الأربعاء، 5 أبريل 2023

ج10. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الشهير بسبط ابن العجمي

ج10. التلقيح لفهم قارئ الصحيح (التلقيح على الجامع الصحيح) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل

الشهير بسبط ابن العجمي (753 - 841 هـ)

((47)) (كِتَابُ الشَّرِكَةِ) ... إلى (كِتَاب الرَّهْنِ فِي الحَضَرِ)

قوله: (الشَّرِكَةِ): هي بفتح الشين وكسر الراء، وبكسر الشين وإسكان الراء، وبفتح الشين مع إسكانها أيضًا، و (شِرك).

قوله: (وَالنّهْدِ): قال ابن قُرقُول: (بكسر النُّون: إخراج القوم نفقتَهم وخلطُها عند المرافقة في سفر، وتُسمَّى: المخارجة، وفسَّره القابسيُّ بطعام الصُّلح بين القبائل، والأوَّل أعرف، وحكى بعضهم فيه: فتح النُّون)، انتهى، وابن الأثير في «النِّهاية» لم يذكر فيه سوى الكسرِ، وفي «القاموس» ذكر الكسرَ، ثمَّ قال: (وقد تُفتَح).

فائدةٌ: عن المدائنيِّ، وابن الكلبيِّ، وغيرهما: أنَّ أوَّل مَن وضع النَّهد الحضينُ بن المنذر الرَّقاشيُّ، انتهى، قال ابن سريج أبو العبَّاس: وللمسافرين خلطُ أزوادهم، وإنْ تفاوتوا في الأكل، قال: وهذا أولى بالجواز؛ لأن كلًّا منهم من أهل المسامحة، قال النَّوويُّ: لا خلاف في جواز خلط المسافرين على الوجه المذكور، بل هو [1] مُستحبٌّ، ونقل صاحب «البيان» عن أصحابنا أنَّه مُستحبٌّ، ذكره في (باب الشَّرِكة)، ودلائله من الأحاديث الصَّحيحة كثيرةٌ، انتهى، وقال النَّوويُّ في آخر (الشَّرِكة) من «الرَّوضة»: (يُستحبُّ اشتراك المسافرين في الزَّاد مجلسًا مجلسًا، نصَّ عليه أصحابنا، وصحَّت فيه الأحاديثُ، والله أعلم) انتهى.

قوله: (وَالْعُرُوضِ): بضَمِّ العين، هو [2] جمع (عَرض)؛ بفتحها، وتَقَدَّم ما هو.

قوله: (أو قَبْضَةً): (قَبْضَةً) في أصلنا: بفتح القاف، واعلم أنَّ الشَّيء المقبوض بالضَّمِّ، وربَّما تُفتَح قافُه، والمرَّة بالفتح.

قوله: (وَكَذَلِكَ مُجَازَفَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ): تقديره: وكذلك مجازفة الذَّهب مع الفضَّة، فالواو بمعنى (مع)، وذلك لأنَّ مجازفةَ الذَّهب بالذهب غيرُ جائزةٍ بالإجماع؛ لتحريم التَّفاضُل في كلِّ واحد منهما، وإنَّما اختلفوا في قسمة الذَّهب مع الفضَّة مجازفة، أو بيع ذلك مجازفة، فكرِهَهُ مالكٌ ورآه مِن بيع الغَرَر والقِمَار، ولم يُجِزْهُ، وأمَّا الكوفيُّون، والشَّافعيُّ، وجماعةٌ من العلماء؛ فأجازوا ذلك؛ لأنَّ الأصل في الذَّهب بالفضَّة جوازُ التَّفاضُل، فلا حرجَ في بيع الجُزافِ مِن ذلك وقسمتِه.

==========

[1] (هو): ليس في (ب).

[2] (هو): ليس في (ب).

[ج 1 ص 618]

(1/4754)

[حديث: بعث رسول الله بعثًا قبل الساحل فأمر عليهم أبا عبيدة]

2483# قوله: (بَعَثَ النَّبيُّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا، وأَمَّرَ [2] عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ): هذه السَّرية تُعرَف بسريَّة الخَبَطِ، وكانت في رجب سنة ثمان، وهو بعْثٌ مشهورٌ، وسيأتي في «الصَّحيح»، وأذكر فيه نُكتةً إن شاء الله تعالى.

قوله: (إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ): هما مرفوعان منوَّنان، وكذا (وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ): فاعل، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (مِثْلُ الظَّرِبِ): هو بالظَّاء المعجمة [3] المشالة، وكسر الرَّاء، وبالموحَّدة: الجُبَيل، وفي «المطالع»: (ويقال فيه أيضًا: ظِرْب، كذا قيَّدناه عن أبي الحُسَين)، وقد تَقَدَّم الكلام في قوله: (على الظِّراب) ما هي.

قوله: (بِضِلَعَيْنِ): (الضِّلَع)؛ بكسر الضَّاد وفتح اللَّام، وتُسكَّن؛ لغةٌ أيضًا.

[ج 1 ص 618]

قوله: (فَرُحِلَتْ): هو بتخفيف الحاء؛ أي: وُضِعَ عليها رَحْلُها، قال ابن قُرقُول: (رحلتُ البعير _مخفَّفٌ_: شددتُ عليه الرَّحل، ومنه: «رحلوا هودجي»، و «يرحلون لي [4]» في حديث الإفك)، انتهى، وقد ذكرته بأطولَ مِن هذا، وذكرت فيه كلامًا للقاضي عياض؛ ومعناه: أنَّه في جميع تصرُّفاته بالتَّخفيف، ولم يروه أحدٌ بالتَّشديد في ذاك الحديث الذي ذكره إلَّا أبا ذرٍّ، وكذا ضبطه النَّوويُّ بالتَّخفيف.

(1/4755)

[حديث: ناد في الناس فيأتون بفضل أزوادهم]

2484# قوله: (بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ): تَقَدَّم أنَّ بِشْرًا [1] بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (وَأَمْلَقُوا): (أملق الرَّجل): إذا فَنِي زادُه، وأصله: كثرةُ الإنفاق حتَّى ينفد.

قوله: (فَبُسِطَ لِذَلِكَ نِطَعٌ): (بُسِطَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (نِطَع): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وقد تَقَدَّم ما في (النِّطَع) من اللُّغات، وأفصحها: كسر النُّون، وفتح الطَّاء.

==========

[1] (بشرًا): سقط من (أ).

[ج 1 ص 619]

(1/4756)

[حديث: كنا نصلي مع النبي العصر فننحر جزورًا]

2485# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ): هذا هو الفريابيُّ الحافظ، تَقَدَّم، وقد تَقَدَّم الفرقُ بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التَّعليق، وكذا تَقَدَّم (الأَوْزَاعِيُّ): أنَّه أبو عمرو عبد الرَّحمن بن عمرو، وتَقَدَّم الكلام على نسبته إلى ماذا، وكذا تَقَدَّم (أَبُو النَّجَاشِيِّ): قال الدِّمياطيُّ: (عطاء بن صُهَيب مولى رافع بن خَديج، اتَّفقا عليه) انتهى.

==========

[ج 1 ص 619]

(1/4757)

[حديث: إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو]

2486# قوله: (عَنْ بُرَيْدٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وكذا تَقَدَّم (أَبُو مُوسَى): أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، وقد تَقَدَّم ببعض ترجمة.

قوله: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ): (الأشعريُّون): القبيلة المعروفة، منسوبون إلى الأشعر مِن اليمن، وهو أشعر [1] بن سبأ بن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قحطان، تقول العربُ: جاءتك الأشعرون؛ بحذف ياء النِّسبة.

قوله: (إِذَا أَرْمَلُوا): (أَرْمَل الرجل): إذا فَنِي زادُه.

==========

[1] في (ب): (الأشعر).

[ج 1 ص 619]

(1/4758)

[باب: ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية.]

(1/4759)

[حديث: أن أبا بكر كتب له فريضة التي فرض رسول الله]

2487# قوله: (مِنْ خَلِيطَيْنِ): تَقَدَّم في (الزَّكاة) أنَّ (الخليط): الشَّريكُ.

==========

[ج 1 ص 619]

(1/4760)

[باب قسمة الغنم]

(1/4761)

[حديث: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش]

2488# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وتَقَدَّم (رَافِع بْن خَدِيجٍ): أنَّه بفتح الخاء المعجمة، وكسر الدَّال المهملة، وفي آخره جيمٌ، وهذا معروف عند أهله كاد أن يكون عندهم بديهيًّا.

قوله: (بِذِي الْحُلَيْفَةِ): هذه هي غيرُ الميقات، ووقع في بعض طرقه: (مِن تهامة)، ولكن ضبطُها كضبطها، قال شيخنا عن ابن التِّين: (إنَّ ذلك كان سنة ثمان من الهجرة).

قوله: (فَأُكْفِئَتْ): هو بهمزة مفتوحة بعد الفاء المكسورة؛ أي: قُلِبَت.

قوله: (فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ [1]): في هامش أصلنا حاشيةٌ منقولةٌ من خطِّ اليونينيِّ: (في [2] أصل أبي ذرٍّ والأَصيليِّ وأبي القاسم الدِّمشقيِّ والأصل المسموع على أبي الوقت بقراءة [3] ابن السَّمعانيِّ: «عشرة»؛ بإثبات تاء التَّأنيث، قال شيخنا ابن مالك: لا يجوز «عشرة»؛ بإثبات تاء التَّأنيث) انتهت.

قوله: (فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ): (نَدَّ)؛ بفتح النُّون، وتشديد الدَّال المهملة: شَردَ وهَربَ.

قوله: (أَوَابِدَ؛ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ): (الأَوَابِدُ): النَّوافِر، يقال: أبدتِ البهيمةُ، تَأبُد، وتأْبِدُ؛ بالضَّمِّ والكسر؛ إذا توحَّشت، والأوَابِد: الوحوش.

قوله: (فَقَالَ جَدِّي): تَقَدَّم في السَّند: (عباية بن رفاعة بن رافع بن خَدِيج عن جدِّه)، فجدُّه رافع بن خَدِيج هو القائل.

قوله: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ): أي: أساله بمرَّة، وصبَّه كصبِّ النَّهر، كذا الرِّواية في الأمَّهات، ووقع للأَّصيليِّ: (نَهَرَ الدَّمَ)، وليس بشيء، والصَّواب ما لغيره، وجاء في (باب: إذا نَدَّ بعير): (أنهر أو نهر) على الشَّك، انتهى، ورُوِي: بالزَّاي، والنَّهَر: الدَّفع، حكاه القاضي، وهو غريب.

قوله: (لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ [4]): هما منصوبان، ونصبهما على الاستثناء بـ (ليس)، و (الظُّفْر)؛ بسكون الفاء، وفيه غيرُ ذلك [5] من الُّلغات، وسيأتي.

(1/4762)

قوله: (وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ ... ) إلى آخره: الذي كنت أعرفه أنَّ هذا مَرْفوعٌ، وكذا رأيت في كلام غير واحد؛ منهم: النَّوويُّ في «شرح مسلم» قال ما لفظه: (قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أمَّا السِّنُّ؛ فعظم» ... ) إلى أنْ قال: (وأمَّا قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وأمَّا الظُّفر؛ فمُدَى الحبشة») انتهى، وقال بعضهم: وجاء في رواية: (أمَّا السِّنُّ؛ فنهش، وأمَّا العظم؛ فخنق)، وما كنت أعلم أنَّه مُدرَجٌ، ثمَّ إنِّي رأيت عن أبي الحسن بن القطَّان الكتاميِّ الإمام الحافظ أنَّه قال: اختُلِف في رفعه ووقفه، وقد رأيت الحافظ علاء الدين مغلطاي شيخَ شيوخي جزم بالوقف، فإنَّه ذكر هذا الحديث في «الدُّرِّ المنظوم»، ثمَّ قال: (قال رافع: وسأحدِّثكم عن ذلك، أمَّا السِّنُّ؛ فعظمٌ، وأمَّا الظُّفر؛ فمُدَى الحبشة) انتهى، وهذا مكانٌ حسنٌ، والله أعلم، وكتاب «الدُّرِّ المنظوم» قد قرأته على بعض أصحاب مغلطاي بالقاهرة.

==========

[1] في (ب): (القيم)، وهو تصحيف.

[2] في (ب): (من).

[3] في (ب): (فقراءة)، وهو تحريفٌ.

[4] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَالظُّفُرَ).

[5] (غير ذلك): سقط من (ب).

[ج 1 ص 619]

(1/4763)

[باب القران في التمر بين الشركاء حتى يستأذن أصحابه]

(1/4764)

[حديث: نهى النبي أن يقرن الرجل بين التمرتين جميعًا]

2489# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): الظاهر أنَّه الثَّوريُّ، ومستندي في ذلك أنِّي رأيت الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال»، وكذا الذهبيُّ في «تذهيبه» ذكرا في ترجمة جَبَلَة بن سُحَيم: أنَّه روى عنه الثَّوريُّ، ولم يذكُرَا ابنَ عيينة في الرُّواة عنه، وقد تَقَدَّم أنَّ الثَّوريَّ سفيانُ بنُ سعيد بنِ مسروقٍ، أحدُ الأعلام، ترجمته مشهورة، والله أعلم، وقد تَقَدَّم (جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ): أنَّه بضَمِّ السِّين وفتح الحاء المهملتين.

قوله: (أَنْ يَقْرنَ الرَّجُلُ): هو بضَمِّ الراء وكسرها، وهو في أصلنا: بضَمِّ الراء فقط، مُصحَّح عليه.

(1/4765)

[حديث: لا تقرنوا فإن النبي نهى عن الإقران]

2490# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظُ.

[ج 1 ص 619]

قوله: (سَنَةٌ): أي: قحطٌ وجَدْبٌ.

قوله: (فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ): تَقَدَّم أنَّه عبدُ الله بن الزُّبير بن العوَّام بن خويلد، السَّيِّد الجليلُ البطل الخليفةُ، قَدَّمتُ تاريخ مَقتَلِه رضي الله عنه.

قوله: (لَا تَقْرنُوا): تَقَدَّم قريبًا أنَّه بضَمِّ الرَّاء وكسرها، وأنَّه في أصلنا: بضَمِّ الرَّاء بالقلم، والله أعلم.

قوله: (عَنِ القِرَانِ [1]): كذا في أصلنا، وقد تَقَدَّم أنَّه [2] جاء في أحاديثَ كثيرةٍ في «الصَّحيحَين»: (عن الإقران)، وقد تَقَدَّم أنَّ المعروف: (القِرَان)، وتَقَدَّم ما نقلتُه عن المنذريِّ، وهو نقله عن أبي بكر المعافريِّ _يعني به: القاضي أبا بكر بن العربيِّ المالكيَّ الحافظَ العالمَ المشهورَ_ أنَّه يقال: قرن بين الشَّيئين وأقرن؛ إذا جمع بينهما.

قوله: (إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ): تَقَدَّم الكلام عليه أنَّه مُدرَجٌ، وما قيل فيه؛ فانظره قريبًا.

(1/4766)

[باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل]

(1/4767)

[حديث: من أعتق شقصًا له من عبد ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل]

2491# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): هذا هو ابن سعيد بن ذكوانَ التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ البصريُّ، أبو عُبيدة الحافظُ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (أَيُّوبُ): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ [1]، أحد الأعلام، مُتَرجَمًا.

قوله: (شِقْصًا): هو بكسر الشِّين المعجمة، وإسكان القاف، وبالصَّاد المهملة، يقال: شِقْص وشَقِيص؛ مثل: نصف ونصيف؛ وهو القليل من كلِّ شيء.

قوله: (أو شِرْكًا): هو بكسر الشِّين المعجمة، وإسكان الرَّاء؛ أي: حصَّةً ونصيبًا.

قوله: (وَإِلَّا؛ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ): (عَتَق) فيهما؛ بفتح العين والتَّاء، هذا الذي أعرفه، ونقل شيخنا في «شرحه»: (في الأوَّل: الفتح، وفي الثاني: الفتحُ والضَّمُّ، عن الدَّاوديِّ، ثمَّ قال: وتعقَّبه ابنُ التِّين، فقال: هذا لم يقله غيرُه، ولا يُعرَف: «عُتِق»؛ بالضَّمِّ؛ لأنَّ الفعلَ لازم وإنْ كان سيبويه أجازه على أنَّه أقام المصدر مقامَ ما لم يُسمَّ فاعله)، انتهى.

(1/4768)

[حديث: من أعتق شقيصًا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله]

2492# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّد): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشِّين المعجمة، وتَقَدَّم أيضًا (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن المبارك، أحد الأعلام.

قوله: (عن بَشِيرِ بن نَهِيْكٍ): هو بفتح الموحَّدة، وكسر الشِّين المعجمة، و (نَهِيْك)؛ بفتح النُّون، وكسر الهاء، ثمَّ مثنَّاةٍ تحتُ ساكنةٍ، ثمَّ كافٍ، وبَشِير يروي عن أبي هريرة وبَشير ابن الخَصَاصِيَة، وعنه: أبو مجلز، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، وعدذَة، ثقةٌ، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، وقال أبو حاتم: لا يُحتجُّ بحديثه، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، أخرج له الجماعة.

قوله: (مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا): تَقَدَّم أعلاه ما الشَّقيص والشِّقْص.

قوله: (ثمَّ اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ): (اسْتُسْعِيَ)؛ بضَمِّ التَّاء [1]: مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: كُلِّفَ السَّعيَ فيما بقي عليه من قيمة رقبتِه، أو ممَّا أُدِّي عنه، وهو قولُ أهل العراق، ولم ير ذلك أهلُ الحجاز، قال النَّوويُّ: (وأُجِيب عن هذا: بأنَّ [2] الاستسعاء مِن قول قتادة مدرجٌ في الحديث، ورواه شعبة وهشام عن قتادة، فلم يذكرا فيه الاستسعاء، ووافقهما همَّامٌ، ففصل الاستسعاء من الحديث، فجعله من رأي قتادة، وعلى هذا الوجه؛ أخرجه [3] البخاريُّ، وهو الصَّواب) انتهى، ولم أر أنا ذلك في سماعنا بـ «البخاريِّ»، بل الذي في «البخاريِّ» أنَّه قائل به مِن جملة مَن قال به، وذلك لأنَّه بوَّب عليه، فقال في (كتاب العتق): (بابٌ: إذا أعتق نصيبًا في عبد وليس له مال؛ استُسْعِي العبد غير مشقوقٍ عليه، على نحو الكتابة) انتهى، قال النَّوويُّ: قال الدَّراقطنيُّ: سمعت أبا بكر النَّيسابوريَّ يقول: [ما] أحسنَ ما رواه همَّامٌ وضبطه، ففَصَل قول قتادة من الحديث! قال عياض: وقال الأصيليُّ وابنُ القصَّار وغيرهما: مَن أسقط السِّعاية أولى ممَّن ذكرها، ولأنَّها ليست في الأحاديث الأُخَر مِن رواية ابن عمر، وقال أبو عمر بن عبد البَرِّ: مَن لم يذكر السِّعاية أثبتُ ممَّن ذكرها)، انتهى، وفيها غير هذا، ولكن شرطي الاختصارُ.

(1/4769)

وقد ذكر شيخُنا بعد هذا المكانِ في (كتاب العتق) ما لفظه: (فأمَّا هشام الدَّستوائيُّ، وشعبة، وهمَّام بن يحيى؛ فروَوه عن قتادةَ من غير ذكر السِّعاية، وهم أثبتُ ممَّن ذكرها، وأصحاب قتادة الذين هم الحُجَّة على غيرهم عند أهل العلم بالحديث ثلاثةٌ: شعبةُ، وهشامٌ، وسعيدُ بن أبي عَرُوبة، وإذا اتَّفق اثنان منهم؛ فهم الحُجَّة على الواحدِ منهم، وقد اتَّفق هشام وشعبة على ترك ذكر السِّعاية في هذا الحديث؛ فضَعُف [4] بذلك كلِّه ذكرُ السِّعاية) انتهى، وقال في «شرح التَّنبيه» له: (هذه مدرجةٌ، كما شهد لها الحُفَّاظ، قال النَّسائيُّ ... )؛ فذكر كلامه، ثمَّ قال: (وقال الخطَّابيُّ: اضطرب سعيد بن أبي عَرُوبة فذكرها مرَّةً، ومرَّةً لم يذكرها، فدلَّ على أنَّها مِن كلام قتادة، لا مِن متن الحديث، قلت: ورواه جماعةٌ، فلم يذكروا السِّعاية، فدلَّ على أنَّها ليست مِن متنه، بل مِن كلام الرَّاوي) انتهى.

(1/4770)

[باب: هل يقرع في القسمة والاستهام فيه]

قوله: (بَابٌ: هَلْ يُقْرعُ فِي الْقِسْمَةِ): (يُقْرعُ): بضَمِّ الياء، وأمَّا الرَّاء؛ فلكَ أنْ تقولها بالكسر؛ لأنَّه رُباعيٌّ، ولك أنْ تفتحَها؛ فيكون على ما لم يُسمَّ فاعلُه، والله أعلم، يقال: أقرعتُ بين الشُّركاء في شيء يقتسمونه، فاقترعوا عليه، وتقارعوا، فقرعهم فلان؛ وهي القرعة، وقال في «المحكم»: قارعه فقرعه؛ أي: أصابته القرعة دونه، وقارع بينهم، وأقرع أعلى، والله أعلم.

[ج 1 ص 620]

قوله: (وَالإِسْتِهَامِ فِيْهَا [1]): هو مجرورٌ معطوفٌ، و (الاستهام): الاقتراع، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فِيهِ).

(1/4771)

[حديث: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا]

2493# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتَقَدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا، وضبط (دُكَين).

قوله: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ): هذا هو زكريَّاء [1] بن أبي زائدة الهمْدانيُّ الوادعيُّ الحافظ، عن الشَّعبيِّ وسماك، وعنه: القطَّان وأبو نعيم، ثقةٌ، يُدلِّس عن الشَّعبيِّ، تُوُفِّيَ سنة (149 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (سَمِعْتُ عَامِرًا): هو عامر بن شَراحيل الشَّعبيُّ، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ)، وتَقَدَّم [2] أنَّه بفتح الموحَّدة، وكسر الشِّين، وقد تقدَّمت [3] ترجمة النُّعمانِ رضي الله عنه.

قوله: (اسْتَهَمُوا): تَقَدَّم أنَّ معناه: اقترعوا.

قوله: (بَعْضهُمْ أَعْلَاهَا، وَبَعْضهُمْ أَسْفَلها): (بعضُهم) في المكانَين: يجوز أنْ تجعلَه فاعلًا؛ فيكون مرفوعًا، وأنْ تجعله مفعولًا؛ فيكون منصوبًا، و (أعلاها) و (أسفلها): إمَّا أن يكونا فاعلَين؛ فيكونا مرفوعَين، أو مفعولَين؛ فيكونا منصوبَين.

قوله: (نَجَوْا، وَنَجَّوْا [4] جَمِيعًا): الأولى: بفتح الجيم المُخفَّفة، وهو فعلٌ لازمٌ، والثَّانية: بفتحها مُشدَّدة، وهو فعلٌ متعدٍّ.

(1/4772)

[باب شركة اليتيم وأهل الميراث]

قوله: (بَابُ شَرِكَةِ الْيَتِيمِ): تَقَدَّم ما في (الشَّرِكة) من اللُّغات أوَّل الباب.

==========

[ج 1 ص 621]

(1/4773)

[حديث: يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها تشاركه في ماله]

2494# قوله: (حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ): اسمه عبدُ العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عَمرو بن أُوَيس بن سعد بن أبي سَرْح القرشيُّ العامريُّ، أبو القاسم الأويسيُّ المدنيُّ الفقيه، وثَّقه أبو داود وغيرُه، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، روى عن مالك ونافعِ بن عمر، وعنه: البخاريُّ وأبو زُرْعة، ثقةٌ مُكثِرٌ، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هذا هو ابن كيسانَ، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم شيخُه (ابْن شِهَابٍ)؛ وهو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، أحد الأعلام.

قوله: (ح): تَقَدَّم الكلام عليها في أوَّل هذا التَّعليق في النُّطق بها وكتابتها.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): هذا تعليق لم أرَه في شيء من الكتب السِّتَّة؛ أعني: تعليق اللَّيث، نعم؛ حديث يونس في «البخاريَّ»، و «مسلم»، و «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و (اللَّيث): هو ابن سعد، أحد الأعلام، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن شهاب): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه الزُّهريُّ [1] مُحَمَّد بن مسلم [2].

قوله: (فَقَالَتْ: يَا بْنَ أُخْتِي): عروة أمُّه أسماءُ بنت الصِّدِّيق [3] أخت عائشةَ لأبيها، أمُّ عائشة أمُّ رُومان دعدٌ، ويقال: زينب، صحابيَّة مشهورة [4]، وسيأتي الكلام عليها في (الإفك) مُطَوَّلًا، وأمُّ أسماء [5] قُتَيلة [6]، وقيل: قتلة بنت عبد العُزَّى، وقد تَقَدَّم ذكرها.

وله: (يُقْسِطَ): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، يَعْدِلُ، وكذا يقال ثلاثيًّا في العَدل، ذكره ابن القطَّاع، كما سيجيء عند كلام البخاريِّ في آخر «الصَّحيح».

قوله: (وَأُمِرُوا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (الآيَةُ الأُولَى): هو برفع (آية) خبر المبتدأ؛ وهو (الذي).

قوله: (في حَجْرِهِ): هو بفتح الحاء، ويجوز كسرها.

==========

[1] (الزُّهري): ليس في (ب).

[2] زيد في (ب): (بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب).

[3] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[4] زيد في (ب): (رضي الله عنها).

[5] زيد في (ب): (رضي الله عنها).

[6] في (ب): (قبيلة)، ولعلَّه تصحيفٌ.

[ج 1 ص 621]

(1/4774)

[باب الشركة في الأرضين وغيرها]

قوله: (بَابُ الشَّرِكَةِ في الْأَرَضِينَ): أمَّا (الشَّرِكة)؛ فقد تَقَدَّم ما فيها من اللُّغات أوَّل الباب، وأمَّا (الْأَرَضِينَ)؛ فقد تَقَدَّم أنَّها بفتح الرَّاء، ويجوز سكونها.

==========

[ج 1 ص 621]

(1/4775)

[حديث: إنما جعل النبي الشفعة في كل ما لم يقسم]

2495# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد) [1]: هو المُسنديُّ، وقد تَقَدَّم بعض ترجمته، ولِمَ قيل له: المُسنديُّ في أوَّل هذا التَّعليق، وكذا تَقَدَّم (هِشَامٌ): أنَّه ابن يوسف الصَّنعانيُّ الأبناويُّ، قاضي صنعاء، أبو عبد الرَّحمن، تَقَدَّم الكلام عليه، وكذا تَقَدَّم (مَعْمَرٌ) [2]: أنَّه بفتح الميمَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّه ابن راشد، وكذا (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، وكذا (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن [3] بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ): هو بتشديد الرَّاء في أصلنا، وقد تَقَدَّم، ويجوز تخفيفها.

==========

[1] زيد في (ب): (عبد الله بن مُحَمَّد هذا).

[2] زيد في (ب): (مرارًا).

[3] (بن عبد الرَّحمن): سقط من (ب).

[ج 1 ص 621]

(1/4776)

[باب: إذا اقتسم الشركاء الدور أو غيرها فليس لهم رجوع ولا شفعة]

(1/4777)

[حديث: قضى النبي بالشفعة في كل ما لم يقسم]

2496# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الواحد بن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، تَقَدَّم الكلام عليه، وكذا (مَعْمَرٌ) و (الزُّهْرِي): تقدَّما أعلاه، و (أَبُو سَلَمَةَ): تَقَدَّم أعلاه أيضًا.

(1/4778)

[باب الاشتراك في الذهب والفضة وما يكون فيه الصرف]

(1/4779)

[حديث: ما كان يدًا بيد فخذوه وما كان نسيئة فذروه]

2497# 2498# قوله: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ): هذا هو الحافظ أبو حفص الفلَّاس، أحد الأعلام، الصَّيْرفيُّ، عن مُعتمِر، ويزيدَ بن زُرَيع، والنَّاس، وعنه: الجماعة، ومُحَمَّد بن جَرِير، وأبو روق الهِزَّانيُّ، وخلقٌ، قال أبو زُرْعة: لم يُرَ بالبصرة أحفظُ منه ومن عليٍّ والشَّاذكونيِّ، قال النَّسائيُّ: ثقةٌ، صاحب حديث، حافظ، تُوُفِّيَ في آخر ذي القعدة سنة (249 هـ)، ووُلِد بعد (160 هـ).

قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): هو الضَّحَّاك بن مَخْلد، الحافظُ [1] النَّبيلُ [2]، تَقَدَّم.

قوله: (سَأَلْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ): هو سيَّار [3] بن سلامة، أبو المنهال الرِّياحيُّ _بالمثنَّاة تحت، وكسر الرَّاء_ البصريُّ، عن أبيه وأبي برزة، وعنه: شعبة،

[ج 1 ص 621]

وحمَّاد بن سلمة، وآخرون، وثَّقه ابن مَعِين والنَّسائيُّ، أخرج له الجماعة.

قوله: (اشْتَرَيْتُ أنا وَشَرِيكٌ لي): شريكُ أبي المنهال لا أعرفه.

قوله: (وَنَسِيئَةً): هو مهموز، وقد تَقَدَّم أنَّه المُؤجَّل.

(1/4780)

[باب مشاركة الذمي والمشركين في المزارعة]

(1/4781)

[حديث: أعطى رسول الله خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها .. ]

2499# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): هذا هو التَّبُوذَكيُّ، تَقَدَّم مرارًا، ومرَّةً لماذا نُسِب، ومُتَرجَمًا.

(1/4782)

[باب قسمة الغنم والعدل فيها]

(1/4783)

[حديث: أن رسول الله أعطاه غنمًا يقسمها على صحابته ضحايا]

2500# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن سعد الإمام الجوادُ، وتَقَدَّم (يَزِيد بْن أَبِي حَبِيبٍ): أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وكذا تَقَدَّم (أَبُو الخَيْرِ): أنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ، وكذا تَقَدَّم (عُقْبَة بْن عَامِرٍ): أنَّه الجهنيُّ الصَّحابيُّ رضي الله عنه.

قوله: (فَبَقِيَ عَتُودٌ): قال الدِّمياطيُّ: (العَتُود من أولاد المعز: ما رعى وقوي وبلغ حَوْلًا) انتهى، وقد تَقَدَّم ما العَتُود في كلامي؛ فراجعْه إنْ شئت، وقد قَدَّمتُ أنَّ عقبة بن عامر، وأبا بُردة بن نِيَار [1] هذا في «البخاريِّ» و «مسلم»، وزيدُ بنُ خالد في «أبي داود» هم الذين جوَّز لهم التَّضيحة بالجذع في (العيدين)؛ فانظر ذلك إنْ أردته.

(1/4784)

[باب الشركة في الطعام وغيره]

قوله: (بَابُ الشَّرِكَةِ): تَقَدَّم ما فيها من اللُّغات أوَّل الباب.

قوله: (وَيُذْكَرُ أَنَّ رَجُلًا سَاوَمَ شيئًا): (يُذكَر): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه، ولم يكن على شرطه؛ فلهذا مرَّضه، والرجل لا أعرفه ولا [1] الآخر الذي غمزه.

==========

[1] (لا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 622]

(1/4785)

[حديث: هو صغير]

2501# 2502# قوله: (أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي أيُّوب مِقْلاصٌ المصريُّ، عن جعفر بن ربيعة ويزيد بن أبي حَبِيب، وعنه: ابن وهب والمقرئ، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (161 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِشَامٍ): هو عبد الله بن هشام بن زُهرة بن عثمان القرشيُّ التَّيميُّ، جدُّ أبي عَقِيل زُهرةَ بن مَعْبَد، وقيل: هو زهريٌّ، دعا له عليه الصَّلاة والسَّلام، ومسح رأسه، روى عنه: أبو عَقِيل حفيدُه، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، وأحمد في «المسند»، وقد حمَّر عليه الذَّهبيُّ، فالصَّحيح عنده: أنَّه تابعيٌّ، وُلِد سنة أربعٍ، وله رؤية، وشرطُ اللُّقيِّ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم المُعتبَر في الصُّحبة: الإسلامُ، وأنْ يكون مُميِّزًا على قول جماعة، وسيأتي ذلك إنْ شاء الله تعالى في أوَّل (مناقب الصَّحابة).

قوله: (زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ): (زينب) هذه: هي بنت حُمَيد _بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وحُمَيد: هو ابن زُهير_ الأسديَّة الصَّحابيَّة رضي الله عنها.

قوله: (وَعَنْ زُهْرَةَ بن مَعْبَدٍ ... ) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند الذي قبله؛ تقديره: أي: وأخبرَني أَصْبَغُ بن الْفَرَجِ، عن عبد الله بن وَهْبٍ، عن سَعِيد، عن زُهْرَة بن مَعْبَدٍ به، وهذا ظاهرٌ إلَّا أنَّه قد يَشتبه على مَن لا أنسَ له ثابتٌ، وإنَّما يَفهمُ بعضَ شيء مِن الصَّنعة، فيظنُّه على غير ذلك، والله أعلم، وقد أخرجه البخاريُّ في (الدَّعوات) عن عبد الله بن يوسف، عن ابن وهب، عن سعيد بن أبي أيُّوب، عن أبي عَقِيل به، والله أعلم.

قوله: (أَشْرِكْنَا) [1]: هو بفتح الهمزة، وكسر الرَّاء.

قوله: (فَيُشْرِكُهُمْ): في الأصل الذي سمعت منه على العراقيِّ: مضمومُ الأوَّل، مكسورُ الرَّاء، يقال: شَرِكه يَشْرَكه، وأشركه يُشرِكُه، وقد تَقَدَّم.

(1/4786)

[باب الشركة في الرقيق]

قوله: (بَابُ الشَّرِكَةِ): تَقَدَّم ما فيها من اللُّغات أوَّل الباب.

(1/4787)

[حديث: من أعتق شركًا له في مملوك وجب عليه أن يعتق كله]

2503# قوله: (إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْرُ [1] ثَمَنِهِ): (قدر): مَرْفوعٌ؛ لأنَّه صفة لـ (مال)، و (كان) هنا: تامَّة، والله أعلم.

قوله: (وَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ): (يُعْطَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شُرَكَاؤُهُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (حصَّتَهم): مَنْصوبٌ مفعولٌ ثانٍ.

قوله: (وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ): (يُخَلَّى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (سَبِيلُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (الْمُعْتَقِ): مضاف، وهو بفتح التَّاء، اسم مفعول.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قدرَ).

[ج 1 ص 622]

(1/4788)

[حديث: من أعتق شقصًا له في عبد أعتق كله إن كان له مال]

2504# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وتَقَدَّم أنَّه بعيد من العرامة؛ وأنَّه الشِّرِّير أو الشَّرس، وتَقَدَّم (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): أنَّه بفتح الجيم، وكسر الراء، وأنَّ حَازمًا؛ بالحاء المهملة، وبالزَّاي، وكلُّه ظاهر عند أهله، وتَقَدَّم أيضًا (بَشِيْر): أنَّه بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، وأنَّ (نَهِيْكًا)؛ بفتح النُّون، وكسر الهاء قريبًا، وتَقَدَّم (الشِّقْص) ضبطًا ومعنًى قريبًا، وكذا تَقَدَّم (اسْتُسْعِيَ [1]) ضَبطًا، وأنَّه مُدرَجٌ قريبًا.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ و «ق»، ورواية «اليونينيَّة»: (يُسْتَسْعَ).

[ج 1 ص 622]

(1/4789)

[باب الاشتراك في الهدي والبدن وإذا أشرك الرجل الرجل في هديه]

(1/4790)

[حديث: بلغني أن أقوامًا يقولون كذا وكذا]

2505# 2506# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا تَقَدَّم (عَطَاء): أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وكذا تَقَدَّم (الْحجَّةِ): أنَّها بالكسر، وتُفتَح.

قوله: (فَفَشَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ): (فَشَتْ): أي: ظَهرت وذَاعت، وبالفاء، والشِّين المعجمة، وتاء التَّأنيث السَّاكنة، و (الْقَالَةُ)؛ بتخفيف اللَّام: القول.

قوله: (قَالَ عَطَاءٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي رَباح.

قوله: (يَقْطُرُ مَنِيًّا): تَقَدَّم ما في (المني) من اللُّغات، وأراد: قُرْبَ عهدهم بوطء النِّساء.

قوله: (فَقَامَ سُرَاقَةُ بنُ مَالِكِ بنِ جُعْشُمٍ): تَقَدَّم أنَّه بضَمِّ الجيم، وإسكان العين المهملة، وبالشين المعجمة المضمومة، ويقال: بفتحهما، نقله الجوهريُّ في «صحاحه»، وتَقَدَّم بعض ترجمة سُرَاقة.

(1/4791)

قوله: (وَأَشْرَكَهُ في الْهَدْيِ): قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (أخرج الطَّبرانيُّ ما يبيِّن هذا الاشتراك فيمن «اسمه مُحَمَّد بن عليٍّ الصَّائغ عن البَراء بن عازب»، فقال: «انحر مِن البُدن سبعًا وستِّين أو ستًّا وستِّين، وَأَمْسِكْ لِنَفْسِكَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ أو أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ»)، انتهى، والذي كنت أعرفه أنَّ البُدن التي نحرها عليه الصَّلاة والسَّلام ثلاثٌ وستُّون هي له، وأنَّ الباقيَ [1] نحرها عليٌّ [2]، والله أعلم، ولكن هذا الأوَّل يُنافي قولهم: إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أهدى في حجَّته تلك مئةَ بدنةٍ، وهذا في «الصَّحيح»: أنَّه أهدى مئةَ بدنةٍ، والله أعلم، اللَّهمَّ؛ إلَّا أن يقال: إنَّه أشركه في النَّحر، لا في البُدن، والله أعلم، وقد رأيت في «حجَّة الوداع» لابن حزم ما لفظه: (وأمر عليه الصَّلاة والسَّلام أن يُؤخَذ من البُدن التي ذكرنا مِن كلِّ بدنة بَضعةٌ، فجُعِلَتْ في قدر وطُبِخَت، فأكل هو عليه الصَّلاة والسَّلام وعليٌّ رضي الله عنه من لحمها، وشربا من مرقها، وكان عليه الصَّلاة والسَّلام قد أشرك عليًّا فيها) انتهى، فهذا يشهد للبخاريِّ، وقد يقال: إنَّه كان قد أشركه في نحرها، وفي (حجِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) من [3] حديث جابر في «مسلم»: (فنحر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثلاثًا وستِّين بدنةً بيده [4]، ثمَّ أعطى عليًّا، فنحر ما غبر [5]، وأشركه في هديه) انتهى، فهذا شاهد لما بوَّب [6] البخاريُّ عليه، والله أعلم، لكن في «البخاريِّ» في (الحجِّ) من حديث عليٍّ رضي الله عنه قال: (أَهدى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مئةَ بدنةٍ، فأمرني بلحومها، فقسمْتُها [7] ... )؛ الحديث في (باب [8] يُتَصدَّق بِجِلال البُدن)، والله أعلم، فبدأ بذكر عليٍّ: أنَّ [9] المئةَ عنه عليه الصَّلاة والسَّلام.

(1/4792)

[باب من عدل عشرًا من الغنم بجزور في القسم]

(1/4793)

[حديث: اعجل أو أرني ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا]

2507# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا [1] وَكِيعٌ): قال الجَيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال _يعني: البخاري_ في «الشَّرِكة»، و «الجزية»، و «اللِّباس»: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا وَكِيعٌ»، نسبه ابن السَّكن: ابن سلَام، وقد صرَّح البخاريُّ باسمه في «كتاب العلم» و «الفرائض»، فقال: «حدَّثنا مُحَمَّد بن سلَام: أخبرنا وَكِيعٌ عن سُفيان ... »؛ فذكر حديثين، ثمَّ قال: وقال في «الوضوء»: «قال ابن المثنَّى: حدَّثنا وكيع عن الأعمش عن مجاهد مثله»، وذكر أبو نصر: أنَّ مُحَمَّد بن سلَام ومُحَمَّد بن مقاتل ومُحَمَّد بن عبد الله بن نُمَير روَوا في «الجامع» عن وَكِيع)، انتهى.

[ج 1 ص 622]

قوله: (عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (سُفيان)؛ فهو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام، وأمَّا (أبوه)؛ فقد قَدَّمتُ هنا وقبله مرارًا أنَّه سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، يروي عن أبي وائل والشَّعْبيِّ، وعنه: ابناه: سُفيان ومبارك، وأبو عوانة، ثقة [2]، تُوُفِّيَ سنة (126 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين وأبو حاتم.

قوله: (رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الخاء المعجمة، وكسر الدَّال المهملة، وفي آخره جيم، وكذا تَقَدَّم (ذُو الحُلَيْفَة)، وهي من تهامة كما هنا، ولكن ضبطُها كضبط الميقات.

قوله: (فَأُكْفِئَتْ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه بهمزة مفتوحة [3]، بعد الفاء [4] المكسورة؛ أي: قُلِبَت، وكذا تَقَدَّم (نَدَّ)؛ أي: شَردَ، وتَقَدَّم أنَّ الرَّجل الذي رماه سيأتي الكلام عليه، وتَقَدَّم (أَوَابِد)، وتَقَدَّم أنَّ قائل: (قَالَ جَدِّي): عباية بن رفاعة، و (جَدُّه): رَافع بن خَدِيج، وتَقَدَّم أنَّ (المُدَى): السَّكاكين، جمع (مُدْية).

قوله: (قَالَ [5]: اعْجَلْ): هو بهمزة وصل، وفتح الجيم، فعل أمر، ورواه بعضهم بفتح الهمزة، وكسر الجيم، على الأمر أيضًا، قاله ابن قُرقُول.

(1/4794)

قوله: (أو أَرْنِي [6]): كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: (أَرِنْ)، كذا وقع للنسفيِّ من رواية البخاريِّ: (أَرِنْ)، على وزن (أَقِمْ)، وضبطه الأصيليُّ: (أرِني)؛ بكسر الراء بعدها نون، كذا في كتاب «مسلم» إلَّا أنَّ الراء ساكنة: (أرْني)، وفي كتاب «أبي داود»: (أَرْنِ)؛ بسكون الراء بعدها نون مكسورة لا غير، قال الخطابيُّ: صوابه: (ائْرَن)، على وزن (اعْجَل)؛ ومعناه: النَّشاط؛ أي: أسرع؛ لئلَّا تموت الذَّبيحة حتفًا؛ لأن الذَّبح إذا كان بغير شفرة حديد؛ خيف عليه ذلك، قال: وقد يكون (أو أَرِنْ)؛ مثال: «أَطِعْ»؛ أي: أهلكها ذبحًا، من قولهم: أران القوم؛ إذا هلكت مواشيهم، قال: ويكون (إِرْنِ) على وزن (إِرْمِ)؛ بمعنى: أدم الحزَّ ولا تفتر، من «رَنَوْتُ»؛ إذا أدمتَ النَّظر، ويكون (أرْني) بمعنى: هاتِ، وقال بعضهم: ويكون (أرْني) سيلان الدم، ثمَّ اختلس حركة الراء، فجاء منه (أرْني)، وقد أفادني بعض من لقيته من أهل الاعتناء بهذا الباب أنَّه وقع على أصل اللَّفظة وصحيحها في «مسند عليِّ بن عبد العزيز»، وفيه: (فقال: أَرْنَي أو أَعْجَلُ ما أنهر الدم)، وهما (أَفْعَلُ) الَّتي للمفاضلة، كأنَّ الرَّاوي شكَّ في أيِّ اللَّفظين قال عليه الصَّلاة والسَّلام منهما، وأنَّ مقصدهما الذَّبح بما يُسرع القطع، وأجرى الدم، وأراح الذَّبيحة، انتهى لفظه.

وقد ذكر ابن الأثير في هذه اللَّفظة [7] كلامَ الخطابيِّ والزَّمخشريِّ؛ فانظره إنْ أردته، وقال المحبُّ الطَّبريُّ بعد أنْ ذكر اللَّفظة من عند ابن الأثير، ثمَّ قال: قوله: (اعجَلْ)؛ بفتح الجيم، وسكون اللَّام، على الأمر، ومعنى (أو) في الحديث: الشَّكُّ من الرَّاوي، ويجوز أن يكون من لفظه عليه الصَّلاة والسَّلام بمعنى الواو، فإن جعلنا (أرن) بمعنى (اعجل)؛ كان التَّكرار للتوكيد، وإنْ جعلناه بمعنى: (أو)؛ كان مأمورًا بهما، انتهى ملخَّصًا.

وقد قال غير واحد: إنَّ (أو) للشَّكِّ من الرَّاوي، والله أعلم.

قوله: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ): تَقَدَّم أنَّه [8] رُويَ: (نَهَرَ)، وتَقَدَّم ما قيل فيه، ومعناه: أساله، وتَقَدَّم: (لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفرَ): أنَّهما منصوبان على الاستثناء، وأنَّ [في] (الظُّفر) لغاتٍ تأتي، وأنَّ قوله: (وَسَأُحَدِّثُكُمْ): مدرجٌ في الحديث، والله أعلم.

(1/4795)

((48)) (كتاب الرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ) ... إلى (كتاب العِتْق)

(1/4796)

[حديث: ما أصبح لآل محمد إلا صاع]

2508# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، وأنَّه منسوب إلى فُرهود جدِّه، وتَقَدَّم أنَّ النِّسبة إلى فرهود: فراهيديٌّ وفرهوديٌّ، وتَقَدَّم أيضًا أنَّ (هِشَامًا) هذا: هو ابن أبي عبد الله [1] الدَّستوائيُّ، أبو بكر [2] البصريُّ.

قوله: (وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ دِرْعَهُ): تَقَدَّم أنَّ هذه الدِّرعَ هي التي يُقال لها: ذات الفضول، وأنَّ له عليه الصَّلاة والسَّلام سبعَ أدراع، وأنَّ الشَّعير المأخوذ كان ثلاثينَ صاعًا، وقد تقدمت الرِّوايات في ذلك.

قوله: (وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ): (الإِهَالة)؛ بكسر الهمزة: كلُّ ما يؤتدم به من الأدهان، قاله أبو ذرٍّ، وقال الخليل: الإلية تُقطَّع صغارًا ثمَّ تُذَاب، وقد تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ (السَّنِخَة): المتغيِّرة الرَّائحة.

قوله: (إلَّا صَاعٌ): تَقَدَّم كم زنة الصَّاع بالخلاف فيه.

(1/4797)

[باب من رهن درعه]

(1/4798)

[حديث: أن النبي اشترى من يهودي طعامًا إلى أجل ورهنه درعه]

2509# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن زياد، وتقدَّمت ترجمته، وتَقَدَّم (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهران، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ، وتَقَدَّم أنَّ (إِبْرَاهِيمَ): هو ابن يزيدَ النَّخَعيُّ.

قوله: (وَالْقَبِيلَ): هو بفتح القاف، وكسر [1] الموحَّدة؛ أي: الكَفِيل.

قوله: (حدَّثنا الْأَسْوَدُ): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيد النَّخَعيُّ.

قوله: (من يَهُودِيٍّ): تَقَدَّم أنَّه أبو الشَّحم، وتَقَدَّم ما فيه، وتَقَدَّم أنَّ الطَّعام كان شعيرًا ثلاثين صاعًا بما [2] فيه من اختلاف الرِّوايات، وتَقَدَّم أنَّ الأَجَل كان سَنةً، وأنَّ الدِّرعَ المرهونة ذاتُ الفضول.

[ج 1 ص 623]

(1/4799)

[باب رهن السلاح]

(1/4800)

[حديث: من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله]

2510# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهْبِذ المشهور، وتَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّه ابن عيينة، أحد الأعلام، وأنَّ (عَمرًا): هو ابن دينار.

قوله: (مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ؟): (الأَشْرَف)؛ بفتح الهمزة، وسكون الشين المعجمة، ثمَّ راء مفتوحة، ثمَّ فاء: كافرٌ معروفٌ، وهو من طيِّء، وأمُّه من بني النَّضِير، وكان يعادي رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ويحرِّض المشركين عليه، والبعث إليه كان لأربعَ عشرةَ ليلةً مضت من شهر ربيع الأوَّل، على رأس خمسةٍ وعشرين شهرًا من مهاجَره، وسيأتي الكلام عليه بأطولَ من هذا.

قوله: (فَقَالَ مُحَمَّد بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا): سأذكر في (باب قتل كعب بن الأشرف) مَنْ كان مع مُحَمَّد بن مسلمة (مُطَوَّلًا؛ وهم: مُحَمَّد بن مسلمة) [1]، وسِلْكان بن سلامة، وعَبَّاد بن بِشْر، والحارث بن أوس، وأبو عبس بن جبر [2]؛ وهؤلاء من الأوس.

قوله: (وسْقًا أَوْ وسْقَيْنِ): تَقَدَّم أنَّ (الوسْق) بفتح الواو وكسرها، وأنَّه ستُّون صاعًا، مرارًا.

قوله: (ارْهَنُونِي): يُقال: رهن الشَّيءَ، وأرهنه، ثلاثيٌّ ورُباعيٌّ، لُغَتان معروفتان.

قوله: (فَيُسَبُّ أَحَدُهُمْ): (يُسَبُّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (أحدُهم): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (اللَّأمَةَ): هي مهموزة الوسط همزًا ساكنًا، وقد تُسَهَّل، وله نظائر، وهي السِّلاح، و (اللَّأمَةَ): الدِّرع نفسها، وأرادوا بذكرها في الرَّهن: حتَّى إذا جاؤوا بها؛ لا يُنكَر عليهم.

قوله: (قال سُفْيَانُ: يَعْنِي: السِّلَاحَ): هو سُفيان المذكور في السند، وقد قَدَّمتُ أنَّه ابن عيينة [3]، وهذا التَّفسير يُقوِّي تبويب البخاريِّ، وكذا نُقِل عن الأزهريِّ: أنَّ اللَّأمَةَ: السِّلَاح.

(1/4801)

[باب: الرهن مركوب ومحلوب]

قوله: (بَابٌ: الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ): هذا التَّبويب هو حديثٌ أخرجه الحاكم وقال: على شرط البخاريِّ ومسلم، ولم يخرِّجاه، من حديث أبي هريرة، ولم يكن من شرط البخاريِّ؛ لعلَّة فيه؛ وهي الوقف على أبي هريرة، كما رواه الثَّوريُّ وشعبة.

قوله: (وَقَالَ مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ): أمَّا (مُغيرة)؛ فهو ابن مِقْسَم الضَّبِّيُّ مولاهم، الكوفيُّ الفقيه الأعمى، أبو هشام، تَقَدَّم، أخرج له الجماعة، والحكمة في أنَّ البخاريَّ قال: (وقال مُغيرة عن إبراهيم)، ولم يقل: وقال إبراهيم؛ لأنَّ المغيرة إمامٌ ثقةٌ، وهو على شرط الشيخَين، بل السِّتَّة، لكنَّ حديثه عن إبراهيم فقط فيه لينٌ، مع أنَّ روايتَه عنه في «البخاريِّ» و «مسلم»، وقال ابن فُضَيل: كان يدلِّس، فلا يُكتَب إلَّا ما قال: (حدَّثنا إبراهيم)، و (إبراهيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، تَقَدَّم.

قوله: (تُرْكَبُ الضَّالَّةُ): (تُرْكَبُ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الضَّالَّةُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (بِقَدْرِ عَلَفِهَا): هو بفتح اللَّام، و (العَلَف)؛ بفتحها: ما تُعلَف به الدَّابَّة، والمصدر بالسُّكون: عَلَف يَعلف عَلْفًا.

قوله: (وَتُحْلَبُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (عَلَفِهَا) بالفتح، كما تَقَدَّم أعلاه.

فائدةٌ: اختلف العلماء فيمن له منفعة الرَّهن من الرُّكوب، واللَّبن، وغيرهما، على أقوال [1]:

أحدها [2]: أنَّه للرَّاهن، وليس للمرتهن أنْ ينتفع بشيء من ذلك، قاله الشَّعبيُّ وابن سيرين، قال النَّخَعيُّ: كانوا يكرهون ذلك، وهو قول الشَّافعيِّ، فإنَّ للرَّاهن أن يركب الرَّهن ويشربَ لبنه بحقِّ نفقته عليه، ويأوي في اللَّيل إلى المرتهن.

وثانيها [3]: نعم؛ رخَّصت فيه طائفةٌ أن ينتفع المرتهن من الرَّهن بالرُّكوب والحَلَب دون سائر الأشياء على لفظ الحديث: «إنَّ الرَّهن مركوبٌ ومحلوبٌ»، وهو قول أحمد، وإسحاق، والزُّهريِّ.

وقال أبو ثور: إنْ كان الرَّاهن لا ينفق عليه وتركه في يد المرتهن، فأنفق عليه؛ فله ركوبه واستخدامه على ظاهر الحديث، وعن الأوزاعيِّ واللَّيث مثلُه.

ولا يجوز عند مالك والكوفيِّين للرَّاهن الانتفاعُ بالرَّهن وركوبه بعَلفه، وغلَّته لربِّه، والمسألة معروفةٌ.

وإنَّما ذكرت هذا الخلاف؛ لأنِّي سُئِلت عنه، وتستغربه الشَّافعيَّة إذا سمعوه، والله أعلم.

(1/4802)

[حديث: الرهن يركب بنفقته ويشرب لبن الدر إذا كان مرهونًا]

2511# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وكذا تَقَدَّم (زَكَرِيَّاءُ)، وهو ابن أبي زائدة قريبًا، وكذا (عَامِر): تَقَدَّم أنَّه الشَّعبيُّ عامر بن شَراحيل، وكذا تَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (الرَّهْنُ يُرْكَبُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (يُشْرَبُ)، و (لَبنُ) [1] بعده: مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

==========

[1] في (ب): (ولهن)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 624]

(1/4803)

[حديث: الرهن يركب بنفقته إذا كان مرهونًا]

2512# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابن المبارك، العالم المشهور، شيخ خراسان، و (زَكَرِيَّاءُ) بعده: تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن أبي زائدة، وتَقَدَّم (الشَّعْبِيُّ): أنَّه عامر بن شَراحيل، وتَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الشين، وإسكان العين، وتَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أعلاه.

قوله: (الظَّهْرُ [1] يُرْكَبُ): (يُرْكَبُ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ، وكذا (يُشرَبُ).

(1/4804)

[باب الرهن عند اليهود وغيرهم]

قوله: (بَابُ الرَّهْنِ عِنْدَ الْيَهُودِ): كذا هو الصَّواب، وفي أصلنا: (عن) عوض (عند)، وهو خطأٌ، وقد ضببتُ عليه، وكتبتُ في الهامش: (صوابه: عند).

==========

[ج 1 ص 624]

(1/4805)

[حديث: اشترى رسول الله من يهودي طعامًا ورهنه درعه]

2513# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الراء، وهو ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّم، وتَقَدَّم (الأَعْمَش): أنَّه سليمان بن مِهران، و (إِبْرَاهِيم): هو ابن يزيد النَّخَعيُّ، و (الأَسْوَد): هو ابن يزيدَ النَّخَعيُّ.

قوله: (اشْتَرَى من يَهُودِيٍّ طَعَامًا): تَقَدَّم أنَّ اليهوديَّ أبو الشَّحم، وأنَّ الطَّعام كان شعيرًا ثلاثين صاعًا، وقد قَدَّمتُ الرِّواياتِ التي وقفت عليها في ذلك في (البيع)، وأنَّ الدِّرعَ المرهونةَ ذاتُ الفضول، وذكرت أدراعه عليه الصَّلاة والسَّلام.

==========

[ج 1 ص 624]

(1/4806)

[باب: إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه فالبينة على المدعى]

(1/4807)

[حديث: أن النبي قضى أن اليمين على المدعى عليه]

2514# قوله: (حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ): قال الدِّمياطيُّ: نافع بن عُمر بن عبد الله بن جَمِيل، مات سنة (169 هـ)، انتهى.

قوله: (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ): قال الدِّمياطيُّ: وابن أبي مُلَيكة اسمُه عبد الله بن عُبيد الله بن عبد الله بن أبي مُلَيكة زُهيرِ بن عبد الله بن جُدعان، مات سنة (117 هـ)، انتهى.

[ج 1 ص 624]

قوله: (كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَكَتَبَ إِلَيَّ): تَقَدَّم الكلام على الرِّواية بالكتابة المجرَّدة عن الإجازة كهذه، وكذا المقرونة بالإجازة؛ ما حكمهما؛ فانظره.

قوله: (أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (إنَّ): يجوز فيها الكسر والفتح.

(1/4808)

[حديث: من حلف على يمين يستحق بها مالًا]

2515# 2516# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، وكذا تَقَدَّم (مَنْصُور): أنَّه ابن المعتمر، وكذا (أَبُو وَائِلٍ): أنَّه شقيق بن سلمة، وتَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن مسعود بن غافل الهُذليُّ، أحد السَّابقين [1] رضي الله عنهم.

قوله: (ما يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحمن؟): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن مسعود، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَبَيْنَ رَجُلٍ): الرَّجل المخاصِم للأشعثِ سيأتي الكلام عليه في (الأَيمان).

قوله: (إِذًا يَحْلِفَ) [2]: تَقَدَّم أنَّه بالنَّصب، وأنَّ النَّوويَّ نقل عن أبي الحسن بن خروف في «شرح الجُمَل»: أنَّ الرِّواية بالرَّفع.

==========

[1] زيد في (ب): (الأولين).

[2] في (ب): (أن تحلف)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 625]

(1/4809)

((49)) (كِتَابُ العِتْقِ) ... إلى (كِتَاب الهِبَةِ)

قوله تعالى: {ذِي مَسْغَبَةٍ} [البلد: 14]: مجاعة.

قوله تعالى [1]: {ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: 15]: قُرْبَ قَرَابةٍ أو جِوَار.

==========

[1] (تعالى): ليس في (ب).

[ج 1 ص 625]

(1/4810)

[حديث: أيما رجل أعتق امرأً مسلمًا استنقذ الله بكل عضو منه]

2517# قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ): تَقَدَّم أنَّه أحمد بن عبد الله بن يونس، أبو عبد الله، اليربوعيُّ الحافظ، عن ابن أبي ليلى، وابن أبي ذئب، وعاصم بن مُحَمَّد، والثَّوريِّ، وأمم، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وعبد، وخلقٌ، قال أحمد ابن حنبل لرجل: اخرج إلى أحمد ابن يونس؛ فإنَّه شيخ الإسلام، تُوُفِّيَ سنة (227 هـ)، أخرج له الجماعة، تَقَدَّم.

قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّد): قال الدِّمياطيُّ: (عاصم بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب، عن أخيه واقد بن مُحَمَّد) انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّد): هو بالقاف، وليس في الكتب السِّتَّة راوٍ يقال له: وافد؛ بالفاء، ولا [2] في مصنَّفاتهم التي أخرجها المِزِّيُّ في «تهذيبه»، وقد تَقَدَّم أعلاه نسبُه من كلام الدِّمياطيِّ، يروي عن أبيه وابن أبي مُلَيكة، وعنه: شعبة وغيرُه، ثقةٌ، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وثَّقه أحمد وغيره.

قوله: (صَاحِبُ عَلِيِّ بن الحُسَيْنٍ): هذا عليٌّ زين العابدين، تَقَدَّم، وصاحبه: هو الرَّاوي لهذا الحديث، لا هو، وإنَّما عُرِفَ صاحبُه به.

قوله: (عضْوٍ منه عضْوًا): (العضو)؛ بكسر العين وضمِّها: مشهور.

تنبيهٌ: هذا إذا أعتق الرجل ذكرًا، أمَّا إذا أعتق الرَّجلُ أنثى؛ فإنَّه يعتق نصفه؛ للحديث في «التِّرمذيِّ»، واعلم أن الذَّكر كالأنثى في سائر الأحكام إلَّا في خمسة أبواب: (العتق)، و (الدِّية)، و (الشهادة)، و (الميراث)، و (العقيقة)؛ فيعقُّ عن الذَّكر بشاتَين، وعن الأنثى بواحدة، والله أعلم.

قوله: (فَعَمَدَ [3] إِلَى عَبْدٍ لَهُ): عبد عَلِيِّ بن الحُسَيْنٍ زينِ العابدين لا أعرف اسمه، (قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: وقع في رواية لأحمدَ أنَّ اسمه مُطرِّف، وفي الأوَّل من «الغيلانيَّات»: أنَّه قبطيٌّ) [4]، و (عَمَدَ): بفتح الميم في الماضي، وكسرها في المستقبل، هذا الذي أعرفه، ورأيت في حاشية: بفتح الميم، وحكى المُطرِّز عن ثعلب كسرها أيضًا، قال اللَّبليُّ بعد أنْ ذكر حكاية المُطرِّز عن ثعلب الكسرَ قال: ولم أر أحدًا حكاه غيره، انتهت.

(1/4811)

قوله: (عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ): هذا هو ابن أبي طالب، صحابيٌّ مشهور، ابن صحابيٍّ مشهورٍ، وقد أشبه هو وأبوه خُلُق النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وخَلْقه، كما سأذكره فيمن يُشبهه صلَّى الله عليه وسلَّم عند قوله عليه الصَّلاة والسَّلام لأبيه: «أشبهت خَلْقي وخُلُقي».

(1/4812)

[باب: أي الرقاب أفضل؟]

(1/4813)

[حديث: إيمان بالله وجهاد في سبيله]

2518# قوله: (عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ): هو بضَمِّ الميم، وتخفيف الرَّاء، وفي آخره حاءٌ مهملةٌ، وهو غفاريٌّ، وقيل: ليثيٌّ مدنيٌّ، يقال: اسمُه سعدٌ، يروي عن أبي ذرٍّ وحمزةَ بن عمرٍو الأسلميِّ، وعنه: عروة، وسليمان بن يسار، وزيد بن أسلم، وغيرهم، وثَّقه العجليُّ وغيره، ويقال: وُلِد في حياته عليه الصَّلاة والسَّلام، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

قوله: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ): قال الدِّمياطيُّ: (أبو ذرٍّ: اسمه جُندب بن جُنادة بن سُفيان، أسلم هو وأخوه أنيس، وأمُّهما رملة، مات أبو ذرٍّ بالرَّبذة سنة (32 هـ)، وصلَّى عليه ابنُ مسعود، وقد جاء من العراق، ثمَّ قدم المدينة فمات بها بعده بعشرة أيَّام، انتهى.

فائدةٌ: رملة أمُّ أبي ذرٍّ: هي رملة بنت الوقيعة بن حرام الغفاريَّة، أسلمت في قصَّة إسلام ابنها [1]، صحابيَّة، وسيأتي الكلام على أبي ذرٍّ، وقد تَقَدَّم أيضًا رضي الله عنه.

قوله: (أَغْلَاهَا ثَمَنًا): هو بالغين المعجمة، قال ابن قُرقُول في (العين المهملة): (أعلاها ثمنًا)، ويُروَى: «أغلاها»، ومعناهما متقاربٌ، وبالوجهين رُوِّيناه في «المُوَطَّأ»، وبالمهملة قيَّده القابسيُّ، وقال شيخنا الشَّارح: ضبطه أبو الحسن: بالعين المهملة، وضبطه أبو ذرٍّ: بمعجمة)، انتهى، والظاهر أنَّ قوله: (أبو الحسن): هو القابسيُّ، والله أعلم.

قوله: (وَأَنْفَسُهَا): أي: أغلاها [2]، ونَفَسْتُ بِهَا؛ أي: أعجبتني وحرصت عليها.

قوله: (صَانِعًا): (الصَّانع): الحاذق، قال ابن قُرقُول: بصاد مهملة، وهو صواب الحديث، وجاء في حديث عروة: بضاد معجمة، وهمزةٍ بدلًا من النُّون، وكذا قُيِّد عن عروة في «الصحيحّين» وغيرهما، وعند السَّمرقنديِّ في حديث عروة: (صانعًا)، والصَّحيح في حديث عروة: بضاد معجمة؛ أعني: من رواية ابنِه هِشام، قال الدَّراقطنيُّ: وهو الذي صحَّفه، وسائر رواته عن عروة يروونه بصاد مهملة، قال القاضي: قوله: (أو يصنع لأَخْرَقَ) يدلُّ على أنَّه يعين صانعًا؛ يعني: في صنعته، أو يبتدئ الصَّنعة للأخرق، وهو الذي لا يصنع ... إلى آخر كلامه.

قوله: (لِأَخْرَقَ [3]): (الأخرق): الذي لا يحسن الصَّنعة، وقد تَقَدَّم أعلاه [4].

(1/4814)

[باب ما يستحب من العتاقة في الكسوف والآيات]

قوله: (مِنَ العَتَاقَةِ): هي بفتح العين، وهذا غاية في الظُّهور، لكن لا يضرُّ التَّنبيهُ عليه.

(1/4815)

[حديث: أمر النبي بالعتاقة في كسوف الشمس]

2519# قوله: (عن فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ): تقدَّمت، وأنَّها [1] زوج [2] هشام بن عروة، الرَّاوي [3] عنها، وكذا تقدَّمت (أَسْمَاء)، وهي جدَّةُ فاطمةَ وهشامٍ رضي الله عنها.

[ج 1 ص 625]

قوله: (تَابَعَهُ عَلِيٌّ عن الدَّرَاوَرْدِيِّ عن هِشَامٍ): الظَّاهر أنَّ عليًّا هذا: هو عليُّ بن حُجْر السَّعديُّ، وقد روى عن [4] عبد العزيز بن مُحَمَّد الدَّراورديِّ عليُّ بن خشرم وعليُّ بن حُجْر، لكن ابن خشرم لم يُخرِّج له البخاريُّ شيئًا، إنَّما أخرج له مسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، ولا أعلم البخاريَّ علَّق لابن خشرم، وأمَّا ابن حجر؛ فأخرج له البخاريُّ، ومسلم، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، والله أعلم، ومتابعة عليٍّ عن الدَّراورديِّ ليست في شيء من الكتب السِّتَّة، ولا أخرجها شيخنا، والضَّمير في (تابعه) يعود على موسى بن مسعود، وله ترجمة في «الميزان»، وهو صدوقٌ يُصحِّف، وأمَّا (الدَّراورديُّ)؛ (فهو عبد العزيز بن مُحَمَّد الدَّراورديُّ) [5]، أبو مُحَمَّد، عن صفوانَ بنِ سُلَيم وزيدِ بن أسلم، وعنه: عليُّ بن حُجْر، وعليُّ بن خشرم، ويعقوب الدَّورقيُّ، قال ابن معين: هو أحبُّ إليَّ مِن فُلَيح، وقال أبو زُرْعة: سيِّئ الحفظ، له ترجمة في «الميزان»، وقد روى له البخاريُّ مقرونًا بغيره، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، ولكن طال العهد به.

==========

[1] في النُّسختين: (وأنَّه)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[2] في (ب): (روح)، وزيد فيها: (ابن)، وليس بصحيحٍ.

[3] في النُّسختين: (والرَّاوي)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[4] (عن): سقط من (ب).

[5] ما بين قوسين سقط من (ب).

(1/4816)

[حديث: كنا نؤمر عند الخسوف بالعتاقة]

2520# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ أَبِي بَكْرٍ): هذا هو المُقدَّميُّ، منسوب إلى جدِّه، ثبتٌ محدِّثٌ، عن حمَّاد بن زيد وخلق، وعنه: البخاريُّ، ومسلم، والبخاريُّ بواسطة، وأبو يعلى، والحسن بن سفيان، تُوُفِّيَ سنة (234 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، قال ابن مَعِين: صدوق، وقال أبو زُرْعة: ثقةٌ.

قوله: (حَدَّثَنَا عَثَّامٌ): هو بفتح العين المهملة، وتشديد الثَّاء المثلَّثة، وهو عَثَّام بن عليٍّ الكلابيُّ العامريُّ، أبو عليٍّ الكوفيُّ، عن هشام بن عروة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وجماعة، وعنه: مُسدَّدٌ، والقواريريُّ، ومُحَمَّد بن أبي بكر المُقدَّميُّ، وخلقٌ، قال أحمد: عَثَّام رجلٌ صالحٌ، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، وقال أبو زُرْعة: ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (194 هـ)، وقال ابن سعد وغيره: سنة خمس، أخرج له البخاريُّ والأربعة، وليس في الكتب السِّتَّة عثَّام سواه، وليس فيها أيضًا غنَّام؛ بالغين المعجمة، وتشديد النُّون، والله أعلم.

(1/4817)

[باب: إذا أعتق عبدًا بين اثنين أو أمة بين الشركاء]

(1/4818)

[حديث: من أعتق عبدًا بين اثنين فإن كان موسرًا قوم عليه]

2521# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن المَدينيِّ، وتَقَدَّم أنَّ (سُفْيَان): هو ابن عيينة، و (عَمْرو) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن دينار المكِّيُّ.

تنبيهٌ: يروي عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر اثنان؛ كلُّ واحد يقال له: عَمرو بن دينار؛ أحدهما: صاحب التَّرجمة المكِّيُّ، والثَّاني: عَمرو بن دينار البصريُّ، قهرمان آل الزُّبير، روى له عنه ابن ماجه فقط حديثًا واحدًا، ليس له في الكتب عنه [1] سواه، والمكِّيُّ مُخرَّج له عنه في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، والله أعلم.

==========

[1] (عنه): ليس في (ب).

[ج 1 ص 626]

(1/4819)

[حديث: من أعتق شركًا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد]

2522# قوله: (فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ): (أَعْطَى): مبنيٌّ للفاعل، و (شُرَكَاءَه): مَنْصوبٌ مفعولٌ، كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمياطيِّ: (أُعطِيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شُرَكَاؤُه): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل.

قوله: (وَإِلَّا؛ فَقَدْ عَتَقَ عليه [1] مَا عَتَقَ): هما بفتح العين والتَّاء، وهذا ظاهرٌ، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم»: الظاهر أنَّه من كلام النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكذلك رواه مالك وعبيد الله العمريُّ، فوصلاه بكلامه صلَّى الله عليه وسلَّم، وجعلاه منه، ورواه أيُّوب عن نافع فقال: قال نافع: (وَإِلَّا؛ فَقَدْ عَتَقَ منه ما عَتَقَ)؛ ففصله مِن الحديث، وجعله مِن قول نافع، وقال أيُّوب مرَّةً: لا أدري هو مِن الحديث أو شيءٌ قاله نافع؟ ولهذه الرِّواية قال ابن وضَّاح: ليس هذا مِن كلامه صلَّى الله عليه وسلَّم، قال القاضي: وما قاله مالك والعمريُّ أَولى، وقد جوَّداه، وهما في نافعٍ أثبتُ من أيُّوب عند أهل هذا الشَّأن، كيف وقد شكَّ أيُّوب فيه؟! وقد رواه يحيى بن سعيد عن نافع، وقال في هذا الموضعِ: (وإلَّا؛ فقد جاز ما صنع)، فأتى به على المعنى، قال: وهذا كلُّه يردُّ قولَ مَن قال بالاستسعاء، انتهى.

(1/4820)

[حديث: من أعتق شركًا له في مملوك فعليه عتقه كله]

2523# قوله: (عَنْ أَبِي أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أُسامة، تَقَدَّم، وتَقَدَّم أنَّ (عُبَيْد اللهِ): هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العُمريُّ.

قوله: (فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ): (كُلِّهِ): مجرور تأكيد للضَّمير المجرور في (عتقه)، و (عتقُه): مَرْفوعٌ مبتدأٌ.

قوله: (فَأُعْتِقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ): الأُولى: مبنيَّة لما لم يُسمَّ فاعلها، والثَّانية: مبنيَّة للفاعل، كذا في أصلنا.

قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ): هو بكسر الموحَّدة، وإسكان الشِّين المعجمة، وهو ابن المُفضَّل بن لاحقٍ البصريُّ، و (المفضَّل): اسم مفعول، مِن المُشدَّد.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ): هو الذي تَقَدَّم أعلاه، ابن عمر بن حفص.

(1/4821)

[حديث: من أعتق نصيبًا له في مملوك أو شركًا له في عبد]

2524# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا والكلام على (عارم)، وقد تَقَدَّم أنَّ (حَمَّادًا) [1] هذا: هو ابن زيد، وأنَّه إذا أطلقه سليمانُ بن حرب أو عارمٌ مُحَمَّد بن الفضل؛ فهو ابنُ زيد، وأنَّه إذا أطلقه موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيُّ أو عفَّانُ أو حجَّاجُ بن منهال؛ فهو ابنُ سَلَمَة، وأنَّه كذلك إذا أطلقه هدبةُ بن خالد، والله أعلم، وتَقَدَّم (أَيُّوب): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ مُتَرجَمًا، وغير مُتَرْجَم.

قوله: (قَالَ نَافِعٌ: وَإِلَّا؛ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ): تَقَدَّم الكلام على هذه أعلاه؛ فانظرها [2].

==========

[1] في النُّسختين: (حماد)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[2] في (ب): (أعلاها؛ فانظره).

[ج 1 ص 626]

(1/4822)

[حديث: إذا كان للذي أعتق من المال ما يبلغ يقوم من ماله قيمة]

2525# قوله: (حَدَّثَنَا فُضَيْلُ [1] بْنُ سُلَيْمَان): (فُضَيل): بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد، وهذا ظاهرٌ عند أهله.

قوله: (عِتْقُهُ كُلِّهِ): تَقَدَّم أنَّ (كلِّه) مجرور، وتَقَدَّم أعلاه لِمَ كان مجرورًا.

قوله: (وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ): (يُخَلَّى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (سَبِيلُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، و (المُعْتَقِ): اسم مفعول؛ بفتح التَّاء.

قوله: (وَرَوَاهُ اللَّيْثُ): هو ابن سعد، (وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): هو مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب، (وَابْنُ إِسْحَاقَ): هو مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار الإمامُ في المغازي، (وَجُوَيْرِيَةُ): هو ابن أسماء، (وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ المدنيُّ القاضي، (وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ): هو إسماعيل بن أميَّة بن عمرو بن سعيد بن العاصي الأمويُّ، عن أبيه، وأيُّوبَ بن خالد، ونافعٍ، وطائفةٍ، وعنه: مَعْمَرٌ، والسُّفيانان، وآخرون، وثَّقه أبو حاتم وجماعة، يقال: له نحو ستِّين حديثًا، قال ابن سعد: مات سنة (144 هـ)، وقيل غيرُ ذلك، وكان من الأشراف، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا، فقال: مُجمَعٌ على ثقته، وكلُّ مَن تَقَدَّم سوى إسماعيل ذكرت له ترجمة، والله أعلم.

تنبيهٌ: تعليق اللَّيث أخرجه مسلم في (العتق) و (النُّذور) عن قتيبة ومُحَمَّد بن رمح؛ كلاهما عن اللَّيث به، وأخرجه النَّسائيُّ عن قتيبة به في (العتق)، وتعليق ابن أبي ذئب [عن نافع أخرجه مسلم في (العتق): عن مُحَمَّد بن رافع، عن ابن أبي فُدَيك، عن ابن أبي ذئب] [2]، عن نافع به.

ومتابعة ابن إسحاقَ لا أعلم مَن خرَّجها، وليست في شيء مِن الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، والله أعلم.

ومتابعة جويرية عن نافع أخرجها البخاريُّ في (الشَّرِكة) عن مُسدَّد، وأبو داود في (العتق) عن عبد الله بن مُحَمَّد بن أسماء؛ كلاهما عن جويرية به [3].

ومتابعة يحيى بن سعيد أخرجها مسلم في (العتق) عن [4] مُحَمَّد بن المثنَّى عن عبد الوهَّاب الثَّقفيِّ، وأبو داود فيه: عن مخلد بن خالد عن يزيد [5] بن هارون، والنَّسائيُّ فيه: عن أحمد بن سليمان عن يزيد بن هارون، وعن حُسين بن منصور، (عن عبد الله بن نُمَير، عن عمرو بن عليٍّ، عن الثَّقفيِّ؛ ثلاثتهم) [6] عن يحيى بن سعيد به.

(1/4823)

ومتابعة إسماعيل بن أميَّة أخرجها مسلم في (العتق) وفي (النُّذور) عن إسحاق بن منصور، عن عبد الرَّزَّاق، عن ابن جُرَيج، عن إسماعيل به، ولم أرَ في كلام شيخنا تخريجَ هذه المتابعات.

(1/4824)

[باب: إذا أعتق نصيبًا في عبد وليس له مال استسعى العبد .. ]

قوله: (اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ): تَقَدَّم أنَّه مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (العبدُ): مَرْفوعٌ نائب مناب الفاعل، وقد تَقَدَّم الكلام على (الاستسعاء)؛ هل هو مُدرَجٌ أم لا.

(1/4825)

[حديث: من أعتق شقيصًا من عبد]

2526# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ جَرِيرًا بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأنَّ حَازمًا بالحاء المهملة، وبالزَّاي، وهذا ظاهرٌ، وكذا تَقَدَّم (بَشِير بْن نَهِيكٍ): أنَّه بفتح الموحَّدة، وكسر الشين، وأنَّ (نَهِيكًا) بفتح النُّون، وكسر الهاء، وتَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ [1].

قوله: (شَقِيصًا): تَقَدَّم أنَّ (الشِّقْص والشَّقِيص)؛ كـ (نِصْف ونَصِيف)؛ لغتان: النَّصيب.

2527# قوله: (ح [2]): تَقَدَّم في أوَّل هذا التَّعليق الكلامُ عليه كتابةً ونطقًا؛ فراجعْه إنْ شئت.

قوله: (سَعِيدٌ): هذا هو سعيد بن أبي عَرُوبة، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (اسْتُسْعِيَ [3]): تَقَدَّم أعلاه وقبله أنَّه بضَمِّ التَّاء، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وتَقَدَّم أنَّ (الاستسعاء): الصَّحيح: أنَّه مُدرَجٌ في الحديث.

قوله: (تَابَعَهُ حَجَّاجُ بن حَجَّاجٍ، وَأَبَانٌ، وَمُوسَى بن خَلَفٍ عن قَتَادَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على سعيد بن أبي عَرُوبة المذكورِ في السَّند قبله، أمَّا (حجَّاج بن حجَّاج)؛ فهو الباهليُّ البصريُّ الأحول، عن الفرزدق، وقتادة، وعدَّةٍ، وعنه: إبراهيم بن طهمان ويزيد بن زُرَيع، وثَّقوه،

[ج 1 ص 626]

(1/4826)

وثَّقه ابن معين وغيره، مات سنة (131 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وأمَّا (أبانٌ)؛ فقد تَقَدَّم أنَّ الصَّحيح أنَّه مصروفٌ، وهذا هو ابن يزيد العطَّار، أبو يزيد البصريُّ، أحد الأثبات المشاهير، عن الحسن، وأبي عمران الجَوْنيِّ، وقتادةَ، وطائفةٍ من التَّابعين، وعنه: ابن المبارك، ويحيى القطَّان، وحَبَّان [4] بن هلال، وآخرون، قال أحمد ابن حنبل: ثبْتٌ في كلِّ المشايخ، وقال ابن معين والنَّسائيُّ: ثقة، تُوُفِّيَ سنة بضع وستِّين ومئة، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقد تَقَدَّم في أوَّل التَّعليق، ولكن طال به العهد، وأمَّا (موسى بن خلف)؛ فهو أبو [5] خلف العَمِّيُّ العابد، عن قتادة ويحيى بن أبي كَثِير، وعنه: ابناه [6]: عبد الحَمِيد وخلفٌ، وعفَّان وقال: ما رأيت مثله قطُّ، كان يُعَدُّ من البُدلَاء، قال أبو حاتم: صالح الحديث، له ترجمة في «الميزان»، علَّق له البخاريُّ، وروى له أبو داود والنَّسائيُّ.

تنبيه: متابعة حجَّاج بن حجَّاج لم أرها في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وأمَّا متابعة أبان؛ فأخرجها أبو داود في (العتق) عن مسلم بن إبراهيم عن أبان بن يزيدَ به، وأخرجها النَّسائيُّ فيه: عن مُحَمَّد بن عبد الله المُخَرِّمِيِّ، عن أبي هشام المغيرة بن سلمة المخزوميِّ، عن أبان بن يزيد به، ومتابعة موسى بن خلف عن قتادة لم أرها في شيء من الكتب السِّتَّة، والله أعلم.

==========

[1] زيد في (ب): (من نحو ثلاثين قولًا).

[2] («ح»): ليس في «اليونينيَّة».

[3] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فَاسْتُسْعِيَ).

[4] في (ب): (وحيان)، وهو تصحيفٌ.

[5] في (ب): (ابن)، وليس بصحيحٍ.

[6] (ابناه): سقط من (ب).

(1/4827)

[باب الخطإ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه ولا عتاقة]

قوله: (بَابُ الخَطَأِ): هو معروفٌ، وهو مهموزٌ مقصورٌ.

قوله: (فِي العَتَاقِ [1]): هو بفتح العين.

قوله: (وَلَا عَتَاقَةَ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه بفتح العين.

قوله: (وَلَا نِيَّةَ): هي بتشديد الياء وتخفيفها، تقدَّمت، معروفةٌ.

قوله: (وَالْمُخْطِئِ): هو بهمزة في آخره، وهذا ظاهرٌ.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فِي الْعَتَاقَةِ).

[ج 1 ص 627]

(1/4828)

[حديث: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها]

2528# قوله: (وحَدَّثَنِي الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم في أوَّل هذا التَّعليق أنَّه عبد الله بن الزُّبير الحُمَيديُّ المكِّيُّ، وتَقَدَّم أنَّه بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، ولماذا نُسِب، وهو أوَّل شيخ روى عنه البخاريُّ في هذا «الصَّحيح».

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة [1]، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (مِسْعَرٌ): أنَّه ابن كِدَام، وتَقَدَّم بعض ترجمته.

قوله: (مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورهَا): يجوز في (صدورها) الرَّفع والنَّصب، وبهما ضُبِطَ في أصلنا بالقلم، فالرفع ظاهر، والنَّصب على أنَّه مفعولٌ ثانٍ، وقيل: إنَّ (وسوس) قاصرٌ، والجواب: أنَّه تضمَّن معنى: (حدَّث)، كما جاء في الرِّواية الأخرى، والله أعلم، وفي أصلنا حاشيةٌ، والظَّاهر أنَّها بخطِّ الإمام عزِّ الدِّين بن الحاضريِّ، ولفظها: رُوِي (صدورُها) _يعني: بالرَّفع_ قال: وهو الأصل، وهو ظاهر، وروى أبو ذرٍّ: (صدورَها)؛ بفتح الرَّاء على أنَّه مفعول، مع أنَّ (وسوس) قاصرٌ، فقال شيخنا: (وسوس) تضمَّن معنى: (حدَّث)، كما جاء في الرِّواية الأخرى، فلهذا نَصَب (صدورَها)، انتهت.

قوله: (أَوْ تَكَلَّمْ): هو بفتح أوَّله، وتشديد اللَّام، وهو محذوف إحدى التَّاءين.

==========

[1] زيد في (ب): (الإمام).

[ج 1 ص 627]

(1/4829)

[حديث: الأعمال بالنية ولامرئ ما نوى]

2529# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة.

قوله: (عَنْ سُفْيَانَ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، العالم المشهور، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو الأنصاريُّ القاضي، وكذا تَقَدَّم (مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِي) و (عَلْقَمَة) في أوَّل هذا [التَّعليق].

قوله: (إِلَى دُنْيَا [1]): تَقَدَّم أنَّها بترك التَّنوين الرِّواية، وأنَّه يجوز في لغةٍ تنوينُها، وكذا تَقَدَّم اسم المرأة المشار إليها هنا في أوَّله عن ابن دحية الحافظ، وأنَّها قيلةُ.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (لِدُنْيَا).

[ج 1 ص 627]

(1/4830)

[باب إذا قال رجل لعبده: هو لله، ونوى العتق والإشهاد في العتق]

(1/4831)

[حديث: يا أبا هريرة هذا غلامك قد أتاك]

2530# قوله: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ): هو بكسر الموحَّدة، وبالشِّين المعجمة.

قوله: (عَنْ إِسْمَاعِيلَ): هو ابن أبي خالد، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (قَيْس): هو ابن أبي حَازم، وقال الدِّمياطيُّ: ابن أبي حَازم عوفِ بن عبد الحارث الأحمسيُّ، مات سنة (84 هـ) انتهى، وفي وفاته أقوالٌ ذكر هنا [1] أحدَها، وبقي [2] عليه قولان آخران غير ما ذَكَرَ.

قوله: (وَمَعَهُ غُلَامُهُ): غلام أبي هريرةَ لا أعرف اسمَه.

قوله: (أَمَا إنَّه): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّه): مكسورة الهمزة؛ لأنَّ (أَمَا) هنا: للاستفتاح بمنزلة (أَلَا)، وتكثُر قبل القسم، و (إِنَّ) مكسورة الهمزة، كما تُكسَر بعد الاستفتاحية، و (أَمَا) أيضًا تكون بمعنى: حقًّا أو أحقًّا، على الخلاف في ذلك، و (أَنَّ) بعدها مفتوحةٌ كما تُفتَح بعد (حقًّا)، والله أعلم.

قوله: (يَا لَيْلَةً ... ) البيت: ظاهره أنَّه مِن قول أبي هريرةَ، وأصرحُ منه: (قلت في الطَّريق: يا ليلة ... )، قال شيخنا: (قال ابن التِّين: فيه خلافٌ؛ هل هو لأبي هريرة أو غلامِه؟) انتهى.

قوله: (عَلَى أَنَّهَا): (أنَّها): بفتح الهمزة.

قوله: (دَارَةِ الْكُفْرِ): أي: دار الكفر.

==========

[1] في النُّسختين: (ذكرها)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] في (ب): (وهي)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 627]

(1/4832)

[حديث: لما قدمت على النبي قلت في الطريق]

2531# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وتَقَدَّم (إِسْمَاعِيلُ): أنَّه ابن أبي خالد، وكذا (قَيْس): أنَّه ابن أبي حَازم.

قوله: (وَأَبَقَ مِنِّي غُلَامٌ في الطَّرِيقِ): لم يأبق، ولكن ضلَّ، كما تَقَدَّم، ويأتي قريبًا.

قوله: (لَمْ يَقُلْ أَبُو كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ: حُرٌّ): أمَّا (أبو كُرَيب)؛ فهو مُحَمَّد بن العلاء الهمْدانيُّ، الحافظ، عن هُشَيمٍ، وأبي أسامة حمَّادِ بن أسامة، وابنِ المبارك، وغيرهم، وعنه: الجماعةُ وغيرهم، قال ابن عقدةَ: ظهر له بالكوفة ثلاثُ مئةِ ألفِ حديثٍ، تُوُفِّيَ سنة (248 هـ)، وكان أكبرَ مِن أحمدَ ابنِ حنبل بثلاث سنين، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

(1/4833)

[حديث: لما أقبل أبو هريرة ومعه غلامه وهو يطلب الإسلام]

2532# قوله: (فَضَلَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ [1]): كذا في أصلنا وعليه ضبَّةٌ، وفي الهامش ما صورتُه: (صوابه: فأضلَّ) انتهى، قال ابن قُرقُول: (الوجه: «فأضلَّ» أو «ضلَّ أحدهما من صاحبه») انتهى.

قوله: (أَمَا إنِّي أُشْهِدُكَ): تَقَدَّم الكلام على (أَمَا) و (إِنَّه) أعلاه.

==========

[1] في هامش (ق): (قال القاضي عياض: قال أبو زيد: أضللت الدَّابَّة والصَّبيَّ وكلَّ ما ذهب عنك بوجه من الوجوه، وإذا كان معك مقيمًا فأخطأته؛ فهو بمنزلة ما لم يبرح؛ كالدَّار والطَّرائق: تقول: قد ضللتُه ضلالةً، وقال الأصمعيُّ: ضللت الدَّار والطَّريق، وكلَّ ثابت لا يبرح، وأضللت الدِّرهم وكلَّ شيء ليس بثابت، فعلى هذا الوجه هنا أن يقال: فأضلَّ أحدهما أو ضلَّ أحدهما من صاحبه).

[ج 1 ص 627]

(1/4834)

[باب أم الولد]

قوله: (أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا): تَقَدَّم الكلام عليه في أوائل [1] هذا التَّعليق.

(1/4835)

[حديث: احتجبي منه يا سودة بنت زمعة]

2533# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ): تَقَدَّم الكلامُ عليه، ورَدُّ كلامِ مَن قال: إنَّه أسلم، والصَّحيح: أنَّه لم يسلم.

[ج 1 ص 627]

قوله: (أَنْ يَقْبِضَ [إِلَيْهِ] ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ): تَقَدَّم (ابن وَلِيدَة زَمْعَة): صحابيٌّ مشهور، اسمه عبد الرَّحمن، وتَقَدَّم أنَّ الوَليدة لا أعرف اسمها غير أنَّها يمانيَّةٌ.

قوله: (زَمَنَ الْفَتْحِ): تَقَدَّم غير مرَّةٍ أنَّ الفتح كان في رمضان سنة ثمان، واختُلِف كم كان في الشَّهر على أقوالٍ ذكرتها فيما سلف، وتأتي أيضًا في (الفتح).

قوله: (بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه صحابيٌّ مشهور، وتَقَدَّم ما وقع في نسبه من الوَهم لبعض الحُفَّاظ، وهو بغير إضافة.

قوله: (فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ): الضَّمير في (به) راجعٌ على (أخي)؛ يعني: عتبة بن أبي وقَّاص.

قوله: (يَا عَبْد بْنَ زَمْعَةَ): تَقَدَّم أنَّ (عبدَ) يجوز فتحه وضمُّه، وأنَّ (ابنَ) مفتوحٌ، وقد حكى ابن مالك ضمَّه في «التَّسهيل»، وقَدَّمتُ الكلام على ذلك مُطَوَّلًا في أوائل هذا التَّعليق، وكذا إذا كان (ابن) بين غير علمين.

(1/4836)

[بابُ بيع المدبر]

(1/4837)

[حديث: أعتق رجل منا عبدًا له عن دبر فدعا النبي]

2534# قوله: (أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ): تَقَدَّم أنَّ (المُعتِق)؛ بكسر التَّاء: أبو مذكور، وأنَّ العبدَ المُعتَق: يعقوبُ.

قوله: (فَبَاعَهُ): تَقَدَّم أنَّه اشتراه نعيم النَّحَّام، وكان الثَّمنُ ثمان مئة درهم.

==========

[ج 1 ص 628]

(1/4838)

[باب بيع الولاء وهبته]

(1/4839)

[حديث: نهى رسول الله عن بيع الولاء وعن هبته]

2535# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه هشام بن عبد الملك الطَّيالسيُّ الحافظ.

==========

[ج 1 ص 628]

(1/4840)

[حديث: أعتقيها فإن الولاء لمن أعطى الورق]

2536# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأنَّه ابن عبد الحميد، الضَّبِّيُّ القاضي، وكذا تَقَدَّم (مَنْصُور): أنَّه ابن المُعتمِر، و (إِبْرَاهِيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، و (الأَسْوَد): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ، مُترجَمين الكلُّ.

