بن كعب بن مالك شيئًا، والذي يروي عنه هو عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، انتهى، وما قاله أحمد بن صالح ونظَّر فيه الدِّمْياطيُّ؛ فيه نظر، فإنَّه قال هنا: (أخبرني)، فصرَّح بالإخبار، وأيضًا البُخاريُّ اشترط اللقيَّ، والله أعلم.

قوله: (عَبْدُ الْعَصَا): ومعناه: أنَّه عَلَيهِ السَّلام يموت ويلي غيرُه، فيكون عليٌّ وغيره مأمورين رعيَّةً، والله أعلم.

قوله: (يُتَوَفَّى): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فَلْنَسْأَلْهُ): هو بالجزم، جواب الأمر، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (إِنَّا وَاللهِ): هي (إنَّ) واسمها، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 2 ص 253]

(1/7942)

[حديث: أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين ... ]

4448# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ): ضبطته قريبًا وبعيدًا، وكذا (اللَّيْثُ)، وكذا (عُقَيْلٌ)، وكذا (ابْنُ شِهَابٍ).

قوله: (أَتِمُّوا): هو بقطع الهمزة، وكسر التاء، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 253]

(1/7943)

[حديث: لا إله إلا الله إن للموت سكرات]

4449# قوله: (عَنْ عَمْرِو [1] بْنِ سَعِيدٍ [2]: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): كذا في أصلنا بفتح العين، وزيادة واو في آخره، وهذا خطأ، وقد ضبَّبتُ أنا عليه في أصلنا في الموضعين؛ هذا وقريبًا يأتي، وصوابه: (عُمر بن سعيد)؛ بضمِّ العين، وحذف الواو من آخره، وهو عمر بن سعيد بن أبي حسين القرشيُّ النوفليُّ المَكِّيُّ، يروي عن طاووس، وابن أبي مُلَيْكَة، وغيرِهما، وعنه: عيسى بن يونس وغيرُه، وأمَّا (عَمرو بن سعيد)؛ بفتح العين، وزيادة واو؛ فهو عَمرو بن سعيد الأشدق، ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، وعَمرو بن سعيد مولى ثقيف، ليس للآخر في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما له في كتاب «الأدب المفرد» للبخاريِّ، ولا ثالث لهما في الكُتُب السِّتَّة، ولا في مؤلَّفاتهم التي أخرج رجالَها المِزِّيُّ الحافظ، والله أعلم.

و (ابن أبي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وقدَّمتُ مرارًا أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ رضي الله عنه.

قوله: (وَبَيْنَ سحْرِي وَنَحْرِي): (السَّحْر)؛ بفتح السين وضمِّها وإسكان الحاء المهملتين، قال ابن قُرقُول: والسّحْر: الرئة، بضمِّ السين وفتحها، وقال الداوديُّ: ما بين ثدييها، وهو تفسير على المعنى والتقريب، وإلَّا؛ فهو ما قدَّمناه، وقال بعضهم: (شَجْري)؛ بالجيم والشين؛ يعني: المعجمة، و (نحري)؛ ومعناه: بين تشبيك يديَّ وصدري، انتهى.

وقال ابن الأثير: السحْر: الرئة؛ أي: أنَّه مات وهو مستند إلى صدرها، وما يحاذي سحرها منه، وقيل: السحْر: ما لصق بالحلقوم من أعلى البطن، وحكى القتيبيُّ عن بعضهم: أنَّه بالشين المعجمة، والجيم؛ يعني: والشين مفتوحة، والجيم ساكنة، قال ابن الأثير: وإنَّه سئل عن ذلك، فشبك بين أصابعه، وقدَّمها عن صدره؛ كأنَّه يضمُّ شيئًا إليه؛ أي: أنَّه مات وقد ضمَّته بيديها إلى نحرها وصدرها، والشَّجْر: التشبيك، وهو الذقن أيضًا، والمحفوظ الأوَّل، انتهى.

و (النحر): مجتمع التراقي على الصدر، وهو معروف، والله أعلم.

قوله: (دَخَلَ [3] عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ): تَقَدَّم أنَّه عبد الرَّحمن بن أبي بكر، وتَقَدَّم ما في «أبي يعلى الموصليِّ» قريبًا، والكلام عليه، والله أعلم.

قوله: (رَكْوَةٌ أَوْ عُلْبَةٌ): تَقَدَّم أنَّ (الرَّكوة) بفتح الراء، وتكسر، قال شيخنا: وحكى ابن دحية تثليثها، انتهى، وهي شبه تور من أدم.

[ج 2 ص 253]

قوله: (فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى): تَقَدَّم الكلام عليه.

(1/7944)

[حديث: أن رسول الله كان يسأل في مرضه الذي مات]

4450# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك بن أنس الإمام.

قوله: (لبين سَحْرِي ونَحْرِي [1]): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا.

قوله: (وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي): الأوَّل: بالرفع، والثاني: منصوب، وإن عكست؛ انعكس الأمر؛ لأنَّه من باب المفاعلة.

قوله: (يَسْتَنُّ بِهِ): تَقَدَّم أنَّ (الاستنان) الاستياكُ قريبًا، وكذا تَقَدَّم (قضِمته)، وأنَّه بكسر الضاد على المشهور.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (نَحْرِي وَسَحْرِي).

[ج 2 ص 254]

(1/7945)

[حديث: في الرفيق الأعلى في الرفيق الأعلى]

4451# قوله: (عَنْ أَيُّوبَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ) قريبًا: أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وكذا (بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي)، وكذا (الرَّفِيقِ الأَعْلَى).

==========

[ج 2 ص 254]

(1/7946)

[حديث: أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل ... ]

4452# 4453# 4454# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، و (اللَّيْثُ): هو ابن سعد، و (عُقَيْلٌ)؛ بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وأنَّ (أَبَا سَلَمَة) عبد الله _ويقال: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (بِالسُّنحِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه بضمِّ السين والنون وإسكانها، وبالحاء، المهملتين، وهو منازل بني الحارث بن الخزرج، بالعوالي من المدينة، بينه وبين منزله عَلَيهِ السَّلام ميل.

قوله: (فَتَيَمَّمَ): أي: قصد.

قوله: (وَهْوَ مُتغَشًّى [1] بِثَوْبِ): (متغشًّى) في أصلنا: بالتنوين، وفتح الشين، وهو مرفوع خبر، وأمَّا أنا؛ فأحفظه: (متغشٍ)، مرفوعٌ على أنَّه خبر، والله أعلم.

قوله: (بِثَوْبِ حِبَرَةٍ): هي بكسر الحاء المهملة، وفتح الموحَّدة، عَصْبُ اليمن، وقال الداوديُّ: الحِبَرة: ثوبٌ أخضر.

قوله: (ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ): تَقَدَّم الكلام على (أكبَّ) أنَّه لازمٌ، وأنَّ (كبَّ) متعدٍّ، وعلى أخوات هذا الفعل، في أوَّل هذا التعليق.

قوله: (فَقَبَّلَهُ): تَقَدَّم أنَّه قبَّله بين عينيه، كما عزوته في (الجنائز) إلى النَّسائيِّ، وهو فيها في «ابن ماجه» أيضًا.

قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ ... ) إلى آخره: قول الزُّهريِّ هو معطوف على السند الذي قبله؛ يعني: بالسند الذي قبله، وفي أصلنا: (وحدَّثني أبو سلمة)، ولم يذكر فيها: (قال [2] الزُّهريُّ)، والأولى نسخة في أصلنا، وهذه أصلٌ، وقائل: (وحدَّثني أبو سلمة) هو الزُّهريُّ؛ يعني: بالسند الذي قبله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاللهِ ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو الزُّهريُّ، ورواية ابن المُسَيّب سعيد عن عمر مرسلة، لم يسمع منه إلَّا نعي النعمان بن مقرِّن على المنبر، وقد وُلِد لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه، قاله أبو حاتم، انتهى.

وحديثه عن عمر في «السنن الأربعة»، وعن أبي بكر في «ابن ماجه»، قاله العلائيُّ، وإنَّما هي في «سنن أبي داود»، على أنَّ شيخنا العراقيَّ وهَّم المِزِّيَّ في ذلك، وإنَّما الذي في «أبي داود» روايته مرسلة، ليس فيها أبو بكر، انتهى، قال المِزِّيُّ في «تهذيبه»: (قال أحمد: رأى سعيدٌ عمرَ وسمع منه، وإذا لم نقبل «سعيد عن عمر»؛ فمن نقبل؟)، انتهى، وقد تَقَدَّم ذلك في (باب الاستلقاء في المسجد) بزيادة، والله أعلم.

قوله: (فَعَقِرْتُ): هو بفتح العين المهملة، وكسر القاف، قال ابن قُرقُول: قال يعقوب وغيره: عَقِر الرجل، فهو عَقِرٌ؛ إذا فجئه [3] أمر، فلم يقدر على أن يتَقَدَّم أو يتأخَّر، وقال الخليل: عَقِر الرجلُ؛ إذا دَهِشَ، وضبطه القابسيُّ: عَقُر؛ بضمِّ القاف، وهو وَهم، انتهى.

(1/7947)

وفي أصلنا: (فعَقِرت)؛ بفتح العين، وكسر القاف، وفي الهامش: (فعُقِرت)؛ بضمِّ العين، وكسر القاف، وعليها علامة راويها، وقال شيخنا: ضبطه أبو الحسن بضمِّ العين، وضبطه غيره بفتحها، وكذا هو في كتب اللغة، انتهى.

قوله: (وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ): وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (هويت)؛ بحذف الهمزة، قال الدِّمْياطيُّ: هَوَى؛ بالفتح، يَهْوي هَويًّا؛ أي: سقط إلى أسفل، وهَوِي؛ بالكسر، يَهوِي هوًى؛ إذا أحبَّ، وأهوى إليه بيده ليأخذه، انتهى، قال في «المطالع»: (هوَيت إلى الأرض؛ أي: سقطت؛ بفتح الواو، وهَوى أيضًا بمعنى: هلك ومات؛ ومنه: {فَقَدْ هَوَى} [طه: 81]، وزعم بعضهم أنَّ صواب هذا الحرف: «أهوى إلى الأرض»، وكذا جاء في «البُخاريِّ» في «الوفاة»، ولم يقل شيئًا، إنَّما يقال من السقوط: هَوى؛ ومنه: «يَهْوِي في النار»؛ أي: ينزل ساقطًا، وقيل: أهوى من قريب، وهَوَى من بعيد)، انتهى.

(1/7948)

[حديث: أن أبا بكر قبل النبي بعد موته]

4455# 4456# 4457# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو القطَّان الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ فيما يظهر لي وإن كان السُّفيانان رويا عنه، وكذا يحيى القطَّان روى عنهما، والله أعلم.

قوله: (قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه قبَّله بين عينيه، كما رواه النَّسائيُّ وابن ماجه.

==========

[ج 2 ص 254]

(1/7949)

[حديث: لا يبقى أحد في البيت إلا لد إلا العباس فإنه لم يشهدكم]

4458# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): أمَّا (عليٌّ)؛ فهو ابن عبد الله بن المَدينيِّ، الحافظ الناقد، وأمَّا (يحيى)؛ فهو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحفَّاظ.

قوله: (وَزَادَ: وَقَالَتْ [1] عَائِشَةُ)؛ يعني: فروى الحديث المذكور قبله باللفظ أو بالمعنى والسند يحيى، وزاد كذا وكذا، والله أعلم.

قوله: (لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ): (اللَّدود)؛ بفتح اللام: الدواء الذي يُصَبُّ من أحد جانبي الفم؛ وهما لديداه، ولدَدْتُه: فعلت ذلك به.

تنبيهٌ: اعلم أنَّه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لُدَّ يوم الأحد، وتُوُفِّيَ ثاني يوم، يوم الاثنين حين زاغت الشمس، وقد تَقَدَّم متى تُوُفِّيَ من النهار، ويأتي في (الطبِّ) بأيِّ داء تُوُفِّيَ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إن شاء الله تعالى ذلك، وسأذكر في (الطبِّ) بمَ لدُّوه _إن شاء الله تعالى_ ومن أشار به.

قوله: (كَرَاهِيَة الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ): (كراهية): تَقَدَّم مرَّات أنَّها بتخفيف الياء، وأنَّه يقال من حيث اللغة: كراهي، و (كراهية) في أصلنا: مرفوعة ومنصوبة بالقلم، وكذا في قوله بعده: (كَرَاهِيَة الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ)، وإعرابهما ظاهر، أمَّا الرفع؛ أي: هذا منه كراهية، وهو أوجه من النصب، قال أبو البقاء: الرفع خبر مبتدأ؛ أي: هذا الامتناع كراهية، ويحتمل النصب على أن يكون مفعولًا له؛ أي: للكراهية، ومصدر؛ أي: كرهه كراهيةً.

قوله: (لاَ يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ إِلاَّ لُدَّ [2] إِلاَّ الْعبَّاس): قال شيخنا: فيه مشروعيَّة القصاص فيما يصاب به الإنسان عمدًا، وفيه أنَّه عَلَيهِ السَّلام ربَّما انتقم لنفسه، ويبقى معنى حديث عائشة: (إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا) [خ¦3560]: أنَّ ما أُصيب به في بدنه قد انتهكت به حرمة الله، وأنَّ تركَ الانتقام تركُ الأموال، انتهى، وسأذكر فيه كلامًا في (كتاب الطبِّ)، وهو حسنٌ، نقله شيخنا هناك؛ فانظره، والله أعلم.

تنبيهٌ: ذكر السهيليُّ في أواخر «روضه»، وذكر حديث العبَّاس وأنَّه قال: (لألُدَّنَّه)، فلدُّوه، وحسبوا أنَّ به ذات الجنب: ففي هذا الحديث: أنَّ العبَّاس حضر ولدَّ مع من لدَّ، وفي «الصحيحين»: أنَّه عَلَيهِ السَّلام قال: «لا يبقينَّ أحد بالبيت إلَّا لُدَّ إلَّا عمِّيَ العبَّاس، فإنَّه لم يشهدكم»، وهذا أصحُّ من رواية ابن إسحاق، انتهى.

[ج 2 ص 254]

(1/7950)

قوله: (رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ... ) إلى آخره: أمَّا (ابن أبي الزناد)؛ فقد تَقَدَّم مِرارًا أنَّ (أبا الزناد) بالنون، وتَقَدَّم أنَّ ابنَه اسمُه عبد الرَّحمن بن عبد الله بن ذكوان، وتَقَدَّم أنَّ عبد الرَّحمن ليس على شرط الكتاب، وإنَّما علَّق له البُخاريُّ كهذا، وقد تَقَدَّم الكلام عليه، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن عروة بن الزُّبَير، والباقي معروفٌ، وأراد بهذا تقوية الحديث، والله أعلم، وتعليق ابن أبي الزناد لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

(1/7951)

[حديث: من قاله؟! لقد رأيت النبي وإني لمسندته إلى صدري ... ]

4459# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (أَزْهَرُ) بعده: هو ابن سعد السَّمَّان، تَقَدَّم، وهو حُجَّة، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عون بن أرطبان، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (الأَسْوَدُ): هو ابن يزيد النخعيُّ الكوفيُّ، تَقَدَّموا.

قوله: (ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ): (ذُكِر): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ): تَقَدَّم الكلام على أحاديث رُوِيَت في أنَّ عليًّا وصيُّ النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، والكلام عليها؛ فانظرها في (الوصيَّة).

قوله: (فَدَعَا بِالطَّسْتِ): تَقَدَّم اللغات فيه، وإنَّما دعا به؛ ليبول فيه، كما في بعض السنن و «الشمائل» للترمذيِّ.

قوله: (فَانْخَنَثَ): أي: انثنى ومال للسقوط، تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 255]

(1/7952)

[حديث طلحة: سألت بن أبي أوفى: أوصى النبي؟]

4460# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الميم، وإسكان الغين المعجمة، وفتح الواو، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (طَلْحَةُ) بعده: هو طلحة بن مُصَرِّف بن كعب بن عمرو الياميُّ، ومُصَرِّف؛ بضمِّ الميم، وفتح الصاد المهملة، وكسر الراء المشدَّدة، ثُمَّ فاء، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (عَبْدُ اللهِ بْنً أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّم، واسم أبي أوفى: علقمة بن خالد، وأبو أوفى قدَّمتُ أنَّه صَحابيٌّ، وقد تَقَدَّم أيضًا.

قوله: (كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ): (كُتِب): مبنيُّ لِما لم يُسَمَّ فاعلُه، و (الوصيةُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وكذا (أُمِرُوا): مبنيٌّ أيضًا لِما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 2 ص 255]

(1/7953)

[حديث: ما ترك رسول الله دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أمة]

4461# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ): هو بفتح الهمزة، وإسكان الحاء المهملة، وبالصاد المهملة أيضًا، والواو مفتوحة، وتَقَدَّم أنَّ اسمه سلَّام _بتشديد اللام_ ابن سُلَيم؛ بضمِّ السين، وفتح اللام، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، وتَقَدَّم الكلام على (عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ) أنَّه ختن رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وأنَّه أخو جويرية بنت الحارث أمِّ المؤمنين، رضي الله عنهما، وتَقَدَّم أنَّ الحارث والدهما أسلم وصحب؛ فانظر ذلك في (الوصايا).

قوله: (إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الوصايا)، وأنَّ الظاهر أنَّها الدلدل، وتَقَدَّم لِمَ قلت هذا.

قوله: (وَسِلاَحَهُ): تَقَدَّم الكلام على (سلاحه) في (الوصايا)؛ فانظره.

قوله: (وَأَرْضًا): تَقَدَّم أنَّها فدك والتي بخيبر، قاله شيخنا عن ابن التين.

==========

[ج 2 ص 255]

(1/7954)

[حديث: ليس على أبيك كرب بعد اليوم]

4462# قوله: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ): هذا هو ابن زيد بن درهم الإمام، وقد تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ حمَّادًا إذا لم يُنسَب؛ فإن كان الراوي عنه سليمان بن حرب _كهذا_ أو محمَّد بن الفضل عَارم؛ فهو ابن زيد، وإن كان الراوي عنه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عفَّان أو حجَّاج بن منهال؛ فهو ابن سلمة، وكذا إذا كان الراوي عنه هدبة بن خالد، والله أعلم، وقد تَقَدَّم أنَّ حمَّاد بن سلمة لم يخرِّج له البُخاريُّ في الأصول، وإنَّما علَّق له، وأخرج له مسلم والأربعة، والله أعلم.

قوله: (وَا كَرْبَ أَبَاهْ): قال بعضهم: هذا فيه نظر، وقد رواه مبارك بن فضالة عن ثابت: (وا كرباه، إلى جبريل ننعاه)، انتهى، وهذا فيه نظر، وكيف يكون فيه نظر وقد قال عَلَيهِ السَّلام في جوابها هنا: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ»، نعم؛ رواه ابن خزيمة في روايةٍ: (وا كرباه)، فعلى هذا تكون فاطمة قالت ذلك مرَّتين؛ مرَّةً: (وا كرب أبتاه)، ومرَّةً: (وا كرباه)، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 255]

(1/7955)

[باب آخر ما تكلم النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله: (بابُ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): فائدةٌ: روى ابن سعد في «طبقاته» بإسناد جيِّد عن أنس رضي الله عنه: كانت عامَّة وصيَّة رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم حين حضره الموت: «الصلاة، وما ملكت أيمانكم»، حتَّى جعل يغرغر بها في صدره، وما كاد يفصح بها لسانه، وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: آخر ما عهد به عَلَيهِ السَّلام أنَّه أوصى بالرَّهاويِّين، وجعل يقول: «إن بقيت؛ لا أدع بجزيرة العرب دينين»، وفي حديث عن عليِّ بن عبد الله بن عبَّاس: أوصى بالدَّوسيِّين والرَّهاويِّين خيرًا، وعن جابر رضي الله عنه: أوصى قبل موته بثلاث: «ألا لا يموتنَّ أحدكم إلَّا وهو يحسن الظنَّ بالله ... »، وأخرجه مسلم أيضًا، وفي «مسند أحمد» من حديث أبي عبيدة ابن الجرَّاح: آخر ما تكلم به رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «أخرجوا يهود الحجاز وأهل نَجْران من جزيرة العرب»، وفي «الإكليل»: « ... اليهود والنصارى من الحجاز»، وروى سليمان بن طرخان: آخر ما تكلَّم به: «جلال لربي الرفيع، فقد بلَّغت»، انتهى ما ذكره شيخنا، وفي «الصحيح»: «اللَّهمَّ الرفيق الأعلى»، والجمع ممكن أن يؤوَّل ما تَقَدَّم أنَّه من آخر كلامه عَلَيهِ السَّلام.

==========

[ج 2 ص 255]

(1/7956)

[حديث: إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير]

4463# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ محمَّد): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: هو ابن المبارك، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ): بفتح ياء أبيه وكسرها، وغير أبيه ممن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، وهذه الطريق لم أرها في «أطراف المِزِّيِّ»، إنَّما رأيت فيها الطريق التي في (الدعوات) وفي (الرقاق) مرَّتين، وأسقط ما هنا، ولعلَّ هذه الطريق سقطت من نسختي، وذلك لأنَّها ثابتة في أصلنا القاهريِّ وأصلنا الدِّمَشْقيِّ هنا، والله أعلم، قول الزُّهريِّ: (أخبرني سعيد بن المُسَيّب في رجال من أهل العلم: أنَّ عائشة)، سُمِّيَ منهم: عروة _وهو عند البُخاريِّ_ وأبو سلمة بن عبد الرَّحمن.

قوله: (ثُمَّ يُخَيَّرَ): هو منصوبٌ معطوفٌ على (يرى)، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ): هو بفتح النون والزاي؛ أي: نزل به المَلَك لقبض روحه الكريمة، وقد تَقَدَّم في (ذكر بني إسرائيل) ما فيه.

قوله: (فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ): (بصرَه): منصوب مفعول.

قوله: (اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى): تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (إِذًا لَا يَخْتَارنَا): منصوب كذا هنا في أصلنا، وتَقَدَّم أنَّه مرفوع أيضًا على الحال، وقد تَقَدَّم قريبًا، وسأذكر فيه كلامًا في (الرقائق)؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 255]

(1/7957)

[باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم]

(1/7958)

[حديث: أن النبي لبث بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن]

4464# 4465# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، و (شَيْبَانُ) بعده: هو ابن عبد الرَّحمن النحويُّ، وتَقَدَّم مترجمًا، وأنَّه منسوب إلى القبيلة، لا إلى صناعة النحو، و (يَحْيَى) بعده: تَقَدَّم أنَّه يحيى بن أبي كَثِير، و (أبو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر.

قوله: (لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ ... ) إلى آخره: هذا تفريعٌ على أنَّه عَلَيهِ السَّلام عاش ستِّين سَنةً، وقد قدَّمتُ في المسألة أقوالًا؛ هذا أحدها، والثاني: ثلاثًا وستِّين سَنةً، وهذا أصحُّ، والثالث: خمسًا وستِّين، وذكرت غير ذلك أيضًا، وقال شيخنا العراقيُّ: عن ستِّين، وخمسِ وستِّين؛ قولان وهَّنوهما بمَرَّة، قال بعض الحفَّاظ: واتَّفق العلماء على أنَّ أصحَّها ثلاثٌ وستُّون، أو تأوَّلوا الباقي عليه، فرواية: (ستِّين) اقتصر فيها على العقود، وترك الكسر، ورواية: (الخمس) متأوَّلة أيضًا، أو حصل فيها اشتباه، وقد أنكر عروةُ على ابن عبَّاس قولَه: خمسًا وستِّين، ونسبه إلى

[ج 2 ص 255]

الغلط، وأنَّه لم يدرك أوَّلَ النبوَّة، ولا كثرت صحبته، بخلاف غيره، واتَّفقوا على أنَّه أقام بالمدينة عشرًا، وإنَّما الخلاف في إقامته في مَكَّة بعد النبوَّة قبل الهجرة، وقد قدَّمتُ جمعين للسهيليِّ بين الأقوال في (باب المبعث)، وقدَّمتُ جمعًا آخر لغيره، وقدَّمتُ الاختلاف في كم كان عمره حين تُوُفِّيَ، وحين نُبِّئ، فيه، والله أعلم.

(1/7959)

[حديث: أن رسول الله توفي وهو ابن ثلاث وستين]

4466# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعد الإمام، وأنَّ (عُقَيلًا) بضمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وأنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (تُوُفِّيَ وَهْوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ): تَقَدَّم الكلام على ذلك قريبًا جدًّا، وفي (باب المبعث) مطوَّلًا، وأنَّ هذا هو الصحيح في عمره عَلَيهِ السَّلام.

(1/7960)

[باب آخر أحواله صلى الله عليه وسلم]

(1/7961)

[حديث: توفي النبي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين]

4467# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، و (سُفْيَانُ) بعده: هو فيما يظهر أنَّه الثوريُّ، و (الأَعْمَشُ): هو سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، تَقَدَّم مِرارًا، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، و (الأَسْوَدُ): هو ابن يزيد النخعيُّ.

قوله: (وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلاَثِينَ): تَقَدَّم أنَّ هذه الدرع هي ذات الفضول، قاله غير واحد، وتَقَدَّمتْ أدراعُه عَلَيهِ السَّلام، وتَقَدَّم أنَّ اليَهوديَّ أبو الشحم، وما وقع فيه في بعض كتب الشافعيَّة، وتَقَدَّم أنَّ الثلاثين كانت ثلاثين صاعًا من شعير، وتَقَدَّم ما في ذلك من الروايات في (البيع)، وتَقَدَّم كم كان الأجل.

فائدةٌ: إنَّما ذكر هذا الحديث ببابٍ مفرد؛ ليُعلَم أنَّه من آخر أحواله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

(1/7962)

[باب بعث النبي أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه]

قوله: (بابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ [1] فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ): (أسامةَ): منصوب مفعول المصدر؛ وهو (بعث)، و (ابنَ): تابع له.

قوله: (فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ): اعلم أنَّما بعثه قبل ابتداء مرضه، وقد يُجابُ عنه بأنَّه عَلَيهِ السَّلام إنَّما عقد اللواء له وهو مريض، أو أنَّه عَلَيهِ السَّلام لمَّا قال وهو مريض: «أنفذوا جيش أسامة»؛ أطلق البُخاريُّ عليه في التبويب ما ذكر، وسأذكر ذلك قريبًا جدًّا.

ثُمَّ اعلم أنَّ هذه السريَّة التي بعثها عَلَيهِ السَّلام _سريَّة أسامة بن زيد بن حارثة_ بعثها إلى أُبنى؛ وهي أرض الشَّراة، ناحية البلقاء، قالوا: لمَّا كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من مهاجره عَلَيهِ السَّلام؛ أمر رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم الناس بالتهيُّؤ لغزو الروم، فلمَّا كان من الغد؛ دعا أسامة بن زيد، فقال: «سر إلى موضع مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد ولَّيتك هذا الجيش، فأغِرْ صباحًا على أهل أُبنى، وحرِّق عليهم، وأسرع السير؛ لسبق الأخبار، فإن ظَفَّرَك الله؛ فاقتل الليث فيهم، وخذ معك الأدلَّاء، وقدِّم العيون والطلائع معك»، فلمَّا كان يوم الأربعاء؛ بُدِء برسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وجعُه، فحُمَّ وصُدِع، فلمَّا أصبح يوم الخميس؛ عقد لأسامة اللواء بيده، ثُمَّ قال: «اغزُ بسم الله وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله»، فخرج بلوائه معقودًا، فدفعه إلى بريدة بن الحُصيب الأسلميِّ، وعسكر بالجُرف، فلم يبقَ أحد من وجوه المهاجرين الأوَّلين والأنصار إلا انتدبَ في تلك الغزوة؛ منهم: أبو بكر، وقد تَقَدَّم إنكار أبي العبَّاس ابن تيمية كون أبي بكر معهم، والذي قاله ظاهر صحيح، وكيف يستخلفه في الصلاة ويأمره بالخروج؟! وقيل: إنَّ عمر كان معهم، انتهى، وفيه نظرٌ؛ لأنَّ عائشة قالت لحفصة: (قولي: فلو أمرت عمر)، اللهمَّ إلَّا ألَّا تكون عائشة وحفصة علمتا تعيين عمر، والله أعلم، وكان معهم أبو عبيدة ابن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وقتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم بن حريش.

فتكلَّم قوم، وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأوَّلين، والذي عُرِف من القائلين: عيَّاش بن أبي ربيعة، فغضب رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم غضبًا شديدًا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة، فصعد المنبر، وذلك يوم السبت لعشر خلون من شهر ربيع الأوَّل سنة إحدى عشرة، والقصَّة معروفةٌ مشهورةٌ في كتب المغازي والسير، فلا نطوِّل بذكرها كلِّها.

(1/7963)

وقد تأخَّر الجيش؛ لموت رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فلمَّا كان هلال ربيع الآخر سنة إحدى عشرة؛ خرج أسامة فسار إلى أهل أُبنى عشرين ليلة، فشنَّ عليهم الغارة، وكان شعارهم: (يا منصورُ أَمِتْ)، فقتل من أشرف له، وسبى من قدم عليه، وحرَّق في طوائفها بالنار، وحرق منازلهم وحرثهم ونخلهم، وأقاموا يومهم ذلك في تعبئة ما أصابوا من الغنائم، وكان أسامة على فرس أبيه سبحة، وقتل قاتل أبيه في الغارة، وأسهم للفرس سهمين، وللفارس سهمًا، وأخذ لنفسه مثلَ ذلك، فلمَّا أمسى؛ أمر الناس بالرحيل، ثُمَّ أغذَّ السير، فوردوا وادي [2] القرى في تسع ليال، ثُمَّ بعث بشيرًا إلى المدينة بسلامتهم، ثُمَّ قصد بعدُ في السَّير، فسار إلى المدينة ستًّا، وما أصيب من المسلمين أحد، وخرج أبو بكر في المهاجرين وأهلِ المدينة يتلقَّونهم سرورًا بسلامتهم، ودخل على فرس أبيه سبحة، واللواء أمامه يحمله بُريدة بن الحُصيب، حتَّى انتهى إلى باب المسجد فدخل، فصلَّى ركعتين، ثُمَّ انصرف إلى بيته، وبلغ هرقلَ _وهو بحمص_ ما صنع أسامةُ، فبعث رابطةً تكون بالبلقاء، فلم يزل هنالك حتَّى قدمتِ البعوث إلى الشام في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُما).

[2] في (أ): (ودي)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 256]

(1/7964)

[حديث: قد بلغني أنكم قلتم في أسامة وإنه أحب الناس إلي]

4468# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد، و (سَالِمٌ): هو ابن عبد الله بن عمر بن الخَطَّاب.

قوله: (اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ، فَقَالُوا فِيهِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه استعمله على جيش أُبنى، وقدَّمتُه ملخَّصًا أعلاه، وتَقَدَّم أعلاه ما قالوا فيه، ومن عُرِف من القائلين، وقبله أطول ممَّا هنا بعد (خيبر).

==========

[ج 2 ص 256]

(1/7965)

[حديث: إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل .. ]

4469# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام.

قوله: (بَعَثَ بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ): تَقَدَّم أعلاه الكلامُ على هذا البعث.

قوله: (إِنْ تَطْعنُوا): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ العين وفتحها، وكذا (تَطْعنُونَ)، وهذا على رأي الفرَّاء، فإنَّه يُجيز الفتح، حكاه الجوهريُّ عنه، وتَقَدَّم الكلام على قوله: (فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ [1]) في (باب غزوة زيد بن حارثة) بعد (غزوة خيبر)، والله أعلم.

[ج 2 ص 256]

قوله: (وَايْمُ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ همزه همزُ وصل، وأنَّ بعضهم قطع، وتَقَدَّم الكلام على معناها مطوَّلًا.

قوله: (إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا): هو بفتح الخاء المعجمة، وكسر اللام، وبالقاف؛ أي: حقيقًا وجديرًا.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي رواية الحديث رقم (4250)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قبلُ).

(1/7966)

[باب من وصل المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم]

(1/7967)

[حديث: خرجنا من اليمن مهاجرين فقدمنا الجحفة]

4470# قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تَقَدَّم أنَّه ابن الفرج، المصريُّ الفقيه، وتَقَدَّم مترجمًا، وتَقَدَّم (ابْنُ وَهْبٍ): أنَّه عبد الله بن وهب المصريُّ، أحد الأعلام، و (عَمْرٌو) بعده: هو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أُمَيَّة، الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، وتَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ): بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهو يزيد بن أبي حَبِيب، و (أَبُو الخَيْرِ): تَقَدَّم أنَّ اسمه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، ويزن من حمير، و (الصُّنَابِحِيُّ): اسمه عبد الرَّحمن بن عُسيلة بن عِسْل بن عَسَّال الصُّنَابحيُّ _بضمِّ الصاد، ثُمَّ نون مخفَّفة، وبعد الألف موحَّدة، ثُمَّ حاء، مهملتين، ثُمَّ ياء النسبة_ المراديُّ، وصُنَابح: بطن من مراد، قُبِض صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم وهو بالجحفة، فقدم المدينة بعد خمس ليال كما هنا، قيل: أو نحوها، ثُمَّ نزل الشام، روى عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم مرسلًا، وعن أبي بكر، وعمر، وبلال، وعُبادة بن الصامت، ومُعاذ، وجماعة، وعنه: سويد بن غفلة، وابن محيريز، وأبو الخير مرثد، وأبو عبد الرَّحمن الحُبُليُّ، وعطاء بن يَسار، ومكحول، وغيرُهم، وثَّقه ابن سعد وغيره، تُوُفِّيَ في خلافة عبد الملك، تابعيٌّ كبير، جليل القدر، أخرج له الجماعة.

==========

[ج 2 ص 257]

(1/7968)

[باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم؟]

قوله: (بابٌ: كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): اعلم أنِّي قدَّمتُ كم غزا عَلَيهِ السَّلام من غزوة بالاختلاف في ذلك، وكم قاتل منها في غزوة، وكم أرسل من سريَّة، في أوَّل (كتاب المغازي).

==========

[ج 2 ص 257]

(1/7969)

[حديث أبي إسحاق: سألت زيد بن أرقم: كم غزوت مع رسول الله؟]

4471# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرو بن عبد الله.

قوله: (سَبْعَ عَشْرَةَ ... ) إلى قوله: (تِسْعَ عَشْرَةَ): تَقَدَّم الكلام على هذا، وأنَّ مراد زيدِ بن أرقم: أنَّ منها تسع عشرة، وكذا مراد بريدة في حديثه، وفي بعض طرقه في «مسلم»: (ستَّ عشرة)، وفي «مسلم» عن جابر: (أنَّه غزا مع رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم تسع عشرة غزوة)، قال: (ولم أشهد بدرًا ولا أُحدًا)، فهذا تصريحٌ منه بأنَّ غزواته عَلَيهِ السَّلام ليست منحصرة في تسع عشرة، وقد جوَّزت فيه احتمالًا آخر في أوَّل (المغازي).

==========

[ج 2 ص 257]

(1/7970)

[حديث بريدة: غزا مع رسول الله ست عشرة غزوةً]

4473# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ): هذا هو أحمد بن الحسن بن جُنيدب التِّرْمِذيُّ الحافظ، أبو الحسن، أحد الجوَّالين، عن أحمد ابن حنبل، وأبي عاصم، والفريابيِّ، وغيرِهم، وعنه: البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، وجعفرٌ الفريابيُّ، وابن خزيمة، ومحمَّد بن جَرِير، قال ابن خزيمة: كان أحدَ أوعية الحديث، انتهى، وهو من تلامذة أحمدَ ابنِ حنبل، وقد روى البُخاريُّ عنه عن أحمد، أخرج له من روى عنه من الأئمَّة، ذكره ابن حِبَّان في «ثقاته».

و (ابْنُ بُرَيْدَةَ): عبد الله بن بريدة، قاضي مروَ وعالمُها.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 257]

(1/7971)

((65)) (كِتَابُ التَّفْسِير) ... إلى (آل عمران)

اعلم أنِّي لا أذكر في تفسير هذا الإمام شيخ الإسلام أقوالًا زائدة على ما ذكره، فإنَّها كثيرة جدًّا، وكلُّ الذي قاله من تفسير الصَّحابة والتابعين وغيرهم، عزا غالب ذلك شيخنا إلى الكتب التي هو فيها، وإلى قائليها، ولكن أذكر ما قد تُشكِل قراءته على بعض الناس، أو ما قاله ورأيت في كلام غيره مخالفةً له، أمَّا ما قاله وهو قولٌ لأهل اللغة أو لبعض المفسِّرين؛ فإنِّي لا أُعرِّج عليه غالبًا، وجلُّ مقصودي ضبط ما قد تُشكِل قراءته، فإنَّ هذا الإمام يُؤخَذُ ما نقله مسلَّمًا إليه، فإنَّه عزيزٌ نظيرُه في زمانه، فكيف بهذه الأزمان؟!

تنبيهٌ: قدَّمتُ في أوَّل (كتاب بدء الخلق) في قوله: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: 5] قاعدةً تنفعك في قراءة هذا التفسير.

تنبيهٌ آخر: قدَّمتُ أنَّ ترتيب الآي لا خلاف أنَّه من جبريل عن الله عزَّ وجلَّ، وأمَّا ترتيب السور؛ فذكرت فيه قولين مع احتمال كلٍّ منهما، وأنَّ الصحيح: أنَّه من تصرُّف الصَّحابة، والله أعلم، وعلى هذا مشى البُخاريُّ، وهو ترتيب المصحف اليوم.

(1/7972)

(((1))) [سورة الفاتحة]

قوله: ({الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]: اسْمَانِ مِنَ الرَّحْمَةِ)، انتهى: وهذا مثل: نَدمان ونديم، وهما من أبنية المبالغة، و (رحمن) أبلغ من (رحيم)، و {الرَّحمن}: خاصٌّ به سبحانه، لا يُسمَّى به غيره، ولا يوصف به إلَّا هو، وأمَّا {الرَّحِيمِ}؛ فيُوصَف به غيره، وقول البُخاريِّ: (اسمان من الرحمة)؛ أي: مشتقَّان من الرحمة، وقد قيل: إنَّ {الرَّحمن} ليس مشتقًّا؛ لأنَّ العرب لم تعرفه في قولهم: {وَمَا الرَّحْمَن}؟ [الفرقان: 60]، وأجاب ابن العربيِّ عنه: بأنَّهم جهلوا الصفة دون الموصوف؛ ولذلك لم يقولوا: ومَن الرَّحمن؟ ومِن غريب ما رأيته في إعراب الإمام شهاب الدين السمين _وهو كثير الفوائد_ أنَّه قال: ومن غريب ما نُقِل فيه: أنَّه معرَّب، وليس بعربيِّ الأصل، وهذا يأتي، قال: وإنَّه بالخاء المعجمة، قال ثعلب والمبرِّد ... ، ثُمَّ أنشد شاهدًا على ذلك، وهذا غريبٌ جدًّا، وكأنَّها لثغةٌ، والله أعلم.

تنبيهٌ: قال شيخنا: وأغربَ أحمدُ بن يحيى حيث قال: {الرَّحمن}: عربيٌّ، و {الرَّحِيم}: عبرانيٌّ، انتهى.

==========

[ج 2 ص 257]

(1/7973)

[باب ما جاء في فاتحة الكتاب]

قوله: (وَسُمِّيَتْ أُمّ الْكِتَابِ): (سُمِّيت): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (أم): يجوز فيه النصب والرفع، وهما ظاهران.

تنبيهٌ غريب: كره تسميتها بـ (أمِّ الكتاب) الحسنُ وابن سيرين، كما حكاه القُرْطبيُّ عنهما، وقد رأيتها أنا في كلام السهيليِّ في «روضه»، وحُكِيَ كراهة تسميتها بـ (أمِّ الكتاب) عن بقيِّ بن مَخْلد الإمام الحافظ شيخ الإسلام المغربيِّ صاحبِ المسند الكبير والتفسير، ثُمَّ تعقَّبه السهيليُّ، والله أعلم، انتهى، وفي هذا «الصحيح» في (سورة الحجر) تسميتها بـ (أمِّ القرآن)، وهو ردٌّ على من كره ذلك.

قوله: (يُبْتَدَأُ [1]): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا قوله بعده: (وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا): مبنيٌّ أيضًا.

قوله: (مُحَاسَبِينَ): هو بفتح السين، اسم مفعول؛ لأنَّ {مَدِينِينَ} [الواقعة: 86]: اسم مفعول أيضًا، وهذا ظاهرٌ.

(1/7974)

[حديث: لأعلمنك سورةً هي أعظم سورة في القرآن]

4474# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، شيخ الحفَّاظ، و (خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الخاء المعجمة، وفتح الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى): (أبو سعيد) هذا: اسمه رافع بن أوس بن المعلَّى، وقيل: الحارث، قال أبو عمر: أصحُّ ما قيل في اسمه: الحارث بن نفيع

[ج 2 ص 257]

بن المعلَّى بن لوذان، وقيل غير ذلك، الأنصاريُّ الزُّرقيُّ، له حديثان، أخرج له البُخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأحمد في «المسند»، وأخرج له بقيُّ بن مَخْلد حديثين، ترجمته معروفة، تُوُفِّيَ سنة ثلاث وسبعين.

فائدةٌ: حكى القاضي حُسين من الشافعيَّة _كما أفاده بعض مشايخي_ في (باب الأذان) مثلَ هذه القصَّة عن معاذ بن جبل، انتهى، وفي «التِّرْمِذيِّ» و «النَّسائيِّ» مثلُها عن أُبيِّ بن كعب، وقال: حسن صحيح، فصار مجموع من جرى له ذلك ثلاثةَ أشخاص.

تنبيهٌ شاردٌ: وقع في «منهاج البيضاويِّ»: احتُجَّ لذمِّ أبي سعيد الخدريِّ على ترك استجابته وهو يصلِّي بقوله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 24]، كذا قال: (الخدريِّ)، وهو وَهمٌ تبع فيه الإمام فخر الدين والغزاليَّ، والصواب: أبي سعيد بن المعلَّى، كما هو هنا.

قوله: (هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ): يأتي الكلام عليه في (فضل الفاتحة) في (فضائل القرآن) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

(1/7975)

[باب {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}]

(1/7976)

[حديث: إذا قال الإمام {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا ... ]

4475# قوله: (عَنْ سُمَيٍّ): تَقَدَّم مرَّات أنَّه بضمِّ السين المهملة، وفتح الميم، ثُمَّ ياء مشدَّدة، بوزن: (عُلَيٍّ) المصغَّر، وهو مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم مترجمًا، وكذا تَقَدَّم (أَبُو صَالِحٍ)، وهو ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر.

==========

[ج 2 ص 258]

(1/7977)

(((2))) [سورة البقرة]

(1/7978)

[{وعلم آدم الأسماء كلها}]

(1/7979)

[حديث: يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا ... ]

4476# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفراهيديُّ الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا، وأنَّه منسوب إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النسبة إليه: فُرهوديٌّ وفراهيديٌّ، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن أبي عبد الله الدستوائيُّ، تَقَدَّم مرَّات، ومرَّةً مترجمًا.

قوله: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه خليفة بن خيَّاط شباب العُصفريُّ الحافظ، وأنَّ قولَ البُخاريِّ: (وقال لي) هو كقوله: (حدَّثنا)، لكنَّ الغالبَ استعمالُها في المذاكرة، والله أعلم، و (سَعِيدٌ): هو ابن أبي عَرُوبة، تَقَدَّم، وتَقَدَّم ما قاله في «القاموس»: (وهو ابن أبي العَرُوبة؛ باللام، وتركها لحنٌ أو قليل)، انتهى.

قوله: (وَيَذْكُرُ ذَنْبَهُ)، انتهى: الأنبياء معصومون من الصغائر والكبائر، قبل النبوَّة وبعدها، هذا الذي ينبغي أن يُعتَقد، والكلام في هذه المسألة معروفٌ، وقد ذكرت فيها بعض كلام في (كتاب الأنبياء) في (آدم)، وأنَّ ما وقع في ظواهر القرآن والحديث قد أجاب عنه العلماء بأجوبة سائغة، ومن جملتهم القاضي عياض في «الشفا»، وقد ذكر عدَّة أماكن من ذلك، والمسألة طويلة، والله أعلم.

قوله: (فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ): تَقَدَّم الكلام في أوائل هذا التعليق؛ فانظره.

قوله: (فَيُؤْذَن لِي): بالرفع والنصب.

قوله: (فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدَعَنِي [1]): تَقَدَّم أنَّ الله عز وجل يدعه في هذه السجدة والسجدة التي بعدها، كلُّ واحدة منهما مقدار جمعة، كما في «مسند أحمد» من حديث أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه، وكذا رأيته من حديثه في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» في الأولى والتي بعدها، والله أعلم، وقد تَقَدَّم فيها شيءٌ آخر؛ انظره في أوائل هذا التعليق وبعده أيضًا، وهو أنَّه جاء في بعض الأجزاء: أنَّ كلَّ يوم من السبعة بعشر سنين، فإذن مقدار السجدة سبعون سَنةً.

(1/7980)

[قوله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون}]

(1/7981)

[حديث: أي الذنب أعظم عند الله؟]

4477# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو جَرِير بن عبد الحميد، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلَمة، و (عبدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، تَقَدَّموا.

قوله: (أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا): (النِّدُّ)؛ بكسر النون، وتشديد الدال المهملة: المثل والنظير، وقد فسَّره البُخاريُّ فيما يأتي في هذه السورة بالضدِّ، وهو قريب.

قوله: (ثُمَّ أَيُّ؟): تَقَدَّم الكلام على (أي) هذه؛ هل منوَّنة مرفوعة أم مضمومة الياء فقط؟ وكلام الناس فيها، في أوائل هذا التعليق.

قوله: (أَنْ يَطْعَمَ): هو بفتح أوَّله وثالثه؛ أي: يأكل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ): (تُزاني): (تفاعل)؛ من الزنى؛ ومعناه: أن يزني بها برضاها.

==========

[ج 2 ص 258]

(1/7982)

[وقوله تعالى: {وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى ... }]

قوله: (قَالَ مُجَاهِدٌ ... {وَالسَّلْوَى} [البقرة: 57]: الطَّيْرُ): إن قيل: إنَّ (الطير) جمع، و {السَّلْوَى} مفرد، ففسَّر المفرد بالجمع؟

وجوابه: أنَّ {السَّلْوَى} أيضًا جمع ومفرد عند بعضهم، وكذا (الطير) جمع ومفرد، فلهذا فسَّر بما فسَّر، والله أعلم.

تنبيهٌ: {السَّلْوَى}: قيل: هو السُّمَانى، وقيل: طائر تشبهها، وقيل: {السَّلْوَى}: اللحم، قال الغزاليُّ: سُمِّيَ سلوى؛ لأنَّه يُسَلِّي الإنسان عن سائر الإدام، والناس يسمُّونه: قاطع الشهوات، انتهى.

==========

[ج 2 ص 258]

(1/7983)

[حديث: الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين]

4478# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، كما نصَّ عليه المِزِّيُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (عَبْدُ الْمَلِكِ) بعده: هو ابن عُمير، و (سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ): أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة، وهو سعيد بن زيد بن عَمرو بن نُفيلٍ القرشيُّ، وتَقَدَّم أنَّ في الصَّحابة شخصًا آخر يقال له: سعيد بن زيد الأنصاريُّ الأشهليُّ، وقيل فيه: سعد بن زيد، أهدى سيفًا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم من نَجْران، فأعطاه محمَّدَ بن سلمة، وإسناده ضعيفٌ، فلهذا ميَّزت راوي الحديث، والله أعلم.

قوله: (الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ): (الكَمْأَة)؛ بفتح الكاف، وإسكان الميم، ثُمَّ همزة مفتوحة، و (الكَمْأَة): جمعٌ، واحده: (كمءٌ)، وهذا خلاف قياس العربيَّة، فإنَّ ما بينه وبين واحده التاءُ؛ فالواحد منه بالتاء، وإذا حُذِفت؛ كان جمعًا، وهل هو جمع أو اسم جمع؟ على قولين مشهورين، قالوا: ولم يخرج عن هذا إلَّا حرفان: كمأة وكمء، وخبأة وخبء، قاله ابن الأعرابيِّ، وقال غيره: بل هي على القياس، و (الكَمْأَة): للواحد، و (الكمء): للكثير، وقال غيرهما: الكَمْأَة: تكون واحدًا وجمعًا، والحجج لكلِّ قول ليس هذا موضعَه.

قوله: (مِنَ الْمَنِّ): أي: من المنِّ الذي أُنزِل على بني إسرائيل، كما رواه مسلم، وقيل: من جنسه، شبَّهها بالمنِّ الذي أُنزِل على بني إسرائيل؛ لأنَّها لا تُغرَس، ولا تُسقَى، ولا تُعتَمل كما يُعتَمل سائر النبات نبات الأرض، وقد يكون معناها هنا: من منِّ الله، وتطوُّله، وفضله، ورفقه بعباده؛ إذ هي من جملة نِعَمِه.

قوله: (وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ): قيل: هو نفس الماء مجرَّدًا، وقيل: معناه: أن يُخلَط ماؤها بدواء تعالج به العين، وقيل: إن كان لبرودة ما في العين لحرارة؛ فماؤها مجرَّدًا شفاءٌ، وإن كان لغير ذلك؛ فمركَّب مع غيره، والصحيح بل الصواب _كما قاله النوويُّ في «شرح مسلم» _: إنَّ ماءها مجرَّدًا شفاءٌ للعين مطلقًا، فيُعصَر ماؤها، ويُجعَل في العين منه، قال: وقد رأيت أنا وغيري في زماننا من كان عمي وذهب بصره حقيقة، فكحل عينيه بماء الكَمْأَة مجرَّدًا، فشُفي وعاد إليه بصره، وهو الشيخ العدل الكمال ابن عبْدٍ الدِّمَشْقيُّ، صاحب صلاح ورواية للحديث، وكان استعماله لماء الكَمْأَة اعتقادًا في الحديث وتبرُّكًا به، والله أعلم، انتهى.

[ج 2 ص 258]

ونقل ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهَدْي» قولًا آخر، وهو: أنَّ المراد بمائها: الماء الذي تحدث به من المطر، وهو أوَّل مطر ينزل إلى الأرض، فتكون الإضافة إضافة اقتران، لا إضافة جزء، ذكره ابن الجوزيِّ، قال ابن القيِّم: وهو أبعد الوجوه وأضعفُها، انتهى.

(1/7984)

[باب: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدًا ... }]

قوله: ({ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} ... ) إلى آخر الآية [البقرة: 58]: {الْقَرْيَةَ}: بيت المقدس، ويقال: البلقاء، ويقال: الرملة؛ أقوال، وقيل غير ما ذكرت؛ ومنها: أنَّها أريحاء.

وقوله: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: 58]: قال السُّدِّيُّ: باب من أبواب بيت المقدس، وكذا قال ابن عبَّاس، وقال الضَّحَّاك: باب حطَّة، و (السجود) بمعنى: الركوع، وأصل السجود: الانحناء لمن تعظِّمه.

==========

[ج 2 ص 259]

(1/7985)

[حديث: قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة}]

4479# قوله: (حَدَّثَنَا [1] محمَّد: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ): (محمَّد) هذا: قال الجيَّانيُّ: نسبه ابن السكن وحدَه: ابن سلَام، والأشبه فيه: محمَّد بن بَشَّار، أو محمَّد بن المثنَّى، فقد ذكر أبو نصر: أنَّ محمَّد بن بَشَّار ومحمَّد بن المثنَّى من جملة من خرَّج عنه البُخاريُّ في «الجامع» عن عبد الرَّحمن بن مهديٍّ، ولم يذكر فيهم: محمَّد بن سلَام، انتهى، ولخَّص شيخنا كلام الجيَّانيِّ، ولم يزد، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه».

و (ابْنُ الْمُبَارَكِ): عبد الله، أحد الأعلام، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمين، وإسكان العين، وهو ابن راشد.

قوله: (حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ): (حَبَّة)؛ بفتح الحاء المهملة، وتشديد الباء الموحَّدة، ثُمَّ تاء التأنيث، واحدة الحبوب، و (الشعرة): واحدة الشَّعر.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 259]

(1/7986)

[قوله: {من كان عدوًا لجبريل}]

قوله: (قَالَ عِكْرِمَةُ): هو مولى ابن عبَّاس البربريُّ، العلم المشهور، مشهور الترجمة، وقد تَقَدَّم بعضها.

قوله: (جَبْرَ، وَمِيكَ، وَسَرَافِ: عَبْدُ [1]، إِيلُ [2]: اللهُ): أمَّا (جَبْرَ)؛ فإنَّه بفتح الجيم، وإسكان الموحَّدة، وفتح الراء، وهذا الضبط على لغة: جَبْرائيل، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (جبرٌ، وميكٌ، وسرافٌ)؛ مرفوعٌ منوَّن الكلِّ بالقلم، وبخطِّ بعض الحفَّاظ مرفوع من غير تنوين، وأمَّا (مِيْكَ)؛ فإنَّه بكسر الميم، وإسكان الياء، وفتح الكاف، وأمَّا (سَرَافِ)؛ فإنَّه بفتح السين، وتخفيف الراء، والفاء مكسورة، وأمَّا (عبد)؛ فإنَّه مرفوع منوَّن في أصلنا، وفي نسخة: مرفوع من غير تنوين، وهذا أحسن؛ لأنَّه مضافٌ، قال الجوهريُّ: وإسرافيل: اسمٌ أعجميٌّ، كأنَّه مضاف إلى (إيلَ)، قال الأخفش: ويقال في لغةٍ: إسرافين؛ كما قالوا: جبرين، وإسماعين، وإسرائين، انتهى.

وأمَّا (سرافيل)؛ بغير همزة فقد ... [3]

وأمَّا قوله: (إيل: الله)؛ فإنَّ (إيل) في أصلنا مرفوعٌ من غير تنوين، وأحسن منه أن يكون مفتوح اللام على الحكاية، واعلم أنَّ جماعات من المفسِّرين وابن سيده والجوهريَّ وغيرَهما من أهل اللغة قالوا في (جبريل) و (ميكائيل): إنَّ (جبر) و (ميك) اسمان أضيفا إلى (إيل) و (إِلْ)، وقالوا: و (إيل) و (إِل): اسمان لله تعالى، و (جبر) و (ميك) بالسريانيَّة: عبد؛ فتقديره: عبد الله، وهذا الذي نقله الإمام البُخاريُّ عن عكرمة.

قال أبو عليٍّ الفارسيُّ: هذا الذي قالوه خطأ من وجهين؛ أحدهما: أنَّ (إيل) و (إل) لا يُعرَفان في أسماء الله تعالى، والثاني: أنَّه لو كان كذلك؛ لم ينصرف آخر الاسم في وجوه العربيَّة، ولكان آخره مجرورًا أبدًا؛ كعبدِ الله، قال الشيخ محيي الدين النوويُّ: وهذا الذي قاله أبو عليٍّ الصواب، وإنَّ ما زعموه باطلٌ لا أصل له، انتهى.

وقد قال السهيليُّ في «روضه»: واسم جبريل سريانيٌّ؛ ومعناه: عبد الرَّحمن، أو عبد العزيز، وهكذا جاء عن ابن عبَّاس موقوفًا ومرفوعًا، والوقف أصحُّ، وأكثر الناس على أنَّ آخر الاسم منه هو اسم الله تعالى، وهو (إيل)، وكان شيخنا يذهب مذهب طائفة من أهل العلم في أنَّ هذه الأسماء إضافتها مقلوبة، وكذلك الإضافة في كلام العجم، يقولون في غلام زيد: زيد غلام ... إلى آخر كلامه في أوَّل (المبعث)، انتهى.

وفي (جبريل) تسع لغات حكاها ابن الأنباريِّ وابن الجواليقيِّ، والله أعلم.

(1/7987)

[حديث أنس: سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله]

4480# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): هو بضمِّ الميم، وكسر النون، وإسكان المثنَّاة تحت، ثُمَّ راء، وهو اسم فاعل من (أنار)، وقد تَقَدَّم، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ) بعده: هو عبد الله بن بكر السهميُّ، أبو وهب، حافظ ثِقةٌ، تَقَدَّم، و (حُمَيْدٌ): هو الطويل، ابن تير، ويقال: تيرويه، تَقَدَّم، لا حُمَيد بن هلال، وقد قدَّمتُ الفرق بينهما مرارًا، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ): تَقَدَّم مترجمًا في مناقبه، و (سلَام)؛ بتخفيف اللام.

قوله: (يَخْتَرِفُ): هو بالخاء المعجمة، وفي آخره فاء؛ أي: يجني.