قوله: (اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ): تَقَدَّم الكلام عليها؛ فانظره في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا): تَقَدَّم الكلام على أهلها مَن هم.

قوله: (الوَرِق): تَقَدَّم أنَّ فيه أربعَ لغاتٍ؛ ثلاث مشهورات، والرَّابعة: وَرَق؛ بفتح الواو والرَّاء، حكاها الصَّغانيُّ مُحَمَّد بن الحسن اللُّغويُّ في كتابِ له مُفرَدٍ، فيه قراءاتٌ شواذٌّ وغرائبُ مِن اللُّغة.

قوله: (فَخَيَّرَهَا مِن زَوْجِهَا): اسم زوجها: مُغيْث؛ بالغين المعجمة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ ثاء مثلَّثة، ويقال: بَرِير، وقيل: مِقْسَم، واختُلِف فيه: هل هو عبدٌ _وهو الأصحُّ_ أم حرٌّ، وسأذكره بأبسطَ مِن هذا إن شاء الله تعالى.

==========

[ج 1 ص 628]

(1/4841)

[باب: إذا أسر أخو الرجل أو عمه هل يفادى إذا كان مشركًا؟]

قوله: (بَابٌ: إذا أُسِرَ أَخُو الرَّجُلِ): (أُسِرَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (أخُو): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (هل يُفَادَى): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا): تَقَدَّم أنَّ الفداء كان من أربعةِ آلافٍ إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين إلى ألفٍ، وقد روى ابن سعد عن الفضل بن دُكَين: حدَّثنا إسرائيل عن جابر، عن عامر قال: (أَسَرَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ بدر سبعين أسيرًا، وكان يفادي بهم على قدر أموالهم، وكان أهل مكَّة يكتبون، وأهل المدينة لا يكتبون، فمَن لم يكن عنده؛ قال: ادفع إليه عشرة غلمان مِن غلمان المدينة يُعلِّمهم، فإذا حذقوا [1]؛ فهو فداؤه)، وفي «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، وغيرهما: أنَّ الفداءَ كان يوم بدر أربعَ مئة، وقد تَقَدَّم مُطَوَّلًا في (المساجد)؛ فانظره، و (عَقِيل): بفتح العين، وكسر القاف، وهو ابن أبي طالب، تَقَدَّم أنَّه أسلم قُبَيل الحديبية، وشهد غزوة مؤتة مع أخيه جعفر، وكان أسنَّ مِن عليٍّ [2] بعشرين سنة، وكان نسَّابةً [3] أخباريًّا، روى عنه: ابنه مُحَمَّد، وأبو صالح السَّمَّان، وطائفةٌ، تُوُفِّيَ زمن معاوية وقد عَمِيَ، أخرج له النَّسائيُّ وابنُ ماجه رضي الله عنه، وأولاد أبي طالب أسلموا كلُّهم إلَّا طالبًا؛ فيقال: إنَّ الجنَّ اختطفته، وهم: طالب، وعَقِيل، وجعفر، وعليٌّ، وأمُّ هانئ _وقد قَدَّمتُ الاختلافَ في اسمها_ وجمانةُ، وأمُّ طالب، وقد فدى نوفلًا _ أيضًا_ ابنَ الحارث بن عبد المُطَّلب، ذكروه فيمَن فداه العبَّاس.

فائدةٌ: الذي أسرَ العبَّاسَ يوم بدر أبو اليُسر كعبُ بن عمرٍو، وقيل: أسره طارق بن عبيد (بن مسعود هو وأبو اليسر، وقيل: الذي أسره عبيد) [4] بن أوس بن [5] بني ظفر، ودليل كلِّ قول معروفٌ.

(1/4842)

[حديث: لا تدعون منه درهمًا]

2537# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا ابن أبي أُوَيس، تَقَدَّم مرارًا، وأنَّه ابن أخت مالك الإمام، وكذا تَقَدَّم (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ).

قوله: (عَنْ مُوسَى بن عُقْبَةَ [1]، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ [2]: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ): قال شيخنا الشَّارح: (قال الإسماعيليُّ: لم يسمع موسى بن عقبة مِن ابن شهاب شيئًا)، انتهى، وقد ذُكِر له في الكتب هذا الواحدُ، وهو هنا، وفي (الجهاد)، وفي (المغازي)، قال العلائيُّ صلاح الدِّين الحافظ شيخ شيوخنا: وذلك بعيد؛ لأنَّ البخاريَّ لا يكتفي بمُجرَّد إمكان اللِّقاء، ولم أرَ مَنْ ذكر موسى بن عقبة بالتَّدليس، انتهى، وقد يشير [3] لما قاله الإسماعيليُّ ما ذكره ابنُ عبد البَرِّ في «استيعابه» في ترجمة رقيَّة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في آخرها: (وليس موسى بن عقبة في ابن شهاب بحجَّة إذا خالفه غيره) انتهى، وأمَّا أنا؛ فإنِّي أستبعد أن يكون موسى بن عقبة لم يلق الزُّهريَّ أو لم يسمع منه، كيف وهو بلديُّه ومعاصره؟! وأنا أستبعد ذلك، وأستشكل قول مَن قال: إنَّه لم يسمع منه، والله أعلم، وقد رُوِّينا في «المُحدِّث الفاصل» لابن خلَّاد الرَّامهرمزيِّ [4] صرَّح في حديثٍ بالتَّحديث من الزُّهريِّ.

قوله: (أَنَّ رِجَالًا من الْأَنْصَارِ ... ) إلى قوله: (لاِبْنِ أُخْتِنَا [5] عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ): هؤلاء الرِّجالُ لا أعرفهم بأعيانهم، وإنَّما كان العبَّاس ابنَ أختهم [6]؛ لأنَّ سلمى بنت عمرو بن زيد النَّجَّاريَّة _وقد قَدَّمتُ نسبها_ تزوَّج بها هاشم بن عبد مناف، فأولدها عبد المُطَّلب؛ فبنو النَّجَّار أخوال أبيه، وأخوال أبيه أخواله، وبهذا الاعتبار: هم أخوال النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد تَقَدَّم في قوله: (فنزل على أجداده أو أخواله)، وقد ذكرت ذلك هناك؛ فانظره.

قوله: (لَا تَدَعُونَ): هو بفتح الدَّال، وهذا ظاهرٌ.

(1/4843)

[باب عتق المشرك]

(1/4844)

[حديث: أسلمت على ما سلف لك من خير.]

2538# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، و (هِشَام): هو ابن عروة، وتَقَدَّم الكلام على (حَكِيْم بْن حِزَامٍ): أنَّه بالزَّاي، وكذا تَقَدَّم على (الحِنْث)، وعلى قوله: (أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ)، والله أعلم.

[ج 1 ص 628]

(1/4845)

[باب من ملك من العرب رقيقًا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية]

(1/4846)

[حديث: إن معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه]

2539# 2540# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم أنَّه سعيد ابن أبي مريم الحكم بن مُحَمَّد، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد، أحد الأعلام، وكذا تَقَدَّم (عُقَيْل): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وكذا تَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم [1]، وكذا تَقَدَّم (مَرْوَان): أنَّه ابن الحكم الخليفة، وأنَّه تابعيٌّ، وُلِد في عهده عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يره، وأنَّ (المِسْوَر): صحابيٌّ صغيرٌ، تُوُفِّيَ عليه الصَّلاة والسَّلام وله نحو ثماني سنين، وأنَّه بكسر الميم، وإسكان السِّين، وأنَّ (مَخْرَمَة): صحابيٌّ مِن مُسْلِمة الفتح.

قوله: (حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ): تَقَدَّم أنَّ هذا (الوَفد) كان أربعةَ عشرَ رجلًا، وأنَّ رأسهم زُهيرُ بنُ صُرَد، وفيهم أبو بُرقان عمُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِن الرَّضاعة.

قوله: (فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ): تَقَدَّم أنَّ سبيَ هوازنَ كان ستَّةَ آلاف رأسٍ من النِّساء والذُّريَّة، وأنَّ الإبلَ كانت أربعةً وعشرين ألفًا، وأنَّ الشَّاءَ كانت فوقَ أربعين ألفًا، وأنَّ الفضَّة كانت أربعةَ آلافَ أوقية، والأوقية: أربعون [2].

قوله: (وَقَدْ كُنْتُ [3] اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ [4]): أي: انتظرتهم.

قوله: (فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا): تَقَدَّم أعلاه وقبله كم كان السَّبيُ مِن رأسٍ.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام على إعرابها، وعلى أوَّل مَن قالها في أوَّل هذا التَّعليق؛ فانظرْه إن أردته.

قوله: (أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ): هو بضَمِّ أوَّله، وتشديد المثنَّاة تحتُ بعد الطَّاء.

قوله: (عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ): تَقَدَّم مَن هُمُ (العُرَفاء)، وأنَّهم القُوَّامُ بأمر القوم.

قوله: (أَنَّهُمْ قَدْ [5] طَيَّبُوا وَأَذِنُوا): تَقَدَّم أنَّ الأقرع بن حابس قال: أمَّا أنا وبنو تميم؛ فلا، وأنَّ عيينة بن حصن قال: أمَّا أنا وبنو فزارة؛ فلا، وأنَّ العبَّاس بن مرداس قال: أمَّا أنا وبنو سُلَيم؛ فلا، فقالت بنو سُلَيم: ما كان لنا؛ فهو لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال العبَّاس بن مرداس: وهنتموني، وأنَّ في «النَّسائيِّ» معناه أو نحوَه، والله أعلم.

(1/4847)

قوله: (فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ): تَقَدَّم أنَّه من كلام ابن شهاب؛ هو الزُّهريُّ المذكور في السَّند.

قوله: (فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا): تَقَدَّم أنَّ الفداء كان من أربعة آلاف إلى ثلاثة إلى ألفين إلى ألف، ومَن لم يكن له شيء؛ تَقَدَّم ما كان يُفْعل به، وتَقَدَّم الكلام على (عَقِيل)، وهو ابن أبي طالب قريبًا؛ فانظره.

(1/4848)

[حديث: أن النبي أغار على بني المصطلق وهم غارون]

2541# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ): هو ابن المبارك، الزَّاهد العالم، أحد الأعلام، وشيخ خراسان، و (ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم غير مرَّةٍ أنَّه عبد الله بن عون [2] بن أرطبان البصريُّ، مولى عبد الله بن مُغفَّل المزنيِّ، أحد الأعلام، لا عبد الله بن عون ابنِ أمير مصر أبي عون عبد الملك بن يزيد الهلاليُّ، هذا ابن أمير مصر روى له مسلمٌ والنَّسائيُّ، ولم يرو له البخاريُّ شيئًا.

قوله: (كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ، فَكَتَبَ إِلَيَّ): تَقَدَّم الكلام على الرِّواية بالكتابة، وأنَّها جائزة سواء أجاز الشَّيخ معها أم لا، على الصَّحيح المشهور، و (نافع): هو أبو عبد الله، مولى ابن عمر، المدنيُّ، مشهور التَّرجمة.

قوله: (إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (إنَّ): بكسر الهمزة، ويجوز فتحها.

قوله: (أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ [3]): هو بالغين المعجمة، وتشديد الرَّاء؛ أي: غافلون، وغزوة بني المُصْطَلق هي غزوة المُرَيسِيع، وكانت في شعبان سنة ستٍّ مِن الهجرة عند ابن إسحاق، وعند موسى بن عقبة: سنة أربع، وفي شعبان سنة خمس يوم الاثنين لليلتين خلتا منه عند ابن سعد، والخندق بعدها عنده في ذي القعدة من السَّنة، وقد ساق ابن سعد خبر بني المُصْطَلق، وفيه: (فتهيَّؤوا للقتال، وصفَّ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ودفع راية المهاجرين إلى أبي بكر، وراية الأنصار إلى سعد بن عُبَادة، فترامَوا بالنُّبل ساعة، ثمَّ أمر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أصحابَه فحملوا حملة رجلٍ واحد، فما أُفلِت منهم إنسانٌ، وقُتِل عشرةٌ منهم، وأُسِر سائرُهم)، فقوله في «الصَّحيحَين»: (وهم غارُّون) يعارض ما ساقه ابنُ سعد، قال أبو الفتح اليعمريُّ في «سيرته» بعد عزوه الحديثَ الذي هنا إلى مسلم فقط _وهو فيهما و «أبي داود» و «النَّسائيِّ» _ أيضًا ما لفظه: (وقد أشار ابن سعد إلى هذه الرِّواية _يعني: التي في «الصَّحيح» _ وقال: الأوَّلُ أثبتُ) انتهى؛ يعني: ما سقته عن ابن سعد، والله أعلم.

(1/4849)

قوله: (وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ): هذه هي أمُّ المؤمنين جُويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حَبِيب الخزاعيَّة المُصْطَلقيَّة، أشهر مِن أن تُذكَر رضي الله عنها، ووالدها أسلم وصَحِب، وقد استدركه أبو عليٍّ الغسَّانيُّ وحده، وأنَّه أسلم هو وابناه وطائفة، انتهى ما ذكره الذَّهبيُّ في «تجريده»، وقال النَّوويُّ في «تهذيبه»: إنَّ في «تاريخ دمشق» _يعني: «تاريخ ابن عساكر» الحافظ_: أنَّه أسلم؛ يعني: الحارث.

تنبيهٌ: لهم آخرُ يقال له: الحارثُ

[ج 1 ص 629]

بن أبي ضرار، ويقال: ابن ضرار، أبو مالك المُصْطَلقيُّ الخزاعيُّ، روى أحمد في «المُسَند» قال: (حدَّثنا مُحَمَّد بن سابق عن عيسى بن دينار، عن أبيه: أنَّه سمع الحارث بن أبي ضرار يقول: قَدِمتُ على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ... )؛ فذكر حديثًا طويلًا، كذا ذكرهما اثنين الذَّهبيُّ في «تجريده»، والله أعلم، وفي «الاستيعاب» ما لفظه: الحارث بن ضرار الخزاعيُّ، ويقال: الحارث بن أبي ضرار المُصْطَلقيُّ، وأخشى أن يكونا اثنين، رُوِي عنه أنَّه قال: (أتيت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأسلمت) انتهى، وفي حاشيةٍ بخطِّ ابن الأمين على «الاستيعاب»: (الحارث بن أبي ضرار المُصْطَلقيُّ هو [4] الخزاعيُّ، وهو والد جُويرية بنت الحارث زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قصَّة إسلامه مذكورةٌ في السِّيرة) انتهى، علَّم عليها: (غ)، والظَّاهر: أنَّها من كلام أبي عليٍّ الغَّسَّانيِّ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[2] (بن عون): سقط من (ب).

[3] في هامش (ق): (غارون: من الغيرة التي هي الغفلة، لا من الإغارة).

[4] (هو): ليس في (ب).

(1/4850)

[حديث: خرجنا مع رسول الله في غزوة بني المصطلق فأصبنا .. ]

2542# قوله: (عَنْ مُحَمَّد بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ): هو بفتح الحاء، وتشديد الموحَّدة، مشهورٌ.

قوله: (عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ): اسمه عبد الله بن مُحَيْرِيز بن جنادة بن وهب بن لوذان بن سعد بن جُمَح، مشهورٌ، أخرج له الجماعة، وهو قرشيٌّ جُمَحيٌّ مكِّيٌّ، نزل بيت المقدس، ربَّاه أبو محذورة المُؤذِّن، فروى عنه، وعن عبادة بن الصَّامت، وعدَّة، وعنه: مكحول والزُّهريُّ، قال رجاء بن حيوة [1]: إنْ فَخر علينا أهل المدينة بعابدهم ابنِ عمر؛ فإنَّا نفخرُ بعابدِنا ابنِ مُحَيْرِيز، إن كنتُ لأعُدُّ بقاءَه أمانًا لأهل الأرض، مات قبل المئة، وثَّقه العجليُّ.

قوله: (رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ): هو سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ، تَقَدَّم مرارًا.

قوله: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ): تَقَدَّم قريبًا متى كانت هذه الغزوة؛ فانظره.

(1/4851)

[حديث: هم أشد أمتي على الدجال]

2543# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هذا هو جَرِير بن عبد الحَمِيد، الضَّبِّيُّ القاضي، تَقَدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا، وسيأتي بُعَيد هذا مُسمًّى منسوبًا [1].

قوله: (عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ): (عُمَارة)؛ بضَمِّ العين، مخفَّف الميم، ضبِّيٌّ، روى عن أبي زُرْعة بن عمرو بن جَرِير وجماعةٍ، وعنه: السُّفيانان، وابنُ فُضَيل، وخلق، له نحوُ ثلاثين حديثًا، أخرج له الجماعة، قال ابن مَعِين والنَّسائيُّ: ثقة.

قوله: (عَنْ أَبِي زُرْعَةَ): هو ابن عمرو بن جَرِير بن عبد الله البجليُّ، اسمه هَرِم، وقيل غير ذلك مما تَقَدَّم، فقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرَّحمن، وقيل: جَرِير، وقيل: عَمرٌو، روى عن جدِّه وأبي هريرة، وعنه: حفيداه؛ جَرِيرٌ ويحيى، وعُمَارة بن القَعقاع، أخرج له الجماعة، وهو من علماء التَّابعين، وثَّقه ابن مَعِين وغيره، وقد تَقَدَّم، ولكن طال العهد به.

قوله: (وَحَدَّثَنِي ابْنُ سَلَامٍ): تَقَدَّم أنَّه مُحَمَّد بن سلَام البيكنديُّ، وأنَّه بتخفيف اللَّام على الصَّحيح.

قوله: (عَنِ الْمُغِيرَةِ): هذا هو المغيرة بن مِقْسمٍ الضَّبِّيُّ مولاهم، الكوفيُّ، الفقيه الأعمى، أبو هشام، عن أبي وائل، وإبراهيم، والشَّعْبيِّ، وعنه: شعبة، وزائدة، وابن فُضَيل، روى جَرِير عنه قال: ما وقع في مسامعي شيء فنسيته، تُوُفِّيَ سنة (133 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم غير مرَّةٍ مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنِ الْحَارِثِ): هذا هو الحارث بن يزيد العُكْلِيُّ الفقيه، عن الشَّعْبيِّ وإبراهيمَ [2]، وعنه: مُغيرة بن مِقْسم، وابن شُبْرُمة، وعدَّةٌ مِن أقرانه، مات شابًّا، وثَّقه ابن مَعِين، وأخرج له البخاريُّ، ومسلم، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وفي «التَّذهيب» روى له المذكورون؛ يعني: من رَقَم عليه مِن أصحاب الكتب [3]، لكن قرنه بغيره، انتهى، فسقط مِن النُّسخة شيءٌ، والظَّاهر أنَّه: (البخاريُّ)؛ لأنَّه هنا مقرونٌ بعُمَارة _هو ابن القَعْقَاع_ الآتي في الطَّريق بعده، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ في الطِّريق المذكور قبله، والذي ذكره هنا نوعُ قرنٍ، والقرن الظَّاهر أن يقول: أخبرنا عُمَارة بن القَعْقَاع والحارث، ولو عمل هذا؛ لظهر القرن [4] لكلِّ أحد مِن أهل الصَّنعة، والذي عمله نوعُ قرنٍ، والله أعلم، وقد تَقَدَّم له نظائرُ.

(1/4852)

قوله: (وَعَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): أي: بالسَّند المُتقدِّم، فهو مُسنَد رواه عن ابن سلَام _هو مُحَمَّد، كما تَقَدَّم_ أخبرنا جَرِير بن عبد الحميد، عن عُمَارة به، وإيَّاك أن تجعله تعليقًا، إنَّما هو مسندٌ موصول، والله أعلم.

قوله: (هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا): اعلم أنَّ [5] بني تميم يَلقَون [6] رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في مدركة بن إلياس بن مضر، وكان لهم شرفٌ في الجاهليَّة والإسلام، قاله شيخنا، انتهى، والذي في «صحاح الجوهريِّ»: وتميمٌ: قبيلة، وهو تميم بن مُرِّ بن أدِّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، فعلى ما قاله الجوهريُّ: يلتقون معه عليه الصَّلاة والسَّلام في إلياس، لا في مدركة إنَّما يلتقونه في والده إلياس، لا فيه، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ): هي بتشديد الياء لا مهموزة؛ وهي ما غُلِب عليها مِن بنات المشركين واستُرِقَّت، وهذه السَّبيَّة لا أعرفها، وقد ذكر ابن شيخِنا البلقينيِّ قال: جاء في رواية أنَّ هذا العتق كان عن نذر، وعزاه إلى الطَّبرانيِّ في «الأوسط»، وذكر سنده، ثمَّ قال: وأخرج أيضًا ... ، فساق سندًا إلى ذؤيب: أنَّ عائشة رضي الله عنها قالت: (إنِّي نذرت عتقًا من ولد إسماعيل قصدًا، فقال لها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «حتَّى يجيء فيءُ بني العنبر غدًا»، فجاء فيء بني العنبر، فقال لها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «خذي منهم أربعةَ غِلمة» ... ) إلى أن قال: قال عطاء بن خالد: (فأَخذَتْ جدِّي رُديحًا، وأَخذَتْ ابنَ عمِّي سَمُرةَ، وأَخذَتْ ابن عمِّي زُخَيًّا، وأَخذَتْ خالي زُبَيبًا)، ثمَّ ذكر أنَّ ابن الأثير ذكر رُديحًا في الرَّاء، وزُخَيًّا في الزَّاي، وزُبَيبًا في الزَّاي والباء الموحَّدة، قال: ولم أر تعيين السَّبيَّة، انتهى، وذكر بعض الحُفَّاظ [7] المُتأخِّرين ممَّن عاصرته واجتمعت به مرارًا أنَّ هذه السَّبيَّة أمُّ سَمُرة، انتهى، ولم يعزُه لأحد، ولم أرَ أمَّ سَمُرة هذه في الصَّحابة، ورأيت في «تجريد الذَّهبيِّ»: (أمُّ سَمُرة بنت جندب _كذا [8] فيه، وفي «الأُسْد»: ابنُ جندب_ مات عنها زوجُها، فترك ابنه سَمُرة، وكانت جَمِيلة) انتهى، وفي «الأُسْد» ذكر لها قصَّة، قال: وقد ذكرها ابن منده وأبو نعيم، والظَّاهر أنَّها ليستِ التي ذكرها بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين، والله أعلم.

(1/4853)

قوله: (فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم الكلام أعلاه على نسبتهم [9] إلى إسماعيل.

(1/4854)

[باب فضل من أدب جاريته وعلمها]

(1/4855)

[حديث: من كانت له جارية فعالها فأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها]

2544# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): الظَّاهر أنَّه ابنُ راهويه الإمامُ، أحد الأعلام، ومستندي في ذلك أنِّي رأيت الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» وكذا الذَّهبيَّ في «التَّذهيب» ذكرا في ترجمة مُحَمَّد بن فُضَيل: أنَّه روى عنه إسحاق ابن راهويه، والله أعلم، ولم يذكرا في ترجمته (إسحاق) غيره.

قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد قريبًا وبعيدًا، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (مُطَرِّف): أنَّه بضَمِّ الميم، وفتح الطاء المهملة، وتشديد الرَّاء مكسورةً، ابن طريف، الكوفيُّ، أبو بكر، عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، والشَّعبيِّ، وحَبِيب بن أبي ثابت، وجماعة، وعنه: السُّفيانان، وجَرِيرُ بن عبد الحميد، وابنُ فُضَيل، وخلقٌ كثيرٌ، وثَّقه أحمد، وأبو حاتم، وغيرهما، مات سنة (143 هـ)، وقيل غير ذلك، أخرج له الجماعة، ولكن بَعُدَ العهد به، فلهذا ذكرته، وكذا تَقَدَّم (الشَّعْبِي): أنَّه عامر بن شَراحيل، وأنَّه بفتح الشين، وكذا تَقَدَّم (أَبُو بُرْدَةَ) [2]: أنَّ اسمه الحارث أو عامر بن أبي موسى الأشعريُّ عبد الله بن قيس.

(1/4856)

[باب قول النبي: العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون]

قوله: (فَأَطْعِمُوهُمْ): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ.

(1/4857)

[حديث: إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم]

2545# قوله: (سَمِعْتُ الْمَعْرُورَ بْن سُوَيْدٍ): هو بفتح الميم، وإسكان العين المهملة، وراءين، بينهما واوٌ، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ): تَقَدَّم الاختلافُ في اسمه، والأصحُّ: جندب بن جنادة، من السَّابقين، أسلم هو وأبوه وأمُّه وأخوه أُنَيسٌ، وقد ذكرت بعض ترجمته، وسيأتي أيضًا، والله أعلم.

[ج 1 ص 630]

قوله: (وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ): تَقَدَّم ما (الحُلَّة).

قوله: (وَعَلَى غُلَامِهِ): تَقَدَّم أنَّ غلامه لا أعرف اسمه.

قوله: (سَابَبْتُ رَجُلًا): تَقَدَّم أنَّ المسابَبَ هو بلالٌ المُؤذِّن في أوَّل هذا التَّعليق.

قوله: (أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ): تَقَدَّم أنَّه قال له: يا بن السَّوداء، وأمُّه كانت أَمةً وهي حمامة رضي الله عنها صحابيَّة، وقد تَقَدَّم أنَّ الأفصحَ تعديتُه بنفسه في قوله: (بأمِّه).

قوله: (خَوَلُكُمْ): هو بفتح الخاء المعجمة والواو؛ أي: خدمكم، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَأَعِينُوهُمْ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

(1/4858)

[باب العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده]

(1/4859)

[حديث: أيما رجل كانت له جارية فأدبها فأحسن تأديبها]

2547# قوله: (حدَّثنا مُحَمَّد بن كَثِيرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة.

قوله: (أَخْبَرنا سُفْيَانُ): هذا هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، تَقَدَّم.

قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هذا هو صالح بن صالح بن حيٍّ الهمْدانيُّ، عن الشَّعْبِيِّ وابن الأقمر، وعنه: ابناه؛ عليٌّ والحسن، وغيرهما، ثَبْتٌ، وهو الذي يقال له: صالح ابن حيٍّ، وصالح ابن حَيَّان، قال أحمد: ثقة ثقة، وكذا وثَّقه أبو داود والنَّسائيُّ، وقال أحمد العجليُّ: ثقة، وقال في موضعٍ آخرَ: ليس بالقويِّ، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وتَقَدَّم (الشَّعْبِي): أنَّه عامر بن شَراحيل، وأنَّه بفتح الشين المعجمة، وتَقَدَّم قريبًا (أَبُو بُرْدَةَ): أنَّه الحارث أو عامر، وقبله تَقَدَّم بعض ترجمته، وكذا تَقَدَّم (أَبُو مُوسَى): أنَّه عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ.

==========

[ج 1 ص 631]

(1/4860)

[حديث: للعبد المملوك الصالح أجران]

2548# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّد): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشين المعجمة، وتَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن المبارك، العالم الرَّبانيُّ المشهور، وتَقَدَّم (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وتَقَدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وتَقَدَّم (سَعِيد بْن المسيّب): أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ غير والده لا يقال فيه إلَّا بفتح الياء، وتَقَدَّم مرارًا أنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ... ) إلى آخره: هذا مُدرَج في الحديث مِن قول أبي هريرة، وإدراجه ظاهر؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يقول ذلك، وقد بيَّن [1] ذلك الخطيب البغداديُّ في كتاب «المُدرَجَات»، وفي «صحيح مسلم» بيَّن الإدراج، فقال: (والذي نفس أبي هريرة بيده ... ) إلى آخره، وقال شيخنا: (إنَّه من كلام أبي هريرة، وعزا ذلك إلى الدَّاوديِّ، انتهى، وكونه مُدرَجًا ما أظنُّ أنَّه يخفى على أحدٍ مِن أهل العلم، لا يُتوقَّف في أنَّه مُدرَجٌ، والله أعلم، وكلام الخطَّابيِّ يدلُّ على أنَّه مَرْفوعٌ، فإنَّه قال: ولله أن يمتحن أنبياءه وأصفياءه بالرِّقِّ، كما امتَحن يوسفَ عليه السَّلام [2])، انتهى، وأمُّ أبي هريرة في «صحيح مسلم» أنَّها أسلمت، وهي معدودة في الصَّحابيَّات، واسمها أميمةُ بنت صبيح بن الحارث بن دوس، وقيل: اسمها ميمونة، والله أعلم.

(1/4861)

[حديث: نعم ما لأحدهم يحسن عبادة ربه وينصح لسيده]

2549# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا تَقَدَّم (الأَعْمَش): أنَّه سليمان بن مِهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، وتَقَدَّم (أَبُو صَالِحٍ): أنَّه ذكوانُ السَّمَّان الزَّيَّات، وتَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) أعلاه وقبله مرارًا.

==========

[ج 1 ص 631]

(1/4862)

[باب كراهية التطاول على الرقيق وقوله: عبدي أو أمتي]

(1/4863)

[حديث: إذا نصح العبد سيده وأحسن عبادة ربه كان له أجره مرتين]

2550# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (عُبَيْد اللهِ): أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.

==========

[ج 1 ص 631]

(1/4864)

[حديث: المملوك الذي يحسن عبادة ربه]

2551# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (بُرَيْد): أنَّه بموحَّدة مضمومة، وكذا تَقَدَّم (أَبُو بُرْدَةَ): أنَّه عامر _أو الحارث_ ابن أبي موسى عبدِ الله بن قيس الأشعريُّ.

==========

[ج 1 ص 631]

(1/4865)

[حديث: لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضئ ربك، اسق ربك]

2552# قوله: (حدَّثنا مُحَمَّد: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): قال الجَيَّانيُّ في «تقييده» وقد ذكر هذا الموضع وموضعًا آخر مثله في (الفتن): (قال أبو عبد [الله] الحاكمُ: «مُحَمَّد عن عبد الرَّزَّاق»: [هو الذُّهليُّ، وأمَّا ابن السَّكن؛ فنسب الذي في «العتق» _وهو هذا المكان_: مُحَمَّد بن سلَام، ونسبة الحاكم أشبهُ، وأهمل الذي في «الفتن»، ولم يقل أبو نصر في «مُحَمَّد عن عبد الرَّزَّاق»] [1] شيئًا)، انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه، بل قال: (مُحَمَّد) فقط.

قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّه ابن راشد، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَطْعِمْ): هو بفتح الهمزة، وكسر العين، رُباعيٌّ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (رَبَّكَ): أي: سيِّدك، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

(1/4866)

[حديث: من أعتق نصيبًا له من العبد فكان له من المال ما يبلغ قيمته]

2553# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عَارمٌ، وتَقَدَّم ما (العَارم)؛ وهو الشِّرِّير، ويقال: الشَّرس، وأنَّه بعيد من العَرامة، وتَقَدَّم (جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ): أنَّه بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، وأنَّ حَازمًا بالحاء المهملة، وبالزَّاي، وهذا ظاهرٌ معروفٌ.

قوله: (قُوِّمَ [1] عَلَيْهِ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، مُشدَّد الواو.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (يُقَوَّم).

[ج 1 ص 631]

(1/4867)

[حديث: كلكم راع فمسئول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع]

2554# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مرارًا أنَّه يحيى بن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وكذا تَقَدَّم (عُبَيْد اللهِ): أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب العُمريُّ.

==========

[ج 1 ص 631]

(1/4868)

[حديث: إذا زنت الأمة فاجلدوها ثم إذا زنت فاجلدوها]

2555# 2556# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، أحد الأعلام، تَقَدَّم، وتَقَدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (عُبَيْدُ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة [1] بن مسعود أبو عبدٍ الهذليُّ.

==========

[1] في (ب): (عتيبة)، ولعلَّه تحريفٌ.

[ج 1 ص 631]

(1/4869)

[باب: إذا أتاه خادمه بطعامه]

(1/4870)

[حديث: إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه]

2557# قوله: (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ): (الخادم): مَرْفوعٌ فاعل، و (أحدَكم): مَنْصوبٌ مفعول، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (أَوْ أُكْلَةً أو أُكْلَتَيْنِ): (الأُكلة) هي بالضَّمِّ: اللُّقمة، و (الأُكلتان): اللُّقمتان، والرَّاوي شكَّ؛ هل قال عليه الصَّلاة والسَّلام: (لُقمةً أو لُقمتَين)، أو (أُكْلَةً أو أُكْلَتَيْن).

[ج 1 ص 631]

قوله: (عِلَاجَهُ): هو بكسر العين، وتخفيف اللَّام، وبعد الألف جيمٌ، ثمَّ هاء الضَّمير، وهو عمله وتعبه.

(1/4871)

[باب: العبد راع في مال سيده]

(1/4872)

[حديث: كلكم راع ومسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته]

2558# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، و (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

==========

[ج 1 ص 632]

(1/4873)

[باب: إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه]

(1/4874)

[حديث: إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه]

2559# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عُبَيْدِ اللهِ): (هذا هو مُحَمَّد بن عبيد الله) [1] بن مُحَمَّد بن زيد الأَمويُّ، مولى عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه، أبو ثابت المدنيُّ، عن مالك، وابن وهب، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز بن أبي حَازم، وطائفة، وعنه: البخاريُّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعبَّاس بن الفضل الإسفاطيُّ، وإسماعيل القاضي، وآخرون، قال أبو حاتم: صدوق، أخرج له البخاريُّ، والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة [2]».

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (وَأَخْبَرَنِي ابْنُ فُلَانٍ): قائل ذلك هو عبد الله بن وهب، وقد روى هذا الحديث عن مالك، و (ابن فلان): هو ابن سمعان، وهو عبد الله بن زياد بن سمعان، وكذا قال شيخنا، ولفظه: (وقوله فيه: «وأخبرني ابن فلان»: قائل ذلك هو ابن وهب؛ وهو ابن سمعان)، انتهى، وعبد الله بن زياد بن سمعان المدنيُّ الفقيه هذا تركوه، يُكْنَى أبا عبد الرَّحمن مولى أمِّ سلمة، قال البخاريُّ: سكتوا عنه، وقال ابن مَعِين: ليس بثقة، وقال مرَّةً: ضعيف، وقال مرَّةً: ليس حديثه بشيء، وقال أحمد: سمعت إبراهيم بن سعد يحلف أنَّ ابن سمعان يكذب، وقال الجَوْزَجَانيُّ: ذاهب الحديث، وروى ابن القاسم عن مالك: كذَّابٌ، وفيه من المقال غيرُ ما ذكرتُ، روى هذا الرَّجلُ ابنُ سمعان عن مجاهد، ومُحَمَّد بن كعب القرظيُّ، ونافع، وسعيد المقبريُّ، والأعرج، والزُّهريُّ، وجماعة، وعنه: رَوح بن القاسم مع تقدُّمه وثقته، والوليدُ بن مسلم، وابنُ وهب، قال ابن عديٍّ: أروى النَّاس عنه ابنُ وهب، انتهى، وروى عنه طائفةٌ آخرون؛ آخرُهم: عليُّ بن الجَعْد، أخرج له ابن ماجه، وأبو داود في «المراسيل»، وله ترجمة في «الميزان» وفي غيره؛ فانظرْها إن شئت، وقد راجعت كلام المِزِّيِّ في «الأطراف»؛ فرأيته قال ما لفظه: (حديث: «خ» [3]: «إذا قاتل أحدكم؛ فليجتنبِ الوجهَ»، البخاريُّ في «العتق» عن مُحَمَّد بن عبيد الله، عن ابن وهب، عن مالك وابن فلان؛ كلاهما عن سعيد المقبريِّ به، ابن فلان هذا [4]: قيل: إنَّه عبد الله بن زياد بن سمعان أحد الضُّعفاء)، انتهى.

(1/4875)

قوله: (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هو المُسنديُّ [5]، وقد تقدَّمت ترجمة المُسنديِّ في أوَّل هذا التَّعليق، ولِمَ قيل له: المُسنديُّ، و (مَعْمَر): تَقَدَّم أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّه ابن راشد، وتَقَدَّم بعض ترجمته، و (هَمَّام): تَقَدَّم أنَّه ابن مُنبِّه بن كامل اليمانيُّ الأبناويُّ.

تنبيهٌ: في بعض أصولنا قبل [6] (باب المُكاتَب ونجومِه، في كلِّ سنة نجمٌ): (باب إثم مَن قذف مملوكه)، ولم يذكر فيه حديثًا، فعلى تقدير ثبوته من غير حديث؛ يكون في الباب حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت أبا القاسم صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «مَن قذف مملوكه وهو بريء ممَّا قال؛ جُلِد يوم القيامة إلَّا أن يكون كما قال»، وهذا الحديث عند البخاريِّ في (المحاربين) في (باب قذف العبيد)، وهو في «مسلم»، و «أبي داود»، و «التِّرمذيِّ»، و «النَّسائيِّ»، وكأنَّه لم يذكره في الباب الموجود في بعض أصولنا على تقدير ثبوته؛ لشهرته، ولأنَّه ليس في الباب إلَّا هو، وقد ذكره فيما سيأتي، وهو بالمكان الثاني أشبه في الإخراج، والله أعلم.

(1/4876)

((50)) [كتاب المكاتب]

قوله: (بَابُ الْمُكَاتَبِ): اعلم أنَّ الكتابة كانت معروفةً قبل مجيء الإسلام، فلمَّا جاء الإسلام؛ أقرَّها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعَمِلَت بها الأُمَّة، واختُلِف في أوَّل مَن كُوتِب في الإسلام؛ فقيل: سلمان، وقيل: أبو مُؤمَّل، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «أعينوا أبا مُؤمَّل»، فأُعِين فقضَى كتابته، وفضلت عنده [1]، فاستفتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: «أنفقها في سبيل الله»، كذا نقلته مِن كلام شيخنا فيما قرأته عليه مُلخَّصًا [2]، ولا أعلم أنا في الصَّحابة مُؤمَّلًا ولا أبا مُؤمَّل، والله أعلم.

تنبيهٌ: تَقَدَّم أعلاه أوَّل مُكاتَب، وأمَّا أوَّل مُكاتَبة في الإسلام؛ فبريريَّة فيما ظهر لي، والله أعلم.

قوله: (وَنُجُومهِ [3] فِي كُلِّ سَنَةٍ نَجْمٌ): (النَّجْم): بفتح النون، وإسكان الجيم، وهو في الأصل: الوقت، ويقال: كانت العرب لا تعرف الحساب، ويبنون أمورهم على طلوع النَّجْم والمنازل، فيقول أحدهم: إذا طلع نَجْم الثُّريا؛ أَدَّيتُ حقَّك، فسُمِّيت الأوقاتُ نجومًا، ثمَّ [4] سُمِّي المؤدَّى في الوقت نَجْمًا، والله أعلم، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَقَالَ رَوْحٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ): أمَّا (رَوح)؛ فهو ابن عبادة، تقدَّمت ترجمته، وقد أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وأمَّا (ابن جُرَيج)؛ فهو أحد الأعلام عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، تَقَدَّم بعض ترجمته، وأنَّه كان يرى المتعة، وتزوَّج ستِّين زوجةً بها، والله أعلم، وأمَّا (عطاء)؛ فهو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تَقَدَّم بعض ترجمته.

قوله: (مَا أُرَاهُ إِلَّا وَاجِبًا): (أُرَاهُ)؛ بضَمِّ الهمزة [5]: أظنُّه، ويجوز فتحُها، وهما نسختان في أصلنا؛ الأولى: في الأصل، والثَّانية: في الهامش.

قوله: (أَتَأْثُرُهُ [6]): أي: أتنقُلُه وتحكيه؟

قوله: (أَنَّ مُوسَى بْنَ أَنَسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ سِيرِينَ ... ) إلى أن قال: (فَانْطَلَقَ [إِلَى] عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): (موسى) هذا: هو موسى بن أنس بن مالك الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ الخادم، قاضي البصرة، يروي عن أبيه، وابن عبَّاس، وغيرهما، وعنه: عطاء بن أبي رَباح وهو أكبر منه، وحُمَيد، وابن عون، وطائفة، وثَّقه [7] ابن سعد، وهو قليل الحديث، قديم الموت، أخرج له الجماعة، قال المِزِّيُّ: عن عمر ولم يدركه، انتهى.

(1/4877)

قوله: (أَنَّ سِيرِينَ سَأَلَ أَنَسًا الْمُكَاتَبَةَ): (سيرين) هذا: هو والد مُحَمَّد بن سيرين وإخوتِه، وهو من سَبي عين التَّمر، كنيته أبو عمر، روى عنه: ابناه؛ مُحَمَّدٌ وأنسٌ، ذكره ابن حِبَّان في «الثِّقات»، والله أعلم.

[ج 1 ص 632]

(1/4878)

[معلق الليث: اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق]

2560# قوله: (وَقَالَ [1] اللَّيْثُ ... ) إلى آخره: هذا هو اللَّيث بن سعد، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ، وهذا تعليق، وقد أخرجه مسلم، لكن من طريق ابن وهب عن يونس، وأخرجه النَّسائيُّ بإسناد عن ابن وهب به ببعضه.

قوله: (إِنَّ بَرِيرَةَ): تَقَدَّم بعض ترجمتها رضي الله عنها، وقوله: (وَعَلَيْهَا خَمْسَةُ أَوَاقٍ): تَقَدَّم الكلام على (الأوقية): أنَّها أربعون درهمًا، وكذا تَقَدَّم الكلام على (نُجِّمَتْ)؛ أي: قُسِّطت.

قوله: (وَعَلَيْهَا خَمْسُ [2] أَوَاقٍ [3]): قال الإسماعيليُّ: الأخبار مُصرِّحة بأنَّها كوتبت على تسع أواقٍ، فإن كان وقع في [4] الأواقي غلط في الكتابة؛ فهي في العدد، خلاف الأخبار الصَّحيحة، وقال: (على خمسة أنجم)، إنَّما هو في خبر هشام: تسع أواقٍ في كلِّ سنة أوقيةٌ.

قوله: (وَنَفِسَتْ فِيهَا): هو بكسر الفاء، من النَّفاسة؛ وهي الرَّغبة في الشَّيء.

قوله: (فَأُعْتِقَكِ، فَيَكُونَ): هما منصوبان، الثَّاني بالعطف، و (إِلَّا): جواب على جواب الاستفهام، وهو بكسر كاف (فأعتقَكِ)، وكذا كاف (وَلَاؤُكِ) [5]؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (شَرْطُ اللهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ): قيل: المراد بـ (شرط الله): قوله تعالى: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]، وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وقال القاضي عياض رحمه الله: وعندي أنَّه قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «الولاء لمَن أعتق»، وقد [6] تَقَدَّم.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (قال).

[2] كذا في (أ) و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (خمسة).

[3] كذا في النُّسختين، وفي (ق) وهامش «اليونينيَّة»: (أواقي) من رواية أبي ذرٍّ.

[4] (في): سقط من (ب).

[5] في (ب): (الأول)، وهو تحريفٌ.

[6] (قد): ليس في (ب).

[ج 1 ص 633]

(1/4879)

[باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطًا ليس في كتاب الله]

(1/4880)

[حديث: ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟!]

2561# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه اللَّيث بن سعد، أحد الأعلام، وأنَّ (ابْن شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (إِلَى أَهْلِكِ)، وكذا (عَنْكِ)، و (كِتَابَتَكِ)، و (وَلاؤُكِ) [1]، وكذا (عَلَيْكِ)؛ كلُّه بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (إِلَى أَهْلِكِ): تَقَدَّم الكلام على أهل بريرة مَن هم.

(1/4881)

[حديث ابن عمر: لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق]

2562# قوله: (لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكِ): هما [1] بكسر الكاف؛ لأنَّهما خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَسُؤَالِهِ النَّاسَ): (النَّاس): مَنْصوبٌ مفعولُ المصدر، وهو (سؤال).

==========

[1] في (ب): (هو).

[ج 1 ص 633]

(1/4882)

[باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس]

(1/4883)

[حديث: أما بعد فما بال رجال منكم يشترطون شروطًا ليست .. ]

2563# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم أنَّه حمَّاد بن أسامة غير مرَّةٍ.

قوله: (وَأُعْتِقَكِ): هو بالنَّصب، ونصبُه معروف.

قوله: (وَيَكُونَ): بالنَّصب، ويجوز رفعه.

قوله: (وَلَاؤُكِ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وكذا قوله: (قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكِ عَلَيْهِمْ).

==========

[ج 1 ص 633]

(1/4884)

[باب بيع المكاتب إذا رضي]

(1/4885)

[حديث: اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق]

2564# قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّم بعض ترجمته.

(1/4886)

[باب: إذا قال المكاتب اشترني وأعتقني فاشتراه لذلك]

(1/4887)

[حديث: اشتريها وأعتقيها ودعيهم يشترطون ما شاؤوا]

2565# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ.

قوله: (لِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ): هو عتبة بن أبي لهب عبد العُزَّى بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشميُّ، أسلم عتبة يوم الفتح هو وأخوه مُعتِّب، ولم يهاجرا من مكَّة، صحابيٌّ معروف، وأبوه المذكور [1] في القرآن، وشهد عتبة ومُعتِّب حُنينًا، وثبتا فيه، وأخوهما عتيبة _ المُصغَّر_ قتله الأسد بالزَّرقاء من أرض الشَّام بدعوة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وبعضهم يجعل عتبة _ المكبَّر_ عقيرَ [2] الأسد، والمُصغَّر الصَّحابيُّ، والمشهور الأوَّل.

قوله: (مِنِ ابْنِ أَبِي عَمْرٍو، فَأَعْتَقَنِي ابْنُ أَبِي عَمْرٍو): وفي نسخة: (وإنَّهم باعوني من عبد الله بن أبي عَمرو المخزوميِّ، فأعتقني ابن أبي عَمرو)، أمَّا (ابن أبي عمرو)؛ فهو عبد الله بن أبي عَمرو ابن عمر [3] بن عبد الله بن مخزوم، قاله بعض الحُفَّاظ العصريِّين.

قوله: (وَاشْتَرَطَ بَنُو عُتْبَةَ): أمَّا (بنو عتبة)؛ فهم: العبَّاس، وهاشم، وغيرهما، قاله بعض الحُفَّاظ المصريِّين.

قوله: (لَا حَاجَةَ لِي بِذَلِكِ): هو بكسر الكاف، خطابٌ لمؤنَّث.

(1/4888)

((51)) (كِتَابُ الهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا) ... إلى (كِتَاب الشَّهَادَاتِ)

(1/4889)

[حديث: يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها]

2566# قوله: (حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ): قال الدِّمياطيُّ: عاصم بن عليِّ بن عاصم بن صهيب، أبو الحُسين مولى قُريبة بنت مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق، مات سنة (221 هـ) انتهى، عاصم هذا له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه.

تنبيهٌ: قال ابن عُليَّة: كلُّ مَن اسمه عاصم في حفظه شيء، ذكر ذلك الذَّهبيُّ في ترجمة عاصم بن سليمان الأحول، وقد قَدَّمتُ ذلك مُطَوَّلًا، وذكرت نحوه عن غير ابن عُليَّة.

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): قال الدِّمياطيُّ: وأمَّا (ابن أبي ذئب)؛ فاسمه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب _واسمه هشام_ ابن شعبة، مات سنة (159 هـ) انتهى.

قوله: (عَنِ الْمَقْبُرِيِّ): تَقَدَّم أنَّه سعيد بن أبي سعيد كيسانَ المقبريُّ، تَقَدَّم، ولماذا نُسِب، و (المقبُريُّ)؛ بضَمِّ الباء، وفتحها، وكسرها، وأبوه أبو سعيد كيسانَ، تَقَدَّم.

قوله: (عَنْ أَبِيْهِ [1]): كذا في أصلنا، وعليها علامة راويها، وفي رواية: إسقاط (أبيه)، ولم يذكر المِزِّيُّ هذا الحديث إلَّا في ترجمة سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، ولم يذكره في مسند سعيد عن أبي هريرة؛ فاعلمه.

قوله: (يَا نِسَاء الْمُسْلِمَاتِ): قال القاضي عياض: بنصب (النِّساء)، وخفض (المسلماتِ) على معنى: يا فاضلات النِّساء المسلمات، أو يا نساء الجماعات المسلمات، أو يا نساء النُّفوس المسلمات، وكلُّه بمعنًى، ويصحُّ على إضافة الشَّيء إلى نفسه على مذهب الكوفيِّين، ورُوِي أيضًا برفع (النِّساء) و (المسلماتُ)؛ أي: يا أيُّها النِّساء المسلمات، ويجوز رفع (النِّساء)، وكسر (المسلمات)، وكسره علامة النَّصب على النَّعت على الموضع، انتهى.

قوله: (وَلَوْ فِرْسِنَ [2] شَاةٍ): (الفِرْسِن): بكسر الفاء، وإسكان الرَّاء، ثمَّ سين مهملة مكسورة، ثمَّ نون، قال الجوهريُّ في موضعين مِن «صحاحه» في (السِّين) وفي [3] (النُّون): («الفِرْسِن» _بالنُّون_ للبعير كالحافر للدَّابة، وربَّما [4] قيل: فِرْسِن شاة على الاستعارة، وهو «فِعْلَن»، قال أبو بكر بن السَّرَّاج:

[ج 1 ص 633]

النُّون زائدةٌ؛ لأنَّه مِن «فرست»)، وفي (النُّون) نحو هذا بمعناه، وفي أصلنا على سين (فِرْسن) فتحة وتحتها كسرة، ومكتوب على السين (معًا)؛ فليُحرَّر.

==========

(1/4890)

[1] كذا في النُّسختين و (ق) وعليها علامة الزيادة وعلامة راويَيْها، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، و (عن أبيه): ليس في رواية «اليونينيَّة».

[2] في هامش (ق): (المعروف في ضبط (فِرْسِن): كسر الفاء، وإسكان الراء، وكسر السين لا غير؛ فتحرر الضبط الذي في الأصل).

[3] (في): سقط من (ب).

[4] في (أ): (وبما)، وفي (ب): (وكما)، وكلاهما تحريفٌ، والمثبت من مصدره.

(1/4891)

[حديث: إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين]

2567# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ): هو عبد العزيز بن أبي حَازم، و (أبو حَازم)؛ بالحاء المهملة، والزَّاي: سلمة بن دينار، وأبو حَازم الأعرج، من الأعلام، تقدَّما.

قوله: (ابْنَ أُخْتِي): (ابن): مَنْصوبٌ منادى مضافٌ محذوف حرف النِّداء، وهو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر، وأمُّه أختها لأبيها، أمُّ عائشة أمُّ رُومان دعدٌ، ويقال: زينب صحابيَّة مشهورة، وأمُّ أسماء قتيلةُ أو قَتْلة [1] كافرةٌ، ويقال: أسلمت، والله أعلم، تَقَدَّم ذلك، وقال بعضهم: (أَبْنَ)؛ بفتح الهمزة، والنَّصب على حذف حرف النِّداء، انتهى، وكذا قاله في: (أَبْنَ عبد المُطَّلب)، وهذا ما قرأتُه به قطُّ، ولا سمعتُه إلَّا في كلام بعضهم، ولا شكَّ أنَّه جائز، لكن ما قرأته ولا سمعته مِن غيره، والله أعلم، وحرف النِّداء المراد به: الهمزة؛ لأنَّه قريب، والله أعلم.

قوله: (إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ): (إنْ): مخفَّفة من الثقيلة [2]، وضميرها مستترٌ، ولهذا دخلت اللَّام في [3] الخبر.

قوله: (ثَلَاثَة أَهِلَّةٍ): هو مَنْصوبٌ في أصلنا بالقلم، ونصبه بفعل محذوف؛ أي: أعني أو نحوها، والمعروف الجرُّ، والاثنان جائزان.

قوله: (فَمَا [4] كَانَ يُعِيشُكُمْ): هو بإسكان الياء، وضمِّ أوَّله، كذا في «الصِّحاح»: (أعاشه الله)، وقال النَّوويُّ: (يعيِّشكم)؛ بالتَّشديد.

(1/4892)

قوله: (إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ): قال بعض الحُفَّاظ العصريِّين: (جيران رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من الأنصار: سعد بن عبادة، وعبد الله بن عَمرو بن حرام، وأبو أيُّوب خالد بن زيد، وسعد بن زُرارة)، انتهى، [قول هذا الحافظ في جيرانه: (سعد بن زرارة) انتهى، لعلَّه أسعد، فسقطت الألف، والله أعلم، وذلك سعد بن زرارة كان يُرمَى بنفاق؛ فيُحرَّر مَن هو منهما جارُه، قال القاضي عياض في سعد بن زرارة: (لم يعدَّه كثيرون في الصَّحابة؛ لأنَّه ذُكِر في المنافقين) انتهى، وقال ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب» ما لفظه: (سعد بن زرارة جدُّ عمرة بنت عبد الرَّحمن، قيل: هو أخو أسعد بن زرارة أبي أمامة، فإن كان كذلك؛ فهو سعد بن زرارة، وذكر نسبه، ثمَّ قال: وفيه نظر، وأخشى ألَّا يكون أدرك الإسلام، فإنَّ أكثرهم لم يذكره)، انتهى، وفي حاشية «الاستيعاب» بخطِّ ابن الأمين تجاه ذلك لفظها: (أدرك الإسلام، وامتنع أكثرهم مِنْ ذِكْرِهِ؛ لما ذكرَه الواقديُّ: أنَّ زيد بن ثابت ذكر قومًا من المنافقين في غزوة تبوك، فقال: وفي بني النَّجَّار مَن لا بارك اللهُ فيه، فقيل: مَن هو يا أبا سعيد؟ فقال: سعد بن زرارة وقيس بن قهد)، انتهت الحاشية، وقد ذكر الحافظ أبو الفرج ابن الجوزيِّ المنافقين، فذكر فيهم: سعد بن زرارة في كتابه «التَّلقيح»، والله أعلم] [5].

قوله: (كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ): (المنائح): جمع (منيحة)، واعلم أنَّ المنيحة والمنحة على وجهين؛ أحدهما: عطيَّة بَتْلَة، والآخر: يختصُّ بذوات اللَّبن وبأرض الزِّراعة؛ يمنحه النَّاقةَ أو الشَّاةَ أو البقرةَ، فينتفع بلبنها ووبرها وصوفها مدَّةً، ثمَّ يصرفها، أو يعطيه أرضه يزرعها لنفسه، ثمَّ يصرفها عليه، وأصله كلُّه: العطيَّة، إمَّا الأصل، وإمَّا المنافع.

قوله: (يَمْنَحونَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح النُّون وكسرها.

(1/4893)

[باب القليل من الهبة]

(1/4894)

[حديث: لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت]

2568# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة [1]، وكذا تَقَدَّم (ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (سُلَيْمَان): أنَّه ابن مِهران الأعمش، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، وكذا (أَبُو حَازِمٍ): سلمة بن دينار، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

قوله: (أَوْ كرَاعٍ): هو بضَمِّ الكاف، وتخفيف الرَّاء، وفي آخره عينٌ مهملةٌ؛ وهو في حدِّ الرُّسغ، وهو من البقر والغنم بمنزلة الوظيف من الفرس والبعير؛ أي: وهو خفُّه؛ وهو مُستدقُّ السَّاق، يُذكَّر ويُؤنَّث، وقيل: إنَّ الكُرَاع: اسم مكان، وذكره الغزاليُّ في «الإحياء» بلفظ: (كُرَاع الغَميم)؛ وهو من مفرداته فيما أظنُّ، وفي «التِّرمذيِّ» ما يردُّه، وهو: «لو أُهدِيَ إليَّ كُرَاعٌ؛ لقبلتُ، ولو دُعيتُ عليه؛ لَأَجَبْتُ»، وصحَّحه، و (الذِّرَاع) معروف، وكان عليه الصَّلاة والسَّلام يحبُّه، ولهذا سُمَّ فيه صلَّى الله عليه وسلَّم.

==========

[1] زيد في النُّسختين: (المشددة)، وهو تكرارٌ.

[ج 1 ص 634]

(1/4895)

[باب من استوهب من أصحابه شيئًا]

قوله: (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ): هو أبو سعيد الخدريُّ سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه.

(1/4896)

[حديث: مري عبدك فليعمل لنا أعواد المنبر]

2569# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن مُحَمَّد، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (أَبُو غَسَّانَ): لا يُصرَف ويُصرَف، واسمه مُحَمَّد بن مُطَرِّف، وكذا تَقَدَّم (أَبُو حَازِمٍ): أنَّه سلمة بن دينار، وتَقَدَّم أنَّ (سَهْلًا): هو ابن سعد.

قوله: (إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ): كذا في أصلنا، وعليه ضبَّةٌ، وفي الهامش: (صوابه: من الأنصار) انتهى، والصَّواب أنَّها من الأنصار، وهي مِن بني ساعدة، وقد تَقَدَّم أنَّه وقع تسميتها بـ (عُلَاثة)، وهو تصحيف مِن (فلانة)، وقد تَقَدَّم أن جاء تسميتها عائشة الأنصاريَّة، وأنَّ في الأنصار عوائشَ، قال شيخنا الشَّارح: قال ابن التِّين: أكثر الرِّوايات أنَّها من الأنصار، ولعلَّها كانت هاجرت، وهي مع ذلك أيضًا أنصاريَّةُ الأصل أو تكون وَهَلًا، انتهى، ولهم جماعةٌ من الأنصار هم مهاجرون ذكرتهم في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس» في (العقبة الثَّانية)، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَ لَهَا غُلَامٌ نَجَّارٌ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم الاختلاف في اسم الذي نجر المنبر في أوائل هذا التَّعليق، وأنَّه صُنِع في السَّنة الثَّامنة من الهجرة، ويقال: السَّابعة، وعلى القول بأنَّه نجره تميم الدَّاريُّ؛ فيكون نجره في التَّاسعة؛ لأنَّه أسلم فيها، ويحتمل أنَّه نجره وهو على دِينه، وتَقَدَّم كم كان مِن درجةٍ، وطولُه وعرضُه وغير ذلك؛ فانظرْه إن أردتَه.

قوله: (مِنَ الطَّرْفَاءِ): تَقَدَّم الكلام على (الطَّرفاء) ما هي.

(1/4897)

[حديث: كنت يومًا جالسًا مع رجال من أصحاب النبي في منزل .. ]

2570# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ): هذا هو ابن أبي كَثِير مُحَمَّد بن جعفر الأنصاريُّ الزُّرقيُّ مولاهم، المدنيُّ، عن زيد بن أسلم وطبقتِه، وعنه: سعيد بن أبي مريم، والأويسيُّ، وطائفةٌ، ثقة، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن مَعِين، وقال ابن المَدينيِّ: معروف، وقال النَّسائيُّ: صالح.

قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سلمة بن دينار، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّم الكلام على (أبي قتادة) الأنصاريِّ، و (السَّلَميُّ): بفتح السِّين واللَّام، ويجوز كسر اللَّام على لغةٍ، وقال ابن الصَّلاح: إنَّه [2] لَحْنٌ، وأبو قتادة: الحارث بن ربعيٍّ، وقيل: النُّعمان، وقيل: عمرو، فارسُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، تَقَدَّم.

قوله: (وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ): تَقَدَّم لِمَ تخلَّف عن الإحرام في (الحجِّ)؛ فانظره.

قوله: (إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ): فرس أبي قتادة يقال له: الجرادة، وقد تَقَدَّم.

[قوله: (فَعَقَرْتُهُ): أي: أصبت مقاتله] [3].

قوله: (فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ ... ): الضمير في (فأدركنْا) [4]: فاعلٌ، وهو بإسكان النُّون، و (رسولَ): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهرٌ.

[ج 1 ص 634]

قوله: (حَتَّى نَفَّدَهَا [5]): قال ابن قُرقُول: (كذا الرِّواية في «كتاب الهبات» في «البخاريِّ»: بتشديد الدَّال المهملة، ومعناه ... ) كذا في «المطالع»، وإنَّما صوابه أن يقال: بتشديد الفاء، وبالدَّال المهملة، قال: (ومعناه: أتمَّها وفرغَ منها، وعند بعضهم: «أنفذها»، وفي «كتاب الأطعمة»: «حتى تعرَّقها [6]») انتهى، وفي بعض النُّسخ: (حتى نَفِدَها)؛ بفتح النون، وكسر الفاء، وفتح الدال المهملة، وفيها نظر؛ لأنَّ (نفد) لازمٌ، اللَّهمَّ إلَّا إن تضمَّنَ (نفد) فعلًا متعدِّيًا.

قوله: (فَحَدَّثَنِي بِهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ): قال الدِّمياطيُّ: (القائل: «وحدَّثني به» هو مُحَمَّد بن جعفر)، انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ في «أطرافه» في رواية عطاء بن يَسار عن أبي قتادة، ولفظه: (قال ابن جعفر: وحدَّثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسار، عن أبي قتادة) انتهى، وقد قَدَّمتُ قريبًا أنَّ مُحَمَّد بن جعفر: هو ابن أبي كَثِير.

==========

(1/4898)

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنِي).

[2] زيد في (ب): (لغة).

[3] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[4] في (أ): (أركنا)، وهو تحريفٌ.

[5] في هامش (ق): (قال القاضي عياض: كذا الروايات في (الهبات) في «البخاريّ»؛ ومعناه: أتمها، وعند بعضهم: حتى أنفَدها، انتهى.×قال اليونينيُّ: رأيت في نسخة صحيحة مقروءة على أبي العبَّاس أحمد بن الحطيئة برواية لأبي ذر: حتى نَفِدَها؛ بفتح النون، وكسر الفاء، وفتح الدال المهملة؛ فليعلم، نَفِذَ: لازم، اللَّهمَّ إلا أن يُعمل حتى تصحَّ الرواية، والله أعلم).

[6] في (ب): (تعرفها)، وهو تصحيفٌ.

(1/4899)

[باب من استسقى]

(1/4900)

[حديث: الأيمنون الأيمنون ألا فيمنوا]

2571# قوله: (حَدَّثَنِي أَبُو طوَالَةَ): (أبو طوالة): اسمه عبد الله بن عبد الرَّحمن بن مَعْمَر، أبو طوالة _بضَمِّ الطَّاء المهملة وفتحها كذا رأيته بخطِّي، والذي أحفظه الآن الضَّمُّ في الطَّاء_ النَّجَّاريُّ؛ بالجيم، قاضي المدينة، عن أنس وابنِ المسيّب، وعنه: مالك، ووَرقاء، والدَّراورديُّ، وابن أبي فُدَيك، وثَّقه أحمد وجماعةٌ، وقال ابن سعد: ثقةٌ كثيرٌ الحديث، تُوُفِّيَ في آخر سلطان بني أميَّة، قال مالك: كان يسرد الصَّوم، أخرج له الجماعة.

قوله: (وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ): تَقَدَّم أنَّ هذا الأعرابيَّ لا أعرفه.

قوله: (ثُمَّ شُبْتُهُ): بضَمِّ الشين المعجمة؛ أي: خلطتُه، وفي أصلنا: بكسر الشِّين وضمِّها بالقلم، وعليها: (معًا)، وأمَّا أنا؛ فلا أعرف إلَّا الضَّمَّ، وينبغي أن يُحرَّر [1] الكسرُ.

==========

[1] في (ب): (يجوز).

[ج 1 ص 635]

(1/4901)

[باب قبول هدية الصيد]

قوله: (مِنْ أَبِي قَتَادَةَ): تَقَدَّم قريبًا أنَّه الحارث بن رَبْعيٍّ، وقيل في اسمه غير ذلك ممَّا تَقَدَّم.

==========

[ج 1 ص 635]

(1/4902)

[حديث: أنفجنا أرنبًا بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا فأدركتها .. ]

2572# قوله: (أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا): هو بالنُّون الساكنة، ثمَّ فاء مفتوحة، ثمَّ جيم ساكنة؛ أي: أثرناها وأقمناها، فنفجت هي؛ أي: وثبت.

قوله: (بِمَرِّ الظَّهْرَانِ): هو بفتح الميم، وتشديد الراء، و (الظَّهْران): بفتح الظَّاء المعجمة المُشالَة، وإسكان الهاء، قال ابن قُرقُول: (على بريد من مكَّة، وقال ابن وضَّاح: على أحد وعشرين مِيلًا، وقيل: على ستَّةَ عشرَ مِيلًا)، ويقال: (مَرِّ ظهرانَ)، ويقال: (الظَّهْرانُ)؛ من غير إضافة إلى (مَرِّ)، قال شيخنا: (هو الذي تسمِّيه العامَّةُ: بطن مرو)، انتهى، وقال النَّوويُّ في «تهذيبه» بعد أن ضبط (مَرَّ) و (الظَّهْران): قال: فـ «مَرُّ»: قرية ذات نخل وثمار وزروع ومياه، و «الظَّهْران»: اسم للوادي [1]، هكذا نقله الحازميُّ، قال الواقديُّ: بين مكَّة ومَرٍّ خمسةُ أميال، ثمَّ ذكر كلام «المطالع»، ثمَّ قال النَّوويُّ: قلت: مَن قال: خمسة أو أربعة أو نحوهما؛ فهو غلط وإنكار للحسِّ، بل الصَّواب: أحدُ القولين الآخرَين [2].

قوله: (فَلَغبُوا [3]): هو بفتح الغين وكسرها، الفتح أشهر، وأنكر بعضُهم الكسرَ؛ ومعناه: أعيَوا.

(1/4903)

[حديث: أما إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم]

2573# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو إسماعيل بن أبي أويس عبد الله، وهو ابن أخت مالك بن أنس [1] الإمامِ أحدِ الأعلام، وكذا تَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَة): تَقَدَّم أنَّ (الصَّعْب)؛ بفتح الصَّاد المهملة، وإسكان العين مثلها، ثمَّ مُوحَّدة، وأنَّ (جَثَّامَة)؛ بفتح الجيم، وتشديد الثَّاء المثلَّثة، وبعد الألف ميمٌ [2] مفتوحةٌ، ثمَّ تاء التأنيث، تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (حِمَارًا وَحْشِيًّا): تَقَدَّم الكلام هل أهدى رجله وهي تقطر دمًا أو حيًّا، وما قيل في ذلك، في (الحجِّ)؛ فانظره.

قوله: (وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ): تَقَدَّم ضبطهما وأين هما، وتقدَّمت الرِّواياتُ الواقعةُ في ذلك.

قوله: (لَمْ يرُدّه [3]): تَقَدَّم أنَّ (يرُدُّه)؛ بالضَّمِّ والفتحِ، وأنَّ الضَّمَّ منقولٌ عن سيبويه.

==========

[1] (بن أنس): ليس في (ب).

[2] في (ب): (جيم)، وهو تحريفٌ.

[3] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نَرُدّهُ).

[ج 1 ص 635]

(1/4904)

[باب قبول الهدية]

(1/4905)

[حديث: أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بها بذلك]

2574# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ): هو بإسكان الموحَّدة، وهو ابن سليمان، وقد قَدَّمتُ مَن يقال فيه: عَبَدة؛ بفتح الموحَّدة، وأنَّه ليس في «البخاريِّ» و «مسلم» بالتَّحريك إلَّا اسمان؛ الأوَّل: عامر بن عَبَدة البجليُّ الكوفيُّ، روى له مسلم في مقدِّمة «الصَّحيح» عن ابن مسعود قوله: (إنَّ الشَّيطان ليتمثَّل ... )؛ الأثر، كذا ذكره بالفتح عليُّ ابن المَدينيِّ، وابن مَعِين، وغيرُهم، والثَّاني: بَجَالة [1] بن عَبَدة التَّميميُّ، ثمَّ العنبريُّ البصريُّ، روى له البخاريُّ في (كتاب الجزية)، قال: (كنت كاتبًا لجزء [2] بن معاوية، فجاءنا كتاب عمر قبل موته بسنة [3] ... )؛ الحديث، وقد قُيِّد كلٌّ منهما بالسُّكون.

تنبيهٌ: أمَّا عامر بن عَبْدة الذي روى عنه أبو أسامة؛ فهو بإسكان الباء، ليس له روايةٌ في الكتب الثَّلاثة؛ «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «المُوَطَّأ»، ولا في بقيَّة الكتب، وغلط في ذلك الذَّهبيُّ في «المشتبه» أنَّه يشتبه [4] بعامر بن عَبْدة الباهليِّ، إنَّما الباهليُّ عامر بن عَبيدة؛ بزيادة ياء، وقد تَقَدَّم كلُّ ذلك، والله أعلم، وأنَّ الذَّهبيَّ ذكره على الصَّواب في عَبيدة [5].

قوله: (مَرْضَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هو بفتح التَّاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا إلَّا أنَّه قد يشتبه على المبتدئين في العربيَّة فيجعله؛ كـ (مسلمات)، وإنَّما مرضاةٌ مصدرٌ، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (بجالد)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (لحر)، وهو تصحيفٌ.

[3] في (ب): (نسبه)، وهو تصحيفٌ.

[4] في (ب): (نسبته)، وهو تصحيفٌ.

[5] (في عَبيدة): سقط من (ب).

[ج 1 ص 635]

(1/4906)

[حديث: أهدت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي أقطًا وسمنًا وأضبًا]

2575# قوله: (أُمُّ حُفَيْدٍ): هي خالة [1] ابن عبَّاس وخالد بن الوليد، وهي بضَمِّ الحاء المهملة، وفتح الفاء، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ دال مهملة، واسمها هرملةُ بنت الحارث بن حزن الهلاليَّة، من أخوات ميمونة أمِّ المؤمنين، صحابيَّةٌ.

تنبيهٌ: ما وقع هنا هو الصَّواب، ووقع في «مسلم» في روايةٍ: (حُفَيْدَة)، وفي أخرى: (أمُّ حُفَيْد) على الصَّواب، وفي بعض النُّسخ: (أمُّ حُفَيْدَة)، والأشهر الصَّواب [2]: (أمُّ حُفَيْد)؛ بلا هاء، والله أعلم.

قوله: (أَقِطًا): تَقَدَّم بما فيه من اللُّغات في (زكاة الفطر).

قوله: (وَأَضُبًّا): جمعٌ، واحده: الضَّبُّ، وهو معروف، ولا يشرب الماء [3]، اختُلِف في أكله، والسُّنَّةُ جوَّزتْ أكلَه، وجمعه: أضُبٌّ، وضبابٌ، وضُبَّانُ، ومَضَبَّة [4]؛ وهي [5] بهاء.

[ج 1 ص 635]

(1/4907)

[حديث: كان رسول الله إذا أتي بطعام سأل عنه أهدية أم صدقة؟]

2576# قوله: (حَدَّثَنَا مَعْنٌ): هذا هو مَعْن بن عيسى المدنيُّ القزَّاز، أبو يحيى، أحد الأئمَّة، عن ابن أبي ذئب، ومالك، ومعاوية بن صالح، وعنه: ابن المَدينيِّ، وابن مَعِين، ومُحَمَّد بن رافع، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، تُوُفِّيَ في شوَّال سنة (198 هـ)، أخرج له الجماعة، قال ابن سعد: كان ثقةً ثَبْتًا مأمونًا كثيرَ الحديث.

قوله: (إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ؛ سَأَلَ عَنْهُ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (أَهَدِيَّة أَمْ صَدَقَة؟): يجوز فيهما رفعُهما مُنوَّنَين، ونصبُهما كذلك، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 1 ص 636]

(1/4908)

[حديث: اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق.]

2578# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ [1]): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح المُوحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّ لقبَه بُنْدارٌ، وتَقَدَّم ما معنى بُنْدارٌ، وكذا تَقَدَّم (غُنْدرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المعجمة، وإسكان النُّون، والدَّال بعدها مضمومةٌ ومفتوحةٌ، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم أنَّه قال ذلك له ابنُ جُرَيج، ومعنى (غُنْدُر): المشغِّب بلغة أهل الحجاز.

قوله: (بَرِيرَةَ): تَقَدَّم الكلام عليها ومولاة مَنْ كانت.

قوله: (وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ): (أُهدِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (لحمٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّنٌ [2] نائبٌ مناب الفاعل، وهذا اللَّحمُ كان لحم بقرٍ كما وقع في «مسلم»، ووقع في «البخاريِّ»: أنَّه أُهدِي لها شاةٌ، فلعلَّ ذلك كانا في بُرْمَةٍ واحدةٍ، أو أنَّ القصَّة تعدَّدت، وفيه بُعْد.

قوله: (قَالَ عَبْدُ الرَّحمن: زَوْجُهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ؟ ... ) إلى آخره: (عبد الرَّحمن) هذا: هو ابن القاسم المذكور في السَّند، وقد تَقَدَّم أنَّ زوجها اسمُه مُغِيث، وقيل: برير، وقيل: مِقْسَم، وأنَّ الصَّحيح: أنَّه كان عَبْدًا.

==========

[1] كذا في النُّسختين؛ جاء حديث (2578) مُتقدِّمًا على حديث (2577)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» بالعكس، وحديث (2577): ليس في (ق).

[2] (منون): ليس في (ب).

[ج 1 ص 636]

(1/4909)

[حديث: هو لها صدقة ولنا هدية]

2577# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم أعلاه، وكذا (غُنْدرٌ).

قوله: (أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ قائم مقام الفاعل، وقد تَقَدَّم أنَّه لحمُ بقرٍ كما في «مسلم»، وتَقَدَّم غير ذلك أعلاه.

(1/4910)

[حديث: إنها قد بلغت محلها.]

2579# قوله: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّها نُسَيبة _بضَمِّ النُّون، وفتح السِّين على الصَّحيح_ بنت كعب الأنصاريَّة، صحابيَّةٌ جليلةٌ، تَقَدَّم بعض ترجمتها.

قوله: (مَحِلَّهَا): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء.

(1/4911)

[باب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه دون بعض]

(1/4912)

[حديث: كان الناس يتحرون بهداياهم يومي]

2580# قوله: (وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم [1] غيرَ مرَّةٍ أنَّها هند بنت أبي أميَّة حذيفةَ، المخزوميَّةُ، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، والكلام في وفاتها، وأنَّها آخرهنَّ وفاةً [2]، تُوُفِّيَت في خلافة يزيدَ بعد مقتل الحُسين، وتَقَدَّم ما قاله الواقديُّ في وفاتها وردُّه رضي الله عنها.

قوله: (إِنَّ صَوَاحِبِي): تعني: بقيَّة أزواجه عليه الصَّلاة والسَّلام، وهنَّ ثمانٍ مشهوراتٌ ذكرتهنَّ فيما مضى في أوائل هذا التَّعليق.

==========

[1] في (ب): (تقدمت).

[2] في (ب): (موتًا).

[ج 1 ص 636]

(1/4913)

[حديث: يا بنية ألا تحبين ما أحب]

2581# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم أنَّ (إسماعيل) هذا: هو ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمامِ، وتَقَدَّم أنَّ (أَخَاهُ): عبد الحَمِيد بن أبي أُوَيس، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وما قيل فيه، وهو مردود، والله أعلم، وكذا تَقَدَّم (سُلَيْمَان): أنَّه ابن بلال.

قوله: (يَنْشُدْنَكَ): هو بفتح أوَّله، وضمِّ ثالثه؛ ومعناه: يسألْنَك اللهَ وباللهِ، وقيل: معناه: يُذكِّرْنَكَ بالله، وقيل: يسألنَ اللهَ برفع أصواتهنَّ، والنَّشيد: الصَّوت، انتهى، والذي يغلب على ظنِّي أنَّ أزواجه لم يُرِدْنَ تذكيره بالله، بل أردْنَ أحدَ المعنيَين المُتقدَّمَين غيرَه، والله أعلم.

قوله: (حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... ): (إنَّ): بكسر همزتها، وتشديد النُّون، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (هَلْ تَكَلَّمُ): هو بفتح أوَّله، وتشديد اللَّام، مَرْفوعٌ، فعلٌ مضارعٌ، محذوف إحدى التَّاءين.

قوله: (الْكَلَامُ الأَخِيرُ قصَّةُ [1] فَاطِمَةَ): (قصَّة): مَرْفوعٌ؛ لأنَّه بدل مِن (الكلام)، وهو [2] مَرْفوعٌ.

قوله: (عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ): هذا الرَّجل لا أعرفه بعينِه.

قوله: (وَقَالَ أَبُو مَرْوَانَ): قال الدِّمياطيُّ: (أبو مروان: يحيى بن أبي زكريَّا الغسَّانيُّ) انتهى، وكذا قال المِزِّيُّ في «أطرافه»، وهو يحيى بن أبي زكريَّا الغسَّانيُّ الواسطيُّ، يروي عن هشام ويونس بن عبيد، وعنه: مُحَمَّد بن حرب النَّشائيُّ وأيُّوب الوزَّان، ضعَّفه أبو داود، مات سنة (188 هـ)، انفرد البخاريُّ بالإخراج له [3]، له ترجمة في «الميزان»، وتعليقه هذا لم يخرِّجْه أحد من أصحاب الكتب السِّتَّة؛ فاعلمه.

(1/4914)

قوله: (وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ): هذان الرَّجلان لا أعرفهما، وما رأيت أحدًا عرفهما، وسيأتي بقيَّة إيضاح في ذلك، وقائل: (وعن هشام): هو يحيى بن أبي زكريَّا الغسَّانيُّ، وما ذكره هنا عن هشام أبي عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام [4] عن عائشة أخرجه مسلمٌ في (الفضائل) عن مُحَمَّد بن عبد الله بن مهزاد، عن عبد الله بن عثمان، عن ابن المبارك، عن يونس، عن الزُّهريِّ، عن عبد الرَّحمن بن الحارث بن [5] هشام به، وأخرجه النَّسائيُّ في (عِشْرَة النِّساء)، ولمَّا طرَّف المِزِّيُّ حديثَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة الذي قال فيه: (البخاريُّ مُعلَّقًا: وقال أبو مروان ... )؛ فعزاه إلى مسلم والنَّسائيِّ، فذكر طرقه، ثمَّ قال المِزِّيُّ في آخره: (والصَّواب حديث الزُّهريِّ عن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة فيما قاله الذَّهبيُّ والدَّراقطنيُّ)، انتهى.

والحاصل: أنَّ مسلمًا رواه من طريق صالح بن كيسانَ ويونسَ؛ كلاهما عن الزُّهريِّ، والنَّسائيُّ رواه من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومَعْمَر، وإسحاق بن يحيى الكلبيِّ، وابن عيينة، وزياد بن سعد؛ كلُّهم عن الزُّهريِّ، وليس فيها كلِّها: (هشامُ بن عروة) في الطَّريق، والله أعلم.

==========

[1] في هامش (ق): (من الكلام الأخير).

[2] في (ب): (لأنَّه).

[3] (له): سقط من (ب)، وزيد في (أ): (البخاريُّ)، وهو تكرارٌ.

[4] (بن هشام): سقط من (ب).

[5] في (ب): (عن)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 636]

(1/4915)

[باب ما لا يرد من الهدية]

(1/4916)

[حديث: زعم أنس أن النبي كان لا يرد الطيب]

2582# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الميمَين، وإسكان العين بينهما، وأنَّه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج المنقريُّ، الحافظ المُقعَد، تَقَدَّم [1] بعض المرار مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ الْوَارِثِ): أنَّه ابن سعيد بن ذكوانَ التَّيميُّ مولاهم، التَّنُّوريُّ، أبو عُبيدة الحافظ، وكذا تَقَدَّم (عَزْرَةُ [2] الأَنْصَارِيُّ): أنَّه بفتح العين، وإسكان الزَّاي، ثمَّ راء مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، ابن ثابت.

==========

[1] زيد في (ب): (وكذا تَقَدَّم).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (ابْنُ ثَابِتٍ).

[ج 1 ص 636]

(1/4917)

[باب من رأى الهبة الغائبة جائزةً]

(1/4918)

[حديث: أما بعد فإن إخوانكم جاؤونا تائبين وإني رأيت أن أرد]

2583# 2584# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه سعيد بن [1] أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، وتقدَّمت ترجمته بعيدًا، وتَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام الجواد، وكذا تَقَدَّم (عُقَيْلٌ): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وتَقَدَّم (المِسْوَر) [2]: أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين المهملة، وأنَّه صحابيٌّ صغيرٌ، وتَقَدَّم (مَرْوَان): أنَّه تابعيٌّ، وهو ابن الحكم الخليفةُ.

قوله: (أَخْبَرَاهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): حديث مروان مُرسَلٌ، وحديث المِسْوَر مُتَّصِلٌ.

[ج 1 ص 636]

قوله: (حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ): تَقَدَّم مرَّتين أو أكثر أنَّهم كانوا أربعةَ عشرَ نفرًا، وفيهم أبو بُرقان عمُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِن الرَّضاعة، ورأس الوَفد: زُهير بن صُرد.

قوله: (أَمَّا بَعْدُ): تَقَدَّم الكلام على إعرابها، والخلاف في أوَّل مَن نطق بها.

قوله: (أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّ السَّبيَ كان ستَّةَ آلاف رأسٍ مِن النِّساء والذُّرِّيَّة.

==========

[1] زيد في (أ): (بن)، وهو تكرارٌ.

[2] في (ب): (مسور).

(1/4919)

[باب المكافأة في الهبة]

قوله: (بَابُ المُكَافَأَةِ): هي بهمزة مفتوحة قبل التَّاء.

(1/4920)

[حديث: كان رسول الله يقبل الهدية ويثيب عليها]

2585# قوله: (لَمْ يَذْكُرْ مُحَاضِرٌ وَوَكِيعٌ [1] عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ): قال الدِّمياطيُّ: (قال البزَّارُ: لا نعلم أحدًا رواه عن هشام عن أبيه عن عائشة إلَّا عيسى بن يونس [2]؛ يعني: ذِكْرُ عائشة في الإسناد تفرَّد به عيسى، فقد وافق البخاريَّ البَزَّارُ)، انتهى، وقال التِّرمذيُّ بعد إخراجه من طريق عيسى بن يونس به: (حسنٌ صحيحٌ غريبٌ لا نعرفه مرفوعًا إلَّا من حديث عيسى) انتهى، أمَّا (مُحَاضِرٌ)؛ فهو ابن المُوَرِّع [3]، و (مُحَاضِرٌ): هو بضَمِّ الميم، وتخفيف الحاء المهملة، وبعد الألف ضادٌ معجمةٌ مكسورةٌ، ثمَّ راء، وأمَّا (المُوَرِّع)؛ فهو بضَمِّ الميم، وواو مفتوحة، ثمَّ راء مُشدَّدةٍ مكسورةٍ، ثمَّ عينٍ مهملةٍ، كوفيٌّ، يروي عن الأعمش وعاصم الأحول، وعنه: أحمد والذُّهليُّ، صدوق مُغفَّل، تُوُفِّيَ سنة (206 هـ)، علَّق له البخاريُّ، وروى [عنه] مسلمٌ حديثًا واحدًا، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وله ترجمة في «الميزان»، وقد تَقَدَّم أيضًا، وأمَّا (وكيعٌ)؛ فهو ابن الجرَّاح، تَقَدَّم، وهو أحد الأعلام، مشهور جدًّا.

(1/4921)

[باب الهبة للولد]

قوله: (بَابُ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ ... ) إلى آخر التَّرجمة: قال ابن المُنَيِّر بعد أن سرد ما ذكره البخاريُّ بغير إسناد، ثمَّ قال: (وقد ذكر البخاريُّ في «كتاب الشَّهادات»، وقال فيه: «لا أشهد على جور»، جميع ما في التَّرجمة [1] يُظهِر استخراجه مِن حديث النُّعمان إلَّا قوله: «وما يأكل من مال ولده بالمعروف، ولا يتعدَّى»، ووجه مناسبة هذه الزِّيادة للحديث: أنَّ الاعتصار انتزاعٌ من ملك الولد بعد تحقُّقه، فهو كأكله من مالِه بالمعروف، فإنَّه انتزاعٌ، وكأنَّه حقَّق معنى الاعتصار من الحديث، ويُمكَّن الأبُ منه بالوِفاق على أنَّ له أن يأكلَ مِن ماله، [فإذا انتزَعَ ما يأكله مِن ماله] [2] الأصليِّ ولم يتقدَّم له فيه ملك؛ فلَأَنْ ينتزعَ ما وهبه لحقِّه السَّابقِ فيه أَوْلى، انتهى، و (الاعتصارُ) في كلامه: يقال: اعتصَر مالَه؛ إذا استخرجه مِن يده، وفي الحديث: «يعتصر الوالدُ على ولده في ماله»؛ أي: يمنعه إيَّاه، ويحبسه عنه.

قوله: (وَلَا يُشْهَدُ [3]): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الهاء، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (اعْدِلُوا): هو بهمزة وصلٍ، فإذا ابتدأتَ بها؛ كسرتَها، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

==========

[1] زيد في (ب): (يشهد).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[3] في (ب): (يشهده)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 637]

(1/4922)

[حديث: أكل ولدك نحلت مثله]

2586# قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، أحد الأعلام.

قوله: (وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (إِنِّي نَحَلْتُ): هو بالحاء المهملة المفتوحة، و (النَّحل): العطيَّة بلا عوضٍ.

قوله: (غُلَامًا): (الغلام) الذي نَحله بَشِيرٌ لابنه النُّعمانِ لا أعرف اسمه.

قوله: (فَارْجِعْهُ): هو بهمزة وصل، أمرٌ، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 1 ص 637]

(1/4923)

[باب الإشهاد في الهبة]

(1/4924)

[حديث: أعطيت سائر ولدك مثل هذا]

2587# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الوضَّاح بن عبد الله، وكذا تَقَدَّم (حُصَيْن): أنَّه بضَمِّ الحاء وفتح الصَّاد المهملتين، وهو ابن عبد الرَّحمن السُّلَميُّ، أبو الهذيل، الكوفيُّ، وكذا تَقَدَّم (عَامِر): أنَّه ابن شَراحيل الشَّعبيُّ.

قوله: (فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ): هو بفتح العين، بنت رَواحة، وهي أخت عبد الله بن رَواحة الصَّحابيِّ، زوجُ بَشِيرِ بن سعد الأنصاريِّ، وأمُّ النُّعمانِ بنِ بَشِير، لمَّا ولدتِ النُّعمانَ؛ حملته إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فدعا بتمرةٍ فمضغها [1]، ثمَّ ألقاها في فِيه فحنَّكه بها، فقالت: يا رسول الله؛ ادع الله أن يكثر مالَهُ وولدَهُ، فقال: «أَمَا ترضَين أن يعيش كما عاش خالُه حَمَيدًا، وقُتِلَ شَهيدًا، ودَخل الجنَّة»، من حديثها عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: «وجب الخروج على كلِّ ذات نطاقٍ»، روى لها أبو داود الطَّيالسيُّ.

(1/4925)

[باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها]

قوله: (وقَالَ [1] إِبْرَاهِيمُ: جَائِزَةٌ): هو إبراهيم بن يزيد النَّخعيُّ، تَقَدَّم.

قوله [2]: (وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ): تَقَدَّم أنَّهنَّ تسعٌ مشهوراتٌ، وقد قَدَّمتُ أسماءَهنَّ رضي الله عنهنَّ.

قوله: (فِي قَيْئِهِ): هو بهمزة بعد الياء السَّاكنة.

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العَلَم المشهور، شيخ الحجاز.

قوله: (إِنْ كَانَ خَلَبَهَا): هو بخاء معجمة مفتوحة، ثمَّ لام مفتوحة، ثمَّ موحَّدة كذلك؛ أي: خدعها، ومنه: «لا خلابةَ»؛ أي: لا [3] خديعةَ.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال)؛ بغير واوٍ.

[2] (تَقَدَّم قوله): ليس في (ب).

[3] (لا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 637]

(1/4926)

[حديث: لما ثقل النبي فاشتد وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي]

2588# قوله: (حَدَّثَنَا [1] هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف، أبو عبد الرَّحمن، قاضي صنعاء، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، ومرارًا بغيرها.

قوله: (عَنْ مَعْمَرٍ): تَقَدَّم أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وأنَّه ابن راشد، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِي) أعلاه وقبله مرارًا، وكذا تَقَدَّم (عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): أنَّه ابن عتبة بن مسعود الفقيهُ.

قوله: (وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ): تَقَدَّم الكلام على (الرَّجل الآخر)، وأنَّه عليٌّ، وتَقَدَّم ذكر الذين أخذوا بيده أوائلَ هذا التَّعليق؛ فانظره.

قوله: (قَالَ [2] عُبَيْدُ اللهِ: فَذَكَرْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الفقيهُ.

[ج 1 ص 637]

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (فقال).

(1/4927)

[حديث: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه]

2589# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو الفراهيديُّ، وأنَّه منسوبٌ إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النِّسبة إلى فُرهود: فُرهوديٌّ وفراهيديٌّ، وأنَّه حافظ، وتَقَدَّم بعض ترجمته، وكذا تَقَدَّم (وُهَيْبٌ): أنَّه ابن خالد الباهليُّ مولاهم [1]، الكرابيسيُّ الحافظ، وتَقَدَّم (ابْنُ طَاوُوسٍ): أنَّه عبد الله.

قوله: (يَقِيءُ): هو بفتح أوَّله، ثلاثيٌّ، مهموز الآخر، وهذا ظاهرٌ، وكذا (فِي قَيْئِهِ)؛ بالهمز.

==========

[1] (مولاهم): سقط من (ب).

[ج 1 ص 638]

(1/4928)

[باب هبة المرأة لغير زوجها]

(1/4929)

[حديث: تصدقي ولا توعي فيوعى عليك]

2590# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، وكذا تَقَدَّم (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، الإمامُ، أحد الأعلام، وكذا تَقَدَّم (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): أنَّه عبد الله بن عُبيد الله بن أبي مُلَيكة زُهيرٍ، وزُهيرٌ صحابيٌّ، التَّيميُّ، مُؤذِّنُ ابنِ الزُّبيرِ وقاضيه.

قوله: (عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): هو عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبير بن العَوَّام، يروي عن عائشة، وزيد بن ثابت، وعدَّةٍ، وعنه: ابنه يحيى، وابن عمِّه هشامُ بن عروة، وعدَّةُ، وكان كبيرَ القدر، وُلِّي قضاء أبيه، أخرج له الجماعة، وثَّقه النَّسائيُّ [1]، وقال الزُّبير بن بكَّار من جملة كلامٍ فيه ثناءٌ عليه: وكان أصدقَ النَّاس لهجةً [2].

قوله: (عَنْ أَسْمَاءَ): هي بنت أبي بكر، تَقَدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد ابنها عبد الله بن الزُّبير بيسيرٍ، وكانت عَمِيت رضي الله عنها، وقد تَقَدَّم أنَّ ابنَها عبدَ الله بن الزُّبير قُتِل سنةَ (73 هـ) في جُمادى الأُولى، ويقال: الآخرة.

قوله: (وَلَا تُوعِي [3]): أي: لا تَشُحِّي، وتجمعي، وتمنعي، ولا تُنفِقيه؛ فيشحَّ عليك؛ أي: يجازيك بالتَّقتير في رزقك، أو يخلف لك ولا يبارك.

==========

[1] زيد في (ب): (وغيره).

[2] في (ب): (بهجة)، وهو تحريفٌ.

[3] في هامش (ق): (أي: لا تمسكي، وأصله: الوضع في الوعاء).