قوله: (وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدَ): (ينزِع)؛ بكسر الزاي، و (الولدَ): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (آنِفًا): تَقَدَّم أنَّه بالمدِّ والقصر؛ لغتان، وهما قراءتان في السبع؛ ومعناه: الآن والساعة.

قوله: (ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ): قال شيخنا: الذي قال هذا: هو عبد الله بن صوريا، كذا قال، وفي (بدء الخلق) في (باب ذكر الملائكة) قال: قائله عبد الله بن سلَام، انتهى، وكأنَّهما قالاه، قال شيخنا: وحكى الطبريُّ خلافًا في سببه ليس هذا موضعَه، وقيل: سببها أن قالوا: إنَّ جبريل يطلعه على أسرارنا، وأنَّهم قالوا: أُمِر أن يجعل النبوَّة فينا، فجعلها في غيرنا، لعنهم الله، انتهى.

قوله: (فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ): زيادة الكبد وزائدته: هي القطعة المنفردة المتعلِّقة من الكبد، وهي أطيبه، وقد تَقَدَّمتْ، قال الإمام السهيليُّ في «روضه»: وفي «الصحيحين»: ذكر أكل أهل الجنَّة من كبد الحوت أوَّلَ ما يأكلون، قال: (ثُمَّ يُنحَر لهم ثور الجنَّة)، وفي هذا الحديث من باب التفكُّر والاعتبار: أنَّ الحوت لمَّا كان عليه قرار هذه الأرض وهو حيوان سابح؛ ليستشعر أهل هذه الدار أنَّهم في منزل قُلعة، وليست بدار قرار؛ فإذا نُحِر لهم قبل أن يدخلوا الجنة، فأكلوا من كبده؛ كان في ذلك إشعارٌ لهم بالراحة من دار الزوال، وأنَّهم قد صاروا إلى دار القرار؛ كما يُذبَح لهم الكبش الأملح على الصراط؛ وهو صورة الموت؛ ليستشعروا أن لا موت، وأمَّا الثور؛ فهو آلة الحرث، وأهل الدنيا لا يخلون من أحد الحرثين؛ حرثٌ لدنياهم، وحرث لأخراهم، ففي نحر الثور لهم هنالك إشعارٌ بإراحتهم من الكدَّين، وترفُّههم من نَصَب الحرثين؛ فاعتبر، والله المستعان، انتهى.

قوله: (قَوْمٌ بُهتٌ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه يقال: (بُهْت)؛ بالإسكان، و (بُهُت)؛ بالضمِّ، وأنَّ معناه: يواجهون بالباطل، والله أعلم.

قوله: (بَهَتُونِي [1] عِنْدَكَ [2]): أي: يقاتلوني ويواجهوني من الباطل بما يحيِّرني.

قوله: (خَيْرُنَا): هو بالخاء المعجمة، وإسكان المثنَّاة تحت، وهذا ظاهرٌ، وقد تَقَدَّم ما وقع في أصلنا.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (يبهتوني).

[2] قوله: (عندك): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي رواية الحديث رقم (3329).

[ج 2 ص 259]

(1/7988)

[باب قوله: {ما ننسخ من آية أو ننسأها}]

(1/7989)

[قول عمر: أقرؤنا أبي وأقضانا علي]

4481# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفلَّاس الحافظ، و (يَحْيَى) بعده: هو ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَانُ): هو الثوريُّ فيما يظهر،

[ج 2 ص 259]

و (حَبِيبٌ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهو ابن أبي ثابت.

قوله: (أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ): هو أُبيُّ بن كعب بن قيس، أبو المنذر، أقرأُ الأمَّة، صَحابيٌّ مشهور الترجمة، أخرج له الجماعة وأحمد في «المسند».

تنبيهٌ: هذا الحديث لم أره في «أطراف المِزِّيِّ» في مسند عمر بن الخَطَّاب، وإنَّما ذكره في مسند أُبيِّ بن كعب رضي الله عنه.

تنبيهٌ آخر: لهم في الصَّحابة شخصٌ آخر اسمه أُبيُّ بن كعب بن عبد ثور، قدم في وفد مزينة مسلمًا، ذكره المدائنيُّ.

قوله: (وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا} [البقرة: 106]): كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة: ({أَوْ نُنْسِهَا})، وكما في أصلنا ذكرها عن عمر البُخاريُّ في (فضائل القرآن) في (باب القرَّاء من أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وقد قرأ: {نُنْسِخ}؛ بضمِّ النون، وكسر السين: ابنُ كَثِير وابن عامر، والباقون: بفتحهما، وأمَّا {نَنْسَأْهَا}؛ فقرأ ابن كَثِير وأبو عمرو: {نَنْسَأْهَا}؛ بالهمز مع فتح النون والسين، والباقون: بغير همز، مع ضمِّ النون، وكسر السين، والله أعلم.

(1/7990)

[باب: {وقالوا اتخذ الله ولدًا سبحانه}]

(1/7991)

[حديث: قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك]

4482# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، تَقَدَّم مِرارًا.

==========

[ج 2 ص 260]

(1/7992)

[قوله: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}]

(1/7993)

[حديث عمر: وافقت الله في ثلاث]

4483# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو القطَّان، تَقَدَّم مِرارًا، الحافظ، شيخ الحفَّاظ، و (حُمَيْدٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الطويل، حُمَيد بن أبي حُمَيد.

قوله: (وَافَقْتُ اللهَ فِي ثَلاَثٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه وافقه في غير هذه الثلاث، في (باب ما جاء في القبلة) في (كتاب الصلاة).

قوله: (وَبَلَغَنِي مُعَاتَبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (معاتبةُ): مرفوع فاعل.

قوله: (بَعْضَ نِسَائِهِ): هما: عائشة وحفصة.

قوله: (أَتَيْتُ بَعْضَ [1] نِسَائِهِ، قَالَتْ: يَا عُمَرُ ... ) إلى آخره: قائلة ذلك لعمر هي زينب بنت جحش، كذا في حفظي، وكذا هو في كلام النوويِّ عن الخطيب، ذكره النوويُّ في «مبهماته» في (حرف الهمزة) عن أنس، وقد ذكره أيضًا ابن بشكوال والخطيب _كما تَقَدَّم_ وابن طاهر، وكذا رأيت ابن شيخنا البلقينيِّ ذكره عن الخطيب، قال: وتبعه النوويُّ، قال: (ولأمِّ سلمة مخاطبة مع عمر: «عجبًا لك يا بن الخَطَّاب!» قال: فيحتمل أن تُفسَّر هذه القصَّة بها)، انتهى، وما ذكره حسن، والله أعلم، ورأيت بعضهم جزم بأمِّ سلمة، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من العصريِّين: هي زينب بنت جحش، رواه الخطيب، ولأمِّ سلمة مع عمر كلام آخر أخرجه البُخاريُّ بعد ذلك من حديث ابن عبَّاس عن عمر، انتهى.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، وتَقَدَّم مترجمًا، وأنَّه شيخه، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، والحكمة في إتيانه بتعليق ابن أبي مريم؛ لأنَّ مسددًا عنعن عن يحيى بن سعيد القطَّان، والقطَّان عنعن عن حُمَيد، وحُمَيد عنعن عن أنس، أمَّا مسدَّد ويحيى القطَّان؛ فليسا بمدلِّسَين، ولكن أتى به؛ ليخرج من خلاف من خالف في ذلك، وقد تَقَدَّم أمثاله، وأمَّا (حُمَيدٌ)؛ فقد تَقَدَّم أنَّه الطويل، وتَقَدَّم أنَّه مدلِّس، وقد روى هنا عن أنس بالعنعنة، فأتى بهذا؛ لأنَّه من أوَّله إلى آخره سالم من العنعنة، وتعليق ابن أبي مريم لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة، و (يَحْيَى بنُ أَيُّوبَ): هو الغافقيُّ المصريُّ، وقد تَقَدَّم الكلام عليه في (الصلاة) في (القبلة)، وكذا على مَن اسمه يحيى بن أيوب في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (إحدى).

[ج 2 ص 260]

(1/7994)

[قوله تعالى {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل .. }]

(1/7995)

[حديث: ألم تري أن قومك بنوا الكعبة واقتصروا عن ... ]

4484# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام، وتَقَدَّم مرارًا أنَّ (ابْنَ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم.

قوله: (لَمَّا [1] بَنَوُا الْكَعْبَةَ): تَقَدَّم متى بنتها قريش ومعهم النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، [و] كم كان سنُّه عَلَيهِ السَّلام، في (بنيان الكعبة)، وتَقَدَّم كم بُنِيَت من مرَّة.

قوله: (اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ): أي: من قواعد إبراهيم، ونقصوا منها، وعند أبي أحمد: (على قواعد إبراهيم).

قوله: (لَوْلاَ حِدْثَانُ): هو بكسر الحاء وإسكان الدال المهملتين؛ أي: قُرب عهدهم بالكفر، وقد تَقَدَّم.

قوله: (لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا ... ) إلى آخره: تَقَدَّم أنَّ هذا من ابن عمر ليس على سبيل التضعيف والتشكيك، ولكن كثيرًا ما يقع في كلام العرب صورة التشكيك والتقرير، والمراد: اليقين؛ كقوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي لعلَّه فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111]، وقولِه: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} ... ؛ الآية [سبأ: 50]، قاله القاضي عياض رحمه الله تعالى.

قوله: (مَا أُرَى): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، وقد تَقَدَّم.

قوله: (الْحِجْرَ): هو بكسر الحاء، وإسكان الجيم، معروف، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] قوله: (لمَّا): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي في رواية الحديث رقم (1853)، و (3368) من رواية أبي ذرٍّ عن الكشميهني.

[ج 2 ص 260]

(1/7996)

[{قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا}]

(1/7997)

[حديث: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم]

4485# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبه: بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، وتَقَدَّم (يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ): أنَّه بفتح الكاف، وكسر الثاء المثلَّثة، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، وأنَّه أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، وأنَّ (أَبَا هُرَيْرَة): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 2 ص 260]

(1/7998)

[{سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم ... }]

(1/7999)

[حديث: أن النبي صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا]

4486# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (زُهَيْرٌ) بعده: تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زُهير بن معاوية بن حُدَيج، أبو خيثمة، الحافظ، تَقَدَّم، و (أَبُو إِسْحَاقَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عَازب، تَقَدَّم، وأنَّ عَازبًا صَحابيٌّ أيضًا.

قوله: (صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا): تَقَدَّم الكلام على كم أقام عَلَيهِ السَّلام يصلي إلى بيت المقدس منذ قدم المدينة، وفي أيِّ شهر حُوِّلت القبلة، وفي أيِّ يوم، وفي أيِّ صلاة، وفي أيِّ ركن، وفي أيِّ مسجد، في (باب الصلاة من الإيمان) في (كتاب الإيمان) مطوَّلًا.

قوله: (قِبَلَ الْبَيْتِ): (قِبَل)؛ بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وكذا الثانية الآتية قريبًا.

قوله: (وَإِنَّهُ صَلَّى _أَوْ صَلاَّهَا_ صَلاَةَ الْعَصْرِ): كذا في أصلنا هنا، و (إنَّ)؛ بالكسر، مشدَّد النون، و (صلاةَ)؛ بالنصب، ونصبه معروف، وفي نسخة تجدَّدت على هامش أصلنا: (وإنَّه صلَّى أوَّل صلاة صلَّاها)، والله أعلم.

قوله: (فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ [1] مَعَهُ): تَقَدَّم الكلام على هذا الرجل في (كتاب الإيمان)، وقال الدِّمْياطيُّ في غير هذا الموضع: واسمه عبَّاد بن نهيك، انتهى، وقد تَقَدَّم.

قوله: (رِجَالٌ وَقُتِلُوا [2]): قال الدِّمْياطيُّ: تحويل القبلة كان قبل بدر، ولم يُقتَل أحد قبل بدر، وإنَّما مات قبل تحويل القبلة البَراءُ بن معرور في صفر، قبل مقدم النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم المدينة، وأبو أمامة أسعد بن زُرارة ومسجد النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يبنى، بعد الهجرة بستَّة أشهر، وقد قدَّمتُ أنا ذلك في (كتاب الإيمان)، وزدت عليه: كلثوم بن الهدم؛ فانظره إن أردته، وقد قُتِل في أوَّل الإسلام: سميَّة أمُّ عمَّار بن ياسر، وياسرٌ أيضًا، فسميَّة قتلها أبو جهل، وقُتِل الحارث بن أبي هالة ابن خديجة تحت أستار الكعبة.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (صلَّى).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قتلوا)؛ بغير واو.

[ج 2 ص 260]

(1/8000)

[{وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ... }]

(1/8001)

[حديث: يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب]

4487# قوله: (حَدَّثَنَا يُوسُفُ ابْنُ رَاشِدٍ): هو يوسف بن موسى بن راشد بن بلال، أبو يعقوب، الكوفيُّ القطَّان، نسبه إلى جدِّه، نزيل الرِّيِّ مدَّةً للتجارة، وكان عالمًا صاحب حديث، عن جَرِير بن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمر، وابن عيينة، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنسائيُّ في «مسند عليٍّ»، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبغويُّ، وآخرون، وكتب عنه ابن معين مع تَقَدُّمه، وقال هو وأبو حاتم: صدوق، تُوُفِّيَ سنة (253 هـ)، أخرج له مَن أخذ [1] عنه من الأئمَّة.

قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ وَأَبُو أُسَامَةَ): أمَّا (جَرِير)؛ فهو بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو ابن عبد الحميد، كما قدَّمتُ أعلاه، و (أبو أسامة): حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّم مِرارًا، وأنَّ البُخاريَّ لم يخرِّج له في الأصول، وإنَّما أخرج له تعليقًا، وهنا قرنه، وأخرج له مسلم والأربعة، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مِهران، أبو محمَّد، الكاهليُّ القارئ، و (أَبُو صَالِحٍ): ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات.

قوله: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ): يعني: انفرد أبو أسامة عن جَرِير بقوله: (عن الأعمش: حدَّثنا أبو صالح)، وجَرِير قال: (عن الأعمش عن أبي صالح)، ولهذا ذكر في السند: (قال: واللفظ لجَرِير)، فانفرد عنه أبو أسامة بأن قال: (عن الأعمش: حدَّثنا أبو صالح)، وذلك لأنَّ الأعمش مدلِّس، فصرَّح عنه بالتحديث من أبي صالح؛ لأنَّ أبا أسامة رواه عن أبي صالح؛ فاعلم ذلك، وتنبَّه له، ولا تظنَّ غيره.

و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (يُدْعَى نُوحٌ): (يُدعى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (نوحٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وقد تَقَدَّم أنَّ (نوحًا) اسمٌ أعجميٌّ، والمشهور صرفه، وقيل: يجوز صرفه وترك صرفه، قال الله: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} [الإسراء: 3]، وقد تَقَدَّم الكلام عليه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

(1/8002)

[{وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ... }]

(1/8003)

[حديث: بينا الناس يصلون الصبح في مسجد قباء ... ]

4488# قوله: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق.

قوله: (فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا، وأنَّه يصرف ولا يصرف، ويؤنث ولا يؤنث، ويمدُّ ولا يمدُّ، والله أعلم، والأصحُّ: أنَّه ممدود مذكَّر مصروف، وتَقَدَّم الكلام على الجائي الذي جاءهم، وكذا (فَاسْتَقْبِلُوهَا)، وأنَّ الكسر في الباء أصحُّ وأشهر.

==========

[ج 2 ص 261]

(1/8004)

[باب: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}]

(1/8005)

[حديث: لم يبق ممن صلى القبلتين غيري]

4489# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، و (مُعْتَمِرٌ) بعده (عَنْ أَبِيهِ): هو معتمر بن سليمان بن طرخان التيميُّ، تَقَدَّما.

قول أنس: (لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ غَيْرِي): صدق؛ لأنَّ أنسًا تُوُفِّيَ سنة تسعين، ويقال: سنة إحدى وتسعين، ويقال: سنة اثنتين وتسعين، ويقال: سنة ثلاث وتسعين، وتخلَّف بعده بعضُ أناس، ولا أعلم أحدًا منهم صلَّى القبلتين، وممَّن قيل في وفاته: سنة ستٍّ وتسعين _والمشهور في وفاته سنة ثماني وثمانين_: عبد الله بن بُسْر، وقال بالأوَّل عبد الصمد بن سعيد، وبه جزم أبو عبد الله بن منده وأبو زكريَّا بن منده، وقال: إنَّه صلَّى القبلتين، فعلى هذا هو آخر من بقي ممَّن صلَّى القبلتين، والله أعلم، وقد قدَّمتُ أنَّ المشهور أنَّه تُوُفِّيَ سنة ثماني وثمانين، فلا يرد على أنس، وقدَّمتُ فيما مضى أنَّ عبد الله بن بُسْر آخر من صلَّى القبلتين، وهذا على القول بأنَّه تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وتسعين، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 261]

(1/8006)

[{ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ... }]

(1/8007)

[حديث: بينما الناس في الصبح بقباء جاءهم رجل فقال ... ]

4490# قوله: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ): تَقَدَّم أنَّ (مَخْلدًا) بإسكان الخاء، و (سُلَيْمَانُ) بعده: هو سليمان بن بلال المدنيُّ.

تنبيهٌ: من اسمه سليمان ويروي عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: سليمان هذا، وسليمان بن سفيان المدنيُّ، لكنَّ الثاني ليس له في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ» شيءٌ بهذه الطريق، وإنَّما روى له بها التِّرْمِذيُّ، ولم يروِ له أيضًا بها ولا بغيرها إلَّا التِّرْمِذيُّ، والله أعلم.

قوله: (بِقُبَاءٍ): تَقَدَّم أعلاه، وعلى هذا الرجل قريبًا، وفي (كتاب الإيمان).

قوله: (وَأُمِرَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (فَاسْتَقْبِلُوهَا): تَقَدَّم أعلاه أنَّ الكسر أصحُّ وأشهر، وقبله أيضًا.

==========

[ج 2 ص 261]

(1/8008)

[{الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ... }]

(1/8009)

[حديث: بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم ... ]

4491# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزعَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الزاي وإسكانها.

قوله: (بِقُبَاءٍ): تَقَدَّم أعلاه، وتَقَدَّم الكلام على الآتي الذي جاءهم، وكذا (أُمِرَ): أنَّه مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَاسْتَقْبِلُوهَا) أعلاه وقبله، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين في قوله: (إِذْ جَاءَهُمْ جَائِي [1]): لم يُسَمَّ، ومَن فسَّره بالذي قبله؛ فقد أخطأ؛ لأنَّ الصلاة في حديث البراء العصر، وهذه الصبح، وذاك مسجد بني حارثة، وذا مسجد قباء، انتهى، وهو حسن مليح.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (آتٍ).

[ج 2 ص 261]

(1/8010)

[{ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ... }]

(1/8011)

[حديث: صلينا مع النبي نحو بيت المقدس ستة عشر]

4492# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هو ابن سعيد القطَّان، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، و (البَرَاءُ): هو ابن عَازبٍ، وعَازبٌ صَحابيٌّ، تَقَدَّما.

قوله: (سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا [1] أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا): تَقَدَّم الاختلاف في المدَّة في (كتاب الإيمان).

==========

[1] قوله: (شهرًا): ليس في «اليونينيَّة» و (ق)، وهي في رواية الحديث رقم (40) و (4486).

[ج 2 ص 261]

(1/8012)

[{ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ... }]

(1/8013)

[حديث: بينا الناس في الصبح بقباء إذ جاءهم ... ]

4493# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النسبة لماذا.

(1/8014)

[{إن الصفا والمروة من شعائر الله ... }]

قوله: ({شَعَائِرِ} [البقرة: 158]: عَلاَمَاتٌ، وَاحِدُهَا [1]: شَعِيرَةٌ): قال الجوهريُّ عن الأصمعيِّ: واحدة {شَعَائِرِ}: شعرة، وقال بعضهم: شِعارة، انتهى.

قوله: (لاَ تُنْبِتُ شَيْئًا): (تُنْبِت)؛ بضمِّ المثنَّاة فوق، ثُمَّ نون ساكنة، ثُمَّ موحَّدة، ثُمَّ مثنَّاة أخرى: من الإنبات، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (واحدتها).

[ج 2 ص 261]

(1/8015)

[حديث عروة: قلت لعائشة وأنا يومئذ حديث السنِّ: أرأيت قول الله]

4495# قوله: (فَمَا أَرَى عَلَى أَحَدٍ): (أَرى)؛ بفتح الهمزة: من الرأي.

قوله: (لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ، كَانَتْ: فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا): هذا من فهم عائشة رضي الله عنها الثاقب، وذلك أنَّ الآية الكريمة ليس فيها دلالة للوجوب ولا لعدمه، وبيَّنت السبب في نزولها، والحكمة في نظمها، وأنَّها نزلت في الأنصار حين تحرَّجوا من السعي بين الصفا والمروة في الإسلام، وأنَّها لو كانت كما يقول عروة؛ لكانت: (فلا جناح عليه ألَّا يطَّوَّف بهما)، وقد يكون الفعل واجبًا، ويعتقد إنسان أنَّه يمتنع إيقاعه على صفة مخصوصة؛ وذلك كمن عليه صلاة الظهر، وظنَّ أنَّه لا يجوز فعلها عند غروب الشمس، فيسأل عن ذلك، فيقال في جوابه: لا جناح عليك أن تصلِّيَها في هذا الوقت، فيكون جوابًا صحيحًا، ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر.

ثُمَّ اعلم أنَّ مذاهب الجماهير: أنَّ السعي بين الصفا والمروة ركنٌ من أركان الحجِّ لا يصحُّ إلَّا به، ولا يُجبَر بدم ولا غيره، وقال بعض السلف: هو تطوُّع، وقال أبو حنيفة: هو واجب، فإن تركه؛ عصى، وجبره بالدم، وصحَّ حجُّه، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ): (يُهلُّون)؛ بضمِّ أوله؛ لأنَّه رباعيٌّ، وقد تَقَدَّم [أنَّ] (الإهلال) رفع الصوت بالتلبية، و (مناة): صنم معروف، تَقَدَّم في (الحجِّ)، وكذا (قُدَيْدٍ) ضبطًا، وأنَّها بين الحرمين.

==========

[ج 2 ص 261]

(1/8016)

[حديث عاصم بن سليمان: سألت أنس عن الصفا والمروة فقال ... ]

4496# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ): هذا هو محمَّد بن يوسف بن واقد الفريابيُّ، محدِّث قيساريَّة، تَقَدَّم، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، وقد قدَّمتُ في أوائل هذا التعليق الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ البُخاريِّ، والأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ.

قوله: (كُنَّا نُرَى أَنَّهُمَا مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ): (نُرَى)؛ بضمِّ النون: نظنُّ، ويجوز فتح النون.

==========

[ج 2 ص 261]

(1/8017)

[{ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا}]

قوله: (وَاحِدُهَا نِدٌّ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه بكسر النون، وتشديد الدال، وأنَّه المثل والنظير، وقد فسَّره البُخاريُّ بالنظير، وهو قريب.

(1/8018)

[حديث: من مات وهو يدعو من دون الله ندًا دخل النار]

4497# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي روَّاد، وأنَّ (عَبْدان) لقب له، و (أَبُو حَمْزَةَ) بعده: بالحاء المهملة، والزاي، وهو محمَّد بن ميمون السُّكريُّ، وتَقَدَّم أنَّه إنَّما قيل له: السُّكريُّ؛ لحلاوة كلامه، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، و (شَقِيقٌ): هو ابن سلَمة، أبو وائل، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود بن غافل الهذليُّ، الصحابيُّ المشهور، تَقَدَّم.

قوله: (قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً، وَقُلْتُ أُخْرَى): تَقَدَّم الكلام على ذلك في أوَّل (الجنائز)؛ فانظره.

==========

[ج 2 ص 261]

(1/8019)

[{يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ... }]

(1/8020)

[حديث: كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية]

4498# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضم الحاء، وتَقَدَّم لماذا نُسِب، في أوَّل هذا التعليق، وأنَّ اسمه عبد الله بن الزُّبَير، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ، أحد الأعلام.

قوله: (ويُؤدّي): هو بتشديد الدال مفتوحة مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، ومكسورة مبنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (كُتِبَ): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ): (قَتَل)؛ بفتح القاف والتاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وهو مبنيٌّ للفاعل.

(1/8021)

[حديث: كتاب الله القصاص]

4499# قوله: (حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو الطويل، حُمَيد بن أبي حُمَيد [1] تير، ويقال: تيرويه.

قوله: (كِتَابُ اللهِ الْقِصَاصُ): [يجوز] رفعهما، ونصبهما إغراءً، ونصب الأوَّل ورفع الثاني خبر مبتدأ محذوف.

(1/8022)

[حديث أنس: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره]

4500# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بضمِّ الميم، وكسر النون، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء.

قوله: (أَنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّتَهُ): تَقَدَّم أنَّ (الرُّبَيِّع)؛ بضم الراء، ثُمَّ موحَّدة مفتوحة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مشدَّدة مكسورة، ثُمَّ عين، بنت النَّضر، صحابيَّة معروفة، وهي عمَّة أنس بن مالك، كما هنا.

قوله: (ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ): (الثنية): تَقَدَّمتُ ما هي، و (الجارية): تَقَدَّم أنِّي لا أعرف اسمها.

قوله: (فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ): تَقَدَّم أنَّ (النَّضر) بالضاد المعجمة، وأنَّه لا يشتبه بنصر؛ لأنَّ (نصرًا) لا يأتي إلا مجرَّدًا عن الألف واللام، بخلاف (النَّضر)، فإنَّه لا يأتي إلا بهما، وأنَّ (أنسًا) صَحابيٌّ معروف، وهو عمُّ أنس بن مالك، وأخو الرُّبَيِّع الكاسرة الثنيَّة، وهذا ظاهرٌ عند أهلِه، فائدةٌ عند غيرهم.

==========

[ج 2 ص 262]

(1/8023)

[باب: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ... }]

(1/8024)

[حديث: كان عاشوراء يصومه أهل الجاهلية فلما نزل رمضان]

4501# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم أنَّه ابن سعيد القطَّان، الحافظ، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب، تَقَدَّم مرارًا.

قوله: (كَانَ عَاشُورَاءُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وعلى أيِّ يوم هو في (كتاب الصوم)، وأنَّه بالمدِّ والقصر.

==========

[ج 2 ص 262]

(1/8025)

[حديث: من شاء صام ومن شاء أفطر]

4502# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمَّد): هو المسنديُّ كما تَقَدَّم في (الجمعة)، لا ابن أبي شيبة، و (الزُّهْرِيُّ): هو محمَّد بن مسلم.

(1/8026)

[حديث: كان يصام قبل أن ينزل رمضان]

4503# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مَحْمُودٌ): هو ابن غيلان، تَقَدَّم مرارًا، و (عُبَيْدُ اللهِ) بعده: هو عبيد الله بن موسى العبسيُّ، أبو محمَّد، أحد الأعلام على تشيُّعه وبدعته، وتَقَدَّم مترجمًا، و (إِسْرَائِيلُ): هو ابن يونس بن أبي إسحاق، تَقَدَّم، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (إِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيد النخعيُّ، تَقَدَّما، و (عَبْدُ اللهِ): هو ابن مسعود.

قوله: (وَهْوَ يَطْعَمُ): هو بفتح أوَّله وثالثه، يأكل.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 262]

(1/8027)

[حديث عائشة: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية]

4504# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): هذا هو ابن سعيد القطَّان.

تنبيهٌ: من اسمه يحيى، ويروي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في الكُتُب السِّتَّة أو بعضها: القطَّان هذا، ويحيى بن زكريَّا بن أبي زائدة، ويحيى بن أبي زكريا أبو مروان، ويحيى بن سعيد الأَمويُّ، ويحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن يمان، والله أعلم.

قوله: (فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ): تَقَدَّم أنَّ رمضان فُرِض صومه في شعبان في السنة الثانية من الهجرة.

قوله: (وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ): (تُرِك): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (عاشوراءُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 262]

(1/8028)

[{أيامًا معدودات فمن كان منكم مريضًا أو على سفر ... }]

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، المَكِّيُّ، الإمام.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ): أمَّا (الحسن)؛ فهو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، مشهور الترجمة، وأمَّا (إبراهيم)؛ فهو ابن يزيد بن قيس النخعيُّ الفقيه، فقيه أهل الكوفة، مشهور الترجمة.

قوله: (فِي الْمُرْضِعِ): (المرضع): هي المرأةُ التي لها ولد تُرضِعُه، فإن وصفتها بإرضاع الولد؛ قلت: مرضعة، قاله الجوهريُّ.

قوله: (قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ: {يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184]، وَهْوَ أَكْثَرُ): يشير إلى قراءة ابن عبَّاس وعائشة وعكرمة وسعيد بن جُبَير ومجاهد: {وَعَلَى الَّذِينَ يَطَّوَّقُونَه}؛ أي: يعجزون عنه، والمراد بـ (العامَّة) هنا: القراءة المشهورة الموافقة لرسم المصحف، قاله بعض حفَّاظ المِصْريِّين، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 262]

(1/8029)

[حديث عطاء: سمع ابن عباس يقرأ: {وعلى الذين يطوقونه}]

4505# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ _وقد ذكر مواضعَ فيها: إسحاق عن رَوح بن عبادة_: لم أجد (إسحاق) هذا منسوبًا عند أحد من شيوخنا في شيء من هذه المواضع، وقد حدَّث البُخاريُّ في (الأحزاب) و (ص) عن إسحاق بن إبراهيم عن رَوح بن عبادة، وحدَّث أيضًا في (كتاب الصلاة) في موضعين، وفي (الأشربة)، وغير موضع عن إسحاق بن منصور عن رَوح بن عبادة، انتهى، وقد قدَّمتُ كلام الجيَّانيِّ قبل هذا، وقال شيخنا هنا: و (إسحاق): هو ابن إبراهيم، كما صرَّح به أبو نَعيم، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «أطرافه».

و (عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام، تَقَدَّم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 262]

(1/8030)

[{فمن شهد منكم الشهر فليصمه}]

(1/8031)

[حديث ابن عمر أنه قرأ: {فدية طعام مساكين}]

4506# قوله: (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة، وذكرت الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن عبَّاس بن الوليد _بالموحَّدة، والسين المهملة_ النرسيُّ، وأنَّها في (أعلام النبوة)، وفي (بعث أبي موسى)، وفي (الفتن)، لكنَّه في (الفتن) نسبه، فقال: (عبَّاسٌ النرسيُّ)، والله أعلم، وتَقَدَّم أنَّ (عَبْدَ الأَعْلَى) هذا هو ابن عبد الأعلى الساميٌّ، أحد المحدثين الكبار، و (عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العُمريُّ.

==========

[ج 2 ص 262]

(1/8032)

[حديث: لما نزلت: {وعلى الذين يطيقونه}]

4507# قوله: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ ابْنِ الأَكْوَعِ): تنبيهٌ: إذا رأى الشخص هذا السندَ، ويرى أحاديثَ رواها البُخاريُّ عن المَكِّيِّ بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عُبيد _وهو هذا مولى سلمة ابن الأكوع_؛ يظنُّ أنَّ الأوَّل زِيدَ فيه شيء، أو أنَّه سقط من الثاني شيء، وليس كذلك؛ لأنَّ بينه _في هذا الحديث_ وبين يزيد أربعةَ أشخاص، ولا أعلم نظير هذا المكان في «البُخاريِّ»، وهو أن يكون بينه وبين شخص في بعض الأحاديث واحد، وفي بعضها أربعة، لكن تَقَدَّم في (خيبر): أنَّ بينه وبين مالك ثلاثةَ أشخاص، وفي أحاديث كثيرة واحدٌ، والله أعلم.

قوله: (مَاتَ بُكَيْرٌ قَبْلَ يَزِيدَ): قال الدِّمْياطيُّ: مات يزيد بن أبي عُبيد مولى سلمة سنة ستٍّ _أو سبع_ وأربعين ومئة، ومات بُكَيْر بن عبد الله بن الأشجِّ سنة سبع عشرة ومئة، وقيل: سنة عشرين، وقيل: اثنتين وعشرين، وقيل: سبع وعشرين ومئة، انتهى، وما قاله معروف رحمه الله.

==========

[ج 2 ص 262]

(1/8033)

[{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساءكم ... }]

(1/8034)

[حديث: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله]

4508# قوله: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عُبيد الله بن موسى العبسيُّ، أحد الأعلام على تشيُّعه وبدعته، وعنه البُخاريُّ، تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا مترجمًا، و (إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يونس بن أبي إسحاق عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيِّ.

قوله: (حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ): تَقَدَّم أنَّه بالشين المعجمة، والحاء المهملة، وتَقَدَّم سريج أيضًا، و (أَبُو إِسْحَاق): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ، والحكمة في إتيانه بالسند الثاني؛ لأنَّ أبا إسحاق السَّبِيعيَّ مدلِّسٌ، وقد عنعن في السند الأوَّل، فأتى بالثاني؛ لأنَّ فيه تصريحَه بالسماع من البَراء، ولأنَّ السند الأوَّل عنعن فيه عُبيد الله وإسرائيل، وفي الثاني صرَّحا فيه بالتحديث وإن كان عُبيد الله وإسرائيل ليسا مدلِّسين؛ إلا ليخرج من الخلاف، والله أعلم.

[ج 2 ص 262]

قوله: (لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه فُرِض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة.

(1/8035)

[{وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ... }]

(1/8036)

[حديث: إن وسادك إذًا لعريض أن كان الخيط الأبيض والأسود]

4509# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ الحافظ، و (أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (حُصَيْنٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وأنَّ الأسماء بالضم، والكنى بالفتح، إلَّا حُضَين بن المنذر أبا ساسان؛ فإنَّه بضمِّ الحاء المهملة، وفتح الضاد المعجمة، فردٌ، وهذا المذكور هنا هو حُصَين بن عبد الرَّحمن السُّلَميُّ، و (الشَّعْبِيُّ): عامر بن شراحيل، [تقدَّم]، وأنَّه بفتح الشين، و (عَدِيٌّ): هو ابن حاتم الطائيُّ، أبو طريف، وتَقَدَّم مترجمًا رضي الله عنه.

قوله: (إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا في (الصوم).

قوله: (أَنْ كَانَ الْخَيْطُ [الأَبْيَضُ وَ] الأَسْوَدُ ... ) إلى آخره: (أنْ)؛ بفتح الهمزة، وإسكان النون: كذا في أصلنا بالقلم، وقال ابن قُرقُول وقد ذكر هذا المكان: وفي رواية: (إن أبصرت الخيطين): (إن)؛ بكسر الهمزة للشكِّ، ولا يصحُّ الفتح، فإن كان مرويًّا؛ فيُخرَّج على تقدير: إنَّ وسادك لعريض من أجل أن أبصرت، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 263]

(1/8037)

[حديث: إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين]

4510# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن عبد الحميد الضبيُّ، القاضي، و (الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه عامر بن شراحيل.

قوله: (لَعَرِيضُ الْقَفَا): تَقَدَّم في (الصوم).

قوله: (إنْ أَبْصَرْتَ): هو في أصلنا الآن ضُبِط بالفتح والكسر، وقد قدَّمتُ الكلام عليه أعلاه أنَّه بالكسر، فإن روي بالفتح؛ كان له وجهٌ.

==========

[ج 2 ص 263]

(1/8038)

[حديث: وأنزلت: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض}]

4511# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المهملة: سلمة بن دينار، تَقَدَّم.

قوله: (وَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ): قال بعض حفَّاظ العصر: هم من الأنصار، سُمِّيَ منهم: قيس بن صرمة، انتهى.

قوله: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا): كذا هو في أصلنا، تَقَدَّم الكلام عليه في (الصوم) مطوَّلًا، وأنَّ ابن قُرقُول قال: (رِئْيُهما)؛ بكسر الراء وهمزةٍ ساكنة قيَّدناه عن متقني شيوخنا، وذكرت أيضًا أنَّ النوويَّ ضبط الرواية الأولى في «شرح مسلم»، فقال: براء مكسورة، ثُمَّ ياء ساكنة، ثُمَّ همزة؛ ومعناه: ينظرهما، وهذا أيضًا يخالف ما قاله ابن قُرقُول، وكذا ابن الأثير، وقد ذكر ابن الأثير هذه اللفظة في (الراء مع الهمزة).

==========

[ج 2 ص 263]

(1/8039)

[{وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ... }]

(1/8040)

[حديث: كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره]

4512# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): تَقَدَّم أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعيِّ عَمرو بن عبد الله.

==========

[ج 2 ص 263]

(1/8041)

[{وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ... }]

(1/8042)

[حديث ابن عمر: أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا: إن الناس]

4513# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدَار، و (عَبْدُ الْوَهَّابِ) بعده: هو عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصلت بن عبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي الثقفيُّ، أبو محمَّدٍ الحافظ، و (عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ مرارًا.

قوله: (أَتَاهُ رَجُلاَنِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ): هذان الرجلان اللذان جاءا عبدَ الله بن عمر لا أعرفهما، وقال شيخنا: إنَّهما من أهل العراق، وقال بعض حفَّاظ المِصْريِّين: هما: نافع بن الأزرق _كما تَقَدَّم_ ويحتمل أن يُفسَّر الثاني بالعلاء بن عرار الآتي.

قوله: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ [1] صَنَعُوا): بالصاد والنون، كذا في أصلنا، وفي الهامش نسخة؛ وهي: (ضُيِّعوا)؛ بضمِّ الضاد المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مكسورة مشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، قال ابن قُرقُول: (صنعوا)؛ بالصاد والنون: كذا للكافَّة، ولأبي الهيثم: (ضُيِّعوا)؛ بالضاد المعجمة، وتشديد المثنَّاة تحت، قال ابن قُرقُول: وهو أشبه.

قوله: (أنَّ اللهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي): (أنَّ)؛ بفتح الهمزة وكسرها، مشدَّد النون فيهما.

4514# قوله: (وَزَادَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ): هو عثمان بن صالح بن صفوان، السهميُّ مولاهم، المصريُّ، عن مالك، والليث، وابن لهيعة، وبكر بن مضر، وابن وهب، وعنه: البُخاريُّ، وأبو عبيد القاسم بن سلَّام، والذهليُّ، وابن وارة، وأبو حاتم، ويعقوب الفسويُّ، وخلقٌ، مات في المحرَّم سنة تسع عشرة ومئتين، أخرج له البُخاريُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل (قال)، وتَقَدَّم أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المنسوب إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه كـ (حدَّثنا)، غير أنَّه يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم، و (ابْنُ وَهْبٍ) بعده: هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام.

قوله: (أَخْبَرَنِي فُلاَنٌ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ): (فلان): قيل: هو ابن لهيعة، ذكر ذلك المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة بُكَيْر بن عبد الله بن الأشجِّ عن نافعٍ عن ابن عمر، وكذا قال الذهبيُّ في ترجمة ابن لهيعة، والظاهر أنَّه في أصل الذهبيِّ «التهذيب»، روى لابن لهيعة مسلمٌ مقرونًا بعَمرو بن الحارث، وروى البُخاريُّ والنَّسائيُّ له أحاديث مقرونًا فيها بثقة، ولم يصرِّحا باسمه، ففي بعضها: (ابن وهب عن حيوة بن شريح وفلان)، وفي بعضها: (عن عَمرو بن الحارث ورجل آخر)، انتهى، و (حيوة بن شريح)؛ بالشين المعجمة، والحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

(1/8043)

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ): هذا الرجل لا أعرف اسمه، لكن تَقَدَّم ما قاله شيخنا عن الحُمَيديِّ: إنَّ البُخاريَّ سمَّاه حَكِيمًا، انتهى، وكذا ذكره شيخنا أيضًا في (سورة الأنفال)، وعزاه للحُمَيديِّ عن البُخاريِّ أيضًا، ونقل ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّه العلاء بن عرار، وعزاه إلى «الخصائص» للنسائيِّ؛ فاعلمه، والله أعلم، وقد تَقَدَّم، زاد بعض حُفَّاظ مِصْرَ ما لفظه: وفي «أمالي النجاد» أنَّه ابن عرار أو الهيثم بن حنش، والعلاء هذا: خارفيٌّ كوفيٌّ، يروي عن ابن عمر، وعنه: أبو إسحاق، قال الكوسج عن ابن معين: ثِقةٌ، حديثه في فضل عليٍّ وعثمان، انفرد النَّسائيُّ بالإخراج له في «الخصائص».

قوله: (إِمَّا يَقَتَلُوهُ [2]، وَإِمَّا يُعَذِّبُوهُ) (إمَّا)؛ بكسر الهمزة، وتشديد الميم، وكذا التي قبلها، وقوله: (إمَّا يقتلوه، وإمَّا يعذِّبوه): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (يقتلونه) و (يعذِّبونه)؛ وهاتان على الجادَّة، والأوليان على لغة.

4515# قوله: (وَهَذَا [3] بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ): (بيته)؛ يعني: سكنه، قال ابن قُرقُول: (فهذه ابنته حيث ترون): كذا للكافَّة، وعند أبي الهيثم: (وهذه ابنته أو بنته) انتهى، وقوله: (بيته)؛ يريد: بين أبيات رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، يشير إلى قربه من رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

==========

[1] قوله: (قد): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قتلوه).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (هذا)؛ بغير واو.

[ج 2 ص 263]

(1/8044)

[{وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ... }]

قوله: (التَّهْلُكَةُ وَالْهَلاَكُ: وَاحِدٌ): كذا هو كما قال رحمه الله، يقال: هلك الشيء يهلك هلاكًا، وهُلوكًا، ومَهْلَكًا، ومَهْلِكًا، ومَهلُكًا، وتهلُكةً، والاسم: الهُلْك؛ بالضمِّ، قال اليزيديُّ: {التَّهْلُكَةِ}: من نوادر المصادر، ليست ممَّا يجري على القياس، قاله الجوهريُّ، وقال شيخنا: إنَّ {التَّهْلُكَةِ}: مثلَّث اللام، وعزاه للزجَّاج، انتهى.

==========

[ج 2 ص 263]

(1/8045)

[حديث حذيفة: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}]

4516# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ): قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (الصلاة)، و (سورة البقرة) في موضعين، وفي (الفضائل)،

[ج 2 ص 263]

و (اللباس)، و (الأدب)، و (خبر الواحد): (حدَّثنا إسحاق، حدَّثنا النضر)، نسبه ابن السكن في بعض هذه المواضع: إسحاق بن إبراهيم، وفي نسخة الأصيليِّ في (الوضوء) في (باب من لم ير الوضوء إلَّا من المخرجين): قال البُخاريُّ: (حدَّثنا إسحاق بن منصور، أخبرنا النضر ... )، فذكر حديثًا، قال أبو نصر: النضر بن شميل يروي عنه إسحاق بن إبراهيم، وإسحاق بن منصور، انتهى باختصار، والمِزِّيُّ لم ينسبه في «الأطراف»، وشيخنا لخَّص فيه كلام الغسانيِّ، ولم يزد.

قوله: (أَخْبَرَنَا النَّضْرُ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن شميل، الإمام المشهور، و (سُلَيْمَانُ) بعد (شُعْبَةُ): هو الأعمش، سليمان بن مِهران، أبو محمَّد الكاهليُّ القارئ، و (حُذَيْفَةُ): هو ابن اليماني حسيل، تَقَدَّموا.

(1/8046)

[{فمن كان منكم مريضًا أو به أذًى من رأسه}]

(1/8047)

[حديث: ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ بك هذا أما تجد شاة؟]

4517# قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ): تَقَدَّم ما في (أصبهان) من اللغات.

قوله: (عَنْ [1] عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ): (مَعْقِل) والد عبد الله؛ بفتح الميم، وإسكان العين المهملة، وبالقاف المكسورة، وهذا مشهور، إلَّا أنَّه قد يشتبه بـ (عبد الله بن مُغَفَّل) الصحابيِّ الذي هو بضمِّ الميم، وفتح الغين المعجمة، وفتح الفاء المشدَّدة، وهذا فردٌ، والمذكور هنا تابعيٌّ، وابنُ مُغَفَّل صَحابيٌّ ابن صَحابيٍّ، مغفَّل أيضًا صحابيٌّ، وقد تَقَدَّم.

قوله: (حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (حُمِلت)؛ بضمِّ الحاء، وكسر الميم، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (مَا كُنْتُ أُرَى): هو بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ.

قوله: (لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ): (نصفُ): مرفوعٌ مبتدأ، و (لكلِّ مسكين): خبرٌ مقدَّم، و (الصاع): تَقَدَّم أنَّه أربعة أمداد، وأنَّ المدَّ رطلٌ وثلث برطل بغداد، وتَقَدَّم الكلام على رطل بغداد، وتَقَدَّم التنبيه في (الحجِّ) على وَهَمٍ وقع في «مسلم» في بعض الروايات، والله أعلم.

قوله: (فِيَّ خَاصَّةً): (فيَّ): جارٌّ ومجرور، وهذه مشدَّدة الياء، و (خاصَّةً): منصوبٌ منوَّن، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَهْيَ لَكُمْ عَامَّة): يجوز في (عامَّة) الرفع مع التنوين، والنصب معه، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (سمعتُ).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).

[ج 2 ص 264]

(1/8048)

[{فمن تمتع بالعمرة إلى الحج}]

(1/8049)

[حديث: أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله]

4518# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ هذا هو يحيى بن سعيد القطَّان الحافظ، وقوله: (عَنْ عِمْرَانَ أَبِي بَكْرٍ): هو عمران بن مسلم القصير المنقريُّ، أبو بكر البصريُّ، مشهور الترجمة، و (أَبُو رَجَاءٍ): هو أبو رجاء العطارديُّ، واسمه عمران بن ملحان، تَقَدَّم، و (عِمْرَانَ بْن الحُصَين): تَقَدَّم أنَّ والده بضمِّ الحاء وفتح الصاد المهملتين، وقد قدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، وتَقَدَّم الكلام على حُصَين هذا، وأنَّه صَحابيٌّ، وذكرت ما وقع فيه، وفي هذا السند لطيفةٌ؛ وهي أنَّ فيه عمران عن عمران عن عمران.

قوله: (وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ): (يُنزَل): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (قرآنٌ): نائبٌ مَنَابَ الفاعل، كذا هو مضبوط في أصلنا.

قوله: (وَلَمْ ينْهَ عَنْهُ [1]): هو مبنيٌّ للمفعول وللفاعل، كذا في أصلنا، وهو ظاهرٌ.

قوله: (قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ): تَقَدَّم أنَّ الرجل هو عمر بن الخَطَّاب، وكذا وقع في نسخة هنا، وقد تَقَدَّم في (الحجِّ)؛ فانظره، قال شيخنا: قال ابن التين في قوله: (قال رجل ... ) إلى آخره: غير بيِّنٍ؛ لأنَّ عمر إنَّما كان ينهى عن فسخ الحجِّ، ولم يخالف كتاب الله ولا سنَّة نبيِّه.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (عنها).

[ج 2 ص 264]

(1/8050)

[{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلًا من ربكم}]

(1/8051)

[حديث: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية.]

4519# قوله: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ [1]: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ): (محمَّد) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه في (عمرة القضاء)؛ فانظره، وقال شيخنا هنا: هو ابن سلَام، انتهى، ولم ينسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام.

قوله: (كَانَتْ عُكَاظُ وَمَجنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ): تَقَدَّم الكلام على (عُكاظ)، وهنا في حاشية أصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (عُكاظ: يصرف في لغة الحجاز، وبنو تميمٍ لا يصرفونه)، انتهى، وهذا في «المحكم»، و (مجنَّة) تَقَدَّمتْ، و (ذو المجاز) تَقَدَّم أيضًا.

قوله: ({فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ}): هذه قراءة شاذَّة، قرأ بها ابن عبَّاس، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 2 ص 264]

(1/8052)

[{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}]

(1/8053)

[حديث: كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة]

4520# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ، و (مُحَمَّدُّ بْنُ خَازِمٍ) بعده؛ بالخاء المعجمة: هو أبو معاوية الضرير، تَقَدَّم.

قوله: (وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ): هو بضمِّ أوله، وفتح الميم المشدَّدة، مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الحُمْس): منصوب مفعول ثان، و (الحُمْس): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الحاء، وسكون الميم، وبالسين، المهملتين، و (الحُمْس): قريش وما ولدت من غيرها، وقيل: قريش ومن ولدت وأحلافُها، قال الحربيُّ: سُمُّوا بذلك؛ لأنَّ الكعبة حمساء في لونها؛ وهو بياض يضرب إلى سواد، وهم أهلها، وقال غيره: سُمُّوا بذلك في الجاهليَّة؛ لتحمُّسهم في دينهم؛ أي: لتشدُّدهم، والحماسة: الشدَّة، وقيل: لشجاعتهم، وقد تَقَدَّم.

==========

[ج 2 ص 264]

(1/8054)

[حديث: يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالًا حتى يهل بالحج]

4521# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّم أنَّه بضمِّ الفاء مصغَّرٌ، وهذا معروف عند أهله.

قوله: (حَتَّى يُهِلَّ): تَقَدَّم أنَّ (الإهلال) رفع الصوت بالتلبية.

قوله: (أيَّ ذَلِكَ شَاءَ): (أيَّ): مشدَّدة الياء، منصوب مفعول، تَقَدَّم.

قوله: (فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ): إن رفعتَ (آخر)؛ نصبتَ (يوم)، وإن عكست؛ انعكس الحال، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (جَمْعًا): هو بفتح الجيم، وإسكان الميم؛ وهي المزدلفة، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وأَكْثِرُوا): هو بقطع الهمزة، وكسر الثاء المثلَّثة، رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 2 ص 264]

(1/8055)

[{ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنة ... }]

(1/8056)

[حديث: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة]

4522# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الميمين، بينهما عين ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج ميسرة المنقريُّ مولاهم، البصريُّ، أحد الحفَّاظ، تَقَدَّم، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التنوريُّ، أبو عبيدة الحافظ، و (عَبْدُ الْعَزِيزِ) بعده: هو ابن صُهيب.

==========

[ج 2 ص 264]

(1/8057)

[{وهو ألد الخصام}]

قوله: (قَالَ عَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، أحد الأعلام، تَقَدَّم.

(1/8058)

[حديث: أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم]

4523# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، وهذا ظاهرٌ معروف عند أهله، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، صرح به المِزِّيُّ، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وتَقَدَّم أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: (الْأَلَدُّ: الْخَصِمُ): (الألدُّ): دائم الخصومة، من لديدَي الوادي؛ وهما جانباه؛ لأنَّه كلَّما أُخِذ من جانب من الحُجَّة؛ أَخَذ في آخر، وقيل: لإعماله لديدَيه؛ وهما جانبا فمه، و (الخَصِم)؛ بفتح الخاء المعجمة، وكسر الصاد: الكثير الخصومة.

قوله: (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): قال المِزِّيُّ: هو ابن الوليد العدنيُّ، انتهى، وعزا شيخنا ذلك إلى خلف، انتهى، و (عبد الله) هذا: أمويٌّ مولاهم، المَكِّيُّ، وكان يقول: أنا مكيٌّ، فلِمَ يقال لي: عدنيٌّ؟! عن سفيان الثوريِّ، وزمعة بن صالح، وإبراهيم بن طهمان، وغيرِهم، وعنه: أحمد ابن حنبل، والمؤمِّل بن إهاب، وطائفةٌ، قال أحمد: حديثه صحيح، ولم يكن صاحب حديث، وقال أبو زرعة: صدوقٌ، وقال أبو حاتم: لا يحتجُّ به، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وروى له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم في غالب ظنِّي، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة، كما عزاه المِزِّيُّ إلى التِّرْمِذيِّ والنَّسائيِّ في «أطرافه»، وكذا عزاه شيخنا إليهما، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وأنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ.

(1/8059)

[{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين ... }]

(1/8060)

[حديث: قال ابن عباس {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا}]

4524# 4525# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (ابْنُ جُرَيْجٍ) تَقَدَّم أعلاه، وكذا (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ).

قوله: ({وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110]: خَفِيفَةً ... ) إلى آخر كلام عائشة رضي الله عنها: اعلم أنَّ {كُذِبُوا} فيها قراءتان؛ قرأ الكوفيُّون _وهم: حمزة وعاصم والكسائيُّ_ بالتخفيف، والباقون بالتشديد، وهو الذي ذهبَتْ إليه عائشة، قال شيخنا: وهو الصحيح، كما قاله ابن الجوزيِّ، ويُحمَل التخفيف على أنَّ قوم الرسل ظنُّوا أنَّهم قد كُذِبوا فيما وُعِدوا به من النصر، انتهى لفظ شيخنا، وقد ذكر نحوه في (يوسف)، وقد ذكرت لفظَه هناك، وقال شيخنا أيضًا: وفي روايته _يعني: البرقاني_: كانوا بَشَرًا ويئسوا، فظنوا أنَّهم قد كذبوا، ذهب بها هناك، وأومأ بيده إلى السماء، انتهى.

قوله: (فَلَقِيتُ عُرْوَةَ): قائل هذا هو ابن أبي مُلَيْكَة عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة، كما تَقَدَّم أعلاه.

(1/8061)

[{نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم} الآية]

(1/8062)

[حديث: كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه]

4526# 4527# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا [1] النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ): (إسحاق) هذا: تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره، وقال شيخنا هنا: إسحاق: هو ابن إبراهيم، كما نسبه ابن السكن، ثُمَّ نقل بعد ذلك شيئًا عن أبي نعيم وغيره لا يتحرَّر من سقم النسخة، انتهى، و (ابْنُ عَوْنٍ): هو عبد الله بن عون بن أرطبان، لا ابن أمير مصر، تَقَدَّم أنَّ الثاني ليس له في «البُخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ.

قوله: (فِيمَا أُنْزِلَتْ): كذا في أصلنا، وفي الطرَّة نسخة: (فيمَ)، وهذه هي الجادَّة، وما في الأصل لغة، وقد تَقَدَّمتْ.

قوله: (قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا): قال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين: للطبرانيِّ في «التفسير» قال: نزلت في إتيان النساء؛ يعني: مدبراتٍ.

قوله: (وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ: حَدَّثَنِي أَبِي: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): هذا معطوف على السند الذي قبله، وليس تعليقًا، وقد رواه البُخاريُّ: عن إسحاق، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن أيوب به.

قوله: (يَأْتِيهَا فِي ... ): كذا في أصلنا (في)، وعليها (صح)، وبعدها بياض، ويوجد في بعض الأصول: بعد (في): (ضب)، وهذه تُسمَّى عند المحدِّثين: ضبَّة، إشارة إلى أنَّه سقط منه شيء، وكأنَّ البُخاريَّ رحمه الله حذف ما بعد (في)؛ للعلم به، ولتنزيه الكتاب عنه، وهو الدبر؛ لاستنكاره، وقد استنكره عليه ابنُ عبَّاس، وسيأتي الكلام عليه قريبًا.

قوله: (رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): (محمَّد) هذا: تعليقه لم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، قال شيخنا: زعم خلف أنَّ البُخاريَّ رواه تعليقًا عن محمَّد هذا، ورواه أبو نعيم عن أبي عمرو بن حمدان: حدَّثنا الحسن بن سفيان: حدَّثنا أبو بكر الأعين: حدَّثني محمَّد بن يحيى بن سعيد عن أبيه به، وزعم ابن طاهر أنَّ محمَّدًا هذا ممَّن انفرد به البُخاريُّ، وأباه ابن عساكر فمَن بعده، فذكره في شيوخ مسلم، انتهى.

و (محمَّد) هذا: هو ابن يحيى بن سعيد القطَّان، أبو صالح البصريُّ، عن أبيه، وابن عيينة، ومعاذ بن معاذ، وجماعةٍ، وعنه: ابناه: أحمد وصالح، وعفَّان وهو أكبر منه، والذهليُّ، وعبد الله بن أحمد ابن حنبل، وأبو يعلى، وخلقٌ، قال ابن حبَّان في «الثقات»: مات في رمضان سنة (223 هـ)، وكذا أرَّخه غيرُه، وقيل: مات سنة (226 هـ)، قال الذهبيُّ: قلت: هذا والذي قبله وُهِم في تاريخ موته، فإنَّ أبا يعلى والحسن بن سفيان إنَّما دخلا البصرة في حدود الثلاثين ومئتين، وقد رأيت بعض العلماء أرَّخ موتَه سنة ثلاث وثلاثين ومئتين، وهو أشبه، انتهى، علَّق له البُخاريُّ هنا، وأخرج له مسلم في المقدِّمة، وأخرج له أبو داود في المسائل التي سأل عنها الإمامَ أحمد ابن حنبل.