[ج 1 ص 638]

(1/4930)

[حديث: أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك]

2591# قوله: (عَنْ فَاطِمَةَ): هي بنت المنذر، زوجُ هشام بن عروة، وهي أسنُّ منه، تقدَّمت، وكذا جدَّتُها (أَسْمَاء) رضي الله عنها.

قوله: (أَنْفِقِي): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ.

قوله: (وَلَا تُحْصِي؛ فَيُحْصِيَ اللهُ عَلَيْكِ): (الإحصاء): المعرفة قدرًا، أو وزنًا، أو عددًا، و (فيحصيَ الله): مَنْصوبٌ، جواب النَّهي، وكذا (فَيُوعِيَ اللهُ عَلَيْكِ).

==========

[ج 1 ص 638]

(1/4931)

[حديث: أما إنك لو أعطيتيها أخوالك كان أعظم لأجرك]

2592# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): هو بضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، معروفٌ، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (اللَّيْث): أنَّه ابن سعد، وكذا (يَزِيد): أنَّه ابن أبي حَبِيب الأزديُّ، عالم مصرَ، وكان حبشيًّا، من العلماء الحكماء الأتقياء، تَقَدَّم، وكذا (بُكَير): هو ابن عبد الله بن [1] الأشجِّ.

قوله: (أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ): تَقَدَّم أنَّها أمُّ المؤمنين ميمونةُ بنت الحارث الهلاليَّة، وأنَّها تُوُفِّيَت بسرف سنة (51 هـ) رضي الله عنها.

قوله: (أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً): (الوَليدة [2]): الجارية الصَّبيَّة [3]، ولا أعرف اسم هذه الوَليدة.

قوله: (أَشَعَرْتَ؟): أي: أعلمتَ؟ ومنه: الشَّاعر.

قوله: (أَوَفَعَلْتِ؟): هو بفتح الواو على الاستفهام، وقد تَقَدَّم أنَّ الواو تُفتَحُ في أماكن؛ منها: إذا كانت استفهامًا.

قوله: (أَمَا إِنَّكِ): (أَمَا): بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، و (إنَّكِ): بكسر همزتها، وذلك لأنَّ (أَمَا)؛ بمعنى (أَلَا) التي للاستفتاح، وإذا كان [4] كذلك؛ كانت (إِنَّ) بعدها مكسورة؛ لأنَّها ابتدائيَّةٌ.

قوله: (لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ ... )؛ الحديث: تَقَدَّم أنَّه قال ابن قُرقُول: (كذا للرُّواة، وكذا في «مسلم»، وقيَّده الأصيليُّ: بعض إخوانِك، وهو الصحيح، وفي «المُوَطَّأ»: أعطيتها أختَكِ) انتهى، قال النَّوويُّ: الجمع صحيح، ولا تعارُضَ، ويكون عليه الصَّلاة والسَّلام قال ذلك كلَّه.

فائدةٌ: في هذا الحديث: أنَّ صلة الرَّحم أفضلُ مِن عتق الرِّقاب، قاله بعض العلماء، وهو ظاهر، والله أعلم.

(1/4932)

قوله: (قَالَ [5] بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ [6]، عَنْ كُرَيْبٍ: إِنَّ مَيْمُونَةَ): هذا التَّعليق لم أره في شيء [7] مِن الكتب السِّتَّة، وقد علَّقه [8] أيضًا في الباب الذي يلي هذا أيضًا كذلك، وهذا بهذا [9] السَّند مُرسَلٌ؛ لأنَّ كُرَيبًا ذكر قصَّةً لم يدركها، فهي مُرسَلةٌ، وقد أراد البخاريُّ بهذا متابعة اللَّيث بن سعد، فإنَّ يحيى ابن بُكَير رواه عنه عن يزيد، عن بُكَير، عن كُرَيب، وإنَّ بَكرًا تابعه، وإنَّ عَمرًا تابع يزيد؛ يعني [10]: ابن أبي حَبِيب، و (بكر بن مضر): هو ابن مُحَمَّد المصريُّ مولى شرحبيل ابن حسنة الكنديِّ، يروي عن أبي قبيل المعافريِّ [11]، وجعفر بن ربيعة، ويزيد بن أبي حَبِيب، وغيرهم، وعنه: ابنه إسحاقُ، وابن وهب، وابن القاسم، ويحيى بن عبد الله بن بُكَير، وقتيبةُ، وطائفةٌ، وثَّقه أحمد وابن مَعِين، مات سنة (174 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، والله أعلم، قال شيخنا: وهو مرويٌّ عند الإسماعيلي: عن الحسن: حدَّثنا أحمد بن يحيى: حدَّثنا ابن وهب: أخبرني عَمرو بن الحارث عن بُكَير بن عبد الله، عن كُرَيب؛ فذكره، انتهى، [وأمَّا (عَمرو) ومَن بعده؛ فسيأتي قريبًا الكلام عليهم] [12].

(1/4933)

[حديث: كان رسول الله إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه]

2593# قوله: (حَدَّثَنِي [1] حِبَّانُ بْنُ مُوسَى): تَقَدَّم أنَّه بكسر الحاء، وقد قَدَّمتُ [2] مَن يُكسَر؛ كهذا، ومن يُفتَح في «الصَّحيحَين»، وأنَّ المكسورَ ثلاثةُ أشخاص؛ وهم: حِبَّان بن موسى هذا، روى عنه البخاريُّ ومسلم، وهو حِبَّان غير منسوب، عن عبد الله بن المبارك، وحِبَّان بن عطيَّة السُّلميُّ، له ذكر في «البخاريِّ» في قصَّة حاطب بن أبي بَلتعة، وحِبَّان ابن العَرِقة، له ذكر في «البخاريِّ» و «مسلم»، وهو الذي رمى [3] سعدَ بن مُعاذ، وهَلَك على كفره، والله أعلم [4].

قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّه ابن المبارك، وقد تَقَدَّم (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (يُبْدَأُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حَدَّثَنَا).

[2] في (ب): (تقدمت).

[3] في (ب): (روى)، وهو تحريفٌ.

[4] (والله أعلم): ليس في (ب).

[ج 1 ص 638]

(1/4934)

[باب بمن يبدأ بالهدية؟]

(1/4935)

[معلق بكر: ولو وصلت بعض أخوالك كان أعظم لأجرك]

2594# قوله: (وَقَالَ بَكْرٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ: إِنَّ مَيْمُونَةَ [1]): أمَّا (بكرٌ)؛ فهو ابن مضر بن مُحَمَّد المصريُّ مولى شرحبيل ابن حسنة الكنديِّ، تَقَدَّم أعلاه، وأمَّا (عمرو)؛ فهو ابن الحارث بن يعقوب، أبو أميَّة، الأنصاريُّ مولاهم، المصريُّ، أحد الأعلام، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وأمَّا (بُكَير)؛ فهو ابن عبد الله بن الأشجِّ، تَقَدَّم أيضًا، وهذا تعليق مجزوم به مُرسَلٌ، وقد تَقَدَّم أعلاه، وقد كرَّره هنا؛ لأنَّه شاهدٌ للبابين؛ لأنَّ كُرَيبًا قال: (إنَّ ميمونة أعتقت)؛ فذكر قصَّةً لم يدركْها، ولو أدركها؛ كان يكون صحابيًّا.

والحاصل: أنَّ يزيد بن أبي حَبِيب رواها مُسنَدةً مُتَّصِلةً عن بُكَير _وهو ابن عبد الله بن الأشجِّ_ عن كُرَيب، وأنَّ عَمرًا _هو ابن الحارث الذي تَقَدَّم_ رواها عن بُكَير عن كُرَيب مُرسَلةً.

قوله: (بَعْضَ أَخْوَالِكِ): تَقَدَّم الكلامُ عليه أعلاه، وقبله أيضًا.

(1/4936)

[حديث عائشة: إلى أقربهما منك بابًا]

2595# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح المُوحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّ لقب (مُحَمَّد) بُنْدارٌ، وتَقَدَّم ما البُنْدار.

قوله: (عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ): هو بفتح الجيم، وإسكان الواو، وبالنُّون بعدها، ثمَّ ياء النِّسبة، واسمه عبد الملك _وقيل: عبد الرَّحمن_ ابن حَبِيب الأزديُّ البصريُّ، أخرج له الجماعة، وهو ثقة، تُوُفِّيَ سنة (128 هـ).

قوله: (عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَيْمِ [1] بْنِ مُرَّةَ): قال الدِّمياطيُّ في (طلحة) هذا: (طلحة بن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله بن مَعْمَر بن عثمان بن عَمرو بن كعب

[ج 1 ص 638]

بن سعد بن تيم، انفرد به البخاريُّ) انتهى، وقد أخرج له مع البخاريِّ أبو داود والنَّسائيُّ، له في الكتب حديثان؛ أحدهما: في (الهدية إلى الجار)، وقال سليمان بن حرب: حدَّثنا شعبة عن أبي عمران، فقال: عن طلحة رجلٍ من قريش، وقال حجَّاج [2] بن أبي زينب: عن أبي عمران عن طلحة مولى ابن الزُّبير، والله أعلم، وذكره ابن حِبَّان في «ثِقاته»، ونسبه كما قدَّمته، فقال: (طلحة بن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله بن مَعْمَر التَّيميُّ يروي عن عائشة، روى عنه: أبو عمران الجَوْنيُّ، وسعد بن إبراهيم التَّيميُّ، وذكره ابن أبي حاتم، ونسبه كذلك، وقال: روى عن عائشة، وعنه: سعد بن إبراهيم: سمعت أبي يقول ذلك)، انتهى، ولم يذكر فيه شيئًا.

قوله: (إِنَّ لِي جَارَيْنِ): جارا عائشةَ لا أعرف اسمهما.

==========

[1] في (ب): (تميم)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (الحجاج).

(1/4937)

[باب من لم يقبل الهدية لعلة]

قوله: (وَالْيَوْمَ رُشْوَةٌ): تَقَدَّم أنَّ (الرُّشوةَ): مثلَّث الرَّاء.

==========

[ج 1 ص 639]

(1/4938)

[حديث: ليس بنا رد عليك ولكنا حرم]

2596# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تَقَدَّم (الصَّعْب بْن جَثَّامَةَ) قريبًا وبعيدًا.

قوله: (حِمَارَ وَحْشٍ): تَقَدَّم الكلام عليه؛ هل كان حيًّا أو مذبوحًا في (الحجِّ).

قوله: (بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ): تَقَدَّم الكلام عليهما، وعلى ما وقع في ذلك مِن الرِّوايات.

==========

[ج 1 ص 639]

(1/4939)

[حديث: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يهدى له أم لا]

2597# قوله: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هو المُسنديُّ، و (سُفْيَانُ) بعده: هو ابن عيينة بلا شكٍّ، و (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، و (أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ): الأنصاريُّ، قيل: اسمه عبد الرَّحمن، وقيل: المنذر، وقيل: إنَّه عمُّ سهل بن سعد، صحابيٌّ مشهورٌ، تَقَدَّم.

قوله: (رَجُلًا مِنَ الأَزْدِ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الأُتْبِيَّةِ [1]): تَقَدَّم أنَّ اسمه عبد الله، وأنَّ (اللُّتْبيَّة)؛ بضَمِّ اللَّام، وإسكان المثنَّاة فوقُ، بعدها مُوحَّدةٌ، منسوب إلى بني لُتْب؛ بطن من الأسْد؛ بإسكان السين، ويقال فيه: ابن اللُّتَبية؛ بفتح التَّاء، وابن الأُتْبِيَّة؛ بالهمز، وإسكان التَّاء المثنَّاة فوقُ، وهو ما وقع في أصلنا الذي سمعت فيه على العراقيِّ، وليسا بصحيحَين، والصَّواب ما قدَّمته أنَّه بضَمِّ اللَّام، وإسكان التَّاء، والله أعلم.

قوله: (فَيَنْظُرَ): هو بالنَّصب على جواب الاستفهام.

قوله: (أَيُهْدَى [2] لَهُ): (يُهدَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (لَهُ رُغَاءٌ): هو بضَمِّ الرَّاء، وبالغين المعجمة، ممدودٌ، والرُّغاء: صوت الإبل.

قوله: (خُوَارٌ): هو بضَمِّ الخاء، مخفَّف الواو، صوت البقر، وهو بالخاء والجيم.

قوله: (تَيْعرُ): هو بكسر العين، ويجوز فتحُها، واليُعَار: صوت المعز.

قوله: (عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ): (عُفْرة الإبط)؛ بعين مهملة مضمومة، وإسكان الفاء، وبالرَّاء: بياضٌ ليس بالنَّاصِع، وقد تَقَدَّم أنَّ بياض إبطه مِن علامات النُّبوَّة.

==========

[1] في هامش (ق): (وصوابه: اللتبية).

[2] كذا في النُّسختين و (ق) وعلى الهمزة فيها: علامة راويها، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينيَّة»: (يُهدَى)؛ بلا همزة.

[ج 1 ص 639]

(1/4940)

[باب: إذا وهب هبةً أو وعد ثم مات قبل أن تصل إليه]

قوله: (وَقَالَ عَبِيدَةُ): هو بفتح العين، وكسر الموحَّدة، وهو عَبِيدة بن عمرو، وقيل: ابن قيس، السَّلْمانيُّ الكوفيُّ، أحد الأئمَّة، أسلم في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم [1] قبل وفاته بسنتين، روى عن عليٍّ وابن مسعود، وعنه: إبراهيم، وابن سيرين، وأبو إسحاق، قال ابن عيينة: كان يوازي شُرَيحًا في العلم والقضاء، تُوُفِّيَ سنة (72 هـ)، وقيل: سنة (73 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو ثقة.

قوله: (فصِلَتِ الْهَدِيَّةُ)، وكذا: (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فصِلَتْ): بفتح الفاء _ويجوز ضمُّ الفاء_ وكسر الصَّاد المهملة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَالْمُهْدَى لَهُ حَيٌّ): (المُهدَى): اسم مفعول.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العالم المشهور.

قوله: (الْمُهْدَى لَهُ): هو اسم مفعول بفتح الدَّال، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَقَالَ الحُسَينُ [2] ... ) إلى آخر الأثر: كذا في أصلنا، وكُتِبَ على الأثر: (زائد)، وهو ثابت في بعض النُّسخ، وصوابه: الحسن [3]؛ مُكبَّرًا، وعلى الصَّواب هو في أصلنا الدِّمشقيِّ، وهو ابن أبي الحسن البصريُّ، وقد ضَبَبْتُ أنا على (الحُسين) في أصلنا؛ لكونه خطأٌ، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (عليه الصَّلاة والسلام).

[2] كذا في النُّسختين و (ق) وعليها فيها ضُبَّةٌ، وفي «اليونينيَّة» وهامش (ق): (الْحَسَنُ).

[3] في (ب): (الحسين)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 639]

(1/4941)

[حديث: لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا ثلاثًا]

2598# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ الجِهبذُ المشهور، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّه ابن عيينة، أحدُ الأعلام.

قوله: (مَالُ الْبَحْرَيْنِ): تَقَدَّم الكلام على (البَحرين)، وأنَّه عَمَلٌ مِن أعمال اليمن، على لفظ تثنية (بَحرٍ).

قوله: (فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَعَدَنِي): تَقَدَّم أنَّ الصَّحابيَّ يُقبَلُ قوله في أنَّه صحابيٌّ إذا كان عدلًا وفي زمن يمكنُ فيه ادِّعاءُ الصُّحبة، وفي الثَّناء عليه، وفي أنَّه وعده صلَّى الله عليه وسلَّم؛ كهذا، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 639]

(1/4942)

[باب: كيف يُقبض العبد والمتاع]

قوله: (بَابٌ: كَيْفَ يُقْبَضُ الْعَبْدُ وَالْمَتَاعُ): (يُقبَض): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (العبدُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، و (المتاعُ): معطوف عليه.

قوله: (كُنْتُ [1] عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ): (البَكْر)؛ بفتح الموحَّدة، وإسكان الكاف: الفتيُّ من الإبل، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] في (ب): (كتب)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 639]

(1/4943)

[حديث: قسم رسول الله أقبيةً ولم يعط مخرمة منها شيئًا]

2599# قوله: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ): تَقَدَّم [1]، ابن سعد الإمامُ، أحد الأعلام، وكذا تَقَدَّم (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): أنَّه عبد الله بن عُبيد الله ابن أبي مُلَيكة، مُؤذِّن ابنِ الزُّبير، وكذا تَقَدَّم الكلام على (المِسْوَر)، وأنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صحابيٌّ صغيرٌ، وعلى والده (مَخْرَمَة)، وأنَّه من مُسْلِمة الفتح.

(1/4944)

[باب: إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل: قبلت]

(1/4945)

[حديث: فتستطيع أن تطعم ستين مسكينًا]

2600# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن زياد، العبديُّ مولاهم، البصريُّ مُتَرجَمًا، وفيه مقالٌ، وله مناكيرُ اجتنبها أهل الصَّحيح، وكذا تَقَدَّم (مَعْمَرٌ): أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عينٌ مهملةٌ، وأنَّه ابن راشد، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم، وتَقَدَّم أنَّ (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ) اثنان يرويان عن أبي هريرة؛ هذا أحدهما: حُمَيد بن عبد الرَّحمن بن عوف الزُّهريُّ، والثاني: حُمَيد بن عبد الرَّحمن الحِمْيَريُّ، وهذا الثاني ليس له في «البخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى [له] مسلمٌ مُطَوَّلًا؛ فاعلمه.

[ج 1 ص 639]

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ): الرَّجل تَقَدَّم أنَّه سلمة بن صخر البياضيُّ، وهو المُظاهِر، وأنَّه جاء: أنَّه سلمان بن صخرٍ، وقد تَقَدَّم الكلامُ عليه مُطَوَّلًا في (الصَّوم).

قوله: (وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ): أهله التي وقع بِهَا في نهار [1] رمضان لا أعرفها.

قوله: (فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ): هذا الرَّجل تَقَدَّم أنَّه فروة بن عَمرٍو البياضيُّ، كذا صرَّح به التِّرمذيُّ في (كتاب الظِّهار) من «جامعه».

قوله: (بِعَرَقٍ): تَقَدَّم أنَّ (العَرَق) [2] بفتح العين والرَّاء، وسيأتي تفسيره: بالمِكْتَل.

قوله: (وَالْعَرَقُ: الْمِكْتَلُ): هو بكسر الميم، ثمَّ كاف ساكنة، ثمَّ مثنَّاة فوقُ مفتوحة، ثمَّ لام، تَقَدَّم أنَّه الزِّنبيل، وقيل: القفَّة، وقال ابن وهب: وعاء يسعُ خمسةَ عشرَ صاعًا إلى عشرين، قال في «المطالع»: (قلت: قاله سعيد في العَرَق [3])، انتهى.

قوله: (مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا): تَقَدَّم أنَّ (اللَّابةَ) _بغير همزة_: الحرَّةُ، وتَقَدَّم أنَّ الحرَّةَ: أرضٌ تركبها حجارةٌ سودٌ.

قوله: (فَأَطْعِمْهُ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ.

==========

[1] (نهار): ليس في (ب).

[2] زيد في النُّسختين: (تَقَدَّم أنَّه)، وهو تكرارٌ.

[3] في (ب): (الورق)، وهو تحريفٌ.

(1/4946)

[باب: إذا وهب دينًا على رجل]

21# قوله: (وَقَالَ [1] جَابِرٌ: قُتِلَ أَبِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ): تَقَدَّم أنَّ أباه عبد الله بن عَمرو بن حرام الأنصاريُّ، وأنَّه قُتِل يوم أُحُدٍ، وتَقَدَّم متى كانت أُحُد، وتَقَدَّم أنَّ دَينه كان ثلاثين وَسْقًا.

قوله: (فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ غُرَمَاءَهُ): لا أعرفهم.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فَقَالَ).

[ج 1 ص 640]

(1/4947)

[حديث: أن جابر بن عبد الله أخبره أن أباه قتل يوم أحد شهيدًا]

2601# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مرارًا [1] أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، ولِمَ لُقِّب (عَبْدان)، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن المبارك، وكذا (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: [أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ): (ابن كعب بن مالك)] [2]: هو عبد الله بن كعب بن مالك، قال المِزِّيُّ في «أطرافه» بعد تسميته بعبد الله: رواه غيرُ واحد عن ابن وهب، عن يونس، عن الزُّهريِّ، عن عبد الله بن كعب بن مالك، وكذلك رواه سلامة عن عُقَيل، عن الزُّهريِّ، وذكر في عبد الرَّحمن عن جابر الحديثَ المذكور، ثمَّ قال: ذكره أبو مسعود وخلفٌ في هذه التَّرجمة، والصَّواب مِن أنَّه عبد الله بن كعب عن جابر، وقد ذكرنا شواهدَه، انتهى.

قوله: (فِي ثَمَرِهِ): هو بالمثلَّثة، وكذا (مِنْ ثَمَرِهَا)؛ بالمثلَّثة.

==========

[1] (مرارًا): ليس في (ب).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[ج 1 ص 640]

(1/4948)

[باب هبة الواحد للجماعة]

قوله: (وَقَالَتْ أَسْمَاءُ): تَقَدَّم أنَّ أسماء هي بنت أبي بكر الصِّدِّيق، صحابيَّةٌ جليلةٌ، تَقَدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد ابنها عبدِ الله بِيَسِيرٍ، وقد قدَّمتُ مَن قَتَلَ ابنها قريبًا وبعيدًا.

قوله: (لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّد): هو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيقِ [1] عبدِ اللهِ بنِ عثمان، وهو ابن أخي أسماء، يروي عن عمَّته عائشة، وأبي هريرة، وفاطمة بنت قيس، وعدَّةٍ، وعنه: الزُّهريُّ، وأبو الزِّناد، وعدَّةٌ، وله نحوُ مئتي حديثٍ، مات سنة (107 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو أحد الفقهاء السَّبعة؛ فقهاء المدينة، قال ابن سعد: كان ثقةً رفيعًا عالمًا فقيهًا إمامًا وَرِعًا كثير الحديث، مناقبه كثيرة رحمه الله تعالى.

قوله: (وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ): كذا بالواو في أصلنا الذي سمعت منه على العراقيِّ، وكذا في أصلنا الدِّمشقيِّ، وكذا في نسخة أخرى عتيقة جدًّا، قال شيخنا الشَّارح: (نقل ابن التِّين عن الشيخ أبي الحسن: أنَّ في كتابه إسقاط الواو من: «وابن»، و «أبو عتيق»: هو عبد الرَّحمن بن أبي عتيق، واسم أبيه: عبد الله، قال: وأظنُّ الواوَ سَقَطَ مِن كتابي، وعند أبي ذرٍّ: بإثباتها، وقال الدَّاوديُّ: القاسم بن أخي عائشة، وابن أبي عتيق ابن أخيها، فوَصَلَتْهما بما أُعْطيَتْ فيه مئةَ ألف، وكانت مِن أجود النَّاس، كما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أجودُهم، وهي ضلعٌ منه)، وقد تعقَّبه شيخنا فقال: (وظاهر إيرادِه: أنَّ المُتصدِّقةَ عائشةُ، وهو خلافُ ما في «البخاريِّ» أنَّها أسماء)، انتهى، ولا شكَّ في أنَّه كلامٌ مُتعقَّبٌ.

(1/4949)

وقال ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب»: (أبو عتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر بن أبي قُحافة، رأى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم هو وأبوه عبد الرَّحمن وجدُّه أبو بكر وجدُّ أبيه أبو قُحافة، ولا نعلم أربعة رأوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم على هذه الصِّفة غيرَهم، وهو والد عبد الله بن أبي عتيق الذي غلبت عليه الدُّعابة، ورواية ابن أبي عتيق هذا أكثرُها عن عائشةَ)، انتهى، وكذا قال الذَّهبيُّ في «تجريده» في (الكنى): (أبو عتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، له رؤية، وهو والد عبد الله صاحب المزاح) انتهى، وقال أيضًا في «تجريده» في (الأسماء): (مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، ويُعرَف بعتيقٍ، أدرك النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قاله موسى بن عقبة) انتهى، حَمَّر عليه [2]؛ فانظر الكلام الذي تَقَدَّم مع كلامِ هذين.

وأمَّا قولُ أبي عمر والذَّهبيِّ: إنَّ صاحب المزاح عبدُ الله؛ فرأيت بخطِّ ابن الأمين أبي إسحاق حاشيةً لفظها: (قال ابن الكلبيِّ: الذي غلبت عليه الدُّعابة هو مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، قال: وهو الذي يقال له: أبو عتيق) انتهت، وعبد الله بن أبي عتيق _واسمه مُحَمَّد_ ابن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، روى عن عائشة في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «أبي داود»، و «النَّسائيِّ»، و «ابن ماجه»، وعبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق روى عن عمَّته عائشةَ، وهو أخو القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، ومَن قال: إنَّه ابن أبي عتيق؛ فقد أخطأ، قاله المِزِّيُّ، له في «البخاريِّ»، و «مسلم»، و «النَّسائيِّ»، و «أبي داود».

وأمَّا كونهم أربعةً رأَوه عليه الصَّلاة والسَّلام؛ فلمُحَمَّد بن عبد الرَّحمن رؤيةٌ، ولكن سأذكر أربعةً صحِبوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن غير هذه الطَّريق، وأحسنُ ممَّا قاله ابن عبد البَرِّ عبدُ الله بن الزُّبير بن أسماء بنت أبي بكر بن أبي قُحافة، هذا لا خلافَ في [3] صحبته، وسأذكره مع غيره فيما يأتي إن شاء الله تعالى.

قوله: (بِالْغَابَةِ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّها مالٌ من أموال عوالي [4] المدينة، وقد تَقَدَّم الرَّدُّ على مَن صحَّف فيها، وكذا مَن غلط في تفسيرها، فيما مضى.

(1/4950)

[حديث: إن أذنت لي أعطيت هؤلاء]

2602# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالحاء المهملة، والزَّاي، وأنَّه سلمة بن دينار.

قوله: (أُتِيَ بِشَرَابٍ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ): تَقَدَّم أنَّ (الغلامَ) عبدُ الله بن العبَّاس، وقيل: إنَّه الفضلُ، قال شيخنا: (قال الدَّاوديُّ: هو الفضل كان عن يساره، والذي كان عن يمينه خالدٌ، قال ابن التِّين: وهو وَهم، أمَّا خالد؛ فلم يُذكَر فيه في الصَّحيح، وإنَّما اختُلِف في الغلام؛ فقيل: ابن عبَّاس _وهو الأشهر_ وقيل: الفضلُ، قال: وحديث خالد _وقد سلف_: عن يمينه أعرابيٌّ، وعن يساره أبو بكر، فنبَّه عمرُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ أبا بكر عن يساره، أراد ألَّا يعطيَ خالدًا قبله، وقد سلف، انتهى، وهذا الكلام فيه نظرٌ، وقد ذكرتُه فيما مضى، وذلك أنَّ خالدًا ليس أعرابيًّا، والله أعلم.

[ج 1 ص 640]

قوله: (فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ): هو بمثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ لام مُشدَّدة، ثمَّ هاء الضمير؛ ومعناه: دفعه إليه، وبرئَ منه، وقيل: وضعه، وقد تَقَدَّم.

(1/4951)

[باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة والمقسومة وغير المقسومة]

قوله: (مَا غَنِمُوا مِنْهُمْ): الذي في «الصَّحيح»: اختاروا إحدى الطَّائفتين؛ إمَّا السَّبي، وإمَّا المال، قالوا: فإنَّا نختار سَبينا، فعلى هذا: ما وهبوا لهوازن كلَّ ما غنموا، وقد قَدَّمتُ مرَّةً أنَّ السَّبي كان ستَّةَ آلافِ رأسٍ من النِّساء والذُّرِّيَّة، وأنَّ الإبل كانت أربعةً وعشرين ألفًا، وأنَّ الشَّاء كانت فوق أربعين ألفًا، وأنَّ الفضَّة كانت أربعة آلاف أوقية، والأوقية: أربعون، فقوله: (ما غنموا): فيه وقفةٌ، اللَّهمَّ إلَّا أن يكون ردَّ إليهم الجميعَ، واستقبل للنَّاس ما كان قد فرَّقه عليهم؛ لأنَّه أعطى جماعةً _أذكرهم_ من الإبل مئةً مئةً، وأعطى لصفوان بن أميَّة ثلاث مئة، وأعطى جماعة منهم أربعين أوقية أربعين أوقية فضَّة، وأعطى لجماعة خمسين خمسين من الإبل، وأعطى أربعين لعبَّاس بن مِرادس، فقال في ذلك شعرًا، فزاده، وسأذكر ذلك مُطَوَّلًا فيما يأتي إن شاء الله تعالى.

==========

[ج 1 ص 641]

(1/4952)

[معلق ثابت: أتيت النبي في المسجد فقضاني وزادني]

(1/4953)

2603# قوله: (وَقَالَ ثَابِتٌ عَنْ [1] مِسْعَرٍ، عَنْ مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرٍ): هذا هو ثابت بن مُحَمَّد أبو مُحَمَّد، ويقال: أبو إسماعيل الشَّيبانيُّ، وقيل: الكنانيُّ الكوفيُّ العابدُ، عن مسعر، والثَّوريِّ، وفطر بن خليفة، وفُضَيل بن مرزوق، وطائفةٍ، وعنه: البخاريُّ، وأحمد بن ملاعب، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وخلقٌ كثيرٌ، قال أبو حاتم: صدوقٌ، وقال أيضًا: إنَّ أزهد مَن رأيت ثلاثةٌ [2]؛ فذكره أحدَهم، ووثَّقه مُطيَّن، وورَّخ وفاته في ذي الحجَّة سنة (215 هـ)، أخرج له مع البخاريِّ التِّرمذيُّ، قال أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده» وقد ذكر هذا المكان: (في رواية المروزيِّ: «وقال ثابت: حدَّثنا مسعر»، لم يَذْكُرْ سماع البخاريِّ مِن ثابت، وكذلك في نسخة عند النَّسفيِّ، وقال أبو عليِّ ابن السَّكن في روايته عن الفربريِّ: «حدَّثنا ثابت بن مُحَمَّد: حدَّثنا مسعر»، وفي نسخة الأَصيليِّ عن أبي أحمد الجرجانيِّ: «قال البخاريُّ: حدَّثنا مُحَمَّد عن ثابت»، هكذا وقع: «عن مُحَمَّد _غير منسوب_ عن ثابت» في غير موضعٍ مِن «الجامع» في «كتاب التَّوحيد» و «بني إسرائيل» عن مسعر والثَّوريِّ، وهو ثابت بن مُحَمَّد العابد، أبو إسماعيل، الشَّيبانيُّ الكوفيُّ، ولم يُتابَع أبو أحمد على هذا)، انتهى، وهذا المكان في أصلنا: (وقال ثابت: حدَّثنا مسعر)، وكان فيه أوَّلًا: (حدَّثنا [3] ثابت: حدَّثنا مسعر)، ثمَّ إنَّه عُمِلَ على (حدَّثنا) علامة رواتها برمز، وعُمِل في الهامش: (وقال)، وعُمِلَ عليها: (صح)، وفي أصلنا الدِّمشقيِّ: (حدَّثنا ثابت بن مُحَمَّد: حدَّثنا مسعر ... ) إلى آخره، ومقتضى كلام المِزِّيِّ: أنَّه قال فيه: (البخاريُّ: «حدَّثنا ثابت»)، والله أعلم، وأمَّا قوله: (وقال ثابتٌ)؛ تَقَدَّم أنَّه شيخُه، وأنَّه مُتَّصل، ويكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، كذا قال ابن الصَّلاح، وأنَّ المِزِّيَّ والذَّهبيَّ يُعلِّمان على مثل هذا وأمثاله تعليقًا، والله أعلم، و (مسعر): هو ابن كِدام، أبو سلمة، الهلاليُّ الكوفُّي العَلَمُ، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وأمَّا (مُحارب)؛ فهو اسم فاعل من (حارب)، وهو ابن دثار السَّدوسيُّ الكوفيُّ القاضي، عن ابن عمر، وجابر، والأسود بن يزيد، وعنه: شعبة [4] والسُّفيانان، وكان مِن كبار العلماء والزُّهاد [5]، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، و (جابر): هو ابن عبد الله بن عَمرو بن حرام، والله أعلم.

(1/4954)

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

[2] زيد في (ب): (فرأيت).

[3] زيد في (ب): (حدثنا)، وهو تكرارٌ.

[4] (وعنه: شعبة): سقط من (ب).

[5] (والزهاد): ليس في (ب).

[ج 1 ص 641]

(1/4955)

[حديث: ائت المسجد فصل ركعتين]

2604# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، وأنَّ لقبه بُنْدارٌ، وقد تَقَدَّم ما معنى بُنْدار، وكذا تَقَدَّم (غُنْدرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثمَّ راء، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم مَن لقَّبه بذلك، وكذا تَقَدَّم أعلاه (مُحَارِب).

قوله: (بِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا فِي سَفَرٍ): تَقَدَّم أنَّ في هذا «الصَّحيح» تعليقًا سيأتي: أنَّها تبوك، وفي «سيرة أبي الفتح اليعمريِّ» ذِكرُ البيعِ في غزوة ذات الرِّقاع [1]، وتَقَدَّم ما في «صحيح مسلم» وفي غيره.

قوله: (حَتَّى أَصَابَهَا أَهْلُ الشَّأْمِ): أصابوها يوم الحرَّة كما جاء في بعض طرقه، ووقعة الحرَّة كانت سنة ثلاث وستِّين، وهي وقعة مشهورة بين أهل المدينة وأهل الشَّام في زمن يزيد بن معاوية، وسأذكر كم قُتِل بها مِن النَّاس، وماذا جرى فيها فيما يأتي إن شاء الله تعالى.

(1/4956)

[حديث سهل: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء]

2605# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): تَقَدَّم أنَّه سلمة بن دينار، وكذا تَقَدَّم اسم الغلام الذي كان على يمينه والخلاف فيه، وكذا (الأَشْيَاخ)، وقد عُرِف منهم خالد، وذكرت ما جاء في «المُوَطَّأ»؛ فانظر ذلك، وكذا تَقَدَّم قريبًا (فَتَلَّهُ) ضبطًا ومعنًى.

(1/4957)

[حديث أبي هريرة: دعوه فإن لصاحب الحق مقالًا]

2606# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ): تَقَدَّم أنَّ هذا عَبْدانُ مرارًا.

قوله: (عَنْ سَلَمَةَ): هذا هو سَلَمة بن كُهَيل؛ بضَمِّ الكاف، وفتح الهاء، أبو يحيى، الحضرميُّ، من علماء الكوفة، رأى زيد بن أرقم، وروى عن أبي جُحَيْفَة وعلقمة، وعنه: شعبة وسفيان، ثقة إمام، له مئتا حديث وخمسون حديثًا، تَقَدَّم، مات سنة (121 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (أَبَا سَلَمَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، واسمه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ): تَقَدَّم الكلام على هذا الرَّجل فيما مضى.

(1/4958)

[باب: إذا وهب جماعة لقوم]

قوله: (بَابٌ: إِذَا وَهَبَ جَمَاعَةٌ لِقَوْمٍ ... ) إلى آخر التَّرجمة: قال ابن المُنَيِّر: (احتمل عند البخاريِّ أن يكون الصَّحابة وهبوا الوفدَ مباشرةً والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم شفيعٌ، واحتمل أن يكونوا وهبوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو وهبَ الوفدَ، فترجم على الاحتمال) انتهى.

==========

[ج 1 ص 641]

(1/4959)

[حديث: معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه]

2607# 2608# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وكذا تَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد الإمام، وكذا (عُقَيْل): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّم [1] (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، العالم المشهور، وكذا تَقَدَّم (مَرْوَان بْن الْحَكَمِ): أنَّه تابعيٌّ، وهو الخليفة، وكذا تَقَدَّم (المِسْوَر بْن مَخْرَمَة): أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صحابيٌّ صغيرٌ.

[ج 1 ص 641]

قوله: (حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ [2]): تَقَدَّم أنَّ (وفد هوازن) كان أربعةَ عشرَ رجلًا، ورأسهم: زُهير بن صُرَد، وفيهم أبو بُرقان عمُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من الرَّضاعة.

قوله: (أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا كم كان السَّبي، وكذا المال [3] من الإبل والغنم والفضَّة.

قوله: (اسْتَأْنَيْتُ): أي: انتظرتُ، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (قَفَلَ): أنَّ معناه: رَجعَ، وكذا (يُطَيِّب): أنَّه بتشديد الياء المثنَّاة تحت.

قوله: (مَا يُفِيءُ اللهُ عَلَيْنَا): هو بضَمِّ أوَّله، مهموز الآخر، وهذا ظاهرٌ، وكذا تَقَدَّم (العُرَفَاء): أنَّهم القوَّامون على النَّاس، وكذا (فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ [4] طَيَّبُوا وَأَذِنُوا): تَقَدَّم أنَّ ثلاثةً؛ الأقرعَ بنَ حابس، وعيينةَ بنَ حصن [5]، والعبَّاسَ بن مِرداس ما قالوا؟ وأنَّ معناه أو نحوَ معناه في «النَّسائيِّ الصَّغير».

قوله: (هَذَا [6] الَّذِي بَلَغَنَا مِنْ سَبْيِ هَوَازِنَ): تَقَدَّم أنَّه مِن كلامِ الزُّهريِّ، وفي أصلنا هنا نسخةٌ، وعليها علامة راويها ما صورته: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَولُهُ: «فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنَا»: مِن قَولِ الزُّهْرِيِّ) انتهت، وهذه في أصلنا الدِّمشقيِّ، وليست بنسخةٍ فيه.

==========

[1] زيد في (ب): (أنَّ).

[2] في (أ): (هوان)، وهو تحريفٌ.

[3] في (أ): (لمال)، وهو تحريفٌ.

[4] (قد): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[5] في (ب): (حصين)، ولعلَّه تحريفٌ.

[6] كذا في النُّسختين و (ق) بعد الإصلاح، وفي «اليونينيَّة»: (وهذا).

(1/4960)

[باب: من أهدي له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق]

قوله: (بَابُ مَنْ أُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّةٌ [1]): (أُهدِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (هديَّةٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّن [2] نائب مناب الفاعل، قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب، ومنه حديث التَّقاضي؛ وهو: (أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام أخذ سِنًّا، فجاء صاحبه يتقاضاه ... )؛ الحديث ما لفظه: (مطابقة التَّرجمة لحديث المتقاضي: أنَّه وهبه الفضل من السِّنِّ [3]، فامتاز به دون الحاضرين) انتهى.

قوله: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جُلَسَاءَهُ ... ) إلى آخره: هذا موقوف على ابن عبَّاس، وهذا الحديث اختُلِف في رفعِه ووقفِه كما سيأتي، قال شيخنا: أمَّا أثر ابن عبَّاس مرفوعًا: «مَن أُهدِيت له هديَّةٌ وعنده ناس؛ فهم شركاء فيها» رواه الطَّبرانيُّ عن أبي مسلم الكجِّيِّ: حدَّثنا مالك بن زياد الكوفيُّ: حدَّثنا مندل به، وقال: «وعنده قومٌ؛ فهم شركاء فيها»، ومندلٌ: شيعيٌّ صدوقٌ، تُكلِّم فيه، مات في خلافة المهديِّ سنة (167 هـ)، ورواه عبد الرَّزَّاق عن مُحَمَّد بن مسلم، عن عَمرو، عن ابن عبَّاس، وكذا رواه ابن الأزهر عن عبد الرَّزَّاق مرفوعًا، والموقوف أصحُّ، ورواه العُقيليُّ من حديث عبد السَّلام بن عبد القدُّوس: حدَّثنا ابن جُرَيج، عن عطاء عنه مرفوعًا، ورواه مِن حديث عائشةَ مرفوعًا، وفي سنده وضَّاحُ بن خَيثَمَة، قال: ولا يُتابَع عليه، ولا يصحُّ في هذا المتن حديث، وعبد السَّلام لا يُتابَع على شيء من حديثه، وليس ممَّن يُقيمُ الحديث، انتهى، وقد ذكر هذا الحديثَ الذَّهبيُّ في «ميزانه» في ترجمة الوضَّاح بن خيثمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: «إذا أُهدِيتِ الهديَّة إلى الرَّجل وعنده جلساؤه؛ فهم شركاؤه فيها»، وقال: لا يصحُّ في هذا شيء.

(1/4961)

[حديث أبي هريرة: إن لصاحب الحق مقالًا]

2609# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): تَقَدَّم أنَّه مُحَمَّد بن مُقَاتِل المروزيُّ رُخٌّ، تقدَّمت ترجمته، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن المبارك، أحد الأعلام، وكذا تَقَدَّم (سَلَمَة بْن كُهَيْلٍ): أنَّه بضَمِّ الكاف، وفتح الهاء، وكذا تَقَدَّم (أَبُو سَلَمَةَ): أنَّه عبد الله _أو إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر، وكذا تَقَدَّم مرارًا أيضًا (أَبُو هُرَيْرَة): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ): تَقَدَّم هَذَا الرَّجل الذي جاء يطلب سنَّه مِن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

==========

[ج 1 ص 642]

(1/4962)

[حديث: هو لك يا عبد الله فاصنع به ما شئت]

2610# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد [1]): هَذَا هُوَ المُسنديُّ، لا ابن أبي شيبة، ويُؤيِّده مَا تَقَدَّم في (الجمعة)، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (عَمْرو): أنه ابن دينار أبو مُحَمَّد المكِّيُّ.

قوله: (فَكَانَ عَلَى بَكْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الموحَّدة، وإسكان الكاف قريبًا وما هو.

==========

[1] في هامش (ق): (فائد: ابن أبي شيبة).

[ج 1 ص 642]

(1/4963)

[باب: إذا وهب بعيرًا لرجل وهو راكبه فهو جائز]

(1/4964)

[معلق الحميدي: كنا مع النبي في سفر وكنت على بكر صعب]

2611# قوله: (وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ (الحُمَيديَّ)؛ بضَمِّ الحاء، وفتح الميم، وأنَّه عبد الله بن الزُّبير، وتَقَدَّم الكلام على نسبته [1] الحُمَيديَّ إلى ماذا، وقوله: (وقال الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم أنَّه شيخه، وإذا كان شيخَه؛ فيكون مُتَّصِلًا، لا مُعلَّقًا، ويكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، كما تَقَدَّم في نظرائه، وأنَّ مثل هذا يجعله المِزِّيُّ والذَّهبيُّ تعليقًا، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هذا هو ابن عيينة، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (عَمْرٌو): أنَّه ابن دينار.

قوله: (كُنْتُ [2] مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ): هذه [3] السَّفرة لا أعلم ما هي.

قوله: (وَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ): تَقَدَّم أعلاه ما البَكْر ضبطًا، وهو الفتيُّ مِن الإبل، وتَقَدَّم بعيدًا.

==========

[1] في (ب): (نسبة).

[2] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (كُنَّا).

[3] في (أ) و (ب): (هذا)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 642]

(1/4965)

[باب هدية ما يكره لبسها]

(1/4966)

[حديث: إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة]

2612# قوله: (حُلَّةً سِيَرَاءَ): تَقَدَّم أنَّها [1] بالإضافة والصِّفة، وتَقَدَّم ما الحُلَّة، وتَقَدَّم ضبط (السِّيراء)، وما هو مع الاختلاف فيها.

قوله: (مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ): أي: لا نصيبَ له في الآخرة.

قوله: (فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ) [2]: (عُطَارد) هذا تَقَدَّم، وهو عُطَارد بن حاجب بن زرارة التَّميميُّ، له وفادة مع الأقرع بن حابس والزِّبرقان، وهو الذي أهدى الحُلَّة الدِّيباجَ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان خلعها عليه كسرى، كذا قال غير واحد، وفي كلام السُّهيليِّ في (قدوم الوفود): أنَّ [3] كسرى إنَّما أعطاها لأبيه حاجبٍ في كلامٍ طويلٍ أنا حذفته، والله أعلم، وعُطَارد: صحابيٌّ معروفٌ رضي الله عنه.

قوله: (فَكَسَاهَا عُمَرُ [4] أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا): هذا ليس بأخيه، وذلك لأنَّ أخاه زيد بن الخطَّاب أسلم قبل عُمر، وهو أسنُّ مِنْهُ، وقُتِل باليمامة شهيدًا سنة (12 هـ) في خلافة الصِّدِّيق، سبقه إلى الإسلام وإلى الشَّهادة، لكنَّ عُمر أفضلُ؛ لأنَّه مِن العشرة، بل ثاني الخلفاء، وأفضل الأمَّة بعد الصِّدِّيق اتِّفاقًا، وإنَّما هذا أخو أخيه زيدِ بن الخطَّاب لأمِّه، واسمه عثمان بن حَكِيم، أمُّهما أسماء بنت وهب بن حَبِيب بن الحارث بن عبس بن قعبس، من بني أسد بن خزيمة، وعثمان هذا لا أعلم إسلامَه، ولا أعرف له ترجمةً وإنْ كان [5] وقع في «الصَّحيح» ما يوهم إسلامَه، وهو قوله: (قبل أنْ يُسْلِمَ)، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (أنَّه).

[2] زيد في النُّسختين: (هو)، وهو سبق قلم.

[3] في (ب): (إلى).

[4] كذا في النُّسختين، وهي رواية الأصيليِّ وأبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (فكسا عمر)، وضُرِب على (ها) في (ق).

[5] (كان): ليس في (ب).

[ج 1 ص 642]

(1/4967)

[حديث: إني رأيت على بابها سترًا موشيًا]

2613# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو جَعْفَرٍ): هذا مُحَمَّد بن جعفر، أبو جعفر، القُومسيُّ السِّمْنَانيُّ، الحافظُ، عن أبي نعيم وطبقته، وعنه: البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، وابن خزيمة، وطائفة، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه.

[ج 1 ص 642]

قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن فُضَيل، وأنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح الضَّاد المعجمة، ابن غزوان الضَّبِّيُّ، شيعيٌّ، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (مَوْشِيًّا): هو بفتح الميم، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ شين معجمة مكسورة، ثمَّ مثنَّاة تحت مُشدَّدة؛ أي: مُلوَّنًا، يقال: وشي الثَّوب؛ إذا نسجه [1] على لونَين، وفعله عليه الصَّلاة والسَّلام؛ لئلَّا يكون لفاطمة مِن الدُّنيا شيء سوى البلغة؛ ليَعظُم أجرُها في الآخرة، والله أعلم.

قوله: (إلى فُلَانٍ أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ): (فلانٌ): لا أدري مَن هو، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (نسجته).

(1/4968)

[حديث: أهدى إلي النبي حلة سيراء فلبستها]

2614# قوله: (أَهْدَى إليَّ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حُلَّةَ سِيَرَاءَ): (أَهدى): بفتح الهمزة، و (إليَّ): جار ومجرور، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ فاعل، و (حُلَّة): بالنَّصب [1] مفعول، وقد تَقَدَّم (الحُلَّة) ما هي، وكذا (السِّيراء)، وأنَّه يقال: (حُلَّة سِيراء)؛ بالإضافة والصِّفة، والله أعلم.

(1/4969)

قوله: (فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي): اعلم أنَّ عليًّا رضي الله عنه لم يكن له في حياته عليه السَّلام [2] امرأةٌ إلَّا فاطمة، وكذا في حياتها، والظَّاهر _والله أعلم_ أراد بنسائه: الفواطمَ، كما في «صحيح مسلم»، ولفظ الحديث: (عن أبي صالح الحنفيِّ عن عليٍّ رضي الله عنه: أنَّ أُكيدر دومة أَهدى إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثوبَ حريرٍ فأعطاه عليًّا، فقال: «شقِّقْه خمرًا بين الفواطم»، وقال أبو بكر وأبو كُرَيب: «بين النِّسوة») انتهى، وحديث الحُلَّة السِّيراء وتشقيقها بين نسائه بعد هذا في «مسلم»، والفواطم: بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفاطمة بنت أسد أمُّ عليٍّ، أسلمت وصحبت رضي الله عنها، وفاطمةُ بنت حمزة بن عبد المطَّلب، وذكر عبد الغنيِّ بن سعيد وأبو عُمر بن عبد البَرِّ بإسنادهما: أنَّ عليًّا قسَّمه بين الفواطم الأربعِ، فذكر الثَّلاثَ المذكورات، قال القاضي عياض: (يشبه أنْ تكون الرَّابعة فاطمةَ بنتَ شيبة بنِ ربيعة امرأةَ عَقِيل بن أبي طالب؛ لاختصاصها بعليٍّ بالمصاهرة، وهي مِن المبايعات، شهدت معه عليه الصَّلاة والسَّلام حُنَينًا، ولها قصَّة مشهورة في الغنائم تدلُّ على [3] ورعها)، انتهى، وأُنكِر أنْ تكون فاطمةُ بنت شيبة زوجَ عَقِيل، إنَّمَا زوجه فاطمةُ بنت عتبة بن ربيعة، كذا قال ابن أبي ليلى، وذكر الأولى الذَّهبيُّ، وقال: زوج عَقِيل فيما قيل، ولا يصحُّ، والله أعلم، ثمَّ وقفت على كلام شيخنا، فقال: («فشققتها بين نسائي»؛ المراد: نساء قومه؛ لأنَّه لم يتزوَّج في حياة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غير فاطمة، وما ذكرته أنا أسلمُ من الاعتراض، بل ولا في حياتها حتَّى ماتت، قال: وفي «مبهمات عبد الغنيِّ» من حديث أمِّ هانئ: (فراح عليٌّ وهي عليه، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «إنَّما كسوتكها؛ لتجعلها خمرًا بين الفواطم»)، وذكر ابن أبي الدُّنيا في كتاب «الهدايا»: عن عليٍّ رضي الله عنه قال: (فشققت أربعةَ خمر؛ لفاطمة بنت أسد، ولفاطمة زوجتي، ولفاطمة بنت حمزة بن عبد المطَّلب)، قال: ونسي الرَّاوي الرَّابعة، قال القاضي عياض: يشبه أنْ تكون فاطمة بنت شيبة بن ربيعة امرأة عَقِيل أخي عليٍّ، وعند أبي العلاء بن سليمان: فاطمة بنت أبي طالب المكناة بأمِّ هانئ، وقيل: فاطمة بنت الوليد بن عقبة، وقيل: فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، حكاهما القرطبيُّ، وهذا الثَّوب كان أهداه له أُكيدر دومةَ، انتهى.

(1/4970)

==========

[1] في (ب): (مَنْصوبٌ).

[2] في (ب): (صلَّى الله عليه وسلَّم).

[3] زيد في (ب): (فضلها و).

[ج 1 ص 643]

(1/4971)

[باب قبول الهدية من المشركين]

قوله: (فَدَخَلَ قَرْيَةً فيها مَلِكٌ أو جَبَّارٌ): تَقَدَّم أنَّ (القرية) فيها قولان؛ هل هي مصر أو الأردنُّ؟ وتَقَدَّم في الملك أو الجبَّار ثلاثةُ أقوال؛ صادوف، أو عَمرو بن امرئ القيس بن [1] بابَلْيُون، أو سنان بن علوان.

قوله: (أَعْطُوهَا آجَرَ): تَقَدَّم أنَّ (آجر) و (هاجر) لغتان، و (أعطوها)؛ بهمزة قطع، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ): (أُهدِيت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شاةٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّن نائبٌ مناب الفاعل، و (السُّمُّ): مثلَّث السِّين، الأفصح: الفتح، ويجوز الضَّمُّ، وأضعفُها الكسرُ، والتي [2] أَهدتِ الشَّاةَ المسمومةَ زينبُ بنت الحارث، تقدَّمت، وسأذكرها وأذكر ما جرى لها بعد ذلك، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: زينب بنت أخي مَرْحَبٍ، وذكر القول الذي قبله أيضًا.

قوله: (وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ): قال الدِّمياطيُّ: (عبد الرَّحمن بن عَمرو بن سعد بن مالك، ابن عمِّ سهل بن سعد بن سعد بن مالك) انتهى.

قوله: (أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً): تَقَدَّم أنَّه يوحنَّة بن روبة، عزا شيخنا هذا إلى كتاب «الضحايا» لأبي إسحاقَ الحربيِّ، وعند مسلم: (جاء رسولُ ابن العلماء صاحب أَيْلَة بكتابٍ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، وفي «مسلم»: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يوم حُنَين على بغلة له بيضاءَ أهداها له فروة بن نفاثة الجذاميُّ، وقد تَقَدَّم ذكر بغلاته عليه الصَّلاة والسَّلام وعددُها، وتَقَدَّم أنَّ يوحنَّا الظَّاهر هَلاكُه على كفره [3].

قوله: (وَكَسَاهُ بُرْدًا): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (فكساه بُرْدًا)، والذي كساه البُرْدَ هو النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويدلُّ له رواية الفاء.

قوله: (بِبَحْرِهِمْ): أي: ببلدهم، والشَّارع كتب له إقطاعًا، والله أعلم.

(1/4972)

[حديث: والذي نفس محمد بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة]

2615# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المُسنديُّ، قاله ابن طاهر، وإن كان ابن أبي شيبة روى عن يونس؛ فإنَّه روى عنه في «مسلم»، انتهى، والله أعلم.

قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّد): هذا هو المُؤدِّب _كما قَدَّمتُ أعلاه [1]_ الحافظُ، عن شيبان والقاسم الحُدَّانيِّ، وروى عن أمِّ نهار المصريَّة عن أنس، وعنه:

[ج 1 ص 643]

أحمدُ وعبدٌ، تُوُفِّيَ سنة (208 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقد روى عنه يعقوب بن شيبة، وقال: ثقةٌ ثقةٌ.

قوله: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ): هو شيبان بن عبد الرَّحمن النَّحويُّ، منسوبٌ إلى القبيلة، لا إلى صناعة النَّحو، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، ومرارًا بغيرها، وتَقَدَّم أنَّ ابنَ الأثير قال: (إنَّه منسوب إلى القبيلة، وأنَّ ابن أبي داود [2] وغيرَه قال: إنَّ المنسوب إلى القبيلة يزيدُ بن أبي سعيد النَّحويُّ، لا شيبان النَّحويُّ هذا)، انتهى.

قوله: (أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ): الذي أهداها [3] أُكيدر دومة، وسأذكر ترجمته قريبًا، و (السُّندُس): رقيق الدِّيباج، وسيأتي بعد هذا قريبًا أنَّ أُكيدر هو الذي أهداها، والله أعلم.

2616# قوله: (وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ أُكَيْدِرَ): هذا هو سعيد بن أبي عَرُوبة.

تنبيهٌ: تَقَدَّم أنَّ شيخَنا صاحبَ «القاموس» قال: وابن أبي العَرُوبة؛ باللَّام، وتركها لَحْنٌ أو قليل.

تنبيهٌ آخرُ: جماعةٌ يروون عن قتادة عن أنس؛ كلٌّ منهم اسمه سعيد: سعيد بن بشير أبو عبد الرَّحمن الدِّمشقيُّ، وابن أبي عَرُوبة صاحبُ هذا الحديث، وسعيد بن أبي هلال المصريُّ، والله أعلم، وقوله: (وقال سعيد ... ) إلى آخره: هو تعليق مجزوم به، والله أعلم، وليس هو في شيء مِن الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

(1/4973)

قوله: (إِنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ): (أُكَيْدِر): بضَمِّ الهمزة، وفتح الكاف، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ دال مهملة مكسورة، ثمَّ راء، وهو أُكيدر بن عبد الملك، صاحب دُومة الجندل، ذكر ابن منده وأبو نعيم: أنَّه أَسلم، وهذا خطأ لم يُسلِم، بل صَالَح، ثمَّ حاصر خالدُ بن الوليد دُومةَ في خلافة الصِّدِّيق وأسر أُكيدر، فقتله وهو على نصرانيَّته، ويقال: أسلم، ثمَّ ارتدَّ، ثمَّ قُتِل، و (دومة)؛ بضَمِّ الدَّال المهملة وفتحِها: موضعٌ مِن بلد الشَّام قرب تبوك، قال في «المطالع»: وقد جاء في حديث الواقديِّ: (دَوْماءُ الجَنْدَل) انتهى.

==========

[1] (كما قَدَّمتُ أعلاه): ليس في (ب).

[2] في (ب): (رواد)، وهو تحريفٌ.

[3] في (أ): (أهدها)، وهو تحريفٌ.

(1/4974)

[حديث: أن يهودية أتت النبي بشاة مسمومة]

2617# قوله: (أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ): تَقَدَّم قريبًا أعلاه وبعيدًا أنَّها زينب بنت الحارث أخت مَرْحَبٍ اليهوديِّ [1]، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ أيضًا: إنَّها بنت أخي مَرْحبٍ، وسأذكر ماذا جرى لها؛ هل قتلها أم لا؟ والله أعلم.

قوله: (فِي لَهَوَاتِ [2]): هي جمع (لَهَاة)، و (اللَّهَوات)؛ بفتح اللَّام والهاء، واللَّهاة: اللَّحمة المُعلَّقة في أقصى الحلق.

(1/4975)

[حديث: هل مع أحد منكم طعام؟]

2618# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن الفضل عارمٌ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ [1] سُلَيْمَانَ): كذا في أصلنا: (عن سليمان)، وصوابه: (بن)، لا (عن)، وقد ضببْتُ عليه، وكتبت في الهامش: (صوابه: بن)، وهو هنا يروي عن أبيه، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (عَنْ أَبِي عثمان): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو النَّهديُّ، وهو عبد الرَّحمن مَلٍّ، وتَقَدَّم ما قيل في (مَلٍّ) من اللُّغات.

قوله: (أو نَحْوُهُ): هو بالضَّمِّ؛ أي: أو نَحْوٌ مِن صاع، لا نَحْوٌ مِن طعام.

قوله: (فَعُجِنَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (ثمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ): هذا (الرَّجل) لا أعرف اسمه.

قوله: (مُشْعَانٌّ): هو بضَمِّ الميم، وإسكان الشين المعجمة، ثمَّ [2] عين مهملة، وفي آخره نونٌ مُشدَّدةٌ؛ أي: مُنتَتَف [3] الشَّعر، يقال: رجل مُشعانٌّ، هذا هو المعروف، قال المستملي: هو الطَّويل جدًّا، البعيد العهد بالدُّهن، الشَّعِث، وقد تَقَدَّم.

قوله: (بِسَوَادِ الْبَطْنِ): (سواد البطن): قيل: الكبد خاصًّة، وقيل: حشو البطن كلِّه، و (البطن): مذكَّر، وحُكِيَ تأنيثُه.

قوله: (وَايْمُ اللهِ): هو بهمزة وصلٍ، وقيل: قطع، وقد تَقَدَّم الكلام عليها.

قوله: (خَبَأَ لَهُ): (خبأَ): هو بهمزة مفتوحة في آخره.

قوله: (قَصْعَتَيْنِ): تَقَدَّم أنَّ (القَصْعة) بفتح القاف، ولا تُكسَر.

قوله: (فَفَضلَتِ): هو بفتح الضَّاد، وتُكْسَر، وفي (فضل) لغة ثالثة مُركَّبة، وقد ذكرها من عند الجوهريِّ؛ فانظرها إنْ أردتها.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي هامشها: (صوابه: ابن)، وفي «اليونينيَّة»: (ابن).

[2] في (أ) و (ب): (و ثمَّ).

[3] الذي في الشُّروح والمعاجم: (منتفش).

[ج 1 ص 644]

(1/4976)

[باب الهدية للمشركين]

(1/4977)

[حديث: إني لم أكسكها لتلبسها تبيعها أو تكسوها]

2619# قوله: (حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ): أمَّا (الحُلَّة)؛ فقد تقدَّمت ما هي، و (الرَّجل): الظاهر أنَّه عُطَارد بن حاجب المتقدِّم، والله أعلم.

قوله: (تَلْبَسْهَا): هو مجزوم، جواب الأمر، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ): تَقَدَّم غير مرَّةٍ؛ أي [1]: لا نصيبَ له في الآخرة.

قوله: (فَأُتِيَ النَّبيُّ [2] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا بِحُلَلٍ [3]): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (النَّبيُّ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (إِلَى أَخٍ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ): تَقَدَّم الكلامُ عليه، وأنَّه عثمانُ بن حَكِيم، وأنَّه ليس بأخيه، وإنَّما هو أخو أخيه زيدِ بن الخطَّاب، وتَقَدَّم أنِّي لا أعرف له إسلامًا ولا ترجمةً.

(1/4978)

[حديث عائشة: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله]

2620# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو حمَّاد بن أسامة، تَقَدَّم مرارًا، وتقدَّمت (أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما) مع ترجمتها.

قوله: (قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي): هذه قيل: إنَّها [1] أمها [2] من النَّسب، وقيل: من الرَّضاع، والصَّحيح الأوَّل، واسمها قَتْلة؛ بفتح القاف، وإسكان المثنَّاة فوق، قاله الأمير ابن ماكولا وغيره، قالوا: ويقال أيضًا: قُتَيلة؛ بالتَّصغير، بنت عبد العُزَّى بن عبد أسعد بن نصر [3] بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤيِّ بن غالب، وفي «تجريد الذَّهبيِّ»: (قُتَيلة بنت سعيد القرشيَّة العامريَّة، امرأة أبي بكر الصِّدِّيق، وأمُّ أسماء وعبد الله، لم تُسلِم فيما ورد من حديث أسماء: قَدِمَتْ عليَّ أمِّي وهي مشركة، فاستأذنتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: «صِلِي أمَّك»، النَّسائيُّ)، انتهى، واعلم أنَّ الأصحَّ فيها التَّكبيرُ، وأنَّها أمُّها [4] مِن النَّسب، وأكثر الرِّوايات أنَّها لم تسلم، وقيل: بلى، والله أعلم.

[ج 1 ص 644]

قوله: (في عَهْدِ قُرَيْشٍ): يعني: في صلح الحديبية، وقد تَقَدَّم كم كان الأمدُ أوَّل هذا التَّعليق؛ فانظره إنْ أردته.

قوله: (قُلْتُ: وَهِيَ رَاغِبَةٌ [5]): أي: في دِين قومها، وقيل: فيما عندي؛ يعني: تريد أنْ أعطيها شيئًا، قال الدِّمياطيُّ ما لفظه: (في غير هذا الموضع مِن «الجامع» وغيره: «فاستفتيتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قلت: قَدِمَتْ عليَّ أمِّي وهي راغبة»، وهذا أحسن؛ لينتظم الكلامُ) انتهى، وفي «المطالع»: («قَدِمَتْ عليَّ أمِّي وهي راغبة»؛ أي: طامعة منِّي شيئًا، وقد رُوِي في «كتاب أبي داود»: «قَدِمَتْ عليَّ راغمةً [6] مُشرِكةً»؛ أي: كارهة للإسلام، وقيل: هاربة، وفي رواية: «راغبةً أو راهبةً»، فقيل: راغبةٌ عن الإسلام كارهةٌ له، وقيل: طامعةٌ طالبةٌ له، ويقال: إنَّ أمَّها هذه هي قُتَيلة بنت عبد العُزَّى قرشيَّة، وهي أمُّ عبد الله بن أبي بكر، وأمَّا أمُّ عائشة وعبد الرَّحمن؛ فأمُّ رُومان، وأمُّ مُحَمَّد: أسماء، و «راغبةً»: نَصْبٌ على الحال ضبطناه، ويجوز رفعُه على خبر مبتدأ)، انتهى، وهذا إنَّما يظهر مجيئُه في طريق أبي داود التي ليس فيها: (وهي)، فإذا جاءت: (وهي)؛ يترجَّح الرَّفع؛ على أنَّه مبتدأٌ وخبرٌ؛ (راغبةٌ)، والله أعلم.

==========

(1/4979)

[1] في (أ) و (ب): (إنَّه).

[2] في (ب): (أختها)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ب): (نظر)، وهو تحريفٌ.

[4] في (ب): (أختها)، وهو تحريفٌ.

[5] في هامش (ق): (في دين قومها، وقال ابن الأثير في «النِّهاية»: راغبةٌ؛ أي: طامعةٌ تسألني شيئًا).

[6] في (ب): (راغبة)، وهو تحريفٌ.

(1/4980)

[باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته]

(1/4981)

[حديث: العائد في هبته كالعائد في قيئه]

2621# قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو الفراهيديُّ الحافظ، وأنَّه نُسِب إلى جدِّه فُرهود، وأنَّ النِّسبة إليه: فُرهوديٌّ وفَراهيديٌّ، وقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (هِشَامٌ): أنَّه ابن أبي عبد الله الدَّستوائيُّ، أبو بكر، الحافظُ، وتَقَدَّم مرَّةً مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (سَعِيد بْن المسيّب): أنَّه بفتح ياء (المسيّب)، ويجوز كسرها، بخلاف غيره؛ فإنَّه لا يجوز في يائه إلَّا الفتح.

قوله: (فِي قَيْئِهِ [1]): تَقَدَّم أنَّه بالهمزة [2] في آخره.

==========

[1] في (ب): (فيئه)، وهو تصحيفٌ.

[2] في (ب): (بهمزة).

[ج 1 ص 645]

(1/4982)

[حديث: ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه]

2622# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الوارث بن سعيد بن ذكوانَ، التَّنُّوريُّ البصريُّ، أبو عبيدة [1]، الحافظ، وكذا تَقَدَّم (أَيُّوبُ): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ.

قوله: (مَثَلُ السَّوْءِ): هو بفتح السين، وهذا ظاهرٌ، وتَقَدَّم (قَيْئِهِ) [2]: أنَّه بهمزة في آخره.

==========

[1] (التنوري البصري أبو عبيدة): سقط من (ب).

[2] في (ب): (فيئة)، وهو تصحيفٌ.

[ج 1 ص 645]

(1/4983)

[حديث: لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد]

2623# قوله: (حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ): أي: أعطيتُها لمن يجاهد عليها، وهذه (الفَرَس): اسمها الورد [1]، وهي من أفراسه عليه الصَّلاة والسَّلام، وسيجيء عدَّتها؛ سبعةٌ مُتَّفقٌ عليها، وخمسةَ عشرَ مُختلَفٌ فيها، وهذه الفَرَس التي أعطاها عُمرُ لمن يجاهد عليها أهداها تميمٌ الدَّاريُّ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأعطاها عُمرَ، فأعطاها عُمرُ لمن يجاهد عليها، واسم الذي أعطاه عُمر الفَرَسَ لا أعرفه.

قوله: (فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّه لم يحسنِ القيامَ عليه.

==========

[1] في (ب): (العدد)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 645]

(1/4984)

[باب لا أثر للرجوع في الهبة]

(1/4985)

[حديث: أن رسول الله أعطى ذلك صهيبًا فقال مروان: من يشهد لكما]

2624# قوله: (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ): تَقَدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَنَّ بَنِي صُهَيْبٍ): هو صُهَيب بن سنان النَّمريُّ، أبو يحيى، ويقال: أبو غسَّان، المعروف بالرُّوميِّ، حليف عبد الله بن جُدْعان، وقيل: هو مولاه، صحابيٌّ جليل، وعبد الله بن جُدْعان تيميٌّ، هَلك على كفره، وجُدْعان؛ بضَمِّ الجيم، وإسكان الدال المهملة، وقوله: (أَنَّ بَنِي صُهَيْبٍ): لا أعرف مَنِ ادَّعى منهم، وأعرف له مِن الأولادِ الذُّكورِ؛ حمزةَ، وزيادٍ، وحبيبٍ، وسعدٍ، وصيفيٍّ [1]، وعبَّادٍ [2]، وعثمانَ، ومُحَمَّدٍ، وصالحٍ، وهؤلاء روَوا عنه، والله أعلم، وقال بعض الحُفَّاظ العصريِّين في هذا المكان: (أولاد صُهَيب: حمزةُ، وسعدٌ، وصالحٌ، وصيفيٌّ، وعبَّادٌ، وعثمانُ، ومُحَمَّدٌ، وقد روَوا عنه الحديث)، انتهى.

==========

[1] في (ب): (وصيعر)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (وعبال)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 645]

(1/4986)

[باب ما قيل في العمرى والرقبى]

قوله: (بَابُ مَا قِيلَ فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى): اعلم أنَّه بوَّب على (العُمْرى والرُّقْبى)، ولم يذكرِ الرُّقْبى [1]، وكأنَّه يرى أنَّهما واحدٌ، كذا أجاب به الدَّاوديُّ، كما قاله شيخنا عن ابن التِّين، قال شيخنا: (وأجودُ مِنْهُ أنَّ البخاريَّ أحال على بقيَّة الحديث، فإنَّ التِّرمذيَّ أخرجه بإسنادٍ صحيحٍ عن جابر مرفوعًا: «العُمْرى جائزةٌ لأهلها، والرُّقْبى جائزةٌ لأهلها»، قال التِّرمذيُّ: حسنٌ ... ) إلى آخر كلامه.

(1/4987)

[حديث: قضى النبي بالعمرى أنها لمن وهبت له]

2625# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (شَيْبَانُ): أنَّه ابن عبد الرَّحمن، النَّحويُّ المُؤدِّب، أبو معاوية، وكذا تَقَدَّم (يَحْيَى): أنَّه ابن أبي كَثِير، وكذا (أَبُو سَلَمَة): أنَّه عبد الله _وقيل: إسماعيل_ ابن عبد الرَّحمن بن عوف، أحد الفقهاء السَّبعة، على قول الأكثر.

قوله: (لِمَنْ وُهِبَتْ [1] لَهُ): (وُهِبتْ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

(1/4988)

[حديث: العمرى جائزة]

2626# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو همَّام بن يحيى العَوْذِي الحافظ، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وأنَّ [1] عَوْذًا _بفتح العين المهملة، وإسكان الواو، وبالذَّال المعجمة_: ابنُ سُود؛ بطنٌ من الأزد، وكذا تَقَدَّم (بَشِير بْن نَهِيكٍ): أنَّه بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، وأنَّ (نَهِيْكًا) بفتح النون، وكسر الهاء، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ كاف، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مثلَهُ [2]): هذا رواه البخاريُّ بسند [3] الذي قبله: عن حفص بن عمر، عن همَّام، عن قتادة، عن عطاء، فهو مسند مُتَّصِل، وليس تعليقًا، و (عطاء) فِيْهِ: هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، والله أعلم، وقد أخرجه مسلم والنَّسائيُّ.

(1/4989)

[باب من استعار من الناس الفرس]

(1/4990)

[حديث: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرًا]

2627# قوله: (يُقَالُ لَهُ: الْمَنْدُوبُ): (مندوب): هو مِن (ندبه، انتدب)؛ أي: دعاه، فأجاب.

قوله: (وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا): أي: كَثِير العدوِ [1]، واسعَ الجري [2]، و (إنْ) هنا بمعنى (ما) التي للنَّفي، واللَّام بمعنى (إلَّا)، كأنَّه قال: ما وجدناه إلَّا بحرًا، قاله الخطَّابيُّ، وهو مذهب الكوفيِّين.

(1/4991)

[باب الاستعارة للعروس عند البناء]

(1/4992)

[حديث: الاستعارة للعروس عند البناء]

2628# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين.

قوله: (وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ): (القِطْر)؛ بكسر القاف، وإسكان الطَّاء المهملة، وبالرَّاء: مضاف إلى (درع)، قال ابن قُرقُول في (الفاء مَعَ الطَّاء): (بالفاء

[ج 1 ص 645]

للقابسيِّ وابن السَّكن في «باب الاستعارة للعروس»؛ يعني: هذا الباب، ولغيرهما: بالقاف، وهو ضربٌ من ثياب اليمن، تُعرَف بالقطريَّة، فيها حمرةٌ، قاله الخطَّابيُّ، وفسرَّه بعضهم بأنَّه غليظ مِن قطن)، انتهى، وقال الدِّمياطيُّ: (القِطْر: ضربٌ مِن البرود، ويقال: برود قطريَّة)، انتهى، وما قاله الدِّمياطيُّ بعضُ ما قاله في «المطالع»، ولكن شرطي أنْ أذكر حواشيَ الدِّمياطيِّ، فإنَّ فيها فوائدَ.

قوله: (ثَمَنُ): هو مَرْفوعٌ، ورفعه ظاهر.

قوله: (إِلَى جَارِيَتِي): هذه الجارية لا أعرف اسمها.

قوله: (فَإِنَّهَا تُزْهَى): هو بضَمِّ المثنَّاة فوق، وإسكان الزَّاي، وفتح الهاء، كذا في أصلنا، قال ابن قُرقُول: («تُزْهَى أنْ تلبسه في البيت»؛ أي: تتكبَّر، يقال: زُهِيَ فلان، فهو مَزْهُوٌّ، ويقال: زَهَى؛ بالفتح، قاله الأصمعيُّ، وقال يعقوب: زهوت عليك)، انتهى، وقد حكى اللُّغتين ابن الأثير في «نهايته».

قوله: (تُقَيَّنُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو بضَمِّ المثنَّاة فوق، وفتح القاف، وتشديد المثنَّاة تحت المفتوحة، ثمَّ نون؛ أي: تزيَّن، وقيل: تُجْلَى على زوجها، والتَّقيُّن: إصلاح الشعر.

(1/4993)

[باب فضل المنيحة]

قوله: (بَابُ فَضْل الْمَنِيحَةِ): تَقَدَّم أنَّ (المنحة) [1] على وجهين؛ أحدهما: عطيَّة بَتْلَة، والآخر: تختصُّ [2] بذوات اللَّبن وبأرض الزِّراعة، يمنحه النَّاقةَ أو الشَّاةَ أو البقرةَ، فينتفع بلبنها ووبرها وصوفها مدَّةً، ثمَّ يصرفها أو يعطيه أرضه يزرعها لنفسه ثمَّ يصرفها عليه، وأصله كلُّه: العطيَّة؛ إمَّا الأصل، وإمَّا المنافع.

==========

[1] في (ب): (المنيحة).

[2] في (ب): (يختصُّ).

[ج 1 ص 646]

(1/4994)

[حديث: نعم المنيحة اللقحة الصفي منحة والشاة الصفي]

2629# قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوانَ، وكذا تَقَدَّم (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، وكذا تَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ) مرارًا.

قوله: (اللِّقْحَةُ): هي بكسر اللَّام، ويقال: بفتحها، والجمع: اللِّقاح؛ بالكسر ليس غير؛ وهي ذوات الدَّرِّ مِن الإبل [1]، يقال لها بعد الولادة بشهر وشهرين وثلاثةٍ، ثمَّ هي لبون، و (اللِّقحةُ): اسمٌ لها في تلك الحال، لا صفةٌ، فلا يقال: ناقةٌ لِقحةٌ، ولكن: هذه لِقحة، فإذا أرادوا الوصف؛ قالوا: ناقةٌ لقوحٌ ولاقحٌ، وقد يقال لهنَّ ذلك وهنَّ حواملُ لم يضعن بعدُ، وقد جاء في الحديث (اللِّقحة) في البقر والغنم، كما جاءت في الإبل، والله أعلم.

قوله: (الصَّفِيُّ): هي بفتح الصاد المهملة، وكسر الفاء، وتشديد الياء [2]، على وزان (عَلِيٍّ)؛ المكبَّر، وهي الكريمة، الغزيرةُ اللَّبن.

قوله: (مِنْحَةً): هو مَنْصوبٌ منوَّنٌ على التَّمييز.

قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ وإِسْمَاعِيلُ): أمَّا (عبد الله بن يوسف)؛ فهو التَّنِّيسيُّ المشهور، وأمَّا (إسماعيلُ)؛ فهو ابن أبي أويس عبدِ الله، ابن أخت مالكٍ الإمامِ.

==========

[1] زيد في (ب): (ليس غير)، ولعلَّه تكرارٌ.

[2] في (ب): (الهاء)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 646]

(1/4995)

[حديث: لما قدم المهاجرون المدينة من مكة وليس بأيديهم]

2630# قوله: (أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن وهب، أحدُ الأعلام، المشهورُ، وكذا تَقَدَّم (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ.

قوله: (وكانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أنَسٍ أُمُّ سُلَيْمٍ كانَتْ [1] أُمَّ عَبْدِ الله بنِ أبِي طَلْحَةَ): (أمُّه) و (أمُّ أنسٍ) و (أمُّ سُلَيمٍ): كلُّه بالرَّفع، وهذه التَّعريفاتُ كلُّها لواحدة؛ وهي أمُّ سُلَيم أمُّ أنس وأمُّ عبد الله بن أبي طلحة، والخبر يأتي بعد هذا.

قوله: (عِذَاقًا): هو بكسر العين المهملة، وبالذال المعجمة المُخفَّفة، وبعد الألف قافٌ، جمع (عَذْق)؛ بفتح العين المهملة، وإسكان الذَّال، وبالقاف، وهي النَّخلة، ويُجمَع أيضًا على عُذوق وأعذاق، وقيل: إنَّمَا يقال للنَّخلة: عذق؛ إذا كانت بحملها، وللعرجون: عِذْق؛ إذا كان تامًّا بشماريخِه وثمره.

قوله: (أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلَاتَهُ [2] أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ): اسم (أمُّ أيمن) بركةُ، وهي مولاته عليه الصَّلاة والسَّلام وحاضنتُه، أعتقها أبو النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأسلمت قديمًا، وابنها أيمنُ بن عُبيدٍ الحبشيُّ، ثمَّ تزوَّجها زيد بن حارثة رضي الله عنهما، زارها أبو بكر رضي الله عنهُمَا بعد وفاته عليه الصَّلاة والسَّلام، صحابيَّةٌ مشهورةٌ.

فائدةٌ: حواضنه عليه الصَّلاة والسَّلام: أمُّه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زُهْرة بن كلاب، وثويبة مولاة أبي لهب، وحليمة السَّعديَّة، والشَّيماء ابنتها وهي أخته مِن الرَّضاعة، كانت تحضُنه مَعَ أمِّها، وأمُّ أيمن هذه، وكانت دايتَه.

(1/4996)

قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ [3] شَبِيبٍ: أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ بِهَذَا): (أحمد) هذا: هو شيخ البخاريِّ، وقد تَقَدَّم ما إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندٌ إليه القولٌ شيخٌه _ كهذا_؛ أنَّه يكون مُسنَدًا مُتَّصلًا، ويكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وأحمد بن شَبِيب بن سعيد هذا: حَبَطيٌّ، والحَبَطَات من تميم، كنيته أبو عبد الله، بصريٌّ، نزيل مكَّة، روى عن أبيه، ويزيدَ بنِ زُرَيع، ومروانَ بنِ معاويةَ، وغيرِهم، وعنه: البخاريُّ، وأبو زرعة، والذُّهليُّ، وعليُّ بن عبد العزيز البغويُّ، وجماعةٌ، قال أبو حاتم: ثقةٌ صدوقٌ [4]، مات سنة (229 هـ)، أخرج له البخاريُّ والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وأمَّا (أبوه)؛ فهو شَبِيب بن سعيد الحَبَطيُّ، روى عن أبان بن تغلب ويونس بن يزيد، وعنه: ابنه أحمدُ وابنُ وهب، صدوقٌ، أخرج له البخاريُّ والنَّسائيُّ، قال ابن المَدينيِّ: كتابُه صحيحٌ، وقال أبو حاتم: كان عنده كتب يونسَ، وهو صالح الحديث لا بأس به، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه.

والحاصل: أنَّ البخاريَّ رواه بطريقين إلى يونس؛ إحداهما [5]: عبد الله بن يوسف عن ابن وهب، والثانية: عن أحمد بن شَبِيب بن سعيد عن أبيه؛ كلاهما _أعني: ابنَ وهب وشَبِيبًا [6]_ عن يونس، والله أعلم.

[ج 1 ص 646]

(1/4997)

[حديث: أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز]

2631# قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن عَمرو أبو عمرو، وتَقَدَّم الكلام على نسبته [1] في أوائل هذا التَّعليق، وهو شيخُ الإسلام.

قوله: (عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ): هو بفتح الكاف، ثمَّ موحَّدة ساكنة، ثمَّ شين معجمة، قال أبو حاتم: لا أعلم أنَّه يُسمَّى، وذكره البخاريُّ ومسلمٌ فيمن لا يُعرَف اسمُه، وقال الحاكم: اسمه البَراء بن قيس، [وقال عبد الغنيِّ: وهو وَهَمٌ، والبَراء بن قيس] [2] إنَّمَا يكنى بأبي كيِّسة؛ بالمثنَّاة مِن تحتُ المشدَّدة، وبالسين المهملة، عن أبي الدَّرداء، وثَوبان، وعبد الله بن عمرو، وسهل ابن الحنظليَّة [3]، وعنه: أبو سلَّام ممطورٌ، وربيعة بن يزيد، وحسَّان بن عطيَّة، وثَّقه أحمد العجليُّ وغيرُه، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ.

قوله: (أَرْبَعُونَ خَصْلَةً؛ أَعْلَاهُا [4]: مَنِيحَةُ الْعَنْزِ ... ) إلى أنْ قال: (قَالَ حَسَّانُ: فَعَدَدْنَا ... ) إلى آخره: أمَّا (الخَصْلة)؛ فبفتح الخاء، وهذا ظاهرٌ [5] جدًّا، و (رَجَاءَ) و (تَصْدِيقَ): منصوبان، ونصبهما ظاهر، وأمَّا (حَسَّان) العادُّ؛ فهو ابن عطيَّة المذكور في السَّند، وهو حَسَّان بن عطيَّة، أبو بكر المحاربيُّ مولاهم، الدِّمشقيُّ، يروي عن أبي أمامة، وسعيد بن المسيّب، وجماعة، وعنه: الأوزاعيُّ وعبد الرَّحمن بن ثابت بن ثَوبان، وحَسَّان من أهل بيروت [6]، وثَّقه أحمد وابن معين، وكان من جلَّة التَّابعين إلَّا أنَّه قدريٌّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، أثنى النَّاس عليه [7]، وهو نبيل عابد، بقي إلى قريب الثَّلاثين ومئةٍ، وذكره ابن حِبَّان في «ثقاته»، وكان [8] من أفاضلِ أهل زمانه، وذكره أحمدُ العجليُّ في «ثقاته».

قوله: (وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ): تَقَدَّم أنَّ فيه لغتين؛ الإعجامَ [9] والإهمالَ.

(1/4998)

فائدةٌ: في كلام شيخنا أنَّ ابن بطَّال قال: (وقد بلغني عن بعض أهل عصرنا أنَّه طلبها في الأحاديث، فوجد حسابها يبلغ [10] أزيدَ مِن أربعين خصلةً؛ فمنها: المنحة، وإطعامُ الجائع، وسقي الظَّمآن، ومنها: السَّلام على مَن لقيتَ، والتَّشميت، وإماطة الأذى عن الطَّريق، وإعانة الصَّانع، والصَّنعة لأخرق، وإعطاء صلة الحبل، وإعطاء شسع النَّعل، وتؤنس الوحشان، وفيه تأويلان: أنْ تؤنسه بالقول الجميل، والثَّاني: أنَّه أُريد به: المنقطعُ بأرض فلاة المستوحشُ بها؛ فتبلِّغه مكان الأنس، والأوَّل أشبه، وكشف الكربة عن مسلم، وكون المرء في حاجة أخيه، وستر المسلم، والتَّفسيح لأخيك فى المجلس، وإدخال السُّرور على المسلم، ونصر المظلوم، والأخذ على يد الظَّالم، والدِّلالة على الخير، والأمر بالمعروف، والإصلاح بين النَّاس، وقولٌ طيِّبٌ تردُّ به المسكين، وأنْ تفرغ مِن دلوك فى إناء المُستقي، وغرسُ المسلمِ وزرعُه؛ لقوله: «ما من مسلم يغرس ... »؛ الحديث [11]، والهديَّة إلى الجار، والشَّفاعة للمسلمين، ورحمة عزيز ذلَّ، وغنيِّ قومٍ افتقر، وعالم بين جهَّال، وعيادة المريض، والرَّدُّ على مَن يغتاب أخاك المسلم، ومصافحة المسلم، والتَّحابُّ في الله، والتَّجالسُ في الله، والتَّزاورُ في الله، وعونُ الرَّجل للرَّجل في دابَّته فيحمله عليها أو يرفع له عليها متاعَه، وذكر النُّصح لكلِّ مسلمٍ، قال شيخنا: (قلتُ: ومِن الخِصَال: البغض في الله، والإعلام بالمحبَّة، وفي الإعلام بالبغض قولان)، انتهى، وقد لخَّصتُ هذا مِن كلام شيخنا الشَّارح، وفي كلام شيخنا له [12] دلائلُ مِن الأحاديث لم أذكرها، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (نسبه).

[2] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[3] في (ب): (الحنظلة)، وهو تحريفٌ.

[4] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أعلاهنَّ).

[5] في (ب): (وهو الظاهر).

[6] زيد في (ب): (وحسان).

[7] في (ب): (أثنى عليه الناس).

[8] في (ب): (وقال)، وهو تحريفٌ.

[9] في (ب): (بالإعجمام)، وهو تحريفٌ.

[10] في (ب): (حسانها أنَّه تبلغ).

[11] في (ب): (يغرس إلى آخره).

[12] (له): ليس في (ب).

[ج 1 ص 647]

(1/4999)

[حديث: من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن .. ]

2632# قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تَقَدَّم أوَّل الصَّفحة هذه، وقبله مرارًا.

قوله: (حَدَّثَنِي عَطَاءٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، مرارًا.

قوله: (أَرَضِينَ): تَقَدَّم غير مرَّةٍ أنَّه بفتح الضَّاد، وأنَّه يجوز إسكانُها.

قوله: (أَوْ لِيَمْنحْهَا): تَقَدَّم أنَّه بفتح النُّون وكسرِها.

==========

[ج 1 ص 647]

(1/5000)

[معلق محمد بن يوسف: ويحك إن الهجرة شأنها شديد ... ]

2633# قوله: (وَقَالَ مُحَمَّد بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): هذا مُحَمَّد بن يوسف بن واقد الفريابيُّ، أبو عبد الله مولى بني ضبَّة، محدِّث قيساريَّة، عن فطر بن خليفة، وعمرَ بن ذرٍّ، وسُفيانَ، والأوزاعيِّ، وعنه: البخاريُّ، والجماعةُ بواسطة، والذُّهليُّ، وابن وَارَةَ، وعاش اثنتين وتسعين سنة، تُوُفِّيَ [1] سنة (212 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد ذكرتُ ذلك، ولكن طال العهد به، وذكرتُ الفرق بينه وبين مُحَمَّد بن يوسف البخاريِّ البيكنديِّ، وذكرت الأماكن التي روى فيها البخاريُّ عن البيكنديِّ في أوائل هذا التَّعليق؛ فانظره، و (الأوزاعيُّ): تَقَدَّم في أوَّل [2] هذه الصَّفحة وقبله مرارًا، وكذا (الزُّهْرِيُّ): مُحَمَّد بن مسلم، تَقَدَّم مرارًا، وكذا (أَبُو سَعِيدٍ): الصَّحابيُّ سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ.

قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللهِ [3] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذا (الأعرابيُّ) لا أعرف اسمه.

قوله: (فَهَلْ تَمْنَحُ): تَقَدَّم أعلاه [4] وقبله غير مرَّةٍ أنَّه بفتح النُّون وكسرها، وكذا تَقَدَّم (الْبِحَارِ): أنَّها [5] البلاد؛ أي: لا هجرةَ عليك، و (البحار)؛ بالموحَّدة، والحاء المهملة، قال ابن قُرقُول: وفي (باب فضل المنحة): («فاعمل مِن وراء البحار»: كذا للكافَّة؛ يعني: بالموحَّدة، والحاء المهملة، وعند أبي الهيثم: «التجار»، وهو وَهَمٌ، إنَّمَا هو «البحار»؛ أي: من وراء القرى والمدن)، والله أعلم.

قوله: (لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا): (يتِرَكَ): هو بكسر ثانيه، وفتح الرَّاء، والكاف: ضمير؛ ومعناه: لن ينقصك أو لن يظلمك؛ ومنه قوله تَعَالَى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [مُحَمَّد: 35]، ورأيت بعضهم ذكرَ هذا، وقال أيضًا: (يَتْرُكَ)؛ يعني: بفتح المثنَّاة تحت، وإسكان المثنَّاة فوق، وضمِّ الرَّاء، وهذا شيءٌ لم أره لغيره، وما ضبطتُه أوَّلًا هو الَّذِي رأيتُهم ذكروه، وإنْ كان الآخَرُ معناه صحيحًا، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (مات).

[2] زيد في (ب): (ظاهر).

[3] كذا في النُّسختين، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية اليونينيَّة» و (ق): (النَّبيِّ).

[4] في (ب): (بظاهرها).

[5] زيد في (ب): (الفررى)، وكانت في (أ): (القرى)، وضُرِب عليها.

[ج 1 ص 647]

(1/5001)

[حديث: أما إنه لو منحها إياه كان خيرًا له من أن يأخذ عليها .. ]

2634# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدار، وبُنْدار لقبٌ له، وقد قَدَّمتُ ما البُنْدار، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ الْوَهَّابِ): أنَّه ابن عبد المجيد بن الصَّلت بن عُبيد الله بن الحكم بن أبي العاصي الثَّقفيُّ، الحافظ مُتَرجَمًا، وكذا (أَيُّوبُ): أنَّه ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، وكذا تَقَدَّم (عَمْرو): أنَّه ابن دينار المكِّيُّ.

قوله: (اكْتَرَاهَا فُلَانٌ): المكتري (فلانٌ) لا أعرف اسمه.

قوله: (أَمَا إِنَّهُ): تَقَدَّم الكلام عليها، وأنَّ (أمَا): للاستفتاح، و (إِنَّ) بعدها: مكسورةٌ.

(1/5002)

[باب: إذا قال أخدمتك هذه الجارية على ما يتعارف الناس فهو جائز]

قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَذِهِ عَارِيَّةٌ ... ) إلى آخره: قال شيخنا: (قال ابن بطَّال: ولا خلافَ بين العلماء _فيما علمت_ أنَّه إذا قال له: أخدمْتُكَ هذه الجارية أو العبدَ أنَّه قد وهب له خدمتَه، لا رقبتَه، وأنَّ الإخدامَ لا يقتضي تمليكَ الرَّقبة عند العرب، كما الإسكان [1] لا يقتضي تمليكَ رقبة الدَّار، وليس ما استدلَّ به البخاريُّ مِن قوله: «فأخدَمَها هاجرَ» بدليل على الهِبَةِ، وإنَّما تصحُّ الهبةُ في الحديث مِن قوله: «فأعطَوها هاجرَ»، فكانت عطيَّة تامَّة ... ) إلى أنْ قال: (ولم يختلفِ العلماءُ أنَّه إذا قال: كسوتُكَ هذا الثَّوبَ مدَّةً يُسمِّيها؛ فله شرطه، فإنْ لم يذكر أَجَلًا؛ فهو هِبةٌ؛ لأنَّ لفظ الكسوة يقتضي الهِبَة؛ لقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} ... {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89]، ولم تختلفِ الأُمَّة أنَّ ذلك تمليكٌ [2] للطَّعام والثِّياب) انتهى.

==========

[1] في (ب): (العرب كالإسكان).