(1/8063)

و (عُبَيدُ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخَطَّاب العمريُّ.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[ج 2 ص 265]

(1/8064)

[حديث جابر: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد]

4528# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو الثوريُّ، سفيان بن سعيد بن مسروق، و (ابْنُ الْمُنْكَدِرِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه محمَّد، و (جَابِرٌ): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرامٍ الأنصاريُّ، تَقَدَّم.

قوله: (كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ): اعلم أنَّ جمهور السلف وأئمَّةَ الفتوى على تحريم الوطء في الدبر، ولا عبرة بمن خالف فيه، وفيه عدَّة أحاديث فوق العشرة، صحَّح ابن حزم منها حديثَ ابن عبَّاس رضي الله عنهما مرفوعًا: «لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلًا أو امرأةً في دبرها»، وحديث خزيمة مرفوعًا: «إنَّ الله لا يستحيي من الحقِّ، لا تأتوا النساء في أدبارهنَّ»، ثُمَّ قال: هما صحيحان، تقوم بهما الحُجَّة، ولو صحَّ خبرٌ في ذلك؛ لكانا ناسخَين، وقد جاء تحريمه عن عدَّةٍ من الصَّحابة وغيرهم، وما رُوِيَ إباحة ذلك عن أحد إلَّا عن ابن عمر وحده باختلافٍ عنه، عن نافعٍ باختلاف عنه، وعن مالكٍ باختلاف عنه فقط، وقد روى مالك عن ابن عمر أنَّه قال: أفِّ أفِّ! أوَيفعل ذلك مؤمنٌ؟!

وقال ابن قيِّم الجوزيَّة في «الهدي»: وأمَّا الدبر؛ فلم يُبَح على لسان نبيٍّ من الأنبياء، ومن نسب إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة في دبرها؛ فقد غلط عليه، انتهى، ثُمَّ ذكر بعد ذلك تعليل سبب غَلَطِ مَن غَلِطَ على بعضهم في ذلك، وهو كلام حسنٌ؛ أعني: كلامه على الوطء في الدبر، وقد أطال فيه النَّفَس؛ فانظره من «الهدي»، وقال شيخنا: وجاء عنه _أي: عن مالك_ إنكارُه، ويؤيِّد الجمهورَ ردُّها بالرتق والقرَن، ولو ساغ الانتفاع بغيره؛ لما رُدَّت، انتهى.

وقد سمعت شيخنا الإمام العلَّامة البلقينيَّ يقول: إنَّ الشافعيَّ نصَّ على تحريمه في ثلاثة أمكنة من «الأمِّ»، هذا _غالب ظنِّي_ لفظه، ويحتمل أنَّه قال: مكانين، وجاء الإمام نور الدين بن الجلال القاهريُّ المالكيُّ بكتاب «السرِّ» إلى شيخنا المشار إليه، فأراه الكتاب، وأنا رأيته أيضًا، وهو كتاب صغير جدًّا في قدر «غاية الاختصار» الذي للشافعيَّة، فقال شيخنا: وأظنُّ الشيخ نور الدين أيضًا قال: إنَّ هذا الكتاب لم يثبت عن مالك، والله أعلم.

وقال الذهبيُّ في ترجمة النَّسائيِّ في «التذهيب»: وقال محمَّد بن موسى بن يعقوب بن المأمون الهاشميُّ عنه: إنَّه لا يصحُّ في إباحته ولا تحريمه شيءٌ، ولكنَّ محمَّد بن كعب نقل عن جدِّك ابن عبَّاس: اسق حرثك من حيث شئت، فلا ينبغي لأحد أن يتجاوز قوله، انتهى؛ يعني: فيحرم الإتيان في الدبر؛ لأنَّه ليس محلًّا للحرث، والله أعلم، وفي حديث: (كان عَلَيهِ السَّلام إذا حاضت المرأة؛ حرَّم منها الجحران)، نقل ذلك بعض أشياخنا الحلبيِّين، كما سمعته من لفظه، قال الخطَّابيُّ: أي: استويا في الحرمة.

(1/8065)

تنبيهٌ: ذكر الذهبيُّ ما لفظه: أخبرتنا خديجةُ بنتُ الرضيِّ: أخبرنا أحمد بن عبد الواحد: أخبرنا عبد المنعم الفراويُّ: أخبرنا عبد الغفَّار بن محمَّد: أخبرنا أبو سعيد الصيرفيُّ: أخبرنا أبو العبَّاس الأصمُّ: سمعت محمَّد بن عبد الله _يعني به: ابن عبد الحكم، الفقيه المصريُّ_: سمعت الشافعيَّ يقول: ليس فيه عن رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في التحريم والتحليل حديثٌ ثابتٌ، والقياس: أنَّه حلال، قال الذهبيُّ: هذا منكر من القول، بل القياس التحريم؛ يعني: الوطء في دبر المرأة، وقد صحَّ الحديث فيه، وقال الشافعيُّ: إذا صحَّ الحديث؛ فاضربوا بقولي الحائط، قال ابن الصبَّاغ هذه الحكاية، قال الربيع: والله لقد كُذِب على الشافعيِّ، فإنَّ الشافعيَّ ذكر هذا في ستَّة كتب من كتبه، وقد حكى الطحاويُّ هذه الحكاية عن ابن عبد الحكم عن الشافعيِّ، فقد أخطأ في نقله ذلك عن الشافعيِّ، وحاشاه من تعمُّد الكذب، انتهى.

(1/8066)

[{وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}]

(1/8067)

[حديث: أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها]

4529# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الملك بن عَمرو، وأنَّ (العَقَديَّ) بفتح العين والقاف وبالدال المهملتين، و (الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، و (مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ)؛ بفتح الميم، وإسكان العين المهملة، وكسر القاف، و (يسار)؛ بالمثنَّاة تحت أوَّلًا، كنية مَعْقِل: أبو عليٍّ، ويقال: أبو يسار، ويقال: أبو عبد الله، مَعْقِل بن يَسار بن عبد الله بن معبر، ويقال: معير، ويقال: مغيرة، يُنسَب إلى معدِّ بن عدنان، المزنيُّ، نُسِبوا إلى أمِّهم، ومزينة هم ولد عثمان بن عمرو، ومزينة هي بنت كليب بن وبرة، وكان مَعْقِل ممَّن بايع تحت الشجرة، تُوُفِّيَ في خلافة معاوية في آخرها، وقيل: في خلافة يزيد، أخرج له الجماعة، رضي الله عنه.

قوله: (كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ): أخت مَعْقِل بن يسار اسمها جُمَيل بنت يسار؛ بضمِّ الجيم، وفتح الميم، كذا قيَّدها الأمير ابن ماكولا، وقال: سمَّاها ابن الكلبيِّ في (التفسير)، وهي التي عضلها أخوها، وكذا قيَّدها بضمِّ الجيم النوويُّ في «تهذيبه» في لفظة (مِنْ)، والذهبيُّ في «المشتبه»، وكذا سمَّاها ابن بشكوال

[ج 2 ص 265]

في «مبهماته»، قال شيخنا: وفي رواية ابن إسحاق: اسمها فاطمة بنت يسار، وسمَّاها ابن فيحون: جُمْلًا، وقيل: جُمَيل، وسمَّاها المنذريُّ: ليلى، انتهى، ورأيت ابن شيخنا البلقينيِّ نقل عن السهيليِّ: أنَّ اسمها ليلى، انتهى، وكذا عزاه إليه بعض الحفَّاظ المتأخِّرين، وجُمَيل هذه مذكورة في الصحابيَّات رضي الله عنهنَّ.

قوله: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ): (إبراهيم): هو ابن طهمان، وتعليقه أخرجه البُخاريُّ في (النكاح) به، و (يونس): هو ابن عبيد، يأتي قريبًا مترجمًا، و (الحسن): تَقَدَّم أنَّه البصريُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بإسكان العين، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج، و (عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: هو ابن سعيد، أبو عبيدة الحافظ، تَقَدَّم مترجمًا، و (يُونُسُ): هو ابن عبيد، أحد أئمَّة البصرة، عن الحسن وأبي بُردة، وعنه: عبد الوهَّاب الثقفيُّ وابن عُليَّة، من العلماء العاملين الأثبات، تُوُفِّيَ سنة (139 هـ)، أخرج له الجماعة، وهذا غير يونس بن عبيد الكوفيِّ، حدَّث عن البَراء بن عَازب، لا يُدرى مَن هو، وقد ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، حديثه في راية النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم أنَّها سوداء مربَّعة من نمرة، أخرج له أبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال الذهبيُّ: حديث حسن، كذا في «الميزان»، وأمَّا التِّرْمِذيُّ؛ فقال: حسن غريب.

(1/8068)

قوله: (عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ): تَقَدَّم أنَّ (الحسن): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، وهذا مرسل هنا، وذلك لأنَّه ذكر قصَّة لم يدركها، ولو أدركها؛ لكان صحابيًّا، وهو تابعيٌّ، ولا أسندها إلى مَعْقِل كما أسندها قبل ذلك.

تنبيهٌ: هذه الطريق لم أرها في «أطراف المِزِّيِّ» في نسختي، ورأيتها في أصلنا القاهريِّ، وكذا في أصل لنا دمشقيٍّ، ورأيت نفس هذا الحديث مُخرَّج في هامشها بخطِّ المِزِّيِّ، ومُصحَّح عليه، وكأنَّ هذه الطريق سقطت من نسختي بـ «الأطراف»، والله أعلم.

قوله: (طَلَّقَهَا زَوْجُهَا): زوجها هو البدَّاح بن عاصم بن عديٍّ، قاله ابن بشكوال، ونقل ابن شيخنا العراقيِّ الحافظ وليُّ الدين: أنَّ ابن بشكوال سمَّاه أبا البدَّاح عاصم بن عديٍّ، كذا رأيته في «مبهمات ابن شيخنا العراقيِّ»، وهو الحديث الثالث والثمانون منها، وسمَّى ابن بشكوال المرأة: جُمَيل، كما تَقَدَّم عنه، كلاهما في حديث واحد، وساق لهما شاهدًا من «أحكام إسماعيل القاضي»، ونقل شيخنا عن الطبريِّ من حديث ابن جُرَيج: أنَّ أخت مَعْقِل بن يَسار جُمَيل بنت يَسار كانت تحت أبي البدَّاح، انتهى.

وقال الذهبيُّ في «تجريده»: أبو البدَّاح بن عاصم بن عديٍّ البلويُّ، عن أبيه، مختلف في صحبته، والأظهر: أنَّه تابعيٌّ، انتهى، وقد حمَّر عليه أيضًا، فالأصحُّ: أنَّه عنده تابعيٌّ على شرطه، ولكنَّ ابن عبد البَرِّ صحَّح صحبته، ولا أعرف أنا في الصَّحابة من كنيته: أبو البدَّاح سواه، والله أعلم.

وقال ابن شيخنا البلقينيِّ بعد أن نقل كلام الذهبيِّ في أبي البدَّاح: فإن ادُّعيَ أنَّه غيره؛ أمكن ذلك، وفي «المجاز» لابن عبد السلام: أنَّ زوجها عبد الله بن رواحة، ولا أعلم من أين أخذه، انتهى.

وقد انتقد بعض حُفَّاظ مِصْرَ القولَ بأنَّه أبو البدَّاح، وأنكره فقال: وهو غلطٌ، فإنَّ أبا البدَّاح تابعيٌّ، والصحبة لأبيه، فلعلَّه هو الزوج، ثُمَّ نقل ما قاله ابن شيخنا عن ابن عبد السلام في «مجازه».

(1/8069)

[{والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن ... }]

(1/8070)

[حديث ابن الزبير: قلت لعثمان: {والذين يتوفون منكم ويذرون}]

4530# قوله: (حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ): و (بِسطام): بكسر الموحَّدة وفتحها، غير مصروف؛ للعلميَّة والعجمة، و (حَبِيبٌ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهو المعلِّم، وحَبِيب تَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة، واسمه زُهير صَحابيٌّ، و (ابْنُ الزُّبَيْرِ): هو عبد الله بن الزُّبَير بن العوَّام، الصحابيُّ الجليل، الخليفة، مشهور الترجمة، رضي الله عنه وعن أبيه وأمِّه.

قوله: (نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى): (الآيةُ): مرفوع فاعل، ومراده بـ (الآية الأخرى): {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234].

قوله: (فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟): (لمَ)؛ بفتح الميم: استفهاميَّة، و (تكتبُها): مرفوعٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (أَوْ تَدَعُهَا): (أوْ)؛ بإسكان الواو، و (تدعُها): مرفوعٌ أيضًا، والظاهر أنَّ (أو) بمعنى: (بَلْ)، وقد رأيت بخطِّ شيخنا العلَّامة البلقينيِّ ما نصُّه: فائدةٌ: قوله: (فلِمَ تكتبُها؟) يقتضي أنَّ الجملتين من كلام ابن الزُّبَير، وليس كذلك، بل قوله: (فلِمَ تكتبُها؟) من كلام ابن الزُّبَير، وأمَّا الجملة الثانية؛ فمن كلام عثمان، ويظهر ذلك ممَّا رواه في آخر (باب {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234])، فإنَّ فيه: قال _يعني: عثمان_: (تدعها يا بن أخي، لا أغيِّر شيئًا من مكانه)، قال حميدٌ: أو نحو هذا. انتهت.

قوله: (لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا [1] مِنْ مَكَانِهِ): كأنَّ عثمان رضي الله عنه راعى الإثبات؛ لأنَّه إنَّما نُسِخ الحكم خاصَّة دون اللفظ، وكأنَّ عبد الله بن الزُّبَير ظنَّ أنَّ ما نُسِخ لا يُكتَب، وليس كما ظنَّه، بل له فوائد التلاوة والامتثال، ولأنَّه لو أراد نسخ لفظه؛ لرفعه، والأكثرون _كما عزاه شيخنا إلى النحَّاس_ على أنَّ هذه الآية ناسخةٌ لآية: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234]، ثُمَّ أخرج المتوفى عنها الحامل.

(1/8071)

[حديث: إن شاءت سكنت في وصيتها وإن شاءت خرجت]

4531# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (باب ذكر الجنِّ)، و (البقرة)، و (الرقاق [1]): (حدَّثنا إسحاق، حدَّثنا رَوح بن عبادة)، لم أجد هذا منسوبًا عند أحد من شيوخنا في شيء من هذه المواضع، وقد حدَّث البُخاريُّ في (سورة الأحزاب) و (ص) عن إسحاق بن إبراهيم عن رَوح بن عبادة، وحدَّث أيضًا في (الصلاة) في موضعين، وفي (الأشربة)، وغير موضع عن إسحاق بن منصور عن رَوح بن عبادة، انتهى، وقد أهمل الجيَّانيُّ موضعين فيهما: إسحاق عن رَوح؛ أحدهما: في (الحجِّ) في (بابٌ: النسكُ شاة)، والثاني: في (غزوة الأحزاب)، على ما في أصلنا في المكانين، وقال شيخنا هنا: إنَّه ابن إبراهيم، أو ابن منصور.

قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيْح يَسار، المَكِّيُّ.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ، عَنِ [2] ابْنِ عَبَّاسٍ ... ) إلى آخره: (عطاء) هذا: هو ابن أبي رَباح، وهذا معطوف على السند الذي قبله، وقائله هو عبد الله بن أبي نَجِيْح عن مجاهد، فرواه البُخاريُّ عن إسحاق، عن رَوح، عن شبل، عن ابن أبي نَجِيْح، عن عطاء به.

قوله: (نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا): (الآيةُ): مرفوعة فاعل، و (عدَّتَها): منصوبة مفعول.

قوله: (وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ، وقد قدَّمتُ الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البُخاريِّ البيكنديِّ، وذكرتُ الأماكن التي روى فيها البُخاريُّ عن البيكنديِّ، في أوائل هذا التعليق، وقائل ذلك هو البُخاريُّ، والفريابيُّ شيخه كما تَقَدَّم، و (وَرْقَاءُ): هو ابن عمر اليشكريُّ، أخرج له الجماعة، صدوق صالح، و (ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله أنَّه عبد الله بن أبي نَجِيْح يَسار.

قوله: (وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على طريق محمَّد بن يوسف، فالبُخاريُّ روى هذا عن محمَّد بن يوسف، عن ورقاء، عن ابن أبي نَجِيْح به، والله أعلم.

قوله: (نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا): (الآيةُ): مرفوعٌ فاعلُ (نسختْ)، و (عدَّتَها): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] في (أ): (الرقان)، والمثبت موافق لما في مصدره.

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[ج 2 ص 266]

(1/8072)

[حديث ابن مسعود: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة؟!]

4532# قوله: (حَدَّثَنِي حِبَّانُ، حَدَّثَنِي [1] عَبْدُ اللهِ): (حِبَّان) هذا: بكسر الحاء، وهو ابن موسى، وقد تَقَدَّم مِرارًا، و (عبد الله): هو ابن المبارك، تَقَدَّم أيضَا.

قوله: (فِيهِ عُظْمٌ مِنَ الأَنْصَارِ): قال ابن قُرقُول: بضمِّ العين _يعني: وإسكان الظاء_ أي: معظمهم، وقيل: عظماؤهم.

[ج 2 ص 266]

قوله: (فَذَكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ): هو عبد الله بن عتبة بن مسعود بن غافلٍ الهذليُّ، وحديثه في شأن سُبيعة في «البُخاريِّ»، و «مسلمٍ»، و «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»: (أنَّه كتب إلى ابن الأرقم يسأل سُبيعة الأسلميَّة: كيف أفتاها رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؟ فقالت: أفتاني إذا وضعتُ؛ أن أنكح).

و (عبد الله بن عتبة) المشار إليه: من أبناء المهاجرين، له رؤيةٌ، سمع عمر وعمَّه عبد الله بن مسعود، وعنه: ابناه: الفقيه عبيد الله وعون الزاهد، وابنُ سيرين، قال ابن سعد: ثِقةٌ رفيع، كثير الفتيا والحديث، تُوُفِّيَ بالكوفة سنة (74 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (سُبيعة بنت الحارث): أسلميَّة، زوجة سعد بن خولة الذي رثى له رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لموته بمَكَّة، فوضعت هي بعده بليالٍ، روى عنها: عمر بن عبد الله بن الأرقم، ومسروق، وزفر بن أوس بن الحدثان، وغيرُهم [2]، روى عنها ابن عمر: «من مات بالمدينة؛ كُتِب شهيدًا»، أخرج لها البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

قوله: (لَكِنْ عَمُّهُ [3] لاَ يَقُولُ ذَلِكَ): (عمُّه): هو عبد الله بن مسعود بن غافل، عمُّ عبد الله بن عتبة بن غافل.

قوله: (إِنِّي لَجَرِيءٌ): هو بهمز في آخره، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ، أَوْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ): وسيأتي من طريق أيوب عن محمَّد بن سيرين: أنَّه أبو عطيَّة مالك بن عامر، وهذا هو أبو عطيَّة الوادعيُّ، واسمه مالك، فقيل: ابن عامر، وقيل: ابن حمزة، وقيل: ابن أبي حمزة، وقيل: ابن عمرو بن جندب، وقيل: هما اثنان، عن ابن مسعود، وعائشة، وأبي موسى، وغيرِهم، وعنه: محمَّد بن سيرين، وعُمَارة بن عمير، وأبو إسحاق السَّبِيعيُّ، وحُصَين بن عبد الرَّحمن، والأعمش، وجماعةٌ، وثَّقه ابن معين وغيرُه، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ.

وقوله: (فلقيت): قائله هو محمَّد بن سيرين، وهذا ظاهرٌ.

تنبيهٌ: اعلم أنَّ هذا الحديث ذكره البُخاريُّ هنا كذا، وقد قال الحافظ جمال الدين المِزِّيُّ في «أطرافه»: مالك بن عامر، أبو عطيَّة الهَمْدانيُّ، عن ابن مسعود حديث: (لقيت مالكًا، فقلت له: كيف كان ابن مسعود يقول في شأن سُبيعة؟ ... )؛ الحديث، النسائيُّ في (الطلاق)، وفي (التفسير): عن محمَّد بن عبد الأعلى، عن خالد بن الحارث، عن ابن عون، عن محمَّد بن سيرين قال: (لقيت ... )؛ فذكر في حديثٍ، انتهى.

(1/8073)

وقد كتب الحافظ عماد الدين بن كَثِير _وقد عاصرناه، ولكن ما أخذت عنه شيئًا، ولا رأيته، وهو شيخ بعض شيوخنا_ كتب بخطِّه حاشيةً على هذا المكان لفظها: ورواه البُخاريُّ في (التفسير) تعليقًا، فقال: (وقال سليمان بن حرب وأبو النعمان: حدَّثنا حمَّاد بن زيد، عن أيوب، عن محمَّد؛ هو ابن سيرين ... )؛ فذكره. انتهت.

وهذا الذي أشار إليه ابن كَثِير سيأتي في (سورة الطلاق)، ولم يتعرَّض لهذا المكان الذي في (البقرة)، وهو كلام المِزِّيِّ، وينبغي أن يلزم ابن كَثِير، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ أَيُّوبُ): هو ابن أبي تميمة، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو ابن سيرين، و (أَبُو عَطِيَّة): هو مالك بن عامر، كما سمَّاه هنا ونسبه إلى أبيه، وإنما أتى به هنا؛ لأن محمَّد بن سيرين في الأوَّل شكَّ؛ أهو مالك بن عامر، أو مالك بن عوف؟ وفي الثاني الجزم بأنَّه أبو عطيَّة مالك بن عامر، والله أعلم.

قوله: (لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى): أمَّا (القُصرى)؛ فهي (الطلاق)، وأمَّا (الطولى)؛ فهي (البقرة)؛ لذكر العدَّة فيها، وسأذكر فيه كلامًا في (سورة الطلاق) إن شاء الله تعالى، و (سورة النساء القصرى)؛ يعني: الذي فيها: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

[2] في (أ): (وغيره)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] كذا في (أ)، وفي (ق): (ولكنْ عمُّه)، وهذا الضبط رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (ولكنَّ عمَّه)، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (كان).

(1/8074)

[{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}]

قوله تعالى: ({حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]): قدَّمتُ في {الصَّلَاةِ الْوُسْطَى} في (كتاب الصلاة) سبعة عشر قولًا، والصحيح: أنَّها العصر، كما في «البُخاريِّ» و «مسلم» وإن كان الشافعيُّ قال: إنَّها الصبح.

==========

[ج 2 ص 267]

(1/8075)

[حديث: حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس]

4533# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه المسنديُّ، لا ابن أبي شيبة أبو بكرٍ الحافظ الكبير، و (يَزِيدُ) بعده: هو ابن هارون، و (هِشَامٌ): هو هشام بن حسَّان، و (مُحَمَّدٌ) بعده: هو محمَّد بن سيرين، و (عَبِيدَةُ) بعده: هو عَبِيدة؛ بفتح العين، وكسر الموحَّدة، وهو ابن عمرو، وقيل: ابن قيس، السَّلْمانيُّ، تَقَدَّم.

قوله: (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ): هو عبد الرَّحمن بن بِشْر بن الحكم العَبْديُّ النيسابوريُّ، عن ابن عيينة والقطَّان، وعنه: البُخاريُّ وهو القائل: (وحدَّثني)، ومسلمٌ، وأبو داود، وابن ماجه، ومكيُّ بن عبدان، وابن الشرقيِّ، ثِقةٌ، صاحب حديث، مات سنة (260 هـ)، أخرج له من الأئمَّة من روى عنه، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) بعده: هو القطَّان، و (هِشَامٌ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن حسَّان، و (مُحَمَّدٌ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن سيرين، و (عَبِيدَةُ): تَقَدَّم أعلاه وقبله ضبطه، وأنه السَّلْمانيُّ.

قوله: (شَكَّ يَحْيَى): هو ابن سعيدٍ القطَّان المذكور في السند.

==========

[ج 2 ص 267]

(1/8076)

[{وقوموا لله قانتين} مطيعين]

(1/8077)

[حديث: كنا نتكلم في الصلاة يكلم أحدنا أخاه في حاجته]

4534# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن سعيد القطَّان، و (أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانيُّ)؛ بالشين المعجمة: اسمه سعد بن إياس، تَقَدَّم، أخرج له الجماعة.

قوله: (كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ): تَقَدَّم الكلام على هذا الحديث في (الصلاة) في (باب ما ينهى من الكلام في الصلاة)، في أوائل التعليق.

قوله: (فَأُمِرْنَا): هو مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

==========

[ج 2 ص 267]

(1/8078)

[{فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا فإذا أمنتم فاذكروا الله .. }]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: {كُرْسِيُّهُ} [البقرة: 255]: عِلْمُهُ): أمَّا (ابن جُبَير)؛ فهو سعيد، وهو أشهر من أن يُذكر، قال الذهبيُّ في «ميزانه» في ترجمة جعفر بن أبي المغيرة القميِّ صاحبِ سعيد بن جُبَير: (روى هشيم عن مطرِّف، عنه، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبَّاس في قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}، قال: (علمه)، قال ابن منده: لم يُتابَع عليه، ثُمَّ قال: قد روى عمَّار الدِّهنيُّ عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبَّاس قال: {كُرْسِيُّهُ}: موضع قدمه، والعرش: لا يُقدَر قدْرُه، روى أبو بكر الهذليُّ وغيره عن سعيد بن جُبَير من قوله، قال: الكرسيُّ: موضع القدمين)، انتهى.

وقد أخطأ شجاع بن مَخْلد الفلَّاس، أحد الثقات، فروى عن أبي عاصم عن سفيان، عن عمَّار الدهنيِّ، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبَّاس مرفوعًا: ({كُرْسِيُّهُ}: موضع قدمه، والعرش: لا يُقدَر قدْرُه)، أخطأ شجاع في رفعه، رواه الرماديُّ والكجِّيُّ عن أبي عاصم موقوفًا، وكذا رواه ابن مهديٍّ ووكيع عن سفيان، وقد أخرجه الحاكم في «المستدرك» في (التفسير) من طريق الدهنيِّ، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عبَّاس موقوفًا، وقال: على شرط البُخاريِّ ومسلم، وأقرَّه الذهبيُّ على ذلك.

وقال الإمام السهيليُّ في «روضه» في (الوفود) في خطبة ثابت بن قيس: («وَسِعَ كُرْسِيَّهُ علمُه»، وفيه ردٌّ على مَن قال: الكرسيُّ هو العلم، وكذلك من قال: هو القدرة؛ لأنَّه لا تُوصَف القدرة والعلم بأنَّ العلم وسعهما، وإنَّما {كُرْسِيُّهُ}: ما أحاط بالسموات والأرضين، وهو دون العرش، كما جاءت به الآثار ... ) إلى آخر كلامه، وهو كلام حسن نفيس ينبغي لك أن تقف عليه.

قوله: (آدَنِي: أَثْقَلَنِي): (آدني): بمدِّ الهمزة.

قوله: (وَالآدُ وَالأَيْدُ: الْقُوَّةُ): (الآد): بهمزة مفتوحة ممدودة، ثُمَّ دال مهملة.

قوله: (الطَّلُّ: النَّدَى): هو بفتح النون، مقصورٌ، وهو المطر والبلل.

==========

[ج 2 ص 267]

(1/8079)

[حديث ابن عمر: كان إذا سئل عن صلاة الخوف]

4535# قوله: (فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ): (أشدّ): يجوز فيه النصب والرفع، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (قَالَ نَافِعٌ: لاَ أُرَى عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أُرى)؛ بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّ، قال البَيهَقيُّ كما نقله شيخنا في شرح «التنبيه» له: هو ثابت من جهة موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في (صلاة شدَّة الخوف) انتهى؛ يعني: في «البُخاريِّ».

(1/8080)

[حديث ابن الزبير: قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة]

4536# قوله: (حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، أزديٌّ، روى عن أبي مجلز وابن سيرين، وعنه: شعبة والأنصاريُّ، ثِقةٌ ثبت، تُوُفِّيَ سنة (145 هـ)، أخرج له الجماعة، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وزُهيرٌ صَحابيٌّ، تَقَدَّم مِرارًا.

[ج 2 ص 267]

قوله: (قُلْتُ لِعُثْمَانَ: هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره إن أردته.

قوله: (فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟): (لِمَ): استفهاميَّة، و (تكتبُها): مرفوعٌ، وقد تَقَدَّم قريبًا.

قوله: (قَالَ حُمَيْدٌ: أَوْ نَحْوَ هَذَا): (حُمَيد) هذا: هو المذكور في السند، حُمَيد بن الأسود.

(1/8081)

[{وإذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تحيى الموتى}]

(1/8082)

[حديث: نحن أحق بالشك من إبراهيم]

4537# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ): تَقَدَّم أنَّه أبو جعفر ابن الطبريِّ، المصريُّ الحافظ، و (ابْنُ وَهْبٍ): هو عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، تَقَدَّم، و (يُونُسُ): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، و (أبو سَلَمَةَ): عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، تَقَدَّم مِرارًا، و (سَعِيدٌ): هو ابن المُسَيّب، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): هو عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم.

قوله: (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم الكلام مطوَّلًا في (الأنبياء) في إبراهيم صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم.

قوله: ({فَصُرْهُنَّ} [البقرة: 260]: قَطِّعْهُنَّ) [1]: هو في أصلنا: بضمِّ الصاد، وفي هذا الضَّبط نظر، وإنَّما هو بالكسر؛ لأنَّه بالكسر معناه: قطِّعْ، وأمَّا بضمِّها؛ فمعناه: ضُمَّ أو أمِلْ، وقد قرأ بكسر الصاد حمزةُ، وبضمِّها الباقون، فالتفسير وقع لقراءة حمزة، لا لقراءة الباقين، والله أعلم، وقال شيخنا: قال ابن التين: ضبطه في أكثر الكتب بالضمِّ، والذي ذكره المفسِّرون: أنَّه بالضمِّ معناه: ضُمَّهنَّ إليك، وبالكسر: قطِّعْهنَّ، انتهى.

(1/8083)

[باب قوله: {أيود أحدكم أن تكون له جنة}]

(1/8084)

[حديث عمر: فيم ترون هذه الآية نزلت: {أيود أحدكم أن تكون له جنة}]

4538# قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): هو إبراهيم بن موسى الرازيُّ الفرَّاء الحافظ، تَقَدَّم، و (هِشَامٌ) بعده: هو ابن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صَحابيٌّ.

قوله: (وَسَمِعْتُ أَخَاهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ): هو أبو بكر بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، عن عائشة، وعثمان بن عبد الرَّحمن التيميِّ، وعبيد بن عمير، وعنه: ابنه عبد الرَّحمن المليكيُّ، وابن جُرَيج، وهشام بن عروة، وغيرُهم، ذكره ابن حبَّان في «الثقات»، أخرج له البُخاريُّ فقط.

قوله: (فِيمَ ترَوْنَ؟): يجوز فيها ضمُّ التاء وفتحُها.

قوله: (قَالُوا: أللَّهُ أَعْلَمُ، فَغَضِبَ عُمَرُ، فَقَالَ: قُولُوا: نَعْلَمُ أَوْ لاَ نَعْلَمُ): إن قيل: ما وجه غضبه وقد وكلوا العلم إلى الله؟

قيل: لأنَّ جوابهم يصلح للعالم بالجواب والجاهل، فأراد منهم تعيين إحدى الحالتين، ورأيت في هامش نسخة بـ «البُخاريِّ» حاشيةً بخطِّ شيخنا العلَّامة البلقينيِّ، قال: لأنَّه كناية، انتهى، وما ذكرته أحسن وأوضح ممَّا قاله شيخنا المشار إليه.

قوله: (أيّ عَمَلٍ؟): يجوز في (أي) الجرُّ على البدل، والرفع على الابتداء.

(1/8085)

[{لا يسألون الناس إلحافًا}]

قوله: ({إِلْحَافًا} [البقرة: 273]): نصب على أنَّه مفعول من أجله، ويحتمل أن يكون مصدرًا في موضع الحال، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 268]

(1/8086)

[حديث: ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان]

4539# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو ابن أبي كَثِير المدنيُّ، عن زيد بن أسلم وطبقتِه، وعنه: سعيد بن أبي مريم، والأويسيُّ، وطائفةٌ، ثِقةٌ، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين، وقال ابن المدينيِّ: معروفٌ، وقال النَّسائيُّ: صالحٌ.

قوله: (وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ): قال الدِّمْياطيُّ: (أبو عَمرة): بشير بن عمرو بن محصن، قُتِل مع عليٍّ بصفِّين، وله صحبة، وقُتِل أخوه أبو عبيدة يوم بئر معونة، وقُتِل أخوهما ثعلبة يوم جسر أبي عبيد، وقُتِل أخوهم حَبِيبٌ يوم اليمامة، انتهى.

فقوله في أبي عَمرة: (اسمه بشير بن عمرو)؛ قدَّم بعض الحفَّاظ تارة هذا، وتارة هذا، وأمَّا أخوهم (ثعلبة)؛ فهو ثعلبة بن عمرو بن محصن الأنصاريُّ النجَّاريُّ، شهد بدرًا، وقُتِل يوم جسر أبي عبيد كما قال، وقال ابن عبد البَرِّ في نسبه: ثعلبة بن عمرو بن عبيد بن محصن، أخو بني مالك بن النجَّار، فزاد في نسبه: عبيدًا، وخالفه هشام بن الكلبيِّ وغيرُه، وقال الواقديُّ: إنَّه تُوُفِّيَ بالمدينة في خلافة عثمان، وقيل: هو الذي روى عنه ابنه عبد الرَّحمن في السرقة، قال الذهبيُّ: وكأنَّه الصحيح، قال: فإنَّ ذاك لم يُنسَب، وهنا في هذا الموطن قد نُسِب إلى عَمرو، انتهى، وأمَّا (حَبِيبٌ)؛ فهو بفتح الحاء، وكسر الموحَّدة، قال الذهبيُّ: استشهد في ذهابه إلى اليمامة، والله أعلم.

قوله: (لَيْسَ الْمِسْكِينُ ... ) إلى آخره: يعني: الكامل المسكنة.

==========

[ج 2 ص 268]

(1/8087)

[{وأحل الله البيع وحرم الربا}]

(1/8088)

[حديث: لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا ... ]

4540# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الغين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاء مثلَّثة، وهذا معروف عند أهله، و (الأَعْمَشُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سليمان بن مهران، أبو محمَّد الكاهليُّ، و (مُسْلِمٌ) بعده: هو ابن صُبَيح، أبو الضحى، تَقَدَّم.

قوله: (لَمَّا نَزَلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا): تَقَدَّم الكلام على ذلك في (الصلاة).

==========

[ج 2 ص 268]

(1/8089)

[{يمحق الله الربا} يذهبه]

(1/8090)

[حديث: لما أنزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة]

4541# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ): هو غُنْدُر، وقد تَقَدَّم ضبط (غُنْدر)، وما هو، و (سُلَيْمَانُ): هو الأعمش، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم أعلاه أنَّه مسلم بن صُبَيح.

(1/8091)

[{فأذنوا بحرب من الله ورسوله} فاعلموا]

قوله: ({فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ} [البقرة: 279]: فَاعْلَمُوا): إن قَرأتَ بالوصل؛ فاقرأ: (فاعلموا)؛ بالوصل، وإن قرأت: {فآذِنوا}؛ بمدِّ الهمزة مفتوحة، وكسر الذال؛ فاقرأ: (أعلِموا)؛ بفتح الهمزة، وكسر اللام، وكلا القراءتين في السبع، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وقد قرأ أبو بكر وحمزة: بالمدِّ وكسر الذال، والباقون: بالقصر وفتح الذال.

==========

[ج 2 ص 268]

(1/8092)

[حديث: لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة قرأهن النبي]

4542# قوله: (حَدَّثَنِي محمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وتَقَدَّم مِرارًا أنَّه بُنْدَار، وتَقَدَّم ما (البُنْدَار)، وتَقَدَّم (غُنْدُرٌ) ضبطًا، وأنه محمَّد بن جعفر مرارًا، و (مَنْصُورٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المعتمر، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه مسلم بن صُبَيح.

==========

[ج 2 ص 268]

(1/8093)

[{وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ... }]

(1/8094)

[حديث: لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة قام رسول الله]

4543# قوله: (وَقَالَ لَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ): هو محمَّد بن يوسف بن واقد الفريابيُّ، والظاهر أنَّ (سُفْيَانَ) بعده: هو الثوريُّ، والله أعلم، وقد روى عن ابن عيينة، وأيضًا السُّفيانان رويا عن منصور أيضًا، ولكنْ محمَّدٌ مكثرٌ عن الثوريِّ، و (مَنْصُورٌ): هو ابن المعتمر، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، تَقَدَّم أعلاه ومرارًا، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبَيح، تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.

==========

[ج 2 ص 268]

(1/8095)

[{واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله}]

(1/8096)

[حديث: آخر آية نزلت على النبي آية الربا]

4544# قوله: (حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح القاف، وكسر الموحَّدة، و (سُفْيَانُ) بعده: الظاهر أنَّه الثوريُّ، و (عَاصِمٌ): هو ابن سليمان الأحول، تَقَدَّم مترجمًا، و (الشَّعْبيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل الشَّعْبيُّ، وأنَّه بفتح الشين المعجمة.

قوله: (عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ [1]: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةُ الرِّبَا): قد تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق الخلافُ في آخر آية أُنزِلت، وذكرت هذا المكان هناك، وقدَّمتُ أيضًا الخلافَ في أيِّ سورة أُنزِلت أخيرًا، والله أعلم.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة»: (رضي الله عنهما)، ثمَّ زيد فيها وفي (ق): (قال).

[ج 2 ص 268]

(1/8097)

[{وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}]

(1/8098)

[حديث ابن عمر: أنها قد نُسخت: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه}]

4545# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ): قال الدِّمْياطيُّ: قيل: هو الذهليُّ، قال ابن البيِّع: هو محمَّد بن إبراهيم البوشنجيُّ، وأمَّا (النُّفيليُّ)؛ فاسمه عبد الله بن محمَّد بن عليِّ بن نُفيل، أبو جعفر الحرَّانيُّ، روى عنه: أبو داود، وروى البُخاريُّ والتِّرْمِذيُّ والنَّسائيُّ والدارقطنيُّ عن رجل عنه، مات سنة (234 هـ)، وأمَّا (مسكين)؛ فهو ابن بُكَيْر الحذَّاء، يكنَّى: أبا عبد الرَّحمن، انتهى.

فقوله: (والدارقطنيُّ): هذا وَهم من الناقل من خطِّ الدِّمْياطيِّ، والظاهر أنَّ الدِّمْياطيَّ رقم: (ق)؛ يعني: ابن ماجه القزوينيَّ، فظنَّه الناقل الدارقطنيَّ، وقد ذكرت لك وفاة النُّفيليِّ، وأمَّا الدارقطنيُّ؛ فإنَّه وُلد سنة ستٍّ وثلاث مئة؛ فانظر ما بين وفاة النُّفيليِّ ومولد الدارقطنيِّ؛ يظهر أنَّه وَهَمٌ، والله أعلم.

وقد ذكر هذا المكان الجيَّانيُّ: (محمَّد عن عبد الله بن محمَّد النُّفيليُّ)، قال: هكذا ثبت (محمَّد) قبل (النُّفيليِّ) في أكثر النُّسخ، وسقط من كتاب ابن السكن، وقال أبو نصر: محمَّدٌ هذا أُراه محمَّد بن يحيى الذهليَّ، وقال في موضع آخر: قال لي أبو عبد الله بن البيِّع الحافظ: إنَّ هذا محمَّد بن إبراهيم البوشنجيُّ، وهذا الحديث ممَّا أملاه البوشنجيُّ بنيسابور، والله أعلم، انتهى.

وذكر أيضًا هذا المكان عبد الغنيِّ المقدسيُّ فقال في ترجمة النُّفيليِّ: وروى البُخاريُّ عن محمَّدٍ غير منسوب عنه، وهو محمَّد بن يحيى الذهليُّ، وقيل: محمَّد بن إبراهيم البوشنجيُّ، انتهى.

وذكر الذهبيُّ هذا المكان في «طبقات الحفَّاظ»، فذكر هذين القولين: الذهليَّ، والبوشنجيَّ، وذكر في «تذهيبه» القولين: الذهليَّ، وقيل: البوشنجيُّ، وقال: قاله الحاكم.

و (مسكين): هو ابن بُكَيْر الحرَّانيُّ، قال أحمد: حدَّث بأحاديث عن شعبة تفرَّد بها، وقال ابن معين وأبو حاتم: لا بأس به، زاد أبو حاتم: كان يحفظ الحديث، وقال ابن حبَّان في «الثقات»: مات سنة (198 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (قَدْ نُسِخَتْ: {وَإِنْ [1] تُبْدُوا ... }؛ الآية [البقرة: 284]): (نُسِختْ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

(1/8099)

[{آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه}]

(1/8100)

[حديث ابن عمر في {إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه}]

4546# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ): كذا في أصلنا، وفي نسخة هي في أصلنا: (ابن منصور)، وقال شيخنا عن الجيَّانيِّ: إنَّه لم يجده منسوبًا، قال: وقد حدَّث البُخاريُّ عن ابن إبراهيم، وعن ابن منصور، وقد ذكره أبو نعيم، وأبو مسعود، وخلف: ابن منصور، انتهى، وكذا هو منسوب في «أطراف المِزِّيِّ» الحافظ جمال الدين، والله أعلم، و (رَوح): هو ابن عبادة، تَقَدَّم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

(1/8101)

(((3))) (سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ) ... إلى (سُورَة النِّسَاء)

قوله: ({تُقَاةً} [آل عمران: 28] وَ {تَقِيَّةً} [1]: وَاحِدَةٌ): فيه إشعار بأنَّها قراءة، وهي قراءةٌ شاذَّة [2].

قوله: (الَّذِي لَهُ سِيمَا [3]): (السيما): مقصور، قال الله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم} [الفتح: 29]، وقد يجيء (السيماءُ) و (السِّمياء) أيضًا ممدودين.

قوله: ({رِبِّيُّونَ} [آل عمران: 146]، الْجَمِيعُ، وَالْوَاحِدُ: رِبِّيٌّ): يشير بذلك إلى قوله تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: 146]، وهو كما قال: الرِّبِّيُّ: واحد الربيِّين؛ وهم الألوف من الناس؛ أي: قُتِلَ معه الألوف من الناس، و (رِبِّيٌّ) في كلامه: بكسر الراء، وتشديد الموحَّدة، ثُمَّ ياء مشدَّدة، واعلم أنَّهم قالوا في قوله تعالى: {رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}: قيل: جماعات كثيرة، وقيل: هم الصُّبَّر والأتقياء، وقيل: العلماء الفقهاء، وقيل: وزراء الأنبياء، وقيل: الأنبياء، وقيل: الرِّبِّيُّون: الأتباع، والرِّبِّيُّون: القادة والولاة، {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} [النحل: 101].

قوله: ({غُزًّى} [آل عمران: 156]: وَاحِدُهُمْ [4]: غَازٍ): اعلم أنَّ (غازيًا): يُجمَع على غزاة؛ مثل: قاضٍ وقضاة، و {غُزًّى}؛ مثل: سابق وسُبَّق، و (غَزِيٌّ)؛ مثل: حاجٍّ وحجيج، وقاطنٌ وقَطِين، و (غُزَّاءٌ)؛ مثل: فاسق وفسَّاق، والله أعلم.

قوله: (الْمُطَهَّمَةُ): هو بضمِّ الميم، وفتح الطاء المهملة، وتشديد الهاء المفتوحة، ثُمَّ ميم مفتوحة أيضًا، ثُمَّ تاء التأنيث، يقال: رجل مُطهَّم، وفرس مطهَّم، قال الأصمعيُّ: المطهَّم: التامُّ كلِّ شيء منه على حدته، فهو بارع الجمال.

قوله: (أُرَاهُ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ): (أُراه): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] رواية «اليونينيَّة»: (تقاةٌ وتقيَّةٌ).

[2] كذا، وهي قراءة يعقوب من العشرة، فهي متواترة، انظر.

[3] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (سيماء).

[4] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (واحدها).

[ج 2 ص 269]

(1/8102)

[باب {منه آيات محكمات}]

(1/8103)

[حديث: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله]

4547# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ): هذا هو القعنبيُّ، الإمام المشهور، و (يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ)؛ بمثنَّاتين فوق؛ الأولى: مضمومة، والثانية: مفتوحة، بينهما سين مهملة ساكنة؛ إلى مدينة مشهورةٍ بخوزستان، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهيرٍ، وتَقَدَّم أنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ.

قوله: (فَإِذَا رَأَيْت الَّذِينَ): هو بكسر التاء على أنَّ الخطاب لعائشة، ويجوز فتحها على أنَّه لكلِّ أحد.

قوله: (فَأُولَئِك): يُروى: بكسر الكاف وفتحها على ما ذكرتُ.

==========

[ج 2 ص 269]

(1/8104)

[{وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}]

(1/8105)

[حديث: ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد]

4548# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّم لمَ قيل له: المسنديُّ، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو ابن همَّام الصنعانيُّ، الحافظ الكبير المصنِّف، و (مَعْمَرٌ)؛ بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، وهو ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ)؛ بفتح ياء أبيه وكسرها، وغيره ممن اسمه المُسَيَّب لا يجوز فيه إلَّا الفتح، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا): (يَسْتَهِلُّ): يرفع صوته، وقد تَقَدَّم الكلام على هذه المادَّة.

قوله: (إلَّا مَرْيَمَ وابْنَهَا): اعلم أنَّ هذه فضيلة ظاهرةٌ لمريم وابنِها، وظاهر الحديث: اختصاصهما بذلك، وأشار القاضي عياض رحمه الله إلى أنَّ جميع الأنبياء يشاركون فيها، وقد تَقَدَّم ذلك في (الأنبياء).

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثني).

[ج 2 ص 269]

(1/8106)

[{إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا ... }]

(1/8107)

[حديث: من حلف يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله]

4549# 4550# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، و (الأَعْمَشُ): سليمان بن مهران، و (أَبُو وَائِلٍ): شقيق بن سلمة، تَقَدَّم.

قوله: (عَلَى يَمِينِ [1] صَبْرٍ): بالإضافة، كذا قيَّده بها الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»، ورأيته في مكان من أصلنا: بالإضافة والصفة، وأمَّا هنا؛ فإنَّه مضبوط بالإضافة، ومعنى يمين الصبر: التي أُلزِم بها وحُبِس عليها، وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم، وفي بعض الأحاديث: «من حلف على يمين مصبورة ... »، قيل لها: مصبورة وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور؛ لأنَّه إنَّما صُبِر من أجلها؛ أي: حُبِس، فوُصِفت بالصبر، وأضيفت إليه مجازًا.

قوله: (فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ): هو الأشعث بن قيس بن معد يكرب بن معاوية بن جبلة بن عديٍّ الكنديُّ، اسمه معد يكرب، أبو محمَّد، وفد سنة عشر في قومه وكانوا ستِّين راكبًا فأسلموا، ثُمَّ ارتدَّ، فحوصر وأُتِيَ به الصدِّيقُ أسيرًا، فقال: استبقني لحربك، وزوِّجني أختَك، فزوَّجه، فلما زوَّجه؛ دخل سوق الإبل، فاخترط سيفه، فجعل لا يرى جملًا ولاناقة إلَّا عرقبه، فصاح الناس: كفر الأشعث، فلمَّا فرغ؛ طرح سيفه، وقال: إنَّ هذا الرجل زوَّجني أخته، ولو كنَّا ببلادنا؛ لكانت لي وليمة غير هذه، يا أهل المدينة؛ انحروا، وأعطى أصحاب الإبل أثمانها، وشهد اليرموك والقادسيَّة وجَلُولاء، وكان ممَّن أَلزم عليًّا بالحكمين، رواه ابن إسحاق عن ابن شهاب، وترجمته معروفة، أخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، تُوُفِّيَ بعد عليٍّ بأربعين ليلة، صَحابيٌّ، وعند من يقول: إنَّ الردَّة محبطة للعمل وإن لم يتَّصل بها الموت؛ لا يعدُّه، والله أعلم.

قوله: (مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟): هو عبد الله بن مسعود، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَبَيْنَ ابْنِ عَمٍّ لِي [2]): ابن عمِّه: هو المخاصم له، كما في رواية أخرى، وابن عمِّه: هو الجفشيش بن النعمان الكنديُّ، أبو الخير، ويقال: حفشيش؛ بالحاء والخاء، وهو الذي قال للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: أنت منَّا؟ فقال: «نحن من ولد النضر بن كنانة، لا نقفو أمَّنا، ولا ننتفي من أبينا»، قال الذهبيُّ: هو الذي خاصم إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في أرض، انتهى.

(1/8108)

وفي «مبهمات النوويِّ» في حديث الأشعث: خاصمت رجلًا في بئر إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقال: «بيِّنتك أو يمينه ... »؛ الحديث، قال الخطيب: هذا الرجل اسمه الجفشيش؛ بالجيم، وقيل: بالحاء المهملة، وقيل: بالخاء المعجمة،

[ج 2 ص 269]

ثُمَّ رواه الخطيب عن كلِّ شيخ من شيوخه بوجه من الأوجُه، وعن أبي حاتم الرازيِّ: أنَّه ذكره بالجيم، وكنَّاه: أبا الخير، وقال الطبرانيُّ: له صحبة، ولا رواية له، وفي رواية: رجل يقال له: الجَفشِيش بن حُصين، قلت: هو بالشين المعجمة المكسورة، وبفتح أوَّله، انتهى، بل بالحركات الثلاث، وفي «تجريد الذهبيِّ»: شخص آخر يقال له: الجفشيش، نسبُه أيضًا الكنديُّ، ثُمَّ قال: هو معدان بن الأسود بن معد يكرب، له وفادة، قاله محمَّد بن سعد، انتهى، وذكر ابن شيخنا البلقينيِّ: أنَّه الجفشيش، ويقال: اسمه معدان، ويقال: جَرِير بن معدان، انتهى.

قوله: (بَيِّنَتَكَ أَوْ يَمِينَهُ [3]): هما بالنصب، ونصبهما معروف.

قوله: (قُلْتُ [4]: إذًا يَحْلِفَ): هو بنصب (يَحْلِفَ)، وقال الشيخ محيي الدين بعد أن ذكر النصب: وقال أبو الحسن بن خروف في «شرح الجُمل»: إنَّ الرواية بالرفع، وقد تَقَدَّم.

قوله: ([عَلَى] يَمِينِ صَبْرٍ): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا جدًّا، وأنَّها بإضافة (يمين) إلى (صبر)، وفي هامش أصلنا نسخة معزوُّة إلى نسخة الدِّمْياطيِّ: (يمينٍ)؛ بالجرِّ منوَّنًا، وقد قدَّمتُ ذلك أنَّه وقع كذلك في بعض الأماكن في أصلنا.

==========

[1] كذا في (أ)، وهي في آخر هذا الحديث، وفي (ق): (بيمينِ)، ورواية «اليونينيَّة»: (يمينَ).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (كانت لي بئر في أرض ابن عمٍّ لي)، ولعلَّ في المثبت إشارةً إلى رواية (2417): (كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ ... ).

[3] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة» بضمِّهما.

[4] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (فقلت).

(1/8109)

[حديث: أن رجلًا أقام سلعةً في السوق فحلف فيها لقد أعطى بها]

4551# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ؛ هُوَ ابْنُ أَبِي هَاشِمٍ): هذا من توضيح مَن بعد البُخاريِّ ممَّن روى «البُخاريَّ» لا من البُخاريِّ، وهو عليُّ بن أبي هاشمٍ عبدِ الله بن طِبْرَاخ، البغداديُّ، عن شريك، وأيوب بن جابر، وهُشيم، وغيرِهم، وعنه: البُخاريُّ، ويعقوب بن شيبة، وتمتام، وجماعةٌ، قال أبو حاتم: صدوق تركوا حديثه؛ لأنَّه كان يتوقَّف في القرآن، أخرج له البُخاريُّ فقط، ذكره في «الميزان» لذلك، والجرحُ بالبدعةِ أَمْرٌ صَلِفٌ إذا لم نكفِّره بتلك البدعة، والمسألة معروفة فلا نطوِّل بها، و (هُشَيمٌ) بعده: هو ابن بَشِير، أبو معاوية، السُّلميُّ الواسطيُّ، حافظ بغداد، تَقَدَّم، و (الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الحاء المهملة، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ شين معجمة مفتوحة، ثُمَّ موحَّدة، وهذا ظاهرٌ عند أهله، و (عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى): تقدَّم هو وأبوه، وأبوه صَحابيٌّ، رضي الله عنهما.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً): هذا الرجل لا أعرف اسمه.

قوله: (أَقَامَ سِلْعَةً): أي: عرضها للبيع، وقد تَقَدَّم.

قوله: (لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهِ): (أَعطَى)؛ بفتح الهمزة والطاء، و (يُعطِه): بضمِّ أوَّله، وكسر الطاء، ويجوز (أُعطِي بها)؛ بضمِّ الهمزة: مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (يُعطَه)؛ بضمِّ أوله، وفتح الطاء، ومعنى الأولى: اشتراها بما لم يشترها به، ومعنى الثانية: دُفِع له فيها ما لم يُدفَع له فيها، ورأيت بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة حاشية منقولة من خطِّ اليونينيِّ لفظها: يتَّجه فتح الهمزة وضمُّها، وفتح الطاء مع ضمِّ الهمزة، وكسرها مع فتح الهمزة، قاله بعض الحفَّاظ، انتهى، كذا قال، والذي أعرفه ما ضبطتُ به أوَّلًا، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 270]

(1/8110)

[حديث: لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم]

4552# قوله: (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة.

قوله: (أَنَّ امْرَأَتَيْنِ): هاتان المرأتان [1] لا أعرفهما.

قوله: (كَانَتَا تَخْرزَانِ): هو بكسر الراء وضمِّها؛ لغتان في «الصَّحاح».

قوله: (وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفَى [2]): (أُنْفِذَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وبالذال المعجمة، و (الإِشْفَى)؛ بكسر الهمزة: مقصورٌ، و (الإِشْفَى): هو الذي للأساكفة، قال ابن السكِّيت: الإِشْفَى: ما كان للأساقيِّ، والمزادة، وأشباهها، والمِخصف للنعال، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (بإِشْفًى): منوَّن بالقلم.

قوله: (فَرُفِعَ لِابنِ [3] عبَّاس): (رُفِعَ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ.

قوله: (لَوْ يُعْطَى النَّاسُ): (يُعْطَى): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (الناسُ): مرفوع نائبٌ مَنَابَ الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] في (أ): (المرتان)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (بإشفًى).

[3] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (إلى ابن).

[ج 2 ص 270]

(1/8111)

[{قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ... }]

(1/8112)

[حديث أبي سفيان: انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله]

4553# قوله: (عَنْ هِشَامٍ): هذا هو هشام بن يوسف الصنعانيُّ، قاضي صنعاء، تَقَدَّم، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين: ابن راشد، تَقَدَّم.

قوله: (ح [1]): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التعليق، وسأذكره إن شاء الله تعالى في أواخره.

قوله: (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو المسنديُّ، تَقَدَّم، و (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هو الحافظ الكبير المصنِّف، ابنُ همَّام، و (مَعْمَرٌ) تَقَدَّم أعلاه، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو سُفْيَانَ): هو صخر بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق مترجمًا، وتَقَدَّم الكلام في أوَّل هذا التعليق على (الْمُدَّةِ) _وهي أمد الصلح_ كم كانت، والاختلاف فيها، و (الشَّأمِ)، و (هِرَقْلَ) بلُغَتَيه والكلام عليه، ومتى هلك، وأنَّه هلك سنة عشرين على نصرانيَّته، وعلى (دحْيَةُ) ابن خليفة، بلُغَتَيه، و (عَظِيمِ بُصْرَى)، وكذا على قوله: (فِي نَفرٍ مِنْ قُرَيْشٍ) كم كانوا، ومن عُرِف منهم، والكلام فيه، وكذا (إِجْلَاس أَصحَابِه خَلْفَه)، و (التّرْجُمَان) معناه ولفظه، وعلى (وَايْمُ اللهِ)، وعلى (الحَسَب)، وعلى (مِنْ مَلِكٍ)، وعلى (سَخْطَةً)، وعلى (السِّجَال)، وعلى (غَيْرَ هَذِهِ) في إعرابها، وعلى (بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ)، وعلى (الغَدْرِ)؛ وهو ترك الوفاء، وعلى (العَفَافِ)، وأنَّه بفتح العين، وهو ترك المحرَّمات، وترك خوارم المروءة، وعلى (أَمَّا بَعْدُ)، وعلى (دِعَايَةِ الإِسْلاَمِ) ضبطًا ومعنًى، وعلى (الأَرِيسِيِّينَ) ضبطًا ومعنًى، وعلى الواو في قوله: (و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [آل عمران: 64])، وعلى الحكمة في مكاتبته بهذه الآية دون غيرها من الآي، وذلك لأنَّ النصارى جمعوا الأمور الثلاثة المذكورة في الآية، وعلى (اللَّغَطُ، وَأُمِرَ بِنَا): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وكذا (فَأُخْرِجْنَا): مبنيٌّ أيضًا لما لم يُسَمَّ فاعله، وعلى (لَقَدْ أَمِرَ)، وعلى (ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ)، وعلى (بَنِي الأَصْفَرِ).