[2] في النُّسختين تبعًا لـ «التَّوضيح» (16/&): (تمليكًا)، وكُتِبَ عليها في (أ): كذا، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 647]

(1/5003)

[حديث: هاجر إبراهيم بسارة فأعطوها آجر فرجعت]

2635# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، و (أَبُو الزِّنَادِ)؛ بالنُّون: عبد الله بن ذكوانَ، و (الأَعْرَج): عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ.

[ج 1 ص 647]

قوله: (هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ، فَأَعْطَوْهَا آجَرَ): تَقَدَّم الكلام على (سارة)، [و] (آجر)، وأنَّها بالهمز [1] وبهاءٍ، وتَقَدَّم أنَّ الكافر اسمه صادوف، وقيل: سنان بن علوان، ويقال: عَمرو بن امرئ القيس بن بابليون، وقد تَقَدَّم أنَّ (الوَليدة): الجارية [2] الصَّبيَّة.

قوله [3]: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ... ) إلى آخره: هذا تعليقٌ مجزومٌ به، وقد أسنده في (النِّكاح) وغيرِه.

==========

[1] في (ب): (بالهمزة).

[2] زيد في (ب): (الصغيرة).

[3] زيد في (ب): (مجزوم به)، وهو سبق نظرٍ.

(1/5004)

[باب: إذا حمل رجل على فرس فهو كالعمرى والصدقة]

قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): قال شيخنا: (أظنُّه أبا حنيفة)، ثمَّ ذكر كلامًا عن ابن بطَّال، ومِن جملته: (فما كان من الحمل على الخيل تمليكًا للمحمول عليه بقوله: هو لك؛ فهو كالصَّدقة المنقولة إذا قُبِضَتْ؛ لأنَّها مِلْكٌ للمُتصدَّق عليه، وما كان منها تحبيسًا [1] في سبيل الله؛ فهو كالأوقاف؛ لا يجوز فيها الرُّجوع عند جمهور العلماء، وخالف ذلك أبو حنيفة، وجعل الحبسَ باطلًا في كلِّ شيء، ولهذا قال البخاريُّ هنا: (وقال بعض النَّاس: له أنْ يرجع فيها)؛ لأنَّه عنده حبسٌ باطلٌ راجعٌ إلى صاحبه).

==========

[1] في (ب): (محتبسًا).

[ج 1 ص 648]

(1/5005)

[حديث: لا تشتر ولا تعد في صدقتك]

2636# قوله: (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن الزُّبير، وتَقَدَّم لماذا نُسِب في أوَّل هذا التَّعليق، وأنَّه أوَّل شيخ روى عنه البخاريُّ في هذا «الصَّحيح»، وكذا تَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّه ابن عيينة [1].

قوله: (حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ): تَقَدَّم أنَّ معنى (حملت على فَرَس): أعطيتُه لمَن يجاهد عليه، وتَقَدَّم أنَّ اسم هذا الفَرَس الوردُ، وأنَّه أهداه تميمٌ الدَّاريُّ له عليه الصَّلاة والسَّلام، فأعطاه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عُمرَ، فحمل عليه عُمرُ رجلًا من الصَّحابة لا أعرف اسمه؛ ليجاهد عليه.

==========

[1] زيد في (ب): (الإمام).

[ج 1 ص 648]

(1/5006)

((52)) (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) ... إلى (الإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ)

تنبيهٌ: الحديث الَّذِي رُوِّيناه في «جزء البانياسيِّ» عاليًا أَخْبَرنا به غير واحد من شيوخنا؛ منهم: الأوحد البارع الأديب بدرُ الدين أبو مُحَمَّد الحسن بن المحدِّث الأوحد أبي القاسم عمر بن الحسن بن حبيب، وبالمجلس الأخير منه الأصيلُ نورُ الدِّين محمود بن عليِّ بن مُحَمَّد بن عبد العزيز بن أبي جرادة _متفرِّقَين_ قالا: أَخْبَرنا علاء الدِّين باي برس [1] بن عبد الله العديميُّ المجديُّ _قال الأوَّل حضورًا_ قال: أَخْبَرنا أبو إسحاق إبراهيمُ بن عثمان بن يوسف بن أيُّوب الكاشغريُّ: أَخْبَرنا أبو الفتح مُحَمَّد بن عبد الباقي بن أحمد بن البطِّيُّ وأبو الحسن عليُّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن ابن تاج القرَّاء _مُوحَّدَين [2]_: أَخْبَرنا مالك بن أحمد البانياسيُّ _والجزء به [3] مشهور_: أَخْبَرنا أبو الحسن أحمد ابن موسى المُجبِّر: حدَّثنا إبراهيم بن عبد الصَّمد [حدَّثنَا أبي: حدَّثنَا عمِّي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، عَن عبد الصَّمد بن عَليِّ بن عبد الله بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن جدِّه] [4].

[وأَخْبَرنا به أيضًا الشَّيخ المُسنِد [5] الصَّالح أبو الفضل مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الباقي الحلبيُّ خادمُ السَّادة الصُّوفيَّة والده: أَخْبَرنا به أبو سعيد سنقرُ بن عبد الله القضائيُّ [6]: أَخْبَرنا به الأشياخ الخمسة البغداديُّون؛ أبو مُحَمَّد عبد اللَّطيف بن يوسف، وأبو يوسف عبد اللَّطيف بن مُحَمَّد بن حمزة القُبَيطيُّ، وأبو تمَّام عليُّ بن أبي الفخَّار بن أبي تمَّام الهاشميُّ، وأبو الفضل مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن السَّبَّاك، وأبو مُحَمَّد بن أبي السَّعادات الحماميُّ؛ قالوا: أَخْبَرنا أبو الفتح بن البطِّيِّ به [7].

(1/5007)

قال شيخنا: وأَخْبَرنا به باي برس العديميُّ: أَخْبَرنا الكاشغريُّ بسماعه المذكور أوَّلًا] [8] قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أكرموا الشُّهود؛ فإنَّ الله يستخرج بهم الحقوق، ويدفع بهم الظُّلم»، هذا حديث غير محفوظ؛ أحمد بن مُحَمَّد بن موسى بن الصَّلت المجبِّر _بالجيم، والموحَّدة مُشدَّدٌ ومخفَّف_ شيخ البانياسيِّ: ضعَّفه البرقانيُّ، وقوَّاه غيره، قال الخطيبُ: (سمعت البرقانيَّ يقول: ابنا الصَّلت ضعيفان، وسمعت حمزة بن مُحَمَّد بن طاهر [9] يقول: كان ديِّنًا صالحًا، وسمعت عبد العزيز الأزجيَّ يقول: عَمَد ابنُ الصَّلت إلى كتب ابن أبي الدُّينا فحدَّث بها عن البرذعيِّ، ولم تكن عند البرذعيِّ)، انتهى، و (إبراهيم بن عبد الصمد): الهاشميُّ العبَّاسيُّ، قال أبو الحسن عليُّ بن لؤلؤ [10] الورَّاق: رحلت إليه؛ لأسمع منه «المُوَطَّأ»، فلم أرَ له أصلًا صحيحًا، فتركتُه وخرجتُ، قال الذَّهبيُّ: وقع لنا «جزء البانياسيِّ» من حديثه عاليًا و «المُوَطَّأَ»، و [11] لا بأس به، مات سنة (325 هـ)، وعبد الصَّمد بن عليِّ بن عبد الله بن العبَّاس الهاشميُّ قال الذَّهبيُّ: (الأمير، عن أبيه بحديث: «أكرموا الشُّهود»، وهذا مُنكَرٌ، وما عبد الصَّمد بحجَّةٍ، لعلَّ الحُفَّاظ إنَّما سكتوا عنه مداراةً للدَّولة)، انتهى، وقال شيخنا المؤلِّف في «شرح المنهاج»: (وإبراهيم وعبد الصَّمد ضعَّفهما [12] العُقيليُّ) انتهى، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (علاء الدين بن يزيد)، وهو تحريفٌ، والذي في التَّراجم: (علاء الدِّين بيبرس).

[2] (موحدين): سقط من (ب).

[3] في (ب): (البانياسي قوله).

[4] ما بين معقوفين بياض في (ب)، وضُرِب عليها في (أ)، وكُتِب في هامشها: (يحرَّر هذا السند)؛ إذ كان السند فيها: (حدَّثنَا عمِّي: حدَّثنَا عمر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، عَن عبد الصَّمد بن عَليِّ بن عبد الله بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن جدِّه)، ولا بدَّ من ذكره؛ لما سيأتي مِن شرح عليه، والمثبت من المصادر، يُنظَر «البدر المنير»، «جامع الأحاديث» للسُّيوطيِّ.

[5] (المسند): ليس في (ب).

[6] في (ب): (الفضاعي)، وهو تحريفٌ.

[7] (به): ليس في (ب).

[8] ما بين معقوفين جاء في (ب) في نهاية هذه الفقرة، وعليه في (أ) علامة التَّقديم.

[9] في (ب): (ظاهر)، وهو تصحيفٌ.

[10] في (ب): (بربر)، وهو تحريفٌ.

[11] زيد في (ب): (قال الذهبي).

(1/5008)

[12] في (ب): (يتعقبهما).

[ج 1 ص 648]

(1/5009)

[باب ما جاء في البينة على المدعي]

قوله: (لِقَولِهِ تَعَالَى [1]: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ} [البقرة: 282] ... ) إلى [2] ({خَبِيرًا} [النساء: 135]) _يعني: في الآية التي بعد آية الدَّين وهي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ... }؛ الآية [النساء: 135]_: قال ابن المُنَيِّر: (وجه الاستدلال بالآي على التَّرجمة أنَّ المُدَّعي لو كان مُصدَّقًا بلا بيِّنة؛ لم تكن حاجة إلى الإشهاد ولا إلى كتابة الحقوق وإملائها، فالإرشادُ إلى ذلك يدلُّ على الحاجة إليه، وفي ضمن ذلك أنَّ البيِّنة على المُدَّعِي)، انتهى.

(1/5010)

[باب: إذا عدل رجل أحدًا فقال لا نعلم إلا خيرًا ... ]

(1/5011)

[حديث: من يعذرنا من رجل بلغني أذاه في أهل بيتي]

2637# قوله: (حَدَّثَنَا يُونُسُ [1]): هو [2] ابن يزيدَ الأيليُّ، تَقَدَّم.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، ويأتي مُسنَدًا موصولًا، و (يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّم أعلاه، و (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، العالم المشهور.

قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا [3]): سأذكر مَن أهل الإِفك قريبًا في [4] حديثها.

قوله: (حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ): (استلْبَثَ)؛ أي: أبطأ وتأخَّر، فـ (الوحيُ) على هذا التَّفسير مَرْفوعٌ فاعلٌ، ورأيت في نسخةٍ صحيحةٍ (الوحيَ)؛ بالنَّصب بالقلم، وصحَّح عليه مرَّتين، وعُمِل في الهامش: (الوحيُ) مرفوعًا بالقلم، وكُتِبَ عليه: (دار الذَّهب)، والظَّاهر أنَّ المراد: نسخةٌ معروفةٌ بـ «البخاريِّ» بمكانٍ ببغداد يقال له: دار الذَّهب، وعلى هذه النُّسخة التي فيها النَّصب [5]؛ يكون (استلبث)؛ معناه: استبطأ الوحيَ.

قوله: (أَهْلكَ): هو بالنَّصب؛ أي: الزم أهلَك، ويجوز رفعه؛ أي: هم أهلُك؛ أي: العفائف.

قوله: (وَقَالَتْ بَرِيرَةُ): تَقَدَّم بعضُ ترجمتها رضي الله عنها [6]، وسأذكر فِيْهِ إشكالًا فيما يأتي في حديثها المُطوَّل.

قوله: (إِنْ رَأَيْتُ): هي بكسر الهمزة، وإسكان النُّون، نافيةٌ؛ أي: ما رأيتُ.

قوله: (أَغْمِصُهُ): هو بفتح [7] الهمزة، ثمَّ غين معجمة ساكنة، ثمَّ ميم مكسورة، ثمَّ صاد مهملة، وهاء الضَّمير؛ أي: أعيبُه.

قوله: (حَدِيثَةُ السِّنِّ): أي: صغيرة السِّنِّ، وسيأتي تاريخ الغَزاة التي اتَّفق فيها حديث الإفك، وعائشة تُوُفِّيَ عليه الصَّلاة والسَّلام وعمرها ثماني عشرة [8] سنة، وأُدخِلت عليه وهي بنت تسعٍ؛ فانظر مِن تاريخ الغزوة كم عمرها إذ ذاك [9]، وسأذكر قريبًا تاريخ الغزوة في حديث الإفك.

قوله: (الدَّاجِنُ): هي بدال مهملة، وبعد الألف جيمٌ مكسورةٌ، ثمَّ نون؛ وهو ما يألف البيوتَ مِن الحيوان.

قوله: (وَلَقَدْ [10] ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا): هذا (الرَّجل) يأتي قريبًا أنَّه صفوان بن المُعَطَّل، وأذكر بعض ترجمته رضي الله عنهُ.

(1/5012)

[باب شهادة المختبي]

قوله: (بَابُ شَهَادَةِ الْمُخْتَبِئ [1]): هو بهمزةٍ في آخره، وهو معروفٌ، ساق ابن المُنَيِّر ما في الباب، ثمَّ قال: (موضعُ الدَّليل من حديث زوجة رفاعة أنَّ خالدًا نقل عنها، وأنكر عليها بمجرَّد سماع صوتها وإن كان شخصُها مُحتَجِبًا عنه، وهذا حاصل شهادة المُختَبِئِ) انتهى.

قوله: (وَأَجَازَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ): هو بضَمِّ الحاء المهملة، وفتح الرَّاء المخفَّفة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة [2]، ثمَّ ثاء مثلَّثة، وهو عَمرو بن حُرَيْث بن عَمرو بن عثمان بن عبد الله بن عُمر بن مخزوم، صحابيٌّ مشهورٌ، له رواية، وعُمِّر دهرًا، وأخرج له الجماعة، وأحمد في «المسند»، ولهم شخصٌ آخرُ يقال له: عَمرو بن حُرَيْث، ذكره أبو يعلى بعد المخزوميِّ الَّذِي ذكرته، روى عنه: أبو هانئ حُمَيدٌ الخولانيُّ في (الرَّفق بالخادم)، قال ابن معين: مُرسَلٌ، قال [3] الذَّهبيُّ: رواه ابن حِبَّان في «الأنواع»، انتهى، لم يخرِّج له أحدٌ من أصحاب الكتب السِّتَّة، والله أعلم.

قوله: (وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل الشَّعبيُّ؛ بفتح الشين المعجمة، وأمَّا (ابن سِيرِينَ)؛ فهو مُحَمَّد بن سيرين، الإمامُ المشهورُ، وقد ذكرت بني سيرين في أوَّل هذا التَّعليق وبناتِه، وأمَّا (عَطَاء)؛ (فهو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، تَقَدَّم) [4]، و (قَتَادَة): هو ابن دِعامة.

(1/5013)

[حديث: انطلق رسول الله وأبي بن كعب الأنصاري يؤمان النخل]

2638# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): الحكم بن نافع [1]، وكذا (شُعَيْبٌ): ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (يَؤُمَّانِ): أي: يقصدان.

[ج 1 ص 648]

قوله: (ابْنُ صَيَّادٍ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الجنائز).

قوله: (وَهْوَ يَخْتِلُ): أي: يأخذ في غفلة، وقد تَقَدَّم.

قوله: (رَمْرَمَةٌ، أَوْ زَمْزَمَةٌ): تَقَدَّم الكلام على الرِّوايات في ذلك في (الجنائز).

قوله: (فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ): أمُّه لا أعرف اسمها.

==========

[1] زيد في (ب): (تَقَدَّم مرارًا).

(1/5014)

[حديث: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته]

2639# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد عَنْ [1] سُفْيَانَ): الظَّاهر من كلام المِزِّيِّ: أنَّه ليس بأبي بكر ابن أبي شيبة، ومسلم رواه عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن سُفيان _هُوَ ابن عيينة_ وكذا ابنُ ماجه، والله أعلم، (فالظَّاهر لي: أنَّه المُسنديُّ، والله أعلم) [2]، وقد قَدَّمتُ أنَّ (سُفْيَان): هو ابن عيينة، وتَقَدَّم أنَّ (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ): (امرأة رفاعة): هي تميمة بنت وهب [3]، وهي بفتح المثنَّاة فوق وضمِّها، وقيل: اسمها عائشة بنت عبد الرَّحمن، وقيل: سُهَيمة، وقيل: العُمَيصاء، وقيل: أُمَيمة بنت الحارث، و (رفاعة): هو ابن سموْءَل؛ بالمهملة المكسورة والمفتوحة، وقيل: رفاعة بن رفاعة، خال صفيَّة أمِّ المؤمنين، وهو صحابيٌّ رضي الله عنه.

قوله: (فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحمن بْنَ الزَّبِيرِ): هو بفتح الزَّاي، وكسر الموحَّدة بلا خلاف، وجدُّه: باطا، كذا المشهور أنَّ هذا هو الَّذِي تزوَّج امرأة رفاعة، وكذا ذكره ابن عبد البَرِّ وغيره، والزَّبِيرُ وباطا: يهوديَّان، وعبد الرَّحمن: صحابيٌّ مشهورٌ، والزَّبِير: هو اسم الجبل الَّذِي كلَّم اللهُ عليه موسى [4] عليه السَّلام [5]، وقصَّة الزَّبِير مَع ثابت بن قيس بن شَمَّاس مشهورةٌ، ذكرها ابن إسحاق، وآخر ذلك: (قدَّمه ثابت، فضرب عنقه) في قصَّة بني قريظة، والله أعلم، وقال ابن منده وأبو نعيم: هو عبد الرَّحمن بن الزَّبِير بن زيد بن أميَّة بن زيد بن مالك بن عوف بن عَمرو بن عوف بن مالك بن الأوس.

قوله: (مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ): (الهُدْبَة)؛ بضَمِّ الهاء، وإسكان الدال المهملة، ثمَّ بالموحَّدة المفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث: هي طرف الثَّوب ممَّا يلي طرَّته.

قوله: (حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ ... ) إلى آخره: (العُسَيْلة): تصغير (عسل)، وكُنِّي بها عن لذَّة الجماع، وكأنَّه أراد لعقة عسل؛ فأنَّث، وإلَّا؛ فالعَسل مذكَّر، وقياسه: عُسَيل، وقيل: بل أنَّث على معنى النُّطفة، وقيل: إنَّ العَسلَ يُؤنَّث ويُذكَّر، وفي «النَّسائيِّ» عن عائشة مرفوعًا: «العُسيلة: الجماع».

(1/5015)

[باب: إذا شهد شاهد أو شهود بشيء فقال آخرون .. ]

قوله: (بَابٌ: إِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ أَوْ شُهُودٌ بِشَيْءٍ ... ) إلى آخر التَّرجمة: سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب بغير إسناد، ثمَّ قال: (وجه مطابقة حديث عقبة للتَّرجمة أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم [1] رتَّب على قول المُثبِتَةِ للرَّضاع إرشادَه إلى الفراق [2] وإلى التزام الورع ورفع الشُّبهة، ولولا ذلك؛ لأبقى النِّكاح على ما كان تغليبًا القول [3] النَّافي [4]، ووقع للشَّارح في هذا وَهْمٌ؛ فتأمَّله)، انتهى.

قوله: (يُحْكَمُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله [5].

قوله: (وَقَالَ [6] الْحُمَيْدِيُّ): تَقَدَّم أنَّه عبد الله بن الزُّبير مرارًا.

قوله: (كَمَا أَخْبَرَ بِلَالٌ ... ) إلى آخره: هذا كلام حسن، وقال السُّهيليُّ في (غزوة الفتح) لمَّا ذكر حديث بلال في أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام صلَّى في البيت، وحديث الفضل في أنَّه لم يصلِّ، وأنَّ النَّاس أخذوا بقول بلال؛ لأنَّه مُثبِتٌ وذاك نافٍ ... إلى أنْ قال: (ولكن رواية [7] ابن عبَّاس وبلال صحيحتان؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام [8] دخلها يوم النَّحر، فلم يصلِّ، ودخلها من الغد، فصلَّى، وذلك في حجَّة الوداع، وهو حديثٌ مرويٌّ عن ابن عُمر بإسنادٍ حسنٍ، خرَّجه الدَّراقطنيُّ، وهو من فوائده) انتهى، والذي أعرف أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام من حينَ طاف للإفاضة يوم النَّحر؛ لم يرجع إلى مكَّة إلَّا في الوداع، وقد تَقَدَّم ذلك [9] في الرَّدِّ على أبي حسَّان في (الحجِّ)، والله أعلم.

قوله: (يُقْضَى): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/5016)

[حديث: ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني]

2640# قوله: (حَدَّثَنَا حِبَّانُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): أمَّا (حِبَّان)؛ فإنَّه بكسر الحاء المهملة، وتشديد الموحَّدة، وقد تَقَدَّم مَن هو [1] بكسرٍ في «الصَّحيحين» و «المُوَطَّأ»؛ وهم: حِبَّان بن عطيَّة، له ذكر في «البخاريِّ» في قصَّة حاطب، وحِبَّان _هذا_ ابن موسى السُّلميُّ المروزيُّ [2]، روى عنه: البخاريُّ ومسلم، وحِبَّان ابن العَرِقَة [3]، له ذكرٌ في «البخاريِّ» و «مسلم» في رمي سعدَ بنَ مُعاذ يوم الخندق، هلك حِبَّان على كفره، وابنُ موسى: يجيء غيرَ منسوب [4]_كهذا الموضع_ عن عبد الله؛ وَهُوَ ابن المبارك.

قوله: (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ): تَقَدَّم الكلام عليه، وكذا (ابْنَة أبي [5] إِهَابٍ)، وأنَّ اسمها غنية [6]، وفي بعض طرقه: (زينب)، وعلى أبيها (أبي إهاب): (ابن عزيز)، وأنَّ المرأةَ الشَّاهدةَ أمَةٌ، ولا أعرفها، وكذا قوله: (وَتَزَوَّجَتْ [7] زَوْجًا غَيْرَهُ)، تَقَدَّم كلُّ ذلك في (كتاب العلم).

==========

[1] (هو): ليس في (ب).

[2] زيد في (ب): (له)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[3] زيد في (ب): (هو).

[4] في (ب): (مكسور)، وهو تحريفٌ.

[5] كذا في النُّسختَين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (لأَبِي).

[6] في (ب): (أغينة)، وهو تحريفٌ.

[7] كذا في النُّسختَين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَنَكَحَتْ).

[ج 1 ص 649]

(1/5017)

[باب الشهداء العدول]

(1/5018)

[حديث: إن أناسًا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله]

2641# قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه أبو اليمان، وأنَّ (شُعَيْبًا): هو ابن أبي حمزة، وأنَّ (الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله (أَمِنَّاهُ): هو بكسر الميم، مُشدَّد النُّون، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (لَمْ يأْمَنْهُ [1]): هو بفتح الميم، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

==========

[1] كذا في النُّسختَين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (نَأمَنْه)؛ بالنُّون.

[ج 1 ص 649]

(1/5019)

[باب تعديل كم يجوز]

(1/5020)

[حديث: شهادة القوم المؤمنون شهداء الله في الأرض]

2642# قوله: (مُرَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِجَنَازَةٍ): (مُرَّ): هو [2] مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو لازم، والبناء من اللَّازم [3] لا يجوز إلَّا عند سيبويه، وهذه [4] (الجنازة) لا أعرف صاحبها، وقد تَقَدَّم ذلك أيضًا، وكذا الثَّانية.

==========

[1] كذا في النُّسختَين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (النَّبِيِّ).

[2] (هو): ليس في (ب).

[3] في (ب): (الكلام)، وهو تحريفٌ.

[4] في النُّسختين: (وهذا)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 649]

(1/5021)

[حديث: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة .. ]

2643# قوله: (عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ): هو ظالم بن عَمرو، ويقال: بالعكس، ويقال: عمَرو بن سفيان، وقال الواقديُّ: عُوَيمر بن ظويلم الدِّيليُّ، ويقال: الدُّؤليُّ، عن عُمر، وأُبيٍّ، وعليٍّ، ومعاذٍ، وأبي ذرٍّ، والزُّبير، وأبي موسى، وجماعةٍ، وعنه: ابنه أبو حرب، ويحيى بن يعمُر، وعبد الله بن بُريدة، وغيرهم، قال أحمد العجليُّ: ثقة، وهو أوَّل مَن تكلَّم في النَّحو، وقال الواقديُّ: أسلم على عهد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقاتل مَع عليٍّ يوم الجمل، قال ابن معين وغيره: هلك في طاعون الجارف سنة (69 هـ)، كان مِن وجوه الشِّيعة، قرأ القرآن على عليٍّ رضي الله عنه، وهو أوَّل مَن وضع مسائل النَّحو بإشارة عليٍّ، عرضها عليه، قال: ما أحسنَ هذا النَّحوَ الَّذِي نحوتَ! فمِن ثَمَّ سُمِّي النَّحوُ نَحْوًا، أخرج له الجماعة.

قوله: (فَمَرَّتْ جنَازَةٌ): صاحبُ هذه لا أعرف اسمه [1]، وكذا التي بعدها، والثَّالثة، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (لا أعرفها اسم صاحبها).

[ج 1 ص 649]

(1/5022)

[باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت القديم]

قوله: (بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الأَنْسَابِ، وَالرَّضَاعِ الْمُسْتَفِيضِ، وَالْمَوْتِ الْقَدِيمِ): هذا الباب عقده الإمام البخاريُّ لشَّهادة الاستفاضة، والمُعتبَر في الاستفاضة: بشرط أنْ يسمعه مِن جمعٍ كَثِيرٍ يقع العلم أو الظَّنُّ القويُّ بخبرهم ويُؤمَن تواطؤُهم على الكذب، وهذا الَّذِي رجَّحه الماورديُّ،

[ج 1 ص 649]

(1/5023)

وابنُ الصَّبَّاغ، والغزاليُّ، وهو أشبه بكلام الشَّافعيِّ، والثَّاني: يكفي عدلان، اختاره أبو حامد وأبو حاتم، ومال إليه الإمامُ، والثالث: يكفي خبرُ واحدٍ إذا سكن القلب إليه، حكاه السَّرخسيُّ وغيره؛ فعلى الأوَّل: ينبغي ألَّا تُشترَط العدالةُ ولا الحريَّة والذُّكورةُ، وفيما تُقبَل شهادة الاستفاضة: اختُلِف في عدده، وأجمعُ ما رأيت فيه كلامَ الإمام صلاح الدين العلائيِّ شيخ شيوخي في «قواعده» قال: نقلت ممَّا انتقي من تعليق القاضي صدر الدين مَوهوبٍ الجزريِّ: يُشهَدُ بالسَّماع في اثنين وعشرين موضعًا؛ وهي النَّسبُ، والموتُ، والنِّكاح، والولاء، وولاية الوالي، وعزلُه، والرَّضاع، وتضرُّر الزَّوجة، والصَّدقات، والأشربة القديمة [1]، والإحباس، والتَّعديل والتَّجريح لمَن لم يدركه الشَّاهدُ، والإسلام والكفر، والرُّشد والسَّفه، والحمل والولادة، والحريَّة، والقِسامة، قال: ولم أرها هكذا مجموعةً لغيره، فأمَّا النَّسب؛ فمُتَّفقٌ عليه، وفي النَّسب إلى الأمِّ وجهان؛ أصحُّهما [2]: الجواز، وفي العتق والولاء والوقف والزَّوجيَّة خلافٌ، والأصحُّ: الجواز أيضًا، وفي الموت كذلك، والأظهر: القطع بالجواز فِيْهِ، وأمَّا المُلْك؛ ففي الشَّهادة بهِ بمجرَّد الاستفاضة وجهان؛ قال الرَّافعيُّ: أقربُهما إلى إطلاق الأكثرين: الجوازُ؛ كالنَّسب، والظاهر: أنَّه لا يجوز ما لم ينضمَّ إليه اليد أو التَّصرُّف، وبقيَّة الصُّور فيها الخلاف أيضًا؛ لأنَّها داخلةٌ فيما تتوفَّر الطِّباع على إشاعته، وقد حكى الغزاليُّ جوازَ الشَّهادة بها بالتَّشايع [3] الخلاف، ومنه أيضًا: الغصب، ذكر الماورديُّ في «الأحكام السُّلطانيَّة» أنَّه يثبت بالاستفاضة، والدَّين أيضًا، حكى الهرويُّ في «الأشراف» وجهًا أنَّه يثبت بها، وفي كلام ابن الصَّبَّاغ ما يقتضيه، ولم يُذكَر فيما تَقَدَّم هذان، والمراد بالقسامة: ثبوت اللَّوث [4]، وليس فِيْهِ خلاف، فإنَّه يثبُت بقولِ عدلٍ واحدٍ، وبشهادة العبيد والنِّساء، وكذلك بقول الفسقة والصِّبيان الكفَّار على الأصحِّ، ويجوز أنْ يكون المراد بما تَقَدَّم: أنَّ مَن سمع مِن هؤلاء يجوز أنْ يشهد باللَّوث، والله أعلم، انتهى، والذي ذكره إحدى وعشرون صورةً، ولعلَّه سقط له: الملك، ويدلُّ لذلك: تفصيلُه له، والله أعلم.

(1/5024)

قوله: (وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ): أمَّا (أبو سلمة)؛ فعبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزوميُّ، أحد السَّابقين، وأمُّه بَرَّة بنت عبد المطَّلب عمَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو أخوه من الرَّضاعة، هاجر الهجرتين، وشهد بدرًا، ثمَّ تُوُفِّيَ بعدها، روى عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الاسترجاع عند المصيبة، وعنه: أمُّ أولاده أمُّ سلمة أمُّ المؤمنين، وأمَّا (ثُوَيْبَة)؛ فهي بضَمِّ الثاء المثلَّثة، وفتح الواو، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ موحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث، واختُلِف في إسلامها، كذا قال بعضُ الحُفَّاظ، وكذا ذكرها الذَّهبيُّ في «تجريده»، فقال: ثُوَيْبَة مولاة أبي لهب، يقال: أسلمت، وقد أرضعتِ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، تُوُفِّيَت سنة سبع من الهجرة.

(1/5025)

فائدةٌ: المراضع [5] اللَّاتي أرضعن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ثُوَيْبَة هذه، وحليمة بنت [6] أبي ذُؤَيبٍ السَّعديَّة زوج الحارث بن عبد العُزَّى، وقد اختُلِف في إسلامها، فقال الحافظ عبد المؤمن بن خلف: إنَّها لم تُسلِم، وقال غيرُه: أسلمت، وقد أفرد إسلامَها بالتَّأليف شيخ شيوخنا الحافظُ علاءُ الدِّين مغلطاي، وسمَّاه «التُّحفة الجسيمة في إسلام حليمة»، وعندي مِنْهُ نسخة، وقد اختُلِف في إسلام الحارثِ والده مِن الرَّضاعة، قال ابن القيِّم في أوَّل «الهَدْي»: وكان عمُّه صلَّى الله عليه وسلَّم حمزة مُسترضَعًا في بني سعد بن بكر، فأرضعت أمُّه لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومًا وهو عند حليمة، فحمزة رضيعه من وجهين؛ من ثُوَيْبَة والسَّعديَّة، وقال ابن سيِّد النَّاس الشَّيخُ الحافظُ فتح [7] الدِّين: وذكر أبو إسحاق ابن الأمين في استدراكه على أبي عُمر: خولة بنت المنذر بن زيد بن لَبِيد بن خداش التي أرضعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وذكر [8] غيرُه فيهنَّ أمَّ أيمن حاضنته عليه الصَّلاة والسَّلام، انتهى [9]، وقد سمَّى القاضي عياض أمَّ سيف مرضعةَ إبراهيم بن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: خولة بنت المنذر، قال: ويقال لها: أمُّ بُردةَ أيضًا، فأخشى أنا أنْ يكون فيما قاله ابن الأمين شيءٌ، مع أنَّ لفظ الذَّهبيِّ مُحتمِلٌ المعنيين، لكنَّ كونَها أرضعتِ النَّبيَّ عليه الصَّلاة والسَّلام أرجحُ، فإنَّه قال في «تجريده»: (خولةُ بنت المنذر بن زيد مرضعةٌ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذكرها العدويُّ)، انتهى، وأرضعه عليه الصَّلاة والسَّلام أيضًا العواتكُ، قال السُّهيليُّ في «روضه» في عاتكة بنت هلال: (أمُّ عبد مناف، وأمُّ هاشم عاتكة بنت مُرَّةَ، والأُولى عمَّة الثَّانية، وأمُّ وهبٍ جدِّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم [10] لأمِّه عاتكةُ بنت الأوقص بن مُرَّةَ بن هلال، فهنَّ عواتكُ ولدْنَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولذلك قال: «أنا ابن العواتك مِن سُلَيم»، وقد قيل في تأويل هذا الحديث: إنَّ ثلاثَ نسوةٍ مِن سُلَيم أرضعْنَه؛ كلُّهنَّ تُسمَّى عاتكةَ، والأوَّل: أصحُّ)، انتهى، وقال ابن عبد البَرِّ في «استيعابه» في ترجمة سيابة [11] بن [12] عاصم [13] ما لفظه: (والقول الثَّاني: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مَرَّ بنسوة أبكار من بني سُلَيم، فأخرجن ثديِّهِنَّ فوضعنها في فيِّ رسول

(1/5026)

الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فدرَّت) انتهى.

(1/5027)

[حديث: صدق أفلح ائذني له]

2644# قوله: (حَدَّثَنَا [1] الْحَكَمُ): هذا هو الحكم بن عتيبة الإمامُ، تَقَدَّم، وقَدَّمتُ فِيْهِ وَهْمًا للبخاريِّ، والله أعلم.

قوله: (اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ): هذا هو أفلح بن أبي القُعَيس، وقيل: أفلح أبو القُعَيس، وقيل: أخو أبي القُعَيس، أبو عائشة مِن الرَّضاعة، صحابيٌّ، قال النَّوويُّ: (أفلح أخو أبي القُعَيس الصَّحابيُّ مذكورٌ في (كتاب الرَّضاع)، هو عمُّ عائشة مِن الرَّضاع، وحديثه في الصِّحاح مشهورٌ)، وحَكى الأقوال الثَّلاثةَ المذكورةَ، ثمَّ قال: (والصَّحيح: أفلحُ أخو أبي القُعَيس، قال الخطيب في «المبهمات»: كنيته أبو الجَعْد)، انتهى، وأمَّا أبو القُعَيس؛ فقال الذَّهبيُّ في «تجريده»: أبو القعيس عمُّ عائشة من الرَّضاعة، وقيل: أبوها، وقيل: هو أفلح، وقال شيخنا الشَّارح: (وقيل: إنَّ أبا القُعَيس اسمُه الجَعْد، وقيل: يكنى أبا الجَعْد، وقيل: اسم أبي القعيس وائلُ بن أفلح، وعند ابن الحذَّاء: قيل: أفلح بن أبي الجَعْد، رواه عبد الرَّزَّاق، وقيل أيضًا: «عمِّي أبو الجَعْد»، وفي «صحيح الإسماعيليِّ»: «أفلح بن قُعَيس أو ابن أبي القُعَيس»، وقال ابن الجوزيِّ: «إنَّما هو أبو القُعيس أفلحُ»، وليس بصحيحٍ، إنَّما هو أبو الجَعْد أخو أبي القعيس، وقال القابسيُّ: لعائشةَ عَمَّان؛ الأوَّل: هذا، والثَّاني: ارتضع هو وأبو بكر مِن امرأة واحدة، وقيل: هما عمٌّ واحدٌ، ورجَّح القاضي عياضٌ الأوَّلَ، فقال: إنَّه أشبه؛ لأنَّه لو كان واحدًا؛ لفهمتْ حكمَه مِن المرَّةِ الواحدةِ، ولم تحتجبْ مِنْهُ، فإنْ قلت: فإذا كان لها عمَّان؛ فكيف سألتْ عن الميِّت بقولها: (لو كان فلان حيًّا) لِعمِّها من الرَّضاعة، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «إنَّ الرَّضاعة ... »، واحتجبتْ عن الآخر؛ أخي أبي القُعَيس حتَّى أعلمها عليه الصَّلاة والسَّلام؟ قيل: يحتمل أنَّ أحدهما كان عمًّا مِن أحد الأبوين، والآخر منهما، أو عمًّا أعلى، والآخر أدنى، أو نحو ذلك مِن الاختلاف، فخافت أن تكون الإباحة مُختصَّة بصاحب الوصف المسؤول عنه أوَّلًا، ويحتمل كما قال القرطبيُّ: أنَّها نسيتِ القصَّة الأولى، فأنشأت سؤالًا آخرَ، وجوَّزت تبديلَ الحكم).

(1/5028)

قوله: (أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي): (امرأة أخيه): لا أعرف اسمها، وأمَّا (أخوه)؛ فقال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين: (اسم أخيه وائلٌ، وقيل: الجَعْد)، انتهى، وقد رأيت وائلًا المشار إليه _وهو وائل بن أبي القعيس، ويقال: وائل بن القعيس عمُّ عائشة من الرَّضاعة_ ذكره في الصَّحابة.

==========

[1] كذا في النُّسختَين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (أَخْبَرَنَا).

[ج 1 ص 650]

(1/5029)

[حديث: لا تحل لي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب]

2645# قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه همَّام بن يحيى العَوْذِيُّ الحافظُ، وتَقَدَّم ضبط (العَوْذِيِّ) مرارًا.

قوله: (فِي بِنْتِ حَمْزَةَ): (حمزة): له بناتٌ، وسأذكرهنَّ، وهذه هي أمامة كما قاله ابن الجوزيِّ في أوائل «تلقيحه»، قال: (ويقال: عمارة)، انتهى، وعُمَارة: وَلَدٌ ذَكَرٌ [1] على الصَّحيح.

قوله: (هِيَ بِنْتُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ): تَقَدَّم أعلاه [2] أنَّ حمزة رضيعُه عليه الصَّلاة والسَّلام من جهتين؛ من جهة ثُوَيْبَةَ، ومن جهة المرأة السَّعديَّة التي ذكرها ابن القيِّم، كما ذكرته أعلاه.

==========

[1] زيد في (ب): (انتهى)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[2] (أعلاه): ليس في (ب)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[ج 1 ص 650]

(1/5030)

[حديث: نعم إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة]

2646# قوله: (صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ): هذا الرَّجل الذي قالت عائشة: (أُرَاهُ فُلَانًا، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ): لا أعرف اسمه، و (أُراه): بضَمِّ الهمزة.

[ج 1 ص 650]

قوله: (لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ): (عمُّ عائشة من الرَّضاعة) هذا المشار إليه لا أعرفه، وقد تَقَدَّم بمقلوبها [1] الكلامُ على تكرُّر سؤالها عن ذلك مرَّتين.

==========

[1] (بمقلوبها): سقط من (ب).

(1/5031)

[حديث: يا عائشة انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة]

2647# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة.

قوله: (عَنْ [1] سُفْيَانَ): هذا هو الثَّوريُّ، سُفيان بن سعيد بن مسروق.

قوله: (عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ): (أبو الشَّعثاء): اسمه سُلَيم _بضَمِّ السين، وفتح اللَّام_ ابنُ أسودَ، المحاربيُّ [2] الكوفيُّ، عن عُمر، وابن مسعود، وأبي ذرٍّ، وعنه: ابنه أشعثُ وأبو إسحاقَ، ولازم عليًّا، أخرج له الجماعة، تُوُفِّيَ سنة [3] (82 هـ)، وثَّقه جماعة.

قوله: (وَعِنْدِي رَجُلٌ ... ) إلى أنْ قال: (قُلْتُ: أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ): لا أعرفه، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (وجدت بخطِّ مغلطاي على حاشية «الأُسْد»: عبد الله بن يزيد رضيع عائشة ... ) إلى أنْ قال ابن شيخنا: (فيشبه أنْ يكون هو، والله أعلم) انتهى، وفي هذا الكلام نظرٌ، وعبد الله بن يزيد رضيعُ عائشة روى عنها، ورَوى عنه: أبو قِلابة الجرميُّ فقط، وقد ذكره ابن حِبَّان في «ثقاته» في التَّابعين، وأخرج له مسلم والأربعة، وقد قال ابن حِبَّان في «ثقاته»: (روى عنه: أبو قِلابة وأهلُ البصرة)، انتهى، ولو كان الرَّجلُ الَّذِي عندها عبدَ الله بن يزيد؛ كان يكون صحابيًّا، وقد ذكرت لك أنَّه تابعيٌّ، وعجبٌ كيف خفيَ هذا على مغلطاي، ثمَّ على ابن شيخنا؟! اللَّهمَّ إلَّا أنْ يجوِّزا أنَّ شخصًا آخرَ يقال له: عبد الله بن يزيد كان رضيعَ عائشة، وفيه بُعْدٌ شديدٌ.

قوله: (تَابَعَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على مُحَمَّد بن كَثِير، و (ابن مهديٍّ): هو عبد الرَّحمن بن مهديٍّ، الحافظ المشهور، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وتَقَدَّم أعلاه أنَّ (سُفيان): هو الثَّوريُّ، والله أعلم، ومتابعة ابن مهديٍّ عن سُفيانَ أخرجها مسلم في (الشَّهادات) عن زهير بن حرب [4]، عن عبد الرَّحمن بن مهديٍّ، عن سُفيان.

(1/5032)

[باب شهادة القاذف والسارق والزاني]

قوله: (بَابُ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي): قال ابن المُنَيِّر بعد أن سرد ما في الباب: (قوله في التَّرجمة: «وكيف تُعرَف توبتُه» كالترجمة المُستقلَّة المعطوفة، ثمَّ بيَّن كيفيَّة المعرفة بالتَّوبة؛ بتغريب مَن يغرَّب مدَّةً معلومةً، وبهجران الثَّلاث مدَّةً معلومةً حتَّى يتحقَّقوا التَّوبة ويحسن الحال، يُشير إلى أنَّ التَّوبة قد تظهر بقرائنِ الأحوال، وبالأسباب المُضيَّقة على العاصي، وأنَّها زواجر بندمه على جريمته في الغالب، وأشكل ما في ذلك توبةُ القاذف المحقِّ إذا لم يكمُل النِّصاب، أمَّا الكاذب في القذف؛ فتوبته بيِّنةٌ، وأما الصَّادق في قذفه؛ كيف يتوب فيما بينه وبين الله؟! فأشبه ما في ذلك عندي: أنَّ المعايِن للفاحشة لا يجوز له أن يكشف صاحبها إلَّا إذا تحقَّق كمالَ النِّصاب معه، فإذا كشفه حيث لا نِصاب؛ فقد عصى الله وإن كان صادقًا، فيتوب مِن المعصية في الإعلان، لا مِن الصِّدق، والله أعلم)، انتهى، وقد رأيت لابن قيِّم الجوزيَّة مثل هذا أو نحوَه، وأنا بعيد العهد به، والله أعلم، ومذهب الشَّافعيِّ أنْ يُختبَر بعد التَّوبة مُدَّةً يُظَنُّ بها صدقُ توبتِه، وقدَّرها الأكثرون بسَنَةٍ.

(1/5033)

قوله: (وَجَلَدَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [1] أَبَا بَكْرَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعًا بِقَذْفِ الْمُغِيرَةِ، ثمَّ اسْتَتَابَهُمْ): أمَّا (أبو بكرة)؛ فقد تَقَدَّم أنَّ اسمَه نُفَيع بن الحارث بن كَلَدَةَ الثَّقفيُّ، من فضلاء الصَّحابة مشهور، وقيل: نُفَيع بن مسروح، والحارث بن كلدة مولاه مِن فوقُ، أخرج لأبي بكرة الجماعةُ، وأحمد في «المسند»، تُوُفِّيَ سنة (51 هـ)، وأمَّا (شِبْلُ بن مَعْبد)؛ فهو [2] صحابيٌّ، وقيل: لا صحبةَ له [3]، كذا ذكر غيرُ واحد؛ منهم: التِّرمذيُّ في «جامعه»، كما سيأتي لفظه، وقيل: شِبْل بن حامد، وقيل: ابن خُلَيد [4] المزنيُّ أو البجليُّ، روى عنه: عبيد الله بن عبد الله، أخرج لشِبْل بن مَعْبد النَّسائيُّ، قال التِّرمذيُّ في «جامعه»: (وشِبْل بن خالد لم يدركِ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويقال: شِبْل بن خليد)، انتهى، وقال الطَّبريُّ: شِبْل بن مَعْبد بن عبيد بن الحارث بن عَمرو بن عليِّ بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار البجليُّ، وهو أخو أبي بكرة لأمِّه، وهم أربعة إخوةٍ لأمٍّ، اسمُها سُمَيَّة، وهم الشُّهود، وأمَّا (نافع) هذا؛ هو نافع بن الحارث بن كَلَدَةَ؛ بفتح الكاف واللَّام، الصَّحابيُّ أبو عبد الله الثَّقفيُّ، أخو أبي بكرة لأمِّه، أمُّهما سُمَيَّة، وهو أحد الأربعة الشُّهود بالزِّنى على المغيرة، وقد قَدَّمتُ أنَّ الأربعةَ إخوة لأمٍّ، والأربعةُ: نافع، وأبو بكرة _وهما أخوان لأبوين_ وزياد بن أبيه، وهو أخوهما لأمِّهما [5]، والرَّابع: شِبْل بن مَعْبد، لكن زياد لم يجزم بالشَّهادة بحقيقة الزِّنى؛ فلم تثبُت، ولم يُحَدَّ المغيرةُ، وجلَدَ عُمرُ الثَّلاثةَ الذين قدَّمتهم، وذُكِرُوا في «الصَّحيح»، وكان نافع بالطَّائف حين حاصرها عليه الصَّلاة والسَّلام، فأمر عليه الصَّلاة والسَّلام مناديًا فنادى: مَن أتانا مِن عَبيدهم؛ فهو حرٌّ، فخرج إليه نافعٌ وأخوه أبو بكرةَ وغيرُهما _وسأذكر مَن نزل من حصن الطَّائف في مكانه من كلام السُّهيليِّ فيما يأتي_، فأعتقهما رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وسكن نافعٌ البصرةَ، وبنى بها دارًا.

فائدةٌ: قد ذُكِرَ اسمُ المقذوف أنَّه المغيرة، ولم تُذكَرِ المرأةُ المَرميُّ بها المغيرةُ، وهي أمُّ جَمِيل بنت الأرقم بن عامر بن صعصعة، وكانت تغشى المغيرةَ.

(1/5034)

قوله: (قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ): (قَبِلْتُ): مبنيٌّ للفاعل، و (شهادتَه): مفعولٌ مَنْصوبٌ، وفي نسخة: (قُبِلَتْ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شهادتُه): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَأَجَازَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُتْبَةَ): الظاهر أنَّه عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذليُّ، رأى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو خماسيٌّ أو سداسيٌّ، وأبوه مِن المهاجرين، يروي عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعن عُمر، وعمَّارٍ، وعمِّه عبدِ الله بن مسعود، وجماعةٍ، وعنه: ابناه؛ عبيدُ الله الفقيهُ وعون الزَّاهد، والشَّعبيُّ، وابن سيرين، وأبو إسحاق، وجماعةٌ، قال ابن سعد: كان ثقةً رفيعًا، كَثِير الحديث والفُتيا، فقيهًا، وقال ابن حِبَّان: كان يؤمُّ النَّاس بالكوفة سنة (74 هـ)، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

قوله: (وَالشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، وأنَّ (الشَّعْبي)؛ بفتح الشين المعجمة، مشهور جدًّا.

قوله: (وَالزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه مُحَمَّد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالم المشهور.

[ج 1 ص 651]

قوله: (وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ): تَقَدَّم أنَّ (مُحارب): اسم فاعل، من (حارب)، وأنَّ (دِثَارًا) بكسر الدَّال المهملة، ثمَّ ثاء مثلَّثة مخفَّفة، وفي آخره راءٌ، وقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (وَشُرَيْحٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن الحارث القاضي، أبو أميَّة الكنديُّ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وهو بالشين المعجمة، والحاء المهملة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ): هو معاوية بن قُرَّة بن إياس بن هلال، أبو إياس المزنيُّ البصريُّ، يروي عن أبيه، وابن عبَّاس، وعبد الله بن مُغفَّل، وعنه: ابنه: إياس، وشعبة، وخلقٌ، وكان عالمًا عاملًا [6]، وُلِد يوم الجمل سنة (36 هـ)، وتُوُفِّيَ سنة (113 هـ)، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين، وأبو حاتم، وجماعة.

قوله: (وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بالنُّون، وأنَّ اسمه عبد الله بن ذكوانَ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ): (قُبِلَتْ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شهادتُه): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وكذا (قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ) التي بعد هذه.

(1/5035)

قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا أنَّه عامر بن شَراحيل.

قوله: (وَقَالَ الثَّوْرِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سفيان بن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ، العالم المشهور، شيخ الإسلام.

قوله: (إِذَا جُلِدَ الْعَبْدُ): (جُلِدَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (العَبْدُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (ثمَّ أُعْتِقَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَإِنِ اسْتُقْضِيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الْمَحْدُودُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ): قال شيخنا الشَّارح: (أراد: أبا حنيفة، قال: وقد حكاه ابن حزم عن ابن عبَّاس بإسناده إلى ابن عبَّاس، قال: شهادة القاذف لا تجوز وإنْ تاب، قال ابن حزم: وصحَّ ذلك أيضًا عن الشَّعبيِّ ومسروقٍ في أحد قوليهما، وابن المسيّب في أحد قوليه، والحسن البصريِّ، ومجاهدٍ في أحد قوليه، وعكرمةَ في أحد قوليه، وشُرَيحٍ، وسفيانَ بن سعيد، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه)، قال شيخنا: (ثمَّ قال بعدُ: وأمَّا أبو حنيفة؛ فما نعلم له سلفًا في قوله إلَّا شُرَيحًا وحدَه؛ فقد خالف جمهور العلماء في ذلك، وهو غريب مع جلالته)، انتهى، وقد تَقَدَّم مِن كلام ابن حزم مَن قال مثل قول أبي حنيفة.

قوله: (وَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الزَّانِيَ سَنَةً): هو ولد ذاك الرَّجل الَّذِي كلَّم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان قد افتدى ولده مِن زوج المرأةِ المزنيِّ بها بمئة شاةٍ ووليدةٍ، قال: (ثمَّ سألت أهل العلم، فأخبروني أنَّ على ابني جلدَ مئةٍ وتغريبَ عامٍ، وأنَّ على امرأة هذا الرَّجمَ)، وقد تَقَدَّم أنَّ المرأةَ وزوجَها والولدَ الزَّانيَ _وهو العسيف الأجير_ ووالدَه لا أعرفهم، والله أعلمُ بهم.

قوله: (وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ): هما هلال بن أميَّة الواقعيُّ، ومُرارة بن الرَّبيع العَمْريُّ، كما سيأتي في «الصَّحيح»، وهو [7] في «مسلم» أيضًا.

==========

[1] التَّرضية ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في (ب): (فقيل).

[3] (له): سقط من (ب).

[4] في (ب): (جليد)، وهو تصحيفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق، وزيد في النُّسختين: (كما تقدَّم)، وهي مستدركةٌ في (أ)، والصَّواب: حذفها؛ لتعلُّقها بالكلام المضروب عليه.

(1/5036)

[5] في (ب): (لأبيهما)، وهو تحريفٌ.

[6] في (ب): (عابدًا).

[7] زيد في (ب): (ما).

(1/5037)

[حديث: أن امرأةً سرقت في غزوة الفتح فأتي بها رسول الله]

2648# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبدِ الله، ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وتَقَدَّم (ابْنُ وَهْبٍ): أنَّه عبد الله بن وهب، أحد الأعلام، وأنَّ (يُونُسَ): هو ابن يزيدَ الأيليُّ.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ ... ) إلى آخره: هذا تعليق مجزوم به، وهو هنا مُرسَلٌ، والمُسنَد مِنْهُ هنا إلى عائشة: (قالت عائشة: فحسًنتْ توبتُها ... ) إلى آخره، وقد أخرجه الجماعة مُسنَدًا مُتَّصِلًا؛ فأخرجه البخاريُّ في (بني إسرائيل)، وفي (فضل أسامة)، وفي (الحدود)، وكلُّ الجماعة مِن طريق اللَّيث عن الزُّهريِّ به، والله أعلم.

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، أحد الأعلام.

قوله: (أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ): هذه المرأة اسمها فاطمةُ بنت الأسود بن عَبْد الأسد، صحابيَّةٌ، معروفةٌ رضي الله عنها، قال الذَّهبيُّ: (فاطمة بنت أبي الأسد أو أبي الأسود، وقيل: بنت الأسد بن عبد الأسد، هي المخزوميَّة التي سرقت وأهمَّهم شأنُها).

قوله: (فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللهِ): (أُتِي): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (رسولُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

(1/5038)

[حديث: أمر فيمن زنى ولم يحصن بجلد مائة وتغريب عام]

2649# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وتَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد الإمامُ، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (عُقَيْل): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وتَقَدَّم (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): أنَّه ابن عتبة بن مسعود، وتَقَدَّم الكلام على (زَيْد بْن خَالِدٍ): أنَّه الجهنيُّ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا رضي الله عنه.

==========

[ج 1 ص 652]

(1/5039)

[باب: لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد]

قوله: (بابٌ: لَا يَشْهَدْ [1]): هو مجزومٌ على النَّهي.

قوله: (إِذَا أُشْهِدَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعلُه.

==========

[1] كذا في النُّسختَين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (لا يشهدُ)؛ بالرَّفع.

[ج 1 ص 652]

(1/5040)

[حديث: لا تشهدني على جور]

2650# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بن أبي رَوَّاد، وتَقَدَّم (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن المبارك، العالم المشهور، وتَقَدَّم (أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ [1]): أنَّه بفتح الحاء، وتشديد المثنَّاة تحت، وأنَّ اسمه يحيى بن سعيد بن حَيَّان، عن أبي زرعة والشَّعبيِّ، وعنه: يحيى بن سعيد القطَّان وأبو أسامة، إمامٌ ثبْتٌ، أخرج له الجماعة، وتُوُفِّيَ سنة (145 هـ)، ولكن بَعُدَ العهد به، فلهذا ذكرتُه ببعض ترجمةٍ، وتَقَدَّم (الشَّعْبِي): أنَّه عامر بن شَراحيل، وأنَّه بفتح الشين المعجمة، وتَقَدَّم الكلام على (النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ)، وأنَّ (بَشِيرًا) بفتح الموحَّدة، وكسر الشين المعجمة، وهما صحابيَّان، وتَقَدَّم الكلامُ على (أمِّ النُّعمان)، وأنَّها عمرةُ بنت رَواحة.

[قوله: (فَأُرَاهُ): هو بضَمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّه] [2].

[ج 1 ص 652]

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ): (أبو حَرِيز): تَقَدَّم في (الصَّوم) أنَّه بفتح الحاء المهملة، وكسر الرَّاء، وفي آخره زايٌ، وأنَّ اسمه عبدُ الله بن الحُسين قاضي سجستان، علَّق عنه أيضًا في (الصَّوم)، وتقدَّمت ترجمته فيه، وليس مِن شرطه، وتعليقه عنه ليس في شيء من الكتب السِّتَّة، ولكن تَقَدَّم موصولًا في (الهبة) من حديث حُصَين عن الشَّعبيِّ، وتَقَدَّم (الشَّعبي): أنَّه عامر بن شَراحيل.

(1/5041)

[حديث: خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم]

2651# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح الجيم، وبالرَّاء [1]، وأنَّه نصر بن عمران الضُّبَعيُّ، تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ.

قوله: (زَهْدَم بْن مُضَرِّبٍ): هو بفتح الزَّاي، ثمَّ هاء ساكنة، ثمَّ دال مهملة، و (مُضَرِّب)؛ بضَمِّ الميم، وفتح الضاد المعجمة، ثمَّ راء مكسورةٍ مُشدَّدة، ثمَّ مُوحَّدة.

قوله: (خَيْرُكُمْ قَرْنِي): المراد بـ (قرنه): الصَّحابةُ، وسيأتي الاختلافُ في مدَّة القرن، وفيه أقوالٌ، في (مناقب الصَّحابة)، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): التَّابعون، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): أتباع التَّابعين.

قوله: (وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ): سيأتي الكلامُ عليه في (مناقب الصَّحابة)، والجمع بينه وبين قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «خير الشَّهداء الذي يأتي بشهادته قبل أنْ يُسألَها».

قوله: (وَيَنْذِرُونَ): هو بكسر الذَّال المعجمة، ويجوز ضمُّها.

قوله: (وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ [2]): أي: يظهر في غالبهم، أراد به: إذا اكتسب السِّمن؛ أي: يشتغلون بالأكل عمَّا هم بصدده مِن العبادة.

==========

[1] في (ب): (وبالزاي)، وهو تحريفٌ.

[2] في هامش (ق): (أي: يظهر في غالبهم السِّمن مكتسبًا لا خلقًا، وقيل: أراد به أنه من اكتسب السمن للتوسع بالطعام؛ أي: ليستكثر بالأكل عن غير حاجة، فذكره بصدده من نحو ما تَقَدَّم).

[ج 1 ص 653]

(1/5042)

[حديث: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم]

2652# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة، وتَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّه الثَّوريُّ سفيانُ بن سعيد بن مسروق، وذلك لأنِّي رأيت الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر في ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير _ هذا_ العبديِّ: أنَّه روى عن الثَّوريِّ، ولم يذكر ابن عيينة في مشايخه، ورأيت الذَّهبيَّ في «تذهيبه» قال في ترجمة مُحَمَّد بن كَثِير: (عن شعبة وسُفيان)، وأطلق، فحملتُ المُطلَق على المُقيَّد، وقد تَقَدَّم لي مثلُه، والله أعلم، وتَقَدَّم (مَنْصُور): أنَّه ابن المُعتمِر، وتَقَدَّم (إِبْرَاهِيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.

قوله: (عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ): هذا هو عَبيدةُ بن عَمرٍو، وقيل: ابن قيس السَّلْمانيُّ، أحد الأئمَّة، تقدَّمت ترجمته، وأنَّ مَن يقال له: عَبيدة؛ بفتح العين: هذا، وعَبيدة بن حُمَيد، روى له البخاريُّ، والثَّالث: عامر بن عَبيدة الباهليُّ، وقد ضُبِطَ عن المُهلَّب بالضَّمِّ، وهو وَهَمٌ، علَّق عَنه البخاريُّ في (كتاب الأحكام)، وسيأتي.

قوله: (عَنْ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن مسعود بن غافل الهُذليُّ، الصَّحابيُّ المشهورُ، من المهاجرين الأوَّلين.

قوله: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي): تَقَدَّم أعلاه أنَّه يجيء الخلافُ في (القرن)، وفيه أقوالٌ، وتَقَدَّم أعلاه أنَّ المراد بقرنه: الصَّحابةُ، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): التَّابعون، و (الَّذِينَ يَلُونَهُمْ): أتباع التَّابعين.

قوله: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ): معناه: أنْ يجمع بين اليمين والشَّهادة، وقيل: المراد: النَّهي عن قوله: على عهد الله، وأشهد بالله، قاله النَّوويُّ، وسيأتي في (الأيمان)، ولفظه: (قال إبراهيم: وكان أصحابنا ينهوننا ونحن غِلمان أنْ نحلف بالشَّهادة والعهد)، وهذا يدلُّ للقول الثَّاني.

==========

[ج 1 ص 653]

(1/5043)

[باب ما قيل في شهادة الزور]

قوله: (وَكِتْمَانِ الشَّهَادَةِ): هو بجرِّ (كتمان)، معطوف على (مَا قِيلَ).

قوله: ({تَلْوُوا} [النِّساء: 135]: أَلْسِنَتَكُمْ): (ألْسِنَتَكُمْ): بالنَّصب مفعولٌ، والضَّمير فاعلٌ، وهذا تفسير لـ {تَلْوُوا} [1] التي في (سورة النِّساء).

==========

[1] زيد في النُّسختَين: (ألسنتكم)، وهو سبق نظر.

[ج 1 ص 653]

(1/5044)

[حديث: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وشهادة الزور]

2653# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ): هو بضَمِّ الميم، وكسر النُّون، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راءٍ.

قوله: (سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكَبَائِرِ): لا أعلم الذي سأله.

قوله: (تَابَعَهُ غُنْدرٌ وَأَبُو عَامِرٍ وَبَهْزٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ شُعْبَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على الَّذِي رواه عن شعبة؛ وهما اثنان: وهب بن جَرِير، وعبد الملك بن إبراهيم وهو الجُدِّيُّ [1]، ومراده: أحدُهما، و (غُنْدُر): تَقَدَّم ضبطُه مرارًا، وأنَّه عبد الله بن جعفر، وأمَّا (أبو عامر)؛ فتقدم أنَّه عبد الملك بن عمرٍو القيسيُّ، أبو عامر، العَقَديُّ البصريُّ الحافظ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، و (بهز): هو ابن أسد العمِّيُّ، أبو الأسود، البصريُّ، يروي عن شعبة، وأبي بكر النَّهشليِّ، وحمَّاد بن سلمة، وطبقتهم، وعنه: أحمد، وبُنْدار، ويعقوب الدَّورقيُّ، وطائفةٌ، قال أحمد: إليه المنتهى في التثبُّت، وقال أبو حاتم: إمامٌ ثقةٌ، مات قبل يحيى القطَّان، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وأمَّا (عبد الصَّمد)؛ فتقدَّم مُتَرجَمًا، وهو عبد الصمد بن عبد الوارث التَّنُّوريُّ الحافظ الحُجَّة.

ومتابعة غُنْدر عن شعبة أخرجها البخاريُّ في (الأدب) عن مُحَمَّد بن الوليد، عن غُنْدُر، عن شعبة، وأخرجها مسلمٌ عن مُحَمَّد بن الوليد به، ومتابعة أبي عامر _وهو العَقَديُّ_ ليست في شيء مِن الكتب السِّتَّة، وكذا متابعة بهز بن أسد، وأمَّا متابعة عبد الصَّمد؛ فأخرجها البخاريُّ في (الدِّيات) عن إسحاق بن منصور، عن عبد الصَّمد، عن شعبة.

==========

[1] في (ب): (الجدر)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 653]

(1/5045)

[حديث: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله]

2654# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الموحَّدة، وبالشِّين المعجمة، و (الْمُفَضَّل)؛ بالضَّاد المعجمة، اسم مفعول من (فضَّله) المُشدَّد.

قوله: (حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ): هو بضَمِّ الجيم، وفتح الرَّاء، وهو سعيد بن إياس، أبو مسعود، الجُرَيريُّ، تَقَدَّم مُتَرجَمًا لكن من زمانٍ، روى عن أبي الطُّفيل ويزيد بن الشِّخِّير، وعنه: شعبة ويزيد بن هارون، قال أحمد: كان مُحدِّث أهل البصرة، وقال أبو حاتم: تغيَّر حفظه قبل موته، وهو حسنُ الحديثِ، تُوُفِّيَ سنة (144 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (عَنْ عَبْدِ الرَّحمن بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ): تَقَدَّم قريبًا (أبو بكرة) نُفَيع بن الحارث رضي الله عنه.

قوله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ): هذا تعليقٌ مجزومٌ به، و (إسماعيل) هذا: هو ابن عُليَّة الإمام، وقد أسنده في (استتابة المُرتَدِّين) عن قيس بن حفص، عن إسماعيل ابن عُليَّة، عن سعيد الجُرَيريِّ، عن عبد الرَّحمن بن أبي بكرة به.

والحكمة في الإتيان بهذا التَّعليق: أنَّ في السند الأوَّل: الجُرَيريُّ عن عبد الرَّحمن بن أبي بكرة، وفي التَّعليق أتى إسماعيل به عن الجُرَيريِّ قال: حدَّثنا عبد الرَّحمن، وإنْ حوشي الجُرَيريُّ من التَّدليس إلَّا ليخرج مِن خلافِ مَن خالف، كما تَقَدَّم، والله أعلم.

(1/5046)

[باب شهادة الأعمى]

قوله: (بابُ شَهَادَةِ الأَعْمَى ... ) إلى آخر التَّرجمة: سرد ابن المُنَيِّر ما في هذا الباب بلا إسناد، ثمَّ قال: الجامع بين هذه الأحاديث معرفةُ الصَّوت وتميُّزُ صاحبه؛ كتمييزه بشخصه لو رآه، ويقتضي ذلك صحَّة شهادة الأعمى على الصَّوت، وأمَّا كون ابن عبَّاس كان يبعث رجلًا يخبره بغيبوبة الشَّمس فيفطر بقوله؛ فوجه مطابقته _والله أعلم_: أنَّ ابن عبَّاس اعتمد على علمه بغيبوبة الشَّمس وإنْ لم يعاينها؛ اكتفاءً بخبر الواحد مع قرائن الأحوال، ولعلَّ البخاريَّ يشير بحديث ابن عبَّاس إلى شهادة الأعمى على التَّعريف؛ أي: يعرف أنَّ هذا فلان، فإذا عرف؛ شهد [1]، وشهادة التَّعريف مُختلَف فيها عند مالك، وكذلك البصير إذا لم يعرف نسب الشَّخص، فعرَّفه بنسبه مَن وثق به؛ فهل يشهد على ابن فلان بنسبه أو لا؟! مُختلَف [2] فيه أيضًا، انتهى.

قوله: (وَمَا يُعْرَفُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

[ج 1 ص 653]

قوله: (وَأَجَازَ شَهَادَتَهُ قَاسِمٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ): أمَّا (قاسم)؛ فهو ابن مُحَمَّد بن أبي بكر، أحد الفقهاء السَّبعة، تَقَدَّم، وأمَّا (الحسن)؛ فهو البصريُّ، العالم المشهور، وأمَّا (ابن سيرين)؛ فهو مُحَمَّد بن سيرين، أحد الأعلام، وتَقَدَّم بنو سيرين كم هم، وكذا بناته، وأمَّا (الزُّهريُّ)؛ فهو مُحَمَّد بن مسلم، العالم الفرد، وأمَّا (عطاء)؛ فهو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكة، تَقَدَّم.

قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، وأنَّ (الشَّعْبيَّ) بفتح الشين.

قوله: (وَقَالَ الْحَكَمُ): هو ابن عتيبة القاضي الإمام، أحد الأعلام.

قوله: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ): تَقَدَّم أعلاه وقبله مرارًا.

(1/5047)

قوله: (وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ): هو بالمثنَّاة تحت، وبالسين المهملة، وهو مولى أمِّ المؤمنين ميمونة، كنيته أبو أيُّوب، وقيل: أبو عبد الرَّحمن، وهو أخو عطاء بن يَسار وعبد الملك وعبد الله، يروي عن زيد بن ثابت، وعائشة، وأبي هريرة، وميمونة، وأمِّ سَلَمة، وغيرِهم، وأرسل عَنْ جماعةٍ من الصَّحابة، وعنه: مكحول، وقتادة، والزُّهريُّ، وخلقٌ، وكان من جُلَّة علماء التَّابعين، قال أبو زرعة: ثقة مأمون فاضل عابد، وقال النَّسائيُّ: أحد الأئمَّة، تُوُفِّيَ سنة (94 هـ)، وقال الهيثم: سنة (100 هـ) [3]، وقيل: سنة (103 هـ)، وقال خليفة: سنة (104 هـ)، وقال جماعة: سنة (107 هـ)، أخرج له الجماعة.

قوله: (شَهَادَةَ امْرَأَةٍ مُنْتَقِبَةٍ): هذه المرأة لا أعرفها، و (مُنْتَقِبَة): بضَمِّ الميم، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ قاف مكسورة، ثمَّ [4] موحَّدة مفتوحة، قال بعضهم: ويُروَى بتقديم التاء على النون.

==========

[1] في النسختين: (وشهد)، والمثبت من مصدره.

[2] في (ب): (يختلف).

[3] في (ب): (90 هـ)، والمثبت موافقٌ لما في كتب التَّراجم.

[4] (ثمَّ): سقط من (أ).

(1/5048)

[حديث: رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آيةً أسقطتهن من سورة كذا]

2655# قوله: (رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ): هو عبَّاد، وسيجيء مسمًّى بعده بقليل جدًّا، وهو عبَّاد بن بِشْر، من أجلَّاء الصَّحابة، نبَّه على ذلك ابن التِّين، كما نقله شيخنا، انتهى.

وقد رأيت في نسخة صحيحة بـ «البخاريِّ»: (عبَّاد بن تميم)، كذا هو منسوبٌ، وقد عُلِّم على النَّسب علامةُ الفربريِّ، وسيجيء في (باب نسيان القرآن) الاختلافُ في تعيين هذا الرَّجل، وجعل ابن شيخِنا البلقينيِّ حديث: (سمع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلًا يقرأ في المسجد)، فقال رحمه الله: إنَّه عبد الله بن يزيد الخطميُّ، وأنَّ القصَّة التي فيها عبَّاد قصَّةٌ أخرى، وقال: هو عبَّاد بن بِشْر بن وقش الأشهليُّ، رفيق أُسيد بن حُضَير في المصباحين، انتهى ملخَّصًا، وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين: هو عبد الله بن يزيد الأنصاريُّ القارئ، وزعم عبد الغنيِّ أنَّه الخطميُّ، وليس في روايته التي ساقها نسبته كذلك، وقد فرَّق ابن منده بينه وبين الخطميِّ وأصاب، وقد رأيت في «تجريد الذهبيِّ» فرَّق أيضًا، فذكر الخطميَّ ثمَّ قال: عبد الله بن يزيد القارئ، له ذكرٌ في حديث عائشة: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم سمع قراءته، انتهى.

قوله: (وَزَادَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَائِشَةَ): هذا تعليقٌ مجزوم به، وهو عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبير بن العوَّام، عَنْ عائشة، وزيد بن ثابت، وعدَّةٍ، وعنه: ابنه يحيى، وابن عمِّه هشام بن عروة، وعدَّةٌ، وكان كبير القدر، وُلِّيَ قضاء أبيه، وقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا، و (زَادَ): تَقَدَّم أنَّها مثل: (قَالَ)، وتعليق عبَّاد لم أرَه في شيءٍ من الكتب السِّتَّة، ولم يخرِّجه شيخنا.

قوله: (فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه.

==========

[ج 1 ص 654]

(1/5049)

[حديث: إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن]

2656# قوله: (ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ): هو عَمرو بن قيس بن زائدة _وقيل: زياد_ ابن الأصمِّ، وبقيَّة نسبه معروفٌ، القرشيُّ العامريُّ، ويقال: عَمرو بن زائدة، ويقال: عبد الله بن زائدة، والصَّحيح في اسمه: عَمرٌو، هاجر إلى المدينة قبل مقدمه عليه الصَّلاة والسَّلام إليها، وسيجيء الكلام في أوَّل من هاجر إليها، واستخلفه عليه الصَّلاة والسَّلام ثلاثَ عشرةَ مرَّةً في غزواته [1] على المدينة، وشهد القادسيَّة وقُتِل بها شهيدًا، وكان معه يومئذٍ اللِّواء، هذا هو المشهور، وقال ابن قتيبة: إنَّه شهد القادسيَّة، ورجع منها إلى المدينة فمات بها، وفضائله مشهورةٌ، وقد تَقَدَّم في أوائل هذا التَّعليق.

قوله: (وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى، لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ [2]): تَقَدَّم مَن قائل هذا الكلام.

==========

[1] في (ب): (غزوات).

[2] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى، لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ النَّاسُ: أَصْبَحْتَ)، والمثبت مشابه لرواية الحديث (617).

[ج 1 ص 654]

(1/5050)

[حديث: خبأت هذا لك خبأت هذا لك]

2657# قوله: (عَنْ [1] أيُّوبَ): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، تَقَدَّم مرارًا ومرَّةً مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ) هو ووالده.

==========

[1] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حدَّثنا).

[ج 1 ص 654]

(1/5051)

[باب شهادة النساء]

(1/5052)

[حديث: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل]

2658# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكمِ بن مُحَمَّد، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَخْبَرَنِي زَيْدٌ [1]): هذَا هو ابن أسلم، مولى عُمر بن الخطاب، الفقيه، مشهورٌ.

قوله: (عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): قال الدِّمياطيُّ: (ابن سعد بن أبي سرح حسامٍ)، انتهى.

قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الخدريُّ، وكذا هو في نسخةٍ منسوبًا، وهو سعد بن مالك بن سنان الخدريُّ رضي الله عنه.

قوله: (فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا): (ذلكِ): بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وفي أصلنا بفتح الكاف بالقلم، وفيه نظرٌ.

==========

[1] في هامش (ق): (ابن أسلم، أبو أسامة، مولى عمر بن الخطاب).

[ج 1 ص 654]

(1/5053)

[باب شهادة الإماء والعبيد]

قوله: (وَأَجَازَهُ شُرَيْحٌ): وهو بالشين المعجمة، تَقَدَّم، القاضي، ابن الحارث، المشهور، وقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى): هذا أبو حاجب الحرشيُّ، قاضي البصرة التَّابعيُّ، عن عمران بن الحصين والمغيرةِ بن شعبة، وعنه: قتادة وعوفٌ، وكان يقضي في داره، وقد أمَّ فقرأ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر: 8]، فشهق فمات، وقد ذكر خبرَ موته التِّرمذيُّ في «جامعه» في (باب ما جاء في وصف صلاة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم باللَّيل) بسنده، ثقةٌ، تُوُفِّيَ سنة (93 هـ)، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: هذا هو خلاف زُرارة بن أوفى النَّخَعيِّ، هذا له صحبةٌ، تُوُفِّيَ في زمن عثمان رضي الله عنهُمَا، ذكره ابن عبد البَرِّ في «استيعابه».

قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ): هو مُحَمَّد بن سيرين، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (وَأَجَازَهُ الْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ.

قوله: (وَإِبْرَاهِيمُ): هو ابن يزيدَ النَّخَعيُّ.

قوله: (فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ): أي: الحقير اليسير الذي لا خطر له.

قوله: (وَقَالَ شُرَيْحٌ): هو بالشين المعجمة، ابن الحارث القاضي، تَقَدَّم أعلاه [1].

==========

[1] في (ب): (مرارًا).

[ج 1 ص 654]

(1/5054)

[حديث: وكيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما]

2659# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، وكذا تَقَدَّم (ابْن جُرَيْج): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، وكذا (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيكة، و (عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هو ابن المَدينيِّ، شيخُه، و (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هو القطَّان الحافظ، و (ابْنُ جُرَيْج): تَقَدَّم.

وأتى بالسَّند الثَّاني؛ لأنَّ ابنَ جُرَيج عنعن في الأوَّل، وهو مُدَلِّس، وفي الثَّاني أتى بالسَّماع من ابن أبي مُلَيكة، وابن أبي مُلَيكة عنعن في الأوَّل، وأتى في الثَّاني بالتَّحديث وإنْ لَمْ يكن ابن أبي مُلَيكة مُدَلِّسًا؛ إلَّا ليخرج من الخلاف.

[ج 1 ص 654]

قوله: (أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ): تَقَدَّم أنَّ اسمها غنية [1]، وفي بعض طرقه: (زينب)، وتَقَدَّم (أبو إهاب) والدُها: أنَّه لا يُعرَف اسمه، وأنَّ له حديثًا في النَّهي عن الأكل متَّكئًا، وأنَّ (الأَمَة السَّودَاء) لا أعرف اسمها.

(1/5055)

[باب شهادة المرضعة]

(1/5056)

[حديث: وكيف وقد قيل دعها عنك]

2660# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الضَّحَّاك بن مَخْلد النَّبيل، وكذا تَقَدَّم (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ) قريبًا جدًّا، وكذا تَقَدَّم المرأة التي تزوَّج بها عقبة أنَّها أمُّ يحيى بنت أبي إِهَابٍ أعلاه، وتَقَدَّم اسمها، وأنَّ المرأة التي أخبرته بالرَّضاع لا أعرف اسمها، وهي أَمَةٌ.

(1/5057)

[باب تعديل النساء بعضهن بعضًا]

قوله: (بَابُ تَعْدِيلِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا): سأذكر مسألةَ تعديلِ النِّساء في أوَّل الباب بعد (حديث الإفك)؛ لأنَّه بوَّب فِيْهِ: (باب إذا [1] زكَّى رجلٌ رجلًا؛ كفاه)؛ فانظر ذلك.

==========

[1] (إذا): سقط من (ب).

[ج 1 ص 655]

(1/5058)

[حديث: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي فوالله ما علمت .. ]

2661# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَأَفْهَمَنِي بَعْضَهُ أَحْمَدُ): (أحمد) هذا: في بعض أصولنا الدِّمشقية، وكذا في نسخةٍ في طرَّة أصلنا وعليها علامة راويها: (أحمد ابن يونس)، ورأيت بخطِّ بعض الفضلاء _وهو الإمام شهاب الدين أحمد بن العلَّامة الفقيه عماد الدين إسماعيل الحسبانيِّ الدِّمشقيِّ_ ما لفظه: (في كتاب خلف: «وأفهمني بعضَه أحمدُ ابن يونس»، وذلك وَهَمٌ [1])، انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: هذا هو أحمد ابن يونس، كما هو ثابت في أصل الدِّمياطيِّ، وعليه علامةٌ، وقال خلف في «أطرافه»: هو أحمد بن عبد الله بن يونس، ووَهَّمه المِزِّيُّ، ولم يبيِّن سببه، انتهى، والذي رأيته في «أطراف المِزِّيِّ»: (أحمد)، ولم ينسبه [2] بالكليَّة، قال شيخنا: وزعم ابن خلفون في «مُعلِمِ أسماءَ شيوخ البخاريِّ ومسلم» أنَّه لعلَّه أحمد ابن حنبل، انتهى.

وأحمد ابن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس، ينسب كثيرًا إلى جدِّه، وليسا باثنين، كما هو ظاهر كلام شيخنا، وقال الحافظ شمس الدين ابن [3] عبد الهادي الحنبليُّ في «طبقات المحدِّثين» _والظاهر أنَّه من كلام الذهبيِّ_ في ترجمة أحمد بن النَّضر بن عبد الوهَّاب أبي الفضل النَّيسابوريِّ: إنَّ قول البخاريِّ في حديث الإفك: (ثبَّتني أحمد في بعضِه)؛ يعني: أحمد بن النَّضر، ولم يعنِ أحمدَ ابن حنبل، وقال في موضع آخر: (أَخْبَرنا مُحَمَّد بن عبيد الله بن معاذ)، قال الحاكم: فهذا مُحَمَّد بن النَّضر؛ يعني: أخا هذا أحمد، والله أعلم.

فائدةٌ: تحصَّلنا على أقوالٍ في أحمدَ؛ فقيل: أحمد بن عبد الله بن يونس، أو أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل، أو أحمد بن النَّضر.

قوله: (حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ): تَقَدَّم أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللَّام، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وكذا تَقَدَّم (سَعِيد بْن المسيّب): أنَّه بفتح الياء وكسرها، وأنَّ [4] غير والده لا يقال فِيْهِ إلَّا بالفتح.

قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا): سيأتي الكلام على هذه المسألة.

(1/5059)

قوله: (حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا): (أهل الإفك): عبد الله بن أُبَيٍّ ابنُ سَلولَ رأسُ المنافقين، وعبدُ الله بن جحش، وأخوه أبو أحمد بن جحش واسمه عبدٌ وقيل: عبد الله، وليس بشيء، وأختهما حمنة بنت جحش، ومِسْطَح بن أُثَاثَة واسمه عوف وقيل: عامر، وحسَّان بن ثابت، وذكرهم ابن عبد السَّلام في «تفسيره»، وعدَّ فيهم: زيد بن رفاعة، وأسقط: أبا أحمد بن جحش، وأخاه عبدَ الله، ولا أعرف أنا في الصَّحابة مَن اسمه زيد بن رفاعة، إلَّا أنْ يكون نُسِبَ إلى غير أبيه، أو نُسِبَ إلى جدِّه، أو جدٍّ له أعلى، أو إلى خلاف الظَّاهر، والله أعلم.

وذكرهم شيخنا: عبد الله بن أُبَيٍّ، وحمنة، وأخواها: عبدُ الله، وأبو أحمد، ومِسْطَحٌ [5]، وحسَّان، وقال: ذكرهم السُّهيليُّ، وقيل: إنَّ حسَّان لَمْ يكن منهم، انتهى.

وفي إثبات عبدِ الله فيهم فيه نظرٌ؛ لأنَّه قُتِل في أُحُد، والله أعلم، ويشبه أن يكون سببُ ذكره فيهم _مَن عدَّ فيهم عبد الله بن جحش_ كونَ أبي أحمد منهم، وسمَّاه بعضهم: عبد الله _كما تَقَدَّم_، فرأى في مكانٍ: أبا أحمد [6] بن جحش، وفي مكانٍ آخر: عبد الله بن جحش، فظنَّهما اثنين، فحصل له الوَهَم، والله أعلم.

تنبيهٌ: اختُلِف في جلدهم على قولين، والذي يظهر: أنَّه جلدهم، وقد جزم به البخاريُّ في آخر «صحيحه» في (باب قول الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38])؛ بأنَّه جلدهم، وقد روى أصحاب «السنن الأربعة» من حديث عَمْرة عَنْ عائشة رضي الله عنها: (أنَّه لمَّا نزل؛ أَمَر برَجُلين وامرأةٍ، فضُربوا حدَّهم)، قال التِّرمذيُّ: حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلَّا من حديث ابن إسحاق، وفي «أبي داود»: حسَّان بن ثابت، ومِسْطَح بن أُثَاثَة، قال النُّفيليُّ: المرأة حمنةُ بنت جحش، انتهى.

وقد جزم ابن عبد البَرِّ في «الاستيعاب» [7] في ترجمة مِسْطَح بأنَّه جُلِدَ الحدَّ، وفي ترجمة حمنة: أنَّها جُلِدَت مع مَن جُلِد عند من صحَّح جَلْدَهم، انتهى، وفي ترجمة حسَّان: وقال قومٌ في حسَّان: إنَّه ممَّن خاض في الإفك على عائشة، وأنَّه جُلِد في ذلك، وأنكر قومٌ أنَّ يكون حسَّان خاض في الإفك، أو جُلِد فِيْهِ، وروَوا عَنْ عائشة: أنَّها برَّأته من ذلك، انتهى.

(1/5060)

وفي «سيرة ابن إسحاق» من طريقين صحيحين حديثُ الإفك، وفي آخره: (ثمَّ أمر بمِسْطَح بن أُثَاثَة، وحسَّان بن ثابت، وحمنة بنت جحش _وكانوا ممَّن أفصح بالفاحشة_ فضُرِبوا حدَّهم)، انتهى، وفي آخر الغزوة ما لفظه: قال ابن إسحاق: وقال قائلٌ من المسلمين في ضرب حسَّان وأصحابِه في فريتهم على عائشة رضي الله عنها _قال ابن هشامٍ: في ضرب حسَّان [8] وصاحبيه_:

~…لقد ذاقَ حسَّانُ الذي كان أهلَهُ…وحمنةُ إذ قالوا هَجيرًا ومِسْطَحُ

~…تعاطَوا برجمِ الغيبِ زوجَ نبيِّهم…وسخطةَ ذي العرشِ الكريمِ فأُترحوا

~…وآذَوا رسولَ اللهِ فيها فجُلِّلوا…مخازيَ تبقى عُمِّموها وفُضِّحوا

~…وصُبَّت عليهم مُحصَداتٍ كأنَّها…شآبيبُ قَطْرٍ من ذُرا [9] المُزْنِ تُسْفَحُ

(1/5061)

وقال ابن القيِّم في «الهَدْي»: (وحكم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بحدِّ القذف لمَّا أَنزل الله تعالى براءة زوجته من السَّماء، فحدَّ رجلين وامرأةً؛ وهما: حسَّان بن ثابت، ومِسْطَح بن أُثَاثَة، قال أبو جعفر النُّفيليُّ: ويقولون: إنَّ المرأةَ حمنةُ بنت جحش)، انتهى، وقال في حديث الإفك ما لفظه: (ولمَّا جاء الوحي؛ أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بمَن صرَّح بالإفك، فجُلِدوا ثمانين ثمانين، ولم يُحَدَّ الخبيث عبد الله بن أُبَيٍّ مع أنَّه رأس الإفك، فقيل: لأنَّ الحدود تخفيفٌ عَنْ أهلها وكفَّارةٌ، والخبيث ليس أهلًا لذلك، وقد وعده الله بالعذاب العظيم، فيكفيه ذلك عن الحدِّ، وقيل: بل كان يستوشي الحديث ويجمعه ويحلِّيه ويخرجه في قوالب مَن لا ينسب إليه، وقيل: الحَدُّ لا يثبت إلَّا بإقرار أو بيِّنة [10]، وهو لَمْ يقرَّ بالقذف، ولا شهد به عليه أحدٌ؛ فإنَّه إنَّمَا كان يذكره بين أصحابه، ولم يشهدوا عليه، ولم يكن يذكره بين المؤمنين، وقيل: حدُّ القذف حقٌ لآدميٍّ لا يُستَوفى إلَّا بمطالبة، وإنْ قيل: إنَّه حقُّ الله؛ فلا بدَّ من مطالبة المقذوف، وعائشة رضي الله عنها لَمْ تطالب لابن أُبَيٍّ، وقيل: بل تُرِك حدُّه لمصلحةٍ، وهي أعظم من إقامته؛ كما ترك قتله مع ظهور نفاقه وتكلُّمِه بما يوجب قتلَه مرارًا، وهي تأليفُ قومه وعدم تنفيرهم عن الإسلام، فإنَّه كان مُطاعًا فيهم رئيسًا عليهم، فلم تُؤمَن إثارةُ الفتنة في حدِّه، ولعلَّه تُرِك لهذه الوجوه كلِّها، فجُلِد حسَّان ومِسْطَح بن أُثَاثَة وحمنة بنت جحش _وهؤلاء من المؤمنين الصَّادقين_؛ تطهيرًا لهم وتكفيرًا، وتُرِك عدوُّ الله ابن أُبيٍّ؛ إذ ليس من أهل ذلك، انتهى.

وقال شيخنا في (تفسير النور) في قول عائشة: (لكن أنتَ)، وفي رواية: (لست كذلك)،

[ج 1 ص 655]

(1/5062)

وهو دالٌّ على أنَّه _يعني: حسَّان_ كان ممَّن خاض، وقد ذكر أبو داود أنَّه حُدَّ، زاد الطَّحاويُّ: ثمانين، وكذا حمنة ومِسْطَح؛ ليكفِّر الله عنهم بذلك إثم ما صدر منهم، حتَّى لا يبقى عليهم تبعة [11] في الآخرة، وأمَّا ابن أُبيٍّ؛ فإنَّه لَمْ يُحَدَّ؛ لئلَّا ينقص من عذابه شيءٌ، أو تألُّفًا لقومه، وإطفاءً للفتنة، وقد روى القشيريُّ في «تفسيره» عن ابن عبَّاس: أنَّه حُدَّ ثمانين، قال القشيريُّ: ومِسْطَح لَمْ يثبت عنه قذفٌ صريح، فلم يُذكَر فيمن حُدَّ، كذا قال، وقد سلف خلافه، وأغرب الماورديُّ، فقال: إنَّه لَمْ يُحَدَّ أحدٌ من أهل الإفك، انتهى.

وفي «معجم الطبرانيِّ الكبير» في (معجم النِّساء) في (مسند [12] عائشة): أنَّ عبد الله بن أُبيٍّ حُدَّ مئة وستِّين، قال عقيبه عبد الله بن عُمر: (وهكذا يُفعَل بكلِّ مَن قَذف زوجة نبيٍّ) انتهى.

قوله: (وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا): أي: قطعة من حديثها.

اعلم أنَّ الرَّاوي إذا لَمْ يكن سمع الحديثَ من شيخ واحد فأكثر، بل سمع قطعةً من الحديث من شيخٍ، وقطعةً منه من شيخٍ آخرَ، فما زاد؛ فإنَّه يجوز له أن يخلط الحديثَ، ويرويه عنهما أو عنهم جميعًا مع بيانِ أنَّ عن كلِّ شيخٍ بعضَ الحديث من غير تمييز لما سمعه من كلِّ شيخٍ من الآخر؛ كهذا الحديث من رواية الزُّهريِّ حيث قال: (حدَّثني عروة، وسعيد بن المسيّب، وعلقمة بن وقاص، وعُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة، قال: وكلٌّ قد حدَّثني طائفةً من حديثها ... )؛ فذكره، فإن اتَّفق في حديث غير هذا أن كان بعض الرُّواة في [13] مثل هذه الصُّورة ضعيفًا؛ فذلك مقتضٍ لطرح جميع الحديث؛ لأنَّه ما من قطعة منه إلَّا وجائزٌ أن تكون عن ذلك الضَّعيف.

واعلم أنَّه لا يجوز في صورة ما إذا كانوا ثقاتٍ أو كان فيهم ضعيفٌ؛ أنَّه لا يجوز حذفُ واحدٍ مِن الإسناد؛ لأنَّك إذا حذفتَ واحدًا مِن الإسناد وأتيتتَ [14] بجميع الحديثِ؛ فقد زدتَ على بقية الرُّواة ما ليس مِن حديثهم، وإن حذفتَ بعضَ الحديث؛ لم يُعلَم [أنَّ] ما حذفتَه؛ هو رواية مَن حذفتَ اسمَه؟ فيجب ذكرُ جميعِ الرُّواةِ في الصُّورتَين.

(1/5063)

تنبيهٌ: واعلم أنَّ البخاريَّ قد أخرج هذا الحديث في (سورة النُّور) بعد سياق رواية الزُّهريِّ عمَّن ذكرنا باللَّفظ السَّابق، قال: (الذي حدَّثني عروة عن عائشة) [خ¦4750]، فاقتضى كلامُه في (سورة النُّور) أنَّ الحديث كلَّه عن عروة عن عائشة، والله أعلم.

قوله: (فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا): هذه الغزاة غزوةُ بني المُصْطَلِق؛ وهي غزوة المُرَيْسيع، والمُصْطَلِق؛ بضَمِّ الميم، وإسكان الصَّاد، ثمَّ طاء مفتوحة مهملتين، ثمَّ لام مكسورة، ثمَّ قاف، والمُصْطَلِق: هو جذيمة بن كعب مِن [15] خزاعة، والمريسيع: هو ماءٌ بناحية قديد بين الحَرَمين، وكانت هذه الغزوة في شعبان سنة ستٍّ عند ابن إسحاق، وفي سنة أربعٍ عند موسى بن عقبة، وفي شعبان سنة خمسٍ يومَ الاثنين لليلتين خلتا منه عند ابن سعد، والخندق بعدها عنده في ذي القعدة مِن السَّنة، والقولان الأوَّلان حكاهما البخاريُّ في (المغازي) في «الصحيح» [16].