[ج 2 ص 270]

قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ): هذا موقوف على الزُّهريِّ، وإن شئت؛ قلت: مقطوعًا.

قوله: (فِي الْفَلاَحِ وَالرّشدِ): (الفلاح): الفوز والظفر، و (الرُّشْد)؛ بضمِّ الراء، وإسكان الشين، ويجوز بفتحهما.

(1/8113)

قوله: (فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ): تَقَدَّم الكلام عليه، قال الدِّمْياطيُّ: (حاصوا: نفروا وكرُّوا راجعين)، انتهى.

(1/8114)

[{لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} ... ]

(1/8115)

[حديث: بخ ذلك مال رايح ذلك مال رايح وقد سمعت ما قلت]

4554# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام.

قوله: (كَانَ أَبُو طَلْحَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه زيد بن سهل، وتَقَدَّم نسبه، ونسب (حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ) و (أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ) من عند البُخاريِّ في (الوصايا)، وعلى (بيْرحَاء)، وعلى (بَخْ) ضبطًا ومعنًى، و (رَايِحٌ) في الموضعين في أصلنا: بالمثنَّاة تحت، وفي رواية عبد الله بن يوسف _هو التنيسيُّ_ ورَوح بن عبادة؛ والاثنان رويا هذا الحديث عن مالك، فقالا: (رَابِحٌ): بالموحَّدة؛ أي: ذو ربح، وقد قدَّمتُ اختلاف الرواة في ذلك في (الزكاة)؛ فانظره، وهذا في أصلنا الدِّمَشْقيِّ عن عبد الله بن يوسف وروح: بالمثنَّاة تحت بالقلم؛ فاعلمه.

أمَّا عبد الله بن يوسف التنيسيُّ؛ فهو شيخ البُخاريِّ، فقوله: (قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) مثل: (حدَّثنا) كما تَقَدَّم، ويكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأمَّا (رَوْحٌ)؛ فتعليق؛ لأنَّه من شيوخ شيوخه، والله أعلم، وحديث عبد الله بن يوسف _أعني: عن مالك_ أخرجه البُخاريُّ في (الزكاة) و (الوصايا)، وأمَّا رَوح بن عبادة _أعني: عن مالك_؛ فلم أره في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

قوله: (حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ: «مَالٌ رَايِحٌ»): (رايح)؛ بالمثنَّاة تحت: كذا في أصلنا وفي أصلنا الدِّمَشْقيِّ، و (يحيى بن يحيى) هذا: هو يحيى بن يحيى بن بُكَيْر بن عبد الرَّحمن بن يحيى، أبو زكريَّا، التميميُّ، الحنظلي مولاهم، وقيل: من أنفسهم، وقيل: مولى بني منقر من تميم، النيسابوريُّ الحافظ، أحد الأئمَّة، عن حمَّاد بن سلمة، ومالك، والليث، وخلقٍ، وعنه: البُخاريُّ، ومسلم، وإسحاق، وغيرُهم، قال أحمد: ثِقةٌ وزيادة، وقال النَّسائيُّ: ثِقةٌ ثبت، تُوُفِّيَ في صفر سنة (226 هـ)، قال الحاكم: المكتوب على لوح قبره خطأ، وهو أنَّه مات سنة (224 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلم، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، ويحيى بن يحيى راوي «الموطأ» الليثيُّ مولاهم البربريُّ: ليس له في الكُتُب السِّتَّة شيء؛ فاستفده.

(1/8116)

4555# قوله في حديث محمَّد بن عبد الله الأنصاريِّ من كلام أنسٍ: (فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبِيٍّ، وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَيْهِ): هذا الحديث في أصلنا القاهريِّ، ومكتوب عليه: (نسخة)، وهو في هامش الأصل، وهو في أصلنا الدِّمَشْقيِّ، لكن كُتِب عليه: (لا ... إلى)، الظاهر معناه: أنَّه زائد، ولم يذكره المِزِّيُّ في «أطرافه»؛ فاعلمه.

واعلم أنَّ البُخاريَّ قدَّم نسب أبي طلحة، وأُبيٍّ، وحسان بن ثابت، وقد تَقَدَّم في (الوصايا) من قول أنس: (أنَّهما [1] أقرب إليه منِّي) [ح قبل: 2752]، وهذا يناقض ما في هذا المكان، وقد تَقَدَّم الوعد بهذا المكان هناك، فإن أراد أنس أنَّه أقرب منهما؛ لكونه ابن زوجته؛ ففي [2] هذه الإرادة بُعدٌ بعيد، وما أظنُّ أنسًا يريد هذا، وإن أراد غير ذلك؛ فلا أعلمه، والذي يظهر ويتَّضح: أنَّهما أقرب إلى أبي طلحة من أنس، ففي هذا المكان نظرٌ، وذلك أنَّ أنسًا يجتمع مع أبي طلحة في النجَّار؛ وهو الأب العاشر لأنس، وحسَّان يجتمع مع أبي طلحة في الأب الثالث، وأُبيُّ بن كعب يجتمع مع أبي طلحة في الأب السادس لأُبيٍّ، وأمَّا أمُّه أمُّ سُلَيم؛ فإنَّها [3] تجتمع مع أبي طلحة في النجَّار أيضًا، كما يجتمع معه أنس، وذلك لأنَّ أم سُلَيم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن تميم بن عديِّ بن النجَّار.

ثُمَّ إنِّي اعتبرت الحديثين، فوجدتهما كليهما من رواية محمَّد بن عبد الله الأنصاريِّ، عن أبيه، عن ثُمَامة، عن أنس، غير أنَّ الذي في كتاب (الوصايا) معلَّق على ما يقوله المِزِّيُّ والذهبيُّ، ومسند عند ابن الصلاح وغيرِه، وكأنَّه أخذه عنه في حال المذاكرة، كما هو المعروف في تعليقه عن بعض مشايخه؛ لأنَّ صورته: (وقال الأنصاريُّ)، وقد تغيَّر الأنصاريُّ تغيُّرًا شديدًا، قاله أبو داود، وقد ذكر الأنصاريَّ الذهبيُّ في «ميزانه»، ثُمَّ قال: ما ينبغي أن يُتكلَّم في مثل الأنصاريِّ لأجل حديث تفرَّد به، فإنَّه صاحب حديث، انتهى.

(1/8117)

ويحتمل أنَّ أنسًا أراد حديثًا رواه أبو يعلى الموصليُّ من رواية أبي طلحة في دعاء النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم إلى بيته، وفيه: (فأرسلتُ أنسًا إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقلت: سارِّهِ في أُذُنه وادْعُهُ، فلمَّا أقبل أنسٌ؛ قال رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «أرسلك أبوك يدعونا يا بُنيَّ؟ ... »؛ الحديث، وهذا مجازٌ؛ لأنَّه رابُّه، فأطلق عليه أبًا ولم يصر أباه، ولا هو صار ابنًا للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، وفي هذا الاحتمال بُعد.

وفي «مسند أبي عوانة» أيضًا في حديث أنس في صنع أمِّ سُلَيم الطعام، قال أنس: فلمَّا رآني رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ قال: «دعانا أبوك؟» قلت: نعم، وفي رواية: «أرسلك أبوك؟» قلت: نعم، وفي روايات: قال أنس: (يا رسول الله؛ إنَّ أبي يدعوك)، وفي رواية: (فلما رجعت؛ قلت: يا أبتاه؛ قد قلت لرسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم)، وفي رواية: (يا أبه)، وفي «مسلم» في (كتاب الأدب): قال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم لأنس: «يا بنيَّ»، وكذا قال فيه للمغيرة بن شعبة: «يا بنيَّ»، ولم يصر أباه، ولم تحرَّم الزكاة على أنس ولا على المغيرة؛ لكونهما صارا من بني هاشم، والله أعلم.

والحاصل: أنِّي لا أعرف كون أنس أقرب منهما، وقد ذكرت أنَّ أُبيًّا ابن عمَّة أنس في (الوصايا)، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (وكانا).

[2] في (أ): (وفي)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] في (أ): (فإنَّه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 271]

(1/8118)

[باب: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين}]

(1/8119)

[حديث: كيف تفعلون بمن زنى منكم؟]

4556# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه أنس بن عياض.

قوله: (أَنَّ الْيَهُودَ جَاؤُوا [1] بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا): تَقَدَّم أنَّ الرجل اليَهوديَّ الزاني لا أعرف اسمه، وأنَّ اليَهوديَّة الزانية سمَّاها السهيليُّ: بسرة.

قوله: (نُحَمِّمَهُمَا): أي: نحمِّم [2] وجوههما، مأخوذ من الحميم؛ وهو الفحم.

قوله: (فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ: كَذَبْتُمْ): تَقَدَّم الكلام على عبد الله بن سلَام، وأنَّ [3] أباه بتخفيف اللام.

قوله: (فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا): كذا في أصلنا، وفي الطرَّة نسخة: (مُدارسها)، قال ابن قُرقُول: (مِدراسها): هو هنا للمبالغة؛ كمِعطاء: للكثير العطاء، وعند الحمُّوي والمستملي: (مُدارسها: الذي يُدَرِّسُهَا)، وهو والأوَّل سواء، ولكنَّ المِدراسَ ههنا أظهر، انتهى.

فائدةٌ: الذي وضع يده على آية الرجم هو الأعور، كما جاء في بعض طرق هذا «الصحيح»: «ارفع يدك يا أعور»، وسيأتي في آخر «الصحيح»، واسمه عبد الله بن صورَى الحبر الأعور، وكذا قال شيخنا: إنَّه عبد الله بن صورى، وفي «أبي داود»: «ائتوني بأعلم رجل منكم»، فأتَوه بابنَي صوريا، ولعلَّهما _كما قال

[ج 2 ص 271]

ابن المنذر_: عبد الله هذا، وكنانة بن صوريا، ويكون ثنَّاهما على أحدهما، أو يكون عبد الله يقال فيه: ابن صوريا، وكان عبد الله أعلمَ من بقي من الأحبار بالتوراة، ثُمَّ كفر بعد ذلك، وزعم السهيليُّ أنَّه أسلم، انتهى، والسهيليُّ لم يقله من قِبَل نفسه، وإنَّما قال في عبد الله بن صوريا عن النقَّاش: إنَّه أسلم، ولم يتعقَّبه، والله أعلم.

قوله: (مِنْ حَيْثُ مَوْضعُ): (مَوْضِعُ): مرفوعٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (يَجْنَأُ عَلَيْهَا): اعلم أنَّ ابن قُرقُول ذكر في هذه اللفظة رواياتٍ واختلافَ الرواة فيها، ثُمَّ قال: والصحيح من هذا كلِّه ما قاله أبو عبيد: (يَحنأُ)؛ ومعناه: ينحني عليها، يقيها من الحجارة ... إلى آخر كلامه، فمن أراد البسط؛ فلينظر «المطالع» لابن قُرقُول، أو «المشارق» للقاضي عياض، ونقل بعضهم عن أبي عُبيد: أنَّه بالجيم والهمز، قال بعضهم: وهو الصواب، انتهى.

(1/8120)

وقد ذكر هذا اللفظ في «النِّهاية» في (الجيم مع النون في المهموز)، ثُمَّ قال في آخر كلامه: ويروى: بالحاء المهملة، وسيجيء، وذكر في (الحاء المهملة مع النون في المعتلِّ): (فرأيته يَحْنَى عليها)، قال الخطَّابيُّ: الذي في كتاب «السنن»: (يجنأ)؛ بالجيم، والمحفوظ إنَّما هو (يَحْنَى)؛ بالحاء؛ أي: يُكِبُّ عليها، يقال: حَنَا يَحْنَى حُنُوًّا.

==========

[1] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم).

[2] في (أ): (نحم)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] في (أ): (وأنَّه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/8121)

[{كنتم خير أمة أخرجت للناس}]

(1/8122)

[حديث أبي هريرة في قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}]

4557# قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ): هو محمَّد بن يوسف الفريابيُّ، تَقَدَّم الفرق بينه وبين محمَّد بن يوسف البيكنديِّ، و (سفيان): هو الثوريُّ فيما يظهر؛ لأنَّه مكثرٌ عنه وإن كان محمَّد بن يوسف هذا روى عن السُّفيانين، و (مَيْسَرَةُ) هذا: هو ميسرة الأشجعيُّ ابن تمَّام، ويقال: ابن عمَّار، عن أبي حَازم وابن المُسَيّب، وعنه: سفيان، وزائدة، والثوريُّ، وُثِّق، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ، وثَّقه أبو زرعة، و (أَبُو حَازِمٍ)؛ بالحاء المهملة: اسمه سلمان الأشجعيُّ، تَقَدَّم

قوله: ({كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاَسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلاَمِ): قال الدِّمْياطيُّ: ليس تفسير أبي هريرة هذا بصريحِ الرفع إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، ولا بواجبٍ أن يدخل في المسند، وقد قيل: الكاف زائدة، ومعنى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}: أنتم خير أمَّة، انتهى.

اعلم أنَّ الحاكم قال في «المستدرك»: ليعلم طالبُ العلم أنَّ تفسير الصحابيِّ الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديثٌ مسندٌ، قال أبو عمرو بن الصلاح: إنَّما ذلك في تفسير يتعلَّق بسبب نزول آية يخبر به الصحابيُّ، أو نحو ذلك؛ كقول جابر: (كانت اليهود تقول: من أتى امرأته في دبرها في قبلها؛ جاء الولدُ أحول، فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ... }؛ الآية [البقرة: 223])، قال: وأمَّا تفسيرات [1] الصَّحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم؛ فمعدودةٌ في الموقوفات، انتهى، والكلام في هذه المسألة، ومن قال: إنَّ مثل ذلك مرفوعٌ؛ معروف، والله أعلم.

==========

[1] في (أ): (تفسير)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 272]

(1/8123)

[{إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا}]

(1/8124)

[حديث جابر: فينا نزلت: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا}]

4558# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجهبذ، و (سُفْيَانُ) بعده: ابن عيينة، و (عَمْرٌو): هو ابن دينار.

قوله: (بَنُو حَارِثَةَ): هو بالحاء المهملة، وبالثاء المثلَّثة، وهذا ظاهرٌ، وهم من الأوس.

قوله: (بَنُو سَلِمَة): هو بكسر اللام، وهذا ظاهرٌ، وهم من الخزرج.

قوله: (قَالَ سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن عيينة.

==========

[ج 2 ص 272]

(1/8125)

[{ليس لك من الأمر شيء}]

(1/8126)

[حديث ابن عمر: اللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا]

4559# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر الحاء المهملة، وتَقَدَّم من يقال له كذلك في «البُخاريِّ» و «مسلمٍ»؛ وهم ثلاثة: هذا، وحِبَّان بن عطيَّة، وحِبَّان ابن العَرِقة؛ وهذا كافر هلك على كفره، و (عَبْدُ اللهِ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن المبارك، و (مَعْمَرٌ)؛ بإسكان العين: تَقَدَّم أنَّه ابن راشد، و (الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم.

قوله: (اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا): تَقَدَّم الكلام عليهم في (غزوة أحُد)؛ فانظر ذلك، وقد ذكر بعضُ الحفَّاظ هنا ما ذكرته في (غزوة أحُد)، ثُمَّ قال: وفي كتاب ابن أبي شيبة منهم العاصي بن هشام، وهو وَهَمٌ، فإنَّ العاصي قُتِل قبل ذلك ببدر، ونقل ما قاله السهيليُّ، وقد ذكرته هناك ووهمَه في نقله، وقد ذكرته بعد هذا، هنا أيضًا.

تنبيهٌ شاردٌ: وقع في «الروض» للسُّهيليِّ: أنَّ في «التِّرْمِذيِّ» حديثًا مرفوعًا في (التفسير): أنَّه عَلَيهِ السَّلام كان يدعو على أبي سفيان، والحارث بن هشام، وعمرو بن العاصي، فذِكْرُ عَمرٍو في هذا متعقَّبٌ بلا شكٍّ، والله أعلم، ولم أرَ ذلك إلَّا في أصلٍ عندي بـ «التِّرْمِذيِّ»، وقد تَقَدَّم في (أُحُد).

قوله: (رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): تكلَّموا في سماعه من الزُّهريِّ، قاله الدارقطنيُّ، وهو إسحاق بن راشد الجزريُّ الحرَّانيُّ، أبو سليمان، وقيل: هو رَقِّيٌّ، عن سالم، وميمون بن مهران، والزُّهريِّ، وجماعةٍ، وعنه: عتَّاب بن بَشِير، وموسى بن أعين، وآخرون، وثَّقه ابن معين، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: شيخ، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وقال ابن خُزيمة: لا يُحتجُّ بحديثه، وقال الدارقطنيُّ: تكلَّموا في سماعه من الزُّهريِّ، وقال أبو المليح الرقِّيُّ وغيره: قال إسحاق بن راشد: بعث محمَّدُ بن عليٍّ زيدَ بن عليٍّ إلى الزُّهري قال: يقول لك أبو جعفر: استوص بإسحاق خيرًا، فإنَّه منَّا أهلَ البيت، وقال عبيد [1] الله بن عمرو: كان إسحاق _يعني: ابن راشد_ صاحب مال، فأنفق عليهم أكثر من ثلاثين ألف درهم ورثها؛ يعني: على آل عليٍّ، أخرج له البُخاريُّ والأربعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وما رواه إسحاق بن راشد لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

==========

(1/8127)

[1] في (أ): (عبد)، والمثبت موافق لما في المصادر، انظر «تهذيب الكمال»، «تاريخ ابن عساكر».

[ج 2 ص 272]

(1/8128)

[حديث: سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد اللهم أنج الوليد]

4560# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه التَّبُوذَكيُّ، و (ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم، و (سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ)؛ بفتح ياء أبيه وكسرها، بخلاف غيره ممَّن اسمه المُسَيَّب، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ بن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ): كذا الصواب، ووقع في أصلنا القاهريِّ: (قبل الركوع)، وكانت قبل ذلك على الصواب، فأصلحها بعض المتفضِّلين على ما في زُعمه، فأفسدها، وقد ضبَّبت أنا عليها، وكتبت الصواب في الهامش، والله أعلم.

قوله: (اللَّهُمَّ أَنْجِ): هو بقطع الهمزة؛ لأنَّه رباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وقد تَقَدَّم الكلام على (الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ)، وأنَّه أخو خالد بن الوليد، وعلى (سَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ)، وأنَّه أخو أبي جهلٍ لأبويه، وعلى (عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ)، وأنَّه بالمثنَّاة تحت، والشين المعجمة، وأنَّه أخو أبي جهلٍ لأمِّه، وعلى (الوَطأَةِ)، وعلى (مُضَرَ)، وعلى (كَسِنِي يُوسُفَ)، وأنَّها بتخفيف الياء، في أوائل هذا التعليق، وعلى («الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا»، لِأَحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ)، تَقَدَّم: «اللهمَّ العن رِعْلًا، وذكوان، وبني لحيان، وعُصيَّة الذين عصوا الله ورسوله»، وتُعقِّب ذكر بني لحيان مع هؤلاء، وأُجيب عنه، والله أعلم، وقال بعض الحفَّاظ المتأخِّرين في قوله: (لأحياء من العرب)، قال: هم الذين قدَّمنا؛ يعني: المذكورين في (أحُد)، وقد ذكرهم هنا أيضًا: الحارث، وصفوان، وسهيلًا، قال: ولم يُرِد بقوله: (أحياء): قبائل، وإنمَّا أراد: ضدَّ أمواتٍ، وعند الإسماعيليِّ: (العن فلانًا وفلانًا وأناسًا من العرب)، انتهى.

==========

[ج 2 ص 272]

(1/8129)

[{والرسول يدعوكم في أخراكم}]

قوله: ({وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} [آل عمران: 153]: وَهْوَ تَأْنِيثُ آخِرِكُمْ): كذا في أصلنا بكسر الخاء، وإنمَّا هو تأنيث: آخَر؛ بفتح الخاء، (أفعل) تفضيل، لكنَّ المرادَ هنا الانتهاءُ، فإنَّه ذُكِر مدحًا للنَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، والأعقاب موضع الأبطال.

(1/8130)

[حديث: جعل النبي على الرجالة يوم أحد عبد الله بن جبير وأقبلوا]

4561# قوله: (حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ): هذا هو زُهير بن معاوية الجعفيُّ، أبو خيثمة الكوفيُّ، و (أَبُو إِسْحَاقَ): هو عَمرو بن عبد الله السَّبِيعيُّ.

[ج 2 ص 272]

قوله: (جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللهِ بْنَ جُبَيْرٍ): المراد بـ (الرَّجَّالة): الرماة، وكذا جاء في بعض طرقه: (وكانو خمسين)، وتَقَدَّم الكلام على عبد الله بن جُبَير في (أحُد)، وكذا الكلام على أنَّهم ليس معهم فرس، أو كان معهم فرسان، في (أحُد) أيضًا.

(1/8131)

قوله: (وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ): إن كان المرادُ الرماةَ؛ ففيه مجازٌ، فإنَّ أميرهم عبد الله بن جُبَير ثبت في نفر يسير دون العشرة مكانَه، وقال: لا أجاوز أمر رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بغنًى، ووعظ أصحابَهم، وذكَّرهم أمرَ رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم، فقالوا: لم يُرِد رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم هذا، قد انهزم المشركون، فما مقامنا ههنا؟! وإن كان المراد العسكر؛ ففيه أيضًا مجاز؛ لأنَّهم لم ينهزموا بأجمعهم، وقد ذكرت في (أحُد) وفي (الجهاد) مَن ثبت معه عَلَيهِ السَّلام، وقد اختُلِف في عددهم، والله أعلم، ولهذا قال في هذا: (ولم يبقَ مع النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم غير اثني عشر رجلًا)، قد ذكرت في (أحُد) وفي (الجهاد) مَن ثبت معه؛ فانظرهم إن أردتهم، وقد ذكر بعض حُفَّاظ مِصْرَ القولَ بأنَّهم العشرة، وعمَّار، وابن مسعود، وجابر، وهذا غلطٌ من قائله، إنَّما ذاك يوم الجمعة في حال الانفضاض، وقد ذكرت تغليطه في ذلك في (أُحُد)، فقال الحافظ المصريُّ: وقد ثبت في «الصحيح»: أنَّ عثمان بن عفان لم يبق معه، وحكى ابن التين: أنَّ الاثني عشر كانوا من الأنصار، وأنَّهم ممَّن قُتِل، ولحقَ النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم بالجبل وليس معه إلَّا طلحة بن عبيد الله، وقد ذكر الواقديُّ والبلاذريُّ أسماءَ من ثبت معه بأحُد: فمن المهاجرين: أبو بكر، وعمر، وعليٌّ، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة، والزُّبَير، وأبو عبيدة، وعبد الرَّحمن بن عوف، ومن الأنصار: أُسَيد بن حُضَير، والحباب بن المنذر، والحارث بن الصمَّة، وسعد بن معاذ، وأبو دُجانة، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وسهل بن حنيف، قالوا: وبايعه يومئذ على الموت من المهاجرين: عليٌّ، وطلحة، والزُّبَير، ومن الأنصار: الحارث، والحباب، وعاصم، وسهل، وأبو دُجانة، والله أعلم، انتهى.

(1/8132)

[باب: {أمنةً نعاسًا}]

(1/8133)

[حديث: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد]

4562# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو يَعْقُوبَ): قال الدِّمْياطيُّ: يُلقَّب بلؤلؤ، بغويٌّ، ابن عمِّ أحمد بن منيع بن عبد الرَّحمن البغويِّ أبي [1] جعفر الأصمِّ، مات إسحاق سنة (259 هـ) بعد البُخاريِّ بثلاث سنين، روى عنه: البُخاريُّ، ومات ابن عمِّه أحمد سنة (244 هـ)، روى عنه: الأئمَّة السِّتَّة، وروى البُخاريُّ عن حسين عنه، انتهى.

فقوله: (روى عنه الأئمَّة السِّتَّة): المراد: الخمسة، فإنَّ البُخاريَّ لم يرو عن أحمد بن منيع نفسِه، إنَّما أخرج عن واحد عنه، وهذا مراد الدِّمْياطيِّ، فإنَّ الأئمة الخمسة روَوا عنه، والبُخاريُّ عن واحد عنه، وقد يُؤخَذ ذلك من كلام الدِّمْياطيِّ من قوله بعد (السِّتَّة): (وروى البُخاريُّ عن حسين عنه)، والله أعلم.

تنبيهٌ: الذين روى عنهم البُخاريُّ وروى مسلم عن واحد عنهم: خمسة وثلاثون شيخًا، ومن روى مسلم عنه وروى البُخاريُّ عن واحد عنه: سبعة أشخاص: أحمد بن منيع المشار إليه، وداود بن رشيد، وسريج بن يونس، وسعيد بن منصور، وعبَّاد بن موسى، وهارون بن معروف، وعبيد الله بن معاذٍ العنبريُّ، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ): هذا هو الحُسين بن محمَّد بن بهرام، أبو أحمد، المروذيُّ المؤدِّب، نزيل بغداد، عن ابن أبي ذئب، وإسرائيل، وشيبان، وجرير بن حازم، وطبقتِهم، وعنه: أحمد، وابن معين، وعبَّاس الدوريُّ، وخلقٌ، وثَّقه ابن سعد وغيرُه، وقد حدَّث عنه من القدماء ابن مهديٍّ، قال مُطيَّن: مات سنة أربع عشرة _وقال حنبل: سنة ثلاث عشرة_ ومئتين، أخرج له الجماعة، ذكره في الميزان لغلطٍ فيه لبعض الحفَّاظ، والله أعلم، و (شَيبَانُ): هو النَّحويُّ، ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم، و (أَبُو طَلْحَةَ): زيد بن سهل النجاريُّ، تَقَدَّم مِرارًا.

قوله: (غَشِيَنَا النُّعَاسُ): هو بفتح المثنَّاة تحت، والضمير مفعولٌ، و (النُّعاسُ): مرفوع فاعل، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (فِي مَصَافِّنَا): هو بتشديد الفاء، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

==========

[1] في (أ): (أبو)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 2 ص 273]

(1/8134)

[{الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ... }]

قوله: ({الْقَرْحُ} [آل عمران: 172]: الْجِرَاحُ): {القرْحُ}؛ بضمِّ القاف وفتحها؛ كالضَّعف والضُّعف، وقيل: هو بالفتح: الجراح، وبالضمِّ: ألمها، ولفظ الجوهريِّ: (القرحة: واحدةُ القَرْح والقُروح ... ) إلى أن قال: (والقَرح والقُرح: لغتان)، انتهى، ففيه أنَّه بالفتح والضمِّ جمعٌ، وقرأ أبو السَّمَّال قعنَبٌ: {قَرَح}؛ بفتحتين، قال شيخنا: وبضمِّهما على الإتباع، حكاه أبو البقاء؛ كـ (اليُسُر) و (العُسُر)، انتهى، وأبو السمَّال قعنبٌ متكلَّمٌ فيه، وسأذكره في {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}.

==========

[ج 2 ص 273]

(1/8135)

[{إن الناس قد جمعوا لكم} الآية]

(1/8136)

[حديث ابن عباس: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام]

4563# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، نسب إلى جدِّه، اليربوعيُّ الحافظ، تَقَدَّم مترجمًا.

قوله: (أُرَاهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ): (أُراه)؛ أي: أظنُّه؛ بضمِّ الهمزة، و (أبو بكر): هو ابن عيَّاش؛ بالمثنَّاة، والشين المعجمة، كذا في أصلنا: (أحمد ابن يونس أُراه قال: حدَّثنا أبو بكر)، وكان في أصلنا: (أحمد ابن يونس قال: أُراه)، فضُرِب على (قال)، فعلى ما ضُرِب يكون الذي قال: (أظنُّه) البُخاريَّ، وكذا هو في أصل لنا آخر: (حدَّثنا أحمد ابن يونس أُراه قال: حدَّثنا أبو بكر)، وعلى إثبات (قال) يكون الظانُّ هو أحمد ابن يونس، وفي «الأطراف» ما لفظه: (في «التفسير»: «عن أحمد ابن يونس قال: أُراه حدَّثنا أبو بكر»)، فيه قوَّة أنَّ الظانَّ أحمد ابن يونس أو كالصريح، والله أعلم.

تنبيهٌ: الحديث المشار إليه أخرجه الحاكم في «المستدرك» من طريق أحمد ابن يونس عن أبي بكر بن عيَّاش من غير حسبان، والحديث أخرجه أيضًا عقيب هذا، وفيه: حدَّثنا مالك بن إسماعيل: حدَّثنا إسرائيل عن أبي حَصِين به؛ فذكره مختصرًا، والله أعلم، وأخرجه النَّسائيُّ في (التفسير): عن محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم، وفيه وفي «اليوم والليلة»: عن هارون بن عبد الله؛ كلاهما عن يحيى بن أبي بكر، عن أبي بكر بن عيَّاش نحوه.

و (أَبُو حَصِين): بفتح الحاء وكسر الصَّاد المهملتين، وقد قدَّمتُ أنَّ الأسماء بالضمِّ، والكنى بالفتح، واسم هذا عثمانُ بن عاصم، و (أَبُو الضُّحَى): مسلم بن صُبيح.

قوله: ({الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173]): أمَّا قوله: {الذين قال لهم الناس}؛ [فالنَّاس] هو عروة بن مسعود الثقفيُّ، والناسُ الذين جمعوا: أهلُ مَكَّة.

==========

[ج 2 ص 273]

(1/8137)

[حديث: كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار حسبي الله ... ]

4564# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وتَقَدَّم مترجمًا، و (أَبُو حَصِين): تَقَدَّم أعلاه ضبطه، واسمه واسم أبيه، وقبله أيضًا، و (أَبُو الضُّحَى): تَقَدَّم أعلاه اسمه واسم أبيه.

قوله: (كَانَ آخِر قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ): يجوز في (آخر) الرفع والنصب، فإن رفعت؛ كان (حسبي الله) منصوبًا؛ الخبر، وإن نصبت؛ كان (حسبي الله) مرفوعًا؛ الاسم، والله أعلم.

==========

[ج 2 ص 273]

(1/8138)

[{ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} الآية]

(1/8139)

[حديث: من آتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته]

4565# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): هو بضمِّ الميم، وكسر النون، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ راء، وهذا معروفٌ مشهورٌ عند أهله، و (أَبُو النَّضْرِ): تَقَدَّم أنَّه بالضاد المعجمة، وهذا ظاهرٌ، تَقَدَّم مِرارًا أنَّه هاشم بن القاسم، و (أَبُو صَالِحٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّ اسمه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر.

قوله: (شُجَاعًا أَقْرَعَ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الزكاة)، وعلى (لَهُ زَبِيبَتَان)، وعلى (لِهْزِمَتَيْه).

==========

[ج 2 ص 273]

(1/8140)

[{ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ... }]

(1/8141)

[حديث: يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب]

4566# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه الحكم بن نافع، و (شُعَيْبٌ): هو ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِيُّ): محمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (عَلَى حِمَارٍ): هذا الحمار [تقدَّم]، وفي الحديث الآتي ما يقوِّي أنَّه ملكه؛ وهو قوله: (دابَّته)، وإضافتها على الظاهر إضافة ملك، فيشبه على هذا أن يكون أهداه له سعد بن عبادة، فإنَّه يقال: إنَّ سعدَ بن عبادة أهدى له حمارًا فركبه، ولم يكن هذا الحمار المذكور هنا يعفورًا

[ج 2 ص 273]

ولا عُفيرًا؛ لأنَّهما لم يجيئا إلَّا بعد ذلك بزمن، والله أعلم.

قوله: (عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ): و (القطيفة): تَقَدَّم أنَّها كساء ذو خمل، وجمعه: قطائفُ، وهي الخميلة أيضًا، و (الفدكيَّة)؛ بالفاء، والدال المهملة: منسوبة إلى فَدَك، واعلم أنَّ (فدكيَّة) _بالدال_ كذا لكافَّة رواة مسلم، ولبعضهم: (فركيَّة)، وكذا للنسفيِّ، وهو تصحيف.

قوله: (وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ): تَقَدَّم في أوائل هذا التعليق أنَّ ابن منده جمع أردافه صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم في جزء، فبلغ بهم بضعًا وثلاثين، وقد ذكرتُ من تيسَّر لي منهم.

قوله: (يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ): الظاهر أنَّ هذه العيادة هي التي ذكرها ابن إسحاق في رواية يونس بن بُكَيْر، قال: كان سَعْد قد دعاه رجل من الليل، فخرج إليه، فضربه الرجل بسيفه فأشواه، فجاءه النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم يعوده من تلك الضربة، ولامه على خروجه ليلًا، ذكر ذلك السُّهيليُّ في «روضه».

قوله: (قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ): تَقَدَّم متى كانت وقعة بدر؛ فانظره في مكانه.

قوله: (فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ): تَقَدَّم كيف النُّطق به وكتابته، والنطق به أن تُنوِّن (أُبيًّا)، و (ابن) بعده تابع لـ (عبد الله)، وتكتب بألف، و (سَلول): لا ينصرف؛ للعلميَّة والتأنيث، وهي أمُّ عبد الله، وقد قدَّمتُ ترجمته ونسبه.

قوله: (وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ): يعني: قبل أن يُظهِر الإسلام، وإَّلا؛ فهو لم يسلم في الباطن قطُّ، ومات على نفاقه وكفره.

قوله: (عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ): أي: غبارها الذي تنثره حوافرها.

قوله: (خَمَّرَ): أي: غطَّى، وهذا ظاهرٌ.

(1/8142)

قوله: (فَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ): لعلَّه عَلَيهِ السَّلام نوى بالسلام المسلمين، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ): تَقَدَّم أعلاه كيف النطق به، وقدَّمتُ قبل ذلك نسبه وترجمته.

قوله: (لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (لا أُحِسنُ ما تقول)، قال الشيخ محيي الدين في «شرح مسلم»: (لا أحسن): هكذا هو في نسخ بلادنا بالألف في (أحسن)؛ أي: ليس شيء أحسن من هذا، قال: وكذا حكاه القاضي عن جماهير رواة مسلم، قال: فوقع للقاضي أبي عليٍّ: (لَأُحسِنُ من هذا)؛ بالقصر من غير ألف، قال القاضي: وهو عندي أظهر، وتقديره: أحسنُ من هذا أن تقعد في بيتك ولا تأتينا، انتهى.

وقال شيخنا عن ابن الجوزيِّ: كثير من المحدِّثين يضمُّون ألف (أُحسِنُ)، ويكسرون السين؛ أي: لا أعلم منه شيئًا، وسمعت أبا محمَّد بن الخشَّاب يفتح الألف والسين؛ أي: ليس شيء أَحسَن من هذا، ثُمَّ ذكر رواية أبي عليٍّ وكلامَ القاضي، انتهى.

وأمَّا ابن قُرقُول؛ فقال: (لا أحسنَ من هذا)، وعند القاضي أبي عليٍّ: (لأَحسنُ)؛ برفع النون مع لام الابتداء، وكذلك اختلفت الرواية فيه عندنا في كتاب «المشاهد» لابن هشام، ولكلٍّ وجهٌ، ومن الناس من يرجِّح النفي ويجعله الصواب ... إلى أن قال: ورجَّح القاضي أبو الفضل روايةَ أبي عليٍّ، وقال: إنَّه الأشبه بمقصد هذا المنافق ... إلى آخر كلامه، والله أعلم.

قوله: (وَارْجِعْ [1] إِلَى رَحْلِكَ): (الرَّحل): المنزل والمسكن، وقد تَقَدَّم.

قوله: (حَتَى سَكَنُوا): هو بالنون، وفي نسخة: بالتاء.

قوله: (أَبُو حُبَابٍ): هو بضمِّ الحاء المهملة، وتخفيف الموحَّدة، وفي آخره موحَّدة أخرى، تَقَدَّم، والحُبَاب: هو عبد الله بن عبد الله بن أُبيٍّ ابنُ سَلول، كذا كان اسمه، فغيَّره عَلَيهِ السَّلام إلى عبد الله، الرجلُ الصَّالح المستشهد باليمامة، رضي الله عنه.

قوله: (هَذِهِ البُحَيْرَة): يعني: المدينة، و (البَحرة): الأرض والبلد، قال ابن سراج: ويقال: البَحيرة: على لفظ الناقة البَحيرة ... إلى أن قال ابن قرقول: قال الحربيُّ: البَحيرة دون الوادي، وأعظم من التلعة، وقال الطبريُّ: كلُّ قرية لها نهرٌ جارٍ أو ماءٌ ناقع؛ فالعرب تسمِّيها البحيرة، انتهى.

وقال القاضي: وفي غير مسلم: (البَحِيرة)؛ بفتح الباء، وكسر الحاء، قال: وكلاهما بمعنًى واحد، انتهى.

(1/8143)

قوله: (بِالْعِصَابَةِ): أي: يسوِّدونه، وكان السيد عندهم يُسمَّى معصَّبًا؛ لأنَّه يُعصَّب بالتاج، أو يُعصَّب به أمر الناس، وقيل: معناه: يعصِّبونه بعصابة الرئاسة، وينصبوا [2] عليه تاجًا، ومنه في الحديث الآخر: فكانوا ينظمون له الخرز ليتوِّجوه، وينظمون له العصابة؛ يعني: التي كانت ملوك العرب تتعصَّب بها وتتعمَّم، والعمائم تيجان العرب، وفي «مسلم»: (ويتوِّجوه).

قوله: (شَرِقَ بِذَلِكَ): (شَرِق)؛ بفتح الشين المعجمة، ثُمَّ راء مكسورة، ثُمَّ قاف؛ أي: ضاق صدره حسدًا منك؛ كمن غصَّ، لكنَّ الشَّرَق بالمشروب، والغصيص بالمطعوم.

قوله: (وَأَهْلِ الْكِتَابِ): هو بالجرِّ، معطوف على (المشركين).

قوله: (فَقَتَلَ اللهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ): (الصناديد): الشجعان السادات، وقد تَقَدَّم أنَّه قُتِل منهم سبعون، وقدَّمتُ مشاهير القتلى منهم في (بدر).

قوله: (فَبَايَعُوا لِرَسُولِ اللهِ): هو فعل ماضٍ، بفتح الياء.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ارجع)؛ بغير واو.

[2] كذا، شرحًا للفظ الحديث: (على أن يتوِّجوه).

(1/8144)

[{لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا}]

(1/8145)

[حديث: أن رجالًا من المنافقين على عهد رسول الله كان إذا خرج ... ]

4567# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، و (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) بعده: هو محمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير المدنيُّ، تَقَدَّم، و (عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ): تَقَدَّم أنَّه بتقديم المثنَّاة تحت، و (أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

قوله: (أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ): هؤلاء لا أعرفهم بأعيانهم، وسأذكر من ذكر بنفاق في (سورة المنافقين) إن شاء الله تعالى وقدَّره.

==========

[ج 2 ص 274]

(1/8146)

[حديث: أن مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس ... ]

4568# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف الصنعانيُّ، قاضي صنعاء، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَة زُهير، وأنَّ زُهيرًا صَحابيٌّ، و (مَرْوَانُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه ابن الحكم، وأنَّه تابعيٌّ.

قوله: (قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عبَّاس): (رافعٌ) هذا بوَّاب مروان سأل ابن عبَّاس، وعنه: علقمة بن وقاص، وحُمَيد بن عبد الرَّحمن، وهما عنه في هذا الحديث؛ الأوَّلُ في الطريق الأوَّل، والثاني في الطريق الثاني، ولكنَّ هذا الحديث قد أخرجه المِزِّيُّ في «أطرافه» في ترجمة علقمة عن ابن عبَّاس، وكذا في ترجمة حُمَيد بن عبد الرَّحمن عن ابن عبَّاس،

[ج 2 ص 274]

والذي يظهر أنَّه من مسند رافع هذا عن ابن عبَّاس، كما هو في هذا «الصحيح» في الطريقين وغيره، والحديث من مسند حُمَيد بن عبد الرَّحمن عن ابن عبَّاس في «البُخاريِّ»، و «مسلم»، و «التِّرْمِذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، ومن مسند علقمة عن ابن عبَّاس في «البُخاريِّ» فقط، وإذا كان الحديث من مسند علقمة وحُمَيد عن ابن عبَّاس؛ فلم يرويا عن رافع شيئًا، وإن كانا رويا عنه؛ فالحديث من مسنده عن ابن عبَّاس، وقد قال الذهبيُّ في «تذهيبه» تبعًا لأصله في ترجمة رافع: روى عنه علقمة وحُمَيد بن عبد الرَّحمن، وهذا الفعل فيه تباينٌ، والله أعلم، اللهمَّ إلَّا أن يكونا قد رويا عنه في غير هذا الحديث، فيحتاج إلى نقلٍ، والله أعلم، و (رافع) هذا: روى عنه ثقتان، ولا أعلم فيه جرحًا ولا تعديلًا صريحًا.

قوله: (بِمَا أُوتِيَ): قال الدِّمْياطيُّ: رواه مسلم عن زهير وهارون، عن حجَّاج، عن ابن جُرَيج به، وفيه: (بما أَتَى)؛ يعني: بفتح الهمزة والتاء، قال: وهذا هو الوجْهُ؛ لموافقة التلاوة ومرسوم المصحف، وبيان المعنى، انتهى، والحديث في «الترمذيِّ» و «النَّسائيِّ» أيضًا، وراجعت نسخة عندي من «التِّرْمِذيِّ»؛ فوجدته كـ «البُخاريِّ»، ولكنَّ «النَّسائيَّ الكبير» ليس عندي، والله أعلم.

(1/8147)

قوله: (إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ): قال بعض حُفَّاظ مِصْرَ من المعاصرين: كان السؤال عن صفته عندهم بإيضاح، فأَخْبَروه بأمر محمَّد.

قوله: (تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ): الضمير في (تابعه) يعود على هشام؛ هو ابن يوسف الصنعانيُّ، و (عبدُ الرزَّاق): هو ابن همَّام، المسند الكبير، والحافظ المكثر، ومتابعته هذه لم أرها في شيء من الكُتُب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقال شيخنا: أخرجه الإسماعيليُّ في «صحيحه» عن ابن زنجويه وأبي سفيان قالا: عن عبد الرزاق به، وقال أبو نعيم: حدَّثنا محمَّد بن إبراهيم: حدَّثنا أبو عَرُوبة: حدَّثنا سلمة بن شبيب: حدَّثنا عبد الرزاق به، قال أبو مسعود: تابعه أيضًا محمَّد بن ثور عن ابن جُرَيج، انتهى، والظاهر لي سقوط واحد بين شيخَي الإسماعيليِّ وبين عبد الرزَّاق.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): هو محمَّد بن مقاتل المروزيُّ رُخٌّ، تَقَدَّم، و (الْحَجَّاجُ) بعده: هو الحجَّاج بن محمَّد الأعور، الحافظ، تَقَدَّم، و (ابْنُ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا: (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَة).

(1/8148)

[{إن في خلق السموات والأرض} الآية]

(1/8149)

[حديث: بت عند خالتي ميمونة فتحدَّث رسول الله مع أهله ساعة]

4569# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن محمَّد، وتَقَدَّم قريبًا أنَّ (محمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ) هو ابن أبي كَثِير.

قوله: (عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ): هي أمُّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلاليَّة، تَقَدَّم بعضُ ترجمتها.

قوله: (فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ): وسيأتي: (حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ) [خ¦4571]، وفي رواية: (فقام من آخر الليل)، ولا تضادَّ؛ إذ في بعض الروايات الصحيحة: (أنَّه توضَّأ وضوءًا بين الوضوءين، ثُمَّ أتى فراشه فنام، ثُمَّ قام قومة أخرى، ثُمَّ توضأ هو الوضوء، ثُمَّ قال: «اللهمَّ أعظم لي نورًا»)، وهو دالٌّ على أنَّه قام قومتين، وكذا أخرجه الصيدلانيُّ _كما أفاده شيخنا_: (فلمَّا كان في جوف الليل الأوَّل؛ خرج إلى الحجرة، فقلَّب وجهه في السماء، ثُمَّ عاد إلى مضجعه، فلمَّا كان في ثلث الليل الآخر؛ خرج إلى الحجرة، فقلَّب وجهه في أفق السماء، ثُمَّ عمد إلى قربة ... )؛ الحديث.

قوله: (وَاسْتَنَّ): تَقَدَّم أنَّه استاك.

==========

[ج 2 ص 275]

(1/8150)

[{الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ... }]

(1/8151)

[حديث: بت عند خالتي ميمونة فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله]

4570# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ الحافظ.

قوله: (فَطُرِحَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِسَادَةٌ): (فطُرِحتْ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و (وسادةٌ): مرفوع منوَّن نائبٌ مَنَابَ الفاعل.

قوله: (شَنًّا): تَقَدَّم أنَّه بفتح الشين المعجمة، وتشديد النون؛ السقاء البالي.

قوله: (فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِي فَجَعَلَ يَفْتِلُهَا): تَقَدَّم أنَّ المحوَّلين من الشمال إلى اليمين: ابنُ عبَّاس في «البُخاريِّ» و «مسلم»، وجابر بن عبد الله في «مسلمٍ»، وجَبَّار بن صخر في «مسند أحمد»، والله أعلم، وتَقَدَّم حذيفة بن اليمان أنَّه من المحوَّلين وعزوه.

==========

[ج 2 ص 275]

(1/8152)

[{ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار}]

(1/8153)

[حديث ابن عباس: أنه بات عند ميمونة ... ]

4571# قوله: (فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ): قال ابن قُرقُول: بفتح العين عند أكثر شيوخنا؛ وهو ضدُّ الطول، ووقع عند بعضهم _منهم: الداوديُّ، وحاتم الأطرابلسيُّ، والأصيليُّ_ في موضع من «البُخاريِّ»: بضمِّ العين؛ وهو الناحية والجانب، والفتح أظهر، انتهى، وقد تَقَدَّم.

قوله: (إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله ما (الشَّنُّ)، والمراد هنا: القِربة؛ لأنَّه أنَّث الصفة.

==========

[ج 2 ص 275]

(1/8154)

[{ربنا إننا سمعنا مناديًا ينادى للإيمان} الآية]

(1/8155)

[حديث ابن عباس: أنه بات عند ميمونة زوج النبي ... ]

4572# قوله: (ثُمَّ [1] جَاءَهُ المُؤذِّنُ): هو بلال، وهذا مشهور، وكذا في بعض الطرق.

==========

[1] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (حتَّى).

[ج 2 ص 275]

(1/8156)

(((4))) (سُورَةُ النِّسَاءِ) ... إلى (المَائِدَة)

قوله: ({قِوَامًا} [النساء: 5]: قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ): هو بكسر القاف، وهي قراءةٌ شاذَّة، قرأ بها ابن عمر، وقرأَ بفتحها: الحسن وعيسى بن عمر، وفيها غير هاتين القراءتين، ونبَّه الإمام البُخاريُّ لهذه القراءة التي لابن عمر على أنَّ أصله واويٌّ، والله أعلم.

قوله: (وَلاَ تُجَاوِزُ الْعَرَبُ رُبَاعَ): اعلم أنَّه يقال: عُشار؛ بضمِّ العين، معدولٌ عن (عشرة)، يقال: جاء القوم عُشارَ عُشارَ؛ أي: عشرة عشرة، قال أبو عبيد: ولم نسمع أكثر من أُحادَ وثُناءَ ورُباعَ إلَّا في قول الكُمَيت ... ، وأنشد بيتًا، ذكره الجوهريُّ، وذكر شيخنا عن خلف الأحمر أنَّه أنشد أبياتًا عربيَّة فيها من (خُماسَ) إلى (عُشارَ)، انتهى، وكذا ذكره غير شيخنا عن الحريريِّ في «درَّة الغوَّاص» عن خلف، قال بعضهم: وعزاه غيره لرواية أبي عَمرو وأبي حاتم.

(1/8157)

[حديث: أن رجلًا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق]

4573# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه هشام بن يوسف الصنعانيُّ القاضي، وتَقَدَّم مترجمًا، و (ابْنُ جُرَيْج): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج.

قوله: (أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ يَتِيمَةٌ): هذا الرجل ويتيمته لا أعرفهما.

قوله: (وَكَانَ لَهَا عَذْقٌ): هو بفتح العين، كذا في أصلنا، وبإسكان الذال المعجمة: النَّخلة، وبكسر العين، والباقي مثله: العرجون، وقيل: لا [1] يقال للنخلة: عَذْق، إلَّا إذا كانت بحملها، وللعرجون إلَّا إذا كان بشماريخه، وقال شيخنا: العذق في حديث عائشة فسَّره الداوديُّ بالحائط، والذي قاله أهل اللغة: إنَّه بالفتح: النَّخلة، وبالكسر: الكِباسة؛ وهو ما في أكثر النُّسخ، انتهى، وسيأتي في آخر هذه السورة مكانٌ آخر ذكره ابن قُرقُول، والظاهر أنَّ هذا مثله، فهما سواء، والله أعلم.

[ج 2 ص 275

(1/8158)

[حديث عائشة: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها]

4574# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، العالم المشهور.

قوله: (تَشْرَكُهُ): هو بفتح أوَّله وثالثه، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا): (مالُها): مرفوعٌ فاعل (يُعجِب)، و (جمالُها): معطوف عليه.

قوله: (فَيُعْطِيَهَا): هو منصوبٌ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَإِنَّ النَّاسَ): (إنَّ): بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

قوله: (وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127]): إنَّما هو في هذه الآية؛ أعني: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ}، إلَّا أن تكون أرادت به الآية المتَقَدِّمة: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3]، وفيه بُعدٌ، والله أعلم.

قوله: (رَغْبَة أَحَدِكُمْ): (رغبة): يجوز فيه النصب والرفع غير منوَّنين؛ للإضافة.

(1/8159)

[{ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف ... }]

(1/8160)

[حديث عائشة: أنها نزلت في مال اليتيم إذا كان فقيرًا]

4575# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاق: حَدَّثَنَا [2] عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ): (إسحاق) هذا: قال الجيَّانيُّ: وقال _يعني: البُخاري_ في (البيوع) و (تفسير النساء): (حدَّثني إسحاق: حدَّثنا عبد الله بن نُمَيْر)، لم أجد (إسحاق) هذا منسوبًا في هذه المواضع لأحد من الرواة، ولا نسب أبو نصر إسحاقَ عن ابن نُمَيْر في كتابه، انتهى، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (إسحاق بن منصور)، فنسبه في (التفسير) ولم ينسبه في (البيوع)، انتهى، وكذا نسبه شيخنا عن خلف وأبي نعيم، والله أعلم.

==========

[1] كذا في (أ) و (ق)، ورواية «اليونينيَّة»: (حدَّثني).

[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (أخبرنا).

[ج 2 ص 276]

(1/8161)

[{وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} الآية]

(1/8162)

[حديث ابن عباس في {وإذا حضر القسمة أولو القربى ... }]

4576# قوله: (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ): هذا هو عبيد الله بن عُبيد الرَّحمن، ويقال: ابن عبد الرحيم، الأشجعيُّ الكوفيُّ، نزيل بغداد، قال أبو داود: كتب عبيد الله الأشجعيُّ عن سفيان الثوريِّ ثلاثين ألف حديث، قال عبَّاس عن ابن معين: ثِقةٌ مأمون، ولكن هاتوا من يروي عنه، قال أبو داود: مات سنة (182 هـ)، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، و (سُفْيَان) بعده: هو الثوريُّ، و (الشَّيْبَانيُّ)؛ بالشين المعجمة: هو سليمان بن أبي سليمان، أبو إسحاق الشيبانيُّ.

قوله: (تَابَعَهُ سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ عبَّاس): الضمير في (تابعه) يعود على عكرمة، و (سعيد) هذا: هو ابن جُبَير، وحديثه تَقَدَّم في (الوصية)، وانفرد به البُخاريُّ.

==========

[ج 2 ص 276]

(1/8163)

[{يوصيكم الله}]

(1/8164)

[حديث: ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله؟]

4577# قوله: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو هشام بن يوسف الصنعانيُّ القاضي، و (ابْنُ جُرَيْج): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (ابْنُ المُنْكَدِرِ): محمَّد بن المنكدر.

قوله: (فِي بَنِي سَلِمَةَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بكسر اللام، وأنَّهم من الخزرج.

قوله: (فَنَزَلَتْ: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11]): قال الدِّمْياطيُّ: وَهِمَ ابن جُرَيج في هذا الحديث، والذي نزل في جابرٍ الآيةُ الأخيرة: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]، كذلك رواه شعبة والثوريُّ وابن عيينة عن محمَّد بن المنكدر، ويؤيِّده ما ورد في بعض الطرق قول جابر: (يا رسول الله؛ إنَّما يرثني كلالة)، والكلالة: من لا ولد له ولا والد، ولم يكن لجابر حينئذٍ لا ولد ولا والد، وأمَّا قوله: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}؛ فإنَّما نزلت في ورثة سعد بن الربيع، قُتِل يوم أحُد وخلَّف ابنتين وأمَّهما وأخاه، فأخذ أخوه المالَ ولم يدع لهما شيئًا، فجاءت أمُّهما إلى رسول الله صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم فقالت: يا رسول الله؛ ابنتا سعدٍ قُتل أبوهما يوم أحُد شهيدًا، وإنَّ عمَّهما أخذ مالهما، والله لا ينكحان إلَّا ولهما مال، قال: فقال النَّبيُّ صلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: «يقضي الله في ذلكِ»، فأنزل الله آية الميراث: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، فدعا عمَّهما، فقال: «أعط ابنتَي سعد الثلثين، وأعطِ أمَّهما الثمن، ولك ما بقي»، انتهى.

فقول الدِّمْياطيِّ: (وكذلك رواه شعبة والثوريُّ وابن عيينة عن محمَّد بن المنكدر): الذي رأيته في «التِّرْمِذيِّ» عن ابن عيينة عن محمَّد بن المنكدر عن جابر، قال فيه: حتَّى نزلت: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، ثُمَّ قال: حسن صحيح، ثُمَّ ذكر من طريق أخرى إلى ابن عيينة به، فقال نحوه، انتهى.

(1/8165)

قال شيخنا: وفي «تفسير مقاتل»: أُنزِلت في أوس بن مالك، وذكر قصَّته، وفي «الكشَّاف»: (مات أوس بن الصامت)، وفي «ابن جَرير»: (مات عبد الرَّحمن أخو حسَّان بن ثابت)، انتهى، وليس عبد الرَّحمن بأخي حسَّان، إنَّما هو ابنه، وهو تابعيٌّ على الصحيح، وأوس: تُوُفِّيَ سنة (34 هـ) بالرملة، كما ذكره العسكريُّ وغيره، وقيل: سنة (32 هـ)، وقيل: (72 هـ)، انتهى، وفي «تجريد الذهبيِّ»: أمُّ كُحَّة زوجة أوس بن ثابت فيها نزلت آية المواريث، ذكره الواحديُّ، انتهى، ونقل شيخنا عن «تفسير مقاتل» و «تفسير ابن جَرير» و «الزمخشريِّ» كذلك، انتهى، وفي «الصحاح» للجوهريِّ وغيره: وأمُّ كُحَّة: امرأة نزلت في شأنها الفرائض، انتهى، وهي في نسختي بضمِّ الكاف، مشدَّد الحاء المهملة بالقلم، والكُحُّ؛ بضمِّ الكاف، وتشديد الحاء المهملة: القُحُّ، يقال: عربيٌّ قُحٌّ، وعربيَّة قُحَّة: الخالص من اللؤم أو الكرم.

==========

[ج 2 ص 276] 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لقد أبطل الله كل طلاق سبق علي تنزيل طلاق سورة الطلاق 5هـ

  المقدمة الأولي /التفصيل القريب و الصواب في التفصيل الاتي 1= نزلت أحكام الطلاق في ثلاث سور قرانية أساسية تُشرِّع قواعده علي المُدرَّج ال...