قوله: (سَهْمِي): تنبيهٌ: كان معه عليه الصَّلاة والسَّلام في هذه الغزوة أمُّ سلمة أيضًا، كما نقله ابن سيِّد النَّاس في «سيرته» عن ابن سعد، وهذا لا يعارض ما في «الصَّحيح»، فإنَّه ليس فِيْهِ نفيُ غيرها، إنَّمَا فِيْهِ إثباتُ خروج سهمها، والله أعلم.

قوله: (بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ): سيأتي تاريخُ نزول الحجاب، وهو في (في [17] مُبْتَنَى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب) على الصَّحيح، وابتنى بها في سنةِ أربعٍ، وقيل: سنة ثلاثٍ، وقيل: سنة خمسٍ، وسأذكره مُطَوَّلًا في (سورة الأحزاب) إنْ شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (فَأَنَا أُحْمَلُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (وَأُنْزَلُ [18] فِيْهِ).

قوله: (فِي هَوْدَجٍ): هو مركبٌ مِن مراكبِ النِّساء، مُقَبَّبٌ وغير مُقَبَّبٍ.

قوله: (وَقَفَلَ): أي: رَجع.

قوله: (آذَنَ لَيْلَةً): هو بمدِّ الهمزة؛ أي: أَعْلَمَ، وكذا: (حَتَّى [19] آذَنُوا بِالرَّحِيلِ)؛ أي: أَعْلَمُوا.

قوله: (أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ): هو المَنْزِل والمأوى.

(1/5064)

قوله: (فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ): (الجَزْع): بفتح الجيم، وإسكان الزَّاي؛ وهو خَرَزٌ مُلوَّن، قال ابن قُرقُول: (وكان عند بعض شيوخنا: بفتح الزَّاي وسكونها)، بعد أنْ ذكر (الجَزْع) بالسُّكون لا غير، وقوله: (أَظْفار): قال ابن قُرقُول: («من جزْع ظِفَارِ»: هذا صوابه، وهي رواية الأَصيليِّ، وأبي الهيثم، وكافَّة رواة مسلم، إلَّا أنَّه وقع في «كتاب التَّفسير» و «الشَّهادات» من «البخاريِّ»: «أَظْفار» [20]، وكذا رواه الباجي في «مسلم»، وهو مضاف إلى «ظفارِ» [21]؛ مدينة باليمن، قال ابن دريد: الجزع الظِّفاريُّ، وأنشد بيتًا، وأنشد غير الأوَّل)، انتهى، وقد تَقَدَّم في (التَّيمُّم) أنَّ ابن بطال قال: (جاء في خبر: أنَّ ثمنه كان اثني عشر درهمًا، وأنَّ ابن التِّين قال: كان ثمنُه شيئًا يسيرًا).

قوله: (فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ): (حبسني): أي: أخَّرني، و (ابتغاؤُه): ممدودٌ مَرْفوعُ فاعل (حَبَسَ)، والابتغاء: الطَّلب.

قوله: (فَأَقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي): هو بفتح أوَّله، وفتح الحاء المخفَّفة [22]، يقال: رحلت البعير، مخفَّف [23]؛ إذا شدَدْتَ عليه رحله، وعند أبي ذرٍّ: (يُرحِّلون)؛ بضَمِّ أوَّله، وتشديد الحاء، قال القاضي: (ولم أره في سائر تصرُّفاته إلَّا مُخفَّفًا)، انتهى، وكذا ضبطه النَّوويُّ في «شرح مسلم»: بالتَّخفيف مُقتصِرًا عليه، وكذا (فَرَحَلوه)؛ بالتَّخفيف، قال بعض حُفَّاظ مصر من [24] المعاصرين في (المغازي): (وقع عند الواقديِّ مِن طريق عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبير عَنْ عائشة في حديث الإفك: «أنَّ الذي كان يُرحِل هودجها ويقود بعيرها أبو مُوَيهِبة [25]، وكان رجلًا صالحًا»، وذكره البلاذريُّ، فقال: أبو مُوَيهِبَة [26])، انتهى.

قوله: (وَهُمْ يَحْسِبُونَ): هو بكسر السِّين وفتحها، وهما لغتان وقراءتان في السَّبع.

قوله: (الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ): هي بضَمِّ العين المهملة، وإسكان اللَّام، وبالقاف: اليسيرُ منه الذي فيه بُلْغَةٌ.

قوله: (وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ): لمَّا دخل بها عليه الصَّلاة والسَّلام؛ كان عُمُرها تسع سنين، ودخل عليها في شوَّال على رأس ثمانية أشهر مِن مهاجره، وقيل: سبعة أشهر، وقيل: ثمانية عشر، وقُبِضَ عنها وهي بنت ثماني عشرة، هذا سنُّها رضي الله عنها، فاحسب كم كان سنُّها في غزوة المريسيع.

(1/5065)

قوله: (فَبَعَثُوا الْجَمَلَ): أي: أقاموه مِن بروكه.

قوله: (بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ): (استمرَّ): (استفعل) من (مَرَّ)، ومنه: {سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2]؛ أي: ذاهب.

قوله: (فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي): أي: قصدتُه.

قوله: (وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ): اعلم أنَّ صفوان هذا كان يكون على ساقة العسكر يلقط ما يسقط مِن المتاع، ولذلك تخلَّف في هذا الحديث، وقد رُوِيَ: أنَّه كان ثقيلَ النَّوم لا يستيقظ حتَّى يرتحلَ النَّاسُ، ويشهد لذلك حديثُ أبي داود: أنَّ امرأته اشتكت به إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وذكرت أشياءَ؛ منها: أنَّه لا يصلِّي الصُّبح، فقال: يا رسول الله؛ إنِّي امرؤٌ ثقيلُ الرَّأس لا أستيقظ حتَّى تطلع الشَّمس، فقال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إذا استيقظتَ؛ فصلِّ [27]»، انتهى، وفي هذا ردٌّ على مَن قال: كان حصورًا، وفي «سيرة ابن هشام» عن ابن إسحاق بأسانيده مِن حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (فوالله إنِّي لمضطجعةٌ مرَّ بي صفوان بن المُعَطَّل السُّلميُّ، وقد كان تخلَّف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبِتْ [28] مع النَّاس) انتهى، فهذا يبيِّن سبب تخلُّفه عن العسكر، وأنَّهم لمَّا قاموا للرَّحيل؛ لَمْ يكن عندهم، ثمَّ قام في إِثرهم، والله أعلم، واعلم أنَّ ابنَ إسحاق قال: وجَّه عُمرُ بنُ الخطَّاب عثمان بن عفَّان بن أبي العاصي إلى أرمينية الرَّابعة، وكان عندها شيء من قتال، وأُصِيب صفوان بن المعطَّل شهيدًا، وقال بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين: سنة تسعَ عشرةَ في خلافة عُمر رضي الله عنهُمَا، ويقال: مات بالجزيرة بناحية شمشاط، ودُفِنَ هناك، و (المُعَطَّل): _بفتح العين والطَّاء المهملتين [29] المُشدَّدة، اسم مفعول_ ابنُ وبيصةَ بن خزاعيِّ بن محارب بن مُرَّةَ بن فالج بن ذكوانَ بن ثعلبة بن بُهثة [30] بن سُلَيم، وقيل في نسبه غيرُ ذلك، السُّلَميُّ؛ بضَمِّ السِّين، الذَّكوانيُّ، كنيته أبو عَمرٍو، يقال: إنَّه أسلم قبل المريسيع وشهدها، وقال الواقديُّ: شهد صفوانُ بن المُعَطَّل

[ج 1 ص 656]

(1/5066)

مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الخندق والمشاهد بعدها، وكان مع كُرْز بن جابر في طلب العرنيِّين الذين أغاروا على لِقَاحه عليه الصَّلاة والسَّلام، قيل: إنَّ سعيد بن المسيّب وأبا بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام رويا عنه، وأنكر ذلك أبو حاتم، وكان صفوان شجاعًا فاضلًا خيِّرًا، أثنى عليه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولمَّا بلغ صفوانَ أنَّ حسَّانَ قال فِيْهِ؛ ضربه بالسَّيف فجرَحَه، وقال:

~…تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيفِ مِنِّي فَإنَّنِي…غُلَامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرِ

~…وَلَكِنَّنِي أَحْمِي حِمَايَ وَأَتَّقِي…مِنَ البَاهِتِ الرَّامِي البُرَاءِ الطَّوَاهِرِ

أخرج له عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» حديثًا في صلاة اللَّيل، رواه عنه أبو بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث، قال الشَّريف الحُسَينيُّ [31] المُحدِّث الإمامُ: ورَوى حديثَه أبو هريرة في مواقيت الصَّلاة.

قوله: (فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ): أي: شخص إنسان.

قوله: (بِاسْتِرْجَاعِهِ): أي: بقوله: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

تنبيهٌ: سيجيء في بعض طرقه: (والله ما يكلِّمني ولا سمعت منه كلمةً غير استرجاعه): كذا في «البخاريِّ» و «مسلمٍ»، وفي «سيرة ابن هشام» عن ابن إسحاق وقد ساق حديث الإفك بإسنادَين صحيحَين: (قال لها: ما خلَّفكِ رحمكِ اللهُ؟ قالت: فما كلَّمْتُه) انتهى، فيُؤوَّل ما في «الصَّحيحين».

تنبيهٌ: ما وقع في «إكليل الحاكم»: (مِن أنَّ عائشة لمَّا رآها صفوانُ؛ أتاها ببعيره، وأقسم عليها لتركبنَّ، فأبتْ إلَّا أن تكون ردفه، فإنَّ عليًّا دخل على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقال: إنَّ عائشة جاءت ردف صفوان، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «لا تدخلنَّ عليَّ»، فخرجت تبكي، وإنَّ أباها لم يُؤْوِهَا [32] ولا غيره، فلم تزل تدعو حتَّى نزلت [33] براءتها)، منقطع وضعيف، قاله شيخنا في (المغازي) انتهى.

قوله: (مُعَرِّسِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ): (مُعَرِّسِين): هو بفتح العين المهملة، ثمَّ راء مُشدَّدة مكسورة، و (التَّعريس): النُّزول في أيِّ وقت كان، وهو قول الخليل، وغيره يُقصِر التَّعريس على النُّزول مِن آخر اللَّيل، والحديث حجَّة للخليل.

(1/5067)

قوله: (فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ): (نَحْر)؛ بالنُّون المفتوحة، وإسكان الحاء المهملة، وبالرَّاء [34]، و (الظَّهيرة)؛ بفتح الظَّاء المعجمة، و (نَحْر الظَّهيرة): حين تبلغُ الشَّمسُ منتهاها [35] من الارتفاع، قال يعقوب: هو أوَّلها.

قوله: (وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْإِفْكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ): (أُبيٌّ): مجرورٌ مُنوَّنٌ، و (ابن) بعده: مَرْفوعٌ، يُكتَب بالألف؛ لأنَّه صفة لـ (عبد الله)، لا لـ (أُبيٍّ)؛ لأنَّ (سَلول) أمُّ عبد الله، فإنْ قرأت (أُبيًّا) بالجرِّ غيرَ مُنوَّنٍ، و (ابنًا) بعده بالجرِّ أيضًا؛ بقيت (سَلولُ) أمَّ أُبيٍّ، وهي زوجته، وقد تَقَدَّم ذلك، و (سَلول): لا ينصرف؛ للعلميَّة والتَّأنيث، هذا قول الجمهور، وقال بعضهم _ومنهم: الحافظ الدِّمياطيُّ في (المريسيع) في (الغزوات) _: إنَّ سَلول أمُّ أبيه أُبيٍّ، مِن خزاعة، وقد قَدَّمتُ في هذا التَّعليق ترجمةَ عبد الله بن أُبيٍّ هذا المنافق ونسبه، وأنَّه هَلك على كفره؛ فاعلمه.

قوله: (يُفِيضُونَ): أي: يأخذون ويدفعون في التَّحدُّث به، ومنه: حديثٌ مُفَاضٌ ومُسْتَفَاضٌ.

قوله: (مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ): تَقَدَّم الكلام قريبًا [36] على أصحاب الإفك، وتَقَدَّم أنَّ ذِكْر عبد الله بن جحش معهم فِيْهِ نظرٌ، والله أعلم.

قوله: (وَيَرِيبُنِي): هو ثلاثيٌّ أفصحُ مِن الرُّباعيِّ، والله أعلم.

قوله: (اللَّطَفَ): قال ابن قُرقُول: (كذا رُوِّيناه بفتح اللَّام والطَّاء؛ وهو البِرُّ والتَّحفِّي في رفقٍ ولينٍ [37]) انتهى، ويقال أيضًا: بضَمِّ اللَّام، وإسكان الطَّاء.

قوله: (كَيْفَ تِيكُمْ): (تِيكم): إشارة للمؤنَّث [38]، كـ (ذاكم): للمذكَّر.

قوله: (نَقَهْتُ): يقال: (نَقه)؛ بكسر القاف في الماضي وفتحها؛ إذا أفاق مِن المرض، ولم يذكر ابن قُرقُول إلَّا الفتحَ، وفي «الصِّحاح» قدَّم [39] الكسر على الفتح، وفي «أفعال ابن القطَّاع»: (ونقَه المريض نُقوهًا، ونقِه نقَهًا؛ لغةٌ)، انتهى.

(1/5068)

قوله: (فَخَرَجْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ): (أمُّ مِسْطَح): اسمها سلمى بنت أبي رُهْم، واسمه أَنِيس؛ بفتح الهمزة، وكسر النُّون، انتهى، كذا رأيته في حاشية على «الاستيعاب» بخطِّ ابن الأمين، و (مِسْطَح) لقبٌ له، واسمه عوف، كذا في «سيرة ابن هشام»، وأظنُّ (اسمه [40] عوف) مِن كلام ابن إسحاق أو مِن كلام مَن فوقه، وكذا ورد مُسمًّى في «معجم الطَّبرانيِّ الكبير»، وكذا سمَّاه أبو عمر في «الاستيعاب»، وقال: (إنَّ مِسْطَحًا لقبٌ، وقيل: اسمه عامر، وقد تَقَدَّم، و «أمُّ مِسْطَح» بنتُ أبي رُهم بن المطَّلب بن عبد مناف، وقيل: اسمها ريطة، كذا رأيته بغير ألف، وذكر أبو نعيم فيما نُقِل مِن خطِّه أنَّ اسمها رائطة بنت صخر بن عامر بن كعب، أخت أمِّ الصِّدِّيق)، انتهى، و (أمُّ الصِّدِّيق): أمُّ الخير، قيل: سلمى أيضًا، وجزم به بعضهم، أسلمت وهي صحابيَّة، وقال أبو نعيم: إنَّها ورثت أبا بكر رضي الله عنهما، وقال غيره: هي بنت خالة الصِّدِّيق؛ أعني: أمَّ مِسْطَح، وهذا في الحديث، فإنَّه قال: (وأمُّها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر)، وأمُّ مِسْطَح صحابيَّة رضي الله عنها.

قوله: (قِبَلَ الْمَنَاصِعِ): (قِبَلَ): بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وفتح اللَّام، وهذا ظاهرٌ، و (المناصِع)؛ بالنُّون، وبصادٍ مكسورةٍ مهملةٍ، وبعد الألف عينٌ مهملةٌ أيضًا: مواضع التَّبرُّز للحدث، الواحد: منْصَع، قاله أبو سعيد النَّيسابوريُّ، وكانت خارج المدينة، وهو صعيد أَفْيَح، كما قالت عائشة [41]؛ يعني: أنَّه موضعٌ مخصوصٌ.

قوله: (مُتَبَرَّزنَا): يجوز فِيْهِ الجرُّ في الزَّاي على البدل، ويجوز ضمُّها على أنَّه خبرٌ؛ تقديره: وهو، ووقع في أصلنا: بكسر الرَّاء بالقلم؛ فيُحرَّر ذلك، والله أعلم.

قوله: (الْكُنُفَ): هو بضَمِّ الكاف والنُّون، وبالفاء، المذاهب.

قوله: (وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلُ): (الأوَل): نعتٌ لـ (الأمرِ)، فهو مَرْفوعٌ، قيل: وهو وجه الكلام، وروي: (الأُوَلِ)؛ بضَمِّ الهمزة، وتخفيف الواو المفتوحة، وبالجرِّ صفةٌ لـ (العرب)؛ تريد: أنَّهم بعدُ لَمْ يتخلَّقوا بأخلاق أهل الحواضر والعجم.

قوله: (فِي الْبَرِّيَّةِ، أَوْ فِي التَّنَزُّهِ): هذا شكٌّ مِن الرَّاوي، ومعنى التَّنزه: البُعْد، والله أعلم.

[ج 1 ص 657]

(1/5069)

قوله: (فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ أَبِي رُهْمٍ نَمْشِي): ظاهر هذَا اللَّفظ أنَّهما قضَتَا حاجتَهُما، وأقبلتا نحو البيوت، وقد صُرِّح بذلك في بعض الطُّرق في الغزوات: (حين فرغْنا مِن شأننا)، وسيجيء كذلك في (النُّور)، لكن فيها أيضًا ما لفظه: (فرجعتُ إلى بيتي كأنَّ الذي خرجتُ له لا أجدُ منه قليلًا ولا كثيرًا)، ففيه أنَّها لَمْ تقضِ حاجتَها، ووجه الجمع _وإنْ كان المكان الثَّاني في السُّورة مُعلَّقًا عَنْ أبي أسامة؛ وهو حمَّاد بن أسامة، وهو مجزوم به؛ وقد أسنده مسلم وغيره كما سيأتي في (النُّور)، وفي «سيرة ابن إسحاق» حديث الإفك من طريقين صحيحين كما قَدَّمتُ، ولفظه في هذا المكان: (قالت: فوالله ما قدرت على أنْ أقضي حاجتي، ورجَعْتُ) انتهى، والجمع لا يمكن؛ لأنَّهما مُتنافِيَان_: أنَّ الحديث [42] الذي فِيْهِ: أنَّهما فرغا من شأنهما أصحُّ؛ لأنَّه مُسنَدٌ وليس مُعلَّقًا، والله أعلم [43].

قوله: (فِي مِرْطِهَا): (المِرْط)؛ بكسر الميم، وإسكان الرَّاء، وبالطَّاء المهملة: كساءٌ من صوف أو خزٍّ أو كتَّان، قاله الخليل، وقال ابن الأعرابيِّ: هو الإزار، وقال النَّضر: لا يكون المِرْط إلَّا درعًا من خزٍّ أخضرَ، ولا يُسمَّى المِرْطُ إلَّا الأخضر، ولا يلبسه إلَّا النِّساء، وفي «الصَّحيح»: (مِرْط مِن شعرٍ أسودَ)، والصَّحيح: ما قاله الخليل، والله أعلم.

قوله: (تَعِسَ مِسْطَحٌ): هو بفتح العين _وعليه اقتصر الجَوْهَرِيُّ_ وبكسرها، وقدَّمه غير الجوهريِّ، بل قال: وقد تُفتَح؛ ومعناها: هلك، وقيل: عثر، وقيل: سقط، وقيل: خرَّ على وجهه خاصَّة، وقيل: لزمه الشَّرُّ، وقيل: بَعُدَ، وهو مِسْطَحٌ _بكسر الميم، ثمَّ سين ساكنة، ثمَّ طاء مفتوحة، ثمَّ حاء مهملات_ ابن أُثَاثَة؛ بضَمِّ الهمزة، ثمَّ ثاءَين مثلَّثتين، بينهما ألفٌ، وبعد الثَّانية تاءُ التَّأنيث، واسمه عَوْف، وقيل: عامر، تَقَدَّم قريبًا، وكنية مِسْطَح أبو عبَّاد، وقيل: أبو عبد الله، ابن أُثَاثَة بن عبَّاد بن المطَّلب بن عبد مناف بن قُصَيٍّ القرشيُّ المطَّلبيُّ، شهد مِسْطَح بدرًا، وقيل: شهد صفِّين مع عليٍّ، وقيل: تُوُفِّيَ قبلها سنة (34 هـ)، والأوَّل أكثر، فعليه قالوا: تُوُفِّيَ سنة (37 هـ) رضي الله عنه.

(1/5070)

قوله: (يَا هَنتَاه [44]): هو بفتح الهاء، ونون ساكنة ومفتوحة، والأوَّل أشهر، وبضمِّ الهاء الأخيرة وتُسكَّن، ونونها مُخفَّفة، وعن بعضهم: تشديدها، وأُنكِرَ، قالوا: وهذه اللَّفظة تختصُّ بالنِّداء؛ ومعناها: يا هذه، وقيل: يا امرأة، وقيل: يا بلهاء؛ كأنَّها تنسبها إلى قلَّة المعرفة بمكائد النَّاس وشرورهم، والله أعلم، وقد تَقَدَّم في (الحجِّ).

قوله: (كَيْفَ تِيكُمْ): تَقَدَّم [45] الكلام عليها قريبًا.

قوله: (أَبَوَيَّ): (أبواها): أبو بكر الصِّدِّيق عبد الله بن عثمان أبي قُحَافة، وأمُّها أمُّ رُومان؛ بضَمِّ الرَّاء، وفتحها حُكِيَ، واسمها دعدٌ عن السُّهيليِّ، وقال مرَّةً: زينب، وكذا سمَّاها غير السُّهيليِّ عَنْ مصعب؛ أعني: زينب، وكذا سمَّاها ابن هشام في «سيرته»: زينب بنت دهمان، انتهى، وهي بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتَّاب بن أُذَينَة بن سُبيَع بن دهمان بن الحارث بن غنم _كذا قال مصعب، وغيره يخالفه_ الكنانيَّة، أمُّ عائشة، تُوُفِّيَت في ذي الحجَّة سنة ستٍّ، وقيل: سنة [46] أربعٍ، وقيل: خمسٍ، ونزل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في قبرها، واستغفر لها، وكانت حيَّة في الإفك، أخرج لها أحمد في «المسند»، وأخرج لها بقيُّ بن مَخْلد حديثًا.

(1/5071)

فائدةٌ هي تنبيهٌ: وقع في هذا «الصَّحيح» روايةُ مسروق عَنْ أمِّ رُومان بصيغة العنعنة وغيرها؛ كالتَّحديث والإِخبار، قالوا: ومُحقَّقٌ أنَّه لَمْ يدركْها، ومُلخَّص ما أجاب به الحافظ أبو بكر أحمد بن عليِّ بن [47] ثابت الخطيب البغداديُّ: يمكن أنْ يكون قال: (سُئلت أمُّ رُومان)، فأثبت الكاتب صورة الهمزة ألفًا، فتصحَّف على مَنْ بعده بـ (سألتُ)، ثمَّ نُقِلَت إلى صيغة الإِخبار بالمعنى في طريق، وبقيت في آخرَ، ومَخرَجُها التَّصحيف المذكور، وقد ذكر هذا الموضع أيضًا غيرُ واحدٍ من المُتأخِّرين؛ كابن قُرقُول في «مطالعه» في (الحاء والدَّال المهملتين)، وأبي الفتح ابن سيِّد النَّاس اليعمريِّ، والحافظ جمال الدين المِزِّيِّ في «التَّهذيب» في ترجمة أمِّ رُومان في (الكنى)، وكذلك في «التَّذهيب» للذَّهبيِّ، ومِن قبلهم السُّهيليُّ في «روضه» في (غزوة بني المُصْطَلِق) عن ابن العربيِّ شيخِه، والعلائيُّ الحافظ صلاح الدين شيخُ شيوخنا في «مراسيله»؛ فانظرْه في «المراسيل» فإنَّه شفى وكفى، وهذا موضعٌ حسنٌ، ولابن القيِّم الحافظ شمس الدين الحنبليِّ في «الهَدْي» فِيْهِ كلامٌ حسنٌ أيضًا، وفيه: أنَّ حديث موت أمِّ رُومان في حياته، ونزوله عليه الصَّلاة والسَّلام في قبرها لا يصحُّ، وفيه علَّتان؛ عليُّ بن زيد بن جدعان، والثَّانية: رواه عليٌّ عن القاسم بن مُحَمَّد، والقاسم بن مُحَمَّد لَمْ يدرك زمنه عليه الصَّلاة والسَّلام، فكيف يقدَّمُ على رواية صحيحة في «البخاريِّ» ... إلى أنْ قال: وقد قال أبو نعيم في «معرفة الصَّحابة»: (قد قيل: إنَّ أمَّ [48] رُومان تُوُفِّيَت في عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو وَهم)، انتهى.

قوله: (وَضِيئَة): يجوز فيها النَّصب مع التَّنوين، والرَّفع معه، كذا في أصلنا بالقلم، وفي النَّصب نظرٌ، ولعلَّه على الحال، وإنَّما هو صفة لـ (امرأة)؛ وهي مرفوعة، والخبر يأتي وهو (إِلَّا أَكْثَرْنَ) [49]، ومعنى (وضيئة): جميلةٌ حسنةٌ.

قوله: (وَلَهَا ضَرَائِرُ): لا ينصرف، فهو مَرْفوعٌ غير مُنوَّنٍ؛ كـ (مساجدَ).

قوله: (لَا يَرْقَأُ): هو مهموز الآخر؛ ومعناه: لا يرتفع جريه ولا ينقطع.

(1/5072)

قوله: (اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ): تَقَدَّم أنَّه يجوز في (الوحي) النَّصبُ على أنَّ (استلبث)؛ معناه: استبطأ، ويجوز رفعه على أنَّه أبطأ، وقد تَقَدَّم أنِّي رأيت في نسخةٍ صحيحةٍ هنا: (الوحيَ): مَنْصوبٌ بالقلم، وصُحَّح عليه، وقد ضُبِط (الوحي) في (باب إذا عدَّل رجل أحدًا، فقال: لا أعلم إلَّا خيرًا)؛ بالنَّصب، وصُحَّح عليه مرَّتين، وعمل في الحاشية: (الوحيُ) مرفوعًا بالقلم، وقال: (إنَّه كذا في دار الذَّهب)، وقد تَقَدَّم ذلك، والله أعلم.

قوله: (أَهْلكَ): تَقَدَّم أنَّه بالنَّصب؛ أي: الزم أهلَك، وأنَّه يجوز الرَّفع على تقدير: هم أهلُك؛ أي: العفائف، وكذا ضُبِطَ [50] في أصلنا بالوجهين.

قوله: (وَاسْأَلِ [51] الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ): قد استُشكل هذا، فإنَّ بريرة إنَّمَا كاتبت وعُتِقتْ بعد ذلك بمدَّة طويلة، وكان العبَّاس عمُّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذ ذاك بالمدينة، والعبَّاس إنَّمَا قدم بعد الفتح، ولهذا قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقد شفع [52] إلى بريرة، فأبتْ [53] أنْ تراجعه: «يا عبَّاس؛ ألَّا تعجب من بغض بريرة مغيثًا وحبِّه لها؟!»، ففي قصَّة الإفك لَمْ تكن بريرة عندها.

[ج 1 ص 658]

فإنْ قيل: إنَّ مغيثًا بقي من حين اشترتها عائشة قبل الإفك إلى أن فُتِحتْ مكَّة، وجاء العبَّاس يبكي عليها، فالجواب: أنَّه يجوز ذلك، ولكن فِيْهِ بُعدٌ، وممَّا يُؤكِّد الوَهم أنَّ في حديث اشتراء عائشة بريرةَ: (فصعِد النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم المنبرَ)، والمنبر إنَّمَا صُنِع في الثَّامنة أو السَّابعة أو التَّاسعة، وبعضهم قال في: السَّابعة، والإفك أكثر ما قيل فِيْهِ: أنَّه في السَّادسة، وممَّا يبعده أيضًا حضورُ سعد بن مُعاذ فِيْهِ في القصَّة إنْ كان ذِكره فيها صحيحًا، وسيجيء الكلام عليه، وسيجيء في بعض طرق حديث الإفك: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صعد المنبر، وقال: «مَن يعذرني مِن رجل بلغني أذاه [في أهلي ... »، وسيجيء: (حتَّى همُّوا أنْ يقتتلوا _يعني: الأوس والخزرج_ ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قائمٌ على المنبر)، والله أعلم، ولعلَّ الوَهم في ذكر بريرة] [54] مِن تسمية الجارية، وإنَّما قال: (فسلِ الجاريةَ)، فظنَّ بعض الرُّواة أنَّها بريرة، فسمَّاها بذلك، والله أعلم أيُّ ذلك كان، وهو مكانٌ [55] مُشكِلٌ.

(1/5073)

قوله: (يَرِيبُكِ): تَقَدَّم أنَّه ثلاثيٌّ، ويجوز الرُّباعيُّ.

قوله: (إِنْ رَأَيْتُ): هو بكسر همزة (إنْ)، وسكون نونها؛ بمعنى: (ما) التي للنَّفي.

قوله: (أَغْمِصُهُ): أي: أعيبُه، وهو بالغين المعجمة، والصَّاد المهملة.

قوله: (الدَّاجِنُ): هي ما يألف البيوتَ مِن الحيوان، وقد تَقَدَّم.

قوله: (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ): ظاهر هذا _وكذا في الطُّرق الباقية_ أنَّها أعلمتها أمُّ مِسْطَح بالقضيَّة، ثمَّ إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام دعا عليًّا وأسامة فاستشارهما، ثمَّ إنَّه استعذر مِن عبد الله بن أُبيٍّ، وجرى ما جرى من قصَّة سعد بن عبادة وغيره، وسيجيء في (سورة النور) في الطَّريق الأخيرة المُعلَّقة بصيغة الجزم التي تَقَدَّم ذكرها عَنْ أبي أسامة، وقد أخرجها مسلم وغيره كما تَقَدَّم قريبًا: عَنْ أبي أسامة _وهو حمَّاد بن أسامة_ عَنْ هشام بن [56] عروة، عَنْ أبيه، قالت: لمَّا ذُكِر مِن شأني الَّذِي ذُكِرَ [57] وما علمتُ به؛ قام [58] رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيَّ خطيبًا، فتشهَّد، فحمد الله، وأثنى عليه، ثمَّ قال: «أمَّا بعد؛ أشيروا عليَّ في أناس أبَنُوا أهلي»، ثمَّ ذكر قصَّة سعد بن مُعاذ وما تكلَّم به وما ردَّ عليه، وظاهر هذا يُخالِف ما تَقَدَّم، ووجه الجمع بينهما _إذا لَمْ نقل: إنَّ (ما) في كلام عائشة في قولها: (وما علمت به): بمعنى الَّذِي؛ فإنَّ القول بأنَّها بمعنى: الذي سياقُ القصَّة ينافيه_: أنَّ الأوَّل هو أصحُّ؛ لأنَّ حديث حمَّاد مُعلَّقٌ وإن أخرجه مسلمٌ وغيرُه.

قوله: (فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ): تَقَدَّم الكلام قريبًا على النُّطق به وكتابته، وقوله: (فاستعذر): أي: طلب مَن يعذره منه؛ أي: يلومُه فيما فعل.

(1/5074)

قوله: (فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ): اعلم أنَّ هذا تعقَّبه غيرُ واحد من المُتقدِّمين والمُتأخِّرين، فذكرت كلام الحافظ شمس الدين ابن قيِّم الجوزيَّة؛ لأنَّه مُلخَّص، وهو مُتأخِّر، قال ابن القيِّم: قد أشكل هذا على كَثِير من أهل العلم، فإنَّ سعد بن مُعاذ لا يختلف أحدٌ مِن أهل العلم أنَّه تُوُفِّيَ عقيب حكمه في بني قريظة عقب الخندق، وذلك سنة خمس على الصَّحيح، وحديث الإفك لا شكَّ أنَّه في غزوة بني المُصْطلق؛ وهي غزوة المريسيع، والجمهور عندهم: أنَّها كانت بعد الخندق سنة [59] ستٍّ، فاختلفتْ طرقُ النَّاس في الجواب عَنْ هذا الإِشكال، فقال موسى بن عقبة: المريسيع سنة أربع قبل الخندق، حكاه عنه البخاريُّ، وقال الواقديُّ: سنة خمس، قال: وكانت قريظة والخندقُ بعدَها، وقال القاضي إسماعيل بن إسحاق: اختلفوا في ذلك، والأَوْلَى أنْ تكون المريسيع قبل الخندق، وعلى هذا القول؛ فلا إشكال، لكن النَّاس على خلافه، وفي حديث الإفك ما يدلُّ على خلاف ذلك؛ لأنَّ عائشة ذكرت أنَّ القصَّة بعد نزول الحجاب، فإنَّها قالت في حقِّ صفوانَ: (وكان يراني قبل الحجاب)، والحجاب نزل في مبتنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بزينب، وزينب كانت تحته إذ ذاك؛ لأنَّ في جميع طرقه أنَّه سأل زينب عَنْ عائشة، فأجابت بـ (أحمي سمعي وبصري ما علمت عليها إلَّا خيرًا)، وقد ذكر أرباب التَّواريخ أنَّ تزويجَه بزينب كان في ذي القعدة سنة خمس، وعلى هذا؛ فلا يصحُّ قول موسى بن عقبة، وقال ابن إسحاق: إنَّ غزوة بني المُصْطلق كانت سنة ستٍّ بعد الخندق، وذكر فيها حديث الإفك، قال: عن الزُّهريِّ، عَنْ عبيد [60] الله بن عَبْد الله بن عتبة، عَنْ عائشة؛ فذكر الحديث، وفيه: (فقام أُسَيد بن الحُضَير، فقال: أنا أعذرك منه، فردَّ عليه سعد بن عبادة)، ولم يذكرِ ابنَ مُعاذ، فقال ابن حزم: هذا هو الصحيح الَّذِي لا شكَّ فِيْهِ، وذِكْر سعد بن مُعاذ وَهم؛ لأنَّ ابنَ مُعاذ مات إثر فتح بني قريظة بلا شكٍّ، وكانت في ذي القعدة من السَّنة الرَّابعة، وغزوة بني المُصْطلق في شعبان مِن السَّادسة بعد سنة وثمانية أشهر من موت سعد، وكانت المقاولة بين الرَّجلين المذكورين بعد الرُّجوع من غزوة بني المُصْطلق بأزيدَ مِن خمسين ليلة، قلت: والصَّحيح أنَّ الخندقَ كانت سنة خمس كما سيأتي)، انتهى، وقد اختُلِف في تزويج زينب؛ هل كان ذلك في سنة ثلاث أو أربع أو خمس؟ وفي هذا الكلام المُتقدِّم

(1/5075)

أنَّ موسى بن عقبة قال: إنَّها سنة أربع قبل الخندق؛ قد قال أيضًا ابن سعد: إنَّها كانت _أعني: الخندق_ بعد المريسيع، لكن قال: إنَّها كانت سنة خمس، والله أعلم.

تنبيهٌ: وقد وقع في بعض طرقه: أنَّه صعِد المنبر، وهذا الطَّريق في «البخاريِّ» و «مسلم»، فقال: «مَن يعذرُني»، والمنبر إنَّمَا اتَّخذه عليه الصَّلاة والسَّلام في السَّنة الثَّامنة أو السَّابعة أو التَّاسعة كما تَقَدَّم، فلعلَّه أراد: صعِد على مرتفعٍ غير المنبر المعروف، والله أعلم.

قوله: (وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا): يعني: أنَّه لا يُعرَف عليه شيءٌ رضي الله عنه، وإنَّما الحَميَّة أخذته لا غيرُها.

قوله: (لَعَمْرُو [61] اللهِ): هو مَرْفوعٌ، وهو قسمٌ ببقاء الله ودوامه، وهو رفعٌ بالابتداء، والخبر محذوف؛ تقديره: لعمرُو اللهِ قَسَمِي،

[ج 1 ص 659]

أو ما أقسم به، واللَّام للتَّوكيد، فإنْ لَمْ تأت باللَّام؛ نصبتَه نصبَ المصادر، فقلت: عَمرَو الله وعَمرَك؛ أي: بإقرارك لله وتعميرك له بالبقاء، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ [62] أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بضَمِّ الهمزة؛ مُصغَّرًا، وكذلك (حُضَير)؛ مُصغَّرًا؛ بضَمِّ أوَّله، وفتح ثانيه، وهذا في غاية الظُّهور عند أهل الحديث، وهو فائدةٌ عند مَن لا يعرفه.

قوله: (حَتَّى هَمُّوا): أي: بالقتال، حُذِف؛ لِلعلمِ به، ولأنَّ سياقَ القصَّة يُرشِد إليه.

قوله: (سَكَتُوا وَسَكَتَ): هو بالتَّاء فيهما.

قوله: (لَا يَرْقَأُ): هو مهموز الآخر، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَأَصْبَحَ [63] أَبَوَايَ): تَقَدَّم أنَّ أبويها أشهر مِن (قِفَا نَبْكِ)؛ أبو بكر الصِّدِّيق، وأمُّ رُومان، تقدَّمت.

قوله: (اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ): هذه المرأة لا أعرفها؛ فليُنقَّب عنها.

تنبيهٌ: قال بعضهم في (باب قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7]): (إذ ولجت [64] علينا امرأةٌ من الأنصار): هي أمُّ مِسْطَح، وهو المراد بـ (فلان)، انتهى، وهذا الغلط غلطٌ فاحشٌ، ودلَّني هذا على أنَّ (بعضهم) ليس بمُحدِّث؛ لأنَّ مُحدِّثًا لا يغلط هذا الغلط، وأمُّ مِسْطَح قرشيَّة مُطَّلبيَّة، وهذه أنصاريَّة.

قوله: (مِنْ يَوْمِ قِيلَ لِي [65] مَا قِيْل): (يوم)؛ بالجرِّ، ويجوز تنوينُه، ويجوز نصب (يوم) على الظَّرف.

(1/5076)

قوله: (وَقَدْ لَبِثَ [66] شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٌ): (يُوحَى): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (شيءٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّنٌ نائب مناب الفاعل، وقوله: (لَبِثَ شهرًا): وكذا يأتي، وقال السُّهيليُّ في (غزوة بني المُصْطلق): (وكان نزول براءة عائشة رضي الله عنها بعد قدومهم المدينة بسبع وثلاثين ليلةً في قول بعض المُفسِّرين) انتهى، والجمع بين قولها وقول بعض المُفسِّرين أنَّها لَمْ تَذكرِ الكَسْرَ، وإنَّما ذكرتِ العقودَ مع أنَّ كلامها هو المُقدَّم؛ لأنَّها صاحبة القصَّة وصحابيَّة، أو بعد قدومهم المدينة لبث شهرًا لا يُوحَى إليه في شأنها، وأمَّا ما تَقَدَّم نقلُه عَنْ أبي مُحَمَّد ابن حزم أنَّ المقاولة بين الرَّجلين كانت بعد رجوعهم بأزيدَ مِن خمسين ليلةً؛ فالجواب عنه _إنْ صحَّ_: أن يُحمَلَ على أنَّها لَمْ تذكرِ الكَسرَ، كما تَقَدَّم أيضًا، وفي هذا الجواب نظرٌ، والله أعلم، أو يُؤوَّل ما قاله ابن حزم.

قوله: (قَلَصَ دَمْعِي): أي: انقبض وارتفع.

قوله: (حَتَّى مَا [67] أُحسُّ): هو بضَمِّ الهمزة، رُباعيٌّ.

قوله: (وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ): تَقَدَّم الكلام على سنِّها، وأنَّها حين تُوُفِّيَ عليه الصَّلاة والسَّلام كان سنُّها ثماني عشرة سنةً، ودخلت عليه وهي بنت تسع سنين، وأنَّها أُدْخِلت عليه في شوَّال بعد استقراره بالمدينة بثمانيةِ أشهرٍ؛ (فاحسب أنت ذلك؛ تعرفْ كم سنُّها على الاختلاف في تاريخ الإفكِ، والله أعلم) [68].

قوله: (لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ): والظَّاهر: أنَّه حين تُوُفِّيَ صلَّى الله عليه وسلَّم لَمْ تكن جمعتِ القرآنَ، وكذلك [69] لَمْ أرَ أحدًا ذكرها فيمَن جمعه مِن الصَّحابة في حياته عليه الصَّلاة والسَّلام، وسأذكر مَن جمعه في حياته في مكانه [70]، وفيهم امرأةٌ واحدةٌ وهي أمُّ ورقة ذكروها فيمَن جمعَه في حياته.

قوله: (وَوَقَرَ فِي أَنْفُسِكُمْ [71]): أي: تمكَّن وثبت.

قوله: (إِنِّي لَبَرِيئَةٌ): هو بكسر همزة (إنَّ)؛ لأنَّ اللَّام في الخبر، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وأمَّا الثَّانية: (وَاللهُ يَعْلَمُ [72] أَنِّي) هذه: بفتح الهمزة، وهذا ظاهرٌ أيضًا.

قوله: (رُؤْيَا): مقصورة غير مُنوَّنة، وهذه ظاهرة.

(1/5077)

قوله: (مَا رَامَ رَسُولُ اللهَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ [73]): أي: لَمْ يبرح ولا فارق، يقال: رام يُرِيم رَيمًا، وأمَّا مَن طلب شيئًا؛ فيقال: رام الأمرَ يرومُ، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التَّعليق: (فلم يرُم حمص)، وأنَّه مِن هذا الباب، وتَقَدَّم غلط الدَّاوديِّ.

قوله: (حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ): (أُنزِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (مِنَ الْبُرَحَاءِ): هو بضَمِّ الموحَّدة، وفتح الرَّاء، ثمَّ حاء مهملة، ممدودُ الآخر، شدَّة الكرب، وشدَّة الحُمَّى أيضًا، قال الصَّدفيُّ: (العُرَواء: الحمَّى النَّافض، والبُرَحاء [74]: الحمَّى الصَّالب، والرُّحضاء: الحمُّى التي تأخذ بالعروق، والمُطَوَاء: التي تأخذ بالتَّمطِّي، والثُّؤَباء: التي تأخذ بالتَّثاؤب [75])، وقد قَدَّمتُ ذلك فيما مضى.

قوله: (حَتَّى إِنَّهُ): هو [76] بكسر همزة (إنَّ)، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (مِنَ [77] الْجُمَانِ): هو بضَمِّ الجيم، وتخفيف الميم، وفي آخره نونٌ: حبوبٌ مدحرجةٌ أمثال اللُّؤلؤ، يُصنَع من فضَّة وغيرها، قال ابن دريد: وقد سَمَّوا الدُّرَّ جُمَانًا.

قوله: (فَلَمَّا سُرِّيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهو بالتَّخفيف والتَّثقيل روَوه الشُّيوخُ، وكلاهما صحيح؛ ومعناه: كُشِف عنه ما أصابه من غشية أو خوف أو غيره.

قوله: (عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ): تَقَدَّم أنَّ اسمه عوفٌ، وقيل: عامرٌ، و (مِسْطَح): لقبٌ له، و (أُثَاثَة)؛ بضَمِّ الهمزة، ثمَّ ثاءين مثلَّثتين، بينهما ألفٌ، وبعد الثانية تاءُ التأنيث، وقد تَقَدَّم بعض ترجمته.

قوله: (لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ): تَقَدَّم ما (القرابة) التي بينه وبين أمِّ مِسْطَح، وتَقَدَّم الكلامُ على (مِسْطَح) فيما مضى قريبًا.

قوله: (فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ الَّذِي كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ): (رَجَعَ)؛ بالتَّخفيف، وهو مُتَعدٍّ، وهذا ظاهرٌ، و (يجري): رُباعيٌّ.

فائدةٌ: في «معجم الطَّبرانيِّ الكبير» في (معجم النِّساء) في (مسند عائشة): (أنَّ أبا بكر كان يعطي مِسْطَحًا ضعفَ ما كان يعطيه قبل قطع النَّفقة)، والله أعلم.

[ج 1 ص 660]

(1/5078)

قوله: (يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ): تَقَدَّم متى دخل عليها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهي أمُّ المؤمنين أسديَّة، ولها إخوةٌ، وهي بنت عمَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أميمةَ، وكانت تفخر على نساء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتقول: إنَّ الله أنكحني في السَّماء، وعنها: أمُّ حبيبة وزينب بنت أبي سلمة، تُوُفِّيَت سنة عشرين رضي الله عنها، مناقبها كثيرة، أخرج لها [78] الجماعة، والذي يظهر أنَّها أفضل الزَّوجات بعد خديجة وعائشة [79]، والله أعلم.

قوله: (أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي): أي: أمنعهما من المآثم والكذب أن أقول: سمع ما لم يسمع، ورأى ما لم يرَ.

قوله: (تُسَامِينِي): أي: تُضاهيني وتطاولُني وتنازعُني المنزلةَ عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو من السُّموِّ، يقال: فلان يسمو إلى المعالي؛ أي: يرتفع إليها ويتطاول نحوها، قال في «المطالع»: (ورأيت بعضهم فسَّره مِن سوم الخسف؛ وهو تكليف الإنسان وإلزامه ما يشقُّ عليه، وكأنَّه ذهب إلى أنَّ معناه: تؤذيني وتغبطُني، ولا يصحُّ أن يقال هذا في «المفاعلة»: ساميني؛ إنَّما يقال فيه: ساوم) انتهى.

تنبيهٌ: الذي يظهر أنَّ زينبَ أفضلُ أزواج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعد خديجة وعائشة، والله أعلم، وما ذاك إلَّا لأنَّ الله أنكحها في السَّماء، وقد تَقَدَّم أعلاه [80].

قوله: (بِالْوَرَعِ): تَقَدَّم تعريف (الورع) في قول حسَّان بن أبي سنان: (ما رأيت شيئًا أهون من الورع) في أوَّل (البيوع).

قوله: (قَالَ: وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ ... ) إلى آخره: قائل ذلك هو أبو الرَّبيع سليمان بن داود، شيخُ البخاريِّ في حديث الإفك، وكذا قوله في المكان الثاني: (وَحَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحمن، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّد بْنِ أَبِي بَكْرٍ مِثْلَهُ): (يحيى بن سعيد) هذا: هو الأنصاريُّ، والله أعلم.

==========

[1] (وَهم): سقط من (ب).

[2] في (ب): (يكتبه)، وهو تحريفٌ.

[3] (ابن): سقط من (ب).

[4] في النسختين: (وأنَّه)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[5] في النسختين: (وأبا أحمد ومسطحًا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[6] في (ب): (حمد)، وهو تحريفٌ.

[7] في (ب): («استيعابه»).

[8] (في ضرب حسان): سقط من (ب).

[9] في النسختين: (ردى)، والمثبت من مصدره.

[10] في (ب): (وببينة).

(1/5079)

[11] في (ب): (بقعة)، وهو تحريفٌ.

[12] (مسند): ليس في (ب).

[13] في (ب): (ما)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[14] في النُّسختين: (وأثبتَّ)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[15] في (ب): (بن)، وهو تحريفٌ.

[16] (في «الصحيح»): سقط من (ب).

[17]) في): ليس في (ب)، وعليها في (أ): (صح).

[18] في (ب): (وأبرك)، وهو تصحيفٌ.

[19] كذا في النُّسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (حِيْن).

[20] (أظفار): سقط من (ب).

[21] في (ب): (ظفارًا)، ولا يصحُّ.

[22] في (ب): (المهملة).

[23] في (ب): (مشدد)، والمثبت هو الصَّواب.

[24] في (ب): (حُفَّاظ المصريّين).

[25] في (ب): (مويهنة)، وهو تصحيفٌ.

[26] في (ب): (مويهنة).

[27] زيد في (ب): (الصبح).

[28] في (ب): (يثبت).

[29] في (ب): (المهملة).

[30] في (ب): (بهنة)، وهو تصحيفٌ.

[31] في (ب): (قال الحُسين الشَّريف).

[32] (أ): (يرها).

[33] في النُّسختين: (نزل)، والمثبت موافق لما في مصدره.

[34] في (ب): (وبالزاي)، وهو تحريفٌ.

[35] في النُّسختين: (منتاها)، ولعلَّه تحريفٌ.

[36] في (ب): (تَقَدَّم قريبًا الكلام).

[37] في (ب): (في الرفق واللين).

[38] في (ب): (إلى المؤنَّث).

[39] في (ب): (تَقَدَّم).

[40] في (ب): (أنَّه).

[41] زيد في (ب): (رضي الله عنها).

[42] في النُّسختين: (والحديث)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[43] زيد في (ب): (انتهى).

[44] في هامش (ق): (فائدة: لم يحك الجوهريُّ في (هنتاهُ) إلا ضم الهاء الأخيرة، وقياسه الضمُّ والسُّكون، وفي هناه: أقبل، وقيل: وحركة الهاء مُنكَرة، ولكن هكذا روى الأخفش.×قال أبو موسى المدينيُّ: أي: يا هذه، وقيل: معنى «يا هنتاه»: يا بلهاء).

[45] زيد في (أ): (قريبًا).

[46] (ست، وقيل: سنة): سقط من (ب).

[47] (بن): سقط من (أ).

[48] (أم): سقط من (ب).

[49] في (ب): (وهو الأكثر)، وهو تحريفٌ.

[50] في (ب): (ضبطه).

[51] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (وَسَلِ).

[52] في (ب): (يقع)، وهو تحريفٌ.

[53] في النُّسختين: (فأبيت)، وليس بصحيح.

[54] ما بين معقوفين سقط من (ب).

[55] (مكان): ليس في (ب).

[56] في (ب): (عن)، وهو تحريفٌ.

[57] في (ب): (ذكروا).

[58] في (ب): (قاموا)، وليس بصحيحٍ.

[59] زيد في (ب): (انتهى)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[60] في (ب): (عبد)، وهو تحريفٌ.

(1/5080)

[61] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (لعمر)؛ بلا واو.

[62] كذا في النُّسختين، وفي و (ق): (فَقَامَ).

[63] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (عندي).

[64] في (ب): (وولجت).

[65] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة»: (فيَّ).

[66] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مكث).

[67] في (أ) و (ب): (أما)، وهو تحريفٌ.

[68] ما بين قوسين سقط من (ب).

[69] في النُّسختين: (وذلك)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[70] في (ب): (حكاية)، وهو تحريفٌ.

[71] في (ب): (العلم)، وهو تحريفٌ.

[72] في (ب): (ليعلم)، وهو تحريفٌ.

[73] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ما رام مجلسه).

[74] في (ب): (والجرحاء)، وهو تحريفٌ.

[75] في النُّسختين: (التَّثاؤب)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[76] (هو): سقط من (ب).

[77] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (مِثْلُ الجمان من)، ولعلَّ المثبت سبقُ نظرٍ.

[78] في (أ): (له)، والمثبت هو الصَّواب.

[79] زيد في (ب): (رضي الله عنها).

[80] في (ب): (ذلك).

(1/5081)

[باب: إذا زكى رجل رجلًا كفاه]

قوله: (بَابٌ: إِذَا زَكَّى رَجُلٌ رَجُلًا؛ كَفَاهُ): سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب بغير إسنادٍ، ثمَّ قال: (استدلاله على التَّرجمة بحديث أبي بكرة ضعيفٌ، فإنَّ غايته أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم اعتبر تزكية الرَّجل أخاه إذا اقتصد ولم يتغالَ، والاعتبار قد يكون؛ لأنَّه جزء النِّصاب، وقد يكون؛ لأنَّه كافٍ، فهذا مَسكوتٌ عنه) انتهى.

اعلم أنَّهم اختلفوا في ثبوت العدالة بواحدٍ في الرِّواية والشَّهادة؛ فقيل: يُكتفَى فيهما بالواحد، وهو اختيار القاضي أبي بكر؛ لأنَّ التَّزكية بمثابة الخبر، قال القاضي: والذي يوجبه القياسُ وجوبُ قبولِ تزكية كلِّ عدل مَرضيٍّ، ذكرٍ كان أو أنثى، حرٍّ أو عبدٍ، لشاهدٍ ومخبرٍ، وفيه قولٌ آخرُ: أنَّه لا يُقبَل في التَّزكية إلَّا رجلان، وسواءٌ الشَّهادةٌ والرِّوايةُ، وهذا محكيٌّ عن أكثر الفقهاء مِن أهل المدينة وغيرِهم، والثَّالث: التَّفرقة بين الشَّهادة والرِّواية؛ فيُشترَط اثنان في الشِّهادة، ويكتفى بواحدٍ في الرِّواية، ورجَّحه الإمام فخر الدِّين والآمديُّ، ونقله عن الأكثرين، وكذا ابن الحاجب نقله عن الأكثرين، وقولي: (بالواحد): تدخل فيه المرأةُ العدلُ، والعبدُ العدلُ، وقد اختلفوا في تعديل المرأة؛ فحكى القاضي (أبو بكر عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم أنَّها لا تُقبَل في التَّعديل النِّساءُ، لا في الرِّواية ولا في الشَّهادة، واختار القاضي) [1] أنَّه تُقبَل تزكية المرأة مطلقًا في الرِّواية والشَّهادة؛ إلَّا تزكيتها في الحكم الذي لا تُقبَل شهادتُها فيه، وأطلق صاحب «المحصول» وغيرُه قبولَ تزكيةِ المرأة من غير تقييد بما ذكره القاضي، وأمَّا تزكية العبد؛ فقال القاضي أبو بكر: يجب قبولُها في الخبر دون الشَّهادة، قال: والذي يوجبه القياسُ وجوبُ قبولِ تزكية كلِّ عدلٍ مرضيٍّ ذكرٍ وأنثى، حرًّا كان أو عبدًا، لشاهدٍ أو مخبرٍ، وهذا ما صرَّح به في «المحصول»، وغيرُه صرَّح به، قال الخطيب البغداديُّ: (الأصل في هذا الباب سؤالُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بريرةَ في قصَّة الإفك عن حال عائشة رضي الله عنهما، وجوابها له) انتهى، وكذا جوابُ زينب؛ على مذهب مَن يراه تزكيةً، والله أعلم.

(1/5082)

قوله: (وَقَالَ أَبُو جَمِيلَةَ: وَجَدْتُ مَنْبُوذًا): (أبو جَمِيلة)؛ بفتح الجيم، وكسر الميم، واسمه سُنَيْن؛ بضَمِّ السين المهملة، وفتح النُّون، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ نون أخرى، ذكره غير واحد في الصَّحابة؛ منهم: ابن حِبَّان وابن منده، وأمَّا ابن المنذر؛ فقال: رجلٌ مجهولٌ، قال البيهقيُّ: قاله الشَّافعيُّ أيضًا في (كتاب الولاء)، فإن ثبت؛ كان معناه في الولاء: أجرتُه والقيامُ بحفظه، دون الولاء المعروف؛ لأنَّه لمَن أعتق، قاله شيخنا، انتهى، وقال النَّوويُّ في أبي جَمِيلة: (إنَّه صحابيٌّ مُتَّفقٌ على صحبته)، ثمَّ قال: إنَّ الجمهور لم يذكروا اسم أبيه، وحكى ابن ماكولا أنَّه سُنَيْن بن فرقد، ويقال له: السُّلميُّ، ويقال: الضَّمْرِيُّ، وعن الزُّهريِّ: سُليطيٌّ، وقال أبو عليٍّ الجَيَّانيُّ في «تقييده» ما لفظه: (سُنَيِّن؛ بسين مهملة، بعدها نونان، بينهما ياء التَّصغير مُشدَّدة، وقد يخفِّفونها، وهو سُنَيِّن أبو جَمِيلة ... ) إلى آخر ما ذكره، انتهى، والياء مع التَّصغير مُشدَّدة مكسورة، وفي «المطالع» ما لفظه: («سُنَيِّن»: كذا قيَّده الأصيليُّ في «البخاريِّ»، قال البخاريُّ: «هكذا يقوله ابن عيينة»، وضبطه غير [2] الأصيليِّ بالتَّخفيف، ووقع في «تاريخ البخاريِّ»: وقال ابن عيينة: سُنَين، وقال ابن أبي أُوَيس: سُنَيِّن، كذا وجدتُه مُقيَّدًا بخطِّ الصَّدفيِّ خلافَ ما ضبطه الأَصيليُّ عن ابن عيينة، ولم يذكر فيه الأميرُ والدَّراقطنيُّ وعبد الغنيِّ سوى التَّخفيفِ)، انتهى، وهو سُنَيْن أبو جَمِيلة الضَّمْريُّ، وقيل: السُّلميُّ، وقال مغلطاي في قول المِزِّيِّ: («السُّلميُّ»، ويقال: «الضَّمْريُّ»، كأنَّه تصحيف من «الضُّمَيريِّ»؛ بزيادة ياءٍ، وذكر مُستنَده)، انتهى، له في «صحيح البخاريِّ» من حديث الزُّهريِّ عن أبي جَمِيلة، وزعم أنَّه أدرك النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان معه عام الفتح أو حجَّته، وأنَّه التقط مَنبوذًا، فأتى عمرَ، فسأل عنه، فأُثنِي عليه خيرٌ، فأنفق عليه عمر، وجعل ولاءه له، كذا قال الذَّهبيُّ، وهذا الأثر أسنده البخاريُّ مرَّةً: عن إبراهيم بن موسى: حدَّثنا هشام عن مَعْمَر، عن الزُّهريِّ، عن سُنَيْن أبي جَمِيلة، وسيجيء ذلك في (غزوة الفتح) ذكر ذلك في (باب: وقال اللَّيثُ: حدَّثني يونس عن ابن شهاب ... ) إلى آخره، ثمَّ قال: حدَّثني إبراهيم بن موسى؛ فذكره، وأبو داود في «مسند مالكٍ»،

(1/5083)

والنَّسائيُّ في» مسند مالكٍ» أيضًا، كان منزله بالعُمَق؛ بضَمِّ العين المهملة، وفتح الميم: منزل بطريق مكَّة، والعامَّة تقول: عُمُق، انتهى.

قوله: (مَنْبُوذًا): أي: مطروحًا، واللَّقيط والمنبوذ سواءٌ، وقيل: المنبوذ: ما طرح صغيرًا أوَّلَ ما وُلِد، واللَّقيط: ما التُقِطَ صغيرًا، وقيل غير ذلك.

قوله: (عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا [3]؛ كَأَنَّهُ يَتَّهِمُنِي): قال ابن الأثير: (عسى الغُوَيرُ أبؤسًا): هو جمع، وانتُصِبَ على أنَّه خبر (عسى)، كذا قال، وقال الإمام جمال الدين ابن هشام القاهريُّ _وقد قرأت بعض النَّحو على مَن قرأ عليه، ورأيت ولده الإمامَ محبَّ الدِّين في القاهرة، وسألته وتجاريت معه_ في «المغني» بعد حكاية هذا: (والصَّواب: أنَّه ممَّا حُذِف فيه الخبرُ؛ أي: يكون أبؤسًا؛ لأنَّ في ذلك إبقاءً له على

[ج 1 ص 661]

الاستعمال الأصليِّ؛ يريد: أنَّ الأصل أن يكون خبرُ «عسى» فعلًا مضارعًا)، انتهى، قال ابن الأثير: و («الأبأسُ» هنا: مفردٌ؛ وهو [4] الدَّاهية، قال الجوهريُّ في «صحاحه»: («الأبؤس»: جمع «بؤْس»، من قولهم: يوم بُؤْسٍ، ويوم نُعْم، والأبؤس أيضًا: الدَّاهية، وفي المثل: «عسى الغوير أبؤسًا»، و «الغوير»: ماء لكلب، وهو مَثَلٌ أوَّلُ مَن تكلَّم به الزَّبَّاء، ومعنى الحديث: عسى أن تكون جئت بأمرٍ عليك فيه لائمةٌ وشدَّةٌ)، انتهى، كذا ذَكَرَه في (بأس)، وذكر في (غور): «عسى الغوير أبؤسًا»: هذا مَثلٌ قديم يقال [5] عند التُّهمة، و «الغوير» تصغير «غار»، وقيل: هو موضع، وقيل: ماء لكلب، ومعنى المَثْل: ربَّما جاء الشَّرُّ من معدن الخير، وأصل هذا المَثْل: أنَّه كان غارٌ فيه ناسٌ، فانهار عليهم، وأتاهم فيه عدوٌّ، فقتلهم، فصار مَثْلًا لكلِّ شيء يُخافُ أن يأتي منه شرٌّ، وقيل: أوَّلُ مَن تكلَّمت به الزَّبَّاءُ، لمَّا عَدلَ قصيرٌ بالأحمال عن الطَّريق المألوفة، وأخذ على الغوير، فلمَّا رأته وقد تنكَّب الطَّريق؛ قالت: عسى الغوير أبؤسًا؛ أي: عساه أن يأتي بالبأس والشَّرِّ، وأراد عمر بالمَثْل: لعلَّك زنيتَ بأمِّه وادَّعيتُه لقيطًا، فشهد جماعة بالسِّتر، فتركه)، انتهى، وقد ذكره ابن قُرقُول أيضًا في (الغين مع الياء)؛ فانظرْه إن أردته، فإنَّ قصديَ الاختصارُ.

(1/5084)

قوله: (فَقَالَ [6] عَرِيفِي): (عريف أبي جَمِيلة): لا أعرفه، وقال شيخنا الشَّارح في (غزوة الفتح) ما لفظه: (والذي أثنى عليه هو شيبان، كما أفاده الشَّيخ أبو حامد في تعليقه)، انتهى، وصورته في النُّسخة: (شيبان)، والنُّسخة سقيمةٌ، ولا أعرف مَن يعني بـ (شيبان)، والله أعلم، وفي [7] كلام بعض الحُفَّاظ المُتأخِّرين أنَّه شيبان، وعزاه لمَن عزاه شيخنا.

==========

[1] ما بين قوسين سقط من (ب).

[2] في (ب): (عن)، وهو تحريفٌ.

[3] في هامش (ق): (هذا مثلٌ قديم يقال عند التُّهْمَة، والغُوَيْر: تَصْغير غَار، وقيل: هو موضع، وقيل: مَاءٌ لكَلْب، ومَعْنَى المثل: رُبَّما جاء الشر من مَعْدن الخَير، وأصْل هذا المَثل أنَّه كان غَارٌ فيه ناسٌ فانْهَار عليهم وأتاهُم فيه عَدُو فقَتَلهم فصارت مَثَلًا لكُلِّ شيء يُخاف أن يأتِيَ منه شَرٌّ، وأراد عُمر بالمَثل: لعَلَّك زَنيْتَ بأمِّه وادعَيْتَه لَقِيطاً، فشَهِد له جماعة بالسَّتْر فَتَركَه. من «النهاية»).

[4] في (ب): (وهي).

[5] (يقال): سقط من (ب).

[6] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (قال).

[7] في (ب): (أمَّا).

(1/5085)

[حديث: ويلك قطعت عنق صاحبك قطعت عنق صاحبك]

2662# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ [1] بْنُ سَلَامٍ): كذا في أصلنا، وعلى (مُحَمَّد): صورة علامةٍ أنَّها نسخة، فيبقى الكلام: (حدَّثنا ابن سلَام)، وهو هو، وتَقَدَّم مرارًا أنَّ (سلَامًا) بتخفيف اللَّام على الصَّحيح، مُطَوَّلًا في أوائل هذا التَّعليق؛ فانظره إن أردته، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ الْوَهَّابِ): أنَّه عبد الوهَّاب بن عبد المجيد بن الصَّلت، أبو مُحَمَّد، الحافظ الثَّقفيُّ [2]، وقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (أَبُو بَكْرَةَ): أنَّه نُفَيع بن الحارث، وقيل: ابن مسروح، وقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذان الرَّجلان لا أعرفهما.

(1/5086)

[باب ما يكره من الإطناب في المدح وليقل ما يعلم]

قوله: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الإِطْنَابِ فِي الْمَدْحِ): (الإطناب): المبالغة في القول، وتطويل الكلام فيه؛ كمدِّ إطناب الخباء.

(1/5087)

[حديث: أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل]

2663# قوله: (حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ): تَقَدَّم أنَّ (بُرَيدًا) بضَمِّ الموحَّدة، وفتح الراء، وتَقَدَّم أنَّ اسم (أبي بُردة) الحارثُ أو عامرٌ، القاضي الفقيه، وتَقَدَّم أنَّ (أَبَا مُوسَى): هو عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعريُّ، مُتَرجَمًا.

قوله: (سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ): هذان [1] الرَّجلان لا أعرفهما، ويحتمل أن يكونا المذكورين قبلَه، ويحتمل أنَّهما غيرُهما، والله أعلم.

قوله: (وَيُطْرِيهِ): هو رُباعيٌّ، مضمومُ الأوَّل، و (الإِطْراء)؛ بكسر الهمزة، وإسكان الطاء المهملة، ممدود: مجاوزة الحدِّ في المدح بالكذب فيه.

(1/5088)

[باب بلوغ الصبيان وشهادتهم]

قوله: (وَقَالَ مُغِيرَةُ: احْتَلَمْتُ وَأَنَا ابْنُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً): هذا هو مُغيرة بن مِقْسَم الضَّبِّيُّ، لا المغيرة بن شعبة، والمغيرة بن شعبة ذكروا في ترجمته أنَّه أحصن ثلاثَ مئة امرأة، ويقال: ألف امرأة، والله أعلم، وكان عنده شبقٌ كبيرٌ.

فائدةٌ شاردةٌ: ذكروا في ترجمة عَمرو بن مرزوق الباهليِّ أنَّه سُئِل: أتزوَّجت ألفَ امرأة؟ فقال: وأكثر، انتهى، أخرج لعَمرٍو هذا البخاريُّ مقرونًا بغيره، وأخرج له أبو داود، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ): هو الحسن بن صالح بن حيٍّ الهمْدانيُّ الثَّوريُّ، الفقيه أبو عبد الله، أحد الأعلام، وكان مِن العُبَّاد، عن سماك، وعَمرو بن دينار، وقيس بن مسلم، وعنه: يحيى بن آدم، وأحمد ابن يونس، وعليُّ بن الجعْد، وهو صدوقٌ عابدٌ يتشيَّع، أخرج له مسلم والأربعة، تُوُفِّيَ سنة (169 هـ)، له ترجمةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (أَدْرَكْتُ جَارَةً لَنَا جَدَّةً [1] بِنْتَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً): جارة الحسن بن صالح لا أعرفها.

تنبيهٌ: يمكن أن يُتصوَّر أن تكون جدَّةً، ولها دون ذلك مِن السِّن [2] على قول مِن قال: إنَّ [3] البلوغ بتسع سنين في الحيض والاحتلام، وأقل الحمل: ستَّة أشهر، وأقل النِّفَاس: لحظة، والله أعلم.

(1/5089)

[حديث: أن رسول الله عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنةً]

2664# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه حمَّاد بن أسامة، وكذا تَقَدَّم (عُبَيْدُ اللهِ): أنَّه عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.

قوله: (عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ [1] ... ) إلى آخره: قال شيخنا ما لفظه: (ووقع عند الحُمَيديِّ بدل «الخندق»: «عام الفتح»، وهو غلط، ونقله ابن ناصر عن تعليقة أبي مسعود وخلف، ولم يُرَ فيهما، وذكرها ابن التِّين: «عرضت عام الخندق وأنا ابن أربعَ عشرةَ سنة، فأجازني»، قال: وقيل: إنَّما عرض يوم بدر؛ فذكره، وأجازه بأُحُد، وقال: ذكرُ الخندق وَهَمٌ، وإنَّما كانت غزوةَ ذات الرِّقاع؛ لأنَّ الخندق سنة خمسٍ، وهو قال: إنَّه كان في أُحُد ابن أربعَ عشرةَ، فعلى هذا: تكون غزوة ذات الرِّقاع هي المراد؛ لأنَّها كانت في سنة أربع، بينها وبين أُحُد سنةٌ، وقد يُجاب: بأنَّه يحتمل أنَّ ابن عمر في أُحُد دخل في أوَّل سنة أربعٍ من حينِ مولدِه في شوَّال منها، ثمَّ تكمَّلت له سنة أربعَ عشرةَ في شوَّال من الآتية، ثمَّ دخل في الخامسةَ [2] عشرةَ إلى شوَّالها الذي كانت فيه [3] الخندق، فكأنَّه أراد أنَّه في أُحُدٍ في أوَّل الرَّابعة، وفي الخندق في آخر الخامسة، وقد أسلفنا عن موسى بن عقبة وغيرِه أنَّ الخندق كانت سنة أربع، فلا حاجة إذن إلى ذلك)، انتهى.

==========

[1] زيد في (ب): (سنة).

[2] في النُّسختين: (الخامس)؛ تبعًا لمصدره، وكتب فوقها في (أ): (كذا)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.

[3] في النُّسختين: (سنة)، والمثبت من مصدره.

[ج 1 ص 662]

(1/5090)

[حديث: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم.]

2665# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّه ابن عيينة، وتَقَدَّم (صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ): أنَّه بضَمِّ السِّين، وفتح اللَّام، وكذا (أَبُو سَعِيْد الخُدْرِيُّ): أنَّه سعد بن مالك بن سنان.

[ج 1 ص 662]

(1/5091)

[باب سؤال الحاكم المدعي هل لك بينة؟ قبل اليمين]

(1/5092)

[حديث: من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع ... ]

2666# 2667# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ): قال الجَيَّانيُّ في «تقييده»: (وقال _أي: البخاريُّ_ في «الحجِّ» و «الشَّهادات» _وذكر أماكنَ أخرى_: «حدَّثنا مُحَمَّد: حدَّثنا أبو معاوية»، نسبه ابن السَّكن في بعض هذه المواضع: مُحَمَّد بن سلَام، وقد صرَّح البخاريُّ [1] باسمه في «النِّكاح» وغيرِه فقال: «حدَّثنا ابن سلَام: حدَّثنا أبو معاوية»؛ فذكر حديثًا عن عائشة في قول الله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ [2] فِي النِّسَاءِ} [النِّساء: 127]، وقال في «الوضوء»: «حدَّثنا مُحَمَّد بن المثنَّى: حدَّثنا مُحَمَّد بن خَازم»؛ يعني: أبا معاوية؛ فذكر حديثًا، وهو: «مَرَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقبر»، قال: وذكر أبو نصر: أنَّ مُحَمَّد بن سلَام ومُحَمَّد بن المثنَّى يرويان عن أبي معاوية)، انتهى، وقد ذكرت هذا غيرَ مرَّةٍ، وقال شيخنا هنا: (هو مُحَمَّد بن سلَام، كما صرَّح به في «الأطراف»، ثمَّ قال: قال الجَيَّانيُّ: وكذا نسبه ابن السَّكن، قلت: ورواه الإسماعيليُّ عن أبي كُرَيب مُحَمَّدِ بن العلاء، عن أبي معاوية، فيجوز أن يكون هو) انتهى، وقد راجعت «أطراف المِزِّيِّ»؛ فوجدته قال: (وفي «الشَّهادات»: عن مُحَمَّد _هو ابن سلَام_ عن أبي معاوية).

قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سليمان بن مِهران، أبو مُحَمَّد، الكاهليُّ القارئ، وكذا تَقَدَّم (شَقِيق): أنَّه أبو وائل شقيق بن سلمة، وكذا (عَبْد اللهِ): أنَّه ابن مسعود بن غافل الهذليُّ رضي الله عنه، أحد المهاجرين الأَوَّلِين.

(1/5093)

قوله: (كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ): وفي رواية: (وبين رجل مِن اليهود)، هذا (الرَّجل) سأذكره هنا، وأمَّا (اليهوديُّ)؛ فلا أعرفه، وقد ذكر الخطيب في «مبهماته» _كما نقله عنه النَّوويُّ_ أنَّه قال: (حديث الأشعث بن قيس: «مَن حلف على يمين صبرٍ» قال: فيَّ نزلت، خاصمت رجلًا في بئرٍ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «بيِّنتُك أو يمينُه»؛ قلت: إذًا يحلِفُ)، قال الخطيب: (هذا الرَّجل الذي خاصم الأشعثَ اسمه الجَفْشيش؛ بالجيم، وقيل: بالحاء المهملة، وقيل: بالخاء المعجمة، ثمَّ رواه الخطيب عن كلِّ شيخ من شيوخه بوجهٍ مِن الوجوه الثَّلاثة، وعن أبي حاتم الرَّازيِّ: أنَّه ذكره بالجيم، وكنَّاه [3] أبا الخير، قال الطَّبرانيُّ: له صحبة، ولا روايةَ [4] عنه، وفي رواية: يقال له: الجَفْشيش بن حصين، قلت: هو بالشين المعجمة المُكرَّرة، وبفتح أوَّله)، انتهى، وعن ابن طاهر: أنَّ اسمه معدان أبو الخير، ويقال: جفْشيش، ويقال: اسمه جرير بن معدان، والجيم مكسورة ومضمومة ومفتوحة، والفاء ساكنة، وكونه بالحركات الثَّلاث كذا رأيته بخطِّي، وقد رأيت في كلام بعضهم الآن أنَّه بكسر الجيم، وعمران بن موسى قاله بضمِّها، والله أعلم، ثمَّ رأيت ذلك عن عمران بن موسى أنَّه قاله بضَمِّ الجيم في «الاستيعاب».

قوله: (إِذًا يَحْلِف وَيَذْهَب): هما بالنَّصب، وقد تَقَدَّم أنَّ النَّوويَّ نقل عن أبي الحسن ابن خروف في «شرح الجُمَل»: أنَّ الرِّواية بالرَّفع في (يحلف).

==========

[1] (البخاريّ): سقط من (ب).

[2] في النُّسختين: (يستفتونك)، والمثبت موافقٌ لما في الآية الكريمة.

[3] في (ب): (وجهار)، وهو تحريفٌ.

[4] زيد في (ب): (ولا رواية)، وهو تكرارٌ.

[ج 1 ص 663]

(1/5094)

[باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود]

قوله: (بَابٌ: الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ... ) إلى آخر التَّرجمة: قال ابن المُنَيِّر بعد أن سرد ما في الباب بغير إسناد: (الأحاديث والآثار مطابقة للترجمة من حيث الإطلاقُ).

قوله: (وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): تَقَدَّم أنَّ قول البخاريِّ: (قال فلان) إذا كان فلانُ المسندُ إليه القولُ شيخَه _ كهذا_؛ فإنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، وتَقَدَّم ذلك مُطَوَّلًا، و (سُفيان) هذا: هو ابن عيينة فيما ظهر، وذلك أنَّ عبد الغنيِّ ذكر في مشايخ قتيبةَ ابنَ عيينة، ولم يذكرِ الثَّوريَّ، والله أعلم.

قوله: (عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ): هو عبد الله بن شُبْرُمة بن طفيل بن حسَّان، أبو شُبْرُمة، الكوفيُّ، القاضي الفقيه، عالم أهل الكوفة، عن أنس، وأبي الطُّفيل، والشَّعبيِّ، وأبي زرعة البجليِّ، والنَّخعيِّ، وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن، وطلحةَ بن مُصَرِّف، وعنه: شعبةُ، والسُّفيانان، وابن المبارك، وخلقٌ، وثَّقه أحمد، وأبو حاتم، وغيرهما، علَّق له البخاريُّ، وأخرج له أبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، تُوُفِّيَ سنة (144 هـ)، وله ترجمةٌ هيِّنةٌ في «الميزان»، وصحَّح عليه.

قوله: (كَلَّمَنِي أَبُو الزِّنَادِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الله بن ذكوانَ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (فَمَا تَحْتَاجُ أَنْ تُذْكِرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى): يقال: بل يُحتَاج إليها؛ لإسقاط اليمين عنه، وإنَّما نزل القرآن على ما يُؤمَر به الإنسان مِن التَّوثيق.

(1/5095)

[حديث: أن النبي قضى باليمين على المدعى عليه]

2668# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظُ، وتَقَدَّم ضبط (دُكَين)، وكذا تَقَدَّم (ابْن أَبِي مُلَيْكَةَ): أنَّه عبد الله بن عبيد الله ابن أبي مُلَيكة، مُؤذِّنُ ابن الزُّبير وقاضيه، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ ... ) إلى آخره: تَقَدَّم مُطَوَّلًا أنَّ الرِّواية بالكتابة صحيحةٌ إن أجاز معها، وإن لم يُجِزْ _ كهذه_؛ فصحيحةٌ على الصَّحيح، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 663]

(1/5096)

[باب]

(1/5097)

[حديث: من حلف على يمين يستحق بها مالًا لقي الله وهو عليه غضبان]

2669# 2670# قوله: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ): هو بفتح الجيم، وكسر الرَّاء، ابن عبد الحميد الضَّبِّيُّ القاضي، وكذا تَقَدَّم (مَنْصُور): أنَّه ابن المعتمر، وكذا (أَبُو وَائِلٍ): أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْدُ اللهِ): أنَّه ابن مسعود.

قوله: (بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ): تَقَدَّم الكلام على هذا الرَّجل أعلاه [1]؛ فانظره.

قوله: (إِذًا يَحْلِف): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه وقبله أنَّه بالرَّفع، والنَّصب هنا قليل، وأنَّ ابن خروف ذكر أنَّ الرِّواية: بالرَّفع.

==========

[1] في (ب): (بظاهرها).

[ج 1 ص 663]

(1/5098)

[باب: إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة وينطلق لطلب البينة]

قوله: (بَابٌ: إِذَا ادَّعَى أَوْ قَذَفَ؛ فَلَهُ أَنْ يَلْتَمِسَ الْبَيِّنَةَ ... ) إلى آخرها: (قَذَف)؛ بفتح القاف والذَّال المعجمة، وسيجيء في كلام ابن المُنَيِّر ما يبيِّنه، ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بغير إسناد، ثمَّ قال: (رأى البخاريُّ أنَّ القاذف يمكَّن من السَّعي في البيِّنة على المقذوف أنَّه زنى، ولا يَرِدُ [1] عليه أنَّ الحديث في الزَّوجين، والزَّوج له مَخرجٌ من الحدِّ باللِّعان إن عجز عن [2] البيِّنة بخلاف الأجنبيِّ؛ لأنَّا نقول: إنَّما كان هذا وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «انطلقْ» قبلَ نزول اللِّعان؛ حيث كان الزَّوج والأجنبيُّ سواءً؛ فاستقام الدَّليلُ) انتهى.

==========

[1] في (ب): (يرده).

[2] في (ب): (من).

[ج 1 ص 663]

(1/5099)

[حديث: البينة أو حد في ظهرك]

2671# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بفتح الموحَّدة، وتشديد الشين المعجمة، وأنَّه بُنْدار، وتَقَدَّم ما معنى (البُنْدار)، وكذا تَقَدَّم

[ج 1 ص 663]

(ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ): أنَّه مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، السُّلَميُّ مولاهم، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (هِشَام): أنَّه ابن حسَّانَ القُردوسيُّ البصريُّ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ): هو هلال بن أميَّة بن عامرٍ الأنصاريُّ الواقفيُّ، بدريٌّ _فيما صحَّ في «البخاريِّ»، وسأذكر تعقُّبَه في مكانه _كبيرٌ يكسرُ الأصنام التي لبني واقف، وكان معه رايةُ قومه يوم الفتح، وهو أَحد الثلاثة الذين خُلِّفوا، وهو الذي قذف امرأته بشريك ابن سَحْماء، والله أعلم.

قوله: (قَذَفَ امْرَأَتَهُ): امرأة هلال بن أميَّة هي خولة بنت عاصم، وسأذكرها في مكانها رضي الله عنها.

قوله: (بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ): هي بفتح السِّين وإسكان الحاء المهملتين، ممدودةٌ، قال شيخنا: (قال ابن المنذر: قيل لها ذلك؛ لسوادها)، انتهى، وهو شريك ابن سَحْماء، واسم أبيه: عَبْدة بن مغيث _بالغين المعجمة، وفي آخره ثاءٌ مثلَّثةٌ_ ويقال فيه: مُعتِب _بالعين المهملة، وبالمثنَّاة فوق المكسورة، ثمَّ موحَّدةٍ_ البلويُّ حليفُ الأنصار، قال شيخنا: (وزعم أبو نعيم أنَّ سَحْماء لم يكن أباه، وشريكًا لم يكن اسمَه، إنَّما كان بينه وبينه شرِكةٌ [1]، وقولُ [2] ابن القصَّار: إنَّ شريكًا كان يهوديًّا، فلذلك لم يُحدَّ له؛ غيرُ صحيح [3])، انتهى [4].

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي مصدره: (وزعم أبو نعيم أنَّ سحماء لم تكن أمَّه، وشريكاً لم يكن اسمَه، إنَّما كان بينه وبين ابن السَّحماء شركةٌ).

[2] في النُّسختين: (وقال)، والمثبت من مصدره.

[3] (له غير صحيح): سقط من (ب).

[4] زيد في (ب): (والله أعلم).

(1/5100)

[باب اليمين بعد العصر]

(1/5101)

[حديث: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم]

2672# قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تَقَدَّم أنَّه سليمان بن مِهران، أبو مُحَمَّد، وتَقَدَّم (أَبُو صَالِحٍ): أنَّه ذكوان الزَّيَّات السَّمَّان مُتَرجَمًا، وتَقَدَّم (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ [1].

قوله: (لَقَدْ أَعْطَى بِهَا [2]): هو بفتح الهمزة والطَّاء؛ أي: لقد اشتراها، وفي رواية: (أُعْطِيَ بِهَا)؛ بضَمِّ الهمزة، وكسر الطَّاء؛ أي: لقد دفع له فيها كذا، وهو كاذبٌ.

==========

[1] زيد في (ب): (من نحو ثلاثين قولًا).

[2] كذا في النُّسختين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليه: (به).

[ج 1 ص 664]

(1/5102)

[باب: يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين ولا يصرف .. ]

قوله: (قَضَى مَرْوَانُ): تَقَدَّم أنَّه ابن الحكم الخليفةُ، وقبل ذلك أمير المدينة، وتَقَدَّم أنَّه تابعيٌّ، وليست له رؤيةٌ قطعًا، وتَقَدَّم بعض ترجمته وتاريخ وفاته.

قوله: (فَقَالَ: أَحْلِفُ): هو بفتح الهمزة، مَرْفوعٌ؛ لأنَّه لم يتقدَّمْه ناصبٌ ولا جازمٌ، وهو خبرٌ، وهمزته مفتوحةٌ؛ همزة المُتكلِّم، وهذا ظاهرٌ.

==========

[ج 1 ص 664]

(1/5103)

[حديث: من حلف على يمين ليقتطع بها مالًا لقي الله وهو عليه غضبان]

2673# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ، وتَقَدَّم الكلامُ على نسبته، وكذا (عَبْدُ الْوَاحِدِ): أنَّه ابن زياد العبديُّ مولاهم، البصريُّ، وكذا (الأَعْمَش): أنَّه سليمان بن مِهران مرارًا، وأقربها أعلاه [1]، وكذا (أَبُو وَائِلٍ): أنَّه شقيق بن سلمة قريبًا وبعيدًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.

(1/5104)

[باب: إذا تسارع قوم في اليمين]

(1/5105)

[حديث: أن النبي عرض على قوم اليمين فأسرعوا]

2674# قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عينٌ مهملةٌ، وأنَّه ابن راشد.

قوله: (عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ): هؤلاء (القوم) لا أعرف مَن هم.

قوله: (أَنْ يُسْهَمَ [1] بَيْنَهُمْ): أي: يُقرَع.

==========

[1] في (ب): (يفهم)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 664]

(1/5106)

[باب قول الله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم}]

(1/5107)

[حديث: أقام رجل سلعته فحلف بالله لقد أعطي]

2675# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ): قال الجَيَّانيُّ _ومن «تقييده» نقلتُ_: (وقال _يعني: البخاري_ في «الشَّهادات»، و «النِّكاح»، و «الدُّعاء»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا يزيد»؛ يعني: ابن هارون، لم أجدْه منسوبًا لأحد من شيوخنا، وقد صرَّح البخاريُّ بنسبته [2] في «شهود الملائكة بدرًا»، فقال: «حدَّثنا إسحاق بن منصور: أخْبَرَني يزيد بن هارون: حدَّثنا يحيى: سمع مُعاذ بن رفاعة ... »؛ الحديث)، انتهى، وقال شيخنا بعد أن ذكر كلام الجَيَّانيِّ مختصرًا: (وأمَّا أبو نعيم الحافظ؛ فقال في «مستخرجه»: «حدَّثنا أبو أحمد: حدَّثنا عبد الله بن مُحَمَّد _هو: ابن شيرويه_: أخْبَرَنا إسحاق بن إبراهيم: أَخْبَرنا يزيد بن هارون»؛ فذكر الحديث)، ثمَّ قال: (رواه _يعني: البخاري_: عن إسحاق، عن يزيد بن هارون) انتهى، والمِزِّيُّ لم ينسبه.

قوله: (أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ): هو العوَّام بن حَوْشَب الواسطيُّ، و (حَوْشَب)؛ بفتح الحاء المهملة، وإسكان الواو، وبالشين المعجمة المفتوحة، ثمَّ موحَّدة، وهو أحد الأعلام، عن إبراهيم، ومجاهد، والطَّبقة، وعنه: شعبة، ويزيدُ بن هارون، وخلقٌ، وثَّقوه، له نحوُ مئتي حديث، وقد أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (حَدَّثَنَا [3] إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ): هو إبراهيم بن عبد الرَّحمن، أبو إسماعيل، السَّكْسَكِيُّ الكوفيُّ، و (السَّكْسَكِيُّ)؛ بفتح السِّينَين المهملتين، والكافَين؛ الأُولى ساكنةٌ، والثَّانية مكسورةٌ؛ لأجل ياء النِّسبة إلى السَّكاسِك، وهو أبو قبيلة من اليمن، وهو السَّكاسِك بن وائلة بن حمير بن سبأ، والنِّسبة إليه: سَكْسَكِيٌّ، قاله الجوهريُّ في «صحاحه»، يروي عن ابن [4] أبي أوفى وأبي وائل، وعنه: مِسْعر، والمسعوديُّ، وعدَّةٌ، ضعَّفه أحمد، وكان شعبة يضعِّفه، وقال النَّسائيُّ: ليس بذاك، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّم الكلام عليه [5]، وأنَّ (أبا أوفى) والدَه اسمُه علقمة بن خالد بن الحارث الأسلميُّ [6]، صحابيٌّ والدُه أيضًا رضي الله عنهما.

قوله: (أَقَامَ رَجُلٌ سِلْعَتَهُ): (أقامها): أي: عرضها للبيع، وهذا الرَّجل لا أعرفه.

(1/5108)

قوله: (لَقَدْ أَعْطَى بِهَا): هو بفتح الهمزة والطَّاء؛ أي: اشتراها بكذا وكذا، وهو كاذب، وفي رواية: (لقد أُعطِي بها)؛ بضَمِّ الهمزة، وكسر الطَّاء؛ أي: دفع له فيها كذا وكذا، وهو كاذب، وقد تَقَدَّم ذلك قريبًا.

وقوله: (مَا لَمْ يُعْطِهَا): هو بكسر الطَّاء وفتحِها، على اختلاف المَعنيَين، فإن قرأتَ: (أَعطَى) بفتحِهما؛ فقل: (يُعطِها)؛ بكسر الطَّاء، وإن قرأتَ بالثَّاني؛ فقل: (يُعطَها)؛ بفتح الطَّاء، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّم في الحديث أنَّه عبد الله بن أبي أوفى، وتَقَدَّم نسب (أبي أوفى) واسمُه أعلاه [7]، وقبل ذلك أيضًا.

قوله: (النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ): (النَّجش): تَقَدَّم ما هو؛ وهو أن يزيدَ في سلعةٍ لا لرغبةٍ، بل ليخدع غيره، و (آكل)؛ بمدِّ الهمزة: اسم فاعل، والذي ظهر لي في سياقه هذا هنا أنَّ كلًّا من النَّاجش والذي قال: اشتريتها بكذا ولم يشترها [8] به؛ حرامٌ عليه؛ كما أنَّ هذا حرام عليه، وكذا أُعطيتُ بها كذا؛ أي: دُفِع لي بها كذا؛ خِداعٌ، كما أنَّ (النَّجش) خِداعٌ، وكلاهما لا يحلُّ، وكلاهما آكلُ ربًا؛ أي: زيادة لا تحلُّ، والله أعلم.

(1/5109)

[حديث: من حلف على يمين كاذبًا ليقتطع مال رجل]

2676# 2677# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بكسر الموحَّدة، وإسكان الشين المعجمة، وهذا ظاهرٌ عند أهله معروفٌ.

قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هذا هو سليمان بن مِهران الأعمش، أبو مُحَمَّد، القارئ، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (أَبُو وَائِلٍ): أنَّه شقيق بن سلمة، و (عَبْد اللهِ): هو ابن مسعود.

==========

[ج 1 ص 664]

(1/5110)

[باب: كيف يستحلف؟]

قوله: (بَابٌ: كَيْفَ يُسْتَحْلَفُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا قوله: (وَلَا يُحْلَفُ بِغَيْرِ اللهِ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 664]

(1/5111)

[حديث طلحة: خمس صلوات في اليوم والليلة]

2678# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن [1] أبي أويس، ابن أخت مالكٍ [2] المجتهدِ، أحدٍ الأعلام.

قوله: مَلِكِ (عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلٍ بنِ مَالِكٍ [3]، عَنْ أَبِيهِ): أمَّا (أبو سُهَيل)؛ فقد قَدَّمتُ [4] أنَّه نافع بن مالك بن أبي عامرٍ الأصبحيُّ، عن ابن عمر، وسهل بن سعد، وأنس، وأبيه مالك، وابن المسيّب، وجماعة، وعنه: ابن أخيه مالكُ بن أنس الإمامِ، والزُّهريُّ مع تقدُّمه، وعبد العزيز الدَّراورديُّ، وآخرون، وثَّقه أحمد وأبو حاتم قال:

[ج 1 ص 664]

كان تُؤخذ عنه القراءة بالمدينة وعن أبي جعفر، وتُوُفِّيَ في إمارة أبي العبَّاس، أخرج له الجماعة، وأمَّا والده مالك بن أبي عامر الأصبحيُّ جدُّ [5] الإمامِ مالكٍ؛ فروى عن عمر، وعثمان، وطلحة بن عبيد الله، وعائشة، وأبي هريرة، وكعب الأحبار، وعنه: بنوه؛ أنسٌ، وأبو سُهَيل نافعٌ، والزُّبير، ومُحَمَّد بن إبراهيم التَّيميُّ، وغيرهم، وقد فرض له عثمان، وثَّقه النَّسائيُّ وغيره، قال مالك: كان جدِّي مالكٌ ممَّن قرأ في زمان عثمان، وكان يكتب المصاحف، تُوُفِّيَ سنة أربع وسبعين، أخرج له الجماعة.

قوله: (أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ): في هذا ردٌّ على ما تَقَدَّم نقلُه عن الدِّمياطيِّ أبي مُحَمَّد عبد المؤمن بن خلف شيخ شيوخنا أنَّه لم يسمع طلحة، وقد تَقَدَّم ردُّه في (كتاب الإيمان) من هذا التَّعليق [6].

قوله: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ عَنِ الإِسْلَامِ): تَقَدَّم في (كتاب الإيمان) من هذا التَّعليق أنَّه ضمام بن ثعلبة، وتَقَدَّم ما في ذلك.

قوله: (إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ): تَقَدَّم الكلام في هذا الاستثناء ما هو.

(1/5112)

[حديث: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت]

2679# قوله: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو التَّبُوذَكيُّ الحافظ، وتَقَدَّم الكلام على هذه النِّسبة وترجمته، وكذا تَقَدَّم (جُوَيْرِيَةُ): أنَّه ابن أسماء، وترجمته.

==========

[ج 1 ص 665]

(1/5113)

[باب من أقام البينة بعد اليمين]

قوله: (بَابُ مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ): سرد ابن المُنَيِّر ما في الباب بغير إسنادٍ، ثمَّ قال: موضع الاستشهاد من حديث أمِّ سلمة _يعني: قوله: «إنَّكم تختصمون إليَّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألحنَ بحجَّته من بعض ... »؛ الحديث_: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يجعل اليمين الكاذبة مفيدةً حلًّا ولا قطعًا للحقِّ، بل نهاه بعد يمينه عن القبض، وساوى بين حالتيه بعد اليمين وقبلها في التَّحريم، فيُؤذِنُ ذلك ببقاء صاحب الحقِّ على ما كان عليه، فإذا ظفر في حقِّه ببيِّنةٍ؛ فهو باقٍ على القيام بها لم يسقط كما سقط أصل حقِّه مِن ذمَّةٍ مقتطعةٍ باليمين.

(1/5114)

[حديث: إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض]

2680# قوله: (عَنْ زَيْنَبَ): هي زينب بنت أمِّ سلمة، روت هنا عن أمِّها أمِّ سلمة هند، وقد تقدَّمت أمُّها، وأمَّا هي؛ فزينب بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد، تَقَدَّم، وهي ربيبة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كان اسمها برَّة، فسمَّاها عليه الصَّلاة والسَّلام: زينب، لها صحبةٌ، تزوَّجها عبد الله بن زَمْعة بن الأسود، فقُتِل ولداها منه يوم الحرَّة، أخرج لها الجماعة، روى عنها: عروة وأبو سلمة، وتُوُفِّيَت سنة (73 هـ) رضي الله عنها.

قوله: (أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ): أي: أفطن، وهو بهمزة مفتوحة، ثمَّ لام ساكنة، ثمَّ حاء مهملة مفتوحة، ثمَّ نون.

==========

[ج 1 ص 665]

(1/5115)

[باب من أمر بإنجاز الوعد]

قوله: (وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلَ): (إسماعيلَ): مَنْصوبٌ مفعول، و (الذَّاكر): هو الله عزَّ وجلَّ، وقد تَقَدَّم أنَّ (إسماعيل) معناه: مُطِيع الله.

قوله: (وَقَضَى ابْنُ الأَشْوَعِ): هو بفتح الهمزة، ثمَّ شين معجمة ساكنة، ثمَّ واو مفتوحة، ثمَّ عين مهملة، قال الدِّمياطيُّ: (اسمه [1] سعيد بن عمرو بن أَشْوَع الهمْدانيُّ الكوفيُّ قاضيها، حدَّث عن الشَّعبيِّ، واتَّفقا عليه) انتهى، قال النَّسائيُّ وغيره: ليس به بأس، وذكره ابن حِبَّان في «الثقات»، تُوُفِّيَ في [2] ولاية خالد بن عبد الله، وكانت ولاية خالدٍ سنة خمسٍ ومئة إلى أن عُزِل عنها في سنة عشرين ومئة، أخرج له معهما التِّرمذيُّ.

قوله: (وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ سَمُرَةَ): أي: ذكر ذلك ابن الأَشْوَع عن سَمُرة بن جندب؛ بضَمِّ الدَّال وفتحها.

قوله: (وَقَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّ (المِسْوَر)؛ بكسر الميم، وإسكان السِّين المهملة، وفتح الواو، وتَقَدَّم أنَّه صحابيٌّ صغيرٌ، وأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام حين تُوُفِّيَ كان للمِسْوَر نحوُ ثماني سنين.

قوله: (وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ): (صهره) هذا: هو أبو العاصي بن الرَّبيع، تَقَدَّم الخلافُ في اسمه، وفي اسم أبيه أيضًا.

قوله: (فَوَعَدَنِي [3] فَوَفَى لِي): وعده أن يُرسل إليه زينب؛ فأرسلها.

قوله: (رَأَيْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ): يعني: ابن راهويه الحنظليُّ الإمام، أحد الأعلام وحُفَّاظ الإسلام، تَقَدَّم [4].

(1/5116)

[حديث: أن هرقل قال له: سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه .. ]

2681# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): هذا هو صالح بن كيسان، تَقَدَّم، وكذا (ابْن شِهَابٍ)، وهو الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، العَلَم الفرد، وكذا (عُبَيْد اللهِ بْن عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّه عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود في أوَّل هذا التَّعليق، وكذا تَقَدَّم (أَبُو سُفيَان): صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس، و (هِرَقْل)، وأنَّه هَلك على نصرانيَّته سنة عشرين من الهجرة بالقسطنطينيَّة.

قوله: (وَالْعَفَافِ): تَقَدَّم في أوَّل هذا التَّعليق أنَّه ترك المحرَّمات، وترك خوارم المروءة.

==========

[ج 1 ص 665]

(1/5117)

[حديث: آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب]

2682# قوله: (آيَةُ الْمُنَافِقِ): أي: علامته، وقد تَقَدَّم ما يجمع [1] من الأحاديث في علامات المنافق، والجمع بين الأحاديث في (كتاب الإيمان).

(1/5118)

[حديث: لما مات النبي جاء أبا بكر مال من قبل العلاء بن الحضرمي]

2683# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هو ابن يوسف الصَّنعانيُّ، تَقَدَّم، وكذا (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام، و (مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ): هو مُحَمَّد بن عليِّ بن الحُسين بن عليِّ بن أبي طالب الهاشميُّ، أبو جعفر الباقرُ، تَقَدَّم.

قوله: (مِنْ قِبَلِ): هو بكسر القاف، وفتح الموحَّدة، وهذا معروفٌ.

قوله: (الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ): يعني: من البحرين، (العلاءُ بن الحضرميِّ): اسم الحضرميِّ: عبد الله بن عبَّاد أو ابن عمَّار، صحابيٌّ مشهور جليل، له في الكتب السِّتَّة و «مسند أحمد»، وهو حليف بني أميَّة، له عشرةُ إخوة، روى عنه: أبو هريرة وغيره، وُلِّي البحرين، فأقره الصِّدِّيق رضي الله عنهما، مات سنة (21 هـ) رضي الله عنه.

(1/5119)

[حديث: سألني يهودي من أهل الحيرة أي الأجلين قضى موسى؟]

2684# قوله: (سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ): أمَّا (اليهوديُّ)؛ فلا أعرفه، وأمَّا (الحِيْرَة)؛ فبكسر الحاء المهملة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ راء مفتوحة، ثمَّ تاء التَّأنيث: مدينة معروفة عند الكوفة، وهي مدينة النُّعمان، ولهم أخرى بنيسابور، وليستِ المرادة.

قوله: (أَيَّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟): (أيَّ)؛ بالنَّصب: مفعولٌ مقدَّمٌ [1].

[ج 1 ص 665]

قوله: (حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى حَبْرِ الْعَرَبِ): (الحَبْر)؛ بفتح الحاء وكسرها، قال بعضهم: إنَّ الكسر أفصح، وأنكر بعضُهم الكسرَ فيه، والمراد بـ (حَبْر العرب): عبد الله بن العبَّاس بن عبد المطَّلب [2].

تنبيهٌ: اختُلِف فيمن سمَّى ابنَ عبَّاس حَبْرًا؛ فذكر أبو نعيم الحافظ فيما نقله شيخنا: أنَّه انتهى يومًا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعنده جبريل، فقال: «إنَّه كائن حَبْرَ هذه الأمَّة؛ فاستوصِ به خيرًا»، وقال ابن دريد في «منثوره»: إنَّ عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح لمَّا أُرسل ابن عبَّاس رسولًا إلى جرجير ملك العرب؛ فتكلَّم معه، فقال جرجير: ما ينبغي إلَّا أن تكون حَبْرَ العرب؛ فسُمِّي من يومئذٍ، انتهى.

(1/5120)

قوله: (قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا): قال شيخنا: (قال ابن التِّين: هذا لا يكون إلَّا بوحي، وقد رُوي: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام سأل جبريل؛ فأعلمه أنَّه قضى أتمَّهما)، انتهى، وقال ابن شيخنا الإمام جلال الدين ابن [3] البلقينيِّ كما نُقِل لي عنه: عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، عن جبريل، عن ميكائيل، عن مَلَكٍ اسمُه النُّورُ، عن الله عزَّ وجلَّ: أنَّه قضى أقلَّهما، قال: (وهذا مسلسل بالرُّسل) انتهى، وهذا نحو كلامه، أو هو هو، وقد رأيت في «زوائد معجمي الطَّبرانيِّ الصَّغير والأوسط»: عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إذا أنت سُئِلت: أيَّ الأجلين قضى موسى؟ فقل: خيرَهما، وأطيبَهما، وأبرَّهما ... »؛ الحديث، وفي سنده: الوليد بن شجاع، وقد أخرج له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ عن عَوْبد بن أبي عمران الجَوْنيِّ عن أبيه، قال البخاريُّ: مُنكَرُ الحديث، وتركه النَّسائيُّ، وفي «معجمي الطبرانيِ» أيضًا: (عن جابر بن عبد الله: سُئِل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أيَّ الأجلين قضى موسى [4]؟ قال: «أوفاهما»، لا يُروى عن جابر [5] إلَّا بهذا الإسناد، تفرَّد به هشام)، انتهى يعني: ابن عمَّار، في سند هذا: موسى بن سهل، والظَّاهر أنَّه الوشَّاء، ضعَّفه الدَّراقطنيُّ، وقال البرقانيُّ: ضعيف جدًّا، وفيه: عبد الرَّحمن بن عطاء مُختلَفٌ فيه، وقد روى الحاكم في «المستدرك» من طريق ابن عبَّاس، قال: سُئِل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أيَّ الأجلين قضى موسى؟ قال: «أبعدَهما»، قال الذَّهبيُّ في «تلخيصه»: (قلت: حفص واهٍ)؛ يعني به: حفص بن عمر العدنيَّ، وحديثًا آخر عن ابن عبَّاس أيضًا: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سأل جبريل: أيَّ الأجلين قضى موسى؟ قال: «أتمَّهما»، صحيحٌ، قال الذَّهبيُّ: قلت: (إبراهيم لا يعرف)؛ يعني به: إبراهيم بن يحيى العدنيَّ.

(1/5121)

[باب: لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها]

قوله: (بَابٌ لَا يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنِ الشَّهَادَةِ): (يُسأَل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (أهلُ): مَرْفوعٌ قائمٌ مقام الفاعل.

قوله: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عامر بن شَراحيل، وأنَّ (الشَّعبيَّ)؛ بفتح الشين المعجمة.

قوله: (بَعْضِهِمْ): هو بجرِّ (بعضِهم)؛ لأنَّه بدلٌ مِن مجرور.

قوله: (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

==========

[ج 1 ص 666]

(1/5122)

[حديث: يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب]

2685# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ): هو يحيى بن عبد الله بن بُكَير الإمامُ، وكذا هو مُسمًّى بـ (يحيى ابن بُكَير) في نسخة [1]، و (بُكَير): تَقَدَّم أنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وكذا تَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، الجَوَاد، وكذا (يُونُس): أنَّه ابن يزيد الأيليُّ، وكذا (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، الإمام، أحد الأعلام.

قوله: (أَحْدَثُ الأَخْبَارِ بِاللهِ): أي: أقربها إنزالًا.

قوله: (لَمْ يُشَبْ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح الشين المعجمة، وبالموحَّدة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله؛ أي: لم يُخلَط.

==========

[1] (في نسحة): سقط من (ب).

[ج 1 ص 666]

(1/5123)

[باب القرعة في المشكلات]

قوله: ({إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ} [آل عمران: 44]): فائدةٌ غريبةٌ: النَّهر الذي ألقَوا فيه أقلامَهم ذكر الصَّاحب الإمامُ الحافظ كمالُ الدين عمرُ بن أحمد بن هبة الله ابن العديم في الجزء الأوَّل من «تاريخه»: أنَّه نَهر قويق؛ يعني: الذي [1] بحلبَ، نقل ذلك بسنده إلى سعيد [2] بن إسحاق الدِّمشقيِّ، والمعروف أنَّه بالأردنِّ، كما قاله السُّدِّيُّ [3].

قوله: (وَعَالَ قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الْجِرْيَةَ): (عَالَ)؛ بالعين المهملة، و (قلمُ): مَرْفوعٌ فاعل، و (الجِرْيَة)؛ بكسر الجيم، مَنْصوبٌ مفعول، ومعنى (عَالَ): ارتفع، وقال شيخنا: (أي: علت الجِرْيَة، وهما قريبٌ من قريب).

قوله: (عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ [4]): هؤلاء القومُ لا أعرف مَن هم.

==========

[1] (الذي): سقط من (ب).

[2] في (ب): (سعد)، وهو تحريفٌ.

[3] في (ب): (السندي)، وهو تحريفٌ.

[4] في (ب): (الفين)، وهو تحريفٌ.

[ج 1 ص 666]

(1/5124)

[حديث: مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا .. ]

2686# قوله: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ) [1]: هو بغين معجمةٍ مكسورةٍ، ثمَّ مثنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره ثاءٌ مثلَّثةٌ، تَقَدَّم مرارًا، وكذا (الأَعْمَشُ): أنَّه سليمان بن مِهران الكاهليُّ، وكذا (الشَّعْبِيُّ): أنَّه عامر بن شَراحيل، وتَقَدَّم ضبُطه أعلاه، وكذا (النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ): أنَّه بفتح الموحَّدة، وكسر الشين، وأنَّ النُّعمان وأباه صحابيَّان.

[ج 1 ص 666]

قوله: (مَثَلُ الْمُدْهِنِ): (مَثَلُ)؛ بفتح الميم والثاء، و (المُدْهِن)؛ بضَمِّ الميم [2]، وإسكان الدَّال، وكسر الهاء، وبالنون: المصانع والغاشُّ؛ وهو المداهن، و (الإدهان): المصانعة واللِّين في الحقِّ.

قوله: (اسْتَهَمُوا سَفِينَةً): أي: اقترعوا، وقد تَقَدَّم أنَّ (الاستهام): الاقتراع.

قوله: (فَأْسًا [3]): هو بهمزة ساكنة بعد الفاء، ويجوز تسهيلُه.

قوله: (وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ): (نجَّوا): بتشديد الجيم، شُدِّد؛ للتَّعدية.

==========

[1] كذا في النُّسختين و (ق)، وجاء الحديث (2686) في آخر الباب، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، وجاء في رواية «اليونينيَّة» قبل حديث (2687).

[2] (الميم): سقط من (ب).

[3] في هامش (ق): (فأس: مهموز، وقد يُخفف).

(1/5125)

[حديث: أما عثمان فقد جاءه والله اليقين وإني لأرجو له الخير]

2687# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (الزُّهْرِي): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا تَقَدَّم (خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ)، وكذا (أُم الْعَلَاءِ) ولا أعرف اسمها، وقد قَدَّمتُ نسبها في (الجنائز)، وكذا (عثمان بْن مَظْعُونٍ): أحد السَّابقين [1]، وكذا (طَارَ لَهُم [2])؛ أي: خرج في قرعتهم، وتَقَدَّم أنَّ وفاتَه بعد سنتين ونصفٍ من المقدم، وأنَّه أوَّل مَن دُفِن بالبقيع مِن المهاجرين، وهو بدريٌّ، وأنَّ كنيته أبو السَّائب.

قوله: (مَا يُفْعَلُ بِهِ): قد تَقَدَّم في (الجنائز): (ما يُفعَل بي)، وكلام الدَّاوديِّ عليها، والكلام في (بي) ما معناه، وكذا قوله: (ذَاكِ [3] عَمَلُهُ): أنَّه بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث.

(1/5126)

[حديث عائشة: كان رسول الله إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه]

2688# قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن المبارك الإمامُ، أحد الأعلام، وشيخ خراسان، وكذا (يُونُسُ): أنَّه ابن يزيد، وكذا (الزُّهْرِي) [أعلاه]، وقبله مرارًا.

==========

[ج 1 ص 666]

(1/5127)

[حديث أبي هريرة: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول]

2689# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويس عبد الله، ابن أخت مالك الإمامِ، وكذا تَقَدَّم (سُمَيٌّ)، وأنَّه بوزن (عُلَيٍّ)؛ مصغرًا، وترجمته، وقوله: (مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ)؛ يعني: ابن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشام، وكذا (أَبُو صَالِحٍ): أنَّه ذكوان السَّمَّان الزَّيَّات [1]، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ) أعلاه، وقبله مرارًا.

قوله: (مَا فِي النِّدَاءِ): هو بكسر النُّون، ممدود، الأذانُ، وقد تَقَدَّم.

قوله: (وَالصَّفِّ الأَوَّلِ): تَقَدَّم فيه ثلاثةُ أقوال، وأنَّ الصَّحيح: أنَّهم الذين يلُوْن ظهر الإمام، وهو المشهور عند جميع النَّاس من المسلمين.

قوله: (يَسْتَهِمُوا): أي: يقترعوا، وقد تَقَدَّم.

قوله: (مَا فِي التَّهْجِيرِ): تَقَدَّم الكلامُ عليه.

قوله: (وَلَوْ حَبْوًا): أي: يرجعون على أستاهِهم.

==========

[1] في (ب): (الزَّيَّات السَّمَّان).

[ج 1 ص 666]

(1/5128)

((53)) (فِي الإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا) ... إلى (كِتَاب الشُّروط)

قوله: (وَخُرُوجِ): هو بالجرِّ، معطوفٌ على (الإِصْلَاحِ).

(1/5129)

[حديث: يا أيها الناس ما لكم إذا نابكم شيء في صلاتكم أخذتم .. ]

2690# قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن أبي مريم الحكم بن مُحَمَّد، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (أَبُو غَسَّانَ): أنَّه يُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ اسمه مُحَمَّد بن مُطرِّف، وكذا تَقَدَّم (أَبُو حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المهملة، وبالزَّاي، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (أَنَّ أُنَاسًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ): هؤلاء هم مِن الأوس، ومسكنهم قُبَاء.

قوله: (فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ): هؤلاء النَّاسُ لا أعرفهم بأعيانهم.

قوله: (فِي التَّصْفِيْحِ [1]): تَقَدَّم الكلام عليه.

قوله: (الْقَهْقَرَى): أي: إلى ورائه، وقد تَقَدَّم.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق) بعد الإصلاح: (بالتَّصفيح).

[ج 1 ص 667]

(1/5130)

[حديث: والله لحمار رسول الله أطيب ريحًا منك]

2691# قوله: (حَدَّثَنَا [1] أَبِي): هو سليمان، وقائله: مُعْتمِر بن سليمان، ووالدُ سليمان اسمه طَرخان، التَّيميُّ البصريُّ، ولم يكن تيميًّا، بل نزل فيهم، وكان مِن سادة التَّابعين علمًا وعملًا، وقد تَقَدَّم.

قوله: (لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ): يعني: ابن سَلولَ المنافقَ المشهورَ، وقد تقدَّمت ترجمته.

قوله: (وَرَكِبَ حِمَارًا): هذا الحمار الذي ركبه عليه الصَّلاة والسَّلام هو لسعد بن عبادة فيما ذُكر، وذلك لأنَّ عُفَيرًا أهداه له المقوقس، ويعفورًا أهداه له فروة بن عمرٍو الجذاميُّ؛ وكلاهما بعد هذه القصَّةِ بزمنٍ، والله أعلم.

قوله: (سَبِخَةٌ): تَقَدَّم الكلام على بائها في (التَّيميم).

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ [2]: لَحِمَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ): هذا القائل هو عبد الله بن رَواحة، كذا ذكره ابن بشكوال، وعزاه لابن سلَّام في «تفسيره»، وكذا قاله شيخنا: (أنَّه ابن رَواحة، ونَقَل عن ابن التِّين أنَّه قال: قيل: إنَّه عبد الله بن رَواحة)، انتهى.

قوله: (رَجُلٌ مِنْ [3] قَوْمِهِ): هذا (الرَّجل) لا أعرف اسمه.

قوله: (فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ ... } إلى {بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]): كنت أستشكل نزول الآية فيهم، ثمَّ رأيتُ عن ابن بطَّال قال: (يستحيل نزولها في قصَّة عبد الله بن أُبيٍّ وأصحابه؛ لأنَّ أصحاب عبد الله ليسوا بمؤمنين، وقد تعصَّبوا له بعد الإسلام في قصَّة الإفك، رواه البخاريُّ في «باب الاستئذان» عن أسامة بن زيد: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّ في مجلس فيه أخلاطٌ من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبد الله بن أُبيٍّ ... »؛ وذكر الحديث، فدلَّ [4] على أنَّ الآية لم تنزل فيه، وإنَّما نزلت في قوم من الأوس والخزرج اختلفوا في حقٍّ؛ فاقتتلوا بالعِصِيِّ والنِّعال)، انتهى، وما قاله ظاهرٌ، والله أعلم.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (سَمِعْتُ).

[2] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (مِنْهُمْ: وَاللهِ).

[3] (من): سقط من (ب).

[4] في النُّسختين: (يدلُّ)، والمثبت من مصدره.

[ج 1 ص 667]

(1/5131)

[باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس]

(1/5132)

[حديث: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس]

2692# قوله: (عَنْ صَالِحٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن كيسان، وقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا مرَّةً، وكذا تَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ، وكذا تَقَدَّم (حُمَيْد بْن عَبْدِ الرَّحمن): أنَّه ابن عوف الزُّهريُّ، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيطٍ [1]): تَقَدَّم الكلام عليها، وهي أخت الوليد وعُمَارة، وأخت عثمان بن عفَّان لأمِّه، صَلَّتِ القبيلتين، وهَاجرت إلى المدينة ماشيةً عام الحديبية، وفيها نزلت آية الامتحان، فتزوَّجها زيد بن حارثة [2]، ثمَّ الزُّبير بن العوَّام، ثمَّ عبد الرَّحمن بن عوف، فولدت له إبراهيمَ وحُمَيدًا، ومات عنها، فتزوَّجها عَمرو بن العاصي، فماتت بعد شهر، صحَّ لها حديث، وقال ميمون بن مهران: كانت تحت الزُّبير، وكان فيه شدَّة على النِّساء، وأبوها: عقبة بن أبي معيط أبانُ بن أبي [3] عمرٍو ذكوانَ بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، كافرٌ معروفٌ، قُتِل صبرًا بعد انصرافه عليه الصَّلاة والسَّلام من بدر بمضيق الصَّفراء، والله أعلم.

(1/5133)

قوله: (فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا): قال السُّهيليُّ في «روضه»: (قال أهل العلم: معناه: أن يُعرِّض ولا يفصح بالكذب؛ مثل أن يقول: سمعته يستغفر لك ويدعو لك، وهو سمعه يستغفر للمسلمين ويدعو لهم؛ لأنَّ الآخَر من جملة المسلمين، ويحتال في التَّعريض ما استطاع، ولا يختلق الكذب اختلاقًا، وكذلك في خديعة الحرب يُورِّي ويُكنِّي ولا يختلق كذبة يستحلُّها بما جاء من إباحة الكذب في خُدَع الحرب، هذا كلُّه ما وَجَدَ إلى الكناية سبيلًا، وقد ذكر النَّوويُّ هذا الحديثَ: (وقوله: «لم أسمعه رخَّص [4] ... » إلى آخره، قال القاضي: لا خلاف في جواز الكذب في هذه الصُّور، واختلفوا في المراد بالكذب المباح فيها ما هو؛ فقالت طائفة: هو على إطلاقه، وأجازوا قولَ ما لم يكن في هذه المواضِع للمصلحة، وقالوا: الكذب المذموم ما فيه مضرَّةٌ، ثمَّ ذكر ما احتجُّوا به، ثمَّ قال: وقال آخرون؛ منهم: الطَّبريُّ: لا يجوز الكذب في شيء أصلًا، قالوا: وما جاء من الإباحة [5] في هذا المرادُ به [6]: التَّورية واستعمال المعاريض، لا صريح الكذب ... ) إلى آخر كلامه، انتهى، وقد قَدَّمتُ كلام السُّهيليِّ أنَّه نقله عن أهل العلم، ثمَّ إنِّي رأيت شيخنا نقل في «شرحه» في (الجهاد) في حديث: «من لكعب بن الأشرف؟» عن المُهلَّب: أنَّه لا يجوز الكذبُ الحقيقيُّ في شيء مِن الدِّين أصلًا، ومحال أن يأمره بالكذب، وهو عليه الصَّلاة والسَّلام يقول: «مَن كذب عليَّ مُتعمِّدًا ... » إلى آخر كلامه، وإنَّما هو توريةٌ وتعريضٌ، ونُقِل

[ج 1 ص 667]

عن ابن بطَّال أنَّه قال: سألت بعض شيوخي عن معنى هذا الحديث؛ يعني: الحديث الذي فيه: «مَن لكعب بن الأشرف؟» فقال لي: (الكذب الذي أباحه الله في الحرب هو المعاريضُ).

(1/5134)

قوله: (فَيَنْمِي): هو ثلاثيٌّ مُخفَّفٌ، يقال: نَمى خيرًا؛ مخفَّفًا، ونمَّى؛ مُشدَّدًا ومُخفَّفًا: في الشَّرِّ [7]، قال ابن قُرقُول: (في حديث الإفك: «نَمَّى»: مُشدَّدًا، وقرأه أبو ذرٍّ مُخفَّفًا، ونَمَى خيرًا؛ مخفَّفًا)، انتهى، وأمَّا الجوهريُّ؛ فذكر المُخفَّف في الخير، والمُشدَّد في الشَّرِّ، ورأيت بعضهم قال: نمى؛ بالتَّخفيف، يقال: نمى الحديث: نقله على وجه الإصلاح، ونمَّاه؛ بالتَّشديد: على وجه الإفساد، قاله أبو عُبيدة وابن قتيبة، وقال الحربيُّ: هي مُشدَّدةٌ، وأكثر المُحدِّثين يخفِّفونها، وهذا لا يجوز، فإنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يكن يلحن، ومَن خفَّف؛ لزمه أن يقول: (خيرٌ)، قال أبو السَّعادات: وهذا ليس بشيء، فإنَّه ينتصب بـ (ينمي) كما ينتصب بـ (قال)، وكلاهما على زعمه لازمان، وإنَّما (نمى) مُتعدٍّ، يقال: نَمَيتُ الحديث؛ أي: رفعته وأبلغته.

==========

[1] (بنِ أَبِي مُعَيطٍ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[2] في (ب): (الحارثة).

[3] (أبي): سقط من (ب).

[4] في (ب): (رخصه).

[5] في (ب): (جاء الإباحة به).

[6] في (ب): (القرينة).

[7] في (ب): (الشري)، وهو تحريفٌ.

(1/5135)

[باب قول الإمام لأصحابه: اذهبوا بنا نصلح]

قوله: (نُصْلِحْ): هو بالجزم، جوابٌ، ويجوز رفعُه.

==========

[ج 1 ص 668]

(1/5136)

[حديث: اذهبوا بنا نصلح بينهم]

2693# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابْنُ عَبْدِ اللهِ): الذي ظهر لي أنَّه: مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذُّهليُّ، ومستندي في ذلك أنِّي [1] راجعت «الكمال» [2] للحافظ عبد الغنيِّ [3]؛ فرأيتُه ذكر في الرُّواة عن عبد العزيز بن عبد الله الأوسيِّ: مُحَمَّد بن يحيى الذُّهليَّ [4]، وكذا في «التذهيب»، وكذا ذكر الذَّهبيُّ في «التَّذهيب» في ترجمة إسحاق بن مُحَمَّد الفَرْويِّ أنَّه روى عنه الذُّهليُّ، والله أعلم.

قوله: (وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ): هو بفتح الفاء، وإسكان الرَّاء، وهذه النِّسبة إلى جدِّه الأعلى، وهو إسحاق بن مُحَمَّد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فَرْوة، يروي عن مالك وعدَّةٍ، وعنه: البخاريُّ وعليٌّ البغويُّ، قال أبو حاتم: صدوقٌ، ربَّما لُقِّن؛ لذهاب بصره، وقال مرَّةً: يضطرب، ووهاه أبو داود، تُوُفِّيَ سنة (226 هـ)، أخرج له البخاريُّ، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، له ترجمة في «الميزان»؛ منها: قال الدَّراقطنيُّ: ضعيف، وقد روى عنه البخاريُّ، ويُوبِّخونه على هذا، قال: وكذا ذكره أبو داود، ووهاه، ونقم عليه روايتَه عن مالك حديث الإفك، انتهى، إلَّا أنَّه هنا مقرونٌ بغيره، لكن أخرج عنه استقلالًا.

قوله: (قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ): هذا [5] مُحَمَّد بن جعفر بن أبي كَثِير _بفتح الكاف، وكسر المثلَّثة_ المدنيُّ، عن زيد بن أسلم وطبقتِه، وعنه: سعيد بن أبي مريم، والأويسيُّ، وطائفةٌ، ثقةٌ، تَقَدَّم، ولكن طال به العهد، وكذا تَقَدَّم (أبو [6] حَازم): أنَّه بالحاء المهملة، وبالزَّاي، وأنَّ اسمه سلمة بن دينار.

قوله: (أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ): تَقَدَّم غير مرَّةٍ أنَّ (قباء): يُذكَّر ويُؤنَّث، ويُمدُّ ويُقصَر، ويُصرَف ولا يُصرَف، وأنَّ الأفصح: تذكيرُه، ومدُّه، وصرُفه، وأنَّه على ثلاثة أميال من المدينة المُشرَّفة.

(1/5137)

[باب قول الله تعالى {أن يصالحا بينهما صلحًا والصلح خير}]

(1/5138)

[حديث عائشة: هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه]

2694# قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ): هو ابن عيينة، أحد الأعلام.

قوله: (كِبَرًا أَوْ غَيْرَهُ): هو بكسر الكاف، وفتح الموحَّدة، (أو غيره): (غير) التي للاستثناء، وبعدها الضَّمير، هذا المعروف، قال ابن قُرقُول: («كِبَرًا أو غيرةً»: كذا قيَّده الأصيليُّ)؛ بكسر الكاف، وفتح الباء، كما ذكرته أنا، قال ابن قُرقُول: (وهو الوجه، وضبطه غيره: «كِبْرًا أو غيرةً»؛ أي: تيهًا، وشدَّةَ غَيرةٍ) انتهى.

قوله: (أَمْسِكْنِي): هو بفتح الهمزة، رُباعيٌّ، وقد تَقَدَّم أنَّه يجوز (أَمسكه) وهو أفصح، و (مسكه)؛ ثلاثيٌّ.

قوله: (وَاقْسِمْ لِي): هو بهمزةِ وصلٍ، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ معروف.

(1/5139)

[باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود]

قوله: (بَابٌ: إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ؛ فَهُوَ [1] مَرْدُودٌ): ذكر ابن المُنَيِّر ما في الباب بغير إسناد، ثمَّ قال: (الصلح على الجور قد يكون مِن الجانبين، وقد يكون مِن أحدهما؛ مثالُه في أحدهما: أن يدَّعي عليه دَينًا، ويصالحه على بعض، فهذا يقول الدَّافع: إنَّه جور، ولا يُردُّ بل يُمضَى، وقد يتَّفقان على أنَّه جور، وذلك بأن يَظنَّ الدَّافعُ أنَّ الدَّعوى إن ثبتت؛ لزمه منها حقٌّ؛ فيكشف العيب لهما أنَّ حكم الشَّرع: أنَّ هذه الدَّعوى لو اعترف بها أو ثبتت ببيِّنة؛ لم يلزم فيها حقٌّ، وأنَّها غير مُتوجِّهة إلى مال الصُّلح ولا بعضه، فهذا جور يُرَدُّ، وفي مثله خلافٌ عند مالك رضي الله عنه، قيل: يُرَدُّ؛ اتِّباعًا للحديث، وقيل: يلزم؛ لقوله: «المؤمنون عند شروطهم»، وقد فرَّط الدَّافع؛ فكأنَّه تطوَّع، والتَّطوُّع يلزم على أصلِه بالشُّروع فيه) انتهى.

(1/5140)

[حديث: لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم فرد عليك]

2695# 2696# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب، وتَقَدَّم مُتَرجَمًا مرَّةً، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): هذا هو عُبيد الله بن [1] عبد الله بن عتبة بن مسعود، أبو عبد الله، الهذليُّ، تَقَدَّم.

قوله: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ): تَقَدَّم أنَّ الأعراب: سكَّان البوادي وإن كانوا من العجم، وتَقَدَّم أنِّي لا أعرفه، ولا خصمه، ولا ابن خصمه، ولا زوجة الأعرابيِّ، وما ذاك _والله أعلم_ إلَّا للسِّتر عليهم.

قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّم أنَّه بفتح العين وكسر السين المهملتين، وبالفاء، وجاء تفسيره من مالك: (والعَسِيفُ: الأَجِيرُ)، وكذا تَقَدَّم أنَّ (الوَلِيدَة): الجارية الصَّبيَّة.

قوله: (ثمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ): اعلم أنَّ الذين كانوا يفتون في عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الخلفاءُ الأربعةُ، وثلاثةٌ مِن الأنصار: أُبيُّ بن كعب، ومُعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وفي «تهذيب النَّوويِّ» في ترجمة مُعاذ: (أنَّه أحد الذين كانوا يفتون على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم)، فذكرهم ستَّةً، فأسقط أبا بكر، وقال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزيِّ في «تلقيحه» في ترجمة مفردة: (إنَّهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليٌّ، وعبد الرَّحمن بن عوف، وأُبيُّ بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومُعاذ بن جبل، وعَمَّار بن يَاسر، وحذيفة، وزيد بن ثابت، وسلمان، وأبو الدَّرداء، وأبو موسى) انتهى، فهؤلاء أربعةَ عشرَ، وكذا ذكر القرطبيُّ في «مفهمه» في قول أبي بكر: (كلَّا، لا يعطِه أُصَيْبغ مِن قريش)، أنَّهم أربعةَ عشرَ، ولم يُسمِّهم، ولم يُفتِ أحدٌ بحضرته عليه الصَّلاة والسَّلام إلِّا الصِّدِّيق في مسألة السَّلَب، وقال بعض الحُفَّاظ المعاصرين [2]: فذكر السِّتَّة ولم يذكرِ الصِّدِّيقَ فيهم، ثمَّ قال: (وعن ابن عمر: كان أبو بكر وعمر يفتيان في زمن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعن خراش الأسلميِّ: كان عبد الرَّحمن بن عوف ممَّن يفتي في زمن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، انتهى.

(1/5141)

فائدةٌ: اعلم أنَّ الذين [3] حُفِظتْ عنهم الفتوى من الصَّحابة مئةٌ ونيِّفٌ وثلاثون نفسًا ما بين رجل وامرأة، وكان المكِثرُون منها سبعةً: عمرُ، وعليٌّ، وابنُ مسعود، وعائشةُ، وزيدُ بن ثابت، وابنُ عبَّاس، وابنُ عمر، قال أبو مُحَمَّد ابن حزم: (يمكن أن يُجمَع مِن فتوى كلِّ واحد منهم سفرٌ ضخمٌ، وقد جمع أبو بكر مُحَمَّد بن موسى بن يعقوب ابن أمير المؤمنين المأمون فتيا [4] عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما في عشرين كتابًا، وأبو بكر المذكور أحد أئمَّة الإسلام في العلم [5] والحديث)، انتهى، ولو شئتُ أنا؛ لذكرتهم؛ ومنهم: الغامديَّة، وماعز، كذا ذكرهما أبو مُحَمَّد ابن حزم فيمَن يُفتِي، ولعلَّه تخيَّل أنَّ إقرارهما على جواز الإقرار بالزِّنى مِن غير استئذانه عليه الصَّلاة والسَّلام في ذلك، فهو فتوى لأنفسهما بجوازِ الإقرار، وقد أُقِرَّا عليها، فإن كان هذا تخيُّلَه؛ فما أبعدَه مِن خيالٍ! ويحتمل أنَّه ظفر عنهما بفتوى في الأحكام؛ لأنَّه رجل عالم كثير الاطِّلاع جدًّا رحمه الله وعفا عنه، وأمَّا مَن أفتى بحضرته؛ فلا أعلمه إلَّا الصِّدِّيق أفتى في السَّلَب، والله أعلم.

قوله: (جَلْدٌ مِئَةً): تنوينُ (جَلَد)، ونصب (مئة) تمييزًا؛ قال القاضي: هذه رواية الجمهور، ورُوِيَ: «جلدُ مئةٍ» على الإضافة، والله أعلم، وهذه في أصلنا.

[ج 1 ص 668]

قوله: (لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ): هو قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8]، فالعذاب الذي تدرأُ الزَّوجةُ عن نفسها هو الرَّجم، وأهل السُّنَّة مُجمِعون على أنَّ الرَّجم مِن حكم الله تعالى، وقال قومٌ: إنَّه ليس في كتاب الله، وإنَّما هو في السُّنَّة، وإنَّ السُّنَّة تنسخ القرآن؛ يعني: إذا كانت متواتِرةً، فزعمُّوا أنَّ معنى (لأقضينَّ بينكما بكتاب الله): أي: بالوحي، لا بالمتلوِّ، وقيل: يريد: بقضاء حكمه؛ كقوله: {كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24]: أي: حكمُه فيكم، وقضاؤه عليكم، وقال بعضم: (بكتاب الله): أي: بحكم الله، ولم يُرِدِ القرآن؛ لأنَّ الرَّجم والنَّفي ليسا فيه، انتهى، وهو الذي ذكرتُه قبله.

قوله: (وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ): هو أُنيس بن الضَّحَّاك الأسلميُّ، وقد تَقَدَّم.

(1/5142)

فائدةٌ: حكى شيخنا عن بعضهم مِن غير تسميةٍ: أنَّ (أُنيسًا [6]) هذا: هو تصغير أَنس بن مالك خادمِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ذكره ابن التِّين مع غيره مِن الأقوال.

(1/5143)

[حديث: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد]

(1/5144)

2697# قوله: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ): قال الجَيَّانيُّ في «تقييده»: (قال في «الصُّلح»: «حدَّثنا يعقوب: حدَّثنا إبراهيم بن سعد»؛ فذكر هذا الحديث، وقال أيضًا في «المغازي» في «باب فضل مَن شهد بدرًا»: «حدَّثنا يعقوب: حدَّثنا إبراهيم بن سعد»)؛ فذكر حديث عبد الرَّحمن بن عوف: (إنِّي لفي الصَّفِّ ... )؛ الحديث، قال الجَيَّانيُّ: (هكذا رُوِّينا عن أبي زيد [1] المروزيِّ: «حدَّثنا يعقوب» غيرَ منسوب في الموضعين، ونسبه أبو نصر في الموضعين: يعقوب بن حُمَيد بن كاسب أبو يوسف المدنيُّ، سكن مكَّة، ثمَّ قال: قيل للبخاريِّ: يعقوب بن حُمَيد بن كاسب ما قولك فيه؟ قال: لم أر إلَّا خيرًا، هو في الأصل صدوقٌ، مات آخر سنة أربعين أو أوَّل سنة إحدى وأربعين ومئتين، وقال أبو عبد الله الحاكم: سألت مشايخنا عن يعقوب هذا، فذكروا أنَّه يعقوب بن حُمَيد بن كاسب، فالله أعلم، قال الحاكم: وقد كنت أحتجُّ لأبي عبد الله البخاريِّ، فأقول: لعلَّه يعقوب بن مُحَمَّد الزُّهريُّ، ولم أجد لأبي عبد الله روايةً أستدلُّ بتلك على هذه، قلت: ونسبه ابن السَّكن في الموضعين: يعقوب بن مُحَمَّد، ونسب الأَصيليُّ عن أبي أحمد، وأبو ذرٍّ عن مشايخه في «المغازي»: يعقوب بن إبراهيم، [وتابعه على ذلك أبو مسعود الدِّمشقيُّ، ثمَّ قال: وفي بعض النُّسخ: «يعقوب» غير منسوب، فالله أعلم: أَلقي البخاريُّ يعقوب بنَ إبراهيمَ أم لا؟] [2]، أو هو [3] يعقوب بن حُمَيد بن كاسب؟ واتَّفقت النُّسخ كلُّها عن الفربريِّ على الذي في «الصُّلح» أنَّ البخاريَّ قال فيه: «حدَّثنا يعقوب» غيرَ منسوب إلَّا ما ذكرنا عن ابن السَّكن وحده، فإنَّه نسبه: يعقوب بن مُحَمَّد عن إبراهيم بن سعد، وقال البخاريُّ في «تاريخه»: يعقوب بن مُحَمَّد بن عيسى بن عبد الملك بن حُمَيد بن عبد الرَّحمن بن عوف أبو يوسف الزُّهريُّ: سمع إبراهيم بن سعد والمَخْرميَّ؛ بفتح الميم، وسكون الخاء) انتهى ببعض تلخيصٍ، وقال شيخنا: (قيل: إنَّه يعقوب بن إبراهيم [الدَّورقيُّ، وقيل: بزيادة: ابن سعد، وقيل: ابن حُمَيد بن كاسب، وقيل: ابن مُحَمَّد بن عيسى الزُّهريُّ، وأُنكِر، وزعم أبو نعيم أنَّه يعقوب بن إبراهيم] [4])، ملخَّصٌ ومختصرٌ من كلامه، انتهى، وقال الذَّهبيُّ في «ميزانه» في ترجمة يعقوب بن حُمَيد بن كاسب، وذكر المكانين المذكورين أعلاه، ثمَّ قال: (والظاهر: أنَّه ابن كاسب،

(1/5145)

وأمَّا مَن قال بقلَّة مَعْرِفةٍ [5]: هو يعقوب بن مُحَمَّد بن سعد، أو هو يعقوب بن مُحَمَّد الزُّهريُّ؛ فقد أخطأ) انتهى، وفي «طبقات ابن عبد الهادي» الحافظ شمس الدين الحنبليِّ تلميذ أبي العبَّاس ابن تيمية قال: الصَّحيح: أنَّه يعقوب بن حُمَيد [6] بن كاسب، قال: ويقال: هو يعقوب الدَّورقيُّ، قال [7]: وأخطأ مَن قال: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد؛ فإنَّ البخاريَّ لم يدركه، قال: وكذلك من قال: هو يعقوب بن مُحَمَّد الزُّهريُّ أحد الضُّعفاء، ذكر ذلك في ترجمة يعقوب بن حُمَيد بن كاسب، ولم يتعرَّضِ المِزِّيُّ في «أطرافه» إلى نسبته، بل اقتصر على اسمه فقط، ورأيت بخطِّ الإمام شهاب الدين ابن العلَّامة الفقيه عماد الدين إسماعيل بن خليفة الحسبانيِّ [8] على حاشية «الأطراف»: (قيل: إنَّه يعقوب بن إبراهيم الدَّورقيُّ، وقيل: يعقوب بن إبراهيم بن سعد، وهو بعيد جدًّا، وقيل: يعقوب بن حُمَيد بن كاسب) انتهتِ الحاشية، والله أعلم.

(1/5146)

قوله: (رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ): أمَّا (عبد الله بن جعفر): و (جعفر): هو ابن عبد الرَّحمن بن [9] المِسْوَر بن مَخْرَمة الزُّهريُّ، عن عمَّة أبيه أمِّ بكرٍ وسعد بن إبراهيم، وعنه: ابن مهديٍّ والقعنبيُّ، صدوق مُفتٍ بالمدينة، تُوُفِّيَ سنة سبعين ومئة، أخرج له البخاريُّ تعليقًا كما تراه، ومسلم، والأربعة، وثَّقه أحمد العجليُّ، وفي «الميزان» نقل توثيقه عن أحمد، وقال ابن مَعِين: صدوق، وليس بثبتٍ، وقال أبو حاتم: ليس به بأسٌ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، و (المَخْرَميُّ)؛ بفتح الميم _كما تَقَدَّم في كلام الجَيَّانيِّ_ وإسكان الخاء المعجمة، نسبة إلى جدِّه مَخْرَمةَ، وأمَّا (عبد الواحد بن أبي عون) الدَّوسيُّ، ويقال: الأويسيُّ المدنيُّ؛ فعن القاسم بن مُحَمَّد، وسعيد المقبريِّ، والزُّهريِّ، وسعد بن إبراهيم، وجماعة، وعنه: ابن إسحاق، وعبد الله بن جعفر المَخْرَميُّ، وغيرهم، وثَّقه ابن معين وغيره، وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس، قيل: مات سنة (144 هـ)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا وابن ماجه، وما رواه عبد الله بن جعفر أخرجه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم، وعبد بن حُمَيد، عن أبي عامر العَقَديِّ، عن عبد الله بن جعفر الزُّهريِّ، عن سعد، وأخرجه أبو داود في «السُّنَّة» عن مُحَمَّد بن عيسى، عن عبد الله بن جعفر القرشيِّ، وإبراهيم بن سعد، عن سعد به، وأمَّا ما رواه عبد الواحد؛ فلم أرَه في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

(1/5147)

[باب كيف يكتب: هذا ما صالح فلان بن فلان وفلان بن فلان]

قوله: (بَابٌ: كَيْفَ يُكْتَبُ): (يُكتَب): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 669]

(1/5148)

[حديث: لما صالح رسول الله أهل الحديبية كتب علي بينهم كتابًا]

2698# قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): هو بفتح الموحَّدة، وتشديد الشِّين المعجمة، بُنْدار، تَقَدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (غُنْدرٌ): أنَّه بضَمِّ الغين المعجمة، ثمَّ نون ساكنة، ثمَّ دال مهملة مضمومة ومفتوحة، ثمَّ راء، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، وتَقَدَّم أنَّ ابن جُرَيج قال له: يا غُنْدُر، والعُنْدُر بلغة أهل الحجاز: المشغِّب، وكان قد شغَّب على ابن جُرَيج، وكذا تَقَدَّم (أَبُو إِسْحَاق): أنَّه عَمرو بن عبد الله، أبو إسحاق، السَّبيعيُّ الهمْدانيُّ الكوفيُّ، تَقَدَّم مرارًا.

قوله: (كَتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ كِتَابًا): سأذكر كُتَّاب النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذين كانوا يكتبون عنه الوحي [1] والرَّسائل إن شاء الله تعالى.

قوله: (فَقَالَ لِعَلِيٍّ: امْحُهُ): هو بضَمِّ الحاء، ويجوز فتحُها، يقال: محاه يمحوه ويمحاه؛ لغتان معروفتان.

قوله: (هُوَ وَأَصْحَابُهُ): اختُلِف في أصحابه في الحديبية كم كانوا، وسأذكر فيهم عشرةَ أقوال؛ والأكثر: كانوا ألفًا وأربعَ مئة؛ لأنَّ خيبر قُسِّمَتْ على ألف وثمان مئة سهمٍ؛ لكلِّ شخص سهمٌ، وكان معهم مئتا فَرَس بأربعِ مئة سهم، وكان خيبرُ طعمةً لأهل الحديبية؛ لأنَّ الله تعالى وعدهم بها في القرآن.

قوله: (إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ): (الجُلُبَّان): بضَمِّ الجيم واللَّام، ثمَّ موحَّدة مُشدَّدة، ثمَّ ألف، ثمَّ نون، قال ابن قُرقُول: (كذا في أكثر الأحاديث، وكذا ضبطناه، وكذا صوَّبه ابن قتيبة، ورواه بعض الناس: «جُلْبَان»؛ بإسكان اللَّام، وكذا ذكره الهرويُّ، وصوَّبه هو وثابت، ولم يذكر ثابتٌ

[ج 1 ص 669]

(1/5149)

سواه، وهو مثل: الجُلْبان الذي من القطانيِّ، وقال بعض المتقِنين: المعروفُ: جُرْبان السَّيف والقميص، ولم يقل شيئًا، وفي «البخاريِّ»: «بجُلُبِّ السِّلاح»، فَسَّر الجُلْبان في الحديث: «القراب وما فيه»، وفي الحديث الآخر: «السَّيف، والقوس، ونحوه»، وفي الآخر: «لا يحمل سِلاحًا إلَّا سُيوفًا»، قال الحربيُّ: يريد: جفون السُّيوف، وقال غيره: هو شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السَّيف مغمودًا، ويطرح فيه الرَّاكب سوطه، ويعلِّقه من أخرة [2] الرَّحل، وهذا هو القراب؛ مثل قوله في الحديث الآخر: «القراب وما فيه»؛ أراد: ألَّا يدخلوها بسِلاحٍ ظاهرٍ دخولَ المحاربِ القاهرٍ من الرِّماح وشبهها، وأمَّا على رواية: «الجُلُبِّ»؛ فقد يكون جمعًا، ولعلَّه بفتح اللَّام، جمع «جُلبة»؛ وهي الجلدة التي تُغشِّي القتب، وقد يُسمَّى بها غيرُها كما سُمِّيت بذلك العُوذَةُ [3] المُجَلَّدةُ، وسُمِّيت بذلك قروفُ الجراح؛ إذا برأت؛ وهي الجلود التي تنقلع عنها)، انتهى، واللُّفظ في «النهاية»: ولفظه: (الجُلْبان؛ بضَمِّ الجيم، وسكون اللَّام ... ) إلى أن قال: (ورواه القُتبيُّ: بضَمِّ الجيم واللَّام، وتشديد الباء) انتهى، وقد رأيت في نسخة صحيحة بـ «البخاريِّ» عُمِلَ فيها ثلاثُ روايات؛ الرِّوايتان المذكورتان: (جُلْبان)، و (جُلُبَّان)، والثَّالثة: (جِلِبان)؛ بكسر الجيم واللَّام بالقلم، وكُتِب على الثالثة: (دار الذَّهب)، لكن ضمَّ الجيم واللَّام، وكسرهما، فالحاصلُ: ثلاث روايات؛ روايتان: كسر الجيم واللَّام، وضمُّهما [4] لدار الذَّهب، والله أعلم، وقد قَدَّمتُ أنَّ دار الذَّهب الظاهر المراد بها: نسخةٌ معروفةٌ عندهم ببغداد، وكأنَّها في دار الذَّهب، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (الوحي عنه).

[2] في (ب): (آخرة).

[3] في النُّسختين: (العورة)، وكتب فوقها في (أ): كذا، والمثبت من مصدره.

[4] في النُّسختين: (وضمِّها)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

(1/5150)

[حديث: أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله]

2699# قوله: (عَنْ إِسْرَائِيلَ): هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعيُّ، روى هنا عن جدِّه عَمرو بن عبد الله أبي إسحاق [1] السَّبيعيِّ الهمْدانيِّ، وقد قَدَّمتُ ترجمة إسرائيل، وتَقَدَّم اسم (أَبِي إِسْحَاقَ) قريبًا، وترجمته بعيدًا.

قوله: (اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ): يعني: عمرة الحديبية، وهي المرادة هنا، وكلُّ عُمَرِهِ في ذي القعدة إلَّا التي مع حجَّته، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (أَنْ يَدَعُوهُ): هو بفتح الدَّال؛ أي: يتركوه، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ): تَقَدَّم أنَّ الكاتب يومئذٍ هو عليٌّ، وسأذكر قريبًا كُتَّابه عليه الصَّلاة والسَّلام الذين كتبوا الرَّسائل [2].

قوله: (فَقَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَا): جاء أنَّ قائل ذلك سُهَيل بن عَمرٍو في بعض طرق هذا «الصَّحيح».

قوله: (امْحُ): هو بضَمِّ الحاء، ويجوز فتحُها، على اختلاف اللُّغتين اللَّتين تقدَّمتا قريبًا.

(1/5151)

قوله: (فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ): اعلم أنَّ الحافظ فتحَ الدين ابنَ سيِّد النَّاس في «سيرته الكبرى» عزا إلى البخاريِّ، فقال: (وقد روى البخاريُّ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كتب ذلك بيده) انتهى، وهذا اللَّفظ ليس في «البخاريِّ» في النُّسخ التي وقفتُ عليها، ثمَّ اعلم أنَّ ذلك عَدَّه مَن وقف عنده معجزةً له عليه الصَّلاة والسَّلام، وما شهد به القرآن مِن أنَّه النَّبيُّ الأُميُّ الذي لا يحسن الكتابة مع ما كان يأتي به مِن أقاصيص الأوَّلين وأخبار الأُمم الماضية هو المعجزةُ العظمى؛ لما تضمَّن مِن تكذيب مَن نسب ذلك إلى علمٍ تلقَّاه مِن أساطير الأوَّلين ممَّن قال: {اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ} [3] [الفرقان: 5]، وهذا علَمٌ [4] عظيم مِن أعلام نبوَّته، وأصلٌ عظيمٌ من دلائل صدقه في أنَّه عليه السَّلام [5] إنَّما كان يتلقَّى ذلك من الوحي، وسلامة هذا الأصل من شبهة قد تركت للمُلحِد [6] حجَّةً في معارضته وإن بَعُدت، وذكر الإمام أبو الوليد سليمان بن خلف الباجيُّ أنَّه كتب، فأنكر ذلك عليه علماء الأندلس، فبعث إلى الآفاق يستفتي بمصر، والشَّام، والعراق، وغير ذلك؛ فجلُّهم قال: لم يكتب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيده قطُّ، ورأَوا ذلك محمولًا على المجاز، وأنَّ معنى (كتب): أَمَرَ بالكتابة، وهو مذهب الأكثرين، وقالت طائفة يسيرة: كتب، وقد حكى القاضي عياض ذلك عن الباجيِّ، وأنَّ الباجيَّ حكاه عن السِّمنانيِّ، وأبي ذرٍّ، وغيرهما، انتهى، وحكى شيخنا موافقة الباجيِّ عن أبي ذرٍّ الهرويِّ وأبي الفتح النَّيسابوريِّ، انتهى، قال الحافظ أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس: (وجرت هذه المسألة يومًا بحضرة أبي الفتح القشيريِّ، فلم يعبأ بقول مَن قال: كتب، وقال عن الباجيِّ: هو قول أحوجَه إلى أن يستنجدَ بالعلماء من الآفاق)، انتهى، والمسألة طويلة، وقال القرطبيُّ: (قوله: «فأخذ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الكتاب، فكتب»؛ ظاهرٌ قويٌّ في أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كتب بيده، وقد أنكره قومٌ؛ تمسُّكًا بقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [7] [العنكبوت: 48]، قال [8]: ولا نكرةَ فيه، فإنَّ الخطَّ المنفيَّ عنه الخطُّ المكتسبُ عن

(1/5152)

التَّعلُّم، وهذا خطٌّ خارقٌ للعادة أجراه الله تعالى على أنامل نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم مع بقائه لا يحسن الكتابة المكتسبة، فهذا زيادةٌ في صحَّة نبوَّته)، انتهى، وفي «الروضة» للنَّوويِّ: (وممَّا عُدَّ من المحرَّمات عليه عليه الصَّلاة والسَّلام الخطُّ والشِّعرُ، وإنَّما يتَّجه القولُ بتحريمهما ممَّن يقول: إنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يحسنهما، وقد اختُلِف فيه؛ فقيل: كان يحسنهما، لكنَّه [9] يمتنع منهما، قال: والأصحُّ: أنَّه كان لا يحسنهما، ولا يمتنع تحريمهما وإن لم يحسنهما، والمراد: تحريم التَّوصُّل إليهما، والله أعلم، وقد ذكر النَّوويُّ في «شرح مسلم» المسألةَ من عند القاضي عياض في «الحديبية»، وأطال فيها، وذكر مُتَمَسَّكَ [10] الفريقين، فإن أردتها؛ فانظرها.

تنبيهٌ: قال القاضي عياض في «الشفا» في فصل (ومن معجزاته الباهرة) ما لفظه: (وقوله في الحديث الآخر الذي يروى عن معاوية رضي الله عنه أنَّه كان يكتب بين يديه عليه الصَّلاة والسَّلام، فقال: «ألقِ الدَّواة، وحرِّف القلم، وأقمِ الباء، وفرِّق السِّين، ولا تعوِّر الميم، وحسِّن الله، ومدَّ الرَّحمن، وجوِّد الرَّحيم»، وهذا وإن لم تصحَّ الرِّواية أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم [11] كتب؛ فلا يبعد أن يُرزَقَ علمَ هذا، ويمنعَ الكتابةَ والقراءةَ) انتهى، ففي هذا: أنَّ رواية: (كتب) غيرُ صحيحة، والله أعلم، ولعلَّه أراد أنَّه [12] لم يُرَد بها حقيقةُ الكتابة؛ إنَّما أراد بـ (كتب) المجازَ؛ أي: أمر الكاتب فكتب، والله أعلم.

قوله: (أَتَوْا عَلِيًّا فَقَالُوا [13]: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا): قال الدِّمياطيُّ: (القائل: «أخرج عنا»: هو حويطب بن عبد العُزَّى، وقد رأيت في «المستدرك» في ترجمة ميمونة: (فأتاه حويطب بن عبد العُزَّى في نفرٍ من قريش)، وقال أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس: (لمَّا تمَّت الثلاثة الأيَّام؛ جاء حويطب بن عبد العُزَّى ومعه سُهَيل بن عَمرٍو إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن المشركين بأن يخرجَ عن مكَّة ... )؛ فذكره.

(1/5153)

قوله: (فَتَبِعَتْهُمُ [14] ابْنَةُ حَمْزَةَ): قد اختُلِف في اسمها؛ فقيل: أمامة، أو أمةُ الله، أو أمُّ الفضل، أو سَلْمى، حكى ذلك شيخنا، وعزاه للمِزِّيِّ في «أطرافه»، قال: أو عمارة، وأمُّ الفضل كنيةٌ، أو فاطمة، قاله أبو نعيم وابن طاهر، قال المحبُّ الطَّبريُّ في «أحكامه»: (فاطمة درجت صغيرة، وهذه التي اختصموا فيها أمامة، روت بنت حمزة حديثًا واحدًا في ميِّزات مولاها)، انتهى، وقال ابن الجوزيِّ: (إنَّ المخاصَم فيها أمامةُ بنت حمزة)، وقال [15] النَّوويُّ في «تهذيبه»: (اسمها فاطمة، وقيل: عمارة، وقيل: أمامة)، انتهى، وحكى ابن شيخِنا البلقينيِّ أقوالًا فيها تقدَّمت، ثمَّ قال: (ثمَّ زوَّجها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِن سلمة ابن أمِّ سلمة، وقال حين زوَّجها: «هل جزيتَ سلمة؟»؛ لأنَّ سلمة هو الذي زوَّج أمَّ سلمة من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وسمَّاها الواقديُّ: عمارة، وبخطِّ الحافظ مغلطاي مِن كتاب «ابن الطَّلاع [16]» قال مُحَمَّد بن نصر: إنَّها إذ ذاك كانت غيرَ مدركة، قال الكلبيُّ: هَلك سلمة قبل أن يجتمعا)، انتهى.

[ج 1 ص 670]

قوله: (فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ [17]): هو ابن أبي طالب الصَّحابيُّ الجليل، أحد الخلفاء الأربعة، مشهورٌ، و (زَيْد): هو ابن حارثة مولى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وحِبِّه، وحارثة أسلم وعُدَّ في الصَّحابة، وسيجيء مناقب زيد وعليٍّ، و (جَعْفَر): هو ابن أبي طالب، وسيجيء مناقبه رضي الله عنهم أجمعين.

قوله: (وَخَالَتُهَا تَحْتِي): (خالتها) [18]: أسماء بنت عُميس بن معبد بن الحارث الخثعميَّة، هاجرت مع جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة، ثمَّ تزوَّجها بعد وفاة جعفر أبو بكرٍ الصِّدِّيق [19]، ثمَّ عليُّ بن أبي طالب، وكانت فاضلةً جليلةً، وقال ابن سعد: هي أسماء بنت عُمَيس بن معد بن تيم بن الحارث بن كعب، وطوَّل ترجمتها رضي الله عنها، أخرج لها أحمدُ في «المسند»، وأصحاب «السُّنن» الأربعة، وأمَّا أمُّها؛ فهي سلمى بنت عُمَيس أخت أسماء، صحابيَّة أيضًا، وهي زوجة حمزة بن عبد المطَّلب، ثمَّ زوجة شدَّاد بن الهاد، فولدت له عبدَ الله وعبدَ الرَّحمن، وأختها زوجة جعفر بيقينٍ.

(1/5154)

قوله: (زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي): قال الدِّمياطيُّ في مكانٍ يأتي: (كان عليه الصَّلاة والسَّلام آخى بمكَّة بين مولاه زيدٍ وعمِّه حمزةَ) انتهى، وقد تَقَدَّم أنَّ أبا العبَّاس ابن تيمية أنكر المؤاخاة بمكَّة بين المهاجرين، وقد يجاب عن هذا: بأنَّه أخٌ في الإسلام، قال الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [الأحزاب: 5]، وفيه أُنزِلتْ هذه، وقد قال له عليه الصَّلاة والسَّلام: «أنت أخونا ومولانا»، ولا خلافَ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يؤاخِه، إنَّما كان يُدعَى قبل نزول الآية: زيدَ بنَ مُحَمَّد، وللبحث في هذه المسألة مكانٌ ليس هذا موضعَه؛ في المؤاخاة بمكَّة وقوله: (ابنة أخي)، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي): اعلم أنَّ أبا الفتح ابن سيِّد النَّاس ذكر مَن كان يشبهه صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال:

~…بِخَمْسةٍ شُبِّهَ المُخْتَارُ مِنْ مُضَرٍ…يا حُسنَ مَا خُوِّلُوا مِنْ شِبْهِهِ الحَسَنِ

~…بِجَعْفَرٍ وَابنِ عَمِّ المُصطَفَى قَثَمٍ…وَسَائِبٍ وَأَبِي سُفْيَانَ وَالحَسَنِ

(1/5155)

هؤلاء الخمسةُ ذكرهم ابنُ عبد البَرِّ، وأبو سُفيان: هو ابن الحارث بن عبد المطَّلب، والسَّائب: هو ابن عُبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن [20] المطَّلب بن عبد مناف، وهو والد شافع المطَّلبيِّ، يقال: له صحبةٌ، وأنَّه أسلم يوم بدر بعد أن أُسِر وفدى نفسه، كذا قال أبو الطَّيِّب الطَّبريُّ، وإلى السَّائب هذا يُنسَبُ الإمامُ الشَّافعيُّ [21] مُحَمَّد بن إدريس أبو عبد الله، قال ابن سيِّد النَّاس بعد إنشاد البيتين الذين له: وممَّن كان يُشبَّه بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أيضًا: عبد الله بن عامر بن كُرَيز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، رآه عليه الصَّلاة والسَّلام، فقال: «هذا شبهُنا»، ورُوِي: أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال إذ رآه: «يا بني عبد شمس؛ هذا أشبه بنا منه بكم»، وقد اجتمع لي ممَّن يُشبِهُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جماعةٌ _ورأسهم إبراهيمُ صلَّى الله عليه وسلَّم [22]؛ لقوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «وأنا أشبه ولده به»، ومَن أشبهك؛ فقد أشبهته، وأيضًا في «مسند أبي يعلى الموصليِّ» في حديث الإسراء مُطَوَّلًا، وفيه: «وأمَّا إبراهيم عليه السلام؛ فوالله لأشبهُ النَّاس بي خَلقًا وخُلقًا ... »؛ الحديث، في سنده [23]: مُحَمَّد بن إسماعيل الوساوسيُّ [24]، قال البزَّار [25]: كان يضع الحديث، وفيه أبو صالح باذام_؛ وهم الخمسة الذين نظمهم [26] ابن سيِّد النَّاس، والواحد الذي زاده، وهو سادس، وكابس بن زَمْعة بن ربيعة، فهؤلاء سبعةٌ، ومسلم بن عَقِيل بن أبي طالب، قال ابن حِبَّان في «ثقاته» ما لفظه: (مسلم بن عَقِيل بن أبي طالب الهاشميُّ، كنيته أبو داود، كان أشبهَ ولد عبد المطَّلب بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) انتهى، فهذا ثامنٌ، ولهم تاسعٌ: وهو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال الذَّهبيُّ في ترجمته: وصحَّ عن عبد الله بن جعفر: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أتاهم بعدما أخبرهم بقتل جعفر، فقال: «لا تبكوا على أخي بعد اليوم»، وذلك بعد ثالثة، ثمَّ قال: «ائتوني ببني أخي»؛ فجيء بنا كأنَّا أفرخٌ، فقال: «ادعوا لي الحلَّاق»، فأمره، فحلق رؤوسنا، فقال: «أمَّا مُحَمَّد؛ يشبه عمَّنا أبا طالب، وأمَّا عبدُ الله؛ يشبه خَلقي وخُلقي ... »؛ الحديث، وهذا في «النَّسائيِّ الكبير»، ولهم عاشرٌ: ذكر الذَّهبيُّ في «ميزانه» في ترجمة عليِّ بن عليِّ بن نجاد بن رفاعة: أنَّه كان يُشبَّه بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه

(1/5156)

وسلَّم، وفي «التذهيب»: يقال: إنَّه كان يُشبِه النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، مِن بقيَّة كلام أحمد، وبعده فيه أيضًا عن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمَّار [27]: وكان يشبه؛ يعني [28]: النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وبعده عن عفَّان وأبي نعيم: أنَّه كان يُشبَّه بالنَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم [29]، وفي «الكاشف» في ترجمته: وكان يُشبَّه بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والمسألة في «الكمال» لعبد الغنيِّ، والظَّاهر أنَّها في «تهذيب المِزِّيِّ»، ولهم حادي عشر: ذكر الذَّهبيُّ أيضًا في «ميزانه» في ترجمة المغيرة بن سعيد الرَّافضيِّ الكذَّاب ما لفظه: (عبد الله بن صالح العجليُّ: حدَّثنا فُضِيل بن مرزوق [30] عن إبراهيم بن الحسن قال: دخل عليَّ المغيرةُ بن سعيد وأنا شابٌّ، وكنت أُشبَّه وأنا شابٌّ برسول الله [31] صلَّى الله عليه وسلَّم، فذكر من قرابتي وتشبُّهي وأمله فيَّ، ثمَّ ذكر أبا بكر ... ) إلى آخره، ولهم ثاني عشر: وهو عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطَّلب بن عبد مناف صحابيٌّ، قال ابن عبد البَرِّ: إنَّه يشبه النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ذكر ذلك في «استيعابه»، ولهم ثالث عشر: قال المِزِّيُّ في ترجمة مُحَمَّد بن عَقِيل بن أبي طالب ما لفظه: وقال الزُّبير: كانت عند مُحَمَّد بن عَقِيل زينبُ، فولدت له عبد الله بن مُحَمَّد، روى عنه الثَّوريُّ وغيره، وعبد الرَّحمن كان يُشبَّه بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال مغلطاي: فيه نظر؛ لأنَّ عبد الرَّحمن لم يذكره الزُّبير ولا المِزِّيُّ جملة، ويشبه أن يكون تصحيفًا من عبد الله، ولهم رابع عشر: ذكر الذَّهبيُّ في ترجمة عَمرو بن الأزهر العتكيِّ [32] في «ميزانه» حديثًا عن عائشة رضي الله عنها: لمَّا زوَّج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَّ كلثوم؛ قال لأمِّ أيمن: «هيِّئي [33] ابنتي، فزفِّيها إلى عثمانَ ... » إلى أن قال: «أَمَا إنَّه أشبه النَّاس بجدِّك إبراهيم ... »؛ الحديث، قال الذَّهبيُّ: موضوعٌ، وذكر في ترجمة عَمرو بن صالح قاضي رامهرمز حديثًا عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: «إنَّا نُشبِّه عثمان بأبينا إبراهيم»، وفي «المستدرك» في ترجمة رقيَّة بنته عليه الصَّلاة والسَّلام عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّه دخل عليها وبيدها مِشطٌ، فقالت: خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِن عندي آنفًا رجلت رأسَه، فقال: «كيف تجدين أبا عبد الله؟» قلت:

(1/5157)

بخير، فقال: «أكرميه؛ [فإنَّه] مِن أشبه أصحابي بي خلقًا»، صحيح، قال الذَّهبيُّ: مُنكَر المتن، فإنَّ رقيَّة ماتت وقت بدر، وأبو هريرة أسلم وقت خيبر، انتهى، ولهم خامس عشر: روى الحاكم في «المستدرك» في (مناقب فاطمة رضي الله عنها) حديثًا عن أنس رضي الله عنه قال: (سألتُ أمِّي عن فاطمة، فقالت: كانت كالقمر ليلة البدر، بيضاءَ مشربةً حمرةً، لها شعرٌ أسودُ، مِن أشدِّ النَّاس شبهًا برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كما قيل؛ فذكرتْ بيتين [34])، تعقَّبه الذَّهبيُّ في «تلخيصه»، فقال: (قلت: موضوعٌ، وفي إسناده: مُحَمَّد بن زكريَّا الغلَابيُّ) انتهى، ولهم سادس عشر: الله أعلم هل هو موجود الآن أم لا؟ وهو المهديُّ مُحَمَّد بن عبد الله، روى أبو داود منفردًا به عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال عليٌّ ونظر إلى ابنه الحسن، فقال: (إنَّ ابني هذا سيِّدٌ كما سمَّاه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وسيخرج من صلبه رجلٌ يُسمَّى باسم نبيِّكم صلَّى الله عليه وسلَّم يُشبِهه في الخَلق، ولا يُشبِهه في الخُلق ... )؛ الحديث، قال فيه أبو داود: حُدِّثتُ عن هارون

[ج 1 ص 671]

بن المغيرة، فذكره بسنده إلى عليٍّ رضي الله عنه.

فائدةٌ: أشبههم به صلَّى الله عليه وسلَّم الحسنُ بن عليٍّ رضوان الله عليهما، وهذا معروف، وقد رواه البخاريُّ والتِّرمذيُّ مِن حديث أنس [35]، وفي «الغيلانيَّات» [36] في الجزء الرَّابع من حديث عبد الله بن الزُّبير، وهذا القدر [37] [مشهور في «الصَّحيح» وغيره، وعن ابن حِبَّان في «صحيحه» من حديث أنس: أنَّ الحُسين كان أشبهَهم برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وسأذكر الجمع بينهما] [38]، وفي «التِّرمذيِّ» في (مناقب الحسن والحُسين) عن عليٍّ رضي الله عنه: (أنَّ الحسن أشبه النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما بين الصَّدر إلى الرَّأس، والحُسين أشبه النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما كان أسفلَ من ذلك)، قال التِّرمذيُّ: حَسَنٌ غريبٌ، وإنَّما ذكرت هذا؛ لأنِّي رأيت شيخنا العراقيَّ نظم الذين يُشبَّهون بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم دون هذا _الذين ذكرتُهم_ بكثيرٍ، ونظم معهم الحُسين، فأردت أن أنبِّهك على وجه الشبه [39]، ولم أر أحدًا عدَّه في المُشبَّهين إلَّا شيخنا، وكأنَّهم لمَّا رأوا شبهه بما تحت الثِّياب؛ لم يعدُّوه، والله أعلم، ولم أر أحدًا جمعهم كهذا، والباب قد يقبل الزِّيادة [40]، والله أعلم.

(1/5158)

==========

[1] (أبي إسحاق): سقط من (ب).

[2] في النُّسختين: (والرَّسائل)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[3] زيد في (ب): {بُكْرَةً وَأَصِيلًا}.

[4] (علم): سقط من (ب).

[5] في (ب): (صلَّى الله عليه وسلَّم).

[6] في (ب): (للملحدة).

[7] زيد في (ب): {إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}.

[8] (قال): سقط من (ب).

[9] زيد في (ب): (كان).

[10] في (ب): (مستملك)، وهو تحريفٌ.

[11] في (ب): (عليه الصَّلاة والسلام).

[12] (أنَّه): سقط من (ب).

[13] في النُّسختين: (فقال)، والمثبت مِنَ «اليونينيَّة» و (ق).

[14] في (ب): (فتبعهم)، وهو تحريفٌ.

[15] في (أ): (وقيل)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[16] في (ب): (القطاع).

[17] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[18] (خالتها): سقط من (ب).

[19] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[20] زيد في (ب): (عبد).

[21] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[22] في (ب): (عليه الصَّلاة والسلام).

[23] في (ب): (مسنده)، وهو تحريفٌ.

[24] في (ب): (الوشادستي)، وهو تحريفٌ.

[25] في (أ) غير واضح.

[26] في (ب): (بادام، والظاهر أنَّهم الذين جمعهم).

[27] في (ب): (عماد)، وهو تحريفٌ.

[28] في (ب): (بعضي)، وهو تحريفٌ.

[29] في (ب): (عليه الصَّلاة والسلام)، وكذا في الموضع اللَّاحق.

[30] في (ب): (مسروق)، وهو تحريفٌ.

[31] في (ب): (بالنَّبيِّ).

[32] في (ب): (العقيلي)، وهو تحريفٌ.

[33] في (ب): (هي)، وهو تحريفٌ.

[34] في (ب): (بنتين)، وهو تصحيفٌ.

[35] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[36] في (ب): (العلانيلات)، وهو تحريفٌ.

[37] (وهذا القدر): سقط من (ب).

[38] ما بين معقوفين جاء في (ب) بعد قوله: (رضوان الله عليهما، وهذا معروف).

[39] في (ب): (السنة)، وهو تصحيفٌ.

[40] زيد في (ب): (كهذا)، ولعلَّه تكرارٌ.

(1/5159)

[باب الصلح مع المشركين]

قوله: (بَابُ الصُّلْحِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، فِيهِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ): هذا هو أبو سفيان [1] صخر بن حرب [2] بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، والد معاوية، تَقَدَّم في أوَّل هذا التَّعليق، واعلم أنَّ أبا سفيان حديثه في الكتابة إلى هرقل هو في الكتب السِّتَّة حاشا ابنِ ماجه، وليس له حديث في الكتب سواه، وقد رواه عنه عبدُ الله بن عبَّاس، فكتابته عليه الصَّلاة والسَّلام إليه تأليفًا له، وضمن ذلك الصُّلح معه عليه الصَّلاة والسَّلام، ويحتمل أنَّه أراد البخاريُّ صلح الحديبية، ويكون ذلك مأخوذًا من المدَّة التي مادَّ فيها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أبا سفيان وكفَّار قريش، وكلاهما ظاهرٌ في صلحه عليه الصَّلاة والسَّلام مع المشركين، والاحتمال الثَّاني أظهرُ، لكنَّ ذلك ليس بحديث أبي سفيان، والبخاريُّ قال: (فيه عن أبي سفيان)، والله أعلم، ولم أرَ أحدًا ذكر ذلك.

قوله: (وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ): هو الأشجعيُّ، اختُلف في كنيته؛ فقيل: أبو عمرٍو، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرَّحمن، وقيل: أبو مُحَمَّد، وقيل: أبو حمَّاد [3]، سكن الشَّام، كانت معه رايةُ قومه يوم الفتح، وله بدمشقَ دارٌ عند سوق الغزل العتيق، روى عنه: جبير بن نُفَير، وكثير بن مُرَّةَ، وأبو مسلم الخولانيُّ، والشَّعبيُّ، وآخرون، قال الواقديُّ: شهد خيبر، قال: ونزل حمص وبقي [4] بها إلى أوَّل [5] خلافة عبد الملك سنة (73 هـ)، وفيها ورَّخه خليفة [6]، أخرج له الجماعة.

تنبيهٌ: لهم شخص آخرُ من الصَّحابة [7] يُقال له: عوف بن مالك بن عبد كلال، أبو الأحوص، الجُشَميُّ، كذا أورده العسكريُّ، ولا أعلم لهذا روايةً، والله أعلم، وقد قال الذَّهبيُّ في «مختصر كنى الحاكم أبي أحمد»: (عوف بن مالك الجُشَميُّ كوفيٌّ مخضرمٌ)؛ فجزم في «الكنى» [8] بأنَّه تابعيٌّ، وعدَّه في «الصَّحابة» صحابيًّا، وسكتَ عليه، فتناقضَ، وتعليق عوف بن مالك الذي في «البخاريِّ» هو في «البخاريِّ»، و «أبي داود»، و «ابن ماجه»؛ البخاريُّ في (الجزية)، وأبو داود في (الأدب)، وابن ماجه في (الفتن)، والله أعلم.

قوله: (ثُمَّ تَكُونُ هُدْنَةٌ): (الهدنة): الصُّلح.

(1/5160)

قوله: (وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ): (بنو الأصفر): هو الرُّوم؛ وهم الذين يُسمَّون في بلادنا: الإفرنج، وجدُّهم: الأصفر بن روم بن عِيْصُو بن إسحاق، قاله الحربيُّ، وقال غيره: لأنَّ جيشًا من الحبش غلب عليهم في الزَّمان الأوَّل، فوطِئ نساءهم، فولد لهم أولادٌ صفرٌ نُسِبوا إليهم، قاله ابن الأنباريِّ، وقد تَقَدَّم في أوَّل هذا التَّعليق.

قوله: (سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ): هو بضَمِّ الحاء المهملة، وفتح النُّون، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ فاء، أوسيٌّ بدريٌّ جليل، عنه: عبد الرَّحمن بن أبي ليلى وأبو وائل، كبَّر عليه عليٌّ رضي الله عنهما ستًّا، كما سيأتي في (غزوة بدر)، تُوُفِّيَ سنة (38 هـ)، أخرج له الجماعة رضي الله عنه.

قوله: (يَومَ أَبِي جَنْدَلٍ [9]): هو بفتح الجيم، وإسكان النُّون، ثمَّ دال مهملة مفتوحة، ثمَّ لام، اسمه العاصي بن سُهَيل بن عَمرٍو، وبقيَّة نسبه معروفٌ، استُشهِد مع أبيه [10] سُهَيل بالشَّام في خلافة معاوية، وأخوه عبد الله كان فرَّ يوم بدر إلى المسلمين، وشهد بدرًا والمشاهدَ كلَّها، وقُتِل يوم اليمامة شَهيدًا، وأوَّل مشاهد أبي جَنْدَل الفتحُ رضي الله عنهم.

قوله: (وَأَسْمَاءُ): هي بنت أبي بكر الصِّدِّيق [11]؛ يعني: ذكر الصُّلح، وقد تَقَدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها تُوُفِّيَت بعد ابنها عبد الله بأيَّامٍ، وقَدَّمتُ غير مرَّةٍ أنَّ ابنها قُتِل سنة (73 هـ).

قوله: (وَالْمِسْوَرُ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّه بكسر الميم، وإسكان السِّين، وأنَّه ابن مَخْرَمة، وأنَّه صحابيٌّ صغيرُ، وحديثه في (صلح الحديبية).

(1/5161)

[معلق موسى بن مسعود: صالح النبي المشركين يوم الحديبية ... ]

2700# قوله: (وَقَالَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ): هذا أبو حذيفة النَّهديُّ البصريُّ، عن الثَّوريِّ، وزائدةَ، وأيمن بن نابل، وشبل بن عبَّاد، وعكرمةَ بن عمَّار، وجماعةٍ، وعنه: البخاريُّ، والحسن بن عرفة، والذُّهليُّ، وعبدٌ، وسمُّويه، وأبو مسلم الكجِّيُّ، وخلقٌ، قال أحمد ابن حنبل: هو من أهل الصَّدق، وقال العجليُّ: ثقة صدوق، وقال أبو حاتم: صدوق معروف بالثَّوريِّ، كان الثَّوريُّ [1] نزل البصرة على رجل، وكان أبو حذيفة معهم، وكان سفيان يوجِّه أبا حذيفة في حوائجه، ولكن كان يُصحِّف، وروى عن سُفيان بضعةَ عشرَ ألفَ حديث، وفي بعضها شيءٌ، وقال التِّرمذيُّ: يُضعَّف في الحديث، ويقال: إنَّ الثَّوريَّ تزوَّج أمَّه لمَّا قدم البصرة، قال البخاريُّ: مات سنة (220 هـ)، قال ابن خزيمة: لا أحتجُّ به، وقال الفلَّاس: لا يُحدِّث عنه من يبصر الحديث، وله ترجمةٌ في «الميزان»، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه، وقد تَقَدَّم أنَّ البخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المعزوُّ إليه القولُ شيخُه _ كهذا_؛ أنَّه يكون مسندًا مُتَّصلًا، ويكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، كذا قاله ابن الصَّلاح، وأنَّ هذا وأمثاله يجعله [2] المِزِّيُّ والذَّهبيُّ تعليقًا، وهذا التَّعليق أو المأخوذ في حال المذاكرة بهذا السَّند انفرد به البخاريُّ.

قوله: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، أحد الأعلام، مشهور التَّرجمة، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (أَبُو إِسْحَاق): أنَّه عمرو بن عبد الله، أبو إسحاق، السَّبيعيُّ الهمْدانيُّ، تَقَدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرجَمًا.

قوله: (فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ): تَقَدَّم الكلام عليه أعلاه [3].

قوله: (يَحْجُلُ): هو بضَمِّ الجيم، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

(1/5162)

قوله: (لَمْ يَذْكُرْ مُؤَمَّلٌ عَنْ سُفْيَانَ): هو بضَمِّ الميم الأولى، وبفتح الميم الثَّانية المُشدَّدة، اسم مفعول، والظاهر أنَّه مُؤمَّل بن إسماعيل أبو عبد الرَّحمن القرشيُّ العدويُّ البصريُّ، مولى آل عمر بن الخطَّاب، وقيل: مولى بني كنانة، نزل مكَّة، وحدَّث عن شعبةَ، والثَّوريِّ، ومبارك بن فَضالة، وطائفةٍ، وعنه: إسحاق، وابن المَدينيِّ، وبُنْدار، وأبو كُرَيب، ومُؤمَّل بن إهاب، وخلقٌ، وثَّقه ابن مَعِين وغيره، قال أبو حاتم: صدوقٌ شديدٌ في السُّنَّة، وقال البخاريُّ: مُنكَر الحديث، مات في رمضان سنة (206 هـ)، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وروى له التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ، وله ترجمةٌ في «الميزان»، والله أعلم.

[ج 1 ص 672]

قوله: (عَنْ سُفْيَانَ): تَقَدَّم أنَّه الثَّوريُّ.

قوله: (أَبَا جَنْدَلٍ): تَقَدَّم في ظاهرها الكلامُ عليه، وأنَّه العاصي بن سُهَيل بن عَمرٍو [4].

قوله: (إِلَّا بِجُلُبِّ السِّلَاحِ): (الجُلُبُّ)؛ بضَمِّ الجيم واللَّام، وتشديد الموحَّدة، تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فانظره إن أردته.

==========

[1] (كان الثوري): سقط من (ب).

[2] زيد في (ب): (غالبًا)، ولعلَّه تكرارٌ.

[3] في (ب): (في الورقة التي قبل هذه).

[4] في (ب): (عمير)، وهو تحريفٌ.

(1/5163)

[حديث: أن رسول الله خرج معتمرًا فحال كفار قريش بينه وبين البيت]

2701# قوله: (حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ): تَقَدَّم أنَّه بالسِّين المهملة، وبالجيم، والباقي معروفٌ، وهو سُرَيج بن النُّعمان بن مروان البغداديُّ الجوهريُّ اللُّؤلؤيُّ أبو الحُسين، عن حمَّاد بن سلمة، وعبد العزيز الماجِشون، وحشرج بن نُباتة، وطائفةٍ، وعنه: البخاريُّ وإبراهيم الحربيُّ، قال النَّسائيُّ: ليس به بأس، تُوُفِّيَ يوم الأضحى سنة (217 هـ)، أخرج له البخاريُّ والأربعة، وله ترجمة في «الميزان»، وتَقَدَّم الكلام على سُرَيج وشُرَيح، ونُعيد هنا بعض الشيء، فنقول: إنَّ سُرَيجًا _بالجيم، والسِّين المهملة_ في «البخاريِّ» و «مسلم»: أحمد بن أبي سُرَيج، روى عنه البخاريُّ دون مسلم، واسم أبي سُرَيج الصَّبَّاحُ، وسُرَيج بن النُّعمان حديثه في «البخاريِّ» و «مسلم»، وسُرَيج بن يونس وحديثه في «البخاريِّ» و «مسلم»، والباقي: شُرَيح؛ بالشين المعجمة، والحاء المهملة، والله أعلم، ويشتبه بصاحب التَّرجمة شُرَيح بن النُّعمان _بالشين المعجمة، والحاء المهملة_ الصَّائديُّ، ليس له في «البخاريِّ» و «مسلم» شيءٌ، إنَّما روى له أصحاب الكتب الأربعة، والله أعلم، وهو تابعيٌّ.

قوله: (عَنْ [1] فُلَيْحٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ الفاء، وفتح اللَّام.

قوله [2]: (خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ ... ) إلى آخره: كان ذلك في الحديبية في ذي القعدة سنة ستٍّ، وهذا ظاهرٌ معروفٌ عند أهله.

قوله: (فَنَحَرَ هَدْيَهُ): تَقَدَّم أنَّ (الهدي) الذي ساقه في الحديبية كان _كما قاله ابن إسحاق_ سبعين بدنة، وهذا في «مسلم»، وقد ذكرته في (الحجِّ).

قوله: (وَحَلَقَ رَأْسَهُ): اعلم أنَّه حلقَ رأسَه المُكرَّمَ يوم الحديبية خِراشُ بن أميَّة بن الفضل الخزاعيُّ، قاله ابن إسحاق عن الزُّهريِّ فيما بلغه، والذي حلقه في حجَّة الوداع مَعْمَرُ بن عبد الله بن نافع بن نضلة [3] القرشيُّ، وأمَّا في الجعرانة؛ فهو أبو هند الحجَّام [4]، كذا في حفظي، ثمَّ رأيتُه في كلام المحبِّ الطَّبريِّ، ورأيت في كلام ابن شيخِنا البلقينيِّ نقلًا عن «طبقات ابن سعد»: أنَّ الذي حلقه في الجعرانة [5] خراشُ بن أميَّة، وكذا قال غيره كما سأذكره قريبًا، وأمَّا في القضيَّة؛ فلا أستحضره الآن.

قوله: (بِالْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّم أنَّها بالتَّخفيف والتَّشديد.

(1/5164)

قوله: (أَمَرَهُ [6] أَنْ يَخْرُجَ): تَقَدَّم مَن جاء، وذكرُ الخروج قريبًا؛ فانظره.

==========

[1] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (حَدَّثَنَا).

[2] (قوله): سقط من (ب).

[3] في (ب): (بصلة)، وهو تصحيفٌ.

[4] (الحجام): سقط من (ب).

[5] زيد في (ب): (أنَّه).

[6] كذا في النُّسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَمَرُوهُ).

[ج 1 ص 673]

(1/5165)

[حديث: انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة]

2702# قوله: (حَدَّثَنَا بِشْرٌ): هو بموحَّدة مكسورة، وبإسكان الشين المعجمة، وهو ابن المُفضَّل، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (يَحْيَى): أنَّه ابن سعيد الأنصاريُّ القاضي، وكذا تَقَدَّم (بُشَيْر): أنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وفتح الشين المعجمة، وأنَّ والده يَسار؛ بمثنَّاة تحت، وبالسين المهملة، وكذا تَقَدَّم (سَهْل بْن أَبِي حَثْمَةَ): أنَّه بفتح الحاء المهملة، وإسكان الثَّاء المثلَّثة.

قوله: (انْطَلَقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ): أمَّا (محيِّصة) وكذا أخوه حُوَيِّصَة؛ يجوز فيهما التَّخفيف والتَّشديد، وقوله هنا _وكذا في بعض الأمكنة التي تأتي وكذا في «مسلم» وغيره_ في نسبه: (زيد) فيه نظر؛ لأنَّ محيِّصة اسم والده مسعود بن كعب بن عامر بن عديِّ بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج الأنصاريُّ الحارثيُّ، كذا نسبه أبو عمر بن عبد البَرِّ في «استيعابه»، وكذا نَسَبَ أخاه لأبيه وأمِّه حُوَيِّصة، و (زيد): هو في نسب عبد الله وعبد الرَّحمن ابني سهل بن زيد بن كعب بن عامر بن عديِّ بن مجدعة بن حارثة، لا في نسب حُويِّصة ومُحيِّصة، ومسعود والد حُويِّصة ومُحيِّصة عمُّ والد عبد الله وعبد الرَّحمن ابني سهل، وحُويِّصة ومُحيِّصة ابنا عمِّ سهلٍ والد عبد الله وعبد الرَّحمن، وهو أخو زيدٍ جدِّ عبد الله وعبد الرَّحمن ابني سهل بن زيد، لا أبيه، هذا هو الصَّواب، وإن وقع في «الصَّحيحين» وغيرهما (زيد) في نسب محيِّصة وأخيه؛ فهو مُؤوَّل أو غلط، ولم أر مَن تعرَّض لهذا المكان، بل أخذه النَّاس من «البخاريِّ»، و «مسلم»، وغيرهما تقليدًا، ولم يُنقِّبوا عن ذلك، والله أعلم.

==========

[ج 1 ص 673]

(1/5166)

[باب الصلح في الدية]

(1/5167)

[حديث: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره]

2703# قوله: (أَنَّ الرُّبَيِّعَ): وهي ابنة النَّضر، هي بضَمِّ الرَّاء، وفتح الموحَّدة، ثمَّ مثنَّاة تحت مُشدَّدة مكسورة، وهي عمَّة أنس بن مالك، وهي التي أُصِيب ابنها حارثةُ _بالحاء المهملة، وبعد الألف ثاء مثلَّثة_ يوم بدر، وهو ابن سُراقة.

قوله: (ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ): (الثَّنيَّة): سنٌّ معروفةٌ، و (الجارية) المكسورة سنُّها: لا أعرف اسمها.

قوله: (فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ): هو بالضاد المعجمة، وهذا ظاهرٌ، ولا يشتبه بنصر _بالصاء المهملة_؛ لما قدَّمته غير مرَّةٍ أنَّ الذي بالإعجام لا يكتب إلَّا بالألف واللَّام، بخلاف (نصر) الذي بالمهملة؛ فإنَّه لا يأتي بالألف واللَّام، وهو أنس بن النَّضر بن ضمضم النَّجَّاريُّ _بالجيم_ عمُّ أنس بن مالك، استُشهِد رحمة الله عليه [1] بأُحُد، وكان من السَّادة، غاب عن بدر، فلمَّا كان يوم أُحُد؛ استُشهِد، ووُجِد فيه بضعٌ وثمانون بين طعنةٍ برمحٍ، وضربةٍ بسيفٍ، ورميةٍ بسهمٍ، ترجمتُه معروفةٌ رضي الله عنه وأرضاه.

قوله: (زَادَ الْفَزَارِيُّ: عَنْ حُمَيْدٍ): (الفزاريُّ) هذا: هو مروان بن معاوية [2] الفَزَاريُّ، أبو عبد الله، الحافظ، عن عاصمٍ الأحول، وحُمَيدٍ، وأممٍ، وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن ملاس، وخلقٌ، تُوُفِّيَ سنة (193 هـ)، أخرج له الجماعة، قال ابن مَعِين والنَّسائيُّ: ثقة، وكذا قال ابن المَدينيِّ فيما روى عن المعروفين، وفيه [3] ضعفٌ فيما

[ج 1 ص 673]

روى عن المجهولين، وقال العجليُّ: ثقةٌ ثبْتٌ ما حدَّث عن المعروفين، له ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تَقَدَّم أنَّ (زاد) مثل (قال)؛ فهذا تعليق بصيغة جزمٍ، وقد أخرجه البخاريُّ في (التَّفسير) عن مُحَمَّد بن سلَام عن الفَزاريِّ المُشارِ إليه، والله أعلم.

==========

[1] (رحمة الله عليه): ليس في (ب).

[2] في النُّسختين: (محمد)، وليس بصحيح، والمثبت من المصادر، يُنظر «التَّقريب» (ص 526).

[3] في (ب): (وقت)، وهو تحريفٌ.

(1/5168)

[باب قول النبي للحسن بن علي: ابنى هذا سيد]

(1/5169)

[حديث: إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين]

2704# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد): الظاهر أنَّه المُسنديُّ، ويُؤيِّده ما تَقَدَّم في (الجمعة)، تَقَدَّم [1]، وكذا تَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّه ابن عيينة [2]، أحد الأعلام.

قوله: (عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ [3]): هذا (أبو موسى): هو إسرائيل بن موسى البصريُّ، نزل الهند، وروى عن الحسن، ووهب، وأبي حَازم الأشجعيِّ، وعنه: السُّفيانان، ويحيى القطَّان، وحُسين الجعفيُّ، وثَّقه أبو حاتم وغيرُه، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، له ترجمة في «الميزان»، وصحَّح عليه، وقال الدِّمياطيُّ: (إسرائيل بن موسى البصريُّ نزل الهند، سمع الحسن البصريَّ، روى عنه: ابن عيينة وحُسينٌ الجعفيُّ، انفرد به البخاريُّ) انتهى، وقد تَقَدَّم (الحسن): أنَّه ابن أبي الحسن البصريُّ، أحد الأعلام، وشيخ الإسلام، مشهور التَّرجمة.

قوله: (مُعَاوِيَةَ): هو ابن أبي سُفيان صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس، مشهور التَّرجمة.

قوله: (بِكَتَائِبَ): الجيوش المجتمعة التي لا تنتشر، وهو جمع (كتيبة)؛ وهي الجيش.

قوله: (أَمْثَالِ) [4]: بالجرِّ، صفة لـ (كتائب) المجرورةِ.

قوله: (فَقَالَ عَمْرُو بْنُ العَاصِي): هو صحابيٌّ مشهورٌ، وقد تَقَدَّم أنَّه عَمرو بن العاصي بن وائل السَّهميُّ، وأنَّ العاصي هَلك على كفره بالشَّوكة، وتَقَدَّم الكلام على ياء (العاصي) من عند النَّوويِّ أنَّ الصَّحيح: كتابته بالياء، وكذا (ابن الهادي) و (اليماني) و (ابن أبي الموالي)، وما قاله ابن الصَّلاح في (العاصي)، والله أعلم.

قوله: (إِنِّي لأَرَى كَتَائِبَ): (أَرى)؛ بفتح الهمزة: من رؤية العين.

قوله: (حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا): (تَقْتُلَ): مبنيٌّ للفاعل، و (أقرانَها): مَنْصوبٌ مفعولٌ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (قَالَ [5] مُعَاوِيَةُ وَكَانَ وَاللهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ): أي: كان معاوية خيرًا من عَمرو بن العاصي في حقِّ الحسن بن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما [6]، لا أنَّه أفضل من الحسن بن عليٍّ، هذا ما لا يقوله أحدٌ.

قوله: (مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ): (الضَّيْعة [7]): بفتح الضاد المعجمة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ عين مهملة؛ أي: ذوي ضَيْعة؛ أي: عيالًا قد تُرِكوا وضُيِّعوا، وهو مصدر، ضَاع العيال ضَيْعةً وضَياعًا، وأضعتهم: تركتهم.

(1/5170)

قوله: (فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ): أي: بعث معاوية إلى الحسن بن عليِّ بن أبي طالب رَجُلَين ذَكَرهما، سيأتيان، وكان ذلك في ربيع أو جمادى سنة إحدى وأربعين، وهو عام الجماعة، وقد قيل: إنَّ عام الجماعة كان سنة أربعين، والأوَّل أصحُّ، وذلك لمَّا بايع له الحسن، وكان قد بايع له أهلُ الشَّام خاصَّة بالخلافة سنة ثمانٍ _أو تسع_ وثلاثين، والله أعلم.

قوله: (عَبْدَ الرَّحمن بْنَ سَمُرَةَ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ): أمَّا (عبد الرَّحمن بن سَمُرة)؛ فجدُّه حَبِيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ، كذا نسبه الأكثرون، ونسبه مصعب والزُّبير فقالا: حَبِيب بن زَمْعة بن عبد شمس، فزادا (زَمْعة)، والصَّحيح الأوَّل، من الطُّلقاء مسلمةِ الفتح، افتتح سجستان وكابل، وعنه: الحسن وابن سيرين، تُوُفِّيَ سنة (50 هـ)، أخرج له الجماعة، وهو مشهور التَّرجمة.

وأمَّا (عبد الله بن عامر بن كُرَيز)؛ ووالد كُرَيز _وهو بضَمِّ الكاف، وفتح الراء، وفي آخره زاي، وكذا ضبطه الأمير ابن ماكولا [8]_ حَبِيبُ بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ العبشميُّ [9]، تُوُفِّيَ سنة تسع وخمسين، وهو ابن خال عثمان بن عفَّان، أمُّ عثمان أروى بنت كُرَيز، وأمُّها أمُّ عامر بن كُرَيز البيضاء أمُّ حكيم بنت عبد المُطَّلِب، وُلِد هذا على عهده عليه الصَّلاة والسَّلام، فأُتِيَ به رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو صغيرٌ، فقال: «هذا شبهنا»، وجعل يتفل عليه ويعوِّذه، فجعل عبد الله يتسوَّغ ريقَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال له عليه الصَّلاة والسَّلام: «إنَّه لَمسقِيٌّ»، فكان لا يعالِج أرضًا إلَّا ظهر له الماء، له ترجمةٌ حسنةٌ في «الاستيعاب»، رضي الله عنه.

قوله: (فَاعْرِضَا عَلَيْهِ): هو بهمزة وصل، وكسر الراء، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا [10].

قوله: (عَاثَتْ): أي: اتَّسعت في الفساد.

قوله: (يَعْرِضُ عَلَيْكَ): هو بفتح أوَّله، وكسر الراء، ثلاثيٌّ، وهذا ظاهرٌ، وقد تَقَدَّم أعلاه.

(1/5171)

قوله: (فَقَالَ الْحَسَنُ [11]: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ): في هذا تصريحُ الحسن بن أبي الحسن البصريُّ من أبي بكرة نُفَيع، وفي ذلك ردٌّ لمن قال: إنَّه لم يسمع منه، وقد تقدَّمت المسألةُ، وتقدَّمت الإشارة إلى هذا المكان مع أماكن غيره؛ فراجعه إن أردته، قال البخاريُّ في آخره هنا: (قال لي عليُّ بن عبد الله _هذا هو ابن المَدينيِّ، الحافظ المشهور الجِهْبِذ_: إنَّما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث).

قوله: (وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ): (الحسنُ): مَرْفوعٌ، وكذا (ابنُ) بعده، رفعهما ظاهرٌ جدًّا.

قوله: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ): اعلم أنَّ هذا الحسن بن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما [12] في غاية ما يكون من السِّيادة، وقد نزل عن ملك الأرض؛ لئلَّا يُريق دمًا.

قوله: (بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ): كذلك جرى، اصطلح هو ومعاويةُ على ترك القتال، ونزل له عن الخلافة بشروطٍ معروفة في كتب التَّواريخ.

(1/5172)

[باب: هل يشير الإمام بالصلح؟]

(1/5173)

[حديث: أين المتألي على الله لا يفعل المعروف]

2705# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّ (أبا أويس) اسمُه عبد الله، وأنَّ (إسماعيل): هو ابن أخت مالكٍ الإمامِ، وكذا تَقَدَّم أنَّ أخاه هو عبد الحميد بن أبي أويسٍ، وكذا تَقَدَّم (سُلَيْمَان): أنَّه ابن بلال، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (يَحْيَى بْن سَعِيدٍ): أنَّه الأنصاريُّ، وكذا تَقَدَّم (مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحمن): أنَّه أبو الرِّجال، وكذا تقدَّمت (أُمُّهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) الأنصاريَّة، وجدُّها اسمه سعد بن زُرارة، وسعدٌ هو أخو أسعد بن زُرارة.

تنبيهٌ: مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن اثنان يرويان عن عَمْرةَ؛ أحدهما: هذا ابنها أبو الرِّجال، والثاني: مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن الأنصاريُّ، قيل: إنَّه أخو عَمْرة، وقيل: ابن أخيها، وقيل في نسبه: مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن عبد الله بن عبد الرَّحمن بن سعد بن زُرارة، والله أعلم.

قوله: (صَوْتَ خُصُومٍ [1]): قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: لعلَّ الخصمين كعبُ بن مالك وعبدُ الله بن أبي حَدْرَد الأسلميُّ، وقد ساقه بعد ذلك، انتهى، وما قاله هو الظاهر، والله أعلم، وقد جزم بذلك بعض الحُفَّاظ المتأخِّرين، وقال: كما صُرِّح بهما في رواية أخرى عند المصنِّف.

قوله: (عَالِيَة أَصْوَاتُهُمَا): (عاليةً): مَنْصوبٌ منوَّن حال، ويجوز جرُّه صفة لـ (خصوم) المجرور، والله أعلم.

[ج 1 ص 674]

قوله: (يَسْتَوْضِعُ): أي: يسأله أن يضع عنه من دَينه [2]؛ أي: يُنقِصه.

قوله: (وَيَسْتَرْفِقُهُ): أي: يسأله الرِّفق.

قوله: (أَيْنَ الْمُتَأَلِّي؟): هو بضَمِّ الميم، ثمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ همزة مفتوحة، ثمَّ لام مشدَّدة؛ أي: الحالف المُقْسِم.

==========

[1] في هامش (ق): (الخصم: يطلق على الواحد والاثنين والجماعة).

[2] في (ب): (ذنبه)، وهو تصحيفٌ.

(1/5174)

[حديث: يا كعب فأشار بيده كأنه يقول: النصف]

2706# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم أنَّه بضَمِّ [1] الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، وتَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعدٍ [2]، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز.

قوله: (عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ): تَقَدَّم أنَّ اسمَ (أبي حَدْرَد) سلامةُ بن عمير بن أبي سلامة، صحابيٌّ رضي الله عنه.

==========

[1] زيد في (ب): (الميم)، وليس بصحيحٍ.

[2] زيد في (ب): (الإمام).

[ج 1 ص 675]

(1/5175)

[باب فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم]

قوله: (بَابُ فَضْلِ الإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْعَدْلِ بَيْنَهُمْ): قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر الحديث المذكور في الأصل؛ وهو: «كلُّ سُلَامَى عليه صدقةٌ ... »؛ الحديث: (ترجم على الإصلاح بين النَّاس، والحديث ليس فيه إلَّا العدل، ولكن لمَّا خاطب النَّاسَ كلَّهم بالعدل بين النَّاس، وقد عُلِم أنَّ في النَّاس الحكَّام وغيرهم؛ كان عدل الحاكم إذا حكم، وعَدلُ غيره إذا أصلح)، انتهى.

==========

[ج 1 ص 675]

(1/5176)

[حديث: كل سلامى من الناس عليه صدقة]

2707# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): (إسحاق) هذا: هو ابن منصور، وكذا هو منسوب في بعض النُّسخ، وهو نسخةٌ [1] في أصلنا، وقال الجَيَّانيُّ: (قال البخاريُّ في «الجهاد» في موضعين [2]، وفي «تفسير النساء»، و «الأعراف»، وفي «القَدَر»، و «ترك الحيل»: «حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا عبد الرزَّاق»)؛ كذا ذكر، ولم يذكر هذا المكان فيما ذكره من الأبواب، ثمَّ قال: (إنَّه اجتمع لنا من هذا أنَّ البخاريَّ يروي عن إسحاق بن إبراهيم بن نصر السَّعديِّ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظليِّ، وإسحاق بن منصور الكوسج، عن عبد الرَّزَّاق ... » إلى آخر كلامه، والمحدَّث عنه هنا لا يخلو [3] أن يكون واحدًا من هؤلاء الثلاثة، وقال شيخنا: هو ابن إبراهيم، كما ذكره أبو نعيم في «مستخرجه»، وزعم أنَّ مُحَمَّدًا روى عنه، ووقع في «مختصر البخاريِّ» للمهلَّب بن أبي صفرة: (إسحاق بن منصور)، انتهى، وفي نسخة عندي عتيقة جدًّا: (إسحاق بن منصور)، ولم يُعلَّم عليه علامة نسخة كما عُلِّم عليه في أصلنا، والظاهر: أنَّه إسحاق ابن نصر؛ لأنَّه هنا (عن إسحاق) غير منسوب، كما ذكرت لك، وقد أخرجه في (الجهاد) عن إسحاق ابن نصر، وفي موضع آخرَ منه عن إسحاق، وأخرجه مسلم في (الزَّكاة) عن مُحَمَّد بن رافع؛ كلاهما عن عبد الرَّزَّاق به، والله أعلم.

قوله: (عَنْ [4] مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد.

قوله: (كُلُّ سُلَامَى): هو بضَمِّ السين، وتخفيف [5] اللَّام [6]، والميم بعدها مفتوحة؛ أي: على كلِّ عظم من عظامه ومفصل، وأصله: عظام الكفِّ والأكارع، قال ابن الأثير: السُّلَامَى جمع «سُلاميَة»؛ وهي الأنملة من أنامل الأصابع، وقيل: واحدُه وجمعُه سواء، ويُجمَع على «سُلاميَات»؛ وهي التي بين كلِّ مفصلين من أصابع الإنسان، وقيل: السُّلامى: كلُّ عظم مجوَّف من صغار العظام؛ المعنى: كلُّ عظم من عظام ابن آدم عليه صدقة، وقيل: إنَّ آخر ما يبقى فيه المخُّ من البعير إذا عجف السُّلامى والعين، قال أبو عبيد: هو عظمٌ يكون في فِرْسن [7] البعير، انتهى.

قوله: (كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ): هو بنصب لام (كل) على الظرف، وفي أصلنا: مضموم [8] اللَّام، وفيه نظرٌ، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (مُحَمَّد)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (الموضعين).

(1/5177)

[3] زيد في (ب): (إمَّا).

[4] كذا في النسختين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (أَخْبَرَنَا).

[5] في (ب): (وفتح).

[6] زيد في (ب): (المخفَّفة).

[7] في (ب): (قوس)، وهو تحريفٌ.

[8] في (ب): (بمضموم).

[ج 1 ص 675]

(1/5178)

[باب: إذا أشار الإمام بالصلح فأبى حكم عليه بالحكم البين]

(1/5179)

[حديث: اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك .. ]

2708# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب.

قوله: (أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشرب)؛ فراجعه.

قوله: (فِي شِرَاجٍ): تَقَدَّم أيضًا.

قوله: (اسْقِ): يجوز الثُّلاثيُّ والرُّباعيُّ فيه، وهما لُغَتَان معروفتان.

قوله: (ثُمَّ أَرْسِلْ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا معروفٌ.

قوله: (آنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟): تَقَدَّم الكلام عليه في (الشرب)، وكذا (الجَدْر [1]).

قوله: (فَلَمَّا أَحْفَظَ الأَنْصَارِيُّ): هو بالحاء المهملة، والظاء المعجمة المشالة؛ أي: أغضب، و (الأنصاريُّ): مَرْفوعٌ فاعل، و (رَسُولَ): مَنْصوبٌ مفعول، [قال الخطَّابيُّ: يشبه أن يكون قوله: (فلمَّا أحفظَ الأنصاريُّ): من كلام الزُّهريِّ، وكان من عادته أن يصل كلامه بالحديث إذا رواه، قال له موسى بن عقبة: ميِّز قولك من قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، انتهى، قاله شيخنا، فإن صحَّ كلام موسى بن عقبة للزُّهريِّ؛ فهو قد يدلُّ على أنَّه سمع منه، وقد تَقَدَّم أنَّ بعضهم قال: لم يسمع منه، والله أعلم] [2].

قوله: (فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ): أي: خالصه.

(1/5180)

[باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث والمجازفة في ذلك]

قوله: (فَإِنْ تَوِيَ [1]): هو بفتح المثنَّاة فوق، وكسر الواو، وفتح الياء، فعلٌ ماضٍ؛ أي: هلك، يَتْوَى؛ بفتح الواو في المستقبل، وفيه لُغَة أخرى؛ وهي تَوَى؛ بفتح أوَّله وثانيه، وبكسر الواو في المستقبل، لغةٌ معروفةٌ.

==========

[1] في هامش (ق): («توِي»؛ بكسر الواو، يتوَى؛ بالفتح في المضارع، ويقال: توَى؛ بالفتح، يتوِي؛ بالكسر في المضارع، وهي لغة طيِّء، وهكذا ضبطها أبو ذرٍّ، والمصدر: تُوًى؛ مقصورٌ).

[ج 1 ص 675]

(1/5181)

[حديث: إذا جددته فوضعته في المربد آذنت رسول الله]

2709# قوله: (حَدَّثَنَا [1] مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ): تَقَدَّم أنَّ (بَشَّارًا) بفتح الموحَّدة، وبالشين المعجمة المشدَّدة، وكذا تَقَدَّم (عَبْدُ الْوَهَّابِ): أنَّه ابن عبد المجيد الثَّقفيُّ الحافظ مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (عُبَيْدُ اللهِ): أنَّه ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب.

قوله: (تُوُفِّيَ أَبِي [2]): تَقَدَّم أنَّ (أباه) عبدَ الله بن عَمرو بن حرام _بالرَّاء_ الأنصاريُّ استُشِهِد بأحُد، وتَقَدَّم متى كانت [3] أحُد.

قوله: (وَعَلَيْهِ دَيْنٌ): تَقَدَّم أنَّ دَينه كان ثلاثين وَسْقًا، وقد تَقَدَّم أنَّ الوَسْق: ستُّون صاعًا، وقد ذكرت فيه حديثَين فيما مضى.

قوله: (فِي الْمِرْبَدِ): هو بكسر الميم، وإسكان الراء، ثمَّ موحَّدة مفتوحة، ثمَّ دال مهملة: الموضع الذي يُوضَع فيه التَّمر إذا جُدَّ لييبس؛ كالجرين

[ج 1 ص 675]

للحنطة، وأصله من الإقامة واللُّزوم، ربد بالمكان؛ إذا أقام به.

قوله: (آذَنْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ [4]): هو بمدِّ همزة (آذنت)؛ أي: أعلمت، وفي أصلنا في تائه الضمُّ والفتح، وكتب عليه (معًا).

قوله: (فَأَوْفِهِمْ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، وهذا معروفٌ.

قوله: (وَفَضَلَ [5]): تَقَدَّم أنَّه بفتح الضاد وكسرها، وقد تَقَدَّم مُطَوَّلًا بما فيه من لُغَة ثالثةٍ مركَّبة.

قوله: (ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسْقًا): وفي رواية: (سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا)، يحتمل أنَّ لونين من الفاضل ثلاثةَ عشرَ، والباقي من السبعة عشر من لونٍ آخر، وفي رواية: (فسلَّم الله البيادر كلَّها)، لعلَّه _والله أعلم [6]_ أنَّ جابرًا لمَّا جَدَّ التَّمرة؛ خرص عليها [7] سبعةَ عشرَ وَسْقًا، فأوفى ما كان على أبيه من الدَّين؛ وهو ثلاثون وَسْقًا، ثمَّ إنَّه كَالَ الفاضل من بعض الألوان، فوجده سبعةَ عشرَ من لونٍ أو أكثر، فقد سَلِمَت البيادرُ كلُّها، وفي رواية: (فأوفاهم الذي لهم، وبَقِيَ مثلُ ما أعطاهم)؛ يعني: وبقي ثلاثون وَسْقًا؛ يعني: جميعَ الفاضل من جميعِ الألوان، والله أعلم كيف كان، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: إنَّهما قضيَّتان، انتهى، وهذا هو الظاهر؛ وذلك لأنَّ في قصَّة: أنَّ لأبيه غريمًا واحدًا، وفي قصَّة: أنَّهم غرماء، وما في الفاضل من الاختلاف أيضًا، والله أعلم [8].

(1/5182)

قوله: (وَسِتَّةٌ لَوْنٌ): (اللون من التَّمر [9]): هو ما عدا العجوة والبَرْني، وقيل: هو الدقل؛ وهو رديء التَّمر لا الدوم، فإنَّ الدوم لا يزكى، واللون أيضًا [10]: هو اللين واللِّينة، وأصله: لَوْنة، قال الأصمعيُّ: اللون واحدٌ، وجمعه: ألوان، وقال غيره: اللون واللِّينة: الأخلاط من التَّمر، وقال بعضهم: اللون: جمع (لونة [11])، وقيل: اللِّينة: اسم النَّخلة.

قوله: (أَنْ سَيَكُونُ ذَلِكَ): (سيكونُ): مَرْفوعٌ، و (أنْ): مخفَّفة من الثَّقيلة، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (فَقَالَ [12] هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ): أمَّا (هشام)؛ فهو ابن عروة، وأمَّا تعليقه عن وَهْب؛ فأخرجه البخاريُّ في (الاستقراض) وفي (الصلح)، وأخرجه أبو داود بسنده عن هشامٍ نحوه، وأخرجه النَّسائيُّ في (الوصايا)، وأخرجه ابن ماجه في (الأحكام)، وأمَّا (وَهْب)؛ فهو ابن كيسان.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ): هو مُحَمَّد بن إسحاق بن يَسار، الإمام في المغازي، عن وَهْب بن كيسان، وتعليقُ ابن إسحاق لم أرَه في شيءٍ من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا.

==========

[1] كذا في النُّسخَتَين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثني).

[2] (أبي): سقط من (ب).

[3] في النُّسخَتَين: (كان)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[4] (صلَّى الله عليه وسلَّم): ليس في (أ).

[5] في هامش (ق): («فضل»؛ بكسر الضاد عند أبي ذرٍّ، قال ابن سيده في «المحكم»: فَضَلَ الشيءُ يفضُل، وفَضِلَ يَفضَل، و «يَفضُل» نادرٌ).

[6] زيد في (ب): (قوله).

[7] في (ب): (علينا)، وهي في (أ) محتملة.

[8] زيد في (ب): (كيف كان، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: إنهما قضيتان)، وهو تكرارٌ.

[9] في (ب): (التمرة).

[10] زيد في (ب): (جمع لونة)، ولعلَّه سبق نظرٍ.

[11] في (ب): (اللونة).

[12] كذا في النسختين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (وقال).

(1/5183)

[باب الصلح بالدين والعين]

(1/5184)

[حديث كعب: قم فاقضه]

2710# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): الظاهر أنَّه عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جعفر بن اليمان الجعفيُّ البخاريُّ المُسنديُّ، فإن كان هو؛ فقد تَقَدَّم مُتَرجَمًا، وتَقَدَّم لِمَ [1] سُمِّيَ بالمسنديِّ.

قوله: (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ): وفي نسخة في هامش أصلنا: (ابن عُمر)، وهو عثمان بن عُمر بن فارس العبديُّ البصريُّ، عن يونس بن يزيد، وابن جُرَيج، وطائفةٍ، وعنه: أحمد، والرَّماديُّ، والحارث [2] بن أبي أسامة، وخلقٌ، وكان من الصَّالحين الثِّقات، مات في ربيع الأوَّل سنة (209 هـ)، أخرج له الجماعة، له ترجمة في «الميزان».

قوله: (أَخْبَرَنَا يُونُسُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن يزيد الأيليُّ.

قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ): هذا [3] هو ابن سعد الإمام [4]، وهذا تعليقٌ، وإنَّما أتى به تقويةً لحديث عثمان بن عُمر بن فارس؛ لأنَّه تُكلِّم فيه، وهو أنَّ يحيى بن سعيد كان لا يرضاه، فأتى بهذا التَّعليق تقويةً له، والله أعلم، وتعليقُ اللَّيث عن يونس لم أرَه في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجه شيخنا [5].

قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تَقَدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم، وقد تَقَدَّم الكلام على (ابْن [6] أَبِي حَدْرَدٍ)، وتَقَدَّم في الرِّواية قبل ذلك بيسير أنَّه عبد الله بن أبي حَدْرَد، وقد تكلَّمتُ عليه، وقبل ذلك أيضًا.

قوله: (سِجْفَ حُجْرَتِهِ): تَقَدَّم أنَّ (السِّجْف) بكسر السين المهملة، وإسكان الجيم، وبالفاء، وهو الستر، وقال الطبريُّ: الرَّقيق منه يكون في مقدَّم البيت، ولا يُسمَّى سِجْفًا إلَّا أن يكون مشقوق الوَسط؛ كالمصراعين، وقال الداوديُّ: هو الباب، ولعلَّه أراد به أنَّ بابه كان من مَسحٍ، وإلَّا؛ فلا يُسمَّى البابُ سِجْفًا.

(1/5185)

((54)) (كتاب الشُّرُوط) ... إلى (كِتَاب الوَصَايَا)

(1/5186)

[حديث: لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذ كان فيما اشترط]

2711# 2712# 2713# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله بن بُكَير، نسبه إلى جدِّه، وتَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد الإمام، أحد الأعلام، وتَقَدَّم (عُقَيْل): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، ومَن يقال له: عُقَيل في «البخاريِّ» و «مسلم» بالضَّمِّ، وهم ثلاثة، القبيلة (عُقَيل) لها ذكرٌ في «مسلم»، وابن خالد هذا في «البخاريِّ» و «مسلم»، ويحيى بن عُقَيل له في «مسلم»، وتَقَدَّم (ابْن شِهَابٍ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزُّهريُّ [1]، وتَقَدَّم (مَرْوَان): أنَّه ابن الحكم، وأنَّه تابعيٌّ ليس صحابيًّا، وتَقَدَّم الكلام عليه، وعلى (المِسْوَر): أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، و (مَخْرَمَة): صحابيٌّ، والمِسْورُ صحابيٌّ صغيرٌ، وهنا حدَّثا عن بعض أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَقَدَّم أنَّ هذه الطَّريق لم أجدها في «الأطراف» للمِزِّيِّ، وهو أنَّهما رويا هذا الحديث عن صحابةٍ مبهمين حديث الحديبية، إنَّما فيها حديثُهما عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكذا تَقَدَّم الكلام على (سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو)، وهو سُهَيل بن عَمرو بن عبد شمس بن عبد وُدٍّ العامريُّ، أبو يزيد، أحد أشراف قريشٍ وخطبائهم، وكان أعلمَ الشَّفَة، أسره [2] المسلمون يوم بدر، وعلى يديه انبرم صلح الحديبية، أسلم يوم الفتح، وحسن إسلامه، استُشهِد باليرموك سنة خمسَ عشرةَ، وقيل: بمرج الصُّفر، وقيل: تُوُفِّيَ في طاعون عمواس سنة ثمانيَ عشرةَ على أحد الأقوال في تاريخه، وهو والد أبي جَنْدَل العاصي، رضي الله عنهما.

[ج 1 ص 676]

(1/5187)

قوله: (وَامْتَعَضُوا): كذا في أصلنا الذي سمعنا فيه على العراقيِّ: بالضاد المعجمة غير المشالة، وفي غيره: بالمعجمة المشالة، قال الجوهريُّ في (الضاد غير المشالة): معضت من ذلك الأمر أمْعَضُ مَعَضًا ومَعْضًا، وامتعضتُ منه؛ إذا غضبتَ، وشقَّ عليك، انتهى، ولم أرهُ فيه: مَعَظَ؛ بالمشالة، قال ابن قُرقُول: كذا للأَصيليِّ والهمْدانيِّ، وفسَّره: كرهوا، وهو غير صحيح، ووَهَمٌ في الخطِّ والهجاء، إنَّما يصحُّ [3] أن لو كان (امتعضوا)؛ بضاد غير مشالة، كما عند أبي ذرٍّ هنا وعُبدوس، فهذا معنى: كرهوا وأَنِفوا، وقد وقع مفسَّرًا كذلك في بعض الرِّوايات، وعند القابسيِّ أيضًا في (المغازي): (امَّعظوا)؛ بشدِّ [4] الميم، وظاء معجمة، وكذا لعُبدوس، وعند بعضهم: (أيغظوا)؛ من الغيظ، وعند بعضهم عن النسفيِّ: (وأيغضوا)؛ بغين معجمة، وضاد معجمة غير مشالة، وكلُّ هذه الرِّوايات إحالاتٌ وتغييراتٌ حتَّى خرَّج عليه بعضهم: (انغضُّوا)، ولا وجه لشيء من ذلك إلَّا (امتعضوا)، وأمَّا «الإنغاض»؛ فالتَّحريك والاضطراب، وعليه تُخَرَّج [5] رواية النسفيِّ، قال الله تعالى: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} [الإسراء: 51]، وانفضُّوا: تفرَّقوا، انتهى.

وقال ابن الأثير في حديثٍ غير هذا: وامتعض النَّاس امتعاضًا شديدًا [6]؛ أي: شقَّ عليهم وعَظُم، يقال: معض من شيء يُمنَعه، وامتعض؛ إذا غضب وشقَّ عليه، كما قدَّمته من «الصِّحاح».

قوله: (فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ): تَقَدَّم الكلام عليه، وأنَّ اسمه العاصي، وبعض [7] ترجمته.

قوله: (وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ): تَقَدَّم بعض ترجمتها، وأنَّها أخت عثمان بن عفَّان لأمِّه، وأخت الوليد لأبويه وعُمَارة، وأنَّها صَلَّت القبيلتين، وأنَّها هاجرت إلى المدينة ماشية عام الحديبية، وأنَّ فيها نزلت آيةُ الامتحان، فتزوَّجها زيد بن حارثة، ثمَّ الزُّبير، ثمَّ عبد الرَّحمن بن عوف، فوَلدت له إبراهيم وحُمَيدًا، ومات عنها، فتزوَّجها عَمرو بن العاصي، فماتت بعد شهرٍ، صحَّ لها حديثٌ، أخرج لها أحمد في «المسند»، والبخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، ولا أعرف اسمها، وقد قَدَّمتُ نسب عقبة بن أبي مُعَيْط إلى عبد شمس بن عبد مناف بن قصيٍّ، والله أعلم.

(1/5188)

قوله: (وَهْيَ عَاتِقٌ): أي [8]: بِكْر، وقد تَقَدَّم الكلام في (العاتق) في (العيدين) وغيره؛ فانظره إن شئت.

قوله: (فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ [9] صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): أهلها الذين جاؤوا في طلبها: أخواها الوليدُ وعُمَارة ابنا عقبة، وقد قيل: إنَّ الوليد في الفتح كان قد ناهز الحُلم، وقيل: كان طفلًا، وقيل: كان كبيرًا، وهو الأصحُّ، وبعثه عليه الصَّلاة والسَّلام مُصَدِّقًا على صدقات بني المُصْطَلِق.

قوله: (أَنْ يَرْجِعَهَا): هو بفتح أوَّله؛ لأنَّ (رجع) متعدٍّ [10]، قال الله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 83]، وقال تعالى: {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ} [سبأ: 31]، وفيه لغة أخرى: أرجعَ، وقد تَقَدَّم.

قوله: (لمَّا أَنْزَلَ اللهُ فِيهِنَّ): (لمَّا): بتشديد الميم في أصلنا، وفي بعض النُّسخ: (لِمَا)؛ بتخفيف الميم، وكسر اللَّام.

قوله: (قَالَ عُرْوَةُ: فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ ... ) إلى آخره: هذا معطوفٌ على السند الذي قبله، روى هذا البخاريُّ كذاك عن يحيى ابن بُكَير، عن اللَّيث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، والله أعلم.

قوله: (وَمَا [11] مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ ... ) إلى آخره: اعلم أنَّ بيعة النساء أن يأخذَ عليهنَّ العهدَ والميثاقَ، فإذا أقررنَّ بألسنتهنَّ؛ قال: قد بايعتُكُنَّ، كلامًا، وما مسَّت يدُه يدَ امرأة قطُّ في المبايعة، كما هنا عن عائشة رضي الله عنها، قال الإمام السُّهيليُّ في «روضه»: وقد رُويَ: أنَّهنَّ كنَّ يأخذنَّ بيده في البيعة من فوق ثوب، وهو قول عامر الشَّعبيِّ، ذكره ابن سلَّام في «تفسيره»، والأوَّل أصحُّ، وقد ذكر أبو بكر مُحَمَّد بن الحسن النَّقَّاش في صفة بيعة النِّساء وجهًا ثالثًا أورد فيه آثارًا؛ وهو أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كان يغمس يده في إناء، وتغمس المرأةُ يدَها فيه عند المبايعة، فيكون ذلك عقدًا للبيعة، وليس هذا بالمشهور، ولا هو عند أهل الحديث بالثَّبت، غير أنَّ ابن إسحاق قد ذكره في «زوائد يونس» عن أبان بن أبي صالح، انتهى.

(1/5189)

[حديث: بايعت رسول الله فاشترط علي والنصح لكل مسلم]

2714# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين الحافظ، وقد ضُبِط (دُكَين)، وبعض ترجمة أبي نُعَيم، وكذا تَقَدَّم (سُفْيَانُ): أنَّه ابن سعيد بن مسروق الثَّوريُّ.

قوله: (عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ): هو بكسر العين _ضبطه ابن قُرقُول في «مطالعه» _ وبتخفيف اللَّام، معروفٌ مشهورٌ، و (جَرِير): هو ابن عبد الله البجليُّ، تَقَدَّم.

قوله: (وَالنُّصْح لِكُلِّ مُسْلِمٍ): (النُّصح): مَنْصوبٌ في أصلنا ومجرورٌ بالقلم، فالنصب إعرابه ظاهرٌ؛ لأنَّ قبله: (واشترط عَلَيَّ)، وأمَّا الجرُّ؛ فعلى أنَّه معطوفٌ على مجرورٍ؛ وهو قوله في الحديث المطوَّل _ويأتي قريبًا_: «على [1] إقامِ الصَّلاة، وإيتاءِ الزَّكاة، والنُّصحِ لكلِّ مسلم»، وسيأتي قريبًا في أصلنا: (والنُّصح لكلِّ مسلم): أنَّه بالضَّمِّ والكسر، أمَّا الجرُّ؛ فظاهر، وأمَّا الرفع؛ فعلى أنَّه مبتدأٌ محذوفُ الخبرِ، والأوَّل أظهرُ وأحسنُ في المعنى.

==========

[1] (على): سقط من (ب).

[ج 1 ص 677]

(1/5190)

[حديث: بايعت رسول الله على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة]

2715# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى): تَقَدَّم مرارًا أنَّ هذا هو ابن سعيد القطَّان، شيخ الحُفَّاظ، وتَقَدَّم (إِسْمَاعِيل): أنَّه ابن أبي خالد، وتَقَدَّم (قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ): أنَّه بالحاء المهملة، وبالزَّاي، وهذا معروفٌ عند أهله.

(1/5191)

[باب: إذا باع نخلًا قد أبرت]

(1/5192)

[حديث: من باع نخلًا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع]

2716# قوله: (قَدْ أُبِّرَتْ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وقد تَقَدَّم الكلام على تأبير النَّخل، يقال: أَبَرت النَّخلة؛ بالتَّخفيف، وأَبَّرتُها؛ بالتَّشديد، والأوَّل أكثر، وقد تَقَدَّم ما (التَّأبير).

(1/5193)

[باب الشروط في البيع]

(1/5194)

[حديث: ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق]

2717# قوله: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ): هذا هو العالم المشهور عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، صاحب «المُوَطَّأ»، وقد سمعت «مُوَطَّأه» عاليًا بحلب، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (اللَّيْثُ): أنَّه ابن سعد الإمام، وكذا (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم [1].

[ج 1 ص 677]

قوله: (أَنَّ بَرِيرَةَ): تَقَدَّم الكلام عليها رضي الله عنها [2]، وبعضُ ترجمتها، ولمَن كانت، وأنَّ كتابتها كانت تسعَ أواقٍ، وتَقَدَّم الكلام على رواية (خمس أواقٍ).

قوله: (فَأَعْتِقِي): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ، و [هذا] ظاهرٌ معروفٌ.

==========

[1] في (ب): (أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الزهري).

[2] (عنها): سقط من (أ).

(1/5195)

[باب: إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز]

(1/5196)

[حديث: ما كنت لآخذ جملك فخذ جملك ذلك فهو مالك]

2718# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا قريبًا وبعيدًا أنَّه الفضل بن دُكَين، وتَقَدَّم (زَكَرِيَّاءُ): أنَّه ابن أبي زائدة، وتَقَدَّم (عَامِر): أنَّه الشَّعبيُّ عامر بن شَراحيل.

قوله: (بِوَقِيَّةٍ): وفي نسخة: (بأوقيَّة)، تَقَدَّم الكلام على (الأوقيَّة) بما فيها، وعلى (الأواقي)، وأنَّ (الأوقيَّة): أربعون درهمًا؛ فراجعه إن أردته.

قوله: (عَلَى أثرِي): تَقَدَّم أنَّه بفتح الهمزة والثاء، وأنَّه يقال فيه: بكسر الهمزة، وإسكان الثاء، وما قاله شيخنا فيها؛ فراجعه.

قوله: (وَقَالَ [1] شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَامِرٍ): (مُغيرة): هو ابن مِقْسَم الضَّبِّيُّ مولاهم، الكوفيُّ، الفقيه الأعمى، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (عامر): أنَّه ابن شَراحيل الشَّعبيُّ.

قوله: (أَفْقَرَنِي): أي: أعارني فقار ظهره، وكذا (أَفْقَرْنَاكَ).

قوله: (وَقَالَ إِسْحَاقُ عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ): (إسحاق) هذا: ذكر البخاريُّ في (كتاب فرض الخمس) حديثًا عن إسحاق عن جَرِير، وفي (سورة لقمان) حديثًا آخر [2] عن إسحاق عن جَرِير، قال الجَيَّانيُّ: لم أجد (إسحاق) منسوبًا في هذين الموضعين لأحدٍ من شيوخنا، ولا قال أبو نصرٍ في هذا شيئًا، قال الجَيَّانيُّ: وقد قال البخاريُّ في (كتاب الجهاد) في (باب استئذان الرجل الإمامَ): (حدَّثنا إسحاق: حدَّثنا جَرِير عن المغيرة، عن الشَّعبيِّ، عن جَابر: غزوت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ... )؛ الحديث، وهذا الحديث هو سند الحديث الذي نحن فيه وبعضُه، فعلى هذا: هو إسحاق بن إبراهيم، وإذا كان إسحاق بن إبراهيم؛ فالظَّاهر أنَّه ابن راهويه، وذلك لأنَّ الحافظ عبد الغنيِّ في «الكمال» ذكر ابنَ راهويه فيمَن روى عن جَرِير بن عبد الحميد، وكذا في «التذهيب» للذهبيِّ، وهو الضَّبِّيُّ القاضي، و (مُغيرة): هو ابن مِقسم الضَّبِّيُّ، تَقَدَّم.

قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ وَغَيْرُهُ: وَلَكَ [3] ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ): يعني: روى عطاءٌ _هو ابن أبي رَباح_ وغيرُه عن جَابرٍ، ولا أعرف (غيره).

(1/5197)

قوله: (وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ): (أبو الزُّبير): هو مُحَمَّد بن مسلم بن تَدْرُس، أبو الزُّبير، مولى حَكِيم بن حِزَام، المكيُّ، يروي عن عائشة، وابن عبَّاس، وابن عمر، حديثه عنهم في «مسلمٍ»، وعن جابرٍ، روايته عنه في «مسلم» والأربعة، وقد علَّق البخاريُّ لأبي الزُّبير كما هنا، وروى له مقرونًا، وعنه: مالكٌ والسُّفيانان، حافظٌ ثقةٌ، وقال أبو حاتم: لا يُحتجُّ به، له ترجمة في «الميزان»، وكان مُدَلِّسًا واسعَ العلم، تُوُفِّيَ سنة (127 هـ)، أخرج له البخاريُّ مقرونًا وتعليقًا، وروى له مسلم والأربعة.

قوله: (وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ): أمَّا (الأعمش)؛ فهو سليمان بن مِهران، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارئ، تَقَدَّم، وأمَّا (سالم)؛ فهو ابن أبي الجَعْد، وتعليقه هذا أخرجه مسلمٌ والنَّسائيُّ.

قوله: (وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ): أمَّا (عُبيد الله)؛ فهو عُبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تَقَدَّم، وتعليقه هذا تَقَدَّم في (البيوع)، وأخرجه مسلم، و (ابن إسحاق): هو صاحب المغازي، مُحَمَّد بن إسحاق بن يَسار، ليس من شرط الكتاب، وأمَّا (وَهْب)؛ فهو ابن كيسان، أبو نعيم الأسَديُّ، مولى ابن الزُّبير.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ جَابِرٍ): (ابن جُرَيج): هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، و (عطاء): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، و (غيره) لا أعرفه.

قوله: (وَلَمْ يُبَيِّنِ الثَّمن المُغِيرَةُ [4]): تَقَدَّم أنَّه ابن مِقسم، وتَقَدَّم أنَّ (الشَّعْبِيَّ): عامر بن شَراحيل.

قوله: (وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ): هو مَرْفوعٌ معطوفٌ على (المغيرة) المرفوع؛ لأنَّه فاعل، و (أَبُو الزُّبَيْر) أيضًا: مَرْفوعٌ، ورفعه ظاهرٌ؛ لأنَّه بالواو، وقد تَقَدَّم أعلاه بعضُ ترجمة أبي الزُّبير مُحَمَّد بن مسلم بن تَدْرُس.

قوله: (وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ): تَقَدَّم أنَّ (الأعمش): هو سليمان بن مِهران، وأنَّ (سالمًا) [5]: ابنُ أبي الجَعْد.

قوله: (أُوقِيَّة [6] ذَهَبٍ): تَقَدَّم أنَّه بتشديد الياء، وأنَّ فيها لغةً أخرى: وَقِيَّة.

قوله: (وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ سَالِمٍ): (أبو إسحاق): هو الهمْدانيُّ، عَمرو بن عبد الله، أحد الأعلام، و (سالم): تَقَدَّم أنَّه ابن أبي الجَعْد.

(1/5198)

قوله: (وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ): هو الفرَّاء الدَّبَّاغ المدنيُّ، عن نافع بن جبير وإبراهيم بن عبد الله بن حُسين، وعنه: القطَّان والقعنبيُّ، وكان ثقةً من العُبَّاد، أخرج له مسلمٌ والأربعة، وعلَّق عنه البخاريُّ كما ترى، قال الشَّافعيُّ: ثقةٌ حافظٌ، وقال ابن مَعِين: صالح الحديث، وقال أبو حاتم: ثقةٌ، تُوُفِّيَ قبل السِّتين ومئة.

قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ): القرشيُّ بالولاء، المدنيُّ، روى عن أبي هريرة، وابن عمر، وجابر، وعن عطاء بن يَسار، وأبي صالحٍ السَّمَّان، وعنه: أبو حَازم بن دينار، وبُكَير بن الأشجِّ، وسُهَيل بن أبي صالح، وابن عجلان، ويحيى بن أبي كَثِير، وآخرون، وثَّقه أبو حاتم وجماعةٌ، أخرج له البخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

[ج 1 ص 678]

قوله: (اشْتَرَاهُ بِطَرِيقِ تَبُوكَ): تَقَدَّم أنَّ أهلَ السير ذكروا بيع الجمل بذات الرِّقاع، كذا ذكره ابن إسحاق في ذات [7] الرِّقاع، وتَقَدَّم ما في «مسلم» في البيع، وتَقَدَّم ما في هذا «الصحيح» قُبَيل (فرض الخمس)، وأنَّه لمَّا قدم صرارًا [8]، وصرار على ثلاثةِ أميال من المدينة جهة العراق، وقد تَقَدَّم ما في ذلك، والاختلاف فيه، غيرَ هذه المرَّة.

فائدةٌ: سأذكر في بيع الجمل لطيفةً من عند السُّهيليِّ إن شاء الله تعالى وقدَّره.

قوله: (وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ): (أبو نضرة): هو بالضاد المعجمة، واسمه المنذر بن مالك بن قطعة العبديُّ، عن عليٍّ [9] مرسلًا، وعن ابن عبَّاس، وأبي سعيد، وجابر، وعنه: قتادة، وعوف، وابن أبي عَرُوَبة، وكان فصيحًا مُفوَّهًا ثقةً يُخطِئ، مات سنة (108 هـ)، علَّق له البخاريُّ، وروى له مسلمٌ والأربعة، وله ترجمة في «الميزان».

قوله: (وَقَوْلُ الشَّعْبِيِّ: بِوَقِيَّةٍ أَكْثَرُ [10]): تَقَدَّم أنَّ (الشَّعبيَّ): عامرُ بن شَراحيل، وتَقَدَّم أنَّه بفتح الشين المعجمة، وهذا معروفٌ.

==========

[1] كذا في النُّسخَتَين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (قال)؛ بلا واو.

[2] (آخر): ليس في (ب).

[3] كذا في النُّسخَتَين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة»: (لك)؛ بلا واو.

[4] كذا في النُّسخَتَين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (مغيرة).

[5] زيد في النسختين: (أنَّه)، ولعلَّ حذفها هو الصواب.

(1/5199)

[6] كذا في النُّسخَتَين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (وَقِيَّة).

[7] في (ب): (كتاب)، وهو تحريفٌ.

[8] في (ب): (لما تَقَدَّم هوادًا)، وهو تحريفٌ.

[9] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[10] (بوقية أكثر): ليس في (ب).

(1/5200)

[باب الشروط في المعاملة]

(1/5201)

[حديث: قالت الأنصار للنبي: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل]

2719# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وتَقَدَّم (أَبُو الزِّنَادِ): أنَّه عبد الله بن ذكوان، و (الأَعْرَج): أنَّه عبد الرَّحمن بن هرمز، و (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (اقْسِمْ بَيْنَنَا): هو بهمزة وصل، ثلاثيٌّ، فإن ابتدأت بها؛ كسرتها، وهذا معروفٌ.

قوله: (وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا): يعني: مِن المهاجرين، وهذا معروفٌ أيضًا.

قوله: (وَنشْركُكُمْ): تَقَدَّم أنَّه ثلاثيٌّ ورُباعيٌّ.

==========

[ج 1 ص 679]

(1/5202)

[باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح]

قوله: (وَقَالَ عُمَرُ): هو عُمر بن الخطَّاب، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَقَالَ الْمِسْوَرُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هو المِسْوَر بن مَخْرَمة، وتَقَدَّم أنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، وأنَّه صحابيٌّ صغيرٌ، وأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام تُوُفِّيَ وللمِسْوَر ثماني سنين.

قوله: (وَذَكَرَ [1] صِهْرًا لَهُ): تَقَدَّم أنَّ هذا الصهرَ هو أبو العاصي بن الرَّبيع، وقد تَقَدَّم الخلاف في اسمه رضي الله عنه.

(1/5203)

[حديث: أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج]

2721# قوله: (عَنْ [1] يَزِيدَ [2] بْنِ أَبِي حَبِيبٍ): هو بفتح الحاء المهملة، وكسر الموحَّدة، وهذا معروفٌ عند أهله.

قوله: (عَنْ أَبِي الْخَيْرِ): تَقَدَّم أنَّه مرثد بن عبد الله اليزنيُّ.

(1/5204)

[باب الشروط في المزارعة]

(1/5205)

[حديث: كنا أكثر الأنصار حقلًا فكنا نكري الأرض]

2722# قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ): هذا هو الأنصاريُّ المشهور، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيَّ): هو حنظلة بن قيس بن عَمرو الزُّرَقيُّ؛ بضَمِّ الزَّاي، وفتح الراء المخفَّفة، ثمَّ قاف، ثمَّ ياء النِّسبة إلى بني [1] زُرَيق، روى عن أبي اليسر الأنصاريِّ، وعثمان، ورافع بن خَدِيج، وجماعةٍ، وعنه: الزُّهريُّ، وربيعة، ويحيى بن سعيد، وآخرون، حُكِيَ عن الزُّهريِّ قال: ما رأيت أحدًا من الأنصار أحزمَ ولا أجودَ رأيًا من حنظلة بن قيس، كأنَّه رجلُ قريش، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.

قوله: (حَقْلًا): تَقَدَّم.

قوله: (وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ): تَقَدَّم الكلام عليها.

قوله: (وَلَمْ نُنْهَ): هو بنونين؛ الأولى مضمومة، والثانية ساكنة، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (عَنِ الْوَرِقِ): تَقَدَّم ما فيه من اللُّغات الأربع.

(1/5206)

[باب ما لا يجوز من الشروط في النكاح]

(1/5207)

[حديث: لا يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا]

2723# قوله: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ): هو بضَمِّ الزَّاي، وفتح الراء، وكذا تَقَدَّم (مَعْمَرٌ): أنَّه بميمين مفتوحتين، بينهما عين ساكنة، وأنَّه ابن راشد، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وتَقَدَّم (سَعِيد): أنَّه سعيد بن المسيّب، وأنَّ ياءه بالفتح والكسر.

تنبيهٌ: جماعة كلٌّ منهم اسمه سعيد، ويروي عن أبي هريرة في الكتب السِّتَّة أو بعضها: سعيد بن الحارث بن أبي سعيد بن المعلَّى، وسعيد بن أبي الحسن البصريُّ، وسعيد بن حيَّان [1] والد أبي حيَّان التَّيميُّ، وسعيد بن أبي سعيد المقبريُّ، وسعيد بن سمعان المدنيُّ مولى الزُّرَقيِّين، وسعيد بن عمرو بن سعيد بن العاصي القرشيُّ، وسعيد بن مرجانة المدنيُّ، وسعيد بن ميناء، وسعيد بن أبي هند، وسعيد بن يَسار أبو الحُباب، وسعيد أبو [2] عثمان التَّبَّان مولى المغيرة بن شعبة، وسعيد بن المسيّب المخزوميُّ، وليس يروي الزُّهريُّ عن أحدٍ منهم عن أبي هريرة إلَّا عن ابن المسيّب عنه.

قوله: (لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ): كذا في أصلنا بالرَّفع، وهو خبرٌ، ومعناه النَّهي، وقد تَقَدَّم الكلام عليه، وكذا تَقَدَّم الكلام على (النَّجْش).

قوله: (وَلَا يَزِيدَنَّ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ): هو معنى: (لا يبيعنَّ على بيع أخيه).

[قوله: (عَلَى خِطْبَةِ [3]): هي بالكسر لا غير] [4].

قوله: (وَلَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا): أي: ضرَّتها.

قوله: (لِتَسْتَكْفِئَ): هو مهموز الآخر، وهو (استفعال)، من كفأتُ الإناء؛ إذا كببتَه.

(1/5208)

[باب الشروط التي لا تحل في الحدود]

(1/5209)

[حديث: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الوليدة .. ]

2724# 2725# قوله: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه اللَّيث بن سعد، أحد الأعلام، وكذا تَقَدَّم (ابْنِ شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ مُحَمَّد بن مسلم.

قوله: (إِنَّ رَجُلًا مِنَ الأَعْرَابِ): تَقَدَّم أنَّ هذا الرَّجل لا أعرفه، ولا امرأته، ولا الرَّجل الآخر والد الزَّاني، ولا الزَّاني، وتَقَدَّم أنَّ (الأعراب): سكَّان البوادي وإن كانوا من العجم.

قوله: (أَنْشُدُكَ [1] اللهَ): تَقَدَّم، وكذا (إِلَّا): أنَّه بكسر همزه [2]، وتشديد اللَّام.

قوله: (كَانَ عَسِيفًا): تَقَدَّم ضبطًا، وأنَّه الأجير، من تفسير مالك.

قوله: (وَإِنِّي أُخْبِرْتُ): هو بكسر همزة (إنِّي)، معطوفٌ على ما قبله، وكذا تَقَدَّم (الوَلِيدَة) ما هي، وكذا تَقَدَّم أسماء الذين كانوا يُفتُون على عهده عليه الصَّلاة والسَّلام.

[ج 1 ص 679]

قوله: (لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ): تَقَدَّم الكلام عليه قبل هذا بأوراقٍ خمسٍ [3]، وكذا تَقَدَّم الكلام على (أُنَيْس)، وهو الأسلميُّ، وما قيل: إنَّه غيره.

(1/5210)

[باب ما يجوز من شروط المكاتب إذا رضي بالبيع على أن يعتق]

قوله: (عَلَى أَنْ يُعْتَقَ): هو بضَمِّ أوَّله، وفتح ثالثه، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

==========

[ج 1 ص 680]

(1/5211)

[حديث: ما شأن بريرة؟]

2726# قوله: (دَخَلَتْ عَلَيَّ بَرِيرَةُ): تَقَدَّم الكلام عليها، وكذا على أهلها مَن هم.

قوله: (فِيكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث.

==========

[ج 1 ص 680]

(1/5212)

[باب الشروط في الطلاق]

قوله: (وَقَالَ ابْنُ المُسَيّبِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه سعيد بن المسيّب، وتَقَدَّم أنَّ ياء (المسيّب) بالفتح والكسر، بخلاف غيره ممَّن اسمه (المسيَّب)، فإنَّه بالفتح ليس إلَّا.

قوله: (وَالْحَسَنُ): هو ابن أبي الحسن البصريُّ، العَلَم [1] المشهور.

قوله: (وَعَطَاءٌ): هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة.

قوله: (إِنْ بَدَأَ): هو بهمزةٍ في آخره؛ من الابتداء.

==========

[1] في (ب): (العالم).

[ج 1 ص 680]

(1/5213)

[حديث: نهى رسول الله عن التلقي وأن يبتاع المهاجر للأعرابي]

2727# قوله: (عَنْ أَبِي حَازِمٍ): هو بالحاء المهملة، وبالزَّاي، واسمه سلمان، مولى عَزَّة الأشجعيَّة، كوفيٌّ نبيلٌ، عن أبي هريرة وجالسه خمسَ سنين، والحسنِ، والحُسين، وسعيد بن العاصي، وابن عمر، وابن الزُّبير، ومولاته عَزَّة، وغيرِهم، وعنه: عديُّ بن ثابت، وفُضِيل بن غزوان، ومُحَمَّد بن جحادة، ونعيم بن أبي هند، وسيَّار، وخلقٌ، وثَّقه أحمد وابن مَعِين، تُوُفِّيَ في خلافة عمر بن عبد العزيز، ووُلِّيَ عمرُ رحمة الله عليه لعشرٍ خلون من صفر سنة تسع وتسعين، وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر؛ نحو خلافة الصِّدِّيق، أخرج لأبي حَازمٍ هذا الجماعةُ.

قوله: (عَنِ التَّلَقِّي): أي: تلقِّي الرُّكبان.

قوله: (وَأَنْ يَبْتَاعَ [1] الْمُهَاجِرُ لِلأَعْرَابِيِّ): هو مثل قوله: (أن يبيعَ حاضرٌ لبادٍ)، وقد تَقَدَّم تفسيره.

قوله: (طَلَاقَ أُخْتِهَا): أي: ضرَّتها، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم الكلام على [2] (النَّجْش)، وكذا (التَّصْرِيَة).

قوله: (تَابَعَهُ مُعَاذٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ شُعْبَةَ): الضمير في (تابعه) يعود على مُحَمَّد بن عرعرة شيخِ البخاريِّ، و (مُعاذ) هذا: هو ابن مُعاذ بن نصر، أبو المثنَّى التَّميميُّ العنبريُّ البصريُّ الحافظ، قاضي البصرة، عن سليمان التَّيميِّ [3]، وحُمَيد، وبهز بن حَكِيم، وشعبة، وطبقتِهم، وعنه: ابناه: عبيدُ الله والمثنَّى، وأحمدُ، وإسحاق، وابن المَدينيِّ، وابن مَعِين، وعَمرٌو الفلَّاس، وخلقٌ، قال أحمد: هو قرَّة عينٍ في الحديث، وقال: إليه المنتهى في الثبت بالبصرة، وما رأيت أعقلَ منه، وقال ابن مَعِين وأبو حاتم: ثقةٌ، تُوُفِّيَ في ربيع الآخر سنة (196 هـ)، أخرج له الجماعة، ومتابعة مُعاذٍ أخرجها مسلمٌ في (البيوع) عن عبيد الله بن مُعاذ، عن أبيه، عن شعبة به.

وأمَّا (عبد الصَّمد)؛ فهو ابن عبد الوارث التَّنُّوريُّ، أبو سهل، حافظٌ حُجَّةٌ، عن هشام الدَّستوائيِّ وشعبة، وعنه: ابنه عبد الوارث وعبدُ بن حُمَيد، تُوُفِّيَ سنة (207 هـ)، أخرج له الجماعة، وقد تَقَدَّم، ومتابعة عبد الصَّمد أخرجها مسلمٌ في (البيوع) عن عبد الوارث بن عبد الصَّمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن شعبة به.

(1/5214)

قوله: (وَقَالَ غُنْدرٌ): تَقَدَّم ضبطه، وأنَّه مُحَمَّد بن جعفر، والكلام عليه، وقول غُنْدُر في «مسلم»، وأمَّا (عَبْدُ الرَّحْمَنِ)؛ فالظاهر أنَّه ابن مهديٍّ، أحد الأعلام، مشهورٌ، وقوله لم أرَه في شيءٍ من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (نُهِيَ): هو بضَمِّ النون، مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَقَالَ آدَمُ): هو ابن أبي إياس، رحَّال، نشأ ببغداد، ورحل إلى مصر، والشَّام [4]، والحجاز، وغيرها، روى عن ابن أبي ذئب، وشعبة، وحَرِيز بن عثمان، وخلقٍ [5]، وعنه: البخاريُّ، والدارميُّ، وأبو حاتم، وخلقٌ كثير، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

وقد تَقَدَّم أنَّه إذا قال البخاريُّ: (قال فلانٌ)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ النَّضْرُ): هو بالضاد المعجمة، وقد تَقَدَّم أنَّه لا يأتي بالألف واللَّام إلَّا الذي بالمعجمة، وذاك يأتي (نصر)؛ بغيرهما، وهذا هو ابن شُمَيل، مشهورٌ، وقد تَقَدَّم، وقول النَّضر لم أرَه في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ): قول حجَّاج بن مِنْهال هذا لم أرَه في شيءٍ من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا.

قوله: (نَهَى): هو [6] بفتح النون والهاء.

(1/5215)

[باب الشروط مع الناس بالقول]

(1/5216)

[حديث: موسى رسول الله]

2728# قوله: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ): هذا هو هشام بن يوسف، أبو عبد الرَّحمن، قاضي صنعاء، تَقَدَّم مرارًا ومرَّةً مُتَرجَمًا، وكذا تَقَدَّم (ابْن جُرَيْجٍ): أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، أحد الأعلام.

قوله: (وَغَيْرُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ): (غيرُهما): بالرَّفع.

قوله: ({لَقِيَا غُلَامًا} [الكهف: 74]): تَقَدَّم الاختلاف فيه هل هو جيسور، أو حيسور، أو حَلْبتور، أو حنبتور [1]، ويقال: خربوذ.

قوله: ({جِدَارًا} [الكهف: 77]): تَقَدَّم ما طول هذا الجدار وعرضه وسمكه.

قوله: (قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَمَامَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79]): هذه قراءةٌ شاذَّةٌ، وقد عزاها هنا _كما ترى_ لابن عبَّاس، والقراءة الشَّاذَّة لم تثبت قرآنًا، ولا لها حكم خبر [2] الآحاد في الاحتجاج بها؛ لأنَّ صاحبها لم يوردها خبرًا، وتَقَدَّم أنَّ اسم المَلِك _كما يجيء في «البخاريِّ» _ هُدَدُ بنُ بُدَد، وقيل في اسمه غير ذلك ممَّا يأتي، وقد لخَّصته هنا، الجُلندي، أو مَنُولة بن الجلندي بن سعيد الأزديُّ، أو قلع [3] بن سارق بن ظالم بن عمرو بن شهاب، ويقال: هُدَد بن العمال [4].

(1/5217)

[باب الشروط في الولاء]

(1/5218)

[حديث: ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله]

2729# قوله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي أويسٍ عبدِ الله، وأنَّه ابن أخت الإمام مالك [1] بن أنس.

قوله: (جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ): تَقَدَّم الكلام عليها، وعلى أهلها، وعلى قولها: (عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ)، وما تَقَدَّم من (خمس أواقٍ) فيما مضى، وتَقَدَّم الكلام

[ج 1 ص 680]

على (الأوقيَّة)، وكذا على قولها: (ذَلكِ): أنَّه بكسر الكاف؛ لأنَّه خطابٌ لمؤنَّث، وكذا على قوله: (وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ).

==========

[1] في (ب): (أخت مالك الإمام).

(1/5219)

[باب: إذا اشترط في المزارعة: إذا شئت أخرجتك]

قوله: (بَابٌ: إِذَا اشْتَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ: إِذَا شِئْتُ؛ أَخْرَجْتُكَ): سرد ابن المُنَيِّر حديثَ الباب بلا إسناد، ثمَّ قال: (إن قيل: التَّرجمة على جواز اشتراط الخَيار من المالك إلى غير أمدٍ، والحديثُ لا ينزل على ذلك؟ قلنا: الصحيح: أنَّ الخَيار لا بدَّ مِن تقييده بمدَّة يجوز لمثلها الخَيار، وإن أُطلِق؛ نزل كلُّ عقدٍ على ما يليق به من المدَّة التي في مثلها يقع الخَيار، والحديث غير متناول للترجمة؛ لاحتمال أن يريد: نقرِّكم فيها ما لم يشأ الله تعالى إجلاءَكم منها؛ لأنَّ المقدور كائنٌ، ولا ينافي وجودُه استرسالَ الأحكام الشَّرعيَّة، وقد تنفسخ العقودُ اللَّازمة بأسبابٍ طارئةٍ، وقد لا تنفسخ، ولكن يمتنع مباشرة أحد المتعاقدين لاستيفاء [1] المنفعة، كما لو ظهر فسادُ العامل في المساقاة وخيانتُه [2]؛ فإنَّ مذهب مالك: إخراجه، وكذلك مستأجر الدار إذا فسد، فهذا _والله أعلم [3]_ مرادُ الحديث؛ أي: يستقرُّون فيها ما لم يجاهروا بفساد، فإذا شاء الله إجلاءَكم منها؛ تعاطيتم السبب المقتضي للإخراج، فأُخرِجتم، وكذلك وقع، صدق الله ورسوله، وليس في الحديث أنَّه ساقاهم مدَّة معيَّنة؛ إمَّا لأنَّهم كانوا عبيدًا للمسلمين [4]، ومعاملةُ السيِّد لعبده لا يُشتَرط فيها ما يُشتَرط في الأجنبيِّ؛ لأنَّ العبدَ مالُ السيِّد، وله على ماله سلطنة الانتزاع، فكان الجميعُ مالَه، وإمَّا لأنَّ المدَّة لم تُنقَل مع تحرُّرها حينئذٍ، والله أعلم) انتهى.

==========

[1] في (ب): (لاستبقاء).

[2] في (ب): (وجنايته).

[3] (والله أعلم): ليس في (ب).

[4] في (ب): (كانوا للمسلمين عبيدًا).

[ج 1 ص 681]

(1/5220)

[حديث: نقركم ما أقركم الله]

2730# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مَرَّارُ بْنُ حَمُّويَه [1] [2]): قال الدِّمياطيُّ: (أبو أحمد هذا: قيل: مَرَّار بن حمُّويه بن منصور الهمَذانيُّ، وقيل: مُحَمَّد بن يوسف البيكنديُّ، وقد أكثر البخاريُّ الروايةَ عنه، وقيل: مُحَمَّد بن عبد الوهَّاب بن حَبِيب العبديُّ النَّيسابوريُّ، ويكنى أبا أحمد)، انتهى.

ظاهر هذا الكلام من الدِّمياطيِّ: أنَّه ليس في أصله: (مَرَّار بن حمُّويه)، وإنَّما فيه: (أبو أحمد) فقط، وكذا رأيته بالكنية فقط في نسخةٍ عتيقة، وكذا كلام المِزِّيِّ في «الأطراف»، كما سأذكره قريبًا في آخر الكلام، وكذا كلام الجَيَّانيِّ، واسمه ونسبه نسخة في أصلنا، وهي داخل الكتاب ليست في الهامش، قال الجَيَّانيُّ: قال أبو عبد الله الحاكم: أهل بُخارى يزعُمون أنَّ أبا أحمد هذا مُحَمَّدُ بن يوسف البيكنديُّ، وأمَّا ابن السَّكن في روايته: (مَرَّار بن حمُّويه)، وكذا سمَّاه أبو مسعودٍ الدِّمشقيُّ، وقال أبو ذرٍّ [3]: اختُلِف في «أبي أحمد» هذا؛ فقال بعضهم: المَرَّار بن حمُّويه؛ لأنَّه وجد له هذا الحديثَ، ويكنى أبا أحمد، وقال أبو عبد الله الحاكم أيضًا: حدَّثونا بهذا الحديث عن موسى بن هارون: حدَّثنا أبو أحمد المَرَّار بن حمُّويه، وعن الحاكم: قرأت هذا الحديثَ على شيخنا أبي عمرٍو المستملي عن أبي أحمد مُحَمَّد بن عبد الوهَّاب بن حَبِيب العبديِّ الفرَّاء النَّيسابوريِّ، وحكى الكلاباذيُّ هذه الأقوال الثلاثة ... ؛ فذكرها، انتهى ملخَّصًا.

وهذا معنى كلام الدِّمياطيِّ، وإنَّما أردت أن أذكر سلف الدِّمياطيِّ، وكذا ذكر الحافظ جمال الدين المِزِّيُّ شيخ شيوخنا الأقوالَ الثلاثةَ في (أبي أحمد) هذا، وصدَّر بالمَرَّار بن حمُّويه، وكذا الذهبيُّ، والله أعلم، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه» في هذا الحديث ما لفظه: ذكر أبو مسعود وغيرُ واحد أنَّ (أبا أحمد) هو المَرَّار بن حمُّويه الهمَذانيُّ، قال خلف: لم يخرِّج عن أبي أحمد غيرُه، رواه موسى بن هارون الحافظ، عن المَرَّار بن حمُّويه، عن مُحَمَّد بن يحيى الكِنانيِّ، انتهى [4].

(1/5221)

وقال شيخنا: واختُلِف فيه _أي: في أبي أحمد_ على ثلاثة أقوالٍ: المَرَّار بن حمُّويه، كذا ذكره البيهقيُّ في «دلائله»، وأبو مسعود، وأبو نعيم الأصبهانيُّ، وابن السَّكن، وأبو ذرٍّ الهرويُّ، ثانيها: مُحَمَّد بن يوسف البيكنديُّ، قال الحاكم: أهل بُخارى يزعمون أنَّ أبا أحمد هذا هو مُحَمَّد بن يوسف البيكنديُّ، قال أبو عبد الله: وقد حدَّثونا بهذا الحديث عن مُحَمَّد بن هارون: حدَّثنا أبو أحمد مَرَّار بن حمُّويه: حدَّثنا أبو غسان، ثالثها: مُحَمَّد بن عبد الوهَّاب ابن عمِّ عبد الرَّحمن بن بِشْر بن الحكم، قال الحاكم: قرأت هذا الحديث أيضًا بخطِّ شيخنا أبي عمرو المستملي عن أبي أحمد مُحَمَّد بن عبد الوهَّاب بن حَبِيب العبديِّ، عن أبي غسَّان، وذكره ابن حزم من رواية مُحَمَّد بن يحيى الكِنانيِّ عن أبي غسَّان.

وقوله فيه: (مَرَّار): هو بفتح الميم، وتشديد الراء الأولى، و (حمُّويه): قال أبو عمرو بن الصَّلاح في الكلام على المسلسل بالأوَّلية وقد ذكر (عمرويه) و (نفطويه)، ثمَّ قال: (فأهل العربيَّة يقولونها بواو مفتوحة، مفتوح ما قبلها، ساكن ما بعدها، ومن ينحو بها نحو الفارسيَّة يقولها بواو ساكنة، مضموم ما قبلها، مفتوح ما بعدها، وآخرها هاءٌ على كلِّ قولةٍ، والتَّاء خطأ، سمعت الحافظ أبا مُحَمَّد عبد القادر بن عبد الله رضي الله عنه يقول: سمعتُ الحافظ أبا العلاء يقول: أهل الحديث لا يحبُّون (وَيْه)؛ أي: يقولون: نِفْطُوْيَهْ مثلًا _بواو ساكنة_؛ تفاديًا مِن أن يقع في آخر الكلمة: (وَيْهِ) انتهى، وما ذكره الحافظ الفقيه أبو عمرٍو هو جارٍ في (حمُّويه)، والله أعلم.

قوله: (أَبُو غَسَّانَ [5]): تَقَدَّم أنَّه لا يُصرَف ويُصرَف، هو _كما ذكر_ مُحَمَّدُ بن يحيى بن غسَّان الكِنَّانيُّ؛ بالنُّون بعد الكاف المكسورة، له ترجمة في «الميزان».

(1/5222)

قوله: (فَلَمَّا [6] فَدَعَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَبْدَ اللهِ): (أهلُ): مَرْفوعٌ فاعلٌ، و (عبدَ الله): مَنْصوبٌ مفعول، ومعنى (فَدَعَ) وهو بالفاء والدال والعين المهملتين [7] المفتوحات؛ أي: أزالوا يدَهُ عن مِفْصلها، فاعوجَّت، و (فَدَعَ) هو مثل: عرج، إذا أصابه ذلك؛ فهو أفدع، هذ الذي يعرفه أهلُ اللُّغة، قالوا: الفَدَع: هو زوال المِفْصل، قاله أبو حاتم، وقال الخليل: هو عوج في المفاصل، وقال الأصمعيُّ: زيغ الكفِّ بينها وبين السَّاعد، وفي القدم زيغ بينها وبين السَّاق، وفي «تعاليق البخاريِّ»: (فَدَع): يعني: كسر، والمعروف في قصَّة ابن عمر رضي الله عنهما ما قاله أهل اللُّغة، قاله بنحوه ابن قُرقُول [8]، وقال بعضهم عن الخطَّابيِّ: أنَّه قال: إنَّما اتُّهِم أهل خيبر بأنَّهم سَحَروا عبد الله بن عمر، وفُدِعت يداه ورجلاه، وفي حديث ابن عمر: أنَّ أباه بعثه إليهم؛ ليقاسمهم التمر، فدفعوه، ففُدِعَتْ قدمُه.

قوله: (فَعُدِيَ عَلِيهِ): (عُدِيَ)؛ بضمِّ أوَّله وكسر ثانيه، مَبْنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعلُه.

قوله: (فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ): قال الدِّمياطيُّ: (يقال: رجل أفدع: بيِّن الفدع؛ وهو المعوجُّ الرُّسغ من اليد والرِّجْل) انتهى، وقد قَدَّمتُ الكلام على ذلك، ولكن شرطي أن آتي على ما وجدتُه من حواشي الإمام الدِّمياطيِّ، فإنَّ فيها فوائدَ.

قوله: (وَتُهَمَتُنَا) [9]: هو بفتح الهاء، كذا نصَّ عليه الجوهريُّ في «صحاحه»، والتَّاء في التُّهمة: واو، وفي أصلنا: مُحرَّك الهاء بالقلم، وفي الحاشية صورة نسخة، وعليها علامة راويها: ساكنة الهاء، وقد قال ابن الأثير في «نهايته» حين ذكرها: قال: وقد تُفتَح الهاء، فمفهومه أنَّها ساكنة، والله أعلم.

قوله: (إِجْلَاءَهُمْ): هو بكسر الهمزة ممدودٌ، مصدرٌ، وهو مفعولٌ مَنْصوبٌ.

قوله: (أَحَدُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ): أحد بني أبي الحُقَيْق [10] لا أعرف اسمه، و (الحُقَيْق)؛ بضَمِّ الحاء المهملة، وبقافين؛ الأولى مفتوحة، ثمَّ ياء مثنَّاة تحت ساكنة، وبنو أبي الحُقَيْق: هم رؤساء اليهود.

قوله: (هُزَيْلَةً): هو مصغَّرٌ؛ وهو [11] الواحد مِن الهزل، والهزلُ: ضدُّ الجدِّ.

قوله: (قَلُوصُكَ): (القَلُوص): بفتح القاف، ولام مضمومة، وفي آخره صادٌ مهملةٌ، والقَلُوص: الفتيُّ من الإبل، وقد تَقَدَّم.

(1/5223)

قوله: (وَعُرُوضًا): هو بضَمِّ العين، جمع (عَرْض)، و (العَرْض)؛ بفتح العين، وإسكان الرَّاء: ما عدا العين، قاله أبو زيد، وقال الأصمعيُّ: ما كان من مال غير نقد، وقال أبو عبيد: ما عدا الحيوان، والعقار، والمكيل، والموزون، وفي «الجوهريِّ»: والعَرْض: المتاع، وكلُّ شيء فهو عَرْض سوى الدَّراهم والدَّنانير؛ فإنَّها عينٌ، وقال أبو عبيد: العُروض: الأمتعة التي لا يدخلها كيلٌ ولا وزنٌ، ولا يكون حيوانًا ولا عقارًا.

قوله: (رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ أَحْسِبُهُ عَنْ نَافِعٍ): (عُبيد الله) هذا: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب، تَقَدَّم مرارًا، ورواية: (حمَّاد بن سلمة عن عُبيد الله أحسِبهُ عن نافع): لم أره في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، لكن أخرج أبو داود في (الخراج) عن أحمد ابن حنبل، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن نافع نحوه: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عامل يهود خيبر على أن يخرجهم واستثنى ... )؛ الحديث، والله أعلم.

(1/5224)

[باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط]

(1/5225)

[حديث: إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة]

2731# 2732# قوله: (حَدَّثَنَا [1] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ): هذا هو المُسنديُّ [2].

قوله: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): تَقَدَّم أنَّه بميمَين مفتوحتَين، بينهما عينٌ ساكنةٌ، وهو ابن راشد، تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (الزُّهْرِيُّ): أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وكذا تَقَدَّم (المِسْوَر بن مَخْرَمة)، وأنَّه بكسر الميم، وإسكان السين، و (مَرْوَانَ) أيضًا وأنَّه تابعيٌّ، وليس صحابيًّا، وأنَّ المِسْوَر صحابيٌّ صغيرٌ، وتَقَدَّم روايتهما

[ج 1 ص 681]

ذلك عن صحابة غير مُسمَّين، وأنَّ المِزِّيَّ لم يذكر طريق المِسْوَر ومروانَ عن صحابةٍ غيرِ مُسمَّين، والله أعلم، وقال شيخنا: ولم يعيِّنا _يعني: المِسْوَر ومروان_ مَن رويا عنه، ولا يضرُّ؛ لأنَّ الصَّحابة كلُّهم عدولٌ بخلاف مَن أُبْهِمَ بعدهم، وهما لم يحضرا هذه الغزوة؛ لصغر سنِّهما؛ لأنَّهما وُلِدا بعد الهجرة بسنتين، وأمَّا ابن طاهر؛ فقال: الحديث معلولٌ؛ أي: مِن جهة الإرسال، وليس بعلَّة؛ لأنَّه مُرسلُ صحابيٍّ، انتهى، فقوله: مُرسَل صحابيٍّ؛ يعني: مُرْسَل المِسْوَر، وأمَّا مروان؛ فقد قَدَّمتُ مرارًا أنَّه ليس بصحابيٍّ، والله أعلم.

قوله: (زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّم أنَّها بالتَّخفيف والتَّشديد، وأنَّها في ذي القعدة سنة ستٍّ، وعند ابن سعد: (خرج يوم الاثنين لهلال القعدة).

قوله: (إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ [3]): اعلم أنَّ (خالدًا) كان إذ ذاك لم يُسلِم، وإنَّما أسلم هو، وعَمرو بن العاصي، وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة في صفر سنة ثمان، وقيل في خالد: إنَّه أسلم قبل ذلك بعد الحديبية، وقولي في عَمرو بن العاصي: هذا إسلامه في الظَّاهر، وإلَّا؛ فقد أسلم قبل ذلك بالحبشة على يدي النَّجاشيِّ، وكتم إسلامه، وفي هذا لطيفةٌ، وهو أن يقال: إنَّ صحابيًّا أسلم على يديِّ تابعيٍّ، والله أعلم.

(1/5226)

قوله: (بِالْغَمِيمِ [4]): هو بفتح الغين المعجمة، وكسر الميم، وبضمِّ الغين، وفتح الميم، وصُوِّب الأوَّل، وهو المعروف بكراع الغَمِيم؛ وهو وادٍ بين مكَّة والمدينة، بينه وبين مكَّة مرحلتان أو نحوهما، وهو قدَّام عسفان بثمانية أميال، يُضافُ هذا الكراع إليه، وهو جبل أسود بطرف الحرَّة تمتدُّ إليه، وهذا _من أنَّه بفتح الغين، وبكسر الميم_ هو الصَّواب، وقال ابن قُرقُول في (باب الكاف): (هو بالفتح، وقد صغَّره الشُّعراء)، قال النَّوويُّ: وهذا تصحيف، وكأنَّه اشتبه عليه، قال الحازميُّ: الغَمِيم؛ بفتح الغين: موضع بين مكَّة والمدينة، وأمَّا الغُمَيم؛ بضَمِّ الغين، وفتح الميم؛ فوادٍ في ديار حنظلة، هذا كلام الحازميِّ، وقد صرَّح بأنَّ الغُمَيم غير الغَمِيم، والله أعلم.

قوله: (طَلِيعَة): (الطَّلِيعة)؛ بفتح الطَّاء المهملة، وكسر اللَّام: المُتقدِّمة؛ لتطَّلع على أمر العدوِّ، وتشرف على أخباره، ويجوز في (طَلِيعة) هنا النَّصبُ مع التَّنوين، والرَّفع معه، والله أعلم.

قوله: (مَا شَعَرَ): أي: علم، ومنه: الشَّاعر.

قوله: (بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ): (القَتَرة)؛ بفتح القاف والمثنَّاة فوق: غبرة حوافر الدَّوابِّ.

قوله: (يُهْبَطُ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (رَاحِلَتُهُ): هذه (الرَّاحلة): هي القصواء، كما صرَّح به هنا في قوله: (خَلَأَتِ القَصْوَاءُ)، وقد اختُلِف هل القصواء والجدعاء والعضباء؛ هل هنَّ ثلاث نوقٍ أو اثنتان أو واحدة [5]؟ فيه خلاف، والذي يظهر لي: أنَّهما اثنتان، والله أعلم.

قوله: (فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ): قال ابن قُرقُول: (حلِ حلِ، وحلٍ حلٍ، وحَلْ حَلْ؛ كلُّه زجر للنَّاقة إذا تردَّدت على النُّهوض فَخَلَأت، أو عن الانبعاث إذا بركت)، وقال شيخنا الشَّارح: («حلْ حلْ»: هو زجرٌ للإبل إذا حملها على السَّير؛ بسكون اللَّام، فإذا بنيتَ؛ قلت: حلٍ حلْ؛ بكسر اللَّام، والتَّنوين في الأولى، وسكونها في الآخر؛ كقولهم: بخٍ بخْ، وصهٍ صهْ، ويجوز في الثانية كسر اللَّام، كما ضُبِط في بعض الكتب، قال ابن سيده: هو زجر للإبل خاصَّة ... ) إلى آخر كلامه.

(1/5227)

قوله: (فَقَالُوا: خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ): (خَلَأَت): هو بفتح الخاء المعجمة، وفتح اللَّام، ثمَّ همزة [6] مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث؛ وهو كالحِرَان في الفَرَس وغيره، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «مَا خَلَأَتِ ... ، وَلَكِن حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ»؛ يعني: عن مكَّة؛ إبقاءً على أهلها، ويقال: خَلَأَت النَّاقة، وألحَّ الجمل.

قوله: (الْقَصْوَاءُ): هو بفتح القاف، وإسكان الصَّاد، وبالمدِّ، قال ابن قُرقُول: (وضبطه العذريُّ في «مسلم»: بالضَّمِّ، والقصر، وهو خطأ، ومعنى «القَصْواء»: المقطوعة [7] الأذن، وكلُّ ما قطع من الأذن؛ فهو جذع، وإن زاد على الرُّبع؛ فهي عضباء، قال الدَّاوديُّ: سُمِّيت بذلك؛ لأنَّها لا تكاد تُسبَق؛ كان عندها أقصى الجري).

قوله: (خُطَّةً): هي بضَمِّ الخاء المعجمة، وتشديد الطَّاء المهملة، ثمَّ تاء التَّأنيث؛ أي: قصَّة وأمرًا.

قوله: (حُرُمَاتِ اللهِ): هو جمع (حُرمة)؛ كظُلمات وظُلْمة؛ يريد: حُرمة الحَرَم، وحُرمة الإحرام، وحُرمة الشَّهر الحرام، و (الحرمة): ما لا يَحِلُّ انتهاكُه.

قوله: (بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّم غير مرَّةٍ أنَّها بالتَّخفيف والتَّشديد.

قوله: (عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ): (الثَّمد)؛ بفتح الثَّاء المثلَّثة، والميم ساكنة [8] وتُحرَّك، وكَـ (كِتَابٍ)، وبالدَّال المهملة: الماء القليل، وقيل: ما يظهر من الماء في الشِّتاء، ويذهب في الصَّيف، قال بعضهم: ولا يكون إلَّا فيما غلظ من الأرض.

قوله: (يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا [9]): (يَتَبرَّضُه)؛ بالمثنَّاة تحت، ثمَّ بالمثنَّاة فوق، ثمَّ موحَّدة، ثمَّ راء مُشدَّدة مفتوحات، ثمَّ ضاد معجمة [10]؛ أي: يتَّبعونه قليلًا قليلًا؛ يعني: الماء الذي وجدوه ببئر الحديبية، و (التَّبرُّض): جمعُ القليل منه بعد القليل، و (البرض): قليل الماء.

قوله: (فَلَمْ يُلَبِّثْهُ): هو بضَمِّ أوَّله، وهذا معروف.

قوله: (وَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الْعَطَشُ): (شُكِيَ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (العطشُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.

قوله: (مِنْ كِنَانَتِهِ): (الكِنانة)؛ بكسر الكاف: هي جعبة السِّهام؛ لأنَّها تُكِنُّ السِّهام؛ أي: تسترها، و (كننته): سترته، وأيضًا: حفظته.

(1/5228)

قوله: (وَأَمَرَهُمْ [11] أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ): قال ابن شيخِنا البلقينيِّ [12]: (ذكر في «الأُسْد» في الذي نزل في البئر ثلاثة أقوال: قيل: خالد بن عُبادة الغفاريُّ، وقيل: ناجية بن جُنْدب الأسلميُّ، وقيل: البَراء بن عازب)، انتهى، وقال بعض حُفَّاظ العصر: روى ابن سعدٍ من طريق مروان: حدَّثني أربعةَ عشرَ رجلًا من الصَّحابة: أنَّ الذي نزل [13] البئر ناجيةُ بن الأعجم، وقيل: ناجية بن جُنْدب، وقيل: البَراء بن عازب، وقيل: عبَّاد [14] بن خالد، حكاه عن الواقديِّ، ووقع في «الاستيعاب»: خالد بن عبادة.

قوله: (يَجِيشُ): أي: يفور.

قوله: (بِالرِّيِّ): هو بكسر الرَّاء، وتُفتَح، وتشديد الياء فيهما، وقد تَقَدَّم عليه الكلام.

قوله: (إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ): (بُدَيل) هذا: ابن ورقاء بن عبد العُزَّى بن ربيعة الخزاعيُّ، قال أبو عمر: أسلم هو وابنه عبد الله وحَكِيم بن حِزَام يوم الفتح بمرِّ الظَّهران، وكان من كبار مُسلِمة الفتح، تُوُفِّيَ قبل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال ابن منده وأبو نعيم: أسلم قديمًا، قال ابن إسحاق: وشهد بُدَيل وابنه عبدُ الله حُنينًا والطَّائف وتبوك، أخرج له أحمد في «المسند»، حديثه في الخامسَ عشرَ من (مسند الأنصار)، روى عنه: ابنه سلمة وحبيبة بنت شَرِيق، والله أعلم.

قوله: (وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): (عَيْبَة الرَّجل)؛ بفتح العين المهملة، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ موحَّدة مفتوحة، ثمَّ تاء التأنيث: موضع سرِّه وأمانته؛ كعيبة الثِّياب التي يُوضَع فيها حُرُّ متاعه، ومنه قوله صلَّى الله عليه وسلَّم للأنصار [15]: «كَرِشِي وعَيْبَتي»، و (كَرِشِي) معناه: جماعتي.

[ج 1 ص 682]

قوله: (مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ): هي بكسر التَّاء؛ وهي كلُّ ما نزل عن نجدٍ مِن بلاد الحجاز، سُمِّيت بذلك؛ لتغيُّر هوائها، يقال: تَهِم الدُّهن؛ إذا تغيَّر ريحه، ومكَّة معدودة من تِهامة.

قوله: (كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ): هما قبيلتان من قريش.

قوله: (أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ): (أَعْداد)؛ بفتح الهمزة، ثمَّ عين مهملة ساكنة، ثمَّ دالين مهملتين [16]، بينهما ألفٌ، جمع: (عِدٍّ)؛ كـ (نِدٍّ وأندادٍ)، و (العِدُّ): الماء المجتمع.

(1/5229)

قوله: (مِيَاهِ): هو بالهاء، لا بالتَّاء، وقد رأيتُ عن بعض القضاة أنَّه قعد في درس الأسَديَّة بحلب يُدرِّس، فقال في قراءة الجزء: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [الزخرف: 28]، كذا التِّلاوة، فقال هو: في عنقه، فقال الإمام النَّحويُّ زين الدين عمر بن الورديِّ _وقد قرأت النَّحو على من قرأ عليه_: في عنقِ مَن ولَّاك، ثمَّ قال في الدَّرس: كتاب الطَّهارة باب المياةِ؛ بالتاء، فقال الشيخ زين الدين بن الورديِّ: إنَّما هو باب الألوف لو كان باب المياة؛ ما وصلتَ، رأيت ذلك في «تاريخ ابن الورديِّ» بخطِّه الذي اختصره من «تاريخ صاحب حماة».

قوله: (الْحُدَيْبِيَةِ): تَقَدَّم مرَّاتٍ أنَّها [17] بالتَّخفيف والتَّشديد.

قوله: (وَمَعَهُمُ العُوْذُ المَطَافِيْلُ): (العُوْذ): هو بضَمِّ العين المهملة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ ذال معجمة، و (المَطَافِيْل)؛ بفتح الميم، وبالطَّاء المهملة المخفَّفة، وبعد الألف فاءٌ مكسورةٌ، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ لام، قال ابن قُرقُول: (و «العُوْذ»: جمع «عائذ»؛ وهي كلُّ أنثى لها سبعُ ليال منذ وضعت، وقيل: النِّساء مع الأولاد، وقيل: النُّوق مع فُصْلانها، وهذا هو أصلها، كما قال الخليل، حتَّى يقوى ولدُها، وهي كالنُّفساء من النِّساء، و (المَطَافِيْل): ذوات الأطفال؛ وهم الصِّغار.

قوله: (قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ): هو بفتح الهاء وكسرها؛ أي: أثَّرت فيهم، ونالت منهم، فأضعفتهم، ونَهِكَ الرَّجلَ المرضُ: أضعفه، وذهب بلحمه، وفي كتاب «الفصيح»: أنهكه السَّيرُ، وردَّه عليُّ بن حمزة، وقال: إنَّما يقال: نهِكه.

قوله: (فَإِنْ أَظْهَرْ): أي: أغلب وأعلُو.

قوله: (فَقَدْ جَمُّوا): هو بفتح الجيم، وتشديد الميم مضمومة؛ أي: استراحوا من جهد الحرب، وهم جَامُّون: مستريحون.

قوله: (سَالِفَتِي): (السَّالِفة)؛ بالسِّين المهملة، وبعد الألفِ لامٌ مكسورة، ثمَّ فاء؛ أي: ينقطع عنقي وينفرد عن رأسي، و (السَّالِفة): أعلا العُنق، و (السَّالِفتان): جانبا العنق، وقيل: (السَّالِفة): حبل العنق؛ وهو العرق الذي بينه وبين الكتف.

قوله: (فَقَالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ): تَقَدَّم بعض ترجمة (بُدَيل) في ظاهرها.

قوله: (أَنْ نَعْرِضَهُ): هو بفتح أوَّله، وكسر الرَّاء.

قوله: (هَاتِ): هو بكسر التَّاء، تقول: هاتِ يا رجل، والماضي منه: هاتَى، ومستقبله: يهاتي، والأمر: هاتِ.

(1/5230)

قوله: (فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ): (عروة) هذا: هو ابن مسعود بن مُعَتِّب بن مالك الثَّقفيُّ، أسلم بعد انصرافه عليه الصَّلاة والسَّلام من الطَّائف، اتَّبعه عروة قبل أن يصل إلى المدينة [18]، فأسلم، قتله قومه، وقد رثاه عمر رضي الله عنه، وشبَّهه [19] النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالمسيح عيسى ابن مريم صلَّى الله عليه وسلَّم [20]، كما في «مسلم»، ولمَّا استُشهِد؛ قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «مثله في قومه كصاحب {يس}» رضي الله عنه.

قوله: (أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ؟): إنَّما [21] قال هذه المقالة؛ لأنَّ أمَّه سُبيعةَ بنتَ عبد شمس بن عبد مناف كافرةٌ معروفةٌ، هَلكت في الجاهليَّة، والله أعلم.

قوله: (أَهْلَ عُكَاظٍ): تَقَدَّم الكلام على (عُكَاظَ)، وأنَّها سوق خارج مكَّة، تُصرَف ولا تُصرَف.

قوله: (فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ): هو بفتح الموحَّدة، وتشديد اللَّام، ثمَّ حاء مهملة؛ أي: عجزوا، يقال: بَلَّح الفَرَس: وقف وأعيا، وتخفيف اللَّام لغةٌ فيه.

قوله: (خُطَّةَ رُشْدٍ): (الخطَّة): القصَّة والأمر، وقد تَقَدَّم، و (الرُّشْد)؛ بضَمِّ الرَّاء، وإسكان الشِّين، وبفتحهما؛ لغتان، معروفٌ، وهو خلاف الغيِّ.

قوله: (اجْتَاحَ) [22]: أي: استأصلَ.

قوله: (أَشْوَابًا): أي: أخلاطًا من النَّاس، وفي نسخة: (أوباشًا) عوض (أشوابًا)، قال ابن قُرقُول: («أوباشًا»: كذا عند جميعهم بتقديم الواو؛ وهي الأخلاط، وكذلك الأشايب، الواحدة: أُشابة: _بضَمِّ الهمزة_ وهي الجماعة المختلطة من النَّاس، ويقال في ذلك أيضًا [23]: أوباش وأوشاب؛ كلُّه بمعنًى.

قوله: (خَلِيقًا): هو بفتح الخاء المعجمة، وكسر اللَّام، ثمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثمَّ قاف؛ أي: حقيقًا وجَدِيرًا.

قوله: (ويَدَعُوكَ): هو بفتح الياء والدَّال، معروف.

قوله: (امْصَصْ بَظْرَ [24] اللَّاتِ): قال ابن قُرقُول: («امصَص»؛ بفتح الصَّاد قيَّده الأصيليُّ، وهو الصَّواب من «مصَّ يَمَصُّ»، وهو أصل مُطَّردٌ في المضاعف إذا كان مفتوحَ الثَّاني)، انتهى، وقال النَّوويُّ: يقال: (مصِصت كذا _بكسر الصَّاد_ أمَصه؛ بفتح الميم، وحكى الأزهريُّ عن بعض

[ج 1 ص 683]

(1/5231)

العربِ ضمَّ الميم، وحكى أبو عمر الزَّاهد في «شرح الفَّصيح» عن ثعلب عن ابن الأعرابيِّ هاتين اللُّغتين؛ مَصِصتُ أَمَصُّ؛ بفتح الميم، ومصَصتُ _بفتح الصاد_ أمُص؛ بضَمِّ الميم، مَصًّا منهما، ثمَّ ذكرُ الأمرِ منهما فيه خمسُ لغات: مَصَّ؛ بفتح الميم والصَّاد، ومَصِّ؛ بفتح الميم، وكسرالصاد، ومُصَّ؛ بضَمِّ الميم مع فتح الصَّاد، ومع كسرها، ومع ضمِّها، هذا كلام ثعلب، والفصيح المعروف في «مصَّها» ونحوه ممَّا يتَّصل بهاء المؤنَّث: أنَّه يتعيَّن فتحُ ما يلي الفاءَ ولا يُكسَر ولا يُضمُّ)، انتهى، و (امصصْ بظر اللَّات): كلمةٌ تقولها العرب عند المشاتمة والذَّمِّ، ليمصص بظر أمِّه، واستعار أبو بكر رضي الله عنه ذلك في اللَّات؛ لتعظيمهم إيَّاها، والبظرُ معروفٌ.

قوله: (لَوْلَا يَدٌ [25] لَكَ عِنْدِي): هذه (اليدُ): لا أعرف ما هي، [وإنَّ [26] عروة [27]: أشار [28] بذلك _يعني باليد_: إلى قصَّة اتَّفقت له، فتحمَّل فيها بدِية، فأعانه عليها أبو بكر بعونٍ حسنٍ، روى ذلك عبد العزيز الإماميُّ عن الزُّهريِّ في روايته في هذه القصَّة، وبيَّن الواقديُّ من وجهٍ آخرَ أنَّه أعانه بعشر قلائصَ، انتهى] [29]

قوله: (لَمْ أَجْزِكَ): هو بفتح الهمزة، ثمَّ جيم ساكنة، ثمَّ زاي مكسورة، وكاف الخطاب، من الجزاء؛ ومعناه: لم أكافئك بها، وفيه دليلٌ على أنَّ الأياديَ يجب على أهل الوفاء مجازاتُها.

قوله: (أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ): أَخْذُ عروة بن مسعود بلحية النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّما كان يفعل ذلك عروة جريًا على عادة العرب [30] يستعملونه كثيرًا يريدون بذلك التَّحبُّبَ والتَّواصُلَ، وحُكِي عن بعض العجم فعلُ ذلك، وأكثر العرب فعلًا لذلك أهلُ اليمن، وكان المغيرة يمنعه من ذلك؛ إعظامًا لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وإكبارًا لقدره؛ إذ كان إنَّما يفعل ذلك الرَّجل بنظيره، وأين نظير سيِّد المرسلين؟!

والحكمة في أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يمنعه؛ تأليفًا واستمالة لقلبه وقلب أصحابه، والله أعلم، ورأيت في آخر «الرَّوض» للسُّهيليِّ [31] فيما يتعلَّق بمناقب أبي بكر: (وكلَّمه عمر أن يُولِّيَ مكان أسامة مَن هو أسنُّ منه، وأخذ بلحية عمر، وقال له: يا بن الخطَّاب؛ أتأمرني أن [32] أكون أوَّلَ مَن حلَّ عقدًا عقده رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ... ) إلى آخره، والله أعلم.

(1/5232)

قوله: (وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ): هو بكسر الميم؛ وهو ما يُجعَل من فضل درع الحديد على الرَّأس؛ مثل: القلنسوة أو الخمار، وقد تَقَدَّم.

قوله: (أَيْ غُدَرُ): (الغدر): ترك الوفاء، وقد غدر به؛ فهو غَادر وغُدَرُ أيضًا، وأكثر ما يستعمل هذا في النِّداء بالشَّتم، يقال: يا غُدَر، ويقال في الجمع: يالَ غُدَرَ.

قوله: (وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ): قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (سُمِّي من القوم الشَّرِيدُ، ولعلَّه الشَّرِيد بن سُوَيد الثَّقفيُّ، ثمَّ ذكر مستنده من «جامع عبد الرَّزَّاق»، والشَّرِيد بن سُوَيد من ثقيف صحابيٌّ مشهورٌ، وقيل: هو من حضرموت حالف ثقيفًا، شهد الحديبية)، انتهى، قال ابن هشام: (أراد عروة بقوله هذا _يعني: «وهل غسلت سوءتك إلَّا بالأمس» _: أنَّ المغيرة قبل إسلامه قَتل ثلاثةَ عشرَ رجلًا من بني مالكٍ من ثقيف، فتهايج الحيَّان من ثقيف؛ بنو مالك رهط المقتولين، والأحلاف رهط المغيرة، فأعطى عروة بن مسعود ثلاثَ عشرةَ [33] دية، وأصلح ذلك الأمر، انتهى، وقال شيخنا: (كان المغيرة خرج مع نفر من بني مالك إلى المقوقس، ومع القوم هدايا قبلها منهم المقوقس، فلمَّا سكروا وناموا؛ قتلهم المغيرة جميعًا، وأخذ ما كان معهم، وقدم على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأسلم، فقال له أبو بكر: ما فعل المالكيُّون الذين كانوا معك؟ قال: قتلتهم وجئت بأسلابهم إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ ليُخمِّس أو ليرى فيها رأيه، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «أمَّا المال؛ فلست منه في شيء»؛ يريد: في حلٍّ).

قوله: (أَمَّا الإِسْلَامَ؛ فَأَقْبَلُ): (أمَّا) هنا وبعده: بفتح الهمزة، وتشديد الميم، و (أَقبلُ)؛ بفتح الهمزة: مَرْفوعٌ، فعلٌ مضارعٌ، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَأَمَّا الْمَالَ؛ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ): يريد: في حلٍّ؛ لأنَّه علم أنَّ أصله غصبٌ، وأموال المشركين وإن كانت [34] مغنومة عند القهر؛ فلا يحلُّ أخذُها عند الأمن، وإذا كان الإنسان مصاحبًا لهم؛ فقد أمن كلُّ واحد منهم صاحبه، فسَفْكُ الدِّماء وأخذُ الأموال عند ذلك غدرٌ، والغدر بالكفَّار وغيرِهم محظورٌ، فلمَّا بلغ ثقيفًا فعلُ المغيرة؛ تداعوا للقتال، ثمَّ اصطلحوا على أن يحمل عنه عروة بن مسعود عمُّه ثلاثةَ عشرَ ديةً، والله أعلم.

قوله: (يَرْمُقُ): هو بضَمِّ الميم؛ أي: ينظر.

(1/5233)

قوله [35]: (نُخَامَةً): تَقَدَّم الكلام عليها مُطَوَّلًا؛ وهي البلغم اللَّزج من الصَّدر؛ كالنُّخاعة.

قوله: (وَضُوئِهِ): هو بفتح الواو: الماء، ويجوز فيه الضَّم، وقد تَقَدَّم مرَّاتٍ مُطَوَّلًا.

قوله: (وما يُحِدُّون): هو بضَمِّ أوَّله، رُباعيٌّ، وتشديد الدَّال المهملة.

قوله: (وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ): تَقَدَّم أنَّ (قيصر): لقب لكلِّ مَن مَلك الرُّوم، وكذا (كِسْرَى) تَقَدَّم، وأنَّه بكسر الكاف وفتحها، وأنَّه لقب لكلِّ مَن ملك الفرس، وكذا (النَّجَاشِي)، وأنَّه بفتح النُّون وكسرها، وتشديد الياء وتخفيفها، والاختلاف في اسمه، ومتى تُوُفِّيَ، وأنَّه لقب لكلِّ مَن ملك الحبشة مُفرَّقًا.

قوله: (إِنْ رَأَيْتُ): (إِنْ)؛ بكسر الهمزة، وسكون النُّون؛ بمعنى (ما) نافيةً، وكذا (إِنْ تَنَخَّمَ)، وكذا (وَضُوئِهِ): أنَّه بفتح الواو، ويجوز ضمُّها، وكذا (خُطَّةَ رُشْدٍ) تَقَدَّم الكلام عليهما.

قوله: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ): هذا (الرَّجل الكنانيُّ): قال ابن إسحاق كما نقله عنه ابن سيِّد النَّاس في «سيرته الكبرى»: (ثمَّ بعثوا الحُلَيس بن علقمة بن ريان، وكان يومئذٍ سيِّد الأحابيش، وهو أحد بني الحارث بن عبد مناف بن كنانة، فلمَّا رآه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ قال: «إنَّ هذا مِن قوم يتألَّهون [36]، فابعثوا الهدي في وجهه حتَّى يراه ... »؛ الحديث، وهذا هو الرَّجل المُبهَم، قال الزُّبير: الحُليس بن علقمة سيِّد الأحابيش هو الذي قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يوم الحديبية: «هذا من قوم يُعظِّمون البُدُن، فابعثوها في وجهه»، انتهى، والحُليس هذا ذكره بعض الحُفَّاظ أنَّه الرَّجل من كنانة عن الزُّبير بن بَكَّار في «الأنساب»، انتهى، ومعنى قوله: (يُعظِّمون البدن)؛ أي: ليسوا ممَّن يستحلُّها؛ ومنه قوله تعالى: {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللهِ} [المائدة: 2]، فكانوا يعلمون شأنها، ولا يصدُّون مَن أمَّ البيت الحرام، والحُلَيس هذا قد ذكرت ترجمته، وما يتعلَّق به في تعليقي على «سيرة أبي الفتح ابن سيِّد النَّاس»، ولا أعرف له إسلامًا، والله أعلم، وقال ابن سيِّد النَّاس في فوائدَ تتعلَّق بخبر الحديبية: ورأيت عن ابن الكلبيِّ في نسب الحُلَيس بن ريان: أنَّه الحُلَيس بن عَمرو بن الحارث [37] بن المُغفَّل، وهو الرَّيان بن عبد ياليل [38]، ويقال: الحُليس بن يزيد بن الرَّيان)، انتهى.

(1/5234)

قوله: (فَابْعَثُوهَا [39]، فَبُعِثَتْ [40] لَهُ [41]): (بعثها): هو إقامتها مِن بروكها، و (بُعِثَت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (أَنْ يُصَدُّوا): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، وكذا (يُصَدُّوا) الثَّانية.

قوله: (قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ): هما مبنيَّان لما لم يُسمَّ فاعلُهما، وقد تَقَدَّم الكلام على الإشعار في (الحجِّ)؛ فانظره إن أردته.

قوله: (فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ): قال ابن ماكولا: (مكرز بن حفص بن الأَخْيَف بن علقمة بن عبد الحارث بن منقذ بن عمرو بن مَعِيص بن عامر بن لؤيِّ بن غالب، قال الزُّبير: هو الذي جاء في فداء سُهَيل بن عمرٍو بعد بدر، ووجدته بخطِّ ابن عبدة النَّسَّابة: بفتح الميم)، انتهى، وقد ضبطه الحافظ أبو الحجَّاج يوسف بن خليل الدِّمشقيُّ في «إكمال الأمير» _وهو عندي بخطِّه_ بضَمِّ الميم، وكسر الرَّاء، وقد ذكره أبو عليٍّ الغسَّانيُّ في «تقييده»: (بكسر

[ج 1 ص 684]

الميم، وفتح الرَّاء)، انتهى، وهذا المعروف المشهور على ألسنة المُحدِّثين، وكذا هو مضبوطٌ في أصلنا بالقلم، وكذا قال السُّهيليُّ في «روضه» في (غزوة ودان): إنَّه بكسر الميم، ثمَّ ذكر [42]: ذِكْرُ ابن عبدة النَّسَّابة مِن عند ابن ماكولا، والأَخْيَف؛ بفتح الهمزة، ثمَّ خاء معجمة ساكنة، ثمَّ مثنَّاة تحت [43]، ثمَّ فاء، ولم أرَ أحدًا ذكر [44] مِكرزًا هذا بإسلام، ولا رأيتُه في الكتب التي وقفت عليها في الصَّحابة إلَّا أنِّي رأيت في «ثقات ابن حِبَّان» ذكرَ أنَّ له صحبةً، والله أعلم.

قوله: (إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو): تَقَدَّم الكلام على (سُهَيل) هذا، وأنَّه أسلم وصحِب، وبعضُ ترجمته في أوَّل (كتاب الشُّروط)، وقبله أيضًا.

قوله: (قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ... ) إلى آخره: (مَعْمَر): هو ابن راشد، وقد روى هذا المُرسَلَ عن أيُّوب _هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ_ عن عكرمة مرسلًا، بخلاف حديثه السَّابق؛ ذاك عن الزُّهريِّ، عن عروة، عن مروان والمِسْوَر، وقد تَقَدَّم ما في ذاك.

(1/5235)

قوله: (قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ): هذا الكلام هو بقيَّة الحديث الذي خرج منه إلى المُرسَل الذي رواه عن أيُّوب عن عكرمة إلى الحديث الذي ذكره قبله عن الزُّهريِّ، عن عروة، عن مروان والمِسْوَر، والله أعلم.

قوله: (هَاتِ): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا؛ فانظره.

(1/5236)

قوله: (فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الْكَاتِبَ): (الكاتب) في هذا اليوم: هو عليُّ بن أبي طالب، وكان له عليه الصَّلاة والسَّلام كُتَّابٌ [45] بلغهم السُّهيليُّ في «روضه» إلى اثنين وعشرين، وهم زيادة على ذلك، وها أنا أذكر مَن وقفتُ عليه أنَّه كتب؛ ليُستفادوا، وقد أراني شخصٌ من مشيختنا يقال له: جمال الدين عبد الله بن حَدِيدة القاهريُّ، وهو خازن كتب خانقاه سعيد السعداء مُجلَّدًا قد عمله في كُتَّابه عليه الصَّلاة والسَّلام، فلم أنظر فيه؛ وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليٌّ، وعامر بن فُهَيرة، وخالدٌ وأبان ابنا سعيد بن العاصي أبي أحيحة، وذكر الحافظ شرف الدين الدِّمياطيُّ أيضًا: أخاهما سعيدًا، وعبد الله بن الأرقم الزُّهريُّ، وحنظلة بن الرَّبيع الأُسيديُّ، وأُبيُّ بن كعب، وهو أوَّل مَن كتب له مِن الأنصار، وثابت بن قيس بن شمَّاس، وزيد بن ثابت، وشرحبيل ابن حَسْنة، ومعاوية بن أبي سُفيان، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن زيد، وجُهَيم بن الصَّلت، والزُّبير بن العوَّام، وخالد بن الوليد، والعلاء بن الحضرميِّ، وعَمرو بن العاصي، وعبد الله بن رَواحة، ومُحَمَّد بن مسلمة، وعبد الله بن عبد الله بن أُبيٍّ، ومعيقيب [46] بن أبي فاطمة، وعبد الله بن سعد بن أبي سَرْح، وهو أوَّل مَن كَتَبَ له مِن قريش، ثمَّ ارتدَّ، فنزلت: {فَمَنْ [47] أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا} [الأنعام: 144]، ثمَّ راجعَ الإسلامَ في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، وحسُن إسلامه وصحِب، وذُكِر في كُتَّابه عليه الصَّلاة والسَّلام: طلحة، ويزيد بن أبي سُفيان، والأرقم بن أبي الأرقم، والعلاء بن عتبة، وأبو أيُّوب الأنصاريُّ، وبُريدة بن الحُصَيب، والحُصَين بن نُمَير، وأبو سلمة المخزوميُّ عبد الله بن عبد الأسَد، وحُوَيطِب بن عبد العُزَّى، وأبو سُفيان صخر بن حرب والد معاوية، وحاطب بن عَمرٍو، والسجل كذا في «أبي داود»، وهو ضعيفٌ أو غلطٌ، وقد ذكرتُ ما يتعلَّق بالكلام عليه في تعليقي على «سيرة ابن سيِّد النَّاس»، وذكرت فيه كلامًا، ومن جملته: أنَّ ابن قيِّم الجوزيَّة قال: إنَّه وَهَمٌ، وإنَّما السِّجِلُّ: الصحيفة المكتوبة، وكذا قال القرطبيُّ في «تذكرته»: إنَّه لا يصحُّ، وذكر الذَّهبيُّ في «ميزانه» في ترجمة حمدان بن سعيد، عن عبد الله بن نُمَير، أتى بخبر كذبٍ عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:

(1/5237)

(كان كاتبٌ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم اسمُه السجل) انتهى، وكذا قال النَّوويُّ في «تهذيبه» في ترجمه زيد بن حارثة: إنَّ «السجلَّ» ضعيفٌ أو غلطٌ)، انتهى، وابنُ خَطَل كان يكتب، وارتدَّ، وقُتِل على كفره في الفتح، وقد تَقَدَّم الاختلاف في قاتله، ولعلَّهم اشتركوا فيه، وذِكره في الكتَّاب وَهَمٌ، وإنَّما هو عبد الله ابن أبي سَرْحٍ، وقد تَقَدَّم أنَّه أسلم بعد الرِّدَّة وصحِب، وذكر ابن دحية فيهم رجلًا من بني النَّجَّار غير مُسمًّى كان يكتب، ثمَّ تنصَّر، فلمَّا مات؛ لم تقبلْه الأرض، وأصل الحديث في «البخاريِّ» و «مسلم» من حديث أنس، ولفظ «مسلم»: عن أنس قال: (كان منَّا رجل من بني النَّجَّار)؛ فذكره، ذكر ذلك مسلم بُعِيد حديث الإفك، و «البخاريُّ» في (علامات النُّبوَّة في الإسلام)، وذكر بعض مشايخ مشايخي [48] في كُتَّابه: (سعد بن أبي وقَّاص أحدَ العشرة، وحذيفة بن اليمان، وجهم بن سعد)، ولا أعرف في الصَّحابة أحدًا يقال له: جهم بن سعد، وفي الصَّحابة: (جهم) [49] غير منسوب؛ جهمٌ الأسلميُّ، والصَّواب فيه: جاهمة، وفيهم: جهمٌ البلويُّ، وفيهم آخرُ يقال له: جهمٌ، روى عنه أبو داود والكلاع [50]، وكأنَّه البلويُّ، ويحتمل أنَّ جهم بن سعد الذي ذكره نُسِبَ إلى خلاف الظاهر، والله أعلم.

فائدةٌ: المداوم على الكتابة: زيد بن ثابت ومعاوية، قاله غير واحد من الحُفَّاظ، وهذا ينبغي أن يكون بعد الفتح؛ لأنَّ معاوية مِن مُسلِمةِ الفتح.

فائدةٌ ثانيةٌ: وقد كتب عليٌّ رضي الله عنه ذلك اليومَ نسختين؛ إحداهما مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، والأخرى مع سُهَيل بن عَمرو، وشهَد فيهما أبو بكر، وعمر، وعبد الرَّحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، وأبو عُبيدة ابن الجرَّاح، ومُحَمَّد بن مسلمة، ورأيت في مكانٍ آخر محمودَ بن مسلمة، وعبد اللهَ بن سُهَيل بن عَمرو، وعليَّ بن أبي طالب وهو الكاتب، ومِكْرز [51] بن حفص وهو يومئذٍ مُشرِك، وحويطب بن عبد العُزَّى، فالمجموع مسلمون خلا [52] حُوَيطبًا ومكرزًا؛ فإنَّ حويطبًا أسلم بعد ذلك، وكذا مكرزٌ على قول ابن حبَّان: إنَّه صحابيٌّ، والله أعلم.

(1/5238)

قوله: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): اعلم أنَّ أوَّل مَن كتب: (بسم الله الرَّحمن الرَّحيم): خالد بن سعيد بن العاصي بن أميَّة بن عبد شمس الصَّحابيُّ الجليل، كما رواه إبراهيم بن عقبة، عن أمِّ خالدٍ بنت خالد بن سعيد بن العاصي قالت: (أبي أوَّل مَن كتب: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم) انتهى، أسلم قديمًا بعد أبي بكر [53]، فكان ثالثًا أو رابعًا، وقيل: كان خامسًا، وقال ضمرة بن ربيعة: كان إسلام خالد هذا مع إسلام أبي بكر الصِّدِّيق، وقال بعضهم: قبله، وقال بعضهم: قبل عليٍّ، ترجمته معروفة رضي الله عنه، وقد ذكر ابن عبد البَرِّ في «استيعابه» في ترجمة خالد هذا ما لفظه: (روى إبراهيم بن عقبة عن أمِّ خالدٍ بنت خالد بن سعيد بن العاصي قالت: أبي أوَّل مَن كتب: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم).

قوله: (وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ): اعلم أنَّ هذه كلمةٌ كانت قريش تقولها، وأوَّل من تكلَّم بها أميَّة بن أبي الصَّلت، قاله السُّهيليُّ، ومنه تعلَّموها، وتعلَّمها هو من الجنِّ، فيما ذكره المسعوديُّ، قاله شيخنا.

قوله: (ضُغْطَةً): هي بفتح الضَّاد _وضمَّها الأصيليُّ، قاله ابن قُرقُول، انتهى_ وإسكان الغين المعجمتين، ثمَّ طاء مهملة، ثمَّ التَّأنيث؛ أي: قهرًا واضطرارًا.

[ج 1 ص 685]

قوله: (كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ): (يُرَدُّ): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ): تَقَدَّم أنَّ اسمَه العاصي، وتَقَدَّم الكلام عليه قريبًا؛ فراجعْه إن أردته.

قوله: (يَرْسفُ): هو بضَمِّ السين وكسرها؛ لغتان، و (الرَّسَفَان): مشي المُقيَّد.

قوله: (إِذًا لَا [54] أُصَالِحَكَ): هو بنصب الحاء، ويجوز رفعها.

(1/5239)

قوله: (فَأَجِزْهُ)، وكذا قوله: (مَا أَنَا بِمُجِيزِ ذَلِكَ [55])، وكذا قول مكرز: (قَدْ أَجَزْنَاهُ): كلُّه بالزَّاي في الأصل الذي سمعنا فيه على العراقيِّ، وقال شيخنا في قوله: (فأجزْه لي) ما لفظه: (قال الحُمَيديُّ فيما نقله ابن الجوزيِّ: بالرَّاء، وبالزاي أليقُ، وكذا قال ابن التِّين: إنَّه يروى بهما، فمَن رواه بالرَّاء؛ فهو مِن الأمان، قال تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ} [التوبة: 6]؛ ومنه أيضًا: {وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ} [المؤمنون: 88]، وقول مكرز: «أجرناه لك»: آمناه لك ... إلى أن قال: ومعنى «أجِزْه» _ بالزَّاي_؛ أي: أَجِزْ لي [56] فِعلي فيه، قاله الدَّاوديُّ)، انتهى.

فائدةٌ: رجع أبو جَنْدل إلى مكَّة يوم الحديبية في جوار مكرز بن حفص فيما حكى ابن عائذ، قاله أبو الفتح ابن سيِّد النَّاس في «سيرته».

قوله: (فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ): تقديره: قال الزُّهريُّ: فقال عمر بن الخطَّاب، وسيأتي الكلام عليه قريبًا.

قوله: (فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيئَةَ [57]): هي بالهمز بعد النُّون المكسورة؛ ومعناه: الخصلة المذمومة الخبيثة، يقال: دَنَأَ ودَنُؤَ؛ خبث فعلُه ولَؤُم، والدَّناءة: الحقارة، وقد يُسهَّل، فيقال: الدَّنيَّة، وعليه اقتصر النَّوويُّ في «شرح مسلم»، قال ابن قُرقُول: وبالوجهين رُوِّيناه، وقيَّده الأصيليُّ بالهمز، والدَّنيء مِن الرِّجال: الحقير اللَّئيم، وذكره الزُّبيديُّ وغيره في «حرف الواو».

قوله: (وَلَسْتُ أَعْصِيهِ): هو بإسكان الياء، وفي أصلنا: بفتحها وإسكانها، ولا أعلم للفتح وجهًا؛ فليُنقَّب عنه، ثمَّ وجَّهه بعض الفضلاء من أصحابنا الحلبيِّين الحنفيَّة [58]، وهو أن يقال: إنَّه مَنْصوبٌ بـ (أَنْ) المضمرة، قال: وهو اختيار المُبرِّد، واستدلَّ بقراءة الحسن: {تأمرونِّي أعبدَ} [الزمر: 64]؛ بالنَّصب، وبقراءة الأعرج: {ويسفكَ} [البقرة: 30]؛ بالنَّصب، قال: وجاز ذلك وإن كان فيه إخبارٌ عن الجثَّة بالحدث على تأويل (أنْ) والفعل باسم الفاعل، وهو جائز عندهم، كما جاز في (باب كاد)، أو بتقدير محذوفٍ قبلَ اسم (ليس)؛ أي: ليس أمري العصيان، وتأويل (أنْ) والفعل بالمصدر على ما هو الكثير الشَّائع، انتهى، والله أعلم.

قوله: (فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا): هو بفتح الهمزة، وتشديد نونها، وهذا غاية في الظُّهور إلَّا أنَّه قد يغفُل عنه القارئ فيقرؤها: أَنَا.

(1/5240)

قوله: (فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ): هو بفتح الغين المعجمة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ زاي، وهاء الضَّمير؛ وهو ركاب كور البعير؛ إذا كان مِن جلدٍ أو خشب، وقيل: هو للكور؛ كالرِّكاب للسَّرج، وقد تَقَدَّم.

قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا): اعلم أنَّ [59] رواية الزُّهريِّ عن عمر منقطعةٌ، والزُّهريُّ لم يدرك عمر، فإنَّ الزُّهريَّ وُلِد سنة خمسين، وقال خليفة: سنة إحدى وخمسين، وقال ابن بُكَير: [سنة] ستٍّ وخمسين، (وقال الواقديُّ: سنة ثمان وخمسين) [60]، وقد ذكرت في (الجنائز) مَن أدرك مِن الصَّحابة؛ فانظره، وذكرتُ مولدَه.

و (الأعمال) المشار إليها: هي المجيء، والذَّهاب، والسُّؤالُ، وقال شيخنا: (قال ابن الجوزيِّ: إنَّه إشارة إلى الاستغفار والاعتذار، وقال ابن بطَّال: يعني: أنَّه كان يحضُّ النَّاس على ألَّا يعطوا الدَّنيَّة في دينهم بإجابة سُهَيل بن عَمرٍو إلى ردِّ أبي جَنْدل إليهم، ويدلُّ على ذلك إتيانُه أبا بكرٍ، وقوله مثل ذلك)، انتهى.

قوله: (فَلَمَّا فَرَغُوا [61] مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ؛ أَشْهَدُوا الشُّهُودَ [62]): وقد قَدَّمتُ قريبًا مَن شهِد من المسلمين والمشركين على ما وقفتُ عليه، والله أعلم.

قوله: (قُومُوا؛ فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا ... ) إلى آخره: في هذا دليلٌ على أنَّ الأمر ليس على الفور، أو أنَّهم حملوا الأمر على غير الوجوب بقرينة أنَّهم رأَوه لم يحلق، ولم ينحر، ولم يقصِّر، فلمَّا رأوه قد فعل ذلك؛ اعتقدوا وجوبَ الأمر وامتثلوه [63].

قوله: (دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ): تَقَدَّم أنَّ (أم سلمة): هند بنت أبي أميَّة حذيفةَ، المخزوميَّة، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، وهي أمُّ المؤمنين، وآخر الأمَّهات موتًا رضي الله عنهنَّ، تُوُفِّيَت بعد السِّتِّين بعد مَقتَل الحُسين رضي الله عنه، وتَقَدَّم ما قاله الواقديُّ في وفاتها.

فائدةٌ: في هذا إباحةُ مشاورة النِّساء، والنَّهيُ عن مشاورتهنَّ إنَّما هو عندهم في أمر الولاية خاصَّة، قاله أبو جعفر النَّحَّاس في شرح هذا الحديث، كما نقله السُّهيليُّ عنه، وقد رأيت في بعض المؤلَّفات _ولا يحضرني الآن_: أنَّ امرأة ما أشارت بصواب إلَّا في هذه الواقعة، والله أعلم، ثمَّ رأيتُه في كلام بعضهم عن إمام الحرمين في «النِّهاية».

قوله: (ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ): مجزومٌ، وجزمه معروف.

(1/5241)

قوله: (حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ): تَقَدَّم كم كانت بدنه في الحديبية مِن عند ابن إسحاق، وهو في «مسلم»: أنَّها سبعون بدنة.

قوله: (وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ، فَيَحْلِقَكَ ... ) إلى قوله: (وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ): (حالقه) في هذه القصَّة في الحديبية: هو خراش بن أميَّة الخزاعيُّ، بقي إلى بعد الخمسين، وعنه: أنَّه حلق رأس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفي كلام ابن شيخِنا البلقينيِّ وفي «طبقات ابن سعد»: أنَّه هو الذي حلق رأسه في الجعرانة، انتهى، وخراشٌ: هو الذي كان بعثه عليه الصَّلاة والسَّلام إلى مكَّة، فعقروا جمله، وأرادوا قتله، فبعث إليهم عثمان رضي الله عنه، وتَقَدَّم أنَّ الذي حلق رأسه المُكرَّم في حجَّة الوداع قيل: هو، وقيل: مَعْمَر بن عبد الله العدويُّ، وهذا أصحُّ.

تنبيهٌ: وفي الجعرانة تَقَدَّم أنَّ ابن شيخنا قال: إنَّه خراش، وكذا قال غيره، قال المحبُّ الطَّبريُّ: (إنَّ الذي حلقه في الجعرانة أبو هند عبد بني بياضة، ولم يَسُقْ عليه السَّلام [64] في الجعرانة هديًا، قاله المحبُّ الطَّبريُّ عن الواقديِّ.

قوله: (ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ): لا أستحضر منهنَّ إلَّا أمَّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.

(1/5242)

قوله: (فَطَلَّقَ عُمَرُ [65] يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ): اعلم أنَّ (المرأتين): قَرِيبة _وستأتي مُسمَّاة قريبًا في هذا الحديث_ بنت أبي أميَّة حذيفةَ بن المغيرة بن عبد الله المخزوميَّة، هي أخت أمِّ سلمة، ذكروها في الصَّحابة، وجُزِم بذلك، ولكن ذكر ابن سيِّد الناس في «سيرته» في (أعمامه وعمَّاته): عبدَ الله له صحبةٌ، وزُهيرًا وقَرِيبةَ مُختَلفٌ في صحبتهما، كذا في نسخة بـ «السيرة»، وفي أخرى: (في صحبتها)؛ بالإفراد، قال: (وهم أخوة أمِّ سلمة لأبيها) انتهى، وقَرِيبة؛ بفتح القاف، وكسر الرَّاء، قال الذَّهبيُّ في «المشتبه» له: ولم أجد أحدًا بالضَّمِّ، انتهى، وكذا هي بالفتح في خطِّ الحافظ الدِّمياطيِّ بالقلم، وقال شيخنا مجد الدِّين في «قاموسه» ما لفظه: (وقريبة؛ كـ «حَبِيبة»: بنت زيدٍ صحابيَّة، وكـ «جُهَينة»: بنت الحارث وبنت أبي قُحَافة وبنت أبي أميَّة _وقد تُفتَح هذه_ صحابيَّات) انتهى، وقال شيخنا الشَّارح: (وقَرِيبة؛ بفتح القاف، كذا بخط الدِّمياطيِّ، وقال ابن التِّين: ضبطها بعضُهم بالضَّمِّ، وبعضهم بالفتح)، انتهى، وقد رأيت في نسخة صحيحة ضبط بالوجهين، وأمَّا امرأته الأخرى؛ فأمُّ كلثوم بنت جَرول، وستأتي

[ج 1 ص 686]

قريبًا في الحديث، ولفظه: (وابنة جَرْوَل الخزاعيِّ)، وسيجيء أنَّه تزوَّجها بعده أبو جَهْم، وسيأتي ما فيه قريبًا، ولا أعلم لها إسلامًا، وسمَّاها النَّوويُّ في «شرح مسلم» في (قصر الصَّلاة): (مُلَيكة، وأنَّها أمُّ عُبيد الله بن عمر) انتهى، وكذا قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (إنَّها مُلَيكة بنت جَرْوَل)، انتهى، وكذا رأيت بخطِّ أبي إسحاق بن الأمين في حاشية على «الاستيعاب» تجاه ترجمة عُبيد الله بن عمر قال: (إنَّ أمَّه أمُّ كلثوم بنت جَرْوَل بن مالك بن المسيّب بن ربيعة بن أصرم [66] الخزاعيَّة، وهي أمُّ حارثة بن وهب الخزاعيِّ) انتهت، وقد قَدَّمتُ أنِّي لا أعرف لها إسلامًا، وجَرْوَل؛ بفتح الجيم، وإسكان الرَّاء، ثمَّ واو مفتوحة، ثمَّ لام، و (الجَرْوَل) في اللُّغة: الحجارة، وكذا الجَرَل؛ بالتحريك، وقال شيخنا الشَّارح: (بنت جَرْوَل، قيل: بالحاء، وقيل: بالجيم)، انتهى.

(1/5243)

قوله: (وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ): وسيجيء قريبًا أنَّه تزوَّجها أبو جَهْم، وكذا في «السِّيرة» لابن سيِّد الناس، فلعلَّهما تزوَّجا بها متعاقبَين، والله أعلم، وصفوانُ أسلم بعد حُنين، وهو صفوان بن أميَّة بن وهب الجمحيُّ، كنيته أبو وهب، وكان مِن الفصحاء الأشراف الأجواد، تُوُفِّيَ سنة (42 هـ)، أخرج له مسلم، والأربعة، وأحمد في «المسند»، وأبو جُهَم: هو ابن حذيفة، صاحبُ الأنبجانيَّة، وبقيَّة نسبِه معروفٌ، أسلم يوم الفتح، وقد اختُلِف في اسمه؛ فقيل: عامر [67]، وقيل: عُبيد، وسيأتي قريبًا.

قوله: (فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ [68] رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ): كذا هنا، وهو وَهَمٌ، وإنَّما هو [69] ثقفيٌّ، وانظر نسبه من «الاستيعاب»، فإنَّه ذكره مع الاختلاف فيه، قال: (ومَن قال: إنَّه [70] قرشيٌّ _وهو الزُّهريُّ_؛ نسبه إلى حلفه، و (أبو بَصِير): هو بفتح الموحَّدة، وكسر الصَّاد المهملة، واسمه عبيد بن أَسِيد _بفتح الهمزة، وكسر السين_ ابن جارية؛ بالجيم، وقيل: اسم أبي بَصِير عتبة، تُوُفِّيَ في عهده عليه الصَّلاة والسَّلام، كما يأتي في الحديث، وأَسِيد؛ بفتح الهمزة _كما قَدَّمتُ أعلاه_ وكسر السِّين مِن مُسلمة الفتح [71]، قال ابن قُرقُول ما لفظه: (أَسِيد؛ بفتح الهمزة: أبو بَصِير [72] بن أَسِيد، واسمه عتبة بن أَسِيد بن جارية بالجيم، وأَسِيد هذا من مسلمة الفتح، ولعتبة [73] أخٌ اسمه عَمرو بن أَسِيد، هذا هو المشهور، وضبطه الأصيليُّ بخطِّه في «البخاريِّ» في قصَّة الحديبية: «أبو بَصِير ابن أُسَيد»؛ بضَمِّ الهمزة، وضبطه في نسب أخيه عمرو بالفتح، على الصَّواب)، انتهى، وعمرو بن أَسِيد أخو أبي بَصِير لا أعلم له إسلامًا، والله أعلم.

قوله: (فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ): الذي كتب إليه عليه الصَّلاة والسَّلام في أبي بَصِير [74] أزهرُ بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، والأخنس بن شَرِيق بن عمرو بن وهب الثَّقفيُّ، والأزهر هو عمُّ عبد الرَّحمن بن عوف، وهو من الطُّلقاء، بعثه عمر رضي الله عنه؛ ليُجدِّد أنصاب الحرم، والأخنس بن شَرِيق أسلم بعد ذلك رضي الله عنه، والأخنس لقبٌ، واسمه أُبيٌّ، وسيأتي بعد هذا [75] المكانِ بقليلٍ جدًّا في «الصَّحيح» أنَّ الأخنس كتب إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يسأله أبا بَصِير.

(1/5244)

وأمَّا الرَّجلان اللَّذان بعثوهم؛ رجلٌ من بني عامر بن لؤيٍّ، ومعه مولًى لهم، وأحد الرَّجلين كما رأيت بخطِّ بعض الفضلاء اسمُه مرثد بن حمران، وهذا ذكره الكاتب المشار إليه عند قوله في «الصحيح»: (فقال أبو بَصِير لأحد الرجلين: والله إنِّي لأرى سيفك هذا يا فلان جيِّدًا)، وقد ذكر ابن سيِّد النَّاس في «سيرته» عن موسى بن عقبة، وسمَّى الرجل الذي بعثتْه قريش في طلب أبي بَصِير جحيش بن جابر من [76] بني منقذ، وفيه: (سلَّ جحيش سيفَه، ثمَّ هزَّه، فقال: لأضربنَّ بسيفي هذا في الأوس والخزرج يومًا إلى اللَّيل)، وفيه: (فجاء أبو بَصِير بسلبه)، وهذا يعارض ما تَقَدَّم في خطِّ الفاضل المشار إليه.

فإن قيل: إنَّ الذي ذكره هذا الفاضل مرثد بن حمران، وجحيش هذا هو المولى، فالجواب: لا يصحُّ هذا أيضًا؛ لأنَّ في «السيرة»: أنَّ المولى هو جاء إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهنا أنَّ جحيشًا هو المقتول، والله أعلم.

وفي كلام ابن شيخِنا البلقينيِّ: أنَّ أحدهما عِنبة، وقيل: عبيد بن أَسِيد الثَّقفيُّ، قال: وقيل: الرجل المبعوث جحيشُ بن جابر من بني منقذ، ثمَّ قال: وفي «طبقات ابن سعد»: (بعث إليه رجلًا هو خنيس بن جابر، فخرج خنيس ومعه مولًى له يقال له: كوثر، فقَدِما [77] على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بكتاب الأخنس بن شَرِيق، وأزهر بن عبد [78] عوف ... ) إلى أن قال: (فعدا أبو بَصِير على خنيس بن جابر فقتله، وهرب كوثر حتَّى قدم المدينة، فأخبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم).

قوله: (حَتَّى بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ): تقدَّمت غير مرَّةٍ، وهي ميقات أهل المدينة.

قوله: (فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ [79]): تَقَدَّم الكلام على الرَّجلين واسمهما، وفي «السِّيرة» لابن سيِّد النَّاس: (فقال أبو بَصِير: أصارمٌ سيفُك هذا يا أخا بني عامر؟ قال: نعم؛ انظر إليه إن شئت ... ) إلى أن قال: (فعلاه حتَّى قتله، وخرج المولى [80] سريعًا حتَّى أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم).

قوله: (أَرِنِي أَنْظُرْ): (أَرِني): فيها لغتان، هما قراءتان في السَّبع: {أرِني} و {أرْني} [البقرة: 260]، وهذا ظاهرٌ، و (أنظرْ)؛ بالجزم جواب الأمر.

قوله: (حَتَّى بَرَدَ): أي: سكن؛ يعني: مات، ويقال للسيوف: البوارد؛ أي: القواتل.

قوله: (قَدْ [81] قُتِلَ وَاللهِ صَاحِبِي): (قُتِل): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

(1/5245)

فائدةٌ: قتْلُ أبي بَصِير هذا المشركَ وهو في العهد أكان حرامًا أم مباحًا؟ وفي كلام السُّهيليِّ جوابُه مع السُّؤال قال: (وقد أُجِيب عنه: بأنَّ ظاهر الحديث رفع الحرج عنه؛ لأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يثرِّب، بل مدحه، وقال: «ويل أمِّه مِسْعَر حربٍ») انتهى، لكن قال شيخنا الشَّارح: (قال الدَّاوديُّ: وهي كلمةٌ تقال عند المدح والذَّمِّ والإعجاب) انتهى.

فإن قيل: كيف يكون ذلك جائزًا له، وقد حقن الصُّلحُ الدِّماءَ؟ والجوابُ: إنَّما ذلك في حقِّ أبي بَصِير على الخصوص؛ لأنَّه دافع عن نفسه ودِينه، ومن قُتِل دون دِينه؛ فهو شهيد، وإنَّما لم يطالبه عليه الصَّلاة والسَّلام بالدِّية؛ لأنَّ أولياء المقتول لم يطالبوه، إمَّا لأنَّهم كانوا قد أسلموا، وإمَّا لأنَّ الله شغلهم عن ذلك حتَّى انتكث العهد وجاء الفتح.

فإن قيل: فإنَّ [82] رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يَدِي مَن قُتِل خطأً من أهل الصُّلح، كما ودى العامريَّين وغيرهما، قلنا: عن هذا جوابان؛ أحدهما: أنَّ أبا بَصِير قد كان ردَّه إلى المشركين، فصار في حكمهم، ولم يكن مِن فئة المسلمين وحزبهم، فيُحكَم عليه بما يحكم عليهم، والجواب الثَّاني: أنَّه كان قتلَ عمْدٍ، ولم يكن قتلَ خطأ، كما كان قتل العامريَّين، وقد قال [83] عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: لا تعقل العاقلةُ عمدًا ولا عبدًا)، انتهى، وهذا الأثر أخرجه الدَّراقطنيُّ والبيهقيُّ من رواية عامر عنه: (العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تعقله العاقلة)، قال البيهقيُّ: منقطعٌ وضعيفٌ، والمعروف أنَّه عن عامر الشَّعبيِّ

[ج 1 ص 687]

من قوله: لا تحمل العاقلة عبدًا، ولا عمدًا، ولا صلحًا، ولا اعترافًا، انتهى والله أعلم.

(1/5246)

قوله: (وَيْلُ أُمِّهِ، مِسْعَر حَرْبٍ): هو بضَمِّ اللَّام، وفتحها، وكسرها، قال شيخنا: (و «ويل»: مكسورُ اللَّام، وموصول ألفِ «أمِّه»، قال ابن التِّين: كذا رُوِّيت هذه اللَّفظة، وقال ابن بطَّال: إعرابُه: «ويل أمِّه مسعرَ حربٍ»؛ فانتصب «مسعر» على التَّمييز؛ يعني: تقديره: من مسعرٍ، ولم يُرِدِ الدُّعاءَ بإيقاع الهلكةِ عليه، وإنَّما هو على ما جرت به عادة العرب [84] على ألسنتها؛ كـ «تربتْ يداك» ونحوه)، انتهى، وقال الجوهريُّ في «صحاحه» في (أمم) ما لفظه: (وقولهم: ويلُمِّهِ وويْلِمِّه؛ يريدون: ويلٌ لأمِّه؛ فحُذِف؛ لكثرتِه في الكلام) انتهى، واللَّام مضمومة في الأولى، ومكسورة في الثَّانية، و (أم) مجرورة في الحالتين، وكُتِبَت في الحالتين مُتَّصلة (ويل) بـ (أم)؛ كلُّ ذلك بالقلم، والله أعلم، يقال: سعرتُ النَّارَ والحربَ؛ إذا أوقدتَهما، وسعَّرتهما؛ بالتَّشديد للمبالغة، والمِسعر والمسعار: ما تُحرَّك به النَّار من آلةِ الحديد، يصفه بالمبالغة في الحرب والنَّجدة، ويُجمَعان على مساعرَ ومساعيرَ [85]، و (مسعر) في أصلنا: مضموم ومنصوب بالقلم.

قوله: (سِيفَ الْبَحْرِ): (سِيْف البحر)؛ بكسر السين المهملة، وإسكان المثنَّاة تحت، وبالفاء: ساحلُه.

قوله: (وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا، وأنَّ اسمه العاصي.

قوله: (فَلَحِقَ بِأبِي بَصِيرٍ): تَقَدَّم الكلام عليه قريبًا أنَّه عبيد بن أَسِيد، أو عتبة بن أَسِيد.

قوله: (حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ): العصابة: الجماعة، اعلم أنَّهم بلغوا هناك ثلاث مئة، كذا عند ابن عقبة، وقال ابن إسحاق: فاجتمع إليه [86] قريب من سبعين، انتهى، ولعلَّ من قال: ثلاث مئة؛ عدَّدهم أجمعَ، ومَن قال: سبعين؛ يعني: الرُّؤوس، والله أعلم.

قوله: (بِعِيرٍ خَرَجَتْ): (العِير): القافلة؛ وهي الإبل والدَّوابُّ تحملُ الطَّعام وغيره من التِّجارات، ولا تُسمَّى عِيرًا إلَّا إذا كانت كذلك.

قوله: (لَمَا أَرْسَلَ): هو بفتح اللَّام [87]، وتخفيف الميم، وهذا ظاهرٌ.

(1/5247)

قوله: (فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ): اعلم أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام كتب إلى أبي جَنْدلٍ وأبي بَصِير أن يقدما عليه، ومَن معهما مِن المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم، فقدم كتابُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عليهما وأبو بَصِير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في يده يقرؤه، فدفنه أبو جَنْدل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا، وقدم أبو جَنْدلٍ على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم معه ناس من أصحابه، ورجع سائرُهم إلى أهليهم، وقال أبو جَنْدل فيما حكاه الزُّبير:

~…أَبْلِغْ قُرَيْشًا عَنْ أَبِي جَنْدلٍ…أنَّا بِذِي المَروَةِ فَالسَّاحِلِ [88]

~…في مَعْشَرٍ تَخفُقُ أَيمَانُهُم…بِالبِيضِ فِيهَا وَالقَنَا الذَّابِلِ

~…يَأبَون أَنْ تَبْقَى لَهُم رِفْقَةٌ…مِنْ بَعْدِ إِسْلَامِهِمِ الوَاصِلِ

~…أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُم مَخْرَجًا…وَالحَقُّ لا يُغلَبُ بَالبَاطِلِ

~…فَيَسلُمُ المَرْءُ بِإِسْلَامِهِ…أَوْ يُقْتَلُ المَرْءُ وَلَمْ يَأْتَلِ

قوله: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: مَعَرَّةٌ [89]: العُرُّ: الحَرْب [90] ... ) إلى آخره [91]: أمَّا (أبو عبد الله)؛ فهو البخاريُّ، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وأمَّا قوله: (العُرُّ: الحرب)؛ فهو بضَمِّ العين المهملة، وتشديد الرَّاء، كذا في أصلنا، ومكتوب عليه (ز س- ه)؛ يعني [92] من قوله: (قال أبو عبد الله ... ) إلى قوله (إحماء): زائد في رواية ابن عساكر وثابتٌ في روايةِ المستملي، وقوله: (الحَرْب): هو بحاء مهملة مفتوحة، ثمَّ راء ساكنة، ثمَّ موحَّدة، كذا في أصلنا مجوَّد، وإنَّما قال الجوهريُّ في «صحاحه»: (الأَمويُّ: العَرُّ؛ بالفتح: الجَرَب)؛ يعني: بالجيم المفتوحة، ثمَّ راء مفتوحة، ثمَّ موحَّدة، ولم يذكر غيره، فما في أصلنا مِن الضبط في عين (العَرِّ) مِن أنَّه بالفتح، وكذا تفسيره بـ (الحَرْب)؛ بالحاء المهملة؛ نظر، والله أعلم، وقد رأيتُه كما هو الصَّواب في نسخة صحيحة أخرى.

قوله: (وَقَالَ عُقَيْلٌ ... ) إلى آخره: (عُقَيل): تَقَدَّم مرارًا أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابن خالد، وتَقَدَّم (الزُّهري) أنَّه مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وهذا التَّعليق تَقَدَّم مسندًا في أوَّل (الشروط) عن يحيى ابن بُكَير، عن اللَّيث، عن عُقيل به، ويأتي في (الطلاق).

(1/5248)

[قوله: (كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ [93]): قال السُّهيليُّ: (هذا عند أهل العلم مخصوصٌ بنساء أهل العهد والصلح، وكان الامتحان أن تُستحلَف المرأةُ المهاجرة أنَّها ما خرجت ناشزًا، ولا هاجرت إلَّا لله ورسوله، فإذا حلفَتْ؛ لم تُرد ولا صداقها على بعلها، وإن كانت من غير أهل العهد؛ لم تُستحلَف، ولم يُردَّ صداقُها] [94].

قوله: (وَبَلَغَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ [95]: أَنْ يَرُدُّوا [96] ... ) إلى آخره: الظَّاهر أنَّه من كلام الزُّهريِّ، والله أعلم، ولم أر مَن تعرَّض له، ويحتمل على بُعْد [97] أن يكون مِن كلام عروةَ، ولكن عادة الزُّهريِّ أن يفعل مثل ذلك.

قوله: (قَرِيبَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ): تَقَدَّم الكلام عليها ضبطًا وترجمةً قريبًا؛ فانظر ذلك، وأنَّها أسلمت وصحِبت.

قوله: (وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ): تَقَدَّم الكلام عليها قريبًا؛ فانظر ذلك، وأنِّي لا أعلم لها إسلامًا.

قوله: (أَبُو جَهْمٍ): قد تَقَدَّم ما في ذلك، فإنَّ في الأوَّل أنَّه تزوَّجها صفوان بن أميَّة، وهنا أبو جَهْم، وقد قلت هناك: لعلَّهما تزوَّجاها [98] مُتعاقِبَين، و (أبو جَهْم) هذا: اسمه عامر، وقيل: عُبيد، وهو مُكبَّر؛ أعني: أبا جَهْم، ابن عديِّ بن كعب القرشيُّ العدويُّ، أسلم يوم الفتح، وصحبه عليه الصَّلاة والسَّلام، وكان مُعظَّمًا في قريش ومُقدَّمًا فيهم، قال الزُّبير: وكان عالمًا بالنَّسب، وكان مِن المُعمَّرين، شهد بنيان الكعبة في الجاهليَّة، وشهد بنيانها أيَّام ابن الزُّبير، وقيل: إنَّه [99] تُوُفِّيَ أيَّام معاوية، وهو غير أبي جُهَيم _بالتَّصغير_ راوي حديث التَّيمُّم بالجدار، وحديث المرور بين يدي المصليِّ في «الصَّحيح»، هذا الثاني أنصاريٌّ نجَّاريٌّ، واسمه عبد الله بن الحارث بن الصِّمَّة.

قوله: (وَالْعَقْبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إِلَى مَنْ هَاجَرَتِ امْرَأَتُهُ): (العَقْب) في أصلنا: بفتح العين المهملة، وإسكان القاف، وبالموحَّدة، وكذا رأيته في نسخة أخرى صحيحة بالقلم وأخرى، والله أعلم، ورأيت بعضهم ضبط العين بالفتح والكسر [100]، والقاف ساكنة باللَّفظ.

قوله: (فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.

قوله: (وَمَا نَعْلَمُ ... ) إلى آخره: مِن تتمَّة كلام الزُّهريِّ.

(1/5249)

قوله: (وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرِ): الظَّاهر أنَّ هذا أيضًا من كلام الزُّهريِّ، وقد تَقَدَّم مثله، ويحتمل أن يكون مِن كلام عروة، وفيه بُعْدٌ، وقد تَقَدَّم الكلام على (أبي بَصِير)، وكذا تَقَدَّم على (أَسِيد).

قوله: (فِي الْمُدَّةِ): تَقَدَّم أنَّ مدَّة الصُّلح كانت عشر سنين، وذكرت فيها قولين غيرَ ذلك في أوَّل هذا التَّعليق.

قوله: (فَكَتَبَ الأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ): تَقَدَّم الكلام على أنَّه كَتَبَ، وهو الأخنس بن شَرِيق، و (شَرِيق)؛ بفتح الشين المعجمة، وكسر الرَّاء، واسم (الأخنس) أُبيٌّ، وكنيته أبو ثعلبة الثَّقفيُّ، ويُعرَف بالأخنس، معدودٌ في الصَّحابة، وهو حليف بني زُهْرة، قديم الوفاة، ذكره الذَّهبيُّ في «تجريده» في (أُبيٍّ)، وفي (الأخنس) رضي الله عنه.

==========

[1] كذا في النُّسخَتَين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (حدَّثني).

[2] زيد في (ب): (وذلك ظاهر).

[3] في (ب): (بايعهم)، وهو تحريفٌ.

[4] في هامش (ق): (فائد: بفتح الغين المعجمة، وكسر الميم، وبضمِّ الغين، وفتح الميم، قاله عياض، ولم يذكره الحافظ أبو عبد الله البكريُّ إلَّا بالفتح).

[5] في النُّسختين: (واحد)، والمثبت هو الصَّواب.

[6] في (ب): (وهمزة).

[7] زيد في مصدره: (ربع).

[8] في (ب): (الساكنة).

[9] في هامش (ق): (هو من البرض؛ وهو الماء الذي يمطر قليلًا قليلًا، والبارض من النبات: الذي كأنَّه يقطر من الرِّي والنعمة. «روض»).

[10] (معجمة): سقط من (ب).

[11] كذا في النُّسخَتَين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (ثمَّ أَمَرَهُمْ).

[12] (البلقينيّ): سقط من (ب).

[13] زيد في (ب): (في).

[14] في (ب): (عبادة)، وهو تحريفٌ.

[15] (للأنصار): ليس في (ب).

[16] (مهملتين): سقط من (ب).

[17] في (ب): (أنَّه).

[18] (إلى المدينة): سقط من (ب).

[19] في (ب): (وقد شبهه).

[20] في (ب): (عليه السلام).

[21] (إنَّما): سقط من (ب).

[22] في (ب): (احتاج)، وهو تصحيفٌ.

[23] (أيضًا): ليس في (ب).

[24] كذا في النُّسخَتَين وهامش (ق) مصحَّحًا عليها، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و (ق): (ببظر).

[25] زيد في «اليونينيَّة» و (ق): (كانت).

[26] في (ب): (وقال بعض الحفَّاظ)، وضُرِبَ عليها في (أ).

[27] في (ب): (عرفوه)، ولعلَّه تحريفٌ.

[28] في (ب): (إشارة).

(1/5250)

[29] ما بين معقوفين جاء في هامش (أ) بخطٍّ مغاير.

[30] (العرب): سقط من (ب).

[31] في (ب): (في السهيلي).

[32] (أن): سقط من (أ).

[33] في (ب): (ثلاثة عشر)، والمثبت هو الصَّواب.

[34] في (أ) و (ب): (كان)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[35] (قوله): سقط من (ب).

[36] في (ب): (يتأبهون)، وهو تحريفٌ.

[37] في هامش (أ) من نسخةٍ: (عامر).

[38] في (ب): (بن عبيد باليل)، وهو تحريفٌ.

[39] زيد في «اليونينيَّة»: (له).

[40] في (أ) و (ب): (فبعث)، وهو تحريفٌ.

[41] في هامش (ق): (وكان على بدن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذُؤيب بن طلحة بن عمرو بن كليب، وذُؤيب هذا: هو والد قبيصة بن ذُؤيب القاضي صاحب عبد الملك بن مروان، وعاش ذُؤيب إلى خلافة معاوية).

[42] (ذكر): سقط من (أ).

[43] زيد في (أ) و (ب): (ساكنة)، ولعلَّه تكرارٌ.

[44] في (أ) و (ب): (ذكرا)، وهو تحريفٌ.

[45] في (ب): (كاتب).

[46] في (ب): (ومعيقب).

[47] في (ب): (ومن)، والمثبت موافقٌ لما في سورة الأنعام.

[48] (مشايخي): ليس في (ب).

[49] (وفي الصَّحابة: جهم): سقط من (ب).

[50] في (ب): (عنه ذو الكلاع)، وهو تحريفٌ.

[51] في (ب): (وبكر)، وهو تحريفٌ.

[52] في (ب): (سوى).

[53] زيد في (ب): (رضي الله عنه).

[54] كذا في النُّسخَتَين و (ق)، وفي «اليونينيَّة»: (لم)، وينظرُ هامشها.

[55] كذا في النُّسخَتَين و (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) مصحَّحًا عليها: (بمجيزِه لك).

[56] في (ب): (ما)، وهو تحريف.

[57] كذا في النُّسخَتَين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (الدَّنيَّة)، وفي هامش (ق): («فعيلة» مِن الدَّناءة، وأصلها الهمز، «روض»).

[58] في (ب): (الحنفيين).

[59] (أنَّ): سقط من (أ).

[60] ما بين قوسين سقط من (ب).

[61] كذا في النُّسخَتَين، وفي «اليونينيَّة» و (ق): (فرغ).

[62] (أشهِدُوا الشُّهود): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

[63] في (ب): (وأمسكوه).

[64] (السلام): سقط من (ب).

[65] زيد في «اليونينيَّة»: (رَضِي اللهُ عَنْهُ).

[66] في (ب): (أحرم)، وهو تحريفٌ.

[67] في (ب): (غافل)، وهو تحريفٌ.

[68] في (ق): (فجاءه أبو بصير).

[69] (هو): سقط من في (ب).

[70] (إنه): ليس في (أ).

[71] (الفتح): ليس في (ب).

[72] في (ب): (نصير)، وهو تصحيفٌ.

[73] في (ب): (ولقيته)، وهو تصحيفٌ.

[74] في (ب): (نصر)، وهو تحريفٌ.

(1/5251)

[75] في (ب): (ذلك).

[76] في (ب): (بن)، وهو تحريفٌ.

[77] في (ب): (فقدمنا)، وهو تحريفٌ.

[78] (عبد): سقط من (ب).

[79] في هامش (ق): (وكان اسمه مرثد بن حُمران).

[80] (المولى): ليس في (ب).

[81] (قد): ليس في «اليونينيَّة»، وضرب عليها في (ق).

[82] في (ب): (كان)، وهو تحريفٌ.

[83] في (ب): (كان)، وهو تحريفٌ.

[84] في (ب): (العادة بين العرب).

[85] في (ب): (مساعير ومساعر).

[86] في (ب): (عليه).

[87] في (أ) و (ب): (لام)، وهو تحريفٌ.

[88] في (ب): (والساحل).

[89] في (ب): (مسعر)، وهو تحريفٌ.

[90] قول أبي عبد الله ليس في رواية «اليونينيَّة»، وهو مثبت في رواية أبي ذرٍّ، وعليه في (ق): علامة الزيادة وعلامة راويه.

[91] (إلى آخره): ليس في (ب).

[92] (يعني): ليس في (ب).

[93] في هامش (ق): (قال السُّهيليُّ: هذا عند أهل العلم مخصوصٌ بنساء أهل العهد والصلح، وكان الامتحان أن تستحلف المرأة المهاجرة أنَّها ما خرجت ناشزًا ولا هاجرت إلا لله ورسوله، فإذا حلفت؛ لم ترد، ورُدَّ صداقها إلى بعلها، وإن كانت من غير أهل العهد؛ لم تستحلف ولم يردَّ صداقها).

[94] ما بين معقوفين جاء في النُّسختين بعد الفقرة اللَّاحقة، وهو مستدرك في هامش (أ).

[95] زيد في «اليونينيَّة»: (تعالى).

[96] زيد في (ب): (الآية).

[97] (على بعد): سقط من (ب).

[98] في (أ): (تزاوجاها)، وهو تحريفٌ.

[99] (إنه): ليس في (ب).

[100] في (ب): (بعضهم ضبطه بفتح العين وكسرها).

(1/5252)

[باب الشروط في القرض]

(1/5253)

[معلق الليث: أنه ذكر رجلًا سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه]

قوله: (وَعَطَاءٌ): هذا هو ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة رحمه الله، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

[ج 1 ص 688]

2734# قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ): تَقَدَّم أنَّ (اللَّيث): هو ابن سعد، أحد الأعلام، وتَقَدَّم أنَّ هذا التَّعليق ذكره في هذا «الصَّحيح» سبعَ مرَّاتٍ كذلك، غير أنَّ في بعض النُّسخ أسنده مرَّةً، ولا أعلم حديثًا في «الصَّحيح» ذكره فيه سبع مرَّاتٍ مُعلَّقًا، وكذا مرَّةً مسندًا [1]، وستَّة أماكنَ يذكره فيها تعليقًا إلَّا هذا، وقد قَدَّمتُ ذلك مُطَوَّلًا في (الزَّكاة) [2].

قوله: (ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ [3] سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ): المُستقرِضُ لا أعلم أحدًا سمَّاه، وأمَّا المُقرِض؛ فقد قَدَّمتُ عن ابن شيخِنا البلقينيِّ: أنَّه النَّجاشيُّ ملك الحبشة، وقد استبعدت ذلك أنا فيما مضى، والله أعلم.

==========

[1] في النُّسختين: (مُعلَّقًا)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.

[2] في (ب): (في الزَّكاة مطولًا).

[3] (مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ): ليس في «اليونينيَّة» و (ق).

(1/5254)

[باب المكاتب وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله]

(1/5255)

[حديث: ابتاعيها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق]

2735# قوله: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ): تَقَدَّم أنَّ هذا هو ابن المَدينيِّ، الجِهبذُ شيخُ البخاريِّ، وتَقَدَّم أنَّ (سُفْيَان): هو ابن عيينة، وأنَّ (يَحْيَى): هو ابن سعيد الأنصاريُّ القاضي، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، و (عَمْرَة): تقدمت أنَّها بنت عبد الرَّحمن بن سعد بن زُرارة الأنصاريَّة، تقدَّمت غير مرَّةٍ.

قوله: (أَتَتْهَا بَرِيرَةُ): تَقَدَّم الكلام عليها، ومَن مواليها، وعلى كم كُوتِبَتْ، وما وقع في بعض الطُّرق من أنَّه كاتبت على خمس أواق، وأكثر الرِّوايات على تسع أواق.

قوله: (ذَكَّرْتُهُ ذَلِكَ): هو بتشديد الكاف، وإسكان التَّاء، وبخطِّ الإمام عزِّ الدين ابن الحاضريِّ ما لفظه: (تُخفَّف الكافُ، وتُثقَّل، والتَّخفيف أكثر) انتهى، وفي التَّخفيف مع ثبوت لفظة [1] (ذلك) نظرٌ.

==========

[1] (لفظة): ليس في (ب).

[ج 1 ص 689]

(1/5256)

[باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار]

قوله: (بَابُ مَا يَجُوزُ): كذا في أصلنا، ووقع في بعض النُّسخ: (باب ما لا يجوز)، والصَّواب حذف (لا)، كما وقع في أصلنا.

قوله: (وَالثُّنْيَا): هي بضَمِّ الثَّاء المثلَّثة، ثمَّ نونٍ ساكنةٍ، مقصورٌ [1]، وهي الاستثناءُ.

قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ): كنيته أبو عون، واسمه عبد الله، وهو مولى عبد الله بن مُغفَّل المزنيُّ، وهو أحد الأعلام، تَقَدَّم مُتَرجَمًا، لا عبد الله بن عون ابن أمير مصر، هذا الثَّاني لم يرو له البخاريُّ شيئًا، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، وقد تَقَدَّم ذلك.

قوله: (عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه مُحَمَّد بن سيرين، وتَقَدَّم عدد بني سيرين في أوَّل هذا التَّعليق، وكذا بناته.

قوله: (رَجُلٌ لِكَرِيِّهِ): (الرَّجل) و (كريُّه): لا أعرفهما، والكَريُّ بوزن (الصَّبيِّ)؛ وهو الذي يكري دابَّته، (فَعِيل)؛ بمعنى: مُفْعِلٍ، يقال: أكرى دابَّته؛ فهو مُكْرٍ وكَرِيٌّ، وقد يقع أيضًا على المُكترِي، وهو (فَعِيل) [2] بمعنى: مُفْعَلٍ، والمرادُ الأوَّلُ.

قوله: (أَدْخِلْ رِكَابَكَ): (أدخل)؛ بقطع الهمزة: فعل أمرٍ رُباعيٌّ؛ مِن الدُّخول، وفي رواية: (أَرْحِل)؛ بالرَّاء، والحاء المهملة، قال ابن قُرقُول: («أرحل [3] رِكابَك»: كذا لهم، وعند الأصيليِّ: «أَدْخِل»، وعند ابن السَّكن: «اكتري رِكابك»، والأوَّل الصَّواب)، انتهى، يعني: أنَّه بالرَّاء، وبالحاء المهملة، فعل أمرٍ مِن الثُّلاثيِّ، و (رِكابك)؛ بكسر الرَّاء: مَفعُول، والرِّكاب: الإبل التي يُسار عليها، الواحدة: راحلة، ولا واحدَ لها مِن لفظها، والجمع: الرَّكْب.

قوله: (فَقَالَ شُرَيْحٌ): هو بالشين المعجمة، والحاء المهملة، وهو ابن الحارث، القاضي العالم، تَقَدَّم مُتَرجَمًا.

قوله: (غَيْرَ مُكْرَهٍ): هو بفتح الرَّاء، اسم مفعول، وهذا ظاهرٌ.

قوله: (وَقَالَ أَيُّوبُ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ): (أيُّوب): هو ابن أبي تميمة السَّختيانيُّ، و (ابن سيرين): مُحَمَّد، أحد الأعلام.

قوله: (إِنَّ رَجُلًا بَاعَ طَعَامًا): هذا (الرَّجل) لا أعرفه.

قوله: (الأَرْبِعَاءَ): باء يومِ (الأربِعاء) مثلَّثة، والأجودُ الكسرُ.

(1/5257)

[حديث: إن لله تسعةً وتسعين اسما مائة إلا واحدًا من أحصاها]

2736# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الحكم بن نافع، وكذا تَقَدَّم (شُعَيْبٌ): أنَّه ابن أبي حمزة، وكذا (أَبُو الزِّنَادِ [1]): أنَّه عبد الله بن ذكوانَ، وكذا (الأَعْرَجِ): أنَّه عبد الله [2] بن هرمز، وكذا (أَبُو هُرَيْرَةَ): أنَّه عبد الرَّحمن بن صخر، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.

قوله: (إِنَّ لِله تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا؛ مِئَةً إِلَّا وَاحِدًا): إنَّما أتى بـ (مئة إلَّا واحدًا)؛ لِئلَّا يلتبس بـ (سبعة وسبعين)؛ فهو تأكيد للجملة، و (مئةً): مَنْصوبٌ بدلٌ من (تسعة وتسعين)، ثمَّ اعلم أنَّ ابن العربيِّ القاضي أبا بكر المعافريَّ [3] ذكر في «الأحوذيِّ شرح التِّرمذيِّ» عن بعض الصُّوفية: أنَّ لله تعالى ألفَ اسمٍ، وللنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ألف اسم، وأخبرني بعضُ الطَّلبة _ولا أثقُ بنقله_ عن «تفسير الإمام فخر الدِّين»: أنَّ لله تعالى أربعةَ آلافِ اسمٍ، والحديث لا ينفي أن يكون لله تعالى سوى تسعةٍ وتسعين اسمًا، وقال أبو مُحَمَّد ابن [4] حزم الظَّاهريُّ: مَن زاد على التِّسعة والتِّسعين؛ فقد ألحدَ في أسمائه؛ لأنَّه قال: «مئة إلَّا واحدًا»، فلو جاز أن يكون له اسمٌ زائدٌ؛ لكانت مئةً، وسأذكر في ذلك كلامًا مُطَوَّلًا، وأسردُ أسماءه صلَّى الله عليه وسلَّم [5] فيما يأتي، وما جاء فيها، والله أعلم.

قوله: (مَنْ أَحْصَاهَا): قيل معناه: عَمِلَ بها، فأحاط معرفةً بمعانيها، وقيل: أطاقها؛ أي: أطاق العمل بها، والطَّاعة بمقتضى كلِّ اسم منها، {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل: 20]؛ أي: لن تطيقوه، وقيل: معناه: حفظ القرآن، فأحصاها بحفظه للقرآن، وقيل: (أحصاها): وَحَّدَ بها، ودَعا إليها، وقيل: أحصاها علمًا، وقيل: حفظها، وهذا ذكره البخاريُّ [6] في هذا «الصَّحيح» في آخر (الدَّعوات)، ومنه: (أَكُلَّ القرآنِ أحصيتَ؟)، والله أعلم.

==========

[1] في (ب): (الزياد)، وهو تصحيفٌ.

[2] كذا في (أ) و (ب)، ولعله: (عبد الرَّحمن).

[3] في (ب): (المغافري)، وهو تصحيفٌ.

[4] (بن): سقط من (ب).

[5] في (ب): (عليه الصَّلاة والسلام).

[6] (البخاريّ): ليس في (ب).

[ج 1 ص 689]

(1/5258)

[باب الشروط في الوقف]

(1/5259)

[حديث: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها]

2737# قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ): تَقَدَّم أعلاه [1] أنَّه أبو عون عبد الله بن عون بن أرطبان، أحد الأعلام، لا ابن عون ابن أمير مصر.

قوله: (أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ): هذه (الأرضُ) يقال لها: ثمغ، كما سيأتي في (باب قول الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6])، و (ثمغ)؛ بفتح الثَّاء المثلَّثة، وإسكان الميم، وقيَّدها المُهلَّب بفتحها، وبالغين المعجمة، وفي كلام ابن الأثير: أنَّ ثمغَ بالمدينة، والله أعلم.

قوله: (أَنْفَسَ): أي: أعلى وأعظم.

قوله: (حَبَسْتَ): أصلها: التَّحبيس؛ الوقف، يقال: حَبَّس وحبَس؛ مُشدَّد ومُخفَّف، قاله الخطَّابيُّ.

[ج 1 ص 689]

قوله: (عَلَى مَنْ وَلِيَهَا): (الوالي): النَّاظِر.

قوله: (فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ): قائل ذلك هو عبد الله بن عون؛ يعني: ابن أرطبان، وقد تَقَدَّم قريبًا وبعيدًا.

قوله: (فَقَالَ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا): اعلم أنَّ هذا لا يمكن أن يقوله ابن سيرين من قِبَل نفسه، وإنَّما الظاهر أنَّه رواه كذلك، وقد نظرت في «الأطراف» للمِزِّيِّ في مُحَمَّد بن سيرين، عن نافع، عن ابن عمر؛ فلم أرَ له عنه غيرَ حديث واحد، وهو «مَن مات وعليه صيام شهر؛ فلْيُطعَمْ عنه مكان كلِّ يوم مسكينًا»، أخرجه التِّرمذيُّ وابن ماجه، ونظرت في مُحَمَّد بن سيرين، عن ابن عمر، من غير ذكر نافع؛ فرأيته روى عنه أربعة أحاديث ليس هذا منها، وابن سيرين أيضًا لم يدرك عمر _ وذلك لأنَّه وُلِد لسنتين بقيتا مِن خلافة عثمان، فيكون وُلِد سنة (33 هـ) _، ولا أرسل عنه، ولا رأيت [2] الحديث المشار إليه في رواية ابن سيرين، عن عبد الله بن عمر، عن عمر [3]، فإنَّ هذا الحديث تارةً يروى من مُسنَد عبد الله، وتارةً من مُسنَد عمر، وقد أخرجه من مسند عمر مسلم والنَّسائيُّ، ولم يتكلَّم شيخنا في «شرحه» على هذه المسألة، والله أعلم.

قوله: (غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ): أي: غير جامع، وهي قريبة مِن مُتمَوِّل أو هي هي، وهي بضَمِّ الميم، ثمَّ مثنَّاة فوق مفتوحة، ثمَّ همزة كذلك، ثمَّ ثاء مثلَّثة مكسورة، ثمَّ لام.

==========

[1] في (ب): (مرارًا).

[2] زيد في (ب): (له).

[3] زيد في (ب): (من غير ذكر نافع، فرأيته روى عنه)، وهو تكرارٌ.

(1/5260)

((55)) (كِتَابُ الْوَصَايَا) ... إلى (كِتَاب الجِهَادِ)

قال أهل اللُّغة: يقال: أوصيته ووصَّيته بكذا، وأوصيت ووصَّيت له، وأوصيتُ إليه: جعلته وصيًّا، قال الأزهريُّ [1]: (اللَّفظة مُشتقَّة مِن قولهم: وَصَى الشَّيءَ بالشَّيء يَصِيْه؛ إذا أوصله به، وأرض واصية: كثيرة النَّبات، وسُمِّي هذا التَّصرُّف وصيَّة؛ لما فيه من وصل القربة الواقعة بعد الموت بالقربات المُنجَزة في الحياة، ودلائل الكتاب والسُّنَّة وإجماع الأمَّة متعاضدةٌ على أصل الوصيَّة.

سرد ابن المُنَيِّر ما ذكره البخاريُّ من غير إسناد، ثمَّ قال: (الأحاديث به كلُّها مطابقةٌ إلَّا حديث عَمرو بن الحارث _يعني به: «ما ترك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم دينارًا، ولا درهمًا، ولا عبدًا، ولا أمةً ... »؛ الحديث_، فليس فيه وصيَّة، والصدقة المذكورة: يحتمل أن تكون مثله في حديثه، ويحتمل أن يكون أوصى بها، ولهذا الاحتمال؛ أدخلها في التَّرجمة، والله أعلم)، انتهى [2].

==========

[1] في (ب): (الجوهري).

[2] (انتهى): ليس في (ب).

[ج 1 ص 690]

(1/5261)

[باب الوصايا]

(1/5262)

[حديث: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين]

2738# قوله: (تَابَعَهُ مُحَمَّد بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ... ) إلى آخره: الضَّمير [1] في (تابعه) الظَّاهرُ عودُه إلى مالك، و (مُحَمَّد بن مسلم): الظاهر أنَّه مُحَمَّد بن مسلم الطَّائفيُّ، روى عن عَمرو بن دينار وابن أبي يحيى، وعنه: ابن مهديٍّ وابن أبي نَجِيح عبد الله، قال الذَّهبيُّ: فيه لين، وقد وُثِّق، وله في «مسلم» حديث واحد، وفي «الميزان» قال: (استشهد به مسلم)، تُوُفِّيَ سنة (177 هـ)، أخرج له مسلم والأربعة، له ترجمة في الميزان، وقد رأيت ابن قيِّم الجوزيَّة نقل عن ابن حزم أنَّه ساقط ألبتة، قال ابن القيِّم: ولم أر فيه هذه العبارة لغيره، قال: وقد استشهد به مسلم، ومتابعته ليست في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، ولم يخرِّجها [2] شيخنا.

تنبيهٌ: أمَّا مُحَمَّد بن مسلم الطَّائفيُّ الصَّغير؛ فصدوقٌ، روى عن فرج بن فَضالة، وعنه: عبد الله بن أحمد، و (عَمرو): هو ابن دينار المكِّيُّ المشهور، لا عَمرو بن دينار قهرمان آل الزُّبير بن شعيب، ذاك ضعيفٌ، وليس له في «البخاريِّ» و «مسلم» شيءٌ، إنَّما له في «التِّرمذيِّ» و «ابن ماجه».

==========

[1] في (ب): (الضميرة)، وهو تحريفٌ.

[2] في (أ) و (ب): (يخرجه)، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.

[ج 1 ص 690]

(1/5263)

[حديث: ما ترك رسول الله عند موته درهمًا ولا دينارًا ولا عبدًا]

2739# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ): (أبو إسحاق) هذا: هو الهمْدانيُّ السَّبيعيُّ عمرو بن عبد الله، تَقَدَّم.

قوله: (عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ): هذا هو عَمرو بن الحارث بن أبي ضرار المُصْطلقيُّ الخزاعيُّ، أخو أمِّ المؤمنين جويرية، له ولأبيه صحبةٌ، روى عَمرو عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وابن مسعود، وزوجته زينب، وعن أبيه الحارث، وعنه: مولاه دينار، وأبو وائل، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وأبو إسحاق، وغيرهم، عداده في أهل الكوفة، أخرج له الجماعة، و (الحارث) والده: تقدَّمت ترجمته، وهو الحارث بن أبي ضرار، ويقال: ابن ضرار، روى أحمد في «المسند» بإسناده عن عيسى بن دينار، عن الحارث بن أبي ضرار قال: (قَدِمتُ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ... )؛ فذكر حديثًا في (مسند الكوفيِّين)، قال ابن عبد البَرِّ: أخشى أن يكونا اثنين؛ يعني: الواحد: ابن ضرار، والآخر: ابن أبي ضرار، وقد قَدَّمتُ كلام أبي عمر فيه، وذكرتُ كلام غيره، وأنَّهما اثنان، وفي «تجريد الذَّهبيِّ»: (الحارث بن أبي ضرار [1]، ويقال: ابن ضرار)، ثمَّ ذكر فيها الحديث من «المسند» الذي ذكرتُه، ثمَّ ذكر ترجمةً أخرى، فقال: الحارث بن أبي ضرار ... ونسبَه، ثمَّ قال: والد جويرية استدركه الغسَّانيُّ وحده، وأنَّه أسلم هو وابناه وطائفة، انتهى، وابن الجوزيِّ الحافظ أبو الفرج ذكرهما ترجمةً واحدةً، والله أعلم، و (الخَتَن)؛ بفتح الخاء المعجمة، والمثنَّاة فوق، وبالنُّون؛ وهو كلُّ ما كان مِن قِبَل المرأة؛ مثل: الأب والأخ والأختان، هكذا عند العرب، وأمَّا العامَّة؛ فخَتَن الرَّجل: زوج ابنته، قاله الجوهريُّ.

قوله: (إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ): هذه الظَّاهر أنَّها الدُّلْدُل، وفي قوَّة كلام النَّوويِّ في «تهذيبه»: أنَّها هي، والدُّلدُل أهداها له المقوقس جريج بن ميناء، وقد عاشت بعده عليه الصَّلاة والسَّلام حتى كبرت، وذهبت أسنانها، وكان يحشُّ لها الشَّعير، وماتت بينبع، وفي «تاريخ ابن عساكر» من طرق: أنَّها بقيت حتَّى قاتل عليها عليٌّ في خلافته الخوارجَ، وفي كلام السُّهيليِّ: أنَّها بقيت إلى خلافة معاوية.

(1/5264)

تنبيهٌ: إنَّما عدلتُ عن أن أقول هي فضَّة؛ لما ذكرت لك عن قوَّة كلام النَّوويِّ، ولأنَّ فضَّة وهبها عليه الصَّلاة والسَّلام لأبي بكر الصِّدِّيق، فخرجت عن ملكه، ولا أدري متى ماتت، وهذه قد تأخَّرت بعده، ولم تخرج عن ملكه، والله أعلم.

قوله: (وَسِلَاحَهُ [2]): الظَّاهر أنَّها أرادت أسيافَه، وقد كان له تسعة أسياف: المخذم، والعَضْب، وذو الفقار، والحتف، والرَّسوب، والقلعيُّ، والبتَّار، والقضيب [3]، والمأثور، وأدراعَه وهي سبعة: ذات الفضول، وذات الحواشي، وذات الوِشَاح، والسغديَّة، وخرنق، والبتراء، وفضَّة، وقسيَّه السِّتَّ: الرَّوحاء، والصَّفراء، والبيضاء، والزَّوراء، والكتوم؛ لكن الكتوم تكسَّرت يوم أُحُد، والسَّداد، وكنانتَه، وثلاثةَ أتراس، وخمسةَ رماح؛ ثلاثة من بني قينقاع، والمُثوِيَّ، والمُنْثَنِي، وحربةَ تُسمَّى نبعة، وحربة كبيرة اسمها: البيضاء، وحربة صغيرة دون الرِّمح شبه العُكَّازة، يقال لها: العَنَزة، وقال مغلطاي في «سيرته»: (إنَّ الرِّماح أربعة: المثوي، والمُثْنَى، ورمحان آخران) انتهى، وكان له مِغْفران: المُوشَّح والمسبوغ، وراية سوداء مُربَّعة يقال لها: العُقاب [4]، وراية بيضاء يقال لها: الزِّينة، وربَّما جُعِلَ فيها الأسودُ، وروى أبو داود في «سننه» من حديث سماك بن حرب عن رجل مِن قومه عن آخرَ منهم قال: (رأيت راية رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صفراءَ)، وروى أبو الشيخ بن حيَّان من حديث ابن عبَّاس قال: (مكتوب على راياته: لا إله إلَّا الله مُحَمَّد رسولُ الله)، وقال الحافظ الدِّمياطيُّ عن يوسف ابن الجوزيِّ: إنَّ لواءه أبيض، مكتوب فيه [5]: لا إله إلَّا الله مُحَمَّد رسولُ الله، وغير ذلك من السِّلاح، ولكن لا أدري هل وهب ممَّا تَقَدَّم ذكره شيئًا أم هذا كلُّه مُخلَّف عنه صلَّى الله عليه وسلَّم؟ والله أعلم، ويوسف ابن الجوزي: هو ابن قزغلي [6]، وهو سبط أبي الفرج الحافظ، وهو صاحب «مرآة الزمان»، تكلَّم فيه ابن تيمية أبو العبَّاس، والذَّهبيُّ في «الميزان».

قوله: (وَأَرْضًا جَعَلَهَا لِابنِ السَّبِيلِ [7] صَدَقَةً): هذه (الأرض): هي فَدَك والتي بخيبر، قاله شيخنا عن ابن التِّين.

(1/5265)

[حديث: أوصى بكتاب الله]

2740# قوله: (حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ): هو بضَمِّ الميم، وفتح الَّصاد المهملة، ثمَّ راء مُشدَّدة مكسورة، ثمَّ فاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا عند أهله، كاد [1] أن يكون بديهيًّا.

قوله: (سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى): تَقَدَّم الكلام [عليه]، وعلى والده أبي أوفى رضي الله عنهما، واسمه ونسبه فيما مضى غير مرَّةٍ.

قوله: (كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ): (كُتِب): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و (الوصيَّةُ): مَرْفوعٌ نائبٌ مناب [2] الفاعل، وكذا (أَوْ أُمِرُوا): مبنيٌّ أيضًا.

==========

[1] في (ب): (كان)، وهو تحريفٌ.

[2] في (ب): (قائم مقام).

[ج 1 ص 690]

(1/5266)

[حديث: ذكروا عند عائشة أن عليًا كان وصيًا]

2741# قوله: (حَدَّثَنَا [1] إِسْمَاعِيلُ): تَقَدَّم أنَّه إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليَّة، المشهور، وكذا تَقَدَّم (ابْن عَوْنٍ): أنَّه عبد الله بن عون، أحد الأعلام، لا ابن عون ابن أمير مصر، هذا الثَّاني ليس له في «البخاريِّ» شيءٌ، إنَّما روى له مسلم والنَّسائيُّ، و (الأَسْوَد): تَقَدَّم أنَّه ابن يزيد، وكذا (إِبْرَاهِيم): أنَّه ابن يزيد النَّخعيُّ.

[ج 1 ص 690]

قوله: (ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ: أَنَّ عَلِيًّا [2] كَانَ وَصِيًّا ... ) إلى آخره: فيه إبطالٌ للحديث المرويِّ عن سلمان، ذكره ابن الجوزيِّ في «موضوعاته» [3] من أربعةِ طرقٍ: سألتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مَن وصيُّه؟ فقال: «وصيِّي، وموضع سرِّي، وخليفتي في أهلي، وخير مَن أخلف بعدي عليُّ بن أبي طالب»، والباقي نحو هذا المتنِ، قدح أبو الفرج ابن الجوزيِّ في الطرق الأربعة، وحديث ابن بُريدة عن أبيه يرفعُه: «لكلِّ نبيٍّ وصيٌّ، وإنَّ عليًّا وصيِّي ووارثي»، ثمَّ ساق مِن طريق أخرى، وطعن فيهما، وحديث أنس يرفعه: «يا أنس؛ اسكب لي وَضُوءًا»، ثمَّ قال: فصلَّى ركعتين، ثمَّ قال: «يا أنس؛ أوَّلُ مَن يدخل عليك من [4] هذا الباب أميرُ المؤمنين، وسيِّدُ المسلمين، وقائدُ الغُرِّ المُحجَّلين، وخاتم الوصيِّين .. »؛ الحديث، قال ابن الجوزيِّ: (لا يصحُّ) وبيَّن مَن [5] فيه، وحديث أبي ذرٍّ يرفعه: «أنا خاتم النَّبيِّين، كذلك عليٌّ وذرِّيَّتُه يختمون الأوصياء إلى يوم القيامة»، قال ابن الجوزيِّ: (مصنوع)، ذكر ما ذكرتُ في كتاب «الموضوعات».

قوله: (أَوْ قَالَتْ: حَجْرِي): هو بفتح الحاء وكسرِها.

قوله: (فَدَعَا بِالطَّسْتِ): تَقَدَّم ما في (الطَّست) من اللُّغات.

تنبيهٌ: إنَّما دعا به؛ ليبول فيه كما جاء في بعض طرق الحديث، وهو في «النَّسائيِّ»، وفي «الشَّمائل» للتِّرمذيِّ.

قوله: (انْخَنَثَ)؛ أي: انثنى، ومال للسُّقوط.

(1/5267)

[باب: أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس]

قوله: في التبويب [1] (أَنْ يَتْرُكَ): هو بفتح همزة (أَنْ)، وسكون النُّون، وسأذكر الكلام عليها في الحديث.

قوله: (أَنْ يَتَكَفَّفُوا النَّاسَ)؛ أي: يأخذون الصَّدقات في أكفِّهم، وكذا في الحديث.

(1/5268)

[حديث: إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة]

2742# قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ): تَقَدَّم مرارًا أنَّه الفضل بن دُكَين، والكلام على ذلك، وترجمة [1] أبي نعيم، و (سُفْيَانُ): الظَّاهر أنَّه الثَّوريُّ سفيان بن سعيد بن مسروق، وذلك لأنِّي رأيت هذا الحديث يرويه أبو نعيم، وقد روى عن السُّفيانَين، ورأيت رواه أيضًا مُحَمَّد بن كَثِير، أخرجه عنه البخاريُّ في (النَّفقات) [2]، وقد روى عن الثَّوريِّ فقط فيما أعلم، ورأيت مسلمًا رواه عن إسحاق بن منصور عن أبي داود الحَفَريِّ _واسمه عمر بن سعد_ عن سُفيان، ورأيت في ترجمته أنَّه روى عن الثَّوريِّ، والله أعلم، والثَّلاثة روَوهُ عن سفيان.

قوله: (عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ): مالك بن وُهَيب _ويقال: أُهيبُ_ ابن عبد مناف بن زهرة، أبو إسحاق الزُّهريُّ، أحد العشرة، مشهور التَّرجمة رضي الله عنه.

قوله: (يَرْحَمُ اللهُ ابْنَ عَفْرَاءَ): كذا هنا، قال الحافظ الدِّمياطيُّ: قوله: («ابن عفراء» وَهَمٌ، والمحفوظ: «ابن خولة»، ولعلَّ الوَهَم أتى مِن سعد بن إبراهيم، وقد ذكره البخاريُّ في «الفرائض» من حديث الزُّهريِّ عن عامر، وفيه: «لكنِ البائسُ سعدُ بن خولة»، والزُّهريُّ أحفظ من سعد بن إبراهيم)، انتهى، والذي قاله صحيح حسن، وقد ذكر ابن شيخِنا البلقينيِّ ما ذكرته عن الدِّمياطيِّ عن الدَّاوديِّ، ثمَّ قال: ويقال على هذا: إذا أمكن التَّأويل؛ فلا توهيم، يجوز أن يكون أبوه خولةَ، وأمُّه اسمُّها عفراء، ويكون لأمِّه اسمان إن كانت خولة اسمَ أمِّه، وفيه بُعْدٌ، انتهى، ومثله لبعض حُفَّاظ مصر الآن.

قوله: (فَالشَّطْرُ): يجوز فيه الجرُّ والرَّفع، وبهما ضُبِطَ في أصلنا.

قوله: (كَثِيرٌ): هو بالمثلَّثة.

قوله: (أَنْ تَدَعَ): يجوز في (أن) وجهان؛ الكسرُ على أنَّه شرط، والفتح على تأويل المصدر؛ أي: إنَّك ووذْرَهَم وتركَهم أغنياءَ خيرٌ مِن تركهم عالة، قال ابن قُرقُول في رواية: (أن تذر ورثتك أغنياءَ) وهذا مثل الوجهين اللَّذين ذكرتهما، ثمَّ قال: وأكثر روايتنا بالفتح، قال ابن مكِّيٍّ في كتاب «تقويم اللِّسان»: (لا يجوز هنا إلَّا الفتح) انتهى، وقد تَقَدَّم.

قوله: (عَالَةً): هو بتخفيف اللَّام، و (العَالَة): الفقراء.

قوله: (يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ): تَقَدَّم أعلاه [3].

قوله: (حَتَّى اللُّقْمَةُ): يجوز فيها ثلاثة أوجه؛ الجرُّ، والنَّصب، والرَّفع.

(1/5269)

قوله: (حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ [4]، وَيُضَرَّ بِكَ [5] آخَرُونَ): تَقَدَّم الكلام عليه في (الجنائز).

قوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ابْنَةٌ): (ابنته [6]) هذه المشار إليها: هي عائشة بنت سعد بن أبي وقَّاص، ذكرها الذَّهبيُّ في «تجريده» أنَّها المرادة، عن «المبهمات» وحمَّرها، وقد ذكرت له [7] عدَّة أولاد جاؤوه [8] بعد ذلك، نقلتهم مِن كلام الدِّمياطيِّ في أوائل (البيع)، وقد زاد ابن الجوزيِّ في «تلقيحه»، فذكرهم ستَّة وثلاثين، ما بين رجل وامرأة، والدِّمياطيُّ ذكرهم ثلاثين، وذكرت أنَّ عائشة هذه تابعيَّة لها رؤيةٌ؛ لأنَّ شرط الرُّؤية المعتبرة في الصُّحبة أن يكون معها تمييز، وسأذكر ذلك في أوَّل (مناقب الصَّحابة [9]) أنَّ الرُّؤية المعتبرة شرطُها: التَّمييزُ، والله أعلم، [وقال بعض الحُفَّاظ المصريِّين: إنَّ البنت هي أمُّ الحكم الكبرى، وأمُّها بنت شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة، وهي شقيقة إسحاق الأكبر، قال: (ووَهِم من قال: هي عائشة؛ لأنَّ عائشة أصغرُ أولاده، وعاشت إلى أن أدركها مالكٌ)، وقد تَقَدَّم ذلك في (الجنائز) انتهى، وقد ذكرت هناك ما رأيته] [10].

(1/5270)

[باب الوصية بالثلث]

قوله: (وَقَالَ الْحَسَنُ): هو البصريُّ العالمُ المشهور.

قوله: (إِلَّا الثُّلُث): يجوز في (الثُّلث) الرَّفع والنَّصب، وهما ظاهران.

==========

[ج 1 ص 691]  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق